الدر المنثور في التفسير بالمأثور

السيوطي

مقدمة المؤلف

مُقَدّمَة الْمُؤلف بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله: أَحْيَا بِمَا شَاءَ مآثر الْآثَار بعد الدُّثُور ووفق لتفسير كِتَابه الْعَزِيز بِمَا وصل إِلَيْنَا بِالْإِسْنَادِ العالي من الْخَبَر الْمَأْثُور وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تضَاعف لصَاحِبهَا الأجور وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي أَسْفر فجره الصَّادِق فمحا ظلمات أهل الزيغ والفجور صلى الله وَسلم عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه ذَوي الْعلم الْمَرْفُوع وَالْفضل الْمَشْهُور صَلَاة وَسلَامًا دائمين ممر اللَّيَالِي والدهور وَبعد: فَلَمَّا ألفت كتاب ترجمان الْقُرْآن وَهُوَ التَّفْسِير الْمسند عَن رَسُول الله وَأَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم وَتمّ بِحَمْد الله فِي مجلدات فَكَانَ مَا أوردته فِيهِ من الْآثَار بأسانيد الْكتب الْمخْرج مِنْهَا واردات رَأَيْت قُصُور أَكثر الهمم عَن تَحْصِيله ورغبتهم فِي الِاقْتِصَار على متون الْأَحَادِيث دون الْإِسْنَاد وتطويله فخلصت مِنْهُ هَذَا الْمُخْتَصر مُقْتَصرا فِيهِ على متن الْأَثر مصدرا بالعزو والتخريج إِلَى كل كتاب مُعْتَبر وسميته: الدّرّ المنثور فِي التَّفْسِير بالمأثور وَالله أسأَل أَن يُضَاعف لمؤلفه الأجور ويعصمه من الْخَطَأ والزور بمنه وَكَرمه إِنَّه الْبر الغفور

مُقَدّمَة سُورَة الْفَاتِحَة أخرج عبد بن حميد فِي تَفْسِيره عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: سَأَلت الْأسود عَن فَاتِحَة الْكتاب أَمن الْقُرْآن هِيَ قَالَ: نعم وَأخرج عبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن مُحَمَّد بن سِيرِين وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف أَن أبي كَعْب كَانَ يكْتب فَاتِحَة الْكتاب والمعوذتين واللهم إياك نعْبد واللهم [. . .] إياك نستعين وَلم يكْتب ابْن مَسْعُود شَيْئا مِنْهُنَّ وَكتب عُثْمَان بن عَفَّان فَاتِحَة الْكتاب والمعوذتين وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ عبد الله لايكتب فَاتِحَة الْكتاب فِي الْمُصحف وَقَالَ: لَو كتبتها لكتبت فِي أول كل شَيْء وَأخرج الواحدي فِي أَسبَاب النُّزُول والثعلبي فِي تَفْسِيره عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت فَاتِحَة الْكتاب بِمَكَّة من كنز تَحت الْعَرْش وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي دَلَائِل النُّبُوَّة والواحدي والثعلبي عَن أبي ميسرَة عَمْرو بن شُرَحْبِيل أَن رَسُول الله قَالَ لِخَدِيجَة إِنِّي إِذا خلوت وحدي سَمِعت نِدَاء فقد وَالله خشيت أَن يكون هَذَا أمرا فَقَالَت: معَاذ الله ماكان الله ليفعل بك فوَاللَّه إِنَّك لتؤدي الْأَمَانَة وَتصل الرَّحِم وَتصدق الحَدِيث فَلَمَّا دخل أَبُو بكر وَلَيْسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ذكرت خَدِيجَة حَدِيثه لَهَا وَقَالَت: إذهب مَعَ مُحَمَّد إِلَى ورقة فَلَمَّا دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ أَبُو بكر بِيَدِهِ فَقَالَ: انْطلق بِنَا إِلَى ورقة فَقَالَ: وَمن أخْبرك قَالَ: خَدِيجَة فَانْطَلقَا إِلَيْهِ فقصا عَلَيْهِ فَقَالَ: إِذا خلوت وحدي سَمِعت نِدَاء خَلْفي يامحمد يامحمد فَانْطَلق هَارِبا فِي الأَرْض فَقَالَ: لاتفعل إِذا أَتَاك فَاثْبتْ حَتَّى تسمع مايقول ثمَّ ائْتِنِي

فَأَخْبرنِي فَلَمَّا خلا ناداه يَا مُحَمَّد قل {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين} حَتَّى بلغ {وَلَا الضَّالّين} قَالَ: قل لاإله إِلَّا الله فَأتى ورقة فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ لَهُ ورقة: أبشر ثمَّ أبشر فَإِنِّي أشهد أَنَّك الَّذِي بشر بِهِ ابْن مَرْيَم وَأَنَّك على مثل ناموس مُوسَى وَأَنَّك نَبِي مُرْسل وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق إِبْنِ اسحق حَدثنِي بن يسَار عَن رجل من بني سَلمَة قَالَ: لما أسلم بني سَلمَة وَأسلم ولد عَمْرو بن الجموح قَالَت امْرَأَة عَمْرو لَهُ: هَل لَك أَن تسمع من ابْنك ماروي عَنهُ فَقَالَ: أَخْبرنِي مَا سَمِعت من كَلَام هَذَا الرجل فَقَرَأَ عَلَيْهِ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} إِلَى قَوْله {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} فَقَالَ: ماأحسن هَذَا وأجمله وكل كَلَامه مثل هَذَا فَقَالَ: ياأبتاه وَأحسن من هَذَا وَذَلِكَ قبل الْهِجْرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأَبُو سعيد بن الْأَعرَابِي فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من طَرِيق مُجَاهِد عَن أبي هُرَيْرَة أَن إِبْلِيس رن حِين أنزلن فَاتِحَة الْكتاب وأنزلت بِالْمَدِينَةِ واخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي فِي تفسيريهما وَأَبُو عبيد فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر فِي تَفْسِيره وَأَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طرق عَن مُجَاهِد قَالَ: نزلت فَاتِحَة الْكتاب بِالْمَدِينَةِ وَأخرج وَكِيع فِي تَفْسِيره عَن مُجَاهِد قَالَ: نزلت فَاتِحَة الْكتاب بِالْمَدِينَةِ وَأخرج أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن قَتَادَة قَالَ: نزلت فَاتِحَة الْكتاب بِمَكَّة وَأخرج ابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن أَيُّوب أَن مجمد بن سِيرِين كَانَ يَقُول: يكره أَن يَقُول: أم الْقُرْآن وَيَقُول: قَالَ الله (وَعِنْده أم الْكتاب) وَلَكِن فَاتِحَة الْكتاب وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأْتُمْ {الْحَمد} فاقرؤا {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} إِنَّهَا أم الْقُرْآن وَأم الْكتاب والسبع المثاني {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} إِحْدَى آياتها

وَأخرج البُخَارِيّ والدارمي فِي مُسْنده وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن أبي مرْدَوَيْه فِي تفاسيرهم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {الْحَمد لله رب الْعَالمين} أم الْقُرْآن وَأم الْكتاب والسبع المثاني وَأخرج أَحْمد فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه فِي تفاسيرهم عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لأم الْقُرْآن: هِيَ أم الْقُرْآن وَهِي فَاتِحَة الْكتاب وَهِي السَّبع المثاني وَهِي الْقُرْآن الْعَظِيم وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن عبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء قَالَ: كَانَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة يُسَمِّي فَاتِحَة الْكتاب: الوافية وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن عفيف بن سَالم قَالَ: سَأَلت عبد الله بن يحيى بن أبي كثير عَن قِرَاءَة الْفَاتِحَة خلف الإِمَام فَقَالَ: عَن الكافية تسْأَل قلت: وَمَا الكافية قَالَ الْفَاتِحَة أما علمت أَنَّهَا عَن سواهَا ولايكفي سواهَا عَنْهَا وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن الشّعبِيّ أَن رجلا شكا إِلَيْهِ وجع الخاصرة فَقَالَ: عَلَيْك بأساس الْقُرْآن قَالَ: وَمَا أساس الْقُرْآن قَالَ: فَاتِحَة الْكتاب وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن بِسَنَد صَحِيح عَن عبد خير قَالَ: سُئِلَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن السَّبع المثاني فَقَالَ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} فَقيل لَهُ: إِنَّمَا هِيَ سِتّ آيَات فَقَالَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} آيَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {الْحَمد لله رب الْعَالمين} سبع آيَات {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} إِحْدَاهُنَّ وَهِي السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم وَهِي أم الْقُرْآن وَهِي الْفَاتِحَة الْكتاب وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَرَأَ - وَهُوَ يؤم النَّاس - افْتتح {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: آيَة من كتاب الله اقرؤا إِن شِئْتُم فَاتِحَة الْكتاب فَإِنَّهَا الْآيَة المسابعة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أم سَلمَة قَالَت قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} وَقَالَ: هِيَ سبع يَا أم سَلمَة

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ والدارمي وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد بن الْمُعَلَّى قَالَ: كنت أُصَلِّي فدعاني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم أجبه فَقَالَ ألم يقل الله (اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ) (الْأَنْفَال الْآيَة 24) ثمَّ قَالَ: لأعلمنك أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن قبل أَن تخرج من الْمَسْجِد فَأخذ بيَدي فَلَمَّا أردنَا أَن نخرج قلت: يارسول الله إِنَّك قلت لأعلمنك سُورَة فِي الْقُرْآن قَالَ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} هِيَ السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتِيتهُ وَأخرج أَبُو عبيد وَأحمد والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ النَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخرج على أبي بن كَعْب فَقَالَ: ياأبي - وَهُوَ يُصَلِّي - فَالْتَفت أبي فَلم يجبهُ فصلى أبي فَخفف ثمَّ انْصَرف إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يارسول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مامنعك أَن تجبني إِذْ دعوتك فَقَالَ: يارسول الله إِنِّي كنت فِي الصَّلَاة قَالَ: أفلم تَجِد فِيمَا أوحى الله إِلَى أَن (اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ لما يُحْيِيكُمْ) (الْأَنْفَال الْآيَة 24) قَالَ: بلَى وَلَا أَعُود إِن شَاءَ قَالَ: أَتُحِبُّ أَن أعلمك سُورَة لم ينزل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الإِنجيل وَلَا فِي الزبُور وَلَا فِي الْفرْقَان مثلهَا قَالَ: نعم يَا رَسُول الله: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ تقْرَأ فِي الصَّلَاة فَقَرَأَ بِأم الْكتاب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أنزل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الإِنجيل وَلَا فِي الزبُور وَلَا فِي الْفرْقَان مثلهَا وَإِنَّهَا السَّبع من المثاني أَو قَالَ: السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أَعْطيته وَأخرج الدَّارمِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَعبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أنزل الله فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الإِنجيل وَلَا فِي الزبُور وَلَا فِي الْفرْقَان مثل أم الْقُرْآن وَهِي السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتيت وَهِي مقسومة بيني وَبَين عَبدِي ولعبدي مَا سَأَلَ وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بَيْنَمَا

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس وَعِنْده جِبْرِيل إِذْ سمع نقيضا من السَّمَاء من فَوق فَرفع جِبْرِيل بَصَره إِلَى السَّمَاء فَقَالَ: يامحمد هَذَا ملك قد نزل لم ينزل إِلَى الأَرْض قطّ قَالَ: فَأتى النَّبِي فَسلم عَلَيْهِ فَقَالَ: أبشر بنورين قد أُوتِيتهُمَا لم يؤتهما نَبِي من قبلك فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة لن تقْرَأ حرفا إِلَّا أُوتِيتهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي زيد وَكَانَت لَهُ صُحْبَة قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض فجاج الْمَدِينَة فَسمع رجلا يتهجد وَيقْرَأ بِأم الْقُرْآن فَقَامَ النَّبِي فاستمع حَتَّى خَتمهَا ثمَّ قَالَ: مَا فِي الأَرْض مثلهَا وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَرِيَّة ثَلَاثِينَ رَاكِبًا فنزلنا بِقوم من الْعَرَب فسألناهم أَن يضيفونا فَأَبَوا فلدغ سيدهم فأتونا فَقَالُوا: فِيكُم أحد يرقي من الْعَقْرَب فَقلت: نعم أَنا وَلَكِن لَا أفعل حَتَّى تعطونا شَيْئا قَالُوا: فَإنَّا نعطيكم ثَلَاثِينَ شَاة فَقَالَ: فَقَرَأت عَلَيْهَا {الْحَمد} سبع مَرَّات فبرأ فَلَمَّا قبضنا الْغنم عرض فِي أَنْفُسنَا مِنْهَا فَكَفَفْنَا حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِي فَذَكرنَا ذَلِك لَهُ قَالَ أما علمت أَنَّهَا رقية اقتسموها واضربوا لي مَعكُمْ بِسَهْم وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَن نَفرا من أَصْحَاب رَسُول الله مروا بِمَاء فِيهِ لديغ أَو سليم فَعرض لَهُم رجل من أهل الْحَيّ فَقَالَ: هَل فِيكُم من راق إِن فِي المَاء رجلا لديغا أَو سليما فَانْطَلق رجل مِنْهُم فَقَرَأَ بِفَاتِحَة الْكتاب على شَاءَ فبرأ فجَاء بالشاء إِلَى أَصْحَابه فكرهوا ذَلِك وَقَالُوا: أخذت على كتاب الله أجرا حَتَّى قدمُوا الْمَدِينَة فَقَالُوا: يارسول الله أَخذ على كتاب الله أجرا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أَحَق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد جيد عَن عبد الله بن جَابر أَن رَسُول الله قَالَ لَهُ أَلا أخْبرك بأخير سُورَة نزلت فِي الْقُرْآن قلت: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: فَاتِحَة الْكتاب وَأَحْسبهُ قَالَ: فِيهَا شِفَاء من كل دَاء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ: عوذني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفَاتِحَة الْكتاب تفلا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله قَالَ فَاتِحَة الْكتاب شِفَاء من السم

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي كتاب الثَّوَاب من وَجه آخر عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا مثله وَأخرج الدَّارمِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاتِحَة الْكتاب شِفَاء من كل دَاء وَأخرج الثَّعْلَبِيّ من طَرِيق مُعَاوِيَة بن صَالح عَن أبي سلمَان قَالَ: مر أَصْحَاب رَسُول الله فِي بعض غزوهم على رجل قد صرع فَقَرَأَ بَعضهم فِي أُذُنه بِأم الْقُرْآن فبرأ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِيَ أم الْكتاب وَهِي شِفَاء من كل دَاء وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن خَارِجَة بن الصَّلْت التَّمِيمِي عَن عَمه أَنه أَتَى رَسُول الله ثمَّ أقبل رَاجعا من عِنْده فَمر على قوم عِنْدهم رجل مَجْنُون موثق بالحديد فَقَالَ أَهله: أعندك ماتداوي بِهِ هَذَا فَإِن صَاحبكُم قد جَاءَ بِخَير قَالَ: فَقَرَأت عَلَيْهِ فَاتِحَة الْكتاب ثَلَاثَة أَيَّام فِي كل يَوْم مرَّتَيْنِ غدْوَة وَعَشِيَّة أجمع بزاقي ثمَّ أتفل فبرأ فأعطوني مائَة شَاة فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ كل فَمن أكل برقية بَاطِل فقد أكلت برقية حق وَأخرج الْبَزَّار فِي مُسْنده بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وضعت جَنْبك على الْفراش وقرأت (فَاتِحَة الْكتاب وَقل هُوَ الله أحد) فقد أمنت من كل شَيْء إِلَّا الْمَوْت وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ (أم الْقُرْآن) و (قل هُوَ الله أحد) (الْإِخْلَاص الْآيَة 1) فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثلث الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاتِحَة الْكتاب تعدل بِثُلثي الْقُرْآن وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي فضائله وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسير لَهُ فَنزل فَمشى رجل من أَصْحَابه إِلَى جنبه فاتفت إِلَيْهِ النَّبِي فَقَالَ: أَلا أخْبرك بِأَفْضَل الْقُرْآن فَتلا عَلَيْهِ {الْحَمد لله رب الْعَالمين}

وَأخرج ابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس عَن النَّبِي قَالَ إِن الله أَعْطَانِي فِيمَا من بِهِ عَليّ أَنِّي أَعطيتك فَاتِحَة الْكتاب وَهِي من كنوز عَرْشِي ثمَّ قسمتهَا بيني وَبَيْنك نِصْفَيْنِ وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن فَاتِحَة الْكتاب فَقَالَ: حَدثنَا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا أنزلت من كنز تَحت الْعَرْش وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي فضائله وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن معقل بن يسَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَيْت سُورَة الْبَقَرَة من الذّكر الأول وَأعْطيت فَاتِحَة الْكتاب وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة من تَحت الْعَرْش والمفصل نَافِلَة وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن عمرَان بن حُصَيْن فَاتِحَة الْكتاب وَآيَة الْكُرْسِيّ لايقرؤهما عبد فِي دَار فتصيبهم فِي ذَلِك الْيَوْم عين إنس أَو جن أوخرج أَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع أنزلن من كنز تَحت الْعَرْش لم ينزل مِنْهُ شَيْء غَيْرهنَّ أم الْكتاب وَآيَة الْكُرْسِيّ وخواتم سُورَة الْبَقَرَة والكوثر وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي أُمَامَة مَوْقُوفا مثله وَأخرج أَبُو نعيم والديلمي عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاتِحَة الْكتاب تجزىء مَالا يجزىء شَيْء من الْقُرْآن وَلَو إِن فَاتِحَة الْكتاب جعلت فِي كفة الْمِيزَان وَجعل الْقُرْآن فِي الكفة الْأُخْرَى لفضلت فَاتِحَة الْكتاب على الْقُرْآن سبع مَرَّات وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب فَكَأَنَّمَا قَرَأَ التَّوْرَاة والانجيل والزبُور والْفرْقَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن قَالَ: أنزل الله مائَة وَأَرْبَعَة كتب أودع علومها أَرْبَعَة مِنْهَا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَالْفرْقَان ثمَّ أودع عُلُوم التوارة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَالْفرْقَان ثمَّ أودع عُلُوم الْقُرْآن الْمفصل ثمَّ أودع الْمفصل فَاتِحَة الْكتاب فَمن علم تَفْسِيرهَا كَانَ كمن علم تَفْسِير جَمِيع الْكتب الْمنزلَة وَأخرج وَكِيع فِي تَفْسِيره وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو

نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ: رن إِبْلِيس أَرْبعا حِين نزلت فَاتِحَة الْكتاب وَحين لعن وَحين هَبَط إِلَى الأَرْض وَحين بعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الضريس عَن مُجَاهِد قَالَ: لما نزلت {الْحَمد لله رب الْعَالمين} شقّ على إِبْلِيس مشقة شَدِيدَة ورن رنة شَدِيدَة ونخر نخرة شَدِيدَة قَالَ مُجَاهِد: فَمن أَن أَو نخر فَهُوَ مَلْعُون وَأخرج ابْن الضريس عَن عبد الْعَزِيز بن ربيع قَالَ: لما نزلت فَاتِحَة الْكتاب رن إِبْلِيس كرنته يَوْم لعن وَأخرج أَبُو عبيد عَن مَكْحُول قَالَ: أم الْقُرْآن قِرَاءَة وَمَسْأَلَة وَدُعَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب عَن عَطاء قَالَ: إِذا أردْت حَاجَة فاقرأ بِفَاتِحَة الْكتاب حَتَّى تختمها تقضى إِن شَاءَ الله وَأخرج ابْن قَانِع فِي مُعْجم الصَّحَابَة عَن رَجَاء الغنوي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استشفوا بِمَا حمد الله بِهِ نَفسه قبل أَن يحمده خلقه وَبِمَا مدح الله بِهِ نَفسه قُلْنَا: وماذاك يَا نَبِي الله قَالَ (الْحَمد لله) و (قل هُوَ الله أحد) (الْإِخْلَاص الْآيَة 1) فَمن لم يشفه الْقُرْآن فَلَا شفَاه الله وَأخرج أَبُو عبيد عَن أبي الْمنْهَال سيار بن سَلامَة أَن عمر بن الْخطاب سقط عَلَيْهِ رجل من الْمُهَاجِرين وَعمر يتهجد من اللَّيْل يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب لايزيد عَلَيْهَا وَيكبر ويسبح ثمَّ يرْكَع وَيسْجد فَلَمَّا أصبح الرجل ذكر ذَلِك لعمر فَقَالَ عمر: لامك [لأمك] الويل أليست تِلْكَ صَلَاة الْمَلَائِكَة قلت: فِيهِ أَن الْمَلَائِكَة أذن لَهُم فِي قِرَاءَة الْفَاتِحَة فَقَط فقد ذكر ابْن الصّلاح أَن قِرَاءَة الْقُرْآن خصيصة أوتيها الْبشر دون الْمَلَائِكَة وَأَنَّهُمْ حريصون على سَمَاعه من الْإِنْس وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي قلَابَة يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من شهد فَاتِحَة الْكتاب حِين يستفتح كَانَ كمن شهد فتحا فِي سَبِيل الله وَمن شهد حَتَّى تختم كمن شهد الْغَنَائِم حَتَّى تقسم وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَخذ أحدكُم مضجعه ليرقد فليقرأ بِأم الْقُرْآن وَسورَة فَإِن الله يُوكل بِهِ ملكا يهب مَعَه إِذا هَب

وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد فِي مُسْنده وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم الْقُرْآن عوض عَن غَيرهَا وَلَيْسَ غَيرهَا عوضا عَنْهَا وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَمرنِي رَسُول الله قَالَ كل صَلَاة لايقرأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب فَهِيَ خداع وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وسُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي تَفْسِيره وَأَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي مُسْنده وَالْبُخَارِيّ فِي جُزْء الْقِرَاءَة وَمُسلم فِي صَحِيحه وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْكتاب فَهِيَ خداج فَهِيَ خداج ثَلَاث مَرَّات غير تَامّ قَالَ أَبُو السَّائِب: فَقلت ياأبا هُرَيْرَة إِنِّي أَحْيَانًا أكون وَرَاء الإِمَام فغمز ذراعي وَقَالَ: اقْرَأ بهَا يَا فَارسي فِي نَفسك فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قَالَ الله عز وَجل قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ فنصفها لي وَنِصْفهَا لعبدي ولعبدي مَا سَأَلَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقرؤا يَقُول العَبْد {الْحَمد لله رب الْعَالمين} فَيَقُول الله: حمدني عَبدِي وَيَقُول العَبْد {الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَيَقُول الله: أثنى عَليّ عَبدِي وَيَقُول العَبْد {مَالك يَوْم الدّين} فَيَقُول الله مجدني عَبدِي وَيَقُول العَبْد {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} فَيَقُول الله: هَذَا بيني وَبَين عَبدِي أَولهَا لي وَآخِرهَا لعبدي وَله ماسأل وَيَقُول العَبْد {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَيَقُول الله: هَذَا لعبدي ولعبدي مَا سَأَلَ وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله تَعَالَى: قسمت هَذِه الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ فَإِذا قَالَ العَبْد {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} يَقُول الله: ذَكرنِي عَبدِي فَإِذا قَالَ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} يَقُول الله: حمدني عَبدِي فَإِذا قَالَ {الرَّحْمَن الرَّحِيم} يَقُول الله: أثنى عَليّ عَبدِي فَإِذا قَالَ {مَالك يَوْم الدّين} يَقُول الله:

مجدني عَبدِي فَإِذا قَالَ {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} قَالَ: هَذِه الْآيَة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ وَآخر السُّورَة لعبدي ولعبدي ماسأل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم فِي تفسيرهما عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله: قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ وَله مَا سَأَلَ فَإِذا قَالَ العَبْد {الْحَمد لله رب الْعَالمين} قَالَ: حمدني عَبدِي وَإِذا قَالَ {الرَّحْمَن الرَّحِيم} قَالَ: أثنى عَليّ عَبدِي ثمَّ قَالَ: هَذَا لي وَله مابقي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي بن كَعْب قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاتِحَة الْكتاب ثمَّ قَالَ قَالَ ربكُم: ابْن آدم أنزلت عَلَيْك سبع آيَات ثَلَاث لي وَثَلَاث لَك وَوَاحِدَة بيني وَبَيْنك فَأم الَّتِي لي {الْحَمد لله رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين} وَالَّتِي بيني وَبَيْنك {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} مِنْك العباده وَعلي العون لَك وَأما الَّتِي لَك {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} 1 - سُورَة الْفَاتِحَة (مَكِّيَّة وآياتها سبع)

الفاتحة

1 - قَوْله تَعَالَى: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أخرج أَبُو عبيد وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ والخطيب وَابْن عبد الْبر كِلَاهُمَا فِي كتاب الْمَسْأَلَة عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} قطعهَا آيَة آيَة وعددها عد الاعراب وعد بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَلم يعد عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه بِسَنَد ضَعِيف عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أخرج من الْمَسْجِد حَتَّى أخْبرك بِآيَة أَو سُورَة لم تنزل على نَبِي بعد سُلَيْمَان غَيْرِي قَالَ: فَمشى وتبعته حَتَّى انْتهى إِلَى بَاب الْمَسْجِد فَأخْرج احدى رجلَيْهِ من أُسْكُفَّة الْمَسْجِد وَبقيت الْأُخْرَى فِي الْمَسْجِد فَقلت بيني وَبَين نَفسِي: نسي ذَلِك فَأقبل عَليّ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: بِأَيّ شَيْء تفتتح الْقُرْآن إِذا افتتحت الصَّلَاة قلت {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} قَالَ: هِيَ هِيَ ثمَّ خرج

وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} آيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه وَابْن خُزَيْمَة فِي كتاب الْبَسْمَلَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اسْترق الشَّيْطَان من النَّاس وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أغفل النَّاس آيَة من كتاب الله لم تنزل على أحد سوى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا أَن يكون سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَ جِبْرِيل إِذا جَاءَنِي بِالْوَحْي أول مايلقي عَليّ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الواحدي عَن ابْن عمر قَالَ: نزلت {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فِي كل سُورَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لايعرف فصل السُّورَة - وَفِي لفظ خَاتِمَة السُّورَة - حَتَّى ينزل عَلَيْهِ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} زَاد الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فَإِذا نزلت عرف أَن السُّورَة قد ختمت واستقبلت أَو ابتدئت سُورَة أُخْرَى وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ لايعرفون انْقِضَاء السُّورَة حَتَّى تنزل {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَإِذا نزلت عرفُوا أَن السُّورَة قد انْقَضتْ وَأخرج أَبُو عبيد عَن سعيد بن جُبَير أَنه فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا لايعرفون انْقِضَاء السُّورَة حَتَّى تنزل {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَإِذا نزلت علمُوا أَن قد انْقَضتْ سُورَة وَنزلت أُخْرَى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جَاءَهُ جِبْرِيل فَقَرَأَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} علم أَنَّهَا سُورَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والواحدي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا لانعلم فصل مابين السورتين حَتَّى تنزل {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يقْرَأ فِي الصَّلَاة {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَإِذا ختم السُّورَة قَرَأَهَا يَقُول: ماكتبت فِي الْمُصحف إِلَّا لتقرأ وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله عَلمنِي جِبْرِيل

الصَّلَاة فَقَامَ فَكبر لنا ثمَّ قَرَأَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فِيمَا يجْهر بِهِ فِي كل رَكْعَة وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن عَليّ بن يزِيد بن جدعَان أَن العبادلة كَانُوا يستفتحون الْقِرَاءَة ب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} يجهرون بهَا عبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَعبد الله بن الزبير وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد إِذْ دخل رجل يُصَلِّي فَافْتتحَ الصَّلَاة وتعوذ ثمَّ قَالَ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} فَسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يارجل قطعت على نَفسك الصَّلَاة أما علمت أَن {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} من الْحَمد فَمن تَركهَا فقد ترك آيَة وَمن ترك آيَة فقد أفسد عَلَيْهِ صلَاته وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن عَليّ أَنه كَانَ إِذا افْتتح السُّورَة فِي الصَّلَاة يقْرَأ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَكَانَ يَقُول من ترك قرَاءَتهَا فقد نقص وَكَانَ يَقُول هِيَ تَمام السَّبع المثاني وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن طَلْحَة بن عبيد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ترك {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فقد ترك آيَة من كتاب الله وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن معاوبة أَنه قدم الْمَدِينَة فصلى بهم وَلم يقْرَأ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَلم يكبر إِذا خفض وَإِذا رفع فناداه الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار حِين سلم: يَا مُعَاوِيَة أسرقت صَلَاتك أَيْن {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأَيْنَ التَّكْبِير فَلَمَّا صلى بعد ذَلِك قَرَأَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} لَام الْقُرْآن وللسوره الَّتِي بعْدهَا وَكبر حِين يهوي سَاجِدا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: من سنة الصَّلَاة أَن تقْرَأ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَإِن أول من أسر {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ رجلا حييا أخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفْتَتح صلَاته ب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الْبَزَّار وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق أبي الطُّفَيْل قَالَ: سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب وعمار يَقُولَانِ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يجْهر فِي

المكتوبات ب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فِي فَاتِحَة الْكتاب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع أَن ابْن عمر إِذا افْتتح الصَّلَاة يقْرَأ ب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فِي أم الْقُرْآن وَفِي السُّورَة الَّتِي تَلِيهَا وَيذكر أَنه سمع ذَلِك من رَسُول الله وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجْهر ب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فِي الصَّلَاة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ عَن نعيم المجمر قَالَ: كنت وَرَاء أبي هُرَيْرَة فَقَرَأَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} ثمَّ قَرَأَ (بِأم الْقُرْآن) حَتَّى بلغ {وَلَا الضَّالّين} قَالَ: آمين وَقَالَ النَّاس: آمين وَيَقُول كلما سجد: الله أكبر وَإِذا قَامَ من الْجُلُوس قَالَ الله أكبر وَيَقُول إِذا سلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأشبهكم صَلَاة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: كَانَ النَّبِي يجْهر ب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فِي السورتين جَمِيعًا وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ النَّبِي كَيفَ تقْرَأ إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة قلت {الْحَمد لله رب الْعَالمين} قَالَ: قل {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ تقْرَأ إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة قلت: أَقرَأ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} قَالَ: قل {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: صليت خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر فَكَانُوا يجهرون ب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمني جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد الْكَعْبَة فجهر ب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن الحكم بن عُمَيْر وَكَانَ بَدْرِيًّا قَالَ صليت خلف النَّبِي

صلى الله عيه وَسلم فجهر فِي الصَّلَاة {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فِي صَلَاة اللَّيْل وَصَلَاة الْغَدَاة وَصَلَاة الْجُمُعَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يجْهر ب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج أَبُو عبيد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: فَاتِحَة الْكتاب سبع آيَات ب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي فضائله والخطيب الْبَغْدَادِيّ فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس أَن عُثْمَان بن عَفَّان سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَقَالَ هُوَ اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى ومابينه وَبَين اسْم الله الْأَكْبَر إِلَّا كَمَا بَين سَواد الْعين وبياضها من الْقرب وَأخرج ابْن جرير وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق والثعلبي بِسَنَد ضَعِيف جدا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن عِيسَى بن مَرْيَم أسلمته أمه إِلَى الْكتاب ليعلمه فَقَالَ لَهُ الْمعلم: اكْتُبْ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} قَالَ لَهُ عِيسَى: وَمَا باسم الله قَالَ الْمعلم: لَا أَدْرِي فَقَالَ لَهُ عِيسَى الْبَاء بهاء الله وَالسِّين سناؤه وَالْمِيم مَمْلَكَته {وَالله} إِلَه الْآلهَة والرحمن رحمان الدُّنْيَا وَالْآخِرَة والرحيم رَحِيم الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك مثل قَوْله وَأخرج ابْن جريج وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أول مَا نزل جِبْرِيل على مُحَمَّد قَالَ لَهُ جِبْرِيل {بِسم الله} يَا مُحَمَّد يَقُول: اقْرَأ بِذكر الله: و {الله} ذُو الألوهية والمعبودية على خلقه أَجْمَعِينَ والرحمن الفعلان من الرَّحْمَة و {الرَّحِيم} الرفيق الرَّقِيق بِمن أحب أَن يرحمه والبعيد الشَّديد على من أحب أَن يضعف عَلَيْهِ الْعَذَاب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اسْم الله الْأَعْظَم هُوَ الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الضريس فِي فضائله وَابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن يزِيد قَالَ: اسْم الله الْأَعْظَم هُوَ الله أَلا ترى أَنه فِي جَمِيع

الْقُرْآن يبْدَأ بِهِ قبل كل اسْم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الدُّعَاء الشّعبِيّ قَالَ: اسْم الله الْأَعْظَم يَا الله وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ {الرَّحْمَن} اسْم مَمْنُوع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم قَالَ {الرَّحِيم} اسْم لايستطيع النَّاس أَن ينتحلوه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ {الرَّحْمَن} لجَمِيع الْخلق و {الرَّحِيم} بِالْمُؤْمِنِينَ خَاصَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {الرَّحْمَن} وَهُوَ الرفيق {الرَّحِيم} وَهُوَ العاطف على خلقه بالرزق وهما اسمان رقيقان أَحدهمَا أرق من الآخر وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: كَانَ الرَّحْمَن فَلَمَّا اختزل الرَّحْمَن من اسْمه كَانَ {الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل بِسَنَد ضَعِيف عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ لي أبي: أَلا أعلمك دُعَاء علمنيه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: وَكَانَ عِيسَى يُعلمهُ للحواريين - لوكان عَلَيْك مثل أحد ذَهَبا لقضاه الله عَنْك قلت: بلَى قَالَ: قولي: اللَّهُمَّ فارج الْهم كاشف الْغم - وَلَفظ الْبَزَّار وَكَاشف الكرب - مُجيب دَعْوَة الْمُضْطَرين رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ورحيمها أَنْت ترحمني رَحْمَة تغنني بهَا عَمَّن سواك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو بهؤلاء الْكَلِمَات ويعلمهن اللَّهُمَّ فارج الْهم وَكَاشف الكرب ومجيب الْمُضْطَرين ورحمن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ورحيمها أَنْت ترحمني فارحمني رَحْمَة تغنني بهَا عَمَّن سواك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو بهؤلاء الْكَلِمَات ويعلمهن اللَّهُمَّ فارج الْهم وَكَاشف الكرب ومجيب الْمُضْطَرين ورحمن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ورحيمها ارْحَمْنِي الْيَوْم رَحْمَة تغنني بهَا عَن رَحْمَة من سواك

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق ابْن سُلَيْمَان عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله أنزل على سُورَة لم ينزلها على أحد من الْأَنْبِيَاء وَالرسل من قبلي قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله تَعَالَى: قسمت هَذِه السُّورَة بيني وَبَين عبَادي فَاتِحَة الْكتاب جعلت نصفهَا لي: وَنِصْفهَا لَهُم وَآيَة بيني وَبينهمْ فَإِذا قَالَ العَبْد {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} قَالَ الله: عَبدِي دَعَاني باسمين رقيقين أَحدهمَا أرق من الآخر فالرحيم أرق من الرَّحْمَن وَكِلَاهُمَا رقيقان فَإِذا قَالَ {الْحَمد لله} قَالَ الله: شكرني عبدني وحمدني فَإِذا قَالَ {رب الْعَالمين} قَالَ الله شهد عَبدِي أَنِّي رب الْعَالمين رب الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة وَالشَّيَاطِين وَرب الْخلق وَرب كل شَيْء فَإِذا قَالَ {الرَّحْمَن الرَّحِيم} يَقُول مجدني عَبدِي وَإِذا قَالَ {مَالك يَوْم الدّين} - يَعْنِي بِيَوْم الدّين: يَوْم الْحساب - قَالَ الله تَعَالَى: شهد عَبدِي أَنه لَا مَالك ليومه أحد غَيْرِي وَإِذا قَالَ {مَالك يَوْم الدّين} فقد أثنى عَليّ عَبدِي {إياك نعْبد} يَعْنِي الله أعبد وأوحد {وَإِيَّاك نستعين} قَالَ الله: هَذَا بيني وَبَين عَبدِي إيَّايَ يعبد فَهَذِهِ لي واياي نستعين فَهَذِهِ لَهُ ولعبدي بعد ماسأل بَقِيَّة السُّورَة {اهدنا} أرشدنا {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} يَعْنِي دين الْإِسْلَام لِأَن كل دين غير الْإِسْلَام فَلَيْسَ بِمُسْتَقِيم الَّذِي لَيْسَ فِيهِ التَّوْحِيد {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم} يَعْنِي بِهِ النَّبِيين وَالْمُؤمنِينَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم بِالْإِسْلَامِ والنبوة {غير المغضوب عَلَيْهِم} يَقُول: أرشدنا غير دين هَؤُلَاءِ الَّذين غضِبت عَلَيْهِم وهم الْيَهُود {وَلَا الضَّالّين} وهم النَّصَارَى أضلهم اله بعد الْهدى فبمعصيتهم غضب الله عَلَيْهِم (وَجعل مِنْهُم القردة والخنازير وَعبد الطاغوت أُولَئِكَ شَرّ مَكَانا) (الْمَائِدَة الْآيَة 60) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة يَعْنِي شَرّ منزلا من النَّار (وأض عَن سَوَاء السَّبِيل) (الْمَائِدَة الْآيَة 60) من الْمُؤمنِينَ يَعْنِي أضلّ عَن قصد السَّبِيل المهدى من الْمُسلمين قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَإِذا قَالَ الإِمَام {وَلَا الضَّالّين} فَقولُوا آمينن يحبكم الله قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي يَا مُحَمَّد هَذِه نجاتك وَنَجَاة أمتك وَمن اتبعك على دينك من النَّار قَالَ الْبَيْهَقِيّ: قَوْله: رقيقان قيل هَذَا تَصْحِيف وَقع فِي الأَصْل وَإِنَّمَا هُوَ رفيقان والرفيق: من أَسمَاء الله تَعَالَى

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والثعلبي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما نزلت {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} هرب الْغَيْم إِلَى الْمشرق وسكنت الرّيح وهاج الْبَحْر وأصغت الْبَهَائِم بآذانها ورجمت الشَّيَاطِين من السَّمَاء وَحلف الله بعزته وجلاله أَن لَا يُسمى على شَيْء إِلَّا بَارك فِيهِ وَأخرج وَكِيع والثعلبي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من أَرَادَ أَن ينجيه الله من الزَّبَانِيَة التِّسْعَة عشر فليقرأ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} ليجعل الله لَهُ بِكُل حرف مِنْهَا جنَّة من كل وَاحِد وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا إِن الْمعلم إِذا قَالَ للصَّبِيّ قل {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} كتب للمعلم وللصبي ولأبويه بَرَاءَة من النَّار وَأخرج ابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة والديلمي عَن عَليّ مَرْفُوعا إِذا وَقعت فِي ورطة فَقل {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم فَإِن الله يصرف بهَا مَا يَشَاء من أَنْوَاع الْبلَاء وَأخرج الْحَافِظ عَن عبد الْقَادِر الرهاوي فِي الْأَرْبَعين بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ ب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} أقطع وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عَطاء قَالَ: إِذا تناهقت الْحمر من اللَّيْل فَقولُوا {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ: الْجِنّ يستمتعون بمتاع الْإِنْس وثيابهم فَمن أَخذ مِنْكُم أَو وَضعه فَلْيقل {بِسم الله} فَإِن اسْم الله طَابع وَأخرج أَبُو نعيم والديلمي عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} ضجت الْجبَال حَتَّى سمع أهل مَكَّة دويها فَقَالُوا: سحر مُحَمَّد الْجبَال فَبعث الله دخانا حَتَّى أظل على أهل مَكَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} موقنا سبحت مَعَه الْجبَال إِلَّا أَنه لايسمع ذَلِك مِنْهَا وَأخرج الديلمي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} كتب لَهُ بِكُل حرف أَرْبَعَة آلَاف حَسَنَة ومحي عَنهُ أَرْبَعَة آلَاف سَيِّئَة وَرفع لَهُ أَرْبَعَة آلَاف دَرَجَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس بن مَالك أَنه سُئِلَ عَن قِرَاءَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: كَانَت مدا ثمَّ قَرَأَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} يمد {بِسم الله} ويمد {الرَّحْمَن} ويمد {الرَّحِيم} وَأخرج الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي الْجَامِع عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} مِفْتَاح كل كتاب وَأخرج الْخَطِيب فِي الْجَامِع عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لايصلح كتاب إِلَّا أَوله {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَإِن كَانَ شعرًا وَأخرج الْخَطِيب عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قَضَت السّنة أَن لايكتب فِي الشّعْر {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو بكر بن أبي دَاوُد والخطيب فِي الْجَامِع عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يكتبوا أَمَام الشّعْر {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الْخَطِيب عَن الشّعبِيّ قَالَ أَجمعُوا أَن لايكتبوا أَمَام الشّعْر {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج أبوعبيد وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُجَاهِد وَالشعْبِيّ أَنَّهُمَا كرها أَن يكْتب الْجنب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج أبونعيم فِي تَارِيخ أَصْبَهَان وَابْن اشتة فِي الْمَصَاحِف بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كتب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} مجودة تَعْظِيمًا لله غفر الله لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: تنوق رجل فِي {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فغفر لَهُ وَأخرج السلَفِي فِي جُزْء لَهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتمد الْبَاء إِلَى الْمِيم حَتَّى ترفع السِّين وَأخرج الْخَطِيب فِي الْجَامِع عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تمد {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الْخَطِيب وَابْن اشتة فِي الْمَصَاحِف عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه كَانَ يكره أَن يمد الْبَاء إِلَى الْمِيم حَتَّى يكْتب السِّين

وَأخرج الديلمي فِي مشند الفردوس وَابْن عَسَاكِر فِي تارخ دمشق عَن يزِيد بن ثَابت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كتبت {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَبين السِّين فِيهِ وَأخرج الْخَطِيب فِي الْجَامِع والديلمي عَن أنس عَن النَّبِي قَالَ إِذا كتب أحدكُم {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فليمد الرَّحْمَن وَأخرج الديلمي عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يامعاوية ألق الدواة وحرف الْقَلَم وانصب الْبَاء وَفرق السِّين ولاتغور الْمِيم وَحسن الله وَمد الرَّحْمَن وجود الرَّحِيم وضع قلمك على أُذُنك الْيُسْرَى فَإِنَّهُ أذكر لَك وَأخرج الْخَطِيب عَن مطر الْوراق قَالَ كَانَ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان كَاتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره أَن يجمع بَين حُرُوف الْبَاء وَالسِّين ثمَّ يمده إِلَى الْمِيم ثمَّ يجمع حُرُوف الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ولايمد شَيْئا من أَسمَاء الله فِي كِتَابه ولاقراءته وَأخرج أبوعبيد عَن مُسلم بن يسَار أَنه كَانَ يكره أَن يكْتب (بِمَ) حِين يبْدَأ قيسقط السِّين وَأخرج أبوعبيد عَن ابْن عون أَنه كتب لِابْنِ سِيرِين (بِمَ) فَقَالَ: مَه اكْتُبْ سينا اتَّقوا أَن يَأْثَم أحدكُم وَهُوَ لايشعر وَأخرج أبوعبيد عَن عمرَان بن عون أَن عمر بن عبد الْعَزِيز ضرب كَاتبا كتب الْمِيم قبل السِّين فَقيل لَهُ: فيمَ ضربك أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: فِي سين وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته عَن جوَيْرِية بنت أَسمَاء أَن عمر بن عبد الْعَزِيز عزل كَاتبا لَهُ فِي هَذَا كتب (بِمَ) وَلم يَجْعَل السِّين وَأخرج ابْن سعيد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه كَانَ يكره أَن يكْتب الْبَاء ثمَّ يمدها إِلَى الْمِيم حَتَّى يكْتب السِّين وَيَقُول فِيهِ قولا شَدِيدا وَأخرج الْخَطِيب عَن معَاذ بن معَاذ قَالَ: كتبت عِنْد سوار {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فممدت الْبَاء وَلم أكتب السِّين فَأمْسك يَدي وَقَالَ: كَانَ مُحَمَّد وَالْحسن يكرهان هَذَا وَأخرج الْخَطِيب عَن عبد الله بن صَالح قَالَ: كتبت {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَرفعت الْبَاء فطالت فَأنْكر ذَلِك اللَّيْث وَكَرِهَهُ وَقَالَ: غيرت الْمَعْنى يَعْنِي لِأَنَّهَا تصير لاما

وَأخرج أبوداود فِي مراسيله عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على كتاب فِي الأَرْض فَقَالَ لفتى مَعَه مَا فِي هَذَا قَالَ {بِسم الله} قَالَ: لعن من فعل هَذَا لاتضعوا {بِسم الله} إِلَّا فِي مَوْضِعه وَأخرج الْخَطِيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن أنس مَرْفُوعا من رفع قرطاسا من الأَرْض فِيهِ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} إجلالا لَهُ أَن يداس كتب عِنْد الله من الصديقين وخفف عَن وَالِديهِ وَإِن كَانَا كَافِرين وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث عَن أم خَالِد بن خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ قَالَ: إِنِّي أول من كتب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج الثَّعْلَبِيّ من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَقَالَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَقَالَت قُرَيْش: دق الله فَاك وَأخرج أبوداود فِي مراسيله عَن سعيد بن جُبَير قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجْهر {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} بِمَكَّة وَكَانَ أهل مَكَّة يدعونَ مُسَيْلمَة الرَّحْمَن فَقَالُوا: إِن مُحَمَّدًا يَدْعُو إِلَى إِلَه الْيَمَامَة فَأمر رَسُول الله بإخفائها فَمَا جهر بهَا حَتَّى مَاتَ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} هزأ مِنْهُ الْمُشْركُونَ وَقَالُوا: مُحَمَّد يذكر إِلَه الْيَمَامَة وَكَانَ مُسَيْلمَة يتسمى الرَّحْمَن فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا يجْهر بهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسر {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأَبُو بكر وَعمر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عبد الله بن مُغفل قَالَ: سمعني أبي وَأَنا أَقرَأ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَقَالَ: أَي بني مُحدث صليت خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلم أسمع أحدا مِنْهُم جهر {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْجَهْر {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} قِرَاءَة الْأَعْرَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: جهر الإِمَام {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

بِدعَة وَأخرج ابْن الضريس عَن يحيى بن عَتيق قَالَ: كَانَ الْحسن يَقُول: اكتبوا فِي أول الإِمَام {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَاجْعَلُوا بَين كل سورتين خطا

2

2 - قَوْله تَعَالَى: الْحَمد لله (رب الْعَالمين) أخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول والخطابي فِي الْغَرِيب وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَدَب والديلمي فِي مُسْند الفردوس والثعلبي عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَ {الْحَمد} رَأس الشُّكْر فَمَا شكر الله عبد لايحمده وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد ضَعِيف عَن النّواس بن سمْعَان قَالَ: سرقت نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَئِن ردهَا الله لأشكرن رَبِّي فَوَقَعت فِي حيّ من أَحيَاء الْعَرَب فيهم امْرَأَة مسلمة فَوَقع فِي خلدها أَن تهرب عَلَيْهَا فرأت من الْقَوْم غَفلَة فَقَعَدت عَلَيْهَا ثمَّ حركتها فصبحت بهَا الْمَدِينَة فَلَمَّا رأها الْمُسلمُونَ فرحوا بهَا وَمَشوا بمجئها حَتَّى أَتَوا رَسُول الله فَلَمَّا رأها قَالَ {الْحَمد لله} فانتظروا هَل يحدث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صوما أَو صَلَاة فظنوا أَنه نسي فَقَالُوا: يارسول الله قد كنت قلت لَئِن ردهَا الله لأشكرن رَبِّي قَالَ: ألم أقل {الْحَمد لله} وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم فِي تَارِيخ نيسابور والديلمي بِسَنَد ضَعِيف عَن الحكم بن عُمَيْر وَكَانَت لَهُ صُحْبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قلت {الْحَمد لله رب الْعَالمين} فقد شكرت الله فزادك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {الْحَمد لله} كلمة الشُّكْر إِذا قَالَ العَبْد {الْحَمد لله} قَالَ الله شكرني عَبدِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {الْحَمد} هُوَ الشُّكْر والاستحذاء لله والاقرار بنعمه وهدايته وابتدائه وَغير ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ عمر: قد علمنَا سُبْحَانَ الله ولاإله إِلَّا الله فَمَا الْحَمد قَالَ عَليّ: كلمة رضيها الله لنَفسِهِ وَأحب أَن تقال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ {الْحَمد لله} ثَنَاء على الله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ {الْحَمد} رِدَاء الرَّحْمَن وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عبد الرَّحْمَن الجبائي قَالَ: الصَّلَاة شكر وَالصِّيَام شكر وكل خير تَفْعَلهُ لله شكر وَأفضل الشُّكْر {الْحَمد} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الذّكر لَا إِلَه إِلَّا الله وَأفضل الدُّعَاء {الْحَمد لله} وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أنعم الله على عَبده نعْمَة فَقَالَ {الْحَمد لله} إلاَّ كَانَ الَّذِي أعْطى أفضل مِمَّا أَخذه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من عبد ينعم عَلَيْهِ بِنِعْمَة إلاَّ كَانَ {الْحَمد} أفضل مِنْهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أنعم الله على عبد نعْمَة يحمد الله عَلَيْهَا إلاَّ كَانَ كَانَ حمد الله أعظم مِنْهَا كائنة مَا كَانَت وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن الدُّنْيَا كلهَا بحذافيرها فِي يَد رجل من أمتِي ثمَّ قَالَ {الْحَمد لله} لَكَانَ الْحَمد أفضل من ذَلِك وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطّهُور شطر الْإِيمَان {وَالْحَمْد لله} تملأ الْمِيزَان وَسُبْحَان الله تملآن - أَو تملأ - مابين السَّمَاء وَالْأَرْض وَالصَّلَاة نور وَالصَّدَََقَة برهَان وَالصَّبْر ضِيَاء وَالْقُرْآن حجَّة لَك أَو عَلَيْك كل النَّاس يَغْدُو فبائع نَفسه فمعتقها أَو موبقها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن مرْدَوَيْه عَن رجل من بني سليم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سُبْحَانَ الله نصف الْمِيزَان وَالْحَمْد لله تملأ الْمِيزَان وَالله أكبر يمْلَأ مابين السَّمَاء وَالْأَرْض وَالطهُور نصف الْمِيزَان وَالصَّوْم نصف الصَّبْر وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّسْبِيح نصف الْمِيزَان وَالْحَمْد لله تملؤه وَلَا إِلَه إِلَّا الله لَيْسَ لَهَا دون الله حجاب حَتَّى تخلص إِلَيْهِ

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْأسود بن سريع التَّمِيمِي قَالَ قلت: يَا رَسُول الله أَلا أنْشدك محامد حمدت بهَا رَبِّي تبَارك وَتَعَالَى قَالَ: أما أَن رَبك يحب الْحَمد وَأخرج ابْن جرير عَن الْأسود بن سريع أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ شَيْء أحب إِلَيْهِ الْحَمد من الله وَلذَلِك أثنى على نَفسه فَقَالَ {الْحَمد لله} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ التأني من الله والعجلة من الشَّيْطَان وَمَا شَيْء أَكثر معاذير من الله وَمَا شَيْء أحب إِلَى الله من الْحَمد وَأخرج ابْن شاهين فِي السّنة والديلمي من طَرِيق أبان عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله التَّوْحِيد ثمن الْجنَّة و {الْحَمد لله} ثمن كل قِطْعَة ويتقاسمون الْجنَّة بأعمالهم وَأخرج الْخَطِيب فِي تالي التَّلْخِيص من طَرِيق ثَابت عَن أنس مَرْفُوعا التَّوْحِيد ثمن الْجنَّة وَالْحَمْد وَفَاء شكر كل نعْمَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل أَمر ذِي بَال لَا يبْدَأ فِيهِ بِحَمْد الله فَهُوَ أقطع وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا عطس أحدكُم فَقَالَ {الْحَمد لله} قَالَ الْملك: رب الْعَالمين فَإِذا قَالَ رب الْعَالمين قَالَ الْملك يَرْحَمك الله وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن السّني وَأَبُو نعيم كِلَاهُمَا فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ عَن عَليّ ابْن أبي طَالب قَالَ: من قَالَ عِنْد كل عطسة سَمعهَا {الْحَمد لله رب الْعَالمين} على كل حَال مَا كَانَ لم يجد وجع الضرس وَالْأُذن أبدا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَادر الْعَاطِس بِالْحَمْد لم يضرّهُ شَيْء من دَاء الْبَطن وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن مُوسَى بن طَلْحَة قَالَ: أوحى الله إِلَى سُلَيْمَان: إِن عطس عاطس من وَرَاء سَبْعَة أبحر فاذكرني وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة من أَهله فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَك عليّ إِن رددتهم سَالِمين أَن أشكرك حقّ شكرك فَمَا لَبِثُوا أَن جاؤا سَالِمين فَقَالَ

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {الْحَمد لله} على سابغ نعم الله فَقلت يَا رَسُول الله ألم تقل إِن ردهم الله أَن أشكره حق شكره فَقَالَ أَو لم أفعل وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الشُّكْر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعد بن اسحق بن كَعْب بن عجْرَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثاً من الْأَنْصَار وَقَالَ: إِن سلمهم الله وأغنهم فَإِن لله عَليّ فِي ذَلِك شكرا فَلم يَلْبَثُوا أَن غنموا وسلموا فَقَالَ بعض أَصْحَابه: سمعناك تَقول إِن سلمهم الله وأغنهم فَإِن لله عَليّ فِي ذَلِك شكرا قَالَ: قد فعلت قلت: اللَّهُمَّ شكرا وَلَك الْفضل الْمَنّ فضلا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: فقد أبي بغلته فَقَالَ: لَئِن ردهَا الله عليّ لأحمدنَّه بِمَحَامِد يرضاها فَمَا لبث أَن أَتَى بهَا بسرجها ولجامها فركبها فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ {الْحَمد لله} لم يزدْ عَلَيْهَا فَقيل لَهُ: فِي ذَلِك فَقَالَ: وَهل تركت شَيْئا أَو أبقيت شَيْئا جعلت الْحَمد كُله لله عز وَجل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مَنْصُور بن ابراهيم قَالَ: يُقَال إِن {الْحَمد لله} أَكثر الْكَلَام تضعيفاً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن حَرْب قَالَ: قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: {الْحَمد لله} ذكر وشكر وَلَيْسَ شَيْء يكون ذكرا وشكراً غَيره وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: إِن العَبْد إِذا قَالَ: سُبْحَانَ الله فَهِيَ صَلَاة الْخَلَائق وَإِذا قَالَ {الْحَمد لله} فَهِيَ كلمة الشُّكْر الَّتِي لم يشْكر عبد قطّ حَتَّى يَقُولهَا وَإِذا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَهِيَ كلمة الإِخلاص الَّتِي لم يقبل الله من عبد قطّ عملا حَتَّى يَقُولهَا وَإِذا قَالَ: الله أكبر مَلأ مابين السَّمَاء وَالْأَرْض وَإِذا قَالَ: لاحول وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ الله: أسلم واستسلم 2 - قَوْله تَعَالَى: (الْحَمد لله) رَبِّ الْعَالَمِينَ أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {رب الْعَالمين} قَالَ: الْجِنّ والإِنس

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {رب الْعَالمين} قَالَ: الْجِنّ والإِنس وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {رب الْعَالمين} قَالَ: إِلَه الْخلق كُله السَّمَوَات كُلهنَّ وَمن فِيهِنَّ والأرضون كُلهنَّ وَمن فِيهِنَّ وَمن بَينهُنَّ مِمَّا يعلم وَمِمَّا لايعلم وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَأَبُو يعلي فِي مُسْنده وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والخطيب فِي التَّارِيخ بِسَنَد ضَعِيف عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قل الْجَرَاد فِي سنة من سني عمر الَّتِي ولي فِيهَا فَسَأَلَ عَنهُ فَلم يخبر بِشَيْء فَاغْتَمَّ لذَلِك فَأرْسل رَاكِبًا يضْرب إِلَى كداء وَآخر إِلَى الشَّام وَآخر إِلَى الْعرَاق يسْأَل هَل رُؤِيَ من الْجَرَاد شَيْء أَولا فَأَتَاهُ الرَّاكِب الَّذِي من قبل الْيمن بقبضة من جَراد فألقاها بَين يَدَيْهِ فَلَمَّا رَآهَا كبر ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول خلق الله ألف أمة سِتّمائَة فِي الْبَحْر وَأَرْبَعمِائَة فِي الْبر فَأول شَيْء يهْلك من هَذِه الْأُمَم الْجَرَاد فَإِذا أهلكت تَتَابَعَت مثل النظام إِذا قطع سلكه وَأخرج ابْن جريج عَن قَتَادَة فِي قَوْله {رب الْعَالمين} قَالَ: كل صنف عَالم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن تتبع الجهري قَالَ: الْعَالمُونَ ألف أمة فستمائة فِي الْبَحْر وَأَرْبَعمِائَة فِي الْبر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {رب الْعَالمين} قَالَ: الإِنس عَالم وَالْجِنّ عَالم وَمَا سوى ذَلِك ثَمَانِيَة عشر ألف عَالم من الْمَلَائِكَة وللأرض أَربع زَوَايَا فِي كل زَاوِيَة ثَلَاثَة آلَاف عَالم وَخَمْسمِائة عَالم خلقهمْ لعبادته وَأخرج الثَّعْلَبِيّ من طَرِيق شهر بن حَوْشَب عَن أبي كَعْب قَالَ: الْعَالمُونَ الْمَلَائِكَة وهم ثَمَانُون ثَمَانِيَة عشر ألف ملك مِنْهُم أَرْبَعمِائَة أَو خَمْسمِائَة ملك بالمشرق وَمثلهَا بالمغرب وَمثلهَا بالكتف الثَّالِث من الدُّنْيَا وَمثلهَا بالكتف الرَّابِع من الدُّنْيَا مَعَ كل ملك من الأعوان مَا لَا يعلم عَددهمْ إِلَّا الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب قَالَ: إِن لله عز وَجل ثَمَانِيَة عشر ألف عَالم الدُّنْيَا مِنْهَا عَالم وَاحِد

3

3 - قَوْله تَعَالَى: الرَّحْمَن الرَّحِيم أخرج عبد بن حميد من طَرِيق مطر الْوراق عَن قَتَادَة فِي قَول الله {الْحَمد لله رب الْعَالمين} قَالَ: ماوصف من خلقه وَفِي قَوْله {الرَّحْمَن الرَّحِيم} قَالَ: مدح نَفسه {مَالك يَوْم الدّين} قَالَ: يَوْم يدان بَين الْخَلَائق أَي هَكَذَا فَقولُوا {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} قَالَ: دلّ على نَفسه {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} أَي الصِّرَاط الْمُسْتَقيم {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم} أَي طَرِيق الْأَنْبِيَاء {غير المغضوب عَلَيْهِم} قَالَ: الْيَهُود {وَلَا الضَّالّين} قَالَ: النَّصَارَى وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الصَّلَاة {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فعدّها آيَة {الْحَمد لله رب الْعَالمين} آيَتَيْنِ {الرَّحْمَن الرَّحِيم} ثَلَاث آيَات {مَالك يَوْم الدّين} أَربع آيَات وَقَالَ: هَكَذَا {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} وَجمع خمس أَصَابِعه

4

4 - قَوْله تَعَالَى: ملك يَوْم الدّين [وَفِي قِرَاءَة: مَالك يَوْم الدّين] أخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْأَنْبَارِي كِلَاهُمَا فِي كتاب الْمَصَاحِف عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ {مَالك يَوْم الدّين} بِغَيْر ألف وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن أنس قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف ومعاذ بن جبل {مَالك يَوْم الدّين} بِغَيْر ألف وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر وَعُثْمَان كَانُوا يقرؤون {مَالك يَوْم الدّين} بِالْألف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق سَالم عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر وَعُثْمَان كَانُوا يقرؤون {مَالك يَوْم الدّين} وَأخرج وَكِيع فِي تَفْسِيره وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْنه عَن الزُّهْرِيّ أَن رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر كَانُوا يقرؤونها {مَالك يَوْم الدّين} وأوّل من قَرَأَهَا ملك يَوْم الدّين بِغَيْر ألف مَرْوَان وَأخرج ابْن أبي دَاوُد والخطيب من طَرِيق ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب والبراء بن عَازِب قَالَا: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر {مَالك يَوْم الدّين} وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن ابْن شهَاب أَنه بلغه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر وَعمر وَعُثْمَان وَمُعَاوِيَة وَابْنه يزِيد كَانُوا يقرؤون {مَالك يَوْم الدّين} قَالَ ابْن شهَاب: وأوّل من أحدث ملك مَرْوَان وَأخرج ابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن الزُّهْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ {مَالك يَوْم الدّين} وَأَبا بكر وَعمر وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَابْن مَسْعُود ومعاذ بن جبل وَأخرج ابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن أنس قَالَ: صليت خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي كلهم كَانَ يقْرَأ / ملك يَوْم الدّين / وَأخرج ابْن أبي دَاوُد وَابْن أبي مليكَة عَن بَعْص أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {مَالك يَوْم الدّين} وَأخرج ابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَابْن جَمِيع فِي مُعْجَمه عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ / ملك يَوْم الدّين / وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ {مَالك يَوْم الدّين} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْكَبِير عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {مَالك يَوْم الدّين} بِالْألف {غير المغضوب عَلَيْهِم} خفض واخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَأَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن عمر بن الْخطاب أَنه كَانَ يقْرَأ {مَالك يَوْم الدّين} بِالْألف وَأخرج وَكِيع وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن أبي قلَابَة أَن أبي بن كَعْب كَانَ يقْرَأ {مَالك يَوْم الدّين} وَأخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يقْرؤهَا {مَالك يَوْم الدّين} بِالْألف

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عُبَيْدَة أَن عبد الله قَرَأَهَا {مَالك يَوْم الدّين} وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود وأناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {مَالك يَوْم الدّين} قَالَ: هُوَ يَوْم الْحساب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَالك يَوْم الدّين} يَقُول: لايملك أحد مَعَه فِي ذَلِك الْيَوْم حكما كملكهم فِي الدُّنْيَا وَفِي قَوْله {يَوْم الدّين} قَالَ: يَوْم حِسَاب الْخَلَائق وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة يدينهم بأعمالهم إِن خيرا فَخير وَإِن شرا فشر إِلَّا من عَفا عَنهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مَالك يَوْم الدّين} قَالَ: يَوْم يدين اله الْعباد بأعمالهم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت شكا النَّاس إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُحُوط الْمَطَر فَأمر بمنبر فَوَضعه فِي الْمصلى ووعد النَّاس يَوْمًا يخرجُون فِيهِ فَخرج حِين بدا حَاجِب الشَّمْس فَقعدَ على الْمِنْبَر فَكبر وَحمد الله ثمَّ قَالَ: إِنَّكُم شكوتم جَدب دِيَاركُمْ واستئخار الْمَطَر عَن إبان زَمَنه عَنْكُم وَقد أَمركُم الله أَن تَدعُوهُ ووعدكم أَن يستجيب لكم ثمَّ قَالَ {الْحَمد لله رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين} لَا إِلَه إِلَّا الله يفعل مَا يُرِيد اللَّهُمَّ أَنْت لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الْغَنِيّ وَنحن الْفُقَرَاء أنزل علينا الْغَيْث وَاجعَل مَا أنزل قوّة وبلاغاً إِلَى حِين قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدِيث غَرِيب اسناده جيد أهل الْمَدِينَة يقرؤون / ملك يَوْم الدّين / وَهَذَا الحَدِيث حجَّة لَهُم

5

5 - قَوْله تَعَالَى: إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إياك نعْبد} يَعْنِي إياك نوحد ونخاف وَنَرْجُو رَبنَا لَا غَيْرك {وَإِيَّاك نستعين} على طَاعَتك وعَلى أمورنا كلهَا وَأخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي عَن أبي رُزين قَالَ: سَمِعت عليا قَرَأَ هَذَا الْحَرْف وَكَانَ قرشيا عَرَبيا فصيحاً {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين اهدنا} يرفعهما جَمِيعًا

وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن أبي رُزين أَن عليا قَرَأَ {إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} فهمز وَمد وَشد وَأخرج أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَالْمَاوَرْدِيّ مَعًا فِي معرفَة الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أنس بن مَالك عَن أبي طَلْحَة قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْو فلقي العدوّ فَسَمعته يَقُول: يَا {مَالك يَوْم الدّين إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين} قَالَ: فَلَقَد رَأَيْت الرِّجَال تصرع تضربها الْمَلَائِكَة من بَين يَديهَا وَمن خلفهَا

6

6 - قَوْله تَعَالَى: اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} بالصَّاد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ / اهدنا السراط / بِالسِّين وَأخرج أبن الْأَنْبَارِي عَن عبد الله بن كثير أَنه كَانَ يقْرَأ / السراط / بِالسِّين وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْفراء قَالَ: قَرَأَ حَمْزَة / الزراط / بالزاي قَالَ الْفراء: و / الزراط / باخلاص الزَّاي لُغَة لعذرة وكلب وَبني الْعين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} يَقُول: ألهمنا دينك الْحق وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} قَالَ: ألهمنا الطَّرِيق الْهَادِي وَهُوَ دين الله الَّذِي لَا عوج لَهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {الصِّرَاط} الطَّرِيق وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والمحاملي فِي أَمَالِيهِ من نُسْخَة المُصَنّف وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} قَالَ: هُوَ الإِسلام وَهُوَ أوسع مِمَّا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} الإِسلام وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} الإِسلام

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن النّواس بن سمْعَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ضرب الله صراطاً مُسْتَقِيمًا وعَلى جنبتي الصِّرَاط سوران فيهمَا أَبْوَاب مفتحة وعَلى الْأَبْوَاب ستور مرخاة وعَلى بَاب الصِّرَاط دَاع يَقُول: ياأيها النَّاس أدخلُوا الصِّرَاط جَمِيعًا ولاتتفرقوا وداع يَدْعُو من فَوق: الصِّرَاط فَإِذا أَرَادَ الْإِنْسَان أَن يفتح شَيْئا من تِلْكَ الْأَبْوَاب قَالَ: وَيحك لَا تفتحه فَإنَّك إِن تفتحه تلجه فالصراط الإِسلام والسوران حُدُود الله والأبواب المفتحة محارم الله وَذَلِكَ الدَّاعِي على رَأس الصِّرَاط كتاب الله والداعي من فَوق واعظ الله تَعَالَى فِي قلب كل مُسلم وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن مَسْعُود فِي قَوْله {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} قَالَ: هُوَ كتاب الله وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن هَذَا الصِّرَاط محتضر تحضره الشَّيَاطِين ياعباد الله هَذَا الصِّرَاط فَاتَّبعُوهُ {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} كتاب الله فَتمسكُوا بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَضَعفه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عليّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول سَتَكُون فتن قلت: وَمَا الْمخْرج مِنْهَا قَالَ: كتاب الله فِيهِ نبأ مَا قبلكُمْ وَخبر مَا بعدكم وَحكم مَا بَيْنكُم هُوَ الْفَصْل وَلَيْسَ بِالْهَزْلِ وَهُوَ حَبل الله المتين وَهُوَ ذكره الْحَكِيم وَهُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} الَّذِي تركنَا عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} تركنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على طرفه والطرف الآخر فِي الْجنَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق قيس بن سعد عَن رجل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْقُرْآن هُوَ النُّور الْمُبين وَالذكر الْحَكِيم والصراط الْمُسْتَقيم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جريج وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَابْن عَسَاكِر من

طَرِيق عَاصِم الْأَحول عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} قَالَ: هُوَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحباه من بعده قَالَ: فَذَكرنَا ذَلِك لِلْحسنِ فَقَالَ: صدق أَبُو الْعَالِيَة ونصح وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} قَالَ: هُوَ رَسُول الله وصاحباه وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي قَالَ: تعلمُوا الْإِسْلَام فَإِذا علمتموه فَلَا ترغبوا عَنهُ وَعَلَيْكُم بالصراط الْمُسْتَقيم فَإِن {الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} الْإِسْلَام وَلَا تحرفوا يَمِينا وَشمَالًا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الرُّؤْيَة عِنْد سُفْيَان قَالَ: لَيْسَ فِي تَفْسِير الْقُرْآن اخْتِلَاف انما هُوَ كَلَام جَامع يُرَاد بِهِ هَذَا وَهَذَا وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي قلَابَة قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: إِنَّك لاتفقه كل الْفِقْه حَتَّى ترى لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يحدث عَن الْخَوَارِج الَّذين أَنْكَرُوا الْحُكُومَة فاعتزلوا عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: فاعتزل مِنْهُم اثْنَا عشر ألفا فدعاني عَليّ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهِم فخاصهم وادعهم إِلَى الْكتاب وَالسّنة وَلَا تحاجهم بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ ذَوُو وُجُوه وَلَكِن خاصهم بِالسنةِ وَأخرج ابْن سعد عَن عمرَان بن مناح قَالَ: فَقَالَ ابْن عَبَّاس: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَأَنا أعلم بِكِتَاب الله مِنْهُم فِي بُيُوتنَا نزل فَقَالَ: صدقت وَلَكِن الْقُرْآن جمال ذُو وُجُوه يَقُول وَيَقُولُونَ وَلَكِن حاججهم بالسنن فَإِنَّهُم لن يَجدوا عَنْهَا محيصاً فَخرج ابْن عَبَّاس إِلَيْهِم فحاججهم بالسنن فَلم يبْق بِأَيْدِيهِم حجَّة

7

7 - قَوْله تَعَالَى: صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين أخرج وَكِيع وَأَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي كِلَاهُمَا فِي الْمَصَاحِف من طرق عمر بن الْخطاب أَنه كَانَ يقْرَأ / صِرَاط من أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَغير الضَّالّين /

وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن عبد الله بن الزبير قَرَأَ / صِرَاط من أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَغير الضَّالّين / فِي الصَّلَاة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ / عليهمي / بِكَسْر الْهَاء وَالْمِيم واثبات الْيَاء وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْأَعْرَج أَنه كَانَ يقْرَأ / عليهمو / بِضَم الْهَاء وَالْمِيم وإلحاق الْوَاو وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن عبد الله بن كثير أَنه كَانَ يقْرَأ / أَنْعَمت عليهمو / بِكَسْر الْهَاء وَضم الْمِيم مَعَ إِلْحَاق الْوَاو وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن إِسْحَق أَنه قَرَأَ {عَلَيْهِم} بِضَم الْهَاء وَالْمِيم من غير إِلْحَاق وَاو وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن ابراهيم قَالَ: كَانَ عِكْرِمَة وَالْأسود يقرآنها / صِرَاط من أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَغير الضَّالّين / وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ {أَنْعَمت عَلَيْهِم} الْآيَة السَّادِسَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم} يَقُول: طَرِيق من أَنْعَمت عَلَيْهِم من الْمَلَائِكَة والنبيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ الَّذين أطاعوك وعبدوك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم} قَالَ: الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي زيد فِي قَوْله {صِرَاط الَّذين} قَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن مَعَه وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم} قَالَ: النَّبِيُّونَ {غير المغضوب عَلَيْهِم} قَالَ: الْيَهُود {وَلَا الضَّالّين} قَالَ: النَّصَارَى وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {غير المغضوب عَلَيْهِم} قَالَ: الْيَهُود {وَلَا الضَّالّين} قَالَ: النَّصَارَى وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين}

قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ: أَخْبرنِي من سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بوادي الْقرى على فرس لَهُ وَسَأَلَهُ رجل من بني الْعين فَقَالَ: من المغضوب عَلَيْهِم يَا رَسُول الله قَالَ: الْيَهُود قَالَ: فَمن الضالون قَالَ: النَّصَارَى وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحاصر أهل وَادي الْقرى فَقَالَ لَهُ رجل: من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ {المغضوب عَلَيْهِم} يَعْنِي الْيَهُود قَالَ: يَا رَسُول الله فَمن هَؤُلَاءِ الطَّائِفَة الْأُخْرَى قَالَ: هَؤُلَاءِ {الضالون} يَعْنِي النَّصَارَى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عبد الله بن شَقِيق عَن أبي ذَر قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن {المغضوب عَلَيْهِم} قَالَ: الْيَهُود قلت {الضَّالّين} قَالَ: النَّصَارَى وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق عبد الله بن شَقِيق عَن رجل من بلعين عَن ابْن عَم لَهُ أَنه قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بوادي الْقرى فَقلت: من هَؤُلَاءِ عنْدك قَالَ: {المغضوب عَلَيْهِم} الْيَهُود {وَلَا الضَّالّين} النَّصَارَى وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي تَفْسِيره وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن إِسْمَعِيل بن أبي أبي خَالِد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ {المغضوب عَلَيْهِم} الْيَهُود والضالون هم النَّصَارَى وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن {المغضوب عَلَيْهِم} الْيَهُود وَإِن {الضَّالّين} النَّصَارَى وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ عَن الشريد قَالَ: مَرَّ بِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا جَالس هَكَذَا وَقد وضعت يَدي الْيُسْرَى خلف ظَهْري واتكأت على الية يَدي قَالَ: أتقعد قعدة المغضوب عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جريج عَن ابْن مَسْعُود قَالَ {المغضوب عَلَيْهِم} الْيَهُود و {الضَّالّين} النَّصَارَى وَأخرج ابْن جريج عَن مُجَاهِد مثله قَالَ ابْن أبي حَاتِم: لَا أعلم خلافًا بَين الْمُفَسّرين فِي تَفْسِير {المغضوب عَلَيْهِم} باليهود {الضَّالّين} بالنصارى

ذكر آمين أخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة عَن أبي ميسرَة قَالَ: لما أَقرَأ جِبْرِيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاتِحَة الْكتاب فَبلغ {وَلَا الضَّالّين} قَالَ: قل آمين فَقَالَ: آمين وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وأبوداود وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن وَائِل بن حجر الْحَضْرَمِيّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقَالَ {آمين} يمد بهَا صَوته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن وَائِل بن حجر أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} قَالَ: رب اغْفِر لي {آمين} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن وَائِل بن حجر قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل فِي الصَّلَاة فَلَمَّا فرغ من فَاتِحَة الْكتاب قَالَ {آمين} ثَلَاث مَرَّات وَأخرج ابْن مَاجَه عَن عَليّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَالَ {وَلَا الضَّالّين} قَالَ {آمين} وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ - يَعْنِي الإِمَام - {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقولُوا {آمين} يحبكم الله وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أَمن الإِمام فَأمنُوا فَإِنَّهُ من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَأخرج أَبُو يعلى فِي مُسْنده وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد جيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَالَ الإِمَام {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} قَالَ الَّذين خَلفه {آمين} الْتَقت من أهل السَّمَاء وَأهل الآرض وَمن لم يقل {آمين} كَمثل رجل غزا مَعَ قوم فاقترعوا سِهَامهمْ وَلم يخرج سَهْمه فَقَالَ: مَا لسهمي لم يخرج قَالَ: إِنَّك لم تقل {آمين} وَأخرج أَبُو دَاوُد بِسَنَد حسن عَن أبي زُهَيْر النميري وَكَانَ من الصَّحَابَة أَنه كَانَ إِذا دَعَا الرجل بِدُعَاء قَالَ: اختمه بآمين فَإِن آمين مثل الطابع على الصَّحِيفَة

وَقَالَ أخْبركُم عَن ذَلِك خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة فأتينا على رجل قد ألح فِي الْمَسْأَلَة فَوقف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسمع مِنْهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوجب أَن ختم فَقَالَ رجل من الْقَوْم: بِأَيّ شَيْء يخْتم قَالَ بآمين فَإِنَّهُ إِن ختم بآمين فقد أوجب وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا حسدتكم الْيَهُود على شَيْء مَا حسدتكم على التَّأْمِين وَأخرج ابْن مَاجَه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حسدتكم الْيَهُود على شَيْء مَا حسدتكم على آمين فَأَكْثرُوا من قَول {آمين} وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْيَهُود قوم حسد حسدوكم على ثَلَاثَة أَشْيَاء إفشاء السَّلَام واقامة الصَّفّ وآمين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن معَاذ بن جبل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْيَهُود قوم حسد وَلم يحسدوا الْمُسلمين على أفضل من ثَلَاث رد السَّلَام وَإِقَامَة الصُّفُوف وَقَوْلهمْ خلف إمَامهمْ فِي الْمَكْتُوبَة {آمين} وَأخرج الْحَرْث بن أُسَامَة فِي مُسْنده والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَيْت ثَلَاث خِصَال أَعْطَيْت صَلَاة الصُّفُوف وَأعْطيت السَّلَام وَهُوَ تَحِيَّة أهل الْجنَّة وَأعْطيت {آمين} وَلم يُعْطهَا أحد مِمَّن كَانَ قبلكُمْ إِلَّا أَن يكون الله أَعْطَاهَا هرون فَإِن مُوسَى كَانَ يَدْعُو وهرون يُؤمن وَلَفظ الْحَكِيم: إِن الله أعْطى أمتِي ثَلَاثًا لم يعطعها أحد قبلهم السَّلَام وَهُوَ تَحِيَّة أهل الْجنَّة وصفوف الملاءكة وآمين إِلَّا مَا كَانَ من مُوسَى وهرون وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آمين خَاتم رب الْعَالمين على لِسَان عباده الْمُؤمنِينَ

وَأخرج جوبير فِي تَفْسِيره عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا معنى آمين قَالَ: رب أفعل وَأخرج الثَّعْلَبِيّ من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن ابْن صَالح عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن هِلَال بن يسَاف وَمُجاهد قَالَا {آمين} اسْم من أَسمَاء الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حَكِيم بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانَ يسْتَحبّ إِذا قَالَ الإِمام {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} أَن يُقَال: اللَّهُمَّ اغْفِر لي {آمين} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: إِذا قَالَ الإِمَام {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة وَأَعُوذ بك من النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الرّبيع بن خَيْثَم قَالَ: إِذا قَالَ الإِمَام {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَاسْتَعِنْ من الدُّعَاء ماشئت وَأخرج ابْن شاهين فِي السّنة عَن إِسْمَاعِيل بن مُسلم قَالَ: فِي حرف أبيّ بن كَعْب / غير المغضوب عَلَيْهِم وَغير الضَّالّين آمين بِسم الله / قَالَ إِسْمَعِيل: وَكَانَ الْحسن إِذا سُئِلَ عَن {آمين} ماتفسيرها: هُوَ اللَّهُمَّ استجب وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} ثمَّ قَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب ثمَّ قَالَ آمين لم يبْق فِي السَّمَاء ملك مقرب إِلَّا اسْتغْفر لَهُ

2 - سُورَة الْبَقَرَة مَدَنِيَّة وآياتها سِتّ وَثَمَانُونَ ومائتان إِلَّا آيَة 281 فَنزلت فِي حجَّة الْوَدَاع نزُول سُورَة الْبَقَرَة وفضلها - مُقَدّمَة سُورَة الْبَقَرَة أخرج ابْن الضريس فِي فضائله وَأَبُو جَعْفَر النّحاس فِي النَّاسِخ والمنسوخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج ابْن مردوية عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزل بِالْمَدِينَةِ سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي النَّاسِخ والمنسوخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: أول سُورَة نزلت بِالْمَدِينَةِ سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَامع ابْن شَدَّاد قَالَ: كُنَّا فِي غزَاة فِيهَا عبد الرَّحْمَن بن يزِيد فَفَشَا فِي النَّاس أَن نَاسا يكْرهُونَ أَن يَقُولُوا سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان حَتَّى يَقُولُوا: السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا الْبَقَرَة وَالسورَة الَّتِي يذكر فِيهَا آل عمرَان فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: إِنِّي أسمع عبد الله بن مَسْعُود إِذا استبطن الْوَادي فَجعل الْجَمْرَة على حَاجِبه الْأَيْمن ثمَّ اسْتقْبل الْكَعْبَة فَرَمَاهَا بِسبع حَصَيَات يكبر مَعَ كل حَصَاة فَلَمَّا فرغ قَالَ: من هَهُنَا - وَالَّذِي لَا إِلَه غَيره - رمى الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة وَأخر ابْن الضريس وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتقولوا سُورَة الْبَقَرَة وَلَا سُورَة آل عمرَان وَلَا سُورَة النِّسَاء وَكَذَلِكَ الْقُرْآن كُله وَلَكِن قُولُوا: السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا الْبَقَرَة وَالسورَة الَّتِي يذكر فِيهَا آل عمرَان وَكَذَلِكَ الْقُرْآن كُله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عمر قَالَ: لاتقولوا سُورَة الْبَقَرَة وَلَكِن قُولُوا: السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا الْبَقَرَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن حُذَيْفَة قَالَ صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة من رَمَضَان فَافْتتحَ الْبَقَرَة فَقلت: يُصَلِّي بهَا رَكْعَة ثمَّ افْتتح النِّسَاء فقرأها ثمَّ افْتتح آل عمرَان فقرأها مترسلا إِذا مر بِآيَة فِيهَا تَسْبِيح سبح وَإِذا مر بسؤال سَأَلَ وَإِذا مر بتعوذ تعوذ وَأخرج أَحْمد وَابْن الضريس وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَ كنت أقوم مَعَ رَسُول الله فِي اللَّيْل فَيقْرَأ بالبقرة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء فَإِذا مر بِآيَة فِيهَا استبشار دَعَا وَرغب وَإِذا مر بِآيَة فِيهَا تخويف دَعَا واستعاذ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ قُمْت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة لايمر بِآيَة رَحْمَة إِلَّا وقف فَسَأَلَ ولايمر بِآيَة عَذَاب إِلَّا وقف فتعوذ ثمَّ ركع بِقدر قِيَامه يَقُول فِي رُكُوعه: سُبْحَانَ ذِي الجبروت والملكوت والكبرياء وَالْعَظَمَة ثمَّ سجد بِقدر قِيَامه ثمَّ قَالَ فِي سُجُوده مثل ذَلِك ثمَّ قَامَ فَقَرَأَ بآل عمرَان ثمَّ قَرَأَ سُورَة سُورَة وَأخرج ابْن شيبَة فِي المُصَنّف عَن سعيد بن خَالِد قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالسبع الطوَال فِي رَكْعَة وَأخرج أَبُو عبيد وَأحمد وَحميد بن زَنْجوَيْه فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَمُسلم وَابْن الضريس وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي فضائله وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اقرؤا الْقُرْآن فانه يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة شَفِيعًا لأَصْحَابه اقرؤا الزهراوين: سُورَة الْبَقَرَة وَسورَة آل عمرَان فَإِنَّهُمَا يأتيان يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمَا غبابتان وكأنهما غمامتان أَو كَأَنَّهُمَا فرقان من طير صواف يحاجان عَن صَاحبهمَا اقرؤوا سُورَة الْبَقَرَة فَإِن أَخذهَا بركَة وَتركهَا حسرة وَلَا تستطعيها بطلة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَمُحَمّد بن نصر عَن نواس بن سمْعَان قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يُؤْتى بِالْقُرْآنِ وَأَهله الَّذين كَانُوا يعْملُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا تقدمهم سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان قَالَ: وَضرب لَهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة أَمْثَال مَا نسيتهن بعد قَالَ: كَأَنَّهُمَا غمامتان أَو كانهما غبابتان أَو

كَأَنَّهُمَا ظلتان سوداوان بَينهمَا شرف أَو كَأَنَّهُمَا فرقان من طير صواف يحاجان عَن صَاحبهمَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد بن حَنْبَل وَابْن أبي عمر الْعَرَبِيّ فِي مسانيدهم والدارمي وَمُحَمّد بن نصر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعلمُوا سُورَة الْبَقَرَة فَإِن أَخذهَا بركَة وَتركهَا حسرة وَلَا تستطعيها البطلة - ثمَّ سكت سَاعَة - ثمَّ قَالَ: تعلمُوا سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان فَإِنَّهُمَا الزهروان يظلان صَاحبهمَا يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمَا غمامتان أَو غبابتان أَو فرقان من طير صواف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي فضائله بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعلمُوا الزهراوين الْبَقَرَة وَآل عمرَان فَإِنَّهُمَا يجيآن يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمَا غمامتان أَو كَأَنَّهُمَا غبابتان أَو كَأَنَّهُمَا فرقان من طير صواف تحاجان عَن صَاحبهمَا تعلمُوا الْبَقَرَة فَإِن أَخذهَا بركَة وَتركهَا حسرة وَلَا تستطيعها البطلة وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ وَمُحَمّد بن نصر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقرؤا الْبَقَرَة وَآل عمرَان فَإِنَّهُمَا يأتيان يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُمَا غمامتان أَو غبابتان أَو فرقان من طير صواف وَأخرج أَبُو عبيد والدارمي عَن أبي أُمَامَة قَالَ: إِن أَخا لكم رأى فِي الْمَنَام أَن النَّاس يسلكون فِي صدر جبل وعر طَوِيل وعَلى رَأس الْجَبَل شجرتان خضراوان تهتفان: هَل فِيكُم من يقْرَأ سُورَة الْبَقَرَة هَل فِيكُم من يقْرَأ سُورَة آل عمرَان فَإِذا قَالَ الرجل: نعم دنتا مِنْهُ بأعناقهما حَتَّى يتَعَلَّق بهما فيخطرا بِهِ الْجَبَل وَأخرج الدَّارمِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ عِنْده رجل سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان فَقَالَ: قَرَأت سورتين فيهمَا اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب وَإِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الضريس عَن أبي منيب عَن عَمه أَن رجلا قَرَأَ الْبَقر وَآل عمرَان فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ لَهُ كَعْب: أَقرَأت الْبَقَرَة وَآل عمرَان قَالَ: نعم قَالَ - فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ - إِن فيهمَا اسْم الله الَّذِي إِذا دعى بِهِ اسْتَجَابَ قَالَ: فَأَخْبرنِي بِهِ قَالَ: لَا وَالله لَا أخْبرك وَلَو أَخْبَرتك لأوشكت أَن تَدْعُو بدعوة أهلك فِيهَا أَنا وَأَنت

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الرجل إِذا قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان جد فِينَا يَعْنِي عظم وَأخرج الدَّارمِيّ عَن كَعْب قَالَ: من قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان جاءتا يَوْم الْقِيَامَة يَقُولَانِ: رَبنَا لاسبيل عَلَيْهِ وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن عبد الْوَاحِد بن أَيمن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان فِي لَيْلَة الْجُمُعَة كَانَ لَهُ الْأجر كَمَا بَين لبيدا وعروبا فلبيدا: الأَرْض السَّابِعَة وعروبا: السَّمَاء السَّابِعَة وَأخرج حميد بن زَنْجوَيْه فِي فَضَائِل الْأَعْمَال عَن عبد الْوَاحِد بن أَيمن عَن حميد الشَّامي قَالَ: من قَرَأَ فِي لَيْلَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان كَانَ أجره مَا بَين لبيدا وعروبا قَالَ عروبا: السَّمَاء السَّابِعَة ولبيدا: الأَرْض السَّابِعَة وَأخرج حميد بن زَنْجوَيْه فِي فَضَائِل الْقُرْآن من طَرِيق مُحَمَّد بن أبي سعيد عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: من قَرَأَ لَيْلَة الْجُمُعَة سُورَة الْبَقَرَة وَسورَة آل عمرَان كَانَ لَهُ نورا مَا بَين عريبا وعجيبا قَالَ مُحَمَّد: عريبا: الْعَرْش وعجيبا: أَسْفَل الْأَرْضين وَأخرج أَبُو عبيد عَن أبي عمرَان أَنه مَعَ أَبَا الدَّرْدَاء يَقُول: إِن رجلا مِمَّن قد قَرَأَ الْقُرْآن أغار على جَار لَهُ فَقتله وَأَنه أقيد مِنْهُ فَقتل فَمَا زَالَ الْقُرْآن ينسل مِنْهُ سُورَة سُورَة حَتَّى بقيت الْبَقَرَة وَآل عمرَان جُمُعَة ثمَّ إِن آل عمرَان انسلت مِنْهُ فأقامت الْبَقَرَة جُمُعَة فَقيل لَهَا (مايبدل القَوْل لدي وَمَا أَنا بظلام للعبيد) (ق الْآيَة 29) قَالَ: فَخرجت كَأَنَّهَا السحابة الْعَظِيمَة قَالَ: أَبُو عبيد: يَعْنِي أَنَّهُمَا كَانَتَا مَعَه فِي قَبره تدفعان عَنهُ وتؤنسانه فكانتا من آخر مَا بَقِي مَعَه من الْقُرْآن وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عمر ابْن الْخطاب قَالَ: من قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء فِي لَيْلَة كتب من القانتين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا خيب الله إمرأ قَامَ فِي جَوف اللَّيْل فَافْتتحَ سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَأخرج أَبُو عبيد عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز التنوخي أَن يزِيد بن الْأسود الجرشِي كَانَ يحدث: إِنَّه من قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان فِي يَوْم برىء من النِّفَاق حَتَّى

يُمْسِي وَمن قرأهما فِي لَيْلَة برىء من النِّفَاق حَتَّى يصبح قَالَ: فَكَانَ يقرؤهما كل يَوْم وكل لَيْلَة سوى جزئه وَأخرج أَبُو ذَر فِي فضائله عَن سعيد بن أبي هِلَال قَالَ: بَلغنِي أَنه لَيْسَ من عبد يقْرَأ الْبَقَرَة وَآل عمرَان فِي رَكْعَة قبل أَن يسْجد ثمَّ يسْأَل الله شَيْئا الا أعطَاهُ وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تجْعَلُوا بُيُوتكُمْ مَقَابِر الشَّيْطَان ينفر من الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة وَلَفظ التِّرْمِذِيّ: وَإِن الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة لَا يدْخلهُ الشَّيْطَان وَأخرج أَبُو عبيد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلوا فِي بُيُوتكُمْ ولاتجعلوا قبورا وزينوا أَصْوَاتكُم بِالْقُرْآنِ فَإِن الشَّيْطَان ينفر من الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج أَبُو عبيد عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان يخرج من الْبَيْت إِذا سمع سُورَة الْبَقَرَة تقْرَأ فِيهِ وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: تعلمُوا الْقُرْآن فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ - إِن الشَّيْطَان ليخرج من الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة لايدخله الشَّيْطَان تِلْكَ اللَّيْلَة وَأخرج ابْن الضريس وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ألقين أحدم يضع إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى ثمَّ يتعنى ويدع أَن يقْرَأ سُورَة الْبَقَرَة فَإِن الشَّيْطَان ينفر من الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج الدَّارمِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الضريس وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن لكل شَيْء سناما وسنام الْقُرْآن الْبَقَرَة وَإِن الشَّيْطَان إِذا سمع سُورَة الْبَقَرَة نفر من الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ وَله ضريط وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليهوسلم إِن لكل شَيْء سناما وسنام الْقُرْآن سُورَة الْبَقَرَة من قَرَأَهَا فِي بَيته نَهَارا لم يدْخلهُ الشَّيْطَان ثَلَاث لَيَال

وَأخرج وَكِيع والحرث بن أبي أُسَامَة وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الضريس بِسَنَد صَحِيح عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الْقُرْآن سُورَة الْبَقَرَة وَأعظم آيَة فِيهِ آيَة الْكُرْسِيّ وَإِن الشَّيْطَان ليفر من ابيت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالتِّرْمِذِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لكل شَيْء سناما وَإِن سَنَام الْقُرْآن الْبَقَرَة وفيهَا آيَة هِيَ سيدة آي الْقُرْآن آيَة الْكُرْسِيّ لَا تقْرَأ فِي بَيت فِيهِ شَيْطَان إِلَّا خرج مِنْهُ وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن السَّائِب بن حباب وَيُقَال لَهُ صُحْبَة قَالَ: الْبَقَرَة سَنَام الْقُرْآن وَأخرج الديلمي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا الْبَقَرَة فسطاط الْقُرْآن فَتَعَلَّمُوهَا فَإِن تعلمهَا بركَة وَتركهَا حسرة وَلَا تستطيعها البطلة وَأخرج الدَّارمِيّ عَن خَال بن معدان مَوْقُوفا مثله وَأخرج أَحْمد وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن معقل بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْبَقَرَة سَنَام الْقُرْآن وذروته نزل مَعَ كل آيَة مِنْهَا ثَمَانُون ملكا استخرجت {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} من تَحت الْعَرْش فوصلت بهَا وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن ربيعَة الْحَرَشِي قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْقُرْآن أفضل قَالَ: السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا الْبَقَرَة قيل: فَأَي الْبَقَرَة أفضل قَالَ: آيَة الْكُرْسِيّ وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة نَزَلْنَ من تَحت الْعَرْش وَأخرج عبيد وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه تَعْلِيقا وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من طرق عَن أسيد بن حضير قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يقْرَأ من اللَّيْل سُورَة الْبَقَرَة وفرسه مربوطة عِنْده إِذا جالت الْفرس فَسكت فسكنت ثمَّ قَرَأَ فجالت الْفرس فَسكت فسكنت ثمَّ قَرَأَ فجالت فَسكت فسكنت ثمَّ قَرَأَ فجالت فَانْصَرف إِلَى ابْنه يحيى وَكَانَ قَرِيبا مِنْهَا فأشفق أَن تصيبه فَلَمَّا أَخذه رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَإِذا هُوَ بِمثل الظلة فِيهَا أَمْثَال المصابيح عرجت إِلَى السَّمَاء حَتَّى مَا يَرَاهَا فَلَمَّا أصبح حدث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَدْرِي

مَا ذَاك قَالَ: لَا يَا رَسُول الله قَالَ: تِلْكَ الْمَلَائِكَة دنت لصوتك وَلَو قَرَأت لأصبحت تنظر النَّاس إِلَيْهَا لَا تتوارى مِنْهُم وَأخرج ابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أسيد بن حضير أَنه قَالَ يَا رَسُول الله بَيْنَمَا أَقرَأ اللَّيْلَة سُورَة الْبَقَرَة إِذا سَمِعت وجبة من خَلْفي فَظَنَنْت أَن فرسي انْطلق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقْرَأ يَا أَبَا عبيد فَالْتَفت فَإِذا مثل الْمِصْبَاح مدلى بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَمَا اسْتَطَعْت أَن أمضي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تِلْكَ الْمَلَائِكَة نزلت لقراءتك سُورَة الْبَقَرَة أما أَنَّك لَو مضيت لرأيت الْعَجَائِب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أسيد بن حضير قَالَ: كنت أُصَلِّي فِي لَيْلَة مُقْمِرَة وَقد أوثقت فرسي فجالت جَوْلَة فَفَزِعت ثمَّ جالت أُخْرَى فَرفعت رَأْسِي وَإِذا ظلة قد غشيتني وَإِذا هِيَ قد حَالَتْ بيني وَبَين الْقَمَر فَفَزِعت فَدخلت الْبَيْت فَلَمَّا أَصبَحت ذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ تِلْكَ الْمَلَائِكَة جَاءَت تسمع قراءتك من آخر اللَّيْل سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج أَبُو عبيد عَن مُحَمَّد بن جرير بن يزِيد أَن أَشْيَاخ أهل الْمَدِينَة حدثوه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ: ألم تَرَ أَن ثَابت بن قيس بن شماس لم تزل دَاره البارحة تزهر مصابيح قَالَ فَلَعَلَّهُ قَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة فَسئلَ ثَابت فَقَالَ: قَرَأت سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: خرج رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقِيه الشَّيْطَان فاتخذا فاصطرعا فصرعه الَّذِي من أَصْحَاب مُحَمَّد فَقَالَ الشَّيْطَان: أَرْسلنِي أحَدثك حَدِيثا فَأرْسلهُ قَالَ: لَا فَاتخذ الثَّانِيَة فاصطرعا فصرعه الَّذِي من أَصْحَاب مُحَمَّد فَقَالَ: أَرْسلنِي فلأحدثنك حَدِيثا يُعْجِبك فَأرْسلهُ فَقَالَ: حَدثنِي قَالَ: لَا فَاتخذ الثَّالِثَة فصرعه الَّذِي من أَصْحَاب مُحَمَّد ثمَّ جلس على صَدره وَأخذ بإبهامه يلوكها فَقَالَ: أَرْسلنِي فَقَالَ: لَا أرسلك حَتَّى تُحَدِّثنِي قَالَ: سُورَة الْبَقَرَة فَإِنَّهُ لَيْسَ من آيَة مِنْهَا تقْرَأ فِي وسط الشَّيَاطِين إِلَّا تفَرقُوا أَولا تقْرَأ فِي بَيت فَيدْخل ذَلِك الْبَيْت شَيْطَان قَالُوا: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن فَمن ذَلِك الرجل قَالَ: فَمن تَرَوْنَهُ إِلَّا عمر بن الْخطاب وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَمُحَمّد بن نصر الموزي فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثا وهم ذَوُو عدد فاستقرأهم فاستقرأ كل رجل مِنْهُم يَعْنِي مَا

مَعَه من الْقُرْآن فآتى على رجل مِنْهُم من أحدثهم سنا فَقَالَ: مَا مَعَك يَا فلَان قَالَ: معي كَذَا وَكَذَا وَسورَة الْبَقَرَة قَالَ: أَمَعَك سُورَة الْبَقَرَة قَالَ: نعم قَالَ: اذْهَبْ فَأَنت أَمِيرهمْ فَقَالَ رجل من أَشْرَافهم وَالله مَا مَنَعَنِي أَن أتعلم سُورَة الْبَقَرَة إِلَّا خشيَة أَن لَا أقوم بهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمُوا الْقُرْآن واقرؤه فَإِن مثل الْقُرْآن لمن تعلمه فقرأه وَقَامَ بِهِ كَمثل جراب محشو مسكا يفوح رِيحه فِي كل مَكَان وَمثل من تعلمه فيرقد وَهُوَ فِي جَوْفه كَمثل جراب أوكى على مسك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُثْمَان ابْن الْعَاصِ قَالَ استعملني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أَصْغَر السته الَّذين وفدوا عَلَيْهِ من ثَقِيف وَذَلِكَ أَنِّي كنت قَرَأت سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد ضَعِيف عَن الصلصال ابْن الدلهمس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اقرؤا سُورَة الْبَقَرَة فِي بُيُوتكُمْ ولاتجعلوها قبورا قَالَ: وَمن قَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة تتوج بتاج فِي الْجنَّة وَأخرج وَكِيع والدارمي وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الضريس عَن مُحَمَّد بن الْأسود قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة توج بهَا تاجا فِي الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة فقد أَكثر وأطاب وَأخرج وَكِيع وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي فضائله عَن التَّمِيمِي قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس أَي سُورَة فِي الْقُرْآن أفضل قَالَ: الْبَقَرَة قلت: فَأَي آيَة قَالَ: آيَة الْكُرْسِيّ وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أشرف سُورَة فِي الْقُرْآن الْبَقَرَة وأشرف آيَة آيَة الْكُرْسِيّ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر قَالَ: تعلمُوا سُورَة الْبَقَرَة سُورَة النِّسَاء وَسورَة الْحَج وَسورَة وَسورَة النُّور فَإِن فِيهِنَّ الْفَرَائِض وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن مَسْعُود أَن امْرَأَة أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله رَأْيِي فِي رَأْيك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للَّذي خطبهَا: هَل تقْرَأ من الْقُرْآن شَيْئا فَقَالَ: نعم سُورَة البقره وَسورَة من الْمفصل فَقَالَ: قد أنكحتكها على أَن تقرئها وتعلمها وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للرجل: مَا تحفظ من الْقُرْآن قَالَ: سُورَة الْبَقَرَة وَالَّتِي تَلِيهَا قَالَ: قُم فعلمها عشْرين آيَة وَهِي

إمراتك وَكَانَ مَكْحُول يَقُول: لَيْسَ ذَلِك لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عمرَان بن أبان قَالَ: أَتَى عُثْمَان بسارق فَقَالَ: أَرَاك جميلا مَا مثلك يسرق قَالَ: هَل تقْرَأ شَيْئا من الْقُرْآن قَالَ: نعم أَقرَأ سُورَة الْبَقَرَة قَالَ: اذْهَبْ فقد وهبت يدك بِسُورَة الْبَقَرَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي جَمْرَة قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: إِنِّي سريع الْقِرَاءَة فَقَالَ: لِأَن أَقرَأ سُورَة الْبَقَرَة فأرتلها أحب إِلَيّ من أَن أَقرَأ الْقُرْآن كُله وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر قَالَ: تعلم عمر الْبَقَرَة فِي اثْنَتَيْ عشرَة سنة فَلَمَّا خَتمهَا نحر جزورا وَذكر مَالك فِي الْمُوَطَّأ: أَنه بلغه أَن عبد الله بن عمر مكث على سُورَة الْبَقَرَة ثَمَانِي سِنِين يتعلمها وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته عَن مَيْمُون أَن ابْن عمر تعلم سُورَة الْبَقَرَة فِي أَربع سِنِين وَأخرج مَالك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عُرْوَة أَن أَبَا بكر الصّديق صلى الصُّبْح فَقَرَأَ فِيهَا بِسُورَة الْبَقَرَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ كلتيهما وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن أَبَا بكر الصّديق صلى بِالنَّاسِ الصُّبْح فَقَرَأَ بِسُورَة الْبَقَرَة فَقَالَ عمر: كربت الشَّمْس أَن تطلع فَقَالَ: لَو طلعت لم تجدنا غافلين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس أَن أَبَا بكر قَرَأَ فِي يَوْم عيد الْبَقَرَة حَتَّى رَأَيْت الشَّيْخ يميد من طول الْقيام وَأخرج ابْن أبي شيبَة والمروزي فِي الْجَنَائِز وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي فضلائله عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَت الْأَنْصَار يقرؤون عَن الْمَيِّت بِسُورَة الْبَقَرَة وَأخرج أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق ابْن وهب عَن سُلَيْمَان قَالَ: سُئِلَ ربيعَة - وَأَنا حَاضر - لم قدمت الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَقد نزل قبلهمَا نَيف وَثَمَانُونَ سُورَة بِمَكَّة فَقَالَ: يعلم من قدمهما بتقدمتهما فَهَذَا مَا ينتهى إِلَيْهِ وَلَا يسْأَل عَنهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة مَعًا فِي المُصَنّف عَن عُرْوَة قَالَ: كَانَ شعار أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم مُسَيْلمَة يَا أَصْحَاب سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن سُلَيْمَان بن يسَار

قَالَ: اسْتَيْقَظَ أَبُو أسيد الْأنْصَارِيّ لَيْلَة وَهُوَ يَقُول: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَاتَنِي وردي اللَّيْلَة - وَكَانَ وردي الْبَقَرَة - فَلَقَد رَأَيْت قفي الْمَنَام كَأَن بقرة تنطحني وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُسَدّد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من حلف بِسُورَة الْبَقَرَة وَفِي لفظ بِسُورَة من الْقُرْآن فَعَلَيهِ بِكُل آيَة مِنْهَا يَمِين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف بِسُورَة من الْقُرْآن فَعَلَيهِ بِكُل آيَة مِنْهَا يَمِين صَبر فَمن شَاءَ بر وَمن شَاءَ فجر وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم فِي الكنى عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان جعل الله لَهُ جاحين منظومين بالدر والياقوت قَالَ أَبُو أَحْمد: هَذَا الحَدِيث مُنكر

البقرة

1 - قَوْله تَعَالَى: ألم أخرج وَكِيع وَعبد بن حميد عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَنه كَانَ يعد {الم} آيَة (وحم) آيَة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الضريس وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي فضائله وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ حرفا من كتاب الله فَلهُ بِهِ حَسَنَة والحسنة بِعشْرَة أَمْثَالهَا لَا تَقول {الم} حرف وَلَكِن ألف حرف وَلَام حرف وَمِيم حرف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة والدارمي وَابْن الضريس وَالطَّبَرَانِيّ وَمُحَمّد بن نصر عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا مثله وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَأَبُو جَعْفَر النّحاس فِي كتاب الْوَقْف والابتداء والخطيب فِي تَارِيخه وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقرؤا الْقُرْآن فَإِنَّكُم تؤجرون عَلَيْهِ أما أَنِّي لَا أَقُول {آلم} حرف وَلَكِن ألف عشر وَلَام عشر وَمِيم عشر فَتلك ثَلَاثُونَ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار والمرهبي فِي فضل الْعلم وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ وَأَبُو نصر السجْزِي بِسَنَد ضَعِيف عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ الْقُرْآن كتب الله لَهُ بِكُل حرف حَسَنَة لَا أَقُول {الم ذَلِك الْكتاب} حرف وَلَكِن الْألف حرف والذال وَالْألف وَالْكَاف وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والسجزي عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ حرفا من الْقُرْآن كتب الله لَهُ بِهِ حَسَنَة لَا أَقُول {بِسم الله} وَلَكِن بَاء وسين وَمِيم وَلَا أَقُول {الم} وَلَكِن الْألف وَاللَّام وَالْمِيم وَأخرج مُحَمَّد بن نصر السلَفِي فِي كتاب الْوَجِيز فِي ذكر الْمجَاز والمجيز عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَرَأَ حرفا من الْقُرْآن كتب الله لَهُ عشر حَسَنَات بِالْبَاء وَالتَّاء والثاء وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو نصر السجْزِي عَن ابْن عمر قَالَ: إِذا فرغ الرجل من حَاجته ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله ليأت الْمُصحف فليفتحه فليقرا فِيهِ فَإِن الله سيكتب لَهُ بِكُل حرف عشر حَسَنَات أما أَنِّي لَا أَقُول {الم} وَلَكِن الْألف عشر وَاللَّام عشر وَالْمِيم عشر وَأخرج أَبُو جَعْفَر النّحاس فِي الْوَقْف والابتداء وَأَبُو نصر السجْزِي عَن قيس بن سكن قَالَ: قَالَ ابْن مَسْعُود: تعلمُوا الْقُرْآن فَإِنَّهُ يكْتب بِكُل حرف مِنْهُ عشر حَسَنَات وَيكفر بِهِ عشر يئات أما أَنِّي لَا أَقُول {آلم} حرف وَلَكِن أَقُول ألف عشر وَلَام عشر وَمِيم عشر وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الم} قَالَ: أَنا الله أعلم وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود قَالَ {الم} حُرُوف اشْتقت من حُرُوف هجاء أَسمَاء الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ألم} وحم و (ن) قَالَ: اسْم مقطع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله الم و (المص) و (الر) و (المر)

و (كهيعص) و (طه) و (طسم) و (طس) و (يس) و (ص) و (حم) و (ق) و (ن) قَالَ: هُوَ قسم أقسمه الله وَهُوَ من أَسمَاء الله وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ {الم} قسم وَأخرج ابْن جريج عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {الم} قَالَ: هُوَ اسْم الله الْأَعْظَم وَأخرج ابْن جريج وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الم} و (حم) و (طس) قَالَ: هِيَ اسْم الله الْأَعْظَم وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي تَفْسِيره وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَامر أَنه سُئِلَ عَن فواتح السُّور نَحْو {الم} و {الر} قَالَ: هِيَ أَسمَاء من أَسمَاء الله مقطعَة الهجاء فَإِذا وصلتها كَانَت أَسمَاء من أَسمَاء الله وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {الم} قَالَ: ألف مِفْتَاح اسْمه الله وَلَام مفتا اسْمه لطيف وَمِيم مِفْتَاح اسْمه مجيد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فواتح السُّور أَسمَاء من أَسمَاء الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن السّديّ قَالَ: فواتح السُّور كلهَا من أَسمَاء الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الم} قَالَ: إسم من أَسمَاء الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الم} قَالَ: إسم من أَسمَاء الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ بن حبَان عَن مُجَاهِد قَالَ {الم} و (حم) و (المص) و (ص) فواتح افْتتح الله بهَا الْقُرْآن وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ {الم} و (طسم) فواتح يفْتَتح الله بهَا السُّور وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: فواتح السُّور كلهَا {الم} و (المر) و (حم) و (ق) وَغير ذَلِك هجاء مَوْضُوع وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم قَالَ {الم} وَنَحْوهَا أَسمَاء السُّور وَأخرج ابم اسحق وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس عَن جَابر بن عبد الله بن ربَاب قَالَ: مر أَبُو يَاسر بن أَخطب فِي رجال من يهود برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَتْلُو فَاتِحَة سُورَة الْبَقَرَة {الم ذَلِك الْكتاب} فَأَتَاهُ أَخُوهُ حييّ بن

أَخطب فِي رجال من الْيَهُود فَقَالَ: تعلمُونَ - وَالله - لقد سَمِعت مُحَمَّدًا يَتْلُو فِيمَا أنزل عَلَيْهِ {الم ذَلِك الْكتاب} فَقَالُوا أَنْت سمعته قَالَ: نعم فَمشى حييّ فِي أُولَئِكَ النَّفر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: قد جَاءَك بِهَذَا جِبْرِيل من عِنْد الله قَالَ: نعم قَالُوا: لقد بعث الله قبلك أَنْبيَاء مانعلمه بَين لنَبِيّ لَهُم مَا مُدَّة ملكه وَمَا أجل أمته غَيْرك فَقَالَ حييّ بن أَخطب: وَأَقْبل على من مَعَه الْألف وَاحِدَة وَاللَّام ثَلَاثُونَ وَالْمِيم أَرْبَعُونَ فَهَذِهِ احدى وَسَبْعُونَ سنة أفتدخلون فِي دين نَبِي إِنَّمَا مُدَّة ملكه وَأجل أمته إِحْدَى وَسَبْعُونَ سنة ثمَّ أقبل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد هَل مَعَ هَذَا غَيره قَالَ: نعم قَالَ: وَمَا ذَاك قَالَ (المص) قَالَ: هَذِه أثقل وأطول الأف وَاحِدَة وَاللَّام ثَلَاثُونَ وَالْمِيم أَرْبَعُونَ وَالصَّاد تسعون فَهَذِهِ مائَة واحدى وَسِتُّونَ هَل مَعَ هَذَا يَا مُحَمَّد غَيره قَالَ: نعم قَالَ: مَاذَا قَالَ (الر) قَالَ: هَذِه أثقل وأطول الْألف وَاحِدَة وَاللَّام ثَلَاثُونَ وَالرَّاء مِائَتَان فَهَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَا سنة فَهَل مَعَ هَذَا غَيره قَالَ: نعم (المر) قَالَ: فَهَذِهِ أثقل وأطول الْألف وَاحِدَة وَاللَّام ثَلَاثُونَ وَالْمِيم أَرْبَعُونَ وَالرَّاء مِائَتَان فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سنة ومائتان ثمَّ قَالَ: لقد لبس علينا أَمرك يَا مُحَمَّد حَتَّى مَا نَدْرِي أقليلا أَعْطَيْت أم كثيرا ثمَّ قَامُوا فَقَالَ أَبُو يَاسر لِأَخِيهِ حييّ وَمن مَعَه من الْأَحْبَار: مَا يدريكم لَعَلَّه قد جمع هَذَا لمُحَمد كُله إِحْدَى وَسَبْعُونَ وَإِحْدَى وَسِتُّونَ وَمِائَة وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ ومائتان وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ ومائتان فَذَلِك سَبْعمِائة وَأَرْبع وَثَلَاثُونَ فَقَالُوا: لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أَن هَذِه الْآيَات نزلت فيهم (هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مِنْهُ آيَات محكمات هن أم الْكتاب وَأخر متشابهات) (آل عمرَان الْآيَة 7) وَأخرج ابْن المنذرعن ابْن جريج قَالَ: إِن الْيَهُود كَانُوا يَجدونَ مُحَمَّدًا وَأمته (فِي كِتَابهمْ اصحفنا لمعْرِفَة المعج) إِن مُحَمَّدًا مَبْعُوث وَلَا يَدْرُونَ مَا مُدَّة أمة مُحَمَّد فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنزل {الم} قَالُوا: قد كُنَّا نعلم أَن هَذِه الْأمة مبعوثة وَكُنَّا لاندري كم مدَّتهَا فَإِن كَانَ مُحَمَّد

صَادِقا فَهُوَ نَبِي هَذِه الْأمة قد بَين لنا كم مُدَّة مُحَمَّد لِأَن {الم} فِي حِسَاب جملنا إِحْدَى وَسَبْعُونَ سنة فَمَا نصْنَع بدين إِنَّمَا هُوَ وَاحِد وَسَبْعُونَ سنة فَلَمَّا نزلت (الر) وَكَانَت فِي حسابهم مِائَتي سنة وواحداً وَثَلَاثِينَ سنة قَالُوا: هَذَا الْآن مِائَتَان وواحدا وَثَلَاثُونَ سنة وَوَاحِدَة وَسَبْعُونَ قيل ثمَّ أنزل (المر) فَكَانَ فِي حِسَاب حملهمْ مِائَتي سنة وَوَاحِدَة وَسبعين سنة فِي نَحْو هَذَا من صُدُور السُّور فَقَالُوا: قد الْتبس علينا أمره وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: هَذِه الأحرف الثَّلَاثَة من التِّسْعَة وَالْعِشْرين حرفا دارت فِيهَا الألسن كلهَا لَيْسَ مِنْهَا إِلَّا حرف وَهُوَ مِفْتَاح اسْم من أَسْمَائِهِ وَلَيْسَ مِنْهَا حرف إِلَّا وَهُوَ من آيَة وَثَلَاثَة وَلَيْسَ مِنْهَا حرف إِلَّا وَهُوَ فِي مُدَّة قوم وآجالهم فالألف مِفْتَاح اسْمه الله وَاللَّام مِفْتَاح اسْمه اللَّطِيف وَالْمِيم مِفْتَاح اسْمه مجيد فالألف آلَاء الله وَاللَّام لطف الله وَالْمِيم مجد الله فالألف سنة وَاللَّام ثَلَاثُونَ وَالْمِيم أَرْبَعُونَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي التَّفْسِير عَن دَاوُد بن أبي هِنْد قَالَ: كنت أسأَل الشّعبِيّ عَن فواتح السُّور قَالَ: يَا دَاوُد إِن لكل كتاب سرا وَإِن سر هَذَا الْقُرْآن فواتح السُّور فدعها وسَل عَمَّا بدا لَك وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الْإِبَانَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آخر حرف عَارض بِهِ جِبْرِيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {الم ذَلِك الْكتاب لَا ريب فِيهِ هدى لِلْمُتقين}

2

2 - قَوْله تَعَالَى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا ريب فِيهِ (هدى لِلْمُتقين) أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: من أول الْبَقَرَة أَربع آيَات فِي نعت الْمُؤمنِينَ وآيتان فِي نعت الْكَافرين وَثَلَاث عشرَة آيَة فِي نعت الْمُنَافِقين وَمن أَرْبَعِينَ آيَة إِلَيّ عشْرين وَمِائَة فِي بني إِسْرَائِيل وَأخرج وَكِيع عَن مُجَاهِد قَالَ: هَؤُلَاءِ الْآيَات الْأَرْبَع فِي أول سُورَة الْبَقَرَة إِلَى {المفلحون} نزلت فِي نعت الْمُؤمنِينَ وَاثْنَتَانِ من بعْدهَا إِلَى {عَظِيم} نزلت فِي نعت الْكَافرين وَإِلَى الْعشْر نزلت فِي الْمُنَافِقين

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: أَربع آيَات من فَاتِحَة سُورَة الْبَقَرَة فِي الَّذين آمنُوا وآيتان فِي قادة الْأَحْزَاب وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود {الم} حرف اسْم الله و {الْكتاب} الْقُرْآن {لَا ريب} لَا شكّ فِيهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ذَلِك الْكتاب} قَالَ: هَذَا الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا ريب فِيهِ} قَالَ: لَا شكّ فِيهِ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ ال {ريب} الشَّك من الْكفْر وَأخرج الطستي فِي مسَائِل ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل {لَا ريب فِيهِ} قَالَ: لَا شكّ فِيهِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت ابْن الزِّبَعْرَى وَهُوَ يَقُول: لَيْسَ فِي الْحق يَا أُمَامَة ريب إِنَّمَا الريب مَا يَقُول الكذوب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَا ريب فِيهِ} قَالَ: لَا شكّ فِيهِ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد مثله 2 - قَوْله تَعَالَى: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا ريب فِيهِ) هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ أخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {هدى} قَالَ: من الضَّلَالَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {هدى} قَالَ: نور {لِلْمُتقين} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {هدى لِلْمُتقين} أَي الَّذين يحذرون من أَمر الله عُقُوبَته فِي ترك مَا يعْرفُونَ من الْهدى ويرجون رَحمته فِي التَّصْدِيق بِمَا جَاءَ مِنْهُ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {هدى لِلْمُتقين} قَالَ: للْمُؤْمِنين الَّذين يَتَّقُونَ الشّرك ويعملون بطاعتي

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هدى لِلْمُتقين} قَالَ: جعله الله هدى وضياء لمن صدَّق بِهِ وَنور لِلْمُتقين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن معَاذ بن جبل قَالَ: يُحبَسُ النَّاس يَوْم الْقِيَامَة بَقِيع وَاحِد فينادي منادٍ: أَيْن المتقون فَيقومُونَ فِي كنف الرَّحْمَن لَا يحتجب الله مِنْهُم وَلَا يسْتَتر قيل: من المتقون قَالَ: قوم اتَّقوا الشّرك عبَادَة الْأَوْثَان واخلصوا لله الْعِبَادَة فيمرون إِلَى الْجنَّة وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَطِيَّة السَّعْدِيّ وَكَانَ من الصَّحَابَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يبلغ العَبْد الْمُؤمن أَن يكون من الْمُتَّقِينَ حَتَّى يدع مَا لَا بَأْس بِهِ حذرا لما بِهِ بَأْس وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّقْوَى عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا قَالَ لَهُ: مَا التَّقْوَى قَالَ: هَل أخذت طَرِيقا ذَا شوك قَالَ: نعم قَالَ: فَكيف صنعت قَالَ: إِذا رَأَيْت الشوك عدلت عَنهُ أَو جاوزته أَو قصرت عَنهُ قَالَ: ذَاك التَّقْوَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي حَاتِم عَن طلق بن حبيب أَنه قيل لَهُ: أَلا تجمع لنا التَّقْوَى فِي كَلَام يسير يرونه قَالَ: التَّقْوَى الْعَمَل بِطَاعَة الله على نور من الله رَجَاء رجمة الله وَالتَّقوى ترك معاصي الله على نور من الله مَخَافَة عَذَاب الله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: تَمام التَّقْوَى أَن يَتَّقِي الله العبدُ حَتَّى يتقيه من مِثْقَال ذرة وَحَتَّى يتْرك بعض مَا يرى أَنه حَلَال خشيَة أَن يكون حَرَامًا يكون حِجَابا بَينه وَبَين الْحَرَام وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ: مَا زَالَت التَّقْوَى بالمتقين حَتَّى تركُوا كثيرا من الْحَلَال مَخَافَة الْحَرَام وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: إِنَّمَا سموا الْمُتَّقِينَ لأَنهم اتَّقوا مَا لَا يتقى وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: لَو أَن رجلا اتَّقى مائَة شَيْء وَلم يتق شَيْئا وَاحِدًا لم يكن من الْمُتَّقِينَ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن عون بن عبد الله قَالَ: تَمام التَّقْوَى أَن تبتغي علم مَا لم تعلم مِنْهَا إِلَى مَا قد علمت مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن رَجَاء قَالَ: من سره أَن يكون متقياً فَلْيَكُن أذلّ من قعُود إبل كل من أَتَى عَلَيْهِ أرغاه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا من طَرِيق مَالك بن أنس عَن وهب بن كيسَان قَالَ: كتب رجل إِلَى عبد الله بن الزبير بموعظة أما بعد فَإِن لأهل التَّقْوَى عَلَامَات يُعْرَفون بهَا ويُعرِفونها من أنفسهم من صَبر على الْبلَاء وَرَضي بِالْقضَاءِ وشكر النعماء وذل لحكم الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن الْمُبَارك قَالَ: قَالَ دَاوُد لِابْنِهِ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: يَا بني إِنَّمَا تستدل على تقوى الرجل بِثَلَاثَة أَشْيَاء لحسن توكله على الله فِيمَا نابه ولحسن رِضَاهُ فِيمَا أَتَاهُ ولحسن زهده فِيمَا فَاتَهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن سهم بن سَحَاب قَالَ: مَعْدن من التَّقْوَى لَا يزَال لسَانك رطبا من ذكر الله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري قَالَ: بلغنَا أَن رجلا جَاءَ إِلَى عِيسَى فَقَالَ: يَا معلم الْخَيْر كَيفَ أكون تقياً لله كَمَا يَنْبَغِي لَهُ قَالَ: بِيَسِير من الْأَمر تحب الله بقلبك كُله وتعمل بكدحك وقوتك مَا اسْتَطَعْت وترحم ابْن جنسك كَمَا ترحم نَفسك قَالَ: من ابْن جنسي يَا معلم الْخَيْر قَالَ: ولد آدم كلهم وَمَا لَا تحب أَن يُؤْتى إِلَيْك فَلَا تأته إِلَى أحد فَأَنت تَقِيّ لله حَقًا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أياس بن مُعَاوِيَة قَالَ: رَأس التَّقْوَى ومعظمه أَن لَا تعبد شَيْئا دون الله ثمَّ تتفاض النَّاس بالتقى والنهى وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عون بن عبد الله قَالَ: فواتح التَّقْوَى حسن النِّيَّة وخواتمها التَّوْفِيق وَالْعَبْد فِيمَا بَين ذَلِك بَين هلكات وشبهات وَنَفس تحطب على سلوها وعدو مكيد غير غافل وَلَا عَاجز وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مُحرز الطفاري قَالَ: كَيفَ يَرْجُو مَفَاتِيح التَّقْوَى من يُؤثر على الْآخِرَة الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: لَيْسَ تقوى الله بصيام

النَّهَار وَلَا بِقِيَام اللَّيْل والتخليط فِيمَا بَين ذَلِك وَلَكِن تقوى الله ترك مَا حرم الله وَأَدَاء مَا افْترض الله فَمن رزق بعد ذَلِك خيرا فَهُوَ خير إِلَى خير وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ قَالَ: قلت لِسُفْيَان أرى النَّاس يَقُولُونَ سُفْيَان الثَّوْريّ وَأَنت تنام اللَّيْل فَقَالَ لي: اسْكُتْ ملاك هَذَا الْأَمر التَّقْوَى وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن شبيب بن شبة قَالَ: تكلم رجل من الْحُكَمَاء عِنْد عبد الْملك بن مَرْوَان فوصف المتقي فَقَالَ: رجل آثر الله على خلقه وآثر الْآخِرَة على الدُّنْيَا وَلم تكربه المطالب وَلم تَمنعهُ المطامع نظر ببصر قلبه إِلَى معالي إِرَادَته فسما لَهَا ملتمساً لَهَا فزهده مخزون يبيت إِذا نَام النَّاس ذَا شجون وَيُصْبِح مغموماً فِي الدُّنْيَا مسجون قد انْقَطَعت من همته الرَّاحَة دون منيته فشفاؤه الْقُرْآن ودواؤه الْكَلِمَة من الْحِكْمَة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة لَا يرى مِنْهَا الدُّنْيَا عوضا وَلَا يستريح إِلَى لَذَّة سواهَا فَقَالَ عبد الْملك: أشهد أَن هَذَا أرجىء بَالا منا وأنعم عَيْشًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: لَا يكون الرجل من الْمُتَّقِينَ حَتَّى يُحَاسب نَفسه أَشد من محاسبة شَرِيكه حَتَّى تعلم من أَيْن مطعمه وَمن أَيْن ملبسه وَمن أَيْن مشربه أَمن حل ذَلِك أَو من حرَام وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه لما وُلي حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أوصيكم بتقوى الله فَإِن تقوى الله خلف من كل شَيْء وَلَيْسَ من تقوى الله خلف وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا الله فَإِنَّهُ لَيْسَ من هَالك إِلَّا لَهُ خلف إِلَّا التَّقْوَى وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن قَتَادَة قَالَ: لما خلق الله الْجنَّة قَالَ لَهَا تكلمي قَالَت: طُوبَى لِلْمُتقين وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: الْقِيَامَة عرس الْمُتَّقِينَ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مُحَمَّد بن يزِيد الرَّحبِي قَالَ: قيل لأبي الدَّرْدَاء: إِنَّه لَيْسَ أحد لَهُ بَيت فِي الْأَنْصَار إِلَّا قَالَ شعرًا فَمَا لَك لَا تَقول قَالَ: وَأَنا قلت فاستمعوه: يُرِيد المرءُ أَن يُعطي مناه وي أَبى [ويأبى] الله إِلَّا مَا أَرَادَا

يَقُول المرءُ فائدتي وذخري وتقوى الله أفضل مَا استفادا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَفِيف وَكَانَ من أَصْحَاب معَاذ بن جبل قَالَ: يدْخل أهل الْجنَّة على أَرْبَعَة أَصْنَاف الْمُتَّقِينَ ثمَّ الشَّاكِرِينَ ثمَّ الْخَائِفِينَ ثمَّ أَصْحَاب الْيَمين

3

3 - قَوْله تَعَالَى: الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ ويقيمون الصَّلَاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ أخرج جرير عَن قَتَادَة {هدى لِلْمُتقين} قَالَ: نعتهم ووصفهم بقوله {الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ} الْآيَة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين يُؤمنُونَ} قَالَ: يصدقون {بِالْغَيْبِ} قَالَ: بِمَا جَاءَ مِنْهُ يَعْنِي من الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ من الْعَرَب قَالَ: و {الإِيمان} التَّصْدِيق و {الْغَيْب} مَا غَابَ عَن الْعباد من أَمر الْجنَّة وَالنَّار وَمَا ذكر الله فِي الْقُرْآن لم يكن تصديقهم بذلك من قبل أَصْحَاب الْكتاب أَو علم كَانَ عِنْدهم {وَالَّذين يُؤمنُونَ بِمَا أنزل إِلَيْك} هم الْمُؤْمِنُونَ من أهل الْكتاب ثمَّ جمع الْفَرِيقَيْنِ فَقَالَ {أُولَئِكَ على هدى} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ} قَالَ: بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر وجنته وناره ولقائه والحياة بعد الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جريرعن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ} قَالَ: آمنُوا بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت والحساب وَالْجنَّة وَالنَّار وَصَدقُوا بموعود الله الَّذِي وعد فِي هَذَا الْقُرْآن وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل {الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ} قَالَ: مَا غَابَ عَنْهُم من أَمر الْجنَّة وَالنَّار قَالَ وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَبَا سُفْيَان بن الْحَرْث يَقُول:

وبالغيب آمنا وَقد كَانَ قَومنَا يصلونَ للأوثان قبل مُحَمَّد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم كِلَاهُمَا فِي معرفَة الصَّحَابَة عَن تويلة بنت أسلم قَالَ: صليت الظّهْر أَو الْعَصْر فِي مَسْجِد بني حَارِثَة فَاسْتقْبلنَا مَسْجِد ايلياء فصلينا سَجْدَتَيْنِ ثمَّ جَاءَنَا من يخبرنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد اسْتقْبل الْبَيْت الْحَرَام فتحوّل الرِّجَال مَكَان النِّسَاء وَالنِّسَاء مَكَان الرِّجَال فصلينا السَّجْدَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَنحن مستقبلو الْبَيْت الْحَرَام فَبلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك فَقَالَ أُولَئِكَ قوم آمنُوا بِالْغَيْبِ وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد بن منيع فِي مُسْنده وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحَرْث بن قيس أَنه قَالَ لِابْنِ مَسْعُود: عِنْد الله يحْتَسب مَا سبقتمونا بِهِ يَا أَصْحَاب مُحَمَّد من رُؤْيَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ابْن مَسْعُود: عِنْد الله يحْتَسب إيمَانكُمْ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم تروه إِن أَمر مُحَمَّد كَانَ بَيْننَا لمن رَآهُ وَالَّذِي لَا إِلَه غَيره مَا آمن أحد أفضل من إِيمَان بِغَيْب ثمَّ قَرَأَ (الم ذَلِك الْكتاب لَا ريب فِيهِ) (الْبَقَرَة الْآيَة 1 - 2) إِلَى قَوْله (المفلحون) (الْبَقَرَة الْآيَة 5) وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلي والمرهبي فِي فضل الْعلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ كنت جَالِسا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ انبئوني بِأَفْضَل أهل الإِيمان إِيمَانًا قَالُوا: يَا رَسُول الله الْمَلَائِكَة قَالَ: هم كَذَلِك ويحق لَهُم وَمَا يمنعهُم وَقد أنزلهم الله الْمنزلَة الَّتِي أنزلهم بهَا قَالُوا: يَا رَسُول الله الْأَنْبِيَاء الَّذين أكْرمهم الله بِرِسَالَاتِهِ والنّبوة قَالَ: هم كَذَلِك ويحق لَهُم وَمَا يمنعهُم وَقد أنزلهم الله الْمنزلَة الَّتِي أنزلهم بهَا قَالُوا: يَا رَسُول الله الشُّهَدَاء الَّذين اسْتشْهدُوا مَعَ الْأَنْبِيَاء قَالَ: هم كَذَلِك ويحق لَهُم وَمَا يمنعهُم وَقد أكْرمهم الله بِالشَّهَادَةِ مَعَ الْأَنْبِيَاء بل غَيرهم قَالُوا: فَمن يَا رَسُول الله قَالَ: أَقوام فِي أصلاب الرِّجَال يأْتونَ من بعدِي يُؤمنُونَ بِي وَلم يروني ويصدقوني وَلم يروني يَجدونَ الْوَرق الْمُعَلق فيعملون بِمَا فِيهِ فَهَؤُلَاءِ أفضل أهل الْإِيمَان إِيمَانًا وَأخرج الْحسن بن عُرْوَة فِي حزبه الْمَشْهُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي

الْخلق أعجب إِلَيْكُم إِيمَانًا قَالُوا: الْمَلَائِكَة قَالَ: وَمَا لَهُم لايؤمنون وهم عِنْد رَبهم قَالُوا: فالأنبياء قَالَ: فَمَا لَهُم لَا يُؤمنُونَ وَالْوَحي ينزل عَلَيْهِم قَالُوا: فَنحْن قَالَ: وَمَا لكم لاتؤمنون وَأَنا بَين أظْهركُم أَلا إِن أعجب الْخلق إِلَيّ إِيمَانًا لقوم يكونُونَ من بعدكم يَجدونَ صحفاً فِيهَا كتاب يُؤمنُونَ بِمَا فِيهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أصبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَقَالَ مَا من مَاء مَا من مَاء قَالُوا: لَا قَالَ: فَهَل من شن فجاؤا بالشن فَوضع بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوضع يَده عَلَيْهِ ثمَّ فرق أَصَابِعه فنبع المَاء مثل عَصا مُوسَى من بَين أَصَابِع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا بِلَال اهتف بِالنَّاسِ بِالْوضُوءِ فَأَقْبَلُوا يتوضؤن من بَين أَصَابِع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت همة ابْن مَسْعُود الشّرْب فَلَمَّا توضؤا صلى بهم الصُّبْح ثمَّ قعد للنَّاس فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس من أعجب الْخلق إِيمَانًا قَالُوا: الْمَلَائِكَة قَالَ: كَيفَ لَا تؤمن الْمَلَائِكَة وهم يعاينون الْأَمر قَالُوا: فالنبيون يَا رَسُول الله قَالَ: كَيفَ لَا يُؤمن النَّبِيُّونَ وَالْوَحي ينزل عَلَيْهِم من السَّمَاء قَالُوا: فأصحابك يَا رَسُول الله فَقَالَ: وَكَيف لَا تؤمن أَصْحَابِي وهم يرَوْنَ مَا يرَوْنَ وَلَكِن أعجب النَّاس إِيمَانًا قوم يجيئون بعدِي يُؤمنُونَ بِي وَلم يروني ويصدقوني وَلم يروني أُولَئِكَ اخواني وَأخرج الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي مُعْجَمه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي شَيْء أعجب إِيمَانًا قيل: الْمَلَائِكَة فَقَالَ: كَيفَ وهم فِي السَّمَاء يرَوْنَ من الله مَا لَا ترَوْنَ قيل: فالأنبياء قَالَ: كَيفَ وهم يأيتهم الْوَحْي قَالُوا: فَنحْن قَالَ: كَيفَ وَأَنْتُم تتلى عَلَيْكُم آيَات الله وَفِيكُمْ رَسُوله وَلَكِن قوم يأْتونَ من بعدِي يُؤمنُونَ بِي وَلم يروني أُولَئِكَ أعجب إِيمَانًا وَأُولَئِكَ إخْوَانِي وَأَنْتُم أَصْحَابِي وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْخلق أعجب إِيمَانًا قَالُوا: الْمَلَائِكَة قَالَ: الْمَلَائِكَة كَيفَ لَا يُؤمنُونَ قَالُوا: النَّبِيُّونَ قَالَ: النَّبِيُّونَ يُوحى إِلَيْهِم فَكيف لَا يُؤمنُونَ وَلَكِن أعجب النَّاس إِيمَانًا قوم يجيئون من بعدكم فيجدون كتابا من الْوَحْي فيؤمنون بِهِ ويتبعونه فَهَؤُلَاءِ أعجب النَّاس إِيمَانًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا لَيْتَني قد لقِيت إخْوَانِي قَالُوا يَا رَسُول الله أَلسنا إخوانك وَأَصْحَابك قَالَ:

بلَى وَلَكِن قوما يجيئون من بعدكم يُؤمنُونَ بِي إيمَانكُمْ ويصدقوني تصديقكم وينصروني نصركم فيا لَيْتَني قد لقِيت إخْوَانِي وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي الْأَرْبَعين السباعية من طَرِيق أبي هدبة وَهُوَ كَذَّاب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْتَني قد لقِيت إخْوَانِي فَقَالَ لَهُ رجل من أَصْحَابه: أولسنا إخوانك قَالَ: بلَى أَنْتُم أَصْحَابِي وإخواني قوم يأْتونَ من بعدِي يُؤمنُونَ بِي وَلم يروني ثمَّ قَرَأَ {الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ ويقيمون الصَّلَاة} وَأخرج أَحْمد والدارمي والباوردي وَابْن قَانِع مَعًا فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي جُمُعَة الْأنْصَارِيّ قَالَ قُلْنَا يار سَوَّلَ الله هَل من قوم أعظم منا أجرا آمنا بك واتبعناك قَالَ: مَا يمنعكم من ذَلِك وَرَسُول الله بَين أظْهركُم يأتيكم الْوَحْي من السَّمَاء بل قوم يأْتونَ من بعدِي يَأْتِيهم كتاب بَين لوحين فيؤمنون بِهِ ويعملون بِمَا فِيهِ أُولَئِكَ أعظم مِنْكُم أجرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي عمر وَأحمد وَالْحَاكِم عَن أبي عبد الرَّحْمَن الْجُهَنِيّ قَالَ بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ طلع راكبان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كنديان أَو مذحجيان حَتَّى أَتَيَا فَإِذا رجلَانِ من مذْحج فَدَنَا أَحدهمَا ليبايعه فَلَمَّا أَخذ بِيَدِهِ قَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت من آمن بك واتبعك وصدقك فَمَاذَا لَهُ قَالَ: طُوبَى لَهُ فَمسح على يَده وَانْصَرف ثمَّ جَاءَ الآخر ختى أَخذ على يَده ليبايعه فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت من آمن بك وصدقك واتبعك وَلم يَرك قَالَ: طُوبَى لَهُ ثمَّ طُوبَى لَهُ ثمَّ مسح على يَده وَانْصَرف وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طُوبَى لمن رَآنِي وآمن بِي وطوبى لمن آمن بِي وَلم يرني سبع مَرَّات وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله طُوبَى لمن رآك وآمن بك قَالَ: طُوبَى لمن رَآنِي وآمن بِي وطوبى ثمَّ طُوبَى ثمَّ طُوبَى لمن آمن بِي وَلم يرني وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد بن حميد عَن نَافِع قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عمر

فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن رَأَيْتُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأعينكم هَذِه قَالَ: نعم قَالَ: طُوبَى لكم فَقَالَ ابْن عمر: أَلا أخْبرك بِشَيْء سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بلَى قَالَ: سمعته يَقُول قَالَ طُوبَى لمن رَآنِي وآمن بِي وطوبى لمن آمن بِي وَلم يرني ثَلَاث مَرَّات وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلي وَالطَّبَرَانِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طُوبَى لمن رَآنِي وآمن بِي وطوبى لمن آمن بِي وَلم يرني سبع مَرَّات وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا أَن نَاسا من أمتِي يأْتونَ بعدِي يودّ أحدهم لَو اشْترى رؤيتي بأَهْله وَمَاله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن إِسْحَق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ويقيمون الصَّلَاة} قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} قَالَ: زَكَاة أَمْوَالهم وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ويقيمون الصَّلَاة} قَالَ: يقيمونها بفروضها {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} قَالَ: يؤدّون الزَّكَاة احتسابا لَهَا وَأخرج ابْن جريرعن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِقَامَة الصَّلَاة إتْمَام الرُّكُوع وَالسُّجُود والتلاوة والخشوع والإِقبال عَلَيْهَا فِيهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يُقِيمُونَ الصَّلَاة} قَالَ: إِقَامَة الصَّلَاة الْمُحَافظَة على مواقيتها ووضؤئها وركوعها وسجودها {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} قَالَ: انفقوا فِي فرئض الله الَّتِي افْترض الله عَلَيْهِم فِي طَاعَته وسبيله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} قَالَ: إِنَّمَا يَعْنِي الزَّكَاة خَاصَّة دون سَائِر النَّفَقَات لَا يذكر الصَّلَاة إِلَّا ذكر مَعهَا الزَّكَاة فَإِذا لم يسم الزَّكَاة قَالَ فِي أثر ذكر الصَّلَاة {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} قَالَ: هِيَ نَفَقَة الرجل على أَهله وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} قَالَ: كَانَت النَّفَقَات قرباناً يَتَقَرَّبُون بهَا إِلَى الله على قدر ميسورهم وَجَهْدهمْ حَتَّى نزلت فَرَائض الصَّدقَات فِي سُورَة بَرَاءَة هن الناسخات المبينات

4

4 - 5 - قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين يُؤمنُونَ بِمَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أُولَئِكَ على هدى من رَبهم وَأُولَئِكَ هم المفلحون أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين يُؤمنُونَ بِمَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك} أَي يصدقونك بِمَا جِئْت بِهِ من الله وَمَا جَاءَ بِهِ من قبلك الْمُرْسلين لَا يفرقون بَينهم وَلَا يجحدون مَا جاؤوهم بِهِ من رَبهم {وبالآخرة هم يوقنون} أَي بِالْبَعْثِ وَالْقِيَامَة وَالْجنَّة وَالنَّار والحساب وَالْمِيزَان أَي لَا هَؤُلَاءِ الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم آمنُوا بِمَا كَانَ قبلك ويكفرون بِمَا جَاءَك من رَبك وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَالَّذين يُؤمنُونَ بِمَا أنزل إِلَيْك} قَالَ: هُوَ الْفرْقَان الَّذِي فرق الله بِهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل {وَمَا أنزل من قبلك} أَي الْكتب الَّتِي خلت قبله {أُولَئِكَ على هدى من رَبهم وَأُولَئِكَ هم المفلحون} قَالَ: استحقوا الْهدى والفلاح بِحَق فاحقه الله عَلَيْهِم وَهَذَا نعت أهل الإِيمان ثمَّ نعت الْمُشْركين فَقَالَ {إِن الَّذين كفرُوا سَوَاء عَلَيْهِم} الْبَقَرَة الْآيَة 6 الْآيَتَيْنِ فضل الْخمس الْآيَات من أول سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الْمسند وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء اعرابي فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِن لي أَخا وَبِه وجع قَالَ: وَمَا وَجَعه قَالَ: بِهِ لمَم قَالَ: فائتني بِهِ فَوَضعه بَين فعوذه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفَاتِحَة الْكتاب وَأَرْبع آيَات من أوّل سُورَة الْبَقَرَة وَهَاتين الْآيَتَيْنِ {وإلهكم إِلَه وَاحِد} الْبَقَرَة الْآيَة 163 وَآيَة الْكُرْسِيّ وَثَلَاث آيَات من آخر سُورَة الْبَقَرَة وَآيَة من آل عمرَان (شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ) (آل عمرَان 18) وَآيَة من الْأَعْرَاف (إِن ربكُم الله) (الآعراف الْآيَة 54) وَآخر سُورَة الْمُؤمنِينَ (فتعالى الله الْملك الْحق) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 116) وَآيَة من سُورَة الْجِنّ (وَأَنه تَعَالَى حد رَبنَا) (الْجِنّ الْآيَة 3) وَعشر آيَات من أول الصافات وَثَلَاث آيَات من آخر سُورَة الْحَشْر و (قل هُوَ الله أحد) و (المعوّذتين) فَقَامَ الرجل كَأَنَّهُ لم يشك قطّ

وَأخرج ابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن رجل عَن أَبِيه مثله سَوَاء وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن الضريس عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ أَربع آيَات من أول سُورَة الْبَقَرَة وَآيَة الْكُرْسِيّ وآيتين بعد آيَة الْكُرْسِيّ وَثَلَاثًا من آخر سُورَة الْبَقَرَة لم يقربهُ وَلَا أَهله يَوْمئِذٍ شَيْطَان وَلَا شَيْء يكرههُ فِي أَهله وَلَا مَاله وَلَا يقْرَأن على مَجْنُون إلاَّ أَفَاق وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ عشر آيَات من سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة لم يدْخل ذَلِك الْبَيْت شَيْطَان تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى يصبح أَربع من أَولهَا وَآيَة الْكُرْسِيّ وآيتان بعْدهَا وَثَلَاث خواتيمها أَولهَا (لله مَا فِي السَّمَوَات) (الْبَقَرَة الْآيَة 284) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور والدارمي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْمُغيرَة بَين سبيع وَكَانَ من أَصْحَاب عبد الله قَالَ: من قَرَأَ عشر آيَات من الْبَقَرَة عِنْد مَنَامه لم ينس الْقُرْآن أَربع آيَات من أَولهَا وَآيَة الْكُرْسِيّ وآيتان بعْدهَا وَثَلَاث من آخرهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا مَاتَ أحدكُم فَلَا تَحْبِسُوهُ وأسرعوا بِهِ إِلَى قَبره وليقرأ عِنْد رَأسه بِفَاتِحَة الْبَقَرَة وَعند رجلَيْهِ بخاتمة سُورَة الْبَقَرَة فِي قَبره وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن عبد الرَّحْمَن بن الْعَلَاء بن اللَّجْلَاج قَالَ: قَالَ لي أبي: يَا بني إِذا وَضَعتنِي فِي لحدي فَقل: بِسم الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله ثمَّ سنّ عَليّ التُّرَاب سنا ثمَّ اقْرَأ عِنْد رَأْسِي بِفَاتِحَة الْبَقَرَة وخاتمتها فَأَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ذَلِك وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه من طَرِيق مُحَمَّد بن عَليّ المطلبي عَن خطاب بن سِنَان عَن قيس بن الرّبيع عَن ثَابت بن مَيْمُون عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: نزلنَا يسيري فَأَتَانَا أهل ذَلِك الْمنزل فَقَالُوا: ارحلوا فانه لم ينزل عندنَا هَذَا الْمنزل أحد إِلَّا اتخذ مَتَاعه فَرَحل أَصْحَابِي وَتَخَلَّفت للْحَدِيث الَّذِي حَدثنِي ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَرَأَ فِي لَيْلَة ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ آيَة لم يضرّهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة سبع ضار وَلَا لص

طَار وعوفي فِي نَفسه وَأَهله وَمَاله حَتَّى يصبح فَلَمَّا أمسينا حَتَّى رَأَيْتهمْ قد جَاءُوا أَكثر من ثَلَاثِينَ مرّة مخترطين سيوفهم فَمَا يصلونَ إِلَيّ فَلَمَّا أَصبَحت رحلت فلقيني شيخ مِنْهُم فَقَالَ: يَا هَذَا إنسي أم جني قلت: بل إنسي قَالَ: فَمَا بالك لقد أَتَيْنَاك أَكثر من سبعين مرّة كل ذَلِك يُحَال بَيْننَا وَبَيْنك بسور من حَدِيد فَذكرت لَهُ الحَدِيث وَالثَّلَاث وَثَلَاثُونَ آيَة أَربع آيَات من أول الْبَقَرَة إِلَى قَوْله {المفلحون} وَآيَة الْكُرْسِيّ وآيتان بعْدهَا إِلَى قَوْله (خَالدُونَ) (الْبَقَرَة الْآيَة 257) وَالثَّلَاث آيَات من آخر الْبَقَرَة (لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض) (الْبَقَرَة الْآيَة 284) وَثَلَاث آيَات من الْأَعْرَاف (إِن ربكُم الله) إِلَى قَوْله (من الْمُحْسِنِينَ) (الْأَعْرَاف الْآيَة 54 - 57) وَآخر بني إِسْرَائِيل (قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن) (الإِسراء الْآيَة 110) إِلَى آخرهَا وَعشر آيَات من أول الصافات إِلَى قَوْله (لَا زب) وآيتان من الرَّحْمَن (يَا معشر الْجِنّ والإِنس) إِلَى قَوْله (فَلَا تنتصران) (الرَّحْمَن الْآيَة 33 - 34) وَمن آخر الْحَشْر (لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن على جبل) (الْحَشْر الْآيَة 21) إِلَى آخر السُّورَة وآيتان من (قل أُوحِي إِلَيّ) إِلَى (وَأَنه تَعَالَى جد رَبنَا مَا اتخذ صَاحِبَة) إِلَى قَوْله (شططا) (الْجِنّ الْآيَة 1 - 4) فَذكرت هَذَا الحَدِيث لشعيب بن حَرْب فَقَالَ لي: كُنَّا نسميها آيَات الْحَرْب وَيُقَال: إِن فِيهَا شِفَاء من كل دَاء فعدّ عليّ الْجُنُون والجذام والبرص وَغير ذَلِك قَالَ مُحَمَّد بن عَليّ: فقرأتها على شيخ لنا قد فلج حَتَّى أذهب اللله عَنهُ ذَلِك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ عشر من سُورَة الْبَقَرَة أوّل النَّهَار لَا يقربهُ شَيْطَان حَتَّى يُمْسِي وَإِن قَرَأَهَا حِين يُمْسِي لم يقربهُ حَتَّى يصبح وَلَا يرى شَيْئا يكرههُ فِي أَهله وَمَاله وَإِن قَرَأَهَا على مَجْنُون أَفَاق أَربع آيَات من أوّلها وَآيَة الْكُرْسِيّ وآيتان بعْدهَا وَثَلَاث آيَات من آخرهَا

6

قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين كفرُوا سَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ ختم الله على قُلُوبهم وعَلى سمعهم وعَلى أبصرهم غشاوة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم أخرج ابْن جريج وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير فِي السّنة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا سَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ} وَنَحْو هَذَا من الْقُرْآن قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحرص أَن يُؤمن جَمِيع النَّاس ويتابعوه على الْهدى فَأخْبرهُ الله أَنه لايؤمن إِلَّا من سبق لَهُ من الله السَّعَادَة فِي الذّكر الأوّل وَلَا يضل إِلَّا من سبق لَهُ من الله الشَّقَاء فِي الذّكر الأول وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قيل يَا رَسُول الله أَنا تقْرَأ من الْقُرْآن فنرجو ونقرأ فنكاد نيأس فَقَالَ: أَلا أخْبركُم عَن أهل الْجنَّة وَأهل النَّار قَالُوا: بلَى يَا رَسُول اله (الم ذَلِك الْكتاب لَا ريب فِيهِ هدى لِلْمُتقين) إِلَى قَوْله (المفلحون) هَؤُلَاءِ أهل الْجنَّة قَالُوا: إِنَّا نرجو أَن نَكُون هَؤُلَاءِ ثمَّ قَالَ: {إِن الَّذين كفرُوا سَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم} إِلَى قَوْله {عَظِيم} هَؤُلَاءِ أهل النَّار قُلْنَا لسنا هم يَا رَسُول الله قَالَ: أجل وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا} أَي بِمَا أنزل إِلَيْك وَإِن قَالُوا إِنَّا قد آمنا بِمَا جَاءَ من قبلك {سَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ} أَي أَنهم قد كفرُوا بِمَا عِنْدهم من ذكرك وجحدوا مَا أَخذ عَلَيْهِم من الْمِيثَاق لَك فقد كفرُوا بِمَا جَاءَك وَبِمَا عِنْدهم مِمَّا جَاءَهُم بِهِ غَيْرك فَكيف يسمعُونَ مِنْك إنذاراً وتخويفاً وَقد كفرُوا بِمَا عِنْدهم من نعتك {ختم الله على قُلُوبهم وعَلى سمعهم وعَلى أَبْصَارهم غشاوة} أَي عَن الْهدى أَن يصيبوه أبدا بِغَيْر مَا كذبُوا بِهِ من الْحق الَّذِي جَاءَك من رَبك حَتَّى يُؤمنُوا بِهِ وَإِن آمنُوا بِكُل مَا كَانَ قبلك وَلَهُم بِمَا هُوَ عَلَيْهِ من خِلافك {عَذَاب عَظِيم} فَهَذَا فِي الْأَحْبَار من يهود وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا}

قَالَ: نزلت هَاتَانِ الْآيَتَانِ فِي قادة الْأَحْزَاب وهم الَّذين ذكرهم فِي هَذِه الْآيَة (ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا) (إِبْرَاهِيم الْآيَة 28) قَالَ: فهم الَّذين قتلوا يَوْم بدر وَلم يدْخل من القادة أحد فِي الإِسلام إِلَّا رجلَانِ أَبُو سُفْيَان وَالْحكم بن أبي الْعَاصِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي قَوْله {أأنذرتهم أم لم تنذرهم} قَالَ: وعظتهم أم لم تعظهم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا سَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ} قَالَ: أطاعوا الشَّيْطَان فاستحوذ عَلَيْهِم فختم الله على قُلُوبهم وعَلى سمعهم وعَلى أَبْصَارهم غشاوة فهم لَا يبصرون هدى وَلَا يسمعُونَ وَلَا يفقهُونَ وَلَا يعْقلُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: الْخَتْم على قُلُوبهم وعَلى سمعهم والغشاوة على أَبْصَارهم وَأخرج ابْن جريج عَن ابْن مَسْعُود قَالَ {ختم الله على قُلُوبهم وعَلى سمعهم} فَلَا يعْقلُونَ وَلَا يسمعُونَ وَجعل على أَبْصَارهم يَقُول: أَعينهم {غشاوة} فَلَا يبصرون وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الأرزق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل {ختم الله على قُلُوبهم} قَالَ: طبع الله عَلَيْهَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: وصهباء طَاف يهود بهَا فابرزها وَعَلَيْهَا ختم وَأخرج سعيد بن منصورعن الْحسن وَأبي رَجَاء قَرَأَ أَحدهمَا {غشاوة} وَالْآخر / غشوة /

8

قَوْله تَعَالَى: وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر وَمَا هم بمؤمنين أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر وَمَا هم بمؤمنين} يَعْنِي الْمُنَافِقين من الْأَوْس والخزرج وَمن كَانَ على أَمرهم

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن سُورَة الْبَقَرَة إِلَى الْمِائَة مِنْهَا هِيَ رجال سماهم بأعيانهم وأنسابهم من أَحْبَار يهود وَمن الْمُنَافِقين من الْأَوْس والخزرج وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر وَمَا هم بمؤمنين} قَالَ: المُرَاد بِهَذِهِ الْآيَة المُنَافِقُونَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر} حَتَّى بلغ {وَمَا كَانُوا مهتدين} قَالَ: هَذِه فِي الْمُنَافِقين وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه} الْآيَة قَالَ: هَذَا نعت الْمُنَافِق نعت عبدا خائن السريرة كثير الأخلاف يعرف بِلِسَانِهِ وينكر بِقَلْبِه وَيصدق بِلِسَانِهِ وَيُخَالف بِعَمَلِهِ وَيُصْبِح على حَال ويمسي على غَيره ويتكفأ تكفؤ السَّفِينَة كلما هبت ريح هَب فِيهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: لم يكن عِنْدهم أخوف من هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر وَمَا هم بمؤمنين} وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن عَتيق قَالَ: كَانَ مُحَمَّد يَتْلُو هَذِه الْآيَة عِنْد ذكر الْحجَّاج وَيَقُول: أَنا لغير ذَلِك أخوف {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه وباليوم الآخر وَمَا هم بمؤمنين} وَأخرج ابْن سعد عَن أبي يحيى قَالَ سَأَلَ رجل حُذَيْفَة وَأَنا عِنْده فَقَالَ: وَمَا النِّفَاق قَالَ: أَن تَتَكَلَّم بِاللِّسَانِ وَلَا تعْمل بِهِ

9

قَوْله تَعَالَى: يخادعون الله وَالَّذين آمنُوا وَمَا يخدعون إِلَّا أنفسهم وَمَا يَشْعُرُونَ أخرج أَحْمد بن منيع فِي مُسْنده بِسَنَد ضَعِيف عَن رجل من الصَّحَابَة أَن قَائِلا من السلمين قَالَ: يَا رَسُول الله مَا النجَاة غَدا قَالَ: لَا تخدع الله قَالَ وَكَيف نخادع الله قَالَ أَن تعْمل بِمَا أَمرك بِهِ تُرِيدُ بِهِ غَيره فَاتَّقُوا الرِّيَاء فَإِنَّهُ الشّرك بِاللَّه فَإِن الْمرَائِي يُنَادي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة على رُؤُوس الْخَلَائق بأَرْبعَة أَسمَاء يَا كَافِر يَا فَاجر يَا خاسر يَا غادر ضل عَمَلك وَبَطل أجرك فَلَا خلاق لَك الْيَوْم عِنْد الله فالتمس أجرك

مِمَّن كنت تعْمل لَهُ يَا مخادع وَقَرَأَ من الْقُرْآن (فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا) (الْكَهْف الْآيَة 110) الْآيَة (وَإِن الْمُنَافِقين يخادعون الله) (النِّسَاء الْآيَة 142) الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {يخادعون الله} قَالَ: يظهرون لَا إِلَه إِلَّا الله يُرِيدُونَ أَن يحرزوا بذلك دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ وَفِي أنفسهم غير ذَلِك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن وهب قَالَ: سَأَلت ابْن زيد عَن قَوْله {يخادعون الله وَالَّذين آمنُوا} قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ يخادعون الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا أَنهم يُؤمنُونَ بِمَا أظهروه وَعَن قَوْله {وَمَا يخدعون إِلَّا أنفسهم وَمَا يَشْعُرُونَ} قَالَ: مَا يَشْعُرُونَ بِأَنَّهُم ضروا أنفسهم بِمَا أَسرُّوا من الْكفْر والنفاق ثمَّ قَرَأَ (يَوْم يَبْعَثهُم الله جَمِيعًا) قَالَ هم المُنَافِقُونَ حَتَّى بلغ قَوْله {وَيَحْسبُونَ أَنهم على شَيْء} المجادلة الْآيَة 18 وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن قيس بن سعد قَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَكْر والخديعة فِي النَّار لَكُنْت أمكر هَذِه الْأمة

10

قَوْله تَعَالَى: فِي قُلُوبهم مرض فَزَادَهُم الله مَرضا وَلَهُم عَذَاب أَلِيم بِمَا كَانُوا يكذبُون أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مرض} قَالَ: شكّ {فَزَادَهُم الله مَرضا} أَي قَالَ: شكا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: النِّفَاق {وَلَهُم عَذَاب أَلِيم} قَالَ: نكال موجع {بِمَا كَانُوا يكذبُون} قَالَ: يبدلون ويحرّفون وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: النِّفَاق قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم

أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: أجامل أَقْوَامًا حَيَاء وَقد أرى صدروهم تغلي عليّ مراضها قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن قَوْله {وَلَهُم عَذَاب أَلِيم} قَالَ {الْأَلِيم} الموجع قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: نَام من كَانَ خلياً من ألم وَبقيت اللَّيْل طولا لم أنم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن {أَلِيم} فَهُوَ الموجع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ {الْأَلِيم} الموجع فِي الْقُرْآن كُله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مرض} قَالَ: رِيبَة وَشك فِي أَمر الله {فَزَادَهُم الله مَرضا} قَالَ: رِيبَة وشكا {وَلَهُم عَذَاب أَلِيم بِمَا كَانُوا يكذبُون} قَالَ: إيَّاكُمْ وَالْكذب فَإِنَّهُ من بَاب النِّفَاق وَإِنَّا وَالله مَا رَأينَا عملا قطّ أسْرع فِي فَسَاد قلب عبد من كبر أَو كذب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: هَذَا مرض فِي الدّين وَلَيْسَ مَرضا فِي الأجساد وهم المُنَافِقُونَ والْمَرَض الشَّك الَّذِي دخل فِي الإِسلام وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله {فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: هَؤُلَاءِ أهل النِّفَاق وَالْمَرَض فِي قلبوهم الشَّك فِي أَمر الله عز وَجل {فَزَادَهُم الله مَرضا} قَالَ: شكا وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْعَذَاب الْأَلِيم هم الموجع وكل شَيْء فِي الْقُرْآن من {الْأَلِيم} فَهُوَ الموجع

11

قَوْله تَعَالَى: وَإِذا قيل لَهُم لَا تفسدوا فِي الأَرْض قَالُوا إِنَّمَا نَحن مصلحون أَلا إِنَّهُم هم المفسدون وَلَكِن لايشعرون أخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَإِذا قيل لَهُم لَا تفسدوا فِي الأَرْض} قَالَ: الْفساد هُوَ الْكفْر وَالْعَمَل بالمعصية

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذا قيل لَهُم لَا تفسدوا فِي الأَرْض قَالُوا إِنَّمَا نَحن مصلحون} قَالَ: إِذا ركبُوا مَعْصِيّة فَقيل لَهُم لَا تَفعلُوا كَذَا قَالُوا إِنَّمَا نَحن على الْهدى وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّمَا نَحن مصلحون} أَي إِنَّمَا نُرِيد الإِصلاح بَين الْفَرِيقَيْنِ من الْمُؤمنِينَ وَأهل الْكتاب وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله الْأَسدي قَالَ: قَرَأَ سلمَان هَذِه الْآيَة {وَإِذا قيل لَهُم لَا تفسدوا فِي الأَرْض قَالُوا إِنَّمَا نَحن مصلحون} قَالَ: لم يجىء أهل هَذِه الْآيَة بعد

13

قَوْله تَعَالَى: وَإِذا قيل لَهُم آمنُوا كَمَا آمن النَّاس قَالُوا أنؤمن كَمَا آمن السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُم هم السُّفَهَاء وَلَكِن لَا يعلمُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا قيل لَهُم آمنُوا كَمَا آمن النَّاس} قَالَ: صدقُوا كَمَا صدق أَصْحَاب مُحَمَّد أَنه نَبِي وَرَسُول وَأَن مَا أنزل عَلَيْهِ حق {قَالُوا أنؤمن كَمَا آمن السُّفَهَاء} يعنون أَصْحَاب مُحَمَّد {أَلا إِنَّهُم هم السُّفَهَاء} يَقُول: الْجُهَّال (وَلَكِن لَا يعلمُونَ) يَقُول: لَا يعْقلُونَ وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه بسندٍ واهٍ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله آمنُوا كَمَا من النَّاس قَالَ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {كَمَا آمن السُّفَهَاء} قَالَ: يعنون أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عَن الرّبيع وَابْن زيد مثله

14

قَوْله تَعَالَى: وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم قَالُوا إِنَّا مَعكُمْ إِنَّمَا نَحن مستهزءون الله يستهزىء بهم ويمدهم فِي طغيانهم يعمهون

أخرج الواحدي والثعلبي بِسَنَدِهِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي عبد الله بن أبي وَأَصْحَابه وَذَلِكَ أَنهم خَرجُوا ذَات يَوْم فَاسْتَقْبَلَهُمْ نفر من أَصْحَاب رَسُول الله فَقَالَ عبد الله بن أبي: انْظُرُوا كَيفَ أرد هَؤُلَاءِ السُّفَهَاء عَنْكُم فَذهب فَأخذ بيد أبي بكر فَقَالَ: مرْحَبًا بِالصديقِ سيد بني تَمِيم وَشَيخ الإِسلام وَثَانِي رَسُول الله فِي الْغَار الْبَاذِل نَفسه وَمَاله لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَخذ بيد عمر فَقَالَ: مرْحَبًا بِسَيِّد عدي بن كَعْب الْفَارُوق الْقوي فِي دين الله الْبَاذِل نَفسه وَمَاله لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَخذ بيد عَليّ وَقَالَ: مرْحَبًا بِابْن عَم رَسُول الله وَخَتنه سيد بني هَاشم مَا خلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ افْتَرَقُوا فَقَالَ عبد الله لأَصْحَابه: كَيفَ رَأَيْتُمُونِي فعلت فَإِذا رأيتموهم فافعلوا كَمَا فعلت فاثنوا عَلَيْهِ خيرا فَرجع الْمُسلمُونَ إِلَى النَّبِي وَأَخْبرُوهُ بذلك فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ: كَانَ رجال من الْيَهُود إِذا لقوا أَصْحَاب النَّبِي أَو بَعضهم قَالُوا: إِنَّا على دينكُمْ {وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم} وهم إخْوَانهمْ {قَالُوا إِنَّا مَعكُمْ} أَي على مثل مَا أَنْتُم عَلَيْهِ {إِنَّمَا نَحن مستهزؤون} قَالَ: ساخرون بأصحاب مُحَمَّد {الله يستهزئ بهم} قَالَ: يسخر بهم للنقمة مِنْهُم {ويمدهم فِي طغيانهم} قَالَ: فِي كفرهم {يعمهون} قَالَ يَتَرَدَّدُونَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا} وهم مُنَافِقُو أهل الْكتاب فَذكرهمْ وَذكر استهزاءهم وَأَنَّهُمْ {وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم قَالُوا إِنَّا مَعكُمْ} على دينكُمْ {إِنَّمَا نَحن مستهزؤون} بأصحاب مُحَمَّد يَقُول الله {الله يستهزئ بهم} فِي الْآخِرَة يفتح لَهُم بَابا فِي جَهَنَّم من الْجنَّة ثمَّ يُقَال لَهُم: تَعَالَوْا فيقبلون يسبحون فِي النَّار والمؤمنون على الأرائك وَهِي السرر فِي الحجال ينظرُونَ إِلَيْهِم فَإِذا انْتَهوا إِلَى الْبَاب سد عَنْهُم فَضَحِك الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُم فَذَلِك قَول الله {الله يستهزئ بهم} فِي الْآخِرَة ويضحك الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُم حِين غلقت دونهم الْأَبْوَاب فَذَلِك قَوْله (فاليوم ذالذين آمنُوا من الْكفَّار يَضْحَكُونَ) (المطففون الْآيَة 34)

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا} أَي صَاحبكُم رَسُول الله وَلكنه إِلَيْكُم خَاصَّة {وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم} من يهود الَّذين يأمرونهم بالتكذيب {قَالُوا إِنَّا مَعكُمْ} أَي إِنَّا على مثل مَا أَنْتُم عَلَيْهِ {إِنَّمَا نَحن مستهزؤون} أَي إِنَّمَا نَحن مستهزئون بالقوم وَنَلْعَب بهم وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْيَمَانِيّ أَنه قَرَأَ / وَإِذا لاقوا الَّذين آمنُوا / وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وَإِذا خلوا} قَالَ: مضوا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم} قَالَ: رؤوسهم فِي الْكفْر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم} قَالَ: أَصْحَابهم من الْمُنَافِقين وَالْمُشْرِكين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم} قَالَ: إِلَى إخْوَانهمْ من الْمُشْركين ورؤوسهم وَقَادَتهمْ فِي الشَّرّ {قَالُوا إِنَّا مَعكُمْ إِنَّمَا نَحن مستهزؤون} يَقُولُونَ: إِنَّمَا نسخر من هَؤُلَاءِ الْقَوْم ونستهزىء بهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح فِي قَوْله {الله يستهزئ بهم} قَالَ: يُقَال: لأهل النَّار وهم فِي النَّار اخْرُجُوا وتُفْتَحُ لَهُم أَبْوَاب النَّار فَإِذا رأوها قد فتحت أَقبلُوا إِلَيْهَا يُرِيدُونَ الْخُرُوج والمؤمنون ينظرُونَ إِلَيْهِم على الأرائك فَإِذا انْتَهوا إِلَى أَبْوَابهَا غلقت دونهم فَذَلِك قَوْله {الله يستهزئ بهم} ويضحك عَلَيْهِم الْمُؤْمِنُونَ حِين غلقت دونهم ذَلِك قَوْله فاليوم الَّذين آمنُوا من الْكفَّار يَضْحَكُونَ على الأرائك ينظرُونَ) (المطففون الْآيَة 34 - 35) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود ي قَوْله {ويمدهم} قَالَ: يملي لَهُم {فِي طغيانهم يعمهون} قَالَ: فِي كفرهم يتمادون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يعمهون} قَالَ: يتمادون وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {يعمهون} قَالَ: يَلْعَبُونَ ويترددون قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك

قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: أَرَانِي قد عمهت وشاب رَأْسِي وَهَذَا اللّعب شين بالكبير وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ويمدهم} قَالَ: يزيدهم {فِي طغيانهم يعمهون} قَالَ: يَلْعَبُونَ ويترددون فِي الضَّلَالَة

16

قَوْله تَعَالَى: أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى فَمَا ربحت تِجَارَتهمْ وَمَا كَانُوا مهتدين أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى} قَالَ: الْكفْر بالإِيمان وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى} قَالَ: أخذُوا الضَّلَالَة تركُوا الْهدى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى} قَالَ: آمنُوا ثمَّ كفرُوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى} قَالَ: استحبوا الضلال على الْهدى {فَمَا ربحت تِجَارَتهمْ} قَالَ: قد وَالله رَأَيْتُمْ خَرجُوا من الْهدى إِلَى الضَّلَالَة وَمن الْجَمَاعَة إِلَى الْفرْقَة وَمن الْأَمْن إِلَى الْخَوْف وَمن السّنة إِلَى الْبِدْعَة

17

قَوْله تَعَالَى: مثلهم كَمثل الَّذِي استوقد نَارا فَلَمَّا أَضَاءَت مَا حوله ذهب الله بنورهم وتركهم فِي ظلمات لَا يبصرون صم بكم عمي فهم لَا يرجعُونَ أَو كصيب من السَّمَاء فِيهِ ظلمات ورعد وبرق يجْعَلُونَ أَصَابِعهم فِي آذانهم من الصَّوَاعِق حذر الْمَوْت وَالله مُحِيط بالكافرين يكَاد الْبَرْق يخطف أَبْصَارهم كلما أَضَاء لَهُم مَشوا فِيهِ وَإِذا أظلم عَلَيْهِم قَامُوا ولوشاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم أَن الله على كل شَيْء قدير

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والصابوني فِي الْمِائَتَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مثلهم كَمثل الَّذِي استوقد نَارا} الْآيَة قَالَ: هَذَا ضربه الله لِلْمُنَافِقين كَانُوا يعتزون بِالْإِسْلَامِ فيناكحم الْمُسلمُونَ ويوارثوهم ويقاسمونهم الْفَيْء فَلَمَّا مَاتُوا سلبم الله الْعِزّ كَمَا سلب صَاحب النَّار ضوءه {وتركهم فِي ظلمات} يَقُول فِي عَذَاب {صم بكم عمي} لَا يسمعُونَ الْهدى ولايبصرونه وَلَا يعقلونه {أَو كصيب} هُوَ الْمَطَر ضرب مثله فِي الْقُرْآن {فِيهِ ظلمات} يَقُول: ابتلاء {ورعد وبرق} تخويف {يكَاد الْبَرْق يخطف أَبْصَارهم} يَقُول: يكَاد مُحكم الْقُرْآن يدل على عورات الْمُنَافِقين {كلما أَضَاء لَهُم مَشوا فِيهِ} يَقُول: كلما أصَاب المُنَافِقُونَ من الإِسلام اطمأنوا فَإِن أصَاب الإِسلام نكبة قَامُوا ليرجعوا إِلَى الْكفْر كَقَوْلِه (وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف ) (الْحَج الْآيَة 11) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {مثلهم كَمثل الَّذِي استوقد نَارا} الْآيَة قَالَ: إِن نَاس دخلُوا فِي الإِسلام مقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة ثمَّ نافقوا فَكَانَ مثلهم كَمثل رجل كَانَ فِي ظلمَة فأوقدا نَارا {أَضَاءَت مَا حوله} من قذى أَو أَذَى فَأَبْصَرَهُ حَتَّى عرف مَا يَتَّقِي فَبينا هُوَ كَذَلِك إِذْ طفئت ناره فَأقبل لَا يدْرِي مَا يَتَّقِي من أَذَى فَكَذَلِك الْمُنَافِق كَانَ فِي ظلمَة الشّرك فَأسلم فَعرف الْحَلَال من الْحَرَام وَالْخَيْر من الشَّرّ بَينا هُوَ كَذَلِك إِذْ كفر فَصَارَ لايعرف الْحَلَال من الْحَرَام وَلَا الْخَيْر من الشَّرّ فهم {صم بكم} فهم الخرس {فهم لَا يرجعُونَ} إِلَى الإِسلام وَفِي قَوْله {أَو كصيب} الْآيَة قَالَ: كَانَ رجلَانِ من الْمُنَافِقين من أهل الْمَدِينَة هربا من رَسُول الله إِلَى الْمُشْركين فَأَصَابَهُمَا هَذَا الْمَطَر الَّذِي ذكر الله فِيهِ رعد شَدِيد وصواعق وبرق فَجعلَا كلما أصابتهما الصَّوَاعِق يجعلان أصابعهما فِي آذانهما من الْفرق أَن تدخل الصَّوَاعِق فِي مسامعهما فتقتلهما وَإِذا لمع الْبَرْق مشيا فِي ضوئه وَإِذا لم يلمع لم يبصرا قاما مكانهما لَا يمشيان فَجعلَا يَقُولَانِ ليتنا قد أَصْبَحْنَا فنأتي مُحَمَّد فنضع أَيْدِينَا فِي يَده فأصبحا فَأتيَاهُ فَأَسْلمَا ووضعا أَيْدِيهِمَا فِي يَده وَحسن إسلامهما فَضرب الله شَأْن هذَيْن الْمُنَافِقين الخارجين مثلا لِلْمُنَافِقين الَّذين بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ المُنَافِقُونَ إِذا حَضَرُوا مجْلِس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعلُوا أَصَابِعهم فِي آذانهم فرقا من كَلَام

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينزل فيهم شَيْء أَو يذكر بِشَيْء فيقتلوا كَمَا كَانَ ذَانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما فِي آذانهما {كلما أَضَاء لَهُم مَشوا فِيهِ} فَإِذا كثرت أَمْوَالهم وولدهم وَأَصَابُوا غنيمَة وفتحاً {مَشوا فِيهِ} وَقَالُوا: إِن دين مُحَمَّد حِينَئِذٍ صدق: واستقاموا عَلَيْهِ كَمَا كَانَ ذَانك المنافقان يمشيان إِذا أَضَاء بهما الْبَرْق {وَإِذا أظلم عَلَيْهِم قَامُوا} فَكَانُوا إِذا هَلَكت أَمْوَالهم وولدهم وأصابهم الْبلَاء قَالُوا هَذَا من أجل دين مُحَمَّد وَارْتَدوا كفَّارًا كَمَا كَانَ ذَانك المنافقان حِين أظلم الْبَرْق عَلَيْهِمَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَمثل الَّذِي استوقد} قَالَ: ضربه الله مثلا لِلْمُنَافِقِ وَقَوله {ذهب الله بنورهم} أما {النُّور} فَهُوَ إِيمَانهم الَّذِي يَتَكَلَّمُونَ بِهِ وَأما الظلمَة فَهِيَ ضلالهم وكفرهم وَفِي قَوْله {أَو كصيب} الْآيَة قَالَ الصيب الْمَطَر وَهُوَ مثل الْمُنَافِق فِي ضوء مَا تكلم بِمَا مَعَه من كتاب الله وَعمل مراءاة للنَّاس فَإِذا خلا وَحده عمل بِغَيْرِهِ فَهُوَ فِي ظلمَة مَا أَقَامَ على ذَلِك وَأما {الظُّلُمَات} فالضلالة وَأما {الْبَرْق} فالإِيمان وهم أهل الْكتاب {وَإِذا أظلم عَلَيْهِم} فَهُوَ رجل يَأْخُذ بِطرف الْحق لَا يَسْتَطِيع أَن يُجَاوِزهُ وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مثلهم} الْآيَة قَالَ: ضرب الله مثلا لِلْمُنَافِقين يبصرون الْحق وَيَقُولُونَ بِهِ حَتَّى إِذا خَرجُوا من ظلمَة الْكفْر أطفئوه بكفرهم ونفاقهم فتركهم فِي ظلمات الْكفْر لَا يبصرون هدى وَلَا يستقيمون على حق {صم بكم عمي} عَن الْخَيْر {فهم لَا يرجعُونَ} إِلَى هدى وَلَا إِلَى خير وَفِي قَوْله {أَو كصيب} الْآيَة يَقُول: هم من ظلمات ماهم فِيهِ من الْكفْر والحذر من الْقَتْل على الَّذِي هم عَلَيْهِ من الْخلاف والتخويف مِنْكُم على مثل مَا وصف من الَّذِي هم فِي ظلمَة الصيب فَجعل أَصَابِعه فِي أُذُنَيْهِ من الصَّوَاعِق {حذر الْمَوْت وَالله مُحِيط بالكافرين} منزل ذَلِك بهم من النقمَة {يكَاد الْبَرْق يخطف أَبْصَارهم} أَي لشدَّة ضوء الْحق {كلما أَضَاء لَهُم مَشوا فِيهِ} أَي يعْرفُونَ الْحق ويتكلمون بِهِ فهم من قَوْلهم بِهِ على استقامة فَإِذا ارتكسوا مِنْهُ إِلَى الْكفْر {قَامُوا} أَي متحيرين {وَلَو شَاءَ الله لذهب بسمعهم} أَي لما سمعُوا تركُوا من الْحق بعد مَعْرفَته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مثلهم كَمثل الَّذِي استوقد نَارا}

قَالَ: أما إضاءة النَّار فإقبالهم إِلَى الْمُؤمنِينَ وَالْهدى وَذَهَاب نورهم إقبالهم إِلَى الْكَافرين والضلالة وإضاءة الْبَرْق على نَحْو الْمثل {وَالله مُحِيط بالكافرين} قَالَ: جامعهم فِي جَهَنَّم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مثلهم كَمثل الَّذِي استوقد نَارا} قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله لِلْمُنَافِقين إِن الْمُنَافِق تكلم بِلَا إِلَه إِلَّا الله فناكح بهَا الْمُسلمين ووارث بهَا الْمُسلمين وغازى بهَا الْمُسلمين وحقن بهَا دَمه وَمَاله فَلَمَّا كَانَ عِنْد الْمَوْت لم يكن لَهَا أصل فِي قلبه وَلَا حَقِيقَة فِي عمله فسلبها الْمُنَافِق عِنْد الْمَوْت فَترك فِي ظلمات وعمى يتسكع فِيهَا كَمَا كَانَ أعمى فِي الدُّنْيَا عَن حق الله وطاعته صم عَن الْحق فَلَا يبصرونه {فهم لَا يرجعُونَ} عَن ضلالتهم وَلَا يتوبون وَلَا يتذكرون {أَو كصيب من السَّمَاء فِيهِ ظلمات ورعد وبرق يجْعَلُونَ أَصَابِعهم فِي آذانهم من الصَّوَاعِق حذر الْمَوْت} قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله لِلْمُنَافِقِ لجنبه لَا يسمع صَوتا إِلَّا ظن أَنه قد أُتِي وَلَا يسمع صياحاً إِلَّا ظن أَنه قد أُتِي وَلَا يسمع صياحاً إِلَّا ظن أَنه ميت أجبن قوم وأخذله للحق وَقَالَ الله فِي آيَة أُخْرَى (يحسبون كل صَيْحَة عَلَيْهِم) (المُنَافِقُونَ الْآيَة 4) {يكَاد الْبَرْق يخطف أَبْصَارهم} الْآيَة قَالَ {الْبَرْق} هُوَ الإِسلام والظلمَة هُوَ الْبلَاء والفتنة فَإِذا رأى الْمُنَافِق من الإِسلام طمأنينة وعافية ورخاء وسلوة من عَيْش {قَالُوا إِنَّا مَعكُمْ} ومنكم وَإِذا رأى من الإِسلام شدَّة وبلاء فقحقح عِنْد الشدَّة فَلَا يصبر لبلائها وَلم يحْتَسب أجرهَا وَلم يرج عَاقبَتهَا إِنَّمَا هُوَ صَاحب دنيا لَهَا يغْضب وَلها يرضى وو كَمَا هُوَ نَعته الله واخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَأَبُو يعلى فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو كصيب من السَّمَاء} قَالَ: الْمَطَر وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد وَالربيع وَعَطَاء مثله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّمَا الصيب من هَهُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يكَاد الْبَرْق}

قَالَ: يلتمع {يخطف أَبْصَارهم} وَلما يخطف وكل شَيْء فِي الْقُرْآن يكَاد وأكاد وكادوا فَإِنَّهُ لَا يكون أبدا وَأخرج وَكِيع عَن الْمُبَارك بن فضَالة قَالَ: سَمِعت الْحُسَيْن يقْرؤهَا {يكَاد الْبَرْق يخطف أَبْصَارهم}

21

قَوْله تَعَالَى: يَا آيها النَّاس اعبدوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم وَالَّذين من قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون أخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا كَانَ (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا) أنزل بِالْمَدِينَةِ وَمَا كَانَ {يَا أَيهَا النَّاس} فبمكة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَرَأنَا الْمفصل وَنحن بِمَكَّة حجيجاً لَيْسَ فِيهَا (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا) وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الضريس وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي التَّفْسِير عَن عَلْقَمَة قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا النَّاس} فَهُوَ مكي وكل شَيْء فِي الْقُرْآن (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا) فَإِنَّهُ مدنِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الضحاكمثله وَأخرج أَبُو عبيد عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: ماكان فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا النَّاس} ويابني آدم فَإِنَّهُ مكي وَمَا كَانَ (ياأيها الَّذين آمنُوا) فَإِنَّهُ مدنِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة قَالَ: ماكان (ياأيها النَّاس) بمكه وماكان (ياأيها الَّذين آمنُوا) بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة قَالَ: مَا كَانَ من حج أَو فَرِيضَة فَإِنَّهُ نزل بِالْمَدِينَةِ أَو حد أَو جِهَاد فَإِنَّهُ نزل بِالْمَدِينَةِ وَمَا كَانَ من ذكر الْأُمَم والقرون وَضرب الْأَمْثَال فَإِنَّهُ نزل بِمَكَّة وَأخرج ابْن أَي شيبَة عَن عِكْرِمَة قَالَ: كل سُورَة فِيهَا (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا) فَهِيَ مدنيه

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فيقوله {يَا أَيهَا النَّاس} فَهِيَ لِلْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا من الْكفَّار وَالْمُؤمنِينَ {اعبدوا} قَالَ: وحدوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {الَّذِي خَلقكُم وَالَّذين من قبلكُمْ} يَقُول: خَلقكُم وَخلق الَّذين من قبلكُمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَوْله {لَعَلَّكُمْ} يَعْنِي كي غير آيَة فِي الشُّعَرَاء (لَعَلَّكُمْ تخلدون) (الشُّعَرَاء 129) يَعْنِي كأنكم تخلدون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عون بن عبد الله بن غنية قَالَ {لَعَلَّ} من الله وَاجِب وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} قَالَ: تطعيون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} قَالَ: تَتَّقُون النَّار

22

قَوْله تَعَالَى: الَّذِي جعل لكم الأَرْض فراشا وَالسَّمَاء بِنَاء وَأنزل من السَّمَاء مَاء فَأخْرج بِهِ من الثمرات رزقا لكم فَلَا تجْعَلُوا لله أنداداً وَأَنْتُم تعلمُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {الَّذِي جعل لكم الأَرْض فراشا} قَالَ: هِيَ فرَاش يمشي عَلَيْهَا وَهِي المهاد والقرار {وَالسَّمَاء بِنَاء} قَالَ بنى السَّمَاء على الأَرْض كَهَيئَةِ الْقبَّة وَهِي سقف على الأَرْض وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جُبَير بن مطعم قَالَ جَاءَ اعرابي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله جهدت الْأَنْفس وضاعت الْعِيَال ونهكت الْأَمْوَال وَهَلَكت الْمَوَاشِي استسق لنا رَبك فَإنَّا نستشفع بِاللَّه عَلَيْك وَبِك على الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُبْحَانَ الله فَمَا زَالَ يسبح حَتَّى عرف ذَلِك فِي وُجُوه أَصْحَابه فَقَالَ: وَيحك أَتَدْرِي مَا الله إِن شَأْنه أعظم من ذَاك وَإنَّهُ لَا يستشفع بِهِ على أحد وَإنَّهُ لفوق

سمواته على عَرْشه وعرشه على سمواته وسمواته على أرضيه هَكَذَا - وَقَالَ بأصابعه مثل الْقبَّة - وَإنَّهُ لئط بِهِ أطيط الرحل بالراكب وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن إِيَاس بن مُعَاوِيَة قَالَ: السَّمَاء مقببة على الأَرْض مثل الْقبَّة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: شَيْء من أَطْرَاف السَّمَاء محدق بالأرضين والبحار كأطراف الْفسْطَاط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن أبي برة قَالَ: لَيست السَّمَاء مربعة وَلكنهَا مقببة يَرَاهَا النَّاس خضراء أما قَوْله تَعَالَى {وَأنزل من السَّمَاء مَاء فَأخْرج بِهِ من الثمرات رزقا لكم} أخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن أَنه سُئِلَ الْمَطَر من السَّمَاء أم من السَّحَاب قَالَ: من السَّمَاء إِنَّمَا السَّحَاب علم ينزل عَلَيْهِ المَاء من السَّمَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب قَالَ: لَا أَدْرِي الْمَطَر أنزل قَطْرَة من السَّمَاء فِي السَّحَاب أم خلق فِي السَّحَاب فَأمْطر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب قَالَ: السَّحَاب غربال الْمَطَر وَلَوْلَا السَّحَاب حِين ينزل المَاء من السَّمَاء لأفسد مَا يَقع عَلَيْهِ من الأَرْض وَالْبذْر ينزل من السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن خَالِد بن معدان قَالَ: الْمَطَر مَاء يخرج من تَحت الْعَرْش فَينزل من سَمَاء إِلَى سَمَاء حَيْثُ يجمع فِي السَّمَاء الدُّنْيَا فيجتمع فِي مَوضِع يُقَال لَهُ الايرم فتجيء السَّحَاب السود فتدخله فتشربه مثل شرب الاسفنجة فيسوقها الله حَيْثُ يَشَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: ينزل المَاء من السَّمَاء السَّابِعَة فَتَقَع القطرة مِنْهُ على السحابة مثل الْبَعِير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن خَالِد بن يزِيد قَالَ: الْمَطَر مِنْهُ من السَّمَاء وَمِنْه مَاء يسْقِيه الْغَيْم من الْبَحْر فيعذبه الرَّعْد والبرق فَأَما مَا كَانَ من الْبَحْر فَلَا يكون لَهُ نَبَات وَأما النَّبَات فَمَا كَانَ من السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: مَا أنزل الله من السَّمَاء قَطْرَة إِلَّا أنبت بهَا فِي الأَرْض عشبة أَو فِي الْبَحْر لؤلؤة

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَطَر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا جَاءَ الْقطر من السَّحَاب تفتحت لَهُ الأصداف فَكَانَ لؤلؤاً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يخلق الله اللُّؤْلُؤ فِي الأصداف من الْمَطَر تفتح الأصداف أفواهها عِنْد الْمَطَر فاللؤلؤة الْعَظِيمَة من القطرة الْعَظِيمَة واللؤلؤة الصَّغِيرَة من القطرة الصَّغِيرَة وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَطَر عَن الْمطلب بن حنْطَب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من سَاعَة من ليل وَلَا نَهَار إِلَّا وَالسَّمَاء تمطر فِيهَا يصرفهُ الله حَيْثُ يَشَاء وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا نزل مطر من السَّمَاء إِلَّا وَمَعَهُ الْبذر أما انكم لوبسطتم نطعاً لرأيتموه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمَطَر مزاجه من الْجنَّة فَإِذا عظم المزاج عظمت الْبركَة وَإِن قل الْمَطَر وَإِذا قل المزاج قلت الْبركَة وَإِن كثر الْمَطَر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: مَا من عَام بِأَمْطَر من عَام وَلَكِن الله يصرفهُ حَيْثُ يَشَاء وَينزل مَعَ الْمَطَر كَذَا وَكَذَا من الْمَلَائِكَة ويكتبون حَيْثُ يَقع ذَلِك الْمَطَر وَمن يرزقه وَمَا يخرج مِنْهُ مَعَ كل قَطْرَة أما قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تجْعَلُوا لله أنداداً وَأَنْتُم تعلمُونَ} أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فَلَا تجْعَلُوا لله أنداداً} أَي لَا تُشْرِكُوا بِهِ غَيره من الأنداد الَّتِي لَا تضر وَلَا تَنْفَع {وَأَنْتُم تعلمُونَ} أَنه لَا رب لكم يرزقكم غَيره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الأنداد هُوَ الشّرك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله الأنداد قَالَ: أشباهاً وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {فَلَا تجْعَلُوا لله أنداداً} قَالَ: أكفاء من الرِّجَال تطعيونهم فِي مَعْصِيّة الله وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله عز وَجل {أنداداً} قَالَ: الْأَشْبَاه والأمثال قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول لبيد:

أَحْمد الله فَلَا ندّ لَهُ بيدَيْهِ الْخَيْر مَا شَاءَ فعِّل وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أنداداً} قَالَ: شُرَكَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَوْف بن عبد الله قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم من الْمَدِينَة فَسمع منادياً يُنَادي للصَّلَاة فَقَالَ: الله أكبر الله أكبر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: على الْفطْرَة فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ: خلع الأنداد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رجل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا شَاءَ الله وشئت فَقَالَ: جَعَلتني لله ندا مَا شَاءَ الله وَحده وَأخرج ابْن سعد عَن قتيلة بنت صَيْفِي قَالَ جَاءَ حبر من الْأَحْبَار إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد نعم الْقَوْم أَنْتُم لَوْلَا أَنكُمْ تشركون قَالَ: وَكَيف قَالَ: يَقُول أحدكُم: لَا والكعبة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه قد قَالَ فَمن حلف فليحلف بِرَبّ الْكَعْبَة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد نعم الْقَوْم أَنْتُم لَوْلَا أَنكُمْ {وتجعلون لَهُ أندادا} قَالَ: وَكَيف ذَلِك قَالَ: يَقُول أحدكُم مَا شَاءَ الله وشئت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للحبر: إِنَّه قد قَالَ فَمن قَالَ مِنْكُم فَلْيقل مَا شَاءَ ثمَّ شِئْت وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن طفيل بن سَخْبَرَة أَنه رأ ى فِيمَا يرى النَّائِم كَأَنَّهُ مرّ برط من الْيَهُود فَقَالَ: أَنْتُم نعم الْقَوْم لَوْلَا أَنكُمْ تَزْعُمُونَ أَن عُزَيْرًا ابْن الله فَقَالُوا: وَأَنْتُم نعم الْقَوْم لَوْلَا أَنكُمْ تَقولُونَ مَا شَاءَ الله وَشاء مُحَمَّد ثمَّ مر برهط من النَّصَارَى فَقَالَ: أَنْتُم نعم الْقَوْم لَوْلَا أَنكُمْ تَقولُونَ الْمَسِيح ابْن الله قَالُوا: وَأَنْتُم نعم الْقَوْم لَوْلَا أَنكُمْ تَقولُونَ مَا شَاءَ الله وَشاء مُحَمَّد فَلَمَّا أصبح أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَطب فَقَالَ: إِن طفيلاً رأى رُؤْيا وَإِنَّكُمْ تَقولُونَ كلمة كَانَ يَمْنعنِي الْحيَاء مِنْكُم فَلَا تقولوها وَلَكِن قُولُوا: مَا شَاءَ الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة ابْن الْيَمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تَقولُوا مَا شَاءَ الله وَشاء فلَان قُولُوا: مَا شَاءَ الله ثمَّ شَاءَ فلَان وَأخرج ابْن جريج عَن قَتَادَة فِي قَوْله فَلَا تجْعَلُوا لله

أنداداً أَي عدلاء {وَأَنْتُم تعلمُونَ} قَالَ: إِن الله خَلقكُم وَخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَلَا تجْعَلُوا لله أنداداً} أَي عدلاء {وَأَنْتُم تعلمُونَ} قَالَ تعلمُونَ أَنه إِلَه وَاحِد فِي التَّوْرَاة والإِنجيل لَا ند لَهُ

23

قَوْله تَعَالَى: وَأَن كُنْتُم فِي ريب مِمَّا نزلنَا على عَبدنَا فَأتوا بِسُورَة من مثله وَادعوا شهداءكم من دون الله إِن كُنْتُم صَادِقين فَإِن لم تَفعلُوا وَلنْ تَفعلُوا فَاتَّقُوا النَّار الَّتِي وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة أعدت للْكَافِرِينَ وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من الْأَنْبِيَاء نَبِي إِلَّا أعطي مَا مثله آمن عَلَيْهِ الْبشر وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتهُ وَحيا أوحاه الله إليّ فأرجو أَن أكون أَكْثَرهم تَابعا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم فِي ريب} الْآيَة قَالَ: هَذَا قَول الله لمن شكّ من الْكفَّار فِي مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم فِي ريب} قَالَ: فِي شكّ {مِمَّا نزلنَا على عَبدنَا فَأتوا بِسُورَة من مثله} قَالَ: من مثل هَذَا الْقُرْآن حَقًا وصدقاً لَا بَاطِل فِيهِ وَلَا كذب وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جريروابن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَأتوا بِسُورَة من مثله} قَالَ: مثل الْقُرْآن {وَادعوا شهداءكم من دون الله} قَالَ: نَاس يشْهدُونَ لكم إِذا أتيتم بهَا أَنه مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَادعوا شهداءكم} قَالَ: أعوانكم على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ {فَإِن لم تَفعلُوا وَلنْ تَفعلُوا} فقد بَين لكم الْحق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جريج عَن قَتَادَة {فَإِن لم تَفعلُوا وَلنْ تَفعلُوا} يَقُول: لن تقدروا على ذَلِك وَلنْ تطيقوه أما قَوْله تَعَالَى: {فَاتَّقُوا النَّار} أخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا مر أحدكُم فِي الصَّلَاة بِذكر النَّار فلسيتعذ بِاللَّه من النَّار وَإِذا مر أحدكُم بِذكر الْجنَّة فليسأل الله الْجنَّة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي ليلى قَالَ صليت إِلَى جنب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمر بِآيَة فَقَالَ: أعوذ بِاللَّه من النَّار ويل لأهل النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على الْمِنْبَر يَقُول: أنذركم النَّار أنذركم النَّار حَتَّى سقط أحد عطفي رِدَائه على مَنْكِبَيْه وَأما قَوْله تَعَالَى {الَّتِي وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة} أخرج عبد بن حميد من طَرِيق طَلْحَة عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ كل شَيْء فِي الْقُرْآن {وقودها} بِرَفْع الْوَاو الأولى إِلَّا الَّتِي فِي وَالسَّمَاء ذَات البروج (النَّار ذَات الْوقُود) (البروج الْآيَة 5) بِنصب الْوَاو وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وهناد بن السّري فِي كتاب الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الْحِجَارَة الَّتِي ذكرهَا الله فِي الْقُرْآن فِي قَوْله {وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة} حِجَارَة من كبريت خلقهَا الله عِنْده كَيفَ شَاءَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: هِيَ حِجَارَة فِي النَّار من كبريت أسود يُعَذبُونَ بِهِ مَعَ النَّار وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: هِيَ حِجَارَة من كبريت خلقهَا الله يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي السَّمَاء الدُّنْيَا فأعدها للْكَافِرِينَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس قَالَ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة} فَقَالَ: أوقد عَلَيْهَا ألف عَام حَتَّى احْمَرَّتْ وَألف عَام حَتَّى ابْيَضَّتْ وَألف عَام حَتَّى اسودت فَهِيَ سَوْدَاء مظْلمَة لَا يطفأ لهبها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوقدت النَّار ألف سنة حَتَّى احْمَرَّتْ ثمَّ أوقد عَلَيْهَا ألف سنة حَتَّى ابْيَضَّتْ ثمَّ أوقد عَلَيْهَا ألف سنة حَتَّى اسودت فَهِيَ سَوْدَاء مظْلمَة وَأخرج أَحْمد وَمَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نَار بني آدم الَّتِي توقدون جُزْء من سبعين جُزْء من نَار جَهَنَّم

فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِن كَانَت لكَافِيَة قَالَ: فَإِنَّهَا فضلت عَلَيْهَا بِتِسْعَة وَسِتِّينَ جُزْءا كُلهنَّ مثل حرهَا وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أترونها حَمْرَاء مثل نَاركُمْ هَذِه الَّتِي توقدون إِنَّهَا لأشد سواداً من القار وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نَاركُمْ هَذِه جُزْء من سبعين جُزْءا من نَار جَهَنَّم لكل جُزْء مِنْهَا حرهَا وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن نَاركُمْ هَذِه جُزْء من سبعين جُزْءا من نَار جَهَنَّم لَوْلَا أَنَّهَا أطفئت بِالْمَاءِ مرَّتَيْنِ مَا انتفعتم مِنْهَا بِشَيْء وَإِنَّهَا لتدعو الله أَن لَا يُعِيدهَا فِيهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن نَاركُمْ هَذِه جُزْء من سبعين جُزْءا من تِلْكَ النَّار وَلَوْلَا أَنَّهَا ضربت فِي الْبَحْر مرَّتَيْنِ مَا امنتفعتم مِنْهَا بِشَيْء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن نَاركُمْ هَذِه جُزْء من سبعين جُزْءا من نَار جَهَنَّم ضربت بِمَاء الْبَحْر مرَّتَيْنِ وَلَوْلَا ذَلِك مَا جعل الله فِيهَا مَنْفَعَة لأحد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: إِن نَاركُمْ هَذِه تعوّذ من نَار جَهَنَّم وَأما قَوْله تَعَالَى: {أعدت للْكَافِرِينَ} أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أعدت للْكَافِرِينَ} قَالَ: أَي لمن كَانَ على مثل مَا أَنْتُم عَلَيْهِ من الْكفْر

25

قَوْله تَعَالَى: وَبشر الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أَن لَهُم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار كلما رزقوا مِنْهَا من ثَمَرَة رزقا قَالُوا هَذَا الَّذِي رزقنا من قبل وأتوابه متشابها وَلَهُم فِيهَا أَزوَاج مطهرة وهم فِيهَا خَالدُونَ أخرج ابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة ة الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن أبي دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الْبَعْث وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن اسامة ابْن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا هَل مشمر للجنة فَإِن للجنة لَا خطر لَهَا هِيَ وَرب الْكَعْبَة نور يتلألأ وَرَيْحَانَة تزهر وَقصر مشيد ونهر مطرد وَثَمَرَة نضيجة

وَزَوْجَة حسناء جميلَة وحلل كَثِيرَة ومقام فِي أَبَد فِي فَاكِهَة دَار سليمَة وَفَاكِهَة خضرَة وخيرة ونعمة فِي محلّة عالية بهية قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله قَالَ: قُولُوا إِن شَاءَ الله قَالَ الْقَوْم: إِن شَاءَ الله وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله حَدثنَا عَن الْجنَّة مَا بناؤها قَالَ لبنة من ذهب ولبنة من فضَّة وحصاؤها الؤلؤ والياقوت وملاطها الْمسك وترابها الزَّعْفَرَان من يدخلهَا ينعم لَا ييأس ويخلد لَا يَمُوت لَا تبلى ثِيَابه وَلَا يفنى شبابه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجنَّة كَيفَ هِيَ قَالَ من يدْخل الْجنَّة يحيا لَا يَمُوت وينعم لَا ييأس لَا تبلى ثِيَابه وَلَا يفنى شبابه قيل يَا رَسُول الله كَيفَ بناؤها قَالَ: لبنة من ذهب ولبنة من فضَّة وملاطها مسك أذفر وحصاؤها اللُّؤْلُؤ والياقوت وترابها الزَّعْفَرَان أخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن حَائِط الْجنَّة لبنة من ذهب ولبنة من فضَّة ومجامرهم الالوّة وأمشاطهم الذَّهَب ترابها زعفران وطيبها مسك وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: حَائِط الْجنَّة لبنة من ذهب ولبنة من فضَّة ودرمها اللُّؤْلُؤ والياقوت ورضاضها اللُّؤْلُؤ وترابها الزَّعْفَرَان وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَرض الْجنَّة بَيْضَاء عرصتها صخور الكافور وَقد أحَاط بِهِ الْمسك مثل كُثْبَان الرمل فِيهَا أَنهَار مطردَة فيجتمع أهل الْجنَّة أَوَّلهمْ وَآخرهمْ يَتَعَارَفُونَ فيبعث الله عَلَيْهِم ريح الرَّحْمَة فتهيج عَلَيْهِم الْمسك فَيرجع الرجل إِلَى زوجه وَقد ازْدَادَ حسنا وطيباً فَتَقول: لقد خرجت من عِنْدِي وَأَنا بك معجبة وَأَنا بك الْآن أَشد إعجاباً وَأخرج أَبُو نعيم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أَرض الْجنَّة فضَّة وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله أحَاط حَائِط الْجنَّة لبنة من ذهب ولبنة من

فضَّة ثمَّ شقق فِيهَا الْأَنْهَار وغرس فِيهَا الْأَشْجَار فَلَمَّا نظرت الْمَلَائِكَة إِلَى حسنها وزهرتها قَالَت: طوباك منَازِل الْمُلُوك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَهُ ابْن صائد عَن تربة الْجنَّة فَقَالَ درمكة بَيْضَاء مسك خَالص وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي زميل أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس مَا أَرض الْجنَّة قَالَ: مرمرة بَيْضَاء من فضَّة كَأَنَّهَا مرْآة قَالَ: مَا نورها قَالَ: مَا رَأَيْت السَّاعَة الَّتِي يكون فِيهَا طُلُوع الشَّمْس فَذَلِك نورها إِلَّا أَنه لَيْسَ فِيهَا شمس وَلَا زمهرير قَالَ: فَمَا أنهارها أَفِي أخدُود قَالَ: لَا وَلكنهَا نقيض على وَجه الأَرْض لاتفيض هَهُنَا وَلَا هَهُنَا قَالَ: فَمن حللها قَالَ: فِيهَا الشّجر الثَّمر كَأَنَّهُ الرُّمَّان فَإِذا أَرَادَ ولي الله مِنْهَا كسْوَة انحدرت إِلَيْهِ من أَغْصَانهَا فانفلقت لَهُ من سبعين حلَّة ألواناً بعد ألوان ثمَّ لتطبق فترجع كَمَا كَانَت وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلق الله جنَّة عدن بِيَدِهِ وذلل فِيهَا ثمارها وشق فِيهَا أنهارها ثمَّ نظر إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا تكلمي فَقَالَت (قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 1) فَقَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يجاورني فِيك بخيل وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله خلق جنَّة عدن بَيْضَاء وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَوضِع سَوط فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الله لَقَاب قَوس أحدكُم فِي الْجنَّة خير مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس أَو تغرب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري فِي الزّهْد وَابْن ماجة عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الشبر فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن سعد بن أبي وَقاص عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن مَا يقل ظفر مِمَّا فِي الْجنَّة بدا لتزخرفت لَهُ مابين خوافق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلَو أَن رجلا من أهل الْجنَّة اطلع فَبَدَا أساوره لطمس ضوء الشَّمْس كَمَا تطمس الشَّمْس ضوء النُّجُوم

وَأخرج البُخَارِيّ عَن أنس قَالَ: أُصِيب حَارِثَة يَوْم بدر فَجَاءَت أمه فَقَالَت: يَا رَسُول الله قد علمت منزلَة حَارِثَة مني فَإِن يكن فِي الْجنَّة صبرت وَإِن يكن غير ذَلِك ترى مَا أصنع فَقَالَ إِنَّهَا لَيست بجنة وَاحِدَة إِنَّهَا جنان كَثِيرَة وَإنَّهُ فِي الفردوس الْأَعْلَى وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَافَ ادَّلَجَ وَمن أدْلج بلغ الْمنزل أَلا إِن سلْعَة الله غَالِيَة وَأخرج الْحَاكِم عَن أُبيّ كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَافَ ادَّلَجَ وَمن أدْلج بلغ الْمنزل أَلا إِن سلْعَة الله غَالِيَة أَلا إِن سلْعَة الله الْجنَّة جَاءَت الراجفة تتبعها الرادفة جَاءَ الْمَوْت بِمَا فِيهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: وَالَّذِي أنزل الْكتاب على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أهل الْجنَّة ليزدادون حسنا وجمالاً كَمَا يزدادون فِي الدُّنْيَا قباحة وهرماً أما قَوْله تَعَالَى: {تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهَار الْجنَّة تفجر من تَحت جبال مسك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي التَّفْسِير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث وصحه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن أَنهَار الْجنَّة تفجر من جبل مسك وَأخرج أَحْمد مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أَنهَار الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن فِي الْجنَّة نَهرا يُقَال لَهُ البيدخ عَلَيْهِ قباب من ياقوت تَحْتَهُ جوَار نابتات يَقُول: أهل الْجنَّة انْطَلقُوا بِنَا إِلَى البيدخ فيجيئون فيتصفحون تِلْكَ الْجَوَارِي فَإِذا أعجب رجل مِنْهُم بِجَارِيَة مس معصمها فتبعته وتنبت مَكَانهَا آخرى وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والضياء الْمَقْدِسِي فِي صفة الْجنَّة وَصَححهُ عَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعجبه

الرُّؤْيَا الْحَسَنَة فَجَاءَت إمراءة فَقَالَت: يَا رَسُول الله رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي أخرجت فأدخلت الْجنَّة فَسمِعت وجبة التجّت لَهَا الْجنَّة فَإِذا أَنا بفلان وَفُلَان حَتَّى عدت اثْنَي عشر رجلا وَقد بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة قبل ذَلِك فجيء بهم عَلَيْهِم ثِيَاب طلس تشخب أوداجهم فَقيل: اذْهَبُوا بهم إِلَى نهر البيدخ فغمسوا فِيهِ فَخَرجُوا وحوهم كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر وَأتوا بكراسي من ذهب فقعدوا عَلَيْهَا وَجِيء بصحفة من ذهب فِيهَا بسرة فَأَكَلُوا من بسره مَا شاؤا فَمَا يقبلونها لوجهة إِلَّا أكلُوا من فَاكِهَة مَا شاؤا فجَاء البشير فَقَالَ: يَا رَسُول الله كَانَ كَذَا وَكَذَا وَأُصِيب فلَان وَفُلَان حَتَّى عدَّ اثْنَي عشر رجلا فَقَالَ: عليّ بِالْمَرْأَةِ فَجَاءَت فَقَالَ: قصي رُؤْيَاك على هَذَا فَقَالَ الرجل: هُوَ كَمَا قَالَت أُصِيب فلَان وَفُلَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن فِي الْجنَّة نَهرا طول الْجنَّة حافتاه العذارى قيام متقابلات يغنين بِأَحْسَن أصوات يسْمعهَا الْخَلَائق حَتَّى مَا يرَوْنَ أَن فِي الْجنَّة لَذَّة مثلهَا قُلْنَا: يَا أَبَا هُرَيْرَة وَمَا ذَاك الْغناء قَالَ: إِن شَاءَ الله التَّسْبِيح والتحميد وَالتَّقْدِيس وثناء على الرب وَأخرج أَحْمد بن حَنْبَل فِي الزّهْد وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي المديح عَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان قَالَ: إِن فِي الْجنَّة نَهرا ينْبت الْحوَاري الابكار وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أنس مَرْفُوعا فِي الْجنَّة نهر يُقَال لَهُ الريان عَلَيْهِ مَدِينَة من مرجان لَهَا سَبْعُونَ ألف بَاب من ذهب وَفِضة لحامل الْقُرْآن وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن مَسْرُوق قَالَ: أَنهَار الْجنَّة تجْرِي فِي غير أخدُود ونخل الْجنَّة نضيد من أَصْلهَا إِلَى فرعها وَثَمَرهَا أَمْثَال القلال كلّما نزعت ثَمَرَة عَادَتْ مَكَانهَا أُخْرَى والعنقود إثنا عشر ذِرَاعا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم والضياء الْمَقْدِسِي كِلَاهُمَا فِي صفة الْجنَّة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَعَلَّكُمْ تظنون أَن أَنهَار الْجنَّة أخدُود فِي الأَرْض لَا وَالله أَنَّهَا لسائحة على وَجه الأَرْض افتاه خيام اللُّؤْلُؤ وطينها الْمسك الأذفر قلت: يَا رَسُول الله مَا الأذفر قَالَ: الَّذِي لَا خلط مَعَه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن مرْدَوَيْه والضياء عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أَنهَار الْجنَّة تشخب من جنَّة عدن فِي حوبة ثمَّ تصدع بعد أَنهَارًا

وَأما قَوْله تَعَالَى {كلما رزقوا مِنْهَا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {كلما رزقوا مِنْهَا من ثَمَرَة رزقا} قَالَ: أَتَوا بالثمرة فِي الْجنَّة فينظروا إِلَيْهَا فَقَالُوا {هَذَا الَّذِي رزقنا من قبل} فِي الدُّنْيَا وَأتوا بِهِ متشابهاً اللَّوْن والمرأى وَلَيْسَ يشبه الطّعْم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ بن زيد {كلما رزقوا مِنْهَا من ثَمَرَة رزقا قَالُوا هَذَا الَّذِي رزقنا من قبل} يَعْنِي بِهِ مَا رزقوا بِهِ من فَاكِهَة الدُّنْيَا قبل الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هَذَا الَّذِي رزقنا من قبل} أَي فِي الدُّنْيَا {وَأتوا بِهِ متشابهاً} قَالَ: يشبه ثمار الدُّنْيَا غير أَن ثَمَر الْجنَّة أطيب وَأخرج مُسَدّد وهناد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْجنَّة شيءإلا الْأَسْمَاء وَأخرج الديلمي عَن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: فِي طَعَام الْعرس مِثْقَال من ريح الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {هَذَا الَّذِي رزقنا من قبل} قَالَ: قَوْلهم من قبل مَعْنَاهُ مثل الَّذِي كَانَ بالْأَمْس وَأخرج ابْن جرير عَن يحيى بن كثير قَالَ: يُؤْتى أحدهم بالصحفة فيأكل مِنْهَا ثمَّ يُؤْتى بِأُخْرَى فَيَقُول: هَذَا الَّذِي أَتَيْنَا بِهِ من قبل فَيَقُول الْملك: كل اللَّوْن وَاحِد والطعم مُخْتَلف وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَأتوا بِهِ متشابهاً} قَالَ: متشابهاً فِي اللَّوْن مُخْتَلفا فِي الطّعْم مثل الْخِيَار من القثاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَأتوا بِهِ متشابهاً} قَالَ: خياراً كُله لَا رذل فِيهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وَأتوا بِهِ متشابهاً} قَالَ: خِيَار كُله يشبه بعضه بَعْضًا لَا رذل فِيهِ ألم تَرَ إِلَى ثمار الدُّنْيَا كَيفَ ترذلون بعضه

وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ثَوْبَان أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لاينزع رجل من أهل الْجنَّة من ثَمَرَة إِلَّا أُعِيد فِي مَكَانهَا مِثْلَاهَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه من طَرِيق ابْن حَيْوَة عَن خَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة ابْن أبي سُفْيَان قَالَ: بَينا أَسِير فِي أَرض الجزيرة إِذْ مَرَرْت برهبان وقسيسين واساقفة فَسلمت فَردُّوا السَّلَام فَقلت: أَيْن تُرِيدُونَ فَقَالُوا: نُرِيد رَاهِبًا فِي هَذَا الدَّيْر نأتيه فِي كل عَام فيخبرنا بِمَا يكون فِي ذَلِك الْعَام لمثله من قَابل فَقلت: لَآتِيَن هَذَا الراهب فلأنظرن مَا عِنْده - وَكنت معنياً بالكتب - فَأَتَيْته وهوعلى بَاب ديره فَسلمت فَرد السَّلَام ثمَّ قَالَ: مِمَّن أَنْت فَقلت: من الْمُسلمين قَالَ: أَمن أمة مُحَمَّد فَقلت: نعم فَقَالَ: من عُلَمَائهمْ أَنْت أم من جهالهم قلت: مَا أَنا من عُلَمَائهمْ وَلَا من جهالهم قَالَ: فانكم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ تدخلون الْجنَّة فتأكلون من طعامها وتشربون من شرابها وَلَا تبولوا وَلَا تتغوطون قلت: نَحن نقُول ذَلِك وَهُوَ كَذَلِك قَالَ: فَإِن لَهُ مثلا فِي الدُّنْيَا فَأَخْبرنِي ماهو قلت: مثله كَمثل الْجَنِين فِي بطن أمه أَنه يَأْتِيهِ رزق الله وَلَا يَبُول وَلَا يتغوّط قَالَ: فتربد وَجهه ثمَّ قَالَ لي: أما أَخْبَرتنِي أَنَّك لست من عُلَمَائهمْ قلت: مَا كذبتك قَالَ: فانكم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ تدخلون الْجنَّة فتأكلون من طعامها وتشربون من شرابها وَلَا ينقص ذَلِك مِنْهَا شَيْئا قلت: نَحن نقُول ذَلِك وَهُوَ كَذَلِك قَالَ: فَإِن لَهُ مثلا فِي الدُّنْيَا فَأَخْبرنِي مَا هُوَ قلت: مثله فِي الدُّنْيَا كَمثل الْحِكْمَة لَو تعلم مِنْهَا الْخلق أَجْمَعُونَ لم ينقص ذَلِك مِنْهَا شَيْئا فتربد وَجهه ثمَّ قَالَ: أما أَخْبَرتنِي أَنَّك لست من عُلَمَائهمْ قلت: وَمَا كذبتك مَا أَنا من عُلَمَائهمْ وَلَا من جهالهم وَأخرج الْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَصَححهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَلَهُم فِيهَا أَزوَاج مطهرة} قَالَ: من الْحيض وَالْغَائِط والنخامة والبزاق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَهُم فِيهَا أَزوَاج مطهرة} قَالَ: من القذر والأذى وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَلَهُم فِيهَا أَزوَاج مطهرة} قَالَ: لَا يحضن وَلَا يحدثن وَلَا يتنخمن

وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وهناد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَهُم فِيهَا أَزوَاج مطهرة} قَالَ: من الْحيض وَالْغَائِط وَالْبَوْل والمخاط والنخامة والبزاق والمني وَالْولد وَأخرج وَكِيع وهناد عَن عَطاء فِي قَوْله {وَلَهُم فِيهَا أَزوَاج مطهرة} قَالَ: لَا يحضن ولايمنين ولايلدن ولايتغوطن ولايبلن ولايبزقن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَهُم فِيهَا أَزوَاج مطهرة} قَالَ: طهرهن الله من كل بَوْل وغائط وقذر ومآثم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول زمرة تلج الْجنَّة صورتهم على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر لايبصقون فِيهَا ولايتمخطون ولايتغوطون آنيتهم وأمشاطهم من الذَّهَب وَالْفِضَّة ومجامرهم من الألوّة ورضخهم الْمسك وَلكُل وَاحِد مُهِمّ زوجتان يرى مخ سَاقهَا من وَرَاء اللَّحْم من الْحسن لااختلاف بَينهم وَلَا تباغض قُلُوبهم على قلب رجل وَاحِد يسبحون الله بكرَة وعشيا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول زمرة تدخل الْجنَّة وُجُوههم كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر والزمرة الثَّانِيَة أحسن كَوْكَب دري فِي السَّمَاء لكل إمرىء زوجتان على كل زَوْجَة سَبْعُونَ حلَّة يرى مخ ساقهن من وَرَاء الْحلَل وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة الَّذِي لَهُ ثَمَانُون ألف خَادِم وإثنتان وَسَبْعُونَ زَوْجَة ومنصب لَهُ قبَّة من لُؤْلُؤ وَيَاقُوت وَزَبَرْجَد كَمَا بَين الْجَابِيَة وَصَنْعَاء وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم والبيقهي فِي النَّعْت عَن أبي هُرَيْرَة أَنهم تَذَاكَرُوا الرِّجَال أَكثر فِي الْجنَّة أم النِّسَاء فَقَالَ: ألم يقل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا فِي الْجنَّة أحد إِلَّا لَهُ زوجتان إِنَّه ليرى مخ ساقهما من وَرَاء سبعين حلَّة مَا فِيهَا عزب وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْبَزَّار عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يزوّج العَبْد فِي الْجنَّة سبعين زَوْجَة فَقيل: يارسول الله يطيقها قَالَ: يعْطى قوّة مائَة

وَأخرج ابْن السكن فِي الْمعرفَة وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن حَاطِب بن أبي بلتعة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يزوّج الْمُؤمن فِي الْجنَّة اثْنَتَيْنِ وَسبعين زَوْجَة من نسَاء الْآخِرَة واثنتين من نسَاء الدُّنْيَا وَأخرج ابْن ماجة وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من أحد يدْخلهُ الله الْجنَّة إِلَّا زوّجه اثْنَتَيْنِ وَسبعين زَوْجَة اثْنَتَيْنِ من الْحور الْعين وَسبعين من مِيرَاثه من أهل الْجنَّة مَا مِنْهُنَّ وَاحِدَة إِلَّا وَلها قبل شهي وَله ذكر لَا ينثني وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة من لَهُ سبع دَرَجَات وَهُوَ على السَّادِسَة وفوقه السَّابِعَة وَإِن لَهُ لثلثمائة خَادِم وَيغدى عَلَيْهِ كل يَوْم وَيرَاح بثلثمائة صَحْفَة من ذهب فِي كل صَحْفَة لون لَيْسَ فِي الْأُخْرَى وَأَنه ليلذ أوّله كَمَا يلذ آخِره وانه ليقول: يَا رب لَو أَذِنت لي لأطعمت أهل الْجنَّة وسقيتهم لم ينقص مِمَّا عِنْدِي شَيْء وَأَن لَهُ من الْحور الْعين لإِثنتين وَسبعين زَوْجَة وَأَن الْوَاحِدَة مِنْهُنَّ لتأْخذ مقعدتها قدر ميل من الأَرْض وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي عبد الله بن أبي أوفى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يزوّج كل رجل من أهل الْجنَّة بأَرْبعَة آلَاف بكر وَثَمَانِية آلَاف أيم وَمِائَة حوراء فيجتمعن فِي كل سَبْعَة أَيَّام فيقلن بِأَصْوَات حسان لم يسمع الْخَلَائق بمثلهن: نَحن الخالدات فَلَا نبيد وَنحن الناعمات فلانبأس وَنحن الراضيات فَلَا نسخط وَنحن المقيمات فَلَا نظعن طُوبَى لمن كَانَ لنا وَكُنَّا لَهُ وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: غدْوَة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَاب قَوس أحدكُم فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَو أَن امْرَأَة من نسَاء أهل الْجنَّة اطَّلَعت إِلَى الأَرْض لَأَضَاءَتْ مَا بَينهمَا ولملأت مَا بَينهمَا ريحًا وَلنَصِيفهَا على رَأسهَا - يَعْنِي الْخمار - خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة عَن ابْن عَبَّاس لَو أَن امْرَأَة من نسَاء أهل الْجنَّة بصقت فِي سَبْعَة أبحر كَانَت تِلْكَ الأبحر أحلى من الْعَسَل وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عمر بن الْخطاب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَو اطَّلَعت امْرَأَة من نسَاء أهل الْجنَّة إِلَى الأَرْض لملأت الأَرْض ريح مسك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري عَن كَعْب قَالَ: لَو أَن امْرَأَة من أهل

الْجنَّة أطلعت كفها لأضاء مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وهناد بن السّري فِي الزّهْد وَالنَّسَائِيّ وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم قَالَ: جَاءَ رجل من أهل الْكتاب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا أَبَا الْقَاسِم تزْعم أَن أهل الْجنَّة يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الرجل ليؤتى قوّة مائَة رجل مِنْكُم فِي الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع والشهوة قَالَ: فَإِن الَّذِي يَأْكُل وَيشْرب يكون لَهُ الْحَاجة وَالْجنَّة طَاهِرَة لَيْسَ فِيهَا قذر وَلَا أَذَى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حَاجتهم عرق يفِيض مثل ريح مسك فَإِذا كَانَ ذَلِك ضمر لَهُ بَطْنه وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي أُمَامَة أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل تتناكح أهل الْجنَّة فَقَالَ: دحاماً دحاماً لَا مني وَلَا منية وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ والخطيب والبغدادي فِي تَارِيخه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قيل يَا رَسُول الله هَل نصل إِلَى نسائنا فِي الْجنَّة فَقَالَ: إِن الرجل ليصل فِي الْيَوْم إِلَى مائَة عذراء وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قيل يَا رَسُول الله أنفضي إِلَى نسائنا فِي الْجنَّة كَمَا نفضي إلَيْهِنَّ فِي الدُّنْيَا قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِن الرجل ليفضي فِي الْغَدَاة الْوَاحِدَة إِلَى مائَة عذراء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تتناك أهل الْجنَّة فَقَالَ: نعم بفرج لَا يمل وَذكر لَا ينثني وشهوة لَا تَنْقَطِع دحماً دحماً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل تمس أهل الْجنَّة أَزوَاجهم قَالَ: نعم بِذكر لَا يمل وَفرج لَا يحفى وشهوة لَا تَنْقَطِع وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة وَابْن أبي حَاتِم عَن سليم بن عَامر والهيثم الطَّائِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْبضْع فِي الْجنَّة قَالَ: نعم بقبل شهي وَذكر لَا يمل وَأَن الرجل ليتكىء فِيهَا المتكأ مِقْدَار أَرْبَعِينَ سنة لَا يتحوّل عَنهُ وَلَا يمله يَأْتِيهِ فِيهِ مَا اشتهت نَفسه ولذت عينه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن خَارجه العذري قَالَ: سَمِعت رجلا بتبوك قَالَ يَا رَسُول الله أيباضع أهل الْجنَّة قَالَ: يُعْطي الرجل مِنْهُم من القوّة فِي الْيَوْم الْوَاحِد أفضل من سبعين مِنْكُم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن أَرقم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْبَوْل والجنابة عرق يسيل من تَحت ذوائبهم إِلَى أَقْدَامهم مسك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: لَيْسَ فِي الْجنَّة مني وَلَا منية إِنَّمَا يدحمونهن دحماً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن طَاوس قَالَ: أهل الْجنَّة ينْكحُونَ النِّسَاء وَلَا يلدن لَيْسَ فِيهَا مني وَلَا منية وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي مثله وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وهناد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: فِي الْجنَّة جماع مَا شِئْت وَلَا ولد قَالَ: فيلتفت فَينْظر النظرة فتنشأ لَهُ الشَّهْوَة ثمَّ ينظر النظرة فتنشأ لَهُ شَهْوَة أُخْرَى وَأخرج الضياء الْمَقْدِسِي فِي صفة الْجنَّة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ انطأ فِي الْجنَّة قَالَ: نعم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ دحماً دحماً فَإِذا قَامَ عَنْهَا رجعت مطهرة بكرا وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل الْجنَّة إِذا جامعوا نِسَاءَهُمْ عَادوا ابكاراً وَأخرج عبد بن حميد وَأحمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله ابْن عَمْرو قَالَ: إِن الْمُؤمن كلما أَرَادَ زوجتة وجدهَا بكرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: طول الرجل من أهل الْجنَّة تسعون ميلًا وَطول الْمَرْأَة ثَلَاثُونَ ميلًا ومقعدتها جريب وَأَن شَهْوَته لتجري فِي جَسدهَا سبعين عَاما تَجِد اللَّذَّة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث عَن معَاذ ابْن جبل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تؤذي امْرَأَة زَوجهَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا قَالَت زَوجته من الْحور الْعين: قَاتلك الله فَإِنَّمَا هُوَ عنْدك دخيل يُوشك أَن يفارقك إِلَيْنَا أما قَوْله تَعَالَى: {وهم فِيهَا خَالدُونَ}

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وهم فِيهَا خَالدُونَ} أَي خَالدُونَ أبدا يُخْبِرهُمْ أَن الثَّوَاب بِالْخَيرِ وَالشَّر مُقيم على أَهله لَا انْقِطَاع لَهُ وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وهم فِيهَا خَالدُونَ} يَعْنِي لَا يموتون وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل وهم فِيهَا خَالدُونَ قَالَ: مَاكِثُونَ لَا يخرجُون مِنْهَا أبدا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عدي بن زيد: فَهَل من خَالِد إِمَّا هلكنا وَهل بِالْمَوْتِ يَا للنَّاس عَار وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يدْخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار ثمَّ يَقُول مُؤذن بَينهم: يَا أهل النَّار لَا موت وَيَا أهل الْجنَّة لَا موت كل خَالِد فِيمَا هُوَ فِيهِ وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لأهل الْجنَّة خُلُود وَلَا موت وَلأَهل النَّار خُلُود وَلَا موت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُؤْتى بِالْمَوْتِ فِي هَيْئَة كَبْش أَمْلَح فَيُوقف على الصِّرَاط فَيُقَال: يَا أهل الْجنَّة فيطلعون خَائِفين وجلين مَخَافَة أَن يخرجُوا مِمَّا هم فِيهِ فَيُقَال: تعرفُون هَذَا فَيَقُولُونَ: نعم هَذَا الْمَوْت فَيُقَال: يَا أهل النَّار فيطلعون مستبشرين فرحين أَن يخرجُوا مِمَّا هم فِيهِ فَيُقَال: أتعرفون هَذَا فَيَقُولُونَ: نعم هَذَا الْمَوْت فَيُؤْمَر بِهِ فَيذْبَح على الصِّرَاط فَيُقَال لِلْفَرِيقَيْنِ: خُلُود فِيمَا تَجِدُونَ لَا موت فِيهَا أبدا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن جبل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه إِلَى الْيمن فَلَمَّا قدم عَلَيْهِم قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي رَسُول رَسُول الله إِلَيْكُم إِن المردّ إِلَى الله إِلَى جنَّة أَو نَار خُلُود بِلَا موت وَإِقَامَة بِلَا ظعن وأجساد لَا تَمُوت وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو قيل لأهل النَّار مَاكِثُونَ فِي النَّار عدد كل حَصَاة فِي الدُّنْيَا لفرحوا بهَا وَلَو قيل لأهل الْجنَّة إِنَّكُم مَاكِثُونَ عدد كل حَصَاة لحزنوا وَلَكِن جعل لَهُم الْأَبَد

26

قَوْله تَعَالَى: إِن الله لَا يستحي أَن يضْرب مثلا مَا بعوضة فَمَا فَوْقهَا فَأَما الَّذين آمنُوا فيعرفون أَنه الْحق من رَبهم وَأما الَّذين كفرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ الله بِهَذَا مثلا يضل بِهِ من كثيرا وَيهْدِي بِهِ كثيرا وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين الَّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل ويفسدون فِي الأَرْض أُولَئِكَ هم الخاسرون أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة قَالُوا: لما ضرب الله هذَيْن المثلين لِلْمُنَافِقين قَوْله {كَمثل الَّذِي استوقد نَارا} وَقَوله {أَو كصيب من السَّمَاء} قَالَ المُنَافِقُونَ: الله أَعلَى وَأجل من أَن يضْرب هَذِه الْأَمْثَال فَأنْزل الله {إِن الله لَا يستحيي أَن يضْرب مثلا} إِلَى قَوْله {أُولَئِكَ هم الخاسرون} وَأخرج عبد الْغَنِيّ الثَّقَفِيّ فِي تَفْسِيره والواحدي عَن الن عَبَّاس قَالَ: إِن الله ذكر آلِهَة الْمُشْركين فَقَالَ (وَإِن يسلبهم الذُّبَاب شَيْئا) وَذكر كيد الْآلهَة كبيت العنكبوت فَقَالُوا: أَرَأَيْت حَيْثُ ذكر الله الذُّبَاب وَالْعَنْكَبُوت فِيمَا أنزل من الْقُرْآن على مُحَمَّد أَي شَيْء كَانَ يصنع بِهَذَا فَأنْزل الله {إِن الله لَا يستحيي أَن يضْرب مثلا} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: لما ذكر الله العنكبوت والذباب قَالَ الْمُشْركُونَ: مَا بَال العتكبوت والذباب يذكران فَأنْزل الله {إِن الله لَا يستحيي أَن يضْرب مثلا مَا بعوضة فَمَا فَوْقهَا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: لما أنزلت (يَا أَيهَا النَّاس ضرب مثل) قَالَ الْمُشْركُونَ: مَا هَذَا من الْأَمْثَال فَيضْرب أَو مَا يشبه هَذَا الْأَمْثَال فَأنْزل الله {إِن الله لَا يستحيي أَن يضْرب مثلا مَا بعوضة فَمَا فَوْقهَا} لم يرد الْبَعُوضَة إِنَّمَا أَرَادَ الْمثل وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: الْبَعُوضَة أَضْعَف مَا خلق الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَيهَا النَّاس لَا تغتروا بِاللَّه فَإِن الله لَو كَانَ مغفلاً شَيْئا لأغفل الْبَعُوضَة والذرة والخردلة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {فَأَما الَّذين آمنُوا فيعلمون أَنه الْحق} قَالَ: يُؤمن بِهِ الْمُؤْمِنُونَ ويعلمون أَنه الْحق من رَبهم ويهديهم الله بِهِ ويعرفه الفاسون فيكفرون بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {يضل بِهِ كثيرا} يَعْنِي الْمُنَافِقين {وَيهْدِي بِهِ كثيرا} يَعْنِي الْمُؤمنِينَ {وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ وَفِي قَوْله {الَّذين ينقضون عهد الله} فأقروا بِهِ ثمَّ كفرُوا فنقضوه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين} يَقُول: يعرفهُ الْكَافِرُونَ فيكفرون بِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين} يَقُول: فسقوا فأضلم الله بفسقهم وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: الحرورية هم {الَّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه} قَالَ: إيَّاكُمْ وَنقض هَذَا الْمِيثَاق وَكَانَ يسميهم الْفَاسِقين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه} قَالَ: إيَّاكُمْ وَنقض هَذَا الْمِيثَاق فَإِن الله قد كره نقضه وأوعد فِيهِ وَقدم فِيهِ فِي آي من الْقُرْآن تقدمة ونصيحة وموعظة وَحجَّة مَا نعلم الله أوعد فِي ذَنْب مَا أوعد فِي نقض هَذَا الْمِيثَاق فَمن أعْطى عهد الله وميثاقه من ثَمَرَة قلبه فليوف بِهِ وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَلا لَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ وَلَا دين لمن لَا عهد لَهُ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت وَأبي أُمَامَة مثله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث ابْن عمر مثله وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حسن الْعَهْد من الإِيمان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ويقطعون مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل} قَالَ: الرَّحِم والقرابة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {ويفسدون فِي الأَرْض} قَالَ: يعْملُونَ فِيهَا بالمعصية وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مقَاتل فِي قَوْله تَعَالَى {أُولَئِكَ هم الخاسرون} يَقُول هم أهل النَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل شَيْء نسبه الله إِلَى غير أهل الإِسلام من اسْم مثل خاسر ومسرف وظالم وفاسق فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ الْكفْر وَمَا نسبه إِلَى أهل الإِسلام فَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ الذَّنب

28

قَوْله تَعَالَى: كَيفَ تكفرون بِاللَّه وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ ثمَّ إِلَيْهِ ترجعون أخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم ثمَّ يميتكم} قَالَ: لم تَكُونُوا شَيْئا فخلفكم {ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ} يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله {وكنتم أَمْوَاتًا} فِي أصلاب آبائكم لم تَكُونُوا شَيْئا حَتَّى خَلقكُم ثمَّ يميتكم موتَة الْحق ثمَّ يُحْيِيكُمْ حَيَاة الْحق حِين يبعثكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا أَمْوَاتًا فِي أصلاب آبَائِهِم فأحياهم الله فَأخْرجهُمْ ثمَّ أماتهم الموتة الَّتِي لابد مِنْهَا ثمَّ أحياهم للبعث يَوْم الْقِيَامَة فهما حياتان وموتتان وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن أبي صَالح فِي الْآيَة قَالَ {يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ} فِي الْقَبْر ثمَّ يميتكم

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: لم تَكُونُوا شَيْئا حَتَّى خَلقكُم ثمَّ يميتكم موتَة الْحق ثمَّ يُحْيِيكُمْ وَقَوله (رَبنَا أمتَّنا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ) مثلهَا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة يَقُول: لم يَكُونُوا شَيْئا ثمَّ أماتهم ثمَّ أحياهم ثمَّ يَوْم الْقِيَامَة يرجعُونَ إِلَيْهِ بعد الْحَيَاة

29

قَوْله تَعَالَى: هُوَ الَّذِي خلق لكم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فسواهن سبع سموات وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي خلق لكم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا} قَالَ: سخر لكم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا كَرَامَة من الله ونعمة لِابْنِ آدم مَتَاعا وبلغة وَمَنْفَعَة إِلَى أجل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي خلق لكم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا} قَالَ: سخر لكم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} قَالَ: خلق الله الأَرْض قبل السَّمَاء فَلَمَّا خلق الأَرْض ثار مِنْهَا دُخان فَذَلِك قَوْله {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فسواهن سبع سماوات} يَقُول: خلق سبع سموات بَعضهنَّ فَوق بعض وَسبع أَرضين بَعضهنَّ تَحت بعض وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة الْهَمدَانِي عَن ابْن مَسْعُود وَعَن نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خلق لكم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فسواهن سبع سماوات} قَالَ: إِن الله كَانَ عَرْشه على المَاء وَلم يخلق شَيْئا قبل المَاء فَلَمَّا أَرَادَ أَن يخلق أخرج من المَاء دخاناً فارتفع فَوق المَاء فسما سَمَاء ثمَّ أيبس المَاء فَجعله أَرضًا فتقها وَاحِدَة ثمَّ فتقها فَجَعلهَا سبع أَرضين فِي يَوْمَيْنِ فِي الْأَحَد والإِثنين فخلق الأَرْض على حوت وَهُوَ الَّذِي ذكره فِي قَوْله (ن والقلم) والحوت فِي المَاء وَالْمَاء على ظهر صفاة والصفاة على ظهر ملك وَالْملك على صَخْرَة والصخرة فِي الرّيح وَهِي الصَّخْرَة الَّتِي ذكرهَا لُقْمَان لَيست فِي السَّمَاء وَلَا فِي الأَرْض فَتحَرك الْحُوت فاضطرب

فتزلزلت الأَرْض فأرسى عَلَيْهَا الْجبَال فالجبال تَفْخَر على الأَرْض فَذَلِك قَوْله (وَجعل لَهَا رواسي أَن تميد بكم) وَخلق الْجبَال فِيهَا وأقوات أَهلهَا وشجرها وَمَا يَنْبَغِي لَهَا فِي يَوْمَيْنِ: فِي الثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَذَلِكَ قَوْله (إِنَّكُم لتكفرون بِالَّذِي خلق الأَرْض) إِلَى قَوْله (وَبَارك فِيهَا) يَقُول: أنبت شَجَرهَا وَقدر فِيهَا أقواتها يَقُول لأَهْلهَا (فِي أَرْبَعَة أَيَّام سَوَاء للسائلين) يَقُول: من سَأَلَ فَهَكَذَا الْأَمر {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِي دُخان} وَكَانَ ذَلِك الدُّخان من تنفس المَاء حِين تتنفس ثمَّ جعلهَا سَمَاء وَاحِدَة ثمَّ فتقها فَجَعلهَا سبع سموات فِي يَوْمَيْنِ: فِي الْخَمِيس وَالْجُمُعَة وَإِنَّمَا سمي يَوْم الْجُمُعَة لِأَنَّهُ جمع فِيهِ خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض (وَأوحى فِي كل سَمَاء أمرهَا) قَالَ: خلق فِي كل سَمَاء خلقهَا من الْمَلَائِكَة والخلق الَّذِي فِيهَا من الْبحار وجبال الْبرد وَمِمَّا لَا يعلم ثمَّ زين السَّمَاء بالكواكب فَجَعلهَا زِينَة وحفظاً من الشَّيَاطِين فَلَمَّا فرغ من خلق مَا أحب اسْتَوَى على الْعَرْش وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} يَعْنِي خلق سبع سموات قَالَ: أجْرى النَّار على المَاء فبخر الْبَحْر فَصَعدَ فِي الْهَوَاء فَجعل السَّمَوَات مِنْهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} قَالَ: ارْتَفع وَفِي قَوْله {فسوّاهن} قَالَ: سوى خَلقهنَّ وَأخرج عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: لما أَرَادَ الله أَن يخلق الْأَشْيَاء إِذا كَانَ عَرْشه على المَاء وَإِذ لَا أَرض وَلَا سَمَاء خلق الرّيح فسلطها على المَاء حَتَّى اضْطَرَبَتْ أمواجه وأثار ركامه فَأخْرج من المَاء دخاناً وطيناً وزبداً فَأمر الدُّخان فعلا وسمل ونما فخلق مِنْهُ السَّمَوَات وَخلق من الطين الْأَرْضين وَخلق من الزّبد الْجبَال وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي فَقَالَ: خلق الله التربة يَوْم السبت وَخلق الْجبَال يَوْم الْأَحَد وَخلق الشّجر يَوْم الإِثنين وَخلق الْمَكْرُوه يَوْم الثُّلَاثَاء وَخلق النُّور يَوْم الْأَرْبَعَاء وَبث فِيهَا الدَّوَابّ يَوْم الْخَمِيس وَخلق آدم يَوْم الْجُمُعَة بعد الْعَصْر وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَعُثْمَان بن

سعيد الدَّارمِيّ فِي الرَّد على الْجَهْمِية وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَطَر وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة وَأَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو أَحْمد وَالْحَاكِم فِي الكنى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هَل تَدْرُونَ كم بَين السَّمَاء وَالْأَرْض قُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: بَينهمَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَمن مسيرَة سَمَاء إِلَى سَمَاء مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وكثف كل سَمَاء خَمْسمِائَة سنة وَفَوق السَّمَاء السَّابِعَة بَحر بَين أَعْلَاهُ واسفله كَمَا بَين السَّمَاء وَأَرْض ثمَّ فَوق ذَلِك ثَمَانِيَة أوعال بَين وركهن وأظلافهن كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ فَوق ذَلِك الْعَرْش بَين أَسْفَله وَأَعلاهُ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى علمه فَوق ذَلِك وَلَيْسَ يخفى عَلَيْهِ من أَعمال بني آدم شَيْء وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فس مُسْنده وَالْبَزَّار وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض مسيرَة خَمْسمِائَة عَام كَذَلِك إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة والأرضون مثل ذَلِك وَمَا بَين السَّمَاء السَّابِعَة إِلَى الْعَرْش مثل جَمِيع ذَلِك وَلَو حفرتم لصاحبكم ثمَّ دليتموه لوجد الله ثمَّة يَعْنِي علمه وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فمرت سَحَابَة فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا هَذِه قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم فَقَالَ: هَذِه الغبابة هَذِه روايا الأَرْض يَسُوقهَا الله إِلَى بلد لَا يعبدونه وَلَا يشكرونه هَل تَدْرُونَ مَا فَوق ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن فَوق ذَلِك سَمَاء هَل تَدْرُونَ مَا فَوق ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن فَوق ذَلِك موجاً مكفوفاً وسقفاً مَحْفُوظًا هَل تدروت مَا فَوق ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن فَوق ذَلِك سَمَاء هَل تَدْرُونَ مَا فَوق ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن فَوق ذَلِك سَمَاء أُخْرَى هَل تَدْرُونَ كم مَا بَينهمَا قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن بَينهمَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام حَتَّى عد سبع سموات بَين كل سمائين مسيرَة خَمْسمِائَة عَام ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا فَوق ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن فَوق ذَلِك الْعَرْش فَهَل تَدْرُونَ كم بَينهمَا قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن بَين ذَلِك كَمَا بَين السمائين ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا هَذِه هَذِه أَرض هَل تَدْرُونَ ماتحتها

قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أَرض أُخْرَى وَبَينهمَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام حَتَّى عد سبع أَرضين بَين كل أَرضين مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَأخرج عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي الرَّد على الْجَهْمِية وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: بَين السَّمَاء وَالْأَرْض خَمْسمِائَة عَام وَمَا بَين كل سماءين خَمْسمِائَة عَام ومصير كل سَمَاء - يَعْنِي غلظ ذَلِك - مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَمَا بَين السَّمَاء إِلَى الْكُرْسِيّ مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَمَا بَين الْكُرْسِيّ وَالْمَاء مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَالْعرش على المَاء وَالله فَوق الْعَرْش وَهُوَ يعلم مَا أَنْتُم عَلَيْهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه نظر إِلَى السَّمَاء فَقَالَ: تبَارك الله مَا أَشد بياضها وَالثَّانيَِة أَشد بياضها مِنْهَا ثمَّ كَذَلِك حَتَّى بلغ سبع سموات وَخلق فَوق السَّابِعَة المَاء وَجعل فَوق المَاء الْعَرْش وَجعل فَوق السَّمَاء الدُّنْيَا الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم والرجوم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رجل: يَا رَسُول الله مَا هَذِه السَّمَاء قَالَ: هَذِه موج مكفوف عَنْكُم وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: السَّمَاء الدُّنْيَا موج مكفوف وَالثَّانيَِة مرمرة بَيْضَاء وَالثَّالِثَة حَدِيد وَالرَّابِعَة نُحَاس وَالْخَامِسَة فضَّة وَالسَّادِسَة ذهب وَالسَّابِعَة ياقوتة حَمْرَاء وَمَا فَوق ذَلِك صحارى من نور وَلَا يعلم مَا فَوق ذَلِك إِلَّا الله وَملك مُوكل بالحجب يُقَال لَهُ ميطاطروش وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: السَّمَاء الدُّنْيَا من زمردة خضراء وَاسْمهَا رقيعاء وَالثَّانيَِة من فضَّة بَيْضَاء وَاسْمهَا أزقلون وَالثَّالِثَة من ياقوتة حَمْرَاء وَاسْمهَا قيدوم وَالرَّابِعَة من درة بَيْضَاء وَاسْمهَا ماعونا وَالْخَامِسَة من ذهبة حَمْرَاء وَاسْمهَا ريقا وَالسَّادِسَة من ياقوتة صفراء وَاسْمهَا دقناء وَالسَّابِعَة من نور وَاسْمهَا عريبا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: اسْم السَّمَاء الدُّنْيَا رقيع وَاسم السَّابِعَة الصُّرَاخ وَأخرج عُثْمَان ابْن سعيد الدَّارمِيّ فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سيد السَّمَوَات السَّمَاء الَّتِي فِيهَا الْعَرْش وَسيد الْأَرْضين الأَرْض الَّتِي أَنْتُم عَلَيْهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: كتب ابْن عَبَّاس إِلَى أبي الْجلد يسْأَله عَن السَّمَاء من أَي شَيْء هِيَ فَكتب إِلَيْهِ: إِن السَّمَاء من موج مكفوف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حَبَّة الْعَوْفِيّ قَالَ: سَمِعت عليا ذَات يَوْم يحلف وَالَّذِي خلق السَّمَاء من دُخان وَمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب قَالَ: السَّمَاء أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: تَحت الْأَرْضين صَخْرَة بلغنَا أَن تِلْكَ الصَّخْرَة مِنْهَا خضرَة السَّمَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تَفَكَّرُوا فِي كل شَيْء وَلَا تَفَكَّرُوا فِي ذَات الله فَإِن بَين السَّمَاء السَّابِعَة إِلَى كرسيه سَبْعَة آلَاف نور وَهُوَ فَوق ذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فسواهن سبع سماوات} قَالَ: بَعضهنَّ فَوق بعض بَين كل سمائين مسيرَة خَمْسمِائَة عَام أما قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} أخرج ابْن الضريس عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن أعدل آيَة فِي الْقُرْآن آخرهَا اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى

30

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة قَالُوا أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك قَالَ إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآن {إِذْ} فقد كَانَ وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {إِنِّي جَاعل} قَالَ: فَاعل وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن {جُعِلَ} فَهُوَ خُلِقَ وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله أخرج آدم من الْجنَّة قبل أَن يخلقه ثمَّ قَرَأَ {إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة}

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لقد أخرج الله آدم من الْجنَّة قبل أَن يدخلهَا قَالَ الله {وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة قَالُوا أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء} وَقد كَانَ فِيهَا قبل أَن يخلق بألفي عَام الْجِنّ بَنو الجان ففسدوا فِي الأَرْض وسفكوا الدِّمَاء فَلَمَّا أفسدوا فِي الأَرْض بعث عَلَيْهِم جُنُودا من الْمَلَائِكَة فضربوهم حَتَّى ألحقوهم بجزائر البحور فَلَمَّا قَالَ الله {وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة قَالُوا أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء} كَمَا فعل أُولَئِكَ الجان فَقَالَ الله {إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ إِبْلِيس من حَيّ من أَحيَاء الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُم الْجِنّ خلقُوا من نَار السمُوم من بَين الْمَلَائِكَة وَكَانَ اسْمه الْحَارِث فَكَانَ خَازِنًا من خزان الْجنَّة وخلقت الْمَلَائِكَة كلهم من نور غير هَذَا الْحَيّ وخلقت الْجِنّ من مارج من نَار وَهُوَ لِسَان النَّار الَّذِي يكون فِي طرفها إِذا التهبت فَأول من سكن الأَرْض الْجِنّ فأفسدوا فِيهَا وسفكوا الدِّمَاء وَقتلُوا بَعضهم بَعْضًا فَبعث الله اليهم إِبْلِيس فِي جند من الْمَلَائِكَة فَقَتلهُمْ حَتَّى ألحقهم بجزائر البحور واطراف الْجبَال فَلَمَّا فعل إِبْلِيس ذَلِك اغْترَّ بِنَفسِهِ وَقَالَ: قد صنعت شَيْئا لم يصنعه أحد فَاطلع الله على ذَلِك من قلبه وَلم يطلع عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة فَقَالَ الله للْمَلَائكَة {إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة} فَقَالَت الْمَلَائِكَة {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء} كَمَا أفسدت الْجِنّ قَالَ {إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ} يَقُول: إِنِّي قد أطلعت من قلب ابليس على مَا لم تطلعوا عَلَيْهِ من كبره واغتراره ثمَّ أَمر بتربة آدم فَرفعت فخلق الله آدم عَلَيْهِ السَّلَام من طين (لازب) واللازب اللزج الطّيب من (حمإ مسنون) منتن وَإِنَّمَا كَانَ حمأمسنون بعد التُّرَاب فخلق مِنْهُ آدم بِيَدِهِ فَمَكثَ أَرْبَعِينَ لَيْلَة جسداً ملقى فَكَانَ ابليس يَأْتِيهِ يضْربهُ بِرجلِهِ فيصلصل فيصوت ثمَّ يدْخل من فِيهِ وَيخرج من دبره وَيدخل من دبره وَيخرج من فِيهِ ثمَّ يَقُول: لست شَيْئا ولشيء مَا خلقت وَلَئِن سلطت عَلَيْك لأهلنك وَلَئِن سلطت عَليّ لأعصينك فَلَمَّا نفخ الله فِيهِ من روحه أَتَت النفخة من قبل رَأسه فَجعل لَا يجْرِي شَيْء مِنْهَا فِي جسده إِلَّا صَار لَحْمًا ودماً فَلَمَّا انْتَهَت النفخة

إِلَى سرَّته نظر إِلَى جسده فأعجبه مَا رأى من جسده فَذهب لينهض فَلم يقدر فَهُوَ قَول الله (خلق الإِنسان من عجل) فَلَمَّا تمت النفخة فِي جسده عطس فَقَالَ (الْحَمد لله رب الْعَالمين) بإلهام من الله فَقَالَ الله لَهُ يَرْحَمك الله يَا آدم ثمَّ قَالَ للْمَلَائكَة الَّذين كَانُوا مَعَ إِبْلِيس خَاصَّة دون الْمَلَائِكَة الَّذين فِي السَّمَوَات: (اسجدوا لآدَم فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس أَبى واستكبر) لما حدث فِي نَفسه من الْكبر فَقَالَ: لَا أَسجد لَهُ وَأَنا خير مِنْهُ وأكبر سنا وَأقوى خلقا فأبلسه الله وآيسه من الْخَيْر كُله وَجعله شَيْطَانا رجيماً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: إِن الله خلق الْمَلَائِكَة يَوْم الْأَرْبَعَاء وَخلق الْجِنّ يَوْم الْخَمِيس وَخلق آدم يون الْجُمُعَة فَكفر قوم من الْجِنّ فَكَانَت الْمَلَائِكَة تهبط إِلَيْهِم فِي الأَرْض فتقاتلهم فَكَانَت الدِّمَاء وَكَانَ الْفساد فِي الأَرْض فَمن ثمَّ قَالُوا {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: لما خلق الله النَّار ذعرت مِنْهَا الْمَلَائِكَة ذعراً شَدِيدا وَقَالُوا: رَبنَا لم خلقت هَذِه قَالَ: لمن عَصَانِي من خلقي - وَلم يكن لله خلق يمئذ إِلَّا الْمَلَائِكَة - قَالُوا: يَا رب وَيَأْتِي دهر نَعْصِيك فِيهِ قَالَ: لَا إِنِّي أُرِيد أَن أخلق فِي الأَرْض خلقا وَأَجْعَل فِيهَا خَليفَة يسفكون الدِّمَاء ويفسدون فِي الأَرْض قَالُوا {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا} فاجعلنا نَحن فِيهَا {وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك قَالَ إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة لما فرغ الله من خلق مَا أحب اسْتَوَى على الْعَرْش فَجعل إِبْلِيس على ملك سَمَاء الدُّنْيَا وَكَانَ من قَبيلَة من الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُم الْجِنّ وَإِنَّمَا سموا الْجِنّ لأَنهم خَزَائِن الْجنَّة وَكَانَ إِبْلِيس مَعَ ملكه خَازِنًا فَوَقع فِي صَدره كبر وَقَالَ: مَا أَعْطَانِي الله هَذَا إِلَّا لمزيد أَو لمزية لي فَاطلع الله على ذَلِك مِنْهُ فَقَالَ للملائكو {إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة} قَالُوا رَبنَا {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء} قَالَ {إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة} الْآيَة قَالَ: إِن الله قَالَ للْمَلَائكَة: إِنِّي خَالق بشرا وَإِنَّهُم

متحاسدون فَيقْتل بَعضهم بَعْضًا ويفسدون فِي الأَرْض فَلذَلِك قَالُوا {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد} قَالَ: وَكَانَ إِبْلِيس أَمِيرا على مَلَائِكَة سَمَاء الدُّنْيَا فاستكبر وهم بالمعصية وطغى فَعلم الله ذَلِك مِنْهُ فَذَلِك قَوْله {إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ} وَإِن فِي نفس إِبْلِيس بغياً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء} قَالَ: قد علمت الْمَلَائِكَة وَعلم الله أَنه لاشيء أكره عِنْد الله من سفك الدِّمَاء وَالْفساد فِي الأَرْض وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن بطة فِي أَمَالِيهِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إيَّاكُمْ والرأي فَإِن الله تَعَالَى رد الرَّأْي على الْمَلَائِكَة وَذَلِكَ أَن الله قَالَ {إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة} قَالَت الْمَلَائِكَة {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا} {قَالَ إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّوْبَة عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أول من لبّى الْمَلَائِكَة قَالَ الله {إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة قَالُوا أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء} قَالَ: فزادوه فَأَعْرض عَنْهُم فطافوا بالعرش سِتّ سِنِين يَقُولُونَ: لبيْك لبيْك اعتذاراً إِلَيْك لبيْك لبيْك نستغفرك ونتوب إِلَيْك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن سابط أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: دحيت الأَرْض من مَكَّة وَكَانَت الْمَلَائِكَة تَطوف بِالْبَيْتِ فَهِيَ أول من طَاف بِهِ وَهِي الأَرْض الَّتِي قَالَ الله {إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة} وَكَانَ النَّبِي إِذا هلك قومه نجا هُوَ والصالحون أَتَاهَا هُوَ وَمن مَعَه فيعبدون الله بهَا حَتَّى يموتوا فِيهَا وان قبر نوح وَهود وَشُعَيْب وَصَالح بَين زَمْزَم وَبَين الرُّكْن وَالْمقَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك} قَالَ التَّسْبِيح التَّسْبِيح والتَّقْدِيس الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي ذَر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أحب الْكَلَام إِلَى الله مَا اصطفاه الله لملائكته سُبْحَانَ رَبِّي وَبِحَمْدِهِ - وَفِي لفظ - سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سعيد بن جُبَير إِن عمر بن الْخطاب سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَلَاة الْمَلَائِكَة فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: إِن

أهل السَّمَاء الدُّنْيَا سُجُود إِلَى يَوْم الْقِيَامَة يَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْملك والملكوت وَأهل السَّمَاء الثَّانِيَة رُكُوع إِلَى يَوْم الْقِيَامَة يَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْعِزَّة والجبروت وَأهل السَّمَاء الثَّالِثَة قيام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة يَقُولُونَ: سُبْحَانَ الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {ونقدس لَك} قَالَ: نصلي لَك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ التَّقْدِيس التَّطْهِير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ونقدس لَك} قَالَ: نعظمك ونكبرك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي صَالح فِي قَوْله {وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك} قَالَ: نعظمك ونمجدك وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير فِي قَوْله {إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ} قَالَ علم من إِبْلِيس وخلقه لَهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ} قَالَ: كَانَ فِي علم الله أَنه سَيكون من تِلْكَ الخليقة أَنْبيَاء ورسل وَقوم صَالِحُونَ وساكنو الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الأمل عَن الْحسن قَالَ: لما خلق الله آدم وَذريته قَالَت الْمَلَائِكَة: رَبنَا إِن الأَرْض لم تسعهم قَالَ: إِنِّي جَاعل موتا قَالُوا: إِذا لَا يهنأ لَهُم الْعَيْش قَالَ: إِنِّي جَاعل أملاً وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْعُقُوبَات وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الله بن عمر أَنه سمع رَسُول الله صلى اله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن آدم لما أهبطه إِلَى الأَرْض قَالَت الْمَلَائِكَة: أَي رب {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك قَالَ إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ} قَالُوا: رَبنَا نَحن أطوع لَك من بني آدم قَالَ الله للْمَلَائكَة: هلموا ملكَيْنِ من الْمَلَائِكَة حَتَّى نهبطهما إِلَى الأَرْض فَنَنْظُر كَيفَ يعملان فَقَالُوا: رَبنَا هاروت وماروت قَالَ فاهبطا إِلَى الأَرْض فتمثلت لَهما الزهرة امْرَأَة من أحسن الْبشر فجاءتهما فَسَأَلَاهَا نَفسهَا

فَقَالَت: لَا وَالله حَتَّى تتكلما بِهَذِهِ الْكَلِمَة من الْإِشْرَاك قَالَا: وَالله لَا نشْرك بِاللَّه أبدا فَذَهَبت عَنْهُمَا ثمَّ رجعت بصبي تحمله فَسَأَلَاهَا نَفسهَا فَقَالَت: لَا وَالله حَتَّى تقتلا هَذَا الصَّبِي قَالَا: لَا وَالله لَا نَقْتُلهُ أبدا فَذَهَبت ثمَّ رجعت بقدح من خمر فَسَأَلَاهَا نَفسهَا فَقَالَت: لَا وَالله حَتَّى تشربا هَذَا الْخمر فشربا فسكرا فوقعا عَلَيْهَا وقتلا الصَّبِي فَلَمَّا افاقا قَالَت الْمَرْأَة: وَالله مَا تركتما شَيْئا ابيتماه عَليّ قد فعلتماه حِين سكرتما فخيرا عِنْد ذَلِك بَين عَذَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ والحكيم فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله خلق آدم من قَبْضَة قبضهَا من جَمِيع الأَرْض فجَاء بَنو آدم على قدر الأَرْض جَاءَ مِنْهُم الْأَحْمَر والأبيض وَالْأسود وَبَين ذَلِك والسهل والحزن والخبيث وَالطّيب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خلقت الْكَعْبَة قبل الأَرْض بألفي سنة قَالُوا كَيفَ خلقت قبل وَهِي من الأَرْض قَالَ: كَانَت حَشَفَة على المَاء عَلَيْهَا ملكان يسبحان اللَّيْل وَالنَّهَار ألفي سنة فَلَمَّا أَرَادَ الله أَن يخلق الأَرْض دحاها مِنْهَا فَجَعلهَا فِي وسط الأَرْض فَلَمَّا أَرَادَ الله أَن يخلق آدم بعث ملكا من حَملَة الْعَرْش يَأْتِي بِتُرَاب من الأَرْض فَلَمَّا هوى ليَأْخُذ قَالَت الأَرْض: أَسأَلك بِالَّذِي أرسلك أَن لَا تَأْخُذ مني الْيَوْم شَيْئا يكون مِنْهُ للنار نصيب غَدا فَتَركهَا فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى ربه قَالَ: مَا مَنعك أَن تَأتي بِمَا أَمرتك قَالَ: سَأَلتنِي بك فعظمت أَن أرد شَيْئا سَأَلَني بك فَأرْسل ملكا آخر فَقَالَ: مثل ذَلِك حَتَّى أرسلهم كلهم فَأرْسل ملك الْمَوْت فَقَالَت لَهُ: مثل ذَلِك قَالَ: إِن الَّذِي أَرْسلنِي أَحَق بِالطَّاعَةِ مِنْك فَأخذ من وَجه الأَرْض كلهَا من طيبها وخبيثها حَتَّى كَانَت قَبْضَة عِنْد مَوضِع الْكَعْبَة فجَاء بِهِ إِلَى ربه فصب عَلَيْهِ من مَاء الْجنَّة فجاءحمأ مسنوناً فخلق مِنْهُ آدم بِيَدِهِ ثمَّ مسح على ظَهره فَقَالَ: تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ فَتَركه أَرْبَعِينَ لَيْلَة لَا ينْفخ فِيهِ الرّوح ثمَّ نفخ فِيهِ الرّوح فَجرى فِيهِ الرّوح من رَأسه إِلَى صَدره فَأَرَادَ أَن يثب فَتلا أَبُو هُرَيْرَة (خلق الإِنسان من عجل) فَلَمَّا جرى فِيهِ الرّوح قعد جَالِسا فعطس فَقَالَ الله: قل الْحَمد لله فَقَالَ:

الْحَمد لله فَقَالَ: رَحِمك رَبك ثمَّ قَالَ: انْطلق إِلَى هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة فَسلم عَلَيْهِم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَقَالُوا: وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَقَالَ: هَذِه تحيتك وتحية ذريتك يَا آدم أَي مَكَان أحب إِلَيْك أَن أريك ذريتك فِيهِ فَقَالَ: بِيَمِين رَبِّي وكلتا يَدي رَبِّي يَمِين فَبسط يَمِينه فَأرَاهُ فِيهَا ذُريَّته كلهم وَمَا هُوَ خَالق إِلَى يَوْم الْقِيَامَة الصَّحِيح على هَيئته والمبتلى على هَيئته والأنبياء على هيئتهم فَقَالَ: أَي رب أَلا عافيهتم كلهم فَقَالَ: إِنِّي أَحْبَبْت أَن أشكر فَرَأى فِيهَا رجلا ساطعاً نوره فَقَالَ: أَي رب من هَذَا فَقَالَ: هَذَا ابْنك دَاوُد فَقَالَ: كم عمره قَالَ: سِتُّونَ سنة قَالَ: كم عمري قَالَ: ألف سنة قَالَ: انقص من عمري أَرْبَعِينَ سنة فزدها فِي عمره ثمَّ رأى آخر ساطعاً نوره لَيْسَ مَعَ أحد من الْأَنْبِيَاء مثل مَا مَعَه فَقَالَ: أَي رب من هَذَا قَالَ: هَذَا ابْنك مُحَمَّد وَهُوَ أوّل من يدْخل الْجنَّة فَقَالَ آدم: الْحَمد لله الَّذِي جعل من ذريتي من يسبقني إِلَى الْجنَّة وَلَا أحسده فَلَمَّا مضى لآدَم ألف سنة إِلَّا أَرْبَعِينَ جَاءَتْهُ الْمَلَائِكَة تتوفاه عيَانًا قَالَ: مَا تُرِيدُونَ قَالُوا: أردنَا أَن نتوفاك قَالَ: بَقِي من أَجلي أَرْبَعُونَ قَالُوا: أَلَيْسَ قد أعطيتهَا ابْنك دَاوُد قَالَ: مَا أَعْطَيْت أحدا شَيْئا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: جحد آدم وجحدت ذُريَّته وَنسي ونسيت ذُريَّته وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود ونا س من الصَّحَابَة قَالُوا: بعث الله جِبْرِيل إِلَى الأَرْض ليَأْتِيه بطين مِنْهَا فَقَالَت الأَرْض: أعوذ مِنْك أَن تنقص مني فَرجع وَلم يَأْخُذ شَيْئا وَقَالَ: يَا رب إِنَّهَا أعاذت بك فأعذتها فَبعث الله مِيكَائِيل كَذَلِك فَبعث ملك الْمَوْت فعاذت مِنْهُ فَقَالَ: وَأَنا أعوذ بِاللَّه أَن أرجع وَلم أنفذ أمره فَأخذ من وَجه الأَرْض وخلط وَلم يَأْخُذ من مَكَان وَاحِد وَأخذ من تربة حَمْرَاء وبيضاء وسوداء - فَذَلِك خرج بَنو آدم مُخْتَلفين - فَصَعدَ بِهِ فَبل التُّرَاب حَتَّى صَار طينا (لَا زبا) واللازب: هُوَ الَّذِي يلزق بعضه بِبَعْض ثمَّ قَالَ للْمَلَائكَة: إِنِّي خَالق بشرا من طين فخلقه الله بِيَدِهِ لِئَلَّا يتكبر عَلَيْهِ إِبْلِيس فخلقه بشرا سوياً فَكَانَ جسداً من طين أَرْبَعِينَ سنة من مِقْدَار يَوْم الْجُمُعَة فمرت بِهِ الْمَلَائِكَة ففزعوا مِنْهُ لما رَأَوْهُ وَكَانَ أَشَّدهم مِنْهُ فَزعًا إِبْلِيس فَكَانَ يمر بِهِ فيضربه فيصوّت الْجَسَد كَمَا يصوّت الفخار يكون لَهُ

صلصلة فَيَقُول: لأمر مَا خلقت وَيدخل من فِيهِ وَيخرج من دبره وَيَقُول للْمَلَائكَة: لَا ترهبوا مِنْهُ فَإِن ربكُم صَمد وَهَذَا أجوف لَئِن سلطت عَلَيْهِ لأهلكنه فَلَمَّا بلغ الْحِين الَّذِي يُرِيد الله أَن ينْفخ فِيهِ الرّوح قَالَ للْمَلَائكَة: إِذا نفخت فِيهِ من روحي فاسجدوا لَهُ فَلَمَّا نفخ فِيهِ الرّوح فَدخل فِي رَأسه عطس فَقَالَت الْمَلَائِكَة: الْحَمد لله فَقَالَ: الْحَمد لله فَقَالَ الله لَهُ: يَرْحَمك رَبك فَلَمَّا دخلت الرّوح فِي عُنُقه نظر إِلَى ثمار الْجنَّة فَلَمَّا دخلت إِلَى جَوْفه اشْتهى الطَّعَام فَوَثَبَ قبل أَن تبلغ إِلَى رجلَيْهِ عجلاً إِلَى ثمار الْجنَّة وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى (خلق الإِنسان من عجل) وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث رب الْعِزَّة إِبْلِيس فَأخذ من أَدِيم الأَرْض: من عذبها ومالحها فخلق مِنْهَا آدم فَكل شَيْء خلقه من عذبها فَهُوَ صائر إِلَى السَّعَادَة وَإِن كَانَ ابْن كَافِرين وكل شَيْء خلقه من مالحها فَهُوَ صائر إِلَى الشَّقَاء وَإِن كَانَ ابْن نبيين قَالَ: وَمن ثمَّ قَالَ إِبْلِيس: (أأسجد لمن خلقت طيناً) إِن هَذِه الطينة أَنا جِئْت بهَا وَمن ثمَّ سمي آدم لِأَنَّهُ أَخذ من أَدِيم الأَرْض وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ قَالَ: إِن آدم خلق من أَدِيم الأَرْض فِيهِ الطّيب والصالح والرديء فَكل ذَلِك أَنْت رَاء فِي وَلَده وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أبي ذَر سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن آدم خلق من ثَلَاث تربات: سَوْدَاء وبيضاء وحمراء وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَعبد بن حميد وَأَبُو بكر الشَّافِعِي فِي الغيلانيات وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: خلق الله آدم من أَرض يُقَال لَهَا دحناء وَأخرج الديلمي عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا الْهوى وَالْبَلَاء والشهوة معجونة بطينة آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن سعد وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما صوّر الله تَعَالَى آدم فِي الْجنَّة تَركه مَا شَاءَ أَن يتْركهُ فَجعل إِبْلِيس يطِيف بِهِ ينظر مَا هُوَ فَلَمَّا رَآهُ أجوف علم أَنه خلق لَا يَتَمَالَك وَلَفظ أبي الشَّيْخ قَالَ: خلق لَا يَتَمَالَك ظَفرت بِهِ

وَأخرج ابْن حبَان عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما نفخ الله فِي آدم الرّوح فَبلغ الرّوح رَأسه عطس فَقَالَ (الْحَمد لله رب الْعَالمين) فَقَالَ لَهُ تبَارك وَتَعَالَى: يَرْحَمك الله وَأخرج ابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما خلق الله آدم عطس فألهمه الله ربه أَن قَالَ: الْحَمد لله قَالَ لَهُ ربه: يَرْحَمك الله فَلذَلِك سبقت رَحمته غَضَبه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما فرغ الله من خلق آدم وَجرى فِيهِ الرّوح عطس فَقَالَ: الْحَمد لله فَقَالَ لَهُ ربه: يَرْحَمك الله وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله خلق آدم من تُرَاب ثمَّ جعله طيناً ثمَّ تَركه حَتَّى إِذا كَا حمأ مسنوناً خلقه وصوّره ثمَّ تَركه حَتَّى إِذا كَانَ صلصالاً كالفخار وَجعل إِبْلِيس يمر بِهِ فَيَقُول: لقد خلقت لأمر عَظِيم ثمَّ نفخ الله فِيهِ من روحه فَكَانَ أوّل شَيْء جرى فِيهِ الرّوح بَصَره وخياشيمه فعطس فلقنه الله حمد ربه فَقَالَ الرب: يَرْحَمك رَبك ثمَّ قَالَ: يَا آدم اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ النَّفر فَقل لَهُم وَانْظُر مَاذَا يَقُولُونَ فجَاء فَسلم عَلَيْهِم فَقَالُوا: وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله فجَاء إِلَى ربه فَقَالَ: مَاذَا قَالُوا لَك وَهُوَ أعلم بِمَا قَالُوا لَهُ قَالَ: يَا رب سلمت عَلَيْهِم فَقَالُوا وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله قَالَ: يَا آدم هَذِه تحيتك وتحية ذريتك قَالَ: يَا رب وَمَا ذريتي قَالَ: اختر يَدي قَالَ: أخْتَار يَمِين رَبِّي وكلتا يَدي رَبِّي يَمِين فَبسط الله كَفه فَإِذا كل ماهو كَائِن من ذُريَّته فِي كف الرَّحْمَن عز وَجل وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خلق الله آدم وَطوله سِتُّونَ ذِرَاعا قَالَ: اذْهَبْ فَسلم على أُولَئِكَ النَّفر من الْمَلَائِكَة فاسمع مَا يحيونك فَإِنَّهَا تحيتك وتحية ذريتك فَذهب فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم فَقَالُوا: السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله فزادوه وَرَحْمَة الله فَكل من يدْخل الْجنَّة على صُورَة آدم طوله سِتُّونَ ذِرَاعا فَلم تزل الْخلق تنقص حَتَّى الْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يدْخل أهل الْجنَّة الْجنَّة جردا مردا بيضًا جِعَادًا مُكَحَّلِينَ ابناء ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وهم عبى خلق آدم طوله سِتُّونَ ذِرَاعا فِي عرض سَبْعَة أَذْرع

وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير يَوْم طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ خلق الله آدم وَفِيه أَدخل الْجنَّة وَفِيه أهبط مِنْهَا وَفِيه مَاتَ وَفِيه تيب عَلَيْهِ وَفِيه تقوم السَّاعَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي نَضرة قَالَ: لما خلق الله آدم ألْقى جسده فِي السَّمَاء لَا روح فِيهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَلَائِكَة راعهم مَا رَأَوْهُ من خلقه فَأَتَاهُ إِبْلِيس فَلَمَّا رأى خلقه منتصباً راعه فَدَنَا مِنْهُ فنكته بِرجلِهِ فصل آدم فَقَالَ: هَذَا أجوف لَا شَيْء عِنْده وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: خلق الله آدم فِي سَمَاء الدُّنْيَا وَإِنَّمَا أَسجد لَهُ مَلَائِكَة سَمَاء الدُّنْيَا وَلم يسْجد لَهُ مَلَائِكَة السَّمَوَات وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن زيد يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَن الله لما أَرَادَ أَن يخلق آدم بعث ملكا وَالْأَرْض يَوْمئِذٍ وافرة فَقَالَ: اقبض لي مِنْهَا قَبْضَة آتني بهَا أخلق مِنْهَا خلقا قَالَت: فَإِنِّي أعوذ بأسماء الله إِن تقبض الْيَوْم مني قَبْضَة يخلق خلقا يكون لِجَهَنَّم مِنْهُ نصيب فعرج الْملك وَلم يقبض شَيْئا فَقَالَ لَهُ: مَالك قَالَ: عاذت باسمائك أَن أَقبض مِنْهَا خلقا يكون لحهنم مِنْهُ نصيب فَلم أجد عَلَيْهَا نجازا فَبعث ملكا خر فَلَمَّا أَتَاهَا قَالَت لَهُ مثل مَا قَالَت للأوّل ثمَّ بعث الثَّالِث فَقَالَت لَهُ مثل قَالَت لَهما فعرج وَلم يقبض مِنْهَا شَيْئا فَقَالَ لَهُ الرب تَعَالَى مثل مَا قَالَ للَّذين قبله ثمَّ دَعَا إِبْلِيس - واسْمه يَوْمئِذٍ فِي الْمَلَائِكَة حباب - فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ فاقبض لي من الأَرْض قَبْضَة فَذهب حَتَّى أَتَاهَا فَقَالَت لَهُ مثل مَا قَالَت للَّذين من قبله من الْمَلَائِكَة فَقبض مِنْهَا قَبْضَة وَلم يسمع لحرجها فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ الله تَعَالَى: مَا أعاذت بأسمائي مِنْك قَالَ: بلَى قَالَ: فَمَا كَانَ من أسمائي مَا يعيذها مِنْك قَالَ: بلَى وَلَكِن أَمرتنِي فأطعتك فَقَالَ الله: لأخلقن مِنْهَا خلقا يسوء وَجهك فَألْقى الله تِلْكَ القبضة فِي نهر من أنهر الْجنَّة حَتَّى صَارَت طيناً فَكَانَ أول طين ثمَّ تَركهَا حَتَّى صَارَت حمأ مسنوناً منتن الرّيح ثمَّ خلق مِنْهَا آدم ثمَّ تَركه فِي الْجنَّة أَرْبَعِينَ سنة حَتَّى صَار صلصللا كالفخار يبس حَتَّى كَانَ كالفخار ثمَّ نفخ فِيهِ الرّوح بعد ذَلِك وَأوحى الله الى مَلَائكَته: إِذا نفخت فِيهِ من الرّوح فقعوا لَهُ ساجدين وَكَانَ

آدم مُسْتَلْقِيا فِي الْجنَّة فَجَلَسَ حِين وجد مس الرّوح فعطس فَقَالَ الله لَهُ: أَحْمد رَبك فَقَالَ: يَرْحَمك رَبك فَمن هُنَالك يُقَال: سبقت رَحمته غَضَبه وسجدت الْمَلَائِكَة إِلَّا هُوَ قَامَ فَقَالَ (مَا مَنعك أَن لَا تسْجد إِذْ أَمرتك أستكبرت أم كنت من العالين) فاخبر الله أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يعلن على الله مَا لَهُ يكيد على صَاحبه فَقَالَ (أَنا خير مِنْهُ خلقتني من نَار وخلقته من طين قَالَ: فاهبط مِنْهَا فَمَا يكون لَك أَن تتكبر فِيهَا) إِلَى قَوْله (ولاتجد أَكْثَرهم شاكرين) وَقَالَ الله (إِن إِبْلِيس قد صدق عَلَيْهِم ظَنّه) وَإِنَّمَا كَانَ ظَنّه أَن لَا يجد أَكْثَرهم شاكرين

31

قَوْله تَعَالَى: وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا ثمَّ عرضهمْ على الْمَلَائِكَة فَقَالَ انبئوني بأسماء هَؤُلَاءِ إِن كُنْتُم صَادِقين قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا إِنَّك أَنْت الْعَلِيم الْحَكِيم قَالَ يَا آدم أنبئهم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أنبأهم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ ألم أقل لكم إِنِّي أعلم غيب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأعلم ماتبدون وَمَا كُنْتُم تكتمون أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن سعد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سمي آدم لِأَنَّهُ خلق من أَدِيم الأَرْض الْحمرَة وَالْبَيَاض والسواد وَكَذَلِكَ ألوان النَّاس مُخْتَلفَة فِيهَا الْأَحْمَر والأبيض وَالْأسود وَالطّيب والخبيث وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق الله آدم من أَدِيم الأَرْض من طِينَة حَمْرَاء وبيضاء وسوداء وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أَتَدْرُونَ لم سمي آدم لِأَنَّهُ خلق من أَدِيم الأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} قَالَ: علمه اسْم الصحفة وَالْقدر وكل شَيْء حَتَّى الفسوة والفسية وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} قَالَ: علمه اسْم كل شَيْء حَتَّى علمه الْقَصعَة والقصيعة والفسوة والفسية

وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} قَالَ: علمه اسْم كل شَيْء حَتَّى الْبَعِير وَالْبَقَرَة وَالشَّاة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} قَالَ: مَا خلق الله وَأخرج الديلمي عَن أبي رَافع قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مثلت لي أمتِي فِي المَاء والطين وَعلمت الْأَسْمَاء كَمَا علم آدم الْأَسْمَاء كلهَا وَأخرج وَكِيع فِي تَارِيخه وَابْن عَسَاكِر والديلمي عَن عَطِيَّة بن يسر مَرْفُوعا فِي قَوْله {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} قَالَ علم الله فِي تِلْكَ الْأَسْمَاء ألف حِرْفَة من الْحَرْف وَقَالَ لَهُ: قل لولدك وذريتك يَا آدم إِن لم تصبروا عَن الدُّنْيَا فَاطْلُبُوا الدُّنْيَا بِهَذِهِ الْحَرْف وَلَا تطلبوها بِالدّينِ فَإِن الدّين لي وحدي خَالِصا ويل لمن طلب الدُّنْيَا بِالدّينِ ويل لَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} قَالَ: أَسمَاء ذُريَّته أَجْمَعِينَ {ثمَّ عرضهمْ} قَالَ: أَخذهم من ظَهره وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} قَالَ: أَسمَاء الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} قَالَ: علم آدم من الْأَسْمَاء أَسمَاء خلقه ثمَّ قَالَ مَا لم تعلم الْمَلَائِكَة فَسمى كل شَيْء باسمه وَأَلْجَأَ كل شَيْء إِلَى جنسه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} قَالَ: علم الله آدم الْأَسْمَاء كلهَا وَهِي هَذِه الْأَسْمَاء الَّتِي يتعارف بهَا النَّاس انسان دَابَّة وَأَرْض وبحر وَسَهل وحمار وَأَشْبَاه ذَلِك من الْأُمَم وَغَيرهَا {ثمَّ عرضهمْ على الْمَلَائِكَة} يَعْنِي عرض أَسمَاء جَمِيع الْأَشْيَاء الَّتِي علمهَا آدم من أَصْنَاف الْخلق {فَقَالَ أنبئوني} يَقُول: أخبروني {بأسماء هَؤُلَاءِ إِن كُنْتُم صَادِقين} إِن كُنْتُم تعلمُونَ أَنِّي لم أجعَل فِي الأَرْض خَليفَة {قَالُوا سُبْحَانَكَ} تَنْزِيها لله من أَن يكون يعلم الْغَيْب أحد غَيره تبنا إِلَيْك {لَا علم لنا} تبرياً مِنْهُم من علم الْغَيْب {إِلَّا مَا علمتنا} كَمَا علمت آدم وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ثمَّ عرضهمْ} قَالَ: عرض أَصْحَاب

الْأَسْمَاء على الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله لما أَخذ فِي خلق آدم قَالَت الْمَلَائِكَة: مَا الله خَالق خلقا أكْرم عَلَيْهِ منا وَلَا أعلم منا فابتلوا بِخلق آدم وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالْحسن قَالَا: لما أَخذ الله فِي خلق آدم همست الْمَلَائِكَة فِيمَا بَينهَا فَقَالُوا: لن يخلق الله خلقا إِلَّا كُنَّا أعلم مِنْهُ وَأكْرم عَلَيْهِ مِنْهُ فَلَمَّا خلقه أَمرهم أَن يسجدوا لَهُ لما قَالُوا ففضله عَلَيْهِم فَعَلمُوا أَنهم لَيْسُوا بِخَير مِنْهُ فَقَالُوا: إِن لم نَكُنْ خيرا مِنْهُ فَنحْن أعلم مِنْهُ لأَنا كُنَّا قبله {وَعلم آدم الْأَسْمَاء كلهَا} فَعلم اسْم كل شَيْء جعل يُسَمِّي كل شَيْء باسمه وعرضوا عَلَيْهِ أمة {ثمَّ عرضهمْ على الْمَلَائِكَة فَقَالَ انبئوني بأسماء هَؤُلَاءِ إِن كُنْتُم صَادِقين} ففزعوا إِلَى التَّوْبَة فَقَالُوا {سُبْحَانَكَ لَا علم لنا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّك أَنْت الْعَلِيم الْحَكِيم} قَالَ: الْعَلِيم الَّذِي قد كمل فِي علمه {الْحَكِيم} الَّذِي قد كمل فِي حكمه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {إِن كُنْتُم صَادِقين} قَالَ: إِن بني آدم يفسدون فِي الأَرْض ويسفكون الدِّمَاء وَفِي قَوْله {وَأعلم مَا تبدون} قَالَ: قَوْلهم {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا} {وَمَا كُنْتُم تكتمون} يَعْنِي مَا أسر إِبْلِيس فِي نَفسه من الْكبر وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَأعلم مَا تبدون وَمَا كُنْتُم تكتمون} قَالَ: مَا أسر إِبْلِيس من الْكفْر فِي السُّجُود وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأعلم مَا تبدون} قَالَ: مَا تظْهرُونَ {وَمَا كُنْتُم تكتمون} يَقُول: اعْلَم السِّرّ كَمَا أعلم الْعَلَانِيَة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالْحسن فِي قَوْله {مَا تبدون} يَعْنِي قَوْلهم {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا} {وَمَا كُنْتُم تكتمون} يَعْنِي قَول بَعضهم لبَعض: نَحن خير مِنْهُ وَأعلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مهْدي بن مَيْمُون قَالَ: سَمِعت الْحسن وَسَأَلَهُ الْحسن بن دِينَار فَقَالَ: يَا أَبَا سعيد أَرَأَيْت قَول الله للْمَلَائكَة {وَأعلم مَا تبدون وَمَا كُنْتُم تكتمون} مَا الَّذِي كتمت الْمَلَائِكَة قَالَ: إِن الله لما خلق آدم رَأَتْ الْمَلَائِكَة خلقا عجبا فكأنهم دخلهم من ذَلِك شَيْء قَالَ: ثمَّ أقبل بَعضهم على بعض

فأسروا ذَلِك بَينهم فَقَالَ بعضه لبَعض: مَا الَّذِي يهمكم من هَذَا الْخلق إِن الله لَا يخلق خلقا إِلَّا كُنَّا أكْرم عَلَيْهِ مِنْهُ فَذَلِك الَّذِي كتمت

34

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قُلْنَا للْمَلَائكَة اسجدوا لآدَم فسجدوا إِلَّا إِبْلِيس أَبى واستكبر وَكَانَ من الْكَافرين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اسجدوا لآدَم} قَالَ: كَانَت السَّجْدَة لآدَم وَالطَّاعَة لله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: أَمرهم أَن يسجدوا فسجدوا لَهُ كَرَامَة من الله أكْرم بهَا آدم وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي إِبْرَاهِيم الْمُزنِيّ أَنه سُئِلَ عَن سُجُود الْمَلَائِكَة لآدَم فَقَالَ: إِن الله جعل آدم كالكعبة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُحَمَّد بن عباد بن حعفر المَخْزُومِي قَالَ: كَانَ سُجُود الْمَلَائِكَة لآدَم إِيمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ضَمرَة قَالَ: سَمِعت من يذكر أَن أول الْمَلَائِكَة خرَّ سَاجِدا لله حِين أمرت الْمَلَائِكَة بِالسُّجُود لآدَم اسرافيل فأثابه الله بذلك أَن كتب الْقُرْآن فِي جَبهته وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: لما أَمر الله الْمَلَائِكَة بِالسُّجُود لآدَم كَانَ أول من سجد إسْرَافيل فأثابه الله أَن كتب الْقُرْآن فِي جَبهته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذ قُلْنَا للْمَلَائكَة اسجدوا لآدَم} قَالَ: كَانَت السَّجْدَة لآدَم وَالطَّاعَة لله وحسد عَدو الله إِبْلِيس آدم على مَا أعطَاهُ من الْكَرَامَة فَقَالَ: أَنا ناريٌّ وَهَذَا طينيٌّ فَكَانَ بَدْء الذُّنُوب الْكبر استكبر عَدو الله أَن يسْجد لآدَم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ إِبْلِيس اسْمه عزازيل وَكَانَ من أشرف الْمَلَائِكَة من ذَوي الأجنحة الْأَرْبَعَة ثمَّ أبلس بعد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سمي إِبْلِيس لِأَن الله أبلسه من الْخَيْر كُله آيسه مِنْهُ

وَأخرج ابْن إِسْحَاق فِي الْمُبْتَدَأ وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ إِبْلِيس قبل أَن يركب الْمعْصِيَة من الْمَلَائِكَة اسْمه عزازيل وَكَانَ من سكان الأَرْض وَكَانَ أَشد الْمَلَائِكَة اجْتِهَادًا وَأَكْثَرهم علما فَذَلِك دَعَاهُ إِلَى الْكبر وَكَانَ من حَيّ يُسمون جنا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: كَانَ اسْم إِبْلِيس الْحَرْث وَأخرج وَكِيع وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ إِبْلِيس من خزان الْجنَّة وَكَانَ يدبر أَمر السَّمَاء الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كَانَ إِبْلِيس رَئِيس مَلَائِكَة سَمَاء الدُّنْيَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ إِبْلِيس من أشرف الْمَلَائِكَة من أكبرهم قَبيلَة وَكَانَ خَازِن الْجنان وَكَانَ لَهُ سُلْطَان سَمَاء الدُّنْيَا سُلْطَان الأَرْض فَرَأى أَن لذَلِك عَظمَة وسلطاناً على أهل السَّمَوَات فاضمر فِي قلبه من ذَلِك كبرا لم يُعلمهُ إِلَّا الله فَلَمَّا أَمر الله الْمَلَائِكَة بِالسُّجُود لآدَم خرج كبره الَّذِي كَانَ يسر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله خلق خلقا فَقَالَ {اسجدوا لآدَم} فَقَالُوا: لَا نَفْعل فَبعث نَارا فأحرقهم ثمَّ خلق هَؤُلَاءِ فَقَالَ {اسجدوا لآدَم} فَقَالُوا: نعم وَكَانَ إِبْلِيس من أُولَئِكَ الَّذين أَبَوا أَن يسجدوا لآدَم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما خلق الله الْمَلَائِكَة قَالَ (إِنِّي خَالق بشرا من طين) فَإِذا أَنا خلقته فاسجدوا لَهُ فَقَالُوا: لَا نَفْعل فارسل عَلَيْهِم نَارا فَأَحْرَقَتْهُمْ وَخلق مَلَائِكَة أُخْرَى فَقَالَ (إِنِّي خَالق بشرا من طين) فَإِذا أَنا خلقته فاسجدوا لَهُ فَأَبَوا فَأرْسل عَلَيْهِ نَارا فَأَحْرَقَتْهُمْ ثمَّ خلق مَلَائِكَة أُخْرَى فَقَالَ (إِنِّي خَالق بشرا من طين) فَإِذا أَنا خلقته فاسجدوا لَهُ فَقَالُوا: سمعنَا وأطعنا إِلَّا إِبْلِيس كَانَ من الْكَافرين الْأَوَّلين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن عَامر الْمَكِّيّ قَالَ: خلق الله الْمَلَائِكَة من نور وَخلق الجان من نَار وَخلق الْبَهَائِم من مَاء وَخلق آدم من طين فَجعل الطَّاعَة فِي الْمَلَائِكَة وَجعل الْمعْصِيَة فِي الْجِنّ والإِنس

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله أَمر آدم بِالسُّجُود فَسجدَ فَقَالَ: لَك الْجنَّة وَلمن سجد من ذريتك وَأمر إِبْلِيس بِالسُّجُود فَأبى أَن يسْجد فَقَالَ: لَك النَّار وَلمن أَبى من ولدك أَن يسْجد وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان عَن ابْن عمر قَالَ: لَقِي إِبْلِيس مُوسَى فَقَالَ: يَا مُوسَى أَنْت الَّذِي اصطفاك الله بِرِسَالَاتِهِ وكلمك تكليما إِذْ تبت وَأَنا أُرِيد أَن أَتُوب فاشفع لي إِلَى رَبِّي أَن يَتُوب عليّ قَالَ مُوسَى: نعم فَدَعَا مُوسَى ربه فَقيل يَا مُوسَى قد قضيت حَاجَتك فلقي مُوسَى إِبْلِيس قَالَ: قد أمرت أَن تسْجد لقبر آدم ويتاب عَلَيْك فاستكبر وَغَضب وَقَالَ: لم أَسجد حَيَاء أَسجد بِهِ مَيتا ثمَّ قَالَ إِبْلِيس: يَا مُوسَى إِن لَك عليّ حَقًا بِمَا شفعت لي إِلَى رَبك فاذكرني عِنْد ثَلَاث لَا أهْلكك فِيهِنَّ اذْكُرْنِي حِين تغْضب فَإِنِّي أجري مِنْك مجْرى الدَّم واذكرني حِين تلقى الزَّحْف فَإِنِّي آتِي ابْن آدم حِين يلقى الزَّحْف فاذكره وَلَده وَزَوجته حَتَّى يولي وَإِيَّاك أَن تجَالس امْرَأَة لَيست بِذَات محرم فَإِنِّي رسولها إِلَيْك وَرَسُولك إِلَيْهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أنس قَالَ: إِن نوحًا لما ركب السَّفِينَة أَتَاهُ إِبْلِيس فَقَالَ لَهُ نوح: من أَنْت قَالَ: أَنا إِبْلِيس قَالَ: فَمَا جَاءَ بك قَالَ: جِئْت تسْأَل لي رَبِّي هَل لي من تَوْبَة فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن تَوْبَته أَن يَأْتِي قبر آدم فَيسْجد لَهُ قَالَ: أما أَنا لم أَسجد لَهُ حَيا أَسجد لَهُ مَيتا قَالَ: فاستكبر وَكَانَ من الْكَافرين وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق مُجَاهِد عَن جُنَادَة بن أبي أُميَّة قَالَ: كَانَ أول خَطِيئَة كَانَت الْحَسَد حسد إِبْلِيس آدم أَن يسْجد لَهُ حِين أَمر فَحَمله الْحَسَد على الْمعْصِيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: ابْتَدَأَ الله خلق إِبْلِيس على الْكفْر والضلالة وَعمل بِعَمَل الْمَلَائِكَة فصيره إِلَى مَا بدىء إِلَيْهِ خلقه من الْكفْر قَالَ الله {وَكَانَ من الْكَافرين} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَكَانَ من الْكَافرين} قَالَ: جعله الله كَافِرًا لَا يَسْتَطِيع أَن يُؤمن

35

قَوْله تَعَالَى: وَقُلْنَا يَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة وكلا مِنْهَا رغداً حَيْثُ شئتما وَلَا تقربا هَذِه الشَّجَرَة فتكونا من الظَّالِمين

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَرَأَيْت آدم نَبيا كَانَ قَالَ: نعم كَانَ نَبيا رَسُولا كَلمه الله قبلا قَالَ لَهُ {يَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي ذَر قلت يَا رَسُول الله من أول الْأَنْبِيَاء قَالَ: آدم قلت: نَبِي كَانَ قَالَ: نعم مُكَلم قلت: ثمَّ من قَالَ: نوح وَبَينهمَا عشرَة آبَاء وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذَر قَالَ قلت: يَا رَسُول الله أَي الْأَنْبِيَاء كَانَ أول قَالَ: آدم قلت: يَا رَسُول الله وَنَبِي كَانَ قَالَ: نعم نَبِي مُكَلم قلت: كم كَانَ المُرْسَلُونَ يَا رَسُول الله قَالَ: ثلثمِائة وَخَمْسَة عشر جماً غفيراً وَأخرج عبد بن حميد والآجري فِي الْأَرْبَعين عَن أبي ذَر قَالَ قلت يَا رَسُول من كَانَ أَوَّلهمْ - يَعْنِي الرُّسُل - قَالَ: آدم قلت: يَا رَسُول الله أَنَبِي مُرْسل قَالَ: نعم خلقه الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيهِ من روحه وسواه قبلا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله أَنَبِي كَانَ آدم قَالَ: نعم مُكَلم قَالَ: كم بَينه وَبَين نوح قَالَ: عشرَة قُرُون قَالَ: كم بَين نوح وَبَين ابراهيم قَالَ: عشرَة قُرُون قَالَ: يَا رَسُول الله كم الْأَنْبِيَاء قَالَ: مائَة ألف وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألفا قَالَ: يَا رَسُول الله كم كَانَت الرُّسُل من ذَلِك قَالَ: ثلثمِائة وَخَمْسَة عشر جماً غفيراً وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة أَن أَبَا ذَر قَالَ: يَا نَبِي الله أَي الْأَنْبِيَاء كَانَ أول قَالَ: آدم قَالَ: أونبي كَانَ آدم قَالَ: نعم نَبِي مُكَلم خلقه اله بِيَدِهِ ثمَّ نفخ فِيهِ من روحه ثمَّ قَالَ لَهُ يَا آدم قبلا قلت: يَا رَسُول الله كم وفى عدَّة الْأَنْبِيَاء قَالَ: مائَة ألف وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألفا الرُّسُل من ذَلِك ثلثمِائة وَخَمْسَة عشر جماً غفيراً وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الشُّكْر والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن الْحسن قَالَ: قَالَ مُوسَى يَا رب كَيفَ يَسْتَطِيع آدم أَن يُؤَدِّي شكر مَا صنعت إِلَيْهِ خلقته بِيَدِك ونفخت فِيهِ من روحك

وأسكنته جنتك وَأمرت الْمَلَائِكَة فسجدوا لَهُ فَقَالَ: يَا مُوسَى علم أَن ذَلِك مني فحمدني عَلَيْهِ فَكَانَ ذَلِك شكرا لما صنعت إِلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: خلق الله آدم يَوْم الْجُمُعَة وَأدْخلهُ الْجنَّة يَوْم الْجُمُعَة فَجعله فِي جنَّات الفردوس وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا سكن آدم الْجنَّة إِلَّا مابين صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق الله آدم من أَدِيم الأَرْض يَوْم الْجُمُعَة بعد الْعَصْر فَسَماهُ آدم ثمَّ عهد إِلَيْهِ فنسي فَسَماهُ الإِنسان قَالَ ابْن عَبَّاس: فتالله مَا غَابَتْ الشّمس من ذَلِك الْيَوْم حَتَّى أهبط من الْجنَّة إِلَى الأَرْض وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: لبث آدم فِي الْجنَّة سَاعَة من نَهَار تِلْكَ السَّاعَة مائَة وَثَلَاثُونَ سنة من أَيَّام الدُّنْيَا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: مَا كَانَ آدم عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْجنَّة إِلَّا مِقْدَار مَا بَين الظّهْر وَالْعصر وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن مُوسَى بن عقبَة قَالَ: مكث آدم فِي الْجنَّة ربع النَّهَار وَذَلِكَ ساعتان وَنصف وَذَلِكَ مِائَتَان سنة وَخَمْسُونَ سنة فَبكى على الْجنَّة مائَة سنة أما قَوْله تَعَالَى: {وزوجك} أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق السّديّ بن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَعَن ابْن مسعو وناس من الصَّحَابَة قَالُوا: لما سكن آدم الْجنَّة كَانَ يمشي فِيهَا وحشاً لَيْسَ لَهُ زوج يسكن إِلَيْهَا فَنَامَ نومَة فَاسْتَيْقَظَ فَإِذا عِنْد رَأسه امْرَأَة قَاعِدَة خلقهَا الله من ضلعه فَسَأَلَهَا مَا أَنْت قَالَت: امْرَأَة قَالَ: وَلم خلقت قَالَت: لتسكن إليّ قَالَت لَهُ الْمَلَائِكَة ينظرُونَ مَا يبلغ علمه: مَا اسْمهَا يَا آدم قَالَ: حَوَّاء قَالُوا: لم سميت حوّاء قَالَ: لِأَنَّهَا خلقت من حَيّ فَقَالَ الله {يَا آدم اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن مُجَاهِد قَالَ: نَام آدم فخلقت حَوَّاء من قصيراه فَاسْتَيْقَظَ فرآها فَقَالَ: من أَنْت فَقَالَت: أَنا أسا يَعْنِي امْرَأَة بالسُّرْيَانيَّة

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِن الْمَرْأَة خلقت من ضلع وَأَن أَعْوَج شَيْء من الضلع رَأسه وَإِن ذهبت تُقِيمهُ كَسرته وَإِن تركته تركته وَفِيه عوج فَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سميت حَوَّاء لِأَنَّهَا أم كل حَيّ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سميت الْمَرْأَة مرأة لِأَنَّهَا خلقت من الْمَرْء وَسميت حَوَّاء لِأَنَّهَا أم كل حَيّ وَأخرج إِسْحَاق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن عَطاء قَالَ: لما سجدت الْمَلَائِكَة لآدَم نفر إِبْلِيس نفرة ثمَّ ولى هَارِبا وَهُوَ يلْتَفت أَحْيَانًا ينظر هَل عصى ربه أحد غَيره فَعَصَمَهُمْ الله ثمَّ قَالَ الله لآدَم: قُم يَا آدم فَسلم عَلَيْهِم فَقَامَ فَسلم عَلَيْهِم وردوا عَلَيْهِ ثمَّ عرض الْأَسْمَاء على الْمَلَائِكَة فَقَالَ الله لملائكته: زعتم أَنكُمْ أعلم مِنْهُ (انبئوني بأسماء هَؤُلَاءِ إِن كُنْتُم صَادِقين قَالُوا سُبْحَانَكَ) إِن الْعلم مِنْك وَلَك وَلَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا فَلَمَّا أقرُّوا بذلك (قَالَ يَا آدم أنبئهم بِأَسْمَائِهِمْ) فَقَالَ آدم: هَذِه نَاقَة جمل بقرة نعجة شَاة فرس وَهُوَ من خلق رَبِّي فَكل شَيْء سمي آدم فَهُوَ اسْمه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَجعل يدهو كل شَيْء باسمه حِين يمر بَين يَدَيْهِ حَتَّى بَقِي الْحمار وَهُوَ أخر شَيْء مر عَلَيْهِ فجَاء الْحمار من وَرَاء ظَهره فَدَعَا آدم: أقبل يَا حمَار فَعلمت الْمَلَائِكَة أَنه أكْرم على الله وَأعلم مِنْهُم ثمَّ قَالَ لَهُ ربه: يَا آدم ادخل الْجنَّة تحيا وتكرم فَدخل الْجنَّة فَنَهَاهُ عَن الشَّجَرَة قبل أَن يخلق حَوَّاء فَكَانَ آدم لَا يسْتَأْنس إِلَى خلق فِي الْجنَّة وَلَا يسكن إِلَيْهِ وَلم يكن فِي الْجنَّة شَيْء يُشبههُ فالقى الله عَلَيْهِ النّوم وَهُوَ أوّل نوم كَانَ فانتزعت من ضلعه الصُّغْرَى من جَانِبه الْأَيْسَر فخلقت حَوَّاء مِنْهُ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ آدم جلس فَنظر إِلَى حَوَّاء تشبهه من أحسن الْبشر وَلكُل امْرَأَة فضل على الرجل بضلع وَكَانَ الله علم آدم اسْم كل شَيْء فَجَاءَتْهُ الْمَلَائِكَة فهنوه وسلموا عَلَيْهِ فَقَالُوا: يَا آدم مَا هَذِه قَالَ: هَذِه مرأة قيل لَهُ: فَمَا اسْمهَا قَالَ: حَوَّاء فَقيل لَهُ: لم سميتها حَوَّاء قَالَ: لِأَنَّهَا خلقت من حَيّ فَنفخ بَينهمَا من روح الله فَمَا كَانَ من شَيْء يتراحم النَّاس بِهِ فَهُوَ من فضل رحمتها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَشْعَث الْحدانِي قَالَ: كَانَت حَوَّاء من نسَاء الْجنَّة وَكَانَ الْوَلَد يرى فِي بَطنهَا إِذا حملت ذكر أم أُنْثَى من صفاتها

وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: لما خلق الله آدم وَخلق لَهُ زَوجته بعث إِلَيْهِ ملكا وأمرة بِالْجِمَاعِ فَفعل فَلَمَّا فرغ قَالَت لَهُ حَوَّاء: يَا آدم هَذِه طيب زِدْنَا مِنْهُ أما قَوْله تَعَالَى {وكلا مِنْهَا رغداً} أخرج ابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة قَالَ الرغد الهنيّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الرغد سَعَة العيشة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وكلا مِنْهَا رغداً حَيْثُ شئتما} قَالَ: لَا حِسَاب عَلَيْكُم أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تقربا هَذِه الشَّجَرَة} أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الشَّجَرَة الَّتِي نهى الله عَنْهَا آدم السنبلة وَفِي لفظ الْبر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: الشَّجَرَة الَّتِي نهى الله عَنْهَا آدم الْبر وَلَكِن الْحبَّة مِنْهَا فِي الْجنَّة كمكلي الْبَقر أَلين من الزّبد وَأحلى من الْعَسَل وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك الْغِفَارِيّ فِي قَوْله {وَلَا تقربا هَذِه الشَّجَرَة} قَالَ: هِيَ السنبلة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الشَّجَرَة الَّتِي نهى عَنْهَا آدم الْكَرم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود مثله وَأخرج وَكِيع وَابْن سعد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن جعدة بن هُبَيْرَة قَالَ: الشَّجَرَة الَّتِي افْتتن بهَا آدم الْكَرم وَجعلت فتْنَة لوَلَده من بعده وَالَّتِي أكل مِنْهَا آدم الْعِنَب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هِيَ اللوز قلت: كَذَا فِي النُّسْخَة وَهِي قديمَة وَعِنْدِي أَنَّهَا تصحفت من الْكَرم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تقربا هَذِه الشَّجَرَة} قَالَ: بَلغنِي أَنَّهَا التينة

وَأخرج ابْن جرير عَن بعض الصَّحَابَة قَالَ: هِيَ تينة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: هِيَ التِّين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وَلَا تقربا هَذِه الشَّجَرَة} قَالَ: هِيَ النَّخْلَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط قَالَ: هِيَ الأترج وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن شُعَيْب الحيائي قَالَ: كَانَت الشَّجَرَة الَّتِي نهى الله عَنْهَا آدم وَزَوجته شبه الْبر تسمى الرعة وَكَانَ لباسهم النُّور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَت الشَّجَرَة من أكل مِنْهَا أحدث ولاينبغي أَن يكون فِي الْجنَّة حدث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تقربا هَذِه الشَّجَرَة} قَالَ: ابتلى الله آدم كَمَا ابتلى الْمَلَائِكَة قبله وكل شَيْء خلق مبتلى وَلم يدع الله شَيْئا من خلقه إِلَّا ابتلاه بِالطَّاعَةِ فَمَا زَالَ الْبلَاء بِآدَم حَتَّى وَقع فِيمَا نهي عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ابتلى الله آدم فأسكنه الْجنَّة يَأْكُل مِنْهَا رغداً حَيْثُ شَاءَ وَنَهَاهُ عَن شَجَرَة وَاحِدَة أَن يَأْكُل مِنْهَا وَقدم إِلَيْهِ فِيهَا فَمَا زَالَ بِهِ الْبلَاء حَتَّى وَقع بِمَا نهي عَنهُ فبدت لَهُ سوءته عِنْد ذَلِك وَكَانَ لَا يَرَاهَا فأهبط من الْجنَّة

36

قَوْله تَعَالَى: فأزلهما الشَّيْطَان عَنْهَا فأخرجهما مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عدوّ وَلكم فِي الأَرْض مُسْتَقر ومتاع إِلَى حِين أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فأزلهما} قَالَ: فأغواهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة {فأزلهما} فنحاهما وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قراءتنا فِي الْبَقَرَة مَكَان {فأزلهما} فوسوس وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة قَالُوا: لما قَالَ الله لآدَم {اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة} أَرَادَ إِبْلِيس أَن يدْخل عَلَيْهِمَا الْجنَّة

فَأتى الْحَيَّة هِيَ دَابَّة لَهَا أَربع قَوَائِم كَأَنَّهَا الْبَعِير وَهِي كأحسن الدَّوَابّ فكلمها أَن تدخله فِي فمها حَتَّى تدخل بِهِ إِلَى آدم فادخلته فِي فمها فمرت الْحَيَّة على الخزنة فَدخلت وَلَا يعلمُونَ لما أَرَادَ الله من الْأَمر فَكَلمهُ من فمها فَلم يبال بِكَلَامِهِ فَخرج إِلَيْهِ فَقَالَ (يَا آدم هَل أدلك على شَجَرَة الْخلد وَملك لَا يبْلى) وَحلف لَهما بِاللَّه (إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين) فَأبى آدم أَن يَأْكُل مِنْهَا فَقَعَدت حَوَّاء فَأكلت ثمَّ قَالَت: يَا آدم كل فَإِنِّي قد أكلت فَلم يضر بِي فَلَمَّا أكل (بَدَت لَهما سوآتهما وطفقا يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن عدوّ الله إِبْلِيس عرض نَفسه على دَوَاب الأَرْض أَنَّهَا تحمله حَتَّى يدْخل الْجنَّة مَعهَا ويكلم آدم فَكل الدَّوَابّ أَبى ذَلِك عَلَيْهِ حَتَّى كلم الْحَيَّة فَقَالَ لَهَا: أمنعك من ابْن آدم فَإنَّك فِي ذِمَّتِي إِن أدخلتني الْجنَّة فَحَملته بَين نابين حَتَّى دخلت بِهِ فَكَلمهُ من فِيهَا وَكَانَت كاسية تمشي على أَربع قَوَائِم فاعراها الله وَجعلهَا تمشي على بَطنهَا يَقُول ابْن عَبَّاس: فاقتلوها حَيْثُ وجدتموها اخفروا ذمَّة عدوّ الله فِيهَا وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الشَّجَرَة الَّتِي نهى الله عَنْهَا آدم وَزَوجته السنبلة فَلَمَّا (أكلا مِنْهَا بَدَت لَهما سوآتهما) وَكَانَ الَّذِي دارى عَنْهُمَا من سوآتهما أظفارهما (وطفقا يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة) ورق التِّين يلزقان بعضه إِلَى بعض فَانْطَلق آدم موليا فِي الْجنَّة فَأخذت بِرَأْسِهِ شَجَرَة من شجر الْجنَّة فناداه بِهِ: يَا آدم أمني تَفِر قَالَ: لَا وَلَكِنِّي استحيتك يَا رب قَالَ: أما كَانَ لَك فِيمَا منحتك من الْجنَّة وأبحتك مِنْهَا مندوحة عَمَّا حرمت عَلَيْك قَالَ: بلَى يَا رب وَلَك - وَعزَّتك - مَا حسبت أَن أحدا يحلف بك كَاذِبًا قَالَ: فبعزتي لأهبطنك إِلَى الأَرْض ثمَّ لَا تنَال الْعَيْش إِلَّا كدا فاهبطا من الْجنَّة وَكَانَا يأكلان مِنْهَا رغداً فاهبط إِلَى غير رغد من طَعَام وَلَا شراب فَعلم صَنْعَة الْحَدِيد وَأمر بالحرث فحرث فزرع ثمَّ سقى حَتَّى إِذا بلغ حصد درسه ثمَّ ذراه ثمَّ طحنه عجنه ثمَّ خبزه ثمَّ أكله فَلم يبلغهُ حَتَّى بلغ مِنْهُ مَا شَاءَ الله أَن يبلغ وَكَانَ آدم حِين أهبط من الْجنَّة بَكَى بكاء لم يبكه أحد فَلَو وضع بكاء دَاوُد على خطيئته وبكاء يَعْقُوب على ابْنه وبكاء ابْن آدم على أَخِيه حِين قَتله ثمَّ بكاء أهل الأَرْض مَا عدل ببكاء آدم عَلَيْهِ السَّلَام حِين أهبط

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الْعَزِيز بن عميرَة قَالَ قَالَ الله لآدَم اخْرُج من جواري وَعِزَّتِي لَا يجاورني فِي دَاري من عَصَانِي يَا جِبْرِيل أخرجه اخراجاً غير عنيف فَأخذ بِيَدِهِ يُخرجهُ وَأخرج ابْن إِسْحَاق فِي الْمُبْتَدَأ وَابْن سعد وَأحمد وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أبيّ بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن آدم كَانَ رجلا طوَالًا كَأَنَّهُ نَخْلَة سحوق سِتِّينَ ذِرَاعا كثير شعر الرَّأْس فَلَمَّا ركب الْخَطِيئَة بَدَت لَهُ عَوْرَته وَكَانَ لَا يَرَاهَا قبل ذَلِك فَانْطَلق هَارِبا فِي الْجنَّة فتعلقت بِهِ شَجَرَة فَأخذت بناصيته فَقَالَ لَهَا: أرسليني قَالَ: لست بمرسلتك وناداه ربه: يَا آدم أمني تَفِر قَالَ: يَا رب إِنِّي استحييتك قَالَ: يَا آدم اخْرُج من جواري فبعزتي لَا أساكن من عَصَانِي وَلَو خلقت ملْء الأَرْض مثلك خلقا ثمَّ عصوني لاسكنتهم دَار العاصين قَالَ: أَرَأَيْت إِن أَنا تبت وَرجعت أتتوب عليَّ قَالَ: نعم يَا آدم وَأخرج ابْن عَسَاكِر من حَدِيث أنس مثله وَأخرج ابْن منيع وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْبكاء وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ الله لآدَم: يَا آدم مَا حملك على أَن أكلت من الشَّجَرَة الَّتِي نهيتك عَنْهَا قَالَ: يَا رب زينته لي حَوَّاء قَالَ: فَإِنِّي عَاقبَتهَا بِأَن لَا تحمل إِلَّا كرها وَلَا تضع إِلَّا كرها ودميتها فِي كل شهر مرَّتَيْنِ قَالَ: فرنت حَوَّاء عِنْد ذَلِك فَقيل لَهَا: عَلَيْك الرنة وعَلى بناتك وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَابْن عَسَاكِر عَن عمر بن الْخطاب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله بعث جِبْرِيل إِلَى حَوَّاء حِين دميت فنادت رَبهَا جَاءَ مني دم لَا أعرفهُ فناداها لأدمينك وذريتك ولأجعنله لَك كَفَّارَة وَطهُورًا وَأخرج البُخَارِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَوْلَا بَنو اسرائيل لم يخنز اللَّحْم وَلَوْلَا حَوَّاء لم تخن أُنْثَى زَوجهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والخطيب فِي التَّارِيخ والديلمي فِي مُسْند الفردوس وَابْن عَسَاكِر بسندٍ واهٍ عَن ابْن عمر مَرْفُوعا فضلت على آدم بخصلتين كَانَ شيطاني كَافِرًا فَأَعَانَنِي الله عَلَيْهِ حَتَّى أسلم وَكَانَ أزواجي عوناً لي وَكَانَ شَيْطَان آدم كَافِرًا وَزَوجته عوناً لَهُ على خطيئته

وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا مثله وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد أَن آدم ذكر مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن أفضل مَا فضل بِهِ عَليّ ابْني صَاحب الْبَعِير أَن زَوجته كَانَت عوناً لَهُ على دينه وَكَانَت زَوْجَتي عوناً لي على الْخَطِيئَة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تحاج آدم ومُوسَى فحج آدم مُوسَى فَقَالَ مُوسَى: أَنْت آدم الَّذِي أغويت النَّاس وأخرجتهم من الْجنَّة فَقَالَ لَهُ آدم: أَنْت مُوسَى الَّذِي أعطَاهُ الله كل شَيْء واصطفاه برسالته قَالَ: نعم قَالَ: فتلومني على أَمر قدر عليّ قبل أَن أخلق وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: احْتج آدم ومُوسَى فَقَالَ مُوسَى: أَنْت خلقك الله بِيَدِهِ أسكنك جنته وَأسْندَ لَك مَلَائكَته فأخرجت ذريتك من الْجنَّة وأشقيتهم فَقَالَ آدم: أَنْت مُوسَى الَّذِي اصطفاك الله بِكَلَامِهِ ورسالاته تلومني فِي شَيْء وجدته قد قدر عليّ قبل أَن أخلق فحج آدم مُوسَى وَأخرج أَبُو دَاوُد والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عمر بن الْخطاب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن مُوسَى قَالَ يَا رب أرنا آدم الَّذِي أخرجنَا وَنَفسه من الْجنَّة فَأرَاهُ الله آدم فَقَالَ: أَنْت أَبونَا آدم فَقَالَ لَهُ آدم: نعم قَالَ: أَنْت الَّذِي نفخ الله فِيك من روحه وعلمك الْأَسْمَاء كلهَا وأَمر الْمَلَائِكَة فسجدوا لَك قَالَ: نعم فَقَالَ: مَا حملك على أَن أخرجتنا من الْجنَّة فَقَالَ لَهُ آدم: وَمن أَنْت قَالَ: مُوسَى قَالَ: أَنْت نَبِي بني إسرائي الَّذِي كلمك الله من وَرَاء الْحجاب لم يَجْعَل بَيْنك وَبَينه رَسُولا من خلقه قَالَ: نعم قَالَ: فَمَا وجدت أَن ذَلِك كَانَ فِي كتاب الله قبل أَن أخلق قَالَ: نعم قَالَ: فَلم تلومني فِي شَيْء سبق فِيهِ من الله الْقَضَاء قبل قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عِنْد ذَلِك فحج آدم مُوسَى فحج آدم مُوسَى وَأخرج النَّسَائِيّ وَأَبُو يعلي وَالطَّبَرَانِيّ والآجري عَن جُنْدُب البَجلِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: احْتج آدم ومُوسَى فَقَالَ مُوسَى: يَا آدم أَنْت الَّذِي خلقك الله بِيَدِهِ

وَنفخ فِيك من روحه وأسجد لَك مَلَائكَته وأسكنك جنته وَفعلت مَا فعلت فأخرجت ولدك من الْجنَّة فَقَالَ آدم: أَنْت مُوسَى الَّذِي بَعثك الله رسَالَته وكلمك وآتاك التَّوْرَاة وقربك نجيا أَنا أقدم أم الذّكر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فحج آدم مُوسَى وَأخرج أَبُو بكر الشَّافِعِي فِي الغيلانيات عَن أبي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: احْتج آدم ومُوسَى فَقَالَ مُوسَى: أَنْت آدم الَّذِي خلقك الله بِيَدِهِ وأسجد لَك مَلَائكَته وعملت الْخَطِيئَة الَّتِي أخرجتك من الْجنَّة قَالَ آدم ك أَنْت مُوسَى الَّذِي اصطفاك الله برسالته وَأنزل عَلَيْك التَّوْرَاة وكلمك تكليماً فبكم خطيئتي سبقت خلقي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فحج آدم مُوسَى وَأخرج ابْن النجار عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التقى آدم ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْت آدم الَّذِي خلقك الله بِيَدِهِ وأسجد لَك مَلَائكَته وأدخلك جنته ثمَّ أخرجتنا مِنْهَا فَقَالَ لَهُ آدم: أَنْت مُوسَى الَّذِي اصطفاك الله برسالته وقربك نجيا وَأنزل عَلَيْك التَّوْرَاة فأسألك بِالَّذِي أَعْطَاك ذَلِك بكم تَجدهُ كتب عليّ قبل أَن أخلق قَالَ: أَجِدهُ كتب عَلَيْك بِالتَّوْرَاةِ بألفي عَام فحج آدم مُوسَى أما قَوْله تَعَالَى {وَقُلْنَا اهبطوا} الْآيَة أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقُلْنَا اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عدوّ} قَالَ: آدم وحوّاء وإبليس والحية {وَلكم فِي الأَرْض مُسْتَقر} قَالَ: الْقُبُور {ومتاع إِلَى حِين} قَالَ: الْحَيَاة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عدوّ} قَالَ: آدم والحية والشيطان وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة عَن أبي صَالح قَالَ {اهبطوا} قَالَ: آدم وحوّاء والحية وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ {اهبطوا} يَعْنِي آدم وحوّاء وإبليس وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل الْحَيَّات فَقَالَ: خلقت هِيَ والإِنسان كل وَاحِد مِنْهُمَا عدوّ لصَاحبه إِن رَآهَا أفزعته وَإِن لدغته أوجعته فَاقْتُلْهَا حَيْثُ وَجدتهَا

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَلكم فِي الأَرْض مُسْتَقر} فَوق الأَرْض ومستقر تَحت الأَرْض قَالَ {ومتاع إِلَى حِين} حَتَّى يصير إِلَى الْجنَّة أَو إِلَى النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أهبط آدم إِلَى أَرض يُقَال لَهَا دجنا بَين مَكَّة والطائف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: اهبط آدم بالصفا وحوّاء بالمروة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس إِن أوّل مَا أهبط الله آدم إِلَى أَرض الْهِنْد وَفِي لفظ بدجناء أَرض الْهِنْد وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب: أطيب ريح الأَرْض الْهِنْد أهبط بهَا آدم فعلق رِيحهَا من شجر الْجنَّة وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أهبط آدم بِالْهِنْدِ وحوّاء بجدة فجَاء فِي طلبَهَا حَتَّى أَتَى جمعا فازدلفت إِلَيْهِ حوّاء فَلذَلِك سميت الْمزْدَلِفَة واجتمعا بِجمع فَلذَلِك سميت جمعا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن رَجَاء بن أبي سَلمَة قَالَ: أهبط آدم يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ مطأطئاً رَأسه وأهبط إِبْلِيس مشبكاً بَين أَصَابِعه رَافعا رَأسه إِلَى السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن حميد بن هِلَال قَالَ: إِنَّمَا كره التخصر فِي الصَّلَاة لِأَن إِبْلِيس أهبط متخصراً وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نزل آدم عَلَيْهِ السَّلَام بِالْهِنْدِ فاستوحش فَنزل جِبْرِيل بِالْأَذَانِ: الله أكبر أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مرَّتَيْنِ أشهد أَن مُحَمَّد رَسُول الله مرَّتَيْنِ فَقَالَ: وَمن مُحَمَّد هَذَا قَالَ: هَذَا آخر ولدك من الْأَنْبِيَاء وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: إِن آدم لما أهبط إِلَى الأَرْض هَبَط بِالْهِنْدِ وَإِن رَأسه كَانَ ينَال السَّمَاء وَإِن الأَرْض شكت إِلَى رَبهَا ثقل آدم فَوضع الْجَبَّار تَعَالَى يَده على رَأسه فَانْحَطَّ مِنْهُ سَبْعُونَ ذِرَاعا وَهَبَطَ مَعَه بالعجوة والاترنج والموز فَلَمَّا أهبط قَالَ: رب هَذَا العَبْد الَّذِي جعلت بيني وَبَينه عَدَاوَة إِن لم تَعْنِي عَلَيْهِ لَا أقوى عَلَيْهِ قَالَ: لَا

يُولد لَك ولد إِلَّا وكلت بِهِ ملكا قَالَ: رب زِدْنِي قَالَ: أجازي السَّيئَة بِالسَّيِّئَةِ وبالحسنة عشرَة أَمْثَالهَا إِلَى مَا أَزِيد قَالَ: رب زِدْنِي قَالَ: بَاب التَّوْبَة لَهُ مَفْتُوح مَا دَامَ الرّوح فِي الْجَسَد قَالَ إِبْلِيس: يَا رب هَذَا العَبْد الَّذِي أكرمته إِن لم تَعْنِي عَلَيْهِ لَا أقوى عَلَيْهِ قَالَ: لَا يُولد لَهُ ولد إِلَّا ولد لَك ولد قَالَ: يَا رب زِدْنِي قَالَ: تجْرِي مِنْهُ مجْرى الدَّم وتتخذ فِي صدروهم بُيُوتًا قَالَ: رب زِدْنِي قَالَ (اجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد) (الْإِسْرَاء آيَة 64) وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما خلق الله آدم كَانَ رَأسه يمس السَّمَاء فوطاه الله إِلَى الأَرْض حَتَّى صَار سِتِّينَ ذِرَاعا فِي سَبْعَة أَذْرع عرضا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عمر قَالَ: لما أهبط الله آدم أهبطه بِأَرْض الْهِنْد وَمَعَهُ غرس من شجر الْجنَّة فغرسه بهَا وَكَانَ رَأسه فِي السَّمَاء وَرجلَاهُ فِي الأَرْض وَكَانَ يسمع كَلَام الْمَلَائِكَة فَكَانَ ذَلِك يهوّن عَلَيْهِ وحدته فغمز غمزة فتطأطأ إِلَى سبعين ذِرَاعا فَأنْزل الله إِنِّي منزل عَلَيْك بَيْتا يُطَاف حوله كَمَا تَطوف الْمَلَائِكَة حول عَرْشِي وَيصلى عِنْده كَمَا تصلي الْمَلَائِكَة حول عَرْشِي فَأقبل نَحْو الْبَيْت فَكَانَ مَوضِع كل قدم قَرْيَة وَمَا بَين قَدَمَيْهِ مفازة حَتَّى قدم مَكَّة فَدخل من بَاب الصَّفَا وَطَاف بِالْبَيْتِ وصلّى عِنْده ثمَّ خرج إِلَى الشَّام فَمَاتَ بهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد قَالَ: لما أهبط آدم إِلَى الأَرْض فزعت الوحوش وَمن فِي الأَرْض من طوله فأطر مِنْهُ سَبْعُونَ ذِرَاعا وَأخرج ابْن جرير فِي تَارِيخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن آدم حِين خرج من الْجنَّة كَانَ لَا يمر بِشَيْء إِلَّا عنت بِهِ فَقيل للْمَلَائكَة: دَعوه فليتزوّد مِنْهَا مَا شَاءَ فَنزل حِين نزل بِالْهِنْدِ وَلَقَد حج مِنْهَا أَرْبَعِينَ حجَّة على رجلَيْهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عَطاء بن أبي ريَاح قَالَ: هَبَط آدم بِأَرْض الْهِنْد وَمَعَهُ أَعْوَاد أَرْبَعَة من أَعْوَاد الْجنَّة وَهِي هَذِه التب تتطيب بهَا النَّاس وَأَنه حج هَذَا الْبَيْت على بقرة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: أخرج آدم من الْجنَّة للساعة التَّاسِعَة أَو الْعَاشِرَة فَأخْرج مَعَه غصناً من شجر الْجنَّة على رَأسه تَاج من شجر الْجنَّة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: أهبط آدم بِالْهِنْدِ وهبطت حوّاء بجدة وَهَبَطَ إِبْلِيس بدست بيسان الْبَصْرَة على أَمْيَال وهبطت الْحَيَّة باصبهان وَأخرج ابْن جرير فِي تَارِيخه عَن ابْن عمر قَالَ: إِن الله أوحى إِلَى آدم وَهُوَ بِبِلَاد الْهِنْد أَن حج هَذَا الْبَيْت فحج فَكلما وضع قَدَمَيْهِ صَار قَرْيَة ومابين خطوتيه مفازة حَتَّى انْتهى إِلَى الْبَيْت فَطَافَ بِهِ وَقضى الْمَنَاسِك كلهَا ثمَّ أَرَادَ الرُّجُوع فَمضى حَتَّى إِذا كَانَ بالمازمين تَلَقَّتْهُ الْمَلَائِكَة فَقَالَت: برَّ حجك يَا آدم فدخله من ذَلِك فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك الْمَلَائِكَة مِنْهُ قَالَت: يَا آدم إِنَّا قد حجَجنَا هَذَا قبلك قبل أَن تخلق بألفي عَام فتقاصرت إِلَيْهِ نَفسه وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والاصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: حج آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَلَقِيته الْمَلَائِكَة فَقَالُوا: برَّ نُسكك يَا آدم لقد حجَجنَا قبلك بألفي عَام وَأخرج الْخَطِيب فِي التَّارِيخ بِسَنَد فِيهِ من لَا يعرف عَن يحيى بن أَكْثَم أَنه قَالَ فِي مجْلِس الواثق: من حلق رَأس آدم حِين حج فتعايا الْفُقَهَاء عَن الْجَواب فَقَالَ الواثق: أَنا أحضر من ينبئكم بالْخبر فَبعث إِلَى عَليّ بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن عَليّ بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحِين بن عَليّ بن أبي طَالب فَسَأَلَهُ فَقَالَ: حَدثنِي أبي عَن جدي عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَمر جِبْرِيل أَن ينزل بياقوتة من الْجنَّة فهبط بهَا فَمسح بهَا رَأس آدم فَتَنَاثَرَ الشّعْر مِنْهُ فَحَيْثُ بلغ نورها صَار حرما وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله لما أخرج آدم من الْجنَّة زوّده من ثمار الْجنَّة وَعلمه صَنْعَة كل شَيْء فثماركم من ثمار الْجنَّة غير أَن هَذِه تَتَغَيَّر وَتلك لَا تَتَغَيَّر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وصحه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ مَوْقُوفا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أهبط آدم بِثَلَاثِينَ صنفا من فَاكِهَة الْجنَّة مِنْهَا مَا يُؤْكَل دَاخله وخارجه وَمِنْهَا مَا يُؤْكَل دَاخله ويطرح خَارجه وَمِنْهَا مَا يُؤْكَل خَارجه ويطرح دَاخله

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْبكاء عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة قَالَ: أول شَيْء أكله آدم حِين أهبط إِلَى الأَرْض الكمثرى وَإنَّهُ لما أَرَادَ أَن يتغوّط أَخذه من ذَلِك كَمَا يَأْخُذ الْمَرْأَة عِنْد الْولادَة فَذهب شرقاً وغرباً لَا يدْرِي كَيفَ يصنع حَتَّى نزل إِلَيْهِ جِبْرِيل فأقعى آدم فَخرج ذَلِك مِنْهُ فَلَمَّا وجد رِيحه مكث يبكي سبعين سنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ثَلَاثَة أَشْيَاء أنزلت مَعَ آدم السندان والكلبتان والمطرقة وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر فِي التَّارِيخ بِسَنَد ضَعِيف عَن سلمَان قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن آدم أهبط إِلَى الأَرْض وَمَعَهُ السندان والكلبتان والمطرقة واهبطت حَوَّاء بجدة وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله لما خلق الدُّنْيَا لم يخلق فِيهَا ذَهَبا وَلَا فضَّة فَلَمَّا أَن أهبط آدم وحواء أنزل مَعَهُمَا ذَهَبا وَفِضة فسلكه ينابيع الأَرْض مَنْفَعَة لأولادهما من بعدهمَا وَجعل ذَلِك صدَاق آدم لحواء فَلَا يَنْبَغِي لأحد أَن يتزوّج إِلَّا بِصَدَاق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: لما أهبط الله آدم أهبطه بأَشْيَاء ثَمَانِيَة: أَزوَاج من الإِبل وَالْبَقر والضأن والمعز وأهبطه بباسنة فِيهَا بذر وتعريشة عنبة وَرَيْحَانَة والباسنة: قيل: آلَات الصناع وَقيل هِيَ سكَّة الْحَرْث وَلَيْسَ بعربي مَحْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن السّري بن يحيى قَالَ: اهبط آدم من الْجنَّة وَمَعَهُ البذور فَوضع إِبْلِيس عَلَيْهَا يَده فَمَا أصَاب يَده ذهيت منفعَته وَأخرج ابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَبَط آدم وحواء عريانيين جَمِيعًا عَلَيْهِمَا ورق الْجنَّة فَأَصَابَهُ الْحر حَتَّى قَعَدَ يبكي وَيَقُول لَهَا: يَا حَوَّاء قد آذَانِي الْحر فَجَاءَهُ جِبْرِيل بِقطن وأمرها أَن تغزل وَعلمهَا وَعلم آدم وَأمر آدم بالحياكة وَعلمه وَكَانَ لم يُجَامع إمرائته فِي الْجنَّة حَتَّى هَبَط مِنْهَا وَكَانَ كل مِنْهُمَا ينَام على حِدة حَتَّى جَاءَهُ جِبْرِيل فَأمره أَن يَأْتِي أَهله وَعلمه كَيفَ يأيتها فَلَمَّا أَتَاهَا جَاءَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: كَيفَ وجدت امْرَأَتك قَالَ: صَالِحَة وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أنس مَرْفُوعا أول من حاك آدم عَلَيْهِ السَّلَام

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ آدم عَلَيْهِ السَّلَام حراثاً وَكَانَ إِدْرِيس خياطاً وَكَانَ نوح نجاراً وَكَانَ هود تَاجِرًا وَكَانَ إِبْرَاهِيم رَاعيا وَكَانَ دَاوُد زراداً وَكَانَ سُلَيْمَان خوّاصاً وَكَانَ مُوسَى أَجِيرا وَكَانَ عِيسَى سياحا وَكَانَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شجاعاً جعل رزقه تَحت رمحه وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لرجل عِنْده: أدن مني أحَدثك عَن الْأَنْبِيَاء الْمَذْكُورين فِي كتاب الله أحَدثك عَن آدم كَانَ حراثاً وَعَن نوح كَانَ نجاراً وَعَن إِدْرِيس كَانَ خياطاً وَعَن دَاوُد كَانَ زراداً وَعَن مُوسَى كَانَ رَاعيا وَعَن إِبْرَاهِيم كَانَ زراعاً عَظِيم الضِّيَافَة وَعَن شُعَيْب كَانَ رَاعيا وَعَن لوط كَانَ زراعاً وَعَن صَالح كَانَ تَاجِرًا وَعَن سُلَيْمَان كَانَ ولي الْملك ويصوم من الشَّهْر ستّة أَيَّام فِي أَوله وَثَلَاثَة فِي وَسطه وَثَلَاثَة فِي آخِره وَكَانَ لَهُ تِسْعمائَة سَرِيَّة وثلاثمائة مهرية وأحدثك عَن ابْن الْعَذْرَاء البتول عِيسَى إِنَّه كَانَ لَا يخبىء شَيْئا لغد وَيَقُول: الَّذِي غداني سَوف يعشيني وَالَّذِي عشاني سَوف يغديني ويعبد الله ليلته كلهَا وَهُوَ بِالنَّهَارِ يسبح ويصوم الدَّهْر وَيقوم اللَّيْل كُله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزل آدم بِالْحجرِ الْأسود من الْجنَّة يمسح بِهِ دُمُوعه وَلم ترق دموع آدم حِين خرج من الْجنَّة حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: إِن آدم لما أهبط إِلَى الأَرْض شكا إِلَى ربه الوحشة فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن انْظُر بحيال بَيْتِي الَّذِي رَأَيْت ملائكتي يطوفون بِهِ فَاتخذ بَيْتا فَطُفْ بِهِ كَمَا رَأَيْت ملائكتي يطوفون بِهِ فَكَانَ مَا بَين يَدَيْهِ مفاوز وَمَا بَين قَدَمَيْهِ الْأَنْهَار والعيون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: نزل آدم بِالْهِنْدِ فَنَبَتَتْ شَجَرَة الطّيب وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خرج آدم من الْجنَّة بَين الصَّلَاتَيْنِ صلاه الظّهْر وَصَلَاة الْعَصْر فَأنْزل إِلَى الأَرْض وَكَانَ مكثه فِي الْجنَّة نصف يَوْم من أَيَّام الْآخِرَة وَهُوَ خَمْسمِائَة سنة من يَوْم كَانَ مِقْدَاره اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة وَالْيَوْم ألف سنة مِمَّا يعد أهل الدُّنْيَا فأهبط آدم على جبل بِالْهِنْدِ يُقَال لَهُ نود وأُهْبِطَت حَوَّاء بجدة فَنزل آدم مَعَه ريح الْجنَّة فعلق بشجرها وأوديتها فَامْتَلَأَ مَا هُنَالك

طيبا ثمَّ يُؤْتى بالطيب من ريح آدم وَقَالُوا: أنزل عَلَيْهِ من طيب الْجنَّة أَيْضا وَأنزل مَعَه الْحجر الْأسود وَكَانَ أَشد بَيَاضًا من الثَّلج وعصا مُوسَى وَكَانَت من آس الْجنَّة طولهَا عشرَة أَذْرع على طول مُوسَى وَمر ولبان ثمَّ أنزل عَلَيْهِ بعد السندان والكلبة والمطرقتان فَنظر آدم حِين أهبط على الْجَبَل إِلَى قضيب من حَدِيد نابت على الْجَبَل فَقَالَ: هَذَا من هَذَا فَجعل يكسر أشجاراً قد عتقت ويبست بالمطرقة ثمَّ أوقد على ذَلِك الْقَضِيب حَتَّى ذاب فَكَانَ أول شَيْء ضرب مِنْهُ مدية فَكَانَ يعْمل بهَا ثمَّ ضرب التَّنور وَهُوَ الَّذِي وَرثهُ نوح وَهُوَ الَّذِي فار بِالْهِنْدِ بِالْعَذَابِ فَلَمَّا حج آدم عَلَيْهِ السَّلَام وضع الْحجر الْأسود على أبي قبيس فَكَانَ يضيء لأهل مَكَّة فِي ليَالِي الظُّلم كَمَا يضيء الْقَمَر فَلَمَّا كَانَ قبيل الإِسلام بِأَرْبَع سِنِين وَقد كَانَ الْحيض وَالْجنب يَعْمِدُونَ إِلَيْهِ يمسحونه فاسود فأنزلته قُرَيْش من أبي قبيس وَحج آدم من الْهِنْد أَرْبَعِينَ حجَّة إِلَى مَكَّة على رجلَيْهِ وَكَانَ آدم حِين اهبط يمسح رَأسه السَّمَاء فَمن ثمَّ صلع وأورث وَلَده الصلع ونفرت من طوله دَوَاب الْبر فَصَارَت وحشاً يَوْمئِذٍ وَكَانَ آدم وَهُوَ على ذَلِك الْجَبَل قَائِما يسمع أصوات الْمَلَائِكَة ويجد ريح الْجنَّة فهبط من طوله ذَلِك إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعا فَكَانَ ذَلِك طوله حَتَّى مَاتَ وَلم يجمع حسن آدم لأحد من وَلَده إِلَّا ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام وَأَنْشَأَ آدم يَقُول: رب كنت جَارك فِي دَارك لَيْسَ لي رب غَيْرك وَلَا رَقِيب دُونك آكل فِيهَا رغداً وأسكن حَيْثُ أَحْبَبْت فأهبطتني إِلَى هَذَا الْجَبَل الْمُقَدّس فَكنت أسمع أصوات الْمَلَائِكَة وأراهم كَيفَ يحفونَ بعرشك وَأَجد ريح الْجنَّة وطيبها ثمَّ أهبطتني إِلَى الأَرْض وحططتني إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعا فقد انْقَطع عني الصَّوْت وَالنَّظَر وَذهب عني ريح الْجنَّة فَأَجَابَهُ الله تبَارك وَتَعَالَى: لمعصيتك يَا آدم فعلت ذَلِك بك فَلَمَّا رأى الله عري آدم وحواء أمره أَن يذبح كَبْشًا من الضَّأْن من الثَّمَانِية الْأزْوَاج الَّتِي أنزل الله من الْجنَّة فَأخذ آدم كَبْشًا وذبحه ثمَّ أَخذ صوفه فغزلته حَوَّاء ونسجته هُوَ فنسج آدم جُبَّة لنَفسِهِ وَجعل لحواء درعاً وخماراً فلبساه وَقد كَانَا اجْتمعَا بِجمع فسميت (جمعا وتعارفا بِعَرَفَة فسميت عَرَفَة وبكيا عاى مَا فاتهما مائَة سنة وَلم يأكلا وَلم يشربا أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ أكلا وشربا وهما يَوْمئِذٍ على نود الْجَبَل الَّذِي أهبط عَلَيْهِ آدم وَلم يقرب حَوَّاء مائَة سنة

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس أَن آدم كَانَ لغته فِي الْجنَّة الْعَرَبيَّة فَلَمَّا عصى سلبه الله الْعَرَبيَّة فَتكلم بالسُّرْيَانيَّة فَلَمَّا تَابَ رد عَلَيْهِ الْعَرَبيَّة وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: أوحى الله إِلَى الْملكَيْنِ: أخرجَا آدم وحواء من جواري فَإِنَّهُمَا عصياني فَالْتَفت آدم إِلَى حَوَّاء باكياً وَقَالَ: استعدي لِلْخُرُوجِ من جوَار الله هَذَا أول شُؤْم الْمعْصِيَة فَنزع جِبْرِيل التَّاج عَن رَأسه وَحل مِيكَائِيل الاكليل عَن جَبينه وَتعلق بِهِ غُصْن فَظن آدم أَنه قد عوجل بالعقوبة فَنَكس رَأسه يَقُول: الْعَفو الْعَفو فَقَالَ الله: فرار مني فَقَالَ: بل حَيَاء مِنْك يَا سَيِّدي وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن عَطاء أَن آدم لما أهبط من الْجنَّة خر فِي مَوضِع الْبَيْت سَاجِدا فَمَكثَ أَرْبَعِينَ سنة لَا يرفع رَأسه وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة قَالَ: لما أهبط الله آدم إِلَى الأَرْض قيل لَهُ: لن تَأْكُل الْخبز بالزيت حَتَّى تعْمل عملا مثل الْمَوْت وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ: لما أهبط آدم وإبليس ناح إِبْلِيس حَتَّى بَكَى آدم ثمَّ حدا ثمَّ ضحك وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن آدم قبل أَن يُصِيب الذَّنب كَانَ أَجله بَين عَيْنَيْهِ وأمله خَلفه فَلَمَّا أصَاب الذَّنب جعل الله أمله بَين عَيْنَيْهِ وأجله خَلفه فَلَا يزَال يؤمل حَتَّى يَمُوت وَأخرج وَكِيع وَأحمد فِي الزّهْد عَن الْحسن قَالَ: كَانَ آدم قبل أَن يُصِيب الْخَطِيئَة أَجله بَين عَيْنَيْهِ وأمله وَرَاء ظَهره فَلَمَّا أصَاب الْخَطِيئَة حوّل أمله بَين عَيْنَيْهِ وأجله وَرَاء ظَهره وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: كَانَ عقل آدم مثل عقل جَمِيع وَلَده وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن أَن آدم لما أهبط إِلَى الأَرْض تحرّك بَطْنه فَأخذ لذَلِك غم فَجعل لَا يدْرِي كَيفَ يصنع فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن اقعد فَقعدَ فَلَمَّا قضى حَاجته فَوجدَ الرّيح جزع وَبكى وعض على أُصْبُعه فَلم يزل يعَض عَلَيْهَا ألف عَام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَكَى آدم حِين أهبط من الْجنَّة بكاء لم يبكه أحد فَلَو أَن بكاء جَمِيع بني آدم مَعَ بكاء دَاوُد على خطيئته مَا عدل بكاء

آدم حِين أخرج من الْجنَّة وَمكث أَرْبَعِينَ سنة لَا يرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والخطيب وَابْن عَسَاكِر مَعًا فِي التَّارِيخ عَن بُرَيْدَة يرفعهُ قَالَ: لَو أَن بكاء دَاوُد وبكاء جَمِيع أهل الأَرْض يعدل بكاء آدم مَا عدله وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ: لَو وزن دموع آدم بِجَمِيعِ دموع وَلَده لرجحت دُمُوعه على جَمِيع دموع وَلَده وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ: بَكَى آدم على الْجنَّة ثلثمِائة سنة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: أَن الله لما أهبط آدم وحواء قَالَ: اهبطوا إِلَى الأَرْض فلدوا للْمَوْت وَابْنُوا للخراب وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن مُجَاهِد قَالَ: لما أهبط آدم إِلَى الأَرْض قَالَ لَهُ ربه عز وَجل: ابْن للخراب ولد للفناء وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما أهبط آدم إِلَى الأَرْض كَانَ فِيهَا نسر وحوت فِي الْبَحْر وَلم يكن فِي الأَرْض غَيرهمَا فَلَمَّا رأى النسْر آدم وَكَانَ يأوي إِلَى الْحُوت ويبيت عِنْده كل لَيْلَة قَالَ: يَا حوت لقد أهبط ايوم إِلَى الأَرْض شَيْء يمشي على رجلَيْهِ ويبطش بِيَدِهِ فَقَالَ لَهُ الْحُوت: لَئِن كنت صَادِقا مَالِي فِي الْبَحْر مِنْهُ منجى وَلَا لَك فِي الْبر

37

قَوْله تَعَالَى: فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّه هُوَ التواب الرَّحِيم أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي المعجم الصَّغِير وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن عمر بن الْخطاب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أذْنب آدم بالذنب الَّذِي أذنبه رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ: أَسأَلك بِحَق مُحَمَّد إِلَّا غفرت لي فَأوحى الله إِلَيْهِ: وَمن مُحَمَّد فَقَالَ: تبَارك اسْمك لما خلقتني رفعت رَأْسِي إِلَى عرشك فَإِذا فِيهِ مَكْتُوب لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله فَعلمت أَنه لَيْسَ أحد أعظم عنْدك قدرا مِمَّن جعلت اسْمه مَعَ اسْمك فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا آدم انه آخر النَّبِيين من ذريتك وَلَوْلَا هُوَ مَا خلقتك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات}

قَالَ: أَي رب ألم تخلقني بِيَدِك قَالَ: بلَى قَالَ: أَي رب ألم تنفخ فيّ من روحك قَالَ: بلَى قَالَ أَي رب ألم تسبق إِلَيّ رحمتك قبل غضبك قَالَ: بلَى قَالَ: أَي رب أَرَأَيْت إِن تبت وأصلحت أَرَاجِعِي أَنْت إِلَى الْجنَّة قَالَ: نعم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما أهبط الله آدم إِلَى الأَرْض قَامَ وَجَاء الْكَعْبَة فصلى رَكْعَتَيْنِ فألهمه الله هَذَا الدُّعَاء: اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي وَتعلم حَاجَتي فَأعْطِنِي سؤلي وَتعلم مَا فِي نَفسِي فَاغْفِر لي ذَنبي اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك إِيمَانًا يُبَاشر قلبِي ويقيناً صَادِقا حَتَّى أعلم أَنه لَا يُصِيبنِي إِلَّا مَا كتبت لي وأرضني بِمَا قسمت لي فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا آدم قد قبلت توبتك وغفرت ذنك وَلنْ يدعوني أحد بِهَذَا الدُّعَاء إِلَّا غفرت لَهُ ذَنبه وكفيته المهم من أمره وزجرت عَنهُ الشَّيْطَان واتجرت لَهُ من وَرَاء كل تار وَأَقْبَلت إِلَيْهِ الدُّنْيَا راغمة وَإِن لم يردهَا وَأخرج الجندي وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر فِي فَضَائِل مَكَّة عَن عَائِشَة قَالَت: لما أَرَادَ الله أَن يَتُوب على آدم أذن لَهُ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سبعا - وَالْبَيْت يَوْمئِذٍ ربوة حَمْرَاء - فَلَمَّا صلى رَكْعَتَيْنِ قَامَ اسْتقْبل الْبَيْت وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم سريرتي وعلانيتي فاقبل معذرتي فَأعْطِنِي سؤلي وَتعلم مَا فِي نَفسِي فَاغْفِر لي ذُنُوبِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك إِيمَانًا يُبَاشر قلبِي ويقيناً صَادِقا حَتَّى أعلم أَنه لَا يُصِيبنِي إِلَّا مَا كتبت لي وَالرِّضَا بِمَا قسمت لي فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي قد غفرت ذَنْبك وَلنْ يَأْتِي أحد من ذريتك يدعوني بِمثل مَا دعوتني إِلَّا غفرت ذنُوبه وكشفت غمومه وهمومه ونزعت الْفقر من بَين عَيْنَيْهِ واتجرت لَهُ من وَرَاء كل تَاجر وجاءته الدُّنْيَا وَهِي راغمة وَإِن كَانَ لَا يريدها وَأخرج الْأَزْرَقِيّ فِي تَارِيخ مَكَّة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد لابأس بِهِ عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أهبط الله آدم إِلَى الأَرْض طَاف بِالْبَيْتِ أسبوعاً وَصلى حذاء الْبَيْت رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي وَتعلم حَاجَتي فَأعْطِنِي سؤلي وَتعلم مَا عِنْدِي فَاغْفِر لي ذُنُوبِي أَسأَلك إِيمَانًا يباهي قلبِي ويقيناً صَادِقا حَتَّى أعلم أَنه لَا يُصِيبنِي إِلَّا مَا كتيت لي ورضّني بِقَضَائِك فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا آدم إِنَّك دعوتني بِدُعَاء فاستجبت

لَك فِيهِ وَلنْ يدعوني بِهِ أحد من ذريتك إِلَّا استجبت لَهُ وغفرت لَهُ ذَنبه وفرجت همه وغمه واتجرت لَهُ من وَرَاء كل تَاجر وأتته الدُّنْيَا راغمة وَإِن كَانَ لَا يريدها وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نعيم عَن عبيد ان عُمَيْر اللثي قَالَ: قَالَ آدم: يَا رب أَرَأَيْت مَا أتيت أَشَيْء كتبته عليّ قبل أَن تخلقني أَو شَيْء ابتدعته على نَفسِي قَالَ: بل شَيْء كتبته عَلَيْك قبل أَن أخلقك قَالَ: يَا رب فَكَمَا كتبته عَليّ فاغفره لي فَذَلِك قَوْله {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّه هُوَ التواب الرَّحِيم} وَأخرج عبد بن حميد والن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات} قَالَ: ذكر لنا أَنه قَالَ: يَا رب أَرَأَيْت إِن تبت وأصلحت قَالَ: فَإِنِّي إِذن أرجعك إِلَى الْجنَّة (قَالَا رَبنَا ظلمنَا أَنْفُسنَا وَإِن لم تغْفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) فَاسْتَغْفر آدم ربه وَتَابَ إِلَيْهِ فَتَابَ عَلَيْهِ وَأما عَدو الله إِبْلِيس فوَاللَّه مَا تنصل من ذَنبه وَلَا سَأَلَ التَّوْبَة حِين وَقع بِمَا وَقع بِهِ وَلكنه سَأَلَ النظرة إِلَى يَوْم الدّين فَأعْطى الله كل وَاحِد مهما مَا سَأَلَ وَأخرج الثَّعْلَبِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات} قَالَ: قَوْله (رَبنَا ظلمنَا أَنْفُسنَا وَإِن لم تغْفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات} قَالَ هُوَ قَوْله (رَبنَا ظلمنَا أَنْفُسنَا ) الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات} قَالَ: هُوَ قَوْله (رَبنَا ظلمنَا أَنْفُسنَا ) الْآيَة وَلَو سكت الله عَنْهَا لتفحص رجال حَتَّى يعلمُوا مَا هِيَ وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات} قَالَ: هُوَ قَوْله (رَبنَا ظلمنَا أَنْفُسنَا وَإِن لم تغْفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَعَن الضَّحَّاك مثله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن اسحق التَّمِيمِي قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس مَا الْكَلِمَات الَّتِي تلقى آدم من ربه قَالَ: علم شَأْن الْحَج فَهِيَ الْكَلِمَات وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن زيد ي قَوْله {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك رب عملت سوءا وظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي إِنَّك أَنْت خير الغافرين لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك رب عملت سوءا وظلمت نَفسِي فارحمني إِنَّك أَنْت أرْحم الرَّاحِمِينَ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك رب عملت سوءا وظلمت نَفسِي فتب عَليّ إنت أَنْت التوّاب الرَّحِيم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أنس فِي قَوْله {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات} قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك عملت سوءا وظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي إِنَّك أَنْت خير الغافرين لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك عملت سوءا وظلمت نَفسِي فارحمني إِنَّك أَنْت أرْحم الرَّاحِمِينَ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك عملت سوءا وظلمت نَفسِي فتب عليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم وَذكر أَنه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن شكّ فِيهِ وَأخرج هناد فِي الزّهْد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما أصَاب آدم الْخَطِيئَة فزع إِلَى كلمة الاخلاص فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك رب عملت سوءا وظلمت نَفسِي فتب عليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس إِن آدم عَلَيْهِ السَّلَام طلب التَّوْبَة مِائَتي سنة حَتَّى أَتَاهُ الله الْكَلِمَات ولقنه إِيَّاهَا قَالَ: بَينا آدم عَلَيْهِ السَّلَام جَالس يبكي وَاضع رَاحَته على جَبينه إِذا أَتَاهُ جِبْرِيل فَسلم عَلَيْهِ فَبكى آدم وَبكى جِبْرِيل لبكائه فَقَالَ لَهُ: يَا آدم مَا هَذِه البلية الَّتِي أجحف بك بلاؤها وشقاؤها وَمَا هَذَا الْبكاء قَالَ: يَا جِبْرِيل وَكَيف لَا أبْكِي وَقد حوّلني رَبِّي من ملكوت السَّمَوَات إِلَى هوان الأَرْض وَمن دَار الْمقَام إِلَى دَار الظعن والزوال وَمن دَار النِّعْمَة إِلَى دَار الْبُؤْس والشقاء وَمن دَار الْخلد إِلَى دَار الفناء كَيفَ أحصي يَا جِبْرِيل هَذِه الْمُصِيبَة فَانْطَلق جِبْرِيل إِلَى ربه فَأخْبرهُ بقالة آدم فَقَالَ الله عز وَجل: انْطلق يَا جِبْرِيل إِلَى آدم فَقل: يَا آدم ألم أخلقك بيَدي قَالَ: بلَى يَا رب قَالَ: ألم أنفخ فِيك من روحي قَالَ: بلَى يَا رب قَالَ: ألم أَسجد لَك ملائكتي

قَالَ: بلَى يَا رب قَالَ ألم أسكنك جنتي قَالَ: بلَى يَا رب قَالَ: ألم آمُرك فعصيتني قَالَ: بلَى يَا رب قَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وارتفاعي فِي علو مَكَاني لَو ان ملْء الأَرْض رجَالًا مثلك ثمَّ عصوني لأنزلتهم منَازِل العاصين غير أَنه يَا آدم قد سبقت رَحْمَتي غَضَبي قد سَمِعت صَوْتك وتضرعك ورحمت بكاءك وأقلت عثرتك فَقل: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك عملت سوءا وظلمت نَفسِي فارحمني إِنَّك أَنْت خير الرَّاحِمِينَ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك عملت سوءا وظلمت نَفسِي فتب عليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم فَذَلِك قَوْله {فَتلقى آدم من ربّه كَلِمَات} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن أبي طَالب قَالَ: لما أصَاب آدم الْخَطِيئَة عظم كربه وَاشْتَدَّ ندمه فَجَاءَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا آدم هَل أدلك على بَاب توبتك الَّذِي يَتُوب الله عَلَيْك مِنْهُ قَالَ: بلَى يَا جِبْرِيل قَالَ: قُم فِي مقامك الَّذِي تناجي فِيهِ ربّك فمجده وامدح فَلَيْسَ شَيْء أحب إِلَى الله من الْمَدْح قَالَ: فَأَقُول مَاذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: فَقل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت وَهُوَ حَيّ لَا يَمُوت بِيَدِهِ الْخَيْر كُله وَهُوَ على كل شَيْء قدير ثمَّ تبوء بخطيئتك فَتَقول: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت رب إِنِّي ظلمت نَفسِي وعملت السوء فَاغْفِر لي إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت الله إِنِّي أَسأَلك بجاه مُحَمَّد عَبدك وكرامته عَلَيْك أَن تغْفر لي خطيئتي قَالَ: فَفعل آدم فَقَالَ الله: يَا آدم من علمك هَذَا فَقَالَ: يَا رب إِنَّك لما نفخت فيّ الرّوح فَقُمْت بشرا سوياً أسمع وَأبْصر وأعقل وَأنْظر رَأَيْت على سَاق عرشك مَكْتُوبًا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ مُحَمَّد رَسُول الله فَلَمَّا لم أر أثر اسْمك اسْم ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل غير اسْمه علمت أَنه أكْرم خلقك عَلَيْك قَالَ: صدقت وَقد تبت عَلَيْك وغفرت لَك خطيئتك قَالَ: فَحَمدَ آدم ربه وشكره وَانْصَرف بأعظم سرُور وَلم ينْصَرف بِهِ عبد من عِنْد ربه وَكَانَ لِبَاس آدم النُّور قَالَ الله (ينْزع عَنْهُمَا لباسهما ليريهما سوآتهما) ثِيَاب النُّور قَالَ: فَجَاءَتْهُ الْمَلَائِكَة أَفْوَاجًا تهنئه يَقُولُونَ: لتهنك تَوْبَة الله يَا أَبَا مُحَمَّد وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن قَتَادَة قَالَ: الْيَوْم الَّذِي تَابَ الله فِيهِ على آدم يَوْم عَاشُورَاء

وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس بسندٍ واهٍ عَن عَليّ قَالَ سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ} فَقَالَ: إِن الله أهبط آدم بِالْهِنْدِ وحوّاء بجدة وإبليس ببيسان والحية بأصبهان وَكَانَ للحية قَوَائِم كقوائم الْبَعِير وَمكث آدم بِالْهِنْدِ مائَة سنة باكياً على خطيئته حَتَّى بعث الله إِلَيْهِ جِبْرِيل وَقَالَ: يَا آدم ألم أخلقك بيَدي ألم أنفخ فِيك من روحي ألم أَسجد لَك ملائكتي ألم أزوّجك حَوَّاء أمتِي قَالَ: بلَى قَالَ: فَمَا هَذَا الْبكاء قَالَ: وَمَا يَمْنعنِي من الْبكاء وَقد أخرجت من جوَار الرَّحْمَن قَالَ: فَعَلَيْك بهؤلاء الْكَلِمَات فَإِن الله قَابل توبتك وغافر ذَنْبك قل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِحَق مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد سُبْحَانَكَ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت عملت سوءا وظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِحَق مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد سُبْحَانَكَ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت عملت سوءا وظلمت نَفسِي فتب عليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم فَهَؤُلَاءِ الْكَلِمَات الَّتِي تلقى آدم وَأخرج ابْن النجار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكَلِمَات الَّتِي تلقاها آدم من ربه فَتَابَ عَلَيْهِ قَالَ: سَأَلَ بِحَق مُحَمَّد وَعلي وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن إِلَّا تبت عَليّ فَتَابَ عَلَيْهِ وَأخرج الْخَطِيب فِي أَمَالِيهِ وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد فِيهِ مَجَاهِيل عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن آدم لما أكل من والشجرة أوحى الله إِلَيْهِ: اهبط من جواري وَعِزَّتِي لَا يجاورني من عَصَانِي فهبط إِلَى الأَرْض مسوداً فَبَكَتْ الأَرْض وضجت فَأوحى الله: يَا آدم صم لي الْيَوْم يَوْم ثَلَاثَة عشر فصامه فَأصْبح ثلثه أَبيض ثمَّ أوحى الله إِلَيْهِ: صم لي هَذَا الْيَوْم يَوْم أَرْبَعَة عشر فصامه فَأصْبح ثُلُثَاهُ أَبيض ثمَّ أوحى الله إِلَيْهِ صم لي هَذَا الْيَوْم يَوْم خَمْسَة عشر فصامه فَأصْبح كُله أَبيض فسميت أَيَّام الْبيض وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: لما أهبط الله آدم من الْجنَّة إِلَى الأَرْض قَالَ لَهُ: يَا آدم أَربع احفظهن وَاحِدَة لي عنْدك وَأُخْرَى لَك عِنْدِي وَأُخْرَى بيني وَبَيْنك وَأُخْرَى بَيْنك وَبَين النَّاس فَأَما الَّتِي لي عنْدك فتعبدني لَا تشرك بِي شَيْئا وَأما الَّتِي لَك عِنْدِي فأوفيك عَمَلك لَا أظلمك شَيْئا وَأما الَّتِي بيني وَبَيْنك فتدعوني فاستجيب لَك وَأما الَّتِي بَيْنك وَبَين النَّاس فترضى للنَّاس أَن تَأتي إِلَيْهِم بِمَا ترْضى أَن يؤتوا إِلَيْك بِمثلِهِ

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سلمَان قَالَ: لما خلق الله آدم قَالَ: يَا آدم وَاحِدَة لي وَوَاحِدَة لَك وَوَاحِدَة بيني وَبَيْنك فَأَما الَّتِي لي فتعبدني لَا تشرك بِي شَيْئا وَأما الَّتِي لَك فَمَا عملت من شَيْء جزيتك بِهِ وَأَن أَغفر فَأَنا غَفُور رَحِيم وَأما الَّتِي بيني وَبَيْنك فمنك الْمَسْأَلَة وَالدُّعَاء وَعلي الاجابة وَالعطَاء وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن سلمَان رَفعه وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أهبط الله آدم إِلَى الأَرْض مكث فِيهَا مَا شَاءَ الله أَن يمْكث ثمَّ قَالَ لَهُ بنوه: يَا أَبَانَا تكلم فَقَامَ خَطِيبًا فِي أَرْبَعِينَ ألفا من وَلَده وَولد وَلَده فَقَالَ: إِن الله أَمرنِي فَقَالَ: يَا آدم أقلل كلامك ترجع إِلَى جواري وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أهبط الله آدم إِلَى الأَرْض أَكثر ذُريَّته فَنمت فَاجْتمع إِلَيْهِ ذَات يَوْم وَلَده وَولد وَلَده فَجعلُوا يتحدثون حوله وآدَم سَاكِت لَا يتَكَلَّم فَقَالُوا: يَا أَبَانَا مَا لنا نَحن نتكلم وَأَنت سَاكِت لَا تَتَكَلَّم فَقَالَ: يَا بني إِن الله لما أهبكني من جواره إِلَى الأَرْض عهد إِلَيّ فَقَالَ: يَا آدم أقل الْكَلَام حَتَّى ترجع إِلَى جواري وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن فضَالة بن عبيد قَالَ: إِن آدم كبر حَتَّى تلعب بِهِ بَنو بنيه فَقيل لَهُ: أَلا تنْهى بني بنيك أَن يلعبوا بك قَالَ: إِنِّي رَأَيْت مَا لم يرَوا وَسمعت مَا لم يسمعوا وَكنت فِي الْجنَّة وَسمعت الْكَلَام إِن رَبِّي وَعَدَني إِن أَنا أسكت فمي أَن يدخلني الْجنَّة وَأخرج ابْن الصّلاح فِي أَمَالِيهِ عَن مُحَمَّد بن النَّضر قَالَ: قَالَ آدم: يَا رب شغلتني بكسب يَدي فعلمني شَيْئا فِيهِ مجامع الْحَمد وَالتَّسْبِيح فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا آدم إِذا أَصبَحت فَقل ثَلَاثًا وَإِذا أمسيت فَقل ثَلَاثًا الْحَمد لله رب الْعَالمين حمداً يوافي نعمه ويكافىء مزيده فَذَلِك مجامع الْحَمد وَالتَّسْبِيح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ آدم عَلَيْهِ السَّلَام يشرب من السَّحَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن كَعْب قَالَ: أوّل من ضرب الدِّينَار وَالدِّرْهَم

آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُعَاوِيَة بن يحيى قَالَ: أوّل من ضرب الدِّينَار وَالدِّرْهَم آدم وَلَا تصلح الْمَعيشَة إِلَّا بهما وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: أوّل من مَاتَ آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما حضر آدم قَالَ لِبَنِيهِ: أنطلقوا فاجنوا لي من ثمار الْجنَّة فَخَرجُوا فاستقبلتهم الْمَلَائِكَة فَقَالُوا: أَيْن تُرِيدُونَ قَالُوا: بعثنَا أَبونَا لنجني لَهُ من ثمار الْجنَّة فَقَالُوا: ارْجعُوا فقد كفيتم فَرَجَعُوا مَعَهم حَتَّى دخلُوا على آدم فَلَمَّا رأتهم حَوَّاء ذعرت مِنْهُم وَجعلت تَدْنُو إِلَى آدم وتلصق بِهِ فَقَالَ: إِلَيْك عني إِلَيْك عني فَمن قبلك أتيت خلّي بيني وَبَين مَلَائِكَة رَبِّي قَالَ: فقبضوا روحه ثمَّ غسلوه وحنطوه وكفنوه ثمَّ صلوا عَلَيْهِ ثمَّ حفروا لَهُ ودفنوه ثمَّ قَالُوا: يَا بني آدم هَذِه سنتكم فِي مَوْتَاكُم فكذلكم فافعلوا وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن أبي مَوْقُوفا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن آدم لما حَضرته الْوَفَاة أرسل الله إِلَيْهِ بكفن وحنوط من الْجنَّة فَلَمَّا رَأَتْ حَوَّاء الْمَلَائِكَة جزعت فَقَالَ: خليّ بيني وَبَين رسل رَبِّي فَمَا لقِيت الَّذِي لقِيت إِلَّا مِنْك وَلَا أصابني الَّذِي أصابني إِلَّا مِنْك وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ لآدَم بنُون ودّ سواع ويغوث ويعوق ونسر فَكَانَ أكبرهم يَغُوث فَقَالَ لَهُ: يَا بني انْطلق فَإِن لقِيت أحدا من الْمَلَائِكَة فَأمره يجيئني بِطَعَام من الْجنَّة وشراب من شرابها فَانْطَلق فلقي جِبْرِيل بِالْكَعْبَةِ فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك قَالَ: ارْجع فَإِن أَبَاك يَمُوت فَرجع فوجداه يجود بِنَفسِهِ فَوَلِيه جِبْرِيل فَجَاءَهُ بكفن وحنوط وَسدر ثمَّ قَالَ: يَا بني آدم أَتَرَوْنَ مَا أصنع بأبيكم فاصنعوه بموتاكم فغسلوه وكفنوه وحنطوه ثمَّ حملوه إِلَى الْكَعْبَة فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا ووضعوه مِمَّا يَلِي الْقبْلَة عِنْد الْقُبُور ودفنوه فِي مَسْجِد الْخيف وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صلى جِبْرِيل على آدم وَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا صلى جِبْرِيل بِالْمَلَائِكَةِ يَوْمئِذٍ فِي مَسْجِد الْخيف وَأخذ من قبل الْقبْلَة ولحد لَهُ وسنم قَبره وَأخرج أَوب نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بِجنَازَة فصلى عَلَيْهَا وَكبر أَرْبعا وَقَالَ: كَبرت الْمَلَائِكَة على آدم أَربع تَكْبِيرَات

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ألحد آدم وَغسل بِالْمَاءِ وترا فَقَالَت الْمَلَائِكَة: هَذِه سنة ولد آدم من بعده وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن أبي فراس قَالَ: قبر آدم فِي مغارة فِيمَا بَين بَيت الْمُقَدّس وَمَسْجِد إِبْرَاهِيم وَرجلَاهُ عِنْد الصَّخْرَة وَرَأسه عِنْد مَسْجِد إِبْرَاهِيم وبَينهمَا ثَمَانِيَة عشر ميلًا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: بَكت الْخَلَائق على آدم حِين توفّي سَبْعَة أَيَّام وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن عَسَاكِر عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ أحد من أهل الْجنَّة إِلَّا يدعى باسمه إِلَّا آدم فَإِنَّهُ يكنى أَبَا مُحَمَّد وَلَيْسَ أحد من أهل الْجنَّة إِلَّا وهم جرد مرد إِلَّا مَا كَانَ من مُوسَى بن عمرَان فَإِن لحيته تبلغ سرته وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أهل الْجنَّة لَيست لَهُم كنى إِلَّا آدم فَإِنَّهُ يكنى أَبَا مُحَمَّد تَعْظِيمًا وتوقيراً وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب قَالَ: لَيْسَ أحد فِي الْجنَّة لَهُ لحية إِلَّا آدم عَلَيْهِ السَّلَام لَهُ لحية سَوْدَاء إِلَى سرته: وَذَلِكَ أَنه لم يكن لَهُ فِي الدُّنْيَا لحية وَإِنَّمَا كَانَت اللحى بعد آدم وَلَيْسَ أحد يكنى فِي الْجنَّة غير آدم يكنى فِيهَا أَبَا مُحَمَّد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: لَيْسَ أحد فِي الْجنَّة لَهُ كنية إِلَّا آدم يكنى أَبَا مُحَمَّد أكْرم الله بذلك مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن غَالب بن عبد الله الْعقيلِيّ قَالَ: كنية آدم فِي الدُّنْيَا أَبُو الْبشر وَفِي الْجنَّة أَبُو مُحَمَّد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن خَالِد بن معدان قَالَ: أهبط آدم بِالْهِنْدِ وَإنَّهُ لما توفّي حمله خَمْسُونَ وَمِائَة رجل من بنيه إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ طوله ثَلَاثِينَ ميلًا ودفنوه بهَا وَجعلُوا رَأسه عِنْد الصَّخْرَة وَرجلَيْهِ خَارِجا من بَيت الْمُقَدّس ثَلَاثِينَ ميلًا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: إِن آدم لما طؤطىء منع كَلَام الْمَلَائِكَة - وَكَانَ يسْتَأْنس بكلامهم - بَكَى على الْجنَّة مائَة سنة فَقَالَ الله عز وَجل لَهُ: يَا آدم مَا يحزنك قَالَ: كَيفَ لَا أَحْزَن وَقد اهبطتني من الْجنَّة وَلَا أَدْرِي أَعُود إِلَيْهَا أم لَا فَقَالَ الله تَعَالَى: يَا آدم قل: اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك

سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك رب إِنِّي عملت سوءا وظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي إِنَّك أَنْت خير الغافرين وَالثَّانيَِة: اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك رب إِنِّي عملت سوءا وظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي إِنَّك أَنْت أرْحم الرَّاحِمِينَ والثالثه اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك لَا شريك لَك رب عملت سوءا وظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم فَهِيَ الْكَلِمَات الَّتِي أنزل الله على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَتلقى آدم من ربه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّه هُوَ التواب الرَّحِيم} قَالَ: وَهِي لوَلَده من بعده وَقَالَ آدم لآبن لَهُ يُقَال هبة الله ويسميه أهل التَّوْرَاة وَأهل الإِنجيل شِيث: تعبد لِرَبِّك واسأله أيردني إِلَى الْجنَّة أم لَا فتعبد الله وَسَأَلَ فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي راده إِلَى الْجنَّة فَقَالَ: أَي رب إِنِّي لست آمن أَن أبي سيسألني الْعَلامَة فَألْقى الله سوارا من أسورة الحورفلما أَتَاهُ قَالَ: مَا وَرَاءَك قَالَ: اُبْشُرْ قَالَ: أَخْبرنِي أَنه رادك إِلَى الْجنَّة قَالَ: فَمَا سَأَلته الْعَلامَة فَأخْرج السوار فَرَآهُ فَعرفهُ فَخر سَاجِدا فَبكى حَتَّى سَالَ من عَيْنَيْهِ نهر من دموع وآثاره تعرف بِالْهِنْدِ وَذكر أَن كنز الذَّهَب بِالْهِنْدِ مِمَّا ينْبت من ذَلِك السوار ثمَّ قَالَ: استطعم لي رَبك من ثَمَر الْجنَّة فَلَمَّا خرج من عِنْده مَاتَ آدم فَجَاءَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: إِلَى أَيْن قَالَ: إِن أبي أَرْسلنِي أَن اطلب إِلَى رَبِّي أَن يطعمهُ من ثَمَر الْجنَّة قَالَ: فَإِن ربه قضى أَن لَا يَأْكُل مِنْهَا شَيْئا حَتَّى يعود إِلَيْهَا وَأَنه قد مَاتَ فَارْجِع فواره فَأخذ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَغسله وكفنه وحنطه وَصلى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ جِبْرِيل: هَكَذَا فَاصْنَعُوا بموتاكم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: قبر آدم عَلَيْهِ السَّلَام بني فِي مَسْجِد الْخيف وقبر حَوَّاء بجدة وَأخرج ابْن أبي حنيفَة فِي تَارِيخه وَابْن عَسَاكِر عَن الزُّهْرِيّ وَالشعْبِيّ قَالَا: لما هَبَط آدم من الْجنَّة وانتشر وَلَده أرخ بنوه من هبوط آدم فَكَانَ ذَلِك التَّارِيخ حَتَّى بعث الله نوحًا فأرّخوا ببعث نوح حَتَّى كَانَ الْغَرق فَكَانَ التَّارِيخ من الطوفان إِلَى نَار إِبْرَاهِيم فأرّخ بَنو اسحق من نَار إِبْرَاهِيم إِلَى بعث يُوسُف وَمن بعث يُوسُف إِلَى مبعث مُوسَى وَمن مبعث مُوسَى إِلَى ملك سُلَيْمَان وَمن ملك سُلَيْمَان إِلَى ملك عِيسَى وَمن مبعث عِيسَى إِلَى مبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأرخ بَنو اسماعيل من نَار إِبْرَاهِيم إِلَى بِنَاء الْبَيْت حِين بناه إِبْرَاهِيم واسماعيل فَكَانَ التَّارِيخ من بِنَاء الْبَيْت حَتَّى تَفَرَّقت معد فَكَانَ كلما خرج قوم من تهَامَة أَرخُوا مخرجهم حَتَّى مَاتَ كَعْب بن لؤَي

فأرّخوا من مَوته إِلَى الْفِيل فَكَانَ التَّارِيخ من الْفِيل حَتَّى أرخ عمر بن الْخطاب من الْهِجْرَة وَذَلِكَ سنة سبع عشرَة أَو ثَمَان عشرَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الْعَزِيز بن عمرَان قَالَ: لم يزل للنَّاس تَارِيخ كَانُوا يؤرخون فِي الدَّهْر الأوّل من هبوط آدم من الْجنَّة فَلم يزل ذَلِك حَتَّى بعث الله نوحًا فارخوا من دُعَاء نوح على قومه ثمَّ أَرخُوا من الطوفان ثمَّ أَرخُوا من نَار إِبْرَاهِيم ثمَّ أرخ بَنو اسماعيل من بُنيان الْكَعْبَة ثمَّ أَرخُوا من موت كَعْب بن لؤَي ثمَّ أَرخُوا من عَام الْفِيل ثمَّ أرخ الْمُسلمُونَ بعد من هِجْرَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

38

قَوْله تَعَالَى: قُلْنَا اهبطوا مِنْهَا جَمِيعًا فإمَّا يَأْتينكُمْ مني هدى فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا خوف عَلَيْهِم ولاهم يَحْزَنُونَ وَالَّذين كفرُوا وكذبوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار هم فِيهَا خَالدُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {قُلْنَا اهبطوا مِنْهَا جَمِيعًا فإمَّا يَأْتينكُمْ مني هدى} قَالَ: الْهدى الْأَنْبِيَاء وَالرسل وَالْبَيَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمن اتبع هُدَايَ} الْآيَة قَالَ: مَا زَالَ لله فِي الأَرْض أَوْلِيَاء مُنْذُ هَبَط آدم مَا أخلى الأَرْض لابليس إِلَّا وفيهَا أَوْلِيَاء لَهُ يعْملُونَ لله بِطَاعَتِهِ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَمن اتبع هُدَايَ} بتثقيل الْيَاء وَفتحهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {فَلَا خوف عَلَيْهِم} يَعْنِي فِي الْآخِرَة {وَلَا هم يَحْزَنُونَ} يَعْنِي لَا يَحْزَنُونَ للْمَوْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة قَالَ: لما هَبَط إِبْلِيس قَالَ: أَي رب قد لعنته فَمَا علمه قَالَ: السحر قَالَ: فَمَا قِرَاءَته قَالَ: الشّعْر قَالَ: فَمَا كِتَابه قَالَ: الوشم قَالَ: فَمَا طَعَامه قَالَ: كل ميتَة وَمَا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ قَالَ: فَمَا شرابه قَالَ: كل مُسكر قَالَ: فَأَيْنَ مَسْكَنه قَالَ: الْحمام قَالَ: فَأَيْنَ مَجْلِسه قَالَ: الْأَسْوَاق قَالَ: فَمَا صَوته قَالَ: المزمار قَالَ: فَمَا مصائده: قَالَ: النِّسَاء

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِبْلِيس لرَبه تَعَالَى: يَا رب قد أهبط آدم وَقد علمت أَنه سَيكون كتاب ورسل فَمَا كِتَابهمْ ورسلهم قَالَ: رسلهم الْمَلَائِكَة والنبيون وكتبهم التَّوْرَاة والإِنجيل وَالزَّبُور وَالْفرْقَان قَالَ: فَمَا كتابي قَالَ: كتابك الوشم وقراءتك الشّعْر ورسلك الكهنة وطعامك مَا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وشرابك كل مُسكر وصدقك الْكَذِب وبيتك الْحمام ومصائدك النِّسَاء ومؤذنك المزمار ومسجدك الْأَسْوَاق

40

قَوْله تَعَالَى: يَا بني إِسْرَائِيل اذْكروا نعمي الَّتِي أَنْعَمت عَلَيْكُم وأوفوا بعهدي أوفي بعهدكم وإيي فارهبون وآمنوا بِمَا أنزلت مُصدقا لما مَعكُمْ وَلَا تَكُونُوا أوّل كَافِر بِهِ وَلَا تشتروا بآيتي ثمنا قَلِيلا وإيي فاتقون وَلَا تلبسوا الْحق بِالْبَاطِلِ وتكتموا الْحق وَأَنْتُم تعلمُونَ وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة واركعوا مَعَ الراكعين أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِسْرَائِيل يَعْقُوب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِسْرَائِيل هُوَ يَعْقُوب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مجلز قَالَ: كَانَ يَعْقُوب رجلا بطيشاً فلقي ملكا فعالجه فصرعه الْملك فَضَربهُ على فَخذيهِ فَلَمَّا رأى يَعْقُوب مَا صنع بِهِ بَطش بِهِ فَقَالَ: مَا أَنا بتاركك حَتَّى تسميني اسْما فَسَماهُ إِسْرَائِيل قَالَ أَبُو مجلز: أَلا ترى أَنه من أَسمَاء الْمَلَائِكَة إِسْرَائِيل وَجِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْأَنْبِيَاء من بني إِسْرَائِيل إِلَّا عشرَة نوح وَهود وَصَالح وَلُوط وَشُعَيْب وَإِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل واسحق وَمُحَمّد عَلَيْهِ السَّلَام وَلم من الْأَنْبِيَاء من لَهُ اسمان إِلَّا إِسْرَائِيل وَعِيسَى فإسرائيل يَعْقُوب وَعِيسَى الْمَسِيح وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس: أَن إِسْرَائِيل وَمِيكَائِيل وَجِبْرِيل وإسرافيل كَقَوْلِك عبد الله

وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن الْحَرْث الْبَصْرِيّ قَالَ ايل الله بالعبرانية وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا بني إِسْرَائِيل} قَالَ: للأحبار من الْيَهُود {اذْكروا نعمتي الَّتِي أَنْعَمت عَلَيْكُم} أَي آلائي عنْدكُمْ وَعند آبائكم لما كَانَ نجاهم بِهِ من فِرْعَوْن وَقَومه {وأوفوا بعهدي} الَّذِي أخذت بأعناقكم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ جَاءَكُم {أوف بعهدكم} انجز لكم مَا وعدتكم عَلَيْهِ بتصديقكم مَعَه واتباعه بِوَضْع مَا كَانَ عَلَيْهِم من الإِصر والأغلال {وإياي فارهبون} أَن انْزِلْ بكم مَا أنزلت بِمن كَانَ قبلكُمْ من آبائكم من النقمات {وآمنوا بِمَا أنزلت مُصدقا لما مَعكُمْ وَلَا تَكُونُوا أوّل كَافِر بِهِ} وعندكم بِهِ من الْعلم مَا لَيْسَ عِنْد غَيْركُمْ {وتكتموا الْحق وَأَنْتُم تعلمُونَ} أَي لَا تكتموا مَا عنْدكُمْ من الْمعرفَة برسولي وَبِمَا جَاءَ بِهِ وَأَنْتُم تجدونه عنْدكُمْ فِيمَا تعلمُونَ من الْكتب الَّتِي بِأَيْدِيكُمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وأوفوا بعهدي} يَقُول: مَا أَمرتكُم بِهِ من طَاعَتي ونهيتكم عَنهُ من معصيتي فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيره {أوف بعهدكم} يَقُول: أَرض عَنْكُم وأدخلكم الْجنَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} قَالَ: هُوَ الْمِيثَاق الَّذِي أَخذ عَلَيْهِم فِي سُورَة (لقد أَخذ الله مِيثَاق بني إِسْرَائِيل ) (الْمَائِدَة الْآيَة 12) الْآيَة وَأخرج عبد بن حميدعن قَتَادَة فِي قَوْله {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} قَالَ: الْعَهْد الَّذِي أَخذ الله عَلَيْهِم وَأَعْطَاهُمْ الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة (لقد أَخذ الله مِيثَاق بني إِسْرَائِيل ) (الْمَائِدَة الْآيَة 12) إِلَى قَوْله (ولأدخلنكم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار) وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} قَالَ: أَوْفوا بِمَا افترضت عَلَيْكُم أوف لكم بِمَا رَأَيْت الْوَعْد لكم بِهِ على نَفسِي وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} قَالَ: أَوْفوا بطاعتي أوف لكم بِالْجنَّةِ

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وآمنوا بِمَا أنزلت} قَالَ: الْقرَان {مُصدقا لما مَعكُمْ} قَالَ: التَّوْرَاة والإِنجيل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَلَا تَكُونُوا أوّل كَافِر بِهِ} قَالَ: بِالْقُرْآنِ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: يَقُول يَا معشر أهل الْكتاب آمنُوا بِمَا أنزلت على مُحَمَّد مُصدقا لما مَعكُمْ لأنكم تجدونه مَكْتُوبًا عنْدكُمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل {وَلَا تَكُونُوا أوّل كَافِر بِهِ} يَقُول: لَا تَكُونُوا أوّل من كفر بِمُحَمد {وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا} يَقُول: لَا تَأْخُذُوا عَلَيْهِ أجرا قَالَ: وَهُوَ مَكْتُوب عِنْدهم فِي الْكتاب الأوّل: يَا ابْن آدم علم مجَّانا كَمَا علمت مجَّانا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا} قَالَ: لَا تَأْخُذ على مَا علمت أجرا فَإِنَّمَا أجر الْعلمَاء والحكماء على الله وهم يجدونه عِنْدهم يَا ابْن آدم علم مجَّانا كَمَا علمت مجَّانا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تلبسوا الْحق بِالْبَاطِلِ} قَالَ: لَا تخلطوا الصدْق بِالْكَذِبِ {وتكتموا الْحق وَأَنْتُم تعلمُونَ} قَالَ: لَا تكتموا الْحق وَأَنْتُم قد علمْتُم أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأخرج عبد بن حميدعن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تلبسوا الْحق بِالْبَاطِلِ} قَالَ: لَا تلبسوا الْيَهُودِيَّة والنصرانية بالإِسلام وَأَنْتُم تعلمُونَ أَن دين الله الإِسلام وَأَن الْيَهُودِيَّة والنصرانية بِدعَة لَيست من الله {وتكتمون الْحق وَأَنْتُم تعلمُونَ} قَالَ: كتموا مُحَمَّدًا وهم يعلمُونَ أَنه رَسُول الله يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل يَأْمُرهُم بِالْمَعْرُوفِ وينهاهم عَن الْمُنكر وَيحل لَهُم الطَّيِّبَات وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث وَأخرج ابْن جرير عَن أبي زيد فِي قَوْله {وَلَا تلبسوا الْحق بِالْبَاطِلِ} قَالَ: الْحق التَّوْرَاة الَّتِي أنزل الله وَالْبَاطِل الَّذِي كتبوه بِأَيْدِيهِم وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وتكتموا الْحق} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {واركعوا} قَالَ: صلوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {واركعوا مَعَ الراكعين} قَالَ: أَمرهم أَن يركعوا مَعَ أمة مُحَمَّد يَقُول: كونُوا مِنْهُم وَمَعَهُمْ

44

قَوْله تَعَالَى: أتأمرون النَّاس بِالْبرِّ وتنسون أَنفسكُم وَأَنْتُم تتلون الْكتاب أَفلا تعقلون أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أتأمرون النَّاس بِالْبرِّ وتنسون أَنفسكُم} قَالَ: أُولَئِكَ أهل الْكتاب كَانُوا يأمرون النَّاس بِالْبرِّ وينسون أنفسهم وهم يَتلون الْكتاب وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِمَا فِيهِ وَأخرج الثَّعْلَبِيّ والواحدي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي يهود أهل الْمَدِينَة كَانَ الرجل مِنْهُم يَقُول لصهره ولذوي قرَابَته وَلمن بَينه وَبينهمْ رضَاع من الْمُسلمين: اثْبتْ على الدّين الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ وَمَا يَأْمُرك بِهِ هَذَا الرجل - يعنون بِهِ مُحَمَّدًا - فَإِن أمره حق وَكَانُوا يأمرون النَّاس بذلك وَلَا يَفْعَلُونَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أتأمرون النَّاس بِالْبرِّ} قَالَ: بِالدُّخُولِ فِي دين مُحَمَّد {وَأَنْتُم تتلون} يَقُولُونَ: تدرسون الْكتاب بذلك {أَفلا تعقلون} تفهمون ينهاهم عَن هَذَا الْخلق الْقَبِيح وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: تنهون النَّاس عَن الْكفْر لما عنْدكُمْ من النُّبُوَّة والعهد من التَّوْرَاة وَأَنْتُم تكفرون بِمَا فِيهَا من عهدي إِلَيْكُم فِي تَصْدِيق رَسُولي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي قلَابَة فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: لَا يفقه الرجل كل الْفِقْه حَتَّى يمقت النَّاس فِي ذَات الله ثمَّ يرجع إِلَى نَفسه فَيكون لَهَا أَشد مقتاً وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبَزَّار وَابْن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت لَيْلَة أُسري بِي رجَالًا تقْرض شفاههم بمقاريض من نَار كلما قرضت رجعت فَقلت لجبريل: من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ خطباء من أمتك كَانُوا يأمرون النَّاس بِالْبرِّ وينسون أنفسهم وهم يَتلون الْكتاب أَفلا يعْقلُونَ وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقولُ يُجاء بِالرجلِ يَوْم الْقِيَامَة فَيلقى فِي النَّار فتندلق بِهِ أقتابه فيدور بهَا كَمَا يَدُور

الْحمار برحاه فيطف بِهِ أهل النَّار فَيَقُولُونَ: يَا فلَان مَالك مَا أَصَابَك ألم تكن تَأْمُرنَا بِالْمَعْرُوفِ وتنهانا عَن الْمُنكر فَيَقُول: كنت آمركُم بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتيه وأنهاكم عَن الْمُنكر وآتيه وَأخرج الْخَطِيب فِي اقْتِضَاء الْعلم بِالْعَمَلِ وَابْن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اطلع قوم من أهل الْجنَّة على قوم من أهل النَّار فَقَالُوا: بِمَ دَخَلْتُم النَّار وَإِنَّمَا دَخَلنَا الْجنَّة بتعليمكم قَالُوا: إِنَّا كُنَّا نأمركم وَلَا نَفْعل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخطيب فِي اقْتِضَاء الْعلم بِالْعَمَلِ وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن الْوَلِيد بن عقبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن اناساً من أهل الْجنَّة يتطلعون إِلَى أنَاس من أهل النَّار فَيَقُولُونَ: بِمَ دَخَلْتُم النَّار فوَاللَّه مَا دَخَلنَا الْجنَّة إِلَّا بتعليمكم فَيَقُولُونَ: إِنَّا كُنَّا نقُول وَلَا نَفْعل وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن الْوَلِيد بن عقبَة أَنه خطب النَّاس فَقَالَ فِي خطبَته: ليدخلن امراء النَّار ويدخلن من أطاعهم الْجنَّة فَيَقُولُونَ لَهُم وهم فِي النَّار: كَيفَ دَخَلْتُم النَّار وَإِنَّمَا دَخَلنَا الْجنَّة بطاعتكم فَيَقُولُونَ لَهُم: إِنَّا كُنَّا نأمركم بأَشْيَاء نخالف إِلَى غَيرهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: يشرف قوم فِي الْجنَّة على قوم فِي النَّار فَيَقُولُونَ: مَا لكم فِي النَّار وَإِنَّمَا كُنَّا نعمل بِمَا تعلمُونَ قَالُوا: كُنَّا نعلمكم وَلَا نعمل بِهِ وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن الشّعبِيّ قَالَ: يطلع قوم من أهل الْجنَّة إِلَى قوم من النَّار فَيَقُولُونَ: مَا أدخلكم النَّار وَإِنَّمَا دَخَلنَا الْجنَّة بِفضل تأدبيكم وتعليمكم قَالُوا: إِنَّا كُنَّا نأمر بِالْخَيرِ وَلَا نفعله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخطيب فِي الِاقْتِضَاء والأصبهاني فِي التَّرْغِيب بِسَنَد جيد عَن جُنْدُب بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الْعَالم الَّذِي يعلم النَّاس الْخَيْر وَلَا يعْمل بِهِ كَمثل السراج يضيء للنَّاس وَيحرق نَفسه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن جُنْدُب البَجلِيّ قَالَ: إِن مثل الَّذِي يعظ النَّاس وينسى نَفسه كَمثل الْمِصْبَاح يضيء لغيره وَيحرق نَفسه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخطيب فِي الِاقْتِضَاء عَن أبي بزْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

مثل الَّذِي يعلم النَّاس وينسى نَفسه كَمثل الفتيلة تضيء للنَّاس وَتحرق نَفسهَا وَأخرج ابْن قَانِع فِي مُعْجَمه والخطيب فِي الِاقْتِضَاء عَن سليك قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا علم الْعَالم وَلم يعْمل كَانَ كالمصباح يضيء للنَّاس وَيحرق نَفسه وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجاء بالعالم السوء يَوْم الْقِيَامَة فيقذف فِي جَهَنَّم فيدور بقصبه - قلت: مَا قصبه قَالَ: أمعاؤه - كَمَا يَدُور الْحمار بالرحى فَيُقَال: يَا ويله بِمَ لقِيت هَذَا وَإِنَّمَا اهتدينا بك قَالَ: كنت أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دَعَا النَّاس إِلَى قَول أَو عمل وَلم يعْمل هُوَ بِهِ لم يزل فِي ظلّ سخط الله حَتَّى يكف أَو يعْمل مَا قَالَ ودعا إِلَيْهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس أَنه جَاءَهُ رجل فَقَالَ: يَا ابْن عَبَّاس إِنِّي اريد أَن آمُر بِالْمَعْرُوفِ وأنهى عَن الْمُنكر قَالَ: أَو بلغت ذَلِك قَالَ: أَرْجُو قَالَ: فَإِن لم تخش أَن تفتضح بِثَلَاثَة أحرف فِي كتاب الله فافعل قَالَ: وَمَا هن قَالَ: قَوْله عز وَجل {أتأمرون النَّاس بِالْبرِّ وتنسون أَنفسكُم} أحكمت هَذِه الْآيَة قَالَ: لَا قَالَ: فالحرف الثَّانِي قَالَ قَوْله تَعَالَى (لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كبر مقتاً عِنْد الله أَن تَقولُوا مَالا تَفْعَلُونَ) (الصَّفّ الْآيَة 3) أحكمت هَذِه الْآيَة قَالَ: لَا قَالَ: فالحرف الثَّالِث قَالَ قَول العَبْد الصَّالح شُعَيْب (مَا أُرِيد أَن أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ) (هود الْآيَة 88) أحكمت هَذِه الْآيَة قَالَ: لَا قَالَ: فابدأ بِنَفْسِك وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الشّعبِيّ قَالَ: مَا خطب خطيب فِي الدُّنْيَا إِلَّا سيعرض الله عَلَيْهِ خطبَته مَا أَرَادَ بهَا وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: ويل للَّذي لَا يعلم مرّة وَلَو شَاءَ الله لعلمه وويل للَّذي يعلم وَلَا يعْمل سبع مَرَّات وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: ويل للَّذي لَا يعلم وَلَو شَاءَ الله لعلمه وويل لمن يعلم ثمَّ لايعمل سبع مَرَّات

45

قَوْله تَعَالَى: وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة وَإِنَّهَا لكبيرة إِلَّا على الخاشعين أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة} قَالَ: إنَّهُمَا معونتان من الله فاستعينوا بهما وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب العزاء وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الصَّبْر اعْتِرَاف العَبْد لله بِمَا أصَاب مِنْهُ واحتسابه عِنْد الله رَجَاء ثَوَابه وَقد يجزع الرجل وَهُوَ متجلد لَا يرى مِنْهُ إِلَّا الصَّبْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: الصَّبْر صبران: صَبر عِنْد الْمُصِيبَة حسن وَأحسن مِنْهُ الصَّبْر عَن محارم الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: الصَّبْر بَابَيْنِ الصَّبْر لله فِيمَا أحب وَإِن ثقل على الْأَنْفس والأبدان وَالصَّبْر عَمَّا كره وَإِن نازعت إِلَيْهِ الاهواء فَمن كَانَ هَكَذَا فَهُوَ من الصابرين الَّذين يسلم عَلَيْهِم إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الصَّبْر وَأَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب والديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّبْر ثَلَاثَة فَصَبر على الْمُصِيبَة وصبر على الطَّاعَة وصبر على الْمعْصِيَة وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَفِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت رَدِيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا غُلَام أَلا أعلمك كَلِمَات ينفعك الله بِهن قلت: بلَى قَالَ: احفظ الله يحفظك احفظ الله تَجدهُ أمامك تعرف إِلَى الله فِي الرخَاء يعرفك فِي الشدَّة وَاعْلَم أَن مَا أَصَابَك لم يكن ليخطئك وَأَن مَا أخطأك لم يكن ليصيبك وَإِن الْخَلَائق لَو اجْتَمعُوا على أَن يعطوك شَيْئا لم يرد الله أَن يعطيكه لم يقدروا على ذَلِك أَو أَن يصرفوا عَنْك شَيْئا أَرَادَ اله أَن يعطيكه لم يقدروا على ذَلِك وَأَن قد جف الْقَلَم بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا سَأَلت فَسَأَلَ الله وَإِذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه وَإِذا اعتصمت فاعتصم بِاللَّه واعمل لله بالشكر فِي الْيَقِين وَاعْلَم أَن الصَّبْر على مَا تكره خير كثير وَأَن النَّصْر مَعَ الصَّبْر وَأَن الْفرج مَعَ الكرب إِن مَعَ الْعسر يسرا وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الإِفراد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن

سهل بن سعد السَّاعِدِيّ ان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعبد الله بن عَبَّاس أَلا أعلمك كَلِمَات تنْتَفع بِهن قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: احفظ الله يحفظك احفظ الله تَجدهُ أمامك تعرف إِلَى الله فِي الرخَاء يعرفك فِي الشدَّة فَإِذا سَأَلت فَسَأَلَ الله وَإِذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه جف الْقَلَم بِمَا هُوَ كَائِن فَلَو جهد الْعباد أَن ينفعوك بِشَيْء لم يَكْتُبهُ الله عَلَيْك لم يقدروا عَلَيْهِ وَلَو جهد الْعباد أَن يضروك بِشَيْء لم يَكْتُبهُ الله عَلَيْك لم يقدروا عَلَيْهِ فَإِن اسْتَطَعْت أَن تعْمل لله بِالصّدقِ فِي الْيَقِين فافعل فَإِن لم تستطع فَإِن فِي الصَّبْر على مَا تكره خيرا كثيرا وَاعْلَم أَن النَّصْر مَعَ الصَّبْر وَأَن الْفرج مَعَ الكرب وَأَن مَعَ الْعسر يسرا وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت ذَات يَوْم رَدِيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا أعلمك خِصَالًا ينفعك اله بِهن قلت: بلَى قَالَ: عَلَيْك بِالْعلمِ فَإِن الْعلم خَلِيل الْمُؤمن والحلم وزيره وَالْعقل دَلِيله وَالْعَمَل قيمه والرفق أَبوهُ واللين أَخُوهُ وَالصَّبْر أَمِير جُنُوده وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والخرائطي فِي كتاب الشُّكْر عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الإِيمان نِصْفَانِ فَنصف فِي الصَّبْر وَنصف فِي الشُّكْر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّبْر نصف الإِيمان وَالْيَقِين الإِيمان كُله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا مثله وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَنه الْمَحْفُوظ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الإِيمان على أَربع دعائم على الصَّبْر وَالْعدْل وَالْيَقِين وَالْجهَاد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قيل يَا رَسُول الله أَي الإِيمان أفضل قَالَ: الصَّبْر والسماحة قيل: فَأَي الْمُؤمنِينَ أكمل إِيمَانًا قَالَ: أحْسنهم خلقا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: بَينا أَنا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جَاءَهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا الإِيمان قَالَ: الصَّبْر والسماحة قَالَ: فَأَي الإِسلام أفضل قَالَ: من سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده قَالَ: فَأَي الْهِجْرَة أفضل قَالَ: من هجر السوء قَالَ: فَأَي الْجِهَاد أفضل

قَالَ: من أهرق دَمه وعقر جَوَاده قَالَ: فَأَي الصَّدَقَة أحسن أفضل قَالَ: جهد الْمقل قَالَ: فَأَي الصَّلَاة أفضل قَالَ: طول الْقُنُوت وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: الصَّبْر والسماحة قَالَ: أُرِيد أفضل من ذَلِك قَالَ: لَا تتهم الله فِي شَيْء من قَضَائِهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: الإِيمان الصَّبْر والسماحة الصَّبْر عَن محارم الله وَأَدَاء فَرَائض الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي كتاب الْإِيمَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ: الصَّبْر من الإِيمان بِمَنْزِلَة الرَّأْس من الْجَسَد إِذا قطع الرَّأْس نَتن بَاقِي الْجَسَد وَلَا إِيمَان لمن لَا صَبر لَهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ادخل نَفسك فِي هموم الدُّنْيَا واخرج مِنْهَا بالصب وليردك عَن النَّاس مَا تعلم من نَفسك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قضى نهمته فِي الدُّنْيَا حيل بَينه وَبَين شَهْوَته فِي الْآخِرَة وَمن مد عَيْنَيْهِ إِلَى زِينَة المترفين كَانَ مهيناً فِي ملكوت السَّمَاء وَمن صَبر على الْقُوت الشَّديد أسْكنهُ الله الفردوس حَيْثُ شَاءَ وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ وَاللَّفْظ لَهُ عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ قد أَفْلح من أسلم وَكَانَ رزقه كفافاً وصبر على ذَلِك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْحُوَيْرِث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ طُوبَى لمن رزقه الله الكفاف وصبر عَلَيْهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عسعس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد رجلا فَسَأَلَ عَنهُ فجَاء فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي اردت أَن آتِي هَذَا الْجَبَل فأخلو فِيهِ واتعبد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لصبر أحدكُم سَاعَة على مَا يكره فِي بعض مَوَاطِن الإِسلام خير من عِبَادَته خَالِيا أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عسعس بن سَلامَة عَن أبي حَاضر الْأَسدي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد رجلا فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل: إِنَّه قد تفرد يتعبد فَبعث إِلَيْهِ فَأتى إِلَيْهِ فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا إِن موطناً من مَوَاطِن الْمُسلمين أفضل من عبَادَة الرجل وَحده سِتِّينَ سنة قَالَهَا ثَلَاثًا وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ الْمُسلم الَّذِي يخالط النَّاس ويصبر على أذاهم خير من الْمُسلم الَّذِي لَا يخالط النَّاس وَلَا يصبر على أذاهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّكُم يسره أَن يَقِيه الله من فيح حهنم ثمَّ قَالَ: أَلا إِن عمل الْجنَّة خزن بِرَبْوَةٍ ثَلَاثًا أَلا إِن عمل النَّهَار سهل لشَهْوَة ثَلَاثًا والسعيد من وقى الْفِتَن وَمن ابتلى فَصَبر فيا لَهَا ثمَّ يَا لَهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا صَبر أهل بَيت على جهد ثَلَاثًا إِلَّا أَتَاهُم الله برزق وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول من حَدِيث ابْن عمر مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جَاع أَو احْتَاجَ فكتمه النَّاس كَانَ حَقًا على الله أَن يرزقه رزق سنة من حَلَال وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا من مُؤمن تَقِيّ يحبس الله عَنهُ الدُّنْيَا ثَلَاثَة أَيَّام وَهُوَ فِي ذَلِك رَاض عَن الله من غير جزع إِلَّا وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن شُرَيْح قَالَ: إِنِّي لأصاب بالمصيبة فَأَحْمَد الله عَلَيْهَا أَربع مَرَّات: أَحْمَده إِذْ لم تكن أعظم مِمَّا هِيَ وأحمده إِذْ رَزَقَنِي الصَّبْر عَلَيْهَا وأحمده إِذْ وفقني للاسترجاع لما أَرْجُو فِيهِ من الثَّوَاب وأحمده إِذْ لم يَجْعَلهَا فِي ديني وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَقَالَ هَل مِنْكُم من يُرِيد أَن يؤتيه الله علما بِغَيْر تعلم وهدياً بِغَيْر هِدَايَة هَل مِنْكُم من يُرِيد أَن يذهب الله عَنهُ الْعَمى ويجعله بَصيرًا أَلا إِنَّه من زهد الدُّنْيَا وَقصر أمله فِيهَا أعطَاهُ الله علما بِغَيْر تعلم وَهدى بِغَيْر هِدَايَة أَلا إِنَّه سَيكون بعدكم قوم لايستقيم لَهُم الْملك إِلَّا بِالْقَتْلِ والتجبر وَلَا الْغَنِيّ إِلَّا بالبخل وَالْفَخْر وَلَا الْمحبَّة إِلَّا باللاستجرام فِي الدّين وَاتِّبَاع الْهوى إِلَّا فَمن أدْرك ذَلِك الزَّمَان مِنْكُم فَصَبر للفقر وَهُوَ يقدر على الْغنى وصبر للبغضاء وَهُوَ يقدر على الْمحبَّة وصبر على الذل وَهُوَ يقدر على الْعِزّ لَا يُرِيد بذلك إِلَّا وَجه الله أعطَاهُ ثَوَاب خمسين صديقا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الإِيمان الصَّبْر والسماحة وَأخرج مَالك وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّه من يستعف يعفه الله وَمن يسْتَغْن

يغنه الله وَمن يتصبر يصبره الله وَلم تعطوا عطاءا خيرا وأوسع من الصَّبْر وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: وجدنَا خير عيشنا الصَّبْر وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: مَا نَالَ رجلا من جسيم الْخَيْر شَيْء إِلَّا بِالصبرِ وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَالصَّلَاة} أخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة} قَالَ: على مرضاة الله وَاعْلَمُوا أَنَّهُمَا من طَاعَة الله وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير عَن حُذَيْفَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حز بِهِ أَمر فزع إِلَى الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَت لَيْلَة ريح كَانَ مفزعه إِلَى الْمَسْجِد حَتَّى يسكن وَإِذا حدث فِي السَّمَاء حدث من كسوف شمس أَو قمر كَانَ مفزعه إِلَى الصَّلَاة وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن صُهَيْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانُوا - يَعْنِي الْأَنْبِيَاء - يفزعون إِذا فزعوا إِلَى الصَّلَاة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ فِي مسير لَهُ فنعي إِلَيْهِ ابْن لَهُ فَنزل فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ اسْترْجع وَقَالَ: فعلنَا كَمَا أمرنَا الله فَقَالَ {وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس أَنه نعي إِلَيْهِ أَخُوهُ قثم وَهُوَ فِي مسير فَاسْتَرْجع ثمَّ تنحى عَن الطَّرِيق فصلى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فيهمَا الْجُلُوس ثمَّ قَامَ يمشي إِلَى رَاحِلَته وَهُوَ يَقُول {وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة وَإِنَّهَا لكبيرة إِلَّا على الخاشعين} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبَادَة بن مُحَمَّد بن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: لما حضرت عبَادَة الْوَفَاة قَالَ: أحرج على إِنْسَان مِنْكُم يبكي فَإِذا خرجت نَفسِي فتوضؤوا وأحسنوا الْوضُوء ثمَّ ليدْخل كل إِنْسَان مِنْكُم مَسْجِدا فَيصَلي ثمَّ يسْتَغْفر لِعِبَادِهِ ولنفسه فَإِن الله تبَارك وَتَعَالَى قَالَ {وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة} ثمَّ أَسْرعُوا بِي إِلَى حفرتي وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد

ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أمه أم كُلْثُوم بنت عقبَة وَكَانَت من الْمُهَاجِرَات الأول فِي قَوْله {وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة} قَالَت: غشي على الرَّحْمَن بن عبد الرَّحْمَن غشية فظنوا أَنه افاض نَفسه فِيهَا فَخرجت امْرَأَته أم كُلْثُوم إِلَى الْمَسْجِد تستعين بِمَا أمرت بِهِ من الصَّبْر وَالصَّلَاة فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: أغشي عليّ آنِفا قَالُوا: نعم قَالَ: صَدقْتُمْ إِنَّه جَاءَنِي ملكان فَقَالَا لي: انْطلق نحاكمك إِلَى الْعَزِيز الْأمين فَقَالَ ملك آخر: ارْجِعَا فَإِن هَذَا مِمَّن كتبت لَهُ السَّعَادَة وهم فِي بطُون أمهاتهم ويستمع بِهِ بنوه مَا شَاءَ الله فَعَاشَ بعد ذَلِك شهرا ثمَّ مَاتَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مقَاتل بن حبَان فِي قَوْله {وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة} يَقُول: اسْتَعِينُوا على طلب الْآخِرَة بِالصبرِ على الْفَرَائِض وَالصَّلَاة فحافظوا عَلَيْهَا وعَلى مواقيتها وتلاوة الْقُرْآن فِيهَا وركوعها وسجودها وتكبيرها وَالتَّشَهُّد فِيهَا وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإكمال ظُهُورهَا فَذَلِك إِقَامَتهَا وإتمامها قَوْله {وَإِنَّهَا لكبيرة إِلَّا على الخاشعين} يَقُول: صرفك عَن بَيت الْمُقَدّس إِلَى الْكَعْبَة كبر ذَلِك على الْمُنَافِقين وَالْيَهُود {إِلَّا على الخاشعين} يَعْنِي المتواضعين وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَإِنَّهَا لكبيرة} قَالَ: لثقيلة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَإِنَّهَا لكبيرة} قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ واله يَا مُحَمَّد إِنَّك لتدعونا إِلَى أَمر كَبِير قَالَ: إِن الصَّلَاة والإِيمان بِاللَّه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا على الخاشعين} قَالَ: المصدقين بِمَا أنزل الله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِلَّا على الخاشعين} قَالَ: الْمُؤمنِينَ حَقًا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {إِلَّا على الخاشعين} قَالَ: الْخَائِفِينَ

46

قَوْله تَعَالَى: الَّذين يظنون أَنهم ملاقوا رَبهم وَإِنَّهُم إِلَيْهِ رَاجِعُون أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كل ظن فِي الْقُرْآن فَهُوَ يَقِين وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: مَا كَانَ من ظن الْآخِرَة فَهُوَ علم

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَإِنَّهُم إِلَيْهِ رَاجِعُون} قَالَ: يسيقنون أَنهم رَاجِعُون إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة

47

قَوْله تَعَالَى: يَا بني إِسْرَائِيل اذْكروا نعمني الَّتِي أَنْعَمت عَلَيْكُم وَأَنِّي فضلتكم على الْعَالمين أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب أَنه كَانَ إِذا تَلا {اذْكروا نعمتي الَّتِي أَنْعَمت عَلَيْكُم} قَالَ: مضى الْقَوْم وَإِنَّمَا يَعْنِي بِهِ أَنْتُم وَأخرج ابْن جرير عَن سُفْيَان بن عَيْنِيَّة فِي قَوْله {اذْكروا نعمتي} قَالَ: أيادي الله عَلَيْكُم وأيامه وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَا بني إِسْرَائِيل اذْكروا نعمتي الَّتِي أَنْعَمت عَلَيْكُم} قَالَ: نعْمَة الله الَّتِي أنعم على بني إِسْرَائِيل فِيمَا سمي وَفِيمَا سوى ذَلِك فجر لَهُم الْحجر وَأنزل عَلَيْهِم الْمَنّ والسلوى وأنجاهم من عبودية آل فِرْعَوْن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَأَنِّي فضلتكم على الْعَالمين} قَالَ: فضلوا على الْعَالم الَّذِي كَانُوا فِيهِ وَلكُل زمَان عَالم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَأَنِّي فضلتكم على الْعَالمين} قَالَ: على من هم بَين ظهريه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَأَنِّي فضلتكم على الْعَالمين} قَالَ: بِمَا أعْطوا من الْملك وَالرسل والكتب على من كَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان فَإِن لكل زمَان عَالما

48

قَوْله تَعَالَى: وَاتَّقوا يَوْمًا لاتجزى نفس عَن نفس شَيْئا وَلَا يقبل مِنْهَا شَفَاعَة وَلَا يُؤْخَذ مِنْهَا عدل وَلَا هم ينْصرُونَ أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَرَأت على أبي بن كَعْب

{وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي نفس عَن نفس} بِالتَّاءِ {وَلَا يقبل مِنْهَا شَفَاعَة} بِالتَّاءِ {وَلَا يُؤْخَذ مِنْهَا عدل} بِالْيَاءِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {لَا تجزي نفس عَن نفس شَيْئا} قَالَ: لَا تغني نفس مُؤمنَة عَن نفس كَافِرَة من الْمَنْفَعَة شَيْئا وَأخرج ابْن جرير عَن عمر بن قيس الْملَائي عَن رجل من بني أُميَّة من أهل الشَّام أحسن الثَّنَاء عَلَيْهِ قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله مَا الْعدْل قَالَ: الْعدْل الْفِدْيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا يُؤْخَذ مِنْهَا عدل} قَالَ: بدل الْبَدَل الْفِدْيَة وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قراءتنا قبل الْخمسين من الْبَقَرَة مَكَان / لَا تقبل مِنْهَا شَفَاعَة / لَا يُؤْخَذ

49

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ نجيناكم من آل فِرْعَوْن يسومونكم سوء الْعَذَاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نِسَاؤُكُمْ وَفِي ذَلِكُم بلَاء من ربكُم عَظِيم أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت الكهنة لفرعون: إِنَّه يُولد فِي هَذَا الْعَام مَوْلُود يذهب بملكك فَجعل فِرْعَوْن على كل ألف امْرَأَة مائَة رجل وعَلى كل مائَة عشرَة وعَلى كل عشر رجلا فَقَالَ: انْظُرُوا كل امْرَأَة حَامِل فِي الْمَدِينَة فَإِذا وضعت حملهَا ذكرا فاذبحوه وَإِن أَتَت أُنْثَى فَخلوا عَنْهَا وَذَلِكَ قَوْله {يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {يسومونكم سوء الْعَذَاب} الْآيَة قَالَ: إِن فِرْعَوْن ملكهم أَرْبَعمِائَة سنة فَقَالَ لَهُ الكهنة: سيولد الْعَام بِمصْر غُلَام يكون هلاكك على يَدَيْهِ فَبعث فِي أهل مصر للنِّسَاء قوابل فَإِذا ولدت امْرَأَة غُلَاما أَتَى بِهِ فِرْعَوْن فَقتله ويستحي الْجَوَارِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بلَاء من ربكُم عَظِيم} يَقُول: نعْمَة وَأخرج وَكِيع عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَفِي ذَلِكُم بلَاء من ربكُم عَظِيم} قَالَ: نعْمَة من ربكُم عَظِيمَة

50

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ فرقنا بكم الْبَحْر فأنجيناكم وأغرقنا آل فِرْعَوْن وَأَنْتُم تنْظرُون

أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذ فرقنا بكم الْبَحْر فأنجيناكم وأغرقنا آل فِرْعَوْن وَأَنْتُم تنْظرُون} قَالَ: أَي وَالله لفرق بهم الْبَحْر حَتَّى صَار طَرِيقا يبساً يَمْشُونَ فِيهِ (فأنجاهم وَأغْرقَ آل فِرْعَوْن) عدوهم نعم من عِنْد الله يعرفهُمْ لكيما يشكروا ويعرفوا حَقه وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَرَأى الْيَهُود يَصُومُونَ يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ: مَا هَذَا الْيَوْم الَّذِي تصومون قَالُوا: هَذَا يَوْم صَالح نجى الله فِيهِ بني إِسْرَائِيل من عدوهم فصامه مُوسَى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نَحن أَحَق بمُوسَى مِنْكُم فصامه وَأمر بصومه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سعيد بن جُبَير أَن هِرقل كتب إِلَى مُعَاوِيَة وَقَالَ: إِن كَانَ بَقِي فيهم شَيْء من النبوّة فسيخبرني عَمَّا أسألهم عَنهُ قَالَ: وَكتب إِلَيْهِ يسْأَله عَن المجرة وَعَن الْقوس وَعَن الْبقْعَة الَّتِي لم تصبها الشَّمْس إِلَّا سَاعَة وَاحِدَة قَالَ: فَلَمَّا أَتَى مُعَاوِيَة الْكتاب وَالرَّسُول قَالَ: إِن هَذَا شَيْء مل كنت آبه لَهُ أَن أسأَل عَنهُ إِلَى يومي هَذَا من لهَذَا قَالُوا: ابْن عَبَّاس وطوى مُعَاوِيَة كتاب هِرقل وَبَعثه إِلَى ابْن عَبَّاس فَكتب إِلَيْهِ: إِن الْقوس أَمَان لأهل الأَرْض من الْغَرق والمجرة بَاب السَّمَاء الَّذِي تشق مِنْهُ وَأما الْبقْعَة الَّتِي لم تصبها الشَّمْس إِلَّا سَاعَة من نَهَار فالبحر الَّذِي أفرج عَن بني إِسْرَائِيل وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فلق الْبَحْر لبني إِسْرَائِيل يَوْم عَاشُورَاء

51

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ وعدنا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ اتخذتم الْعجل من بعده وَأَنْتُم ظَالِمُونَ أخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَإِذ واعدنا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَة} قَالَ: ذَا القعده وَعشرا من ذِي الْحجَّة وَذَلِكَ حِين خلف مُوسَى أَصْحَابه

واستخلف عَلَيْهِم هَارُون فَمَكثَ على الطّور أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَأنزل عَلَيْهِم التَّوْرَاة فِي اللَّوْح فقربه الرب نجياً وَكَلمه وَسمع صرير الْقَلَم وبلغنا أَنه لم يحدث حَدثا فِي الْأَرْبَعين لَيْلَة حَتَّى هَبَط الطّور أما قَوْله {ثمَّ اتخذتم} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: اسْم عجل بني سرائيل الَّذِي عبدوه يهبوب

52

قَوْله تَعَالَى: ثمَّ عَفَوْنَا عَنْكُم من بعد ذَلِك لَعَلَّكُمْ تشكرون أخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {ثمَّ عَفَوْنَا عَنْكُم من بعد ذَلِك} يَعْنِي من بعد مَا اتخذتم الْعجل

53

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب وَالْفرْقَان لَعَلَّكُمْ تهتدون أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذ آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب وَالْفرْقَان} قَالَ: الْكتاب هُوَ الْفرْقَان فرق بَين الْحق وَالْبَاطِل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْفرْقَان جماع اسْم التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَالْفرْقَان

54

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قوم إِنَّكُم ظلمتم أَنفسكُم باتخاذكم الْعجل فتوبوا إِلَى بارئكم فَاقْتُلُوا أَنفسكُم ذَلِك خير لكم عِنْد بارئكم فَتَابَ عَلَيْكُم إِنَّه هُوَ التواب الرَّحِيم أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَمر مُوسَى قومه عَن أَمر ربه أَن يقتلُوا أنفسهم واحتبى الَّذين عكفوا على الْعجل فجلسوا وَقَامَ الَّذين لم يعكفوا على الْعجل فَأخذُوا الخناجر بِأَيْدِيهِم وأصابتهم ظلمَة شَدِيدَة فَجعل يقتل بَعضهم بَعْضًا فانجلت الظلمَة عَنْهُم وَقد أجلوا عَن سبعين ألف قَتِيل كل من قتل مِنْهُم كَانَت لَهُ تَوْبَة وكل من وَبَقِي كَانَت لَهُ تَوْبَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: قَالُوا لمُوسَى: مَا تَوْبَتنَا قَالَ: يقتل بَعْضكُم بَعْضًا فَأخذُوا السكاكين فَجعل الرجل يقتل أَخَاهُ وأباه وَابْنه - وَالله لَا يُبَالِي من قتل - حَتَّى قتل مِنْهُم سَبْعُونَ ألفا فَأوحى الله إِلَى مُوسَى: مرهم فَلْيَرْفَعُوا أَيْديهم وَقد غفر لمن قتل وتيب على من بَقِي وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّكُم ظلمتم أَنفسكُم} الْآيَة قَالَ: أَمر الْقَوْم بشديدة من الْبلَاء فَقَامُوا يتناحرون بالشفار وَيقتل بَعضهم بَعْضًا حَتَّى بلغ الله نقمته فيهم وعقوبته فَلَمَّا بلغ ذَلِك سَقَطت الشفار من أَيْديهم وَأمْسك عَنْهُم الْقَتْل فَجعله الله للحي مِنْهُم تَوْبَة وللمقتول شَهَادَة وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لما أمرت بَنو إسرائي بقتل أَنْفسهَا برزوا وَمَعَهُمْ مُوسَى فاضطربوا بِالسُّيُوفِ وتطاعنوا بالخناجر ومُوسَى رَافع يَدَيْهِ حَتَّى إِذا أفنوا بَعضهم قَالُوا: يَا نَبِي الله ادْع لنا وَأخذُوا بعضديه فَلم يزل أَمرهم على ذَلِك حَتَّى إِذا قبل الله تَوْبَتهمْ قبض أَيْديهم بَعضهم عَن بعض فَألْقوا السِّلَاح وحزن مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيل للَّذي كَانَ من الْقَتْل فيهم فَأوحى الله إِلَى مُوسَى: مَا يحزنك أما من قتل مِنْكُم فحي عِنْدِي يرْزق وَأما من بَقِي فقد قبلت تَوْبَته فسر بذلك مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيل وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {إِلَى بارئكم} قَالَ: خالقكم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول تبع: شهِدت على أَحْمد أَنه رَسُول من الله باري النسم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {إِلَى بارئكم} قَالَ: خالقكم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ أَمر مُوسَى قومه عَن أَمر ربه أَن يقتل بَعضهم بعض بالخناجر فَفَعَلُوا فَتَابَ الله عَلَيْهِم

55

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لن نؤمن لَك حَتَّى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وَأَنْتُم تنْظرُون ثمَّ بعثناكم من بعد موتكم لَعَلَّكُمْ تشكرون

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حَتَّى نرى الله جهرة} قَالَ: عَلَانيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {وَإِذ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لن نؤمن لَك حَتَّى نرى الله جهرة} قَالَ: هم السبعون الَّذِي اخْتَارَهُمْ مُوسَى {فأخذتكم الصاعقة} قَالَ: مَاتُوا {ثمَّ بعثناكم من بعد موتكم} فبعثوا من بعد الْمَوْت ليستوفوا آجالهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: عُوقِبَ الْقَوْم فأماتهم الله عُقُوبَة ثمَّ بَعثهمْ إِلَى بَقِيَّة آجالهم ليتوفوها وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {فأخذتكم الصاعقة} قَالَ: الْعَذَاب وَأَصله الْمَوْت قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت ربيعَة وَهُوَ يَقُول: وَقد كنت أخْشَى عَلَيْك الحتوف وَقد كنت آمنك الصاعقة

57

قَوْله تَعَالَى: وظللنا عَلَيْكُم الْغَمَام وأنزلنا عَلَيْكُم الْمَنّ والسلوى كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم وَمَا ظلمونا وَلَكِن كَانُوا أنفسهم يظْلمُونَ أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وظللنا عَلَيْكُم الْغَمَام} قَالَ: غمام أبرد من هَذَا وَأطيب وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي فِيهِ يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ الَّذِي جَاءَت فِيهِ الْمَلَائِكَة يَوْم بدر وَكَانَ مَعَهم فِي التيه وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وظللنا عَلَيْكُم الْغَمَام} قَالَ: لَيْسَ بالسحاب هُوَ الْغَمَام الَّذِي يَأْتِي الله فِيهِ يَوْم الْقِيَامَة وَلم يكن إِلَّا لَهُم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وظللنا عَلَيْكُم الْغَمَام} قَالَ: هُوَ السَّحَاب الْأَبْيَض الَّذِي لَا مَاء فِيهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مجلز فِي قَوْله {وظللنا عَلَيْكُم الْغَمَام} قَالَ: ظلل عَلَيْهِم فِي التيه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قتاد فِي قَوْله {وظللنا عَلَيْكُم الْغَمَام} الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا فِي الْبَريَّة ظلل عَلَيْهِم الْغَمَام من الشَّمْس وأطعمهم الْمَنّ والسلوى حِين برزوا إِلَى الْبَريَّة فَكَانَ الْمَنّ يسْقط عَلَيْهِم فِي محلتهم سُقُوط الثَّلج أَشد بَيَاضًا من الثَّلج يسْقط عَلَيْهِم من طُلُوع الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس فَيَأْخُذ الرجل قدر مَا يَكْفِيهِ يَوْمه ذَلِك فَإِن تعدى فسد وَمَا يبْقى عِنْده حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم سادسه جُمُعَة أَخذ مَا يَكْفِيهِ ليَوْم سادسه وَيَوْم سابعه فيبقي عِنْده لِأَن إِذا كَانَ يَوْم عيد لَا يشخص فِيهِ لأمر معيشة وَلَا لطلب شَيْء وَهَذَا كُله فِي الْبَريَّة أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ {الْمَنّ} شَيْء أنزلهُ الله عَلَيْهِم مثل الطل شبه الرب الغليظ {والسلوى} طير أكبر من العصفور وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: {الْمَنّ} صمغة {والسلوى} طَائِر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالُوا يَا مُوسَى كَيفَ لنا بِمَاء هَهُنَا أَيْن الطَّعَام فَأنْزل الله عَلَيْهِم الْمَنّ فَكَانَ يسْقط على شَجَرَة الترنجبين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ مَا الْمَنّ قَالَ: خبز الرقَاق مثل الذّرة أَو مثل النقي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس قَالَ {الْمَنّ} شراب كَانَ ينزل عَلَيْهِم مثل الْعَسَل فيمزجونه بِالْمَاءِ ثمَّ يشربونه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْمَنّ ينزل عَلَيْهِم بِاللَّيْلِ على الْأَشْجَار فيغذون إِلَيْهِ فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ مَا شاؤوا {والسلوى} طَائِر شَبيه بالسماني كَانُوا يَأْكُلُون مِنْهُ مَا شاؤوا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {الْمَنّ} الَّذِي يسْقط من السَّمَاء على الشّجر فتأكله النَّاس {والسلوى} هُوَ السماني وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن زيد قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الكمأة من الْمَنّ وماؤها شِفَاء للعين وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مثله وَأخرج النَّسَائِيّ من حَدِيث جَابر بن عبد الله وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَابْن عَبَّاس مثله

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة {والسلوى} طَائِر يشبه السماني وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك أَنه كَانَ يَقُول: السماني هِيَ السلوى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت السلوى طيراً إِلَى الْحمرَة تحشرها عَلَيْهِم الرّيح الْجنُوب فَكَانَ الرجل مِنْهُم يذبح مِنْهَا قدر مَا يَكْفِيهِ يَوْمه ذَلِك فَإِذا تعدى فسد وَلم يبْق عِنْده حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم سادسه يَوْم جمعته أَخذ مَا يَكْفِيهِ ليَوْم سادسه وَيَوْم سابعه وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: سَأَلت بَنو إِسْرَائِيل مُوسَى اللَّحْم فَقَالَ الله: لأطعمنهم من أقل لحم يعلم فِي الأَرْض فَأرْسل عَلَيْهِم ريحًا فأذرت عِنْد مساكنهم السلوى - وَهُوَ السماني - ميلًا فِي ميل قيد رمح فِي السَّمَاء فجنوا للغد فنتن اللَّحْم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن السلوى فَقَالَ: طير سمين مثل الْحمام وَكَانَ يأيتهم فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ سبت إِلَى سبت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا ظلمونا} قَالَ: نَحن أعز من أَن نظلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَكِن كَانُوا أنفسهم يظْلمُونَ} قَالَ: يضرون

58

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قُلْنَا ادخُلُوا هَذِه الْقرْيَة فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُم رغدا وادخلوا الْبَاب سجدا وَقُولُوا حطة نغفر لكم خطياكم وسنزيد الْمُحْسِنِينَ أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ادخُلُوا هَذِه الْقرْيَة} قَالَ: بَيت الْمُقَدّس وَأخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وادخلوا الْبَاب} قَالَ: بَاب ضيق

{سجدا} قَالَ: ركعا {وَقُولُوا حطة} قَالَ: مغْفرَة قَالَ: فَدَخَلُوا من قبل استاههم وَقَالُوا: حِنْطَة استهزاء قَالَ: فَذَلِك قَوْله عز وَجل (فبدل الَّذين ظلمُوا قولا غير الَّذِي قيل لَهُم) (الْبَقَرَة الْآيَة 59) وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وادخلوا الْبَاب سجدا} قَالَ: هُوَ أحد أَبْوَاب بَيت الْمُقَدّس وَهُوَ يدعى بَاب حطة وَأخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قيل لَهُم {ادخُلُوا الْبَاب سجدا} فَدَخَلُوا مقنعي رؤوسهم {وَقُولُوا حطة} فَقَالُوا: حِنْطَة حَبَّة حَمْرَاء فِيهَا شعيرَة فَذَلِك قَوْله {فبدل الَّذين ظلمُوا} الْبَقَرَة الْآيَة 59 وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود أَنهم قَالُوا: هطى سمقاثا ازبة مزبا فَهِيَ بِالْعَرَبِيَّةِ حَبَّة حِنْطَة حَمْرَاء مثقوبة فِيهَا شعيرَة سَوْدَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَقُولُوا حطة} أَي احطط عَنَّا خطايانا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وادخلوا الْبَاب سجدا} قَالَ: طأطئوا رؤوسكم {وَقُولُوا حطة} قَالَ: قُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقُولُوا حطة} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْبَاب قبل الْقبْلَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: بَاب حطة من أَبْوَاب بَيت الْمُقَدّس أَمر مُوسَى قومه أَن يدخلُوا ويقولوا حطة وطؤطىء لَهُم الْبَاب ليخفضوا رؤوسهم فَلَمَّا سجدوا قَالُوا حِنْطَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وادخلوا الْبَاب سجدا} قَالَ: كُنَّا نتحدث أَنه بَاب من أَبْوَاب بَيت الْمُقَدّس {وَقُولُوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد الْمُحْسِنِينَ} قَالَ: من كَانَ خاطئا غفرت لَهُ خطيئته وَمن كَانَ محسناً زَاده الله

إحساناً (فبدل الَّذين ظلمُوا قولا غير الَّذِي قيل لَهُم) (الْبَقَرَة الْآيَة 59) قَالَ: بَين لَهُم أمرا علموه فخالفوه إِلَى غَيره جرْأَة على الله وعتواً وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وسنزيد الْمُحْسِنِينَ} قَالَ: من كَانَ قبلكُمْ محسناً زيد فِي إحسانه وَمن كَانَ مخطئاً نغفر لَهُ خطيئته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قيل لبني إِسْرَائِيل ادخُلُوا الْبَاب سجدا وَقُولُوا حطة فبدلوا فَدَخَلُوا يزحفون على استاههم وَقَالُوا حَبَّة فِي شَعْرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخلُوا الْبَاب الَّذِي أمروا أَن يدخلُوا فِيهِ سجدا يزحفون على استاههم وهم يَقُولُونَ: حِنْطَة فِي شعيرَة وَأخرج أَبُو دَاوُد والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله لبني إِسْرَائِيل {وادخلوا الْبَاب سجدا وَقُولُوا حطة نغفر لكم خطاياكم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ: سرنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كَانَ من آخر اللَّيْل اجتزنا فِي بَريَّة يُقَال لَهَا ذَات الحنظل فَقَالَ: مَا مثل هَذِه الثَّنية اللَّيْلَة إِلَّا كَمثل الْبَاب الَّذِي قَالَ الله لبني إِسْرَائِيل {وادخلوا الْبَاب سجدا وَقُولُوا حطة نغفر لكم خطاياكم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِنَّمَا مثلنَا فِي هَذِه الْأمة كسفينة نوح وَكتاب حطة فِي بني إِسْرَائِيل

59

قَوْله تَعَالَى: فبدل الَّذين ظلمُوا قولا غير الَّذِي قيل لَهُم فأنزلنا على الَّذين ظلمُوا رجزا من السَّمَاء بِمَا كَانُوا يفسقون أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل شَيْء فِي كتاب الله من الرجز يَعْنِي بِهِ الْعَذَاب

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن مَالك وَأُسَامَة بن زيد وَخُزَيْمَة بن ثَابت قَالُوا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذَا الطَّاعُون رجز وَبَقِيَّة عَذَاب عذب بِهِ أنَاس من قبلكُمْ فَإِذا كَانَ بِأَرْض وَأَنْتُم بهَا فَلَا تخْرجُوا مِنْهَا وَإِذا بَلغَكُمْ أَن بِأَرْض فَلَا تدخلوها وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: الرجز الْغَضَب

60

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ استسقى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا يَا مُوسَى اضْرِب بعصاك الْحجر فانفجرت مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا قد علم كل أنَاس مشاربهم كلوا وَاشْرَبُوا من رزق الله وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ استسقى مُوسَى لِقَوْمِهِ} الْآيَة قَالَ: ذَلِك فِي التيه ضرب لَهُم مُوسَى الْحجر فَصَارَ فِيهِ اثْنَتَا عشرَة عينا من مَاء لكل سبط مِنْهُم عين يشربون مِنْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذ استسقى مُوسَى لِقَوْمِهِ} الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا فِي الْبَريَّة حَيْثُ خَشوا الظمأ استسقى مُوسَى فَأمر بِحجر أَن يضْربهُ وَكَانَ حجرا طورانياً من الطّور يحملونه مَعَهم حَتَّى إِذا نزلُوا ضربه مُوسَى بعصاه {فانفجرت مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا قد علم كل أنَاس مشربهم} قَالَ: لكل سبط مُهِمّ عين مَعْلُومَة يَسْتَفِيد ماءها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: انفجر لَهُم الْحجر بضربة مُوسَى اثْنَتَيْ عشرَة عينا كل ذَلِك كَانَ فِي تيههم حِين تاهوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جوبير أَنه سُئِلَ فِي قَوْله {قد علم كل أنَاس مشربهم} قَالَ: كَانَ مُوسَى يضع الْحجر وَيقوم من كل سبط رجل وَيضْرب مُوسَى الْحجر فينفجر مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا فينتضح من كل عين على رجل فيدعو ذَلِك الرجل سبطه إِلَى تِلْكَ الْعين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تعثوا فِي الأَرْض} قَالَ: لَا تسعوا

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين} قَالَ: لَا تسعوا فِي الأَرْض فَسَادًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وَلَا تعثوا} قَالَ: يَعْنِي وَلَا تَمْشُوا بِالْمَعَاصِي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين} قَالَ: لَا تسيروا فِي الأَرْض مفسدين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: استسقى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقَالَ: اشربوا يَا حمير: فَقَالَ الله تَعَالَى لَهُ: لاتسم عبَادي حميرا

61

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لن نصبر على طَعَام وَاحِد فَادع لنا رَبك يخرج لنا مِمَّا تنْبت الأَرْض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قَالَ أتستبدلون الَّذِي هُوَ أدنى بِالَّذِي هُوَ خير اهبطوا مصرا فَإِن لكم مَا سَأَلْتُم وَضربت عَلَيْهِم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذَلِك بِأَنَّهُم كَانُوا يكفرون بآيَات الله وَيقْتلُونَ النَّبِيين بِغَيْر الْحق ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لن نصبر على طَعَام وَاحِد} قَالَ: الْمَنّ والسلوى استبدلوا بِهِ البقل وَمَا ذكر مَعَه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالُوا: ملوا طعامهم فِي الْبَريَّة وَذكروا عيشهم الَّذِي كَانُوا فِيهِ قبل ذَلِك فَقَالُوا {ادْع لنا رَبك} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وفومها} قَالَ: الْخبز وَفِي لفظ: الْبر وَفِي لفظ: الْحِنْطَة بِلِسَان بني هَاشم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {وفومها} قَالَ: الْحِنْطَة

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أحيحة بن الجلاح وَهُوَ يَقُول: قد كنت أغْنى النَّاس شخصا وَاحِدًا ورد الْمَدِينَة عَن زراعة فوم وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد وَعَطَاء فِي قَوْله {وفومها} قَالَا: الْخبز وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن وَأبي مَالك فِي قَوْله {وفومها} قَالَا: الْخبز وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن وَأبي مَالك فِي قَوْله {وفومها} قَالَا: الحنظة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الفوم الثوم وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: الفوم الثوم - وَفِي بعض الْقِرَاءَة وثومها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود: أَنه قَرَأَ وثومها وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قرائتي قِرَاءَة زيد وَأَنا آخذ ببضعة عشر حرفا من قِرَاءَة ابْن مَسْعُود هَذَا أَحدهَا {من بقلها وقثائها وفومها} وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل {وفومها} قَالَ: الفوم الْحِنْطَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَبَا محجن الثَّقَفِيّ وَهُوَ يَقُول: قد كنت أحسبني كأغنى وَاحِد قدم الْمَدِينَة عَن زراعة فوم قَالَ: يَا ابْن الْأَزْرَق وَمن قَرَأَهَا على قِرَاءَة ابْن مَسْعُود فَهُوَ المنتن قَالَ أُميَّة ابْن أبي الصَّلْت: كَانَت مَنَازِلهمْ إِذْ ذَاك ظَاهِرَة فِيهَا الفراديس والفومات والبصل وَقَالَ أُميَّة ابْن الصَّلْت أَيْضا: أنفي الدياس من الفوم الصَّحِيح كَمَا أنفي من الأَرْض صوب الوابل الْبرد وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أتستبدلون الَّذِي هُوَ أدنى} قَالَ: أردأ

وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اهبطوا مصرا} قَالَ: مصرا من الْأَمْصَار وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {اهبطوا مصرا} يَقُول: مصرا من الْأَمْصَار وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {اهبطوا مصرا} قَالَ: يَعْنِي بِهِ مصر فِرْعَوْن وَأخرج ابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش أَنه كَانَ يقْرَأ {اهبطوا مصرا} بِلَا تَنْوِين وَيَقُول: هِيَ مصر الَّتِي عَلَيْهَا صَالح بن عليَّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَضربت عَلَيْهِم الذلة والمسكنة} قَالَ: هم أَصْحَاب الْجِزْيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة وَالْحسن {وَضربت عَلَيْهِم الذلة والمسكنة} قَالَ: يُعْطون الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {والمسكنة} قَالَ: الْفَاقَة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وباؤوا بغضب من الله} قَالَ: استحقوا الْغَضَب من الله وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وباؤوا} قَالَ: انقلبوا وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَيقْتلُونَ النَّبِيين} أخرج أَبُو دَاوُد والطاليسي وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل فِي الْيَوْم تقتل ثَلَاثمِائَة نَبِي ثمَّ يُقِيمُونَ سوق بقلهم فِي آخر النَّهَار وَأخرج أَحْمد عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة رجل قتل نَبيا أَو قَتله نَبِي وَإِمَام ضَلَالَة وممثل من الممثلين وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ عَن أبي ذَر قَالَ جَاءَ اعرابي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نبيء الله قَالَ: لست بنبيء الله ولكنني نَبِي الله قَالَ الذَّهَبِيّ: مُنكر لم يَصح وَأخرج ابْن عدي عَن حمْرَان بن أعين أَن رجلا من أهل الْبَادِيَة أَتَى النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا نبيء الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لست بنبيء الله ولكنني نَبِي الله وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ مَا همز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا أَبُو بكر وَلَا عمر وَلَا الْخُلَفَاء وَإِنَّمَا الْهَمْز بِدعَة من بعدهمْ

62

قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَعمل صَالحا فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم وَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ أخرج ابْن أبي عمر الْعَدنِي فِي سَنَده وَابْن أبي حَاتِم عَن سلمَان قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أهل دين كنت مَعَهم فَذكر من صلَاتهم وعبادتهم فَنزلت {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا} الْآيَة وَأخرج الواحدي عَن مُجَاهِد قَالَ: لما قصّ سلمَان على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصَّة أَصْحَابه قَالَ: هم فِي النَّار قَالَ سلمَان: فأظلمت عَليّ الأَرْض فَنزلت {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا} إِلَى قَوْله {يَحْزَنُونَ} قَالَ: فَكَأَنَّمَا كشف عني جبل وَأخرج ابْن جرير وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا} الْآيَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أَصْحَاب سلمَان الْفَارِسِي وَكَانَ رجلا من جند نيسابور وَكَانَ من أَشْرَافهم وَكَانَ ابْن الْملك صديقا لَهُ مؤاخياً لَا يقْضِي وَاحِد مِنْهُمَا أَمر دون صَاحبه وَكَانَا يركبان إِلَى الصَّيْد جَمِيعًا فَبَيْنَمَا هما فِي الصَّيْد إِذْ رفع لَهما بَيت من عباءة فَأتيَاهُ فَإِذا هما فِيهِ بِرَجُل بَين يَدَيْهِ مصحف يقْرَأ فِيهِ وَهُوَ يبكي فَسَأَلَاهُ مَا هَذَا فَقَالَ: الَّذِي يُرِيد أَن يعلم هَذَا لَا يقف موقفكما فَإِن كنتما تريدان أَن تعلما مَا فِيهِ فانزلا حَتَّى أعلمكما فَنزلَا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهما: هَذَا كتاب جَاءَ من عِنْد الله أَمر فِيهِ بِطَاعَتِهِ وَنهى عَن مَعْصِيَته فِيهِ أَن لَا تسرق وَلَا تَزني وَلَا تَأْخُذ أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ فَقص عَلَيْهِمَا مَا فِيهِ وَهُوَ الإِنجيل الَّذِي أنزل الله على عِيسَى فَوَقع فِي قلوبهما وتابا فاسلما وَقَالَ لَهما: إِن ذَبِيحَة قومكما عَلَيْكُمَا حرَام فَلم يَزَالَا مَعَه كَذَلِك يتعلمان مِنْهُ حَتَّى كَانَ عيد للْملك فَجمع طَعَاما ثمَّ جمع

النَّاس والأشراف وَأرْسل إِلَى ابْن الْملك رَسُولا فَدَعَاهُ إِلَى ضيعته ليَأْكُل مَعَ النَّاس فَأبى الْفَتى وَقَالَ: إِنِّي عَنْك مَشْغُول فَكل أَنْت وَأَصْحَابك فَلَمَّا أَكثر عَلَيْهِ من الرُّسُل أخْبرهُم أَنه لَا يَأْكُل من طعامهم فَبعث الْملك إِلَى ابْنه وَدعَاهُ وَقَالَ: مَا أَمرك هَذَا قَالَ: إِنَّا لَا نَأْكُل من ذبائحكم إِنَّكُم كفار لَيْسَ تحل ذبائحكم فَقَالَ لَهُ الْملك: من أَمرك هَذَا فَأخْبرهُ أَن الراهب أمره بذلك فَدَعَا الراهب فَقَالَ: مَاذَا يَقُول ابْني قَالَ: صدق ابْنك قَالَ لَهُ: لَوْلَا الدَّم فِينَا عَظِيم لقتلتك وَلَكِن اخْرُج من أَرْضنَا فَأَجله أَََجَلًا فَقَالَ سلمَان: فقمنا نبكي عَلَيْهِ فَقَالَ لَهما: إِن كنتما صَادِقين فَإنَّا فِي بيعَة فِي الْموصل سِتِّينَ رجلا نعْبد الله فأتونا فِيهَا فَخرج الراهب وَبَقِي سلمَان وَابْن الْملك فَجعل سلمَان يَقُول لِابْنِ الْملك: انْطلق بِنَا وَابْن الْملك يَقُول: نعم وَجعل ابْن الْملك يَبِيع مَتَاعه يُرِيد الجهاز فَلَمَّا أَبْطَأَ على سلمَان خرج سلمَان حَتَّى أَتَاهُم فَنزل على صَاحبه وَهُوَ رب الْبيعَة فَكَانَ أهل تِلْكَ الْبيعَة أفضل مرتبَة من الرهبان فَكَانَ سلمَان مَعَه يجْتَهد فِي الْعِبَادَة ويتعب نَفسه فَقَالَ لَهُ سلمَان: أَرَأَيْت الَّذِي تَأْمُرنِي بِهِ هُوَ أفضل أَو الَّذِي أصنع قَالَ: بل الَّذِي تصنع قَالَ: فخلّ عني ثمَّ إِن صَاحب الْبيعَة دَعَاهُ فَقَالَ أتعلم أَن هَذِه الْبيعَة لي وَأَنا أَحَق النَّاس بهَا وَلَو شِئْت أَن أخرج مِنْهَا هَؤُلَاءِ لفَعَلت وَلَكِنِّي رجل أَضْعَف عَن عبَادَة هَؤُلَاءِ وَأَنا أُرِيد أَن أتحول من هَذِه الْبيعَة إِلَى بيعَة أُخْرَى هم أَهْون عبَادَة من هَهُنَا فَإِن شِئْت أَن تقيم هُنَا فأقم وَإِن شِئْت أَن تَنْطَلِق معي فَانْطَلق فَقَالَ لَهُ سلمَان: أَي البيعتين أفضل أَهلا قَالَ: هَذِه قَالَ سلمَان: فَأَنا أكون فِي هَذِه فَأَقَامَ سلمَان بهَا وَأوصى صَاحب الْبيعَة بسلمان يتعبد مَعَهم ثمَّ إِن الشَّيْخ أَرَادَ أَن يَأْتِي بَيت الْمُقَدّس فَدَعَا سلمَان فَقَالَ: إِنِّي أُرِيد أَن آتِي بَيت الْمُقَدّس فَإِن شِئْت أَن تَنْطَلِق معي فَانْطَلق وَإِن شِئْت أَن تقيم فاقم قَالَ لَهُ سلمَان: أَيهمَا أفضل أَنطلق مَعَك أَو أقيم قَالَ: لَا بل تَنْطَلِق فَانْطَلق مَعَه فَمروا بمقعد على ظهر الطَّرِيق ملقى فَلَمَّا رآهما نَادَى يَا سيد الرهبان ارْحَمْنِي رَحِمك الله فَلم يكلمهُ وَلم ينظر إِلَيْهِ وانطلقا حَتَّى أَتَيَا بَيت الْمُقَدّس وَقَالَ الشَّيْخ لسلمان: أخرج فاطلب الْعلم فَإِنَّهُ يحضر هَذَا الْمَسْجِد عُلَمَاء الأَرْض فَخرج سلمَان يسمع مِنْهُم فَرجع يَوْمًا حَزينًا فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ مَالك يَا سلمَان قَالَ: إِن الْخَيْر كُله قد

ذهب بِهِ من كَانَ قبلنَا من الْأَنْبِيَاء والأتباع فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ: لَا تحزن فَإِنَّهُ قد بَقِي نَبِي لَيْسَ من نَبِي بِأَفْضَل تبعا مِنْهُ وَهَذَا الزَّمَان الَّذِي يخرج فِيهِ وَلَا أَرَانِي أدْركهُ وَأما أَنْت فشاب فلعلك أَن تُدْرِكهُ وَهُوَ يخرج فِي أَرض الْعَرَب فَإِن أَدْرَكته فَآمن بِهِ وَاتبعهُ قَالَ لَهُ سلمَان: فَأَخْبرنِي عَن علامته بِشَيْء قَالَ: نعم وَهُوَ مختوم فِي ظَهره بِخَاتم النُّبُوَّة وَهُوَ يَأْكُل الْهَدِيَّة وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة ثمَّ رجعا حَتَّى بلغا مَكَان المقعد فناداهما فَقَالَ: يَا سيد الرهبان ارْحَمْنِي رَحِمك الله فعطف إِلَيْهِ حِمَاره فَأخذ بِيَدِهِ فرفعه فَضرب بِهِ الأَرْض ودعا لَهُ وَقَالَ: قُم باذن الله فَقَامَ صَحِيحا يشْتَد فَجعل سلمَان يتعجب وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ وَسَار الراهب فغيب عَن سلمَان وَلَا يعلم سلمَان ثمَّ إِن سلمَان فزع بِطَلَب الراهب فَلَقِيَهُ رجلَانِ من الْعَرَب من كلب فَسَأَلَهُمَا هَل رَأَيْتُمَا الراهب فَأَنَاخَ أَحدهمَا رَاحِلَته قَالَ: نعم [] راعي الصرمة هَذَا فَحَمله فَانْطَلق بِهِ إِلَى الْمَدِينَة قَالَ سلمَان: فَأَصَابَنِي من الْحزن شَيْء لم يُصِبْنِي مثله قطّ فاشترته امْرَأَة من جُهَيْنَة فَكَانَ يرْعَى عَلَيْهَا هُوَ وَغُلَام لَهَا يتراوحان الْغنم هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا وَكَانَ سلمَان يجمع الدَّرَاهِم ينْتَظر خُرُوج مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا يرْعَى إِذْ أَتَاهُ صَاحبه بعقبة فَقَالَ لَهُ: أشعرت أَنه قد قدم الْمَدِينَة الْيَوْم رجل يزْعم أَنه نَبِي فَقَالَ لَهُ سلمَان: أقِم فِي الْغنم حَتَّى آتِيك فهبط سلمَان إِلَى الْمَدِينَة فَنظر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدَار حوله فَلَمَّا رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرف مَا يُرِيد فَأرْسل ثَوْبه حَتَّى خرج خَاتمه فَلَمَّا رَآهُ أَتَاهُ وَكَلمه ثمَّ انْطلق فَاشْترى بِدِينَار بِبَعْضِه شَاة فشواها وببعضه خبْزًا ثمَّ أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ: ماهذه قَالَ سلمَان: هَذِه صَدَقَة قَالَ: لَا حَاجَة لي بهَا فأخرجها فليأكلها الْمُسلمُونَ ثمَّ انْطلق فَاشْترى بِدِينَار آخر خبْزًا وَلَحْمًا ثمَّ أَتَى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا هَذَا قَالَ: هَذِه هَدِيَّة قَالَ: فَاقْعُدْ فَكل فَقعدَ فأكلا مِنْهَا جَمِيعًا فَبَيْنَمَا هُوَ يحدثه إِذْ ذكر أَصْحَابه فَأخْبرهُ خبرهم فَقَالَ: كَانُوا وَيَصُومُونَ ويؤمنون بك وَيشْهدُونَ أَنَّك ستبعث نَبيا فَلَمَّا فرغ سلمَان من ثنائه عَلَيْهِم قَالَ لَهُ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا سلمَان هم من أهل النَّار فَاشْتَدَّ ذَلِك على سلمَان وَقد كَانَ قَالَ لَهُ سلمَان: لَو أدركوك صدقوك واتبعوك فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر}

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ سَأَلَ سلمَان الْفَارِسِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أُولَئِكَ النَّصَارَى وَمَا رأى أَعْمَالهم قَالَ: لم يموتوا على الْإِسْلَام قَالَ سلمَان: فأظلمت عليَّ الأَرْض وَذكرت اجتهادهم فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا} فَدَعَا سلمَان فَقَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أَصْحَابك ثمَّ قَالَ: من مَاتَ على دين عِيسَى قبل أَن يسمع بِي فَهُوَ على خير وَمن سمع بِي وَلم يُؤمن فقد هلك وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي النَّاسِخ والمنسوخ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا} الْآيَة قَالَ: فَأنْزل الله بعد هَذَا (وَمن يتبع غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الله بن نجي عَن عَليّ قَالَ: إِنَّمَا سميت الْيَهُود لأَنهم قَالُوا: إِنَّا هدنا إِلَيْك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: نَحن أعلم النَّاس من أَيْن تسمت الْيَهُود باليهودية بِكَلِمَة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّا هدنا إِلَيْك وَلم تسمت النَّصَارَى بالنصرانية من كلمة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كونُوا أنصار الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نَحن أعلم النَّاس من أَيْن تسمت الْيَهُود باليهودية وَلم تسمت النَّصَارَى بالنصرانية إِنَّمَا تسمت الْيَهُود باليهودية بِكَلِمَة قَالَهَا مُوسَى إِنَّا هُنَا إِلَيْك فَلَمَّا مَاتَ قَالُوا هَذِه الْكَلِمَة كَانَت تعجبه فتسموا الْيَهُود وَإِنَّمَا تسمت النَّصَارَى بالنصرانية لكلمة قَالَهَا عِيسَى من أَنْصَارِي إِلَى الله قَالَ الحواريون: نَحن أنصار الله فتسموا بالنصرانية وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا سموا نَصَارَى بقرية يُقَال لَهَا ناصرة ينزلها عِيسَى بن مَرْيَم فَهُوَ اسْم تسموا بِهِ وَلم يؤمروا بِهِ وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سميت النَّصَارَى لِأَن قَرْيَة عِيسَى كَانَت تسمى ناصرة وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الصابئون قوم بَين الْيَهُود وَالْمَجُوس وَالنَّصَارَى لَيْسَ لَهُم دين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: الصابئون لَيْسُوا بيهود وَلَا نَصَارَى هم قوم من الْمُشْركين لَا كتاب لَهُم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الصابئين فَقَالَ: هم قوم بَين الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس لَا تحل ذَبَائِحهم وَلَا مناكحهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الصابئون منزله بَين النَّصْرَانِيَّة والمجوسية لفظ ابْن أبي حَاتِم: منزلَة بَين الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ذهبت الصابئون إِلَى الْيَهُود فَقَالُوا: مَا أَمركُم قَالُوا: نَبينَا مُوسَى جَاءَنَا بِكَذَا وَكَذَا ونهانا عَن كَذَا وَكَذَا وَهَذِه التَّوْرَاة فَمن تابعنا دخل الْجنَّة ثمَّ أَتَوا النَّصَارَى فَقَالُوا فِي عِيسَى مَا قَالَت الْيَهُود فِي مُوسَى وَقَالُوا هَذَا الإِنجيل فَمن تابعنا دخل الْجنَّة فَقَالَت الصابئون هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ نَحن وَمن اتَّبعنَا فِي الْجنَّة وَالْيَهُود يَقُولُونَ نَحن وَمن اتَّبعنَا فِي الْجنَّة فَنحْن بِهِ لاندين فسماهم الله الصابئين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: الصابئون فرقة من أهل الْكتاب يقرؤون الزبُور وَأخرج وَكِيع عَن السّديّ قَالَ الصابئون من أهل الْكتاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: الصابئون قوم يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة وَيصلونَ إِلَى غير الْقبْلَة ويقرؤون الزبُور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: الصابىء: الَّذِي يعرف الله وَحده وَلَيْسَت لَهُ شَرِيعَة يعْمل بهَا وَلم يحدث كفرا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الزِّنَاد قَالَ: الصابئون قَالَ: الصابئون مِمَّا يَلِي الْعرَاق وهم بكوثى يُؤمنُونَ بالنبيين كلهم وَأخرج عبد بن حميد عَن أبن عَبَّاس قَالَ: يَقُولُونَ الصابئون: وَمَا الصابئون [] الصابئون وَيَقُولُونَ: الخاطئون وَمَا الخاطئون الخاطئون

63

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ أَخذنَا ميثاقكم ورفعنا فَوْقكُم الطّور خُذُوا مَا آتيناكم بِقُوَّة واذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ثمَّ توليتم من بعد ذَلِك فلولا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لكنتم من الخاسرين

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذ أَخذنَا ميثاقكم ورفعنا فَوْقكُم الطّور} فَقَالَ: جبل نزلُوا بِأَصْلِهِ فَرُفِعَ فَوْقهم فَقَالَ: لتأخذن أَمْرِي أَو لأرمينكم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الطّور الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ التَّوْرَاة وَكَانَ بَنو إِسْرَائِيل أَسْفَل مِنْهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الطّور مَا أنبت من الْجبَال وَمَا لم ينْبت فَلَيْسَ بطور وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الطّور الْجَبَل بالسُّرْيَانيَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: النبط يسمون الْجَبَل الطّور وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خُذُوا مَا آتيناكم بقوّة} قَالَ: بجد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {واذْكُرُوا مَا فِيهِ} يَقُول: اقرؤوا مَا فِي التَّوْرَاة وَاعْلَمُوا بِهِ وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} قَالَ: لَعَلَّكُمْ تنزعون عَمَّا أَنْتُم عَلَيْهِ

65

قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد علمْتُم الَّذين اعتدوا مِنْكُم فِي السبت فَقُلْنَا لَهُم كونُوا قردة خَاسِئِينَ فجعلنها نكالاً لما بَين يَديهَا وَمَا خلفهَا وموعظة لِلْمُتقين أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَلَقَد علمْتُم} قَالَ: عَرَفْتُمْ وَهَذَا تحذير لَهُم من الْمعْصِيَة يَقُول: احذورا أَن يُصِيبكُم مَا أصَاب أَصْحَاب السبت إِذْ عصوني اعتدوا يَقُول: اجترؤوا فِي السبت بصيد السّمك فَقُلْنَا لَهُم {كونُوا قردة خَاسِئِينَ} فمسخهم الله قردة بمعصيتهم وَلم يَعش مسخ فَوق ثَلَاثَة أَيَّام وَلم يَأْكُل وَلم يشرب وَلم ينسل

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا كَانَ الَّذين اعتدوا فِي السبت فَجعلُوا قردة فواقاً ثمَّ هَلَكُوا مَا كَانَ للمسخ نسل وَأخرج ابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: القردة والخنازير من نسل الَّذين مسخوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: انْقَطع ذَلِك النَّسْل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله {فَقُلْنَا لَهُم كونُوا قردة خَاسِئِينَ} قَالَ: مسخت قُلُوبهم وَلم يمخوا قردة وَإِنَّمَا هُوَ مثل ضربه الله لَهُم مثل الْحمار يحمل أسفاراً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أحلّت لَهُم الْحيتَان وَحرمت عَلَيْهِم يَوْم السبت ليعلم من يطيعه مِمَّن يعصيه فَكَانَ الْقَوْم فيهم ثَلَاثَة أَصْنَاف وَأما صنف فَأمْسك وَنهى عَن الْمعْصِيَة وَأما صنف فَأمْسك عَن حُرْمَة الله وَأما صنف فانتهك الْمعْصِيَة ومرن على الْمعْصِيَة فَلَمَّا أَبَوا إِلَّا عتواً عَمَّا نَهَاهُم الله عَنهُ {قُلْنَا لَهُم كونُوا قردة خَاسِئِينَ} وَصَارَ الْقَوْم قردوا تعاوى لَهَا الذئاب بعد مَا كَانُوا رجَالًا وَنسَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خَاسِئِينَ} قَالَ: ذليلين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خَاسِئِينَ} قَالَ: صاغرين وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فجعلناها نكالاً لما بَين يَديهَا} من الذُّنُوب {وَمَا خلفهَا} من الْقرى {وموعظة لِلْمُتقين} الَّذين من بعدهمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فجعلناها} يَعْنِي الْحيتَان {نكالاً لما بَين يَديهَا وَمَا خلفهَا} من الذُّنُوب الَّتِي عمِلُوا قبل وَبعد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فجعلناها} قَالَ: فَجعلنَا تِلْكَ الْعقُوبَة وَهِي المسخة {نكالاً} عُقُوبَة {لما بَين يَديهَا} يَقُول: ليحذر من بعدهمْ عقوبتي {وَمَا خلفهَا} يَقُول: للَّذين بقوا مَعَهم {وموعظة} تذكرة وعبرة لِلْمُتقين وَأخرج عبد بن حميد عَن سُفْيَان فِي قَوْله {نكالاً لما بَين يَديهَا وَمَا خلفهَا} قَالَ: من الذُّنُوب {وموعظة لِلْمُتقين} قَالَ: لأمة مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام

67

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تذبجوا بقرة قَالُوا أتتخذنا هزوا قَالَ أعوذ بِاللَّه أَن أكون من الْجَاهِلين أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت مدينتان فِي بني إِسْرَائِيل وأحداها حَصِينَة وَلها أَبْوَاب وَالْأُخْرَى خربة فَكَانَ أهل الْمَدِينَة الحصينة إِذا أَمْسوا أغلقوا أَبْوَابهَا فَإِذا أَصْبحُوا قَامُوا على سور الْمَدِينَة فنظروا هَل حدث فِيمَا حولهَا حَادث فَأَصْبحُوا يَوْمًا فَإِذا شيخ قَتِيل مطروح بِأَصْل مدينتهم فَأقبل أهل الْمَدِينَة الخربة فَقَالُوا: قتلتم صاحبنا وَابْن أَخ لَهُ شَاب يبكي عَلَيْهِ وَيَقُول: قتلتم عمي قَالُوا: وَالله مَا فتحنا مدينتنا مُنْذُ أغلقناها وَمَا لدينا من دم صَاحبكُم هَذَا فَأتوا مُوسَى فَأوحى الله إِلَى مُوسَى {أَن الله يَأْمُركُمْ أَن تذبحوا بقرة} إِلَى قَوْله {فذبحوها وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} قَالَ: وَكَانَ فِي بني إِسْرَائِيل غُلَام شَاب يَبِيع فِي حَانُوت لَهُ وَكَانَ لَهُ أَب شيخ كَبِير فَأقبل رجل من بلد آخر يطْلب سلْعَة لَهُ عِنْده فَأعْطَاهُ بهَا ثمنا فَانْطَلق مَعَه ليفتح حانوته فيعطيه الَّذِي طلب والمفتاح مَعَ أَبِيه فَإِذا أَبوهُ نَائِم فِي ظلّ الْحَانُوت فَقَالَ: أيقظه قَالَ ابْنه: إِنَّه نَائِم وَأَنا أكره أَن أروّعه من نومته فانصرفا فَأعْطَاهُ ضعف مَا أعطَاهُ على أَن يوقظه فَأبى فَذهب طَالب السّلْعَة فَاسْتَيْقَظَ الشَّيْخ فَقَالَ لَهُ ابْنه: يَا أَبَت وَالله لقد جَاءَ هَهُنَا رجل يطْلب سلْعَة كَذَا فَأعْطى بهَا من الثّمن كَذَا وَكَذَا فَكرِهت أَن أروعك من نومك فلامه الشَّيْخ فعوّضه الله من بره بوالده أَن نتجت من بقر تِلْكَ الْبَقَرَة الَّتِي يطْلبهَا بَنو إِسْرَائِيل فَأتوهُ فَقَالُوا لَهُ: بعناها فَقَالَ: لَا قَالُوا: إِذن نَأْخُذ مِنْك فَأتوا مُوسَى فَقَالَ: اذْهَبُوا فارضوه من سلْعَته قَالُوا: حكمك قَالَ: حكمي أَن تضعوا الْبَقَرَة فِي كفة الْمِيزَان ذَهَبا صامتاً فِي الكفة الْأُخْرَى فَإِذا مَال الذَّهَب أَخَذته فَفَعَلُوا وَأَقْبلُوا بالبقرة حَتَّى انْتَهوا بهَا إِلَى قبر الشَّيْخ وَاجْتمعَ أهل المدينتين فذبحوها فَضرب ببضعة من لَحمهَا الْقَبْر فَقَامَ الشَّيْخ ينفض رَأسه يَقُول: قتلني ابْن أخي طَال عَلَيْهِ عمري وَأَرَادَ أَخذ مَالِي وَمَات وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي قَالَ: كَانَ رجل من بني إِسْرَائِيل عقيماً لَا يُولد لَهُ وَكَانَ لَهُ مَال

كثير وَكَانَ ابْن أَخِيه وَارثه فَقتله ثمَّ احتمله لَيْلًا فَوَضعه على بَاب رجل مِنْهُم ثمَّ أصبح يَدعِيهِ عَلَيْهِم حَتَّى تسلحوا وَركب بَعضهم إِلَى بعض فَقَالَ ذَوُو الرَّأْي مِنْهُم: علا م يقتل بَعْضكُم بَعْضًا وَهَذَا رَسُول الله فِيكُم فَأتوا مُوسَى فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تذبحوا بقرة قَالُوا أتتخذنا هزوا قَالَ أعوذ بِاللَّه أَن أكون من الْجَاهِلين} قَالَ: فَلَو لم يعترضوا لاجزأت عَنْهُم أدنى بقرة وَلَكنهُمْ شَدَّدُوا فَشدد عَلَيْهِم حَتَّى انْتَهوا إِلَى الْبَقَرَة الَّتِي أمروا بذبحها فوجدوها عِنْد رجل لَيْسَ لَهُ بقرة غَيرهَا فَقَالَ: وَالله لَا أنقصها من ملْء جلدهَا ذَهَبا فذبحوها فضربوه بِبَعْضِهَا فَقَامَ فَقَالُوا: من قَتلك فَقَالَ: هَذَا لِابْنِ أَخِيه ثمَّ مَال مَيتا فَلم يُعْط من مَاله شَيْئا وَلم يُورث قَاتل بعد وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عُبَيْدَة قَالَ: أوّل مَا قضي أَنه لَا يَرث الْقَاتِل فِي صَاحب بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين قَالَ: أوّل مَا منع الْقَاتِل الْمِيرَاث لَكَانَ صَاحب الْبَقَرَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن شَيخا من بني إِسْرَائِيل على عهد مُوسَى كَانَ مكثراً من المَال وَكَانَ بَنو أَخِيه فُقَرَاء لَا مَال لَهُم وَكَانَ الشَّيْخ لَا ولد لَهُ وَكَانَ بَنو أَخِيه ورثته فَقَالُوا: لَيْت عمنَا قد مَاتَ فورثنا مَاله وَأَنه لما تطاول عَلَيْهِم أَن لَا يَمُوت أَتَاهُم الشَّيْطَان فَقَالَ: هَل لكم إِلَى أَن تقتلُوا عمكم وتغرموا أهل الْمَدِينَة الَّتِي لَسْتُم بهَا دِيَته وَذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَتَا مدينتين كَانُوا فِي إِحْدَاهمَا وَكَانَ الْقَتِيل إِذْ قتل فَطرح بَين المدينتين قيس مَا بَين الْقَتِيل والقريتين فَأَيّهمَا كَانَت أقرب إِلَيْهِ غرمت الدِّيَة وَأَنَّهُمْ لما سوّل لَهُم الشَّيْطَان ذَلِك عَمدُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ ثمَّ طرحوه على بَاب الْمَدِينَة الَّتِي لَيْسُوا بهَا فَلَمَّا أصبح أهل الْمَدِينَة جَاءَ بَنو أخي الشَّيْخ فَقَالُوا: عمنَا قتل على بَاب مدينتكم فوَاللَّه لتغرمنَّ لنا دِيَته قَالَ: أهل الْمَدِينَة نقسم بِاللَّه مَا قتلنَا وَلَا علمنَا قَاتلا وَلَا فتحنا بَاب مدينتنا مُنْذُ أغلق حَتَّى أَصْبَحْنَا فعمدوا إِلَى مُوسَى فَجَاءَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: قل لَهُم {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تذبحوا بقرة} فتضربوه بِبَعْضِهَا وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ لبني إِسْرَائِيل مَسْجِد لَهُ اثْنَا عشر بَابا لكل سبط مِنْهُم بَاب يدْخلُونَ مِنْهُ وَيخرجُونَ فَوجدَ قَتِيل على بَاب سبط من

الأسباط قتل على بَاب سبط وجر إِلَى بَاب سبط آخر فاختصم فِيهِ أهل السبطين فَقَالَ هَؤُلَاءِ: أَنْتُم قتلتم هَذَا وَقَالَ الْآخرُونَ: بل أَنْتُم قَتَلْتُمُوهُ ثمَّ جررتموه إِلَيْنَا فاختصموا إِلَى مُوسَى فَقَالَ {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تذبحوا بقرة} الْآيَة {قَالُوا ادْع لنا رَبك يبين لنا مَا هِيَ قَالَ إِنَّه يَقُول إِنَّهَا بقرة لَا فارض وَلَا بكر عوان بَين ذَلِك} قَالَ: فَذَهَبُوا يطلبونها فَكَأَنَّهَا تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِم فَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى فَقَالُوا {قَالُوا ادْع لنا رَبك يبين لنا مَا هِيَ إِن الْبَقر تشابه علينا وَإِنَّا إِن شَاءَ الله لَمُهْتَدُونَ} وَلَوْلَا أَنهم قَالُوا إِن شَاءَ الله مَا وجدوها {قَالَ إِنَّه يَقُول إِنَّهَا بقرة لَا ذَلُول} أَلا وَإِنَّمَا كَانَت الْبَقَرَة يَوْمئِذٍ بِثَلَاثَة دَنَانِير وَلَو أَنهم أخذُوا أدنى بقرهم فذبحوها كفتهم وَلَكنهُمْ شَدَّدُوا فَشدد الله عَلَيْهِم فَذَهَبُوا يطلبونها فيجدون هَذِه الصّفة عِنْد رجل فَقَالُوا: تبيعنا هَذِه الْبَقَرَة قَالَ: أبيعها قَالُوا: بكم تبيعها قَالَ: بِمِائَة دِينَار فَقَالُوا: إِنَّهَا بقرة بِثَلَاثَة دَنَانِير فابوا أَن يأخذوها فَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى فَقَالُوا: وجدناها عِنْد رجل فَقَالَ لَا أنقطكم من مائَة دِينَار وَإِنَّهَا بقرة بِثَلَاثَة دَنَانِير قَالَ: هُوَ أعلم هُوَ صَاحبهَا إِن شَاءَ بَاعَ وَإِن لم شَاءَ لم يبع فَرَجَعُوا إِلَى الرجل فَقَالُوا: قد أخذناها بِمِائَة دِينَار فَقَالَ: لَا أنقصها عَن مِائَتي دِينَار فَقَالُوا سُبْحَانَ الله قد بعتنا بِمِائَة دِينَار ورضيت فقد أخذناها قَالَ: لَيْسَ أنقصها من مِائَتي دِينَار فتركوها وَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى فَقَالُوا لَهُ: قد أعطاناها بِمِائَة دِينَار فَلَمَّا رَجعْنَا إِلَيْهِ قَالَ: لَا أنقصها من مِائَتي دِينَار قَالَ: هُوَ أعلم إِن شَاءَ بَاعهَا وَإِن شَاءَ لم يبعها فعادوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: قد أخذناها بِمِائَتي دِينَار فَقَالَ: لَا أنقصها من أَرْبَعمِائَة دِينَار قَالُوا: قد كنت أعطيتناها بِمِائَتي دِينَار فقد أخذناها فَقَالَ: لَيْسَ أنقصها من أَرْبَعمِائَة دِينَار فتركوها وعادوا إِلَى مُوسَى فَقَالُوا: قد أعطيناه مِائَتي دِينَار فَأبى أَن يَأْخُذهَا وَقَالَ: لَا أنقصها من أَرْبَعمِائَة دِينَار فَقَالَ: هُوَ أعلم هُوَ صَاحبهَا إِن شَاءَ بَاعَ وَإِن شَاءَ لم يبع فَرَجَعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: قد أخذناها بأربعمائة دِينَار فَقَالَ: لَا أنقصها من ثَمَانمِائَة دِينَار فَلم يزَالُوا يعودون إِلَى مُوسَى ويعودون عَلَيْهِ فَكلما عَادوا إِلَيْهِ أَضْعَف عَلَيْهِ الثّمن حَتَّى قَالَ: لَيْسَ أبيعها إِلَّا بملء مسكها فَأَخَذُوهَا فذبحوها فَقَالَ: اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا فضربوه بفخذها فَعَاشَ فَقَالَ: قتلني فلَان فَإِذا هُوَ رجل كَانَ لَهُ عَم وَكَانَ لِعَمِّهِ مَال كثير وَكَانَ لَهُ ابْنة فَقَالَ: أقتل

عمي هَذَا وأرث مَاله وأتزوج ابْنَته فَقتل عَمه فَلم يَرث شَيْئا وَلم يُورث قَاتل مُنْذُ ذَلِك شَيْئا قَالَ مُوسَى: إِن لهَذِهِ الْبَقَرَة لشأنا ادعوا إليَّ صَاحبهَا فَدَعوهُ فَقَالَ: أَخْبرنِي عَن هَذِه الْبَقَرَة وَعَن شَأْنهَا قَالَ: نعم كنت رجلا أبيع فِي السُّوق وأشتري فسامني رجل بضَاعَة عِنْدِي فَبِعْته إِيَّاهَا وَكنت قد أشرفت مِنْهَا على فضل كَبِير فَذَهَبت لآتيه بِمَا قد بِعته فَوجدت الْمِفْتَاح تَحت رَأس والدتي فَكرِهت أَن أوقظها من نومها وَرجعت إِلَى الرجل فَقلت: لَيْسَ بيني وَبَيْنك بيع فَذهب ثمَّ رجعت فنتجت لي هَذِه الْبَقَرَة فَألْقى الله عَلَيْهَا مني محبَّة فَلم يكن عِنْدِي شَيْء أحب إليَّ مِنْهَا فَقيل لَهُ إِنَّمَا أصبت هَذَا ببر والدتك

68

قَوْله تَعَالَى: قَالُوا ادْع لنا رَبك يبين لنا مَا هِيَ قَالَ إِنَّه يَقُول إِنَّهَا بقرة لَا فارض وَلَا بكر عوان بَين ذَلِك فافعلوا مَا تأمرون قَالُوا ادْع لنا رَبك يبين لنا مَا لَوْنهَا قَالَ إِنَّه يَقُول إِنَّهَا بقرة صفراء فَاقِع لَوْنهَا تسر الناظرين قَالُوا ادْع لنا رَبك يبين لنا مَا هِيَ إِن الْبَقر تشابه علينا وَإِنَّا إِن شَاءَ الله لَمُهْتَدُونَ قَالَ إِنَّه يَقُول إِنَّهَا بقرة لَا ذَلُول تثير الأَرْض وَلَا تَسْقِي الْحَرْث مسلمة لاشية قَالُوا ألن جِئْت بِالْحَقِّ فذبحوها وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ أخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل لَو أخذُوا أدنى بقرة لأجزاهم ذَلِك أَو لأجزأت عَنْهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا أَن بني إِسْرَائِيل قَالُوا {وَإِنَّا إِن شَاءَ الله لَمُهْتَدُونَ} مَا أعْطوا أبدا وَلَو أَنهم اعْترضُوا بقرة من الْبَقر فذبحوها لأجزأت عَنْهُم وَلَكنهُمْ شَدَّدُوا فَشدد الله عَلَيْهِم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَو أَن بني إِسْرَائِيل أخذُوا أدنى بقرة فذبحوها أَجْزَأت عَنْهُم وَلَكنهُمْ شَدَّدُوا وَلَوْلَا أَنهم قَالُوا {وَإِنَّا إِن شَاءَ الله لَمُهْتَدُونَ} مَا وجدوها

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا أمروا بِأَدْنَى بقرة وَلَكنهُمْ لما شَدَّدُوا على أنفسهم شدد الله عَلَيْهِم وَلَو لم يستثنوا مَا بيّنت لَهُم آخر الْأَبَد وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِنَّمَا أَمر الْقَوْم بِأَدْنَى بقرة وَلَكنهُمْ لما شَدَّدُوا على أنفسهم شدد عَلَيْهِم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو لم يستثنوا مَا بيّنت لَهُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو أخذُوا أدنى بقرة فذبحوها لأجزأت عَنْهُم وَلَكنهُمْ شَدَّدُوا وتعنتوا مُوسَى فَشدد الله عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا فارض وَلَا بكر عوان بَين ذَلِك} قَالَ: الفارض الهرمة وَالْبكْر الصَّغِيرَة والعوان النّصْف وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل {لَا فارض} قَالَ: الْكَبِيرَة الهرمة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: لعمري لقد أَعْطَيْت ضيفك فارضاً تساق إِلَيْهِ مَا تقوم على رجل قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {صفراء فَاقِع لَوْنهَا} الفاقع الصافي اللَّوْن من الصُّفْرَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة وَهُوَ يَقُول: سدماً قَلِيلا عَهده بانيسه من بَين اصفر فَاقِع ودفان وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير أَنه كَانَ يسْتَحبّ أَن يسكت على بكر ثمَّ يَقُول: عوان بَين ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {عوان بَين ذَلِك} قَالَ: بَين الصَّغِيرَة والكبيرة وَهِي أقوى مَا يكون وَأحسنه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {صفراء فَاقِع لَوْنهَا} قَالَ: شَدِيدَة الصُّفْرَة تكَاد من صفرتها تبيض

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر فِي قَوْله {صفراء} قَالَ: صفراء الظلْف {فَاقِع لَوْنهَا} قَالَ: صافي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَاقِع لَوْنهَا} قَالَ: صَاف لَوْنهَا {تسر الناظرين} قَالَ: تعجب الناظرين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ والخطيب والديلمي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من لبس نعلا صفراء لم يزل فِي سرُور مَا دَامَ لَابسهَا وَذَلِكَ قَوْله {صفراء فَاقِع لَوْنهَا تسر الناظرين} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {صفراء فَاقِع لَوْنهَا} قَالَ: سَوْدَاء شَدِيدَة السوَاد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة أَنه قَرَأَ / أَن الباقر تشابه علينا / وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى عَن يعمر أَنه قَرَأَ / إِن الباقر تشابه علينا / وَقَالَ: الباقر أَكثر من الْبَقر وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قراءتنا {إِن الْبَقر تشابه علينا} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {إِنَّهَا بقرة لَا ذَلُول} أَي لم يذله الْعَمَل {تثير الأَرْض} يَعْنِي لَيست بذلول فتثير الأَرْض {وَلَا تَسْقِي الْحَرْث} يَقُول: وَلَا تعْمل فِي الْحَرْث {مسلمة} قَالَ: من الْعُيُوب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بقرة لَا ذَلُول تثير} يَقُول: لَيست بذلول فتفعل ذَلِك {مسلمة} قَالَ: من الشّبَه قَالَ {لَا شية فِيهَا} قَالَ: لَا بَيَاض وَلَا سَواد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {مسلمة} قَالَ: لَا عوار فِيهَا وَأخرج ابْن جرير عَن عَطِيَّة {لَا شية فِيهَا} قَالَ: لَوْنهَا وَاحِد لَيْسَ فِيهَا لون سوى لَوْنهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَا ذَلُول} يَعْنِي صنفة يَقُول: لم يذلها الْعَمَل {مسلمة} قَالَ: من الْعُيُوب {لَا شية فِيهَا} قَالَ: لَا بَيَاض فِيهَا {قَالُوا الْآن جِئْت بِالْحَقِّ} قَالُوا: الْآن بيّنت لنا {فذبحوها وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}

وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {فذبحوها وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} لغلاء ثمنهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن أَصْحَاب الْبَقَرَة بني إِسْرَائِيل طلبوها أَرْبَعِينَ سنة حَتَّى وجدوها عِنْد رجل فِي بقر لَهُ وَكَانَت بقرة تعجبه فَجعلُوا يعطونه بهَا فيأبى حَتَّى أَعْطوهُ ملْء مسكها دَنَانِير فذبحوها فضربوه بعضو مِنْهَا فَقَامَ تشخب اوداجه دَمًا فَقَالُوا لَهُ: من قَتلك قَالَ: قتلني فلَان وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: الذّبْح والنحر فِي الْبَقر سَوَاء لِأَن الله يَقُول {فذبحوها} وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ لبني إِسْرَائِيل الذّبْح وَأَنْتُم لكم النَّحْر ثمَّ قَرَأَ {فذبحوها} {فصل لِرَبِّك وانحر} سُورَة الْكَوْثَر الْآيَة 2

72

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قتلتم نفسا فأدّارأتم فِيهَا وَالله مخرج مَا كُنْتُم تكتمون أخرج عبد بن حميد وَابْن جريرعن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذ قتلتم نفسا فأدّارأتم فِيهَا} قَالَ: اختلفتم فِيهَا {وَالله مخرج مَا كُنْتُم تكتمون} قَالَ: ماتغيبون وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَالله مخرج مَا كُنْتُم تكتمون} أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْمسيب بن رَافع قَالَ: مَا عمل رجل حَسَنَة فِي سَبْعَة أَبْيَات إِلَّا أظهرها الله وَمَا عمل رجل سَيِّئَة فِي سَبْعَة أَبْيَات إِلَّا أظهرها الله وتصديق ذَلِك كتاب الله {وَالله مخرج مَا كُنْتُم تكتمون} وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن رجلا عمل فِي صَخْرَة صماء لَا بَاب فِيهَا وَلَا كوَّة خرج عمله إِلَى النَّاس كَائِنا مَا كَانَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ: من عمل عملا كَسَاه الله رِدَاءَهُ وَإِن خيرا فَخير وَإِن شرا فشر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن عُثْمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَت لَهُ

سريرة صَالِحَة أَو سَيِّئَة أظهر الله عَلَيْهِ مِنْهَا رِدَاء يعرف بِهِ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: الْمَوْقُوف أصح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه من الْمُؤمن قَالُوا الله رَسُوله أعلم قَالَ: الْمُؤمن الَّذِي لَا يَمُوت حَتَّى يملاء الله مسامعه مِمَّا يحب وَلَو أَن عبدا اتَّقى الله فِي جَوف بَيت إِلَى سبعين بَيْتا على كل بَيت بَاب من حَدِيد لألبسه الله رِدَاء عمله حَتَّى يتحدث بِهِ النَّاس وَيزِيدُونَ قَالُوا: وَكَيف يزِيدُونَ يَا رَسُول الله قَالَ: لِأَن التقي لَو يَسْتَطِيع أَن يزِيد فِي بره لزاد ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من الْكَافِر قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: الْكَافِر الَّذِي لَا يَمُوت حَتَّى يملاء الله مسامعه مِمَّا يكره وَلَو أَن فَاجِرًا فجر فِي جَوف بَيت إِلَى سبعين بَيْتا على كل بَيت بَاب من حَدِيد لألبسه الله رِدَاء عمله حَتَّى يتحدث بِهِ النَّاس وَيزِيدُونَ قَالُوا: وَكَيف يزِيدُونَ يَا رَسُول الله قَالَ: لِأَن الْفَاجِر لَو يَسْتَطِيع أَن يزِيد فِي فجوره لزاد وَأخرج ابْن عدي عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله مرد كل امرىء رِدَاء عمله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ثَابت قَالَ: كَانَ يُقَال لَو أَن ابْن آدم عمل بِالْخَيرِ فِي سبعين بَيْتا لكساه الله تَعَالَى رِدَاء عمله حَتَّى يعرف بِهِ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: النَّاس يعرف أَعْمَالهم من تَحت كنف الله فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد فضيحة أخرجه من تَحت كنفه فبدت عَوْرَته وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ رَفعه قَالَ: لَا يهتك الله عبدا وَفِيه مِثْقَال حَبَّة من خير وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: لَو أَن عبدا اكتتم بِالْعبَادَة كَمَا يكتتم بِالْفُجُورِ لأظهر الله ذَلِك مِنْهُ

73

قَوْله تَعَالَى: فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِك يحيي الله الْمَوْتَى ويريكم آيَاته لَعَلَّكُمْ تعقلون

أخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} قَالَ: ضرب بالعظم الَّذِي يَلِي الغضروف وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنهم ضربوه بفخذها فَلَمَّا فعلوا أَحْيَاهُ الله حَتَّى أنبأهم بقاتله الَّذِي قَتله وَتكلم ثمَّ مَاتَ وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: ضربوه بفخذها فحي فَمَا زَاد على أَن قَالَ: قتلني فلَان ثمَّ عَاد فَمَاتَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: ضرب بفخذ الْبَقَرَة فَقَامَ حَيا فَقَالَ: قتلني فلَان ثمَّ عَاد فِي ميتَته وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: ضرب بالبضعة الَّتِي بَين الْكَتِفَيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: أَمرهم أَن يَأْخُذُوا عظما فيضربوا بِهِ الْقَتِيل فَفَعَلُوا فَرجع الله روحه فَسمى قَاتله ثمَّ عَاد مَيتا كَمَا كَانَ وَأما قَوْله تَعَالَى: {كَذَلِك يحيي الله الْمَوْتَى} الْآيَة أخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن فَتى من بني إِسْرَائِيل كَانَ برا بوالدته وَكَانَ يقوم ثلث اللَّيْل يُصَلِّي وَيجْلس عِنْد رَأس والدته ثلث اللَّيْل فيذكرها بالتسبيح والتهليل وَالتَّكْبِير والتحميد وَيَقُول: يَا أمه إِن كنت ضعفت عَن قيام اللَّيْل فكبري الله وسبيحه وهلليه فَكَانَ ذَلِك عملهما الدَّهْر كُله فَإِذا أصبح أَتَى الْجَبَل فاحتطب على ظَهره فَيَأْتِي بِهِ السُّوق فيبيعه بِمَا شَاءَ الله أَن يَبِيعهُ فَيتَصَدَّق بِثُلثِهِ ويبقي لعبادتع ثلثا وَيُعْطِي الثُّلُث أمه وَكَانَت أمه تَأْكُل النّصْف وَتَتَصَدَّق بِالنِّصْفِ وَكَانَ ذَلِك عملهما الدَّهْر كُله فَلَمَّا طَال عَلَيْهَا قَالَت: يابني اعْلَم أَنِّي قد ورثت من أَبِيك بقرة وختمت عُنُقهَا وتركتها فِي الْبَقر على اسْم إِلَه إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب قَالَت وسأبين لَك مَا لَوْنهَا وهيئتها فَإِذا أتيت الْبَقر فادعها باسم إِلَه إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب فَأَنَّهَا تفعل كَمَا وَعَدتنِي وَقَالَت: إِن علامتها لَيست بهرمة وَلَا فتية غير أَنَّهَا بَينهمَا وَهِي صفراء فَاقِع لَوْنهَا تسر الناظرين إِذا نظرت إِلَى جلدهَا يخيل إِلَيْك أَن شُعَاع الشَّمْس يخرج من جلدهَا وَلَيْسَت بالذلول وَلَا صعبة تثير الأَرْض وَلَا تَسْقِي الْحَرْث مسلمة لاشية فِيهَا ولونها وَاحِد فَإِذا رَأَيْتهَا فَخذ بعنقها فَإِنَّهَا تتبعك بِإِذن إِلَه إِسْرَائِيل

فَانْطَلق الْفَتى وَحفظ وَصِيَّة والدته وَسَار فِي الْبَريَّة يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثًا حَتَّى إِذا كَانَ صَبِيحَة ذَلِك الْيَوْم انْصَرف فصاح بهَا فَقَالَ: بإله إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل واسحق وَيَعْقُوب إِلَّا مَا أتيتني فَأَقْبَلت الْبَقَرَة عَلَيْهِ وَتركت الرَّعْي فَقَامَتْ بَين يَدي الْفَتى فَأخذ بعنقها فتكلمت الْبَقَرَة وَقَالَت: يَا أَيهَا الْفَتى الْبر بوالدته اركبني فَإِنَّهُ أَهْون عَلَيْك قَالَ الْفَتى: لم تَأْمُرنِي والدتي أَن أركب عَلَيْك وَلكنهَا أَمرتنِي أَن أسوقك سوقاً فَأحب أَن أبلغ قَوْلهَا فَقَالَت: بإله إِسْرَائِيل لَو ركبتني مَا كنت لتقدر عَليّ فَانْطَلق يَا أَيهَا الْفَتى الْبر بوالدته لَو أَنَّك أمرت هَذَا الْجَبَل أَن ينقلع لَك من أَصله لانقلع لبرك بوالدتك ولطاعتك إلهك فَانْطَلق حَتَّى إِذا كَانَ من مسيرَة يَوْم من منزله استقبله عدوّ الله إِبْلِيس فتمثل لَهُ على صُورَة رَاع من رُعَاة الْبَقر فَقَالَ: يَا أَيهَا الْفَتى من أَيْن جِئْت بِهَذِهِ الْبَقَرَة أَلا تركبها فَإِنِّي أَرَاك قد أعييت أَظُنك لَا تملك من الدُّنْيَا مَالا غير هَذِه الْبَقَرَة فَإِنِّي أُعْطِيك الْأجر ينفعك وَلَا يَضرهَا فَإِنِّي رجل من رُعَاة الْبَقر اشْتقت إِلَى أَهلِي فَأخذت ثوراً من ثيراني فَحملت عَلَيْهِ طَعَامي وزادي حَتَّى غذا بلغت شطر الطَّرِيق أَخَذَنِي وجع بَطْني فَذَهَبت لأقضي حَاجَتي فَعدا وسط الْجَبَل وَتَرَكَنِي وَأَنا أطلبه وَلست أقدر عَلَيْهِ فَأَنا أخْشَى على نَفسِي الْهَلَاك وَلَيْسَ معي زَاد وَلَا مَاء فَإِن رَأَيْت أَن تحملنِي على بقرتك فتبلغني مرَاعِي وتنجيني من الْمَوْت وَأُعْطِيك أجرهَا بقرتين قَالَ الْفَتى: إِن بني آدم لَيْسَ بِالَّذِي يقتلهُمْ الْيَقِين وتهلكهم أنفسهم فَلَو علم الله مِنْك الْيَقِين لبلغك بِغَيْر زَاد وَلَا مَاء وَلست بِرَاكِب أمرا لم أومر بِهِ إِنَّمَا أَنا عبد مَأْمُور وَلَو علم سَيِّدي أَنِّي عصيته فِي هَذِه الْبَقَرَة لأهلكني وعاقبني عُقُوبَة شَدِيدَة وَمَا أَنا بمؤثر هَوَاك على هوى سَيِّدي فَانْطَلق يَا أَيهَا الرجل بِسَلام فَقَالَ لَهُ إِبْلِيس: أُعْطِيك بِكُل خطْوَة تخطوها إِلَى منزلي درهما فَذَلِك مَال عَظِيم وتفدي نَفسِي من الْمَوْت فِي هَذِه الْبَقَرَة قَالَ الْفَتى: إِن سَيِّدي لَهُ ذهب الأَرْض وفضتها فَإِن أَعْطَيْتنِي شَيْئا مِنْهَا علم أَنه من مَاله وَلَكِن أَعْطِنِي من ذهب السَّمَاء وفضتها فَأَقُول أَنه لَيْسَ هَذَا من مَالك فَقَالَ إِبْلِيس: وَهل فِي السَّمَاء ذهب وَفِضة أَو هِيَ يقدر أحد على هَذَا قَالَ الْفَتى: أَو هَل يَسْتَطِيع العَبْد بِمَا لم يَأْمر بِهِ سَيّده كَمَا لَا تَسْتَطِيع أَنْت ذهب السَّمَاء وفضتها قَالَ لَهُ إِبْلِيس: أَرَاك أعجز العبيد فِي أَمرك قَالَ لَهُ الْفَتى: إِن الْعَاجِز من

عصى ربه قَالَ لَهُ إِبْلِيس: مَا لي لَا أرى مَعَك زادا ولاماء قَالَ الْفَتى: زادي التَّقْوَى وطعامي الْحَشِيش وشرابي من عُيُون الْجبَال قَالَ إِبْلِيس: أَلا آمُرك بِأَمْر يرشدك قَالَ: مر بِهِ نَفسك فَإِنِّي على رشاد إِن شَاءَ الله قَالَ لَهُ إِبْلِيس: مَا أَرَاك تقبل نصيحة قَالَ لَهُ الْفَتى: الناصح لنَفسِهِ من أطَاع سَيّده وَأدّى الْحق الَّذِي عَلَيْهِ فَإِن كنت شَيْطَانا فأعوذ بِاللَّه مِنْك وَإِن كنت آدَمِيًّا فَاخْرُج فَلَا حَاجَة لي فِي صحابتك فجمد إِبْلِيس عِنْد ذَلِك ثَلَاث سَاعَات مَكَانَهُ وَلَو ركبهَا لَهُ إِبْلِيس مَا كَانَ الْفَتى يقدر عَلَيْهَا وَلَكِن الله حَبسه عَنْهَا فَبَيْنَمَا الْفَتى يمشي إِذْ طَار طَائِر من بَين يَدَيْهِ فاختلس الْبَقَرَة ودعاها الْفَتى وَقَالَ: بإله إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل واسحق وَيَعْقُوب إِلَّا مَا أتيتني فَأَتَت الْبَقَرَة إِلَيْهِ وَقَامَت بَين يَدَيْهِ فَقَالَت: يَا أَيهَا الْفَتى ألم تَرَ إِلَى ذَلِك الطَّائِر الَّذِي طَار من بَين يَديك فَإِنَّهُ إِبْلِيس عَدو الله اختلسني فَلَمَّا ناديتني بإله إِسْرَائِيل جَاءَ ملك من الْمَلَائِكَة فانتزعني مِنْهُ فردني إِلَيْك لبرك بوالدتك وطاعتك إلهك فَانْطَلق فلست ببارحتك حَتَّى تَأتي أهلك إِن شَاءَ الله قَالَ: فَدخل الْفَتى إِلَى أمه يخبرها الْخَبَر فَقَالَت: يَا بني إِنِّي أَرَاك تحتطب على ظهرك اللَّيْل والنَّهَار فتشخص فَاذْهَبْ بِهَذِهِ الْبَقَرَة فبعها وَخذ ثمنهَا فتقوّ بِهِ وودع بِهِ نَفسك قَالَ الْفَتى: بكم أبيعها قَالَت: بِثَلَاثَة دَنَانِير على رضَا مني فَانْطَلق الْفَتى إِلَى السُّوق فَبعث الله إِلَيْهِ ملكا من الْمَلَائِكَة ليري خلقه قدرته فَقَالَ للفتى: بكم تبيع هَذِه الْبَقَرَة أَيهَا الْفَتى فَقَالَ: أبيعها بِثَلَاثَة دَنَانِير على رضَا من والدتي قَالَ: لَك سِتَّة دَنَانِير وَلَا تستأمر والدتك فَقَالَ: لَو أَعْطَيْتنِي زنتها لم أبعها حَتَّى أستأمرها فَخرج الْفَتى فَأخْبر والدته الْخَبَر فَقَالَت: بعها بِسِتَّة دَنَانِير على رضَا مني فَانْطَلق الْفَتى وَأَتَاهُ الْملك فَقَالَ: مَا فعلت فَقَالَ: أبيعها بِسِتَّة دَنَانِير على رضَا من والدتي قَالَ: فَخذ اثْنَي عشر دِينَارا وَلَا تستأمرها قَالَ: لَا فَانْطَلق الْفَتى إِلَى أمه فَقَالَت: يَا بني إِن الَّذِي يَأْتِيك ملك من الْمَلَائِكَة فِي صُورَة آدَمِيّ فَإِذا أَتَاك فَقل لَهُ: إِن والدتي تقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَتقول: بكم تَأْمُرنِي أَن أبيع هَذِه الْبَقَرَة قَالَ لَهُ الْملك: يَا أَيهَا الْفَتى يَشْتَرِي بقرتك هَذِه مُوسَى بن عمرَان لقتيل يقتل من بني إِسْرَائِيل وَله مَال كثير وَلم يتْرك أَبوهُ ولدا غَيره وَله أَخ لَهُ بنُون كَثِيرُونَ فَيَقُولُونَ كَيفَ لنا أَن نقْتل هَذَا الْغُلَام ونأخذ مَاله فدعوا الْغُلَام إِلَى منزلهم

فَقَتَلُوهُ فطرحوه إِلَى جَانب دَارهم فَأصْبح أهل الدَّار فأخرجوا الْغُلَام إِلَى بَاب الدَّار وَجَاء بَنو عَم الْغُلَام فَأخذُوا أهل الدَّار فَانْطَلقُوا بهم إِلَى مُوسَى فَلم يدر مُوسَى كَيفَ يحكم بَينهم من أجل أَن أهل الدَّار بُرَآء من الْغُلَام فشق ذَلِك على مُوسَى فَدَعَا ربه فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن خُذ بقرة صفراء فاقعا لوناه فاذبحها ثمَّ اضْرِب الْغُلَام بِبَعْضِهَا فعمدوا إِلَى بقرة الْفَتى فاشتروها على أَن يملؤوا جلدهَا دَنَانِير ثمَّ ذبحوها ثمَّ ضربوا الْغُلَام بِبَعْضِهَا فَقَامَ يُخْبِرهُمْ فَقَالَ: إِن بني عمي قتلوني وَأهل الدَّار مني بُرَآء فَأَخذهُم مُوسَى فَقَالُوا: يَا مُوسَى أتتخذنا هزوا قد قتلنَا ابْن عمنَا مَظْلُوما وَقد علمُوا أَن سيفضحوا فعمدوا إِلَى جلد الْبَقَرَة فملؤوه دَنَانِير ثمَّ دفعوه إِلَى الْفَتى فَعمد الْفَتى فَتصدق بالثلثين على فُقَرَاء بني إِسْرَائِيل وتقوّى بِالثُّلثِ {كَذَلِك يحيي الله الْمَوْتَى ويريكم آيَاته لَعَلَّكُمْ تعقلون}

74

قَوْله تَعَالَى: ثمَّ قست قُلُوبكُمْ من بعد ذَلِك فَهِيَ كالحجارة أَو أَشد قسوة وَإِن من الْحِجَارَة لما يتفجر مِنْهُ الأتهار وَإِن مِنْهَا لما يشقق فَيخرج مِنْهُ المَاء وَإِن مِنْهَا لما يهْبط من خشيَة الله وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ثمَّ قست قُلُوبكُمْ من بعد ذَلِك} قَالَ: من بعد مَا أَرَاهُم الله من إحْيَاء الْمَوْتَى وَمن بعد مَا أَرَاهُم من أَمر الْقَتِيل {فَهِيَ كالحجارة أَو أَشد قسوة} ثمَّ عذر الله الْحِجَارَة وَلم يعْذر شقي ابْن آدم فَقَالَ {وَإِن من الْحِجَارَة لما يتفجر مِنْهُ الْأَنْهَار وَإِن مِنْهَا لما يشقق فَيخرج مِنْهُ المَاء وَإِن مِنْهَا لما يهْبط من خشيَة الله} وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن من الْحِجَارَة} الْآيَة أَي أَن من الْحِجَارَة لألين من قُلُوبكُمْ لما تدعون إِلَيْهِ من الْحق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: كل حجر يتفجر مِنْهُ المَاء أَو يشقق عَن مَاء أَو يتردى من رَأس جبل فَمن خشيَة الله نزل بذلك الْقُرْآن

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن مِنْهَا لما يهْبط من خشيَة الله} قَالَ: إِن الْحجر ليَقَع على ألرض وَلَو اجْتمع عَلَيْهِ كثير من النَّاس مَا استطاعوه وَإنَّهُ ليهبط من خشيَة الله

75

قَوْله تَعَالَى: أفتطمعون أَن يُؤمنُوا لكم وَقد كَانَ فريق مِنْهُم يسمعُونَ كَلَام الله ثمَّ يحرفونه من بعد مَا عقلوه وهم يعلمُونَ أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ثمَّ قَالَ الله لنَبيه وَمن مَعَه من الْمُؤمنِينَ يؤيسهم مِنْهُم {أفتطمعون أَن يُؤمنُوا لكم وَقد كَانَ فريق مِنْهُم يسمعُونَ كَلَام الله} وَلَيْسَ قَوْله التَّوْرَاة كلهَا وَقد سَمعهَا وَلَكنهُمْ الَّذين سَأَلُوا مُوسَى رُؤْيَة رَبهم فَأَخَذتهم الصاعقة فِيهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أفتطمعون أَن يُؤمنُوا لكم} الْآيَة قَالَ: فَالَّذِينَ يحرفونه وَالَّذين يكتبونه م الْعلمَاء مِنْهُم وَالَّذين نبذوا كتاب الله وَرَاء ظُهُورهمْ هَؤُلَاءِ كلهم يهود وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {يسمعُونَ كَلَام الله} قَالَ: هِيَ التَّوْرَاة حرفوها

76

قَوْله تَعَالَى: وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا وَإِذا خلا بَعضهم إِلَى بعض قَالُوا أتحدثونهم بِمَا فتح الله عَلَيْكُم ليحاجوكم بِهِ عِنْد ربكُم أَفلا تعقلون أوَ لَا يعلمُونَ أَن الله يعلم مَا يسرون وَمَا يعلنون أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا} أَي بصاحبكم رَسُول الله وَلكنه إِلَيْكُم خَاصَّة وَإِذا خلا بَعضهم إِلَى بعض قَالُوا: لَا تحدثُوا الْعَرَب بِهَذَا فَإِنَّكُم قد كُنْتُم تستفتحون بِهِ عَلَيْكُم فَكَانَ مِنْهُم {ليحاجوكم بِهِ عِنْد ربكُم} أَي يقرونَ أَنه نَبِي وَقد علمْتُم أَنه قد أَخذ عَلَيْكُم الْمِيثَاق باتباعه وَهُوَ يُخْبِرهُمْ أَنه النَّبِي الَّذِي كَانَ ينْتَظر ونجده فِي كتَابنَا اجحدوه وَلَا تقروا بِهِ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ: هَذِه الْآيَة فِي الْمُنَافِقين من الْيَهُود وَقَوله {بِمَا فتح الله عَلَيْكُم} يَعْنِي بِمَا أكْرمكُم بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم قُرَيْظَة تَحت حصونهم فَقَالَ يَا إخْوَان القردة والخنازير وَيَا عَبدة الطاغوت فَقَالُوا: من أخبر هَذَا الْأَمر مُحَمَّد مَا خرج هَذَا الْأَمر إِلَّا مِنْكُم {أتحدثونهم بِمَا فتح الله عَلَيْكُم} بِمَا حكم الله ليَكُون لَهُم حجَّة عَلَيْكُم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدخلن علينا قَصَبَة الْمَدِينَة إِلَّا مُؤمن فَقَالَ: رُؤَسَاء الْيَهُود: اذْهَبُوا فَقولُوا آمنا واكفروا إِذا رجعتم إِلَيْنَا فَكَانُوا يأْتونَ الْمَدِينَة بالبكر ويرجعون إِلَيْهِم بعد الْعَصْر وَهُوَ قَوْله (وَقَالَت طَائِفَة من أهل الْكتاب آمنُوا بِالَّذِي أنزل على الَّذين آمنُوا وَجه النَّهَار واكفروا آخِره) (آل عمرَان الْآيَة 72) وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِذا دخلُوا الْمَدِينَة نَحن مُسلمُونَ ليعلموا خبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمره فَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ يظنون أَنهم مُؤمنُونَ فَيَقُولُونَ لَهُم: أَلَيْسَ قد قَالَ لكم فِي التَّوْرَاة كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُونَ: بلَى فَإِذا رجعُوا إِلَى قَومهمْ قَالُوا {أتحدثونهم بِمَا فتح الله عَلَيْكُم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي نَاس من الْيَهُود آمنُوا ثمَّ نافقوا فَكَانُوا يحدثُونَ الْمُؤمنِينَ من الْعَرَب بِمَا عذبُوا بِهِ فَقَالَ بَعضهم لبَعض {أتحدثونهم بِمَا فتح الله عَلَيْكُم} من الْعَذَاب لِيَقُولُوا نَحن أحب إِلَى الله مِنْكُم وَأكْرم على الله مِنْكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة أَن امْرَأَة من الْيَهُود أَصَابَت فَاحِشَة فجاؤوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَبْتَغُونَ مِنْهُ الحكم رَجَاء الرُّخْصَة فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عالمهم وَهُوَ ابْن صوريا فَقَالَ لَهُ: احكم قَالَ: فجبؤه والتجبئة يحملونه على حمَار ويجعلون على وَجهه إِلَى ذَنْب الْحمار فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبحكم الله حكمت قَالَ: لَا وَلَكِن نِسَاءَنَا كن حسانا فأسرع فِيهِنَّ رجالنا فغيرنا الحكم وَفِيه أنزلت {وَإِذا خلا بَعضهم إِلَى بعض} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا} قَالُوا: هم الْيَهُود وَكَانُوا إِذا لقوا الَّذين آمنُوا قَالُوا آمنا فصانعوهم بذلك ليرضوا عَنْهُم وَإِذا خلا بَعضهم إِلَى بعض نهى بَعضهم بَعْضًا أَن يحدثوا بِمَا فتح الله عَلَيْهِم وَبَين لَهُم فِي كِتَابه من أَمر مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام رفعته ونبوته وَقَالُوا: إِنَّكُم إِذا فَعلْتُمْ ذَلِك احْتَجُّوا عَلَيْكُم بذلك عِنْد ربكُم {أَفلا تعقلون أَو لَا يعلمُونَ أَن الله يعلم مَا يسرون وَمَا يعلنون} قَالَ: مَا يعلنون من أَمرهم وَكَلَامهم إِذا لقوا الَّذين آمنُوا وَمَا يسرون إِذا خلا بَعضهم إِلَى بعض من كفرهم بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتكذيبهم بِهِ وهم يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {أَو لَا يعلمُونَ أَن الله يعلم مَا يسرون} يَعْنِي من كفرهم بِمُحَمد وتكذيبهم بِهِ {وَمَا يعلنون} حِين قَالُوا للْمُؤْمِنين: آمنا

78

قَوْله تَعَالَى: وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ لَا يعلمُونَ الْكتاب إِلَّا أماني وَإِن هم إِلَّا يظنون أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأميون قوم لم يصدقُوا رَسُولا أرْسلهُ الله وَلَا كتابا أنزلهُ فَكَتَبُوا كتابا بِأَيْدِيهِم ثمَّ قَالُوا لقوم سفلَة جهال: هَذَا من عِنْد الله وَقَالَ: قد أخْبرهُم أَنهم يَكْتُبُونَ بِأَيْدِيهِم ثمَّ سماهم أُمِّيين لجحودهم كتب الله وَرُسُله وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله {وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ لَا يعلمُونَ الْكتاب} قَالَ: مِنْهُم من لَا يحسن أَن يكْتب وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ لَا يعلمُونَ الْكتاب} قَالَ: لَا يَدْرُونَ مَا فِيهِ {وَإِن هم إِلَّا يظنون} وهم يجحدون نبؤتك بِالظَّنِّ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ لَا يعلمُونَ الْكتاب} قَالَ: نَاس من يهود لم يَكُونُوا يعلمُونَ من الْكتاب شَيْئا وَكَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِالظَّنِّ بِغَيْر مَا فِي كتاب الله ويقولن هُوَ من الْكتاب أماني تمنونها

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا أماني} قَالَ: إِلَّا أَحَادِيث وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا أماني} قَالَ: إِلَّا قولا يَقُولُونَ بأفواههم كذبا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِلَّا أماني} قَالَ: إِلَّا كذبا {وَإِن هم إِلَّا يظنون} قَالَ: الا يكذبُون

79

قَوْله تَعَالَى: فويل للَّذين يَكْتُبُونَ الْكتاب بِأَيْدِيهِم ثمَّ يَقُولُونَ هَذَا من عِنْد الله ليشتروا بِهِ ثمنا قَلِيلا فويل لَهُم مِمَّا كتبت أَيْديهم وويل لَهُم مِمَّا يَكْسِبُونَ أخرج وَكِيع وَابْن الْمُنْذر وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فويل للَّذين يَكْتُبُونَ الْكتاب بِأَيْدِيهِم} قَالَ: نزلت فِي أهل الْكتاب وَأخرج أَحْمد وهناد بن السّري بن الزّهْد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ويل وادٍ فِي حهنم يهوي فِيهِ الْكَافِر أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قبل أَن يبلغ قَعْره وَأخرج ابْن جرير عَن عُثْمَان بن عَفَّان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {فويل لَهُم مِمَّا كتبت أَيْديهم} قَالَ: الويل جبل فِي النَّار وَهُوَ الَّذِي أنزل فِي الْيَهُود لأَنهم حرفوا التَّوْرَاة زادوا فِيهَا مَا أَحبُّوا ومحوا مِنْهَا مَا كَانُوا يكْرهُونَ ومحوا اسْم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من التَّوْرَاة وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فِي النَّار [] حجرا يُقَال لَهَا ويل يصعد عَلَيْهِ العرفاء وينزلون فِيهِ وَأخرج الْحَرْبِيّ فِي فَوَائده عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيحك يَا عَائِشَة فَجَزِعت مِنْهَا فَقَالَ لي: يَا حميراء إت وَيحك أَو ويك رَحْمَة فَلَا تحجزعي مِنْهَا وَلَكِن اجزعي من الويل

وَأخرج أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النبوّة عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الويح وَالْوَيْل بَابَانِ فَأَما الويح فباب رَحْمَة وَأما الويل فباب عَذَاب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: ويل وادٍ فِي جَهَنَّم يسيل من صديد أهل النَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: الويل وَاد من فيح فِي جَهَنَّم وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: ويل وَاد فِي جَهَنَّم لَو سيرت فِيهِ الْجبَال لماعت من شدَّة حره وَأخرج هناد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ويل سيل من صديد فِي أصل جَهَنَّم وَفِي لفظ ويل وَاد فِي جَهَنَّم يسيل فِيهِ صديده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر مولى عفرَة قَالَ: إِذا سَمِعت الله يَقُول: ويل هِيَ النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فويل للَّذين يَكْتُبُونَ الْكتاب} الْآيَة قَالَ: هم أَحْبَار الْيَهُود وجدوا صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكْتُوبَة فِي التَّوْرَاة أكحل أعين ربعَة جعد الشّعْر حسن الْوَجْه فَلَمَّا وجدوه فِي التَّوْرَاة محوه حسداً وبغياً فَأَتَاهُم نفر من قُرَيْش فَقَالُوا: تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة نَبيا أُمِّيا فَقَالُوا: نعم نجده طَويلا أَزْرَق سبط الشّعْر فانكرت قُرَيْش وَقَالُوا: لَيْسَ هَذَا منا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وصف الله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حسده أَحْبَار الْيَهُود فغيَّروا صفته فِي كِتَابهمْ وَقَالُوا: لَا نجد نَعته عندنَا وَقَالُوا للسفلة: لَيْسَ هَذَا نعت النَّبِي الَّذِي يحرم كَذَا وَكَذَا كَمَا كتبوه وغيَّروا نعت هَذَا كَذَا كَمَا وصف فلبسوا على النَّاس وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك لِأَن الْأَحْبَار كَانَت لَهُم مأكلة يُطعمهُمْ إِيَّاهَا السفلة لقيامهم على التَّوْرَاة فخافوا أَن تؤمن السفلة فتنقطع تِلْكَ المأكلة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: يَا معشر الْمُسلمين كَيفَ تسْأَلُون أهل الْكتاب عَن شَيْء وَكِتَابكُمْ الَّذِي أنزل الله على نبيه أحدث أَخْبَارًا لله تعرفونه غضاً مَحْضا لم يشب

وَقد حَدثكُمْ الله أَن أهل الْكتاب قد بدلُوا كتاب الله وغيروه وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِم الْكتاب وَقَالُوا: هُوَ من عِنْد الله ليشتروا بِهِ ثمنا أَفلا يَنْهَاكُم مَا جَاءَكُم من الْعلم عَن مسائلهم وَلَا وَالله مَا رَأينَا مِنْهُم أحدا قطّ سألكم عَن الَّذِي أنزل إِلَيْكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ كَانَ نَاس من الْيَهُود يَكْتُبُونَ كتابا من عِنْدهم ويبيعونه من الْعَرَب ويحدثونهم أَنه من عِنْد الله فَيَأْخُذُونَ ثمنا قَلِيلا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر واين أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ نَاس من بني إِسْرَائِيل كتبُوا كتابا بِأَيْدِيهِم ليتأكلوا النَّاس فَقَالُوا: هَذِه من عِنْد الله وَمَا هِيَ من عِنْد الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ليشتروا بِهِ ثمنا قَلِيلا} قَالَ: عرضا من عرض الدُّنْيَا {وويل لَهُم مِمَّا يَكْسِبُونَ} يَقُول: مِمَّا يَأْكُلُون بِهِ النَّاس السفلة وَغَيرهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كره كِتَابَة الْمَصَاحِف بِالْأَجْرِ وتلا هَذِه الْآيَة {فويل للَّذين يَكْتُبُونَ الْكتاب بِأَيْدِيهِم} الْآيَة وَأخرج وَكِيع عَن الْأَعْمَش أَنه كره أَن يكْتب الْمَصَاحِف بِالْأَجْرِ وتأوّل هَذِه الْآيَة {فويل للَّذين يَكْتُبُونَ الْكتاب بِأَيْدِيهِم ثمَّ يَقُولُونَ هَذَا من عِنْد الله} وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي دَاوُد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه يكره شِرَاء الْمَصَاحِف وَبَيْعهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبيد وَابْن أبي دَاوُد عَن أبي الضُّحَى قَالَ: سَأَلت ثَلَاثَة من أهل الْكُوفَة عَن شِرَاء الْمَصَاحِف عبد الله بن يزِيد الخطمي ومسروق بن الأجدع وشريحاً فكلهم قَالَ: لَا نَأْخُذ لكتاب الله ثمنا وَأخرج ابْن أبي دَاوُد من طَرِيق قَتَادَة عَن زُرَارَة عَن مطرف قَالَ: شهِدت فتح تستر مَعَ الْأَشْعَرِيّ فأصبنا دانيال بالسوس وأصبنا مَعَه ربطتين من كتَّان وأصبنا مَعَه ربعَة فِيهَا كتاب الله وَكَانَ أول من وَقع عَلَيْهِ رجل من بلعنبر يُقَال لَهُ حرقوص فَأعْطَاهُ الْأَشْعَرِيّ الربطتين وَأَعْطَاهُ مِائَتي دِرْهَم وَكَانَ مَعنا أجِير نَصْرَانِيّ يُسمى نعيماً فَقَالَ: بيعوني هَذِه الربعة بِمَا فِيهَا فَقَالُوا: إِن يكن فِيهَا ذهب أَو فضَّة أَو كتاب الله

قَالَ: فَإِن الَّذِي فِيهَا كتاب الله فكرهوا أَن يبيعوه الْكتاب فَبِعْنَاهُ الربعة بِدِرْهَمَيْنِ وَوَهَبْنَا لَهُ الْكتاب قَالَ قَتَادَة: فَمن ثمَّ كره بيع الْمَصَاحِف لِأَن الْأَشْعَرِيّ وَأَصْحَابه كَرهُوا بيع ذَلِك الْكتاب وَأخرج ابْن أبي دَاوُد من طَرِيق قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب وَالْحسن: أَنَّهُمَا كرها بيع الْمَصَاحِف وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان أَنه سُئِلَ عَن بيع الْمَصَاحِف فَقَالَ: إِن إِبْرَاهِيم يكره بيعهَا وشراءها وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن سَالم قَالَ: كَانَ ابْن عمر إِذا أَتَى على الَّذِي يَبِيع الْمَصَاحِف قَالَ: بئس التِّجَارَة وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عبَادَة بن نسي أَن عمر كَانَ يَقُول: لَا تَبِيعُوا الْمَصَاحِف وَلَا تشتروها وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن ابْن سِيرِين وَإِبْرَاهِيم أَن عمر كَانَ يكره بيع الْمَصَاحِف وشراءها وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن ابْن مَسْعُود: أَنه كره بيع الْمَصَاحِف وشراءها وَأخرج ابْن أبي دَاوُد من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: وددت أَن الْأَيْدِي تقطع على بيع الْمَصَاحِف وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي دَاوُد من طَرِيق سعيد بن جُبَير قَالَ: وددت أَن الْأَيْدِي قطعت على بيع الْمَصَاحِف وشرائها وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عِكْرِمَة قَالَ: سَمِعت سَالم بن عبد الله يَقُول: بئس التِّجَارَة الْمَصَاحِف وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن جَابر بن عبد الله: أَنه كره بيع الْمَصَاحِف وشراءها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي دَاوُد عَن عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ: أَنه كَانَ يكره بيع الْمَصَاحِف قَالَ: وَكَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشددون فِي بيع الْمَصَاحِف ويرونه عَظِيما وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب: أَنه كره بيع الْمَصَاحِف كَرَاهِيَة شَدِيدَة وَكَانَ يَقُول: أعن أَخَاك بِالْكتاب أَو هَب لَهُ وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عليّ بن حُسَيْن قَالَ: كَانَت الْمَصَاحِف لَا تبَاع وَكَانَ

الرجل يَأْتِي بِوَرَقَة عِنْد الْمِنْبَر فَيَقُول من الرجل يحْتَسب فَيكْتب لي ثمَّ يَأْتِي الآخر فَيكْتب حَتَّى يتم الْمُصحف وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن مَسْرُوق وعلقمة وَعبد الله بن يزِيد الْأنْصَارِيّ وَشُرَيْح وَعبادَة أَنهم كَرهُوا بيع الْمَصَاحِف وشراءها وَقَالُوا: لَا نَأْخُذ لكتاب الله ثمنا وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن إِبْرَاهِيم عَن أَصْحَابه قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ بيع الْمَصَاحِف وشراءها وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن أبي الْعَالِيَة أَنه كَانَ يكره بيع الْمَصَاحِف وَقَالَ: وددت أَن الَّذين يبيعون الْمَصَاحِف ضربوا وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ بيع الْمَصَاحِف وكتابتها بِالْأَجْرِ وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ عَطاء: لم يكن من مضى يبيعون الْمَصَاحِف إِنَّمَا حدث ذَلِك الْآن وَإِنَّمَا يَجْلِسُونَ بمصاحفهم فِي الْحجر فَيَقُول أحدهم للرجل إِذا كَانَ كَاتبا وَهُوَ يطوف: يَا فلَان إِذا فرغت تعال فَاكْتُبْ لي قَالَ: فَيكْتب الْمُصحف وَمَا كَانَ من ذَلِك حَتَّى يفرغ من مصحفه وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: كَانَ فِي أوّل الزَّمَان يَجْتَمعُونَ فيكتبون الْمَصَاحِف ثمَّ أَنهم استأجروا الْعباد فكتبوها لَهُم ثمَّ أَن الْعباد بعد أَن كتبوها باعوها وأوّل من بَاعهَا هم الْعباد (الْعباد: جمع عبد وهم قبائل شَتَّى من الْعَرَب اجْتَمعُوا بِالْحيرَةِ على المسيحية قبل الْإِسْلَام وَالنِّسْبَة عبَادي) وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي دَاوُد عَن عمرَان بن جرير قَالَ: سَأَلت أَبَا مجلز عَن بيع الْمَصَاحِف قَالَ: إِنَّمَا بِيعَتْ فِي زمن مُعَاوِيَة فَلَا تبعها وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: كتاب الله أعز من أَن يُبَاع وَأخرج ابْن سعيد عَن حَنْظَلَة قَالَ: كنت أَمْشِي مَعَ طَاوس فَمر بِقوم يبيعون الْمَصَاحِف فَاسْتَرْجع ذكر من رخص فِي بيعهَا وشراءها أخرج ابْن أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن بيع الْمَصَاحِف فَقَالَ: لَا بَأْس إِنَّمَا يَأْخُذُونَ أجور أَيْديهم

وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن ابْن الْحَنَفِيَّة أَنه سُئِلَ عَن بيع الْمَصَاحِف قَالَ: لَا بَأْس إِنَّمَا يَبِيع الْوَرق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبيد وَابْن أبي دَاوُد عَن الشّعبِيّ قَالَ: لَا بَأْس بِبيع الْمَصَاحِف إِنَّهُم لَا يبيعون كتاب الله إِنَّمَا يبيعون الْوَرق وَعمل أَيْديهم وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن جَعْفَر عَن أَبِيه قَالَ: لَا بَأْس بشرَاء الْمَصَاحِف وَأَن يعْطى الْأجر على كتَابَتهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبيد وَابْن أبي دَاوُد عَن مطر الْوراق أَنه سُئِلَ عَن بيع الْمَصَاحِف فَقَالَ: كَانَ خيرا أَو حبرًا هَذَا الْأمة لَا يريان يَبِيعهَا بَأْسا الْحسن وَالشعْبِيّ وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن حميد أَن الْحسن كَانَ يكره بيع الْمَصَاحِف فَلم يزل بِهِ مطر الْوراق حَتَّى رخص فِيهِ وَأخرج ابْن أبي دَاوُد من طرق عَن الْحسن قَالَ: لَا بَأْس بِبيع الْمَصَاحِف ونقطها بالآجر وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن الحكم: أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا بشرَاء الْمَصَاحِف وَبَيْعهَا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي دَاوُد عَن أبي شهَاب مُوسَى بن نَافِع قَالَ: قَالَ لي سعيد بن جُبَير: هَل لَك فِي مصحف عِنْدِي قد كفيتك عرضه فتشتريه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبيد وَابْن أبي دَاوُد من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اشْتَرِ الْمَصَاحِف وَلَا تبعها وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رخص فِي شِرَاء الْمَصَاحِف وَكره فِي بيعهَا قَالَ ابْن أبي دَاوُد: كَذَا قَالَ رخص كَأَنَّهُ صَار مُسْندًا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي دَاوُد عَن جَابر بن عبد الله فِي بيع الْمَصَاحِف قَالَ: ابتعها وَلَا تبعها وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن سعيد بن الْمسيب وَسَعِيد بن جُبَير مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر مثله

80

قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَة قل أتخذتم عِنْد الله لن يخلف الله عَهده أم تَقولُونَ على الله مَا لَا تعلمُونَ

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ والواحدي عَن ابْن عَبَّاس أَن يهود كَانُوا يَقُولُونَ: مُدَّة الدُّنْيَا سَبْعَة آلَاف سنة وَإِنَّمَا نعذب لكل ألف سنة من أَيَّام الدُّنْيَا يَوْمًا وَاحِدًا فِي النَّار وَإِنَّمَا هِيَ سَبْعَة أَيَّام معدودات ثمَّ يَنْقَطِع الْعَذَاب فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَقَالُوا لن تمسنا النَّار} إِلَى قَوْله {هم فِيهَا خَالدُونَ} وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والواحدي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وجد أهل الْكتاب مسيرَة مَا بَين طرفِي جَهَنَّم مسيرَة أَرْبَعِينَ فَقَالُوا: لن يعذب أهل النَّار إِلَّا قدر أَرْبَعِينَ فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة ألجموا فِي النَّار فَسَارُوا فِيهَا حَتَّى انْتَهوا إِلَى سقر وفيهَا شَجَرَة الزقوم إِلَى آخر يَوْم من الْأَيَّام الْمَعْهُودَة فَقَالَ لَهُ خَزَنَة النَّار: يَا أَعدَاء الله زعمتم أَنكُمْ لن تعذبوا فِي النَّار إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَة فقد انْقَضى الْعدَد وَبَقِي الْأَبَد فَيَأْخُذُونَ فِي الصعُود يرهقون على وُجُوههم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن الْيَهُود قَالُوا: لن تمسنا النَّار إِلَّا أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُدَّة عبَادَة الْعجل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: اجْتمعت يهود يَوْمًا فخاصموا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا معدودات وَسموا أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ يخلفنا فِيهَا نَاس وأشاروا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورد يَده على رؤوسهم كَذبْتُمْ بل أَنْتُم خَالدُونَ مخلدون فِيهَا لَا نخلفكم فِيهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى أبدا ففيهم أنزلت هَذِه الْآيَة {وَقَالُوا لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَة} يعنون أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْيَهُود أنْشدكُمْ بِاللَّه وبالتوراة الَّتِي أنزل الله على مُوسَى يَوْم طور سيناء من أهل النَّار الَّذين أنزلهم الله فِي التَّوْرَاة قَالُوا: إِن رَبهم غضب عَلَيْهِم غضبة فنمكث فِي النَّار أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ نخرج فتخلفوننا فِيهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَذبْتُمْ وَالله لَا نخلفكم فِيهَا أبدا فَنزل الْقُرْآن تَصْدِيقًا لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتكذيباً لَهُم {وَقَالُوا لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَة} إِلَى قَوْله {وهم فِيهَا خَالدُونَ} وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ والدارمي وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة

قَالَ لما افتتحت خَيْبَر أهديت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَاة فِيهَا سم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجْمَعُوا لي من كَانَ هَهُنَا من الْيَهُود فَقَالَ لَهُم: من أبوكم قَالَ: فلَان قَالَ: كَذبْتُمْ بل أبوكم فلَان قَالُوا: صدقت وبررت ثمَّ قَالَ لَهُم: هَل أَنْتُم صادقيّ عَن شَيْء إِن سألتكم عَنهُ قَالُوا: نعم يَا أَبَا الْقَاسِم وَإِن كذبناك عرفت كذبنَا كَمَا عَرفته فِي أَبينَا فَقَالَ لَهُم: من أهل النَّار قَالُوا: نَكُون فِيهَا يَسِيرا ثمَّ تخلفوننا فِيهَا فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اخْسَئُوا - وَالله - لَا نخلفكم فِيهَا أبدا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قل أتخذتم عِنْد الله عهدا} أَي موثقًا من الله بذلك أَنه كَمَا تَقولُونَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما قَالَت الْيَهُود مَا قَالَت قَالَ الله لمُحَمد {قل أتخذتم عِنْد الله عهدا} يَقُول: أدخرتم عِنْد الله عهدا يَقُول: اقلتم لَا إِلَه إِلَّا الله لم تُشْرِكُوا وَلم تكفرُوا بِهِ فَإِن كُنْتُم قُلْتُمُوهَا فارجوا بهَا وَإِن كُنْتُم لم تقولوها فَلم تَقولُونَ على الله مَا لَا تعلمُونَ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قل أتخذتم عِنْد الله} قَالَ: بفراكم وبزعمكم أَن النَّار لَيْسَ تمسكم إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَة يَقُول: إِن كُنْتُم اتخذتم عِنْد الله عهدا بذلك فَلَنْ يخلف الله عَهده {أم تَقولُونَ على الله مَا لَا تعلمُونَ} قَالَ: قَالَ الْقَوْم: الْكَذِب وَالْبَاطِل وَقَالُوا عَلَيْهِ مَالا يعلمُونَ

81

قَوْله تَعَالَى: بلَى من كسب سَيِّئَة وأحاطت بِهِ خطيئته فَأُولَئِك أَصْحَاب النَّار هم فِيهَا خَالدُونَ وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجنَّة هم فِيهَا خَالدُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي

قَوْله {بلَى من كسب} قَالَ: الشّرك وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَقَتَادَة مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {وأحاطت بِهِ خطيئته} قَالَ: أحَاط بِهِ شركه وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بلَى من كسب سَيِّئَة} أَي من عمل مثل أَعمالكُم وَكفر بِمَا كَفرْتُمْ بِهِ حَتَّى يُحِيط كفره بِمَا لَهُ من حَسَنَة {فَأُولَئِك أَصْحَاب النَّار هم فِيهَا خَالدُونَ وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} أَي من آمن بِمَا كَفرْتُمْ بِهِ وَعمل بِمَا تركْتُم من دينه فَلهم الْجنَّة خَالِدين فِيهَا يُخْبِرهُمْ أَن الثَّوَاب بِالْخَيرِ وَالشَّر مُقيم على أَهله أبدا لَا انْقِطَاع لَهُ أبدا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وأحاطت بِهِ خطيئته} قَالَ: هِيَ الْكَبِيرَة الْمُوجبَة لأَهْلهَا النَّار وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وأحاطت بِهِ خطيئته} مَا الْخَطِيئَة قَالَ: اقرؤوا الْقُرْآن فَكل آيَة وعد الله عَلَيْهَا النَّار فَهِيَ الْخَطِيئَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وأحاطت بِهِ خطيئته} قَالَ: الذُّنُوب تحيط بالقلوب فَكلما عمل ذَنبا ارْتَفَعت حَتَّى تغشى الْقلب حَتَّى يكون هَكَذَا وَقبض كَفه ثمَّ قَالَ: والخطيئة كل ذَنْب وعد الله عَلَيْهِ النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن الرّبيع بن خَيْثَم فِي قَوْله {وأحاطت بِهِ خطيئته} قَالَ: هُوَ الَّذِي يَمُوت على خطيئته قبل أَن يَتُوب وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن الْأَعْمَش فِي قَوْله {وأحاطت بِهِ خطيئته} قَالَ: مَاتَ بِذَنبِهِ

83

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ أَخذنَا مِيثَاق بني إِسْرَائِيل لَا تَعْبدُونَ إِلَّا الله وبالوالدين إحسانا وَذي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَقُولُوا للنَّاس حسنا وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة ثمَّ توليتم إِلَّا قَلِيلا مِنْكُم وَأَنْتُم معرضون أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {وَإِذ أَخذنَا مِيثَاق بني إِسْرَائِيل} أَي ميثاقكم وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَإِذ أَخذنَا مِيثَاق بني إِسْرَائِيل} الْآيَة قَالَ: أَخذ مواثيقهم أَن يخلصوا لَهُ وَأَن لَا يعبدوا غَيره

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذ أَخذنَا مِيثَاق بني إِسْرَائِيل} قَالَ: مِيثَاق أَخذه الله على بني إِسْرَائِيل فَاسْمَعُوا على مَا أَخذ مِيثَاق الْقَوْم {لَا تَعْبدُونَ إِلَّا الله وبالوالدين إحساناً} الْآيَة وَأخرج عبد بن حمي عَن عِيسَى بن عمر قَالَ: قَالَ الْأَعْمَش: نَحن نَقْرَأ / لَا يعْبدُونَ إِلَّا الله / بِالْيَاءِ لأَنا نَقْرَأ آخر الْآيَة {ثمَّ توَلّوا} عَنهُ وَأَنْتُم تقرؤون {ثمَّ توليتم} فاقرؤوها لَا تَعْبدُونَ وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقُولُوا للنَّاس حسنا} قَالَ: الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر أَمرهم أَن يأمروا بِلَا إِلَه إِلَّا الله من لم يقلها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقُولُوا للنَّاس حسنا} قَالَ: الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {وَقُولُوا للنَّاس حسنا} قَالَ: يَعْنِي النَّاس كلهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء وَأبي جَعْفَر فِي قَوْله {وَقُولُوا للنَّاس حسنا} قَالَا: للنَّاس كلهم وَأخرج أَبُو عبيد سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الْملك بن سُلَيْمَان أَن زيد ابْن ثَابت كَانَ يقْرَأ {وَقُولُوا للنَّاس حسنا} وَكَانَ ابْن مَسْعُود يقْرَأ {وَقُولُوا للنَّاس حسنا} وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ توليتم} أَي تركْتُم ذَلِك كُله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ توليتم} قَالَ: أعرضتم عَن طَاعَتي {إِلَّا قَلِيلا مِنْكُم} وهم الَّذين اخترتهم لطاعتي

84

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ أَخذنَا ميثاقكم لَا تسفكون دمائكم وَلَا تخرجُونَ أَنفسكُم من دِيَاركُمْ ثمَّ أقررتم وَأَنْتُم تَشْهَدُون ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ تقتلون أَنفسكُم وتخرجون فريقاً مِنْكُم من دِيَارهمْ تظاهرون عَلَيْهِم

بالإثم والعدوان وَإِن يأتوكم أسرى تفادوهم وَهُوَ محرم عَلَيْكُم إخراجهم أفتؤمنون بِبَعْض الْكتاب وتكفرون بِبَعْض فَمَا جَزَاء من يفعل ذَلِك مِنْكُم إِلَّا خزي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَيَوْم الْقيمَة يردون إِلَى أَشد الْعَذَاب وَمَا الله بغافل عَمَّا تعقلون أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالآخِرَة فَلَا يُخَفف عَنْهُم الْعَذَاب وَلَا هم ينْصرُونَ أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لَا تسفكون دماءكم} بِنصب التَّاء وَكسر الْفَاء وَرفع الْكَاف وَأخرج عبد بن حميد عَن طَلْحَة بن مصرف أَنه قَرَأَهَا {تسفكون} بِرَفْع الْفَاء وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَإِذ أَخذنَا ميثاقكم لَا تسفكون دماءكم} يَقُول: لَا يقتل بَعْضكُم بَعْضًا {وَلَا تخرجُونَ أَنفسكُم من دِيَاركُمْ} يَقُول: لَا يخرج بَعْضكُم بَعْضًا من الديار ثمَّ أقررتم بِهَذَا الْمِيثَاق وَأَنْتُم تَشْهَدُون يَقُول: وَأَنْتُم شُهُود وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ أقررتم وَأَنْتُم تَشْهَدُون} إِن هَذَا حق من ميثاقي عَلَيْكُم {ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ تقتلون أَنفسكُم} أَي أهل الشّرك ختى تسفكوا دماءكم مَعَهم {وتخرجون فريقاً مِنْكُم من دِيَارهمْ} قَالَ: تخرجونهم من دِيَارهمْ مَعَهم {تظاهرون عَلَيْهِم بالإِثم والعدوان} فَكَانُوا إِذا كَانَ بَين الْأَوْس والخزرج حَرْب خرجت بَنو قينقاع مَعَ الْخَزْرَج وَخرجت النَّضِير وَقُرَيْظَة من الْأَوْس وَظَاهر كل وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ حلفاءه على إخوانه حَتَّى تسافكوا دِمَاءَهُمْ فَإِذا وضعت أَوزَارهَا افْتَدَوْا أَسْرَاهُم تَصْدِيقًا لما فِي التَّوْرَاة {وَإِن يأتوكم أُسَارَى تفادوهم} وَقد عَرَفْتُمْ أَن ذَلِك عَلَيْكُم فِي دينكُمْ {وَهُوَ محرم عَلَيْكُم} فِي كتابكُمْ {إخراجهم} {أفتؤمنون بِبَعْض الْكتاب وتكفرون بِبَعْض} أتفادونهم مُؤمنين بذلك وتخرجونهم كفرا بذلك

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة أَن عبد الله بن سَلام مر على رَأس الجالوت بِالْكُوفَةِ وَهُوَ يفادي من النِّسَاء من لم يَقع عَلَيْهِ الْعَرَب وَلَا يفادي من وَقع عَلَيْهِ الْعَرَب فَقَالَ لَهُ عبد الله بن سَلام: أما مَكْتُوب عنْدك فِي كتابك أَن فادوهن كُلهنَّ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَرَأَ {وَإِن يأتوكم أُسَارَى تفادوهم} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن أَنه قَرَأَ {أُسَارَى تفادوهم} وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قراءتنا / وَإِن يؤخذوا تفدوهم / وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: يكون أول الْآيَة عَاما وَآخِرهَا خَاصّا وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة (وَيَوْم الْقِيَامَة يردون إِلَى أَشد الْعَذَاب وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ) وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالآخِرَة} قَالَ: استحبوا قَلِيل الدُّنْيَا على كثير الْآخِرَة

87

قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عِيسَى ابْن مَرْيَم الْبَينَات وأيدناه بِروح الْقُدس أفكلما جَاءَكُم رَسُول بِمَا لَا تهوى أَنفسكُم استكبرتم ففريقاً كَذبْتُمْ وفريقاً تقتلون أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وقفينا} اتَّبعنَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق جوبير عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب} يَعْنِي التَّوْرَاة جملَة وَاحِدَة مفصلة محكمَة {وقفينا من بعده بالرسل} يَعْنِي رَسُولا يدعى اشمويل بن بابل ورسولاً يَدعِي مشتانيل ورسولاً يدعى شعيا بن أمصيا ورسولاً يدعى حزقيل ورسولاً يدعى أرميا بن حلقيا وَهُوَ الْخضر ورسولاً يدعى دَاوُد بن أيشا وَهُوَ أَبُو سُلَيْمَان ورسولاً يدعى الْمَسِيح عِيسَى بن مَرْيَم فَهَؤُلَاءِ الرُّسُل ابتعثهم الله وانتخبهم للْأمة بعد مُوسَى بن

عمرَان وَأخذ عَلَيْهِم ميثاقاً غليظاً أَن يؤدوا إِلَى أممهم صفة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصفَة أمته وَأما قَوْله تَعَالَى {وآتينا عِيسَى ابْن مَرْيَم الْبَينَات} أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم قَالَ: هِيَ الْآيَات الَّتِي وضعت على يَده من احياء الْمَوْتَى وخلقه من الطين كَهَيئَةِ الطير وإبراء الأسقام وَالْخَبَر بِكَثِير من الغيوب وَمَا رد عَلَيْهِم من التَّوْرَاة مَعَ الإِنجيل الَّذِي أحدث الله إِلَيْهِ وَأما قَوْله تَعَالَى: {وأيدناه بِروح الْقُدس} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وأيدناه} قَالَ: قوّيناه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: روح الْقُدس الِاسْم الَّذِي كَانَ عِيسَى يحيي بِهِ الْمَوْتَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الْقُدس الله تَعَالَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: الْقُدس هُوَ الرب تَعَالَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْقُدس الطُّهْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: الْقُدس الْبركَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد فِي قَوْله {وأيدناه بِروح الْقُدس} قَالَ: أَعَانَهُ جِبْرِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: روح الْقُدس جِبْرِيل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: روح الْقُدس جِبْرِيل وَأخرج ابْن سعيد وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضع لحسان منبراً فِي الْمَسْجِد فَكَانَ ينافح عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ أيد حسان بِروح الْقُدس كَمَا نافح عَن نبيه وَأخرج ابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن روح الْقُدس نفث فِي روعي: أَن نفسا لن تَمُوت حَتَّى تستكمل رزقها فَاتَّقُوا الله واجملوا فِي الطّلب وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كلمة روح الْقُدس لن يُؤذن للْأَرْض أَن تَأْكُل من لَحْمه وَأما قَوْله تَعَالَى: {ففريقاً كَذبْتُمْ وفريقاً تقتلون}

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله تَعَالَى: {فريقا} يَعْنِي طَائِفَة

88

قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا قُلُوبنَا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا مَا يُؤمنُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سمي الْقلب لتقلبه أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {قُلُوبنَا غلف} مثقلة كَيفَ تتعلم وَإِنَّمَا قُلُوبنَا غلف للحكمة أَي أوعية للحكمة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قُلُوبنَا غلف} مَمْلُوءَة علما لَا تحْتَاج إِلَى علم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا غَيره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطِيَّة فِي قَوْله {وَقَالُوا قُلُوبنَا غلف} قَالَ: هِيَ الْقُلُوب المطبوع عَلَيْهَا وَأخرج وَكِيع عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {قُلُوبنَا غلف} قَالَ: عَلَيْهَا طَابع وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَقَالُوا قُلُوبنَا غلف} عَلَيْهَا غشاوة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالُوا قُلُوبنَا غلف} قَالَ: قَالُوا لَا تفقه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الإِخلاص وَابْن جرير عَن حُذَيْفَة قَالَ: الْقُلُوب أَرْبَعَة قلب أغلف فَذَلِك قلب الْكَافِر وقلب مصفح فَذَلِك قلب الْمُنَافِق وقلب أجرد فِيهِ مثل السراج فَذَلِك قلب الْمُؤمن وقلب فِيهِ إِيمَان ونفاق فَمثل الإِيمان كَمثل شَجَرَة يمدها مَاء طيب وَمثل النِّفَاق كَمثل قرحَة يمدها الْقَيْح وَالدَّم فَأَي الْمَادَّتَيْنِ غلبت صاحبتها أهلكته وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة قَالَ: تعرض فتْنَة على الْقُلُوب فَأَي قلب أنكرها نكتت فِي قلبه نُكْتَة بَيْضَاء وَأي قلب لم ينكرها نكتت فِي قلبه نُكْتَة سَوْدَاء ثمَّ تعرض فتْنَة أُخْرَى على الْقُلُوب فَإِن أنكرها الْقلب الَّذِي أنكرها نكتت فِي قلبه نُكْتَة بَيْضَاء وَإِن لم ينكرها نكتت نُكْتَة سَوْدَاء ثمَّ تعرض فتْنَة أُخْرَى فَإِن أنكرها ذَلِك الْقلب الَّذِي اشْتَدَّ وابيض وَصفا وَلم تضره فتْنَة أبدا وَإِن لم ينكرها فِي الْمَرَّتَيْنِ الأوليتين أسود وارتد ونكس فَلَا يعرف حَقًا وَلَا يُنكر مُنْكرا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي كتاب الايمان وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الإِيمان يَبْدُو لَحْظَة بَيْضَاء فِي الْقلب فَكلما ازْدَادَ الإِيمان عظما ازْدَادَ ذَلِك الْبيَاض فَإِذا اسْتكْمل الإِيمان ابيض الْقلب كُله وَإِن النِّفَاق لَحْظَة سَوْدَاء فِي الْقلب فَكلما ازْدَادَ النِّفَاق عظما ازْدَادَ ذَلِك السوَاد فَإِذا اسْتكْمل النِّفَاق اسود الْقلب كُله وأيم الله لَو شققتم على قلب مُؤمن لوجدتموه أَبيض وَلَو شققتم عَن قلب مُنَافِق لوجدتموه أسود وَأخرج أَحْمد بِسَنَد جيد عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُلُوب أَرْبَعَة قلب أجرد فِيهِ مثل السراج يزهر وقلب أغلف مربوط على غلافه وقلب منكوس وقلب مصفح وَأما الْقلب الأجرد فَقلب الْمُؤمن سراجه فِيهِ نوره وَأما الْقلب الأغلف فَقلب الْكَافِر وَأما الْقلب المنكوس فَقلب الْمُنَافِق الْكَافِر عرف ثمَّ أنكر وَأما الْقلب المصفح فَقلب فِيهِ إِيمَان ونفاق وَمثل الإِيمان كَمثل البقلة يمدها المَاء الطّيب وَمثل النِّفَاق كَمثل القرحة يمدها الْقَيْح وَالدَّم فَأَي الْمَادَّتَيْنِ غلبت على الْأُخْرَى غلبت عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سلمَان الْفَارِسِي مَوْقُوفا مثله سَوَاء وَأما قَوْله تَعَالَى: {فقليلاً مَا يُؤمنُونَ} أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فقليلاً مَا يُؤمنُونَ} قَالَ: لَا يُؤمن مِنْهُم إِلَّا قَلِيل

89

قَوْله تَعَالَى: وَلما جَاءَهُم كتاب من عِنْد الله مُصدق لما مَعَهم وَكَانُوا من قبل يستفتحون على الَّذين كفرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عرفُوا كفرُوا بِهِ فلعنة الله على الْكَافرين أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلما جَاءَهُم كتاب من عِنْد الله} قَالَ: هُوَ الْقُرْآن {مُصدق لما مَعَهم} قَالَ: من التَّوْرَاة والإِنجيل وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَكَانُوا من قبل يستفتحون} الْآيَة أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل من

طَرِيق عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة الْأنْصَارِيّ حَدثنِي أَشْيَاخ منا قَالُوا: لم يكن أحد من الْعَرَب أعلم بشأن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منا كَانَ مَعنا يهود وَكَانُوا أهل كتاب وَكُنَّا أَصْحَاب وثن وَكُنَّا إِذا بلغنَا مِنْهُم مَا يكْرهُونَ قَالُوا: إِن نَبيا يبْعَث الْآن قد أظل زَمَانه نتبعه فنقتلكم مَعَه قتل عَاد وإرم فَلَمَّا بعث الله رَسُوله اتبعناه وكفروه بِهِ ففينا - وَالله - وَفِيهِمْ أنزل الله {وَكَانُوا من قبل يستفتحون على الَّذين كفرُوا} الْآيَة كلهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْعَرَب تمر باليهود فيؤذونهم وَكَانُوا يَجدونَ مُحَمَّدًا فِي التَّوْرَاة فَيسْأَلُونَ الله أَن يَبْعَثهُ نَبيا فيقاتلون مَعَه الْعَرَب فَلَمَّا جَاءَهُم مُحَمَّد كفرُوا بِهِ حِين لم يكن من بني إِسْرَائِيل وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عَطاء وَالضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت يهود بني قُرَيْظَة وَالنضير من قبل أَن يبْعَث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستفتحون الله يدعونَ على الَّذين كفرُوا وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نستنصرك بِحَق النَّبِي الْأُمِّي إلاَّ نصرتنا عَلَيْهِم فينصرون {فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عرفُوا} يُرِيد مُحَمَّدًا وَلم يشكوا فِيهِ {كفرُوا بِهِ} وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ يهود أهل الْمَدِينَة قبل قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَاتلُوا من يليهم من مُشْركي الْعَرَب من أَسد وغَطَفَان وجهينة وعذرة يستفتحون عَلَيْهِم ويستنصرون يدعونَ عَلَيْهِم باسم نَبِي الله فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ رَبنَا انصرنا عَلَيْهِم باسم نبيك وبكتابك الَّذِي تنزل عَلَيْهِ الَّذِي وعدتنا إِنَّك باعثه فِي آخر الزَّمَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو نعيم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت الْيَهُود تستفتح بِمُحَمد على كفار الْعَرَب يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ابْعَثْ النَّبِي الَّذِي نجده فِي التَّوْرَاة يعذبهم ويقتلهم فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّد كفرُوا بِهِ حِين رَأَوْهُ بعث من غَيرهم حسداً للْعَرَب وهم يعلمُونَ أَنه رَسُول الله وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت يهود خَيْبَر تقَاتل غطفان فَكلما الْتَقَوْا هزمت يهود فعاذت بِهَذَا الدُّعَاء: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك بِحَق مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي الَّذِي وعدتنا أَن تخرجه لنا فِي آخر الزَّمَان إِلَّا نصرتنا عَلَيْهِم فَكَانُوا إِذا الْتَقَوْا دعوا بِهَذَا فهزموا غطفان فَلَمَّا بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفرُوا بِهِ

فَأنْزل الله {وَكَانُوا من قبل يستفتحون على الَّذين كفرُوا} يَعْنِي وَقد كَانُوا يستفتحون بك يَا مُحَمَّد إِلَى قَوْله {فلعنة الله على الْكَافرين} وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَن يهود كَانُوا يستفتحون على الْأَوْس والخزرج برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل مبعثه فَلَمَّا بَعثه الله من الْعَرَب كفرُوا بِهِ وجحدوا مَا كَانُوا يَقُولُونَ فِيهِ فَقَالَ لَهُم معَاذ ابْن جبل وَبشر بن الْبَراء ودادو بن سَلمَة: يَا معشر يهود اتَّقوا الله وَأَسْلمُوا فقد كُنْتُم تستفتحون علينا بِمُحَمد وَنحن أهل شرك وتخبرونا بِأَنَّهُ مَبْعُوث وتصفونه بِصفتِهِ فَقَالَ سَلام بن مشْكم أحد بني النَّضِير: مَا جَاءَنَا بِشَيْء نعرفه وَمَا هُوَ بِالَّذِي كُنَّا نذْكر لكم فَأنْزل الله {وَلما جَاءَهُم كتاب من عِنْد الله} الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن سَلمَة بن سَلامَة وقش وَكَانَ من أهل بدر قَالَ: كَانَ لنا جَار يَهُودِيّ فِي بني عبد الْأَشْهَل فَخرج علينا يَوْمًا من بَيته قبل مبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَسِير حَتَّى وقف على مجْلِس بني الْأَشْهَل قَالَ سَلمَة: وَأَنا يَوْمئِذٍ أحدث من فِيهِ سنا عليّ بردة مُضْطَجعا فِيهَا بِفنَاء أَهلِي فَذكر الْبَعْث وَالْقِيَامَة والحساب وَالْمِيزَان وَالْجنَّة وَالنَّار قَالَ: ذَلِك لأهل شرك أَصْحَاب أوثان لَا يرَوْنَ أَن بعثاً كَائِن بعد الْمَوْت فَقَالُوا لَهُ: وَيحك يَا فلَان ترى هَذَا كَائِنا أَن النَّاس يبعثون بعد مَوْتهمْ إِلَى دَار فِيهَا جنَّة ونار يجزنون فِيهَا بأعمالهم فَقَالَ: نعم وَالَّذِي يحلف بِهِ يودّ أَن لَهُ بحظه من تِلْكَ النَّار أعظم تنور فِي الدُّنْيَا يحمونه ثمَّ يدخلونه إِيَّاه فيطيونه عَلَيْهِ وَأَن ينجو من تِلْكَ النَّار غَدا قَالُوا لَهُ: وَيحك وَمَا آيَة ذَلِك قَالَ: نَبِي يبْعَث من نَحْو هَذِه الْبِلَاد وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْو مَكَّة واليمن فَقَالُوا: وَمَتى نرَاهُ قَالَ: فَنظر إِلَيّ وَأَنا من أحدثهم سنا أَن يستنفذ هَذَا الْغُلَام عمره يُدْرِكهُ قَالَ سَلمَة: فوَاللَّه مَا ذهب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى بعث الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بَين أظهرنَا فَآمَنا بِهِ وَكفر بِهِ بغياً وحسداً فَقُلْنَا وَيلك يَا فلَان أَلَسْت بِالَّذِي قلت لنا قَالَ: بلَى وَلَيْسَ بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَكَانُوا من قبل يستفتحون على الَّذين كفرُوا} يَقُول يستنصرون بِخُرُوج مُحَمَّد على مُشْركي الْعَرَب يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا ورأوه من غَيرهم كفرُوا بِهِ وحسدوه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عرفُوا كفرُوا بِهِ} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود عرفُوا مُحَمَّدًا أَنه نَبِي وَكَفرُوا بِهِ

90

قَوْله تَعَالَى: بئْسَمَا اشْتَروا بِهِ أنفسهم أَن يكفروا بِمَا أنزل الله بغيا أَن ينزل الله من فَضله على من يَشَاء من عباده فباوءوا بغضب على غضب وللكافرين عَذَاب مهين أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بئْسَمَا اشْتَروا بِهِ أنفسهم} الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود كفرُوا بِمَا أنزل الله وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بغياً وحسداً للْعَرَب {فباؤوا بغضب على غضب} قَالَ: غضب الله عَلَيْهِم مرَّتَيْنِ بكفرهم بالإِنجيل وبعيسى وبكفرهم بِالْقُرْآنِ وَبِمُحَمَّدٍ وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل {بئْسَمَا اشْتَروا بِهِ أنفسهم} قَالَ: بئس مَا باعوا بِهِ أنفسهم حَيْثُ باعوا نصِيبهم من الْآخِرَة بطمع يسير من الدُّنْيَا قَالَ: وَهل تعرف ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: يعْطى بهَا ثمنا فيمنعها وَيَقُول صَاحبهَا أَلا تشرى وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بغياً أَن ينزل الله} أَي أَن الله جعله من غَيرهم {فباؤوا بغضب} بكفرهم بِهَذَا النَّبِي {على غضب} كَانَ عَلَيْهِم فِيمَا ضيعوه من التَّوْرَاة وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة {فباؤوا بغضب على غضب} قَالَ: كفرهم بِعِيسَى وكفرهم بِمُحَمد وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {فباؤوا بغضب} الْيَهُود غضب بِمَا كَانَ من تبديلهم التَّوْرَاة قبل خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {عَليّ غضب} جحودهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكفرهم بِمَا جَاءَ بِهِ

91

قَوْله تَعَالَى: وَإِذا قيل لَهُم آمنُوا بِمَا أنزل الله قَالُوا نؤمن بِمَا أنزل علينا ويكفرون بِمَا وَرَاءه وَهُوَ الْحق مُصدقا لما مَعَهم قل فَلم تقتلون أَنْبيَاء الله من قبل إِن كُنْتُم مُؤمنين وَلَقَد جَاءَكُم مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثمَّ اتخذتم الْعجل من بعده وَأَنْتُم ظَالِمُونَ أخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {ويكفرون بِمَا وَرَاءه} قَالَ: بِمَا بعده وَأخرج ابْن جرير عَن الدي فِي قَوْله {ويكفرون بِمَا وَرَاءه} قَالَ: الْقُرْآن

93

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ أَخذنَا ميثاقكم ورفعنا فَوْقكُم الطّور خُذُوا مَا آتيناكم بِقُوَّة قَالُوا سمعنَا وعصينا وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل بكفرهم قل بئْسَمَا يَأْمُركُمْ بِهِ آيمانكم إِن كُنْتُم مُؤمنين أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل} قَالَ: أشربوا حبه حَتَّى خلص ذَلِك إِلَى قُلُوبهم

94

قَوْله تَعَالَى: قل إِن كَانَت لكم الدَّار

الْآخِرَة عِنْد الله خَالِصَة من دون النَّاس فتمنوا الْمَوْت إِن كُنْتُم صَادِقين وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا بِمَا قدمت أَيْديهم وَالله عليم بالظالمين أخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ (قَالُوا لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ هود أَو نَصَارَى) (الْبَقَرَة الْآيَة 111) وَقَالُوا (نَحن أَبنَاء الله وأحباؤه) (الْمَائِدَة الْآيَة 18) فَأنْزل الله {قل إِن كَانَت لكم الدَّار الْآخِرَة عِنْد الله خَالِصَة من دون النَّاس فتمنوا الْمَوْت إِن كُنْتُم صَادِقين} فَلم يَفْعَلُوا وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: قل لَهُم يَا مُحَمَّد {إِن كَانَت لكم الدَّار الْآخِرَة} يَعْنِي الْجنَّة كَمَا زعتم {خَالِصَة من دون النَّاس} يَعْنِي الْمُؤمنِينَ {فتمنوا الْمَوْت إِن كُنْتُم صَادِقين} انها لكم خَالِصَة من دون المؤنين فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كُنْتُم فِي مَقَالَتَكُمْ صَادِقين قُولُوا اللَّهُمَّ أمتنَا فو الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يَقُولهَا رجل مِنْكُم إِلَّا غص بريقه فَمَاتَ مَكَانَهُ فَأَبَوا أَن يَفْعَلُوا وكرهوا مَا قَالَ لَهُم فَنزل {وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا بِمَا قدمت أَيْديهم} يَعْنِي عملته أَيْديهم {وَالله عليم بالظالمين} إِنَّهُم لن يَتَمَنَّوْهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد نزُول هَذِه الْآيَة: وَالله لَا يتمنونه أبدا وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فتمنوا الْمَوْت} أَي ادعوا بِالْمَوْتِ على أَي الْفَرِيقَيْنِ أكذب فَأَبَوا ذَلِك وَلَو تمنوه يَوْم قَالَ ذَلِك مَا بَقِي على وَجه الأَرْض يَهُودِيّ إِلَّا مَاتَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله (قل إِن لكم الدَّار الْآخِرَة) يَعْنِي الْجنَّة {خَالِصَة} خَاصَّة {فتمنوا الْمَوْت} فاسألوا الْمَوْت {وَلنْ يَتَمَنَّوْهُ أبدا} لأنعم يعلمُونَ أَنهم كاذبون {بِمَا قدمت} قَالَ: أسلفت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو تمنى الْيَهُود الْمَوْت لماتوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو تمنوا الْمَوْت لشرق أحدهم بريقه وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو أَن الْيَهُود تمنوا الْمَوْت لماتوا ولرأوا مَقَاعِدهمْ من النَّار

96

قَوْله تَعَالَى: ولتجدنهم أحرص النَّاس على حَيَاة وَمن الَّذين أشركوا يودّ أحدهم لَو يعمر ألف سنة وَمَا هُوَ بمزحزحه من الْعَذَاب أَن يعمر وَالله بَصِير بِمَا يعْملُونَ

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ولتجدنهم أحرص النَّاس على حَيَاة} قَالَ: الْيَهُود {وَمن الَّذين أشركوا} قَالَ: الْأَعَاجِم وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ولتجدنهم أحرص النَّاس على حَيَاة} يَعْنِي الْيَهُود {وَمن الَّذين أشركوا} وَذَلِكَ أَن الْمُشرك لَا يَرْجُو بعثاً بعد الْمَوْت فَهُوَ يحب طول الْحَيَاة وَأَن الْيَهُودِيّ قد عرف مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من الخزي بِمَا صنع بِمَا عِنْده من الْعلم {وَمَا هُوَ بمزحزحه} قَالَ: بمنجيه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يودّ أحدهم لَو يعمر ألف سنة} قَالَ: هُوَ قَول الْأَعَاجِم إِذا عطس أحدهم زه هزا رسال يَعْنِي ألف سنة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا هُوَ بمزحزحه} قَالَ: هم الَّذين عَادوا جِبْرِيل

97

قَوْله تَعَالَى: قل من كَانَ عَدو لجبريل فَإِنَّهُ نزله على قَلْبك بِإِذن الله مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ وَهدى وبشرى للْمُؤْمِنين من كَانَ عدوا لله وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَجِبْرِيل وَمِيكَائِيل فَإِن الله عَدو الْكَافرين أخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْفِرْيَابِي وَأحمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حضرت عِصَابَة من الْيَهُود نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم حَدثنَا عَن خلال نَسْأَلك عَنْهُن لَا يعلمهُنَّ إِلَّا نَبِي قَالَ سلوني عَمَّا شِئْتُم وَلَكِن اجعلوا لي ذمَّة الله وَمَا أَخذ يَعْقُوب على نبيه لَئِن أَنا حدثتكم شَيْئا فعرفتموه للتتابعني قَالُوا: فَذَلِك لَك قَالُوا: أَربع خلال نَسْأَلك عَنْهَا أخبرنَا أَي طَعَام حرم إِسْرَائِيل على نَفسه من قبل أَن تنزل التَّوْرَاة وَأخْبرنَا كَيفَ مَاء الرجل من مَاء الْمَرْأَة وَكَيف الْأُنْثَى مِنْهُ وَالذكر وَأخْبرنَا كَيفَ هَذَا النَّبِي الْأُمِّي فِي النّوم وَمن وليه من الْمَلَائِكَة فَأخذ عَلَيْهِم عهد الله لَئِن

أَخْبَرتكُم لتتابعني فَأَعْطوهُ مَا شَاءَ من عهد وميثاق قَالَ: فأنشدكم بِالَّذِي أنزل التَّوْرَاة هَل تعلمُونَ أَن إِسْرَائِيل مرض مَرضا طَال سقمه فَنَذر نذرا لَئِن عافاه الله من سقمه ليحرمن أحب الشَّرَاب إِلَيْهِ وَأحب الطَّعَام إِلَيْهِ وَكَانَ أحب الطَّعَام إِلَيْهِ لُحْمَان الْإِبِل وَأحب الشَّرَاب إِلَيْهِ أَلْبَانهَا فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نعم فَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ قَالَ: أنْشدكُمْ بِالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ هَل تعلمُونَ أَن مَاء الرجل أَبيض غليظ وَأَن مَاء الْمَرْأَة أصفر رَقِيق فَأَيّهمَا علا كَانَ لَهُ الواد والشبه بِإِذن الله إِن علا مَاء الرجل كَانَ ذكرا بِإِذن الله وَإِن علا مَاء الْمَرْأَة كَانَ أُنْثَى بِإِذن الله قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ قَالَ: فأنشدكم بِالَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى هَل تعلمُونَ أَن النَّبِي الْأُمِّي هَذَا تنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه قَالُوا: نعم قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِم قَالُوا: أَنْت الْآن فحدثنا من وليك من الْمَلَائِكَة فَعندهَا نتابعك أَو نُفَارِقك قَالَ: وليي جِبْرِيل وَلم يبْعَث الله نَبيا قطّ إِلَّا وَهُوَ وليه قَالُوا: فَعندهَا نُفَارِقك لَو كَانَ وليك سواهُ من الْمَلَائِكَة لأتبعناك وَصَدَّقنَاك قَالَ: فَمَا يمنعكم أَن تُصَدِّقُوهُ قَالُوا: هُوَ عدوّنا فَأنْزل الله تَعَالَى {من كَانَ عدوا لجبريل} إِلَى قَوْله {كَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ} فَعِنْدَ ذَلِك باؤوا بغضب على غضب وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ نزل عمر رَضِي الله عَنهُ بِالرَّوْحَاءِ فَرَأى نَاسا يبتدرون أحجاراً فَقَالَ: مَا هَذَا فَقَالُوا: يَقُولُونَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى إِلَى هَذِه الْأَحْجَار فَقَالَ: سُبْحَانَ الله مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاَّ رَاكِبًا مر بواد فَحَضَرت الصَّلَاة فصلَّى ثمَّ حدث فَقَالَ: إِنِّي كنت أغشى الْيَهُود يَوْم دراستهم فَقَالُوا: مَا من أَصْحَابك أحد أكْرم علينا مِنْك لِأَنَّك تَأْتِينَا قلت: وَمَا ذَاك إِلَّا أَنِّي أعجب من كتب الله كَيفَ يصدق بَعْضهَا بَعْضًا كَيفَ تصدق التَّوْرَاة وَالْفرْقَان التَّوْرَاة فَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا وَأَنا أكلمهم فَقلت: أنْشدكُمْ بِاللَّه وَمَا تقرؤون من كِتَابه أتعلمون أَنه رَسُول الله قَالُوا: نعم فَقلت: هلكتم وَالله تعلمُونَ أَنه رَسُول الله ثمَّ لَا تتبعونه فَقَالُوا: لم نهلك وَلَكِن سألناه من يَأْتِيهِ بنبوّته فَقَالَ: عدوّنا جِبْرِيل لِأَنَّهُ ينزل بالغلظة والشدة وَالْحَرب والهلاك وَنَحْو هَذَا فَقلت فَمن سلمكم من الْمَلَائِكَة فَقَالُوا: مِيكَائِيل ينزل بالقطر وَالرَّحْمَة وَكَذَا قلت: وَكَيف منزلتهما من ربهما فَقَالُوا: أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر من الْجَانِب الآخر قلت: فَإِنَّهُ لَا يحل لجبريل أَن يعادي مِيكَائِيل وَلَا يحل

لميكائيل أَن يسالم عدوّ جِبْرِيل وَإِنِّي أشهد أَنَّهُمَا وربهما سلم لمن سالموا وَحرب لمن حَاربُوا ثمَّ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أُرِيد أَن أخبرهُ فَلَمَّا لَقيته قَالَ: أَلا أخْبرك بآيَات أنزلت عليّ قلت: بلَى يَا رَسُول الله فَقَرَأَ {من كَانَ عدوا لجبريل} حَتَّى بلغ {الْكَافرين} قلت: وَالله يَا رَسُول الله مَا قُمْت من عِنْد الْيَهُود إِلَّا إِلَيْك لأخبرك بِمَا قَالُوا إِلَيّ وَقلت لَهُم فَوجدت الله قد سبقني صَحِيح الإِسناد وَلَكِن الشّعبِيّ لم يدْرك عمر وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة عَن عِكْرِمَة قَالَ كَانَ عمر يَأْتِي يهود يكلمهم فَقَالُوا: إِنَّه لَيْسَ من أَصْحَابك أحد أَكثر إتياناً إِلَيْنَا مِنْك فَأخْبرنَا من صَاحب صَاحبك الَّذِي يَأْتِيهِ بِالْوَحْي فَقَالَ: جِبْرِيل قَالُوا: ذَاك عدونا من الْمَلَائِكَة وَلَو أَن صَاحبه صَاحب صاحبنا لاتبعناه فَقَالَ عمر: وَمن صَاحب صَاحبكُم قَالُوا: مِيكَائِيل قَالَ: وَمَا هما قَالُوا: أما جِبْرِيل فَينزل بِالْعَذَابِ والنقمة وَأما مِيكَائِيل فَينزل بالغيث وَالرَّحْمَة وَأَحَدهمَا عَدو لصَاحبه فَقَالَ عمر وَمَا منزلتهما قَالُوا: إنَّهُمَا من أقرب الْمَلَائِكَة مِنْهُ أَحدهمَا عَن يَمِينه وكلتا يَدَيْهِ يَمِين وَالْآخر على الشق الآخر فَقَالَ عمر: لَئِن كَانَا كَمَا تَقولُونَ مَا هما بعدوّين ثمَّ خرج من عِنْدهم فَمر بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَاهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ {من كَانَ عدوّاً لجبريل} الْآيَة فَقَالَ عمر: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ أَنه الَّذِي خاصمتهم بِهِ آنِفا وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا عمر بن الْخطاب انْطلق ذَات يَوْم إِلَى الْيَهُود فَلَمَّا أبصروه رحبوا بِهِ فَقَالَ عمر: وَالله مَا جِئْت لِحُبِّكُمْ وَلَا للرغبة فِيكُم وَلَكِنِّي جِئْت لأسْمع مِنْكُم وسألوه فَقَالُوا: من صَاحب صَاحبكُم فَقَالَ لَهُم: جِبْرِيل قَالُوا: ذَاك عدوّنا من الْمَلَائِكَة يطلع مُحَمَّد على سرنا وَإِذا جَاءَ جَاءَ بِالْحَرْبِ وَالسّنة وَلَكِن صاحبنا مِيكَائِيل وَإِذا جَاءَ جَاءَ بِالْخصْبِ وَالسّلم فَتوجه نَحْو رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليحدثه حَدِيثهمْ فَوَجَدَهُ قد أنزل هَذِه الْآيَة {قل من كَانَ عدوا لجبريل} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ لما كَانَ لعمر أَرض بِأَعْلَى الْمَدِينَة يَأْتِيهَا وَكَانَ مَمَره على مدارس الْيَهُود وَكَانَ كلما مر دخل عَلَيْهِم فَسمع مِنْهُم وَإنَّهُ دخل عَلَيْهِم ذَات يَوْم فَقَالَ لَهُم: أنْشدكُمْ بالرحمن الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى بطور سيناء أتجدون مُحَمَّدًا عنْدكُمْ قَالُوا: نعم إِنَّا نجده مَكْتُوبًا عندنَا وَلَكِن صَاحبه

من الْمَلَائِكَة الَّذِي يَأْتِيهِ بِالْوَحْي جِبْرِيل وَجِبْرِيل عدونا وَهُوَ صَاحب كل عَذَاب وقتال وَخسف وَلَو كَانَ وليه مِيكَائِيل لآمَنَّا بِهِ فَإِن مِيكَائِيل صَاحب كل رَحْمَة وكل غيث قَالَ عمر: فَأَيْنَ مَكَان جِبْرِيل من الله قَالُوا: جِبْرِيل عَن يَمِينه وَمِيكَائِيل عَن يسَاره قَالَ عمر: فأشهدكم أَن الَّذِي عدوّ للَّذي عَن يَمِينه عدوّ للَّذي هُوَ عَن يسَاره وَالَّذِي عَدو للَّذي عَن يسَاره عدوّ للَّذي هُوَ عَن يَمِينه وَأَنه من كَانَ عدوّهما فَإِنَّهُ عدوّ لله ثمَّ رَجَعَ عمر ليخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ فَوجدَ جِبْرِيل قد سبقه بِالْوَحْي فَدَعَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ {قل من كَانَ عدوا لجبريل} الْآيَة فَقَالَ عمر: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد جِئْت وَمَا أُرِيد إِلَّا أَن أخْبرك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى أَن يَهُودِيّا لَقِي عمر فَقَالَ: إِن جِبْرِيل الَّذِي يذكر صَاحبكُم عدوّ لنا فَقَالَ عمر {من كَانَ عدوّاً لله وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَجِبْرِيل وميكال فَإِن الله عدوّ للْكَافِرِينَ} قَالَ: فَنزلت على لِسَان عمر وَقد نقل ابْن جرير الاجماع على أَن سَبَب نزُول الْآيَة ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس قَالَ سمع عبد الله بن سَلام بِمقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِأَرْض يخْتَرف فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي سَائِلك عَن ثَلَاث لَا يعلمهُنَّ إِلَّا نَبِي مَا أول اشراط السَّاعَة وَمَا أول طَعَام أهل الْجنَّة وَمَا ينْزع الْوَلَد إِلَى أَبِيه أَو أمه قَالَ: أَخْبرنِي جِبْرِيل بِهن آنِفا قَالَ: جِبْرِيل قَالَ: نعم قَالَ: ذَاك عَدو الْيَهُود من الْمَلَائِكَة فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {من كَانَ عدوّاً لجبريل فَإِنَّهُ نزله على قَلْبك} قَالَ: أما أوّل أَشْرَاط السَّاعَة فَنَار تخرج من الْمشرق فتحشر النَّاس إِلَى الْمغرب وَأما أول مَا يَأْكُل أهل الْجنَّة فَزِيَادَة كبد حوت وَأما مَا ينْزع الْوَلَد إِلَى أَبِيه وَأمه فَإِذا سبق مَاء الرجل مَاء الْمَرْأَة نزع إِلَيْهِ الْوَلَد وَإِذا سبق مَاء الْمَرْأَة مَاء الرجل نزع إِلَيْهَا قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِنَّهُ نزله على قَلْبك بِإِذن الله} يَقُول: جِبْرِيل نزل بِالْقُرْآنِ بِإِذن الله يشدد بِهِ فُؤَادك ويربط بِهِ على قَلْبك {مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ} يَقُول: لما قبله من الْكتب الَّتِي أنزلهَا والآيات وَالرسل الَّذين بَعثهمْ الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ}

قَالَ: من التَّوْرَاة والإِنجيل {وَهدى وبشرى للْمُؤْمِنين} قَالَ: جعل الله هَذَا الْقُرْآن هدى وبشرى للْمُؤْمِنين لِأَن الْمُؤمن إِذا سمع الْقُرْآن حفظه ووعاه وانتفع بِهِ وَاطْمَأَنَّ إلبه وَصدق بموعود الله الَّذِي وعده فِيهِ وَكَانَ على يَقِين من ذَلِك وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عبيد الله العكي عَن رجل من قُرَيْش قَالَ: سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَهُود فَقَالَ أَسأَلكُم بِكِتَابِكُمْ الَّذِي تقرؤون هَل تجدونه قد بشر بِي عِيسَى أَن يأيتكم رَسُول اسْمه أَحْمد فَقَالُوا: اللَّهُمَّ وجدناك فِي كتَابنَا وَلَكنَّا كرهنا لِأَنَّك تستحل الْأَمْوَال وتهرق الدِّمَاء فَأنْزل الله {من كَانَ عدوًّا لله وَمَلَائِكَته وَرُسُله} الْآيَة وَأما قَوْله تَعَالَى {وَجِبْرِيل وميكال} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جِبْرِيل كَقَوْلِك عبد الله جبر عبد وايل الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جِبْرِيل عبد الله وَمِيكَائِيل عبيد الله وكل اسْم فِيهِ ايل فَهُوَ معبد لله وَأخرج الديلمي عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْم جِبْرِيل عبد الله وَاسم اسرافيل عبد الرَّحْمَن وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عليّ بن حُسَيْن قَالَ: اسْم جِبْرِيل عبد الله وَاسم مِيكَائِيل عبيد الله وَاسم اسرافيل عبد الرَّحْمَن وكل شَيْء رَاجع إِلَى ايل فَهُوَ معبد لله عز وَجل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: جِبْرِيل اسْمه عبد الله وَمِيكَائِيل اسْمه عبيد الله قَالَ: والإِل الله وَذَلِكَ قَوْله (لَا يرقبون فِي مُؤمن إلاًّ ولاذمة) (التَّوْبَة الْآيَة 10) قَالَ: لَا يرقبون الله وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن يحيى بن يعمر أَنه كَانَ يَقْرَأها جبرال وَيَقُول جبر هُوَ عبد وَال هُوَ الله وَأخرج وَكِيع عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يقْرَأ مثقلة {وَجِبْرِيل وميكال}

وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: جبر عبد وايل الله وميك عبد وايل الله واسراف عبد وايل الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ جِبْرِيل يناجيه إِذْ انْشَقَّ أفق السَّمَاء فَأقبل جِبْرِيل يتضاءل وَيدخل بعضه فِي بعض وَيَدْنُو من الأَرْض فَإِذا ملك قد مثل بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام ويخيرك بَين أَن تكون نَبيا ملكا وَبَين أَن تكون نَبيا عبدا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَشَارَ جِبْرِيل إليّ بِيَدِهِ أَن تواضع فَعرفت أَنه لي نَاصح فَقلت: عبد نَبِي فعرج ذَلِك الْملك إِلَى السَّمَاء فَقلت: يَا جِبْرِيل قد كنت أردْت أَن أَسأَلك عَن هَذَا فَرَأَيْت من حالك ماشغلني عَن الْمَسْأَلَة فَمن هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا اسرافيل خلقه الله يَوْم خلقه بَين يَدَيْهِ صافا قَدَمَيْهِ لايرفع طرفه بَينه وَبَين الرب سَبْعُونَ نورا مَا مِنْهَا نور يدنو مِنْهُ إِلَّا احْتَرَقَ بَين يَدَيْهِ اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَإِذا أذن الله فِي شَيْء فِي السَّمَاء أَو فِي الأَرْض ارْتَفع ذَلِك اللَّوْح فَضرب جَبهته فَينْظر فِيهِ فَإِذا كَانَ من عَمَلي أَمرنِي بِهِ وَإِن كَانَ من عمل مِيكَائِيل أمره بِهِ وَإِن كَانَ من عمل ملك الْمَوْت أمره بِهِ قلت: يَا جِبْرِيل على أَي شَيْء أَنْت قَالَ: على الرِّيَاح والجنود قلت: على أَي شَيْء مِيكَائِيل قَالَ: على النَّبَات والقطر قلت: على أَي شَيْء ملك الْمَوْت قَالَ: على قبض الْأَنْفس وَمَا ظَنَنْت أَنه هَبَط إِلَّا بِقِيَام السَّاعَة وَمَا ذَاك الَّذِي رَأَيْته مني إِلَّا خوفًا من قيلم السَّاعَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبركُم بِأَفْضَل الْمَلَائِكَة جِبْرِيل وَأفضل النَّبِيين آدم وَأفضل الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة وَأفضل الشُّهُور رَمَضَان وَأفضل اللَّيَالِي لَيْلَة الْقدر وَأفضل النِّسَاء مَرْيَم بنت عمرَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عبد الْعَزِيز بن عُمَيْر قَالَ: اسْم جِبْرِيل فِي الْمَلَائِكَة خَادِم الله عز وَجل وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: إِن رَبِّي عز وَجل ليبعثني على الشَّيْء لأمضيه فأجد الْكَوْن قد سبقني إِلَيْهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُوسَى بن عَائِشَة قَالَ: بَلغنِي أَن جِبْرِيل إِمَام أهل السَّمَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: جِبْرِيل على ريح الْجنُوب

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ثَابت قَالَ: بلغنَا أَن الله تَعَالَى وكَّل جِبْرِيل بحوائج النَّاس فَإِذا دَعَا الْمُؤمن قَالَ يَا جِبْرِيل احْبِسْ حَاجته فَإِنِّي أحب دعاءه وَإِذا دَعَا الْكَافِر قَالَ: يَا جِبْرِيل اقْضِ حَاجته فَإِنِّي أبْغض دعاءه وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عبد الله بن عبيد قَالَ إِن جِبْرِيل مُوكل بالحوائج فَإِذا سَأَلَ الْمُؤمن ربه قَالَ: احْبِسْ احْبِسْ حبا لدعائه أَن يزْدَاد وَإِذا سَأَلَ الْكَافِر قَالَ: أعْطه أعْطه بغضاً لدعائه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ والصابوني فِي الْمِائَتَيْنِ عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن جِبْرِيل مُوكل بحاجات الْعباد فَإِذا دَعَا الْمُؤمن قَالَ: يَا جِبْرِيل احْبِسْ حَاجَة عَبدِي فَإِنِّي أحبه وَأحب صَوته وَإِذا دَعَا الْكَافِر قَالَ: يَا جِبْرِيل اقْضِ حَاجَة عَبدِي فَإِنِّي أبغضه وَأبْغض صَوته وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل: وددت أَنِّي رَأَيْتُك فِي صُورَتك قَالَ: وتحب ذَلِك قَالَ: نعم قَالَ: موعدك كَذَا وَكَذَا من اللَّيْل بَقِيع الْغَرْقَد فَلَقِيَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موعده فنشر جنَاحا من أجنحته فسد أفق السَّمَاء حَتَّى مَا يرى من السَّمَاء شَيْء وَأخرج أَحْمد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَأَيْت جِبْرِيل مهبطاً قد مَلأ مَا بَين الْخَافِقين عَلَيْهِ ثِيَاب سندس مُعَلّق بهَا اللُّؤْلُؤ والياقوت وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن شُرَيْح بن عبيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما صعد إِلَى السَّمَاء رأى جِبْرِيل فِي خلقته منظومة أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت قَالَ: فخيل إليّ أَن مَا بَين عَيْنَيْهِ قد سد الْأُفق وَكُنَّا أرَاهُ قبل ذَلِك على صور مُخْتَلفَة وَأكْثر مَا كنت أرَاهُ على صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ وَكنت أَحْيَانًا أرَاهُ كَمَا يرى الرجل صَاحبه من وَرَاء الغربال وَأخرج ابْن جرير عَن حُذَيْفَة وَقَتَادَة دخل حَدِيث بَعضهم لبَعض لجبريل جَنَاحَانِ وَعَلِيهِ وشاح من در منظوم وَهُوَ براق الثنايا أجلى الجبينين وَرَأسه حُبكَ حبكاً مثل المرجان وَهُوَ اللُّؤْلُؤ كَأَنَّهُ الثَّلج وَقَدمَاهُ إِلَى الخضرة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا بَين مَنْكِبي جِبْرِيل مسيرَة خَمْسمِائَة عَام للطائر السَّرِيع الطيران

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن خلق جِبْرِيل فَذكر أَن مَا بَين مَنْكِبَيْه من ذِي إِلَى ذِي خَفق الطير سَبْعمِائة عَام وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عمار بن أبي عمار إِن حَمْزَة بن عبد الْمطلب قَالَ: يَا رَسُول الله أَرِنِي جِبْرِيل على صورته قَالَ إِنَّك لَا تَسْتَطِيع أَن ترَاهُ قَالَ: بلَى فأرنيه قَالَ: فَاقْعُدْ فَقعدَ فَنزل جِبْرِيل على خَشَبَة كَانَت الْكَعْبَة يلقِي الْمُشْركُونَ عَلَيْهَا ثِيَابهمْ إِذا طافوا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ارْفَعْ طرفك فَانْظُر فَرفع طرفه فَرَأى قَدَمَيْهِ مثل الزبرجد الْأَخْضَر فَخر مغشياً عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن ابْن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ جِبْرِيل أَن يترأى لَهُ فِي صورته فَقَالَ جِبْرِيل: إِنَّك لن تطِيق ذَلِك قَالَ: إِنِّي أحب أَن تفعل فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمصلى فِي لَيْلَة مُقْمِرَة فَأَتَاهُ جِبْرِيل فِي صورته فَغشيَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين رَآهُ ثمَّ أَفَاق وَجِبْرِيل مُسْنده وَوَاضِع إِحْدَى يَدَيْهِ على صَدره والآخرى بَين كَتفيهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا كنت أرى أَن شَيْئا من الْخلق هَكَذَا فَقَالَ جِبْرِيل: فَكيف لَو رَأَيْت إسْرَافيل إِن لَهُ لاثني عشر جنَاحا مِنْهَا جنَاح فِي الْمشرق وَجَنَاح فِي الْمغرب وَإِن الْعَرْش على كَاهِله وَإنَّهُ لَيَتَضَاءَل أَحْيَانًا لِعَظَمَة الله عز وَجل حَتَّى يصير مثل الْوَصع حَتَّى مَا يحمل عرشته إِلَّا عَظمته وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن أبي جَعْفَر قَالَ: كَانَ أَبُو بكر يسمع مُنَاجَاة جِبْرِيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يرَاهُ وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رَأَيْت جِبْرِيل لم يره خلق إِلَّا عمي إِلَّا أَن يكون نَبيا وَلَكِن أَن جعل ذَلِك فِي آخر عمرك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي سعيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن فِي الْجنَّة لنهرا مَا يدْخلهُ جِبْرِيل من دخلة فَيخرج فينتفض إِلَّا خلق الله من كل قَطْرَة تقطر ملكا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَلَاء بن هَارُون قَالَ: لجبريل فِي كل يَوْم انغماسة فِي نهر الْكَوْثَر ثمَّ ينتفض فَكل قَطْرَة يخلق مِنْهَا ملك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن جِبْرِيل ليأتيني كَمَا يَأْتِي الرجل صَاحبه فِي ثِيَاب بيض مَكْفُوفَة بِاللُّؤْلُؤِ والياقوت رَأسه كالحبك وشعره كالمرجان ولونه كالثلح أجلى الجبين براق الثنايا عَلَيْهِ وشاحان من در

منظوم وجناحاه أخضران وَرجلَاهُ مغموستان فِي الخضرة وَصورته الَّتِي صور عَلَيْهَا تملأ مَا بَين الأفقين وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أشتهي أَن أَرَاك فِي صُورَتك يَا روح الله فتحوّل لَهُ فِيهَا فسدَّ مَا بَين الأفقين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل هَل ترى رَبك قَالَ: إِن بيني وَبَينه لسَبْعين حِجَابا من نَار أَو نور لَو رَأَيْت أدناه لاحترقت وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية بِسَنَد واه عَن أبي هرير أنَّ رجلا من الْيَهُود أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَل احتجب الله بِشَيْء عَن خلقه غير السَّمَوَات قَالَ: نعم بَينه وَبَين الْمَلَائِكَة الَّذين حول الْعَرْش سَبْعُونَ حِجَابا من نور وَسَبْعُونَ حِجَابا من نَار وَسَبْعُونَ حِجَابا من ظلمَة وَسَبْعُونَ حِجَابا من رفارف الاستبرق وَسَبْعُونَ حِجَابا من ظلمَة وَسَبْعُونَ حِجَابا من رفاف السندس وَسَبْعُونَ حِجَابا من در أَبيض وَسَبْعُونَ حِجَابا من در أَخْضَر وَسَبْعُونَ حِجَابا من در أَحْمَر وَسَبْعُونَ حِجَابا من در أصفر وَسَبْعُونَ حِجَابا من در أَخْضَر وَسَبْعُونَ حِجَابا من ضِيَاء وَسَبْعُونَ حِجَابا من ثلج وَسَبْعُونَ حِجَابا من برد وَسَبْعُونَ حِجَابا من عَظمَة الله الَّتِي لَا تُوصَف قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن ملك الله الَّذِي يَلِيهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْملك الَّذِي يَلِيهِ إسْرَافيل ثمَّ جِبْرِيل ثمَّ مِيكَائِيل ثمَّ ملك الْمَوْت عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي عمرَان الْجونِي أَنه بلغه أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يبكي فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا يبكيك قَالَ: وَمَالِي لَا أبْكِي فوَاللَّه مَا جَفتْ لي عين مُنْذُ خلق الله النَّار مَخَافَة أَن أعصيه فيقذفني فِيهَا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن رَبَاح قَالَ حدثت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لجبريل: لم تأتني إِلَّا وَأَنت صَار بَين عَيْنَيْك قَالَ: إِنِّي لم أضْحك مُنْذُ خلقت النَّار وَأخرج أَحْمد فِي مُسْنده وَأَبُو الشَّيْخ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لجبريل: مَالِي لم أر مِيكَائِيل ضَاحِكا قطّ قَالَ: مَا ضحك مِيكَائِيل مُنْذُ خلقت النَّار وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد قَالَ نظر الله إِلَى جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وهما يَبْكِيَانِ فَقَالَ الله: مَا يبكيكما وَقد علمتما إِنِّي لَا أجور فَقَالَا: يَا رب إِنَّا لَا نَأْمَن مكرك قَالَ: هَكَذَا فافعلا فَإِنَّهُ لَا يَأْمَن مكري إِلَّا كل خاسر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق اللَّيْث عَن خَالِد بن سعيد قَالَ: بلغنَا أَن إسْرَافيل

يُؤذن لأهل السَّمَاء فَيُؤذن لأثنتي عشرَة سَاعَة من النَّهَار ولاثنتي عشرَة سَاعَة من اللَّيْل لكل سَاعَة تأذين يسمع تأذينه من فِي السَّمَوَات السَّبع وَمن فِي الْأَرْضين السَّبع إِلَّا الْجِنّ والإِنس ثمَّ يتَقَدَّم بهم عَظِيم الْمَلَائِكَة فَيصَلي بهم قَالَ: وبلغنا أَن مِيكَائِيل يؤم الْمَلَائِكَة فِي الْبَيْت الْمَعْمُور وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن زيد بن رفيع قَالَ دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَهُوَ يستاك فناول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل السِّوَاك فَقَالَ جِبْرِيل: كبر قَالَ جِبْرِيل: ناول مِيكَائِيل فَإِنَّهُ أكبر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة بن خَالِد أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله أَي الْخلق أكْرم على الله عز وَجل قَالَ: لَا أَدْرِي فَجَاءَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا جِبْرِيل أَي الْخلق أكْرم على الله قَالَ: لَا أَدْرِي فعرج جِبْرِيل ثمَّ هَبَط فَقَالَ: أكْرم الْخلق على الله جِبْرِيل وَمِيكَائِيل واسرافيل وَملك الْمَوْت فأمَّا جِبْرِيل فَصَاحب الْحَرْب وَصَاحب الْمُرْسلين وَأما مِيكَائِيل فَصَاحب كل قَطْرَة تسْقط وكل ورقة تنيت وكل ورقة تسْقط وَأما ملك الْمَوْت فَهُوَ مُوكل بِقَبض كل روح عبد فِي بر أَو بَحر وَأما إسْرَافيل فأمين الله بَينه وَبينهمْ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقرب الْخلق إِلَى الله جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وهم مِنْهُ مسيرَة خمسين ألف سنة جِبْرِيل عَن يَمِينه وَمِيكَائِيل عَن يسَاره وإسرافيل بَينهمَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن خَالِد بن أبي عمرَان قَالَ: جِبْرِيل أَمِين الله إِلَى رسله وَمِيكَائِيل يتلَقَّى الْكتب الَّتِي تلقى من أَعمال النَّاس وإسرافيل كمنزلة الْحَاجِب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إسْرَافيل صَاحب الصُّور وَجِبْرِيل عَن يَمِينه وَمِيكَائِيل عَن يسَاره وَهُوَ بَينهمَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب قَالَ: إِن أدنى الْمَلَائِكَة من الله جِبْرِيل ثمَّ مِيكَائِيل فَإِذا ذكر عبدا بِأَحْسَن عمله قَالَ: فلَان بن فلَان عمل كَذَا وَكَذَا من طَاعَتي صلوَات الله عَلَيْهِ ثمَّ سَأَلَ مِيكَائِيل جِبْرِيل مَا أحدث رَبنَا فَيَقُول:

فلَان بن فلَان ذكر بِأَحْسَن عمله فصلى عَلَيْهِ صلوَات الله عَلَيْهِ ثمَّ سَأَلَ مِيكَائِيل من يرَاهُ من أهل السَّمَاء فَيَقُول: مَاذَا أحدث رَبنَا فَيَقُول: ذكر فلَان بن فلَان بِأَحْسَن عمله فصلى عَلَيْهِ صلوَات الله عَلَيْهِ فَلَا يزَال يَقع إِلَى الأَرْض وَإِذا ذكر عبدا بِأَسْوَأ عمله قَالَ: عَبدِي فلَان بن فلَان عمل كَذَا وَكَذَا من معصيتي فلعنتي عَلَيْهِ ثمَّ سَأَلَ مِيكَائِيل جِبْرِيل مَاذَا أحث رَبنَا فَيَقُول: ذكر فلَان بن فلَان بِأَسْوَأ عمله فَعَلَيهِ لعنة الله فَلَا يزَال يَقع من سَمَاء إِلَى سَمَاء حَتَّى يَقع إِلَى الأَرْض وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وزيراي من السَّمَاء جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَمن أهل الأَرْض أَبُو بكر وَعمر وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله أيدني بأَرْبعَة وزراء اثْنَيْنِ من أهل السَّمَاء جِبْرِيل وَمِيكَائِيل واثنين من أهل الأَرْض أبي بكر وَعمر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن فِي السَّمَاء ملكَيْنِ أَحدهمَا يَأْمر بالشدة وَالْآخر يَأْمر باللين وكل مُصِيب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل ونبيان أَحدهمَا يَأْمر باللين وَالْآخر يَأْمر بالشده وكل مُصِيب وَذكر إِبْرَاهِيم ونوحاً ولي صاحبان أَحدهمَا يَأْمر باللين وَالْآخر يَأْمر بالشده وكل مُصِيب وَذكر أَبَا بكر وَعمر وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ جَاءَ فِئَام النَّاس إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله زعم أَبُو بكر أَن الْحَسَنَات من الله والسيئات من الْعباد وَقَالَ عمر: الْحَسَنَات والسيئات من الله فتابع هَذَا قوم وَهَذَا قوم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لأقضين بَيْنكُمَا بِقَضَاء إسْرَافيل بَين جِبْرِيل وَمِيكَائِيل إِن مِيكَائِيل قَالَ بقول أبي بكر وَقَالَ جِبْرِيل بقول عمر فَقَالَ جِبْرِيل لميكائيل: إِنَّا مَتى تخْتَلف أهل السَّمَاء تخْتَلف أهل الأَرْض فلنتحاكم إِلَى إسْرَافيل فتحاكما إِلَيْهِ فَقضى بَينهمَا بِحَقِيقَة الْقدر خَيره وشره وحلوه ومره كُله من الله ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا بكر إِن الله لَو أَرَادَ أَن لَا يعْصى لم يخلق إِبْلِيس فَقَالَ أَبُو بكر: صدق الله وَرَسُوله وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي الْمليح عَن أَبِيه أَنه صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتي

الْفجْر فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ خفيفتين قَالَ: فَسَمعته يَقُول: اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَمُحَمّد أعوذ بك من النَّار ثَلَاث مَرَّات وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُغمي عَلَيْهِ وَرَأسه فِي حجرها فَجعلت تمسح وَجهه وَتَدْعُو لَهُ بالشفاء فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: لَا بل أسأَل الله الرفيق الْأَعْلَى مَعَ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل عَلَيْهِم السَّلَام

99

قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد أنزلنَا إِلَيْك آيَات بَيِّنَات وَمَا يكفر بهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ أَو كلما عَاهَدُوا عهدا نبذه فريق مِنْهُم بل أَكْثَرهم لَا يُؤمنُونَ وَلما جَاءَهُم رَسُول من عِنْد الله مُصدق لما مَعَهم نبذ فريق من الَّذين أُوتُوا الْكتاب كتاب الله وَرَاء ظُهُورهمْ كَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ ابْن صوريا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا مُحَمَّد مَا جئتنا بِشَيْء نعرفه مَا أنزل الله عَلَيْك من آيَة بَيِّنَة فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَلَقَد أنزلنَا إِلَيْك آيَات بَيِّنَات وَمَا يكفر بهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} وَقَالَ مَالك بن الضَّيْف: حِين بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر مَا أَخذ عَلَيْهِم من الْمِيثَاق وَمَا عهد إِلَيْهِم فِي مُحَمَّد وَالله مَا عهد إِلَيْنَا فِي مُحَمَّد وَلَا أَخذ علينا ميثاقاً فَأنْزل الله تَعَالَى {أَو كلما عَاهَدُوا عهدا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَقَد أنزلنَا إِلَيْك آيَات بَيِّنَات} يَقُول: فَأَنت تتلوه عَلَيْهِم وتخبرهم بِهِ غدْوَة وَعَشِيَّة وَبَين ذَلِك وَأَنت عِنْدهم أُمِّي لم تقْرَأ كتابا وَأَنت تخبرهم بِمَا فِي أَيْديهم على وَجهه فَفِي ذَلِك عِبْرَة لَهُم وَبَيَان وَحجَّة عَلَيْهِم لَو كَانُوا يعلمُونَ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {نبذه} قَالَ: نقضه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله {نبذه فريق مِنْهُم} قَالَ: لم يكن فِي الأَرْض عهد يعاهدون إِلَيْهِ إِلَّا نقضوه ويعاهدون الْيَوْم وينقضون غَدا قَالَ: وَفِي قِرَاءَة عبد الله: نقضه فريق مِنْهُم

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {وَلما جَاءَهُم رَسُول من عِنْد الله مُصدق لما مَعَهم} الْآيَة قَالَ: وَلما جَاءَهُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عارضوه بِالتَّوْرَاةِ فاتفقت التَّوْرَاة وَالْقُرْآن فنبذوا التَّوْرَاة وَأخذُوا بِكِتَاب آصف وسحر هاروت وماروت كَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ مَا فِي التَّوْرَاة من الْأَمر بِاتِّبَاع مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتصديقه

102

قَوْله تَعَالَى: وَاتبعُوا مَا تتلوا الشَّيَاطِين على ملك سُلَيْمَان وَمَا كفر سُلَيْمَان وَلَكِن الشَّيَاطِين كفرُوا يعلمُونَ النَّاس السحر وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ بِبَابِل هاروت وماروت وَمَا يعلمَانِ من أحد حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفر فيتعلمون مِنْهُمَا مَا يفرقون بِهِ بَين الْمَرْء وزوجه وَمَا هم بضارين بِهِ من أحد إِلَّا بِإِذن الله ويتعلمون مَا يضرهم وَلَا يَنْفَعهُمْ وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ مَاله فِي الْآخِرَة من خلاق ولبئس مَا شروا بِهِ أنفسهم لَو كَانُوا يعلمُونَ أخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وصحه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الشَّيَاطِين كَانُوا يسْتَرقونَ السّمع من السَّمَاء فَإِذا سمع أحدهم بِكَلِمَة حق كذب عَلَيْهَا ألف كذبة فاشربتها قُلُوب النَّاس واتخذوها دواوين فَاطلع الله على ذَلِك سُلَيْمَان بن دَاوُد فَأَخذهَا فقذفها تَحت الْكُرْسِيّ فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَان قَامَ شَيْطَان بِالطَّرِيقِ فَقَالَ: أَلا أدلكم على كنز سُلَيْمَان الَّذِي لَا كنز لأحد مثل كنزه الممنع قَالُوا: نعم فأخرجوه فَإِذا هُوَ سحر فتناسخها الْأُمَم وَأنزل الله عذر سُلَيْمَان فِيمَا قَالُوا من السحر فَقَالَ {وَاتبعُوا مَا تتلوا الشَّيَاطِين على ملك سُلَيْمَان} الْآيَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ آصف كَاتب سُلَيْمَان وَكَانَ يعلم الِاسْم الْأَعْظَم وَكَانَ يكْتب كل شَيْء بِأَمْر سُلَيْمَان ويدفنه تَحت كرسيه فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَان أخرجته الشَّيَاطِين فَكَتَبُوا بَين كل سطرين سحرًا وَكفرا وَقَالُوا: هَذَا

الَّذِي كَانَ سُلَيْمَان يعْمل بِهِ فاكفره جهال النَّاس وسبوه ووقف علماؤهم فَلم يزل جهالهم يَسُبُّونَهُ حَتَّى أنزل الله على مُحَمَّد {وَاتبعُوا مَا تتلوا الشَّيَاطِين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما ذهب ملك سُلَيْمَان ارْتَدَّ فِئَام من الْجِنّ والإِنس وَاتبعُوا الشَّهَوَات فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى سُلَيْمَان ملكه وَقَامَ النَّاس على الدّين ظهر على كتبهمْ فدفنها تَحت كرسيه وَتُوفِّي حدثان ذَلِك فَظهر الْجِنّ والإِنس على الْكتب بعد وَفَاة سُلَيْمَان وَقَالُوا: هَذَا كتاب من الله نزل على سُلَيْمَان أخفاه عَنَّا فَأَخَذُوهُ فجعلوه دينا فَأنْزل الله {وَاتبعُوا مَا تتلوا الشَّيَاطِين} أَي الشَّهَوَات الَّتِي كَانَت الشَّيَاطِين تتلو وَهِي المعازف واللعب وكل شَيْء يصد عَن ذكر الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان إِذا أَرَادَ أَن يدْخل الْخَلَاء أَو يَأْتِي شَيْئا من شَأْنه أعْطى الجرادة وَهِي امْرَأَته خَاتمه فَلَمَّا أَرَادَ الله أَن يَبْتَلِي سُلَيْمَان بِالَّذِي ابتلاه بِهِ أعْطى الجرادة ذَلِك الْيَوْم خَاتمه فجَاء الشَّيْطَان فِي صُورَة سُلَيْمَان فَقَالَ لَهَا: هَاتِي خَاتمِي فَأَخذه فلبسه فَلَمَّا لبسه دَانَتْ لَهُ الشَّيَاطِين وَالْجِنّ والإِنس فَجَاءَهَا سُلَيْمَان فَقَالَ: هَاتِي خَاتمِي فَقَالَت: كذبت لست سُلَيْمَان فَعرف أَنه بلَاء ابْتُلِيَ بِهِ فَانْطَلَقت الشَّيَاطِين فَكتبت فِي تِلْكَ الْأَيَّام كتبا فِيهَا سحر وَكفر ثمَّ دفنوها تَحت كرْسِي سُلَيْمَان ثمَّ أخرجوها فقرؤوها على النَّاس وَقَالُوا: إِنَّمَا كَانَ سُلَيْمَان يغلب النَّاس بِهَذِهِ الْكتب فبرىء النَّاس من سُلَيْمَان وأكفروه حَتَّى بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنزل عَلَيْهِ {وَمَا كفر سُلَيْمَان وَلَكِن الشَّيَاطِين كفرُوا} وَأخرج ابْن جرير عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: قَالَ الْيَهُود: انْظُرُوا إِلَى مُحَمَّد يخلط الْحق بِالْبَاطِلِ يذكر سُلَيْمَان مَعَ الْأَنْبِيَاء إِنَّمَا كَانَ ساحراً يركب الرّيح فَأنْزل الله {وَاتبعُوا مَا تتلوا الشَّيَاطِين} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: إِن الْيَهُود سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَمَانا عَن أُمُور من التَّوْرَاة لَا يسألونه عَن شَيْء من ذَلِك إِلَّا أنزل الله عَلَيْهِ مَا سَأَلُوا عَنهُ فيخصمهم فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَالُوا هَذَا أعلم بِمَا أنزل علينا منا وَإِنَّهُم سَأَلُوهُ عَن السحر وخاصموه بِهِ فَأنْزل الله {وَاتبعُوا مَا تتلوا الشَّيَاطِين} الْآيَة وَإِن الشَّيَاطِين عَمدُوا إِلَى كتاب فَكَتَبُوا فِيهِ السحر وَالْكهَانَة وَمَا شَاءَ الله من ذَلِك فدفنوه تَحت مجْلِس سُلَيْمَان وَكَانَ سُلَيْمَان لَا يعلم الْغَيْب فَلَمَّا فَارق سُلَيْمَان الدُّنْيَا اسْتخْرجُوا ذَلِك السحر وخدعوا بِهِ النَّاس وَقَالُوا: هَذَا علم كَانَ سُلَيْمَان يَكْتُمهُ

ويحسد النَّاس عَلَيْهِ فَأخْبرهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا الحَدِيث فَرَجَعُوا من عِنْده وَقد حزنوا وأدحض الله حجتهم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن خصيف قَالَ: كَانَ لِسُلَيْمَان إِذا نَبتَت الشَّجَرَة قَالَ: لأي دَاء أَنْت فَتَقول: لكذا وَكَذَا فَلَمَّا نَبتَت الشَّجَرَة الخرنوبة قَالَ: لأي شَيْء أنتِ قَالَت: لمسجدك أخربه فَلم يلبث أَن توفّي فَكتب الشَّيَاطِين كتابا فجعلومه فِي مصلى سُلَيْمَان فَقَالُوا: نَحن ندلكم على مَا كَانَ سُلَيْمَان يداوي بِهِ فَانْطَلقُوا فَاسْتَخْرَجُوا ذَلِك الْكتاب فغذا فِيهِ سحر ورقى فَأنْزل الله {وَاتبعُوا مَا تتلوا الشَّيَاطِين} إِلَى قَوْله {وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ} وَذكر أَنَّهَا فِي قِرَاءَة أبي (وَمَا يُتْلَى على الْملكَيْنِ بِبَابِل هاروت وماروت وَمَا يعلمَانِ من أحد حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفر) سبع مرار فَإِن أَبى إِلَّا أَن يكفر علماه فَيخرج مِنْهُ نور حَتَّى يسطع فِي السَّمَاء قَالَ: الْمعرفَة الَّتِي كَانَ يعرف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مجلز قَالَ: أَخذ سُلَيْمَان من كل دَابَّة عهدا فَإِذا أُصِيب رجل فَيسْأَل بذلك الْعَهْد خلي عَنهُ فَرَأى النَّاس بذلك السجع وَالسحر وَقَالُوا: هَذَا كَانَ يعْمل بِهِ سُلَيْمَان فَقَالَ الله {وَمَا كفر سُلَيْمَان} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا تتلو} قَالَ: مَا تتبع وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء فِي قَوْله {مَا تتلوا الشَّيَاطِين} قَالَ: يُرَاد مَا تحدث وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله {على ملك سُلَيْمَان} يَقُول: فِي ملك سُلَيْمَان وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا كفر سُلَيْمَان} يَقُول: مَا كَانَ عَن مشورته وَلَا رضَا مِنْهُ وَلكنه شَيْء افتعلته الشَّيَاطِين دونه {يعلمُونَ النَّاس السحر وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ} فالسحر سحران سحر تعلمه الشَّيَاطِين وسحر يُعلمهُ هاروت وماروت وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ} قَالَ: هَذَا سحر خاصموه بِهِ فَإِن كَلَام الْمَلَائِكَة فِيمَا بَينهم إِذا عَلمته الإِنس فَصنعَ وَعمل بِهِ كَانَ سحرًا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: أما السحر فَإِنَّمَا يُعلمهُ الشَّيَاطِين وَأما الَّذِي يُعلمهُ الْملكَانِ فالتفريق بَين الْمَرْء وزوجه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ} قَالَ: التَّفْرِقَة بَين الْمَرْء وزوجه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ} قَالَ: لم ينزل الله السحر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ فِي الْآيَة قَالَ: هما ملكان من مَلَائِكَة السَّمَاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَنهُ مَرْفُوعا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى إِنَّه كَانَ يقْرؤهَا (وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ دَاوُد وَسليمَان) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك أَنه قَرَأَ {وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ} وَقَالَ: هما علجان من أهل بابل وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ} يَعْنِي جِبْرِيل وَمِيكَائِيل {بِبَابِل هاروت وماروت} يعلمَانِ النَّاس السحر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة {وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ} قَالَ: مَا أنزل على جِبْرِيل وَمِيكَائِيل السحر وَأما قَوْله تَعَالَى: {بِبَابِل} أخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ قَالَ إِن حَبِيبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهاني أَن أُصَلِّي بِأَرْض بابل فَإِنَّهَا ملعونة وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق نعيم بن سَالم - وَهُوَ مُتَّهم - عَن أنس بن مَالك قَالَ: لما حشر الله الْخَلَائق إِلَى بابل بعث إِلَيْهِم ريحًا شرقية وغربية وقبلية وبحرية فَجمعتهمْ إِلَى بابل فَاجْتمعُوا يَوْمئِذٍ ينظرُونَ لما حشروا لَهُ إِذْ نَادَى مُنَاد: من جعل الْمغرب عَن يَمِينه والمشرق عَن يسَاره واقتصد إِلَى الْبَيْت الْحَرَام بِوَجْهِهِ فَلهُ كَلَام أهل السَّمَاء فَقَامَ يعرب بن قحطان فَقيل لَهُ: يَا يعرب بن قحطان بن هود أَنْت هُوَ فَكَانَ أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ فَلم يزل الْمُنَادِي يُنَادي: من فعل كَذَا وَكَذَا فَلهُ كَذَا وَكَذَا حَتَّى افْتَرَقُوا على اثْنَيْنِ وَسبعين لِسَانا وَانْقطع الصَّوْت وتبلبلت الألسن فسميت بابل وَكَانَ اللِّسَان يَوْمئِذٍ بابلياً وهبطت مَلَائِكَة الْخَيْر وَالشَّر وملائكة الْحيَاء والإِيمان وملائكة الصِّحَّة والشفاء وملائكة الْغنى وملائكة الشّرف وملائكة الْمُرُوءَة وملائكة الْجفَاء وملائكة الْجَهْل

وملائكة السَّيْف وملائكة الْبَأْس حَتَّى انْتَهوا إِلَى الْعرَاق فَقَالَ بَعضهم لبَعض: افْتَرَقُوا فَقَالَ ملك الإِيمان: أَنا أسكن الْمَدِينَة وَمَكَّة فَقَالَ ملك الْحيَاء: أَنا أسكن مَعَك وَقَالَ ملك الشِّفَاء: أسكن الْبَادِيَة فَقَالَ ملك الصِّحَّة: وَأَنا مَعَك وَقَالَ ملك الْجفَاء: وَأَنا أسكن الْمغرب فَقَالَ ملك الْجَهْل وَأَنا مَعَك وَقَالَ ملك السَّيْف: أَنا أسكن الشَّام فَقَالَ ملك الْبَأْس: وَأَنا مَعَك وَقَالَ ملك الْغنى: أَنا أقيم هَهُنَا فَقَالَ ملك الْمُرُوءَة: أَنا مَعَك فَقَالَ ملك الشّرف: وَأَنا مَعَكُمَا فَاجْتمع ملك الْغنى والمروءة والشرف بالعراق وَأخرج ابْن عَسَاكِر بِسَنَد فِيهِ مَجَاهِيل عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله عزَّ وجلَّ خلق أَرْبَعَة أَشْيَاء وأردفها أَرْبَعَة أَشْيَاء خلق الجدب وأردفه الزّهْد وَأَسْكَنَهُ الْحجاز وَخلق الْعِفَّة وأردفها الْغَفْلَة وأسكنها الْيمن وَخلق الرزق وأردفه الطَّاعُون وَأَسْكَنَهُ الشَّام وَخلق الْفُجُور وأردفه الدِّرْهَم وَأَسْكَنَهُ الْعرَاق وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب إِلَى كَعْب الْأَحْبَار أَن اختر لي الْمنَازل فَكتب إِلَيْهِ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه بلغنَا أَن الْأَشْيَاء اجْتمعت فَقَالَ السخاء: أُرِيد الْيمن فَقَالَ حسن الْخلق: أَنا مَعَك وَقَالَ الْجفَاء: أُرِيد الْحجاز فَقَالَ الْفقر: أَنا مَعَك قَالَ الْبَأْس: أُرِيد الشَّام فَقَالَ السَّيْف: أَنا مَعَك وَقَالَ الْعلم: أُرِيد الْعرَاق فَقَالَ الْعقل: أَنا مَعَك وَقَالَ الْغَنِيّ: أُرِيد مصر فَقَالَ الذل: أَنا مَعَك فاختر لنَفسك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا ورد الْكتاب على عمر قَالَ: الْعرَاق إِذن فالعراق إِذن وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن حَكِيم بن جَابر قَالَ: أخْبرت أَن الإِسلام قَالَ: أَنا لَاحق بِأَرْض الشَّام قَالَ الْمَوْت: وَأَنا مَعَك قَالَ الْملك: وَأَنا لَاحق بِأَرْض الْعرَاق قَالَ الْقَتْل: وَأَنا مَعَك قَالَ الْجُوع: وَأَنا لَاحق بِأَرْض الْعَرَب قَالَت الصِّحَّة: وَأَنا مَعَك وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن دَغْفَل قَالَ: قَالَ المَال: أَنا أسكن الْعرَاق فَقَالَ الْغدر: أَنا أسكن مَعَك وَقَالَت الطَّاعَة: أَنا أسكن الشَّام فَقَالَ الْجفَاء: أَنا أسكن مَعَك وَقَالَت الْمُرُوءَة: أَنا أسكن الْحجاز فَقَالَ: وَأَنا أسكن مَعَك

وَأما قَوْله تَعَالَى: {هاروت وماروت} قد تقدم حَدِيث ابْن عمر فِي قصَّة آدم وَبقيت آثَار أخر أخرج سعيد وَابْن جرير والخطيب فِي تَارِيخه عَن نَافِع قَالَ: سَافَرت مَعَ ابْن عمر فَلَمَّا كَانَ من آخر اللَّيْل قَالَ: يَا نَافِع انْظُر هَل طلعت الْحَمْرَاء قلت: لَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثمَّ قلت: قد طلعت قَالَ: لَا مرْحَبًا بهَا وَلَا أَهلا قلت: سُبْحَانَ الله نجم مسخر سامع مُطِيع قَالَ: مَا قلت لَك إِلَّا مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَلَائِكَة قَالَت: يَا رب كَيفَ صبرك على بني آدم فِي الْخَطَايَا والذنُوب قَالَ: إِنِّي ابتليتهم وعافيتكم قَالُوا: لَو كُنَّا مكانهم مَا عصيناك قَالَ: فَاخْتَارُوا ملكَيْنِ مِنْكُم فَلم يألوا جهداً أَن يختاروا فَاخْتَارُوا هاروت وماروت فَنزلَا فَألْقى الله عَلَيْهِم الشبق قلت: وَمَا الشبق قَالَ: الشَّهْوَة فَجَاءَت امْرَأَة يُقَال لَهَا الزهرة فَوَقَعت فِي قلوبهما فَجعل كل وَاحِد مِنْهُمَا يخفي عَن صَاحبه مَا فِي نَفسه ثمَّ قَالَ أَحدهمَا للْآخر: هَل وَقع فِي نَفسك مَا وَقع فِي قلبِي قَالَ: نعم فطلباها لأنفسهما فَقَالَت: لَا أمكنكما حَتَّى تعلماني الِاسْم الَّذِي تعرجان بِهِ إِلَى السَّمَاء وتهبطان بِهِ فأبيا ثمَّ سألاها أَيْضا فَأَبت ففعلا فَلَمَّا استطيرت طمسها الله كوكباً وَقطع أجنحتهما ثمَّ سَأَلَا التَّوْبَة من ربهما فخيرهما فَقَالَ: إِن شئتما رددتكما إِلَى مَا كنتما عَلَيْهِ فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة عذبتكما وَإِن شئتما عذبتكما فِي الدُّنْيَا فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة رددتكما إِلَى مَا كنتما عَلَيْهِ فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: إِن عَذَاب الدُّنْيَا يَنْقَطِع وَيَزُول فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا على عَذَاب الْآخِرَة فَأوحى الله إِلَيْهِمَا: أَن ائتيا بابل فَانْطَلقَا إِلَى بابل فَخسفَ بهما فهما منكوسان بَين السَّمَاء وَالْأَرْض معذبان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عنمجاهد قَالَ: كنت مَعَ ابْن عمر فِي سفر فَقَالَ لي: ارمق الْكَوْكَب فَإِذا طلعت أيقظني فَلَمَّا طلعت أيقظته فَاسْتَوَى جَالِسا فَجعل ينظر إِلَيْهَا ويسبها سباً شَدِيدا فَقلت: يَرْحَمك الله أَبَا عبد الرَّحْمَن نجم سَاطِع مُطِيع مَاله تسبه فَقَالَ: أما أَن هَذِه كَانَت بغيا فِي بني إِسْرَائِيل فلقي الْملكَانِ مِنْهَا مَا لقيا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق مُوسَى بن جُبَير عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشرفت الْمَلَائِكَة على الدُّنْيَا فرأت بني آدم يعصون فَقَالَت: يَا رب مَا أَجْهَل هَؤُلَاءِ مَا أقل معرفَة هَؤُلَاءِ بعظمتك

فَقَالَ الله: لَو كُنْتُم فِي مسالخهم لعصيتموني قَالُوا: كَيفَ يكون هَذَا وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك قَالَ: فَاخْتَارُوا مِنْكُم ملكَيْنِ فَاخْتَارُوا هاروت وماروت ثمَّ أهبطا إِلَى الأَرْض وَركبت فيهمَا شهوات مثل بني آدم ومثلت لَهما امْرَأَة فَمَا عصما حَتَّى وَاقعا الْمعْصِيَة فَقَالَ الله: اختارا عَذَاب الدُّنْيَا أَو عَذَاب الْآخِرَة فَنظر أَحدهمَا إِلَى صَاحبه قَالَ: مَا تَقول فاختر قَالَ: أَقُول أَن عَذَاب الدُّنْيَا يَنْقَطِع وَأَن عَذَاب الْآخِرَة لَا يَنْقَطِع فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا فهما اللَّذَان ذكر الله فِي كِتَابه {وَمَا أنزل على الْملكَيْنِ} الْآيَة وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْعُقُوبَات وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِن هَذِه الزهرة تسميها الْعَرَب الزهرة والعجم أناهيذ وَكَانَ الْملكَانِ يحكمان بَين النَّاس فأتتهما فأرادها كل وَاحِد عَن غير علم صَاحبه فَقَالَ أَحدهمَا: يَا أخي إِن فِي نَفسِي بعض الْأَمر أُرِيد أَن أذكرهُ لَك قَالَ: اذكره لَعَلَّ الَّذِي فِي نَفسِي مثل الَّذِي فِي نَفسك فاتفقا على أَمر فِي ذَلِك فَقَالَت الْمَرْأَة: أَلا تخبراني بِمَا تصعدان بِهِ إِلَى السَّمَاء وَبِمَا تهبطان بِهِ إِلَى الأَرْض فَقَالَا: باسم الله الْأَعْظَم قَالَت: مَا أَنا بمؤاتيتكما حَتَّى تعلمانيه فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: علمهَا إِيَّاه فَقَالَ: كَيفَ لنا بِشدَّة عَذَاب الله قَالَ الآخر: إِنَّا نرجو سَعَة رَحْمَة الله فعلمها إِيَّاه فتكلمت بِهِ فطارت إِلَى السَّمَاء فَفَزعَ ملك فِي السَّمَاء لصعودها فطأطأ رَأسه فَلم يجلس بعد ومسخها الله كوكبا وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الله الزهرة فَإِنَّهَا هِيَ الَّتِي فتنت الْملكَيْنِ هاروت وماروت وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الْعَبَّاس قَالَ: كَانَت الزهرة امْرَأَة فِي قَومهَا يُقَال لَهَا فِي قَومهَا بيذخت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الْمَرْأَة الَّتِي فتن بهَا الْملكَانِ مسخت فَهِيَ هَذِه الكوكبة الْحَمْرَاء يَعْنِي الزهرة وَأخرج موحد بن عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْعُقُوبَات وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق الثَّوْريّ عَن مُوسَى بن عقبَة عَن سَالم عَن ابْن عمر عَن كَعْب قَالَ: ذكرت

الْمَلَائِكَة أَعمال بني آدم وَمَا يأْتونَ من الذُّنُوب فَقيل: لَو كُنْتُم مكانهم لأتيتم مثل الَّذِي يأْتونَ فَاخْتَارُوا مِنْكُم اثْنَيْنِ فَاخْتَارُوا هاروت وماروت فَقيل لَهما: إِنِّي أرسل إِلَى بني آدم رسلًا فَلَيْسَ بيني وبينكما رَسُول أنزلكما لَا تُشركا بِي شَيْئا وَلَا تزنيا وَلَا تشربا الْخمر قَالَ كَعْب: فوَاللَّه مَا أمسيا من يومهما الَّذِي أهبطا فِيهِ حَتَّى استكملا جَمِيع مَا نهيا عَنهُ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَقُول: أطلعت الْحَمْرَاء بعد فَإِذا رَآهَا قَالَ: لَا مرْحَبًا ثمَّ قَالَ: إِن ملكَيْنِ من الْمَلَائِكَة هاروت وماروت سَأَلَا الله أَن يهبطا إِلَى الأَرْض فأهبطا إِلَى الأَرْض فَكَانَا يقضيان بَين النَّاس فَإِذا أمسيا تكلما بِكَلِمَات فعرجا بهَا إِلَى السَّمَاء فقيض الله لَهما امْرَأَة من أحسن النَّاس وألقيت عَلَيْهِمَا الشَّهْوَة فَجعلَا يؤخرانها وألقيت فِي نفسيهما فَلم يَزَالَا يفْعَلَانِ حَتَّى وعدتهما ميعاداً فأتتهما لِلْمِيعَادِ فَقَالَت: كلماني الْكَلِمَة الَّتِي تعرجان بهَا فعلماها الْكَلِمَة فتكلمت بهَا فعرجت إِلَى السَّمَاء فمسخت فَجعلت كَمَا ترَوْنَ فَلَمَّا أمسيا تكلما بِالْكَلِمَةِ فَلم يعرجا فَبعث إِلَيْهِمَا إِن شئتما فعذاب الْآخِرَة وَإِن شئتما فعذاب الدُّنْيَا إِلَى أَن تقوم السَّاعَة فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: بل نَخْتَار عَذَاب الدُّنْيَا ألف ألف ضعف فهما يعذبان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كنت نازلا عِنْد عبد الله بن عمر فِي سفر فَلَمَّا كَانَ ذَات لَيْلَة قَالَ لغلامه: انْظُر طلعت الْحَمْرَاء لَا مرْحَبًا بهَا وَلَا أَهلا وَلَا حياها الله هِيَ صَاحِبَة الْملكَيْنِ قَالَت الْمَلَائِكَة: كَيفَ تدع عصاة بني آدم وهم يسفكون الدَّم الْحَرَام وينتهكون محارمك ويفسدون فِي الأَرْض قَالَ: إِنِّي قد ابتليتهم فَلَعَلَّ أَن أبتليكم بِمثل الَّذِي ابتليتهم بِهِ فَعلْتُمْ كَالَّذي يَفْعَلُونَ قَالُوا: لَا قَالَ: فَاخْتَارُوا من خياركم اثْنَيْنِ فَاخْتَارُوا هاروت وماروت فَقَالَ لَهما: إِنِّي مهبطكما إِلَى الأَرْض ومعاهد إلَيْكُمَا أَن لَا تشركا وَلَا تزنيا وَلَا تخونا فأهبطا إِلَى الأَرْض وَألقى عَلَيْهِمَا الشبق وأهبطت لَهما الزهرة فِي أحسن صُورَة امْرَأَة فتعرضت لَهما فأراداها عَن نَفسهَا فَقَالَت: إِنِّي على دين لَا يصلح لأحد أَن يأتيني إِلَّا من كَانَ على مثله قَالَا: وَمَا دينك قَالَت: الْمَجُوسِيَّة قَالَا: أنشرك هَذَا شَيْء لَا نقر بِهِ فَمَكثت عَنْهُمَا مَا شَاءَ الله ثمَّ تعرضت لَهما فأراداها عَن نَفسهَا فَقَالَت: مَا شئتما غير أَن لي زوجا وَأَنا أكره أَن يطلع على هَذَا مني فافتضح وَإِن أقررتما لي بديني

وشرطتما أَن تصعدا بِي إِلَى السَّمَاء فعلت فأقرا لَهَا بدينها وأتياها فِيمَا يريان ثمَّ صعدا بهَا إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا انتهيا إِلَى السَّمَاء اختطفت مِنْهُمَا وَقطعت أجنحتهما فوقعا خَائِفين نادمين يَبْكِيَانِ وَفِي الأَرْض نَبِي يَدْعُو بَين الجمعتين فَإِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة أُجِيب فَقَالَا: لَو أَتَيْنَا فلَانا فَسَأَلْنَاهُ يطْلب لنا التَّوْبَة فَأتيَاهُ فَقَالَ: رحمكما الله كَيفَ تطلب أهل الأَرْض لأهل السَّمَاء قَالَا: إِمَّا ابتلينا قَالَ: ائتياني يَوْم الْجُمُعَة فَأتيَاهُ فَقَالَ: مَا أجبْت فيكما بِشَيْء ائتياني فِي الْجُمُعَة الثَّانِيَة فَأتيَاهُ فَقَالَ: اختارا فقد خيرتما إِن أحببتما معافاة الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة وَإِن أحببتما فعذاب الدُّنْيَا وأنتما يَوْم الْقِيَامَة على حكم الله فَقَالَ أَحدهمَا: الدُّنْيَا لم يمض مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيل وَقَالَ الآخر: وَيحك إِنِّي قد أطعتك فِي الأول فأطعني الْآن وَإِن عذَابا يفنى لَيْسَ كعذاب يبْقى قَالَ: إننا يَوْم الْقِيَامَة على حكم الله فَأَخَاف أَن يعذبنا قَالَ: لَا إِنِّي أَرْجُو أَن علم الله أَنا قد اخترنا عَذَاب الدُّنْيَا مَخَافَة عَذَاب الْآخِرَة لَا يجمعهما الله علينا قَالَ فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا فَجعلَا فِي بكرات من حَدِيد فِي قليب مَمْلُوءَة من نَار أعاليهما أسافلهما قَالَ ابْن كثير: إِسْنَاده يَد وَهُوَ أثبت وَأَصَح إِسْنَادًا من رِوَايَة مُعَاوِيَة بن صَالح عَن نَافِع وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما وَقع النَّاس من بني آدم فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ من الْمعاصِي وَالْكفْر بِاللَّه قَالَت الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء: رب هَذَا الْعَالم الَّذِي إِنَّمَا خلقتهمْ لعبادتك وطاعتك وَقد وَقَعُوا فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ وركبوا الْكفْر وَقتل النَّفس وَأكل مَال الْحَرَام وَالزِّنَا وَالسَّرِقَة وَشرب الْخمر فَجعلُوا يدعونَ عَلَيْهِم وَلَا يعذرنهم فَقيل: إِنَّهُم فِي غيب فَلم يعذروهم فَقيل لَهُم: اخْتَارُوا مِنْكُم من أفضلكم ملكي آمرهما وأنهاهما فَاخْتَارُوا هاروت وماروت فأهبطا إِلَى الأَرْض وَجعل لَهما شهوات بني آدم وَأَمرهمَا أَن يعبداه وَلَا يشركا بِهِ شَيْئا ونهاهما عَن قتل النَّفس الْحَرَام وَأكل مَال الْحَرَام وَعَن الزِّنَا وَشرب الْخمر فلبثا فِي الأَرْض زَمَانا يحكمان بَين النَّاس بِالْحَقِّ وَذَلِكَ فِي زمَان إِدْرِيس وَفِي ذَلِك الزَّمَان امْرَأَة حسنها فِي النِّسَاء كحسن الزهرة فِي سَائِر الْكَوَاكِب وإنهما أَتَيَا عَلَيْهَا فخضعا لَهَا فِي القَوْل وأراداها عَن نَفسهَا فَأَبت إِلَّا أَن يَكُونَا على أمرهَا ودينها فَسَأَلَاهَا عَن دينهَا فأخرجت لَهما صنماً فَقَالَت: هَذَا أعبده فَقَالَا: لَا حَاجَة لنا فِي عبَادَة هَذَا

فذهبا فغبرا مَا شَاءَ الله ثمَّ أَتَيَا عَلَيْهَا فأراداها عَن نَفسهَا فَفعلت مثل ذَلِك فذهبا ثمَّ أَتَيَا فأراداها عَن نَفسهَا فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُمَا أَبَيَا أَن يعبدا الصَّنَم قَالَ لَهما: اختارا أحد الْخلال الثَّلَاث إِمَّا أَن تعبدا هَذَا الصَّنَم أَو أَن تقتلا هَذَا النَّفس ووإما أَن تشربا هَذَا الْخمر فَقَالَا: كل هَذَا لَا يَنْبَغِي وأهون الثَّلَاثَة شرب الْخمر فَأخذت مِنْهُمَا فواقعا الْمَرْأَة فخشيا أَن يخبر الإِنسان عَنْهُمَا فقتلاه فَلَمَّا ذهب عَنْهُمَا السكر وعلما مَا وَقعا فِيهِ من الْخَطِيئَة أَرَادَ أَن يصعد إِلَى السَّمَاء فَلم يستطيعا وحيل بَينهمَا وَبَين ذَلِك وكشف الغطاء فِيمَا بَينهمَا وَبَين أهل السَّمَاء فَنَظَرت الْمَلَائِكَة إِلَى مَا وَقعا فِيهِ فعجبوا كل الْعجب وَعرفُوا أَنه من كَانَ فِي غيب فَهُوَ أقل خشيَة فَجعلُوا بعد ذَلِك يَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض فَنزل فِي ذَلِك (وَالْمَلَائِكَة يسبحون بِحَمْد رَبهم وَيَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض) (الشورى الْآيَة 5) فَقيل لَهما: اختارا عَذَاب الدُّنْيَا أَو عَذَاب الْآخِرَة فَقَالَا: أما عَذَاب الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَنْقَطِع وَيذْهب وَأما عَذَاب الْآخِرَة فَلَا انْقِطَاع لَهُ فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا فَجعلَا بِبَابِل فهما يعذبان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أهل سَمَاء الدُّنْيَا أشرفوا على أهل الأَرْض فرأوهم يعْملُونَ بِالْمَعَاصِي فَقَالُوا: يَا رب أهل الأَرْض يعْملُونَ بِالْمَعَاصِي فَقَالَ الله: أَنْتُم معي وهم غُيُبٌ عني فَقيل لَهُم: اخْتَارُوا مِنْكُم ثَلَاثَة: فَاخْتَارُوا مِنْهُم ثَلَاثَة على أَن يهبطوا إِلَى الأَرْض يحكمون بَين أهل الأَرْض وَجعل فيهم شَهْوَة الْآدَمِيّين - فَأمروا أَن لَا يشْربُوا خمرًا وَلَا يقتلُون نفسا وَلَا يزنوا وَلَا يسجدوا لوثن فاستقال مِنْهُم وَاحِد فأقيل فاهبط اثْنَان إِلَى الأَرْض فأتتهما امْرَأَة من أحسن النَّاس يُقَال لَهَا أناهيلة فهوياها جَمِيعًا ثمَّ أَتَيَا منزلهَا فاجتمعا عِنْدهَا فأراداها فَقَالَت لَهما: لَا حَتَّى تشربا خمري وتقتلا ابْن جاري وتسجدوا لوثني فَقَالَا: لَا نسجد ثمَّ شربا من الْخمر ثمَّ قتلا ثمَّ سجدا فَأَشْرَف أهل السَّمَاء عَلَيْهِمَا وَقَالَت لَهما: أخبراني بِالْكَلِمَةِ الَّتِي إِذا قلتماها طرتما فأخبراها فطارت فمسخت جَمْرَة وَهِي هَذِه الزهرة وَأما هما فَأرْسل إِلَيْهِمَا سُلَيْمَان بن دَاوُد فخيرهما بَين عَذَاب الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا فهما مناطان بَين السَّمَاء وَالْأَرْض

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس قَالَا: لما كثر بَنو آدم وعصوا دعت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم وَالْأَرْض وَالْجِبَال: رَبنَا لَا تمهلهم فَأوحى الله إِلَى الْمَلَائِكَة: إِنِّي أزلت الشَّهْوَة والشيطان من قُلُوبكُمْ وَلَو تركتكم لفعلتم أَيْضا قَالَ: فَحَدثُوا أنفسهم أَن لَو ابتلوا لعصموا فَأوحى اله إِلَيْهِم: أَن اخْتَارُوا ملكَيْنِ من أفضلكم فَاخْتَارُوا هاروت وماروت فأهبطا إِلَى الأَرْض وأنزلت الزهرة إِلَيْهِمَا فِي صُورَة امْرَأَة من أهل فَارس يمونها بيدخت قَالَ: فواقعاها بالخطيئة فَكَانَت الْمَلَائِكَة يَسْتَغْفِرُونَ للَّذين آمنُوا فَلَمَّا وَقعا بالخطيئة اسْتَغْفرُوا لمن فِي الأَرْض فخيرا بَين عَذَاب الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله فِي هَذِه الْآيَة كَانَا ملكَيْنِ من الْمَلَائِكَة فاهبطا ليحكما بَين النَّاس وَذَلِكَ أَن الْمَلَائِكَة سخروا من حكام بني آدم فحاكمت إِلَيْهِمَا امْرَأَة فخافا لَهَا ثمَّ ذَهَبا يصعدان فحيل بَينهمَا وَبَين ذَلِك وَخيرا بَين عَذَاب الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن خصيف قَالَ: كنت مَعَ مُجَاهِد فَمر بِنَا رجل من قُرَيْش فَقَالَ لَهُ مُجَاهِد: حَدثنَا مَا سَمِعت من أَبِيك قَالَ: حَدثنِي أبي: أَن الْمَلَائِكَة حِين جعلُوا ينظرُونَ إِلَى أَعمال بني آدم وَمَا يركبون من الْمعاصِي الخبيثة وَلَيْسَ يستر النَّاس من الْمَلَائِكَة شَيْء فَجعل بَعضهم يَقُول لبَعض: انْظُرُوا إِلَى بني آدم كَيفَ يعْملُونَ كَذَا وَكَذَا مَا أجرأهم على الله يعيبونهم بذلك فَقَالَ الله لَهُم: لقد سَمِعت الَّذِي تَقولُونَ فِي بني آدم فَاخْتَارُوا مِنْكُم ملكَيْنِ أهبطهما إِلَى الأَرْض وَاجعَل فيهمَا شَهْوَة بني آدم فَاخْتَارُوا هاروت وماروت فَقَالُوا: يَا رب لَيْسَ فِينَا مثلهمَا فأهبطا إِلَى الأَرْض وَجعلت فيهمَا شَهْوَة بني آدم ومثلت لَهما الزهرة فِي صُورَة امْرَأَة فَلَمَّا نظرا إِلَيْهَا لم يتمالكا أَن تناولا مَا الله أعلم بِهِ وَأخذت الشَّهْوَة بأسماعهما وأبصارهما فَلَمَّا أَرَادَا أَن يطيرا إِلَى السَّمَاء لم يستطيعا فأتاهما ملك فَقَالَ: إنَّكُمَا قد فعلتما مَا فعلتما فاختاراعذاب الدُّنْيَا أَو عَذَاب الْآخِرَة فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر: مَاذَا ترى قَالَ: أرى أَن أعذب فِي الدُّنْيَا ثمَّ أعذب أحبّ إليّ من أَن أعذب سَاعَة وَاحِدَة فِي الْآخِرَة فهما معلقان منكسان فِي السلَاسِل وَجعلا فتْنَة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله أفرج السَّمَاء إِلَى مَلَائكَته ينظرُونَ إِلَى أَعمال بني آدم فَلَمَّا أبصروهم يعْملُونَ بالخطايا قَالُوا: يَا رب هَؤُلَاءِ بَنو آدم الَّذِي خلقت بِيَدِك وأسجدت لَهُ ملائكتك وعلمته أَسمَاء كل شَيْء يعْملُونَ بالخطايا قَالَ: أما إِنَّكُم لَو كُنْتُم مكانهم لعملتم مثل أَعْمَالهم قَالُوا: سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لنا فأمِروا أَن يختاروا من يهْبط إِلَى الأَرْض فَاخْتَارُوا هاروت وماروت وأهبطا إِلَى الأَرْض وَأحل لَهما مَا فِيهَا من شَيْء غير أَنَّهُمَا لَا يشركا بِاللَّه شَيْئا وَلَا يسرقا وَلَا يزنيا وَلَا يشربا الْخمر وَلَا يقتلا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ فَعرض لَهما امْرَأَة قد قسم لَهَا نصف الْحسن يُقَال لَهَا بيذخت فَلَمَّا أبصراها أراداها قَالَت: لَا إِلَّا أَن تشركا بِاللَّه وتشربا الْخمر وتقتلا النَّفس وتسجدا لهَذَا الصَّنَم فَقَالَا: مَا كُنَّا نشْرك بِاللَّه شَيْئا فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر: ارْجع إِلَيْهَا فَقَالَت: لَا إِلَّا أَن تشربا الْخمر فشربا حَتَّى ثملا وَدخل عَلَيْهِمَا سَائل فقتلاه فَلَمَّا وَقعا فِيمَا وَقعا فِيهِ أفرج الله السَّمَاء لملائكته فَقَالُوا: سُبْحَانَكَ أَنْت أعلم فَأوحى الله إِلَى سُلَيْمَان بن دَاوُد أَن يخيرهما بَين عَذَاب الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا فكبلا من أكعبهما إِلَى أعناقهما بِمثل أَعْنَاق البخت وَجعلا بِبَابِل وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْذَرُوا الدُّنْيَا فَإِنَّهَا أَسحر من هاروت وماروت وَأخرج الْخَطِيب فِي رِوَايَة مَالك عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أخي عِيسَى: معاشر الحواريين احْذَرُوا الدُّنْيَا لَا تسحركم لهي وَالله أَشد سحرًا من هاروت وماروت وَاعْلَمُوا أَن الدُّنْيَا مُدبرَة وَالْآخِرَة مقبلة وَإِن لكل وَاحِدَة مِنْهُمَا بَنِينَ فكونوا من أَبنَاء الْآخِرَة دون بني الدُّنْيَا فاليوم عمل وَلَا حِسَاب وَغدا الْحساب وَلَا عمل وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عبد الله بن بسر الْمَازِني قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّقوا الدُّنْيَا فو الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَنَّهَا لأسحر من هاروت وماروت وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: لما وَقع النَّاس من بني آدم فِيمَا وَقَعُوا فِيهِ من الْمعاصِي وَالْكفْر بِاللَّه قَالَت الْمَلَائِكَة فِي السَّمَاء: أَي رب هَذَا الْعَالم إِنَّمَا خلقتهمْ لعبادتك وطاعتك وَقد ركبُوا الْكفْر وَقتل النَّفس الْحَرَام وَأكل المَال الْحَرَام

وَالسَّرِقَة وَالزِّنَا وَشرب الْخمر فَجعلُوا يدعونَ عَلَيْهِم وَلَا يعذرونهم فَقيل لَهُم: إِنَّهُم فِي غيب فَلم يعذروهم فَقيل لَهُم: اخْتَارُوا مِنْكُم ملكَيْنِ آمرهما بأَمْري وأنهاهما عَن معصيتي فَاخْتَارُوا هاروت وماروت فأهبطا إِلَى الأَرْض وَجعل بهما شهوات بني إِسْرَائِيل وأمرا أَن يعبدا الله وَلَا يشركا بِهِ شَيْئا ونهيا عَن قتل النَّفس الْحَرَام وَأكل المَال الْحَرَام وَالسَّرِقَة وَالزِّنَا وَشرب الْخمر فلبثا على ذَلِك فِي الأَرْض زَمَانا يحكمان بَين النَّاس بِالْحَقِّ وَذَلِكَ فِي زمَان إِدْرِيس وَفِي ذَلِك الزَّمَان امْرَأَة حسنها فِي سَائِر النَّاس كحسن الزهرة فِي سَائِر الْكَوَاكِب وَإِنَّهَا أَبَت عَلَيْهِمَا فخضعا لَهَا بالْقَوْل وأراداها على نَفسهَا وَإِنَّهَا أَبَت إِلَّا أَن يَكُونَا على أمرهَا ودينها وإنهما سألاها عَن دينهَا الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ فأخرجت لَهما صنماً فَقَالَت: هَذَا أعبده فَقَالَا: لَا حَاجَة لنا فِي عبَادَة هَذَا فذهبا فصبرا مَا شَاءَ الله ثمَّ أَتَيَا عَلَيْهَا فخضعا لَهَا مَا شَاءَ الله بالْقَوْل وأراداها على نَفسهَا فَقَالَت: لَا إِلَّا أَن تَكُونَا على مَا أَنا عَلَيْهِ فَقَالَا: لَا حَاجَة لنا فِي عبَادَة هَذَا فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُمَا قد أَبَيَا أَن يعبدا الصَّنَم قَالَت لَهما: اختارا إِحْدَى الْخلال الثَّلَاث إِمَّا أَن تعبدا الصَّنَم أَو تقتلا النَّفس أَو تشربا الْخمر فَقَالَا: كل هَذَا لَا يَنْبَغِي وأهون الثَّلَاثَة شرب الْخمر وسقتهما الْخمر حَتَّى إِذا أخذت الْخمْرَة فيهمَا وَقعا بهَا فَمر إِنْسَان وهما فِي ذَلِك فخشيا أَن يفشي عَلَيْهِمَا فقتلاه فَلَمَّا أَن ذهب عَنْهُمَا السكر عرفا مَا قد وَقعا فِيهِ من الْخَطِيئَة وأرادا أَن يصعدا إِلَى السَّمَاء فَلم يستطيعا وكشف الغطاء فِيمَا بَينهمَا وَبَين أهل السَّمَاء فَنَظَرت الْمَلَائِكَة إِلَى مَا قد وَقعا فِيهِ من الذُّنُوب وَعرفُوا أَنه من كَانَ فِي غيب فَهُوَ أقل خشيَة فَجعلُوا بعد ذَلِك يَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض فَلَمَّا وَقعا فِيمَا وَقعا فِيهِ من الْخَطِيئَة قيل لَهما: اختارا عَذَاب الدُّنْيَا أَو عَذَاب اللآخرة فَقَالَا: أما عَذَاب الدُّنْيَا فَيَنْقَطِع وَيذْهب وَأما عَذَاب الْآخِرَة فَلَا انْقِطَاع لَهُ فاختارا عَذَاب الْآخِرَة فَجعلَا بِبَابِل فهما يعذبان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن هاروت وماروت أهبطا إِلَى الأَرْض فَإِذا أتاهما الْآتِي يُرِيد السحر نهياه أَشد النَّهْي وَقَالا لَهُ: إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفر وَذَلِكَ أَنَّهُمَا علما الْخَيْر وَالشَّر وَالْكفْر والإِيمان فعرفا أَن السحر من الْكفْر فَإِذا أَبى عَلَيْهِمَا أمراه أَن يَأْتِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فَإِذا أَتَاهُ عاين الشَّيْطَان فَعلمه فَإِن تعلمه خرج مِنْهُ النُّور فَينْظر إِلَيْهِ ساطعاً فِي السَّمَاء

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَنا قَالَت: قدمت على امْرَأَة من أهل دومة الجندل تبتغي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مَوته حَدَاثَة ذَلِك تسأله عَن شَيْء دخلت فِيهِ من أَمر السحر وَلم تعْمل بِهِ قَالَت: كَانَ لي زوج غَابَ عني فَدخلت على عَجُوز فشكوت إِلَيْهَا فَقَالَت: إِن فعلت مَا آمُرك فأجعله يَأْتِيك فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل جَاءَتْنِي بكلبين أسودين فركبت أَحدهمَا وَركبت الآخر فَلم يكن كشيء حَتَّى وقفنا بِبَابِل فَإِذا أَنا برجلَيْن معلقين بِأَرْجُلِهِمَا فَقَالَا: مَا جَاءَ بك فَقلت: أتعلم السحر فَقَالَا: إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفري وارجعي فأبيت وَقلت: لَا قَالَا: فاذهبي إِلَى ذَلِك التَّنور فبولي بِهِ ثمَّ ائتي فَذَهَبت فاقشعر جلدي وَخفت ثمَّ رجعت إِلَيْهِمَا فَقلت: قد فعلت فَقَالَا: مَا رَأَيْت فَقلت: لم أر شَيْئا فَقَالَا: كذبت لم تفعلي ارجعي إِلَى بلادك وَلَا تكفري فَإنَّك على رَأس أَمرك فأبيت فَقَالَا اذهبي إِلَى ذَلِك التَّنور فبولي بِهِ وَذَهَبت فبلت فِيهِ فَرَأَيْت فَارِسًا مقنعا بحديد خرج مني حَتَّى ذهب فِي السَّمَاء وَغَابَ عني حَتَّى مَا أرَاهُ وجئتهما فَقلت: قد فعلت فَقَالَا: فَمَا رَأَيْت فَقلت: رَأَيْت فَارِسًا مقنعا خرج مني فَذهب فِي السَّمَاء حَتَّى مَا أرَاهُ قَالَا: صدقت ذَلِك إيمانك خرج مِنْك اذهبي فَقلت للْمَرْأَة: وَالله مَا أعلم شَيْئا وَلَا قَالَا لي شَيْئا فَقَالَت: لَا لم تريدي شَيْئا إِلَّا كَانَ خذي هَذَا الْقَمْح فابذري فبذرت وَقلت اطلعِي فاطلعت قلت احقلي فاحقلت ثمَّ قلت افركي فأفركت ثمَّ قلت ايبسي فأيبست ثمَّ قلت اطحني فأطحنت ثمَّ قلت اخبزي فأخبزت فَلَمَّا رَأَيْت أَنِّي لَا أُرِيد شَيْئا إِلَّا كَانَ سقط فِي يَدي وندمت وَالله يَا أم الْمُؤمنِينَ مَا فعلت شَيْئا وَلَا أَفعلهُ أبدا فَسَأَلت رَسُول أَصْحَاب الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم يَوْمئِذٍ متوافرون فَمَا دروا مَا يَقُولُونَ لَهَا وَكلهمْ خَافَ أَن يفتيها بِمَا لَا يُعلمهُ إِلَّا أَنه قد قَالَ لَهَا ابْن عَبَّاس أَو بعض من كَانَ عِنْده لَو كَانَ أَبَوَاك حيين أَو أَحدهمَا لكانا يكفيانك وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن هَارُون بن ربَاب قَالَ: دخلت على عبد الْملك بن مَرْوَان وَعِنْده رجل قد ثنيت لَهُ وسَادَة وَهُوَ متكىء عَلَيْهَا فَقَالُوا هَذَا قد لَقِي هاروت وماروت فَقلت: هَذَا قَالُوا: نعم فَقلت حَدثنَا رَحِمك الله فأنشلأ يحدث فَلم يَتَمَالَك من الدُّمُوع فَقَالَ: كنت غُلَاما حَدثا وَلم أدْرك أبي وَكَانَت

أُمِّي تُعْطِينِي من المَال حَاجَتي فأنفقه وأفسده وأبذره وَلَا تَسْأَلنِي أُمِّي عَنهُ فَلَمَّا طَال ذَلِك وَكَبرت أَحْبَبْت أَن أعلم من أَيْن لأمي هَذِه الْأَمْوَال فَقلت لَهَا يَوْمًا: من أَيْن لَك هَذِه الْأَمْوَال فَقَالَت: يَا بني كل وتنعم وَلَا تسْأَل فَهُوَ خير لَك فأححت عَلَيْهَا فَقَالَت: إِن أَبَاك كَانَ ساحراً فَلم أزل أسألها وألح فأدخلتني بَيْتا فِيهِ أَمْوَال كَثِيرَة فَقَالَت: يَا بني هَذَا كُله لَك فَكل وتنعم وَلَا تسْأَل عَنهُ فَقلت: لَا بُد من أَن أعلم من أَيْن هَذَا قَالَ: فَقَالَت: يَا بني كل وتنعم وَلَا تسْأَل فَهُوَ خير لَك قَالَ: فألححت عَلَيْهَا فَقَالَت: إِن أَبَاك كَانَ ساحراً وَجمع هَذِه الْأَمْوَال من السحر قَالَ: فَأكلت مَا أكلت وَمضى مَا مضى ثمَّ تفكرت قلت: يُوشك أَن يذهب هَذَا المَال ويفنى فَيَنْبَغِي أَن أتعلم السحر فأجمع كَمَا جمع أبي فَقلت لأمي: من كَانَ خَاصَّة أبي وَصديقه من أهل الأَرْض قَالَت: فلَان لرجل فِي مكانٍ مَا فتجهزت فَأَتَيْته فَسلمت عَلَيْهِ فَقَالَ: من الرجل قلت: فلَان بن فلَان صديقك قَالَ: نعم مرْحَبًا مَا جَاءَ بك فقد ترك أَبوك من المَال مَا لَا يحْتَاج إِلَى أحد قَالَ: فَقلت: جِئْت لأتعلم السحر قَالَ: يَا بني لَا تريده لَا خير فِيهِ قلت: لابد من أَن أتعلمه قَالَ: فناشدني وألح عَليّ أَن لَا أطلبه وَلَا أريده فَقلت: لَا بُد من أَن أتعلمه قَالَ: أما إِذا أَبيت فَاذْهَبْ فَإِذا كَانَ يَوْم كَذَا وَكَذَا فوافن هَهُنَا قَالَ: فَفعلت فوافيته قَالَ: فَأخذ يناشدني أَيْضا وينهاني وَيَقُول: لَا تُرِيدُ السحر لَا خير فِيهِ فأبيت عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآنِي قد أَبيت قَالَ: فَإِنِّي أدْخلك موضعا فإياك أَن تذكر الله فِيهِ قَالَ: فَأَدْخلنِي فِي سرب تَحت الأَرْض قَالَ: فَجعلت أَدخل ثلثمِائة وَكَذَا مرقاة وَلَا أنكر من ضوء النَّهَار شَيْئا قَالَ: فَلَمَّا بلغت أَسْفَله إِذا أَنا بهاروت وماروت معلقان بالسلاسل فِي الْهَوَاء قَالَ: فَإِذا أعينهما كالترسة ورؤوسهما ذكر شَيْئا لَا أحفظه وَلَهُمَا أَجْنِحَة فَلَمَّا نظرت إِلَيْهِمَا قلت: لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ: فضربا بأجنحتهما ضربا شَدِيدا وصاحا صياحاً شَدِيدا سَاعَة ثمَّ سكتا ثمَّ قلت: أَيْضا لَا إِلَه إِلَّا الله ففعلا مثل ذَلِك ثمَّ قلت الثَّالِثَة ففعلا مثل ذَلِك أَيْضا ثمَّ سكتا وَسكت فَنَظَرا إِلَيّ فَقَالَا لي: آدَمِيّ فَقلت: نعم قَالَ: قلت مَا بالكما حِين ذكرت الله فعلتما مَا فعلتما قَالَا: إِن ذَلِك اسْم لم نَسْمَعهُ من حِين خرجنَا من تَحت الْعَرْش

قَالَا: من أمة من قلت: من أمة مُحَمَّد قَالَا: أَو قد بعث قلت: نعم قَالَا: اجْتمع النَّاس على رجل وَاحِد أَو هم مُخْتَلفُونَ قلت: قد اجْتَمعُوا على رجل وَاحِد قَالَ: فساءهما ذَلِك فَقَالَا: كَيفَ ذَات بَينهم قلت سِّيىء فسرهما ذَلِك فَقَالَا: هَل بلغ الْبُنيان بحيرة الطبرية قلت: لَا فساءهما ذَلِك فسكتا فَقلت لَهما: مَا بالكما حِين أخبرتكما باجتماع النَّاس على رجل وَاحِد ساءكما ذَلِك فَقَالَا: إِن السَّاعَة لم تقرب مَا دَامَ النَّاس على رجل وَاحِد قلت: فَمَا بالكما سركما حِين أخبرتكما بِفساد ذَات الْبَين قَالَا: لأَنا رجونا اقتراب السَّاعَة قَالَ: قلت: فَمَا بالكما سَاءَ كَمَا أَن الْبُنيان لم يبلغ بحيرة الطبرية قَالَا: لِأَن السَّاعَة لَا تقوم أبدا حَتَّى يبلغ الْبُنيان بحيرة الطبرية قَالَ: قلت لَهما: أوصياني قَالَا: إِن قدرت أَن لَا تنام فافعل فَإِن الْأَمر جد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: وَأما شَأْن هاروت وماروت فَإِن الْمَلَائِكَة عجبت من ظلم بني آدم وَقد جَاءَتْهُم الرُّسُل والبينات فَقَالَ لَهُم رَبهم: اخْتَارُوا مِنْكُم ملكَيْنِ أنزلهما فِي الأَرْض بَين بني آدم فَاخْتَارُوا فَلم يألوا بهاروت وماروت فَقَالَ لَهما حِين أنزلهما: أعجبتما من بني آدم وَمن ظلمهم ومعصيتهم وَإِنَّمَا تأتيهم الرُّسُل والكتب من وَرَاء وَرَاء وأنتما لَيْسَ بيني وبينكما رَسُول فافعلا كَذَا وَكَذَا ودعا كَذَا وَكَذَا فَأَمرهمَا بِأَمْر ونهاهما ثمَّ نزلا على ذَلِك لَيْسَ أحد لله أطوع مِنْهُمَا فحكما فعدلا فَكَانَا يحكمان النَّهَار بَين بني آدم فَإِذا أمسيا عرجا وَكَانَا مَعَ الْمَلَائِكَة وينزلان حِين يصبحان فيحكمان فيعدلان حَتَّى أنزلت عَلَيْهِمَا الزهرة فِي أحسن صُورَة امْرَأَة تخاصم فقضيا عَلَيْهَا فَلَمَّا قَامَت وجد كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي نَفسه فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: وجدت مثل مَا وجدت قَالَ: نعم فبعثا إِلَيْهَا أَن ائتينا نقض لَك فَلَمَّا رجعت قضيا لهاوقالا لَهَا: ائتينا فاتتهما فكشفا لَهَا عَن عورتها وَإِنَّمَا كَانَت شهوتهما فِي أَنفسهمَا وَلم يَكُونَا كبني آدم فِي شَهْوَة النِّسَاء ولذتها فَلَمَّا بلغا ذَلِك واستحلاه وافتتنا طارت الزهرة فَرَجَعت حَيْثُ كَانَت فَلَمَّا أمسيا عرجا فزجرا فَلم يُؤذن لَهما وَلم تحملهما أجنحتهما فاستغاثا بِرَجُل من بني آدم فَأتيَاهُ فَقَالَا: ادْع لنا رَبك فَقَالَ: كَيفَ يشفع أهل الأَرْض لأهل السَّمَاء قَالَا:: سمعنَا رَبك يذكرك بِخَير فِي السَّمَاء فوعدهما يَوْمًا وَعدا

يَدْعُو لَهما فَدَعَا لَهما فاستجيب لَهُ فخيرا بَين عَذَاب الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة فَنظر أَحدهمَا إِلَى صَاحبه فَقَالَا: نعلم أَن أَفْوَاج عَذَاب الله فِي االآخرة كَذَا وَكَذَا فِي الْخلد [] نعم وَمَعَ الدُّنْيَا سبع مَرَّات مثلهَا فأمرا أَن ينزلا بِبَابِل فثم عذابهما وَزعم أَنَّهُمَا معلقان فِي الْحَدِيد مطويان يصطفقان بأجنحتهما وَأخرج الزبير بن البكار فِي الموفقيات وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن عَليّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن المسوخ فَقَالَ: هم ثَلَاثَة عشر الْفِيل والدب وَالْخِنْزِير والقرد والجريث والضب والوطواط وَالْعَقْرَب والدعموص وَالْعَنْكَبُوت والأرنب وَسُهيْل والزهرة فَقيل: يَا رَسُول الله وَمَا سَبَب مسخهن فَقَالَ: أما الْفِيل فَكَانَ رجلا جباراً لوطياً لَا يدع رطبا وَلَا يَابسا وَأما الدب فَكَانَ مؤنثاً يَدْعُو النَّاس إِلَى نَفسه وَأما الْخِنْزِير فَكَانَ من النَّصَارَى الَّذين سَأَلُوا الْمَائِدَة فَلَمَّا نزلت كفرُوا وَأما القردة فيهود اعتدوا فِي السبت وَأما الجريث فَكَانَ ديوثا الرِّجَال إِلَى حليلته وَأما الضَّب فَكَانَ إعرابياً يسرق الْحَاج بِمِحْجَنِهِ وَأما الوطواط فَكَانَ رجلا يسرق الثِّمَار من رُؤُوس النّخل وَأما الْعَقْرَب فَكَانَ رجلا لَا يسلم أحد من لِسَانه وَأما الدعموص فَكَانَ نماماً يفرق بَين الْأَحِبَّة وَأما العنكبوت فامرأة سحرت زَوجهَا وَأما الأرنب فامرأة كَانَت لَا تطهر من حيض وَأما سُهَيْل فَكَانَ عشاراً بِالْيمن وَأما الزهرة فَكَانَت بِنْتا لبَعض مُلُوك بني إِسْرَائِيل افْتتن بهَا هاروت وماروت وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد ضَعِيف عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حِين غير حِينه الَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ فِيهِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا جِبْرِيل مَالِي أَرَاك متغير اللَّوْن فَقَالَ: مَا جئْتُك حَتَّى أَمر الله بمفاتيح النَّار فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا جِبْرِيل صف لي النَّار وانعت لي جَهَنَّم فَقَالَ جِبْرِيل: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى أَمر بجهنم فَأوقد عَلَيْهَا ألف عَام حَتَّى ابْيَضَّتْ ثمَّ أَمر فَأوقد عَلَيْهَا ألف عَام حَتَّى احْمَرَّتْ ثمَّ أَمر فَأوقد عَلَيْهَا ألف عَام حَتَّى اسودت فَهِيَ سَوْدَاء مظْلمَة لَا يضيء شررها وَلَا يطفأ لهبها وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَو أَن ثقب ابرة فتح من جَهَنَّم لمات من فِي الأَرْض كلهم جَمِيعًا من حره وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَو أَن ثوبا من ثِيَاب الْكفَّار علق بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لمات من فِي الأَرْض جَمِيعًا من حره وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَو أَن خَازِنًا من خَزَنَة جَهَنَّم برز إِلَى أهل الدُّنْيَا فنظروا إِلَيْهِ

لمات من فِي الأَرْض كلهم من قبح وَجهه وَمن نَتن رِيحه وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَو أَن حَلقَة من حلق سلسلة أهل النَّار الَّتِي نعت الله فِي كِتَابه وضعت على جبال الدُّنْيَا لارفضت وَمَا تقارت حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى الأَرْض السُّفْلى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حسبي يَا جِبْرِيل فَنظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل وَهُوَ يبكي فال: تبْكي يَا جِبْرِيل وَأَنت من الله بِالْمَكَانِ الَّذِي أَنْت فِيهِ فَقَالَ: وَمَا لي لَا أبْكِي أَنا أَحَق بالبكاء لعَلي أكون فِي علم الله على غير الْحَال الَّتِي أَنا عَلَيْهَا وَمَا أَدْرِي لعَلي ابْتُلِيَ بِمَا ابْتُلِيَ بِهِ إِبْلِيس فقد كَانَ من الْمَلَائِكَة وَمَا أَدْرِي لعَلي ابْتُلِيَ بِمَا ابْتُلِيَ بِهِ هاروت وماروت فَبكى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبكى جِبْرِيل فَمَا زَالا يَبْكِيَانِ حَتَّى نوديا: أَن يَا جِبْرِيل وَيَا مُحَمَّد ان الله قد أمنكما أَن تعصياه وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَمَا يعلمَانِ من أحد حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحن فتْنَة} أخرج ابْن جرير عَن الْحُسَيْن وَقَتَادَة قَالَا: كَانَا يعلمَانِ السحر فَأخذ عَلَيْهِمَا أَن لَا يعلمَا أحد حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفر وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّمَا نَحن فتْنَة} قَالَ: بلَاء وَأما قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تكفر} أخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: من أَتَى كَاهِنًا أَو ساحراً فَصدقهُ بِمَا يَقُول فقد كفر بِمَا أنزل على مُحَمَّد وَأخرج الْبَزَّار عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ منا من تطير أَو تطير لَهُ أَو تكهن أَو تكهن لَهُ أَو سحر أَو سحر لَهُ وَمن عقد عقدَة وَمن أَتَى كَاهِنًا فَصدقهُ بِمَا يَقُول فقد كفر بِمَا أنزل على مُحَمَّد وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تعلم شَيْئا من السحر قَلِيلا أَو كثيرا كَانَ آخر عَهده من الله وَأما قَوْله تَعَالَى: {فيتعلمون مِنْهُمَا} الْآيَة أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فيتعلمون مِنْهُمَا مَا يفرقون بِهِ بَين الْمَرْء وزوجه} قَالَ: يؤخرون أَحدهمَا عَن صَاحبه ويبغضون أَحدهمَا إِلَى صَاحبه وَأخرج ابْن جرير عَن سُفْيَان فِي قَوْله {إِلَّا بِإِذن الله} قَالَ: بِقَضَاء الله وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَقَد علمُوا} قَالَ: لقد علم أهل

الْكتاب فِيمَا يقرؤون من كتاب الله وَفِيمَا عهد لَهُم أَن السَّاحر لَا خلاق لَهُ عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج مُسلم عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الشَّيْطَان يضع عَرْشه على المَاء ثمَّ يبْعَث سراياه فِي النَّاس فأقربهم عِنْده منزلَة أعظمهم عِنْده فتْنَة فَيَقُول: مَا زلت بفلان حَتَّى تركته وَهُوَ يَقُول كَذَا وَكَذَا فَيَقُول إِبْلِيس: لَا وَالله مَا صنعت شَيْئا وَيَجِيء أحدهم فَيَقُول مَا تركته حَتَّى فرقت بَينه وَبَين أَهله فيقربه ويدنيه ويلتزمه وَيَقُول: نعم أَنْت وَأخرج أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي الأغاني عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: قَالَ الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب لذريح أبي قيس: أحل لَك أَن فرقت بَين نَفسِي وبيني وَأما سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: مَا أُبَالِي أفرقت بَين الرجل وَامْرَأَته أَو مشيت إِلَيْهِمَا بِالسَّيْفِ وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي رهم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أفضل الشَّفَاعَة أَن يشفع بَين اثْنَيْنِ فِي النِّكَاح وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} قَالَ: قوام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} قَالَ: من نصيب وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل {مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} قَالَ: من نصيب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَهُوَ يَقُول: يدعونَ بِالْوَيْلِ فِيهَا لَا خلاق لَهُم إِلَّا سرابيل من قطر وأغلال وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} قَالَ: من نصيب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْحسن {مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} قَالَ: لَيْسَ لَهُ دين وَأما قَوْله تَعَالَى: {ولبئس مَا شروا} الْآيَة أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {ولبئس مَا شروا} قَالَ: باعوا

103

قَوْله تَعَالَى: وَلَو أَنهم آمنُوا وَاتَّقوا لمثوبة من عِنْد الله خير لَو كَانُوا يعلمُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن لَو فَإِنَّهُ لَا يكون أبدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لمثوبة} قَالَ: ثَوَاب

104

قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَقولُوا رَاعنا وَقُولُوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عَذَاب أَلِيم أخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَأَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور فِي سنَنه وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: اعهد إِلَيّ فَقَالَ: إِذا سَمِعت الله يَقُول {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} فأوعها سَمعك فَإِنَّهُ خير يَأْمر بِهِ أَو شَرّ ينْهَى عَنهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد ين حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن خَيْثَمَة قَالَ: مَا تقرؤون فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} فَإِنَّهُ فِي التَّوْرَاة يَا أَيهَا الْمَسَاكِين وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن خَيْثَمَة قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} فَهُوَ فِي التَّوْرَاة والإِنجيل يَا أَيهَا الْمَسَاكِين وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {رَاعنا} بِلِسَان الْيَهُود السب الْقَبِيح فَكَانَ الْيَهُود يَقُولُونَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سرا فَلَمَّا سمعُوا أَصْحَابه يَقُولُونَ أعْلنُوا بهَا فَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِك وَيضْحَكُونَ فِيمَا بَينهم فَأنْزل الله الْآيَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {لَا تَقولُوا رَاعنا} وَذَلِكَ أَنَّهَا سبة بلغَة الْيَهُود فَقَالَ تَعَالَى {وَقُولُوا انظرنا} يُرِيد اسمعنا فَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ بعْدهَا: من سمعتموه يَقُولهَا فاضربوا عُنُقه فانتهت الْيَهُود بعد ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تَقولُوا رَاعنا} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارعنا سَمعك وَإِنَّمَا رَاعنا كَقَوْلِك اعطنا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ قَالَ: كَانَ رجلَانِ من الْيَهُود مَالك بن الصَّيف وَرِفَاعَة بن زيد إِذا لقيا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَا لَهُ وهما يكلمانه: رَاعنا سَمعك واسمع غير مسمع فَظن الْمُسلمُونَ أَن هَذَا شَيْء كَانَ أهل الْكتاب يعظمون بِهِ أنبياءهم فَقَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَقولُوا رَاعنا} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أدبر ناداه من كَانَت لَهُ حَاجَة من الْمُؤمنِينَ فَقَالُوا: ارعنا سَمعك فاعظم الله رَسُوله أَن يُقَال لَهُ ذَلِك وَأمرهمْ أَن يَقُولُوا انظرنا ليعززوا رَسُوله ويوقروه وَأخرج عبد ين حميد وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَا تَقولُوا رَاعنا} قَالَ: قولا كَانَت الْيَهُود تَقوله استهزاء فكرهه الله للْمُؤْمِنين أَن يَقُولُوا كَقَوْلِهِم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَا تَقولُوا رَاعنا} قَالَ: كَانَ أنَاس من الْيَهُود يَقُولُونَ: رَاعنا سَمعك حَتَّى قَالَهَا أنَاس من الْمُسلمين فكره الله لَهُم مَا قَالَت الْيَهُود وَأخرج ابْن جرير وَابْن إِسْحَاق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تَقولُوا رَاعنا} أَي ارعنا سَمعك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ماهد فِي قَوْله {لَا تَقولُوا رَاعنا} قَالَ: خلافًا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا تَقولُوا رَاعنا} لَا تَقولُوا اسْمَع منا ونسمع مِنْك {وَقُولُوا انظرنا} أفهمنا بَين لنا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: أَن مُشْركي الْعَرَب كَانُوا إِذا حدث بَعضهم بَعْضًا يَقُول أحدهم لصَاحبه: ارعني سَمعك فنهوا عَن ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير والنحاس فِي ناسخه عَن عَطاء فِي قَوْله {لَا تَقولُوا رَاعنا} قَالَ: كَانَت لُغَة فِي الْأَنْصَار فِي الْجَاهِلِيَّة ونهاهم الله أَن يقولوها وَقَالَ {وَقُولُوا انظرنا واسمعوا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه قَرَأَ: رَاعنا وَقَالَ: الراعن من يَقُول السخري مِنْهُ

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {واسمعوا} قَالَ: اسمعوا مَا يُقَال لكم وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أنزل الله آيَة فِيهَا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} إِلَّا وعليّ رَأسهَا وأميرها قَالَ أَبُو نعيم: لم نَكْتُبهُ مَرْفُوعا إِلَّا من حَدِيث ابْن أبي خَيْثَمَة وَالنَّاس رَأَوْهُ مَوْقُوفا

105

قَوْله تَعَالَى: مَا يود الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَلَا الْمُشْركين أَن ينزل عَلَيْكُم من خير من ربكُم وَالله يخْتَص برحمته من يَشَاء وَالله ذُو الْفضل الْعَظِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَالله يخْتَص برحمته من يَشَاء} قَالَ: الْقُرْآن وَالسَّلَام

106

قَوْله تَعَالَى: مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا ألم تعلم أَن الله على كل شَيْء قدير ألم تعلم أَن الله لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا لكم من دون الله من ولي وَلَا نصير أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ مِمَّا ينزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي بِاللَّيْلِ وينساه بِالنَّهَارِ فَأنْزل الله {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَرَأَ رجلَانِ من الْأَنْصَار سُورَة أقرأها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَا يقرآن بهَا فقاما يقرآن ذَات لَيْلَة يصليان فَلم يقدرا مِنْهَا على حرف فأصبحا غاديين على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّهَا مِمَّا نسخ أَو نسي فالهوا عَنهُ فَكَانَ الزُّهْرِيّ يقْرؤهَا {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها} بِضَم النُّون خَفِيفَة وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ عمر: اقرؤنا أبي واقضانا عَليّ وَإِنَّا لندع شَيْئا

من قِرَاءَة أبي وَذَلِكَ أَن أَبَيَا يَقُول: لَا أدع شَيْئا سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد قَالَ الله (مَا ننسخ من آيَة أَو ننساها) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن فِي الْمَصَاحِف وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعد بن أبي وَقاص أَنه قَرَأَ (مَا ننسخ من آيَة أَو ننساها) فَقيل لَهُ: إِن سعيد بن الْمسيب يقْرَأ {ننسها} قَالَ سعد: إِن الْقُرْآن لم ينزل على الْمسيب وَلَا آل الْمسيب قَالَ الله (سنقرئك فَلَا تنسى) (الْأَعْلَى الْآيَة 6) (وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت) (الْكَهْف الْآيَة 24) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله (مَا ننسخ من آيَة أَو ننساها) يَقُول: مَا نبدا من آيَة أَو نتركها لَا نبدلها {نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا} يَقُول: خير لكم فِي الْمَنْفَعَة وأرفق بكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خَطَبنَا عمر فَقَالَ: يَقُول الله تَعَالَى (ماننسخ من آيَة أَو ننساها) أَي نؤخرها وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ (أَو ننساها) وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن مُجَاهِد قَالَ فِي قِرَاءَة أبي ((ماننسخ من آيَة أَو ننسك)) وَأخرج آدم بن إِيَاس ولأبو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد عَن أَصْحَاب ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {مَا ننسخ من آيَة} قَالَ: نثبت خطها ونبدل حكمهَا (أَو ننساها) قَالَ: نؤخرها عندنَا وَأخرج آدم وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ فِي قَوْله {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها} يَقُول: أَو نتركها نرفعها من عِنْدهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود ((مَا ننسك من آيَة أَو ننسخها)) وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت الْآيَة تنسخ الْآيَة وَكَانَ نَبِي الله يقْرَأ الْآيَة وَالسورَة وَمَا شَاءَ الله من السُّورَة ثمَّ ترفع فينسيها الله نبيه فَقَالَ الله يقص على نبيه {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا} يَقُول: فِيهَا تَخْفيف فِيهَا رخصَة فِيهَا أَمر فِيهَا نهي

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا ألم تعلم أَن الله على كل شَيْء قدير} ثمَّ قَالَ (وَإِذا بدلنا آيَة مَكَان آيَة) (النَّحْل الْآيَة 101) وَقَالَ (يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت) (الرَّعْد الْآيَة 39) وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: يَقُولُونَ (ماننسخ من آيَة أَو ننساها) كَانَ الله أنزل أموراً من الْقُرْآن ثمَّ رَفعهَا فَقَالَ {نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا} وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {أَو ننسها} قَالَ: إِن نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقرىء قُرْآنًا ثمَّ أنسيه فَلم يكن شَيْئا وَمن الْقُرْآن مَا قد نسخ وَأَنْتُم تَقْرَءُونَهُ وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي فضائله عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف إِن رجلا كَانَت مَعَه سُورَة فَقَامَ من اللَّيْل فَقَامَ بهَا فَلم يقدر عَلَيْهَا وَقَامَ آخر بهَا فَلم يقدر عَلَيْهَا وَقَامَ آخر بهَا فَلم يقدر عَلَيْهَا فَأَصْبحُوا فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاجْتمعُوا عِنْده فأخبروه فَقَالَ: إِنَّهَا نسخت البارحة وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من وَجه آخر عَن أبي أُمَامَة أَن رهطاً من الْأَنْصَار من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرُوهُ أَن رجلا قَامَ من جَوف اللَّيْل يُرِيد أَن يفْتَتح سُورَة كَانَ قد وعاها فَلم يقدر مِنْهَا على شَيْء إِلَّا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَوَقع ذَلِك لناس من أَصْحَابه فَأَصْبحُوا فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السُّورَة فَسكت سَاعَة لم يرجع إِلَيْهِم شَيْئا ثمَّ قَالَ: نسخت البارحة فنسخت من صُدُورهمْ وَمن كل شَيْء كَانَت فِيهِ وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس قَالَ: أنزل الله فِي الَّذين قتلوا ببئر مَعُونَة قُرْآنًا قرأناه حَتَّى نسخ بعد أَن بلغُوا قَومنَا أَنا قد لَقينَا رَبنَا فَرضِي عَنَّا وأرضانا وَأخرج مُسلم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: كُنَّا نَقْرَأ سُورَة نشبهها فِي الطول والشدة بِبَرَاءَة فأنسيتها غير أَنِّي

حفظت مِنْهَا: لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان من مَال لابتغى وَاديا ثَالِثا وَلَا يمْلَأ جَوْفه إِلَّا التُّرَاب وَكُنَّا نَقْرَأ سُورَة نشبهها بِإِحْدَى المسبحات أَولهَا سبح لله مَا فِي السَّمَوَات فأنسيناها غير أَنِّي حفظت مِنْهَا: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ فتكتب شَهَادَة فِي أَعْنَاقكُم فتسألون عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الضريس عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: نزلت سُورَة شَدِيدَة نَحْو بَرَاءَة فِي الشدَّة ثمَّ رفعت وحفظت مِنْهَا: إِن الله سيؤيد الدّين بِأَقْوَام لَا خلاق لَهُم وَأخرج ابْن الضريس: ليؤيدن الله هَذَا الدّين بِرِجَال مَا لَهُم فِي الْآخِرَة من خلاق وَلَو أَن لِابْنِ آدم واديين من مَال لتمنى وَاديا ثَالِثا وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب إِلَّا من تَابَ فيتوب الله عَلَيْهِ وَالله غَفُور رَحِيم وَأخرج أَبُو عبيد وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أوحى إِلَيْهِ أتيناه فَعلمنَا مَا أُوحِي إِلَيْهِ قَالَ: فَجِئْته ذَات يَوْم فَقَالَ إِن الله يَقُول: إِنَّا أنزلنَا المَال لإِقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة وَلَو أَن لِابْنِ آدم وَاديا لأحب أَن يكون إِلَيْهِ الثَّانِي وَلَو كَانَ لَهُ الثَّانِي لأحب أَن يكون إِلَيْهِمَا ثالثهما وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَأحمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن أَرقم قَالَ: كُنَّا نَقْرَأ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان من ذهب وَفِضة لابتغى الثَّالِث وَلَا يمْلَأ بطن ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ وَأخرج أَبُو عبيد وَأحمد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كُنَّا نَقْرَأ: لَو أَن لِابْنِ آدم ملْء وَاد مَالا لأحب إِلَيْهِ مثله وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ وَأخرج أَبُو عبيد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَو أَن لِابْنِ آدم ملْء وَاد مَالا لأحب أَن لَهُ إِلَيْهِ مثله وَلَا يمْلَأ عين ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ قَالَ ابْن عَبَّاس: فَلَا أَدْرِي أَمن الْقُرْآن هُوَ أم لَا وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الضريس عَن بُرَيْدَة سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الصَّلَاة: لَو

أَن لِابْنِ آدم وَاديا من ذهب لابتغى إِلَيْهِ ثَانِيًا وَلَو أعطي ثَانِيًا لابتغى ثَالِثا لَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن أُبيّ ذَر قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب: ابْن آدم لَو أعطي وَاديا من مَال لابتغى ثَانِيًا ولالتمس ثَالِثا وَلَو أعطي واديين من مَال لالتمس ثَالِثا وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كُنَّا نَقْرَأ: لَا ترغبوا عَن آبائكم فَإِنَّهُ كفر بكم وَإِن كفر بكم أَن ترغيوا عَن آبائكم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَابْن حبَان عَن عمر بن الْخطاب قَالَ إِن الله بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ وَأنزل مَعَه الْكتاب فَكَانَ فِيمَا أنزل عَلَيْهِ آيَة الرَّجْم فرجم ورجمنا بعده ثمَّ قَالَ: قد كُنَّا نَقْرَأ: وَلَا ترغبوا عَن آبائكم فَإِنَّهُ كفر بكم أَن ترغبوا عَن آبائكم وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأَبُو عبيد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: كُنَّا نَقْرَأ فِيمَا نَقْرَأ: لَا ترغبوا عَن آبائكم فَإِنَّهُ كفر بكم ثمَّ قَالَ لزيد بن ثَابت: أَكَذَلِك يَا زيد قَالَ: نعم وَأخرج ابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد من طَرِيق عدي بن عدي بن عُمَيْر بن قزوة عَن أَبِيه عَن جده عُمَيْر بن قزوة أَن عمر بن الْخطاب قَالَ لأبي: أوليس كُنَّا نَقْرَأ فِيمَا نَقْرَأ من كتاب الله: إِن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم فَقَالَ: بلَى ثمَّ قَالَ: أوليس كُنَّا نَقْرَأ: الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر فِيمَا فَقدنَا من كتاب الله فَقَالَ أبي: بلَى وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الضريس وَابْن الْأَنْبَارِي عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ: قَالَ عمر لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف: ألم تَجِد فِيمَا أنزل علينا: أَن جاهدوا كَمَا جاهدتم أول مرّة فَإنَّا لَا نجدها قَالَ: أسقطت من الْقُرْآن وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الضريس وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عمر قَالَ: لَا يَقُولَن أحدكُم قد أخذت الْقُرْآن كُله مَا يدريه مَا كُله قد ذهب مِنْهُ قُرْآن كثير وَلَكِن ليقل: قد أخذت مَا ظهر مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْأَنْبَارِي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي قَالَ: الْقِرَاءَة الَّتِي عرضت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعَام الَّذِي قبض فِيهِ هَذِه الْقِرَاءَة الَّتِي يقْرؤهَا النَّاس الَّتِي جمع عُثْمَان النَّاس عَلَيْهَا

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي وَابْن اشتة فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ جِبْرِيل يُعَارض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل سنة فِي شهر رَمَضَان فَلَمَّا كَانَ الْعَام الَّذِي قبض فِيهِ عَارضه مرَّتَيْنِ فيرون أَن تكون قراءتنا هَذِه على العرضة الْأَخِيرَة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن أُبيّ ظبْيَان قَالَ: قَالَ لنا ابْن عَبَّاس: أَي الْقِرَاءَتَيْن تَعدونَ أول قُلْنَا: قِرَاءَة عبد الله وقراءتنا هِيَ الْأَخِيرَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعرض عَلَيْهِ جِبْرِيل الْقُرْآن كل سنة مرّة فِي شهر رَمَضَان وَأَنه عرضه عَلَيْهِ فِي آخر سنة مرَّتَيْنِ فَشهد مِنْهُ عبد الله مَا نسخ وَمَا بدل وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ لنا ابْن عَبَّاس: أَي الْقِرَاءَتَيْن تَعدونَ أول قُلْنَا: قِرَاءَة عبد الله وقراءتنا هِيَ الْأَخِيرَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعرض عَلَيْهِ جِبْرِيل الْقُرْآن كل سنة مرّة فِي شهر رَمَضَان وَأَنه عرضه عَلَيْهِ فِي آخر سنة مرَّتَيْنِ فقراءة عبد الله آخِرهنَّ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ جِبْرِيل يُعَارض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقُرْآنِ فِي كل سنة مرّة وَأَنه عَارضه بِالْقُرْآنِ فِي آخر سنة مرَّتَيْنِ فَأَخَذته من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك الْعَام وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَو أعلم أحدا أحدث بالعرضة الْأَخِيرَة مني لرحلت إِلَيْهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَمُرَة قَالَ: عرض الْقُرْآن على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث عرضات فَيَقُولُونَ: إِن قراءتنا هَذِه هِيَ العرضة الْأَخِيرَة وَأخرج أَبُو جَعْفَر النّحاس فِي ناسخه عَن أبي البخْترِي قَالَ: دخل عَليّ بن أبي طَالب الْمَسْجِد فَإِذا رجل يخوّف فَقَالَ: مَا هَذَا فَقَالُوا: رجل يذكر النَّاس فَقَالَ: لَيْسَ بِرَجُل يذكر النَّاس وَلكنه يَقُول أَنا فلَان بن فلَان فاعرفوني فَأرْسل إِلَيْهِ فَقَالَ: أتعرف النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ فَقَالَ: لَا قَالَ: فَاخْرُج من مَسْجِدنَا وَلَا تذكر فِيهِ وَأخرج أَبُو دَاوُد والنحاس كِلَاهُمَا فِي النَّاسِخ والمنسوخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: مر عَليّ بن أبي طَالب بِرَجُل يقص فَقَالَ: أعرفت النَّاسِخ والمنسوخ قَالَ: لَا قَالَ: هَلَكت وأهلكت

وَأخرج النّحاس وَالطَّبَرَانِيّ عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم قَالَ: مر ابْن عَبَّاس بقاص يقص فركله بِرجلِهِ وَقَالَ: أَتَدْرِي النَّاسِخ والمنسوخ قَالَ: لَا قَالَ: هَلَكت وأهلكت وَأخرج الدَّارمِيّ فِي مُسْنده والنحاس عَن حُذَيْفَة قَالَ: إِنَّمَا يُفْتِي النَّاس أحد ثَلَاثَة رجل يعلم نَاسخ الْقُرْآن من منسوخه وَذَلِكَ عمر وَرجل قَاض لايجد من الْقَضَاء بدا وَرجل أَحمَق متكلف فلست بِالرجلَيْنِ الماضيين فأكره أَن أكون الثَّالِث

108

قَوْله تَعَالَى: أم تُرِيدُونَ أَن تسألوا كَمَا سُئِلَ مُوسَى من قبل وَمن يتبدل الْكفْر بِالْإِيمَان فقد ضل سَوَاء السَّبِيل ودّ كثير من أهل الْكتاب لَو يردونكم من بعد إيمَانكُمْ كفَّارًا حسداً من عِنْد أنفسهم من بعد مَا تبين لَهُم الْحق فاعفوا واصفحوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره أَن الله على كل شَيْء قدير وَأقِيمُوا الصلوة وَآتوا الزَّكَاة وَمَا تقدمُوا لأنفسكم من خير تَجِدُوهُ عِنْد الله أَن الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَافع بن حُرَيْمِلَة ووهب بن زيد لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا مُحَمَّد ائتنا بِكِتَاب تنزله علينا من السَّمَاء نقرؤه أَو فجر لنا أَنهَارًا نتبعك ونصدقك فَأنْزل الله فِي ذَلِك {أم تُرِيدُونَ أَن تسألوا رَسُولكُم} إِلَى قَوْله {سَوَاء السَّبِيل} وَكَانَ حييّ بن أَخطب وَأَبُو يَاسر بن أَخطب من أَشد الْيَهُود حسداً للْعَرَب إِذْ خصهم الله بِرَسُولِهِ وَكَانَا جاهدين فِي رد النَّاس عَن الإِسلام مَا استطاعا فَأنْزل الله فيهمَا {ودّ كثير من أهل الْكتاب} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله لَو كَانَت كفاراتنا ككفارات بني إِسْرَائِيل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أعطيتم خير كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا أصَاب أحدهم الْخَطِيئَة وجدهَا مَكْتُوبَة على بَابه وكفارتها فَإِن كفرها كَانَت لَهُ خزياً فِي الدُّنْيَا وَإِن لم يكفرهَا كَانَت لَهُ خزياً فِي الْآخِرَة وَقد أَعْطَاكُم الله خيرا من ذَلِك قَالَ (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه) (النِّسَاء الْآيَة 110) الْآيَة والصلوات الْخمس وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة كَفَّارَات لما بَينهُنَّ فَأنْزل الله {أم تُرِيدُونَ أَن تسألوا رَسُولكُم} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: سَأَلت الْعَرَب مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَأْتِيهم بِاللَّه فيروه جهرة فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ سَالَتْ قُرَيْش مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَجْعَل لَهُم الصَّفَا ذَهَبا فَقَالَ: نعم وَهُوَ كالمائدة لبني إِسْرَائِيل إِن كَفرْتُمْ فَأَبَوا وَرَجَعُوا فَأنْزل الله {أم تُرِيدُونَ أَن تسألوا رَسُولكُم كَمَا سُئِلَ مُوسَى من قبل} أَن يُرِيهم الله جهرة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَمن يتبدل الْكفْر بالإِيمان} يَقُول: يتبدل الشدَّة بالرخاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فقد ضل سَوَاء السَّبِيل} قَالَ: عدل عَن السَّبِيل وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن كَعْب بن مَالك قَالَ كَانَ الْمُشْركُونَ وَالْيَهُود من أهل الْمَدِينَة حِين قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُؤْذونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه أَشد الْأَذَى فَأمر الله رَسُوله وَالْمُسْلِمين بِالصبرِ على ذَلِك وَالْعَفو عَنْهُم ففيهم أنزل الله (ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا) (آل عمرَان الْآيَة 186) الْآيَة وَفِيهِمْ أنزل الله {ودّ كثير من أهل الْكتاب لَو يردونكم من بعد إيمَانكُمْ كفَّارًا حسداً} الْآيَة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه يعفون عَن الْمُشْركين وَأهل الْكتاب كَمَا أَمرهم الله ويصبرون على الْأَذَى قَالَ الله (ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا) (آل عمرَان الْآيَة 186) وَقَالَ {ودّ كثير من أهل الْكتاب لَو يردونكم من بعد إيمَانكُمْ كفَّارًا حسداً من عِنْد أنفسهم من بعد مَا تبين لَهُم الْحق فاعفوا واصفحوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره} وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتأوّل فِي الْعَفو مَا أمره الله بِهِ حَتَّى أذن الله فيهم بقتل فَقتل الله بِهِ من قتل من صَنَادِيد قُرَيْش وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ وَقَتَادَة فِي قَوْله {ودّ كثير من أهل الْكتاب} قَالَا: كَعْب بن الْأَشْرَف

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {حسداً من عِنْد أنفسهم} قَالَ: من قبل أنفسهم {من بعد مَا تبين لَهُم الْحق} يَقُول: يتَبَيَّن لَهُم أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {من بعد مَا تبين لَهُم الْحق} قَالَ: من بعد مَا تبين لَهُم أَن مُحَمَّد رَسُول الله يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل نَعته وَأمره ونبوته وَمن بعد مَا تبين لَهُم أَن الإِسلام دين الله الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فاعفوا واصفحوا} قَالَ: أَمر الله نبيه أَن يعْفُو عَنْهُم ويصفح حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره فَأنْزل الله فِي بَرَاءَة وَأمره فَقَالَ (قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه) (التَّوْبَة الْآيَة 29) الْآيَة فنسختها هَذِه الْآيَة وَأمره الله فِيهَا بِقِتَال أهل الْكتاب حَتَّى يسلمُوا أَو يقرُّوا بالجزية وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فاعفوا واصفحوا} وَقَوله {وَأعْرض عَن الْمُشْركين} الْأَنْعَام الْآيَة 106 وَنَحْو هَذَا فِي الْعَفو عَن الْمُشْركين قَالَ: نسخ ذَلِك كُله بقوله (قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه) (التَّوْبَة الْآيَة 29) وَقَوله (اقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة 5) وَأخرج ابْن جرير والنحاس فِي تَارِيخه عَن السّديّ فِي قَوْله {فاعفوا واصفحوا} قَالَ: هِيَ منسوخه نسختها (قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر) (التَّوْبَة الْآيَة 29) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَمَا تقدمُوا لأنفسكم من خير} يَعْنِي من الْأَعْمَال من الْخَيْر فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {تَجِدُوهُ عِنْد الله} قَالَ: تَجدوا ثَوَابه

111

قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ هود أَو نَصَارَى تِلْكَ أمانيهم قل هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين بلَى من أسلم وَجهه لله وَهُوَ محسن فَلهُ أجره عِنْد ربه وَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَقَالُوا لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ هوداً أَو نَصَارَى} قَالَ: قَالَت الْيَهُود: لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ يَهُودِيّا وَقَالَت النَّصَارَى: لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ نَصْرَانِيّا {تِلْكَ أمانيهم} قَالَ: أماني يتمنونها على الله بِغَيْر الْحق {قل هاتوا برهانكم} يَعْنِي حجتكم {إِن كُنْتُم صَادِقين} بِمَا تَقولُونَ أَنَّهَا كَمَا تَقولُونَ {بلَى من أسلم وَجهه لله} يَقُول: أخْلص لله وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {من أسلم وَجهه لله} قَالَ: أخْلص دينه

113

قَوْله تَعَالَى: وَقَالَت الْيَهُود لَيست النَّصَارَى على شَيْء وَقَالَت النَّصَارَى لَيست الْيَهُود على شَيْء وهم يَتلون الْكتاب كَذَلِك قَالَ الَّذين لَا يعلمُونَ مثل قَوْلهم فَالله يحكم بَينهم يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما قدم أهل نَجْرَان من النَّصَارَى على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَتْهُم أَحْبَار الْيَهُود فتنازعوا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَافع بن حُرَيْمِلَة: مَا أَنْتُم على شَيْء وَكفر بِعِيسَى والإِنجيل فَقَالَ رجل من أهل نَجْرَان للْيَهُود: مَا أَنْتُم على شَيْء وَجحد نبوّة مُوسَى وَكفر بِالتَّوْرَاةِ فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَقَالَت الْيَهُود لَيست النَّصَارَى على شَيْء وَقَالَت النَّصَارَى لَيست الْيَهُود على شَيْء وهم يَتلون الْكتاب} أَي كل يَتْلُو فِي كِتَابه تَصْدِيق من كفر بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَقَالَت الْيَهُود لَيست النَّصَارَى على شَيْء} الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ أهل الْكتاب الَّذين كَانُوا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالَت الْيَهُود لَيست النَّصَارَى على شَيْء} قَالَ: بلَى قد كَانَت أَوَائِل النَّصَارَى على شَيْء وَلَكنهُمْ ابتدعوا وَتَفَرَّقُوا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: من هَؤُلَاءِ الَّذين لَا يعلمُونَ قَالَ: أُمَم كَانَت قبل الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {كَذَلِك قَالَ الَّذين لَا يعلمُونَ} قَالَ: هم الْعَرَب قَالُوا: لَيْسَ مُحَمَّد على شَيْء

114

قَوْله تَعَالَى: وَمن أظلم مِمَّن منع مَسَاجِد الله أَن يذكر فِيهَا اسْمه وسعى فِي خرابها أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُم أَن يدخلوها إِلَّا خَائِفين لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن قُريْشًا منعُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة عِنْد الْكَعْبَة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام فَأنْزل الله {وَمن أظلم مِمَّن منع مَسَاجِد الله} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن أظلم مِمَّن منع مَسَاجِد الله} قَالَ: هم النَّصَارَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمن أظلم مِمَّن منع مَسَاجِد الله} قَالَ: هم النَّصَارَى وَكَانُوا يطرحون فِي بَيت الْمُقَدّس الْأَذَى وَيمْنَعُونَ النَّاس أَن يصلوا فِيهِ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمن أظلم مِمَّن منع مَسَاجِد الله} الْآيَة قَالَ: هم الرّوم كَانُوا ظاهروا بخْتنصر على بَيت الْمُقَدّس وَفِي قَوْله {أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُم أَن يدخلوها إِلَّا خَائِفين} قَالَ: فَلَيْسَ فِي الأَرْض رومي يدْخلهُ الْيَوْم إِلَّا وَهُوَ خَائِف أَن تضرب عُنُقه وَقد أخيف بأَدَاء الْجِزْيَة فَهُوَ يُؤَدِّيهَا وَفِي قَوْله {لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي} قَالَ: أما خزيهم فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ إِذا قَامَ الْمهْدي وَفتحت الْقُسْطَنْطِينِيَّة قَتلهمْ فَذَلِك الخزي

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أُولَئِكَ أَعدَاء الله الرّوم حملهمْ بغض الْيَهُود على أَن أعانوا بخْتنصر البابلي الْمَجُوسِيّ على تخريب بَيت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: إِن النَّصَارَى لما ظَهَرُوا على بَيت الْمُقَدّس حرقوه فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّد أنزل عَلَيْهِ {وَمن أظلم مِمَّن منع مَسَاجِد الله أَن يذكر فِيهَا اسْمه وسعى فِي خرابها} الْآيَة فَلَيْسَ فِي الأَرْض نَصْرَانِيّ يدْخل بَيت الْمُقَدّس إِلَّا خَائفًا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُشْركُونَ حِين صدوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْبَيْت يَوْم الحديبة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح قَالَ: لَيْسَ للْمُشْرِكين أَن يدخلُوا الْمَسْجِد إِلَّا وهم خائفون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي} قَالَ: يُعْطون الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن بسر بن أَرْطَاة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو اللَّهُمَّ أحسن عاقبتنا فِي الْأُمُور كلهَا وأجرنا من خزي الدُّنْيَا وَمن عَذَاب الْآخِرَة

115

قَوْله تَعَالَى: وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب فأينما توَلّوا فثم وَجه الله أَن الله وَاسع عليم أخرج أَبُو عبيد فِي النَّاسِخ والمنسوخ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أول مَا نسخ لنا من الْقُرْآن فِيمَا ذكر وَالله أعلم شَأْن الْقبْلَة قَالَ الله تَعَالَى {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} فَاسْتقْبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى نَحْو بَيت الْمُقَدّس وَترك الْبَيْت الْعَتِيق ثمَّ صرفه الله تَعَالَى إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق ونسخها فَقَالَ (وَمن حَيْثُ خرجت فول وَجهك) (الْبَقَرَة الْآيَة 149) الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب فأينما توَلّوا فثم وَجه الله}

قَالَ كَانَ النَّاس يصلونَ قبل بَيت الْمُقَدّس فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة على رَأس ثَمَانِيَة عشر شهرا من مهاجره وَكَانَ إِذا صلى رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء ينظر كَا يُؤمر بِهِ فنسختها قبل الْكَعْبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي على رَاحِلَته تطوّعاً أَيْنَمَا تَوَجَّهت بِهِ ثمَّ قَرَأَ ابْن عمر هَذِه الْآيَة {فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} وَقَالَ ابْن عمر: فِي هَذَا نزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: أنزلت {فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} أَن تصلي حَيْثُمَا تَوَجَّهت بك راحلتك فِي التطوّع وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة أَنْمَار يُصَلِّي على رَاحِلَته مُتَوَجها قبل الْمشرق تطوّعاً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي على رَاحِلَته قبل الْمشرق - فَإِذا أَرَادَ أَن يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة نزل واستقبل الْقبْلَة وَصلى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سَافر وَأَرَادَ أَن يتطوّع بِالصَّلَاةِ اسْتقْبل بناقته الْقبْلَة وَكبر ثمَّ صلى حَيْثُ تَوَجَّهت النَّاقة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالطَّيَالِسِي وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَضَعفه وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والعقيلي وَضَعفه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَامر بن ربيعَة قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لَيْلَة سَوْدَاء مظْلمَة فنزلنا منزلا فَجعل الرجل يَأْخُذ الْأَحْجَار فَيعْمل مَسْجِدا فَيصَلي فِيهِ فَلَمَّا أَن أَصْبَحْنَا إِذا نَحن قد صلينَا على غير الْقبْلَة فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله لقد صلينَا ليلتنا هَذِه لغير الْقبْلَة فَأنْزل الله {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب} الْآيَة فَقَالَ مَضَت صَلَاتكُمْ وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة كنت فِيهَا فأصابتنا ظلمَة فَلم نَعْرِف الْقبْلَة فَقَالَت طَائِفَة منا: الْقبْلَة هَهُنَا قبل الشمَال فصلوا وخطوا خطا وَقَالَ بَعْضنَا: الْقبْلَة هَهُنَا قبل الْجنُوب فصلوا وخطوا خطا فَلَمَّا أَصْبحُوا وطلعت الشَّمْس أَصبَحت تِلْكَ الخطوط لغير

الْقبْلَة فَلَمَّا قَفَلْنَا من سفرنا سَأَلنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسكت فَأنْزل الله {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب} الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء أَن قوما عميت عَلَيْهِم الْقبْلَة فصلى كل إِنْسَان مِنْهُم إِلَى نَاحيَة ثمَّ أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله {فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سريه فَأَصَابَتْهُمْ ضبابه فَلم يهتدوا إِلَى القبله فصلوا لغير القبله ثمَّ استبان لَهُم بَعْدَمَا طلعت الشَّمْس أَنهم صلوا لغير القبله فَلَمَّا جاؤوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدثوه فَأنْزل الله {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أَخا لكم قد مَاتَ - يَعْنِي النَّجَاشِيّ - فصلوا عَلَيْهِ قَالُوا: نصلي على رجل لَيْسَ بِمُسلم فَأنْزل الله (وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه ) (آل عمرَان الْآيَة 199) قَالُوا: فَإِنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي إِلَى الْقبْلَة فَأنْزل الله {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: لما نزلت (ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم) (غَافِر الْآيَة 60) قَالُوا: إِلَى أَيْن فأنزلت {فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} قَالَ: قبْلَة الله أَيْنَمَا تَوَجَّهت شرقا أَو غربا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد {فثم وَجه الله} قَالَ: قبْلَة الله فأينما كُنْتُم فِي شَرق أَو غرب فاستقبلوها وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ عَن قَتَادَة فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة نسخهَا قَوْله تَعَالَى (فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام) (الْبَقَرَة الْآيَة 149) أَي تلقاءه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مابين الْمشرق وَالْمغْرب قبْلَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر مثله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر قَالَ: مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب قبْلَة إِذا تَوَجَّهت قبل الْبَيْت

116

قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا اتخذ الله ولدا سُبْحَانَهُ بل لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض كل لَهُ قانتون أخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ الله تَعَالَى: كَذبَنِي ابْن آدم وَلم يكن لَهُ ذَلِك وَشَتَمَنِي ابْن آدم وَلم يكن لَهُ ذَلِك فإمَّا تَكْذِيبه إيَّايَ فيزعم أَنِّي لَا أقدر أَن أُعِيدهُ كَمَا كَانَ وَأما شَتمه إيَّايَ فَقَوله لي ولد فسبحاني أَن أَتَّخِذ صَاحِبَة أَو ولدا وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله: كَذبَنِي ابْن آدم وَلم يَنْبغ لَهُ أَن يكذبنِي وَشَتَمَنِي ابْن آدم وَلم يَنْبغ لَهُ أَن يَشْتمنِي فإمَّا تَكْذِيبه إيَّايَ فَقَوله لن يُعِيدنِي كَمَا بَدَأَنِي وَلَيْسَ أوّل الْخلق بِأَهْوَن عَليّ من إِعَادَته وَأما شَتمه إيَّايَ فَقَوله اتخذ الله ولدا وَأَنا الله الْأَحَد الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه ولبيهقي عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا أحد أَصْبِر على أَذَى يسمعهُ من الله إِنَّهُم يجلعون لَهُ ولدا ويشركون بِهِ وَهُوَ يرزقهم ويعافيهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن غَالب بن عجرد قَالَ: حَدثنِي رجل من أهل الشَّام قَالَ: بَلغنِي إِن الله لما خلق الأَرْض وَخلق مَا فِيهَا من الشّجر لم يكن فِي الأَرْض شَجَرَة يَأْتِيهَا بَنو آدم إِلَّا أَصَابُوا مِنْهَا ثَمَرَة حَتَّى تكلم فجرة بني آدم بِتِلْكَ الْكَلِمَة الْعَظِيمَة قَوْلهم {اتخذ الله ولدا} فَلَمَّا تكلمُوا بهَا اقشعرت الأَرْض وشاك الشّجر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالُوا اتخذ الله ولدا سُبْحَانَهُ} قَالَ: إِذا قَالُوا عَلَيْهِ الْبُهْتَان سبح نَفسه أما قَوْله تَعَالَى {سُبْحَانَهُ}

أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم والمحاملي فِي أَمَالِيهِ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سُبْحَانَ الله} قَالَ: تَنْزِيه الله نَفسه عَن السوء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُوسَى بن طَلْحَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن التَّسْبِيح أَن يَقُول الإِنسان سُبْحَانَ الله قَالَ: بَرَاءَة الله من السوء وَفِي لفظ: انزاهه عَن السوء مُرْسل وَأخرجه ابْن جرير والديلمي والخطيب فِي الكفايه من طرق أُخْرَى مَوْصُولا عَن مُوسَى بن طَلْحَة بن عبيد الله عَن أَبِيه عَن جده طَلْحَة بن عبيد الله قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تَفْسِير {سُبْحَانَ الله} قَالَ: هُوَ تَنْزِيه الله من كل سوء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله بن عبيد الله بن موهب أَنه سمع طَلْحَة قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن {سُبْحَانَ الله} قَالَ: تَنْزِيه الله عَن كل سوء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان أَنه سُئِلَ عَن {سُبْحَانَ الله} فَقَالَ: اسْم يعظم الله بِهِ ويحاشى عَن السوء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَن ابْن الْكواء سَأَلَ عليا عَن قَوْله {سُبْحَانَ الله} فَقَالَ عَليّ: كلمة رضيها الله لنَفسِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ {سُبْحَانَ الله} اسْم لَا يَسْتَطِيع النَّاس أَن ينتحلوه وَأخرج عبد بن حميد عَن يزِيد بن الْأَصَم قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله نعرفها أَنه لَا إِلَه غَيره وَالْحَمْد لله نعرفها أَن النعم كلهَا مِنْهُ وَهُوَ الْمَحْمُود عَلَيْهَا وَالله أكبر نعرفها أَنه لَا شَيْء أكبر مِنْهُ فَمَا سُبْحَانَ الله فَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَمَا تنكر مِنْهَا هِيَ كلمة رضيها الله لنَفسِهِ وَأمر بهَا مَلَائكَته وَفرغ إِلَيْهَا الأخيار من خلقه أما قَوْله تَعَالَى: {كل لَهُ قانتون} أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية والضياء فِي المختارة عَن أبيّ سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل حرف فِي الْقُرْآن يذكر فِيهِ الْقُنُوت فَهُوَ الطَّاعَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قانتون} قَالَ: مطيعون وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع ابْن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله عز وَجل {كل لَهُ قانتون} قَالَ: مقرون قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عدي بن زيد: قَانِتًا لله يَرْجُو عَفوه يَوْم لَا يكفر عبد مَا ادخر وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة {كل لَهُ قانتون} قَالَ: مقرون بالعبودية وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {كل لَهُ قانتون} أَي مُطِيع مقرّ بِأَن الله ربه وخالقه

117

قَوْله تَعَالَى: بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِذ قضى أمرا فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كن فَيكون

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {بديع السَّمَاوَات وَالْأَرْض} يَقُول: ابتدع خلقهما وَلم يشركهُ فِي خلقهما أحد وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: ابتدعهما فخلقهما وَلم يخلق قبلهمَا شَيْء فتمثل بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سابط إِن دَاعيا دَعَا فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِاسْمِك الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الرَّحْمَن الرَّحِيم بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِذا أردْت أمرا فَإِنَّمَا تَقول لَهُ كن فَيكون فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد كدت أَن تَدْعُو باسمه الْعَظِيم

118

قَوْله تَعَالَى: وَقَالَ الَّذين لَا يعلمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمنَا الله أَو تَأْتِينَا آيَة كَذَلِك قَالَ الَّذين من قبلهم مثل قَوْلهم تشابهت قُلُوبهم قد بَينا الأيات لقوم يوقنون أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ نَافِع بن حريلمة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا مُحَمَّد إِن كنت رَسُولا من الله كَمَا تَقول فَقل لله فليكلمنا حَتَّى نسْمع كَلَامه فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَقَالَ الَّذين لَا يعلمُونَ} قَالَ: هم كفار الْعَرَب {لَوْلَا يُكَلِّمنَا الله} قَالَا: هلا يُكَلِّمنَا {كَذَلِك قَالَ الَّذين من قبلهم} يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَغَيرهم {تشابهت قُلُوبهم} يَعْنِي الْعَرَب الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَغَيرهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقَالَ الَّذين لَا يعلمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمنَا الله} قَالَ: النَّصَارَى يَقُوله وَالَّذين من قبلهم يهود

119

قَوْله تَعَالَى: إِنَّا أَرْسَلْنَاك بِالْحَقِّ بشيراً وَنَذِيرا وَلَا تسئل عَن أَصْحَاب الْجَحِيم أخرج وَكِيع وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد والن جرير والن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْت شعري مَا فعل أبواي فَنزل {إِنَّا أَرْسَلْنَاك بِالْحَقِّ بشيراً وَنَذِيرا وَلَا تسْأَل عَن أَصْحَاب الْجَحِيم} فَمَا ذكرهَا حَتَّى توفاه الله قلت: هَذَا مُرْسل ضَعِيف الإِسناد وَأخرج ابْن جرير عَن دَاوُد بن أبي عَاصِم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَات يَوْم: أَيْن أبواي فَنزلت قلت: وَالْآخر معضل الإِسناد ضَعِيف لَا يقوم بِهِ وَلَا بِالَّذِي قبله حجَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْأَعْرَج أَنه قَرَأَ {وَلَا تسْأَل عَن أَصْحَاب الْجَحِيم} أَي أَنْت يَا مُحَمَّد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: الْجَحِيم مَا عظم من النَّار

120

قَوْله تَعَالَى: وَلنْ ترْضى عَنْك الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تتبع ملتهم قل إِن هدى الله هُوَ الْهدى وَلَئِن اتبعت أهواءهم بعد الَّذِي جَاءَك من الْعلم مَالك من الله من ولي وَلَا نصير

أخرج الثَّعْلَبِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن يهود الْمَدِينَة ونصارى نَجْرَان كَانُوا يرجون أَن يُصَلِّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قبلتهم فَلَمَّا صرف الله الْقبْلَة إِلَى الْكَعْبَة شقّ ذَلِك عَلَيْهِم وَأَيِسُوا مِنْهُ أَن يوافقهم على دينه فَأنْزل الله {وَلنْ ترْضى عَنْك الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى} الْآيَة

121

قَوْله تَعَالَى: الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يتلونه حق تِلَاوَته أُولَئِكَ يُؤمنُونَ بِهِ وَمن يكفر بِهِ فَأُولَئِك هم الخاسرون يَا بني إِسْرَائِيل اذْكروا نعمتي الت أَنْعَمت عَلَيْكُم وَأَنِّي فضلتكم على الْعَالمين وَاتَّقوا يَوْمًا لَا تجزي نفس عَن نفس شَيْئا وَلَا يقبل مِنْهَا عدل وَلَا تنفعها شَفَاعَة وَلَا هم ينْصرُونَ أخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذين أتيناهم الْكتاب} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حق تِلَاوَته} قَالَ: يحلونَ حَلَاله ويحرمون حرَامه وَلَا يحرفونه عَن موَاضعه وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والهروي فِي فضائله ن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يتلونه حق تِلَاوَته} قَالَ: يتبعونه حق اتِّبَاعه ثمَّ قَرَأَ (وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا) (الشَّمْس الْآيَة 2) يَقُول: اتبعها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب فِي قَوْله {يتلونه حق تِلَاوَته} قَالَ: إِذا مر بِذكر الْجنَّة سَأَلَ الله الْجنَّة وَإِذا مر بِذكر النَّار تعوّذ بِاللَّه من النَّار وَأخرج الْخَطِيب فِي كتاب الروَاة عَن مَالك بِسَنَد فِيهِ مَجَاهِيل عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {يتلونه حق تِلَاوَته} قَالَ: يتبعونه حق اتِّبَاعه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير من طرق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: فِي قَوْله {يتلونه حق تِلَاوَته} قَالَ: أنّ يحل حَلَاله وَيحرم حرَامه ويقرأه كَمَا أنزل وَلَا يحرف الْكَلم عَن موَاضعه وَلَا يتَأَوَّل مِنْهُ شَيْئا غير تَأْوِيله وَفِي لفظ: يتبعونه حق اتِّبَاعه

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {يتلونه حق تِلَاوَته} قَالَ: يتكلمونه كَمَا أنزل الله وَلَا يكتمونه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يتلونه حق تِلَاوَته أُولَئِكَ يُؤمنُونَ بِهِ} قَالَ: مِنْهُم أَصْحَاب مُحَمَّد الَّذين آمنُوا بآيَات الله وَصَدقُوا بهَا قَالَ: وَذكر لنا أَن ابْن مَسْعُود كَانَ يَقُول: وَالله إِن حق تِلَاوَته أَن يحل حَلَاله وَيحرم حرَامه ويقرأه كَمَا أنزلهُ الله وَلَا يحرف عَن موَاضعه قَالَ: وَحدثنَا عمر بن الْخطاب قَالَ: لقد مضى بَنو إِسْرَائِيل وَمَا يَعْنِي بِمَا تَسْمَعُونَ غَيْركُمْ وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {يتلونه حق تِلَاوَته} قَالَ: يعْملُونَ بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ويكلون مَا أشكل عَلَيْهِم إِلَى عالمه وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {يتلونه حق تِلَاوَته} قَالَ: يتبعونه حق اتِّبَاعه

124

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ ابتلى إِبْرَاهِيم ربه بِكَلِمَات فأتمهن قَالَ إِنِّي جاعك للنَّاس إِمَامًا قَالَ وَمن ذريتي قَالَ لَا ينَال عهدي الظَّالِمين أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ ابتلى إِبْرَاهِيم ربه بِكَلِمَات} قَالَ: ابتلاه الله بِالطَّهَارَةِ خمس فِي الرَّأْس وَخمْس فِي الْجَسَد فِي الرَّأْس قصّ الشَّارِب والمضمضة وَالِاسْتِنْشَاق والسواك وَفرق الرَّأْس وَفِي الْجَسَد تقليم الْأَظْفَار وَحلق الْعَانَة والختان ونتف الابط وَغسل مَكَان الْغَائِط وَالْبَوْل بِالْمَاءِ وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَلِمَات الَّتِي ابْتُلِيَ بِهن إِبْرَاهِيم فأتمهن فِرَاق قومه فِي الله حِين أَمر بمفارقتهم ومحاجته نمْرُود فِي الله حِين وَقفه على مَا وَقفه عَلَيْهِ من خطر الْأَمر الَّذِي فِيهِ خلافهم وَصَبره على قذفهم إِيَّاه فِي النَّار ليحرقوه فِي الله وَالْهجْرَة بعد ذَلِك من وَطنه وبلاده حِين أمره بِالْخرُوجِ عَنْهُم وَمَا أمره بِهِ من الضِّيَافَة وَالصَّبْر عَلَيْهَا وَمَا بتلي بِهِ من ذبح وَلَده فَلَمَّا مضى على ذَلِك كُله وأخلصه الْبلَاء قَالَ الله لَهُ اسْلَمْ (قَالَ أسلمت لرب الْعَالمين) (الْبَقَرَة الْآيَة 131)

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَلِمَات الَّتِي ابْتُلِيَ بهَا عشر سِتّ فِي الإِنسان وَأَرْبع فِي المشاعر فَأَما الَّتِي فِي الإِنسان فحلق الْعَانَة ونتف الْإِبِط والختان وتقليم الْأَظْفَار وقص الشَّارِب والسواك وَغسل يَوْم الْجُمُعَة وَالْأَرْبَعَة الَّتِي فِي المشاعر الطّواف بِالْبَيْتِ وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة وَرمي الْجمار والإِفاضة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا ابْتُلِيَ أحد بِهَذَا الدّين فَقَامَ بِهِ كُله إِلَّا إِبْرَاهِيم قَالَ {وَإِذ ابتلى إِبْرَاهِيم ربه بِكَلِمَات فأتمهن} قيل مَا الْكَلِمَات قَالَ: سِهَام الإِسلام ثَلَاثُونَ سَهْما عشر فِي بَرَاءَة التائبون العابدون إِلَى آخر الْآيَة وَعشر فِي أول سُورَة قد أَفْلح وَسَأَلَ سَائل وَالَّذين يصدقون بِيَوْم الدّين الْآيَات وَعشر فِي الْأَحْزَاب إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات إِلَى آخر الْآيَة فأتمهن كُلهنَّ فَكتب لَهُ بَرَاءَة قَالَ تَعَالَى (وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى) (النَّجْم الْآيَة 37) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذ ابتلى إِبْرَاهِيم ربه بِكَلِمَات فأتمهن} قَالَ: مِنْهُنَّ مَنَاسِك الْحَج وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَلِمَات (إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا) (الْبَقَرَة الْآيَة 124) (وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم القوعد) (الْبَقَرَة الْآيَة 127) والآيات فِي شَأْن الْمَنَاسِك وَالْمقَام الَّذِي جعل لإِبراهيم والرزق الَّذِي رزق ساكنو الْبَيْت وَبعث مُحَمَّد فِي ذريتهما وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذ ابتلى إِبْرَاهِيم ربه بِكَلِمَات} قَالَ: ابتلى بِالْآيَاتِ الَّتِي بعْدهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: ابتلاه بالكوكب فَرضِي عَنهُ وابتلاه بالقمر فَرضِي عَنهُ وابتلاه بالشمس فَرضِي عَنهُ وابتلاه بِالْهِجْرَةِ فَرضِي عَنهُ وابتلاه بالختان فَرضِي عَنهُ وابتلاه بِابْنِهِ فَرضِي عَنهُ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فأتمهن} قَالَ: فأدّاهن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فطْرَة إِبْرَاهِيم السِّوَاك

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: من فطْرَة إِبْرَاهِيم غسل الذّكر والبراجم وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُجَاهِد قَالَ: سِتّ من فطْرَة إِبْرَاهِيم قصّ الشَّارِب والسواك وَالْفرق وقص الْأَظْفَار والاستنجاء وَحلق الْعَانَة قَالَ: ثَلَاثَة فِي الرَّأْس وَثَلَاثَة فِي الْجَسَد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْفطْرَة خمس أَو خمس من الْفطْرَة الْخِتَان والاستحداد وقص الشَّارِب وتقليم الْأَظْفَار ونتف الآباط وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من الْفطْرَة حلق الْعَانَة وتقليم الْأَظْفَار وقص الشَّارِب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر من الْفطْرَة قصّ الشَّارِب واعفاء اللِّحْيَة والسواك وَالِاسْتِنْشَاق بِالْمَاءِ وقص الْأَظْفَار وَغسل البراجم ونتف الآباط وَحلق الْعَانَة وانتفاض المَاء يَعْنِي الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ قَالَ مُصعب: نسيت الْعَاشِرَة إِلَّا أَن تكون الْمَضْمَضَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن عمار بن يَاسر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْفطْرَة الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق والسواك وقص الشَّارِب وتقليم الْأَظْفَار ونتف الابط والاستنجاء وَغسل البراجم والانتضاح والاختتان وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطهارات أَربع قصّ الشَّارِب وَحلق الْعَانَة وتقليم الْأَظْفَار والسواك وَأخرج وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس بن مَالك قَالَ وقَّت لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قصّ الشَّارِب وتقليم الْأَظْفَار وَحلق الْعَانَة ونتف الإِبط أَن لَا تتْرك أَكثر من أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد أَبْطَأَ عَنْك جِبْرِيل فَقَالَ: وَلم لَا يبطىء عني وَأَنْتُم حَولي لَا تستنون لَا تقلمون أظفاركم وَلَا تقصون شواربكم وَلَا تنقون براجمكم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقص أَو يَأْخُذ من شَاربه قَالَ: لِأَن خَلِيل الرَّحْمَن إِبْرَاهِيم يَفْعَله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ عَن زيد بن أَرقم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من لم يَأْخُذ من شَاربه فَلَيْسَ منا وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خالفوا الْمُشْركين وفروا اللحى وأحفوا الشَّوَارِب وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خالفوا الْمَجُوس جزوا الشَّوَارِب وَاعْفُوا اللحى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد الله بن عبد الله بن عبيد الله قَالَ جَاءَ رجل من الْمَجُوس إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد حلق لحيته وَأطَال شَاربه فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا هَذَا قَالَ: هَذَا فِي ديننَا قَالَ: وَلَكِن فِي ديننَا أَن تجز الشَّارِب وَأَن تعفي اللِّحْيَة وَأخرج الْبَزَّار عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبْصر رجلا وشاربه طَوِيل فَقَالَ: ائْتُونِي بمقص وَسوَاك فَجعل السِّوَاك على طرفه ثمَّ أَخذ مَا جَاوز وَأخرج البزرا وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقلم أَظْفَاره ويقص شَاربه يَوْم الْجُمُعَة قبل أَن يخرج إِلَى الصَّلَاة وَأخرج ابْن عدي بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس قَالَ وَقت لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحلق الرجل عانته كل أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَن ينتف ابطه كلما طلع وَلَا يدع شاربيه يطولان وَأَن يقلم أَظْفَاره من الْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصوا أظافيركم فَإِن الشَّيْطَان يجْرِي مَا بَين اللَّحْم وَالظفر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن وابصة بن معبد قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن كل شَيْء حَتَّى سَأَلته عَن الْوَسخ الَّذِي يكون فِي الْأَظْفَار فَقَالَ: دع مَا يريبك إِلَى مَا لَا يريبك وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لي لَا أهم وَرفع أحدكُم بَين أنملته وظفره وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قيس بن حَازِم قَالَ صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة فأوهم فِيهَا فَسَأَلَ فَقَالَ: مَا لي لَا أهم وَرفع أحدكُم بَين ظفره وأنملته وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ: تسوكوا فَإِن السِّوَاك مطهرة للفم مرضاة للرب مَا جَاءَنِي جِبْرِيل إِلَّا أَوْصَانِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى خشيت أَن يفْرض عَليّ وعَلى أمتِي وَلَوْلَا أَنِّي أَخَاف أَن أشق على أمتِي لفرضته لَهُم وَإِنِّي لأستاك حَتَّى أَنِّي خشيت أَن أحفي مقادم فيَّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ السِّوَاك مطهرة للفم مرضاة للرب ومجلاة لِلْبَصَرِ وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بِالسِّوَاكِ فَإِنَّهُ مطهرة للفم مرضاة للرب مفرحة للْمَلَائكَة يزِيد فِي الْحَسَنَات وَهُوَ من السّنة يجلو الْبَصَر وَيذْهب الْحفر ويشد اللثة وَيذْهب البلغم ويطيب الْفَم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة وَأخرج أَحْمد بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم عِنْد كل صَلَاة بِوضُوء وَعند كل وضوء بسواك وَأخرج الْبَزَّار وأبويعلى وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن عَائِشَة قَالَت مَا زَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكر بِالسِّوَاكِ حَتَّى خشينا أَن ينزل فِيهِ قُرْآن وَأخرج أَحْمد والحرث بن أبي أُسَامَة وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي كتاب السِّوَاك وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فضل الصَّلَاة بسواك على الصَّلَاة بِغَيْر سواك سَبْعُونَ ضعفا وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد جيد عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَكْعَتَانِ بسواك أفضل من سبعين رَكْعَة بِغَيْر سواك وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى بِسَنَد جيد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقد أمرت بِالسِّوَاكِ حَتَّى ظَنَنْت أَنه ينزل عليّ بِهِ قُرْآن أَو وَحي وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا ينَام إِلَّا السِّوَاك عِنْده فَإِذا اسْتَيْقَظَ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مازال جِبْرِيل يوصيني بِالسِّوَاكِ حَتَّى خفت على أضراسي وَأخرج الْبَزَّار وَالتِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن كليح بن عبد الله الخطمي

عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمس من سنَن الْمُرْسلين الْحيَاء والحلم والحجامة والسواك والتعطر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينَام لَيْلَة وَلَا ينتبه إِلَّا اسْتنَّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخرج من بَيته لشَيْء من الصَّلَوَات حَتَّى يستاك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد بِسَنَد ضَعِيف عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يرقد من ليل وَلَا نَهَار فيستقيظ تسوّك قبل أَن يتَوَضَّأ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة أَنَّهَا سُئِلت بِأَيّ شَيْء كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبْدَأ إِذا دخل بَيته قَالَت: كَانَ إِذا دخل يبْدَأ بِالسِّوَاكِ وَأخرج ابْن ماجة عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِن أَفْوَاهكُم طرق لِلْقُرْآنِ فطيبوها بِالسِّوَاكِ وَأخرجه أَبُو نعيم فِي كتاب السِّوَاك عَن عَليّ مَرْفُوعا وَأخرج ابْن السّني وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن السِّوَاك ليزِيد الرجل فصاحة وَأخرج ابْن السّني عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قِرَاءَة الْقُرْآن والسواك يذهب البلغم وَأخرج أَبُو نعيم فِي معرفَة الصَّحَابَة عَن سمويه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا نَام لَيْلَة حَتَّى اسْتنَّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأَبُو نعيم فِي كتاب السِّوَاك بِسَنَد ضَعِيف من طَرِيق أبي عَتيق عَن جَابر أَنه كَانَ ليستاك إِذا أَخذ مضجعه وَإِذا قَامَ من اللَّيْل وَإِذا خرج إِلَى الصَّلَاة فَقلت لَهُ: لقد شققت على نَفسك فَقَالَ: إِن أُسَامَة أَخْبرنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستاك هَذَا السِّوَاك وَأخرج أَبُو نعيم بِسَنَد حسن عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم أَن يستاكوا بالأسحار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن عَليّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ مَعَ كل وضوء

وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السِّوَاك مطهرة للفم مرضاة للرب وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عَلَيْكُم بِالسِّوَاكِ فَإِنَّهُ مطيبة للفم مرضاة للرب تبَارك وَتَعَالَى وَأخرج أَحْمد بِسَنَد ضَعِيف عَن قثم أَو تَمام بن عَبَّاس قَالَ: أَتَيْنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا لكم تَأْتُونِي قلحاً لَا تسوكون لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لفرضت عَلَيْهِم السِّوَاك كَمَا فرضت عَلَيْهِم الْوضُوء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جَابر قَالَ: كَانَ السِّوَاك من أذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَوضِع الْقَلَم من أذن الْكَاتِب وَأخرج الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء وَأَبُو نعيم فِي السِّوَاك بِسَنَد ضَعِيف عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَافر حمل السِّوَاك والمشط والمكحلة والقارورة والمرآة وَأخرج أَبُو نعيم بِسَنَد واهٍ عَن رَافع بن خديج مَرْفُوعا السِّوَاك وَاجِب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لقد كُنَّا نؤمر بِالسِّوَاكِ حَتَّى ظننا أَنه سينزل بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حسان بن عَطِيَّة مَرْفُوعا الْوضُوء شطر الإِيمان والسواك شطر الْوضُوء وَلَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة رَكْعَتَانِ يستاك بهما العَبْد أفضل من سبعين رَكْعَة لَا يستاك فِيهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سُلَيْمَان بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استاكوا وتنظفوا وأوتروا فَإِن الله وتر يحب الْوتر وَأخرج ابْن عدي عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بتعاهد البراجم عِنْد الْوضُوء لِأَن الْوَسخ إِلَيْهَا سريع وَأخرج التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول بِسَنَد فِيهِ مَجْهُول عَن عبد الله بن بسر رَفعه قصوا أظفاركم وادفنوا قلاماتكم ونقوا براجمكم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ أهل الْكتاب يسدلون أشعارهم وَكَانَ الْمُشْركُونَ يفرقون رؤوسهم وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعجبهُ مُوَافقَة أهل الْكتاب فِيمَا لم يُؤمر بِهِ فسدل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناصيته ثمَّ فرق بعد

وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد جيد عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اطلى ولى (تَابع) عانته بِيَدِهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد ضَعِيف جدا عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يتنور وَكَانَ إِذا كثر شعره حلقه وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس رَفعه الْخِتَان سنة للرِّجَال مكرمَة للنِّسَاء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين وَأَبُو الشَّيْخ فِي كتاب الْعَقِيقَة وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن عيثم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَنه جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: فقد أسلمت - فَقَالَ لَهُ: ألق عَنْك شعر الْكفْر - يَقُول: احْلق قَالَ: وَأَخْبرنِي آخر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لآخر مَعَه ألق عَنْك شعر الْكفْر واختتن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أسلم فليختتن وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ أَنه دعِي إِلَى ختان فَقَالَ: مَا كنَّا نأتي الْخِتَان على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا ندعى لَهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سبع من السّنة فِي الصَّبِي يَوْم السَّابِع يُسمى ويختن ويماط عَنهُ الْأَذَى ويعق عَنهُ ويحلق رَأسه ويلطخ من عقيقته وَيتَصَدَّق بِوَزْن شعر رَأسه ذَهَبا أَو فضَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب الْعَقِيقَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عق عَن الْحسن وَالْحُسَيْن وختنهما لسبعة أَيَّام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح عَن أَبِيه أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ختن إِسْحَق لسبعة أَيَّام وختن إِسْمَاعِيل عِنْد بُلُوغه وَأخرج ابْن سعد عَن حَيّ بن عبد الله قَالَ: بَلغنِي أَن إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام اختتن وَهُوَ ابْن ثَلَاث عشر سنة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي الْعَقِيقَة من طَرِيق مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح عَن أَبِيه أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أَمر أَن يختتن وَهُوَ حِينَئِذٍ ابْن ثَمَانِينَ سنة فَعجل واختتن بالقدوم فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الوجع فَدَعَا ربه فَأوحى إِلَيْهِ أَنَّك عجلت قبل أَن نأمرك بآلته قَالَ: يَا رب كرهت أَن أؤخر أَمرك

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اختتن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ ابْن ثَلَاثِينَ سنة بالقدوم وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَ إِبْرَاهِيم أول من اختتن وَهُوَ ابْن عشْرين وَمِائَة سنة واختتن بالقدوم ثمَّ عَاشَ بعد ذَلِك ثَمَانِينَ سنة وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وصححاه من طَرِيق سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: اختتن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله وَهُوَ ابْن عشْرين وَمِائَة سنة بالقدوم ثمَّ عَاشَ بعد ذَلِك ثَمَانِينَ سنة قَالَ سعيد: وَكَانَ إِبْرَاهِيم أول من اختتن وَأول من رأى الشيب فَقَالَ: يَا رب مَا هَذَا قَالَ: وقار يَا إِبْرَاهِيم قَالَ: رب زِدْنِي وقاراً وَأول من أضَاف الضَّيْف وَأول من جز شَاربه وَأول من قصّ أظافيره وَأول من استحد وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن إِبْرَاهِيم أول من أضَاف الضَّيْف وَأول من قصّ الشَّارِب وَأول من رأى الشيب وَأول من قصّ الأظافير وَأول من اختتن بقدومه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت هَاجر لسارة فأعطت هَاجر إِبْرَاهِيم فَاسْتَبق إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق لنَفسِهِ فسبقه إِسْمَاعِيل فَقعدَ فِي حجر إِبْرَاهِيم قَالَت: سارة: وَالله لأغيرن مِنْهَا ثَلَاثَة أَشْرَاف فخشي إِبْرَاهِيم أَن تجدعها أَو تخرم أذنيها فَقَالَ لَهَا: هَل لَك أَن تفعلي شَيْئا وتبري يَمِينك تثقبين أذنيها وتخفضينها فَكَانَ أول الخفاض هَذَا وَأخرج البهقي عَن سُفْيَان بن عَيْنِيَّة قَالَ: شكا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى ربه مَا يلقى من رداءة خلق سارة فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا إِبْرَاهِيم [] أول من تسرول وَأول من فرق وأوّل من استحد وَأول من اختتن وَأول من قرى الضَّيْف وَأول من شَاب وَأخرج وَكِيع عَن وَاصل مولى ابْن عَيْنِيَّة قَالَ: أوحى الله إِلَى إِبْرَاهِيم يَا إِبْرَاهِيم انك أكْرم أهل الأَرْض إِلَيّ فَإِذا سجدت فَلَا تَرَ الأَرْض عورتك قَالَ: فَاتخذ سَرَاوِيل وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: طلعت كف من السَّمَاء بَين أصبعين من أصابعها شَعْرَة بَيْضَاء فَجعلت تَدْنُو من رَأس إِبْرَاهِيم ثمَّ تَدْنُو فالقتها فِي رَأسه وَقَالَت: اشعل وقاراً ثمَّ أوحى الله إِلَيْهَا أَن تظهر وَكَانَ أول من شَاب واختتن

وَأنزل الله على إِبْرَاهِيم مِمَّا أنزل على مُحَمَّد (التائبون العابدون الحامدون) (التَّوْبَة الْآيَة 112) إِلَى قَوْله (وَبشر الْمُؤمنِينَ) و (قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَات 1 - 11) إِلَى قَوْله (هم فِيهَا خَالدُونَ) و (إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات ) (الْأَحْزَاب الْآيَة 35) الْآيَة وَالَّتِي فِي سَأَلَ و (الَّذين هم على صلَاتهم دائمون) (المعارج الْآيَات 23 - 33) إِلَى قَوْله (قائمون) فَلم يَفِ بِهَذِهِ السِّهَام إِلَّا إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات عَن سلمَان قَالَ: سَأَلَ إِبْرَاهِيم ربه خيرا فَأصْبح ثلثا رَأسه أَبيض فَقَالَ: مَا هَذَا فَقيل لَهُ: عِبْرَة فِي الدُّنْيَا وَنور فِي الْآخِرَة وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: أَوَى إِبْرَاهِيم إِلَى فرَاشه فَسَأَلَ الله أَن يؤتيه خيرا فَأصْبح وَقد شَاب ثلثا رَأسه فساءه ذَلِك فَقيل: لَا يسوءنك فَإِنَّهُ عِبْرَة فِي الدُّنْيَا وَنور لَك فِي الْآخِرَة وَكَانَ أول شيب كَانَ وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول من خضب بِالْحِنَّاءِ والكتم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى لَا يصبغون فخالفوهم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أحسن مَا غيرتم بِهِ الشيب الْحِنَّاء والكتم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غيروا الشيب وَلَا تشبهوا باليهود وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تشبهوا بالأعاجم غيروا اللحى وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبَزَّار عَن سعد عَن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه قَالَ: أول من خطب على الْمِنْبَر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِين أسر لوط واستأسرته الرّوم فعزا إِبْرَاهِيم حَتَّى اسنقذه من الرّوم وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: أول من رتب الْعَسْكَر فِي الْحَرْب ميمنة وميسرة وَقَلْبًا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام لما سَار لقِتَال الَّذين أَسرُّوا لوطا عَلَيْهِ السَّلَام

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يزِيد بن أبي يزِيد عَن رجل قد سَمَّاهُ قَالَ: أوّل من عقد الألوية إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام بلغه أَن قوما أَغَارُوا على لوط فسبوه فعقد لِوَاء وَسَار إِلَيْهِم بعبيده ومواليه حَتَّى أدركهم فاستقذه وَأَهله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الرُّومِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول من عمل القسي إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أوّل من ضيف الضَّيْف إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن يكنى أَبَا الضيفان وَكَانَ لقصره أَرْبَعَة أَبْوَاب لكَي لَا يفوتهُ أحد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيم خَلِيل الله عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أَرَادَ أَن يتغدى طلب من يتغدى مَعَه إِلَى ميل وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الإخوان والخطيب فِي تَارِيخه والديلمي فِي مُسْند الفردوس والغسولي فِي جزئه الْمَشْهُور وَاللَّفْظ لَهُ عَن تَمِيم الدَّارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن معانقة الرجل الرجل إِذا لقِيه قَالَ: كَانَت تَحِيَّة الْأُمَم وَفِي لفظ كَانَت تَحِيَّة أهل الْإِيمَان وخالص ودهم وَأول من عانق خَلِيل الرَّحْمَن فَإِنَّهُ خرج يَوْمًا يرتاد لماشيته فِي جبال من جبال بَيت الْمُقَدّس إِذْ سمع صَوت مقدس يقدس الله تَعَالَى فذهل عَمَّا كَانَ يطْلب فقصد قصد الصَّوْت فَإِذا هُوَ بشيخ طوله ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا أهلب يوحد الله عز وَجل فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: يَا شيخ من رَبك قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاء قَالَ: من رب الأَرْض قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاء قَالَ: فِيهَا رب غَيره قَالَ: مَا فِيهَا رب غَيره لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَحده قَالَ إِبْرَاهِيم: فَأَيْنَ قبلتك قَالَ: إِلَى الْكَعْبَة فَسَأَلَهُ عَن طَعَامه فَقَالَ: أجمع من هَذِه الثَّمَرَة فِي الصَّيف فآكله فِي الشتَاء قَالَ: هَل بَقِي مَعَك أحد من قَوْمك قَالَ: لَا قَالَ: أَيْن مَنْزِلك قَالَ: تِلْكَ المغارة قَالَ: اعبر بِنَا إِلَى بَيْتك قَالَ: بيني وَبَينهَا وَاد لَا يخاض قَالَ: فَكيف تعبره فَقَالَ: أَمْشِي عَلَيْهِ ذَاهِبًا وأمشي عَلَيْهِ عَائِدًا قَالَ: فَانْطَلق بِنَا فافعل الَّذِي ذلله لَك يذلله لي

فَانْطَلقَا حَتَّى انتهيا فمشيا جَمِيعًا عَلَيْهِ كل وَاحِد مِنْهُمَا يعجب من صَاحبه فَلَمَّا دخلا المغارة فَإِذا بقبلته قبْلَة إِبْرَاهِيم قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: أَي يَوْم خلق الله أَشد قَالَ الشَّيْخ: ذَلِك الْيَوْم الَّذِي يضع كرسيه لِلْحسابِ يَوْم تسعر جَهَنَّم لَا يبْقى ملك مقرب ولانبي مُرْسل إلاَّ خر يهمه نَفسه قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: ادْع الله يَا شيخ أَن يؤمني وَإِيَّاك من هول ذَلِك الْيَوْم قَالَ الشَّيْخ: وَمَا تصنع بدعائي ولي فِي السَّمَاء دَعْوَة محبوسة مُنْذُ ثَلَاث سِنِين قَالَ إِبْرَاهِيم: أَلا أخْبرك مَا حبس دعاءك قَالَ: بلَى قَالَ: إِن الله عزَّ وجلَّ إِذا أحب عبدا احْتبسَ مَسْأَلته يحب صَوته ثمَّ جعل لَهُ على كل مَسْأَلَة ذخْرا لَا يخْطر على قلب بشر وَإِذا أبْغض الله عبدا عجل لَهُ حَاجته أَو ألْقى الأياس فِي صَدره ليقْبض صَوته فَمَا دعوتك الَّتِي هِيَ فِي السَّمَاء محبوسة قَالَ: مر بِي هَهُنَا شَاب فِي رَأسه ذؤابة مُنْذُ ثَلَاث سِنِين وَمَعَهُ غنم قلت: لمن هَذِه قَالَ: لخليل الله إِبْرَاهِيم قلت: اللَّهُمَّ إِن كَانَ لَك فِي الأَرْض خَلِيل فأرنيه قبل خروجي من الدُّنْيَا قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: قد أجيبت دعوتك ثمَّ اعتنقا فَيَوْمئِذٍ كَانَ أصل المعانقة وَكَانَ قبل ذَلِك السُّجُود هَذَا لهَذَا وَهَذَا لهَذَا ثمَّ جَاءَ الصفاح مَعَ الإِسلام فَلم يسْجد وَلم يعانق وَلنْ تفترق الْأَصَابِع حَتَّى يغْفر لكل مصافح وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن كَعْب قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: إِنَّنِي ليحزنني أَن لَا أرى أحدا فِي الأَرْض يعبدك غَيْرِي فَأنْزل الله إِلَيْهِ مَلَائكَته يصلونَ مَعَه وَيَكُونُونَ مَعَه وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم عَن نوف الْبكالِي قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب إِنَّه لَيْسَ فِي الأَرْض أحد يعبدك غَيْرِي فَأنْزل الله عز وَجل ثَلَاثَة آلَاف ملك فَأمهمْ ثَلَاثَة أَيَّام وَأخرج ابْن سعد عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أول من أضَاف الضَّيْف وَأول من ثرد الثَّرِيد وَأول من رأى الشيب وَكَانَ قد وسع عَلَيْهِ فِي المَال والخدم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن السّديّ قَالَ: أول من ثرد الثَّرِيد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الديلمي عَن نبيط بن شريط قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول من اتخذ الْخبز المبلقس إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مطرف قَالَ: أول من راغم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِين راغم قومه إِلَى الله بِالدُّعَاءِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أول الْخَلَائق يلقى بِثَوْب - يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة - إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: يحْشر النَّاس عُرَاة حُفَاة فَأول من يلقى بِثَوْب إِبْرَاهِيم وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: يحْشر النَّاس عُرَاة حُفَاة فَيَقُول الله: أَلا أرى خليلي عُريَانا فيكسى يحْشر النَّاس عُرَاة حُفَاة ثوبا أَبيض فَهُوَ أول من يكسى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن عبد الله بن الْحَرْث قَالَ: أوّل من يكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قبطيتين ثمَّ يكسى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلَّة الْحيرَة وَهُوَ على يَمِين الْعَرْش وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أنس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا خير الْبَريَّة قَالَ: ذَاك إِبْرَاهِيم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح قَالَ: انْطلق إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يمتار فَلم يقدر على الطَّعَام فَمر بسهلة حَمْرَاء فَأخذ مِنْهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله فَقَالُوا: مَا هَذَا قَالَ: حِنْطَة حَمْرَاء ففتحوها فَوَجَدَهَا حِنْطَة حَمْرَاء فَكَانَ إِذا زرع مِنْهَا شَيْئا نَبتَت سنبلة من أَصْلهَا إِلَى فرعها حبا متراكباً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سلمَان قَالَ: أرسل على إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أسدان مجوّعان فلحساه وَسجدا لَهُ وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي بن كَعْب إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أرسل إِلَيّ رَبِّي أَن أَقرَأ الْقُرْآن على حرف فَرددت عَلَيْهِ يَا رب هوّن على أمتِي فَرد على الثَّانِيَة أَن أَقرَأ على حرفين قلت: يَا رب هوّن على أمتِي فَرد على الثَّالِثَة أَن أَقرَأ على سَبْعَة أحرف وَلَك بِكُل ردة رَددتهَا مَسْأَلَة فسلنيها فَقلت: اللَّهُمَّ اغْفِر لأمتي اللَّهُمَّ اغْفِر لأمتي وأخرت الثَّالِثَة إِلَى يَوْم يرغب إِلَيّ فِيهِ الْخَلَائق حَتَّى إِبْرَاهِيم

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن كَعْب قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يقري الضَّيْف وَيرْحَم الْمِسْكِين وَابْن السَّبِيل فابطأت عَلَيْهِ الأضياف حَتَّى أشرأب بذلك فَخرج إِلَى الطَّرِيق يطْلب فَجَلَسَ ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام فِي صُورَة رجل فَسلم عَلَيْهِ فَرد السَّلَام ثمَّ سَأَلَهُ من أَنْت قَالَ: أَنا ابْن السَّبِيل قَالَ: إِنَّمَا قعدت هَهُنَا لمثلك فَأخذ بِيَدِهِ فَقَالَ لَهُ: انْطلق فَذهب إِلَى منزله فَلَمَّا رَآهُ إِسْحَق عرفه فَبكى إِسْحَق فَلَمَّا رَأَتْ سارة إِسْحَق يبكي بَكت لبكائه فَلَمَّا رأى إِبْرَاهِيم سارة تبْكي فَبكى لبكائها فَلَمَّا رأى ملك الْمَوْت إِبْرَاهِيم يبكي بَكَى لبكائه ثمَّ صعد ملك الْمَوْت فَلَمَّا ارْتقى غضب إِبْرَاهِيم فَقَالَ: بكيتم فِي وَجه ضَيْفِي حَتَّى ذهب فَقَالَ إِسْحَق: لَا تلمني يَا أَبَت فَإِنِّي رَأَيْت ملك الْمَوْت مَعَك لَا أرى أَجلك إِلَّا قد حضر فارث فِي أهلك أَي أوصه وَكَانَ لإِبْرَاهِيم بَيت يتعبد فِيهِ فَإِذا خرج أغلقه لَا يدْخلهُ غَيره فجَاء إِبْرَاهِيم فَفتح بَيته الَّذِي يتعبد فِيهِ فَإِذا هُوَ بِرَجُل جَالس فَقَالَ إِبْرَاهِيم: من أدْخلك بِإِذن من دخلت قَالَ: بِإِذن رب الْبَيْت قَالَ: رب الْبَيْت أَحَق بِهِ ثمَّ تنحى فِي نَاحيَة الْبَيْت فصلى ودعا كَمَا كَانَ يصنع وَصعد ملك الْمَوْت فَقيل لَهُ: مَا رَأَيْت قَالَ: يَا رب جئْتُك من عِنْد عَبدك لَيْسَ بعده فِي الأَرْض خير قيل لَهُ: مَا رَأَيْت مِنْهُ قَالَ: مَا ترك خلقا من خلقك إِلَّا قد دَعَا لَهُ بِخَير فِي دينه وَفِي معيشته ثمَّ مكث إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام مَا شَاءَ الله ثمَّ جَاءَ فَفتح بَابه فَإِذا هُوَ بِرَجُل جَالس قَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: إِنَّمَا أَنا ملك الْمَوْت قَالَ إِبْرَاهِيم: إِن كنت صَادِقا فأرني آيَة أعرف أَنَّك ملك الْمَوْت قَالَ: اعْرِض بِوَجْهِك يَا إِبْرَاهِيم قَالَ: ثمَّ أقبل فَأرَاهُ الصُّورَة الَّتِي يقبض بهَا الْمُؤمنِينَ فَرَأى شَيْئا من النُّور والبهاء لَا يُعلمهُ إِلَّا الله ثمَّ قَالَ: انْظُر فَأرَاهُ الصُّورَة الَّتِي يقبض بهَا الْكفَّار والفجار فرعب إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام رعْبًا حَتَّى ألصق بَطْنه بِالْأَرْضِ كَادَت نفس إِبْرَاهِيم تخرج فَقَالَ: أعرف الَّذين أُمِرْتَ بِهِ فَامْضِ لَهُ فَصَعدَ ملك الْمَوْت فَقيل لَهُ: تلطف بإبراهيم فَأَتَاهُ وَهُوَ فِي عِنَب لَهُ وَهُوَ فِي صُورَة شيخ كَبِير لم يبْق مِنْهُ شَيْء فَلَمَّا رَآهُ إِبْرَاهِيم رَحمَه فَأخذ مكتلاً ثمَّ دخل عنبه فقطف من الْعِنَب فِي مكتله ثمَّ جَاءَ فَوَضعه بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: كل فَجعل يضع ويريه أَن يَأْكُل ويمجه على لحيته وعَلى صَدره فَعجب إِبْرَاهِيم فَقَالَ: مَا أبقت

السن مِنْك شَيْئا كم أَتَى لَك فَحسب مُدَّة إِبْرَاهِيم فَقَالَ: امالي كَذَا وَكَذَا فَقَالَ إِبْرَاهِيم: قد أُتِي لي هَذَا إِنَّمَا انْتظر أَن أكون مثلك اللَّهُمَّ اقبضني إِلَيْك فطابت نفس إِبْرَاهِيم على نَفسه وَقبض ملك الْمَوْت نَفسه تِلْكَ الْحَال وَأخرج الْحَاكِم عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ: ولد إِبْرَاهِيم بغوطة دمشق فِي قَرْيَة يُقَال لَهَا بَرزَة وَمن جبل يُقَال لَهُ قاسيون وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي السكن الهجري قَالَ: مَاتَ خَلِيل الله فَجْأَة وَمَات دَاوُد فَجْأَة وَمَات سُلَيْمَان بن دَاوُد فَجْأَة والصالحون وَهُوَ تَخْفيف على الْمُؤمن وَتَشْديد على الْكَافِر وَأخرج [] أَن ملك الْمَوْت جَاءَ إِلَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ليقْبض روحه فَقَالَ إِبْرَاهِيم: يَا ملك الْمَوْت هَل رَأَيْت خَلِيلًا يقبض روح خَلِيله فعرج ملك الْمَوْت إِلَى ربه فَقَالَ: قله لَهُ: هَل رَأَيْت خَلِيلًا يكره لِقَاء خَلِيله فَرجع قَالَ: فاقبض روحي السَّاعَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سعيد بن جُبَير قَالَ كَانَ الله يبْعَث ملك الْمَوْت إِلَى الْأَنْبِيَاء عيَانًا فَبَعثه إِلَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ليقبضه فَدخل دَار إِبْرَاهِيم فِي صُورَة رجل شَاب جميل وَكَانَ إِبْرَاهِيم غيوراً فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ حَملته الْغيرَة على أَن قَالَ لَهُ: يَا عبد الله مَا أدْخلك دَاري قَالَ: أدخلنيها رَبهَا فَعرف إِبْرَاهِيم أَن هَذَا الْأَمر حدث قَالَ يَا إِبْرَاهِيم: إِنِّي أمرت بِقَبض روحك قَالَ: أمهلني يَا ملك الْمَوْت حَتَّى يدْخل إِسْحَق فامهله فَلَمَّا دخل إِسْحَق قَامَ إِلَيْهِ فاعتنقه كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه فرق لَهما ملك الْمَوْت فَرجع إِلَى ربه فَقَالَ: يَا رب رَأَيْت خَلِيلك جزع من الْمَوْت قَالَ: يَا ملك الْمَوْت فَائت خليلي فِي مَنَامه فاقبضه فَأَتَاهُ فِي مَنَامه فَقَبضهُ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد والمروزي فِي الْجَنَائِز عَن أبي مليكَة أَن إِبْرَاهِيم لما لَقِي ربه قيل لَهُ: كَيفَ وجدت الْمَوْت قَالَ: وجدت نَفسِي كَأَنَّمَا تنْزع بالسلي قيل لَهُ: قد يسرنَا عَلَيْك الْمَوْت وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء وَابْن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَوْلَاد الْمُؤمنِينَ فِي جبل فِي الْجنَّة يكفلهم إِبْرَاهِيم وَسَارة عَلَيْهِمَا السَّلَام حَتَّى يردهم إِلَى آبَائِهِم يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مَكْحُول أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن ذَرَارِي الْمُسلمين فِي عصافير خضر فِي شجر فِي الْجنَّة يكفلهم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أما قَوْله تَعَالَى: {قَالَ إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا} الْآيَة أخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {قَالَ إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا} يقْتَدى بِدينِك وهديك وسنتك {قَالَ وَمن ذريتي} إِمَامًا لغير ذريتي {قَالَ لَا ينَال عهدي الظَّالِمين} أَن يقْتَدى بدينهم وهديهم وسنتهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: هَذَا عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة لَا ينَال عَهده ظَالِما فاما فِي الدُّنْيَا نالوا عَهده فوارثوا بِهِ الْمُسلمين وغازوهم وناكحوهم فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قصر الله عَهده وكرامته على أوليائه وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله {إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا} يؤتم بِهِ ويقتدى قَالَ إِبْرَاهِيم {وَمن ذريتي} فَاجْعَلْ من يؤتم بِهِ ويقتدى بِهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ الله لإِبراهيم {إِنِّي جاعلك للنَّاس إِمَامًا قَالَ وَمن ذريتي} فَأبى أَن يفعل ثمَّ {قَالَ لَا ينَال عهدي الظَّالِمين} وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا ينَال عهدي الظَّالِمين} قَالَ: لَا اجْعَل اماماً ظَالِما يقْتَدى بِهِ وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يُخبرهُ أَنه كَائِن فِي ذُريَّته ظَالِم لَا ينَال عَهده وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يوليه شَيْئا من أمره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا ينَال عهدي الظَّالِمين} قَالَ: لَيْسَ بظالم عَلَيْك عهد فِي مَعْصِيّة الله أَن تُطِيعهُ وَأخرج وَكِيع وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {لَا ينَال عهدي الظَّالِمين} قَالَ: لَا طَاعَة إِلَّا فِي الْمَعْرُوف وَأخرج عبد بن حميد عَن عمرَان بن حُصَيْن سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الله وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: لَا طَاعَة مفترضة إِلَّا لنَبِيّ

125

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ جعلنَا الْبَيْت مثابة للنَّاس وَأمنا وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى وعهدنا إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل أَن طهرنا بَيْتِي للطائفين والعاكفين والركع السُّجُود أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {وَإِذ جعلنَا الْبَيْت} قَالَ: الْكَعْبَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مثابة للنَّاس} قَالَ: يثوبون إِلَيْهِ ثمَّ يرجعُونَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مثابة للنَّاس} قَالَ لَا يقضون مِنْهُ وطراً يأتونه ثمَّ يرجعُونَ إِلَى أَهْليهمْ ثمَّ يعودون إِلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء فِي قَوْله {وَإِذ جعلنَا الْبَيْت مثابة للنَّاس} قَالَ: يأْتونَ إِلَيْهِ من كل مَكَان وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مثابة للنَّاس} قَالَ: يأْتونَ إِلَيْهِ لَا يقضون مِنْهُ وطراً ابداً يحجون ثمَّ يعودون {وَأمنا} قَالَ: تَحْرِيمه لَا يخَاف من دخله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأمنا} قَالَ: أمنا للنَّاس وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَأمنا} قَالَ: أمنا من الْعدوان يحمل فِيهِ السِّلَاح وَقد كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يتخطف النَّاس من حَولهمْ وهم آمنون أما قَوْله تَعَالَى: {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} أخرج عبد بن حميد عَن أبي إِسْحَق أَن أَصْحَاب عبد الله كَانُوا يقرؤون {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} قَالَ: أَمرهم أَن يتخذوا وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان قَالَ: سَمِعت سعيد بن جُبَير قَرَأَهَا {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} بخفض الْخَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد والعدني والدارمي وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية

والطَّحَاوِي وَابْن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الإِفراد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: وَافَقت رَبِّي فِي ثَلَاث أَو واقفني رَبِّي فِي ثَلَاث قلت: يَا رَسُول الله لَو اتَّخذت من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى فَنزلت {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} وَقلت: يَا رَسُول الله إِن نِسَاءَك يدْخل عَلَيْهِم الْبر والفاجر فَلَو أمرتهن أَن يحتجبن فَنزلت آيَة الْحجاب وَاجْتمعَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نساؤه فِي الْغيرَة فَقلت لَهُنَّ (عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن) (التَّحْرِيم الْآيَة 5) فَنزلت كَذَلِك وَأخرج مُسلم وَابْن أبي دَاوُد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رمل ثَلَاثَة أَشْوَاط وَمَشى أَرْبعا حَتَّى إِذا فرغ عمد إِلَى مقَام إِبْرَاهِيم فصلى خَلفه رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَرَأَ {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} وَأخرج ابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ لما وقف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم فتح مَكَّة عِنْد مقَام إِبْرَاهِيم قَالَ لَهُ عمر: يَا رَسُول الله هَذَا مقَام إِبْرَاهِيم الَّذِي قَالَ الله {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} قَالَ: نعم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخطيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عمر أَن عمر قَالَ: يَا رَسُول الله لَو اتخذنا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى فَنزلت {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس أَن عمر قَالَ: يَا رَسُول الله لوصلينا خلف الْمقَام فَنزلت {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ الْمقَام إِلَى لزق الْبَيْت فَقَالَ عمر بن الْخطاب يَا رَسُول الله لَو نحيته إِلَى الْبَيْت ليُصَلِّي إِلَيْهِ النَّاس فَفعل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} وَأخرج ابْن أبي دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ عمر يَا رَسُول الله صلينَا خلف الْمقَام فَأنْزل الله {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} فَكَانَ الْمقَام عِنْد الْبَيْت فحوّله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَوْضِعه هَذَا قَالَ مُجَاهِد: وَقد كَانَ عمر يرى الرَّأْي فَينزل بِهِ الْقُرْآن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عمر بن مَيْمُون عَن عمر أَنه مر بمقام إِبْرَاهِيم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ نقوم مقَام إِبْرَاهِيم خَلِيل رَبنَا قَالَ: بلَى قَالَ: أَفلا

نتخذه مصلى فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى نزلت {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الإِفراد عَن أبي ميسرَة قَالَ: قَالَ عمر يَا رَسُول الله هَذَا مقَام خَلِيل رَبنَا أَفلا نتخذه مصلى فَنزلت {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أما مقَام إِبْرَاهِيم الَّذِي ذكر هَهُنَا فمقام إِبْرَاهِيم هَذَا الَّذِي فِي الْمَسْجِد ومقام إِبْرَاهِيم بعد كثير مقَام إِبْرَاهِيم الْحَج كُله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مقَام إِبْرَاهِيم الْحرم كُله وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة قَالَت: ألقِي الْمقَام من السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والأزرقي عَن ابْن عمر قَالَ: إِن الْمقَام ياقوتة من ياقوت الْجنَّة مُحي نوره وَلَوْلَا ذَلِك لأضاء مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض والركن مثل ذَلِك وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله الرُّكْن وَالْمقَام ياقوتتان من يَوَاقِيت الْجنَّة طمس الله نورهما وَلَوْلَا ذَلِك لأضاءتا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب وَأخرج الْحَاكِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّكْن وَالْمقَام ياقوتتان من يَوَاقِيت الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الْحجر مقَام إِبْرَاهِيم لينه الله فَجعله رَحْمَة وَكَانَ يقوم عَلَيْهِ ويناوله اسماعيل الْحِجَارَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الرُّكْن وَالْمقَام من ياقوت الْجنَّة وَلَوْلَا مَا مسهما من خَطَايَا بني آدم لأضاءا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب ومل مسهما من ذِي عاهة وَلَا سقيم إِلَّا شفي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَفعه وَلَوْلَا مَا مَسّه من انجاس الْجَاهِلِيَّة مَا مَسّه ذُو عاهة إِلَّا شفي وَمَا على وَجه الأَرْض شَيْء من الْجنَّة غَيره وَأخرج الجندي فِي فَضَائِل مَكَّة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: الرُّكْن وَالْمقَام حجران من حِجَارَة الْجنَّة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ فِي تَارِيخ مَكَّة والجندي عَن مُجَاهِد قَالَ: يَأْتِي الْحجر وَالْمقَام يَوْم الْقِيَامَة كل وَاحِد مِنْهُمَا مثل أحد لَهما عينان وشفتان يناديان بِأَعْلَى أصواتهما يَشْهَدَانِ لمن وافاهما بِالْوَفَاءِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن الزبير أَنه رأى قوما يمسحون الْمقَام فَقَالَ: لم تؤمروا بِهَذَا إِنَّمَا أمرْتُم بِالصَّلَاةِ عِنْده وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والأزرقي عَن قَتَادَة {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} قَالَ: إِنَّمَا أمروا أَن يصلوا عِنْده وَلم يؤمروا بمسحه وَلَقَد تكلفت هَذِه الْأمة شَيْئا مَا تكلفته الْأُمَم قبلهَا وَقد ذكر لنا بعض من رأى أثر عقبه وأصابعه فَمَا زَالَت هَذِه الْأمة تمسحه حَتَّى اخلولق وانماح وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الديلمي قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام فِي عهد عبد الْمطلب مثل المهاة قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْخُزَاعِيّ: المهاة خرزة بَيْضَاء وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَأَلت عبد الله بن سَلام عَن الْأَثر الَّذِي فِي الْمقَام فَقَالَ: كَانَت الْحِجَارَة على مَا هِيَ عَلَيْهِ الْيَوْم إِلَّا أَن الله أَرَادَ أَن يَجْعَل الْمقَام آيَة من آيَاته فَلَمَّا أَمر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أَن يُؤذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ قَامَ على الْمقَام وارتفع الْمقَام حَتَّى صَار أطول الْجبَال وأشرف على مَا تَحْتَهُ فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أجِيبُوا ربكُم فَأَجَابَهُ النَّاس فَقَالُوا: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك فَكَانَ أَثَره فِيهِ لما أَرَادَ الله فَكَانَ ينظر عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله اجيبوا ربكُم فَلَمَّا فرغ أَمر بالْمقَام فَوَضعه قبله فَكَانَ يُصَلِّي إِلَيْهِ مُسْتَقْبل الْبَاب فَهُوَ قبلته إِلَى مَا شَاءَ الله ثمَّ كَانَ إِسْمَاعِيل بعد يُصَلِّي إِلَيْهِ إِلَى بَاب الْكَعْبَة ثمَّ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر أَن يُصَلِّي إِلَى بَيت الْمُقَدّس فصلى إِلَيْهِ قبل أَن يُهَاجر وَبَعْدَمَا هَاجر ثمَّ أحب الله أَن يصرفهُ إِلَى قبلته الَّتِي رَضِي لنَفسِهِ ولأنبيائه فصلى إِلَى الْمِيزَاب وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ ثمَّ قدم مَكَّة فَكَانَ يُصَلِّي إِلَى الْمقَام مَا كَانَ بِمَكَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} قَالَ: مدعى وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن كثير بن أبي كثير بن الْمطلب بن أبي ودَاعَة السَّهْمِي عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: كَانَت السُّيُول تدخل الْمَسْجِد الْحَرَام من بَاب بني شيبَة الْكَبِير قبل أَن يردم عمر الرَّدْم الْأَعْلَى فَكَانَت السُّيُول رُبمَا رفعت الْمقَام عَن مَوْضِعه وَرُبمَا نحته إِلَى وَجه الْكَعْبَة حَتَّى جَاءَ سيل أم نهشل فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب فَاحْتمل الْمقَام من مَوْضِعه هَذَا فَذهب بِهِ حَتَّى وجد بِأَسْفَل مَكَّة فَأتي بِهِ فَربط إِلَى أَسْتَار الْكَعْبَة وَكتب فِي ذَلِك إِلَى عمر فَأقبل فَزعًا فِي شهر رَمَضَان وَقد عفى مَوْضِعه وعفاه

السَّيْل فَدَعَا عمر بِالنَّاسِ فَقَالَ: أنْشد الله عبدا علم فِي هَذَا الْمقَام فَقَالَ الْمطلب بن أبي ودَاعَة: أَنا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عِنْدِي ذَلِك قد كنت أخْشَى عَلَيْهِ هَذَا فَأخذت قدره من مَوْضِعه إِلَى الرُّكْن وَمن مَوْضِعه إِلَى بَاب الْحجر وَمن مَوْضِعه إِلَى زَمْزَم بمقاط وَهُوَ عِنْدِي فِي الْبَيْت فَقَالَ لَهُ عمر: فاجلس عِنْدِي وارسل إِلَيْهِ فَجَلَسَ عِنْده وَأرْسل فَأتي بهَا فَمدَّهَا فَوَجَدَهَا مستوية إِلَى مَوْضِعه هَذَا فَسَأَلَ النَّاس وشاورهم فَقَالُوا: نعم هَذَا مَوْضِعه فَلَمَّا استثبت ذَلِك عمر وَحقّ عِنْده أَمر بِهِ فَاعْلَم بِبِنَاء ربضه تَحت الْمقَام ثمَّ حوّله فَهُوَ فِي مَكَانَهُ هَذَا إِلَى الْيَوْم وَأخرج الْأَزْرَقِيّ من طَرِيق سُفْيَان بن عَيْنِيَّة عَن حبيب بن الأشرس قَالَ: كَانَ سيل أم نهشل قبل أَن يعْمل عمر الرَّدْم بِأَعْلَى مَكَّة فَاحْتمل الْمقَام من مَكَانَهُ فَلم يدر أَيْن مَوْضِعه فَلَمَّا قدم عمر بن الْخطاب سَأَلَ من يعلم مَوْضِعه فَقَالَ عبد الْمطلب بن أبي ودَاعَة: أَنا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد كنت قدرته وذرعته بمقاط وتخوّفت عَلَيْهِ هَذَا من الْحجر إِلَيْهِ وَمن الرُّكْن إِلَيْهِ وَمن وَجه الْكَعْبَة فَقَالَ: ائْتِ بِهِ فجَاء بِهِ فَوَضعه فِي مَوْضِعه هَذَا وَعمل عمر الرَّدْم عِنْد ذَلِك قَالَ سُفْيَان: فَذَلِك الَّذِي حَدثنَا هِشَام ابْن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن الْمقَام كَانَ عِنْد سقع الْبَيْت فاما مَوْضِعه الَّذِي هُوَ مَوْضِعه فموضعه الْآن وَأما مَا يَقُول النَّاس: إِنَّه كَانَ هُنَالك مَوْضِعه فَلَا وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: مَوضِع الْمقَام هَذَا هُوَ الَّذِي بِهِ الْيَوْم هُوَ مَوْضِعه فِي الْجَاهِلِيَّة وَفِي عهد النَّبِي وَأبي بكر وَعمر إِلَّا أَن السَّيْل ذهب بِهِ فِي خلَافَة عمر فَجعل فِي وَجه الْكَعْبَة حَتَّى قدم عمر فَرده بِمحضر النَّاس وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن الْمقَام كَانَ فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زمَان أبي بكر ملتصقاً بِالْبَيْتِ ثمَّ أَخّرهُ عمر بن الْخطاب وَأخرج ابْن سعد عَن مُجَاهِد قَالَ عمر بن الْخطاب: من لَهُ علم بِموضع الْمقَام حَيْثُ كَانَ فَقَالَ أَبُو ودَاعَة بن صبيرة السَّهْمِي: عِنْدِي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قدرته إِلَى الْبَاب وَقدرته إِلَى ركن الْحجر وَقدرته إِلَى الرُّكْن الْأسود وَقدرته إِلَى زَمْزَم فَقَالَ عمر: هاته فَأَخذه عمر فَرده إِلَى مَوْضِعه الْيَوْم للمقدار الَّذِي جَاءَ بِهِ أَبُو ودَاعَة وَأخرج الْحميدِي وَابْن النجار عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طَاف بِالْبَيْتِ سبعا وَصلى خلف الْمقَام رَكْعَتَيْنِ وَشرب من مَاء زَمْزَم غفرت لَهُ ذنُوبه كلهَا بَالِغَة مَا بلغت

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَرْء يُرِيد الطّواف بِالْبَيْتِ أقبل يَخُوض الرَّحْمَة فَإِذا دَخلته غمرته ثمَّ لَا يرفع قدماً وَلَا يضع قدماً إِلَّا كتب الله لَهُ بِكُل قدم خَمْسمِائَة حَسَنَة وَحط عَنهُ خَمْسمِائَة سَيِّئَة وَرفعت لَهُ خَمْسمِائَة دَرَجَة فَإِذا فرغ من طَوَافه فَأتى مقَام إِبْرَاهِيم فصلى رَكْعَتَيْنِ دبر الْمقَام خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه وَكتب لَهُ أحر عتق عشر رِقَاب من ولد إِسْمَاعِيل واستقبله ملك على الرُّكْن فَقَالَ لَهُ: اسْتَأْنف الْعَمَل فِيمَا بَقِي فقد كفيت مَا مضى وشفع فِي سبعين من أهل بَيته وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما دخل مَكَّة طَاف بِالْبَيْتِ وَصلى رَكْعَتَيْنِ خلف الْمقَام يَعْنِي يَوْم الْفَتْح وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبد الله بن أبي أوفى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْتَمر فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصلى خلف الْمقَام رَكْعَتَيْنِ وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن طلق بن حبيب قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فِي الْحجر إِذْ قلص الظل وَقَامَت الْمجَالِس إِذا نَحن ببريق ايم طلع من هَذَا الْبَاب - يَعْنِي من بَاب بني شيبَة والأيم الْحَيَّة الذّكر - فاشرأبت لَهُ أعين النَّاس فَطَافَ بِالْبَيْتِ سبعا وَصلى رَكْعَتَيْنِ وَرَاء الْمقَام فقمنا إِلَيْهِ فَقُلْنَا: أَيهَا الْمُعْتَمِر قد قضى الله نسكك وَأَن بأرضنا عبيدا وسفهاء وَإِنَّمَا نخشى عَلَيْك مِنْهُم فكوّم بِرَأْسِهِ كومة بطحاء فَوضع ذَنبه عَلَيْهَا فسما بالسماء حَتَّى مَا نرَاهُ وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: كَانَت امْرَأَة من الْجِنّ فِي الْجَاهِلِيَّة تسكن ذَا طوى وَكَانَ لَهَا ابْن وَلم يكن لَهَا ولد غَيره فَكَانَت تحبه حبا شَدِيدا وَكَانَ شريفاً فِي قومه فتزوّج وأتى زَوجته فَلَمَّا كَانَ يَوْم سابعه قَالَ لأمه: يَا أُمَّاهُ إِنِّي أحب أَن أَطُوف بِالْكَعْبَةِ سبعا نَهَارا قَالَت لَهُ أمه: أَي بني إِنِّي أَخَاف عَلَيْك سُفَهَاء قُرَيْش فَقَالَ: أَرْجُو السَّلامَة فَأَذنت لَهُ فولى فِي صُورَة جَان فَمضى نَحْو الطّواف فَطَافَ بِالْبَيْتِ سبعا وَصلى خلف الْمقَام رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أقبل منقلباً فَعرض لَهُ شَاب من بني سهم فَقتله فثارت بِمَكَّة غبرة حَتَّى لم يبصر لَهَا الْجبَال قَالَ أَبُو الطُّفَيْل: بلغنَا أَنه إِنَّمَا تثور تِلْكَ الغبرة عِنْد موت عَظِيم من الْجِنّ قَالَ: فَأصْبح من بني سهم على فرشهم موتى كثير من قتل الْجِنّ فَكَانَ فيهم سَبْعُونَ شَيخا أصلع سوى الشَّاب وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: مَا أعلم بَلَدا يُصَلِّي فِيهِ حَيْثُ أَمر

الله عز وَجل نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا بِمَكَّة قَالَ الله {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} قَالَ: وَيُقَال: يُسْتَجَاب الدُّعَاء بِمَكَّة فِي خَمْسَة عشر عِنْد الْمُلْتَزم وَتَحْت الْمِيزَاب وَعند الرُّكْن الْيَمَانِيّ وعَلى الصَّفَا وعَلى الْمَرْوَة وَبَين الصَّفَا والمروة وَبَين الرُّكْن وَالْمقَام وَفِي جَوف الْكَعْبَة وبمنى وبجمع وبعرفات وَعند الجمرات الثَّلَاث وَأما قواه تَعَالَى: {وعهدنا إِلَى إِبْرَاهِيم} الْآيَة أخرج ابْن جرير عَن عَطاء وعهدنا إِلَى إِبْرَاهِيم قَالَ: أمرناه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن طهرا بَيْتِي} قَالَ: من الْأَوْثَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله {أَن طهرا بَيْتِي} قَالَا: من الْأَوْثَان والريب وَقَول الزُّور والرجس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَن طهرا بَيْتِي} قَالَ: من عبَادَة الْأَوْثَان والشرك وَقَول الزُّور وَفِي قَوْله {والركع السُّجُود} قَالَ: هم من أهل الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا كَانَ قَائِما فَهُوَ من الطائفبن وَإِذا كَانَ جَالِسا فَهُوَ من العاكفين وَإِذا كَانَ مُصَليا فَهُوَ من الركع السُّجُود وَأخرج عبد بن حميد عَن سُوَيْد بن غَفلَة قَالَ: من قعد فِي الْمَسْجِد وَهُوَ طَاهِر فَهُوَ عاكف حَتَّى يخرج مِنْهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ثَابت قَالَ: قلت لعبد الله بن عبيد الله بن عُمَيْر: مَا أَرَانِي إِلَّا مُكَلم الْأَمِير أَن أمنع الَّذين ينامون فِي الْمَسْجِد الْحَرَام فَإِنَّهُم يجنبون ويحدثون قَالَ: لَا تفعل فَإِن ابْن عمر سُئِلَ عَنْهُم فَقَالَ: هم العاكفون وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر بن أبي مُوسَى قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الطّواف أفضل أم الصَّلَاة فَقَالَ: أما أهل مَكَّة فَالصَّلَاة وَأما أهل الْأَمْصَار فالطواف وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الطّواف للغرباء أحب إِلَيّ من الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: الصَّلَاة لأهل مَكَّة أفضل وَالطّواف لأهل الْعرَاق

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حجاج قَالَ: سَأَلت عَطاء فَقَالَ: أما أَنْتُم فالطواف وَأما أهل مَكَّة فَالصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: الطّواف أفضل من عمْرَة بعد الْحَج وَفِي لفظ طوافك بِالْبَيْتِ أحب إِلَيّ من الْخُرُوج إِلَى الْعمرَة

126

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قَالَ ابراهيم رب اجْعَل هَذَا الْبَلَد آمنا وارزق أَهله من الثمرات من آمن مِنْهُم بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر قَالَ وَمن كفر فأمتعه قَلِيلا ثمَّ أضطره إِلَى عَذَاب النَّار ولبئس الْمصير أخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة وَإِنِّي حرمت الْمَدِينَة مَا بَين لابيتها فَلَا يصاد صيدها وَلَا يقطع عضاهها وَأخرج مُسلم وَابْن جرير عَن رَافع بن خديج قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة وَإِنِّي أحرم مَا بَين لابتيها وَأخرج أَحْمد عَن أبي قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ ثمَّ صلى بِأَرْض سعد بِأَرْض الْحرَّة عِنْد بيُوت السقيا ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِن إِبْرَاهِيم خَلِيلك وَعَبْدك وَنَبِيك دعَاك لأهل مَكَّة وَأَنا مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك أَدْعُوك لأهل الْمَدِينَة مثل مَا دعَاك إِبْرَاهِيم بِمَكَّة أَدْعُوك أَن تبَارك لَهُم فِي صاعهم ومدهم وثمارهم اللَّهُمَّ حبب إِلَيْنَا الْمَدِينَة كَمَا حببت إِلَيْنَا مَكَّة وَاجعَل مَا بهَا من وَرَاء خم اللَّهُمَّ إِنِّي حرمت مَا بَين لَا بتيها كَمَا حرمت على لِسَان إِبْرَاهِيم الْحرم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أشرف على الْمَدِينَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أحرم مَا بَين جبليها مثل مَا أحرم بِهِ إِبْرَاهِيم مَكَّة اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِي مدهم وصاعهم وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اللَّهُمَّ إِن إِبْرَاهِيم عَبدك وخليلك وَنَبِيك وَإِنِّي عَبدك وَنَبِيك وَإنَّهُ دعَاك لمَكَّة وَإِنِّي أَدْعُوك للمدينة بِمثل مَا دعَاك بِهِ لمَكَّة وَمثله مَعَه

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إِن إِبْرَاهِيم عَبدك وخليلك دعَاك لأهل مَكَّة بِالْبركَةِ وَأَنا مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك وَإِنِّي أَدْعُوك لأهل الْمَدِينَة أَن تبَارك لَهُم فِي صاعهم ومدهم مثل مَا باركت لأهل مَكَّة وَاجعَل مَعَ الْبركَة بركتين وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْمَازِني عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة ودعا لَهَا وَحرمت الْمَدِينَة كَمَا حرم إِبْرَاهِيم مَكَّة ودعوت لَهَا فِي مدها وصاعها مثل مَا دَعَا إِبْرَاهِيم مَكَّة وَأخرج البُخَارِيّ والجندي فِي فَضَائِل مَكَّة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اللَّهُمَّ إِن إِبْرَاهِيم عَبدك وَنَبِيك دعَاك لأهل مَكَّة وَأَنا أَدْعُوك لأهل الْمَدِينَة بِمثل مَا دعَاك إِبْرَاهِيم لأهل مَكَّة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ اجْعَل بِالْمَدِينَةِ ضعْفي مَا بِمَكَّة من الْبركَة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ فِي تَارِيخ مَكَّة والجندي عَن مُحَمَّد بن الْأسود أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ أوّل من نصب أنصاب الْحرم أَشَارَ لَهُ جِبْرِيل إِلَى موَاضعهَا وَأخرج الجندي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن فِي السَّمَاء لحرماً على قدر حرم مَكَّة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتَّة لعنتهم وكل نَبِي مجاب الزَّائِد فِي كتاب الله والمكذب بِقدر الله والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذلّ الله والتارك لسنتي والمستحل من عِتْرَتِي مَا حرم الله عَلَيْهِ والمستحل لحرم الله وَأخرج البُخَارِيّ تَعْلِيقا وَابْن ماجة عَن صيفة بنت شيبَة قَالَت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب عَام الْفَتْح فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله تَعَالَى حرم مَكَّة يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهِي حرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يعضد شَجَرهَا وَلَا ينفر صيدها وَلَا يَأْخُذ لقطتهَا إِلَّا منشد فَقَالَ الْعَبَّاس: إِلَّا الإِذخر فَإِنَّهُ للبيوت والقبور فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِلَّا الإِذخر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ والأزرقي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم فتح مَكَّة إنهذا الْبَلَد حرمه الله يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَوضع هذَيْن الاخشبين فَهُوَ حرَام بِحرْمَة

الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَإنَّهُ لم يحل الْقِتَال فِيهِ لأحد قبلي وَلَا يحل لأحد بعدِي وَلم يحل لي إِلَّا سَاعَة من نَهَار فَهُوَ حرَام بِحرْمَة الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يخْتَلى خَلاهَا وَلَا يعضد شَجَرهَا وَلَا ينفر صيدها وَلَا يلتقط لقطتهَا إِلَّا من عرفهَا قَالَ الْعَبَّاس إِلَّا إِلَّا ذخر فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِم وَبُيُوتهمْ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِلَّا الإِذخر وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لما فتح الله مَكَّة على رَسُوله مَكَّة قَامَ فيهم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: إِن الله حبس عَن مَكَّة الْفِيل وسلط عَلَيْهِ رَسُوله وَالْمُؤمنِينَ وَإِنَّمَا أحلّت لي سَاعَة من النَّهَار ثمَّ هِيَ حرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يعضد شَجَرهَا وَلَا ينفر صيدها وَلَا تحل لقمتها إِلَّا لِمُنْشِد وَمن قتل لَهُ قَتِيل فَهُوَ بِخَير النظرين أما أَن يفدى وَإِمَّا أَن يقتل فَقَامَ رجل من أهل الْيمن يُقَال لَهُ أَبُو شاه فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول الله اكْتُبْ لي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اكتبوا لأبي شاه فَقَالَ الْعَبَّاس: يَا رَسُول الله إِلَّا الإِذخر فَإِنَّهُ لِقُبُورِنَا وبيوتا: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِلَّا الإِذخر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة حرم حرمهَا الله لَا يحل بيع رباعها وَلَا إِجَارَة بيوتها وَأخرج الْأَزْرَقِيّ فِي تَارِيخ مَكَّة عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله {رب اجْعَل هَذَا الْبَلَد آمنا} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن النَّاس لم يحرموا مَكَّة وَلَكِن الله حرمهَا فَهِيَ حرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَإِن من أَعْتَى النَّاس على الله رجل قتل فِي الْحرم وَرجل قتل غير قَاتله وَرجل أَخذ بذحول الْجَاهِلِيَّة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن الْحرم حرم بحياله إِلَى الْعَرْش وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: إِن هَذَا الْحرم حرم مناه من السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع وَإِن هَذَا رَابِع أَرْبَعَة عشر بَيْتا فِي كل سَمَاء بَيت وَفِي كل أَرض بَيت وَلَو وقعن وقعن بَعضهنَّ على بعض وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: الْبَيْت بحذاء الْبَيْت الْمَعْمُور وَمَا بَينهمَا بحذائه إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة وَمَا أَسْفَل مِنْهُ بحذائه إِلَى الأَرْض السَّابِعَة حرَام كُله وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْبَيْت الْمَعْمُور الَّذِي فِي السَّمَاء يُقَال لَهُ الصُّرَاخ وَهُوَ على بِنَاء الْكَعْبَة يعمره كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لم تزره قطّ وَإِن للسّماء السَّابِعَة لحرما على منى حرم مَكَّة

وَأخرج ابْن سعد والأزرقي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول من نصب أنصاب الْحرم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يرِيه ذَلِك جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْفَتْح بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَمِيم بن أَسد الْخُزَاعِيّ فجدد مَا رث مِنْهَا وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن حُسَيْن بن الْقَاسِم قَالَ: سَمِعت بعض أهل الْعلم يَقُول: إِنَّه لما خَافَ آدم على نَفسه من الشَّيْطَان استعاذ بِاللَّه فَأرْسل الله مَلَائكَته حفوا بِمَكَّة من كل جَانب ووقفوا حواليها قَالَ: فَحرم الله الْحرم من حَيْثُ كَانَت الْمَلَائِكَة وقفت قَالَ: وَلما قَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: رَبنَا أرنا مناسكنا نزل إِلَيْهِ جِبْرِيل فَذهب بِهِ فَأرَاهُ الْمَنَاسِك وَوَقفه على حُدُود الْحرم فَكَانَ إِبْرَاهِيم يرضم الْحِجَارَة وَينصب الْأَعْلَام ويحثي عَلَيْهَا التُّرَاب فَكَانَ جِبْرِيل يقفه على الْحُدُود قَالَ: وَسمعت أَن غنم اسماعيل كَانَت ترعى فِي الْحرم وَلَا تجاوزه وَلَا تخرج فَإِذا بلغت منتهاه من نَاحيَة رجعت صابة فِي الْحرم وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة قَالَ إِن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام نصب أنصاب الْحرم يرِيه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ لم تحرّك حَتَّى كَانَ قُصَيْ فجددها ثمَّ لم تحرّك حَتَّى كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبعث عَام الْفَتْح تَمِيم بن أَسد الْخُزَاعِيّ فجددها وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُحَمَّد بن الْأسود بن خلف عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره أَن يجدد أنصاب الْحرم وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ: أَيهَا النَّاس ان هَذَا الْبَيْت لَاق ربه فسائله عَنْكُم أَلا فانظروا فِيمَا هُوَ سَائِلكُمْ عَنهُ من أمره أَلا واذْكُرُوا الله إِذْ كَانَ أحدكُم ساكنه لَا تسفكون فِيهِ دِمَاء وَلَا تمشون فِيهِ بالنميمة وَأخرج الْبَزَّار عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِنَفر من قُرَيْش وهم جُلُوس بِفنَاء الْكَعْبَة فَقَالَ: انْظُرُوا مَا تَعْمَلُونَ فِيهَا فَإِنَّهَا مسئولة عَنْكُم فتخبر عَن أَعمالكُم واذْكُرُوا إِذْ ساكنها من لَا يَأْكُل الرِّبَا وَلَا يمشي بالنميمة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أبي نجيح قَالَ: لم يكن كبار الْحيتَان تَأْكُل صغارها فِي الْحرم زمن الْغَرق وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي عَن جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن عَمه قَالَ: حججْت مَعَ قوم فنزلنا منزلا ومعنا امْرَأَة فانتبهت وحية عَلَيْهَا لَا تضرها شَيْئا حَتَّى

دَخَلنَا انصاب الْحرم فانسابت فَدَخَلْنَا مَكَّة فقضينا نسكنا وانصرفنا حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْمَكَانِ الَّذِي تطوقت عَلَيْهَا فِيهِ الْحَيَّة وَهُوَ الْمنزل الَّذِي نزلنَا فنامت فَاسْتَيْقَظت والحية منطوية عَلَيْهَا ثمَّ صفرت الْحَيَّة فَإِذا بالوادي يسيل علينا حيات فنهشنها حَتَّى بقيت عظاماً فَقلت لجارية كَانَت مَعهَا: وَيحك اخبرينا عَن هَذِه الْمَرْأَة قَالَ: بَغت ثَلَاث مَرَّات كل مرّة تَلد ولدا فَإِذا وَضعته سجرت التَّنور ثمَّ ألقته فِيهِ وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: من أخرج مُسلما من ظله فِي حرم الله من غير ضَرُورَة أخرجه الله من ظلّ عَرْشه يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة والأزرقي عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: إِن كَانَت الْأمة من بني إِسْرَائِيل لتقدم مَكَّة فَإِذا بلغت ذَا طوى خلعت نعليها تَعْظِيمًا للحرم وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ يحجّ من بني إِسْرَائِيل مائَة ألف فَإِذا بلغُوا أنصاب الْحرم خلعوا نعَالهمْ ثمَّ دخلُوا الْحرم حُفَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَت الْأَنْبِيَاء إِذا أَتَت علم الْحرم نزعوا نعَالهمْ وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حج الحواريون فَلَمَّا دخلُوا الْحرم مَشوا تَعْظِيمًا للحرم وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ لما أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ينْطَلق إِلَى الْمَدِينَة اسْتَلم الْحجر وَقَامَ وسط الْمَسْجِد والتفت إِلَى الْبَيْت فَقَالَ: إِنِّي لأعْلم مَا وضع الله فِي الأَرْض بَيْتا أحب إِلَيْهِ مِنْك وَمَا فِي الأَرْض بلد أحب إِلَيْهِ مِنْك وَمَا خرجت عَنْك رَغْبَة وَلَكِن الَّذين كفرُوا هم أَخْرجُونِي وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما خرج من مَكَّة أما وَالله اني لأخرج وَإِنِّي لأعْلم أَنَّك أحب الْبِلَاد إِلَى الله وَأَكْرمهَا على الله وَلَوْلَا أَن أهلك أَخْرجُونِي مِنْك مَا خرجت وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمَكَّة مَا أطيبك وَأَحَبَّك إليّ وَلَوْلَا أَن قَوْمك أَخْرجُونِي مَا سكنت غَيْرك وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة والأزرقي والجندي عَن عبد الله بن عدي بن الْحَمْرَاء قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على نَاقَته وَاقِف بالحزورة يَقُول لمَكَّة: وَالله إِنَّك لخير أَرض الله وَأحب أَرض الله إِلَى الله

وَلَوْلَا أخرجت مَا خرجت وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ بِمَكَّة حَيّ يُقَال لَهُم العماليق فكلنوا فِي عز وثروة وَكَثْرَة فَكَانَت أَمْوَالهم كَثِيرَة من خيل وإبل وماشية فَكَانَت ترعى مَكَّة وَمَا حواليها من مر ونعمان وَمَا حول ذَلِك فَكَانَت الْحَرْف عَلَيْهِم مظلة وَالْأَرْبَعَة مغدقة والأودية بِحَال والغضاه ملتفة وَالْأَرْض مبقلة فَكَانُوا فِي عَيْش رخى فَلم يزل بهم الْبَغي والإِسراف على أنفسهم بالظلم والجهار بِالْمَعَاصِي والاضطهاد لمن قاربهم حَتَّى سلبهم الله ذَلِك فنقصهم بِحَبْس الْمَطَر وتسليط الجدب عَلَيْهِم وَكَانُوا يكرون بِمَكَّة الظل ويبيعون المَاء فَأخْرجهُمْ الله من مَكَّة بِالَّذِي سلطه عَلَيْهِم حَتَّى خَرجُوا من الْحرم فَكَانُوا حوله ثمَّ ساقهم الله بالجدب يضع الْغَيْث أمامهم ويسوقهم بالجدب حَتَّى ألحقهم بمساقط رُؤُوس آبَائِهِم وَكَانُوا قوما غرباء من حمير فَلَمَّا دخلُوا بِلَاد الْيمن تفَرقُوا وهلكوا فأبدل الله الْحرم بعدهمْ جرهم فَكَانُوا سكانه حَتَّى بغوا فِيهِ واستخفوا بِحقِّهِ فأهلكهم الله جَمِيعًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سابط قَالَ: كَانَ إِذا كَانَ الْمَوْسِم بالجاهلية خَرجُوا فَلم يبْق أحد بِمَكَّة وَإنَّهُ تخلف رجل سَارِق فَعمد إِلَى قِطْعَة من ذهب ثمَّ دخل ليَأْخُذ أَيْضا فَلَمَّا أَدخل رَأسه سرة الْبَيْت فوجدوا رَأسه فِي الْبَيْت واسته خَارجه فألقوه للكلاب واصلحوا الْبَيْت وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن حويطب بن عبد الْعُزَّى قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا بِفنَاء الْكَعْبَة فِي الْجَاهِلِيَّة فَجَاءَت امْرَأَة إِلَى الْبَيْت تعوذ بِهِ من زَوجهَا فجَاء زَوجهَا فَمد يَده إِلَيْهَا فيبست يَده فَلَقَد رَأَيْته فِي الإِسلام وَإنَّهُ لأشل وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن جريج قَالَ: الْحطيم مَا بَين الرُّكْن وَالْمقَام وزمزم وَالْحجر وَكَانَ أساف ونائلة رجلا وَامْرَأَة دخلا الْكَعْبَة فقبلها فِيهَا فمسخا حجرين فأخرجا من الْكَعْبَة فنصب أَحدهمَا فِي مَكَان زَمْزَم وَنصب الآخر فِي وَجه الْكَعْبَة ليعتبر بهما النَّاس ويزدجروا عَن مثل مَا ارتكبا فَسُمي هَذَا الْموضع الْحطيم لِأَن النَّاس كَانُوا يحطمون هُنَالك بالإِيمان ويستجاب فِيهِ الدُّعَاء على الظَّالِم للمظلوم فقلّ من دَعَا هُنَالك على ظَالِم إِلَّا هلك وقلّ من حلف هُنَالك آثِما إِلَّا عجلت عَلَيْهِ الْعقُوبَة وَكَانَ ذَلِك يحجز بَين النَّاس عَن الظُّلم ويتهيب النَّاس الإِيمان هُنَالك فَلم يزل ذَلِك كَذَلِك حَتَّى جاؤ الله بالإِسلام فَأخر الله ذَلِك لما أَرَادَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أَيُّوب بن مُوسَى أَن امْرَأَة كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة مَعهَا ابْن عَم لَهَا صَغِير تسب عَلَيْهِ فَقَالَت لَهُ: يَا بني إِنِّي أغيب عَنْك وَإِنِّي أَخَاف عَلَيْك أَن ظلمك ظَالِم فَإِن جَاءَك ظَالِم بعدِي فَإِن لله بَيْتا لَا يُشبههُ شَيْء من الْبيُوت وَلَا يُقَارِبه مفاسد وَعَلِيهِ ثِيَاب فَإِن ظلمك ظَالِم يَوْمًا فعذ بِهِ فَإِن لَهُ رَبًّا يسمعك قَالَ: فَجَاءَهُ رجل فَذهب بِهِ فاسترقه فَلَمَّا رأى الْغُلَام الْبَيْت عرف الصّفة فَنزل يشْتَد حَتَّى تعلق بِالْبَيْتِ وجاءه سَيّده فَمد يَده إِلَيْهِ ليأخذه فيبست يَده فَمد الْأُخْرَى فيبست فاستفتى فِي الْجَاهِلِيَّة فافتي ينْحَر عَن كل وَاحِدَة من يَدَيْهِ بَدَنَة فَفعل فَانْطَلَقت لَهُ يَدَاهُ وَترك الْغُلَام وخلى سَبيله وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عبد الْمطلب بن ربيعَة بن الْحَرْث قَالَ: غَدا رجل من بني كنَانَة من هُذَيْل فِي الْجَاهِلِيَّة عَليّ ابْن عَم لَهُ يَظْلمه واضطهده فَنَاشَدَهُ بِاللَّه وَالرحم فَأبى إِلَّا ظلمه فلحق بِالْحرم فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوك دُعَاء جَاهد مُضْطَر على فلَان ابْن عمي لترمينه بداء لَا دَوَاء لَهُ قَالَ: ثمَّ انْصَرف فَوجدَ ابْن عَمه قد رمي فِي بَطْنه فَصَارَ مثل الزق فمازالت تنتفخ حَتَّى اشتق قَالَ عبد الْمطلب: فَحدثت هَذَا الحَدِيث ابْن عَبَّاس فَقَالَ: رَأَيْت رجلا دَعَا على ابْن عَم لَهُ بالعمى فرأيته يُقَاد أعمى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ: يَا أهل مَكَّة اتَّقوا الله فِي حرمكم هَذَا أَتَدْرُونَ من كَانَ سَاكن حرمكم هَذَا من قبلكُمْ كَانَ فِيهِ بَنو فلَان فاحلوا حرمته فهلكوا وَبَنُو فلَان فاحلوا حرمته فهلكوا حَتَّى عد مَا شَاءَ ثمَّ قَالَ: وَالله لِأَن أعمل عشر خَطَايَا بِغَيْرِهِ أحب إِلَيّ من أَن أعمل وَاحِدَة بِمَكَّة

وَأخرج الجندي عَن طَاوس قَالَ: إِن أهل الْجَاهِلِيَّة لم يَكُونُوا يصيبون فِي الْحرم شَيْئا إِلَّا عجل لَهُم ويوشك أَن يرجع الْأَمر إِلَى ذَلِك وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي وَابْن خُزَيْمَة عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ لقريش: إِنَّه كَانَ وُلَاة هَذَا الْبَيْت قبلكُمْ طسم فاستخفوا بِحقِّهِ وَاسْتَحَلُّوا حرمته فأهلكهم الله ثمَّ ولى بعدهمْ جرهم فاستخفوا بِحقِّهِ وَاسْتَحَلُّوا حرمته فأهلكهم الله فَلَا تهاونوا بِهِ وعظموا حرمته وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لِأَن اخطىء سبعين خَطِيئَة مزكية أحب إِلَيّ من أَن أخطىء خَطِيئَة وَاحِدَة بِمَكَّة وَأخرج الجندي عَن مُجَاهِد قَالَ: تضعف بِمَكَّة السَّيِّئَات كَمَا تضعف الْحَسَنَات وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن جريج قَالَ: بَلغنِي أَن الْخَطِيئَة بِمَكَّة مائَة خَطِيئَة والحسنة على نَحْو ذَلِك وَأخرج أَبُو بكر الوَاسِطِيّ فِي فَضَائِل بَيت الْمُقَدّس عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن مَكَّة بلد عظمه الله وَعظم حرمته خلق مَكَّة وحفها بِالْمَلَائِكَةِ قبل أَن يخلق شَيْئا من الأَرْض يَوْمئِذٍ كلهَا بِأَلف عَام وَوصل الْمَدِينَة بِبَيْت الْمُقَدّس ثمَّ خلق الأَرْض كلهَا بعد ألف عَام خلقا وَاحِدًا أما قَوْله تَعَالَى: {وارزق أَهله من الثمرات} أخرج الأرزرقي عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما وضع الله الْحرم نقل لَهُ الطَّائِف من فلسطين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي قَالَ: بَلغنِي أَنه لما دَعَا إِبْرَاهِيم للحرم {وارزق أَهله من الثمرات} نقل الله الطَّائِف من فلسطين وَأخرج الن أبي حَاتِم والأزرقي عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: إِن الله نقل قَرْيَة من قرى الشَّام فوضعها بِالطَّائِف لدَعْوَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب بن يسَار قَالَ: سَمِعت بعض ولد نَافِع بن جُبَير بن مطعم وَغَيره يذكرُونَ أَنهم سمعُوا: أَنه لما دَعَا إِبْرَاهِيم بِمَكَّة أَن يرْزق أَهله من الثمرات نقل الله أَرض الطَّائِف من الشَّام فوضعها هُنَالك رزقا للحرم وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: دَعَا إِبْرَاهِيم للْمُؤْمِنين وَترك الكفرا لم يدع لَهُم بِشَيْء فَقَالَ {وَمن كفر فأمتعه قَلِيلا ثمَّ أضطره إِلَى عَذَاب النَّار وَبئسَ الْمصير} وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وارزق أَهله من الثمرات من آمن} قَالَ: استرزق إِبْرَاهِيم لمن آمن بِاللَّه وباليوم الآخر قَالَ الله: وَمن كفر فَأَنا أرزقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من آمن مِنْهُم بِاللَّه} قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيم احتجرها على الْمُؤمنِينَ دون النَّاس فَأنْزل فِي قَوْله {وَمن كفر} أَيْضا فَأَنا أرزقهم كَمَا أرزق الْمُؤمنِينَ أخلق خلقا لأرزقهم {فأمتعه قَلِيلا ثمَّ أضطره إِلَى عَذَاب النَّار} ثمَّ قَرَأَ ابْن عَبَّاس (كلاًّ نمد هَؤُلَاءِ) (الإِسراء الْآيَة 20) الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله {وَمن كفر} : إِن هَذَا من قَول الرب قَالَ {وَمن كفر فأمتعه قَلِيلا} وَقَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا من قَول إِبْرَاهِيم يسْأَل ربه أَن من كفر فامتعه قَلِيلا قلت: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ {فامتعه} بِلَفْظ الْأَمر فَلذَلِك قَالَ هُوَ من قَول إِبْرَاهِيم

127

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت وَإِسْمَاعِيل رَبنَا تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْقَوَاعِد أساس الْبَيْت وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والجندي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ: سلوني يَا معشر الشَّبَاب فَإِنِّي قد أوشكت أَن أذهب من بَين أظْهركُم فَأكْثر النَّاس مَسْأَلته فَقَالَ لَهُ رجل: أصلحك الله أَرَأَيْت الْمقَام أهوَ كَمَا نتحدث قَالَ: وماذا كنت تَتَحَدَّث قَالَ: كُنَّا نقُول أَن غبراهيم حِين جَاءَ عرضت عَلَيْهِ امْرَأَة اسماعيل النُّزُول فَأبى أَن ينزل فَجَاءَت بِهَذَا الْحجر فَقَالَ: لَيْسَ كَذَلِك فَقَالَ سعيد بن جُبَير: قَالَ ابْن عَبَّاس: إِن أوّل من اتخذ المناطق من النِّسَاء أم اسماعيل اتَّخذت منطقاً لتعفي أَثَرهَا على سارة ثمَّ جَاءَ بهَا إِبْرَاهِيم وبابنها اسماعيل وَهِي ترْضِعه حَتَّى وضعهما عِنْد الْبَيْت عِنْد دوحة فَوق زَمْزَم فِي أَعلَى الْمَسْجِد وَلَيْسَ بِمَكَّة يَوْمئِذٍ أحد وَلَيْسَ بهَا مَاء فوضعهما هُنَالك وَوضع عِنْدهمَا جراباً فِيهِ تمر وسقاء فِيهِ مَاء ثمَّ قفى إِبْرَاهِيم مُنْطَلقًا فتبعته أم اسماعيل فَقَالَت: يَا إِبْرَاهِيم أَيْن تذْهب وتتركنا بِهَذَا الْوَادي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أنس وَلَا شَيْء قَالَت لَهُ ذَلِك مرَارًا وَجعل لَا يلْتَفت إِلَيْهِمَا قَالَت لَهُ: آللَّهُ أَمرك بِهَذَا قَالَ: نعم قَالَت: إِذا لَا يضيعنا ثمَّ رجعت فَانْطَلق إِبْرَاهِيم حَتَّى إِذا كَانَ عِنْد الثَّنية حَيْثُ لَا يرونه اسْتقْبل بِوَجْهِهِ الْبَيْت ثمَّ دَعَا بهؤلاء الدَّعْوَات وَرفع يَدَيْهِ قَالَ (رَبنَا إِنِّي أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع عِنْد بَيْتك الْمحرم رَبنَا ليقيموا الصَّلَاة فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم وارزقهم من الثمرات لَعَلَّهُم يشكرون) (إِبْرَاهِيم الْآيَة 37) وَجعلت أم اسماعيل ترْضع اسماعيل وتشرب من ذَلِك المَاء حَتَّى إِذا نفذ مَا فِي السقاء

عطشت وعطش ابْنهَا وَجعلت تنظر إِلَيْهِ يتلوى أَو قَالَ: يتلبط فَانْطَلَقت كَرَاهِيَة أَن تنظر إِلَيْهِ فَوجدت الصَّفَا أقرب جبل فِي الأَرْض يَليهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثمَّ اسْتقْبلت الْوَادي تنظر هَل ترى أحدا فَلم تَرَ أحدا فَهَبَطت من الصَّفَا حَتَّى إِذا بلغت الْوَادي رفعت طرف درعها ثمَّ سعت سعي الإِنسان المجهود حَتَّى جَاوَزت الْوَادي ثمَّ أَتَت الْمَرْوَة فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنظرت هَل ترى أحدا فَفعلت ذَلِك سبع مَرَّات قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلذَلِك سعى النَّاس بَينهمَا فَلَمَّا أشرفت على الْمَرْوَة سَمِعت صَوتا فَقَالَت: صه تُرِيدُ نَفسهَا ثمَّ تسمعت فَسمِعت صَوتا أَيْضا فَقَالَت: قد اسمعت ان كَانَ عنْدك غواث - فَإِذا هِيَ بِالْملكِ مَوضِع زَمْزَم فنجت بعقبه - أَو قَالَ بجناحه - حَتَّى ظهر المَاء فَجعلت تخوضه بِيَدِهَا وتغرف من المَاء فِي سقائها وَهِي تَفُور بَعْدَمَا تغرف قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرحم الله أم اسماعيل لَو تركت زَمْزَم - أَو قَالَ - لَو لم تغرف من المَاء لكَانَتْ زَمْزَم عينا معينا فَشَرِبت وأرضعت وَلَدهَا فَقَالَ لَهَا الْملك: لاتخافي الضَّيْعَة فَإِن هَهُنَا بَيْتا لله عز وَجل يبنيه هَذَا الْغُلَام وَأَبوهُ وَأَن الله لَا يضيع أَهله وَكَانَ الْبَيْت مرتفعاً من الأَرْض كالرابية تَأتيه السُّيُول فتأخذ عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله فَكَانَت كَذَلِك حَتَّى مرت بهم رفْقَة من جرهم أَو أهل بَيت من جرهم مُقْبِلين من طَرِيق كَذَا فنزلوا فِي أَسْفَل مَكَّة فَرَأَوْا طائراً عائفاً فَقَالُوا: إِن هَذَا الطَّائِر ليدور على المَاء لعهدنا بِهَذَا الْوَادي وَمَا فِيهِ مَاء فأرسلوا جَريا أَو جريين فَإِذا هم بِالْمَاءِ فَرَجَعُوا فَأَخْبرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا قَالَ: وَأم اسماعيل عِنْد المَاء فَقَالُوا بِهِ: أَتَأْذَنِينَ لنا أَن ننزل عنْدك قَالَت: نعم وَلَكِن لَا حق لكم فِي المَاء قَالُوا: نعم قَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فألفى ذَلِك أم اسماعيل وَهِي تحب الْأنس فنزلوا وَأَرْسلُوا إِلَى أَهْليهمْ فنزلوا مَعَه حَتَّى إِذا كَانَ بهَا أهل أَبْيَات مِنْهُم وشب الْغُلَام وَتعلم الْعَرَبيَّة مِنْهُم وأنفسهم وأعجبهم حِين شب فلمّا أدْرك زوجوه امْرَأَة مِنْهُم وَمَاتَتْ أم اسماعيل فجَاء إِبْرَاهِيم بَعْدَمَا تزوج اسماعيل يطالع تركته فَلم يجد اسماعيل فَسَأَلَ زَوجته عَنهُ فَقَالَت: خرج يَبْتَغِي لنا ثمَّ سَأَلَهَا عَن عيشهم وهيئتهم فَقَالَت: نَحن بشر فِي ضيق وَشدَّة وَشَكتْ إِلَيْهِ قَالَ: إِذا جَاءَ زَوجك فاقرئي عَلَيْهِ السَّلَام وَقَوْلِي لَهُ يُغير عتبَة بَابه

فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيل كَأَنَّهُ آنس شَيْئا فَقَالَ: هَل جَاءَكُم من أحد قَالَت: نعم جَاءَنَا شيخ كَذَا وَكَذَا فَسَأَلَنِي عَنْك فَأَخْبَرته وسألني كَيفَ عيشنا فَأَخْبَرته أَنا فِي جهد وَشدَّة قَالَ: فَهَل أَوْصَاك بِشَيْء قَالَت: نعم أَمرنِي أَن أقرىء عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول: غير عتبَة بابك قَالَ: ذَاك أبي وَأَمرَنِي أَن أُفَارِقك فالحقي بأهلك فَطلقهَا وتزوّج مِنْهُم أُخْرَى فَلبث عَنْهُم إِبْرَاهِيم مَا شَاءَ الله ثمَّ أَتَاهُم بعد ذَلِك فَلم يجده فَدخل على امْرَأَته فَسَأَلَهَا عَنهُ فَقَالَت: خرج يَبْتَغِي لنا قَالَ: كَيفَ أَنْتُم وسألها عَن عيشهم وهيئتهم فَقَالَت: نَحن بِخَير وسعة وأثنت على الله فَقَالَ: مَا طَعَامكُمْ قَالَت: اللَّحْم قَالَ: فَمَا شرابكم فَقَالَت: المَاء فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِي اللَّحْم وَالْمَاء قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يكن لَهُم يَوْمئِذٍ حب وَلَو كَانَ لَهُم حب لدعا لَهُم فِيهِ قَالَ: فهما لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أحد بِغَيْر مَكَّة إِلَّا لم يوافقاه قَالَ: فَإِذا جَاءَ زَوجك فاقرئي عَلَيْهِ السَّلَام ومريه يثبت عتبَة بَابه فَلَمَّا جَاءَ اسماعيل قَالَ: هَل أَتَاكُم من أحد قَالَت: نعم أَتَانَا شيخ حسن الْهَيْئَة وأثنت عَلَيْهِ فَسَأَلَنِي عَنْك فَأَخْبَرته وسألني كَيفَ عيشنا فَأَخْبَرته أَنا بِخَير قَالَ: أما أَوْصَاك بِشَيْء قَالَت: نعم وَهُوَ يقْرَأ السَّلَام ويأمرك أَن تثبت عتبَة بابك قَالَ: ذَاك أبي وَأَنت العتبة فَأمرنِي أَن أمسكك ثمَّ لبث عَنْهُم مَا شَاءَ الله ثمَّ جَاءَ بعد ذَلِك واسماعيل يبري نبْلًا تَحت دوحة قَرِيبا من زَمْزَم فَمَا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فصنعا كَمَا يصنع الْوَلَد بالوالد وَالْوَالِد بِالْوَلَدِ ثمَّ قَالَ: يَا اسماعيل إِن الله أَمرنِي بِأَمْر قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمرك قَالَ: وتعينني قَالَ: وأعينك قَالَ: فَإِن الله أَمرنِي أَن أبني هَهُنَا بَيْتا وَأَشَارَ إِلَى أكمة مُرْتَفعَة على مَا حولهَا قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِك رفع الْقَوَاعِد من الْبَيْت فَجعل اسماعيل يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيم يَبْنِي حَتَّى إِذا ارْتَفع الْبناء جَاءَ بِهَذَا الْحجر فَوَضعه لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي واسماعيل يناوله الْحِجَارَة وهما يَقُولَانِ: رَبنَا تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم قَالَ معمر: وَسمعت رجلا يَقُول: كَانَ إِبْرَاهِيم يَأْتِيهم على الْبراق قَالَ معمر: وَسمعت رجلا يذكر أَنَّهُمَا حِين التقيا بكيا حَتَّى أجابتهما الطير وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات عَن أبي جهم بن حُذَيْفَة بن غَانِم قَالَ: أوحى الله عز وَجل إِلَى إِبْرَاهِيم يَأْمُرهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى بَلَده الْحَرَام فَركب إِبْرَاهِيم الْبراق وَجعل اسماعيل أَمَامه وَهُوَ ابْن سِتِّينَ وَهَاجَر خَلفه وَمَعَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يدله على مَوضِع

@ 307 الْبَيْت حَتَّى قدم بِهِ مَكَّة فَأنْزل اسماعيل وَأمه إِلَى جَانب الْبَيْت ثمَّ انْصَرف إِبْرَاهِيم إِلَى الشَّام ثمَّ أوحى الله إِلَى إِبْرَاهِيم أَن يَبْنِي الْبَيْت وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن مائَة سنة واسماعيل يَوْمئِذٍ ابْن ثَلَاثِينَ فبناه مَعَه وَتُوفِّي اسماعيل بعد أَبِيه فَدفن دَاخل الْحجر مِمَّا يَلِي الْكَعْبَة مَعَ أمه هَاجر وَولي ثَابت بن اسماعيل الْبَيْت بعد أَبِيه مَعَ أَخْوَاله جرهم وَأخرج الديلمي عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت} الْآيَة قَالَ جَاءَت سَحَابَة على تربيع الْبَيْت لَهَا رَأس تَتَكَلَّم ارْتِفَاع الْبَيْت على تربيعي فرفعاه على تربيعها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وايحق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَعبد بن حميد والحرث بن أبي أُسَامَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والأزرقي وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق خَالِد بن عرْعرة عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن رجلا قَالَ لَهُ: أَلا تُخبرنِي عَن الْبَيْت أهوَ أول بَيت وضع فِي الأَرْض قَالَ: لَا وَلكنه أول بَيت وضع للنَّاس فِيهِ الْبركَة وَالْهدى ومقلم إِبْرَاهِيم وَمن دخله كَانَ آمنا ثمَّ حدث أَن إِبْرَاهِيم لما أَمر بِبِنَاء الْبَيْت ضَاقَ بِهِ ذرعاً فَلم يدر كَيفَ يبنيه فَأرْسل الله إِلَيْهِ السكينَة - وَهِي ريح خجوج وَلها رأسان - فتطوّقت لَهُ على مَوضِع الْبَيْت وَأمر إِبْرَاهِيم أَن يَبْنِي حَيْثُ تَسْتَقِر السكينَة فَبنى إِبْرَاهِيم فلمّا بلغ مَوضِع الْحجر قَالَ لاسماعيل: اذْهَبْ فالتمس لي حجرا أَضَعهُ هَهُنَا فَذهب اسماعيل يطوف فِي الْجبَال فَنزل جِبْرِيل بِالْحجرِ فَوَضعه فجَاء اسماعيل فَقَالَ: من أَيْن هَذَا الْحجر قَالَ: جَاءَ بِهِ من لم يتكل على بنائي وَلَا بنائك فَلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث ثمَّ انْهَدم فبنته العمالقة ثمَّ انْهَدم فبنته جرهم ثمَّ انْهَدم فبنته قُرَيْش فَلَمَّا أَرَادوا أَن يضعوا الْحجر تشاحنوا فِي وَضعه فَقَالُوا: أول من يخرج من هَذَا الْبَاب فَهُوَ يَضَعهُ فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قبل بَاب بني شيبَة فَأمر بِثَوْب فَبسط فَأخذ الْحجر فَوَضعه فِي وَسطه وَأمر من كل فَخذ من أفخاذ قُرَيْش رجلا يَأْخُذ بناية الثَّوْب فَرَفَعُوهُ فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ فَوَضعه فِي مَوْضِعه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والأزرقي وَالْحَاكِم من طَرِيق سعيد بن الْمسيب عَن عَليّ قَالَ: أقبل إِبْرَاهِيم على أرمينية وَمَعَهُ السكينَة تدله على مَوضِع الْبَيْت كَمَا تبني العنكبوت بَيتهَا فحفر من تَحت السكينَة فأبدى عَن قَوَاعِد الْبَيْت مَا يُحَرك الْقَاعِدَة مِنْهَا دون ثَلَاثِينَ رجلا قلت: يَا أَبَا مُحَمَّد فان الله يَقُول {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت} قَالَ: كَانَ ذَلِك بعد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي وقله {يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد} قَالَ: الْقَوَاعِد الَّتِي كَانَت قَوَاعِد الْبَيْت قبل ذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والجندي عَن عَطاء قَالَ: قَالَ آدم: أَي رب مَا لي لَا أسمع أصوات الْمَلَائِكَة قَالَ: لخطيئتك وَلَكِن اهبط إِلَى الأَرْض فَابْن لي بَيْتا ثن احفف بِهِ كَمَا رَأَيْت الْمَلَائِكَة تحف ببيتي الَّذِي فِي السَّمَاء فَزعم النَّاس أَنه بناه من خَمْسَة جبال من حراء ولبنان وطورزيتا وطورسينا والجودي فَكَانَ هَذَا بِنَاء آدم حَتَّى بناه إِبْرَاهِيم بعده وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: لما أهبط الله آدم من الْجنَّة قَالَ: إِنِّي مهبط مَعَك بَيْتا يُطَاف حوله كَمَا يكاف حول عَرْشِي وَيصلى عِنْده كَمَا يصلى عِنْد عَرْشِي فَلَمَّا كَانَ زمن الطوفان رَفعه الله إِلَيْهِ فَكَانَت الْأَنْبِيَاء يحجونه وَلَا يعلمُونَ مَكَانَهُ حَتَّى بوّأه الله بعد لإِبراهيم وأعلمه مَكَانَهُ فبناه من خَمْسَة جبال: حراء ولبنان وثيبر وجبل الطّور وجبل الْحمر وَهُوَ جبل بِبَيْت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وضع الْبَيْت على أَرْكَان المَاء على أَرْبَعَة قبل أَن تخلق الدُّنْيَا بألفي عَام ثمَّ دحيت الأَرْض من تَحت الْبَيْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق والأزرقي فِي تَارِيخ مَكَّة والجندي عَن مُجَاهِد قَالَ: خلق الله مَوضِع الْبَيْت الْحَرَام من قبل أَن يخلق شَيْئا من الأَرْض بألفي سنة وأركانه فِي الأَرْض السَّابِعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن علياء بن أَحْمَر أَن ذَا القرنين قدم مَكَّة فَوجدَ إِبْرَاهِيم واسماعيل يبنيان قَوَاعِد الْبَيْت من خَمْسَة جبال فَقَالَ: مَا لَكمَا ولأرضي فَقَالَا: نَحن عَبْدَانِ مأموران أمرنَا بِبِنَاء هَذِه الْكَعْبَة قَالَ: فهاتا بِالْبَيِّنَةِ على مَا تدعيان فَقَامَ خَمْسَة أكباش فَقُلْنَ: نَحن نشْهد أَن اسماعيل وَإِبْرَاهِيم عَبْدَانِ مأموران أمرا بِبِنَاء هَذِه الْكَعْبَة فَقَالَ: قد رضيت وسلمت ثمَّ مضى وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن الْحرم حرم بحياله إِلَى الْعَرْش وَذكر لنا أَن الْبَيْت هَبَط مَعَ آدم حِين هَبَط قَالَ الله لَهُ: اهبط مَعَك بَيْتِي يُطَاف

حوله كَمَا يُطَاف حول عَرْشِي فَطَافَ آدم حوله وَمن كَانَ بعده من الْمُؤمنِينَ حَتَّى إِذا كَانَ زمن الطوفان حِين أغرق الله قوم نوح رَفعه وطهره فَلم تصبه عُقُوبَة أهل الأَرْض فتتبع مِنْهُ آدم أثرا فبناه على أساس قديم كَانَ قبله وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: بني الْبَيْت من أَرْبَعَة جبال من حراء وطورزيتا وطورسينا ولبنان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن السّديّ قَالَ: خرج آدم من الْجنَّة وَمَعَهُ حجر فِي يَده وورق فِي الْكَفّ الآخر فَبَثَّ الْوَرق فِي الْهِنْد فَمِنْهُ مَا ترَوْنَ من الطّيب وَأما الْحجر فَكَانَ ياقوتة بَيْضَاء يستضاء بهَا فَلَمَّا بنى إِبْرَاهِيم الْبَيْت فَبلغ مَوضِع الْحجر قَالَ لاسماعيل: ائْتِنِي بِحجر أَضَعهُ هَهُنَا فَأَتَاهُ بِحجر من الْجَبَل فَقَالَ: غير هَذَا فَرده مرَارًا لَا يرضى مَا يَأْتِيهِ بِهِ فَذهب مرّة وَجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِحجر من الْهِنْد الَّذِي خرج بِهِ آدم من الْجنَّة فَوَضعه فَلَمَّا جَاءَ اسماعيل قَالَ: من جَاءَك بِهَذَا قَالَ: من هُوَ أنشط مِنْك وَأخرج الثَّعْلَبِيّ قَالَ: سَمِعت أَبَا الْقَاسِم الْحسن بن مُحَمَّد بن حبيب يَقُول: سَمِعت أَبَا بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْقطَّان الْبَلْخِي وَكَانَ عَالما بِالْقُرْآنِ يَقُول: كَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يتَكَلَّم بالسُّرْيَانيَّة وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام يتَكَلَّم بِالْعَرَبِيَّةِ وكل وَاحِد مِنْهُمَا يعرف مَا يَقُول صَاحبه وَلَا يُمكنهُ التفوّه بِهِ فَكَانَ إِبْرَاهِيم يَقُول لإِسماعيل: هَل لي كثيباً - يَعْنِي ناولني حجرا - وَيَقُول لَهُ اسماعيل: هاك الْحجر فَخذه قَالَ: فَبَقيَ مَوضِع حجر فَذهب إِسْمَاعِيل يبغيه فجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِحجر من السَّمَاء فَأتى إِسْمَاعِيل وَقد ركب إِبْرَاهِيم الْحجر فِي مَوْضِعه فَقَالَ: يَا أَبَت من أَتَاك بِهَذَا قَالَ: أَتَانِي من لم يتكل على بنائك فأتما الْبَيْت فَذَلِك قَوْله عز وَجل {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت وَإِسْمَاعِيل} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شهَاب قَالَ لما بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحلم أجمرت امْرَأَة الْكَعْبَة فطارت شرارة من مجمرتها فِي ثِيَاب الْكَعْبَة فاحترقت فهدموها حَتَّى إِذا بنوها فبلغوا مَوضِع الرُّكْن اختصمت قُرَيْش فِي الرُّكْن أَي الْقَبَائِل تلِي رَفعه فَقَالُوا: تَعَالَوْا نحكم أول من يطلع علينا فطلع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ غُلَام عَلَيْهِ وشاح نمرة فحكموه فَأمر بالركن فَوضع فِي ثوب ثمَّ أخرج سيد كل قَبيلَة فَأعْطَاهُ نَاحيَة من الثَّوْب ثمَّ ارْتقى هُوَ فَرفعُوا إِلَيْهِ الرُّكْن فَكَانَ هُوَ يَضَعهُ ثمَّ طفق لَا يزْدَاد على

الألسن إِلَّا رَضِي حَتَّى دَعوه الْأمين قبل أَن ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي فطفقوا لَا ينحرون جزوراً إِلَّا التمسوه فيدعو لَهُم فِيهَا وَأخرج أَبُو الْوَلِيد الْأَزْرَقِيّ فِي تَارِيخ مَكَّة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ كَعْب الْأَحْبَار: كَانَت الْكَعْبَة غثاء على المَاء قبل أَن يخلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض بِأَرْبَعِينَ سنة وَمِنْهَا دحيت الأَرْض وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: خلق الله هَذَا الْبَيْت قبل أَن يخلق شَيْئا من الْأَرْضين وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما كَانَ الْعَرْش على المَاء قبل أَن يخلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض بعث الله تَعَالَى ريحًا هفافة فصفقت الرّيح المَاء فأبرزت عَن حَشَفَة فِي مَوضِع الْبَيْت كَأَنَّهَا قبَّة فدحا الله تَعَالَى الأَرْض من تحتهَا - فمادت ثمَّ مادت فأوتدها الله بالجبال فَكَانَ أول جبل وضع فِيهِ أَبُو قبيس فَلذَلِك سميت أم الْقرى وَأخرج عبد بن حميد عَن أبن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْبَيْت على أَرْبَعَة أَرْكَان فِي المَاء قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فدحيت الأَرْض من تَحْتَهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: دحيت الأَرْض من تَحت الْكَعْبَة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن إِن رجلا سَأَلَهُ مَا بَدْء هَذَا الطّواف بِهَذَا الْبَيْت لم كَانَ وأنى كَانَ وَحَيْثُ كَانَ فَقَالَ: اما بَدْء هَذَا الطّواف بِهَذَا الْبَيْت فَإِن الله تَعَالَى قَالَ للْمَلَائكَة (إِنِّي جَاهِل فِي الأَرْض خَليفَة) (الْبَقَرَة الْآيَة 30) فَقَالَت: رب أَي خَليفَة من غَيرنَا مِمَّن يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء ويتحاسدون ويتباغضون أَي رب اجْعَل ذَلِك الخليفه منا فَنحْن لَا نفسد فِيهَا وَلَا نسفك الدِّمَاء وَلَا نتباغض وَلَا نتحاسد وَلَا نتباغى وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك ونطيعك وَلَا نَعْصِيك قَالَ الله تَعَالَى (إِنِّي أعلم مَا لَا تعلمُونَ) (الْبَقَرَة الْآيَة 30) قَالَ: فَظَنَنْت الْمَلَائِكَة أَن مَا قَالُوا رد على رَبهم عز وَجل وَإنَّهُ قد غضب عَلَيْهِم من قَوْلهم فلاذوا بالعرش وَرفعُوا رؤوسهم وأشاروا بالأصابع يَتَضَرَّعُونَ ويبكون اشفاقاً لغضبه فطافوا بالعرش ثَلَاث سَاعَات فَنظر الله إِلَيْهِم فَنزلت الرَّحْمَة عَلَيْهِم فَوضع الله سُبْحَانَهُ تَحت الْعَرْش بَيْتا على أَربع أساطين من زبرجد وغشاهن بياقوتة حَمْرَاء وَسمي الْبَيْت الضراح ثمَّ قَالَ الله

للْمَلَائكَة: طوفوا بِهَذَا الْبَيْت ودعو الْعَرْش فطافت الْمَلَائِكَة بِالْبَيْتِ وَتركُوا الْعَرْش فَصَارَ أَهْون عَلَيْهِم وَهُوَ الْبَيْت الْمَعْمُور الَّذِي ذكره الله يدْخلهُ كل يَوْم وَلَيْلَة سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون فِيهِ أبدا ثمَّ أَن الله تَعَالَى بعث مَلَائكَته فَقَالَ: ابْنُوا لي بَيْتا فِي الأَرْض بمثاله وَقدره فَأمر الله سُبْحَانَهُ من فِي الأَرْض من خلقه أَن يطوفوا بِهَذَا الْبَيْت كَمَا تَطوف أهل السَّمَاء بِالْبَيْتِ الْمَعْمُور وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن لَيْث بن معَاذ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الْبَيْت خَامِس خَمْسَة عشر بَيْتا سَبْعَة مِنْهَا فِي السَّمَاء وَسَبْعَة مِنْهَا إِلَى تخوم الأَرْض السُّفْلى واعلاها الَّذِي يَلِي الْعَرْش الْبَيْت الْمَعْمُور لكل بَيت مِنْهَا حرم كحرم هَذَا الْبَيْت لَو سقط مِنْهَا بَيت لسقط بَعْضهَا على بعض إِلَى تخوم الأَرْض السُّفْلى وَلكُل بَيت من أهل السَّمَاء وَمن أهل الأَرْض من يعمره كَمَا يعمر هَذَا الْبَيْت وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عَمْرو بن يسَار الْمَكِّيّ قَالَ: بَلغنِي إِن الله إِذا أَرَادَ أَن يبْعَث ملكا من الْمَلَائِكَة لبَعض أُمُوره فِي الأَرْض استأذنه ذَلِك الْملك فِي الطّواف ببيته فهبط الْملك مهلا وَأخرج ابْن الْمُنْذر والأزرقي عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: لما تَابَ الله على آدم أمره أَن يسير إِلَى مَكَّة فطوى لَهُ المفاوز وَالْأَرْض فَصَارَ كل مفاوزة يمر بهَا خطْوَة وَقبض لَهُ مَا كَانَ فِيهَا من مَخَاض أَو بَحر فَجعله لَهُ خطْوَة فَلم يضع قدمه فِي شَيْء من الأَرْض إِلَّا صَار عمراناً وبركة حَتَّى انْتهى إِلَى مَكَّة فَكَانَ قبل ذَلِك قد اشْتَدَّ بكاؤه وحزنه لما كَانَ بِهِ من عظم الْمُصِيبَة حَتَّى أَن كَانَت الْمَلَائِكَة لتبكي لبكائه وتحزن لحزنه فَعَزاهُ الله بخيمة من خيام الْجنَّة وَضعهَا لَهُ بِمَكَّة فِي مَوضِع الْكَعْبَة قبل أَن تكون الْكَعْبَة وَتلك الْخَيْمَة ياقوتة حَمْرَاء من يَوَاقِيت الْجنَّة فِيهَا ثَلَاث قناديل من ذهب فِيهَا نور يلتهب من نور الْجنَّة وَنزل مَعهَا يَوْمئِذٍ الرُّكْن وَهُوَ يَوْمئِذٍ ياقوتة بَيْضَاء من ربض الْجنَّة وَكَانَ كرسياً لآدَم يجلس عَلَيْهِ فَلَمَّا صَار آدم بِمَكَّة حرسه الله وحرس لَهُ تِلْكَ الْخَيْمَة بِالْمَلَائِكَةِ كَانُوا يحرسونها ويذودون عَنْهَا سكان الأَرْض وساكنها يَوْمئِذٍ الْجِنّ وَالشَّيَاطِين وَلَا يَنْبَغِي لَهُم أَن ينْظرُوا إِلَى شَيْء من الْجنَّة لِأَنَّهُ من نظر إِلَى شَيْء من الْجنَّة وَجَبت لَهُ وَالْأَرْض يَوْمئِذٍ طَاهِرَة نقية طيبَة لم تنجس وَلم يسفك فِيهَا الدَّم وَلم يعْمل فِيهَا بالخطايا فَلذَلِك جعلهَا الله مسكن الْمَلَائِكَة وجعلهم فِيهَا كَمَا كَانُوا فِي السَّمَاء يسبحون اللَّيْل وَالنَّهَار لَا يفترون

وَكَانَ وقوفهم على أَعْلَام الْحرم صفا وَاحِدًا مستدبرين بِالْحرم كُله من خَلفهم وَالْحرم كُله أمامهم وَلَا يجوزهم جني وَلَا شَيْطَان من أجل مقَام الْمَلَائِكَة حرم الْحرم حَتَّى الْيَوْم وَوضعت أَعْلَامه حَيْثُ كَانَ مقَام الْمَلَائِكَة وَحرم الله على حوّاء دُخُول الْحرم وَالنَّظَر إِلَى خيمة آدم من أجل خطيئتها الَّتِي أَخْطَأت فِي الْجنَّة فَلم تنظر إِلَى شَيْء من ذَلِك حَتَّى قبضت وَأَن آدم إِذا أَرَادَ لقاءها لَيْلَة ليلم بهَا للْوَلَد خرج من الْحرم كُله حَتَّى يلقاها فَلم تزل خيمة آدم مَكَانهَا حَتَّى قبض الله آدم ورفعها إِلَيْهِ وَبنى بَنو آدم من بعْدهَا مَكَانهَا بَيْتا بالطين وَالْحِجَارَة فَلم يزل معموراً يعمرونه وَمن بعدهمْ حَتَّى كَانَ زمن نوح فنسفه الْغَرق وخفي مَكَانَهُ فَلَمَّا بعث الله إِبْرَاهِيم خَلِيله طلب الأساس الأول الَّذِي وضع بَنو آدم فِي مَوضِع الْخَيْمَة فَلم يزل يحْفر حَتَّى وصل إِلَى الْقَوَاعِد الَّتِي وضع بَنو آدم فِي مَوضِع الْخَيْمَة فَلَمَّا وصل إِلَيْهَا ظلل الله لَهُ مَكَان الْبَيْت بغمامة فَكَانَت حفاف الْبَيْت الأول فَلم تزل راكدة على حفافه تظل إِبْرَاهِيم وتهديه مَكَان الْقَوَاعِد حَتَّى رفع الْقَوَاعِد قامة ثمَّ انكشفت الغمامة فَذَلِك قَوْله عز وجا (وَإِذ بؤانا لإِبْرَاهِيم مَكَان الْبَيْت) (الْحَج الْآيَة 26) للغمامة الَّتِي ركدت على الحفاف لتهديه مَكَان الْقَوَاعِد فَلم يزل يحمد الله مذ رَفعه الله معموراً قَالَ وهب بن مُنَبّه: وقرأت فِي كتاب من كتب الأول ذكر فِيهِ أَمر الْكَعْبَة فَوجدَ فِيهِ أَن لَيْسَ من ملك بَعثه الله إِلَى الأَرْض إِلَّا أمره بزيارة الْبَيْت فينقض من عِنْد الْعَرْش محرما ملبياً حَتَّى يسْتَلم الْحجر ثمَّ يطوف سبعا بِالْبَيْتِ وَيُصلي فِي جَوْفه رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يصعد وَأخرج الجندي فِي فَضَائِل مَكَّة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: مَا بعث الله ملكا قطّ وَلَا سَحَابَة فيمر حَيْثُ بعث حَتَّى يطوف بِالْبَيْتِ ثمَّ يمْضِي حَيْثُ أَمر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث الله جِبْرِيل إِلَى آدم وحواء فَقَالَ لَهما: ابنيا بَيْتا فَخط لَهما جِبْرِيل فَجعل آدم يحْفر وحواء تنقل حَتَّى أَجَابَهُ المَاء نُودي من تَحْتَهُ: حَسبك يَا آدم فَلَمَّا بنياه أوحى الله إِلَيْهِ: أَن يطوف بِهِ وَقيل لَهُ: أَنْت أول النَّاس وَهَذَا أول بَيت ثمَّ تناسخت الْقُرُون حَتَّى حجَّة نوح ثمَّ تناسخت الْقُرُون حَتَّى رفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد مِنْهُ

وَأخرج ابْن إِسْحَاق والأزرقي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: مَا من نَبِي إِلَّا وَقد حج الْبَيْت إِلَّا مَا كَانَ من هود وَصَالح وَلَقَد حجه نوح فَلَمَّا كَانَ فِي الأَرْض مَا كَانَ من الْغَرق أصَاب الْبَيْت مَا أصَاب الأَرْض وَكَانَ الْبَيْت ربوة حَمْرَاء فَبعث الله عز وَجل هوداً فتشاغل بِأَمْر قومه حَتَّى قَبضه الله إِلَيْهِ فَلم يحجه حَتَّى مَاتَ فَلَمَّا بؤاه الله لإِبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام حجه ثمَّ لم يبْق نَبِي بعده إِلَّا حجه وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مُجَاهِد قَالَ: حج الْبَيْت سَبْعُونَ نَبيا مِنْهُم مُوسَى ابْن عمرَان عَلَيْهِ عباءتان قطوانتيان وَمِنْهُم يُونُس يَقُول: لبيْك كاشف الكرب وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أهبط الله آدم إِلَى الأَرْض من الْجنَّة كَانَ رَأسه فِي السَّمَاء وَرجلَاهُ فِي الأَرْض وَهُوَ مثل الْفلك من رعدته فطأطأ الله مِنْهُ لإلى سِتِّينَ ذِرَاعا فَقَالَ: يَا رب مَالِي لَا أسمع أصوات الْمَلَائِكَة وَلَا حسهم قَالَ: خطيئتك يَا آدم وَلَكِن اذْهَبْ فَابْن لي بَيْتا فَطُفْ بِهِ واذكرني حوله كنحو مَا رَأَيْت الْمَلَائِكَة تصنع حول عَرْشِي فَأقبل آدم يتخطى فطويت لَهُ الأَرْض وَقبض الله لَهُ المفاوز فَصَارَت كل مفاوزة يمر بهَا خطْوَة وَقبض الله مَا كَانَ فِيهَا من مَخَاض أَو بَحر فَجعله لَهُ خطْوَة وَلم يَقع قدمه فِي شَيْء من الأَرْض إِلَّا صَار عمراناً وبركة حَتَّى انْتهى إِلَى مَكَّة فَبنى الْبَيْت الْحَرَام وَأَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ضرب بجناحه الأَرْض فأبرز عَن أس ثَابت على الأَرْض السَّابِعَة فَقَذَفْتُ فِيهِ الْمَلَائِكَة الصخر مَا يُطيق الصَّخْرَة مِنْهَا ثَلَاثُونَ رجلا وَأَنه بناه من خَمْسَة أجبل من لبنان وطورزيتا وطورسينا والجودي وحراء حَتَّى اسْتَوَى على وَجه الأَرْض فَكَانَ أول من أسس الْبَيْت وَصلى فِيهِ وَطَاف آدم عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى بعث الله الطوفان فَكَانَ غَضبا ورجساً فَحَيْثُمَا انْتهى الطوفان ذهب ريح آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَلم يقرب الطوفان أَرض السَّنَد والهند فدرس مَوْضِعه الطوفان حَتَّى بعث الله إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام فرفعا قَوَاعِده وأعلامه ثمَّ بنته قُرَيْش بعد ذَلِك وَهُوَ بحذاء الْبَيْت الْمَعْمُور لَو سقط مَا سقط إِلَّا عَلَيْهِ وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أهبط آدم إِلَى الأَرْض أهبطه إِلَى مَوضِع الْبَيْت الْحَرَام وَهُوَ مثل الْفلك من رعدته ثمَّ نزل عَلَيْهِ الْحجر الْأسود وَهُوَ يتلألأ من شدَّة بياضه فَأَخذه آدم فضمه إِلَيْهِ آنساً بِهِ ثمَّ نزل عَلَيْهِ الْقَضَاء فَقيل لَهُ: تخط يَا آدم فتخطى فَإِذا هُوَ بِأَرْض الْهِنْد أَو السَّنَد فَمَكثَ بذلك مَا شَاءَ الله

ثمَّ استوحش إِلَى الرُّكْن فَقيل لَهُ: احجج فحج فَلَقِيته الْمَلَائِكَة فَقَالُوا: بر حجك يَا آدم وَلَقَد حجَجنَا هَذَا الْبَيْت قبلك بألفي عَام وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أبان أَن الْبَيْت أهبط باقوتة وَاحِدَة أَو ذرة وَاحِدَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْبَيْت من ياقوتة حَمْرَاء وَيَقُولُونَ: من زمردة خضراء وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: لما بنى ابْن الزبير الْكَعْبَة أَمر الْعمَّال أَن يبلغُوا فِي الأَرْض فبلغوا صخراً أَمْثَال الإِبل الْخلف قَالَ زيد: فاحفروا فَلَمَّا زادوا بلغُوا هَوَاء من نَار فَقَالَ: مالكم قَالُوا: لسنا نستطيع أَن نزيد رَأينَا أمرا عَظِيما فَقَالَ لَهُم: ابْنُوا عَلَيْهِ قَالَ عَطاء: يروون أَن ذَلِك الصخر مِمَّا بنى آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عبيد الله بن أبي زِيَاد قَالَ: لما أهبط الله آدم من الْجنَّة قَالَ: يَا آدم ابْن لي بَيْتا بحذاء بَيْتِي الَّذِي فِي السَّمَاء تتعبد فِيهِ أَنْت وولدك كَمَا يتعبد ملائكتي حول عَرْشِي فَهَبَطت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة فحفر حَتَّى بلغ الأَرْض السَّابِعَة فقذف فِيهِ الْمَلَائِكَة الصخر حَتَّى أشرف على وَجه الأَرْض وَهَبَطَ آدم بياقوتة حَمْرَاء مجوفة لَهَا أَرْبَعَة أَرْكَان بيض فوضعها على الأساس فَلم تزل الياقوتة كَذَلِك حَتَّى كَانَ زمن الْغَرق فَرَفعهَا الله وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عُثْمَان بن سَاج قَالَ: أَخْبرنِي سعيد أَن آدم عَلَيْهِ السَّلَام حج على رجلَيْهِ سبعين حجَّة مَاشِيا وَأَن الْمَلَائِكَة لَقيته بالمأزمين فَقَالُوا: برَّ حجك يَا آدم أما أَنا قد حجَجنَا قبلك بألفي عَام وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مقَاتل يرفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن آدم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: أَي رب أَنِّي أعرف شقوتي لَا أرى شَيْئا من نورك بعد فَأنْزل الله عَلَيْهِ الْبَيْت الْحَرَام على عرض الْبَيْت الَّذِي فِي السَّمَاء وموضعه من ياقوت الْجنَّة وَلَكِن طوله مَا بَين السّماء وَالْأَرْض وَأمره أَن يطوف بِهِ فَأذْهب عَنهُ الْهم الَّذِي كَانَ قبل ذَلِك ثمَّ رفع على عهد نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الْأَزْرَقِيّ من طَرِيق ابْن جريج عَن مُجَاهِد قَالَ: بَلغنِي أَنه لما خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض كَانَ أوّل شَيْء وَضعه فِيهَا الْبَيْت الْحَرَام وَهُوَ يَوْمئِذٍ ياقوتة حَمْرَاء جوفاء لَهَا بَابَانِ أَحدهمَا شَرْقي وَالْآخر غربي فَجعله مُسْتَقْبل الْبَيْت الْمَعْمُور فَلَمَّا كَانَ

قبلك بألفي عَام قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْبَيْت يَوْمئِذٍ ياقوتة حَمْرَاء جوفاء لَهَا بَابَانِ من يطوف يرى من جَوف الْبَيْت وَمن فِي جَوف الْبَيْت يرى من يطوف فَقضى آدم نُسكه فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا آدم قضيت نسكك قَالَ: نعم يَا رب قَالَ: فسل حَاجَتك تعط قَالَ: حَاجَتي أَن تغْفر لي ذَنبي وذنب وَلَدي قَالَ: أما ذَنْبك يَا آدم فقد غفرناه حِين وَقعت بذنبك وَأما ذَنْب ولدك فَمن عرفني وآمن بِي وَصدق رُسُلِي وكتابي غفرنا لَهُ ذَنبه وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة والديلمي عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن آدم أَتَى هَذَا البي ألف أتية لم يركب قطّ فِيهِنَّ من الْهِنْد على رجلَيْهِ من ذَلِك ثلثمِائة حجَّة وَسَبْعمائة عمْرَة وَأول حجَّة حَجهَا آدم وَهُوَ وَاقِف بِعَرَفَات أَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا آدم برّ نسكك أما إِنَّا قد طفنا بِهَذَا الْبَيْت قبل أَن تخلق بِخَمْسِينَ ألف سنة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول من طَاف بِالْبَيْتِ الْمَلَائِكَة وَأَن مَا بَين الْحجر إِلَى الرُّكْن الْيَمَانِيّ لقبور من قُبُور الْأَنْبِيَاء كَانَ النَّبِي مِنْهُم عَلَيْهِم السَّلَام إِذا آذاه قومه خرج من بَين أظهرهم فعبد الله فِيهَا حَتَّى يَمُوت وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن وهب بن مُنَبّه أَن آدم لما أهبط إِلَى الأَرْض استوحش فِيهَا لما رأى من سعتها وَلم يرى فِيهَا أحد غَيره فَقَالَ: يَا رب أما لأرضك هَذِه عَامر يسبحك فِيهَا ويقدس لَك غَيْرِي قَالَ الله: إِنِّي سأجعل فِيهَا من ذريتك من يسبح بحمدي ويقدس لي وسأجعل فِيهَا بُيُوتًا ترفع لذكري فيسبح فِيهَا خلقي سأبوئك فِيهَا بَيْتا أختاره لنَفْسي وأخصه بكرامتي وأوثره على بيُوت الأَرْض كلهَا باسمي واسْمه بَيْتِي أنطقه بعظمتي وأحوزه بحرمتي واجعله أَحَق الْبيُوت كلهَا وأولاها بذكري وأضعه فِي الْبقْعَة الْمُبَارَكَة الَّتِي اخْتَرْت لنَفْسي فَإِنِّي اخْتَرْت مَكَانَهُ يَوْم خلقت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَقبل ذَلِك قد كَانَ بغيتي فَهُوَ صفوتي من الْبيُوت وَلست أسْكنهُ وَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن أسكن الْبيُوت وَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَن تحملنِي اجْعَل ذَلِك الْبَيْت لَك وَمن بعْدك حرما وَأمنا احرم بحرمته مَا فَوْقه وَمَا تَحْتَهُ وَمَا حوله حرمته بحرمتي فقد عظم حرمتي وَمن أحله فقد أَبَاحَ حرمتي من أَمن أَهله اسْتوْجبَ بذلك أماني وَمن أَخَافهُم فقد أخفرني فِي ذِمَّتِي وَمن عظم شَأْنه فقد عظم فِي عَيْني وَمن تهاون بِهِ صغر عِنْدِي

زمن الْغَرق رفع فِي ديباجتين فَهُوَ فيهمَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة واستودع الله الرُّكْن أَبَا قبيس قَالَ ابْن عَبَّاس كَانَ ذَهَبا فَرفع فِي زمَان الْغَرق قَالَ ابْن جريج قَالَ جوبير كَانَ بِمَكَّة الْبَيْت الْمَعْمُور فَرفع زمن الْغَرق فَهُوَ فِي السَّمَاء وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ بَلغنِي أَن الْبَيْت وضع لآدَم عَلَيْهِ السّلام يطوف بِهِ ويعبد الله عِنْده وَأَن نوحًا قد حجه وجاءه وعظمه قبل الْغَرق فَلَمَّا أصَاب الأَرْض من الْغَرق حِين أهلك الله قوم نوح أصَاب الْبَيْت مَا أصَاب الأَرْض فَكَانَ ربوة حَمْرَاء مَعْرُوف مَكَانَهُ فَبعث الله هوداً إِلَى عَاد فتشاغل حَتَّى هلك وَلم يحجه ثمَّ بوأهع الله لإِبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام فحجه وَعلم مَنَاسِكه ودعا إِلَى زيارته ثمَّ لم يبْعَث الله نَبيا بعد إِبْرَاهِيم إِلَّا حجه وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أبي قلَابَة قَالَ قَالَ الله لآدَم إِنِّي مهبط مَعَك بَيْتِي يُطَاف حوله كَمَا يُطَاف حول عَرْشِي وَيصلى عِنْده كَمَا يصلى عِنْد عَرْشِي فَلم يزل حَتَّى كَانَ زمن الطوفان فَرفع حَتَّى بوىء لإِبراهيم مَكَانَهُ فبناه من خَمْسَة جبال من حراء وثبير ولبنان وَالطور والجبل الْأَحْمَر وَأخرج الجندي عَن معمر قَالَ أَن سفنية نوح طافت بِالْبَيْتِ سبعا حَتَّى إِذا غرق قوم نوح رَفعه وَبَقِي أساسه فبوّأه الله لإِبراهيم فبناه بعد ذَلِك وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت وَإِسْمَاعِيل} واستودع الرُّكْن أَبَا قبيس حَتَّى إِذا كَانَ بِنَاء إِبْرَاهِيم نَادَى أَبُو قبيس إِبْرَاهِيم فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم هَذَا الرُّكْن فجَاء فحفر عَنهُ فَجعله فِي الْبَيْت حِين بناه إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي ترغيبه وَابْن عَسَاكِر عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أوحى الله إِلَى آدم أَن يَا آدم حج هَذَا الْبَيْت قبل أَن يحدث بك حدث قَالَ وَمَا يحدث عَليّ يَا رب قَالَ مَا لَا تَدْرِي وَهُوَ الْمَوْت قَالَ وَمَا الْمَوْت قَالَ سَوف تذوق قَالَ وَمن أستخلف فِي أَهلِي قَالَ أعرض ذَلِك على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَعرض على السَّمَوَات فَأَبت وَعرض على الأَرْض فَأَبت وَعرض على الْجبَال فَأَبت وَقَبله ابْنه قَاتل أَخِيه فَخرج آدم من أَرض الْهِنْد حَاجا فَمَا نزل منزلا أكل فِيهِ وَشرب إِلَّا صَار عمراناً بعده وقرى حَتَّى قدم مَكَّة فاستقبلته الْمَلَائِكَة بالبطحاء فَقَالُوا السَّلَام عَلَيْك يَا آدم برّ حجك أما إِنَّا قد حجَجنَا هَذَا الْبَيْت

وَلكُل ملك حِيَازَة وبطن مَكَّة حوزتي الَّتِي اخْتَرْت لنَفْسي دون خلقي فَأَنا الله ذُو بكة أَهلهَا خفرتي وجيران بَيْتِي وعمارها وزوّارها وفدي وأضيافي وضماني وذمتي وجواري أجعله أول بَيت وضع للنَّاس وأعمره بِأَهْل السَّمَاء وَأهل الأَرْض يأتونه أَفْوَاجًا شعثاً غبراً على كل ضامر يَأْتِين من كل فج عميق يعجون بِالتَّكْبِيرِ عجيجاً يرجون بِالتَّلْبِيَةِ رجيجاً فَمن اعتمره وَحقّ الْكَرِيم أَن يكرم وفده وأضيافه وزوّاره وَأَن يسعف كل وَاحِد مِنْهُم بحاجته تعمره يَا آدم مَا كنت حَيا ثمَّ يعمره من بعْدك الْأُمَم والقرون والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة وقرناً بعد قرن وَنَبِيًّا بعد نَبِي حَتَّى يَنْتَهِي ذَلِك إِلَى نَبِي من ولدك يُقَال لَهُ مُحَمَّد وَهُوَ خَاتم النَّبِيين فاجعله من عماره وسكانه وحماته وولاته وحجابه وسقته يكون أميني عَلَيْهِ مَا كَانَ حَيا فَإِذا انْقَلب إليّ وجدني قد ادخرت لَهُ من أجره ونصيبه مَا يتَمَكَّن بِهِ من الْقرْبَة إِلَيّ والوسيلة عِنْدِي وَأفضل الْمنَازل فِي دَار المقامة وَأَجْعَل اسْم ذَلِك الْبَيْت وَذكره وشرفه ومجده وسناه مكرمَة لنَبِيّ من ولدك يكون قبيل هَذَا النَّبِي وَهُوَ أَبوهُ يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم أرفع لَهُ قَوَاعِده وأقضي على يَدَيْهِ عِمَارَته وأنيط لَهُ سقايته وأريه حلّه وَحرمه ومواقفه وأعلمه مشاعره ومناسكه وَأَجْعَل أمة وَاحِدَة قَانِتًا بأَمْري دَاعيا إِلَى سبيلي واجتبيه وأهديه إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم أبتليه فيصبر وأعافيه فيشكر وآمره فيفعل وينذر لي فيفي ويعدني فينجز وأستجيب دَعوته فِي وَلَده وَذريته من بعده وأشفعه فيهم وأجعلهم أهل ذَلِك الْبَيْت وحماته وسقاته وخدمه وخزنته وحجابه حَتَّى يبتدعوا ويغيروا ويبدلوا فَإِذا فعلوا ذَلِك فَأَنا أقدر القادرين على أَن أستبدل من أَشَاء بِمن أَشَاء وَأَجْعَل إِبْرَاهِيم إِمَام ذَلِك وَأهل تِلْكَ الشَّرِيعَة يأتمُّ بِهِ من حضر تِلْكَ المواطن من جَمِيع الإِنس وَالْجِنّ يطأون فِيهَا آثاره ويتبعون فِيهَا سنته ويقتدون فِيهَا بهديه فَمن فعل ذَلِك مِنْهُم أوفى بنذره واستكمل نُسكه وَأصَاب بغيته وَمن لم يفعل ذَلِك مِنْهُم ضيع نُسكه وَأَخْطَأ بغيته وَلم يوف بنذره فَمن سَأَلَ عني يَوْمئِذٍ فِي تِلْكَ المواطن أَيْن أَنا فَأَنا من الشعث الغبر الموبقين الْمُوفينَ بنذرهم المستكملين مناسكهم المتبتلين إِلَى رَبهم الَّذِي يعلم مَا يبدون وَمَا يكتمون وَأخرجه الجندي عَن عِكْرِمَة ووهب بن مُنَبّه رَفَعَاهُ إِلَى ابْن عَبَّاس بِمثلِهِ سَوَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ مَوضِع الْبَيْت فِي زمن آدم عَلَيْهِ السَّلَام شبْرًا أَو أَكثر علما فَكَانَت الْمَلَائِكَة تحج إِلَيْهِ قبل آدم ثمَّ حج فاستقبلته الْمَلَائِكَة قَالُوا: يَا آدم من أَيْن جِئْت قَالَ: حججْت الْبَيْت فَقَالُوا: قد حجَّته الْمَلَائِكَة قبلك بألفي عَام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء قَالَ: أهبط آدم بِالْهِنْدِ فَقَالَ: يَا رب مَالِي لَا أسمع صَوت الْمَلَائِكَة كَمَا كنت أسمعها فِي الْجنَّة فَقَالَ لَهُ: لخطيئتك يَا آدم فَانْطَلق فَابْن لي بَيْتا فتطوّف بِهِ كَمَا رَأَيْتهمْ يتطوّفون فَانْطَلق حَتَّى أَتَى مَكَّة فَبنى الْبَيْت فَكَانَ مَوضِع قدمي آدم قرى وأنهاراً وَعمارَة ومابين خطاه مفاوز فحج آدم الْبَيْت من الْهِنْد أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: لما تَابَ الله على آدم وَأمره أَن يسير إِلَى مَكَّة فطوى لَهُ الأَرْض حَتَّى انْتهى إِلَى مكّة فَلَقِيته الْمَلَائِكَة بِالْأَبْطح فرحبت بِهِ وَقَالَت لَهُ: يَا آدم إِنَّا لننظرك برّ حجك أما إِنَّا قد حجَجنَا هَذَا الْبَيْت قبلك بألفي عَام وَأمر الله جِبْرِيل فَعلمه الْمَنَاسِك والمشاعر كلهَا وَانْطَلق بِهِ حَتَّى أوقفهُ فِي عَرَفَات والمزدلفة وبمنى وعَلى الْجمار وَأنزل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصَّوْم والاغتسال من الْجَنَابَة قَالَ: وَكَانَ الْبَيْت على عهد آدم ياقوتة حَمْرَاء يلتهب نورا من ياقوت الْجنَّة لَهَا بَابَانِ شَرْقي وَغَرْبِيٌّ من ذهب من تبر الْجنَّة وَكَانَ فِيهَا ثَلَاث قناديل من تبر الْجنَّة فِيهَا نور يلتهب بَابهَا بنجوم من ياقوت أَبيض والركن يَوْمئِذٍ نجم من نجومها ياقوتة بَيْضَاء فَلم يزل على ذَلِك حَتَّى كَانَ فِي زمَان نوح وَكَانَ الْغَرق فَرفع من الْغَرق فَوضع تَحت الْعَرْش وَمَكَثت الأَرْض خراباً ألفي سنة فَلم يزل على ذَلِك حَتَّى كَانَ إِبْرَاهِيم فَأمره أَن يَبْنِي بَيْتِي فَجَاءَت السكينَة كَأَنَّهَا سَحَابَة فِيهَا رَأس تَتَكَلَّم لَهَا وَجه كوجه الإِنسان فَقَالَت: يَا إِبْرَاهِيم خُذ قدر ظِلِّي فَابْن عَلَيْهِ ولاتزد وَلَا تنقص فَأخذ إِبْرَاهِيم قدر ظلها ثمَّ بنى هُوَ واسماعيل الْبَيْت وَلم يَجْعَل لَهُ سقفاً فَكَانَ النَّاس يلقون فِيهِ الْحلِيّ وَالْمَتَاع حَتَّى إِذا كَاد أَن يمتلىء أنفذ لَهُ خَمْسُونَ نَفرا ليسرقوا مَا فِيهِ فَقَامَ كل وَاحِد على زَاوِيَة واقتحم الْخَامِس فَسقط على رَأسه فَهَلَك وَبعث الله عِنْد ذَلِك حَيَّة بَيْضَاء سَوْدَاء الرَّأْس والذنب فحرست الْبَيْت خَمْسمِائَة عَام لَا يقربهُ أحد إِلَّا أهلكته فَلم يزل حَتَّى بنته قُرَيْش وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء أَن عمر بن الْخطاب سَأَلَ كَعْبًا فَقَالَ أَخْبرنِي عَن هَذَا الْبَيْت مَا كَانَ أمره فَقَالَ: إِن هَذَا الْبَيْت أنزلهُ الله من السَّمَاء ياقوتة حَمْرَاء

مجوّفة مَعَ آدم فَقَالَ: يَا آدم إِن هَذَا بَيْتِي فَطُفْ حوله وصلِّ حوله كَمَا رَأَيْت ملائكتي تَطوف حول عَرْشِي وَتصلي وَنزلت مَعَه الْمَلَائِكَة فَرفعُوا قَوَاعِده من حِجَارَة ثمَّ وضع الْبَيْت على الْقَوَاعِد فَلَمَّا أغرق الله قوم نوح رَفعه الله إِلَى السَّمَاء وَبقيت قَوَاعِده وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: شكت الْكَعْبَة إِلَى رَبهَا وبكت إِلَيْهِ فَقَالَت: أَي رب قلَّ زوّاري وجفاني النَّاس فَقَالَ الله لَهَا إِنِّي مُحدث لَك انجيلاً وجاعل لَك زوّاراً يحنون إِلَيْك حنين الْحَمَامَة إِلَى بيضاتها وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن سابط عَن عبد الله بن ضَمرَة السَّلُولي قَالَ: مَا بَين الْمقَام إِلَى الرُّكْن إِلَى بِئْر زَمْزَم إِلَى الْحجر قبر سَبْعَة وَسبعين نَبيا جاؤوا حاجين فماتوا فقبروا هُنَالك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أقبل تبَّع يُرِيد الْكَعْبَة حَتَّى إِذا كَانَ بكراع الغميم بعث الله عَلَيْهِ ريحًا لَا يكَاد الْقَائِم يقوم إِلَّا عصفته وَذهب الْقَائِم ليقعد فيصرع وَقَامَت عَلَيْهِم ولقوا مِنْهَا عناء ودعا تبع حبريه فَسَأَلَهُمَا مَا هَذَا الَّذِي بعث عليَّ قَالَا: أَو تؤمننا قَالَ: أَنْتُم آمنون قَالَا: فَإنَّك تُرِيدُ بَيْتا يمنعهُ الله مِمَّن أَرَادَهُ قَالَ: فَمَا يذهب هَذَا عني قَالَا: تجرد فِي ثَوْبَيْنِ ثمَّ تَقول لبيْك لبيْك ثمَّ تدخل فَتَطُوف بذلك الْبَيْت وَلَا تبيح أحدا من أَهله قَالَ: فَإِن أَجمعت على هَذَا ذهبت هَذِه الرّيح عني قَالَا: نعم فتجرد ثمَّ لبّى قَالَ ابْن عَبَّاس: فأدبرت الرّيح كَقطع اللَّيْل المظلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْكَعْبَة فَقَالَ مرْحَبًا بك من بَيت مَا أعظمك وَأعظم حرمتك وللمؤمن أعظم عِنْد الله حُرْمَة مِنْك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نظر إِلَى الْكَعْبَة فَقَالَ: لقد شرفك الله وكرمك وَالْمُؤمن أعظم حُرْمَة مِنْك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر قَالَ لما افْتتح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة اسْتَقْبلهَا بِوَجْهِهِ وَقَالَ: أَنْت حرَام مَا أعظم حرمتك وَأطيب رِيحك وَأعظم حُرْمَة عِنْد الله مِنْك الْمُؤمن

وَأخرج ابْن أبي شيبَة والأزرقي عَن مَكْحُول أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رأى الْبَيْت حِين دخل مَكَّة رفع يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ زد هَذَا الْبَيْت تَشْرِيفًا وتعظيماً وتكريماً ومهابة وزد من شرفه وَكَرمه مِمَّن حجه واعتمره تَشْرِيفًا وتعظيماً وتكريماً وَبرا وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن ابْن جريج أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رأى الْبَيْت رفع يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ زد هَذَا الْبَيْت تَشْرِيفًا وتعظيماً وتكريماً ومهابة وزد من شرفه وَكَرمه مِمَّن حجه أواعتمره تَشْرِيفًا وتعظيماً وتكريماً وَبرا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن للكعبة لِسَانا وشفتين وَقد اشتكت فَقَالَت: يَا رب قل عوّادي وَقل زوّاري فَأوحى الله: أَنِّي خَالق بشرا خشعاً سجدا يحنون إِلَيْك كَمَا تحن الْحَمَامَة إِلَى بيضها وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن جَابر الْجَزرِي قَالَ: جلس كَعْب الْأَحْبَار أَو سلمَان الْفَارِسِي بِفنَاء الْبَيْت فَقَالَ: شكت الْكَعْبَة إِلَى رَبهَا مَا نصب حولهَا من الْأَصْنَام وَمَا استقسم بِهِ من الأزلام فَأوحى الله إِلَيْهَا: أَنِّي منزل نورا وخالق بشرا يحنون إِلَيْك حنين الْحمام إِلَى بيضه ويدفون إِلَيْك دفيف النسور فَقَالَ لَهُ قَائِل: وَهل لَهَا لِسَان قَالَ: نعم وأذنان وشفتان وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن جِبْرِيل وقف على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ عِصَابَة خضراء قد علاها الْغُبَار فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هَذَا الْغُبَار الَّذِي أدّى على عصابتك قَالَ: إِنِّي زرت الْبَيْت فازدحمت الْمَلَائِكَة على الرُّكْن فَهَذَا الْغُبَار الَّذِي ترى مِمَّا تثير بأجنحتها وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: حج آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَقضى الْمَنَاسِك فَلَمَّا حج قَالَ: يَا رب إِن لكل عَامل أجرا قَالَ الله تَعَالَى: أما أَنْت يَا آدم فقد غفرت لَك وَأما ذريتك فَمن جَاءَ مِنْهُم هَذَا الْبَيْت فباء بِذَنبِهِ غفرت لَهُ فحج آدم عَلَيْهِ السَّلَام فاستقبلته الْمَلَائِكَة بالردم فَقَالَت: بر حجك يَا آدم قد حجَجنَا هَذَا الْبَيْت قبلك بألفي عَام قَالَ: فَمَا كُنْتُم تَقولُونَ حوله قَالُوا: كُنَّا نقُول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر قَالَ: فَكَانَ آدم إِذا طَاف يَقُول هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات فَكَانَ طواف آدم سبع أسابيع بِاللَّيْلِ وَخَمْسَة أسابيع بِالنَّهَارِ وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حج آدم فَطَافَ بِالْبَيْتِ سبعا فَلَقِيته الْمَلَائِكَة فِي الطّواف فَقَالُوا: بر حجك يَا آدم أما أَنا قد

حجَجنَا هَذَا الْبَيْت قبلك بألفي عَام قَالَ: فَمَاذَا كُنْتُم تَقولُونَ فِي الطّواف قَالُوا: كُنَّا نقُول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر قَالَ آدم: فزيدوا فِيهَا وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فزادت الْمَلَائِكَة فِيهَا ذَلِك ثمَّ حج إِبْرَاهِيم بعد بنائِهِ الْبَيْت فَلَقِيته الْمَلَائِكَة فِي الطّواف فَسَلمُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم: مَاذَا كُنْتُم تقواون فِي طوافكم قَالُوا: كُنَّا نقُول قبل أَبِيك آدم سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فاعلمناه ذَلِك فَقَالَ: زيدوا وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَقَالَ إِبْرَاهِيم: زيدوا فِيهَا الْعلي الْعَظِيم فَقَالَت الْمَلَائِكَة ذَلِك وَأخرج الجندي والديلمي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ الْبَيْت قبل هبوط آدم ياقوتة من يَوَاقِيت الْجنَّة وَكَانَ لَهُ بَابَانِ من زمرد أَخْضَر بَاب شَرْقي وَبَاب غربي وَفِيه قناديل من الْجنَّة وَالْبَيْت الْمَعْمُور الَّذِي فِي السَّمَاء يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون فِيهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة حذاء الْكَعْبَة الْحَرَام وَأَن الله عز وَجل لما أهبط آدم إِلَى مَوضِع الْكَعْبَة وَهُوَ مثل الْفلك من شدَّة رعدته وَأنزل عَلَيْهِ الْحجر الْأسود وَهُوَ يتلألأ كَأَنَّهُ لؤلؤة فَأَخذه آدم فضمه إِلَيْهِ استئناساً ثمَّ أَخذ الله من بني آدم ميثاقهم فَجعله فِي الْحجر الْأسود ثمَّ أنزل على آدم الْعَصَا ثمَّ قَالَ: يَا آدم تخط فتخطى فَإِذا هُوَ بِأَرْض الْهِنْد فَمَكثَ هُنَاكَ مَا شَاءَ الله ثمَّ استوحش إِلَى الْبَيْت فَقيل لَهُ: احجج يَا آدم فَأقبل يتخطى فَصَارَ كل مَوضِع قدم قَرْيَة وَمَا بَين ذَلِك مفازة حَتَّى قدم مَكَّة فَلَقِيته الْمَلَائِكَة فَقَالُوا: بر حجك يَا آدم لقد حجَجنَا هَذَا الْبَيْت قبلك بألفي عَام قَالَ: فَمَا كُنْتُم تَقولُونَ حوله قَالُوا: كُنَّا نقُول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَكَانَ آدم إِذا طَاف بِالْبَيْتِ قَالَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات وَكَانَ آدم يطوف سَبْعَة أسابيع بِالنَّهَارِ قَالَ آدم: يَا رب اجْعَل لهَذَا الْبَيْت عماراً يعمرونه من ذريتي فَأوحى الله تَعَالَى أَنِّي معمره نَبيا من ذريتك اسْمه إِبْرَاهِيم اتَّخذهُ خَلِيلًا أَقْْضِي على يَدَيْهِ عِمَارَته وأنيط لَهُ سقايته وأريه حلّه وَحرمه ومواقفه وأعلمه مشاعره ومناسكه وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن آدم سَأَلَ ربه فَقَالَ: يَا رب أَسأَلك من حج هَذَا الْبَيْت من ذريتي لَا يُشْرك بك شَيْئا أَن تلْحقهُ بِي فِي الْجنَّة فَقَالَ الله تَعَالَى: يَا آدم من مَاتَ فِي الْحرم لَا يُشْرك بِي شَيْئا بعثته آمنا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الجندي عَن مُجَاهِد أَن آدم طَاف بِالْبَيْتِ فَلَقِيته الْمَلَائِكَة فصافحته

وسلمت عَلَيْهِ وَقَالَت: بر حجك يَا آدم طف بِهَذَا الْبَيْت فإنَّا قد طفناه قبلك بألفي عَام قَالَ لَهُم آدم: فَمَا كُنْتُم تَقولُونَ حوله قَالُوا: كُنَّا نقُول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر قَالَ آدم: وَأَنا أَزِيد فِيهَا وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ مَوضِع الْكَعْبَة قد خَفِي ودرس زمَان الْغَرق فِيمَا بَين نوح وَإِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام وَكَانَ مَوْضِعه أكمة حَمْرَاء مَدَرَة لَا تعلوها السُّيُول غير أَن النَّاس يعلمُونَ أَن مَوضِع الْبَيْت فِيمَا هُنَالك وَلَا يثبت مَوْضِعه وَكَانَ يَأْتِيهِ الْمَظْلُوم والمتعوذ من أقطار الأَرْض وَيَدْعُو عِنْده المكروب فَقل من دَعَا هُنَالك إِلَّا استجب لَهُ فَكَانَ النَّاس يحجون إِلَى موضه الْبَيْت حَتَّى بوأ الله مَكَانَهُ لإِبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام لما أَرَادَ من عمَارَة بَيته واظهار دينه وشعائره فَلم يزل مُنْذُ أهبط الله آدم إِلَى الأَرْض مُعظما محرما بَيته تتناسخه الْأُمَم والملل أمة بعد أمة وملة بعد مِلَّة قَالَ: وَقد كَانَت الْمَلَائِكَة تحجه قبل ذَلِك وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عُثْمَان بن سَاج قَالَ: بلغنَا - وَالله أعلم - أَن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء فَنظر إِلَى الأَرْض مشارقها وَمَغَارِبهَا فَاخْتَارَ مَوضِع الْكَعْبَة فَقَالَت لَهُ الْمَلَائِكَة: يَا خَلِيل الله اخْتَرْت حرم الله فِي الأَرْض فبناه من حِجَارَة سَبْعَة أجبل وَيَقُولُونَ خَمْسَة فَكَانَت الْمَلَائِكَة تَأتي بِالْحِجَارَةِ إِلَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام من تِلْكَ الْجبَال وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: أقبل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام والسكينه والصرد وَالْملك من الشَّام فَقَالَت السكينَة: يَا أبراهيم ربض على الْبَيْت فَلذَلِك لَا يطوف بِالْبَيْتِ ملك من جبابرة الْمُلُوك وَلَا اعرابي نافر إِلَّا وَعَلِيهِ السكينَة وَالْوَقار وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن بشر بن عَاصِم قَالَ: أقبل إِبْرَاهِيم من أرمينية مَعَه السكينَة وَالْملك والصرد دَلِيلا بِهِ يتبوّأ إِبْرَاهِيم كَمَا تتبوّأ العنكبوت بَيتهَا فَرفع صَخْرَة فَمَا رَفعهَا عَنهُ إِلَّا ثَلَاثُونَ رجلا فَقَالَت السكينَة: ابْن عليّ فَلذَلِك لَا يدْخلهُ أَعْرَابِي نافر وَلَا جَبَّار إِلَّا رَأَيْت عَلَيْهِ السكينَة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: اقبل إِبْرَاهِيم وَالْملك والسكينة والصرد دَلِيلا حَتَّى تبوّأ الْبَيْت كَمَا تبوّأت العنكبوت بَيتهَا فحفر مَا برز عَن أسها أَمْثَال خلف الإِبل لَا يُحَرك الصَّخْرَة إِلَّا ثَلَاثُونَ رجلا ثمَّ قَالَ الله لإِبراهيم: قُم فَابْن

لي بَيْتا قَالَ: يَا رب وَأَيْنَ قَالَ: سنريك فَبعث الله سَحَابَة فِيهَا رَأس يكلم إِبْرَاهِيم فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيم إِن رَبك يَأْمُرك أَن تخط قدر هَذِه السحابة فَجعل ينظر إِلَيْهَا وَيَأْخُذ قدرهَا فَقَالَ لَهُ الرَّأْس: أقد فعلت قَالَ: نعم قَالَ: فارتفعت السحابة فأبرز عَن أس نابت من الأَرْض فبناه إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن قتدة فِي قَوْله {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت} قَالَ: ذكر لنا أَنه بناه من خَمْسَة أجبل من طورسينا وطورزيتا ولبنان والجودي وحراء وَذكر لنا أَن قَوَاعِده من حراء وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ: لما أَمر إِبْرَاهِيم أَن يَبْنِي الْبَيْت وانْتهى إِلَى مَوضِع الْحجر قَالَ لإِسماعيل: ائْتِنِي بِحجر ليَكُون علما للنَّاس يبتدئون مِنْهُ الطّواف فَأَتَاهُ بِحجر فَلم يرضه فَأتى إِبْرَاهِيم بِهَذَا الْحجر ثمَّ قَالَ: أَتَانِي بِهِ من لم يكلني إِلَى حجرك وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الَّذِي نزل عَلَيْهِ بِالْحجرِ من الْجنَّة وَأَنه وصعه حَيْثُ رَأَيْتُمْ وأنكم لن تزالوا بِخَير مَا دَامَ بَين ظهرانيكم فَتمسكُوا بِهِ مَا اسْتَطَعْتُم فَإِنَّهُ يُوشك أَن يَجِيء فَيرجع بِهِ إِلَى حَيْثُ جَاءَ بِهِ وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن خُزَيْمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل الْحجر الْأسود من الْجنَّة وهوأشد بَيَاضًا من اللَّبن فسوّدته خَطَايَا بني آدم وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْحجر الْأسود من حِجَارَة الْجنَّة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي عَن مُجَاهِد قَالَ: الرُّكْن من الْجنَّة وَلَو لم يكن من الْجنَّة لفني وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَوْلَا مَا طبع من الرُّكْن من أنجاس الْجَاهِلِيَّة وأرجاسها وأيدي الظلمَة والأثمة لاستشفي بِهِ من كل عاهة ولألقاه الْيَوْم كَهَيْئَته يَوْم خلقه الله وَإِنَّمَا غَيره الله بِالسَّوَادِ لِئَلَّا ينظر أهل الدُّنْيَا إِلَى زِينَة الْجنَّة وَأَنه لياقوتة بَيْضَاء من ياقوت الْجنَّة فَوَضعه الله يَوْمئِذٍ لآدَم حِين أنزلهُ فِي مَوضِع الْكَعْبَة قبل أَن تكون الْكَعْبَة وَالْأَرْض يَوْمئِذٍ طَاهِرَة لم يعْمل

فِيهَا بِشَيْء من الْمعاصِي وَلَيْسَ لَهَا أهل ينجسونها وَوضع لَهَا صفا من الْمَلَائِكَة على أَطْرَاف الْحرم يحرسونه من جَان الأَرْض وسكانها يَوْمئِذٍ الْجِنّ وَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُم أَن ينْظرُوا إِلَيْهِ لِأَنَّهُ من الْجنَّة وَمن نظر إِلَى الْجنَّة دَخلهَا فهم على أَطْرَاف الْحرم حَيْثُ أَعْلَامه الْيَوْم محدقون بِهِ من كل جَانب بَينه وَبَين الْحرم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْبَيْت الَّذِي بوأه الله لآدَم كَانَ من ياقوتة حَمْرَاء لَهَا بَابَانِ أَحدهمَا شَرْقي وَالْآخر غربي فَكَانَ فِيهَا قناديل من نور الْجنَّة آنيتها الذَّهَب منظومة بنجوم من ياقوت أَبيض والركن يَوْمئِذٍ نجم من نجومه وَوضع لَهَا صفا من الْمَلَائِكَة على أَطْرَاف الْحرم فهم الْيَوْم يَذبُّونَ عَنهُ لِأَنَّهُ شَيْء من الْجنَّة لَا يَنْبَغِي أَن ينظر إِلَيْهِ إِلَّا من وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَمن نظر إِلَيْهَا دَخلهَا وَإِنَّمَا سمي الْحرم لأَنهم لَا يجاوزونه وَأَن الله وضع الْبَيْت لآدَم حَيْثُ وَضعه وَالْأَرْض يَوْمئِذٍ طَاهِرَة لم يعْمل عَلَيْهَا شَيْء من الْمعاصِي وَلَيْسَ لَهَا أهل ينجسونها وَكَانَ سكانها الْجِنّ وَأخرج الجندي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْحجر الْأسود يَمِين الله فِي الأَرْض فَمن لم يدْرك بيعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستلم الْحجر فقد بَايع الله وَرَسُوله وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن هَذَا الرُّكْن الْأسود يَمِين الله فِي الأَرْض يُصَافح بِهِ عباده وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَيْسَ فِي الأَرْض من الْجنَّة إِلَّا الرُّكْن الْأسود وَالْمقَام فهما جوهرتان من جَوْهَر الْجنَّة وَلَوْلَا مَا مسهما من أهل الشّرك مَا مسهما ذُو عاهة إِلَّا شفَاه الله تَعَالَى وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: نزل الرُّكْن وَأَنه لأشد بَيَاضًا من الْفضة وَلَوْلَا مَا مَسّه من انجاس الْجَاهِلِيَّة وأرجاسهم مَا مَسّه ذُو عاهة إِلَّا برىء وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثرُوا استلام هَذَا الْحجر فَإِنَّكُم توشكون أَن تفقدوه بَيْنَمَا النَّاس يطوفون بِهِ ذَات لَيْلَة إِذْ أَصْبحُوا وَقد فقدوه إِن الله لَا ينزل شَيْئا من الْجنَّة إِلَّا أَعَادَهُ فِيهَا قبل يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ: إِن الله جعل الرُّكْن عيد أهل هَذِه الْقبْلَة كَمَا كَانَت الْمَائِدَة عيداً لبني إِسْرَائِيل وَإِنَّكُمْ لن تزالوا بِخَير مَا دَامَ بَين ظهرانيكم وَإِن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَضعه فِي مَكَانَهُ

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: إِن الله يرفع الْقُرْآن من صُدُور الرِّجَال وَالْحجر الْأسود قبل يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: كَيفَ بكم إِذا أسرِي بِالْقُرْآنِ فَرفع من صدوركم وَنسخ من قُلُوبكُمْ وَرفع الرُّكْن وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عُثْمَان بن سَاج قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أوّل مَا يرفع الرُّكْن وَالْقُرْآن ورؤيا النَّبِي فِي الْمَنَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: حجُّوا هَذَا الْبَيْت واستلموا هَذَا الْحجر فوَاللَّه ليرفعن أَو ليصيبه أَمر من السَّمَاء إِن كَانَا لحجرين أهبطا من الْجنَّة فَرفع أَحدهمَا وسيرفع الآخر وَإِن لم يكن كَمَا قلت فَمن مر على قَبْرِي فَلْيقل هَذَا قبر عبد الله بن عَمْرو الْكذَّاب وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر قَالَ: اسْتقْبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحجر فاستلمه ثمَّ وضع شَفَتَيْه عَلَيْهِ يبكي طَويلا فَالْتَفت فَإِذا بعمر يبكي فَقَالَ: يَا عمر هَهُنَا تسكب العبرات وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحجر الْأسود من حِجَارَة الْجنَّة وَمَا فِي الأَرْض من الْجنَّة غَيره وَكَانَ أَبيض كالمهاة وَلَوْلَا مَا مَسّه من رِجْس الْجَاهِلِيَّة مَا مَسّه ذُو عاهة إِلَّا برىء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: نزل الرُّكْن الْأسود من السَّمَاء فَوضع على أبي قبيس كَأَنَّهُ مهاة بَيْضَاء فَمَكثَ أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ وضع على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم وَأخر الْأَزْرَقِيّ عَن عِكْرِمَة قَالَ: الرُّكْن ياقوتة من يَوَاقِيت الْجنَّة وَإِلَى الْجنَّة مصيره قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَوْلَا مَا مَسّه من أَيدي الْجَاهِلِيَّة لأبرأ الأكمه والأبرص وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزل الله الرُّكْن وَالْمقَام مَعَ آدم عَلَيْهِ السَّلَام لَيْلَة نزل بَين الرُّكْن وَالْمقَام فَلَمَّا أصبح رأى الرُّكْن وَالْمقَام فعرفهما فَضَمَّهُمَا وَأنس بهما وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْحجر الْأسود نزل بِهِ ملك من السَّمَاء وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزل الله الرُّكْن الْأسود من الْجنَّة وَهُوَ يتلألأ تلألؤاً من شدَّة بياضه فَأَخذه آدم فضمه إِلَيْهِ آنساً بِهِ

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزل آدم من الْجنَّة وَمَعَهُ الْحجر الْأسود متأبطه وَهُوَ ياقوتة من يَوَاقِيت الْجنَّة وَلَوْلَا أَن الله طمس ضوءه مَا اسْتَطَاعَ أحد أَن ينظر إِلَيْهِ وَنزل بالباسة ونخلة الْعَجْوَة قَالَ أَبُو مُحَمَّد الْخُزَاعِيّ: الباسة آلَات الصناع وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن عمر بن الْخطاب سَأَلَ كَعْبًا عَن الْحجر الْأسود فَقَالَ: مروة من مرو الْجنَّة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَوْلَا أَن الْحجر تمسه الْحَائِض وَهِي لَا تشعر وَالْجنب وَهُوَ لَا يشْعر مَا مَسّه أَجْذم وَلَا أبرص إِلَّا برىء وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: كَانَ الْحجر الْأسود أَبيض كاللبن وَكَانَ طوله كعظم الذِّرَاع وَمَا اسود إِلَّا من الْمُشْركين كَانُوا يمسحونه وَلَوْلَا ذَلِك مَا مَسّه ذُو عاهة إِلَّا برىء وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عُثْمَان بن سَاج قَالَ: أَخْبرنِي ابْن نبيه الحَجبي عَن أمه أَنَّهَا حدثته أَن أَبَاهَا حدثها: أَنه رأى الْحجر قبل الْحَرِيق وَهُوَ أَبيض يتَرَاءَى الإِنسان فِيهِ وَجهه قَالَ عُثْمَان: وَأَخْبرنِي زُهَيْر: أَنه بلغه أَن الْحجر من رَضْرَاض ياقوت الْجنَّة وَكَانَ أَبيض يتلألأ فسوّده ارجاس الْمُشْركين وَسَيَعُودُ لى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة مثل أبي قبيس فِي الْعظم لَهُ عينان ولسان وشفتان يشْهد لمن استلمه بِحَق وَيشْهد على من استلمه بِغَيْر حق وَأخرج ابْن خُزَيْمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحجر الْأسود ياقوتة بَيْضَاء من يَوَاقِيت الْجنَّة وَإِنَّمَا سوّدته خَطَايَا الْمُشْركين يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة مثل أحد يشْهد لمن استلمه وَقَبله من أهل الدُّنْيَا وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله يبْعَث الرُّكْن الْأسود لَهُ عينان يبصر بهما ولسان ينْطق بِهِ يشْهد لمن استلمه بِحَق وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: الرُّكْن من حِجَارَة الْجنَّة أما وَالَّذِي نفس سلمَان بِيَدِهِ ليجيئن يَوْم الْقِيَامَة لَهُ عينان ولسان وشفتان يشْهد لمن استلمه بِالْحَقِّ وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الرُّكْن يَمِين الله فِي الأَرْض يُصَافح بهَا

خلقه وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من امرىء مُسلم يسْأَل الله عِنْده شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه وَأخرج ابْن ماجة عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه سُئِلَ عَن الرُّكْن أسود فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من فاوضه فَإِنَّمَا يفاوض يَد الرَّحْمَن وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لهَذَا الْحجر لِسَانا وشفتين يشْهد لمن استلمه يَوْم الْقِيَامَة بِحَق وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَأْتِي الرُّكْن يَوْم الْقِيَامَة أعظم من أبي قبيس لَهُ لِسَان وشفتان يتَكَلَّم عَن من [استلمه] وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْهَدُوا هَذَا الْحجر خيرا فانه يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة شَافِع مُشَفع لَهُ لِسَان وشفتان يشْهد لمن استلمه وَأخرج الجندي من طَرِيق عَطاء بن السَّائِب عَن مُحَمَّد بن سابط عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَ النَّبِي من الْأَنْبِيَاء إِذْ هَلَكت أمته لحق بِمَكَّة فيتعبد فِيهَا النَّبِي وَمن مَعَه حَتَّى يَمُوت فَمَاتَ بهَا نوح وَهود وَصَالح وَشُعَيْب عَلَيْهِم السَّلَام وقبورهم بَين زَمْزَم وَالْحجر وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي من عَطاء بن السَّائِب عَن مُحَمَّد بن سابط قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة لَا يسكنهَا سافك دم وَلَا تَاجر بربا وَلَا مشاء بنميمة قَالَ: ودحيت الأَرْض من مَكَّة وَكَانَت الْمَلَائِكَة تَطوف بِالْبَيْتِ وَهِي أول من طَاف بِهِ وَهِي الأَرْض الَّتِي قَالَ الله (إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة) (الْبَقَرَة الْآيَة 30) وَكَانَ النَّبِي من الْأَنْبِيَاء إِذا هلك قومه فنجا هُوَ والصالحون مَعَه أَتَاهَا بِمن مَعَه فيعبدون الله حَتَّى يموتوا فِيهَا وَإِن قيبر نوح وَهود وَشُعَيْب وَصَالح بَين زَمْزَم والركن وَالْمقَام وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: حج مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام على جمل أَحْمَر فَمر

بِالرَّوْحَاءِ عَلَيْهِ عباءتان قطوانيتان متزر باحداهما مُرْتَد بِالْأُخْرَى فَطَافَ بِالْبَيْتِ ثمَّ طَاف بَين الصَّفَا والمروة فَبَيْنَمَا هُوَ يطوف ويلبي بَين الصَّفَا والمروة إِذْ سمع صَوتا من السَّمَاء وَهُوَ يَقُول: لبيْك عَبدِي أَنا مَعَك فَخر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سَاجِدا وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مقَاتل قَالَ: فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بَين زَمْزَم قبر سبعين نَبيا مِنْهُم هود وَصَالح وَإِسْمَاعِيل وقبر آدم وَإِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب ويوسف فِي بَيت الْمُقَدّس وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: النّظر إِلَى الْكَعْبَة مخض الإِيمان وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي عَن ابْن الْمسيب قَالَ: من نظر إِلَى الْكَعْبَة إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا خرج من الْخَطَايَا كَيَوْم وَلدته أمه وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي من طَرِيق زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن أبي السَّائِب الْمدنِي قَالَ: من نظر إِلَى الْكَعْبَة إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا تحاتت ذنُوبه كَمَا يتحات الْوَرق من الشّجر قَالَ: والجالس فِي الْمَسْجِد ينظر إِلَى الْبَيْت لَا يطوف بِهِ وَلَا يُصَلِّي أفضل من الْمُصَلِّي فِي بَيته لَا ينظر إِلَى الْبَيْت وَأخرج ابْن أبي شيبَة والأزرقي والجندي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَطاء قَالَ: النّظر إِلَى الْبَيْت عبَادَة والناظر إِلَى الْبَيْت بِمَنْزِلَة الْقَائِم الصَّائِم المخبت الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله وَأخرج الجندي عَن عَطاء قَالَ: إِن نظرة إِلَى هَذَا الْبَيْت فِي غير طواف وَلَا صَلَاة تعدل عبَادَة سنة قِيَامهَا وركوعها وسجودها وَأخرج ابْن أبي شيبَة والجندي عَن طَاوس قَالَ: النّظر إِلَى هَذَا الْبَيْت أفضل من عبَادَة الصَّائِم الْقَائِم الدَّائِم الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: النَّاظر إِلَى الْكَعْبَة كالمجتهد فِي الْعِبَادَة فِي غَيرهَا من الْبِلَاد وَأخرج ابْن أبي شيبَة والأزرقي عَن مُجَاهِد قَالَ: النّظر إِلَى الْكَعْبَة عبَادَة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله فِي كل يَوْم وَلَيْلَة عشْرين وَمِائَة رَحْمَة تنزل على هَذَا الْبَيْت سِتُّونَ للطائفين وَأَرْبَعُونَ للمصلين وَعِشْرُونَ للناظرين

وَأخرج الجندي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أَكْثرُوا الطّواف بِالْبَيْتِ قبل أَن يرفع وينسى النَّاس مَكَانَهُ وَأخرج الْبَزَّار فِي مُسْنده وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَمْتعُوا بِهَذَا الْبَيْت فقد هدم مرَّتَيْنِ وَيرْفَع فِي الثَّالِثَة وَأخرج الجندي عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة رفع الله الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَمر بِقَبْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ فَيَقُول: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَيَقُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَعَلَيْك السَّلَام يَا كعبة الله مَا حَال أمتِي فَتَقول: يَا مُحَمَّد أما من وَفد إليّ من أمتك فَأَنا الْقَائِم بِشَأْنِهِ وَأما من لم يفد من أمتك فَأَنت الْقَائِم بِشَأْنِهِ وَأخرج أَبُو بكر الوَاسِطِيّ فِي فَضَائِل بَيت الْمُقَدّس عَن خَالِد بن معدان قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تزف الْكَعْبَة إِلَى الصَّخْرَة زف الْعَرُوس فَيتَعَلَّق بهَا جَمِيع من حج وَاعْتمر فَإِذا رأتها الصَّخْرَة قَالَت لَهَا: مرْحَبًا بالزائرة والمزورة إِلَيْهَا وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن كَعْب قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يزف الْبَيْت الْحَرَام إِلَى بَيت الْمُقَدّس فينقادان إِلَى الْجنَّة وَفِيهِمَا أهلهما وَالْعرض والحساب بِبَيْت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب والديلمي عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة زفت الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام إِلَى قَبْرِي فَتَقول: السَّلَام عَلَيْك يَا مُحَمَّد فَأَقُول: وَعَلَيْك السَّلَام يَا بَيت الله مَا صنع بك أمتِي بعدِي فَتَقول: يَا مُحَمَّد من أَتَانِي فَأَنا أكفيه وأكون لَهُ شَفِيعًا وَمن لم يأتني فَأَنت تكفيه وَتَكون لَهُ شَفِيعًا وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أبي إِسْحَق قَالَ: بنى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام الْبَيْت وَجعل طوله فِي السَّمَاء تِسْعَة أَذْرع وَعرضه فِي الأَرْض اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ ذِرَاعا من الرُّكْن الْأسود إِلَى الرُّكْن الشَّامي الَّذِي عِنْد الْحجر من وَجهه وَجعل عرض مَا بَين الرُّكْن الشَّامي إِلَى الرُّكْن الغربي الَّذِي فِيهِ الْحجر اثْنَيْنِ وَعشْرين ذِرَاعا وَجعل طول ظهرهَا من الرُّكْن الغربي إِلَى الرُّكْن الْيَمَانِيّ أحدا وَثَلَاثِينَ ذِرَاعا وَجعل عرض شقها الْيَمَانِيّ من الرُّكْن الْأسود إِلَى الرُّكْن الْيَمَانِيّ عشْرين ذِرَاعا قَالَ: فَلذَلِك سميت الْكَعْبَة لِأَنَّهَا على خلقَة الكعب

قَالَ: وَكَذَلِكَ سنَن أساس آدم وَجعل لَهَا غلقاً فارسياً وَكَسَاهَا كسْوَة تَامَّة وَنحر عِنْدهَا وَجعل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام الْحجر إِلَى جنب الْبَيْت عَرِيشًا من أَرَاك تَقْتَحِمُهُ العنز فَكَانَ زرباً لغنم اسماعيل وحفر إِبْرَاهِيم جبا فِي بطن الْبَيْت على يَمِين من دخله يكون خزانَة للبيت يلقِي فِيهِ مَا يهدى للكعبة وَكَانَ الله استودع الرُّكْن أَبَا قبيس حِين أغرق الله الأَرْض زمن نوح وَقَالَ: إِذا رَأَيْت خليلي يَبْنِي بَيْتِي فَأخْرجهُ لَهُ فجَاء بِهِ جِبْرِيل فَوَضعه فِي مَكَانَهُ وَبنى عَلَيْهِ إِبْرَاهِيم وَهُوَ حِينَئِذٍ يتلألأ نورا من شدَّة بياضه وَكَانَ نوره يضيء إِلَى مُنْتَهى أَنْصَاف الْحرم من كل نَاحيَة قَالَ: وَإِنَّمَا شدَّة سوَاده لِأَنَّهُ أَصَابَهُ الْحَرِيق مرّة بعد مرّة فِي الْجَاهِلِيَّة والإِسلام وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ألم تَرَ إِلَى قَوْمك حِين بنوا الْكَعْبَة أقصروا عَن قَوَاعِد إِبْرَاهِيم فَقلت: يَا رَسُول الله أَلا تردها على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم قَالَ: لَوْلَا حدثان قَوْمك بالْكفْر فَقَالَ ابْن عمر: مَا أرى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترك استلام الرُّكْنَيْنِ اللَّذين يليان الْحجر إِلَّا أَن الْبَيْت لم يتمم على قَوَاعِد إِبْرَاهِيم وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن جريج قَالَ: كَانَ ابْن الزبير بنى الْكَعْبَة من الذرع على مَا بناها إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: وَهِي مكعبة على خلقَة الكعب وَلذَلِك سميت الْكَعْبَة قَالَ: وَلم يكن إِبْرَاهِيم سقف الْكَعْبَة وَلَا بناها بمدر وَإِنَّمَا رضمها رضماً وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أبي الْمُرْتَفع قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْن الزبير فِي الْحجر فَأول حجر من المنجنيق وَقع فِي الْكَعْبَة سمعنَا لَهَا أنيناً كأنين الْمَرِيض: آه آه وَأخرج الجندي عَن مُجَاهِد قَالَ: رَأَيْت الْكَعْبَة فِي النّوم وَهِي تكلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي تَقول: لَئِن لم تَنْتَهِ أمتك يَا مُحَمَّد عَن الْمعاصِي لأنتفضن حَتَّى يصير كل حجر مني فِي مَكَان وَأخرج الجندي عَن وهيب بن الْورْد قَالَ: كنت أَطُوف أَنا وسُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ لَيْلًا فَانْقَلَبَ سُفْيَان وَبقيت فِي الطّواف فَدخلت الْحجر فَصليت تَحت الْمِيزَاب فبنا أَنا ساجد إِذْ سَمِعت كلَاما بَين أَسْتَار الْكَعْبَة وَالْحِجَارَة وَهِي تَقول: يَا جِبْرِيل أَشْكُو إِلَى الله ثمَّ إِلَيْك مَا يفعل هَؤُلَاءِ الطائفون حَولي تفكههم فِي الحَدِيث ولغطهم وشؤمهم قَالَ وهيب: فأولت أَن الْبَيْت يشكو إِلَى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأما قَوْله تَعَالَى: {رَبنَا تقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم}

أخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أفطر قَالَ: اللَّهُمَّ لَك صمنا وعَلى رزقك أفطرنا فَتقبل منا إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ {وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت وَإِسْمَاعِيل رَبنَا تقبل منا}

128

قَوْله تَعَالَى: رَبنَا واجعلنا مُسلمين لَك وَمن ذريتنا أمة مسلمة لَك وأرنا مناسكنا وَتب علينا إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الْكَرِيم فِي قَوْله تَعَالَى {رَبنَا واجعلنا مُسلمين} قَالَ: مُخلصين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سَلام بن أبي مُطِيع فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَا مُسلمين وَلَكِن سألاه الثَّبَات أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمن ذريتنا أمة مسلمة لَك} يعنيان الْعَرَب وَأما قَوْله تَعَالَى: {وأرنا مناسكنا} أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم والأزرقي عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: رب أرنا مناسكنا فاتاه جِبْرِيل فَأتى بِهِ الْبَيْت فَقَالَ: ارْفَعْ الْقَوَاعِد فَرفع الْقَوَاعِد وَأتم الْبُنيان ثمَّ أَخذ بِيَدِهِ فَأخْرجهُ فَانْطَلق بِهِ إِلَى الصَّفَا قَالَ: هَذَا من شَعَائِر الله ثمَّ انْطلق بِهِ إِلَى الْمَرْوَة فَقَالَ: وَهَذَا من شَعَائِر الله ثمَّ انْطلق بِهِ نَحْو منى فَلَمَّا كَانَ من الْعقبَة إِذا إِبْلِيس قَائِم عِنْد الشَّجَرَة فَقَالَ: كبر وارمه فَكبر ورماه ثمَّ انْطلق إِبْلِيس فَقَامَ عِنْد الْجَمْرَة الْوُسْطَى فَلَمَّا حَاذَى بِهِ جِبْرِيل وَإِبْرَاهِيم قَالَ لَهُ: كبر وارمه فَكبر وَرمى فَذهب إِبْلِيس حَتَّى أَتَى الْجَمْرَة القصوى فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: كبر وارمه فَكبر وَرمى فَذهب إِبْلِيس وَكَانَ الْخَبيث أَرَادَ أَن يدْخل فِي الْحَج شَيْئا فَلم يسْتَطع فَأخذ بيد إِبْرَاهِيم حَتَّى أَتَى بِهِ الْمشعر الْحَرَام فَقَالَ: هَذَا الْمشعر الْحَرَام ثمَّ ذهب حَتَّى أَتَى بِهِ عَرَفَات قَالَ: قد عرفت مَا أريتك قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات قَالَ: نعم قَالَ: فَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ قَالَ: وَكَيف أؤذن قَالَ: قل

يَا أَيهَا النَّاس أجِيبُوا ربكُم ثَلَاث مَرَّات فَأجَاب الْعباد لبيْك اللَّهُمَّ رَبنَا لبيْك فَمن أجَاب إِبْرَاهِيم يَوْمئِذٍ من الْخلق فَهُوَ حَاج وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن الْمسيب عَن عَليّ قَالَ: لما فرغ إِبْرَاهِيم من بِنَاء الْبَيْت قَالَ: قد فعلت أَي رب فأرنا مناسكنا أبرزها لنا علمناها فَبعث الله جِبْرِيل فحج بِهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور الْأَزْرَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: حج إِبْرَاهِيم واسماعيل وهما ماشيان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْمقَام من أصل الْكَعْبَة فَقَامَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيم فتفرجت عَنهُ هَذِه الْجبَال أَبُو قبيس وصواحبه إِلَى مابينه وَبَين عَرَفَات فَأرَاهُ مَنَاسِكه حَتَّى انْتهى إِلَيْهِ فَقَالَ: عرفت قَالَ: نعم فسميت عَرَفَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مجلز فِي قَوْله (وَإِذ يرفع إِبْرَاهِيم الْقَوَاعِد من الْبَيْت وَإِسْمَاعِيل) (الْبَقَرَة الْآيَة 127) قَالَ: لما فرغ إِبْرَاهِيم من الْبَيْت جَاءَهُ جِبْرِيل أرَاهُ الطّواف بِالْبَيْتِ والصفا والمروة ثمَّ انْطَلقَا إِلَى الْعقبَة فَعرض لَهما الشَّيْطَان فَأخذ جِبْرِيل سبع حَصَيَات وَأعْطى إِبْرَاهِيم سبع حَصَيَات فَرمى وكبَّر وَقَالَ لإِبراهيم: ارْمِ وَكبر مَعَ كل رمية حَتَّى أمل الشَّيْطَان ثمَّ انْطَلقَا إِلَى الْجَمْرَة الْوُسْطَى فَعرض لَهما الشَّيْطَان فَأخذ جِبْرِيل سبع حَصَيَات فرميا وكبرا مَعَ كل رمية حَتَّى أمل الشَّيْطَان ثمَّ أَتَيَا الْجَمْرَة القصوى فَعرض لَهما الشَّيْطَان فَأخذ جِبْرِيل سبع حَصَيَات وَأعْطى إِبْرَاهِيم سبع حَصَيَات وَقَالَ: ارْمِ وَكبر فرميا وكبرا مَعَ كل رمية حَتَّى أقل ثمَّ أَتَى بِهِ إِلَى منى فَقَالَ: هَهُنَا يحلق النَّاس رؤوسهم ثمَّ أَتَى بِهِ جمعا فَقَالَ: هَهُنَا يجمع النَّاس الصَّلَاة ثمَّ أَتَى بِهِ عَرَفَات فَقَالَ: عرفت قَالَ: نعم فَمن ثمَّ سميت عَرَفَات واخرج الْأَزْرَقِيّ عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَ: لما فرغ إِبْرَاهِيم من الْبَيْت الْحَرَام قَالَ: أَي رب قد فعلت فأرنا مناسكنا فَبعث الله إِلَيْهِ جِبْرِيل فحج بِهِ حَتَّى إِذا جَاءَ يَوْم النَّحْر عرض لَهُ إِبْلِيس فَقَالَ: احصب فحصب سبع حَصَيَات ثمَّ الْغَد ثمَّ الْيَوْم الثَّالِث فَمَلَأ مَا بَين الجبلين ثمَّ علا على مِنْبَر فَقَالَ: يَا عباد الله أجِيبُوا ربكُم فَسمع دَعوته من بَين الأبحر مِمَّن فِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان قَالُوا: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك قَالَ: وَلم يزل على وَجه الأَرْض سَبْعَة مُسلمُونَ فَصَاعِدا وَلَوْلَا ذَلِك

لأهلكت الأَرْض وَمن عَلَيْهَا قَالَ: وَأول من أجَاب حِين أذن بِالْحَجِّ أهل الْيمن وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وأرنا مناسكنا} قَالَ: مذابحنا وَأخرج الجندي عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ الله لإِبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام قُم فَابْن لي بَيْتا قَالَ: أَي رب أَيْن قَالَ: سأخبرك فَبعث الله إِلَيْهِ سَحَابَة لَهَا رَأس فَقَالَت: يَا إِبْرَاهِيم إِن رَبك يَأْمُرك أَن تخط قدر هَذِه السحابة قَالَ: فَجعل إِبْرَاهِيم ينظر إِلَى السحابة ويخط فَقَالَت: قد فعلت قَالَ: نعم فارتفعت السحابة فحفر إِبْرَاهِيم فأبرز عَن أساس نابت من الأَرْض فَبنى إِبْرَاهِيم فَلَمَّا فرغ قَالَ: أَي رب قد فعلت فأرنا مناسكنا فَبعث الله إِلَيْهِ جِبْرِيل يحجّ بِهِ حَتَّى إِذا جَاءَ يَوْم النَّحْر عرض لَهُ إِبْلِيس فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: احصب فحصب بِسبع حَصَيَات ثمَّ الْغَد ثمَّ الْيَوْم الثَّالِث فالرابع ثمَّ قَالَ: أعل ثبيراً فعلا ثبيراً فَقَالَ: أَي عباد الله أجِيبُوا أَي عباد الله أطِيعُوا لله فَسمع دَعوته مَا بَين الأبحر مِمَّن فِي قلبه مِثْقَال ذرة من الإِيمان قَالُوا لبيْك أطعناك اللَّهُمَّ أطعناك وَهِي الَّتِي أَتَى الله إِبْرَاهِيم فِي الْمَنَاسِك: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك وَلم يزل على الأَرْض سَبْعَة مُسلمُونَ لَوْلَا ذَلِك هَلَكت الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَفعه قَالَ لما أَتَى إِبْرَاهِيم خَلِيل الله الْمَنَاسِك عرض لَهُ الشَّيْطَان عِنْد جَمْرَة الْعقبَة فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات حَتَّى ساخ فِي الأَرْض ثمَّ عرض لَهُ عِنْد الْجَمْرَة الثَّانِيَة فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات حَتَّى ساخ فِي الأَرْض ثمَّ عرض لَهُ عِنْد الْجَمْرَة الثَّالِثَة فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات حَتَّى ساخ فِي الأَرْض قَالَ ابْن عَبَّاس: الشَّيْطَان ترجمون وملة أبيكم إِبْرَاهِيم تتبعون وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن إِبْرَاهِيم لما رأى الْمَنَاسِك عرض لَهُ الشَّيْطَان عِنْد الْمَسْعَى فسابق إِبْرَاهِيم فسبقه إِبْرَاهِيم ثمَّ انْطلق بِهِ جِبْرِيل حَتَّى أرَاهُ مِنى فَقَالَ: هَذَا مناخ النَّاس فَلَمَّا انْتهى إِلَى جَمْرَة الْعقبَة فَعرض لَهُ الشَّيْطَان فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات من ذهب ثمَّ أَتَى بِهِ إِلَى الْجَمْرَة الْوُسْطَى فَعرض لَهُ الشَّيْطَان فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات حَتَّى ذهب ثمَّ أَتَى بِهِ إِلَى الْجَمْرَة القصوى فَعرض لَهُ الشَّيْطَان فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات حَتَّى ذهب فَأتى بِهِ جمعا فَقَالَ: هَذَا الْمشعر ثمَّ أَتَى بِهِ عَرَفَة فَقَالَ: هَذِه عَرَفَة فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل:

أعرفت قَالَ: نعم وَلذَلِك سميت عَرَفَة أَتَدْرِي كَيفَ كَانَت التَّلْبِيَة: أَن إِبْرَاهِيم لما أَمر أَن يُؤذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ أمرت الْجبَال فخفضت رؤوسها وَرفعت لَهُ الْقرى فَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وأرنا مناسكنا} قَالَ: أراهما الله مناسكهما الْموقف بِعَرَفَات والإِفاضة من جمع وَرمي الْجمار وَالطّواف بِالْبَيْتِ وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة

129

قَوْله تَعَالَى: رَبنَا وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم يَتْلُوا عَلَيْهِم آياتك وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة ويزكيهم إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم أخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي عِنْد الله فِي أم الْكتاب لخاتم النَّبِيين وَإِن آدم لَمُنْجَدِل فِي طينته وسأنبئكم بِأول ذَلِك دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وَبشَارَة عِيسَى بِي ورؤيا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ وَكَذَلِكَ أُمَّهَات النَّبِيين يَرَيْن وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قلت يَا رَسُول الله مَا كَانَ بَدْء أَمرك قَالَ: دَعْوَة إِبْرَاهِيم وبشرى عِيسَى وَرَأَتْ أُمِّي أَنه يخرج مِنْهَا نور أَضَاءَت لَهُ قُصُور الشَّام وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَنا دَعْوَة إِبْرَاهِيم قَالَ وَهُوَ يرفع الْقَوَاعِد من الْبَيْت {رَبنَا وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم} حَتَّى أتم الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {رَبنَا وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم} يَعْنِي أمة مُحَمَّد فَقيل لَهُ: قد اسْتُجِيبَ لَك وَهُوَ كَائِن فِي آخر الزَّمَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة} قَالَ: السّنة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَيُعلمهُم الْكتاب وَالْحكمَة} قَالَ: الْحِكْمَة السّنة قَالَ: فَفعل ذَلِك بهم فَبعث فيهم رَسُولا مِنْهُم يعْرفُونَ اسْمه وَنسبه يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور ويهديهم إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آتَانِي الله الْقُرْآن وَمن الْحِكْمَة مِثْلَيْه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله {يزكيهم} قَالَ: يطهرهم من الشّرك ويخلصهم مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {الْعَزِيز الْحَكِيم} قَالَ: عَزِيز فِي نقمته إِذا انتقم حَكِيم فِي أمره

130

قَوْله تَعَالَى: وَمن يرغب عَن مِلَّة إِبْرَاهِيم إِلَّا من سفه نَفسه وَلَقَد اصطفيناه فِي الدُّنْيَا وَإنَّهُ فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين إِذْ قَالَ لَهُ ربه اسْلَمْ قَالَ أسلمت لرب الْعَالمين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَمن يرغب عَن مِلَّة إِبْرَاهِيم} قَالَ: رغبت الْيَهُود وَالنَّصَارَى عَن مِلَّته وَاتَّخذُوا الْيَهُودِيَّة والنصرانية بِدعَة لَيست من الله وَتركُوا مِلَّة إِبْرَاهِيم الإِسلام وَبِذَلِك بعث الله نبيه مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِملَّة إِبْرَاهِيم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {إِلَّا من سفه نَفسه} قَالَ: إِلَّا من أَخطَأ حَظه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وَلَقَد اصطفيناه} قَالَ: اخترناه

132

قَوْله تَعَالَى: ووصى إِبْرَاهِيم بهَا بنيه وَيَعْقُوب يَا بني ان الله اصْطفى لَك اليدن فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ

أخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن أَسد بن يزِيد قَالَ: فِي مصحف عُثْمَان {ووصَّى} بِغَيْر ألف وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ووصى بهَا إِبْرَاهِيم بنيه} قَالَ: وصاهم بالإِسلام ووصى يَعْقُوب بنيه مثل ذَلِك وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن فُضَيْل بن عِيَاض فِي قَوْله {فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} أَي محسنون بربكم الظَّن وَأخرج ابْن سعد عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: ولد لإِبراهيم اسماعيل وَهُوَ أكبر وَلَده وَأمه هَاجر وَهِي قبطية وَإِسْحَق وَأمه سارة ومدن ومدين وبيشان وزمران وأشبق وشوح وأمهم قنطوراء من الْعَرَب العاربة فَأَما بيشان فلحق بنوه بِمَكَّة وَأقَام مَدين بِأَرْض مَدين فسميت بِهِ وَمضى سَائِرهمْ فِي الْبِلَاد وَقَالُوا لإِبراهيم: يَا أَبَانَا أنزلت اسماعيل وَإِسْحَق مَعَك وأمرتنا أَن ننزل أَرض الغربة والوحشة قَالَ: بذلك أمرت فعلمهم اسْما من أَسمَاء الله فَكَانُوا يستسقون بِهِ ويستنصرون

133

قَوْله تَعَالَى: أم كُنْتُم شُهَدَاء إِذْ حضر يَعْقُوب الْمَوْت إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبدُونَ من بعدِي قَالُوا نعْبد إلهك وإله آبَائِك إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل واسحق إِلَهًا وَاحِدًا وَنحن لَهُ مُسلمُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {أم كُنْتُم شُهَدَاء} يَعْنِي أهل مَكَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {أم كُنْتُم شُهَدَاء إِذْ حضر يَعْقُوب الْمَوْت} الْآيَة قَالَ: يَقُول لم تشهد الْيَهُود ولاالنصارى وَلَا أحد من النَّاس يَعْقُوب إِذْ أَخذ على بنيه الْمِيثَاق إِذْ حَضَره الْمَوْت أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه فأقروا بذلك وَشهد عَلَيْهِم أَن قد أقرُّوا بعبادتهم وَأَنَّهُمْ مُسلمُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: الْجد أَب وَيَتْلُو {قَالُوا نعْبد إلهك وإله آبَائِك إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي زيد فِي الْآيَة قَالَ: يُقَال بَدَأَ باسماعيل لِأَنَّهُ أكبر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: سمى الْعم أَبَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: الْخَال وَالِد الْعم وَالِد وتلا {قَالُوا نعْبد إلهك وإله آبَائِك} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ (نعْبد إلهك وإله أَبِيك) على معنى الْوَاحِد

134

قَوْله تَعَالَى: تِلْكَ أمة قد خلت لَهَا مَا كسبت وَلكم مَا كسبتم وَلَا تسئلون عَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {تِلْكَ أمة قد خلت} قَالَ: يَعْنِي إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب والأسباط

135

قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا كونُوا هوداً أَو نَصَارَى تهتدوا قل بل مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا وَمَا كَانَ من الْمُشْركين أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ عبد الله بن صوريا الْأَعْوَر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا الْهدى إِلَّا مَا نَحن عَلَيْهِ فاتبعنا يَا مُحَمَّد تهتد وَقَالَت النَّصَارَى مثل ذَلِك فَأنْزل الله {وَقَالُوا كونُوا هوداً أَو نَصَارَى تهتدوا} الْآيَة وَأما قَوْله تَعَالَى: {حَنِيفا} أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حَنِيفا} قَالَ: حَاجا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: الحنيف الْمُسْتَقيم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {حَنِيفا} قَالَ: مُتبعا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خصيف قَالَ: الحنيف المخلص وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي قلَابَة قَالَ: الحنيف الَّذِي يُؤمن بالرسل كلهم من أَوَّلهمْ إِلَى آخِرهم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآن حَنِيفا مُسلما وَمَا كَانَ فِي الْقُرْآن حنفَاء مُسلمين حجاجاً وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثت بالحنيفية السمحة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قيل: يَا رَسُول الله أَي الْأَدْيَان أحب إِلَى الله قَالَ: الحنيفية السمحة وَأخرج أَبُو الترس فِي الغرائب وَالْحَاكِم فِي تَارِيخه وَأَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي الصَّحَابَة وَابْن عَسَاكِر عَن سعد بن عبد الله بن مَالك الْخُزَاعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحب الدّين إِلَى الله الحنيفية السمحة

136

قَوْله تَعَالَى: قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب والأسباط وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ من رَبهم لَا نفرِّق بَين أحد مِنْهُم وَنحن لَهُ مُسلمُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن معقل بن يسَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آمنُوا بِالتَّوْرَاةِ وَالزَّبُور والإِنجيل وَلْيَسَعْكُمْ الْقُرْآن وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر فِي الأولى مِنْهُمَا الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} الْآيَة كلهَا وَفِي الْآخِرَة ب (آمنا بِاللَّه واشهد بِأَنا مُسلمُونَ) (آل عمرَان الْآيَة 52) وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَكثر مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل إِلَى إِبْرَاهِيم} الْآيَة وَفِي الثَّانِيَة (قل يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة ) (آل عمرَان الْآيَة 64) الْآيَة وَأخرج وَكِيع عَن الضَّحَّاك قَالَ: علمُوا نساءكم وَأَوْلَادكُمْ وخدمكم أَسمَاء

الْأَنْبِيَاء الْمُسلمين فِي الْكتاب ليؤمنوا بهم فَإِن الله أَمر بذلك فَقَالَ {قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} إِلَى قَوْله {وَنحن لَهُ مُسلمُونَ} وَأخر ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأسباط بَنو يَعْقُوب كَانُوا اثْنَي عشر رجلا كل وَاحِد مِنْهُم ولد سبطاً أمة من النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: الأسباط بَنو يَعْقُوب يُوسُف وبنيامين وروبيل ويهوذا وشمعون ولاوي ودان وقهات وكوذ وباليوق وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عبد الثمالِي أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَو حَلَفت لبررت أَنه لَا يدْخل الْجنَّة قبل الرعيل الأوّل من أمتِي إِلَّا بضعَة عشر إنْسَانا إِبْرَاهِيم واسماعيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب والأسباط ومُوسَى وَعِيسَى بن مَرْيَم

137

قَوْله تَعَالَى: فَإِن آمنُوا بِمثل مَا آمنتم بِهِ فقد اهتدوا وَإِن توَلّوا فَإِنَّمَا هم فِي شقَاق فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا تَقولُوا {فَإِن آمنُوا بِمثل مَا آمنتم بِهِ} فَإِن الله لَا مثل لَهُ وَلَكِن قُولُوا: فَإِن آمنُوا بِالَّذِي آمنتم بِهِ وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف والخطيب فِي تَارِيخه عَن أبي جَمْرَة قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ / فَإِن آمنُوا بِالَّذِي آمنتم بِهِ / وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي اعالية فِي قَوْله {فَإِنَّمَا هم فِي شقَاق} قَالَ: فِرَاق وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت قَاعِدا إِذْ أقبل عُثْمَان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عُثْمَان تقتل وَأَنت تقْرَأ سُورَة الْبَقَرَة فَتَقَع قَطْرَة من دمك على {فَسَيَكْفِيكَهُم الله} قَالَ الذَّهَبِيّ فِي مُخْتَصر الْمُسْتَدْرك: هَذَا كذب بحت وَفِي إِسْنَاده أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الحميد الْجعْفِيّ وَهُوَ الْمُتَّهم بِهِ وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الْقَاسِم بن بَشرَان فِي أَمَالِيهِ وَأَبُو نعيم فِي

الْمعرفَة وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد مولى بني أَسد قَالَ: لما دخل المصريون على عُثْمَان والمصحف بَين يَدَيْهِ فضربوه بِالسَّيْفِ على يَدَيْهِ فَجرى الدَّم {فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} فَمد يَده وَقَالَ: وَالله لإِنها أوّل يَد خطت الْمفصل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن نَافِع بن أبي نعيم قَالَ: أرسل إِلَيّ بعض الْخُلَفَاء بمصحف عُثْمَان بن عَفَّان فَقلت لَهُ: إِن النَّاس يَقُولُونَ: إِن مصحفه كَانَ فِي حجره حِين قتل فَوَقع الدَّم على {فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} فَقَالَ نَافِع ك بصرت عَيْني بِالدَّمِ على هَذِه الْآيَة وَقد قدم وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن عمْرَة بنت أَرْطَاة العدوية قَالَ: خرجت مَعَ عَائِشَة سنة قتل عُثْمَان إِلَى مَكَّة فمررنا بِالْمَدِينَةِ ورأينا الْمُصحف الَّذِي قتل وَهُوَ فِي حجره وَكَانَت أوّل قَطْرَة من دَمه على هَذِه الْآيَة {فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} قَالَت عمْرَة: فَمَا مَاتَ مِنْهُم رجل سويا

138

قَوْله تَعَالَى: صبغة الله وَمن أحسن من الله صبغة وَنحن لَهُ عَابِدُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {صبغة الله} قَالَ: دين الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {صبغة الله} قَالَ: فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن بني إِسْرَائِيل قَالُوا: يَا مُوسَى هَل يصْبغ رَبك فَقَالَ: اتَّقوا الله فناداه ربه: يَا مُوسَى سألوك هَل يصْبغ رَبك فَقل: نعم: أَنا أصبغ الألوان الْأَحْمَر والأبيض وَالْأسود والألوان كلهَا من صبغتي وَأنزل الله على نبيه {صبغة الله وَمن أحسن من الله صبغة} وَأخرجه ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: إِن الْيَهُود تصبغ أبناءها يهود وَإِن النَّصَارَى تصبغ أبناءها نَصَارَى وَإِن صبغة الله الإِسلام وَلَا صبغة أحسن من صبغة الله الإِسلام وَلَا أطهر وَهُوَ دين الله الَّذِي بعث بِهِ نوحًا وَمن كَانَ بعده من الْأَنْبِيَاء

وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {صبغة الله وَمن أحسن من الله صبغة} قَالَ: الْبيَاض

139

قَوْله تَعَالَى: قل أتحاجوننا فِي الله وَهُوَ رَبنَا وربكم وَلنَا أَعمالنَا وَلكم أَعمالكُم وَنحن لَهُ مخلصون أم تَقولُونَ إِن إِبْرَاهِيم واسماعيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب والأسباط كَانُوا هودا أَو نَصَارَى قل أأنتم أعلم أم الله وَمن أظلم مِمَّن كتم شَهَادَة عِنْده من الله وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ تِلْكَ أمة قد خلت لَهَا مَا كسبت وَلكم مَا كسبتم وَلَا تسئلون عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أتحاجوننا فِي الله} قَالَ: أتخاصمونا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أتحاجوننا} تجادلوننا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمن أظلم مِمَّن كتم شَهَادَة عِنْده من الله} قَالَ: فِي قَول يهود لإِبراهيم وإسمعيل وَمن ذكر مَعَهُمَا أَنهم كَانُوا يهوداً أَو نَصَارَى فَيَقُول الله لَهُم: لَا تكتموا مني شَهَادَة إِن كَانَت عنْدكُمْ وَقد علم الله أَنهم كاذبون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن أظلم مِمَّن كتم شَهَادَة} الْآيَة قَالَ: أُولَئِكَ أهل الْكتاب كتموا الإِسلام وهم يعلمُونَ أَنه دين الله وَاتَّخذُوا الْيَهُودِيَّة والنصرانية وكتموا مُحَمَّد وهم يعلمُونَ أَنه رَسُول الله وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمن أظلم مِمَّن كتم شَهَادَة عِنْده من الله} قَالَ: كَانَ عِنْد الْقَوْم من الله شَهَادَة أَن أنبياءه بُرَآء من الْيَهُودِيَّة والنصرانية وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالربيع فِي قَوْله {تِلْكَ أمة قد خلت} قَالَا: يَعْنِي إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب والأسباط

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْمليح قَالَ: الْأمة مَا بَين الْأَرْبَعين إِلَى الْمِائَة فَصَاعِدا

142

قَوْله تَعَالَى: سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قل لله الْمشرق وَالْمغْرب يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم أخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْبَراء بن عَازِب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أول مَا قدم الْمَدِينَة نزل على أَخْوَاله من الْأَنْصَار وَأَنه صلى إِلَى بَيت الْمُقَدّس سِتَّة أَو سَبْعَة عشر شهرا وَكَانَ يُعجبهُ أَن تكون قبلته إِلَى الْبَيْت وَأَن أول صَلَاة صلاهَا صَلَاة الْعَصْر وَصلى مَعَه قوم فَخرج رجل مِمَّن كَانَ صلى مَعَه فَمر على أهل الْمَسْجِد وهم رَاكِعُونَ فَقَالَ: أشهد بِاللَّه لقد صليت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل الْكَعْبَة فَدَارُوا كَمَا هم قبل الْبَيْت ثمَّ أَنْكَرُوا ذَلِك وَكَانَ الَّذِي مَاتَ على الْقبْلَة قبل أَن تحوّل قبل الْبَيْت رجَالًا وَقتلُوا فَلم ندر مَا نقُول فيهم فَأنْزل الله (وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ إِن الله بِالنَّاسِ لرؤوف رَحِيم) (الْبَقَرَة الْآيَة 143) وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي نَحْو بَيت الْمُقَدّس وَيكثر النّظر إِلَى السَّمَاء ينْتَظر أَمر الله فَأنْزل الله (قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء فلنولينك قبْلَة ترضاها فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام) (الْبَقَرَة الْآيَة 144) فَقَالَ رجال من الْمُسلمين: وَدِدْنَا لَو علمنَا من مَاتَ منا قبل أَن نصرف إِلَى الْقبْلَة وَكَيف بصلاتنا نَحْو بَيت الْمُقَدّس فَأنْزل الله (وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ) (الْبَقَرَة الْآيَة 143) وَقَالَ السُّفَهَاء من النَّاس وهم من أهل الْكتاب: مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فَأنْزل الله {سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد صلى نَحْو بَيت الْمُقَدّس سِتَّة عشر أَو سَبْعَة عشر شهرا

وَكَانَ يجب أَن يُصَلِّي نَحْو الْكَعْبَة فَكَانَ يرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَأنْزل الله (قد نرى تقلب وَجهك ) (الْبَقَرَة الْآيَة 144) الْآيَة فَوجه نَحْو الْكَعْبَة وَقَالَ السُّفَهَاء من النَّاس وهم الْيَهُود مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فَأنْزل الله {قل لله الْمشرق وَالْمغْرب يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أول مَا نسخ فِي الْقُرْآن الْقبْلَة وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما هَاجر إِلَى الْمَدِينَة وَكَانَ أَكثر أَهلهَا الْيَهُود أمره الله أَن يسْتَقْبل بَيت الْمُقَدّس فَفَرِحت الْيَهُود فَاسْتَقْبلهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضعَة عشر شهرا وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب قبْلَة إِبْرَاهِيم وَكَانَ يَدْعُو الله وَينظر إِلَى السَّمَاء فَأنْزل الله (قد نرى تقلب وَجهك) (الْبَقَرَة الْآيَة 144) إِلَى قَوْله (فَوَلوا وُجُوهكُم شطره) يَعْنِي نَحوه فارتاب من ذَلِك الْيَهُود وَقَالُوا: مَا ولاهم عَن قبلتهم الني كَانُوا عَلَيْهَا فَأنْزل الله {قل لله الْمشرق وَالْمغْرب} وَقَالَ: (أَيْنَمَا توَلّوا فثم وَجه الله) (الْبَقَرَة الْآيَة 115) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ بِمَكَّة نَحْو بَيت الْمُقَدّس والكعبة بَين يَدَيْهِ وَبَعْدَمَا تحول إِلَى الْمَدِينَة سِتَّة عشر شهرا ثمَّ صرفه الله إِلَى الْكَعْبَة وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول مَا نسخ من الْقُرْآن الْقبْلَة وَذَلِكَ أَن مُحَمَّدًا كَانَ يسْتَقْبل صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس وَهِي قبْلَة الْيَهُود فَاسْتَقْبلهَا سَبْعَة عشر شهرا ليؤمنوا بِهِ وليتبعوه وليدعوا بذلك الْأُمِّيين من الْعَرَب فَقَالَ الله (وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب فأينما توَلّوا فثم وَجه الله) وَقَالَ (قد نرى تقلب وَجهك) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة مُرْسلا وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن أبي الْعَالِيَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظر نَحْو بَيت الْمُقَدّس فَقَالَ لجبريل وددت أَن الله صرفني عَن قبْلَة الْيَهُود إِلَى غَيرهَا فَقَالَ لَهُ

جِبْرِيل: إِنَّمَا أَنا عبد مثلك وَلَا أملك لَك شَيْئا إِلَّا مَا أمرت فَادع ربّك وسله فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يديم النّظر إِلَى السَّمَاء رَجَاء أَن يَأْتِيهِ جِبْرِيل بِالَّذِي سَأَلَ فَأنْزل الله (قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء) (الْبَقَرَة الْآيَة 144) يَقُول: إِنَّك تديم النّظر إِلَى السَّمَاء للَّذي سَأَلت (فولِّ وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام) يَقُول فحوّل وَجهك فِي الصَّلَاة نَحْو الْمَسْجِد الْحَرَام {وَحَيْثُ مَا كُنْتُم} يَعْنِي من الأَرْض (فَوَلوا وُجُوهكُم) فِي الصَّلَاة (شطره) نَحْو الْكَعْبَة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صرفت الْقبْلَة عَن الشَّام إِلَى الْكَعْبَة فِي رَجَب على رَأس سَبْعَة عشر شهرا من مقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المدينه فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رِفَاعَة بن قيس وقردم بن عَمْرو وَكَعب بن الْأَشْرَف وَنَافِع بن نَافِع وَالْحجاج بن عَمْرو حَلِيف كَعْب بن الْأَشْرَف وَالربيع بن أبي الْحقيق وكنانة بن أبي الْحقيق فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّد مَا ولاك عَن قبلتك الَّتِي كنت عَلَيْهَا وَأَنت تزْعم أَنَّك على مِلَّة إِبْرَاهِيم وَدينه ارْجع إِلَى قبلتك الَّتِي كنت عَلَيْهَا نتبعك ونصدقك وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ فتنته عَن دينه فَأنْزل الله {سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس} إِلَى قَوْله {إِلَّا لنعلم من يتبع الرَّسُول مِمَّن يَنْقَلِب على عَقِبَيْهِ} أَي ابتلاء واختباراً (وَإِن كَانَت لكبيرة إِلَّا على الَّذين هدى الله) (الْبَقَرَة الْآيَة 143) أَي ثَبت الله (وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ) يَقُول: صَلَاتكُمْ بالقبلة الأولى وتصديقكم نَبِيكُم واتباعكم اياه إِلَى الْقبْلَة الْآخِرَة أَي ليعطينكم أجرهما جَمِيعًا (إِن الله بِالنَّاسِ لرؤوف رَحِيم) إِلَى قَوْله {فَلَا تكونن من الممترين} وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء فِي قَوْله {سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس} قَالَ: الْيَهُود وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول آيَة نسخت من الْقُرْآن الْقبْلَة ثمَّ الصَّلَاة الأولى

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن مَعَه نَحْو بَيت الْمُقَدّس سِتَّة عشر شهرا ثمَّ حوّلت الْقبْلَة بعد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزُّهْرِيّ قَالَ صرفت الْقبْلَة نَحْو الْمَسْجِد الْحَرَام فِي رَجَب على سِتَّة عشر شهرا من مخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقلب وَجهه فِي السَّمَاء وَهُوَ يُصَلِّي نَحْو بَيت الْمُقَدّس فَأنْزل الله حِين وَجهه إِلَى الْبَيْت الْحَرَام {سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس} وَمَا بعْدهَا من الْآيَات فأنشأت الْيَهُود تَقول: قد اشتاق الرجل إل بَلَده وَبَيت أَبِيه وَمَا لَهُم حَتَّى تركُوا قبلتهم يصلونَ مرّة وَجها وَمرَّة وَجها آخر وَقَالَ رجال من الصَّحَابَة: فَكيف بِمن مَاتَ وَهُوَ يُصَلِّي قبل بَيت الْمُقَدّس وَفَرح الْمُشْركُونَ وَقَالُوا: إِن مُحَمَّد قد الْتبس عَلَيْهِ أمره ويوشك أَن يكون على دينكُمْ فَأنْزل الله فِي ذَلِك هَؤُلَاءِ الْآيَات وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لما وَجه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل الْمَسْجِد الْحَرَام اخْتلف النَّاس فِيهَا فَكَانُوا أصنافاً فَقَالَ المُنَافِقُونَ: مَا بالهم كَانُوا على قبْلَة زَمَانا ثمَّ تركوها وتوجهوا غَيرهَا وَقَالَ الْمُسلمُونَ: لَيْت شعرنَا عَن إِخْوَاننَا الَّذين مَاتُوا وهم يصلونَ قبل بَيت الْمُقَدّس هَل يقبل الله منا وَمِنْهُم أم لَا وَقَالَ الْيَهُود: إِن مُحَمَّدًا اشتاق إِلَى بلد أَبِيه ومولده وَلَو ثَبت على قبلتنا لَكنا نرجو أَن نَكُون يكون هُوَ صاحبنا الَّذِي نَنْتَظِر وَقَالَ الْمُشْركُونَ من أهل مَكَّة: تحير على مُحَمَّد دينه فَتوجه بقبلته إِلَيْكُم وَعلم أَنكُمْ اهدى مِنْهُ ويوشك أَن يدْخل فِي دينكُمْ فَأنْزل الله فِي الْمُنَافِقين {سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس} إِلَى قَوْله {إِلَّا على الَّذين هدى الله} وَأنزل فِي الآخرين الْآيَات بعْدهَا وَأخرج مَالك وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بعد أَن قدم الْمَدِينَة سِتَّة عشر شهرا نَحْو بَيت الْمُقَدّس ثمَّ تحوّلت الْقبْلَة إِلَى الْكَعْبَة قبل بدر بشهرين وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق سعيد بن الْمسيب قَالَ: سَمِعت سعد بن أبي وَقاص يَقُول صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَمَا قدم الْمَدِينَة سِتَّة عشر شهرا نَحْو بَيت الْمُقَدّس ثمَّ حوّل بعد ذَلِك قبل الْمَسْجِد الْحَرَام قبل بدر بشهرين وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى نَحْو بَيت الْمُقَدّس من شهر ربيع الأول إِلَى جُمَادَى الْآخِرَة

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب أَن الْأَنْصَار صلت للْقبْلَة الأولى قبل قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة بِثَلَاث حجج وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى للْقبْلَة الأولى بعد قدومه الْمَدِينَة سِتَّة عشر شهرا وَأخرج ابْن جرير عَن معَاذ بن جبل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى للْقبْلَة الأولى بعد قدومه الْمَدِينَة سِتَّة عشر شهرا وَأخرج ابْن جرير عَن معَاذ بن جبل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم الْمَدِينَة فصلى نَحْو بَيت الْمُقَدّس ثَلَاثَة عشر شهرا وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير عَن أنس قَالَ صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحْو بَيت الْمُقَدّس تِسْعَة أشهر أَو عشرَة أشهر فَبَيْنَمَا هُوَ قَائِم يُصَلِّي الظّهْر بِالْمَدِينَةِ وَقد صلى رَكْعَتَيْنِ نَحْو بَيت الْمُقَدّس انْصَرف بِوَجْهِهِ إِلَى الْكَعْبَة فَقَالَ السُّفَهَاء: مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا وَأخرج البُخَارِيّ عَن أنس قَالَ: لم يبْق مِمَّن صلى للقبلتين غَيْرِي وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه كَانُوا يصلونَ نَحْو بَيت الْمُقَدّس فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة (فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام) (الْبَقَرَة الْآيَة 144) مر رجل من بني سَلمَة فناداهم وهم رُكُوع فِي صَلَاة الْفجْر نَحْو بَيت الْمُقَدّس أَلا إِن الْقبْلَة قد حولت إِلَى الْكَعْبَة مرَّتَيْنِ فمالوا كَمَا هم رُكُوع إِلَى الْكَعْبَة وَأخرج مَالك وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَالنَّسَائِيّ عَن الن عمر قَالَ: بَيْنَمَا النَّاس بقباء فِي صَلَاة الصُّبْح إِذْ جَاءَهُم آتٍ فَقَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أنزل عَلَيْهِ اللَّيْلَة الْقُرْآن وَقد أَمر أَن يسْتَقْبل الْكَعْبَة فاستقبلوها وَكَانَت وجوهم إِلَى الشَّام فاستداروا إِلَى الْكَعْبَة وَأخرج الوبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ يُصَلِّي انْتظر أَمر الله فِي الْقبْلَة وَكَانَ يفعل أَشْيَاء لم يُؤمر بهَا وَلم ينْه عَنْهَا من فعل أهل الْكتاب فَبينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الظّهْر فِي مَسْجده قد صلى رَكْعَتَيْنِ إِذْ نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل فَأَشَارَ لَهُ أنْ صل إِلَى الْبَيْت وَصلى جِبْرِيل إِلَى الْبَيْت وَأنزل الله (قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء فلنولينك قبْلَة ترضاها فول

وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام وحيثما كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره) (الْبَقَرَة الْآيَة 144) و (وَإِن الَّذين أُوتُوا الْكتاب ليعلمون أَنه الْحق من رَبهم وَمَا الله بغافل عَمَّا يعْملُونَ) (الْبَقَرَة الْآيَة 144) قَالَ: فَقَالَ المُنَافِقُونَ: حن مُحَمَّد إِلَى أرضه وَقَومه وَقَالَ الْمُشْركُونَ: أَرَادَ مُحَمَّد أَن يجعلنا لَهُ قبْلَة ويجعلنا لَهُ وَسِيلَة وَعرف أَن ديننَا أهْدى من دينه وَقَالَ الْيَهُود للْمُؤْمِنين: مَا صرفكم إِلَى مَكَّة وترككم بِهِ الْقبْلَة قبْلَة مُوسَى وَيَعْقُوب والأنبياء وَالله إِن أَنْتُم إِلَّا تفتنون وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ: لقد ذهب منا قوم مَاتُوا مَا نَدْرِي أكنا نَحن وهم على قبْلَة أَو لَا قَالَ: فَأنْزل الله عز وَجل فِي ذَلِك {سَيَقُولُ السُّفَهَاء من النَّاس مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} إِلَى قَوْله {إِن الله بِالنَّاسِ لرؤوف رَحِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله كَانَت الْقبْلَة فِيهَا بلَاء وتمحيص صلت الْأَنْصَار حَوْلَيْنِ قبل قدوم النَّبِي وَصلى نَبِي الله بعد قدومه الْمَدِينَة نَحْو بَيت الْمُقَدّس سِتَّة عشر شهرا ثمَّ وَجهه الله بعد ذَلِك إِلَى الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام فَقَالَ فِي ذَلِك قَائِلُونَ من النَّاس: مَا ولاهم عَن قبلتهم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا لقد اشتاق الرجل إِلَى مولده قَالَ الله عزَّ وَجل {قل لله الْمشرق وَالْمغْرب يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} وَقَالَ أنَاس من [] أنَاس: لقد صرفت الْقبْلَة إِلَى الْبَيْت الْحَرَام فَكيف أَعمالنَا الَّتِي عَملنَا فِي الْقبْلَة الأولى فَأنْزل الله (وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ) (الْبَقَرَة الْآيَة 143) وَقد يَبْتَلِي الله عباده بِمَا شَاءَ من أمره الْأَمر بعد الْأَمر ليعلم من يطيعه مِمَّن يعصيه وكل ذَلِك مَقْبُول فِي دَرَجَات فِي الإِيمان بِاللَّه والاخلاص وَالتَّسْلِيم لقَضَاء الله وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة عَن عمَارَة بن أَوْس الْأنْصَارِيّ قَالَ: صلينَا إِحْدَى صَلَاتي الْعشي فَقَامَ رجل على بَاب الْمَسْجِد وَنحن فِي الصَّلَاة فَنَادَى أَن الصَّلَاة قد وَجَبت نَحْو الْكَعْبَة فحوّل أَو انحرف أمامنا نَحْو الْكَعْبَة وَالنِّسَاء وَالصبيان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار عَن أنس بن مَالك قَالَ: جَاءَنَا مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن الْقبْلَة قد حوّلت إِلَى بَيت الله الْحَرَام وَقد صلى الإِمام رَكْعَتَيْنِ فاستداروا فصلوا الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ نَحْو الْكَعْبَة

وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن جحش قَالَ صليت الْقبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصرفت الْقبْلَة إِلَى الْبَيْت وَنحن فِي صَلَاة الظّهْر فَاسْتَدَارَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَا فاستدرنا مَعَه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} قَالَ: يهْدِيهم إِلَى الْمخْرج من الشُّبُهَات والضلالات والفتن وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهُم - يَعْنِي أهل الْكتاب - لَا يحسدونا على شَيْء كَمَا يحسدونا على الْجُمُعَة الَّتِي هدَانَا الله لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا وعَلى الْقبْلَة الَّتِي هدَانَا الله لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا وعَلى قَوْلنَا خلف الإِمام آمين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عُثْمَان بن حنيف قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يقدم من مَكَّة يَدْعُو النَّاس إِلَى الإِيمان بِاللَّه فِي تَصْدِيق بِهِ قولا وَعَملا والقبلة إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَلَمَّا هَاجر إِلَيْنَا نزلت الْفَرَائِض وَنسخت الْمَدِينَة مَكَّة وَالْقَوْل فِيهَا وَنسخ الْبَيْت الْحَرَام بَيت الْمُقَدّس فَصَارَ الإِيمان قولا وَعَملا وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَمْرو بن عَوْف قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قدم الْمَدِينَة فصلى نَحْو بَيت الْمُقَدّس سَبْعَة عشر شهرا ثمَّ حولت إِلَى الْكَعْبَة

143

قَوْله تَعَالَى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا وَمَا جعلنَا الْقبْلَة الَّتِي كنت عَلَيْهَا إِلَّا لنعلم من يتبع الرَّسُول مِمَّن يَنْقَلِب على عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَت لكبيرة إِلَّا على الَّذين هدى الله وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ إِن الله بِالنَّاسِ لرؤوف رَحِيم أخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان والإِسماعيلي فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} قَالَ: عدلا

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} قَالَ: عدلا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس جَعَلْنَاكُمْ {أمة وسطا} قَالَ: جعلكُمْ أمة عدلا وَأخرج ابْن سعد عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: قَالَ رجل لِابْنِ عمر: من أَنْتُم قَالَ: مَا تَقولُونَ قَالَ: نقُول إِنَّكُم سبط وَتقول إِنَّكُم وسط فَقَالَ: سُبْحَانَ الله إِنَّمَا السبط فِي بني إِسْرَائِيل وَالْأمة الْوسط أمة مُحَمَّد جَمِيعًا وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير والن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدعى نوح يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال لَهُ: هَل بلغت فَيَقُول: نعم فيدعو قومه فَيُقَال لَهُم: هَل بَلغَكُمْ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا من نَذِير وَمَا أَتَانَا من أحد فَيُقَال لنوح: من يشْهد لَك فَيَقُول: مُحَمَّد وَأمته فَذَلِك قَوْله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} قَالَ: وَالْوسط الْعدْل فتدعون فتشهدون لَهُ بالبلاغ وَأشْهد عَلَيْكُم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَجِيء النَّبِي يَوْم الْقِيَامَة وَمَعَهُ الرجل وَالنَّبِيّ وَمَعَهُ الرّجلَانِ وَأكْثر من ذَلِك فيدعى قومه فَيُقَال لَهُم: هَل بَلغَكُمْ هَذَا فَيَقُولُونَ: لَا فَيُقَال لَهُ: هَل بلغت قَوْمك فَيَقُول: نعم فَيُقَال لَهُ: من يشْهد لَك فَيَقُول: مُحَمَّد وَأمته فيدعى مُحَمَّد وَأمته فَيُقَال لَهُم: هَل بلغ هَذَا قومه فَيَقُولُونَ: نعم فَيُقَال: وَمَا علمكُم فَيَقُولُونَ: جَاءَنَا نَبينَا فَأخْبرنَا أَن الرُّسُل قد بلغُوا فَذَلِك قَوْله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} قَالَ: عدلا {لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَنا وَأمتِي يَوْم الْقِيَامَة على كوم مشرفين على الْخَلَائق مَا من النَّاس أحد إِلَّا ودّ أَنه منا وَمَا من نَبِي كذبه قومه إِلَّا وَنحن نشْهد أَنه بلغ رِسَالَة ربه وَأخرج ابْن جرير عَن أبي سعيد فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} بِأَن الرُّسُل قد بلغُوا {وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا} بِمَا عملتم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ شهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَنَازَة فِي بني سَلمَة وَكنت إِلَى جَانِبه فَقَالَ بَعضهم: وَالله يَا رَسُول الله لنعم الْمَرْء

كَانَ لقد كَانَ عفيفاً مُسلما وأثنوا عَلَيْهِ خيرا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْت الَّذِي تَقول فَقَالَ: يَا رَسُول الله بدا لنا وَالله أعلم بالسرائر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَجَبت قَالَ: وَكُنَّا مَعَه فِي جَنَازَة رجل من بني حَارِثَة أَو من بني عبد الْأَشْهَل فَقَالَ رجل: بئس الْمَرْء مَا علمنَا أَن كَانَ لفظا غليظاً أَن كَانَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْت الَّذِي تَقول فَقَالَ: يَا رَسُول الله الله أعلم بالسرائر فَأَما الَّذِي بدا لنا مِنْهُ فَذَاك فَقَالَ: وَجَبت ثمَّ تَلا رَسُول الله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أنس قَالَ: مروا بِجنَازَة فأثني عَلَيْهِ خير فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَبت وَجَبت وجيت وَمر بِجنَازَة فأثني عَلَيْهِ بشر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَجَبت وَجَبت فَسَأَلَهُ عمر فَقَالَ: من أثنيتم عَلَيْهِ خيرا وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَمن أثنيتم عَلَيْهِ شرا وَجَبت لَهُ النَّار أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض زَاد الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عمر أَنه مرت بِهِ جَنَازَة فأثني على صَاحبهَا خير فَقَالَ: وَجَبت وَجَبت ثمَّ مر بِأُخْرَى فأثني شَرّ فَقَالَ عمر: وَجَبت فَقَالَ أَبُو الْأسود: وَمَا وَجَبت قَالَ: قلت كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا مُسلم شهد لَهُ أَرْبَعَة بِخَير أدله الله الْجنَّة فَقُلْنَا: وَثَلَاثَة فَقَالَ: وَثَلَاثَة فَقُلْنَا: وَاثْنَانِ فَقَالَ: وَاثْنَانِ وَلم نَسْأَلهُ عَن الْوَاحِد وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَغوِيّ وَالْحَاكِم فِي الكنى وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي زُهَيْر الثَّقَفِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالبناوة يَقُول يُوشك أَن تعلمُوا خياركم من شِرَاركُمْ قَالَ: بِمَ يَا رَسُول الله قَالَ: بالثناء الْحسن وَالثنَاء السيء أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجنَازَة يُصَلِّي عَلَيْهَا فَقَالَ النَّاس: نعم الرجل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَجَبت وأوتي بِجنَازَة أُخْرَى فَقَالَ النَّاس: بئس الرجل فَقَالَ: وَجَبت قَالَ أبي بن كَعْب: مَا قَوْلك فَقَالَ: قَالَ تَعَالَى {لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس}

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والضياء فِي المختارة عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من مُسلم يَمُوت فَتشهد لَهُ أَرْبَعَة من أهل أَبْيَات جِيرَانه الأدنين أَنهم لَا يعلمُونَ مِنْهُ لَا خيرا إِلَّا قَالَ الله: قد قبلت شهادتكم فِيهِ وغفرت لَهُ مَا لَا تعلمُونَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ مر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجنَازَة رجل من الْأَنْصَار فأثني عَلَيْهَا خيرا فَقَالَ: وَجَبت ثمَّ مر عَلَيْهِ بِجنَازَة أُخْرَى فأثني عَلَيْهَا دون ذَلِك فَقَالَ: وَجَبت فَقَالَ: يَا رَسُول الله وَمَا وَجَبت قَالَ: الْمَلَائِكَة شُهُود الله فِي السَّمَاء وَأَنْتُم شُهُود الله فِي الأَرْض وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم يَمُوت فَيشْهد لَهُ رجلَانِ من جِيرَانه الأدنين فَيَقُولَانِ اللَّهُمَّ لَا نعلم إِلَّا خيرا إِلَّا قَالَ الله للْمَلَائكَة: اشْهَدُوا أَنِّي قد قبلت شَهَادَتهمَا وغفرت مَا لَا يعلمَانِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: أَعْطَيْت هَذِه الْأمة ثَلَاث خِصَال لم يُعْطهَا إِلَّا الْأَنْبِيَاء كَانَ النَّبِي يُقَال لَهُ: بلغ وَلَا حرج وَأَنت شَهِيد على قَوْمك وادع اجبك وَقل لهَذِهِ الْأمة (مَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج) (الْحَج الْآيَة 78) وَقَالَ {لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} وَقَالَ (ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم) (غَافِر الْآيَة 60) وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم أَن الْأُمَم يَقُولُونَ يَوْم الْقِيَامَة: وَالله لقد كَادَت هَذِه الْأمة أَن يَكُونُوا أَنْبيَاء كلهم لما يرَوْنَ الله أَعْطَاهُم وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَابْن جرير عَن حبَان بن أبي جبلة يسْندهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا جمع الله عباده يَوْم الْقِيَامَة كَانَ أول من يدعى إسْرَافيل فَيَقُول لَهُ ربه: مَا فعلت فِي عهدي هَل بلغت عهدي فَيَقُول: نعم رب قد بلغته جِبْرِيل فيدعى جِبْرِيل فَيُقَال: هَل بلغك إسْرَافيل عهدي فَيَقُول: نعم فيخلى عَن إسْرَافيل وَيَقُول لجبريل: هَل بلغت عهدي فَيَقُول: نعم قد بلغت الرُّسُل فَتُدْعَى الرُّسُل فَيُقَال لَهُم: هَل بَلغَكُمْ جِبْرِيل عهدي فَيَقُولُونَ: نعم فيخلى جِبْرِيل ثمَّ يُقَال للرسل: هَل بَلغْتُمْ عهدي فَيَقُولُونَ: نعم بلغناه الْأُمَم فَتُدْعَى

الْأُمَم فَيُقَال لَهُم: هَل بلغتكم الرُّسُل عهدي فَمنهمْ المكذب وَمِنْهُم الْمُصدق فَتَقول الرُّسُل: إِن لنا عَلَيْهِم شُهَدَاء فَيَقُول: من فَيَقُولُونَ: أمة مُحَمَّد فَتُدْعَى أمة مُحَمَّد فَيُقَال لَهُم: أتشهدون أَن الرُّسُل قد بلغت الْأُمَم فَيَقُولُونَ: نعم فَتَقول الْأُمَم: يَا رَبنَا كَيفَ يشْهد علينا من لم يدركنا فَيَقُول الله: كَيفَ تَشْهَدُون عَلَيْهِم وَلم تدركوهم فَيَقُولُونَ: يَا رَبنَا أرْسلت إِلَيْنَا رَسُولا وأنزلت علينا كتابا وقصصت علينا فِيهِ أَن قد بلغُوا فنشهد بِمَا عهِدت إِلَيْنَا فَيَقُول الرب: صدقُوا فَذَلِك قَوْله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا} وَالْوسط الْعدْل {لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن أبي بن كَعْب فِي الْآيَة قَالَ {لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} يَوْم الْقِيَامَة كَانُوا شُهَدَاء على قوم نوح وعَلى قوم هود وعَلى قوم صَالح وعَلى قوم شُعَيْب وَعِنْدهم أَن رسلهم بلغتهم وَأَنَّهُمْ كذبُوا رسلهم قَالَ أَبُو الْعَالِيَة: وَهِي فِي قِرَاءَة أبي (لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس يَوْم الْقِيَامَة) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا} قَالَ: يشْهد أَنهم قد آمنُوا بِالْحَقِّ إِذْ جَاءَهُم وقبلوه وَصَدقُوا بِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: يَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِذْنِهِ لَيْسَ مَعَه أحد فَتشهد لَهُ أمة مُحَمَّد أَنه قد بَلغهُمْ وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: يُقَال: يَا نوح قد بلغت قَالَ: نعم يَا رب قَالَ: فَمن يشْهد لَك قَالَ: رب أَحْمد وَأمته قَالَ: فَكلما دعِي نَبِي كذبه قومه شهِدت لَهُ هَذِه الْأمة بالبلاغ فَإِذا سَأَلَ عَن هَذِه الْأمة لم يسْأَل عَنْهَا إِلَّا نبيها وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن حبَان بن أبي جبلة قَالَ: بَلغنِي أَن ترفع أمة مُحَمَّد على كوم بَين يَدي الله تشهد للرسل على أممها بالبلاغ فَإِنَّمَا يشْهد مِنْهُم يَوْمئِذٍ من لم يكن فِي قلبه أحنة على أَخِيه الْمُسلم وَأخرج مُسلم وَأَبُو دلود والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله لَا يكون اللعانون شُهَدَاء وَلَا شُفَعَاء يَوْم الْقِيَامَة وَأما قَوْله تَعَالَى {وَمَا جعلنَا الْقبْلَة الَّتِي كنت عَلَيْهَا} الْآيَة أخرج ابْن جرير عَن عَطاء فِي قَوْله {وَمَا جعلنَا الْقبْلَة الَّتِي كنت عَلَيْهَا} قَالَ:

يَعْنِي بَيت الْمُقَدّس {إِلَّا لنعلم من يتبع الرَّسُول} قَالَ: يبتليهم ليعلم من يسلم لأَمره وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا لنعلم} قَالَ: إِلَّا لنميز أهل الْيَقِين من أهل الشَّك {وَإِن كَانَت لكبيرة} يَعْنِي تحويلها على أهل الشَّك والريب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: بَلغنِي أَن أُنَاسًا من الَّذين أَسْلمُوا رجعُوا فَقَالُوا مرّة هَهُنَا وَمرَّة هَهُنَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن كَانَت لكبيرة} يَقُول: مَا أَمر بِهِ من التحوّل إِلَى الْكَعْبَة من بَيت الْمُقَدّس وَأخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَالطَّيَالِسِي وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْقبْلَة قَالُوا: يَا رَسُول الله فَكيف بالذين مَاتُوا وهم يصلونَ إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع أَيْمَانكُم} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء بن عَازِب فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} قَالَ: صَلَاتكُمْ نَحْو بَيت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} يَقُول: صَلَاتكُمْ اليت صليتم من قبل أَن تكون الْقبْلَة وَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ قد أشفقوا على من صلى مِنْهُم أَن لايقبل صلَاتهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {رؤوف} قَالَ: يرأف بكم

144

قَوْله تَعَالَى: قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء فلنولينك قبْلَة ترضاها فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام وَحَيْثُ كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره وَإِن الَّذين أُوتُوا الْكتاب ليعلمون أَنه الْحق من رَبهم وَمَا الله بغافل عَمَّا يعماون أخرج ابْن ماجة عَن الْبَراء قَالَ صلينَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحْو بَيت الْمُقَدّس ثَمَانِيَة

عشر شهرا وصرفت الْقبْلَة إِلَى الْكَعْبَة بعد دُخُوله الْمَدِينَة بشهرين وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى إِلَى بَيت الْمُقَدّس أَكثر تقلب وَجهه فِي السَّمَاء وَعلم الله من قلب نبيه أَنه يهوى الْكَعْبَة فَصَعدَ جِبْرِيل فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتبعهُ بَصَره وَهُوَ يصعد بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ينظر مَا يَأْتِيهِ بِهِ فَأنْزل الله {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء} الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا جِبْرِيل كَيفَ حَالنَا فِي صَلَاتنَا إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَأنْزل الله (وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ) (الْبَقَرَة الْآيَة 143) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَن قدم الْمَدِينَة إِلَى بَيت الْمُقَدّس سَبْعَة عشر شهرا ثمَّ أنزل الله أَنه يَأْمُرهُ فِيهَا بالتحوّل إِلَى الْكَعْبَة فَقَالَ {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سلم من صلَاته إِلَى بَيت الْمُقَدّس رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَأنْزل الله {قد نرى تقلب وَجهك} الْآيَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي سعيد بن الْمُعَلَّى قَالَ كُنَّا نغدو إِلَى الْمَسْجِد على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنمر على الْمَسْجِد فنصلي فِيهِ فمررنا يَوْمًا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعد على الْمِنْبَر فَقلت: لقد حدث أَمر فَجَلَست فَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء} حَتَّى فرغ من الْآيَة فَقلت لصاحبي: تعال نركع رَكْعَتَيْنِ قبل أَن ينزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنكون أول من صلى فتوارينا فصلينا ثمَّ نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى للنَّاس الظّهْر يَوْمئِذٍ إِلَى الْكَعْبَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء فلنولينك قبْلَة ترضاها} قَالَ: هُوَ يَوْمئِذٍ يُصَلِّي نَحْو بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ يهوى قبْلَة نَحْو الْبَيْت الْحَرَام فولاه الله قبْلَة كَانَ يهواها ويرضاها {فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام} قَالَ: تِلْقَاء الْمَسْجِد الْحَرَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَت الْيَهُود: يخالفنا مُحَمَّد وَيتبع قبلتنا فَقَالَ: يَدْعُو الله ويستفرض الْقبْلَة فَنزلت {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء} الْآيَة فَانْقَطع قَول يهود حِين وَجه للكعبة وحوّل الرِّجَال مَكَان النِّسَاء وَالنِّسَاء مَكَان الرِّجَال

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد بن منيع فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي الْكَبِير وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو فِي قَوْله {فلنولينك قبْلَة ترضاها} قَالَ: قبْلَة إِبْرَاهِيم نَحْو الْمِيزَاب وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء فِي قَوْله {فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام} قَالَ: قبله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والدينوري فِي المجالسة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ فِي قَوْله {فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام} قَالَ: شطره قبله وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: شطره نَحوه وَأخرج آدم والدينوري فِي المجالسة وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {شطره} يَعْنِي نَحوه وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير والدينوري عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {شطر الْمَسْجِد الْحَرَام} قَالَ: تلقاءه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن رفيع قَالَ {شطره} تلقاءه بِلِسَان الْحَبَش وَأخرج أَبُو بكر بن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن أبي رزين قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله (وحيثما كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم قبله) وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْبَيْت كُله قبْلَة وقبلة الْبَيْت الْبَاب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا الْبَيْت قبْلَة لأهل الْمَسْجِد وَالْمَسْجِد قبْلَة لأهل الْحرم وَالْحرم قبْلَة لأهل الأَرْض فِي مشارقها وَمَغَارِبهَا من أمتِي وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {وَإِن الَّذين أُوتُوا الْكتاب} قَالَ: أنزل ذَلِك فِي الْيَهُود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن الَّذين أُوتُوا الْكتاب ليعلمون أَنه الْحق من رَبهم} قَالَ: يَعْنِي بذلك الْقبْلَة وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَإِن الَّذين أُوتُوا الْكتاب ليعلمون أَنه الْحق من رَبهم} يَقُول: ليعلمون أَن الْكَعْبَة كَانَت قبْلَة إِبْرَاهِيم والأنبياء وَلَكنهُمْ تركوها عمدا (وَأَن فريقا مِنْهُم ليتكمون الْحق) (الْبَقَرَة الْآيَة 146) يَقُول: يكتمون صفة مُحَمَّد وَأمر الْقبْلَة

145

قَوْله تَعَالَى: وَلَئِن أتيت الَّذين أُوتُوا الْكتاب بِكُل آيَة مَا تبعوا قبلتك وَمَا أَنْت بتابع قبلتهم وَمَا بَعضهم بتابع قبْلَة بعض وَلَئِن اتبعت أهواءهم من بعد مَا جَاءَك من الْعلم إِنَّك إذل لمن الظَّالِمين أخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمَا بَعضهم بتابع قبْلَة بعض} يَقُول: لَا الْيَهُود بتابعي قبْلَة النَّصَارَى وَلَا النَّصَارَى بتابعي قبْلَة الْيَهُود

146

قَوْله تَعَالَى: الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يعرفونه كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم وَأَن فريقا مِنْهُم ليكتمون الْحق وهم يعلمُونَ أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذين أتيناهم الْكتاب} قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى {يعرفونه} أَي يعْرفُونَ رَسُول الله فِي كِتَابهمْ {كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يعرفونه كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم} قَالَ: يعْرفُونَ أَن الْبَيْت الْحَرَام هُوَ الْقبْلَة وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يعرفونه كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم} قَالَ: يعْرفُونَ أَن الْبَيْت الْحَرَام هُوَ الْقبْلَة الَّتِي أمروا بهَا {وَإِن فريقاً مِنْهُم ليكتمون الْحق} يَعْنِي الْقبْلَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن فريقاً مِنْهُم} قَالَ: أهل الْكتاب {ليكتمون الْحق وهم يعلمُونَ} قَالَ: يكتمون مُحَمَّدًا وهم يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يعرفونه} قَالَ: زَعَمُوا أَن بعض أهل الْمَدِينَة من أهل الْكتاب مِمَّن أسلم قَالَ: وَالله لنَحْنُ أعرف بِهِ منا بأبنائنا من الصّفة والنعت الَّذِي نجده فِي كتَابنَا وَأما ابناؤنا فَلَا نَدْرِي مَا أحدث النِّسَاء

وَأخرج الثَّعْلَبِيّ من طَرِيق السّديّ الصَّغِير عَن الْكَلْبِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة قَالَ عمر بن الْخطاب لعبد الله بن سَلام: قد أنزل الله على نبيه {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يعرفونه كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم} فَكيف يَا عبد الله هَذِه الْمعرفَة فَقَالَ عبد الله بن سَلام: ياعمر لقد عَرفته حِين رَأَيْته كَمَا أعرف ابْني إِذا رَأَيْته مَعَ الصّبيان وَأَنا أَشد معرفَة بِمُحَمد مني بإبني فَقَالَ عمر: كَيفَ ذَلِك قَالَ: إِنَّه رَسُول الله حق من الله وَقد نَعته الله فِي كتَابنَا وَلَا أَدْرِي مَا تصنع النِّسَاء فَقَالَ لَهُ عمر: وفقك الله يَا ابْن سَلام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: خرجت أَبْتَغِي الدّين فَوَقَعت فِي الرهبان بقايا أهل الْكتاب قَالَ الله تَعَالَى {يعرفونه كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم} فَكَانُوا يَقُولُونَ: هَذَا زمَان نَبِي قد أظل يخرج من أَرض الْعَرَب لَهُ عَلَامَات من ذَلِك شامة مدوّرة بَين كَتفيهِ خَاتم النُّبُوَّة

147

قَوْله تَعَالَى: الْحق من رَبك فَلَا تكونن من الممترين أخرج أَبُو دلود فِي ناسخه وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: قَالَ الله لنَبيه {الْحق من رَبك فَلَا تكونن من الممترين} يَقُول: لَا تكونن فِي شكّ يَا مُحَمَّد أَن الْكَعْبَة هِيَ قبلتك وَكَانَت قبْلَة لأنبياء قبلك

148

قَوْله تَعَالَى: وَلكُل وجهة هُوَ موليها فاستبقوا الْخيرَات أَيْن مَا تَكُونُوا يَأْتِ بكم الله جَمِيعًا أَن الله على كل شَيْء قدير أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلكُل وجهة} يَعْنِي بذلك أهل الْأَدْيَان يَقُول: لكل قبْلَة يرضونها وَوجه الله حَيْثُ توجه الْمُؤْمِنُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {وَلكُل وجهة هُوَ موليها} مُضَاف قَالَ: مواجهها قَالَ: صلوا نَحْو بَيت الْمُقَدّس مرّة وَنَحْو الْكَعْبَة قبله وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن قَتَادَة {وَلكُل وجهة هُوَ موليها} قَالَ: هِيَ صلَاتهم إِلَى بَيت الْمُقَدّس وصلاتهم إِلَى الْكَعْبَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن مَنْصُور قَالَ: نَحن نقرؤها (وَلكُل جعلنَا قبْلَة يرضونها) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلكُل وجهة هُوَ موليها} قَالَ: لكل صَاحب مِلَّة قبْلَة وَهُوَ مستقبلها وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن أبي الْعَالِيَة {وَلكُل وجهة هُوَ موليها} قَالَ: للْيَهُود وجهة هُوَ موليها وَلِلنَّصَارَى وجهة هُوَ موليها فَهدَاكُم الله أَنْتُم ايتها الْأمة الْقبْلَة الَّتِي هِيَ الْقبْلَة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {وَلكُل وجهة هُوَ موليها} وَأما قَوْله تَعَالَى: {فاستبقوا الْخيرَات} الْآيَة أخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فاستبقوا الْخيرَات} يَقُول: لاتغلبن على قبلتكم وَأخرج ابْن جرير عَن أبي زيد فِي قَوْله {فاستبقوا الْخيرَات} قَالَ: فسارعوا فِي الْخيرَات {أَيْن مَا تَكُونُوا يَأْتِ بكم الله جَمِيعًا} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى صَلَاتنَا واستقبل قبلتنا وَأكل ذبيحتنا فَذَلِك الْمُسلم لَهُ ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله فَلَا تخفروا الله فِي ذمَّته

149

قَوْله تَعَالَى: وَمن حَيْثُ خرجت فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام وَإنَّهُ للحق من رَبك وَمَا الله بغافل عَمَّا يعْملُونَ وَمن حَيْثُ خرجت فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم فَلَا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عَلَيْكُم ولعلكم تهتدون أخرج ابْن جرير من طَرِيق السّديّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة عَن

ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة قَالُوا: لما صرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحْو الْكَعْبَة بعد صلَاته إِلَى بَيت الْمُقَدّس قَالَ الْمُشْركُونَ من أهل مَكَّة: تحير مُحَمَّد دينه فَتوجه بقبلته إِلَيْكُم وَعلم أَنكُمْ اهدى مِنْهُ سَبِيلا ويوشك أَن يدْخل فِي دينكُمْ فَأنْزل الله {لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم فَلَا تخشوهم واخشوني} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة} قَالَ: يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب قَالُوا حِين صرف نَبِي الله إِلَى الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام: اشتاق الرجل إِلَى بَيت أَبِيه وَدين قومه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة} قَالَ: حجتهم قَوْلهم: قد راجعت قبلتنا وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة وَمُجاهد فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم} قَالَ: هم مشركو الْعَرَب قَالُوا حِين صرفت الْقبْلَة إِلَى الْكَعْبَة: قد رَجَعَ إِلَى قبلتكم فيوشك أَن يرجع إِلَى دينكُمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم} قَالَ: الذيت ظلمُوا مِنْهُم مشركو قُرَيْش إِنَّهُم سيحتجون بذلك عَلَيْكُم وَاحْتَجُّوا على نَبِي الله بانصرافه إِلَى الْبَيْت الْحَرَام وَقَالُوا: سيرجع مُحَمَّد على ديننَا كَمَا رَجَعَ إِلَى قبلتنا فَأنْزل الله فِي ذَلِك كُله (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة إِن الله مَعَ الصابرين) (الْبَقَرَة الْآيَة 153) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {لِئَلَّا يكون للنَّاس عَلَيْكُم حجَّة} قَالَ: يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب {إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم} بِمَعْنى مُشْركي قُرَيْش

151

قَوْله تَعَالَى: كَمَا أرسلنَا فِيكُم رَسُولا مِنْكُم يَتْلُوا عَلَيْكُم آيَاتنَا ويزكيكم ويعلمكم الْكتاب وَالْحكمَة ويعلمكم مَا لم تَكُونُوا تعلمُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الاعلاية فِي قَوْله {كَمَا أرسلنَا فِيكُم رَسُولا مِنْكُم} يَقُول: كَا فعلت فاذكروني

152

قَوْله تَعَالَى: فاذكروني أذكركم واشكروا لي وَلَا تكفرون أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {فاذكروني أذكركم} قَالَ: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ والديلمي من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فاذكروني أذكركم} يَقُول: اذكروني يَا معاشر الْعباد بطاعتي أذكروكم بمغفرتي وَأخرج ابْن لال والديلمي وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هِنْد الدَّارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله: اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي فَمن ذَكرنِي وَهُوَ مُطِيع فَحق عَليّ أَن أذكرهُ بمغفرتي وَمن ذَكرنِي وَهُوَ لي عَاص فَحق عَليّ أَن أذكرهُ بمقت وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {فاذكروني أذكركم} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: يَقُول الله ذكري لكم خير من ذكركُمْ لي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم عَن أبي هرير عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله يَا ابْن آدم إِنَّك إِذا ماذكرتني شكرتني وَإِذا مَا نسيتني كفرتني وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن زيد بن أسلم أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا رب أَخْبرنِي كَيفَ أشكرك قَالَ تذكرني وَلَا تنساني فَإِن ذَكرتني شكرتني وَإِذا نسيتني فقد كفرتني وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعْطى أَرْبعا أعطي أَرْبعا وَتَفْسِير ذَلِك فِي كتاب الله من أعطي الذّكر ذكره الله لِأَن الله يَقُول {فاذكروني أذكركم} وَمن أعطي الدُّعَاء أعطي الإِجابة لِأَن الله يَقُول {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم} (غَافِر الْآيَة 60) وَمن أعطي الشُّكْر أعطي الزِّيَادَة لِأَن الله يَقُول (لَئِن شكرتم لأزيدنكم) (إِبْرَاهِيم الْآيَة 7) وَمن أعطي الاسْتِغْفَار أعطي الْمَغْفِرَة لِأَن الله يَقُول (اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا) (نوح الْآيَة 10)

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى {فاذكروني أذكركم} قَالَ: لَيْسَ من عبد يذكر الله إِلَّا ذكره الله إِلَّا يذكرهُ مُؤمن إِلَّا ذكره برحمة وَلَا يذكرهُ كَافِر إِلَّا ذكره بِعَذَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد قل للظلمة لايذكروني فَإِن حَقًا عليّ أذكر من ذَكرنِي إِن ذكري إيَّاهُم أَن ألعنهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر أَنه قيل لَهُ: أَرَأَيْت قَاتل النَّفس وشارب الْخمر وَالزَّانِي يذكر الله وَقد قَالَ الله {فاذكروني أذكركم} قَالَ: إِذا ذكر الله هَذَا ذكره الله بلعنته حَتَّى يسكت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن خَالِد بن أبي عمرَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أطَاع الله فقد ذكر الله وَإِن قلت صلَاته وصيامه وتلاوته الْقُرْآن وَمن عصى الله فقد نسي الله وَإِن كثرت صلَاته وصيامه وتلاوته لِلْقُرْآنِ وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله: أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي وَأَنا مَعَه إِذا ذَكرنِي فَإِن ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي وَإِن ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ خير مِنْهُم وَإِن تقرب إِلَيّ شبْرًا تقربت إِلَيْهِ ذِرَاعا وَإِن تقرب إليّ ذِرَاعا تقربت إِلَيْهِ باعاً وَإِن أَتَانِي يمشي أَتَيْته هرولة وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله عز وَجل: يَا ابْن آدم إِذا ذَكرتني فِي نَفسك ذكرتك فِي نَفسِي وَإِن ذَكرتني فِي مَلأ ذكرتك فِي مَلأ من الملاءكة أَو قَالَ: فِي مَلأ خير مِنْهُم وَإِن دَنَوْت مني شبْرًا دَنَوْت مِنْك باعاً وَإِن أتيتني تمشي أَتَيْتُك بهرولة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله عز وَجل ذكره: لَا يذكرنِي أحد فِي نَفسه إِلَّا ذكرته فِي مَلأ من ملائكتي وَلَا يذكرنِي فِي مَلأ إِلَّا ذكرته فِي الرفيق الْأَعْلَى وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الذّكر وَالْبَزَّار والْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ: قَالَ الله: يَا ابْن آدم إِذا ذَكرتني خَالِيا ذكرتك خَالِيا وَإِذا ذَكرتني فِي مَلأ ذكرتك فِي مَلأ خير من الَّذين تذكرني فيهم وَأكْثر وَأخرج ابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله عزَّ وجلَّ يَقُول: أَنا مَعَ عَبدِي إِذا هُوَ ذَكرنِي وتحركت بِي شفتاه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن بسر أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله إِن شرائع الإِسلام قد كثرت عَليّ فَأَخْبرنِي بِشَيْء أستن بِهِ قَالَ: لَا يزَال لسَانك رطبا من ذكر الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مَالك بن يخَامر أَن معَاذ بن جبل قَالَ لَهُم إِن آخر كَلَام فَارَقت عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن قلت: أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله قَالَ: أَن تَمُوت وَلِسَانك رطب من ذكر الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي الْمخَارِق قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَرَرْت لَيْلَة أسرِي بِي بِرَجُل فِي نور الْعَرْش قلت: من هَذَا ملك قيل: لَا قلت: نَبِي قيل: لَا قلت: من هَذَا قَالَ: هَذَا رجل كَانَ فِي الدُّنْيَا لِسَانه رطب من ذكر الله وَقَلبه مُعَلّق بالمساجد وَلم يستسب لوَالِديهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: قيل لأبي الدَّرْدَاء: إِن الرجل اعْتِقْ مائَة نسمَة قَالَ: إِن مائَة نسمَة من مَال رجل لكثير وَأفضل من ذَلِك إِيمَان ملزوم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار أَن لَا يزَال لِسَان أحدكُم رطبا من ذكر الله وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أنبئكم بِخَير أَعمالكُم وأزكاها عِنْد مليككم وأرفعها فِي درجاتكم وَخير لكم من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْوَرق وَخير لكم من أَن تلقوا اعداءكم فتضربوا أَعْنَاقهم قَالُوا: بلَى قَالَ: ذكر الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول إِن لكل شَيْء صقالة وَإِن صقالة الْقُلُوب ذكر الله وَمَا من شَيْء أنجى من عَذَاب الله من ذكر الله قَالُوا: وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ: وَلَو أَن يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى يَنْقَطِع وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من

عجز مِنْكُم عَن اللَّيْل أَن يكابده وبخل بِالْمَالِ أَن يُنْفِقهُ وَحين غدر الْعدوان يجاهده فليكثر ذكر الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا عمل آدَمِيّ عملا أنجى لَهُ من الْعَذَاب من ذكر الله قيل: وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ: وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إِلَّا أَن يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى يَنْقَطِع وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الشُّكْر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة: قلب شَاكر ولسان ذَاكر وبدن على الْبلَاء صابر وَزَوْجَة لاتبغيه خوناً فِي نَفسهَا وَمَاله وَأخرج ابْن حبَان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ليذكرن الله أَقوام فِي الدُّنْيَا على الْفرش الممهدة يدخلهم الله الرجات العلى وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الَّذِي يذكر ربه وَالَّذِي لَا يذكر ربه مثل الْحَيّ وَالْمَيِّت وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من يَوْم وَلَيْلَة إِلَّا وَالله عز وَجل فِيهِ صَدَقَة من بهَا على من يَشَاء من عباده وَمَا من الله على عبد بِأَفْضَل من أَن يلهمه ذكره وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن خَالِد بن معدان قَالَ: إِن الله يتَصَدَّق كل يَوْم بِصَدقَة فَمَا تصدق على عَبده بِشَيْء أفضل من ذكره وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن رجلا فِي حجره دَرَاهِم يقسمها وَآخر يذكر الله لَكَانَ الذاكر لله أفضل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ يتحسر أهل الْجنَّة إِلَّا على سَاعَة مرت بهم لم يذكر الله تَعَالَى فِيهَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من سَاعَة تمر بِابْن آدم لم يذكر الله فِيهَا بِخَير إِلَّا تحسر عَلَيْهَا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد أَنَّهُمَا شَهدا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: لَا يقْعد قوم 2 يذكرُونَ الله إِلَّا حفتهم الْمَلَائِكَة وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة وَنزلت عَلَيْهِم السكينَة وَذكرهمْ الله فِيمَن عِنْده وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

أَن لأهل ذكر الله أَرْبعا ينزل عَلَيْهِم السكينَة وتغشاهم الرَّحْمَة وتحف بهم الْمَلَائِكَة وَيذكرهُمْ الرب فِي مَلأ عِنْده وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله يَقُول: أَنا مَعَ عَبدِي إِذا هُوَ ذَكرنِي وتحركت بِي شفتاه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس مَرْفُوعا قَالَ الله عَبدِي أَنا عِنْد ظَنك بِي وَأَنا مَعَك إِذا ذَكرتني وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن ابْن عمر قَالَ: ذكر الله بِالْغَدَاةِ والعشي أعظم من حطم السيوف فِي سَبِيل الله وَإِعْطَاء المَال سخاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ بن جبل قَالَ: لَو أَن رجلَيْنِ أَحدهمَا يحمل على الْجِيَاد فِي سَبِيل الله وَالْآخر يذكر الله لَكَانَ الذاكر أعظم وَأفضل أجرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: لَو بَات رجل يُعْطي الْقَنَاة الْبيض (يقْصد قتال الْأَعْدَاء وَلَفظ أَحْمد: يطاعن الأقران وَبَات آخر يقْرَأ الْقُرْآن أَو يذكر الله لرأيت أَن ذَاكر الله أفضل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَمْرو لَو أَن رجلَيْنِ أقبل أَحدهمَا من الْمشرق وَالْآخر من الْمغرب مَعَ أَحدهمَا ذهب لَا يضع مِنْهُ شَيْئا إِلَّا فِي حق وَالْآخر يذكر الله حَتَّى يلتقيا فِي طَرِيق كَانَ الَّذِي يذكر الله أفضلهما وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله مَلَائِكَة يطوفون فِي الطّرق يَلْتَمِسُونَ أهل الذّكر فَإِذا وجدوا قوما يذكرُونَ الله تنادوا هلموا إِلَى حَاجَتكُمْ فيحفونهم بأجنحتهم إِلَى السَّمَاء فَإِذا تفَرقُوا عرجوا إِلَى السَّمَاء فيسألهم رَبهم - وَهُوَ يعلم - من أَيْن جئْتُمْ فيوقلون: جِئْنَا من عِنْد عباد لَك يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك فَيَقُول: لَو رأوك كَانُوا أَشد لَك عبَادَة وَأَشد لَك تمجيدا وَأَشد لَك تسبيحاً فَيَقُول: فَمَا يسْأَلُون فَيَقُولُونَ: يَسْأَلُونَك الْجنَّة فَيَقُول: وَهل رأوها فَيَقُولُونَ:

لَا فَيَقُول: فَكيف لَو رأوها فَيَقُولُونَ: لَو أَنهم رأوها كَانُوا أَشد عَلَيْهَا حرصاً وَأَشد لَهَا طلبا وَأعظم فِيهَا رَغْبَة قَالَ: فمم يتعوذون: يتعوّذون من النَّار فَيَقُول: وَهل رأوها فَيَقُولُونَ: لَا فَيَقُول: فَكيف لَو رأوها فَيَقُولُونَ: لَو أَنهم رأوها كَانُوا أَشد مِنْهَا فِرَارًا وَأَشد لَهَا مَخَافَة فَيَقُول: أشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم فَيَقُول ملك من الْمَلَائِكَة: فلَان لَيْسَ مِنْهُم إِنَّمَا جَاءَ لحَاجَة قَالَ: هم الْقَوْم لَا يشقى بهم جليسهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ والنَّسَائِيّ عَن مُعَاوِيَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على حَلقَة من أَصْحَابه فَقَالَ: مَا أجلسكم قَالُوا: جلسنا نذْكر الله ونحمده على مَا هدَانَا للإِسلام وَمن بِهِ علينا قَالَ آللَّهُ ماجلسكم إِلَّا ذَلِك قَالُوا: آللَّهُ مَا أجلسنا إِلَّا ذَلِك قَالَ: أما إِنِّي لم أستحلفكم تُهْمَة لكم وَلَكِن أَتَانِي جِبْرِيل فَأَخْبرنِي أَن الله يباهي بكم الْمَلَائِكَة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَقُول الله يَوْم الْقِيَامَة: سَيعْلَمُ أهل الْجمع الْيَوْم من أهل الْكَرم فَقيل: وَمن أهل الْكَرم يَا رَسُول الله قَالَ: أهل مجَالِس الذّكر وَأخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ: كَانَ عبد الله بن رَوَاحَة إِذا لَقِي الرجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تعال نؤمن بربنا سَاعَة فَقَالَ ذَات يَوْم لرجل فَغَضب الرجل فجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا ترى إِلَى ابْن رَوَاحَة يرغب عَن إيمانك إِلَى إِيمَان سَاعَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرحم الله ابْن رَوَاحَة أَنه يحب الْمجَالِس الَّتِي تتباهى بهَا الْمَلَائِكَة وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من قوم اجْتَمعُوا يذكرُونَ الله لَا يُرِيدُونَ بذلك إِلَّا وَجهه إِلَّا ناداهم منادٍ من السَّمَاء أَن قومُوا مغفوراً لكم قد بدلت سَيِّئَاتكُمْ حَسَنَات وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سهل بن الحنظلية قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا جلس قوم مَجْلِسا يذكرُونَ الله عز وَجل فِيهِ فَيقومُونَ حَتَّى يُقَال لَهُم: قومُوا قد غفرت لكم وبدلت سَيِّئَاتكُمْ حَسَنَات وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من قوم اجْتَمعُوا يذكرُونَ الله إِلَّا ناداهم مُنَاد فِي السَّمَاء: قومُوا مغفوراً لكم قد بدلت سَيِّئَاتكُمْ حَسَنَات وَمَا من قوم اجتمهوا فِي مجْلِس فَتَفَرَّقُوا وَلم يذكرُوا الله إِلَّا كَانَ ذَلِك عَلَيْهِم حسرة يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا عمل آدَمِيّ

عملا قطّ أنجى لَهُ من عَذَاب الْقَبْر من ذكر الله وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أخْبركُم بِخَير أَعمالكُم وأزكاها عِنْد ميلككم وأرفعها فِي درجاتكم وَخير لكم من تعَاطِي الذَّهَب وَالْفِضَّة وَمن أَن تلقوا عَدوكُمْ فتضربوا أَعْنَاقهم ويضربوا أَعْنَاقكُم قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: ذكر الله وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن جبل أَنه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أفضل الإِيمان قَالَ: أَن تحب لله وَتبْغض لله وتعمل فِي ذكر الله قَالَ: وماذا قَالَ: وَأَن تحب للنَّاس مَا تحب لنَفسك وَتكره للنَّاس مَا تكره لنَفسك وَأَن تَقول خيرا أَو تصمت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: لَو أَن رجلا فِي حجره دَنَانِير يُعْطِيهَا وَآخر ذَاكر الله عز وَجل لَكَانَ الذاكر أفضل وَأخرج عبد الله بن أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: اذكر الله عِنْد كل حجيرة وشجيرة ومدرة واذكره فِي سرائك تذكر فِي ضرائك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: إِن الَّذين لَا تزَال ألسنتهم رطبَة بِذكر الله تبَارك وَتَعَالَى يدْخل أحدهم الْجنَّة وَهُوَ يضْحك وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: لِأَن أكبر مائَة تَكْبِيرَة أحب إِلَيّ من أَن أَتصدق بِمِائَة دِينَار وَأخرج عبد الله ابْنه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: مَا اجْتمع مَلأ يذكرُونَ الله إِلَّا ذكرهم الله فِي مَلأ أعز مِنْهُ وَأكْرم وَمَا تفرق قوم لم يذكرُوا الله فِي مجلسهم إِلَّا كَانَ حسرة عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: التَّكْبِيرَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا عمل ابْن آدم عملا أنجى لَهُ من النَّار من ذكر الله قَالُوا: يَا رَسُول الله وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ: وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إلاَّ أَن تضرب بسيفك حَتَّى يَنْقَطِع ثمَّ تضرب بسيفك حَتَّى يَنْقَطِع ثمَّ تضرب حَتَّى يَنْقَطِع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ بن جبل قَالَ: لِأَن أذكر الله من غدْوَة حَتَّى تطلع الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أحمل على الْجِيَاد فِي سَبِيل الله من غدْوَة حَتَّى تطلع الشَّمْس

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: لِأَن أكون فِي قوم يذكرُونَ الله من حِين يصلونَ الْغَدَاة إِلَى حِين تطلع الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أكون على متون الْخَيل أجاهد فِي سَبِيل الله إِلَى أَن تطلع الشَّمْس وَلِأَن أكون فِي قوم يذكرُونَ من حِين يصلونَ الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أكون على متون الْخَيل أجاهد فِي سَبِيل الله حَتَّى تغرب الشَّمْس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان قَالَ: إِذا كَانَ العَبْد يحمد الله فِي السَّرَّاء وَيَحْمَدهُ فِي الرخَاء فَأَصَابَهُ ضرّ دَعَا الله قَالَت الْمَلَائِكَة: صَوت مَعْرُوف من امرىء ضَعِيف فيشفعون لَهُ فَإِذا كَانَ العَبْد لَا يذكر الله فِي السَّرَّاء وَلَا يحمده فِي الرخَاء فَأَصَابَهُ ضرّ فَدَعَا الله قَالَت الْمَلَائِكَة: صَوت مُنكر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَعْفَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشد الْأَعْمَال ثَلَاثَة ذكر الله على كل حَال والإنصاف من نَفسك والمواساة فِي المَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن أهل السَّمَاء لَيرَوْنَ بيُوت أهل الذّكر تضيء لَهُم كَمَا يضيء الْكَوْكَب لأهل الأَرْض وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن لله سيارة من الْمَلَائِكَة يطْلبُونَ حلق الذّكر فَإِذا أَتَوا عَلَيْهِم حفوا بهم ثمَّ بعثوا رائدهم إِلَى السَّمَاء إِلَى رب الْعِزَّة تبَارك وَتَعَالَى فَيَقُولُونَ: رَبنَا أَتَيْنَا على عباد من عِبَادك يعظمون آلاءك ويتلون كتابك وَيصلونَ على نبيك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويسألونك لآخرتهم ودنياهم فَيَقُول تبَارك وَتَعَالَى: غشوهم برحمتي فهم الجلساء لَا يشقى بهم جليسهم وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عمر قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله مَا غنيمَة مجَالِس الذّكر قَالَ: غنيمَة مجَالِس الذّكر الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات عَن جَابر قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن لله سَرَايَا من الْمَلَائِكَة تحل وتقف على مجَالِس الذّكر فارتعوا فِي رياض الْجنَّة قَالُوا: وَأَيْنَ رياض الْجنَّة قَالَ: مجَالِس الذّكر فاغدوا وروحوا فِي ذكر الله وذكروه أَنفسكُم من كَانَ يحب أَن يعلم مَنْزِلَته عِنْد الله فَلْينْظر الله كَيفَ منزلَة الله عِنْده فَإِن الله ينزل العَبْد مِنْهُ حَيْثُ أنزلهُ من نَفسه

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا مررتم برياض الْجنَّة فارتعوا قَالَ: وَمَا رياض الْجنَّة قَالَ: حلق الذّكر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَمْرو بن عبسة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: عَن يَمِين الرَّحْمَن وكلتا يَدَيْهِ يَمِين رجال لَيْسُوا بِأَنْبِيَاء وَلَا شُهَدَاء يغشي بَيَاض وجوهم نظر الناظرين يَغْبِطهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاء بِمَقْعَدِهِمْ وقربهم من الله قيل: يَا رَسُول الله من هم قَالَ: هم جماع من نوازع الْقَبَائِل يَجْتَمعُونَ على ذكر الله تَعَالَى فينتقون أطايب الْكَلَام كَمَا ينتقي آكل التَّمْر أطايبه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليبْعَثن الله أَقْوَامًا يَوْم الْقِيَامَة فِي وجوهم النُّور على مَنَابِر اللُّؤْلُؤ يَغْبِطهُمْ النَّاس لَيْسُوا بِأَنْبِيَاء وَلَا شُهَدَاء فَقَالَ أَعْرَابِي: يَا رَسُول الله صفهم لنا نعرفهم قَالَ: هم المتحابون فِي الله من قبائل شَتَّى وبلاد شَتَّى يَجْتَمعُونَ على ذكر الله يذكرُونَهُ وَأخرج الخرائطي فِي الشُّكْر عَن خُلَيْد العقري قَالَ: إِن لكل بَيت زِينَة وزينة الْمَسَاجِد الرِّجَال على ذكر الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُم: أتحبون أَيهَا النَّاس أَن تجتهدوا فِي الدُّعَاء قَالُوا: نعم قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ اعنا على ذكرك وشكرك وَحسن عبادتك

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عَمْرو بن قيس قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد أَنَّك إِن ذَكرتني ذكرتك وَإِن نستني تركتك وَاحْذَرْ أَن أجدك على حَال لَا أنظر إِلَيْك فِيهِ وَأخرج عبد الله ابْنه فِي زوائده عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه أَنه قَالَ لَهُ: يَا بني إِذا كنت فِي قوم يذكرُونَ الله فبدت لَك حَاجَة فَسلم عَلَيْهِم حِين تقوم فَإنَّك لَا تزَال لَهُم شَرِيكا مَا داموا جُلُوسًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جَعْفَر قَالَ: مَا من شَيْء أحب إِلَى الله من الذّكر وَالشُّكْر أما قَوْله تَعَالَى {واشكروا لي وَلَا تكفرون} أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الشُّكْر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن الْمُنْكَدر قَالَ: كَانَ من دُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ أَعنِي على ذكرك وشكرك وَحسن عبادتك وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ قَالَ: قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أحبك لَا تدعن أَن تَقول فِي دبر كل صَلَاة: اللَّهُمَّ أَعنِي على شكرك وشكرك وَحسن عبادتك وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْجلد قَالَ: قَرَأت فِي مساءلة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: يَا رب كَيفَ لي أَن أشكرك وأصغر نعْمَة وَضَعتهَا عِنْدِي من نعمك لَا يجازي بهَا عَمَلي كُله فَأَتَاهُ الْوَحْي: أَن يَا مُوسَى الْآن شكرتني وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: إِن الله عزَّ وجلَّ أنعم على الْعباد على قدره وكلفهم الشُّكْر على قدرهم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الْملك بن مَرْوَان قَالَ: مَا قَالَ عبد كلمة أحب إِلَيْهِ وابلغ من الشُّكْر عِنْده من أَن يَقُول: الْحَمد لله الَّذِي أنعم علينا وهدانا للإِسلام وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْأَصْبَغ بن نباتة قَالَ: كَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ إِذا دخل الْخَلَاء قَالَ: بِسم الله الْحَافِظ من المؤذي وَإِذا خرج مسح بِيَدِهِ على بَطْنه ثمَّ قَالَ: يَا لَهَا من نعْمَة لَو يعلم الْعباد شكرها وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ: إِن الله ليمنع النِّعْمَة مَا شَاءَ فَإِذا لم يشْكر قَلبهَا عذَابا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والخرائطي كِلَاهُمَا فِي كتاب الشُّكْر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا أنعم الله على عَبده من نعْمَة فَعلم أَنَّهَا من عِنْد الله إِلَّا كتب الله لَهُ شكرها قبل أَن يحمده وَمَا علم الله من عبد ندامة على ذَنْب إِلَّا غفر لَهُ ذَلِك قبل أَن يَسْتَغْفِرهُ إِن الرجل ليَشْتَرِي الثَّوْب بالدينار فيلبسه فيحمد الله فَمَا يبلغ رُكْبَتَيْهِ حَتَّى يغْفر لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من قَالَ حِين يصبح: الْحَمد لله على حسن الْمسَاء وَالْحَمْد لله على حسن الْمبيت وَالْحَمْد لله على حسن الصَّباح فقد أدّى شكر ليلته ويومه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله: أدّى شكر ليلته ويومه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب مَا الشُّكْر الَّذِي نبغي لَك قَالَ: لَا يزَال لسَانك رطبا من ذكري قَالَ: فَإنَّا نَكُون من الْحَال إِلَى حَال نجلك إِن نذكرك عَلَيْهَا قَالَ: مَا هِيَ قَالَ: الْغَائِط واهراق المَاء من الْجَنَابَة وعَلى غير وضوء قَالَ: كلا قَالَ: يَا رب كَيفَ أَقُول قَالَ: تَقول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت فجنبني الْأَذَى سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت فقني من الْأَذَى وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة أَن رجلا كَانَ يَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيسلم عَلَيْهِ فَيَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو لَهُ فجَاء يَوْمًا فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ أَنْت يَا فلَان قَالَ: بِخَير إِن شكرت فَسكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الرجل: يَا نَبِي الله كنت تَسْأَلنِي وَتَدْعُو لي وَإنَّك سَأَلتنِي الْيَوْم فَلم تدع لي قَالَ: إِنِّي كنت أَسأَلك فتشكر الله وَإِنِّي سَأَلتك الْيَوْم فشككت فِي الشُّكْر عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَنه ان يَقُول فِي دُعَائِهِ: أَسأَلك تَمام النِّعْمَة فِي الْأَشْيَاء كلهَا وَالشُّكْر لَك عَلَيْهَا حَتَّى ترْضى وَبعد الرِّضَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي حَازِم أَن رجلا قَالَ لَهُ: مَا شكر الْعَينَيْنِ قَالَ: إِن رَأَيْت بهما خيرا أعلنته وَإِن رَأَيْت بهما شرا سترته قَالَ: فَمَا شكر الْأُذُنَيْنِ قَالَ: إِن سَمِعت خيرا وعيته وَإِن سَمِعت بهما شرا أخفيته قَالَ: فَمَا شكر الْيَدَيْنِ قَالَ: لَا تَأْخُذ بهما مَا لَيْسَ لَهما وَلَا تمنع حَقًا لله عز وَجل هُوَ فيهمَا قَالَ: فَمَا شكر الْبَطن قَالَ: أَن يكون أَسْفَله طَعَاما وَأَعلاهُ علما قَالَ: فَمَا شكر الْفرج قَالَ: كَمَا قَالَ الله عز وَجل (إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 6) إِلَى قَوْله (فَأُولَئِك هم العادون) قَالَ: فَمَا شكر الرجلَيْن قَالَ: إِن رَأَيْت حَيا غبطته بهما عملته وَإِن رَأَيْت مَيتا مقته كففتهما عَن عمله وَأَنت شَاكر لله عز وَجل فاما من شكر بلساه وَلم يشْكر بِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ فَمثله كَمثل رجل لَهُ كسَاء فَأخذ بطرفه وَلم يلْبسهُ فَلم يَنْفَعهُ ذَلِك من الْحر وَالْبرد والثلج والمطر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَالَ: قيل لِسُفْيَان بن عَيْنِيَّة: مَا

حد الزّهْد قَالَ: أَن تكون شاكراً فِي الرخَاء صَابِرًا فِي الْبلَاء فَإِذا كَانَ كَذَلِك فَهُوَ زاهد قيل لِسُفْيَان: مَا الشُّكْر قَالَ: إِن تجتنب مَا نهى الله عَنهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: قيِّدوا نعم الله بالشكر لله عز وَجل شكر الله ترك الْمعْصِيَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن لوط الْأنْصَارِيّ قَالَ: كَانَ يُقَال: الشُّكْر ترك الْمعْصِيَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مخلد بن حُسَيْن قَالَ: كَانَ يُقَال: الشُّكْر ترك الْمعاصِي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن اجنيد قَالَ: قَالَ السّري يَوْمًا: مَا الشُّكْر فَقلت لَهُ: الشكرعندي أَن لَا يستعان على الْمعاصِي بِشَيْء من نعمه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُفْيَان بن عَيْنِيَّة قَالَ: قيل لِلزهْرِيِّ مَا الزَّاهِد قَالَ: من لم يغلب الْحَرَام صبره وَلم يمْنَع الْحَلَال شكره وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم قَالَ: الشُّكْر يَأْخُذ بجرم الْحَمد وَأَصله وفرعه فَلْينْظر فِي نعم من الله فِي بدنه وسَمعه وبصره وَيَديه وَرجلَيْهِ وَغير ذَلِك لَيْسَ من هَذَا شَيْء إِلَّا وَفِيه نعْمَة من الله حق على العَبْد أَن يعْمل بِالنعَم اللَّاتِي هِيَ فِي يَدَيْهِ لله عز وَجل فِي طَاعَته وَنعم أُخْرَى فِي الرزق وَحقّ عَلَيْهِ أَن يعْمل لله فِيمَا أنعم بِهِ عَلَيْهِ من الرزق فِي طَاعَته فَمن عمل بِهَذَا كَانَ أَخذ بجرم الشُّكْر وَأَصله وفرعه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَامر قَالَ: الشُّكْر نصف الإِيمان وَالصَّبْر نصف الإِيمان وَالْيَقِين الإِيمان كُله وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَنبأَنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: سُئِلَ الْأُسْتَاذ أَبُو سهل مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الصعلوكي عَن الشُّكْر وَالصَّبْر أَيهمَا أفضل فَقَالَ: هما فِي مَحل الاسْتوَاء فالشكر وَظِيفَة السَّرَّاء وَالصَّبْر فَرِيضَة الضراء وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للطاعم الشاكر من الْأجر مثل مَا للصَّائِم الصابر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: من لم يعرف نعْمَة الله عَلَيْهِ إِلَّا فِي مطعمه ومشربه فقد قل عمله وَحضر عَذَابه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الفضيل بن عِيَاض قَالَ: عَلَيْكُم بالشكر فَإِنَّهُ قل قوم كَانَت عَلَيْهِم من الله نعْمَة فَزَالَتْ عَنْهُم ثمَّ عَادَتْ إِلَيْهِم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمَارَة بن حَمْزَة قَالَ: إِذا وصلت إِلَيْكُم أَطْرَاف النعم فَلَا تنفرُوا أقصاها بقلة الشُّكْر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نظر فِي الدّين إِلَى من فَوْقه وَفِي الدُّنْيَا إِلَى من تَحْتَهُ كتبه الله صَابِرًا شاكراً وَمن نظر فِي الدّين إِلَى من تَحْتَهُ وَنظر فِي الدُّنْيَا إِلَى من فَوْقه لم يَكْتُبهُ الله صَابِرًا وَلَا شاكراً وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده سَمِعت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: خصلتان من كَانَتَا فِيهِ كتبه الله صَابِرًا شاكراً وَمن لم يَكُونَا فِيهِ لم يَكْتُبهُ الله صَابِرًا وَلَا شاكراً من نظر فِي دينه إِلَى من فَوْقه فاقتدى بِهِ وَمن نظر فِي دُنْيَاهُ إِلَى من هُوَ دونه وَنظر فِي دُنْيَاهُ إِلَى من هُوَ فَوْقه فأسف على مَا فَاتَهُ لم يَكْتُبهُ الله شاكراً وَلَا صَابِرًا وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن صُهَيْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عجبا لأمر الْمُؤمن كُله خير إِن أَصَابَته سراء فَشكر كَانَ خيرا وَإِن أَصَابَته ضراء فَصَبر كَانَ خيرا وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عجبت لِلْمُؤمنِ أَن أعطي قَالَ: الْحَمد لله فَشكر وَإِن ابْتُلِيَ قَالَ: الْحَمد لله فَصَبر فالمؤمن يُؤجر على كل حَال حَتَّى اللُّقْمَة يرفعها إِلَى فِيهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَت فِيهِ ثَلَاث أدخلهُ الله فِي رَحمته وَأرَاهُ محبته وَكَانَ فِي كنفه: من إِذا أعطي شكر وَإِذا قدر غفر وَإِذا غضب فتر وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث من كن فِيهِ آواه الله فِي كنفه وَستر عَلَيْهِ برحمته وَأدْخلهُ فِي محبته قيل: وَمَا هن يَا رَسُول الله قَالَ: من إِذا أعطي شكر وَإِذا قدر غفر وَإِذا غضب فتر وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الشُّكْر وَالْفِرْيَابِي فِي الذّكر والمعمري فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ والمستغفري كِلَاهُمَا فِي الدَّعْوَات عَن عبد الله بن غَنَّام قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ حِين يصبح:

اللَّهُمَّ مَا أصبح بِي من نعْمَة أَو بِأحد من خلقك فمنك وَحدك لَا شريك لَك فلك الْحَمد وَلَك الشُّكْر فقد أدّى شكر يَوْمه وَمن قَالَ مثل ذَلِك حِين يُمْسِي فقد أدّى شكر ليلته وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن السّري بن عبد الله أَنه كَانَ فِي الطَّائِف فَأَصَابَهُمْ مطر فَخَطب النَّاس فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس احمدوا الله على مَا وضع لكم من رزقه فَإِنَّهُ بَلغنِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِذا أنعم الله عز وَجل على عَبده بِنِعْمَة فحمده عِنْدهَا فقد أدّى شكرها وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والخرائطي كِلَاهُمَا فِي كتاب الشُّكْر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رأى صَاحب بلَاء فَقَالَ: الحمدلله الَّذِي عافاني مِمَّا ابتلاك بِهِ وفضلني عَلَيْك وعَلى جَمِيع خلقه تَفْضِيلًا فقد أدّى شكر النِّعْمَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن كَعْب قَالَ: مَا أنعم الله عز وَجل على عبد نعْمَة فِي الدُّنْيَا فشكرها لله عز وَجل وتواضع بهَا لله إِلَّا أعطَاهُ نَفعهَا فِي الدُّنْيَا وَرفع لَهُ بهَا دَرَجَة فِي الْآخِرَة وَمَا أنعم الله على عبد من نعْمَة فِي الدُّنْيَا فَلم يشكرها لله عز وَجل وَلم يتواضع بهَا لله إِلَّا مَنعه الله عز وَجل نَفعهَا فِي الدُّنْيَا وَفتح لَهُ طبقًا من النَّار فَعَذَّبَهُ إِن شَاءَ أَو تجَاوز عَنهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا من عبد يشرب من مَاء القراح فَيدْخل بِغَيْر أَذَى وَيجْرِي بِغَيْر أَذَى إِلَّا وَجب عَلَيْهِ الشُّكْر وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي بكرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جَاءَهُ أَمر يسره خر سَاجِدا لله عز وَجل شكرا لله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: إِنِّي لقِيت جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فبشرني وَقَالَ: إِن الله يَقُول لَك: من صلى عَلَيْك صليت عَلَيْهِ وَمن سلم عَلَيْك سلمت عَلَيْهِ فسجدت لله شكرا وَأخرج الخرائطي فِي الشُّكْر عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رأى صَاحب بلَاء خرّ سَاجِدا وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة والخرائطي فِي الشُّكْر عَن شَدَّاد بن أَوْس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا كنز النَّاس الذَّهَب وَالْفِضَّة فاكثروا هَؤُلَاءِ

الْكَلِمَات: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الثَّبَات فِي الْأَمر والعزيمة على الرشد وَأَسْأَلك شكر نِعْمَتك وَأَسْأَلك حسن عبادتك وَأَسْأَلك قلباً سليما وَلِسَانًا صَادِقا وَأَسْأَلك من خير مَا تعلم وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا تعلم وأستغفرك لما تعلم إِنَّك أَنْت علام الغيوب وَأخرج الخرائطي عَن جَابر بن عبد الله سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أفضل الذّكر لَا إِلَّا إِلَه إِلَّا الله وَأفضل الشُّكْر الْحَمد لله وَأخرج الخرائطي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات عَن مَنْصُور بن صَفِيَّة قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل وَهُوَ يَقُول: الْحَمد لله الَّذِي هَدَانِي للإِسلام وَجَعَلَنِي من أمة مُحَمَّد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد شكرت عَظِيما وَأخرج الخرائطي عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: يَا هَؤُلَاءِ احْفَظُوا اثْنَتَيْنِ شكر النِّعْمَة واخلاص الإِيمان وَأخرج الخرائطي عَن أبي عمر الشَّيْبَانِيّ قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم الطّور: يَا رب إِن أَنا صليت فَمن قبلك وَإِن أَنا تَصَدَّقت فَمن قبلك وَإِن أَنا بلغت رسالاتك فَمن قبلك فَكيف أشكرك قَالَ: يَا مُوسَى الْآن شكرتني وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والخرائطي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن قرط الْأَزْدِيّ وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا تثبت النِّعْمَة بشكر الْمُنعم عَلَيْهِ للمنعم وَأخرج الخرائطي عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: أشكر الْمُنعم عَلَيْك فَإِنَّهُ لَا نفاد للنعم إِذا شكرت وَلَا بَقَاء لَهَا إِذا كفرت وَالشُّكْر زِيَادَة فِي النعم وأمان من الْغَيْر وَأخرج الخرائطي عَن خَالِد الربعِي قَالَ: كَانَ يُقَال: إِن من أَجْدَر الْأَعْمَال أَن تعجل عُقُوبَته: الْأَمَانَة تخان وَالرحم يقطع والإِحسان يكفر وَأخرج الخرائطي عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: شَرّ الحَدِيث التجديف قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: التجديف هُوَ الْكفْر بِالنعَم وَقَالَ الْأمَوِي: هُوَ اسْتِقْلَال مَا أعطَاهُ الله عز وَجل

153

قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة إِن الله مَعَ الصابرين

أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: غشي على عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي وَجَعه غشية ظنُّوا أَنه قد فاضت بِهِ نَفسه فِيهَا حَتَّى قَامُوا من عِنْده وجللوه ثوبا وَخرجت أم كُلْثُوم بنت عقبَة امْرَأَته إِلَى الْمَسْجِد تستعين بِمَا أمرت بِهِ من الصَّبْر وَالصَّلَاة فلبثوا سَاعَة وَهُوَ فِي غَشيته ثمَّ أَفَاق

154

قَوْله تَعَالَى: وَلَا تَقولُوا لمن يقتل فِي سَبِيل الله أموات بل أَحيَاء وَلَكِن لَا تشعرون أخرج ابْن مَنْدَه فِي الْمعرفَة من طَرِيق السّديّ الصَّغِير عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قتل تَمِيم بن الْحمام ببدر وَفِيه وَفِي غَيره نزلت {وَلَا تَقولُوا لمن يقتل فِي سَبِيل الله أموات} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن حبير فِي قَوْله {لمن يقتل فِي سَبِيل الله} قَالَ: فِي طَاعَة الله فِي قتال الْمُشْركين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَلَا تَقولُوا لمن يقتل فِي سَبِيل الله أموات بل أَحيَاء} قَالَ: يَقُول: هم أَحيَاء فِي صور طير خضر يطيرون فِي الْجنَّة حَيْثُ شاؤوا ويأكلون من حَيْثُ شاؤوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تَقولُوا لمن يقتل فِي سَبِيل الله أموات} الْآيَة قَالَ: أَرْوَاح الشُّهَدَاء طير بيض فقاقيع فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن كَعْب قَالَ: جنَّة المأوى فِيهَا طير خضر ترتقي فِيهَا أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طير خضر وَأَوْلَاد الْمُؤمنِينَ الَّذين لم يبلغُوا الْحِنْث عصافير من عصافير الْجنَّة ترعى وتسرح وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن معمرعن قَتَادَة قَالَ بلغنَا أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي صور طير بيض تَأْكُل من ثمار الْجنَّة وَقَالَ الْكَلْبِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي صُورَة طير بيض تأوي إِلَى قناديل معلقَة تَحت الْعَرْش وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَلَا تَقولُوا لمن يقتل فِي سَبِيل الله أموات بل أَحيَاء وَلَكِن لَا تشعرون} قَالَ: ذكر لنا أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء تعارف فِي طير

بيض تَأْكُل من ثمار الْجنَّة وان مساكنهم السِّدْرَة وان الله أعْطى الْمُجَاهِد ثَلَاث خِصَال من الْخَيْر من قتل فِي سَبِيل الله حَيا مرزوقاً وَمن غلب آتَاهُ الله أجره عَظِيما وَمن مَاتَ رزقه الله رزقا حسنا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بل أَحيَاء} قَالَ: كَانَ يَقُول: من ثَمَر الْجنَّة ويجدون رِيحهَا وَلَيْسوا فِيهَا وَأخرج مَالك وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن كَعْب بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طير خضر تعلق (تعلق من ثَمَر الْجنَّة: ترعى من أَعْلَاهُ) من ثَمَر الْجنَّة أَو شجر الْجنَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن كَعْب بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي صور طير خضر معلقَة فِي قناديل الْجنَّة حَتَّى يرجعها الله يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُؤْتى بِالرجلِ من أهل الْجنَّة فَيَقُول الله لَهُ: يَا ابْن آدم كَيفَ وَجدك مَنْزِلك فَيَقُول: أَي رب خير منزل فَيَقُول: سل وتمن فَيَقُول: وَمَا أَسأَلك وأتمنى أَسأَلك أَن تردني إِلَى الدُّنْيَا فَاقْتُلْ فِي سَبِيل الله عشر مَرَّات لما يرى من فضل الشَّهَادَة

155

قَوْله تَعَالَى: ولنبلونكم بِشَيْء من الْخَوْف والجوع وَنقص من الْأَمْوَال والأنفس والثمرات وَبشر الصابرين الَّذين إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون أُولَئِكَ عَلَيْهِم صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة وَأُولَئِكَ هم المهتدون أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ولنبلونكم} الْآيَة قَالَ: أخبر الله الْمُؤمنِينَ أَن الدُّنْيَا دَار بلَاء وَأَنه مبتليهم فِيهَا وَأمرهمْ بِالصبرِ وبشرهم فَقَالَ {وَبشر الصابرين} وَأخْبر أَن الْمُؤمن إِذا سلم لأمر الله وَرجع واسترجع عِنْد الْمُصِيبَة كتب الله لَهُ ثَلَاث

خِصَال من الْخَيْر: الصَّلَاة من الله وَالرَّحْمَة وَتَحْقِيق سبل الْهدى وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اسْترْجع عِنْد الْمُصِيبَة جبر الله مصيبته وَأحسن عقباه وَجعل لَهُ خلفا صَالحا يرضاه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء فِي قَوْله {ولنبلونكم بِشَيْء من الْخَوْف والجوع} قَالَ: هم أَصْحَاب مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جُوَيْبِر قَالَ: كتب رجل إِلَى الضَّحَّاك يسْأَله عَن هَذِه الْآيَة {إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} أخاصة هِيَ أم عَامَّة فَقَالَ: هِيَ لمن أَخذ بالتقوى وَأدّى الْفَرَائِض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {ولنبلونكم} قَالَ: ولنبتليكم يَعْنِي الْمُؤمنِينَ {وَبشر الصابرين} قَالَ: على أَمر الله فِي المصائب يَعْنِي بشرهم بِالْجنَّةِ {أُولَئِكَ عَلَيْهِم} يَعْنِي على من صَبر على أَمر الله عِنْد الْمُصِيبَة {صلوَات} يَعْنِي مغْفرَة {من رَبهم وَرَحْمَة} يَعْنِي رَحْمَة لَهُم وأمنة من الْعَذَاب {وَأُولَئِكَ هم المهتدون} يَعْنِي من المهتدين بالاسترجاع عِنْد الْمُصِيبَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن رَجَاء بن حَيْوَة فِي قَوْله: وَنقص من الثمرات قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان لَا تحمل النَّخْلَة فِيهِ إِلَّا تَمْرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق رَجَاء بن حَيْوَة عَن كَعْب مثله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعطيت أمتِي شَيْئا لم يُعْطه أحد من الْأُمَم أَن يَقُولُوا عِنْد الْمُصِيبَة {إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لقد أَعْطَيْت هَذِه الْأمة عِنْد الْمُصِيبَة شَيْئا لم تعطه الْأَنْبِيَاء من قبلهم وَلَو أعطيها الْأَنْبِيَاء لأعطيها يَعْقُوب إِذْ يَقُول: يَا أسفى على يُوسُف {إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} لفظ الْبَيْهَقِيّ قَالَ: لم يُعْط أحد من الْأُمَم الاسترجاع غير هَذِه الْأمة أما سَمِعت قَول يَعْقُوب: يَا أسفى على يُوسُف وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {الَّذين إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون أُولَئِكَ عَلَيْهِم صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة وَأُولَئِكَ هم المهتدون} قَالَ:

من اسْتَطَاعَ أَن يسْتَوْجب لله فِي مصيبته ثَلَاثًا الصَّلَاة وَالرَّحْمَة وَالْهدى فَلْيفْعَل وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهُ من اسْتوْجبَ على الله حَقًا بِحَق أحقه الله لَهُ وَوجد الله وفياً وَأخرج وَكِيع وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب العزاء وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: نعم العدلان وَنعم العلاوة {الَّذين إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة قَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون أُولَئِكَ عَلَيْهِم صلوَات من رَبهم وَرَحْمَة} نعم العدلان {وَأُولَئِكَ هم المهتدون} نعم العلاوة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن عبد الله ابْن عَمْرو قَالَ: أَربع من كن فِيهِ بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة: من كَانَ عصمَة أمره لَا إِلَه إِلَّا الله وَإِذا أَصَابَته مُصِيبَة قَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَإِذا أعطي شَيْئا قَالَ: الْحَمد لله وَإِذا أذْنب ذَنبا قَالَ: اسْتغْفر الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَبر على الْمُصِيبَة حَتَّى يردهَا بِحسن عزائها كتب الله لَهُ ثلثمِائة دَرَجَة مَا بَين الدرجَة إِلَى الدرجَة كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء عَن يُونُس بن يزِيد قَالَ: سَأَلت ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن مَا مُنْتَهى الصَّبْر قَالَ: يكون يَوْم تصبيه الْمُصِيبَة مثله قبل أَن تصيبه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الِاعْتِبَار عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَن سُلَيْمَان بن عبد الْملك قَالَ لَهُ عِنْد موت ابْنه: أيصبر الْمُؤمن حَتَّى لَا يجد لمصيبته ألماً قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا يَسْتَوِي عنْدك مَا تحب وَمَا تكره وَلَكِن الصَّبْر معول الْمُؤمن وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحُسَيْن بن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُسلم يصلب بمصيبة فيذكرها وَإِن طَال عهدها فَيحدث لذَلِك استرجاعا إِلَّا جدد الله لَهُ عِنْد ذَلِك فَأعْطَاهُ مثل أجرهَا يَوْم أُصِيب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور والعقيلي فِي الضُّعَفَاء من حَدِيث عَائِشَة مثله وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من نعْمَة وَإِن تقادم عهدها فيجدد لَهَا العَبْد الْحَمد إِلَّا جدد الله لَهُ ثَوَابهَا وَمَا من مُصِيبَة وَإِن تقادم عهدها فيجدد لَهَا العَبْد الاسترجاع إِلَّا جدد الله لَهُ ثَوَابهَا وأجرها وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء عَن سعيد بن الْمسيب رَفعه من اسْترْجع بعد أَرْبَعِينَ سنة أعطَاهُ الله ثَوَاب مصيبته يَوْم أصيبها

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن كَعْب قَالَ: مَا من رجل تصيبه مُصِيبَة فيذكرها بعد أَرْبَعِينَ سنة فيسترجع إِلَّا أجْرى الله لَهُ أجرهَا تِلْكَ السَّاعَة كَمَا أَنه لَو اسْترْجع يَوْم أُصِيب وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أم سَلمَة قَالَت: أَتَانِي أَبُو سَلمَة يَوْمًا من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لقد سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قولا سررت بِهِ قَالَ لَا يُصِيب أحدا من الْمُسلمين مُصِيبَة فيسترجع عِنْد مصيبته ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ أجرني فِي مصيبتي وأخلف لي خيرا مِنْهَا إِلَّا فعل ذَلِك بِهِ قَالَت: أم سَلمَة: فَحفِظت ذَلِك مِنْهُ فَلَمَّا توفّي أَبُو سَلمَة استرجعت فَقلت: اللَّهُمَّ أجرني فِي مصيبتي وأخلف لي خيرا مِنْهَا ثمَّ رجعت إِلَى نَفسِي وَقلت من أَيْن لي خير من أبي سَلمَة فَأَبْدَلَنِي الله بِأبي سَلمَة خيرا مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج مُسلم عَن أم سَلمَة قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من عبد تصيبه مُصِيبَة فَيَقُول: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون اللَّهُمَّ أجرني فِي مصيبتي وأخلف لي خيرا مِنْهَا إِلَّا آجره الله فِي مصيبته وأخلف لَهُ خيرا مِنْهَا قَالَت: فَلَمَّا توفّي أَبُو سَلمَة قلت كَمَا أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخلف الله لي خيرا مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مَاتَ ولد العَبْد قَالَ الله لملائكته: قبضتم ولد عَبدِي فَيَقُولُونَ: نعم فَيَقُول: قبضتم ثَمَرَة فُؤَاده فَيَقُولُونَ: نعم فَيَقُول: مَاذَا قَالَ عَبدِي فَيَقُولُونَ: حمدك واسترجع فَيَقُول الله ابْنُوا لعبدي بَيْتا فِي الْجنَّة وسموه بَيت الْحَمد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن للْمَوْت فَزعًا فَإِذا أَتَى أحدكُم وَفَاة أَخِيه فَلْيقل: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء عَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم سَمِعت أشياخا يَقُولُونَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أهل الْمُصِيبَة لتنزل بهم فيجزعون وتسور عَنْهُم فيمر بهَا مار من النَّاس فَيَقُول: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَيكون فِيهَا أعظم أجرا من أَهلهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أُمَامَة قَالَ انْقَطع قبال (قبال: زِمَام النَّعْل) النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَرْجع فَقَالُوا: مُصِيبَة يَا رَسُول الله فَقَالَ: مَا أصَاب الْمُؤمن مِمَّا يكره فَهُوَ مُصِيبَة

وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد ضَعِيف وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا انْقَطع شسع (زِمَام النَّعْل بَين الْأصْبع الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا) أحدكُم فليسترجع لِأَنَّهَا من المصائب وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد ضَعِيف عَن شَدَّاد بن أَوْس مَرْفُوعا مثله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء عَن شهر بن حَوْشَب رَفعه قَالَ من انْقَطع شسعه فَلْيقل إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَإِنَّهَا مُصِيبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَوْف بن عبد الله قَالَ: من انْقَطع شسعه فَلْيقل إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَإِنَّهَا مُصِيبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَوْف بن عبد الله قَالَ: كَانَ ابْن مَسْعُود يمشي فَانْقَطع شسعه فَاسْتَرْجع فَقيل: يسترجع على مثل هَذَا قَالَ: مُصِيبَة وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب أَنه انْقَطع شسعه فَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَقيل لَهُ: مَالك فَقَالَ: انْقَطع شسعي فسائني وَمَا ساءك فَهُوَ لَك مُصِيبَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الأمل والديلمي عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا اتخذ قبالاً من حَدِيد فَقَالَ: أما أَنْت أطلت الأمل إِن أحدكُم إِذا انْقَطع شسعه فَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون كَانَ عَلَيْهِ من ربه الصَّلَاة وَالْهدى وَالرَّحْمَة وَذَلِكَ خير لَهُ من الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء عَن عِكْرِمَة قَالَ طفىء سراج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَقيل: يَا رَسُول الله أمُصِيبَة هِيَ قَالَ: نعم وكل مَا يُؤْذِي الْمُؤمن فَهُوَ مُصِيبَة لَهُ وَأجر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد قَالَ بَلغنِي أَن الْمِصْبَاح طفىء فَاسْتَرْجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل مَا ساءك مُصِيبَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وسمويه فِي فَوَائده عَن أبي أُمَامَة قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْقَطع شسع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَقَالَ لَهُ رجل: هَذَا الشسع فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهَا مُصِيبَة وَأخرج ابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ قَالَ بَينا النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمشي هُوَ وَأَصْحَابه إِذْ انْقَطع شسعه فَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون قَالَ: ومصيبة هِيَ قَالَ: نعم كل شَيْء سَاءَ الْمُؤمن فَهُوَ مُصِيبَة وَأخرج الديلمي عَن عَائِشَة قَالَت أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد لدغته شَوْكَة فِي ابهامه فَجعل يسترجع مِنْهَا ويمسحها فَلَمَّا سَمِعت استرجاعه دَنَوْت مِنْهُ فَنَظَرت فَإِذا أثر حقير فَضَحكت فَقلت: يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي أكل هَذَا الاسترجاع من أجل هَذِه الشَّوْكَة فَتَبَسَّمَ ثمَّ ضرب على مَنْكِبي فَقَالَ: يَا عَائِشَة إِن الله عز وَجل إِذا أَرَادَ أَن يَجْعَل الصَّغِير كَبِيرا جعله وَإِذا أَرَادَ أَن يَجْعَل الْكَبِير صَغِيرا جعله وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: إِذا فاتتك صَلَاة فِي جمَاعَة فَاسْتَرْجع فَإِنَّهَا مُصِيبَة وَأخرج عبد بن حميد عَن سَواد بن دَاوُد أَن سعيد بن الْمسيب جَاءَ وَقد فَاتَتْهُ الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة فَاسْتَرْجع حَتَّى سمع صَوته خَارِجا من الْمَسْجِد وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّبْر عِنْد الصدمة الأولى وَالْعبْرَة لَا يملكهَا ابْن آدم صبَابَة الْمَرْء إِلَى أَخِيه وَأخرج ابْن سعد عَن خَيْثَمَة قَالَ: لما جَاءَ عبد الله بن مَسْعُود نعي أَخِيه عتبَة دَمَعَتْ عَيناهُ فَقَالَ: إِن هَذِه رَحْمَة جعلهَا الله لَا يملكهَا ابْن آدم وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى امْرَأَة تبْكي على صبي لَهَا فَقَالَ لَهَا: اتقِي الله واصبري فَقَالَت: وَمَا تبالي أَنْت مصيبتي فَلَمَّا ذهب قيل لَهُ: إِنَّه رَسُول الله فَأَخذهَا مثل الْمَوْت فَأَتَت بَابه فَلم تَجِد عَلَيْهِ بوابين فَقَالَت: لم أعرفك يَا رَسُول الله فَقَالَ: إِنَّمَا الصَّبْر عِنْد أوّل صدمة وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا مُسلمين مضى لَهما ثَلَاثَة من أولادهما لم يبلغُوا حنثاً كَانُوا لَهما حصناً حصيناً من النَّار قَالَ: أَبُو ذَر مضى لي اثْنَان قَالَ: وَاثْنَانِ قَالَ أَبُو الْمُنْذر سيد الْقُرَّاء: مضى لي وَاحِد يَا رَسُول الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَوَاحِد وَذَلِكَ فِي الصدمة الأولى وَأخرج عبد بن حميد عَن كريب بن حسان قَالَ: توفّي رجل منا فَوجدَ بِهِ أَبوهُ

أَشد الوجد فَقَالَ لَهُ رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُ حَوْشَب: أَلا أحدثكُم بِمِثْلِهَا شهدتها من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ رجل يَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ ابْن لَهُ توفّي فَوجدَ بِهِ أَبوهُ أَشد الوجد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا فعل فلَان قَالُوا: يَا رَسُول الله توفّي ابْنه الَّذِي كَانَ يخْتَلف مَعَه إِلَيْك فَلَقِيَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا فلَان أَيَسُرُّك أَن ابْنك عنْدك كأجرى الغلمان جَريا يَا فلَان أَيَسُرُّك أَن ابْنك عنْدك كأنشط الغلمان نشاطاً يَا فلَان أَيَسُرُّك أَن ابْنك عنْدك كأجود الكهول كهلاً أَو يُقَال لَك أَدخل الْجنَّة ثَوَاب مَا أَخذ مِنْك وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه قَالَ كَانَ رجل يخْتَلف إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ بني لَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم: أَتُحِبُّهُ قَالَ: يَا رَسُول الله أحبك الله كَمَا أحبه فَفَقدهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا فعل ابْن فلَان قَالُوا: مَاتَ قَالَ: فَلَقِيَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أما تحب أَن لَا تَأتي بَابا من أَبْوَاب الْجنَّة تستفتحه إِلَّا جَاءَ يسْعَى حَتَّى يَفْتَحهُ لَك قَالُوا: يَا رَسُول الله أَله وَحده أم لكلنا قَالَ: بل لكلكم وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا لعبدي الْمُؤمن عِنْدِي جَزَاء إِذا قبضت صَفيه من أهل الدُّنْيَا ثمَّ احتسبه إِلَّا الْجنَّة وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا يزَال الْمُؤمن يصاب فِي وَلَده وَحَاجته حَتَّى يلقى الله وَلَيْسَت لَهُ خَطِيئَة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أثكل ثَلَاثَة من صلبه فاحتسبهم على الله وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة قَالَ كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَلغهُ أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار مَاتَ ابْن لَهَا فَجَزِعت عَلَيْهِ فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ أَصْحَابه فَلَمَّا دخل عَلَيْهَا قَالَ: أما أَنه قد بَلغنِي أَنَّك جزعت فَقَالَت: مَا لي لَا أجزع وَأَنا رقوب لَا يعِيش لي ولد فَقَالَ: إِنَّمَا الرقوب الَّتِي يعِيش وَلَدهَا إِنَّه لَا يَمُوت لامْرَأَة مسلمة ثَلَاثَة من الْوَلَد فتحتسبهم إِلَّا وَجَبت لَهَا الْجنَّة فَقَالَ عمر: واثنين قَالَ: واثنين وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن أبي نصر السّلمِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يَمُوت لأحد من المسلمسن ثَلَاثَة من الْوَلَد فيحتسبهم إِلَّا كَانُوا لَهُ جنَّة من النَّار فَقَالَت امْرَأَة: أَو اثْنَان قَالَ: أَو اثْنَان

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من مَاتَ لَهُ ثَلَاثَة من الْوَلَد فاحتسبهم دخل الْجنَّة فَقَالَت امْرَأَة: واثنين قَالَ: واثنين وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلمين يتوفى لَهما ثَلَاثَة إِلَّا أدخلهما الله الْجنَّة بِفضل رَحمته إيَّاهُم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أَو اثْنَان قَالَ: أَو اثْنَان قَالُوا: أَو وَاحِد قَالَ: أَو وَاحِد ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن السقط ليجر أمه بسرره إِلَى الْجنَّة إِذا احتسبته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دفن ثَلَاثَة فَصَبر عَلَيْهِم واحتسب وَجَبت لَهُ الْجنَّة فَقَالَت أم أَيمن: واثنين قَالَ: واثنين قَالَت: أَو وَاحِد فَسكت ثمَّ قَالَ: وَوَاحِد وَأخرج أَحْمد وَابْن قَانِع فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَابْن مَنْدَه فِي الْمعرفَة عَن حَوْشَب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من مَاتَ لَهُ ولد فَصَبر واحتسب قيل لَهُ: ادخل الْجنَّة بِفضل مَا أَخذنَا مِنْك وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي سَلمَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخ بخ لخمس مَا أثقلهن فِي الْمِيزَان لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وَالْولد الصَّالح يتوفى للمرء فيحتسبه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ توفّي ابْن عُثْمَان بن مَظْعُون فَاشْتَدَّ حزنه عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن للجنة ثَمَانِيَة أَبْوَاب وللنار سَبْعَة أَبْوَاب أفما يَسُرك أَن لَا تَأتي بَابا مِنْهَا إِلَّا وجدت ابْنك إِلَى جَنْبك آخِذا بحجزتك يشفع لَك عِنْد رَبك قَالَ: بلَى قَالَ الْمُسلمُونَ: يَا رَسُول الله وَلنَا فِي افراطنا مَا لعُثْمَان قَالَ: نعم لمن صَبر مِنْكُم واحتسب وَأخرج النَّسَائِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لَا يرضى لعَبْدِهِ الْمُؤمن إِذا ذهب بصفيه من أهل الأَرْض فَصَبر واحتسب بِثَوَاب من الْجنَّة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قسم الله الْعقل على ثَلَاثَة أَجزَاء فَمن كن فِيهِ فَهُوَ الْعَاقِل وَمن لم يكن فِيهِ فَلَا عقل لَهُ حسن الْمعرفَة بِاللَّه وَحسن الطَّاعَة لله وَحسن الصَّبْر لله

وَأخرج ابْن سعد عَن مطوف بن عبد الله بن الشخير أَنه مَاتَ ابْنه عبد الله فَخرج وَهُوَ مترجل فِي ثِيَاب حَسَنَة فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ: قد وَعَدَني الله على مصيبتين ثَلَاث خِصَال كل خصْلَة مِنْهَا أحب إليّ من الدُّنْيَا كلهَا قَالَ الله {الَّذين إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة} إِلَى قَوْله {المهتدون} أفأستكين لَهَا بعد هَذَا

158

قَوْله تَعَالَى: إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَمن حج أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما وَمن تطوع خيرا فَإِن الله شَاكر عليم أخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف مَعًا وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَائِشَة أَن عُرْوَة قَالَ لَهَا: أَرَأَيْت قَول الله تَعَالَى {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوّف بهما} فَمَا أرى على أحد جنَاحا أَن يطوّف بهما فَقَالَت عَائِشَة: بئْسَمَا قلت يَا ابْن أُخْتِي إِنَّهَا لَو كَانَت على مَا أوّلتها كَانَت فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوّف بهما وَلكنهَا إِنَّمَا أنزلت أَن الْأَنْصَار قبل أَن يسلمُوا كَانُوا يهلون لمناة الطاغية الَّتِي كَانُوا يعبدونها وَكَانَ من أهل لَهَا يتحرج أَن يطوف بالصفا والمروة فسألوا عَن ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا كُنَّا نتحرج أَن نطوف بالصفا والمروة فِي الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} الْآيَة قَالَت عَائِشَة: ثمَّ سنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطّواف بهما فَلَيْسَ لأحد أَن يدع الطّواف بهما وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن أبي حَاتِم وَابْن السكن وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَنه سُئِلَ عَن الصَّفَا والمروة قَالَ: كُنَّا نرى أَنَّهُمَا من أَمر الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام أمسكنا عَنْهُمَا فَأنْزل الله {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْأَنْصَار كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا أَحْرمُوا لَا يحل لَهُم أَن يطوفوا بَين الصَّفَا والمروة فَلَمَّا قدمنَا ذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الشَّيَاطِين فِي الْجَاهِلِيَّة تعزف اللَّيْل أجمع بَين الصَّفَا والمروة فَكَانَت فِيهَا آلِهَة لَهُم أصنام فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام قَالَ الْمُسلمُونَ: يَا رَسُول الله أَلا نطوف بَين الصَّفَا والمروة فَإِنَّهُ شَيْء كُنَّا نصنعه فِي الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله {فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوّف بهما} يَقُول: لَيْسَ عَلَيْهِ اثم وَلَكِن لَهُ أجر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت الْأَنْصَار: إِن السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة من أَمر الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن حُبَيْش قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن قَوْله {إِن الصَّفَا والمروة} الْآيَة فَقَالَ: انْطلق إِلَى ابْن عَبَّاس فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ أعلم من بَقِي بِمَا أنزل على مُحَمَّد فَأَتَيْته فَسَأَلته فَقَالَ: إِنَّه كَانَ عِنْدهمَا أصنام فَلَمَّا أَسْلمُوا امسكوا عَن الطّواف بَينهمَا حَتَّى أنزلت {إِن الصَّفَا والمروة} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} الْآيَة وَذَلِكَ أَن نَاسا تحرجوا أَن يطوفوا بَين الصَّفَا والمروة فَأخْبر الله أَنَّهُمَا من شعائره الطّواف بَينهمَا أحب إِلَيْهِ فمضت السّنة بِالطّوافِ بَينهمَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ وثن بالصفا يدهى أساف ووثن بالمروة يدعى نائلة فَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا طافوا بِالْبَيْتِ يسعون بَينهمَا ويمسحون الوثنين فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: يَا رَسُول الله إِن الصَّفَا والمروة إِنَّمَا كَانَ يُطَاف بهما من أجل الوثنين وَلَيْسَ الطّواف بهما من الشعائر فَأنْزل الله {إِن الصَّفَا والمروة} الْآيَة فَذكر الصَّفَا من أجل الوثن الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وأُنِّثَتْ الْمَرْوَة من أجل الوثن الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ مونثا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَت الْأَنْصَار إِنَّمَا السَّعْي بَين هذَيْن الحجرين من عمل أهل الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} قَالَ: من الْخَيْر الَّذِي أَخْبَرتكُم عَنهُ فَلم يحرج من لم يطف بهما {فَمن تطوّع خيرا فَهُوَ خير لَهُ} فتطوع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت من السّنَن فَكَانَ عَطاء يَقُول: يُبدل مَكَانَهُ سبعين بِالْكَعْبَةِ إِن شَاءَ

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ كَانَ نَاس من أهل تهَامَة فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يطوفون بَين الصَّفَا والمروة فَأنْزل الله {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} وَكَانَ من سنة إِبْرَاهِيم واسماعيل بَينهمَا وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مَرْوُدَيْهِ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَ: كَانَ رجال من الْأَنْصَار مِمَّن كَانَ يهل لمناة فِي الْجَاهِلِيَّة وَمَنَاة صنم بَين مَكَّة وَالْمَدينَة قَالُوا: يَا نَبِي الله إِنَّا كُنَّا لانطوف بَين الصَّفَا والمروة تَعْظِيمًا لمناة فَهَل علينا من حرج أَن نطوف بهما فَأنْزل الله {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} الْآيَة قَالَ عُرْوَة: فَقلت لعَائِشَة: مَا أُبَالِي أَن لَا أَطُوف بَين الصَّفَا والمروة قَالَ الله {فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} فَقَالَت: يَا ابْن أُخْتِي أَلا ترى أَنه يَقُول {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} قَالَ الزُّهْرِيّ: فَذكرت ذَلِك لأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَرْث بن هِشَام فَقَالَ: هَذَا الْعلم قَالَ أَبُو بكر: وَلَقَد سَمِعت رجَالًا من أهل الْعلم يَقُولُونَ: لما أنزل الله الطّواف بِالْبَيْتِ وَلم ينزل الطّواف بَين الصَّفَا والمروة قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا كُنَّا نطوف فِي الْجَاهِلِيَّة بَين الصَّفَا والمروة وَأَن الله قد ذكر الطّواف بِالْبَيْتِ وَلم يذكر الطّواف بَين الصَّفَا والمروة فَهَل علينا من حرج أَن لَا نطوف بهما فَأنْزل الله {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} الْآيَة كلهَا قَالَ أَبُو بكر: فاسمع هَذِه الْآيَة نزلت فِي الْفَرِيقَيْنِ كليهمَا فِيمَن طَاف وفيمن لم يطف وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن جرير عَن عَائِشَة قَالَت: لعمري مَا أتم الله حج من لم يسع بَين الصَّفَا والمروة وَلَا عمرته وَلِأَن الله قَالَ {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم عَن أنس قَالَ: كَانَت الْأَنْصَار يكْرهُونَ السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} فالطواف بَينهمَا تطوّع وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ ((فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوف بهما))

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: فِي مصحف ابْن مَسْعُود (فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوف بهما) وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن حَمَّاد قَالَ: وجدت فِي مصحف أبي (فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوف بهما) وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ (فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن لَا يطوف بهما) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوّف} مثقلة فَمن ترك فَلَا بَأْس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَنه أَتَاهُ رجل فَقَالَ: أبدأ بالصفا قبل الْمَرْوَة وأصلي قبل أَن أَطُوف أَو أَطُوف قبل وأحلق قبل أَن أذبح أَو أذبح قبل أَن أحلق فَقَالَ ابْن عَبَّاس: خُذُوا ذَلِك من كتاب الله فَإِنَّهُ أَجْدَر أَن يحفظ قَالَ الله {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} فالصفا قبل الْمَرْوَة وَقَالَ (لَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله) (الْبَقَرَة الْآيَة 196) فالذبح قبل الْحلق وَقَالَ (وطهر بَيْتِي للطائفين والقائمين والركع السُّجُود) (الْحَج الْآيَة 26) وَالطّواف قبل الصَّلَاة وَأخرج وَكِيع عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس لم بدىء بالصفا قبل الْمَرْوَة قَالَ: لِأَن الله قَالَ: إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر قَالَ لما دنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الصَّفَا فِي حجَّته قَالَ: إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله ابدؤا بِمَا بَدَأَ الله بِهِ فَبَدَأَ بالصفا فرقي عَلَيْهِ وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن سعد وَأحمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن قَانِع وَالْبَيْهَقِيّ عَن حَبِيبَة بنت أبي بحران قَالَت رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطوف بَين الصَّفَا والمروة والنايس بَين يَدَيْهِ وَهُوَ وَرَاءَهُمْ وَهُوَ يسْعَى حَتَّى أرى رُكْبَتَيْهِ من شدَّة السَّعْي يَدُور بِهِ إزَاره وَهُوَ يَقُول: اسْعوا فَإِن الله عز وَجل كتب عَلَيْكُم السَّعْي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن الله كتب عَلَيْكُم السَّعْي فَاسْعَوْا

وَأخرج وَكِيع عَن أبي الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة قَالَ: فعله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ قلت لِابْنِ عَبَّاس يزْعم قَوْمك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سعى بَين الصَّفَا والمروة وَإِن ذَلِك سنة قَالَ: صدقُوا أَن إِبْرَاهِيم لما أَمر بالمناسك اعْترض عَلَيْهِ الشَّيْطَان عِنْد الْمَسْعَى فسابقه فسبقه إِبْرَاهِيم وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه رَآهُمْ يطوفون بَين الصَّفَا والمروة فَقَالَ: هَذَا مِمَّا أورثتكم أم اسماعيل وَأخرج الْخَطِيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أقبل إِبْرَاهِيم وَمَعَهُ هَاجر واسماعيل عَلَيْهِم السَّلَام فوضعهم عِنْد الْبَيْت فَقَالَت: الله أَمرك بِهَذَا قَالَ: نعم قَالَ: فعطش الصَّبِي فَنَظَرت فَإِذا أقرب الْجبَال إِلَيْهَا الصَّفَا فسعت فرقت عَلَيْهِ فَنَظَرت فَلم تَرَ شَيْئا ثمَّ نظرت فَإِذا أقرب الْجبَال إِلَيْهَا الْمَرْوَة فَنَظَرت فَلم تَرَ شَيْئا قَالَ: فَهِيَ أول من سعى بَين الصَّفَا والمروة ثمَّ أَقبلت فَسمِعت حفيفاً أمامها قَالَ: قد أسمع فَإِن يكن عنْدك غياث فَهَلُمَّ فَإِذا جِبْرِيل أمامها يرْكض زَمْزَم بعقبه فنبع المَاء فَجَاءَت بِشَيْء لَهَا تقري فِيهِ المَاء فَقَالَ لَهَا: تَخَافِينَ الْعَطش هَذَا بلد ضيفان الله لَا يخَافُونَ الْعَطش وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو داو وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا جعل الطّواف بِالْبَيْتِ وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة وَرمي الْجمار لاقامة ذكر الله لَا لغيره وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: السّنة فِي الطّواف بَين الصَّفَا والمروة أَن ينزل من الصَّفَا ثمَّ يمشي حَتَّى يَأْتِي بطن المسيل فَإِذا جَاءَهُ سعى حَتَّى يظْهر مِنْهُ ثمَّ يمشي حَتَّى يَأْتِي الْمَرْوَة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ من طَرِيق مَسْرُوق عَن ابْن مَسْعُود أَنه خرج إِلَى الصَّفَا فَقَامَ إِلَى صدع فِيهِ فلبى فَقلت لَهُ: إِن نَاسا ينهون عَن الإِهلال هَهُنَا قَالَ: وَلَكِنِّي آمُرك بِهِ هَل تَدْرِي مَا الإِهلال إِنَّمَا هِيَ استجابة مُوسَى لرَبه فَلَمَّا أَتَى الْوَادي رمل وَقَالَ: رب اغْفِر وَارْحَمْ إِنَّك أَنْت الْأَعَز والأكرم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَامَ على الصدع الَّذِي فِي الصَّفَا وَقَالَ: هَذَا وَالَّذِي لَا إِلَه غَيره مقَام الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة

أما قَوْله تَعَالَى: {وَمن تطوّع خيرا} أخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله / وَمن تطوع بِخَير / وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَدْعُو على الصَّفَا والمروة يكبر ثَلَاثًا سبع مَرَّات يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا نعْبد إِلَّا إِيَّاه مُخلصين لَهُ وَلَو كره الْكَافِرُونَ وَكَانَ يَدْعُو بِدُعَاء كثير حَتَّى يبطئنا وَإِنَّا لشباب وَكَانَ من دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مِمَّن يحبك وَيُحب ملائكتك وَيُحب رسلك وَيُحب عِبَادك الصَّالِحين اللَّهُمَّ حببني إِلَيْك وَإِلَى ملائكتك وَإِلَى رسلك وَإِلَى عِبَادك الصَّالِحين اللَّهُمَّ يسرني لليسرى وجنبني للعسرى واغفر لي فِي الْآخِرَة وَالْأولَى واجعلني من الْأَئِمَّة الْمُتَّقِينَ وَمن وَرَثَة جنَّة النَّعيم واغفر لي خطيئتي يَوْم الدّين اللَّهُمَّ إِنَّك قلت (ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم) وَإنَّك لَا تخلف الميعاد اللَّهُمَّ إِذْ هديتني للإِسلام فَلَا تنزعه مني وَلَا تنزعني مِنْهُ حَتَّى توفاني على الإِسلام وَقد رضيت عني اللَّهُمَّ لَا تقدمني للعذاب وَلَا تؤخرني لسيء الْفِتَن وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: من قدم مِنْكُم حَاجا فليبدأ بِالْبَيْتِ فليطف بِهِ سبعا ثمَّ ليصل رَكْعَتَيْنِ عِنْد مقَام إِبْرَاهِيم ثمَّ ليأت الصَّفَا فَليقمْ عَلَيْهِ مُسْتَقْبل الْكَعْبَة ثمَّ ليكبر سبعا بَين كل تكبيرتين حمد الله وثناء عَلَيْهِ وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويسأله لنَفسِهِ وعَلى الْمَرْوَة مثل ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ترفع الْأَيْدِي فِي سَبْعَة مَوَاطِن إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة وَإِذا رأى الْبَيْت وعَلى الصَّفَا والمروة وَفِي عَرَفَات وَفِي جمع وَعند الجمرات وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ترفع الْأَيْدِي فِي الصَّلَاة وَإِذا رأى الْبَيْت وعَلى الصَّفَا والمروة وعَلى عَرَفَات وبجمع وَعند الْجَمْرَتَيْن وعَلى الْمَيِّت أما قَوْله تَعَالَى: {فَإِن الله شَاكر عليم} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: لَا شَيْء أشكر من الله وَلَا أجزىء بِخَير من الله عز وَجل

159

قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى من بعد مَا بَيناهُ للنَّاس فِي الْكتاب أُولَئِكَ يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إِلَّا الَّذين تَابُوا وَأَصْلحُوا وبينوا فَأُولَئِك أَتُوب عَلَيْهِم وَأَنا التواب الرَّحِيم أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلَ معَاذ بن جبل أَخُو بني سَلمَة وَسعد بن معَاذ أَخُو بني الْأَشْهَل وخارجة بن زيد أَخُو الْحَرْث بن الْخَزْرَج نَفرا من أَحْبَار الْيَهُود عَن بعض مَا فِي التَّوْرَاة فكتموهم إِيَّاه وأبوا أَن يخبروهم فَأنْزل الله فيهم {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى} قَالَ: هم أهل الْكتاب وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى} الْآيَة قَالَ: أُولَئِكَ أهل الْكتاب كتوا الإِسلام وَهُوَ دين الله وكتموا مُحَمَّدًا وهم (يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإنحيل) (الْأَعْرَاف الْآيَة 157) {ويلعنهم اللاعنون} قَالَ: من مَلَائِكَة الله الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: هم أهل الْكتاب كتموا مُحَمَّدًا ونعته وهم يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم حسداً وبغياً وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: زَعَمُوا أَن رجلا من الْيَهُود كَانَ لَهُ صديق من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ ثَعْلَبَة بن غنمة قَالَ لَهُ: هَل تَجِدُونَ مُحَمَّدًا عنْدكُمْ قَالَ: لَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء فِي قَوْله {أُولَئِكَ يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} قَالَ: الْجِنّ والإِنس وكل دَابَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ويلعنهم اللاعنون}

قَالَ: إِذا أجدبت الهائم دعت على فجار بني آدم فَقَالَت: تحبس عَنَّا الْغَيْث بِذُنُوبِهِمْ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ويلعنهم اللاعنون} قَالَ: إِن الْبَهَائِم إِذا اشتدت عَلَيْهِم السّنة قَالَت: هَذَا من أجل عصاة بني آدم لعن الله عصاة بني آدم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ويلعنهم اللاعنون} قَالَ: دَوَاب الأَرْض العقارب والخنافس يَقُولُونَ: إِنَّمَا منعنَا الْقطر بِذُنُوبِهِمْ فيلعنونهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {ويلعنهم اللاعنون} قَالَ: يلعنهم كل شَيْء حَتَّى الخنافس والعقارب يَقُولُونَ: منعنَا الْقطر بذنوب بني آدم وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي جَعْفَر فِي قَوْله {ويلعنهم اللاعنون} قَالَ: كل شَيْء حَتَّى الخنفساء وَأخرج ابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن الْكَافِر يضْرب ضربتين بَين عَيْنَيْهِ فيسمعه كل دَابَّة غير الثقلَيْن فتلعنه كل دَابَّة سَمِعت صَوته فَذَلِك قَول الله {ويلعنهم اللاعنون} يَعْنِي دَوَاب الأَرْض وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {ويلعنهم اللاعنون} قَالَ: قَالَ الْبَراء ابْن عَازِب: إِن الْكَافِر إِذا وضع فِي قَبره أَتَتْهُ دَابَّة كَأَن عينيها قدران من نُحَاس مَعهَا عَمُود من حَدِيد فتضربه ضَرْبَة بَين كَتفيهِ فَيَصِيح لَا يسمع أحد صَوته إِلَّا لَعنه وَلَا يبْقى شَيْء إِلَّا سمع صَوته إِلَّا الثقلَيْن الحن والإِنس وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {ويلعنهم اللاعنون} قَالَ: الْكَافِر إِذا وضع فِي حفرته ضرب ضَرْبَة بمطرق فَيَصِيح صَيْحَة يسمع صَوته كل شَيْء إِلَّا الثقلَيْن الْجِنّ والإِنس فَلَا يسمع صيحته شَيْء إِلَّا لَعنه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الْوَهَّاب بن عَطاء فِي قَوْله {إِن الَّذين يكتمون} الْآيَة قَالَ: سَمِعت الْكَلْبِيّ يَقُول: هم الْيَهُود قَالَ: وَمن لعن شَيْئا لَيْسَ هُوَ بِأَهْل رجعت اللَّعْنَة على يَهُودِيّ فَذَلِك قَوْله {ويلعنهم اللاعنون} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق مُحَمَّد بن مَرْوَان أَخْبرنِي الْكَلْبِيّ عَن أبي

صَالح عَن ابْن مَسْعُود فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل يلعن صَاحبه فِي أَمر يرى أَن قد أَتَى إِلَيْهِ فترتفع اللَّعْنَة فِي السَّمَاء سَرِيعا فَلَا تَجِد صَاحبهَا الَّتِي قيلت لَهُ أَهلا فترجع إِلَى الَّذِي تكلم بهَا فَلَا تَجِد لَهَا أَهلا فتنطلق فَتَقَع على الْيَهُود فَهُوَ قَوْله {ويلعنهم اللاعنون} فَمن تَابَ مِنْهُم ارْتَفَعت عَنْهُم اللَّعْنَة فَكَانَت فِيمَن بَقِي من الْيَهُود وَهُوَ قَوْله {إِلَّا الَّذين تَابُوا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من سُئِلَ عَن علم عِنْده فكتمه ألْجمهُ الله بلجام من نَار يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن ماجة عَن أنس بن مَالك سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من سُئِلَ عَن علم فكتمه ألْجمهُ يَوْم الْقِيَامَة بلجام من نَار وَأخرج ابْن ماجة والمرهبي فِي فضل الْعلم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كتم علما مِمَّا ينفع الله بِهِ النَّاس فِي أَمر الدّين ألْجمهُ الله يَوْم الْقِيَامَة بلجام من نَار وَأخرج ابْن ماجة عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لعن آخر هَذِه الْأمة أَولهَا فَمن كتم حَدِيثا فقد كتم مَا أنزل الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا عبد آتَاهُ الله علما فكتمه لَقِي الله يَوْم الْقِيَامَة مُلجمًا بلجام من نَار واخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سؤل عَن علم فكتمه جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة مُلجمًا بلجام من نَار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن عمر وَابْن عَمْرو مثله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مثل الَّذِي يتَعَلَّم الْعلم ثمَّ لَا يحدث بِهِ كَمثل الَّذِي يكنز الْكَنْز فَلَا ينْفق مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن سلمَان قَالَ: علم لَا يُقَال بِهِ ككنز لَا ينْفق مِنْهُ وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لَوْلَا آيَة فِي كتاب الله مَا حدثت أحدا بِشَيْء أبدا ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى} الْآيَة

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات وَالْهدى} إِلَى قَوْله {اللاعنون} ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ {إِلَّا الَّذين تَابُوا وَأَصْلحُوا وبينوا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء {إِلَّا الَّذين تَابُوا وَأَصْلحُوا} قَالَ: ذَلِك كَفَّارَة لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {إِلَّا الَّذين تَابُوا وَأَصْلحُوا} قَالَ: أصلحوا مَا بَينهم وَبَين الله {وبينوا} الَّذِي جَاءَهُم من الله وَلم يكتموا وَلم يجحدوا بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {أَتُوب عَلَيْهِم} يَعْنِي أتجاوز عَنْهُم أما قَوْله تَعَالَى: {وَأَنا التوّاب} أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي زرْعَة عَمْرو بن جرير قَالَ: إِن أول شَيْء كتب أَنا التواب أَتُوب على من تَابَ

161

قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين كفرُوا وماتوا وهم كفار أُولَئِكَ عَلَيْهِم لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ خَالِدين فِيهَا لَا يُخَفف عَنْهُم الْعَذَاب وَلَا هم ينظرُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: إِن الْكَافِر يُوقف يَوْم الْقِيَامَة فيلعنه الله ثمَّ تلعنه الْمَلَائِكَة ثمَّ يلعنه النَّاس أَجْمَعُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أُولَئِكَ عَلَيْهِم لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ} قَالَ: يَعْنِي النَّاس أَجْمَعِينَ الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: لَا يتلاعن إثنان مُؤْمِنَانِ وَلَا كَافِرَانِ فَيَقُول أَحدهمَا: لعن الله الظَّالِم إِلَّا رجعت تِلْكَ اللَّعْنَة على الْكَافِر لِأَنَّهُ ظَالِم فَكل أحد من الْخلق يلعنه وَأخرج عبد بن حميد عَن جرير بن حَازِم قَالَ: سَمِعت الْحسن يقْرؤهَا (أُولَئِكَ عَلَيْهِم لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعُونَ)

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {خَالِدين فِيهَا} يَقُول: خَالِدين فِي جَهَنَّم فِي اللَّعْنَة وَفِي قَوْله {وَلَا هم ينظرُونَ} وَيَقُول: لَا ينظرُونَ فيعتذرون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا هم ينظرُونَ} قَالَ: لَا يؤخرون

163

قَوْله تَعَالَى: وإلهكم إِلَه وَاحِد لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد والدارمي وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَأَبُو مُسلم الْكَجِّي فِي السّنَن وَابْن الضريس وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أَسمَاء بنت يزِيد بن السكن عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ اسْم الله الْأَعْظَم فِي هَاتين الْآيَتَيْنِ {وإلهكم إِلَه وَاحِد لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم} و (الم الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم) (آل عمرَان الْآيَتَانِ 1 - 2) وَأخرج الديلمي عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ أَشد على مَرَدَة الْجِنّ من هَؤُلَاءِ الْآيَات الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة {وإلهكم إِلَه وَاحِد} الْآيَتَيْنِ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن إِبْرَاهِيم بن وثمة قَالَ: الْآيَات الَّتِي يدْفع الله بِهن من اللمم من لزمهن فِي كل يَوْم ذهب عَنهُ مَا يجد {وإلهكم إِلَه وَاحِد} الْآيَة وَآيَة الْكُرْسِيّ وخاتمة الْبَقَرَة و (إِن ربكُم الله) (الْأَعْرَاف الْآيَة 54) إِلَى الْمُحْسِنِينَ وَآخر الْحَشْر بلغنَا إنَّهُنَّ مكتوبات فِي زَوَايَا الْعَرْش وَكَانَ يَقُول: اكتبوهن لصبيانكم من الْفَزع واللم

164

164 - قَوْله تَعَالَى: إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار والفلك الَّتِي تجْرِي فِي الْبَحْر بِمَا ينفع النَّاس وَمَا أنزل الله من السَّمَاء من مَاء فأحيا بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا وَبث فِيهَا من كل دَابَّة وتصريف الرِّيَاح والسحاب المسخر بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لآيَات لقوم يعْقلُونَ

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت قُرَيْش للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ادْع الله أَن يَجْعَل لنا الصَّفَا ذَهَبا نتقوّى بِهِ على عدوّنا فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي معطيهم فأجعل لَهُم الصَّفَا ذَهَبا وَلَكِن إِن كفرُوا بعد ذَلِك عذبتهم عذَابا لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين فَقَالَ: رب دَعْنِي وقومي فادعوهم يَوْمًا بِيَوْم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار والفلك الَّتِي تجْرِي فِي الْبَحْر} وَكَيف يَسْأَلُونَك الصَّفَا وهم يرَوْنَ من الْآيَات مَا هُوَ لأعظم من الصَّفَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَأَلت قُرَيْش فَقَالُوا: حدثونا عَمَّا جَاءَكُم بِهِ مُوسَى من الْآيَات فَأَخْبرُوهُمْ أَنه كَانَ يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الْمَوْتَى بِإِذن الله فَقَالَت قُرَيْش عِنْد ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادْع الله أَن يَجْعَل لنا الصَّفَا ذَهَبا فنزداد بِهِ يَقِينا ونتقوّى بِهِ على عدونا فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي معطيكم ذَلِك وَلَكِن إِن كذبُوا بعد عذبتهم عذَابا لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين فَقَالَ: ذَرْنِي وقومي فادعوهم يَوْمًا بِيَوْم فَأنْزل الله عَلَيْهِ {إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} الْآيَة فخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار أعظم من أَن أجعَل الصَّفَا ذَهَبا وَأخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وآدَم بن أبي أياس وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الضُّحَى قَالَ: لما نزلت (وإلهكم إِلَه وَاحِد) (الْبَقَرَة الْآيَة 163) عجب الْمُشْركُونَ وَقَالُوا: إِن مُحَمَّد يَقُول: وإلهكم إِلَه وَاحِد فليأتنا بِآيَة إِن كَانَ من الصَّادِقين فَأنْزل الله {إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} الْآيَة يَقُول: إِن فِي هَذِه الْآيَات {لآيَات لقوم يعْقلُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: نزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ (وإلهكم إِلَه وَاحِد لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم) (الْبَقَرَة الْآيَة 163) فَقَالَ كفار قُرَيْش بِمَكَّة: كَيفَ يسع النَّاس إِلَه وَاحِد فَأنْزل الله {إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} إِلَى قَوْله تَعَالَى {لقوم يعْقلُونَ} فَبِهَذَا يعلمُونَ أَنه إِلَه وَاحِد وَأَنه إِلَه كل شَيْء وخالق كل شَيْء أما قَوْله تَعَالَى: {وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار}

أخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سلمَان قَالَ: اللَّيْل مُوكل بِهِ ملك يُقَال لَهُ شراهيل فَإِذا حَان وَقت اللَّيْل أَخذ خرزة سَوْدَاء فدلاها من قبل الْمغرب فَإِذا نظرت إِلَيْهَا الشَّمْس وَجَبت فِي أسْرع من طرفَة عين وَقد أمرت الشَّمْس أَن لَا تغرب حَتَّى ترى الخرزة فَإِذا غربت جَاءَ اللَّيْل فَلَا تزَال الخرزة معلقَة حَتَّى يَجِيء ملك آخر يُقَال لَهُ هراهيل بخرزة بَيْضَاء فيعلقها من قبل المطلع فَإِذا رَآهَا شراهيل مد إِلَيْهِ خرزته وَترى الشَّمْس الخرزة الْبَيْضَاء فَتَطلع وَقد أمرت أَن لَا تطلع حَتَّى ترَاهَا فَإِذا طلعت جَاءَ النَّهَار أما قَوْله تَعَالَى: {والفلك الَّتِي تجْرِي فِي الْبَحْر} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {والفلك} قَالَ: السَّفِينَة أما قَوْله تَعَالَى: {وَبث فِيهَا من كل دَابَّة} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَبث فِيهَا من كل دَابَّة} قَالَ: بَث خلق وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقلوا الْخُرُوج إِذا هدأت الرجل إِن الله يبث من خلقه بِاللَّيْلِ مَا شَاءَ أما قَوْله تَعَالَى: {وتصريف الرِّيَاح} أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وتصريف الرِّيَاح} قَالَ: إِذا شَاءَ جعلهَا رَحْمَة لَوَاقِح للسحاب ونشراً بَين يَدي رَحمته وَإِذا شَاءَ جعلهَا عذَابا ريحًا عقيماً لَا تلقح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي كَعْب قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن من الرِّيَاح فَهِيَ رَحْمَة وكل شَيْء فِي الْقُرْآن من الرّيح فَهُوَ عَذَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لَا تسبوا الرّيح فَإِنَّهَا من نفس الرَّحْمَن قَوْله {وتصريف الرِّيَاح والسحاب المسخر} وَلَكِن قُولُوا: اللَّهُمَّ أَن نَسْأَلك من خير هَذِه الرّيح وَخير مَا فِيهَا وَخير مَا أرْسلت بِهِ ونعوذ بك من شرهل وَشر مَا أرْسلت بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد قَالَ: الرّيح من روح الله فَإِذا رأيتموها فأسألوا من خَيرهَا وتعوذوا بِاللَّه من شَرها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَبدة عَن أَبِيهَا قَالَ: إِن من الرِّيَاح رَحْمَة وَمِنْهَا ريَاح

عَذَاب فَإِذا سَمِعْتُمْ الرِّيَاح فَقولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا ريَاح رَحْمَة وَلَا تجعلها ريَاح عَذَاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: المَاء وَالرِّيح جندان من جنود الله وَالرِّيح جند الله الْأَعْظَم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: الرّيح لَهَا جَنَاحَانِ وذنب وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَطَر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَمْرو قَالَ: الرِّيَاح ثَمَان أَربع مِنْهَا رَحْمَة وَأَرْبع عَذَاب فَأَما الرَّحْمَة فالناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات وَأما الْعَذَاب فالعقيم والصرصر وهما فِي الْبر والعاصف والقاصف وهما فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الرِّيَاح ثَمَان أَربع رَحْمَة وَأَرْبع عَذَاب الرَّحْمَة المنتشرات والمبشرات والمرسلات والرخاء وَالْعَذَاب العاصف والقاصف وهما فِي الْبَحْر والعقيم والصرصر وهما فِي الْبر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِيسَى ابْن أبي عِيسَى الْخياط قَالَ: بلغنَا أَن الرِّيَاح سبع: الصِّبَا وَالدبور والجنوب وَالشمَال والخروق والنكباء وريح الْقَائِم فَأَما الصِّبَا فتجيء من الْمشرق وَأما الدبور فتجيء من الْمغرب وَأما الْجنُوب فَيَجِيء عَن يسَار الْقبْلَة وَأما الشمَال فتجيء عَن يَمِين الْقبْلَة وَأما النكباء فَبين الصِّبَا والجنوب وَأما الخروق فَبين الشمَال وَالدبور وَأما ريح الْقَائِم فأنفاس الْخلق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: جعلت الرِّيَاح على الْكَعْبَة فَإِذا أردْت أَن تعلم ذَلِك فاسند ظهرك إِلَى بَاب الْكَعْبَة فَإِن الشمَال عَن شمالك وَهِي مِمَّا يَلِي الْحجر والجنوب عَن يَمِينك وَهُوَ مِمَّا يَلِي الْحجر الْأسود وَالصبَا مقابلك وَهِي مُسْتَقْبل بَاب الْكَعْبَة وَالدبور من دبر الْكَعْبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حُسَيْن بن عَليّ الْجعْفِيّ قَالَ: سَأَلت إِسْرَائِيل بن يُونُس عَن أَي شَيْء سميت الرّيح قَالَ: على الْقبْلَة شِمَاله الشمَال وجنوبه الْجنُوب وَالصبَا مَا جَاءَ من قبل وَجههَا وَالدبور مَا جَاءَ من خلفهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ضَمرَة بن حبيب قَالَ: الدبور وَالرِّيح الغربية وَالْقَبُول الشرقية وَالشمَال الجنوبية واليمان الْقبلية والنكباء تَأتي من الجوانب الْأَرْبَع

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الشمَال مَا بَين الجدي وَالدبور مَا بَين مغرب الشَّمْس إِلَى سُهَيْل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجنُوب من ريح الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب السَّحَاب وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ريح الْجنُوب من الْجنَّة وَهِي من اللواقح وفيهَا مَنَافِع للنَّاس وَالشمَال من النَّار تخرج فتمر بِالْجنَّةِ فتصيبها نفحة من الْجنَّة فبردها من ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة واسحق بن رَاهَوَيْه فِي مسنديهما وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْبَزَّار وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله خلق فِي الْجنَّة ريحًا بعد الرّيح بِسبع سِنِين من دونهَا بَاب مغلق إِنَّمَا يأتيكم الرّوح من خلل ذَلِك الْبَاب وَلَو فتح ذَلِك الْبَاب لأذرت مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَهِي عِنْد الله الأزيب وعندكم الْجنُوب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْجنُوب سيدة الْأَرْوَاح وَاسْمهَا عِنْد الله الأزيب وَمن دونهَا سَبْعَة أَبْوَاب وَإِنَّمَا يأتيكم مِنْهَا مَا يأتيكم من خللها وَلَو فتح مِنْهَا بَاب وَاحِد لأذرت مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الشمَال ملح الأَرْض وَلَوْلَا الشمَال لأنتنت الأَرْض وَأخرج عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن كَعْب قَالَ: لَو احْتبست الرّيح عَن النَّاس ثَلَاثَة أَيَّام لأنتن مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: إِن للريح جنَاحا وَأَن الْقَمَر يأوي إِلَى غلاف من المَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عُثْمَان الْأَعْرَج قَالَ: إِن مسَاكِن الرِّيَاح تَحت أَجْنِحَة الكروبيين حَملَة الْعَرْش فتهيج فَتَقَع بعجلة الشَّمْس فَتعين الْمَلَائِكَة على جرها ثمَّ تهيج من عجلة الشَّمْس فَتَقَع فِي الْبَحْر ثمَّ تهيج فِي الْبَحْر فَتَقَع برؤوس الْجبَال ثمَّ تهيج من رُؤُوس الْجبَال فَتَقَع فِي الْبر فَأَما الشمَال فَإِنَّهَا تمر بجنة عدن فتأخذ من عرف طيبها ثمَّ تَأتي الشمَال وَحدهَا من كرْسِي بَنَات نعش إِلَى مغرب الشَّمْس وَتَأْتِي

الدبور وَحدهَا من مغرب الشَّمْس إِلَى مطلع الشَّمْس إِلَى كرْسِي بَنَات نعش فَلَا تدخل هَذِه وَلَا هَذِه فِي حد هَذِه وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أخذت لنا الرّيح بطرِيق مَكَّة وَعمر حَاج فاشتدت فَقَالَ عمر لمن حوله: مَا بَلغَكُمْ فِي الرّيح فَقلت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الرّيح من روح الله تَأتي بِالرَّحْمَةِ وَالْعَذَاب فَلَا تسبوها وسلوا الله من خَيرهَا وعوذوا بِاللَّه من شَرها وَأخرج الشَّافِعِي عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبوا الرّيح وعوذوا بِاللَّه من شَرها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا لعن الرّيح فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لاتعلن الرّيح فَإِنَّهَا مأمورة وَإنَّهُ من لعن شَيْئا لَيْسَ لَهُ بِأَهْل رجعت اللَّعْنَة عَلَيْهِ وَأخرج الشَّافِعِي وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَا هبت ريح قطّ إِلَّا جثا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَة وَلَا تجعلها عذَابا اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رياحاً وَلَا تجعلها ريحًا قَالَ ابْن عَبَّاس: وَالله إِن تَفْسِير ذَلِك فِي كتاب الله (أرسلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا) (الْقَمَر الْآيَة 19) (أرسلنَا عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم) (النازعات الْآيَة 41) وَقَالَ (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِح) (الْحجر الْآيَة 22) (أَن يُرْسل الرِّيَاح مُبَشِّرَات) (الرّوم الْآيَة 46) وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبوا الرّيح فَإِنَّهَا من روح الله وسلوا الله خَيرهَا وَخير مَا فِيهَا وَخير مَا أرْسلت بِهِ وتعوذوا بِاللَّه من شَرها وَشر مَا فِيهَا وَشر مَا أرْسلت بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: هَاجَتْ ريح فسبوها فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَا تسبوها فَإِنَّهَا تَجِيء بِالرَّحْمَةِ وتجيء بِالْعَذَابِ وَلَكِن قُولُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَة وَلَا تجعلها عذَابا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن عمر أَنه كَانَ إِذا عصفت الرّيح فدارت يَقُول: شدوا التَّكْبِير فَإِنَّهَا مذهبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبوا اللَّيْل وَالنَّهَار وَلَا الشَّمْس وَلَا الْقَمَر وَلَا الرّيح فَأَنَّهَا تبْعَث عذَابا على قوم وَرَحْمَة على آخَرين أما قَوْله تَعَالَى: {والسحاب المسخر بَين السَّمَاء وَالْأَرْض} أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر عَن معَاذ بن عبد الله بن حبيب الْجُهَنِيّ قَالَ: رَأَيْت ابْن عبّاس سَأَلَ تبيعا ابْن امْرَأَة كَعْب هَل سَمِعت كَعْبًا يَقُول فِي السَّحَاب شَيْئا قَالَ: نعم سمعته يَقُول: إِن السَّحَاب غربال الْمَطَر وَلَوْلَا السَّحَاب حِين ينزل المَاء من السَّمَاء لأفسد مَا يَقع عَلَيْهِ من الأَرْض قَالَ: وَسمعت كَعْبًا يذكر أَن الأَرْض تنْبت الْعَام نباتا وتنبت عَاما قَابلا غَيره وسمعته يَقُول: إِن الْبذر ينزل من السَّمَاء مَعَ الْمَطَر فَيخرج فِي الأَرْض قَالَ ابْن عَبَّاس: صدقت وَأَنا سَمِعت ذَلِك من كَعْب أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: السَّحَاب تخرج من الأَرْض أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن خَالِد بن معدان قَالَ: إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة تثمر السَّحَاب فالسوداء مِنْهَا الثَّمَرَة الَّتِي قد نَضِجَتْ الَّتِي تحمل الْمَطَر والبيضاء الثَّمَرَة الَّتِي لَا تنضج لَا تحمل الْمَطَر أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس عَن أبي الْمثنى أَن الأَرْض قَالَت: رب أروني من المَاء وَلَا تنزله عَليّ منهمراً كَمَا أنزلته عَليّ يَوْم الطوفان قَالَ: سأجعل لَك السَّحَاب غربالاً وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَطَر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْغِفَارِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ينشىء السّحاب فَتَنْطِق أحسن الْمنطق وتضحك أحسن الضحك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَائِشَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا أنشأت بحريّة ثمَّ تشامت فَتلك عين أَو عَام يَعْنِي مَطَرا كثيرا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَشد خلق رَبك عشرَة: الْجبَال وَالْحَدِيد ينحت الْجبَال النَّار تَأْكُل الْحَدِيد وَالْمَاء يطفىء

النَّار والسحاب المسخر بَين السَّمَاء وَالْأَرْض يحمل المَاء وَالرِّيح تنقل السَّحَاب والإِنسان يَتَّقِي الرّيح بِيَدِهِ وَيذْهب فِيهَا لِحَاجَتِهِ وَالسكر يغلب الإِنسان وَالنَّوْم يغلب السكر والهم يمْنَع النّوم فأشد خلق رَبك الْهم أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَنه كَانَ إِذا نظر إِلَى السَّحَاب قَالَ فِيهِ: وَالله رزقكم وَلَكِنَّكُمْ تحرمونه بذنوبكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا رأى سحاباً ثقيلاً من أفق من آفَاق ترك مَا هُوَ فِيهِ وَإِن كَانَ فِي صَلَاة حَتَّى يستقبله فَيَقُول: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك من شَرّ مَا أرسل بِهِ فَإِن أمطر قَالَ: اللَّهُمَّ سيبان نَافِعًا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَإِن كشفه الله وَلم يمطر حمد الله على ذَلِك

165

قَوْله تَعَالَى: وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله وَلَو يرى الَّذين ظلمُوا إِذْ يرَوْنَ الْعَذَاب أَن الْقُوَّة لله جَمِيعًا وَأَن الله شَدِيد الْعَذَاب إِذْ تَبرأ الَّذين اتبعُوا من الَّذين اتبعُوا وَرَأَوا الْعَذَاب وتقطعت بهم الْأَسْبَاب وَقَالَ الَّذين اتبعُوا لَو أَن لنا كرة فنتبرأ مِنْهُم كَمَا تبرءوا منا كَذَلِك يُرِيهم الله أَعْمَالهم حسرات عَلَيْهِم وَمَا هم بِخَارِجِينَ من النَّار أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله} قَالَ: مباهاة ومضارة للحق بِالْأَنْدَادِ {وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله} قَالَ: من الْكفَّار لآلهتهم وَأخرج ابْن جريرعن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: الأنداد من الرِّجَال يطيعونهم كَمَا يطيعون الله إِذا أَمر وهم أطاعوهم وعصوا الله وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {وَمن النَّاس من يتَّخذ من دون الله أنداداً} أَي شُرَكَاء {يحبونهم كحب الله} أَي يحبونَ آلِهَتهم كحب الْمُؤمنِينَ لله {وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله} قَالَ: من الْكفَّار لآلهتهم أَي لأوثانهم

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يحبونهم كحب الله} قَالَ: يحبونهم أوثانهم كحب الله وَالَّذين آمنُوا أَشد حبا لله من الْكفَّار لأوثانهم وَأخرج ابْن جرير عَن الزبير فِي قَوْله {وَلَو يرى الَّذين ظلمُوا} قَالَ: وَلَو ترى يَا مُحَمَّد الَّذين ظلمُوا أنفسهم فاتخذوا من دوني أنداداً يحبونهم كحبكم إيَّايَ حِين يعاينون عَذَابي يَوْم الْقِيَامَة الَّذِي أَعدَدْت لَهُم لعلمتم أَن الْقُوَّة كلهَا إليّ دون الأنداد والآلهة لَا تغني عَنْهُم هُنَالك شَيْئا وَلَا تدفع عَنْهُم عذَابا أحللت بهم وأيقينتهم أَنِّي شَدِيد عَذَابي لمن كفرني وَادّعى معي إِلَهًا غَيْرِي وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: كَانَ فِي خَاتم {أَن الْقُوَّة لله جَمِيعًا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِذْ تَبرأ الَّذين اتبعُوا} قَالَ: هم الْجَبَابِرَة والقادة والرؤوس فِي الشَّرّ والشرك {من الَّذين اتبعُوا} وهم الأتباع والضعفاء وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {إِذْ تَبرأ الَّذين اتبعُوا} قَالَ: هم الشَّيَاطِين تبرؤوا من الإِنس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} قَالَ: المودّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} قَالَ: الْمنَازل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} قَالَ: الْأَرْحَام وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} قَالَ: الأوصال الَّتِي كَانَت بَينهم فِي الدُّنْيَا والمودة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الرّبيع {وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} قَالَ: أَسبَاب الْمنَازل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} قَالَ:

أَسبَاب الندامة يَوْم الْقِيَامَة والأسباب الَّتِي كَانَت بَينهم فِي الدُّنْيَا يتواصلون بهَا ويتحابون بهَا فَصَارَت عَدَاوَة يَوْم الْقِيَامَة يلعن بَعضهم بَعْضًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالَ الَّذين اتبعُوا لَو أَن لنا كرة} قَالَ: رَجْعَة إِلَى الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {كَذَلِك يُرِيهم الله أَعْمَالهم حسرات عَلَيْهِم} يَقُول: صَارَت أَعْمَالهم الخبيثة حسرة عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَمَا هم بِخَارِجِينَ من النَّار} قَالَ: أُولَئِكَ أَهلهَا الَّذين هم أَهلهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: سَمِعت ثَابت بن معبد قَالَ: مَا زَالَ أهل النَّار يأملون الْخُرُوج مِنْهَا حَتَّى نزلت {وَمَا هم بِخَارِجِينَ من النَّار}

168

قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا النَّاس كلوا مِمَّا فِي الأَرْض حَلَالا طيبا وَلَا تتبعوا خطوَات الشَّيْطَان إِنَّه لكم عَدو مُبين إِنَّمَا يَأْمُركُمْ بالسوء والفحشاء وَأَن تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ تليت هَذِه الْآيَة عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَا أَيهَا النَّاس كلوا مِمَّا فِي الأَرْض حَلَالا طيبا} فَقَامَ سعد بن أبي وَقاص فَقَالَ: يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مستجاب الدعْوَة فَقَالَ: يَا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعْوَة وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ أَن الرجل ليقذف اللُّقْمَة الْحَرَام فِي جَوْفه فَمَا يتَقَبَّل مِنْهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَيّمَا عبد نبت لَحْمه من السُّحت والربا فَالنَّار أولى بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تتبعوا خطوَات الشَّيْطَان} قَالَ: عمله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا خَالف الْقُرْآن فَهُوَ من خطوَات الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تتبعوا خطوَات الشَّيْطَان} قَالَ: خطاه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {وَلَا تتبعوا خطوَات الشَّيْطَان} نزغات الشَّيْطَان

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {خطوَات الشَّيْطَان} قَالَ: تَزْيِين الشَّيْطَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: كل مَعْصِيّة لله فَهِيَ من خطوَات الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا كَانَ من يَمِين أَو نذر فِي غضب فَهُوَ من خطوَات الشَّيْطَان وكفارته كَفَّارَة يَمِين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود أَنه أَتَى بضرع وملح فَجعل يَأْكُل فاعتزل رجل من الْقَوْم فَقَالَ ابْن مَسْعُود: ناولوا صَاحبكُم فَقَالَ: لَا أُرِيد فَقَالَ: أصائم أَنْت قَالَ: لَا قَالَ: فَمَا شَأْنك قَالَ: حرمت أَن آكل ضرعاً أبدا فَقَالَ ابْن مَسْعُود: هَذَا من خطوَات الشَّيْطَان فاطعم وَكفر عَن يَمِينك وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز فِي قَوْله {وَلَا تتبعوا خطوَات الشَّيْطَان} قَالَ: النذور فِي الْمعاصِي وَأخرج عبد بن حميد عَن عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى الْحسن فَسَأَلَهُ وَأَنا عِنْده فَقَالَ لَهُ: حَلَفت إنْ لم أفعل كَذَا وَكَذَا أَن أحج حبواً فَقَالَ: هَذَا من خطوَات الشَّيْطَان فحج واركب وَكفر عَن يَمِينك وَأخرج عبد بن حميد عَن عُثْمَان بن غياث قَالَ: سَأَلت جَابر بن زيد عَن رجل نذر أَن يَجْعَل فِي أَنفه حَلقَة من ذهب فَقَالَ: هِيَ من خطوَات الشَّيْطَان وَلَا يزَال عَاصِيا لله فليكفر عَن يَمِينه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِنَّمَا سمي الشَّيْطَان لِأَنَّهُ يشيطن وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {إِنَّمَا يَأْمُركُمْ بالسوء} قَالَ: الْمعْصِيَة {والفحشاء} قَالَ: الزِّنَا {وَأَن تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ} قَالَ: هُوَ مَا كَانُوا يحرمُونَ من البحائر والسوائب والوصائل والحوامي ويزعمون أَن الله حرم ذَلِك

170

قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قيل لَهُم اتبعُوا مَا أنزل الله قَالُوا بل نتبع مَا ألفينا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أولو كَانَ أباءهم لَا يعْقلُونَ شَيْئا وَلَا يَهْتَدُونَ

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَهُود إِلَى الإِسلام ورغبهم فِيهِ وحذرهم عَذَاب الله ونقمته فَقَالَ لَهُ رَافع بن خَارِجَة وَمَالك بن عَوْف: بل نتبع يَا مُحَمَّد مَا وجدنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا فهم كَانُوا أعلم وَخيرا منا فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَإِذا قيل لَهُم اتبعُوا مَا أنزل الله قَالُوا بل نتبع مَا ألفينا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} الْآيَة وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {مَا ألفينا} قَالَ: يَعْنِي وجدنَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول نَابِغَة بن ذبيان: فحسبوه فألفوه كَمَا زعمت تسعا وَتِسْعين لم ينقص وَلم يزدْ وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع وَقَتَادَة فِي قَوْله {مَا ألفينا} قَالَا: وجدنَا

171

قَوْله تَعَالَى: وَمثل الَّذين كفرُوا كَمثل الَّذِي ينعق بِمَا لايسمع إِلَّا دُعَاء ونداء صم بكم عمي فهم لَا يعْقلُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمثل الَّذين كفرُوا كَمثل الَّذِي ينعق بِمَا لَا يسمع} قَالَ: كَمثل الْبَقر وَالْحمار وَالشَّاة وَإِن قلت لبَعْضهِم كلَاما لم يعلم مَا تَقول غير أَنه يسمعك وَكَذَلِكَ الْكَافِر إِن أَمرته بِخَير أَو نهيته عَن شَرّ أَو وعظته لم يعقل مَا تَقول غير أَنه يسمع صَوْتك أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: مثل الدَّابَّة تنادي فَتسمع وَلَا تعقل مَا يُقَال لَهَا كَذَلِك الْكَافِر يسمع الصَّوْت وَلَا يعقل وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {كَمثل الَّذِي ينعق بِمَا لَا يسمع} قَالَ: شبه الله أصوات الْمُنَافِقين وَالْكفَّار بِأَصْوَات البهم أَي بِأَنَّهُم لَا يعْقلُونَ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت بشر بن أبي حَازِم وَهُوَ يَقُول: هضيم الكشح لم يغمز ببوس وَلم ينعق بِنَاحِيَة الرياق وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كَمثل الَّذِي ينعق} قَالَ:

الرَّاعِي {بِمَا لَا يسمع} قَالَ: الْبَهَائِم {إِلَّا دُعَاء ونداء} قَالَ: كَمثل الْبَعِير وَالشَّاة تسمع الصَّوْت وَلَا تعقل وَأخرج وَكِيع عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {كَمثل الَّذِي ينعق بِمَا لَا يسمع إِلَّا دُعَاء ونداء} مثل الْكَافِر مثل الْبَهِيمَة تسمع الصَّوْت وَلَا تعقل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ لي عَطاء فِي هَذِه الْآيَة: هم الْيَهُود الَّذين أنزل الله فيهم (إِن الَّذين يكتمون مَا أنزل الله من الْكتاب) (الْبَقَرَة الْآيَة 174) إِلَى قَوْله (فَمَا أصبرهم على النَّار)

172

قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم واشكروا لله إِن كُنْتُم إِيَّاه تَعْبدُونَ أخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله طيب لَا يقبل إِلَّا طيبا وَإِن الله أَمر الْمُؤمنِينَ بِمَا أَمر بِهِ الْمُرْسلين فَقَالَ (يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عليم) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 51) وَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم} ثمَّ ذكر الرجل يُطِيل السّفر أَشْعَث أغبر يمد يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء يَا رب يَا رب ومطعمه حرَام ومشربه حرَام وملبسه حرَام وغذي بالحرام فأنَّى يُسْتَجَاب لذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {كلوا من طَيّبَات} قَالَ: من الْحَلَال وَأخرج ابْن سعد عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه قَالَ يَوْمًا: إِنِّي أكلت حمصاً وعدساً فنفخني فَقَالَ لَهُ بعض الْقَوْم: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الله يَقُول فِي كِتَابه {كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم} فَقَالَ عمر: هَيْهَات ذهبت بِهِ إِلَى غير مذْهبه إِنَّمَا يُرِيد بِهِ طيب الْكسْب وَلَا يُرِيد بِهِ طيب الطَّعَام وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} يَقُول: صدقُوا {كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم} يَعْنِي اطعموا من حَلَال الرزق الَّذِي أحللناه لكم

بتحليلي إِيَّاه لكم مِمَّا كُنْتُم تحرمونه أَنْتُم وَلم أكن حرمته عَلَيْكُم من المطاعم والمشارب {واشكروا لله} يَقُول: أثنوا على الله بِمَا هُوَ أهل لَهُ على النعم الَّتِي رزقكم وطيبها لكم وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي أُميَّة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم} قَالَ: فَلم يُوجد من الطَّيِّبَات شَيْء أحل وَلَا أطيب من الْوَلَد وَمَاله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله ليرضى عَن العَبْد أَن يَأْكُل الْأكلَة وَيشْرب الشربة فيحمد الله عَلَيْهَا

173

قَوْله تَعَالَى: إِنَّمَا حرم عَلَيْكُم المينة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا أهل بِهِ لغير الله فَمن اضْطر غير بَاغ وَلَا عَاد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ إِن الله غَفُور رَحِيم أخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحلّت لنا ميتَتَانِ وَدَمَانِ السّمك وَالْجَرَاد والكبد وَالطحَال أما قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أهل بِهِ} الْآيَة أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا أهل بِهِ} قَالَ: ذبح وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا أهل بِهِ لغير الله} يَعْنِي مَا أهلّ للطواغيت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَمَا أهل بِهِ} قَالَ: مَا ذبح لغير لله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {وَمَا أهلَّ بِهِ لغير الله} يَقُول: مَا ذكر عَلَيْهِ اسْم غير الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن اضْطر} يَعْنِي إِلَى شَيْء مِمَّا حرم {غير بَاغ وَلَا عَاد} يَقُول: من أكل شَيْئا من هَذِه وَهُوَ مُضْطَر فَلَا حرج وَمن أكله وَهُوَ غير مُضْطَر فقد بغى واعتدى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {غير بَاغ} قَالَ: فِي الْميتَة قَالَ: فِي الْأكل

وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وآدَم بن أبي أياس وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة وَفِي السّنَن عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {غير بَاغ وَلَا عَاد} قَالَ: غير بَاغ على المسلمسن وَلَا مُعْتَد عَلَيْهِم من خرج يقطع الرَّحِم أَو يقطع سَبِيل أَو يفْسد فِي الأَرْض أَو مفارقا للجاعة وَالْأَئِمَّة أَو خرج فِي مَعْصِيّة الله فاضطر إِلَى الْميتَة لم تحل لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {فَمن اضْطر غير بَاغ وَلَا عَاد} قَالَ: العادي الَّذِي يقطع الطَّرِيق لَا رخصَة لَهُ {فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} يَعْنِي فِي أكله حِين اضْطر إِلَيْهِ {إِن الله غَفُور} يَعْنِي لما أكل من الْحَرَام {رَحِيم} بِهِ إِذْ أحل لَهُ الْحَرَام فِي الِاضْطِرَار وَأخرج وَكِيع عَن إِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ قَالَا: إِذا اضْطر إِلَى الْميتَة أكل مِنْهَا قدر مَا يقيمه وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مَسْرُوق قَالَ: من اضْطر إِلَى الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير فَتَركه تقذراً وَلم يَأْكُل وَلم يشرب ثمَّ مَاتَ دخل النَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمن اضْطر غير بَاغ وَلَا عَاد} قَالَ: غير بَاغ فِي أكله وَلَا عَاد بتعدي الْحَلَال إِلَى الْحَرَام وَهُوَ يجد عَنهُ بلغَة ومندوحة

174

قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين يكتمون مَا أنزل الله من الْكتاب ويشترون بِهِ ثمنا قَلِيلا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُون فِي بطونهم إِلَّا النَّار وَلَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم أخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزل الله من الْكتاب} وَالَّتِي فِي آل عمرَان (إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا) (آل عمرَان الْآيَة 77) نزلتا جَمِيعًا فِي يهود وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كتموا اسْم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخذُوا عَلَيْهِ طَمَعا قَلِيلا

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزل الله من الْكتاب} قَالَ: أهل الْكتاب كتموا مَا أنزل الله عَلَيْهِم فِي كِتَابهمْ من الْحق وَالْهدى والإِسلام وشأن مُحَمَّد ونعته {أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُون فِي بطونهم إِلَّا النَّار} يَقُول: مَا أخذُوا عَلَيْهِ من الْأجر فَهُوَ نَار فِي بطونهم وَأخرج الثَّعْلَبِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلت الْمُلُوك الْيَهُود قبل مبعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا الَّذِي يَجدونَ فِي التَّوْرَاة قَالُوا: إِنَّا نجد فِي التَّوْرَاة أَن الله يبْعَث نَبيا من بعد الْمَسِيح يُقَال لَهُ مُحَمَّد بِتَحْرِيم الزِّنَا وَالْخمر والملاهي وَسَفك الدِّمَاء فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا وَنزل الْمَدِينَة قَالَت الْمُلُوك للْيَهُود: هَذَا الَّذِي تَجِدُونَ فِي كتابكُمْ فَقَالَت: الْيَهُود طَمَعا فِي أَمْوَال الْمُلُوك: لَيْسَ هَذَا بذلك النَّبِي فَأَعْطَاهُمْ الْمُلُوك الْأَمْوَال فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة اكذاباً للْيَهُود وَأخرج الثَّعْلَبِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رُؤَسَاء الْيَهُود وعلمائهم كَانُوا يصيبون من سفلتهم الْهَدَايَا وَالْفضل وَكَانُوا يرجون أَن يكون النَّبِي الْمَبْعُوث مِنْهُم فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَيرهم خَافُوا ذهَاب مأكلتهم وَزَوَال رياستهم فعمدوا إِلَى صفة مُحَمَّد فغيروها ثمَّ أخرجوها إِلَيْهِم فَقَالُوا: هَذَا نعت النَّبِي الَّذِي يخرج فِي آخر الزَّمَان لَا يشبه نعت هَذَا النَّبِي فَإذْ نظرت السفلة إِلَى النَّعْت وجدوه مُخَالفا لصفة مُحَمَّد فَلم يتبعوه فَأنْزل الله {إِن الَّذين يكتمون مَا أنزل الله من الْكتاب}

175

قَوْله تَعَالَى: أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى وَالْعَذَاب بالمغفرة فَمَا أصبرهم على النَّار ذَلِك بِأَن الله نزل الْكتاب بِالْحَقِّ وَإِن الَّذين اخْتلفُوا فِي الْكتاب لفي شقَاق بعيد أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {أُولَئِكَ الَّذين اشْتَروا الضَّلَالَة بِالْهدى} الْآيَة قَالَ: اخْتَارُوا الضَّلَالَة على الْهدى وَالْعَذَاب عبى الْمَغْفِرَة {فَمَا أصبرهم على النَّار} قَالَ: مَا أجرأهم على عمل النَّار وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر

وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية فِي قَوْله {فَمَا أصبرهم على النَّار} قَالَ: وَالله مَا لَهُم عَلَيْهَا من صَبر وَلَكِن يَقُول: مَا أجرأهم على النَّار وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمَا أصبرهم} قَالَ: مَا أجرأهم على الْعَمَل الَّذِي يقربهُمْ إِلَى النَّار وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {فَمَا أصبرهم على النَّار} قَالَ: هَذَا على وَجه الِاسْتِفْهَام يَقُول: مَا الَّذِي أصبرهم على النَّار وَفِي قَوْله {وَإِن الَّذين اخْتلفُوا فِي الْكتاب} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى {لفي شقَاق بعيد} قَالَ: فِي عَدَاوَة بعيدَة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: إثنان مَا أشدهما عَليّ من يُجَادِل فِي الْقُرْآن (مَا يُجَادِل فِي آيَات الله إِلَّا الَّذين كفرُوا) (غَافِر الْآيَة 4) {وَإِن الَّذين اخْتلفُوا فِي الْكتاب لفي شقَاق بعيد}

177

قَوْله تَعَالَى: لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم قبل الْمشرق وَالْمغْرب وَلَكِن الْبر من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَالْمَلَائِكَة وَالْكتاب والنبيين وَآتى المَال على حبه ذَوي الْقُرْبَى واليتامى والْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل والسائلين وَفِي الرّقاب وَأقَام الصلوة وَآتى الزكوة والوفون بعهدهم إِذا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البأساء وَالضَّرَّاء وَحين الْبَأْس أُولَئِكَ الَّذين صدقُوا وَأُولَئِكَ هم المتقون أخرج ابْن أبي حَاتِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الإِيمان فَتلا {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم} حَتَّى فرغ مِنْهَا ثمَّ سَأَلَهُ فَتَلَاهَا وَقَالَ: وَإِذا عملت حَسَنَة أحبها قَلْبك وَإِذا عملت سَيِّئَة أبغضها قَلْبك

وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن قَالَ جَاءَ رجل إِلَى أبي ذَر فَقَالَ: مَا الإِيمان فَتلا عَلَيْهِ هَذِه اللآية {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم} حَتَّى فرغ مِنْهَا فَقَالَ الرجل: لَيْسَ عَن البرسألتك فَقَالَ أَبُو ذَر: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَمَّا سَأَلتنِي فَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة فَأبى أَن يرضى كَمَا أَبيت أَن ترْضى فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ادن فَدَنَا فَقَالَ: الْمُؤمن إِذا عمل الْحَسَنَة سرته رَجَاء ثَوَابهَا وَإِذا عمل السَّيئَة أحزنته وَخَافَ عِقَابه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: سُئِلَ الْحسن بن عَليّ مقبلة من الشَّام عَن الإِيمان فَقَرَأَ {لَيْسَ الْبر} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت الْيَهُود تصلي قبل الْمغرب وَالنَّصَارَى قبل الْمشرق فَنزلت {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم} يَعْنِي فِي الصَّلَاة يَقُول: لَيْسَ الْبر أَن تصلوا وَلَا تعملوا فَهَذَا حِين تحوّل من مكه إِلَى المديته وَنزلت الْفَرَائِض وحد الْحُدُود فَأمر الله بالفرائض وَالْعَمَل بهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هَذِه الْآيَة نزلت بِالْمَدِينَةِ {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم} يَعْنِي الصَّلَاة تبدل لَيْسَ الْبر أَن تصلوا وَلَكِن الْبر مَا ثَبت فِي الْقلب من طَاعَة الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَيْسَ الْبر} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْبر فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فَدَعَا الرجل فَتَلَاهَا عَلَيْهِ وَقد كَانَ الرجل قبل الْفَرَائِض إِذْ شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول عَبده وَرَسُوله ثمَّ مَاتَ على ذَلِك يُرْجَى لَهُ فِي خير فَأنْزل الله {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم قبل الْمشرق وَالْمغْرب} وَكَانَت الْيَهُود تَوَجَّهت قبل الْمغرب وَالنَّصَارَى قبل الْمشرق {وَلَكِن الْبر من آمن بِاللَّه} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَت الْيَهُود تصلي قبل الْمغرب وَالنَّصَارَى قبل الْمشرق فَنزلت {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم} الْآيَة وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله والثعلبي من طَرِيق هرون عَن ابْن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب أَنَّهُمَا قرآ (لَيْسَ الْبر بِأَن توَلّوا)

وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي ميسرَة قَالَ: من عمل بِهَذِهِ الْآيَة فقد اسْتكْمل الإِيمان {لَيْسَ الْبر} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم قبل الْمشرق وَالْمغْرب وَلَكِن الْبر} مَا ثَبت فِي الْقُلُوب من طَاعَة الله وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قراءتنا مَكَان لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وَلَا تحسبن أَن الْبر أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِن الْبر من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَالْمَلَائِكَة وَالْكتاب والنبيين} أخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم والآجري فِي الشَّرِيعَة واللالكائي فِي السّنة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب أَنهم بَيْنَمَا هم جُلُوس عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَهُ رجل يمشي حسن الشّعْر عَلَيْهِ ثِيَاب بَيَاض فَنظر الْقَوْم بَعضهم إِلَى بعض مَا نَعْرِف هَذَا وَمَا هَذَا بِصَاحِب سفر ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله آتِيك قَالَ: نعم فَجَاءَهُ فَوضع رُكْبَتَيْهِ عِنْد رُكْبَتَيْهِ وَيَديه على فَخذيهِ فَقَالَ: مَا الإِسلام قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتصوم رَمَضَان وتحج الْبَيْت قَالَ: فَمَا الإِيمان قَالَ: أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه: أَن تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَالْمَلَائِكَة وَالْكتاب والنبيين وَالْجنَّة وَالنَّار والبعث بعد الْمَوْت وَالْقدر كُله قَالَ: فَمَا الإِحسان قَالَ: أَن تعْمل لله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن لم تكن ترَاهُ فَهُوَ يراك قَالَ: فَمَتَى السَّاعَة قَالَ: مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل قَالَ: فَمَا اشراطها قَالَ: إِذا العراة الحفاة العالة رعاء الشَّاء تطاولوا فِي الْبُنيان وَولدت الإِماء أربابهن ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بِالرجلِ فطلبوه فَلم يرَوا شَيْئا فَمَكثَ يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة ثمَّ قَالَ: يَا ابْن الْخطاب أَتَدْرِي من السَّائِل كَذَا وَكَذَا قَالَ: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: ذَاك جِبْرِيل جَاءَكُم ليعلمكم دينكُمْ وَأخرج أَحْمد والبزارعن ابْن عَبَّاس قَالَ جلس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَجْلِسا فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَجَلَسَ بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاضِعا كفيه على ركبتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا رَسُول الله حَدثنِي عَن الإِسلام قَالَ: الإِسلام أَن تسلم وَجهك لله عز وَجل وَأَن تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله قَالَ:

فَإِذا فعلت ذَلِك فقد أسلمت قَالَ: يَا رَسُول الله حَدثنِي عَن الإِيمان قَالَ: الإِيمان أَن تؤمن بِاللَّه وباليوم الآخر وَالْمَلَائِكَة وَالْكتاب والنبيين وَالْمَوْت والحياة بعد الْمَوْت وتؤمن بِالْجنَّةِ وَالنَّار والحساب وَالْمِيزَان وتؤمن بِالْقدرِ كُله خَيره وشره قَالَ: فَإذْ فعلت فقد آمَنت قَالَ: يَا رَسُول الله حَدثنِي مَا الإِحسان قَالَ: الإِحسان أَن تعْمل لله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن لَا ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس قَالَ بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس مَعَ أَصْحَابه إِذا جَاءَهُ رجل لَيْسَ عَلَيْهِ ثِيَاب السّفر يَتَخَلَّل النَّاس حَتَّى جلس بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوضع يَده على ركبة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد مَا الإِسلام قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة وَصَوْم شهر رَمَضَان وَحج الْبَيْت إِن اسْتَطَعْت إِلَيْهِ سَبِيلا قَالَ: فَإِذا فعلت فَأَنا مُؤمن قَالَ: نعم قَالَ: صدقت قَالَ: يَا مُحَمَّد مَا الإِحسان قَالَ: أَن تخشى الله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن لم ترَاهُ فَإِن يراك قَالَ: فَإِذا فعلت فَأَنا محسن قَالَ: نعم قَالَ: صدقت قَالَ: يَا مُحَمَّد مَتى السَّاعَة قَالَ: مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل وَأدبر الرجل فَذهب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عليّ بِالرجلِ فَاتَّبعُوهُ يطلبونه فَلم يرَوا شَيْئا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذَاك جِبْرِيل جَاءَكُم ليعلمكم دينكُمْ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي ذرٍّ قَالَا: إِنَّا لجُلُوس وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس فِي مَجْلِسه محتب إِذْ أقبل رجل من أحسن النَّاس وَجها وَأطيب النَّاس ريحًا وأنقى النَّاس ثوبا فَقَالَ: يَا مُحَمَّد مَا الإِسلام قَالَ: أَن تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتحج الْبَيْت وتصوم رَمَضَان قَالَ: فَإِذا فعلت هَذَا فقد أسلمت قَالَ: نعم قَالَ: صدقت فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أَخْبرنِي مَا الإِيمان قَالَ: الإِيمان بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَالْكتاب والنبيين وتؤمن بِالْقدرِ كُله قَالَ: فَإِذا فعلت ذَلِك فقد آمَنت قَالَ: نعم قَالَ: صدقت وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن مُعَاوِيَة بن حيدة قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا الَّذِي بَعثك الله بِهِ قَالَ: بَعَثَنِي الله بالإِسلام قلت: وَمَا الإِسلام قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة أما قَوْله تَعَالَى {وَآتى المَال على حبه}

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَآتى المَال} يَعْنِي أعْطى المَال {على حبه} يَعْنِي على حب المَال وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد ووكيع وسُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود {وَآتى المَال على حبه} قَالَ: يُعْطي وَهُوَ صَحِيح شحيح يأمل الْعَيْش وَيخَاف الْفقر وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن الْمطلب أَن قيل: يَا رَسُول الله مَا آتى المَال على حبه فكلنا نحبه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تؤتيه حِين تؤتيه ونفسك حِين تحدثك بطول الْعُمر والفقر وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الصَّدَقَة أَن تصدق وَأَنت صَحِيح تَأمل الْبَقَاء وتخشى الْفقر وَلَا تمهل حَتَّى إِذا بلغت الْحُلْقُوم قلت لفُلَان كَذَا وَلفُلَان كَذَا إِلَّا وَقد كَانَ لفُلَان وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مثل الَّذِي ينْفق أَو يتَصَدَّق عِنْد الْمَوْت مثل الَّذِي يهدي إِذا شبع أما قَوْله تَعَالَى: {ذَوي الْقُرْبَى} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {ذَوي الْقُرْبَى} يَعْنِي قرَابَته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أفضل الصَّدَقَة على ذِي الرَّحِم الْكَاشِح وَأخرج أَحْمد والدارمي وَالطَّبَرَانِيّ عَن حَكِيم بن حزَام أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّدقَات أَيهمَا أفضل قَالَ: على ذِي الرَّحِم الْكَاشِح وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن مَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ قَالَ أعتقت جَارِيَة لي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما لَو أعطيتهَا بعض أخوالك كَانَ أعظم لأجرك

وَأخرج الْخَطِيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن الن عَبَّاس أَن مَيْمُونَة اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَارِيَة تعتقها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعطيها أختك ترعى عَلَيْهَا وَصلي بهَا رحما فَإِنَّهُ خير لَك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن فَاطِمَة بنت قيس أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله إِن لي مِثْقَالا من ذهب قَالَ: اجعليها فِي قرابتك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سلمَان بن عَامر الضَّبِّيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّدَقَة على الْمِسْكِين صَدَقَة وعَلى ذِي الرَّحِم إثنتان صَدَقَة وصلَة وَأخرج أَحْمد وابخاري وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن زَيْنَب امْرَأَة عبد الله بن مَسْعُود قَالَت سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتجزىء عني من الصَّدَقَة النَّفَقَة على زَوجي وأيتام فِي حجري قَالَ: لَك أَجْرَانِ: أجر الصَّدَقَة وَأجر الْقَرَابَة أما قَوْله تَعَالَى: {وَابْن السَّبِيل} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ابْن السَّبِيل هُوَ الضَّيْف الَّذِي ينزل بِالْمُسْلِمين وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: ابْن السَّبِيل الَّذِي يمر عَلَيْك وَهُوَ مُسَافر أما قَوْله تَعَالَى: {والسائلين} أخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {والسائلين} قَالَ: السَّائِل الَّذِي يَسْأَلك وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحُسَيْن بن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للسَّائِل حق وَإِن جَاءَ على فرس وَأخرج ابْن عدي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اعطوا السَّائِل وَإِن كَانَ على فرس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: للسَّائِل حق وَإِن جَاءَ على فرس مطوّق بِالْفِضَّةِ وَأخرج ابْن سعد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن بجيد عَن جدته أم بجيد وَكَانَت مِمَّن تَابع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله إِن الْمِسْكِين ليقوم على بَابي فَمَا أجد شَيْئا أعْطِيه إِيَّاه فَقَالَ لَهَا: إنْ لم

تجدي إِلَّا ظلفاً محرقاً فادفعيه إِلَيْهِ وَلَفظ ابْن خُزَيْمَة: وَلَا تردي سَائِلك وَلَو بظلف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد من طَرِيق عَمْرو بن معَاذ الْأنْصَارِيّ عَن جدته حَوَّاء قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ردوا السَّائِل وَلَو بظلف محرق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: كَانَ يُقَال: ردوا السَّائِل وَلَو بِمثل رَأس القطاة وَأخرج أَبُو نعيم والثعلبي والديلمي والخطيب فِي رُوَاة مَالك بِسَنَد واه عَن ابْن عمر مَرْفُوعا هَدِيَّة الله للؤمن السَّائِل على بَابه وَأخرج ابْن شاهين وَابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أدلكم على هَدَايَا الله عز وَجل إِلَى خلقه قُلْنَا: بلَى قَالَ: الْفَقِير هُوَ هَدِيَّة الله قبل ذَلِك أَو ترك قَوْله تَعَالَى {وَفِي الرّقاب} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَفِي الرّقاب} يَعْنِي فكاك الرّقاب أما قَوْله تَعَالَى: {وَأقَام الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَأقَام الصَّلَاة} يَعْنِي وَأتم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة {وَآتى الزَّكَاة} يَعْنِي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن فَاطِمَة بنت قيس قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي المَال حق سوى الزَّكَاة ثمَّ قَرَأَ {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم} الْآيَة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ فِي المَال حق بعد الزَّكَاة قَالَ: نعم تحمل على النجيبة وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ أَنه سُئِلَ هَل على الرجل فِي مَاله حق سوى الزَّكَاة قَالَ: نعم وتلا هَذِه الْآيَة {وَآتى المَال على حبه ذَوي الْقُرْبَى} إِلَى آخِرَة الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن ربيعَة بن كُلْثُوم قَالَ: حَدثنِي أبي قَالَ لي مُسلم بن يسَار: إِن الصَّلَاة صلاتان وَإِن الزَّكَاة زكاتان وَالله إِنَّه لفي كتاب الله أَقرَأ عَلَيْك بِهِ قُرْآنًا قلت لَهُ: اقْرَأ قَالَ: فَإِن الله يَقُول فِي كِتَابه {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم}

إِلَى قَوْله {وَآتى المَال على حبه ذَوي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} فَهَذَا وَمَا دونه تطوّع كُله {وَأقَام الصَّلَاة} على الْفَرِيضَة {وَآتى الزَّكَاة} فهاتان فريضتان أما قَوْله تَعَالَى: {والموفون بعهدهم إِذا عَاهَدُوا} أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {والموفون بعهدهم إِذا عَاهَدُوا} قَالَ: فَمن أعْطى عهد الله ثمَّ نقضه فَالله ينْتَقم مِنْهُ وَمن أعْطى ذمَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ غدر بهَا فالنبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَصمه يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {والموفون بعهدهم إِذا عَاهَدُوا} يَعْنِي فِيمَا بَينهم وَبَين النَّاس أما قَوْله تَعَالَى: {وَالصَّابِرِينَ فِي البأساء وَالضَّرَّاء وَحين الْبَأْس} أخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود فِي الْآيَة قَالَ {البأساء وَالضَّرَّاء} السقم {وَحين الْبَأْس} حِين الْقِتَال وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن البأساء الْبُؤْس والفقر وَالضَّرَّاء السقم والوجع وَحين الْبَأْس عِنْد مَوَاطِن الْقِتَال وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن البأساء وَالضَّرَّاء قَالَ: البأساء الخصب وَالضَّرَّاء الجدب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول زيد بن عَمْرو: إِن الإِله عَزِيز وَاسع حكم بكفه الضّر والبأساء وَالنعَم أما قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذين صدقُوا} الْآيَة أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {أُولَئِكَ} يَعْنِي الَّذين فعلوا مَا ذكر الله فِي هَذِه الْآيَة هم الَّذين صدقُوا وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله {أُولَئِكَ الَّذين صدقُوا} قَالَ: تكلمُوا بِكَلَام الإِيمان فَكَانَت حَقِيقَته الْعَمَل صدقُوا الله قَالَ: وَكَانَ الْحسن يَقُول: هَذَا كَلَام الإِيمان وَحَقِيقَته الْعَمَل فَإِن لم يكن مَعَ القَوْل عمل فَلَا شَيْء

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي عَامر الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله مَا تَمام البرِّ قَالَ تعْمل فِي السِّرّ عمل الْعَلَانِيَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن إِبْرَاهِيم بن أبي شَيبَان قَالَ: سَأَلت زيد بن رفيع فَقلت: يَا أَبَا جَعْفَر مَا تَقول فِي الْخَوَارِج فِي تكفيرهم النَّاس قَالَ: كذبُوا بقول الله عز وَجل {لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم} الْآيَة فَمن آمن فَهُوَ مُؤمن وَمن كفر بِهن فَهُوَ كَافِر

178

قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه شَيْء فاتباع بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِأَحْسَن ذَلِك تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة فَمن اعْتدى بعد ذَلِك فَلهُ عَذَاب أَلِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ان حيين من الْعَرَب اقْتَتَلُوا فِي الْجَاهِلِيَّة قبل الإِسلام بِقَلِيل فَكَانَ بَينهم قتل وجراحات حَتَّى قتلوا العبيد وَالنِّسَاء فَلم يَأْخُذ بَعضهم من بعض حَتَّى أَسْلمُوا فَكَانَ أحد الْحَيَّيْنِ يَتَطَاوَل على الآخر فِي الْعدة وَالْأَمْوَال فَحَلَفُوا أَن لَا يرْضوا حَتَّى بِالْعَبدِ من الْحر مِنْهُم وبالمرأة من الرجل مِنْهُم فَنزل فيهم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا لَا يقتلُون الرجل بِالْمَرْأَةِ وَلَكِن يقتلُون الرجل بِالرجلِ وَالْمَرْأَة بِالْمَرْأَةِ فَأنْزل الله (النَّفس بِالنَّفسِ) (الْمَائِدَة الْآيَة 45) فَجعل الْأَحْرَار فِي قصاص سَوَاء فِيمَا بَينهم من العَمْد رِجَالهمْ وَنِسَاؤُهُمْ فِي النَّفس وَمَا دون النَّفس وَجعل العبيد مستويين فِي الْعمد النَّفس وَمَا دون النَّفس رِجَالهمْ وَنِسَاؤُهُمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي قبيلتين من قبائل الْعَرَب اقتتلتا قتال عمية على عهد الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يقتل بعبدنا فلَان بن فلَان وَتقتل بأمتنا فُلَانَة بنت فُلَانَة فَأنْزل الله {الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَ بَين حيين من الْأَنْصَار قتال كَانَ لأَحَدهمَا على الآخر الطول فكأنهم طلبُوا الْفضل فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليصلح بَينهم فَنزلت الْآيَة {الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} قَالَ ابْن عَبَّاس: نسختها (النَّفس بِالنَّفسِ) (الْمَائِدَة الْآيَة 45) وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: لم يكن لمن كَانَ قبلنَا دِيَة إِنَّمَا هُوَ الْقَتْل وَالْعَفو فَنزلت هَذِه الْآيَة فِي قوم أَكثر من غَيرهم فَكَانُوا إِذا قتل من الْكثير عبد قَالُوا: لَا نقْتل بِهِ إِلَّا حرا وَإِذا قتلت مِنْهُم امْرَأَة قَالُوا: لَا نقْتل بهَا إِلَّا رجلا فَأنْزل الله {الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَأَبُو الْقَاسِم الزجاجي فِي أَمَالِيهِ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة فيهم بغي وَطَاعَة للشَّيْطَان فَكَانَ الْحَيّ مِنْهُم إِذا كَانَ فيهم عدد فَقتل لَهُم عبدا عبد قوم آخَرين فَقَالُوا: لن نقْتل بِهِ إِلَّا حرا تعززاً وتفضلاً على غَيرهم فِي أنفسهم وَإِذا قتلت لَهُم أُنْثَى قتلتها امْرَأَة قَالُوا: لن نقْتل بهَا إِلَّا رجلا فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة يُخْبِرهُمْ أَن العَبْد بِالْعَبدِ إِلَى آخر الْآيَة نَهَاهُم عَن الْبَغي ثمَّ أنزل سُورَة الْمَائِدَة فَقَالَ (وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ) (الْمَائِدَة الْآيَة 45) الْآيَة وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس {الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} قَالَ: نسختها (وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ) (الْمَائِدَة الْآيَة 45) الْآيَة أما قَوْله تَعَالَى: {فَمن عُفيَ لَهُ} الْآيَة أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {فَمن عُفيَ لَهُ} قَالَ: هُوَ الْعمد يرضى أَهله بِالدِّيَةِ {فاتباع بِالْمَعْرُوفِ} أَمر بِهِ الطَّالِب {وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَان} قَالَ: يُؤدى الْمَطْلُوب بِإِحْسَان {ذَلِك تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة} مِمَّا كَانَ على بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه شَيْء} بعد أَخذ الدِّيَة بعد اسْتِحْقَاق الدَّم وَذَلِكَ الْعَفو {فاتباع بِالْمَعْرُوفِ} يَقُول: فعلى الطَّالِب

اتِّبَاع بِالْمَعْرُوفِ إِذا قبل الدِّيَة {وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَان} من الْقَاتِل فِي غير ضَرَر وَلَا فعلة المدافعة {ذَلِك تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة} يَقُول: رفق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل الْقصاص وَلم يكن فيهم الدِّيَة فَقَالَ الله لهَذِهِ الْأمة {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى} إِلَى قَوْله {فَمن عُفيَ لَهُ من أَخِيه شَيْء} فالعفو أَن تقبل الدِّيَة فِي الْعمد {فاتباع بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَان} يتبع الطَّالِب بِالْمَعْرُوفِ وَيُؤَدِّي إِلَيْهِ الْمَطْلُوب بِإِحْسَان {ذَلِك تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة} مِمَّا كتب من كَانَ قبلكُمْ {فَمن اعْتدى بعد ذَلِك} قتل بعد قبُول الدِّيَة {فَلهُ عَذَاب أَلِيم} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا قتل فيهم الْقَتِيل عمدا لَا يحل لَهُم إِلَّا الْقود وَأحل الله الدِّيَة لهَذِهِ الْأمة فَأمر هَذَا أَن يتبع بِمَعْرُوف وَأمر هَذَا أَن يُؤَدِّي بِإِحْسَان {ذَلِك تَخْفيف من ربكُم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ على بني إِسْرَائِيل الْقصاص فِي الْقَتْلَى لَيْسَ بَينهم دِيَة فِي نفس وَلَا جرح وَذَلِكَ قَول الله (وكتبنا عَلَيْهِ فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ ) (الْمَائِدَة الْآيَة 45) الْآيَة فخخف الله عَن أمة مُحَمَّد فَجعل عَلَيْهِم الدِّيَة فِي النَّفس وَفِي الْجراحَة وَهُوَ قَوْله {ذَلِك تَخْفيف من ربكُم} وَأخرج ابْن جرير والزجاجي فِي أَمَالِيهِ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَرَحْمَة} قَالَ: هِيَ رَحْمَة رحم بهَا الله هَذِه الْأمة أطْعمهُم الدِّيَة وأحلها لَهُم وَلم تحل لأحد قبلهم فَكَانَ فِي أهل التَّوْرَاة إِنَّمَا هُوَ الْقصاص أَو الْعَفو لَيْسَ بَينهمَا أرش فَكَانَ أهل الإِنجيل إِنَّمَا هُوَ عَفْو أمروا بِهِ وَجعل الله لهَذِهِ الْأمة الْقَتْل وَالْعَفو الدِّيَة إِن شاؤوا أحلهَا لَهُم وَلم يكن لأمة قبلهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شُرَيْح الْخُزَاعِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أُصِيب بقتل أَو جرح فَإِنَّهُ يخْتَار إِحْدَى

ثَلَاث إِمَّا أَن يقتض وَإِمَّا أَن يعْفُو وَإِمَّا أَن يَأْخُذ الدِّيَة فَإِن أَرَادَ رَابِعَة فَخُذُوا على يَدَيْهِ وَمن اعْتدى بعد ذَلِك فَلهُ نَار جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا ابداً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَمن اعْتدى بعد ذَلِك} بِأَن قتل بعد أَخذه الدِّيَة {فَلهُ عَذَاب أَلِيم} قَالَ: فَعَلَيهِ الْقَتْل لَا يقبل مِنْهُ الدِّيَة وَذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا أُعَافِي رجل قتل بعد أَخذ الدِّيَة وَأخرج سمويه فِي فَوَائده عَن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أُعَافِي رجل قتل بعد أَخذ الدِّيَة وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير ن الْحسن فِي قَوْله {فَمن اعْتدى بعد ذَلِك فَلهُ عَذَاب أَلِيم} قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا قتل قَتِيلا يَنْضَم إِلَى قومه فَيَجِيء قومه فيصالحون عَنهُ بِالدِّيَةِ فَيخرج الفار وَقد أَمن فِي نَفسه فيقتله وَيَرْمِي إِلَيْهِ بِالدِّيَةِ فَذَلِك الاعتداء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة فِي رجل قتل بعد أَخذ الدِّيَة قَالَ: يقتل أما سَمِعت الله يَقُول {فَلهُ عَذَاب أَلِيم}

179

قَوْله تَعَالَى: وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة يَا أولي الْأَلْبَاب لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} يَعْنِي نكالاً وعظة إِذا ذكره الظَّالِم المعتدي كف عَن الْقَتْل وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: جعل الله هَذَا الْقصاص حَيَاة وعبرة لأولي الْأَلْبَاب وَفِيه عظة لأهل الْجَهْل والسفه كم من رجل قد هم بداهية لَوْلَا مَخَافَة الْقصاص لوقع بهَا وَلَكِن الله حجز عباده بهَا بَعضهم عَن بعض وَمَا أَمر الله بِأَمْر قطّ إِلَّا وَهُوَ أَمر إصْلَاح فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَا نهى الله عَن أَمر إِلَّا وَهُوَ أَمر فَسَاد وَالله أعلم بِالَّذِي يصلح خلقه وَأخر ابْن جرير عَن السّديّ {فِي الْقصاص حَيَاة} قَالَ: بَقَاء لَا يقتل الْقَاتِل إِلَّا بِجِنَايَة وَأخرج سفيلن بن عَيْنِيَّة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} قَالَ: يناهي بَعضهم عَن بعض

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة يَا أولي الْأَلْبَاب} يَعْنِي من كَانَ لَهُ لب أَو عقل يذكر الْقصاص فيحجزه خوف الْقصاص عَن الْقَتْل {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} لكَي تتقوا الدِّمَاء مَخَافَة الْقصاص وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الجوزاء أَنه قَرَأَ {وَلكم فِي الْقصاص} قَالَ: قصَص الْقُرْآن وَأخرج آدم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي الْعَالِيَة {فَمن اعْتدى} قتل بعد أَخذه الدِّيَة {تَخْفيف من ربكُم وَرَحْمَة} يَقُول: حِين أعطيتم الدِّيَة وَلم تحل لأهل التَّوْرَاة إِنَّمَا هُوَ قصاص أَو عَفْو وَكَانَ أهل الإِنجيل إِنَّمَا هُوَ عَفْو وَلَيْسَ غَيره فَجعل الله لهذ الْأمة الْقود وَالدية وَالْعَفو {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} يَقُول: جعل الله الْقصاص حَيَاة فكم من رجل يُرِيد أَن يقتل فيمنعه مِنْهُ مَخَافَة أَن يقتل

180

قَوْله تَعَالَى: كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُتَّقِينَ أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن ترك خيرا} قَالَ: مَالا أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن ترك خيرا} قَالَ: الْخَيْر المَال أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: الْخَيْر فِي الْقُرْآن كُله المَال {إِن ترك خيرا} (لحب الْخَيْر) (العاديات الْآيَة 8) (أَحْبَبْت حب الْخَيْر) (ص الْآيَة 32) (إِن علمْتُم فيهم خيرا) (النُّور الْآيَة 33) وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة} قَالَ: من لم يتْرك سِتِّينَ دِينَار لم يتْرك خيرا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عُرْوَة أَن عَليّ بن أبي طَالب دخل على مولى لَهُم فِي الْمَوْت وَله سَبْعمِائة دِرْهَم أَو سِتّمائَة دِرْهَم

فَقَالَ: أَلا أوصِي قَالَ: لَا إِنَّمَا قَالَ الله {إِن ترك خيرا} وَلَيْسَ لَك كثير مَال فدع ملك لورثتك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن رجلا قَالَ لَهَا: إِنِّي أُرِيد أَن أوصِي قَالَت: كم مَالك قَالَ: ثَلَاثَة آلَاف قَالَت: كم عِيَالك قَالَ: أَرْبَعَة قَالَت: قَالَ الله {إِن ترك خيرا} وَهَذَا شَيْء يسير فَاتْرُكْهُ لِعِيَالِك فَهُوَ أفضل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن ترك الْمَيِّت سَبْعمِائة دِرْهَم فَلَا يُوصي وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مجلز قَالَ: الْوَصِيَّة على من ترك خيرا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: جعل الله الْوَصِيَّة حَقًا مِمَّا قل مِنْهُ أَو كثر وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عمر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا حق امرىء مُسلم تمر عَلَيْهِ ثَلَاث لَيَال إِلَّا وَصيته عِنْده قَالَ ابْن عمر: فَمَا مرت عليّ ثَلَاث قطّ إِلَّا ووصيتي عِنْدِي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيهَا النَّاس ابتاعوا أَنفسكُم من ربكُم إِلَّا أَنه لَيْسَ لامرىء شَيْء إِلَّا عرف أمرا بخل بِحَق الله فِيهِ حَتَّى إِذا حضر الْمَوْت يوزّع مَاله هَهُنَا وَهَهُنَا ثمَّ يَقُول قَتَادَة: وَيلك يَا ابْن آدم اتَّقِ الله وَلَا تجمع إساءتين مَالك إساءة فِي الْحَيَاة وإساءة عِنْد الْمَوْت انْظُر إِلَى قرابتك الَّذين يَحْتَاجُونَ وَلَا يَرِثُونَ فأوص لَهُم من مَالك بِالْمَعْرُوفِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عبيد الله بن عبد الله بن معمر قَاضِي الْبَصْرَة قَالَ: من أوصى فَسمى أعطينا من سمى وَإِن قَالَ: ضعها حَيْثُ أَمر الله أعطيناها قرَابَته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن طَاوس قَالَ: من أوصى لقوم وَسَمَّاهُمْ وَترك ذَوي قرَابَته مُحْتَاجين انتزعت مِنْهُم وَردت على قرَابَته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: إِذا أوصى فِي غير أَقَاربه بِالثُّلثِ جَازَ لَهُم ثلث الثُّلُث وَيرد على أَقَاربه ثُلثي الثُّلُث وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي النَّاسِخ وَابْن جرير

وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: خطب ابْن عَبَّاس فَقَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة فَبين مَا فِيهَا حَتَّى مر على هَذِه الْآيَة {إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين} فَقَالَ: نسخت هَذِه الْآيَة وَأخرج أَبُو دَاوُد والنحاس مَعًا فِي النَّاسِخ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْوَصِيَّة {للْوَالِدين والأقربين} قَالَ: كَانَ ولد الرجل يرثونه وللوالدين الْوَصِيَّة فنسختها (للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ) (النِّسَاء الْآيَة 7) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ لَا يَرث مَعَ الْوَالِدين غَيرهمَا إِلَّا وَصِيَّة الْأَقْرَبين فَأنْزل الله آيَة الْمِيرَاث فَبين مِيرَاث الْوَالِدين وَأقر وَصِيَّة الْأَقْرَبين فِي ثلث مَال الْمَيِّت وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وناسخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين} قَالَ: فَكَانَت الْوَصِيَّة لذَلِك حِين نسختها آيَة الْمِيرَاث وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: نسخ من يَرث وَلم ينْسَخ الْأَقْرَبين الَّذين لَا يَرِثُونَ وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين} قَالَ: نسختها آيَة الْمِيرَاث وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة عَن شُرَيْح فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يُوصي بِمَالِه كُله حَتَّى نزلت آيَة الْمِيرَاث وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الْمِيرَاث للْوَلَد وَالْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين فَهِيَ مَنْسُوخَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: الْخَيْر المَال كَانَ يُقَال ألف فَمَا فَوق ذَلِك فَأمر أَن يُوصي للْوَالِدين والأقربين ثمَّ نسخ الْوَالِدين وَألْحق لكل ذِي مِيرَاث نصِيبه مِنْهَا وَلَيْسَت لَهُم مِنْهُ وَصِيَّة فَصَارَت الْوَصِيَّة لمن لَا يَرث من قريب أَو غير قريب وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن خَارِجَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطبهم على رَاحِلَته فَقَالَ: إِن الله قد قسم لكل إِنْسَان نصِيبه من الْمِيرَاث فَلَا تجوز لوَارث وَصِيَّة

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع فِي خطبَته يَقُول: إِن الله قد أعْطى كل ذِي حق حَقه فَلَا وَصِيَّة لوَارث وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا وَصِيَّة لوَارث أَن تجيزه الْوَرَثَة

181

قَوْله تَعَالَى: فَمن بدله بعد مَا سَمعه فَإِنَّمَا إثمه على الَّذين يبدلونه إِن الله سميع عليم فَمن خَافَ من موص جنفاً أَو إِثْمًا فَأصْلح بَينهم فَلَا إِثْم عَلَيْهِ إِن الله غَفُور رَحِيم أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن بدله بعد مَا سَمعه فَإِنَّمَا إثمه على الَّذين يبدلونه} وَقد وَقع أجر الْمُوصي على الله وبرىء من اثمه فِي وَصيته أَو حاف فِيهَا فَلَيْسَ على الْأَوْلِيَاء حرج أَن يردوا خطأه إِلَى الصَّوَاب وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمن بدله} قَالَ: من بدل الوصيه بعد مَا سَمعهَا فإثم مَا بدل عَلَيْهِ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {فَمن بدله} يَقُول: للأوصياء من بدل وَصِيَّة الْمَيِّت {فَمن بدله بعد مَا سَمعه} يَعْنِي من بعد مَا سمع من الْمَيِّت فَلم يمض وَصيته إِذا كَانَ عدلا {فَإِنَّمَا إثمه} يَعْنِي إِثْم ذَلِك {على الَّذين يبدلونه} يَعْنِي الْوَصِيّ وبرىء مِنْهُ الْمَيِّت {إِن الله سميع} يَعْنِي للْوَصِيَّة {عليم} بهَا {فَمن خَافَ} يَقُول: فَمن علم {من موص} يَعْنِي من الْمَيِّت {جنفاً} ميلًا {أَو إِثْمًا} يَعْنِي أَو خطأ فَلم يعدل {فَأصْلح بَينهم} رد خطأه إِلَى الصَّوَاب {إِن الله غَفُور} للْوَصِيّ حَيْثُ أصلح بَين الْوَرَثَة {رَحِيم} بِهِ رخص لَهُ فِي خلاف جور وَصِيَّة الْمَيِّت وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {جنفاً} قَالَ: الْجور والميل فِي الْوَصِيَّة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عدي بن زيد وَهُوَ يَقُول: وأمك يَا نعْمَان فِي اخواتها يَأْتِين مَا يأتينه جنفا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {جنفاً أَو إِثْمًا} قَالَ: الجنف الْخَطَأ وَالْإِثْم الْعمد وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {جنفاً أَو إِثْمًا} قَالَ: خطأ أَو عمدا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء فِي قَوْله {جنفاً} قَالَ: حيفاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَمن خَافَ من موص} الْآيَة قَالَ: هَذَا حِين يحضر الرجل وَهُوَ يَمُوت فَإِذا أسرف أمره بِالْعَدْلِ وَإِذا قصر عَن حق قَالُوا لَهُ: افْعَل كَذَا وَكَذَا واعط فلَانا كَذَا وَكَذَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {خَافَ من موص} الْآيَة قَالَ: من أوصى بحيف أَو جَار فِي وَصِيَّة فيردها ولي الْمَيِّت أَو إِمَام من أَئِمَّة الْمُسلمين إِلَى كتاب الله وَإِلَى سنة نبيه كَانَ لَهُ ذَلِك وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الجنف فِي الْوَصِيَّة والإِضرار فِيهَا من الْكَبَائِر وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يرد من صَدَقَة الجانف فِي حَيَاته مَا يرد من وَصِيَّة المجنف عِنْد مَوته وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ فِي قَوْله {فَمن بدله بعد مَا سَمعه} قَالَ: بلغنَا أَن الرجل إِذا أوصى لم تغير وَصيته حَتَّى نزلت {فَمن خَافَ من موص جنفاً أَو إِثْمًا فَأصْلح بَينهم} فَرده إِلَى الْحق

183

قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون أَيَّامًا معدودات فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أُخْرَى وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين فَمن تطوّع خيرا فَهُوَ خير لَهُ وَأَن تَصُومُوا خير لكم إِن كُنْتُم تعلمُونَ أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ بني الإِسلام على خمس شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وإقام الصَّلَاة إيتَاء الزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وَالْحج وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن معَاذ بن جبل قَالَ: أحيلت الصَّلَاة ثَلَاثَة أَحْوَال وأحيل الصّيام ثَلَاثَة أَحْوَال فَأَما أَحْوَال الصَّلَاة فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم الْمَدِينَة فصلى سَبْعَة عشر شهرا إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ أَن الله أنزل عَلَيْهِ (قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء فلنولينك قبْلَة ترضاها ) (الْبَقَرَة الْآيَة 144) الْآيَة فوجهه الله إِلَى مَكَّة هَذَا حول وَقَالَ: وَكَانُوا يَجْتَمعُونَ للصَّلَاة وَيُؤذن بهَا بَعضهم بَعْضًا حَتَّى نفسوا أَو كَادُوا ثمَّ أَن رجلا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ عبد الله بن يزِيد آتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم وَلَو قلت أَنِّي لم أكن نَائِما لصدقت إِنِّي بَينا أَنا بَين النَّائِم وَالْيَقظَان إِذْ رَأَيْت شخصا عَلَيْهِ ثَوْبَان أخضران فَاسْتقْبل الْقبْلَة فَقَالَ: الله أكبر الله أكبر أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مثنى مثنى حَتَّى فرغ الْأَذَان ثمَّ أمْهل سَاعَة ثمَّ قَالَ مثل الَّذِي قَالَ: غير أَنه يزِيد فِي ذَلِك قد قَامَت الصَّلَاة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: علمهَا بِلَالًا فليؤذن بهَا فَكَانَ بِلَال أوّل من أذن بهَا قَالَ: وَجَاء عمر بن الْخطاب فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّه قد طَاف بِي مثل الَّذِي طَاف بِهِ غير أَنه سبقني فهذان حولان قَالَ: وَكَانُوا يأْتونَ الصَّلَاة قد سبقهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبَعْضِهَا فَكَانَ الرجل يسر إِلَى الرجل كم صلى فَيَقُول وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ فيصليهما ثمَّ يدْخل مَعَ الْقَوْم صلَاتهم فجَاء معَاذ فَقَالَ: لَا أَجِدهُ على حَال أبدا إِلَّا كنت عَلَيْهَا ثمَّ قضيت مَا سبقني فجَاء وَقد سبقه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبَعْضِهَا فَثَبت مَعَه فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته قَامَ فَقضى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد سنّ لكم معَاذ فَهَكَذَا فَاصْنَعُوا فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَحْوَال وَأما أَحْوَال الصّيام فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم الْمَدِينَة فَجعل يَصُوم من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام وَصَامَ عَاشُورَاء ثمَّ إِن الله فرض عَلَيْهِ الصّيام وَأنزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} إِلَى قَوْله {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين} فَكَانَ من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أطْعم مِسْكينا فاجزأ ذَلِك عَنهُ ثمَّ إِن الله أنزل الْآيَة الْأُخْرَى (شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن هدى

للنَّاس) (الْبَقَرَة الْآيَة 185) إِلَى قَوْله (فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه) فَأثْبت الله صِيَامه على الْمُقِيم الصَّحِيح وَرخّص فِيهِ للْمَرِيض وَالْمُسَافر وَثَبت الإِطعام للكبير الَّذِي لَا يَسْتَطِيع الصّيام فهذان حولان قَالَ: وَكَانُوا يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ ويأتون النِّسَاء مَا لم يَنَامُوا فَإِذا نَامُوا امْتَنعُوا ثمَّ أَن رجلا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ صرمة كَانَ يعْمل صَائِما حَتَّى إِذا أَمْسَى فجَاء إِلَى أَهله فصلَّى الْعشَاء ثمَّ نَام فَلم يَأْكُل وَلم يشرب حَتَّى أصبح فَأصْبح صَائِما فَرَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد جهد جهداً شَدِيدا فَقَالَ: مَا لي أَرَاك قد جهدت جهداً شَدِيدا قَالَ: يَا رَسُول الله عملت أمس فَجئْت حِين جِئْت فألقيت نَفسِي فَنمت فَأَصْبَحت حِين أَصبَحت صَائِما قَالَ: وَكَانَ عمر قد أصَاب النِّسَاء بعد مَا نَام فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله (أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث) (الْبَقَرَة الْآيَة 187) إِلَى قَوْله (ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِن النَّصَارَى فرض عَلَيْهِم شهر رَمَضَان كَمَا فرض علينا فَكَانُوا رُبمَا صاموه فِي القيظ فحولوه إِلَى الْفَصْل وضاعفوه حَتَّى صَار إِلَى خمسين يَوْمًا فَذَلِك قَوْله {كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} قَالَ: الَّذين من قبلنَا هم النَّصَارَى كتب عَلَيْهِم رمضلن وَكتب عَلَيْهِم أَن لَا يَأْكُلُوا وَلَا يشْربُوا بعد النّوم وَلَا ينكحوا فِي شهر رَمَضَان فَاشْتَدَّ على النَّصَارَى صِيَام رَمَضَان فَاجْتمعُوا فَجعلُوا صياما فِي الْفَصْل بَين الشتَاء والصيف وَقَالُوا: نزيد عشْرين يَوْمًا نكفر بهَا مَا صنعنَا فَلم تزل الْمُسلمُونَ يصنعون كَمَا تصنع النَّصَارَى حَتَّى كَانَ من أَمر أبي قيس بن صرمة وَعمر بن الْخطاب مَا كَانَ فأحل الله لَهُم الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع إِلَى قبيل طُلُوع الْفجْر وَأخرج ابْن حَنْظَلَة فِي تَارِيخه والنحاس فِي ناسخه وَالطَّبَرَانِيّ عَن معقل بن

حَنْظَلَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَ على النَّصَارَى صَوْم شهر رَمَضَان فَمَرض ملكهم فَقَالُوا: لَئِن شفَاه الله لنزيدن عشرا ثمَّ كَانَ آخر فَأكل لَحْمًا فأوجع فوه فَقَالُوا: لَئِن شفَاه الله لنزيدن سَبْعَة ثمَّ كَانَ ملك آخر فَقَالُوا: مَا تدع من هَذِه الثَّلَاثَة أَيَّام شَيْئا أَن نتمها ونجعل صومنا فِي الرّبيع فَفعل فَصَارَت خمسين يَوْمًا وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله {كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} قَالَ: كتب عَلَيْهِم الصّيام من الْعَتَمَة إِلَى الْعَتَمَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} قَالَ: أهل الْكتاب وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} من الطَّعَام وَالشرَاب وَالنِّسَاء مثل مَا اتَّقوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {أَيَّامًا معدودات} قَالَ: وَكَانَ هَذَا صِيَام النَّاس ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر وَلم يسم الشَّهْر أَيَّامًا معدودات قَالَ: وَكَانَ هَذَا صِيَام النَّاس قبل ذَلِك ثمَّ فرض الله عَلَيْهِم شهر رَمَضَان وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي جَعْفَر قَالَ: نسخ شهر رَمَضَان كل صَوْم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {أَيَّامًا معدودات} يَعْنِي أَيَّام رَمَضَان ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كتب عَلَيْكُم الصّيام} قَالَ: كَانَ ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر ثمَّ نسخ بِالَّذِي أنزل الله من صِيَام شهر رَمَضَان فَهَذَا الصَّوْم الأول من الْعَتَمَة وَجعل الله فِيهِ فديَة طَعَام مِسْكين فَمن شَاءَ من مُسَافر أَو مُقيم يطعم مِسْكينا وَيفْطر وَكَانَ فِي ذَلِك رخصَة لَهُ فَأنْزل الله فِي الصَّوْم الآخر {فَعدَّة من أَيَّام أخر} وَلم يذكر الله فِي الْأُخَر فديَة طَعَام مِسْكين فنسخت الْفِدْيَة وَثَبت فِي الصَّوْم الْأُخَر {يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر} وَهُوَ الافطار فِي السّفر وَجعله عدَّة من أَيَّام آخر وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} قَالَ: هُوَ شهر رَمَضَان كتبه الله على من كَانَ قبلكُمْ وَقد كَانُوا يَصُومُونَ من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام وَيصلونَ رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَيْنِ بالْعَشي حَتَّى افْترض عَلَيْهِم شهر رَمَضَان

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَ الصَّوْم الأول صَامَهُ نوح فَمن دونه حَتَّى صَامَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَكَانَ صومهم من شهر ثَلَاثَة أَيَّام إِلَى الْعشَاء وَهَكَذَا صَامَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صِيَام رَمَضَان كتبه الله على الْأُمَم قبلكُمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: لقد كتب الصّيام على كل أمة خلت كَمَا كتب علينا شهرا كَامِلا وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كتب على النَّصَارَى الصّيام كَمَا كتب عَلَيْكُم وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {كتب عَلَيْكُم} الْآيَة قَالَ: فَكَانَ أوّل أَمر النَّصَارَى أَن قدمُوا يَوْمًا قَالُوا: حَتَّى لَا نخطىء ثمَّ قدمُوا يَوْمًا وأخروا يَوْمًا قَالُوا: لَا نخطىء ثمَّ إِن آخر أَمرهم صَارُوا إِلَى أَن قَالُوا: نقدم عشرا ونؤخر عشرا حَتَّى لَا نخطىء فضلوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: أنزلت {كتب عَلَيْكُم الصّيام} الْآيَة كتب عَلَيْهِم أَن أحدهم إِذا صلى الْعَتَمَة ونام حرم عَلَيْهِ الطَّعَام وَالشرَاب وَالنِّسَاء إِلَى مثلهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {كتب عَلَيْكُم الصّيام} الْآيَة قَالَ: كتب عَلَيْهِم إِذا نَام أحدهم قبل أَن يطعم شَيْئا لم يحل لَهُ أَن يطعم إِلَى الْقَابِلَة وَالنِّسَاء عَلَيْهِم حرَام لَيْلَة الصّيام وَهُوَ ثَابت عَلَيْهِم وَقد رخص لكم فِي ذَلِك وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ عَاشُورَاء يصام فَلَمَّا نزل رَمَضَان كَانَ من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر وَأخرج سعيد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الصّيام} الْآيَة يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب وَكَانَ كِتَابه على أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرجل يَأْكُل وَيشْرب وينكح مابينه وَبَين أَن يُصَلِّي الْعَتَمَة أَو يرقد فَإِذا صلى الْعَتَمَة أَو رقد منع من ذَلِك إِلَى مثلهَا من الْقَابِلَة فنسختها هَذِه الْآيَة {أحل لكم لَيْلَة الصّيام} وَأما قَوْله تَعَالَى: {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة}

أخرج عبد بن حميد عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يخْطب فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة} قَالَ: قد نسخت هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة} فَكَانَ من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر وَأطْعم مِسْكينا ثمَّ نزلت هَذِه الْآيَة {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} فنسخت الأولى إِلَّا الفاني إِن شَاءَ أطْعم عَن كل يَوْم مِسْكينا وَأفْطر وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة} وَمن شَاءَ مِنْهُم أَن يفتدي بِطَعَام مِسْكين افتدى وَتمّ لَهُ صَوْمه فَقَالَ {فَمن تطوّع خيرا فَهُوَ خير لَهُ وَأَن تَصُومُوا خير لكم} وَقَالَ {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت مرخصة الشَّيْخ الْكَبِير والعجوز وهما يطيقان الصَّوْم أَن يفطرا ويطعما مَكَان كل يَوْم مِسْكينا ثمَّ نسخت بعد ذَلِك فَقَالَ الله {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} وَأثبت للشَّيْخ الْكَبِير والعجوز الْكَبِيرَة إِذا كَانَا لَا يطيقان أَن يفطرا ويطعما وللحبلى والمرضع إِذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مَكَان كل يَوْم مِسْكينا وَلَا قَضَاء عَلَيْهِمَا وَأخرج الدَّارمِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَأَبُو عوَانَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة} من شَاءَ منا صَامَ وَمن شَاءَ أَن يفْطر ويفتدي فعل ذَلِك حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي بعْدهَا فنسختها {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} وَأخرج ابْن حبَان عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: كُنَّا فِي رَمَضَان فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر وافتدى حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي ليلى قَالَ نبأ أَصْحَاب منا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزل رَمَضَان فشق عَلَيْهِم فَكَانَ من أطْعم كل يَوْم مِسْكينا ترك رَمَضَان فشق عَلَيْهِم ترك الصَّوْم مِمَّن يطيقه وَرخّص لَهُم فِي ذَلِك فنسختها {وَأَن تَصُومُوا خير لكم} فَأمروا بِالصَّوْمِ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي ليلى نبأ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما

قدم الْمَدِينَة أَمرهم بصيام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر تطوّعاً من غير فَرِيضَة ثمَّ نزل صِيَام رَمَضَان وَكَانُوا قوما لم يتعودوا الصّيام فَكَانَ مشقة عَلَيْهِم فَكَانَ من لم يصم أطْعم مِسْكينا ثمَّ نزلت هَذِه الْآيَة {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه وَمن كَانَ مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر} فَكَانَت الرُّخْصَة للْمَرِيض وَالْمُسَافر وأمرنا بالصيام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة} افطر الْأَغْنِيَاء واطعموا وَجعلُوا الصَّوْم على الْفُقَرَاء فَأنْزل الله {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} فصَام النَّاس جَمِيعًا وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد عَن أبي ليلى قَالَ: دخلت على عَطاء بن أبي رَبَاح فِي شهر رَمَضَان وَهُوَ يَأْكُل فَقلت لَهُ: أتأكل قَالَ: إِن الصَّوْم أول مَا نزل كَانَ من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر وَأطْعم مِسْكينا كل يَوْم فَلَمَّا نزلت {فَمن تطوّع خيرا فَهُوَ خير لَهُ} كَانَ من تطوّع أطْعم مسكينين فَلَمَّا نزلت {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} وَجب الصَّوْم على كل مُسلم إِلَّا مَرِيضا أَو مُسَافِرًا أَو الشَّيْخ الْكَبِير الفاني مثلي فَإِنَّهُ يفْطر وَيطْعم كل يَوْم مِسْكينا وَأخرج وَكِيع وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يقْرَأ {فديَة طَعَام مِسْكين} وَقَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة نسختها الْآيَة الَّتِي بعْدهَا {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ ((وعَلى الَّذين يطوقونه)) مُشَدّدَة قَالَ: يكلفونه وَلَا يطيقُونَهُ وَيَقُول: لَيست بمنسوخة هُوَ الشَّيْخ الْكَبِير الْهَرم والعجوز الْكَبِيرَة الهرمة يطْعمُون لكل يَوْم مِسْكينا وَلَا يقضون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ} قَالَ: يكلفونه فديَة طَعَام مِسْكين وَاحِد {فَمن تطوّع خيرا} زَاد طَعَام مِسْكين آخر {فَهُوَ خير لَهُ وَأَن تَصُومُوا خير لكم} قَالَ: فَهَذِهِ لَيست مَنْسُوخَة وَلَا يرخص إِلَّا للكبير الَّذِي لَا يُطيق الصَّوْم أَو مَرِيض يعلم أَنه لَا يشفى وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة كَانَت تقْرَأ (يطوقونه)

وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَ (وعَلى الَّذين يطوقونه) وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يقْرَأ (وعَلى الَّذين يطوقونه) قَالَ: يكلفونه وَقَالَ: لَيْسَ هِيَ مَنْسُوخَة الَّذين يطيقُونَهُ يصومونه وَالَّذين يطوقونه عَلَيْهِم الْفِدْيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الأنبياري عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ} قَالَ: يتجشمونه يتكلفونه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يقْرؤهَا {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ} وَقَالَ: وَلَو كَانَ يطيقُونَهُ إِذن صَامُوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة} فِي الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا يُطيق الصَّوْم فَرخص لَهُ أَن يطعم مَكَان كل يَوْم مِسْكينا

وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ} قَالَ: لَيست بمنسوخة هُوَ الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا يُطيق الصّيام يفْطر وَيتَصَدَّق لكل يَوْم نصف صَاع من برٍ مدا لطعامه ومداً لأدامه وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته عَن مُجَاهِد قَالَ: هَذِه الْآيَة نزلت فِي مولى قيس بن السَّائِب {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين} فَأفْطر وَأطْعم لكل يَوْم مِسْكينا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ} قَالَ: من لم يطق الصَّوْم إِلَّا على جهد فَلهُ أَن يفْطر وَيطْعم كل يَوْم مِسْكينا وَالْحَامِل والمرضع وَالشَّيْخ الْكَبِير وَالَّذِي سقمه دَائِم وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ} قَالَ: الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لايستطيع الصَّوْم يفْطر وَيطْعم مَكَان كل يَوْم مِسْكينا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك أَنه ضعف عَن الصَّوْم عَاما قبل مَوته فَصنعَ جَفْنَة من ثريد فَدَعَا ثَلَاثِينَ مِسْكينا فأطعمهم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة: أَن انساناً ضعف عَن الصَّوْم قبل مَوته عَاما فافطر وَأطْعم كل يَوْم مِسْكينا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لأم ولد لَهُ حَامِل أَو مرضع: أَنْت بِمَنْزِلَة الَّذين لَا يُطِيقُونَ الصَّوْم عَلَيْك الطَّعَام وَلَا قَضَاء عَلَيْك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن نَافِع قَالَ: أرْسلت إِحْدَى بَنَات ابْن عمر إِلَى ابْن عمر تسأله عَن صَوْم رَمَضَان وَهِي حَامِل قَالَ: تفطر وَتطعم كل يَوْم مِسْكينا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: تفطر الْحَامِل الَّتِي فِي شهرها والمرضع الَّتِي تخَاف على وَلَدهَا يفطران ويطعمان كل يَوْم مِسْكينا كل وَاحِد مِنْهُمَا وَلَا قَضَاء عَلَيْهِمَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عُثْمَان بن الْأسود قَالَ: سَأَلت مُجَاهدًا عَن امْرَأَتي وَكَانَت حَامِلا وشق عَلَيْهَا الصَّوْم فَقَالَ: مرها فلتفطر ولتطعم مِسْكينا كل يَوْم فَإِذا صحت فلتقض وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحِين قَالَ: الْمُرْضع إِذا خَافت أفطرت وأطعمت وَالْحَامِل إِذا خَافت على نَفسهَا أفطرت وقضت وَهِي بِمَنْزِلَة الْمَرِيض وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: يفطران ويقضيان صياما وَأخرج عبد بن حميد عَن النَّخعِيّ قَالَ: الْحَامِل والمرضع إِذا خافتا أفطرتا وقضتا مَكَان ذَلِك صوما وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: إِذْ خشِي الإِنسان على نَفسه فِي رَمَضَان فليفطر وَأما قَوْله تَعَالَى {طَعَام مِسْكين} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن سِيرِين قَالَ: قَرَأَ ابْن عَبَّاس سُورَة الْبَقَرَة على الْمِنْبَر فَلَمَّا أَتَى على هَذِه الْآيَة قَرَأَ {طَعَام مِسْكين} وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فديَة طَعَام مِسْكين} قَالَ: وَاحِد وَأخرج وَكِيع عَن عَطاء فِي قَوْله {فديَة طَعَام مِسْكين} قَالَ: مد بِمد أهل مَكَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: سَأَلت طاوساً عَن أُمِّي

وَكَانَ أَصَابَهَا عطاش فَلم تستطع أَن تَصُوم فَقَالَ: تفطر وَتطعم كل يَوْم مدا من بر قلت: بِأَيّ مد قَالَ: بِمد أَرْضك وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: من أدْركهُ الْكبر فَلم يسْتَطع أَن يَصُوم رَمَضَان فَعَلَيهِ كل يَوْم مد من قَمح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سُفْيَان قَالَ: مَا الصَّدقَات وَالْكَفَّارَات إِلَّا بِمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما قَوْله تَعَالَى: {فَمن تطوّع خيرا فَهُوَ خير لَهُ} وَأخرج وَكِيع عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَمن تطوع خيرا} قَالَ: أطْعم الْمِسْكِين صَاعا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {فَمن تطوع خيرا} قَالَ: أطْعم مسكينين وَأخرج عبد بن حميد عَن طَاوس {فَمن تطوّع خيرا} قَالَ: أطْعم مَسَاكِين وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد عَن أنس أَنه أفطر فِي رَمَضَان وَكَانَ قد كبر وَأطْعم أَرْبَعَة مَسَاكِين لكل يَوْم وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه من طَرِيق مُجَاهِد قَالَ: سَمِعت قيس بن السَّائِب يَقُول: إِن شهر رَمَضَان يفتديه الإِنسان أَن يطعم لكل يَوْم مِسْكينا فاطعموا عني مسكينين قَوْله تَعَالَى: {وَأَن تَصُومُوا خير لكم إِن كُنْتُم تعلمُونَ} أخرج ابْن جرير عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله {وَأَن تَصُومُوا خير لكم} أَي أَن الصّيام خير لكم من الْفِدْيَة وَأخرج مَالك وَأحمد وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل عمل ابْن آدم يُضَاعف الْحَسَنَة عشرَة أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف قَالَ الله عز وَجل: إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ يدع طَعَامه وَشَرَابه وشهوته من أَجلي للصَّائِم فرحتان: فرحة عِنْد فطره فرحة عِنْد لِقَاء ربه ولخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله تَعَالَى: الصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ للصَّائِم فرحتان

إِذا أفطر فَرح وَإِذا لَقِي ربه فجازاه فَرح ولخلوف فَم الصَّائِم عِنْد الله أطيب من ريح الْمسك وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ رَبنَا: الصّيام جنَّة يستجن بهَا العَبْد من النَّار وَهُوَ لي وَأَنا أجزي بِهِ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصّيام جنَّة حَصِينَة من النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَيُّوب بن حسان الوَاسِطِيّ قَالَ سَمِعت رجلا سَأَلَ سُفْيَان بن عَيْنِيَّة فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّد فِيمَا يرويهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ربه عز وَجل كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ فَقَالَ ابْن عَيْنِيَّة: هَذَا من أَجود الْأَحَادِيث وأحكمها إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُحَاسب الله عَبده وَيُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ من الْمَظَالِم من سَائِر عمله حَتَّى لايبقى إِلَّا الصَّوْم فيتحمل الله مَا بَقِي عَلَيْهِ من الْمَظَالِم ويدخله بِالصَّوْمِ الْجنَّة وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله عز وَجل: كل عمل ابْن آدم لَهُ إِلَّا الصّيام فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ وَالصِّيَام جنَّة وَإِذا كَانَ يَوْم صَوْم أحدكُم فَلَا يرْفث وَلَا يصخب وان سابه أَو شاتمه أحد فَلْيقل إِنِّي امْرُؤ صَائِم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لخلوف فَم الصَّائِم أطيب عَن الله من ريح الْمسك للصَّائِم فرحتان يفرح بهما: إِذا أفطر فَرح وَإِذا لَقِي ربه فَرح بصومه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للجنة ثَمَانِيَة أَبْوَاب فِيهَا بَاب يُسمى الريان يدْخل مِنْهُ الصائمون يَوْم الْقِيَامَة لَا يدْخل مَعَهم أحد غَيرهم يُقَال: أَيْن الصائمون فَيدْخلُونَ مِنْهُ فَإِذا دخل آخِرهم أغلق فَلم يدْخل مِنْهُ أحد زَاد ابْن خُزَيْمَة وَمن دخل مِنْهُ شرب وَمن شرب لم يظمأ أبدا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصّيام لَا رِيَاء فِيهِ قَالَ الله: هُوَ لي وَأَنا أجزي بِهِ يدع طَعَامه وَشَرَابه من أَجلي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من صَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه

وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: للصَّائِم عِنْد إفطاره دَعْوَة مستجابة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نوم الصَّائِم عبَادَة وصمته تَسْبِيح وَعَمله مضاعف ودعاؤه مستجاب وذنبه مغْفُور وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَمِيع الغساني وَأَبُو سعيد بن الْأَعرَابِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من عبد أصبح صَائِما إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء وسبحت أعضاؤه واستغفر لَهُ أهل السَّمَاء الدُّنْيَا إِلَى أَن توارى بالحجاب فَإِن صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ أَضَاءَت لَهُ السَّمَوَات نورا وَقَالَ أَزوَاجه من الْحور الْعين اللَّهُمَّ اقبضه إِلَيْنَا فقد اشتقنا إِلَى رُؤْيَته وَإِن هلل أَو سبح أَو كبر تَلقاهُ سَبْعُونَ ألف ملك يَكْتُبُونَ ثَوَابهَا إِلَى أَن توارى بالحجاب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من مَنعه الصّيام من الطَّعَام وَالشرَاب يشتهيه أطْعمهُ الله من ثمار الْجنَّة وسقاه من شرابها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله أوحى إِلَى نَبِي من بني إِسْرَائِيل: أخبر قَوْمك أَن لَيْسَ عبد يَصُوم يَوْمًا ابْتِغَاء وَجْهي إِلَّا صححت جِسْمه وأعظمت أجره وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: بَيْنَمَا نَحن فِي الْبَحْر غزَاة إِذْ مُنَاد يُنَادي: يَا أهل السَّفِينَة خبروا بخبركم قَالَ أَبُو مُوسَى: قلت: أَلا ترى الرّيح لنا طيبَة والشراع لنا مَرْفُوعَة والسفينة لنا تجْرِي فِي لجة الْبَحْر قَالَ: أَفلا أخْبركُم بِقَضَاء قَضَاهُ الله على نَفسه قلت: بلَى قَالَ: فَإِن الله قضى على نَفسه أَيّمَا عبد عَطش نَفسه لله فِي الدُّنْيَا يَوْمًا فَإِن حَقًا على الله أَن يرويهِ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قلت: يَا رَسُول الله مرني بِعَمَل آخذه عَنْك يَنْفَعنِي الله بِهِ قَالَ: عَلَيْك بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مثل لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أبي رَبَاح قَالَ: تُوضَع الموائد يَوْم القايمة للصائمين فَيَأْكُلُونَ وَالنَّاس فِي كرب الْحساب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: يُنَادي يَوْم الْقِيَامَة مُنَاد: ان كل حَارِث يعْطى بحرثه وَيُزَاد غير أهل الْقُرْآن وَالصِّيَام يُعْطون أُجُورهم بِغَيْر حِسَاب

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل أهل عمل بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة يدعونَ مِنْهُ بذلك الْعَمَل وَلأَهل الصّيام بَاب يُقَال لَهُ الريان وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصّيام جنَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصّيام جنَّة وحصن حَصِينَة من النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان بن أبي العَاصِي الثَّقَفِيّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصّيام جنَّة من النَّار كجنة أحدكُم من الْقِتَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُبَيْدَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصّيام جنَّة مَا لم يخرقها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصّيام جنَّة مَا لم يخرقها قيل وَبِمَ يخرقها بكذب أَو غيبَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن رجل من بني سليم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ بِيَدِهِ فَقَالَ: سُبْحَانَ الله نصف الْمِيزَان وَالْحَمْد لله تملأ الْمِيزَان وَالله أكبر تملأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَالْوُضُوء نصف الْمِيزَان وَالصِّيَام نصف الصَّبْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الصّيام نصف الصَّبْر وَأَن لكل شَيْء زَكَاة وَزَكَاة الْجَسَد الصّيام وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل شَيْء زَكَاة وَزَكَاة الْجَسَد الصَّوْم وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم عمَارَة بنت كَعْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا فقربت إِلَيْهِ طَعَاما فَقَالَ: كلي فَقَالَت: إِنِّي صَائِمَة فَقَالَ: إِن الصَّائِم إِذا أكل عِنْده صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة حَتَّى يفرغوا أَو يقضوا

وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ: دخل بِلَال على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يتغذّى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تغذّى يَا بِلَال قَالَ: إِنِّي صَائِم يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نَأْكُل رزقنا وَفضل رزق بِلَال فِي الْجنَّة أشعرت يَا بِلَال أَن الصَّائِم تسبح عِظَامه وَتَسْتَغْفِر لَهُ الْمَلَائِكَة مَا أكل عِنْده وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر قَالَ: الصَّائِم إِذا أكل عِنْده صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: الصَّائِم إِذا أكل عِنْده صلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: الصَّائِم إِذا أكل عِنْده سبحت مفاصله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يزِيد بن خَلِيل مثله وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سَلمَة بن قَيْصر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاء وَجه الله بعده الله من جَهَنَّم كبعد غراب كار وَهُوَ فرخ حَتَّى مَاتَ هرماً وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مثله وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث دعوات مستجابات: دَعْوَة الصَّائِم ودعوة الْمُسَافِر ودعوة الْمَظْلُوم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَسْجِد وَفِيه فِئَة من أَصْحَابه فَقَالَ: من كَانَ عِنْده طول فَلْيَنْكِح وَإِلَّا فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فَإِن لَهُ وَجَاء ومجسمة للعرق وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الْجنَّة بَاب يدعى الريان يدعى لَهُ الصائمون فَمن كَانَ من الصائمين دخله وَمن دخله لَا يظمأ أبدا وَأخرج ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن للصَّائِم عِنْد فطره لدَعْوَة مَا ترد وأخرح الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن للصَّوْم يَوْم القايمة حوضاً مَا يردهُ غير الصوّام

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا مُوسَى فِي سَرِيَّة فِي الْبَحْر فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك قد رفعوا الشراع فِي لَيْلَة مظْلمَة إِذا هَاتِف من قَومهمْ يَهْتِف: يَا أهل السَّفِينَة قفوا أخْبركُم بِقَضَاء قَضَاهُ الله على نَفسه قَالَ أَبُو مُوسَى: أخبرنَا إِن كنت مخبرا قَالَ: إِن الله قضى على نَفسه أَنه من أعطش نَفسه لَهُ فِي يَوْم صَائِف سقَاهُ الله يَوْم الْعَطش وَأخرج ابْن سعد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات عَن الْحَرْث الْأَشْعَرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله أَمر يحيى بن زَكَرِيَّا بِخمْس كَلِمَات أَن يعْمل بهَا وَيَأْمُر بني إِسْرَائِيل أَن يعملوا بهَا وَأَنه كَاد أَن يبطىء بهَا فَقَالَ عِيسَى: إِن الله أَمرك بِخمْس كَلِمَات لتعمل بهَا وتأمر بني إِسْرَائِيل أَن يعملوا بهَا فإمَّا تَأْمُرهُمْ وَإِمَّا أَن آمُرهُم فَقَالَ يحيى: أخْشَى إِن سبقتني بهَا أَن يخسف بِي أَو أعذب فَجمع النَّاس فِي بَيت الْمُقَدّس فَامْتَلَأَ وَقعد على الشّرف فَقَالَ: إِن الله أَمرنِي بِخمْس كَلِمَات أَن أعمل بِهن وأمركم أَن تعملوا بِهن أولهنَّ أَن تعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَأَن مثل من أشرك بِاللَّه كَمثل رجل اشْترى عبدا من خَالص مَاله بِذَهَب أَو ورق فَقَالَ: هَذِه دَاري وَهَذَا عَمَلي فاعمل وأد إِلَيّ فَكَانَ يعْمل وَيُؤَدِّي إِلَى سَيّده فَأَيكُمْ يرضى أَن يكون عَبده كَذَلِك وَأَن الله أَمركُم بِالصَّلَاةِ فَإِذا صليتم فَلَا تلتفتوا فَإِن الله ينصب وَجهه لوجه عَبده فِي صلَاته مَا لم يلْتَفت وأمركم بالصيام فَإِن مثل ذَلِك كَمثل رجل فِي عِصَابَة مَعَه صرة فِيهَا مسك فكلهم يُعجبهُ رِيحهَا وَإِن ريح الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وأمركم بِالصَّدَقَةِ فَإِن مثل ذَلِك كَمثل رجل أسره العدوّ ولفوا يَده إِلَى عُنُقه وقدموه ليضربوا عُنُقه فَقَالَ: أفدي نَفسِي مِنْكُم بِالْقَلِيلِ وَالْكثير ففدى نَفسه مِنْهُم وأمركم أَن تَذكرُوا الله فَإِن مثل ذَلِك كَمثل رجل خرج الْعَدو فِي أَثَره سرَاعًا حَتَّى إِذا أَتَى بِهِ على حصن حُصَيْن فاحرز نَفسه مِنْهُم كَذَلِك العَبْد لَا يحرز نَفسه من الشَّيْطَان إِلَّا بِذكر الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اغزوا تغنموا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْجُوع وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الصّيام وَالْقُرْآن يشفعان للْعَبد يَوْم

الْقِيَامَة يَقُول الصّيام: أَي رب منعته الطَّعَام والشهوة فشفعني بِهِ وَيَقُول الْقُرْآن: منعته النّوم بِاللَّيْلِ فشفعني بِهِ قَالَ: فيشفعان وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن رجلا صَامَ يَوْمًا تَطَوّعا ثمَّ أعْطى ملْء الأَرْض ذَهَبا لم يسْتَوْف ثَوَابه دون يَوْم الْحساب وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من عبد يَصُوم يَوْمًا فِي سَبِيل الله إِلَّا باعد الله بذلك الْيَوْم وَجهه عَن النَّار سبعين خَرِيفًا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله جعل الله بَينه وَبَين النَّار خَنْدَقًا كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله بَعدت من النَّار مسيرَة مائَة عَام وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله زحزح الله وَجهه عَن النَّار بذلك الْيَوْم سبعين خَرِيفًا وأخرح التِّرْمِذِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله جعل الله بَينه وَبَين النَّار خَنْدَقًا كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا ترد دعوتهم: الصَّائِم إحتى يفْطر والإِمام الْعَادِل ودعوة الْمَظْلُوم يرفعها الله فَوق الْغَمَام وَيفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء وَيَقُول الرب: وَعِزَّتِي لأنصرنك وَلَو بعد حِين وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْجُوع عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصائمون تنفح من أَفْوَاههم ريح الْمسك وتوضع لَهُم يَوْم الْقِيَامَة مائدة تَحت الْعَرْش فَيَأْكُلُونَ مِنْهَا وَالنَّاس فِي شدَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله جعل مائدة عَلَيْهَا مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر لَا يقْعد عَلَيْهَا إِلَّا الصائمون

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي الثَّوَاب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة تخرج الصوّام من قُبُورهم يعْرفُونَ برياح صِيَامهمْ أَفْوَاههم أطيب من ريح الْمسك فيلقون بالموائد والأباريق مختمة بالمسك فَيُقَال لَهُم: كلوا فقد جعتم وَاشْرَبُوا فقد عطشتم ذَروا النَّاس واستريحوا فقد أعييتم إِذْ استراح النَّاس فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ ويستريحون وَالنَّاس فِي عناء وظمأ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَهْوَال عَن مغيب بن سمي قَالَ: تركد الشَّمْس فَوق رؤوسهم على أَذْرع وتفتح أَبْوَاب جَهَنَّم فتهب عَلَيْهِم لفحها وسمومها وَتخرج عَلَيْهَا نفحاتها حَتَّى تجْرِي الأَرْض من عرقهم أنتن من الْجِيَف والصائمون فِي ظلّ الْعَرْش وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب من طَرِيق أَحْمد بن أبي الْحوَاري أَنبأَنَا أَبُو سُلَيْمَان قَالَ: جَاءَنِي أَبُو عَليّ الْأَصَم بِأَحْسَن حَدِيث سمعته فِي الدُّنْيَا قَالَ: تُوضَع للصوّام مائدة يَأْكُلُون وَالنَّاس فِي الْحساب فَيَقُولُونَ: يَا رب نَحن نحاسب وَهَؤُلَاء يَأْكُلُون فَيَقُول طالما صَامُوا وأفطرتم وَقَامُوا ونمتم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فِي الْجنَّة غرفَة يرى ظَاهرهَا من بَاطِنهَا وباطنها من ظَاهرهَا أعدهَا الله لمن ألان الْكَلَام وَأطْعم الطَّعَام وتابع الصّيام وَصلى بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع قَالَ ابْن عمر: كَانَ يُقَال: إِن لكل مُؤمن دَعْوَة مستجابة عِنْد إفطاره إِمَّا أَن تعجل لَهُ فِي دُنْيَاهُ أَو تدخر لَهُ فِي آخرته فَكَانَ ابْن عمر يَقُول عِنْد افطاره: يَا وَاسع الْمَغْفِرَة اغْفِر لي وَأخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه ذَات يَوْم من شهد مِنْكُم جَنَازَة قَالَ عمر: أَنا قَالَ: من عَاد مَرِيضا قَالَ عمر: أَنا قَالَ: من تصدق بِصَدقَة قَالَ عمر: أَنا قَالَ: من أصبح صَائِما قَالَ عمر: أَنا قَالَ: وَجَبت وَجَبت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن رَبَاح قَالَ: خرجنَا إِلَى مُعَاوِيَة فمررنا براهب فَقَالَ: تُوضَع الموائد فأوّل من يَأْكُل مِنْهَا الصائمون وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من

أفطر يَوْمًا من رَمَضَان من غير رخصَة وَلَا مرض لم يقضه عَنهُ صَوْم الدَّهْر كُله وَإِن صَامَهُ وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أفطر يَوْمًا من رَمَضَان من غير عذر فَعَلَيهِ صَوْم شهر وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن رَجَاء بن جميل قَالَ: كَانَ ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن يَقُول: من أفطر يَوْمًا من رَمَضَان صَامَ اثْنَي عشر يَوْمًا لِأَن الله رَضِي من عباده شهرا من اثْنَي عشر شهرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي أفطرت يَوْمًا من رَمَضَان فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدق واستغفر وصم يَوْمًا مَكَانَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من أفطر يَوْمًا من رَمَضَان مُتَعَمدا من غير سفر وَلَا مرض لم يقضه أبدا وَإِن صَامَ الدَّهْر كُله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: من أفطر يَوْمًا من رَمَضَان مُتَعَمدا لم يقضه أبدا طول الدَّهْر

185

قَوْله تَعَالَى: شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن هدى للنَّاس وبينات من الْهدى وَالْفرْقَان فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه وَمن كَانَ مَرِيضا أَو سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر ولتكملوا الْعدة ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ ولعلكم تشكرون أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وموقوفاً لَا تَقولُوا رَمَضَان فَإِن رَمَضَان اسْم من أَسمَاء الله وَلَكِن قُولُوا شهر رَمَضَان وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا تقل رَمَضَان فَإنَّك لَا تَدْرِي مَا رَمَضَان لَعَلَّه اسْم من أَسمَاء الله عز وَجل وَلَكِن قل شهر رَمَضَان كَمَا قَالَ الله عز وَجل

وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن ابْن عمر قَالَ: إِنَّمَا سمي رَمَضَان لِأَن الذُّنُوب ترمض فِيهِ وَإِنَّمَا سمي شوّالاً لِأَنَّهُ يشول الذُّنُوب كَمَا تشول النَّاقة ذنبها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا سمي رَمَضَان لِأَن رَمَضَان يرمض الذُّنُوب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني عَن عَائِشَة قَالَت: قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا رَسُول الله مَا رَمَضَان قَالَ: ارمض الله فِيهِ ذنُوب الْمُؤمنِينَ وغفرها لَهُم قيل: فشوال قَالَ: شالت فِيهِ ذنوبهم فَلم يبْق فِيهِ ذَنْب إِلَّا غفره وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي بكرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ شهرا عيد لَا ينقصان رَمَضَان وَذُو الْحجَّة وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا دخل رَجَب قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي رَجَب وَشَعْبَان وبلغنا رَمَضَان وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن طَلْحَة بن عبيد الله أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَائِر الرَّأْس فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِمَا فرض الله عليّ من الصّيام فَقَالَ: شهر رَمَضَان إِلَّا أَن تطوّع فَقَالَ: أَخْبرنِي بِمَا فرض الله عَليّ من الزَّكَاة فَأخْبرهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشرائع الإِسلام قَالَ: وَالَّذِي أكرمك لَا أتطوّع شَيْئا وَلَا أنقص مِمَّا فرض الله عليّ شَيْئا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَفْلح إِن صدق أَو دخل الْجنَّة إِن صدق وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل رَمَضَان فتحت أَبْوَاب الْجنَّة وغلقت أَبْوَاب جَهَنَّم وسلسلت الشَّيَاطِين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عرْفجَة قَالَ: كُنَّا عِنْد عتبَة ابْن فرقد وَهُوَ يحدثنا عَن رَمَضَان إِذْ دخل رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسكت عتبَة بن فرقد قَالَ: يَا أَبَا عبد الله حَدثنَا عَن رَمَضَان كَيفَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِيهِ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول رَمَضَان شهر مبارك تفتح فِيهِ أَبْوَاب الْجنَّة وتغلق فِيهِ أَبْوَاب السعير وتصفد فِيهِ الشَّيَاطِين وينادي مُنَاد كل لَيْلَة: يَا باغي الْخَيْر هَلُمَّ وَيَا باغي الشَّرّ أقصر حَتَّى يَنْقَضِي رَمَضَان

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله عِنْد كل فطر عُتَقَاء من النَّار وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة ورمضان إِلَى رَمَضَان مكفرات لما بَينهُنَّ إِذا اجْتنبت الْكَبَائِر وَأخرج ابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ رَمَضَان وَعرف حُدُوده وَحفظ مِمَّا يَنْبَغِي أَن يحفظ مِنْهُ كفر مَا قبله وَأخرج ابْن ماجة عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله عِنْد كل فطر عُتَقَاء وَذَلِكَ فِي كل لَيْلَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان صفدت الشَّيَاطِين ومردة الْجِنّ وغلقت أَبْوَاب النَّار فَلم يفتح مِنْهَا بَاب وَفتح أَبْوَاب الْجنَّة فَلم يغلق مِنْهَا بَاب وينادي مُنَاد كل لَيْلَة: يَا باغي الْخَيْر أقبل وَيَا باغي الشَّرّ أقصر وَللَّه عز وَجل عُتَقَاء من النَّار وَذَلِكَ عِنْد كل لَيْلَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه: نبشركم قد جَاءَكُم رَمَضَان شهر مبارك افْترض الله عَلَيْكُم صِيَامه تفتح فِيهِ أَبْوَاب الْجنَّة وتغلق فِيهِ أَبْوَاب الْجَحِيم وتغل فِيهِ الشَّيَاطِين فِيهِ لَيْلَة خير من ألف شهر من حرم خَيرهَا فقد حرم وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَيْت أمتِي فِي شهر رَمَضَان خمس خِصَال لم تعط أمة قبلهم: خلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وَتَسْتَغْفِر لَهُم الْمَلَائِكَة حَتَّى يفطروا ويزين الله كل يَوْم جنته ثمَّ قَالَ: يُوشك عبَادي الصالحون أَن يلْقوا عَنْهُم الْمُؤْنَة والأذى ويصيروا إِلَيْك وتصفد الشَّيَاطِين وَلَا يخلصوا فِيهِ إِلَى مَا يخلصون فِي غَيره وَيغْفر لَهُم آخر لَيْلَة قيل: يَا رَسُول الله أَهِي لَيْلَة الْقدر قَالَ: لَا وَلَكِن الْعَامِل إِنَّمَا يُوفى أجره إِذا قضى عمله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ والأصبهاني عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَيْت أمتِي فِي شهر رَمَضَان خمْسا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي: أما وَاحِدَة فَإِنَّهُ إِذا كَانَ

أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان نظر الله إِلَيْهِم وَمن نظر الله إِلَيْهِ لم يعذبه أبدا وَأما الثَّانِيَة فَإِنَّهُ خلوف أَفْوَاههم حِين يمسون أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك وَأما الثَّالِثَة فَإِن الْمَلَائِكَة تستغفر لَهُم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة وَأما الرَّابِعَة فَإِن الله يَأْمر جنته فَيَقُول لَهَا استعدي وتزيني لعبادي أوشك أَن يستريحوا من تَعب الدُّنْيَا إِلَى دَاري وكرامتي وَأما الْخَامِسَة فَإِذا كَانَ آخر لَيْلَة غفر لَهُم جَمِيعًا فَقَالَ رجل من الْقَوْم: أَهِي لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: لَا ألم تَرَ إِلَى الْعمَّال يعْملُونَ فَإِذا فرغوا من أَعْمَالهم أعْطوا أُجُورهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله فِي كل لَيْلَة من رَمَضَان سِتّمائَة ألف عَتيق من النَّار فَإِذا كَانَ آخر لَيْلَة أعتق بِعَدَد من مضى وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا كَانَ أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان فتحت أَبْوَاب الْجنان فَلم يغلق مِنْهَا بَاب وَاحِد الشَّهْر كُله وغلقت أَبْوَاب النَّار فَلم يفتح مِنْهَا بَاب وَاحِد الشَّهْر كُله وغلت الْجِنّ ونادى مُنَاد من كل لَيْلَة إِلَى انفجار الصُّبْح: يَا باغي الْخَيْر تمم وَابْشَرْ وَيَا باغي الشَّرّ أقصر وابصر السَّمَاء هَل من مُسْتَغْفِر نغفر لَهُ هَل من تائب نتوب عَلَيْهِ هَل من دَاع نستجيب لَهُ هَل من سَائل نعطي سؤله وَللَّه عِنْد كل فطر من شهر رَمَضَان كل لَيْلَة عُتَقَاء من الناء سِتُّونَ ألفا فَإِذا كَانَ يَوْم الْفطر أعتق مثل مَا أعتق فِي جَمِيع الشَّهْر ثَلَاثِينَ مرّة سِتِّينَ ألفا سِتِّينَ ألفا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أظلكم شهركم هَذَا - يَعْنِي شهر رَمَضَان - بمحلوف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا مر على الْمُسلمين شهر خير لَهُم مِنْهُ وَلَا يَأْتِي على الْمُنَافِقين شهر شَرّ لَهُم مِنْهُ بمحلوف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله يكْتب أجره وثوابه من قبل أَن يدْخل وَيكْتب وزره وشقاءه قبل أَن يدْخل وَذَلِكَ أَن الْمُؤمن يعد فِيهِ النَّفَقَة للقوّة فِي الْعِبَادَة ويعد فِيهِ الْمُنَافِق اغتياب الْمُؤمنِينَ وَاتِّبَاع عَوْرَاتهمْ فَهُوَ غنم للْمُؤْمِنين وَغرم على الْفَاجِر وَأخرج الْعقيلِيّ وَضَعفه وَابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ والخطيب والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر يَوْم من شعْبَان فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس قد أظلكم شهر عَظِيم شهر مبارك شهر فِيهِ لَيْلَة خير من ألف شهر

جعل الله صِيَامه فَرِيضَة وتطوع ليله تطوّعاً من تقرب فِيهِ بخصلة من الْخَيْر كَانَ كمن تقرب أدّى فَرِيضَة فِيمَا سواهُ وَمن أدّى فَرِيضَة فِيهِ كَانَ كمن أدّى سبعين فَرِيضَة فِيمَا سواهُ وَهُوَ شهر الصَّبْر وَالصَّبْر ثَوَابه الْجنَّة وَشهر الْمُوَاسَاة وَشهر يُزَاد فِي رزق الْمُؤمن من فطر فِيهِ صَائِما كَانَ لَهُ مغْفرَة لذنوبه وَعتق رقبته من النَّار وَكَانَ لَهُ مثل أجره من غير أَن ينتقص من أجره شَيْء قُلْنَا: يَا رَسُول الله لَيْسَ كلنا نجد مَا يفْطر الصَّائِم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُعْطي الله هَذَا الثَّوَاب من فطر صَائِما على مذقة لبن أَو تَمْرَة أَو شربة من مَاء وَمن أشْبع صَائِما سقَاهُ الله من حَوْضِي شربة لَا يظمأ حَتَّى يدْخل الْجنَّة وَهُوَ شهر أوّله وأوسطه مغْفرَة وَآخره عتق من النَّار من خفف عَن مَمْلُوكه فِيهِ غفر لَهُ وَأعْتقهُ من النَّار فاستكْثروا فيهِ مِنْ أَرْبعَ خِصَالٍ: خَصْلَتَان تُرْضُونَ بِهمَا رَبَّكُمْ وَخَصْلَتَانِ لاَ غِنَى بِكُمْ عَنْهُمَا فَأمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَان تُرْضُونَ بِهِما رَبَّكُمْ فَشَهَادَةُ أنْ لاَ إلهَ إِلَّا اللهُ وَتسْتَغْفِرونَهُ وَأمَّا اللَّتَانِ لاَ غِنَى بِكُمْ عَنْهُما فَتَسْأَلُونَ الْجنَّةَ وتَعُوذونَ بِهِ من النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَمَضَان فَقَالَ: شهر فرض الله عَلَيْكُم صِيَامه وسننت أَنا قِيَامه فَمن صَامَهُ وقامه إِيمَانًا واحتساباً خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة إِلَى الصَّلَاة الَّتِي تَلِيهَا كَفَّارَة وَالْجُمُعَة إِلَى الجمهة الَّتِي تَلِيهَا كَفَّارَة مَا بَينهمَا والشهر إِلَى الشَّهْر يَعْنِي شهر رَمَضَان إِلَى شهر رَمَضَان كَفَّارَة إِلَّا من ثَلَاث الإِشراك بِاللَّه وَترك السّنة ونكث الصَّفْقَة فَقلت: يَا رَسُول الله أما الاشراك بِاللَّه فقد عَرفْنَاهُ فَمَا نكث الصَّفْقَة وَترك السّنة قَالَ: أما نكث الصَّفْقَة فَأن تبَايع رجلا بيمينك ثمَّ تخَالف إِلَيْهِ فتقاتله بسيفك وَأما ترك السّنة فالخروج من الْجَمَاعَة وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني عَن أنس بن مَالك قَالَ: لما أقبل شهر رَمَضَان قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُبْحَانَ الله مَاذَا تستقبلون وماذا يستقبلكم قَالَ عمر بن الْخطاب: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله وَحي نزل أَو عدوّ حضر قَالَ: لَا وَلَكِن شهر رَمَضَان يغْفر الله فِي أول لية لكل أهل هَذِه الْقبْلَة وَفِي الْقَوْم رجل يهز رَأسه فَيَقُول: بخ بخ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَأَن ضَاقَ صدرك بِمَا سَمِعت قَالَ: لَا

وَالله يَا رَسُول وَلَكِن ذكرت الْمُنَافِق فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمُنَافِق كَافِر وَلَيْسَ للْكَافِرِ فِي ذَا شَيْء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما بنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر جعل لَهُ ثَلَاث عتبات فَلَمَّا صعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العتبة الأولى قَالَ: آمين ثمَّ صعد العتبة الثَّانِيَة فَقَالَ: آمين حَتَّى إِذا صعد العتبة الثَّالِثَة قَالَ: آمين فَقَالَ الْمُسلمُونَ: يَا رَسُول الله رَأَيْنَاك تَقول آمين آمين آمين وَلَا نرى أحدا فَقَالَ: إِن جِبْرِيل صعد قبلي العتبة الأولى فَقَالَ: يَا مُحَمَّد فَقلت لبيْك وَسَعْديك فَقَالَ: من أدْرك أَبَوَيْهِ أَو أَحدهمَا فَلم يغْفر لَهُ فابعده الله قل آمين فَقلت: آمين فلنا صعد العتبة الثَّانِيَة قَالَ: يَا مُحَمَّد قلت: لبيْك وَسَعْديك قَالَ: من أدْرك شهر رَمَضَان وَصَامَ نَهَاره وَقَامَ ليله ثمَّ مَاتَ وَلم يغْفر فَدخل النَّار فابعده الله فَقل آمين فَقلت: آمين فَلَمَّا صعد العتبة الثَّالِثَة قَالَ: يَا مُحَمَّد قلت: لبيْك وَسَعْديك قَالَ: من ذكرت عِنْده فَلم يصل عَلَيْك فَمَاتَ وَلم يغْفر لَهُ فَدخل فابعده الله قل آمين فَقلت: آمين وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق سعد بن اسحق بن كَعْب بن عجْرَة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احضروا الْمِنْبَر فحضرنا فَلَمَّا ارْتقى دَرَجَة قَالَ: آمين فَلَمَّا ارْتقى الثَّانِيَة قَالَ: آمين ثمَّ لما ارْتقى الثَّالِثَة قَالَ: آمين فَلَمَّا نزل قُلْنَا: يَا رَسُول الله لقد سمعنَا مِنْك الْيَوْم شَيْئا مَا كُنَّا نَسْمَعهُ قَالَ: إِن جِبْرِيل عرض لي فَقَالَ: بعد من أدْرك رَمَضَان فَلم يغْفر لَهُ قلت: آمين فَلَمَّا رقيت الثَّانِيَة قَالَ: بعد من ذكرت عِنْده فَلم يصل عَلَيْك فَقلت: آمين فَلَمَّا رقيت الثَّالِثَة قَالَ: بعد من أدْرك أَبَوَيْهِ الْكبر أَو أَحدهمَا فَلم يدْخلَاهُ الْجنَّة فَقلت: آمين وَأخرج ابْن حبَان عَن الْحسن بن مَالك بن الْحُوَيْرِث عَن أَبِيه عَن جده فَلَمَّا صعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر فَلَمَّا رقى عتبَة قَالَ: آمين ثمَّ رقى أُخْرَى قَالَ: آمين ثمَّ رقى عتبَة ثَالِثَة فَقَالَ: آمين ثمَّ قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد من أدْرك رَمَضَان فَلم يغْفر لَهُ فابعده الله فَقلت: آمين قَالَ: وَمن أدْرك وَالِديهِ أَو أَحدهمَا فَدخل النَّار فابعده الله فَقلت: آمين قَالَ: وَمن ذكرت عِنْده فَلم يصل عَلَيْك فَأَبْعَده الله فَقلت: آمين وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صعد الْمِنْبَر فَقَالَ:

آمين آمين آمين قيل: يَا رَسُول الله إِنَّك صعدت الْمِنْبَر فَقلت آمين آمين آمين فَقَالَ: إِن جِبْرِيل أَتَانِي فَقَالَ: من أدْرك شهر رَمَضَان فَلم يغْفر لَهُ فَدخل النَّار فابعده الله قل آمين فَقلت: آمين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل شهر رَمَضَان شدّ مِئْزَره ثمَّ لم يَأْتِ فرَاشه حَتَّى يَنْسَلِخ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ والأصبهاني عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل شهر رَمَضَان تغير لَونه وَكَثُرت صلَاته وابتهل فِي الدُّعَاء وأشفق مِنْهُ وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذادخل شهر رَمَضَان أطلق كل أَسِير وَأعْطى كل سَائل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن فِي رَمَضَان يُنَادي مُنَاد بعد الثُّلُث الأوّل أَو ثلث اللَّيْل الآخر: أَلا سَائل يسْأَل فَيعْطى أَلا مُسْتَغْفِر يسْتَغْفر فَيغْفر لَهُ أَلا تائب يَتُوب فيتوب الله عَلَيْهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ والأصبهاني عَن أنس قَالَ: قيل يَا رَسُول الله أَي الصَّدَقَة أفضل قَالَ: صَدَقَة فِي رَمَضَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْجنَّة لتتزين من الْحول إِلَى الْحول لشهر رَمَضَان وَإِن الْحور الْعين لتتزين من الْحول إِلَى الْحول لصوّام رَمَضَان فَإِذا دخل رَمَضَان قَالَت الْجنَّة: اللَّهُمَّ اجْعَل لي فِي هَذَا الشَّهْر من عِبَادك وَيَقُول الْحور: اللَّهُمَّ اجْعَل لنا من عِبَادك فِي هَذَا الشَّهْر أَزْوَاجًا فَمن لم يقذف مُسلما فِيهِ بِبُهْتَان وَلم يشرب مُسكرا كفر الله عَنهُ ذنُوبه وَمن قذف فِيهِ مُسلما أَو شرب فِيهِ مُسكرا أحبط الله عمله لسنة فَاتَّقُوا شهر رَمَضَان فَإِنَّهُ شهر الله جعل الله لكم أحد عشر شهرا تَأْكُلُونَ فِيهَا وتشربون وتتلذذون وَجعل لنَفسِهِ شهرا فَاتَّقُوا رَمَضَان فَإِنَّهُ شهر الله وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَمْرو أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْجنَّة لتزخرف لرمضان من رَأس الْحول إِلَى حول قَابل فَإِذا كَانَ أوّل يَوْم من رَمَضَان هبت ريح تَحت الْعَرْش من ورق الْجنَّة على الْحور الْعين فيقلن: يَا رب اجْعَل لنا من عِبَادك أَزْوَاجًا تقر بهم أَعيننَا وتقر أَعينهم بِنَا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن خُزَيْمَة وَأَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب وَابْن

مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم وَأهل رَمَضَان فَقَالَ: لَو يعلم الْعباد مَا رَمَضَان لتمنت أمتِي أَن يكون السّنة كلهَا فَقَالَ رجل: يَا نَبِي الله حَدثنَا فَقَالَ: إِن الْجنَّة للتزين لرمضان من رَأس الْحول إِلَى الْحول فَإِذا كَانَ أوّل يَوْم من رَمَضَان هبت ريح من تَحت الْعَرْش فصفقت ورق الْجنَّة فتنظر الْحور الْعين إِلَى ذَلِك فيقلن: يَا رب اجْعَل لنا من عِبَادك فِي هَذَا الشَّهْر أَزْوَاجًا تقر بهم أَعيننَا وتقر أَعينهم بِنَا فَيُقَال: فَمَا من عبد يَصُوم يَوْمًا من رَمَضَان إِلَّا زوّج زَوْجَة من الْحور الْعين فِي خيمة من درة مِمَّا نعت الله (حور مقصورات فِي الْخيام) (الرَّحْمَن الْآيَة 72) على كل امْرَأَة مِنْهُنَّ سَبْعُونَ حلَّة لَيْسَ مِنْهَا حلَّة على لون أُخْرَى وَيُعْطى سبعين لوناً من الطّيب لَيْسَ مِنْهُ لون على ريح الآخر - لكل امْرَأَة مِنْهُنَّ سَبْعُونَ ألف وصيفة لحاجتها وَسَبْعُونَ ألف وصيف مَعَ كل وصيفة صَحْفَة من ذهب فِيهَا لون طَعَام يجد لآخر لقْمَة مِنْهَا لَذَّة لم يجدهَا لأوّله لكل امْرَأَة مِنْهُنَّ سَبْعُونَ سريراً من ياقوتة حَمْرَاء على كل سَرِير سَبْعُونَ فراشا بطائنها من استبرق فَوق كل فرَاش سَبْعُونَ أريكة وَيُعْطى زَوجهَا مثل ذَلِك على سَرِير من ياقوت أَحْمَر موشحاً بالدر عَلَيْهِ سواران من ذهب هَذَا بِكُل يَوْم صَامَهُ من رَمَضَان سوى مَا عمل من الْحَسَنَات وَأخرج الْبَيْهَقِيّ والأصبهاني عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ أول لَيْلَة من رَمَضَان فتحت أَبْوَاب السَّمَاء فَلَا يغلق مِنْهَا بَاب حَتَّى يكون آخر لَيْلَة من رَمَضَان وَلَيْسَ من عبد مُؤمن يُصَلِّي فِي لَيْلَة مِنْهَا إِلَّا كتب الله ألفا وَخَمْسمِائة حَسَنَة بِكُل سَجْدَة وَبنى لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة من ياقوتة حَمْرَاء لَهَا سِتُّونَ ألف بَاب فِيهَا قصر من ذهب موشح بياقوتة حَمْرَاء فَإِذا صَامَ أول يَوْم من رَمَضَان غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه إِلَى مثل ذَلِك الْيَوْم من شهر رَمَضَان واستغفر لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك من صَلَاة الْغَدَاة إِلَى أَن توارى بالحجاب وَكَانَ لَهُ بِكُل سَجْدَة يسجدها فِي شهر رَمَضَان بلَيْل أَو نَهَار شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها خَمْسمِائَة عَام وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيد الشُّهُور رَمَضَان وَأَعْظَمهَا حُرْمَة ذُو الْحجَّة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سيد الشُّهُور رَمَضَان وَسيد الْأَيَّام الْجُمُعَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب قَالَ: إِن الله اخْتَار سَاعَات اللَّيْل وَالنَّهَار فَجعل مِنْهُنَّ الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة وَاخْتَارَ الْأَيَّام فَجعل مِنْهُنَّ الْجُمُعَة وَاخْتَارَ الشُّهُور فَجعل مِنْهُنَّ شهر رَمَضَان وَاخْتَارَ اللَّيَالِي فَجعل مِنْهُنَّ لَيْلَة الْقدر وَاخْتَارَ الْبِقَاع فَجعل مِنْهَا الْمَسَاجِد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني عَن ابْن عَبَّاس أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الْجنَّة لتعد وتتزين من الْحول إِلَى الْحول لدُخُول شهر رَمَضَان فَإِذا كَانَت أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان هبت ريح من تَحت الْعَرْش يُقَال لَهَا المثيرة تصفق ورق الْجنَّة وَحلق المصاريع يسمع لذَلِك طنين لم يسمع السامعون أحسن مِنْهُ فيثب الْحور الْعين حَتَّى يشرفن على شرف الْجنَّة فينادين: هَل من خَاطب إِلَى الله فيزوّجه ثمَّ يَقُول الْحور الْعين: يَا رضوَان الْجنَّة مَا هَذِه اللَّيْلَة فيجيبهن بِالتَّلْبِيَةِ ثمَّ يَقُول: هَذِه أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان فتحت أَبْوَاب الْجنَّة على الصائمين من أمة مُحَمَّد وَيَا جِبْرِيل اهبط إِلَى الأَرْض فاصفد مَرَدَة الشَّيَاطِين وغلهم بالأغلال ثمَّ اقذفهم فِي الْبحار حَتَّى لَا يفسدوا على أمة مُحَمَّد حَبِيبِي صِيَامهمْ وَيَقُول الله عز وَجل فِي لَيْلَة من شهر رَمَضَان لمناد يُنَادي ثَلَاث مَرَّات: هَل من سَائل فاعطيه سؤله هَل من تائب فأتوب عَلَيْهِ هَل من مُسْتَغْفِر فَأغْفِر لَهُ من يقْرض المليء غير المعدم والوفي غير الظلوم قَالَ: وَله فِي كل يَوْم من شهر رَمَضَان عِنْد الإِفطار ألف ألف عَتيق من النَّار كلهم قد استوجبوا النَّار فَإِذا كَانَ آخر يَوْم من شهر رَمَضَان أعتق الله فِي ذَلِك الْيَوْم بِقدر مَا أعتق من أول الشَّهْر إِلَى آخِره وَإِذا كَانَ لَيْلَة الْقدر يَأْمر الله جِبْرِيل فيهبط فِي كبكبة من الْمَلَائِكَة إِلَى الأَرْض وَمَعَهُمْ لِوَاء أَخْضَر فيركز اللِّوَاء على ظهر الْكَعْبَة وَله سِتّمائَة جنَاح مِنْهَا جَنَاحَانِ لَا ينشرهما إِلَّا فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فينشرهما فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فَتَجَاوز الْمشرق إِلَى الْمغرب فيحث جِبْرِيل الْمَلَائِكَة فِي هَذِه اللَّيْلَة فيسلمون على كل قَائِم وقاعد ومصل وذاكر يصافحونهم ويؤمنون على دُعَائِهِمْ حَتَّى يطلع الْفجْر فَإِذا طلع الْفجْر يُنَادي جِبْرِيل: معاشر الْمَلَائِكَة الرحيل الرحيل فَيَقُولُونَ: يَا جِبْرِيل فَمَا صنع الله فِي حوائج الْمُؤمنِينَ من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول جِبْرِيل: نظر الله إِلَيْهِم فِي هَذِه اللَّيْلَة فَعَفَا عَنْهُم وَغفر لَهُم إِلَّا أَرْبَعَة قُلْنَا: يَا رَسُول الله من هم قَالَ: رجل مدمن خمر

وعاق لوَالِديهِ وقاطع رحم ومشاحن قُلْنَا: يَا رَسُول الله مَا المشاحن قَالَ: هُوَ المصارم فَإِذا كَانَت لَيْلَة الْقدر سميت تِلْكَ اللَّيْلَة لَيْلَة الْجَائِزَة فَإِذا كَانَت غَدَاة الْفطر بعث الله الْمَلَائِكَة فِي كل بِلَاد فيهبطون إِلَى الأَرْض فَيقومُونَ على أَفْوَاه السكَك فينادون بِصَوْت يسمع من خلق الله إِلَّا الْجِنّ والإِنس فَيَقُولُونَ: يَا أمة مُحَمَّد اخْرُجُوا إِلَى رب كريم يُعْطي الجزيل وَيَعْفُو عَن الْعَظِيم فَإِذا برزوا إِلَى مصلاهم يَقُول الله للْمَلَائكَة: مَا جَزَاء الْأَجِير إِذا عمل عمله فَتَقول الْمَلَائِكَة: إلهنا وَسَيِّدنَا جَزَاؤُهُ أَن يُوفيه أجره فَيَقُول: فَإِنِّي أشهدكم يَا ملائكتي أَنِّي قد جعلت ثوابهم من صِيَامهمْ شهر رَمَضَان وقيامه رضاي ومغفرتي وَيَقُول: يَا عبَادي سلوني فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا تَسْأَلُونِي الْيَوْم شَيْئا فِي جمعكم لآخرتكم إِلَّا أَعطيتكُم وَلَا لدنياكم إِلَّا نظرت لكم فَوَعِزَّتِي لأسترن عَلَيْكُم عثراتكم مَا راقبتموني وَعِزَّتِي لَا أخزيكم وَلَا أفضحكم بَين يَدي أَصْحَاب الْحُدُود انصرفوا مغفوراً لكم قد أرضيتموني ورضيت عَنْكُم فتفرح الْمَلَائِكَة وَيَسْتَغْفِرُونَ بِمَا يُعْطي الله هَذِه الْأمة إِذا أفطروا من شهر رَمَضَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: أوحى الله إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي افترضت على عبَادي الصّيام وَهُوَ شهر رَمَضَان يَا مُوسَى من وافى الْقِيَامَة وَفِي صَحِيفَته عشر رمضانات فَهُوَ من الابدال وَمن وافى الْقِيَامَة وَفِي صَحِيفَته عشرُون رمضاناً فَهُوَ من المخبتين وَمن وافى الْقِيَامَة وَفِي صفحته ثَلَاثُونَ رمضاناً فَهُوَ من أفضل الشُّهَدَاء عِنْدِي ثَوابًا يَا مُوسَى إِنِّي آمُر حَملَة الْعَرْش إِذا دخل شهر رَمَضَان أَن يمسكوا عَن الْعِبَادَة فَكلما دَعَا صائمو رَمَضَان بدعوة وَأَن يَقُولُوا آمين وَإِنِّي أوجبت على نَفسِي أَن لَا أرد دَعْوَة صائمي رَمَضَان يَا مُوسَى إِنِّي ألهم فِي رَمَضَان السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال وَالدَّوَاب والهوام أَن يَسْتَغْفِرُوا لصائمي رَمَضَان يَا مُوسَى اطلب ثَلَاثَة مِمَّن يَصُوم رَمَضَان فصل مَعَهم وكل واشرب مَعَهم فَإِنِّي لَا أنزل عقوبتي وَلَا نقمتي فِي بقْعَة فِيهَا ثَلَاثَة مِمَّن يَصُوم رَمَضَان يَا مُوسَى إِن كنت مُسْفِرًا فاقدم وَإِن كنت مَرِيضا فمرهم أَن يحملوك وَقل للنِّسَاء وَالْحيض وَالصبيان الصغار أَن يبرزوا مَعَك حَيْثُ يبرز صائمو رَمَضَان عِنْد صَوْم رَمَضَان فَإِنِّي لَو أَذِنت لسمائي وأرضي لسلمتا عَلَيْهِم ولكلمتاهم ولبشرتاهم بِمَا أجيزهم إِنِّي أَقُول لعبادي الَّذين صَامُوا رَمَضَان ارْجعُوا إِلَى رحالكُمْ فقد

أرضيتموني وَجعلت ثوابكم من صِيَامكُمْ أَن أعتقكم من النَّار وَأَن احاسبكم حسابا يَسِيرا وَأَن أقيل لكم العثرة وأخلف لكم النَّفَقَة وَأَن لَا أفضحكم بَين يَدي أحد وَعِزَّتِي لَا تَسْأَلُونِي شَيْئا بعد صِيَام رَمَضَان موقفكم هَذَا من آخرتكم إِلَّا أَعطيتكُم وَلَا تَسْأَلُونِي شَيْئا من أَمر دنياكم إِلَّا نظرت لكم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني عَن عمر بن الْخطاب قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ذَاكر الله فِي رَمَضَان مغْفُور وَسَائِل الله فِيهِ لَا يخيب وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَجود النَّاس بِالْخَيرِ وَكَانَ أَجود مَا يكون فِي رَمَضَان حِين يلقاه جِبْرِيل وَكَانَ يلقاه جِبْرِيل كل لَيْلَة فِي رَمَضَان حَتَّى يَنْسَلِخ يعرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ الْقُرْآن فَإِذا لقِيه جِبْرِيل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَجود بِالْخَيرِ من الرّيح الْمُرْسلَة وَأخرج ابْن ماجة عَن أنس قَالَ: دخل رَمَضَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّهْر قد حضركم وَفِيه لَيْلَة خير من ألف شهر من حرمهَا فقد الْحرم الْخَيْر كُله وَلَا يحرم خَيرهَا إِلَّا محروم وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تبَارك وَتَعَالَى عُتَقَاء فِي كل يَوْم وَلَيْلَة من رَمَضَان وَإِن لكل مُسلم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة دَعْوَة مستجابة وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان نظر الله إِلَى خلقه وَإِذا نظر الله إِلَى عَبده لم يعذبه أبدا وَللَّه فِي كل يَوْم ألف ألف عَتيق من النَّار فَإِذا كَانَت لَيْلَة تسع وَعشْرين أعتق الله فِيهَا مثل جَمِيع مَا أعتق فِي الشَّهْر كُله فَإِذا كَانَت لَيْلَة الْقدر ارتجت الْمَلَائِكَة وتجلى الْجَبَّار بنوره مَعَ أَنه لَا يصفه الواصفون فَيَقُول لملائكته وهم فِي عيدهم من الْغَد: يَا معشر الْمَلَائِكَة مَا جَزَاء الْأَجِير إِذا وفى عمله تَقول الْمَلَائِكَة: يُوفى أجره فَيَقُول الله: أشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْمًا وَحضر رَمَضَان: أَتَاكُم شهر بركَة يغشاكم الله فِيهِ فتنزل الرَّحْمَة وتحط الْخَطَايَا ويستجيب فِيهِ الدُّعَاء ينظر الله إِلَى تنافسكم ويباهي بكم مَلَائكَته فأروا الله من أَنفسكُم خيرا فَإِن الشقي من حرم فِيهِ رَحْمَة الله عز وَجل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هَذَا رَمَضَان قد جَاءَ تفتح فِيهِ أَبْوَاب الْجنَّة وتغلق فِيهِ أَبْوَاب النَّار وتغل فِيهِ الشَّيَاطِين بعدا لمن أدْرك رَمَضَان فَلم يغْفر لَهُ إِذا لم يغْفر لَهُ فِيهِ فَمَتَى وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن شهر رَمَضَان شهر أمتِي يمرض مريضهم فيعودنه فَإِذا صَامَ مُسلم لم يكذب وَلم يغتب وفطره طيب وَيسْعَى إِلَى العتمات محافظاً على فَرَائِضه خرج من ذنُوبه كَمَا تخرج الْحَيَّة من سلخها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني فِي ترغيبه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ يَوْمًا من رَمَضَان فَسلم من ثَلَاث ضمنت لَهُ الْجنَّة فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح: يَا رَسُول الله على مَا فِيهِ سوى الثَّلَاث قَالَ: على مَا فِيهِ سوى الثَّلَاث لِسَانه وبطنه وفرجه وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: تَسْبِيحَة فِي شهر رَمَضَان أفضل من ألف تَسْبِيحَة فِي غَيره وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن مُعلى بن الْفضل قَالَ: كَانُوا يدعونَ الله عز وَجل سِتَّة أشهر أَن يبلغهم شهر رَمَضَان وَيدعونَ الله سِتَّة أشهر أَن يتَقَبَّل مِنْهُم وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: فضل الْجُمُعَة فِي شهر رَمَضَان على سَائِر أَيَّامه كفضل رَمَضَان على سَائِر الشُّهُور وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: صَوْم يَوْم من رَمَضَان أفضل من ألف يَوْم وتسبيحة فِي رَمَضَان أفضل من ألف تَسْبِيحَة وركعة فِي رَمَضَان أفضل من ألف رَكْعَة وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سلم رَمَضَان سلمت السّنة وَإِذا سلمت الْجُمُعَة سلمت الْأَيَّام وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن مَكْحُول وَالقَاسِم بن مخيمرة وَعبد بن أبي لبَابَة قَالُوا: سمعنَا أَبَا لبَابَة الْبَاهِلِيّ وَوَائِلَة بن الْأَسْقَع وَعبد الله بن بشر سمعُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الْجنَّة لتتزين من الْحول إِلَى الْحول لشهر رَمَضَان ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صان نَفسه وَدينه فِي شهر رَمَضَان زوّجه الله من الْحور الْعين وَأَعْطَاهُ قصراً من قُصُور الْجنَّة وَمن عمل سَيِّئَة أَو رمى بهَا مُؤمنا بِبُهْتَان أَو

شرب مُسكرا فِي شهر رَمَضَان أحبط الله عمله سنة ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا شهر رَمَضَان لِأَنَّهُ شهر الله جعل لكم أحد عشر شهرا تشبعون فِيهَا وتروون وَشهر رَمَضَان شهر الله فاحفظوا فِيهِ أَنفسكُم وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمتِي لن يخزوا أبدا مَا أَقَامُوا شهر رَمَضَان فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: وَمَا خزيهم من إضاعتهم شهر رَمَضَان فَقَالَ: انتهاك الْمَحَارِم من عمل سوءا أَو زنى أَو سرق لم يقبل مِنْهُ شهر رَمَضَان ولعنة الرب وَالْمَلَائِكَة إِلَى مثلهَا من الْحول فَإِن مَاتَ قبل شهر رَمَضَان فليبشر بالنَّار فَاتَّقُوا شهر رَمَضَان فَإِن الْحَسَنَات تضَاعف فِيهِ وَكَذَلِكَ السَّيِّئَات وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن عَليّ قَالَ: لما كَانَ أوّل لَيْلَة من رَمَضَان قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأثْنى على الله وَقَالَ: أَيهَا النَّاس قد كفاكم الله عَدوكُمْ من الْجنَّة ووعدكم الاجابة وَقَالَ (ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم) (غَافِر الْآيَة 60) أَلا وَقد وكل الله بِكُل شَيْطَان مُرِيد سَبْعَة من الْمَلَائِكَة فَلَيْسَ بمحلول حَتَّى يَنْقَضِي شهر رَمَضَان أَلا وأبواب السَّمَاء مفتحة من أول لَيْلَة مِنْهُ إِلَى آخر لَيْلَة مِنْهُ أَلا وَالدُّعَاء فِيهِ مَقْبُول حَتَّى إِذا كَانَ أول لَيْلَة من الْعشْر شمر وَشد المئزر وَخرج من بَيته واعتكفهن وَأَحْيَا اللَّيْل قيل: وَمَا شدّ المئزر قَالَ: كَانَ يعتزل النِّسَاء فِيهِنَّ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن اسحق بن أبي اسحق أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ لكعب: تَجِدُونَ رَمَضَان عنْدكُمْ قَالَ: نجده حطة وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن مرّة الْجُهَنِيّ قَالَ جَاءَ رجل من قضاعة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَرَأَيْت إِن شهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَصليت الصَّلَوَات الْخمس وَصمت رَمَضَان وقمته وآتيت الزَّكَاة فَمن أَنا فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ على هَذَا كَانَ مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة هَكَذَا - وَنصب أصبعيه - مَا لم يعق وَالِديهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ أَنه كَانَ يخْطب إِذا حضر رَمَضَان ثمَّ يَقُول: هَذَا الشَّهْر الْمُبَارك الَّذِي فرض الله صِيَامه وَلم يفْرض قِيَامه ليحذر الرجل أَن يَقُول: أَصوم إِذا صَامَ فلَان وَأفْطر إِذا أفطر أَلا إِن الصّيام لَيْسَ من الطَّعَام وَالشرَاب

وَلَكِن من الْكَذِب وَالْبَاطِل واللغو أَلا لَا تقدمُوا الشَّهْر إِذا رَأَيْتُمْ الْهلَال فصوموا وَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فافطروا فَإِن غم عَلَيْكُم فَأتمُّوا الْعدة وَأما قَوْله تَعَالَى: {الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن} أخرج أَحْمد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن وائلة بن الْأَسْقَع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أنزلت صحف إِبْرَاهِيم فِي أول لَيْلَة من رَمَضَان وأنزلت التَّوْرَاة لست مضين من رَمَضَان وَأنزل الانجيل لثلاث عشرَة خلت من رَمَضَان وَأنزل الزبُور لثمان عشرَة من رَمَضَان وَأنزل الله الْقُرْآن لأَرْبَع وَعشْرين خلت من رَمَضَان وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: أنزل الله صحف إِبْرَاهِيم أول لَيْلَة من رَمَضَان وَأنزل التَّوْرَاة على مُوسَى لست خلون من رَمَضَان وَأنزل الزبُور على دَاوُد لِاثْنَتَيْ عشرَة خلت من رَمَضَان وَأنزل الانجيل على عِيسَى لثماني عشرَة خلت من رَمَضَان وَأنزل الْفرْقَان على مُحَمَّد لأَرْبَع وَعشْرين خلت من رَمَضَان وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي الْجلد قَالَ: أنزل الله صحف إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي أول لَيْلَة من رَمَضَان وَأنزل الإِنجيل لثماني عشرَة خلون شهر من رَمَضَان وَأنزل الْقُرْآن لأَرْبَع وَعشْرين لَيْلَة خلت من رَمَضَان وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَعْطَيْت السَّبع الطوَال مَكَان التَّوْرَاة وَأعْطيت الْمُبين مَكَان الانجيل وَأعْطيت المثاني مَكَان الزبُور وفضلت بالمفصل وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن عَائِشَة قَالَت: أنزلت الصُّحُف الأولى فِي أول يَوْم من رَمَضَان وأنزلت التَّوْرَاة فِي سِتّ من رَمَضَان وَأنزل الإِنجيل فِي اثْنَتَيْ عشرَة من رَمَضَان وَأنزل الزبُور فِي ثَمَانِي عشرَة من رَمَضَان وَأنزل الْقُرْآن فِي أَربع وَعشْرين من رَمَضَان وَأخرج ابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مقسم قَالَ: سَأَلَ عَطِيَّة بن الْأسود ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِنَّه قد وَقع فِي قلبِي الشَّك فِي قَوْله الله {شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن} وَقَوله (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر (الْقدر الْآيَة 1) وَقَوله (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة) (الدُّخان الْآيَة 3)

وَقد أنزل فِي شوّال وَذي الْقعدَة وَذي الْحجَّة وَالْمحرم وَشهر ربيع الأول فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فِي رَمَضَان وَفِي لَيْلَة الْقدر وَفِي لَيْلَة مباركة جملَة وَاحِدَة ثمَّ أنزل بعد ذَلِك على مواقع النَّجْم مُرْسلا فِي الشُّهُور وَالْأَيَّام وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزل الْقُرْآن جملَة وَفِي لفظ: فصل الْقُرْآن من الذّكر لاربعة وَعشْرين من رَمَضَان فَوضع فِي بَيت الْعِزَّة فِي السَّمَاء الدُّنْيَا فَجعل جِبْرِيل ينزله على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرتله ترتيلاً وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: شهر رَمَضَان وَاللَّيْلَة الْمُبَارَكَة وَلَيْلَة الْقدر فَإِن لَيْلَة الْقدر هِيَ اللَّيْلَة الْمُبَارَكَة وَهِي فِي رَمَضَان نزل الْقُرْآن جملَة من الذّكر إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور وَهُوَ موقع النُّجُوم فِي السَّمَاء الدُّنْيَا حَيْثُ وَقع الْقُرْآن ثمَّ نزل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك فِي الْأَمر وَالنَّهْي وَفِي الحروب رسلًا رسلًا وَأخرج ابْن الضريس وَالنَّسَائِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزل الْقُرْآن كُله جملَة وَاحِدَة فِي لَيْلَة الْقدر فِي رَمَضَان إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَكَانَ الله إِذا أَرَادَ أَن يحدث فِي الأَرْض شَيْئا أنزلهُ مِنْهُ حَتَّى جُمُعَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزل الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة على جِبْرِيل فِي لَيْلَة الْقدر فَكَانَ لَا ينزل مِنْهُ إِلَّا مَا أَمر بِهِ وَأخرج ابْن الضريس عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: نزل الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة فِي رَمَضَان فِي لَيْلَة الْقدر فَجعل فِي بَيت الْعِزَّة ثمَّ أنزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عشْرين سنة جَوَاب كَلَام النَّاس وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن بن عَليّ أَنه لما قتل عَليّ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: وَالله لقد قتلتم اللَّيْلَة رجلا فِي لَيْلَة نزل فِيهَا الْقُرْآن فِيهَا رفع عِيسَى بن مَرْيَم وفيهَا قتل يُوشَع بن نون وفيهَا تيب على بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: بَلغنِي أَنه كَانَ ينزل فِيهِ من الْقُرْآن حَتَّى انْقَطع الْوَحْي وَحَتَّى مَاتَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ ينزل من الْقُرْآن فِي لَيْلَة الْقدر كل شَيْء ينزل من الْقُرْآن فِي تِلْكَ السّنة فَينزل ذَلِك من السَّمَاء السَّابِعَة على جِبْرِيل فِي السَّمَاء الدُّنْيَا فَلَا ينزل جِبْرِيل من ذَلِك على مُحَمَّد إِلَّا بِمَا أمره ربه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الضريس عَن دَاوُد بن أبي هِنْد قَالَ: قلت لعامر الشّعبِيّ: شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن فَهَل كَانَ نزل عَلَيْهِ فِي سَائِر السّنة إِلَّا مَا فِي رَمَضَان قَالَ: بلَى وَلَكِن جِبْرِيل كَانَ يُعَارض مُحَمَّدًا مَا أنزل فِي السّنة فِي رَمَضَان فَيحكم الله مَا يَشَاء وَيثبت مَا يَشَاء وينسخ مَا ينْسَخ وينسيه مَا يَشَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن} يَقُول: الَّذِي أنزل صَوْمه فِي الْقُرْآن وَأما قَوْله تَعَالَى: {هدى للنَّاس وبينات من الْهدى وَالْفرْقَان} أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {هدى للنَّاس} قَالَ: يَهْتَدُونَ بِهِ {وبينات من الْهدى} قَالَ: فِيهِ الْحَلَال وَالْحرَام وَالْحُدُود وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {وبينات من الْهدى وَالْفرْقَان} قَالَ: بَيِّنَات من الْحَلَال وَالْحرَام وَأما قَوْله تَعَالَى: {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} أخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ يَوْم عَاشُورَاء يصام قبل أَن ينزل شهر رَمَضَان فَلَمَّا نزل رَمَضَان ترك أخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر بصيام يَوْم عَاشُورَاء ويحثنا عَلَيْهِ ويتعاهدنا عِنْده فَلَمَّا فرض رَمَضَان لم يَأْمُرنَا وَلم ينهنا عَنهُ وَلم يتعاهدنا عِنْده وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} قَالَ: هُوَ هَلَاكه بِالدَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} قَالَ: من كَانَ مُسَافِرًا فِي بلد مُقيم فليصمه وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} قَالَ: إِذا كَانَ مُقيما وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: من أدْركهُ رَمَضَان وَهُوَ مُقيم ثمَّ سَافر فقد لزمَه الصَّوْم لِأَن الله يَقُول {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عمر فِي قَوْله {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} قَالَ: من أدْركهُ رَمَضَان فِي أَهله ثمَّ أَرَادَ السّفر فليصم وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أفطر يَوْمًا من شهر رَمَضَان فِي الْحَضَر فليهد بَدَنَة فَإِن لم يجد فليطعم ثَلَاثِينَ صَاعا من تمر للْمَسَاكِين وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَمن كَانَ مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر} أخرج ابْن جرير عَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَا: إِذا لم يسْتَطع الْمَرِيض أَن يُصَلِّي قَائِما أفطر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: الصّيام فِي السّفر مثل الصَّلَاة تقصر إِذا أفطرت وتصوم إِذا وفيت الصَّلَاة وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس بن مَالك الْقشيرِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله وضع عَن الْمُسَافِر الصَّوْم وَشطر الصَّلَاة وعَلى الحبلى والمرضع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الصَّوْم فِي السّفر فَقَالَ: يسر وعسر فَخذ بيسر الله وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة أَن حَمْزَة الْأَسْلَمِيّ سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّوْم فِي السّفر فَقَالَ: إِن شِئْت فَصم وَإِن شِئْت فافطر وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَصَححهُ عَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أجد قوّة على الصّيام فِي السّفر فَهَل عليّ جنَاح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هِيَ رخصَة من الله تَعَالَى من أَخذ بهَا فَحسن وَإِن أحب أَن يَصُوم فَلَا جنَاح عَلَيْهِ وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم عَن الصَّوْم فِي السّفر فَقَالَ: إِن شِئْت أَن تَصُوم فَصم وَإِن شِئْت أَن تفطر فافطر وَأخرج عبد بن حميد وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة قَالَت كل قد فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد صَامَ وَأفْطر وَأتم وَقصر فِي السّفر وَأخرج الْخَطِيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن معَاذ بن جبل قَالَ صَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مَا أنزلت عَلَيْهِ آيَة الرُّخْصَة فِي السّفر

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عِيَاض قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسَافِرًا فِي رَمَضَان فَنُوديَ فِي النَّاس: من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر فَقيل لأبي عِيَاض: كَيفَ فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صَامَ وَكَانَ أحقهم بذلك وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا أعيب على من صَامَ وعَلى من أفطر فِي السّفر وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب وعامر أَنَّهُمَا اتفقَا أَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يسافرون فِي رَمَضَان فيصوم الصَّائِم وَيفْطر الْمُفطر فَلَا يعيب الْمُفطر على الصَّائِم وَلَا الصَّائِم على الْمُفطر وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد عَن أنس بن مَالك قَالَ: سافرنا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَمَضَان فصَام بَعْضنَا وَأفْطر بَعْضنَا فَلم يعب الصَّائِم على الْمُفطر وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كُنَّا نسافر مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شهر رَمَضَان فمنا الصَّائِم وَمنا الْمُفطر فَلَا يجد الْمُفطر على الصَّائِم وَلَا الصَّائِم على الْمُفطر وَكَانُوا يرَوْنَ أَنه من وجد قوّة فصَام محسن وَمن وجد ضعفا فَأفْطر محسن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن كَعْب بن عَاصِم الْأَشْعَرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر قَالَ: لِأَن أفطر فِي رَمَضَان فِي السّفر أحب إليّ من أَن أَصوم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عمر قَالَ: الإِفطار فِي السّفر صَدَقَة تصدق الله بهَا على عباده وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر أَنه سَأَلَ عَن الصَّوْم فِي السّفر فَقَالَ: رخصَة نزلت من السَّمَاء فَإِن شِئْتُم فردوها

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن الصَّوْم فِي السّفر فَقَالَ: لَو تَصَدَّقت بِصَدقَة فَردَّتْ ألم تكن تغْضب إِنَّمَا هُوَ صَدَقَة صدقهَا الله عَلَيْكُم وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَائِم رَمَضَان فِي السّفر كالمفطر فِي الْحَضَر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الإِفطار فِي السّفر كالمفطر فِي الْحَضَر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الإِفطار فِي السّفر عَزمَة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحرز بن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ فِي سفر فصَام رَمَضَان فَلَمَّا رَجَعَ أمره أَبُو هُرَيْرَة أَن يَقْضِيه وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر بن ربيعَة: أَن عمر أَمر رجلا صَامَ لامضان فِي السّفر أَن يُعِيد وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد عَن عَامر بن عبد الْعَزِيز أَنه سُئِلَ عَن الصَّوْم فِي السّفر فَقَالَ: إِن كَانَ أَهْون عَلَيْك فَصم وَفِي لفظ: إِذا كَانَ يسر فصوموا وَإِن كَانَ عسر فافطروا قَالَ الله {يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر} وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير عَن خَيْثَمَة قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك عَن الصَّوْم فِي السّفر فَقَالَ: يَصُوم قلت: فَأَيْنَ هَذِه الْآيَة {فَعدَّة من أَيَّام أخر} قَالَ: إِنَّهَا نزلت يَوْم نزلت وَنحن نرتحل جياعاً وننزل على غير شبع وَالْيَوْم نرتحل شباعاً وننزل على شبع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أنس قَالَ: من أفطر فَهِيَ رخصَة وَمن صَامَ فَهُوَ أفضل وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم وَسَعِيد بن جُبَير وَمُجاهد أَنهم قَالُوا فِي الصَّوْم فِي السّفر: إِن شِئْت فافطر وَإِن شِئْت فَصم وَالصَّوْم أفضل وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق الْعَوام عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصُوم وَيفْطر فِي السّفر وَيرى أَصْحَابه أَنه يَصُوم وَيَقُول: كلوا إِنِّي أظل يطعمني رَبِّي ويسقيني قَالَ الْعَوام: فَقلت لمجاهد: فَأَي ذَلِك يرى قَالَ: صَوْم فِي رَمَضَان أفضل من صَوْم فِي غير رَمَضَان وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق أبي البخْترِي قَالَ: قَالَ عُبَيْدَة: إِذا سَافر

الرجل وَقد صَامَ فِي رَمَضَان فليصم مَا بَقِي ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: من شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين سَأَلت عُبَيْدَة قلت: أسافر فِي رَمَضَان قَالَ: لَا وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: إِذا أدْرك الرجل رَمَضَان فَلَا يخرج فَإِن خرج وَقد صَامَ شَيْئا مِنْهُ فليصمه فِي السّفر فَإِنَّهُ ان يقضه فِي رَمَضَان أحب إِلَيّ من أَن يَقْضِيه فِي غَيره وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مجلز قَالَ: إِذا دخل شهر رَمَضَان فَلَا يسافرن الرجل فَإِن أَبى إِلَّا أَن يُسَافر فليصم وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم أَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد جَاءَ إِلَى عَائِشَة يسلم عَلَيْهَا وَهُوَ فِي رَمَضَان فَقَالَت: أَيْن تُرِيدُ قَالَ: الْعمرَة قَالَت: قعدت حَتَّى دخل هَذَا الشَّهْر لَا تخرج قَالَ: فَإِن أَصْحَابِي وَأَهلي قد خَرجُوا قَالَت: وَإِن فردهم ثمَّ أقِم حَتَّى تفطر وَأخرج عبد بن حميد عَن أم درة قَالَت: كنت عِنْد عَائِشَة فجَاء رَسُول الي وَذَلِكَ فِي رَمَضَان فَقَالَت لي عَائِشَة: مَا هَذَا فَقلت: رَسُول أخي يُرِيد أَن نخرج قَالَت: لَا تخرجي حَتَّى يَنْقَضِي الشَّهْر فَإِن رَمَضَان لَو أدركني وَأَنا فِي الطَّرِيق لأقمت وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: لَا بَأْس أَن يُسَافر الرجل فِي رَمَضَان وَيفْطر إِن شَاءَ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: لم يَجْعَل الله رَمَضَان قيدا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: من أدْركهُ شهر رَمَضَان فَلَا بَأْس أَن يُسَافر ثمَّ يفْطر وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد عَن سِنَان بن سَلمَة بن محبق الْهُذلِيّ عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَت لَهُ حمولة تأوي إِلَى شبع فليصم رَمَضَان حَيْثُ أدْركهُ وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تصدق بفطر رَمَضَان على مَرِيض أمتِي ومسافرها

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أنس بن مَالك عَن رجل من كَعْب قَالَ أغارت علينا خيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانتهيت إِلَيْهِ وَهُوَ يَأْكُل فَقَالَ: اجْلِسْ فأصب من طعامنا هَذَا فَقلت: يَا رَسُول الله إِنِّي صَائِم قَالَ: اجْلِسْ أحَدثك عَن الصَّلَاة وَعَن الصَّوْم: إِن الله عز وَجل وضع شطر الصَّلَاة عَن الْمُسَافِر وَوضع الصَّوْم عَن الْمُسَافِر وَالْمَرِيض وَالْحَامِل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة {فَعدَّة من أَيَّام أخر} قَالَ: إِن شَاءَ وصل وَإِن شَاءَ فرق وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَضَاء رَمَضَان قَالَ: إِن شَاءَ تَابع وَإِن شَاءَ فرق لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {فَعدَّة من أَيَّام أخر} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَضَاء رَمَضَان صم كَيفَ شِئْت وَقَالَ ابْن عمر: صمه كَمَا أفطرته وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: يَصُوم شهر رَمَضَان مُتَتَابِعًا من أفطره من مرض أَو سفر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَنه سُئِلَ عَن قَضَاء رَمَضَان فَقَالَ: إِنَّمَا قَالَ الله {فَعدَّة من أَيَّام أخر} فَإِذا أحصى الْعدة فَلَا بَأْس بِالتَّفْرِيقِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح أَنه سُئِلَ عَن قَضَاء رَمَضَان مُتَفَرقًا فَقَالَ: إِن الله لم يرخص لكم فِي فطره وَهُوَ يُرِيد أَن يشق عَلَيْكُم فِي قَضَائِهِ فاحصر الْعدة واصنع مَا شِئْت وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن رَافع بن خديج قَالَ: احصر الْعدة وصم كَيفَ شِئْت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن معَاذ بن جبل أَنه سُئِلَ عَن قَضَاء رَمَضَان فَقَالَ: احصر الْعدة وصم كَيفَ شِئْت وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: فرق قَضَاء رَمَضَان إِنَّمَا قَالَ الله {فَعدَّة من أَيَّام أخر} وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن امْرَأَة سَأَلته: كَيفَ تقضي رَمَضَان فَقَالَ: صومي كَيفَ شِئْت واحصي الْعدة فَإِنَّمَا {يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت / فَعدَّة من أَيَّام أخر مُتَتَابِعَات / فَسَقَطت مُتَتَابِعَات قَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَي نسخت وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ عَلَيْهِ صَوْم من رَمَضَان فليسرده وَلَا يفرقه وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَضَعفه عَن عبد الله بن عَمْرو سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَضَاء رَمَضَان فَقَالَ: يَقْضِيه تباعا وان فرقه أَجزَأَهُ وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي قَضَاء رَمَضَان إِن شَاءَ فرق وَإِن شَاءَ تَابع وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ بَلغنِي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن تقطيع قَضَاء صِيَام شهر رَمَضَان فَقَالَ: ذَاك إِلَيْك أَرَأَيْت لَو كَانَ على أحدكُم دين فَقضى الدِّرْهَم وَالدِّرْهَمَيْنِ ألم يكن قَضَاء فَالله تَعَالَى أَحَق أَن يقْضى وَيغْفر قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: اسناده حسن إِلَّا أَنه مُرْسل ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق آخر مَوْصُولا عَن جَابر مَرْفُوعا وَضَعفه أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر} قَالَ: الإِفطار فِي السّفر والعسر الصَّوْم فِي السّفر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن محجن بن الأدرع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يُصَلِّي فتراءاه ببصره سَاعَة فَقَالَ: أتراه يُصَلِّي صَادِقا قلت: يَا رَسُول الله هَذَا أَكثر أهل الْمَدِينَة صَلَاة فَقَالَ: لَا تسمعه فتهلكه وَقَالَ: إِن الله إِنَّمَا أَرَادَ بِهَذِهِ الْأمة الْيُسْر وَلَا يُرِيد بهم الْعسر وَأخرج أَحْمد عَن الْأَعْرَج أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن خير دينكُمْ أيسره إِن خير دينكُمْ أيسره وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة التَّمِيمِي قَالَ سَأَلَ النَّاس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل علينا حرج فِي كَذَا فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِن دين الله يسر ثَلَاثًا يَقُوله

وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يسروا وَلَا تُعَسِّرُوا وَسَكنُوا وَلَا تنفرُوا وَأخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذَا الدّين متين فأوغلوا فِيهِ بِرِفْق وَأخرج الْبَزَّار عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذَا الدّين متين فأوغل فِيهِ بِرِفْق فَإِن المنبت لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الإِسلام ذَلُول لَا يركب إِلَّا ذلولاً وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الدّين يسر وَلنْ يغالب الدّين أحد إِلَّا غَلبه سددوا وقاربوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بالغدوة والروحة وَشَيْء من الدلجة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي فَانْطَلَقْنَا نمشي جَمِيعًا فَإِذا رجل بَين أَيْدِينَا يُصَلِّي يكثر الرُّكُوع وَالسُّجُود فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ترَاهُ مرائياً قلت: الله وَرَسُوله أعلم فَأرْسل يَدي فَقَالَ: عَلَيْكُم هَديا قَاصِدا فَإِنَّهُ من يشاد هَذَا الدّين يغلبه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن هَذَا الدّين متين فأوغل فِيهِ بِرِفْق وَلَا تكْرهُوا عبَادَة الله إِلَى عباده فَإِن المنبت لَا يقطع سفرا وَلَا يستبقي ظهرا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن هَذَا الدّين متين فأوغل بِهِ بِرِفْق وَلَا تبغض إِلَى نَفسك عبَادَة رَبك فَإِن المنبت لَا سفر قطع وَلَا ظهرا أبقى فاعمل عمل امرىء يظنّ أَن لن يَمُوت أبدا وَاحْذَرْ حذرا تخشى أَن تَمُوت غَدا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تشددوا على أَنفسكُم فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بتشديدهم على أنفسهم وستجدون بقاياهم فِي الصوامع والديارات وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق معبد الْجُهَنِيّ عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعلم أفضل من الْعَمَل وَخير الْأَعْمَال أوسطها وَدين الله بَين القاسي والغالي والحسنة بَين الشَّيْئَيْنِ لَا ينالها إِلَّا بِاللَّه وَشر السّير الْحَقْحَقَةُ

وَأخرج ابْن عبيد وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِسْحَق بن سُوَيْد قَالَ: تعبّد عبد الله بن مطرف فَقَالَ لَهُ مطرف: يَا عبد الله الْعلم أفضل من الْعَمَل والحسنة بَين الشَّيْئَيْنِ وَخير الْأُمُور أوساطها وَشر السّير الْحَقْحَقَةُ وَأخرج أَبُو عبيد وَالْبَيْهَقِيّ عَن تَمِيم الدَّارِيّ قَالَ: خُذ من دينك لنَفسك وَمن نَفسك لدينك حَتَّى يَسْتَقِيم بك الْأَمر على عبَادَة تطيقها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يحب أَن يُؤْتى رخصه كَمَا يحب أَن تُؤْتى عَزَائِمه وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يحب أَن تُؤْتى رخصه كَمَا يحب أَن تُؤْتى عَزَائِمه وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يحب أَن تُؤْتى رخصه كَمَا لَا يحب أَن تُؤْتى مَعْصِيَته وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْأَدْيَان أحب إِلَى الله قَالَ: الحنيفية السمحة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر أَن رجلا قَالَ لَهُ: إِنِّي أقوى على الصّيام فِي السّفر فَقَالَ ابْن عمر: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من لم يقبل رخصَة الله كَانَ عَلَيْهِ من الاثم مثل جبال عَرَفَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن يزِيد بن أَدِيم قَالَ: حَدثنِي أَبُو الدَّرْدَاء ووأئلة بن الْأَسْقَع وَأَبُو أُمَامَة وَأنس بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يحب أَن تقبل رخصه كَمَا يحب العَبْد مغْفرَة ربه وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة قَالَت وضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذقني على مَنْكِبه لأنظر زفن الْحَبَشَة حَتَّى كنت الَّذِي مللت وانصرفت عَنْهُم قَالَت: وَقَالَ يَوْمئِذٍ: لتعلم يهود أَن فِي ديننَا فسحة أَي أرْسلت بحنيفية سَمْحَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن الْحسن قَالَ: إِن دين الله وضع دون الغلو وَفَوق التَّقْصِير وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا تَعب على من صَامَ فِي السّفر وَلَا على من أفطر خُذ بأيسرهما عَلَيْك قَالَ الله تَعَالَى {يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد قَالَ: خُذ بأيسرهما عَلَيْك فَإِن الله لم يرد إِلَّا الْيُسْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {ولتكملوا الْعدة} قَالَ: عدَّة رَمَضَان وَأخرج أَبُو ادود وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقدمُوا الشَّهْر حَتَّى تروا الْهلَال أَو تكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ ثمَّ صُومُوا حَتَّى تروا الْهلَال أَو تكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقدمُوا الشَّهْر بصيام يَوْم وَلَا يَوْمَيْنِ إِلَّا أَن يكون شَيْء يَصُومهُ أحدكُم وَلَا تَصُومُوا حَتَّى تروه ثمَّ صُومُوا حَتَّى تروه فَإِن حَال دونه الْغَمَام فَأتمُّوا الْعدة ثَلَاثِينَ ثمَّ افطروا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صُومُوا لرُؤْيَته وَافْطرُوا لرُؤْيَته فَإِن غيم عَلَيْكُم الشَّهْر فأكملوا الْعدة وَفِي لفظ: فعدوا ثَلَاثِينَ وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن رَافع بن خديج قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احصوا عدَّة شعْبَان لرمضان وَلَا تقدمُوا الشَّهْر بِصَوْم فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فصوموا وَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فافطروا فَإِن غم عَلَيْكُم فاكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ افطروا فَإِن الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَحبس ابهامه فِي الثَّالِثَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب قَالَ: إِنَّا اصطحبنا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وانهم حدثونا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صُومُوا لرُؤْيَته وَافْطرُوا لرُؤْيَته فَإِن أغمى عَلَيْكُم فعدوا ثَلَاثِينَ فَإِن شهد ذُو عدل فصوموا وَافْطرُوا وانسكوا وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصبح صَائِما لتَمام الثَّلَاثِينَ من رَمَضَان فجَاء أَعْرَابِيَّانِ فشهدا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وأنهما أهلاه بالْأَمْس فَأَمرهمْ فأفطروا

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {ولتكملوا الْعدة} قَالَ: عدَّة مَا أفطر الْمَرِيض وَالْمُسَافر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والمروزي فِي كتاب الْعِيدَيْنِ عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} قَالَ: لتكبروا يَوْم الْفطر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حق على الْمُسلمين إِذا نظرُوا إِلَى هِلَال شوّال أَن يكبروا الله حَتَّى يفرغوا من عيدهم لِأَن الله يَقُول {ولتكملوا الْعدة ولتكبروا الله} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي المعجم الصَّغِير عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَينُوا أعيادكم بِالتَّكْبِيرِ وَأخرج الْمروزِي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: كَانُوا فِي الْفطر أَشد مِنْهُم فِي الْأَضْحَى يَعْنِي فِي التَّكْبِير وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن الزُّهْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخرج يَوْم الْفطر فيكبر حَتَّى يَأْتِي الْمصلى حَيْثُ تقضى الصَّلَاة فَإِذا قضى الصَّلَاة قطع التَّكْبِير وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر مَوْصُولا عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر وَضَعفه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق نَافِع عَن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخرج إِلَى الْعِيدَيْنِ رَافعا صَوته بالتهليل وَالتَّكْبِير وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: إِن من السّنة أَن تكبر يَوْم الْعِيد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة والمروزي عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يكبر الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَللَّه الْحَمد وَأخرج ابْن أبي شيبَة والمروزي وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يكبر الله أكبر كَبِيرا الله أكبر كَبِيرا الله أكبر وَللَّه الْحَمد الله أكبر وَأجل على مَا هدَانَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: كَانَ عُثْمَان يعلمنَا التَّكْبِير الله أكبر الله أكبر الله أكبر كَبِيرا اللَّهُمَّ أَنْت أَعلَى وَأجل من أَن يكون لَك صَاحِبَة أَو يكون لَك ولد أَو يكون لَك شريك فِي الْملك أَو يكون لَك ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا اللَّهُمَّ اغْفِر لنا اللَّهُمَّ ارحمنا

186

قَوْله تَعَالَى: وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بِي لَعَلَّهُم يرشدون أخرج ابْن جرير وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الصَّلْت بن حَكِيم عَن رجل من الْأَنْصَار عَن أَبِيه عَن جده قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَقَرِيب رَبنَا فنناجيه أم بعيد فنناديه فَسكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا} إِذا أَمرتهم أَن يدعوني فدعوني أستجيب لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ سَأَلَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْن رَبنَا فَأنْزل الله {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن أنس قَالَ سَأَلَ أَعْرَابِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْن رَبنَا قَالَ: فِي السَّمَاء على عَرْشه ثمَّ تَلا (الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى) (طه الْآيَة 5) وَأنزل الله {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب} الْآيَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تعجزوا عَن الدُّعَاء فَإِن الله أنزل عليَّ {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم} فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله رَبنَا يسمع الدُّعَاء أم كَيفَ ذَلِك فَأنْزل الله {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب} الْآيَة وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه بلغه لما أنزلت (وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي أستجيب لكم) (غَافِر الْآيَة 60) قَالُوا: لَو نعلم أَي سَاعَة نَدْعُو فَنزلت {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب} إِلَى قَوْله {يرشدون} وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة فِي تَفْسِيره وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد من طَرِيق

سُفْيَان عَن أبي قَالَ قَالَ الْمُسلمُونَ يَا رَسُول الله أَقَرِيب رَبنَا فنناجيه أم بعيد فنناديه فَأنْزل الله {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنه لما أنزل الله (ادْعُونِي أستجيب لكم) (غَافِر الْآيَة 60) قَالَ رجال: كَيفَ نَدْعُو يَا نَبِي الله فَأنْزل الله {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عبيد قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (ادْعُونِي أستجيب لكم) (غَافِر الْآيَة 60) قَالُوا: كَيفَ لنا بِهِ أَن نَلْقَاهُ حَتَّى نَدْعُوهُ فَأنْزل الله {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب} الْآيَة فَقَالُوا: صدق رَبنَا وَهُوَ بِكُل مَكَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ الْمُسلمُونَ: أَقَرِيب رَبنَا فنناجيه أم بعيد فنناديه فَنزلت {فليستجيبوا لي} ليطعوني والاستجابة هِيَ الطَّاعَة {وليؤمنوا بِي} ليعلموا {فَإِنِّي قريب أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: مِفْتَاح الْبحار السفن ومفتاح الأَرْض الطّرق ومفتاح السَّمَاء الدُّعَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد فِي الزّهْد عَن كَعْب قَالَ: قَالَ مُوسَى: أَي رب أَقَرِيب أَنْت فأناجيك أم بعيد فأناديك قَالَ: يَا مُوسَى أَنا جليس من ذَكرنِي قَالَ: يَا رب فَإِن نَكُون من الْحَال على حَال نعظمك أَو نجلك أَن نذكرك عَلَيْهَا قَالَ: وماهي قَالَ: الْجَنَابَة وَالْغَائِط قَالَ: يَا مُوسَى اذْكُرْنِي على كل حَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة فَجعلنَا لَا نصعد شرفاً وَلَا نهبط وَاديا إِلَّا رفعنَا أصواتنا بِالتَّكْبِيرِ فَدَنَا منا فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أربعوا على أَنفسكُم فَإِنَّكُم لَا تدعون أَصمّ وَلَا غَائِبا إِنَّمَا تدعون سميعاً بَصيرًا إِن الَّذِي تدعون أقرب إِلَى أحدكُم من عنق رَاحِلَته وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَقُول الله: أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي وَأَنا مَعَه إِذا دَعَاني

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سلمَان الْفَارِسِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن ربكُم حَيّ كريم يستحي من عَبده إِذا رفع يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَن يردهما صفراً وَفِي لفظ: يستحي أَن يبسط العَبْد إِلَيْهِ فَيَرُدهُمَا خائبين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سلمَان قَالَ: إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أَن الله حَيّ كريم يستحي أَن يرد يدين خائبتين يسْأَل بهما خيرا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْحَاكِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ربكُم حَيّ كريم يستحي إِذا رفع العَبْد يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَن يردهما حَتَّى يَجْعَل فيهمَا خيرا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله جواد كريم يستحي من العَبْد الْمُسلم إِذا دَعَاهُ أَن يرد يَدَيْهِ صفراً لَيْسَ فيهمَا شَيْء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله حَيّ كريم يستحي أَن يرفع العَبْد يَدَيْهِ فَيَرُدهُمَا صفراً لَا خير فيهمَا فَإِذا رفع أحدكُم يَدَيْهِ فَلْيقل: يَا حَيّ يَا قيوم لَا إِلَه إِلَّا أَنْت يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ ثَلَاث مَرَّات ثمَّ إِذا أَرَادَ رد يَدَيْهِ فليفرغ الْخَيْر على وَجهه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا رفع قوم أكفهم إِلَى الله عز وَجل يسألونه شَيْئا إِلَّا كَانَ حَقًا على الله أَن يضع فِي أَيْديهم الَّذِي سَأَلُوهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله عز وَجل حَيّ كريم يستحي من عَبده أَن يرفع يَدَيْهِ فَيَرُدهُمَا صفراً لَيْسَ فيهمَا شَيْء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء عَن الْوَلِيد بن عبد الله بن أبي مغيث قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دَعَا أحدكُم فَرفع يَدَيْهِ فَإِن الله جَاعل فِي يَدَيْهِ بركَة وَرَحْمَة فَلَا يردهما حَتَّى يمسح بهما وَجهه وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَقُول الله تَعَالَى: يَا ابْن آدم وَاحِدَة لي وَوَاحِدَة لَك وَوَاحِدَة فِيمَا بيني وَبَيْنك وَوَاحِدَة فِيمَا بَيْنك وَبَين عبَادي فَأَما الَّتِي لي فتعبدني لَا تشرك بِي شَيْئا وَأما الَّتِي لَك فَمَا عملت من شَيْء أَو من عمل وفيتكه وَأما الَّتِي بيني وَبَيْنك فمنك الدُّعَاء وعليّ الاجابة وَأما الَّتِي بَيْنك وَبَين عبَادي فارض لَهُم مَا ترْضى لنَفسك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد

أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُسلم يَدْعُو الله بدعوة لَيْسَ فِيهَا اثم وَلَا قطيعة رحم إِلَّا أعطَاهُ الله بهَا إِحْدَى ثَلَاث خِصَال إِمَّا أَن يعجل لَهُ دَعوته وَإِمَّا أَن يدخرها لَهُ فِي الْآخِرَة وَإِمَّا أَن يصرف عَنهُ من السوء مثلهَا قَالُوا: إِذا نكثر قَالَ الله أَكثر وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُسْتَجَاب لأحدكم مَا لم يعجل يَقُول: دَعَوْت فَلم يستجب لي وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُغني حذر من قدر وَالدُّعَاء ينفع مِمَّا نزل وَمِمَّا لم ينزل وَإِن الْبلَاء لينزل فيتلقاه الدُّعَاء فيعتلجان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يرد الْقدر إِلَّا الدُّعَاء وَلَا يزِيد فِي الْعُمر إِلَّا الْبر وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدُّعَاء ينفع مِمَّا نزل وَمِمَّا لم ينزل فَعَلَيْكُم عباد الله بِالدُّعَاءِ وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادعوا الله وَأَنْتُم موقنون بالاجابة وَاعْلَمُوا أَن الله لَا يقبل دُعَاء من قلب غافل لاهٍ وَأخرج الْحَاكِم عَن أنس مَرْفُوعا لَا تعجزوا فِي الدُّعَاء فَإِنَّهُ لَا يهْلك مَعَ الدُّعَاء أحد وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر مَرْفُوعا يَدْعُو الله بِالْمُؤمنِ يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يوقفه بَين يَدَيْهِ فَيَقُول: عَبدِي إِنِّي أَمرتك أَن تَدعُونِي ووعدتك أَن أستجيب لَك فَهَل كنت تَدعُونِي فَيَقُول: نعم يَا رب فَيَقُول: أما أَنَّك لم تَدعُونِي بدعوة إِلَّا أستجيب لَك أَلَيْسَ دعوتني يَوْم كَذَا وَكَذَا لغم نزل بك أَن أفرج عَنْك ففرجت عَنْك فَيَقُول: بلَى يَا رب فَيَقُول: فَإِنِّي عجلتها لَك فِي الدُّنْيَا وَدَعَوْتنِي يَوْم كَذَا وَكَذَا لغم نزل بك أَن أفرج عَنْك فَلم تَرَ فرجا فَيَقُول: نعم يَا رب فَيَقُول: إِنِّي ادخرت لَك بهَا فِي الْجنَّة كَذَا وَكَذَا وَدَعَوْتنِي فِي حَاجَة قضيتها لَك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَلَا يَدْعُو الله عَبده الْمُؤمن إِلَّا بَين لَهُ إِمَّا أَن يكون عجل لَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا أَن يكون ادخر لَهُ فِي الْآخِرَة فَيَقُول الْمُؤمن فِي ذَلِك الْمقَام: يَا ليته لم يكن عجل لَهُ شَيْء من دُعَائِهِ وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا مَا من عبد ينصب وَجه إِلَى الله فِي مَسْأَلَة إِلَّا أَعْطَاهَا إِيَّاه إِمَّا أَن يعجلها لَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا أَن يدخرها لَهُ فِي الْآخِرَة

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُسْتَجَاب لأحدكم مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم أَو يستعجل فَيَقُول: دَعَوْت فَلَا أرى تَسْتَجِيب لي فيدع الدُّعَاء وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يزَال العَبْد بِخَير مَا لم يستعجل قَالُوا: وَكَيف يستعجل قَالَ: يَقُول قد دَعَوْت ربكُم فَلم يستجب لي وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى على لِسَان نَبِي من بني إِسْرَائِيل قل لبني إِسْرَائِيل تَدعُونِي بألسنتكم وقلوبكم بعيدَة مني بَاطِل مَا تَدعُونِي وَقَالَ: تَدعُونِي وعَلى أَيْدِيكُم الدَّم اغسلوا أَيْدِيكُم من الدَّم أَي من الْخَطَايَا هلموا نادوني وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يقل أحدكُم اغْفِر لي إِن شِئْت وليعزم فِي الْمَسْأَلَة فَإِنَّهُ لَا مكره لَهُ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا على ظهر الأَرْض من رجل مُسلم يَدْعُو الله بدعوة إِلَّا آتَاهُ إِيَّاهَا أَو كف عَنهُ من السوء مثلهَا مَا لم يدع بإثم أَو قطيعة رحم وَأخرج أَحْمد عَن جَابر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من أحد يَدْعُو بِدُعَاء إِلَّا آتَاهُ الله مَا سَأَلَ وكف عَنهُ من السوء مثله مَا لم يدع باثم أَو قطيعة رحم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله إِذا أَرَادَ أَن يستجيب لعبد أذن لَهُ فِي الدُّعَاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا سَأَلَ أحدكُم ربه مَسْأَلَة فتعرف الاستجابة فَلْيقل: الْحَمد لله الَّذِي بعزته تتمّ الصَّالِحَات وَمن أَبْطَأَ عَلَيْهِ من ذَلِك شَيْء فَلْيقل الْحَمد لله على كل حَال وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن معَاذ بن جبل عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو عَرَفْتُمْ الله حق مَعْرفَته لزالت لدعائكم الْجبَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي ذَر قَالَ: يَكْفِي من الدُّعَاء مَعَ الْبر مَا يَكْفِي الطَّعَام من الْملح

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن شبيب قَالَ: صليت إِلَى جنب سعيد بن الْمسيب الْمغرب فَرفعت صوتي بِالدُّعَاءِ فَانْتَهرنِي وَقَالَ: ظَنَنْت أَن الله لَيْسَ بقريب مِنْك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فتح لَهُ فِي الدُّعَاء مِنْكُم فتحت لَهُ أَبْوَاب الاجابة وَلَفظ التِّرْمِذِيّ: من فتح لَهُ مِنْكُم بَاب الدُّعَاء فتحت لَهُ أَبْوَاب الرَّحْمَة وَمَا سُئِلَ شَيْئا أحب إِلَيْهِ من أَن يسْأَل الْعَافِيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَالَ: كَانَ يُقَال: إِذا بَدَأَ الرجل بالثناء قبل الدُّعَاء فقد اسْتوْجبَ وَإِذا بَدَأَ بِالدُّعَاءِ قبل الثَّنَاء كَانَ على رَجَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان قَالَ: لما خلق الله آدم قَالَ: وَاحِدَة لي وَوَاحِدَة لَك وَوَاحِدَة بيني وَبَيْنك فمنك الْمَسْأَلَة وَالدُّعَاء وَعلي الإِجابة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن نَافِع بن معد يكرب قَالَ: كنت أَنا وَعَائِشَة فَقَالَت سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه االآية {أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان} قَالَ: يَا رب مَسْأَلَة عَائِشَة فهبط جِبْرِيل فَقَالَ: الله يُقْرِئك السَّلَام هَذَا عَبدِي الصَّالح بِالنِّيَّةِ الصادقة وَقَلبه تَقِيّ يَقُول: يَا رب فَأَقُول لبيْك فاقضي حَاجته وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الدُّعَاء وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات والأصبهاني فِي التَّرْغِيب والديلمي من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حَدثنِي جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب} الْآيَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أمرت بِالدُّعَاءِ وتكفلت بالاجابة لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك لَا شريك لَك لبيْك إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك وَالْملك لَا شريك لَك اللَّهُمَّ أشهد أَنَّك فَرد أحد صَمد لم تَلد وَلم تولد وَلم يكن لَك كفوا أحد وَأشْهد أَن وَعدك حق ولقاءك حق وَالْجنَّة حق وَالنَّار حق والساعة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَنَّك تبْعَث من فِي الْقُبُور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس فِي قَوْله {فليستجيبوا لي} قَالَ: ليدعوني {وليؤمنوا بِي} انهم إِذا دَعونِي أستجيب لَهُم وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {فليستجيبوا لي} قَالَ: فليطيعوني وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي {فليستجيبوا لي} قَالَ: فليدعوني {وليؤمنوا بِي} يَقُول: إِنِّي أستجيب لَهُم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع فِي قَوْله {لَعَلَّهُم يرشدون} قَالَ: يَهْتَدُونَ

187

قَوْله تَعَالَى: أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم هن لِبَاس لكم وَأَنْتُم لِبَاس لَهُنَّ علم الله أَنكُمْ كُنْتُم تختانون أَنفسكُم فَتَابَ عَلَيْكُم وَعَفا عَنْكُم فَالْآن باشروهن وابتغوا مَا كتب الله لكم وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود من الْفجْر ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل وَلَا تباشروهن وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد تِلْكَ حُدُود الله فَلَا تقربوها كَذَلِك يبين الله آيَاته للنَّاس لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ أخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ والنحاس فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ كَانَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ الرجل صَائِما فَحَضَرَ الإِفطار فَنَامَ قبل أَن يفْطر لم يَأْكُل ليلته وَلَا يَوْمه حَتَّى يُمْسِي وَإِن قيس بن صرمة الْأنْصَارِيّ كَانَ صَائِما فَكَانَ يَوْمه ذَاك يعْمل فِي أرضه فَلَمَّا حضر الإِفطار أَتَى امْرَأَته فَقَالَ: هَل عنْدك طَعَام قَالَت: لَا وَلَكِن أَنطلق فأطلب لَك فغلبته عينه فَنَامَ وَجَاءَت امْرَأَته فَلَمَّا رَأَتْهُ نَائِما قَالَت: خيبة لَك أنمت فَلَمَّا انتصف النَّهَار غشي عَلَيْهِ فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث} إِلَى قَوْله {من الْفجْر} فَفَرِحُوا بهَا فَرحا كثيرا وَأخرج البُخَارِيّ عَن الْبَراء قَالَ: لمَّا نزل صَوْم شهر رَمَضَان كَانُوا لَا يقربون النِّسَاء رَمَضَان كُله فَكَانَ رجال يخونون أنفسهم فَأنْزل الله {علم الله أَنكُمْ كُنْتُم تختانون أَنفسكُم فَتَابَ عَلَيْكُم وَعَفا عَنْكُم} وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد حسن عَن كَعْب بن مَالك قَالَ كَانَ النَّاس فِي رَمَضَان إِذا صَامَ الرجل فَنَامَ حرم عَلَيْهِ الطَّعَام وَالشرَاب وَالنِّسَاء حَتَّى يفْطر من الْغَد فَرجع عمر بن الْخطاب من عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة وَقد سمر عِنْده فَوجدَ امْرَأَته قد نَامَتْ فأيقظها وَأَرَادَهَا فَقَالَت: إِنِّي قد نمت

فَقَالَ: مَا نمت ثمَّ وَقع بهَا وصنع كَعْب بن مَالك مثل ذَلِك فغدا عمر بن الْخطاب إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَأنْزل الله {علم الله أَنكُمْ كُنْتُم تختانون أَنفسكُم} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ قبل أَن تنزل هَذِه الْآيَة إِذا صلوا الْعشَاء الْآخِرَة حرم عَلَيْهِم الطَّعَام وَالشرَاب وَالنِّسَاء حَتَّى يفطروا وَأَن عمر أصَاب أَهله بعد صَلَاة الْعشَاء وَأَن صرمة بن قيس غلبته عينه بعد صَلَاة الْمغرب فَنَامَ فَلم يشْبع من الطَّعَام وَلم يَسْتَيْقِظ حَتَّى صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعشَاء فَقَامَ فَأكل وَشرب فَلَمَّا أصبح أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بذلك فَأنْزل {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم} يَعْنِي بالرفث مجامعة النِّسَاء {كُنْتُم تختانون أَنفسكُم} يَعْنِي تجامعون النِّسَاء وتأكلون وتشربون بعد الْعشَاء {فَالْآن باشروهن} يَعْنِي جامعوهن {وابتغوا مَا كتب الله لكم} يَعْنِي الْوَلَد {وكلوا وَاشْرَبُوا} فَكَانَ ذَلِك عفوا من الله وَرَحْمَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَن الْمُسلمين كَانُوا فِي شهر رَمَضَان إِذا صلوا الْعشَاء حرم عَلَيْهِم النِّسَاء وَالطَّعَام إِلَى مثلهَا من الْقَابِلَة ثمَّ إِن نَاسا من الْمُسلمين أَصَابُوا الطَّعَام وَالنِّسَاء فِي رَمَضَان بعد الْعشَاء مِنْهُم عمر بن الْخطاب فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {أحل لكم لَيْلَة الصّيام} إِلَى قَوْله {فَالْآن باشروهن} يَعْنِي انكحوهن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّاس أول مَا أَسْلمُوا إِذا صَامَ أحدهم يَصُوم يَوْمه حَتَّى إِذا أَمْسَى طعم من الطَّعَام حَتَّى يُمْسِي من اللَّيْلَة الْقَابِلَة وَأَن عمر بن الْخطاب بَيْنَمَا هُوَ نَائِم إِذْ سوّلت لَهُ نَفسه فَأتى أَهله ثمَّ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أعْتَذر إِلَى الله وَإِلَيْك من نَفسِي هَذِه الْخَاطِئَة فَإِنَّهَا زينت لي فواقعت أَهلِي هَل تَجِد لي من رخصَة قَالَ: لم تكن حَقِيقا بذلك يَا عمر فَلم بلغ بَيته أرسل إِلَيْهِ فَأَنْبَأَهُ بِعُذْرِهِ فِي آيَة من الْقُرْآن وَأمر الله رَسُوله أَن يَضَعهَا فِي الْمِائَة الْوُسْطَى من سُورَة الْبَقَرَة فَقَالَ {أحل لكم لَيْلَة الصّيام} إِلَى قَوْله {تختانون أَنفسكُم} يَعْنِي بذلك الَّذِي فعل عمر فَأنْزل الله عَفوه فَقَالَ {فَتَابَ عَلَيْكُم} إِلَى قَوْله {من الْخَيط الْأسود} فأحل لَهُم المجامعة وَالْأكل وَالشرب حَتَّى يتَبَيَّن لَهُم الصُّبْح

وَأخرج ابْن جرير عَن ثَابت أَن عمر بن الْخطاب وَاقع أَهله لَيْلَة فِي رَمَضَان فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ ذَلِك فَأنْزل الله {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم} وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ} قَالَ: فَكَانَ النَّاس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلوا الْعَتَمَة حرم عَلَيْهِم الطَّعَام وَالشرَاب وَالنِّسَاء وصاموا إِلَى الْقَابِلَة فاختان رجل نَفسه فجامع امْرَأَته وَقد صلى الْعشَاء وَلم يفْطر فَأَرَادَ الله أَن يَجْعَل ذَلِك تيسيراً لمن بَقِي ورخصة وَمَنْفَعَة فَقَالَ {علم الله أَنكُمْ كُنْتُم تختانون} الْآيَة فَرخص لَهُم وَيسر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج {وكلوا وَاشْرَبُوا} قَالَ: نزلت فِي أبي قيس بن صرمة من بني الْخَزْرَج وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ كَانُوا إِذا صَامُوا فَنَامَ أحدهم قبل أَن يطعم لم يَأْكُل شَيْئا إِلَى مثلهَا من الْغَد وَإِذا نَام قبل أَن يُجَامع لم يُجَامع إِلَى مثلهَا فَانْصَرف شيخ من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ صرمة بن مَالك ذَات لَيْلَة إِلَى أَهله وَهُوَ صَائِم فَقَالَ: عشوني فَقَالُوا: حَتَّى نجْعَل لَك طَعَاما سخناً تفطر عَلَيْهِ فَوضع الشَّيْخ رَأسه فغلبته عَيناهُ فَنَامَ فجاؤوا بِالطَّعَامِ وَقد نَام فَقَالُوا: كل فَقَالَ: قد كنت نمت فَترك الطَّعَام وَبَات ليلته يتقلب ظهرا لبطن فَلَمَّا أصبح أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَامَ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أردْت أَهلِي البارحة على مَا يُرِيد الرجل أَهله فَقَالَت: إِنَّهَا قد نَامَتْ فظننتها تعتل فَوَاقَعْتهَا فأخبرتني أَنَّهَا كَانَت نَامَتْ فَأنْزل الله فِي صرمة بن مَالك {وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود من الْفجْر} وَنزل فِي عمر بن الْخطاب {أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائِكُم} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {علم الله أَنكُمْ كُنْتُم تختانون أَنفسكُم} قَالَ: كَانَ هَذَا قبل صَوْم رَمَضَان أمروا بصيام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر من كل عشرَة أَيَّام يَوْمًا وَأمرُوا بِرَكْعَتَيْنِ غدْوَة وَرَكْعَتَيْنِ عَشِيَّة فَكَانَ هَذَا بَدْء الصَّلَاة وَالصَّوْم فَكَانُوا فِي صومهم هَذَا وَبعد مَا فرض الله رَمَضَان إِذا رقدوا لم يمسوا النِّسَاء وَالطَّعَام إِلَى مثلهَا من الْقَابِلَة وَكَانَ أنَاس من الْمُسلمين يصيبون من

النِّسَاء وَالطَّعَام بعد رقادهم وَكَانَت تِلْكَ خِيَانَة الْقَوْم أنفسهم فَأنْزل الله فِي ذَلِك الْقُرْآن {علم الله أَنكُمْ كُنْتُم تختانون} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد يَصُوم الصَّائِم فِي شهر رَمَضَان فَإِذا أَمْسَى أكل وَشرب وجامع النِّسَاء فَإِذا رقد حرم ذَلِك عَلَيْهِ حَتَّى مثلهَا من الْقَابِلَة وَكَانَ مِنْهُم رجال يَخْتَانُونَ أنفسهم فِي ذَلِك فَعَفَا الله عَنْهُم أحل لَهُم ذَلِك بعد الرقاد وَقَبله فِي اللَّيْل كُله وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ فِي أول الإِسلام يَفْعَلُونَ كَمَا يفعل أهل الْكتاب إِذا نَام أحدهم لم يطعم حَتَّى يكون الْقَابِلَة فَنزلت {وكلوا وَاشْرَبُوا} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فصل مَا بَين صيامنا وَصِيَام أهل الْكتاب أَكلَة السحر وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الرَّفَث الْجِمَاع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر قَالَ: الرَّفَث الْجِمَاع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الدُّخُول والتغشي والإِفضاء والمباشرة والرفث واللمس والمس والمسيس: الْجِمَاع والرفث فِي الصّيام: الْجِمَاع والرفث فِي الْحَج: الإِغراء بِهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {هن لِبَاس لكم وَأَنْتُم لِبَاس لَهُنَّ} قَالَ: هن سكن لكم وَأَنْتُم سكن لَهُنَّ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {هن لِبَاس لكم} قَالَ: هن سكن لكم تسكنون إلَيْهِنَّ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بن ذبيان وَهُوَ يَقُول: إِذا مَا الضجيع ثنى عطفها تثنت عَلَيْهِ فَكَانَت لباسا وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن يحيى بن الْعَلَاء عَن ابْن أنعم أَن سعد بن مَسْعُود الْكِنْدِيّ قَالَ: أَتَى عُثْمَان بن مَظْعُون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي لأَسْتَحي أَن ترى أَهلِي عورتي قَالَ: لم وَقد جعلك الله لَهُم لباساً وجعلهم لَك قَالَ: أكره ذَلِك قَالَ: لإغنهم يرونه مني وَأرَاهُ مِنْهُم قَالَ: أَنْت يَا رَسُول الله

قَالَ: أَنا قَالَ: أَنْت فَمن بعْدك إِذا فَلَمَّا أدبر عُثْمَان قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن ابْن مَظْعُون لحيي ستير وَأخرجه ابْن سعد عَن سعد بن مَسْعُود وَعمارَة بن غراب الْيحصبِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {تختانون} فال: تقعون عَلَيْهِنَّ خِيَانَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَالْآن باشروهن} قَالَ: انكحوهن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر ابْن وَأبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمُبَاشرَة الْجِمَاع وَلَكِن الله كريم يستكني وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: الْمُبَاشرَة فِي كل كتاب الله الْجِمَاع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وابتغوا مَا كتب الله لكم} قَالَ: الْوَلَد وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وابتغوا مَا كتب الله لكم} قَالَ: لَيْلَة الْقدر وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أنس فِي قَوْله {وابتغوا مَا كتب الله لكم} قَالَ: لَيْلَة الْقدر وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وابتغوا مَا كتب الله لكم} قَالَ: وابتغوا الرُّخْصَة الَّتِي كتب الله لكم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس كَيفَ تقْرَأ هَذِه الْآيَة {وابتغوا مَا كتب الله لكم} قَالَ: أَو وَاتبعُوا قَالَ: أَيَّتهمَا شِئْت عَلَيْك بِالْقِرَاءَةِ الأولى وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن عَائِشَة قَالَت قد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُدْرِكهُ الْفجْر فِي رَمَضَان وَهُوَ جنب من أَهله ثمَّ يغْتَسل ويصوم وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن

أم سَلمَة أَنَّهَا سُئِلت عَن الرجل يصبح جنبا أيصوم فَقَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصبح جنبا من جماع غير احْتِلَام فِي رَمَضَان ثمَّ يَصُوم وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عَائِشَة أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أصبح جنبا وَأَنا أُرِيد الصّيام فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَأَنا أصبح جنبا وَأُرِيد الصّيام فأغتسل وَأَصُوم ذَلِك الْيَوْم فَقَالَ الرجل: إِنَّك لست مثلنَا قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر فَغَضب وَقَالَ: وَالله إِنِّي لأرجو أَن أكون أخشاكم لله وَأعْلمكُمْ بِمَا أتقي وَأخرج أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْوَقْف والابتداء والطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود} قَالَ: بَيَاض النَّهَار من سَواد اللَّيْل وَهُوَ الصُّبْح إِذا [] قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أُميَّة: الْخَيط الْأَبْيَض ضوء الصُّبْح منغلق وَالْخَيْط الْأسود لون اللَّيْل مكموم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سهل بن سعد قَالَ: أنزلت {وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود} وَلم ينزل من الْفجْر فَكَانَ رجال إِذا أَرَادوا الصَّوْم ربط أحدهم فِي رجلَيْهِ الْخَيط الْأَبْيَض وَالْخَيْط الْأسود فَلَا يزَال يَأْكُل وَيشْرب حَتَّى يتَبَيَّن لَهُ رُؤْيَتهمَا فَأنْزل الله بعد {من الْفجْر} فَعَلمُوا إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عدي بن حَاتِم قَالَ لما أنزلت هَذِه الْآيَة {وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود} عَمَدت إِلَى عِقَالَيْنِ أَحدهمَا أسود وَالْآخر أَبيض فَجَعَلتهمَا تَحت وِسَادَتِي فَجعلت أنظر إِلَيْهِمَا فَلَا يتَبَيَّن لي الْأَبْيَض من الْأسود فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته بِالَّذِي صنعت فَقَالَ: إِن وِسَادك إِذا لَعَرِيض إِنَّمَا ذَاك بَيَاض النَّهَار من سَواد اللَّيْل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلمني الإِسلام ونعت لي الصَّلَوَات الْخمس كَيفَ أُصَلِّي كل صَلَاة لوَقْتهَا ثمَّ قَالَ: إِذا جَاءَ رَمَضَان فَكل واشرب حَتَّى يتَبَيَّن لَك الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط

الْأسود من الْفجْر ثمَّ أتم الصّيام إِلَى اللَّيْل وَلم أدر مَا هُوَ ففتلت خيطين من أَبيض وأسود فَنَظَرت فيهمَا عِنْد الْفجْر فرأيتهما سَوَاء فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله كل شَيْء أوصيتني قد حفظت غير الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود قَالَ: وَمَا مَنعك يَا ابْن حَاتِم وَتَبَسم كَأَنَّهُ قد علم مَا فعلت قلت: فتلت خيطين من أَبيض وأسود فَنَظَرت فيهمَا من اللَّيْل فوجدتهما سَوَاء فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى رُؤِيَ نَوَاجِذه ثمَّ قَالَ: ألم أقل لَك من الْفجْر إِنَّمَا هُوَ ضوء النَّهَار من ظلمَة اللَّيْل وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير عَن عدي بن حَاتِم قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود أَهما الْخيطَان فَقَالَ: إِنَّك لَعَرِيض الْقَفَا إِن أَبْصرت الْخَيْطَيْنِ ثمَّ قَالَ: لَا بل هُوَ سَواد اللَّيْل وَبَيَاض النَّهَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر الْجَعْدِي أَنه سَأَلَ عَن هَذِه الآيه {حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض من الْخَيط الْأسود} يَعْنِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: مَتى أدع السّحُور فَقَالَ رجل: إِذا شَككت فَقَالَ ابْن عَبَّاس: كل مَا شَككت حِين يتَبَيَّن لَك وَأخرج وَكِيع عَن أبي الضُّحَى قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن الْفجْر المستفيض فِي السَّمَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هما فجران فَأَما الَّذِي يسطع فِي السَّمَاء فَلَيْسَ يحل وَلَا يحرم شَيْئا وَلَكِن الْفجْر الَّذِي يستبين على رُؤُوس الْجبَال هُوَ الَّذِي يحرم الشَّرَاب وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لايمنعكم من سحوركم أَذَان بِلَال وَلَا الْفجْر المستطيل وَلَكِن الْفجْر المستظهر فِي الْأُفق وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يمنعكم أَذَان بِلَال من سحوركم فَإِنَّهُ يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تسمعوا أَذَان ابْن أم مَكْتُوم فَإِنَّهُ لَا يُؤذن حَتَّى يطلع الْفجْر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن طلق بن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كلوا وَاشْرَبُوا وَلَا يمنعكم الساطع المصعد وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يعْتَرض لكم الْأَحْمَر وَأخرج أَحْمد: لَيْسَ الْفجْر المستطيل فِي الْأُفق وَلكنه الْمُعْتَرض الْأَحْمَر وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن ثَوْبَان أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْفجْر فجران فَأَما الَّذِي كَأَنَّهُ ذَنْب السرحان فَإِنَّهُ لَا يحل شَيْئا وَلَا يحرمه وَأما المستطيل الَّذِي يَأْخُذ الْأُفق فانه يحل الصَّلَاة وَيحرم الطَّعَام وَأخرجه الْحَاكِم من طَرِيقه عَن جَابر مَوْصُولا وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْفجْر فجران فجر يحرم فِيهِ الطَّعَام وَالشرَاب وَيحل فِيهِ الصَّلَاة وفجر يحل فِيهِ الطَّعَام وَيحرم فِيهِ الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَرَادَ أَن يَصُوم فليتسحر وَلَو بِشَيْء وَأخرج {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أقبل اللَّيْل من هَهُنَا وَأدبر النَّهَار من هَهُنَا وغربت الشَّمْس فقد أفطر الصَّائِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد فِيمَن أفطر ثمَّ طلعت الشَّمْس قَالَ: يقْضِي لِأَن الله يَقُول {أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: بَينا أَنا نَائِم إِذْ أَتَانِي رجلَانِ فأخذا بضبعي فأتياني جبلا وعراً فَقَالَا لي: اصْعَدْ فَقلت: إِنِّي لَا أُطِيقهُ فَقَالَا: إِنَّا سنسهله لَك فَصَعدت حَتَّى إِذا كنت فِي سَوَاء الْجَبَل إِذا أَنا بِأَصْوَات شَدِيدَة فَقلت: مَا هَذِه الْأَصْوَات قَالُوا: هَذَا عواء أهل النَّار ثمَّ انْطَلقَا بِي فَإِذا أَنا بِقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دَمًا قلت: من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين يفطرون قبل تَحِلَّة صومهم وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ليلى امْرَأَة بشير بن الخصاصية قَالَت أردْت أَن أَصوم يَوْمَيْنِ مُوَاصلَة فَمَنَعَنِي بشير وَقَالَ: أَن رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَنهُ وَقَالَ: إِنَّمَا يفعل ذَلِك النَّصَارَى وَلَكِن صُومُوا كَمَا أَمركُم الله وَأَتمُّوا الصّيام إِلَى اللَّيْل فَإِذا كَانَ اللَّيْل فافطروا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عَسَاكِر عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاصل يَوْمَيْنِ وَلَيْلَة فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: إِن الله قد قبل وصالك وَلَا يحل لأحد بعْدك وَذَلِكَ بِأَن الله قَالَ: وَأَتمُّوا الصّيام إِلَى اللَّيْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَت عَائِشَة {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} يَعْنِي أَنَّهَا كرهت الْوِصَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة أَنه ذكر عِنْده الْوِصَال فَقَالَ: فرض الله الصَّوْم بِالنَّهَارِ فَقَالَ {ثمَّ أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} فَإِذا جَاءَ اللَّيْل فَأَنت مفطر فَإِن شِئْت فَكل وَإِن شِئْت فَلَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يزَال الدّين ظَاهرا مَا عجل النَّاس الْفطر إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى يؤخرون وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن سهل بن سعد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يزَال النَّاس بِخَير مَا عجلوا الْفطر وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْوِصَال قَالُوا: إِنَّك تواصل قَالَ: لست مثلكُمْ إِنِّي أطْعم وأسقى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تواصلوا قَالُوا: إِنَّك تواصل قَالَ: إِنِّي لست كَأحد مِنْكُم إِنِّي أَبيت أطْعم وأسقى وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد عَن أبي سعيد أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تواصلوا فَأَيكُمْ أَرَادَ أَن يواصل حَتَّى السحر قَالُوا: فَإنَّك تواصل يَا رَسُول الله قَالَ: إِنِّي لست كهيئتكم إِنِّي أَبيت لي مطعم يطعمني وسَاق يسقيني وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن عَائِشَة قَالَت نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْوِصَال رَحْمَة لَهُم فَقَالُوا: إِنَّك تواصل قَالَ: إِنِّي لست كهيئتكم إِنِّي يطعمني رَبِّي ويسقيني

وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْوِصَال فِي الصَّوْم فَقَالَ لَهُ رجل من الْمُسلمين: إِنَّك تواصل يَا رَسُول الله قَالَ: وَأَيكُمْ مثلي إِنِّي أَبيت يطعمني رَبِّي ويسقيني وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ الصّيام من الْأكل وَالشرب إِنَّمَا الصّيام من اللَّغْو والرفث فَإِن سابك أحد أَو جهل عَلَيْك فَقل: إِنِّي صَائِم إِنِّي صَائِم وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من لم يدع وَفِي لفظ: إِذا لم يدع الصَّائِم قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ وَالْجهل فَلَيْسَ لله حَاجَة فِي أَن يدع طَعَامه وَشَرَابه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رب قَائِم حَظه من الْقيام السهر وَرب صَائِم حَظه من الصّيام الْجُوع والعطش وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: الْغَيْبَة تخرق الصَّوْم وَالِاسْتِغْفَار يرقعه فَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يَجِيء غَدا بصومه مرقعاً فَلْيفْعَل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: إِذا صمت فليصم سَمعك وبصرك وَلِسَانك عَن الْكَذِب والمحارم ودع أَذَى الْخَادِم وَليكن عَلَيْك وقار وسكينة يَوْم صيامك وَلَا تجْعَل فطرك وصومك سَوَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن طلق بن قيس قَالَ: قَالَ أَبُو ذَر: إِذا صمت فتحفظ مَا اسْتَطَعْت فَكَانَ طلق إِذا كَانَ يَوْم صَوْمه دخل فَلم يخرج إِلَّا للصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: خصلتان من حفظهما يسلم لَهُ صَوْمه الْغَيْبَة وَالْكذب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: الصَّائِم فِي عبَادَة مَا لم يغتب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا صَامَ من ظلّ يَأْكُل لُحُوم النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: الْكَذِب يفْطر الصَّائِم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لايقولن أحدكُم: إِنِّي قُمْت رَمَضَان كُله وصمته فَلَا أَدْرِي أكره التَّزْكِيَة أَو قَالَ: لابد من نومَة أَو رقدة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تباشروهن وَأَنْتُم عاكفون} قَالَ: الْمُبَاشرَة الْمُلَامسَة والمس الْجِمَاع وَلَكِن الله يكني مَا شَاءَ بِمَا يَشَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تباشروهن} الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الرجل يعْتَكف فِي الْمَسْجِد فِي رَمَضَان أَو غير رَمَضَان فَحرم الله عَلَيْهِ أَن ينْكح النِّسَاء لَيْلًا أَو نَهَارا حَتَّى يقْضِي اعْتِكَافه وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانُوا يُجَامِعُونَ وهم معتكفون حَتَّى نزلت {وَلَا تباشروهن وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ الرجل إِذا اعْتكف فَخرج من الْمَسْجِد جَامع إِن شَاءَ فَنزلت وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: كَانَ نَاس يصيبون نِسَاءَهُمْ وهم عاكفون فنهاهم الله عَن ذَلِك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانُوا إِذا اعتكفوا فَخرج الرجل إِلَى الْغَائِط جَامع امْرَأَته ثمَّ اغْتسل ثمَّ رَجَعَ إِلَى اعْتِكَافه فنهوا عَن ذَلِك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نهى عَن جماع النِّسَاء فِي الْمَسَاجِد كَمَا كَانَت الْأَنْصَار تصنع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا جَامع الْمُعْتَكف بَطل اعْتِكَافه ويستأنف وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم فِي معتكف وَقع بأَهْله قَالَ: يسْتَقْبل اعْتِكَافه ويستغفر الله وَيَتُوب إِلَيْهِ ويتقرب مَا اسْتَطَاعَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد فِي الْمُعْتَكف إِذا جَامع قَالَ: قَالَ: يتَصَدَّق بدينارين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن فِي رجل غشي امْرَأَته وَهُوَ معتكف أَنه بِمَنْزِلَة الَّذِي غشي فِي رَمَضَان عَلَيْهِ على الَّذِي فِي رَمَضَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: من أصَاب امْرَأَته وَهُوَ معتكف فَعَلَيهِ من الْكَفَّارَة مثل مَا على الَّذِي يُصِيب فِي رَمَضَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: لَا يقبل الْمُعْتَكف وَلَا يُبَاشر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: الْمُعْتَكف لَا يَبِيع وَلَا يبْتَاع قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد}

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب وَعَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان حَتَّى توفاه الله عز وَجل ثمَّ اعْتكف أَزوَاجه من بعده وَالسّنة فِي الْمُعْتَكف أَن لَا يخرج إِلَّا لحَاجَة الإِنسان وَلَا يتبع جَنَازَة وَلَا يعود مَرِيضا وَلَا يمس امْرَأَة وَلَا يُبَاشِرهَا وَلَا اعْتِكَاف إِلَّا فِي مَسْجِد جمَاعَة وَالسّنة إِلَى آخِره فقد قيل: أَنه من قَول عُرْوَة وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ من كَلَام الزُّهْرِيّ زمن أدرجه فِي الحَدِيث فقد وهم وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي الْمُعْتَكف أَنه معتكف الذُّنُوب وَيجْرِي لَهُ من الْأجر كَأَجر عَامل الْحَسَنَات كلهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه والخطيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ معتكفاً فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ رجل فِي حَاجَة فَقَامَ مَعَه وَقَالَ: سَمِعت صَاحب هَذَا الْقَبْر يَقُول من مَشى فِي حَاجَة أَخِيه وَبلغ فِيهَا كَانَ خيرا من اعْتِكَاف عشر سِنِين وَمن اعْتكف يَوْمًا ابْتِغَاء وَجه الله جعل الله بَينه وَبَين النَّار ثَلَاث خنادق أبعد مِمَّا بَين الْخَافِقين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عَليّ بن حُسَيْن عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اعْتكف عشرا فِي رَمَضَان كَانَ كحجتين وعمرتين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: للمعتكف كل يَوْم حجَّة قَالَ الْبَيْهَقِيّ: لَا يَقُوله الْحسن إِلَّا عَن بَلَاغ بلغه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زِيَاد بن السكن قَالَ: كَانَ زبيد اليامي وَجَمَاعَة إِذا كَانَ يَوْم النيروز وَيَوْم المهرجان اعتكفوا فِي مَسَاجِدهمْ ثمَّ قَالُوا: إِن هَؤُلَاءِ قد اعتكفوا على كفرهم واعتكفنا على إيمَاننَا فَاغْفِر لنا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: إِن مثل الْمُعْتَكف مثل الْمحرم ألْقى نَفسه بَين يَدي الرَّحْمَن فَقَالَ: وَالله لَا أَبْرَح حَتَّى ترحمني وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب قَضَاء الجوائج عَن الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى الْحُسَيْن بن عَليّ فَسَأَلَهُ أَن يذهب مَعَه فِي حَاجَة فَقَالَ: إِنِّي معتكف فَأتى الْحسن فَأخْبرهُ الْحسن: لَو مشي مَعَك لَكَانَ خيرا لَهُ من اعْتِكَافه وَالله لِأَن أَمْشِي مَعَك فِي حَاجَتك أحب إِلَيّ من اعْتكف شهرا

وَأخرج البُخَارِيّ فِي جُزْء التراجم بِسَنَد ضَعِيف جدا عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن أَمْشِي مَعَ أَخ لي فِي حَاجَة أحب إليّ من أَن اعْتكف شهرا فِي مَسْجِدي هَذَا وَمن مَشى مَعَ أَخِيه الْمُسلم فِي حَاجَة حَتَّى يَقْضِيهَا ثَبت الله قَدَمَيْهِ يَوْم تزل الْأَقْدَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُحَمَّد بن وَاسع الْأَزْدِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعَان أَخَاهُ يَوْمًا كَانَ خيرا لَهُ من اعْتِكَاف شهر وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن حُذَيْفَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كل مَسْجِد لَهُ مُؤذن وَإِمَام فالاعتكاف فِيهِ يصلح وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْمسيب قَالَ: لَا اعْتِكَاف إِلَّا فِي مَسْجِد وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا اعْتِكَاف إِلَّا بصيام وَأخرج مَالك عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَنَافِع مولى ابْن عمر قَالَا: لَا اعْتِكَاف إِلَّا بصيام لقَوْل الله تَعَالَى {وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتَبَيَّن لكم الْخَيط الْأَبْيَض} إِلَى قَوْله {وَأَنْتُم عاكفون فِي الْمَسَاجِد} فَإِنَّمَا ذكر الله عز وَجل الِاعْتِكَاف مَعَ الصّيام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمُعْتَكف عَلَيْهِ الصَّوْم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: لَا اعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن من وَجه آخر عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود قَالَا: الْمُعْتَكف لَيْسَ عَلَيْهِ صَوْم إِلَّا أَن يشرطه على نَفسه وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ على الْمُعْتَكف صِيَام إِلَّا أَن يَجعله على نَفسه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمُعْتَكف يعود الْمَرِيض وَيشْهد الْجِنَازَة وَيَأْتِي الْجُمُعَة وَيَأْتِي أَهله وَلَا يجالسهم وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة قَالَت إِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليدْخل عليّ رَأسه وَهُوَ فِي الْمَسْجِد فأرجله وَكَانَ لَا يدْخل الْبَيْت إِلَّا لحَاجَة إِذا كَانَ معتكفاً وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن ابْن عمر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان

وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف فِي كل رَمَضَان عشرَة أَيَّام فَلَمَّا كَانَ الْعَام الَّذِي قبض فِيهِ اعْتكف عشْرين وَأخرج مَالك عَن أهل الْفضل وَالدّين أَنهم كَانُوا إِذا اعتكفوا الْعشْر الْأَوَاخِر من شهر رَمَضَان لَا يرجعُونَ حَتَّى يشْهدُوا الْعِيد مَعَ النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يستحبون للمعتكف أَن يبيت لَيْلَة الْفطر حَتَّى يكون غدوه مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مجلز قَالَ: بت لَيْلَة الْفطر فِي الْمَسْجِد الَّذِي اعتكفت فِيهِ حَتَّى يكون غدوّك إِلَى مصلاك مِنْهُ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظر الرجل إِلَى أَخِيه على شوق خير من اعْتِكَاف سنة فِي مَسْجِدي هَذَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة أَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت مُسْتَحَاضَة وَهِي عاكف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {تِلْكَ حُدُود الله} يَعْنِي طَاعَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {تِلْكَ حُدُود الله} قَالَ: مَعْصِيّة الله يَعْنِي الْمُبَاشرَة فِي الِاعْتِكَاف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {تِلْكَ حُدُود الله فَلَا تقربوها} يَعْنِي الْجِمَاع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {كَذَلِك} يَعْنِي هَكَذَا يبين الله

188

قَوْله تَعَالَى: وَلَا تَأْكُلُوا

أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ وتدلوا بهَا إِلَى الْحُكَّام لتأكلوا فريقاً من أَمْوَال النَّاس بالإثم وَأَنْتُم تعلمُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ وتدلوا بهَا إِلَى الْحُكَّام} قَالَ: هَذَا فِي الرجل يكون عَلَيْهِ مَال وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ بَيِّنَة فيجحد المَال ويخاصمهم إِلَى الْحُكَّام وَهُوَ يعرف أَن الْحق عَلَيْهِ وَقد علم أَنه إِثْم أكل حرَام وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ وتدلوا بهَا إِلَى الْحُكَّام} قَالَ: لَا تخاصم وَأَنت تعلم أَنَّك ظَالِم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لَا تدل بِمَال أَخِيك إِلَى الْحُكَّام وَأَنت تعلم أَنَّك ظَالِم فَإِن قَضَاءَهُ لَا يحل لَك شَيْئا كَانَ حَرَامًا عَلَيْك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} يَعْنِي بالظلم وَذَلِكَ أَن امْرأ الْقَيْس بن عَابس وعبدان بن أَشوع الْحَضْرَمِيّ اخْتَصمَا فِي أَرض وَأَرَادَ امْرُؤ الْقَيْس أَن يحلف فَفِيهِ نزلت {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} وَفِي قَوْله {لتأكلوا فريقاً من أَمْوَال النَّاس بالإِثم} يَعْنِي طَائِفَة {وَأَنْتُم تعلمُونَ} يَعْنِي تعلمُونَ أَنكُمْ تدعون الْبَاطِل وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّمَا أَنا بشر وَإِنَّكُمْ تختصمون إليّ وَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من بعض فأقضي لَهُ على نَحْو مَا أسمع مِنْهُ فَمن قضيت لَهُ بِشَيْء من حق أَخِيه فَلَا يأخذنه فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من النَّار وَأخرج أَحْمد عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يحل لامرىء أَن يَأْخُذ مَال أَخِيه بِغَيْر حَقه وَذَلِكَ لما حرم الله مَال الْمُسلم على الْمُسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يكره أَن يَبِيع الرجل الثَّوْب وَيَقُول لصَاحبه: إِن كرهته فَرد مَعَه دِينَارا فَهَذَا مِمَّا قَالَ الله {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} وَأخرج ايْنَ أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد رب الْكَعْبَة قَالَ: قلت لعبد الله بن عَمْرو: هَذَا ابْن عمك يَأْمُرنَا أَن نَأْكُل أَمْوَالنَا بَيْننَا بِالْبَاطِلِ وَأَن نقْتل أَنْفُسنَا وَقد قَالَ الله {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ وتدلوا بهَا إِلَى الْحُكَّام} إِلَى آخر الْآيَة فَجمع يَدَيْهِ فوضعهما على جَبهته ثمَّ قَالَ: أطعه فِي طَاعَة الله واعصه فِي مَعْصِيّة الله

189

قَوْله تَعَالَى: يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس وَالْحج وَلَيْسَ الْبر بِأَن تَأْتُوا الْبيُوت من ظُهُورهَا وَلَكِن الْبر من اتَّقى وَأتوا الْبيُوت من أَبْوَابهَا وَاتَّقوا الله لَعَلَّكُمْ تفلحون أخرج ابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة} قَالَ: نزلت فِي معَاذ بن جبل وثعلبة بن غنمة وهما رجلَانِ من الْأَنْصَار قَالَا: يَا رَسُول الله مَا بَال الْهلَال يَبْدُو ويطلع دَقِيقًا مثل الْخَيط ثمَّ يزِيد حَتَّى يعظم وَيَسْتَوِي ويستدير ثمَّ لَا يزَال ينقص ويدق حَتَّى يعود كَمَا كَانَ لَا يكون على حَال وَاحِد فَنزلت {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس} فِي مَحل دينهم ولصومهم ولفطرهم وعدة نِسَائِهِم والشروط الَّتِي تَنْتَهِي إِلَى أجل مَعْلُوم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم جعلت الْأَهِلّة فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة} الْآيَة فَجَعلهَا لصوم الْمُسلمين ولإِفطارهم ولمناسكهم وحجهم ولعدة نِسَائِهِم وَمحل دينهم فِي أَشْيَاء وَالله أعلم بِمَا يصلح خلقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ ذكر لنا أَنهم قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم خلقت الْأَهِلّة فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة} الْآيَة جعلهَا الله مَوَاقِيت لصوم الْمُسلمين وإفطارهم ولحجهم ومناسكهم ولعدة نِسَائِهِم وَمحل دينهم وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سَأَلَ النَّاس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْأَهِلّة فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس} يعلمُونَ بهَا حل دينهم وعدة نِسَائِهِم وَوقت حجهم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَهِلّة قل هِيَ مَوَاقِيت للنَّاس} قَالَ: لحجكم وصومكم وَقَضَاء ديونكم وعدة نِسَائِكُم وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {مَوَاقِيت للنَّاس} قَالَ: فِي عدَّة نِسَائِهِم وَمحل دينهم وشروط النَّاس قَالَ: وَهل تعرف العربُ ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول:

وَالشَّمْس تجْرِي على وَقت مسخرة إِذا قَضَت سفرا اسْتقْبلت سفرا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل الله الْأَهِلّة مَوَاقِيت للنَّاس فصوموا لرُؤْيَته وَافْطرُوا لرُؤْيَته فَإِن غم عَلَيْكُم فعدوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عدي وَالدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن طلق بن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل الله الْأَهِلّة مَوَاقِيت للنَّاس فَإِذا رَأَيْتُمْ الْهلَال فصوموا وَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فافطروا فَإِن غم عَلَيْكُم فأكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَلَيْسَ الْبر بِأَن تَأْتُوا الْبيُوت} الْآيَة أخرج وَكِيع وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير عَن الْبَراء قَالَ: كَانُوا إِذا أَحْرمُوا فِي الْجَاهِلِيَّة أَتَوا الْبَيْت من ظَهره فَأنْزل الله {وَلَيْسَ الْبر بِأَن تَأْتُوا الْبيُوت من ظُهُورهَا وَلَكِن الْبر من اتَّقى وَأتوا الْبيُوت من أَبْوَابهَا} وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء كَانَت الْأَنْصَار إِذا حجُّوا فَرَجَعُوا لم يدخلُوا الْبيُوت إِلَّا من ظُهُورهَا فجَاء رجل من الْأَنْصَار فَدخل من بَابه فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَنزلت الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن جَابر قَالَ كَانَت قُرَيْش تَدعِي الحمس وَكَانُوا يدْخلُونَ من الْأَبْوَاب فِي الإِحرام وَكَانَت الْأَنْصَار وَسَائِر الْعَرَب لَا يدْخلُونَ من بَاب فِي الإِحرام فَبينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بُسْتَان إِذْ خرج من بَابه وَخرج مَعَه قُطْبَة بن عَامر الْأنْصَارِيّ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِن قُطْبَة بن عَامر رجل فَاجر وَإنَّهُ خرج مَعَك من الْبَاب فَقَالَ لَهُ: مَا حملك على مَا صنعت قَالَ: رَأَيْتُك فعلته ففعلته كَمَا فعلت قَالَ: إِنِّي رجل أحمس قَالَ لَهُ: فَإِن ديني دينك فَأنْزل الله {وَلَيْسَ الْبر بِأَن تَأْتُوا الْبيُوت من ظُهُورهَا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن رجَالًا من أهل الْمَدِينَة كَانُوا إِذا خَافَ أحدهم من عدوّه شَيْئا أحرم فأمن فَإِذا أحرم لم يلج من بَاب بَيته وَاتخذ نقباً من ظهر بَيته فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة كَانَ بهَا رجل محرم كَذَلِك وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل بستاناً فدخله من بَابه وَدخل مَعَه ذَلِك الْمحرم فناداه رجل من وَرَائه: يَا فلَان إِنَّك محرم وَقد دخلت مَعَ النَّاس فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن كنت محرما فَأَنا محرم وَإِن كنت أحمس فَأَنا أحمس فَأنْزل الله {وَلَيْسَ الْبر بِأَن تَأْتُوا الْبيُوت من ظُهُورهَا}

إِلَى آخر الْآيَة فأحل للْمُؤْمِنين أَن يدخلُوا من أَبْوَابهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قيس بن جُبَير النَّهْشَلِي أَن النَّاس كَانُوا إِذا أَحْرمُوا لم يدخلُوا حَائِطا من بَابه وَلَا دَارا من بَابهَا وَكَانَت الحمس يدْخلُونَ الْبيُوت من أَبْوَابهَا فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه دَارا وَكَانَ رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ رِفَاعَة بن تَابُوت فتسوّر الْحَائِط ثمَّ دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا خرج من بَاب الدَّار خرج مَعَه رِفَاعَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا حملك على ذَلِك قَالَ: يَا رَسُول الله رَأَيْتُك خرجت مِنْهُ فَخرجت مِنْهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي رجل أحمس فَقَالَ: إِن تكن رجلا أحمس فَإِن ديننَا وَاحِد فَأنْزل الله {وَلَيْسَ الْبر} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ كَانَ نَاس من الْأَنْصَار إِذا أهلوا بِالْعُمْرَةِ لم يحل بَينهم وَبَين السَّمَاء شَيْء يتحرجون من ذَلِك وَكَانَ الرجل يخرج مهلا بِالْعُمْرَةِ فتبدو لَهُ الْحَاجة فَيرجع وَلَا يدْخل من بَاب الْحُجْرَة من أجل سقف الْبَاب أَن يحول بَينه وَبَين السَّمَاء فَيفتح الْجِدَار من وَرَائه ثمَّ يقوم فِي حجرته فيأمر بحاجته فَتخرج إِلَيْهِ من بَيته حَتَّى بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل زمن الحديبة بِالْعُمْرَةِ فَدخل حجرَة فَدخل رجل على أَثَره من الْأَنْصَار من بني سَلمَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي أحمس وَكَانَ الحمس لَا يبالون ذَلِك فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: وَأَنا أحمس يَقُول: وَأَنا على دينك فَأنْزل الله {لَيْسَ الْبر} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ إِن نايا من الْعَرَب كَانُوا إِذا حجُّوا لم يدخلُوا بُيُوتهم من أَبْوَابهَا كَانُوا ينقبون فِي أدبارها فَلَمَّا حج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّة الوادع أقبل يمشي وَمَعَهُ رجل من أُولَئِكَ وَهُوَ مُسلم فَلَمَّا بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَاب الْبَيْت احْتبسَ الرجل خَلفه وأبى أَن يدْخل قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أحمس وَكَانَ أُولَئِكَ الَّذين يَفْعَلُونَ ذَلِك يسمون الحمس قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَأَنا أَيْضا أحمس فَادْخُلْ فَدخل الرجل فَأنْزل الله {وَأتوا الْبيُوت من أَبْوَابهَا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل من أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا أَتَى الْبَيْت من بيُوت بعض أَصْحَابه أَو ابْن عَمه رفع الْبَيْت من خَلفه أَي بيُوت الشّعْر ثمَّ يدْخل فنهوا عَن ذَلِك وَأمرُوا أَن يَأْتُوا الْبيُوت من أَبْوَابهَا ثمَّ يسلمُوا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ الرجل إِذا اعْتكف لم يدْخل منزله من بَاب الْبَيْت فَأنْزل الله {لَيْسَ الْبر} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: كَانَ أهل يثرب إِذا رجعُوا من عيدهم دخلُوا الْبيُوت من ظُهُورهَا ويرون أَن ذَلِك أدنى إِلَى الْبر فَأنْزل الله الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يهم بالشَّيْء يصنعه فَيحْبس عَن ذَلِك فَكَانَ لَا يَأْتِي بَيته من قبل بَابه حَتَّى يَأْتِي الَّذِي كَانَ هم بِهِ وأراده

190

قَوْله تَعَالَى: وقاتلوا فِي سَبِيل الله الَّذين يقاتلونكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ أخرج آدم بن أبي اياس فِي تَفْسِيره وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وقاتلوا فِي سَبِيل الله الَّذين يقاتلونكم} قَالَ: لأَصْحَاب مُحَمَّد أمروا بِقِتَال الْكفَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تَعْتَدوا} يَقُول: لَا تقتلُوا النِّسَاء وَالصبيان وَلَا الشَّيْخ الْكَبِير وَلَا من ألْقى السّلم وكف يَده فَإِن فَعلْتُمْ فقد اعتديتم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عمر قَالَ وجدت امْرَأَة مقتولة فِي بعض مغازي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل النِّسَاء وَالصبيان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس قَالَ كُنَّا إِذا استنفرنا نزلنَا بِظهْر الْمَدِينَة حَتَّى يخرج إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول انْطَلقُوا بِسم الله وَفِي سَبِيل الله تقاتلون أَعدَاء الله لَا تقتلُوا شَيخا فانياً وَلَا طفْلا صَغِيرا وَلَا امْرَأَة وَلَا تغلوا وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة عَن يحيى بن يحيى الغساني قَالَ: كتبت إليّ عمر بن عبد الْعَزِيز أسأله عَن هَذِه الْآيَة {وقاتلوا فِي سَبِيل الله الَّذين يقاتلونكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} فَكتب إِلَيّ أَن ذَلِك فِي النِّسَاء والذرية من لم ينصب لَك الْحَرْب مِنْهُم

191

قَوْله تَعَالَى: واقتلوهم حَيْثُ ثقفتموهم وأخرجوهم من حَيْثُ أخرجوكم والفتنة أَشد من الْقَتْل وَلَا تقاتلوهم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فاقتلوهم كَذَلِك جَزَاء الْكَافرين فَإِن انْتَهوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {واقتلوهم حَيْثُ ثقفتموهم} الْآيَة قَالَ: عَنى الله بِهَذَا الْمُشْركين وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {ثقفتموهم} قَالَ: وَجَدْتُمُوهُمْ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول حسان: فإمَّا يثقفن بني لؤَي جذيمة إِن قَتلهمْ دَوَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {والفتنة أَشد من الْقَتْل} قَالَ: الشّرك أَشد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {والفتنة أَشد من الْقَتْل} قَالَ: الْفِتْنَة الَّتِي أَنْتُم مقيمون عَلَيْهَا أكبر من الْقَتْل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {والفتنة أَشد من الْقَتْل} قَالَ: ارتداد الْمُؤمن إِلَى الوثن أَشد عَلَيْهِ من أَن يقتل محقاً وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق أبي بكر بن عَيَّاش عَن عَاصِم {وَلَا تقاتلوهم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ} كلهَا بِالْألف {فاقتلوهم} آخِرهنَّ بِغَيْر ألف وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْأَحْوَص قَالَ: شمعت أَبَا اسحق يقرؤهن كُلهنَّ بِغَيْر ألف وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانَ أَصْحَاب عبد الله يقرؤونها كُلهنَّ بِغَيْر ألف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تقاتلوهم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ}

قَالَ: حَتَّى يبدؤوا بِالْقِتَالِ ثمَّ نسخ بعد ذَلِك فَقَالَ: (وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة) (الْبَقَرَة الْآيَة 193) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد والنحاس مَعًا فِي النَّاسِخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تقاتلوهم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام} وَقَوله (يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ قل قتال فِيهِ كَبِير) (الْبَقَرَة الْآيَة 217) فَكَانَ كَذَلِك حَتَّى نسخ هَاتين الْآيَتَيْنِ جَمِيعًا فِي بَرَاءَة قَوْله (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة 5) (وقاتلوا الْمُشْركين كَافَّة كَمَا يقاتلونكم كَافَّة) (التَّوْبَة الْآيَة 36) وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَإِن انْتَهوا} قَالَ: فَإِن تَابُوا

193

قَوْله تَعَالَى: وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة وَيكون الدّين لله فَإِن انْتَهوا فَلَا عدوان إِلَّا على الظَّالِمين أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} يَقُول: شرك بِاللَّه {وَيكون الدّين} ويخلص التَّوْحِيد لله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} قَالَ: لَا تقاتلوا إِلَّا من قاتلكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة وَلَا تقاتلوهم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَكَانَ هَذَا كَذَا حَتَّى نسخ فَأنْزل الله {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} أَي شرك {وَيكون الدّين لله} قَالَ: حَتَّى يُقَال: لَا إِلَه إِلَّا الله عَلَيْهَا قَاتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإليها دَعَا وَذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِن الله أَمرنِي أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلأه إِلَّا الله {فَإِن انْتَهوا فَلَا عدوان إِلَّا على الظَّالِمين} قَالَ: وَإِن الظَّالِم الَّذِي أَبى أَن يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله يُقَاتل حَتَّى يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع {وَيكون الدّين لله} يَقُول: حَتَّى لَا يعبد إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة {فَلَا عدوان إِلَّا على الظَّالِمين} قَالَ: هم من أَبى أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَنه أَتَاهُ رجلَانِ فِي فتْنَة ابْن الزبير فَقَالَا: إِن النَّاس صَنَعُوا وَأَنت ابْن عمر وَصَاحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا يمنعك أَن تخرج قَالَ: يَمْنعنِي إِن الله حرم دم أخي قَالَا: ألم يقل الله {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} قَالَ: قاتلنا حَتَّى لم تكن فتْنَة وَكَانَ الدّين لله وَأَنْتُم تُرِيدُونَ أَن تقاتلوا حَتَّى تكون فتْنَة وَيكون الدّين لغير الله

194

قَوْله تَعَالَى: الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام والحرمات قصاص فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم وَاتَّقوا الله وَاعْلَمُوا أَن الله مَعَ الْمُتَّقِينَ أخرج البُخَارِيّ عَن نَافِع أَن رجلا أَتَى ابْن عمر فَقَالَ: مَا حملك على أَن تحج عَاما وتعتمر عَاما وتترك الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَقد علمت مَا رغب الله فِيهِ قَالَ: يَا ابْن أخي: بني الإِسلام على خمس: إِيمَان بِاللَّه وَرَسُوله وَالصَّلَاة الْخمس وَصِيَام رَمَضَان وَأَدَاء الزَّكَاة وَحج الْبَيْت قَالَ: أَلا تسمع مَا ذكر الله فِي كِتَابه: (وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا) (الحجرات الْآيَة 9) {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} قَالَ: فعلنَا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ الإِسلام قَلِيلا وَكَانَ الرجل يفتن فِي دينه إِمَّا قَتَلُوهُ وَإِمَّا عذبوه حَتَّى كثر الإِسلام فَلم تكن فتْنَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي ظبْيَان قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى سعد فَقَالَ لَهُ: أَلا تخرج تقَاتل مَعَ النَّاس حَتَّى لَا تكون فتْنَة فَقَالَ سعد: قد قَاتَلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى لم تكن فتْنَة فَأَما أَنْت وَذَا البطين تُرِيدُونَ أَن أقَاتل حَتَّى تكون فتْنَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما سَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُعْتَمِرًا فِي سنة سِتّ من الْهِجْرَة وحبسه الْمُشْركُونَ عَن الدُّخُول والوصول إِلَى الْبَيْت وصدوه بِمن مَعَه

من الْمُسلمين فِي ذِي الْقعدَة وَهُوَ شهر حرَام حَتَّى قاضاهم على الدُّخُول من قَابل فَدَخلَهَا فِي السّنة الْآتِيَة هُوَ وَمن كَانَ مَعَه من الْمُسلمين وأقصه الله مِنْهُم نزلت هَذِه الْآيَة {الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام والحرمات قصاص} وَأخرج الواحدي من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي صلح الْحُدَيْبِيَة وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما صد عَن الْبَيْت ثمَّ صَالحه الْمُشْركُونَ على أَن يرجع عَامه الْقَابِل فَلَمَّا كَانَ الْعَام الْقَابِل تجهز وَأَصْحَابه لعمرة الْقَضَاء وخافوا أَن لَا تفي قُرَيْش بذلك وَأَن يصدوهم عَن الْمَسْجِد الْحَرَام ويقاتلوهم وَكره أَصْحَابه قِتَالهمْ فِي الشَّهْر الْحَرَام فَأنْزل الله ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فأحرموا بِالْعُمْرَةِ فِي ذِي الْقعدَة وَمَعَهُمْ الْهَدْي حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْحُدَيْبِية صدهم الْمُشْركُونَ فَصَالحهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرجع ثمَّ يقدم عَاما قَابلا فيقيم بِمَكَّة ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا يخرج مَعَه بِأحد من أهل مَكَّة فَنحر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه بِالْهَدْي بِالْحُدَيْبِية وحلقوا أَو قصروا فَلَمَّا كَانَ عَام قَابل أَقبلُوا حَتَّى دخلُوا مَكَّة فِي ذِي الْقعدَة فاعتمروا وَأَقَامُوا بهَا ثَلَاثَة أَيَّام وَكَانَ الْمُشْركُونَ قد فَخَروا عَلَيْهِ حِين صدوه يَوْم الْحُدَيْبِيَة فَقص الله لَهُ مِنْهُم فَادْخُلْهُ مَكَّة فِي ذَلِك الشَّهْر الَّذِي ردُّوهُ فِيهِ فَقَالَ {الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام والحرمات قصاص} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام والحرمات قصاص} قَالَ فخرت قُرَيْش بردهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة محرما فِي ذِي الْقعدَة عَن الْبَلَد الْحَرَام فَأدْخلهُ الله مَكَّة من الْعَام الْمقبل فَقضى عمرته وأقصه مَا حيل بَينه وَبَين يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ أقبل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه معتمرين فِي ذِي الْقعدَة وَمَعَهُمْ الْهَدْي حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْحُدَيْبِية فصدهم الْمُشْركُونَ فَصَالحهُمْ نَبِي الله أَن يرجع عَامه ذَلِك حَتَّى يرجع من الْعَام الْمقبل فَيكون بِمَكَّة ثَلَاث لَيَال وَلَا يدخلوها إِلَّا بسلاح الرَّاكِب وَلَا يخرج بِأحد من أهل مَكَّة فنحروا الْهَدْي بِالْحُدَيْبِية وحلقوا وَقصرُوا حَتَّى إِذا كَانَ من الْعَام الْمقبل أقبل نَبِي الله وَأَصْحَابه معتمرين فِي ذِي الْقعدَة حَتَّى دخلُوا فَأَقَامَ بهَا ثَلَاث لَيَال وَكَانَ الْمُشْركُونَ قد فَخَروا عَلَيْهِ حِين ردُّوهُ يَوْم الْحُدَيْبِيَة فأقصه الله مِنْهُم وَأدْخلهُ مَكَّة فِي

ذَلِك الشَّهْر الَّذِي كَانُوا ردُّوهُ فِيهِ فِي ذِي الْقعدَة فَقَالَ الله {الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام والحرمات قصاص} وَأخرج ابْن جرير والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن جريج قَالَ قلت لعطاء: قَول الله عز وَجل {الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام والحرمات قصاص} فَقَالَ: هَذَا يَوْم الْحُدَيْبِيَة صدوا رَسُول الله صلى اللهعليه وَسلم عَن الْبَيْت الْحَرَام وَكَانَ مُعْتَمِرًا فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السّنة الَّتِي بعْدهَا مُعْتَمِرًا مَكَّة فعمرة فِي الشَّهْر الْحَرَام بعمره فِي الشَّهْر الْحَرَام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة وَابْن شهَاب قَالَا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْعَام الْقَابِل من عَام الْحُدَيْبِيَة مُعْتَمِرًا فِي ذِي الْقعدَة سنة سبع وَهُوَ الشَّهْر الَّذِي صده فِيهِ الْمُشْركُونَ عَن الْمَسْجِد الْحَرَام وَأنزل الله فِي تِلْكَ الْعمرَة {الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام والحرمات قصاص} فَاعْتَمَرَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الشَّهْر الْحَرَام الَّذِي صد فِيهِ وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} وَقَوله {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} الشورى الْآيَة 40 وَقَوله (وَلمن انتصر بعد ظلمه فَأُولَئِك مَا عَلَيْهِم من سَبِيل) (الشورى الْآيَة 41) وَقَوله (وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) (النَّحْل الْآيَة 126) قَالَ: هَذَا وَنَحْوه نزل بِمَكَّة والمسلمون يَوْمئِذٍ قَلِيل فَلَيْسَ لَهُم سُلْطَان يقهر الْمُشْركين فَكَانَ الْمُشْركُونَ يتعاطونهم بالشتم والأذى فَأمر الله الْمُسلمين من يتجازى مِنْهُم أَن يتجازى بِمثل مَا أُوتِيَ إِلَيْهِ أَو يصبر أَو يعْفُو فَلَمَّا هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة وأعز الله سُلْطَانه أَمر الله الْمُسلمين أَن ينْتَهوا فِي مظالهم إِلَى سلطانهم وَلَا يعدو بَعضهم على بعض كَأَهل الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ (وَمن قتل مَظْلُوما فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا) (الْإِسْرَاء الْآيَة 33) الْآيَة يَقُول: ينصره السُّلْطَان حَتَّى ينصفه من ظالمه وَمن انتصر لنَفسِهِ دون السُّلْطَان فَهُوَ عَاص مُسْرِف قد عمل بحمية الْجَاهِلِيَّة وَلم يرض بِحكم الله تَعَالَى

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ} قَالَ: فقاتلوهم فِيهِ كَمَا قَاتَلُوكُمْ وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير والنحاس فِي ناسخه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَغْزُو فِي الشَّهْر الْحَرَام إِلَّا أَن يغزى ويغزو فَإِذا حَضَره أَقَامَ حَتَّى يَنْسَلِخ

195

قَوْله تَعَالَى: وأنفقوا فِي سَبِيل الله وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة وأحسنوا إِن الله يحب الْمُحْسِنِينَ أخرج وَكِيع وسُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حُذَيْفَة فِي قَوْله {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} قَالَ: هُوَ ترك النَّفَقَة فِي سَبِيل الله مَخَافَة الْعيلَة وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} قَالَ: ترك النَّفَقَة فِي سَبِيل الله أنْفق وَلَو مشقصاً وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: لَيْسَ التَّهْلُكَة أَن يقتل الرجل فِي سَبِيل الله وَلَكِن الإِمساك عَن النَّفَقَة فِي سَبِيل الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} قَالَ: نزلت فِي النَّفَقَات فِي سَبِيل الله وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} فِي النَّفَقَة فِي سَبِيل الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ الْقَوْم فِي سَبِيل الله فيتزوّد الرجل فَكَانَ أفضل زاداً من الآخر أنْفق الْيَابِس من زَاده حَتَّى لَا يبْقى من زَاده شَيْء أحب أَن يواسي صَاحبه فَأنْزل الله {وأنفقوا فِي سَبِيل الله وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا يسافرون ويقترون وَلَا يُنْفقُونَ من أَمْوَالهم فَأَمرهمْ أَن ينفقوا فِي مغازيهم فِي سَبِيل الله وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب فِي قَوْله {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} قَالَ: هُوَ الْبُخْل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن الأسلم فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ رجال يخرجُون فِي بعوث يبعثها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِغَيْر نَفَقَة فإمَّا يقطع بهم وَإِمَّا كَانُوا عيالاً فَأَمرهمْ الله أَن يستنفقوا مِمَّا رزقهم الله وَلَا يلْقوا بِأَيْدِيهِم إِلَى التَّهْلُكَة والتهلكة أَن يهْلك رجال من الْجُوع والعطش وَمن الْمَشْي وَقَالَ لمن بِيَدِهِ فضل {وأحسنوا إِن الله يحب الْمُحْسِنِينَ} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ عَن الضَّحَّاك بن أبي جبيرَة أَن الأنصاركانوا يُنْفقُونَ فِي سَبِيل الله وَيَتَصَدَّقُونَ فَأَصَابَتْهُمْ سنة فسَاء ظنهم وأمسكوا عَن ذَلِك فَأنْزل الله {وأنفقوا فِي سَبِيل الله وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وأنفقوا فِي سَبِيل الله وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} قَالَ: لَا يمنعنكم النَّفَقَة فِي حق خيفة الْعيلَة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أسلم أبي عمرَان قَالَ: كُنَّا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وعَلى أهل مصر عقبَة بن عَامر وعَلى أهل الشَّام فضَالة بن عبيد فَخرج صف عَظِيم من الرّوم فصففنا لَهُم فَحمل رجل من الْمُسلمين على صف الرّوم حَتَّى دخل فيهم فصاح النَّاس وَقَالُوا: سُبْحَانَ الله يلقِي بيدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَة فَقَامَ أَبُو أَيُّوب صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنَّكُم تتأوّلون هَذِه الْآيَة هَذَا التَّأْوِيل وَإِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة فِينَا معشر الْأَنْصَار إِنَّا لما أعز الله دينه وَكثر ناصروه قَالَ بَعْضنَا لبَعض سرا دون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَمْوَالنَا قد ضَاعَت وَإِن الله قد أعز الإِسلام وَكثر ناصروه فَلَو أَقَمْنَا فِي أَمْوَالنَا فأصلحنا مَا ضَاعَ فِيهَا فَأنْزل الله على نبيه يرد علينا مَا قُلْنَا {وأنفقوا فِي سَبِيل الله وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} فَكَانَت التَّهْلُكَة الإِقامة فِي الْأَمْوَال وإصلاحها وَتَركنَا الْغَزْو وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب أَنه قيل لَهُ {وأنفقوا فِي سَبِيل الله وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} هُوَ الرجل يلقى العدّو فَيُقَاتل حَتَّى يقتل قَالَ: لَا وَلَكِن هُوَ الرجل يُذنب فيلقي بيدَيْهِ فَيَقُول: لَا يغْفر الله لي أبدا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: كَانَ الرجل يُذنب فَيَقُول: لَا يغْفر الله لي فَأنْزل الله {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي فِي قَوْله {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} قَالَ: الْقنُوط وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: التَّهْلُكَة عَذَاب الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن عبد يَغُوث أَنهم حاصروا دمشق فأسرع رجل إِلَى العدوّ وَحده فعاب ذَلِك عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ وَرفعُوا حَدِيثه إِلَى عَمْرو بن الْعَاصِ فَأرْسل إِلَيْهِ فَرده فَقَالَ: قَالَ الله {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} وَأخرج ابْن جرير عَن رجل من الصَّحَابَة فِي قَوْله {وأحسنوا} قَالَ: أَدّوا الْفَرَائِض وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي إِسْحَق مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وأحسنوا إِن الله يحب الْمُحْسِنِينَ} قَالَ: أَحْسنُوا الظَّن بِاللَّه

196

قَوْله تَعَالَى: وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله فَإِن أحصرتم فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهدى وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك فَإِذا أمنتم فَمن تمتّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رجعتم تِلْكَ عشرَة كَامِلَة ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام وَاتَّقوا الله وَاعْلَمُوا أَن الله شَدِيد الْعقَاب أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بالجعرانة وَعَلِيهِ جبّة وَعَلِيهِ أثر خلوق

فَقَالَ: كَيفَ تَأْمُرنِي يَا رَسُول الله أَن أصنع فِي عمرتي فَأنْزل الله {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيْن السَّائِل عَن الْعمرَة فَقَالَ: هَذَا أناذا قَالَ: اخلع الْجُبَّة واغسل عَنْك أثر الخلوق ثمَّ مَا كنت صانعاً فِي حجك فاصنعه فِي عمرتك وَأخرج الشَّافِعِي وَأحمد وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بالجعرانة عَلَيْهِ جُبَّة وَعَلَيْهَا خلوق فَقَالَ: كَيفَ تَأْمُرنِي أَن أصنع فِي عمرتي قَالَ: فَأنْزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتستر بِثَوْب وَكَانَ يعلى يَقُول: وددت أَنِّي أرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أنزل عَلَيْهِ الْوَحْي فَقَالَ عمر: أَيَسُرُّك أَن تنظر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أنزل عَلَيْهِ الْوَحْي فَرفع طرف الثَّوْب فَنَظَرت إِلَيْهِ لَهُ غطيط كغطيط الْبكر فَلَمَّا سري عَنهُ قَالَ: أَيْن السَّائِل عَن الْعمرَة اغسل عَنْك أثر الخلوق واخلع عَنْك جبتك واصنع فِي عمرتك مَا أَنْت صانع فِي حجك وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} قَالَ: أَن تحرم من دويرة أهلك وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} إِن تَمام الْحَج أَن تحرم من دويرة أهلك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر فِي قَوْله {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} قَالَ: من تمامهما أَن يفرد كل وَاحِد مِنْهُمَا عَن الآخر وَأَن يعْتَمر فِي غير أشهر الْحَج وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: من أحرم بِحَجّ أَو عمْرَة فَلَيْسَ لَهُ أَن يحل حَتَّى يُتمهَا تَمام الْحَج يَوْم النَّحْر إِذا رمى يَوْم النَّحْر إِذا رمى جَمْرَة الْعقبَة وزار الْبَيْت فقد حل وَتَمام الْعمرَة إِذا طَاف بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة إِذا حل وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: تمامهما مَا أَمر الله فيهمَا وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن عَلْقَمَة وَإِبْرَاهِيم قَالَا: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود / وَأقِيمُوا الْحَج وَالْعمْرَة إِلَى الْبَيْت / لَا يُجَاوز بِالْعُمْرَةِ الْبَيْت الْحَج الْمَنَاسِك وَالْعمْرَة الْبَيْت والصفا والمروة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَليّ أَنه قَرَأَ / وَأقِيمُوا الْحَج وَالْعمْرَة للبيت / ثمَّ قَالَ: هِيَ وَاجِبَة مثل الْحَج وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أمرْتُم بِإِقَامَة أَربع أقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَأقِيمُوا الْحَج وَالْعمْرَة إِلَى الْبَيْت وَالْحج الْحَج الْأَكْبَر وَالْعمْرَة الْحَج الْأَصْغَر وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن يزِيد بن مُعَاوِيَة قَالَ: إِنِّي لفي الْمَسْجِد زمن الْوَلِيد بن عقبَة حَلقَة فِيهَا حُذَيْفَة وَلَيْسَ إِذْ ذَاك حجزة وَلَا جلاوزة إِذْ هتف هَاتِف: من كَانَ يقْرَأ على قِرَاءَة أبي مُوسَى فليأت الزاويه الَّتِي عِنْد أَبْوَاب كِنْدَة وَمن كَانَ يقْرَأ على قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود فليأت هَذِه الزاوية الَّتِي عِنْد دَار عبد الله وَاخْتلفَا فِي آيَة فِي سُورَة الْبَقَرَة قَرَأَ هَذَا (وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة للبيت) وَقَرَأَ هَذَا {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} فَغَضب حُذَيْفَة واحمرت عَيناهُ ثمَّ قَامَ - وَذَلِكَ فِي زمن عُثْمَان - فَقَالَ: إِمَّا أَن تركب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِمَّا أَن أركب فَهَكَذَا كَانَ من قبلكُمْ ثمَّ أقبل فَجَلَسَ فَقَالَ: إِن الله بعث مُحَمَّدًا فقاتل بِمن أقبل من أدبر حَتَّى أظهر الله دينه ثمَّ إِن الله قَبضه فطعن النَّاس فِي الإِسلام طعنة جواد ثمَّ إِن الله اسْتخْلف أَبَا بكر وَكَانَ مَا شَاءَ الله ثمَّ إِن الله قَبضه فطعن النَّاس فِي الإِسلام طعنة جواد ثمَّ إِن الله اسْتخْلف عمر فَنزل وسط الإِسلام ثمَّ إِن الله قَبضه فطعن النَّاس فِي الإِسلام طعنة جواد ثمَّ إِن الله اسْتخْلف عُثْمَان وأيم الله ليوشكن أَن تطعنوا فِيهِ طعنة تحلقونه كُله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ أَنه قَرَأَهَا {وَأَتمُّوا الْحَج} ثمَّ قطع ثمَّ قَالَ {وَالْعمْرَة لله} يَعْنِي بِرَفْع التَّاء وَقَالَ: هِيَ تطوع وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَالشَّافِعِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن طَاوس قَالَ: قيل لِابْنِ عَبَّاس أتأمر بِالْعُمْرَةِ قبل الْحَج وَالله تَعَالَى يَقُول {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: كَيفَ تقرؤون (من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين) (النِّسَاء الْآيَة 11) فبأيهما تبدؤون قَالُوا: بِالدّينِ قَالَ: فَهُوَ ذَلِك

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْعمرَة وَاجِبَة كوجوب الْحَج من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَالشَّافِعِيّ فِي الْأُم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وَالله إِنَّهَا لقرينتها فِي كتاب الله {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة كِلَاهُمَا فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد عَن مَسْرُوق قَالَ: أمرْتُم فِي الْقُرْآن بِإِقَامَة أَربع: أقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَأقِيمُوا الْحَج وَالْعمْرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْعمرَة الْحجَّة الصُّغْرَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ (وَأقِيمُوا الْحَج وَالْعمْرَة للبيت) ثمَّ قَالَ: وَالله لَوْلَا التحرج إِنِّي لم أسمع فِيهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا لقلنا أَن الْعمرَة وَاجِبَة مثل الْحَج وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: الْعمرَة وَاجِبَة لَيْسَ أحد من خلق الله إِلَّا عَلَيْهِ حجَّة وَعمرَة واجبتان من اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِك سَبِيلا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن طَاوس قَالَ: الْعمرَة على النَّاس كلهم إِلَّا على أهل مَكَّة فَإِنَّهَا لَيست عَلَيْهِم عمْرَة إِلَّا أَن يقدم أحد مِنْهُم من أفق من الْآفَاق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: لَيْسَ أحد من خلق الله إِلَّا عَلَيْهِ حجَّة وَعمرَة واجبتان من اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِك سَبِيلا كَمَا قَالَ الله حَتَّى أهل بوادينا إِلَّا أهل مَكَّة فَإِن عَلَيْهِم حجّة وَلَيْسَت عَلَيْهِم عمْرَة من أجل أَنهم أهل الْبَيْت وَإِنَّمَا الْعمرَة من أجل الطّواف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْحَج وَالْعمْرَة فريضتان على النَّاس كلهم إِلَّا أهل مَكَّة فَإِن عمرتهم طوافهم فَمن جعل بَينه وَبَين الْحرم بطن وَاد فَلَا يدْخل مَكَّة إِلَّا بِالْإِحْرَامِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: لَيْسَ على أهل مَكَّة عمْرَة إِنَّمَا يعْتَمر من زار الْبَيْت ليطوف بِهِ وَأهل مَكَّة يطوفون مَتى شاؤوا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْحَج فَرِيضَة وَالْعمْرَة تطوّع وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي صَالح ماهان الْحَنَفِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَج جِهَاد وَالْعمْرَة تطوّع وَأخرج ابْن ماجة عَن طَلْحَة بن عبيد الله أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْحَج جِهَاد وَالْعمْرَة تطوّع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن جَابر بن عبد الله أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعمرَة أَوَاجِبَة هِيَ قَالَ: لَا وَإِن تَعْتَمِرُوا خير لكم وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن ثَابت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْحَج وَالْعمْرَة فريضتان لَا يَضرك بِأَيِّهِمَا بدأت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم عَن ابْن سِيرِين أَن زيد بن ثَابت سُئِلَ عَن الْعمرَة قبل الْحَج قَالَ: صلاتان وَفِي لفظ نسكان لله عَلَيْك لَا يَضرك بِأَيِّهِمَا بدأت وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن عبد الله بن أبي بكر أَن فِي الْكتاب الَّذِي كتبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم إِن الْعمرَة هِيَ الْحَج الْأَصْغَر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أوصني قَالَ: تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتصوم شهر رَمَضَان وتحج وتعتمر وَتسمع وتطيع وَعَلَيْك بالعلانية وَإِيَّاك والسر وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الْأَعْمَال عِنْد الله إِيمَان لَا شكّ فِيهِ وغزو لَا غلُول فِيهِ وَحج مبرور وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن كاجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْعمرَة إِلَى الْعمرَة كَفَّارَة لما بَينهمَا وَالْحج المبرور لَيْسَ لَهُ جَزَاء إِلَّا الْجنَّة وَأخرج أَحْمد عَن عَامر بن ربيعَة مَرْفُوعا مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا سبح الْحَاج من تَسْبِيحَة وَلَا هلل من تَهْلِيلَة وَلَا كبر من تَكْبِيرَة إِلَّا بشر بهَا تبشيرة

وَأخرج مُسلم وَابْن خُزَيْمَة عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْإِسْلَام يهدم مَا قبله وَأَن الْهِجْرَة تهدم مَا كَانَ قبلهَا وَأَن الْحَج يهدم مَا كَانَ قبله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحسن بن عليّ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي جبان وَضَعِيف فَقَالَ: هَلُمَّ إِلَى جِهَاد لَا شَوْكَة فِيهِ: الْحَج وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عليّ بن حُسَيْن قَالَ سَأَلَ رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجِهَاد فَقَالَ: أَلا أدلك على جِهَاد لَا شَوْكَة فِيهِ الْحَج وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي رجل جبان وَلَا أُطِيق لِقَاء العدوّ فَقَالَ: أَلا أدلك على جِهَاد لَا قتال فِيهِ قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: عَلَيْك بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة قَالَت قلت: يَا رَسُول الله نرى الْجِهَاد أفضل الْعَمَل أَفلا نجاهد فَقَالَ: لَكِن أفضل الْجِهَاد حج مبرور وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن خُزَيْمَة عَن عَائِشَة قَالَت قلت: يَا رَسُول الله هَل على النِّسَاء من جِهَاد قَالَ: عَلَيْهِنَّ جِهَاد لَا قتال فِيهِ الْحَج وَالْعمْرَة وَأخرج النَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ جِهَاد الْكَبِير والضعيف وَالْمَرْأَة: الْحَج وَالْعمْرَة وَأخرج ابْن خُزَيْمَة عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الإِسلام أَن تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الهه وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأَن تقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتحج وتعتمر وتغتسل من الْجَنَابَة وَأَن تتمّ الْوضُوء وتصوم رَمَضَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَج جِهَاد كل ضَعِيف وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الْأَعْمَال حجَّة مبرورة أَو عمْرَة مبرورة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن مَاعِز عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ: إِيمَان بِاللَّه وَحده ثمَّ الْجِهَاد ثمَّ حجَّة برة تفضل سَائِر الْأَعْمَال كَمَا بَين مطلع الشَّمْس وَمَغْرِبهَا

وَأخرج أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْحَج المبرور لَيْسَ لَهُ جَزَاء إِلَّا الْجنَّة قيل: وَمَا بره قَالَ: إطْعَام الطَّعَام وَطيب الْكَلَام وَفِي لفظ وإفشاء السَّلَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عبد الله بن جَراد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجُّوا فَإِن الْحَج يغسل الذُّنُوب كَمَا يغسل المَاء الدَّرن وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي مُوسَى رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْحَاج يشفع فِي أَرْبَعمِائَة من أهل بَيته وَيخرج من ذنُوبه كَمَا وَلدته أمه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من جَاءَ يؤم الْبَيْت الْحَرَام فَركب بعيره فَمَا يرفع خفاً وَلَا يضع خفاً إِلَّا كتب الله لَهُ بهَا حَسَنَة وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة وَرفع لَهُ بهَا دَرَجَة حَتَّى إِذا انْتهى إِلَى الْبَيْت فَطَافَ وَطَاف بَين الصَّفَا والمروة ثمَّ حلق أَو قصر خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه فليستأنف الْعَمَل وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفد الله ثَلَاثَة: الْغَازِي والحاج الْمُعْتَمِر وَأخرج الْبَزَّار عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحجَّاج والعمار وَفد الله دعاهم فَأَجَابُوهُ وسألوه فَأَعْطَاهُمْ وَأخرج ابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحجَّاج والعمار وَفد الله إِن دَعوه أجابهم وَإِن استغفروه غفر لَهُم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو يعلم المقيمون مَا للحجاج عَلَيْهِم من الْحق لأتوهم حِين يقدمُونَ حَتَّى يقبلُوا رواحلهم لأَنهم وَفد الله من جَمِيع النَّاس وَأخرج الْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يغْفر للحجاج وَلمن اسْتغْفر لَهُ الْحَاج وَفِي لفظ: اللَّهُمَّ اغْفِر للحجاج وَلمن اسْتغْفر لَهُ الْحَاج وَأخرج ابْن أبي شيبَة ومسدد فِي مُسْنده عَن عمر قَالَ: يغْفر للْحَاج وَلمن اسْتغْفر لَهُ الْحَاج بَقِيَّة ذِي الْحجَّة وَالْمحرم وصفر وَعشرا من ربيع الأول وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر أَنه خطب عِنْد بَاب الْكَعْبَة فَقَالَ: مَا من أحد يَجِيء إِلَى هَذَا الْبَيْت لَا ينهزه غير صَلَاة فِيهِ حَتَّى يسْتَلم الْحجر إِلَّا كفر عَنهُ مَا كَانَ قبل ذَلِك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: من حج هَذَا الْبَيْت لَا يُرِيد غَيره خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أم معقل أَن زَوجهَا جعل بكرا فِي سَبِيل الله وَأَنَّهَا أَرَادَت الْعمرَة فَسَأَلت زَوجهَا الْبكر فَأبى عَلَيْهَا فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَأمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُعْطِيهَا وَقَالَ: إِن الْحَج وَالْعمْرَة لمن سَبِيل الله وَأَن عمْرَة فِي رَمَضَان تعدل حجَّة أَو تجزىء بِحجَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَج فَقَالَت امْرَأَة لزَوجهَا: حج بِي قَالَ: مَا عِنْدِي مَا أحج بك عَلَيْهِ قَالَت: فحج بِي على ناضحك قَالَ: ذَاك نعتقبه أَنا وولدك قَالَت: فحج بِي على جملك فلَان قَالَ: ذَاك احْتبسَ فِي سَبِيل الله قَالَت: فبع تمر رفك قَالَ: ذَلِك قوتي وقوتك فَلَمَّا رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة أرْسلت إِلَيْهِ زَوجهَا فَقَالَت: اقرىء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مني السَّلَام وسله مَا يعدل حجَّة مَعَك فَأتى زَوجهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: أما أَنَّك لَو كنت حججْت بهَا على الْجمل الحبيس كَانَ فِي سَبِيل الله وَضحك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَعَجبا من حرصها على الْحَج وَقَالَ: أقرءها مني السَّلَام وَرَحْمَة الله وأخبرها أَنَّهَا تعدل حجَّة معي عمْرَة فِي رَمَضَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا فِي عمرتها: إِن لَك من الْأجر على قدر نصبك ونفقتك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حبيب أَن قوما مروا بِأبي ذَر بالربذة فَقَالَ لَهُ: مَا أنصبكم إِلَّا الْحَج استأنفوا الْعَمَل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم: أَن ابْن مَسْعُود قَالَ لقوم ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حبيب بن الزبير قَالَ: قلت لعطاء: أبلغك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: استقبلوا الْعَمَل بعد الْحَج قَالَ: لَا وَلَكِن عُثْمَان وَأَبُو ذَر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب أَنه رأى قوما من الْحجَّاج فَقَالَ: لَو يعلم هَؤُلَاءِ مَا لَهُم بعد الْمَغْفِرَة لقرت عيونهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: إِذا كبر الْحَاج والمعتمر والغازي كبر الْمُرْتَفع الَّذِي يَلِيهِ ثمَّ الي يَلِيهِ حَتَّى يَنْقَطِع فِي الْأُفق وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

من أَرَادَ الْحَج فَليَتَعَجَّل فَإِنَّهُ قد تضل الضَّالة ويمرض الْمَرِيض وَتَكون الْحَاجة وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعجلوا إِلَى الْحَج - يَعْنِي الْفَرِيضَة - فَإِن أحدكُم لَا يدْرِي مَا يعرض لَهُ وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من عبد يدع الْحَج لحَاجَة من حوائج الدُّنْيَا إِلَّا رأى الْمُخلفين قبل أَن يقْضِي تِلْكَ الْحَاجة وَمَا من عبد يدع الْمَشْي فِي حَاجَة أَخِيه قضيت أَو لم تقض إِلَّا ابتلى بعونه من يَأْثَم عَلَيْهِ وَلَا يُؤجر فِيهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي ذَر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: إلهي مَا لِعِبَادِك إِذا هم زوارك فِي بَيْتك قَالَ: لكل زائر حق على المزور يَا دَاوُد إِن لَهُم أَن أعافيهم فِي الدُّنْيَا وأغفر لَهُم إِذا لقيتهم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا رَاح مُسلم فِي سَبِيل الله مُجَاهدًا أَو حَاجا مهلا أَو ملبياً إِلَّا غربت الشَّمْس بذنوبه وَخرج مِنْهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْحجَّاج والعمار وَفد الله سَأَلُوا أعْطوا وَإِن دعوا أجِيبُوا وَإِن أَنْفقُوا أخلف لَهُم وَالَّذِي نفس أبي الْقَاسِم بِيَدِهِ مَا كبر مكبر على نشز وَلَا أهل مهل على شرف إِلَّا أهل مَا بَين يَدَيْهِ وَكبر حَتَّى يَنْقَطِع مِنْهُ مُنْقَطع التُّرَاب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحجَّاج والعمار وَفد الله يعطيهم مَا سَأَلُوا ويستجيب لَهُم مَا دعوا ويخلف عَلَيْهِم مَا أَنْفقُوا الدِّرْهَم بِأَلف ألف وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله يرفعهُ قَالَ: مَا أمعر حَاج قطّ قيل لجَابِر: وَمَا الإِمعار قَالَ: مَا افْتقر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

تابعوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة فَإِنَّهُمَا ينفيان الْفقر والذنُوب كَمَا يَنْفِي الْكِير خبث الْحَدِيد وَالذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَيْسَ للحجة المبرورة ثَوَاب دون الْجنَّة وَمَا من مُؤمن يظل يَوْمه محرما إِلَّا غَابَتْ الشَّمْس بذنوبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تابعوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة فَإِن الْمُتَابَعَة بَينهمَا تَنْفِي الْفقر والذنُوب كَمَا يَنْفِي الْكِير خبث الْحَدِيد وَأخرج الْبَزَّار عَن جَابر مَرْفُوعا مثله وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده عَن ابْن عمر مَرْفُوعا مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عَامر بن ربيع مَرْفُوعا مثله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا أهل مهل قطّ وَلَا كبر مكبر قطّ إِلَّا بشر قيل: يَا رَسُول الله بِالْجنَّةِ قَالَ: نعم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هرير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أهل مهل قطّ إِلَّا آبت الشَّمْس بذنوبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: مَا أَتَى هَذَا الْبَيْت طَالب حَاجَة لدين أَو دنيا إِلَّا رَجَعَ بحاجته وَأخرج أَبُو يعلى وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خرج فِي هَذَا الْوَجْه لحج أَو عمْرَة فَمَاتَ فِيهِ لم يعرض وَلم يُحَاسب وَقيل لَهُ ادخل الْجنَّة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يباهي بالطائفين وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَاتَ فِي طَرِيق مَكَّة ذَاهِبًا أَو رَاجعا لم يعرض وَلم يُحَاسب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أهل بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة من الْمَسْجِد الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام غفر لَهُ مَا تقدم وَمَا تَأَخّر وَوَجَبَت لَهُ الْجنَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أبي ذَر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا خرج الْحَاج من أَهله فَسَار ثَلَاثَة أَيَّام أَو ثَلَاث لَيَال خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه وَكَانَ سَائِر أَيَّامه دَرَجَات وَمن كفن مَيتا كَسَاه الله من ثِيَاب الْجنَّة وَمن غسل مَيتا خرج من ذنُوبه وَمن حثى عَلَيْهِ التُّرَاب فِي قَبره كَانَت لَهُ بِكُل هباة أثقل من مِيزَانه من جبل من الْجبَال وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا ترفع ابل الْحَاج رجلا وَلَا تضع يدا إِلَّا كتب لَهُ الله بهَا حَسَنَة أَو محا عَنهُ سَيِّئَة أَو رَفعه بهَا دَرَجَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حبيب بن الزبير الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ: قلت لعطاء بن أبي رَبَاح: أبلغك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يستأنفون الْعَمَل يَعْنِي الْحجَّاج قَالَ: لَا وَلَكِن بَلغنِي عَن عُثْمَان بن عَفَّان وَأبي ذَر الْغِفَارِيّ أَنَّهُمَا قَالَا: يستقبلون الْعَمَل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا مر بعمر بن الْخطاب وَقد قضى نُسكه فَقَالَ لَهُ عمر: أحججت قَالَ: نعم فَقَالَ لَهُ: اجْتنبت مَا نهيت عَنهُ فَقَالَ: مَا ألوت قَالَ عمر: اسْتقْبل عَمَلك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله عز وَجل ليدْخل بِالْحجَّةِ الْوَاحِدَة ثَلَاثَة نفر الْجنَّة: الْمَيِّت والحاج عَنهُ والمنفذ ذَلِك يَعْنِي الْوَصِيّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول تبَارك وَتَعَالَى: إِن عبدا صححت لَهُ جِسْمه وأوسعت لَهُ فِي رزقه يَأْتِي عَلَيْهِ خمسين سِنِين لَا يفد إليَّ لمحروم وَأخرج أَبُو يعلى عَن خباب بن الْأَرَت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يَقُول: إِن عبدا أصححت لَهُ جِسْمه وأوسعت لَهُ فِي الرزق يَأْتِي عَلَيْهِ خمس حجج لم يَأْتِ إليَّ فِيهِنَّ لمحروم وَأخرج الشَّافِعِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي كل شهر عمْرَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر قَالَ: إِذا وضعتم السُّرُوج فشدوا الرّحال إِلَى الْحَج والعمره فَإِنَّهُمَا أحد الجهادين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر بن زيد قَالَ: الصَّوْم وَالصَّلَاة يجهدان الْبدن وَلَا يجهدان المَال وَالصَّدَََقَة تجهد المَال وَلَا تجهد الْبدن وَإِنِّي لَا أعلم شَيْئا أجهد لِلْمَالِ وَالْبدن من الْحَج وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {فَإِن أحصرتم} يَقُول: من أحرم بِحَجّ أَو عمْرَة ثمَّ حبس عَن الْبَيْت بِمَرَض يجهده أَو عَدو يحْبسهُ فَعَلَيهِ ذبح مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي شَاة فَمَا فَوْقهَا فَإِن كَانَت حجَّة الإِسلام فَعَلَيهِ قَضَاؤُهَا وَإِن كَانَت بعد حجَّة الفريضه فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} فَإِذا كَانَ أحرم بِالْحَجِّ فمحله يَوْم النَّحْر وَإِن كَانَ أحرم بِعُمْرَة فَمحل هدبه إِذا أَتَى الْبَيْت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِن أحصرتم} قَالَ:

هُوَ الرجل من أَصْحَاب مُحَمَّد كَانَ يحبس عَن الْبَيْت فيهدي إِلَى الْبَيْت وَيمْكث على إِحْرَامه حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله فَإِن بلغ الْهَدْي مَحَله حلق رَأسه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {فَإِن أحصرتم} الْآيَة يَقُول: إِذا أهل الرجل بِالْحَجِّ فأحصر بعث بِمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي فَإِن هُوَ عجل قبل أَن يبلغ الْهَدْي مَحَله فحلق رَأسه أَو مس طيبا أَو تداوى بدواء كَانَ عَلَيْهِ فديَة من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك وَالصِّيَام ثَلَاثَة أَيَّام وَالصَّدَََقَة ثَلَاثَة أصوع على سِتَّة مَسَاكِين لكل مِسْكين نصف صَاع والنسك {فَإِذا أمنتم} يَقُول: فَإِذا برىء فَمضى من وَجهه ذَلِك الْبَيْت كَانَ عَلَيْهِ حجَّة وَعمرَة فَإِن رَجَعَ مُتَمَتِّعا فِي أشهر الْحَج كَانَ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي شَاة فَإِن هُوَ لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رجعتم قَالَ إِبْرَاهِيم: فَذكرت هَذَا الحَدِيث لسَعِيد بن جُبَير فَقَالَ: هَكَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس فِي هَذَا الحَدِيث كُله وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: الْحصْر حبس كُله وَأخرج مَالك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ فِي قَوْله {فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي} قَالَ: شَاة وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عمر {فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي} قَالَ: بقرة أَو جزور قيل: أَو مَا يَكْفِيهِ شَاة قَالَ: لَا وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي} قَالَ: مَا يجد قد يستيسر على الرجل وَالْجَزُور والجزوران وَأخرج وَكِيع وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: من الْأزْوَاج الثَّمَانِية من الإِبل وَالْبَقر والضان والمعز على قدر الميسرة وَمَا عظمت فَهُوَ أفضل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي} قَالَ: عَلَيْهِ هدي إِن كَانَ مُوسِرًا فَمن الإِبل وَإِلَّا فَمن الْبَقر وَإِلَّا فَمن الْغنم

وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْقَاسِم عَن عَائِشَة يَقُول: مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي الشَّاة وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَالشَّافِعِيّ فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا حصر إِلَّا حصر العدوّ فاما من أَصَابَهُ مرض أَو وجع أَو ضلال فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء إِنَّمَا قَالَ الله {فَإِذا أمنتم} فَلَا يكون الْأَمْن إِلَّا من الْخَوْف وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: لَا إحصار إِلَّا من عدوّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَا إحصار إِلَّا من الْحَرْب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: لَا إحصار إِلَّا من مرض أَو عدوّ أَو أَمر حَابِس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة قَالَ: كل شَيْء حبس الْمحرم فَهُوَ إحصار وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن نَافِع أَن عبيد الله بن عبد الله وَسَلام بن عبد الله أخبراه: أَنَّهُمَا كلما عبد الله بن عمر ليَالِي نزل الْجَيْش بِابْن الزبير فَقَالَ: لَا يَضرك أَن لَا تحج الْعَام إِنَّا نَخَاف أَن يُحَال بَيْنك وَبَين الْبَيْت فَقَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معتمرين فحال كفار قُرَيْش دون الْبَيْت فَنحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَدْيه وَحلق رَأسه وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قد أحْصر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحلق رَأسه وجامع نِسَاءَهُ وَنحر هَدْيه حَتَّى اعْتَمر علما قَابلا أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} أخرج البُخَارِيّ عَن الْمسور أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نحر قبل أَن يحلق وَأمر أَصْحَابه بذلك وَأخرج البُخَارِيّ تَعْلِيقا عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا الْبَدَل على من نقص حجَّة بالتذاذ وَأما من حَبسه عذر أَو غير ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يحل وَلَا يرجع وَإِن كَانَ مَعَه هدي وَهُوَ محصر نَحره إِن كَانَ لَا يَسْتَطِيع أَن يبْعَث بِهِ وَإِن اسْتَطَاعَ أَن يبْعَث بِهِ لم يحل حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أهل الْحُدَيْبِيَة أمروا بابدال الْهَدْي فِي الْعَام الَّذِي حلوا فِيهِ فابدلوا وعزت الإِبل فَرخص لَهُم فِيمَن لَا يجد بَدَنَة فِي اشْتِرَاء بقرة

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي حاصر الْحِمْيَرِي قَالَ: خرجت مُعْتَمِرًا عَام حوصر ابْن الزبير وَمَعِي هدي فمنعنا أَن ندخل الْحرم فنحرت الْهَدْي مَكَاني وأحللت فَلَمَّا كَانَ الْعَام الْمقبل خرجت لأقضي عمرتي أتيت ابْن عَبَّاس فَسَأَلته فَقَالَ: أبدل الْهَدْي فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أَصْحَابه أَن يبدلوا الْهَدْي الَّذِي نحرُوا عَام الديبية فِي عمْرَة الْقَضَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: إِذا حلق قبل أَن يذبح اهرق لذَلِك دَمًا ثمَّ قَرَأَ {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} وَأخرج ابْن جرير عَن الْأَعْرَج أَنه قَرَأَ {حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} ) الْمَائِدَة الْآيَة 95) بِكَسْر الدَّال مُثقلًا أما قَوْله تَعَالَى: {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك} أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن كَعْب بن عجْرَة قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحُدَيْبِية وَنحن محرمون وَقد حصرنا الْمُشْركُونَ وَكَانَت لي وفرة فَجعلت الْهَوَام تساقط على وَجْهي فَمر بِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَيُؤْذِيك هوَام رَأسك قلت: نعم فَأمرنِي أَن أحلق قَالَ: وَنزلت هَذِه الْآيَة {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صم ثَلَاثَة أَيَّام أَو تصدق بفرق بَين سِتَّة أَو انسك مِمَّا تيَسّر وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تحلقوا رؤوسكم حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله} ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك} وَأخرج وَكِيع وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: قعدت إِلَى كَعْب بن عجْرَة فَسَأَلته عَن هَذِه الْآيَة {ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك} فَقَالَ: نزلت فيَّ كَانَ بِي أَذَى من رَأْسِي فَحملت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقمل يَتَنَاثَر على وَجْهي فَقَالَ: مَا كنت أرى أَن الْجهد بلغ

بك هَذَا أما تَجِد شَاة قلت: لَا قَالَ: صم ثَلَاثَة أَيَّام أَو اطعم سِتَّة مَسَاكِين لكل مِسْكين نصف صَاع من طَعَام واحلق رَأسك فَنزلت فيّ خَاصَّة وَهِي لكم عَامَّة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير عَن كَعْب بن عجْرَة قَالَ لفيّ نزلت وإياي عني بهَا {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو بِهِ أَذَى من رَأسه} قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِالْحُدَيْبِية وَهُوَ عِنْد الشَّجَرَة: أَيُؤْذِيك هوامك قلت: نعم فَنزلت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والواحدي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلنَا الْحُدَيْبِيَة جَاءَ كَعْب بن عجْرَة ينتر هوَام رَأسه على وَجهه فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَذَا الْقمل قد أكلني فَأنْزل الله فِي ذَلِك الْموقف {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا} الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: النّسك شَاة وَالصِّيَام ثَلَاثَة أَيَّام وَالطَّعَام فرق بَين سِتَّة مَسَاكِين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا} يَعْنِي من اشْتَدَّ مَرضه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا} يَعْنِي بِالْمرضِ أَن يكون بِرَأْسِهِ أَذَى أَو قُرُوح أَو بِهِ أَذَى من رَأسه قَالَ: الْأَذَى هُوَ الْقمل وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: مَا أَذَى من رَأسه قَالَ: الْقمل وَغَيره الصداع وَمَا كَانَ فِي رَأسه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: النشك أَن يذبح شَاة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكعب بن عجْرَة: أَيُؤْذِيك هوَام رَأسك قَالَ: نعم قَالَ: فاحلقه وافتد إِمَّا صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام وَإِمَّا أَن تطعم سِتَّة مَسَاكِين أَو نسك شَاة وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: الصّيام ثَلَاثَة أَيَّام وَالصَّدَََقَة ثَلَاثَة أصوع على سِتَّة مَسَاكِين والنسك شَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن (أَو أَو) فصاحبه مُخَيّر فَإِذا ان {فَمن لم يجد} فَهُوَ الأوّل فالأوّل

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن (أَو أَو) فَهُوَ خِيَار وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن (أَو أَو) لَهُ أَيَّة شَاءَ قَالَ ابْن جريج: إِلَّا قَوْله تَعَالَى (إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله) (الْمَائِدَة الْآيَة 33) فَلَيْسَ بمخيَّر فِيهَا وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن (أَو أَو) يخْتَار مِنْهُ صَاحبه مَا شَاءَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة وَإِبْرَاهِيم مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن تمتّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج} يَقُول: من أحرم بِالْعُمْرَةِ فِي أشهر الْحَج وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: التَّمَتُّع الاعتمار فِي أشهر الْحَج وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن الزبير أَنه خطب فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس وَالله مَا التَّمَتُّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج كَمَا تَصْنَعُونَ إِنَّمَا التَّمَتُّع أَن يهل الرجل بِالْحَجِّ فيحصره عدوّ أَو مرض أَو كسر أَو يحْبسهُ أَمر حَتَّى يذهب أَيَّام الْحَج فَيقدم فيجعلها عمْرَة فيتمتع تَحِلَّة إِلَى الْعَام الْمقبل ثمَّ يحجّ وَيهْدِي هَديا فَهَذَا التَّمَتُّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: كَانَ ابْن الزبير يَقُول: إِنَّمَا الْمُتْعَة لمن أحْصر وَلَيْسَت لمن خلي سَبيله وَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَهِي لمن أحْصر وَلَيْسَت لمن خلي سَبيله وَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَهِي لمن أحْصر وَمن خليت سَبيله وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ فِي قَوْله {فَإِذا أمنتم فَمن تمتّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج} قَالَ: فَإِن أخر الْعمرَة حَتَّى يجمعها مَعَ الْحَج فَعَلَيهِ الْهَدْي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: إِنَّمَا سميت الْمُتْعَة لأَنهم كَانُوا يتمتعون بِالنسَاء وَالثيَاب وَفِي لفظ: يتمتع بأَهْله وثيابه وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ أهل اجاهلية إِذا حجُّوا قَالُوا: إِذا

عَفا الْوَبر وَتَوَلَّى الدبر وَدخل صفر حلت الْعمرَة لمن اعْتَمر فَأنْزل الله التَّمَتُّع بِالْعُمْرَةِ تغييراً لما كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يصنعون وترخيصاً للنَّاس وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي جَمْرَة أَن رجلا قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: تمتعت بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج ولي أَرْبَعُونَ درهما فِيهَا كَذَا وفيهَا كَذَا وفيهَا نَفَقَة فَقَالَ: صم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب {فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج} قَالَ: قبل التَّرويَة يَوْم وَيَوْم التَّرويَة وَيَوْم عَرَفَة فَإِن فَاتَتْهُ صامهن أَيَّام التَّشْرِيق وَأخرج وَكِيع وَعبد الراق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر فِي قَوْله {فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج} قَالَ: قبل التَّرويَة يَوْم وَيَوْم التَّرويَة وَيَوْم عَرَفَة فَإِن فَاتَهُ صيامها صامها أَيَّام منى فَإِنَّهُنَّ من الْحَج وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَلْقَمَة وَمُجاهد وَسَعِيد بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الصّيام للمتمتع مَا بَين إِحْرَامه إِلَى يَوْم عَرَفَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِذا لم يجد الْمُتَمَتّع بِالْعُمْرَةِ هَديا فَعَلَيهِ صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج قبل يَوْم عَرَفَة وَإِن كَانَ يَوْم عَرَفَة الثَّالِث فقد تمّ صَوْمه وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: الصّيام لمن يتمتع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج لمن لم يجد هَديا مَا بَين أَن يهل بِالْحَجِّ إِلَى يَوْم عَرَفَة فَإِن لم يصم صَامَ أَيَّام منى وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ عَن ابْن عمر مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر وَعَائِشَة قَالَا: لم يرخص فِي أَيَّام التَّشْرِيق أَن يصمن إِلَّا لمتمتع لم يجد هَديا وَأخرج ابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ رخص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للمتمتع إِذا لم يجد الْهَدْي وَلم يصم حَتَّى فَاتَتْهُ أَيَّام الْعشْر أَن يَصُوم أَيَّام التَّشْرِيق مَكَانهَا وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من لم يكن مَعَه هدي فليصم ثَلَاثَة أَيَّام قبل يَوْم النَّحْر وَمن لم يكن صَامَ تِلْكَ الثَّلَاثَة أَيَّام فليصم أَيَّام التَّشْرِيق أَيَّام منى

وَأخرج مَالك وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن حذاقة بن قيس فَنَادَى فِي أَيَّام التَّشْرِيق فَقَالَ: إِن هَذِه أَيَّام أكل وَشرب وَذكر الله إِلَّا من كَانَ عَلَيْهِ صَوْم من هدي وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن عبد الله بن حذاقة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره فِي رَهْط أَن يطوفوا فِي منى فِي حجَّة الْوَدَاع فينادوا إِن هَذِه أَيَّام أكل وَشرب وَذكر الله فَلَا صَوْم فِيهِنَّ إِلَّا صوما فِي هدي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: لَا يُجزئهُ صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام وَهُوَ متمتع إِلَّا أَن يحرم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَا يَصُوم متمتع إِلَّا فِي الْعشْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن أبي نجيح قَالَ: قَالَ مُجَاهِد يَصُوم الْمُتَمَتّع إِن شَاءَ يَوْمًا من شوّال وَإِن شَاءَ يَوْمًا من ذِي الْقعدَة قَالَ: وَقَالَ طَاوس وَعَطَاء: لَا يَصُوم الثَّلَاثَة إِلَّا فِي الْعشْر وَقَالَ مُجَاهِد لَا بَأْس أَن يصومهن فِي أشهر الْحَج وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن مُتْعَة الْحَاج فَقَالَ أهل الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع وأهللنا فَلَمَّا قدمنَا مَكَّة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجعلوا إهلالكم بِالْحَجِّ عمْرَة إِلَّا من قلد الْهَدْي فطفنا بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة وأتينا النِّسَاء ولبسنا الثِّيَاب وَقَالَ: من قلد الْهَدْي فَإِنَّهُ لَا يحل حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله ثمَّ أمرنَا عَشِيَّة التَّرويَة أَن نهل بِالْحَجِّ فَإِذا فَرغْنَا من الْمَنَاسِك جِئْنَا فطفنا بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة وأتينا النِّسَاء ولبسنا الثِّيَاب وَقَالَ: من قلد الْهَدْي فَإِنَّهُ لَا يحل حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله ثمَّ أمرنَا عَشِيَّة التَّرويَة أَن نهل بِالْحَجِّ فَإِذا فَرغْنَا من الْمَنَاسِك جِئْنَا فطفنا بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة وَقد تمّ حجنا وعلينا الْهَدْي كَمَا قَالَ الله {فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رجعتم} إِلَى أمصاركم وَالشَّاة تجزىء فَجمعُوا نسكين فِي عَام بَين الْحَج وَالْعمْرَة فَإِن الله أنزلهُ فِي كِتَابه وَسنة نبيه وأباحه للنَّاس غير أهل مَكَّة قَالَ الله تَعَالَى {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام} وَأشهر الْحَج الَّتِي ذكر الله شوّال وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة فَمن تمتّع فِي هَذِه الْأَشْهر فَعَلَيهِ دم أَو صَوْم والرفث الْجِمَاع والفسوق الْمعاصِي والجدال المراء وَأخرج مَالك وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر: من اعْتَمر فِي أشهر

الْحَج فِي شوّال أَو ذِي الْقعدَة أَو ذِي الْحجَّة فقد استمتع وَوَجَب عَلَيْهِ الْهَدْي أَو الصّيام إِن لم يجد هَديا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: من اعْتَمر فِي شوّال أَو فِي ذِي الْقعدَة ثمَّ قَامَ حَتَّى يحجّ فَهُوَ متمتع عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله وَمن اعْتَمر فِي أشهر الْحَج ثمَّ رَجَعَ فَلَيْسَ بمتمتع ذَاك من أَقَامَ وَلم يرجع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كَانَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اعتمروا فِي أشهر الْحَج ثمَّ لم يحجوا من عَامهمْ ذَلِك لم يهدوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ عمر: إِذا اعْتَمر فِي أشهر الْحَج ثمَّ أَقَامَ فَهُوَ متمتع فَإِن رَجَعَ فَلَيْسَ بمتمتع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: من اعْتَمر فِي أشهر الْحَج ثمَّ أَقَامَ فَهُوَ متمتع فَإِن رَجَعَ فَلَيْسَ بمتمتع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: من اعْتَمر فِي أشهر الْحَج ثمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده ثمَّ حج من عَامه فَلَيْسَ بمتمتع ذَاك من أَقَامَ وَلم يرجع وَأخر الْحَاكِم عَن أبي أَنه كَانَ يقْرؤهَا (فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات) وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر فِي قَوْله {وَسَبْعَة إِذا رجعتم} قَالَ: إِلَى أهليكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَسَبْعَة إِذا رجعتم} قَالَ: إِذا رجعتم إِلَى أمصاركم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَسَبْعَة إِذا رجعتم} قَالَ: إِلَى بِلَادكُمْ حَيْثُ كَانَت وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَسَبْعَة إِذا رجعتم} قَالَ: إِنَّمَا هِيَ رخصَة إِن شَاءَ صامهن فِي الطَّرِيق وَإِن شَاءَ صامها بعد مَا رَجَعَ إِلَى أَهله وَلَا يفرق بَينهُنَّ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء وَالْحسن {وَسَبْعَة إِذا رجعتم} قَالَ عَطاء: فِي الطَّرِيق إِن شَاءَ وَقَالَ الْحسن: إِذا رَجَعَ إِلَى مصره

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: إِن أَقَامَ صامهن بِمَكَّة إِن شَاءَ وَأخرج وَكِيع عَن عَطاء {وَسَبْعَة إِذا رجعتم} قَالَ: إِذا قضيتم حَجكُمْ وَإِذا رَجَعَ إِلَى أَهله أحب إِلَيّ وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة عَن طَاوس {وَسَبْعَة إِذا رجعتم} قَالَ: إِن شَاءَ فرق وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {تِلْكَ عشرَة كَامِلَة} قَالَ: كَامِلَة من الْهَدْي وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عمر قَالَ تمتّع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الوادع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج وَأهْدى فساق مَعَه الْهَدْي من ذِي الحليفة وَبَدَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأهل بِالْعُمْرَةِ ثمَّ أهل بِالْحَجِّ فتمتع النَّاس مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج فَكَانَ من النَّاس من أهْدى فساق الْهَدْي وَمِنْهُم من لم يهد فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة قَالَ للنَّاس: من مِنْكُم أهْدى فَإِنَّهُ لَا يحل لشَيْء حرم مِنْهُ حَتَّى يقْضِي حجه وَمن لم يكن أهْدى فليطف بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثمَّ ليهل بِالْحَجِّ فَمن لم يجد هَديا فليصم ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ نزلت آيَة الْمُتْعَة فِي كتاب الله وفعلناها مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ لم ينزل آيَة تنسخ آيَة مُتْعَة الْحَج وَلم ينْه عَنْهَا حَتَّى مَاتَ قَالَ رجل بِرَأْيهِ مَا شَاءَ وَأخرج مُسلم عَن أبي نَضرة قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَأْمر بِالْمُتْعَةِ وَكَانَ ابْن الزبير ينْهَى عَنْهَا فَذكر ذَلِك لجَابِر بن عبد الله فَقَالَ: على يَدي دَار الحَدِيث تَمَتعنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قَامَ عمر قَالَ: إِن الله كَانَ يحل لرَسُول الله مَا شَاءَ مِمَّا شَاءَ وَإِن الْقُرْآن قد نزل مَنَازِله فاتموا الْحَج وَالْعمْرَة كَمَا أَمركُم الله وافصلوا حَجكُمْ عَن عُمْرَتكُمْ فَإِنَّهُ أتم لحجكم وَأتم لعمرتكم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بالبطحاء فَقَالَ: بِمَ أَهلَلْت قلت: أَهلَلْت بإهلال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هَل سقت من هدي قلت: لَا قَالَ: طف بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة ثمَّ حل فطفت بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة ثمَّ أتيت امْرَأَة من قومِي فمشطتني وغسلت رَأْسِي فَكنت

أُفْتِي النَّاس بذلك فِي إِمَارَة أبي بكر وإمارة عمر فَإِنِّي لقائم بِالْمَوْسِمِ إِذا جَاءَنِي رجل فَقَالَ: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أحدث أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي شَأْن النّسك فَقلت: أَيهَا النَّاس من كُنَّا أفتيناه بِشَيْء فليتئد فَهَذَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قادم عَلَيْكُم فبه فائتموا فَلَمَّا قدم قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا هَذَا الَّذِي أحدثت فِي شَأْن النّسك قَالَ: أنْ نَأْخُذ بِكِتَاب الله فَإِن الله قَالَ {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} وَأَن نَأْخُذ بِسنة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يحل حَتَّى نحر الْهَدْي وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأحمد عَن الْحسن أَن عمر بن الْخطاب هم أَن ينْهَى عَن مُتْعَة الْحَج فَقَامَ إِلَيْهِ أبي بن كَعْب فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِك لَك قد نزل بهَا كتاب الله واعتمرناها مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزل عمر وَأخرج مُسلم عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ: كَانَ عُثْمَان ينْهَى عَن الْمُتْعَة وكا عَليّ يَأْمر بهَا فَقَالَ عُثْمَان لعَلي كلمة فَقَالَ عَليّ: لقد علمت أَنا قد تَمَتعنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أجل وَلَكنَّا كُنَّا خَائِفين وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه عُثْمَان بن عَفَّان أَنه سُئِلَ عَن الْمُتْعَة فِي الْحَج فَقَالَ: كَانَت لنا لَيست لكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن أبي ذَر قَالَ: كَانَت الْمُتْعَة فِي الْحَج لأَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَأخرج مُسلم عَن أبي ذَر قَالَ: لَا تصلح المتعتان إِلَّا لنا خَاصَّة يَعْنِي مُتْعَة النِّسَاء ومتعة الْحَج وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: اخْتلف عَليّ وَعُثْمَان وهما بسعفان فِي الْمُتْعَة فَقَالَ عَليّ: مَا تُرِيدُ إِلَّا أَن تهنى عَن أَمر فعله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فَلَمَّا رأى ذَلِك عَليّ أهل بهما جَمِيعًا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي جَمْرَة قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْمُتْعَة فَأمرنِي بهَا وَسَأَلته عَن الْهَدْي فَقَالَ: فِيهَا جزور أَو بقرة أَو شَاة أَو شرك فِي دم قَالَ: وَكَانَ نَاس كرهوها فَنمت فَرَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن انساناً يُنَادي حج مبرور ومتعة متقبلة فَأتيت ابْن عَبَّاس فَحَدَّثته فَقَالَ: الله أكبر سنة أبي الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق مُجَاهِد وَعَطَاء عَن جَابر قَالَ: كثرت القالة من النَّاس فخرجنا حجاجاً حَتَّى إِذا لم يكن بَيْننَا وَبَين أَن نحل إِلَّا لَيَال قَلَائِل أمرنَا

بالإحلال فَقُلْنَا: أيروح أَحَدنَا إِلَى عَرَفَة وفرجه يقطر منياً فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ أبالله تعلموني أَيهَا النَّاس فانا وَالله أعلمكُم بِاللَّه وأتقاكم لَهُ وَلَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت هَديا ولحللت كَمَا أحلُّوا فَمن لم يكن مَعَه هدي فليصم ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله وَمن وجد هَديا فلينحر فَكُنَّا نَنْحَر الْجَزُور عَن سَبْعَة قَالَ عَطاء: قَالَ ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم يَوْمئِذٍ فِي أَصْحَابه غنما فَأصَاب سعد بن أبي وَقاص تَيْس فذبحه عَن نَفسه وَأخرج مَالك عَن ابْن عمر قَالَ: لِأَن اعْتَمر قبل الْحَج وأهدي أحب إِلَيّ من أَنا اعْتَمر بعد الْحَج فِي ذِي الْحجَّة أما قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام} أخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عَطاء فِي قَوْله {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام} قَالَ: سِتّ قربات عَرَفَة وعرنة والرجيع والنخلتان وَمر الظهْرَان وضجنان وَقَالَ مُجَاهِد: هم أهل الْحرم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام} قَالَ: هم أهل الْحرم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْحرم كُله هُوَ الْمَسْجِد الْحَرَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والأزرقي عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه سُئِلَ عَن الْمَسْجِد الْحَرَام قَالَ: هُوَ الْحرم أجمع وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه سُئِلَ عَن الْمَسْجِد الْحَرَام قَالَ: هُوَ الْحرم أجمع وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: أساس الْمَسْجِد الْحَرَام الَّذِي وَضعه إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام من الحزوة إِلَى الْمَسْعَى إِلَى مخرج سيل جِيَاد وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِنَّا لنجد فِي كتاب الله أَن حد الْمَسْجِد الْحَرَام من الحزور إِلَى الْمَسْعَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَيْسَ لأحد حاضري

الْمَسْجِد الْحَرَام رخصَة فِي الإِحصار لِأَن الرجل إِذا مرض حمل ووقف بِهِ بِعَرَفَة وَيُطَاف بِهِ مَحْمُولا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عُرْوَة قَالَ {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام} عَنى بذلك أهل مَكَّة لَيست لَهُم مُتْعَة وَلَيْسَ عَلَيْهِم إحصار لقربهم من الْمشعر وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: من لَهُ الْمُتْعَة فَقَالَ: قَالَ الله {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام} فاما الْقرى الْحَاضِرَة الْمَسْجِد الْحَرَام الَّتِي لَا تتمتع أَهلهَا فالمطمئنة بِمَكَّة المطلة عَلَيْهَا نخلتان وَمر الظهْرَان وعرفة وضجنان والرجيع وَأما الْقرى الَّتِي لَيست بحاضرة الْمَسْجِد الْحَرَام الَّتِي يتمتع أَهلهَا إِن شاؤوا فالسفر وَالسّفر مَا يقصر إِلَيْهِ الصَّلَاة عسفان وَجدّة ورهاط واشباه ذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمُتْعَة للنَّاس إِلَّا لأهل مَكَّة هِيَ لمن لم يكن أَهله فِي الْحرم وَذَلِكَ قَول الله {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: يَا أهل مَكَّة إِنَّه لَا مُتْعَة لكم أحلّت لأهل الْآفَاق وَحرمت عَلَيْكُم إِنَّمَا يقطع أحدكُم وَاديا ثمَّ يهل بِعُمْرَة {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن امْرَأَة صرورة أتعتمر فِي حجتها قَالَ: نعم إِن الله جعلهَا رخصَة إِن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَيْسَ على أهل مَكَّة هدي فِي مُتْعَة ثمَّ قَرَأَ {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: لَيْسَ على أهل مَكَّة هدي فِي مُتْعَة ثمَّ قَرَأَ {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: لَيْسَ على أهل مَكَّة مُتْعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: لَيْسَ لأهل مَكَّة وَلَا من توطن مَكَّة مُتْعَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: الْمُتْعَة للنَّاس أَجْمَعِينَ إِلَّا أهل مَكَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَيْسَ على أهل مَكَّة مُتْعَة وَلَا إحصار إِنَّمَا يغشون حَتَّى يقضوا حجهم وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَاتَّقوا الله وَاعْلَمُوا أَن الله شَدِيد الْعقَاب} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطرف أَنه تَلا قَوْله تَعَالَى {إِن الله شَدِيد الْعقَاب} قَالَ: لَو يعلم النَّاس قدر عُقُوبَة الله ونقمة الله وبأس الله ونكال الله لما رقأ لَهُم دمع وَمَا قرت أَعينهم بِشَيْء

197

قَوْله تَعَالَى: الْحَج أشهر مَعْلُومَات فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال فِي الْحَج وَمَا تَفعلُوا من خير يُعلمهُ الله وتزوّدوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى واتقون يَا أولي الْأَلْبَاب أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} شوّال وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَج أشهر مَعْلُومَات شوّال وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَأخرج الْخَطِيب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} شوّال وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} شوّال وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن نَافِع أَنه سُئِلَ أسمعت عبد الله بن عمر يُسَمِّي شهور الْحَج فَقَالَ: نعم كَانَ يسمّي شوالاً وَذَا الْقعدَة وَذَا الْحجَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس وَعَطَاء وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج وَكِيع وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن ابْن عمر {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} قَالَ شَوَّال وَذُو الْقعدَة وَعشر لَيَال من ذِي الْحجَّة

وَأخرج وَكِيع وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} قَالَ شَوَّال وَذُو الْقعدَة وَعشر لَيَال من ذِي الْحجَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن ابْن عَبَّاس {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} قَالَ شَوَّال وَذُو القعده وَعشر من ذِي الْحجَّة لَا يفْرض الْحَج إِلَّا فِيهِنَّ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن الزبير {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} قَالَ شَوَّال وَذُو القعده وَعشر من ذِي الْحجَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن وَمُحَمّد وَإِبْرَاهِيم مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الْعمرَة فِي أشهر الْحَج فَقَالَ: الْحَج أشهر مَعْلُومَات لَيْسَ فِيهِنَّ عمْرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: مَا أحد من أهل الْعلم شكّ أَن عمْرَة فِي غير أشهر الْحَج أفضل من عمْرَة فِي أشهر الْحَج وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ عمر: افصلوا بَين حَجكُمْ وعمرتكم اجعلوا الْحَج فِي أشهر وَاجْعَلُوا الْعمرَة فِي غير أشهر الْحَج أتم لحجكم ولعمرتكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عون قَالَ: سُئِلَ الْقَاسِم عَن الْعمرَة فِي أشهر الْحَج فَقَالَ: كَانُوا لَا يرونها تَامَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر فِي قَوْله {فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج} قَالَ: من أهلَّ فِيهِنَّ الْحَج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْفَرْض الإِحرام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن الزبير {فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج} قَالَ: الإِهلال وأخرح ابْن الْمُنْذر وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن الزبير قَالَ: فرض الْحَج الإِحرام وأخرح ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْفَرْض الإِهلال وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: الإِهلال فَرِيضَة الْحَج

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج} يَقُول: من أحرم بِحَجّ أَو عمْرَة وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يحرم بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أشهر الْحَج من أجل قَول الله {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا يحرم بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أشهر الْحَج فَإِن من سنة الْحَج أَن يحرم بِالْحَجِّ فِي أشهر الْحَج وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يحرم بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أشهر الْحَج وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر مَوْقُوفا مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء أَنه قَالَ لرجل قد أحرم بِالْحَجِّ فِي غير أشهر الْحَج: اجْعَلْهَا عمْرَة فَإِنَّهُ لَيْسَ لَك حج فَإِن الله يَقُول {الْحَج أشهر مَعْلُومَات فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس: فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج فَلَا يَنْبَغِي أَن يُلَبِّي بِالْحَجِّ ثمَّ يُقيم بِأَرْض وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن الن عمر {فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج} قَالَ: التَّلْبِيَة والإِحرام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود {فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج} قَالَ: التَّلْبِيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس {فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج} قَالَ: التَّلْبِيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء وَإِبْرَاهِيم مثله وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن خَلاد بن السَّائِب عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَانِي جِبْرِيل فَأمرنِي أَن آمُر أَصْحَابِي أَن يرفعوا أَصْوَاتهم بالاهلال والتلبية فَإِنَّهَا شعار الْحَج وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن زيد بن عَليّ الْجُهَنِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ جَاءَنِي جِبْرِيل فَقَالَ: مر أَصْحَابك فَلْيَرْفَعُوا أَصْوَاتهم بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا من شعار الْحَج وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن الزبير قَالَ: التَّلْبِيَة زِينَة الْحَج

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي بكر الصّديق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ: العج والثج وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من ملب يُلَبِّي إِلَّا لبّى مَا عَن يَمِينه وشماله من حجر أَو شجر أَو مدر حَتَّى تَنْقَطِع الأَرْض من هَهُنَا وَهَهُنَا عَن يَمِينه وشماله وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من محرم يُضحي لله يَوْمه يُلَبِّي حَتَّى تغيب الشَّمْس إِلَّا غَابَتْ بذنوبه فَعَاد كَمَا وَلدته أمه وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر أَن تَلْبِيَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك لَا شريك لَك لبيْك لبيْك إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك وَالْملك لَا شريك لَك وَكَانَ ابْن عمر يزِيد فِيهَا لبيْك لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر بيديك لبيْك وَالرغْبَاء إِلَيْك وَالْعَمَل وَأخرج وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أوقصته رَاحِلَته وَهُوَ محلام فَمَاتَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اغسلوه بِمَاء وَسدر وكفنوه فِي ثوبيه وَلَا تخمروا رَأسه وَلَا وَجهه فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبياً وَأخرج الشَّافِعِي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: مَا سمى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تلبيته حجا قطّ وَلَا عمْرَة وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ من تَلْبِيَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبيْك إِلَه الْخلق لبيْك وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة عَن سعد بن أبي وَقاص أَنه سمع بعض بني أَخِيه وَهُوَ يُلَبِّي: يَا ذَا المعارج فَقَالَ سعد: إِنَّه لذُو المعارج وَمَا هَكَذَا كُنَّا نلبي على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الشَّافِعِي عَن خُزَيْمَة بن ثَابت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا فرغ من تَلْبِيَة سَأَلَ الله رضوانه وَالْجنَّة واستعاذه برحمته من النَّار وَأخرج الشَّافِعِي عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكثر من التَّلْبِيَة أما قَوْله تَعَالَى: {فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال فِي الْحَج} أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال فِي الْحَج}

قَالَ: الرَّفَث الاعرابة والتعريض للنِّسَاء بِالْجِمَاعِ والفسوق الْمعاصِي كلهَا والجدال جِدَال الرجل لصَاحبه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج فَلَا رفث} قَالَ: لَا جماع وَلَا فسوق قَالَ: الْمعاصِي وَالْكذب وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة: الرَّفَث الْجِمَاع والفسوق الْمعاصِي والجدال المراء وَفِي لفظ: أَن تُمَارِي صَاحبك حَتَّى يغضبك أَو تغضبه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الرَّفَث غشيان النِّسَاء والقبل والغمز وَأَن يعرض لَهَا بالفحش من الْكَلَام والفسوق معاصي الله كلهَا والجدال المراء والملاحاة وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله {فَلَا رفث} قَالَ: الرَّفَث الَّذِي ذكر هُنَا لَيْسَ الرَّفَث الَّذِي ذكر فِي (أحل لكم لَيْلَة الصّيام الرَّفَث) (الْبَقَرَة الْآيَة 187) ذَاك الْجِمَاع هَذَا العراب بِكَلَام الْعَرَب والتعريض بِذكر النِّكَاح وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كنت أَمْشِي مَعَ ابْن عَبَّاس وَهُوَ محرم يرتجز بالإِبل وَيَقُول: وَهن يَمْشين بِنَا هَميسا إِن صدق الطير نَنكْ لَميسا فَقلت: أَتَرْفُثُ وَأَنت محرم قَالَ: إِنَّمَا الرَّفَث مَا رُوجِعَ بِهِ النِّسَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر فِي الْآيَة قَالَ: الرَّفَث الْجِمَاع والفسوق الْمعاصِي والجدال السباب والمنازعة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر فِي قَوْله {فَلَا رفث} قَالَ: غشيان النِّسَاء {وَلَا فسوق} قَالَ: السباب {وَلَا جِدَال} قَالَ: المراء

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر فِي الْآيَة فَقَالَ: الرَّفَث اتيان النِّسَاء والتكلم بذلك للرِّجَال وَالنِّسَاء إِذا ذكرُوا ذَلِك بأفواههم والفسوق اتيان معاصي الله فِي الْحرم والجدال السباب والمراء الْخُصُومَات وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ ابْن عمر يَقُول للحادي: لَا تعرض بِذكر النِّسَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس أَن عبد الله بن الزبير قَالَ: إيَّاكُمْ وَالنِّسَاء فَإِن الاعراب من الرَّفَث قَالَ طَاوس: وأخبرت بذلك ابْن عَبَّاس فَقَالَ: صدث ابْن الزبير وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس أَنه كره الاعراب للْمحرمِ قيل: وَمَا الاعراب قَالَ: أَن يَقُول لَو أحللت قد أصبتك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي الْآيَة قَالَ: الرَّفَث اتيان النِّسَاء والجدال تُمَارِي صَاحبك حَتَّى تغضبه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والشيرازي فِي الألقاب عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: الرَّفَث الْجِمَاع والفسوق والمنابزة بِالْأَلْقَابِ تَقول لأخيك: يَا ظَالِم يَا فَاسق والجدال أَن تجَادل صَاحبك حَتَّى تغضبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة قَالَا: الرَّفَث الْجِمَاع والفسوق الْمعاصِي والجدال المراء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك وَعَطَاء مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: الرَّفَث اتيان النِّسَاء والفسوق السباب والجدال المماراة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: الرَّفَث الغشيان والفسوق السباب والجدال الِاخْتِلَاف فِي الْحَج وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن الزبير فِي قَوْله {فَلَا رفث} قَالَ: لَا جماع {وَلَا فسوق} لَا سباب {وَلَا جِدَال} لَا مراء وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله {وَلَا جِدَال فِي الْحَج} قَالَ: الْجِدَال كَانَت قُرَيْش إِذا اجْتمعت بمنى قَالَ هَؤُلَاءِ: حجنا أتم من حَجكُمْ وَقَالَ هَؤُلَاءِ: حجنا أتم من حَجكُمْ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلَا جِدَال فِي الْحَج} قَالَ: كَانُوا يقفون مَوَاقِف مُخْتَلفَة يتجادلون كلهم يَدعِي أَن موقفه موقف إِبْرَاهِيم فَقَطعه الله حِين أعلم نبيه بمناسكهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا جِدَال فِي الْحَج} قَالَ: لَا شُبْهَة فِي الْحَج وَلَا شكّ فِي الْحَج قد بَين وَعلم وقته كَانُوا يحجون فِي ذِي الْحجَّة عَاميْنِ وَفِي الْمحرم عَاميْنِ ثمَّ حجُّوا فِي صفر من أجل النسيء الَّذِي نسأ لَهُم أَبُو يمامة حِين وفقت حجَّة أبي بكر فِي ذِي الْقعدَة قبل حجَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ حج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَابل فِي ذِي الْحجَّة فَذَلِك حِين يَقُول: إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا جِدَال فِي الْحَج} قَالَ: صَار الْحَج فِي ذِي الْحجَّة فَلَا شهر ينسىء وَأخرج سُفْيَان وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حج هَذَا الْبَيْت فَلم يرْفث وَلم يفسق خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سباب الْمُسلم فسوق وقتاله كفر وَأخرج ابْن أبي شيبَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مثله وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قضى نُسكه وَقد سلم الْمُسلمُونَ من لِسَانه وَيَده غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا عمل أحبّ إِلَى الله من جِهَاد فِي سَبيله وَحجَّة مبرورة متقبلة لَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من عمل بَين السَّمَاء وَالْأَرْض بعد الْجِهَاد فِي سَبِيل الله أفضل من حجَّة مبرورة لَا رفث فِيهَا وَلَا فسوق وَلَا جِدَال وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجاجاً وَكَانَت زاملتنا مَعَ غُلَام أبي بكر فَجَلَسْنَا نَنْتَظِر حَتَّى تَأْتِينَا فَاطلع

الْغُلَام يمشي مَا مَعَه بعيره فَقَالَ أَبُو بكر: أَيْن بعيرك قَالَ: أضلني اللَّيْلَة فَقَامَ أَبُو بكر يضْربهُ بعير وَاحِد أضلك وَأَنت رجل فَمَا يزِيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن تَبَسم وَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْمحرم مَا يصنع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: لَا ينظر الْمحرم فِي الْمرْآة وَلَا يَدْعُو على أحد وَإِن ظلمه وَأما قَوْله تَعَالَى: {وتزوّدوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى واتقون يَا أولي الْأَلْبَاب} أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أهل الْيمن يحجون وَلَا يتزوّدون يَقُولُونَ: نَحن متوكلون ثمَّ يقدمُونَ فَيسْأَلُونَ النَّاس فَأنْزل الله {وتزوّدوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ نَاس يخرجُون من أهلهم لَيست مَعَهم أزودة يَقُولُونَ: نحج بَيت الله وَلَا يطعمنا فَقَالَ الله {وتزوّدوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} مَا يكف وُجُوهكُم عَن النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: كَانُوا إِذا أَحْرمُوا وَمَعَهُمْ أَزْوَادهم رموا بهَا واستأنفوا زادا آخرا فَأنْزل الله {وتزوّدوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} فنهوا عَن ذَلِك وَأمرُوا أَن يتزوّدوا الكعك والدقيق والسويق وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الزبير قَالَ: كَانَ النَّاس يتوكل بَعضهم على بعض فِي الزَّاد فَأَمرهمْ الله أَن يتزوّدوا فَقَالَ {وتزوّدوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانَ النَّاس من الْأَعْرَاب يحجون بِغَيْر زَاد وَيَقُولُونَ: نتوكل على الله فَأنْزل الله {وتزوّدوا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وتزوّدوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} قَالَ: كَانَ أنَاس من أهل الْيمن يحجون وَلَا يتزوّدون فَأَمرهمْ الله بالزاد وَالنَّفقَة فِي سَبِيل الله وَأخْبرهمْ أَن خير الزَّاد التَّقْوَى وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وتزوّدوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} قَالَ: كَانَ أنَاس يقدمُونَ مَكَّة بِغَيْر زَاد فِي أَيَّام الْحَج فَأمروا بالزاد وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {وتزوّدوا} قَالَ: السويق والدقيق والكعك

وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير {وتزوّدوا} قَالَ: الخشكناتج والسويق وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة عَن سعيد بن جُبَير {وتزوّدوا} قَالَ: هُوَ الكعك وَالزَّيْت وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ {وتزوّدوا} قَالَ: الطَّعَام التَّمْر والسويق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حبَان قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة {وتزوّدوا} قَامَ رجل من فُقَرَاء الْمُسلمين فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا نجد زاداً نتزوده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تزوّد مَا تكف بِهِ وَجهك عَن النَّاس وَخير مَا تزودتم بِهِ التَّقْوَى وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن سُفْيَان قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله / وتزوّدوا وَخير الزَّاد التَّقْوَى / وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جرير بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من يتزوّد فِي الدُّنْيَا يَنْفَعهُ فِي الْآخِرَة وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن الزبير بن الْعَوام سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْعباد عباد الله والبلاد بِلَاد الله فَحَيْثُ وجدت خيرا فأقم وَاتَّقِ الله وَأخرج أَحْمد وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والأصبهاني عَن رجل من أهل الْبَادِيَة قَالَ أَخذ بيَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يعلمني مِمَّا علمه الله فَكَانَ فِيمَا حفظت عَنهُ أَن قَالَ: إِنَّك لن تدع شَيْئا اتقاء الله إِلَّا أَعْطَاك الله خيرا مِنْهُ وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أَكثر مَا يدْخل النَّاس الْجنَّة قَالَ: تقوى الله وَحسن الْخلق وَسُئِلَ مَا أَكثر مَا يدْخل النَّاس النَّار قَالَ: الأجوفان: الْفَم والفرج وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّقْوَى عَن رجل من بني سليط قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول: الْمُسلم أَخُو الْمُسلم لَا يَخْذُلهُ وَلَا يَظْلمه التَّقْوَى هَهُنَا التَّقْوَى هَهُنَا وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَدره وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن قَتَادَة بن عَيَّاش قَالَ لما عقد لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قومِي

أَتَيْته مودعاً لَهُ فَقَالَ: جعل الله التَّقْوَى زادك وَغفر ذَنْبك ووجهك للخير حَيْثُ تكون وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن أنس قَالَ جَاءَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد سفرا فزوّدني فَقَالَ: زوّدك الله التَّقْوَى قَالَ: زِدْنِي قَالَ: وَغفر ذَنْبك قَالَ: زِدْنِي بِأبي أَنْت وَأمي قَالَ: وَيسر لَك الْخَيْر حَيْثُمَا كنت وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد سفرا فَقَالَ: أوصني قَالَ: أوصيك بتقوى الله وَالتَّكْبِير على كل شرف فَلَمَّا مضى قَالَ: اللَّهُمَّ ازو لَهُ الأَرْض وهوّن عَلَيْهِ السّفر وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي بكر أَنه قَالَ فِي خطبَته: الصدْق أَمَانَة وَالْكذب خِيَانَة أَكيس الْكيس التقى وأنوك النوك الْفُجُور وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّقْوَى عَن عمر بن الْخطاب أَنه كتب إِلَى ابْنه عبد الله: أما بعد فَإِنِّي أوصيك بتقوى الله فَإِنَّهُ من اتَّقَاهُ وفاه وَمن أقْرضهُ جزاه وَمن شكره زَاده وَاجعَل التَّقْوَى نصب عَيْنَيْك وجلاء قَلْبك وَاعْلَم أَنه لَا عمل لمن لَا نِيَّة لَهُ وَلَا أجر لمن لَا حَسَنَة لَهُ وَلَا مَال لمن لَا رفق لَهُ وَلَا جَدِيد لمن لَا خلق لَهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: سَأَلت الْحسن مَا زين الْقُرْآن قَالَ: التَّقْوَى وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن قَتَادَة قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة: ابْن آدم اتَّقِ الله ونم حَيْثُ شِئْت وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: الإِيمان عُرْيَان ولباسه التَّقْوَى وزينته الْحيَاء وَمَاله الْعِفَّة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن دَاوُد بن هِلَال قَالَ: كَانَ يُقَال: الَّذِي يُقيم بِهِ العَبْد وَجهه عِنْد الله التَّقْوَى ثمَّ يتبعهُ الْوَرع وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عُرْوَة قَالَ: كتبت عَائِشَة إِلَى مُعَاوِيَة أما بعد فَاتق الله فَإنَّك إِذا اتَّقَيْت الله كَفاك النَّاس وَإِذا اتَّقَيْت النَّاس لم يغنوا عَنْك من الله شَيْئا

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي حَازِم قَالَ: ترصدني أَرْبَعَة عشر عدوا أما أَرْبَعَة مِنْهَا فشيطان يضلني وَمُؤمن يحسدني وَكَافِر يقتلني ومنافق يبغضني وَأما الْعشْرَة مِنْهَا فالجوع والعطش وَالْحر وَالْبرد والعري والهرم وَالْمَرَض والفقر وَالْمَوْت وَالنَّار وَلَا أطيقهن إِلَّا بسلاح تَامّ وَلَا أجد لَهُم سِلَاحا أفضل من التَّقْوَى وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن ابْن أبي نجيح قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام: أوتينا مِمَّا أُوتِيَ النَّاس وَمِمَّا لم يؤتوا وَعلمنَا مِمَّا علم النَّاس وَمَا لم يعلمُوا فَلم نجد شَيْئا هُوَ أفضل من تقوى الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَالْعدْل فِي الرِّضَا وَالْغَضَب وَالْقَصْد فِي الْغنى والفقر وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ يُقَال: من اتَّقى الله أحبه النَّاس وَإِن كَرهُوا

198

قَوْله تَعَالَى: لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم فَإِذا أَفَضْتُم من عَرَفَات فاذكروا الله عِنْد الْمشعر الْحَرَام واذكروه كَمَا هدَاكُمْ وَإِن كُنْتُم من قبله لمن الضَّالّين أخرج سُفْيَان وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت عكاظ ومجنة وَذُو الْمجَاز أسواقاً فِي الْجَاهِلِيَّة فتأثموا أَن يتجروا فِي الْمَوْسِم فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَنزلت {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} فِي مواسم الْحَج وَأخرج وَكِيع وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانُوا يَتَّقُونَ الْبيُوع وَالتِّجَارَة فِي الْمَوْسِم وَالْحج وَيَقُولُونَ: أَيَّام ذكر الله فَنزلت {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح} الْآيَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عبيد بن عُمَيْر عَن ابْن عَبَّاس: فِي أوّل الْحَج كَانُوا يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذِي الْمجَاز ومواسم الْحَج

فخافوا وهم حرم فَأنْزل الله (لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم فِي مواسم الْحَج) فَحدث عبيد بن عُمَيْر أَنه كَانَ يقْرؤهَا فِي الْمُصحف وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة التَّمِيمِي قَالَ قلت لِابْنِ عمر: إِنَّا نَاس نكتري فَهَل لنا من حج قَالَ: أَلَيْسَ تطوفون بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة وتأتون الْمَعْرُوف وترمون الْجمار وتحلقون رؤوسكم قلت: بلَى فَقَالَ ابْن عمر: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن الَّذِي سَأَلتنِي عَنهُ فَلم يجبهُ حَتَّى نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} فَدَعَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْآيَة وَقَالَ: أَنْتُم حجاج أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الزبير أَنه قَرَأَ ((لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم فِي مواسم الْحَج)) وَأخرج وَكِيع وَأَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ / لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم فِي مواسم الْحَج / وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن عَطاء قَالَ: نزلت ((لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم فِي مواسم الْحَج)) وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود ((فِي مواسم الْحَج فابتغوا جينئذ)) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح} يَقُول: لَا حرج عَلَيْكُم فِي الشِّرَاء وَالْبيع قبل الاحرام وَبعده وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ نَاس لَا يتجرون أَيَّام الْحَج فَنزلت فيهم {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن مُجَاهِد أَن ابْن عَبَّاس قَرَأَ هَذِه الْآيَة {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} قَالَ: كَانُوا لَا يتجرون بمنى فَأمروا بِالتِّجَارَة إِذا أفاضوا من عَرَفَات وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} قَالَ: التِّجَارَة فِي الدُّنْيَا وَالْأَجْر فِي الْآخِرَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ نَاس من أهل الْجَاهِلِيَّة يسمون لَيْلَة النَّفر لَيْلَة الصَّدْر وَكَانُوا لَا يعرجون على كسير وَلَا ضَالَّة وَلَا لحَاجَة وَلَا يتبغون فِيهَا تِجَارَة فأحل الله ذَلِك كُله للْمُؤْمِنين أَن يعرجوا على حاجاتهم ويبتغوا من فضل الله أما قَوْله تَعَالَى: {فَإِذا أَفَضْتُم من عَرَفَات} أخرج وَكِيع وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا تسمى عَرَفَات لِأَن جِبْرِيل كَانَ يَقُول لإِبراهيم عَلَيْهِمَا السَّلَام: هَذَا مَوضِع كَذَا وَهَذَا مَوضِع كَذَا فَيَقُول: قد عرفت قد عرفت فَلذَلِك سميت عَرَفَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِنَّمَا سميت عَرَفَات لِأَنَّهُ قيل لإِبْرَاهِيم حِين أرِي الْمَنَاسِك عرفت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن عَليّ مثله وَأخرج الْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَرَفَة فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد - وَكَانَ إِذا خطب قَالَ أما بعد - فَإِن هَذَا الْيَوْم الْحَج الْأَكْبَر أَلا وَأَن أهل الشّرك والأوثان كَانُوا يدْفَعُونَ من هَهُنَا قبل أَن تغيب الشَّمْس إِذا كَانَت الشَّمْس فِي رُؤُوس الْجبَال كَأَنَّهَا عمائم الرِّجَال فِي وجوهها وَإِنَّا ندفع بعد أَن تغيب الشَّمْس وَكَانُوا يدْفَعُونَ من الْمشعر الْحَرَام بعد أَن تطلع الشَّمْس إِذا كَانَت الشَّمْس فِي رُؤُوس الْجبَال كَأَنَّهَا عمائم الرِّجَال فِي وجوهها وَإِنَّا ندفع قبل أَن تطلع الشَّمْس مُخَالفا هدينَا لهدي أهل الشّرك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَفَاضَ من عَرَفَات قبل الصُّبْح فقد تمّ حجه وَمن فَاتَهُ فقد فَاتَهُ الْحَج وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يطوف الرجل بِالْبَيْتِ مَا كَانَ حَلَالا حَتَّى يهل بِالْحَجِّ فَإِذا ركب إِلَى عَرَفَة فَمن تيَسّر لَهُ هَدْيه من الإِبل أَو الْبَقر أَو الْغنم مَا تيَسّر لَهُ من ذَلِك أَي ذَلِك شَاءَ وَإِن لم يَتَيَسَّر لَهُ فَعَلَيهِ صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَذَلِكَ قبل يَوْم عَرَفَة فَإِذا كَانَ آخر يَوْم من أَيَّام الثَّلَاثَة يَوْم عَرَفَة فَلَا جنَاح عَلَيْهِ ثمَّ لينطلق حَتَّى يقف بِعَرَفَات من صَلَاة الْعَصْر إِلَى أَن يكون الظلام ثمَّ ليدفعوا من عَرَفَات إِذا أفاضوا مِنْهَا حَتَّى يبلغُوا جمعا للَّذي يبيتُونَ بِهِ ثمَّ لِيذكرُوا الله كثيرا وَأَكْثرُوا التَّكْبِير

والتهاليل قبل أَن تصبحوا ثمَّ أفيضوا فَإِن النَّاس كَانَ يفيضون وَقَالَ الله (ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس وَاسْتَغْفرُوا الله إِن الله غَفُور رَحِيم) (الْبَقَرَة الْآيَة 199) حَتَّى ترموا الْجَمْرَة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حد عَرَفَة من الْجَبَل المشرف على بطن عَرَفَة إِلَى جبال عَرَفَة إِلَى ملتقى وصيق ووادي عَرَفَة وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل عَرَفَة موقف وكل منى نحر وكل الْمزْدَلِفَة موقف وكل فجاج مَكَّة طَرِيق ومنحر وَأخرج مُسلم عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نحرت هَهُنَا وَمنى كلهَا منحر فَانْحَرُوا فِي رحالكُمْ ووقفت هَهُنَا وعرفة كلهَا موقف ووقفت هنهنا وَجمع كلهَا موقف وَأخرج أَحْمد عَن جُبَير بن مطعم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل عَرَفَات موقف وَارْفَعُوا عَن عَرَفَة وكل جمع موقف وَارْفَعُوا عَن محسر وكل فجاج مَكَّة منحر وكل أَيَّام التَّشْرِيق ذبح وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن عَليّ قَالَ: وقف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَرَفَة فَقَالَ: هَذِه عَرَفَة وَهُوَ الْموقف وعرفة كلهَا موقف ثمَّ أَفَاضَ حِين غربت الشَّمْس وَأَرْدَفَ أُسَامَة بن زيد وَجعل يُشِير بِيَدِهِ على هينته وَالنَّاس يضْربُونَ يَمِينا وَشمَالًا يلْتَفت إِلَيْهِم وَيَقُول: يَا أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم السكينَة ثمَّ أَتَى جمعا فصلى بهم الصَّلَاتَيْنِ جَمِيعًا فَلَمَّا أصبح أَتَى قزَح وقف عَلَيْهِ وَقَالَ: هَذَا قزَح وَهُوَ الْموقف وَجمع كلهَا موقف ثمَّ أَفَاضَ حَتَّى انْتهى إِلَى وَادي محسر فَفَزعَ نَاقَته فخبب حَتَّى جازوا الْوَادي فَوقف وَأَرْدَفَ الْفضل ثمَّ أَتَى الْجَمْرَة فَرَمَاهَا ثمَّ أَتَى المنحر فَقَالَ: هَذَا المنحر وَمنى كلهَا منحر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن يزِيد بن شَيبَان قَالَ: أَتَانَا ابْن مربع الْأنْصَارِيّ وَنحن وقُوف بالموقف فَقَالَ: إِنِّي رَسُول رَسُول الله إِلَيْكُم يَقُول: كونُوا على مشاعركم فَإِنَّكُم على ارث من ارث إِبْرَاهِيم وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَفَاضَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَرَفَة وَعَلِيهِ السكينَة ورديفه أُسَامَة فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ فَإِن الْبر لَيْسَ بايجاف

الْخَيل والإِبل قَالَ: فَمَا رَأَيْتهَا رَافِعَة يَديهَا عَادِية حَتَّى أَتَى جمعا ثمَّ أرْدف الْفضل ابْن الْعَبَّاس فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِن الْبر لَيْسَ بايجاف الْخَيل والإِبل فَعَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ قَالَ: فَمَا رَأَيْتهَا رَافِعَة يَديهَا حَتَّى أَتَى منى وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه دفع مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة فَسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَاءه زجرا شَدِيدا وَضَربا للإِبل فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِم وَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ فَإِن الْبر لَيْسَ بالإِيضاع وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِنَّمَا كَانَ بَدْء الإِيضاع من أهل الْبَادِيَة كَانُوا يقفون حافتي النَّاس قد عَلقُوا الْعقَاب والعصي فَإِذا أفاضوا تقعقعوا فانفرت النَّاس فَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن ظفري نَاقَته لَا يمس الأَرْض حاركها وَهُوَ يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أُسَامَة بن زيد أَنه سَأَلَ كَيفَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسير حِين أَفَاضَ من عَرَفَة وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أردفه من عَرَفَات قَالَ: كَانَ يسير الْعُنُق فَإِذا وجد فجوة نَص وَأخرج ابْن خُزَيْمَة عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف حَتَّى غربت الشَّمْس فَأقبل يكبر الله ويهلله ويعظمه ويمجده حَتَّى انْتهى إِلَى الْمزْدَلِفَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَفَاضَ من عَرَفَات وَهُوَ يَقُول: إِلَيْك تعدو قلقاً وضينها مُخَالفا دين النَّصَارَى دينهَا وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن عُرْوَة بن الزبير أَن عمر بن الْخطاب حِين دفع من عَرَفَة قَالَ: إِلَيْك تعدو قلقاً وضينها مُخَالفا دين النَّصَارَى دينهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عبد الْملك بن أبي بكر قَالَ: رَأَيْت أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَرْث بن هِشَام وَأَبا سَلمَة بن سُفْيَان واقفين على طرف بطن عَرَفَة فوقفت مَعَهُمَا فَلَمَّا دفع الإِمام دفعا وَقَالا إِلَيْك تعدو قلقاً وضينها مُخَالفا دين النَّصَارَى دينهَا يكثران من ذَلِك وَزعم أَنه سمع أَبَا بكر عبد الرَّحْمَن يذكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُولهَا إِذا دفع

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن أُسَامَة بن زيد كَانَ ردف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَرَفَة إِلَى مُزْدَلِفَة ثمَّ أرْدف الْفضل من الْمزْدَلِفَة إِلَى منى فكلاهما قَالَ: لم يزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة وَأخرج مُسلم عَن أُسَامَة بن زيد أَنه كَانَ رَدِيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أَفَاضَ من عَرَفَة فَلَمَّا جَاءَ الشّعب أَنَاخَ رَاحِلَته ثمَّ ذهب إِلَى الْغَائِط فَلَمَّا رَجَعَ جِئْت إِلَيْهِ بالأداوه فَتَوَضَّأ ثمَّ ركب حَتَّى أَتَى الْمزْدَلِفَة فَجمع بهَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع صلى الْمغرب ثَلَاثًا وَالْعشَاء رَكْعَتَيْنِ باقامة وَاحِدَة أما قَوْله تَعَالَى: {فاذكروا الله عِنْد الْمشعر الْحَرَام} أخرج وَكِيع وسُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والأزرقي فِي تَارِيخ مَكَّة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عَمْرو أَنه سُئِلَ عَن الْمشعر الْحَرَام فَسكت حَتَّى إِذا هَبَطت أَيدي الرَّوَاحِل بِالْمُزْدَلِفَةِ قَالَ: هَذَا الْمشعر الْحَرَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: الْمشعر الْحَرَام مُزْدَلِفَة كلهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عمر أَنه رأى النَّاس يزدحمون على قزَح فَقَالَ: علام يزدحمون هَؤُلَاءِ كل مَا هَهُنَا مشْعر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر فِي قَوْله {فاذكروا الله عِنْد الْمشعر الْحَرَام} قَالَ: هُوَ الْجَبَل وَمَا حوله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا بَين الجبلين اللَّذين بِجمع مشْعر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: مَا بَين جبلي مُزْدَلِفَة فَهُوَ الْمشعر الْحَرَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود قَالَ: لم أجد أحدا يُخْبِرنِي عَن الْمشعر الْحَرَام وَأخرج مَالك وَابْن جرير عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: عَرَفَة كلهَا موقف إِلَّا بطن عَرَفَة والمزدلفة كلهَا موقف إِلَّا بطن محسر

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارْفَعُوا عَن بطن عَرَفَة وَارْفَعُوا عَن بطن محسر وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: أَيْن الْمزْدَلِفَة قَالَ: الْمزْدَلِفَة إِذا أفضت من مأزمي فَذَلِك إِلَى محسر وَلَيْسَ المأزمان مأزما عَرَفَة من الْمزْدَلِفَة وَلَكِن مفضاهما قَالَ: قف بِأَيِّهِمَا شِئْت وَأحب إِلَيّ أَن تقف دون قزَح وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِين وقف بِعَرَفَة هَذَا الْموقف وكل عَرَفَة موقف وَقَالَ حِين وقف على قزَح: هَذَا الْموقف وكل الْمزْدَلِفَة موقف وَأخرج ابْن خُزَيْمَة عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقف عِنْد الْمشعر الْحَرَام وَيقف النَّاس يدعونَ الله ويكبرونه ويهللونه ويمجدونه ويعظمونه حَتَّى يدْفع إِلَى منى وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن نَافِع قَالَ: كَانَ ابْن عمر يقف بِجمع كلما حج على قزَح نَفسه لَا يَنْتَهِي حَتَّى يتَخَلَّص عَنهُ فيقف عَلَيْهِ الامام كلما حج وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عبد الله بن عمر أَنه كَانَ يقدم ضعفة أَهله فيقفون عِنْد الْمشعر الْحَرَام بِالْمُزْدَلِفَةِ بلَيْل فَيذكرُونَ الله مَا بدا لَهُم ثمَّ يدْفَعُونَ قبل أَن يقف الإِمام وَقبل أَن يدْفع فَمنهمْ من يقدم منى لصَلَاة الْفجْر وَمِنْهُم من يقدم بعد ذَلِك فَإِذا قدمُوا رموا الْجَمْرَة وَكَانَ ابْن عمر يَقُول: رخص فِي أُولَئِكَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالطَّيَالِسِي وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب بِجمع بَعْدَمَا صلى الصُّبْح وقف فَقَالَ: إِن الْمُشْركين كَانُوا لَا يفيضون حَتَّى تطلع الشَّمْس وَيَقُولُونَ: أشرق ثبير وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خالفهم فَأَفَاضَ قبل طُلُوع الشَّمْس وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن كُلَيْب الْجُهَنِيّ قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّته وَقد دفع من عَرَفَة إِلَى جمع وَالنَّار توقد بِالْمُزْدَلِفَةِ وَهُوَ يؤمها حَتَّى نزل قَرِيبا مِنْهَا وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَت النَّار توقد على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن إِسْحَق بن عبد الله بن خَارِجَة عَن أَبِيه قَالَ: لما أَفَاضَ سُلَيْمَان بن عبد الْملك بن مَرْوَان من المأزمين نظر إِلَى النَّار الَّتِي على قزَح فَقَالَ لخارجة

بن زيد: يَا أَبَا زيد من أوّل من صنع النَّار هَهُنَا قَالَ خَارِجَة: كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة وَضعهَا قُرَيْش وَكَانَت لَا تخرج من الْحرم إِلَى عَرَفَة وَتقول: نَحن أهل الله قَالَ خَارِجَة: فاخبرني رجال من قومِي أَنهم رأوها فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانُوا يحجون مِنْهُم حسان بن ثَابت فِي عدَّة من قومِي قَالُوا: كَانَ قصي بن كلاب قد أوقد بِالْمُزْدَلِفَةِ نَارا حَيْثُ وقف بهَا حَتَّى يَرَاهَا من دفع من عَرَفَات وَأخرج البُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد قَالَ: خرجت مَعَ عبد الله إِلَى مَكَّة ثمَّ قدمنَا جمعا فصلى الصَّلَاتَيْنِ كل صَلَاة وَحدهَا بآذان وَإِقَامَة الْعشَاء بَينهمَا ثمَّ صلى الْفجْر حِين طُلُوع الْفجْر وَقَائِل يَقُول: طلع الْفجْر وَقَائِل يَقُول: لم يطلع الْفجْر ثمَّ قَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن هَاتين الصَّلَاتَيْنِ حوّلتا عَن وقتهما فِي هَذَا الْمَكَان الْمغرب وَالْعشَاء فَلَا يقدم النَّاس جمعا حَتَّى يعتموا وَصَلَاة الْفجْر هَذِه السَّاعَة ثمَّ وقف حَتَّى اسفر ثمَّ قَالَ: لَو أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ أَفَاضَ الْآن أصَاب السّنة فَمَا أَدْرِي أقوله كَانَ أسْرع أم دفع عُثْمَان فَلم يزل يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن الزبير قَالَ: من سنة الْحَج أَن يُصَلِّي الإِمام الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء وَالصُّبْح بمنى ثمَّ يَغْدُو إِلَى عَرَفَة فيقيل حَيْثُ قضى لَهُ حَتَّى إِذا زَالَت الشَّمْس خطب النَّاس ثمَّ صلى الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا ثمَّ وقف بِعَرَفَات حَتَّى تغيب الشَّمْس ثمَّ يفِيض فَإِذا رمى الْجَمْرَة الْكُبْرَى حل لَهُ كل شَيْء حرم عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاء وَالطّيب حَتَّى يزور الْبَيْت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عُرْوَة بن مُضرس قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِجمع فَقلت: جئْتُك من جبل طيىء وَقد أكلت مطيتي وأتعبت نَفسِي وَالله مَا تركت من جبل إِلَى وقفت عَلَيْهِ فَهَل لي من حج فَقَالَ: من صلى مَعنا هَذِه الصَّلَاة فِي هَذَا الْمَكَان ثمَّ وقف هَذِه الْموقف حَتَّى يفِيض الإِمام وَكَانَ وقف قبل ذَلِك فِي عَرَفَات لَيْلًا وَنَهَارًا فقد تمّ حجه وَقضى تفثه وَأخرج الشَّافِعِي عَن ابْن عمر قَالَ: من أدْرك لَيْلَة النَّحْر من الْحَاج فَوقف يجبل عَرَفَة قبل أَن يطلع الْفجْر فقد أدْرك الْحَج وَمن لم يدْرك عَرَفَة فيقف بهَا قبل أَن يطلع الْفجْر فقد فَاتَهُ الْحَج فليأت الْبَيْت فليطف بِهِ سبعا وَيَطوف بَين الصَّفَا

والمروة سبعا ثمَّ ليحلق أَو يقصر إِن شَاءَ وَإِن كَانَ مَعَه هَدْيه فلينحره قبل أَن يحلق فَإِذا فرغ من طَوَافه وسعيه فليحلق أَو يقصر ثمَّ ليرْجع إِلَى أَهله فَإِن أدْركهُ الْحَج قَابلا فليحج إِن اسْتَطَاعَ وليهد بَدَنَة فَإِن لم يجد هَديا فليصم عَنهُ ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد أَن عبد الله بن مَسْعُود لبّى حِين أَفَاضَ من جمع فَقَالَ أَعْرَابِي: من هَذَا قَالَ عبد الله: انسي النَّاس أم ضلوا سَمِعت الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة يَقُول فِي هَذَا الْمَكَان لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن الزبير فِي قَوْله {واذكروه كَمَا هدَاكُمْ} قَالَ: لَيْسَ هَذَا بعام هَذَا لأهل الْبَلَد كَانُوا يفيضون من جمع وَيفِيض النَّاس من عَرَفَات فَأبى الله لَهُم ذَلِك فَأنْزل الله {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} وَأخرج عبد بن حميد عَن سُفْيَان {وَإِن كُنْتُم من قبله} قَالَ: من قبل الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَإِن كُنْتُم من قبله لمن الضَّالّين} قَالَ: لمن الْجَاهِلين وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن جَابر قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرْمِي على رَاحِلَته يَوْم النَّحْر وَيَقُول: لِتَأْخُذُوا مَنَاسِككُم فَإِنِّي لَا أَدْرِي لعَلي لَا أحج بعد حجتي هَذِه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ: دَخَلنَا على جَابر بن عبد الله فَقلت: أَخْبرنِي عَن حجَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكث تسع سِنِين لم يحجّ ثمَّ أذن فِي النَّاس فِي الْعَاشِرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَاج فَقدم الْمَدِينَة بشر كثير كلهم يلْتَمس أَن يأتم برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيعْمل بِمثل عمله فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخَرجْنَا مَعَه حَتَّى إِذا أَتَيْنَا ذَا الحليفة فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد ثمَّ ركب الْقَصْوَاء حَتَّى اسْتَوَت بِهِ نَاقَته على الْبَيْدَاء وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أظهرنَا وَعَلِيهِ ينزل الْقُرْآن وَهُوَ يعلم تَأْوِيله فَمَا عمل بِهِ من شَيْء

عَملنَا بِهِ فَأهل التَّوْحِيد لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك لَا شريك لَك لبيْك إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك وَالْملك لَا شريك لَك وَأهل النَّاس بِهَذَا الَّذِي تهلون بِهِ فَلم يرد عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا مِنْهُ وَلزِمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تلبيته حَتَّى أَتَيْنَا الْبَيْت مَعَه اسْتَلم الرُّكْن فَرمَلَ ثَلَاثًا وَمَشى أَرْبعا ثمَّ تقدم إِلَى مقَام إِبْرَاهِيم فَقَرَأَ {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى} فَجعل الْمقَام بَينه وَبَين الْبَيْت فصلى رَكْعَتَيْنِ يقْرَأ فيهمَا بقل هُوَ الله أحد وبقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْت فاستلم الرُّكْن ثمَّ خرج من الْبَاب إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا دنا من الصَّفَا قَرَأَ (إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله) (الْبَقَرَة الْآيَة 158) فَبَدَأَ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ فَبَدَأَ بالصفا فرقى عَلَيْهِ حَتَّى رأى الْبَيْت فَكبر الله وَحده وَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده أنْجز وعده وَنصر عَبده وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده ثمَّ دَعَا بَين ذَلِك وَقَالَ: مثل هَذَا ثَلَاث مَرَّات ثمَّ نزل إِلَى الْمَرْوَة حَتَّى انصبت قدماه رمل فِي بطن الْوَادي حَتَّى إِذا صعد مَشى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَة فَصنعَ على الْمَرْوَة مثل مَا صنع على الصَّفَا حَتَّى إِذا كَانَ آخر الطّواف على الْمَرْوَة قَالَ: إِنِّي لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت لم أسق الْهَدْي ولجعلتها عمْرَة فَمن كَانَ مِنْكُم لَيْسَ مَعَه هدي فليحلل وليجعلها عمْرَة فَحل النَّاس كلهم وَقصرُوا إِلَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن كَانَ مَعَه هدي فَلَمَّا كَانَ يَوْم التَّرويَة وجهوا إِلَى منى أهلوا بِالْحَجِّ فَركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى بمنى الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء وَالصُّبْح ثمَّ مكث قَلِيلا حَتَّى طلعت الشَّمْس وَأمر بقبة لَهُ من شعر فَضربت بنمرة فَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا تشك قُرَيْش أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاقِف عِنْد الْمشعر الْحَرَام بِالْمُزْدَلِفَةِ كَمَا كَانَت قُرَيْش تصنع فِي الْجَاهِلِيَّة فاجاز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَة فَوجدَ الْقبَّة قد ضربت لَهُ بنمرة فَنزل بهَا حَتَّى إِذا غربت الشَّمْس أَمر بالقصواء فرحلت فَركب حَتَّى أَتَى بطن الْوَادي فَخَطب النَّاس فَقَالَ: إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا أَلا إِن كل شَيْء من أَمر الْجَاهِلِيَّة تَحت قدمي مَوْضُوع وَدِمَاء الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوعَة وَأول دم أَضَعهُ دم عُثْمَان بن ربيع بن الْحَرْث بن الْمطلب وَربا الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع وَأول رَبًّا أَضَعهُ

رَبًّا عَبَّاس بن عبد الْمطلب فَإِنَّهُ مَوْضُوع كُله اتَّقوا الله فِي النِّسَاء فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله وَإِن لكم عَلَيْهِنَّ أَن لَا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فَإِن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عَلَيْكُم رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ وَإِنِّي قد تركت فِيكُم مَا لن تضلوا بعده إِن اعتصتم بِهِ كتاب الله وَأَنْتُم مسؤولون عني فَمَا أَنْتُم قَائِلُونَ قَالُوا: نشْهد أَنَّك قد بلغت وَأديت وَنَصَحْت قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثمَّ أذن بِلَال ثمَّ أَقَامَ فصلى الظّهْر ثمَّ أَقَامَ فصلى الْعَصْر وَلم يصل بَينهمَا شَيْئا ثمَّ ركب الْقَصْوَاء حَتَّى أَتَى الْموقف فَجعل بطن نَاقَته الْقَصْوَاء إِلَى الصخرات وَجعل جبل المشاة بَين يَدَيْهِ فَاسْتقْبل الْقبْلَة فَلم يزل وَاقِفًا حَتَّى غربت الشَّمْس وَذَهَبت الصُّفْرَة قَلِيلا حِين غَابَ القرص وَأَرْدَفَ أُسَامَة خَلفه فَدفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد شنق للقصواء الزِّمَام حَتَّى أَن رَأسهَا ليصيب مورك رَحْله وَهُوَ يَقُول بِيَدِهِ الْيُمْنَى: السكينَة أَيهَا النَّاس كلما أَتَى جبلا من الْجبَال أرْخى لَهَا قَلِيلا حَتَّى صعد أَتَى الْمزْدَلِفَة فَجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِأَذَان وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ وَلم يسبح بَينهمَا شَيْئا ثمَّ اضْطجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى طلع الْفجْر فصلى الْفجْر حِين تبين لَهُ الصُّبْح ثمَّ ركب الْقَصْوَاء حَتَّى أَتَى الْمشعر الْحَرَام فرقى عَلَيْهِ فَاسْتقْبل الْكَعْبَة فَحَمدَ الله وَكبره وَوَحَّدَهُ فَلم يزل وَاقِفًا حَتَّى أَسْفر جدا ثمَّ دفع قبل أَن تطلع الشَّمْس حَتَّى أَتَى محسراً فحرك قَلِيلا ثمَّ سلك الطَّرِيق الْوُسْطَى الَّذِي تخرجك إِلَى الْجَمْرَة الْكُبْرَى حَتَّى أَتَى الْجَمْرَة عِنْد الشَّجَرَة فَرَمَاهَا بِسبع حَصَيَات يكبر مَعَ كل حَصَاة مِنْهَا فَرمى بطن الْوَادي ثمَّ انْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى المنحر فَنحر بِيَدِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَأمر عليا مَا غبر وأشركه فِي هَدْيه ثمَّ أَمر من كل بَدَنَة ببضعة فَجعلت فِي قدر فطبخت فأكلا من لَحمهَا وشربا من مرقتها ثمَّ ركب ثمَّ أَفَاضَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْبَيْت فصلى بِمَكَّة الظّهْر ثمَّ أَتَى بني عبد الْمطلب وهم يسقون على زَمْزَم فَقَالَ: انزعوا بني عبد الْمطلب فلولا أَن يغلبكم النَّاس على سِقَايَتكُمْ لنزعت مَعكُمْ فأدلوه دلواً فَشرب مِنْهُ

199

قَوْله تَعَالَى: ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس وَاسْتَغْفرُوا الله إِن الله غَفُور رَحِيم

أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت قُرَيْش وَمن دَان دينهَا يقفون بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَانُوا يسمون الحمس وَكَانَت سَائِر الْعَرَب يقفون بِعَرَفَات فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام أَمر نبيه أَن يَأْتِي عَرَفَات ثمَّ يقف بهَا ثمَّ يفِيض مِنْهَا فَذَلِك قَوْله {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت الْعَرَب تَطوف بِالْبَيْتِ عُرَاة إِلَّا الحمس والحمس قُرَيْش وَمَا ولدت كَانُوا يطوفون عُرَاة إِلَّا أَن تعطيهم الحمس ثيابًا فيعطون الرِّجَال الرِّجَال وَالنِّسَاء النِّسَاء وَكَانَت الحمس لَا يخرجُون من الْمزْدَلِفَة وَكَانَ النَّاس كلهم يبلغون عَرَفَات قَالَ هِشَام: فَحَدثني أبي عَن عَائِشَة قَالَ: كَانَت الحمس الَّذين أنزل الله فيهم {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} قَالَت: كَانَ النَّاس يفيضون من عَرَفَات وَكَانَ الحمس يفيضون من الْمزْدَلِفَة يَقُولُونَ: لَا نفيض إِلَّا من الْحرم فَلَمَّا نزلت {أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} رجعُوا إِلَى عَرَفَات وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَت قُرَيْش: نَحن قواطن الْبَيْت لَا نجاوز الْحرم فَقَالَ الله {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: أضللت بَعِيرًا لي فَذَهَبت أطلبه يَوْم عَرَفَة فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاقِفًا مَعَ النَّاس بِعَرَفَة فَقلت وَالله إِن هَذَا لمن الحمس فَمَا شَأْنه هَهُنَا وَكَانَت قُرَيْش تعد من الحمس وَزَاد الطَّبَرَانِيّ وَكَانَ الشَّيْطَان قد استهواهم فَقَالَ لَهُم: إِن عظمتم غير حرمكم استخف النَّاس حرمكم وَكَانُوا لَا يخرجُون من الْحرم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: كَانَت قُرَيْش إِنَّمَا تدفع من الْمزْدَلِفَة وَيَقُولُونَ: نَحن الحمس فَلَا نخرج من الْحرم وَقد تركُوا الْموقف على عَرَفَة فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجَاهِلِيَّة يقف مَعَ النَّاس بِعَرَفَة على جمل لَهُ ثمَّ يصبح مَعَ قومه بِالْمُزْدَلِفَةِ فيقف مَعَهم ثمَّ يدْفع إِذا دفعُوا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن ينزل عَلَيْهِ وَأَنه لواقف على بعير بِهِ بِعَرَفَات مَعَ النَّاس يدْفع مَعَهم مِنْهَا وَمَا ذَاك إِلَّا توفيق من الله

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْعَرَب تقف بِعَرَفَة وَكَانَت قُرَيْش دون ذَلِك بِالْمُزْدَلِفَةِ فَأنْزل الله {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت: كَانَت قُرَيْش يقفون بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيقف النَّاس بِعَرَفَة إِلَّا شيبَة بن ربيعَة فَأنْزل الله {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت قُرَيْش وكل ابْن أُخْت لَهُم وحليف لَا يفيضون مَعَ النَّاس من عَرَفَات أَنما يفيضون من المغمس كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّمَا نَحن أهل الله فَلَا نخرج من حرمه فَأَمرهمْ الله أَن يفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس وَكَانَت سنة إِبْرَاهِيم واسماعيل الإِفاضة من عَرَفَات وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} قَالَ: إِبْرَاهِيم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} قَالَ عَرَفَة كَانَت قُرَيْش تَقول: إِنَّمَا نَحن حمس أهل الْحرم لَا يخلف الْحرم الْمزْدَلِفَة أمروا أَن يبلغُوا عَرَفَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: كَانَ النَّاس يقفون بِعَرَفَة إِلَّا قُريْشًا وأحلافها وَهِي الحمس فَقَالَ بَعضهم: لَا تعظموا إِلَّا الْحرم فَإِنَّكُم إِن عظمتم غير الْحرم أوشك أَن تتهاونوا بحرمكم فقصروا عَن مَوَاقِف الْحق فوقفوا بِجمع فَأَمرهمْ الله أَن يفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس من عَرَفَات أما قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَغْفرُوا الله إِن الله غَفُور رَحِيم} أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم عَرَفَة هَبَط الله إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فِي الْمَلَائِكَة فَيَقُول لَهُم: عبَادي آمنُوا بوعدي وَصَدقُوا رُسُلِي مَا جزاؤهم فَيُقَال: أَن يغْفر لَهُم فَذَلِك قَوْله {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس وَاسْتَغْفرُوا الله إِن الله غَفُور رَحِيم} وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَضَاحِي وَالْحَاكِم عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من يَوْم أَكثر من أَن يعْتق الله فِيهِ عبدا من النَّار من يَوْم عَرَفَة وَأَنه ليدنو ثمَّ يباهي بهم الملاءكة فَيَقُول: مأراده هَؤُلَاءِ وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن

أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يباهي بِأَهْل عَرَفَات أهل السَّمَاء فَيَقُول لَهُم: انْظُرُوا عبَادي جاؤوني شعثاً غبراً وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أفضل الْأَيَّام أَيَّام الْعشْر - يَعْنِي عشر ذِي الْحجَّة - قيل: وَمَا مِثْلهنَّ فِي سَبِيل الله قَالَ: وَلَا مِثْلهنَّ فِي سَبِيل الله إِلَّا رجل عفر وَجهه بِالتُّرَابِ وَمَا من يَوْم أفضل عِنْد الله من يَوْم عَرَفَة ينزل الله تبَارك وَتَعَالَى إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فيباهي بِأَهْل الأضر أهل السَّمَاء فَيَقُول: انْظُرُوا عبَادي جاؤوني شعثاً غبراً ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رَحْمَتي ويستعيذون من عَذَابي وَلم يروه فَلم ير يَوْمًا أَكثر عتقا وعتيقة من النَّار مِنْهُ وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله يباهي مَلَائكَته عَشِيَّة عَرَفَة بِأَهْل عَرَفَة فَيَقُول: انْظُرُوا عبَادي أَتَوْنِي شعثاً غبراً ضاحين من كل فج عميق أشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَمَا من يَوْم أَكثر عتقا من النَّار من يَوْم عَرَفَة وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن طَلْحَة بن عبيد الله بن كريز أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا رُؤِيَ الشَّيْطَان يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَر وَلَا أَحْقَر وَلَا ادحر وَلَا أَغيظ مِنْهُ من يَوْم عَرَفَة وَمَا ذَاك إِلَّا مِمَّا يرى فِيهِ من تنزل الرَّحْمَة وَتجَاوز الله عَن الذُّنُوب الْعِظَام إِلَّا مَا رأى يَوْم بدر قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا الَّذِي رأى يَوْم بدر قَالَ: رأى جِبْرِيل يَزع الْمَلَائِكَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الفضيل بن عَبَّاس أَنه كَانَ رَدِيف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَرَفَة وَكَانَ الْفَتى يُلَاحظ النِّسَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ببصره هَكَذَا وَصَرفه وَقَالَ يَا ابْن أخي: هَذَا يَوْم من ملك فِيهِ بَصَره إِلَّا من حق وسَمعه إِلَّا من حق ولسان إِلَّا من حق غفر لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الدُّعَاء دُعَاء يَوْم عَرَفَة وَأفضل قولي وَقَول الْأَنْبِيَاء قبلي لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَ أَكثر دُعَاء

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ كَانَ أَكثر دُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَشِيَّة يَوْم عَرَفَة اللَّهُمَّ لَك الْحَمد كَالَّذي نقُول وَخيرا مِمَّا نقُول: اللَّهُمَّ لَك صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي وَإِلَيْك مآبي وَلَك رب تدآبي اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر ووسوسة الصَّدْر وشتات الْأَمر اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من خير مَا تَجِيء بِهِ الرّيح وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا تَجِيء بِهِ الرّيح وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم يقف عَشِيَّة عَرَفَة بِالْوَقْفِ يسْتَقْبل الْقبْلَة يوجهه ثمَّ يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير مائَة مرّة ثمَّ يقْرَأ (قل هُوَ الله أحد) (الْإِخْلَاص الْآيَة 1) مائَة مرّة ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وعلينا مَعَهم مائَة مرّة إِلَّا قَالَ اله تَعَالَى: يَا ملائكتي مَا جَزَاء عَبدِي هَذَا سبحني وهللني وكبرني وعظمني وعرفني وَأثْنى عليَّ وَصلى على نبيي اشْهَدُوا يَا ملائكتي أَنِّي قد غفرت لَهُ وشفعته فِي نَفسه وَلَو سَأَلَني عَبدِي هَذَا لشفعته فِي أهل الْموقف كلهم قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا متن غَرِيب وَلَيْسَ إِسْنَاده من ينْسب إِلَى الْوَضع وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن بكير بن عَتيق قَالَ: حججْت فتوسمت رجلا أقتدي بِهِ إِذا سَالم بن عبد الله فِي الْموقف يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَهًا وَاحِدًا وَنحن لَهُ مُسلمُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَلَو كره الْمُشْركُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله رَبنَا وَرب آبَائِنَا الأوّلين فَلم يزل يَقُول هَذَا حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس ثمَّ نظر إِلَيّ وَقَالَ: حَدثنِي أبي عَن جدي عمر بن الْخطاب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى: من شغله ذكري عَن مَسْأَلَتي أَعْطيته أفضل مَا أعطي السَّائِلين وَأخرج ابْن أبي شيبَة والجندي فِي فَضَائِل مَكَّة عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكثر دعائي وَدُعَاء الْأَنْبِيَاء قبلي بِعَرَفَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير اللَّهُمَّ اجْعَل فِي

سَمْعِي نورا فِي بَصرِي نورا وَفِي قلبِي نورا اللَّهُمَّ اشرح لي صَدْرِي وَيسر لي أَمْرِي وَأَعُوذ بك من وسواس الصُّدُور وتشتت الْأُمُور وَعَذَاب الْقَبْر اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ مَا يلج فِي اللَّيْل وَشر مَا يلج فِي النَّهَار وَشر مَا تهب بِهِ الرِّيَاح شَرّ بوائق الدَّهْر وَأخرج الجندي عَن ابْن جريج قَالَ: بَلغنِي أَنه كَانَ يُؤمر أَن يكون أَكثر دُعَاء الْمُسلم فِي الْوَقْف: رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَضَاحِي وَابْن أبي عَاصِم وَالطَّبَرَانِيّ مَعًا فِي الدُّعَاء وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ مَا من عبد وَلَا أمة دَعَا الله لَيْلَة عَرَفَة بِهَذِهِ الدَّعْوَات - وَهِي عشر كَلِمَات - ألف مرّة إِلَّا وَلم يسْأَل الله شَيْئا الا أعطَاهُ إِيَّاه إِلَّا قطيعة رحم أوإثما سُبْحَانَ الله الَّذِي فِي السَّمَاء عَرْشه سُبْحَانَ الَّذِي فِي النَّار سُلْطَانه سُبْحَانَ الَّذِي فِي الْجنَّة رَحمته سُبْحَانَ الَّذِي فِي الْقُبُور قَضَاؤُهُ سُبْحَانَ الَّذِي فِي الْهَوَاء روحه سُبْحَانَ الَّذِي رفع السَّمَاء سُبْحَانَ الَّذِي وضع الأَرْض سُبْحَانَ الَّذِي لَا ملْجأ وَلَا منجى مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ قيل لَهُ: أَنْت سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن صَدَقَة بن يسَار قَالَ: سَأَلت مُجَاهدًا عَن قِرَاءَة الْقُرْآن أفضل يَوْم عَرَفَة أم الذّكر قَالَ: لَا بل قِرَاءَة الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَضَاحِي عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ وَهُوَ بِعَرَفَات: لَا أدع هَذَا الْموقف مَا وجدت إِلَيْهِ سَبِيلا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الأَرْض يَوْم أَكثر عتقا للرقاب فِيهِ من يَوْم عَرَفَة فَأَكْثرُوا فِي ذَلِك الْيَوْم من قَول: اللَّهُمَّ اعْتِقْ رقبتي من النَّار وأوسع لي فِي الرزق واصرف عني فسقة الْجِنّ والإِنس فَإِنَّهُ عَامَّة مَا أَدْعُوك بِهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ من دُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَشِيَّة عَرَفَة اللَّهُمَّ أَنَّك ترى مَكَاني وَتسمع كَلَامي وَتعلم سري وعلانيتي وَلَا يخفى عَلَيْك شَيْء من أَمْرِي أَنا البائس الْفَقِير المستغيث المستجير الوجل المشفق الْمقر الْمُعْتَرف بذنوبه أَسأَلك مَسْأَلَة الْمَسَاكِين وابتهل إِلَيْك ابتهال المذنب الذَّلِيل وادعوك دُعَاء الْخَائِف المضرور من خضعت لَك رقبته وفاضت لَك عَيناهُ وَنحل لَك

جسده وَرَغمَ أَنفه اللَّهُمَّ لَا تجعلني بدعائك شقياً وَكن بِي رؤوفاً رحِيما يَا خير المسؤولين وَيَا خير المعطين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يرفع صَوته عَشِيَّة عَرَفَة يَقُول: اللَّهُمَّ اهدنا بِالْهَدْي وزينا بالتقوى واغفر لنا فِي الْآخِرَة وَالْأولَى ثمَّ يخفصض صَوته بقوله: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من فضلك رزقا طيبا مُبَارَكًا اللَّهُمَّ إِنِّي أمرت بِالدُّعَاءِ وقضيت على نَفسك بالإِجابة وَإنَّك لَا تخلف وَعدك وَلَا تنكث عَهْدك اللَّهُمَّ مَا أَحْبَبْت من خير فحببه إِلَيْنَا ويسره لنا وَمَا كرهت من شَرّ فكرهه إِلَيْنَا وجنبناه وَلَا تنْزع منا الإِسلام بعد إِذْ أعطيتناه وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي الْمَنَاسِك عَن أبي مجلز قَالَ: شهِدت ابْن عمر بِالْوَقْفِ بِعَرَفَات فَسَمعته يَقُول: الله أكبر وَللَّه الْحَمد ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير مرّة وَاحِدَة ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حجا مبروراً وذنباً مغفوراً ويسكت قدر مَا يقْرَأ فَاتِحَة الْكتاب ثمَّ يعود فَيَقُول مثل ذَلِك حَتَّى أَفَاضَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي سُلَيْمَان الدَّارَانِي عَن عبد الله بن أَحْمد بن عَطِيَّة قَالَ: سُئِلَ عَليّ بن أبي طَالب عَن الْوُقُوف بِالْجَبَلِ ولِمَ لم يكن فِي الْحرم قَالَ: لِأَن الْكَعْبَة بَيت الله وَالْحرم بَاب الله فَلَمَّا قصدوه وافدين وقفهم بِالْبَابِ يَتَضَرَّعُونَ قيل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فالوقوف بالمشعر قَالَ: لِأَنَّهُ لما أذن لَهُم بِالدُّخُولِ وقفهم بالحجاب الثَّانِي وَهُوَ الْمزْدَلِفَة فَلَمَّا أَن طَال تضرعهم أذن لَهُم بتقريب قُرْبَانهمْ بمنى فَلَمَّا أَن قضوا تفثهم وقربوا قُرْبَانهمْ فتطهروا بهَا من الذُّنُوب الَّتِي كَانَت لَهُم أذن لَهُم بالوفادة إِلَيْهِ على الطَّهَارَة قيل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَمن أَيْن حرم صِيَام أَيَّام التَّشْرِيق قَالَ: لِأَن الْقَوْم زاروا الله وهم فِي ضيافته وَلَا يجوز للضيف أَن يَصُوم دون إِذن من أَضَافَهُ قيل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَتعلق الرجل بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة لأي معنى هُوَ قَالَ: مثل الرجل بَينه وَبَين سَيّده جِنَايَة فَتعلق بِثَوْبِهِ وتنصل إِلَيْهِ وتحدى لَهُ ليهب لَهُ جِنَايَته وَأخرج ابْن زَنْجوَيْه والأزرقي والجندي ومسدد وَالْبَزَّار فِي مسنديهما وَابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أنس بن مَالك قَالَ: كنت قَاعِدا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي

مَسْجِد الْخيف أَتَاهُ رجل من الْأَنْصَار وَرجل من ثَقِيف فسلما عَلَيْهِ ثمَّ قَالَا: يارسول الله جِئْنَا نَسْأَلك قَالَ: إِن شئتما أخبرتكما بِمَا جئتما تسألاني عَنهُ وَإِن شئتما سألتماني قَالَ: أخبرنَا يَا رَسُول الله نزداد إِيمَانًا ويقيناً قَالَ للْأَنْصَارِيِّ: جِئْت تسْأَل عَن مخرجك من بَيْتك تؤم الْبَيْت الْحَرَام وَمَا لَك فِيهِ وَعَن طوافك وَمَا لَك فِيهِ وَعَن ركعتيك بعد الطّواف وَمَا لَك فيهمَا وَعَن طوافك بَين الصَّفَا والمروة وَمَا لَك فِيهِ وَعَن وقوفك بِعَرَفَة وَمَا لَك فِيهِ وَعَن رميك الْجمار وَمَا لَك فِيهِ وَعَن طوافك بِالْبَيْتِ وَمَا لَك فِيهِ يَعْنِي الإِفاضة قَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا جِئْت إِلَّا لأسألك عَن ذَلِك وَقَالَ: أما مخرجك من بَيْتك تؤم الْبَيْت الْحَرَام فَإِن نَاقَتك لَا ترفع خفاً وَلَا تضعه إِلَّا كتب الله لَك بِهِ حَسَنَة ومحا بِهِ عَنْك خَطِيئَة وَأما طوافك بِالْبَيْتِ فَإنَّك لَا ترفع قدماً وَلَا تضعها إِلَّا كتب الله لَك بهَا حَسَنَة ومحا عَنْك بهَا خَطِيئَة وَرفع لَك بهَا دَرَجَة وَأما ركعتاك بعد طوافك فكعتق رَقَبَة من بني اسماعيل وَأما طوافك بَين الصَّفَا والمروة فكعتق سبعين رَقَبَة وَأما وقوفك عَشِيَّة عَرَفَة فَإِن الله تَعَالَى يهْبط إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فيباهي بكم الْمَلَائِكَة وَيَقُول: انْظُرُوا إِلَى عبَادي جاؤوني من كل فج عميق شعثاً غبراً يرجون رَحْمَتي ومغفرتي فَلَو كَانَت ذنوبهم مثل الرمل وَعدد الْقطر وَمثل زبد الْبَحْر وَمثل نُجُوم السَّمَاء لغفرتها لَهُم وَيَقُول: أفيضوا عبَادي مغفوراً لكم وَلم شفعتم فِيهِ وَأما رميك الْجمار فَإِن الله يغْفر لَك بِكُل حَصَاة رميتها كَبِيرَة من الْكَبَائِر الموبقات الموجبات وَأما نحرك فمدخور لَك عِنْد رَبك وَأما طوافك بِالْبَيْتِ - يَعْنِي الافاضة - فَإنَّك تَطوف وَلَا ذَنْب عَلَيْك ويأتيك ملك فَيَضَع يَده بَين كتفيك وَيَقُول: اعْمَلْ لما بَقِي فقد كفيت مَا مضى وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان عَن ابْن عمر قَالَ كنت جَالِسا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجِد منى فَأَتَاهُ رجل من الْأَنْصَار وَرجل من ثَقِيف فسلما عَلَيْهِ ثمَّ قَالَا: يَا رَسُول الله جِئْنَا نَسْأَلك فَقَالَ: إِن شئتما أخبرتكما بِمَا جئتما تسألاني عَنهُ فعلت وَإِن شئتما أَن أمسك وتسألاني فعلت فَقَالَا: أخبرنَا يَا رَسُول الله فَقَالَ الثَّقَفِيّ للْأَنْصَارِيِّ: سل فَقَالَ: اخبرني يَا رَسُول الله فَقَالَ: جئتن تَسْأَلنِي عَن مخرجك من بَيْتك تؤم الْبَيْت الْحَرَام وَمَا لَك فِيهِ وَعَن طوافك وَمَا لَك فيهمَا وَعَن ركعتيك بعد الطّواف وَمَا لَك فيهمَا وَعَن طوافك بَين الصَّفَا والمروة وَمَا لَك فِيهِ وَعَن وقوفك عَشِيَّة عَرَفَة وَمَا لَك فِيهِ وَعَن رميك

الْجمار وَمَا لَك فِيهِ وَعَن نحرك وَمَا لَك فِيهِ مَعَ الإِفاضة قَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لعن هَذَا جِئْت أَسأَلك قَالَ: فَإنَّك إِذا خرجت من بَيْتك تؤم الْبَيْت الْحَرَام لاتضع نَاقَتك خفاً وَلَا ترفعه إِلَّا كتب الله لَك بِهِ حَسَنَة ومحى عَنْك خَطِيئَة وَأما ركعتاك بعد الطّواف فكعتق رَقَبَة من بني اسماعيل وَأما طوافك بالصفا والمروة كعتق سبعين رَقَبَة وَأما وقوفك عَشِيَّة عَرَفَة فَإِن الله يهْبط إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فيباهي بكم الْمَلَائِكَة فَيَقُول: عبَادي جاؤوني شعثاً غبراً من كل فج عميق يرجون جنتي فَلَو كَانَت ذنوبكم كعدد الرمل أَو كقطر الْمَطَر أَو كزبد الْبَحْر لغفرتها أفيضوا عبَادي مغفوراً لكم وَلمن شفعتم لَهُ وَأما رميك الْجمار فلك بِكُل حَصَاة رميتها تَكْفِير كَبِيرَة من الموبقات وَأما نحرك فمدخور لَك عِنْد رَبك وَأما حلاقك رَأسك فلك بِكُل شَعْرَة حلقتها حَسَنَة ويمحى عَنْك بهَا خَطِيئَة وَأما طوافك بِالْبَيْتِ بعد ذَلِك فَإنَّك تَطوف وَلَا ذَنْب لَك يَأْتِي ملك حَتَّى يضع يَدَيْهِ بَين كتفيك فَيَقُول: اعْمَلْ فِيمَا يسْتَقْبل فقد غفر لَك مَا مضى وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عمر قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَشِيَّة عَرَفَة فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِن الله تطول عَلَيْكُم فِي مقامكم هَذَا فَقبل من محسنكم وَأعْطى محسنكم مَا سَأَلَ ووهب مسيئكم لمحسنكم إِلَّا التَّبعَات فِيمَا بَيْنكُم أفيضوا على اسْم الله فَلَمَّا كَانَ غَدَاة جمع قَالَ: أَيهَا النَّاس إِن الله قد تطوّل عَلَيْكُم فِي مقامكم هَذَا فَقبل من محسنكم ووهب مسيئكم لمحسنكم والتبعات بَيْنكُم عوضهَا من عِنْده أفيضوا على اسْم الله فَقَالَ أَصْحَابه: يَا رَسُول الله أفضت بِنَا الأمس كئيباً حَزينًا وأفضت بِنَا الْيَوْم فَرحا مَسْرُورا فَقَالَ: إِنِّي سَأَلت رَبِّي بالْأَمْس شَيْئا لم يجد لي بِهِ سَأَلته التَّبعَات فَأبى عَليّ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ: إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول ضمنت التَّبعَات وعوّضتها من عِنْدِي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة أَيهَا النَّاس إِن الله تطول عَلَيْكُم فِي هَذَا الْيَوْم فغفر لكم إِلَّا التَّبعَات فِيمَا بَيْنكُم ووهب مسيئكم لمحسنكم وَأعْطى محسنكم مَا سَأَلَ فادفعوا باسم الله فَلَمَّا كَانَ بِجمع قَالَ: إِن الله قد غفر لصالحيكم وشفع لصالحيكم فِي طالحيكم تنزل الرَّحْمَة فتعمهم

ثمَّ يفرق الْمَغْفِرَة فِي الأَرْض فَيَقَع على كل تائب مِمَّن حفظ لِسَانه وَيَده وإبليس وَجُنُوده بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور وَأخرج ابْن ماجة والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن الْعَبَّاس بن مرداس السّلمِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا عَشِيَّة عَرَفَة لأمته بالمغفرة وَالرَّحْمَة فَأكْثر الدُّعَاء فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي قد فعلت إِلَّا ظلم بَعضهم بَعْضًا وَأما ذنوبهم فِيمَا بيني وَبينهمْ فقد غفرتها فَقَالَ: يَا رب إِنَّك قَادر على أَن تثيب هَذَا الْمَظْلُوم خيرا من مظلمته وَتغْفر لهَذَا الظَّالِم فَلم يجبهُ تِلْكَ العشية فَلَمَّا كَانَ غَدَاة الْمزْدَلِفَة أعَاد الدُّعَاء فَأَجَابَهُ الله أَنِّي قد غفرت لَهُم فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ أَصْحَابه قَالَ: تبسمت من عدوّ الله إِبْلِيس إِنَّه لما علم أَن الله قد اسْتَجَابَ لي فِي أمتِي أَهْوى يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور ويحثو التُّرَاب على رَأسه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأَضَاحِي وَأَبُو يعلى عَن أنس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله تطوّل على أهل عَرَفَات يباهي بهم الْمَلَائِكَة فَيَقُول: يَا ملائكتي انْظُرُوا إِلَى عبَادي شعثاً غبراً أَقبلُوا يضْربُونَ إِلَيّ من كل فج عميق فاشهدكم أَنِّي قد أجبْت دعاءهم وشفعت رغبتهم ووهبت مسيئهم لمحسنهم وَأعْطيت لمحسنهم جَمِيع مَا سَأَلُونِي غير التَّبعَات الَّتِي بَينهم فَإِذا أَفَاضَ الْقَوْم إِلَى جمع ووقفوا وعادوا فِي الرَّغْبَة والطلب إِلَى الله فَيَقُول: يَا ملائكتي عبَادي وقفُوا فعادوا فِي الرَّغْبَة والطلب فاشهدكم أَنِّي قد أجبْت دعاءهم وشفعت رغبتهم ووهبت مسيئهم لمحسنهم وَأعْطيت محسنيهم جَمِيع مَا سَأَلُونِي وكفلت عَنْهُم التَّبعَات الَّتِي بَينهم وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن أنس بن مَالك قَالَ وقف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَرَفَات وَقد كَادَت الشَّمْس أَن تؤوب فَقَالَ: يَا بِلَال أنصت لي النَّاس فَقَامَ بِلَال فَقَالَ: انصتوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنصت النَّاس فَقَالَ: يَا معاشر النَّاس أَتَانِي جِبْرِيل آنِفا فأقرأني من رَبِّي السَّلَام وَقَالَ: إِن الله عز وَجل غفر لأهل عَرَفَات وَأهل الْمشعر وَضمن عَنْهُم التَّبعَات فَقَامَ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَذَا لنا خَاصَّة قَالَ: هَذَا لكم وَلمن أَتَى من بعدكم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ عمر بن الْخطاب: كثر خير الله وطاب وَأخرج ابْن ماجة عَن بِلَال بن رَبَاح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ غَدَاة جمع:

أنصت النَّاس ثمَّ قَالَ: إِن الله تطاول عَلَيْكُم فِي جمعكم هَذَا فوهب مسيئكم لمحسنكم وَأعْطى محسنكم مَا سَأَلَ ادفعوا باسم الله وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن مُحَمَّد بن أبي بكر الثَّقَفِيّ أَنه سَأَلَ أنس بن مَالك وهما عاديان من منى إِلَى عَرَفَة كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْم مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: كَانَ يهل منا الْمهل فَلَا يُنكر عَلَيْهِ وَيكبر منا المكبر فَلَا يُنكر عَلَيْهِ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن أم الْفضل بنت الْحَرْث أَن نَاسا اخْتلفُوا عِنْدهَا يَوْم عَرَفَة فِي صَوْم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ بَعضهم: هُوَ صَائِم وَقَالَ بَعضهم: لَيْسَ بصائم فَأرْسلت إِلَيْهِ بقدح لبن وَهُوَ وَاقِف على بعيره فشربه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأَضَاحِي وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن صَوْم يَوْم عَرَفَة بِعَرَفَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي نجيح قَالَ: سُئِلَ ابْن عمر عَن صَوْم يَوْم عَرَفَة فَقَالَ: حججْت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يصمه وَمَعَ عمر فَلم يصمه وَمَعَ عُثْمَان فَلم يصمه وَأَنا لَا أصومه وَلَا آمُر بِهِ وَلَا أنهى عَنهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صِيَام يَوْم عَرَفَة إِنِّي أحتسب على الله أَن يكفر السّنة الَّتِي قبله وَالسّنة الَّتِي بعده وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ من طَرِيق الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تَصُوم يَوْم عَرَفَة قَالَ الْقَاسِم: وَلَقَد رَأَيْتهَا عَشِيَّة عَرَفَة يدْفع الإِمام وتقف حَتَّى يبيض مَا بَينهَا وَبَين النَّاس من الأَرْض ثمَّ تَدْعُو بِالشرابِ فتفطر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: مَا من يَوْم من السّنة أصومه أحب إليّ من يَوْم عَرَفَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول صِيَام يَوْم عَرَفَة كصيام ألف يَوْم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول صِيَام يَوْم عَرَفَة كصيام ألف عَام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مَسْرُوق أَنه دخل على عَائِشَة يَوْم عَرَفَة فَقَالَ: اسقوني

فَقَالَت عَائِشَة وَمَا أَنْت يَا مَسْرُوق بصائم فَقَالَ: لَا إِنِّي أَتَخَوَّف أَن يكون أضحى فَقَالَت عَائِشَة: لَيْسَ كَذَلِك يَوْم عَرَفَة يَوْم يعرف الإِمام وَيَوْم النَّحْر يَوْم ينْحَر الإِمام أَو مَا سَمِعت يَا مَسْرُوق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعدله بِصَوْم ألف يَوْم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَضَاحِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ يُقَال فِي أَيَّام الْعشْر: بِكُل يَوْم ألف يَوْم وَيَوْم عَرَفَة عشرَة آلَاف يَوْم يَعْنِي فِي الْفضل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْفضل بن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من حفظ لِسَانه وسَمعه وبصره يَوْم عَرَفَة غفر لَهُ من عَرَفَة إِلَى عَرَفَة وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الْفضل بن عَبَّاس رَدِيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة فَجعل الْفَتى يُلَاحظ النِّسَاء وَينظر إلَيْهِنَّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ابْن أخي أَن هَذَا يَوْم من ملك فِيهِ سَمعه وبصره وَلسَانه غفر لَهُ وَأخرج الْمروزِي فِي كتاب الْعِيدَيْنِ عَن مُحَمَّد بن عباد المَخْزُومِي قَالَ: لَا يستشهد مُؤمن حَتَّى يكْتب اسْمه عَشِيَّة عَرَفَة فِيمَن يستشهد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأَضَاحِي والمرزوي عَن إِبْرَاهِيم أَنه سُئِلَ عَن التَّعْرِيف بالأمصار فَقَالَ: إِنَّمَا التَّعْرِيف بِعَرَفَات وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي عوَانَة قَالَ: رَأَيْت الْحسن الْبَصْرِيّ يَوْم عَرَفَة بعد الْعَصْر جلس فَذكر الله ودعا وَاجْتمعَ إِلَيْهِ النَّاس وَأخرج الْمروزِي عَن مبارك قَالَ: رَأَيْت الْحسن وَبكر بن عبد الله وثابتاً الْبنانِيّ وَمُحَمّد بن وَاسع وغيلان بن جرير يشْهدُونَ عَرَفَة بِالْبَصْرَةِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة والمروزي عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة قَالَ: رَأَيْت عَمْرو بن حُرَيْث فِي الْمَسْجِد يَوْم عَرَفَة وَالنَّاس مجتمعون إِلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا والمروزي عَن الْحسن قَالَ: إِن أول من عرف الْبَصْرَة ابْن عَبَّاس وَأخرج الْمروزِي عَن الحكم قَالَ: أول من فعل ذَلِك بِالْكُوفَةِ مُصعب بن الزبير وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي

الْأَضَاحِي وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة وَيَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق عيدنا أهل الإِسلام وَهن أَيَّام أكل وَشرب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى صَلَاة الْغَدَاة يَوْم عَرَفَة وَسلم جثا على رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله الله أكبر الله أكبر وَللَّه الْحَمد إِلَى آخر أَيَّام التَّشْرِيق يكبر فِي الْعَصْر وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ من طَرِيق أبي الطُّفَيْل عَن عَليّ وعمار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يجْهر فِي المكتوبات بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ويقنت فِي الْفجْر وَكَانَ يكبر من يَوْم عَرَفَة صَلَاة الْغَدَاة ويقطعها صَلَاة الْعَصْر آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا والمروزي فِي الْعِيدَيْنِ وَالْحَاكِم عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: كَانَ عمر يكبر بعد صَلَاة الْفجْر يَوْم عَرَفَة إِلَى صَلَاة الظّهْر أَو الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم عَن شَقِيق قَالَ: كَانَ يكبر بعد الْفجْر غَدَاة عَرَفَة ثمَّ لَا يقطع حَتَّى يُصَلِّي الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَأخرج ابْن أبي شيبَة والمروزي وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس: أَنه كَانَ يكبر من غَدَاة عَرَفَة إِلَى صَلَاة الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم عَن عُمَيْر بن سعد قَالَ: قدم علينا ابْن مَسْعُود فَكَانَ يكبر من صَلَاة الصُّبْح يَوْم عَرَفَة إِلَى الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: من يصحبني مِنْكُم من ذكر أَو أُنْثَى فَلَا يصومن يَوْم عَرَفَة فَإِنَّهُ يَوْم أكل وَشرب وتكبير

200

قَوْله تَعَالَى: فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم أَو أَشد ذكرا فَمن النَّاس من يَقُول رَبنَا آتنا

فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق وَمِنْهُم من يَقُول رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار أُولَئِكَ لَهُم نصيب مِمَّا كسبوا وَالله سريع الْحساب أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم} قَالَ: حَجكُمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم} قَالَ: حَجكُمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم} قَالَ: اهراقه الدِّمَاء {فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم} قَالَ: تفاخر الْعَرَب بَينهَا بفعال آبائها يَوْم النَّحْر حِين يفزعون فامروا بِذكر الله مَكَان ذَلِك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يَجْلِسُونَ فِي الْحَج فَيذكرُونَ فِيهِ أَيَّام آبَائِهِم وَمَا يعدون من أنسابهم يومهم أجمع فَأنْزل الله على رَسُوله فِي الإِسلام {فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم أَو أَشد ذكرا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يقفون فِي الْمَوْسِم يَقُول الرجل مِنْهُم: كَانَ أبي يطعم وَيحمل الحملات وَيحمل الدِّيات لَيْسَ لَهُم ذكر غير فعال آبَائِهِم فَأنْزل الله {فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم أَو أَشد ذكرا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد اله بن الزبير قَالَ: كَانُوا إِذا فزعوا من حجهم تفاخروا بِالْآبَاءِ فَأنْزل الله {فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا إِذا قضوا مناسكهم وقفُوا عِنْد الْجَمْرَة فَذكرُوا آبَاءَهُم وَذكروا أيامهم فِي الْجَاهِلِيَّة وفعال آبَائِهِم فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج الفاكهي عَن أنس قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يذكرُونَ آبَاءَهُم فَيَقُول أحدهم: كَانَ أبي يطعم الطَّعَام وَيَقُول الآخر: كَانَ أبي يضْرب بِالسَّيْفِ وَيَقُول الآخر: كَانَ أبي يجز بالنواصي فَنزلت {فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم}

وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة قَالَا: كَانُوا يذكرُونَ فعل آبَائِهِم فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا وقفُوا بِعَرَفَة فَنزلت {فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم} وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا نزلُوا منى تفاخروا بآبائهم ومجالسهم فَقَالَ هَذَا: فعل أبي كَذَا وَكَذَا وَقَالَ هَذَا: فعل أبي كَذَا وَكَذَا فَذَلِك قَوْله {فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم أَو أَشد ذكرا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح فِي قَوْله {فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم أَو أَشد ذكرا} قَالَ: هُوَ قَول الصَّبِي أوّل مَا يفصح فِي الْكَلَام أَبَاهُ وَأمه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قيل لَهُ: قَول الله {كذكركم آبَاءَكُم} أَن الرجل ليَأْتِي عَلَيْهِ الْيَوْم وَمَا يذكر أَبَاهُ قَالَ: إِنَّه لَيْسَ بِذَاكَ وَلَكِن يَقُول: تغْضب لله إِذا عصي أَشد من غضبك إِذا ذكر والديك بِسوء أما قَوْله تَعَالَى: {فَمن النَّاس من يَقُول رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا} الْآيَات أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ قوم من الْأَعْرَاب يجيئون إِلَى الْموقف فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ عَام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن وَلَا يذكرُونَ من أَمر الْآخِرَة شَيْئا فَأنْزل فيهم {فَمن النَّاس من يَقُول رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} وَيَجِيء بعدهمْ آخَرُونَ من الْمُؤمنِينَ {رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار} فَأنْزل الله فيهم {أُولَئِكَ لَهُم نصيب مِمَّا كسبوا وَالله سريع الْحساب} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: كَانَ النَّاس فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا وقفُوا عِنْد الْمشعر الْحَرَام دعوا فَقَالَ أحدهم: اللَّهُمَّ ارزقني ابلاً وَقَالَ الآخر: اللَّهُمَّ ارزقني غنما فَأنْزل الله {فَمن النَّاس من يَقُول رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا} إِلَى قَوْله {سريع الْحساب} وَأخرج ابْن جرير عَن أنس بن مَالك فِي قَوْله {فَمن النَّاس من يَقُول رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا} قَالَ: كَانُوا يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة فَيدعونَ: اللَّهُمَّ اسقنا الْمَطَر وَأَعْطِنَا على عدونا الظفر وردنا صالحين إِلَى صالحين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: رَبنَا آتنا رزقا ونصراً وَلَا يسْأَلُون لآخرتهم شَيْئا فَنزلت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى عَن أنس قَالَ: كَانَ أَكثر دَعْوَة يَدْعُو بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غادر رجلا من الْمُسلمين قد صَار مثل الفرخ المنتوف فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل كنت تَدْعُو الله بِشَيْء قَالَ: نعم كنت أَقُول: اللَّهُمَّ مَا كنت معاقبني بِهِ فِي الْآخِرَة فعجله لي فِي الدُّنْيَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُبْحَانَ الله إِذن لَا تطِيق ذَلِك وَلَا تستطيعه فَهَلا قلت رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار ودعا لَهُ فشفاه الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس أَن ثَابتا قَالَ لَهُ: إِن إخوانك يحبونَ أَن تَدْعُو لَهُم فَقَالَ: اللَّهُمَّ رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ: تُرِيدُونَ أَن أشقق لكم الْأُمُور إِذا أَتَاكُم الله فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة ووقاكم عَذَاب النَّار فقد آتَاكُم الْخَيْر كُله وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْجَارُود وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الله بن السَّائِب أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِيمَا بَين الرُّكْن الْيَمَانِيّ وَالْحجر رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا مَرَرْت على الرُّكْن إِلَّا رَأَيْت عَلَيْهِ ملكا يَقُول آمين فَإِذا مررتم عَلَيْهِ فَقولُوا: رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس أَن ملكا موكلاً بالركن الْيَمَانِيّ مُنْذُ خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض يَقُول: آمين آمين فَقولُوا: رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار وَأخرج ابْن ماجة والجندي فِي فَضَائِل مَكَّة عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه سُئِلَ عَن الرُّكْن الْيَمَانِيّ وَهُوَ فِي الطّواف فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وكل بِهِ سَبْعُونَ ملكا فَمن قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْعَفو والعافية فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار قَالَ: آمين

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن أبي نجيح قَالَ: كَانَ أَكثر كَلَام عمر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي الطّواف: رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن حبيب بن صهْبَان الْكَاهِلِي قَالَ: كنت أَطُوف بِالْبَيْتِ وَعمر بن الْخطاب يطوف مَا لَهُ إِلَّا قَوْله: رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار مَا لَهُ هجيري غَيرهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يسْتَحبّ أَن يُقَال فِي أَيَّام التَّشْرِيق: رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: يَنْبَغِي لكل من نفر أَن يَقُول حِين ينفر مُتَوَجها إِلَى أَهله: رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: كَانُوا أصنافاً ثَلَاثَة فِي تِلْكَ المواطن يَوْمئِذٍ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمؤمنون وَأهل الْكفْر وَأهل النِّفَاق {فَمن النَّاس من يَقُول رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق} إِنَّمَا حجُّوا للدنيا وَالْمَسْأَلَة لَا يُرِيدُونَ الْآخِرَة وَلَا يُؤمنُونَ بهَا {وَمِنْهُم من يَقُول رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار} والصنف الثَّالِث (وَمن النَّاس من يُعْجِبك قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا) (الْبَقَرَة الْآيَة 204) وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أنس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَي الدُّعَاء أفضل قَالَ: تسْأَل رَبك الْعَفو والعافية فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ثمَّ أَتَاهُ من الْغَد فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَي الدُّعَاء أفضل قَالَ: تسْأَل رَبك الْعَفو والعافية فِي الدّين وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَة ثمَّ أَتَاهُ من الْغَد فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَي الدُّعَاء أفضل قَالَ: تسْأَل رَبك الْعَفو والعافية فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ثمَّ أَتَاهُ من الْيَوْم الرَّابِع فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَي الدُّعَاء أفضل قَالَ: تسْأَل رَبك الْعَفو والعافية فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإنَّك إِذا أعطيتهما فِي الدُّنْيَا ثمَّ أعطيتهما فِي الْآخِرَة فقد أفلحت وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله {رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} قَالَ: عَافِيَة {وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة} قَالَ: عَافِيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير والذهبي فِي فضل الْعلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن فِي قَوْله {رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة} قَالَ: الْحَسَنَة فِي الدُّنْيَا الْعلم وَالْعِبَادَة وَفِي الْآخِرَة الْجنَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: حَسَنَة الدُّنْيَا المَال وحسنة الْآخِرَة الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} قَالَ: الرزق الطّيب وَالْعلم النافع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي الْآيَة قَالَ: الْمَرْأَة الصَّالِحَة من الْحَسَنَات وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سَالم بن عبد الله بن عمر {رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} قَالَ: الثَّنَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {أُولَئِكَ لَهُم نصيب مِمَّا كسبوا} قَالَ: مِمَّا عمِلُوا من الْخَيْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَالله سريع الْحساب} قَالَ: سريع الإِحصاء وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا قَالَ لَهُ: إِنِّي أجرت نَفسِي من قومِي على أَن يحملوني وَوضعت لَهُم من أجرتي على أَن يدعوني أحج مَعَهم أفيجزىء ذَلِك عني قَالَ: أَنْت من الَّذين قَالَ الله {أُولَئِكَ لَهُم نصيب مِمَّا كسبوا وَالله سريع الْحساب} وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن سُفْيَان قَالَ: أَصْحَاب عبد الله يقرؤونها ((أُولَئِكَ لَهُم نصيب مِمَّا اكتسبوا))

203

قَوْله تَعَالَى: واذْكُرُوا الله فِي أَيَّام معدودات فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ وَمن تَأَخّر فَلَا إِثْم عَلَيْهِ لمن اتَّقى وَاتَّقوا الله وَاعْلَمُوا أَنكُمْ إِلَيْهِ تحشرون أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الْأَيَّام المعدودات ثَلَاثَة أَيَّام: يَوْم الْأَضْحَى ويومان بعده إذبح فِي أَيهَا شِئْت وأفضلها أَولهَا

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر فِي قَوْله {واذْكُرُوا الله فِي أَيَّام معدودات} قَالَ: ثَلَاثَة أَيَّام أَيَّام التَّشْرِيق وَفِي لفظ: هِيَ الثَّلَاثَة الْأَيَّام بعد يَوْم النَّحْر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد والمروزي فِي الْعِيدَيْنِ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والضياء فِي المختارة من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَيَّام المعلومات أَيَّام الْعشْر وَالْأَيَّام المعدودات أَيَّام التَّشْرِيق وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن الزبير {واذْكُرُوا الله فِي أَيَّام معدودات} قَالَ: هن أَيَّام التَّشْرِيق يذكر الله فِيهِنَّ بتسبيح وتهليل وتكبير وتحميد وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والمحاملي فِي أَمَالِيهِ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: الْأَيَّام المعلومات الْعشْر وَالْأَيَّام المعدودات أَيَّام التَّشْرِيق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَيَّام المعدودات أَرْبَعَة أَيَّام: يَوْم النَّحْر وَثَلَاثَة أَيَّام بعده وَأخرج الْمروزِي عَن يحيى بن كثير فِي قَوْله {واذْكُرُوا الله فِي أَيَّام معدودات} قَالَ: هُوَ التَّكْبِير فِي أَيَّام التَّشْرِيق دبر الصَّلَوَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يكبر تِلْكَ الْأَيَّام بمنى وَيَقُول: التَّكْبِير وَاجِب ويتأوّل هَذِه الْآيَة {واذْكُرُوا الله فِي أَيَّام معدودات} وَأخرج الْمروزِي وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَعَمْرو بن دِينَار قَالَ: رَأَيْت ابْن عَبَّاس يكبر يَوْم النَّحْر وَيَتْلُو {واذْكُرُوا الله فِي أَيَّام معدودات} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {واذْكُرُوا الله فِي أَيَّام معدودات} قَالَ: التَّكْبِير أَيَّام التَّشْرِيق يَقُول فِي دبر كل صَلَاة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يكبر ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَرَاء الصَّلَوَات بمنى: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَأخرج الْمروزِي عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكبر أَيَّام التَّشْرِيق كلهَا وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يكبر يَوْم الصَّدْر وَيَأْمُر من حوله أَن يكبر فَلَا أَدْرِي تأوّل قَوْله تَعَالَى {واذْكُرُوا الله فِي أَيَّام معدودات} أَو قَوْله {فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم} الْآيَة وَأخرج مَالك عَن يحيى بن سعيد أَنه بلغه أَن عمر بن الْخطاب خرج الْغَد من

يَوْم النَّحْر بمنى حَتَّى ارْتَفع النَّهَار شَيْئا فَكبر وَكبر النَّاس بتكبيره حَتَّى بلغ تكبيرهم الْبَيْت ثمَّ خرج الثَّالِثَة من يَوْمه ذَلِك حِين زاغت الشَّمْس فَكبر وَكبر النَّاس بتكبيره فَعرف أَن عمر قد خرج يَرْمِي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سَالم بن عبد الله بن عمر أَنه رمى الْجَمْرَة بِسبع حَصَيَات يكبر مَعَ كل حَصَاة الله أكبر الله أكبر اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حجا مبروراً وذنباً مغفوراً وَعَملا مشكوراً وَقَالَ: حَدثنِي أبي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ كلما رمى بحصاة يَقُول مثل مَا قلت وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَة الدُّنْيَا بِسبع حَصَيَات يكبر على كل حَصَاة ثمَّ يتَقَدَّم حَتَّى يسهل فَيقوم مُسْتَقْبل الْقبْلَة فَيقوم طَويلا وَيَدْعُو وَيرْفَع يَدَيْهِ يقوم طَويلا ثمَّ يَرْمِي جَمْرَة ذَات الْعقبَة من بطن الْوَادي وَلَا يقف عِنْدهَا ثمَّ ينْصَرف وَيَقُول: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَفْعَله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَ أَفَاضَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من آخر يَوْمه حِين صلى الظّهْر ثمَّ رَجَعَ فَمَكثَ بمنى ليَالِي أَيَّام التَّشْرِيق يَرْمِي الْجَمْرَة إِذا زَالَت الشَّمْس كل جَمْرَة بِسبع حَصَيَات يكبر مَعَ كل حَصَاة وَيقف عِنْد الأولى وَعند الثَّانِيَة فيطيل الْقيام ويتضرع ثمَّ يَرْمِي الثَّالِثَة وَلَا يقف عِنْدهَا وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدَاة الْعقبَة هَات القط لي حَصَيَات من حَصى الْخذف فَلَمَّا وضعن فِي يَده قَالَ: بأمثال هَؤُلَاءِ وَإِيَّاكُم والغلو فِي الدّين فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بالغلو فِي الدّين وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي البداح بن عَاصِم بن عدي عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص للرعاء أَن يرموا يَوْمًا ويدعوا يَوْمًا وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن الْكَلْبِيّ قَالَ: إِنَّمَا سميت الْجمار جمار لِأَن آدم كَانَ يَرْمِي إِبْلِيس فيتجمر بَين يَدَيْهِ والإِجمار الإِسراع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: مَا يقبل من حَصى الْجمار رفع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: رمى النَّاس

فِي الْجَاهِلِيَّة والإِسلام فَقَالَ: مَا تقبل مِنْهُ رفع وَلَوْلَا ذَلِك كَانَ أعظم من ثبير وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ هَذِه الْجمار ترمى فِي الْجَاهِلِيَّة والإِسلام كَيفَ لَا تكون هضاباً تسد الطَّرِيق فَقَالَ: إِن الله وكل بهَا ملكا فَمَا يقبل مِنْهُ رفع وَلم يقبل مِنْهُ ترك وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وَالله مَا قبل الله من امرىء حجه إِلَّا رفع حصاه وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عمر أَنه قيل لَهُ: مَا كُنَّا نتراءى فِي الْجَاهِلِيَّة من الْحَصَى والمسلمون الْيَوْم أَكثر إِنَّه لضحضاح فَقَالَ: إِنَّه - وَالله - مَا قبل الله من امرىء حجه إِلَّا رفع حصاه وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: إِنَّمَا الْحَصَى قرْبَان فَمَا يقبل مِنْهُ رفع وَمَا لم يتَقَبَّل مِنْهُ فَهُوَ الَّذِي يبْقى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قُلْنَا: يَا رَسُول الله هَذِه الْأَحْجَار الَّتِي يرْمى بهَا كل سنة فنحسب أَنَّهَا تنقص قَالَ: مَا يقبل مِنْهَا يرفع وَلَوْلَا ذَلِك لرأيتموها مثل الْجبَال وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رمي الْجمار وَمَا لنا فِيهِ فَسَمعته يَقُول: تَجِد ذَلِك عِنْد رَبك أحْوج مَا تكون إِلَيْهِ وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن منى وضيقه فِي غير الْحَج فَقَالَ: إِن منى تتسع بِأَهْلِهَا كَمَا يَتَّسِع الرَّحِم للْوَلَد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل منى كالرحم هِيَ ضيقَة فَإِذا حملت وسعهَا الله وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سميت منى منى لِأَن جِبْرِيل حِين أَرَادَ أَن يُفَارق آدم قَالَ لَهُ: تمن قَالَ: أَتَمَنَّى الْجنَّة فسميت منى لِأَنَّهَا منية آدم وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عمر بن مطرف قَالَ: إِنَّمَا سميت منى لما يمنى بهَا من الدِّمَاء وَأخرج الْحَاكِم وصححهعن عَائِشَة قَالَت قيل: يَا رَسُول الله أَلا نَبْنِي لَك بِنَاء يظللك قَالَ: لَا منى مناخ من سبق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَنحن بمنى: لَو يعلم أهل الْجمع بِمن حلوا لاستبشروا بِالْفَضْلِ بعد الْمَغْفِرَة

وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن نُبَيْشَة الهدبي قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّام التَّشْرِيق أَيَّام أكل وَشرب وَذكر الله وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف فِي منى لَا تَصُومُوا هَذِه الْأَيَّام فَإِنَّهَا أَيَّام أكل وَشرب وَذكر الله تَعَالَى وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة قَالَت نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَوْم أَيَّام التَّشْرِيق وَقَالَ: هِيَ أَيَّام أكل وَشرب وَذكر الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي الشعْثَاء قَالَ: دَخَلنَا على ابْن عمر فِي الْيَوْم الْأَوْسَط من أَيَّام التَّشْرِيق فَأتى بِطَعَام فَتنحّى ابْن لَهُ فَقَالَ: ادن فاطعم قَالَ: إِنِّي صَائِم قَالَ: أما علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذِه أَيَّام طعم وَذكر وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن مَسْعُود بن الحكم الزرقي عَن أمه أَنَّهَا حدثته قَالَت كَأَنِّي أنظر إِلَى عليّ على بغلة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيْضَاء فِي شعب الْأَنْصَار وَهُوَ يَقُول: أَيهَا النَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّهَا لَيست أَيَّام صِيَام إِنَّهَا أَيَّام أكل وَشرب وَذكر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر بن خلدَة الْأنْصَارِيّ عَن أمه قَالَت بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا أَيَّام التَّشْرِيق يُنَادي: إِنَّهَا أَيَّام أكل وَشرب وبعال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن بشر بن شحيم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب أَيَّام التَّشْرِيق فَقَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مسلمة وَإِن هَذِه الْأَيَّام أَيَّام أكل وَشرب وَأخرج مُسلم عَن كَعْب بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه وَأَوْس بن الْحدثَان أَيَّام التَّشْرِيق فَنَادَى: أَنه لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا مُؤمن وَأَيَّام منى أَيَّام أكل وَشرب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّام منى أَيَّام أكل وَشرب وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مرّة مولى أم هانىء أَنه دخل مَعَ عبد الله على أَبِيه عَمْرو بن الْعَاصِ فَقرب إِلَيْهِمَا ظعاما فَقَالَ: كل فَقَالَ: إِنِّي صَائِم قَالَ عَمْرو: كل فَهَذِهِ الْأَيَّام الَّتِي كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنَا بإفطارها وينهانا عَن صيامها قَالَ مَالك: وَهن أَيَّام التَّشْرِيق

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن صِيَام سِتَّة أَيَّام من السّنة: يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى وَأَيَّام التَّشْرِيق وَالْيَوْم الَّذِي يشك فِيهِ من رَمَضَان وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الله بن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن صِيَام أَيَّام التَّشْرِيق وَقَالَ: إِنَّهَا أَيَّام أكل وَشرب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن قَتَادَة أَنه سُئِلَ عَن أَيَّام التَّشْرِيق لأي شَيْء سميت التَّشْرِيق فَقَالَ: كَانُوا يشرقون لُحُوم ضحاياهم وبدنهم يشرقون القديد أما قَوْله تَعَالَى: {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ} الْآيَة أخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: فِي تَعْجِيله {وَمن تَأَخّر فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} فِي تَأْخِيره وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: فَلَا ذَنْب عَلَيْهِ {وَمن تَأَخّر فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: فَلَا حرج عَلَيْهِ لمن اتَّقى يَقُول: اتَّقى معاصي الله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: أحلَّ النَّفر فِي يَوْمَيْنِ لمن اتَّقى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: من غَابَتْ لَهُ الشَّمْس فِي الْيَوْم الَّذِي قَالَ الله فِيهِ {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} وَهُوَ منى فَلَا ينفرن حَتَّى يرْمى الْجمار من الْغَد وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لمن اتَّقى} قَالَ: لمن اتَّقى الصَّيْد وَهُوَ محرم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: هِيَ فِي مصحف عبد الله (لمن اتَّقى الله) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وصحه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن يعمر الديلمي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَهُوَ وَاقِف بِعَرَفَة وَأَتَاهُ أنَاس من أهل مَكَّة فَقَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ الْحَج فَقَالَ: الْحَج عَرَفَات الْحَج عَرَفَات فَمن أدْرك لَيْلَة جمع قبل أَن يطلع الْفجْر فقد أدْرك

أَيَّام منى ثَلَاثَة أَيَّام {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ وَمن تَأَخّر فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} ثمَّ أرْدف رجلا خَلفه يُنَادي بِهن وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ فِي قَوْله {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: غفر لَهُ {وَمن تَأَخّر فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: غفر لَهُ وَأخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: مغْفُور لَهُ {وَمن تَأَخّر فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: مغْفُور لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: من تعجل فِي يَوْمَيْنِ غفر لَهُ وَمن تَأَخّر إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام غفر لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: رَجَعَ مغفوراً لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: رخص الله أَن ينفروا فِي يَوْمَيْنِ مِنْهَا إِن شاؤوا وَمن تَأَخّر إِلَى الْيَوْم الثَّالِث فَلَا إِثْم عَلَيْهِ لمن اتَّقى قَالَ قَتَادَة: يرَوْنَ أَنَّهَا مغفورة لَهُ وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: إِلَى قَابل {وَمن تَأَخّر فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: إِلَى قَابل وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: لَا وَالَّذِي نفس الضَّحَّاك بِيَدِهِ إِن نزلت هَذِه الْآيَة {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} فِي الإِقامة والظعن وَلكنه برىء من الذُّنُوب وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: خرج من الإِثم كُله {وَمن تَأَخّر فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: برىء من الإِثم كُله وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لمن اتَّقى} قَالَ: لمن اتَّقى فِي حجه قَالَ قَتَادَة: وَذكر لنا أَن ابْن مَسْعُود كَانَ يَقُول: من اتَّقى فِي حجه غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح قَالَ: كَانَت امْرَأَة من الْمُهَاجِرَات تحج فَإِذا رجعت مرت على عمر فَيَقُول لَهَا: أتقيت فَتَقول: نعم فَيَقُول لَهَا: استأنفي الْعَمَل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد أَن عمرا قَالَ لقوم حجاج: أنهزكم إِلَيْهِ غَيره قَالُوا: لَا قَالَ: أتقيتم قَالُوا: نعم قَالَ: أما لَا فاستأنفوا الْعَمَل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: قد غفر لَهُ إِنَّهُم يتأولونها على غير تَأْوِيلهَا إِن الْعمرَة لتكفر مَا مَعهَا من الذنروب فَكيف بِالْحَجِّ وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُعَاوِيَة بن مرّة الْمُزنِيّ {فَلَا إِثْم عَلَيْهِ} قَالَ: خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِنَّمَا جعل الله هَذِه الْمَنَاسِك ليكفر بهَا خَطَايَا بني آدم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي العالي فِي قَوْله {فَلَا إِثْم عَلَيْهِ لمن اتَّقى} قَالَ: ذهب إثمه كُله إِن اتَّقى فِيمَا بَقِي من عمره وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحسن أَنه قيل لَهُ: النَّاس يَقُولُونَ: إِن الْحَاج مغْفُور لَهُ قَالَ: إِنَّه ذَلِك أَن يدع سيء مَا كَانَ عَلَيْهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن خَيْثَمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: إِذا قضيت حجك فسل الله الْجنَّة فَلَعَلَّهُ وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ يُقَال: صافحوا الْحجَّاج قبل أَن يتلطخوا بِالذنُوبِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: تلقوا الْحجَّاج والعمار والغزاة فَلْيَدعُوا لكم قبل أَن يتدنسوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ: كُنَّا نَلْتَقِي الْحجَّاج فنصافحهم قبل أَن يقارفوا وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن الْحسن أَنه قيل لَهُ مَا الْحَج المبرور قَالَ: أَن يرجع زاهداً فِي الدُّنْيَا رَاغِبًا فِي الْآخِرَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا قضى أحدكُم حجه فليعجل الرحلة إِلَى أَهله فَإِنَّهُ أعظم لأجره وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قفل من غَزْوَة أَو حج أَو عمْرَة يكبر على كل شرف من الأَرْض ثَلَاث

تَكْبِيرَات ثمَّ يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير آيبون تائبون عَابِدُونَ ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده وَنصر عَبده وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده وَأخرج ابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من حج وَلم يزرني فقد جفاني وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عدي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حج فزار قَبْرِي بعد وفاتي كَانَ كم زارني فِي حَياتِي وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَابْن عدي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من زار قَبْرِي وَجَبت لَهُ شَفَاعَتِي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جَاءَنِي زَائِرًا لم تنزعه حَاجَة إِلَّا زيارتي كَانَ حَقًا عَليّ أَن أكون لَهُ شَفِيعًا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عمر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من زار قَبْرِي كنت لَهُ شَفِيعًا أَو شَهِيدا وَمن مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ بَعثه الله فِي الْآمنينَ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حَاطِب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من زارني بعد موتِي فَكَأَنَّمَا زارني فِي حَياتِي وَمن مَاتَ بِأحد الْحَرَمَيْنِ بعث من الْآمنينَ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن رجل من آل الْخطاب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من زارني مُتَعَمدا كَانَ فِي جواري يَوْم الْقِيَامَة وَمن سكن الْمَدِينَة وصبر على بلائها كنت لَهُ شَهِيدا وشفيعاً يَوْم الْقِيَامَة وَمن مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ بَعثه الله من الْآمنينَ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من زارني بِالْمَدِينَةِ محتسباً كنت لَهُ شَهِيدا وشفيعاً يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من عبد يسلم عليّ عِنْد قَبْرِي إِلَّا وكل الله بِهِ ملكا يبلغنِي وَكفى أَمر آخرته ودنياه وَكنت لَهُ شَهِيدا وشفيعاً يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم يسلم عليّ إِلَّا ردّ الله عليّ روحي حَتَّى أردّ عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَأْتِي الْقَبْر فَيسلم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يمس الْقَبْر ثمَّ يسلم على أبي بكر ثمَّ على عمر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: رَأَيْت جَابِرا وَهُوَ يبكي عِنْد قبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول: هَهُنَا تسكب العبرات سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا بَين قَبْرِي ومنبري رَوْضَة من رياض الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن منيب بن عبد الله بن أبي أُمَامَة قَالَ: رَأَيْت أنس بن مَالك أَتَى قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوقف فَرفع يَدَيْهِ حَتَّى ظَنَنْت أَنه افْتتح الصَّلَاة فَسلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ انْصَرف وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُلَيْمَان بن سحيم قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم قلت: يَا رَسُول الله هَؤُلَاءِ الَّذين يأتونك فيسلّمون عَلَيْك أتفقه سلامهم قَالَ: نعم وأرد عَلَيْهِم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حَاتِم بن مَرْوَان قَالَ: كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يُوَجه بالبريد قَاصِدا إِلَى الْمَدِينَة ليقرىء عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّلَام وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي فديك قَالَ: سَمِعت بعض من أدْركْت يَقُول: بلغنَا أَنه من وقف عِنْد قبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتلا هَذِه الْآيَة (إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا) (الْأَحْزَاب الْآيَة 56) صلى الله عَلَيْك يَا مُحَمَّد حَتَّى يَقُولهَا سبعين مرّة فَأَجَابَهُ ملك: صلى الله عَلَيْك يَا فلَان لم تسْقط لَك حَاجَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي حَرْب الْهِلَالِي قَالَ: حج أَعْرَابِي إِلَى بَاب مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَاخَ رَاحِلَته فعقلها ثمَّ دخل الْمَسْجِد حَتَّى أَتَى الْقَبْر ووقف بحذاء وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله جئْتُك مُثقلًا بِالذنُوبِ والخطايا مستشفعاً بك على رَبك لِأَنَّهُ قَالَ فِي مُحكم تَنْزِيله (وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لَهُم الرَّسُول لوجدوا الله تَوَّابًا رحِيما) (النِّسَاء الْآيَة 64)

وَقد جئْتُك بِأبي أَنْت وَأمي مُثقلًا بِالذنُوبِ والخطايا استشفع بك على رَبك أَن يغْفر لي ذُنُوبِي وَأَن تشفع فيَّ ثمَّ أقبل فِي عرض النَّاس وَهُوَ يَقُول: يَا خير من دفنت فِي الترب أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم نَفسِي الْفِدَاء لقبر أَنْت ساكنه فِيهِ العفاف وَفِيه الْجُود وَالْكَرم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَقُول للْحَاج إِذا قدم: تقبل نسكك وَأعظم أجرك وأخلف نَفَقَتك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قدم أحدكُم على أَهله من سفر فليهد لأَهله فليطرفهم وَلَو كَانَ حِجَارَة

204

قَوْله تَعَالَى: وَمن النَّاس من يُعْجِبك قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَيشْهد الله على مَا فِي قلبه وَهُوَ أَلد الْخِصَام أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أُصِيبَت السّريَّة الَّتِي فِيهَا عَاصِم ومرثد قَالَ رجال من الْمُنَافِقين: يَا وَيْح هَؤُلَاءِ المقتولين الَّذين هَلَكُوا هَكَذَا لَا هم قعدوا فِي أهلهم وَلَا هم أَدّوا رِسَالَة صَاحبهمْ فَأنْزل الله {وَمن النَّاس من يُعْجِبك قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} أَي لما يظْهر من الإِسلام بِلِسَانِهِ {وَيشْهد الله على مَا فِي قلبه} أَنه مُخَالف لما يَقُوله بِلِسَانِهِ {وَهُوَ أَلد الْخِصَام} أَي ذُو جِدَال إِذا كلمك راجعك (وَإِذا تولى) خرج من عنْدك (سعى فِي الأَرْض ليفسد فِيهَا وَيهْلك الْحَرْث والنسل وَالله لَا يحب الْفساد) (الْبَقَرَة الْآيَة 205) أَي لَا يحب عمله وَلَا يرضى بِهِ (وَمن النَّاس من يشري نَفسه ) (الْبَقَرَة الْآيَة 207) الْآيَة الَّذين شروا أنفسهم من الله بِالْجِهَادِ فِي سَبيله وَالْقِيَام بِحقِّهِ حَتَّى هَلَكُوا فِي ذَلِك يَعْنِي بِهَذِهِ السّريَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي إِسْحَق قَالَ: كَانَ الَّذين اجلبوا على خبيب فِي قَتله نفر من قُرَيْش عِكْرِمَة بن أبي جهل وَسَعِيد بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود والأخنس بن شريق الثَّقَفِيّ حَلِيف بني زهرَة وَعبيدَة بن حَكِيم بن أُميَّة بن عبد شمس وَأُميَّة ابْن أبي عتبَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يُعْجِبك} الْآيَة قَالَ نزلت فِي الْأَخْنَس بن شريق الثَّقَفِيّ حَلِيف لبني زهرَة أقبل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَقَالَ: جِئْت أُرِيد الإِسلام وَيعلم الله أَنِّي لصَادِق فأعجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك مِنْهُ فَذَلِك قَوْله {وَيشْهد الله على مَا فِي قلبه} ثمَّ خرج من عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمر بزرع لقوم من الْمُسلمين وحمر فَأحرق الزَّرْع وعقر الْحمر فَأنْزل الله (وَإِذا تولى سعى فِي الأَرْض) (الْبَقَرَة 205) الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: كنت جَالِسا بِمَكَّة فسألوني عَن هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يُعْجِبك قَوْله} قلت: هُوَ الْأَخْنَس بن شريق ومعنا فَتى من وَلَده فَلَمَّا قُمْت اتبعني فَقَالَ: إِن الْقُرْآن إِنَّمَا نزل فِي أهل مَكَّة فَإِن رَأَيْت أَن لَا تسمي أحدا حَتَّى تخرج مِنْهَا فافعل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي سعيد المَقْبُري أَنه ذَاكر مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فَقَالَ: إِن فِي بعض كتب الله: إِن لله عباداً ألسنتهم أحلى من الْعَسَل وَقُلُوبهمْ أمرّ من الصَّبْر لبسوا لِبَاس مسوك الضَّأْن من اللين يجترون الدُّنْيَا بِالدّينِ قَالَ الله تَعَالَى: أعلي يجترئون وَبِي يغترون وَعِزَّتِي لَأَبْعَثَن عَلَيْهِم فتْنَة تتْرك الْحَلِيم مِنْهُم حيران فَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: هَذَا فِي كتاب الله {وَمن النَّاس من يُعْجِبك قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} الْآيَة فَقَالَ سعيد: قد عرفت فِيمَن أنزلت فَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب: إِن الْآيَة تنزل فِي الرجل تكون عَامَّة بعد وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: أوحى الله إِلَى نَبِي من الْأَنْبِيَاء: مَا بَال قَوْمك يلبسُونَ جُلُود الضَّأْن ويتشبهون بالرهبان كَلَامهم أحلى من الْعَسَل وَقُلُوبهمْ أَمر من الصَّبْر أبي يغترون أم لي يخادعون وَعِزَّتِي لأتركنّ الْعَالم مِنْهُم حيراناً لَيْسَ مني من تكهن أَو تكهن لَهُ أَو سحر أَو سحر لَهُ وَمن آمن بِي فَليَتَوَكَّل عليّ وَمن لم يُؤمن فَليتبعْ غَيْرِي وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب إِن الرب تبَارك وَتَعَالَى قَالَ لعلماء بني إِسْرَائِيل: يفقهُونَ لغير الدّين ويعملون لغير الْعَمَل ويبتغون الدُّنْيَا بِعَمَل الْآخِرَة يلبسُونَ مسوك الضَّأْن ويخفون أنفس الذُّبَاب ويتّقوى القذى من شرابكم ويبتلعون أَمْثَال الْجبَال من الْمَحَارِم ويثقلون الدّين على النَّاس أَمْثَال الْجبَال وَلَا

يعينونهم بِرَفْع الخناصر يبيضون الثِّيَاب ويطيلون الصَّلَاة ينتقصون بذلك مَال الْيَتِيم والأرملة فبعزتي حَلَفت لأضربنكم بفتنة يضل فِيهَا رَأْي ذِي الرَّأْي وَحِكْمَة الْحَكِيم وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ أَلد الْخِصَام} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَهُوَ أَلد الْخِصَام} قَالَ: شَدِيد الْخُصُومَة وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ قَوْله {وَهُوَ أَلد الْخِصَام} قَالَ: الجدل المخاصم فِي الْبَاطِل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول مهلهل: إِن تَحت الْأَحْجَار حزماً وجودا وخصيماً أَلد ذَا مغلاق وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَهُوَ أَلد الْخِصَام} قَالَ: ظَالِم لَا يَسْتَقِيم وَأخرج وَكِيع وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أبْغض الرِّجَال إِلَى الله الألد الْخصم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَربع من كن فِيهِ كَانَ منافقاً خَالِصا وَمن كَانَت فِيهِ خصْلَة مِنْهُنَّ كَانَت فِيهِ خصْلَة من النِّفَاق حَتَّى يَدعهَا إِذا ائْتمن خَان وَإِذا حدث كذب وَإِذا عَاهَدَ غدر وَإِذا خَاصم فجر وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفى بك آثِما أَن لَا تزَال مخاصماً وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: كفى بك آثِما أَن لَا تزَال ممارياً وَكفى بك ظَالِما أَن لَا تزَال مخاصماً وَكفى بك كَاذِبًا أَن لَا تزَال مُحدثا الْأَحَادِيث فِي ذَات الله عز وَجل وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: من كثر كَلَامه كثر كذبه وَمن كثر حلفه كثر إثمه وَمن كثرت خصومته لم يسلم دينه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي قَالَ: مَا خَاصم ورع قطّ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شبْرمَة قَالَ: من بَالغ فِي الْخُصُومَة أَثم وَمن قصر فِيهَا

خصم وَلَا يُطيق الْحق من تألى على من بِهِ دَار الْأَمر وَفضل الصَّبْر التصبر وَمن لزم العفاف هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُلُوك والسوق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْأَحْنَف بن قيس قَالَ: ثَلَاثَة لَا ينتصفون من ثَلَاثَة حَلِيم من أَحمَق وبر من فَاجر [] وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو بن الْعَلَاء قَالَ: مَا تشاتم رجلَانِ قطّ إِلَّا غلب ألأمهما

205

قَوْله تَعَالَى: وَإِذا تولى سعى فِي الأَرْض ليفسد بهَا وَيهْلك الْحَرْث والنسل الله لَا يحب الْفساد أخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَإِذا تولى سعى فِي الأَرْض} قَالَ: عمل فِي الأَرْض {وَيهْلك الْحَرْث} قَالَ: نَبَات الأَرْض {والنسل} نسل كل شَيْء من الْحَيَوَان: النَّاس وَالدَّوَاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَإِذا تولى سعى فِي الأَرْض} قَالَ: يَلِي فِي الأَرْض فَيعْمل فِيهَا بالعدوان وَالظُّلم فَيحْبس الله بذلك الْقطر من السَّمَاء فَهَلَك بِحَبْس الْقطر الْحَرْث والنسل {وَالله لَا يحب الْفساد} ثمَّ قَرَأَ مُجَاهِد (ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر بِمَا كسبت أَيدي النَّاس ) (الرّوم الْآيَة 41) الْآيَة وَأخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَيهْلك الْحَرْث والنسل} قَالَ: الْحَرْث الزَّرْع والنسل نسل كل دَابَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: النَّسْل نسل كل دَابَّة النَّاس أَيْضا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {الْحَرْث والنسل} قَالَ: النَّسْل الطَّائِر وَالدَّوَاب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول:

كهواهم خير الكهول ونسلهم كنسل الْمُلُوك لَا ثبور وَلَا تخزي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة قَالَ: يتخفف الْمحرم إِذا لم يجد نَعْلَيْنِ قيل أشقهما قَالَ: إِن الله لَا يحب الْفساد

206

قَوْله تَعَالَى: وَإِذا قيل لَهُ اتَّقِ الله أَخَذته الْعِزَّة بالإِثم فحسبه جَهَنَّم ولبئس المهاد أخرج وَكِيع وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن من أكبر الذَّنب عِنْد الله أَن يَقُول الرجل لِأَخِيهِ: اتَّقِ الله فَيَقُول: عَلَيْك بِنَفْسِك أَنْت تَأْمُرنِي وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سُفْيَان قَالَ: قَالَ رجل لمَالِك بن مغول: اتَّقِ الله فَقَط فَوضع خَدّه على الأَرْض تواضعاً لله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن أَن رجلا قَالَ لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: اتَّقِ الله فَذهب الرجل فَقَالَ عمر: وَمَا فِينَا خير إِن لم يقل لنا وَمَا فيهم خير إِن لم يقولوها لنا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ولبئس المهاد} قَالَ: بئس مَا مهدوا لأَنْفُسِهِمْ

207

قَوْله تَعَالَى: وَمن النَّاس من يشري نَفسه ابْتِغَاء مرضات الله وَالله رؤوف بالعباد أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن صُهَيْب قَالَ لما أردْت الْهِجْرَة من مَكَّة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت لي قُرَيْش: يَا صُهَيْب قدمت إِلَيْنَا وَلَا مَال لَك وَتخرج أَنْت وَمَالك وَالله لَا يكون ذَلِك أبدا فَقلت لَهُم: أَرَأَيْتُم إِن دفعت لكم مَالِي تخلون عني قَالُوا: نعم فَدفعت إِلَيْهِم مَالِي فَخلوا عني فَخرجت حَتَّى قدمت الْمَدِينَة فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ربح البيع صُهَيْب مرَّتَيْنِ وَأخرج ابْن سعد والحرث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم

وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ أقبل صُهَيْب مُهَاجرا نَحْو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاتبعهُ نفر من قُرَيْش فَنزل عَن رَاحِلَته وانتثل مَا فِي كِنَانَته ثمَّ قَالَ: يَا معشر قُرَيْش قد علمْتُم إِنِّي من أرماكم رجلا وأيم الله لَا تصلونَ إِلَيّ حَتَّى أرمي بِكُل سهم فِي كِنَانَتِي ثمَّ أضْرب بسيفي مَا بَقِي فِي يَدي فِيهِ شَيْء ثمَّ افعلوا مَا شِئْتُم وَإِن شِئْتُم دللتكم على مَالِي وقنيتي بِمَكَّة وخليتم سبيلي قَالُوا: نعم فَلَمَّا قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ربح البيع ربح البيع وَنزلت {وَمن النَّاس من يشري نَفسه ابْتِغَاء مرضات الله وَالله رؤوف بالعباد} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يشري نَفسه} قَالَ: نزلت فِي صُهَيْب بن سِنَان وَأبي ذَر وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يشري نَفسه} الْآيَة قَالَ نزلت فِي صُهَيْب بن سِنَان وَأبي ذَر الْغِفَارِيّ وجندب بن السكن أحد أهل أبي ذَر أما أَبُو ذَر فانفلت مِنْهُم فَقدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَجَعَ مُهَاجرا عرضوا لَهُ وَكَانُوا بمر الظهْرَان فانفلت أَيْضا حَتَّى قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما صُهَيْب فَأَخذه أَهله فَافْتدى مِنْهُم بِمَالِه ثمَّ خرج مُهَاجرا فأدركه قنفذ بن عُمَيْر بن جدعَان فَخرج ممَّا بَقِي من مَاله وخلى سَبيله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن صُهَيْب قَالَ: لما خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة هَمَمْت بِالْخرُوجِ فصدني فتيَان من قُرَيْش ثمَّ خرجت فلحقني مِنْهُم أنَاس بعد مَا سرت ليردوني فَقلت لَهُم: هَل لكم أَن أَعطيتكُم أواقي من ذهب وتخلوا سبيلي فَفَعَلُوا فَقلت: احفروا تَحت أُسْكُفَّة الْبَاب فَإِن تحتهَا الأواقي وَخرجت حَتَّى قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبَاء قبل أَن يتحوّل مِنْهَا فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: يَا أَبَا يحيى ربح البيع ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يشري نَفسه} الْآيَة قَالَ: هم الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار وَأخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: كُنَّا فِي غزَاة فَتقدم رجل فقاتل حَتَّى قتل فَقَالُوا: ألْقى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة فَكتب فِيهِ إِلَى عمر فَكتب عمر: لَيْسَ كَمَا قَالُوا هُوَ من الَّذين قَالَ الله فيهم {وَمن النَّاس من يشري نَفسه ابْتِغَاء مرضات الله}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: حمل هِشَام بن عَامر على الصَّفّ حَتَّى خرقه فَقَالُوا: ألْقى بِيَدِهِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة {وَمن النَّاس من يشري نَفسه ابْتِغَاء مرضات الله} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مدركة بن عَوْف الأحمسي أَنه كَانَ جَالِسا عِنْد عمر فَذكرُوا رجلا شرى نَفسه يَوْم نهاوند فَقَالَ: ذَاك خَالِي زعم النَّاس أَنه ألْقى نَفسه إِلَى التَّهْلُكَة فَقَالَ عمر: كذب أُولَئِكَ بل هُوَ من الَّذين اشْتَروا الْآخِرَة بالدنيا وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يشري نَفسه ابْتِغَاء مرضات الله} قَالَ: نزلت فِي صُهَيْب وَفِي نفر من أَصْحَابه أَخذهم أهل مَكَّة فعذبوهم ليردوهم إِلَى الشّرك بِاللَّه مِنْهُم عمار وَأُميَّة وَسُميَّة وَأَبُو يَاسر وبلال وخباب وعباس مولى حويطب بن عبد الْعُزَّى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن صُهَيْب أَن الْمُشْركين لما أطافوا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَقْبَلُوا على الْغَار وأدبروا قَالَ: واصهيباه وَلَا صُهَيْب لي فَلَمَّا رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخُرُوج بعث أَبَا بكر مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا إِلَى صُهَيْب فَوَجَدَهُ يُصَلِّي فَقَالَ أَبُو بكر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وجدته يُصَلِّي فَكرِهت أَن أقطع عَلَيْهِ صلَاته فَقَالَ: أصبت وخرجا من ليلتهما فَلَمَّا أصبح خرج حَتَّى أَتَى أم رُومَان زَوْجَة أبي بكر فَقَالَت: أَلا أَرَاك هَهُنَا وَقد خرج أَخَوَاك ووضعا لَك شَيْئا من زادهما قَالَ صُهَيْب: فَخرجت حَتَّى دخلت على زَوْجَتي أم عَمْرو فَأخذت سَيفي وجعبتي وقوسي حَتَّى أقدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فأجده وَأَبا بكر جالسين فَلَمَّا رَآنِي أَبُو بكر قَامَ إِلَيّ فبشرني بِالْآيَةِ الَّتِي نزلت فيّ وَأخذ بيَدي فلمته بعض اللائمة فَاعْتَذر وربحني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ربح البيع أَبَا يحيى وَأخرج ابْن أبي خَيْثَمَة وَابْن عَسَاكِر عَن مُصعب بن عبد الله قَالَ هرب صُهَيْب من الرّوم وَمَعَهُ مَال كثير فَنزل بِمَكَّة فعاقد عبد الله بن جدعَان وحالفه وَإِنَّمَا أخذت الرّوم صهيباً بن رضوى فَلَمَّا هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة لحقه صُهَيْب فَقَالَت لَهُ قُرَيْش: لَا تلْحقهُ بأهلك وَمَالك فَدفع إِلَيْهِم مَاله فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ربح البيع وَأنزل الله فِي أمره {وَمن النَّاس من يشري نَفسه ابْتِغَاء مرضات الله} وَأَخُوهُ مَالك بن سِنَان

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت قَاعِدا عِنْد عمر إِذْ جَاءَهُ كتاب: أَن أهل الْكُوفَة قد قَرَأَ مِنْهُم الْقُرْآن كَذَا وَكَذَا فَكبر فَقلت: اخْتلفُوا قَالَ: من أَي شَيْء عرفت قَالَ: قَرَأت {وَمن النَّاس من يُعْجِبك قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} الْآيَتَيْنِ فَإِذا فعلوا ذَلِك لم يصبر صَاحب الْقُرْآن ثمَّ قَرَأت (وَإِذا قيل لَهُ اتَّقِ الله أَخَذته الْعِزَّة بالإِثم فحسبه جَهَنَّم ولبئس المهاد) (الْبَقَرَة الْآيَة 206) {وَمن النَّاس من يشري نَفسه ابْتِغَاء مرضات الله} قَالَ: صدقت وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ وَأخرج الْحَاكِم عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: بَيْنَمَا ابْن عَبَّاس مَعَ عمر وَهُوَ آخذ بِيَدِهِ فَقَالَ عمر: أرى الْقُرْآن قد ظهر فِي النَّاس قلت: مَا أحب ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: لم قلت: لأَنهم مَتى يقرؤوا ينفروا وَمَتى نفروا يَخْتَلِفُوا وَمَتى مَا يَخْتَلِفُوا يضْرب بَعضهم رِقَاب بعض فَقَالَ عمر: إِن كنت لأكتمها النَّاس وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد أَن ابْن عَبَّاس قَرَأَ هَذِه الْآيَة عِنْد عمر بن الْخطاب فَقَالَ: اقتتل الرّجلَانِ فَقَالَ لَهُ عمر: مَاذَا قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أرى هَهُنَا من إِذا أَمر بتقوى الله أَخَذته الْعِزَّة بالإِثم وَأرى من يشري نَفسه ابْتِغَاء مرضاة الله يقوم هَذَا فيأمر هَذَا بتقوى الله فَإِذا لم يقبل مِنْهُ وأخذته الْعِزَّة بالإثم قَالَ لهَذَا: وَأَنا أشري نَفسِي فقاتله فاققتل الرّجلَانِ فَقَالَ عمر: لله دَرك يَا ابْن عَبَّاس وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة إِن عمر بن الْخطاب كَانَ إِذا تَلا هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يُعْجِبك قَوْله} إِلَى قَوْله {وَمن النَّاس من يشري نَفسه} قَالَ: اقتتل الرّجلَانِ وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والخطيب عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة فَقَالَ: اقتتلا وَرب الْكَعْبَة وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن صَالح أبي خَلِيل قَالَ: سمع عمر إنْسَانا يقْرَأ هَذِه الْآيَة {وَإِذا قيل لَهُ اتَّقِ الله} إِلَى قَوْله {وَمن النَّاس من يشري نَفسه ابْتِغَاء مرضات الله} فَاسْتَرْجع فَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون قَامَ الرجل يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر فَقتل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُسلم الَّذِي لَقِي كَافِرًا فَقَالَ لَهُ: قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِذا قلتهَا عصمت مني دمك وَمَالك إِلَّا

بحقهما فَأبى أَن يَقُولهَا فَقَالَ الْمُسلم: وَالله لأشرين نَفسِي لله فَتقدم فقاتل حَتَّى قتل

208

قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ادخُلُوا فِي السّلم كَافَّة وَلَا تتبعوا خطوَات الشَّيْطَان إِنَّه لكم عَدو مُبين فَإِن زللتم من بعد مَا جاءتكم الْبَينَات فاعلموا أَن الله عَزِيز حَكِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ادخُلُوا فِي السّلم كَافَّة} كَذَا قَرَأَهَا بِالنّصب يَعْنِي مؤمني أهل الْكتاب فَإِنَّهُم كَانُوا مَعَ الإِيمان بِاللَّه مستمسكين بِبَعْض أَمر التَّوْرَاة والشرائع الَّتِي أنزلت فيهم يَقُول: ادخُلُوا فِي شرائع دين مُحَمَّد وَلَا تدعوا مِنْهَا شَيْئا وحسبكم بالإِيمان بِالتَّوْرَاةِ وَمَا فِيهَا وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ادخُلُوا فِي السّلم كَافَّة} قَالَ: نزلت فِي ثَعْلَبَة وَعبد الله بن سَلام وَابْن يَامِين وَأسد وَأسيد ابْني كَعْب وَسَعِيد بن عَمْرو وَقيس بن زيد كلهم من يهود قَالُوا: يَا رَسُول الله يَوْم السبت يَوْم كُنَّا نعظمه فَدَعْنَا فلنسبت فِيهِ وَأَن التَّوْرَاة كتاب الله فَدَعْنَا فلنقم بهَا بِاللَّيْلِ فَنزلت وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ادخُلُوا فِي السّلم} قَالَ: يَعْنِي أهل الْكتاب و {كَافَّة} : جَمِيعًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السّلم الطَّاعَة وكافة يَقُول: جَمِيعًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السّلم الإِسلام والزلل ترك الإِسلام وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {فَإِن زللتم من بعد مَا جاءتكم الْبَينَات} قَالَ: فَإِن ضللتم من بعد مَا جَاءَكُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {فاعلموا أَن الله عَزِيز حَكِيم} يَقُول: عَزِيز فِي نقمته إِذا انتقم حَكِيم فِي أمره

210

قَوْله تَعَالَى: هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيهم الله فِي ظلل من الْغَمَام وَالْمَلَائِكَة وَقضي الْأَمر وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يجمع الله الْأَوَّلين والآخرين لميقات يَوْم مَعْلُوم قيَاما شاخصة أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء ينظرُونَ فصل الْقَضَاء وَينزل الله فِي ظلل من الْغَمَام من الْعَرْش إِلَى الْكُرْسِيّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عبد الله بن عَمْرو فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: يهْبط وَبَينه وَبَين خلقه سَبْعُونَ ألف حجاب مِنْهَا النُّور والظلمة وَالْمَاء فيصوّت المَاء فِي تِلْكَ الظلمَة صَوتا تنخلع لَهُ الْقُلُوب وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: يَأْتِي الله يَوْم الْقِيَامَة فِي ظلل من السَّحَاب قد قطعت طاقات وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وابمن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَوْله {فِي ظلل من الْغَمَام} قَالَ: هُوَ غير السَّحَاب وَلم يكن قطّ إِلَّا لبني إِسْرَائِيل فِي تيههم وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي الله فِيهِ يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ الَّذِي جَاءَت فِيهِ الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن جرير والديلمي عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن من الْغَمَام طاقات يَأْتِي الله فِيهَا محفوفاً بِالْمَلَائِكَةِ وَذَلِكَ قَوْله {هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيهم الله فِي ظلل من الْغَمَام} وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب (هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيهم الله وَالْمَلَائِكَة فِي ظلل من الْغَمَام) قَالَ: يَأْتِي الْمَلَائِكَة فِي ظلل من الْغَمَام وَهُوَ كَقَوْلِه (يَوْم تشقق السَّمَاء وَنزل الْمَلَائِكَة تَنْزِيلا) (الْفرْقَان الْآيَة 25) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {فِي ظلل من الْغَمَام} قَالَ: طاقات {وَالْمَلَائِكَة} قَالَ: الْمَلَائِكَة حوله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: يَأْتِيهم الله فِي ظلل من الْغَمَام وتأتهم الْمَلَائِكَة عِنْد الْمَوْت وَأخرج عَن عِكْرِمَة {وَقضي الْأَمر} يَقُول: قَامَت السَّاعَة

211

قَوْله تَعَالَى: سل بني إِسْرَائِيل كم آتَيْنَاهُم من آيَة بَيِّنَة وَمن يُبدل نعْمَة الله من بعد مَا جَاءَتْهُ فَإِن الله شَدِيد الْعقَاب

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {سل بني إِسْرَائِيل} قَالَ: هم الْيَهُود {كم آتَيْنَاهُم من آيَة بَيِّنَة} مَا ذكر الله فِي الْقُرْآن وَمَا لم يذكر {وَمن يُبدل نعْمَة الله} قَالَ: يكفر بهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: آتَاهُم الله آيَات بَيِّنَات عَصا مُوسَى وَيَده وأقطعهم الْبَحْر وَأغْرقَ عدوّهم وهم ينظرُونَ وظلل عَلَيْهِم الْغَمَام وَأنزل عَلَيْهِم الْمَنّ والسلوى {وَمن يُبدل نعْمَة الله} يَقُول: من يكفر بِنِعْمَة الله

212

قَوْله تَعَالَى: زين للَّذين كفرُوا الْحَيَاة الدُّنْيَا ويسخرون من الَّذين آمنُوا وَالَّذين اتَّقوا فَوْقهم يَوْم الْقِيَامَة وَالله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {زين للَّذين كفرُوا الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: الْكفَّار يَبْتَغُونَ الدُّنْيَا ويطلبونها {ويسخرون من الَّذين آمنُوا} فِي طَلَبهمْ الْآخِرَة قَالَ: ابْن جرير لَا أَحْسبهُ إِلَّا عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالُوا: لَو كَانَ مُحَمَّدًا نَبيا لاتبعه سَادَاتنَا وَأَشْرَافنَا وَالله مَا اتبعهُ إِلَّا أهل الْحَاجة مثل ابْن مَسْعُود وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {زين للَّذين كفرُوا الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: هِيَ هَمهمْ وسدمهم وطلبهم ونيتهم {ويسخرون من الَّذين آمنُوا} وَيَقُولُونَ: مَا هم على شَيْء استهزاء وسخرية {وَالَّذين اتَّقوا فَوْقهم يَوْم الْقِيَامَة} هُنَاكُم التَّفَاضُل وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة {وَالَّذين اتَّقوا فَوْقهم} قَالَ: فَوْقهم فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن هَذِه الْآيَة {وَالله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب} فَقَالَ: تَفْسِيرهَا لَيْسَ على الله رَقِيب وَلَا من يحاسبه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {بِغَيْر حِسَاب} قَالَ: لَا يُحَاسب الرب وَأخرج مَيْمُون بن مهْرَان بِغَيْر حِسَاب قَالَ: غدقاً وَأخرج عَن الرّبيع بن أنس بِغَيْر حِسَاب قَالَ: لَا يُخرجهُ بِحِسَاب يخَاف أَن ينقص مَا عِنْده إِن الله لَا ينقص مَا عِنْده

213

قَوْله تَعَالَى: كَانَ النَّاس أمة وَاحِدَة فَبعث الله النَّبِيين مبشرين ومنذرين وَأنزل مَعَهم الْكتاب بِالْحَقِّ ليحكم بَين النَّاس فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ وَمَا اخْتلف فِيهِ إلاَّ الَّذين أوتوه من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَينَات بغيا بَينهم فهدى الله الَّذين آمنُوا لما اخْتلفُوا فِيهِ من الْحق بِإِذْنِهِ وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {كَانَ النَّاس أمة وَاحِدَة} قَالَ: على الإِسلام كلهم وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ بَين آدم ونوح عشرَة قُرُون كلهم على شَرِيعَة من الْحق فَاخْتَلَفُوا فَبعث الله النَّبِيين قَالَ: وَكَذَلِكَ فِي قِرَاءَة عبد الله / كَانَ النَّاس أمة وَاحِدَة فَاخْتَلَفُوا / وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: كَانُوا أمة وَاحِدَة حَيْثُ عرضوا على آدم ففطرهم الله على الإِسلام وأقروا لَهُ بالعبودية فَكَانُوا أمة وَاحِدَة مُسلمين ثمَّ اخْتلفُوا من بعد آدم وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {كَانَ النَّاس أمة وَاحِدَة} قَالَ: آدم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي أَنه كَانَ يقْرؤهَا / كَانَ النَّاس أمة وَاحِدَة فَاخْتَلَفُوا فَبعث الله النَّبِيين / وَإِن الله إِنَّمَا بعث الرُّسُل وَأنزل الْكتاب بعد الِاخْتِلَاف {وَمَا اخْتلف فِيهِ إلاَّ الَّذين أوتوه} يَعْنِي بني إِسْرَائِيل أُوتُوا الْكتاب وَالْعلم {بغياً بَينهم} يَقُول: بغياً على الدُّنْيَا وَطلب ملكهَا وزخرفها أَيهمْ يكون لَهُ الْملك والمهابة فِي النَّاس فبغى بَعضهم على بعض فَضرب بَعضهم رِقَاب بعض {فهدى الله الَّذين آمنُوا} يَقُول: فهداهم الله عِنْد الِاخْتِلَاف أَنهم أَقَامُوا على مَا جَاءَت بِهِ الرُّسُل قبل الِاخْتِلَاف أَقَامُوا على الإِخلاص لله وَحده وعبادته لَا شريك لَهُ وَأقَام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة واعتزلوا الِاخْتِلَاف فَكَانُوا شُهَدَاء على النَّاس يَوْم الْقِيَامَة على قوم نوح وَقوم هود وَقوم صَالح وَقوم شُعَيْب وَآل فِرْعَوْن وَأَن رسلهم بلغتهم وَأَنَّهُمْ كذبُوا رسلهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {كَانَ النَّاس أمة وَاحِدَة} قَالَ: كفَّارًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {فهدى الله الَّذين آمنُوا لما اخْتلفُوا فِيهِ من الْحق بِإِذْنِهِ} قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحن الْأَولونَ وَالْآخرُونَ الأوّلون يَوْم الْقِيَامَة وَأول النَّاس دُخُولا الْجنَّة بيد أَنهم أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا وأوتيناه من بعدهمْ فهدانا الله لما اخْتلفُوا فِيهِ من الْحق فَهَذَا الْيَوْم الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ فهدانا الله فَالنَّاس لنا فِيهِ تبع فغداً للْيَهُود وَبعد غَد لِلنَّصَارَى هُوَ فِي الصَّحِيح بِدُونِ الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: كَانَ بَين آدم ونوح عشرَة أَنْبيَاء وَنشر من آدم النَّاس فَبعث فيهم النَّبِيين مبشرين ومنذرين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنه كَانَ بَين آدم ونوح عشرَة قُرُون كلهم على الْهدى وعَلى شَرِيعَة من الْحق ثمَّ اخْتلفُوا بعد ذَلِك فَبعث الله نوحًا وَكَانَ أول رَسُول أرْسلهُ الله إِلَى الأَرْض وَبعث عِنْد الِاخْتِلَاف من النَّاس وَترك الْحق فَبعث الله رسله وَأنزل كِتَابه يحْتَج بِهِ على خلقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {فهدى الله الَّذين آمنُوا لما اخْتلفُوا فِيهِ من الْحق بِإِذْنِهِ} فَاخْتَلَفُوا فِي يَوْم الْجُمُعَة فَأخذ الْيَهُود يَوْم السبت وَالنَّصَارَى يَوْم الْأَحَد فهدى الله أمة مُحَمَّد بِيَوْم الْجُمُعَة وَاخْتلفُوا فِي الْقبْلَة فاستقبلت النَّصَارَى الْمشرق وَالْيَهُود بَيت الْمُقَدّس وَهدى الله أمة مُحَمَّد للْقبْلَة وَاخْتلفُوا فِي الصَّلَاة فَمنهمْ من يرْكَع وَلَا يسْجد وَمِنْهُم من يسْجد وَلَا يرْكَع وَمِنْهُم من يُصَلِّي وَهُوَ يتَكَلَّم وَمِنْهُم من يُصَلِّي وَهُوَ يمشي فهدى الله أمة مُحَمَّد للحق من ذَلِك وَاخْتلفُوا فِي الصّيام فَمنهمْ من يَصُوم النَّهَار وَمِنْهُم من يَصُوم عَن بعض الطَّعَام فهدى الله أمة مُحَمَّد للحق من ذَلِك وَاخْتلفُوا فِي إِبْرَاهِيم فَقَالَت الْيَهُود: كَانَ يَهُودِيّا وَقَالَت النَّصَارَى: كَانَ نَصْرَانِيّا وَجعله الله حَنِيفا مُسلما فهدى الله أمة مُحَمَّد للحق من ذَلِك وَاخْتلفُوا فِي عِيسَى فَكَذبت بِهِ الْيَهُود وَقَالُوا لأمه بهتاناً عَظِيما وَجَعَلته النَّصَارَى إِلَهًا وَولدا وَجعله الله روحه وكلمته فهدى الله أمة مُحَمَّد للحق من ذَلِك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ قَالَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: {فهدى الله الَّذين آمنُوا لما اخْتلفُوا فِيهِ} يَقُول: اخْتلفُوا عَن الإِسلام وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب / فهدى الله الَّذين آمنُوا لما اخْتلفُوا من الْحق فِيهِ بِإِذْنِهِ ليكونوا شُهَدَاء على النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم / فَكَانَ أَبُو الْعَالِيَة يَقُول: فِي هَذِه الْآيَة يهْدِيهم للمخرج من الشُّبُهَات والضلالات والفتن

214

قَوْله تَعَالَى: أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلما يأتيكم مثل الَّذين خلوا من قبلكُمْ مستهم البأساء وَالضَّرَّاء وزلزاوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَالَّذين آمنُوا مَعَه مَتى نصر الله أَلا إِن نصر الله قريب أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أم حسبتم} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي يَوْم الْأَحْزَاب أصَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ وَأَصْحَابه بلَاء وَحصر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أخبر الله الْمُؤمن أَن الدُّنْيَا دَار بلَاء وَأَنه مبتليهم فِيهَا وَأخْبرهمْ أَنه هَكَذَا فعل بأنبيائه وصفوته اتطيب أنفسهم فَقَالَ {مستهم البأساء وَالضَّرَّاء} فالبأساء الْفِتَن وَالضَّرَّاء السقم {وزلزلوا} بالفتن وأذى النَّاس إيَّاهُم وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن خباب بن الْأَرَت قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول الله أَلا تَسْتَنْصِر لنا أَلا تَدْعُو الله لنا فَقَالَ: إِن من كَانَ قبلكُمْ كَانَ أحدهم يوضع الْمِنْشَار على مفرق رَأسه فيخلص إِلَى قَدَمَيْهِ لَا يصرفهُ ذَلِك عَن دينه وَيُمشط بِأَمْشَاط الْحَدِيد مَا بَين لَحْمه وعظمه لَا يصرفهُ ذَلِك عَن دينه ثمَّ قَالَ: وَالله لَيتِمَّن هَذَا الْأَمر حَتَّى يسير الرَّاكِب من صنعاء إِلَى حَضرمَوْت لَا يخَاف إِلَّا الله وَالذِّئْب على غنمه وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَلما يأتكم مثل الَّذين خلوا} قَالَ: أَصَابَهُم هَذَا يَوْم الْأَحْزَاب حَتَّى قَالَ قَائِلهمْ (مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا) (الْأَحْزَاب الْآيَة 12)

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {مثل الَّذين خلوا} يَقُول: سنَن الَّذين خلوا من قبلكُمْ {مستهم البأساء وَالضَّرَّاء وزلزلوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول} خَيرهمْ وأصبرهم وأعلمهم بِاللَّه {مَتى نصر الله أَلا إِن نصر الله قريب} فَهَذَا هُوَ الْبلَاء والنغص الشَّديد ابتلى الله بِهِ الْأَنْبِيَاء وَالْمُؤمنِينَ قبلكُمْ ليعلم أهل طَاعَته من أهل مَعْصِيَته وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله ليجرب أحدكُم بالبلاء وَهُوَ أعلم بِهِ كَمَا يجرب أحدكُم ذهبه بالنَّار فَمنهمْ من يخرج كالذهب الإِبريز فَذَلِك الَّذِي نجاه الله من السَّيِّئَات وَمِنْهُم من يخرج كالذهب الْأسود فَذَلِك الَّذِي افْتتن

215

قَوْله تَعَالَى: يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفقُونَ قل مَا أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل وَمَا تَفعلُوا من خير فَإِن الله بِهِ عليم أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفقُونَ} الْآيَة قَالَ: يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة لم يكن زَكَاة وَهِي النَّفَقَة ينفقها الرجل على أَهله وَالصَّدَََقَة يتَصَدَّق بهَا فنسختها الزَّكَاة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: سَأَلَ الْمُؤْمِنُونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْن يضعون أَمْوَالهم فَنزلت {يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفقُونَ قل مَا أنفقتم من خير} الْآيَة فَذَلِك النَّفَقَة فِي التطوّع وَالزَّكَاة سوى ذَلِك كُله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن حبَان قَالَ إِن عَمْرو بن الجموح سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَاذَا ننفق من أَمْوَالنَا وَأَيْنَ نضعها فَنزلت {يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفقُونَ} الْآيَة فَهَذَا مَوَاضِع نَفَقَة أَمْوَالكُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن المنذرعن قَتَادَة قَالَ همتهم النَّفَقَة فسألوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {مَا أنفقتم من خير} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفقُونَ} قَالَ: سَأَلُوهُ مَا لَهُم فِي ذَلِك {قل مَا أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين} الْآيَة قَالَ: هَهُنَا يَا

ابْن آدم فضع كدحك وسعيك وَلَا تنفح بهَا وَذَاكَ وَتَدَع ذَوي قرابتك وَذَوي رَحِمك وَأخرج الدَّارمِيّ وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا رَأَيْت قوما كَانُوا خيرا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا سَأَلُوهُ إِلَّا عَن ثَلَاث عشرَة مَسْأَلَة حَتَّى قبض كُلهنَّ فِي الْقُرْآن مِنْهُنَّ (يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر) (الْبَقَرَة الْآيَة 219) و (يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام) (الْبَقَرَة الْآيَة 217) و (يَسْأَلُونَك عَن الْيَتَامَى) (الْبَقَرَة الْآيَة 220) و (يَسْأَلُونَك عَن الْمَحِيض) (الْبَقَرَة الْآيَة 222) و (يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال) (الْأَنْفَال الْآيَة 1) و {يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفقُونَ} مَا كَانُوا يَسْأَلُونَك إِلَّا عَمَّا كَانَ يَنْفَعهُمْ

216

قَوْله تَعَالَى: كتب عَلَيْكُم الْقِتَال وَهُوَ كره لكم وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم وَعَسَى أَن تحبوا شَيْئا وَهُوَ شَرّ لكم وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُؤمنِينَ بِمَكَّة بِالتَّوْحِيدِ وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة وَأَن يكفوا أَيْديهم عَن الْقِتَال فَلَمَّا هَاجر إِلَى الْمَدِينَة نزلت سَائِر الْفَرَائِض وَأذن لَهُم فِي الْقِتَال فَنزلت {كتب عَلَيْكُم الْقِتَال} يَعْنِي فرض عَلَيْكُم وَأذن لَهُم بعد مَا كَانَ نَهَاهُم عَنهُ {وَهُوَ كره لكم} يَعْنِي الْقِتَال وَهُوَ مشقة لكم {وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا} يَعْنِي الْجِهَاد قتال الْمُشْركين {وَهُوَ خير لكم} وَيجْعَل الله عاقبته فتحا وغنيمة وَشَهَادَة {وَعَسَى أَن تحبوا شَيْئا} يَعْنِي الْقعُود عَن الْجِهَاد {وَهُوَ شَرّ لكم} فَيجْعَل الله عاقبته شرا فَلَا تصيبوا ظفراً وَلَا غنيمَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: قلت

لعطاء: مَا تَقول فِي قَوْله {كتب عَلَيْكُم الْقِتَال} أواجب الغزوعلى النَّاس من أجلهَا قَالَ: لَا كتب على أُولَئِكَ حِينَئِذٍ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب فِي الْآيَة قَالَ: الْجِهَاد مَكْتُوب على كل أحد غزا أَو قعد فالقاعد إِن استعين بِهِ أعَان وَإِن استغيث بِهِ أغاث وَإِن استغني عَنهُ قعد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَهُوَ كره لكم} قَالَ نسختها هَذِه الْآيَة (وَقَالُوا سمعنَا وأطعنا) (الْبَقَرَة الْآيَة 285) وَأخرجه ابْن جرير مَوْصُولا عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: عَسى من الله وَاجِب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن عَسى فَإِن عَسى من الله وَاجِب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك قَالَ: كل شَيْء من الْقُرْآن عَسى فَهُوَ وَاجِب إِلَّا حرفين: حرف التَّحْرِيم (عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن) (التَّحْرِيم الْآيَة 5) وَفِي بني إِسْرَائِيل (عَسى ربكُم أَن يَرْحَمكُمْ) (الْإِسْرَاء الْآيَة 8) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: عَسى على نحوين: أَحدهمَا فِي أَمر وَاجِب قَوْله (فَعَسَى أَن يكون من المفلحين) (الْقَصَص الْآيَة 67) وَأما الآخر فَهُوَ أَمر لَيْسَ وَاجِب كُله قَالَ الله {وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم} لَيْسَ كل مَا يكره الْمُؤمن من شَيْء هُوَ خير لَهُ وَلَيْسَ كل مَا أحب هُوَ شَرّ لَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت رَدِيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا ابْن عَبَّاس ارْض عَن الله بِمَا قدر وَإِن كَانَ خلاف هَوَاك فَإِنَّهُ مُثبت فِي كتاب الله قلت: يَا رَسُول الله فَأَيْنَ وَقد قَرَأت الْقُرْآن قَالَ {وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم وَعَسَى أَن تحبوا شَيْئا وَهُوَ شَرّ لكم وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ} وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذَر قَالَ: يَا رَسُول الله أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ: إِيمَان بِاللَّه وَجِهَاد فِي

سَبِيل الله قَالَ: فَأَي الْعتَاقَة أفضل أَنْفسهَا قَالَ: أَفَرَأَيْت إِن لم أجد قَالَ: فَتعين الصَّانِع وتصنع لَا خرق (الْخرق بِضَم الْخَاء وَسُكُون الرَّاء أَو فتح الْخَاء وَالرَّاء وَهُوَ الْحمق أَو سوء التَّصَرُّف أَو مَا لَا يحسن عمله) قَالَ: أَفَرَأَيْت إِن لم أستطع قَالَ: تدع النَّاس من شرك فَإِنَّهَا صَدَقَة تصدق بهَا على نَفسك وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ: الإِيمان بِاللَّه وَرَسُوله قيل: ثمَّ مَاذَا قَالَ: الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قيل: ثمَّ مَاذَا قَالَ: ثمَّ حج مبرور وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الْأَعْمَال الصَّلَاة لوَقْتهَا وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله - وَالله أعلم بِمن يُجَاهد فِي سَبيله - كَمثل الصَّائِم الْقَائِم الخاشع الرَّاكِع الساجد وتكفل الله للمجاهد فِي سَبيله أَن يتوفاه فيدخله الْجنَّة أَو يرجعه سالما بِمَا نَالَ من أجر وغنيمة وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عَلمنِي عملا يعدل الْجِهَاد قَالَ: لَا أَجِدهُ حَتَّى تَسْتَطِيع إِذا خرج الْمُجَاهِد أَن تدخل مَسْجِدا فتقوم وَلَا تفتر وتصوم وَلَا تفطر قَالَ: لَا أَسْتَطِيع ذَاك قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: إِن فرس الْمُجَاهِد ليستن فِي طوله فَيكْتب لَهُ حَسَنَات وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قيل: يَا رَسُول الله أخبرنَا بِمَا يعدل الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ: لَا تستطيعونه قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: مثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله كَمثل الْقَائِم الصَّائِم البائت بآيَات الله لَا يفتر من صِيَام وَصَلَاة حَتَّى يرجع الْمُجَاهِد إِلَى أَهله وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ إِن رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بشعب فِيهِ عُيَيْنَة مَاء عذب فأعجبه طيبه فَقَالَ: لَو أَقمت فِي هَذَا الشّعب واعتزلت النَّاس لن أفعل حَتَّى استأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا تفعل فَإِن مقَام أحدكُم فِي سَبِيل

الله أفضل من صلَاته فِي أَهله سِتِّينَ عَاما أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم ويدخلكم الْجنَّة اغزوا فِي سَبِيل الله من قَاتل فِي سَبِيل الله فوَاق نَاقَة وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ أَتَى رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَي النَّاس أفضل فَقَالَ: مُؤمن مُجَاهِد بِنَفسِهِ وَمَاله فِي سَبِيل الله قَالَ: ثمَّ من قَالَ: مُؤمن فِي شعب من الشعاب يعبد الله ويدع النَّاس من شَره وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلا أخْبركُم بِخَير النَّاس منزلا قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: رجل أَخذ بِرَأْس فرسه فِي سَبِيل الله حَتَّى يَمُوت أَو يقتل أَلا أخْبركُم بِالَّذِي يَلِيهِ قَالُوا: بلَى قَالَ: امْرُؤ معتزل فِي شعب يُقيم الصَّلَاة ويؤتي الزَّكَاة ويعتزل شرور النَّاس أَلا أخْبركُم بشر النَّاس قَالُوا: بلَى قَالَ: الَّذِي يسْأَل بِاللَّه وَلَا يُعْطي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن فضَالة بن عبيد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الإِسلام ثَلَاثَة: سفلى وعليا وغرفة فَأَما السُّفْلى فالإِسلام دخل فِيهِ عَامَّة الْمُسلمين فَلَا تسْأَل أحد مِنْهُم إِلَّا قَالَ: أَنا مُسلم وَأما الْعليا فتفاضل أَعْمَالهم بعض الْمُسلمين أفضل من بعض وَأما الغرفة الْعليا فالجهاد فِي سَبِيل الله لَا ينالها إِلَّا أفضلهم وَأخرج الْبَزَّار عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الإِسلام ثَمَانِيَة أسْهم: الإِسلام سهم وَالصَّلَاة سهم وَالزَّكَاة سهم وَالصَّوْم سهم وَحج الْبَيْت سهم وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ سهم وَالنَّهْي عَن الْمُنكر سهم وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله سهم وَقد خَابَ من لَا سهم لَهُ وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن عَليّ مَرْفُوعا مثله وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ: إِيمَان بِاللَّه وَجِهَاد فِي سَبيله وَحج مبرور فَلَمَّا ولى الرجل قَالَ: وأهون عَلَيْك من ذَلِك إطْعَام الطَّعَام ولين الْكَلَام وَحسن الْخلق فَلَمَّا ولى الرجل قَالَ: وأهون عَلَيْك من ذَلِك لَا تتهم الله على شَيْء قَضَاهُ عَلَيْك وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جاهدوا فِي سَبِيل الله فَإِن الْجِهَاد فِي سَبِيل الله بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة يُنجي الله بِهِ من الْهم وَالْغَم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عَلَيْكُم بِالْجِهَادِ فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة يذهب الله بِهِ الْهم وَالْغَم وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الْجِهَاد فِي سَبِيل الله كَمثل الصَّائِم نَهَاره الْقَائِم ليله حَتَّى يرجع مَتى رَجَعَ وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من مَاتَ وَلم يغز وَلم يحدث نَفسه بالغزو مَاتَ على شُعْبَة من النِّفَاق وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَوْم فِي سَبِيل الله خير من ألف يَوْم فِيمَا سواهُ وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة فَأَتَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِنَّك بعثت هَذِه السّريَّة وَإِن زَوجي خرج فِيهَا وَقد كنت أَصوم بصيامه وأصلي بِصَلَاتِهِ وأتعبد بِعِبَادَتِهِ فدلني على عمل أبلغ بِهِ عمله قَالَ: تصلين فَلَا تقعدين وتصومين فَلَا تفطرين وتذكرين فَلَا تفترين قَالَ: وأطيق ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: وَلَو طوّقت ذَلِك - وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ - مَا بلغت من العشير من عمله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا خرج الْغَازِي فِي سَبِيل الله جعلت ذنُوبه جِسْرًا على بَاب بَيته فَإِذا خلف ذنُوبه كلهَا فَلم يبْق عَلَيْهِ مِنْهَا مثل جنَاح بعوضة وتكفل الله لَهُ بِأَرْبَع بِأَن يخلفه فِيمَا يخلف من أهل وَمَال وَأي ميتَة مَاتَ بهَا أدخلهُ الْجنَّة فَإِن رده سالما بِمَا ناله من أجر أَو غنيمَة وَلَا تغرب الشَّمْس إِلَّا غربت ذنُوبه وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يجمع الله فِي جَوف رجل غباراً فِي سَبِيل الله ودخان جَهَنَّم وَمن اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله حرم الله سَائِر جسده على النَّار وَمن صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله ختم لَهُ بِخَاتم الشُّهَدَاء يعرفهُ بهَا الْأَولونَ وَالْآخرُونَ يَقُولُونَ: فلَان عَلَيْهِ طَابع الشُّهَدَاء وَمن قَاتل فِي سَبِيل الله فوَاق نَاقَة وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من نصل فِي سَبِيل الله فَمَاتَ أَو قتل فَهُوَ شَهِيد أَو رفصه

فرسه أَو بعيره أَو لدغته هَامة أَو مَاتَ على فرَاشه بِأَيّ حتف شَاءَ الله فَإِنَّهُ شَهِيد وَإِن لَهُ الْجنَّة وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هِنْد رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله مثل الصَّائِم الْقَائِم القانت لَا يفتر من صِيَام وَلَا صَلَاة وَلَا صَدَقَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي عبس عبد الرَّحْمَن بن جبر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله حرمهما الله على النَّار وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي بكر الصّديق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله حرمهما الله على النَّار وَأخرج الْبَزَّار عَن عُثْمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله حرم الله عَلَيْهِ النَّار وَأخرج أَحْمد من حَدِيث مَالك بن عبد الله النَّخعِيّ مثله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلا أخْبركُم بِخَير النَّاس منزلَة قَالُوا: بلَى قَالَ: رجل آخذ بعنان فرسه فِي سَبِيل الله حَتَّى يقتل أَو يَمُوت أَلا أخْبركُم بِالَّذِي يَلِيهِ رجل معتزل فِي شعب يُقيم الصَّلَاة ويؤتي الزَّكَاة وَيشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن سعد عَن أم بشر بنت الْبَراء بن معْرور قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أَلا أنبئكم بِخَير النَّاس بعده قَالُوا: بلَى قَالَ: رجل فِي غنمه يُقيم الصَّلَاة ويؤتي الزَّكَاة يعلم حق الله فِي مَاله قد اعتزل شرور النَّاس وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب النَّاس عَام تَبُوك وَهُوَ مضيف ظَهره إِلَى نَخْلَة فَقَالَ: أَلا أخْبركُم بِخَير النَّاس إِن من خير النَّاس رجلا عمل فِي سَبِيل الله على ظهر فرسه أَو على ظهر بعيره أَو على قَدَمَيْهِ حَتَّى يَأْتِيهِ الْمَوْت وَإِن من شَرّ النَّاس رجلا فَاجِرًا جريئاً يقْرَأ كتاب الله وَلَا يرعوي إِلَى شَيْء مِنْهُ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة كلهم ضَامِن على الله رجل خرج غازياً فِي سَبِيل الله فَهُوَ ضَامِن على الله حَتَّى يتوفاه

فيدخله الْجنَّة أَو يردهُ بِمَا نَالَ من أجر أَو غنيمَة وَرجل دخل بَيته بِالسَّلَامِ فَهُوَ ضَامِن على الله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن الخصاصية قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبايعه على الإِسلام فَاشْترط عليّ: تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَتصلي الْخمس وتصوم رَمَضَان وَتُؤَدِّي الزَّكَاة وتحج وتجاهد فِي سَبِيل الله قلت: يَا رَسُول الله أما اثْنَتَانِ فَلَا أطيقهما أما الزَّكَاة فَمَا لي إِلَّا عشر ذودهن رسل أَهلِي وحمولتهم وَأما الْجِهَاد فيزعمون أَن من ولى فقد بَاء بغضب من الله فَأَخَاف إِذا حضرتني قتال كرهت الْمَوْت وخشعت نَفسِي فَقبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده ثمَّ حركها ثمَّ قَالَ: لَا صَدَقَة وَلَا جِهَاد فَبِمَ تدخل الْجنَّة ثمَّ قلت: يَا رَسُول الله أُبَايِعك فبايعني عَلَيْهِنَّ كُلهنَّ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة أعين لَا تمسها النَّار عين فقئت فِي سَبِيل الله وَعين حرست فِي سَبِيل الله وَعين بَكت من خشيَة الله وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي رَيْحَانَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرمت النَّار على عين دَمَعَتْ من خشيَة الله حرمت النَّار على عين سهرت فِي سَبِيل الله وَعين غضت عَن محارم الله وَعين فقئت فِي سَبِيل الله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَظَلَّتْكُم فتن كَقطع اللَّيْل المظلم أنجى النَّاس مِنْهَا صَاحب شاهقة يَأْكُل من رسل غنمه أَو رجل من وَرَاء الدروب آخذ بعنان فرسه يَأْكُل من فَيْء سَيْفه وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله مَضْمُون على الله إِمَّا أَن يلقيه إِلَى مغفرته وَرَحمته وَإِمَّا أَن يرجعه بِأَجْر وغنيمة وَمثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله كَمثل الصَّائِم الْقَائِم الَّذِي لَا يفتر حَتَّى يرجع وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: عينان لَا تمسهما النَّار: عين بَكت من خشيَة الله وَعين باتت تحرس فِي سَبِيل الله وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عينان لَا تمسهما النَّار أبدا عين باتت تكلأ فِي سَبِيل الله وَعين بَكت من خشيَة الله

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مُعَاوِيَة بن حيدة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا ترى أَعينهم النَّار: عين حرست فِي سَبِيل الله وَعين بَكت من خشيَة الله وَعين غضت عَن محارم الله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا أنبئكم بليلة الْقدر حارس حرس فِي أَرض خوف لَعَلَّه أَن لَا يرجع إِلَى أَهله وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل عين باكية يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا عينا غضت عَن محارم الله وعيناً سهرت فِي سَبِيل الله وعيناً خرج مِنْهَا مثل رَأس الذُّبَاب من خشيَة الله وَأخرج ابْن ماجة عَن أنس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: حرس لَيْلَة فِي سَبِيل الله أفضل من صِيَام رجل وقيامه فِي أَهله ألف سنة السّنة ثلثمِائة يَوْم الْيَوْم كألف سنة وَأخرج ابْن ماجة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رَاح رَوْحَة فِي سَبِيل الله كَانَ لَهُ بِمثل مَا أَصَابَهُ من الْغُبَار مسك يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مَكْحُول قَالَ: حَدثنَا بعض الصَّحَابَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَاتل فِي سَبِيل الله فوَاق نَاقَة قتل أَو مَاتَ دخل الْجنَّة وَمن رمى بِسَهْم بلغ العدوّ أَو قصر كَانَ عدل رَقَبَة وَمن شَاب شيبَة فِي سَبِيل الله كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة وَمن كلم كلمة جَاءَت يَوْم الْقِيَامَة رِيحهَا مثل الْمسك ولونها مثل الزَّعْفَرَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أكيدر بن حمام قَالَ: أَخْبرنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: جلسنا يَوْمًا فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا لفتى فِينَا: اذْهَبْ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْأَلْهُ مَا يعدل الْجِهَاد فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا شَيْء ثمَّ أرسلناه الثَّانِيَة فَقَالَ مثلهَا ثمَّ قُلْنَا إِنَّهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث فَإِن قَالَ: لَا شَيْء فَقل: مَا يقرب مِنْهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا شَيْء فَقَالَ: مَا يقرب مِنْهُ يَا رَسُول الله قَالَ: طيب الْكَلَام وادامة الصّيام وَالْحج كل عَام وَلَا يقرب مِنْهُ شَيْء بعد وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن فضَالة بن عبيد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَنا زعيم - والزعيم الْجَمِيل - لمن آمن بِي وَأسلم وجاهد فِي سَبِيل الله بِبَيْت فِي ربض الْجنَّة وَبَيت فِي وسط الْجنَّة وَبَيت فِي أَعلَى غرف الْجنَّة فَمن

فعل ذَلِك لم يدع للخير مطلباً وَلَا من الشَّرّ مهرباً يَمُوت حَيْثُ شَاءَ أَن يَمُوت وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مقَام الرجل فِي الصَّفّ فِي سَبِيل الله أفضل عِنْد الله من عبَادَة الرجل سِتِّينَ سنة وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ: يَا نَبِي الله حَدثنِي بِعَمَل يدخلني الْجنَّة قَالَ: بخ بخ لقد سَأَلت لعَظيم لقد سَأَلت لعَظيم لقد سَأَلت لعَظيم وَأَنه ليسير على من أَرَادَ الله بِهِ الْخَيْر تؤمن بِاللَّه وباليوم الآخر وتقيم الصَّلَاة تؤتي الزَّكَاة وَتعبد الله وَحده لَا تشرك بِهِ شَيْئا حَتَّى تَمُوت وَأَنت على ذَلِك ثمَّ قَالَ: إِن شِئْت يَا معَاذ حدثتك بِرَأْس هَذَا الْأَمر وقوام هَذَا الْأَمر وذروة السنام فَقَالَ معَاذ بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: إِن رَأس هَذَا الْأَمر أَن تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن قوام هَذَا الْأَمر الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَأَن ذرْوَة السنام مِنْهُ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إِنَّمَا أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة ويشهدوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَإِذا فعلوا ذَلِك فقد اعتصموا وعصموا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وحسابهم على الله وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا شجت وَجه وَلَا اغبرت قدم فِي عمل يبتغى بِهِ دَرَجَات الْآخِرَة بعد الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة كجهاد فِي سَبِيل الله وَلَا ثقل ميزَان عبد كدابة ينْفق عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله أَو يحمل عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذرْوَة الإِسلام الْجِهَاد لَا يَنَالهُ إِلَّا أفضلهم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من لم يغز وَلم يُجهز غازياً أَو يخلف غازياً فِي أَهله بِخَير أَصَابَهُ الله بقارعة قبل يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من أهل بَيت لَا يخرج مِنْهُم غاز أَو يجهزون غازياً أَو يخلفونه فِي أَهله إِلَّا أَصَابَهُم الله بقارعة قبل الْمَوْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:

من قَاتل فوَاق نَاقَة فقد وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَمن سَأَلَ الله الْقَتْل من نَفسه صَادِقا ثمَّ مَاتَ أَو قتل فَإِن لَهُ أجر شَهِيد وَمن جرح جرحا فِي سَبِيل الله أَو نكب نكبة فَإِنَّهَا تَجِيء يَوْم الْقِيَامَة كأغزر مَا كَانَت لَوْنهَا لون الزَّعْفَرَان وريحها ريح الْمسك وَمن جرح فِي سَبِيل الله فَإِن عَلَيْهِ طَابع الشُّهَدَاء وَأخرج النَّسَائِيّ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يَحْكِي عَن ربه قَالَ أَيّمَا عبد من عبَادي خرج مُجَاهدًا فِي سَبِيل الله ابْتِغَاء مرضاتي ضمنت لَهُ إِن رجعته أرجعته بِمَا أصَاب من أجر أَو غنيمَة وَإِن قَبضته غفرت لَهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من رجل يغبر وَجهه فِي سَبِيل الله إِلَّا آمنهُ الله دُخان النَّار يَوْم الْقِيَامَة وَمَا من رجل تغبر قدماه فِي سَبِيل الله إِلَّا أَمن الله قَدَمَيْهِ من النَّار وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن ربيع بن زِيَاد بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسير إِذْ هُوَ بِغُلَام من قُرَيْش معتزل عَن الطَّرِيق يسير فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلَيْسَ ذَاك فلَانا قَالُوا: بلَى قَالَ: فَادعوهُ فَدَعوهُ قَالَ: مَا بالك اعتزلت الطَّرِيق قَالَ: يَا رَسُول الله كرهت الْغُبَار قَالَ: فَلَا تعتزله فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إته لذريرة الْجنَّة وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله حرمه الله على النَّار وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أم مَالك البهزية قَالَت ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتْنَة فقر بهَا قلت: من خير النَّاس فِيهَا قَالَ: رجل فِي مَاشِيَة يُؤَدِّي حَقّهَا ويعبد ربه وَرجل أَخذ بِرَأْس فرسه يخيف الْعَدو ويخيفونه وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يلج النَّار رجل بَكَى من خشيَة الله حَتَّى يعود اللَّبن فِي الضَّرع وَلَا يجْتَمع غُبَار فِي سَبِيل الله ودخان جَهَنَّم فِي منخري مُسلم أبدا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ شَيْء أحب إِلَى الله من قطرتين أَو أثرين قَطْرَة دمع من خشيَة الله وقطرة دم تهراق فِي سَبِيل الله وَأما الأثران: فأثر فِي سَبِيل الله وَأثر فِي فَرِيضَة من فَرَائض الله وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل

قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغَزْو غَزوَان فَأَما من ابْتغى بِهِ وَجه الله وأطاع الإِمام وَأنْفق الْكَرِيمَة وياسر الشَّرِيك واجتنب الْفساد فَإِن نَومه ونبهه أجر كُله وَأما من غزا فخراً ورياء وَسُمْعَة وَعصى الإِمام وأفسد فِي الأَرْض فَإِنَّهُ لن يرجع بالكفاف وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من سَرِيَّة تغزو فِي سَبِيل الله فيسلمون ويصيبون الْغَنِيمَة إِلَّا أَن تعجلوا ثُلثي أجرهم فِي الْآخِرَة وَيبقى لَهُم الثُّلُث وَمَا من سَرِيَّة تخفق وتخوّف وتصاب إِلَّا تمّ لَهُم أجرهم وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أَذْنَاب الْبَقر ورضيتم بالزرع وتركتم الْجِهَاد سلط الله عَلَيْكُم ذلاً لَا يَنْزعهُ حَتَّى ترجعوا إِلَى دينكُمْ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسرية أَن تخرج قَالُوا: يَا رَسُول الله أنخرج اللَّيْلَة أم نمكث حَتَّى تصبح قَالَ: أَفلا تحبون أَن تبيتوا هَكَذَا فِي خريف من خراف الْجنَّة والخريف الحديقة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رجف قلب الْمُؤمن فِي سَبِيل الله تحات عَنهُ الْخَطَايَا كَمَا يتحات عذق النَّخْلَة وأخرد الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّة خير من أَرْبَعِينَ غَزْوَة وغزوة خير من أَرْبَعِينَ حجَّة يَقُول: إِذا حج الرجل حجَّة الإِسلام فغزوة خير لَهُ من أَرْبَعِينَ حجَّة وَحجَّة الإِسلام خير من أَرْبَعِينَ غَزْوَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّة لمن لم يحجّ خير من عشر غزوات وغزوة لمن قد حج خير من عشر حجج وغزوة فِي الْبَحْر خير من عشر غزوات فِي الْبر وَمن أجَاز الْبَحْر فَكَأَنَّمَا أجَاز الأودية كلهَا والمائد فِيهِ كالمتشحط فِي دَمه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لحجة أفضل من عشر غزوات ولغزوة أفضل من عشر حجات وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل عَن مَكْحُول قَالَ كثر المستأذنون على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْحَج فِي غَزْوَة تَبُوك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة لمن قد حج أفضل من أَرْبَعِينَ حجَّة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر قَالَ: لسفرة فِي سَبِيل الله أفضل من خمسين حجَّة وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أَبْوَاب الْجنَّة تَحت ظلال السيوف وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله: الْمُجَاهِد فِي سبيلي هُوَ عَليّ ضَامِن إِن قَبضته أورثته الْجنَّة وَإِن رجعته رجعته بِأَجْر أَو غنيمَة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن جبل عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من جَاهد فِي سَبِيل الله كَانَ ضَامِنا على الله وَمن عَاد مَرِيضا كَانَ ضَامِنا على الله وَمن غَدا إِلَى مَسْجِد أَو رَاح كَانَ ضَامِنا على الله وَمن دخل على إِمَام بغزوة كَانَ ضَامِنا على الله وَمن جلس فِي بَيته لم يغتب إنْسَانا كَانَ ضَامِنا على الله وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الله بن حبشِي الْخَثْعَمِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ: إِيمَان لَا شكّ فِيهِ وَجِهَاد لَا غلُول فِيهِ وَحجَّة مبرورة قيل: فَأَي الصَّدَقَة أفضل قَالَ: جهد الْمقل قيل: فَأَي الْهِجْرَة أفضل قَالَ: من هجر مَا حرم الله قيل: فَأَي الْجِهَاد أفضل قَالَ: من جَاهد الْمُشْركين بِنَفسِهِ وَمَاله قيل: فَأَي الْقَتْل أشرف قَالَ: من أهرق دَمه وعقر جَوَاده وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أنْفق زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل الله نُودي من أَبْوَاب الْجنَّة يَا عبد الله هَذَا خير فَمن كَانَ من أهل الصَّلَاة دعِي من بَاب الصَّلَاة وَمن كَانَ من أهل الْجِهَاد دعِي من أَبْوَاب الْجِهَاد وَمن كَانَ من أهل الصَّدَقَة دعِي من بَاب الصَّدَقَة فَقَالَ أَبُو بكر: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله مَا عَليّ من دعِي من تِلْكَ الْأَبْوَاب من ضَرُورَة فَهَل يدعى أحد من تِلْكَ الْأَبْوَاب كلهَا قَالَ: نعم وَأَرْجُو أَن تكون مِنْهُم وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تضمن الله لمن خرج فِي سَبيله لَا يُخرجهُ إِلَّا جِهَاد فِي سبيلي وإيمان بِي وتصديق برسلي فَهُوَ ضَامِن أَن

أدخلته الْجنَّة أَو أرجعه إِلَى منزله الَّذِي خرج مِنْهُ نائلاً مَا نَالَ من أجر أَو غنيمَة وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا كلم بكلم فِي سَبِيل الله إِلَّا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة كَهَيْئَته يَوْم كلم لَونه لون دم وريحه ريح مسك وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَوْلَا أَن أشق على الْمُسلمين مَا قعدت خلف سَرِيَّة تغزو فِي سَبِيل الله أبدا وَلَكِن لأجد مَا أحملهم عَلَيْهِ وَلَا يَجدونَ مَا يتحملون عَلَيْهِ فَيخْرجُونَ ويشق عَلَيْهِم أَن يتخلفوا بعدِي وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَوَدِدْت أَنِّي أغزو فِي سَبِيل الله فَاقْتُلْ ثمَّ أَحْيَا فَاقْتُلْ ثمَّ أَحْيَا فَاقْتُلْ وَأخرج ابْن سعد عَن سُهَيْل بن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مقَام أحدكُم فِي سَبِيل الله سَاعَة خير من عمله عمره فِي أَهله وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَرِيَّة من سراياه فَمر جلّ بِغَار فِيهِ شَيْء من مَاء فَحدث نَفسه بِأَن يُقيم فِي ذَلِك المَاء فيتقوّت مِمَّا كَانَ فِيهِ من مَاء ويصيب مِمَّا حوله من البقل ويتخلى من الدُّنْيَا فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي لم أبْعث باليهودية وَلَا بالنصرانية وَلَكِنِّي بعثت بالحنيفية السمحة وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لغدوة أَو رَوْحَة فِي سَبِيل الله خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ولمقام أحدكُم فِي الصَّفّ خير من صلَاته سِتِّينَ سنة وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: إِيمَان بِاللَّه وتصديق وَجِهَاد فِي سَبيله وَحج مبرور قَالَ الرجل: أكثرت يَا رَسُول الله فَقَالَ: فلين الْكَلَام وبذل الطَّعَام وسماح وَحسن الْخلق قَالَ الرجل: أُرِيد كلمة وَاحِدَة قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَلَا تتهم الله على نَفسك وَأخرج أَحْمد عَن الشِّفَاء بنت عبد الله وَكَانَت من الْمُهَاجِرَات أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن أفضل الإِيمان فَقَالَ: إِيمَان بِاللَّه وَجِهَاد فِي سَبِيل الله وَحج مبرور وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن الْحسن قَالَ: بني الإِسلام على عشرَة أَرْكَان: الاخلاص لله وَهِي الْفطْرَة وَالصَّلَاة وَهِي الْملَّة وَالزَّكَاة والطهرة وَالصِّيَام وَهُوَ الْجنَّة وَالْحج وَهُوَ الشَّرِيعَة وَالْجهَاد وَهُوَ الْعِزَّة وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ الْحجَّة وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَهُوَ الواقية وَالطَّاعَة وَهِي الْعِصْمَة وَالْجَمَاعَة وَهِي الألفة وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو بن عبسة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَاتل فِي سَبِيل الله فوَاق نَاقَة حرم الله وَجهه على النَّار

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الْمُنْذر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جَاهد فِي سَبِيل الله وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا خالط قلب امرىء رهج فِي سَبِيل الله إِلَّا حرم الله عَلَيْهِ النَّار وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لَقِي الله بِغَيْر أثر من جِهَاد لقِيه وَفِيه ثلمة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ترك قوم الْجِهَاد إِلَّا عمهم الله بِالْعَذَابِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا ضن النَّاس بالدينار وَالدِّرْهَم وابتغوا أَذْنَاب الْبَقر وَتركُوا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وتبايعوا بِالْعينِ أنزل الله عَلَيْهِم الْبلَاء فَلَا يرفعهُ حَتَّى يراجعوا دينهم وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لغدوة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الروحة والغدوة فِي سَبِيل الله أفضل من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غدْوَة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس وغربت وَأخرج الْبَزَّار عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: غدْوَة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ غدْوَة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأخرج أَحْمد من حَدِيث مُعَاوِيَة بن جريج مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن اسحق بن رَافع قَالَ: بَلغنِي عَن الْمِقْدَاد أَن الْغَازِي إِذا خرج من بَيته عدد مَا خلف وَرَاءه من أهل الْقبْلَة وَأهل الذِّمَّة والبهائم يجْرِي عَلَيْهِ بِعَدَد كل وَاحِد مِنْهُم قِيرَاط قِيرَاط كل لَيْلَة مثل الْجَبَل أَو قَالَ: مثل أحد وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحِين قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النِّسَاء مَا على الرِّجَال إِلَّا الْجُمُعَة والجنائز وَالْجهَاد

217

قَوْله تَعَالَى: يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ قل قتال فِيهِ كَبِير وَصد عَن سَبِيل الله وَكفر بِهِ وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَإِخْرَاج أَهله مِنْهُ أكبر عِنْد الله والفتنة أَشد من الْقَتْل وَلَا يزالون يقاتلونكم حَتَّى يردكم عَن دينكُمْ إِن اسْتَطَاعُوا وَمن يرتدد مِنْكُم عَن دينه فيمت وَهُوَ كَافِر فَأُولَئِك حبطت أَعْمَالهم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار هم فِيهَا خَالدُونَ إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هَاجرُوا وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله أُولَئِكَ يرجون رَحْمَة الله وَالله غَفُور رَحِيم أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه بِسَنَد صَحِيح عَن جُنْدُب بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه بعث رهطاً وَبعث عَلَيْهِم أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح أَو عُبَيْدَة بن الْحَرْث فَلَمَّا ذهب لينطلق بَكَى صبَابَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَلَسَ وَبعث مَكَانَهُ عبد الله بن جحش وَكتب لَهُ كتابا وَأمره أَن لَا يقْرَأ الْكتاب حَتَّى يبلغ مَكَان كَذَا وَكَذَا وَقَالَ: لَا تكرهن أحدا على السّير مَعَك من أَصْحَابك فَلَمَّا قَرَأَ الْكتاب اسْترْجع وَقَالَ: سمعا وَطَاعَة لله وَلِرَسُولِهِ فَخَبرهُمْ الْخَبَر وَقَرَأَ عَلَيْهِم الْكتاب فَرجع رجلَانِ وَمضى بَقِيَّتهمْ فَلَقوا ابْن الْحَضْرَمِيّ فَقَتَلُوهُ وَلم يدروا أَن ذَلِك الْيَوْم من رَجَب أَو جُمَادَى فَقَالَ الْمُشْركُونَ للْمُسلمين: قتلتم فِي الشَّهْر الْحَرَام فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} الْآيَة فَقَالَ بَعضهم إِن لم يَكُونُوا أَصَابُوا وزراً فَلَيْسَ لَهُم أجر فَأنْزل الله {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هَاجرُوا وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله أُولَئِكَ يرجون رَحْمَة الله وَالله غَفُور رَحِيم} وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن فلَان فِي سَرِيَّة فَلَقوا عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ بِبَطن نَخْلَة فَذكر الحَدِيث وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الْمُشْركين صدوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وردوه عَن الْمَسْجِد الْحَرَام فِي شهر حرَام فَفتح الله على نبيه فِي شهر حرَام

من الْعَام الْمقبل فعاب الْمُشْركُونَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقِتَال فِي شهر حرَام فَقَالَ الله {قل قتال فِيهِ كَبِير وَصد عَن سَبِيل الله وَكفر بِهِ وَالْمَسْجِد الْحَرَام وَإِخْرَاج أَهله مِنْهُ أكبر عِنْد الله} من الْقِتَال فِيهِ وَأَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة فَلَقوا عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ وَهُوَ مقبل من الطَّائِف فِي آخر لَيْلَة من جُمَادَى وَأول لَيْلَة من رَجَب وَأَن أَصْحَاب مُحَمَّد كَانُوا يظنون أَن تِلْكَ اللَّيْلَة من جُمَادَى وَكَانَت أول رَجَب وَلم يشعروا فَقتله رجل مِنْهُم وَأخذُوا مَا كَانَ مَعَه وَأَن الْمُشْركين أرْسلُوا يُعَيِّرُونَهُ بذلك فَقَالَ الله {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ قل قتال فِيهِ كَبِير} وَغَيره أكبر مِنْهُ {وَصد عَن سَبِيل الله وَكفر بِهِ وَالْمَسْجِد الْحَرَام} وَإِخْرَاج أهل الْمَسْجِد الْحَرَام مِنْهُ أكبر من الَّذِي أصَاب أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والشرك أَشد مِنْهُ وَأخرج ابْن إِسْحَق حَدثنِي الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزل فِيمَا كَانَ من مصاب عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن مَنْدَه وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث صَفْوَان بن بَيْضَاء فِي سَرِيَّة عبد الله بن جحش قبل الْأَبْوَاء فغنموا وَفِيهِمْ نزلت {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق السّديّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة وَكَانُوا سَبْعَة نفر عَلَيْهِم عبد الله بن جحش الْأَسدي وَفِيهِمْ عمار بن يَاسر وَأَبُو حُذَيْفَة بن عتبَة بن ربيعَة وَسعد بن أبي وَقاص وَعتبَة بن غَزوَان السّلمِيّ حَلِيف لبني نَوْفَل أَو سُهَيْل بن بَيْضَاء وعامر بن فهَيْرَة وواقد بن عبد الله الْيَرْبُوعي حَلِيف لعمر بن الْخطاب وَكتب مَعَ ابْن جحش كتابا أمره أَن لَا يقرأه حَتَّى ينزل ملل فَلَمَّا نزل بِبَطن ملل فتح الْكتاب فَإِذا فِيهِ أَن سر حَتَّى تنزل بطن نَخْلَة قَالَ لأَصْحَابه: من كَانَ يُرِيد الْمَوْت فليمض وليوص فَإِنِّي موص وماض لأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَار وتخلف عَنهُ سعد بن أبي وَقاص وَعتبَة بن غَزوَان أضلا رَاحِلَة لَهما وَسَار ابْن جحش إِلَى بطن نَخْلَة فَإِذا هم بالحكم بن كيسَان وَعبد الله بن الْمُغيرَة بن عُثْمَان وَعَمْرو الْحَضْرَمِيّ فَاقْتَتلُوا فأسروا الحكم بن كيسَان وَعبد الله بن الْمُغيرَة وانقلب الْمُغيرَة وَقتل عَمْرو الْحَضْرَمِيّ قَتله وَاقد بن عبد الله فَكَانَت أول غنيمَة غنمها

أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رجعُوا إِلَى الْمَدِينَة بالأسيرين وَمَا غنموا من الْأَمْوَال قَالَ الْمُشْركُونَ: مُحَمَّد يزْعم أَنه يتبع طَاعَة الله وَهُوَ أول من اسْتحلَّ الشَّهْر الْحَرَام فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ قل قتال فِيهِ كَبِير} لَا يحل وَمَا صَنَعْتُم أَنْتُم يَا معشر الْمُشْركين أكبر من الْقَتْل فِي الشَّهْر الْحَرَام حِين كَفرْتُمْ بِاللَّه وصددتم عَنهُ مُحَمَّدًا {والفتنة} وَهِي الشّرك أعظم عِنْد الله من الْقَتْل فِي الشَّهْر الْحَرَام فَذَلِك قَوْله {وَصد عَن سَبِيل الله وَكفر بِهِ} الْآيَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ أَن رجلا من بني تَمِيم أرْسلهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَرِيَّة فَمر بِابْن الْحَضْرَمِيّ يحمل خمرًا من الطَّائِف إِلَى مَكَّة فَرَمَاهُ بِسَهْم فَقتله وَكَانَ بَين قُرَيْش وَمُحَمّد فَقتله فِي آخر يَوْم من جُمَادَى الْآخِرَة وَأول يَوْم من رَجَب فَقَالَت قُرَيْش: فِي الشَّهْر الْحَرَام وَلنَا عهد فَأنْزل الله {قل قتال فِيهِ كَبِير} الْآيَة يَقُول: كفر بِهِ وَعبادَة الْأَوْثَان أكبر من قتل ابْن الْحَضْرَمِيّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي مَالك الْغِفَارِيّ قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن جحش فلقي نَاسا من الْمُشْركين بِبَطن نَخْلَة والمسلمون يحسبون أَنه آخر يَوْم من جُمَادَى وَهُوَ أول يَوْم من رَجَب فَقتل الْمُسلمُونَ ابْن الْحَضْرَمِيّ فَقَالَ الْمُشْركُونَ: ألستم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ تحرمون الشَّهْر الْحَرَام والبلد الْحَرَام وَقد قتلتم فِي الشَّهْر الْحَرَام فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} إِلَى قَوْله {أكبر عِنْد الله} من الَّذِي استكبرتم من قتل ابْن الْحَضْرَمِيّ {والفتنة} الَّتِي أَنْتُم عَلَيْهَا مقيمون يَعْنِي الشّرك {أكبر من الْقَتْل} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة من الْمُسلمين وَأمر عَلَيْهِم عبد الله بن جحش الْأَسدي فَانْطَلقُوا حَتَّى هَبَطُوا نَخْلَة فوجدوا عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ فِي عير تِجَارَة لقريش فِي يَوْم بَقِي من الشَّهْر الْحَرَام فاختصم الْمُسلمُونَ فَقَالَ قَائِل مِنْهُم: هَذِه غرَّة من عدوّ وغنم رزقتموه وَلَا نَدْرِي أَمن الشَّهْر الْحَرَام هَذَا الْيَوْم أم لَا وَقَالَ قَائِل: لَا نعلم الْيَوْم إِلَّا من الشَّهْر الْحَرَام وَلَا نرى أَن تستحلوه لطمع أشفقتم عَلَيْهِ فغلب على الْأَمر الَّذين يُرِيدُونَ عرض الدُّنْيَا فشدوا على ابْن الْحَضْرَمِيّ فَقَتَلُوهُ وغنموا عيره فَبلغ ذَلِك كفار قُرَيْش وَكَانَ ابْن الْحَضْرَمِيّ أوّل قَتِيل قتل بَين الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين فَركب وَفد كفار قُرَيْش

حَتَّى قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ فَقَالُوا: أتحل الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام فَأنْزل الله عز وَجل {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ قل قتال فِيهِ كَبِير وَصد عَن سَبِيل الله} إِلَى آخر الْآيَة فَحَدثهُمْ الله فِي كِتَابه: إِن الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام حرَام كَمَا كَانَ وَإِن الَّذين يسْتَحلُّونَ من الْمُؤمنِينَ هُوَ أكبر من ذَلِك فَمن صدهم عَن سَبِيل الله حِين يسخمونهم ويعذبونهم ويحبسونهم أَن يهاجروا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكفرهم بِاللَّه وصدهم للْمُسلمين عَن الْمَسْجِد الْحَرَام فِي الْحَج وَالْعمْرَة وَالصَّلَاة فِيهِ وإخراجهم أهل الْمَسْجِد الْحَرَام وهم سكانه من الْمُسلمين وفتنهم إيَّاهُم عَن الدّين فَبَلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عقل ابْن الْحَضْرَمِيّ وَحرم الشَّهْر الْحَرَام كَمَا كَانَ يحرمه حَتَّى أنزل الله عز وَجل (بَرَاءَة من الله وَرَسُوله) (التَّوْبَة الْآيَة 1) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ ومقسم قَالَا لَقِي وَاقد بن عبد الله عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ أوّل لَيْلَة من رَجَب وَهُوَ يرى أَنه من جُمَادَى فَقتله فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} الْآيَة قَالَ الزُّهْرِيّ: فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا بلغنَا يحرم الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام ثمَّ أحل بعد وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يزِيد بن رُومَان عَن عُرْوَة قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن جحش إِلَى نَخْلَة فَقَالَ لَهُ: كن بهَا حَتَّى تَأْتِينَا بِخَبَر من أَخْبَار قُرَيْش وَلم يَأْمُرهُ بِقِتَال وَذَلِكَ فِي الشَّهْر الْحَرَام وَكتب لَهُ كتابا قبل أَن يُعلمهُ أَنه يسير فَقَالَ: اخْرُج أَنْت وَأَصْحَابك حَتَّى إِذا سرت يَوْمَيْنِ فافتح كتابك وَانْظُر فِيهِ فَمَا أَمرتك بِهِ فَامْضِ لَهُ وَلَا تستكرهن أحدا من أَصْحَابك على الذّهاب مَعَك فَلَمَّا سَار يَوْمَيْنِ فتح الْكتاب فَإِذا فِيهِ: أَن امْضِ حَتَّى تنزل نَخْلَة فَتَأْتِينَا من أَخْبَار قُرَيْش بِمَا تصل إِلَيْك مِنْهُم فَقَالَ لأَصْحَابه حِين قَرَأَ الْكتاب: سمعا وَطَاعَة من كَانَ مِنْكُم لَهُ رَغْبَة فِي الشَّهَادَة فَلْيَنْطَلِقْ معي فَإِنِّي ماضٍ لأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن كره ذَلِك مِنْكُم فَليرْجع فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد نهاني أَن أستكره مِنْكُم أحدا فَمضى مَعَه الْقَوْم حَتَّى إِذا كَانُوا بِنَجْرَان أضلّ سعد بن أبي وَقاص وَعتبَة بن غَزوَان بَعِيرًا لَهما كَانَا يتعقبانه فتخلفا عَلَيْهِ يطلبانه وَمضى الْقَوْم حَتَّى نزلُوا نَخْلَة فَمر بهم عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ وَالْحكم بن كيسَان

وَعُثْمَان والمغيرة بن عبد الله مَعَهم تِجَارَة قد مروا بهَا من الطَّائِف إِلَى مَكَّة أَدَم وزيت فَلَمَّا رَآهُمْ الْقَوْم أشرف لَهُم وَاقد بن عبد الله وَكَانَ قد حلق رَأسه فَلَمَّا رَأَوْهُ حليقاً قَالَ عمار: لَيْسَ عَلَيْكُم مِنْهُم بَأْس وائتمر الْقَوْم بهم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ آخر يَوْم من جُمَادَى فَقَالُوا: لَئِن قتلتوهم إِنَّكُم لتقتلونهم فِي الشَّهْر الْحَرَام وَلَئِن تركتموهم ليدخلن فِي هَذِه اللَّيْلَة حرم مَكَّة فيمتنعن مِنْكُم فأجمع الْقَوْم على قَتلهمْ فَرمى وَاقد بن عبد الله التَّمِيمِي عَمْرو بن الْحَضْرَمِيّ فَقتله واستأسر عُثْمَان بن عبد الله وَالْحكم بن كيسَان وهرب الْمُغيرَة فاعجزهم وَاسْتَاقُوا العير فقدموا بهَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُم: وَالله مَا أَمرتكُم بِقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام فَأوقف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَسِيرين وَالْعير فَلم يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا فَلَمَّا قَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قد سقط فِي أَيْديهم وظنوا أَن قد هَلَكُوا وَعَنَّفَهُمْ اخوانهم من الْمُسلمين وَقَالَت قُرَيْش حِين بَلغهُمْ أَمر هَؤُلَاءِ: قد سفك مُحَمَّد الدَّم الْحَرَام وَأخذ المَال وَأسر الرِّجَال واستحل الشَّهْر الْحَرَام فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} الْآيَة فَلَمَّا نزل ذَلِك أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العير وفدى الْأَسِيرين فَقَالَ الْمُسلمُونَ: يَا رَسُول الله أتطمع أَن يكون لنا غَزْوَة فَأنْزل الله {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هَاجرُوا وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله أُولَئِكَ يرجون رَحْمَة الله} وَكَانُوا ثَمَانِيَة وأميرهم التَّاسِع عبد الله بن جحش وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} قَالَ: يَقُول: يَسْأَلُونَك عَن قتال فِيهِ قَالَ: وَكَذَلِكَ كَانَ يقْرؤهَا / عَن قتال فِيهِ / وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله ((يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام عَن قتال فِيهِ)) وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف / قتل فِيهِ / وَأخرج عَن عَطاء بن ميسرَة قَالَ: أحل الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام فِي بَرَاءَة فِي قَوْله (فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم وقاتلوا الْمُشْركين كَافَّة) (التَّوْبَة الْآيَة 36) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: هَذَا شَيْء مَنْسُوخ وَلَا بَأْس بِالْقِتَالِ فِي الشَّهْر الْحَرَام

وَأخرج النّحاس فِي ناسخه من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الشَّهْر الْحَرَام قتال فِيهِ} أَي فِي الشَّهْر الْحَرَام قَالَ {قتال فِيهِ كَبِير} أَي عَظِيم فَكَانَ الْقِتَال مَحْظُورًا حَتَّى نُسْخَة آيَة السَّيْف فِي بَرَاءَة (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة 5) فأبيح الْقِتَال فِي الْأَشْهر الْحَرَام وَفِي غَيرهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر {والفتنة أَشد من الْقَتْل} قَالَ: الشّرك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَلَا يزالون يقاتلونكم} قَالَ: كفار قُرَيْش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {أُولَئِكَ يرجون رَحْمَة الله} قَالَ: هَؤُلَاءِ خِيَار هَذِه الْأمة ثمَّ جعلهم الله أهل رَجَاء إِنَّه من رجا طلب وَمن خَافَ هرب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ خِيَار هَذِه الْأمة جعلهم الله أهل رَجَاء كَمَا تَسْمَعُونَ

219

قَوْله تَعَالَى: يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو كَذَلِك يبين الله لكم الْآيَات لَعَلَّكُمْ تتفكرون أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن عمر أَنه قَالَ: اللَّهُمَّ بَين لنا فِي الْخمر بَيَانا شافياً فَإِنَّهَا تذْهب المَال وَالْعقل فَنزلت {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة فدعي عمر فقرئت عَلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَين لنا فِي الْخمر بَيَانا شافياً فَنزلت الْآيَة الَّتِي سُورَة النِّسَاء (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى) (النِّسَاء الْآيَة 43) فَكَانَ مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَقَامَ الصَّلَاة نَادَى أَن لَا يقربن الصَّلَاة سَكرَان فدعي عمر فقرئت عَلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَين لنا فِي الْخمر بَيَانا شافياً فَنزلت الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة فدعي عمر فقرئت عَلَيْهِ فَلَمَّا بلغ (فَهَل لَأَنْتُم مُنْتَهُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 91) قَالَ عمر: انتهينا انتهينا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: كُنَّا نشرب الْخمر فأنزلت {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} الْآيَة فَقُلْنَا: نشرب مِنْهَا مَا ينفعنا فأنزلت فِي الْمَائِدَة (إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر) (الْمَائِدَة الْآيَة 90) الْآيَة فَقَالُوا: اللَّهُمَّ قد انتهينا وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة قَالَ لما نزلت سُورَة الْبَقَرَة نزل فِيهَا تَحْرِيم الْخمر فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: إِنَّمَا سميت الْخمر لِأَنَّهَا صفاء صفوها وسفل كدرها وَأخرج أَبُو عبيد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: الميسر الْقمَار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الميسر الْقمَار وَإِنَّمَا سمي الميسر لقَولهم أيسر جزوراً كَقَوْلِك ضع كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} قَالَ: الميسر الْقمَار كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يخاطر عَن أَهله وَمَاله فَأَيّهمَا قهر صَاحبه ذهب بأَهْله وَمَاله وَفِي قَوْله {قل فيهمَا إِثْم كَبِير} يَعْنِي مَا ينقص من الدّين عِنْد شربهَا {وَمَنَافع للنَّاس} يَقُول: فِيمَا يصيبون من لذتها وفرحها إِذا شَرِبُوهَا {وإثمهما أكبر من نفعهما} يَقُول: مَا يذهب من الدّين والاثم فِيهِ أكبر مِمَّا يصيبون من لذتها وفرحها إِذا شَرِبُوهَا فَأنْزل الله بعد ذَلِك (لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى ) (النِّسَاء الْآيَة 43) الْآيَة فَكَانُوا لَا يشربونها عِنْد الصَّلَاة فَإِذا صلوا الْعشَاء شَرِبُوهَا فَمَا يَأْتِي الظّهْر حَتَّى يذهب عَنْهُم السكر ثمَّ إِن نَاسا من الْمُسلمين شَرِبُوهَا فقاتل بَعضهم بَعْضًا وَتَكَلَّمُوا بِمَا لَا يُرْضِي الله من القَوْل فَأنْزل الله (إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب) (الْمَائِدَة الْآيَة 90) الْآيَة فَحرم الْخمر وَنهى عَنْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر} الْآيَة قَالَ: نسخهَا (إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر ) (المائده الْآيَة 90) الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قل فيهمَا إِثْم كَبِير}

قَالَ: هَذَا أول مَا عيبت بِهِ الْخمر {وَمَنَافع للنَّاس} قَالَ: ثمنهَا وَمَا يصيبون من السرُور وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس} قَالَ: منافعهما قبل التَّحْرِيم وإثمهما بَعْدَمَا حرما وَأما قَوْله تَعَالَى: {ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو} أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن نَفرا من الصَّحَابَة حِين أمروا بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيل الله أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَدْرِي مَا هَذِه النَّفَقَة الَّتِي أمرنَا بهَا فِي أَمْوَالنَا فَمَا ننفق مِنْهَا فَأنْزل الله {ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو} وَكَانَ قبل ذَلِك ينْفق مَاله حَتَّى لَا يجد مَا يتَصَدَّق بِهِ وَلَا مَا لَا يَأْكُل حَتَّى يتَصَدَّق عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبان عَن يحيى أَنه بلغه أَن معَاذ بن جبل وثعلبة أَتَيَا رَسُول الله فَقَالَا: يَا رَسُول الله إِن لنا ارقاء وأهلين فَمَا ننفق من أَمْوَالنَا فَأنْزل الله {ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو} قَالَ: هُوَ مَا لَا يتَبَيَّن فِي أَمْوَالكُم وَكَانَ هَذَا قبل أَن تفرض الصَّدَقَة وَأخرج وَكِيع وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو} قَالَ: مَا يفضل عَن أهلك وَفِي لفظ قَالَ: الْفضل من الْعِيَال وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن دِينَار الْهُذلِيّ أَن عبد الْملك بن مَرْوَان كتب إِلَى سعيد بن جُبَير يسْأَله عَن الْعَفو فَقَالَ: الْعَفو على ثَلَاثَة أنحاء نَحْو تجَاوز عَن الذَّنب وَنَحْو فِي الْقَصْد فِي النَّفَقَة {ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو} وَنَحْو فِي الاحسان فِيمَا بَين النَّاس (إِلَّا أَن يعفون أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح) (الْبَقَرَة الْآيَة 237) وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله {قل الْعَفو} قَالَ: ذَلِك أَن لَا تَجِد مَالك ثمَّ تقعد تسْأَل النَّاس وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء فِي قَوْله {قل الْعَفو} قَالَ: الْفضل

وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق بن أبي نجيح عَن طَاوس قَالَ: الْعَفو الْيُسْر من كل شَيْء قَالَ: وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول {الْعَفو} الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قل الْعَفو} قَالَ: لم تفرض فِيهِ فَرِيضَة مَعْلُومَة ثمَّ قَالَ (خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ) (الْأَعْرَاف الْآيَة 199) ثمَّ نزلت الْفَرَائِض بعد ذَلِك مُسَمَّاة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {قل الْعَفو} قَالَ: هَذَا نسخته الزَّكَاة وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الصَّدَقَة مَا ترك غنى وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى وابدأ بِمن تعول تَقول الْمَرْأَة: إِمَّا أَن تطعمني وَأما أَن تُطَلِّقنِي وَيَقُول العَبْد اطعمني واستعملني وَيَقُول الابْن: اطعمني إِلَى من تدعني وَأخرج ابْن خُزَيْمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خير الصَّدَقَة مَا أبقت غنى وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى وابدأ بِمن تعول تَقول الْمَرْأَة: انفق عليّ أَو طَلقنِي وَيَقُول مملوكك: انفق عَليّ أَو بِعني وَيَقُول ولدك: إِلَى من تَكِلنِي وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خير الصَّدَقَة مَا كَانَ عَن ظهر غنى وابدأ بِمن تعول وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله عِنْدِي دِينَار قَالَ: تصدق بِهِ على نَفسك قَالَ: عِنْدِي آخر قَالَ: تصدق بِهِ على ولدك قَالَ: عِنْدِي آخر قَالَ: تصدق بِهِ على زَوجتك قَالَ: عِنْدِي آخر قَالَ: تصدق بِهِ على خادمك قَالَ: عِنْدِي آخر قَالَ: أَنْت أبْصر وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ جَاءَ رجل وَفِي لفظ: قدم أَبُو حُصَيْن السّلمِيّ بِمثل بَيْضَة من الْحَمَامَة من ذهب فَقَالَ: يَا رَسُول الله أصبت هَذِه من مَعْدن فَخذهَا فَهِيَ صَدَقَة مَا أملك غَيرهَا فاعرض عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَتَاهُ من خَلفه فَأَخذهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَذفهُ بهَا فَلَو أَصَابَته لَأَوْجَعَتْهُ أَو لَعَقَرته فَقَالَ: يَأْتِي أحدكُم بِمَا يملك

فَيَقُول هَذِه صَدَقَة ثمَّ يقْعد يَسْتَكِف النَّاس خير الصَّدَقَة مَا كَانَ عَن ظهر غنى وابدأ بِمن تعول وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن حَكِيم بن حزَام عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى وابدأ بِمن تعول وَخير الصَّدَقَة مَا كَانَ على ظهر غنى وَمن يستعف يعفه الله وَمن يسْتَغْن يغنه الله وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل: ابدأ بِنَفْسِك فَتصدق عَلَيْهَا فَإِن فضل شَيْء فلأهلك فَإِن فضل شَيْء عَن أهلك فلذي قرابتك فَإِن فضل عَن ذِي قرابتك شَيْء فَهَكَذَا وَهَكَذَا وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَيْدِي ثَلَاث فيد الله الْعليا وَيَد الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا وَيَد السَّائِل السُّفْلى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فاستعفف عَن السُّؤَال وَعَن الْمَسْأَلَة مَا اسْتَطَعْت فَإِن أَعْطَيْت خيرا فليُرَ عَلَيْك وابدأ بِمن تعول وارضخ من الْفضل وَلَا تلام على الكفاف وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن مَالك بن نَضْلَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَيْدِي ثَلَاث فيد الله الْعليا وَيَد الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا وَيَد السَّائِل السُّفْلى فاعط الْفضل وَلَا تعجز عَن نَفسك وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ دخل رجل الْمَسْجِد فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس أَن يطْرَحُوا أثواباً فطرحوا فَأمر لَهُ مِنْهَا بثوبين ثمَّ حث على الصَّدَقَة فجَاء فَطرح أحد الثَّوْبَيْنِ فصاح بِهِ وَقَالَ: خُذ ثَوْبك وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَن يضيع من يقوت وَأخرج الْبَزَّار عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى وابدأ بِمن تعول وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا ابْن آدم إِنَّك إِن تبدل الْفضل خير لَك وان تمسكه شَرّ لَك وَلَا تلام على كفاف وابدأ بِمن تعول وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا ابْن عَوْف إِنَّك من الْأَغْنِيَاء وَلنْ تدخل الْجنَّة إِلَّا زحفاً فاقرض الله

يُطلق لَك قَدَمَيْك قَالَ: وَمَا الَّذِي أقْرض يَا رَسُول الله قَالَ: تَبرأ مِمَّا أمسيت فِيهِ قَالَ: أَمن كُله أجمع يَا رَسُول الله قَالَ: نعم فَخرج وَهُوَ يهم بذلك فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: مر ابْن عَوْف فليضف الضَّيْف وليطعم الْمَسَاكِين وليعط السَّائِل وليبدأ بِمن يعول فَإِنَّهُ إِذا فعل ذَلِك كَانَ تَزْكِيَة مِمَّا هُوَ فِيهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ركب الْمصْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طُوبَى لمن تواضع من غير منقصة وذل فِي نَفسه من غير مسكنة وانفق مَالا جمعه فِي غير مَعْصِيّة ورحم أهل الذلة والمسكنة وخالط أهل الْعِفَّة وَالْحكمَة طُوبَى لمن ذل فِي نَفسه وطاب كَسبه وصلحت سَرِيرَته وكرمت عَلَانِيَته وعزل عَن النَّاس شَره وَأنْفق الْفضل من مَاله وَأمْسك الْفضل من قَوْله وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي ذَر قَالَ: قلت يَا رَسُول الله مَا تَقول فِي الصَّلَاة قَالَ: تَمام الْعَمَل قلت: يَا رَسُول الله أَسأَلك عَن الصَّدَقَة قَالَ: شَيْء عَجِيب قلت: يَا رَسُول الله تركت أفضل عمل فِي نَفسِي أَو خَيره قَالَ: مَا هُوَ قلت: الصَّوْم قَالَ: خير وَلَيْسَ هُنَاكَ قلت: يَا رَسُول الله وَأي الصَّدَقَة قَالَ: تَمْرَة قلت: فَإِن لم أفعل قَالَ: بِكَلِمَة طيبَة قلت: فَإِن لم أفعل قَالَ: تُرِيدُ أَن لَا تدع فِيك من الْخَيْر شَيْئا وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق أبي قلَابَة عَن أبي أَسمَاء عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل دِينَار يُنْفِقهُ الرجل على أَصْحَابه فِي سَبِيل الله قَالَ أَبُو قلَابَة: وَبَدَأَ بالعيال ثمَّ قَالَ أَبُو قلَابَة: وَأي رجل أعظم أجرا من رجل ينْفق على عِيَال صغَار يعفهم أَو يَنْفَعهُمْ الله بِهِ ويعينهم وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِينَار انفقته فِي سَبِيل الله ودينار أنفقته فِي رَقَبَة ودينار تَصَدَّقت بِهِ على مِسْكين ودينار انفقته على أهلك أعظمها أجرا الَّذِي أنفقته على أهلك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن كدير الضَّبِّيّ قَالَ: أَتَى أَعْرَابِي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: نبئني بِعَمَل يدخلني الْجنَّة وَيُبَاعِدنِي عَن النَّار قَالَ: تَقول الْعدْل وَتُعْطِي الْفضل قَالَ: هَذَا شَدِيد لَا أَسْتَطِيع أَن أَقُول الْعدْل كل سَاعَة وَلَا أَن أعطي فضل مَالِي قَالَ: فاطعم الطَّعَام وأفش السَّلَام قَالَ: هَذَا شَدِيد وَالله قَالَ: هَل لَك من إبل قَالَ: نعم قَالَ: انْظُر بَعِيرًا من ابلك وسقاء فَاسق أهل

بَيت لَا يشربون إلاَّ غبا فلعلك أَن لَا يهْلك بعيرك وَلَا ينخرق سقاؤك حَتَّى تجب لَك الْجنَّة قَالَ: فَانْطَلق يكبر ثمَّ أَنه اسْتشْهد بعد وَأخرج ابْن سعد عَن طَارق بن عبد الله قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يخْطب فَسمِعت من قَوْله: تصدقوا فَإِن الصَّدَقَة خير لكم وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى وابدأ بِمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك ثمَّ أدناك فأدناك وَأخرج مُسلم عَن خَيْثَمَة قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عبد الله بن عَمْرو إِذْ جَاءَهُ قهرمان لَهُ فَدخل فَقَالَ: أَعْطَيْت الرَّقِيق قوتهم قَالَ: لَا قَالَ: فَانْطَلق فاعطهم وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَن يحبس عَمَّن يملك قوته أما قَوْله تَعَالَى: {كَذَلِك يبين الله لكم الْآيَات} الْآيَة أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَذَلِك يبين الله لكم الْآيَات لَعَلَّكُمْ تتفكرون} فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة يَعْنِي فِي زَوَال الدُّنْيَا وفنائها واقبال الْآخِرَة وبقائها وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَعَلَّكُمْ تتفكرون} فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَالَ: لِتَعْلَمُوا فضل الْآخِرَة على الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الصَّعق بن حزن التَّمِيمِي قَالَ: شهِدت الْحسن وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة من الْبَقَرَة {لَعَلَّكُمْ تتفكرون} فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَالَ: هِيَ وَالله لمن تفكرها ليعلمن أَن الدُّنْيَا دَار بلَاء ثمَّ دَار فنَاء وليعلمن أَن الْآخِرَة دَار جَزَاء ثمَّ دَار بَقَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: من تفكر فِي الدُّنْيَا عرف فضل احداهما على الْأُخْرَى عرف أَن الدُّنْيَا دَار بلَاء ثمَّ دَار فنَاء وَأَن الْآخِرَة دَار بَقَاء ثمَّ دَار جَزَاء فكونوا مِمَّن يصرم حَاجَة الدُّنْيَا لحَاجَة الْآخِرَة

220

قَوْله تَعَالَى: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ويسألونك عَن الْيَتَامَى قل إصْلَاح لَهُم خير وَإِن تخالطوهم فإخوانكم وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح وَلَو شَاءَ الله لأعنتكم أَن الله عَزِيز حَكِيم أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن

مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما أنزل الله (وَلَا تقربُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن) (الْإِسْرَاء الْآيَة 34) و (إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى) (النِّسَاء الْآيَة 10) الْآيَتَيْنِ انْطلق من كَانَ عِنْده يَتِيم فعزل طَعَامه من طَعَامه وَشَرَابه من شرابه فَجعل يفضل لَهُ الشَّيْء من طَعَامه فيجلس لَهُ حَتَّى يَأْكُلهُ أَو يفْسد فَيَرْمِي بِهِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِم فَذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {ويسألونك عَن الْيَتَامَى قل إصْلَاح لَهُم خير وَإِن تخالطوهم فإخوانكم} فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: لما نزل فِي الْيَتِيم مَا نزل اجتنبهم النَّاس فَلم يؤاكلوهم وَلم يشاربوهم وَلم يخالطوهم فَأنْزل الله {ويسألونك عَن الْيَتَامَى} الْآيَة فخالطهم النَّاس فِي الطَّعَام وَفِيمَا سوى ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الأنبياري والنحاس عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ويسألونك عَن الْيَتَامَى} الْآيَة قَالَ: كَانَ أنزل قبل ذَلِك فِي سُورَة بني إِسْرَائِيل (وَلَا تقربُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن) (الْإِسْرَاء الْآيَة 34) فَكَانُوا لَا يخالطونهم فِي مطعم وَلَا غَيره فَاشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِم فَأنْزل الله الرُّخْصَة {وَإِن تخالطوهم فإخوانكم} وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت (إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما ) (النِّسَاء الْآيَة 10) الْآيَة أمسك النَّاس وَلم يخالطوا الْأَيْتَام فِي الطَّعَام وَالْأَمْوَال حَتَّى نزلت {ويسألونك عَن الْيَتَامَى قل إصْلَاح لَهُم خير} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ كَانَ أهل الْبَيْت يكون عِنْدهم الْأَيْتَام فِي حجورهم فَيكون للْيَتِيم الصرمة من الْغنم وَيكون الْخَادِم لأهل الْبَيْت فيبعثون خادمهم فيرعى غنم الْأَيْتَام أَو يكون لأهل الْيَتِيم الصرمة من الْغنم وَيكون الْخَادِم للأيتام فيبعثون خَادِم الْأَيْتَام فيرعى غنهم فَإِذا كَانَ الرُّسُل وضعُوا أَيْديهم جَمِيعًا أَو يكون الطَّعَام للأيتام وَيكون الْخَادِم لأهل الْبَيْت فيأمرون خادمهم فيصنع الطَّعَام وَيكون الطَّعَام لأهل الْبَيْت وَيكون الْخَادِم للأيتام فيأمرون خَادِم الْأَيْتَام أَن يصنع الطَّعَام فيضعون أَيْديهم جَمِيعًا فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة (إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال

الْيَتَامَى ظلما ) (النِّسَاء الْآيَة 10) الْآيَة قَالُوا: هَذِه مُوجبَة فاعتزلوهم وَفرقُوا مَا كَانَ من خلطتهم فشق عَلَيْهِم ذَلِك فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: إِن الْغنم قد بقيت لَيْسَ لَهَا رَاع وَالطَّعَام لَيْسَ لَهُ من يصنعه فَقَالَ: قد سمع الله قَوْلكُم فَإِن شَاءَ أجابكم فَنزلت هَذِه الْآيَة {ويسألونك عَن الْيَتَامَى} وَنزل أَيْضا (وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى ) (النِّسَاء الْآيَة 3) الْآيَة فقصروا على أَربع فَقَالَ: كَمَا خشيتم أَن لَا تقسطوا فِي الْيَتَامَى وتحرجتم من مخالطتهم حَتَّى سَأَلْتُم عَنْهَا فَهَلا سَأَلْتُم عَن الْعدْل فِي جمع النِّسَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن تخالطوهم} قَالَ: المخالطة أَن يشرب من لبنك وتشرب من لبنه وَيَأْكُل فِي قصعتك وتأكل فِي قصعته وتأكل من ثَمَرَته {وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح} قَالَ: يعلم من يتَعَمَّد أكل مَال الْيَتِيم وَمن يتحرج مِنْهُ وَلَا يألو عَن اصلاحه {وَلَو شَاءَ الله لأعنتكم} يَقُول: لَو شَاءَ مَا أحل لكم مَا أصبْتُم مِمَّا لَا تتعمدون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله لما أنزل {إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما} الْآيَة كره الْمُسلمُونَ أَن يضمنوا الْيَتَامَى وتحرجوا أَن يخالطوهم فِي شَيْء فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {قل إصْلَاح لَهُم خير وَإِن تخالطوهم فإخوانكم وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح وَلَو شَاءَ الله لأعنتكم} يَقُول: لأحرجكم وضيق عَلَيْكُم وَلكنه وسع وَيسر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ / وَإِن تخالطوهم فاخوانكم فِي الدّين / وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح} قَالَ: الله يعلم حِين تخلط مَالك بِمَالِه أَتُرِيدُ أَن تصلح مَاله أَو تفسده فتأكله بِغَيْر حق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَو شَاءَ الله لأعنتكم} قَالَ: لَو شَاءَ الله لجعل مَا أصبْتُم من أَمْوَال الْيَتَامَى موبقاً وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَلَو شَاءَ الله لأعنتكم} قَالَ: لَو شَاءَ الله لأعنتكم فَلم تُؤَدُّوا فَرِيضَة وَلم تقوموا بِحَق

وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد عَن الْأسود قَالَ: قَالَت عَائِشَة: اخلط طَعَامه بطعامي وَشَرَابه بشرابي فَإِنِّي أكره أَن يكون مَال الْيَتِيم عِنْدِي كالعيرة

221

قَوْله تَعَالَى: وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن وَلأمة مُؤمنَة خير من مُشركَة وَلَو أَعجبتكُم وَلَا تنْكِحُوا الْمُشْركين حَتَّى يُؤمنُوا ولعَبْد مُؤمن خير من مُشْرك وَلَو أعجبكم أُولَئِكَ يدعونَ إِلَى النَّار وَالله يَدْعُو إِلَى الْجنَّة وَالْمَغْفِرَة بِإِذْنِهِ وَيبين الله آيَاته للنَّاس لَعَلَّهُم يتذكرون أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن مقَاتل بن حبَان قَالَ نزلت هَذ الْآيَة فِي أبي مرْثَد الغنوي اسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عنَاق أَن يَتَزَوَّجهَا وَكَانَت ذَا حَظّ من جمال وَهِي مُشركَة وَأَبُو مرْثَد يؤمئذ مُسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّهَا تعجبني فَأنْزل الله {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن وَلأمة مُؤمنَة خير من مُشركَة وَلَو أَعجبتكُم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} قَالَ: اسْتثْنى الله من ذَلِك نسَاء أهل الْكتاب فَقَالَ (وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب) (الْمَائِدَة الْآيَة 5) وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} قَالَ: نسخ من ذَلِك نِكَاح نسَاء أهل الْكتاب أحلهن للْمُسلمين وَحرم المسلمات على رِجَالهمْ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} قَالَ: نسخت وَأحل من المشركات نسَاء أهل الْكتاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تنْكِحُوا المشركات} فحجز النَّاس عَنْهُن حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي بعْدهَا (وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ) (الْمَائِدَة الْآيَة 5) فنكح النَّاس نسَاء أهل الْكتاب

وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} قَالَ: يَعْنِي أهل الْأَوْثَان وَأخرج آدم وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} قَالَ: نسَاء أهل مَكَّة من الْمُشْركين ثمَّ أحل مِنْهُم نسَاء أهل الْكتاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} قَالَ: مشركات الْعَرَب اللَّاتِي لَيْسَ لَهُنَّ كتاب وَأخرج عبد بن حميد عَن حَمَّاد قَالَ: سَأَلت إِبْرَاهِيم عَن تَزْوِيج الْيَهُودِيَّة والنصرانية فَقَالَ: لَا بَأْس بِهِ فَقلت: أَلَيْسَ الله يَقُول {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} قَالَ: إِنَّمَا ذَاك المجوسيات وَأهل الْأَوْثَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن شَقِيق قَالَ: تزوج حُذَيْفَة بيهودية فَكتب إِلَيْهِ عمر أَن خل سَبِيلهَا فَكتب إِلَيْهِ أتزعم أَنَّهَا حرَام فأخلى سَبِيلهَا فَقَالَ: لَا أزعم أَنَّهَا حرَام وَلَكِن أَخَاف أَن تعاطوا المومسات مِنْهُنَّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر أَنه كره نِكَاح نسَاء أهل الْكتاب وتأوّل {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} وَأخرج البُخَارِيّ والنحاس فِي ناسخه عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر كَانَ إِذا سَأَلَ عَن نِكَاح الرجل النَّصْرَانِيَّة أَو الْيَهُودِيَّة قَالَ: حرم الله المشركات على الْمُسلمين وَلَا أعرف شَيْئا من الإِشراك أعظم من أَن تَقول الْمَرْأَة: رَبهَا عِيسَى أَو عبد من عباد الله وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَلأمة مُؤمنَة خير من مُشركَة وَلَو أَعجبتكُم} أخرج الواحدي وَابْن عَبَّاس من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة {وَلأمة مُؤمنَة خير من مُشركَة} قَالَ نزلت فِي عبد الله بن رَوَاحَة وَكَانَت لَهُ أمة سَوْدَاء وَأَنه غضب عَلَيْهَا فلطمها ثمَّ إِنَّه فزع فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ خَبَرهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا هِيَ يَا عبد الله قَالَ: تَصُوم وَتصلي وتحسن الْوضُوء وَتشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُوله فَقَالَ: يَا عبد الله هَذِه مُؤمنَة فَقَالَ عبد الله: فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ لأعتقها ولأتزوّجها فَفعل فطعن عَلَيْهِ نَاس من الْمُسلمين وَقَالُوا: نكح أمة وَكَانُوا يُرِيدُونَ أَن ينكحوا إِلَى الْمُشْركين وينكحوهم رَغْبَة فِي أحسابهم فَأنْزل الله {وَلأمة مُؤمنَة خير من مُشركَة} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ مثله سَوَاء معضلاً

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {وَلأمة مُؤمنَة} قَالَ: بلغنَا أَنَّهَا كَانَت أمة الحذيفة سَوْدَاء فَأعْتقهَا وتزوّجها حُذَيْفَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تنْكِحُوا النِّسَاء لحسنهن فَعَسَى حسنهنَّ أَن يرديهن وَلَا تنكحوهن على أموالهن فَعَسَى أموالهن أَن تطغيهن وانكحوهن على الدّين فلأمة سَوْدَاء خرماء ذَات دين أفضل وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تنْكح الْمَرْأَة لأَرْبَع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بِذَات الدّين تربت يداك وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: إِن الْمَرْأَة تنْكح على دينهَا وَمَالهَا وجمالها فَعَلَيْك بِذَات الدّين تربت يداك وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تنْكح الْمَرْأَة على إِحْدَى خِصَال: لجمالها وَمَالهَا ودينها فَعَلَيْك بِذَات الدّين والخلق تربت يَمِينك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من تزوّج امْرَأَة لعزها لم يزده الله إِلَّا ذلاً وَمن تزَوجهَا لمالها لم يزده الله إِلَّا فقرا وَمن تزَوجهَا لحسبها لم يزده الله إلاَّ دناءة وَمن تزوج امْرَأَة لم يرد بهَا إِلَّا أَن يغض بَصَره ويحصن فرجه أَو يصل رَحمَه بَارك الله لَهُ فِيهَا وَبَارك لَهَا فِيهِ وَأخرج الْبَزَّار عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عودوا الْمَرِيض وَاتبعُوا الْجِنَازَة وَلَا عَلَيْكُم أَن تَأْتُوا الْعرس وَلَا عَلَيْكُم أَن لَا تنْكِحُوا الْمَرْأَة من أجل حسنها فعل أَن لَا يَأْتِي بِخَير وَلَا عَلَيْكُم أَن لَا تنْكِحُوا الْمَرْأَة لِكَثْرَة مَالهَا فعل مَالهَا أَن لَا يَأْتِي بِخَير وَلَكِن ذَوَات الدّين وَالْأَمَانَة وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تنْكِحُوا الْمُشْركين حَتَّى يُؤمنُوا} أخرج ابْن جرير عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: النِّكَاح بوليّ فِي كتاب الله ثمَّ قَرَأَ {وَلَا تنْكِحُوا الْمُشْركين حَتَّى يُؤمنُوا} وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي مُوسَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا نِكَاح إِلَّا بوليّ

وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نِكَاح إِلَّا بوليّ وَفِي حَدِيث عَائِشَة: وَالسُّلْطَان ولي من لَا ولي لَهُ وَأخرج الشَّافِعِي وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ثَلَاثًا فَإِن أَصَابَهَا فلهَا الْمهْر بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا وَإِن استجرأوا فالسلطان ولي من لَا ولي لَهُ وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تزوّج الْمَرْأَة الْمَرْأَة وَلَا تزوّج الْمَرْأَة نَفسهَا فَإِن الزَّانِيَة هِيَ الَّتِي تزوّج نَفسهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نِكَاح إِلَّا بوليّ وشاهدي عدل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يجوز نِكَاح إِلَّا بوليّ وشاهدي عدل وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لَا تنْكح الْمَرْأَة إِلَّا بِإِذن وَليهَا أَو ذِي الرَّأْي من أَهلهَا أَو السُّلْطَان وَأخرج الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا نِكَاح إِلَّا بوليّ مرشد وشاهدي عدل وَأما قَوْله تَعَالَى: {ولعَبْد مُؤمن خير من مُشْرك وَلَو أعجبكم} أخرج البُخَارِيّ وَابْن ماجة عَن سهل بن سعد قَالَ مر رجل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا تَقولُونَ فِي هَذَا قَالُوا: حري إِن خطب أَن ينْكح وَإِن شفع أَن يشفع وَإِن قَالَ أَن يستمع قَالَ: ثمَّ سكت فَمر رجل من فُقَرَاء الْمُسلمين فَقَالَ: مَا تَقولُونَ فِي هَذَا قَالُوا: حري إِن خطب أَن لَا ينْكح وَإِن شفع أَن لَا يشفع وَإِن قَالَ لَا يسمع فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا خير من ملْء الأَرْض مثل هَذَا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خطب إِلَيْكُم من ترْضونَ دينه وخلقه فَزَوجُوهُ إِن لَا تَفعلُوا تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد عريض وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي حَاتِم الْمُزنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جَاءَكُم من ترْضونَ دينه وخلقه فانكحوه إِن لَا تَفعلُوا تكن فتْنَة فِي الأَرْض

وَفَسَاد عريض قَالُوا: يَا رَسُول الله وَإِن كَانَ فِيهِ قَالَ: إِذا جَاءَكُم من ترْضونَ دينه وخلقه فانكحوه ثَلَاث مَرَّات وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ الْجُهَنِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أعْطى لله وَمنع لله وَأحب لله وَأبْغض لله فقد اسْتكْمل إيمَانه

222

قَوْله تَعَالَى: ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن فَإِذا تطهرن فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله إِن الله يحب التوابين وَيُحب المتطهرين أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد والدارمي وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس أَن الْيَهُود كَانُوا إِذا حَاضَت الْمَرْأَة مِنْهُم أخرجوها من الْبَيْت وَلم يؤاكلوها وَلم يشاربوها وَلم يجامعوها فِي الْبيُوت فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَأنْزل الله {ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جامعوهن فِي الْبيُوت واصنعوا كل شَيْء إِلَّا النِّكَاح فَبلغ ذَلِك الْيَهُود فَقَالُوا: مَا يُرِيد هَذَا الرجل أَن يدع من أمرنَا شَيْئا إِلَّا خَالَفنَا فِيهِ فجَاء أسيد بن حضير وَعباد بن بشر فَقَالَا: يَا رَسُول الله إِن الْيَهُود قَالَت كَذَا وَكَذَا أَفلا نجامعهن فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى ظننا أَن قد وجد عَلَيْهِمَا فَخَرَجَا فَاسْتَقْبَلَهُمَا هَدِيَّة من لبن إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل فِي أثرهما فَسَقَاهُمَا فعرفا أَنه لم يجد عَلَيْهِمَا وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَاللَّفْظ لَهُ عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {ويسألونك عَن الْمَحِيض} قَالَ أَن الْيَهُود قَالُوا: من أَتَى الْمَرْأَة من دبرهَا كَانَ وَلَده أَحول وَكَانَ نسَاء الْأَنْصَار لَا يدعن أَزوَاجهنَّ يأتونهن من أدبارهن فجاؤوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلُوهُ عَن إتْيَان الرجل امْرَأَته وَهِي حَائِض فَأنْزل الله {ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن فَإِذا تطهرن}

بالاغتسال {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} (نِسَاؤُكُمْ حرث لكم) إِنَّمَا الْحَرْث مَوضِع الْوَلَد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن الْقُرْآن نزل فِي شَأْن الْحَائِض والمسلمون يخرجونهن من بُيُوتهنَّ كَفعل الْعَجم فاستفتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك فَأنْزل الله {ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} فَظن الْمُؤْمِنُونَ أَن الاعتزال كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بخروجهن من بُيُوتهنَّ حَتَّى قَرَأَ آخر الْآيَة ففهم الْمُؤْمِنُونَ مَا الإعتزال إِذْ قَالَ الله {وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن} وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {ويسألونك عَن الْمَحِيض} قَالَ: الَّذِي سَأَلَ عَن ذَلِك ثَابت بن الدحداح وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {ويسألونك عَن الْمَحِيض} قَالَ: أنزل فِي ثَابت بن الدحداح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا تساكنهم حَائِض فِي بَيت وَلم يؤاكلوهم فِي إِنَاء فَأنْزل الله الْآيَة فِي ذَلِك فَحرم فرجهَا مَا دَامَت حَائِضًا وَأحل مَا سوى ذَلِك وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا وَقد حَاضَت: إِن هَذَا أَمر كتبه الله على بَنَات آدم وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور ومسدد فِي مُسْنده عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ نسَاء بني إِسْرَائِيل يصلين مَعَ الرِّجَال فِي الصَّفّ فاتخذن قوالب يَتَطَاوَلْنَ بهَا لتنظر إِحْدَاهَا إِلَى صديقها فَألْقى الله عَلَيْهِنَّ الْحيض ومنعهن الْمَسَاجِد وَفِي لفظ: فَألْقى عَلَيْهِنَّ الْحيض فأخرن قَالَ ابْن مَسْعُود: فأخروهن من حَيْثُ أخرهن الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ نسَاء بني إِسْرَائِيل يتخذن أرجلاً من خشب يتشوفن للرِّجَال فِي الْمَسَاجِد فَحرم الله عَلَيْهِنَّ الْمَسَاجِد وسلطت عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَة وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن يزِيد بن بابنوس قَالَ: قلت لعَائِشَة: مَا تَقُولِينَ فِي العراك قَالَت الْحيض تعنون قُلْنَا: نعم قَالَت: سموهُ كَمَا سَمَّاهُ الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والداقطني عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أقل الْحيض ثَلَاث وَأَكْثَره عشر

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَائِض تنْتَظر مَا بَينهَا وَبَين عشر فَإِن رَأَتْ الطُّهْر فَهِيَ طَاهِرَة وَإِن جَاوَزت الْعشْر فَهِيَ مُسْتَحَاضَة وَأخرج أَبُو يعلى وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ:: لتنتظر الْحَائِض خمْسا سبعا ثمانياً تسعا عشرا فَإِذا مَضَت الْعشْر فَهِيَ مُسْتَحَاضَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس قَالَ: الْحيض ثَلَاث وَأَرْبع وَخمْس وست وَسبع وثمان وتسع وَعشر وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْحيض ثَلَاث وَأَرْبع وَخمْس وست وَسبع وثمان وتسع وَعشر فَإِن زَاد فَهِيَ إستحاضة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس قَالَ: أدنى الْحيض ثَلَاث وأقصاه عشر وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أقل الْحيض ثَلَاث وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس قَالَ: لَا يكون الْحيض أَكثر من عشرَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: أدنى وَقت الْحَائِض يَوْم وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَطاء قَالَ: أَكثر الْحيض خَمْسَة عشر وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن شريك وحسين بن صَالح قَالَ: أَكثر الْحيض خَمْسَة عشر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن شريك قَالَ: عندنَا امْرَأَة تحيض خَمْسَة عشر من الشَّهْر حيضا مُسْتَقِيمًا صَحِيحا وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: عندنَا امْرَأَة تحيض غدْوَة وتطهر عَشِيَّة وَأما قَوْله تَعَالَى: {قل هُوَ أَذَى فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض} أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قل هُوَ أَذَى} قَالَ: الْأَذَى الدَّم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قل هُوَ أَذَى} قَالَ: هُوَ قذر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي إِسْحَق الطَّالقَانِي عَن مُحَمَّد بن حمير عَن فلَان بن السّري أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض فَإِن الجذام يكون من أَوْلَاد الْحيض

وَأخرج أَبُو الْعَبَّاس السراج فِي مُسْنده عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَتَى امْرَأَته وَهِي حَائِض فَجَاءَهُ ولد أَجْذم فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فاعتزلوا النِّسَاء} يَقُول: اعتزلوا نِكَاح فروجهن وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ من الْحَائِض شَيْئا ألْقى على فرجهَا ثوبا ثمَّ صنع مَا أَرَادَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَنَّهَا سُئِلت مَا للرجل من امْرَأَته وَهِي حَائِض فَقَالَت: كل شَيْء إِلَّا فرجهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَت إحدانا إِذا كَانَت حَائِضًا فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُبَاشِرهَا أمرهَا أَن تتزر فِي فَور حَيْضَتهَا ثمَّ يُبَاشِرهَا قَالَت: وَأَيكُمْ يملك أربه كَمَا كَانَ رَسُول الله يملك أربه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مَيْمُونَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن يُبَاشر امْرَأَة من نِسَائِهِ أمرهَا فاتزرت وَهِي حَائِض وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن مَيْمُونَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُبَاشر الْمَرْأَة من نِسَائِهِ وَهِي حَائِض إِذا كَانَ عَلَيْهَا إِزَار إِلَى أَنْصَاف الفخذين أَو الرُّكْبَتَيْنِ محتجزة بِهِ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت كنت أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نبيت فِي الشعار الْوَاحِد وَأَنا حَائِض طامث فَإِن أَصَابَهُ مني شَيْء غسل مَكَانَهُ لم يعده وَإِن أصَاب ثَوْبه مني شَيْء غسل مَكَانَهُ لم يعده وَصلى فِيهِ وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن عمَارَة بن غراب أَن عمَّة لَهُ حدثته أَنَّهَا سَأَلت عَائِشَة قَالَت: إحدانا تحيض وَلَيْسَ لَهَا ولزوجها إِلَّا فرَاش وَاحِد قَالَت: أخْبرك مَا صنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل فَمضى إِلَى مَسْجده فَلم ينْصَرف حَتَّى غلبتني عَيْني وأوجعه الْبرد فَقَالَ: أدني مني فَقلت: إِنِّي حَائِض فَقَالَ: وَإِن اكشفي عَن فخذيك فَكشفت عَن فَخذي فَوضع خَدّه وصدره على فَخذي وحنيت عَلَيْهِ حَتَّى دفىء ونام وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حِضْت يَأْمُرنِي أَن أتزر ثمَّ يباشرني

وَأخرج مَالك عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَانَت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُضْطَجِعَة فِي ثوب وَاحِد وَإِنَّهَا وَثَبت وثبة شَدِيدَة فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَالك لَعَلَّك نفست - يَعْنِي الْحَيْضَة - قَالَت: نعم فَقَالَ: شدي عَلَيْك إزارك ثمَّ عودي إِلَى مضجعك وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت بَينا أَنا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُضْطَجِعَة فِي خميصة إِذْ حِضْت فانسللت فَأخذت ثِيَاب حيضتي فَقَالَ: أنفست قلت: نعم فدعاني فاضطجعت مَعَه فِي الخميلة وَأخرج ابْن ماجة عَن أم سَلمَة قَالَت كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لِحَافه فَوجدت مَا تَجِد النِّسَاء من الْحَيْضَة فانسللت من اللحاف فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنفست قلت: وجدت مَا تَجِد النِّسَاء من الْحَيْضَة قَالَ: ذَاك مَا كتب على بَنَات آدم قَالَت: فانسللت فأصلحت من شأني ثمَّ رجعت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعالي فادخلي معي فِي اللحاف قَالَت: فَدخلت مَعَه وَأخرج ابْن ماجة عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَنه سَأَلَ أم حَبِيبَة: كَيفَ كنت تصنعين مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْحيض قَالَت: كَانَت إحدانا فِي فورها أول مَا تحيض تشد عَلَيْهَا إِزَار إِلَى أَنْصَاف فخذيها ثمَّ تضطجع مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن عبد الله بن سعد الْأنْصَارِيّ أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض فَقَالَ: لَك مَا فَوق الإِزار وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن عبد الله بن سعد قَالَ سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مؤاكلة الْحَائِض فَقَالَ: واكلها وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن معَاذ بن جبل قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمَّا يحل للرجل من امْرَأَته وَهِي حَائِض قَالَ: مَا فَوق الْإِزَار وَالتَّعَفُّف عَن ذَلِك أفضل وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَاذَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لِتشد عَلَيْهَا إزَارهَا ثمَّ شَأْنك بِأَعْلَاهَا وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر أرسل إِلَى عَائِشَة يسْأَلهَا هَل يُبَاشر الرجل امْرَأَته وَهِي حَائِض فَقَالَت: لِتشد إزَارهَا على أَسْفَلهَا ثمَّ ليباشرها إِن شَاءَ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ مَا يحل للرجل من الْمَرْأَة الْحَائِض قَالَ: مَا فَوق الإِزار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى عَن عمر قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يحل للرجل من امْرَأَته وَهِي حَائِض قَالَ: مَا فَوق الإِزار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله مَا لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض قَالَ: تشد إزَارهَا ثمَّ شَأْنك بهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ مَا يحل للرجل من امْرَأَته وَهِي حَائِض قَالَ: مَا فَوق الْإِزَار وَمَا تَحت الأزرار مِنْهَا حرَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أم سَلمَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَّقِي سُورَة الدَّم ثَلَاثًا ثمَّ يُبَاشر بعد ذَلِك وَأخرج ابْن جرير عَن مَسْرُوق قَالَ: قلت لعَائِشَة: مَا يحل للرجل من امْرَأَته إِذا كَانَت حَائِضًا قَالَ: كل شَيْء إِلَّا الْجِمَاع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: لَا بَأْس أَن يلْعَب على بَطنهَا وَبَين فخذيها أما قَوْله تَعَالَى {وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن} أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن} قَالَ: من الدَّم وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تقربوهن حَتَّى يطهرن} قَالَ: حَتَّى يَنْقَطِع الدَّم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَتَى حَائِضًا أَو امْرَأَة فِي دبرهَا أَو كَاهِنًا فقد كفر بِمَا أنزل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَته وَهِي حَائِض قَالَ: يتَصَدَّق بِدِينَار أَو بِنصْف دِينَار وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أَصَابَهَا فِي الدَّم فدينار وَإِذا أَصَابَهَا فِي انْقِطَاع الدَّم فَنصف دِينَار

وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا كَانَ دَمًا أَحْمَر فدينار وَإِذا كَانَ دَمًا أصفر فَنصف دِينَار وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره أَن يتَصَدَّق بخمسي دِينَار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أصبت امْرَأَتي وَهِي حَائِض فَأمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يعْتق نسمَة وَقِيمَة النَّسمَة يَوْمئِذٍ دِينَار أما قَوْله تَعَالَى: {فَإِذا تطهرن} أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِذا تطهرن} قَالَ: بِالْمَاءِ وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَإِذا تطهرن} قَالَ: إِذا اغْتَسَلْنَ وَلَا تحل لزَوجهَا حَتَّى تَغْتَسِل وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن جرير من وَجه آخر عَن طَاوس وَمُجاهد قَالَا: إِذا طهرت أمرهَا بِالْوضُوءِ وَأصَاب مِنْهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن مُجَاهِد وَعَطَاء قَالَا: إِذا رَأَتْ الطُّهْر فَلَا بَأْس أَن تستطيب بِالْمَاءِ ويأتيها قبل أَن تَغْتَسِل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي فَقَالَ: يَا رَسُول الله إنَّا نَكُون بالرمل أَرْبَعَة أشهر فَيكون فِينَا النُّفَسَاء وَالْحَائِض وَالْجنب فَمَا ترى قَالَ: عَلَيْكُم بالصعيد وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن عَائِشَة أَن امْرَأَة سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن غسلهَا من الْمَحِيض فَأمرهَا كَيفَ أَن تَغْتَسِل قَالَ: خذي فرْصَة من مسك فتطهري بهَا قَالَت: كَيفَ أتطهر بهَا قَالَ: تطهري بهَا قَالَ: كَيفَ قَالَ: سُبْحَانَ الله تطهري بهَا فاجتذبها فَقلت: تتبعي أثر الدَّم أما قَوْله تَعَالَى: {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} قَالَ: يَعْنِي أَن يَأْتِيهَا طَاهِرا غير حَائِض

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} قَالَ: طواهر غير حيض وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} قَالَ: من حَيْثُ أَمركُم أَن تعتزلوهن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} يَقُول: فِي الْفرج وَلَا تعدوه إِلَى غَيره وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} قَالَ: حَيْثُ نهاكم الله أَن تأتوهن وَهن حيض يَعْنِي من قبل الْفرج وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي رزين {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} قَالَ: من قبل الطُّهْر وَلَا تأتوهن من قبل الْحيض وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن الْحَنَفِيَّة {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} قَالَ: من قبل التَّزْوِيج من قبل الْحَلَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن مُجَاهِد {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} قَالَ: من حَيْثُ خرج الدَّم فَإِن لم يأتها من حَيْثُ أَمر فَلَيْسَ من التوّابين وَلَا من المتطهرين أما قَوْله تَعَالَى: {إِن الله يحب التوابين وَيُحب المتطهرين} أخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {إِن الله يحب التوابين} من الذُّنُوب {وَيُحب المتطهرين} قَالَ: بِالْمَاءِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش فِي قَوْله {إِن الله يحب التوابين وَيُحب المتطهرين} قَالَ: التَّوْبَة من الذُّنُوب والتطهر من الشّرك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: من أَتَى امْرَأَته فِي دبرهَا فَلَيْسَ من المتطهرين وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة: أَن رأى رجلا يتَوَضَّأ فَلَمَّا فرغ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من التوابين واجعلني من المتطهرين قَالَ: إِن الطّهُور بِالْمَاءِ حسن وَلَكنهُمْ المتطهرون من الذُّنُوب وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تَوَضَّأ فَأحْسن

الْوضُوء ثمَّ قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت لَهُ ثَمَانِيَة أَبْوَاب الْجنَّة يدْخل من أَيهَا شَاءَ وَأخرج ابْن أبيب شيبَة عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه كَانَ إِذا فرغ من وضوئِهِ قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله رب اجْعَلنِي من التوابين واجعلني من المتطهرين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَ حُذَيْفَة إِذا تطهر قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من التوابين واجعلني من المتطهرين وَأخرج الْقشيرِي فِي الرسَالَة وَابْن النجار عَن أنس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: التائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ وَإِذا أحب الله عَبده لم يضرّهُ ذَنْب ثمَّ تَلا {إِن الله يحب التوابين وَيُحب المتطهرين} قيل: يَا رَسُول الله وَمَا عَلامَة التَّوْبَة قَالَ الندامة وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الشّعبِيّ قَالَ: التائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ ثمَّ قَرَأَ {إِن الله يحب التوابين وَيُحب المتطهرين} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل بني آدم خطاء وَخير الْخَطَّائِينَ التوّابون وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن قَتَادَة قَالَ: أوحى الله إِلَى نَبِي من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل أَن كَانَ بني آدم خطاء وَخير الْخَطَّائِينَ التوابون وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قيل لَهُ أصب المَاء على رَأْسِي وَأَنا محرم قَالَ: لَا بَأْس {إِن الله يحب التوابين وَيُحب المتطهرين}

223

قَوْله تَعَالَى: نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم وَقدمُوا لأنفسكم وَاتَّقوا الله وَاعْلَمُوا أَنكُمْ ملاقوه وَبشر الْمُؤمنِينَ أخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه قَالَ: كَانَت الْيَهُود تَقول: إِذا أَتَى الرجل امْرَأَته من خلفهَا فِي قبلهَا ثمَّ حملت جَاءَ الْوَلَد

أَحول فَنزلت {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} إِن محنية وَإِن شَاءَ غير محنية غير أَن ذَلِك فِي صمام وَاحِد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور والدارمي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن جَابر أَن الْيَهُود قَالُوا للْمُسلمين: من أَتَى امْرَأَته وَهِي مُدبرَة جَاءَ الْوَلَد أَحول فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقبلة ومدبرة إِذا كَانَ ذَلِك فِي الْفرج وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مرّة الهمذلني أَن بعض الْيَهُود لَقِي بعض الْمُسلمين فَقَالَ لَهُ: تأتون النِّسَاء وراءهن كَأَنَّهُ كره الإِبراك فَذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} الْآيَة فَرخص الله للْمُسلمين أَن يَأْتُوا النِّسَاء فِي الْفروج كَيفَ شاؤوا وأنى شاؤوا من بَين أَيْدِيهنَّ وَمن خلفهن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مرّة قَالَ: كَانَت الْيَهُود يسخرون من الْمُسلمين فِي إتيانهم النِّسَاء فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} الْآيَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَت الْأَنْصَار تَأتي نساءها مضاجعة وَكَانَت قُرَيْش تشرح شرحاً كثيرا فتزوّج رجل من قُرَيْش امْرَأَة من الْأَنْصَار فَأَرَادَ أَن يَأْتِيهَا فَقَالَت: لَا إِلَّا كَمَا يفعل فَأخْبر بذلك رَسُول الله فَأنْزل {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} أَي قَائِما وَقَاعِدا ومضطجعاً بعد أَن يكون فِي صمام وَاحِد وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن أبي هِلَال أَن عبد الله بن عَليّ حَدثهُ: أَنه بلغه أَن نَاسا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَلَسُوا يَوْمًا وَرجل من الْيَهُود قريب مِنْهُم فَجعل بَعضهم يَقُول: إِنِّي لآتي امْرَأَتي وَهِي مُضْطَجِعَة وَيَقُول الآخر: إِنِّي لآتيها وَهِي قَائِمَة وَيَقُول الآخر: إِنِّي لآتيها وَهِي باركة فَقَالَ الْيَهُودِيّ: مَا أَنْتُم إِلَّا أَمْثَال الْبَهَائِم وَلَكنَّا إِنَّمَا نأتيها على هَيْئَة وَاحِدَة فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} الْآيَة وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة والدارمي عَن الْحسن قَالَ: كَانَت الْيَهُود لَا يألون مَا شدد على الْمُسلمين كَانُوا يَقُولُونَ: يَا أَصْحَاب مُحَمَّد أَنه - وَالله - مَا يحل لكم أَن تَأْتُوا نساءكم إِلَّا من وَجه وَاحِد فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} فخلى الله بَين الْمُؤمنِينَ وَبَين حَاجتهم

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَن الْيَهُود كَانُوا قوما حسداً فَقَالُوا: يَا أَصْحَاب مُحَمَّد أَنه - وَالله - مَا لكم أَن تَأْتُوا النِّسَاء إِلَّا من وَجه وَاحِد فكذبهم الله فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} فخلى بَين الرِّجَال وَبَين نِسَائِهِم يتفكه الرجل من امْرَأَته يَأْتِيهَا إِن شَاءَ من قبلهَا وَإِن شَاءَ من قبل دبرهَا غير أَن المسلك وَاحِد وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: قَالَت الْيَهُود للْمُسلمين: إِنَّكُم تأتون نساءكم كَمَا تَأتي الْبَهَائِم بَعْضهَا بَعْضًا يبركوهن فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} وَلَا بَأْس أَن يغشى الرجل الْمَرْأَة كَيفَ شَاءَ إِذا أَتَاهَا فِي الْفرج وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: ذَلِك أَن الْيَهُود عرضوا بِالْمُؤْمِنِينَ فِي نِسَائِهِم وعيروهم فَأنْزل الله فِي ذَلِك وأكذب الْيَهُود وخلى بَين الْمُؤمنِينَ وَبَين حوائجهم فِي نِسَائِهِم وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُحَمَّد بن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان قَالَ: كَانَ عبد الله بن عمر يحدثنا: أَن النِّسَاء كن يؤتين فِي أقبالهن وَهِي موليات فَقَالَت الْيَهُود: من جَاءَ امْرَأَته وَهِي مولية جَاءَ وَلَده أَحول فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق صَفِيَّة بنت شيبَة عَن أم سَلمَة قَالَت لما قدم الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة أَرَادوا أَن يَأْتُوا النِّسَاء من أدبارهن فِي فروجهن فأنكرن ذَلِك فجئن أم سَلمَة فذكرن ذَلِك لَهَا فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَقَالَ {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} صماماً وَاحِدًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد الدَّارمِيّ وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ سَأَلت حَفْصَة بنت عبد الرَّحْمَن فَقلت لَهَا: إِنِّي أُرِيد أَن أَسأَلك عَن شَيْء وَأَنا أستحي أَن أَسأَلك عَنهُ قَالَت: سل ابْن أخي عَمَّا بدا لَك قَالَ: أَسأَلك عَن إتْيَان النِّسَاء فِي أدبارهن فَقَالَت: حَدَّثتنِي أم سَلمَة قَالَت: كَانَت الْأَنْصَار لَا تجبي وَكَانَت الْمُهَاجِرُونَ تجبي وَكَانَت الْيَهُود تَقول: إِنَّه من جبى امْرَأَته كَانَ الْوَلَد أَحول فَلَمَّا قدم الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة نكحوا فِي نسَاء الأنصاء فجبوهن فَأَبت امْرَأَة أَن تطيع زَوجهَا

وَقَالَت: لن تفعل ذَلِك حَتَّى نسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَت أم سَلمَة فَذكرت لَهَا ذَلِك فَقَالَت: اجلسي حَتَّى يَأْتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استحيت الْأَنْصَارِيَّة أَن تسأله فَخرجت فَذكرت ذَلِك أم سَلمَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ادعوها لي فَدُعِيت فَتلا عَلَيْهَا هَذِه الْآيَة {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} صماماً وَاحِدًا قَالَ: والصمام السَّبِيل الْوَاحِد وَأخرج فِي مُسْند أبي حنيفَة عَن حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ أَن امْرَأَة أتتها فَقَالَت: إِن زَوجي يأتيني مجبأة ومستقبلة فَكَرِهته فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا بَأْس إِذا كَانَ فِي صمام وَاحِد وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ عمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَلَكت قَالَ: وَمَا أهْلكك قَالَ: حوّلت رحلي اللَّيْلَة فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا فَأوحى الله إِلَى رَسُوله هَذِه الْآيَة {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} يَقُول: أقبل وَأدبر وَاتَّقِ الدبر وَالْحيض وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} فِي أنَاس من الْأَنْصَار أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلُوهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ائتها على كل حَال إِذا كَانَ فِي الْفرج وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ والخرائطي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَتَى نَاس من حمير إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلُوهُ عَن أَشْيَاء فَقَالَ لَهُ رجل: إِنِّي أحب النِّسَاء وَأحب أَن آتِي إمرأتي مجبأة فَكيف ترى فِي ذَلِك فَأنْزل الله فِي سُورَة الْبَقَرَة بَيَان مَا سَأَلُوا عَنهُ وَأنزل فِيمَا سَأَلَ عَنهُ الرجل {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ائتها مقبلة ومدبرة إِذا كَانَ ذَلِك فِي الْفرج وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه والدارمي وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن ابْن عمر - وَالله يغْفر لَهُ - أَو هم إِنَّمَا كَانَ هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار وهم أهل وثن مَعَ هَذَا الْحَيّ من الْيَهُود وهم أهل كتاب كَانُوا يرَوْنَ لَهُم فضلا عَلَيْهِم فِي الْعلم فَكَانُوا يقتدون بِكَثِير من فعلهم فَكَانَ من أَمر أهل الْكتاب لَا يأْتونَ النِّسَاء إِلَّا على حرف وَذَلِكَ اسْتُرْ مَا

تكون الْمَرْأَة فَكَانَ هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار قد أخذُوا بذلك من فعلهم وَكَانَ هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش يشرحون النِّسَاء شرحاً ويتلذذون مِنْهُنَّ مقبلات مدبرات ومستلقيات فَلَمَّا قدم الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة تزوّج رجل مِنْهُم امْرَأَة من الْأَنْصَار فَذهب يصنع بهَا ذَلِك فأنكرته عَلَيْهِ وَقَالَت: إِنَّمَا كُنَّا نؤتى على حرف وَاحِد فَاصْنَعْ ذَلِك وَإِلَّا فاجتنبني فسرى أَمرهمَا فَبلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} يَقُول: مقبلات ومدبرات بعد أَن يكون فِي الْفرج وَإِنَّمَا كَانَت من قبل دبرهَا فِي قبلهَا زَاد الطَّبَرَانِيّ قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ ابْن عَمْرو: فِي دبرهَا فأوهم ابْن عمر - وَالله يغْفر لَهُ - وَإِنَّمَا كَانَ الحَدِيث على هَذَا وَأخرج عبد بن حميد والدارمي عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يجتنبون النِّسَاء فِي الْمَحِيض ويأتوهن فِي أدبارهن فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَأنْزل الله {ويسألونك عَن الْمَحِيض قل هُوَ أَذَى} إِلَى قَوْله {من حَيْثُ أَمركُم الله} فِي الْفرج وَلَا تعدوه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: بَينا أَنا وَمُجاهد جالسان عِنْد ابْن عَبَّاس إِذْ أَتَاهُ رجل فَقَالَ: أَلا تشفيني من آيَة الْمَحِيض قَالَ: بلَى فاقرأ {ويسألونك عَن الْمَحِيض} إِلَى قَوْله {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: من حَيْثُ جَاءَ الدَّم من ثمَّ أمرت أَن تَأتي فَقَالَ: كَيفَ بِالْآيَةِ {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} فَقَالَ: أَي وَيحك وَفِي الدبر من حرث لَو كَانَ مَا تَقول حَقًا لَكَانَ الْمَحِيض مَنْسُوخا إِذا شغل من هَهُنَا جِئْت من هَهُنَا وَلَكِن {أَنى شِئْتُم} من اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: ظهر الْبَطن كَيفَ شِئْت إِلَّا فِي دبر وَالْحيض وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: إِن شِئْت فَأْتِهَا مستلقية وَإِن شِئْت فمحرفة وَإِن شِئْت فباركة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: يَأْتِيهَا من بَين يَديهَا وَمن خلفهَا مَا لم يكن فِي الدبر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: ائْتُوا النِّسَاء فِي أقبالهن على كل نَحْو

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: كنت آتِي أَهلِي فِي دبرهَا وَسمعت قَول الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} فَظَنَنْت أَن ذَلِك لي حَلَال فَقَالَ: يَا لكع إِنَّمَا قَوْله {أَنى شِئْتُم} قَائِمَة وَقَاعِدَة ومقبلة ومدبرة فِي أقبالهن لَا تعد ذَلِك إِلَى غَيره وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَأتوا حَرْثكُمْ} قَالَ: منبت الْوَلَد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ائْتِ حرثك من حَيْثُ نَبَاته وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: يَأْتِيهَا كَيفَ شَاءَ مَا لم يَأْتِيهَا فِي دبرهَا أَو فِي الْحيض وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} يَعْنِي بالحرث الْفرج يَقُول: تَأتيه كَيفَ شِئْت مُسْتَقْبلَة ومستدبرة وعَلى أَي ذَلِك أردْت بعد أَن لَا تجَاوز الْفرج إِلَى غَيره وَهُوَ قَوْله {من حَيْثُ أَمركُم الله} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يكره أَن تُؤْتى الْمَرْأَة فِي دبرهَا وَيَقُول: إِنَّمَا الْحَرْث من الْقبل الَّذِي يكون مِنْهُ النَّسْل وَالْحيض وَيَقُول: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} يَقُول: من أَي وَجه شِئْتُم وَأخرج الدَّارمِيّ والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن ابْن عَبَّاس {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: يَأْتِيهَا قَائِمَة وَقَاعِدَة وَمن بَين يَديهَا وَمن خلفهَا وَكَيف يَشَاء بعد أَن يكون فِي المأتى وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن هَذِه الْآيَة {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} فَقَالَ: ائتها من حَيْثُ يكون الْحيض وَالْولد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: تُؤْتى مقبلة ومدبرة فِي الْفرج وَأخرج ابْن أبي شيبَة والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن عِكْرِمَة قَالَ: يَأْتِيهَا كَيفَ شَاءَ قَائِما وَقَاعِدا وعَلى كل حَال مَا لم يكن فِي دبرهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد والدارمي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْقَعْقَاع الحرمي قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عبد الله بن مَسْعُود فَقَالَ: آتِي امْرَأَتي كَيفَ شِئْت

قَالَ: نعم قَالَ: وَحَيْثُ شِئْت قَالَ: نعم قَالَ: وأنّى شِئْت قَالَ: نعم فَفطن لَهُ رجل فَقَالَ: إِنَّه يُرِيد أَن يَأْتِيهَا فِي مقعدتها فَقَالَ: لَا محاش (محاش: أَسْفَل مَوَاطِن الطَّعَام فِي الْبَطن الْمُؤَدِّي إِلَى الْمخْرج) النِّسَاء عَلَيْكُم حرَام وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قلت يَا نَبِي الله نساؤنا مَا نأتي مِنْهُنَّ وَمَا نذر قَالَ: حَرْثكُمْ ائْتِ حرثك أَنى شِئْت غير أَن لَا تضرب الْوَجْه وَلَا تقبح وَلَا تهجر إِلَّا فِي الْبَيْت واطعم إِذا طعمت واكس إِذا اكتسيت كَيفَ وَقد أفْضى بَعْضكُم إِلَى بعض إِلَّا بِمَا حل عَلَيْهَا وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرف عَن خُزَيْمَة بن ثَابت أَن سَائِلًا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن إتْيَان النِّسَاء فِي أدبارهن فَقَالَ: حَلَال أَو قَالَ: لَا بَأْس فَلَمَّا ولى دَعَاهُ فَقَالَ: كَيفَ قلت من دبرهَا فِي قبلهَا فَنعم وَأما من دبرهَا فِي دبرهَا فَلَا إِن الله لَا يستحي من الْحق لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أدبارهن وَأخرج الْحسن بن عَرَفَة فِي جزئه وَابْن عدي وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَحْيوا إِن الله لَا يستحي من الْحق لَا يحل مأتى النِّسَاء فِي حشوشهن وَأخرج ابْن عدي عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّقوا محاشي النِّسَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينظر الله إِلَى رجل أَتَى رجلا أَو امْرَأَة فِي الدبر وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالطَّيَالِسِي وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الَّذِي يَأْتِي امْرَأَته فِي دبرهَا هِيَ اللوطية الصُّغْرَى وَأخرج النَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اسْتَحْيوا من الله حق الْحيَاء لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أدبارهن وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَلْعُون من أَتَى امْرَأَة فِي دبرهَا وَأخرج ابْن عدي عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَتَى شَيْئا من الرِّجَال أَو النِّسَاء فِي الادبار فقد كفر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ اتيان الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي أدبارهن كفر قَالَ الْحَافِظ بن كثير: هَذَا الْمَوْقُوف أصح وَأخرج وَكِيع فِي مُصَنفه وَالْبَزَّار عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لَا يستحي من الْحق لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أدبارهن وَأخرج النَّسَائِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: اسْتَحْيوا من الله فَإِن الله لَا يستحي من الْحق لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أدبارهن قَالَ الْحَافِظ بن كثير: هَذَا الْمَوْقُوف أصح وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أعجازهن وَأخرج ابْن وهب وَابْن عدي عَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَلْعُون من أَتَى النِّسَاء فِي محاشيهن وَأخرج أَحْمد عَن طلق بن يزِيد أَو يزِيد بن طلق عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله لَا يستحي من الْحق لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أستاههن وَأخرج ايْنَ أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تُؤْتى النِّسَاء فِي أعجازهن وَقَالَ: إِن الله لَا يستحي من الْحق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن طلق سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أستاههن فَإِن الله لَا يستحي من الْحق وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الَّذِي يَأْتِي امْرَأَته فِي دبرهَا لَا ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن طَاوس قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الَّذِي يَأْتِي امْرَأَته فِي دبرهَا فَقَالَ: هَذَا يسألني عَن الْكفْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عِكْرِمَة: أَن عمر بن الْخطاب ضرب رجلا فِي مثل ذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء: أَنه سُئِلَ عَن إتْيَان النِّسَاء فِي أدبارهن فَقَالَ: وَهل يفعل ذَلِك إِلَّا كَافِر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو فِي الَّذِي يَأْتِي الْمَرْأَة فِي دبرهَا قَالَ: هِيَ اللوطية الصُّغْرَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: سَأَلت ابْن الْمسيب وَأَبا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن ذَلِك فكرهاه ونهياني عَنهُ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَته فِي دبرهَا قَالَ: حَدثنِي عقبَة بن وشاح أَن أَبَا الدَّرْدَاء قَالَ: لَا يفعل ذَلِك إِلَّا كَافِر قَالَ: وحَدثني عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تِلْكَ اللوطية الصُّغْرَى وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: أَشْيَاء تكون فِي آخر هَذِه الْأمة عِنْد اقتراب السَّاعَة فَمِنْهَا نِكَاح الرجل امْرَأَته أَو أمته فِي دبرهَا فَذَلِك مِمَّا حرم الله وَرَسُوله ويمقت الله عَلَيْهِ وَرَسُوله وَمِنْهَا نِكَاح الْمَرْأَة للْمَرْأَة وَذَلِكَ مِمَّا حرم الله وَرَسُوله وَلَيْسَ لهَؤُلَاء صَلَاة مَا أَقَامُوا على هَذَا حَتَّى يتوبوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا قَالَ زر: قلت لأبي بن كَعْب وَمَا التَّوْبَة النصوح قَالَ: سَأَلت عَن ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هُوَ النَّدَم على الذَّنب حِين يفرط مِنْك فستغفر الله بندامتك عِنْد الْحَافِر ثمَّ لَا تعود إِلَيْهِ أبدا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: من أَتَى امْرَأَته فِي دبرهَا فَهُوَ من الْمَرْأَة مثله من الرجل ثمَّ تَلا (ويسألونك عَن الْمَحِيض) (الْبَقَرَة الْآيَة 242) إِلَى قَوْله {فأتوهن من حَيْثُ أَمركُم الله} أَن تعتزلوهن فِي الْمَحِيض فِي الْفروج ثمَّ تَلا {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: إِن شِئْت قَائِمَة وَقَاعِدَة ومقبلة ومدبرة فِي الْفرج وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: سُئِلَ طَاوس عَن إتْيَان النِّسَاء فِي أدبارهن فَقَالَ: ذَلِك كفر مَا بَدَأَ قوم لوط إِلَّا ذَاك أَتَوا النِّسَاء فِي أدبارهن وأتى الرِّجَال الرِّجَال وَأخرج أَبُو بكر الأشرم فِي سنَنه وَأَبُو بشر الدولابي فِي الكنى عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محاشي النِّسَاء عَلَيْكُم حرَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة والدارمي وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ محاشي النِّسَاء عَلَيْكُم حرَام قَالَ ابْن كثير: هَذَا الْمَوْقُوف أصح قَالَ الْحَافِظ: فِي جَمِيع الْأَحَادِيث المرفوعة فِي هَذَا الْبَاب وعدتها نَحْو عشْرين حَدِيثا كلهَا ضَعِيفَة لَا يَصح مِنْهَا

شَيْء وَالْمَوْقُوف مِنْهَا هُوَ الصَّحِيح وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي ذَلِك: مُنكر لَا يَصح من وَجه كَمَا صرح بذلك البُخَارِيّ وَالْبَزَّار وَالنَّسَائِيّ وَغير وَاحِد وَأخرج النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي النَّضر أَنه قَالَ لنافع مولى ابْن عمر: إِنَّه قد أَكثر عَلَيْك القَوْل إِنَّك تَقول عَن ابْن عمر: إِنَّه أفتى أَن يُؤْتى النِّسَاء فِي أدبارهن قَالَ: كذبُوا عَليّ وَلَكِن سأحدثك كَيفَ كَانَ الْأَمر: إِن ابْن عمر عرض الْمُصحف يَوْمًا وَأَنا عِنْده حَتَّى بلغ {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} فَقَالَ: يَا نَافِع هَل تعلم من أَمر هَذِه الْآيَة قلت: لَا قَالَ: إنَّا كُنَّا معشر قُرَيْش نجبي النِّسَاء فَلَمَّا دَخَلنَا الْمَدِينَة ونكحنا نسَاء الْأَنْصَار أردنَا مِنْهُنَّ مَا كُنَّا نُرِيد فَإِذا هن قد كرهن ذَلِك وأعظمنه وَكَانَت نسَاء الْأَنْصَار قد أخذت بِحَال الْيَهُود إِنَّمَا يؤتين على جنوبهن فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} وَأخرج الدَّارمِيّ عَن سعيد بن يسَار أبي الْحباب قَالَ: قلت لِابْنِ عمر: مَا تَقول فِي الْجَوَارِي نحمض لَهُنَّ قَالَ: وَمَا التحميض فَذكر الدبر فَقَالَ: وَهل يفعل ذَلِك أحد من الْمُسلمين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يعيب النِّكَاح فِي الدبر عَيْبا شَدِيدا وَأخرج الواحدي من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُهَاجِرين لما قدمُوا الْمَدِينَة ذكرُوا إتْيَان النِّسَاء فِيمَا بَينهم وَبَين الْأَنْصَار وَالْيَهُود من بَين أَيْدِيهنَّ وَمن خلفهن إِذا كَانَ المأتى وَاحِدًا فِي الْفرج فعابت الْيَهُود ذَلِك إِلَّا من بَين أَيْدِيهنَّ خَاصَّة وَقَالُوا: أَنا نجد فِي كتاب الله أَن كل إتْيَان النِّسَاء غير مستلقيات دنس عِنْد الله وَمِنْه يكون الْحول والخبل فَذكر الْمُسلمُونَ ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّة وَبَعْدَمَا أسلمنَا نأتي النِّسَاء كَيفَ شِئْنَا وَإِن الْيَهُود عابت علينا فأكذب الله الْيَهُود وَنزلت {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} يَقُول: الْفرج مزرعة الْوَلَد فَأتوا حَرْثكُمْ أَتَى شِئْتُم من بَين يَديهَا وَمن خلفهَا فِي الْفرج ذكر القَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة أخرج اسحق ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَتَفْسِيره وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير عَن نَافِع قَالَ قَرَأت ذَات يَوْم {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: ابْن عمر

أَتَدْرِي فيمَ أنزلت هَذِه الْآيَة قلت: لَا قَالَ: نزلت فِي إتْيَان النِّسَاء فِي أدبارهن وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير عَن ابْن عمر {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: فِي الدبر وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك من طَرِيق النَّضر بن عبد الله الْأَزْدِيّ عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر فِي قَوْله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: إِن شَاءَ فِي قبلهَا وَإِن شَاءَ فِي دبرهَا وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج بِسَنَد حسن عَن ابْن عمر قَالَ: إِنَّمَا نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} الْآيَة رخصَة فِي إتْيَان الدبر وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار بِسَنَد حسن عَن ابْن عمر أَن رجلا أصَاب امْرَأَته فِي دبرهَا زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْكر ذَلِك النَّاس وَقَالُوا: اثفروها فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} الْآيَة وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك من طَرِيق أَحْمد بن الحكم الْعَبْدي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ جَاءَت امْرَأَة من الْأَنْصَار إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَشْكُو زَوجهَا فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} الْآيَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير من طَرِيق زيد بن أسلم عَن ابْن عمر أَن رجلا أَتَى امْرَأَته فِي دبرهَا فَوجدَ فِي نَفسه من ذَلِك وجدا شَدِيدا فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي غرائب مَالك من طَرِيق أبي بشر الدولابي نبأنا أَبُو الْحَرْث أَحْمد بن سعيد نبأنا أَبُو ثَابت مُحَمَّد بن عبيد الله الْمدنِي حَدثنِي عبد الْعَزِيز مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي عَن عبد الله بن عمر بن حَفْص وَابْن أبي ذِئْب وَمَالك بن أنس فرقهم كلهم عَن نَافِع قَالَ: قَالَ لي ابْن عمر: امسك على الْمُصحف يَا نَافِع فَقَرَأَ حَتَّى أَتَى على {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ لي: أَتَدْرِي يَا نَافِع فيمَ نزلت هَذِه الْآيَة قلت: لَا قَالَ: نزلت فِي رجل من الأنصلر أصَاب امْرَأَته فِي دبرهَا فاعظم النَّاس ذَلِك فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} الْآيَة قلت لَهُ: من دبرهَا فِي قبلهَا قَالَ: لَا إِلَّا فِي دبرهَا وَقَالَ الرفا فِي فَوَائده تَخْرِيج الدَّارَقُطْنِيّ نبأنا أَبُو أَحْمد بن

عَبدُوس نبأنا عَليّ بن الْجَعْد نبأنا ابْن أبي ذِئْب عَن نلفع عَن ابْن عمر قَالَ: وَقع رجل على امْرَأَته فِي دبرهَا فَأنْزل الله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: فَقلت لِابْنِ أبي ذِئْب مَا تَقول أَنْت فِي هَذَا قَالَ: مَا أَقُول فِيهِ بعد هَذَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأحمد بن أُسَامَة التجِيبِي فِي فَوَائده عَن نَافِع قَالَ: قَرَأَ ابْن عمر هَذِه السُّور فَمر بِهَذِهِ الْآيَة {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} الْآيَة فَقَالَ: تَدْرِي فيمَ أنزلت هَذِه الْآيَة قَالَ: لَا قَالَ: فِي رجال كَانُوا يأْتونَ النِّسَاء فِي أدبارهن وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ ودعلج كِلَاهُمَا فِي غرائب مَالك من طَرِيق أبي مُصعب واسحق بن مُحَمَّد الْقَرَوِي كِلَاهُمَا عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: يَا نَافِع أمسك على الْمُصحف فَقَرَأَ حَتَّى بلغ {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} الْآيَة فَقَالَ: يَا نَافِع أَتَدْرِي فيمَ أنزلت هَذِه الْآيَة قلت: لَا قَالَ: نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار أصَاب امْرَأَته فِي دبرهَا فَوجدَ فِي نَفسه من ذَلِك فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله الْآيَة قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا ثَابت عَن مَالك وَقَالَ ابْن عبد الْبر: الرِّوَايَة عَن ابْن عمر بِهَذَا الْمَعْنى صَحِيحَة مَعْرُوفَة عَنهُ مَشْهُورَة وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَأَبُو يعلى وَابْن جرير والطَّحَاوِي فِي مُشكل الْآثَار وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجلا أصَاب امْرَأَته فِي دبرهَا فَأنْكر النَّاس عَلَيْهِ ذَلِك فأنزلت {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} وَأخرج النَّسَائِيّ والطَّحَاوِي وَابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن مَالك بن أنس أَنه قيل لَهُ: يَا أَبَا عبد الله إِن النَّاس يروون عَن سَالم بن عبد الله أَنه قَالَ: كذب العَبْد أَو العلج على أبي فَقَالَ مَالك: أشهد على يزِيد بن رُومَان أَنه أَخْبرنِي عَن سَالم بن عبد الله عَن ابْن عمر مثل مَا قَالَ لنافع فَقيل لَهُ: فَإِن الْحَارِث بن يَعْقُوب يروي عَن أبي الْحباب سعيد بن يسَار أَنه سَأَلَ ابْن عمر فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن إِنَّا نشتري الْجَوَارِي أفنحمض لَهُنَّ قَالَ: وَمَا التحميض فَذكر لَهُ الدبر فَقَالَ ابْن عمر: أُفٍّ أُفٍّ أيفعل ذَلِك مُؤمن أَو قَالَ: مُسلم فَقَالَ مَالك: أشهد على ربيعَة أَخْبرنِي عَن أبي الْحباب عَن ابْن عمر مثل مَا قَالَ نَافِع قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا مَحْفُوظ عَن مَالك صَحِيح

وَأخرج النَّسَائِيّ من طَرِيق يزِيد بن رُومَان عَن عبيد الله بن عبد الله بن عمر أَن عبد الله بن عمر كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يَأْتِي الرجل الْمَرْأَة فِي دبرهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: كنت عِنْد مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ: مَا تَقول فِي إتْيَان الْمَرْأَة فِي دبرهَا فَقَالَ: هَذَا شيخ من قُرَيْش فسله يَعْنِي عبد الله بن عَليّ بن السَّائِب فَقَالَ: قذر وَلَو كَانَ حَلَالا وَأخرج ابْن جرير عَن الدَّرَاورْدِي قَالَ: قيل لزيد بن أسلم: إِن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر نهى عَن إتْيَان النِّسَاء فِي أدبارهن فَقَالَ زيد: أشهد على مُحَمَّد لأخبرني أَنه يَفْعَله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن أبي مليكَة أَن سَأَلَ عَن إتْيَان الْمَرْأَة فِي دبرهَا فَقَالَ: قد أردته من جَارِيَة البارحة فاعتاصت عَليّ فاستعنت بدهن وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن أبي سُلَيْمَان الْجِرْجَانِيّ قَالَ: سَأَلت مَالك بن أنس عَن وَطْء الحلائل فِي الدبر فَقَالَ لي: السَّاعَة غسلت رَأْسِي مِنْهُ وَأخرج ابْن جرير فِي كتاب النِّكَاح من طَرِيق ابْن وهب عَن مَالك: أَنه مُبَاح وَأخرج الطَّحَاوِيّ من طَرِيق أصبغ بن الْفرج عَن عبد الله بن الْقَاسِم قَالَ: مَا أدْركْت أحدا اقْتدى بِهِ فِي ديني يشك فِي أَنه حَلَال يَعْنِي وَطْء الْمَرْأَة فِي دبرهَا ثمَّ قَرَأَ {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم} ثمَّ قَالَ: فَأَي شَيْء أبين من هَذَا وَأخرج الطَّحَاوِيّ وَالْحَاكِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي والخطيب عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم أَن الشَّافِعِي سَأَلَ عَنهُ فَقَالَ: مَا صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَحْلِيله وَلَا تَحْرِيمه شَيْء وَالْقِيَاس أَنه حَلَال وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عبد الحكم أَن الشَّافِعِي نَاظر مُحَمَّد بن الْحسن فِي ذَلِك فاحتج عَلَيْهِ ابْن الْحسن بِأَن الْحَرْث إِنَّمَا يكون فِي الْفرج فَقَالَ لَهُ فَيكون مَا سوى الْفرج محرما فَالْتَزمهُ فَقَالَ: أَرَأَيْت لَو وَطئهَا بَين سَاقيهَا أَو فِي أعكانها أَفِي ذَلِك حرث قَالَ: لَا قَالَ: أفيحرم قَالَ: لَا قَالَ: فَكيف تحتج بِمَا لَا تَقول بِهِ قَالَ الْحَاكِم: لَعَلَّ الشَّافِعِي كَانَ يَقُول ذَلِك فِي الْقَدِيم وَأما فِي الْجَدِيد فَصرحَ بِالتَّحْرِيمِ ذكر القَوْل الثَّالِث فِي الْآيَة أخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر

وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن زَائِدَة بن عُمَيْر قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْعَزْل فَقَالَ: إِنَّكُم قد أَكثرْتُم فَإِن كَانَ قَالَ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَإِن لم يكن قَالَ فِيهِ شَيْئا قَالَ: أَنا أَقُول {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} فَإِن شِئْتُم فاعزلوا وَإِن شِئْتُم فَلَا تَفعلُوا وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة عَن أبي ذِرَاع قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن قَول الله {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: إِن شَاءَ عزل وَإِن شَاءَ غير الْعَزْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير هن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {نِسَاؤُكُمْ حرث لكم فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: إِن شِئْت فأعزل وَإِن شِئْت فَلَا تعزل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر: كُنَّا نعزل وَالْقُرْآن ينزل فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم ينهنا عَنهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن لي جَارِيَة وَأَنا أَطُوف عَلَيْهَا وَأَنا أكره أَن تحمل فَقَالَ: اعزل عَنْهَا إِن شِئْت فَإِنَّهَا سيأتيها مَا قدر لَهَا فَذهب الرجل فَلم يلبث يَسِيرا ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُول الله الْجَارِيَة قد حملت فَقَالَ: قد أَخْبَرتك أَنه سيأتيها مَا قدر لَهَا وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْل فَقَالَ: أَو تَفْعَلُونَ لَا عَلَيْكُم أَن لَا تَفعلُوا فَإِنَّمَا هُوَ الْقدر مَا نسمَة كائنة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا وَهِي كائنة وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْل فَقَالَ: مَا من كل المَاء يكون الْوَلَد وَإِذا أَرَادَ الله خلق شَيْء لم يمنعهُ شَيْء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ عَن جَابر قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول الله: إِنَّا كُنَّا نعزل فَزَعَمت الْيَهُود أَنَّهَا الموءودة الصُّغْرَى فَقَالَ: كذبت الْيَهُود إِن الله إِذا أَرَادَ أَن يخلقه لم يمنعهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي جَارِيَة وَأَنا أعزل عَنْهَا وَأَنا أكره أَن تحمل

وَأَنا أُرِيد مَا أَرَادَ الرِّجَال وَإِن الْيَهُود تحدث أَن الْعَزْل هُوَ الموءودة الصُّغْرَى قَالَ: كذبت يهود لَو أَرَادَ الله أَن يخلقه مَا اسْتَطَعْت أَن تصرفه وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْل قَالَ إِن الْيَهُود تزْعم أَن الْعَزْل هِيَ الموءودة الصُّغْرَى قَالَ: كذبت يهود وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت أَنه سُئِلَ عَن الْعَزْل فَقَالَ: هُوَ حرثك ان شِئْت سقيته وَإِن شِئْت أعطشته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن سُئِلَ عَن الْعَزْل فَقَالَ: مَا كَانَ ابْن آدم ليقْتل نفسا قضى الله خلقهَا هُوَ حرثك ان شِئْت عطشته وان شِئْت سقيته وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يعْزل عَن الْحرَّة إِلَّا بِإِذْنِهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: تعزل عَن الْأمة وتستأمر الْحرَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تستأمر الْحرَّة فِي الْعَزْل وَلَا تستأمر الْأمة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكره عشر خلال التَّخَتُّم بِالذَّهَب وجر الإِزار والصفرة يَعْنِي الخلوق وتغيير الشيب والرقى إِلَّا بالمعوّذات وَعقد التمائم وَالضَّرْب بالكعاب والتبرج بالزينة لغير محلهَا وعزل المَاء عَن مَحَله وإفساد الصَّبِي عشر مُحرمَة ذكر القَوْل الرَّابِع فِي الْآيَة أخرج عبد بن حميد عَن ابْن الْحَنَفِيَّة فِي قَوْله {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} قَالَ: إِذا شِئْتُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَقدمُوا لأنفسكم} قَالَ: الْوَلَد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَقدمُوا لأنفسكم} قَالَ: التَّسْمِيَة عِنْد الْجِمَاع يَقُول: بِسم الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو

أَن أحدكُم إِذا أَتَى أَهله قَالَ: بِسم الله اللَّهُمَّ جنبنا الشَّيْطَان وجنب الشَّيْطَان مَا رزقتنا فَقضى بَينهمَا ولد لم يضرّهُ الشَّيْطَان أبدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق والعقيلي فِي الضُّعَفَاء عَن سلمَان قَالَ أمرنَا خليلي أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَا نتَّخذ من الْمَتَاع إِلَّا أثاثاً كأثاث الْمُسَافِر وَلَا نتَّخذ من السباء إِلَّا مَا ينْكح أَو ينْكح وأمرنا إِذا دخل أَحَدنَا على أَهله أَن يُصَلِّي وَيَأْمُر أَهله أَن تصلي خَلفه وَيَدْعُو يأمرها تؤمن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن أبي وَائِل قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عبد الله بن مَسْعُود فَقَالَ لَهُ: إِنِّي تزوجت جَارِيَة بكرا وَإِن قد خشيت أَن تعركني فَقَالَ عبد الله: إِن الْألف من الله وَإِن العرك من الشَّيْطَان ليكره إِلَيْهِ مَا أحل الله لَهُ فَإِذا أدخلت عَلَيْك فَمُرْهَا أَن تصلي خَلفك رَكْعَتَيْنِ وَقل: اللَّهُمَّ بَارك فِي أَهلِي وَبَارك لَهُم فيّ وارزقني مِنْهُم وارزقهم مني واللهم اجْمَعْ بَيْننَا مَا جمعت وَفرق بَيْننَا مَا فرقت إِلَى خير وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد مولى بني أَسد قَالَ: تزوجت امْرَأَة فدعوت أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم أَبُو ذَر وَابْن مَسْعُود فعلموني وَقَالُوا: إِذا دخل عَلَيْك أهلك فصل رَكْعَتَيْنِ ومرها فلتصل خَلفك وَخذ بناصيتها وسل الله خَيرهَا وتعوذ بِهِ من شَرها ثمَّ شَأْنك وشأن أهلك وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن قَالَ: يُقَال إِذا آتى الرجل أَهله فَلْيقل: بِسم الله اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيمَا رزقتنا وَلَا تجْعَل للشياطين نَصِيبا فِيمَا رزقتنا قَالَ: فَكَانَ يُرْجَى إِن حملت أَن يكون ولدا صَالحا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي وَائِل قَالَ: اثْنَتَانِ لَا يذكر الله العَبْد فيهمَا إِذا أَتَى الرجل أَهله يبْدَأ فيسمي الله وَإِذا كَانَ فِي الْخَلَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن عَلْقَمَة أَن ابْن مَسْعُود كَانَ إِذا غشي امْرَأَته فَأنْزل قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تجْعَل للشَّيْطَان فِيمَا رزقتنا نَصِيبا وَأخرج الخرائطي عَن عَطاء فِي قَوْله {وَقدمُوا لأنفسكم} قَالَ: التَّسْمِيَة عِنْد الْجِمَاع

224

// قَوْله تَعَالَى: وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم أَن تبروا وتتقوا وتصلحوا بَين النَّاس وَالله سميع عليم

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي مُسْنده عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم} يَقُول: لَا تجعلني فِي عرضة ليمينك أَن لَا تضع الْخَيْر وَلَكِن كفر عَن يَمِينك واصنع الْخَيْر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ أَن يحلف الرجل أَن لَا يكلم قرَابَته أَو لَا يتَصَدَّق أَو يكون بَين رجلَيْنِ مغاضبة فَيحلف لَا يصلح بَينهمَا وَيَقُول قد حَلَفت قَالَ: يكفر عَن يَمِينه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل يحلف على الشَّيْء من الْبر وَالتَّقوى لَا يَفْعَله فَنهى الله عَن ذَلِك أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل يحلف لَا يصل رَحمَه وَلَا يصلح بَين النَّاس فَأنْزل الله {وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عَائِشَة فَقَالَ: إِنِّي نذرت إِن كلمت فلَانا فَإِن كل مَمْلُوك لي عَتيق وكل مَال لي ستر للبيت فَقَالَت: لَا تجْعَل مملوكيك عُتَقَاء وَلَا تجْعَل مَالك سترا للبيت فَإِن الله يَقُول {وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم أَن تبروا وتتقوا} الْآيَة فَكفر عَن يَمِينك وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة فِي الْآيَة قَالَت: لَا تحلفُوا بِاللَّه وَإِن نذرتم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَاوس فِي قَوْله {وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم} قَالَ: هُوَ الرجل يحلف على الْأَمر الَّذِي لَا يصلح ثمَّ يعتل بِيَمِينِهِ يَقُول الله {أَن تبروا وتتقوا} هُوَ خير من أَن تمْضِي على مَا لَا يصلح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ الرجل يُرِيد الصُّلْح بَين اثْنَيْنِ فيغضبه أَحدهمَا أَو يتهمه فَيحلف أَن لَا يتَكَلَّم بَينهمَا فِي الصُّلْح فَنزلت الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: حدثت أَن قَوْله {وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم} الْآيَة نزلت فِي أبي بكر فِي شَأْن مسطح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَالله سميع} يَعْنِي الْيَمين الَّتِي حلفوا عَلَيْهَا {عليم} يَعْنِي عَالم بهَا كَانَ هَذَا قبل أَن تنزل كَفَّارَة الْيَمين وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن يلج أحدكُم فِي يَمِينه فِي أَهله أتم لَهُ عِنْد الله من أَن يُعْطي كَفَّارَته الَّتِي افْترض عَلَيْهِ

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نذر وَلَا يَمِين فِيمَا لَا يملك ابْن آدم وَلَا فِي مَعْصِيّة الله وَلَا فِي قطيعة الرَّحِم وَمن حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليدعها وليأت الَّذِي هُوَ خير فَإِن تَركهَا كفارتها وَأخرج ابْن ماجة وَابْن جرير عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف على يَمِين قطيعة رحم أَو مَعْصِيّة فبره أَن يَحْنَث فِيهَا وَيرجع عَن يَمِينه وَأخرج مَالك وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليكفر عَن يَمِينه وليفعل الَّذِي هُوَ خير وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي - وَالله إِن شَاءَ الله - لَا أَحْلف على يَمِين فَأرى غَيرهَا خيرا مِنْهَا إِلَّا أتيت الَّذِي هُوَ خير وتحللتها وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير فليكفر عَن يَمِينه وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسْأَل الامارة فَإنَّك إِن اعطيتها عَن غير مَسْأَلَة أعنت عَلَيْهَا وَإِن أعطيتهَا عَن مَسْأَلَة وكلت إِلَيْهَا وَإِذا حَلَفت على يَمِين فَرَأَيْت غَيرهَا خيرا مِنْهَا فأت الَّذِي هُوَ خير وَكفر عَن يَمِينك وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعيد بن الْمسيب أَن أَخَوَيْنِ من الْأَنْصَار كَانَ بَينهمَا مِيرَاث فَسَأَلَ أَحدهمَا صَاحب الْقِسْمَة فَقَالَ: إِن عدت تَسْأَلنِي الْقِسْمَة لم أُكَلِّمك أبدا وكل مَا لي فِي رتاج الْكَعْبَة فَقَالَ لَهُ عمر: إنَّ الْكَعْبَة لغنية عَن مَالك كفر عَن يَمِينك وكلم أَخَاك فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يَمِين وَلَا نذر فِي مَعْصِيّة الرب وَلَا فِي قَطْعِيَّة الرَّحِم وَفِيمَا لَا تملك وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن مَالك الْجُشَمِي قَالَ قلت: يَا رَسُول الله يأتيني ابْن عمي فاحلف أَن لَا أعْطِيه وَلَا أَصله قَالَ: كفر عَن يَمِينك

225

قَوْله تَعَالَى: لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ وَالله غَفُور حَلِيم أخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ ووكيع وَالشَّافِعِيّ فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن عَائِشَة قَالَت: أنزلت هَذِه الْآيَة {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} فِي قَول الرجل: لَا وَالله وبلى وَالله وكلا وَالله زَاد ابْن جرير: يصل بهَا كَلَامه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه سُئِلَ عَن اللَّغْو فِي الْيَمين فَقَالَ: قَالَت عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هُوَ كَلَام الرجل فِي يَمِينه كلا وَالله وبلى وَالله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} قَالَت: هُوَ الْقَوْم يتدارؤون فِي الْأَمر يَقُول هَذَا: لَا وَالله وَيَقُول هَذَا: كلا وَالله يتدارؤون فِي الْأَمر لَا تعقد عَلَيْهِ قُلُوبهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: إِنَّمَا اللَّغْو فِي المزاحة والهزل وَهُوَ قَول الرجل: لَا وَالله وبلى وَالله فَذَاك لَا كَفَّارَة فِيهِ إِن الْكَفَّارَة فِيمَا عقد عَلَيْهِ قلبه أَن يَفْعَله ثمَّ لَا يَفْعَله وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقوم ينتضلون وَمَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل من أَصْحَابه فَرمى رجل من الْقَوْم فَقَالَ: أصبت وَالله أَخْطَأت وَالله فَقَالَ الَّذِي مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حنث الرجل يَا رَسُول الله فَقَالَ: كلا أَيْمَان الرُّمَاة لَغْو لَا كَفَّارَة فِيهَا وَلَا عُقُوبَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عَطاء عَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس وَابْن عَمْرو أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: اللَّغْو لَا وَالله وبلى وَالله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَغْو الْيَمين لَا وَالله وبلى وَالله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق طَاوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَغْو الْيَمين أَن تحلف وَأَنت غَضْبَان

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تتأول هَذِه الْآيَة {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} وَتقول: هُوَ الشَّيْء يحلف عَلَيْهِ أحدكُم لَا يُرِيد مِنْهُ إِلَّا الصدْق فَيكون على غير مَا حلف عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لَغْو الْيَمين حلف الإِنسان على الشَّيْء يظنّ أَنه الَّذِي حلف عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ غير ذَلِك وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اللَّغْو أَن يحلف الرجل على الشَّيْء يرَاهُ حَقًا وَلَيْسَ بِحَق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} قَالَ: هَذَا فِي الرجل يحلف على أَمر اضرار أَن يَفْعَله أَو لَا يَفْعَله فَيرى الَّذِي خير مِنْهُ فَأمر الله أَن يكفر عَن يَمِينه وَيَأْتِي الَّذِي هُوَ خير قَالَ: وَمن اللَّغْو أَن يحلف الرجل على أَمر لَا يرى فِيهِ الصدْق وَقد أَخطَأ فِي ظَنّه فَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَلَا إِثْم فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} قَالَ: لَغْو الْيَمين أَن تحرم مَا أحل الله لَك فَذَلِك مَا لَيْسَ عَلَيْك فِيهِ كَفَّارَة {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ} قَالَ: مَا تَعَمّدت قُلُوبكُمْ فِيهِ المأثم فَهَذَا عَلَيْك فِيهِ الْكَفَّارَة وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} قَالَ: هُوَ الرجل يحلف على الْمعْصِيَة يَعْنِي أَن لَا يُصَلِّي وَلَا يصنع الْخَيْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} قَالَ: هُوَ الرجل يحلف على الشَّيْء ثمَّ ينسى فَلَا يؤاخذه الله بِهِ وَلَكِن يكفّر وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق قَتَادَة عَن سُلَيْمَان بن يسَار {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} قَالَ: الْخَطَأ غير الْمُتَعَمد وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي قلَابَة فِي قَول الرجل: لَا وَالله وبلى وَالله قَالَ: إِنَّهَا لمن لُغَة الْعَرَب لَيست بِيَمِين وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم}

قَالَ: هُوَ الرجل يحلف على الشَّيْء يرى أَنه صَادِق وَهُوَ كَاذِب فَذَاك اللَّغْو لَا يُؤَاخِذكُم بِهِ {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ} قَالَ: يحلف على الشَّيْء وَهُوَ يعلم أَنه كَاذِب فَذَاك الَّذِي لَا يُؤَاخذ بِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَ قوم حلفوا على تَحْرِيم الْحَلَال فَقَالُوا: أما إِذْ حلفنا وحرمنا على أَنْفُسنَا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لنا أَن نبر فَقَالَ اله (أَن تبروا وتتقوا وتصلحوا بَين النَّاس) (الْبَقَرَة الْآيَة 224) وَلم يَجْعَل لَهَا كَفَّارَة فَأنْزل الله (يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم) (التَّحْرِيم الْآيَتَانِ 1 - 2) فَأمر النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِالْكَفَّارَةِ لتَحْرِيم مَا حرم على نَفسه الْجَارِيَة الَّتِي كَانَ حرمهَا على نَفسه أمره أَن يكفر يَمِينه ويعاود جَارِيَته ثمَّ أنزل الله {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَالله غَفُور} يَعْنِي إِذا جَاوز الْيَمين الَّتِي حلف عَلَيْهَا {حَلِيم} إِذْ لم يَجْعَل فِيهَا الْكَفَّارَة ثمَّ نزلت الْكَفَّارَة

226

قَوْله تَعَالَى: للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة أشهر فَإِن فاؤوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم أخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقرؤوها ((للَّذين يقسمون من نِسَائِهِم)) وَيَقُول: الإِيلاء الْقسم وَالْقسم الإِيلاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي بن كَعْب مثله وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن حَمَّاد قَالَ: قَرَأت فِي مصحف أبي (للَّذين يقسمون) وَأخرج الشتفعي وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الايلاء أَن يحلف بِاللَّه أَن لَا يُجَامِعهَا ابداً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم} قَالَ: هُوَ الرجل يحلف لامْرَأَته بِاللَّه لَا ينْكِحهَا

فيتربص أَرْبَعَة أشهر فَإِن هُوَ نَكَحَهَا كفر يَمِينه فَإِن مَضَت أَرْبَعَة أشهر قبل أَن ينْكِحهَا خَيره السُّلْطَان إِمَّا أَن يفِيء فيراجع وَإِمَّا أَن يعزم فيطلق كَمَا قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ إِيلَاء أهل الْجَاهِلِيَّة السّنة والسنتين وَأكْثر من ذَلِك فوقت الله أَرْبَعَة أشهر فَإِن كَانَ إيلاؤه أقل من أَرْبَعَة أشهر فَلَيْسَ بإيلاء وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة أشهر} قَالَ: هَذَا فِي الرجل يؤلي من امْرَأَته يَقُول: وَالله لَا يجْتَمع رَأْسِي ورأسك وَلَا أقْربك وَلَا أغشاك قَالَ: وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يعدونه طَلَاقا فحدَّ لَهُم أَرْبَعَة أشهر فَإِن فَاء فِيهَا كفر عَن يَمِينه وَكَانَت امْرَأَته وَإِن مَضَت الْأَرْبَعَة أشهر وَلم يفىء فِيهَا فَهِيَ طالقة وَهِي أَحَق بِنَفسِهَا وَهُوَ أحد الْخطاب ويخطبها زَوجهَا فِي عدتهَا وَلَا يخطبها غَيره فِي عدتهَا فَإِن تزوّجها فَهِيَ عِنْده على تَطْلِيقَتَيْنِ وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل يَمِين منعت جماعاً فَهِيَ إِيلَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا إِيلَاء إِلَّا بِحلف وَأخرج عبد بن حميد سعيد بن الْمسيب وَسليمَان بن يسَار أَن خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ المَخْزُومِي هجر امْرَأَته سنة وَلم يكن حلف فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: أما تقْرَأ آيَة الإِيلاء إِنَّه لَا يَنْبَغِي أَن تهجر أَكثر من أَرْبَعَة أشهر وَأخرج عبد بن حميد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر أَنه سمع عَائِشَة وَهِي تعظ خَالِد بن الْعَاصِ المَخْزُومِي فِي طول الْهِجْرَة لامْرَأَته تَقول: يَا خَالِد إياك وَطول الْهِجْرَة فَإنَّك قد سَمِعت مَا جعل الله للموتى من الْأَجَل إِنَّمَا جعل الله لَهُ تربص أَرْبَعَة أشهر فَأخذ طول الْهِجْرَة قَالَ مُحَمَّد بن مُسلم: وَلم يبلغنَا أَنه مضى فِي طول الْهِجْرَة طَلَاق لأحد وَلَكِن عَائِشَة حذرته ذَلِك فَأَرَادَتْ أَن تعطفه على امْرَأَته وحذرت عَلَيْهِ أَن تشبهه بالإِيلاء وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا إِيلَاء إِلَّا بغضب وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الإِيلاء إيلاءان إِيلَاء

الْغَضَب وإيلاء فِي الرِّضَا أما الإِيلاء فِي الْغَضَب فَإِذا مَضَت أَرْبَعَة أشهر فقد بَانَتْ مِنْهُ وَأما مَا كَانَ فِي الرِّضَا فَلَا يُؤْخَذ بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطِيَّة بن جُبَير قَالَ: مَاتَت أم صبي بيني وَبَينه قرَابَة فَحلف أبي أَن لَا يطَأ أُمِّي حَتَّى تفطمه فَمضى أَرْبَعَة أشهر فَقَالُوا: قد بَانَتْ مِنْك فاتى عليا فَقَالَ: إِن كنت إِنَّمَا حَلَفت على تضرة فقد بَانَتْ مِنْك وَإِلَّا فَلَا وَأخرج عبد بن حميد عَن أم عَطِيَّة قَالَت: ولد لنا غُلَام فَكَانَ أَجْدَر شَيْء وأسمنه فَقَالَ الْقَوْم لِأَبِيهِ: إِنَّكُم لتحسنون غذَاء هَذَا الْغُلَام فَقَالَ: إِنِّي حَلَفت أَن لَا أقرب أمه حَتَّى تفطمه فَقَالَ الْقَوْم قد - وَالله - ذهبت عَنْك إمرأتك فارتفعا إِلَى عَليّ فَقَالَ عَليّ: أَنْت أَمن نَفسك أم من غضب غضبته عَلَيْهَا فَحَلَفت قَالَ: لَا بل أُرِيد أَن أصلح إِلَى وَلَدي قَالَ: فَإِن لَيْسَ فِي الإِصلاح إِيلَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أَتَى رجل عليا فَقَالَ: إِنِّي حَلَفت أَن لَا آتِي امْرَأَتي سنتَيْن فَقَالَ: مَا أَرَاك إِلَّا قد آلَيْت قَالَ: إِنَّمَا حَلَفت من أجل أَنَّهَا ترْضع وَلَدي قَالَ: فَلَا إِذن وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن إِنَّه سُئِلَ عَن رجل قَالَ لامْرَأَته: وَالله لَا أقْربك حَتَّى تفطمي ولدك قَالَ: وَالله مَا هَذَا بإيلاء وَأخرج عبد بن حميد عَن حَمَّاد قَالَ: سَأَلت إِبْرَاهِيم عَن الرجل يحلف أَن لَا يقرب امْرَأَته وَهِي ترْضع شَفَقَة على وَلَدهَا فَقَالَ إِبْرَاهِيم: مَا أعلم الإيلاءفي الْغَضَب قَالَ الله {فَإِن فاؤوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم} فَإِنَّمَا الْفَيْء من الْغَضَب وَقَالَ إِبْرَاهِيم: لَا أَقُول فِيهَا شَيْئا وَقَالَ حَمَّاد لَا أَقُول فِيهَا شَيْئا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن يزِيد بن الْأَصَم قَالَ: تزوجت امْرَأَة فَلَقِيت ابْن عَبَّاس فَقلت: تزوجت بهلل بنت يزِيد وَقد بَلغنِي أَن فِي خلقهَا شَيْئا ثمَّ قَالَ: وَالله لقد خرجت وَمَا أكلمها قَالَ: عَلَيْك بهَا قبل أَن تَنْقَضِي أَرْبَعَة أشهر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مَنْصُور قَالَ: سَأَلت إِبْرَاهِيم عَن رجل حلف لَا يكلم امْرَأَته فمضت أَرْبَعَة أشهر قبل أَن يُجَامِعهَا قَالَ: إِنَّمَا كَانَ الإِيلاء فِي الْجِمَاع وَأَنا أخْشَى أَن يكون إِيلَاء

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا آلى على شهر أَو شَهْرَيْن أَو ثَلَاثَة دون الْحَد برّت يَمِينه لَا يدْخل عَلَيْهِ إِيلَاء وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس قَالَ: كل شَيْء دون الْأَرْبَعَة فَلَيْسَ بإيلاء وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: لَو آلى مِنْهَا شهرا كَانَ إِيلَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن الحكم أَن رجلا آلى من امْرَأَته شهرا فَتَركهَا حَتَّى مَضَت أَرْبَعَة أشهر قَالَ النَّخعِيّ: هُوَ إِيلَاء وَقد بَانَتْ مِنْهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن وبرة أَن رجلا آلى عشرَة أَيَّام فمضت أَرْبَعَة أشهر فجَاء إِلَى عبد الله فَجعله إِيلَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن أبي ليلى قَالَ: إِن آلى مِنْهَا يَوْمًا أَو لَيْلَة فَهُوَ إِيلَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي الرجل يَقُول لامْرَأَته: وَالله لَا أطئوك اللَّيْلَة فَتَركهَا من أجل ذَلِك قَالَ: إِن تَركهَا حَتَّى تمْضِي أَرْبَعَة أشهر فَهُوَ إِيلَاء وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الْمُنْذر عَن أبيّ بن كَعْب أَنه قَرَأَ ((فَإِن فاؤا فِيهِنَّ فَإِن الله غَفُور رَحِيم)) وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الْفَيْء الْجِمَاع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْفَيْء الْجِمَاع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْفَيْء الْجِمَاع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ قَالَ: الْفَيْء الرِّضَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْفَيْء الرِّضَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ مَسْرُوق: الْفَيْء الْجِمَاع قيل: أَلا سَأَلته عَمَّن رَوَاهُ قَالَ: كَانَ الرجل فِي عَيْني من ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: الْفَيْء الإِشهاد وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: الْفَيْء الْجِمَاع فَإِن كَانَ لَهُ عذر من مرض أَو سجن أَجزَأَهُ أَن يفِيء بِلِسَانِهِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا حَال بَينه وَبَينهَا مرض أَو سفر أَو حبس أَو شَيْء يعْذر بِهِ فإشهاده فَيْء وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الشعْثَاء أَنه سَأَلَ عَلْقَمَة عَن الرجل يولي من امْرَأَته فَيكون بهَا نِفَاس أَو شَيْء فَلَا يَسْتَطِيع أَن يَطَأهَا قَالَ: إِذا فَاء بِقَلْبِه وَلسَانه وَرَضي بذلك فَهُوَ فَيْء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن أبي الشعْثَاء قَالَ: يُجزئهُ حَتَّى يتَكَلَّم بِلِسَانِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن أبي قلَابَة قَالَ: إِذا فَاء فِي نَفسه أَجزَأَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: إِذا آلى الرجل من امْرَأَته ثمَّ وَقع عَلَيْهَا قبل الْأَرْبَعَة أشهر فَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَة لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {فَإِن فاؤوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم} أَي لتِلْك الْيَمين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يرجون فِي قَول الله {فَإِن فاؤوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم} أَن كَفَّارَته فيئه وَأخرج عبد بن حميد عَن زيد بن ثَابت قَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن فَاء كفر وَإِن لم يفعل فَهِيَ وَاحِدَة وَهِي أَحَق بِنَفسِهَا

227

قَوْله تَعَالَى: وَأَن عزموا الطَّلَاق فَإِن الله سميع عليم أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ وَإِن عزموا السراح وَأخرج ابْن جرير عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ فِي الإِيلاء إِذا مَضَت أَرْبَعَة أشهر لَا شَيْء عَلَيْهِ حَتَّى توقف فيطلق أَو يمسك وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس أَن عُثْمَان كَانَ يُوقف الْمولي وَفِي لفظ كَانَ لَا يرى إِلَّا إِيلَاء شَيْئا وَإِن مَضَت الْأَرْبَعَة أشهر حَتَّى يُوقف وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه كَانَ يَقُول إِذا آلى الرجل من امْرَأَته لم يَقع عَلَيْهَا طَلَاق وَإِن مَضَت أَرْبَعَة أشهر حَتَّى يُوقف فإمَّا أَن يُطلق وَإِمَّا أَن يفِيء

وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ أَيّمَا رجل آلى من امْرَأَته فَإِن إِذا مضى الْأَرْبَعَة أشهر وقف حَتَّى يُطلق أَو يفِيء وَلَا يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق إِذا مَضَت الْأَرْبَعَة أشهر حَتَّى يُوقف وَأخرج البُخَارِيّ وَعبد بن حميد عَن ابْن عمر قَالَ الإِيلاء الَّذِي سمى الله لَا يحل لأحد بعد الْأَجَل إِلَّا أَن يمسك بِالْمَعْرُوفِ أَو يعزم الطَّلَاق كَمَا أمره الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء فِي رجل آلى من امْرَأَته قَالَ يُوقف عِنْد انْقِضَاء الْأَرْبَعَة أشهر فإمَّا أَن يُطلق وَإِمَّا أَن يفِيء وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت إِذا ذكر لَهَا الرجل يحلف أَن لَا يَأْتِي امْرَأَته فيدعها خَمْسَة أشهر لَا ترى ذَلِك شَيْئا حَتَّى يُوقف وَتقول كَيفَ قَالَ الله إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن قَتَادَة أَن أَبَا ذَر وَعَائِشَة قَالَا يُوقف الْمولي بعد انْقِضَاء الْمدَّة فإمَّا أَن يفِيء وَإِمَّا أَن يُطلق وَأخرج الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ أدْركْت بضعَة عشر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلهم يَقُول يُوقف الْمولي وَأخرج ابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه قَالَ سَأَلت اثْنَي عشر رجلا من الصَّحَابَة عَن الرجل يولي من امْرَأَته فكلهم يَقُول لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء حَتَّى تمْضِي الْأَرْبَعَة أشهر فَيُوقف فَإِن فَاء وَإِلَّا طلق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ثَابت بن عُبَيْدَة مولى زيد بن ثَابت عَن اثْنَي عشر رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِيلَاء لَا يطون طَلَاقا حَتَّى يُوقف وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب وَعُثْمَان بن عَفَّان وَعلي بن أبي طَالب وَزيد بن ثَابت وَابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس قَالُوا الإِيلاء تَطْلِيقَة بَائِنَة إِذا مرت أَرْبَعَة أشهر قبل أَن يفِيء فَهِيَ أملك بِنَفسِهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ عَزِيمَة الطَّلَاق انْقِضَاء أَرْبَعَة أشهر وَأخرج عبد بن حميد عَن أَيُّوب قَالَ قلت لِابْنِ جُبَير أَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول فِي الإِيلاء إِذا مَضَت أَرْبَعَة أشهر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة وتزوّج وَلَا عدَّة عَلَيْهَا قَالَ: نعم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِذا آلى الرجل من امْرَأَته فمضت أَرْبَعَة أشهر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة وَتعْتَد بعد ذَلِك ثَلَاثَة قُرُوء ويخطبها زَوجهَا فِي عدتهَا وَلَا يخطبها غَيره فَإِذا انْقَضتْ عدتهَا خطبهَا زَوجهَا وَغَيره وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ فِي الإِيلاء قَالَ إِذا مَضَت أَرْبَعَة أشهر فقد بَانَتْ مِنْهُ بتطليقة وَلَا يخطبها هُوَ وَلَا غَيره إِلَّا من بعد انْقِضَاء الْعدة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي رجل قَالَ لامْرَأَته إِن قربتك سنة فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا إِن قربهَا قبل السّنة فَهِيَ طَالِق ثَلَاثًا وَإِن تَركهَا حَتَّى تمْضِي الْأَرْبَعَة أشهر فقد بَانَتْ مِنْهُ بتطليقة فَإِن تزَوجهَا قبل انْقِضَاء السّنة فَإِنَّهُ يمسك عَن غشيانها حَتَّى تَنْقَضِي السّنة وَلَا يدْخل عَلَيْهِ إِيلَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي رجل قَالَ لامْرَأَته إِن قربتك إِلَى سنة فَأَنت طَالِق قَالَ إِن قربهَا بَانَتْ مِنْهُ وَإِن تَركهَا حَتَّى تمْضِي الْأَرْبَعَة أشهر فقد بَانَتْ مِنْهُ بتطليقة فَإِن تزَوجهَا فغشيها قبل انْقِضَاء السّنة بَانَتْ مِنْهُ وَإِن لم يقربهَا حَتَّى تمْضِي الْأَرْبَعَة أشهر فَإِنَّهُ يدْخل عَلَيْهِ إِيلَاء آخر وَأخرج مَالك عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ فِي الرجل يولي من امْرَأَته: أَنَّهَا إِذا مَضَت أَرْبَعَة أشهر فَهِيَ تَطْلِيقَة وَاحِدَة ولزوجها عَلَيْهَا رَجْعَة مَا كَانَت فِي الْعدة وَأخرج مَالك عَن ابْن شهَاب قَالَ: إِيلَاء العَبْد نَحْو إِيلَاء الْحر وَهُوَ وَاجِب وإيلاء العَبْد شَهْرَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِيلَاء العَبْد شَهْرَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ إِيلَاء العَبْد من الْأمة أَرْبَعَة أشهر وَأخرج معمر عَن قَتَادَة قَالَ: إِيلَاء العَبْد من الْحرَّة أَرْبَعَة أشهر وَأخرج مَالك عَن عبد الله بن دِينَار قَالَ: خرج عمر بن الْخطاب من اللَّيْل يسمع امْرَأَة تَقول: تطاول هَذَا اللَّيْل واسود جَانِبه وأرقني أَن لَا خَلِيل ألاعبه فوَاللَّه لَوْلَا الله أَنِّي أراقبه لحرك من هَذَا السرير جوانبه فَسَأَلَ عمر ابْنَته حَفْصَة كم أَكثر مَا تصبر الْمَرْأَة عَن زَوجهَا فَقَالَت: سِتَّة أشهر أَو أَرْبَعَة أشهر فَقَالَ عمر: لَا أحبس أحدا من الجيوش أَكثر من ذَلِك

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَشْرَاف عَن السَّائِب بن جُبَير مولى ابْن عَبَّاس وَكَانَ قد أدْرك أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا زلت أسمع حَدِيث عمر أَنه خرج ذَات لَيْلَة يطوف بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ يفعل ذَلِك كثيرا إِذْ مر بِامْرَأَة من نسَاء الْعَرَب مغلقة بَابهَا وَهِي تَقول: تطاول هَذَا اللَّيْل تسري كواكبه وأرقني أَن لَا ضجيع ألاعبه فوَاللَّه لَوْلَا الله لَا شَيْء غَيره لحرك من هَذَا السرير جوانبه وَبت ألاهي غير بدع ملعن لطيف الحشا لَا يحتويه مضاجعه يلاعبني طوراً وطوراً كَأَنَّمَا بدا قمراً فِي ظلمَة اللَّيْل حَاجِبه يسر بِهِ من كَانَ يلهو بِقُرْبِهِ يعاتبني فِي حبه واعاتبه ولكنني أخْشَى رقيبا موكلا بِأَنْفُسِنَا لَا يفتر الدَّهْر كَاتبه ثمَّ تنفست الصعداء وَقَالَت: أَشْكُو عمر بن الْخطاب وحشتي فِي بَيْتِي وغيبة زَوجي عَليّ وَقلة نفقتي فلَان لَهَا عمر يرحمه الله فَلَمَّا أصبح بعث إِلَيْهَا بِنَفَقَة وَكِسْوَة وَكتب إِلَى عَامله يسرح إِلَيْهَا زَوجهَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ: سَأَلَ عمر ابْنَته حَفْصَة كم تصبر الْمَرْأَة عَن الرجل فَقلت: سِتَّة أشهر فَقَالَ: لَا جرم لَا أحبس رجلا أَكثر من سِتَّة أشهر وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن مُحَمَّد بن معن قَالَ: أَتَت امْرَأَة إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن زَوجي يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل وَأَنا أكره أَن أشكوه إِلَيْك وَهُوَ يقوم بِطَاعَة الله فَقَالَ لَهَا: جَزَاك الله خيرا من مثنية على زَوجهَا فَجعلت تكَرر عَلَيْهِ القَوْل وَهُوَ يُكَرر عَلَيْهَا الْجَواب وَكَانَ كَعْب بن سوار الاسدي حَاضرا فَقَالَ لَهُ: اقْضِ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بَينهَا وَبَين زَوجهَا فَقَالَ: وَهل فِيمَا ذكرت قَضَاء فَقَالَ: إِنَّهَا تَشْكُو مباعدة زَوجهَا لَهَا عَن فراشها وتطلب حَقّهَا فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ عمر: أما لِأَن فهمت ذَلِك فَاقْض بَينهمَا فَقَالَ كَعْب: عَليّ بزوجها فأحضر فَقَالَ: إِن امْرَأَتك تشكوك فَقَالَ: قصرت فِي شَيْء من نَفَقَتهَا قَالَ: لَا فَقَالَت الْمَرْأَة: يَا أَيهَا القَاضِي الْحَكِيم برشده ألهى خليلي عَن فِرَاشِي مَسْجده نَهَاره وليله مَا يرقده فلست فِي حكم النِّسَاء أَحْمَده زهده فِي مضجعي تعبده فَاقْض القضا يَا كَعْب لَا تردده

فَقَالَ زَوجهَا: زهّدَني فِي فرشها وَفِي الحجل إِنِّي امْرُؤ أزهد فِيمَا قد نزل فِي سُورَة النَّحْل وَفِي السَّبع الطول وَفِي كتاب الله تخويف جلل فَقَالَ كَعْب: إِن خير القاضيين من عدل وَقضى بِالْحَقِّ جَهرا وَفصل إِن لَهَا حَقًا عَلَيْك يَا رجل تصيبها فِي أَربع لمن عقل قَضِيَّة من رَبهَا عز وَجل فاعطها ذَاك ودع عَنْك الْعِلَل ثمَّ قَالَ: إِن الله قد أَبَاحَ لَك النِّسَاء أَرْبعا فلك ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها تعبد فِيهَا رَبك وَلها يَوْم وَلَيْلَة فَقَالَ عمر: وَالله مَا أَدْرِي من أَي امريك أعجب أَمن فهمك أمرهَا أم من حكمك بَينهمَا اذْهَبْ فقد وليتك قَضَاء الْبَصْرَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج وَعمر بن الْخطاب مَعَه فعرضت امْرَأَة فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ادعِي زَوجك فدعته وَكَانَ ضِرَارًا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا تَقول امْرَأَتك يَا عبد الله فَقَالَ الرجل: وَالَّذِي أكرمك مَا جف رَأْسِي مِنْهَا فَقَالَت امْرَأَته: مَا مرّة وَاحِدَة فِي الشَّهْر فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتبغضيه قَالَت: نعم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أدنيا رأسيكما فَوضع جبهتها على جبهة زَوجهَا ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ ألف بَينهمَا وحبب أَحدهمَا إِلَى صَاحبه ثمَّ مر رَسُول الله بسوق النمط وَمَعَهُ عمر بن الْخطاب فطلعت امْرَأَة تحمل ادما على رَأسهَا فَلَمَّا رَأَتْ النَّبِي طرحته وَأَقْبَلت فَقبلت رجلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله: كَيفَ أَنْت وزوجك فَقَالَت: وَالَّذِي أكرمك مَا طارف وَلَا تالد وَلَا ولد بِأحب إِلَيّ مِنْهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أشهد أَنِّي رَسُول الله فَقَالَ عمر: وَأَنا أشهد أَنَّك رَسُول الله وَأخرج أَبُو يعلى وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من حَدِيث جَابر بن عبد الله مثله وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يصبح على كل سلامي من ابْن آدم صَدَقَة تَسْلِيمه على من لَقِي صَدَقَة وَأمره بِالْمَعْرُوفِ صدقه وَنَهْيه عَن النمكر صَدَقَة وإماطته الْأَذَى عَن الطَّرِيق صَدَقَة وبضعه أَهله صَدَقَة قَالُوا: يَا رَسُول الله أَحَدنَا يقْضِي شَهْوَته وَتَكون لَهُ صَدَقَة قَالَ: أَرَأَيْت لَو ضعها فِي غير حلهَا ألم يكن يَأْثَم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذرة قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله ذهب الْأَغْنِيَاء بِالْأَجْرِ قَالَ: ألستم تصلونَ وتصومون وتجاهدون قلت: بلَى وهم يَفْعَلُونَ كَمَا نَفْعل يصلونَ وَيَصُومُونَ ويجاهدون وَيَتَصَدَّقُونَ وَلَا نتصدق قَالَ: إِن فِيك صَدَقَة وَفِي فضل سَمعك صَدَقَة على الَّذِي لَا يسمع تعبر عَن حَاجته صَدَقَة وَفِي فضل بَصرك على الضَّرِير تهديه إِلَى الطَّرِيق صَدَقَة وَفِي فضل قوتك على الضَّعِيف تعينه صَدَقَة وَفِي إماطتك الْأَذَى عَن الطَّرِيق صَدَقَة وَفِي مباضتعك أهلك صَدَقَة قلت: يَا رَسُول الله أَيَأتِي أَحَدنَا شَهْوَته ويؤجر قَالَ: أَرَأَيْت لَو جعلته فِي غير حلّه أَكَانَ عَلَيْك وزر قلت: نعم قَالَ: أتحتسبون بِالشَّرِّ وَلَا تحتسبون بِالْخَيرِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذرة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَك فِي جماعك زَوجتك أجر قلت: كَيفَ يكون لي أجر فِي شهوتي قَالَ: أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك ولد فَأدْرك ورجوت خَيره ثمَّ مَاتَ أَكنت تحتسبه قلت: نعم قَالَ: فَأَنت خلقته قلت: بل الله قَالَ: أفأنت هديته قلت: بل الله هداه قَالَ: أفأنت كنت ترزقه قلت: بل الله يرزقه قَالَ: فَكَذَلِك فضعه فِي حَلَاله وجنبه حرَامه فَإِن شَاءَ الله أَحْيَاهُ وَإِن شَاءَ أَمَاتَهُ وَلَك أجر وَأخرج ابْن السّني وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيعْجزُ أحدكُم أَن يُجَامع أَهله فِي كل يَوْم جُمُعَة فَإِن لَهُ أَجْرَيْنِ اثْنَيْنِ غسله وَأجر غسل امْرَأَته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ وَالله إِنِّي لأكْره نَفسِي على الْجِمَاع رَجَاء أَن يخرج الله مني نسمَة تسبح وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن زيد بن أسلم قَالَ بَلغنِي أَنه جَاءَت امْرَأَة إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَت إِن زَوجهَا لَا يُصِيبهَا فَأرْسل إِلَيْهِ فَقَالَ كَبرت وَذَهَبت قوّتي فَقَالَ لَهُ عمر أتصيبها فِي كل شهر مرّة قَالَ أَكثر من ذَلِك قَالَ عمر فِي كم تصيبها قَالَ فِي كل طهر مرّة فَقَالَ عمر اذهبي فَإِن فِيهِ مَا يَكْفِي الْمَرْأَة

228

قَوْله تَعَالَى: والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن إِن كن يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك

إِن أَرَادوا إصلاحا ولهن مثل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وللرجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة وَالله عَزِيز حَكِيم أخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أَسمَاء بنت يزِيد بن السكن الانصارية قَالَت: طلقت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يكن للمطلقة عدَّة فَأنْزل الله حِين طلقت الْعدة للطَّلَاق {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} فَكَانَت أول من أنزلت فِيهَا الْعدة للطَّلَاق وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يُطلق أحدهم لَيْسَ لذَلِك عدَّة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} {واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر} الطَّلَاق الْآيَة 4 فنسخ وَاسْتثنى وَقَالَ (ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها) (الْأَحْزَاب الْآيَة 49) وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَائِشَة قَالَت: إِنَّمَا الْأَقْرَاء الاطهار

وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا انْتَقَلت حَفْصَة بنت عبد الرَّحْمَن حِين دخلت فِي الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة قَالَ ابْن شهَاب: فَذكرت ذَلِك لعمرة بنت عبد الرَّحْمَن فَقَالَت: صدق عُرْوَة وَقد جادلها فِي ذَلِك نَاس قَالُوا: إِن الله يَقُول {ثَلَاثَة قُرُوء} فَقَالَت عَائِشَة: صَدقْتُمْ وَهل تَدْرُونَ مَا الإِقراء الإِقراء الإِطهار قَالَ ابْن شهَاب: سَمِعت أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن يَقُول: مَا أدْركْت أحدا من فقهائنا إِلَّا وَهُوَ يَقُول: هَذَا يُرِيد الَّذِي قَالَت عَائِشَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر وَزيد بن ثَابت قَالَا: الإِقراء الإِطهار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: الإِقراء الْحيض عَن أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثَلَاثَة قُرُوء} قَالَ: ثَلَاث حيض وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} قَالَ: حيض وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء} فَجعل عدَّة الطَّلَاق ثَلَاث حيض ثمَّ أَنه نسخ مِنْهَا الْمُطلقَة الَّتِي طلقت وَلم يدْخل بهَا زَوجهَا فَقَالَ: فِي سُورَة الْأَحْزَاب (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها) (الْأَحْزَاب الْآيَة 49) فَهَذِهِ تزوّج ان شَاءَت من يَوْمهَا وَقد نسخ من الثَّلَاثَة فَقَالَ (واللاتي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم) (الطَّلَاق الْآيَة 4) فَهَذِهِ الْعَجُوز الَّتِي لَا تحيض وَالَّتِي لن تَحض فعدتهن ثَلَاثَة أشهر وَلَيْسَ الْحيض من أمرهَا فِي شَيْء وَنسخ من الثَّلَاثَة قُرُوء الْحَامِل فَقَالَ (أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ) (الطَّلَاق الْآيَة 4) فَهَذِهِ لَيست من القروء فِي شَيْء إِنَّمَا أجلهَا أَن تضع حملهَا وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عُرْوَة وَعمرَة عَن عَائِشَة قَالَت: إِذا دخلت فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فقد بَانَتْ من زَوجهَا وحلت للأزواج قَالَت عمْرَة: وَكَانَت عَائِشَة تَقول: إِنَّمَا الْقُرْء الطُّهْر وَلَيْسَ بالحيضة وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت قَالَ: إِذا دخلت الْمُطلقَة فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فقد بَانَتْ من زَوجهَا وحلت للأزواج وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: إِذا طلق الرجل امْرَأَته فَدخلت فِي الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة فقد بَرِئت مِنْهُ وبرىء مِنْهَا وَلَا تَرثه وَلَا يَرِثهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَلْقَمَة أَن رجلا طلق امْرَأَته ثمَّ

تَركهَا حَتَّى إِذا مَضَت حيضتان والثالة أَتَاهَا وَقد قعت فِي مغتسلها لتغتسل من الثَّالِثَة فَأَتَاهَا زَوجهَا فَقَالَ: قد رَاجَعتك قد رَاجَعتك ثَلَاثًا فَأتيَا عمر بن الْخطاب فَقَالَ عمر لِابْنِ مَسْعُود وَهُوَ إِلَى جنبه: مَا تَقول فِيهَا قَالَ: أرى أَنه أَحَق بهَا حَتَّى تَغْتَسِل من الْحَيْضَة الثَّالِثَة وَتحل لَهَا الصَّلَاة فَقَالَ عمر: وَأَنا أرى ذَلِك وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: تحل لزَوجهَا الرّجْعَة عَلَيْهَا حَتَّى تَغْتَسِل من الْحَيْضَة الثَّالِثَة وَتحل للأزواج وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: أرسل عُثْمَان بن عَفَّان إِلَى أبي يسْأَله عَن رجل طلق امْرَأَته ثمَّ رَاجعهَا حِين دخلت فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة قَالَ أبي: كَيفَ يُفْتِي مُنَافِق فَقَالَ عُثْمَان: نعيذك بِاللَّه أَن تكون منافقاً ونعوذ بِاللَّه أَن نسميك منافقاً ونعيذك بِاللَّه أَن يكون مِنْك هَذَا فِي الإِسلام ثمَّ تَمُوت وَلم تبينه قَالَ: فَإِنِّي أرى أَنه أَحَق بهَا مَا لم تَغْتَسِل من الْحَيْضَة الثَّالِثَة وَتحل لَهَا الصَّلَاة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْحسن عَن عمر وَعبد الله وَأبي مُوسَى فِي الرجل يُطلق امْرَأَته فتحيض ثَلَاث حيض فَرَاجعهَا قبل أَن تَغْتَسِل قَالَ: هُوَ أَحَق بهَا مَا لم تَغْتَسِل وَأخرج وَكِيع عَن الْحسن قَالَ: تَعْتَد بِالْحيضِ وَإِن كَانَت لَا تحيض فِي السّنة إِلَّا مرّة وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حَيَّان أَنه كَانَ عِنْد جده هاشمية وانصارية فَطلق الانصارية وَهِي ترْضع فمرت بهَا سنة ثمَّ هلك وَلم تَحض فَقَالَت: أَنا أرثه وَلم أحض فاختصموا إِلَى عُثْمَان فَقضى للأنصارية بِالْمِيرَاثِ فلامت الهاشمية عُثْمَان فَقَالَ: هَذَا عمل ابْن عمك هُوَ أَشَارَ علينا بِهَذَا يَعْنِي ابْن أبي طَالب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: إِذا طَلقهَا وَهِي حَائِض لم تَعْتَد بِتِلْكَ الْحَيْضَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة قَالَ: الاقراء الْحيض لَيْسَ بِالطُّهْرِ قَالَ الله تَعَالَى {فطلقوهن لعدتهن} وَلم يقل لقروئهن وَأخرج الشَّافِعِي عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر أَن رجلا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ

حَيَّان بن منقذ طلق امْرَأَته وَهُوَ صَحِيح وَهِي ترْضع ابْنَته فَمَكثت سَبْعَة عشر شهرا لَا تحيض يمْنَعهَا الرَّضَاع من أَن تحيض ثمَّ مرض حَيَّان فَقلت لَهُ: إِن امْرَأَتك تُرِيدُ أَن تَرث فَقَالَ لأَهله: احْمِلُونِي إِلَى عُثْمَان فَحَمَلُوهُ إِلَيْهِ فَذكر لَهُ شَأْن امْرَأَته وَعِنْده عليّ بن أبي طَالب وَزيد بن ثَابت فَقَالَ لَهما عُثْمَان: مَا تريان فَقَالَا: نرى أَنه إِن مَاتَ تَرثه ويرثها إِن مَاتَت فَإِنَّهَا لَيست من الْقَوَاعِد اللَّاتِي قد يئسن من الْمَحِيض وَلَيْسَت من الْأَبْكَار اللَّاتِي لم يبلغهن بالمحيض ثمَّ هِيَ على عدَّة حَيْضهَا مَا كَانَ من قَلِيل أَو كثير فَرجع حَيَّان إِلَى أَهله وَأخذ ابْنَته فَلَمَّا فقدت الرَّضَاع حَاضَت حَيْضَة ثمَّ حَاضَت حَيْضَة أُخْرَى ثمَّ توفّي حَيَّان قبل أَن تحيض الثَّالِثَة فاعتدت عدَّة الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا وورثته وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: طَلَاق الْأمة تَطْلِيقَتَانِ وقرؤها حيضتان وَفِي لفظ وعدتها حيضتان وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ من حَدِيث ابْن عمر مَرْفُوعا مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت قَالَ: الطَّلَاق بِالرِّجَالِ وَالْعدة بِالنسَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس قَالُوا: الطَّلَاق بِالرِّجَالِ وَالْعدة بِالنسَاء وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: الطَّلَاق للرِّجَال وَالْعدة للنِّسَاء وَأخرج مَالك عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: عدَّة الْمُسْتَحَاضَة سنة أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن} أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن} قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة تكْتم حملهَا حَتَّى تَجْعَلهُ لرجل آخر فنهاهن الله عَن ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن} قَالَ: علم الله أَن مِنْهُنَّ كواتم يكتمن ضِرَارًا ويذهبن بِالْوَلَدِ إِلَى غير أَزوَاجهنَّ فَنهى عَن ذَلِك وَقدم فِيهِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر {وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن} قَالَ: الْحمل وَالْحيض لَا يحل لَهَا إِن كَانَت حَامِلا أَن تكْتم حملهَا وَلَا يحل لَهَا ان كَانَت حَائِضًا أَن تكْتم حَيْضهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد {وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن} قَالَ: الْحيض وَالْولد لَا يحل للمطلقة أَن تَقول: أَنا حَائِض وَلَيْسَت بحائض وَلَا تَقول: إِنِّي حُبْلَى وَلَيْسَت بحبلى وَلَا تَقول: لست بحبلى وَهِي حُبْلَى وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله {وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن} قَالَ: بلغنَا أَن مَا خلق الله فِي أرحامهن الْحمل وبلغنا أَنه الْحيض وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: أكبر ذَلِك الْحيض وَفِي لفظ: أَكثر مَا عَنى بِهِ الْحيض وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة قَالَ: الْحيض أما قَوْله تَعَالَى: {وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك} أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك} يَقُول: إِذا طلق الرجل امْرَأَته تَطْلِيقَة أَو تطلقتين وَهِي حَامِل فَهُوَ أَحَق برجعتها مَا لم تضع حملهَا وَلَا يحل لَهَا أَن تكتمه يَعْنِي حملهَا وَهُوَ قَوْله {وَلَا يحل لَهُنَّ أَن يكتمن مَا خلق الله فِي أرحامهن} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مقَاتل بن حبَان فِي قَوْله {وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك} يَعْنِي الْمُرَاجَعَة فِي الْعدة نزلت فِي رجل من غفار طلق امْرَأَته وَلم يشْعر بحملها فَرَاجعهَا وردهَا إِلَى بَيته فَولدت وَمَاتَتْ وَمَات وَلَدهَا فَأنْزل الله بعد ذَلِك بأيام يسيرَة (الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان) (الْبَقَرَة الْآيَة 229) فنسخت الْآيَة الَّتِي قبلهَا وَبَين الله للرِّجَال كَيفَ يطلقون النِّسَاء وَكَيف يَتَرَبَّصْنَ وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد {وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك} قَالَ: فِي القروء الثَّلَاث وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع {وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك} قَالَ: فِي الْعدة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وبعولتهن أَحَق بردهن فِي ذَلِك} قَالَ: فِي الْعدة مَا ام يطلقهَا ثَلَاثًا أما قَوْله تَعَالَى: {ولهن مثل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {ولهن مثل الَّذِي عَلَيْهِنَّ} قَالَ: إِذا أطعن الله وأطعن أَزوَاجهنَّ فَعَلَيهِ أَن يحسن خطبتها ويكف عَنْهَا أَذَاهُ وَينْفق عَلَيْهَا من سعته وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن الْأَحْوَص أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلا إِن لكم على نسائكن حَقًا ولنسائكم عَلَيْكُم حَقًا فَأَما حقكم على نِسَائِكُم فَلَا يوطئن فرشكم من تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَن فِي بُيُوتكُمْ من تَكْرَهُونَ وَألا وحقهن عَلَيْكُم أَن تحسنوا إلَيْهِنَّ فِي كسوتهن وطعامهن وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُعَاوِيَة بن حيدة الْقشيرِي أَن سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا حق الْمَرْأَة على الزَّوْج قَالَ: أَن تطعمها إِذا طعمت وَأَن تكسوها إِذا كُسِيت وَلَا تضرب الْوَجْه وَلَا تقبح وَلَا تهجر إِلَّا فِي الْبَيْت وَأخرج ابْن عدي عَن قيس بن طلق عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا جَامع أحدكُم أَهله فَلَا يعجلها حَتَّى تقضي حَاجَتهَا كَمَا يحب أَن يقْضِي حَاجته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو يعلى عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جَامع أحدكُم أَهله فليصدقها فَإِن سبقها فَلَا يعجلها وَلَفظ عبد الرَّزَّاق: فَإِن قضى حَاجته وَلم تقض حَاجَتهَا فَلَا يعجلها وَأخرج وَكِيع وفيان بن عَيْنِيَّة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنِّي لأحب أَن أتزين للْمَرْأَة كَمَا أحب أَن تتزين الْمَرْأَة لي لِأَن الله يَقُول {ولهن مثل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وَمَا أحب أَن استوفي جَمِيع حَقي عَلَيْهَا لِأَن الله يَقُول (وللرجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة) وَأخرج ابْن ماجة عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطلى وَولى عانته بِيَدِهِ وَأخرج الخرائطي فِي كتاب مساوىء الْأَخْلَاق عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينوره (ينور: يدهن بالنورة وَهِي خليط من زرنيخ وَغَيره تسْتَعْمل لإِزَالَة الشّعْر) الرجل فَإِذا بلغ مراقه (الشّعْر حَان لَهُ أَن ينتف) تولى هُوَ ذَلِك

وَأخرج الخرائطي عَن مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ كَانَ ثَوْبَان مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جاراً لي فَكَانَ يدخال الْحمام فَقلت: وَأَنت صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تدخل الْحمام فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل الْحمام ثمَّ يتنور وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتنور كل شهر ويقلم أَظْفَاره كل خمس عشرَة وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة أَنه سُئِلت بِأَيّ شَيْء كَانَ يبْدَأ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل بَيته قَالَت: بِالسِّوَاكِ قَوْله تَعَالَى: {وللرجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وللرجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة} قَالَ: فضل مَا فَضله الله بِهِ عَلَيْهَا من الْجِهَاد وَفضل مِيرَاثه على مِيرَاثهَا وكل مَا فضل بِهِ عَلَيْهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: يطلقهَا وَلَيْسَ لَهَا من الْأَمر شَيْء وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم {وللرجال عَلَيْهِنَّ دَرَجَة} قَالَ: الْإِمَارَة

229

قَوْله تَعَالَى: الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا إِلَّا أَن يخافا أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ تِلْكَ حُدُود الله فَلَا تعتدوها وَمن يعْتد حُدُود الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ أخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: كَانَ الرجل إِذا طلق امْرَأَته ثمَّ ارتجعها قبل أَن تَنْقَضِي عدتهَا كَانَ ذَلِك لَهُ وَإِن طَلقهَا ألف مرّة فَعمد رجل إِلَى امْرَأَته فَطلقهَا حَتَّى مَا جَاءَ وَقت انْقِضَاء عدتهَا ارتجعها ثمَّ طَلقهَا ثمَّ قَالَ: وَالله لَا آويك وَلَا تحلين أبدا فَأنْزل الله {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان}

فَاسْتقْبل النَّاس الطَّلَاق جَدِيدا من يَوْمئِذٍ من كَانَ مِنْهُم طلق وَمن لم يُطلق وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّاس وَالرجل يُطلق امْرَأَته مَا شَاءَ الله أَن يطلقهَا وَهِي امْرَأَته إِذا ارتجعها وَهِي فِي الْعدة وَإِن طَلقهَا مائَة مرّة وَأكْثر حَتَّى قَالَ رجل لامْرَأَته: وَالله لَا أطلقك فتبيني وَلَا آويك أبدا قَالَت: وَكَيف ذَلِك قَالَ: أطلقك فَكلما هَمت عدتك أَن تَنْقَضِي رَاجَعتك فَذَهَبت الْمَرْأَة حَتَّى دخلت على عَائِشَة فَأَخْبَرتهَا فَسَكَتَتْ عَائِشَة حَتَّى جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَسكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزل الْقُرْآن {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} قَالَت عَائِشَة: فاستأنف النَّاس الطَّلَاق مُسْتَقْبلا من طلق وَمن لم يُطلق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: لم يكن للطَّلَاق وَقت يُطلق امْرَأَته أم يُرَاجِعهَا مَا لم تنقض الْعدة وَكَانَ بَين رجل وَبَين أَهله بعض مَا يكون بَين النَّاس فَقَالَ: وَالله لأتركنك لَا أيّماً وَلَا ذَات زوج فَجعل يطلقهَا حَتَّى إِذا كَادَت الْعدة أَن تَنْقَضِي رَاجعهَا فَفعل ذَلِك مرَارًا فَأنْزل الله فِيهِ {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} فوقت لَهُم الطَّلَاق ثَلَاثًا يُرَاجِعهَا فِي الْوَاحِدَة وَفِي الاثنتين وَلَيْسَ فِي الثَّالِثَة رَجْعَة حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَأخرج ابْن النجار عَن عَائِشَة أَنَّهَا أتتها امْرَأَة فسألتها عَن شَيْء من الطَّلَاق قَالَت: فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس (والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء) (الْبَقَرَة الْآيَة 228) إِلَى قَوْله (وبعولتهن أَحَق بردهن) وَذَلِكَ أَن الرجل كَانَ إِذا طلق امْرَأَته فَهُوَ أَحَق برجعتها وَإِن طَلقهَا ثَلَاثًا فنسخ ذَلِك فَقَالَ {الطَّلَاق مَرَّتَانِ فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن بعض الْفُقَهَاء قَالَ كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يُطلق امْرَأَته مَا شَاءَ لَا يكون عَلَيْهَا عدَّة فتتزوج من مَكَانهَا إِن شَاءَت فجَاء رجل من أَشْجَع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي طلقت امْرَأَتي وَأَنا أخْشَى أَن تتَزَوَّج فَيكون الْوَلَد لغيري فَأنْزل الله {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} فنسخت هَذِه كل طَلَاق فِي الْقُرْآن

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} قَالَ: لكل مرّة قرء فنسخت هَذِه الْآيَة مَا كَانَ قبلهَا فَجعل الله حدَّ الطَّلَاق ثَلَاثَة وَجعله أَحَق برجعتها مَا دَامَت فِي عدتهَا مَا لم يُطلق ثَلَاثًا وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي رزين الْأَسدي قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت قَول الله عز وَجل {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} فَأَيْنَ الثَّالِثَة قَالَ: التسريح بِإِحْسَان الثَّالِثَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أسمع الله يَقُول {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} فَأَيْنَ الثَّالِثَة قَالَ: إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان هِيَ الثَّالِثَة وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} هَل كَانَت تعرف الْعَرَب الطَّلَاق ثَلَاثًا فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ: نعم كَانَت الْعَرَب تعرف ثَلَاثًا باتاً أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول وَقد أَخذه أختانه فَقَالُوا: وَالله لَا نرفع عَنْك الْعَصَا حَتَّى تطلق أهلك فقد أضررت بهَا فَقَالَ: أيا جارتا بتي فَإنَّك طالقة كَذَاك أُمُور النَّاس غاد وطارقة فَقَالُوا: وَالله لَا نرفع عَنْك الْعَصَا أَو تثلث لَهَا الطَّلَاق فَقَالَ: بيني فَإِن الْبَين خير من الْعَصَا وَإِن لَا يزَال فَوق رَأْسِي بارقة فَقَالُوا: وَالله لَا نرفع عَنْك الْعَصَا أَو تثلث لَهَا الطَّلَاق فَقَالَ: بيني حصان الْفرج غير ذميمة وموقوفة فِينَا كَذَاك روامقة وذوقي فَتى حَيّ فَإِنِّي ذائق فتاة أنَاس مثل مَا أَنْت ذائقة وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} قَالَ: يطلقهَا بَعْدَمَا تطهر من قبل جماع فَإِذا حَاضَت وطهرت طَلقهَا أُخْرَى ثمَّ يَدعهَا تطهر مرّة أُخْرَى ثمَّ يطلقهَا إِن شَاءَ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} قَالَ: يُطلق الرجل امْرَأَته طَاهِرا فِي غير جماع فَإِذا حَاضَت ثمَّ طهرت فقد تمّ الْقُرْء ثمَّ يُطلق الثَّانِيَة كَمَا يُطلق الأولى إِن أحب أَن يفعل فَإِذا طلق الثَّانِيَة ثمَّ حَاضَت الْحَيْضَة الثَّانِيَة فهاتان

تَطْلِيقَتَانِ وَقُرْآن ثمَّ قَالَ الله للثالثة {فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} فيطلقها فِي ذَلِك الْقُرْء كُله إِن شَاءَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد عَن أبي حبيب قَالَ: التسريح فِي كتاب الله الطَّلَاق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَأبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة عَن ابْن مَسْعُود وأناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} قَالَ: وَهُوَ الْمِيقَات الَّذِي يكون عَلَيْهَا فِيهِ الرّجْعَة فَإِذا طلق وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ فإمَّا يمسك وَيُرَاجع بِمَعْرُوف وَإِمَّا يسكت عَنْهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا فَتكون أَحَق بِنَفسِهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِذا طلق الرجل امْرَأَته تَطْلِيقَتَيْنِ فليتق الله فِي الثَّالِثَة فإمَّا أَن يمْسِكهَا بِمَعْرُوف فَيحسن صحابتها أَو يسرحها بِإِحْسَان فَلَا يظلمها من حَقّهَا شَيْئا وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ إِذا نكح قَالَ: أنكحتك على مَا أَمر الله على إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أبْغض الْحَلَال إِلَى الله عز وَجل الطَّلَاق وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تطلق النِّسَاء إِلَّا عَن رِيبَة إِن الله لَا يحب الذواقين وَلَا الذواقات وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معَاذ مَا خلق الله شَيْئا على ظهر الأَرْض أحب إِلَيْهِ من عنَاق وَمَا خلق الله على وَجه الأَرْض أبْغض إِلَيْهِ من الطَّلَاق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن وهب أَن بطالا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَطلق امْرَأَته ألفا فَرفع ذَلِك إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ: إِنَّمَا كنت أَلعَب فعلاه عمر بِالدرةِ وَقَالَ: إِن كَانَ ليكفيك ثَلَاث وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب فِي الرجل يُطلق امْرَأَته ثَلَاثًا قبل أَن يدْخل بهَا قَالَ: هِيَ ثَلَاث لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَكَانَ إِذا أُتِي بِهِ أوجعهُ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن عَليّ فِيمَن طلق امْرَأَته ثَلَاثًا قبل أَن يدْخل بهَا لَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق حبيب بن أبي ثَابت عَن بعض أَصْحَابه قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عَليّ قَالَ: طلقت امْرَأَتي ألفا قَالَ: ثَلَاث تحرمها عَلَيْك واقسم سائرها بَين نِسَائِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَلْقَمَة بن قيس قَالَ: أَتَى رجل إِلَى ابْن مَسْعُود فَقَالَ: إِن رجلا طلق امْرَأَته البارحة مائَة قَالَ: قلتهَا مة وَاحِدَة قَالَ: نعم قَالَ: تُرِيدُ أَن تبين مِنْك امْرَأَتك قَالَ: نعم قَالَ: هُوَ كَمَا قلت قَالَ: وَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: رجل طلق امْرَأَته البارحة عدد النُّجُوم قَالَ: قلتهَا مرّة وَاحِدَة قَالَ: نعم قَالَ: تُرِيدُ أَن تبين مِنْك امْرَأَتك قَالَ: نعم قَالَ: هُوَ كَمَا قلت ثمَّ قَالَ: قد بَين الله أَمر الطَّلَاق فَمن طلق كَمَا أمره الله فقد بَين لَهُ وَمن لبس على نَفسه جعلنَا بِهِ لبسته وَالله لَا تلبسُونَ على أَنفسكُم ونتحمله عَنْكُم هُوَ كَمَا تَقولُونَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْمُطلقَة ثَلَاثًا قبل أَن يدْخل بهَا بِمَنْزِلَة قد دخل بهَا وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن إِيَاس بن البكير قَالَ: طلق رجل امْرَأَته ثَلَاثًا قبل أَن يدْخل بهَا ثمَّ بدا لَهُ أَن ينْكِحهَا فجَاء يستفتي فَذَهَبت مَعَه أسأَل لَهُ فَسَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة وَعبد الله بن عَبَّاس عَن ذَلِك فَقَالَا: لَا نرى أَن تنكحها حَتَّى تنْكح زوجا غَيْرك قَالَ: إِنَّمَا كَانَ طَلَاقي إِيَّاهَا وَاحِدَة قَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّك أرْسلت من يدك مَا كَانَ لَك من فضل وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ادود وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي عَيَّاش الْأنْصَارِيّ أَنه كَانَ جَالِسا مَعَ عبد الله بن الزبير وَعَاصِم بن عمر فجاءهما مُحَمَّد بن أبي إِيَاس بن البكير فَقَالَ: أَن رجلا من أهل الْبَادِيَة طلق امْرَأَته ثَلَاثًا قبل أَن يدْخل بهَا فَمَاذَا تريان فَقَالَ ابْن الزبير: إِن هَذَا الْأَمر مَا لنا فِيهِ قَول: اذْهَبْ إِلَى ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة فَإِنِّي تركتهما عِنْد عَائِشَة فاسألهما فَذهب فَسَأَلَهُمَا قَالَ ابْن عَبَّاس لأبي هُرَيْرَة: افْتِهِ يَا أَبَا هُرَيْرَة فقد جاءتك معضلة فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: الْوَاحِدَة تبينها وَالثَّلَاث تحرمها حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَقَالَ ابْن عَبَّاس مثل ذَلِك

وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: جَاءَ رجل يسْأَل عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن رجل طلق امْرَأَته ثَلَاثًا قبل أَن يَمَسهَا فَقلت: إِنَّمَا طَلَاق الْبكر وَاحِدَة فَقَالَ لي عبد الله بن عَمْرو: إِنَّمَا أَنْت قاضٍ الْوَاحِدَة تبين وَالثَّلَاث تحرمها حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَأخرج الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: جَاءَ رجل لِابْنِ عَبَّاس قَالَ: طلقت امْرَأَتي مائَة قَالَ: نَأْخُذ ثَلَاثًا وَنَدع سَبْعَة وَتِسْعين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: إِذا طلق الرجل امْرَأَته ثَلَاث قبل أَن يدْخل بهَا لم تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ: سَأَلَ رجل الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَأَنا شَاهد عَن رجل طلق امْرَأَته مائَة قَالَ: ثَلَاث تحرم وَسبع وَتسْعُونَ فضل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُوَيْد بن عفلة قَالَ: كَانَت عَائِشَة الخثعمية عِنْد الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا فَلَمَّا قتل عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَت: لِتَهْنَكَ الْخلَافَة قَالَ: يقتل عَليّ وتظهرين الشماتة اذهبي فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا قَالَ: فتلفعت ثِيَابهَا وَقَعَدت حَتَّى قَضَت عدتهَا فَبعث إِلَيْهَا بِبَقِيَّة لَهَا من صَدَاقهَا وَعشرَة آلَاف صَدَقَة فَلَمَّا جاءها الرَّسُول قَالَت: مَتَاع قَلِيل من حبيب مفارق فَلَمَّا بلغه قَوْلهَا بَكَى: ثمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي سَمِعت جدي أَو حَدثنِي أبي: أَنه سمع جدي قَول: أَيّمَا رجل طلق امْرَأَته ثَلَاثًا عِنْد الاقراء أَو ثَلَاثًا مُبْهمَة لم تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره لراجعتها وَأخرج الشَّافِعِي وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ركابة بن عبد يزِيد أَنه طلق امْرَأَته سهيمة الْبَتَّةَ فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَقَالَ: وَالله مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة فَقَالَ: ركَانَة وَالله مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة فَردهَا إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَطلقهَا الثَّانِيَة فِي زمَان عمر وَالثَّالِثَة فِي زمَان عُثْمَان وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عبد الله بن عَليّ بن زيد بن ركَانَة عَن أَبِيه عَن جده ركَانَة أَنه طلق امْرَأَته الْبَتَّةَ فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا أردْت بهَا قَالَ: وَاحِدَة قَالَ: وَالله مَا أردْت بهَا إِلَّا وَاحِدَة قَالَ: وَالله مَا أردْت بهَا إِلَّا وَاحِدَة قَالَ: هُوَ مَا أردْت فَردهَا عَلَيْهِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الطَّلَاق على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وسنتين من خلَافَة عمر طَلَاق الثَّلَاث وَاحِدَة فَقَالَ عمر بن الْخطاب: أَن النَّاس قد استعجلوا فِي أَمر كَانَت لَهُم فِيهِ أَنَاة فَلَو امضيناه عَلَيْهِم فأمضاه عَلَيْهِم وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس أَن أَبَا الصَّهْبَاء قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: أتعلم أَنما كَانَت الثَّلَاث وَاحِدَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَثَلَاثًا من امارة عمر قَالَ ابْن عَبَّاس: نعم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس أَن رجلا يُقَال لَهُ أَبُو الصَّهْبَاء كَانَ كثير السُّؤَال لِابْنِ عَبَّاس قَالَ: أما علمت أَن الرجل كَانَ إِذا طلق امْرَأَته ثَلَاثًا قبل أَن يدْخل بهَا جعلوها وَاحِدَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وصدرا من امارة عمر قَالَ ابْن عَبَّاس: بلَى كَانَ الرجل إِذا طلق امْرَأَته ثَلَاثًا قبل أَن يدْخل بهَا جعلوها وَاحِدَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وصدرا من امارة عمر فَلَمَّا رأى النَّاس قد تتابعوا فِيهَا قَالَ: أجيزوهن عَلَيْهِم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ طلق عبد يزِيد أَبُو ركَانَة أم ركَانَة ونكح امْرَأَة من مزينة فَجَاءَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: مَا يُغني عني إِلَّا كَمَا تغني هَذِه الشعرة لشعرة أَخَذتهَا من رَأسهَا فَفرق بيني وَبَينه فَأخذت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمية فَدَعَا بركانة وَإِخْوَته ثمَّ قَالَ لجلسائه: أَتَرَوْنَ فلَانا يشبه مِنْهُ كَذَا وَكَذَا من عبد يزِيد وَفُلَانًا مِنْهُ كَذَا وَكَذَا قَالُوا: نعم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد يزِيد: طَلقهَا فَفعل قَالَ: رَاجع امْرَأَتك أم ركَانَة فَقَالَ: إِنِّي طَلقتهَا ثَلَاثًا يَا رَسُول الله قَالَ: قد علمت ارجعها وتلا (يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن) _ الطَّلَاق الْآيَة 1)

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: طلق ركَانَة امْرَأَته ثَلَاثًا فِي مجْلِس وَاحِد فَحزن عَلَيْهَا حزنا شَدِيدا فَسَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ طَلقتهَا قَالَ: طَلقتهَا ثَلَاثًا فِي مجْلِس وَاحِد قَالَ: نعم فَإِنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَة فارجعها إِن شِئْت فَرَاجعهَا فَكَانَ ابْن عَبَّاس يرى إِنَّمَا الطَّلَاق عِنْد كل طهر فَتلك السّنة الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا النَّاس وَالَّتِي أَمر الله بهَا (فطلقوهن لعدتهن) وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا قَالَ أَنْت طَالِق ثَلَاثًا بِفَم وَاحِدَة فَهِيَ وَاحِدَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن أبي مليكَة أَن أَبَا الجوزاء أَتَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أتعلم أَن ثَلَاثًا كن يرددن على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى وَاحِدَة قَالَ: نعم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَلَاق الَّتِي لم يدْخل بهَا وَاحِدَة وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْأَعْمَش قَالَ: بَان بِالْكُوفَةِ شيخ يَقُول: سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب يَقُول: إِذا طلق الرجل امْرَأَته فِي مجْلِس وَاحِد فَإِنَّهُ يرد إِلَى وَاحِدَة وَالنَّاس عنقًا وَاحِدًا إِذْ ذَاك يأتونه ويسمعون مِنْهُ فَأَتَيْته فقرعت عَلَيْهِ الْبَاب فَخرج إِلَيّ شيخ فَقلت لَهُ: كَيفَ سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب يَقُول فِيمَن طلق امْرَأَته ثَلَاثًا فِي مجْلِس وَاحِد قَالَ: سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب يَقُول: إِذا طلق الرجل امْرَأَته ثَلَاثًا فِي مجْلِس وَاحِد فَإِنَّهُ يرد إِلَى وَاحِدَة قَالَ: فَقلت لَهُ: أَنى سَمِعت هَذَا من عَليّ قَالَ: أخرج إِلَيْك كتابا فَأخْرج فَإِذا فِيهِ: بِسم الله الرَّحِم الرَّحِيم قَالَ: سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب يَقُول: إِذا طلق الرجل امْرَأَته ثَلَاثًا فِي مجْلِس وَاحِد فقد بَانَتْ مِنْهُ وَلَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره قلت: وَيحك هَذَا غير الَّذِي تَقول قَالَ: الصَّحِيح هُوَ هَذَا وَلَكِن هَؤُلَاءِ أرادوني على ذَلِك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مسلمة بن جَعْفَر الأحمس قَالَ: قلت لجَعْفَر بن مُحَمَّد: يَزْعمُونَ أَن من طلق ثَلَاثًا بِجَهَالَة رد إِلَى السّنة يجعلونه وَاحِدَة عَنْكُم قَالَ: معَاذ الله مَا هَذَا من قَوْلنَا من طلق ثَلَاثًا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن بسام الصَّيْرَفِي قَالَ: سَمِعت جَعْفَر بن مُحَمَّد يَقُول: من طلق امْرَأَته بِجَهَالَة أَو علم فقد بَرِئت مِنْهُ وَأخرج ابْن ماجة عَن الشّعبِيّ قَالَ: قلت لفاطمة بنت قيس: حدثيني عَن طَلَاقك قَالَت: طَلقنِي زَوجي ثَلَاثًا وَهُوَ خَارج إِلَى الْيمن فَأجَاز ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا} الْآيَة أخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل يَأْكُل من مَال امْرَأَته نحلته الَّذِي نحلهَا وَغَيره لَا يرى أَن عَلَيْهِ جنَاحا فَأنْزل الله

{وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا} فَلم يصلح لَهُم بعد هَذِه الْآيَة أَخذ شَيْء من أموالهن إِلَّا بِحَقِّهَا ثمَّ قَالَ {إِلَّا أَن يخافا أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله} وَقَالَ (فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئاً) (النِّسَاء الْآيَة 4) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا أَن يخافا أَلا يُقِيمَا حُدُود الله} قَالَ: إِلَّا أَن يكون النُّشُوز وَسُوء الْخلق من قبلهَا فتدعوك إِلَى أَن تَفْتَدِي مِنْك فَلَا جنَاح عَلَيْك فِيمَا افتدت بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي ثَابت بن قيس وَفِي حَبِيبَة وَكَانَت اشتكته إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تردين عَلَيْهِ حديقته قَالَت: نعم فَدَعَاهُ فَذكر لَهُ ذَلِك فَقَالَ: ويطيب لي ذَلِك قَالَ: نعم قَالَ ثَابت: قد فعلت فَنزلت {وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا إِلَّا أَن يخافا أَلا يُقِيمَا حُدُود الله} الْآيَة وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة عَن حَبِيبَة بنت سهل الْأنْصَارِيّ أَنَّهَا كَانَت تَحت ثَابت بن قيس وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج إِلَى الصُّبْح فَوَجَدَهَا عِنْد بَابه فِي الْغَلَس فَقَالَ: من هَذِه فَقَالَت: أَنا حَبِيبَة بنت سهل فَقَالَ: مَا شَأْنك قَالَت: لَا أَنا وَلَا ثَابت فَلَمَّا جَاءَ ثَابت بن قيس قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذِه حَبِيبَة بنت سهل قد ذكرت مَا شَاءَ الله أَن تذكر فَقَالَت حَبِيبَة: يَا رَسُول الله كل مَا أَعْطَانِي عِنْدِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خُذ مِنْهَا فَأخذ مِنْهَا وَجَلَست فِي أَهلهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عمْرَة عَن عَائِشَة أَن حَبِيبَة بنت سهل كَانَت تَحت ثَابت بن قيس بن شماس فضربها فَكسر يَدهَا فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد الصُّبْح فاشتكته إِلَيْهِ فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَابتا فَقَالَ: خُذ بعض مَالهَا وفارقها قَالَ: وَيصْلح ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم قَالَ: فَإِنِّي أَصدقتهَا حديقتين فهما بِيَدِهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خذهما وفارقها فَفعل ثمَّ تزَوجهَا أبي بن كَعْب فَخرج بهَا إِلَى الشَّام فَتُوُفِّيَتْ هُنَاكَ وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن

جميلَة بنت عبد الله بن سلول امْرَأَة ثَابت بن قيس قَالَت: مَا أَعتب عَلَيْهِ فِي خلق وَلَا دين وَلَكِنِّي لَا أُطِيقهُ بغضاً وأكره الْكفْر فِي الإِسلام قَالَ: أَتردينَ عَلَيْهِ حديقته قَالَت: نعم قَالَ: اقبل الحديقة وَطَلقهَا تَطْلِيقَة وَلَفظ ابْن ماجة: فَأمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْخُذ مِنْهَا حديقته ولايزداد وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ هَل كَانَ لِلْخلعِ أصل قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: إِن أول خلع فِي الإِسلام فِي أُخْت عبد الله بن أبي أَنَّهَا أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله لَا يجمع رَأْسِي وَرَأسه شَيْء أبدا إِنِّي رفعت جَانب الخباء فرأيته أقبل فِي عدَّة فَإِذا هُوَ أَشَّدهم سواداً واقصرهم قامة وأقبحهم وَجها قَالَ زَوجهَا: يَا رَسُول الله إِنِّي أعطيتهَا أفضل مَالِي: حديقة لي فَإِن ردَّتْ عَليّ حَدِيقَتِي قَالَ: مَا تَقُولِينَ قَالَت: نعم وَإِن شَاءَ زِدْته قَالَ: فَفرق بَينهمَا وَأخرج أَحْمد عَن سهل بن أبي حثْمَة كَانَت حَبِيبَة بنت سهل تَحت ثَابت بن قيس بن شماس فَكَرِهته وَكَانَ رجلا دميماً فَجَاءَت فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِنِّي لَا أرَاهُ فلولا مَخَافَة الله لَبَزَقْتُ فِي وَجهه فَقَالَ لَهَا: أَتردينَ عَلَيْهِ حديقته الَّتِي أصدقك قَالَت: نعم فَردَّتْ عَلَيْهِ حديقته وَفرق بَينهمَا فَكَانَ ذَلِك أول خلع كَانَ فِي الإِسلام وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن رَبَاح عَن جميلَة بنت أبي بن سلول أَنَّهَا كَانَت تَحت ثَابت بن قيس فنشزت عَلَيْهِ فَأرْسل إِلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا جميلَة مَا كرهت من ثَابت قَالَت: وَالله مَا كرهت مِنْهُ دينا وَلَا خلقا إِلَّا أَنِّي كرهت دمامته فَقَالَ لَهَا: أَتردينَ الحديقة قَالَت: نعم فَردَّتْ الحديقة وَفرق بَينهمَا وَأخرج ابْن ماجة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ كَانَت حَبِيبَة بنت سهل تَحت بن قيس بن شمس فَكَرِهته وَكَانَ رجلا دميماً فَقَالَت: يَا رَسُول الله وَالله لَوْلَا مَخَافَة الله إِذا دخل عَليّ بسقت فِي وَجهه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتردينَ عَلَيْهِ حديقته قَالَت: نعم فَردَّتْ عَلَيْهِ حديقته فَفرق بَينهمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن جميلَة بنت أبي بن سلول أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تُرِيدُ الْخلْع فَقَالَ لَهَا: مَا أصدقك قَالَت: حديقة قَالَ: فردي عَلَيْهِ حديقته

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء قَالَ أَتَت امْرَأَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِنِّي أبْغض زَوجي وَأحب فِرَاقه فَقَالَ: أَتردينَ حديقته الَّتِي أصدقك - وَكَانَ أصدقهَا حديقة - قَالَت: نعم وَزِيَادَة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اما زِيَادَة من مَالك فَلَا وَلَكِن الحديقة قَالَت: نعم فَقضى بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الرجل فَأخْبر بِقَضَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قد قبلت قَضَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرجه من وَجه آخر عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس مَوْصُولا وَقَالَ الْمُرْسل هُوَ الصَّحِيح وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن الزبير أَن ثَابت بن قيس بن شماس كَانَت عِنْده زَيْنَب بنت عبد الله بن أُبي بن سلول وَكَانَ أصدقهَا حديقة فَكَرِهته فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتردينَ عَلَيْهِ حديقته الَّتِي أَعْطَاك قَالَت: نعم وَزِيَادَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما الزِّيَادَة فَلَا وَلَكِن حديقته قَالَت: نعم فَأَخذهَا لَهُ وخلى سَبِيلهَا فَلَمَّا بلغ ذَلِك ثَابت بن قيس قَالَ: قد قبلت قَضَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ: أَرَادَت أُخْتِي أَن تختلع من زَوجهَا فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ زَوجهَا فَذكرت لَهُ ذَلِك فَقَالَ لَهَا: أَتردينَ عَلَيْهِ حديقته ويطلقك قَالَت: نعم وأزيده فخلعها فَردَّتْ عَلَيْهِ حديقته وزادته وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس قَالَ: جَاءَت امْرَأَة ثَابت بن قيس بن شماس إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت كلَاما كَأَنَّهَا كرهته فَقَالَ: أَتردينَ عَلَيْهِ حديقته قَالَت: نعم فَأرْسل إِلَى ثَابت: خُذ مِنْهَا ذَلِك وَطَلقهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا إِلَّا أَن يخافا أَلا يُقِيمَا حُدُود الله} قَالَ: هَذَا لَهما {فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله} قَالَ: هَذَا لولاة الْأَمر {فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ} قَالَ: إِذا كَانَ النُّشُوز وَالظُّلم من قبل الْمَرْأَة فقد أحل الله لَهُ مِنْهَا الْفِدْيَة وَلَا يجوز خلع إِلَّا عِنْد سُلْطَان فإمَّا إِذا كَانَت راضية مغتبطة بجناحه مطيعة لأَمره فَلَا يحل لَهُ أَن يَأْخُذ مِمَّا آتاها شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: إِذا جَاءَ الظُّلم من قبل الْمَرْأَة حل لَهُ الْفِدْيَة وَإِذا جَاءَ من قبل الرجل لم يحل لَهُ مِنْهَا شَيْء وَأخرج عبد بن حميد عَن عُرْوَة قَالَ: لَا يصلح الْخلْع إِلَّا أَن يكون الْفساد من قبل الْمَرْأَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن اللَّيْث قَالَ: قَرَأَ مُجَاهِد فِي الْبَقَرَة (إِلَّا أَن يخافا) بِرَفْع الْيَاء وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله (إِلَّا أَن يخَافُوا) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: فِي حرف أبيّ بن كَعْب أَن الْفِدَاء تَطْلِيقَة فِيهِ إِلَّا أَن يظنا أَن لَا يُقِيمَا حُدُود الله فَإِن ظنا أَن لَا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ لَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل الْخلْع تَطْلِيقَة بَائِنَة وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم بكر الأسْلَمِيَّة أَنَّهَا اخْتلعت من زَوجهَا عبد الله بن أسيد ثمَّ أَتَيَا عُثْمَان بن عَفَّان فِي ذَلِك فَقَالَ: هِيَ تَطْلِيقَة إِلَّا أَن تكون سميت شَيْئا فَهُوَ مَا سميت وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس أَن إِبْرَاهِيم بن سعيد بن أبي وَقاص سَأَلَ ابْن عَبَّاس عَن امْرَأَة طَلقهَا زَوجهَا طَلْقَتَيْنِ ثمَّ اخْتلعت مِنْهُ أيتزوجها قَالَ ابْن عَبَّاس: نعم ذكر الله الطَّلَاق فِي أول الْآيَة وَآخِرهَا وَالْخلْع بَين ذَلِك فَلَيْسَ الْخلْع بِطَلَاق ينْكِحهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَاوس قَالَ: لَوْلَا أَنه أعلم لَا يحل لي كِتْمَانه مَا حدثته أحدا كَانَ ابْن عَبَّاس لَا يرى الْفِدَاء طَلَاقا حَتَّى يُطلق ثمَّ يَقُول: أَلا ترى أَنه ذكر الطَّلَاق من قبله ثمَّ ذكر الْفِدَاء فَلم يَجعله طَلَاقا ثمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَة (فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره) (الْبَقَرَة الْآيَة 230) وَلم يَجْعَل الْفِدَاء بَينهمَا طَلَاقا وَأخرج الشَّافِعِي عَن ابْن عَبَّاس فِي رجل طلق امْرَأَته تَطْلِيقَتَيْنِ ثمَّ اخْتلعت مِنْهُ يَتَزَوَّجهَا إِن شَاءَ لِأَن الله يَقُول {الطَّلَاق مَرَّتَانِ} قَرَأَ إِلَى أَن يتراجعا وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة أَحْسبهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل شَيْء أجَازه المَال فَلَيْسَ بِطَلَاق يَعْنِي الْخلْع وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كره أَن يَأْخُذ من المختلعة أَكثر مِمَّا أَعْطَاهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن حميد الطَّوِيل قَالَ: قلت لرجاء بن حَيْوَة إِن الْحسن يكره أَن يَأْخُذ من الْمَرْأَة فَوق مَا أَعْطَاهَا فِي الْخلْع فَقَالَ: قَالَ قبيصَة بن ذُؤَيْب: اقْرَأ الْآيَة الَّتِي تَلِيهَا {فَإِن خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن كثير مولى سَمُرَة أَن امْرَأَة نشزت من زَوجهَا فِي امارة عمر فَأمر بهَا إِلَى بَيت كثير الزبل فَمَكثت ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ أخرجهَا فَقَالَ: كَيفَ رَأَيْت قَالَت: مَا وجدت الرَّاحَة إِلَّا فِي هَذِه الْأَيَّام فَقَالَ عمر: اخْلَعْهَا وَلَو من قُرْطهَا وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن رَبَاح أَن عمر بن الْخطاب قَالَ فِي المختلعة: تختلع بِمَا دون عقَاص رَأسهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن شهَاب الْخَولَانِيّ أَن امْرَأَة طَلقهَا زَوجهَا على ألف دِرْهَم فَرفع ذَلِك إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ: با عك زَوجك طَلَاقا بيعا وَأَجَازَهُ عمر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن الرّبيع بنت معوّذ بن عفراء قَالَت: كَانَ لي زوج يقل عَليّ الْخَيْر إِذا حضرني ويحرمني إِذا غَابَ عني فَكَانَت مني زلَّة يَوْمًا فَقلت لَهُ اختلع مِنْك بِكُل شَيْء أملكهُ قَالَ: نعم فَفعلت فخاصم عمي معَاذ بن عفراء إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان فَأجَاز الْخلْع وَأمره أَن يَأْخُذ عقَاص رَأْسِي فَمَا دونه وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع أَن مولاة صَفِيَّة بنت عبيد امْرَأَة عبد الله بن عمر اخْتلعت من زَوجهَا بِكُل شَيْء لَهَا فَلم يُنكر ذَلِك عبد الله بن عمر وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع أَن ربيع بنت معوذ جَاءَت هِيَ وعمها إِلَى عبد الله بن عمر فاخبرته أَنَّهَا اخْتلعت من زَوجهَا فِي زمَان عُثْمَان بن عَفَّان فَبلغ ذَلِك عُثْمَان فَلم يُنكره فَقَالَ عبد الله بن عمر: عدتهَا عدَّة الْمُطلقَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير أَن رجلا خلع امْرَأَته فِي ولَايَة عُثْمَان بن عَفَّان عِنْد غير سُلْطَان فَأَجَازَهُ عُثْمَان وَأخرج مَالك عَن سعيد بن الْمسيب وَابْن شهَاب وَسليمَان بن يسَار أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: عدَّة المختلعة ثَلَاثَة قُرُوء

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: عدَّة المختلعة مثل عدَّة الْمُطلقَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن نَافِع أَن الرّبيع اخْتلعت من زَوجهَا فَأتى عَمها عُثْمَان فَقَالَ: تَعْتَد حَيْضَة قَالَ: وَكَانَ ابْن عمر يَقُول: تَعْتَد ثَلَاث حيض حَتَّى قَالَ هَذَا عُثْمَان فَكَانَ ابْن عمر يُفْتِي بِهِ وَيَقُول: عُثْمَان خيرنا وَأَعْلَمنَا وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد عَن ابْن عمر قَالَ: عدَّة المختلعة حَيْضَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: عدَّة المختلعة حَيْضَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن امْرَأَة ثَابت بن قيس اخْتلعت من زَوجهَا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمرهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تَعْتَد بِحَيْضَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن الرّبيع بنت معوّذ بن عفراء أَنَّهَا اخْتلعت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمرهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تَعْتَد بِحَيْضَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبَادَة بن الْوَلِيد عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قلت للربيع بنت معوذ بن عفراء: حدثيني حَدِيثك قَالَت: اخْتلعت من زَوجي ثمَّ جِئْت عُثْمَان فَسَأَلت مَاذَا عَليّ من الْعدة فَقَالَ: لَا عدَّة عَلَيْك إلاَّ أَن يكون حَدِيث عهد بك فتمكثين حَتَّى تحيضي حَيْضَة قَالَت: إِنَّمَا اتبع فِي ذَلِك قَضَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَرْيَم المغالية وَكَانَت تَحت ثَابت بن قيس فَاخْتلعت مِنْهُ وَأخرج النَّسَائِيّ عَن ربيع بنت معوذ بن عفراء أَن ثَابت بن قيس بن شماس ضرب امْرَأَته فَكسر يَدهَا وَهِي جميلَة بنت عبد الله بن أبي فَأتى أَخُوهَا يشتكيه إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل إِلَى ثَابت فَقَالَ لَهُ: خُذ الَّذِي لَهَا عَلَيْك وخل سَبِيلهَا قَالَ: نعم فَأمرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تَتَرَبَّص حَيْضَة وَاحِدَة فتلحق بِأَهْلِهَا وَأخرج الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير أَنَّهُمَا قَالَا: فِي المختلعة يطلقهَا زَوجهَا قَالَا: لَا يلْزمهَا طَلَاق لِأَنَّهُ طلق مَا لَا يملك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِذا أَرَادَ النِّسَاء الْخلْع فَلَا تكفروهن وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة سَأَلت زَوجهَا

الطَّلَاق من غير مَا بَأْس فَحَرَام عَلَيْهَا رَائِحَة الْجنَّة وَقَالَ: المختلعات المنافقات وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تسْأَل الْمَرْأَة زَوجهَا الطَّلَاق فِي غير كنهه فتجد ريح الْجنَّة وَإِن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة أَرْبَعِينَ عَاما وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ المختلعات والمنتزعات هن المنافقات وَأخرج ابْن جرير عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المختلعات المنتزعات هن المنافقات وَأما قَوْله تَعَالَى: {تِلْكَ حُدُود الله فَلَا تعتدوها} أخرج النَّسَائِيّ عَن مَحْمُود بِمَ لبيد قَالَ أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رجل طلق امْرَأَته ثَلَاث تَطْلِيقَات جَمِيعًا فَقَامَ غَضْبَان ثمَّ قَالَ: أَيلْعَبُ بِكِتَاب الله وَأَنا بَين أظْهركُم حَتَّى قَامَ رجل وَقَالَ: يَا رَسُول الله أَلا اقتله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن رَافع بن سحبان أَن رجلا أَتَى عمرَان بن حُصَيْن فَقَالَ: رجل طلق امْرَأَته ثَلَاثًا فِي مجْلِس قَالَ: أَثم بربه وَحرمت عَلَيْهِ امْرَأَته فَانْطَلق الرجل فَذكر ذَلِك لأبي مُوسَى يُرِيد بذلك عَيبه فَقَالَ: أَلا ترى أَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: كَذَا وَكَذَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى: الله أكبر فتيا مثل أبي نجيد

230

قَوْله تَعَالَى: فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره فَإِن طَلقهَا فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يتراجعا إِن ظنا أَن يُقِيمَا حُدُود الله وَتلك حُدُود الله يبينها لقوم يعلمُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد} يَقُول: فَإِن طَلقهَا ثَلَاثًا فَلَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح غَيره وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ} قَالَ: عَاد إِلَى قَوْله (فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان) (الْبَقَرَة الْآيَة 229)

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} قَالَ: هَذِه الثَّالِثَة الَّتِي ذكر الله عز وَجل جعل الله عُقُوبَة الثَّالِثَة لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ} قَالَ: هَذِه الثَّالِثَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن أم سَلمَة أَن غُلَاما لَهَا طلق امْرَأَة تَطْلِيقَتَيْنِ فاستفت أم سَلمَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: حرمت عَلَيْهِ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَأخرج الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: ينْكح العَبْد امْرَأتَيْنِ وَيُطلق تَطْلِيقَتَيْنِ وَتعْتَد الْأمة حيضتين فَإِن لم تكن تحيض فشهرين وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَقُول: إِذا طلق العَبْد امْرَأَته اثْنَتَيْنِ فقد حرمت عَلَيْهِ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره حرَّة كَانَت أم أمة وعدة الْأمة حيضتان وعدة الْحرَّة ثَلَاث حيض وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن الْمسيب أَن نفيعاً مكَاتبا لأم سَلمَة طلق امْرَأَته حرَّة تَطْلِيقَتَيْنِ فاستفتى عُثْمَان بن عَفَّان فَقَالَ لَهُ: حرمت عَلَيْك وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن نفيعاً مكَاتبا لأم سَلمَة كَانَت تَحْتَهُ حرَّة فَطلقهَا اثْنَتَيْنِ ثمَّ أَرَادَ أَن يُرَاجِعهَا فَأمره أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْتِي عُثْمَان بن عَفَّان يسْأَله عَن ذَلِك فَذهب إِلَيْهِ وَعِنْده زيد بن ثَابت فسألاهما فَقَالَا: حرمت عَلَيْك حرمت عَلَيْك وَأما قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره ويهزها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي عَائِشَة بنت عبد الرَّحْمَن بن عتِيك النضري كَانَت عِنْد رِفَاعَة بن عتِيك وَهُوَ ابْن عَمها فَطلقهَا طَلَاقا بَائِنا فتزوّجت بعده عبد الرَّحْمَن بن الزبير الْقرظِيّ فَطلقهَا فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِنَّه طَلقنِي قبل أَن يمسني أفأراجع إِلَى الأول قَالَ: لَا حَتَّى يمس فَلَبثت مَا شَاءَ الله ثمَّ أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لَهُ: إِنَّه قد مسّني فَقَالَ:

كذبت بِقَوْلِك الأوّل فَلم أصدّقك فِي الآخر فَلَبثت حَتَّى قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَت أَبَا بكر فَقَالَت: أرجع إِلَى الأول فَإِن الآخر قد مسني فَقَالَ أَبُو بكر: شهِدت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَك: لَا تَرْجِعِي إِلَيْهِ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بكر أَتَت عمر فَقَالَ لَهُ: لَئِن أتيتني بعد هَذِه الْمرة لأرجمنك فَمنعهَا وَكَانَ نزل فِيهَا {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} فيجامعها فَإِن طَلقهَا بعد مَا جَامعهَا فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يتراجعا وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت جَاءَت امْرَأَة رِفَاعَة الْقرظِيّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِنِّي كنت عِنْد رِفَاعَة فطلقني فبنت طَلَاقي فتزوجني عبد الرَّحْمَن بن الزبير وَمَا مَعَه إِلَّا مثل هدبة الثَّوْب فَتَبَسَّمَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَة حَتَّى تَذُوقِي عسليته وَيَذُوق عسليتك وَأخرج وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن رجلا طلق امْرَأَته ثَلَاثًا فَتزوّجت زوجا وَطَلقهَا قبل أَن يَمَسهَا فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتحل للْأولِ قَالَ: لَا حَتَّى يَذُوق من عسيلتها كَمَا ذاق الأول وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس أَن الْمَرْأَة الَّتِي طلق رِفَاعَة الْقرظِيّ اسْمهَا تَمِيمَة بنت وهب بن عبيد وَهِي من بني النَّضِير وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الزبير بن عبد الرَّحْمَن بن الزبير أَن رِفَاعَة بن سموأل الْقرظِيّ طلق امْرَأَته تَمِيمَة بنت وهب على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثًا فنكحها عبد الرَّحْمَن بن الزبير فَاعْترضَ عَنْهَا فَلم يسْتَطع أَن يَمَسهَا ففارقها فَأَرَادَ رِفَاعَة أَن ينْكِحهَا وَهُوَ زَوجهَا الأول الَّذِي طَلقهَا فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَهَاهُ أَن يَتَزَوَّجهَا وَقَالَ: لَا تحل لَك حَتَّى تذوق الْعسيلَة وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزبير بن عبد الرَّحْمَن بن الزبير عَن أَبِيه أَن رِفَاعَة بن سموأل طلق امْرَأَته فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله قد تزَوجنِي عبد الرَّحْمَن وَمَا مَعَه إِلَّا مثل هَذِه وأومأت إِلَى هدبة من ثوبها فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعرض عَن كَلَامهَا ثمَّ قَالَ لَهَا تريدين أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَة حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَته وَيَذُوق عُسَيْلَتك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير عَن عَائِشَة قَالَت

سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رجل طلق امْرَأَته فَتزوّجت غَيره فَدخل بهَا ثمَّ طَلقهَا قبل أَن يواقعها أتحل لزَوجهَا الأول قَالَ: لَا حَتَّى تذوق عسيلة الآخر وَيَذُوق عسيلتها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرجل يُطلق امْرَأَته ثَلَاثًا فيتزوجها آخر فيغلق الْبَاب ويرخي السّتْر ثمَّ يطلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا فَهَل تحل للْأولِ قَالَ: لَا حَتَّى تذوق عُسَيْلَته وَفِي لفظ: حَتَّى يُجَامِعهَا الآخر وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن رجل كَانَت تَحْتَهُ امْرَأَة فَطلقهَا ثَلَاثًا فَتزوّجت بعده رجلا فَطلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا أتحل لزَوجهَا الأول فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا حَتَّى يكون الآخر قد ذاق من عسيلتها وذاقت من عُسَيْلَته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَرْأَة يطلقهَا زَوجهَا ثَلَاثًا فتتزوج غَيره فيطلقها قبل أَن يدْخل بهَا فيريد الأول أَن يُرَاجِعهَا قَالَ: لَا حَتَّى يَذُوق عسيلتها وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الله بن عَبَّاس أَن الغميصاء أَو الرميصاء أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَشْتَكِي زَوجهَا أَنه لَا يصل إِلَيْهَا فَلم يلبث أَن جَاءَ زَوجهَا فَقَالَ: يَا رَسُول الله هِيَ كَاذِبَة وَهُوَ يصل إِلَيْهَا وَلكنهَا تُرِيدُ أَن ترجع إِلَى زَوجهَا الأول فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ ذَلِك لَك حَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتك رجل غَيره وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة وَأنس قَالَا: لَا تحل للأوّل حَتَّى يُجَامِعهَا الآخر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: لَا تحل لَهُ حَتَّى يهزها بِهِ هزيز الْبكر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَا تحل لَهُ حَتَّى يقشقشها بِهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عمر فَسَأَلَهُ عَن رجل طلق امْرَأَته ثَلَاثًا فَتَزَوجهَا أَخ لَهُ من غير مُؤَامَرَة مِنْهُ لِيحِلهَا لِأَخِيهِ هَل تحل للْأولِ فَقَالَ: لَا الْإِنْكَاح رَغْبَة كُنَّا نعد هَذَا سِفَاحًا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو إِسْحَق الْجوزجَاني عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا الْإِنْكَاح رَغْبَة لَا نِكَاح دُلْسَة وَلَا استهزاء بِكِتَاب الله ثمَّ يَذُوق عسيلتها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُحَلّل والمحلل لَهُ وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لعن الله الْمُحَلّل والمحلل لَهُ وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الْمُحَلّل والمحلل لَهُ وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُحَلّل والمحلل لَهُ وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبركُم بالتيس الْمُسْتَعَار قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: هُوَ الْمُحَلّل لعن الله الْمُحَلّل والمحلل لَهُ وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الله الْمُحَلّل والمحلل لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو بكر بن الْأَثْرَم فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر أَنه قَالَ: لَا أُوتِيَ بِمُحَلل وَلَا مُحَلل لَهُ إِلَّا رَجَمْتهمَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن عُثْمَان بن عَفَّان رفع إِلَيْهِ رجل تزوّج امْرَأَة ليحللها لزَوجهَا فَفرق بَينهمَا وَقَالَ: لَا ترجع إِلَيْهِ الْإِنْكَاح رَغْبَة غير دُلْسَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا سَأَلَهُ فَقَالَ: إِن عمي طلق امْرَأَته ثَلَاثًا قَالَ: إِن عمك عصى الله فاندمه وأطاع الشَّيْطَان فَلم يَجْعَل لَهُ مخرجا قَالَ: كَيفَ ترى فِي رجل يحلهَا لَهُ قَالَ: من يُخَادع الله يخدعه وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت أَنه كَانَ يَقُول فِي الرجل يُطلق الْأمة ثَلَاثًا ثمَّ يَشْتَرِيهَا: إِنَّهَا لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَأخرج مَالك عَن سعيد بن الْمسيب وَسليمَان بن يسَار أَنَّهُمَا سئلا عَن رجل زوج عبدا لَهُ جَارِيَة فَطلقهَا العَبْد الْبَتَّةَ ثمَّ وَهبهَا سَيِّدهَا لَهُ هَل تحل لَهُ بِملك الْيَمين فَقَالَا: لَا تحل لَهُ حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي قَالَ: إِذا كَانَ تَحت الرجل مَمْلُوكَة فَطلقهَا - يَعْنِي الْبَتَّةَ - ثمَّ وَقع عَلَيْهَا سَيِّدهَا لَا يحلهَا لزَوجهَا إِلَّا أَن يكون زوج لَا تحل لَهُ إِلَّا من الْبَاب الَّذِي حرمت عَلَيْهِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَا يحلهَا لزَوجهَا وَطْء سَيِّدهَا حَتَّى تنْكح زوجا غَيره وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان أَن رجلا طلق امْرَأَته ثَلَاثًا قبل أَن يدْخل بهَا فَأتى ابْن عَبَّاس يسْأَله وَعِنْده أَبُو هُرَيْرَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِحْدَى المعضلات يَا أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: وَاحِدَة تبتها وَثَلَاث تحرمها فَقَالَ ابْن عَبَّاس: نورتها يَا أَبَا هُرَيْرَة وَأما قَوْله تَعَالَى: {فَإِن طَلقهَا فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا} الْآيَة أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ: قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: أشكل عَليّ امران قَوْله {فَإِن طَلقهَا فَلَا تحل لَهُ من بعد حَتَّى تنْكح زوجا غَيره فَإِن طَلقهَا فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يتراجعا} فدرست الْقُرْآن فَعلمت أَنه يَعْنِي إِذا طَلقهَا زَوجهَا الآخر رجعت إِلَى زَوجهَا الأول الْمُطلق ثَلَاثًا قَالَ: وَكنت رجلا مذاء فاستحيت أَن أسأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أجل أَن ابْنَته كَانَت تحتي فَأمرت الْمِقْدَاد بن الْأسود فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ فِيهِ الْوضُوء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فَإِن طَلقهَا فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا أَن يتراجعا} يَقُول: إِذا تزوّجت بعد الأول فَدخل بهَا الآخر فَلَا حرج على الأول أَن يتزوّجها إِذا طَلقهَا الآخر أَو مَاتَ عَنْهَا فقد حلت لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن ظنا أَن يُقِيمَا حُدُود الله} يَقُول: إِن ظنا أَن نِكَاحهمَا على غير دُلْسَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {أَن يُقِيمَا حُدُود الله} يَقُول: على أَمر الله وطاعته

231

قَوْله تَعَالَى: وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فأمسكوهن بِمَعْرُوف أَو سرحوهن بِمَعْرُوف وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا وَمن يفعل ذَلِك فقد ظلم نَفسه وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات الله هزوا واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم وَمَا أنزل عَلَيْكُم من الْكتاب وَالْحكمَة يعظكم بِهِ وَاتَّقوا الله وَاعْمَلُوا إِن الله بِكُل شَيْء عليم

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل يُطلق امْرَأَته ثمَّ يُرَاجِعهَا قبل انْقِضَاء عدتهَا ثمَّ يطلقهَا فيفعل بهَا ذَلِك يضارها ويعضلها فَأنْزل الله {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فأمسكوهن بِمَعْرُوف أَو سرحوهن بِمَعْرُوف وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا} وَأخرج مَالك وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ثَوْر بن زيد الديلِي أَن الرجل كَانَ يُطلق الْمَرْأَة ثمَّ يُرَاجِعهَا وَلَا حَاجَة لَهُ بهَا وَلَا يُرِيد امساكها إِلَّا كَيْمَا يطول عَلَيْهَا بذلك الْعدة ليضارها فَأنْزل الله {وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا وَمن يفعل ذَلِك فقد ظلم نَفسه} يَعِظهُمْ الله بذلك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل من الْأَنْصَار يدعى ثَابت بن يسَار طلق امْرَأَته حَتَّى إِذا إنقضت عدتهَا إِلَّا يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة رَاجعهَا ثمَّ طَلقهَا فَفعل ذَلِك بهَا حَتَّى مَضَت لَهَا تِسْعَة أشهر يضارها فَأنْزل الله {وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا} قَالَ: الضرار أَن يُطلق الرجل تَطْلِيقَة ثمَّ يُرَاجِعهَا عِنْد آخر يَوْم يبْقى من الاقراء ثمَّ يطلقهَا عِنْد آخر يَوْم يبْقى من الاقراء يضارها بذلك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن فِي هَذِه الْآيَة {وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا} قَالَ: هُوَ الرجل يُطلق امْرَأَته فَإِذا أَرَادَت أَن تَنْقَضِي عدتهَا أشهد على رَجعتهَا ثمَّ يطلقهَا فَإِذا أَرَادَت أَن تَنْقَضِي عدتهَا أشهد على رَجعتهَا يُرِيد أَن يطول عَلَيْهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مَسْرُوق فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الَّذِي يُطلق امْرَأَته ثمَّ يَدعهَا حَتَّى إِذا كَانَ فِي آخر عدتهَا رَاجعهَا لَيْسَ بِهِ ليمسكها وَلَكِن يضارها وَيطول عَلَيْهَا ثمَّ يطلقهَا فَإِذا كَانَ فِي آخر عدتهَا رَاجعهَا فَذَلِك الَّذِي يضار وَذَلِكَ الَّذِي يتَّخذ آيَات الله هزوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطِيَّة فِي الْآيَة قَالَ: الرجل يُطلق امْرَأَته ثمَّ يسكت عَنْهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا إِلَّا أَيَّامًا يسيرَة ثمَّ يُرَاجِعهَا ثمَّ يطلقهَا فَتَصِير عدتهَا تِسْعَة أَقراء أَو تِسْعَة أشهر فَذَلِك قَوْله {وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا} وَأخرج ابْن ماجة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

مَا بَال أَقوام يَلْعَبُونَ بحدود الله يَقُول: قد طَلقتك قد رَاجَعتك قد طَلقتك قد رَاجَعتك قد طَلقتك قد رَاجَعتك لَيْسَ هَذَا طَلَاق الْمُسلمين طلقوا الْمَرْأَة فِي قبل عدتهَا وَأخرج أَبُو بكر بن أبي دَاوُد فِي كتاب الْمَصَاحِف عَن عُرْوَة قَالَ: نزلت {بِمَعْرُوف وَلَا تمسكوهن ضِرَارًا لتعتدوا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: كَانَ الرجل على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول للرجل زَوجتك ابْنَتي ثمَّ يَقُول: كنت لاعباً وَيَقُول: قد أعتقت وَيَقُول: كنت لاعباً فَأنْزل الله {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات الله هزوا} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث من قالهن لاعباً أَو غير لاعب فهن جائزات: الطَّلَاق وَالْعتاق وَالنِّكَاح وَأخرج ابْن أبي عمر فِي مُسْنده وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: كَانَ الرجل يُطلق ثمَّ يَقُول: لعبت وَيعتق ثمَّ يَقُول: لعبت فَأنْزل الله {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات الله هزوا} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طلق أَو أعتق فَقَالَ: لعبت فَلَيْسَ قَوْله بِشَيْء يَقع عَلَيْهِ وَيلْزمهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ طلق رجل امْرَأَته وَهُوَ يلْعَب لَا يُرِيد الطَّلَاق فَأنْزل الله {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات الله هزوا} فألزمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطَّلَاق وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: كَانَ الرجل يُطلق وَيَقُول: كنت لاعباً وَيعتق وَيَقُول: كنت لاعباً وينكح وَيَقُول: كنت لاعباً فَأنْزل الله {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات الله هزوا} وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طلق أَو أعتق أَو نكح أَو أنكح جاداً أَو لاعباً فقد جَازَ عَلَيْهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق الْحسن عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يُطلق ثمَّ يَقُول: كنت لاعباً ثمَّ يعْتق وَيَقُول: كنت لاعبا فَأنْزل الله {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات الله هزوا} فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طلق أَو حرم أَو نكح أَو أنكح فَقَالَ: إِنِّي كنت لاعباً فَهُوَ جاد وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي

هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث جدهن جد وهزلهن جد النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالرَّجْعَة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: أَربع مقفلات: النّذر وَالطَّلَاق وَالْعِتْق وَالنِّكَاح وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي المُصَنّف عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: ثَلَاث لَيْسَ فِيهِنَّ لعب النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعتاق وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: ثَلَاث اللاعب فِيهِنَّ كالجاد: النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعتاق وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: ارْبَعْ لَا لعب فِيهِنَّ: النِّكَاح وَالطَّلَاق والعتاقة وَالصَّدَََقَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق من طَرِيق عبد الْكَرِيم بن أُميَّة عَن جعدة بن هُبَيْرَة أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: ثَلَاث اللاعب فِيهِنَّ والجاد سَوَاء: الطَّلَاق وَالصَّدَََقَة والعتاقة قَالَ عبد الْكَرِيم وَقَالَ طلق بن حبيب: وَالْهَدْي وَالنّذر وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طلق وَهُوَ لاعب فطلاقه جَائِز وَمن أعتق وَهُوَ لاعب فعتقه جَائِز وَمن أنكح وَهُوَ لاعب فنكاحه جَائِز وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه جَاءَهُ رجل فَقَالَ: إِنِّي طلقت امْرَأَتي ألفا وَفِي لفظ: مائَة قَالَ: ثَلَاث تحرمها عَلَيْك وبقيتهن وزر اتَّخذت آيَات الله هزوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَن رجلا قَالَ لَهُ: إِنِّي طلقت امْرَأَتي مائَة قَالَ: بَانَتْ مِنْك بِثَلَاث وسائرهن مَعْصِيّة وَفِي لفظ: عدوان وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن دَاوُد بن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: طلق جدي امْرَأَة لَهُ ألف تَطْلِيقَة فَانْطَلق أبي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا اتَّقى الله جدك أما ثَلَاث فَلهُ واما تِسْعمائَة وَسَبْعَة وَتسْعُونَ فعدوان وظلم إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ غفر لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن رجل طلق امْرَأَته عدد النُّجُوم قَالَ: يَكْفِيهِ من ذَلِك رَأس الجوزاء

232

قَوْله تَعَالَى: وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ إِذا تراضوا بَينهم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِك يوعظ بِهِ من كَانَ مِنْكُم يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ذَلِكُم أزكى لكم وأطهر وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ أخرج وَكِيع وَالْبُخَارِيّ وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن المنر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن معقل بن يسَار قَالَ: كَانَت لي أُخْت فَأَتَانِي ابْن عَم لي فانكحتها إِيَّاه فَكَانَت عِنْده مَا كَانَت ثمَّ طَلقهَا تَطْلِيقَة لم يُرَاجِعهَا حَتَّى انْقَضتْ الْعدة فهويها وهويته ثمَّ خطبهَا مَعَ الْخطاب فَقلت لَهُ: يَا لكع أكرمتك بهَا وزوجتكما فطلقتها ثمَّ جِئْت تخطبها وَالله لَا ترجع إِلَيْك أبدا وَكَانَ رجلا لابأس بِهِ وَكَانَت الْمَرْأَة تُرِيدُ أَن ترجع إِلَيْهِ فَعلم الله حَاجته إِلَيْهَا وحاجتها إِلَى بَعْلهَا فَأنْزل الله تَعَالَى {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ} قَالَ: فَفِي نزلت هَذِه الْآيَة فكفرت عَن يَمِيني وأنكحتها إِيَّاه وَفِي لفظ: فَلَمَّا سَمعهَا معقل قَالَ: سمع لرَبي وَطَاعَة ثمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: أزَوجك وأكرمك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الرجل يُطلق امْرَأَته طَلْقَة أَو طَلْقَتَيْنِ فتقضي عدتهَا ثمَّ يَبْدُو لَهُ تزَوجهَا وان يُرَاجِعهَا وتريد الْمَرْأَة ذَلِك فيمنعها أولياؤها من ذَلِك فَنهى الله أَن يمنعوها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَلَا تعضلوهن} يَقُول: فَلَا تمنعوهن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي امْرَأَة من مزينة طَلقهَا زَوجهَا وأبينت مِنْهُ فعضلها أَخُوهَا معقل بن يسَار يضارها خيفة أَن ترجع إِلَى زَوجهَا الأول وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي معقل بن يسَار وَأُخْته جمل بنت يسَار كَانَت تَحت أبي البداح طَلقهَا فانقضت عدتهَا فَخَطَبَهَا فعضلها معقل وَأخرج ابْن جرير عَن أبي إِسْحَق الهمذاني أَن فَاطِمَة بنت يسَار طَلقهَا

زَوجهَا ثمَّ بدا لَهُ فَخَطَبَهَا فَأبى معقل فَقَالَ: زَوَّجْنَاك فطلقتها وَفعلت فَأنْزل الله {فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ كَانَت لَهُ ابْنة عَم فَطلقهَا زَوجهَا تَطْلِيقَة وَانْقَضَت عدتهَا فَأَرَادَ مراجعتها فَأبى جَابر فَقَالَ: طلقت بنت عمنَا ثمَّ تُرِيدُ أَن تنكحها الثَّانِيَة وَكَانَت الْمَرْأَة تُرِيدُ زَوجهَا فَأنْزل الله {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ إِذا تراضوا بَينهم بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ: إِذا رضيت الصَدَاق قَالَ: طلق رجل امْرَأَته فندم وندمت فَأَرَادَ أَن يُرَاجِعهَا فَأبى وَليهَا فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي جَعْفَر قَالَ: إِن الْوَلِيّ فِي الْقُرْآن يَقُول الله {فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {إِذا تراضوا بَينهم بِالْمَعْرُوفِ} يَعْنِي بِمهْر وَبَيِّنَة وَنِكَاح مؤتنف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انكحوا الْأَيَامَى فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله مَا العلائق بَينهم قَالَ: مَا تراضى عَلَيْهِ أهلوهن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ {وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ} قَالَ: الله يعلم من حب كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه مَا لَا تعلم أَنْت أَيهَا الْوَلِيّ

233

قَوْله تَعَالَى: والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ لَا تكلّف نفس إِلَّا وسعهَا لَا تضار وَالِدَة بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُود لَهُ بولده وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك فَإِن أَرَادَا فصالاً عَن ترَاض مِنْهُمَا وتشاور فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا وَإِن أردتم أَن تسترضعوا أَوْلَادكُم فَلَا جنَاح عَلَيْكُم إِذا سلمتم مَا آتيتم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقوا الله وَاعْلَمُوا أَن الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير

أخرج وَكِيع وسُفْيَان وَعبد الرَّزَّاق وآدَم وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ} قَالَ: المطلقات {حَوْلَيْنِ} قَالَ: سنتَيْن {لَا تضار وَالِدَة بِوَلَدِهَا} يَقُول: لَا تأبى أَن ترْضِعه ضِرَارًا لتشق على أَبِيه {وَلَا مَوْلُود لَهُ بولده} يَقُول: وَلَا يضار الْوَالِد بولده فَيمْنَع أمه أَن ترْضِعه ليحزنها بذلك {وعَلى الْوَارِث} قَالَ: يَعْنِي الْوَلِيّ من كَانَ مثل ذَلِك قَالَ: النَّفَقَة بِالْمَعْرُوفِ وكفله ورضاعه إِن لم يكن للمولود مَال وَأَن لَا تضار أمه {فَإِن أَرَادَا فصالاً عَن ترَاض مِنْهُمَا وتشاور} قَالَ: غير مسببين فِي ظلم أَنفسهمَا وَلَا إِلَى صبيهما {فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا وَإِن أردتم أَن تسترضعوا أَوْلَادكُم} قَالَ: خيفة الضَّيْعَة على الصَّبِي {فَلَا جنَاح عَلَيْكُم إِذا سلمتم مَا آتيتم بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ: حِسَاب مَا أرضع بِهِ الصَّبِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} قَالَ: هُوَ الرجل يُطلق امْرَأَته وَله مِنْهَا ولد فَهِيَ أَحَق بِوَلَدِهَا من غَيرهَا فهن يرضعن أَوْلَادهنَّ {لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة} يَعْنِي يكمل الرضَاعَة {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ} يَعْنِي الْأَب الَّذِي لَهُ ولد {رزقهن} يَعْنِي رزق الْأُم {لَا تكلّف نفس إِلَّا وسعهَا} يَقُول: لَا يُكَلف الله نفسا فِي نَفَقَة المراضع إِلَّا مَا أطاقت {لَا تضار وَالِدَة بِوَلَدِهَا} يَقُول: لَا يحمل الرجل امْرَأَته أَن يضارها فينزع وَلَدهَا مِنْهَا وَهِي لَا تُرِيدُ ذَلِك {وَلَا مَوْلُود لَهُ بولده} يَعْنِي الرجل يَقُول: لَا يحملن الْمَرْأَة إِذا طَلقهَا زَوجهَا أَن تضاره فتلقي إِلَيْهِ وَلَده مضارة لَهُ {فَإِن أَرَادَا فصالاً} يَعْنِي الْأَبَوَيْنِ أَن يفصلا الْوَلَد عَن اللَّبن دون الْحَوْلَيْنِ {عَن ترَاض مِنْهُمَا} يَقُول: اتفقَا على ذَلِك {وَإِن أردتم أَن تسترضعوا أَوْلَادكُم فَلَا جنَاح عَلَيْكُم} يَعْنِي لَا حرج على الإِنسان أَن يسترضع لوَلَده ظِئْرًا وَيسلم لَهَا أجرهَا {إِذا سلمتم} لأمر الله يَعْنِي فِي أجر المراضع {مَا آتيتم بِالْمَعْرُوفِ} يَقُول: مَا أعطيتم الظِّئْر من فضل على أجرهَا {وَاتَّقوا الله} يَعْنِي لَا تعصوه ثمَّ حذرهم فَقَالَ {وَاعْلَمُوا أَن الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير} أَي بِمَا ذكر عليم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ثمَّ انْطلق بِي فَإِذا أَنا بنساء تنهش ثديهن الْحَيَّات فَقلت: مَا بَال هَؤُلَاءِ فَقيل: لي هَؤُلَاءِ يمنعن أَوْلَادهنَّ ألبانهن

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ} قَالَ: إِنَّهَا الْمَرْأَة تطلق أَو يَمُوت عَنْهَا زَوجهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي الَّتِي تضع لسِتَّة أشهر أَنَّهَا ترْضع حَوْلَيْنِ كَامِلين وَإِذا وضعت لسبعة أشهر أرضعت ثَلَاثَة وَعشْرين لتَمام ثَلَاثِينَ شهرا وَإِذا وضعت لتسعة أشهر أرضعت احداً وَعشْرين شهرا ثمَّ تَلا (وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا) (الْأَحْقَاف الْآيَة 15) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} فَجعل الله الرَّضَاع حَوْلَيْنِ كَامِلين {لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة} ثمَّ قَالَ {فَإِن أَرَادَا فصالاً عَن ترَاض} فَلَا حرج إِن أَرَادَا أَن يفطماه قبل الْحَوْلَيْنِ وَبعده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْأسود الديلِي أَن عمر بن الْخطاب رفعت إِلَيْهِ امْرَأَة ولدت لسِتَّة أشهر فهمّ برجمها فَبلغ ذَلِك عليا فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهَا رجم قَالَ الله تَعَالَى {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} وَسِتَّة أشهر فَذَلِك ثَلَاثُونَ شهرا وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن فَايِد بن عَبَّاس قَالَ: أُتِي عُثْمَان بِامْرَأَة ولدت فِي سِتَّة أشهر فَأمر برجمها فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّهَا تخاصمك بِكِتَاب الله تخصمك يَقُول الله {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} وَيَقُول الله فِي آيَة آخرى (وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا) (الْأَحْقَاف الْآيَة 15) فقد حَملته سِتَّة أشهر فَهِيَ ترْضِعه لكم حَوْلَيْنِ كَامِلين فَدَعَا بهَا عُثْمَان فخلى سَبِيلهَا وَأخرج ابْن جرير من وَجه آخر من طَرِيق الزُّهْرِيّ مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: سُئِلَ ابْن عمر وَابْن عَبَّاس عَن الرَّضَاع بعد الْحَوْلَيْنِ فَقَرَأَ {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} وَلَا نرى رضَاعًا بعد الْحَوْلَيْنِ يحرم شَيْئا وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أبي الضُّحَى قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} قَالَ: لَا رضَاع إِلَّا فِي هذَيْن الْحَوْلَيْنِ

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحرم من الرَّضَاع إِلَّا مَا فتق الأمعاء فِي الثدي وَكَانَ قبل الْفِطَام وَأخرج ابْن عدي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لايحرم من الرَّضَاع إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَيْهَقِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا رضَاع بعد فصَال وَلَا يتم بعد احْتِلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن عدي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتم بعد حلم وَلَا رضَاع بعد فصَال وَلَا صمت يَوْم إِلَى اللَّيْل وَلَا وصال فِي الصّيام وَلَا نذر فِي مَعْصِيّة وَلَا نَفَقَة فِي مَعْصِيّة وَلَا يَمِين فِي قطيعة رحم وَلَا تعرب بعد الْهِجْرَة وَلَا هِجْرَة بعد الْفَتْح وَلَا يَمِين لزوجة مَعَ زوج وَلَا يَمِين لولد مَعَ وَالِد وَلَا يَمِين لمملوك مَعَ سَيّده وَلَا طَلَاق قبل نِكَاح وَلَا عتق قبل ملك وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله (لمن أَرَادَت أَن تكمل الرضَاعَة) وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وعَلى الْمَوْلُود لَهُ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ: على قدر الميسرة وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {لَا تضار وَالِدَة بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُود لَهُ بولده} يَقُول: لَيْسَ لَهَا أَن تلقي وَلَدهَا عَلَيْهِ وَلَا يجد من يرضعه وَلَيْسَ لَهُ أَن يضارها فينزع مِنْهَا وَلَدهَا وتحب أَن ترْضِعه {وعَلى الْوَارِث} قَالَ: هُوَ ولي الْمَيِّت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء وَإِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ {وعَلى الْوَارِث} قَالُوا: وَارِث الصَّبِي ينْفق عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} قَالَ: كَانَ يلْزم الْوَارِث النَّفَقَة وَفِي لفظ: نَفَقَة الصَّبِي إِذا لم يكن لَهُ مَال على وَارثه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} يَقُول: على وَارِث الْمَوْلُود إِذا كَانَ لَا مَال لَهُ مثل الَّذِي على وَالِده من أجر الرَّضَاع وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: مَا قَوْله {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} قَالَ: وَارِث الْمَوْلُود مثل مَا ذكر الله قلت: أيحبس وَارِث

الْمَوْلُود إِن لم يكن للمولود مَال بِأَجْر مرضعته وَإِن كره الْوَارِث قَالَ: أفيدعه يَمُوت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن سِيرِين أَن امْرَأَة جَاءَت تخاصم فِي نَفَقَة وَلَدهَا وإرث وَلَدهَا إِلَى عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود فَقضى بِالنَّفَقَةِ من مَال الصَّبِي وَقَالَ لوَارِثه: أَلا ترى {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} وَلَو لم يكن لَهُ مَاله لقضيت بِالنَّفَقَةِ عَلَيْك وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: يجْبر الرجل إِذا كَانَ مُوسِرًا على نَفَقَة أَخِيه إِذا كَانَ مُعسرا وَأخرج عبد بن حميد عَن حَمَّاد قَالَ: يجْبر على كل ذِي رحم محرم وَأخرج سُفْيَان وَعبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبيد فِي الْأَمْوَال وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب: أَن عمر بن الْخطاب حبس بني عَم عَليّ منفوس كَلَالَة بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مثل الْعَاقِلَة وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} قَالَ: على وَارِث الصَّبِي أَن يسترضع لَهُ مثل مَا على أَبِيه وَأخرج ابْن جرير والنحاس عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب فِي قَوْله {وعَلى الْوَارِث} قَالَ: هُوَ الصَّبِي وَأخرج وَكِيع عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: رضَاع الصَّبِي من نصِيبه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} قَالَ: نَفَقَته حَتَّى يفطم إِن كَانَ أَبوهُ لم يتْرك لَهُ مَالا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُجَاهِد وَالشعْبِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وعَلى الْوَارِث مثل ذَلِك} قَالَ: أَن لَا يضار وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {فَإِن أَرَادَا فصالاً} قَالَ: الْفِطَام وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: التشاور فِيمَا دون الْحَوْلَيْنِ لَيْسَ لَهَا أَن تفطمه إِلَّا أَن يرضى وَلَيْسَ لَهُ أَن يفطمه إِلَّا أَن ترْضى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء {وَإِن أردتم أَن تسترضعوا أَوْلَادكُم} قَالَ: أمه أَو غَيرهَا {فَلَا جنَاح عَلَيْكُم إِذا سلمتم} قَالَ: إِذا سلمت لَهَا أجرهَا {مَا آتيتم} قَالَ: مَا أعطيتم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب {وَإِن أردتم أَن تسترضعوا أَوْلَادكُم فَلَا جنَاح عَلَيْكُم} إِذا كَانَ ذَلِك عَن طيب نفس من الْوَالِد والوالدة

234

قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا فَإِذا بلغن أَجلهنَّ فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين يتوفون} الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل إِذا مَاتَ وَترك امْرَأَته اعْتدت سنة فِي بَيته ينْفق عَلَيْهَا من مَاله ثمَّ أنزل الله {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} فَهَذِهِ الْآيَة عدَّة الْمُتَوفَّى عَنْهَا إِلَّا أَن تكون حَامِلا فعدتها أَن تضع مَا فِي بَطنهَا وَقَالَ فِي مِيرَاثهَا (ولهن الرّبع مِمَّا تركْتُم) (النِّسَاء الْآيَة 12) فَبين مِيرَاث الْمَرْأَة وَترك الْوَصِيَّة وَالنَّفقَة {فَإِذا بلغن أَجلهنَّ فَلَا جنَاح عَلَيْكُم} يَقُول: إِذا طلقت الْمَرْأَة أَو مَاتَ عَنْهَا فَإِذا انْقَضتْ عدتهَا فَلَا جنَاح عَلَيْهَا أَن تتزين وتتصنع وتتعرض للتزويج فَذَلِك الْمَعْرُوف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: ضمت هَذِه الْأَيَّام الْعشْر إِلَى الْأَرْبَعَة أشهر لِأَن الْعشْر فِيهِ ينْفخ الرّوح وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: سَأَلت سعيد بن الْمسيب مَا بَال الْعشْر قَالَ: فِيهِ ينْفخ الرّوح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ربيعَة وَيحيى بن سعيد أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْله {وَعشرا} : عشر لَيَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فَإِذا بلغن أَجلهنَّ} يَقُول: إِذا انْقَضتْ عدتهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله {فَلَا جنَاح عَلَيْكُم} يَعْنِي أولياءها

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} قَالَ: كَانَت الْعدة تَعْتَد عِنْد أهل زَوجهَا وَاجِبا عَلَيْهَا ذَلِك فَأنْزل الله (وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا وَصِيَّة لأزواجهم مَتَاعا إِلَى الْحول غير إِخْرَاج فَإِن خرجن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ من مَعْرُوف) (الْبَقَرَة الْآيَة 240) قَالَ: فَجعل الله لَهَا تَمام السّنة سَبْعَة أشهر وَعشْرين لَيْلَة وَصِيَّة إِن شَاءَت سكنت فِي وصيتها وَإِن شَاءَت خرجت وَهُوَ قَول الله {غير إِخْرَاج} وَقَالَ عَطاء: قَالَ ابْن عَبَّاس: نسخت هَذِه الْآيَة عدتهَا فِي أَهله فَتعْتَد حَيْثُ شَاءَت وَهُوَ قَول الله (غير إِخْرَاج) قَالَ عَطاء: إِن شَاءَت اعْتدت عِنْد أَهله وسكنت فِي وصيتها وَإِن شَاءَت خرجت لقَوْل الله (فَإِن خرجن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ) قَالَ عَطاء: ثمَّ جَاءَ الْمِيرَاث فنسخ السُّكْنَى فَتعْتَد حَيْثُ شَاءَت وَلَا سُكْنى لَهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه كره للمتوفى عَنْهَا زَوجهَا الطّيب والزينة وَقَالَ: إِنَّمَا قَالَ الله {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} وَلم يقل: فِي بُيُوتكُمْ تَعْتَد حَيْثُ شَاءَت وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن الفريعة بنت مَالك بن سِنَان وَهِي أُخْت أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه جَاءَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسأله أَن ترجع إِلَى أَهلهَا فِي بني خدرة وَأَن زَوجهَا خرج فِي طلب أعبد لَهَا أَبقوا حَتَّى إِذا تطرّف الْقدوم لحقهم فَقَتَلُوهُ قَالَت: فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ارْجع إِلَى أَهلِي فَإِن زَوجي لم يتركني فِي منزل يملكهُ وَلَا نَفَقَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم فَانْصَرَفت حَتَّى إِذا كنت فِي الْحُجْرَة أَو فِي الْمَسْجِد فدعاني أَو أَمر بِي فَدُعِيت فَقَالَ: كَيفَ قلت قَالَت: فَرددت عَلَيْهِ الْقِصَّة الَّتِي ذكرت لَهُ من شَأْن زَوجي فَقَالَ: امكثي فِي بَيْتك حَتَّى يبلغ الْكتاب

أَجله قَالَت: فاعتددت فِيهِ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا قَالَت: فَلَمَّا كَانَ عُثْمَان بن عَفَّان أرسل إِلَيّ فَسَأَلَنِي عَن ذَلِك فَأَخْبَرته فَاتبعهُ وَقضى بِهِ وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق عَن عمر بن الْخطاب: أَنه كَانَ يرد الْمُتَوفَّى عَنْهُن أَزوَاجهنَّ من الْبَيْدَاء يمنعهن من الْحَج وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر قَالَ: لَا تبيت الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا وَلَا المبتوتة إِلَّا فِي بَيتهَا وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق حميد بن نَافِع عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة أَنَّهَا أخْبرته هَذِه الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة قَالَت زَيْنَب: دخلت على أم حَبِيبَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين توفّي أَبوهَا سُفْيَان بن حَرْب فدعَتْ بِطيب فِيهِ صفرَة خلوق أَو غَيره فأدهنت بِهِ جَارِيَة ثمَّ مست بِهِ بَطنهَا ثمَّ قَالَت: وَالله مَالِي بالطيب من حَاجَة غير أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول على الْمِنْبَر لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تحد على ميت فَوق ثَلَاث لَيَال إِلَّا على زوج أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَقَالَت زَيْنَب: دخلت على زَيْنَب بنت جحش حِين توفّي أَخُوهَا عبد الله فمسحت مِنْهُ ثمَّ قَالَت: وَالله مَالِي بالطيب من حَاجَة غير أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول على الْمِنْبَر لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تحد على ميت فَوق ثَلَاث لَيَال إِلَّا على زوج أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَقَالَت زَيْنَب: سَمِعت أُمِّي أم سَلمَة تَقول: جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِن ابْنَتي توفّي عَنْهَا زَوجهَا وَقد اشتكت عينهَا أفنكحلها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا كل ذَلِك يَقُول: لَا ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَقد كَانَت إحداكن فِي الْجَاهِلِيَّة ترمي بالبعرة عِنْد رَأس الْحول قَالَ حميد: فَقلت لِزَيْنَب: وَمَا ترمي بالبعرة عِنْد رَأس الْحول فَقَالَت زَيْنَب: كَانَت الْمَرْأَة إِذا توفّي عَنْهَا زَوجهَا دخلت حفشاً ولبست شَرَّ ثِيَابهَا وَلم تمس طيبا وَلَا شَيْئا حَتَّى تمر بهَا سنة ثمَّ تُؤْتى بِدَابَّة حمَار أَو شَاة أَو طَائِر فتقتض بِهِ فقلما تقتض بِشَيْء إِلَّا مَاتَ ثمَّ تخرج فتعطى بَعرَة فترمي بهَا ثمَّ تراجع بعد ذَلِك مَا شَاءَت من طيب أَو غَيره وَأخرج مَالك وَمُسلم من طَرِيق صَفِيَّة بنت أبي عبيد عَن عَائِشَة وَحَفْصَة أُمِّي الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تحد على ميت فَوق ثَلَاث إِلَّا على زوج أَرْبَعَة أشهر وَعشر وَقد أخرج

النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه حَدِيث عَن حَفْصَة وَحدهَا وَحَدِيث عَائِشَة من طَرِيق عُرْوَة عَنْهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أم عَطِيَّة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تحد فَوق ثَلَاث إِلَّا على زوج أَرْبَعَة أشهر وَعشر فَإِنَّهَا لَا تكتحل وَلَا تلبس ثوبا مصبوغاً إِلَّا ثوب عصب وَلَا تمس طيبا إِلَّا إِذا طهرت نبذة من قسط أَو اظفار وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا لَا تلبس المصفر من الثِّيَاب وَلَا الممشقة وَلَا الْحلِيّ وَلَا تختضب وَلَا تكتحل وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت: دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين توفّي أَبُو سَلمَة وَقد جعلت على عَيْني صبرا قَالَ: مَا هَذَا يَا أم سَلمَة قلت: إِنَّمَا هُوَ صَبر يَا رَسُول الله لَيْسَ فِيهِ طيب قَالَ: إِنَّه يشب الْوَجْه فَلَا تجعليه إِلَّا بِاللَّيْلِ وَلَا تمتشطي بالطيب وَلَا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ خضاب قلت: بِأَيّ شَيْء امتشط يَا رَسُول الله قَالَ: بالسدر تغلفين بِهِ رَأسك وَأخرج مَالك عَن سعيد عَن الْمسيب وَسليمَان بن يسَار قَالَا: عدَّة الْأمة إِذا توفّي عَنْهَا زَوجهَا شَهْرَان وَخمْس لَيَال وَأخرج مَالك عَن ابْن عمر قَالَ: عدَّة أم الْوَلَد إِذا هلك سَيِّدهَا حَيْضَة وَأخرج مَالك عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: عدَّة أم الْوَلَد إِذا توفّي عَنْهَا سَيِّدهَا حيضتان وَأخرج مَالك عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَن يزِيد بن عبد الْملك فرق بَين الرِّجَال وَنِسَائِهِمْ أُمَّهَات لأَوْلَاد رجال هَلَكُوا فتزوجهن بعد حَيْضَة أَو حيضتين فَفرق بَينهم حَتَّى يعتددن أَرْبَعَة أشهر وَعشرا قَالَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد: سُبْحَانَ الله يَقُول الله فِي كِتَابه {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا} مَا هن لَهُم بِأَزْوَاج وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وصحه عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: لَا تلبسوا علينا سنة نَبينَا فِي أم الْوَلَد إِذا توفّي عَنْهَا سَيِّدهَا عدتهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشر

235

قَوْله تَعَالَى: وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا عرضتم بِهِ من خطْبَة النِّسَاء أَو أكننتم فِي أَنفسكُم علم الله أَنكُمْ ستذكرونهن وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا إِلَّا أَن تَقولُوا قولا مَعْرُوفا وَلَا تعزموا عقدَة النِّكَاح حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله وَاعْلَمُوا أَن الله يعلم مَا فِي أَنفسكُم فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَن الله غَفُور حَلِيم أخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَعبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا عرضتم بِهِ من خطْبَة النِّسَاء} قَالَ: التَّعْرِيض أَن يَقُول إِنِّي أُرِيد التَّزْوِيج وَإِنِّي لأحب امْرَأَة من أمرهَا وأمرها وَإِن من شأني النِّسَاء لَوَدِدْت أَن الله يسر لي امْرَأَة صَالِحَة من غير أَن ينصب لَهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يعرض لَهَا فِي عدتهَا يَقُول لَهَا: إِن رَأَيْت أَن لَا تسبقيني بِنَفْسِك ولوددت أَن الله قد هيأ بيني وَبَيْنك وَنَحْو هَذَا من الْكَلَام فَلَا حرج وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا عرضتم} قَالَ: يَقُول: إِنِّي فِيك رَاغِب ولوددت أَنِّي تَزَوَّجتك حَتَّى يعلمهَا أَن يُرِيد تَزْوِيجهَا من غير أَن يُوجب عقدَة أَو يعاهدها على عهد وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه أَنه كَانَ يَقُول فِي قَول الله {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا عرضتم بِهِ من خطْبَة النِّسَاء} أَن يَقُول الرجل للْمَرْأَة وَهِي فِي عدتهَا: إِنَّك عَليّ كَرِيمَة وَإِنِّي فِيك رَاغِب وَالله سائق إِلَيْك خيرا أَو رزقا أَو نَحْو هَذَا من القَوْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: لَا بَأْس بالهدية فِي تَعْرِيض النِّكَاح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {أَو أكننتم} قَالَ: أسررتم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الضَّحَّاك مثله

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {أَو أكننتم فِي أَنفسكُم} قَالَ: أَن يدْخل فَيسلم وَيهْدِي إِن شَاءَ وَلَا يتَكَلَّم بِشَيْء وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {علم الله أَنكُمْ ستذكرونهن} قَالَ: بِالْخطْبَةِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {علم الله أَنكُمْ ستذكرونهن} قَالَ: ذكره إِيَّاهَا فِي نَفسه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا} قَالَ: لَا يَقُول لَهَا إِنِّي عاشق وعاهديني أَن لَا تتزوجي غَيْرِي وَنَحْو هَذَا {إِلَّا أَن تَقولُوا قولا مَعْرُوفا} وَهُوَ قَوْله: إِن رَأَيْت أَن لَا تسبقيني بِنَفْسِك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَكِن لَا تواعدوهن سرا} قَالَ: الزِّنَا كَانَ الرجل يدْخل من أجل الزِّنَا وَهُوَ يعرض النِّكَاح وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن وَأبي مجلز وَالنَّخَعِيّ مثله وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {لَا تواعدوهن سرا} قَالَ: السِّرّ: الْجِمَاع قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول امرىء الْقَيْس: أَلا زعمت بسباسة الْيَوْم أنني كَبرت وَأَن لَا يحسن السِّرّ أمثالي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: بلغنَا أَن معنى {لَا تواعدوهن سرا} الرَّفَث من الْكَلَام أَي لَا يواجهها الرجل فِي تَعْرِيض الْجِمَاع من نَفسه وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا تواعدوهن سرا} قَالَ: الَّذِي يَأْخُذ عَلَيْهَا عهدا أَو ميثاقاً أَن تحبس نَفسهَا وَلَا تنْكح غَيره وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج سُفْيَان وَابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا تواعدوهن سرا} قَالَ: لَا يخطبها فِي عدتهَا {إِلَّا أَن تَقولُوا قولا مَعْرُوفا} قَالَ: يَقُول: إِنَّك لجميلة وَإنَّك لفي منصب وَإنَّك لمرغوب فِيك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا أَن تَقولُوا قولا مَعْرُوفا} قَالَ: يَقُول: إِنَّك لجميلة وَإنَّك لإِلى خير أَو أَن النِّسَاء من حَاجَتي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تعزموا عقدَة النِّكَاح}

قَالَ: لَا تنْكِحُوا حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله قَالَ: حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي مَالك {وَلَا تعزموا عقدَة النِّكَاح حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله} قَالَ: لَا يواعدها فِي عدتهَا: إِنِّي أتزوّجك حِين تَنْقَضِي عدتك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَاعْلَمُوا أَن الله يعلم مَا فِي أَنفسكُم فَاحْذَرُوهُ} قَالَ: وَعِيد

236

قَوْله تَعَالَى: لَا جنَاح عَلَيْكُم إِن طلّقْتُم النِّسَاء مَا لم تمَسُّوهُنَّ تفرضوا لَهُنَّ فَرِيضَة ومتعوهن على الموسع وعَلى المقتر قدره مَتَاعا بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُحْسِنِينَ أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا جنَاح عَلَيْكُم إِن طلّقْتُم النِّسَاء مَا لم تمَسُّوهُنَّ أَو تفرضوا لَهُنَّ فَرِيضَة} قَالَ: الْمس النِّكَاح وَالْفَرِيضَة الصَدَاق {ومتعوهن} قَالَ: هُوَ على الرجل يتزوّج الْمَرْأَة وَلم يسم لَهَا صَدَاقا ثمَّ يطلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا فَأمره الله أَن يمتعها على قدر عسره ويسره فَإِن مُوسِرًا أمتعها بخادم أَو نَحْو ذَلِك وَإِن كَانَ مُعسرا أمتعها بِثَلَاثَة أَثوَاب أَو نَحْو ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مُتْعَة الطَّلَاق أَعْلَاهُ الْخَادِم وَدون ذَلِك الْوَرق وَدون ذَلِك الْكسْوَة وأخلاج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَنه أَمر موسعاً بمتعة فَقَالَ: تُعْطِي كَذَا وتكسو وَكَذَا فَحسب فَوجدَ ثَلَاثِينَ دِرْهَم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عمر قَالَ: أدنى مَا يكون من الْمُتْعَة ثَلَاثُونَ درهما وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا طلق الرجل امْرَأَته قبل أَن يفْرض لَهَا وَقيل أَن يدْخل بهَا فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا الْمُتْعَة

237

قَوْله تَعَالَى: وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ وَقد فرضتم لَهُنَّ فَرِيضَة فَنصف مَا فرضتم إِلَّا أَن يعفون أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح وَأَن تَعْفُو أقرب للتقوى وَلَا تنسوا الْفضل بَيْنكُم أَن الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير أخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} وَفِي قِرَاءَة عبد الله (من قبل أَن تجامعوهن) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل يتزوّج الْمَرْأَة وَقد سمى لَهَا صَدَاقا ثمَّ يطلقهَا من قبل أَن يَمَسهَا - والمس الْجِمَاع - فلهَا نصف صَدَاقهَا وَلَيْسَ لَهَا أَكثر من ذَلِك إِلَّا أَن يعفون وَهِي الْمَرْأَة الثّيّب وَالْبكْر يزوّجها غير أَبِيهَا فَجعل الله الْعَفو لَهُنَّ إِن شئن عفون بتركهن وَإِن شئن أخذن نصف الصَدَاق {أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} وَهُوَ أَبُو الْجَارِيَة الْبكر جعل الله الْعَفو إِلَيْهِ لَيْسَ لَهَا مَعَه أَمر إِذا طلقت مَا كَانَت فِي حجره وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ فِي الَّتِي طلقت قبل الدُّخُول وَقد فرض لَهَا: كَانَ لَهَا الْمَتَاع فِي الْآيَة الَّتِي فِي الْأَحْزَاب فَلَمَّا نزلت الْآيَة الَّتِي الْبَقَرَة جعل لَهَا النّصْف من صَدَاقهَا وَلَا مَتَاع لَهَا فنسخت آيَة الْأَحْزَاب وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَن أَبَا بكر الهدلي سَأَلَهُ عَن رجل طلق امْرَأَته من قبل أَن يدْخل بهَا: أَلهَا مُتْعَة قَالَ: نعم فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: أما نسختها {فَنصف مَا فرضتم} قَالَ الْحسن: مَا نسخهَا شَيْء وَأخرج الشَّافِعِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ فِي الرجل يتزوّج الْمَرْأَة فيخلو بهَا وَلَا يَمَسهَا ثمَّ يطلقهَا: لَيْسَ لَهَا إِلَّا نصف الصَدَاق لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ وَقد فرضتم لَهُنَّ فَرِيضَة فَنصف مَا فرضتم} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَهَا نصف الصَدَاق وَإِن جلس بَين رِجْلَيْهَا

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله {إِلَّا أَن يعفون أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} قَالَ: إِلَّا أَن تدع الْمَرْأَة نصف الْمهْر الَّذِي لَهَا أَو يُعْطِيهَا زَوجهَا النّصْف الْبَاقِي فَيَقُول: كَانَت فِي ملكي وحبستها عَن الْأزْوَاج قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت زُهَيْر بن أبي سلمى وَهُوَ يَقُول: حزماً وَبرا للإِله وشيمة تَعْفُو عَن خلق الْمُسِيء الْمُفْسد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد حسن عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح: الزَّوْج وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ {الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} الزَّوْج وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} أَبوهَا أَو أَخُوهَا أَو من لَا تنْكح إِلَّا بِإِذْنِهِ وَأخرج الشَّافِعِي عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تخْطب إِلَيْهَا الْمَرْأَة من أَهلهَا فَتشهد فَإِذا بقيت عقدَة النِّكَاح قَالَت لبَعض أَهلهَا: زوج فَإِن الْمَرْأَة لَا تلِي عقد النِّكَاح وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد وَالضَّحَّاك وَشُرَيْح وَابْن الْمسيب وَالشعْبِيّ وَنَافِع وَمُحَمّد بن كَعْب {الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} الزَّوْج وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بشر قَالَ: قَالَ طَاوس وَمُجاهد {الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} هُوَ الْوَلِيّ وَقَالَ سعيد بن جُبَير: هُوَ الزَّوْج فَكَلمَاهُ فِي ذَلِك فَمَا برحا حَتَّى تَابعا سعيداً وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء وَالْحسن وعلقمة وَالزهْرِيّ {الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} هُوَ الْوَلِيّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رَضِي الله بِالْعَفو وَأمر بِهِ فَإِن عفت فَكَمَا عفت وَإِن ضنت فَعَفَا وَليهَا الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح جَازَ وَإِن أَبَت

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا أَن يعفون} يَعْنِي النِّسَاء {أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} هُوَ الْوَلِيّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن الْمسيب قَالَ: عَفْو الزَّوْج إتْمَام الصَدَاق وعفوها أَن تضع شطرها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن تعفوا أقرب للتقوى} قَالَ: أقربهما إِلَى التَّقْوَى الَّذِي يعْفُو وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وَأَن تعفوا أقرب للتقوى} يَعْنِي بذلك الزَّوْج وَالْمَرْأَة جَمِيعًا أَمرهمَا أَن يستبقا فِي الْعَفو وَفِيه الْفضل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَأَن تعفوا} قَالَ: يَعْنِي الْأزْوَاج وَأخرج وَكِيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَلَا تنسوا الْفضل بَيْنكُم} قَالَ: فِي هَذَا وَفِي غَيره وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {وَلَا تنسوا الْفضل بَيْنكُم} قَالَ: الْمَعْرُوف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: يحثهم على الْفضل وَالْمَعْرُوف بَينهم ويرغبهم فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي وَائِل {وَلَا تنسوا الْفضل بَيْنكُم} قَالَ: هُوَ الرجل يتزوّج فتعينه أَو يُكَاتب فتعينه وَأَشْبَاه ذَلِك هَذَا من الْعَطِيَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عون بن عبد الله {وَلَا تنسوا الْفضل بَيْنكُم} قَالَ: إِذا أَتَى أحدكُم السَّائِل وَلَيْسَ عِنْده شَيْء فَليدع لَهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ يُوشك أَن يَأْتِي على النَّاس زمَان عضوض يعَض الْمُوسر فِيهِ على مَا فِيهِ يَدَيْهِ وينسى الْفضل وَقد نهى الله عَن ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تنسوا الْفضل بَيْنكُم} وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن عَليّ مَرْفُوعا وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه أَنه تزوّج امْرَأَة لم يدْخل بهَا حَتَّى طَلقهَا فَأرْسل إِلَيْهَا بِالصَّدَاقِ تَاما فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ: أَنا أولى بِالْفَضْلِ

وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع أَن بنت عبيد الله بن عَمْرو وَأمّهَا بنت زيد بن الْخطاب كَانَت تَحت ابْن لعبد الله بن عمر فَمَاتَ وَلم يدْخل بهَا وَلم يسم لَهَا صَدَاقا فابتغت أمهَا صَدَاقهَا فَقَالَ ابْن عمر: لَيْسَ لَهَا صدَاق وَلَو كَانَ لَهَا صدَاق لم نمنعكموه وَلم نظلمها فَأَبت أَن تقبل ذَلِك فَجعل بَينهم زيد بن ثَابت فَقضى أَن لَا صدَاق لَهَا وَلها الْمِيرَاث وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَلْقَمَة أَن قوما أَتَوا ابْن مَسْعُود فَقَالُوا: إِن رجلا منا تزوّج امْرَأَة وَلم يفْرض لَهَا صَدَاقا وَلم يجمعها إِلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ: مَا سُئِلت عَن شَيْء مُنْذُ فَارَقت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشد من هَذِه فَأتوا غَيْرِي فَاخْتَلَفُوا إِلَيْهِ فِيهَا شهرا ثمَّ قَالُوا فِي آخر ذَلِك: من نسْأَل إِذا لم نَسْأَلك وَأَنت آخر أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذَا الْبَلَد وَلَا نجد غَيْرك فَقَالَ: سأقول فِيهَا بِجهْد رَأْيِي فَإِن كَانَ صَوَابا فَمن الله وَحده لَا شريك لَهُ وَإِن كَانَ خطأ فمني وَالله وَرَسُوله مِنْهُ بَرِيء: أرى أَن أجعَل لَهَا صَدَاقا كصداق نسائها لَا وكس وَلَا شطط وَلها الْمِيرَاث وَعَلَيْهَا الْعدة أَرْبَعَة أشهر وَعشر قَالَ: وَذَلِكَ بسمع نَاس من أَشْجَع فَقَامُوا وَمِنْهُم معقل بن سِنَان فَقَالُوا: نشْهد إِنَّك قضيت بِمثل الَّذِي قضى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي امْرَأَة منا يُقَال لَهَا بروع بنت واشق قَالَ: فَمَا رُؤِيَ عبد الله فَرح بِشَيْء مَا فَرح يؤمئذ إِلَّا بِإِسْلَامِهِ ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ صَوَابا فمنك وَحدك لَا شريك لَك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا وَلم يفْرض لَهَا صدَاق: لَهَا الْمِيرَاث وَعَلَيْهَا الْعدة وَلَا صدَاق لَهَا وَقَالَ: لَا نقبل قَول الْأَعرَابِي من أَشْجَع على كتاب الله وَأخرج الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الْمَرْأَة يَمُوت عَنْهَا زَوجهَا وَقد فرض لَهَا صَدَاقا قَالَ: لَهَا الصَدَاق وَالْمِيرَاث وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن الْمسيب أَن عمر بن الْخطاب قضى فِي الْمَرْأَة يتزوّجها الرجل: أَنه إِذا أرخيت الستور فقد وَجب الصَدَاق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْأَحْنَف بن قيس أَن عمر وعليا رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: إِذا أرْخى سترا وأغلق بَابا فلهَا الصَدَاق كَامِلا وَعَلَيْهَا الْعدة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن زُرَارَة بن أوفى قَالَ: قَضَاء الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين أَنه من أغلق بَابا أَو أرْخى سترا فقد وَجب الصَدَاق وَالْعدة وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت قَالَ: إِذا دخل الرجل بامرأته فأرخيت عَلَيْهِمَا السّتْر فقد وَجب الصَدَاق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن ثَوْبَان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من كشف امْرَأَة فَنظر إِلَى عورتها فقد وَجب الصَدَاق

238

قَوْله تَعَالَى: حَافظُوا على الصَّلَوَات والصلوة الْوُسْطَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حَافظُوا على الصَّلَوَات} يَعْنِي المكتوبات وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ فِي قِرَاءَة عبد الله: (حَافظُوا على الصَّلَوَات وعَلى الصلوة الْوُسْطَى) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مَسْرُوق فِي قَوْله {حَافظُوا على الصَّلَوَات} قَالَ: الْمُحَافظَة عَلَيْهَا الْمُحَافظَة على وَقتهَا والسهو عَنْهَا السَّهْو عَن وَقتهَا وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن طَلْحَة بن عبيد الله قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل نجد ثَائِر الرَّأْس نسْمع دوِي صَوته وَلَا نفقه مَا يَقُول: حَتَّى دنا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ يسْأَل عَن الإِسلام فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خمس صلوَات فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة فَقَالَ: هَل عَليّ غَيْرهنَّ قَالَ: لَا إِلَّا أَن تطوّع وَصِيَام شهر رَمَضَان فَقَالَ: هَل عَليّ غَيره قَالَ: لَا إِلَّا أَن تطوّع وَذكر لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزَّكَاة فَقَالَ: هَل عَليّ غَيرهَا قَالَ: لَا إِلَّا أَن تطوّع - فَأَدْبَرَ الرجل وَهُوَ يَقُول: وَالله لَا أَزِيد على هَذَا وَلَا أنقص مِنْهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَفْلح إِن صدق وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أنس قَالَ نهينَا أَن نسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شَيْء فَكَانَ يعجبنا أَن يَجِيء الرجل من أهل الْبَادِيَة الْعَاقِل فيسأله

وَنحن نسْمع فجَاء رجل من أهل الْبَادِيَة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أَتَانَا رَسُولك فَزعم لنا أَنَّك تزْعم أَن الله أرسلك قَالَ: صدق قَالَ: فَمن خلق السَّمَاء قَالَ: الله قَالَ: فَمن خلق الأَرْض قَالَ: الله قَالَ: فَمن نصب الْجبَال وَجعل فِيهَا مَا جعل قَالَ: الله قَالَ: فبالذي خلق السَّمَاء وَخلق الأَرْض وَنصب الْجبَال الله أرسلك قَالَ: نعم قَالَ: وَزعم رَسُولك أَن علينا خمس صلوَات فِي يَوْمنَا وليلتنا قَالَ: صدق قَالَ: فبالذي أرسلك آللَّهُ أَمرك بِهَذَا قَالَ: نعم قَالَ: وَزعم رَسُولك أَن علينا زَكَاة فِي أَمْوَالنَا قَالَ: صدق قَالَ: فبالذي أرسلك الله أَمرك بِهَذَا قَالَ: نعم قَالَ: وَزعم رَسُولك أَن علينا صَوْم شهر رَمَضَان فِي سنتنا قَالَ: صدق قَالَ: فبالذي أرسلك الله أَمرك بِهَذَا قَالَ: نعم قَالَ: وَزعم رَسُولك أَن علينا حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا قَالَ: صدق قَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَزِيد عَلَيْهِنَّ وَلَا انْتقصَ مِنْهُنَّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَئِن صدق ليدخلن الْجنَّة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي أَيُّوب قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: دلَّنِي على عمل أعمله يدنيني من الْجنَّة وَيُبَاعِدنِي من النَّار قَالَ: تعبد الله لَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وَتصل ذَا رَحِمك فَلَمَّا أدبر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن تمسك بِمَا أَمر بِهِ دخل الْجنَّة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن أَعْرَابِيًا جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله دلَّنِي على عمل إِذا عملته دخلت الْجنَّة قَالَ: تعبد الله لَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وتؤتي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة وتصوم رَمَضَان قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا أَزِيد على هَذَا شَيْئا أبدا وَلَا أنقص مِنْهُ فَلَمَّا ولى قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سره أَن ينظر إِلَى رجل من أهل الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى هَذَا وَأخرج مُسلم عَن جَابر أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَرَأَيْت إِذا صليت الصَّلَوَات المكتوبات وَصمت رَمَضَان وأحللت الْحَلَال وَحرمت الْحَرَام وَلم أَزْد على ذَلِك شَيْئا أَدخل الْجنَّة قَالَ: نعم قَالَ: وَالله لَا أَزِيد على ذَلِك شَيْئا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث معَاذًا إِلَى الْيمن فَقَالَ: إِنَّك ستأتي قوما أهل كتاب فَإِذا جئتهم فادعهم إِلَى أَن يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله فَإِن هم أطاعوا

لذَلِك فاعلمهم أَن الله قد فرض عَلَيْهِم خمس صلوَات فِي كل يَوْم وَلَيْلَة فَإِن هم أطاعوا فاعلمهم أَن الله قد فرض عَلَيْهِم صَدَقَة تُؤْخَذ من أغنيائهم فَترد على فقرائهم فَإِن هم أطاعوا لذَلِك فإياك وكرائم أَمْوَالهم وَاتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنَّهُ لَيْسَ بَينهَا وَبَين الله حجاب وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي قَتَادَة بن ربعي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: إِنِّي افترضت على أمتك خمس صلوَات وعهدت عِنْدِي عهدا أَنه من حَافظ عَلَيْهِنَّ لوقتهن أدخلته الْجنَّة فِي عهدي وَمن لم يحافظ عَلَيْهِنَّ فَلَا عهد لَهُ عِنْدِي وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن فضَالة اللَّيْثِيّ قَالَ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلمني فِيمَا عَلمنِي أَن قَالَ: وحافظ على الصَّلَوَات الْخمس فِي مواقيتهن وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: خمس صلوَات كتبهن الله تبَارك وَتَعَالَى على الْعباد فَمن جَاءَ بِهن وَلم يضيع مِنْهُنَّ شَيْئا اسْتِخْفَافًا بحقهن وَفِي لفظ: من أحسن وضوءهن وصلاتهن لوقتهن وَأتم ركوعهن وخشوعهن كَانَ لَهُ على الله تبَارك وَتَعَالَى عهد أَن يغْفر لَهُ وَمن لم يفعل فَلَيْسَ لَهُ على الله إِن شَاءَ غفر لَهُ وَإِن شَاءَ عذبه وَأخرج النَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله كم افْترض الله على عباده من الصَّلَاة [] قَالَ: هَل قبلهن أَو بعدهن شَيْء قَالَ: افْترض الله على عباده صلوَات خمْسا فَحلف الرجل بِاللَّه لَا يزِيد عَلَيْهِنَّ وَلَا ينقص فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن صدق دخل الْجنَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن فضَالة الزُّهْرِيّ قَالَ عَلمنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَافظ على الصَّلَوَات الْخمس فَقلت: إِن هَذِه سَاعَات لي فِيهَا اشْتِغَال فمرني بِأَمْر جَامع إِذا أَنا فعلته اجزأ عني فَقَالَ: حَافظ على العصرين وَمَا كَانَت من لغتنا فَقلت: وَمَا العصران قَالَ: صَلَاة قبل طُلُوع الشَّمْس وَصَلَاة قبل غُرُوبهَا وَأخرج مَالك وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَالْحكم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَامر بن سعيد قَالَ سَمِعت سَعْدا وناساً من الصَّحَابَة يَقُولُونَ: كَانَ

رجلَانِ أَخَوان فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ أَحدهمَا أفضل من الآخر فَتوفي الَّذِي هُوَ أفضلهما ثمَّ عمر الآخر بعده أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ توفّي فَذكرُوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضِيلَة الأول فَقَالَ: ألم يكن الآخر يُصَلِّي قَالُوا: بلَى وَكَانَ لَا بَأْس بِهِ قَالَ: فَمَا يدريكم مَا بلغت بِهِ صلَاته إِنَّمَا مثل الصَّلَاة كَمثل نهر جَار بِبَاب رجل غمرٌ عذبٌ يقتحم فِيهِ كل يَوْم خمس مَرَّات فَمَاذَا ترَوْنَ يبْقى من درنه لَا تَدْرُونَ مَاذَا بلغت بِهِ صلَاته وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كَانَ رجلَانِ من بني حَيّ من قضاعة أسلما مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستشهد أَحدهمَا وَأخر الآخر سنة قَالَ طَلْحَة بن عبيد الله: فَرَأَيْت الْمُؤخر مِنْهُمَا أَدخل الْجنَّة قبل الشَّهِيد فتعجبت لذَلِك فاصبحت فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلَيْسَ قد صَامَ بعده رَمَضَان وَصلى سِتَّة آلَاف رَكْعَة وَكَذَا وَكَذَا رَكْعَة صَلَاة سنة وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من علم أَن الصَّلَاة حق وَاجِب دخل الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله افْترض على الْعباد خمس صلوَات فِي كل يَوْم وَلَيْلَة وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أول مَا افْترض الله على النَّاس من دينهم الصَّلَاة وَآخر مَا يبْقى الصَّلَاة وَأول مَا يُحَاسب بِهِ الصَّلَاة يَقُول الله: انْظُرُوا فِي صَلَاة عَبدِي فَإِن كَانَت تَامَّة كتبت تَامَّة وَإِن كَانَت نَاقِصَة قَالَ: انْظُرُوا هَل لَهُ من تطوّع فَإِن وجد لَهُ تطوّع تمت الْفَرِيضَة من التطوّع ثمَّ يَقُول: هَل زَكَاته تَامَّة فَإِن وجدت زَكَاته تَامَّة كتبت تَامَّة وَإِن كَانَت نَاقِصَة قَالَ: انْظُرُوا هَل لَهُ صَدَقَة فَإِن كَانَت لَهُ صَدَقَة تمت زَكَاته من الصَّدَقَة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن حَنْظَلَة الْكَاتِب قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من حَافظ على الصَّلَوَات الْخمس: ركوعهن وسجودهن ومواقيتهن وَعلم أَنَّهُنَّ حق من عِنْد الله دخل الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أول مَا يُحَاسب بِهِ

العَبْد يَوْم الْقِيَامَة الصَّلَاة فَإِن صلحت صلح لَهُ سَائِر عمله وَإِن فَسدتْ فسد سَائِر عمله وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الصَّلَاة يَوْمًا فَقَالَ: من حَافظ عَلَيْهَا كَانَت لَهُ نورا وبرهاناً وَنَجَاة يَوْم الْقِيَامَة وَمن لم يحافظ عَلَيْهَا لم يكن لَهُ نور وَلَا برهَان وَلَا نجاة وَكَانَ يَوْم الْقِيَامَة مَعَ فِرْعَوْن وهامان وَأبي بن خلف وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا سهم فِي الإِسلام لمن لَا صَلَاة لَهُ وَلَا صَلَاة لمن لَا وضوء لَهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ وَلَا صَلَاة لمن لَا طهُور لَهُ وَلَا دين لمن لَا صَلَاة لَهُ إِنَّمَا مَوضِع الصَّلَاة من الدّين كموضع الرَّأْس من الْجَسَد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جَاءَ بِصَلَاة الْخمس يَوْم الْقِيَامَة قد حَافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها لم ينقص مِنْهَا شَيْئا جَاءَ وَله عِنْد الله عهدا أَن لَا يعذبه وَمن جَاءَ قد انْتقصَ مِنْهُنَّ شَيْئا فَلَيْسَ لَهُ عِنْد الله عهد إِن شَاءَ رَحمَه وَإِن شَاءَ عذبه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاث من حفظهن فَهُوَ ولي حَقًا وَمن ضيعهن فَهُوَ عدوّ حَقًا: الصَّلَاة وَالصِّيَام والجنابة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لمن حوله من أمته: اكفلوا لي بست أكفل لكم بِالْجنَّةِ قلت: مَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ: الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْأَمَانَة والفرج والبطن وَاللِّسَان وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة: اهجري الْمعاصِي فَإِنَّهَا خير الْهِجْرَة وحافظي على الصَّلَوَات فانها أفضل من الْبر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى الصَّلَوَات لوَقْتهَا وأسبغ لَهَا وضوءها وَأتم لَهَا قِيَامهَا وخشوعها وركوعها وسجودها خرجت وَهِي بَيْضَاء مسفرة تَقول: حفظك الله كَمَا حفظتني وَمن صلى لغير وَقتهَا وَلم سبغ لَهَا وضوءها وَلم يتم لَهَا خشوعها وَلَا ركوعها وَلَا سجودها خرجت وَهِي سَوْدَاء مظْلمَة تَقول: ضيعك الله كَمَا ضيعتني حَتَّى إِذا كَانَت حَيْثُ شَاءَ الله لفت كَمَا يلف الثَّوْب الْخلق ثمَّ يضْرب بهَا وَجهه

وَأخرج مُحَمَّد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن عجْرَة قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن نَنْتَظِر صَلَاة الظّهْر فَقَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا يَقُول ربكُم قُلْنَا: لَا قَالَ: فَإِن ربكُم يَقُول: من صلى الصَّلَوَات لوَقْتهَا وحافظ عَلَيْهَا وَلم يضيعها اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهَا فَلهُ عليّ عهد أَن أدخلهُ الْجنَّة وَمن لم يصلها لوَقْتهَا وَلم يحافظ عَلَيْهَا وضيعها استخفاف بِحَقِّهَا فَلَا عهد لَهُ عَليّ إِن شِئْت عَذبته وَإِن شِئْت غفرت لَهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على أَصْحَابه يَوْمًا فَقَالَ لَهُم: هَل تَدْرُونَ مَا يَقُول ربكُم تبَارك وَتَعَالَى قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَهَا ثَلَاثًا قَالَ: قَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يُصليهَا عبد لوَقْتهَا إِلَّا أدخلته الْجنَّة وَمن صلاهَا لغير وَقتهَا إِن شِئْت رَحمته وَإِن شِئْت عَذبته وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَوَضَّأ العَبْد فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة فَأَتمَّ ركوعها وسجودها وَالْقِرَاءَة فِيهَا قَالَت: حفظك الله كَمَا حفظتني ثمَّ أصعد بهَا إِلَى السَّمَاء وَلها ضوء وَنور وَفتحت لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء وَإِذا لم يحسن العَبْد الْوضُوء وَلم يتم الرُّكُوع وَالسُّجُود وَالْقِرَاءَة قَالَت: ضيعك الله كَمَا ضيعتني ثمَّ تلف كَمَا يلف الثَّوْب الْخلق ثمَّ يضْرب بهَا وَجه صَاحبهَا وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن أفضل الْأَعْمَال فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الصَّلَاة قَالَ: ثمَّ مَه قَالَ: ثمَّ الصَّلَاة قَالَ: ثمَّ مَه قَالَ: ثمَّ الصَّلَاة ثَلَاث مَرَّات قَالَ: ثمَّ مَه قَالَ: ثمَّ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ الرجل: فَإِن لي وَالدّين قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آمُرك بالوالدين خيرا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن طَارق بن شهَاب أَنه بَات عِنْد سلمَان لينْظر مَا اجْتِهَاده فَقَامَ يُصَلِّي من آخر اللَّيْل فَكَأَنَّهُ لم ير الَّذِي يظنّ فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ سلمَان: حَافظُوا على هَذِه الصَّلَوَات الْخمس فَإِنَّهُنَّ كَفَّارَات لهَذِهِ الْجِرَاحَات مَا لم يصب المقتلة فَإِذا صلى النَّاس الْعشَاء صدرُوا عَن ثَلَاث لَيَال منَازِل مِنْهُم من عَلَيْهِ وَلَا لَهُ وَمِنْهُم من لَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَمِنْهُم من لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ فَرجل اغتنم ظلمَة اللَّيْل وغفلة النَّاس

فَركب فرسه فِي الْمعاصِي عَلَيْهِ وَلَا لَهُ وَمن لَهُ وَلَا عَلَيْهِ فَرجل اغتنم ظلمَة اللَّيْل وغفلة النَّاس فَقَامَ يُصَلِّي فَذَلِك لَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَمِنْهُم من لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ فَرجل صلى ثمَّ نَام فَذَلِك لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ إياك والحقحقة وَعَلَيْك بِالْقَصْدِ وداوم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمس من جَاءَ بِهن مَعَ إِيمَان دخل الْجنَّة من حَافظ على الصَّلَوَات الْخمس: على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن وَصَامَ رَمَضَان وَحج الْبَيْت إِن اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا واعطى الزَّكَاة طيبَة بهَا نَفسه وَأدّى الْأَمَانَة قيل: يَا نَبِي الله وَمَا اداء الْأَمَانَة قَالَ: الْغسْل من الْجَنَابَة لِأَن الله لم يَأْمَن ابْن آدم على شَيْء من دينه غَيرهَا وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث أَحْلف عَلَيْهِنَّ لَا يَجْعَل الله من لَهُ سهم فِي الإِسلام لَا سهم لَهُ وأسهم الإِسلام ثَلَاثَة: الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالزَّكَاة وَأخرج الدَّارمِيّ عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مِفْتَاح الْجنَّة الصَّلَاة وَأخرج الديلمي عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الصَّلَاة عماد الدّين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الصَّلَاة ميزَان فَمن أوفى استوفى وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عمر قَالَ: جَاءَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله أَي شَيْء أحب عِنْد الله فِي الإِسلام قَالَ: الصَّلَاة لوَقْتهَا وَمن ترك الصَّلَاة فَلَا دين لَهُ وَالصَّلَاة عماد الدّين وَأخرج ابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَن خير أَعمالكُم الصَّلَاة وَلنْ يحافظ على الْوضُوء إِلَّا مُؤمن وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هرير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حَافظ على هَؤُلَاءِ الصَّلَوَات المكتوبات لم يكْتب من الغافلين وَمن قَرَأَ فِي لَيْلَة مائَة آيَة كتب من القانتين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَسْرُوق قَالَ: من حَافظ على هَؤُلَاءِ الصَّلَوَات لم يكْتب من الغافلين فَإِن فِي إفراطهن الهلكة

وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من سره أَن يلقى الله غَدا مُسلما فليحافظ على هَؤُلَاءِ الصَّلَوَات حَيْثُ يُنَادى بِهن وَلَفظ أبي دَاوُد: حَافظُوا على الصَّلَوَات الْخمس حَيْثُ يُنَادى بِهن فَإِنَّهُنَّ من سنَن الْهدى وَإِن الله تبَارك وَتَعَالَى شرع لنَبيه سنَن الْهدى وَلَقَد رَأَيْتنَا وَمَا يتَخَلَّف عَنْهَا إِلَّا مُنَافِق بَين النِّفَاق وَلَقَد رَأَيْتنَا وَأَن الرجل ليهادى بَين الرجلَيْن حَتَّى يُقَام فِي الصَّفّ وَمَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَله مَسْجِد فِي بَيته وَلَو صليتم فِي بُيُوتكُمْ وتركتم مَسَاجِدكُمْ تركْتُم سنة نَبِيكُم وَلَو تركْتُم سنة نَبِيكُم لكَفَرْتُمْ وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة من عمله صلَاته فَإِن صلحت فقد أَفْلح وأنجح وَإِن فَسدتْ فقد خَابَ وخسر وَإِن انْتقصَ من فريضته قَالَ الرب: انْظُرُوا هَل لعبدي من تطوع فيكمل بِهِ مَا انْتقصَ من الْفَرِيضَة ثمَّ يكون سَائِر عمله على ذَلِك وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن تَمِيم الدَّارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة صلَاته فَإِن كَانَ أكملها كتبت لَهُ كَامِلَة وَإِن لم يكن أكملها قَالَ الله لملائمته: انْظُرُوا هَل تَجِدُونَ لَهُ من تطوّع فاكملوا بِهِ مَا ضيع من فريضته ثمَّ الزَّكَاة مثل ذَلِك ثمَّ تُؤْخَذ الْأَعْمَال على حسب ذَلِك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن النُّعْمَان بن قوقل أَنه جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِذا صليت الْمَكْتُوبَة وَصمت رَمَضَان وَحرمت الْحَرَام وأحللت الْحَلَال وَلم أَزْد على ذَلِك أَأدْخل الْجنَّة قَالَ: نعم قَالَ: وَالله لَا أَزِيد على ذَلِك شَيْئا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ أَعْرَابِي من بني سعد بن بكر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: من خلقك وَمن خلق من قبلك وَمن هُوَ خَالق من بعْدك قَالَ: الله قَالَ: فناشدك بذلك أهوَ أرسلك قَالَ: نعم قَالَ: من خلق السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع وأجرى بَينهُنَّ الرزق قَالَ: الله قَالَ: فنشدتك بذلك أهوَ أرسلك قَالَ: نعم قَالَ: فَإنَّا قد وجدنَا فِي كتابك وأمرتنا رسلك أَن نصلي بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار خمس صلوَات لمواقيتها فنشدتك بذلك أهوَ أَمرك قَالَ: نعم قَالَ: فَإنَّا وجدنَا فِي كتابك وأمرتنا رسلك أَن نَأْخُذ من حَوَاشِي

أَمْوَالنَا فنجعله فِي فقرائنا فنشدتك بذلك أهوَ أَمرك قَالَ: نعم قَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لاعملن بهَا وَمن أَطَاعَنِي من قومِي فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: لَئِن صدق ليدخلن الْجنَّة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة أَن رجلا مر على قوم فَسلم عَلَيْهِم فَردُّوا عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا جاوزهم قَالَ رجل مِنْهُم: وَالله إِنِّي لأبغض هَذَا فِي الله فَقَالَ أهل الْمجْلس: بئس وَالله مَا قلت أما الله لننبئه قُم يَا فلَان فَأخْبرهُ فأدركه رسولهم فَأخْبرهُ بِمَا قَالَ: فَانْصَرف الرجل حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَرَرْت بِمَجْلِس من الْمُسلمين فيهم فلَان فَسلمت عَلَيْهِم فَردُّوا السَّلَام فَلَمَّا جاوزتهم أدركني رجل مِنْهُم فَأَخْبرنِي أَن فلَانا قَالَ: وَالله إِنِّي لأبغض هَذَا الرجل فِي الله فَادعه يَا رَسُول الله فَسَأَلَهُ عمّ يبغضني فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَمَّا أخبرهُ الرجل فاعترف بذلك قَالَ: فَلم تبْغضهُ فَقَالَ: أَنا جَاره وَأَنا بِهِ خابر وَالله مَا رَأَيْته يُصَلِّي قطّ إِلَّا هَذِه الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة الَّتِي يُصليهَا الْبر والفاجر قَالَ: سَله يَا رَسُول الله خل رَآنِي قطّ أخرتها عَن وَقتهَا أَو أَسَأْت الْوضُوء لَهَا أَو أَسَأْت الرُّكُوع وَالسُّجُود فِيهَا فَسَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا قَالَ: وَالله مَا رَأَيْته يَصُوم قطّ إِلَّا هَذَا الشَّهْر الَّذِي يَصُومهُ الْبر والفاجر قَالَ: سَله يَا رَسُول الله هَل رَآنِي قطّ فرطت فِيهِ أَو انتقصت من حَقه شَيْئا فَسَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا ثمَّ قَالَ: وَالله مَا رَأَيْته يُعْطي سَائِلًا قطّ وَلَا رَأَيْته ينْفق من مَاله شَيْئا فِي سَبِيل الله إِلَّا الصَّدَقَة الَّتِي يُؤَدِّيهَا الْبر والفاجر قَالَ: فسله يَا رَسُول الله هَل كتمت من الزَّكَاة شَيْئا قطّ أَو مَا كست فِيهَا طالبها فَسَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قُم إِن أَدْرِي لَعَلَّه خير مِنْك وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أسلم الرجل أول مَا يُعلمهُ الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن أَعْرَابِيًا أَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّا أنَاس من الْمُسلمين وَهَهُنَا أنَاس من الهاجرين يَزْعمُونَ أَنا لسنا على شَيْء فَقَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَقَامَ الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة وَحج الْبَيْت وَصَامَ رَمَضَان وقرى الضَّيْف دخل الْجنَّة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ أَي دَرَجَات الإِسلام أفضل قَالَ: الصَّلَاة قيل: ثمَّ أَي قَالَ: الزَّكَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ أَي دَرَجَات الْأَعْمَال أفضل قَالَ: الصَّلَاة وَمن لم يصل فَلَا دين لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الرجل وَبَين الْكفْر ترك الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبينهمْ الصَّلَاة فَمن تَركهَا فقد كفر وَأخرج مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: أَوْصَانِي خليلي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسبع خلال فَقَالَ: لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا وَإِن قطعْتُمْ أَو حرقتم أَو صلبتم وَلَا تتركوا الصَّلَاة متعمدين فَمن تَركهَا مُتَعَمدا فقد خرج من الْملَّة وَلَا تركبوا الْمعْصِيَة فَإِنَّهَا تسخط الله وَلَا تشْربُوا الْخمر فَإِنَّهَا رَأس الْخَطَايَا كلهَا [] وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يرَوْنَ شَيْئا من الْأَعْمَال تَركه كفرا غير الصَّلَاة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ثَوْبَان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: بَين العَبْد وَبَين الْكفْر والايمان الصَّلَاة فَإِن تَرَهَا فقد أشرك وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه لما اشْتَكَى بَصَره قيل لَهُ نداويك وَتَدَع الصَّلَاة أَيَّامًا قَالَ: لَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من ترك الصَّلَاة لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان وَأخرج ابْن ماجة وَمُحَمّد بن نصر الْمروزِي وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ بَين العَبْد والشرك إِلَّا ترك الصَّلَاة فَإِن تَركهَا مُتَعَمدا فقد أشرك وَأخرج أَبُو يعلى عَن ابْن عَبَّاس رَفعه قَالَ: عرا الإِسلام وقواعد الدّين ثَلَاثَة عَلَيْهِنَّ أسس الإِسلام من ترك وَاحِدَة مِنْهُنَّ فَهُوَ كَافِر حَلَال الدَّم: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَالصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَصَوْم رَمَضَان

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ أَوْصَانِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعشر كَلِمَات قَالَ: لَا تشرك بِاللَّه شَيْئا وَإِن قتلت وَحرقت وَلَا تعقن والديك وَإِن أمراك أَن تخرج من أهلك وَمَالك وَلَا تتركن صَلَاة مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فَإِنَّهُ من ترك صَلَاة مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله وَلَا تشربن الْخمر فَإِن رَأس كل فَاحِشَة وَإِيَّاك وَالْمَعْصِيَة فَإِن الْمعْصِيَة جلّ سخط الله وَإِيَّاك والفرار من الزَّحْف وَإِن هلك النَّاس وان أصَاب النَّاس موت فَاثْبتْ وانفق على أهلك من طولك وَلَا ترفع عَنْهُم عصاك أدباً وأخفهم فِي الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أُمَيْمَة مولاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت كنت أصب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضوءه فَدخل رجل فَقَالَ: أوصني فَقَالَ: لَا تشرك بِاللَّه شَيْئا وَإِن قطعت أَو حرقت وَلَا تعص والديك وان أمراك أَن تخلي من أهلك ودنياك فتخله وَلَا تشربن خمرًا فانها مِفْتَاح كل شَرّ وَلَا تتركن صَلَاة مُتَعَمدا فَمن فعل ذَلِك فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله وَرَسُوله وَأخرج ابْن سعد عَن سماك أَن ابْن عَبَّاس فِي عَيْنَيْهِ المَاء فَذهب بَصَره فَأَتَاهُ هَؤُلَاءِ الَّذين يثقبون الْعُيُون ويسيلون المَاء فَقَالُوا: خل بَيْننَا وَبَين عَيْنَيْك نسيل ماءهما وَلَكِنَّك تمسك خَمْسَة أَيَّام لَا تصلي الا على عود قَالَ: لَا وَالله وَلَا رَكْعَة وَاحِدَة إِنِّي حدثت أَن من ترك صَلَاة وَاحِدَة مُتَعَمدا لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان وَأخرج ابْن حبَان عَن بُرَيْدَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَكرُوا بِالصَّلَاةِ فِي يَوْم الْغَيْم فَإِنَّهُ من ترك الصَّلَاة فقد كفر وَأخرج أَحْمد عَن زِيَاد بن نعيم الْحَضْرَمِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع فرضهن الله فِي الإِسلام فَمن أَتَى بِثَلَاث لم يغنين عَنهُ شَيْئا حَتَّى يَأْتِي بِهن جَمِيعًا: الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَصِيَام رَمَضَان وَحج الْبَيْت وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا أحبط الله عمله وبرئت مِنْهُ ذمَّة الله حَتَّى يُرَاجع إِلَى الله عز وَجل تَوْبَة وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم أَيمن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تتْرك الصَّلَاة مُتَعَمدا فَإِنَّهُ من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله وَرَسُوله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي كتاب الإِيمان وَفِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن عَليّ قَالَ: من لم يصل فَهُوَ كَافِر وَفِي لفظ: فقد كفر وَأخرج مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي وَابْن عبد الْبر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من ترك الصَّلَاة فقد كفر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من ترك الصَّلَاة فَلَا دين لَهُ وَأخرج ابْن عبد الْبر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: من لم يصل فَهُوَ كَافِر وَأخرج ابْن عبد الْبر عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: لَا إِيمَان لمن لَا صَلَاة لَهُ وَلَا صَلَاة لمن لَا وضوء لَهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من ترك الصَّلَاة كفر وَأخرج مَالك وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عُرْوَة أَن عمر بن الْخطاب أُوقِظ للصَّلَاة وَهُوَ مطعون فَقَالُوا: الصَّلَاة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: هالله إِذن وَلَا حق فِي الإِسلام لمن ترك الصَّلَاة فصلى وَإِن جرحه ليثعب دَمًا وَأخرج مَالك عَن نَافِع أَن عمر بن الْخطاب كتب إِلَى عماله: إِن أهم أُمُوركُم عِنْدِي الصَّلَاة من حفظهَا أَو حَافظ عَلَيْهَا حفظ دينه وَمن ضيعها فَهُوَ لما سواهَا أضيع وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من فَاتَهُ صَلَاة فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جمع بَين صَلَاتَيْنِ من غير عذر فقد أَتَى بَابا من أَبْوَاب الْكَبَائِر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهيت عَن قتل الْمُصَلِّين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى عَن أبي بكر الصّديق قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ضرب الْمُصَلِّين وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي أُمَامَة قَالَ: جَاءَ عَليّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله ادْفَعْ إِلَيْنَا خَادِمًا قَالَ: اذْهَبْ فَإِن فِي الْبَيْت ثَلَاثَة فَخذ أحد الثَّلَاثَة فَقَالَ: يَا نَبِي الله اختر لي فَقَالَ: اختر لنَفسك قَالَ: يَا نَبِي الله اختر لي قَالَ: اذْهَبْ فَإِن فِي الْبَيْت ثَلَاثَة: مِنْهُم غُلَام قد صلى فَخذه وَلَا تضربه فَإنَّا قد نهينَا عَن ضرب أهل الصَّلَاة

وَأخرج أَبُو يعلى عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي أَتَاهُ أَبَة الْهَيْثَم بن التيهَان فاستخدمه فوعده النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أصَاب سبياً ثمَّ جَاءَ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد أصبْنَا غلامين اسودين اختر أَيهمَا شِئْت قَالَ: فَإِنِّي استشيرك قَالَ: خُذ هَذَا فقد صلى عندنَا وَلَا تضربه فَإنَّا قد نهينَا عَن ضرب الْمُصَلِّين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هرير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أثقل الصَّلَاة على الْمُنَافِقين صَلَاة الْعشَاء وَالْفَجْر وَلَو يعلمُونَ مَا فيهمَا لأتوهما وَلَو حبواً وَلَقَد هَمَمْت أَن آمُر بِالصَّلَاةِ فتقام ثمَّ آمُر رجلا فَيصَلي بِالنَّاسِ ثمَّ انْطلق معي بِرِجَال مَعَهم حزم من حطب إِلَى قوم لَا يشْهدُونَ الصَّلَاة فَأحرق عَلَيْهِم بُيُوتهم بالنَّار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك واعدد نَفسك من الْمَوْتَى وَإِيَّاك ودعوة الْمَظْلُوم فانها تستجاب وَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يشْهد الصَّلَاتَيْنِ الْعشَاء وَالصُّبْح وَلَو حبواً فَلْيفْعَل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا إِذا فَقدنَا الرجل فِي الْفجْر والْعشَاء أسأنا بِهِ الظَّن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا الصُّبْح فَقَالَ: أشاهد فلَان قَالُوا: لَا قَالَ: اشاهد فلَان قَالُوا: لَا قَالَ: إِن هَاتين الصَّلَاتَيْنِ أثقل الصَّلَوَات على الْمُنَافِقين وَلَو تعلمُونَ مَا فيهمَا لأتيتموهما وَلَو حبواً على الركب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو يعلم النَّاس مَا فِي صَلَاة الْعشَاء وَصَلَاة الْفجْر لأتوهما وَلَو حبواً وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحَرْث بن وهب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لن تزَال أمتِي على الإِسلام مَا لم يؤخروا الْمغرب حَتَّى تشتبك النُّجُوم مضاهاة للْيَهُود وَمَا لم يؤخروا الْفجْر مضاهاة لِلنَّصَارَى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الصنَابحِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تزَال أمتِي فِي مسكة من دينهَا مَا لم ينتظروا بالمغرب اشتباك النُّجُوم مضاهاة الْيَهُود وَمَا لم يؤخروا الْفجْر مضاهاة النَّصْرَانِيَّة

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صلى البردين دخل الْجنَّة وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جُنْدُب بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى الصُّبْح فَهُوَ فِي ذمَّة الله فَلَا يكلبنكم الله فِي ذمَّته بِشَيْء فَإِنَّهُ من يَطْلُبهُ من ذمَّته بِشَيْء يُدْرِكهُ ثمَّ يكبه على وَجهه فِي نَار جَهَنَّم وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جُنْدُب بن سُفْيَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من صلى الصُّبْح فَهُوَ فِي ذمَّة الله فَلَا تخفروا الله فِي ذمَّته وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صلى الصُّبْح فَهُوَ فِي ذمَّة الله فَلَا تخفروا الله فِي ذمَّته فَإِنَّهُ من أَخْفَر ذمَّته طلبه تبَارك وَتَعَالَى حَتَّى يكبه على وَجهه وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من صلى الْغَدَاة فَهُوَ فِي ذمَّة الله فإياكم أَن يطلبكم الله بِشَيْء من ذمَّته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى الصُّبْح فَهُوَ فِي ذمَّة الله فَمن أَخْفَر ذمَّة الله كَبه الله فِي النَّار لوجهه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى الصُّبْح فَهُوَ فِي ذمَّة الله وحسابه على الله وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الَّذِي تفوته صَلَاة الْعَصْر كَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله وَأخرج الشَّافِعِي عَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الديلمي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ترك صَلَاة الْعَصْر فقد حَبط عمله وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ترك صَلَاة الْعَصْر مُتَعَمدا فقد حَبط عمله وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي بصرة الْغِفَارِيّ قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَصْر بالمخمص ثمَّ قَالَ: إِن هَذِه الصَّلَاة على من كَانَ قبلكُمْ فضيعوها فَمن حَافظ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أجره مرَّتَيْنِ وَلَا صَلَاة بعْدهَا حَتَّى يطلع الشَّاهِد وَالشَّاهِد النَّجْم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذِه الصَّلَاة - يَعْنِي الْعَصْر - فرضت على من كَانَ قبلكُمْ فضيعوها فَمن حَافظ عَلَيْهَا أعطي أجرهَا مرَّتَيْنِ وَلَا صَلَاة بعْدهَا حَتَّى يرى الشَّاهِد يَعْنِي النَّجْم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ترك صَلَاة الْعَصْر حَتَّى تغيب الشَّمْس من غير عذر فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن من الصَّلَاة صَلَاة من فَاتَتْهُ فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله قَالَ ابْن عمر: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هِيَ صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: من ترك الْعَصْر حَتَّى تفوته من غير عذر فقد حَبط عمله وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تزَال أمتِي على الْفطْرَة مَا لم يؤخروا الْمغرب حَتَّى تشتبك النُّجُوم وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن السَّائِب بن يزِيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تزَال أمتِي على الْفطْرَة مَا صلوا الْمغرب قبل طُلُوع النَّجْم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أَيُّوب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تزَال أمتِي بِخَير أَو على الْفطْرَة مَا لم يؤخروا الْمغرب حَتَّى تشتبك النُّجُوم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الصَّلَاة صَلَاة الْمغرب وَمن صلى بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن سعد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي مُوسَى قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة لصَلَاة الْعشَاء فَقَالَ: أَبْشِرُوا إِن من نعْمَة الله عَلَيْكُم أَنه لَيْسَ أحد من النَّاس يُصَلِّي هَذِه الصَّلَاة غَيْركُمْ أَو قَالَ: مَا صلى هَذِه السَّاعَة أحد غَيْركُمْ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْمُنْكَدر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خرج لَيْلَة لصَلَاة الْعشَاء فَقَالَ: أما إِنَّهَا صَلَاة لم يصلها أحد مِمَّن كَانَ قبلكُمْ من الْأُمَم

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج لَيْلَة لصَلَاة الْعشَاء فَقَالَ لَهُم: مَا صلى صَلَاتكُمْ هَذِه أمة قطّ قبلكُمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن معَاذ قَالَ بَقينَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصَلَاة الْعَتَمَة لَيْلَة فَتَأَخر بهَا حَتَّى ظن الظَّان أَن قد صلى أَو لَيْسَ بِخَارِج فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنا: اعتموا بِهَذِهِ الصَّلَاة فَإِنَّكُم قد فضلْتُمْ بهَا على سَائِر الْأُمَم وَلم تصلها أمة قبلكُمْ وَأخرج أَحْمد عَن الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة أرَاهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن العَبْد الْمَمْلُوك ليحاسب بِصَلَاتِهِ فَإِذا نقص مِنْهَا قيل لَهُ: لم نقصت مِنْهَا فَيَقُول: يَا رب سلطت عَليّ مليكاً شغلني عَن صَلَاتي فَيَقُول: قد رَأَيْتُك تسرق من مَاله لنَفسك فَهَلا سرقت من عَمَلك لنَفسك فَتجب لله عز وَجل عَلَيْهِ الْحجَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الْملك بن الرّبيع بن سُبْرَة عَن أَبِيه عَن جَاره قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مروا الصَّبِي بِالصَّلَاةِ إِذا بلغ سبع سِنِين فَإِذا بلغ عشر سِنِين فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مروا أَوْلَادكُم بِالصَّلَاةِ وهم أَبنَاء سبع سِنِين وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وهم أَبنَاء عشر سِنِين وَفرقُوا بَينهم فِي الْمضَاجِع وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن رجل من الصَّحَابَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ مَتى يُصَلِّي الصَّبِي فَقَالَ: إِذا عرف يَمِينه من شِمَاله فَمُرُوهُ بِالصَّلَاةِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عبد الله بن خبيب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: علمُوا أَوْلَادكُم الصَّلَاة إِذا بلغُوا سبعا وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا إِذا بلغُوا عشرا وَفرقُوا بَينهم فِي الْمضَاجِع وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عرف الْغُلَام يَمِينه من شِمَاله فَمُرُوهُ بِالصَّلَاةِ وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لسبع سِنِين وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لثلاث عشرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: حَافظُوا على أَبْنَائِكُم فِي الصَّلَاة وعوّدوهم الْخَيْر فَإِن الْخَيْر عَادَة

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي الجوزاء قَالَ: قلت لِلْحسنِ بن عَليّ: مَا حفظت من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: نبئت أَن أَبَا بكر وَعمر كَانَا يعلمَانِ النَّاس تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة الَّتِي افترضها الله لمواقيتها فَإِن فِي تفريطها الهلكة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَعْفَر بن برْقَان قَالَ: كتب إِلَيْنَا عمر بن الْعَزِيز: أما بعد فَإِن عز الدّين وقوام الإِسلام: الإِيمان بِاللَّه واقام الصَّلَاة وايتاء الزَّكَاة فصلّ الصَّلَاة لوَقْتهَا وحافظ عَلَيْهَا وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} أخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُخْتَلفين فِي الصَّلَاة الْوُسْطَى هَكَذَا وَشَبك بَين أَصَابِعه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر أَنه سُئِلَ عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ: هِيَ فِيهِنَّ فحافظوا عَلَيْهِنَّ كُلهنَّ وَقَالَ مَالك فِي الْمُوَطَّأ: بَلغنِي عَن عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الله بن عَبَّاس كَانَا يَقُولَانِ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الصُّبْح أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه صلى الْغَدَاة فِي جَامع الْبَصْرَة فقنت فِي الرُّكُوع وَقَالَ: هَذِه الصَّلَاة الْوُسْطَى الَّتِي ذكرهَا الله فِي كِتَابه فَقَالَ {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي رَجَاء العطاردي قَالَ: صليت خلف ابْن عَبَّاس الْفجْر فقنت فِيهَا وَرفع يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: هَذِه الصَّلَاة الْوُسْطَى الَّتِي أمرنَا أَن نقوم فِيهَا قَانِتِينَ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الصُّبْح تصلى فِي سَواد اللَّيْل وَأخرج ابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الصُّبْح تصلى فِي سَواد من اللَّيْل وَبَيَاض من النَّهَار وَهِي أَكثر الصَّلَوَات تفوت النَّاس

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: صليت خلف عبد الله بن قيس زمن عمر صَلَاة الْغَدَاة فَقلت لرجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جَانِبي: مَا الصَّلَاة الْوُسْطَى قَالَ: هَذِه الصَّلَاة وأخج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة أَنه صلى مَعَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْغَدَاة فَلَمَّا أَن فرغوا قلت لَهُم: أيتهن الصَّلَاة الْوُسْطَى قَالُوا: الَّتِي صليتها قبل وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الصُّبْح وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَإِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن ابْن عمر قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الصُّبْح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة أَنه سُئِلَ عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ: هِيَ صَلَاة الصُّبْح وَأخرجه ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف بِلَفْظ: لَا أحسبها إِلَّا الصُّبْح وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْفجْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حَيَّان الْأَزْدِيّ قَالَ: سَمِعت ابْن عَمْرو سُئِلَ عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى وَقيل لَهُ: إِن أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: هِيَ الْعَصْر فَقَالَ: إِن أَبَا هُرَيْرَة يكثر إِن ابْن عمر يَقُول: هِيَ الصُّبْح وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة عَن طَاوس قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الصُّبْح وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد وَجَابِر بن زيد قَالَا: هِيَ الصُّبْح وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج قَالَ: سَأَلت عَطاء عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى قَالَ: أظنها الصُّبْح أَلا تسمع لقَوْله (وَقُرْآن الْفجْر إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهودا) (الْإِسْرَاء الْآيَة 78) وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَاوس وَعِكْرِمَة قَالَا: هِيَ الصُّبْح وسطت فَكَانَت بَين اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ: كُنَّا نتحدث أَنَّهَا الصَّلَاة الَّتِي وَجه فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْقبْلَة الظّهْر

وَأخرج عبد بن حميد عَن مَكْحُول أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ: هِيَ أول صَلَاة تَأْتِيك بعد صَلَاة الْفجْر وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو دَاوُد والطَّحَاوِي وَالرُّويَانِيّ وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزبْرِقَان عَن عُرْوَة بن الزبير عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي الظّهْر بالهاجرة وَكَانَت أثقل الصَّلَاة على أَصْحَابه فَنزلت {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} قَالَ: لِأَن قبلهَا صَلَاتَيْنِ وَبعدهَا صَلَاتَيْنِ وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو يعلى وَالرُّويَانِيّ والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزبْرِقَان عَن زهرَة بن معبد قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد زيد بن ثَابت فأرسلوا إِلَى أُسَامَة فَسَأَلُوهُ عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ: هِيَ الظّهْر كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصليهَا بالهجير وَأخرج أَحْمد وَابْن المنيع وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير والشاشي والضياء من طَرِيق الزبْرِقَان أَن رهطاً من قُرَيْش مر بهم زيد بن ثايت وهم مجتمعون فارسلوا إِلَيْهِ غلامين لَهُم يسألانه عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ: الظّهْر ثمَّ انصرفا إِلَى أُسَامَة بن زيد فَسَأَلَاهُ فَقَالَ: هِيَ الظّهْر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي الظّهْر بالهجير فَلَا يكون وَرَاءه إِلَّا الصَّفّ والصفان وَالنَّاس فِي قائلتهم وتجارتهم فَأنْزل الله {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لينتهين رجال أَو لأحرقن بُيُوتهم وَأخرج النَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ كنت مَعَ قوم اخْتلفُوا فِي الصَّلَاة الْوُسْطَى وَأَنا أَصْغَر الْقَوْم فبعثوني إِلَى زيد بن ثَابت لأسأله عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَأَتَيْته فَسَأَلته فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الظّهْر بالهاجرة وَالنَّاس فِي قائلتهم وأسواقهم فَلم يكن يُصَلِّي وَرَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا الصَّفّ والصفان فَأنْزل الله {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لينتهين أَقوام أَو لأحرقن بُيُوتهم وَأخرج ابْن جرير فِي تهذيبه من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبان عَن أَبِيه عَن زيد بن ثَابت فِي حَدِيث يرفعهُ قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الظّهْر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق سعيد بن الْمسيب أَنه كَانَ قَاعِدا وَعُرْوَة بن الزبير وَإِبْرَاهِيم بن طَلْحَة فَقَالَ سعيد بن الْمسيب: سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ

يَقُول: الصَّلَاة الْوُسْطَى هِيَ صَلَاة الظّهْر قَالَ: فَمر علينا ابْن عمر فَقَالَ عُرْوَة: ارسلوا إِلَى ابْن عمر فَسَأَلُوهُ فَأَرْسَلنَا إِلَيْهِ غُلَاما فَسَأَلَهُ ثمَّ جَاءَ الرَّسُول فَقَالَ: هِيَ صَلَاة الظّهْر فشككنا فِي قَول الْغُلَام فقمنا جَمِيعًا فذهبنا إِلَى ابْن عمر فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: هِيَ صَلَاة الظّهْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن ابْن عمر عَن زيد بن ثَابت قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الظّهْر وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن زيد بن ثَابت قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الظّهْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن حَرْمَلَة مولى زيد بن ثَابت قَالَ: تمارى زيد بن ثَابت وَأبي بن كَعْب فِي الصَّلَاة الْوُسْطَى فأرسلاني إِلَى عَائِشَة أَي صَلَاة هِيَ فَقَالَت: الظّهْر فَكَانَ زيد يَقُول: هِيَ الظّهْر فَلَا أَدْرِي عَنهُ أَخذه أَو عَن غَيرهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طرق أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الظّهْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن ابْن عمر قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى الظّهْر وَأخرج ابْن جرير عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: صَلَاة الظّهْر هِيَ الصَّلَاة الْوُسْطَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن أبي رَافع مولى حَفْصَة قَالَ: استكتبتني حَفْصَة مُصحفا فَقَالَت: إِذا أتيت على هَذِه الْآيَة فتعال حَتَّى أُمليهَا عَلَيْك كَمَا اقرئتها فَلَمَّا أتيت على هَذِه الْآيَة {حَافظُوا على الصَّلَوَات} قَالَت: اكْتُبْ (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر) فَلَقِيت أبيّ بن كَعْب فَقلت: يَا أَبَا الْمُنْذر إِن حَفْصَة قَالَ: كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: هُوَ كَمَا قَالَت: أَو لَيْسَ أشغل مَا نَكُون عِنْد صَلَاة الظّهْر فِي عَملنَا ونواضحنا

وَأخرج مَالك وَأَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن رَافع قَالَ: كنت أكتب مُصحفا لحفصة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِذا بلغت هَذِه الْآيَة فَآذِنِّي {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} فَلَمَّا بلغتهَا آذَنتهَا فَأَمْلَتْ عليّ (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقومُوا لله قَانِتِينَ) وَقَالَت: أشهد اني سَمعتهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن نَافِع أَن حَفْصَة دفعت مُصحفا إِلَى مولى لَهَا يَكْتُبهُ وَقَالَت: إِذا بلغت هَذِه الْآيَة {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} فَآذِنِّي فَلَمَّا بلغَهَا جاءها فَكتبت بِيَدِهَا (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر) وَأخرج مَالك وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنه عَن أبي يُونُس مولى عَائِشَة قَالَ: أَمرتنِي عائشه أَن أكتب لَهَا مُصحفا وَقَالَت: إِذا بلغت هَذِه الْآيَة فآدني {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} فَلَمَّا بلغتهَا آذَنتهَا فَأَمْلَتْ عليّ (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقومُوا لله قَانِتِينَ) وَقَالَت عَائِشَة: سَمعتهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر عَن أم حميد بنت عبد الرَّحْمَن أَنَّهَا سَأَلت عَائِشَة عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَت: كُنَّا نقرؤها فِي الْحَرْف الأوّل على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقومُوا لله قَانِتِينَ) وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى هِيَ الظّهْر قبلهَا صلاتان وَبعدهَا صلاتان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي دَاوُد عَن هِشَام بن عُرْوَة قَالَ: قَرَأت فِي مصحف عَائِشَة (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقومُوا لله قَانِتِينَ) وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق سُلَيْمَان بن أَرقم عَن الْحسن وَابْن سِيرِين وَابْن شهَاب الزُّهْرِيّ وَكَانَ الزُّهْرِيّ أشبعهم حَدِيثا قَالُوا: لما أسْرع فِي قتل قراء الْقُرْآن يَوْم الْيَمَامَة قتل مَعَهم يَوْمئِذٍ أَرْبَعمِائَة رجل لَقِي زيد بن ثَابت عمر بن

الْخطاب فَقَالَ لَهُ: إِن هَذَا الْقُرْآن هُوَ الْجَامِع لديننا فَإِن ذهب الْقُرْآن ذهب ديننَا وَقد عزمت على أَن أجمع الْقُرْآن فِي كتاب فَقَالَ لَهُ: انْتظر حَتَّى نسْأَل أَبَا بكر فمضيا إِلَى أبي بكر فَأَخْبَرَاهُ بذلك فَقَالَ: لَا تعجل حَتَّى اشاور الْمُسلمين ثمَّ قَامَ خَطِيبًا فِي النَّاس فَأخْبرهُم بذلك فَقَالُوا: أصبت فَجمعُوا الْقُرْآن وَأمر أَبُو بكر منادياً فَنَادَى فِي النَّاس: من كَانَ عِنْده من الْقُرْآن شَيْء فليجيء بِهِ قَالَت: حَفْصَة: إِذا انتهيتم إِلَى هَذِه الْآيَة فاخبروني {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} فَلَمَّا بلغُوا إِلَيْهَا قَالَت: اكتبوا (وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَهِي صَلَاة الْعَصْر) فَقَالَ لَهَا عمر: أَلَك بِهَذَا بَيِّنَة قَالَت: لَا قَالَ: فو الله لَا ندخل فِي الْقُرْآن مَا تشهد بِهِ امْرَأَة بِلَا اقامة بَيِّنَة وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود: اكتبوا (وَالْعصر إِن الإِنسان لفي خسر) (الْعَصْر الْآيَة 1) وَأَنه فِيهِ إِلَى آخر الدَّهْر فَقَالَ عمر: نَحوا عَنَّا هَذِه الاعرابية وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر عَن حَفْصَة أَنَّهَا قَالَت لكاتب مصحفها: إِذا بلغت مَوَاقِيت الصَّلَاة فَأَخْبرنِي حَتَّى أخْبرك مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أخْبرهَا قَالَت: اكْتُبْ إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن رَافع عَن أم سَلمَة أَنَّهَا أَمرته أَن يكْتب لَهَا مُصحفا فَلَمَّا بلغت {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} قَالَت: اكْتُبْ حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر وَقومُوا لله قَانِتِينَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عُمَيْر بن مَرْيَم أَنه سمع ابْن عَبَّاس قَرَأَ هَذَا الْحَرْف ((حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَصَلَاة الْعَصْر)) وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: نزلت (حَافظُوا على الصَّلَوَات الْعَصْر) فقرأناها على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَاءَ الله ثمَّ نسخهَا الله فَأنْزل {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} فَقيل لَهُ: هِيَ إِذن صَلَاة الْعَصْر فَقَالَ: قد حدثتك كَيفَ نزلت وَكَيف نسخهَا الله وَالله أعلم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء قَالَ: قرأناها مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّامًا (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَصَلَاة الْعَصْر) ثمَّ قرأناها {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} فَلَا أَدْرِي أَهِي هِيَ أم لَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن زر قَالَ: قلت لعبيدة: سل عليا عَن صَلَاة الْوُسْطَى فَسَأَلَهُ فَقَالَ: كُنَّا نرَاهَا الْفجْر حَتَّى سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَوْم الْأَحْزَاب شغلونا عَن صَلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر مَلأ الله قُبُورهم وأجوافهم نَارا وَأخرج ابْن جرير من وَجه آخر عَن زر قَالَ: انْطَلَقت أَنا وَعبيدَة السَّلمَانِي إِلَى عَليّ فَأمرت عُبَيْدَة أَن يسْأَله عَن الصَّلَاة فَسَأَلَهُ فَقَالَ: كُنَّا نرَاهَا صَلَاة الصُّبْح فَبينا نَحن نُقَاتِل أهل خَيْبَر فَقَاتلُوا حَتَّى ارهقونا عَن الصَّلَاة وَكَانَ قبيل غرُوب الشَّمْس قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ املأ قُلُوب هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى وأجوافهم نَارا فَعرفنَا يَوْمئِذٍ أَنَّهَا الصَّلَاة الْوُسْطَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن شُتَيْر بن شكل قَالَ: سَأَلت عليا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ: كُنَّا نرى أَنَّهَا الصُّبْح حَتَّى سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَوْم الْأَحْزَاب مَلأ الله بُيُوتهم وقبورهم نَارا كَمَا شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس وَلم يكن صلى يَوْمئِذٍ الظّهْر وَالْعصر حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَليّ قَالَ: هِيَ الْعَصْر وَأخرج الدمياطي فِي كتاب الصَّلَاة الْوُسْطَى من طَرِيق الْحسن الْبَصْرِيّ عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ حبس الْمُشْركُونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَلَاة الْعَصْر حَتَّى احْمَرَّتْ الشَّمْس أَو اصْفَرَّتْ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر مَلأ الله أَجْوَافهم وقبورهم نَارا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان من طرق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق مقسم وَسَعِيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم الخَنْدَق شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس مَلأ الله قُبُورهم وأجوافهم نَارا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة فحبسه الْمُشْركُونَ عَن صَلَاة الْعَصْر حَتَّى مسى بهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ املأ بُيُوتهم وأجوافهم نَارا كَمَا حبسونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسي الظّهْر وَالْعصر يَوْم الْأَحْزَاب فَذكر بعد الْمغرب فَقَالَ: اللَّهُمَّ من حبسنا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فاملأ بُيُوتهم نَارا وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم الخَنْدَق: مَلأ الله بُيُوتهم وقبورهم نَارا كَمَا شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْس وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَحْزَاب شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى مَلأ الله بُيُوتهم وقبورهم نَارا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى - صَلَاة الْعَصْر - مَلأ الله أَجْوَافهم وَقُلُوبهمْ نَارا وَأخرج ابْن مندة عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الموتور أَهله وَمَاله من وتر الصَّلَاة الْوُسْطَى فِي جمَاعَة وَهِي صَلَاة الْعَصْر وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وسماها لنا وَإِنَّمَا هِيَ صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سَمُرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نحافظ على الصَّلَوَات كُلهنَّ وأوصانا بِالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ونبأنا أَنَّهَا صَلَاة الْعَصْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد من طَرِيق سَالم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الَّذِي تفوته صَلَاة الْعَصْر فَكَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله قَالَ: فَكَانَ ابْن عمر يرى أَنَّهَا الصَّلَاة الْوُسْطَى

وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي صَالح وَهُوَ ميزَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج الطَّحَاوِيّ من طَرِيق مُوسَى بن وردان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف والطَّحَاوِي عَن عبد الرَّحْمَن بن لَبِيبَة الطَّائِفِي أَنه سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ: سأقرأ عَلَيْك الْقُرْآن حَتَّى تعرفها أَلَيْسَ يَقُول الله فِي كِتَابه (أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس) (الْإِسْرَاء الاية 78) الظّهْر (إِلَى غسق اللَّيْل) الْمغرب (وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء ثَلَاث عورات لكم) (النُّور الْآيَة 58) لعتمة وَيَقُول (إِن الْقُرْآن الْفجْر كَانَ مشهودا) (الْإِسْرَاء الْآيَة 78) الصُّبْح ثمَّ قَالَ {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ} هِيَ الْعَصْر هِيَ الْعَصْر وَأخرج ابْن سعد وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه عَن كهيل بن حَرْمَلَة قَالَ سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَة عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ: اخْتَلَفْنَا فِيهَا كَمَا اختلفتم فِيهَا وَنحن بِفنَاء بَيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفينَا الرجل الصَّالح أَبُو هَاشم بن عتبَة بن عبد شمس فَقَالَ: أَنا أعلم لكم ذَلِك فَقَامَ فَاسْتَأْذن على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل عَلَيْهِ ثمَّ خرج إِلَيْنَا فَقَالَ: أخبرنَا انها صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم بن يزِيد الدِّمَشْقِي قَالَ كنت جَالِسا عِنْد عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان فَقَالَ: يَا فلَان اذْهَبْ إِلَى فلَان فَقل لَهُ: أَي شَيْء سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ رجل جَالس: أَرْسلنِي أَبُو بكر وَعمر وَأَنا غُلَام صَغِير أسأله عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَأخذ أُصْبُعِي الصَّغِيرَة فَقَالَ: هَذِه الْفجْر وَقبض الَّتِي تَلِيهَا وَقَالَ: هَذِه الظّهْر ثمَّ قبض الابهام فَقَالَ: هَذِه الْمغرب ثمَّ قبض الَّتِي تَلِيهَا فَقَالَ: هَذِه الْعشَاء ثمَّ قَالَ: أَي أصابعك بقيت فَقلت الْوُسْطَى فَقَالَ: أَي الصَّلَاة بقيت فَقلت: الْعَصْر فَقَالَ: هِيَ الْعَصْر وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر

وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن جرير عَن عُرْوَة قَالَ: كَانَ فِي مصحف عَائِشَة ((حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَهِي صَلَاة الْعَصْر)) وَأخرج وَكِيع عَن حميدة قَالَت: قَرَأت فِي مصحف عَائِشَة (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر) وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ فِي مصحف عَائِشَة (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو عبيد عَن زِيَاد بن أبي مَرْيَم أَن عَائِشَة أمرت بمصحف لَهَا أَن يكْتب وَقَالَت: إِذا بَلغْتُمْ {حَافظُوا على الصَّلَوَات} فَلَا تكتبوها حَتَّى تؤذنوني فَلَمَّا أَخْبرُوهَا أَنهم قد بلغُوا قَالَت: اكتبوها وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن جرير والطَّحَاوِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن رَافع قَالَ: كَانَ مَكْتُوبًا فِي مصحفة حَفْصَة (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة وَالْوُسْطَى وَهِي صَلَاة الْعَصْر وَقومُوا لله قَانِتِينَ) وَأخرج الْمحَامِلِي عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن سَمِعت السَّائِب بن يزِيد تَلا هَذِه الْآيَة (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر) وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أبيّ بن كَعْب أَنه كَانَ يقْرؤهَا (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر) وَخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير والطَّحَاوِي من طَرِيق رزين بن عبيد أَنه سمع ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا (وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر) وَأخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وسُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَسَعِيد بن مَنْصُور ومسدد فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طرق عَن عَليّ بن أبي

طَالب قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر الَّتِي فرط بهَا سُلَيْمَان حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب وَأخرج وَكِيع وسُفْيَان وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج عبد بن حميد والطَّحَاوِي من طَرِيق أبي قلَابَة قَالَ: كَانَت فِي مصحف أبي بن كَعْب (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَهِي صَلَاة الْعَصْر) وَأخرجه ابْن أبي شيبَة من طَرِيق أبي قلَابَة عَن أبي الْمُهلب بن أبيّ بن كَعْب وَأخرج ابْن جرير والطَّحَاوِي من طَرِيق سَالم عَن أَبِيه عبد الله بن عمر قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر أَنه قَرَأَ (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر) وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي أَيُّوب قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن ثَابت قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر والطَّحَاوِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أم سَلمَة قَالَت: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير من طرق عَن عَائِشَة قَالَت: الصَّلَاة الْوُسْطَى الْعَصْر وَأخرج الدمياطي عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق نَافِع عَن حَفْصَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا قَالَت لكاتب مصحفها إِذْ بلغت مَوَاقِيت الصَّلَاة فَأَخْبرنِي حَتَّى أخْبرك بِمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبرهَا قَالَت: اكْتُبْ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ (حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَهِي صَلَاة الْعَصْر)

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر قبلهَا صلاتان من النَّهَار وَبعدهَا صلاتان من اللَّيْل وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد عَن سَالم بن عبد الله أَن حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ قَالَت: الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْر وَأخرج الطَّحَاوِيّ عَن أبي عبد الرَّحْمَن عبيد الله بن مُحَمَّد بن عَائِشَة قَالَ: إِن آدم لما أَتَت عَلَيْهِ عين الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ فَصَارَت الصُّبْح وفدى اسحق عِنْد الظّهْر فصلى إِبْرَاهِيم أَرْبعا فَصَارَت الظّهْر وَبعث عَزِيز فَقيل لَهُ: كم لَبِثت قَالَ: يَوْمًا فَرَأى الشَّمْس فَقَالَ: أَو بعض يَوْم فصلى أَربع رَكْعَات فَصَارَت الْعَصْر وَغفر لداود عِنْد الْمغرب فَقَامَ فصلى أَربع رَكْعَات فجهد فَجَلَسَ فِي الثَّالِثَة فَصَارَت الْمغرب ثَلَاثًا وَأول من صلى الْعشَاء الْآخِرَة نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلذَلِك قَالُوا: الْوُسْطَى هِيَ صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: هِيَ الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن سِيرِين قَالَ: سَأَلت عُبَيْدَة عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ: هِيَ الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الصَّلَاة الْوُسْطَى الْمغرب وَأخرج ابْن جرير عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ: الصَّلَاة الوسطة صَلَاة الْمغرب أَلا ترى أَنَّهَا لَيست باقلها وَلَا أَكْثَرهَا وَلَا تقصر فِي السّفر وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يؤخرها عَن وَقتهَا وَلم يعجلها وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: سَأَلَ رجل زيد بن ثَابت عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى قَالَ: حَافظ على الصَّلَوَات تدركها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الرّبيع بن خَيْثَم أَن سَائِلًا سَأَلَهُ عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى قَالَ: حَافظ عَلَيْهِنَّ فَإنَّك إِن فعلت أصبتها إِنَّمَا هِيَ وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين قَالَ: سُئِلَ شُرَيْح عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى فَقَالَ: حَافظُوا عَلَيْهَا تصيبوها وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَقومُوا لله قَانِتِينَ}

وَأخرج وَكِيع وَأحمد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة والطَّحَاوِي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم قَالَ: كُنَّا نتكلم على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة يكلم الرجل منا صَاحبه وَهُوَ إِلَى جنبه فِي الصَّلَاة حَتَّى نزلت {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ ونهينا عَن الْكَلَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَول الله {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} قَالَ: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة يَجِيء الرجل إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاة فيكلمه بحاجته فنهوا عَن الْكَلَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: قدم رَسُول الله صلى الله ليه وَسلم الْمَدِينَة وَالنَّاس يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة فِي حوائجهم كَمَا تكلم أهل الْكتاب فِي الصَّلَاة فِي حوائجهم حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} فتركوا الْكَلَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطِيَّة قَالَ: كَانَ يأمرون فِي الصَّلَاة بحوائجهم حَتَّى أنزلت {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} فتركوا الْكَلَام فِي الصَّلَاة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة وَكَانَ الرجل يَأْمر أَخَاهُ بِالْحَاجةِ فَأنْزل الله {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} فَقطعُوا الْكَلَام فالقنوت السُّكُوت والقنوت الطَّاعَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق السّديّ عَن مرّة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كُنَّا نقوم فِي الصَّلَاة فنتكلم ويسارر الرجل صَاحبه ويخبره ويردون عَلَيْهِ إِذا سلم حَتَّى أتيت أَنا فَسلمت فَلم يردوا عَليّ السَّلَام فَاشْتَدَّ ذَلِك عليّ فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته قَالَ: إِنَّه لم يَمْنعنِي أَن أرد عَلَيْك السَّلَام إِلَّا أَن أمرنَا أَن نقوم قَانِتِينَ لَا نتكلم فِي الصَّلَاة والقنوت السُّكُوت وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق زر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كُنَّا نتكلم فِي الصَّلَاة فَسلمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يرد عَليّ فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: قد أحدث الله أَن لَا تتكلموا فِي الصَّلَاة وَنزلت هَذِه الْآيَة {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق كُلْثُوم بن المصطلق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عوّدني أَن يرد عليّ السَّلَام فِي الصَّلَاة فَأَتَيْته ذَات يَوْم فَسلمت فَلم يرد عَليّ

وَقَالَ: إِن الله يحدث من أمره مَا شَاءَ وَإنَّهُ قد أحدث لكم فِي الصَّلَاة أَن لَا يتَكَلَّم أحد إِلَّا بِذكر الله وَمَا يَنْبَغِي من تَسْبِيح وتمجيد {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى من طَرِيق الْمسيب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا يسلم بَعْضنَا على بعض فِي الصَّلَاة فمررت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسلمت عَلَيْهِ فَلم يرد عَليّ فَوَقع فِي نَفسِي أَنه نزل فيّ شَيْء فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته قَالَ وَعَلَيْك السَّلَام أَيهَا الْمُسلم وَرَحْمَة الله إِن الله يحدث فِي أمره مَا يَشَاء فَإِذا كُنْتُم فِي الصَّلَاة فاقنتوا وَلَا تتكلموا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: القانت الَّذِي يطع الله وَرَسُوله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} قَالَ: مصلين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كل أهل دين يقومُونَ فِيهَا عاصين فَقومُوا أَنْتُم لله مُطِيعِينَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي الصِّنْف عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} قَالَ: مُطِيعِينَ لله فِي الْوضُوء وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: إِذا قُمْتُم فِي الصَّلَاة فاسكتوا وَلَا تكلمُوا أحدا حَتَّى تفرغوا مِنْهَا وَالْقَانِت الْمُصَلِّي الَّذِي لَا يتَكَلَّم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والأصبهاني فِي التَّرْغِيب وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} قَالَ: من الْقُنُوت الرُّكُوع والخشوع وَطول الرُّكُوع يَعْنِي طول الْقيام وغض الْبَصَر وخفض الْجنَاح والرهبة لله كَانَ الْفُقَهَاء من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ أحدهم فِي الصَّلَاة يهاب الرَّحْمَن سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَن يلْتَفت أَو يقلب الْحَصَى أَو يشد بَصَره أَو يعبث بِشَيْء أَو يحدث نَفسه بِشَيْء من أَمر الدُّنْيَا إِلَّا نَاسِيا حَتَّى ينْصَرف وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقومُوا لله قَانِتِينَ} قَالَ: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة ويأمرون بِالْحَاجةِ فنهوا عَن الْكَلَام والالتفات فِي الصَّلَاة وَأمرُوا أَن يخشعوا إِذا قَامُوا فِي الصَّلَاة قَانِتِينَ خاشعين غير ساهين وَلَا لاهين

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الصَّلَاة طول الْقُنُوت وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كُنَّا نسلم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَيرد علينا فَلَمَّا رَجعْنَا من عِنْد النَّجَاشِيّ سلَّمنا عَلَيْهِ فَلم يرد علينا فَقُلْنَا يَا رَسُول الله كُنَّا نسلم عَلَيْك فِي الصَّلَاة فَترد علينا فَقَالَ: إِن فِي الصَّلَاة شغلاً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ قَالَ بَينا أَنا أُصَلِّي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عطس رجل من الْقَوْم فَقلت يَرْحَمك الله فَرَمَانِي الْقَوْم بِأَبْصَارِهِمْ فَقلت: واثكل أمِّياه مَا شَأْنكُمْ تنْظرُون إِلَيّ 1 - فَجعلُوا يضْربُونَ بِأَيْدِيهِم على أَفْخَاذهم فَلَمَّا رَأَيْتهمْ يصمتونني سكت فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبأبي هُوَ وَأمي مَا رَأَيْت معلما قبله وَلَا بعده أحسن تَعْلِيما مِنْهُ فوَاللَّه مَا انتهرني وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي ثمَّ قَالَ: إِن هَذِه الصَّلَاة لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن جَابر قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي فِي سفر فَبَعَثَنِي فِي حَاجَة فَرَجَعت وَهُوَ يُصَلِّي على رَاحِلَته فَسلمت عَلَيْهِ فَلم يرد عَليّ فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: إِنَّه لم يَمْنعنِي أَن أرد عَلَيْك إِلَّا أَنِّي كنت أُصَلِّي وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن صُهَيْب قَالَ مَرَرْت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَسلمت عَلَيْهِ فَرد عَليّ إِشَارَة وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجلا سلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَرد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِشَارَة فَلَمَّا سلم قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا كُنَّا نرد السَّلَام فِي صَلَاتنَا فنهينا عَن ذَلِك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمار بن يَاسر قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَسلمت عَلَيْهِ فَلم يرد عَليّ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: سُئِلَ أنس بن مَالك أقنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصُّبْح قَالَ: نعم قيل: أوقنت قبل الرُّكُوع قَالَ: بعد الرُّكُوع يَسِيرا قَالَ: فَلَا أَدْرِي الْيَسِير للقام أَو الْقُنُوت

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر أَنه كَانَ لَا يقنت فِي الْفجْر وَلَا فِي الْوتر وَكَانَ إِذا سُئِلَ عَن الْقُنُوت قَالَ: مَا نعلم الْقُنُوت إِلَّا طول الْقيام وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي قلَابَة عَن أنس قَالَ: كَانَ الْقُنُوت فِي الْفجْر وَالْمغْرب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقنت فِي الْفجْر وَالْمغْرب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقنت فِي الصُّبْح وَالْمغْرب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُصَلِّي صَلَاة مَكْتُوبَة إِلَّا قنت فِيهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سَلمَة أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: وَالله لأقربن لكم صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يقنت فِي الرَّكْعَة الْأَخِيرَة من صَلَاة الظّهْر وَصَلَاة الْعشَاء وَصَلَاة الصُّبْح بعد مَا يَقُول: سمع الله لمن حَمده يَدْعُو للْمُؤْمِنين ويلعن الْكَافرين وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا مُتَتَابِعًا فِي الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء وَصَلَاة الصُّبْح فِي دبر كل صَلَاة إِذا قَالَ: سمع الله لمن حَمده من الرَّكْعَة الْأَخِيرَة يَدْعُو على أَحيَاء من سليم على رعل وذكوان وَعصيَّة ويؤمن من خَلفه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ حَدثنِي من صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْغَدَاة فَلَمَّا رفع رَأسه من الرَّكْعَة الثَّانِيَة قَامَ هنيَّة وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس قَالَ: مَا زَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقنت فِي الْفجْر حَتَّى فَارق الدُّنْيَا وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قنت شهرا يَدْعُو عَلَيْهِم ثمَّ تَركه وَأما فِي الصُّبْح فَلم يزل يقنت حَتَّى فَارق الدُّنْيَا وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس قَالَ: صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يزل يقنت بعد الرُّكُوع فِي صَلَاة الْغَدَاة حَتَّى فارقته قَالَ: وَصليت خلف عمر بن الْخطاب فَلم يزل يقنت بعد الرُّكُوع فِي صَلَاة الْغَدَاة حَتَّى فارقته

وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قنت حَتَّى مَاتَ وَأَبُو بكر حَتَّى مَاتَ وَعمر حَتَّى مَاتَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُثْمَان أَنه سُئِلَ عَن قنوت عمر فِي الْفجْر فَقَالَ: كَانَ يقنت بِقدر مَا يقْرَأ الرجل مائَة آيَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان بعد الرُّكُوع ثمَّ تَبَاعَدت الديار فَطلب النَّاس إِلَى عُثْمَان أَن يَجْعَل الْقُنُوت فِي الصَّلَاة قبل الرُّكُوع لكَي يدركوا الصَّلَاة فقنت قبل الرُّكُوع وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق أبي الطُّفَيْل عَن عَليّ وعمار انهما صليا خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقنت فِي الْغَدَاة وَأخرج ابْن ماجة عَن حميد قَالَ: سُئِلَ أنس عَن الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح فَقَالَ: كُنَّا نقنت قبل الرُّكُوع وَبعده وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُمَامَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقنت فِي الْفجْر قبل الرَّكْعَة وَقَالَ: إِنَّمَا أقنت بكم لتدعوا ربكُم وتسألوه حَوَائِجكُمْ وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سلوا الله حَوَائِجكُمْ فِي صَلَاة الصُّبْح وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا قنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَيْء من الصَّلَوَات إِلَّا فِي الْوتر وَإنَّهُ وَكَانَ إِذا حَارب يقنت فِي الصَّلَوَات كُلهنَّ يَدْعُو على الْمُشْركين وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي بن كَعْب إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قنت فِي الْوتر قبل الرُّكُوع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن بن عَليّ قَالَ عَلمنِي جدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَلِمَات أقولهن فِي قنوت الْوتر: اللَّهُمَّ اهدني فِيمَن هديت وَعَافنِي فِيمَن عافيت وتولني فِيمَن توليت وَبَارك لي فِيمَا أَعْطَيْت وقني شَرّ مَا قضيت إِنَّك تقضي وَلَا يقْضى عَلَيْك وَإنَّهُ لَا يذل من واليت زَاد الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ: وَلَا يعز من عاديت تَبَارَكت رَبنَا وَتَعَالَيْت

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن يزِيد بن أبي مَرْيَم قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس وَمُحَمّد بن عَليّ بن الْحَنَفِيَّة بالخيف يَقُولَانِ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقنت فِي صَلَاة الصُّبْح وَفِي وتر اللَّيْل بهؤلاء الْكَلِمَات: اللَّهُمَّ اهدني فِيمَن هديت وَعَافنِي فِيمَن عافيت وتولني فِيمَن توليت وَبَارك لي فِيمَا أَعْطَيْت وقني شَرّ مَا قضيت إِنَّك تقضي وَلَا يقْضى عَلَيْك وَإنَّهُ لَا يذل من واليت تَبَارَكت رَبنَا وَتَعَالَيْت وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن الْحسن فِيمَن نسي الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح قَالَ: عَلَيْهِ سجدتا السَّهْو وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز فِيمَن نسي الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح: يسْجد سَجْدَتي السَّهْو وَالله أعلم

239

قَوْله تَعَالَى: فَإِن خِفْتُمْ فرجالاً أَو ركباناً فَإِذا أمنتم فاذكروا الله كَمَا علمكُم مَا لم تَكُونُوا تعلمُونَ أخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق نَافِع قَالَ: كَانَ ابْن عمر إِذا سُئِلَ عَن صَلَاة الْخَوْف قَالَ: يتَقَدَّم الإِمام وَطَائِفَة من النَّاس فَيصَلي بهم الإِمام رَكْعَة وَتَكون طَائِفَة مِنْهُم بَينهم وَبَين الْعَدو لم يصلوا فَإِذا صلى الَّذين مَعَه رَكْعَة استأخروا مَكَان الَّذين لم يصلوا وَلَا يسلمُونَ ويتقدم الَّذين لم يصلوا فيصلون مَعَه رَكْعَة ثمَّ ينْصَرف الإِمام وَقد صلى رَكْعَتَيْنِ فتقوم كل وَاحِدَة من الطَّائِفَتَيْنِ فيصلون لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة بعد أَن ينْصَرف الإِمام فَيكون كل وَاحِد من الطَّائِفَتَيْنِ قد صلى رَكْعَتَيْنِ وَإِن كَانَ خوف هُوَ أَشد من ذَلِك صلوا رجَالًا أَو قيَاما على أَقْدَامهم أَو ركبانا مستقبلي الْقبْلَة أَو غير مستقبليها قَالَ نَافِع: لَا أرى ابْن عمر ذكر ذَلِك إِلَّا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف فِي بعض أَيَّامه فَقَامَتْ طَائِفَة مَعَه وَطَائِفَة بِإِزَاءِ العدوّ فصلى بالذين مَعَه رَكْعَة ثمَّ ذَهَبُوا وَجَاء الْآخرُونَ فصلى بهم رَكْعَة ثمَّ قَضَت الطائفتان رَكْعَة رَكْعَة قَالَ: وَقَالَ ابْن عمر: فَإِذا كَانَ خوف أَكثر من ذَلِك فصلى رَاكِبًا أَو قَائِما تومىء إِيمَاء

وَأخرج ابْن ماجة من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الْخَوْف أَن يكون الإِمام يُصَلِّي بطَائفَة مَعَه فيسجدون سَجْدَة وَاحِدَة وَتَكون طَائِفَة مِنْهُم بَينهم وَبَين الْعَدو ثمَّ ينْصَرف الَّذين سجدوا السَّجْدَة مَعَ أَمِيرهمْ ثمَّ يَكُونُوا مَكَان الَّذين لم يصلوا ويتقدم الَّذين لم يصلوا فيصلوا مَعَ أَمِيرهمْ سَجْدَة وَاحِدَة ثمَّ ينْصَرف أَمِيرهمْ وَقد صلى صلَاته وَيُصلي كل وَاحِد من الطَّائِفَتَيْنِ بِصَلَاتِهِ سَجْدَة لنَفسِهِ فَإِن كَانَ خوفًا أَشد من ذَلِك فرجالاً أَو ركباناً وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة المسايفة رَكْعَة أَي وَجه كَانَ الرجل يجزىء عَنهُ فَإِن فعل ذَلِك لم يعده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِن خِفْتُمْ فرجالاً أَو ركباناً} قَالَ: يُصَلِّي الرَّاكِب على دَابَّته والراجل على رجلَيْهِ {فَإِذا أمنتم فاذكروا الله كَمَا علمكُم مَا لم تَكُونُوا تعلمُونَ} يَعْنِي كَمَا علمكُم أَن يُصَلِّي الرَّاكِب على دَابَّته والراجل على رجلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: إِذا كَانَت المسايفة فليومىء بِرَأْسِهِ حَيْثُ كَانَ وَجهه فَذَلِك قَوْله {فرجالاً أَو ركباناً} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وابنالمنذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فرجالاً} قَالَ: مشَاة {أَو ركباناً} قَالَ: لأَصْحَاب مُحَمَّد على الْخَيل فِي الْقِتَال إِذا وَقع الْخَوْف فليصلّ الرجل إِلَى كل جِهَة قَائِما أَو رَاكِبًا أَو مَا قدر على أَن يومىء إِيمَاء بِرَأْسِهِ أَو يتَكَلَّم بِلِسَانِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: أحل الله لَك إِذا كنت خَائفًا أَن تصلّي وَأَنت رَاكب وَأَنت تسْعَى وتومىء إِيمَاء حَيْثُ كَانَ وَجهك للْقبْلَة أَو لغير ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {فَإِن خِفْتُمْ فرجالاً أَو ركباناً} قَالَ: هَذَا فِي الْعَدو يُصَلِّي الرَّاكِب والماشي يومئون إِيمَاء حَيْثُ كَانَ وُجُوههم والركعة الْوَاحِدَة تجزئك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَإِن لم يسْتَطع فركعة فَإِن لم يسْتَطع فتكبيرة حَيْثُ كَانَ وَجهه وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {فَإِن خِفْتُمْ فرجالاً أَو ركباناً} قَالَ: رَكْعَة رَكْعَة

وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن عبد الله بن أنيس قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى خَالِد بن سُفْيَان الْهُذلِيّ وَكَانَ نَحْو عُرَنَة وعرفات فَقَالَ: اذْهَبْ فاقتله قَالَ: فرأيته وَقد حضرت صَلَاة الْعَصْر فَقلت: إِنِّي لأخاف أَن يكون بيني وَبَينه مَا أَن أؤخر الصَّلَاة فَانْطَلَقت أَمْشِي وَأَنا أُصَلِّي أومىء إِيمَاء نَحوه فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُ قَالَ لي: من أَنْت قلت: رجل من الْعَرَب بَلغنِي أَنَّك تجمع لهَذَا الرجل فجئتك فِي ذَلِك قَالَ: إِنِّي لفي ذَلِك فمشيت مَعَه سَاعَة حَتَّى إِذا أمكنني علوته بسيفي حَتَّى برد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله {فَإِن خِفْتُمْ فرجالاً أَو ركباناً} قَالَ: إِذا حضرت الصَّلَاة فِي المطادرة فاومىء حَيْثُ كَانَ وَجهك وَاجعَل السُّجُود أَخفض من الرُّكُوع وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فرجالاً أَو ركباناً} قَالَ: ذَلِك عِنْد الضراب بِالسَّيْفِ تصلي رَكْعَة إِيمَاء حَيْثُ كَانَ وَجهك رَاكِبًا كنت أم مَاشِيا أَو ساعياً وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الخَنْدَق فشغلنا عَن صَلَاة الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء حَتَّى كفينا ذَلِك وَذَلِكَ قَوْله (وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال) (الْأَحْزَاب الْآيَة 25) فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَالًا فَأَقَامَ لكل صَلَاة إِقَامَة وَذَلِكَ قبل أَن ينزل عَلَيْهِ {فَإِن خِفْتُمْ فرجالاً أَو ركباناً} وَأخرج وَكِيع وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {فَإِذا أمنتم} قَالَ: خَرجْتُمْ من دَار السّفر إِلَى دَار الإِقامه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ {فَإِذا أمنتم} فصلوا الصَّلَاة كَمَا افْترض عَلَيْكُم إِذا جَاءَ الْخَوْف كَانَت لَهُم رخصَة

240

قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا وَصِيَّة لأزواجهم مَتَاعا إِلَى الْحول غير إِخْرَاج فَإِن خرجن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِي مَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ من مَعْرُوف وَالله عَزِيز حَكِيم

وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن الزبيرقال: قلت لعُثْمَان بن عَفَّان {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا} قد نسختها الْآيَة الْأُخْرَى فَلم تَكْتُبهَا أَو تدعها قَالَ: يَا ابْن أخي لَا أغير شَيْئا مِنْهُ من مَكَانَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم} الْآيَة قَالَ: كَانَ للمتوفى عَنْهَا زَوجهَا نَفَقَتهَا وسكناها فِي الدَّار سنة فنسختها آيَة الْمَوَارِيث فَجعل لَهُنَّ الرّبع وَالثمن مِمَّا ترك الزَّوْج وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ مِيرَاث الْمَرْأَة من زَوجهَا أَن تسكن إِن شَاءَت من يَوْم يَمُوت زَوجهَا إِلَى الْحول يَقُول {فَإِن خرجن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم} ثمَّ نسخهَا مَا فرض الله من الْمِيرَاث وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا وَصِيَّة لأزواجهم مَتَاعا إِلَى الْحول غير إِخْرَاج} قَالَ: نسخ الله ذَلِك بِآيَة الْمِيرَاث بِمَا فرض الله لَهُنَّ من الرّبع وَالثمن وَنسخ أجل الْحول بِأَن جعل أجلهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن سِيرِين عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَامَ يخْطب النَّاس فَقَرَأَ لَهُم سُورَة الْبَقَرَة فَبين لَهُم مِنْهَا فَأتى على هَذِه الْآيَة (إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين) (الْبَقَرَة الْآيَة 180) فَقَالَ: نسخت هَذِه ثمَّ قَرَأَ حَتَّى أَتَى على هَذِه الْآيَة {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم} إِلَى قَوْله {غير إِخْرَاج} فَقَالَ: وَهَذِه وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لَيْسَ للمتوفى عَنْهَا زَوجهَا نَفَقَة حسبها الْمِيرَاث وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَالنَّسَائِيّ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا وَصِيَّة لأزواجهم مَتَاعا إِلَى الْحول} قَالَ: نسخهَا (وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا) (الْبَقَرَة الْآيَة 234) وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا وَصِيَّة لأزواجهم} قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة يوصى لَهَا زوجا بِنَفَقَة

سنة مَا لم تخرج وتتزوج فنسخ ذَلِك بقوله (وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا) (الْبَقَرَة الْآيَة 234) فنسخت هَذِه الْآيَة الْأُخْرَى وَفرض عَلَيْهِنَّ التَّرَبُّص أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَفرض لَهُنَّ الرّبع وَالثمن وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن زيد بن أسلم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة يُوصي لَهَا زوجا بِالسُّكْنَى وَالنَّفقَة مَا لم تخرج وتتزوج ثمَّ نسخ ذَلِك وَفرض لَهَا الرّبع ان لم يكن لزَوجهَا ولد وَالثمن ان كَانَ لزَوجهَا ولد وَنسخ هَذِه الْآيَة قَوْله (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا) (الْبَقَرَة الْآيَة 234) فنسخت هَذِه الْآيَة الْوَصِيَّة إِلَى الْحول وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي نفسيره عَن مقَاتل بن حَيَّان أَن رجلا من أهل الطَّائِف قدم الْمَدِينَة وَله أَوْلَاد رجال وَنسَاء وَمَعَهُ أَبَوَاهُ وَامْرَأَته فَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ فَرفع ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْطى الْوَالِدين وَأعْطى أَوْلَاده بِالْمَعْرُوفِ وَلم يُعْط امْرَأَته شَيْئا غير أَنهم أمروا أَن ينفقوا عَلَيْهَا من تَرِكَة زَوجهَا إِلَى الحوا وَفِيه نزلت {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِي مَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ من مَعْرُوف} قَالَ: النِّكَاح الْحَلَال الطّيب

241

قَوْله تَعَالَى: وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُتَّقِينَ كَذَلِك يبين الله لكم آيَاته لَعَلَّكُمْ تعقلون أخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: لما نزل قَوْله (مَتَاعا بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُحْسِنِينَ) قَالَ رجل: إِن أَحْسَنت فعلت وَإِن لم أرد ذَلِك لم أفعل فَأنْزل الله {وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُتَّقِينَ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: نسخت هَذِه الْآيَة الَّتِي بعْدهَا قَوْله (وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ وَقد فرضتم لَهُنَّ فَرِيضَة فَنصف مَا فرضتم) (الْبَقَرَة الْآيَة 237) نسخت {وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ}

وَأخرج عَن عتاب بن خصيف فِي قَوْله {وللمطلقات مَتَاع} قَالَ: كَانَ ذَلِك قبل الْفَرَائِض وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَالشَّافِعِيّ وَعبد بن حميد والنحاس فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: لكل مُطلقَة مُتْعَة إِلَّا الَّتِي يطلقهَا وَلم يدْخل بهَا وَقد فرض لَهَا كفى بِالنِّصْفِ مَتَاعا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لكل مُؤمنَة طلقت حرَّة أَو أمة مُتْعَة وَقَرَأَ {وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُتَّقِينَ} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ لما طلق حَفْص بن الْمُغيرَة امْرَأَته فَاطِمَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لزَوجهَا مَتعهَا قَالَ: لَا أجد مَا أمتعها قَالَ: فَإِنَّهُ لَا بُد من الْمَتَاع مَتعهَا وَلَو نصف صَاع من تمر وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة {وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُتَّقِينَ} قَالَ: لكل مُطلقَة مُتْعَة وَأخرج عبد بن حميد عَن يعلى بن حَكِيم قَالَ: قَالَ رجل لسَعِيد بن جُبَير: الْمُتْعَة على كل أحد هِيَ قَالَ: لَا قَالَ: فعلى من هِيَ قَالَ: على الْمُتَّقِينَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة قَالَ: طلق رجل امْرَأَته عِنْد شُرَيْح فَقَالَ لَهُ شُرَيْح: متعتها فَقَالَت الْمَرْأَة: إِنَّه لَيْسَ لي عَلَيْهِ مُتْعَة إِنَّمَا قَالَ الله {وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُتَّقِينَ} وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ على الْمُحْسِنِينَ وَلَيْسَ من أُولَئِكَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن شُرَيْح أَنه قَالَ لرجل فَارق امْرَأَته: لَا تأبَ أَن تكون من الْمُتَّقِينَ لَا تأبَ أَن تكون من الْمُحْسِنِينَ وَأخرج الشَّافِعِي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: نَفَقَة الْمُطلقَة مَا لم تحرم فَإِذا حرمت فمتاع بِالْمَعْرُوفِ

243

قَوْله تَعَالَى: ألم تَرَ إِلَى الَّذين خَرجُوا من دِيَارهمْ وهم أُلُوف حذر الْمَوْت فَقَالَ لَهُم الله موتوا ثمَّ أحياهم إِن الله لذُو فضل على النَّاس وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يشكرون وقاتلوا فِي سَبِيل الله وَاعْلَمُوا أَن الله سميع عليم

أخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين خَرجُوا من دِيَارهمْ وهم أُلُوف حذر الْمَوْت} قَالَ: كَانُوا أَرْبَعَة آلَاف خَرجُوا فِرَارًا من الطَّاعُون وَقَالُوا: نأتي أَرضًا لَيْسَ بهَا موت حَتَّى إِذا كَانُوا بِموضع كَذَا وَكَذَا قَالَ لَهُم الله: موتوا فَمر عَلَيْهِم نَبِي من الْأَنْبِيَاء فَدَعَا ربه أَن يحييهم حَتَّى يعبدوه فأحياهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا أَرْبَعَة آلَاف من أهل قَرْيَة يُقَال لَهَا داوردان خَرجُوا فارين من الطَّاعُون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أَسْبَاط عَن السّديّ عَن أبي مَالك فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت قَرْيَة يُقَال لَهَا داوردان قريب من وَاسِط فَوَقع فيهم الطَّاعُون فأقامت طَائِفَة وهربت طَائِفَة فَوَقع الْمَوْت فِيمَن أَقَامَ وَسلم الَّذين أجلوا فَلَمَّا ارْتَفع الطَّاعُون رجعُوا إِلَيْهِم فَقَالَ الَّذين بقوا: اخواننا كَانُوا أحزم منا لَو صنعنَا كَمَا صَنَعُوا سلمنَا وَلَئِن بَقينَا إِلَى أَن يَقع الطَّاعُون لنصنعن كَمَا صَنَعُوا فَوَقع الطَّاعُون من قَابل فَخَرجُوا جَمِيعًا الَّذين كَانُوا أجلوا وَالَّذين كَانُوا أَقَامُوا وهم بضعَة وَثَلَاثُونَ ألفا فَسَارُوا حَتَّى أَتَوا وَاديا فسيحا فنزلوا فِيهِ وَهُوَ بَين جبلين فَبعث الله لإليهم ملكَيْنِ ملكا بِأَعْلَى الْوَادي وملكاً بأسفله فناداهم: أَن موتوا فماتوا فَمَكَثُوا مَا شَاءَ الله ثمَّ مر بهم نَبِي يُقَال حزقيل فَرَأى تِلْكَ الْعِظَام فَوقف مُتَعَجِّبا لِكَثْرَة مَا يرى مِنْهُم فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن نَاد أيتها الْعِظَام إِن الله أَمرك أَن تجتمعي فاجتمعت الْعِظَام من أَعلَى الْوَادي وَأَدْنَاهُ حَتَّى التزق بَعْضهَا بعض كل عظم من جَسَد التزق بجسده فَصَارَت أجساداً من عِظَام لَا لحم وَلَا دم ثمَّ أوحى الله إِلَيْهِ أَن نَاد أيتها الْعِظَام إِن الله يَأْمُرك أَن تكتسي لَحْمًا فاكتست لَحْمًا ثمَّ أوحى الله إِلَيْهِ أَن نَاد أيتها الأجساد إِن الله يَأْمُرك أَن تقومي فبعثوا أَحيَاء فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادهمْ فأقاموا لَا يلبسُونَ ثوبا إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم كفناً دسماً يعرفهُمْ أهل ذَلِك الزَّمَان أَنهم قد مَاتُوا ثمَّ أَقَامُوا حَتَّى أَتَت عَلَيْهِم آجالهم بعد ذَلِك قَالَ أَسْبَاط: وَقَالَ مَنْصُور عَن مُجَاهِد: كَانَ كَلَامهم حِين بعثوا أَن قَالُوا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز فِي قَوْله تَعَالَى {ألم تَرَ إِلَى الَّذين خَرجُوا من دِيَارهمْ} قَالَ: هم من أَذْرُعَات وَأخرج عَن أبي صَالح فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا تِسْعَة آلَاف وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين خَرجُوا من دِيَارهمْ وهم أُلُوف حذر الْمَوْت} قَالَ: مقتهم الله على فرارهم من الْمَوْت فأماتهم الله عُقُوبَة الله ثمَّ بَعثهمْ إِلَى بَقِيَّة آجالهم ليستوفوها وَلَو كَانَت آجال الْقَوْم جَاءَت مَا بعثوا بعد مَوْتهمْ وَأخرج ابْن جرير عَن أَشْعَث بن أسلم الْبَصْرِيّ قَالَ: بَينا عمر يُصَلِّي ويهوديان خَلفه قَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: أهوَ هُوَ فَلَمَّا انتعل عمر قَالَ: أَرَأَيْت قَول أَحَدكُمَا لصَاحبه أهوَ هُوَ قَالَا: إِنَّا نجده فِي كتَابنَا قرنا من حَدِيد يعْطى مَا يعْطى حزقيل الَّذِي أَحْيَا الْمَوْتَى بِإِذن الله فَقَالَ عمر: مَا نجد فِي كتاب الله حزقيل وَلَا أَحْيَا الْمَوْتَى بِإِذن الله إِلَّا عِيسَى قَالَ: أما تَجِد فِي كتاب الله (ورسلا لم نقصصهم عَلَيْك) (النِّسَاء الْآيَة 164) فَقَالَ عمر: بلَى قَالَ: وَأما إحْيَاء الْمَوْت فسنحدثك أَن بني إِسْرَائِيل وَقع عَلَيْهِم الوباء فَخرج مِنْهُم قوم حَتَّى إِذا كَانُوا على رَأس ميل أماتهم الله فبنوا عَلَيْهِم حَائِطا حَتَّى إِذا بليت عظامهم بعث الله حزقيل فَقَامَ عَلَيْهِم فَقَالَ مَا شَاءَ الله فبعثهم الله لَهُ فَأنْزل الله فِي ذَلِك {ألم تَرَ إِلَى الَّذين خَرجُوا من دِيَارهمْ وهم أُلُوف} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن هِلَال بن يسَاف فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ قوم من بني إِسْرَائِيل كَانُوا إِذا وَقع فيهم الطَّاعُون خرج أغنيائهم وأشرافهم وَأقَام فقراؤهم وسفلتهم فاستحر الْقَتْل على المقيمين وَلم يصب الآخرين شَيْء فَلَمَّا كَانَ عَام من تِلْكَ الأعوام قَالُوا: لَو صنعنَا كَمَا صَنَعُوا نجونا فظعنوا جَمِيعًا فَأرْسل عَلَيْهِم الْمَوْت فصاروا عظاماً تبرق فَجَاءَهُمْ أهل الْقرى فجمعوهم فِي مَكَان وَاحِد فَمر بهم نَبِي فَقَالَ: يَا رب لَو شِئْت أَحييت هَؤُلَاءِ فعمروا بلادك وعبدوك فَقَالَ: قل كَذَا وَكَذَا فَتكلم بِهِ فَنظر إِلَى الْعِظَام تركب ثمَّ تكلم فَإِذا الْعِظَام تُكْسَى لَحْمًا ثمَّ تكلم فَإِذا هم قعُود يسبحون وَيُكَبِّرُونَ ثمَّ قيل لَهُم {وقاتلوا فِي سَبِيل الله وَاعْلَمُوا أَن الله سميع عليم}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هم قوم فروا من الطَّاعُون فأماتهم الله قبل آجالهم عُقُوبَة ومقتاً ثمَّ أحياهم ليكملوا بَقِيَّة آجالهم وَأخرج ابْن جرير عَن وهب بن مُنَبّه أَن كالب بن يوقنا لما قَبضه الله بعد يُوشَع خلف فِي بني إِسْرَائِيل حزقيل من بوزى وَهُوَ ابْن الْعَجُوز وَإِنَّمَا سمي ابْن الْعَجُوز لِأَنَّهَا سَأَلت الله الْوَلَد وَقد كَبرت فوهبه لَهَا وَهُوَ الَّذِي دَعَا للْقَوْم الَّذين ذكر الله فِي كِتَابه فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين خَرجُوا من دِيَارهمْ} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن وهب قَالَ: أصَاب نَاسا من بني إِسْرَائِيل بلَاء وَشدَّة من زمَان فشكوا مَا أَصَابَهُم وَقَالُوا: يَا ليتنا قد متْنا فاسترحنا مِمَّا نَحن فِيهِ فَأوحى الله إِلَى حزقيل أَن قَوْمك صاحوا من الْبلَاء وَزَعَمُوا أَنهم ودوا لَو مَاتُوا واستراحوا وَأي رَاحَة لَهُم فِي الْمَوْت أيظنون أَنِّي لَا أقدر على أَن أبعثهم بعد الْمَوْت فَانْطَلق إِلَى جبانة كَذَا وَكَذَا فَإِن فِيهَا أَرْبَعَة آلَاف قَالَ وهب: وهم الَّذين قَالَ الله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين خَرجُوا من دِيَارهمْ وهم أُلُوف حذر الْمَوْت} فَقُمْ فَنَادِ فيهم وَكَانَت عظامهم قد تَفَرَّقت كَمَا فرقتها الطير وَالسِّبَاع فَنَادَى حزقيل: أيتها الْعِظَام إِن الله يَأْمُرك أَن تجتمعي فَاجْتمع عِظَام كل إِنْسَان مِنْهُم مَعًا ثمَّ قَالَ: أيتها الْعِظَام إِن الله يَأْمُرك أَن ينْبت العصب والعقب فتلازمت واشتدت بالعصب والعقب ثمَّ نَادَى جزقيل فَقَالَ: أيتها الْعِظَام ان الله يَأْمُرك أَن تكتسي اللَّحْم فاكتست اللَّحْم وَبعد اللَّحْم جلدا فَكَانَت أجساداً ثمَّ نَادَى حزقيل الثَّالِثَة فَقَالَ: أيتها الْأَرْوَاح إِن الله يَأْمُرك أَن تعودي فِي أجسادك فَقَامُوا بِإِذن الله فكبروا تَكْبِيرَة رجل وَاحِد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين خَرجُوا من دِيَارهمْ وهم أُلُوف حذر الْمَوْت} يَقُول: عدد كثير خَرجُوا فِرَارًا من الْجِهَاد فِي سَبِيل الله فأماتهم الله حَتَّى ذاقوا الْمَوْت الَّذِي فروا مِنْهُ ثمَّ أحياهم وَأمرهمْ أَن يجاهدوا عدوهم فَذَلِك قَوْله {وقاتلوا فِي سَبِيل الله وَاعْلَمُوا أَن الله سميع عليم} وهم الَّذين قَالُوا لنبيهم (ابْعَثْ ملكا نُقَاتِل فِي سَبِيل الله) (الْبَقَرَة الْآيَة 246) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة

قَالَ: كَانُوا أَرْبَعِينَ ألفا وَثَمَانِية آلَاف حظر عَلَيْهِم حظائر وَقد أروحت أَجْسَادهم وأنتنوا فَإِنَّهَا لتوجد الْيَوْم فِي ذَلِك السبط من الْيَهُود تِلْكَ الرّيح خَرجُوا فِرَارًا من الْجِهَاد فِي سَبِيل الله فأماتهم ثمَّ أحياهم فَأَمرهمْ بِالْجِهَادِ فَذَلِك قَوْله {وقاتلوا فِي سَبِيل الله} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: خَرجُوا فِرَارًا من الطَّاعُون وهم أُلُوف لَيست الْفرْقَة أخرجتهم كَمَا يخرج للحرب والقتال قُلُوبهم مؤتلفة فَلَمَّا كَانُوا حَيْثُ ذَهَبُوا يَبْتَغُونَ الْحَيَاة قَالَ الله لَهُم: موتوا وَمر رجل بهَا وَهِي عِظَام تلوح فَوقف ينظر فَقَالَ (أَنى يحيى هَذِه الله بعد مَوتهَا فأماته الله مائَة عَام) (الْبَقَرَة الْآيَة 259) وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عَائِشَة قَالَت سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الطَّاعُون فَأَخْبرنِي أَنه كَانَ عذَابا يَبْعَثهُ الله على من يَشَاء وَجعله رَحْمَة للْمُؤْمِنين فَلَيْسَ من رجل يَقع الطَّاعُون وَيمْكث فِي بَلَده صَابِرًا محتسباً يعلم أَنه لَا يُصِيبهُ إِلَّا مَا كتب الله لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مثل أجر الشَّهِيد وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي الطَّاعُون: إِذا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْض فَلَا تقدمُوا عَلَيْهِ وَإِذا وَقع بِأَرْض وَأَنْتُم بهَا فَلَا تخْرجُوا فِرَارًا مِنْهُ وَأخرج سيف فِي الْفتُوح عَن شُرَحْبِيل بن حَسَنَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وَقع الطَّاعُون بِأَرْض وَأَنْتُم بهَا فَلَا تخْرجُوا فَإِن الْمَوْت فِي أَعْنَاقكُم وَإِذا بِأَرْض فَلَا تدخلوها فَإِنَّهُ يحرق الْقُلُوب وَأخرج عبد بن حميد عَن أم أَيمن أَنه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوصي بعض أَهله فَقَالَ: وَإِن أصَاب النَّاس موتان وَأَنت فيهم فَاثْبتْ وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الطواعين وَأَبُو يعلى والطبرلني فِي الْأَوْسَط وَابْن عدي فِي الْكَامِل عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تفنى أمتِي إِلَّا بالطعن والطاعون قلت: يَا رَسُول الله هَذَا الطعْن قد عَرفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُون قَالَ: غُدَّة كَغُدَّة الْبَعِير الْمُقِيم بهَا كالشهيد والفار مِنْهُ كالفار من الزَّحْف وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن جَابر بن عبد الله

{الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أهل الإِسلام اقرضوا الله من أَمْوَالكُم يضاعفه لكم أضعافاً كَثِيرَة فَقَالَ لَهُ ابْن الدحداحة: يَا رَسُول الله لي مالان مَال بِالْعَالِيَةِ وَمَال فِي بني ظفر فَابْعَثْ خارصك فليقبض خيرهما فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفروة بن عمر: انْطلق فَانْظُر خيرهما فَدَعْهُ واقبض الآخر فَانْطَلق فَأخْبرهُ فَقَالَ: مَا كنت لاقرض رَبِّي شَرّ مَا أملك وَلَكِن أقْرض رَبِّي خير مَا أملك إِنِّي لَا أَخَاف فقر الدُّنْيَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا رب عذق مدلل لِابْنِ الدحداح فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن سعد عَن الشّعبِيّ قَالَ اسْتقْرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رجل تَمرا فَلم يقْرضهُ قَالَ: لَو كَانَ هَذَا نَبيا لم يستقرض فَأرْسل الله إِلَى أبي الدحداح فاستقرضه فَقَالَ: وَالله لأَنْت أَحَق بِي وبمالي وَوَلَدي من نَفسِي وَإِنَّمَا هُوَ مَالك فَخذ مِنْهُ مَا شِئْت اترك لنا مَا شِئْت فَلَمَّا توفّي أَبُو الدحداح قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رب عذق مدلل لأبي الدحداح فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا} الْآيَة فِي ثَابت بن الدحداحة حِين تصدق بِمَالِه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب فِي قَوْله {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا} قَالَ: النَّفَقَة فِي سَبِيل الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجلا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سمع هَذِه الْآيَة قَالَ: أَنا أقْرض الله فَعمد إِلَى خير مَال لَهُ فَتصدق بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {فيضاعفه لَهُ أضعافاً كَثِيرَة} قَالَ: هَذَا التضيعف لَا يعلم الله أحدا مَا هُوَ وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: بَلغنِي عَن أبي هُرَيْرَة حَدِيث أَنه قَالَ: إِن الله ليكتب لعَبْدِهِ الْمُؤمن بِالْحَسَنَة الْوَاحِدَة ألف ألف حَسَنَة فحججت ذَلِك الْعَام وَلم أكن أُرِيد الْحَج إِلَّا لألقاه فِي هَذَا الحَدِيث فَلَقِيت أَبَا هُرَيْرَة فَقلت لَهُ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا قلت: وَلم يحفظ الَّذِي حَدثَك إِنَّمَا قلت أَن الله ليعطي العَبْد الْمُؤمن بِالْحَسَنَة الْوَاحِدَة ألفي ألف حَسَنَة ثمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة:

قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الفار من الطَّاعُون كالفار من الزَّحْف والصابر فِيهِ كالصابر فِي الزَّحْف

245

قَوْله تَعَالَى: من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ أضعافاً كَثِيرَة وَالله يقبض ويبسط الرزق وَإِلَيْهِ ترجعون أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لما نزلت {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ} قَالَ أَبُو الدحداح الْأنْصَارِيّ: يَا رَسُول الله وَإِن الله ليريد منا الْقَرْض قَالَ: نعم يَا أَبَا الدحداح قَالَ: أَرِنِي يدك يَا رَسُول الله فَنَاوَلَهُ يَده قَالَ: فَإِنِّي أقرضت رَبِّي حائطي وحائط لَهُ فِيهِ سِتّمائَة نَخْلَة وَأم الدحداح فِيهِ وعيالها فجَاء أَبُو الدحداح فناداها: يَا أم الدحداح قَالَت: لبيْك قَالَ: اخْرُجِي فقد اقرضته رَبِّي عزَّ وجلَّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن زيد بن أسلم قَالَ لما نزل {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا} الْآيَة جَاءَ أَبُو الدحداح إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله أَلا أرى رَبنَا يستقرضنا مِمَّا أَعْطَانَا لأنفسنا وَإِن لي أَرضين احداهما بِالْعَالِيَةِ وَالْأُخْرَى بالسافلة وَإِنِّي قد جعلت خيرهما صَدَقَة وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كم من عذق مدلل لأبي الدحداح فِي الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَزيد بن أسم عَن أَبِيه عَن عمر بن الْخطاب مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار وَعَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لما نزلت {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا} قَالَ ابْن الدحداح: يَا رَسُول الله لي حائطان أحداهما بالسافلة وَالْآخر بِالْعَالِيَةِ وَقد أقرضت رَبِّي أحداهما فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد قبله مِنْك فَأعْطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَتَامَى الَّذين فِي حجره فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: رب عذق لِابْنِ الدحداح مدلى فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن سعد عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة:

أَو لَيْسَ تَجِدُونَ هَذَا فِي كتاب الله {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ أضعافاً كَثِيرَة} فالكثيرة عِنْد الله أَكثر من ألف ألف وَألْفي ألف وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله يُضَاعف الْحَسَنَة ألفي ألف حَسَنَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عمر قَالَ: لما نزلت (مثل الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم فِي سَبِيل الله كَمثل حَبَّة أنبتت سبع سنابل) (الْبَقَرَة الْآيَة 261) إِلَى آخرهَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رب زد أمتِي فَنزلت {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ أضعافاً كَثِيرَة} قَالَ: رب زد أمتِي فَنزلت (إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب) (الزمر الْآيَة 10) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان قَالَ: لما نزلت (من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا) (الْأَنْعَام الْآيَة 160) قَالَ: رب زد أمتِي فَنزلت {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا} الْآيَة قَالَ: رب زد أمتِي فَنزلت (مثل الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم فِي سَبِيل الله كَمثل حَبَّة أنبتت سبع سنابل ) (الْبَقَرَة الْآيَة 261) الْآيَة قَالَ: رب زد أمتِي فَنزلت (إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب) الزمر الْآيَة 10) فَانْتهى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {قرضا حسنا} قَالَ: النَّفَقَة على الْأَهْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي سُفْيَان عَن أبي حَيَّان عَن أَبِيه عَن شيخ لَهُم أَنه كَانَ إِذا سمع السَّائِل يَقُول {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا} قَالَ: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله هَذَا الْقَرْض الْحسن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب أَن رجلا قَالَ لَهُ: سَمِعت رجلا يَقُول من قَرَأَ (قل هُوَ الله أحد) مرّة وَاحِدَة بنى الله لَهُ عشرَة آلَاف ألف غرفَة من درٍّ وَيَاقُوت فِي الْجنَّة أفأصدق بذلك قَالَ: نعم أَو عجبت من ذَلِك وَعشْرين ألف ألف وَثَلَاثِينَ ألف ألف وَمَا لَا يُحْصى ثمَّ قَرَأَ {فيضاعفه لَهُ أضعافاً كَثِيرَة} فالكثير من الله مَا لَا يُحْصى

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ملكا بِبَاب من أَبْوَاب السَّمَاء يَقُول: من يقْرض الله الْيَوْم يجز غَدا وَملك بِبَاب آخر يُنَادي: اللَّهُمَّ اعط منفقا خلفا وأعك ممسكاً تلفاً وَملك بِبَاب آخر يُنَادي: يَا أَيهَا النَّاس هلموا إِلَى ربكُم مَا قل وَكفى خير مِمَّا كثر وألهى وَملك بِبَاب آخر يُنَادي: يَا بني آدم لِدُوا للْمَوْت وَابْنُوا للخراب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يروي ذَلِك عَن ربه عز وَجل أَنه يَقُول: يَا ابْن آدم أودع من كَنْزك عِنْدِي وَلَا حرق وَلَا غرق وَلَا سرق أوفيكه أحْوج مَا تكون إِلَيْهِ أما قَوْله تَعَالَى: {وَالله يقبض ويبسط وَإِلَيْهِ ترجعون} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالله يقبض} قَالَ: يقبض الصَّدَقَة {ويبسط} قَالَ: يخلف {وَإِلَيْهِ ترجعون} قَالَ: من التُّرَاب خلقهمْ وَإِلَى التُّرَاب يعودون وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس قَالَ غلا السّعر فَقَالَ النَّاس: يَا رَسُول الله سعر لنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله هُوَ المسعر الْقَابِض الباسط الرازق وَإِنِّي لأرجو أَن ألْقى الله وَلَيْسَ أحد مِنْكُم يطالبني بمظلمة من دم وَلَا مَال وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله سعر قَالَ: بل ادعو ثمَّ جَاءَهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله سعر فَقَالَ: بل الله يخْفض وَيرْفَع وَإِنِّي لأرجو أَن ألْقى الله وَلَيْسَ لأحد عِنْدِي مظْلمَة وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله قوّم لنا السّعر قَالَ: إِن غلاء السّعر ورخصه بيد الله أُرِيد أَن ألْقى رَبِّي وَلَيْسَ أحد يطلبني بمظلمة ظلمتها إِيَّاه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: علم الله أم فِيمَن يُقَاتل فِي سَبيله من لَا يجد قُوَّة وفيمن لَا يُقَاتل فِي سَبيله من يجد فندب هَؤُلَاءِ إِلَى الْقَرْض فَقَالَ {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ أضعافاً كَثِيرَة وَالله يقبض ويبسط} قَالَ: يبسط عَلَيْك وَأَنت ثقيل عَن الْخُرُوج لَا تريده وَيقبض عَن هَذَا وَهُوَ يطيب نفسا بِالْخرُوجِ ويخف لَهُ فقوّه مِمَّا فِي يدك يكن لَك فِي ذَلِك حَظّ

246

قَوْله تَعَالَى: ألم تَرَ إِلَى الْمَلأ من بني إِسْرَائِيل من بعد مُوسَى إِذْ قَالُوا لنَبِيّ لَهُم ابْعَثْ لنا ملكا نُقَاتِل فِي سَبِيل الله قَالَ هَل عسيتم إِن كتب عَلَيْكُم الْقِتَال أَلا تقاتلوا قَالُوا ومالنا أَلا نُقَاتِل فِي سَبِيل الله وَقد أخرجنَا من دِيَارنَا وأبائنا فَلَمَّا كتب عَلَيْهِم الْقِتَال تواوا إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم وَالله عليم بالظالمين وَقَالَ لَهُم نَبِيّهم إِن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قَالُوا أَنى يكون لَهُ الْملك علينا وَنحن أَحَق بِالْملكِ مِنْهُ وَلم يُؤْت سَعَة من المَال قَالَ إِن الله اصطفاه عَلَيْكُم وزداه بسطة فِي الْعلم والجسم وَالله يُؤْتِي ملكه من يَشَاء وَالله وَاسع عليم أخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا - وَالله أعلم - أَن مُوسَى لما حَضرته الْوَفَاة اسْتخْلف فتاه يُوشَع بن نون على بني إِسْرَائِيل وَأَن يُوشَع بن نون سَار فيهم بِكِتَاب الله التَّوْرَاة وَسنة نبيه مُوسَى ثمَّ أَن يُوشَع بن نون توفّي واستخلف فيهم آخر فَسَار فيهم بِكِتَاب الله وَسنة نبيه مُوسَى ثمَّ اسْتخْلف آخر فَسَار بهم سيرة صَاحِبيهِ ثمَّ اسْتخْلف آخر فعرفوا وأنكروا ثمَّ اسْتخْلف آخر فأنكروا عَامَّة أمره ثمَّ اسْتخْلف آخر فأنكروا أمره كُله ثمَّ أَن بني إِسْرَائِيل أَتَوا نَبيا من أَنْبِيَائهمْ حِين أوذوا فِي أنفسهم وَأَمْوَالهمْ فَقَالُوا لَهُ: سل رَبك أَن يكْتب علينا الْقِتَال فَقَالَ لَهُم ذَلِك النَّبِي: {هَل عسيتم إِن كتب عَلَيْكُم الْقِتَال أَلا تقاتلوا} الْآيَة فَبعث الله طالوت ملكا وَكَانَ فِي بني إِسْرَائِيل سبطان سبط نبوة وسبط مملكة وَلم يكن طالوت من سبط النبوّة وَلَا من سبط المملكة فَلَمَّا بعث لَهُم ملكا أَنْكَرُوا ذَلِك وَقَالُوا {أَنى يكون لَهُ الْملك علينا} فَقَالَ {إِن الله اصطفاه عَلَيْكُم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الْمَلأ من بني إِسْرَائِيل}

الْآيَة قَالَ: هَذَا حِين رفعت التَّوْرَاة واستخرج أهل الإِيمان وَكَانَت الْجَبَابِرَة قد أخرجتهم من دِيَارهمْ وَأَبْنَائِهِمْ فَلَمَّا كتب عَلَيْهِم الْقِتَال وَذَلِكَ حِين أَتَاهُم التابوت قَالَ: وَكَانَ من بني اسرائي سبطان سبط نبوّة وسبط خلَافَة فَلَا تكون الْخلَافَة إِلَّا فِي سبط الْخلَافَة وَلَا تكون النبوّة إِلَّا فِي سبط النُّبُوَّة {وَقَالَ لَهُم نَبِيّهم إِن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قَالُوا أَنى يكون لَهُ الْملك علينا وَنحن أَحَق بِالْملكِ مِنْهُ} وَلَيْسَ من أحد السبطين وَلَا من سبط النُّبُوَّة وَلَا من سبط الْخلَافَة {قَالَ إِن الله اصطفاه عَلَيْكُم} الْآيَة فَأَبَوا أَن يسلمُوا لَهُ الرياسة حَتَّى قَالَ لَهُم (إِن آيَة ملكه أَن يأتيكم التابوت فِيهِ سكينَة من ربكُم) (الْبَقَرَة الْآيَة 248) وَكَانَ مُوسَى حِين ألْقى الألواح تَكَسَّرَتْ وَرفع مِنْهَا وَجمع مَا بَقِي فَجعله فِي التابوت وَكَانَت العمالقة قد سبت ذَلِك التابوت - والعمالقة فرقة من عَاد كَانُوا بأريحا - فَجَاءَت الْمَلَائِكَة بالتابوت تحمله بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وهم ينظرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى وَضعته عِنْد طالوت فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَالُوا: نعم فَسَلمُوا لَهُ وملكوه وَكَانَت الْأَنْبِيَاء إِذا حَضَرُوا قتالاً قدمُوا التابوت بَين أَيْديهم وَيَقُولُونَ: إِن آدم نزل بذلك التابوت وبالركن وبعصا مُوسَى من الْجنَّة وَبَلغنِي أَن التابوت وعصا مُوسَى فِي بحيرة طبرية وأنهما يخرجَانِ قبل يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: خلف بعد مُوسَى فِي بني إِسْرَائِيل يُوشَع بن نون يُقيم فيهم التوارة وَأمر الله حَتَّى قَبضه الله ثمَّ خلف فيهم كالب بن يوقنا يُقيم فيهم التَّوْرَاة وَأمر الله حَتَّى قَبضه الله ثمَّ خلف فيهم حزقيل بن بورى وَهُوَ ابْن الْعَجُوز ثمَّ أَن الله قبض حزقيل وعظمت فِي بني إِسْرَائِيل الْأَحْدَاث ونسوا مَا كَانَ من عهد الله إِلَيْهِم حَتَّى نصبوا الْأَوْثَان وعبدوها من دون الله فَبعث إِلَيْهِم إلْيَاس بن نسي بن فنحَاص بن الْعيزَار بن هرون بن عمرَان نَبيا وَإِنَّمَا كَانَت الْأَنْبِيَاء من بني إِسْرَائِيل بعد مُوسَى يبعثون إِلَيْهِم بتجديد مَا نسوا من التَّوْرَاة وَكَانَ إلْيَاس مَعَ ملك من بني إِسْرَائِيل يُقَال لَهُ أجان وَكَانَ يسمع مِنْهُ ويصدقه فَكَانَ إلْيَاس يُقيم لَهُ أمره وَكَانَ سَائِر بني إِسْرَائِيل قد اتَّخذُوا صنماً يعبدونه فَجعل إلْيَاس يَدعُوهُم إِلَى الله وَجعلُوا لَا يسمعُونَ مِنْهُ شَيْئا إِلَّا مَا كَانَ من ذَلِك الْملك والملوك مُتَفَرِّقَة بِالشَّام كل ملك لَهُ نَاحيَة مِنْهَا يأكلها فَقَالَ ذَلِك الْملك

لإلياس: مَا أرى مَا تدعون إِلَيْهِ إِلَّا بَاطِلا أرى فلَان وَفُلَانًا - يعدد مُلُوك بني إِسْرَائِيل - قد عبدُوا الْأَوْثَان وهم يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ وَيَتَنَعَّمُونَ مَا ينقص من دنياهم فَاسْتَرْجع إلْيَاس وَقَامَ شعره ثمَّ رفضه وَخرج عَنهُ فَفعل ذَلِك الْملك فعل أَصْحَابه وَعبد الْأَوْثَان ثمَّ خلف من بعده فيهم اليسع فَكَانَ فيهم مَا شَاءَ الله أَن يكون ثمَّ قَبضه الله إِلَيْهِ وخلفت فيهم الخلوف وعظمت فيهم الْخَطَايَا وَعِنْدهم التابوت يتوارثونه كَابِرًا عَن كَابر فِيهِ السكينَة وبقة مِمَّا ترك آل مُوسَى وَآل هرون وَكَانَ لَا يلقاهم عَدو فيقدمون التابوت ويرجعون بِهِ مَعَهم إِلَّا هزم الله ذَلِك الْعَدو فَلَمَّا عظمت أحداثهم وَتركُوا عهد الله إِلَيْهِم نزل بهم عَدو فَخَرجُوا إِلَيْهِ وأخرجوا مَعَهم التابوت كَمَا كَانُوا يخرجونه ثمَّ زحفوا بِهِ فقوتلوا حَتَّى اسْتَلَبَ من أَيْديهم فمرج أمره عَلَيْهِم ووطئهم عدوهم حَتَّى أصَاب من أبنائهم وَنِسَائِهِمْ وَفِيهِمْ نَبِي يُقَال لَهُ شمويل وَهُوَ الَّذِي ذكره الله فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الْمَلأ من بني إِسْرَائِيل من بعد مُوسَى إِذْ قَالُوا لنَبِيّ لَهُم} الْآيَة فكلموه وَقَالُوا {ابْعَثْ لنا ملكا نُقَاتِل فِي سَبِيل الله} وَإِنَّمَا كَانَ قوام بني اسرائيل الِاجْتِمَاع على الْمُلُوك وَطَاعَة الْمُلُوك أنبياءهم وَكَانَ الْملك هُوَ يسير بالجموع وَالنَّبِيّ يقوم لَهُ بأَمْره ويأتيه بالْخبر من ربه فَإِذا فعلوا ذَلِك صلح أَمرهم فَإِذا عَتَتْ مُلُوكهمْ وَتركُوا أَمر أَنْبِيَائهمْ فسد أَمرهم فَكَانَت الْمُلُوك إِذا تابعتها الْجَمَاعَة على الضَّلَالَة تركُوا أَمر الرُّسُل ففريقاً يكذبُون فَلَا يقبلُونَ مِنْهُ شَيْئا وفريقاً يقتلُون فَلم يزل ذَلِك الْبلَاء بهم حَتَّى قَالُوا {ابْعَثْ لنا ملكا نُقَاتِل فِي سَبِيل الله} فَقَالَ لَهُم: إِنَّه لَيْسَ عنْدكُمْ وَفَاء وَلَا صدق وَلَا رَغْبَة فِي الْجِهَاد فَقَالُوا: إِنَّا كُنَّا نهاب الْجِهَاد ونزهد فِيهِ إِنَّا كُنَّا ممنوعين فِي بِلَادنَا لَا يَطَؤُهَا أحد فَلَا يظْهر علينا عَدو فَأَما إِذا بلغ ذَلِك فَإِنَّهُ لَا بُد من الْجِهَاد فنطيع رَبنَا فِي جِهَاد عدونا ونمنع أَبْنَائِنَا وَنِسَاءَنَا وذرارينا فَلَمَّا قَالُوا لَهُ ذَلِك سَأَلَ الله شمويل أَن يبْعَث لَهُم ملكا فَقَالَ الله: انْظُر الْقرن الَّذِي فِيهِ الدّهن فِي بَيْتك فَإِذا دخل عَلَيْك رجل فنش الدّهن الَّذِي فِي الْقرن - فَهُوَ ملك بني إِسْرَائِيل - فادهن رَأسه مِنْهُ وَملكه عَلَيْهِم فَأَقَامَ ينْتَظر مَتى ذَلِك الرجل دَاخِلا عَلَيْهِ وَكَانَ طالوت رجلا دبَّاغاً يعْمل الْأدم وَكَانَ من سبط بنيامين بن يَعْقُوب وَكَانَ سبط بنيامين سبطاً لم يكن فيهم نبوة وَلَا ملك فَخرج

طالوت فِي ابْتِغَاء دَابَّة لَهُ أضلته وَمَعَهُ غُلَام فمرا بِبَيْت النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ غُلَام طالوت لطالوت: لَو دخلت بِنَا على هَذَا النَّبِي فَسَأَلْنَاهُ عَن أَمر دابتنا فيرشدنا وَيَدْعُو لنا فِيهَا بِخَير فَقَالَ طالوت: مَا بِمَا قلت من بَأْس فدخلا عَلَيْهِ فَبَيْنَمَا هما عِنْده يذكران لَهُ من شَأْن دابتهما ويسألانه أَن يَدْعُو لَهما فِيهَا إِذْ نش الدّهن الَّذِي فِي الْقرن فقالم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَأَخذه ثمَّ قَالَ لطالوت: قرب رَأسك فقربه فدهنه مِنْهُ ثمَّ قَالَ: أَنْت ملك بني إِسْرَائِيل الَّذِي أَمرنِي الله أَن أملكك عَلَيْهِم وَكَانَ اسْم طالوت بالسُّرْيَانيَّة شاول بن قيس بن أشال بن ضرار بن يحرب بن أفيح بن أنس بن يَامِين بن يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم فَجَلَسَ عِنْده وَقَالَ: النَّاس ملك طالوت فَأَتَت عُظَمَاء بني إِسْرَائِيل نَبِيّهم فَقَالُوا لَهُ: مَا شَأْن طالوت تملك علينا وَلَيْسَ من بَيت النُّبُوَّة وَلَا المملكة قد عرفت أَن النُّبُوَّة وَالْملك فِي آل لاوي وَآل يهوذا فَقَالَ لَهُم {إِن الله اصطفاه عَلَيْكُم وزاده بسطة فِي الْعلم والجسم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لشمويل: ابْعَثْ ملكا نُقَاتِل فِي سَبِيل الله قَالَ: قد كفاكم الله الْقِتَال قَالُوا: إِنَّا نتخوف من حولنا فَيكون لنا ملك نفزع إِلَيْهِ فَأوحى الله إِلَى شمويل: أَن ابْعَثْ لَهُم طالوت ملكا وادهنه بدهن الْقُدس وضلت حمر لأبي طالوت فَأرْسلهُ وَغُلَامًا لَهُ يطلبانها فجاؤوا إِلَى شمويل يسألونه عَنْهَا فَقَالَ: إِن الله قد بَعثك ملكا على بني إِسْرَائِيل قَالَ: أَنا قَالَ: نعم قَالَ: وَمَا علمت أَن سبطي ادنى أَسْبَاط بني إِسْرَائِيل قَالَ: بلَى قَالَ: فَبِأَي آيَة قَالَ: بِآيَة أَن ترجع وَقد وجد أَبوك حمره فدهنه بدهن الْقُدس فَقَالَ لبني إِسْرَائِيل {إِن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قَالُوا أَنى يكون لَهُ الْملك} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِذْ قَالُوا لنَبِيّ لَهُم} قَالَ: شمؤل وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ يُوشَع بن نون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَمْرو بن مرّة عَن أبي عُبَيْدَة {إِذْ قَالُوا لنَبِيّ لَهُم} قَالَ: الشُّمُول ابْن حنة بن العاقر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل يُقَاتلُون العمالقة وَكَانَ ملك العمالقة جالوت وَأَنَّهُمْ ظَهَرُوا على بني إِسْرَائِيل فَضربُوا عَلَيْهِم الْجِزْيَة وَأخذُوا توراتهم وَكَانَت بَنو إِسْرَائِيل يسْأَلُون الله أَن يبْعَث لَهُم نَبيا

يُقَاتلُون مَعَه وَكَانَ سبط النُّبُوَّة قد هَلَكُوا فَلم يبْق مِنْهُم إِلَّا امْرَأَة حُبْلَى فَأَخَذُوهَا فحبسوها فِي بَيت رهبة أَن تَلد جَارِيَة فتبدله بِغُلَام لما ترى من رَغْبَة بني إِسْرَائِيل فِي وَلَدهَا فَجعلت تَدْعُو الله أَن يرزقها غُلَاما فَولدت غُلَاما فَسَمتْهُ شَمْعُون فَكبر الْغُلَام فاسلمته يتَعَلَّم التَّوْرَاة فِي بَيت الْمُقَدّس وكفله شيخ من عُلَمَائهمْ وتبناه فَلَمَّا بلغ الْغُلَام أَن يَبْعَثهُ الله نَبيا أَتَاهُ جِبْرِيل والغلام نَائِم إِلَى جنب الشَّيْخ وَكَانَ لَا يأتمن عَلَيْهِ أحدا غَيره فَدَعَاهُ بلحن الشَّيْخ يَا شماؤل فَقَامَ الْغُلَام فَزعًا إِلَى الشَّيْخ فَقَالَ: يَا أبتاه دعوتني فكره الشَّيْخ أَن يَقُول لَا فَيفزع الْغُلَام فَقَالَ: يَا بني ارْجع فنم فَرجع فَنَامَ ثمَّ دَعَاهُ الثَّانِيَة فَأَتَاهُ الْغُلَام أَيْضا فَقَالَ: دعوتني فَقَالَ: ارْجع فنم فَإِن دعوتك الثَّالِثَة فَلَا تجبني فَلَمَّا كَانَت الثَّالِثَة ظهر لَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى قَوْمك فَبَلغهُمْ رِسَالَة رَبك فَإِن الله قد بَعثك فيهم نَبيا فَلَمَّا أَتَاهُم كذبوه وَقَالُوا: استعجلت النُّبُوَّة وَلم يَأن لَك وَقَالُوا: إِن كنت صَادِقا فَابْعَثْ لنا ملكا نُقَاتِل فِي سَبِيل الله آيَة نبوتك فَقَالَ لَهُم شَمْعُون: عَسى أَن كتب عَلَيْكُم الْقِتَال أَن لَا تقاتلوا {قَالُوا وَمَا لنا أَلا نُقَاتِل فِي سَبِيل الله} الْآيَة فَدَعَا الله فَأتي بعصا تكون على مِقْدَار طول الرجل الَّذِي يبْعَث فيهم ملكا فَقَالَ: إِن صَاحبكُم يكون طوله طول هَذِه الْعَصَا فقاسوا أنفسهم بهَا فَلم يَكُونُوا مثلهَا وَكَانَ طالوت رجلا سقاء يسْقِي على حمَار لَهُ فضلّ حِمَاره فَانْطَلق يَطْلُبهُ فِي الطَّرِيق فَلَمَّا رَأَوْهُ دَعوه فقاسوه فَكَانَ مثلهَا فَقَالَ لَهُ نَبِيّهم {إِن الله قد بعث لكم طالوت ملكا} قَالَ الْقَوْم: مَا كنت قطّ أكذب مِنْك السَّاعَة وَنحن من سبط المملكة وَلَيْسَ هُوَ من سبط المملكة وَلم يُؤْت سَعَة من المَال فنتبعه لذَلِك فَقَالَ النَّبِي {إِن الله اصطفاه عَلَيْكُم وزاده بسطة فِي الْعلم والجسم} قَالُوا: فَإِن كنت صَادِقا فأتنا بِآيَة ان هَذَا ملك قَالَ {إِن آيَة ملكه أَن يأتيكم التابوت} الْبَقَرَة الْآيَة 248) الْآيَة فَأصْبح التابوت وَمَا فِيهِ فِي دَار طالوت فآمنوا بنبوة شَمْعُون وسلموا بِملك طالوت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ طالوت سقاء يَبِيع المَاء

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالُوا أَنى يكون لَهُ الْملك علينا} قَالَ: لم يَقُولُوا ذَلِك إِلَّا أَنه كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل سبطان كَانَ فِي أَحدهمَا النُّبُوَّة وَفِي الآخر الْملك فَلَا يبْعَث نَبِي إِلَّا من كَانَ من سبط النُّبُوَّة وَلَا يملك على الأَرْض أحد إِلَّا من كَانَ من سبط الْملك وَأَنه ابتعث طالوت حِين ابتعثه وَلَيْسَ من أحد السبطين {قَالَ إِن الله اصطفاه} يَعْنِي اخْتَارَهُ عَلَيْكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك فِي قَوْله {أَنى} يَعْنِي من أَيْن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك عَن ابْن عَبَّاس {وزاده بسطة} يَقُول: فَضِيلَة {فِي الْعلم والجسم} يَقُول: كَانَ عَظِيما جسيماً يفضل بني إِسْرَائِيل بعنقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه فِي قَوْله {وزاده بسطة فِي الْعلم} قَالَ: الْعلم بِالْحَرْبِ وَأخرج ابْن جرير عَن وهب فِي قَوْله {والجسم} قَالَ: كَانَ فَوق بني إِسْرَائِيل بمنكبيه فَصَاعِدا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَالله يُؤْتِي ملكه من يَشَاء} قَالَ: سُلْطَانه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن وهب أَنه سُئِلَ أَنَبِي كَانَ طالوت قَالَ: لَا لم يَأْته وَحي وَأخرج إِسْحَق بن بشر فِي الْمُبْتَدَأ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر وَمُقَاتِل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس وَمن طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الْمَلأ} يَعْنِي ألم تخبر يَا مُحَمَّد عَن الْمَلأ {من بني إِسْرَائِيل من بعد مُوسَى إِذْ قَالُوا لنَبِيّ لَهُم} اشمويل {ابْعَثْ لنا ملكا نُقَاتِل} إِلَى قَوْله {وَقد أخرجنَا من دِيَارنَا وأبنائنا} يَعْنِي أخرجتنا العمالقة وَكَانَ رَأس العمالقة يَوْمئِذٍ جالوت فَسَأَلَ الله نَبِيّهم أَن يبْعَث لَهُم ملكا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {ألم تَرَ إِلَى الْمَلأ من بني إِسْرَائِيل من بعد مُوسَى}

قَالَ: هم الَّذين قَالَ الله (ألم ترَ إِلَى الَّذين قيل لَهُم كفوا أَيْدِيكُم وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة) (النِّسَاء الْآيَة 77) وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {وَنحن أَحَق بِالْملكِ مِنْهُ} قَالَ: لِأَنَّهُ لم يكن من سبط النُّبُوَّة وَلَا من سبط الْخلَافَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: بعث الله لَهُم طالوت ملكا وَكَانَ من سبط لم تكن فِيهِ مملكة وَلَا نبوة وَكَانَ فِي بني إِسْرَائِيل سبطان سبط نبوة وسبط مملكة فَكَانَ سبط النُّبُوَّة سبط لاوي وَكَانَ سبط المملكة سبط يهوذا فَلَمَّا بعث طالوت من غير سبط النُّبُوَّة والمملكة أَنْكَرُوا ذَلِك وعجبوا مِنْهُ و {قَالُوا أَنى يكون لَهُ الْملك علينا} قَالُوا: كَيفَ يكون لَهُ الْملك وَلَيْسَ من سبط النُّبُوَّة وَلَا المملكة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل لَهُ ضرتان وَكَانَت إِحْدَاهمَا تَلد وَالْأُخْرَى لَا تَلد فَاشْتَدَّ على الَّتِي لَا تَلد فتطهرت فَخرجت إِلَى الْمَسْجِد لتدعو الله فلقيها حكم على بني اسرائيل - وحكماؤهم الَّذين يدبرون أُمُورهم - فَقَالَ: أَيْن تذهبين قَالَت: حَاجَة لي إِلَى رَبِّي قَالَ: اللَّهُمَّ اقْضِ لَهَا حَاجَتهَا فعلقت بِغُلَام وَهُوَ الشُّمُول فَلَمَّا ولدت جعلته محرراً وَكَانُوا يجْعَلُونَ الْمُحَرر إِذا بلغ السَّعْي فِي الْمَسْجِد يخْدم أَهله فَلَمَّا بلغ الشُّمُول السَّعْي دفع إِلَى أهل الْمَسْجِد يخْدم فَنُوديَ الشُّمُول لَيْلَة فَأتى الحكم فَقَالَ: دعوتني فَقَالَ: لَا فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الْأُخْرَى دعِي فَأتى الحكم فَقَالَ: دعوتني فَقَالَ: لَا وَكَانَ الحكم يعلم كَيفَ تكون النُّبُوَّة فَقَالَ: دعيت البارحة الأولى قَالَ: نعم قَالَ: ودعيت البارحة قَالَ: نعم قَالَ: فَإِن دعيت اللَّيْلَة فَقل لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر بَين يَديك وَالْمهْدِي من هديت أَنا عَبدك بَين يَديك مرني بِمَا شِئْت فَأُوحي إِلَيْهِ فَأتى الحكم فَقَالَ: دعيت اللَّيْلَة قَالَ: نعم وأوحي إِلَيّ قَالَ: فَذكرت لَك بِشَيْء قَالَ: لَا عَلَيْك أَن لَا تَسْأَلنِي قَالَ: مَا أَبيت أَن تُخبرنِي إِلَّا وَقد ذكرت لَك شَيْء من أَمْرِي فألح عَلَيْهِ وأبى أَن يَدعه حَتَّى أخبرهُ فَقَالَ: قيل لي: إِنَّه قد حضرت هلكتك وارتشى ابْنك فِي حكمك فَكَانَ لَا يدبر أمرا إِلَّا انتكث وَلَا يبْعَث جَيْشًا إِلَّا هزم حَتَّى بعث جَيْشًا وَبعث مَعَهم بِالتَّوْرَاةِ

يستفتح بهَا فهزموا وَأخذت التَّوْرَاة فَصَعدَ الْمِنْبَر وَهُوَ آسَف غَضْبَان فَوَقع فَانْكَسَرت رجله أَو فَخذه فَمَاتَ من ذَلِك فَعِنْدَ ذَلِك قَالُوا لنبيهم: ابْعَثْ لنا ملكا وَهُوَ الشُّمُول بن حنة العاقر

248

قَوْله تَعَالَى: وَقَالَ لَهُم نَبِيّهم إِن آيَة ملكه أَن يأتيكم التابوت فِيهِ سكينَة من ربكُم وَبَقِيَّة مِمَّا ترك آل مُوسَى وَآل هَارُون تحمله الْمَلَائِكَة إِن فِي ذَلِك لآيَة لكم إِن كُنْتُم مُؤمنين أخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت عَن أَبِيه قَالَ: أَمرنِي عُثْمَان بن عَفَّان أَن أكتب لَهُ مُصحفا فَقَالَ: إِنِّي جَاعل مَعَك رجلا لسناً فصيحاً فَمَا جتمعتما عَلَيْهِ فاكتباه وَمَا اختلفتما فِيهِ فارفعا إليّ قَالَ زيد: فَقلت أَنا: التابوه وَقَالَ أبان بن سعيد: التابوت فرفعاه إِلَى عُثْمَان فَقَالَ: التابوت فَكتبت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن عَمْرو بن دِينَار أَن عُثْمَان بن عَفَّان أَمر فتيَان الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار أَن يكتبوا الْمَصَاحِف قَالَ: فَمَا اختلفتم فِيهِ فَاجْعَلُوهُ بِلِسَان قُرَيْش فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: التابوت وَقَالَ الْأَنْصَار: التابوه فَقَالَ عُثْمَان: اكتبوه بلغَة الْمُهَاجِرين التابوت وَأخرج ابْن سعد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي مَعًا فِي الْمَصَاحِف وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن أنس بن مَالك أَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قدم على عُثْمَان وَكَانَ يغازي أهل الشَّام فِي قرى أرمينية واذربيجان مَعَ أهل الْعرَاق فَرَأى حُذَيْفَة اخْتلَافهمْ فِي الْقُرْآن فَقَالَ لعُثْمَان: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أدْرك هَذِه الْأمة قبل أَن يَخْتَلِفُوا فِي الْكتاب كَمَا اخْتلف الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَأرْسل إِلَى حَفْصَة أَن ارسلي إِلَيّ بالصحف ننسخها فِي الْمَصَاحِف ثمَّ نردها إِلَيْك فَأرْسلت حَفْصَة إِلَى عُثْمَان بالصحف فَأرْسل عُثْمَان إِلَى زيد بن ثَابت وَسَعِيد بن الْعَاصِ وَعبد الرَّحْمَن بن الْحَرْث بن هِشَام وَعبد الله بن الزبير: أَن انسخوا الصُّحُف فِي

الْمَصَاحِف وَقَالَ للرهط القرشيين الثَّلَاثَة: مَا اختلفتم أَنْتُم وَزيد بن ثَابت فاكتبوه بِلِسَان قُرَيْش فَإِنَّمَا نزل بلسانها قَالَ الزُّهْرِيّ: فَاخْتَلَفُوا يَوْمئِذٍ فِي التابوت والتابوه فَقَالَ النَّفر القرشيون: التابوت وَقَالَ زيد: التابوه فَرفع اخْتلَافهمْ إِلَى عُثْمَان فَقَالَ: اكتبوا التابوت فَإِنَّهُ بِلِسَان قُرَيْش أنزل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن تَابُوت مُوسَى مَا سعته قَالَ: نَحْو من ثَلَاثَة أَذْرع فِي ذراعين أما قَوْله تَعَالَى: {فِيهِ سكينَة من ربكُم} أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السكينَة الرَّحْمَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السكينَة الطُّمَأْنِينَة أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السكينَة دَابَّة قدر الهر لَهَا عينان لَهما شُعَاع وَكَانَ إِذا التقى الْجَمْعَانِ أخرجت يَديهَا وَنظرت إِلَيْهِم فيهزم الْجَيْش من الرعب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد فِيهِ من لَا يعرف من طَرِيق خَالِد بن عرْعرة عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ السكينَة ريح خجوج وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق خَالِد بن عرْعرة عَن عَليّ قَالَ: السكينَة ريح خجوج وَلها رأسان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن عَسَاكِر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق أبي الْأَحْوَص عَن عَليّ قَالَ: السكينَة لَهَا وَجه كوجه الإِنسان ثمَّ هِيَ بعد ريح هفافة وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَابْن جرير من طَرِيق سَلمَة بن كهيل عَن عَليّ فِي قَوْله {فِيهِ سكينَة من ربكُم} قَالَ: ريح هفافة لَهَا صُورَة وَلها وَجه كوجه الإِنسان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن سعد بن مَسْعُود الصَّدَفِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي مجْلِس فَرفع نظره إِلَى السَّمَاء ثمَّ طأطأ نظره ثمَّ رَفعه فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ: إِن هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين كَانُوا يذكرُونَ الله - يَعْنِي أهل مجْلِس أَمَامه - فَنزلت عَلَيْهِم السكينَة تحملهَا الْمَلَائِكَة كالقبة فَلَمَّا دنت مِنْهُم تكلم رجل مِنْهُم بباطل فَرفعت عَنْهُم وَأخرج سُفْيَان بن عَيْنِيَّة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي

الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد قَالَ: السكينَة من الله كَهَيئَةِ الرّيح لَهَا وَجه كوجه الهر وجناحان وذنب مثل ذَنْب الهر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق أبي مَالك عَن ابْن عَبَّاس {فِيهِ سكينَة من ربكُم} قَالَ: طست من ذهب من الْجنَّة كَانَ يغسل فِيهَا قُلُوب الْأَنْبِيَاء ألْقى مُوسَى فِيهَا الألواح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن السكينَة فَقَالَ: روح من الله تَتَكَلَّم إِذا اخْتلفُوا فِي شَيْء تكلم فَأخْبرهُم بِبَيَان مَا يُرِيدُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فِيهِ سكينَة} قَالَ: فِيهِ شَيْء تسكن إِلَيْهِ قُلُوبهم يَعْنِي مَا يعْرفُونَ من الْآيَات يسكنون إِلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة {فِيهِ سكينَة} أَي وقار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَبَقِيَّة مِمَّا ترك آل مُوسَى} قَالَ: عَصَاهُ ورضاض الألواح وَأخرج وَكِيع وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي صَالح قَالَ: كَانَ فِي التابوت عَصا مُوسَى وعصا هَارُون وَثيَاب مُوسَى وَثيَاب هَارُون ولوحان من التَّوْرَاة والمن وَكلمَة الْفرج لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم وَسُبْحَان الله رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَأخرج إِسْحَق بن بشر فِي الْمُبْتَدَأ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْبَقِيَّة رضاض الألواح وعصا مُوسَى وعمامة هَارُون وقباء هَارُون الَّذِي كَانَ فِيهِ عَلَامَات الأسباط وَكَانَ فِيهِ طست من ذهب فِيهِ صَاع من منّ الْجنَّة وَكَانَ يفْطر عَلَيْهِ يَعْقُوب أما السكينَة فَكَانَت مثل رَأس هرة من زبرجدة خضراء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {تحمله الْمَلَائِكَة} قَالَ: أَقبلت بِهِ الْمَلَائِكَة تحمله حَتَّى وَضعته فِي بَيت طالوت فَأصْبح فِي دَاره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {إِن فِي ذَلِك لآيَة} قَالَ: عَلامَة

249

قَوْله تَعَالَى: فَلَمَّا فصل طالوت بالجنود قَالَ إِن الله مبتليكم بنهر فَمن شرب مِنْهُ فَلَيْسَ مني وَمن لم يطعمهُ فَإِنَّهُ مني إِلَّا من اغترف غرفَة بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم فَلَمَّا جاوزه هُوَ وَالَّذين آمنُوا مَعَه قَالُوا لَا طَاقَة لنا الْيَوْم بجالوت وَجُنُوده قَالَ الَّذين يظنون أَنهم ملاقوا الله كم من فِئَة قَليلَة غلبت فِئَة كَثِيرَة بِإِذن الله وَالله مَعَ الصابرين أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: خَرجُوا مَعَ طالوت وهم ثَمَانُون ألفا وَكَانَ جالوت من أعظم النَّاس وأشدهم بَأْسا فَخرج يسير بَين يَدي الْجند فَلَا تَجْتَمِع إِلَيْهِ أَصْحَابه حَتَّى يهْزم هُوَ من لَقِي فَلَمَّا خَرجُوا قَالَ لَهُم طالوت {إِن الله مبتليكم بنهر فَمن شرب مِنْهُ فَلَيْسَ مني وَمن لم يطعمهُ فَإِنَّهُ مني} فَشَرِبُوا مِنْهُ هَيْبَة من جالوت فَعبر مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف وَرجع سِتَّة وَسَبْعُونَ ألفا فَمن شرب مِنْهُ عَطش وَمن لم يشرب مِنْهُ إِلَّا غرفَة رُوِيَ {فَلَمَّا جاوزه هُوَ وَالَّذين آمنُوا مَعَه} فنظروا إِلَى جالوت رجعُوا أَيْضا و {قَالُوا لَا طَاقَة لنا الْيَوْم بجالوت وَجُنُوده} فَرجع عَنهُ ثَلَاثَة آلَاف وسِتمِائَة وَبضْعَة وَثَمَانُونَ وَجلسَ فِي ثلثمِائة وَبضْعَة عشر عدَّة أهل بدر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أَن الله مبتليكم بنهر} يَقُول: بالعطش فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى النَّهر - وَهُوَ نهر الْأُرْدُن - كرع فِيهِ عَامَّة النَّاس فَشَرِبُوا فَم يزدْ من شرب إِلَّا عطشاً وأجزأ من اغترف غرفَة بِيَدِهِ وَانْقطع الظمأ عَنهُ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَلَمَّا فصل طالوت بالجنود} غازياً إِلَى جالوت قَالَ طالوت لبني إِسْرَائِيل {إِن الله مبتليكم بنهر} بَين فلسطين والأردن نهر عذب المَاء طيبه فَشرب كل إِنْسَان كَقدْر الَّذِي فِي قلبه فَمن اغترف غرفَة واطاعه رُوِيَ بِطَاعَتِهِ وَمن شرب فَأكْثر عصى فَلم يرو {جاوزه هُوَ وَالَّذين آمنُوا مَعَه} قَالَ الَّذين شربوا {قَالُوا لَا طَاقَة لنا الْيَوْم بجالوت وَجُنُوده قَالَ الَّذين يظنون} الَّذين اغترفوا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أَن الله مبتليكم بنهر} قَالَ: نهر فلسطين وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الْكفَّار يشربون فَلَا يروون وَكَانَ الْمُسلمُونَ يَغْتَرِفُونَ غرفَة فيجزئهم ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: فِي تِلْكَ الغرفة مَا شربوا وَسقوا دوابهم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَنه قَرَأَ {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم} قَالَ: الْقَلِيل ثلثمِائة وَبضْعَة عشر عدَّة أهل بدر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْبَراء قَالَ: كُنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد نتحدث أَن أَصْحَاب بدر على عدَّة أَصْحَاب طالوت الَّذين جاوزوا مَعَه النَّهر وَلم يُجَاوز مَعَه إِلَّا مُؤمن بضعَة عشر وثلثمائة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه يَوْم بدر أَنْتُم بعدة أَصْحَاب طالوت يَوْم لَقِي وَكَانَ الصَّحَابَة يَوْم بدر ثلثمِائة وَبضْعَة عشر رجلا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: كَانَ عدَّة أَصْحَاب طالوت يَوْم جالوت ثلثمِائة وَبضْعَة عشر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُبَيْدَة قَالَ: عدَّة الَّذين شهدُوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا كعدد الَّذين جاوزوا مَعَ طالوت النَّهر عدتهمْ ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر وَأخرج إِسْحَق بن بشر فِي الْمُبْتَدَأ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانُوا ثلثمِائة ألف وَثَلَاثَة آلَاف وثلثمائة وَثَلَاثَة عشر رجلا فَشَرِبُوا مِنْهُ كلهم إِلَّا ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر رجلا عدَّة أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر فردهم طالوت وَمضى فِي ثلثمائه وَثَلَاثَة عشر وَكَانَ اشمويل دفع إِلَى طالوت درعاً فَقَالَ لَهُ: من اسْتَوَى هَذَا الدرْع عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يقتل جالوت بِإِذن الله تَعَالَى ونادى مُنَادِي طالوت من قتل جالوت زَوجته ابْنَتي وَله نصف ملكي وَمَالِي وَكَانَ الله سَبَب

هَذَا الْأَمر على يَدي دَاوُد بن ايشا وَهُوَ من ولد خصرون بن فارض بن يهود بن يَعْقُوب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {الَّذين يظنون أَنهم ملاقوا الله} قَالَ: الَّذين يستيقنون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {الَّذين يظنون أَنهم ملاقوا الله} قَالَ: الَّذين شروا أنفسهم لله ووطنوها على الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: تلقى الْمُؤمنِينَ بَعضهم أفضل من بعض جدا وعزما وهم كلهم مُؤمنُونَ

250

قَوْله تَعَالَى: وَلما برزوا لجالوت وَجُنُوده قَالُوا رَبنَا أفرغ علينا صبرا وَثَبت أقدامنا وَانْصُرْنَا على الْقَوْم الْكَافرين فهزموهم بِإِذن الله وَقتل دَاوُد جالوت وآتاه الله الْملك وَالْحكمَة وَعلمه مِمَّا يَشَاء وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض لفسدت الأَرْض وَلَكِن الله ذُو فضل على الْعَالمين تِلْكَ آيَات الله نتلوها عَلَيْك بِالْحَقِّ وَإنَّك لمن الْمُرْسلين أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ طالوت أَمِيرا على الْجَيْش فَبعث أَبُو دَاوُد بِشَيْء إِلَى إخْوَته فَقَالَ دَاوُد لطالوت: مَاذَا لي واقتل جالوت فَقَالَ: لَك ثلث ملكي وأنكحك ابْنَتي فَأخذ مخلاة فَجعل فِيهَا ثَلَاث مروات ثمَّ سمى إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب ثمَّ أَدخل يَده فَقَالَ: بِسم الله إلهي وإله آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب فَخرج على إِبْرَاهِيم فَجعله فِي مرجمته فَرمى بهَا جالوت فخرق ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ بَيْضَة على رَأسه وَقتلت مِمَّا وَرَاءه ثَلَاثِينَ ألفا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: لما برز طالوت لجالوت قَالَ جالوت: ابرزوا لي من يقاتلني فَإِن قتلني فلكم

ملكي وَإِن قتلته فلي ملككم فَأتي بِدَاوُد إِلَى طالوت فقاضاه إِن قَتله أَن ينكحه ابْنَته وَأَن يحكمه فِي مَاله فألبسه طالوت سِلَاحا فكره دَاوُد أَن يقاتله بسلاح وَقَالَ: إِن الله إِن لم ينصرني عَلَيْهِ لم يغن السِّلَاح شَيْئا فَخرج إِلَيْهِ بالمقلاع ومخلاة فِيهَا أَحْجَار ثمَّ برز لَهُ جالوت فَقَالَ أَنْت تُقَاتِلنِي قَالَ دَاوُد: نعم قَالَ: وَيلك مَا خرجت إلاَّ كَمَا تخرج إِلَى الْكَلْب بالمقلاع وَالْحِجَارَة لأبددن لحمك ولأطعمنه الْيَوْم للطير وَالسِّبَاع فَقَالَ لَهُ دَاوُد: بل أَنْت عدوّ الله شَرّ من الْكَلْب فَأخذ دَاوُد حجرا فَرَمَاهُ بالمقلاع فأصابت بَين عَيْنَيْهِ حَتَّى نفذت فِي دماغه فَصَرَخَ جالوت وَانْهَزَمَ من مَعَه واحتز رَأسه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: عبر يَوْمئِذٍ النَّهر مَعَ طالوت أَبُو دَاوُد فِيمَن عبر مَعَ ثَلَاثَة عشر ابْنا لَهُ وَكَانَ دَاوُد أَصْغَر بنيه وَأَنه أَتَاهُ ذَات يَوْم فَقَالَ: يَا أبتاه مَا أرمي بقذافتي شَيْئا إِلَّا صرعته قَالَ: أبشر فَإِن الله قد جعل رزقك فِي قذافتك ثمَّ أَتَاهُ يَوْمًا فَقَالَ: يَا أبتاه لقد دخلت بَين الْجبَال فَوجدت أسداً رابضاً فركبت عَلَيْهِ وَأخذت بأذنيه فَلم يهجني فَقَالَ: أبشر يَا بني فَإِن هَذَا خير يعطيكه الله ثمَّ أَتَاهُ يَوْمًا آخر فَقَالَ: يَا أبتاه إِنِّي لأمشي بَين الْجبَال فأسبح فَمَا يبْقى جبل إِلَّا سبح معي قَالَ: أبشر يَا بني فَإِن هَذَا خير أعطاكه الله وَكَانَ دَاوُد رَاعيا وَكَانَ أَبوهُ خَلفه يَأْتِي إِلَيْهِ وَإِلَى إخْوَته بِالطَّعَامِ فَأتى النَّبِي بقرن فِيهِ دهن وبثوب من حَدِيد فَبعث بِهِ إِلَى طالوت فَقَالَ: إِن صَاحبكُم الَّذِي يقتل جالوت يوضع هَذَا الْقرن على رَأسه فيغلي حِين يدهن مِنْهُ وَلَا يسيل على وَجهه يكون على رَأسه كَهَيئَةِ الاكليل وَيدخل فِي هَذَا الثَّوْب فيملؤه فَدَعَا طالوت بني إِسْرَائِيل فجربه فَلم يُوَافقهُ مِنْهُم أحد فَلَمَّا فرغوا قَالَ طالوت لأبي دَاوُد: هَل بَقِي لَك ولد لم يشهدنا قَالَ: نعم بَقِي ابْني دَاوُد وَهُوَ يأتينا بِطَعَامِنَا فَلَمَّا أَتَاهُ دَاوُد مر فِي الطَّرِيق بِثَلَاثَة أَحْجَار فكلمنه وقلن لَهُ: يَا دَاوُد تقتل بِنَا جالوت فأخذهن فجعلهن فِي مخلاته وَقد كَانَ طالوت قَالَ: من قتل جالوت زَوجته ابْنَتي وأجريت خَاتمه فِي ملكي فَلَمَّا جَاءَ دَاوُد وضعُوا الْقرن على رَأسه فغلى حَتَّى ادهن مِنْهُ وَلبس الثَّوْب فملأه وَكَانَ رجلا مسقاماً مصفاراً وَلم يلْبسهُ أحد إِلَّا تقلقل فِيهِ فَلَمَّا لبسه دَاوُد تضايق عَلَيْهِ الثَّوْب حَتَّى تنقص ثمَّ مَشى إِلَى جالوت وَكَانَ جالوت من أجسم النَّاس وأشدهم فَلَمَّا نظر إِلَى دَاوُد قذف فِي قلبه الرعب

مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: يَا فَتى ارْجع فَإِنِّي أرحمك ان أَقْتلك فَقَالَ دَاوُد: لَا بل أَنا أَقْتلك وَأخرج الْحِجَارَة فوضعها فِي القذافة كلما رفع حجرا سَمَّاهُ فَقَالَ: هَذَا باسم أبي إِبْرَاهِيم وَالثَّانِي باسم أبي إِسْحَق وَالثَّالِث باسم أبي إِسْرَائِيل ثمَّ أدَار القذافة فَعَادَت الْأَحْجَار حجر وَاحِدًا ثمَّ أرْسلهُ فصك بِهِ بَين عَيْني جالوت فثقبت رَأسه فَقتله ثمَّ لم تزل تقتل كل إِنْسَان تصيبه تنفذ مِنْهُ حَتَّى لم يكن بحيالها أحد فهزموهم عِنْد ذَلِك وَقتل دَاوُد جالوت وَرجع طالوت فأنكح دَاوُد ابْنَته وأجرى خَاتمه فِي ملكه فَمَال النَّاس إِلَى دَاوُد وأحبوه فَلَمَّا رأى ذَلِك طالوت وجد فِي نَفسه وحسده فَأَرَادَ قَتله فَعلم بِهِ دَاوُد فسجى لَهُ زق خمر فِي مضجعه فَدخل طالوت إِلَى مَنَام دَاوُد وَقد هرب دَاوُد فَضرب الزق ضَرْبَة فحرقه فسالت الْخمر مِنْهُ فَقَالَ: يرحم الله دَاوُد مَا كَانَ أَكثر شربه للخمر ثمَّ إِن دَاوُد أَتَاهُ من الْقَابِلَة فِي بَيته وَهُوَ نَائِم فَوضع سَهْمَيْنِ عَن رَأسه وَعند رجلَيْهِ وَعَن يَمِينه وَعَن شِمَاله سَهْمَيْنِ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طالوت بصر بِالسِّهَامِ فعرفها فَقَالَ: يرحم الله دَاوُد هُوَ خير مني ظَفرت بِهِ فَقتلته وظفر بِي فَكف عني ثمَّ إِنَّه ركب يَوْمًا فَوَجَدَهُ يمشي فِي الْبَريَّة وطالوت على فرس فَقَالَ طالوت: الْيَوْم أقتل دَاوُد وَكَانَ دَاوُد إِذا فزع لَا يدْرك فركض على أَثَره طالوت فَفَزعَ دَاوُد فَاشْتَدَّ فَدخل غاراً وَأوحى الله إِلَى العنكبوت فَضربت عَلَيْهِ بَيْتا فَلَمَّا انْتهى طالوت إِلَى الْغَار نظر إِلَى بِنَاء العنكبوت فَقَالَ: لَو دخل هَهُنَا لخرق بَيت العنكبوت فَتَركه وَملك دَاوُد بعد مَا قتل طالوت وَجعله الله نَبيا وَذَلِكَ قَوْله {وآتاه الله الْملك وَالْحكمَة} قَالَ: الْحِكْمَة هِيَ النُّبُوَّة آتَاهُ نبوة شَمْعُون وَملك طالوت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن إِسْحَق وَابْن عَسَاكِر عَن مَكْحُول قَالَا: زعم أهل الْكتاب أَن طالوت لما رأى انصراف بني إِسْرَائِيل عَنهُ إِلَى دَاوُد همَّ بِأَن يغتال دَاوُد فصرف الله ذَلِك عَنهُ وَعرف طالوت خطيئته وَالْتمس التنصل مِنْهَا وَالتَّوْبَة فَأتى إِلَى عَجُوز كَانَت تعلم الإِسم الَّذِي يدعى بِهِ فَقَالَ لَهَا: إِنِّي قد أَخْطَأت خَطِيئَة لن يُخْبِرنِي عَن كفارتها إِلَّا اليسع فَهَل أَنْت منطلقة معي إِلَى قَبره فداعية الله ليَبْعَثهُ حَتَّى أسأله قَالَت: نعم فَانْطَلق بهَا إِلَى قَبره فصلت رَكْعَتَيْنِ ودعت فَخرج

اليسع إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إِن كَفَّارَة خطيئتك أَن تُجَاهِد بِنَفْسِك وَأهل بَيْتك حَتَّى لَا يبْقى مِنْكُم أحد ثمَّ رَجَعَ اليسع إِلَى مَوْضِعه وَفعل ذَلِك طالوت حَتَّى هلك وَهلك أهل بَيته فاجتمعت بَنو إِسْرَائِيل على دَاوُد فَأنْزل الله عَلَيْهِ وَعلمه صَنْعَة الْحَدِيد فألانه لَهُ وَأمر الْجبَال وَالطير أَن يسبحْنَ مَعَه إِذا سبح وَلم يُعْط أحدا من خلقه مثل صَوته وَكَانَ إِذا قَرَأَ الزبُور ترنو إِلَيْهِ الْوَحْش حَتَّى يُؤْخَذ بأعناقها وَإِنَّهَا لمصغية تستمع لَهُ وَمَا صنعت الشَّيَاطِين المزامير والبرابط وَالنوح إِلَّا على أَصْنَاف صَوته أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَوْلَا دفع الله} الْآيَة أخرج ابْن جرير وَابْن عدي بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله ليدفع بِالْمُسلمِ الصَّالح عَن مائَة أهل بَيت من جِيرَانه الْبلَاء ثمَّ قَرَأَ ابْن عمر {وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض لفسدت الأَرْض} وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد ضَعِيف عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله ليصلح بصلاح الرجل الْمُسلم وَلَده وَولد وَلَده وَأهل دويرته ودويرات حوله وَلَا يزالون فِي حفظ الله مَا دَامَ فيهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابنعباس فِي قَوْله {وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض} قَالَ: يدْفع الله بِمن يُصَلِّي عَمَّن لَا يُصَلِّي وبمن يحجّ عَمَّن لَا يحجّ وبمن يُزكي عَمَّن لَا يُزكي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَوْلَا دفع الله النَّاس} الْآيَة يَقُول: وَلَوْلَا دفاع الله بِالْبرِّ عَن الْفَاجِر وَدفعه بِبَقِيَّة أَخْلَاق النَّاس بَعضهم عَن بعض لفسدت الأَرْض بِهَلَاك أَهلهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض} الْآيَة قَالَ: يَبْتَلِي الله الْمُؤمن بالكافر ويعافي الْكَافِر بِالْمُؤمنِ وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع {لفسدت الأَرْض} يَقُول: لهلك من فِي الأَرْض وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مُسلم سَمِعت عليا يَقُول: لَوْلَا بَقِيَّة من الْمُسلمين فِيكُم لهلكتم

وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الابدال بِالشَّام وهم أَرْبَعُونَ رجلا كلما مَاتَ رجل أبدل الله مَكَانَهُ رجلا يسْقِي بهم الْغَيْث وينتصر بهم على الْأَعْدَاء وَيصرف عَن أهل الشَّام بهم الْعَذَاب وَلَفظ ابْن عَسَاكِر: وَيصرف عَن أهل الأَرْض الْبلَاء وَالْغَرق وَأخرج الْخلال فِي كتاب كرامات الْأَوْلِيَاء عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِن الله ليدفع عَن الْقرْيَة بسبعة مُؤمنين يكونُونَ فيهم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لن تَخْلُو الأَرْض من أَرْبَعِينَ رجلا مثل خَلِيل الرَّحْمَن فيهم تسقون وبهم تنْصرُونَ مَا مَاتَ مِنْهُم أحد إِلَّا أبدل الله مَكَانَهُ آخر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الابدال فِي أمتِي ثَلَاثُونَ بهم تقوم الأَرْض وبهم تمطرون وبهم تنْصرُونَ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد والخلال فِي كرامات الْأَوْلِيَاء بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا خلت الأَرْض من بعد نوح من سَبْعَة يدْفع الله بهم عَن أهل الأَرْض وَأخرج الْخلال بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يزَال أَرْبَعُونَ رجلا يحفظ الله بهم الأَرْض كلما مَاتَ رجل أبدل الله مَكَانَهُ آخر فهم فِي الأَرْض كلهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يزَال أَرْبَعُونَ رجلا من أمتِي قُلُوبهم على قلب إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يدْفع الله بهم عَن أهل الأَرْض يُقَال لَهُم الابدال إِنَّهُم لن يدركوها بِصَلَاة وَلَا بِصَوْم وَلَا بِصَدقَة قَالُوا: يَا رَسُول الله فيمَ أدركوها قَالَ: بالسخاء والنصيحة للْمُسلمين وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله عز وَجل فِي الْخلق ثلثمِائة قُلُوبهم على قلب آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَللَّه فِي الْخلق أَرْبَعُونَ قُلُوبهم على قلب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَللَّه فِي الْخلق سَبْعَة قُلُوبهم على قلب إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَللَّه فِي الْخلق خَمْسَة قُلُوبهم على قلب جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَللَّه فِي الْخلق ثَلَاثَة قُلُوبهم على قلب مِيكَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَللَّه فِي الْخلق وَاحِد قلبه على قلب إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا مَاتَ الْوَاحِد أبدل الله مَكَانَهُ من الثَّلَاثَة وَإِذا

مَاتَ من الثَّلَاثَة أبدل الله مَكَانَهُ من الْخَمْسَة وَإِذا مَاتَ من الْخَمْسَة أبدل الله مَكَانَهُ من الشبعة وَإِذا مَاتَ من السَّبْعَة أبدل الله مَكَانَهُ من الْأَرْبَعين وَإِذا مَاتَ من الْأَرْبَعين أبدل الله مَكَانَهُ من الثلثمائة وَإِذا مَاتَ من الثلثمائة أبدل الله مَكَانَهُ من الْعَامَّة فبهم يحيي وَيُمِيت ويمطر وينبت وَيدْفَع الْبلَاء قيل لعبد الله بن مَسْعُود: كَيفَ بهم يحيي وَيُمِيت قَالَ: لأَنهم يسْأَلُون الله إكثار الْأُمَم فيكثرون وَيدعونَ على الْجَبَابِرَة فيقصمون ويستسقون فيسقون ويسألون فينبت لَهُم الأَرْض وَيدعونَ فَيدْفَع بهم أَنْوَاع الْبلَاء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: لَا تسبوا أهل الشَّام فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فيهم الابدال بهم تنْصرُونَ وبهم ترزقون وَأخرج ابْن حبَان فِي تَارِيخه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لن تَخْلُو الأَرْض من ثَلَاثِينَ مثل إِبْرَاهِيم خَلِيل الله بهم تغاثون وبهم ترزقون وبهم تمطرون وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة قَالَ: لن تَخْلُو الأَرْض من أَرْبَعِينَ بهم يُغاثُ النَّاس وبهم ينْصرُونَ وبهم يرْزقُونَ كلما مَاتَ مِنْهُم أحد أبدل الله مَكَانَهُ رجلا قَالَ قَتَادَة: وَالله إِنِّي لأرجو أَن يكون الْحسن مِنْهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لم يزل على وَجه الأَرْض فِي الدَّهْر سَبْعَة مُسلمُونَ فَصَاعِدا فلولا ذَلِك هَلَكت الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَأخرج ابْن جرير عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: لم تبْق الأَرْض إِلَّا وفيهَا أَرْبَعَة عشر يدْفع الله بهم عَن أهل الأَرْض وَيخرج بركتها إِلَّا زمن إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ كَانَ وَحده وَأخرج أَحْمد بن حَنْبَل فِي الزّهْد والخلال فِي كرامات الْأَوْلِيَاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا خلت الأَرْض من بعد نوح من سَبْعَة يدْفع الله بهم عَن أهل الأَرْض وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن كَعْب قَالَ: لم يزل بعد نوح فِي الأَرْض أَرْبَعَة عشر يدْفع الله بهم الْعَذَاب وَأخرج الْخلال فِي كرامات الْأَوْلِيَاء عَن زَاذَان قَالَ: مَا خلت الأَرْض بعد نوح من اثْنَي عشر فَصَاعِدا يدْفع الله بهم عَن أهل الأَرْض وَأخرج الجندي فِي فَضَائِل مَكَّة عَن مُجَاهِد قَالَ: لم يزل على الأَرْض سَبْعَة مُسلمُونَ فَصَاعِدا وَلَوْلَا ذَلِك هَلَكت الأَرْض وَمن عَلَيْهَا

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ فِي تَارِيخ مَكَّة عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَ: لم يزل على وَجه الأَرْض سَبْعَة مُسلمُونَ فَصَاعِدا وَلَوْلَا ذَلِك لأهلكت الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي الزَّاهِرِيَّة قَالَ: الابدال ثَلَاثُونَ رجلا بِالشَّام بهم تجارون وبهم ترزقون إِذا مَاتَ مِنْهُم رجل ابدل الله مَكَانَهُ وَأخرج الْخلال فِي كرامات الْأَوْلِيَاء عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: مَا من قَرْيَة وَلَا بَلْدَة لَا يكون فِيهَا من يدْفع الله بِهِ عَنْهُم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَوْلِيَاء عَن أبي الزِّنَاد قَالَ: لما ذهبت النبوّة وَكَانُوا أوتاد الأَرْض أخلف الله مكانهم أَرْبَعِينَ رجلا من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُم الابدال لَا يَمُوت الرجل مِنْهُم حَتَّى ينشىء الله مَكَانَهُ آخر يخلفه وهم أوتاد الأَرْض قُلُوب ثَلَاثِينَ مِنْهُم على مثل يَقِين إِبْرَاهِيم لم يفضلوا النَّاس بِكَثْرَة الصَّلَاة وَلَا بِكَثْرَة الصّيام وَلَكِن بِصدق الْوَرع وَحسن النِّيَّة وسلامة الْقُلُوب والنصيحة لجَمِيع الْمُسلمين وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي قَائِمَة بِأَمْر الله لَا يضرهم من خذلهم أَو خالفهم حَتَّى يَأْتِي أَمر الله وهم ظاهرون على النَّاس وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن ثَوْبَان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق لَا يضرهم من خذلهم حَتَّى يَأْتِي أَمر الله وهم على ذَلِك وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يزَال قوم من أمتِي ظَاهِرين على النَّاس حَتَّى يَأْتِيهم أَمر الله وهم ظاهرون وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي قَوَّامَة على أَمر الله عز وَجل لَا يَضرهَا من خالفها وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يزَال هَذَا الدّين قَائِما يُقَاتل عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ: لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي يُقَاتلُون على الْحق ظَاهِرين على من ناوأهم حَتَّى يُقَاتل آخِرهم الْمَسِيح الدَّجَّال وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن معاية بن قُرَّة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي منصورين لَا يضرهم من خذلهم حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج ابْن جرير والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي مُنَبّه الْخَولَانِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله وَفِي لفظ: لَا يزَال الله يغْرس فِي هَذَا الدّين غرساً يستعملهم فِي طَاعَته وَأخرج مُسلم عَن عقبَة بن عَامر قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تزَال عِصَابَة من أمتِي يُقَاتلُون على أَمر الله قاهرين لعدوّهم لَا يضرهم من خالفهم حَتَّى تأتيهم السَّاعَة وهم على ذَلِك وَأخرج مُسلم عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال أهل الْمغرب ظَاهِرين على الْحق حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله يبْعَث لهَذِهِ الْأمة على رَأس كل مائَة سنة من يجدد لَهَا دينهَا وَأخرج الْحَاكِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ فِي رَأس الْمِائَة منَّ الله على هَذِه الْأمة بعمر بن عبد الْعَزِيز وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل والخطيب من طَرِيق أبي بكر الْمروزِي قَالَ: قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: إِذا سُئِلت عَن مَسْأَلَة لَا أعرف فِيهَا خَبرا قلت فِيهَا بقول الشَّافِعِي لِأَنَّهُ ذكر فِي الْخَبَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يقيض فِي رَأس كل مائَة سنة من يعلم النَّاس السّنَن وينفي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَذِب فَنَظَرْنَا فِي رَأس الْمِائَة عمر بن عبد الْعَزِيز وَفِي رَأس الْمِائَتَيْنِ الشَّافِعِي وَأخرج النّحاس عَن سُفْيَان بن عَيْنِيَّة قَالَ: بَلغنِي أَنه يخرج فِي كل مائَة سنة بعد موت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل من الْعلمَاء يُقَوي الله عز وَجل بِهِ الدّين وَأَن يحيى بن آدم عِنْدِي مِنْهُم وَأخرج الْحَاكِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِي عَن أبي الْوَلِيد حسان بن مُحَمَّد الْفَقِيه قَالَ: سَمِعت شَيخا من أهل الْعلم يَقُول لأبي الْعَبَّاس بن سُرَيج: أبشر أَيهَا القَاضِي فَإِن الله من الْمُؤمنِينَ بعمر عبد الْعَزِيز على رَأس الْمِائَة فأظهر كل سنة وأمات كل بِدعَة وَمن الله على رَأس الْمِائَتَيْنِ بالشافعي حَتَّى أظهر السّنة وأخْفى الْبِدْعَة وَمن الله على رَأس الثلمثائة بك حَتَّى قويت كل سنة وضعفت كل بِدعَة

الله منَّ على الْمُؤمنِينَ بعمر بن عبد الْعَزِيز على رَأس الْمِائَة فأظهر كل سنة وأمات كل بِدعَة وَمن الله على رَأس الْمِائَتَيْنِ بالشافعي حَتَّى أظهر السّنة وأخفى الْبِدْعَة وَمن الله على رَأس الثلثمائة بك حَتَّى قويت كل سنة وضعفت كل بِدعَة 2

آيَة 253

253

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فضلنَا بَعضهم على بعض} قَالَ: اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وكلم الله مُوسَى تكليماً وَجعل عِيسَى كَمثل آدم خلقه من تُرَاب ثمَّ قَالَ لَهُ كن فَيكون وَهُوَ عبد الله وكلمته وروحه وَآتى دَاوُود زبوراً وَآتى سُلَيْمَان ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده وَغفر لمُحَمد مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مِنْهُم من كلم الله وَرفع بَعضهم دَرَجَات} قَالَ: كلم الله مُوسَى وَأرْسل مُحَمَّدًا إِلَى النَّاس كَافَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَامر هُوَ الشّعبِيّ {وَرفع بَعضهم دَرَجَات} قَالَ: مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أتعجبون الْخلَّة لإِبراهيم وَالْكَلَام لمُوسَى والرؤية لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن خَيْثَم قَالَ: لَا أفضل على نَبينَا أحدا وَلَا أفضل على إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن أحدا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَلَو شَاءَ الله مَا اقتتل الَّذين من بعدهمْ من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَينَات} يَقُول: من بعد مُوسَى وَعِيسَى

وَأخرج ابْن عَسَاكِر بسندٍ واهٍ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَمُعَاوِيَة إِذْ أقبل عَليّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمعاوية أَتُحِبُّ عليا قَالَ: نعم قَالَ: إِنَّهَا سَتَكُون بَيْنكُم هنيهة قَالَ: مُعَاوِيَة فَمَا بعد ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: عَفْو الله ورضوانه قَالَ رَضِينَا بِقَضَاء الله ورضوانه فَعِنْدَ ذَلِك نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَو شَاءَ الله مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِن الله يفعل مَا يُرِيد} آيَة 254

254

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من مَا رزقناكم} فِي الزَّكَاة والتطوّع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان قَالَ: يُقَال نسخت الزَّكَاة كل صَدَقَة فِي الْقُرْآن وَنسخ شهر رَمَضَان كل صَوْم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: قد علم الله أَن أُنَاسًا يتخالون فِي الدُّنْيَا ويشفع بَعضهم لبَعض فَأَما يَوْم الْقِيَامَة فَلَا خلة إِلَّا خلة الْمُتَّقِينَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن دِينَار قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي قَالَ {والكافرون هم الظَّالِمُونَ} وَلم يقل: والظالمون هم الْكَافِرُونَ وَالله أعلم آيَة 255

255

أخرج أَحْمد وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن الضريس وَالْحَاكِم والهروي فِي فضائله عَن أبي بن كَعْب إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَهُ أَي آيَة فِي كتاب الله أعظم قَالَ:

آيَة الْكُرْسِيّ {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} قَالَ لِيَهنك الْعلم أَبَا الْمُنْذر وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن لَهَا لِسَانا وشفتين تقدس الْملك عِنْد سَاق الْعَرْش وَأخرج النَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن أبي كَعْب: أَنه كَانَ لَهُ جرن فِيهِ تمر فَكَانَ يتعاهده فَوَجَدَهُ ينقص فحرسه ذَات لَيْلَة فَإِذا هُوَ بِدَابَّة شبه الْغُلَام المحتلم قَالَ: فَسلمت فَرد السَّلَام فَقلت: مَا أَنْت جني أم أنسي قَالَ: جني قلت: ناولني يدك فناولني فَإِذا يَدَاهُ يدا كلب وشعره شعر كلب فَقلت: هَكَذَا خلق الْجِنّ قَالَ: لقد علمت الْجِنّ أَن مَا فيهم من هُوَ أَشد مني قلت: مَا حملك على مَا صنعت قَالَ: بَلغنِي أَنَّك رجل تحب الصَّدَقَة فأحببنا أَن نصيب من طَعَامك فَقَالَ لَهُ أبي: فَمَا الَّذِي يجيرنا مِنْكُم قَالَ: هَذِه الْآيَة آيَة الْكُرْسِيّ الَّتِي فِي سُورَة الْبَقَرَة من قَالَهَا حَتَّى يُمْسِي أُجِيرَ مِنَّا حَتَّى يصبح وَمن قَالَهَا حِين يصبح أجِير منا حَتَّى يُمْسِي فَلَمَّا أصبح أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: صدق الْخَبيث وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن ابْن الْأَسْقَع الْبكْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَهُم فِي صفة الْمُهَاجِرين فَسَأَلَهُ إِنْسَان أَي آيَة فِي الْقُرْآن أعظم فَقَالَ النَّبِي {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم} حَتَّى انْقَضتْ الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَابْن الضريس والهروي فِي فضائله عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ رجلا من أَصْحَابه هَل تزوّجت قَالَ: لَا وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أَتزوّج بِهِ قَالَ: أَو لَيْسَ مَعَك {قل هُوَ الله أحد} الاخلاص الْآيَة 1 قَالَ: بلَى قَالَ: ربع الْقُرْآن أَلَيْسَ مَعَك {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} الْكَافِرُونَ الْآيَة 1 قَالَ: بلَى قَالَ: ربع الْقُرْآن أَلَيْسَ مَعَك {إِذا زلزلت} الزلزال الْآيَة 1 قَالَ: بلَى قَالَ: ربع الْقُرْآن أَلَيْسَ مَعَك {إِذا جَاءَ نصر الله} الْفَتْح الْآيَة 1 قَالَ: بلَى قَالَ: ربع الْقُرْآن أَلَيْسَ مَعَك آيَة الْكُرْسِيّ قَالَ: بلَى قَالَ: فَتزَوج

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة آيَة الْكُرْسِيّ حفظ إِلَى الصَّلَاة الْأُخْرَى وَلَا يحافظ عَلَيْهَا إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد وَأخرج الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي تَارِيخه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَدْرُونَ أَي الْقُرْآن أعظم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن الْحسن بن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة كَانَ فِي ذمَّة الله إِلَى الصَّلَاة الْأُخْرَى وَأخرج أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن شَمْعُون الْوَاعِظ فِي أَمَالِيهِ وَابْن النجار عَن عَائِشَة أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشَكا إِلَيْهِ أَن مَا فِي بَيته ممحوق من الْبركَة فَقَالَ: أَيْن أَنْت من آيَة الْكُرْسِيّ مَا تليت على طَعَام وَلَا على إدام إِلَّا أنمى الله بركَة ذَلِك الطَّعَام والإدام وَأخرج الدِّرَامِي عَن أَيفع بن عبد الله الكلَاعِي قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَي آيَة فِي كتاب الله أعظم قَالَ: آيَة الْكُرْسِيّ {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} قَالَ: فَأَي آيَة فِي كتاب الله تحب أَن تصيبك وَأمتك قَالَ: آخر سُورَة الْبَقَرَة فَإِنَّهَا من كنز الرَّحْمَة من تَحت عرش الله وَلم تتْرك خيرا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا اشْتَمَلت عَلَيْهِ وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة أعطَاهُ الله قُلُوب الشَّاكِرِينَ وأعمال الصديقين وثواب النَّبِيين وَبسط عَلَيْهِ يَمِينه بِالرَّحْمَةِ وَلم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إِلَّا أَن يَمُوت فيدخلها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق مُحَمَّد بن الضَّوْء بن الصلصال بن الدلهمس عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر كل صَلَاة لم يكن بَينه وَبَين أَن يدْخل الْجنَّة إِلَّا أَن يَمُوت فَإِن مَاتَ دخل الْجنَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن الضريس وَالطَّبَرَانِيّ والهروي فِي فضائله وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود أَن أعظم آيَة فِي كتاب الله {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم}

وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الضريس وَمُحَمّد بن نصر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا خلق الله من سَمَاء وَلَا أَرض وَلَا جنَّة وَلَا نَار أعظم من آيَة فِي سُورَة الْبَقَرَة {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الضريس وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا من سَمَاء وَلَا أَرض وَلَا سهل وَلَا جبل أعظم من آيَة الْكُرْسِيّ وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله والدارمي وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي دَلَائِل النبوّة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: خرج رجل من الإِنس فَلَقِيَهُ رجل من الْجِنّ فَقَالَ: هَل لَك أَن تصارعني فَإِن صرعتني علمتك آيَة إِذا قرأتها حِين تدخل بَيْتك لم يدْخلهُ شَيْطَان فصارعه فصرعه الإِنسي فَقَالَ: تقْرَأ آيَة الْكُرْسِيّ فَإِنَّهُ لَا يقْرؤهَا أحد إِذا دخل بَيته إِلَّا خرج الشَّيْطَان لَهُ خبج كخبج الْحمار فَقيل لِابْنِ مَسْعُود: أهوَ عمر قَالَ: من عَسى أَن يكون إِلَّا عمر الخبج: الضراط وَأخرج الْمحَامِلِي فِي فَوَائده عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله عَلمنِي شَيْئا يَنْفَعنِي الله بِهِ قَالَ اقْرَأ آيَة الْكُرْسِيّ فَإِنَّهُ يحفظك وذريتك ويحفظ دَارك حَتَّى الدويرات حول دَارك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والشيرازي فِي الألقاب والهروي فِي فضائله عَن ابْن عمر أَن عمر بن الْخطاب خرج ذَات يَوْم إِلَى النَّاس فَقَالَ: أَيّكُم يُخْبِرنِي بأعظم آيَة فِي الْقُرْآن وأعدلها وأخوفها وأرجاها فَسكت الْقَوْم فَقَالَ ابْن مَسْعُود: على الْخَبِير سَقَطت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أعظم آيَة فِي الْقُرْآن {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَأَعْدل آيَة فِي الْقُرْآن {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ والإِحسان} النَّحْل الْآيَة 90 إِلَى آخرهَا وأخوف آيَة فِي الْقُرْآن {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} الزلزلة الْآيَتَانِ 7 _ 8 وأرجى آيَة فِي الْقُرْآن {قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله} الزمر الْآيَة 53 وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ آخر سُورَة

الْبَقَرَة أَو آيَة الْكُرْسِيّ ضحك وَقَالَ: إنَّهُمَا من كنز الرَّحْمَن تَحت الْعَرْش وَإِذا قَرَأَ {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} النِّسَاء الْآيَة 123 اسْترْجع واستكان وَأخرج ابْن الضريس وَمُحَمّد بن نصر والهروي فِي فضائله عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا خلق الله من سَمَاء وَلَا أَرض وَلَا سهل وَلَا جبل أعظم من سُورَة الْبَقَرَة وَأعظم آيَة فِيهَا آيَة الْكُرْسِيّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه كَانَ إِذا دخل منزله قَرَأَ فِي زواياه آيَة الْكُرْسِيّ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: سيد آي الْقُرْآن {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر كل صَلَاة لم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إِلَّا الْمَوْت وَمن قَرَأَهَا حِين يَأْخُذ مضجعه أَمنه الله على دَاره وَدَار جَاره وَأهل دويرات حوله وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي شيبَة والدارمي وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الضريس عَن عَليّ قَالَ: مَا أرى رجلا ولد فِي الإِسلام أَو أدْرك عقله الإِسلام يبيت أبدا حَتَّى يقْرَأ هَذِه الْآيَة {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَلَو تعلمُونَ مَا هِيَ إِنَّمَا أعطيها نَبِيكُم من كنز تَحت الْعَرْش وَلم يُعْطهَا أحد قبل نَبِيكُم وَمَا بت لَيْلَة قطّ حَتَّى اقرأها ثَلَاث مَرَّات أقرؤها فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعشَاء الْآخِرَة وَفِي وتري وَحين آخذ مضجعي من فِرَاشِي وَأخرج أَبُو عبيد عَن عبد الله بن رَبَاح أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بن كَعْب: أَبَا الْمُنْذر أَي آيَة فِي الْقُرْآن أعظم قَالَ: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أَبَا الْمُنْذر أَي آيَة فِي كتاب الله أعظم قَالَ: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أَبَا الْمُنْذر أَي آيَة فِي كتاب الله عز وَجل أعظم قَالَ: الله وَرَسُوله أعلم فَقَالَ: {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} قَالَ: فَضرب صَدره وَقَالَ: لِيَهنك الْعلم أَبَا الْمُنْذر وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: جلس أَبُو ذَر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَيّمَا أنزل الله عَلَيْك أعظم قَالَ {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} حَتَّى تختم

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَمُحَمّد بن نصر الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن معَاذ بن جبل قَالَ: ضم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تمرالصدقة جعلته فِي غرفَة لي فَكنت أجد فِيهِ كل يَوْم نُقْصَانا فشكوت ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي: هُوَ عمل الشَّيْطَان فأرصده فرصدته لَيْلًا فَلَمَّا ذهب هوى من اللَّيْل أقبل على صُورَة الْفِيل فَلَمَّا انْتهى إِلَى الْبَاب دخل من خلل الْبَاب على غير صورته فَدَنَا من التَّمْر فَجعل يلتقمه فشددت على ثِيَابِي فتوسطته فَقلت: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله يَا عَدو الله وَثَبت إِلَى تمر الصَّدَقَة فَأَخَذته وَكَانُوا أَحَق بِهِ مِنْك لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيفضحك - فعاهدني أَن لَا يعود فَغَدَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا فعل أسيرك فَقلت: عاهدني أَن لَا يعود فَقَالَ: إِنَّه عَائِد فأرصده فرصدته اللَّيْلَة الثَّانِيَة فَصنعَ مثل ذَلِك وصنعت مثل ذَلِك فعاهدني أَن لَا يعود فخليت سَبيله ثمَّ غَدَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: إِنَّه عَائِد فأرصده فَرَصَدْتُهُ اللَّيْلَة الثَّالِثَة فَصنعَ مثل ذَلِك وصنعت مثل ذَلِك فَقلت: يَا عَدو الله عاهدتني مرَّتَيْنِ وَهَذِه الثَّالِثَة فَقَالَ: إِنِّي ذُو عِيَال وَمَا أَتَيْتُك إِلَّا من نَصِيبين وَلَو أصبت شَيْئا دونه مَا أَتَيْتُك وَلَقَد كُنَّا فِي مدينتكم هَذِه حَتَّى بعث صَاحبكُم فَلَمَّا نزلت عَلَيْهِ آيتان انفرتنا مِنْهَا فوقعنا بنصيبين وَلَا تقرآن فِي بَيت إِلَّا لم يلج فِيهِ الشَّيْطَان ثَلَاثًا فَإِن خليت سبيلي علمتكهما قلت: نعم قَالَ: آيَة الْكُرْسِيّ وَآخر سُورَة الْبَقَرَة {آمن الرَّسُول} الْبَقَرَة الْآيَة 285 إِلَى آخرهَا فخليت سَبيله ثمَّ غَدَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ فَقَالَ: صدق الْخَبيث وَهُوَ كذوب قَالَ: فَكنت أقرؤهما بعد ذَلِك فَلَا أجد فِيهِ نُقْصَانا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} يُرِيد الَّذِي لَيْسَ مَعَه شريك فَكل معبود من دونه فَهُوَ خلق من خلق لَا يضرون وَلَا ينفعون وَلَا يملكُونَ رزقا وَلَا حَيَاة وَلَا نشوراً {الْحَيّ} يُرِيد الَّذِي لَا يَمُوت {القيوم} الَّذِي لَا يبْلى {لَا تَأْخُذهُ سنة} يُرِيد النعاس {وَلَا نوم} {من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ} يُرِيد الْمَلَائِكَة مثل قَوْله {وَلَا يشفعون إِلَّا لمن ارتضى} الْأَنْبِيَاء الْآيَة 28 {يعلم مَا بَين أَيْديهم}

يُرِيد من السَّمَاء إِلَى الأَرْض {وَمَا خَلفهم} يُرِيد مَا فِي السَّمَوَات {وَلَا يحيطون بِشَيْء من علمه إِلَّا بِمَا شَاءَ} يُرِيد مِمَّا أطلعهم على علمه {وسع كرسيه السَّمَاوَات وَالْأَرْض} يُرِيد هُوَ أعظم من السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع {وَلَا يؤوده حفظهما} يُرِيد وَلَا يفوتهُ شَيْء مِمَّا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض {وَهُوَ الْعلي الْعَظِيم} يُرِيد لَا أَعلَى مِنْهُ وَلَا أعظم وَلَا أعز وَلَا أجل وَلَا أكْرم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي رحزة يزِيد بن عبيد السَّاعِي قَالَ: لما قفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَزْوَة تَبُوك أَتَاهُ وَفد من بني فَزَارَة فَقَالُوا: يَا رَسُول الله ادْع رَبك أَن يغيثنا وَاشْفَعْ لنا إِلَى رَبك وليشفع رَبك إِلَيْك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَيلك هَذَا أَنا شفعت إِلَى رَبِّي فَمن ذَا الَّذِي يشفع رَبنَا إِلَيْهِ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْعَظِيم وسع كرسيه السَّمَوَات وَالْأَرْض فَهِيَ تئط من عَظمته وجلاله كَمَا يئط الرجل الْحَدِيد وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي أسيد السَّاعِدِيّ أَنه قطع تمر حَائِطه فَجعله فِي غرفَة فَكَانَت الغول تخَالفه إِلَى مشْربَته فتسرق تمره وتفسده عَلَيْهِ فَشَكا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: تِلْكَ الغول يَا أَبَا أسيد فاستمع عَلَيْهَا فَإِذا سَمِعت اقتحامها قل: بِسم الله أجيبي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت الغول: يَا أَبَا أسيد اعفني أَن تكلفني أَن أذهب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأُعْطِيك موثقًا من الله أَن لَا أخالفك إِلَى بَيْتك وَلَا أسرق تمرك وأدلك على آيَة تقرؤها على بَيْتك فَلَا تخَالف إِلَى أهلك وتقرؤها على إنائك فَلَا يكْشف غطاؤه فَأَعْطَتْهُ الموثق الَّذِي رَضِي بِهِ مِنْهَا فَقَالَت: الْآيَة الَّتِي أدلك عَلَيْهَا هِيَ آيَة الْكُرْسِيّ فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقص عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ: صدقت وَهِي كذوب وَأخرج النَّسَائِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي مُسْنده وَابْن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة لم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إِلَّا أَن يَمُوت وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الدُّعَاء وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والهروي فِي فضائله وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي أُمَامَة يرفعهُ قَالَ: اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب فِي ثَلَاث سور: سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان وطه قَالَ أَبُو أُمَامَة: فالتمستها فَوجدت فِي الْبَقَرَة فِي آيَة الْكُرْسِيّ {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَفِي آل

عمرَان (الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم) (آل عمرَان الْآيَة 2) وَفِي طه (وعنت الْوُجُوه للحي القيوم) (طه الْآيَة 111) وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نازلاً على أبي أَيُّوب فِي غرفَة وَكَانَ طَعَامه فِي سلة فِي المخدع فَكَانَت تَجِيء من الكوّة كَهَيئَةِ السنور تَأْخُذ الطَّعَام من السلَّة فَشَكا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: تِلْكَ الغول فَإِذا جَاءَت فَقل: عزم عَلَيْك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا تبرحي فَجَاءَت فَقَالَ لَهَا أَبُو أَيُّوب:: عزم عَلَيْك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا تبرحي فَقَالَت: يَا أَبَا أَيُّوب دَعْنِي هَذِه الْمرة فوَاللَّه لَا أَعُود فَتَركهَا ثمَّ قَالَت: هَل لَك أَن أعلمك كَلِمَات إِذا قلتهن لَا يقرب بَيْتك شَيْطَان تِلْكَ اللَّيْلَة وَذَلِكَ الْيَوْم وَمن الْغَد قَالَ: نعم قَالَت: اقْرَأ آيَة الْكُرْسِيّ فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: صدقت وَهِي كذوب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي مَكَائِد الشَّيْطَان وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي أَيُّوب أَنه كَانَ فِي سهوة لَهُ فَكَانَت الغول تَجِيء فتأخذ فشكاها إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِذا رَأَيْتهَا فَقل: بِسم الله أجيبي رَسُول الله فَجَاءَت فَقَالَ لَهَا فَأَخذهَا فَقَالَت: إِنِّي لَا أَعُود فأرسلها فجَاء إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: مَا فعل أسيرك قَالَ: أَخَذتهَا فَقَالَت: إِنِّي لَا أَعُود فأرسلتها فَقَالَ: إِنَّهَا عَائِدَة فَأَخذهَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا كل ذَلِك تَقول: لَا أَعُود وَيَجِيء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول: مَا فعل أسيرك فَيَقُول: أَخَذتهَا فَتَقول: لَا أَعُود فَقَالَ: إِنَّهَا عَائِدَة فَأَخذهَا فَقَالَت: أَرْسلنِي وأعلمك شَيْئا تَقوله فَلَا يقربك شَيْء آيَة الْكُرْسِيّ فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: صدقت وَهِي كذوب وَأخرج أَحْمد وَابْن الضريس وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي ذَر قَالَ قلت يَا رَسُول الله: أَيّمَا أنزل عَلَيْك أعظم قَالَ: آيَة الْكُرْسِيّ {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَأخرج ابْن السّني عَن أبي قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة عِنْد الكرب أغاثه الله

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ مَرْفُوعا أوحى الله إِلَى مُوسَى بن عمرَان: أَن اقْرَأ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة فَإِنَّهُ من يَقْرَأها فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة أجعَل لَهُ قلب الشَّاكِرِينَ ولسان الذَّاكِرِينَ وثواب النَّبِيين وأعمال الصديقين وَلَا يواظب على ذَلِك إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو عبد امتحنت قلبه بالإِيمان أَو أُرِيد قَتله فِي سَبِيل الله قَالَ ابْن كثير: مُنكر جدا وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أَيّمَا أنزل عَلَيْك أعظم قَالَ: {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} آيَة الْكُرْسِيّ وَأخرج ابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة من طَرِيق عَليّ بن الْحُسَيْن عَن أَبِيه عَن أمه فَاطِمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما دنا ولادها أَمر أم سَلمَة وَزَيْنَب بنت جحش أَن يأتيا فَاطِمَة فَيقْرَأ عِنْدهَا آيَة الْكُرْسِيّ و {إِن ربكُم الله} الْأَعْرَاف الْآيَة 54 إِلَى آخر الْآيَة ويعوّذاها بالمعوّذتين وَأخرج الديلمي عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: مَا أرى رجلا أدْرك عقله فِي الإِسلام يبيت حَتَّى يقْرَأ هَذِه الْآيَة {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَلَو تعلمُونَ مَا فِيهَا لما تَرَكْتُمُوهَا على حَال أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَعْطَيْت آيَة الْكُرْسِيّ من كنز تَحت الْعَرْش وَلم يؤتها نَبِي قبلي قَالَ عَليّ: فَمَا بت لَيْلَة قطّ مُنْذُ سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أقرأها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: كَانَ لي تمر فِي سهوة لي فَجعلت أرَاهُ ينقص مِنْهُ فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنَّك ستجد فِيهِ غَدا هرة فَقل: أجيبي رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَانَ الْغَد وجدت فِيهِ هرة فَقلت: أجيبي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتحوّلت عجوزاً وَقَالَت: أذكرك الله لما تَرَكتنِي فَأَنِّي غير عَائِدَة فتركتها فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا فعل الرجل فَأَخْبَرته بخبرها فَقَالَ: كذبت وَهِي عَائِدَة فَقل لَهَا: أجيبي رَسُول الله فتحوّلت عجوزاً وَقَالَت: أذكرك الله يَا أَبَا أَيُّوب لما تَرَكتنِي هَذِه الْمرة فَإِنِّي غير عَائِدَة فتركتها ثمَّ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كَمَا قَالَ لي فعلت ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَقَالَت لي فِي الثَّالِثَة: أذكرك الله يَا أَبَا أَيُّوب حَتَّى أعلمك شَيْئا لَا يسمعهُ شَيْطَان فَيدْخل ذَلِك الْبَيْت فَقلت: مَا هُوَ فَقَالَت:

آيَة الْكُرْسِيّ لَا يسْمعهَا شَيْطَان إِلَّا ذهب فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: صدقت وَإِن كَانَت كذوباً وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: أصبت جنية فَقَالَت لي: دَعْنِي وَلَك عَليّ أَن أعلمك شَيْئا إِذا قلته لم يَضرك منا أحد قلت: مَا هُوَ قَالَ: آيَة الْكُرْسِيّ {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: صدقت وَهِي كذوب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أَيُّوب قَالَ كنت مؤذى فِي الْبَيْت فشكوت ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت روزنة فِي الْبَيْت لنا فَقَالَ: أرصده فَإِذا أَنْت عَايَنت شَيْئا فَقل: أجيبي يَدْعُوك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرصدت فَإِذا شَيْء قد تدلى من روزنة فَوَثَبت إِلَيْهِ وَقلت: اخْسَأْ يَدْعُوك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخَذته فتضرع إِلَيّ وَقَالَ لي: لَا أَعُود فأرسلته فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا فعل أسيرك فَأَخْبَرته بِالَّذِي كَانَ فَقَالَ: أما إِنَّه سيعود فَفعلت ذَلِك ثَلَاث مَرَّات كل ذَلِك آخذه وَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالَّذِي كَانَ فَلَمَّا كَانَت الثَّالِثَة أَخَذته قلت: مَا أَنْت بمفارقي حَتَّى آتِي بك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فناشدني وتضرع إليّ وَقَالَ: أعلمك شَيْئا إِذا قلته من ليلتك لم يقربك جَان وَلَا لص تقْرَأ آيَة الْكُرْسِيّ فأرسلته ثمَّ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا فعل أسيرك قلت: يَا رَسُول الله ناشدني وتضرع إِلَيّ حَتَّى رَحمته وَعَلمنِي شَيْئا أقوله إِذا قلته لم يقربنِي جن وَلَا لص قَالَ: صدق وَإِن كَانَ كذوباً وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الضريس وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ وكلني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحِفْظ زَكَاة رَمَضَان فَأَتَانِي آتٍ فَجعل يحثو من الطَّعَام فَأَخَذته وَقلت: لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاج وَعلي عِيَال ولي حَاجَة شَدِيدَة فخليت عَنهُ فَأَصْبَحت فَقَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا هُرَيْرَة مَا فعل أسيرك البارحة قلت: يَا رَسُول الله شكا حَاجَة شَدِيدَة وعيالاً فرحمته وخليت سَبيله قَالَ: أما إِنَّه قد كَذبك وَسَيَعُودُ فَعرفت أَنه سيعود فرصدته فجَاء يحثو من الطَّعَام فَأَخَذته فَقلت: لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاج وَعلي عِيَال لَا أَعُود فرحمته وخليت سَبيله فَأَصْبَحت فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا فعل أسيرك قلت: يَا رَسُول الله شكا حَاجَة وعيالاً فرحمته وخليت سَبيله فَقَالَ: أما إِنَّه قد كَذبك وَسَيَعُودُ فرصدته الثَّالِثَة فجَاء

يحثو من الطَّعَام فَأَخَذته وَقلت: لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا آخر ثَلَاث مَرَّات تزْعم أَنَّك لَا تعود ثمَّ تعود فَقَالَ: دَعْنِي أعلمك كَلِمَات ينفعك الله بهَا قلت: مَا هِيَ قَالَ: إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} حَتَّى تختم الْآيَة فَإنَّك لَا يزَال عَلَيْك من الله حَافظ وَلَا يقربك شَيْطَان حَتَّى تصبح فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما إِنَّه صدقك وَهُوَ كذوب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن بُرَيْدَة قَالَ: كَانَ لي طَعَام فتبينت فِيهِ النُّقْصَان فَكَمَنْت فِي اللَّيْل فَإِذا غول قد سَقَطت عَلَيْهِ فقبضت عَلَيْهَا فَقلت: لَا أُفَارِقك حَتَّى أذهب بك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِنِّي امْرَأَة كَثِيرَة الْعِيَال لَا أَعُود فَجَاءَت الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة فأخذتها فَقَالَت: ذَرْنِي حَتَّى أعلمك شَيْئا إِذا قلته لم يقرب متاعك أحد منا إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ على نَفسك وَمَالك آيَة الْكُرْسِيّ فَأخْبرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ صدقت وَهِي كذوب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سُورَة الْبَقَرَة فِيهَا آيَة سيدة آي الْقُرْآن لَا تقْرَأ فِي بَيت فِيهِ شَيْطَان إِلَّا خرج مِنْهُ آيَة الْكُرْسِيّ وَأخرج الدِّرَامِي وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ (حم الْمُؤمن) إِلَى (إِلَيْهِ الْمصير) وَآيَة الْكُرْسِيّ حِين يصبح حُفِظَ بهما حَتَّى يُمْسِي وَمن قرأهما حِين يُمْسِي حُفِظَ بهما حَتَّى يصبح وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الضريس عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَعْطَيْت آيَة الْكُرْسِيّ من تَحت الْعَرْش وأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مَكَائِد الشَّيْطَان والدينوري فِي المجالسة عَن الْحسن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن جِبْرِيل أَتَانِي فَقَالَ: إِن عفريتاً من الْجِنّ يكيدك فَإِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مَكَائِد الشَّيْطَان وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: خرج زيد بن ثَابت لَيْلًا إِلَى حَائِط لَهُ فَسمع فِيهِ جلبة فَقَالَ: مَا هَذَا قَالَ: رجل من الجان أصابتنا السّنة فَأَرَدْت أَن أُصِيب من ثمارهم فطيبوه لنا قَالَ: نعم ثمَّ قَالَ زيد بن ثَابت: أَلا تخبرنا بِالَّذِي يعيذنا مِنْكُم قَالَ: آيَة الْكُرْسِيّ

وَأخرج أَبُو عبيد عَن سَلمَة بن قيس وَكَانَ أول أَمِير كَانَ على إيلياء قَالَ: مَا أنزل الله فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الإِنجيل وَلَا فِي الزبُور أعظم من {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَأخرج ابْن الضريس عَن الْحسن أَن رجلا مَاتَ أَخُوهُ فَرَآهُ فِي الْمَنَام فَقَالَ: أخي أَي الْأَعْمَال تَجِدُونَ أفضل قَالَ: الْقُرْآن قَالَ: فَأَي الْقُرْآن قَالَ: آيَة الْكُرْسِيّ {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} ثمَّ قَالَ: ترجون لنا شَيْئا قَالَ: نعم قَالَ: إِنَّكُم تَعْمَلُونَ وَلَا تعلمُونَ وَإِنَّا نعلم وَلَا نعمل وَأخرج ابْن الضريس عَن قَتَادَة قَالَ: من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه وكل بِهِ ملكَيْنِ يحفظانه حَتَّى يصبح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس أَن بني إِسْرَائِيل قَالُوا: يَا مُوسَى هَل ينَام رَبك قَالَ: اتَّقوا لله فناداه ربه: يَا مُوسَى سألوك هَل ينَام رَبك فَخذ زجاجتين فِي يَديك فَقُمْ اللَّيْل فَفعل مُوسَى فلمّا ذهب من اللَّيْل ثلث نعس فَوَقع لِرُكْبَتَيْهِ ثمَّ انْتَعش فضبطهما حَتَّى إِذا كَانَ آخر اللَّيْل نعس فَسَقَطت الزجاجتان فَانْكَسَرَتَا فَقَالَ: يَا مُوسَى لَو كنت أَنَام لسقطت السَّمَوَات وَالْأَرْض فهلكن كَمَا هَلَكت الزجاجتان فِي يَديك وَأنزل الله على نبيه آيَة الْكُرْسِيّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {الْحَيّ} قَالَ: حَيّ لَا يَمُوت {القيوم} قيم على كل شَيْء يكلؤه وَيَرْزقهُ ويحفظه وَأخرج آدم ابْن أبي أياس وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {القيوم} قَالَ: الْقَائِم على كل شَيْء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحسن قَالَ {القيوم} الَّذِي لَا زَوَال لَهُ وأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن قَتَادَة قَالَ {الْحَيّ} الَّذِي لَا يَمُوت و {القيوم} الْقَائِم الَّذِي لَا بديل لَهُ

وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {القيوم} قَالَ: الْقَائِم على كل شَيْء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحسن قَالَ {القيوم} الَّذِي لَا زَوَال لَهُ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن قَتَادَة قَالَ {الْحَيّ} الَّذِي لَا يَمُوت و {القيوم} الْقَائِم الَّذِي لَا بديل لَهُ وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم} قَالَ: السّنة النعاس وَالنَّوْم هُوَ النّوم وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْوَقْف والابتداء والطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {لَا تَأْخُذهُ سنة} قَالَ: السّنة الْوَسْنَان الَّذِي هُوَ نَائِم وَلَيْسَ بنائم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت زُهَيْر بن أبي سلمى وَهُوَ يَقُول: وَلَا سنة طوال الدَّهْر تَأْخُذهُ وَلَا ينَام وَمَا فِي أمره فند وأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: السّنة النعاس وَالنَّوْم الاستثقال وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ قَالَ: السّنة ريح النّوم الَّذِي يَأْخُذ فِي الْوَجْه فينعس الإِنسان وأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة {لَا تَأْخُذهُ سنة} قَالَ: لَا يفتر وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده} قَالَ: من يتَكَلَّم عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يعلم مَا بَين أَيْديهم} قَالَ: مَا مضى من الدُّنْيَا {وَمَا خَلفهم} من الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {يعلم مَا بَين أَيْديهم} مَا قدمُوا من أَعْمَالهم {وَمَا خَلفهم} مَا أضاعوا من أَعْمَالهم وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {وَلَا يحيطون بِشَيْء من علمه} يَقُول: لَا يعلمُونَ بِشَيْء من علمه {إِلَّا بِمَا شَاءَ} هُوَ أَن يعلمهُمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس {وسع كرسيه السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: كرسيه علمه أَلا ترى إِلَى قَوْله {وَلَا يؤوده حفظهما} وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله {وسع كرسيه السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ كرسيه مَوضِع قدمه وَالْعرش لَا يقدّرُ قدره

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ والخطيب وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكُرْسِيّ مَوضِع الْقَدَمَيْنِ وَالْعرش لَا يقدر أحد قدره وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: الْكُرْسِيّ مَوضِع الْقَدَمَيْنِ وَله أطيط كأطيط الرحل قلت: هَذَا على سَبِيل الِاسْتِعَارَة - تَعَالَى الله عَن التَّشْبِيه - ويُوضحهُ مَا أخرجه ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كرسيه الَّذِي يوضع تَحت الْعَرْش الَّذِي تجْعَل الْمُلُوك عَلَيْهِ أَقْدَامهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو أَن السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع بسطن ثمَّ وصلن بَعضهنَّ إِلَى بعض مَا كن فِي سعته - يَعْنِي الْكُرْسِيّ - إِلَّا بِمَنْزِلَة الْحلقَة فِي الْمَفَازَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي ذَر أَنه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكُرْسِيّ فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر مَا السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع عِنْد الْكُرْسِيّ إِلَّا كحلقة ملقاة بِأَرْض فلاة وَأَن فضل الْعَرْش على الْكُرْسِيّ كفضل الفلاة على تِلْكَ الْحلقَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة والزار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن عمر أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: ادْع الله أَن يدخلني الْجنَّة فَعظم الرب تبَارك وَتَعَالَى وَقَالَ: إِن كرسيه وسع السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِن لَهُ أطيطا كأطيط الرحل الْجَدِيد إِذا ركب من ثقله مَا يفضل مِنْهُ أَربع أَصَابِع وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية بِسَنَد واه عَن عَليّ مَرْفُوعا الْكُرْسِيّ لُؤْلُؤ والقلم لُؤْلُؤ وَطول الْقَلَم سَبْعمِائة سنة وَطول الْكُرْسِيّ حَيْثُ لَا يُعلمهُ الْعَالمُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك قَالَ: الْكُرْسِيّ تَحت الْعَرْش وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: الْكُرْسِيّ بالعرش ملتصق وَالْمَاء كُله فِي جَوف الْكُرْسِيّ

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: الشَّمْس جُزْء من سبعين جُزْءا من نور الْكُرْسِيّ والكرسي جُزْء من سبعين جُزْءا من نور الْعَرْش وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: مَا السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي الْكُرْسِيّ إِلَّا كحلقة بِأَرْض فلاة وَمَا مَوضِع كرسيه من الْعَرْش إِلَّا مثل حَلقَة فِي أَرض فلاة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: إِن السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي جَوف الْكُرْسِيّ والكرسي بَين يَدي الْعَرْش وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله مَا الْمقَام الْمَحْمُود قَالَ: ذَلِك يَوْم ينزل الله على كرسيه يئط مِنْهُ كَمَا يئط الرحل الْجَدِيد من تضايقه وَهُوَ كسعة مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَ الْحسن يَقُول: الْكُرْسِيّ هُوَ الْعَرْش وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة الهمذاني عَن ابْن مَسْعُود وناس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} الْآيَة قَالَ: أما قَوْله {القيوم} فَهُوَ الْقَائِم وَأما السّنة فَهِيَ ريح النّوم الَّتِي تَأْخُذ فِي الْوَجْه فينعس الإِنسان وَأما {مَا بَين أَيْديهم} فالدنيا {وَمَا خَلفهم} الْآخِرَة وَأما {وَلَا يحيطون بِشَيْء من علمه} يَقُول: لَا يعلمُونَ شَيْئا من علمه إِلَّا بِمَا شَاءَ هُوَ يعلمهُمْ وَأما {وسع كرسيه السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَإِن السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي جَوف الْكُرْسِيّ والكرسي بَين يَدي الْعَرْش وَهُوَ مَوضِع قَدَمَيْهِ وَأما {لَا يؤده} فَلَا يثقل عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وسع كرسيه السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: إِن الصَّخْرَة الَّتِي تَحت الأَرْض السَّابِعَة ومنتهى الْخلق على أرجائها عَلَيْهَا أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة لكل وَاحِد مِنْهُم أَرْبَعَة وُجُوه: وَجه إِنْسَان وَوجه أَسد وَوجه ثو وَوجه نسر فهم قيام عَلَيْهَا قد أحاطوا بالأرضين وَالسَّمَوَات ورؤوسهم تَحت الْكُرْسِيّ والكرسي تَحت الْعَرْش وَالله وَاضع كرسيه على الْعَرْش قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا إِشَارَة إِلَى كرسيين أَحدهمَا تَحت الْعَرْش وَالْآخر مَوْضُوع على الْعَرْش

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا يؤوده حفظهما} يَقُول: لَا يثقل عَلَيْهِ وَأخرج الطسي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {وَلَا يؤوده حفظهما} قَالَ: لَا يثقله قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: يعْطى المئين وَلَا يؤده حملهَا مَحْض الضرائب ماجد الْأَخْلَاق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا يؤوده} قَالَ: لَا يكرثه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {الْعَظِيم} الَّذِي قد كمل فِي عَظمته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} يُرِيد الَّذِي لَيْسَ مَعَه شريك فَكل معبود من دونه فَهُوَ خلق من خلقه لَا يضرون وَلَا ينفعون وَلَا يملكُونَ رزقا وَلَا حَيَاة وَلَا نشوراً {الْحَيّ} يُرِيد الَّذِي لَا يَمُوت {القيوم} الَّذِي لَا يبْلى {لَا تَأْخُذهُ سنة} يُرِيد النعاس {وَلَا نوم} {من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده إِلَّا بِإِذْنِهِ} يُرِيد الْمَلَائِكَة مثل قَوْله (وَلَا يشفعون إِلَّا لمن ارتضى) {يعلم مَا بَين أَيْديهم} يُرِيد من السَّمَاء إِلَى الأَرْض {وَمَا خَلفهم} يُرِيد مَا فِي السَّمَوَات {وَلَا يحيطون بِشَيْء من علمه إِلَّا بِمَا شَاءَ} يُرِيد مِمَّا أطلعهم على علمه {وسع كرسيه السَّمَاوَات وَالْأَرْض} يُرِيد هُوَ أعظم من السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع {وَلَا يؤوده حفظهما} يُرِيد لَا يفوتهُ شَيْء مِمَّا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض {وَهُوَ الْعلي الْعَظِيم} يُرِيد لَا أَعلَى مِنْهُ وَلَا أعز وَلَا أجل وَلَا أكْرم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي وجزة يزِيد بن عبيد السّلمِيّ قَالَ لما قفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَزْوَة تَبُوك أَتَاهُ وَفد من بني فَزَارَة فَقَالُوا: يَا رَسُول الله ادْع رَبك أَن يغيثنا وَاشْفَعْ لنا إِلَى رَبك وليشفع رَبك إِلَيْك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَيلك هَذَا أَنا شفعت إِلَى رَبِّي فَمن ذَا الَّذِي يشفع رَبنَا إِلَيْهِ لَا إِلَه إِلَّا الله الْعَظِيم وسع كرسيه السَّمَوَات وَالْأَرْض فَهِيَ تئط من عَظمته وجلاله كَمَا يئط الرحل الْجَدِيد آيَة 256

256

أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن مَنْدَه فِي غرائب شُعْبَة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة من الْأَنْصَار تكون مقلاة لَا يكَاد يعِيش لَهَا ولد فتجعل على نَفسهَا إِن عَاشَ لَهَا ولد أَن تهوّده فَلَمَّا أجليت بَنو النَّضِير كَانَ فيهم من أَبنَاء الْأَنْصَار فَقَالُوا لَا نَدع أبناءنا فَأنْزل الله {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} قَالَ: نزلت فِي الْأَنْصَار خَاصَّة قلت: خَاصَّة كَانَت الْمَرْأَة مِنْهُم إِذا كَانَت نزورة أَو مقلاة تنذر: لَئِن ولدت ولدا لتجعلنه فِي الْيَهُود تلتمس بذلك طول بَقَاءَهُ فجَاء الإِسلام وَفِيهِمْ مِنْهُم فَلَمَّا أجليت النَّضِير قَالَت الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله أَبْنَاؤُنَا وإخواننا فيهم فَسكت عَنْهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد خير أصحابكم فَإِن اختاروكم فهم مِنْكُم وَإِن اختاروهم فهم مِنْهُم فأجلوهم مَعَهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة من الْأَنْصَار تكون مقلاة لَا يعِيش لَهَا ولد فتنذر إِن عَاشَ وَلَدهَا أَن تَجْعَلهُ مَعَ أهل الْكتاب على دينهم فجَاء الإِسلام وَطَوَائِف من أَبنَاء الْأَنْصَار على دينهم فَقَالُوا: إِنَّمَا جعلناهم على دينهم وَنحن نرى أَن دينهم أفضل من ديننَا وَأَن الله جَاءَ بالإِسلام فلنكرهنهم فَنزلت {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} فَكَانَ فصل مَا بَينهم إجلاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني النَّضِير فلحق بهم من لم يسلم وَبَقِي من أسلم وَأخرج سعيد بن منمصور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ نَاس من الْأَنْصَار مسترضعين فِي بني قُرَيْظَة فثبتوا على دينهم فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام أَرَادَ أهلوهم أَن يكرهوهم على الإِسلام فَنزلت {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن مُجَاهِد قَالَ كَانَت النضيرأرضعت رجَالًا من الْأَوْس فَلَمَّا أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإجلائهم قَالَ أبناؤهم من الْأَوْس: لَنَذْهَبَنَّ مَعَهم ولندينن دينهم فَمَنعهُمْ أهلوهم وأكرهوهم على الإِسلام ففيهم نزلت هَذِه الْآيَة {لَا إِكْرَاه فِي الدّين}

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَن نَاسا من الْأَنْصَار كَانُوا مسترضعين فِي بني النَّضِير فَلَمَّا أجلوا أَرَادَ أهلوهم أَن يلحقوهم بدينهم فَنزلت {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} قَالَ: نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار من بني سَالم بن عَوْف يُقَال لَهُ الْحصين كَانَ لَهُ ابْنَانِ نصرانيان وَكَانَ هُوَ رجلا مُسلما فَقَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أستكرههما فَإِنَّهُمَا قد أَبَيَا إِلَّا النَّصْرَانِيَّة فَأنْزل الله فِيهِ ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن عُبَيْدَة أَن رجلا من الْأَنْصَار من بني سَالم بن عَوْف كَانَ لَهُ ابْنَانِ تنصرا قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقدما الْمَدِينَة فِي نفر من أهل دينهم يحملون الطَّعَام فرآهما أَبوهُمَا فانتزعهما وَقَالَ: وَالله لَا أدعهما حَتَّى يسلما فأبيا أَن يسلما فاختصموا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَيَدْخُلُ بَعْضِي النَّار وَأَنا أنظر فَأنْزل الله {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} الْآيَة فخلى سبيلهما وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي قَوْله {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} قَالَ: نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو الْحصين كَانَ لَهُ ابْنَانِ فَقدم تجار من الشَّام إِلَى الْمَدِينَة يحملون الزَّيْت فَلَمَّا باعوا وَأَرَادُوا أَن يرجِعوا أَتَاهُم ابْنا أبي الْحصين فدعوهما إِلَى النَّصْرَانِيَّة فَتَنَصَّرَا فَرَجَعَا إِلَى الشَّام مَعَهم فَأتى أَبوهُمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن ابْني تنصرا وخرجا فاطلبهما فَقَالَ {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} وَلم يُؤمر يَوْمئِذٍ بِقِتَال أهل الْكتاب وَقَالَ: أبعدهُمَا الله هما أول من كفر فَوجدَ أَبُو الْحصين فِي نَفسه على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين لم يبْعَث فِي طلبهما فَنزلت (فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شجر بَينهم ) (النِّسَاء الْآيَة 65) الْآيَة ثمَّ نسخ بعد ذَلِك {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} وَأمر بِقِتَال أهل الْكتاب فِي سُورَة بَرَاءَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {لَا إِكْرَاه فِي الدّين قد تبين الرشد من الغي} قَالَ: وَذَلِكَ لما دخل النَّاس فِي الإِسلام وَأعْطى أهل الْكتاب الْجِزْيَة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ:

كَانَت الْعَرَب لَيْسَ لَهَا دين فاكرهوا على الدّين بِالسَّيْفِ قَالَ: وَلَا يكره الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى وَالْمَجُوس إِذا أعْطوا الْجِزْيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن فِي قَوْله {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} قَالَ: لَا يكره أهل الْكتاب على الإِسلام وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن وسق الرُّومِي قَالَ: كنت مَمْلُوكا لعمر بن الْخطاب فَكَانَ يَقُول لي: أسلم فَإنَّك لَو أسلمت استعنت بك على أَمَانَة الْمُسلمين فَإِنِّي لَا أستعين على أمانتهم بِمن لَيْسَ مِنْهُم فأبيت عَلَيْهِ فَقَالَ لي: {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} وَأخرج النّحاس عَن أسلم سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول لعجوز نَصْرَانِيَّة: أسلمي تسلمي فَأَبت فَقَالَ عمر: اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثمَّ تَلا {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى فِي قَوْله {لَا إِكْرَاه فِي الدّين} قَالَ: نسختها (جَاهد الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ) (التَّوْبَة الْآيَة 73) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن حميد الْأَعْرَج أَنه كَانَ يقْرَأ {قد تبين الرشد} وَكَانَ يَقُول: قراءتي على قِرَاءَة مُجَاهِد وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب قَالَ {الطاغوت} الشَّيْطَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن عبد الله أَنه سُئِلَ عَن الطواغيت قَالَ: هم كهان تنزل عَلَيْهِم الشَّيَاطِين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ {الطاغوت} الكاهن وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ {الطاغوت} السَّاحر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ {الطاغوت} الشَّيْطَان فِي صُورَة الإِنسان يتحاكمون إِلَيْهِ وَهُوَ صَاحب أَمرهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن أنس قَالَ {الطاغوت} مَا يعبد من دون الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فقد استمسك بالعروة الوثقى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس بن مَالك فِي قَوْله {فقد استمسك بالعروة الوثقى} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج سُفْيَان وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بالعروة الوثقى} قَالَ: الإِيمان وَلَفظ سُفْيَان قَالَ: كلمة الإِخلاص وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عبد الله بن سَلام قَالَ رَأَيْت رُؤْيا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت كَأَنِّي فِي رَوْضَة خضراء وَسطهَا عَمُود حَدِيد أَسْفَله فِي الأَرْض وَأَعلاهُ فِي السَّمَاء فِي أَعْلَاهُ عُرْوَة فَقيل لي: اصْعَدْ عَلَيْهِ فَصَعدت حَتَّى أخذت بالعروة فَقَالَ: استمسك بالعروة فَاسْتَيْقَظت وَهِي فِي يَدي فقصصتها على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أما الرَّوْضَة فروضة الإِسلام وَأما العمود فعمود الإِسلام وَأما العروة فَهِيَ العروة الوثقى أَنْت على الإِسلام حَتَّى تَمُوت وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقتدوا بالذين من بعدِي: أبي بكر وَعمر فَإِنَّهُمَا حَبل الله الْمَمْدُود فَمن استمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى الَّتِي لَا انفصام لَهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْقدر نظام التَّوْحِيد فَمن كفر بِالْقدرِ كَانَ كفره بِالْقدرِ نقصا للتوحيد فَإِذا وحد الله وآمن بِالْقدرِ فَهِيَ العروة الوثقى وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن معَاذ بن جبل أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {لَا انفصام لَهَا} قَالَ: لَا انْقِطَاع لَهَا دون دُخُول الْجنَّة آيَة 257

257

أخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الله ولي الَّذين آمنُوا يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور} قَالَ: هم قوم كَانُوا كفرُوا بِعِيسَى فآمنوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَالَّذين كفرُوا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النُّور إِلَى الظُّلُمَات} قَالَ: هم قوم آمنُوا بِعِيسَى فَلَمَّا بعث مُحَمَّد كفرُوا بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ومقسم مثله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور} يَقُول: من الضَّلَالَة إِلَى الْهدى وَفِي قَوْله {يخرجونهم من النُّور إِلَى الظُّلُمَات} يَقُول: من الْهدى إِلَى الضَّلَالَة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: الظُّلُمَات الْكفْر والنور الإِيمان وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: مَا كَانَ فِيهِ الظُّلُمَات والنور فَهُوَ الْكفْر والإِيمان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُوسَى بن عُبَيْدَة عَن أَيُّوب بن خَالِد قَالَ: يبْعَث أهل الْأَهْوَاء وتبعث الْفِتَن فَمن كَانَ هَوَاهُ الإِيمان كَانَت فتنته بَيْضَاء مضيئة وَمن كَانَ هَوَاهُ الْكفْر كَانَت فتنته سَوْدَاء مظْلمَة ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة وَالله أعلم آيَة 258

258

أخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الَّذِي حَاج إِبْرَاهِيم فِي ربه هُوَ نمْرُود بن كنعان وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد وَقَتَادَة وَالربيع وَالسُّديّ مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن زيد بن أسلم أَن أول جَبَّار كَانَ فِي الأَرْض نمْرُود وَكَانَ النَّاس يخرجُون يمتارون من عِنْده الطَّعَام فَخرج إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يمتار مَعَ من يمتار فَإِذا مر بِهِ نَاس قَالَ: من ربكُم قَالُوا لَهُ: أَنْت حَتَّى مر بِهِ إِبْرَاهِيم فَقَالَ: من رَبك: قَالَ: الَّذِي يحيي وَيُمِيت قَالَ: أَنا أحيي وأميت قَالَ إِبْرَاهِيم: فَإِن الله يَأْتِي بالشمس من الْمشرق فأت بهَا من الْمغرب فبهت الَّذِي كفر فَرده بِغَيْر طَعَام فَرجع إِبْرَاهِيم إِلَى أَهله فَمر على كثيب من رمل أعفر فَقَالَ: أَلا آخذ من هَذَا فَآتي بِهِ أَهلِي فتطيب أنفسهم حِين أَدخل عَلَيْهِم فَأخذ مِنْهُ فَأتى أَهله فَوضع مَتَاعه ثمَّ نَام

فَقَامَتْ امْرَأَته إِلَى مَتَاعه ففتحته فَإِذا هُوَ بأجود طَعَام رَآهُ أحد فصنعت لَهُ مِنْهُ فقربته إِلَيْهِ وكَانَ عَهده بأَهْله أَنه لَيْسَ عِنْدهم طَعَام فَقَالَ: من أَيْن هَذَا قَالَت من الطَّعَام الَّذِي جِئْت بِهِ فَعرف أَن الله رزقه فَحَمدَ الله ثمَّ بعث الله إِلَى الْجَبَّار ملكا أَن آمن بِي وَأَنا أتركك على ملكك فَهَل رب غَيْرِي فَأبى فَجَاءَهُ الثَّانِيَة فَقَالَ لَهُ ذَلِك فَأبى عَلَيْهِ ثمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَة فَأبى عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْملك: فاجمع جموعك إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام فَجمع الْجَبَّار جموعه فَأمر الله الْملك فَفتح عَلَيْهِ بَابا من البعوض فطلعت الشَّمْس فَلم يروها من كثرتها فبعثها الله عَلَيْهِم فَأكلت شحومهم وشربت دِمَاءَهُمْ فَلم يبْق إِلَّا الْعِظَام وَالْملك كَمَا هُوَ لم يصبهُ من ذَلِك شَيْء فَبعث الله عَلَيْهِ بعوضة فَدخلت فِي منخره فَمَكثَ أَرْبَعمِائَة سنة يضْرب رَأسه بالمطارق وَارْحَمْ النَّاس بِهِ من جمع يَدَيْهِ ثمَّ ضرب بهما رَأسه وَكَانَ جباراً أَرْبَعمِائَة سنة فَعَذَّبَهُ الله أَرْبَعمِائَة سنة كملكه ثمَّ أَمَاتَهُ الله وَهُوَ الَّذِي كَانَ بَنَى صرحاً إِلَى السَّمَاء فَأتى الله بُنْيَانه من الْقَوَاعِد وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذِي حَاج إِبْرَاهِيم} قَالَ: نمْرُود بن كنعان يَزْعمُونَ أَنه أول من ملك فِي الأَرْض أَتَى برجلَيْن قتل أَحدهمَا وَترك الآخر فَقَالَ: أَنا أحيي وأميت قَالَ: استحيي: أترك من شِئْت وأميت: أقتل من شِئْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنه ملك يُقَال لَهُ نمْرُود بن كنعان وَهُوَ أول ملك تجبر فِي الأَرْض وَهُوَ صَاحب الصرح بِبَابِل ذكر لنا أَنه دَعَا برجلَيْن فَقتل أَحدهمَا واستحيا الآخر فَقَالَ: أَنا استحيي من شِئْت وأقتل من شِئْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قَالَ أَنا أحيي وأميت} قَالَ: أقتل من شِئْت واستحيي من شِئْت أَدَعهُ حَيا فَلَا أَقتلهُ وَقَالَ: ملك الأَرْض مشرقها وَمَغْرِبهَا أَرْبَعَة نفر: مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ فالمؤمنان: سُلَيْمَان بن دَاوُود وَذُو القرنين والكافران: بخْتنصر ونمرود بن كنعان لم يملكهَا غَيرهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: لما خرج إِبْرَاهِيم من النَّار أدخلوه على الْملك وَلم يكن قبل ذَلِك دخل عَلَيْهِ فَكَلمهُ وَقَالَ لَهُ: من رَبك قَالَ: رَبِّي الَّذِي يحيي وَيُمِيت قَالَ نمْرُود: أَنا أحيي وأميت أَنا أَدخل

أَرْبَعَة نفر بَيْتا فَلَا يطْعمُون وَلَا يسقون حَتَّى إِذا هَلَكُوا من الْجُوع أطعمت اثْنَيْنِ وسقيتهما فعاشا وَتركت اثْنَيْنِ فماتا فَعرف إِبْرَاهِيم أَنه يفعل ذَلِك قَالَ لَهُ: فَإِن رَبِّي الَّذِي يَأْتِي بالشمس من الْمشرق فأت بهَا من الْمغرب فبهت الَّذِي كفر وَقَالَ: إِن هَذَا إِنْسَان مَجْنُون فأخرجوه أَلا ترَوْنَ أَنه من جُنُونه اجترأ على آلِهَتكُم فَكَسرهَا وَإِن النَّار لم تَأْكُله وخشي أَن يفتضح فِي قومه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {وَالله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} قَالَ: إِلَى الْإِيمَان آيَة 259

259

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {أَو كَالَّذي مر على قَرْيَة} قَالَ: خرج عُزَيْر نَبِي الله من مدينته وَهُوَ شَاب فَمر على قَرْيَة خربة وَهِي خاوية على عروشها فَقَالَ: أَنى يحيى هَذِه الله بعد مَوتهَا فأماته الله مائَة عَام ثمَّ بَعثه فَأول مَا خلق مِنْهُ عَيناهُ فَجعل ينظر إِلَى عِظَامه وينظم بَعْضهَا إِلَى بعض ثمَّ كُسِيت لَحْمًا ثمَّ نفخ فِيهِ الرّوح فَقيل لَهُ: كم لَبِثت قَالَ: لَبِثت يَوْمًا أَو بعض يَوْم قَالَ: بل لَبِثت مائَة عَام فَأتى مدينته وَقد ترك جاراً لَهُ اسكافاً شَابًّا فجَاء وَهُوَ شيخ كَبِير واخرج اسحق بن بشر والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن سَلام: أَن عُزَيْرًا هُوَ العَبْد الَّذِي أَمَاتَهُ الله مائَة عَام ثمَّ بَعثه وَأخرج ابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس: أَن عُزَيْر بن سروخا هُوَ الَّذِي فِيهِ قَالَ الله فِي كِتَابه {أَو كَالَّذي مر على قَرْيَة} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَقَتَادَة وَسليمَان بن بُرَيْدَة وَالضَّحَّاك وَالسُّديّ مثله وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن ابْن عَبَّاس وَكَعب وَالْحسن ووهب يزِيد بَعضهم على بعض أَن عُزَيْرًا كَانَ عبدا صَالحا حكيماً خرج ذَات يَوْم إِلَى ضَيْعَة لَهُ يتعاهدها فَلَمَّا انْصَرف انْتهى إِلَى خربة حِين قَامَت الظهيرة أَصَابَهُ الْحر فَدخل الخربة وَهُوَ على حمَار لَهُ فَنزل عَن حِمَاره وَمَعَهُ سلة فِيهَا تين وسلة فِيهَا عِنَب فَنزل فِي ظلّ تِلْكَ الخربة وَأخرج قَصْعَة مَعَه فاعتصر من الْعِنَب الَّذِي كَانَ مَعَه فِي الْقَصعَة ثمَّ أخرج خبْزًا يَابسا مَعَه فَأَلْقَاهُ فِي تِلْكَ الْقَصعَة فِي الْعصير ليبتل ليأكله ثمَّ اسْتلْقى على قَفاهُ وَأسْندَ رجلَيْهِ إِلَى الْحَائِط فَنظر سقف تِلْكَ الْبيُوت وَرَأى مِنْهَا مَا فِيهَا وَهِي قَائِمَة على عرشها وَقد باد أَهلهَا وَرَأى عظاماً بالية فَقَالَ: {أَنى يحيى هَذِه الله بعد مَوتهَا} فَلم يشك أَن الله يُحْيِيهَا وَلَكِن قَالَهَا تَعَجبا فَبعث الله ملك الْمَوْت فَقبض روحه فأماته الله مائَة عَام فَلَمَّا أَتَت عَلَيْهِ مائَة عَام وَكَانَ فِيمَا بَين ذَلِك فِي بني إِسْرَائِيل أُمُور وأحداث فَبعث الله إِلَى عُزَيْر ملكا فخلق قلبه ليعقل بِهِ وَعَيْنَيْهِ لينْظر بهما فيعقل كَيفَ يحيي الله الْمَوْتَى ثمَّ ركب خلقه وَهُوَ ينظر ثمَّ كسا عِظَامه اللَّحْم وَالشعر وَالْجَلد ثمَّ نفخ فِيهِ الرّوح كل ذَلِك يرى وَيعْقل فَاسْتَوَى جَالِسا فَقَالَ لَهُ الْملك: كم لَبِثت قَالَ: لَبِثت يَوْمًا وَذَلِكَ أَنه كَانَ نَام فِي صدر النَّهَار عِنْد الظهيرة وَبعث فِي آخر النَّهَار وَالشَّمْس لم تغب فَقَالَ: أَو بعض يَوْم وَلم يتم لي يَوْم فَقَالَ لَهُ الْملك: بل لَبِثت مائَة عَام فَانْظُر إِلَى طَعَامك وشرابك يَعْنِي الطَّعَام الْخبز الْيَابِس وَشَرَابه العصيرالذي كَانَ اعتصر فِي الْقَصعَة فَإِذا هما على حَالهمَا لم يتَغَيَّر الْعصير وَالْخبْز الْيَابِس فَذَلِك قَوْله {لم يتسنَّه} يَعْنِي لم يتَغَيَّر وَكَذَلِكَ التِّين وَالْعِنَب غض لم يتَغَيَّر عَن حَاله فَكَأَنَّهُ أنكر فِي قلبه فَقَالَ لَهُ الْملك: أنْكرت مَا قلت لَك أنظر إِلَى حِمَارك فَنظر فَإِذا حِمَاره قد بليت عِظَامه وَصَارَت نخرة فَنَادَى الْملك عِظَام الْحمار فأجابت وَأَقْبَلت من كل نَاحيَة حَتَّى رَكبه الْملك وعزير ينظر إِلَيْهِ ثمَّ ألبسها الْعُرُوق والعصب ثمَّ كساها اللَّحْم ثمَّ أنبت عَلَيْهَا الْجلد وَالشعر ثمَّ نفخ فِيهِ الْملك فَقَامَ الحماررافعا رَأسه وَأُذُنَيْهِ إِلَى السَّمَاء

ناهقاً فَذَلِك قَوْله {وَانْظُر إِلَى حِمَارك ولنجعلك آيَة للنَّاس وَانْظُر إِلَى الْعِظَام كَيفَ ننشزها ثمَّ نكسوها لَحْمًا} يَعْنِي انْظُر إِلَى عِظَام حِمَارك كَيفَ يركب بَعْضهَا بَعْضًا فِي أوصالها حَتَّى إِذا صَارَت عظاماً مصوراً حمارا بِلَا لحم ثمَّ انْظُر كَيفَ نكسوها لَحْمًا {فَلَمَّا تبين لَهُ قَالَ أعلم أَن الله على كل شَيْء قدير} من إحْيَاء الْمَوْتَى وَغَيره قَالَ فَركب حِمَاره حَتَّى أَتَى محلته فَأنكرهُ النَّاس وَأنكر النَّاس وَأنكر مَنَازِله فَانْطَلق على وهم مِنْهُ حَتَّى أَتَى منزله فَإِذا هُوَ بِعَجُوزٍ عمياء مقعدة قد أَتَى عَلَيْهَا مائَة وَعِشْرُونَ سنة كَانَت أمة لَهُم فَخرج عَنْهُم عُزَيْر وَهِي بنت عشْرين سنة كَانَت عَرفته وعقلته فَقَالَ لَهَا عُزَيْر: يَا هَذِه أَهَذا منزل عُزَيْر قَالَت: نعم وبكت وَقَالَت: مَا رَأَيْت أحدا من كَذَا وَكَذَا سنة يذكر عُزَيْرًا وَقد نَسيَه النَّاس قَالَ: فَإِنِّي أَنا عُزَيْر قَالَت: سُبْحَانَ الله فَإِن عُزَيْرًا قد فقدناه مُنْذُ مائَة سنة فَلم نسْمع لَهُ بِذكر قَالَ: فَإِنِّي أَنا عُزَيْر كَانَ الله أماتني مائَة سنة ثمَّ بَعَثَنِي قَالَت: فَإِن عُزَيْرًا كَانَ رجلا مستجاب الدعْوَة يَدْعُو للْمَرِيض وَلِصَاحِب الْبلَاء بالعافية والشفاء فَادع الله أَن يرد عَليّ بَصرِي حَتَّى أَرَاك فَإِن كنت عُزَيْرًا عرفتك فَدَعَا ربه وَمسح يَده على عينيهما فصحتا وَأخذ بِيَدِهَا فَقَالَ: قومِي بِإِذن الله فَأطلق الله رجلهَا فَقَامَتْ صَحِيحَة كَأَنَّمَا نشطت من عقال فَنَظَرت فَقَالَت: أشهد أَنَّك عُزَيْر فَانْطَلَقت إِلَى محلّة بني إِسْرَائِيل وهم فِي أَنْدِيَتهمْ ومجالسهم وَابْن لعزير شيخ ابْن مائَة سنة وثمان عشرَة سنة وَبَنُو بنيه شُيُوخ فِي الْمجْلس فنادتهم فَقَالَت: هَذَا عُزَيْر قد جَاءَكُم فكذبوها فَقَالَت: أَنا فُلَانَة مولاتكم دَعَا لي ربه فَرد عَليّ بَصرِي وَأطلق رجْلي وَزعم أَن الله كَانَ أَمَاتَهُ مائَة سنة ثمَّ بَعثه فَنَهَضَ النَّاس فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ فنظروا إِلَيْهِ فَقَالَ ابْنه: كَانَت لأبي شامة سَوْدَاء بَين كَتفيهِ فكشف عَن كَتفيهِ فَإِذا هُوَ عُزَيْر فَقَالَت بَنو إِسْرَائِيل: فَإِنَّهُ لم يكن فِينَا أحد حفظ التَّوْرَاة فِيمَا حَدثنَا غير عُزَيْر وَقد حرق بخْتنصر التَّوْرَاة وَلم يبْق مِنْهَا شَيْء إِلَّا مَا حفظت الرِّجَال فاكتبها لنا وَكَانَ أَبوهُ سروخا قد دفن التَّوْرَاة أَيَّام بخْتنصر فِي مَوضِع لم يعرفهُ أحد غير عُزَيْر فَانْطَلق بهم إِلَى ذَلِك الْموضع فحفره فاستخرج التَّوْرَاة وَكَانَ قد عفن الْوَرق ودرس الْكتاب فَجَلَسَ فِي ظلّ شَجَرَة وَبَنُو إِسْرَائِيل حوله فجدد لَهُم التَّوْرَاة فَنزل من السَّمَاء شهابان حَتَّى دخلا جَوْفه فَتذكر التَّوْرَاة فجددها لبني إِسْرَائِيل فَمن ثمَّ

قَالَت الْيَهُود: عُزَيْر ابْن الله للَّذي كَانَ من أَمر الشهابين وتجديده للتوراة وقيامه بِأَمْر بني إِسْرَائِيل وَكَانَ جدد لَهُم التَّوْرَاة بِأَرْض السوَاد بدير حزقيل والقرية الَّتِي مَاتَ فِيهَا يُقَال لَهَا سابر أباد قَالَ ابْن عَبَّاس: فَكَانَ كَمَا قَالَ الله {ولنجعلك آيَة للنَّاس} يَعْنِي لبني إِسْرَائِيل وَذَلِكَ أَنه كَانَ يجلس مَعَ بني بنيه وهم شُيُوخ وَهُوَ شَاب لِأَنَّهُ كَانَ مَاتَ وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ سنة فَبَعثه الله شَابًّا كَهَيْئَته يَوْم مَاتَ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر فِي قَوْله {أَو كَالَّذي مر على قَرْيَة} قَالَ: كَانَ نَبيا اسْمه أورميا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن ارميا لما خرب بَيت الْمُقَدّس وَحرق الْكتب وقف فِي نَاحيَة الْجَبَل فَقَالَ: {أَنى يحيى هَذِه الله بعد مَوتهَا} فأماته الله مائَة عَام ثمَّ بَعثه وَقد عمرت على حَالهَا الأول فَجعل ينظر إِلَى الْعِظَام كَيفَ يلتئم بعضه إِلَى بعض ثمَّ نظر إِلَى الْعِظَام تُكْسَى عصباً وَلَحْمًا {فَلَمَّا تبين لَهُ قَالَ أعلم أَن الله على كل شَيْء قدير} فَقَالَ: أنظر إِلَى طَعَامك وشرابك لم يتسنه وَكَانَ طَعَامه تيناً فِي مكتل وَقلة فِيهَا مَاء وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {أَو كَالَّذي مر على قَرْيَة} قَالَ: الْقرْيَة بَيت الْمُقَدّس مر بهَا عُزَيْر بعد أَن خربها بخْتنصر وَأخرج عَن قَتَادَة وَالضَّحَّاك وَالربيع مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد بن سُلَيْمَان السياري سَمِعت رجلا من أهل الشَّام يَقُول: إِن الَّذِي أَمَاتَهُ الله مائَة عَام ثمَّ بَعثه اسْمه حزقيل بن بوزا وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: كَانَ أَمر عُزَيْر وَبُخْتنَصَّرَ فِي الفترة وَأخرج إِسْحَق وَابْن عَسَاكِر عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: كَانَ أَمر عُزَيْر بَين عِيسَى وَمُحَمّد وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كَانَت قصَّة عُزَيْر وَبُخْتنَصَّرَ بَين عِيسَى وَسليمَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خاوية} قَالَ: خراب

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {خاوية} قَالَ: لَيْسَ فِيهَا أحد وَأخرج عَن الضَّحَّاك {على عروشها} قَالَ: سقوفها وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {خاوية على عروشها} قَالَ: سَاقِطَة على سقفها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَنى يحيي هَذِه الله بعد مَوتهَا} قَالَ: أَنى تعمرهذه بعد خرابها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْحسن فِي قَوْله {فأماته الله مائَة عَام ثمَّ بَعثه} قَالَ: ذكر لنا أَنه أميت ضحوة وَبعث حِين سَقَطت الشَّمْس قبل أَن تغرب وَأَن أول مَا خلق الله مِنْهُ عَيناهُ فَجعل ينظر بهما إِلَى عظم كَيفَ يرجع إِلَى مَكَانَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: لَبِثت يَوْمًا ثمَّ الْتفت فَرَأى بَقِيَّة الشَّمْس فَقَالَ: أَو بعض يَوْم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ طَعَامه الَّذِي مَعَه سلة من تين وَشَرَابه زق من عصير وَأخرج عَن مُجَاهِد قَالَ: طَعَامه سلة تين وَشَرَابه دن خمر وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لم يتسنه} قَالَ: لم يتَغَيَّر وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع ابْن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {لم يتسنه} قَالَ: لم تغيره السنون قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: طَابَ مِنْهُ الطّعْم وَالرِّيح مَعًا لن ترَاهُ يتَغَيَّر من أسن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {لم يتسنه} قَالَ: لم ينتن وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأَبُو عبيد فِي الْفَضَائِل وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن هانىء الْبَرْبَرِي مولى عُثْمَان قَالَ: لما كتب عُثْمَان الْمَصَاحِف شكوا فِي ثَلَاث آيَات فكتبوها فِي كتف شَاة وأرسلوني بهَا إِلَى أبي بن كَعْب وزيد بن ثَابت فَدخلت عَلَيْهِمَا فناولتها أبي بن كَعْب فقرأها فَوجدَ فِيهَا (لَا تَبْدِيل لِلْخلقِ ذَلِك الدّين الْقيم) فمحا بِيَدِهِ أحد اللامين وكتبهَا (لَا تَبْدِيل لخلق

الله) (الرّوم الْآيَة 30) وَوجد فِيهَا (انْظُر إِلَى طَعَامك وشرابك لم يتسنن) فمحا النُّون وكتبهَا {لم يتسنه} وَقَرَأَ فِيهَا (فأمهل الْكَافرين) فمحا الْألف وكتبهَا (فمهل) (الطارق الْآيَة 17) ونظر فِيهَا زيد بن ثَابت ثمَّ انْطَلَقت بهَا إِلَى عُثْمَان فاثبتوها فِي الْمَصَاحِف كَذَلِك وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي عَن هانىء قَالَ: كنت الرَّسُول بَين عُثْمَان وَزيد بن ثَابت فَقَالَ زيد: سَله عَن قَوْله ((لم يتسنن)) أَو {لم يتسنه} فَقَالَ عُثْمَان: اجعلوا فِيهَا هَاء وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {ولنجعلك آيَة للنَّاس} قَالَ: كَانَ يَوْم بعث ابْن مائَة وَأَرْبَعين شَابًّا وكَانَ وَلَده ابناء مائَة سنة وهم شُيُوخ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَيفَ ننشزها} قَالَ: نخرجها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لم يتسنه} قَالَ: لم يفْسد بعد مائَة حول وَالطَّعَام وَالشرَاب يفْسد فِي أقل من ذَلِك {وَانْظُر إِلَى الْعِظَام كَيفَ ننشزها} يَقُول: نشخصها عضوا عضوا وَأخرج الْحَاكِم وصَححهُ عَن زيد بن ثَابت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {كَيفَ ننشزها} بالزاي وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور ومسدد فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن زيد بن ثَابت أَنه قَرَأَ {كَيفَ ننشزها} بالزاي وَأَن زيد أعجم عَلَيْهَا فِي مصحفه وَأخرج مُسَدّد عَن أبيّ بن كَعْب أَنه قَرَأَ {كَيفَ ننشزها} أعجم الزَّاي وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ ((نشرها)) بالراء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه قَرَأَ (ننشرها) بالراء وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن مثله

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {كَيفَ ننشزها} قَالَ: نحركها وَأخرج عَن ابْن زيد {كَيفَ ننشزها} قَالَ: نحييها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {فَلَمَّا تبين لَهُ قَالَ أعلم} قَالَ: إِنَّمَا قيل لَهُ ذَلِك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {قَالَ أعلم} وَيَقُول: لم يكن بِأَفْضَل من إِبْرَاهِيم قَالَ الله (وَأعلم أَن الله) وَأخرج ابْن جرير عَن هَارُون قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود قيل أعلم أَن الله على وَجه الْأَمر وأخرج ابْن أبي دَاوُود فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله (قيل أعلم) آيَة 260

260

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن إِبْرَاهِيم مر بِرَجُل ميت زَعَمُوا أَنه حبشِي على سَاحل الْبَحْر فَرَأى دَوَاب الْبَحْر تخرج فتأكل مِنْهُ وسباع الأَرْض تَأتيه فتأكل مِنْهُ وَالطير تقع عَلَيْهِ فتأكل مِنْهُ فَقَالَ إِبْرَاهِيم عِنْد ذَلِك: رب هَذِه دَوَاب الْبَحْر تَأْكُل من هَذَا وسباع الأَرْض وَالطير ثمَّ تميت هَذِه فتبلى ثمَّ تحييها فأرني كَيفَ تحيي الْمَوْتَى قَالَ: أولم تؤمن يَا إِبْرَاهِيم أَنِّي أحيي الْمَوْتَى قَالَ: بلَى يَا رب وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي يَقُول: لأرى من آياتك وَأعلم أَنَّك قد أجبتني فَقَالَ الله: خُذ أَرْبَعَة من الطير فَصنعَ مَا صنع وَالطير الَّذِي أَخذه: ورال وديك وَطَاوُس وَأخذ نِصْفَيْنِ مُخْتَلفين ثمَّ أَتَى أَرْبَعَة أجبل فَجعل على كل جبل نِصْفَيْنِ مُخْتَلفين وَهُوَ قَوْله {ثمَّ اجْعَل على كل جبل مِنْهُنَّ جُزْءا} ثمَّ تنحى ورؤوسهما تَحت قَدَمَيْهِ فَدَعَا باسم الله الْأَعْظَم فَرجع كل نصف إِلَى نصفه وكل

ريش إِلَى طَائِره ثمَّ أَقبلت تطير بِغَيْر رُؤُوس إِلَى قدمه تُرِيدُ رؤوسها بأعناقها فَرفع قدمه فَوضع كل طَائِر مِنْهَا عُنُقه فِي رَأسه فَعَادَت كَمَا كَانَت {وَاعْلَم أَن الله عَزِيز} يَقُول: مقتدر على مَا يَشَاء {حَكِيم} يَقُول: مُحكم لما أَرَادَ الرال فرخ النعام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة نَحوه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَلغنِي أَن إِبْرَاهِيم بَينا هُوَ يسير على الطَّرِيق إِذا هُوَ بجيفة حمَار عَلَيْهَا السبَاع وَالطير قد تمزق لَحمهَا وَبَقِي عظامها فَوقف فَعجب ثمَّ قَالَ: رب قد علمت لتجمعنها من بطُون هَذِه السبَاع وَالطير رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى قَالَ: أولم تؤمن قَالَ: بلَى وَلَكِن لَيْسَ الْخَبَر كالمعاينة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: سَأَلَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ربه أَن يرِيه كَيفَ يحيي الْمَوْتَى وَذَلِكَ مِمَّا لَقِي من قومه من الْأَذَى فَدَعَا بِهِ عِنْد ذَلِك مِمَّا لَقِي مِنْهُم من الْأَذَى فَقَالَ: رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: لما اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا سَأَلَ ملك الْمَوْت أَن يَأْذَن لَهُ فيبشر إِبْرَاهِيم بذلك فَأذن لَهُ فَأتى إِبْرَاهِيم وَلبس فِي الْبَيْت فَدخل دَاره وَكَانَ إِبْرَاهِيم من أغير النَّاس إِذا خرج أغلق الْبَاب فَلَمَّا جَاءَ وجد فِي بَيته رجلا ثار إِلَيْهِ ليأخذه وَقَالَ لَهُ: من أذن لَك أَن تدخل دَاري قَالَ ملك الْمَوْت: أذن لي رب هَذِه الدَّار قَالَ إِبْرَاهِيم: صدقت وَعرف أَنه ملك الْمَوْت قَالَ: من أَنْت قَالَ: أَنا ملك الْمَوْت جئْتُك أُبَشِّرك بِأَن الله قد اتخذك خَلِيلًا فَحَمدَ الله وَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت أَرِنِي كَيفَ تقبض أَرْوَاح الْكفَّار قَالَ: يَا إِبْرَاهِيم لَا تطِيق ذَلِك قَالَ: بلَى قَالَ: فاعرض فاعرض إِبْرَاهِيم ثمَّ نظر فَإِذا هُوَ بِرَجُل أسود ينَال رَأسه السَّمَاء يخرج من فِيهِ لَهب النَّار لَيْسَ من شَعْرَة فِي جسده إِلَّا فِي صُورَة رجل يخرج من فِيهِ ومسامعه لَهب النَّار فَغشيَ على إِبْرَاهِيم ثمَّ أَفَاق وَقد تحوّل ملك الْمَوْت فِي الصُّورَة الأولى فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت لَو لم يلق الْكَافِر عِنْد مَوته من الْبلَاء والحزن إِلَّا صُورَتك لكفاه فأرني كَيفَ تقبض أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ قَالَ: فَأَعْرض فاعرض إِبْرَاهِيم ثمَّ الْتفت فَإِذا هُوَ بِرَجُل شَاب أحسن النَّاس وَجها وأطيبه ريحًا فِي ثِيَاب بَيَاض قَالَ: يَا ملك الْمَوْت لَو لم ير الْمُؤمن عِنْد مَوته من قُرَّة الْعين والكرامة إِلَّا صُورَتك هَذِه لَكَانَ يَكْفِيهِ فَانْطَلق ملك الْمَوْت وَقَامَ إِبْرَاهِيم يَدْعُو ربه

يَقُول: رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى حَتَّى أعلم أَنِّي خَلِيلك قَالَ: أولم تؤمن يَقُول: تصدق بِأَنِّي خَلِيلك قَالَ: بلَى وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي بخلولتك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} قَالَ: بالخلة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} يَقُول: أعلم أَنَّك تُجِيبنِي إِذا دعوتك وتعطيني إِذا سَأَلتك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد وَإِبْرَاهِيم {لِيَطمَئِن قلبِي} قَالَ: لِأَزْدَادَ إِيمَانًا إِلَى إيماني وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحن أَحَق بِالشَّكِّ من إِبْرَاهِيم إِذْ قَالَ: {رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى قَالَ أَو لم تؤمن قَالَ بلَى وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} وَيرْحَم الله لوطاً لقد كَانَ يأوي إِلَى ركن شَدِيد وَلَو لَبِثت فِي السجْن مَا لبث يُوسُف لَأَجَبْت الدَّاعِي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن أَيُّوب فِي قَوْله {وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: مَا فِي الْقُرْآن آيَة أَرْجَى عِنْدِي مِنْهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: أَي آيَة فِي الْقُرْآن ارجى عنْدك فَقَالَ: قَول الله (يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله ) (الزمر الْآيَة 53) الْآيَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَكِن أَنا أَقُول: قَول الله لإِبراهيم {أولم تَكُ تَأْتيكُمْ رسلكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بلَى} فَرضِي من إِبْرَاهِيم بقوله بلَى فَهَذَا لما يعْتَرض فِي الصُّدُور ويوسوس بِهِ الشَّيْطَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق حَنش عَن ابْن عَبَّاس {فَخذ أَرْبَعَة من الطير} قَالَ: الغرنوق والطاوس والديك والحمامة الغرنوق الكركي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الْأَرْبَعَة من الطير: الديك والطاووس والغراب وَالْحمام

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طرق عَن ابْن عَبَّاس {فصرهن} قَالَ: قطعهن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {فصرهن} قَالَ: هِيَ بالنبطية شققهن وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة {فصرهن} قَالَ: بالنبطية قطعهن وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فصرهن} قَالَ: هَذِه الْكَلِمَة بالحبشية يَقُول: قطعهن واخلط دماءهن وريشهن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {فصرهن} قَالَ: أوثقهن ذبحهن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن وهب قَالَ: مَا من اللُّغَة شَيْء إِلَّا مِنْهَا فِي الْقُرْآن شَيْء قيل: وَمَا فِيهِ من الرومية قَالَ {فصرهن} يَقُول: قطعهن وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق أبي جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس {فصرهن إِلَيْك} قَالَ: قطع أجنحتهن ثمَّ اجعلهن أَربَاعًا ربعا هَهُنَا وربعاً هَهُنَا فِي أَربَاع الأَرْض {ثمَّ ادعهن يأتينك سعياً} قَالَ: هَذَا مثل كَذَلِك يحيي الله الْمَوْتَى مثل هَذَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: أَمر أَن يَأْخُذ أَرْبَعَة من الطير فيذبحهن ثمَّ يخلط بَين لحومهن وريشهن ودمائهن ثمَّ يجزئهن على أَرْبَعَة أجبل وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء {فصرهن إِلَيْك} اضممهن إِلَيْك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وضعهن على سَبْعَة أجبل وَأخذ الرؤوس بِيَدِهِ فَجعل ينظر إِلَى القطرة تلقى القطرة والريشة تلقى الريشة حَتَّى صرن أَحيَاء لَيْسَ لَهُنَّ رُؤُوس فجئن إِلَى رؤوسهن فدخلن فِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {ثمَّ ادعهن} قَالَ: دعاهن باسم إِلَه إِبْرَاهِيم تعالين وَأخرج ابْن أبي جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله {يأتينك سعياً} قَالَ: شداً على أرجلهن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: أَخذ ديكا وطاووسا وغراباً وحماماً فَقطع رؤوسهن وقوائمهن وأجنحتهن ثمَّ أَتَى الْجَبَل فَوضع عَلَيْهِ لَحْمًا ودماً وريشاً

ثمَّ فرقه على أَرْبَعَة أجبال ثمَّ نُودي: أيتها الْعِظَام المتمزقة واللحوم المتفرقة وَالْعُرُوق المتقطعة اجْتَمعْنَ يرد الله فيكُن أرواحكن فَوَثَبَ الْعظم إِلَى الْعظم وطارت الريشة إِلَى الريشة وَجرى الدَّم إِلَى الدَّم حَتَّى رَجَعَ إِلَى كل طَائِر دَمه ولحمه وريشه ثمَّ أوحى الله إِلَى إِبْرَاهِيم: إِنَّك سَأَلتنِي كَيفَ أحيي الْمَوْتَى وَإِنِّي خلقت الأَرْض وَجعلت فِيهَا أَرْبَعَة أَرْوَاح: الشمَال وَالصبَا والجنوب وَالدبور حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نفخ نافخ فِي الصُّور فيجتمع من فِي الأَرْض من الْقَتْلَى والموتى كَمَا اجْتمعت أَرْبَعَة أطيار من أَرْبَعَة جبال ثمَّ قَرَأَ (مَا خَلقكُم وَلَا بعثكم إِلَّا كَنَفس وَاحِدَة) (لُقْمَان الْآيَة 28) وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحسن فِي قَوْله {رب أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى} قَالَ: إِن كَانَ إِبْرَاهِيم لموقنا أَن الله يحيي الْمَوْتَى وَلَكِن لَا يكون الْخَبَر كالعيان إِن الله أمره أَن يَأْخُذ أَرْبَعَة من الطير فيذبحهن وينتفهن ثمَّ قطعهن أَعْضَاء أَعْضَاء ثمَّ خلط بَينهُنَّ جَمِيعًا ثمَّ جزأهن أَرْبَعَة أَجزَاء ثمَّ جعل على كل جبل مِنْهُنَّ جُزْءا ثمَّ تنحى عَنْهُن فَجعل يعدو كل عُضْو إِلَى صَاحبه حَتَّى استوين كَمَا كن قبل أَن يذبحهن ثمَّ أتينه سعياً وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فصرهن إِلَيْك} قَالَ: يَقُول: انتف ريشهن ولحومهن ومزقهن تمزيقاً وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء قَالَ: يَقُول: شققهن ثمَّ اخلطهن آيَة 261

261

أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مثل الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم فِي سَبِيل الله كَمثل حَبَّة} الْآيَة قَالَ: فَذَلِك سَبْعمِائة حسنه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا لمن أنْفق فِي سَبِيل الله فَلهُ أجره سَبْعمِائة مرّة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَالله وَاسع عليم} قَالَ: وَاسع أَن يزِيد فِي سعتهعالم بِمن يزِيدهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ من بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ الْهِجْرَة ورابط مَعَه فِي الْمَدِينَة وَلم يذهب وَجها إِلَّا باذنه كَانَت لَهُ الْحَسَنَة بسبعمائة ضعف وَمن بَايع على الإِسلام كَانَت الْحَسَنَة لَهُ عشر أَمْثَالهَا وَأخرج ابْن ماجة عَن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب وَأبي الدَّرْدَاء وَأبي هُرَيْرَة وَأبي أَمَامه الْبَاهِلِيّ وَعبد الله بن عمر وَجَابِر بن عبد الله وَعمْرَان بن حُصَيْن كلهم يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: ح وَأخرج ابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم عَن عمرَان بن حُصَيْن عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أرسل بِنَفَقَة فِي سَبِيل الله وَأقَام فِي بَيته فَلهُ بِكُل دِرْهَم سَبْعمِائة دِرْهَم وَمن غزا بِنَفسِهِ فِي سَبِيل الله وَأنْفق فِي وَجهه ذَلِك فَلهُ بِكُل دِرْهَم يَوْم الْقِيَامَة سَبْعمِائة ألف دِرْهَم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَالله يُضَاعف لمن يَشَاء} وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّفَقَة فِي سَبِيل الله تضَاعف سَبْعمِائة ضعف وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَن رجلا تصدق بِنَاقَة مخطومة فِي سَبِيل الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَك بهَا يَوْم الْقِيَامَة سَبْعمِائة نَاقَة كلهَا مخطومة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن خريم بن فاتك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أنْفق نَفَقَة فِي سَبِيل الله كتبت لَهُ بسبعمائة ضعف وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعْمَال عِنْد الله سَبْعَة: عملان موجبان وعملان أمثالهما وَعمل بِعشْرَة أَمْثَاله وَعمل بسبعمائة وَعمل لَا يعلم ثَوَاب عَامله إِلَّا الله فَأَما الموجبان فَمن لَقِي الله يعبده مخلصاً لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَمن لَقِي الله قد أشرك بِهِ وَجَبت لَهُ النَّار وَمن عمل سَيِّئَة جزي بِمِثْلِهَا وَمن هم بحسنة جزي بِمِثْلِهَا وَمن عمل حَسَنَة جزي عشرا وَمن أنْفق مَاله فِي سَبِيل الله ضعفت لَهُ نَفَقَته الدِّرْهَم بسبعمائة وَالدِّينَار بسبعمائة وَالصِّيَام لله لَا يعلم ثَوَاب عَامله إِلَّا الله عز وَجل

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: طُوبَى لمن أَكثر فِي الْجِهَاد فِي سَبِيل الله من ذكر الله فَإِن لَهُ بِكُل كلمة سبعين ألف حَسَنَة كل حَسَنَة مِنْهَا عشرَة أَضْعَاف مَعَ الَّذِي لَهُ عِنْد الله من الْمَزِيد قيل: يَا رَسُول الله النَّفَقَة قَالَ: النَّفَقَة على قدر ذَلِك قَالَ عبد الرَّحْمَن: فَقلت لِمعَاذ: إِنَّمَا النَّفَقَة بسبعمائة ضعف فَقَالَ معَاذ: قل فهمك إِنَّمَا ذَاك إِذا أنفقوها وهم مقيمون فِي أهلهم غير غزَاة فَإِذا غزوا وأنفقوا خبأ الله لَهُم من خَزَائِن رَحمته مَا يَنْقَطِع عَنهُ علم الْعباد وصفتهم فَأُولَئِك حزب الله وحزب الله هم الغالبون وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عدي بن حَاتِم أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الصَّدَقَة أفضل قَالَ: خدمَة عبد فِي سَبِيل الله أَو ظلّ فسطاط أَو طروقة فَحل فِي سَبِيل الله وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الصَّدقَات ظلّ فسطاط فِي سَبِيل الله أَو منحة خَادِم فِي سَبِيل الله أَو طروقة فَحل فِي سَبِيل الله وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُود وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من جهز غازياً فِي سَبِيل الله فقد غزا وَمن خلف غازياً فِي أَهله بِخَير فقد غزا وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من جهز غازياً حَتَّى يسْتَقلّ كَانَ لَهُ مثل أجره حَتَّى يَمُوت أَو يرجع وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن زيد بن ثَابت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من جهز غازياً فِي سَبِيل الله فَلهُ مثل أجره وَمن خلف غازياً فِي أَهله بِخَير وَأنْفق على أَهله كَانَ لَهُ مثل أجره وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث إِلَى بني لحيان ليخرج من كل رجلَيْنِ رجل ثمَّ قَالَ للقاعد: أَيّكُم خلف الْخَارِج فِي أَهله فَلهُ مثل أجره وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن حنيف أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أعَان مُجَاهدًا فِي سَبِيل الله أَو غارماً فِي عسرته أَو مكَاتبا فِي رقبته أظلهُ الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله

وَأخرج ابْن أبي حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أظل رَأس غاز أظلهُ الله يَوْم الْقِيَامَة وَمن جهز غازياً فِي سَبِيل الله فَلهُ مثل أجره وَمن بنى مَسْجِدا لله يذكر فِيهِ اسْم الله بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن صعصعه بن مُعَاوِيَة قَالَ: قلت لأبي ذَر حَدثنِي قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من عبد مُسلم ينْفق من مَاله زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل الله إِلَّا استقبلته حَجَبَةُ الْجنَّة كلهم يَدعُوهُ إِلَى مَا عِنْده قلت: وَكَيف ذَاك قَالَ: إِن كَانَت رحالاً فرحلين وَإِن كَانَت إبِلا فبعيرين وَإِن كَانَت بقرًا فبقرتين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مثل الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم فِي سَبِيل الله كَمثل حَبَّة} الْآيَة قَالَ: نَفَقَة الْحَج وَالْجهَاد سَوَاء الدِّرْهَم سَبْعمِائة لِأَنَّهُ فِي سَبِيل الله وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّفَقَة فِي الْحَج كَالنَّفَقَةِ فِي سَبِيل الله الدِّرْهَم بسبعمائة ضعف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّفَقَة فِي الْحَج كَالنَّفَقَةِ فِي سَبِيل الله الدِّرْهَم بسبعمائة وَأخرج أَبُو دَاوُود وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالذكر تضَاعف على النَّفَقَة فِي سَبِيل الله بسبعمائة ضعف الْآيَة 262

262

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: علم الله نَاسا يمنون بعطيتهم فكره ذَلِك وَقدم فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: إِن أَقْوَامًا يبعثون الرجل مِنْهُم فِي سَبِيل الله أَو ينْفق على الرجل وَيُعْطِيه النَّفَقَة ثمَّ يمنه ويؤذيه وَمِنْه يَقُول: أنفقت فِي سَبِيل الله كَذَا وَكَذَا غير محتسبه عِنْد الله وأذى يُؤْذِي بِهِ الرجل الَّذِي أعطَاهُ وَيَقُول: ألم أعطك كَذَا وَكَذَا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ الْبَراء بن عَازِب فَقَالَ: يَا برَاء كَيفَ نَفَقَتك على أمك - وَكَانَ موسعاً على أَهله - فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا أحْسنهَا قَالَ: فَإِن نَفَقَتك على أهلك وولدك وخادمك صَدَقَة فَلَا تتبع ذَلِك منا وَلَا أَذَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أنفقتم على اهليكم فِي غير إِسْرَاف وَلَا إقتار فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن كَعْب بن عجْرَة قَالَ: مر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَرَأى أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جلده ونشاطه فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لَو كَانَ هَذَا فِي سَبِيل الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن كَانَ خرج يسْعَى على وَلَده صغَارًا فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَإِن كَانَ خرج يسْعَى على أبوين شيخين كبيرين فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَإِن كَانَ خرج يسْعَى على نَفسه يعفها فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَإِن كَانَ خرج يسْعَى رِيَاء ومفاخرة فَهُوَ فِي سَبِيل الشَّيْطَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن أَيُّوب قَالَ: أشرف على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل من رَأس تل فَقَالُوا: مَا أجلد هَذَا الرجل لَو كَانَ جلده فِي سَبِيل الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوليس فِي سَبِيل الله إِلَّا من قتل ثمَّ قَالَ: من خرج فِي الأَرْض يطْلب حَلَالا يكف بِهِ وَالِديهِ فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَمن خرج يطْلب حَلَالا يكف بِهِ أَهله فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَمن خرج يطْلب حَلَالا يكف بِهِ نَفسه فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَمن خرج يطْلب التكاثر فَهُوَ فِي سَبِيل الشَّيْطَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سعى على وَالِديهِ فَفِي سَبِيل الله وَمن سعى على عِيَاله فَفِي سَبِيل الله وَمن سعى على نَفسه ليعفها فَفِي سَبِيل الله وَمن سعى على التكاثر فَهُوَ فِي سَبِيل الشَّيْطَان وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من أنْفق نَفَقَة فاضلة فِي سَبِيل الله فبسبعمائة وَمن أنْفق على نَفسه وَأَهله أَو عَاد مَرِيضا أَو أماط أَذَى عَن طَرِيق فالحسنة بِعشر أَمْثَالهَا وَالصَّوْم جنَّة مَا لم يخرقها وَمن ابتلاه الله ببلاء فِي جسده فَلهُ حَظه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي مَسْعُود البدري عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أنْفق الرجل على أَهله نَفَقَة وَهُوَ يحتسبها كَانَت لَهُ صَدَقَة

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن سعد بن أبي وَقاص أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّك لن تنْفق نَفَقَة تبتغي بهَا وَجه الله إِلَّا أجرت عَلَيْهَا حَتَّى مَا تجْعَل فِي امْرَأَتك وَأخرج أَحْمد عَن الْمِقْدَام بن معد يكرب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أطعمت نَفسك فَهُوَ لَك صَدَقَة وَمَا أطعمت زَوجتك فَهُوَ لَك صَدَقَة وَمَا أطعمت خادمك فَهُوَ لَك صَدَقَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أنْفق على نَفسه نَفَقَة ليستعف بهَا فَهِيَ صَدَقَة وَمن أنْفق على امْرَأَته وَولده وَأهل بَيته فَهِيَ صَدَقَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله مَا أنْفق الْمَرْء على نَفسه وَأَهله وَولده وَذي رَحمَه وقرابته فَهُوَ لَهُ صَدَقَة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن عَمْرو بن أُميَّة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا أعْطى الرجل أَهله فَهُوَ لَهُ صَدَقَة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الرجل إِذا سقى امْرَأَته من المَاء أجر وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من أنْفق على ابْنَتَيْن أَو أُخْتَيْنِ أَو ذواتي قرَابَة يحْتَسب النَّفَقَة عَلَيْهِمَا حَتَّى يغنيهما من فضل الله أَو يكفهما كَانَتَا لَهُ سترا من النَّار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَوْف بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُسلم يكون لَهُ ثَلَاث بَنَات فينفق عَلَيْهِنَّ حَتَّى يبن أَو يمتن إِلَّا كن لَهُ حِجَابا من النَّار فَقَالَت امْرَأَة: أَو بنتان فَقَالَ: أَو بنتان وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: دخلت عَليّ امْرَأَة وَمَعَهَا بنتان لَهَا تسْأَل فَلم تَجِد عِنْدِي شَيْئا سوى تَمْرَة وَاحِدَة فأعطيتها إِيَّاهَا فقسمتها بَين ابنتيها وَلم تَأْكُل مِنْهَا ثمَّ قَامَت وَخرجت فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ من ابْتُلِيَ من هَذِه الْبَنَات بِشَيْء فَأحْسن إلَيْهِنَّ كن لَهُ سترا من النَّار وَأخرج مُسلم عَن عَائِشَة قَالَت: جائتني مسكينة تحمل ابْنَتَيْن لَهَا فأطعمتها ثَلَاث تمرات فأعطت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا تَمْرَة وَرفعت إِلَى فِيهَا تَمْرَة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة الَّتِي تُرِيدُ أَن تأكلها بَينهمَا فَأَعْجَبَنِي شَأْنهَا فَذكرت الَّذِي

صنعت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن الله قد أوجب لَهَا بهَا الْجنَّة أَو أعْتقهَا بهَا من النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من عَال جاريتين حَتَّى تبلغا دخلت أَنا وَهُوَ فِي الْجنَّة كهاتين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن حبَان عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَال ابْنَتَيْن أَو ثَلَاثًا أَو أُخْتَيْنِ أَو ثَلَاثًا حَتَّى يمتن أَو يَمُوت عَنْهُن كنت أَنا وَهُوَ فِي الْجنَّة كهاتين وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ السبابَة وَالَّتِي تَلِيهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم لَهُ ابنتان فَيحسن إِلَيْهِمَا مَا صحبتاه أَو صحبهما إِلَّا أدخلتاه الْجنَّة وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم لَهُ ابنتان فَيحسن إِلَيْهِمَا مَا صحبتاه أَو صحبهما إِلَّا أدخلتاه الْجنَّة وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كفل يَتِيما لَهُ ذُو قرَابَة أَو لَا قرَابَة لَهُ فَأَنا وَهُوَ فِي الْجنَّة كهاتين وَضم أصبعيه وَمن سعى على ثَلَاث بَنَات فَهُوَ فِي الْجنَّة وَكَانَ لَهُ كَأَجر مُجَاهِد فِي سَبِيل الله صَائِما قَائِما وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان عَن ابْن الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ لَهُ ثَلَاث بَنَات أَو ثَلَاث أَخَوَات أَو بنتان أَو أختَان فَأحْسن صحبتهن وَاتَّقَى الله فِيهِنَّ وَفِي لفظ: فأدبهن وَأحسن إلَيْهِنَّ وزوّجهن فَلهُ الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كن لَهُ ثَلَاث بَنَات يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن وَينْفق عَلَيْهِنَّ وَجَبت لَهُ الْجنَّة أَلْبَتَّة قيل: يَا رَسُول الله فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ قَالَ: وَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ قَالَ: فَرَأى بعض الْقَوْم أَن لَو قَالَ وَاحِدَة لقَالَ وَاحِدَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من كن لَهُ ثَلَاث بَنَات فَصَبر على لأوائهن وضرائهن وسرائهن أدخلهُ الله الْجنَّة برحمته إياهن فَقَالَ رجل: وَاثْنَتَانِ يَا رَسُول الله قَالَ: وَاثْنَتَانِ قَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَوَاحِدَة قَالَ: وَوَاحِدَة

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ لَهُ ثَلَاث بَنَات فَصَبر عَلَيْهِنَّ فاطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن لَهُ حِجَابا من النَّار الْآيَة 263

263

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من صَدَقَة أحب إِلَى الله من قَول ألم تسمع قَوْله {قَول مَعْرُوف ومغفرة خير من صَدَقَة يتبعهَا أَذَى} وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أفضل الصَّدَقَة أَن يتَعَلَّم الْمَرْء الْمُسلم علما ثمَّ يُعلمهُ أَخَاهُ الْمُسلم وَأخرج المرهبي فِي فضل الْعلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أهْدى الْمَرْء الْمُسلم لِأَخِيهِ هَدِيَّة أفضل من كلمة حِكْمَة يزِيدهُ الله بهَا هدى أَو يردهُ عَن ردى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تصدق النَّاس بِصَدقَة مثل علم ينشر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم الْعَطِيَّة كلمة حق تسمعها ثمَّ تحملهَا إِلَى أَخ لَك مُسلم فتعلمها إِيَّاه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {قَول مَعْرُوف} الْآيَة قَالَ: رد جميل يَقُول: يَرْحَمك الله يرزقك الله وَلَا ينتهره وَلَا يغلظ لَهُ القَوْل وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْغَنِيّ الَّذِي كمل فِي غناهُ والحليم الَّذِي كمل فِي حلمه آيَة 264

264

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: من أنْفق نَفَقَة ثمَّ منَّ بهَا أَو آذَى الَّذِي أعطَاهُ النَّفَقَة حَبط أجره فَضرب الله مثله كَمثل صَفْوَان عَلَيْهِ تُرَاب فَأَصَابَهُ وابل فَلم يدع من التُّرَاب شَيْئا فَكَذَلِك يمحق الله أجر الَّذِي يُعْطي صدقته ثمَّ يمنّ بهَا كَمَا يمحق الْمَطَر ذَلِك التُّرَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ الله للْمُؤْمِنين لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى فَتبْطل كَمَا بطلت صَدَقَة الرِّيَاء وَكَذَلِكَ هَذَا الَّذِي ينْفق مَاله رئاء النَّاس ذهب الرِّيَاء بِنَفَقَتِهِ كَمَا ذهب هَذَا الْمَطَر بِتُرَاب هَذَا الصَّفَا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عبد الله بن أبي زَكَرِيَّا قَالَ: بَلغنِي أَن الرجل إِذا راءى بِشَيْء من عمله أحبط مَا كَانَ قبل ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدْخل الْجنَّة منان وَلَا عَاق وَلَا مدمن خمر وَلَا مُؤمن بِسحر وَلَا كَاهِن وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة لَا ينظر الله إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة الْعَاق لوَالِديهِ ومدمن الْخمر والمنان بِمَا أعْطى وَثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة الْعَاق لوَالِديهِ والديوث والرجلة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة منان فشق ذَلِك عَليّ حَتَّى وجدت فِي كتاب الله فِي المنان {لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن حُرَيْث قَالَ: إِن الرجل يَغْزُو وَلَا يسرق وَلَا يَزْنِي وَلَا يغل لَا يرجع بالكفاف قيل لَهُ: لماذا فَقَالَ: إِن الرجل ليخرج فَإِذا أَصَابَهُ من بلَاء الله الَّذِي قد حكم عَلَيْهِ لعن وَسَب إِمَامه وَلعن سَاعَة غزا وَقَالَ: لَا أَعُود لغزوة مَعَه أبدا فَهَذَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ مثل النَّفَقَة فِي سَبِيل الله يتبعهَا منا وأذى فقد ضرب الله مثلهَا فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى} حَتَّى ختم الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {صَفْوَان} يَقُول: الْحجر {فَتَركه صَلدًا} لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {كَمثل صَفْوَان} الصفاة {فَتَركه صَلدًا} قَالَ: تَركهَا نقية لَيْسَ عَلَيْهَا شَيْء فَكَذَلِك الْمُنَافِق يَوْم الْقِيَامَة لَا يقدر على شَيْء مِمَّا كسب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: الوابل الْمَطَر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: الوابل الْمَطَر الشَّديد وَهَذَا مثل ضربه الله لأعمال الْكفَّار يَوْم الْقِيَامَة يَقُول {لَا يقدرُونَ على شَيْء مِمَّا كسبوا} يَوْمئِذٍ كَمَا ترك هَذَا الْمَطَر هَذَا الْحجر لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء أنقى مَا كَانَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فَتَركه صَلدًا} قَالَ: يَابسا خاسئاً لَا ينْبت شَيْئا وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع ابْن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {صَفْوَان} قَالَ: الْحجر الأملس قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أَوْس بن حجر: على ظهر صَفْوَان كَأَن متونه عللن بدهن يزلق المتنزلا قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن قَوْله {صَلدًا} قَالَ: أملس قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أبي طَالب: وَإِنِّي لقرم وَابْن قرم لهاشم لآباء صدق مجدهم معقل صلد آيَة 265

265

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله لعمل الْمُؤمن وَأخرج عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {ابْتِغَاء مرضات الله} قَالَ: احتساباً وَأخرج عَن الْحسن قَالَ: لَا يُرِيدُونَ سمعة وَلَا رِيَاء

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الشّعبِيّ {وتثبيتا من أنفسهم} قَالَ: تَصْدِيقًا ويقيناً وَأخرج ابْن جرير عَن أبي صَالح {وتثبيتاً من أنفسهم} قَالَ: يَقِينا من عِنْد أنفسهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وتثبيتاً} قَالَ: يتثبتون أَيْن يضعون أَمْوَالهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: كَانَ الرجل إِذا هم بِصَدقَة تثبت فَإِن كَانَ لله أمضى وَإِن خالطه شَيْء من الرِّيَاء أمسك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وتثبيتا من أنفسهم} قَالَ: النِّيَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرؤهَا {بِرَبْوَةٍ} بِكَسْر الرَّاء والربوة النشز من الأَرْض وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: الربوة الأَرْض المستوية المرتفعة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {جنَّة بِرَبْوَةٍ} قَالَ: الْمَكَان الْمُرْتَفع الَّذِي لَا تجْرِي فِيهِ الْأَنْهَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {أَصَابَهَا وابل} قَالَ: أصَاب الْجنَّة الْمَطَر وَأخرج عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: الوابل الْجُود من الْمَطَر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {فآتت أكلهَا ضعفين} قَالَ: أضعفت فِي ثَمَرهَا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {فآتت أكلهَا ضعفين} يَقُول: كَمَا ضعفت ثَمَر تِلْكَ الْجنَّة فَكَذَلِك تضَاعف لهَذَا الْمُنفق ضعفين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فطل} قَالَ: ندى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فطل} قَالَ: طش وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الطل: الرذاذ من الْمَطَر يَعْنِي اللين مِنْهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله لعمل

الْمُؤمن يَقُول: لَيْسَ لخيره خلف كَمَا لَيْسَ لخير هَذِه الْجنَّة خلف على أَي حَال كَانَ إِن أَصَابَهَا وابل وَإِن أَصَابَهَا طل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {فَإِن لم يصبهَا وابل فطل} قَالَ: تِلْكَ أَرض مصر إِن أَصَابَهَا طل زكتْ وَإِن أَصَابَهَا وابل أضعفت آيَة 266

266

أخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ عمر يَوْمًا لأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فيمَ ترَوْنَ هَذِه الْآيَة نزلت {أيود أحدكُم أَن تكون لَهُ جنَّة} قَالُوا: الله أعلم فَغَضب عمر فَقَالَ: قُولُوا: نعلم أَو لَا نعلم فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فِي نَفسِي مِنْهَا شَيْء يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: عمر: يَا ابْن أخي قل وَلَا تحقر نَفسك قَالَ ابْن عَبَّاس: ضربت مثلا لعمل قَالَ عمر: أَي عمل قَالَ ابْن عَبَّاس: لعمل قَالَ عمر: لرجل غَنِي يعْمل بِطَاعَة الله ثمَّ بعث الله لَهُ الشَّيْطَان فَعمل بِالْمَعَاصِي حَتَّى أغرق أَعماله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: قَرَأت اللَّيْلَة آيَة أسهرتني {أيود أحدكُم أَن تكون لَهُ جنَّة من نخيل وأعناب} فقرأها كلهَا فَقَالَ: مَا عَنى بهَا فَقَالَ بعض الْقَوْم: الله أعلم فَقَالَ: إِنِّي أعلم أَن الله أعلم وَلَكِن إِنَّمَا سَأَلت إِن كَانَ عِنْد أحد مِنْكُم علم وَسمع فِيهَا شَيْئا أَن يخبر بِمَا سمع فَسَكَتُوا فرآني وَأَنا أهمس قَالَ: قل يَا ابْن أخي وَلَا تحقر نَفسك قلت: عَنى بهَا الْعَمَل قَالَ: وَمَا عَنى بهَا الْعَمَل قلت: شَيْء ألقِي فِي روعي فقلته فتركني وَأَقْبل وَهُوَ يُفَسِّرهَا صدقت يَا ابْن أخي عَنَى بهَا الْعَمَل ابْن آدم أفقر مَا يكون إِلَى جنته إِذا كَبرت سنه وَكثر عِيَاله وَابْن آدم أفقر مَا يكون إِلَى عمله يَوْم الْقِيَامَة صدقت يَا ابْن أخي

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ضرب الله مثلا حسنا - وكل أَمْثَاله حسن - قَالَ {أيود أحدكُم أَن تكون لَهُ جنَّة من نخيل وأعناب تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار لَهُ فِيهَا من كل الثمرات} يَقُول: صنعه فِي شبيبته فَأَصَابَهُ الْكبر وَولده وَذريته ضعفاء عِنْد آخر عمره فَجَاءَهُ إعصار فِيهِ نَار فَاحْتَرَقَ بستانه فَلم يكن عِنْده قُوَّة أَن يغْرس مثله وَلم يكن عِنْد نَسْله خير يعودون بِهِ عَلَيْهِ فَكَذَلِك الْكَافِر يَوْم الْقِيَامَة إِذا رد إِلَى الله لَيْسَ لَهُ خير فيستعتب كَمَا لَيْسَ لهَذَا قوّة فيغرس مثل بستانه وَلَا يجره قدم لنَفسِهِ خيرا يعود عَلَيْهِ كَمَا لم يغن عَن هَذَا وَلَده وَحرم أجره عِنْد أفقر مَا كَانَ إِلَيْهِ كَمَا حرم هَذَا جنته عِنْد أفقر مَا كَانَ إِلَيْهَا عِنْد كبره وَضعف ذُريَّته وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل آخر لنفقة الرِّيَاء إِنَّه ينْفق مَاله يرائي بِهِ النَّاس فَيذْهب مَاله مِنْهُ وَهُوَ يرائي فَلَا يأجره الله فِيهِ فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة وَاحْتَاجَ إِلَى نَفَقَته وجدهَا قد أحرقها الرِّيَاء فَذَهَبت كَمَا أنْفق هَذَا الرجل على جنته حَتَّى إِذا بلغت وَكثر عِيَاله وَاحْتَاجَ إِلَى جنته جَاءَت ريح فِيهَا سموم فأحرقت جنته فَلم يجد مِنْهَا شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل المفرط فِي طَاعَة الله حَتَّى يَمُوت مثله بعد مَوته كَمثل هَذَا حِين احترقت جنته وَهُوَ كَبِير لَا يُغني عَنْهَا وَولده صغَار لَا يغنون عَنهُ شَيْئا كَذَلِك المفرط بعد الْمَوْت كل شَيْء عَلَيْهِ حسرة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن أبي مليكَة أَن عمر تَلا هَذِه الْآيَة فَقَالَ: هَذَا مثل ضرب للإِنسان يعْمل عملا صَالحا حَتَّى إِذا كَانَ عِنْد آخر عمره أحْوج مَا يكون إِلَيْهِ عمل عمل السوء وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: ضربت مثلا للْعَمَل يبْدَأ فَيعْمل عملا صَالحا فَيكون مثلا للجنة ثمَّ يسيء فِي آخر عمره فيتمادى فِي الإِساءة حَتَّى يَمُوت على ذَلِك فَيكون الاعصار الَّذِي فِيهِ نَار الَّتِي أحرقت الْجنَّة مثلا لإِساءته الَّتِي مَاتَ وَهُوَ عَلَيْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: قَالَ عمر: آيَة من كتاب الله مَا وجدت أحدا يشفيني عَنْهَا قَوْله {أيود أحدكُم أَن تكون لَهُ جنَّة من نخيل وأعناب}

حَتَّى فرغ من الْآيَة قَالَ ابْن عَبَّاس: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي أجد فِي نَفسِي مِنْهَا فَقَالَ لَهُ عمر: فَلم تحقر نَفسك فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا مثل ضربه الله فَقَالَ: أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يكون عمره يعْمل بِعَمَل أهل الْخَيْر وَأهل السَّعَادَة حَتَّى إِذا كَبرت سنه واقترب أَجله ورقَّ عظمه وَكَانَ أحْوج مَا يكون إِلَى أَن يخْتم عمله بِخَير عمل بِعَمَل أهل الشَّقَاء فأفسد عمله فأحرقه قَالَ: فَوَقَعت على قلب عمر وأعجبته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَحسنه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو اللَّهُمَّ اجْعَل أوسع رزقك عَليّ عِنْد كبر سني وَانْقِطَاع عمري وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إعصار فِيهِ نَار} قَالَ: ريح فِيهَا سموم شَدِيدَة وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {إعصار} قَالَ: الرّيح الشَّدِيدَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: فَلهُ فِي آثارهن خوار وحفيف كَأَنَّهُ إعصار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كَذَلِك يبين الله لكم الْآيَات لَعَلَّكُمْ تتفكرون} قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله فاعقلوا عَن الله أَمْثَاله فَإِن الله يَقُول (وتِلْكَ الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالمُونَ) (العنكبوت الْآيَة 43) آيَة 267

267

وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} قَالَ: من الذَّهَب وَالْفِضَّة {وَمِمَّا أخرجنَا لكم من الأَرْض} قَالَ: يَعْنِي من الْحبّ وَالتَّمْر وكل شَيْء عَلَيْهِ زَكَاة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} قَالَ: من التِّجَارَة {وَمِمَّا أخرجنَا لكم من الأَرْض} قَالَ: من الثِّمَار وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق من التَّمْر صَدَقَة وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ من الْوَرق صَدَقَة وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس ذود من الْإِبِل صَدَقَة وَفِي لفظ مُسلم: لَيْسَ فِي حب وَلَا تمر صَدَقَة حَتَّى يبلغ خَمْسَة أوسق وَأخرج مُسلم وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر بن عبد الله عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ من الْوَرق صَدَقَة وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس ذود من الابل صَدَقَة وَلَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق من التَّمْر صَدَقَة وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِيمَا سقت السَّمَاء والعيون أَو كَانَ عثرياً الْعشْر وَمَا سقِِي بالنضح نصف الْعشْر وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر بن عبد الله أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: فِيمَا سقت الْأَنْهَار والعيون الْعشْر وَفِيمَا سقِِي بالسانية نصف الْعشْر وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا سقت السَّمَاء والعيون الْعشْر وَفِيمَا سقِِي بالنضح نصف الْعشْر وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد عَفَوْت لكم عَن صَدَقَة الْخَيل وَالرَّقِيق فهاتوا صَدَقَة الرقة من كل أَرْبَعِينَ درهما دِرْهَم وَلَيْسَ فِي تسعين وَمِائَة شَيْء فَإِذا بلغ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَة دَرَاهِم وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وصححه عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي الإِبل صدقتها وَفِي الْبَقر صدقتها وَفِي الْغنم صدقتها وَفِي الْبَز صدقته قَالَهَا بالزاي وَأخرج أَبُو دَاوُد من طَرِيق خبيب بن سُلَيْمَان بن سَمُرَة عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْمُرنَا أَن نخرج الصَّدَقَة من الَّذِي يعد للْبيع

وَأخرج ابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر وَعَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْخُذ من كل عشْرين دِينَارا نصف دِينَار وَمن الْأَرْبَعين دِينَارا دِينَارا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ فِي أقل من خمس ذود شَيْء وَلَا فِي أقل من أَرْبَعِينَ من الْغنم شَيْء وَلَا فِي أقل من ثَلَاثِينَ من الْبَقر شَيْء وَلَا فِي أقل من عشْرين مِثْقَالا من الذَّهَب شَيْء وَلَا فِي أقل من مِائَتي دِرْهَم شَيْء وَلَا فِي أقل من خَمْسَة أوسق شَيْء وَالْعشر فِي التَّمْر وَالزَّبِيب وَالْحِنْطَة وَالشعِير وَمَا سُقِيَ سيحاً فَفِيهِ الْعشْر وَمَا سقِِي بالغرب فَفِيهِ نصف الْعشْر وَأخرج ابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه قَالَ: سُئِلَ عبد الله بن عمر عَن الْجَوْهَر وَالدَّار والفصوص والخرز وَعَن نَبَات الأَرْض البقل والقثاء وَالْخيَار فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْحجر زَكَاة وَلَيْسَ الْبُقُول زَكَاة إِنَّمَا سنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزَّكَاة فِي هَذِه الْخَمْسَة: فِي الْحِنْطَة وَالشعِير وَالتَّمْر وَالزَّبِيب والذرة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ إِنَّمَا سنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزَّكَاة فِي هَذِه الْأَرْبَعَة: الْحِنْطَة وَالشعِير وَالزَّبِيب وَالتَّمْر وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن معَاذ أَنه كتب إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَله عَن الخضراوات وَهِي الْبُقُول فَقَالَ: لَيْسَ فِيهَا شَيْء وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن جبل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِيمَا سقت السَّمَاء والبعل والسيل الْعشْر وَفِيمَا سقِِي بالنضح نصف الْعشْر وَإِنَّمَا يكون ذَلِك فِي التَّمْر وَالْحِنْطَة والحبوب فَأَما القثاء والبطيخ وَالرُّمَّان والقصب وَالْخضر فعفو عَفا عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ فِي الخضراوات صَدَقَة وَلَا فِي الْعَرَايَا صَدَقَة وَلَا فِي أقل من خَمْسَة أوسق صدق وَلَا فِي العوامل صَدَقَة وَلَا فِي الْجَبْهَة صَدَقَة قَالَ الصَّقْر بن حبيب: الْجَبْهَة: الْخَيل وَالْبِغَال وَالْعَبِيد وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِيمَا أنبتت الأَرْض من الْخضر زَكَاة

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِي الخضراوات صَدَقَة وَأخرج الْبَزَّار وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن طَلْحَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ فِي الخضراوات صَدَقَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن جحش أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ فِي الخضراوات صَدَقَة وأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد عَفَوْت لَكِن عَن صَدَقَة أرقائكم وخيلكم وَلَكِن هاتوا صَدَقَة أوراقكم وحرثكم وماشيتكم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن جبل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه إِلَى الْيمن فَقَالَ: خُذ الْحبّ من الْحبّ وَالشَّاة من الْغنم وَالْبَعِير من الإِبل وَالْبَقَرَة من الْبَقر وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: العجماء جَبَّار والبئر جَبَّار والمعدن جَبَّار وَفِي الرِّكَاز الْخمس وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي ثَلَاثِينَ من الْبَقر تبيع أَو تبيعة وَفِي كل أَرْبَعِينَ مُسِنَّة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِي الْبَقر العوامل صَدَقَة وَلَكِن فِي كل ثَلَاثَة تبيع وَفِي كل أَرْبَعِينَ مسن أَو مُسِنَّة وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعَسَل فِي كل عشرَة أزق زق وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ من الْعَسَل الْعشْر وَلَفظ أبي دَاوُد قَالَ جَاءَ هِلَال أحد بني متعان إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعشور نخل لَهُ وَكَانَ سَأَلَهُ أَن يحمي لَهُ وَاديا يُقَال لَهُ سلبة فحمى لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك الْوَادي فَلَمَّا ولى عمر بن الْخطاب كتب سُفْيَان بن وهب إِلَى عمر يسْأَله عَن ذَلِك فَكتب إِلَيْهِ عمر: إِن أدّى إِلَيْك مَا كَانَ يُؤَدِّي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عشور نخله فَاحم لَهُ سلبة وَإِلَّا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَاب غيث يَأْكُلهُ من شَاءَ

وَأخرج الشَّافِعِي وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ لما اسْتخْلف وَجه أنس بن مَالك إِلَى الْبَحْرين فَكتب لَهُ هَذَا الْكتاب: هَذِه فَرِيضَة الصَّدَقَة الَّتِي فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمُسلمين الَّتِي أَمر الله بهَا رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن سئلها من الْمُؤمنِينَ على وَجههَا فليعطها وَمن سُئِلَ فَوْقهَا فَلَا يُعْطِيهِ فِيمَا دون خمس وَعشْرين من الإِبل الْغنم فِي كل ذود شَاة فَإِذا بلغت خمْسا وَعشْرين فَفِيهَا ابْنة مَخَاض إِلَى أَن تبلغ خمْسا وَثَلَاثِينَ فَإِن لم يكن فِيهَا ابْنة مَخَاض فَابْن لبون ذكر فَإِذا بلغت سِتا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا ابْنة لبون إِلَى خمس وَأَرْبَعين فَإِذا بلغت سِتا وَأَرْبَعين فَفِيهَا حقة طروقة الْفَحْل إِلَى سِتِّينَ فَإِذا بلغت إِحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَة إِلَى خمس وَسبعين فَإِذا بلغت سِتا وَسبعين فَفِيهَا ابنتا لبون إِلَى تسعين فَإِذا بلغت إِحْدَى وَتِسْعين فَفِيهَا حقتان طروقتا الْفَحْل إِلَى عشْرين وَمِائَة فَإِذا زَادَت على عشْرين وَمِائَة فَفِي كل أَرْبَعِينَ ابْنة لبون وَفِي كل خمس حقة فَإِذا تبَاين أَسْنَان الإِبل فِي فَرَائض الصَّدقَات فَمن بلغت عِنْده صَدَقَة الْجَذعَة وَلَيْسَت عِنْده جَذَعَة وَعِنْده حقة فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ وَأَن يَجْعَل مَعهَا شَاتين إِن استيسرتا لَهُ أَو عشْرين درهما وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة الحقة وَلَيْسَت عِنْده حقة وَعِنْده جَذَعَة فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ وَيُعْطِيه الْمُصدق عشْرين درهما أَو شَاتين وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة بنت لبون وَلَيْسَت عِنْده إِلَّا حقة فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ وَيُعْطِيه الْمُصدق عشْرين درهما أَو شَاتين وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة بنت لبون وَلَيْسَت عِنْده إِلَّا ابْنة مَخَاض فَإِنَّهَا تقبل مِنْهُ وشاتين أَو عشْرين درهما وَمن بلغت عِنْده صَدَقَة بنت مَخَاض وَلَيْسَ عِنْده إِلَّا ابْن لبون ذكر فَإِنَّهُ يقبل مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَه شَيْء وَمن لم يكن عِنْده إِلَّا أَربع فَلَيْسَ فِيهَا شَيْء إِلَّا أَن يَشَاء رَبهَا وَفِي سَائِمَة الْغنم إِذا كَانَت أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاة إِلَى عشْرين وَمِائَة فَإِذا زَادَت على عشْرين وَمِائَة فَفِيهَا شَاتَان إِلَى أَن تبلغ مِائَتَيْنِ فَإِذا زَادَت على الْمِائَتَيْنِ فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه إِلَى أَن تبلغ ثلثمِائة فَإِذا زَادَت على ثلثمِائة فَفِي كل مائَة شَاة وَلَا يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة هرمة وَلَا ذَات عوار من الْغنم وَلَا تَيْس الْغنم إِلَّا أَن يَشَاء الْمُصدق وَلَا يجمع بَين متفرق وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع خشيَة الصَّدَقَة وَمَا كَانَ من خليطين فَإِنَّهُمَا يتراجعان بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ فَإِن لم تبلغ سَائِمَة الرجل أَرْبَعِينَ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْء إِلَّا أَن يَشَاء رَبهَا وَفِي الرقة ربع الْعشْر فَإِن لم يكن المَال إِلَّا تسعين وَمِائَة فَلَيْسَ فِيهِ شَيْء إِلَّا أَن يَشَاء رَبهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ كتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتاب الصَّدَقَة فَلم يُخرجهُ إِلَى عماله حَتَّى قبض فقرنه بِسَيْفِهِ فَعمل بِهِ أَبُو بكر ثمَّ عمر وَكَانَ فِيهِ: فِي خمس من الابل شَاة وَفِي عشر شَاتَان وَفِي خمس وَعشْرين بنت مَخَاض إِلَى خمس وَثَلَاثِينَ فَإِذا زَادَت فَفِيهَا بنت لبون إِلَى خمس وَأَرْبَعين فَإِذا زَادَت فَفِيهَا حقة إِلَى سِتِّينَ فَإِذا زَادَت فجذعة إِلَى خمس وَسبعين فَإِذا زَادَت بِنْتا لبون إِلَى تسعين فَإِذا زَادَت فحقتان إِلَى عشْرين وَمِائَة فَإِن كَانَت الإِبل أَكثر من ذَلِك فَفِي كل خمسين حقة وَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون وَفِي الْغنم فِي الْأَرْبَعين شَاة إِلَى عشْرين وَمِائَة فَإِذا زَادَت وَاحِدَة فشاتان إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِذا زَادَت فَثَلَاث شِيَاه إِلَى ثلثمِائة فَإِن كَانَ الْغنم أَكثر من ذَلِك فَفِي كل مائَة شَاة وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء حَتَّى تبلغ الْمِائَة وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع وَلَا يجمع بَين متفرق مَخَافَة الصَّدَقَة وَمَا كَانَ من خليطين فَإِنَّهُمَا يتراجعان بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة هرمة وَلَا ذَات عيب قَالَ الزُّهْرِيّ: فَإِذا جَاءَ الْمُصدق قسمت الشَّاء أَثلَاثًا ثلث شرار وَثلث خِيَار وَثلث وسط فَيَأْخُذ الْمُصدق من الْوسط وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كتب إِلَى أهل الْيمن بِكِتَاب فِيهِ الْفَرَائِض وَالسّنَن والديات وَبعث مَعَ عَمْرو بن حزم فقرىء على أهل الْيمن وَهَذِه نسختها: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد النَّبِي إِلَى شُرَحْبِيل بن عبد كلال والحرث بن عبد كلال ويغنم بن عبد كلال قيل ذِي رعين ومعافر وهمدان أما بعد فقد رَجَعَ رَسُولكُم وأعطيتم من الْمَغَانِم خمس الله وَمَا كتب الله على الْمُؤمنِينَ من الْعشْر فِي الْعقار مَا سقت السَّمَاء أَو كَانَ سيحاً أَو بعلاً فَفِيهِ الْعشْر إِذا بلغ خَمْسَة أوسق وَمَا سقِِي بالرشاء والدالية فَفِيهِ نصف الْعشْر إِذا بلغ خَمْسَة أوسق وَفِي كل خمس من الابل سَائِمَة شَاة إِلَى أَن تبلغ أَرْبعا وَعشْرين فَإِذا زَادَت وَاحِدَة على أَربع وَعشْرين فَفِيهَا ابْنة مَخَاض فَإِن لم تُوجد ابْنة مَخَاض فَابْن لبون ذكر إِلَى أَن تبلغ خمْسا وَثَلَاثِينَ فَإِذا زَادَت على خَمْسَة وَثَلَاثِينَ وَاحِدَة فَفِيهَا ابْن لبون إِلَى أَن تبلغ خمْسا وَأَرْبَعين فَإِن زَادَت وَاحِدَة على خَمْسَة وَأَرْبَعين فَفِيهَا حقة طروقة الْفَحْل إِلَى أَن تبلغ سِتِّينَ فَإِن زَادَت وَاحِدَة فجذعة إِلَى أَن تبلغ خَمْسَة وَسبعين فَإِن زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا ابْنا لبون إِلَى أَن تبلغ تسعين فَإِن زَادَت وَاحِدَة فَفِيهَا حقتان طروقتا الْحمل إِلَى أَن تبلغ عشْرين وَمِائَة فَمَا

زَاد على عشْرين وَمِائَة فَفِي كل أَرْبَعِينَ ابْنة لبون وَفِي كل خمسين حقة وَفِي كل ثَلَاثِينَ باقورة تبيع جذع أَو جَذَعَة وَفِي كل أَرْبَعِينَ باقورة بقرة وَفِي كل أَرْبَعِينَ شَاة سَائِمَة شَاة إِلَى أَن تبلغ عشْرين وَمِائَة فَإِن زَادَت على الْعشْرين وَمِائَة وَاحِدَة فَفِيهَا ثَلَاث شِيَاه إِلَى أَن تبلغ ثلثمِائة فَإِن زَادَت فَمَا زَاد فَفِي كل مائَة شَاة شَاة وَلَا يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة هرمة وَلَا عجفاء وَلَا ذَات عوار وَلَا تَيْس غنم إِلَّا أَن يَشَاء الْمُصدق وَلَا يجمع بَين متفرق وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع خيفة الصَّدَقَة وَمَا أَخذ من الخليطين فَإِنَّهُمَا يتراجعان بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ وَفِي كل خمس أَوَاقٍ من الْوَرق خَمْسَة دَرَاهِم وَمَا زَاد فَفِي كل أَرْبَعِينَ درهما دِرْهَم وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ شَيْء وَفِي كل أَرْبَعِينَ دِينَارا دِينَار إِن الصَّدَقَة لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل بَيت مُحَمَّد إِنَّمَا هِيَ الزَّكَاة تزكّى بهَا أنفسهم ولفقراء الْمُؤمنِينَ وَفِي سَبِيل الله وَابْن السَّبِيل وَلَيْسَ فِي رَقِيق وَلَا مزرعة وَلَا عمالها شَيْء إِذا كَانَت تُؤدِّي صدقتها من الْعشْر وَإنَّهُ لَيْسَ فِي عبد مُسلم وَلَا فِي فرسه شَيْء قَالَ: وَكَانَ فِي الْكتاب إِن أكبر الْكَبَائِر عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة إشراك بِاللَّه وَقتل النَّفس المؤمنة بِغَيْر حق والفرار فِي سَبِيل الله يَوْم الزَّحْف وعقوق الْوَالِدين وَرمي المحصنة وَتعلم السحر وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم وَإِن الْعمرَة الْحَج الْأَصْغَر وَلَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر وَلَا طَلَاق قبل املاك وَلَا عتاق حَتَّى يبْتَاع وَلَا يصلين أحد مِنْكُم فِي ثوب وَاحِد وَشقه باد وَلَا يصلين أحد مِنْكُم عاقصاً شعره وَلَا فِي ثوب وَاحِد لَيْسَ على مَنْكِبَيْه مِنْهُ شَيْء وكَانَ فِي الْكتاب: أَن من اعتبط مُؤمنا قتلا عَن بَيِّنَة فَإِنَّهُ قَود إِلَّا أَن يُرْضِي أَوْلِيَاء الْمَقْتُول وَأَن فِي النَّفس الدِّيَة مائَة من الإِبل وَفِي الْأنف الَّذِي أوعب جدعه الدِّيَة وَفِي اللِّسَان الدِّيَة وَفِي الشفتين الدِّيَة وَفِي البيضتين الدِّيَة وَفِي الذّكر الدِّيَة وَفِي الصلب الدِّيَة وَفِي الْعَينَيْنِ الدِّيَة وَفِي الرجل نصف الدِّيَة وَفِي المأمومة ثلث الدِّيَة وَفِي الْجَائِفَة ثلث الدِّيَة وَفِي المنقلة خمس عشرَة من الإِبل وَفِي كل أصْبع من الْأَصَابِع من الْيَد وَالرجل عشر وَفِي السن خمس من الإِبل وَفِي الْمُوَضّحَة خمس وَأَن الرجل بِالْمَرْأَةِ وعَلى أهل الذَّهَب ألف دِينَار وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن حبيب الْمَالِكِي قَالَ: قَالَ رجل لعمران بن حُصَيْن: يَا أَبَا نجيد إِنَّكُم لتحدثونا بِأَحَادِيث مَا نجد لَهَا أصلا فِي الْقُرْآن فَغَضب عمرَان وَقَالَ:

أوجدتم فِي كل أَرْبَعِينَ درهما دِرْهَم وَمن كل كَذَا وَكَذَا شَاة شَاة وَمن كَذَا وَكَذَا بَعِيرًا كَذَا وَكَذَا وجدْتُم هَذَا فِي الْقُرْآن قَالَ: لَا قَالَ: فعمن أَخَذْتُم هَذَا أخذتموه عَنَّا وأخذناه عَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر قَالَ فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير على كل حر أَو عبد ذكر أَو انثى من الْمُسلمين وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر طهرة للصيام من اللَّغْو والرفث وطعمة للْمَسَاكِين فَمن أَدَّاهَا قبل الصَّلَاة فَهِيَ زَكَاة مَقْبُولَة وَمن أَدَّاهَا بعد الصَّلَاة فَهِيَ صَدَقَة من الصَّدقَات وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كُنَّا نخرج إِذْ كَانَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَكَاة الْفطر عَن كل صَغِير وكبير حر أَو مَمْلُوك صَاعا من طَعَام أَو صَاعا من أقط أَو صَاعا من شعير أَو صَاعا من تمر أَو صَاعا من زبيب وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن ثَعْلَبَة بن صَغِير قَالَ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيبًا قبل الْفطر بيومين فَأمر بِصَدقَة الْفطر صَاع تمر أَو صَاع شعير على كل رَأس أَو صَاع بر أَو قَمح بَين اثْنَيْنِ صَغِير أَو كَبِير حر أَو عبد ذكر أَو أُنْثَى غَنِي أَو فَقير أما غنيكم فيزكيه الله وَأما فقيركم فَيرد الله عَلَيْهِ أَكثر مِمَّا أعطَاهُ وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن قيس بن سعد قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَدقَة الْفطر قبل أَن تنزل الزَّكَاة فَلَمَّا نزلت الزَّكَاة لم يَأْمُرنَا وَلم ينهنا وَنحن نفعله وأمرنا بِصَوْم عَاشُورَاء قبل أَن ينزل رَمَضَان فَلَمَّا نزل رَمَضَان لم يَأْمُرنَا بِهِ وَلم ينهنا عَنهُ وَنحن نفعله وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر وَعَن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرض زَكَاة الْفطر على الصَّغِير وَالْكَبِير وَالذكر وَالْأُنْثَى وَالْحر وَالْعَبْد مِمَّن تمونون وَأخرج الشَّافِعِي عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرض زَكَاة الْفطر على الْحر وَالْعَبْد وَالذكر وَالْأُنْثَى مِمَّن تمونون وَأخرج الْبَزَّار والدرقطني وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

أَمر صَارِخًا بِبَطن مَكَّة يُنَادي إِن صَدَقَة الْفطر حق وَاجِب على كل مُسلم صَغِير أَو كَبِير ذكر أَو أُنْثَى حر أَو مَمْلُوك حَاضر أَو باد صَاع من شعير أَو تمر وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حض على صَدَقَة رَمَضَان على كل إِنْسَان صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير أَو صَاعا من قَمح وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن أمه أَسمَاء أَنَّهَا حدثته: أَنهم كَانُوا يخرجُون زَكَاة الْفطر فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمدِّ الَّذِي يقتات بِهِ أهل الْبَيْت والصاع الَّذِي يقتاتون بِهِ يفعل ذَلِك أهل الْمَدِينَة كلهم وَأخرج أَبُو حَفْص بن شاهين فِي فَضَائِل رَمَضَان عَن جرير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَوْم رَمَضَان مُعَلّق بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَلَا يرفع إِلَّا بِزَكَاة الْفطر قَالَ ابْن شاهين: حَدِيث غَرِيب جيد الاسناد وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ عَن زُرَيْق بن حَكِيم أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كتب إِلَيْهِ: أَن انْظُر من مر بك من الْمُسلمين فَخذ مِمَّا ظهر من أَمْوَالهم من التِّجَارَات من كل أَرْبَعِينَ دِينَارا دِينَار فَمَا نقص فبحسابه حَتَّى تبلغ عشْرين دِينَارا فان نقصت ثلث دِينَار فدعها وَلَا تَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي عَمْرو بن جماس عَن أَبِيه قَالَ: كنت أبيع الادم والجعاب فَمر بِي عمر بن الْخطاب فَقَالَ لي: أدِ صَدَقَة مَالك فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا هُوَ فِي الادم قَالَ: قوّمه ثمَّ أخرج صدقته وَأخرج الْبَزَّار وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْمُرنَا برقيق الرجل أَو الْمَرْأَة الَّذِي هُوَ تلاد لَهُ وهم عملة لَا يُرِيد بيعهم فَكَانَ يَأْمُرنَا أَن لَا نخرج عَنْهُم من الصَّدَقَة شَيْئا وَكَانَ يَأْمُرنَا أَن نخرج عَن الرَّقِيق الَّذِي هُوَ يعد للْبيع وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن بِلَال بن الْحَرْث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ من الْمَعَادِن الْقبلية الصَّدَقَة وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن العنبر فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ شَيْء دسره الْبَحْر فَإِن كَانَ فِيهِ شَيْء فَفِيهِ الْخمس

وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن شهَاب قَالَ: فِي الزَّيْتُون الْعشْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي الزَّيْتُون الْعشْر وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْخَيل السَّائِمَة فِي كل فرس دِينَار وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ على الْمُسلم فِي عَبده وَلَا فرسه صَدَقَة إِلَّا زَكَاة الْفطر فِي الرَّقِيق أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} الْآيَة أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْبَراء بن عَازِب فِي قَوْله {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} قَالَ: نزلت فِينَا معشر الْأَنْصَار كُنَّا أَصْحَاب نخل كَانَ الرجل يَأْتِي من نخله على قدر كثرته وقلته وَكَانَ الرجل يَأْتِي بالقنو والقنوين فيعلقه فِي الْمَسْجِد وَكَانَ أهل الصّفة لَيْسَ لَهُم طَعَام فَكَانَ أحدهم إِذا جَاع أَتَى القنو فَضَربهُ بعصاه فَيسْقط الْبُسْر وَالتَّمْر فيأكل وَكَانَ نَاس مِمَّن لَا يرغب فِي الْخَيْر يَأْتِي الرجل بالقنو فِيهِ الشيص والحفش وبالقنو قد انْكَسَرَ فيعلقه فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم وَمِمَّا أخرجنَا لكم من الأَرْض وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون ولستم بآخذيه إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} قَالَ: لَو أَن أحدكُم اهدي إِلَيْهِ مثل مَا أعْطى لم يَأْخُذهُ إِلَّا عَن اغماض وحياء قَالَ: فَكُنَّا بعد ذَلِك يَأْتِي أَحَدنَا بِصَالح مَا عِنْده وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن الرجل كَانَ يكون لَهُ الحائطان فَينْظر إِلَى أردئهما تَمرا فَيتَصَدَّق بِهِ ويخلط بِهِ الحشف فَنزلت الْآيَة فعاب الله ذَلِك عَلَيْهِم ونهاهم عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَ أنَاس من الْمُنَافِقين حِين أَمر الله أَن تُؤَدّى الزَّكَاة يجيئون بِصَدَقَاتِهِمْ باردأ مَا عِنْدهم من الثَّمَرَة فَأنْزل الله {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} وَأخرج عبد بن حميد عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ لما أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَدقَة الْفطر جَاءَ رجل بِتَمْر رَدِيء فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي يخرص النّخل أَن لَا

يُجِيزهُ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} الْآيَة وَأخرج الْحَاكِم من طَرِيق جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر قَالَ: أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِزَكَاة الْفطر بِصَاع من تمر فجَاء رجل بِتَمْر رَدِيء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الله بن رَوَاحَة لَا تخرص هَذَا التَّمْر فَنزل هَذَا الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم وَمِمَّا أخرجنَا لكم من الأَرْض} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سهل بن حنيف قَالَ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّدَقَةِ فجَاء رجل بكبائس من هَذَا السحل - يَعْنِي الشيص - فَوَضعه فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: من جَاءَ بِهَذَا - وَكَانَ كل من جَاءَ بِشَيْء نسب إِلَيْهِ - فَنزلت {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} الْآيَة وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لونين من التَّمْر أَن يؤخذا فِي الصَّدَقَة الجعرور ولون الحبيق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشْتَرونَ الطَّعَام الرخيص وَيَتَصَدَّقُونَ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي قَالَ: سَأَلت عَليّ بن أبي طَالب عَن قَول الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} الْآيَة فَقَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة كَانَ الرجل يعمد إِلَى التَّمْر فيصرمه فيعزل الْجيد نَاحيَة فَإِذا جَاءَ صَاحب الصَّدَقَة أعطَاهُ من الرَّدِيء فَقَالَ الله {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون ولستم بآخذيه إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} يَقُول: وَلَا يَأْخُذ أحدكُم هَذَا الرَّدِيء حَتَّى يهضم لَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: علق إِنْسَان حشفاً فِي الاقناء الَّتِي تعلق بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هَذَا بئْسَمَا علق هَذَا فَنزلت {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان الْمَازِني من الْأَنْصَار أَن رجلا من قومه أَتَى بِصَدَقَتِهِ يحملهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأصناف من التَّمْر مَعْرُوفَة من الجعرور واللينة والأيارخ والقضرة وآمعاء فارة وكل هَذَا لَا خير فِيهِ من تمر النخيل فَردهَا الله وَرَسُوله وَأنزل الله فِيهِ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} إِلَى قَوْله {حميد}

وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَالْفِرْيَابِي عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يتصدقون بالحشف وشرار التَّمْر فنهوا عَن ذَلِك وَأمرُوا أَن يتصدقوا بِطيب قَالَ: وَفِي ذَلِك نزلت {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} وَأخرج وَكِيع وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: كَانَ الرجل يتَصَدَّق برذالة مَا لَهُ فَنزلت {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَوْف بن مَالك قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ عَصا فَإِذا اقناء معلقَة فِي الْمَسْجِد قنو مِنْهَا حشف فطعن فِي ذَلِك القنو وَقَالَ: مَا يضر صَاحبه لَو تصدق بأطيب من هَذِه إِن صَاحب هَذِه ليَأْكُل الحشف يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} يَقُول: تصدقوا من أطيب أَمْوَالكُم وأنفسه {ولستم بآخذيه} قَالَ: لَو كَانَ لكم على أحد حق فجاءكم بِحَق دون حقكم لم تأخذوه بِحِسَاب الْجيد حَتَّى تنقصوه فَذَلِك قَوْله {إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} فَكيف ترْضونَ لي مَا لَا ترْضونَ لأنفسكم وحقي عَلَيْكُم من أطيب أَمْوَالكُم وأنفسه وَهُوَ قَوْله (لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون) (آل عمرَان الْآيَة 92) وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن مُغفل فِي قَوْله {وَلَا تيمموا الْخَبيث} قَالَ: كسب الْمُسلم لَا يكون خبيثاً وَلَكِن لَا تصدق بالحشف وَالدِّرْهَم الزيف وَمَا لَا خير فِيهِ وَفِي قَوْله {إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} قَالَ: لَا تجوزوا فِيهِ وَأخرج ابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء بن عَازِب {وَلَا تيمموا الْخَبيث} يَقُول: وَلَا تعمدوا للخبيث مِنْهُ تنفقون وَاعْلَمُوا أَن الله غَنِي عَن صَدقَاتكُمْ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وَلَا تيمموا الْخَبيث} قَالَ: لَا تعمدوا إِلَى شَرّ ثماركم وحروثكم فتعطوه فِي الصَّدَقَة وَلَو أعطيتم ذَلِك لم تقبلُوا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول:

يممت رَاحِلَتي أَمَام مُحَمَّد أَرْجُو فواضله وَحسن نداه وقَالَ أَيْضا: تيممت قيسا وَكم دونه من الأَرْض من مهمه ذِي شرر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: سَأَلت عُبَيْدَة عَن هَذِه الْآيَة {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} قَالَ: إِنَّمَا ذَلِك فِي الزَّكَاة فِي الشَّيْء الْوَاجِب فَأَما فِي التطوّع فَلَا بَأْس بِأَن يتَصَدَّق الرجل بالدرهم الزيف هُوَ خير من التمرة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ولستم بآخذيه إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} قَالَ كَانَ رجال يُعْطون زَكَاة أَمْوَالهم من التَّمْر فَكَانُوا يُعْطون الحشف فِي الزَّكَاة فَقَالَ: لَو كَانَ بَعضهم يطْلب بَعْضًا ثمَّ قَضَاهُ لم يَأْخُذهُ إِلَّا أَن يرى أَنه قد أغمض عَنهُ حَقه وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ولستم بآخذيه إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} قَالَ: لَا تأخذونه من غرمائكم وَلَا فِي بيوعكم إِلَّا بِزِيَادَة على الطّيب فِي الْكَيْل وَذَلِكَ فِيمَا كَانُوا يعلقون من التَّمْر بِالْمَدِينَةِ وَمن كل مَا أنفقتم فَلَا تنفقوا إِلَّا طيبا وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} قَالَ: الْحَشَفَة وَالْحِنْطَة المأكولة {ولستم بآخذيه إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} قَالَ: أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك على رجل حق فاعطاك دَرَاهِم فِيهَا زيوف فاخذتها أَلَيْسَ قد كنت غمضت من حَقك وَأخرج وَكِيع عَن الْحسن {ولستم بآخذيه إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} قَالَ: لَو وجدتموه يُبَاع فِي السُّوق مَا أخذتوه حَتَّى يهضم لكم من الثّمن وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {ولستم بآخذيه إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} يَقُول: لَو كَانَ لَك على رجل حق لم ترض أَن تَأْخُذ مِنْهُ دون حَقك فَكيف ترْضى لله بأردإ مَالك تقرب بِهِ إِلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {ولستم بآخذيه إِلَّا أَن تغمضوا فِيهِ} يَقُول: لَسْتُم بآخذي هَذَا الرَّدِيء بِسعْر الطّيب إِلَّا أَن يهضم لكم مِنْهُ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن مُعَاوِيَة الفاخري قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث من فعلهن فقد طعم طعم الإِيمان من عبد الله وَحده وَأَنه لَا إِلَه إِلَّا الله

وَأعْطى زَكَاة مَاله طيبَة بهَا نَفسه وافرة عَلَيْهِ كل عَام وَلم يُعْط الهرمة وَلَا الذربة وَلَا الْمَرِيضَة وَلَا الشَّرْط اللثيمة وَلَكِن من وسط أَمْوَالكُم فَإِن الله لم يسألكم خَيره وَلم يَأْمُركُمْ بشره وَأخرج الشَّافِعِي عَن عمر بن الْخطاب أَنه اسْتعْمل أَبَا سُفْيَان بن عبد الله على الطَّائِف فَقَالَ: قل لَهُم: لَا آخذ مِنْكُم الربى وَلَا الماخض وَلَا ذَات الدّرّ وَلَا الشَّاة الأكولة وَلَا فَحل الْغنم وَخذ العناق والجذعة والثنية فَذَلِك عدل بَين رَدِيء المَال وخياره وَأخرج الشَّافِعِي عَن سعر أخي بني عدي قَالَ جَاءَنِي رجلَانِ فَقَالَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثنَا نصدق أَمْوَال النَّاس قَالَ: فأخرجت لَهما شَاة ماخضاً أفضل مَا وجدت فرداها عَليّ وَقَالا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَانَا أَن نَأْخُذ الشَّاة الحبلى قَالَ: فاعطيتهما شَاة من وسط الْغنم فاخذاها وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أُبي بن كَعْب قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُصدقا فمررت بِرَجُل فَجمع لي مَاله فَلم أجد عَلَيْهِ فِيهَا إِلَّا ابْنة مَخَاض فَقلت لَهُ: أدابة مَخَاض فَإِنَّهَا صدقتك فَقَالَ: ذَاك مَا لَا لبن فِيهِ وَلَا ظهر وَلَكِن هَذِه نَاقَة عَظِيمَة سَمِينَة فَخذهَا فَقلت لَهُ: مَا أَنا بآخذ مَا لم أومر بِهِ وَهَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْك قريب فَإِن أَحْبَبْت أَن تَأتيه فتعرض عَلَيْهِ ذَلِك قَالَ: إِنِّي فَاعل فَخرج معي بالناقة حَتَّى قدمنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ إِن تطوّعت بِخَير آجرك الله فِيهِ وقبلناه مِنْك وَأمر بِقَبض النَّاقة مِنْهُ ودعا لَهُ بِالْبركَةِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لدرهم طيب أحب إليَّ من مائَة ألف اقْرَأ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} من الْحَلَال وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مُغفل {أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم} قَالَ: من الْحَلَال وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلَا تيمموا الْخَبيث} قَالَ: الْحَرَام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يكْسب عبد مَالا حَرَامًا فينفق مِنْهُ فيبارك لَهُ فِيهِ وَلَا يتَصَدَّق فَيقبل مِنْهُ وَلَا يتْركهُ خلف

ظَهره إِلَّا كَانَ زَاده إِلَى النَّار إِن الله لَا يمحو السيء بالسيء وَلَا يمحو السيء إِلَّا بالْحسنِ إِن الْخَبيث لَا يمحو الْخَبيث وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن مَسْعُود رَفعه قَالَ: إِن الْخَبيث لَا يكفر الْخَبيث وَلَكِن الطّيب يكفر الْخَبيث وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن عمر قَالَ: إِذا طَابَ المكسب زكتْ النَّفَقَة إِن الْخَبيث لَا يكفر الْخَبيث وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: إِن كسب المَال من سَبِيل الْحَلَال قَلِيل فَمن كسب مَالا من غير حلّه فَوَضعه فِي غير حَقه فآثر من ذَلِك أَن لَا يسلب الْيَتِيم ويكسو الأرملة وَمن كسب مَالا من غير حلّه فَوَضعه فِي غير حَقه فَذَلِك الدَّاء العضال وَمن كسب مَالا من حلّه فَوَضعه فِي حَقه فَذَلِك يغسل الذُّنُوب كَمَا يغسل المَاء التُّرَاب عَن الصَّفَا وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أدّيت الزَّكَاة فقد قضيت مَا عَلَيْك وَمن جمع مَالا من حرَام ثمَّ تصدق بِهِ لم يكن لَهُ فِيهِ أجر وَكَانَ إصره عَلَيْهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من كسب طيبا خبثه منع الزَّكَاة وَمن كسب خبيثاً لم تطيبه الزَّكَاة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج الْحَاج حَاجا بِنَفَقَة طيبَة وَوضع رجله فِي الغرز فَنَادَى: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك ناداه مُنَاد من السَّمَاء لبيْك وَسَعْديك زادك حَلَال وراحلتك حَلَال وحجك مبرور غير مأزور وَإِذا خرج بِالنَّفَقَةِ الخبيثة فَوضع رجله فِي الغرز فَنَادَى: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك ناداه مُنَاد من السَّمَاء لَا لبيْك وَلَا سعديك زادك حرَام ونفقتك حرَام وحجك مأزور غير مبرور وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أسلم مولى عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حج بِمَال حرَام فَقَالَ: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك قَالَ الله لَهُ: لَا لبيْك وَلَا سعديك حجك مَرْدُود عَلَيْك وَأخرج أَحْمد عَن أبي بردة بن نيار قَالَ سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أفضل الْكسْب فَقَالَ: بيع مبرور وَعمل الرجل بِيَدِهِ

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي كسب الرجل أطيب قَالَ: عمل الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور وَأخرج عبد بن حميد عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ الله: كلوا من طَيّبَات مَا كسبتم وَأَوْلَادكُمْ من أطيب كسبكم فهم وَأَمْوَالهمْ لكم وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أطيب مَا أكل الرجل من كَسبه وَإِن وَلَده من كَسبه وَأخرج عبد بن حميد عَن عَائِشَة قَالَت: إِن أطيب مَا أكل الرجل من كَسبه وَولده من كَسبه وَلَيْسَ للْوَلَد أَن يَأْخُذ من مَال وَالِده إِلَّا بِإِذْنِهِ وَالْوَالِد يَأْخُذ من مَال وَلَده مَا شَاءَ بِغَيْر أُذُنه وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر الْأَحول قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا لنا من أَوْلَادنَا قَالَ: هم من أطيب كسبكم وَأَمْوَالهمْ لكم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي مَالا وَإِن لي عيالاً وَلأبي مَال وَله عِيَال وَإِن أبي يَأْخُذ مَالِي قَالَ: أَنْت وَمَالك لأَبِيك وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: يَأْخُذ الرجل من مَال وَلَده إِلَّا الْفرج وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ: الرجل فِي حل من مَال وَلَده وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: يَأْخُذ الْوَالِد من مَال وَلَده مَا شَاءَ والوالدة كَذَلِك وَلَا للْوَلَد أَن يَأْخُذ من مَال وَالِده إِلَّا مَا طابت بِهِ نَفسه وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: لَيْسَ للرجل من مَال ابْنه إِلَّا مَا احْتَاجَ إِلَيْهِ من طَعَام أَو شراب أَو لِبَاس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَا يَأْخُذ الرجل من مَال وَلَده شَيْئا إِلَّا أَن يحْتَاج فيستنفق بِالْمَعْرُوفِ يعوله ابْنه كَمَا كَانَ الْأَب يعوله فاما إِذا كَانَ مُوسِرًا فَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ من مَال ابْنه فيقي بِهِ مَاله أَو يَضَعهُ فِيمَا لَا يحل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن قَالَ: يَأْخُذ الرجل من مَال ابْنه مَا شَاءَ وَإِن كَانَت لَهُ جَارِيَة تسراها إِن شَاءَ قَالَ قَتَادَة: فَلم يُعجبنِي مَا قَالَ فِي الْجَارِيَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: إِذا كَانَت أم الْيَتِيم محتاجة أنْفق عَلَيْهَا من مَاله يَدهَا مَعَ يَده قيل لَهُ: فالموسرة قَالَ: لَا شَيْء لَهَا وَالله أعلم آيَة 268

268

أخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن للشَّيْطَان لمة بِابْن آدم وللملك لمة فَأَما لمة الشَّيْطَان فإيعاد بِالشَّرِّ وَتَكْذيب بِالْحَقِّ وَأما لمة الْملك فإيعاد بِالْخَيرِ وتصديق بِالْحَقِّ فَمن وجد ذَلِك فَليعلم أَنه من الله فليحمد الله وَمن وجد الْأُخْرَى فليتعوّذ بِاللَّه من الشَّيْطَان ثمَّ قَرَأَ {الشَّيْطَان يَعدكُم الْفقر ويأمركم بالفحشاء} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اثْنَتَانِ من الله وَاثْنَتَانِ من الشَّيْطَان {الشَّيْطَان يَعدكُم الْفقر ويأمركم بالفحشاء} يَقُول: لَا تنْفق مَالك وأمسكه عَلَيْك فَإنَّك تحْتَاج إِلَيْهِ {وَالله يَعدكُم مغْفرَة مِنْهُ} على هَذِه الْمعاصِي وفضلاً فِي الرزق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَالله يَعدكُم مغْفرَة مِنْهُ} لفحشائكم وفضلاً لفقركم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن خَالِد الربعِي قَالَ: عجبت لثلاث آيَات ذكرهن الله فِي الْقُرْآن (ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم) (غَافِر الْآيَة 60) لَيْسَ بَينهمَا حرف وَكَانَت إِنَّمَا تكون لنَبِيّ فاباحها الله لهَذِهِ الْأمة وَالثَّانيَِة قف عِنْدهَا وَلَا تعجل (اذكروني أذكركم) فَلَو اسْتَقر يقينها فِي قَلْبك مَا جَفتْ شفتاك وَالثَّالِثَة {الشَّيْطَان يَعدكُم الْفقر ويأمركم بالفحشاء وَالله يَعدكُم مغْفرَة مِنْهُ وفضلاً} وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِنَّمَا مثل ابْن آدم مثل الشَّيْء الْملقى بَين يَدي الله وَبَين الشَّيْطَان فَإِن كَانَ لله تبَارك وَتَعَالَى فِيهِ حَاجَة أجاره من الشَّيْطَان وَإِن لم يكن لله فِيهِ حَاجَة خلى بَينه وَبَين الشَّيْطَان

آيَة 269

269

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يُؤْتِي الْحِكْمَة من يَشَاء} قَالَ: الْمعرفَة بِالْقُرْآنِ ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره وَحَلَاله وَحَرَامه وَأَمْثَاله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا {يُؤْت الْحِكْمَة} قَالَ: الْقُرْآن يَعْنِي تَفْسِيره قَالَ ابْن عَبَّاس: فَإِنَّهُ قد قَرَأَهُ الْبر والفاجر وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس {يُؤْت الْحِكْمَة} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {يُؤْتِي الْحِكْمَة من يَشَاء} قَالَ: النُّبُوَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {يُؤْتِي الْحِكْمَة من يَشَاء} قَالَ: لَيست بِالنُّبُوَّةِ وَلكنه الْقُرْآن وَالْعلم وَالْفِقْه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {يُؤْت الْحِكْمَة} قَالَ: الْفِقْه فِي الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء {يُؤْت الْحِكْمَة} قَالَ: قِرَاءَة الْقُرْآن والفكرة فِيهِ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة {يُؤْت الْحِكْمَة} قَالَ: الْكتاب والفهم بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {يُؤْتِي الْحِكْمَة} قَالَ: الْكتاب يُؤْتِي اصابته من يَشَاء وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم {يُؤْتِي الْحِكْمَة} قَالَ: الْفَهم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {يُؤْتِي الْحِكْمَة} قَالَ: الإِصابة فِي القَوْل وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {يُؤْت الْحِكْمَة} قَالَ: الْفِقْه فِي الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {يُؤْتِي الْحِكْمَة} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {يُؤْت الْحِكْمَة} قَالَ: الخشية لِأَن خشيَة الله رَأس كل حِكْمَة وَقَرَأَ (إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء) (فاطر الْآيَة 28)

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن خَالِد بن ثَابت الربعِي قَالَ: وجدت فَاتِحَة زبور دَاوُد أَن رَأس الْحِكْمَة خشيَة الرب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطر الْوراق قَالَ: بلغنَا أَن الْحِكْمَة خشيَة الله وَالْعلم بِاللَّه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الخشية حِكْمَة من خشِي الله فقد أصَاب أفضل الْحِكْمَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن أنس قَالَ: قَالَ زيد بن أسلم: إِن الْحِكْمَة الْعقل وانه ليَقَع فِي قلبِي ان الْحِكْمَة الْفِقْه فِي دين الله وَأمر يدْخلهُ الله الْقُلُوب من رَحمته وفضله وَمِمَّا يبين ذَلِك أَنَّك تَجِد الرجل عَاقِلا فِي أَمر الدُّنْيَا إِذا نظر فِيهَا وتجد آخر ضَعِيفا فِي أَمر دُنْيَاهُ عَالما بِأَمْر دينه بَصيرًا بِهِ يؤتيه الله إِيَّاه ويحرمه هَذَا فالحكمة الْفِقْه فِي دين الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَكْحُول قَالَ: إِن الْقُرْآن جُزْء من اثْنَيْنِ وَسبعين جُزْءا من النبوّة وَهُوَ الْحِكْمَة الَّتِي قَالَ الله {وَمن يُؤْت الْحِكْمَة فقد أُوتِيَ خيرا كثيرا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ: كَانَ يُقَال: الرِّفْق رَأس الْحِكْمَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ ثلث الْقُرْآن أعطي ثلث النُّبُوَّة وَمن قَرَأَ نصف الْقُرْآن أعطي نصف النبوّة وَمن قَرَأَ ثُلثَيْهِ أعطي ثُلثي النُّبُوَّة وَمن قَرَأَ الْقُرْآن كُله أعطي النبوّة وَيُقَال لَهُ يَوْم الْقِيَامَة: اقْرَأ وارق بِكُل آيَة دَرَجَة حَتَّى ينجز مَا مَعَه من الْقُرْآن فَيُقَال لَهُ: اقبض فَيقبض فَيُقَال لَهُ: هَل تَدْرِي مَا فِي يَديك فَإِذا فِي يَده الْيُمْنَى الْخلد وَفِي الْأُخْرَى النَّعيم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن فقد استدرج النُّبُوَّة بَين جَنْبَيْهِ غير أَنه لَا يُوحى إِلَيْهِ وَمن قَرَأَ الْقُرْآن فَرَأى أَن أحدا أعطي أفضل مِمَّا أعْطى فقد عظم مَا صغر الله وَصغر مَا عظم الله وَلَيْسَ يَنْبَغِي لصَاحب الْقُرْآن أَن يجد مَعَ من وجد وَلَا يجهل مَعَ من جهل وَفِي جَوْفه كَلَام الله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبيد الله بن أبي نهيك قَالَ: قَالَ سعد: تجار كسبة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: يَعْنِي يَسْتَغْنِي بِهِ

وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ وَأخرج الْبَزَّار عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن زَوجي مِسْكين لَا يقدر على شَيْء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزَوجهَا: أَتَقْرَأُ من الْقُرْآن شَيْئا قَالَ: اقْرَأ سُورَة كَذَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخ بخ زَوجك غَنِي فلزمت الْمَرْأَة زَوجهَا ثمَّ أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا نَبِي الله قد بسط الله علينا رزقنا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي أُمَامَة أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله اشْتريت مقسم بني فلَان فربحت عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: أَلا أنبئك بِمَا هوأكثر ربحا قَالَ: وَهل يُوجد قَالَ: رجل تعلم عشر آيَات فَذهب الرجل فتعلم عشر آيَات فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود: أَنه كَانَ يقرىء الرجل الْآيَة ثمَّ يَقُول: تعلمهَا فَإِنَّهَا خير لَك مِمَّا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض حَتَّى يَقُول ذَلِك فِي الْقُرْآن كُله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: لَو قيل لأحدكم: لَو غَدَوْت إِلَى الْقرْيَة كَانَ لَك أَربع قَلَائِص كَانَ يَقُول: قد أَن لي أَن أغدو فَلَو ان أحدكُم غَدا فتعلم آيَة من كتاب الله كَانَت لَهُ خيرا من أَربع وَأَرْبع حَتَّى عد شَيْئا كثيرا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معشر التُّجَّار أَيعْجزُ أحدكُم إِذا رَجَعَ من سوقه أَن يقْرَأ عشر آيَات يكْتب الله لَهُ بِكُل آيَة حَسَنَة وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْبَيْت الَّذِي يقْرَأ فِيهِ الْقُرْآن يكثر خَيره وَالْبَيْت الَّذِي لَا يقْرَأ فِيهِ الْقُرْآن يقل خَيره وَأخرج أَبُو نعيم فِي فضل الْعلم ورياضة المتعلمين وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْقُرْآن غَنِي لَا فقر بعده وَلَا غنى دونه وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن رَجَاء الغنوي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعطَاهُ الله حفظ كِتَابه وَظن أَن أحدا أُوتِيَ أفضل مِمَّا أُوتِيَ فقد غمط أعظم النعم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل مؤدب يجب أَن تؤتي أدبه وأدب الله الْقُرْآن فَلَا تهجروه وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: مَا أنزل الله من آيَة إِلَّا وَالله يحب أَن يعلم الْعباد فِيمَا أنزلت وماذا عَنى بهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي قلَابَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أوّل مَا يرفع من الأَرْض الْعلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله يرفع الْقُرْآن قَالَ: لَا وَلَكِن يَمُوت من يُعلمهُ أَو قَالَ: من يعلم تَأْوِيله وَيبقى قوم يتأولونه على أهوائهم وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كُنَّا إِذا تعلمنا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر آيَات من الْقُرْآن لم نتعلم العشرالتي نزلت بعْدهَا حَتَّى نعلم مَا فِيهِ قيل لِشَرِيك: من الْعَمَل قَالَ: نعم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والمرهبي فِي فضل الْعلم عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: حَدثنَا من كَانَ يقرئنا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم كَانُوا يَأْخُذُونَ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر آيَات فَلَا يَأْخُذُونَ فِي الْعشْر الْأُخْرَى حَتَّى يعلمُوا مَا فِي هَذِه من الْعلم وَالْعَمَل قَالَ: فتعلمنا الْعلم وَالْعَمَل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر قَالَ: لقد عِشْت بُرْهَة من دهري وَإِن أَحَدنَا يُؤْتى الإِيمان قبل الْقُرْآن وتنزل السُّورَة على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنتعلم حلالها وحرامها وَمَا يَنْبَغِي أَن نقف عِنْده مِنْهَا كَمَا تعلمُونَ أَنْتُم الْقُرْآن ثمَّ لقد رَأَيْت رجَالًا يُؤْتى أحدهم الْقُرْآن قبل الإِيمان فَيقْرَأ مَا بَين فَاتِحَة الْكتاب إِلَى خاتمته مَا يدْرِي مَا آمره وَلَا زاجره وَمَا يَنْبَغِي أَن يقف عِنْده مِنْهُ وينثره نثر الدقل وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْكَلِمَة ضَالَّة الْمُؤمن فَحَيْثُ وجدهَا فَهُوَ أَحَق بهَا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أخْلص لله أَرْبَعِينَ يَوْمًا تَفَجَّرَتْ ينابيع الْحِكْمَة من قلبه على لِسَانه وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية مَوْصُولا من طَرِيق مَكْحُول عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ مَرْفُوعا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لُقْمَان قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني عَلَيْك بمجالسة الْعلمَاء واسمع كَلَام الْحُكَمَاء فَإِن الله يحيي الْقلب الْمَيِّت بِنور الْحِكْمَة كَمَا تحيا الأَرْض الْميتَة بوابل الْمَطَر

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا حسد إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رجل آتَاهُ الله مَالا فَسَلَّطَهُ على هَلَكته فِي الْحق وَرجل آتَاهُ الله الْحِكْمَة فَهُوَ يقْضِي بهَا وَيعلمهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن يزِيد بن الْأَخْنَس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تنافس إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رجل آتَاهُ الله الْقُرْآن فَهُوَ يقوم بِهِ آنَاء اللَّيْل وَالنَّهَار وَيتبع مَا فِيهِ فَيَقُول رجل: لَو أَن الله أَعْطَانِي مَا أعْطى فلَانا فأقوم بِهِ كَمَا يقوم بِهِ وَرجل أعطَاهُ الله مَالا فَهُوَ ينْفق مِنْهُ وَيتَصَدَّق بِهِ فَيَقُول رجل: لَو ان الله أَعْطَانِي كَمَا أعْطى فلَانا فأتصدق بِهِ قَالَ رجل: أرأيتك النجدة تكون فِي الرجل قَالَ: لَيست لَهما بِعدْل إِن الْكَلْب يهم من وَرَاء أَهله وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين وَأخرج أَبُو يعلى عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يرد الله بِهِ خيرا يفقهه فِي الدّين وَمن لم يفقهه لم يبل لَهُ وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا فقهه فِي الدّين وألهمه رشده وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفصل الْعِبَادَة الْفِقْه وَأفضل الدّين الْوَرع وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والمرهبي فِي فضل الْعلم عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فضل الْعلم خير من فضل الْعِبَادَة وَخير دينكُمْ الْوَرع وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَلِيل الْعلم خير من كثير من الْعِبَادَة وَكفى بِالْمَرْءِ فقهاً إِذا عبد الله وَكفى بِالْمَرْءِ جهلا إِذا أعجب بِرَأْيهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا اكْتسب مكتسب مثل فضل علم يهدي صَاحبه إِلَى هدى أَو يردهُ عَن ردى وَمَا استقام دينه حَتَّى يَسْتَقِيم عقله وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا ذَر لِأَن تَغْدُو فتعلم آيَة من كتاب الله خير لَك من أَن تصلي مائَة رَكْعَة وَلِأَن تَغْدُو فتعلم بَابا من الْعلم عمل بِهِ أَو لم يعْمل بِهِ خير من أَن تصلي ألف رَكْعَة

وَأخرج المرهبي فِي قضل الْعلم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا عبد الله بِشَيْء أفضل من فقه فِي دين ولفقيه وَاحِد أَشد على الشَّيْطَان من ألف عَابِد وَلكُل شَيْء عماد وعماد هَذَا الدّين الْفِقْه وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة لِأَن أَجْلِس سَاعَة فاتفقه أحب إِلَيّ من أَن أحيي لَيْلَة إِلَى الصَّباح وَأخرج التِّرْمِذِيّ والمرهبي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خصلتان لَا تجتمعان فِي مُنَافِق حسن سمت وَفقه فِي الدّين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فضل الْعلم أفضل من الْعِبَادَة وملاك الدّين الْوَرع وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يسير الْفِقْه خير من كثير الْعِبَادَة وَخير اعمالكم أيسرها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا عبد الله بِشَيْء أفضل من فقه فِي الدّين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ثَعْلَبَة بن الحكم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله للْعُلَمَاء يَوْم الْقِيَامَة إِذا قعد على كرسيه لفصل عباده: إِنِّي لم أجعَل علمي وحلمي فِيكُم إِلَّا وَأَنا أُرِيد أَن أَغفر لكم على مَا كَانَ فِيكُم وَلَا أُبَالِي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يبْعَث الله الْعباد يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ يُمَيّز الْعلمَاء فَيَقُول: يَا معشر الْعلمَاء إِنِّي لم أَضَع فِيكُم علمي لأعذبكم اذْهَبُوا فقد غفرت لكم الْآيَة 270

270

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا أنفقتم من نَفَقَة أَو نذرتم من نذر فَإِن الله يُعلمهُ} قَالَ: يُحْصِيه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب عَن عَوْف بن الْحَرْث بن الطُّفَيْل وَهُوَ ابْن أخي عَائِشَة لأمها أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا حدثت: أَن عبد الله بن

الزبير قَالَ فِي بيع أَو عَطاء أَعطَتْهُ عَائِشَة: وَالله لتنتهين عَائِشَة أَو لأحجرن عَلَيْهَا فَقَالَت: أهوَ قَالَ هَذَا قَالُوا نعم قَالَت عَائِشَة: فَهُوَ لله نذر أَن لَا أكلم ابْن الزبير كلمة أبدا فاستشفع ابْن الزبير بالمهاجرين حِين طَالَتْ هجرتهَا اياه فَقَالَت: وَالله لَا أشفع فِيهِ أحدا أبدا وَلَا أحنث نذري الَّذِي نذرت أبدا فَلَمَّا طَال على ابْن الزبير كلم الْمسور بن مخرمَة وَعبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن عبد يَغُوث وهما من بني زهرَة فَقَالَ لَهما: أنشدكما الله أَلا أدخلتماني على عَائِشَة فَإِنَّهَا لَا يحل لَهَا أَن تنذر قطيعتي فَأقبل بِهِ الْمسور وَعبد الرَّحْمَن مشتملين عَلَيْهِ بأرديتهما حَتَّى استأذنا على عَائِشَة فَقَالَا: السَّلَام على النَّبِي وَرَحْمَة الله وبركاته أندخل فَقَالَت عَائِشَة: ادخُلُوا قَالُوا: أكلنَا يَا أم الْمُؤمنِينَ قَالَت: نعم ادخُلُوا كلكُمْ وَلَا تعلم عَائِشَة أَن مَعَهُمَا ابْن الزبير فَلَمَّا دخلُوا دخل ابْن الزبير فِي الْحجاب واعتنق عَائِشَة وطفق يناشدها ويبكي وطفق الْمسور وَعبد الرَّحْمَن يناشدان عَائِشَة إِلَّا كَلمته وَقبلت مِنْهُ ويقولان: قد علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَمَّا قد علمت من الْهِجْرَة وأَنه لَا يحل للرجل أَن يهجر أَخَاهُ فَوق ثَلَاث لَيَال فَلَمَّا أَكْثرُوا التَّذْكِير والتحريج طفقت تذكرهم وتبكي وَتقول: إِنِّي قد نذرت وَالنّذر شَدِيد فَلم يزَالُوا بهَا حَتَّى كلمت ابْن الزبير ثمَّ اعتقت بنذرها أَرْبَعِينَ رَقَبَة لله ثمَّ كَانَت تذكر بَعْدَمَا أعتقت أَرْبَعِينَ رَقَبَة فتبكي حَتَّى تبل دموعها خمارها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن حجيرة الْأَكْبَر أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي نذرت أَن لَا أكلم أخي فَقَالَ: إِن الشَّيْطَان ولد لَهُ ولد فَسَماهُ نذرا وَإِن من قطع مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل فقد حلت عَلَيْهِ اللَّعْنَة وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه وَمن نذر أَن يعصيه فَلَا يعصيه وأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه وَمن نذر أَن يعصيه فَلَا يعصيه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا نذر فِي مَعْصِيّة وكفارته كَفَّارَة يَمِين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عمرَان بن

حُصَيْن قَالَ: أسرت امْرَأَة من الْأَنْصَار فاصيبت العضباء فَقَعَدت فِي عجزها ثمَّ زجرتها فَانْطَلَقت ونذرت إِن نجاها الله عَلَيْهَا لتنحرنها فَلَمَّا قدمت الْمَدِينَة رَآهَا النَّاس فَقَالُوا: العضباء نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِنَّهَا نذرت إِن نجاها الله عَلَيْهَا لتنحرنها فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ: سُبْحَانَ الله بئس مَا جزتها نذرت لله إِن نجاها الله عَلَيْهَا لتنحرنها لَا وَفَاء لنذر فِي مَعْصِيّة الله وَلَا فِيمَا لَا يملك العَبْد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَفَّارَة النّذر إِذا لم يسم كَفَّارَة الْيَمين وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ثَابت بن الضَّحَّاك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ على العَبْد نذر فِيمَا لَا يملك وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن النّذر وَقَالَ: إِنَّه لَا يَأْتِي بِخَير وَإِنَّمَا يسْتَخْرج بِهِ من الْبَخِيل وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تنذروا فَإِن النّذر لَا يُغني من الْقدر شَيْئا وَإِنَّمَا يسْتَخْرج من الْبَخِيل وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَأْتِي ابْن آدم النّذر بِشَيْء لم أكن قدرته وَلَكِن يلقيه النّذر إِلَى الْقدر قد قدرته فيستخرج الله بِهِ من الْبَخِيل فيؤتيني عَلَيْهِ مَا لم يكن يؤتيني عَلَيْهِ من قبل وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى شَيخا يهادي بَين ابنيه فَقَالَ: مَا بَال هَذَا قَالُوا: نذر أَن يمشي إِلَى الْكَعْبَة قَالَ: إِن الله عَن تَعْذِيب هَذَا نَفسه لَغَنِيّ وَأمره أَن يركب وَأخرج مُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أدْرك شَيخا يمشي بَين ابنيه يتَوَكَّأ عَلَيْهِمَا فَقَالَ: مَا شَأْن هَذَا قَالَ ابناه: يَا رَسُول الله كَانَ عَلَيْهِ نذر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اركب أَيهَا الشَّيْخ فَإِن الله غَنِي عَنْك وَعَن نذرك وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: نذرت أُخْتِي أَن تمشي إِلَى بَيت الله حافية فأمرتني أَن استفتي لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستفتيته فَقَالَ: لتمش ولتركب

وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس أَن أُخْت عقبَة بن عَامر نذرت أَن تحج مَاشِيَة وانها لَا تطِيق ذَلِك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله لَغَنِيّ عَن مشي اختك فلتركب ولتهد بَدَنَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن اختي نذرت أَن تحج مَاشِيَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله لَا يصنع بشقاء اختك شَيْئا فلتحج راكبة وتكفر عَن يَمِينهَا وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عقبَة بن عَامر أَنه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن اخت لَهُ نذرت أَن تحج حافية غير مختمرة فَقَالَ: مروها فلتختمر ولتركب ولتصم ثَلَاثَة أَيَّام وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب إِذا هُوَ بِرَجُل قَائِم فِي الشَّمْس فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا: هَذَا أَبُو إِسْرَائِيل نذر أَن يقوم وَلَا يقْعد لَا يستظل وَلَا يتَكَلَّم ويصوم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مروه فَلْيَتَكَلَّمْ وليستظل وليقعد وليتم صَوْمه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كَفَّارَة يَمِين وَمن نذر نذرا فِي مَعْصِيّة فكفارته كَفَّارَة يَمِين وَمن نذر نذرا لَا يطيقه فكفارته كَفَّارَة يَمِين وَمن نذر نذرا أطاقه فليوف بِهِ وَأخرج النَّسَائِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: النّذر نذران فَمَا كَانَ من نذر فِي طَاعَة الله فَذَلِك لله وَفِيه الْوَفَاء وَمَا كَانَ من نذر فِي مَعْصِيّة الله فَذَلِك للشَّيْطَان وَلَا وَفَاء فِيهِ ويكفره مَا يكفر الْيَمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا نذر فِي مَعْصِيّة وَلَا غضب وكفارته كَفَّارَة يَمِين وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ مَا خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة الا أمرنَا بِالصَّدَقَةِ ونهانا عَن الْمثلَة قَالَ: وان الْمثلَة أَن يخرم أَنفه وَأَن ينذر أَن يحجّ مَاشِيا فَمن نذر أَن يحجّ مَاشِيا فليهد هَديا وليركب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِنِّي نذرت أَن أقوم على قعيقعان عُريَانا إِلَى اللَّيْل فَقَالَ: أَرَادَ الشَّيْطَان أَن يُبْدِي عورتك وَأَن يضْحك النَّاس بك البس ثِيَابك وصلّ عِنْد الْحجر رَكْعَتَيْنِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: النذور أَرْبَعَة: فَمن نذر نذرا لم يسمه فكفارته كَفَّارَة يَمِين وَمن نذر فِي مَعْصِيّة فكفارته كَفَّارَة يَمِين وَمن نذر نذرا فِيمَا لَا يُطيق فكفارته كَفَّارَة يَمِين وَمن نذر نذرا فِيمَا يُطيق فليوف بنذره وأما قَوْله تَعَالَى: {وَمَا للظالمين من أنصار} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شُرَيْح قَالَ: الظَّالِم ينْتَظر الْعقُوبَة والمظلوم ينْتَظر النَّصْر وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الظُّلم ظلمات يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا الظُّلم فَإِن الظُّلم ظلمات يَوْم الْقِيَامَة وَاتَّقوا الشُّح فَإِن الشُّح أهلك من كَانَ قبلكُمْ حملهمْ على أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمهمْ وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إيَّاكُمْ وَالظُّلم فَإِن الظُّلم هُوَ الظُّلُمَات يَوْم الْقِيَامَة وَإِيَّاكُم وَالْفُحْش فَإِن الله لَا يحب الْفَاحِش الْمُتَفَحِّش وَإِيَّاكُم وَالشح فَإِن الشُّح دَعَا من كَانَ قبلكُمْ فسفكوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمهمْ وَقَطعُوا أرحامهم وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إيَّاكُمْ والظُّلم فَإِن الظُّلم ظلمات يَوْم الْقِيَامَة وَإِيَّاكُم وَالْفُحْش والتفحش وَإِيَّاكُم وَالشح فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بالشح أَمرهم بالقطيعة فَقطعُوا وَأمرهمْ بالبخل فبخلوا وَأمرهمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الهرماس بن زِيَاد قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب على نَاقَته فَقَالَ: إيَّاكُمْ والخيانة فَإِنَّهَا بئست البطانة وَإِيَّاكُم وَالظُّلم فَإِنَّهُ ظلمات يَوْم الْقِيَامَة وَإِيَّاكُم وَالشح فَإِنَّمَا أهلك من كَانَ قبلكُمْ الشُّح حَتَّى سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَقَطعُوا أرحامهم وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ من حَدِيث عمر بن الْخطاب مثله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تظلموا فتدعوا فَلَا يُسْتَجَاب لكم وتستسقوا فَلَا تسقوا وتستنصروا فَلَا تنصرُوا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صنفان من أمتِي لن تنالهم شَفَاعَتِي: إِمَام ظلوم غشوم وكل غال مارق وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنَّهَا تصعد إِلَى السَّمَاء كَأَنَّهَا شرارة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة تستجاب دعوتهم: الْوَالِد وَالْمُسَافر والمظلوم وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دَعْوَة الْمَظْلُوم مستجابة وَإِن كَانَ فَاجِرًا ففجوره على نَفسه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والأصبهاني عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دعوتان لَيْسَ بَينهمَا وَبَين الله حجاب دَعْوَة الْمَظْلُوم ودعوة الْمَرْء لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن خُزَيْمَة بن ثَابت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنَّهَا تحمل على الْغَمَام يَقُول الله: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لأنصرنك وَلَو بعد حِين وَأخرج أَحْمد عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا دَعْوَة الْمَظْلُوم وَإِن كَانَ كَافِرًا فَإِنَّهُ لَيْسَ دونهَا حجاب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله: اشْتَدَّ غَضَبي على من ظلم من لَا يجد لَهُ ناصراً غَيْرِي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حبَان فِي كتاب التوبيخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لأنتقمن من الظَّالِم فِي عاجله وآجله ولأنتقمن مِمَّن رأى مَظْلُوما فَقدر أَن ينصره فَلم يفعل وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: إِن الله لما خلق الْخلق فاستووا على أَقْدَامهم رفعوا رؤوسهم فَقَالُوا: يَا رب مَعَ من أَنْت قَالَ: أَنا مَعَ الْمَظْلُوم حَتَّى يُؤدى إِلَيْهِ حَقه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن ابْن عَبَّاس أَن ملكا من الْمُلُوك خرج يسير فِي مَمْلَكَته وَهُوَ مستخف من النَّاس حَتَّى نزل على رجل لَهُ بقرة فراحت عَلَيْهِ تِلْكَ الْبَقَرَة فحلبت فَإِذا حلابها مِقْدَار حلاب ثَلَاثِينَ بقرة فَحدث الْملك نَفسه أَن يَأْخُذهَا فَلَمَّا كَانَ الْغَد غَدَتْ الْبَقَرَة إِلَى مرعاها ثمَّ راحت فحلبت فنقص لَبنهَا على النّصْف وَجَاء مِقْدَار حلاب خمس عشرَة بقرة فَدَعَا الْملك صَاحب

منزله فَقَالَ: أَخْبرنِي عَن بقرتك أرعت الْيَوْم فِي غيرمرعاها بالْأَمْس وشربت من غير مشربها بالْأَمْس فَقَالَ: مَا رعت فِي غير مرعاها بالْأَمْس وَلَا شربت فِي غير مشربها بالْأَمْس فَقَالَ: مَا بَال حلابها على النّصْف فَقَالَ: أرى الْملك هم بأخذها فنقص لَبنهَا فَإِن الْملك إِذا ظلم أَو هم بالظلم ذهبت الْبركَة قَالَ: وَأَنت من أَيْن يعرفك الْملك قَالَ: هُوَ ذَاك كَمَا قلت لَك قَالَ: فعاهد الْملك ربه فِي نَفسه أَن لَا يظلم وَلَا يَأْخُذهَا وَلَا يملكهَا وَلَا تكون فِي ملكه أبدا قَالَ: فغدت فرعت ثمَّ راحت ثمَّ حلبت فَإِذا لَبنهَا قد عَاد على مِقْدَار ثَلَاثِينَ بقرة فَقَالَ الْملك بَينه وَبَين نَفسه وَاعْتبر: أرى الْملك إِذا ظلم أَو هم بظُلْم ذهبت الْبركَة لَا جرم لأعدلن فلأكونن على أفضل الْعدْل وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز: من أحسن فليرج الثَّوَاب وَمن أَسَاءَ فَلَا يستنكر الْجَزَاء وَمن أَخذ عزا بِغَيْر حق أورثه الله ذلاً بِحَق وَمن جمع مَالا بظُلْم أورثه الله فقرا بِغَيْر ظلم وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن الله عز وَجل قَالَ: من اسْتغنى بأموال الْفُقَرَاء أفقرته وكل بَيت يبْنى بقوّة الضُّعَفَاء أجعَل عاقبته إِلَى خراب آيَة 271

271

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ وَإِن تخفوها وتؤتوها الْفُقَرَاء فَهُوَ خير لكم} فَجعل الله صَدَقَة السِّرّ فِي التَّطَوُّع تفضل على علانيتها سبعين ضعفا وَجعل صَدَقَة الْفَرِيضَة علانيتها أفضل من سرها بِخَمْسَة وَعشْرين ضعفا وَكَذَلِكَ جَمِيع الْفَرَائِض والنوافل فِي الْأَشْيَاء كلهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عمل السِّرّ أفضل من الْعَلَانِيَة أفضل لمن أَرَادَ الِاقْتِدَاء بِهِ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: كل شَيْء فرض الله عَلَيْك فالعلانية فِيهِ أفضل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن تبدوا الصَّدقَات} الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا يعْمل بِهِ قبل أَن تنزل بَرَاءَة فَلَمَّا نزلت بَرَاءَة بفرائض الصَّدقَات وتفصيلها انْتَهَت الصَّدقَات إِلَيْهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كل مَقْبُول إِذا كَانَت النِّيَّة صَادِقَة وَصدقَة السِّرّ أفضل وَذكر لنا أَن الصَّدَقَة تطفىء الْخَطِيئَة كَمَا يطفىء المَاء النَّار وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ} قَالَ: هَذَا مَنْسُوخ وَقَوله (وَفِي أَمْوَالهم حق للسَّائِل والمحروم) (الذاريات الْآيَة 19) قَالَ: مَنْسُوخ نسخ كل صَدَقَة فِي الْقُرْآن الْآيَة الَّتِي فِي التَّوْبَة (إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء) (التَّوْبَة الْآيَة 60) الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أَي الصَّدَقَة أفضل قَالَ: جهد مقل أَو سر إِلَى فَقير ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ} الْآيَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أدلك عَن كنز من كنوز الْجنَّة قلت: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهَا كنز من كنوز الْجنَّة قلت: فَالصَّلَاة يَا رَسُول الله قَالَ: خير مَوْضُوع فَمن شَاءَ أقل وَمن شَاءَ أَكثر قلت: فالصوم يَا رَسُول الله قَالَ: قرض مجزىء قلت: فالصدقة يَا رَسُول الله قَالَ: أَضْعَاف مضاعفة وَعند الله مزِيد قلت: فأيها أفضل قَالَ: جهد من مقل وسر إِلَى فَقير وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي أُمَامَة أَن أَبَا ذَر قَالَ: يَا رَسُول الله مَا الصَّدَقَة قَالَ: أَضْعَاف مضاعفة وَعند الله الْمَزِيد ثمَّ قَرَأَ (من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ أضعافاً كَثِيرَة) (الْبَقَرَة الْآيَة 245) قيل: يَا رَسُول الله أَي الصَّدَقَة

أفضل قَالَ: سر إِلَى فَقير أَو جهد من مقل ثمَّ قَرَأَ {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ} الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لمَّا خلق الله الأَرْض جعلت تميد فخلق الْجبَال فألقاها عَلَيْهَا فاستقرت فتعجبت الْمَلَائِكَة من خلق الْجبَال فَقَالَت: يَا رب هَل من خلقك شَيْء أَشد من الْجبَال قَالَ: نعم الْحَدِيد قَالَت: فَهَل من خلقك شَيْء أَشد من الْحَدِيد قَالَ: نعم النَّار قَالَت: فَهَل من خلقك شَيْء أَشد من النَّار قَالَ: نعم المَاء قَالَت: فَهَل من خلقك شَيْء أَشد من المَاء قَالَ: نعم الرّيح قَالَت: فَهَل من خلقك شَيْء أَشد من الرّيح قَالَ: نعم ابْن آدم يتَصَدَّق بِيَمِينِهِ فيخفيها من شِمَاله وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: سَبْعَة يظلهم الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله إِمَام عَادل وشاب نَشأ فِي عبَادَة الله عز وَجل وَرجل قلبه مُعَلّق بالمساجد ورجلان تحابا فِي الله اجْتمعَا على ذَلِك وتفرقا عَلَيْهِ وَرجل دَعَتْهُ امْرَأَة ذَات منصب وجمال فَقَالَ إِنِّي أَخَاف الله وَرجل تصدق بِصَدقَة فأخفاها حَتَّى لَا تعلم شِمَاله مَا تنْفق يَمِينه وَرجل ذكر الله خَالِيا فَفَاضَتْ عَيناهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مُعَاوِيَة بن حيدة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن صَدَقَة السِّرّ تطفىء غضب الرب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صنائع الْمَعْرُوف تَقِيّ مصَارِع السوء وَصدقَة السِّرّ تطفىء غضب الرب وصلَة الرَّحِم تزيد فِي الْعُمر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صنائع الْمَعْرُوف تَقِيّ مصَارِع السوء وَالصَّدَََقَة خفِيا تطفىء غضب الرب وصلَة الرَّحِم تزيد فِي الْعُمر وكل مَعْرُوف صَدَقَة وَأهل الْمَعْرُوف فِي الدُّنْيَا هم أهل الْمَعْرُوف فِي الْآخِرَة وَأهل الْمُنكر فِي الدُّنْيَا هم أهل الْمُنكر فِي الْآخِرَة وَأول من يدْخل الْجنَّة أهل الْمَعْرُوف وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب قَضَاء الْحَوَائِج وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صَدَقَة السِّرّ تطفىء غضب الرب وصلَة الرَّحِم تزيد فِي الْعُمر وَفعل الْمَعْرُوف يقي مصَارِع السوء

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: كَانَ رجل فِي قوم صَالح عَلَيْهِ السَّلَام قد آذاهم فَقَالُوا: يَا نَبِي الله ادْع الله عَلَيْهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا فقد كفيتموه وَكَانَ يخرج كل يَوْم فيحتطب فَخرج يَوْمئِذٍ وَمَعَهُ رغيفان فَأكل أَحدهمَا وَتصدق بِالْآخرِ فاحتطب ثمَّ جَاءَ بحطبه سالما فجاؤوا إِلَى صَالح فَقَالُوا: قد جَاءَ بحطبه سالما لم يصبهُ شَيْء فَدَعَاهُ صَالح فَقَالَ: أَي شَيْء صنعت الْيَوْم فَقَالَ: خرجت وَمَعِي قرصان تَصَدَّقت بإحدهما وأكلت الآخر فَقَالَ صَالح: حل حطبك فَحله فَإِذا فِيهِ أسود مثل الْجذع عاض على جذل من الْحَطب فَقَالَ: بهَا دفع عَنهُ يَعْنِي بِالصَّدَقَةِ وَأخرج أَحْمد عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: خرجت امْرَأَة وَكَانَ مَعهَا صبي لَهَا فجَاء الذِّئْب فاختلسه مِنْهَا فَخرجت فِي أَثَره وَكَانَ مَعهَا رغيف فَعرض لَهَا سَائل فَأَعْطَتْهُ الرَّغِيف فجَاء الذِّئْب بصبيها فَرده عَلَيْهَا وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة يُحِبهُمْ الله وَثَلَاثَة يبغضهم الله فَأَما الَّذين يُحِبهُمْ الله فَرجل أَتَى قوما فَسَأَلَهُمْ بِاللَّه وَلم يسألهم بِقرَابَة فَتخلف رجل من أَعْقَابهم فَأعْطَاهُ سرا لَا يعلم بعطيته إِلَّا الله وَالَّذِي أعطَاهُ وَقوم سَارُوا ليلتهم حَتَّى إِذا كَانَ النّوم نزلُوا فوضعوا رؤوسهم فَقَامَ رجل يتملقني وَيَتْلُو آياتي وَرجل كَانَ فِي سَرِيَّة فلقي الْعَدو فهزموا فَأقبل بصدره حَتَّى يقتل أَو يفتح لَهُ وَثَلَاثَة يبغضهم الله الشَّيْخ الزَّانِي وَالْفَقِير المختال والغني الظلوم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قِرَاءَة الْقُرْآن فِي الصَّلَاة أفضل من قِرَاءَة الْقُرْآن فِي غير الصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن فِي غير الصَّلَاة أفضل من التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وَالتَّسْبِيح أفضل من الصَّدَقَة وَالصَّدَََقَة أفضل من الصَّوْم وَالصَّوْم جنَّة من النَّار وَأخرج ابْن ماجة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس تُوبُوا إِلَى الله قبل أَن تَمُوتُوا وَبَادرُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة قبل أَن تشْغَلُوا وصلوا الَّذِي بَيْنكُم وَبَين ربكُم بِكَثْرَة ذكركُمْ لَهُ وَكَثْرَة الصَّدَقَة فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة تُرْزَقُوا وَتنصرُوا وَتجبرُوا وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لكعب بن عجْرَة:

يَا كَعْب بن عجْرَة الصَّلَاة قرْبَان وَالصِّيَام جنَّة وَالصَّدَََقَة تطفىء الْخَطِيئَة كَمَا يطفىء المَاء النَّار يَا كَعْب بن عجْرَة النَّاس غاديان فبائع نَفسه فموبق رقبته ومبتاع نَفسه فِي عتق رقبته وَأخرج ابْن حبَان عَن كَعْب بن عجْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا كَعْب بن عجْرَة إِنَّه لَا يدْخل الْجنَّة لحم وَدم نبتا على سحت النَّار أولى بِهِ يَا كَعْب بن عجْرَة النَّاس غاديان فغاد فِي فكاك نَفسه فمعتقها وغاد موبقها يَا كَعْب بن عجْرَة الصَّلَاة قرْبَان وَالصَّوْم جنَّة وَالصَّدَََقَة تطفىء الْخَطِيئَة كَمَا يذهب الجليد على الصَّفَا وَأخرج أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عقبَة بن عَامر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كل امرىء فِي ظلّ صدقته حَتَّى يفصل بَين النَّاس وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عمر قَالَ: ذكر لي أَن الْأَعْمَال تباهي فَتَقول الصَّدَقَة: أَنا أفضلكم وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يخرج رجل بِشَيْء من الصَّدَقَة حَتَّى يفك عَنْهَا لحيي سبعين شَيْطَانا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عقبَة بن عَامر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الصَّدَقَة لتطفىء على أَهلهَا حر الْقُبُور وَإِنَّمَا يستظل الْمُؤمن يَوْم الْقِيَامَة فِي ظلّ صدقته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم باكروا بِالصَّدَقَةِ فَإِن الْبلَاء لَا يتخطى الصَّدَقَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدقوا فَإِن الصَّدَقَة فكاككم من النَّار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم باكروا بِالصَّدَقَةِ فَإِن الْبلَاء لَا يتخطاها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مَيْمُونَة بنت سعد أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله أَفْتِنَا عَن الصَّدَقَة قَالَ: إِنَّهَا فكاك من النَّار لمن احتسبها يَبْتَغِي بهَا وَجه الله وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن حبَان عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن

الصَّدَقَة لتطفىء غضب الرب وتدفع ميتَة السوء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن رَافع بن خديج قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّدَقَة تسد سبعين بَابا من السوء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَمْرو بن عَوْف قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن صَدَقَة الْمُسلم تزيد فِي الْعُمر وتمنع ميتَة السوء وَيذْهب الله بهَا الْكبر وَالْفَخْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: مَا خرجت صَدَقَة حَتَّى يفك عَنْهَا لحيا سبعين شَيْطَانا كلهم ينْهَى عَنْهَا وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الْبر والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله ليدرأ بِالصَّدَقَةِ سبعين ميتَة من السوء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله ليدْخل باللقمة الْخبز وقبضة التَّمْر وَمثله مِمَّا ينْتَفع بِهِ الْمِسْكِين ثَلَاثَة الْجنَّة رب الْبَيْت الْآمِر بِهِ وَالزَّوْجَة تصلحه: وَالْخَادِم الَّذِي يناول الْمِسْكِين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْحَمد لله الَّذِي لم ينس خدمنا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا سيكلمه الله لَيْسَ بَينه وَبَينه ترجمان فَينْظر أَيمن مِنْهُ فَلَا يرى إِلَّا مَا قدم وَينظر أشأم مِنْهُ فَلَا يرى إِلَّا مَا قدم وَينظر بَين يَدَيْهِ فَلَا يرى إِلَّا النَّار تِلْقَاء وَجهه فَاتَّقُوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة وَأخرج أَحْمد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليتق أحدكُم وَجهه من النَّار وَلَو بشق تَمْرَة وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عَائِشَة اشْترِي نَفسك من النَّار وَلَو بشق تَمْرَة فَإِنَّهَا تسد من الجائع مسدها من الشبعان وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَعْوَاد الْمِنْبَر يَقُول اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة فَإِنَّهَا تقيم العوج وتدفع ميتَة السوء وَتَقَع من الجائع موقعها من الشبعان وَأخرج ابْن حبَان عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعبد عَابِد من بني إِسْرَائِيل فعبد الله فِي صومعته سِتِّينَ عَاما فأمطرت الأَرْض فأخضرت فَأَشْرَف الراهب من صومعته فَقَالَ: لَو نزلت فَذكرت الله فازددت خيرا فَنزل وَمَعَهُ رغيف

أَو رغيفان فَبَيْنَمَا هُوَ فِي الأَرْض لَقيته امْرَأَة فَلم يزل يكلمها وتكلمه حَتَّى غشيها ثمَّ أُغمي عَلَيْهِ فَنزل الغدير يستحم فجَاء سَائل فأوما إِلَيْهِ أَن يَأْخُذ الرغيفين ثمَّ مَاتَ فوزنت عبَادَة سِتِّينَ سنة بِتِلْكَ الزنية فرجحت الزنية بحسناته ثمَّ وضع الرَّغِيف أَو الرغيفان مَعَ حَسَنَاته فرجحت حَسَنَاته فغفر لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَن رَاهِبًا عبد الله فِي صومعة سِتِّينَ سنة فَجَاءَت امْرَأَة فَنزلت إِلَى جنبه فَنزل إِلَيْهَا فواقعها سِتّ لَيَال ثمَّ سقط فِي يَده فهرب فَأتى مَسْجِدا فأوى فِيهِ ثَلَاثًا لَا يطعم شَيْئا فَأتى برغيف فَكَسرهُ فَأعْطى رجلا عَن يَمِينه نصفه وَأعْطى آخر عَن يسَاره نصفه فَبعث الله إِلَيْهِ ملك الْمَوْت فَقبض روحه فَوضعت السِّتُّونَ فِي كفة وَوضعت السِّتَّة فِي كفة فرجحت السِّتَّة ثمَّ وضع الرَّغِيف فرجح وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ نَحوه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُ خصفة بن خصفة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول هَل تَدْرُونَ مَا الشَّديد قُلْنَا: الرجل يصرع الرجل قَالَ: إِن الشَّديد كل الشَّديد الَّذِي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب تَدْرُونَ مَا الرقوب قُلْنَا: الرجل لَا يُولد لَهُ قَالَ: إِن الرقوب الرجل الَّذِي لَهُ الْوَلَد لم يقدم مِنْهُم شَيْئا ثمَّ قَالَ: تَدْرُونَ مَا الصعلوك قُلْنَا: الرجل لَا مَال لَهُ قَالَ: الصعلوك كل الصعلوك الَّذِي لَهُ المَال لم يقدم مِنْهُ شَيْئا وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يَا عَائِشَة اشْترِي نَفسك من الله لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا وَلَو بشق تَمْرَة يَا عَائِشَة لَا يرجعن من عنْدك سَائل وَلَو بظلف محرق وَأخرج مُسلم عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: يصبح على كل سلامى من

أحدكُم صَدَقَة فَكل تسبيحه صَدَقَة وكل تَحْمِيدَة صَدَقَة وكل تَهْلِيلَة صَدَقَة وكل تَكْبِيرَة صَدَقَة وَأمر بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَة وَنهي عَن الْمُنكر صَدَقَة ويجزىء من ذَلِك رَكْعَتَانِ يركعهما من الضُّحَى وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كل ميسم من الإِنسان صَدَقَة كل يَوْم فَقَالَ بعض الْقَوْم: إِن هَذَا لشديد يَا رَسُول الله وَمن يُطيق هَذَا قَالَ: أَمر بِالْمَعْرُوفِ وَنهي عَن الْمُنكر صَدَقَة وإماطة الْأَذَى عَن الطَّرِيق صَدَقَة وَإِن حملك على الضَّعِيف صَدَقَة وَإِن كل خطْوَة يخطوها أحدكُم إِلَى الصَّلَاة صَدَقَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن ابْن آدم سِتُّونَ وثلثمائة مفصل عَن كل وَاحِد مِنْهَا فِي كل يَوْم صَدَقَة فالكلمة يتَكَلَّم بهَا الرجل صَدَقَة وَعون الرجل أَخَاهُ على الشَّيْء صَدَقَة والشربة من المَاء تَسْقِي صَدَقَة وإماطة الْأَذَى عَن الطَّرِيق صَدَقَة وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن تبسمك فِي وَجه أَخِيك يكْتب لَك بِهِ صَدَقَة وَإِن إفراغك من دلو أَخِيك يكْتب لَك بِهِ صَدَقَة وإماطتك الْأَذَى عَن الطَّرِيق يكْتب لَك بِهِ صَدَقَة وإرشادك للضال يكْتب لَك بِهِ صَدَقَة وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ دهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَاس من قيس مجتابي الثِّمَار متقلدي السيوف فساءه مَا رأى من حَالهم فصلى ثمَّ دخل بَيته ثمَّ خرج فصلى وَجلسَ فِي مَجْلِسه فَأمر بِالصَّدَقَةِ أَو حض عَلَيْهَا فَقَالَ: تصدق رجل من ديناره تصدق رجل من درهمه تصدق رجل من صَاع بره تصدق رجل من صَاع تمره فجَاء رجل من الْأَنْصَار بصرة من ذهب فوضعها فِي يَده ثمَّ تتَابع النَّاس حَتَّى رأى كومين من ثِيَاب وَطَعَام فَرَأَيْت وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تهلل كَأَنَّهُ مذهبَة وَأخرج الْبَزَّار عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حث يَوْمًا على الصَّدَقَة فَقَامَ علية بن زيد فَقَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا عرضي وَإِنِّي أشهدك يَا رَسُول الله أَنِّي تَصَدَّقت بعرضي على من ظَلَمَنِي ثمَّ جلس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْت الْمُتَصَدّق بعرضك قد قبل الله مِنْك

وَأخرج الْبَزَّار عَن علية بن زيد قَالَ حث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الصَّدَقَة فَقَامَ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُول الله حثثت على الصَّدَقَة وَمَا عِنْدِي إِلَّا عرضي فقد تَصَدَّقت بِهِ على من ظَلَمَنِي فَأَعْرض عني فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي قَالَ: أَيْن علية بن زيد أَو أَيْن الْمُتَصَدّق بعرضه فَإِن الله تَعَالَى قد قبل مِنْهُ وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم فِي فضل الْعلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله من أَيْن نتصدق وَلَيْسَ لنا أَمْوَال قَالَ: أَن من أَبْوَاب الصَّدَقَة التَّكْبِير وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله واستغفر الله وتأمر بِالْمَعْرُوفِ وتنهى عَن الْمُنكر وتعزل الشوك عَن طَرِيق النَّاس والعظم وَالْحجر وتهدي الْأَعْمَى وَتسمع الْأَصَم والأبكم حَتَّى يفقه وتدل الْمُسْتَدلّ على حَاجَة لَهُ قد علمت مَكَانهَا وتسعى بِشدَّة ذراعيك مَعَ الضَّعِيف كل ذَلِك من أَبْوَاب الصَّدَقَة مِنْك على نَفسك وَلَك فِي جماعك زَوجتك أجر قَالَ أَبُو ذَر: كَيفَ يكون لي أجر فِي شهوتي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك ولد فَأدْرك فرجوت أجره فَمَاتَ أَكنت تحتسب بِهِ قلت: نعم قَالَ: فَأَنت خلقته قلت: بل الله خلقه قَالَ: فَأَنت هديته قلت: بل الله هداه قَالَ: فَأَنت كنت ترزقه قلت: بل الله كَانَ يرزقه قَالَ: فَكَذَلِك فضعه فِي حَلَاله وجنبه حرَامه فَإِن شَاءَ الله أَحْيَاهُ وَإِن شَاءَ أَمَاتَهُ وَلَك أجر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدقوا فَإِنَّهُ يُوشك أَن يخرج الرجل بِصَدَقَتِهِ فَلَا يجد من يقبلهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سَلمَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا نقصت صَدَقَة من مَال قطّ فتصدقوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت أهديت لنا شَاة مشوية فقسمتها كلهَا إِلَّا كتفها فَدخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: كلهَا لكم إِلَّا كتفها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب وَابْن عَسَاكِر عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ} إِلَى آخر الْآيَة فِي أبي بكر وَعمر جَاءَ عمر بِنصْف مَاله يحملهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رُؤُوس النَّاس وَجَاء أَبُو بكر بِمَالِه أجمع يكَاد أَن يخفيه من نَفسه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تركت

لأهْلك قَالَ: عدَّة الله وعدة رَسُوله فَقَالَ عمر لأبي بكر: مَا سبقناك إِلَى بَاب خير قطّ إِلَّا سبقتنا إِلَيْهِ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه عَن عمر قَالَ: أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا أَن نتصدق فَوَافَقَ ذَلِك مَالا عِنْدِي فَقلت: الْيَوْم أسبق أَبَا بكر إِن سبقته يَوْمًا فَجئْت بِنصْف مَالِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أبقيت لأهْلك قلت: مثله وأتى أَبُو بكر يحمل مَا عِنْده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أبقيت لأهْلك قَالَ: أبقيت لَهُم الله وَرَسُوله فَقلت: لَا أسابقك إِلَى شَيْء أبدا وَأخرج ابْن جرير عَن يزِيد بن أبي حبيب قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هِيَ} فِي الصَّدَقَة على الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (وتكفر عَنْكُم من سَيِّئَاتكُمْ) وَقَالَ: الصَّدَقَة هِيَ الَّتِي تكفر وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود / خير لكم تكفر / بِغَيْر وَاو آيَة 272

272

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يرضخوا لأنسابهم من الْمُشْركين فسألوا فَنزلت هَذِه الْآيَة {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم} إِلَى قَوْله {وَأَنْتُم لَا تظْلمُونَ} فَرخص لَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْمُرنَا أَن لَا نتصدق إِلَّا على أهل الإِسلام حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم} إِلَى آخرهَا فَأمر بِالصَّدَقَةِ بعْدهَا على كل من سَأَلَك من كل دين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتَصَدَّق على الْمُشْركين فَنزلت {وَمَا تنفقون إِلَّا ابْتِغَاء وَجه الله} فَتصدق عَلَيْهِم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَصَدَّقُوا إِلَّا على أهل دينكُمْ فَأنْزل الله {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم} إِلَى قَوْله {وَمَا تنفقوا من خير يوف إِلَيْكُم} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تصدقوا على أهل الْأَدْيَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن الْحَنَفِيَّة قَالَ: كره النَّاس أَن يتصدقوا على الْمُشْركين فَأنْزل الله {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم} فَتصدق النَّاس عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أنَاس من الْأَنْصَار لَهُم أَنْسَاب وقرابة من قُرَيْظَة وَالنضير وَكَانُوا يَتَّقُونَ أَن يتصدقوا عَلَيْهِم ويريدونهم أَن يسلمُوا فَنزلت {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجَالًا من الصَّحَابَة قَالُوا: أنتصدق على من لَيْسَ من أهل ديننَا فَنزلت {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجَالًا من الصَّحَابَة قَالُوا: أنتصدق على من لَيْسَ من أهل ديننَا فَنزلت {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم} وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: كَانَ الرجل من الْمُسلمين إِذا كَانَ بَينه وَبَين الرجل من الْمُشْركين قرَابَة وَهُوَ مُحْتَاج لَا يتَصَدَّق عَلَيْهِ يَقُول: لَيْسَ من أهل ديني فَنزلت {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: سَأَلَهُ رجل لَيْسَ على دينه فَأَرَادَ أَن يُعْطِيهِ ثمَّ قَالَ: لَيْسَ على ديني فَنزلت {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم} وَأخرج سُفْيَان وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو الْهِلَالِي قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنتصدق على فُقَرَاء أهل الْكتاب فَأنْزل الله {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم} الْآيَة ثمَّ دلوا على الَّذِي هُوَ خير وَأفضل فَقيل (للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا) (الْبَقَرَة الْآيَة 273) الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانُوا يُعْطون فُقَرَاء أهل الذِّمَّة صَدَقَاتهمْ فَلَمَّا كثر فُقَرَاء الْمُسلمين قَالُوا: لَا نتصدق إِلَّا على فُقَرَاء الْمُسلمين فَنزلت {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: أما {لَيْسَ عَلَيْك هدَاهُم}

فيعني الْمُشْركين وَأما النَّفَقَة فَبين أَهلهَا فَقَالَ (للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله) (الْبَقَرَة الْآيَة 273) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله {وَمَا تنفقون إِلَّا ابْتِغَاء وَجه الله} قَالَ: إِذا أَعْطَيْت لوجه الله فَلَا عَلَيْك مَا كَانَ عمله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: نَفَقَة الْمُؤمن لنَفسِهِ وَلَا ينْفق الْمُؤمن إِذا أنْفق إِلَّا ابْتِغَاء وَجه الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {يوف إِلَيْكُم وَأَنْتُم لَا تظْلمُونَ} قَالَ: هُوَ مَرْدُود عَلَيْك فمالك وَلِهَذَا تؤذيه وتمن عَلَيْهِ إِنَّمَا نَفَقَتك لنَفسك وابتغاء وَجه الله وَالله يجْزِيك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن أبي حبيب فِي قَوْله {وَمَا تنفقوا من خير يوف إِلَيْكُم} قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي النَّفَقَة على الْيَهُود وَالنَّصَارَى آيَة 273

273

أخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} قَالَ: هم أَصْحَاب الصّفة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر أَن أَصْحَاب الصّفة كَانُوا نَاسا فُقَرَاء وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من كَانَ عِنْده طَعَام إثنين ليذْهب بثالث الحَدِيث وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحق إِلَى أهل الصّفة فأدعهم قَالَ: وَأهل الصّفة أضياف الإِسلام لَا يلوون على أهل وَلَا

مَال إِذا أَتَتْهُ صَدَقَة بعث بهَا إِلَيْهِم وَلم يتَنَاوَل مِنْهَا شَيْئا وَإِذا أَتَتْهُ هَدِيَّة أرسل إِلَيْهِم وَأصَاب مِنْهَا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن فضَالة بن عبيد قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى بِالنَّاسِ يخر رجال من قيامهم فِي صلَاتهم لما بهم من الْخَصَاصَة وهم أهل الصّفة حَتَّى يَقُول الْأَعْرَاب: إِن هَؤُلَاءِ مجانين وَأخرج ابْن سعيد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو نعيم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ من أهل الصّفة سَبْعُونَ رجلا لَيْسَ لوَاحِد مِنْهُم رِدَاء وَأخرج أَبُو نعيم عَن الْحسن قَالَ بنيت صفة لِضُعَفَاء الْمُسلمين فَجعل الْمُسلمُونَ يوغلون إِلَيْهَا مَا اسْتَطَاعُوا من خير وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِيهم فَيَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الصّفة فَيَقُولُونَ: وَعَلَيْك السَّلَام يَا رَسُول الله فَيَقُول: كَيفَ أَصْبَحْتُم فَيَقُولُونَ: بِخَير يَا رَسُول الله فَيَقُول: أَنْتُم الْيَوْم خير أم يَوْم يغدى على أحدكُم بجفنه وَيرَاح عَلَيْهِ بِأُخْرَى وَيَغْدُو فِي حلَّة وَيروح فِي أُخْرَى فَقَالُوا: نَحن يَوْمئِذٍ خير يُعْطِينَا الله فنشكر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بل أَنْتُم الْيَوْم خير وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} قَالَ: هم أَصْحَاب الصّفة وَكَانُوا لَا منَازِل لَهُم بِالْمَدِينَةِ وَلَا عشائر فَحَث الله عَلَيْهِم النَّاس بِالصَّدَقَةِ وَأخرج سُفْيَان وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} قَالَ: هم مهاجروا قُرَيْش بِالْمَدِينَةِ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمروا بِالصَّدَقَةِ عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} قَالَ: هم فُقَرَاء الْمُهَاجِرين بِالْمَدِينَةِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} قَالَ: حصروا أنفسهم فِي سَبِيل الله للغزو فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تِجَارَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} قَالَ: قوم أَصَابَتْهُم الْجِرَاحَات فِي سَبِيل الله فصاروا زمنى فَجعل لَهُم فِي أَمْوَال الْمُسلمين حَقًا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن رَجَاء بن حَيْوَة فِي قَوْله {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضربا فِي الأَرْض} قَالَ: لَا يَسْتَطِيعُونَ تِجَارَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَت الأَرْض كلهَا كفرا لَا يَسْتَطِيع أحد أَن يخرج يَبْتَغِي من فضل الله إِذا خرج فِي كفر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} قَالَ: حصرهم الْمُشْركُونَ فِي الْمَدِينَة {لَا يَسْتَطِيعُونَ ضربا فِي الأَرْض} يَعْنِي التِّجَارَة {يَحْسبهُم الْجَاهِل} بأمرهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {يَحْسبهُم الْجَاهِل أَغْنِيَاء} قَالَ: دلّ الله الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِم وَجعل نفقاتهم لَهُم وَأمرهمْ أَن يضعوا نفقاتهم فيهم وَرَضي عَنْهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {تعرفهم بِسِيمَاهُمْ} قَالَ: التخشع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع {تعرفهم بِسِيمَاهُمْ} يَقُول: تعرف فِي وُجُوههم الْجهد من الْحَاجة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {تعرفهم بِسِيمَاهُمْ} قَالَ: رثاثة ثِيَابهمْ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن قاسط السكْسكِي قَالَ: كنت عِنْد عبد الله بن عمر إِذْ جَاءَهُ رجل يسْأَله فَدَعَا غُلَامه فسارَّهُ وَقَالَ للرجل: اذْهَبْ مَعَه ثمَّ قَالَ لي: اتقول هَذَا فَقير فَقلت: وَالله مَا سَأَلَ إِلَّا من فقر قَالَ: لَيْسَ بفقير من جمع الدِّرْهَم إِلَى الدِّرْهَم وَالتَّمْرَة إِلَى التمرة وَلَكِن من أنقى نَفسه وثيابه لَا يقدر على شَيْء {يَحْسبهُم الْجَاهِل أَغْنِيَاء من التعفف تعرفهم بِسِيمَاهُمْ لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافاً} فَذَلِك الْفَقِير وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي ترده التمرة وَالتَّمْرَتَانِ واللُّقْمَة وَاللُّقْمَتَانِ إِنَّمَا الْمِسْكِين الَّذِي يتعفف واقرأوا إِن شِئْتُم {لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافاً} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ الْمِسْكِين بالطوّاف عَلَيْكُم فتعطونه لقْمَة لقْمَة إِنَّمَا الْمِسْكِين الْمُتَعَفِّف الَّذِي لَا يسْأَل النَّاس إلحافاً

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ الْمِسْكِين بالطوّاف الَّذِي ترده اللُّقْمَة وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَة وَالتَّمْرَتَانِ وَلَكِن الْمِسْكِين الَّذِي لَا يجد مَا يُغْنِيه ويستحي أَن يسْأَل النَّاس وَلَا يفْطن لَهُ فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِن الله يحب الْحَلِيم الْحَيِي الْغَنِيّ الْمُتَعَفِّف وَيبغض الْفَاحِش البذي السَّائِل الْمُلْحِف وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من تغنى أغناه الله وَمن سَأَلَ النَّاس إلحافاً فَإِنَّمَا يستكثر من النَّار وَأخرج مَالك وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن رجل من بني أَسد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَأَلَ وَله أُوقِيَّة أَو عدلها فقد سَأَلَ إلحافاً وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {إلحافاً} قَالَ: هُوَ الَّذِي يلح فِي الْمَسْأَلَة وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع أَنه كَانَ لَا يسْأَله أحد بِوَجْه الله إِلَّا أعطَاهُ وَكَانَ يكرهها وَيَقُول: هِيَ مَسْأَلَة الالحاف وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء: أَنه كره أَن يسْأَل بِوَجْه الله أَو بِالْقُرْآنِ شَيْء من أَمر الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: من سُئِلَ بِاللَّه فَأعْطى فَلهُ سَبْعُونَ أجرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تزَال الْمَسْأَلَة بأحدكم حَتَّى يلقى الله وَلَيْسَ فِي وَجهه مزعة لحم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْمسَائِل كدوح يكدح بهَا الرجل وَجهه فَمن شَاءَ أبقى على وَجهه وَمن شَاءَ ترك إِلَّا أَن يسْأَل ذَا سُلْطَان أَو فِي أَمر لَا يجد مِنْهُ بدا وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْمَسْأَلَة كدوح فِي وَجه صَاحبهَا يَوْم الْقِيَامَة فَمن شَاءَ استبقى على وَجهه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَأَلَ النَّاس فِي غير

فاقة نزلت بِهِ أَو عِيَال لَا يطيقهم جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة بِوَجْه لَيْسَ عَلَيْهِ لحم وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من فتح على نَفسه بَاب مَسْأَلَة من غير فاقة نزلت بِهِ أَو عِيَال لَا يطيقهم فتح الله عَلَيْهِ بَاب فاقة من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس يرفعهُ قَالَ: مَا نقصت صَدَقَة من مَال وَمَا مد عبد يَده بِصَدقَة إِلَّا ألقيت فِي يَد الله قبل أَن تقع فِي يَد السَّائِل وَلَا فتح عبد بَاب مَسْأَلَة لَهُ عَنْهَا غنى إِلَّا فتح الله لَهُ بَاب فقر وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن أبي كَبْشَة الْأَنمَارِي أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ثَلَاث أقسم عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثكُمْ حَدِيثا فاحفظوه: مَا نقص مَال عبد من صَدَقَة وَلَا ظلم عبد مظْلمَة صَبر عَلَيْهَا إِلَّا زَاده الله بهَا عزا وَلَا فتح عبد بَاب مَسْأَلَة إِلَّا فتح الله عَلَيْهِ بَاب فقر وَأُحَدِّثكُمْ حَدِيثا فاحفظوه: إِنَّمَا الدُّنْيَا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مَالا وعلماً فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ ربه ويصل فِيهِ رَحمَه وَيعلم لله فِيهِ حَقًا فَهَذَا بِأَفْضَل الْمنَازل وَعبد رزقه الله علما وَلم يرزقه مَالا فَهُوَ صَادِق النِّيَّة يَقُول: لَو أَن لي مَالا لعملت بِعَمَل فلَان فَهُوَ بنيته فأجرهما سَوَاء وَعبد رزقه الله مَالا وَلم يرزقه علما فَهُوَ يخبط فِي مَاله بِغَيْر علم وَلَا يَتَّقِي فِيهِ ربه وَلَا يصل فِيهِ رَحمَه وَلَا يعلم فِيهِ لله حقّاً فَهَذَا باخبث الْمنَازل وَعبد لم يرزقه الله مَالا وَلَا علما فَهُوَ يَقُول: لَو أَن لي مَالا لعملت فِيهِ بِعَمَل فلَان فَهُوَ بنيته فوزرهما سَوَاء وَأخرج النَّسَائِيّ عَن عَائِذ بن عَمْرو أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَله فَأعْطَاهُ فَلَمَّا وضع رجله على أُسْكُفَّة الْبَاب قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو تعلمُونَ مَا فِي الْمَسْأَلَة مَا مَشى أحد إِلَى أحد يسْأَله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو يعلم صَاحب الْمَسْأَلَة مَا لَهُ فِيهَا لم يسْأَل وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسْأَلَة الْغَنِيّ شين فِي وَجهه يَوْم الْقِيَامَة وَمَسْأَلَة الْغَنِيّ نَار إِن أعْطى قَلِيلا فقليل وَإِن أعْطى كثيرا فكثير وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ثَوْبَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من سَأَلَ مَسْأَلَة وَهُوَ عَنْهَا غَنِي كَانَت شيناً فِي وَجهه يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من

سَأَلَ وَهُوَ غَنِي عَن الْمَسْأَلَة يحْشر يَوْم الْقِيَامَة وَهِي خموش فِي وَجهه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عُرْوَة بن مُحَمَّد بن عَطِيَّة حَدثنِي أبي أَن أَبَاهُ أخبرهُ قَالَ: قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أنَاس من بني سعد بن بكر فَأتيت فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: مَا أعناك الله فَلَا تسْأَل النَّاس شَيْئا فَإِن الْيَد الْعليا هِيَ المنطية وَالْيَد السُّفْلى هِيَ المنطاة وَإِن مَال الله لمسؤول ومنطى قَالَ: وكلمني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلغتنا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مَسْعُود بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أُتِي بِرَجُل يصلى عَلَيْهِ فَقَالَ: كم ترك فَقَالُوا: دينارين أَو ثَلَاثَة قَالَ: ترك كيتين أَو ثَلَاث كيات فَلَقِيت عبد الله بن الْقَاسِم مولى أبي بكر فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: ذَاك رجل كَانَ يسْأَل النَّاس تكثراً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن حبشِي بن جُنَادَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الَّذِي يسْأَل من غير حَاجَة كَمثل الَّذِي يلتقط الْجَمْر وَلَفظ ابْن أبي شيبَة: من سَأَلَ النَّاس ليثري بِهِ مَاله فَإِنَّهُ خموش فِي وَجهه ورضف من جَهَنَّم يَأْكُلهُ يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَأَلَ النَّاس تكثراً فَإِنَّمَا يسْأَل جمراً فليستقل أَو ليستكثر وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَأَلَ مَسْأَلَة عَن ظهر غنى استكثر بهَا من رضف جَهَنَّم قَالُوا: وَمَا ظهر غنى قَالَ: عشَاء لَيْلَة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن سهل بن الحنظلية قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَأَلَ شَيْئا وَعِنْده مَا يُغْنِيه فَإِنَّمَا يستكثر من جمر جَهَنَّم قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا يُغْنِيه قَالَ: مَا يغديه أَو يعشيه وَأخرج ابْن حبَان عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَأَلَ النَّاس ليثري مَاله فَإِنَّمَا هِيَ رضف من النَّار يلهبه فَمن شَاءَ فليقلّ وَمن شَاءَ فليكثر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن أبي ليلى قَالَ: جَاءَ سَائل فَسَأَلَ أَبَا ذَر فَأعْطَاهُ شَيْئا فَقيل لَهُ: تعطيه وَهُوَ مُوسر فَقَالَ: إِنَّه سَائل وللسائل حق وليتمنين يَوْم الْقِيَامَة أَنَّهَا كَانَت رضفة فِي يَده وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: كُنَّا تِسْعَة

أَو ثَمَانِيَة أَو سَبْعَة فَقَالَ: أَلا تُبَايِعُونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا: علام نُبَايِعك قَالَ: أَن تعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا والصلوات الْخمس وتطيعوا وَلَا تسألوا النَّاس فَلَقَد رَأَيْت بعض أُولَئِكَ النَّفر يسْقط سَوط أحدهم فَلَا يسْأَل أحدا يناوله إِيَّاه وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر قَالَ دَعَاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هَل لَك إِلَى الْبيعَة وَلَك الْجنَّة قلت: نعم فَشرط عَليّ أَن لَا أسأَل النَّاس شَيْئا قلت: نعم قَالَ: وَلَا سَوْطك إِن سقط مِنْك حَتَّى تنزل فتأخذه وَأخرج أَحْمد عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: رُبمَا سقط الخطام من يَد أبي بكر الصّديق فَيضْرب بِذِرَاع نَاقَته فينيخها فَيَأْخذهُ فَقَالُوا لَهُ: أَفلا أمرتنا فنناولكه فَقَالَ: إِن حَبِيبِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمرنِي أَن لَا أسأَل أحدا شَيْئا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يُبَايع فَقَالَ ثَوْبَان: بَايعنَا يَا رَسُول الله قَالَ: على أَن لَا تسألوا أحدا شَيْئا فَقَالَ ثَوْبَان: فَمَا لَهُ يَا رَسُول الله قَالَ: الْجنَّة فَبَايعهُ ثَوْبَان قَالَ أَبُو أُمَامَة فَلَقَد رَأَيْته بِمَكَّة فِي أجمع مَا يكون من الناكدة يسْقط سَوْطه وَهُوَ رَاكب فَرُبمَا وَقع على عاتق الرجل فَيَأْخذهُ الرجل فيناوله فَمَا يَأْخُذهُ مِنْهُ حَتَّى يكون هُوَ ينزل فَيَأْخذهُ وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تكفل لي أَن لَا يسْأَل النَّاس شَيْئا وأتكفل لَهُ بِالْجنَّةِ فَقلت: أَنا فَكَانَ لَا يسْأَل أحدا شَيْئا وَلابْن ماجة فَكَانَ ثَوْبَان يَقع سَوْطه وَهُوَ رَاكب فَلَا يَقُول لأحد ناولنيه حَتَّى ينزل فَيَأْخذهُ وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَعْطَانِي ثمَّ سَأَلته فَأَعْطَانِي ثمَّ قَالَ: يَا حَكِيم هَذَا المَال خضرَة حلوة فَمن أَخذه بسخاوة نفس بورك لَهُ فِيهِ وَمن أَخذه باشراف نفس لم يُبَارك لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَالَّذي يَأْكُل وَلَا يشْبع وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى فَقلت: يَا رَسُول الله وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أرزأ أحدا بعْدك شَيْئا حَتَّى أُفَارِق الدُّنْيَا فَكَانَ أَبُو بكر يَدْعُو حكيماً ليعطيه الْعَطاء فيأبى أَن يقبل مِنْهُ شَيْئا ثمَّ إِن عمر دَعَاهُ ليعطيه فَأبى أَن يقبله فَلم يرزأ حَكِيم أحدا من النَّاس بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى توفّي رَضِي الله عَنهُ وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث

وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ان كنت لحالفاً عَلَيْهِنَّ لَا ينقص مَال من صَدَقَة فتصدقوا وَلَا يعْفُو عبد عَن مظْلمَة إِلَّا زَاده الله بهَا عزا وَلَا يفتح عبد بَاب مَسْأَلَة إِلَّا فتح الله عَلَيْهِ بَاب فقر وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ عمر يَا رَسُول الله لقد سَمِعت فلَانا وَفُلَانًا يحسنان الثَّنَاء يذكران أَنَّك أعطيتهما دينارين فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَكِن فلَانا مَا هُوَ كَذَلِك لقد أَعْطيته مَا بَين عشرَة إِلَى مائَة فَمَا يَقُول ذَلِك أما وَالله إِن أحدكُم ليخرج بمسألته من عِنْدِي يتأبطها نَارا قَالَ عمر: يَا رَسُول الله لم تعطيها إيَّاهُم قَالَ: فَمَا أصنع يأبون إِلَّا مَسْأَلَتي ويأبى الله لي الْبُخْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن قبيصَة بن الْمخَارِق قَالَ تحملت حمالَة فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسأله فِيهَا فَقَالَ: أقِم حَتَّى تَأْتِينَا الصَّدَقَة فنأمر لَك بهَا ثمَّ قَالَ: يَا قبيصَة إِن الْمَسْأَلَة لَا تحل إِلَّا لأحد ثَلَاثَة: رجل تحمل حمالَة فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُصِيبهَا ثمَّ يمسك وَرجل أَصَابَته جَائِحَة اجتاحت مَاله فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُصِيب قواماً من عَيْش أَو قَالَ: سداداً من عَيْش وَرجل أَصَابَته فاقة فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يَقُول ثَلَاثَة من ذَوي الحجا من قومه: لقد أَصَابَت فلَانا فاقة فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُصِيب قواماً من عَيْش أَو قَالَ: سداداً من عَيْش فَمَا سواهن من الْمَسْأَلَة يَا قبيصَة سحت يأكلها صَاحبهَا سحتاً وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استغنوا عَن النَّاس وَلَو بشوص السِّوَاك وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله يحب الْغَنِيّ الْحَلِيم الْمُتَعَفِّف وَيبغض البذي الْفَاجِر السَّائِل الْملح وَأخرج الْبَزَّار عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: كَانَت لي عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدَّة فَلَمَّا فتحت قُرَيْظَة جِئْت لينجز لي مَا وَعَدَني فَسَمعته يَقُول: من يسْتَغْن يغنه الله وَمن يقنع يقنعه الله فَقلت فِي نَفسِي: لَا جرم لَا أسأله شَيْئا وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر وَذكر الصَّدَقَة وَالتَّعَفُّف عَن الْمَسْأَلَة: الْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى والعليا هِيَ المنفقة والسفلى هِيَ السائلة وَأخرج ابْن سعد عَن عدي الجذامي قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَا أَيهَا

النَّاس تعلمُوا فَإِنَّمَا الْأَيْدِي ثَلَاثَة فيد الله الْعليا وَيَد الْمُعْطِي الْوُسْطَى وَيَد الْمُعْطى السُّفْلى فتغنوا وَلَو بحزم الْحَطب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَيْدِي ثَلَاث: يَد الله هِيَ الْعليا وَيَد الْمُعْطِي الَّتِي تَلِيهَا وَيَد السَّائِل السُّفْلى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فاستعفف عَن السُّؤَال مَا اسْتَطَعْت وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن سهل بن سعد قَالَ جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد عش مَا شِئْت فَإنَّك ميت واعمل مَا شِئْت فَإنَّك مجزى بِهِ واحبب من شِئْت فَإنَّك مفارقه وَاعْلَم أَن شرف الْمُؤمن قيام اللَّيْل وعزه استغناؤه عَن النَّاس وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ الْغنى عَن كَثْرَة الْعرض وَلَكِن الْغنى غنى النَّفس وَأخرج ابْن حبَان عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا ذَر أَتَرَى كَثْرَة المَال هُوَ الْغنى قلت: نعم يَا رَسُول الله قَالَ: أفَتَرَى قلَّة المَال هُوَ الْفقر قلت: نعم يَا رَسُول الله قَالَ: إِنَّمَا الْغنى غنى الْقلب والفقر فقر الْقلب وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قد أَفْلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بِمَا آتَاهُ وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه عَن فضَالة بن عبيد أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: طُوبَى لمن هدي للإِسلام وَكَانَ عيشه كفافاً وقنع وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيَّاكُمْ والطمع فَإِنَّهُ الْفقر وَإِيَّاكُم وَمَا يعْتَذر مِنْهُ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله أوصني وأوجز فَقَالَ: عَلَيْك بالأياس مِمَّا فِي أَيدي النَّاس وَإِيَّاك والطمع فَإِنَّهُ فقر حَاضر وَإِيَّاك وَمَا يعْتَذر مِنْهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم القناعة كنز لَا يفنى وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن رجلا من الْأَنْصَار أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أما فِي بَيْتك شَيْء قَالَ: بلَى حلْس

نلبس بعضه ونبسط بعضه وَقَعْب نشرب فِيهِ من المَاء قَالَ: ائْتِنِي بهما فَأَتَاهُ بهما فَأَخذهُمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ فَقَالَ: من يَشْتَرِي هذَيْن قَالَ رجل: أَنا آخذهما بدرهم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يزِيد على دِرْهَم مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا قَالَ رجل: أَنا آخذهما بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاه وَأخذ الدرهمين فاعطاهما للْأَنْصَارِيِّ وَقَالَ: اشْتَرِ باحدهما فأنبذه إِلَى أهلك واشتر بِالْآخرِ قدومًا فائتني بِهِ فَأَتَاهُ بِهِ فَشد فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عوداً بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: اذْهَبْ فاحتطب وبع فَلَا أرينك خَمْسَة عشر يَوْمًا فَفعل فَجَاءَهُ وَقد أصَاب عشرَة دَرَاهِم فَاشْترى بِبَعْضِهَا ثوبا وببعضها طَعَاما فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا خير لَك من أَن تَجِيء الْمَسْأَلَة نُكْتَة فِي وَجهك يَوْم الْقِيَامَة إِن المسالة لَا تصلح إِلَّا لثلاث: لذِي فقر مدقع أَو لذِي غرم مفظع أَو لذِي دم موجع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن ماجة عَن الزبير بن الْعَوام قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإِن يَأْخُذ أحدكُم أحبله فَيَأْتِي بحزمة من حطب على ظَهره فيبيعها فيكف بهَا وَجهه خير لَهُ من أَن يسْأَل النَّاس أَعْطوهُ أَو منعُوهُ وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإِن يحتطب أحدكُم حزمة على ظَهره خير لَهُ من أَن يسْأَل أحدا فيعطيه أَو يمنعهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يحب الْمُؤمن المحترف وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من اسْتغنى أغناه الله وَمن استعفف أعفه الله وَمن استكفى كَفاهُ الله وَمن سَأَلَ وَله قيمَة أُوقِيَّة فقد ألحف وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تلحفوا فِي الْمَسْأَلَة فوَاللَّه مَا يسألني أحد مِنْكُم شَيْئا فَتخرج لَهُ مَسْأَلته مني شَيْئا وَأَنا لَهُ كَارِه فيبارك لَهُ فِيمَا أَعْطيته وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تلحفوا فِي الْمَسْأَلَة فَإِنَّهُ من يسْتَخْرج منا بهَا شَيْئا لم يُبَارك لَهُ فِيهِ وَأخرج ابْن حبَان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الرجل يأتيني فيسألني فاعطيه فَينْطَلق وَمَا يحمل فِي حضنه إِلَّا النَّار

وَأخرج ابْن حبَان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم ذَهَبا إِذْ أَتَاهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله اعطني فَأعْطَاهُ ثمَّ قَالَ: زِدْنِي فزاده ثَلَاث مَرَّات ثمَّ ولى مُدبرا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يأتيني الرجل فيسألني فاعطيه ثمَّ يسألني فاعطيه ثمَّ يولي مُدبرا وَقد جعل فِي ثَوْبه نَارا إِذا انْقَلب إِلَى أَهله وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن حبَان عَن عمر بن الْخطاب أَنه دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يود رَسُول الله أَن فلَانا يشْكر يذكر انك أَعْطيته دينارين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : لَكِن فلَانا قد أَعْطيته مَا بَين الْعشْرَة إِلَى الْمِائَة فَمَا شكره وَمَا يَقُول إِن أحدكُم ليخرج من عِنْدِي بحاجته متأبطها وَمَا هِيَ إِلَّا النَّار قلت: يَا رَسُول الله لم تعطيهم قَالَ: يأبون إِلَّا أَن يَسْأَلُونِي ويأبى الله لي الْبُخْل وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن حبَان عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن هَذَا المَال خضرَة حلوة فَمن أعطيناه مِنْهَا شَيْئا بِطيب نفس منا وَحسن طعمة مِنْهُ من غير شَره نفس بورك لَهُ فِيهِ وَمن أعطيناه مِنْهَا شَيْئا بِغَيْر طيب نفس منا وَحسن طعمة مِنْهُ وشره نفس كَانَ غير مبارك لَهُ فِيهِ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر أَن عمر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعطيني الْعَطاء فَأَقُول: أعْطه من هُوَ أفقر إِلَيْهِ مني فَقَالَ: خُذْهُ إِذا جَاءَك من هَذَا المَال شَيْء وَأَنت غير مشرف وَلَا سَائل فَخذه فتموّله فَإِن شِئْت كُله وَإِن شِئْت تصدق بِهِ وَمَا لَا فَلَا تتبعه نَفسك قَالَ سَالم بن عبد الله: فلأجل ذَلِك كَانَ عبد الله لَا يسْأَل أحدا شَيْئا وَلَا يرد شَيْئا أعْطِيه وَأخرج مَالك عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرسل إِلَى عمر بن الْخطاب بعطاء فَرده عمر فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم رَددته فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ أخبرتنا أَن خيرا لِأَحَدِنَا أَن لَا يَأْخُذ من أحد شَيْئا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا ذَلِك عَن الْمَسْأَلَة فَأَما مَا كَانَ غير مَسْأَلَة فَإِنَّمَا هُوَ رزق يرزقه الله فَقَالَ عمر: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا أسأَل شَيْئا وَلَا يأتيني شَيْء من غير مَسْأَلَة إِلَّا أَخَذته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: فَذكر نَحوه وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عَائِشَة من أَعْطَاك شَيْئا بِغَيْر مَسْأَلَة فاقبليه فَإِنَّمَا هُوَ رزق عرضه الله إِلَيْك

وَأخرج أَبُو يعلى عَن وَاصل بن الْخطاب قَالَ قلت: يَا رَسُول الله قد قلت: إِن خيرا لَك أَن لَا تسْأَل أحدا من النَّاس شَيْئا قَالَ: إِنَّمَا ذَاك أَن تسْأَل وَمَا أَتَاك من غير مَسْأَلَة فَإِنَّمَا هُوَ رزق رزقكه الله وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن خَالِد بن عدي الْجُهَنِيّ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من بلغه عَن أَخِيه مَعْرُوف من غير مَسْأَلَة وَلَا اشراف نفس فليقبله وَلَا يردهُ فَإِنَّمَا هُوَ رزق سَاقه الله إِلَيْهِ وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من آتَاهُ الله شَيْئا من هَذَا المَال من غير أَن يسْأَله فليقبله فَإِنَّمَا هُوَ رزق سَاقه الله إِلَيْهِ وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِذ بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من عرض لَهُ من هَذَا الرزق شَيْء من غير مَسْأَلَة وَلَا اسراف فليتوسع بِهِ فِي رزقه فَإِن كَانَ غَنِيا فليوجهه إِلَى من هُوَ أحْوج إِلَيْهِ مِنْهُ وَأخرج ابْن شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استغن عَن النَّاس وَلَو بقضمة سواك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حبشِي بن جُنَادَة السَّلُولي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَأَتَاهُ أَعْرَابِي فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إِن الْمَسْأَلَة لَا تحل إِلَّا لفقر مدقع أَو غرم مفظع وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِن الله كره لكم ثَلَاثًا: قيل وَقَالَ واضاعة المَال وَكَثْرَة السُّؤَال فَإِذا شِئْت رَأَيْته فِي قيل وَقَالَ يَوْمه أجمع وَصدر ليلته حَتَّى يلقى جيفة على رَأسه لَا يَجْعَل الله لَهُ من نَهَاره وَلَا ليلته نَصِيبا وَإِذا شِئْت رَأَيْته ذَا مَال فِي شَهْوَته ولذاته وملاعبه ويعدله عَن حق الله فَذَلِك اضاعة المَال وَإِذا شِئْت رَأَيْته باسطاً ذِرَاعَيْهِ يسْأَل النَّاس فِي كفيه فَإِذا أعطي أفرط فِي مدحهم وان منع أفرط فِي ذمهم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا الْمُعْطِي من سَعَة بِأَفْضَل من الْأَخْذ إِذا كَانَ مُحْتَاجا وَأخرج ابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا الَّذِي يُعْطي من سَعَة بأعظم أجرا من الَّذِي يقبل إِذا كَانَ مُحْتَاجا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَمَا تنفقوا من خير فَإِن الله بِهِ عليم} قَالَ: مَحْفُوظ ذَلِك عِنْد الله عَالم بِهِ شَاكر لَهُ وَإنَّهُ لَا شَيْء أشكر من الله وَلَا أجزى لخير من الله

آيَة 274

274

أخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَأَبُو بكر أَحْمد بن أبي عَاصِم فِي الْجِهَاد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَالطَّبَرَانِيّ وَالشَّيْخ فِي العظمة والواحدي عَن يزِيد بن عبد الله بن عريب الْمَكِّيّ عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أنزلت هَذِه الْآيَة {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم وَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} فِي أَصْحَاب الْخَيل وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أَصْحَاب الْخَيل {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة} فِيمَن يربطها لَا خُيَلَاء ولضمار وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه كَانَ ينظر إِلَى الْخَيل مربوطة بَين البراذين والهجن فَيَقُول: أهل هَذِه من {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم وَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والواحدي عَن أبي أُمَامَة والباهلي قَالَ: من ارْتبط فرسا فِي سَبِيل الله لم يرتبطه رِيَاء وَلَا سمعة كَانَ من {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والواحدي من طَرِيق حَنش الصَّنْعَانِيّ أَنه سمع ابْن عَبَّاس يَقُول فِي هَذِه الْآيَة {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة} قَالَ: هم الَّذين يعلفون الْخَيل فِي سَبِيل الله وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي كَبْشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر وَأَهْلهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا والمنفق عَلَيْهَا كالباسط يَده بِالصَّدَقَةِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عبد الْوَهَّاب بن مُجَاهِد عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة} قَالَ: نزلت فِي عَليّ بن

أبي طَالب كَانَت لَهُ أَرْبَعَة دَرَاهِم فأنفق بِاللَّيْلِ درهما وبالنهار درهما وسراً درهما وَعَلَانِيَة درهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مسعر عَن عون قَالَ: قَرَأَ رجل {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة} فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَت أَرْبَعَة دَرَاهِم فأنفق درهما بِاللَّيْلِ ودرهماً بِالنَّهَارِ ودرهماً فِي السِّرّ ودرهماً فِي الْعَلَانِيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: لما قبض أَبُو بكر واستخلف عمر خطب النَّاس فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس إِن بعض الطمع فقر وَإِن بعض الْيَأْس غنى وَإِنَّكُمْ تجمعون مَا لَا تَأْكُلُونَ وتأملون مَا لَا تدركون وَاعْلَمُوا أَن بعض الشُّح شُعْبَة من النِّفَاق فانفقوا خيرا لأنفسكم فَأَيْنَ أَصْحَاب هَذِه الْآيَة {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم وَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ قوم أَنْفقُوا فِي سَبِيل الله الَّذِي افْترض عَلَيْهِم فِي غير سرف وَلَا إملاق وَلَا تبذير وَلَا فَسَاد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن الْمسيب {الَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار سرا وَعَلَانِيَة فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم وَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} كلهَا فِي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعُثْمَان بن عَفَّان فِي نفقتهما فِي جَيش الْعسرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا قبل أَن تفرض الزَّكَاة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا يعْمل بِهِ قبل أَن تنزل بَرَاءَة فَلَمَّا نزلت بَرَاءَة بفرائض الصَّدقَات وتفصيلها انْتَهَت الصَّدقَات إِلَيْهَا آيَة 275

275

أخرج أَبُو يعلى من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ إِلَّا كَمَا يقوم الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس} قَالَ: يعْرفُونَ يَوْم الْقِيَامَة بذلك لَا يَسْتَطِيعُونَ الْقيام إِلَّا كَمَا يقوم المتخبط المنخنق {ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا إِنَّمَا البيع مثل الرِّبَا} وكذبوا على الله {وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا} وَمن عَاد لأكل الرِّبَا {فَأُولَئِك أَصْحَاب النَّار هم فِيهَا خَالدُونَ} وَفِي قَوْله (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا) (الْبَقَرَة الْآيَة 278) الْآيَة قَالَ: بلغنَا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي بني عَمْرو بن عَوْف من ثَقِيف وَبني الْمُغيرَة من بني مَخْزُوم كَانَ بَنو الْمُغيرَة يربون لثقيف فَلَمَّا أظهر الله رَسُوله على مَكَّة وَوضع يَوْمئِذٍ الرِّبَا كُله وَكَانَ أهل الطَّائِف قد صَالحُوا على أَن لَهُم رباهم وَمَا كَانَ عَلَيْهِم من رَبًّا فَهُوَ مَوْضُوع وَكتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر صحيفتهم أَن لَهُم مَا للْمُسلمين وَعَلَيْهِم مَا على الْمُسلمين أَن لَا يَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا يؤكلوه فَأتى بَنو عَمْرو بن عُمَيْر ببني الْمُغيرَة إِلَى عتاب بن أسيد وَهُوَ على مَكَّة فَقَالَ بَنو الْمُغيرَة: مَا جعلنَا أَشْقَى النَّاس بالربا وَوضع عَن النَّاس غَيرنَا فَقَالَ بَنو عَمْرو بن عُمَيْر: صولحنا على أَن لنا ربانا فَكتب عتاب بن أسيد ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة (فَإِن لم تَفعلُوا فأذنوا بِحَرب) (الْبَقَرَة الْآيَة 279) وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي ترغيبه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي آكل الرِّبَا يَوْم الْقِيَامَة مختبلاً يجر شقيه ثمَّ قَرَأَ {لَا يقومُونَ إِلَّا كَمَا يقوم الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: آكل الرِّبَا يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة مَجْنُونا يخنق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس {لَا يقومُونَ} ) الْآيَة قَالَ: ذَلِك حِين يبْعَث من قَبره وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الرِّبَا وَعظم شَأْنه فَقَالَ: إِن الرجل يُصِيب درهما من الرِّبَا أعظم عِنْد الله فِي الْخَطِيئَة من سِتّ وَثَلَاثِينَ زنية يزنيها الرجل وَإِن أربى الرِّبَا عرض الرجل الْمُسلم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: الرِّبَا اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حوبا أصغرها حوباً كمن أَتَى أمه فِي الإِسلام وَدِرْهَم فِي الرِّبَا أَشد من بضع وَثَلَاثِينَ زنية قَالَ: وَيُؤذن للنَّاس يَوْم الْقِيَامَة الْبر والفاجر فِي الْقيام إِلَّا أكله الرِّبَا فانهم لَا يقومُونَ إِلَّا كَمَا يقوم الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: الرِّبَا سَبْعُونَ حوباً أدناها فجرة مثل أَن يضطجع الرجل مَعَ أمه وأربى الرِّبَا إستطالة الْمَرْء فِي عرض أَخِيه الْمُسلم بِغَيْر حق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب قَالَ: لإِن أزني ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ زنية أحب إليّ من أَن آكل درهما رَبًّا يعلم الله أَنِّي أَكلته رَبًّا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ دِرْهَم رَبًّا أَشد على الله من سِتَّة وَثَلَاثِينَ زنية وَقَالَ: من نبت لَحْمه من السُّحت فَالنَّار أولى بِهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الرِّبَا ثَلَاثَة وَسَبْعُونَ بَابا أيسرها مثل أَن ينْكح الرجل أمه وَإِن أربى الرِّبَا عرض الرجل الْمُسلم وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الرِّبَا سَبْعُونَ بَابا أدناها مثل مَا يَقع الرجل على أمه وأربى الرِّبَا إستطالة الْمَرْء فِي عرض أَخِيه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب ذمّ الْغَيْبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الرِّبَا وَعظم شَأْنه فَقَالَ: إِن الدِّرْهَم يُصِيبهُ الرجل من الرِّبَا أعظم عِنْد الله فِي الْخَطِيئَة من سِتّ وَثَلَاثِينَ زنية يزنيها الرجل وَإِن أربى الرِّبَا عرض الرجل الْمُسلم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إياك والذنُوب الَّتِي لَا تغْفر الْغلُول فَمن غل شَيْئا أَتَى بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَأكل الرِّبَا فَمن أكل الرِّبَا بعث يَوْم الْقِيَامَة مَجْنُونا يتخبط ثمَّ قَرَأَ {الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ إِلَّا كَمَا يقوم الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس}

وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ {الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ إِلَّا كَمَا يقوم الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس} يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: يبعثون يَوْم الْقِيَامَة وبهم خبل من الشَّيْطَان وَهِي فِي بعض الْقِرَاءَة لَا يقومُونَ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة قَالَت لما نزلت الْآيَات من آخر سُورَة الْبَقَرَة فِي الرِّبَا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَسْجِد فقرأهن على النَّاس ثمَّ حرم التِّجَارَة فِي الْخمر وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت سُورَة الْبَقَرَة نزل فِيهَا تَحْرِيم الْخمر فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ: لما نزلت {الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ إِلَّا كَمَا يقوم الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لم يتْرك المخابرة فليؤذن بِحَرب من الله وَرَسُوله وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمر أَنه قَالَ: من آخر مَا أنزل آيَة الرِّبَا وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبض قبل أَن يُفَسِّرهَا لنا فدعوا الرِّبَا والريبة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب أَنه خطب فَقَالَ: إِن من آخر الْقُرْآن نزولاً آيَة الرِّبَا والريبة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب أَنه خطب فَقَالَ: إِن من آخر الْقُرْآن نزولاً آيَة الرِّبَا وَإنَّهُ قد مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يُبينهُ لنا فدعوا مَا يريبكم إِلَى مَا لَا يريبكم وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو عبيد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آخر آيَة أنزلهَا الله على رَسُوله آيَة الرِّبَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: آخر مَا أنزل الله آيَة الرِّبَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الرِّبَا الَّذِي نهى الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يكون للرجل على الرجل الدّين فَيَقُول: لَك كَذَا وَكَذَا وتؤخر عني فيؤخر عَنهُ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة أَن رَبًّا أهل الْجَاهِلِيَّة يَبِيع الرجل البيع إِلَى أجل

مُسَمّى فَإِذا حل الْأَجَل وَلم يكن عِنْد صَاحبه قَضَاء زَاده وَأخر عَنهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا} يَعْنِي استحلالاً لأكله {لَا يقومُونَ} يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة ذَلِك يَعْنِي الَّذِي نزل بهم بِأَنَّهُم قَالُوا إِنَّمَا البيع مثل الرِّبَا كَانَ الرجل إِذا حل مَاله على صَاحبه يَقُول الْمَطْلُوب للطَّالِب: زِدْنِي فِي الْأَجَل وازيدك على مَالك فَإِذا فعل ذَلِك قيل لَهُم هَذَا رَبًّا قَالُوا: سَوَاء علينا إِن زِدْنَا فِي أول البيع أَو عِنْد مَحل المَال فهما سَوَاء فاكذبهم الله فَقَالَ {وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا فَمن جَاءَهُ موعظة من ربه} يَعْنِي الْبَيَان الَّذِي فِي الْقُرْآن فِي تَحْرِيم الرِّبَا {فَانْتهى} عَنهُ {فَلهُ مَا سلف} يَعْنِي فَلهُ مَا كَانَ أكل من الرِّبَا قبل التَّحْرِيم {وَأمره إِلَى الله} يَعْنِي بعد التَّحْرِيم وَبعد تَركه إِن شَاءَ عصمه مِنْهُ وَإِن شَاءَ لم يفعل {وَمن عَاد} يَعْنِي فِي الرِّبَا بعد التَّحْرِيم فاستحله لقَولهم إِنَّمَا البيع مثل الرِّبَا {فَأُولَئِك أَصْحَاب النَّار هم فِيهَا خَالدُونَ} يَعْنِي لَا يموتون وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن رَافع بن خديج قَالَ: قيل يَا رَسُول الله أَي الْكسْب أطيب قَالَ: عمل الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَمْر فَقَالَ: مَا هَذَا من تمرنا فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله بعنا تمرنا صَاعَيْنِ بِصَاع من هَذَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذَلِك الرِّبَا ردُّوهُ ثمَّ بيعوه تمرنا ثمَّ اشْتَروا لنا من هَذَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة أَن امْرَأَة قَالَت لَهَا: إِنِّي بِعْت زيد بن أَرقم عبدا إِلَى الْعَطاء بثمانمائة فَاحْتَاجَ إِلَى ثمنه فاشتريته قبل مَحل الْأَجَل بستمائة فَقَالَت: بئْسَمَا شريت وبئسما اشْتريت أبلغي زيدا أَنه قد أبطل جهاده مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لم يتب قلت: أَفَرَأَيْت إِن تركت الْمِائَتَيْنِ وَأخذت الستمائة فَقَالَت: نعم {فَمن جَاءَهُ موعظة من ربه فَانْتهى فَلهُ مَا سلف} وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد أَنه سُئِلَ لم حرم الله الرِّبَا قَالَ: لِئَلَّا يتمانع النَّاس الْمَعْرُوف آيَة 276 - 277

276

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {يمحق الله الرِّبَا} قَالَ: ينقص الرِّبَا {ويربي الصَّدقَات} قَالَ: يزِيد فِيهَا وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الرِّبَا وَإِن كثر فان عاقبته تصير إِلَى قل وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن معمر قَالَ: سمعنَا أَنه لَا يَأْتِي على صَاحب الرِّبَا أَرْبَعُونَ سنة حَتَّى يمحق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تصدق بِعدْل تَمْرَة من كسب طيب وَلَا يقبل الله إِلَّا طيبا فَإِن الله يقبلهَا بِيَمِينِهِ ثمَّ يُرَبِّيهَا لصَاحِبهَا كَمَا يُربي أحدكُم فلوه حَتَّى تكون مثل الْجَبَل وَأخرج الشَّافِعِي وَأحمد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يقبل الصَّدَقَة ويأخذها بِيَمِينِهِ فيربيها لأحدكم كَمَا يُربي أحدكُم مهره أَو فلوه حَتَّى أَن اللُّقْمَة لتصير مثل أحد وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله (ألم يعلمُوا أَن الله هُوَ يقبل التَّوْبَة عَن عباده وَيَأْخُذ الصَّدقَات) (التَّوْبَة الْآيَة 104) و {يمحق الله الرِّبَا ويربي الصَّدقَات} وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يقبل الصَّدَقَة وَلَا يقبل مِنْهَا إِلَّا الطّيب ويربيها لصَاحِبهَا كَمَا يُربي أحدكُم مهره أَو فَصِيله حَتَّى أَن اللُّقْمَة تصير مثل أحد وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {يمحق الله الرِّبَا ويربي الصَّدقَات} وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمُؤمن يتَصَدَّق بالتمرة أَو بعدلها من الطّيب وَلَا يقبل الله إِلَّا الطّيب فَتَقَع فِي يَد الله فيربيها لَهُ كَمَا يُربي أحدكُم فَصِيله حَتَّى تكون مثل التل الْعَظِيم ثمَّ قَرَأَ {يمحق الله الرِّبَا ويربي الصَّدقَات} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: أما {يمحق الله الرِّبَا} فَإِن الرِّبَا يزِيد فِي الدُّنْيَا وَيكثر ويمحقه الله فِي الْآخِرَة وَلَا يبْقى مِنْهُ لأَهله شَيْء وَأما قَوْله {ويربي الصَّدقَات}

فَإِن الله يَأْخُذهَا من الْمُتَصَدّق قبل أَن تصل إِلَى الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ فَمَا يزَال الله يُرَبِّيهَا حَتَّى يلقى صَاحبهَا ربه فيعطيها إِيَّاه وَتَكون الصَّدَقَة التمرة أَو نَحْوهَا فَمَا يزَال الله يُرَبِّيهَا حَتَّى تكون مثل الْجَبَل الْعَظِيم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن العَبْد ليتصدق بالكسرة تربو عِنْد الله حَتَّى تكون مثل أحد الْآيَات 278 - 279

278

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا} الْآيَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَرجل من بني الْمُغيرَة كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْجَاهِلِيَّة يسلفان فِي الرِّبَا إِلَى نَاس من ثَقِيف من بني ضَمرَة وهم بَنو عَمْرو بن عُمَيْر فجَاء الإِسلام وَلَهُمَا أَمْوَال عَظِيمَة فِي الرِّبَا فَأنْزل الله {وذروا مَا بَقِي} من فضل كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة {من الرِّبَا} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله} الْآيَة قَالَ: كَانَت ثَقِيف قد صالحت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ أَن مَا لَهُم من رَبًّا على النَّاس وَمَا كَانَ للنَّاس عَلَيْهِم من رَبًّا فَهُوَ مَوْضُوع فَلَمَّا كَانَ الْفَتْح اسْتعْمل عتاب بن أسيد على مَكَّة وَكَانَت بَنو عَمْرو بن عَوْف يَأْخُذُونَ الرِّبَا من بني الْمُغيرَة وَكَانَت بَنو الْمُغيرَة يربون لَهُم فِي الْجَاهِلِيَّة فجَاء الإِسلام وَلَهُم عَلَيْهِم مَال كثير فَأَتَاهُم بَنو عَمْرو يطْلبُونَ رباهم فَأبى بَنو الْمُغيرَة أَن يعطوهم فِي الإِسلام وَرفعُوا ذَلِك إِلَى عتاب بن أسيد فَكتب عتاب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا} إِلَى قَوْله {وَلَا تظْلمُونَ} فَكتب بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عتاب وَقَالَ: إِن رَضوا وَإِلَّا فأذنهم بِحَرب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {اتَّقوا الله وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا}

قَالَ: كَانَ رَبًّا يتعاملون بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا أَسْلمُوا أمروا أَن يَأْخُذُوا رُؤُوس أَمْوَالهم وَأخرج آدم وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {اتَّقوا الله وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا} قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يكون للرجل على الرجل الدّين فَيَقُول: لَك كَذَا وَكَذَا وتؤخر عني فيؤخر عَنهُ وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ الرِّبَا فِي الْجَاهِلِيَّة أَن يكون للرجل على الرجل الْحق إِلَى أجل فَإِذا حل الْحق قَالَ: اتقضي أم تربي فَإِن قَضَاهُ أَخذ وَإِلَّا زَاده فِي حَقه وزاده الآخر فِي الْأَجَل وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة بِسَنَد واه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا} قَالَ: نزلت فِي نفر من ثَقِيف مِنْهُم مَسْعُود وَرَبِيعَة وحبِيب وَعبد ياليل وهم بَنو عَمْرو بن عُمَيْر بن عَوْف الثَّقَفِيّ وَفِي بني الْمُغيرَة من قُرَيْش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي بني عَمْرو بن عُمَيْر بن عَوْف الثَّقَفِيّ ومسعود بن عَمْرو بن عبد ياليل بن عَمْرو وَرَبِيعَة بن عَمْرو وحبِيب بن عُمَيْر وَكلهمْ اخوة وهم الطالبون والمطلوبون بَنو الْمُغيرَة من بني مَخْزُوم وَكَانُوا يداينون بني الْمُغيرَة فِي الْجَاهِلِيَّة بالربا وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَالح ثقيفاً فطلبوا رباهم إِلَى بني الْمُغيرَة وَكَانَ مَالا عَظِيما فَقَالَ بَنو الْمُغيرَة: وَالله لَا نعطي الرِّبَا فِي الإِسلام وَقد وَضعه الله وَرَسُوله عَن الْمُسلمين فعرفوا شَأْنهمْ معَاذ بن جبل وَيُقَال عتاب بن أسيد فَكتب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن بني ابْن عَمْرو وَعُمَيْر يطْلبُونَ رباهم عِنْد بني الْمُغيرَة فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وذروا مَا بَقِي من الرِّبَا إِن كُنْتُم مُؤمنين} فَكتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى معَاذ بن جبل: أَن اعْرِض عَلَيْهِم هَذِه الْآيَة فَإِن فعلوا فَلهم رُؤُوس أَمْوَالهم وَإِن أَبَوا فأذنهم بِحَرب من الله وَرَسُوله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فأذنوا بِحَرب} قَالَ: من كَانَ مُقيما على الرِّبَا لَا ينْزع عَنهُ فَحق على امام الْمُسلمين أَن يستتيبه فَإِن نزع وَإِلَّا ضرب عُنُقه وَفِي قَوْله {لَا تظْلمُونَ} فتربون {وَلَا تظْلمُونَ} فتنقصون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يُقَال يَوْم الْقِيَامَة لآكل الرِّبَا: خُذ سِلَاحك للحرب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فأذنوا بِحَرب} قَالَ: استيقنوا بِحَرب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فأذنوا بِحَرب} قَالَ: أوعدهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقَتْلِ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن الْأَحْوَص أَنه شهد حجَّة الْوَدَاع مَعَ رَسُول الله فَقَالَ: الا إِن كل رَبًّا فِي الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع لكم رُؤُوس أَمْوَالكُم لَا تظْلمُونَ وَلَا تظْلمُونَ وَأول رَبًّا مَوْضُوع رَبًّا الْعَبَّاس وَأخرج ابْن مندة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي ربيعَة بن عَمْرو وَأَصْحَابه {وَإِن تبتم فلكم رُؤُوس أَمْوَالكُم} الْآيَة وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آكل الرِّبَا وموكله وشاهديه وكاتبه وَقَالَ: هم سَوَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشرَة: آكل الرِّبَا وموكله وشاهديه وكاتبه والواشمة والمستوشمة ومانع الصَّدَقَة وَالْحَال والمحلل لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم الدَّرْدَاء قَالَت: قَالَ مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب من يسكن غَدا فِي حَظِيرَة الْقُدس ويستظل بِظِل عرشك يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظلك قَالَ: يَا مُوسَى أُولَئِكَ الَّذين لَا تنظر أَعينهم فِي الزِّنَا وَلَا يَبْتَغُونَ فِي أَمْوَالهم الرِّبَا وَلَا يَأْخُذُونَ على أحكامهم الرشا طُوبَى لَهُم وَحسن مآب وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آكل الرِّبَا وموكله وشاهديه وكاتبه وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الواشمة والمستوشمة وآكل الرِّبَا وموكله وَنهى عَن ثمن الْكَلْب وَكسب الْبَغي وَلعن المصوّرين وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ آكل الرِّبَا وموكله وشَاهده وكاتباه إِذا علمُوا والواشمة والمستوشمة لِلْحسنِ ولاوي الصَّدَقَة وَالْمُرْتَدّ أَعْرَابِيًا بعد الْهِجْرَة ملعونون على لِسَان مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَربع حق على الله أَن لَا يدخلهم الْجنَّة وَلَا يذيقهم نعيمها مدمن الْخمر وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حق والْعَاق لوَالِديهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن سَلام عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لدرهم يُصِيبهُ الرجل من الرِّبَا أعظم عِنْد الله من ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ زنية يزنيها فِي الإِسلام وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن حَنْظَلَة غسيل الْمَلَائِكَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دِرْهَم رَبًّا يَأْكُلهُ الرجل وَهُوَ يعلم أَشد من سِتّ وَثَلَاثِينَ زنية وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرِّبَا اثْنَان وسَبْعُونَ بَابا أدناها مثل أَن يَأْتِي الرجل أمه وَأَن أربى الرِّبَا استطالة الرجل فِي عرض عرض الرجل وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تشترى الثَّمَرَة حَتَّى تطعم وقَالَ: إِذا ظهر الزِّنَا والربا فِي قَرْيَة فقد أحلُّوا بِأَنْفسِهِم عَذَاب الله وَأخرج أَبُو يعلى عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا ظهر فِي قوم الزِّنَا والربا إِلَّا أحلُّوا بِأَنْفسِهِم عِقَاب الله وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو بن الْعَاصِ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من قوم يظْهر فيهم الرِّبَا إِلَّا أخذُوا بِالسنةِ وَمَا من قوم يظْهر فيهم الرشا إِلَّا أخذُوا بِالرُّعْبِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْقَاسِم بن عبد الْوَاحِد الْوراق قَالَ: رَأَيْت عبد الله بن أبي أوفى فِي السُّوق فَقَالَ: يَا معشر الصيارفة أَبْشِرُوا قَالُوا: بشرك الله بِالْجنَّةِ بِمَ تبشرنا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للصيارفة: ابشروا بالنَّار وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان لَا يبْقى أحد إِلَّا أكل الرِّبَا فَمن لم يَأْكُلهُ أَصَابَهُ من غباره وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان قَالَ: صرفت من طَلْحَة بن عبيد الله وَرقا بِذَهَب فَقَالَ: انظرني حَتَّى يأتينا خازننا من الغابة فَسَمعَهَا عمر بن الْخطاب فَقَالَ: لَا وَالله لَا تُفَارِقهُ حَتَّى تستوفي مِنْهُ صرفك فَإِنِّي

سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الذَّهَب بالورق رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء الْبر بِالْبرِّ رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء وَالشعِير بِالشَّعِيرِ رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء وَالتَّمْر رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الذَّهَب بِالذَّهَب مثل بِمثل يَد بيد وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ مثل بِمثل يَد بيد وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ مثل بِمثل يَد بيد وَالْبر بِالْبرِّ مثل بِمثل يَد بيد وَالشعِير بِالشَّعِيرِ مثل بِمثل يَد بيد وَالْملح بالملح مثل بِمثل يَد بيد من زَاد أَو اسْتَزَادَ فقد أربى الْآخِذ والمعطى سَوَاء وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَب إِلَّا مثلا بِمثل وَلَا تشفوا بَعْضهَا على بعض وَلَا تَبِيعُوا الْوَرق بالورق إِلَّا مثلا بِمثل وَلَا تشفوا بَعْضهَا على بعض وَلَا تَبِيعُوا غَائِبا بناجز وَأخرج الشَّافِعِي وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَب وَلَا الْوَرق بالورق وَلَا الْبر بِالْبرِّ وَلَا الشّعير بِالشَّعِيرِ وَلَا التَّمْر بِالتَّمْرِ وَلَا الْملح بالملح إِلَّا سَوَاء بِسَوَاء عينا بِعَين يدا بيد وَلَكِن بيعوا الذَّهَب بالورق وَالْوَرق بِالذَّهَب وَالْبر بِالشَّعِيرِ وَالشعِير بِالْبرِّ وَالتَّمْر بالملح وَالْملح بِالتَّمْرِ يدا بيد كَيفَ شِئْتُم من زَاد أَو ازْدَادَ فقد أربى وَأخرج مَالك وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تَبِيعُوا الدِّينَار بِالدِّينَارَيْنِ وَلَا الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ وَأخرج مَالك وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدِّينَار بالدينار لَا فضل بَينهمَا وَالدِّرْهَم بالدرهم لَا فضل بَينهمَا وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الدِّينَار بالدينار وَالدِّرْهَم بالدرهم وزن بِوَزْن لَا فضل بَينهمَا وَلَا يُبَاع عَاجل بآجل وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْمنْهَال قَالَ: سَأَلت الْبَراء بن عَازِب وَزيد بن أَرقم عَن الصّرْف فَقَالَا: كُنَّا تاجرين على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسألنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصّرْف فَقَالَ: مَا كَانَ مِنْهُ يدا بيد فَلَا بَأْس وَمَا كَانَ مِنْهُ نَسِيئَة فَلَا

وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن وَقاص أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن اشْتِرَاء الرطب بِالتَّمْرِ فَقَالَ: أينقص الرطب إِذا يبس قَالُوا: نعم فَنهى عَن ذَلِك وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي بكر الصّديق سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الذَّهَب بِالذَّهَب وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ مثلا بِمثل الزَّائِد والمستزيد فِي النَّار وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي بكرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الصّرْف قبل مَوته بشهرين آيَة 280

280

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة} قَالَ: نزلت فِي الرِّبَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة} قَالَ: إِنَّمَا أَمر فِي الرِّبَا أَن ينظر الْمُعسر وَلَيْسَت النظرة فِي الْأَمَانَة وَلَكِن تُؤَدّى الْأَمَانَة إِلَى أَهلهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة} هَذَا فِي شَأْن الرِّبَا {وَأَن تصدقوا} بهَا للمعسر فتتركوها لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد والنحاس فِي ناسخه وَابْن جرير عَن ابْن سِيرِين أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى شُرَيْح فِي حق فَقضى عَلَيْهِ شُرَيْح وَأمر بحبسه فَقَالَ رجل عِنْده: إِنَّه مُعسر وَالله تَعَالَى يَقُول {وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة} قَالَ: إِنَّمَا ذَلِك فِي الرِّبَا إِن الرِّبَا كَانَ فِي هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار فَأنْزل الله {وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة} وَقَالَ (إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا) (النِّسَاء الْآيَة 58) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن كَانَ ذُو عسرة} يَعْنِي الْمَطْلُوب

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {وَإِن كَانَ ذُو عسرة فنظرة} بِرَأْس المَال إِلَى ميسرَة يَقُول: إِلَى غنى {وَأَن تصدقوا} برؤوس أَمْوَالكُم على الْفَقِير {فَهُوَ خير لكم} فَتصدق بِهِ الْعَبَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: من كَانَ ذَا عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة وَكَذَلِكَ كل دين على الْمُسلم فَلَا يحل لمُسلم لَهُ دين على أَخِيه يعلم مِنْهُ عسرة أَن يسجنه وَلَا يَطْلُبهُ حَتَّى ييسره الله عَلَيْهِ {وَأَن تصدقوا} برؤوس أَمْوَالكُم يَعْنِي على الْمُعسر {خير لكم} من نظرة إِلَى ميسرَة فَاخْتَارَ الله الصَّدَقَة على النظارة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَأَن تصدقوا خير لكم} يَعْنِي من تصدق بدين لَهُ على معدم فَهُوَ أعظم لأجره وَمن لم يتَصَدَّق عَلَيْهِ لم يَأْثَم وَمن حبس مُعسرا فِي السجْن فَهُوَ آثم لقَوْله {فنظرة إِلَى ميسرَة} وَمن كَانَ عِنْده مَا يَسْتَطِيع أَن يُؤَدِّي عَن دينه فَلم يفعل كتب ظَالِما وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي الْيُسْر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أنظر مُعسرا أَو وضع عَنهُ أظلهُ الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن حُذَيْفَة أَن رجلا أَتَى بِهِ الله عز وَجل فَقَالَ: مَاذَا عملت فِي الدُّنْيَا فَقَالَ لَهُ الرجل: مَا عملت مِثْقَال ذرة من خير فَقَالَ لَهُ ثَلَاثًا وَقَالَ فِي الثَّالِثَة إِنِّي كنت أَعْطَيْتنِي فضلا من المَال فِي الدُّنْيَا فَكنت أبايع النَّاس فَكنت أيسرعلى الْمُوسر وَأنْظر الْمُعسر فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى أَنا أولى بذلك مِنْك تجاوزاً عَن عَبدِي فغفر لَهُ وَأخرج أَحْمد عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ لَهُ على رجل حق فَأَخَّرَهُ كَانَ لَهُ بِكُل يَوْم صَدَقَة وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب إصطناع الْمَعْرُوف عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَرَادَ أَن تستجاب دَعوته وَأَن تكشف كربته فليفرج عَن مُعسر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أنظر مُعسرا إِلَى ميسرته أنظرهُ الله بِذَنبِهِ إِلَى تَوْبَته

وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أنظر مُعسرا كَانَ لَهُ بِكُل يَوْم مثله صَدَقَة قَالَ: ثمَّ سمعته يَقُول: من أنظر مُعسرا فَلهُ بِكُل يَوْم مثلَيْهِ صَدَقَة فَقلت: يَا رَسُول الله إِنِّي سَمِعتك تَقول: فَلهُ بِكُل يَوْم مثله صَدَقَة وَقلت الْآن: فَلهُ بِكُل يَوْم مثلَيْهِ صَدَقَة فَقَالَ: إِنَّه مَا لم يحل الدّين فَلهُ بِكُل يَوْم مثله صَدَقَة وَإِذا حل الدّين فَانْظُرْهُ فَلهُ بِكُل يَوْم مثلَيْهِ صَدَقَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والطستي فِي التَّرْغِيب وَابْن لال فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أحب أَن يسمع الله دَعوته ويفرج كربته فِي الْآخِرَة فَلْينْظر مُعسرا أَو ليَدع لَهُ وَمن سره أَن يظله الله من فَور جَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة ويجعله فِي ظله فَلَا يكونن على الْمُؤمنِينَ غليظاً وَليكن بهم رحِيما وَأخرج مُسلم عَن أبي قَتَادَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من سره أَن ينجيه الله من كرب يَوْم الْقِيَامَة فلينفس عَن مُعسر أَو يضع عَنهُ وَأخرج أَحْمد والدرامي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي قَتَادَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من نفس عَن غَرِيمه أَو محا عَنهُ كَانَ فِي ظلّ الْعَرْش يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أنظر مُعسرا أَو وضع لَهُ أظلهُ الله يَوْم الْقِيَامَة تَحت ظلّ عَرْشه يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند عَن عُثْمَان بن عَفَّان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أظل الله عبدا فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله من أنظر مُعسرا أَو ترك لغارم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن شَدَّاد بن أَوْس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من أنظر مُعسرا أَو تصدق عَلَيْهِ أظلهُ الله فِي ظله يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي قَتَادَة وَجَابِر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من سره أَن ينجيه الله من كرب يَوْم الْقِيَامَة وَأَن يظله تَحت عَرْشه فَلْينْظر مُعسرا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أنظر مُعسرا أظلهُ الله فِي ظله يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن كَعْب بن عجْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أنظر مُعسرا أَو يسر عَلَيْهِ أظلهُ الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أنظر مُعسرا أَو وضع عَنهُ أظلهُ الله فِي ظله يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أسعد بن زُرَارَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سره أَن يظله الله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله فلييسر على مُعسر أَو ليضع عَنهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الْيُسْر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أوّل النَّاس يستظل فِي ظلّ الله يَوْم الْقِيَامَة لرجل أنظر مُعسرا حَتَّى يجد شَيْئا أَو تصدق عَلَيْهِ بِمَا يَطْلُبهُ يَقُول: مَا لي عَلَيْك صَدَقَة ابْتِغَاء وَجه الله ويخرق صَحِيفَته وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب إصطناع الْمَعْرُوف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أنظر مُعسرا أَو وضع لَهُ وَقَاه الله من فيح جَهَنَّم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من نفس عَن مُسلم كربَة من كرب الدُّنْيَا نفس الله عَنهُ كربَة من كرب يَوْم الْقِيَامَة وَمن يسر على مُعسر فِي الدُّنْيَا يسر الله عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن ستر على مُسلم فِي الدُّنْيَا ستر الله عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالله فِي عون العَبْد مَا كَانَ العَبْد فِي عون أَخِيه وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن رجلا لم يعْمل خيرا قطّ وَكَانَ يداين النَّاس وَكَانَ يَقُول لفتاه: إِذا أتيت مُعسرا فَتَجَاوز عَنهُ لَعَلَّ الله يتَجَاوَز عَنَّا فلقي الله فَتَجَاوز عَنهُ وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي مَسْعُود البدري قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حُوسِبَ رجل مِمَّن كَانَ قبلكُمْ فَلم يُوجد لَهُ من الْخَيْر شَيْء إِلَّا أَنه كَانَ يخالط النَّاس وَكَانَ مُوسِرًا وَكَانَ يَأْمر غلمانه أَن يتجاوزوا عَن الْمُعسر قَالَ الله: نَحن أَحَق بذلك تجاوزا عَنهُ آيَة 281

281

وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آخر آيَة نزلت من الْقُرْآن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن السّديّ وعطية الْعَوْفِيّ مثله وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن أُبيّ صَالح وَسَعِيد بن جُبَير مثله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آخر آيَة نزلت {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} نزلت بمنى وَكَانَ بَين نُزُولهَا وَبَين موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد وَثَمَانُونَ يَوْمًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: آخر مَا نزل من الْقُرْآن كُله {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} الْآيَة عَاشَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد نزُول هَذِه الْآيَة تسع لَيَال ثمَّ مَاتَ يَوْم الإِثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {ثمَّ توفى كل نفس مَا كسبت} يَعْنِي مَا عملت من خير أَو شَرّ {وهم لَا يظْلمُونَ} يَعْنِي من أَعْمَالهم لَا ينقص من حسناتهم وَلَا يُزَاد على سيئاتهم آيَة 282

282

أخرج ابْن جرير بِسَنَد صَحِيح عَن سعيد بن الْمسيب: أَنه بلغه أَن أحدث الْقُرْآن بالعرش آيَة الدّين وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله عَن ابْن شهَاب قَالَ: آخر الْقُرْآن عهدا بالعرش آيَة الرِّبَا وَآيَة الدّين وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن سعد وَأحمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت آيَة الدّين قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أوّل من جحد آدم إِن الله لما خلق آدم مسح ظَهره فَأخْرج مِنْهُ مَا هُوَ ذار إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَجعل يعرض ذُريَّته عَلَيْهِ فَرَأى فيهم رجلا يزهر قَالَ: أَي رب من هَذَا قَالَ: هَذَا ابْنك دَاوُد قَالَ: أَي رب كم عمره قَالَ: سِتُّونَ عَاما قَالَ: رب زد فِي عمره فَقَالَ: لَا إِلَّا أَن أزيده من عمرك وَكَانَ عمر آدم ألف سنة فزاده أَرْبَعِينَ عَاما فَكتب عَلَيْهِ بذلك كتابا وَأشْهد عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة فَلَمَّا احْتضرَ آدم وأتته الْمَلَائِكَة لتقبضه قَالَ: إِنَّه قد بَقِي من عمري أَرْبَعُونَ عَاما فَقيل لَهُ: إِنَّك قد وهبتها لابنك دَاوُد قَالَ: مَا فعلت فأبرز الله عَلَيْهِ الْكتاب وَأشْهد عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة فكمل الله لآدَم ألف سنة وأكمل لداود مائَة عَام وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أشهد أَن السّلف الْمَضْمُون إِلَى أجل مُسَمّى أَن الله أَجله وَأذن فِيهِ ثمَّ قَرَأَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين إِلَى أجل مُسَمّى} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين} قَالَ: نزلت فِي السّلم فِي الْحِنْطَة فِي كيل مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وهم يسلفون فِي الثِّمَار السنتين وَالثَّلَاث فَقَالَ من أسلف فليسلف فِي كيل مَعْلُوم وَوزن مَعْلُوم إِلَى أجل مَعْلُوم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا سلف إِلَى الْعَطاء وَلَا إِلَى الْحَصاد وَلَا إِلَى الأندر [الأندر هُوَ البيدر كَمَا فِي النِّهَايَة] وَلَا إِلَى الْعصير وَاضْرِبْ لَهُ أَََجَلًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: أَمر بِالشَّهَادَةِ عِنْد المداينة لكيلا يدْخل فِي ذَلِك جحود وَلَا نِسْيَان فَمن لم يشْهد على ذَلِك فقد عصى وَلَا يأب الشُّهَدَاء يَعْنِي من احْتِيجَ إِلَيْهِ من الْمُسلمين يشْهد على شَهَادَة أَو كَانَت عِنْده شَهَادَة فَلَا يحل لَهُ أَن يَأْبَى إِذا مَا دعِي ثمَّ قَالَ بعد هَذَا {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} والضرار أَن يَقُول الرجل للرجل وَهُوَ عَنهُ غَنِي: إِن الله قد أَمرك أَن لَا تأبى إِذا دعيت فيضاره بذلك وَهُوَ مكتف بِغَيْرِهِ فَنَهَاهُ الله عَن ذَلِك وَقَالَ {وَإِن تَفعلُوا فَإِنَّهُ فسوق} يَعْنِي مَعْصِيّة قَالَ: وَمن الْكَبَائِر كتمان الشَّهَادَة قَالَ: لِأَن الله تَعَالَى يَقُول (وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه) (الْبَقَرَة الْآيَة 283) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {كَاتب بِالْعَدْلِ} قَالَ: يعدل بَينهمَا فِي كِتَابه لَا يُزَاد على الْمَطْلُوب وَلَا ينقص من حق الطَّالِب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا يأب كَاتب} قَالَ: وَاجِب على الْكَاتِب أَن يكْتب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَلَا يأب كَاتب} قَالَ: إِن كَانَ فَارغًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وَلَا يأب كَاتب} قَالَ: ذَلِك أَن الْكتاب فِي ذَلِك الزَّمَان كَانُوا قَلِيلا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ {وَلَا يأب كَاتب} قَالَ: كَانَت الْكتاب يَوْمئِذٍ قَلِيلا وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {وَلَا يأب كَاتب} قَالَ: كَانَت عَزِيمَة فنسختها {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {كَمَا علمه الله} قَالَ: كَمَا أمره الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {كَمَا علمه الله} قَالَ: كَمَا علمه الْكِتَابَة وَترك غَيره {وليملل الَّذِي عَلَيْهِ الْحق} يَعْنِي الْمَطْلُوب يَقُول: ليمل مَا عَلَيْهِ من الْحق على الْكَاتِب {وَلَا يبخس مِنْهُ شَيْئا} يَقُول: لَا ينقص من حق الطَّالِب شَيْئا {فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق} يَعْنِي الْمَطْلُوب {سَفِيها أَو ضَعِيفا} يَعْنِي عَاجِزا أَو أخرس أَو رجلا بِهِ حمق {أَو لَا يَسْتَطِيع} يَعْنِي لَا يحسن {أَن يمل هُوَ} قَالَ: أَن يمل مَا عَلَيْهِ {فليملل وليه} ولي الْحق حَقه {بِالْعَدْلِ} يَعْنِي الطَّالِب وَلَا يزْدَاد شَيْئا {واستشهدوا} يَعْنِي على حقكم {شهيدين من رجالكم} يَعْنِي الْمُسلمين الْأَحْرَار {فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء أَن تضل إِحْدَاهمَا} يَقُول: أَن تنسى إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ الشَّهَادَة {فَتذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى} يَعْنِي تذكرها الَّتِي حفظت شهادتها {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} قَالَ: الَّذِي مَعَه الشَّهَادَة {وَلَا تسأموا} يَقُول: لَا تملوا {أَن تكتبوه صَغِيرا أَو كَبِيرا} يَعْنِي أَن تكْتبُوا صَغِير الْحق وكبيره قَلِيله وَكَثِيره {إِلَى أَجله} لِأَن الْكتاب أحصى للأجل وَالْمَال {ذَلِكُم} يَعْنِي الْكتاب {أقسط عِنْد الله} يَعْنِي أعدل {وأقوم} يَعْنِي أصوب {للشَّهَادَة وَأدنى} يَقُول: وأجدر {وَأدنى أَلا ترتابوا} أَن لَا تَشكوا فِي الْحق وَالْأَجَل وَالشَّهَادَة إِذا كَانَ مَكْتُوبًا ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ {إِلَّا أَن تكون تِجَارَة حَاضِرَة} يَعْنِي يدا بيد {تديرونها بَيْنكُم} يَعْنِي لَيْسَ فِيهَا أجل {فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح} يَعْنِي حرج {أَلا تكتبوها} يَعْنِي التِّجَارَة الْحَاضِرَة {وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} يَعْنِي اشْهَدُوا على حقكم إِذا كَانَ فِيهِ أجل أَو لم يكن فَاشْهَدُوا على حقكم على كل حَال {وَإِن تَفعلُوا} يَعْنِي أَن تضاروا الْكَاتِب أَو الشَّاهِد وَمَا نهيتم عَنهُ {فَإِنَّهُ فسوق بكم} ثمَّ خوفهم فَقَالَ {وَاتَّقوا الله} وَلَا تعصوه فِيهَا {وَالله بِكُل شَيْء عليم} يَعْنِي من أَعمالكُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق سَفِيها} قَالَ: هُوَ الْجَاهِل بالإِملاء {أَو ضَعِيفا} قَالَ: هُوَ الأحمق وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ وَالضَّحَّاك فِي قَوْله {سَفِيها} قَالَا: هُوَ الصَّبِي الصَّغِير وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {فليملل وليه} قَالَ: صَاحب الدّين

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فليملل وليه} قَالَ: ولي الْيَتِيم وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {فليملل وليه} قَالَ: ولي السَّفِيه أَو الضَّعِيف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عمر فِي قَوْله {واستشهدوا شهيدين} قَالَ: كَانَ إِذا بَاعَ بِالنَّقْدِ أشهد وَلم يكْتب قَالَ مُجَاهِد: وَإِذا بَاعَ بِالنَّسِيئَةِ كتب وَأشْهد وَأخرج سُفْيَان وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} قَالَ: من الْأَحْرَار وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَنهُ دَاوُد بن أبي هِنْد قَالَ: سَأَلت مُجَاهدًا عَن الظِّهَار من الْأمة فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْء قلت: أَلَيْسَ يَقُول الله (الَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم) (المجادلة الْآيَة 3) أفلسن من النِّسَاء فَقَالَ: وَالله تَعَالَى يَقُول {واستشهدوا شهيدين من رجالكم} أفتجوز شَهَادَة العبيد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ أَنه سُئِلَ عَن شَهَادَة النِّسَاء فَقَالَ: تجوز فِيمَا ذكر الله من الدّين وَلَا تجوز فِي غير ذَلِك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَكْحُول قَالَ: لَا تجوز شَهَادَة النِّسَاء إِلَّا فِي الدّين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي مَالك قَالَ: لَا تجوز شَهَادَة أَربع نسْوَة مَكَان رجلَيْنِ فِي الْحُقُوق وَلَا تجوز شَهَادَتهنَّ إِلَّا مَعَهُنَّ رجل وَلَا تجوز شَهَادَة رجل وَامْرَأَة لِأَن الله يَقُول {فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر قَالَ: لَا تجوز شَهَادَة النِّسَاء وحدهن إِلَّا على مَا لَا يطلع عَلَيْهِ إِلَّا هن من عورات النِّسَاء وَمَا أشبه ذَلِك من حَملهنَّ وحيضهن وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا رَأَيْت من ناقصات عقل وَدين أغلب لذِي لب مِنْكُن قَالَت امْرَأَة: يَا رَسُول الله مَا نُقْصَان الْعقل وَالدّين قَالَ: أما نُقْصَان عقلهَا فشهادة امْرَأتَيْنِ تعدل شَهَادَة رجل فَهَذَا نُقْصَان الْعقل وتمكث اللَّيَالِي وَلَا تصلي وتفطر رَمَضَان فَهَذَا نُقْصَان الدّين

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} قَالَ: عدُول وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: كتبت إِلَى ابْن عَبَّاس أسأله عَن الشَّهَادَة الصّبيان فَكتب إِلَيّ: إِن الله يَقُول {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} فليسوا مِمَّن نرضى لَا تجوز وَأخرج الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مِمَّن ترْضونَ من الشُّهَدَاء} قَالَ: عَدْلَانِ حران مسلمان وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرؤهَا {فَتذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى} مثقلة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرؤهَا {فَتذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى} مُخَفّفَة وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (أَن تضل إِحْدَاهمَا فتذكرها الْأُخْرَى) وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} يَقُول: من احْتِيجَ إِلَيْهِ من الْمُسلمين قد شهد على شَهَادَة أَو كَانَت عِنْده شَهَادَة فَلَا يحل لَهُ أَن يَأْبَى إِذا مَا دعِي ثمَّ قَالَ بعد هَذَا {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} والأضرار أَن يَقُول الرجل للرجل وَهُوَ عَنهُ غَنِي: إِن الله قد أَمرك أَن لَا تأبى إِذا مَا دعيت فيضاره بذلك وَهُوَ مكتف بذلك فَنَهَاهُ الله وَقَالَ {وَإِن تَفعلُوا فَإِنَّهُ فسوق بكم} يَعْنِي بالفسوق الْمعْصِيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} قَالَ: إِذا كَانَت عِنْدهم شَهَادَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع قَالَ: كَانَ الرجل يطوف فِي الْقَوْم الْكثير يَدعُوهُم ليشهدوا فَلَا يتبعهُ أحد مِنْهُم فَأنْزل الله {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا} قَالَ: كَانَ الرجل يطوف فِي الْحَيّ الْعَظِيم فِيهِ الْقَوْم فيدعوهم إِلَى الشَّهَادَة فَلَا يتبعهُ أحد مِنْهُم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة وَأخرج سُفْيَان وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا يأب الشُّهَدَاء إِذا مَا دعوا}

قَالَ: إِذا كَانَت عنْدك شَهَادَة فأقمها فَأَما إِذا دعيت لتشهد فَإِن شِئْت فَاذْهَبْ وَإِن شِئْت فَلَا تذْهب وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {وَلَا يأب الشُّهَدَاء} قَالَ: وَهُوَ الَّذِي عِنْده الشَّهَادَة وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: جمعت أَمريْن لَا تأب إِذا كَانَت عنْدك شَهَادَة أَن تشهد وَلَا تأب إِذا دعيت إِلَى شَهَادَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة فِي قَوْله {أقسط عِنْد الله} قَالَت: أعدل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الْحسن فِي قَوْله {وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} قَالَ: نسختها (فَإِن أَمن بَعْضكُم بَعْضًا) (الْبَقَرَة الْآيَة 283) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن زيد أَنه اشْترى سَوْطًا فاشهد وَقَالَ: قَالَ الله {وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: أشهد إِذْ بِعْت وَإِذا اشْتريت وَلَو دستجة بقل وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {وَأشْهدُوا إِذا تبايعتم} قَالَ: أشهدوا وَلَو دستجة من بقل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} قَالَ: يَأْتِي الرجل الرجلَيْن فيدعوهما إِلَى الْكتاب وَالشَّهَادَة فَيَقُولَانِ: إِنَّا على حَاجَة فَيَقُول: إنَّكُمَا قد أمرتما أَن تجيبا فَلَيْسَ لَهُ أَن يضارهما وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} يَقُول: إِنَّه يكون لِلْكَاتِبِ وَالشَّاهِد حَاجَة لَيْسَ مِنْهَا بُد فَيَقُول: خلوا سَبيله وَأخرج سُفْيَان وَعبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب يقْرؤهَا (وَلَا يضارر كَاتب وَلَا شَهِيد) يَعْنِي بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ (ولَا يضارر)

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ (وَلَا يضارر كَاتب وَلَا شَهِيد) وَأَنه كَانَ يَقُول فِي تَأْوِيلهَا: ينْطَلق الَّذِي لَهُ الْحق فيدعو كَاتبه وَشَاهده إِلَى أَن يشْهد وَلَعَلَّه يكون فِي شغل أَو حَاجَة وَأخرج ابْن جرير عَن طَاوس {وَلَا يضار كَاتب} فَيكْتب مَا لم يمل عَلَيْهِ {وَلَا شَهِيد} فَيشْهد مَا لم يستشهد وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن {وَلَا يضار كَاتب} فيزيد شَيْئا أَو يحرف {وَلَا شَهِيد} لَا يكتم الشَّهَادَة وَلَا يشْهد إِلَّا بِحَق وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا يأب كَاتب أَن يكْتب كَمَا علمه الله} كَانَ أحدهم يَجِيء إِلَى الْكَاتِب فَيَقُول: اكْتُبْ لي فَيَقُول: إِنِّي مَشْغُول أَو لي حَاجَة فَانْطَلق إِلَى غَيْرِي فَيلْزمهُ وَيَقُول: إِنَّك قد أمرت أَن تكْتب لي فَلَا يَدعه ويضاره بذلك وَهُوَ يجد غَيره فَأنْزل الله {وَلَا يضار كَاتب وَلَا شَهِيد} وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {وَإِن تَفعلُوا فَإِنَّهُ فسوق بكم} وَيَقُول: إِن تَفعلُوا غير الَّذِي أَمركُم بِهِ {وَاتَّقوا الله ويعلمكم الله} قَالَ: هَذَا تَعْلِيم علمكموه فَخُذُوا بِهِ وَأخرج أَبُو يَعْقُوب الْبَغْدَادِيّ فِي كتاب رِوَايَة الْكِبَار عَن الصغار عَن سُفْيَان قَالَ: من عمل بِمَا يعلم وفْق لما لَا يعلم وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عمل بِمَا علم وَرثهُ الله علم مَا لم يعلم وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن يزِيد بن سَلمَة الْجعْفِيّ أَنه قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي سَمِعت مِنْك حَدِيثا كثيرا أَخَاف أَن ينسيني أوّله آخِره فَحَدثني بِكَلِمَة تكون جماعاً قَالَ: اتَّقِ الله فِيمَا تعلم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من معادن التَّقْوَى تعلمك إِلَى مَا علمت مَا لم تعلم وَالنَّقْص وَالتَّقْصِير فِيمَا علمت قلَّة الزِّيَادَة فِيهِ وَإِنَّمَا يزهد الرجل فِي علم مَا لم يعلم قلَّة الِانْتِفَاع بِمَا قد علم وَأخرج الدِّرَامِي عَن عبد الله بن عمر أَن عمر بن الْخطاب قَالَ لعبد الله بن سَلام: من أَرْبَاب الْعلم قَالَ: الَّذين يعْملُونَ بِمَا يعلمُونَ قَالَ: فَمَا يَنْفِي الْعلم من صُدُور الرِّجَال قَالَ: الطمع

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: تعلمُوا الصمت ثمَّ تعلمُوا الْحلم ثمَّ تعلمُوا الْعلم ثمَّ تعلمُوا الْعَمَل بِهِ ثمَّ انشروا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّقْوَى عَن زِيَاد بن جدير قَالَ: مَا فقه قوم لم يبلغُوا التقى وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ: يَقُول الله عز وَجل إِذا علمت أَن الْغَالِب على عَبدِي التَّمَسُّك بطاعتي مننت عَلَيْهِ بالاشتغال بِي والانقطاع إليَّ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعلم حَيَاة الإِسلام وعماد الإِيمان وَمن علم علما أنمى الله لَهُ أجره إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمن تعلم علما فَعمل بِهِ فَإِن حَقًا على الله أَن يُعلمهُ مَا لم يكن يعلم وَأخرج هناد عَن الضَّحَّاك قَالَ: ثَلَاثَة لَا يسمع الله تَعَالَى لَهُم دُعَاء رجل مَعَه امْرَأَة زناء كلما قضى شَهْوَته مِنْهَا قَالَ: رب اغْفِر لي فَيَقُول الرب تبَارك وَتَعَالَى: تحول عَنْهَا وَأَنا أَغفر لَك وَإِلَّا فَلَا وَرجل بَاعَ بيعا إِلَى أجل مُسَمّى وَلم يشْهد وَلم يكْتب فكافره الرجل بِمَا لَهُ فَيَقُول: يَا رب كافرني فلَان بِمَالي فَيَقُول الرب لَا آجرك وَلَا أجيبك إِنِّي أَمرتك بِالْكتاب وَالشُّهُود فعصيتني وَرجل يَأْكُل مَال قوم وَهُوَ ينظر إِلَيْهِم وَيَقُول: يَا رب اغْفِر لي مَا آكل من مَالهم فَيَقُول الرب تَعَالَى: رد الْهم مَالهم وَإِلَّا فَلَا الْآيَة 283

283

أخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (وَلم تَجدوا كتابا) وَقَالَ: قد يُوجد الْكَاتِب وَلَا يُوجد الْقَلَم وَلَا الدواة وَلَا الصَّحِيفَة وَالْكتاب يجمع ذَلِك كُله قَالَ: وَكَذَلِكَ كَانَت قِرَاءَة أبيّ

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة أَنه كَانَ يقْرَأ (فَإِن لم تَجدوا كتابا) قَالَ: يُوجد الْكَاتِب وَلَا تُوجد الدواة وَلَا الصَّحِيفَة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن عِكْرِمَة أَنه قَرَأَهَا (فَإِن لم تَجدوا كتابا) وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَهَا (فَإِن لم تَجدوا كتابا) قَالَ: مداداً وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرؤهَا (فَإِن لم تَجدوا كتابا) وَقَالَ: الْكتاب كثير لم يكن حَوَّاء من الْعَرَب إِلَّا كَانَ فيهم كَاتب وَلَكِن كَانُوا لَا يقدرُونَ على القرطاس والقلم والدواة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ (وَلم تَجدوا كتابا) بِضَم الْكَاف وَتَشْديد التَّاء وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن زيد بن ثَابت قَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فرهن مَقْبُوضَة) بِغَيْر ألف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن حميد الْأَعْرَج وَإِبْرَاهِيم أَنَّهُمَا قرآ (فرهن مَقْبُوضَة) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن وَأبي الرَّجَاء أَنَّهُمَا قرآ {فرهان مَقْبُوضَة} وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم على سفر} الْآيَة قَالَ: من كَانَ على سفر فَبَايع بيعا إِلَى أجل فَلم يجد كَاتبا فَرخص لَهُ فِي الرِّهَان المقبوضة وَلَيْسَ لَهُ أَن وجد كَاتبا أَن يرتهن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم على سفر وَلم تَجدوا كَاتبا فرهان مَقْبُوضَة} قَالَ: لَا يكون الرِّهَان إِلَّا فِي السّفر وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت اشْترى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما من يَهُودِيّ بنسيئة وَرَهنه درعاً لَهُ من حَدِيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم على سفر وَلم تَجدوا كَاتبا} يَعْنِي لم تقدروا على كِتَابَة الدّين فِي السّفر {فرهان مَقْبُوضَة} يَقُول: فليرتهن

الَّذِي لَهُ الْحق من الْمَطْلُوب {فَإِن أَمن بَعْضكُم بَعْضًا} يَقُول: فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق أَمينا عِنْد صَاحب الْحق فَلم يرتهن لِثِقَتِهِ وَحسن ظَنّه {فليؤد الَّذِي اؤتمن أَمَانَته} يَقُول: ليؤد الْحق الَّذِي عَلَيْهِ إِلَى صَاحبه وخوّف الله الَّذِي عَلَيْهِ الْحق فَقَالَ {وليتق الله ربه وَلَا تكتموا الشَّهَادَة} يَعْنِي عِنْد الْحُكَّام يَقُول: من أشهد على حق فليقمها على وَجههَا كَيفَ كَانَت {وَمن يكتمها} يَعْنِي الشَّهَادَة وَلَا يشْهد بهَا إِذا دعِي لَهَا {فَإِنَّهُ آثم قلبه وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ عليم} يَعْنِي من كتمان الشَّهَادَة وإقامتها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لَا يكون الرَّهْن إِلَّا مَقْبُوضا يقبضهُ الَّذِي لَهُ المَال ثمَّ قَرَأَ {فرهان مَقْبُوضَة} وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ الْكَبِير وَأَبُو دَاوُد والنحاس مَعًا فِي النَّاسِخ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه بِسَنَد جيد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تداينتم بدين} حَتَّى إِذا بلغ {فَإِن أَمن بَعْضكُم بَعْضًا} قَالَ: هَذِه نسخت مَا قبلهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ: لَا بَأْس إِذا أمنته أَن لَا تكْتب وَلَا تشهد لقَوْله {فَإِن أَمن بَعْضكُم بَعْضًا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع {وَلَا تكتموا الشَّهَادَة} قَالَ: لَا يحل لأحد أَن يكتم شَهَادَة هِيَ عِنْده وَإِن كَانَت على نَفسه أَو الْوَالِدين أَو الْأَقْرَبين وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {آثم قلبه} قَالَ: فَاجر قلبه آيَة 284

284

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} قَالَ: نزلت فِي الشَّهَادَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي كتمان الشَّهَادَة وإقامتها

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ لما نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله فَيغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير} اشْتَدَّ ذَلِك على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ جثوا على الركب فَقَالُوا: يَا رَسُول الله كلفنا من الْأَعْمَال مَا نطيق الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْجهَاد وَالصَّدَََقَة وَقد أنزل عَلَيْك هَذِه الْآيَة وَلَا نطيقها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتريدون أَن تَقولُوا كَمَا قَالَ أهل الْكِتَابَيْنِ من قبلكُمْ سمعنَا وعصينا بل قُولُوا (سمعنَا وأطعنا غفرانك رَبنَا وَإِلَيْك الْمصير) (الْبَقَرَة الْآيَة 285) فَلَمَّا اقترأها الْقَوْم وذلت بهَا ألسنتهم أنزل الله فِي أَثَرهَا (آمن الرَّسُول ) (الْبَقَرَة الْآيَة 285) الْآيَة فَلَمَّا فعلوا ذَلِك نسخهَا الله فَأنْزل الله (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا) (الْبَقَرَة الْآيَة 286) إِلَى آخرهَا وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} دخل فِي قُلُوبهم مِنْهُ شَيْء لم يدْخل من شَيْء فَقَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يُوجد خطأ) فَقَالَ: قُولُوا سمعنَا وأطعنا وَسلمنَا فَألْقى الله الإِيمان فِي قُلُوبهم فَأنْزل الله (آمن الرَّسُول ) (الْبَقَرَة الْآيَة 285) الْآيَة (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا) (الْبَقَرَة الْآيَة 286) قَالَ: قد فعلت (رَبنَا وَلَا تحمل علينا إصراً كَمَا حَملته على الَّذين من قبلنَا) قَالَ: قد فعلت (رَبنَا وَلَا تحملنا مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ) قَالَ: قد فعلت (واعف عَنَّا واغفر لنا وارحمنا ) الْآيَة قَالَ: قد فعلت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: دخلت على ابْن عَبَّاس فَقلت: كنت عِنْد ابْن عمر فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة فَبكى قَالَ: أَيَّة آيَة قلت {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} قَالَ ابْن عَبَّاس: إِن هَذِه الْآيَة حِين أنزلت غمت أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غماً شَدِيدا وغاظتهم غيظاً شَدِيدا وَقَالُوا: يَا رَسُول

الله هلكنا إِن كُنَّا نؤاخذ بِمَا تكلمنا وَبِمَا نعمل فَأَما قُلُوبنَا فَلَيْسَتْ بِأَيْدِينَا فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُولُوا سمعنَا وأطعنا قَالَ: فنسختها هَذِه الْآيَة (آمن الرَّسُول) (الْبَقَرَة الْآيَة 385) إِلَى (وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت) فتجوّز لَهُم عَن حَدِيث النَّفس وَأخذُوا بِالْأَعْمَالِ وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سعيد بن مرْجَانَة أَنه بَيْنَمَا هُوَ جَالس مَعَ عبد الله بن عمر تَلا هَذِه الْآيَة {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} الْآيَة فَقَالَ: وَالله لَئِن آخذنا الله بِهَذَا لَنهْلكَنَّ ثمَّ بَكَى حَتَّى سمع نَشِيجه قَالَ ابْن مرْجَانَة: فَقُمْت حَتَّى أتيت ابْن عَبَّاس فَذكرت لَهُ مَا قَالَ ابْن عمر وَمَا فعل حِين تَلَاهَا فَقَالَ ابْن عَبَّاس: يغْفر الله لأبي عبد الرَّحْمَن لعمري لقد وجد الْمُسلمُونَ مِنْهَا حِين أنزلت مثل مَا وجد عبد الله بن عمر فَأنْزل الله بعْدهَا (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا) (الْبَقَرَة الْآيَة 286) إِلَى آخر السُّورَة قَالَ ابْن عَبَّاس: فَكَانَت هَذِه الوسوسة مِمَّا لَا طَاقَة للْمُسلمين بهَا وَصَارَ الْأَمر إِلَى أَن قضى الله أَن للنَّفس مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت من القَوْل وَالْعَمَل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير والنحاس فِي ناسخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَالم أَن أَبَاهُ قَرَأَ {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} فَدَمَعَتْ عَيناهُ فَبلغ صَنِيعه ابْن عَبَّاس فَقَالَ: يرحم الله أَبَا عبد الرَّحْمَن لقد صنع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أنزلت فنسختها الْآيَة الَّتِي بعْدهَا (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد عَن نَافِع قَالَ: لقلما أَتَى ابْن عمر على هَذِه الْآيَة إِلَّا بَكَى {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} إِلَى آخر الْآيَة وَيَقُول: إِن هَذَا لاحصاء شَدِيد وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مَرْوَان الْأَصْغَر عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحْسبهُ ابْن عمر {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} قَالَ: نسختها الْآيَة الَّتِي بعْدهَا وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ عَن عَليّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} ) الْآيَة أحزنتنا قُلْنَا: أيحدث أَحَدنَا

نَفسه فيحاسب بِهِ لَا نَدْرِي مَا يغْفر مِنْهُ وَلَا مَا لَا يغْفر مِنْهُ فَنزلت هَذِه الْآيَة بعْدهَا فنسختها (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا سعها لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت المحاسبة قبل أَن تنزل (لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت) فَلَمَّا نزلت نسخت الْآيَة الَّتِي كَانَت قبلهَا وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق قَتَادَة عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ فِي الْآيَة قَالَ: نسختها (لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت) وَأخرج سُفْيَان وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وأبوداود وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم تَتَكَلَّم وتعمل بِهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ مَا بعث الله من نَبِي وَلَا أرسل من رَسُول أنزل عَلَيْهِم الْكتاب إِلَّا أنزل عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله فَيغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير} فَكَانَت الْأُمَم تأبى على أنبيائها ورسلها وَيَقُولُونَ: نؤاخذ بِمَا نُحدث بِهِ أَنْفُسنَا وَلم تعمله جوارحنا فيكفرون ويضلون فَلَمَّا نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتَدَّ على الْمُسلمين مَا اشْتَدَّ على الْأُمَم قبلهم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أنؤاخذ بِمَا نُحدث بِهِ أَنْفُسنَا وَلم تعمله جوارحنا قَالَ: نعم فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا واطلبوا إِلَى ربكُم فَذَلِك قَوْله (آمن الرَّسُول) (الْبَقَرَة الْآيَة 285) الْآيَة فَوضع الله عَنْهُم حَدِيث النَّفس إِلَّا مَا عملت الْجَوَارِح لَهَا مَا كسبت من خير وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت من شَرّ (رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا) (الْبَقَرَة الْآيَة 286) قَالَ: فَوضع عَنْهُم الْخَطَأ وَالنِّسْيَان (رَبنَا وَلَا تحمل علينا إصرا ) الْآيَة قَالَ: فَلم يكلفوا مَا لم يطيقوا وَلم يحمل عَلَيْهِم الإِصر الَّذِي جعل على الْأُمَم قبلهم وَعَفا عَنْهُم وَغفر لَهُم ونصرهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} فَذَلِك سرائرك وعلانيتك {يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} فَإِنَّهَا لم تنسخ وَلَكِن الله إِذا جمع الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة يَقُول: إِنِّي أخْبركُم بِمَا

أخفيتم فِي أَنفسكُم مِمَّا لم تطلع عَلَيْهِ ملائكتي فَأَما الْمُؤْمِنُونَ فيخبرهم وَيغْفر لَهُم مَا حدثوا بِهِ أنفسهم وَهُوَ قَوْله (يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله) يَقُول: يُخْبِركُمْ وَأما أهل الشَّك والريب فيخبرهم بِمَا أخفوا من التَّكْذِيب وَهُوَ قَوْله (وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ) (الْبَقَرَة الْآيَة 225) وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} قَالَ: من الْيَقِين وَالشَّكّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} فَذَلِك سر عَمَلك وعلانيته {يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} فَمَا من عبد مُؤمن يسر فِي نَفسه خيرا ليعْمَل بِهِ فَإِن عمل بِهِ كتبت لَهُ عشر حَسَنَات وَإِن هُوَ لم يقدر لَهُ أَن يعْمل كتب لَهُ بِهِ حَسَنَة من أجل أَنه مُؤمن وَالله رَضِي سر الْمُؤمنِينَ وعلانيتهم وان كَانَ سوءا حدث بِهِ نَفسه اطلع الله عَلَيْهِ أخبرهُ الله بِهِ يَوْم تبلى السرائر فَإِن هُوَ لم يعْمل بِهِ لم يؤاخذه الله بِهِ حَتَّى يعْمل بِهِ فَإِن هُوَ عمل بِهِ تجَاوز الله عَنهُ كَمَا قَالَ (أُولَئِكَ الَّذين نتقبل عَنْهُم أحسن مَا عمِلُوا ونتجاوز عَن سيئاتهم) (الْأَحْقَاف الْآيَة 16) وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {وَأَن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} نسخت فَقَالَ (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا) (الْبَقَرَة الْآيَة 286) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} قَالَ: لما نزلت اشْتَدَّ ذَلِك على الْمُسلمين وشق عَلَيْهِم فنسخها الله فَأنْزل الله (لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا) (الْبَقَرَة الْآيَة 286) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ} ) الْآيَة أَتَى أَبُو بكر وَعمر ومعاذ بن جبل وَسعد بن زُرَارَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: مَا نزل علينا آيَة أَشد من هَذِه وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله يَقُول

يَوْم الْقِيَامَة: إِن كتابي لم يكتبوا من أَعمالكُم إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا فَأَما مَا أسررتم فِي أَنفسكُم فَأَنا أحاسبكم بِهِ الْيَوْم فَأغْفِر لمن شِئْت وأعذب من شِئْت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ: هِيَ محكمَة لم ينسخها شَيْء يعرفهُ الله يَوْم الْقِيَامَة إِنَّك أخفيت فِي صدرك كَذَا وَكَذَا وَلَا يؤاخذه وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أُميَّة أَنَّهَا سَأَلت عَائِشَة عَن قَول الله تَعَالَى {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله} وَعَن قَوْله (من يعْمل سوءا يجز بِهِ) (النِّسَاء الْآيَة 123) فَقَالَت: مَا سَأَلَني عَنْهَا أحد مُنْذُ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: هَذِه معاتبة الله العَبْد فِيمَا يُصِيبهُ من الْحمى والنكبة حَتَّى البضاعة يَضَعهَا فِي يَد قَمِيصه فيفقدها فَيفزع لَهَا ثمَّ يجدهَا فِي ضبينه حَتَّى إِن العَبْد ليخرج من ذنُوبه كَمَا يخرج التبر الْأَحْمَر من الْكِير وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير من طَرِيق الضَّحَّاك عَن عَائِشَة فِي قَوْله {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم} الْآيَة قَالَت: هُوَ الرجل يهم بالمعصية وَلَا يعملها فَيُرْسل عَلَيْهِ من الْغم والحزن بِقدر مَا كَانَ هم من الْمعْصِيَة فَتلك محاسبته وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة قَالَت: كل عبد هم بِسوء ومعصية وَحدث بِهِ نَفسه حَاسبه الله بِهِ فِي الدُّنْيَا يخَاف ويحزن ويشتد همه لَا يَنَالهُ من ذَلِك شَيْء كَمَا هم بالسوء وَلم يعْمل مِنْهُ شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {فَيغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء} بِالرَّفْع فيهمَا وَأخرج عَن الْأَعْمَش: انه قَرَأَ بجزمهما وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش أَنه قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (يُحَاسِبكُمْ بِهِ الله يغْفر لمن يَشَاء) بِغَيْر فَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَيغْفر لمن يَشَاء} الْآيَة قَالَ: يغْفر لمن يَشَاء الْكَبِير من الذُّنُوب ويعذب من يَشَاء على الصَّغِير

آيَة 285 - 286

285

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ لما نزلت (وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم) (الْبَقَرَة الْآيَة 284) الْآيَة شقّ ذَلِك عَلَيْهِم قَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا لنحدث أَنْفُسنَا بِشَيْء مَا يسرنَا أَن يطلع عَلَيْهِ أحد من الْخَلَائق وَإِن لنا كَذَا وَكَذَا قَالَ: أوقد لَقِيتُم هَذَا ذَلِك صَرِيح الإِيمان فَأنْزل الله {آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه} الْآيَتَيْنِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق يحيى بن أبي كثير عَن أنس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه} قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحقّ لَهُ أَن يُؤمن قَالَ: الذَّهَبِيّ مُنْقَطع بَين يحيى وَأنس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ وَحقّ لَهُ أَن يُؤمن قلت هَذَا شَاهد لحَدِيث أنس وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَرَأَ (آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه وآمن الْمُؤْمِنُونَ) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ (كل آمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتابه)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: آمنا بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان لَا نفرق بَين أحد من رسله لَا نكفر بِمَا جَاءَت بِهِ الرُّسُل وَلَا نفرق بَين أحد مِنْهُم وَلَا نكذب بِهِ {وَقَالُوا سمعنَا} لِلْقُرْآنِ الَّذِي جَاءَ من الله {وأطعنا} اقروا لله أَن يطيعوه فِي أمره وَنَهْيه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن عُمَيْر أَنه كَانَ يقْرَأ (لَا يفرق بَين أحد من رسله) يَقُول: كل آمن وكل لَا يفرق وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {غفرانك رَبنَا} قَالَ: قد غفرت لكم {وَإِلَيْك الْمصير} قَالَ: إِلَيْك الْمرجع والمآب يَوْم يقوم الْحساب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن حَكِيم بن جَابر قَالَ: لما نزلت {آمن الرَّسُول} قَالَ جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قد أحسن الثَّنَاء عَلَيْك وعَلى أمتك فسل تعطه فَسَأَلَ {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} حَتَّى ختم السُّورَة بِمَسْأَلَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ وسع الله عَلَيْهِم أَمر دينهم فَقَالَ (وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج) (الْحَج الْآيَة 78) وَقَالَ (يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر) (الْبَقَرَة الْآيَة 185) وَقَالَ (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم) (التغابن الْآيَة 19) وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: كَانَت لي بواسير فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فَقَالَ صل قَائِما فَإِن لم تستطع فقاعداً فَإِن لم تستطع فعلى جنب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت} قَالَ: من الْعَمَل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت ضج الْمُؤْمِنُونَ مِنْهَا ضجة وَقَالُوا: يَا رَسُول الله: هَذَا نتوب من عمل الْيَد وَالرجل

وَاللِّسَان كَيفَ نتوب من الوسوسة كَيفَ نمتنع مِنْهَا فجَاء جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} إِنَّكُم لَا تَسْتَطِيعُونَ أَن تمتنعوا من الوسوسة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {إِلَّا وسعهَا} قَالَ: إِلَّا طاقتها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {إِلَّا وسعهَا} قَالَ: إِلَّا مَا تطِيق وَأخرج سُفْيَان وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تجَاوز عَن أمتِي مَا وسوست بِهِ صدورها مَا لم تعْمل أَو تكلم بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي بكر الْهُذلِيّ عَن شهر عَن أم الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله تجَاوز لأمتي عَن ثَلَاث عَن الْخَطَأ وَالنِّسْيَان والاستكراه قَالَ أَبُو بكر: فَذكرت ذَلِك لِلْحسنِ فَقَالَ: أجل اما تقْرَأ بذلك قُرْآنًا {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا} وَأخرج ابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضع الله عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَأَبُو نعيم فِي التَّارِيخ عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفع الله عَن هَذِه الْأمة الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَالْأَمر يكْرهُونَ عَلَيْهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن الْحسن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تجوّز لهَذِهِ الْأمة الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ

وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تجَاوز لأمتي عَن ثَلَاث: عَن الْخَطَأ وَالنِّسْيَان والإِكراه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تجَاوز الله لِابْنِ آدم عَمَّا أَخطَأ وَعَما نسي وَعَما أكره وَعَما غلب عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: إِن هَذِه الْآيَة حِين نزلت {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا} قَالَ لَهُ جِبْرِيل: إِن الله قد فعل ذَلِك يَا مُحَمَّد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إصراً} قَالَ: عهدا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَلَا تحمل علينا إصراً} قَالَ: عهدا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وَلَا تحمل علينا إصراً كَمَا حَملته على الَّذين من قبلنَا} قَالَ: عهدا كَمَا حَملته على الْيَهُود فمسختهم قردة وَخَنَازِير قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَبَا طَالب وَهُوَ يَقُول: أَفِي كل عَام وَاحِد وصحيفة يشد بهَا أَمر وثيق وأيصره وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {وَلَا تحمل علينا إصراً} قَالَ: عهدا أَلا نطيقه وَلَا نستطيع الْقيام بِهِ {كَمَا حَملته على الَّذين من قبلنَا} الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَلم يقومُوا بِهِ فأهلكتهم {وَلَا تحملنا مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ} قَالَ: مسخ القردة والخنازير وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {رَبنَا وَلَا تحمل علينا إصراً كَمَا حَملته على الَّذين من قبلنَا} قَالَ: كم من تَشْدِيد كَانَ على من كَانَ قبلنَا {رَبنَا وَلَا تحملنا مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ} قَالَ: كم من تَخْفيف وَيسر وعافية فِي هَذِه الْأمة وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن أبي رَبَاح {وَلَا تحمل علينا إصراً} قَالَ: لَا تمسخنا قردة وَخَنَازِير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {وَلَا تحمل علينا إصراً} يَقُول: التَّشْدِيد الَّذِي شدد بِهِ على من كَانَ من أهل الْكتاب

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل كَانُوا إِذا أَصَابَهُم الْبَوْل قرضوه بِالْمَقَارِيضِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا أصَاب أحدهم الْبَوْل يتبعهُ بالمقراضين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت دخلت على امْرَأَة من الْيَهُود فَقَالَت: إِن عَذَاب الْقَبْر من الْبَوْل قلت: كذبت قَالَت: بلَى قَالَت: إِنَّه ليقرض مِنْهُ الْجلد وَالثَّوْب فَأخْبرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: صدقت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: لَا تحمل علينا ذَنبا لَيْسَ فِيهِ تَوْبَة وَلَا كَفَّارَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الفضيل فِي قَوْله {وَلَا تحمل علينا إصراً} قَالَ: كَانَ الرجل من بني إِسْرَائِيل إِذا أذْنب قيل لَهُ: توبتك أَن تقتل نَفسك فَيقْتل نَفسه فَوضعت الاصار عَن هَذِه الْأمة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {رَبنَا وَلَا تحملنا مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ} قَالَ: لَا تحملنا من الْأَعْمَال مَا لَا نطيق وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ} من التَّغْلِيظ والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم من التَّحْرِيم وَأخرج ابْن جرير عَن سَلام بن سَابُور {مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ} قَالَ: الغلمة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَكْحُول {مَا لَا طَاقَة لنا بِهِ} قَالَ: الغربة والغلمة والانعاظ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {واعف عَنَّا} إِن قَصرنَا عَن شَيْء مِمَّا أمرتنا بِهِ {واغفر لنا} إِن انتهكنا شَيْئا مِمَّا نَهَيْتنَا عَنهُ {وارحمنا} يَقُول: لَا ننال الْعَمَل بِمَا أمرتنا بِهِ وَلَا ترك مَا نَهَيْتنَا عَنهُ إِلَّا بِرَحْمَتك قَالَ: وَلم ينج أحد إِلَّا برحمته وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الضَّحَّاك قَالَ: جَاءَ بهَا جِبْرِيل وَمَعَهُ من الْمَلَائِكَة مَا شَاءَ الله {آمن الرَّسُول} إِلَى قَوْله {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا} قَالَ: ذَلِك لَك وَهَكَذَا عقب كل كلمة وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ أَقرَأ جِبْرِيل النَّبِي آخر سُورَة الْبَقَرَة فَلَمَّا حفظهَا قَالَ: اقرأها فقرأها فَجعل كلما مر بِحرف قَالَ: ذَلِك لَك حَتَّى فرغ مِنْهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَات {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا} فَكلما قَالَهَا جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آمين رب الْعَالمين وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي ذَر قَالَ: هِيَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَسَأَلَهَا نَبِي الله ربه فاعطاه اياها فَكَانَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَأخرج أَبُو عبيد عَن أبي ميسرَة أَن جِبْرِيل لقن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد خَاتِمَة الْبَقَرَة: آمين وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن معَاذ بن جبل أَنه كَانَ إِذا فرغ من قِرَاءَة هَذِه السُّورَة {وَانْصُرْنَا على الْقَوْم الْكَافرين} قَالَ: آمين وَأخرج أَبُو عبيد عَن جُبَير بن نغير أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ خَاتِمَة الْبَقَرَة يَقُول: آمين آمين وَأخرج ابْن السّني وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن حُذَيْفَة قَالَ صليت خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة فَلَمَّا خَتمهَا قَالَ: اللَّهُمَّ رَبنَا وَلَك الْحَمد عشرا أَو سبع مَرَّات وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد والدرامي وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الضريس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَرَأَ الْآيَتَيْنِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة كفتاه وَأخرج أَبُو عبيد والدرامي وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَمُحَمّد بن نصر وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن النُّعْمَان بن بشير أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله كتب كتابا قبل أَن يخلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض بألفي عَام فَأنْزل مِنْهُ آيَتَيْنِ ختم بهما سُورَة الْبَقَرَة وَلَا يقرآن فِي دَار ثَلَاث لَيَال فيقربها شَيْطَان وَأخرج أَحْمد وَأَبُو عبيد وَمُحَمّد بن نصر عَن عقبَة بن عَامر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اقرؤوا هَاتين الْآيَتَيْنِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة فَإِن رَبِّي أعطانيهما من تَحت الْعَرْش وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: ترددوا فِي الْآيَتَيْنِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة {آمن الرَّسُول} إِلَى خاتمتها فَإِن الله اصْطفى بهَا مُحَمَّدًا

وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب بِسَنَد صَحِيح عَن حُذَيْفَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: أَعْطَيْت هَذِه الْآيَات من آخر سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم يُعْطهَا نَبِي قبلي وَأخرج اسحق بن رَاهَوَيْه وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَيْت خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي وَأخرج مُسلم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لما أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى بِهِ إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَأعْطِي ثَلَاثًا: أعطي الصَّلَوَات الْخمس وَأعْطِي خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة وَغفر لمن لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا من أمته الْمُقْحمَات وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله ختم سُورَة الْبَقَرَة بآيتين أعطانيهما من كنزه الَّذِي تَحت الْعَرْش فتعلموهما وعلموهما نساءكم وأبناءكم فَإِنَّهُمَا صَلَاة وَقُرْآن وَدُعَاء وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الضريس وجعفر الْفرْيَابِيّ فِي الذّكر عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَوَاخِر سُورَة الْبَقَرَة إنَّهُنَّ قُرْآن وإنهن دُعَاء وإنهن يدخلن الْجنَّة وإنهن يرضين الرَّحْمَن وَأخرج الديلمي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيتان هما قُرْآن وهما يشفيان وهما مِمَّا يحبهما الله الْآيَتَانِ من آخر الْبَقَرَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله كتب كتابا قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض بألفي عَام فَأنْزل مِنْهُ آيَتَيْنِ ختم بهما سُورَة الْبَقَرَة لَا يقرآن فِي دَار ثَلَاث لَيَال فيقربها شَيْطَان وَأخرج مُسَدّد عَن عمر قَالَ: مَا كنت أرى أحدا يعقل ينَام حَتَّى يقْرَأ الْآيَات الْأَوَاخِر من سُورَة الْبَقَرَة فَإِنَّهُنَّ من كنز تَحت الْعَرْش وَأخرج الدَّارمِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: مَا كنت أرى أَن أحدا يعقل ينَام حَتَّى يقْرَأ هَؤُلَاءِ الْآيَات الثَّلَاث من آخر سُورَة الْبَقَرَة وإنهن لمن كنز تَحت الْعَرْش وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأَبُو عبيد وَالطَّبَرَانِيّ وَمُحَمّد بن نصر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَات من آخر سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ فِي لَيْلَة آخر سُورَة الْبَقَرَة فقد أَكثر وأطاب

وَأخرج الْخَطِيب فِي تَلْخِيص الْمُتَشَابه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ الثَّلَاث الْأَوَاخِر من سُورَة الْبَقَرَة فقد أَكثر وأطاب وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن مَسْعُود الْأنْصَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أنزل الله آيَتَيْنِ من كنوز الْجنَّة كتبهما الرَّحْمَن بِيَدِهِ قبل أَن يخلق الْخلق بألفي عَام من قرأهما بعد الْعشَاء الْآخِرَة أَجْزَأَتَاهُ عَن قيام اللَّيْل وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن مَسْعُود البدري قَالَ: من قَرَأَ خَاتِمَة سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة أَجْزَأت عَنهُ قيام لَيْلَة وَقَالَ: أعطي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش وَأخرج أَبُو يعلى عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر فِي الرَّكْعَة الأولى {آمن الرَّسُول} حَتَّى خَتمهَا وَفِي الثَّانِيَة من آل عمرَان (قل يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء ) الْآيَة وَأخرج أَبُو عبيد عَن كَعْب أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعطي أَربع آيَات لم يُعْطهنَّ مُوسَى وَإِن مُوسَى أعطي آيَة لم يُعْطهَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: والآيات الَّتِي أعطيهن مُحَمَّد {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} حَتَّى ختم الْبَقَرَة فَتلك ثَلَاث آيَات وَآيَة الْكُرْسِيّ حَتَّى تَنْقَضِي وَالْآيَة الَّتِي أعطيها مُوسَى اللَّهُمَّ لَا تولج الشَّيْطَان فِي قُلُوبنَا وخلصنا مِنْهُ من أجل أَن لَك الملكوت والأيد وَالسُّلْطَان وَالْملك وَالْحَمْد وَالْأَرْض وَالسَّمَاء والدهر الداهر أبدا أبدا آمين آمين وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ آخر الْبَقَرَة قَالَ: يَا لَك نعْمَة يَا لَك نعْمَة وَأخرج ابْن جرير فِي تَهْذِيب الْآثَار عَن أَيُّوب إِن أَبَا قلَابَة كتب إِلَيْهِ بِدُعَاء الكرب وَأمره أَن يُعلمهُ ابْنه لَا إِلَه إِلَّا الله الْعَظِيم الْحَلِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الأَرْض وَرب الْعَرْش الْكَرِيم سُبْحَانَكَ يَا رَحْمَن مَا شِئْت أَن يكون كَانَ وَمَا لم تشَاء لم يكن لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه أعوذ بِالَّذِي يمسك السَّمَوَات السَّبع وَمن فِيهِنَّ أَن يقعن على الأَرْض من شَرّ مَا خلق وَمن شَرّ مَا برأَ وَأَعُوذ بِكَلِمَات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ السامة والهامة وَمن الشَّرّ كُله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ثمَّ يقْرَأ آيَة الْكُرْسِيّ وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة

مُقَدّمَة سُورَة آل عمرَان أخرج ابْن الضريس فِي فضائله والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة آل عمرَان بِالْمَدِينَةِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا آل عمرَان يَوْم الْجُمُعَة صلى الله عَلَيْهِ وَمَلَائِكَته حَتَّى تغيب الشَّمْس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: من قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء كتب عِنْد الله من الْحُكَمَاء وَأخرج الدِّرَامِي وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ آل عمرَان فَهُوَ غَنِي وَالنِّسَاء محبرة يَعْنِي مزينة وَأخرج الدِّرَامِي وَأَبُو عبيد فِي فضائله وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نعم كنز الصعلوك سُورَة آل عمرَان يقوم بهَا الرجل من آخر اللَّيْل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي عطاف قَالَ: اسْم آل عمرَان فِي التَّوْرَاة طيبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن ابْن عَبَّاس أَن الشَّمْس انكسفت وَهُوَ أَمِير على الْبَصْرَة فصلى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فيهمَا بالبقرة وَآل عمرَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ: قَرَأَ رجل الْبَقَرَة وَآل عمرَان فَقَالَ كَعْب: قد قَرَأَ سورتين إِن فيهمَا للاسم الَّذِي إِذا دعى بِهِ اسْتَجَابَ

سُورَة آل عمرَان مَدَنِيَّة وآياتها مِائَتَان نزلت بعد الْأَنْفَال آيَة 1 - 6

آل عمران

أخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أبي بن كَعْب أَنه قَرَأَ {الْحَيّ القيوم} وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ {القيوم} الْقَائِم على كل شَيْء وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرؤهَا {الْحَيّ القيوم} وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي مَعًا فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عمر أَنه صلى الْعشَاء الْآخِرَة فَاسْتَفْتَحَ سُورَة آل عمرَان فَقَرَأَ {الم الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن الْأَعْمَش قَالَ فِي قِرَاءَة عبد الله / الْحَيّ الْقيام / وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يقْرَأ / الْحَيّ الْقيام / وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي عَن أبي معمر قَالَ: سَمِعت عَلْقَمَة يقْرَأ / الْحَيّ الْقيم / وَكَانَ أَصْحَاب عبد الله يقرؤون / الْحَيّ الْقيام / وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عَاصِم بن كُلَيْب عَن أَبِيه قَالَ: كَانَ عمر يُعجبهُ أَن يقْرَأ سُورَة آل عمرَان فِي الْجُمُعَة إِذا خطب وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير قَالَ: قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفد نَجْرَان سِتُّونَ رَاكِبًا فيهم أَرْبَعَة عشر رجلا من أَشْرَافهم فَكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم أَبُو حَارِثَة بن عَلْقَمَة وَالْعَاقِب وَعبد الْمَسِيح والأيهم السَّيِّد وَهُوَ من النَّصْرَانِيَّة على دين الْملك مَعَ اخْتِلَاف من أَمرهم يَقُولُونَ هُوَ الله وَيَقُولُونَ هُوَ ولد الله وَيَقُولُونَ هُوَ ثَالِث ثَلَاثَة كَذَلِك قَول النَّصْرَانِيَّة فهم يحتجون

فِي قَوْلهم يَقُولُونَ هُوَ الله بِأَنَّهُ كَانَ يحيي الْمَوْتَى ويبرىء الاسقام ويخبر بالغيوب ويخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير ثمَّ ينْفخ فِيهِ فَيكون طيراً وَذَلِكَ كُله بِإِذن الله ليجعله آيَة للنَّاس ويحتجون فِي قَوْلهم بِأَنَّهُ ولد بِأَنَّهُم يَقُولُونَ: لم يكن لَهُ أَب يعلم وَقد تكلم فِي المهد شَيْئا لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله ويحتجون فِي قَوْلهم إِنَّه ثَالِث ثَلَاثَة بقول الله: فعلنَا وأمرنا وخلقنا وقضينا فَيَقُولُونَ: لَو كَانَ وَاحِدًا مَا قَالَ إِلَّا فعلت وَأمرت وقضيت وخلقت وَلكنه هُوَ وَعِيسَى وَمَرْيَم فَفِي كل ذَلِك من قَوْلهم نزل الْقُرْآن وَذكر الله لنَبيه فِيهِ قَوْلهم فَلَمَّا كَلمه الحبران قَالَ لَهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أسلما قَالَا: قد أسلمنَا قبلك قَالَ: كذبتما منعكما من الإِسلام دعاؤكما لله ولدا وعبادتكما الصَّلِيب وأكلكما الْخِنْزِير قَالَا: فَمن أَبوهُ يَا مُحَمَّد فَصمت فَلم يجبهما شَيْئا فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْلهم وَاخْتِلَاف أَمرهم كُله صدر سُورَة آل عمرَان إِلَى بضع وَثَمَانِينَ آيَة مِنْهَا فَافْتتحَ السُّورَة بتنزيه نَفسه مِمَّا قَالُوهُ وتوحيده إيَّاهُم بالخلق وَالْأَمر لَا شريك لَهُ فِيهِ ورد عَلَيْهِم مَا ابتدعوا من الْكفْر وَجعلُوا مَعَه من الأنداد واحتجاجاً عَلَيْهِم بقَوْلهمْ فِي صَاحبهمْ ليعرفهم بذلك ضلالته فَقَالَ {الم الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} أَي لَيْسَ مَعَه غَيره شريك فِي أمره الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت وَقد مَاتَ عِيسَى فِي قَوْلهم القيوم الْقَائِم على سُلْطَانه لَا يَزُول وَقد زَالَ عِيسَى وَقَالَ ابْن إِسْحَق: حَدثنِي مُحَمَّد بن سهل بن أبي امامة قَالَ: لما قدم أهل نَجْرَان على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألونه عَن عِيسَى بن مَرْيَم نزلت فيهم فَاتِحَة آل عمرَان إِلَى رَأس الثَّمَانِينَ مِنْهَا وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع قَالَ: إِن النَّصَارَى أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فخاصموه فِي عِيسَى بن مَرْيَم وَقَالُوا لَهُ: من أَبوهُ وَقَالُوا على الله الْكَذِب والبهتان فَقَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ألستم تعلمُونَ أَنه لَا يكون ولد إِلَّا وَهُوَ يشبه أَبَاهُ قَالُوا: بلَى قَالَ: ألستم تعلمُونَ أَن رَبنَا حَيّ لَا يَمُوت وَإِن عِيسَى يَأْتِي عَلَيْهِ الفناء قَالُوا: بلَى قَالَ: ألستم تعلمُونَ أَن رَبنَا قيم على كل شَيْء يكلؤه ويحفظه وَيَرْزقهُ قَالُوا: بلَى قَالَ: فَهَل يملك عِيسَى من ذَلِك شَيْئا قَالُوا: لَا قَالَ: أفلستم تعلمُونَ أَن الله لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء قَالُوا: بلَى قَالَ: فَهَل يعلم عِيسَى من ذَلِك شَيْئا إِلَّا مَا علم قَالُوا: لَا

قَالَ: فَإِن رَبنَا صور عِيسَى فِي الرَّحِم كَيفَ شَاءَ ألستم تعلمُونَ أَن رَبنَا لَا يَأْكُل الطَّعَام وَلَا يشرب الشَّرَاب وَلَا يحدث الْحَدث قَالُوا: بلَى قَالَ: ألستم تعلمُونَ أَن عِيسَى حَملته أمه كَمَا تحمل الْمَرْأَة ثمَّ وَضعته كَمَا تضع الْمَرْأَة وَلَدهَا ثمَّ غُذّيَ كَمَا تُغذي الْمَرْأَة الصَّبِي ثمَّ كَانَ يَأْكُل الطَّعَام وَيشْرب الشَّرَاب وَيحدث الْحَدث قَالُوا: بلَى قَالَ: فَكيف يكون هَذَا كَمَا زعمتم فعرفوا ثمَّ أَبَوا إِلَّا جحُودًا فَأنْزل الله {الم الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرؤهَا / الْقيام / وَأخرج ابْن جرير عَن عَلْقَمَة أَنه قَرَأَ {الْحَيّ القيوم} وَأخرج الْفِرْيَانِيُّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {نزل عَلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ} قَالَ: لما قبله من كتاب أَو رَسُول وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ} يَقُول: من الْبَينَات الَّتِي أنزلت على نوح وَإِبْرَاهِيم وَهود والأنبياء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {نزل عَلَيْك الْكتاب} قَالَ: الْقُرْآن {مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ} من الْكتب الَّتِي قد خلت قبله (وَأنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل من قبل هدى للنَّاس) هما كِتَابَانِ أنزلهما الله فيهمَا بَيَان من الله وعصمة لمن أَخذ بِهِ وَصدق بِهِ وَعمل بِمَا فِيهِ {وَأنزل الْفرْقَان} هُوَ الْقُرْآن فرق بِهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل فأحل فِيهِ حَلَاله وَحرم فِيهِ حرَامه وَشرع فِيهِ شرائعه وَحَدَّ فِيهِ حُدُوده وَفرض فِيهِ فَرَائِضه وبَيَّنَ فِيهِ بَيَانه وَأمر بِطَاعَتِهِ وَنهى عَن مَعْصِيَته وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير {وَأنزل الْفرْقَان} أَي الْفَصْل بَين الْحق وَالْبَاطِل فِيمَا اخْتلف فِيهِ الْأَحْزَاب من أَمر عِيسَى وَغَيره وَفِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا بآيَات الله لَهُم عَذَاب شَدِيد وَالله عَزِيز ذُو انتقام} أَي أَن الله منتقم مِمَّن كفر بآياته بعد علمه بهَا ومعرفته بِمَا جَاءَ مِنْهُ فِيهَا وَفِي قَوْله {أَن الله لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء} أَي قد علم مَا يُرِيدُونَ وَمَا يكيدون وَمَا يضاهون بقَوْلهمْ فِي عِيسَى إِذْ جَعَلُوهُ رَبًّا وإلهاً وَعِنْدهم من علمه غير ذَلِك غرَّة بِاللَّه وَكفرا بِهِ {هُوَ الَّذِي يصوركم فِي الْأَرْحَام كَيفَ يَشَاء} قد كَانَ عِيسَى مِمَّن صور فِي الْأَرْحَام لَا يدْفَعُونَ ذَلِك وَلَا ينكرونه كَمَا صور غَيره من بني آدم فَكيف يكون إِلَهًا وَقد كَانَ بذلك الْمنزل

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {يصوركم فِي الْأَرْحَام كَيفَ يَشَاء} قَالَ: ذُكُورا وإناثاً وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس عَن مرّة عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي يصوركم فِي الْأَرْحَام كَيفَ يَشَاء} قَالَ: إِذا وَقعت النُّطْفَة فِي الْأَرْحَام طارت فِي الْجَسَد أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ تكون علقَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ تكون مُضْغَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَإِذا بلغ أَن يخلق بعث الله ملكا يصوّرها فَيَأْتِي الْملك بِتُرَاب بَين اصبعيه فيخلط فِيهِ المضغة ثمَّ يعجنه بهَا ثمَّ يصوّره كَمَا يُؤمر ثمَّ يَقُول: أذكر أم أُنْثَى أشقي أم سعيد ومَا رزقه وَمَا عمره وَمَا أَثَره وَمَا مصائبه فَيَقُول الله وَيكْتب الْملك فَإِذا مَاتَ ذَلِك الْجَسَد دفن حَيْثُ أَخذ ذَلِك التُّرَاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {هُوَ الَّذِي يصوركم فِي الْأَرْحَام كَيفَ يَشَاء} قَالَ: من ذكر وَأُنْثَى وأحمر وأبيض وأسود وتام وَغير تَامّ الْخلق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {الْعَزِيز الْحَكِيم} قَالَ: الْعَزِيز فِي نقمته إِذا انتقم الْحَكِيم فِي أمره آيَة 7

7

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {محكمات} ناسخه وَحَلَاله وَحَرَامه وحدوده وفرائضه وَمَا يُؤمن بِهِ و {متشابهات} منسوخه ومقدمه ومؤخره وَأَمْثَاله وأقسامه وَمَا يُؤمن بِهِ وَلَا يعْمل بِهِ وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {محكمات} النَّاسِخ الَّذِي يدان بِهِ وَيعْمل بِهِ و {متشابهات} المنسوخات الَّتِي لَا يدان بِهن

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن قيس: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول فِي قَوْله {مِنْهُ آيَات محكمات} قَالَ: الثَّلَاث آيَات من آخر سُورَة الْأَنْعَام محكمات (قل تَعَالَوْا ) (الْأَنْعَام الْآيَات 151 - 153) والآيتان بعْدهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {آيَات محكمات} قَالَ: من هَهُنَا (قل تَعَالَوْا ) (الْأَنْعَام الْآيَات 151 - 153) إِلَى آخر ثَلَاث آيَات وَمن هَهُنَا (وَقضى رَبك أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه ) (الْإِسْرَاء الْآيَات 23 - 25) إِلَى ثَلَاث آيَات بعْدهَا وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة بن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة {محكمات} الناسخات الَّتِي يعْمل بِهن {متشابهات} المنسوخات وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {محكمات} الْحَلَال وَالْحرَام وَأخرج عبد بن حميد والفرياني عَن مُجَاهِد قَالَ المحكمات مَا فِيهِ الْحَلَال وَالْحرَام وَمَا سوى ذَلِك مِنْهُ متشابه يصدق بعضه بَعْضًا مثل قَوْله (وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين) (الْبَقَرَة الْآيَة 26) وَمثل قَوْله (كَذَلِك يَجْعَل الله الرجس على الَّذين لَا يُؤمنُونَ) (الْأَنْعَام الْآيَة 125) وَمثل قَوْله (وَالَّذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم) (مُحَمَّد الْآيَة 17) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع قَالَ المحكمات هِيَ الآمرة الزاجرة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن إِسْحَق بن سُوَيْد أَن يحيى بن يعمر وَأَبا فَاخِتَة تراجعا هَذِه الْآيَة {هنَّ أم الْكتاب} فَقَالَ أَبُو فَاخِتَة: هن فواتح السُّور مِنْهَا يسْتَخْرج الْقُرْآن (الم ذَلِك الْكتاب) مِنْهَا استخرجت الْبَقَرَة و (الم الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم) مِنْهَا استخرجت آل عمرَان قَالَ يحيى: هن اللَّاتِي فِيهِنَّ الْفَرَائِض وَالْأَمر وَالنَّهْي والحلال وَالْحُدُود وعماد الدّين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {هنَّ أم الْكتاب} قَالَ: أصل الْكتاب لِأَنَّهُنَّ مكتوبات فِي جَمِيع الْكتب

وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير قَالَ المحكمات حجَّة الرب وعصمة الْعباد وَدفع الْخُصُوم وَالْبَاطِل لَيْسَ لَهَا تصريف وَلَا تَحْرِيف عَمَّا وضعت عَلَيْهِ {وَأخر متشابهات} فِي الصدْق لَهُنَّ تصريف وتحريف وَتَأْويل ابتلى الله فِيهِنَّ الْعباد كَمَا ابْتَلَاهُم فِي الْحَلَال وَالْحرَام لَا يصرفن إِلَى الْبَاطِل وَلَا يحرفن عَن الْحق وأخرج ابْن جرير عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: سَأَلت الْحسن عَن قَوْله {أم الْكتاب} قَالَ: الْحَلَال وَالْحرَام قلت لَهُ ف (الْحَمد لله رب الْعَالمين) (الْفَاتِحَة الْآيَة 1) قَالَ: هَذِه أم الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: إِنَّمَا قَالَ {هن أم الْكتاب} لِأَنَّهُ لَيْسَ من أهل دين إِلَّا يرضى بِهن {وَأخر متشابهات} يَعْنِي فِيمَا بلغنَا {الم} و (المص) و (المر) و (الر) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ المتشابهات آيَات فِي الْقُرْآن يتشابهن على النَّاس إِذا قرأوهن وَمن أجل ذَلِك يضل من ضل فَكل فرقة يقرؤون آيَة من الْقُرْآن يَزْعمُونَ أَنَّهَا لَهُم فَمِنْهَا يتبع الحرورية من الْمُتَشَابه قَول الله (ومن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 44) ثمَّ يقرؤون مَعهَا (وَالَّذين كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ) (الْأَنْعَام الْآيَة 1) فَإِذا رَأَوْا الامام يحكم بِغَيْر الْحق قَالُوا: قد كفر فَمن عدل بربه وَمن عدل بربه فقد أشرك بربه فَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة مشركون وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَابْن جرير من طَرِيق ابْن إِسْحَق عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس عَن جَابر بن عبد الله بن ربَاب قَالَ مر أَبُو يَاسر بن أَخطب فجَاء رجل من يهود لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَتْلُو فَاتِحَة سُورَة الْبَقَرَة (الم ذَلِك الْكتاب لَا ريب فِيهِ) فَأتى أَخَاهُ حييّ بن أَخطب فِي رجال من الْيَهُود فَقَالَ أتعلمون وَالله لقد سَمِعت مُحَمَّدًا يَتْلُو فِيمَا أنزل عَلَيْهِ (الم ذَلِك الْكتاب) فَقَالَ: أَنْت سمعته قَالَ: نعم فَمشى حَتَّى وافى أُولَئِكَ النَّفر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: الم تقل إِنَّك تتلو فِيمَا أنزل عَلَيْك (الم ذَلِك الْكتاب) فَقَالَ: بلَى فَقَالُوا: لقد بعث بذلك أَنْبيَاء مَا

نعلمهُ بَين لنَبِيّ مِنْهُم مَا مُدَّة ملكه وَمَا أجل أمته غَيْرك الْألف وَاحِدَة وَاللَّام ثَلَاثُونَ وَالْمِيم أَرْبَعُونَ فَهَذِهِ احدى وَسَبْعُونَ سنة ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد هَل مَعَ هَذَا غَيره قَالَ: نعم (المص) قَالَ: هَذِه أثقل وأطول الْألف وَاحِدَة وَاللَّام ثَلَاثُونَ وَالْمِيم أَرْبَعُونَ وَالصَّاد تسعون فَهَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَة هَل مَعَ هَذَا غَيره قَالَ: نعم (الر) قَالَ: هَذِه أثقل وأطول الْألف وَاحِدَة وَاللَّام ثَلَاثُونَ وَالرَّاء مِائَتَان هَذِه إِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَا سنة هَل مَعَ هَذَا غَيره قَالَ: نعم (المر) قَالَ: هَذِه أثقل وأطول هَذِه إِحْدَى وَسَبْعُونَ ومائتان ثمَّ قَالَ: لقد لبس علينا أَمرك حَتَّى مَا نَدْرِي أقليلاً أَعْطَيْت أم كثيرا ثمَّ قَالَ: قومُوا عَنهُ ثمَّ قَالَ أَبُو يَاسر لِأَخِيهِ وَمن مَعَه: مَا يدريكم لَعَلَّه قد جمع هَذَا كُله لمُحَمد إِحْدَى وَسَبْعُونَ وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَة وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ ومائتان وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ ومائتان فَذَلِك سَبْعمِائة وَأَرْبع سِنِين فَقَالُوا: لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أَن هَذِه الْآيَات نزلت فيهم {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مِنْهُ آيَات محكمات هن أم الْكتاب وَأخر متشابهات} وَأخرج يُونُس بن بكير فِي الْمَغَازِي عَن ابْن إِسْحَق عَن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد عَن عِكْرِمَة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس وَجَابِر بن ربَاب أَن أَبَا يَاسر بن أَخطب مر بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقْرَأ (فَاتِحَة الْكتاب والم ذَلِك الْكتاب) فَذكر الْقِصَّة وَأخرجه ابْن الْمُنْذر فِي تَفْسِيره من وَجه آخر عَن ابْن جريج معضلاً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ} يَعْنِي أهل الشَّك فيحملون الْمُحكم على الْمُتَشَابه والمتشابه على الْمُحكم وَيلبسُونَ فَلبس الله عَلَيْهِم {وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله} قَالَ: تَأْوِيله يَوْم الْقِيَامَة لَا يعمله إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود {زيغ} قَالَ: شكّ وَأخرج عَن ابْن جريج قَالَ {الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ} المُنَافِقُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فيتبعون مَا تشابه مِنْهُ}

قَالَ: الْبَاب الَّذِي ضلوا مِنْهُ وهلكوا فِيهِ {وابتغاء تَأْوِيله} وَفِي قَوْله {ابْتِغَاء الْفِتْنَة} قَالَ: الشُّبُهَات وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم والدرامي وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن عَائِشَة قَالَت تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {هُوَ الَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مِنْهُ آيَات محكمات هن أم الْكتاب وَأخر متشابهات فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ} إِلَى قَوْله {أولُوا الْأَلْبَاب} فَإِذا رَأَيْتُمْ الَّذين يجادلون فِيهِ فهم الَّذين عَنى الله فاحذروهم وَلَفظ البُخَارِيّ: فَإِذا رَأَيْت الَّذين يتبعُون مَا تشابه مِنْهُ فَأُولَئِك الَّذين سمى الله فاحذروهم وَفِي لفظ لِابْنِ جرير: إِذا رَأَيْتُمْ الَّذين يتبعُون مَا تشابه مِنْهُ سمى الله فاحذروهم وَفِي لفظ لِابْنِ جرير: إِذا رَأَيْتُمْ الَّذين يتبعُون مَا تشابه مِنْهُ وَالَّذين يجادلون فِيهِ فهم الَّذين عَنى الله فَلَا تُجَالِسُوهُمْ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ فيتبعون مَا تشابه مِنْهُ} قَالَ: هم الْخَوَارِج وَفِي قَوْله (يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه) (آل عمرَان الْآيَة 106) قَالَ: هم الْخَوَارِج وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَالك الشعري أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا أَخَاف على أمتِي إِلَّا ثَلَاث خلال أَن يكثر لَهُم المَال فيتحاسدوا فيقتتلوا وَأَن يفتح لَهُم الْكتاب فَيَأْخذهُ الْمُؤمن يَبْتَغِي تَأْوِيله {وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا وَمَا يذَّكَّرُ إِلَّا أولُوا الْأَلْبَاب} وَأَن يزْدَاد علمهمْ فيضيعوه وَلَا يبالوا بِهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مِمَّا أَتَخَوَّف على أمتِي أَن يكثر فيهم المَال حَتَّى يتنافسوا فِيهِ فيقتتلوا عَلَيْهِ وَإِن مِمَّا أَتَخَوَّف على أمتِي أَن يُفْتَحَ لَهُم الْقُرْآن حَتَّى يقرأه الْمُؤمن وَالْكَافِر وَالْمُنَافِق فَيحل حَلَاله الْمُؤمن

أما قَوْله تَعَالَى: {وابتغاء تَأْوِيله} الْآيَة أخرج أَبُو يعلى عَن حُذَيْفَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فِي أمتِي قوما يقرؤون الْقُرْآن ينثرونه نثر الدقل يتأوّلونه على غير تَأْوِيله وَأخرج ابْن سعد وَابْن الضريس فِي فضائله وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على قوم يتراجعون فِي الْقُرْآن وَهُوَ مغضب فَقَالَ: بِهَذَا ضلت الْأُمَم قبلكُمْ باختلافهم على أَنْبِيَائهمْ وَضرب الْكتاب بعضه بِبَعْض قَالَ: وَإِن الْقُرْآن لم ينزل ليكذب بعضه بَعْضًا وَلَكِن نزل أَن يصدق بعضه بَعْضًا فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فاعملوا بِهِ وَمَا تشابه عَلَيْكُم فآمنوا بِهِ وَأخرج أَحْمد من وَجه آخر عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قوما يتدارأون فَقَالَ: إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِهَذَا ضربوا كتاب الله بعضه بِبَعْض وَإِنَّمَا نزل كتاب الله يصدق بعضه بَعْضًا فَلَا تكذبوا بعضه بِبَعْض فَمَا علمْتُم مِنْهُ فَقولُوا وَمَا جهلتم فَكِلُوه إِلَى عالِمِهِ وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَ الْكتاب الأول ينزل من بَاب وَاحِد على حرف وَاحِد وَنزل الْقُرْآن من سَبْعَة أَبْوَاب على سَبْعَة أحرف زاجر وآمر وحلال وَحرَام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حَلَاله وحرموا حرَامه وافعلوا بِمَا أمرْتُم بِهِ وانتهوا عَمَّا نُهيتم عَنهُ واعتبروا بأمثاله وَاعْمَلُوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وَقُولُوا {آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا} وَأخرجه ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا وأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمر بن أبي سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعبد الله بن مَسْعُود إِن الْكتب كَانَت تنزل من السَّمَاء من بَاب وَاحِد وَأَن الْقُرْآن نزل من سَبْعَة أَبْوَاب على سَبْعَة أحرف حَلَال وَحرَام ومحكم ومتشابه وَضرب أَمْثَال وآمر وزاجر فأحل حَلَاله وَحرم حرَامه واعمل بمحكمه وقف عِنْد متشابهه وَاعْتبر أَمْثَاله فَإِن كلا من عِنْد الله {وَمَا يذّكَّر إِلَّا أولُوا الْأَلْبَاب} وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد بِسَنَد واهٍ عَن عَليّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي خطبَته: أَيهَا النَّاس قد بَين الله لكم فِي مُحكم كِتَابه مَا أحل لكم وَمَا حرم عَلَيْكُم فأحلوا حَلَاله وحرموا حرَامه وآمنوا بمتشابهه وَاعْمَلُوا بمحكمه واعتبروا بأمثاله

وَأخرج ابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أنزل الْقُرْآن على خَمْسَة أوجه: حرَام وحلال ومحكم ومتشابه وأمثال فأحل الْحَلَال وَحرم الْحَرَام وآمن بالمتشابه واعمل بالمحكم وَاعْتبر بالأمثال وأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الْقُرْآن أنزل على نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَبْعَة أَبْوَاب على سَبْعَة أحرف وَأَن الْكتاب قبلكُمْ كَانَ ينزل من بَاب وَاحِد على حرف وَاحِد وَأخرج ابْن جرير وَنصر الْمَقْدِسِي فِي الْحجَّة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف المراء فِي الْقُرْآن كفر مَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فاعملوا بِهِ وَمَا جهلتم مِنْهُ فَردُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعربوا الْقُرْآن وَاتبعُوا غَرَائِبه وغرائبه فَرَائِضه وحدوده فَإِن الْقُرْآن نزل على خَمْسَة أوجه حَلَال وَحرَام ومحكم ومتشابه وأمثال فاعملوا بالحلال وَاجْتَنبُوا الْحَرَام وَاتبعُوا الْمُحكم وآمنوا بالمتشابه واعتبروا بالأمثال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الْقُرْآن ذُو شجون وفنون وَظُهُور وبطون لَا تَنْقَضِي عجائبه وَلَا تبلغ غَايَته فَمن أوغل فِيهِ بِرِفْق نجا وَمن أوغل فِيهِ بعنف غوى أَخْبَار وأمثال وَحرَام وحلال وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وَظهر وبطن فظهره التِّلَاوَة وبطنه التَّأْوِيل فجالسوا بِهِ الْعلمَاء وجانبوا بِهِ السُّفَهَاء وَإِيَّاكُم وزلة الْعَالم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع أَن النَّصَارَى قَالُوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : أَلَسْت تزْعم أَن عِيسَى كلمة الله وروح مِنْهُ قَالَ: بلَى قَالُوا: فحسبنا فَأنْزل الله {فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ فيتبعون مَا تشابه مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَة} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن طَاوُوس قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا ومَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم آمنا بِهِ وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله وان حَقِيقَة تَأْوِيله عِنْد الله والرسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: قَرَأت على عَائِشَة هَؤُلَاءِ الْآيَات فَقَالَت: كَانَ رسوخهم فِي الْعلم أَن آمنُوا بمحكمه ومتشابهه {وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله} وَلم يعلمُوا تَأْوِيله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الشعْثَاء وَأبي نهيك قَالَا: إِنَّكُم تصلونَ هَذِه الْآيَة وَهِي مَقْطُوعَة {وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا} فَانْتهى علمهمْ إِلَى قَوْلهم الَّذِي قَالُوا وَأخرج ابْن جرير عَن عُرْوَة قَالَ {الراسخون فِي الْعلم} لَا يعلمُونَ تَأْوِيله وَلَكنهُمْ يَقُولُونَ {آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا} وأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: انْتهى علم الراسخين فِي الْعلم بِتَأْوِيل الْقُرْآن إِلَى أَن قَالُوا {آمنا بِهِ كل من عِنْد رَبنَا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي قَالَ: كتاب الله مَا استبان مِنْهُ فاعمل بِهِ وَمَا اشْتبهَ عَلَيْك فَآمن بِهِ وَكِلْهُ إِلَى عالمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن لِلْقُرْآنِ مناراً كمنار الطَّرِيق فَمَا عَرَفْتُمْ فَتمسكُوا بِهِ وَمَا اشْتبهَ عَلَيْكُم فذروه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ قَالَ: الْقُرْآن منار كمنار الطَّرِيق وَلَا يخفى على أحد فَمَا عَرَفْتُمْ مِنْهُ فَلَا تسألوا عَنهُ أحدا وَمَا شَكَكْتُمْ فِيهِ فكلوه إِلَى عالمه وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أَشهب عَن مَالك فِي قَوْله {وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله} قَالَ: ثمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ {والراسخون فِي الْعلم يَقُولُونَ آمنا بِهِ} وَلَيْسَ يعلمُونَ تَأْوِيله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن أنس وَأبي أُمَامَة وواثلة بن الْأَسْقَع وَأبي الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن {والراسخون فِي الْعلم} فَقَالَ: من برت يَمِينه وَصدق لِسَانه واستقام قلبه وَمن عف بَطْنه وفرجه فَذَلِك من الراسخين فِي الْعلم وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق عبد الله بن يزِيد الأودي سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من {الراسخون فِي الْعلم} قَالَ: من صدق حَدِيثه وبر فِي يَمِينه وعف بَطْنه وفرجه فَذَلِك {الراسخون فِي الْعلم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:

تَفْسِير الْقُرْآن على أَرْبَعَة وُجُوه: تَفْسِير يُعلمهُ الْعلمَاء وَتَفْسِير لَا يعْذر النَّاس بجهالته من حَلَال أَو حرَام وَتَفْسِير تعرفه الْعَرَب بلغتهَا وَتَفْسِير لَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله من ادّعى علمه فَهُوَ كَاذِب ن وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أُنْزِلَ الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف: حَلَال وَحرَام لَا يعْذر أحد بالجهالة بِهِ وَتَفْسِير تفسره الْعَرَب وَتَفْسِير تفسره الْعلمَاء ومتشابه لَا يُعلمهُ إِلَّا الله وَمن ادّعى علمه سوى الله فَهُوَ كَاذِب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَنا مِمَّن يعلم تَأْوِيله وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع والراسخون فِي الْعلم يعلمُونَ تَأْوِيله وَيَقُولُونَ آمنا بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أَي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {يَقُولُونَ آمنا بِهِ} نؤمن بالمحكم وندين بِهِ ونؤمن بالمتشابه وَلَا ندين بِهِ وَهُوَ من عِنْد الله كُله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {كل من عِنْد رَبنَا} يَعْنِي مَا نسخ مِنْهُ وَمَا لم ينْسَخ وَأخرج الدِّرَامِي فِي مُسْنده وَنصر الْمَقْدِسِي فِي الْحجَّة عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن رجلا يُقَال لَهُ صبيغ قدم الْمَدِينَة فَجعل يسْأَل عَن متشابه الْقُرْآن فَأرْسل إِلَيْهِ عمر وَقد أَعَدَّ لَهُ عراجين النّخل فَقَالَ: من أَنْت فَقَالَ: أَنا عبد الله صبيغ فَقَالَ: وَأَنا عبد الله عمر فَأخذ عمر عرجوناً من تِلْكَ العراجين فَضَربهُ حَتَّى دمى رَأسه فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حَسبك قد ذهب الَّذِي كنت أجد فِي رَأْسِي وَأخرج الدِّرَامِي عَن نَافِع إِن صبيغاً الْعِرَاقِيّ جعل يسْأَل عَن أَشْيَاء من الْقُرْآن فِي أجناد الْمُسلمين حَتَّى قدم مصر فَبعث بِهِ عمر بن الْعَاصِ إِلَى عمر بن الْخطاب فَلَمَّا أَتَاهُ أرسل عمر إِلَى رطائب من جريد فَضَربهُ بهَا حَتَّى ترك ظَهره دبرة ثمَّ تَركه حَتَّى برىء ثمَّ عَاد لَهُ ثمَّ تَركه حَتَّى برىء فَدَعَا بِهِ ليعود لَهُ فَقَالَ صبيغ: إِن كنت تُرِيدُ قَتْلِي فاقتلني قتلا جميلاً وَإِن كنت تُرِيدُ أَن تداويني فقد - والله - برأت فَأذن لَهُ إِلَى أرضه وَكتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن لَا يجالسه أحد من الْمُسلمين وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أنس أَن عمر بن الْخطاب جلد صبيغاً الْكُوفِي فِي مَسْأَلَة عَن حرف من الْقُرْآن حَتَّى اطردت الدِّمَاء فِي ظَهره

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَنصر الْمَقْدِسِي فِي الْحجَّة وَابْن عَسَاكِر عَن السَّائِب بن يزِيد أَن رجلا قَالَ لعمر: إِنِّي مَرَرْت بِرَجُل يسْأَل عَن تَفْسِير مُشكل الْقُرْآن فَقَالَ عمر: اللَّهُمَّ أمكني مِنْهُ فَدخل الرجل يَوْمًا على عمر فَسَأَلَهُ فَقَامَ عمر فحسر عَن ذِرَاعَيْهِ وَجعل يجلده ثمَّ قَالَ: ألبسوه تباناً واحملوه على قتب وابلغوا بِهِ حيه ثمَّ ليقمْ خطيب فَلْيقل أَن صبيغاً طلب الْعلم فاخطأه فَلم يزل وضيعاً فِي قومه بعد أَن كَانَ سيداً فيهم وَأخرج نصر الْمَقْدِسِي فِي الْحجَّة وَابْن عَسَاكِر عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ إِن عمر كتب إِلَى أهل الْبَصْرَة أَن لَا يجالسوا صبيغاً قَالَ: فَلَو جَاءَ وَنحن مائَة لتفرقنا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن لَا يُجَالس صبيغاً وَأَن يحرم عطاءه ورزقه وَأخرج نصر فِي الْحجَّة وَابْن عَسَاكِر عَن زرْعَة قَالَ: رَأَيْت صبيغ بن عسل بِالْبَصْرَةِ كَأَنَّهُ بعير أجرب يَجِيء إِلَى الْحلقَة وَيجْلس وهم لَا يعرفونه فتناديهم الْحلقَة الْأُخْرَى: عَزمَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر فَيقومُونَ ويدعونه وَأخرج نصر فِي الْحجَّة عَن أبي إِسْحَق أَن عمر كتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أما بعد فَإِن الْأَصْبَغ تكلّف مَا يخفى وضيع مَا ولي فَإِذا جَاءَك كتابي هَذَا فَلَا تبايعوه وَإِن مرض فَلَا تعودوه وَإِن مَاتَ فَلَا تشهدوه وَأخرج الْهَرَوِيّ فِي ذمّ الْكَلَام عَن الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حكمي فِي أهل الْكَلَام حكم عمر فِي صبيغ أَن يضْربُوا بِالْجَرِيدِ ويحملوا على الإِبل وَيُطَاف بهم فِي العشائر والقبائل وينادى عَلَيْهِم: هَذَا جَزَاء من ترك الْكتاب وَالسّنة وَأَقْبل على علم الْكَلَام وَأخرج الدِّرَامِي عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِنَّه سَيَأْتِيكُمْ نَاس يجادلونكم بشبهات الْقُرْآن فخذوهم بالسنن فَإِن أَصْحَاب السّنَن أعلم بِكِتَاب الله وَأخرج نصر الْمَقْدِسِي فِي الْحجَّة عَن ابْن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على أَصْحَابه وهم يتنازعون فِي الْقُرْآن هَذَا ينْزع بِآيَة وَهَذَا ينْزع بِآيَة فَكَأَنَّمَا فقىء فِي وَجهه حب الرُّمَّان فَقَالَ: أَلِهَذَا خلقْتُمْ أَو لهَذَا أمرْتُم أَن تضربوا كتاب الله بعضه بِبَعْض انْظُرُوا مَا أمرْتُم بِهِ فَاتَّبعُوهُ وَمَا نهيتم عَنهُ فَانْتَهوا

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْجِدَال فِي الْقُرْآن كفر وَأخرج نصر الْمَقْدِسِي فِي الْحجَّة عَن ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن وَرَاء حجرته قوم يتجادلون فِي الْقُرْآن فَخرج محمرة وجنتاه كَأَنَّمَا تقطران دَمًا فَقَالَ: يَا قوم لَا تجادلوا بِالْقُرْآنِ فَإِنَّمَا ضَلَّ من كَانَ قبلكُمْ بجدالهم إِن الْقُرْآن لم ينزل ليكذب بعضه بَعْضًا وَلَكِن نزل ليصدق بعضه بَعْضًا فَمَا كَانَ من محكمه فاعملوا بِهِ وَمَا كَانَ من متشابهه فآمنوا بِهِ وَأخرج نصر فِي الْحجَّة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كُنَّا عِنْد عمر بن الْخطاب إِذْ جَاءَهُ رجل يسْأَله عَن الْقُرْآن أمخلوق هُوَ أم غير مَخْلُوق فَقَامَ عمر فَأخذ بِمَجَامِع ثَوْبه حَتَّى قَادَهُ إِلَى عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ: يَا أَبَا الْحسن أما تسمع مَا يَقُول هَذَا قَالَ: وَمَا يَقُول قَالَ: جَاءَنِي يسألني عَن الْقُرْآن أمخلوق هُوَ أم غير مَخْلُوق فَقَالَ عَليّ: هَذِه كلمة وسيكون لَهَا ثَمَرَة لَو وَليتُ من الْأَمر مَا وَلِيتَ ضربت عُنقَه وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَأَما الَّذين فِي قُلُوبهم زيغ} الْآيَة قَالَ: طلب الْقَوْم التَّأْوِيل فأخطأوا التَّأْوِيل وَأَصَابُوا الْفِتْنَة وَاتبعُوا مَا تشابه مِنْهُ فهلكوا بَين ذَلِك وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن مُجَاهِد قَالَ: الراسخون فِي الْعلم يعلمُونَ تَأْوِيله وَيَقُولُونَ آمنا بِهِ الْآيَة 8

8

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قلبِي على دينك ثمَّ قَرَأَ {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكثر فِي دُعَائِهِ أَن يَقُول: اللَّهُمَّ مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قلبِي على دينك قلت: يَا رَسُول الله وَإِن الْقُلُوب لتتقلب قَالَ: نعم مَا من

خلق الله من بشر من بني آدم إِلَّا وَقَلبه بَين أصبعين من أَصَابِع الله فَإِن شَاءَ الله أَقَامَهُ وَإِن شَاءَ أزاغه فنسأل الله رَبنَا أَن لَا يزِيغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هدَانَا الله ونسأله أَن يهب لنا من لَدنه رَحْمَة إِنَّه هُوَ الْوَهَّاب قلت: يَا رَسُول الله أَلا تعلمني دَعْوَة أَدْعُو بهَا لنَفْسي قَالَ: بلَى قولي اللَّهُمَّ رب النَّبِي مُحَمَّد اغْفِر لي ذَنبي وأذهب غيظ قلبِي وأجرني من مضلات الْفِتَن مَا أحييتني وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثيرا مَا يَدْعُو: يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قلبِي على دينك قلت: يَا رَسُول الله مَا أَكثر مَا تَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء فَقَالَ: لَيْسَ من قلب إِلَّا وَهُوَ بَين أصبعين من أَصَابِع الرَّحْمَن إِذا شَاءَ أَن يقيمه أَقَامَهُ وَإِذا شَاءَ أَن يزيغه أزاغه أما تسمعين قَوْله تَعَالَى {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا وهب لنا من لَدُنْك رَحْمَة إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب} وَلَفظ ابْن أبي شيبَة إِذا شَاءَ أَن يقلبه إِلَى هدى قلبه وَإِذا شَاءَ أَن يقلبه إِلَى ضلال قلبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر أَن يَقُول: يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قلبِي على دينك قَالُوا: يَا رَسُول الله آمنا بك وَبِمَا جِئْت بِهِ فَهَل تخَاف علينا قَالَ: نعم قَالَ: إِن الْقُلُوب بَين أصبعين من أَصَابِع الله يقلبها وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن سيرة بن فاتك قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قلب ابْن آدم بَين أصبعين من أَصَابِع الرب فَإِذا شَاءَ أَقَامَهُ وَإِذا شَاءَ أزاغه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الإِخلاص وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن قلب ابْن آدم مثل قلب العصفور يتقلب فِي الْيَوْم سبع مَرَّات وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الإِخلاص عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: إِنَّمَا سمي الْقلب قلباً لتقلبه وَإِنَّمَا مثل الْقلب مثل ريشة بفلاة من الأَرْض وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن هَذَا الْقلب كريشة بفلاة من الأَرْض تقيمها الرّيح ظهرا لبطن وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي

عبد الله الصنَابحِي أَنه قدم الْمَدِينَة فِي خلَافَة أبي بكر الصّديق فصلى وَرَاء أبي بكر الْمغرب فَقَرَأَ أَبُو بكر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين بِأم الْقُرْآن وَسورَة من قصار الْمفصل ثمَّ قَامَ فِي الرَّكْعَة الثَّالِثَة فَقَرَأَ بِأم الْقُرْآن وَهَذِه الْآيَة {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا وهب لنا من لَدُنْك رَحْمَة إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب} وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ فِي السّنة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر أَن يَقُول: يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قُلُوبنَا على دينك قُلْنَا: يَا رَسُول الله تخَاف علينا وَقد آمنا بك فَقَالَ: إِن قُلُوب بني آدم بَين أصبعين من أَصَابِع الرَّحْمَن كقلب وَاحِد يَقُول بِهِ هَكَذَا وَلَفظ الطَّبَرَانِيّ: إِن قلب ابْن آدم بَين أصبعين من أَصَابِع الله عز وَجل فَإِذا شَاءَ أَن يقيمه أَقَامَهُ وَإِذا شَاءَ أَن يزيغه أزاغه وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن النوّاس بن سمْعَان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الْمِيزَان بيد الرَّحْمَن يرفع أَقْوَامًا وَيَضَع آخَرين إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وقلب ابْن آدم بَين أصبعين من أَصَابِع الرَّحْمَن إِذا شَاءَ أَقَامَهُ وَإِذا شَاءَ أزاغه وَكَانَ يَقُول: يَا مُقَلِّب الْقُلُوب ثَبت قلبِي على دينك وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن الْمِقْدَاد: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لقلب ابْن آدم أَشد انقلابا من الْقدر إِذا اجْتمع غلياناً وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير فِي قَوْله {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا} أَي لَا تمل قُلُوبنَا وَإِن ملنا بأجسادنا وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته عَن أبي عطاف أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَقُول: أَي رب لَا أزنين أَي رب لَا أسرقن أَي رب لَا أكفرن قيل لَهُ: أَو تخَاف قَالَ: آمَنت بمحرف الْقُلُوب ثَلَاثًا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: كَانَ عبد الله ابْن رَوَاحَة إِذا لَقِيَنِي قَالَ: اجْلِسْ يَا عُوَيْمِر فلنؤمن سَاعَة فنجلس فَنَذْكُر الله على مَا يَشَاء ثمَّ قَالَ: يَا عُوَيْمِر هَذِه مجَالِس الإِيمان إِن مثل الإِيمان وَمثلك كَمثل قَمِيصك بَينا أَنْت قد نَزَعته إِذْ لبسته وَبينا أَنْت قد لبسته إِذْ نَزَعته يَا عُوَيْمِر للقلب أسْرع تقلباً من القِدر إِذا استجمعت غلياناً

واخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عتبَة بن عبد الله بن خَالِد بن معدان عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا الإِيمان بِمَنْزِلَة الْقَمِيص مرّة تقمصه وَمرَّة تنزعه وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: ليَأْتِيَن على الرجل أحايين وَمَا فِي جلده مَوضِع ابرة من النِّفَاق وليأتين عَلَيْهِ أحايين وَمَا فِي جلده مَوضِع ابرة من إِيمَان وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اسْتَيْقَظَ من اللَّيْل قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أستغفرك لذنبي وَأَسْأَلك رحمتك اللَّهُمَّ زِدْنِي علما وَلَا تزغ قلبِي بعد إِذْ هديتني وهب لي من لَدُنْك رَحْمَة إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن قُلُوب بني آدم كلهَا بَين أصبعين من أَصَابِع الرَّحْمَن كقلب وَاحِد يصرفهُ كَيفَ يَشَاء ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ يَا مصرف الْقُلُوب صرف قُلُوبنَا إِلَى طَاعَتك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا قلب ابْن آدم بَين أصبعين من أَصَابِع الرَّحْمَن عز وَجل الْآيَتَانِ 9 - 10

9

أخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد الْخُلْدِيِّ قَالَ: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: من قَرَأَ هَذِه الْآيَة على شَيْء ضَاعَ مِنْهُ رده الله عَلَيْهِ {رَبنَا إِنَّك جَامع النَّاس ليَوْم لَا ريب فِيهِ إِن الله لَا يخلف الميعاد} اللَّهُمَّ يَا جَامع النَّاس ليَوْم لَا ريب فِيهِ اجْمَعْ بيني وَبَين مَالِي إِنَّك على كل شَيْء قدير الْآيَة 11

11

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كدأب آل فِرْعَوْن} قَالَ: كصنيع آل فِرْعَوْن وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كدأب آل فِرْعَوْن} قَالَ: كَفعل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع {كدأب آل فِرْعَوْن} يَقُول: كسنتهم الْآيَتَانِ 12 - 13

12

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أصَاب من بدر وَرجع إِلَى الْمَدِينَة جمع الْيَهُود فِي سوق بني قينقاع وقَالَ: يَا معشر يهود أَسْلمُوا قبل أَن يُصِيبكُم الله بِمَا أصَاب قُريْشًا فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد لَا يغرنك من نَفسك أَن قتلت نَفرا من قُرَيْش كَانُوا أَغْمَارًا ولَا يعْرفُونَ الْقِتَال إِنَّك والله لوما قَاتَلْتنَا لعرفت أَنا نَحن النَّاس وأَنَّك لم تلق مثلنَا فَأنْزل الله {قل للَّذين كفرُوا ستغلبون} إِلَى قَوْله {لأولي الْأَبْصَار} وأخرج ابْن إِسْحَق وابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَاصِم بن عمر عَن قَتَادَة مثله أخرج ابْن جرير وابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ فنحَاص الْيَهُودِيّ فِي يَوْم بدر: لَا يغرن مُحَمَّدًا أَن غلب قُريْشًا وقتلهم إِن قُريْشًا لَا تحسن الْقِتَال فَنزلت هَذِه الْآيَة {قل للَّذين كفرُوا ستغلبون} وأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {قد كَانَ لكم آيَة} عِبْرَة وتفكر وأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {قد كَانَ لكم آيَة فِي فئتين التقتا فِئَة تقَاتل فِي سَبِيل الله}

أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ببدر {وَأُخْرَى كَافِرَة} فِئَة قُرَيْش الْكفَّار وأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عِكْرِمَة قَالَ: فِي أهل بدر نزلت (وإِذْ يَعدكُم الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لكم) (الْأَنْفَال الْآيَة 7) وفيهم نزلت (سَيهْزمُ الْجمع ) (الْقَمَر الْآيَة 45) الْآيَة وفيهم نزلت (حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 64) وفيهم نزلت (ليقطع طرفا من الَّذين كفرُوا) (آل عمرَان الْآيَة 127) وفيهم نزلت (لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء) (آل عمرَان الْآيَة 128) وَفِيهِمْ نزلت (ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا) (إِبْرَاهِيم الْآيَة 28) وَفِيهِمْ نزلت (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين خَرجُوا من دِيَارهمْ بطرا ورئاء) (الْأَنْعَام الْآيَة 47) وَفِيهِمْ نزلت {قد كَانَ لكم آيَة فِي فئتين التقتا} وأخرج ابْن جرير وابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {قد كَانَ لكم آيَة} يَقُول: قد كَانَ لكم فِي هَؤُلَاءِ عِبْرَة ومتفكر أَيّدهُم الله ونَصرهم على عدوهم وذَلِك يَوْم بدر كَانَ الْمُشْركُونَ تِسْعمائَة وخمسين رجلا وكَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثمِائَة وثَلَاثَة عشر رجلا وأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {قد كَانَ لكم آيَة فِي فئتين} الْآيَة قَالَ: هَذَا يَوْم بدر فَنَظَرْنَا إِلَى الْمُشْركين فرأيناهم يضعفون علينا ثمَّ نَظرنَا إِلَيْهِم فَمَا رأيناهم يزِيدُونَ علينا رجلا وَاحِدًا وذَلِك قَول الله (وَإِذ يريكموهم إِذْ التقيتم فِي أعينكُم قَلِيلا ويقللكم فِي أَعينهم) (الْأَنْفَال الْآيَة 44) وأخرج ابْن جرير وابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قد كَانَ لكم آيَة فِي فئتين} الْآيَة قَالَ: أنزلت فِي التَّخْفِيف يَوْم يدر على الْمُؤمنِينَ كَانُوا يَوْمئِذٍ ثَلَاثمِائَة وثَلَاثَة عشر رجلا وكَانَ الْمُشْركُونَ مثليهم سِتَّة وعشْرين وسِتّمائَة فأيد الله الْمُؤمنِينَ فَكَانَ هَذَا فِي التَّخْفِيف على الْمُؤمنِينَ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَن أهل بدر كَانُوا ثَلَاثمِائَة وثَلَاثَة عشر الْمُهَاجِرُونَ مِنْهُم خَمْسَة وسَبْعُونَ وكَانَت هزيمَة بدر لسبع عشرَة من رَمَضَان لَيْلَة جُمُعَة وأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {يُؤَيّد بنصره من يَشَاء} قَالَ: يُقَوي بنصره من يَشَاء قَالَ: وهَل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول حسان بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ: بِرِجَال لستمو أمثالهم أيدوا جِبْرِيل نصرا فَنزل الْآيَة - 14

14

أخرج ابْن جرير وابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر بن حَفْص بن عمر بن سعد قَالَ: لما نزلت {زين للنَّاس حب الشَّهَوَات} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ عمر: الْآن يَا رب حِين زينتها لنا فَنزلت (قل أؤنبئكم ) (آل عمرَان الْآيَة 15) الْآيَة كلهَا وأخرجه ابْن الْمُنْذر بِلَفْظ حَتَّى انْتهى إِلَى قَوْله (قل أؤنبئكم بِخَير) (آل عمرَان الْآيَة 15) فَبكى وقَالَ: بعد مَاذَا بعد مَا زينتها وأخرج ابْن أبي شيبَة وعبد بن حميد وابْن أبي حَاتِم عَن سيار بن الحكم أَن عمر بن الْخطاب قَرَأَ {زيِّن للنَّاس} الْآيَة ثمَّ قَالَ: الْآن يَا رب وقد زينتها فِي الْقُلُوب وأخرج ابْن أبي شيبَة وعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وابْن أبي حَاتِم عَن أسلم قَالَ: رَأَيْت عبد الله بن أَرقم جَاءَ إِلَى عمر بن الْخطاب بحلية آنِية وفضَّة فَقَالَ عمر: اللَّهُمَّ إِنَّك ذكرت هَذَا المَال فَقلت {زين للنَّاس حب الشَّهَوَات} حَتَّى ختم الْآيَة وقلت {لَا تأسوا على مَا فاتكم وَلَا تفرحوا بِمَا آتَاكُم وَالله} ) (الْحَدِيد الْآيَة 53) وإِنَّا لَا نستطيع إِلَّا أَن نفرح بِمَا زينت لنا اللَّهُمَّ فاجعلنا ننفقه فِي حق وأعوذ بك من شَره

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {زين للنَّاس} الْآيَة قَالَ من زينها مَا أحد أَشد لَهَا ذماً من خَالِقهَا وأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {زين للنَّاس} الْآيَة قَالَ: زين لَهُم الشَّيْطَان قَوْله تَعَالَى: {من النِّسَاء} أخرج النَّسَائِيّ وابْن أبي حَاتِم والْحَاكِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حبب إليَّ من دنياكم النِّسَاء والطّيب وجعلت قُرَّة عَيْني فِي الصَّلَاة قَوْله تَعَالَى: {والقناطير المقنطرة} أخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : القنطار اثْنَا عشر ألف أُوقِيَّة وأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله {والقناطير المقنطرة} قَالَ: القنطار ألف أُوقِيَّة وأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: القنطار ألف دِينَار وأخرج ابْن جرير عَن أبي بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم : وَالْقِنْطَار ألف أُوقِيَّة ومِائَتَا أُوقِيَّة وأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: القنطار ألف ومِائَتَا دِينَار وأخرج عبد بن حميد وابْن أبي حَاتِم وابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ فِي لَيْلَة مائَة آيَة لم يكْتب من الغافلين ومن قَرَأَ مِائَتي آيَة بعث من القانتين ومن قَرَأَ خَمْسمِائَة آيَة إِلَى ألف آيَة أصبح لَهُ قِنْطَار من الْأجر والقنطار مثل التل الْعَظِيم وَأخرج عبد بن حميد وابْن جرير وابْن أبي حَاتِم والْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن معَاذ بن جبل قَالَ: القنطار ألف ومِائَتَا أُوقِيَّة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: القنطار ألف وَمِائَتَا أُوقِيَّة وَأخرج عبد بن حميد وابْن جرير والْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة مثله

وَأخرج ابْن جرير والْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: القنطار اثْنَا عشر ألف دِرْهَم أَو ألف دِينَار وأخرج ابْن جرير والْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: القنطار ألف وَمِائَتَا دِينَار من الْفضة وألف ومِائَتَا مِثْقَال وأخرج عبد بن حميد وابْن أبي حَاتِم والْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: القنطار ملْء مسك الثور ذَهَبا وأخرج ابْن جرير وابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ مَا القنطار قَالَ: سَبْعُونَ ألفا وأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: القنطار سَبْعُونَ ألف دِينَار وأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: القنطار ثَمَانُون ألفا وأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح قَالَ: القنطار مائَة رَطْل وأخرج عبد بن حميد وابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن القنطار مائَة رَطْل من الذَّهَب أَو ثَمَانُون ألفا من الْوَرق وأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ {والقناطير} قَالَ: أما قَوْلنَا أهل الْبَيْت فانا نقُول: القنطار عشرَة آلَاف مِثْقَال وأما بَنو حسل فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: ملْء مسك ثَوْر ذَهَبا أَو فضَّة قَالَ: فَهَل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عدي بن زيد وهُوَ يَقُول: وَكَانُوا مُلُوك الرّوم تجبى إِلَيْهِم قناطيرها من بَين قل وزَائِد وأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر قَالَ القنطار خَمْسَة عشر ألف مِثْقَال والمثقال أَرْبَعَة وعشرُون قيراطا وأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {والقناطير المقنطرة} يَعْنِي المَال الْكثير من الذَّهَب والْفضة وأخرج عَن الرّبيع {والقناطير المقنطرة} المَال الْكثير بعضه على بعض وأخرج عَن السّديّ {المقنطرة} يَعْنِي المضروبة حَتَّى صَارَت دَنَانِير أَو دَرَاهِم قَوْله تَعَالَى: {وَالْخَيْل المسوّمة} أخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَالْخَيْل المسوّمة} قَالَ: الراعية وأخرجه ابْن الْمُنْذر من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس

وأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {وَالْخَيْل المسومة} يَعْنِي معلمة وأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَالْخَيْل المسوّمة} يَعْنِي معلمة وأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {وَالْخَيْل المسومة} الراعية والمطهمة الحسان ثمَّ قَرَأَ (شجر فِيهِ تسيمون) وأخرج عبد بن حميد وابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَالْخَيْل المسوّمة} قَالَ: المطهمة الحسان وأخرج عبد بن حميد وابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: تسويمها حسنها وأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَكْحُول {وَالْخَيْل المسومة} قَالَ: الْغرَّة والتحجيل أما قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا} أخرج مُسلم وابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَمْرو عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الدُّنْيَا مَتَاع وخير متاعها الْمَرْأَة الصَّالِحَة وأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {وَالله عِنْده حسن المآب} قَالَ: حسن المنقلب وهِيَ الْجنَّة الْآيَتَانِ 15 - 16

15

أخرج عبد بن حميد وابْن الْمُنْذر وابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا عمر بن الْخطاب كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ زينت لنا الدُّنْيَا وأنبأتنا أَن مَا بعْدهَا خير مِنْهَا فَاجْعَلْ حظنا فِي الَّذِي هُوَ خير وَأبقى

الْآيَة 17

17

أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الصابرين} الْآيَة قَالَ: (الصَّابِرُونَ) قوم صَبَرُوا على طَاعَة الله وصَبَرُوا عَن مَحَارمه (والصادقون) قوم صدقت نياتهم واستقامت قُلُوبهم وألسنتهم وصدقُوا فِي السِّرّ والْعَلَانِيَة (والقانتون) هم المطيعون (والمستغفرون بالأسحار) هم أهل الصَّلَاة وأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ {الصابرين} على مَا أَمر الله {الصَّادِقين} فِي إِيمَانهم {القانتين} يَعْنِي المطيعين {والمنفقين} يَعْنِي من أَمْوَالهم فِي حق الله {والمستغفرين بالأسحار} يَعْنِي الْمُصَلِّين وأخرج ابْن أبي شيبَة وابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم {والمستغفرين بالأسحار} قَالَ: هم الَّذين يشْهدُونَ صَلَاة الصُّبْح وأخرج ابْن جرير وابْن الْمُنْذر وابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يحيي اللَّيْل صَلَاة ثمَّ يَقُول: يَا نَافِع أسحرنا فَيَقُول: لَا فيعاود الصَّلَاة فَإِذا قَالَ: نعم قعد يسْتَغْفر الله ويَدْعُو حَتَّى يصبح وأخرج ابْن جرير وابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نَسْتَغْفِر بالأسحار سبعين استغفارة وأخرج ابْن جرير عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: من صلى من اللَّيْل ثمَّ اسْتغْفر فِي آخر اللَّيْل سبعين مرّة كتب من المستغفرين وأخرج ابْن أبي شيبَة وأَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: بلغنَا أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا جِبْرِيل أَي اللَّيْل أفضل قَالَ: يَا دَاوُد مَا أَدْرِي إِلَّا أَن الْعَرْش يَهْتَز فِي السحر الْآيَات 18 - 19 - 20

18

أخرج ابْن السّني فِي عمل يَوْم ولَيْلَة وأَبُو مَنْصُور الشجامي فِي الْأَرْبَعين عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فَاتِحَة الْكتاب وَآيَة الْكُرْسِيّ والآيتين من آل عمرَان {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة وأولو الْعلم قَائِما بِالْقِسْطِ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم إِن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام} و (قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء وتنْزع الْملك مِمَّن تشَاء وتعز من تشَاء وتذل من تشَاء) (آل عمرَان الْآيَة 26) إِلَى قَوْله (بِغَيْر حِسَاب) هن معلقات بالعرش مَا بَينهُنَّ وبَين الله حجاب يقلن: يَا رب تهبطنا إِلَى أَرْضك وَإِلَى من يعصيك قَالَ الله: إِنِّي حَلَفت لَا يقرأكن أحد من عبَادي دبر كل صَلَاة - يَعْنِي الْمَكْتُوبَة - إِلَّا جعلت الْجنَّة مَأْوَاه على مَا كَانَ فِيهِ وَإِلَّا أسكنته حَظِيرَة الفردوس وَإِلَّا نظرت إِلَيْهِ كل يَوْم سبعين نظرة وَإِلَّا قضيت لَهُ كل يَوْم سبعين حَاجَة أدناها الْمَغْفِرَة وَإِلَّا أعذته من كل عدوّ ونصرته مِنْهُ وأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ مَرْفُوعا لما نزلت (الْحَمد لله رب الْعَالمين) (الْفَاتِحَة الْآيَة 1) وَآيَة الْكُرْسِيّ و {شهد الله} و (قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك) (آل عمرَان الْآيَة 26) إِلَى (بِغَيْر حِسَاب) تعلقن بالعرش وقُلْنَ: أنزلتنا على قوم يعْملُونَ بمعاصيك فَقَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وارتفاع مَكَاني لَا يتلوكن عبد عِنْد دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة إِلَّا غفرت لَهُ مَا كَانَ فِيهِ وأسكنته جنَّة الفردوس ونظرت لَهُ كل يَوْم سبعين مرّة وقضيت لَهُ سبعين حَاجَة أدناها الْمَغْفِرَة وأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وابْن السّني فِي عمل يَوْم ولَيْلَة وابْن أبي حَاتِم عَن الزبير ابْن العوّام قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهُوَ بِعَرَفَة يقْرَأ هَذِه الْآيَة {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} إِلَى قَوْله {الْعَزِيز الْحَكِيم} فَقَالَ: وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين يَا رب ولفظ الطَّبَرَانِيّ فَقَالَ: وَأَنا أشهد أَنَّك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم

وَأخرج ابْن عدي وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَضَعفه والخطيب فِي تَارِيخه وَابْن النجار عَن غَالب الْقطَّان قَالَ: أتيت الْكُوفَة فِي تِجَارَة فَنزلت قَرِيبا من الْأَعْمَش فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة أردْت أَن أنحدر قَامَ فتهجد من اللَّيْل فَمر بِهَذِهِ الْآيَة {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} إِلَى قَوْله {إِن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام} فَقَالَ: وأَنا أشهد بِمَا شهد الله بِهِ وأستودع الله هَذِه الشَّهَادَة وهِيَ لي وَدِيعَة عِنْد الله قَالَهَا مرَارًا فَقلت: لقد سمع فِيهَا شَيْئا فَسَأَلته فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو وَائِل عَن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُجاءُ بصاحبها يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول الله: عَبدِي عهد إِلَيّ وَأَنا أَحَق من وفى بالعهد أدخلُوا عَبدِي الْجنَّة أخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن حَمْزَة الزيات قَالَ: خرجت ذَات لَيْلَة أُرِيد الْكُوفَة فآواني اللَّيْل إِلَى خربة فدخلتها فَبينا أَنا فِيهَا دخل عَليّ عفريتان من الْجِنّ فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: هَذَا حَمْزَة بن حبيب الزيات الَّذِي يقرىء النَّاس بِالْكُوفَةِ قَالَ: نعم والله لأقتلنَّه قَالَ: دَعه الْمِسْكِين يعِيش قَالَ: لأقتلنه فَلَمَّا أزمع على قَتْلِي قلت: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة وأولو الْعلم قَائِما بِالْقِسْطِ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم} وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين فَقَالَ لَهُ صَاحبه: دُونك الْآن فاحفظه راغماً إِلَى الصَّباح وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله شهد الله أَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وفِي قِرَاءَته {إِن الدّين عِنْد الله الإِسلام} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {قَائِما بِالْقِسْطِ} قَالَ: رَبنَا قَائِما بِالْعَدْلِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس {بِالْقِسْطِ} قَالَ: بِالْعَدْلِ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: فَإِن الله شهد هُوَ وَالْمَلَائِكَة والْعلمَاء من النَّاس {إِن الدّين عِنْد الله الإِسلام} وَأخرج عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة وأولو الْعلم} بِخِلَاف مَا قَالَ نَصَارَى نَجْرَان وَأخرج عبد بن حميد وابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن الدّين عِنْد الله الإِسلام} قَالَ: الإِسلام شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَالْإِقْرَار بِمَا جَاءَ بِهِ من عِنْد

الله وَهُوَ دين الله الَّذِي شرع لنَفسِهِ وَبعث بِهِ رسله وَدلّ عَلَيْهِ أولياءه لَا يقبل غَيره وَلَا يَجْزِي إِلَّا بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {إِن الدّين عِنْد الله الإِسلام} قَالَ: لم أبْعث رَسُولا إِلَّا بالإِسلام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ حول الْبَيْت سِتُّونَ وثلاثمائة صنم لكل قَبيلَة من قبائل الْعَرَب صنم أَو صنمان فَأنْزل الله {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} الْآيَة قَالَ: فَأَصْبَحت الْأَصْنَام كلهَا قد خرت سجدا للكعبة قَوْله تَعَالَى: {وَمَا اخْتلف} الْآيَة أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَمَا اخْتلف الَّذين أُوتُوا الْكتاب} قَالَ: بَنو إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {إِلَّا من بعد مَا جَاءَهُم الْعلم بغياً بَينهم} وَيَقُول: بغيا على الدُّنْيَا وَطلب ملكهَا وسلطانها فَقتل بَعضهم بَعْضًا على الدُّنْيَا من بعد مَا كَانُوا عُلَمَاء النَّاس وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لما حَضَره الْمَوْت دَعَا سبعين حبرًا من أَحْبَار بني إِسْرَائِيل فاستودعهم التَّوْرَاة وجعلهم أُمَنَاء عَلَيْهِ كل حبر جُزْء مِنْهُ واستخلف مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يُوشَع بن نون فَلَمَّا مضى الْقرن الأول وَمضى الثَّانِي وَمضى الثَّالِث وَقعت الْفرْقَة بَينهم وهم الَّذين أُوتُوا الْعلم من أَبنَاء أُولَئِكَ السّبْعين حَتَّى أهرقوا بَينهم الدِّمَاء وَوَقع الشَّرّ وَالِاخْتِلَاف وَكَانَ ذَلِك كُله من قبل الَّذين أُوتُوا الْعلم بغيا بَينهم على الدُّنْيَا طلبا لسلطانها وملكها وخزائنها وزخرفها فَسلط الله عَلَيْهِم جبابرتهم وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير {وَمَا اخْتلف الَّذين أُوتُوا الْكتاب} يَعْنِي النَّصَارَى {إِلَّا من بعد مَا جَاءَهُم الْعلم} الَّذِي جَاءَك أَي أَن الله الْوَاحِد الَّذِي لَيْسَ لَهُ شريك وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَإِن الله سريع الْحساب} قَالَ إحصاؤه عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {فَإِن حَاجُّوك} قَالَ: إِن حاجَّكَ الْيَهُود وَالنَّصَارَى

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {فَإِن حاجُّوك} قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَقَالُوا: إِن الدّين الْيَهُودِيَّة والنصرانية فَقل يَا مُحَمَّد {أسلمت وَجْهي لله} وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير {فَإِن حاجُّوك} أَي بِمَا يأْتونَ بِهِ من الْبَاطِل من قَوْلهم: خلقنَا وَفعلنَا وَجَعَلنَا وأمرنا فَإِنَّمَا هِيَ شُبْهَة بَاطِل قد عرفُوا مَا فِيهَا من الْحق {فَقل أسلمت وَجْهي لله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمن اتبعن} قَالَ: ليقل من اتبعك مثل ذَلِك وَأخرج الْحَاكِم وصَححهُ عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا نَبِي الله إِنِّي أَسأَلك بِوَجْه الله بِمَ بَعثك رَبنَا قَالَ: بِالْإِسْلَامِ قلت: وَمَا آيَته قَالَ: أَن تَقول {أسلمت وَجْهي لله} وتخليت وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة كل الْمُسلم على الْمُسلم محرم أَخَوان نصيران لَا يقبل الله من مُسلم أشرك بعد مَا أسلم عملا حَتَّى يُفَارق الْمُشْركين إِلَى الْمُسلمين مَا لي آخذ بِحُجزِكُمْ عَن النَّار أَلا إِن رَبِّي داعيّ أَلا وَأَنه سائلي هَل بلغت عبَادي وَإِنِّي قَائِل: رب قد أبلغتهم فليبلغ شاهدكم غائبكم ثمَّ أَنه تدعون مفدمة أَفْوَاهكُم بالفدام (الْفِدَام والفدام (يجب التشكيل) هُوَ مَا يوضع فِي فَم الإبريق ليعفى بَابه) ثمَّ أول مَا يبين عَن أحدكُم لفخذه وكَفه قلت: يَا رَسُول الله هَذَا ديننَا قَالَ: هَذَا دينكُمْ وأَيْنَمَا تحسن يَكْفِكَ وَأخرج ابْن جرير وابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَقل للَّذين أُوتُوا الْكتاب} قَالَ: الْيَهُود والنَّصَارَى {والأميين} قَالَ: هم الَّذين لَا يَكْتُبُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع {فَإِن أَسْلمُوا فقد اهتدوا} قَالَ: من تكلم بِهَذَا صدقا من قلبه يَعْنِي الإِيمان فقد اهْتَدَى {وَإِن توَلّوا} يَعْنِي عَن الْإِيمَان الْآيَتَانِ 21 - 22

21

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح قَالَ قلت يَا رَسُول

الله أَي النَّاس أَشد عذَابا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: رجل قتل نَبيا أَو رجل أَمر بالمنكر ونهى عَن الْمَعْرُوف ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَيقْتلُونَ النَّبِيين بِغَيْر حق وَيقْتلُونَ الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ من النَّاس} إِلَى قَوْله {وَمَا لَهُم من ناصرين} ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا عُبَيْدَة قتلت بَنو إِسْرَائِيل ثَلَاثَة وَأَرْبَعين نَبيا أول النَّهَار فِي سَاعَة وَاحِدَة فَقَامَ مائَة وَسَبْعُونَ رجلا من عباد بني إِسْرَائِيل فَأمروا من قَتلهمْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْهُمْ عَن الْمُنكر فَقتلُوا جَمِيعًا من آخر النَّهَار من ذَلِك الْيَوْم فهم الَّذين ذكر الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِيمَن عَاشَ بعد الْمَوْت وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث عِيسَى يحيى فِي اثْنَي عشر رجلا من الحواريين يعلمُونَ النَّاس فَكَانَ ينْهَى عَن نِكَاح بنت الْأَخ وكَانَ ملك لَهُ بنت أَخ لَهُ تعجبه فأرادها وجعل يقْضِي لَهَا كل يَوْم حَاجَة فَقَالَت لَهَا أمهَا: إِذا سَأَلَك عَن حَاجَتك فَقولِي: حَاجَتي أَن تقتل يحيى بن زَكَرِيَّا فَقَالَ الْملك: حَاجَتك قَالَت حَاجَتي أَن تقتل يحيى بن زَكَرِيَّا فَقَالَ سَلِي غير هَذَا قَالَت: لَا أَسأَلك غير هَذَا فَلَمَّا أَبَت أَمر بِهِ فذبح فِي طست فبدرت قَطْرَة من دَمه فَلم تزل تغلي حَتَّى بعث الله بخْتنصر فدلت عَجُوز عَلَيْهِ فَألْقى فِي نَفسه أَن لَا يزَال يقتل حَتَّى يسكن هَذَا الدَّم فَقتل فِي يَوْم وَاحِد من ضرب وَاحِد وسنّ وَاحِد سبعين ألفا فسكن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن معقل بن أبي مِسْكين فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الْوَحْي يَأْتِي بني إِسْرَائِيل فَيذكرُونَ قَومهمْ ولم يكن يَأْتِيهم كتاب فيقتلون فَيقوم رجال مِمَّن اتبعهم وصدقهم فَيذكرُونَ قَومهمْ فيقتلون فهم الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ من النَّاس وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَيقْتلُونَ الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ من النَّاس} قَالَ: هَؤُلَاءِ أهل الْكتاب كَانَ أَتبَاع الْأَنْبِيَاء ينهونهم ويذكرونهم بِاللَّه فيقتلونهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أقحط النَّاس فِي زمَان ملك من مُلُوك بني إِسْرَائِيل فَقَالَ الْملك: ليرسلن علينا السَّمَاء أَو لنؤذينه فَقَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ: كَيفَ تقدر على أَن تؤذيه أَو تغيظه وَهُوَ فِي السَّمَاء قَالَ: اقْتُل أولياءه من أهل الأَرْض فَيكون ذَلِك أَذَى لَهُ قَالَ: فَأرْسل الله عَلَيْهِم السَّمَاء وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق زيد بن أسلم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَول الله {إِن الَّذين يكفرون بآيَات الله وَيقْتلُونَ النَّبِيين بِغَيْر حق وَيقْتلُونَ الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ من النَّاس فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم}

قَالَ: الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ من النَّاس وُلَاة الْعدْل عُثْمَان وَأَضْرَابه وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله ((إِن الَّذين يكفرون بآيَات الله وَيقْتلُونَ النَّبِيين بِغَيْر حق وقاتلو الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ من النَّاس)) الْآيَات 23 - 24 - 25

23

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيت الْمِدْرَاس على جمَاعَة من يهود فَدَعَاهُمْ إِلَى الله فَقَالَ لَهُ النُّعْمَان بن عَمْرو والحرث بن زيد: على أَي دين أَنْت يَا مُحَمَّد قَالَ: على مِلَّة إِبْرَاهِيم وَدينه قَالَا: فَإِن إِبْرَاهِيم كَانَ يَهُودِيّا فَقَالَ لَهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فهلُّما إِلَى التَّوْرَاة فَهِيَ بَيْننَا وَبَيْنكُم فأبيا عَلَيْهِ فَأنْزل الله {ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يدعونَ إِلَى كتاب الله ليحكم بَينهم} إِلَى قَوْله {وغرهم فِي دينهم مَا كَانُوا يفترون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا} الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود دعوا إِلَى كتاب الله ليحكم بَينهم وَإِلَى نبيه وهم يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة ثمَّ توَلّوا عَنهُ وهم معرضون وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أهل الْكتاب يدعونَ إِلَى كتاب الله ليحكم بَينهم بِالْحَقِّ وَفِي الْحُدُود وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدعُوهُم إِلَى الإِسلام فيتولون عَن ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {نَصِيبا} قَالَ: حظاً {من الْكتاب} قَالَ: التَّوْرَاة

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {قَالُوا لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا معدودات} قَالَ: يعنون الْأَيَّام الَّتِي خلق الله فِيهَا آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وغرهم فِي دينهم مَا كَانُوا يفترون} حِين قَالُوا: نَحن أَبنَاء الله واحباؤه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وغرهم فِي دينهم مَا كَانُوا يفترون} قَالَ: غرهم قَوْلهم {لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا معدودات} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَوُفِّيَتْ} يَعْنِي تُوَفَّى كلُّ نفس برٍ وفاجرٍ {مَا كسبت} مَا عملت من خير أَو شَرّ {وهم لَا يظْلمُونَ} يَعْنِي من أَعْمَالهم الْآيَتَانِ 26 - 27

26

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ ربه أَن يَجْعَل لَهُ ملك فَارس وَالروم فِي أمته فَأنْزل الله {قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد سل رَبك {قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء} إِلَى قَوْله {وترزق من تشَاء بِغَيْر حِسَاب} ثمَّ جَاءَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد فسل رَبك (قل رب أدخلني مدْخل صدق ) (الْإِسْرَاء الْآيَة 8) الْآيَة فَسَأَلَ ربه بقول الله تَعَالَى فَأعْطَاهُ ذَلِك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب فِي هَذِه الْآيَة من آل عمرَان {قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء} إِلَى آخر الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اسْم الله الْأَعْظَم {قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك} إِلَى قَوْله {بِغَيْر حِسَاب} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الدُّعَاء عَن معَاذ بن جبل قَالَ شَكَوْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دينا كَانَ عليَّ فَقَالَ: يَا معَاذ أَتُحِبُّ أَن يقْضى دينك قلت: نعم قَالَ {قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء وتعز من تشَاء وتذل من تشَاء بِيَدِك الْخَيْر إِنَّك على كل شَيْء قدير} رَحْمَن الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ورحيمهما تُعْطِي مِنْهُمَا مَا تشَاء وتمنع مِنْهُمَا مَا تشَاء اقْضِ عني ديني فَلَو كَانَ عَلَيْك ملْء الأَرْض ذَهَبا أُدي عَنْك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم افتقده يَوْم الْجُمُعَة فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى معَاذًا فَقَالَ: يَا معَاذ مَا لي لم أرك فَقَالَ: ليهودي عليَّ وقية من تبر فَخرجت إِلَيْك فحبسني عَنْك فَقَالَ: أَلا أعلمك دُعَاء تَدْعُو بِهِ فَلَو كَانَ عَلَيْك من الدّين مثل صبير أَدَّاهُ الله عَنْك فَادع الله يَا معَاذ {قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء وتعز من تشَاء وتذل من تشَاء بِيَدِك الْخَيْر إِنَّك على كل شَيْء قدير تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ وترزق من تشَاء بِغَيْر حِسَاب} رَحْمَن الدُّنْيَا والْآخِرَة ورحيمهما تُعْطِي من تشَاء مِنْهُمَا وتمنع من تشَاء مِنْهُمَا ارْحَمْنِي رَحْمَة تغنني بهَا عَن رَحْمَة من سواك اللَّهُمَّ أغنني من الْفقر واقض عني الدّين وتوفني فِي عبادتك وَجِهَاد فِي سَبِيلك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير بِسَنَد جيد عَن أنس بن مَالك قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ: أَلا أعلمك دُعَاء تَدْعُو بِهِ لَو كَانَ عَلَيْك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عَنْك قل يَا معَاذ {اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء وتنزع الْملك مِمَّن تشَاء وتعز من تشَاء وتذل من تشَاء بِيَدِك الْخَيْر إِنَّك على كل شَيْء قدير} رَحْمَن الدُّنْيَا والْآخِرَة ورحيمهما تعطيهما من تشَاء وتمنع مِنْهُمَا من تشَاء ارْحَمْنِي رَحْمَة تغنيني بهَا عَن رَحْمَة من سواك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {تؤتي الْملك من تشَاء} قَالَ: النُّبُوَّة وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير {قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك} أَي

رب الْعباد الْملك لَا يقْضِي فيهم غَيْركُمْ {تؤتي الْملك من تشَاء} أَي أَن ذَلِك بِيَدِك لَا إِلَى غَيْرك {إِنَّك على كل شَيْء قدير} أَي لَا يقدر على هَذَا غَيْرك بسلطانك وقدرتك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل} قَالَ: يَأْخُذ الصَّيف من الشتَاء وَيَأْخُذ الشتَاء من الصَّيف {وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت} يخرج الرجل الْحَيّ من النُّطْفَة الْميتَة {وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} يخرج النُّطْفَة الْميتَة من الرجل الْحَيّ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل} قَالَ: قصر أَيَّام الشتَاء فِي طول ليله وَقصر ليل الصَّيف فِي طول نَهَاره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل} قَالَ: مَا نقص من اللَّيْل يَجعله فِي النَّهَار وَمَا نقص من النَّهَار يَجعله فِي اللَّيْل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {تولج اللَّيْل فِي النَّهَار} حَتَّى يكون اللَّيْل خمس عشرَة سَاعَة وَالنَّهَار تسع سَاعَات {وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل} حَتَّى يكون النَّهَار خمس عشرَة سَاعَة وَاللَّيْل تسع سَاعَات وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل} قَالَ: أَخذ أَحدهمَا من صَاحبه وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل} قَالَ: يَأْخُذ النَّهَار من اللَّيْل حَتَّى يكون أطول مِنْهُ وَيَأْخُذ اللَّيْل من النَّهَار حَتَّى يكون أطول مِنْهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت} قَالَ: يخرج النُّطْفَة الْميتَة من الْحَيّ ثمَّ يخرج من النُّطْفَة بشرا حَيا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} قَالَ: النَّاس الْأَحْيَاء من النطف والنطف ميتَة تخرج من النَّاس الْأَحْيَاء وَمن الْأَنْعَام والنبات كَذَلِك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة {وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت} قَالَ: هِيَ الْبَيْضَة تخرج من الْحَيّ وَهِي ميتَة ثمَّ يخرج مِنْهَا الْحَيّ وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة {وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} قَالَ: النَّخْلَة من النواة والنواة من النَّخْلَة والحبة من السنبلة والسنبلة من الْحبَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك مثله وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن {وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} يَعْنِي الْمُؤمن من الْكَافِر وَالْكَافِر من الْمُؤمن وَالْمُؤمن عبد حَيّ الْفُؤَاد وَالْكَافِر عبد ميت الْفُؤَاد وَأخرج سعد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سلمَان قَالَ: خمر الله طِينَة آدم أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ وضع يَده فِيهِ فارتفع على هَذِه كل طيب وعَلى هَذِه كل خَبِيث ثمَّ خلط بعضه بِبَعْض ثمَّ خلق مِنْهَا آدم فَمن ثمَّ {وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} يخرج الْمُؤمن من الْكَافِر وَيخرج الْكَافِر من الْمُؤمن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما خلق الله آدم عَلَيْهِ السَّلَام أخرج ذُريَّته فَقبض قَبْضَة بِيَمِينِهِ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أهل الْجنَّة وَلَا أُبَالِي وَقبض بِالْأُخْرَى قَبْضَة فجَاء فِيهَا كل رَدِيء فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أهل النَّار وَلَا أُبَالِي فخلط بَعضهم بِبَعْض فَيخرج الْكَافِر من الْمُؤمن وَيخرج الْمُؤمن من الْكَافِر فَذَلِك قَوْله {وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَو عَن سلمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} قَالَ: الْمُؤمن من الْكَافِر وَالْكَافِر من الْمُؤمن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الزُّهْرِيّ فِي قَوْله {وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت} عَن عبد الله بن عبد الله أَن خالدة ابْنة الْأسود بن عبد يَغُوث دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: من هَذِه قيل: خالدة بنت الْأسود قَالَ: سُبْحَانَ الله الَّذِي يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَكَانَت امْرَأَة صَالِحَة وَكَانَ أَبوهَا كَافِرًا

وَأخرج ابْن مَسْعُود من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ خَفِيفَة وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن وثاب أَنه قَرَأَ يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ وَقَرَأَ (إِلَى بلد ميت) (فاطر الْآيَة 9) مثقلات كُلهنَّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {وترزق من تشَاء بِغَيْر حِسَاب} قَالَ: لَا يُخرجهُ بِحِسَاب يخَاف أَن ينقص مَا عِنْده إِن الله لَا ينقص مَا عِنْده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان {بِغَيْر حِسَاب} قَالَ: غدقاً وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير {تولج اللَّيْل فِي النَّهَار وتولج النَّهَار فِي اللَّيْل وَتخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَتخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} أَي بِتِلْكَ الْقُدْرَة الَّتِي تؤتي الْملك بهَا من تشَاء وتنزعها مِمَّن تشَاء {وترزق من تشَاء بِغَيْر حِسَاب} لَا يقدر على ذَلِك غَيْرك وَلَا يصنعه إِلَّا أَنْت أَي وَإِن كنت سلطت عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام على الْأَشْيَاء الَّتِي يَزْعمُونَ إِنَّه إِلَه من إحْيَاء الْمَوْتَى وإبراء الأسقام وَخلق الطير من الطين وَالْخَبَر عَن الغيوب لأجعله بِهِ آيَة للنَّاس وَتَصْدِيقًا لَهُ فِي نبوته الَّتِي بعثته بهَا إِلَى قومه فَإِن من سلطاني وقدرتي مَا لم أعْطه تمْلِيك الْمُلُوك بِأَمْر النبوّة ووضعها حَيْثُ شِئْت وإِيلاج اللَّيْل فِي النَّهَار وإيلاج النَّهَار فِي اللَّيْل وَإِخْرَاج الْحَيّ من الْمَيِّت وإخرج الْمَيِّت من الْحَيّ ورزق من شِئْت من بر وَفَاجِر بِغَيْر حِسَاب وكل ذَلِك لم أسلط عِيسَى عَلَيْهِ وَلم أملكهُ إِيَّاه أفلم يكن لَهُم فِي ذَلِك عِبْرَة وَبَيِّنَة أَن لَو كَانَ إِلَهًا كَانَ ذَلِك كُله إِلَيْهِ وَهُوَ فِي علمهمْ يهرب من الْمُلُوك وينتقل مِنْهُم فِي الْبِلَاد من بلد إِلَى بلد الْآيَة 28

28

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْحجَّاج بن عَمْرو حَلِيف كَعْب بن الْأَشْرَف وَابْن أبي الْحقيق وَقيس بن زيد قد بطنوا بِنَفر من الْأَنْصَار ليفتنوهم عَن دينهم فَقَالَ رِفَاعَة بن الْمُنْذر وَعبد الله بن جُبَير وَسعد بن خَيْثَمَة لأولئك النَّفر: اجتنبوا هَؤُلَاءِ النَّفر من يهود واحذروا مباطنتهم لَا يفتنوكم عَن دينكُمْ فَأبى أُولَئِكَ النَّفر فَأنْزل الله فيهم {لَا يتَّخذ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافرين} إِلَى قَوْله {وَالله على كل شَيْء قدير} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نهى الله الْمُؤمنِينَ أَن يلاطفوا الْكفَّار ويتخذوهم وليجة من دون الْمُؤمنِينَ إِلَّا أَن يكون الْكفَّار عَلَيْهِم ظَاهِرين أَوْلِيَاء فيظهرون لَهُم اللطف ويخالفونهم فِي الدّين وَذَلِكَ قَوْله {إِلَّا أَن تتقوا مِنْهُم تقاة} وَأخرج ابْن جُبَير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَمن يفعل ذَلِك فَلَيْسَ من الله فِي شَيْء} فقد برىء الله مِنْهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَلا أَن تتقوا مِنْهُم تقاة} فالتقية بِاللِّسَانِ من حمل على أَمر يتَكَلَّم بِهِ وَهُوَ مَعْصِيّة لله فيتكلم بِهِ مَخَافَة النَّاس وَقَلبه مطمئن بالإِيمان فَإِن ذَلِك لَا يضرّهُ إِنَّمَا التقية بِاللِّسَانِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس {إِلَّا أَن تتقوا مِنْهُم تقاة} قَالَ التقاة التَّكَلُّم بِاللِّسَانِ وَالْقلب مطمئن بالإِيمان وَلَا يبسط يَده فَيقْتل وَلَا إِلَى إِثْم فَإِنَّهُ لَا عذر لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {إِلَّا أَن تتقوا مِنْهُم تقاة} قَالَ: إِلَّا مصانعة فِي الدُّنْيَا ومخالقة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ التقية بِاللِّسَانِ وَلَيْسَ بِالْعَمَلِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {إِلَّا أَن تتقوا مِنْهُم تقاة} قَالَ: إِلَّا أَن يكون بَيْنك وَبَينه قرَابَة فتصله لذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ التقية جَائِزَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد عَن أبي رَجَاء أَنه كَانَ يقْرَأ إِلَّا أَن تتقوا مِنْهُم تقية وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة أَنه كَانَ يقْرؤهَا / إِلَّا أَن تتقوا مِنْهُ تقية / بِالْيَاءِ

وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق أبي بكر بن عَيَّاش عَن عَاصِم {إِلَّا أَن تتقوا مِنْهُم تقاة} بِالْألف وَرفع التَّاء الْآيَتَانِ 29 - 30

29

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: أخْبرهُم أَنه يعلم مَا أَسرُّوا من ذَلِك وَمَا أعْلنُوا فَقَالَ {إِن تخفوا مَا فِي صدوركم أَو تبدوه يُعلمهُ الله} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضراً} يَقُول: موفراً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمَا عملت من سوء تودُّ لَو أَن بَينهَا وَبَينه أمداً بَعيدا} قَالَ: يسر أحدهم أَن لَا يلقى عمله ذَلِك أبدا يكون ذَلِك مَنَاة وَأما فِي الدُّنْيَا فقد كَانَت خَطِيئَة يستلذها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {أمداً بَعيدا} قَالَ: مَكَانا بَعيدا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {أمداً} قَالَ: أَََجَلًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {ويحذركم الله نَفسه وَالله رؤوف بالعباد} قَالَ: من رأفته بهم حذرهم نَفسه الْآيَتَانِ 31 - 32

31

أخرج ابْن جرير من طَرِيق بكر بن الأسوف عَن الْحسن قَالَ قَالَ قوم على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا مُحَمَّد إِنَّا نحب رَبنَا فَأنْزل الله {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله وَيغْفر لكم ذنوبكم}

فَجعل أَتبَاع نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علما لحبه وَعَذَاب من خَالفه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي عُبَيْدَة النَّاجِي عَن الْحسن قَالَ قَالَ أَقوام على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله يَا مُحَمَّد إِنَّا لنحب رَبنَا فَأنْزل الله {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير من طَرِيق عباد بن مَنْصُور قَالَ إِن أَقْوَامًا كَانُوا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَزْعمُونَ أَنهم يحبونَ الله فَأَرَادَ الله أَن يَجْعَل لقَولهم تَصْدِيقًا من عمل فَقَالَ {إِن كُنْتُم تحبون الله} الْآيَة فَكَانَ اتِّبَاع مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَصْدِيقًا لقَولهم وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: قَالُوا إِنَّا لنحب رَبنَا فامتحنوا فَأنْزل الله {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: كَانَ أَقوام يَزْعمُونَ أَنهم يحبونَ الله يَقُولُونَ: إِنَّا نحب رَبنَا فَأَمرهمْ الله أَن يتبعوا مُحَمَّدًا وَجعل اتِّبَاع مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علما لحبه وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير {قل إِن كُنْتُم تحبون الله} أَي إِن كَانَ هَذَا من قَوْلكُم فِي عِيسَى حبا لله وتعظيماً لَهُ {فَاتبعُوني يحببكم الله وَيغْفر لكم ذنوبكم} أَي مَا مضى من كفركم {وَالله غَفُور رَحِيم} أخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لن يستكمل مُؤمن إيمَانه حَتَّى يكون هَوَاهُ تبعا لما جِئتُكُمْ بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء فِي قَوْله {إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني} قَالَ: على الْبر وَالتَّقوى والتواضع وذلة النَّفس

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو نعيم والديلمي وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} قَالَ: على الْبر وَالتَّقوى والتواضع وذلة النَّفس وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة فِي هَذِه الْآيَة {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني} قَالَت: على التَّوَاضُع وَالتَّقوى وَالْبر وذلة النَّفس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْحَاكِم عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الشّرك أخْفى من دَبِيب الذَّر على الصَّفَا فِي اللَّيْلَة الظلماء وَأَدْنَاهُ أَن يحب على شَيْء من الْجور وَيبغض على شَيْء من الْعدْل وَهل الدّين إِلَّا البغض وَالْحب فِي الله قَالَ الله تَعَالَى {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق حَوْشَب عَن الْحسن فِي قَوْله {فَاتبعُوني يحببكم الله} قَالَ: فَكَانَ عَلامَة حبهم إِيَّاه اتِّبَاع سنة رَسُوله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله الْمَرْء مَعَ من أحب فَقَالَ: ألم تسمع قَول الله {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} يَقُول: يقربكم وَالْحب هُوَ الْقرب وَالله لَا يحب الْكَافرين لَا يقرب الْكَافرين وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير {قل أطِيعُوا الله وَالرَّسُول} فَإِنَّهُم يعرفونه يَعْنِي الْوَفْد من نَصَارَى نَجْرَان ويجدونه فِي كِتَابهمْ {فَإِن توَلّوا} على كفرهم {فَإِن الله لَا يحب الْكَافرين} وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن أبي رَافع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا أَلفَيْنِ أحدكُم مُتكئا على أريكته يَأْتِيهِ الْأَمر من أَمْرِي مِمَّا أمرت بِهِ أَو نهيت عَنهُ فَيَقُول: لَا نَدْرِي مَا وجدنَا فِي كتاب الله اتبعناه الْآيَات 34 - 35 - 36

33

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي

قَوْله {وَآل إِبْرَاهِيم وَآل عمرَان} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ من آل إِبْرَاهِيم وَآل عمرَان وَآل ياسين وَآل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وان جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر الله أهل بَيْتَيْنِ صالحين وَرجلَيْنِ صالحين ففضلهم على الْعَالمين فَكَانَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من آل إِبْرَاهِيم أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: فَضلهمْ الله على الْعَالمين بالنبوّة على النَّاس كلهم كَانُوا هم الْأَنْبِيَاء الأتقياء المطيعين لرَبهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ذُرِّيَّة بَعْضهَا من بعض} قَالَ: فِي النِّيَّة وَالْعَمَل وَالْإِخْلَاص والتوحيد وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده أَن عليا قَالَ لِلْحسنِ قُم فاخطب النَّاس قَالَ: إِنِّي أهابك أَن أَخطب وَأَنا أَرَاك فتغيب عَنهُ حَيْثُ يسمع كَلَامه وَلَا يرَاهُ فَقَامَ الْحسن فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَتكلم ثمَّ نزل فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ {ذُرِّيَّة بَعْضهَا من بعض وَالله سميع عليم} وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الله اصْطفى} يَعْنِي اخْتَار من النَّاس لرسالته {آدم ونوحاً وَآل إِبْرَاهِيم} يَعْنِي إِبْرَاهِيم وإسمعيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب والأسباط {وَآل عمرَان على الْعَالمين} يَعْنِي اخْتَارَهُمْ للنبوّة والرسالة على عالمي ذَلِك الزَّمَان فهم ذُرِّيَّة بَعْضهَا من بعض فَكل هَؤُلَاءِ من ذُرِّيَّة آدم ثمَّ ذُرِّيَّة نوح ثمَّ من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم {إِذْ قَالَت امْرَأَة عمرَان} بن ماثان وَاسْمهَا حنة بنت فاقوذ وَهِي أم مَرْيَم {رب إِنِّي نذرت لَك مَا فِي بَطْني محرراً} وَذَلِكَ أَن أم مَرْيَم حنة كَانَت جَلَست عَن الْوَلَد والمحيض فَبَيْنَمَا هِيَ ذَات يَوْم فِي ظلّ شَجَرَة إِذْ نظرت إِلَى طير يزق فرخاً لَهُ فتحركت نَفسهَا للْوَلَد فدعَتْ الله أَن يهب لَهَا ولدا فَحَاضَت من ساعتها فَلَمَّا طهرت أَتَاهَا زَوجهَا فَلَمَّا أيقنت بالود قَالَت: لَئِن نجاني الله وَوضعت مَا فِي بَطْني لأجعلنه محرراً وَبَنُو ماثان من مُلُوك بني إِسْرَائِيل من نسل دَاوُد وَالْمُحَرر لَا يعْمل للدنيا وَلَا يتزوّج ويتفرغ لعمل الْآخِرَة يعبد الله تَعَالَى وَيكون فِي خدمَة الْكَنِيسَة وَلم يكن محرراً فِي ذَلِك الزَّمَان إِلَّا الغلمان فَقَالَت لزَوجهَا: لَيْسَ جنس من جنس الْأَنْبِيَاء إِلَّا وَفِيهِمْ مُحَرر غَيرنَا وَإِنِّي جعلت مَا فِي بَطْني نذيرة تَقول: نذرت أَن أجعله لله فَهُوَ الْمُحَرر فَقَالَ زَوجهَا: أَرَأَيْت أَن كَانَ

الَّذِي فِي بَطْنك أُنْثَى - وَالْأُنْثَى عَورَة - فَكيف تصنعين فاغتمت لذَلِك فَقَالَت عِنْد ذَلِك {رب إِنِّي نذرت لَك مَا فِي بَطْني محررا فَتقبل مني إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم} يَعْنِي تقبل مني مَا نذرت لَك {فَلَمَّا وَضَعتهَا قَالَت رب إِنِّي وَضَعتهَا أُنْثَى وَالله أعلم بِمَا وضعت وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى} وَالْأُنْثَى عَورَة ثمَّ قَالَت {وَإِنِّي سميتها مَرْيَم} وَكَذَلِكَ كَانَ اسْمهَا عِنْد الله {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} يَعْنِي الملعون فَاسْتَجَاب الله لَهَا فَلم يقربهَا الشَّيْطَان وَلَا ذريتها عِيسَى قَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل ولد آدم ينَال مِنْهُ الشَّيْطَان يطعنه حِين يَقع بِالْأَرْضِ بِأُصْبُعِهِ لما يستهل لَا مَا كَانَ من مَرْيَم وَابْنهَا لم يصل إِبْلِيس إِلَيْهِمَا قَالَ ابْن عَبَّاس: لما وَضَعتهَا خشيت حنة أم مَرْيَم أَن لَا تقبل أُنْثَى محررة فلفتها فِي الْخِرْقَة ووضعتها فِي بَيت الْمُقَدّس عِنْد الْقُرَّاء فتساهم الْقُرَّاء عَلَيْهَا لِأَنَّهَا كَانَت بنت إمَامهمْ وَكَانَ إِمَام الْقُرَّاء من ولد هَارُون أَيهمْ يَأْخُذهَا فَقَالَ زَكَرِيَّا - وَهُوَ رَأس الْأَحْبَار - أَنا آخذها وَأَنا أحقهم بهَا لِأَن خَالَتهَا عِنْدِي - يَعْنِي أم يحيى - فَقَالَ الْقُرَّاء: وَإِن كَانَ فِي الْقَوْم من هُوَ أفقر إِلَيْهَا مِنْك وَلَو تركت لأحق النَّاس بهَا تركت لأَبِيهَا وَلكنهَا محررة غير أَن نتساهم عَلَيْهَا فَمن خرج سَهْمه فَهُوَ أَحَق بهَا فقرعوا ثَلَاث مَرَّات بأقلامهم الَّتِي كَانُوا يَكْتُبُونَ بهَا الْوَحْي {أَيهمْ يكفل مَرْيَم} يَعْنِي أَيهمْ يقبضهَا فقرعهم زَكَرِيَّا وَكَانَت قرعَة أقلامهم أَنهم جمعوها فِي مَوضِع ثمَّ غطوها فَقَالُوا لبَعض خدم بَيت الْمُقَدّس من الغلمان الَّذين لم يبلغُوا الْحلم: أَدخل يدك فَأخْرج قَلما مِنْهَا فَأدْخل يَده فَأخْرج قلم زَكَرِيَّا فَقَالُوا: لَا نرضى وَلَكِن نلقي الأقلام فِي المَاء فَمن خرج قلمه فِي جرية المَاء ثمَّ ارْتَفع فَهُوَ يكفلها فَألْقوا أقلامهم فِي نهر الْأُرْدُن فارتفع قلم زَكَرِيَّا فِي جرية المَاء فَقَالُوا: نقترع الثَّالِثَة فَمن جرى قلمه مَعَ المَاء فَهُوَ يكفلها فَألْقوا أقلامهم فَجرى قلم زَكَرِيَّا مَعَ المَاء وَارْتَفَعت أقلامهم فِي جرية المَاء وَقَبضهَا عِنْد ذَلِك زَكَرِيَّا فَذَلِك قَوْله {وكفلها زَكَرِيَّا} يَعْنِي قبضهَا ثمَّ قَالَ {فتقبلها رَبهَا بِقبُول حسن وأنبتها نباتاً حسنا} يَعْنِي رباها تربية حَسَنَة فِي عبَادَة وَطَاعَة لِرَبِّهَا حَتَّى ترعرعت وَبنى لَهَا زَكَرِيَّا محراباً فِي بَيت الْمُقَدّس وَجعل بَابه فِي وسط الْحَائِط لَا يصعد إِلَيْهَا إِلَّا بسلم

وكَانَ اسْتَأْجر لَهَا ظِئْراً فَلَمَّا تمّ لَهَا حولان فطمت وتحركت فَكَانَ يغلق عَلَيْهَا الْبَاب والمفتاح مَعَه لَا يَأْمَن عَلَيْهِ أحدا لَا يَأْتِيهَا بِمَا يصلحها أحد غَيره حَتَّى بلغت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة قَالَ: اسْم أم مَرْيَم حنة وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: حنة ولدت مَرْيَم أم عِيسَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {نذرت لَك مَا فِي بَطْني محرراً} قَالَ: كَانَت نذرت أَن تَجْعَلهُ فِي الْكَنِيسَة يتعبد بهَا وَكَانَت ترجو أَن يكون ذكرا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: نذرت أَن تَجْعَلهُ محرراً لِلْعِبَادَةِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {محرراً} قَالَ: خَادِمًا لِلْبيعَةِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {محرراً} قَالَ: خَالِصا لَا يخالطه شَيْء من أَمر الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت امْرَأَة عمرَان حررت لله مَا فِي بَطنهَا وَكَانُوا إِنَّمَا يحررون الذُّكُور وَكَانَ الْمُحَرر إِذا حرر جعل فِي الْكَنِيسَة لَا يبرحها يقوم عَلَيْهَا ويكنسها وَكَانَت الْمَرْأَة لَا تَسْتَطِيع أَن تصنع بهَا ذَلِك لما يُصِيبهَا من الْأَذَى فَعِنْدَ ذَلِك قَالَت {وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى} وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {محرراً} قَالَ: جعلته لله والكنيسة فَلَا يُحَال بَينه وَبَين الْعِبَادَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة فِي زمَان بني إِسْرَائِيل إِذا ولدت غُلَاما أَرْضَعَتْه حَتَّى إِذا أطَاق الْخدمَة دَفعته إِلَى الَّذين يدرسون الْكتب فَقَالَت: هَذَا مُحَرر لكم يخدمكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن امْرَأَة عمرَان كَانَت عجوزاً عاقراً تسمى حنة وَكَانَت لَا تَلد فَجعلت تغبط النِّسَاء لأولادهن فَقَالَت: اللَّهُمَّ إِن عليَّ نذرا شكرا إِن رزقتني ولدا أَن أَتصدق بِهِ على بَيت الْمُقَدّس فَيكون من سدنته وخدامه {فَلَمَّا وَضَعتهَا قَالَت رب إِنِّي وَضَعتهَا أُنْثَى وَالله أعلم بِمَا وضعت وَلَيْسَ الذّكر كالأنثى} يَعْنِي فِي الْمَحِيض وَلَا يَنْبَغِي لامْرَأَة أَن تكون مَعَ الرِّجَال ثمَّ خرجت أم مَرْيَم تحملهَا فِي خرقتها إِلَى بني الكاهن ابْن هَارُون أخي مُوسَى قَالَ: وهم يَوْمئِذٍ يلون من بَيت

الْمُقَدّس مَا يَلِي الحجبة من الْكَعْبَة فَقَالَت لَهُم: دونكم هَذِه النذيرة فَإِنِّي حررتها وَهِي ابْنَتي وَلَا يدْخل الْكَنِيسَة حَائِض وَأَنا لَا أردهَا إِلَى بَيْتِي فَقَالُوا: هَذِه ابْنة إمامنا - وَكَانَ عمرَان يؤمهم فِي الصَّلَاة - فَقَالَ زَكَرِيَّا: ادفعوها إليَّ فَإِن خَالَتهَا تحتي فَقَالُوا: لَا تطيب أَنْفُسنَا بذلك فَذَلِك حِين اقترعوا عَلَيْهَا بالأقلام الَّتِي يَكْتُبُونَ بهَا التَّوْرَاة فقرعهم زَكَرِيَّا فكفلها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {وَالله أعلم بِمَا وضعت} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك أَنه قَرَأَ {بِمَا وضعت} بِرَفْع التَّاء وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم بن أبي النجُود أَنه كَانَ يقْرؤهَا بِرَفْع التَّاء وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن سُفْيَان بن حُسَيْن {وَالله أعلم بِمَا وضعت} قَالَ: على وَجه الشكاية إِلَى الرب تبَارك وَتَعَالَى وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأسود أَنه كَانَ يقْرؤهَا {وَالله أعلم بِمَا وضعت} بِنصب الْعين وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يقْرؤهَا {وَالله أعلم بِمَا وضعت} بِنصب الْعين أما قَوْله تَعَالَى {وَإِنِّي أُعِيذهَا} الْآيَة أخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من مَوْلُود يُولد إِلَّا والشيطان يمسهُ حِين يُولد فَيَسْتَهِل صَارِخًا من مس الشَّيْطَان إِيَّاه إِلَّا مَرْيَم وَابْنهَا ثمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: واقرأوا إِن شِئْتُم {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل مَوْلُود من ولد آدم لَهُ طعنة من الشَّيْطَان وَبهَا يستهل الصَّبِي إِلَّا مَا كَانَ من مَرْيَم بنت عمرَان وَوَلدهَا فَإِن أمهَا قَالَت حِين وَضَعتهَا {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} فَضرب بَينهمَا حجاب فطعن فِي الْحجاب وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من مَوْلُود يُولد إِلَّا وَقد عصره الشَّيْطَان عصرة أَو عصرتين إِلَّا عِيسَى بن مَرْيَم وَمَرْيَم ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم}

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا ولد مَوْلُود إِلَّا قد اسْتهلّ غير الْمَسِيح ابْن مَرْيَم لم يُسَلط عَلَيْهِ الشَّيْطَان وَلم ينهزه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: لما ولد عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَتَت الشَّيَاطِين إِبْلِيس فَقَالُوا: أَصبَحت الْأَصْنَام قد نكست رؤوسها فَقَالَ: هَذَا حدث مَكَانكُمْ فطار حَتَّى جاب خافقي الأَرْض فَلم يجد شَيْئا ثمَّ جَاءَ الْبحار فَلم يقدر على شَيْء ثمَّ طَار أَيْضا فَوجدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قد ولد عِنْد مدود حمَار وَإِذا الْمَلَائِكَة قد حفَّت حوله فَرجع إِلَيْهِم فَقَالَ: إِن نَبيا قد ولد البارحة مَا حملت أُنْثَى قطّ وَلَا وضعت إِلَّا وَأَنا بحضرتها إِلَّا هَذَا فأيسوا أَن تعبد الْأَصْنَام بعد هَذِه اللَّيْلَة وَلَكِن ائْتُوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل بني آدم طعن الشَّيْطَان فِي جنبه إِلَّا عِيسَى بن مَرْيَم وَأمه جعل بَينهمَا وَبَينه حجاب فأصابت الطعنة الْحجاب وَلم ينفذ إِلَيْهِمَا شَيْء وَذكر لنا أَنَّهُمَا كَانَا لَا يصيبان الذُّنُوب كَمَا يُصِيبهُ سَائِر بني آدم وَذكر لنا إِن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يمشي على الْبَحْر كَمَا يمشي على الْبر مِمَّا أعطَاهُ الله من الْيَقِين والإِخلاص وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} قَالَ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل آدَمِيّ طعن الشَّيْطَان فِي جنبه غير عِيسَى وَأمه كَانَا لَا يصيبان الذُّنُوب كَمَا يُصِيبهَا بَنو آدم قَالَ: وَقَالَ عِيسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يثني على ربه: وأعاذني وَأمي من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَلم يكن لَهُ علينا سَبِيل وَأخرج عبد بن حميد عَن أبن عَبَّاس قَالَ: لَوْلَا أَنَّهَا قَالَت {وَإِنِّي أُعِيذهَا بك وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم} إِذن لم تكن لَهَا ذُرِّيَّة الْآيَة 37

37

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فتقبلها رَبهَا بِقبُول حسن} قَالَ: تقبل من أمهَا مَا أَرَادَت بهَا الْكَنِيسَة فأجرها فِيهِ {وأنبتها نباتاً حسنا} قَالَ: نَبتَت فِي غذَاء الله وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع وكفلها زَكَرِيَّا قَالَ: ضمهَا إِلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كفلها زَكَرِيَّا فَدخل عَلَيْهَا الْمِحْرَاب فَوجدَ عِنْدهَا رزقا عنباً فِي مكتل فِي غير حِينه {قَالَ يَا مَرْيَم أَنى لَك هَذَا قَالَت هُوَ من عِنْد الله إِن الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب} قَالَ: إِن الَّذِي يرزقك الْعِنَب فِي غير حِينه لقادر أَن يَرْزُقنِي من العاقر الْكَبِير الْعَقِيم ولدا {هُنَالك دَعَا زَكَرِيَّا ربه} فَلَمَّا بشر بِيَحْيَى قَالَ {رب اجْعَل لي آيَة قَالَ آيتك ألاَّ تكلم النَّاس} قَالَ: يعتقل لسَانك من غير مرض وَأَنت سوي وَأخرج عبد بن حميد وآدَم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وكفلها زَكَرِيَّا} قَالَ: سهمهم بقلمه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت مَرْيَم ابْنة سيدهم وإمامهم فتشاح عَلَيْهَا أَحْبَارهم فاقترعوا فِيهَا بسهامهم أَيهمْ يكفلها وَكَانَ زَكَرِيَّا زوج خَالَتهَا فكفلها وَكَانَت عِنْده وحضنتها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وناس من الصَّحَابَة إِن الَّذين كَانُوا يَكْتُبُونَ التَّوْرَاة إِذا جاؤوا إِلَيْهِم بِإِنْسَان مُحَرر واقترعوا عَلَيْهِ أَيهمْ يَأْخُذهُ فيعلمه وَكَانَ زَكَرِيَّا أفضلهم يَوْمئِذٍ وَكَانَ مَعَهم وَكَانَت أُخْت أم مَرْيَم تَحْتَهُ فَلَمَّا أَتَوا بهَا قَالَ لَهُم زَكَرِيَّا: أَنا أحقكم بهَا تحتي أُخْتهَا قَالَ: فَخَرجُوا إِلَى نهر الْأُرْدُن فَألْقوا أقلامهم الَّتِي يَكْتُبُونَ بهَا أَيهمْ يقوم قلمه فيكفلها فجرت الأقلام وَقَامَ قلم زَكَرِيَّا على قرنيه كَأَنَّهُ فِي طين فَأخذ الْجَارِيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وكفلها زَكَرِيَّا} قَالَ: جعلهَا مَعَه فِي محرابه وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم بن أبي النجُود أَنه قَرَأَهَا {وكفلها} مُشَدّدَة {زَكَرِيَّا} ممدودة مَهْمُوز مَنْصُوب وَأخرج عبد بن حميد عَن أبن عَبَّاس {وجد عِنْدهَا رزقا} قَالَ: مكتلاً فِيهِ عِنَب فِي غير حِينه

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وجد عِنْدهَا رزقا} قَالَ: عنباً فِي غير زَمَانه وَأخرج ابْن جرير من وَجه آخر عَن مُجَاهِد {وجد عِنْدهَا رزقا} قَالَ: فَاكِهَة الصَّيف فِي الشتَاء وَفَاكِهَة الشتَاء فِي الصَّيف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن مُجَاهِد {وجد عِنْدهَا رزقا} قَالَ: علما وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وجد عِنْدهَا رزقا} قَالَ: وجد عِنْدهَا ثمار الْجنَّة فَاكِهَة الصَّيف فِي الشتَاء وَفَاكِهَة الشتَاء فِي الصَّيف وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وجد عِنْدهَا رزقا} قَالَ: الْفَاكِهَة الغضة حِين لَا تُوجد الْفَاكِهَة عِنْد أحد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {أنَّى} يَعْنِي من أَيْن وَأخرج عَن الضَّحَّاك {أَنى لَك هَذَا} يَقُول من أَتَاك بِهَذَا وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقَامَ أَيَّامًا لم يطعم طَعَاما حَتَّى شقّ ذَلِك عَلَيْهِ فَطَافَ فِي منَازِل أَزوَاجه فَلم يجد عِنْد وَاحِدَة مِنْهُنَّ شَيْئا فَأتى فَاطِمَة فَقَالَ يَا بنية هَل عنْدك شَيْء آكله فَإِنِّي جَائِع فَقَالَت: لَا وَالله فَلَمَّا خرج من عِنْدهَا بعثت إِلَيْهَا جَارة لَهَا بِرَغِيفَيْنِ وَقطعَة لحم فَأَخَذته مِنْهَا فَوَضَعته فِي جَفْنَة لَهَا وَقَالَت: وَالله لَأُوثِرَنَّ بِهَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نَفسِي وَمن عِنْدِي وَكَانُوا جَمِيعًا مُحْتَاجين إِلَى شبعة طَعَام فَبعثت حسنا أَو حُسَيْنًا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرجع إِلَيْهَا فَقَالَت لَهُ: - بِأبي أَنْت وَأمي - قد أَتَى الله بِشَيْء قد خبأته لَك فَقَالَ: هَلُمِّي يَا بنية بالجفنة فَكشفت عَن الْجَفْنَة فَإِذا هِيَ مَمْلُوءَة خبْزًا وَلَحْمًا فَلَمَّا نظرت إِلَيْهَا بهتت وَعرفت أَنَّهَا بركَة من الله فحمدت الله تَعَالَى وقدمته إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهُ حمد الله وَقَالَ: من أَيْن لَك هَذَا يَا بنية قَالَت: يَا أَبَت {هُوَ من عِنْد الله إِن الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب} الْآيَة 38

38

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما رأى ذَلِك زَكَرِيَّا يَعْنِي فَاكِهَة الصَّيف فِي الشتَاء وَفَاكِهَة الشتَاء فِي الصَّيف عِنْد مَرْيَم قَالَ: إِن الَّذِي يَأْتِي بِهَذَا مَرْيَم فِي غير زَمَانه قَادر على أَن يَرْزُقنِي ولدا فَذَلِك حِين دَعَا ربه وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: لما وجد زَكَرِيَّا عِنْد مَرْيَم ثَمَر الشتَاء فِي الصَّيف وثمر الصَّيف فِي الشتَاء يَأْتِيهَا بِهِ جِبْرِيل قَالَ لَهَا: أَنى لَك هَذَا فِي غير حِينه فَقَالَت: هَذَا رزق من عِنْد الله يَأْتِي بِهِ الله {إِن الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب} فطمع زَكَرِيَّا فِي الْوَلَد فَقَالَ: أَن الَّذِي أَتَى مَرْيَم بِهَذِهِ الْفَاكِهَة فِي غير حينها لقادر أَن يصلح لي زَوْجَتي ويهب لي مِنْهَا ولدا فَعِنْدَ ذَلِك {دَعَا زَكَرِيَّا ربه} وَذَلِكَ لثلاث لَيَال بَقينَ من الْمحرم قَامَ زَكَرِيَّا فاغتسل ثمَّ ابتهل فِي الدُّعَاء إِلَى الله قَالَ: يَا رَازِق مَرْيَم ثمار الصَّيف فِي الشتَاء وثمار الشتَاء فِي الصَّيف هَب لي من لَدُنْك - يَعْنِي من عنْدك - ذُرِّيَّة طيبَة يَعْنِي تقيا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {ذُرِّيَّة طيبَة} يَقُول: مباركة الْآيَة 39

39

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {فنادته الْمَلَائِكَة} قَالَ: جِبْرِيل وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي حَمَّاد قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود ((فناداه جِبْرِيل وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي الْمِحْرَاب)) وأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: ذكرُوا الْمَلَائِكَة ثمَّ تَلا (إِن الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة ليسمون الْمَلَائِكَة تَسْمِيَة الْأُنْثَى) (النَّجْم الْآيَة 27) وَكَانَ يَقْرَأها ((فناداه الْمَلَائِكَة)) وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فناداه الْمَلَائِكَة بِالتَّاءِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ عبد الله يذكر الْمَلَائِكَة فِي الْقُرْآن

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم بن أبي النجُود أَنه قَرَأَ {فنادته الْمَلَائِكَة} بِالتَّاءِ {أَن الله} بِنصب الْألف {يبشرك} مثقلة قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي} أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ثَابت قَالَ: الصَّلَاة خدمَة الله فِي الأَرْض وَلَو علم الله شَيْئا أفضل من الصَّلَاة مَا قَالَ {فنادته الْمَلَائِكَة وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي} قَوْله تَعَالَى: {فِي الْمِحْرَاب} أخرج عبد الْمُنْذر عَن السّديّ الْمِحْرَاب الْمصلى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا هَذِه المذابح يَعْنِي المحاريب وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُوسَى الْجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تزَال أمتِي بِخَير مَا لم يتخذوا فِي مَسَاجِدهمْ مذابح كمذابح النَّصَارَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: اتَّقوا هَذِه المحاريب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد بن أبي الْجَعْد قَالَ: كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تتَّخذ المذابح فِي الْمَسَاجِد يَعْنِي الطاقات وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أَي ذَر قَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تتَّخذ المذابح فِي الْمَسَاجِد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ أَنه كره الصَّلَاة فِي الطاق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يكره الصَّلَاة فِي الطاق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سَالم بن أبي الْجَعْد أَنه كَانَ يكره المذابح فِي الْمَسَاجِد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب أَنه كره المذابح فِي الْمَسْجِد وَأخرج ابْن جرير عَن معَاذ الْكُوفِي قَالَ: من قَرَأَ {يبشر} مثقلة فَإِنَّهُ من الْبشَارَة وَمن قَرَأَ {يبشر} مُخَفّفَة بِنصب الْبَاء فَإِنَّهُ من السرُور وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: أَن الْمَلَائِكَة شافهته بذلك مشافهة فبشرته بِيَحْيَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {أَن الله يبشرك بِيَحْيَى} قَالَ: إِنَّمَا سمي يحيى لِأَن الله أَحْيَاهُ بالإِيمان

وَأخرج ابْن عدي وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا خلق الله فِرْعَوْن فِي بطن أمه كَافِرًا وَخلق يحيى بن زَكَرِيَّا فِي بطن أمه مُؤمنا وَأخرج الْفِرْيَانِيُّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {مُصدقا بِكَلِمَة من الله} قَالَ: عِيسَى بن مَرْيَم والكلمة يَعْنِي تكوّن بِكَلِمَة من الله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَت امْرَأَة زَكَرِيَّا لِمَرْيَم: إِنِّي أجد الَّذِي فِي بَطْني يَتَحَرَّك للَّذي فِي بَطْنك فَوضعت امْرَأَة زَكَرِيَّا يحيى عَلَيْهِ السَّلَام وَمَرْيَم عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَذَلِكَ قَوْله {مُصدقا بِكَلِمَة من الله} قَالَ: يحيى مُصدق بِعِيسَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {مُصدقا بِكَلِمَة من الله} قَالَ: كَانَ يحيى أول من صدق بِعِيسَى وَشهد أَنه كلمة من الله قَالَ: وَكَانَ يحيى ابْن خَالَة عِيسَى وَكَانَ أكبر من عِيسَى وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {مُصدقا بِكَلِمَة من الله} يَقُول: مُصدق بِعِيسَى وعَلى سنته ومنهاجه وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {مُصدقا بِكَلِمَة من الله} قَالَ: كَانَ عِيسَى وَيحيى ابْني خَالَة وَكَانَت أم يحيى تَقول لِمَرْيَم: إِنِّي أجد الَّذِي فِي بَطْني يسْجد للَّذي فِي بَطْنك فَذَلِك تَصْدِيقه بِعِيسَى سُجُوده فِي بطن أمه وَهُوَ أول من صدق بِعِيسَى وَكلمَة عِيسَى وَيحيى أكبر من عِيسَى وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لقِيت أم يحيى أم عِيسَى وَهَذِه حَامِل بِيَحْيَى وَهَذِه حَامِل بِعِيسَى فَقَالَت امْرَأَة زَكَرِيَّا: إِنِّي وجدت مَا فِي بَطْني يسْجد لما فِي بَطْنك فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {مُصدقا بِكَلِمَة من الله} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَسَيِّدًا} قَالَ: حَلِيمًا تقياً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: السَّيِّد الْكَرِيم على الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَضَب وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: السَّيِّد الَّذِي لَا يغلبه الْغَضَب وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: السَّيِّد الْفَقِيه الْعَالم

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن الضَّحَّاك قَالَ: السَّيِّد الْحسن الْخلق والحصور الَّذِي حصر عَن النِّسَاء وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: (الحصور) الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاء وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: نَادَى منادٍ من السَّمَاء أَن يحيى بن زَكَرِيَّا سيد من ولدت النِّسَاء وَأَن جورجيس سيد الشُّهَدَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: (السَّيِّد) الْحَلِيم والحصور الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} قَالَ: السَّيِّد الْحَلِيم والحصور الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاء وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الحصور الَّذِي لَا ينزل المَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الحصور الَّذِي لَا يقرب النِّسَاء وَلَفظ ابْن الْمُنْذر: الْعنين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من عبد يلقى الله إِلَّا ذَا ذَنْب إِلَّا يحيى بن زَكَرِيَّا فَإِن الله يَقُول: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ ذكره مثل هدبة الثَّوْب وَأَشَارَ بأنملته وَأخرجه ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة من وَجه آخر عَن ابْن عَمْرو مَوْقُوفا وَهُوَ أقوى اسناداً من الْمَرْفُوع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل ابْن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه يعذبه عَلَيْهِ إِن شَاءَ أَو يرحمه إلاّ يحيى بن زَكَرِيَّا فَإِنَّهُ كَانَ {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا من الصَّالِحين} ثمَّ أَهْوى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قذاة من الأَرْض فَأَخذهَا وَقَالَ: كَانَ ذكره مثل هَذِه القذاة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرْبَعَة لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأمنت الْمَلَائِكَة: رجل جعله الله ذكرا فأنث نَفسه وتشبه بِالنسَاء وَامْرَأَة

جعلهَا الله أُنْثَى فتذكرت وتشبهت بِالرِّجَالِ وَالَّذِي يضل الْأَعْمَى وَرجل حصور وَلم يَجْعَل الله حصوراً إِلَّا يحيى بن زَكَرِيَّا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن بَعضهم رفع الحَدِيث لعن الله وَالْمَلَائِكَة رجلا تحصر بعد يحيى بن زَكَرِيَّا وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {وَحَصُورًا} قَالَ: لَا يَشْتَهِي النِّسَاء ثمَّ ضرب بِيَدِهِ إِلَى الأَرْض فَأخذ نواة فَقَالَ: مَا كَانَ مَعَه مثل هَذِه وَأخرج الطسي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {وَحَصُورًا} قَالَ: ألذي لَا يَأْتِي النِّسَاء قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: وحصور عَن الْخَنَا يَأْمر النا س بِفعل الحراب والتشمير الْآيَتَانِ 40 - 41

40

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: لما سمع زَكَرِيَّا النداء جَاءَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ لَهُ: يَا زَكَرِيَّا إِن الصَّوْت الَّذِي سَمِعت لَيْسَ هُوَ من الله إِنَّمَا هُوَ من الشَّيْطَان ليسخر بك وَلَو كَانَ من الله أوحى إِلَيْك كَمَا يوحي إِلَيْك فِي غَيره من الْأَمر فَشك مَكَانَهُ وَقَالَ {أَنى يكون لي غُلَام} وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: أَتَاهُ الشَّيْطَان فَأَرَادَ أَن يكدر عَلَيْهِ نعْمَة ربه قَالَ: هَل تَدْرِي من ناداك قَالَ: نعم ناداني مَلَائِكَة رَبِّي قَالَ: بل ذَلِك الشَّيْطَان لَو كَانَ هَذَا من رَبك لأخفاه إِلَيْك كَمَا أخفيت نداءك فَقَالَ {رب اجْعَل لي آيَة} أما قَوْله تَعَالَى {وامرأتي عَاقِر} أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شُعَيْب الجبائي قَالَ اسْم أم يحيى أشيع

قَوْله تَعَالَى: {قَالَ كَذَلِك الله يفعل مَا يَشَاء} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {كَذَلِك} يَعْنِي هَكَذَا وَفِي قَوْله {رب اجْعَل لي آيَة} قَالَ: قَالَ زَكَرِيَّا: رب فَإِن كَانَ هَذَا الصَّوْت مِنْك فَاجْعَلْ لي آيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {رب اجْعَل لي آيَة} قَالَ بِالْحملِ بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاثَة أَيَّام} قَالَ: إِنَّمَا عُوقِبَ بذلك لِأَن الْمَلَائِكَة شافهته بذلك مشافهة فبشرته بِيَحْيَى فَسَأَلَ الْآيَة بعد كَلَام الْمَلَائِكَة إِيَّاه فَأخذ عَلَيْهِ بِلِسَانِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: اعتقل لِسَانه من غير مرض وَأخرج عَن السّديّ قَالَ: اعتقل لِسَانه ثَلَاثَة أَيَّام وَثَلَاث لَيَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن جُبَير بن نفير قَالَ: رَبًّا لِسَانه فِي فِيهِ حَتَّى ملأَهُ فَمَنعه الْكَلَام ثمَّ أطلقهُ الله بعد ثَلَاث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إلاَّ رمزاً} قَالَ: الرَّمْز بالشفتين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {إلاَّ رمزاً} قَالَ: إيماؤه بشفتيه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {إلاَّ رمزاً} قَالَ: الاشارة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الرَّمْز أَن يُشِير بِيَدِهِ أَو رَأسه وَلَا يتَكَلَّم وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الرَّمْز أَن أَخذ بِلِسَانِهِ فَجعل يكلم النَّاس بِيَدِهِ وَأخرج الطسي فِي مسَائِله وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {إلاَّ رمزاً} قَالَ: الاشارة بِالْيَدِ وَالْوَحي بِالرَّأْسِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: مَا فِي السَّمَاء من الرَّحْمَن مرتمز إِلَّا إِلَيْهِ وَمَا فِي الأَرْض من وزر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: لَو رخص الله لأحد فِي ترك الذّكر لرخص لزكريا عَلَيْهِ السَّلَام حَيْثُ قَالَ

{آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا رمزاً وَاذْكُر رَبك كثيرا} وَلَو رخص لأحد فِي ترك الذّكر لرخص للَّذين يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله قَالَ الله (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا لَقِيتُم فِئَة فاثبتوا واذْكُرُوا الله كثيرا) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَسبح بالْعَشي وَالْإِبْكَار} قَالَ {بالْعَشي} ميل الشَّمْس إِلَى أَن تغيب {وَالْإِبْكَار} أول الْفجْر الْآيَات 42 - 43 - 44 - 45

42

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {إِن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نسَاء الْعَالمين} قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يحدث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: خير نسَاء ركبن الْإِبِل نسَاء قُرَيْش أحناه على ولد فِي صغره وأرعاه على زوج فِي ذَات يَده قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: وَلم تركب مَرْيَم بنت عمرَان بَعِيرًا قطّ أخرجه الشَّيْخَانِ بِدُونِ الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ سَمِعت رَسُول الله يَقُول: خير نسائها مَرْيَم بنت عمرَان وَخير نسائها خَدِيجَة بنت خويلد وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفضل نسَاء الْعَالمين خَدِيجَة وَفَاطِمَة وَمَرْيَم وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله اصْطفى على نسَاء الْعَالمين أَرْبعا: آسِيَة بنت مُزَاحم وَمَرْيَم بنت عمرَان وَخَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: حَسبك من نسَاء الْعَالمين مَرْيَم بنت عمرَان وَخَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن مُرْسلا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كمل من الرِّجَال كثير وَلم يكمل من النِّسَاء إِلَّا: مَرْيَم بنت عمرَان وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن وَفضل عَائِشَة على النِّسَاء كفضل الثَّرِيد على الطَّعَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْت سيدة نسَاء أهل الْجنَّة إِلَّا مَرْيَم البتول وَأخرج ابْن جرير عَن عمار بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فضلت خَدِيجَة على نسَاء أمتِي كَمَا فضلت مَرْيَم على نسَاء الْعَالمين وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سيدة نسَاء أهل الْجنَّة مَرْيَم بنت عمرَان ثمَّ فَاطِمَة ثمَّ خَدِيجَة ثمَّ آسِيَة امْرَأَة فِرْعَوْن وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مقَاتل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَربع نسْوَة سيدات عالمهن: مَرْيَم بنت عمرَان وآسية بنت مُزَاحم وَخَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأفضلهن عَالما فَاطِمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَاطِمَة سيدة نسَاء الْعَالمين بعد مَرْيَم ابْنة عمرَان وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن وَخَدِيجَة ابْنة خويلد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير نسَاء ركبن الْإِبِل نسَاء قُرَيْش أحناه على ولد فِي صغره وأرعاه على بعل فِي ذَات يَده وَلَو علمت أَن مَرْيَم ابْنة عمرَان ركبت بَعِيرًا مَا فضلت عَلَيْهَا أحدا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن الله اصطفاك وطهرك} قَالَ: جعلك طيبَة إِيمَانًا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وطهرك} قَالَ: من الْحيض {واصطفاك على نسَاء الْعَالمين} قَالَ: على نسَاء ذَلِك الزَّمَان الَّذِي هم فِيهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: كَانَت مَرْيَم حَبِيسًا فِي الْكَنِيسَة وَمَعَهَا فِي الْكَنِيسَة غُلَام اسْمه يُوسُف وَقد كَانَ أمه وَأَبوهُ جعلاه نذيراً حَبِيسًا فَكَانَا فِي الْكَنِيسَة جَمِيعًا وَكَانَت مَرْيَم إِذا نفذ مَاؤُهَا وَمَاء يُوسُف أخذا قلتيهما فَانْطَلقَا إِلَى الْمَفَازَة الَّتِي فِيهَا المَاء فيملآن ثمَّ يرجعان وَالْمَلَائِكَة فِي ذَلِك مقبلة على مَرْيَم {يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نسَاء الْعَالمين} فَإِذا سمع ذَلِك زَكَرِيَّا قَالَ: إِن لابنَة عمرَان لشأنا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {يَا مَرْيَم اقنتي لِرَبِّك} قَالَ: اطيلي الركود يَعْنِي الْقيام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: لما قيل لَهَا {اقنتي لِرَبِّك} قَامَت حَتَّى ورمت قدماها وَأخرج ابْن جرير عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كَانَت مَرْيَم تقوم حَتَّى يسيل الْقَيْح من قدميها وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن سعيد قَالَ: كَانَت مَرْيَم تصلي حَتَّى ترم قدماها وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {اقنتي لِرَبِّك} قَالَ: اخلصي وَأخرج عَن قَتَادَة قَالَ {اقنتي لِرَبِّك} قَالَ: أطيعي رَبك وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ ((واركعي واسجدي فِي الساجدين)) وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا كنت لديهم} يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا كنت لديهم إِذْ يلقون أقلامهم أَيهمْ يكفل مَرْيَم} قَالَ: إِن مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام لما وضعت فِي الْمَسْجِد اقترع عَلَيْهَا أهل الْمصلى وهم يَكْتُبُونَ الْوَحْي فاقترعوا بأقلامهم أَيهمْ يكفلها فَقَالَ الله لمُحَمد: {وَمَا كنت لديهم إِذْ يلقون أقلامهم أَيهمْ يكفل مَرْيَم وَمَا كنت لديهم إِذْ يختصمون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {إِذْ يلقون أقلامهم أَيهمْ يكفل مَرْيَم} قَالَ: ألقوا أقلامهم فِي المَاء فَذَهَبت مَعَ الجرية وَصعد قلم زَكَرِيَّا فكفلها زَكَرِيَّا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع قَالَ: ألقوا أقلامهم يُقَال: عصيهم تِلْقَاء جرية المَاء فاستقبلت عَصا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام جرية المَاء فقرعهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ {أقلامهم} قَالَ: الَّتِي يَكْتُبُونَ بهَا التَّوْرَاة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {أقلامهم} يَعْنِي قداحهم وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما وهب الله لزكريا يحيى وَبلغ ثَلَاث سِنِين بشر الله مَرْيَم بِعِيسَى فَبَيْنَمَا هِيَ فِي الْمِحْرَاب إِذْ قَالَت الْمَلَائِكَة - وَهُوَ جِبْرِيل وَحده - {يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك وطهرك} من الْفَاحِشَة {واصطفاك} يَعْنِي اختارك {على نسَاء الْعَالمين} عَالم امتها {يَا مَرْيَم اقنتي لِرَبِّك} يَعْنِي صلي لِرَبِّك يَقُول: اركدي لِرَبِّك فِي الصَّلَاة بطول الْقيام فَكَانَت تقوم حَتَّى ورمت قدماها {واسجدي واركعي مَعَ الراكعين} يَعْنِي مَعَ الْمُصَلِّين مَعَ قراء بَيت الْمُقَدّس يَقُول الله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ذَلِك من أنباء الْغَيْب نوحيه إِلَيْك} يَعْنِي بالْخبر {الْغَيْب} فِي قصَّة زَكَرِيَّا وَيحيى وَمَرْيَم {وَمَا كنت لديهم} يَعْنِي عِنْدهم {إِذْ يلقون أقلامهم} فِي كَفَالَة مَرْيَم ثمَّ قَالَ يَا مُحَمَّد يخبر بِقصَّة عِيسَى {إِذْ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله يبشرك بِكَلِمَة مِنْهُ اسْمه الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم وجيهاً فِي الدُّنْيَا} يَعْنِي مكيناً عِنْد الله فِي الدُّنْيَا من المقربين فِي الْآخِرَة {ويكلم النَّاس فِي المهد} يَعْنِي فِي الْخرق {وكهلاً} ويكلمهم كهلاً إِذا اجْتمع قبل أَن يرفع إِلَى السَّمَاء {وَمن الصَّالِحين} يَعْنِي من الْمُرْسلين وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: لما اسْتَقر حمل مَرْيَم وبشرها جِبْرِيل وثقت بكرامة الله واطمأنت فطابت نفسا وَاشْتَدَّ ازرها وَكَانَ مَعهَا فِي المحررين ابْن خَال لَهَا يُقَال لَهُ يُوسُف وَكَانَ يخدمها من وَرَاء الْحجاب ويكلمها ويناولها الشَّيْء من وَرَاء الْحجاب وَكَانَ أول من اطلع على حملهَا هُوَ واهتم لذَلِك وأحزنه وَخَافَ من البلية الَّتِي لَا قبل لَهُ بهَا وَلم يشْعر من ايْنَ اتيت مَرْيَم وشغله عَن النّظر فِي أَمر نَفسه وَعَمله لِأَنَّهُ كَانَ رجلا متعبداً حكيماً وَكَانَ من قبل أَن تضرب مَرْيَم الْحجاب على نَفسهَا تكون مَعَه وَنَشَأ مَعهَا

وَكَانَت مَرْيَم إِذا نفذ مَاؤُهَا وَمَاء يُوسُف أخذا قلتيهما ثمَّ انْطَلقَا إِلَى الْمَفَازَة الَّتِي فِيهَا المَاء فيملآن قلتيهما ثمَّ يرجعان إِلَى الْكَنِيسَة وَالْمَلَائِكَة مقبلة على مَرْيَم بالبشارة {يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك وطهرك} فَكَانَ يعجب يُوسُف مَا يسمع فَلَمَّا استبان ليوسف حمل مَرْيَم وَقع فِي نَفسه من أمرهَا حَتَّى كَاد أَن يفتتن فَلَمَّا أَرَادَ أَن يتهمها فِي نَفسه ذكر مَا طهرهَا الله واصطفاها وَمَا وعد الله أمهَا أَنه يعيذها وذريتها من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَمَا سمع من قَول الْمَلَائِكَة {يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك وطهرك} فَذكر الْفَضَائِل الَّتِي فَضلهَا الله تَعَالَى بهَا وَقَالَ: إِن زَكَرِيَّا قد أحرزها فِي الْمِحْرَاب فَلَا يدْخل عَلَيْهَا أحد وَلَيْسَ للشَّيْطَان عَلَيْهَا سَبِيل فَمن أَيْن هَذَا فَلَمَّا رأى من تغير لَوْنهَا وَظُهُور بَطنهَا عظم ذَلِك عَلَيْهِ فَعرض لَهَا فَقَالَ: يَا مَرْيَم هَل يكون زرع من غير بذر قَالَت: نعم قَالَ: وَكَيف ذَلِك قَالَت: إِن الله خلق البذرالأول من غير نَبَات وَأنْبت الزَّرْع الأول من غير بذر ولعلك تَقول: لَوْلَا أَنه اسْتَعَانَ عَلَيْهِ بالبذر لغلبه حَتَّى لَا يقدر على أَن يخلقه وَلَا ينبته قَالَ يُوسُف: أعوذ بِاللَّه أَن أَقُول ذَلِك قد صدقت وَقلت بِالنورِ وَالْحكمَة وكما قدر أَن يخلق الزَّرْع الأول وينبته من غير بذر يقدر على أَن يَجْعَل زرعا من غير بذر فاخبريني هَل ينْبت الشّجر من غير مَاء وَلَا مطر قَالَت: ألم تعلم أَن للبذور وَالزَّرْع وَالْمَاء والمطر وَالشَّجر خَالِقًا وَاحِدًا فلعلك تَقول لَوْلَا المَاء والمطر لم يقدر على أَن ينْبت الشّجر قَالَ: أعوذ بِاللَّه أَن أَقُول ذَلِك قد صدقت فاخبريني هَل يكون ولد أَو رجل من غير ذكر قَالَت: نعم قَالَ: وَكَيف ذَلِك قَالَت: ألم تعلم أَن الله خلق آدم وحواء امْرَأَته من غير حَبل وَلَا أُنْثَى وَلَا ذكر قَالَ: بلَى فاخبريني خبرك قَالَت: بشرني الله {بِكَلِمَة مِنْهُ اسْمه الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم} إِلَى قَوْله {وَمن الصَّالِحين} فَعلم يُوسُف أَن ذَلِك أَمر من الله لسَبَب خير أَرَادَهُ بمريم فَسكت عَنْهَا فَلم تزل على ذَلِك حَتَّى ضربهَا الطلق فنوديت: أَن أَخْرِجِي من الْمِحْرَاب فَخرجت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِذْ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله يبشرك} قَالَ: شافهتها الْمَلَائِكَة بذلك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يبشرك بِكَلِمَة مِنْهُ} قَالَ: عِيسَى هُوَ الْكَلِمَة من الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لم يكن من الْأَنْبِيَاء من لَهُ اسمان إِلَّا عِيسَى وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا السَّلَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: الْمَسِيح الصّديق وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد قَالَ: إِنَّمَا سمي الْمَسِيح لِأَنَّهُ مسح بِالْبركَةِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن الثَّقَفِيّ أَن عِيسَى كَانَ سائحاً وَلذَلِك سمي الْمَسِيح كَانَ يُمْسِي بِأَرْض وَيُصْبِح بِأُخْرَى وانه لم يتزّوج حَتَّى رفع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن المقربين} يَقُول: وَمن المقربين عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الْآيَتَانِ 46 - 47

46

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج قَالَ: بَلغنِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {المهد} مَضْجَع الصَّبِي فِي رضاعه وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لم يتَكَلَّم فِي المهد إِلَّا ثَلَاثَة: عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل يُقَال لَهُ جريج كَانَ يُصَلِّي فَجَاءَتْهُ أمه فدعته فَقَالَ: أجيبها أَو أُصَلِّي فَقَالَت: اللَّهُمَّ لَا تمته حَتَّى تريه وُجُوه المومسات وَكَانَ جريج فِي صومعته فتعرضت لَهُ امْرَأَة وكلمته فَأبى فَأَتَت رَاعيا فامكنته من نَفسهَا فَولدت غُلَاما فَقَالَت: من جريج فَأتوهُ فكسروا صومعته وانزلوه وسبوه فَتَوَضَّأ وَصلى ثمَّ أَتَى الْغُلَام فَقَالَ: من أَبوك يَا غُلَام قَالَ: الرَّاعِي فَقَالُوا لَهُ: نَبْنِي صومعتك من ذهب قَالَ: لَا إِلَّا من طين وكَانَت امْرَأَة ترْضع ابْنا لَهَا من بني اسرائيل فَمر بهَا رجل رَاكب ذُو شارة فَقَالَت: اللَّهُمَّ اجْعَل ابْني مثله فَترك ثديها وَاقْبَلْ على الرَّاكِب فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تجعلني مثله ثمَّ أقبل على ثديها يمصه ثمَّ مرا بِأمة تجزر ويلعب بهَا فَقَالَت: اللَّهُمَّ لَا تجْعَل ابْني مثل هَذِه فَترك ثديها فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي مثلهَا فَقَالَت: لم ذَاك

فَقَالَ: الرَّاكِب جَبَّار من الْجَبَابِرَة وَهَذِه الْأمة يَقُولُونَ لَهَا زنَيْت وَتقول حسبي الله وَيَقُولُونَ سرَقْتِ وَتقول حسبي الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم يكن يتَكَلَّم فِي المهد إِلَّا عِيسَى وَشَاهد يُوسُف وَصَاحب جريج وَابْن ماشطة فِرْعَوْن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {ويكلم النَّاس فِي المهد وكهلاً} قَالَ: يكلمهم صَغِيرا وكبيراً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس {وكهلاً} قَالَ: فِي سنّ كهل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الكهل الْحَلِيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن أبي حبيب قَالَ: الكهل مُنْتَهى الْحلم وَأخرج ابْن جرير عَن أبي زيد فِي الْآيَة قَالَ: قد كَلمهمْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي المهد وسيكلمهم إِذا أقبل الدَّجَّال وَهُوَ يَوْمئِذٍ كهل وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير قَالَ {كَذَلِك الله يخلق مَا يَشَاء} أَي يصنع مَا أَرَادَ ويخلق مَا يَشَاء من بشر {إِذا قضى أمرا فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كن فَيكون} مِمَّا يَشَاء وَكَيف يَشَاء فَيكون كَمَا أَرَادَ الْآيَة 48

48

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ويعلمه الْكتاب} قَالَ: الْخط بالقلم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {ويعلمه الْكتاب} قَالَ: بِيَدِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر بِسَنَد صَحِيح عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: عِنْدَمَا ترعرع عِيسَى جَاءَت بِهِ أمه إِلَى الْكتاب فَدَفَعته إِلَيْهِ فَقَالَ: قل بِسم قَالَ عِيسَى: الله فَقَالَ الْمعلم: قل الرَّحْمَن قَالَ عِيسَى: الرَّحِيم فَقَالَ الْمعلم: قل أَبُو جاد (قصد بهَا أيحد) قَالَ: هُوَ فِي كتاب فَقَالَ عِيسَى: أَتَدْرِي مَا ألف قَالَ: لَا قَالَ: الآء الله أَتَدْرِي مَا بَاء

قَالَ: لَا قَالَ: بهاء الله أَتَدْرِي مَا جِيم قَالَ: لَا قَالَ: جلال الله أَتَدْرِي مَا اللَّام قَالَ: لَا قَالَ: آلَاء الله فَجعل يُفَسر على هَذَا النَّحْو فَقَالَ الْمعلم: كَيفَ أعلم من هُوَ أعلم مني قَالَت: فَدَعْهُ يقْعد مَعَ الصّبيان فَكَانَ يخبر الصّبيان بِمَا يَأْكُلُون وَمَا تدخر لَهُم أمهاتهم فِي بُيُوتهم وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَابْن مَسْعُود مَرْفُوعا قَالَ: إِن عِيسَى بن مَرْيَم أسلمته أمه إِلَى الْكتاب ليعلمه فَقَالَ لَهُ الْمعلم: اكْتُبْ بِسم الله قَالَ عِيسَى: وَمَا بِسم قَالَ لَهُ الْمعلم: مَا أَدْرِي قَالَ لَهُ عِيسَى: الْبَاء بهاء الله وَالسِّين سناؤه وَالْمِيم مَمْلَكَته وَالله إِلَه الْآلهَة والرحمن رَحْمَن الْآخِرَة وَالدُّنْيَا والرحيم رَحِيم الْآخِرَة أَبُو جاد: الْألف الآء الله وَالْبَاء بهاء الله جِيم جلال الله دَال الله الدَّائِم هوَّزَ: الْهَاء الهاوية وَاو ويلٌ لأهل النَّار وَاد فِي جَهَنَّم زَاي زين أهل الدُّنْيَا حطي: حاء الله الْحَكِيم طاء الله الطَّالِب لكل حق حَتَّى يردهُ أَي أهل النَّهَار وَهُوَ الوجع كلمن: الْكَاف الله الْكَافِي لَام: الله الْقَائِم مِيم الله الْمَالِك نون الله الْبَحْر سعفص: سين السَّلَام صَاد الله الصَّادِق عين الله الْعَالم فَاء الله ذكر كلمة صَاد الله الصَّمد قرشت قَاف الْجَبَل الْمُحِيط بالدنيا الَّذِي اخضرت مِنْهُ السَّمَاء رَاء رِيَاء النَّاس بهَا سين ستر الله تَاء تمت أبدا قَالَ ابْن عدي هَذَا الحَدِيث بَاطِل بِهَذَا الْإِسْنَاد لَا يرويهِ غير اسمعيل بن يحيى وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر وَمُقَاتِل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَن عِيسَى بن مَرْيَم أمسك عَن الْكَلَام بعد إِذْ كَلمهمْ طفْلا حَتَّى بلغ مَا يبلغ الغلمان ثمَّ أنطقه الله بعد ذَلِك بالحكمة وَالْبَيَان فَأكْثر الْيَهُود فِيهِ وَفِي أمه من قَول الزُّور فَكَانَ عِيسَى يشرب اللَّبن من أمه فَلَمَّا فطم أكل الطَّعَام وَشرب الشَّرَاب حَتَّى بلغ سبع سِنِين أسلمته أمه لرجل يُعلمهُ كَمَا يعلم الغلمان فَلَا يُعلمهُ شَيْئا إِلَّا بدره عِيسَى إِلَى علمه قبل أَن يُعلمهُ إِيَّاه فَعلمه أَبَا جاد فَقَالَ عِيسَى: مَا أَبُو جاد قَالَ الْمعلم: لَا أَدْرِي فَقَالَ عِيسَى: فَكيف تعلمني مَا لَا تَدْرِي فَقَالَ الْمعلم: إِذن فعلمني قَالَ لَهُ عِيسَى: فَقُمْ من مجلسك فقَام فَجَلَسَ عِيسَى مَجْلِسه فَقَالَ عِيسَى: سلني فَقَالَ الْمعلم: فَمَا أَبُو

أبجد فَقَالَ عِيسَى: الْألف آلَاء الله باءِ بهاء الله جِيم بهجة الله وجماله فَعجب الْمعلم من ذَلِك فَكَانَ أول من فسر أبجد عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ وَسَأَلَ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا تفسسير أبي جاد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمُوا تَفْسِير أبي جاد فَإِن فِيهِ الْأَعَاجِيب كلهَا ويل لعالم جهل تَفْسِيره فَقيل: يَا رَسُول الله وَمَا تَفْسِير أبي جاد قَالَ: الْألف آلَاء الله وَالْبَاء بهجة الله وجلاله وَالْجِيم مجد الله وَالدَّال دين الله هوَّز الهاوية ويل لمن هوى فِيهَا وَالْوَاو ويل لأهل النَّار وَالزَّاي الزاوية يَعْنِي زَوَايَا جَهَنَّم حطي: الْحَاء حط خَطَايَا المستغفرين فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا نزل بِهِ جِبْرِيل مَعَ الْمَلَائِكَة إِلَى مطلع الْفجْر والطاء طُوبَى لَهُم وَحسن مآب وَهِي شَجَرَة غرسها الله بِيَدِهِ وَالْيَاء يَد الله فَوق خلقه كلمن: الْكَاف كَلَام الله لَا تَبْدِيل لكلماته وَاللَّام إِلْمَام أهل الْجنَّة بَينهم بالزيارة والتحية وَالسَّلَام وتلاوم أهل النَّار بَينهم وَالْمِيم ملك الله الَّذِي لَا يَزُول ودوام الله الَّذِي لَا يفنى وَنون (نون والقلم وَمَا يسطرون) (الْقَلَم الْآيَة 1 - 2) صعفص: الصَّاد صَاع بِصَاع وقسط بقسط وقص بقص يَعْنِي الْجَزَاء بالجزاء وكما تدين تدان وَالله لَا يُرِيد ظلما للعباد قرشت: يَعْنِي قرشهم فَجَمعهُمْ يقْضِي بَينهم يَوْم الْقِيَامَة وهم لَا يظْلمُونَ ذكر نبذ من حكم عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد أخبرنَا ابْن عُيَيْنَة عَن خلف بن حَوْشَب قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام للحواريين: كَمَا ترك لكم الْمُلُوك الْحِكْمَة فَكَذَلِك اتْرُكُوا لَهُم الدُّنْيَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن يُونُس بن عبيد قَالَ: كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: لَا يُصِيب أحد حَقِيقَة الْإِيمَان حَتَّى لَا يُبَالِي من أكل الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد فِي الزّهْد عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: قيل لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام لَو اتَّخذت حمارا تركبه لحاجتك فَقَالَ: أَنا أكْرم على الله من أَن يَجْعَل لي شَيْئا يشغلني بِهِ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَالَ عِيسَى: معاشر الحواريين إِن خشيَة الله وَحب الفردوس يورثان الصَّبْر على الْمَشَقَّة ويباعدان من زهرَة الدُّنْيَا

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عتبَة بن يزِيد قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: يَا ابْن آدم الضَّعِيف اتّق الله حَيْثُمَا كنت وكل كسرتك من حَلَال وَاتخذ الْمَسْجِد بَيْتا وَكن فِي الدُّنْيَا ضَعِيفا وعوّد نَفسك الْبكاء وقلبك التفكر وجسدك الصَّبْر وَلَا تهتم برزقك غَدا فَإِنَّهَا خَطِيئَة تكْتب عَلَيْك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والاصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن مُحَمَّد بن مطرف أَن عِيسَى قَالَ: فَذكره وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن وهيب الْمَكِّيّ قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: أصل كل خَطِيئَة حب الدُّنْيَا وَرب شَهْوَة أورثت أَهلهَا حزنا طَويلا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن يحيى بن سعيد قَالَ: كَانَ عِيسَى يَقُول: اعبروا الدُّنْيَا وَلَا تعمروها وَحب الدُّنْيَا رَأس كل خَطِيئَة وَالنَّظَر يزرع فِي الْقلب الشَّهْوَة وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن سُفْيَان بن سعيد قَالَ: كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: حب الدُّنْيَا أصل كل خَطِيئَة وَالْمَال فِيهِ دَاء كَبِير قَالُوا: وَمَا داؤه قَالَ: لَا يسلم من الْفَخر وَالْخُيَلَاء قَالُوا: فَإِن سلم قَالَ: يشْغلهُ اصلاحه عَن ذكر الله وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن عمرَان الْكُوفِي قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم للحواريين: لَا تَأْخُذُوا مِمَّن تعلمُونَ الْأجر الأمثل الَّذِي أعطيتموني وَيَا ملح الأَرْض لَا تفسدوا فَإِن كل شَيْء إِذا فسد فَإِنَّمَا يداوى بالملح وَإِن الْملح إِذا فسد فَلَيْسَ لَهُ دَوَاء وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم خَصْلَتَيْنِ من الْجَهْل الضحك من غير عجب والصبيحة من غير سهر وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن يزِيد بن ميسرَة قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: بالقلوب الصَّالِحَة يعمر الله الأَرْض وَبهَا يخرب الأَرْض إِذا كَانَت على غير ذَلِك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام إِذا مر بدار وَقد مَاتَ أَهلهَا وقف عَلَيْهَا فَقَالَ: وَيْح لأربابك الَّذين يتوارثونك كَيفَ لم يعتبروا فعلك باخوانهم الماضين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَالُوا لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام يَا روح الله أَلا نَبْنِي لَك بَيْتا قَالَ: بلَى ابنوه على سَاحل الْبَحْر قَالُوا: إِذن يَجِيء المَاء فَيذْهب بِهِ قَالَ: أَيْن تُرِيدُونَ تبنون لي على القنطرة

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن بكر بن عبد الله قَالَ: فقد الحواريون عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَخَرجُوا يطلبونه فوجدوه يمشي على المَاء فَقَالَ بَعضهم: يَا نَبِي الله أنمشي إِلَيْك قَالَ: نعم فَوضع رجله ثمَّ ذهب يضع الْأُخْرَى فانغمس فَقَالَ: هَات يدك يَا قصير الْإِيمَان لَو أَن لِابْنِ آدم مِثْقَال حَبَّة أَو ذرة من الْيَقِين إِذن لمشى على المَاء وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن نمير قَالَ: سَمِعت أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: كَانَت وَلم أكن وَتَكون وَلَا أكون فِيهَا وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: لما بعث عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام اكب الدُّنْيَا على وَجههَا فَلَمَّا رفع رَفعهَا النَّاس بعده وَأخرج عبد الله ابْنه فِي زوائده عَن الْحسن قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي اكببت الدُّنْيَا لوجهها وَقَعَدت على ظهرهَا فَلَيْسَ لي ولد يَمُوت وَلَا بَيت يخرب قَالُوا لَهُ: أَفلا نتَّخذ لَك بَيْتا قَالَ: ابْنُوا لي على سَبِيل الطَّرِيق بَيْتا قَالُوا: لَا يثبت قَالُوا: أَفلا نتَّخذ لَك زَوْجَة قَالَ: مَا أصنع بِزَوْجَة تَمُوت وَأخرج أَحْمد عَن خَيْثَمَة قَالَ: مرت امْرَأَة على عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَت: طُوبَى لثدي أرضعك وَحجر حملك فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: طُوبَى لمن قَرَأَ كتاب الله ثمَّ عمل بِمَا فِيهِ وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: أوحى الله إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: إِنِّي وهبت لَك حب الْمَسَاكِين ورحمتهم تحبهم ويحبونك ويرضون بك إِمَامًا وَقَائِدًا وترضى بهم صحابة وتبعاً وهما خلقان اعْلَم أَن من لَقِيَنِي بهما لَقِيَنِي بأزكى الْأَعْمَال وأحبها إليَّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن مَيْمُون بن سياه قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: يَا معشر الحواريين اتَّخذُوا الْمَسَاجِد مسَاكِن وَاجْعَلُوا بُيُوتكُمْ كمنازل الأضياف فَمَا لكم فِي الْعَالم من منزل إِن أَنْتُم الا عابري سَبِيل وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: بِحَق أَن أَقُول لكم أَن أكناف السَّمَاء لخالية من الْأَغْنِيَاء ولدخول جمل فِي سم الْخياط أيسر من دُخُول غَنِي الْجنَّة وأخرج عبد الله فِي زوائده عَن جَعْفَر بن حرفاس أَن عِيسَى بن مَرْيَم قَالَ: رَأس الْخَطِيئَة حب الدُّنْيَا وَالْخمر مِفْتَاح كل شَرّ وَالنِّسَاء حبالة الشَّيْطَان

وَأخرج أَحْمد عَن سُفْيَان قَالَ: قَالَ عِيسَى بن عَلَيْهِ السَّلَام: إِن للحكمة أَهلا فَإِن وَضَعتهَا فِي غير أَهلهَا أضعتها وَإِن منعتها من أَهلهَا ضيعتها كن كالطبيب يضع الدَّوَاء حَيْثُ يَنْبَغِي وَأخرج أَحْمد عَن مُحَمَّد بن وَاسع أَن عِيسَى بن مَرْيَم قَالَ يَا بني إِسْرَائِيل إِنِّي أعيذكم بِاللَّه أَن تَكُونُوا عاراً على أهل الْكتاب يَا بني إِسْرَائِيل قَوْلكُم شِفَاء يذهب الدَّاء وَأَعْمَالكُمْ دَاء لَا تقبل الدَّوَاء وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: قَالَ عِيسَى لاحبار بني إِسْرَائِيل: لَا تَكُونُوا للنَّاس كالذئب السَّارِق وكالثعلب الخدوع وكالحدأ الخاطف وَأخرج أَحْمد عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: يَا معشر الحواريين أَيّكُم يَسْتَطِيع أَن يَبْنِي على موج الْبَحْر دَارا قَالُوا: يَا روح الله وَمن يقدر على ذَلِك قَالَ: إيَّاكُمْ وَالدُّنْيَا فَلَا تتخذوها قراراً وَأخرج أَحْمد عَن زِيَاد أبي عَمْرو قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: إِنَّه لَيْسَ بنافعك أَن تعلم مَا لم تعلم وَلما تعْمل بِمَا قد علمت إِن كَثْرَة الْعلم لَا تزيد إِلَّا كبرا إِذا لم تعْمل بِهِ وَأخرج أَحْمد عَن إِبْرَاهِيم بن الْوَلِيد الْعَبْدي قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: الزّهْد يَدُور فِي ثَلَاثَة أَيَّام: أمس خلا وعظت بِهِ وَالْيَوْم زادك فِيهِ وَغدا لَا تَدْرِي مَا لَك فِيهِ قَالَ: وَالْأَمر يَدُور على ثَلَاثَة أَمر بِأَن لَك رشده فاتَّبِعْهُ وَأمر بَان لَك غِيَّهُ فاجْتَنِبْهُ وَأمر أشكل عَلَيْك فَكِلْهُ إِلَى الله عز وَجل وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ الصلام وَالسَّلَام: سلوني فَإِن قلبِي لين وَإِنِّي صَغِير فِي نَفسِي وَأخرج أَحْمد عَن بشير الدِّمَشْقِي قَالَ: مر عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِقوم فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لنا ثَلَاثًا فَقَالُوا: يَا روح الله انا نُرِيد أَن نسْمع مِنْك الْيَوْم موعظة ونسمع مِنْك شَيْئا لم نَسْمَعهُ فِيمَا مضى فَأوحى الله إِلَى عِيسَى أَن قل لَهُم إِنِّي من أَغفر لَهُ مغْفرَة وَاحِدَة أصلح لَهُ بهَا دُنْيَاهُ وآخرته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن خثيمَةَ قَالَ: كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِذا دَعَا الْقُرَّاء قَامَ عَلَيْهِم ثمَّ قَالَ: هَكَذَا اصنعوا بالقراء وَأخرج أَحْمد عَن يزِيد بن ميسرَة قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إِن أَحْبَبْتُم أَن

تَكُونُوا أصفياء الله وَنور بني آدم من خلقه فاعفوا عَمَّن ظلمكم وعودوا من لَا يعودكم واحسنوا إِلَى من لَا يحسن إِلَيْكُم وأقرضوا من لَا يجزيكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عبيد بن عُمَيْر أَن عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يلبس الشّعْر وَيَأْكُل من ورق الشّجر ويبيت حَيْثُ أَمْسَى وَلَا يرفع غداء وَلَا عشَاء لغد وَيَقُول: يَأْتِي كل يَوْم برزقه وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم: يَا دَار تخربين ويفنى سكانك وَيَا نفس اعملي ترزقي وَيَا جَسَد انصب تسترح وَأخرج أَحْمد عَن وهب ابْن مُنَبّه قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم للحواريين: بِحَق أَقُول لكم - وَكَانَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كثيرا مَا يَقُول بِحَق - أَقُول لكم: إِن أَشدّكُم حبا للدنيا أَشدّكُم جزعاً على الْمُصِيبَة وَأخرج أَحْمد عَن عَطاء الْأَزْرَق قَالَ: بلغنَا أَن عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ: يَا معشر الحواريين كلوا خبز الشّعير ونبات الأَرْض وَالْمَاء القراح وَإِيَّاكُم وخبز الْبر فَإِنَّكُم لَا تقومون بشكره وَاعْلَمُوا أَن حلاوة الدُّنْيَا مرَارَة الْآخِرَة واشد مرَارَة الدُّنْيَا حلاوة الْآخِرَة وَأخرج ابْنه فِي زوائده عَن عبد الله بن شَوْذَب قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: جودة الثِّيَاب من خُيَلَاء الْقلب وَأخرج أَحْمد عَن سُفْيَان قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: إِنِّي لَيْسَ أحدثكُم لتعجبوا إِنَّمَا أحدثكُم لِتَعْلَمُوا وَأخرج ابْنه عَن أبي حسان قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: كن كالطبيب الْعَالم يضع دواءه حَيْثُ ينفع وَأخرج ابْنه عَن عمرَان بن سُلَيْمَان قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى بن مَرْيَم قَالَ: يَا بني إِسْرَائِيل تهاونوا بالدنيا تَهُن عَلَيْكُم وأهينوا الدُّنْيَا تكرم الْآخِرَة عَلَيْكُم وَلَا تكرموا الدُّنْيَا فتهون الْآخِرَة عَلَيْكُم فَإِن الدُّنْيَا لَيست بِأَهْل الْكَرَامَة وكل يَوْم تَدْعُو للفتنة والخسارة وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَأحمد عَن أبي غَالب قَالَ فِي وَصِيَّة عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: يَا معشر الحواريين تحببوا إِلَى الله ببغض أهل الْمعاصِي وتقربوا إِلَيْهِ بالمقت لَهُم والتمسوا رِضَاهُ بسخطهم قَالُوا: يَا نَبِي الله فَمن نجالس قَالَ: جالسوا من

يزِيد فِي عَمَلكُمْ مَنْطِقه وَمن يذكركم الله رُؤْيَته ويزهدكم فِي الدُّنْيَا عمله وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: أوحى الله إِلَى عِيسَى عظ نَفسك فَإِن اتعظت فعظ النَّاس وَإِلَّا فاستحي مني وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: قَالَ عِيسَى للحواريين: بِقدر مَا تنصبون هَهُنَا تستريحون هَهُنَا وبقدر مَا تستريحون هَهُنَا تنصبون هَهُنَا وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَأحمد عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: طُوبَى لمن خزن لِسَانه ووسعه بَيته وَبكى من ذكر خطيئته وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن هِلَال بن يسَاف قَالَ: كَانَ عِيسَى يَقُول: إِذا تصدق أحدكُم بِيَمِينِهِ فليخفها عَن شِمَاله وَإِذا صَامَ فلْيَدَّهِنْ وليمسح شَفَتَيْه من دهنه حَتَّى ينظر إِلَيْهِ النَّاظر فَلَا يرى أَنه صَائِم وَإِذا صلى فليدن عَلَيْهِ ستر بَابه فَإِن الله يقسم الثَّنَاء كَمَا يقسم الرزق وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن خَالِد الربعِي قَالَ: ثَبت أَن عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ لأَصْحَابه: أَرَأَيْتُم لَو أَن أحدكُم أَتَى على أَخِيه الْمُسلم وَهُوَ نَائِم وَقد كشفت الرّيح بعض ثَوْبه فَقَالُوا: إِذا كُنَّا نرده عَلَيْهِ قَالَ: لَا بل تكشفون مَا بَقِي مثل ضربه للْقَوْم يسمعُونَ الرجل بِالسَّيِّئَةِ فَيذكرُونَ أَكثر من ذَلِك وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْجلد قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: فَكرت فِي الْخلق فَإِذا من لم يخلق كَانَ أغبط عِنْدِي مِمَّن خلق وَقَالَ: لَا تنظروا إِلَى ذنُوب النَّاس كأنكم أَرْبَاب وَلَكِن انْظُرُوا فِي ذنوبكم كأنكم عبيد وَالنَّاس رجلَانِ: مبتلى ومعافى فارحموا أهل الْبلَاء واحمدوا الله على الْعَافِيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أبي الْهُذيْل قَالَ: لَقِي عِيسَى يحيى فَقَالَ: أوصني قَالَ: لَا تغْضب قَالَ: لَا أَسْتَطِيع قَالَ: لَا تفتن مَالا قَالَ: أما هَذَا لَعَلَّه وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: مر عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام والحواريون رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم على جيفة كلب فَقَالُوا: مَا أنتن هَذَا فَقَالَ: مَا أَشد بَيَاض أَسْنَانه يَعِظهُمْ وينهاهم عَن الْغَيْبَة وَأخرج أَحْمد عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كَانَ عِيسَى يحب العَبْد يتَعَلَّم المهنة يَسْتَغْنِي بهَا عَن النَّاس وَيكرهُ العَبْد يتَعَلَّم الْعلم يَتَّخِذهُ مهنة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن سَالم بن أبي الْجَعْد

قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: اعْمَلُوا لله وَلَا تعملوا لبطونكم انْظُرُوا إِلَى هَذَا الطير يغدوا وَيروح وَلَا يحرث وَلَا يحصد الله تَعَالَى يرزقها فَإِن قُلْتُمْ نَحن أعظم بطوناً من الطير فانظروا إِلَى هَذِه الأباقر من الْوَحْش والحمر تَغْدُو وَتَروح لَا تحرث وَلَا تحصد الله تَعَالَى يرزقها اتَّقوا فضول الدُّنْيَا فَإِن فضول الدُّنْيَا عِنْد الله رجز وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: إِن إِبْلِيس قَالَ لعيسى: زعمت أَنَّك تحيي الْمَوْتَى فَإِن كنت كَذَلِك فَادع الله أَن يرد هَذَا الْجَبَل خبْزًا فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أوكل النَّاس يعيشون بالخبز قَالَ: فَإِن كنت كَمَا تَقول فثب من هَذَا الْمَكَان فَإِن الْمَلَائِكَة ستلقاك قَالَ: إِن رَبِّي أَمرنِي أَن لَا أجرب نَفسِي فَلَا أَدْرِي هَل يسلمني أم لَا وَأخرج أَحْمد عَن سَالم بن أبي الْجَعْد أَن عِيسَى بن مَرْيَم كَانَ يَقُول: للسَّائِل حق وَإِن أَتَاك على فرس مطوق بِالْفِضَّةِ وَأخرج عَن بَعضهم قَالَ أوحى الله إِلَى عِيسَى: إِن لم تطب نَفسك أَن تصفك النَّاس بالزاهد فيَّ لم أكتبك عِنْدِي رَاهِبًا فَمَا يَضرك إِذا بغضك النَّاس وَأَنا عَنْك رَاض وَمَا ينفعك حب النَّاس وَأَنا عَلَيْك ساخط وَأخرج أَحْمد عَن الْحَضْرَمِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن فُضَيْل بن عِيَاض قَالَا: قيل لعيسى بن مَرْيَم بِأَيّ شَيْء تمشي على المَاء قَالَ: بِالْإِيمَان وَالْيَقِين قَالُوا: فانا آمنا كَمَا آمَنت وأيقنا كَمَا أيقنت قَالَ: فامشوا اذن فَمَشَوْا مَعَه فجَاء الموج فَغَرقُوا فَقَالَ لَهُم عِيسَى: مَا لكم قَالُوا: خفنا الموج قَالَ: الا خِفْتُمْ رب الموج فاخرجهم ثمَّ ضرب بِيَدِهِ إِلَى الأَرْض فَقبض بهَا ثمَّ بسطها فَإِذا فِي احدى يَدَيْهِ ذهب وَفِي الْأُخْرَى مدر فَقَالَ: أَيهمَا أحلى فِي قُلُوبكُمْ قَالُوا: الذَّهَب قَالَ: فانهما عِنْدِي سَوَاء وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن عَسَاكِر عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم إِذا ذكر عِنْده السَّاعَة صَاح وَيَقُول: لَا يَنْبَغِي لِابْنِ مَرْيَم أَن تذكر عِنْده السَّاعَة فيسكت وَأخرج أَحْمد وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يلبس الشّعْر وَيَأْكُل الشّجر وَلَا يخبىء الْيَوْم لغد ويبيت حَيْثُ آواه اللَّيْل وَلم يكن لَهُ ولد فَيَمُوت وَلَا بيتّ فيخرب وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن: أَن عِيسَى رَأس الزاهدين يَوْم الْقِيَامَة وَأَن

الفرارين بدينهم يحشرون يَوْم الْقِيَامَة مَعَ عِيسَى بن مَرْيَم وَأَن عِيسَى مر بِهِ إِبْلِيس يَوْمًا وَهُوَ مُتَوَسِّد حجرا وَقد وجد لَذَّة النّوم فَقَالَ لَهُ إِبْلِيس: يَا عِيسَى أَلَيْسَ تزْعم أَنَّك لَا تُرِيدُ شَيْئا من عرض الدُّنْيَا فَهَذَا الْحجر من عرض الدُّنْيَا فَقَامَ عِيسَى فَأخذ الْحجر فَرمى بِهِ وَقَالَ: هَذَا لَك مَعَ الدُّنْيَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب أنّ عِيسَى كَانَ يَأْكُل الشّعير وَيَمْشي على رجلَيْهِ وَلَا يركب الدَّوَابّ وَلَا يسكن الْبيُوت وَلَا يستصبح بالسراج وَلَا يلبس الْقطن وَلَا يمس النِّسَاء وَلم يمس الطّيب وَلم يمزج شرابه بِشَيْء قطّ وَلم يبرده وَلم يدهن رَأسه قطّ وَلم يقرب رَأسه وَلَا لحيته غسول قطّ وَلم يَجْعَل بَين الأَرْض وَبَين جلده شَيْئا قطّ إِلَّا لِبَاسه وَلم يهتم لغداء قطّ وَلَا لعشاء قطّ وَلَا يَشْتَهِي شَيْئا من شهوات الدُّنْيَا وَكَانَ يُجَالس الضُّعَفَاء والزمنى وَالْمَسَاكِين وَكَانَ إِذا قرب إِلَيْهِ الطَّعَام على شَيْء وَضعه على الأَرْض وَلم يَأْكُل مَعَ الطَّعَام اداماً قطّ وَكَانَ يجتزي من الدُّنْيَا بالقوت الْقَلِيل وَيَقُول: هَذَا لمن يَمُوت وَيُحَاسب عَلَيْهِ كثير وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَنه قيل لعيسى بن مَرْيَم: تزوج قَالَ: وَمَا أصنع بِالتَّزْوِيجِ قَالُوا: تَلد لَك الْأَوْلَاد قَالَ: الْأَوْلَاد إِن عاشوا أَفْتَنُوا وَإِن مَاتُوا أَحْزَنُوا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن شُعَيْب بن إِسْحَق قَالَ: قيل لعيسى: لَو اتَّخذت بَيْتا قَالَ: يكفينا خلقان من كَانَ قبلنَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن ميسرَة قَالَ: قيل لعيسى: أَلا تبني لَك بَيْتا قَالَ: لَا أترك بعدِي شَيْئا من الدُّنْيَا أذكر بِهِ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي سُلَيْمَان قَالَ: بَينا عِيسَى يمشي فِي يَوْم صَائِف وَقد مَسّه الْحر والعطش فَجَلَسَ فِي ظلّ خيمة فَخرج إِلَيْهِ صَاحب الْخَيْمَة فَقَالَ: يَا عبد لله قُم من ظلنا فَقَامَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَجَلَسَ فِي الشَّمْس وَقَالَ: لَيْسَ أَنْت الَّذِي أقمتني إِنَّمَا أقامني الَّذِي لم يرد أَن أُصِيب من الدُّنْيَا شَيْئا وَأخرج أَحْمد عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: كَانَ عِيسَى وَيحيى عَلَيْهِمَا السَّلَام يأتيان الْقرْيَة فَيسْأَل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَن شرار أَهلهَا وَيسْأل يحيى عَلَيْهِ السَّلَام عَن خِيَار أَهلهَا فَقَالَ لَهُ: لم تنزل على شرار النَّاس قَالَ: إِنَّمَا أَنا طَبِيب أداوي المرضى وَأخرج أَحْمد عَن هِشَام الدستوَائي قَالَ: بَلغنِي أَن فِي حِكْمَة عِيسَى بن مَرْيَم

عَلَيْهِ السَّلَام: تَعْمَلُونَ للدنيا وَأَنْتُم ترزقون فِيهَا بِغَيْر عمل وَلَا تَعْمَلُونَ للآخرة وَأَنْتُم لَا ترزقون فِيهَا إِلَّا بِالْعَمَلِ وَيحكم عُلَمَاء السوء الْأجر تأخذون وَالْعَمَل تضيعون توشكون أَن تخْرجُوا من الدُّنْيَا إِلَى ظلمَة الْقَبْر وضيقه وَالله عز وَجل يَنْهَاكُم عَن الْمعاصِي كَمَا أَمركُم بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة كَيفَ يكون من أهل الْعلم من دُنْيَاهُ آثر عِنْده من آخرته وَهُوَ فِي الدُّنْيَا أفضل رَغْبَة كَيفَ يكون من أهل الْعلم من مسيره إِلَى آخرته وَهُوَ مقبل على دُنْيَاهُ وَمَا يضرّهُ أشهى إِلَيْهِ مِمَّا يَنْفَعهُ وَكَيف يكون من أهل الْعلم من سخط واحتقر مَنْزِلَته وَهُوَ يعلم أَن ذَلِك من علم الله وَقدرته كَيفَ يكون من أهل الْعلم من اتهمَ الله تَعَالَى فِي قَضَاءَهُ فَلَيْسَ يرضى بِشَيْء أَصَابَهُ كَيفَ يكون من أهل الْعلم من طلب الْكَلَام ليتحدث وَلم يَطْلُبهُ ليعْمَل بِهِ وَأخرج أَحْمد عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن أشياخه أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مرَّ بعقبة أفِيق وَمَعَهُ رجل من حواريه فاعترضهم رجل فَمَنعهُمْ الطَّرِيق وَقَالَ: لَا أترككما تجوزان حَتَّى ألطم كل وَاحِد مِنْكُمَا لطمة فحاولاه فَأبى إِلَّا ذَاك فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أما خدي فالطمه فَلَطَمَهُ فخلى سَبيله وَقَالَ للحواري: لَا أدعك تجوز حَتَّى ألطمك فتمنع عَلَيْهِ فَلَمَّا رأى عِيسَى ذَاك أعطَاهُ خَدّه الآخر فَلَطَمَهُ فخلى سبيلهما فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا لَك رضى فبلغني رضاك وَإِن كَانَ هَذَا سخطاً فَإنَّك أولى بِالْعَفو وَأخرج عبد الله ابْنه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: بَيْنَمَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام جَالس مَعَ أَصْحَابه مرت بِهِ امْرَأَة: فَنظر إِلَيْهَا بَعضهم فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه: زَنَيْت فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أَرَأَيْت لَو كنت صَائِما فمررت بشواء فشممته أَكنت مُفطرا قَالَ: لَا وَأخرج أَحْمد عَن عَطاء قَالَ: قَالَ عِيسَى: مَا أَدخل قَرْيَة يَشَاء أَهلهَا أَن يُخْرِجُونِي مِنْهَا إِلَّا أَخْرجُونِي يَعْنِي لَيْسَ لي فِيهَا شَيْء قَالَ: وَكَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يتَّخذ نَعْلَيْنِ من لحى الشّجر وَيجْعَل شراكهما من لِيف وَأخرج أَحْمد عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز قَالَ: قَالَ الْمَسِيح: لَيْسَ كَمَا أُرِيد وَلَكِن كَمَا تُرِيدُ وَلَيْسَ كَمَا أَشَاء وَلَكِن كَمَا تشَاء وَأخرج أَحْمد عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز قَالَ: بَلغنِي أَنه مَا من كلمة كَانَت تقال لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام أحب إِلَيْهِ من أَن يُقَال: هَذَا الْمِسْكِين

وَأخرج ابْنه عَن ابْن حليس قَالَ: قَالَ عِيسَى: إِن الشَّيْطَان مَعَ الدُّنْيَا ومكره مَعَ المَال وتزيينه عِنْد الْهوى واستكماله عِنْد الشَّهَوَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن جَعْفَر بن برْقَان قَالَ: كَانَ عِيسَى يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصبَحت لَا أَسْتَطِيع دفع مَا أكره وَلَا أملك نفع مَا ارجو وَأصْبح الْأَمر بيد غَيْرِي وأصبحت مرتهنا بعملي فَلَا فَقير أفقر مني فَلَا تُشْمِت بِي عدوّي وَلَا تسيء بِي صديقي وَلَا تجْعَل مصيبتي فِي ديني وَلَا تُسَلِّطْ عليَّ من لَا يرحمني وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: فِي كتب الحواريين إِذا سلك بك سَبِيل الْبلَاء فَاعْلَم أَنه سلك بك سَبِيل الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ وَإِذا سُلِكَ بك سَبِيل أهل الرخَاء فَاعْلَم أَنه سُلِكَ بك غير سبيلهم وخُولفَ بك عَن طريقهم وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَالَ عِيسَى: إِنَّمَا أبعثكم كالكباش تلتقطون خراف بني إِسْرَائِيل فَلَا تَكُونُوا كالذئاب الضواري الَّتِي تخطتف النَّاس وَعَلَيْكُم بالخرفان مَا لكم تأتون عَلَيْكُم ثِيَاب الشّعْر وقلوبكم قُلُوب الْخَنَازِير البسوا ثِيَاب الْمُلُوك ولينوا قُلُوبكُمْ بالخشية وَقَالَ عِيسَى: يَا ابْن آدم اعْمَلْ باعمال البّر حَتَّى يبلغ عَمَلك عنان السَّمَاء فَإِن لم يكن حبا فِي الله مَا اغنى ذَلِك عَنْك شَيْئا وَقَالَ عِيسَى للحواريين: إِن إِبْلِيس يُرِيد أَن يبخلكم فَلَا تقعوا فِي بخله وَأخرج أَحْمد عَن الْحسن بن عَليّ الصَّنْعَانِيّ قَالَ: بلغنَا أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا معشر الحواريين ادْع الله أَن يُخَفف عني هَذِه السكرة - يَعْنِي الْمَوْت - ثمَّ قَالَ عِيسَى: لقد خفت الْمَوْت خوفًا أوقفني مخافتي من الْمَوْت على الْمَوْت وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه إِن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ وَاقِفًا على قبر وَمَعَهُ الحواريون وَصَاحب الْقَبْر يدلى فِيهِ فَذكرُوا من ظلمَة الْقَبْر ووحشته وضيقه فَقَالَ عِيسَى: قد كُنْتُم فِيمَا هُوَ أضيق مِنْهُ فِي أَرْحَام أُمَّهَاتكُم فَإِذا أحب الله أَن يُوسع وسّع وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: قَالَ الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام: أَكْثرُوا ذكر الله وحمده وتقديسه وأطيعوه فَإِنَّمَا يَكْفِي أحدكُم من الدُّعَاء إِذا كَانَ الله تبَارك وَتَعَالَى رَاضِيا عَلَيْهِ أَن يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطيئتي واصلح لي معيشتي وَعَافنِي من المكاره يَا إلهي وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْجلد أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ للحواريين: بِحَق

أَقُول لكم: مَا الدُّنْيَا تُرِيدُونَ وَلَا الْآخِرَة قَالُوا: يَا رَسُول الله فسر لنا هَذَا فقد كُنَّا نرى أَنا نُرِيد إِحْدَاهمَا قَالَ: لَو أردتم الدُّنْيَا لأطعتم رب الدُّنْيَا الَّذِي مَفَاتِيح خزائنها بِيَدِهِ فأعطاكم ولوأردتم الْآخِرَة أطعتم رب الْآخِرَة الَّذِي يملكهَا فأعطاكم وَلَكِن لَا هَذِه تُرِيدُونَ وَلَا تِلْكَ وَأخرج أَحْمد عَن أبي عُبَيْدَة أَن الحواريين قَالُوا لعيسى: مَاذَا نَأْكُل قَالَ: تَأْكُلُونَ خبز الشّعير وبقل الْبَريَّة قَالُوا: فَمَاذَا نشرب قَالَ: تشربون مَاء القراح قَالُوا: فَمَاذَا نتوسد قَالَ: توسدوا الأَرْض قَالُوا: مَا نرَاك تَأْمُرنَا من الْعَيْش إِلَّا بِكُل شَدِيد قَالَ: بِهَذَا تنجون وَلَا تَحُلّون ملكوت السَّمَوَات حَتَّى يَفْعَله أحدكُم وَهُوَ مِنْهُ على شَهْوَة قَالُوا: وَكَيف يكون ذَلِك قَالَ: ألم تروا أَن الرجل إِذا جَاع فَمَا أحب إِلَيْهِ الكسرة وان كَانَت شَعِيرًا وَإِن عَطش فَمَا أحب إِلَيْهِ المَاء وَإِن كَانَ قراحاً وَإِذا أَطَالَ الْقيام فَمَا أحب إِلَيْهِ أَن يتوسد الأَرْض وَأخرج أَحْمد عَن عَطاء أَنه بلغه أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: تَرَجَّ ببلاغة وتيقظ فِي سَاعَات الْغَفْلَة واحكم بلطف الفطنة لَا تكن حَلْساً مطروحاً وَأَنت حَيّ تتنفس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: يَا معشر الحواريين اتَّخذُوا بُيُوتكُمْ منَازِل وَاتَّخذُوا الْمَسَاجِد مسَاكِن وكلوا من بقل الْبَريَّة واخرجوا من الدُّنْيَا بِسَلام وَأخرج أَحْمد عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: اجعلوا كنوزكم فِي السَّمَاء فَإِن قلب الْمَرْء عِنْد كنزه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن سعيد الْجعْفِيّ قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام: بَيْتِي الْمَسْجِد وطيبي المَاء وادامي الْجُوع وشعاري الْخَوْف ودابتي رجلاي ومصطلاي فِي الشتَاء مَشَارِق الشَّمْس وسراجي بِاللَّيْلِ الْقَمَر وجلسائي الزمنى وَالْمَسَاكِين وامسي وَلَيْسَ لي شَيْء وأُصبحُ وَلَيْسَ لي شَيْء وَأَنا بِخَير فَمن أغْنى مني وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الفضيل بن عِيَاض قَالَ: قَالَ عِيسَى: بطحت لكم الدُّنْيَا وجلستم على ظهرهَا فَلَا ينازعكم فِيهَا إِلَّا الْمُلُوك وَالنِّسَاء فاما الْمُلُوك فَلَا تنازعوهم الدُّنْيَا فَإِنَّهُم لم يعرضُوا لكم دنياهم وَأما النِّسَاء فاتقوهن بِالصَّوْمِ وَالصَّلَاة

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: قَالَ الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام: إِنَّمَا تطلب الدُّنْيَا لِتُبرَّ فَتَركهَا ابرُّ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن شُعَيْب بن صَالح قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: وَالله مَا سكنت الدُّنْيَا فِي قلب عبد إِلَّا التاط قلبه مِنْهَا بِثَلَاث: شغل لَا يَنْفَكّ عناه وفقر لَا يدْرك غناهُ وأمل لَا يدْرك منتهاه الدُّنْيَا طالبة ومطلوبة فطالب الْآخِرَة تطلبه الدُّنْيَا حَتَّى يستكمل فِيهَا رزقه وطالب الدُّنْيَا تطلبه الْآخِرَة حَتَّى يَجِيء الْمَوْت فَيَأْخُذ بعنقه وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن يزِيد بن ميسرَة قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: كَمَا توضعون كَذَلِك ترفعون وكما ترحمون كَذَلِك ترحمون وكما تقضون من حوائج النَّاس كَذَلِك يقْضِي الله من حَوَائِجكُمْ وَأخرج أَحْمد وَابْن عَسَاكِر عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: لَيْسَ الْإِحْسَان أَن تحسن إِلَى من أحسن إِلَيْك تِلْكَ مُكَافَأَة إِنَّمَا الْإِحْسَان أَن تحسن إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْك وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن الْمُبَارك قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى بن مَرْيَم مر بِقوم فَشَتَمُوهُ فَقَالَ خيرا وَمر بِآخَرين فَشَتَمُوهُ وَزَادُوا فَزَادَهُم خيرا فَقَالَ رجل من الحواريين: كلما زادوك شرا زدتهم خيرا كَأَنَّك تغريهم بِنَفْسِك فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: كل إِنْسَان يُعْطي مَا عِنْده وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن أنس قَالَ: مر بِعِيسَى بن مَرْيَم خِنْزِير فَقَالَ: مر بِسَلام فَقيل لَهُ: يَا روح الله لهَذَا الْخِنْزِير تَقول قَالَ: أكره أَن أَعُود لساني الشَّرّ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن سُفْيَان قَالَ: قَالُوا لعيسى بن مَرْيَم دلنا على عمل ندخل بِهِ الْجنَّة قَالَ: لَا تنطقوا أبدا قَالُوا: لَا نستطيع ذَلِك قَالَ: فَلَا تنطقوا إِلَّا بِخَير وَأخرج الخرائطي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: خُذُوا الْحق من أهل الْبَاطِل وَلَا تَأْخُذُوا الْبَاطِل من أهل الْحق كونُوا مُنْتَقِدِي الْكَلَام كي لَا يجوز عَلَيْكُم الزُّيُوف وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد عَن زَكَرِيَّا بن عدي قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم: يَا معشر الحواريين ارضوا بدنيء الدُّنْيَا مَعَ سَلامَة الدّين كَمَا رَضِي أهل الدُّنْيَا بدنيء الدّين مَعَ سَلامَة الدُّنْيَا

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام: أكل الشّعير مَعَ الرماد وَالنَّوْم على الْمَزَابِل مَعَ الْكلاب لقَلِيل فِي طلب الفردوس وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم يَقُول: لَا يُطيق عبد أَن يكون لَهُ ربان أَن أرْضى أَحدهمَا أَسخط الآخر وَإِن أَسخط أَحدهمَا أرْضى الآخر وَكَذَلِكَ لَا يُطيق عبد أَن يكون لَهُ خَادِمًا للدنيا يعْمل عمل الْآخِرَة لَا تهتموا بِمَا تَأْكُلُونَ وَلَا مَا تشربون فَإِن الله لم يخلق نفسا أعظم من رزقها وَلَا جسداً أعظم من كسوته فاعتبروا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن المَقْبُري أَنه بلغه أَن عِيسَى بن مَرْيَم كَانَ يَقُول: يَا ابْن آدم إِذا عملت الْحَسَنَة فاله عَنْهَا فَإِنَّهَا عِنْد من لَا يضيعها وَإِذا عملت سَيِّئَة فاجعلها نصب عَيْنك وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن أبي هِلَال أَن عِيسَى بن مَرْيَم كَانَ يَقُول: من كَانَ يظنّ أَن حرصاً يزِيد فِي رزقه فليزد فِي طوله أَو فِي عرضه أَو فِي عدد بنائِهِ أَو تغير لَونه أَلا فَإِن الله خلق الْخلق فَهَيَّأَ الْخلق لما خلق ثمَّ قسم الرزق فَمضى الرزق لما قسم فَلَيْسَتْ الدُّنْيَا بِمُعطِيَةٍ أحدا شَيْئا لَيْسَ لَهُ وَلَا بِمَانِعَةٍ أحدا شَيْئا هُوَ لكم فَعَلَيْكُم بِعبَادة ربكُم فانكم خُلِقْتُمْ لَهَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عمرَان بن سُلَيْمَان قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لأَصْحَابه: إِن كُنْتُم إخْوَانِي وأصحابي فوطنوا أَنفسكُم على الْعَدَاوَة والبغضاء من النَّاس وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الْعَزِيز بن ظبْيَان قَالَ: قَالَ الْمَسِيح: من تَعَلَّم وَعمل وعَلَّمَ فَذَلِك يدعى عَظِيما فِي ملكوت السَّمَاء وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن عِيسَى بن مَرْيَم قَامَ فِي بني إِسْرَائِيل فَقَالَ: يَا معشر الحواريين لَا تُحَدِّثوا بالحكمة غير أَهلهَا فتظلموها وَلَا تمنعوها أَهلهَا فتظلموهم والأمور ثَلَاثَة: أَمر تبين رشده فَاتَّبعُوهُ وَأمر تبين لكم غِيَّهُ فَاجْتَنبُوهُ وَأمر اخْتُلِفَ عَلَيْكُم فِيهِ فَرُدُّوا علمه إِلَى الله تَعَالَى وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم: إِن منعت الْحِكْمَة أَهلهَا جهلت وَإِن منحتها غير أَهلهَا جهلت كن كالطبيب المداوي إِن رأى موضعا للدواء وَإِلَّا أمسك

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم للحواريين: يَا معشر الحواريين لَا تطرحوا اللُّؤْلُؤ إِلَى الْخِنْزِير فَإِن الْخِنْزِير لَا يصنع باللؤلؤة شَيْئا وَلَا تعطوا الْحِكْمَة من لَا يريدها فَإِن الْحِكْمَة خير من اللُّؤْلُؤ وَمن لَا يريدها شَرّ من الْخِنْزِير وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: قَالَ عِيسَى: يَا عُلَمَاء السوء جلستم على أَبْوَاب الْجنَّة فَلَا أَنْتُم تدخلونها وَلَا تدعون الْمَسَاكِين يدْخلُونَهَا أَن شرّ النَّاس عِنْد الله عَالم يطْلب الدُّنْيَا بِعِلْمِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام: إِن مثل حَدِيث النَّفس بالخطيئة كَمثل الدُّخان فِي الْبَيْت لَا يحرقه فَإِنَّهُ ينتن رِيحه ويغير لَونه قَوْله تَعَالَى: {والتوراة وَالْإِنْجِيل} أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ عِيسَى يقْرَأ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل الْآيَة 49

49

أخرج ابْن جرير عَن ابْن إِسْحَق أَن عِيسَى جلس يَوْمًا مَعَ غلْمَان من الْكتاب فَأخذ طيناً ثمَّ قَالَ: أجعَل لكم من هَذَا الطين طائراً قَالُوا: أَو تَسْتَطِيع ذَلِك قَالَ: نعم بِإِذن رَبِّي ثمَّ هيأه حَتَّى إِذا جعله فِي هَيْئَة الطَّائِر نفخ فِيهِ ثمَّ قَالَ: كن طائراً باذن الله فَخرج يطير من بَين كفيه وَخرج الغلمان بذلك من أمره فذكروه لمعلمهم فأفشوه فِي النَّاس وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج أَن عِيسَى قَالَ: أَي الطير أَشد خلقا قَالَ: الخفاش إِنَّمَا هُوَ لحم فَفعل

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا خلق عِيسَى طيراً وَاحِدًا وَهُوَ الخفاش قَوْله تَعَالَى: {وأبرئ الأكمه والأبرص} أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس {الأكمه} الَّذِي يُولد وَهُوَ أعمى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {الأكمه} الْأَعْمَى الْمَمْسُوح الْعين وَأخرج أَبُو عبيد وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن مُجَاهِد قَالَ {الأكمه} الَّذِي يبصر بِالنَّهَارِ وَلَا يبصر بِاللَّيْلِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن عِكْرِمَة قَالَ: {الأكمه} الْأَعْمَش وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كَانَ دُعَاء عِيسَى الَّذِي يَدْعُو بِهِ للمرضى والزمنى والعميان والمجانين وَغَيرهم: اللَّهُمَّ أَنْت إِلَه من فِي السَّمَاء وإله من فِي الأَرْض لَا إِلَه فيهمَا غَيْرك وَأَنت جَبَّار من فِي السَّمَاء وجبار من فِي الأَرْض لَا جَبَّار فيهمَا غَيْرك أَنْت ملك من فِي السَّمَاء وَملك من فِي الأَرْض لَا ملك فيهمَا غَيْرك قدرتك فِي السَّمَاء كقدرتك فِي الأَرْض وسلطانك فِي الأَرْض كسلطانك فِي السَّمَاء أَسأَلك بِاسْمِك الْكَرِيم ووجهك الْمُنِير وملكك الْقَدِيم إِنَّك على كل شَيْء قدير قَالَ وهب: هَذَا للفزع وَالْمَجْنُون يقْرَأ عَلَيْهِ وَيكْتب لَهُ ويسقى مَاؤُهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأخرج ابْن جرير من وَجه آخر عَن وهب قَالَ: لما صَار عِيسَى ابْن اثْنَتَيْ عشرَة سنة اوحى الله إِلَى أمه وَهِي بِأَرْض مصر - وَكَانَت هربت من قَومهَا حِين وَلدته إِلَى أَرض مصر - أَن اطلعِي بِهِ إِلَى الشَّام فَفعلت فَلم تزل بِالشَّام حَتَّى كَانَ ابْن ثَلَاثِينَ سنة وَكَانَت نبوّته ثَلَاث سِنِين ثمَّ رَفعه الله إِلَيْهِ وَزعم وهب أَنه رُبمَا اجْتمع على عِيسَى من المرضى فِي الْجَمَاعَة الْوَاحِدَة خَمْسُونَ ألفا من أطَاق مِنْهُم أَن يبلغهُ بلغه وَمن لم يطق ذَلِك مِنْهُم أَتَاهُ فَمشى إِلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ يداويهم بِالدُّعَاءِ إِلَى الله تَعَالَى قَوْله تَعَالَى: {وأحيي الْمَوْتَى بِإِذن الله}

أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن رجل أَن عِيسَى بن مَرْيَم كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يحيي الْمَوْتَى صلى رَكْعَتَيْنِ يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى (تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك) (الْملك الْآيَة 1) وَفِي الثَّانِيَة (تَنْزِيل السَّجْدَة) (السَّجْدَة الْآيَة 2) فَإِذا فرغ مدح الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ دَعَا بسبعة أَسمَاء: يَا قديم يَا حَيّ يَا دَائِم يَا فَرد يَا وتر يَا أحد يَا صَمد قَالَ الْبَيْهَقِيّ: لَيْسَ هَذَا بِالْقَوِيّ وَأخرجه ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد بن طَلْحَة بن مصرف عَن أبي بشر عَن أبي الْهُذيْل بِلَفْظِهِ وَزَاد فِي آخِره: وَكَانَت إِذا أَصَابَته شدَّة دَعَا بسبعة أَسمَاء أُخْرَى: يَا حَيّ يَا قيوم يَا الله يَا رَحْمَن يَا ذَا الْجلَال والإِكرام يَا نور السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا وَرب الْعَرْش الْعَظِيم يَا رب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: سَأَلت بَنو إِسْرَائِيل عِيسَى فَقَالُوا: إِن سَام بن نوح دفن هَهُنَا قَرِيبا فَادع الله أَن يَبْعَثهُ لنا فَهَتَفَ فَخرج أشمط قَالُوا: إِنَّه قد مَاتَ وَهُوَ شَاب فَمَا هَذَا الْبيَاض قَالَ: ظَنَنْت أَنَّهَا الصَّيْحَة فَفَزِعت وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْيَهُود يَجْتَمعُونَ إِلَى عِيسَى ويستهزئون بِهِ وَيَقُولُونَ لَهُ: يَا عِيسَى مَا أكل فلَان البارحة وَمَا ادخر فِي بَيته لغد فيخبرهم فيسخرون مِنْهُ حَتَّى إِذا طَال بِهِ وبهم وَكَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَيْسَ لَهُ قَرَار وَلَا مَوضِع يعرف إِنَّمَا هُوَ سائح فِي الأَرْض فَمر ذَات يَوْم بِامْرَأَة قَاعِدَة عِنْد قبر وَهِي تبْكي فَسَأَلَهَا فَقَالَت: مَاتَت ابْنة لي لم يكن لي ولد غَيرهَا فصلى عِيسَى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ نَادَى: يَا فُلَانَة قومِي بِإِذن الرَّحْمَن فاخرجي فَتحَرك الْقَبْر ثمَّ نَادَى الثَّانِيَة فانصدع الْقَبْر ثمَّ نَادَى الثَّالِثَة فَخرجت وَهِي تنفض رَأسهَا من التُّرَاب فَقَالَت أُمَّاهُ مَا حملك على أَن أَذُوق كرب الْمَوْت مرَّتَيْنِ يَا أُمَّاهُ اصْبِرِي واحتسبي فَلَا حَاجَة لي فِي الدُّنْيَا يَا روح الله سل رَبِّي أَن يردني إِلَى الْآخِرَة وَأَن يهوّن عَليّ كرب الْمَوْت فَدَعَا ربه فقبضها إِلَيْهِ فاستوت عَلَيْهَا الأَرْض فَبلغ ذَلِك الْيَهُود فازدادوا عَلَيْهِ غَضبا وَكَانَ ملك مِنْهُم فِي نَاحيَة فِي مَدِينَة يُقَال لَهَا نَصِيبين جباراً عاتياً وَأمر عِيسَى بِالْمَسِيرِ إِلَيْهِ لِيَدْعُوهُ وَأهل تِلْكَ الْمَدِينَة إِلَى

الْمُرَاجَعَة فَمضى حَتَّى شَارف الْمَدِينَة وَمَعَهُ الحواريون فَقَالَ لأَصْحَابه: أَلا رجل مِنْكُم ينْطَلق إِلَى الْمَدِينَة فينادي فِيهَا فَيَقُول: أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله فَقَامَ رجل من الحواريين يُقَال لَهُ يَعْقُوب فَقَالَ: أَنا يَا روح الله قَالَ: فَاذْهَبْ فَأَنت أول من يتبرأ مني فَقَامَ آخر يُقَال لَهُ توصار وَقَالَ لَهُ: أَنا مَعَه قَالَ: وَأَنت مَعَه ومشيا فَقَامَ شَمْعُون فَقَالَ: يَا روح الله أكون ثالثهم فائذن لي أَن أنال مِنْك أَن اضطررت إِلَى ذَلِك قَالَ: نعم فَانْطَلقُوا حَتَّى إِذا كَانُوا قَرِيبا من الْمَدِينَة قَالَ لَهما شَمْعُون: ادخلا الْمَدِينَة فبَلَّغا مَا أُمِرْتُمَا وَأَنا مُقيم مَكَاني فَإِن ابتليتما أَقبلت لَكمَا فَانْطَلقَا حَتَّى دخلا الْمَدِينَة وَقد تحدث النَّاس بِأَمْر عِيسَى وهم يَقُولُونَ فِيهِ أقبح القَوْل وَفِي أمه فَنَادَى أَحدهمَا وَهُوَ الأول: أَلا أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله فَوَثَبُوا إِلَيْهِمَا من الْقَائِل أنْ عِيسَى عبد الله وَرَسُوله فتبرأ الَّذِي نَادَى فَقَالَ: مَا قلت شَيْئا فَقَالَ الآخر: قد قلت وَأَنا أَقُول: أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ فآمنوا بِهِ يَا معشر بني إِسْرَائِيل خيرا لكم فَانْطَلقُوا بِهِ إِلَى ملكهم وَكَانَ جباراً طاغياً فَقَالَ لَهُ: وَيلك مَا تَقول قَالَ: أَقُول: أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ قَالَ: كذبت فقذفوا عِيسَى وَأمه بالبهتان ثمَّ قَالَ لَهُ: تَبرأ وَيلك من عِيسَى وَقل فِيهِ مقالتنا قَالَ: لَا أفعل قَالَ: إِن لم تفعل قطعت يَديك ورجليك وسمرت عَيْنَيْك فَقَالَ: افْعَل بِنَا مَا أَنْت فَاعل فَفعل بِهِ ذَلِك فَأَلْقَاهُ على مزبلة فِي وسط مدينتهم ثمَّ أَن الْملك هم أَن يقطع لِسَانه إِذْ دخل شَمْعُون وَقد اجْتمع النَّاس فَقَالَ لَهُم: مَا بَال هَذَا الْمِسْكِين قَالُوا: يزْعم أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله فَقَالَ شَمْعُون: إأيها الْملك أتأذن لي فادنو مِنْهُ فَاسْأَلْهُ قَالَ: نعم قَالَ لَهُ شَمْعُون: أَيهَا الْمُبْتَلى مَا تَقول قَالَ: أَقُول أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله قَالَ: فَمَا آيَة تعرفه قَالَ {وتبرئ الأكمه والأبرص} والسقيم قَالَ: هَذَا يَفْعَله الْأَطِبَّاء فَهَل غَيره قَالَ: نعم يُخْبِركُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تدخرون قَالَ: هَذَا تَفْعَلهُ الكهنة فَهَل غير هَذَا قَالَ: نعم {تخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير} قَالَ: هَذَا قد تَفْعَلهُ السَّحَرَة يكون أَخذه مِنْهُم فَجعل الْملك يتعجب مِنْهُ وسؤاله قَالَ: هَل غير هَذَا قَالَ: نعم {يحيي الْمَوْتَى} قَالَ: أَيهَا الْملك إِنَّه ذكر أمرا عَظِيما وَمَا أَظن خلقا يقدر على ذَلِك إِلَّا بِإِذن الله

وَلَا يقْضِي الله ذَلِك على يَد سَاحر كَذَّاب فَإِن لم يكن عِيسَى رَسُولا فَلَا يقدر على ذَلِك وَمَا فعل الله ذَلِك لأحد إِلَّا لإِبْرَاهِيم حِين سَأَلَ ربه (أَرِنِي كَيفَ تحيي الْمَوْتَى) (الْبَقَرَة الْآيَة 260) وَمن مثل إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن السّديّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بعث الله عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأمره بالدعوة لقِيه بَنو إِسْرَائِيل فأخرجوه فَخرج هُوَ وَأمه يسيحون فِي الأَرْض فنزلوا فِي قَرْيَة على رجل فأضافهم وَأحسن إِلَيْهِم وَكَانَ لتِلْك الْمَدِينَة ملك جَبَّار فجَاء ذَلِك الرجل يَوْمًا حَزينًا فَدخل منزله وَمَرْيَم عِنْد امْرَأَته فَقَالَت لَهَا: مَا شَأْن زَوجك أرَاهُ حَزينًا قَالَت: إِن لنا ملكا يَجْعَل على كل رجل منا يَوْمًا يطعمهُ هُوَ وَجُنُوده ويسقيهم الْخمر فَإِن لم يفعل عاقبه وَإنَّهُ قد بلغت نوبَته الْيَوْم وَلَيْسَ عندنَا سَعَة قَالَت: قولي لَهُ فَلَا يهتم فَإِنِّي آمُر ابْني فيدعو لَهُ فَيَكْفِي ذَلِك قَالَت مَرْيَم لعيسى فِي ذَلِك فَقَالَ عِيسَى: يَا أُمَّاهُ إِنِّي إنْ فعلت كَانَ فِي ذَلِك شَرّ قَالَت: لَا تبال فَإِنَّهُ قد أحسن إِلَيْنَا وَأَكْرمنَا قَالَ عِيسَى: قولي لَهُ املأ قدورك وخوابيك مَاء فملأهن فَدَعَا الله تَعَالَى فتحوّل مَا فِي الْقُدُور لَحْمًا ومرقاً وخبزاً وَمَا فِي الخوابي خمرًا لم ير النَّاس مثله قطّ فَلَمَّا جَاءَ الْملك أكل مِنْهُ فَلَمَّا شرب الْخمر قَالَ: من أَيْن لَك هَذَا الْخمر قَالَ: هُوَ من أَرض كَذَا وَكَذَا قَالَ الْملك: فَإِن خمري أُوتى بِهِ من تِلْكَ الأَرْض فَلَيْسَ هُوَ مثل هَذَا قَالَ: هُوَ من أَرض أُخْرَى فَلَمَّا خلط على الْملك اشْتَدَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي أخْبرك عِنْدِي غُلَام لَا يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ وَإنَّهُ دَعَا الله تَعَالَى فَجعل المَاء خمرًا فَقَالَ لَهُ الْملك: وَكَانَ لَهُ ابْن يُرِيد أَن يستخلفه فَمَاتَ قبل ذَلِك بأيام وَكَانَ أحب الْخلق إِلَيْهِ فَقَالَ: إِن رجلا دَعَا الله تَعَالَى فَجعل المَاء خمرًا ليستجابن لَهُ حَتَّى يحيي ابْني فَدَعَا عِيسَى فَكَلمهُ وَسَأَلَهُ ان يَدْعُو الله أَن يحيي ابْنه فَقَالَ عِيسَى: لَا تفعل فَإِنَّهُ ان عَاشَ كَانَ شرا قَالَ الْملك: لست أُبَالِي أرَاهُ فَلَا أُبَالِي مَا كَانَ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: فَإِنِّي إِن أحييته تتركوني أَنا وَأمي نَذْهَب حَيْثُ نشَاء فَقَالَ الْملك: نعم فَدَعَا الله فَعَاشَ الْغُلَام فَلَمَّا رَآهُ أهل مَمْلَكَته قد عَاشَ تنادوا بِالسِّلَاحِ وَقَالُوا: أكلنَا هَذَا حَتَّى إِذا دنا مَوته يُرِيد أَن يسْتَخْلف علينا ابْنه فيأكلنا كَمَا أكلنَا أَبوهُ فَاقْتَتلُوا

وَذهب عِيسَى وَأمه وصحبهما يَهُودِيّ وَكَانَ مَعَ الْيَهُودِيّ رغيفان وَمَعَ عِيسَى رغيف فَقَالَ لَهُ عِيسَى: تشاركني فَقَالَ الْيَهُودِيّ: نعم فَلَمَّا رأى أَنه لَيْسَ مَعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَّا رغيف نَدم فَلَمَّا نَامَا جعل الْيَهُودِيّ يُرِيد أَن يَأْكُل الرَّغِيف فيأكل لقْمَة فَيَقُول لَهُ عِيسَى: مَا تصنع فَيَقُول لَهُ: لَا شَيْء حَتَّى فرغ من الرَّغِيف فَلَمَّا أصبحا قَالَ لَهُ عِيسَى: هَلُمَّ بطعامك فجَاء برغيف فَقَالَ لَهُ عِيسَى: أَيْن الرَّغِيف الآخر قَالَ: مَا كَانَ معي إِلَّا وَاحِد فَسكت عَنهُ وَانْطَلَقُوا فَمروا براعي غنم فَنَادَى عِيسَى: يَا صَاحب الْغنم أجزرنا شَاة من غنمك قَالَ: نعم فَأعْطَاهُ شَاة فذبحها وشواها ثمَّ قَالَ لِلْيَهُودِيِّ: كل وَلَا تكسر عظما فأكلا فَلَمَّا شَبِعُوا قذف عِيسَى الْعِظَام فِي الْجلد ثمَّ ضربهَا بعصاه وَقَالَ: قومِي بِإِذن الله فَقَامَتْ الشَّاة تثغوا فَقَالَ: يَا صَاحب الْغنم خُذ شَاتك فَقَالَ لَهُ الرَّاعِي: من أَنْت قَالَ: أَنا عِيسَى ابْن مَرْيَم قَالَ: أَنْت السَّاحر وفر مِنْهُ قَالَ عِيسَى لِلْيَهُودِيِّ: بِالَّذِي أَحْيَا هَذِه الشَّاة بعد مَا أكلناها كم كَانَ مَعَك من الأرغفة أَو - كم رغيف كَانَ مَعَك - فَحلف مَا كَانَ مَعَه إِلَّا رغيف وَاحِد فَمر بِصَاحِب بقر فَقَالَ: يَا صَاحب الْبَقر أجزرنا من بقرك هَذِه عجلاً فَأعْطَاهُ فذبحه وشواه وَصَاحب الْبَقر ينظر فَقَالَ لَهُ عِيسَى: كل وَلَا تكسر عظما فَلَمَّا فرغوا قذف الْعِظَام فِي الْجلد ثمَّ ضربه بعصاه وَقَالَ: قُم بِإِذن الله تَعَالَى فَقَامَ لَهُ خوار فَقَالَ: يَا صَاحب الْبَقر خُذ عجلك قَالَ: من أَنْت قَالَ: أَنا عِيسَى قَالَ: أَنْت عِيسَى السَّاحر ثمَّ فر مِنْهُ قَالَ عِيسَى لِلْيَهُودِيِّ: بِالَّذِي أَحْيَا هَذِه الشَّاة بعد مَا أكلناها والعجل بَعْدَمَا أكلناه كم رغيفاً كَانَ مَعَك فَحلف بذلك مَا كَانَ مَعَه إِلَّا رغيف وَاحِد فَانْطَلقَا حَتَّى نزلا قَرْيَة فَنزل الْيَهُودِيّ فِي أَعْلَاهَا وَعِيسَى فِي أَسْفَلهَا وَأخذ الْيَهُودِيّ عَصا مثل عَصا عِيسَى وَقَالَ: أَنا الْيَوْم أحيي الْمَوْتَى وَكَانَ ملك تِلْكَ الْقرْيَة مَرِيضا شَدِيد الْمَرَض فَانْطَلق الْيَهُودِيّ يُنَادي: من يَبْغِي طَبِيبا فأُخْبِرَ بِالْملكِ وبوجعه فَقَالَ: ادخلوني عَلَيْهِ فَأَنا أبرئه وَإِن رَأَيْتُمُوهُ قد مَاتَ فَأَنا أحييه فَقيل لَهُ: إِن وجع الْملك قد أعيا الْأَطِبَّاء قبلك قَالَ: ادخلوني عَلَيْهِ فأُدْخِلَ عَلَيْهِ فَأخذ الرجل بِرَجُل الْملك فَضَربهُ بعصاه حَتَّى مَاتَ فَجعل يضْربهُ وَهُوَ ميت وَيَقُول: قُم بِإِذن الله تَعَالَى

فَأَخَذُوهُ ليصلبوه فَبلغ عِيسَى فَأقبل إِلَيْهِ وَقد رفع على الْخَشَبَة فَقَالَ: أَرَأَيْتُم أَن أَحييت لكم صَاحبكُم أتتركون لي صَاحِبي فَقَالُوا: نعم فأحيا عِيسَى الْملك فَقَامَ وَأنزل الْيَهُودِيّ فَقَالَ: يَا عِيسَى أَنْت أعظم النَّاس عَليّ منَّة وَالله لَا أُفَارِقك أبدا قَالَ عِيسَى أنْشدك بِالَّذِي أَحْيَا الشَّاة والعجل بعد مَا أكلناهما وَأَحْيَا هَذَا بعد مَا مَاتَ وأنزلك من الْجذع بعد رفعك عَلَيْهِ لتصلب كم رغيفاً كَانَ مَعَك فَحلف بِهَذَا كُله مَا كَانَ مَعَه إِلَّا رغيف وَاحِد فَانْطَلقَا فمرا بِثَلَاث لبنات فَدَعَا الله عِيسَى فصيرهن من ذهب قَالَ: يَا يَهُودِيّ لبنة لي ولبنة لَك ولبنة لمن أكل الرَّغِيف قَالَ: أَنا أكلت الرَّغِيف وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن لَيْث قَالَ: صحب رجل عِيسَى بن مَرْيَم فَانْطَلقَا فَانْتَهَيَا إِلَى شاطىء نهر فَجَلَسَا يتغديان ومعهما ثَلَاثَة أرغفة فأكلا الرغيفين وَبَقِي رغيف فَقَامَ عِيسَى إِلَى النَّهر يشرب ثمَّ رَجَعَ فَلم يجد الرَّغِيف فَقَالَ للرجل: من أكل الرَّغِيف قَالَ: لَا أَدْرِي فَانْطَلق مَعَه فَرَأى ظَبْيَة مَعهَا خشفان فَدَعَا أَحدهمَا فَأَتَاهُ فذبحه وشواه وأكلا ثمَّ قَالَ للخشف: قُم بِإِذن الله فَقَامَ فَقَالَ للرجل: أَسأَلك بِالَّذِي أَرَاك هَذِه الْآيَة من أكل الرَّغِيف قَالَ: لَا أَدْرِي ثمَّ انتهيا إِلَى الْبَحْر فَأخذ عِيسَى بيد الرجل فَمشى على المَاء ثمَّ قَالَ: أنْشدك بِالَّذِي أَرَاك هَذِه الْآيَة من أَخذ الرَّغِيف قَالَ: لَا أَدْرِي ثمَّ انتهيا إِلَى مفازة وَأخذ عِيسَى تُرَابا وطيناً فَقَالَ: كن ذَهَبا بِإِذن الله فَصَارَ ذَهَبا فَقَسمهُ ثَلَاثَة أَثلَاث فَقَالَ: ثلث لَك وَثلث لي وَثلث لمن أَخذ الرَّغِيف قَالَ: أَنا أَخَذته قَالَ: فكله لَك وفارقه عِيسَى فَانْتهى إِلَيْهِ رجلَانِ فأرادا أَن يأخذاه ويقتلاه قَالَ: هُوَ بَيْننَا أَثلَاثًا فَابْعَثُوا أحدكُم إِلَى الْقرْيَة يَشْتَرِي لنا طَعَاما فبعثوا أحدهم فَقَالَ الَّذِي بُعِثَ: لأي شَيْء أقاسم هَؤُلَاءِ المَال وَلَكِن أَضَع فِي الطَّعَام سما فاقتلهما وَقَالَ ذَانك: لأي شَيْء نعطي هَذَا ثلث المَال ولَكِن إِذا رَجَعَ قَتَلْنَاهُ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِم قَتَلُوهُ وأكلا الطَّعَام فماتا فَبَقيَ ذَلِك المَال فِي الْمَفَازَة وَأُولَئِكَ الثَّلَاثَة قَتْلَى عِنْده وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن خَالِد الْحذاء قَالَ: كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم إِذا سرح رسله يحيون الْمَوْتَى يَقُول لَهُم: قُولُوا كَذَا قُولُوا كَذَا فَإِذا وجدْتُم قشعريرة ودمعة فَادعوا عِنْد ذَلِك

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ثَابت قَالَ: انْطلق عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يزور أَخا لَهُ فَاسْتَقْبلهُ إِنْسَان فَقَالَ: إِن أَخَاك قد مَاتَ فَرجع فَسمع بَنَات أَخِيه بِرُجُوعِهِ عَنْهُن فاتينه فَقُلْنَ يَا رَسُول الله رجوعك عَنَّا أَشد علينا من موت أَبينَا قَالَ: فانطلقن فأرينني قَبره فانطلقن حَتَّى أرينه قَبره قَالَ: فصوت بِهِ فَخرج وَهُوَ أشيب فَقَالَ: أَلَسْت فلَانا قَالَ: بلَى قَالَ: فَمَا الَّذِي أرى بك قَالَ: سَمِعت صَوْتك فحسبته الصَّيْحَة أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وأنبئكم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تدخرون} قَالَ: بِمَا أكلْتُم الرَّاحَة من طَعَام وَمَا خبأتم مِنْهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ عِيسَى يَقُول للغلام فِي الْكتاب: إِن أهلك قد خبأوا لَك كَذَا وَكَذَا فَذَلِك قَوْله {وَمَا تدخرون} وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم وَهُوَ غُلَام يلْعَب مَعَ الصّبيان فَكَانَ يَقُول لأَحَدهم: تُرِيدُ أَن أخْبرك بِمَا خبأت لَك أمك فَيَقُول: نعم فَيَقُول: خبأت لَك كَذَا وَكَذَا فَيذْهب الْغُلَام مِنْهُم إِلَى أمه فَيَقُول لَهَا: اطعميني مَا خبأت لي قَالَت: وَأي شَيْء خبأت لَك فَيَقُول: كَذَا وَكَذَا فَتَقول: من أخْبرك فَيَقُول: عِيسَى بن مَرْيَم فَقَالُوا: وَالله لَئِن تركْتُم هَؤُلَاءِ الصّبيان مَعَ عِيسَى ليفسدنهم فجمعوهم فِي بَيت واغلقوا عَلَيْهِم فَخرج عِيسَى يتلمسهم فَلم يجدهم حَتَّى سمع ضوضاءهم فِي بَيت فَسَأَلَ عَنْهُم فَقَالُوا: يَا هَؤُلَاءِ كَأَن هَؤُلَاءِ الصّبيان قَالُوا: لَا إِنَّمَا هَؤُلَاءِ قردة وَخَنَازِير قَالَ: اللَّهُمَّ اجعلهم قردة وَخَنَازِير فَكَانُوا كَذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عمار بن يَاسر قَالَ {وأنبئكم بِمَا تَأْكُلُونَ} من الْمَائِدَة {وَمَا تدخرون} مِنْهَا وَكَانَ أَخذ عَلَيْهِم فِي الْمَائِدَة حِين نزلت أَن يَأْكُلُوا وَلَا يدخروا وخافوا فَجعلُوا قردة وَخَنَازِير وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم بن أبي النجُود {وَمَا تدخرون} مثقلة بِالْإِدْغَامِ

آيَة 50 - 51

50

أخرج ابْن جرير عَن وهب أَن عِيسَى كَانَ على شَرِيعَة مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام وَكَانَ يسبت وَيسْتَقْبل بَيت الْمُقَدّس وَقَالَ لبني إِسْرَائِيل: أَنِّي لم أدعكم إِلَى خلاف حرف مِمَّا فِي التَّوْرَاة الا {ولأُحلّ لكم بعض الَّذِي حرم عَلَيْكُم} وأضع عَنْكُم من الآصار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {ولأحلّ لكم بعض الَّذِي حرم عَلَيْكُم} قَالَ: كَانَ الَّذِي جَاءَ بِهِ عِيسَى أَلين مِمَّا جَاءَ بِهِ مُوسَى وَكَانَ قد حرم عَلَيْهِم فِيمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى لُحُوم الْإِبِل والثروب فأحلهما لَهُم على لِسَان عِيسَى وَحرمت عَلَيْهِم الشحوم فأحلت لَهُم فِيمَا جَاءَ بِهِ عِيسَى وَفِي أَشْيَاء من السّمك وَفِي أَشْيَاء من الطير مَا لَا صيصية لَهُ (الصيصية فِي اللُّغَة شَوْكَة الديك وَأَرَادَ بهَا هُنَا مخلب الطير) وَفِي أَشْيَاء أخر حرمهَا عَلَيْهِم وشدد عَلَيْهِم فِيهَا فَجَاءَهُمْ عِيسَى بِالتَّخْفِيفِ مِنْهُ فِي الْإِنْجِيل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وجئتكم بِآيَة من ربكُم} قَالَ: مَا بَين لَهُم عِيسَى من الْأَشْيَاء كلهَا وَمَا أعطَاهُ ربه الْآيَة 52

52

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَلَمَّا أحس عِيسَى مِنْهُم الْكفْر} قَالَ: كفرُوا وَأَرَادُوا قَتله فَذَلِك حِين استنصر قومه فَذَلِك حِين يَقُول (فآمنت طَائِفَة من بني إِسْرَائِيل وكفرت طَائِفَة) (الصَّفّ الْآيَة 14)

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {من أَنْصَارِي إِلَى الله} قَالَ: من يَتبعني إِلَى الله وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {من أَنْصَارِي إِلَى الله} يَقُول: مَعَ الله وَأما قَوْله تَعَالَى: {قَالَ الحواريون} الْآيَة أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سموا الحواريين لبياض ثِيَابهمْ كَانُوا صيادين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي أَرْطَاة قَالَ {الحواريون} الغسالون الَّذين يحورون الثِّيَاب: يغسلونها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ {الحواريون} الغسالون وَهُوَ بالنبطية هواري وبالعربية المحور وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ {الحواريون} قصارون مر بهم عِيسَى فآمنوا بِهِ واتبعوه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ {الحواريون} هم الَّذين تصلح لَهُم الْخلَافَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ {الحواريون} أصفياء الْأَنْبِيَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: الْحوَاري الْوَزير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: الْحوَاري النَّاصِر وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن لكل نَبِي حوارياً وَإِن حواريِّ الزبير وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن أسيد بن يزِيد قَالَ {واشهد بأننا مُسلمُونَ} فِي مصحف عُثْمَان ثَلَاثَة أحرف آيَة 53 - 54

53

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ

وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فاكتبنا مَعَ الشَّاهِدين} قَالَ: مَعَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمته إِنَّهُم شهدُوا لَهُ أَنه قد بلِّغ وشهدوا للرسل أَنهم قد بلغُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {فاكتبنا مَعَ الشَّاهِدين} قَالَ: مَعَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا قضى صلَاته: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِحَق السَّائِلين عَلَيْك - فَإِن للسائلين عَلَيْك حَقًا - أَيّمَا عبد أَو أمة من أهل الْبر وَالْبَحْر تقبلت دعوتهم واستجبت دعاءهم أَن تشركنا فِي صَالح مَا يدعونك بِهِ وَإِن تعافينا وإياهم وَأَن تقبل منا وَمِنْهُم وَأَن تجَاوز عَنَّا وعنهم بِأَنا {آمنا بِمَا أنزلت وَاتَّبَعنَا الرَّسُول فاكتبنا مَعَ الشَّاهِدين} وَكَانَ يَقُول: لَا يتَكَلَّم بِهَذَا أحد من خلقه إِلَّا أشركه الله فِي دَعْوَة أهل برهم وبحرهم فعمتهم وَهُوَ مَكَانَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل حصروا عِيسَى وَتِسْعَة عشر رجلا من الحواريين فِي بَيت فَقَالَ عِيسَى لأَصْحَابه: من يَأْخُذ صُورَتي فَيقْتل وَله الْجنَّة فَأَخذهَا رجل مِنْهُم وَصعد بِعِيسَى إِلَى السَّمَاء فَذَلِك قَوْله {ومكروا ومكر الله وَالله خير الماكرين} الْآيَات 55 - 57

55

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنِّي متوفيك} يَقُول: إِنِّي مميتك

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ {متوفيك} من الأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن الْحسن فِي قَوْله {إِنِّي متوفيك} يَعْنِي وَفَاة الْمَنَام رَفعه الله فِي مَنَامه قَالَ الْحسن: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْيَهُود: إِن عِيسَى لم يمت وَإنَّهُ رَاجع إِلَيْكُم قبل يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {إِنِّي متوفيك ورافعك إليّ} قَالَ: هَذَا من الْمُقدم والمؤخر أَي رافعك إليّ ومتوفيك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مطر الْوراق فِي الْآيَة قَالَ {متوفيك} من الدُّنْيَا وَلَيْسَ بوفاة موت وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد صَحِيح عَن كَعْب قَالَ: لما رأى عِيسَى قلَّة من اتبعهُ وَكَثْرَة من كذبه شكا ذَلِك إِلَى الله فَأوحى الله إِلَيْهِ {إِنِّي متوفيك ورافعك إليَّ} وَإِنِّي سأبعثك على الْأَعْوَر الدَّجَّال فتقتله ثمَّ تعيش بعد ذَلِك أَرْبعا وَعشْرين سنة ثمَّ أميتك ميتَة الْحَيّ قَالَ كَعْب: وَذَلِكَ تَصْدِيق حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ: كَيفَ تهْلك أمة أَنا فِي أوّلها وَعِيسَى فِي آخرهَا وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: لم يكن نَبِي كَانَت الْعَجَائِب فِي زَمَانه أَكثر من عِيسَى إِلَى أَن رَفعه الله وَكَانَ من سَبَب رَفعه أَن ملكا جباراً يُقَال لَهُ دَاوُد بن نوذا وَكَانَ ملك بني إِسْرَائِيل هُوَ الَّذِي بعث فِي طلبه ليَقْتُلهُ وَكَانَ الله أنزل عَلَيْهِ الْإِنْجِيل وَهُوَ ابْن ثَلَاث عشرَة سنة وَرفع وَهُوَ ابْن أَربع وَثَلَاثِينَ سنة من ميلاده فَأوحى الله إِلَيْهِ {إِنِّي متوفيك ورافعك إليَّ ومطهرك من الَّذين كفرُوا} يَعْنِي ومخلصك من الْيَهُود فَلَا يصلونَ إِلَى قَتلك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: رَفعه الله إِلَيْهِ فَهُوَ عِنْده فِي السَّمَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب قَالَ: توفى الله عِيسَى بن مَرْيَم ثَلَاث سَاعَات من النَّهَار حَتَّى رَفعه إِلَيْهِ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: أَمَاتَهُ الله ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ بَعثه وَرَفعه وَأخرج الْحَاكِم عَن وهب أَن الله توفى عِيسَى سبع سَاعَات ثمَّ أَحْيَاهُ وَإِن مَرْيَم حملت بِهِ وَلها ثَلَاث عشرَة سنة وَأَنه رفع ابْن ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَأَن أمه بقيت بعد رَفعه سِتّ سِنِين

وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جَوْهَر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنِّي متوفيك ورافعك} يَعْنِي رافعك ثمَّ متوفيك فِي آخر الزَّمَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جرير فِي الْآيَة قَالَ: رَفعه إِيَّاه توفيته وَأخرج الْحَاكِم عَن الحريث بن مخشبي أَن عليا قتل صبحة إِحْدَى وَعشْرين من رَمَضَان فَسمِعت الْحسن بن عَليّ وَهُوَ يَقُول: قتل لَيْلَة أنزل الْقُرْآن وَلَيْلَة أُسْرِيَ بِعِيسَى وَلَيْلَة قُبِضَ مُوسَى وَأخرج ابْن سعد وَأحمد فِي الزّهْد وَالْحَاكِم عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: رُفع عِيسَى ابْن ثَلَاث وثلاثينَ سنة وَمَات لَهَا معَاذ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {ومطهرك من الَّذين كفرُوا} قَالَ: طهره من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَمن كفار قومه وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير {ومطهرك من الَّذين كفرُوا} قَالَ: إِذْ هموا مِنْك بِمَا هموا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وجاعل الَّذين اتبعوك فَوق الَّذين كفرُوا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: أهل الْإِسْلَام الَّذين اتَّبعُوهُ على فطرته وملته وسنته فَلَا يزالون ظَاهِرين على من ناوأهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: نَاصِر من اتبعك على الْإِسْلَام على الَّذين كفرُوا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن النُّعْمَان بن بشير سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين لَا يبالون من خالفهم حَتَّى يَأْتِي أَمر الله قَالَ النُّعْمَان: فَمن قَالَ إِنِّي أَقُول على رَسُول الله مَا لم يقل فَإِن تَصْدِيق ذَلِك فِي كتاب الله تَعَالَى قَالَ الله تَعَالَى {وجاعل الَّذين اتبعوك فَوق الَّذين كفرُوا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {وجاعل الَّذين اتبعوك} قَالَ: هم الْمُسلمُونَ وَنحن مِنْهُم وَنحن فَوق الَّذين كفرُوا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنَّهَا لن تَبْرَح عِصَابَة من أمتِي يُقَاتلُون على الْحق ظَاهِرين على النَّاس حَتَّى يَأْتِي أَمر الله وهم على ذَلِك ثمَّ قَرَأَ بِهَذِهِ الْآيَة {يَا عِيسَى إِنِّي متوفيك ورافعك إليَّ ومطهرك من الَّذين كفرُوا وجاعل الَّذين اتبعوك فَوق الَّذين كفرُوا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة}

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: النَّصَارَى فَوق الْيَهُود إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَلَيْسَ بلد فِيهِ أحد من النَّصَارَى إِلَّا وهم فَوق يهود فِي شَرق وَلَا غرب هم فِي الْبَلَد كلهَا مستذلون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: عِيسَى مَرْفُوع عِنْد الله ثمَّ ينزل قبل يَوْم الْقِيَامَة فَمن صدق عِيسَى ومحمداً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ على دينهما لم يزَالُوا ظَاهِرين على من فارقهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} يَقُول: أَدّوا فرائضي {فيوفيهم أُجُورهم} يَقُول: فيعطيهم جَزَاء أَعْمَالهم الصَّالِحَة كَامِلا لَا يبخسون مِنْهُ شيئاَ وَلَا ينقصونه الْآيَة 58

58

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ أَتَى رَسُول الله رَاهِبًا نَجْرَان فَقَالَ أَحدهمَا: من أَبُو عِيسَى وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يعجل حَتَّى يَأْمُرهُ ربه فَنزل عَلَيْهِ {ذَلِك نتلوه عَلَيْك من الْآيَات وَالذكر الْحَكِيم} إِلَى قَوْله {من الممترين} وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَالذكر الْحَكِيم} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: سَتَكُون فتن قلت: فَمَا الْمخْرج مِنْهَا قَالَ: كتاب الله وَهُوَ الذّكر الْحَكِيم والصراط الْمُسْتَقيم آيَة 59 - 63

59

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رهطاً من أهل نَجْرَان قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ فيهم السَّيِّد وَالْعَاقِب فَقَالُوا لَهُ: مَا شَأْنك تذكر صاحبنا قَالَ: من هُوَ قَالُوا: عِيسَى تزْعم أَنه عبد الله قَالَ: أجل أَنه عبد الله قَالُوا: فَهَل رَأَيْت مثل عِيسَى أَو أنبئت بِهِ ثمَّ خَرجُوا من عِنْده فَجَاءَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: قل لَهُم إِذا أتوك {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن سَيِّدي أهل نَجْرَان وأسقفيهم السَّيِّد وَالْعَاقِب لقيا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَاهُ عَن عِيسَى فَقَالَا: كل أدمي لَهُ أَب فَمَا شَأْن عِيسَى لَا أَب لَهُ فَأنْزل الله فِيهِ هَذِه الْآيَة {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ لما بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسمع بِهِ أهل نَجْرَان أَتَاهُ مِنْهُم أَرْبَعَة نفر من خيارهم مِنْهُم السَّيِّد وَالْعَاقِب وماسرجس ومار بَحر فَسَأَلُوهُ مَا تَقول فِي عِيسَى قَالَ: هُوَ عبد الله وروحه وكلمته قَالُوا هم: لَا وَلكنه هُوَ الله نزل من ملكه فَدخل فِي جَوف مَرْيَم ثمَّ خرج مِنْهَا فأرانا قدرته وَأمره فَهَل رَأَيْت إنْسَانا قطّ خلق من غير أَب فَأنْزل الله {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {إِن مثل عِيسَى} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي العاقب وَالسَّيِّد من أهل نَجْرَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ بلغنَا أَن نَصَارَى نَجْرَان قدم وفدهم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم السَّيِّد وَالْعَاقِب وهما يَوْمئِذٍ سيدا أهل نَجْرَان فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد فيمَ تَشْتُم صاحبنا قَالَ: من صَاحبكُم قَالُوا: عِيسَى بن مَرْيَم تزْعم أَنه عبد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أجل أَنه عبد الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ فغضبوا وَقَالُوا: إِن كنت صَادِقا فأرنا عبدا يحيي الْمَوْتَى ويبرىء الأكمه ويخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير فينفخ فِيهِ لكنه الله فَسكت حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد (لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله هُوَ الْمَسِيح بن مَرْيَم ) (الْمَائِدَة الْآيَة 17) الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا جِبْرِيل إِنَّهُم سَأَلُونِي أَن أخْبرهُم بِمثل عِيسَى قَالَ جِبْرِيل {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم خلقه من تُرَاب ثمَّ قَالَ لَهُ كن فَيكون}

فَلَمَّا أَصْبحُوا عَادوا فَقَرَأَ عَلَيْهِم الْآيَات وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن الْأَزْرَق بن قيس قَالَ: جَاءَ أَسْقُف نَجْرَان وَالْعَاقِب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعرض عَلَيْهِمَا الْإِسْلَام فَقَالَا: قد كُنَّا مُسلمين قبلك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كذبتما منع الْإِسْلَام مِنْكُمَا ثَلَاث: قولكما اتخذ الله ولدا وسجودكما للصليب وأكلكما لحم الْخِنْزِير قَالَا: فَمن أَبُو عِيسَى فَلم يدر مَا يَقُول فَأنْزل الله {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم} إِلَى قَوْله {بالمفسدين} فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَات دعاهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الملاعنه فَقَالَا: إِنَّه ان كَانَ نَبيا فَلَا يَنْبَغِي لنا أَن نلاعنه فأبيا فَقَالَا: مَا تعرض سوى هَذَا فَقَالَ: الْإِسْلَام أَو الْجِزْيَة أَو الْحَرْب فأقروا بالجزية وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {الْحق من رَبك فَلَا تكن من الممترين} يَعْنِي فَلَا تكن فِي شكّ من عِيسَى إِنَّه كَمثل آدم عبد الله وَرَسُوله وكلمته وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: قدم وَفد نَجْرَان على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: حَدثنَا عَن عِيسَى بن مَرْيَم قَالَ: رَسُول الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم قَالُوا: يَنْبَغِي لعيسى أَن يكون فَوق هَذَا فَأنْزل الله {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم} الْآيَة قَالُوا: مَا يَنْبَغِي لعيسى أَن يكون مثل آدم فَأنْزل الله {فَمن حاجَّك فِيهِ من بعد مَا جَاءَك من الْعلم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن الْحَرْث بن جُزْء الزبيدِيّ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَيْت بيني وَبَين أهل نَجْرَان حِجَابا فَلَا أَرَاهُم وَلَا يروني من شدَّة مَا كَانُوا يمارون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق سَلمَة بن عبد يشوع عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى أهل نَجْرَان قبل أَن ينزل عَلَيْهِ (طس) سُلَيْمَان: بِسم الله إِلَه إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى أَسْقُف نَجْرَان وَأهل نَجْرَان إِن أسلمتم فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْكُم الله إِلَه إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب أما بعد فَإِنِّي أدعوكم إِلَى عبَادَة الله من عبَادَة الْعباد وأدعوكم إِلَى ولَايَة الله من ولَايَة الْعباد فَإِن أَبَيْتُم فالجزية وَإِن أَبَيْتُم آذنتكم بِالْحَرْبِ وَالسَّلَام فَلَمَّا قَرَأَ الأسقف الْكتاب فظع بِهِ

وذعر ذعراً شَدِيدا فَبعث إِلَى رجل من أهل نَجْرَان يُقَال لَهُ شُرَحْبِيل بن ودَاعَة فَدفع إِلَيْهِ كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقرأه فَقَالَ لَهُ الأسقف: مَا رَأْيك فَقَالَ شُرَحْبِيل: قد علمت مَا وعد الله إِبْرَاهِيم فِي ذُرِّيَّة إِسْمَاعِيل من النبوّة فَمَا يُؤمن أَن يكون هَذَا الرجل لَيْسَ لي فِي النبوّة رَأْي لَو كَانَ رَأْي من أَمر الدُّنْيَا أَشرت عَلَيْك فِيهِ وجهدت لَك فَبعث الأسقف إِلَى وَاحِد بعد وَاحِد من أهل نَجْرَان فكلهم قَالَ مثل قَول شُرَحْبِيل فَاجْتمع رَأْيهمْ على أَن يبعثوا شُرَحْبِيل بن ودَاعَة وَعبد الله بن شُرَحْبِيل وجبار بن فيض فيأتونهم بِخَبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلق الْوَفْد حَتَّى أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُمْ وسألوه فَلم تزل بِهِ وبهم الْمَسْأَلَة حَتَّى قَالُوا لَهُ: مَا تَقول فِي عِيسَى بن مَرْيَم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا عِنْدِي فِيهِ شَيْء يومي هَذَا فأقيموا حَتَّى أخْبركُم بِمَا يُقَال لي فِي عِيسَى صبح الْغَد فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم خلقه من تُرَاب} إِلَى قَوْله {فَنَجْعَل لعنة الله على الْكَاذِبين} فَأَبَوا أَن يقرُّوا بذلك فَلَمَّا أصبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغَد بَعْدَمَا أخْبرهُم الْخَبَر أقبل مُشْتَمِلًا على الْحسن وَالْحُسَيْن فِي خميلة لَهُ وَفَاطِمَة تمشي خلف ظَهره للملاعنة وَله يَوْمئِذٍ عدَّة نسْوَة فَقَالَ شُرَحْبِيل لصَاحبه: إِنِّي أرى أمرا مُقبلا ان كَانَ هَذَا الرجل نَبيا مُرْسلا فلاعناه لَا يبْقى على وَجه الأَرْض منا شعر وَلَا ظفر إِلَّا هلك فَقَالَا لَهُ: مَا رَأْيك فَقَالَ: رَأْيِي أَن أحكمه فَإِنِّي أرى رجلا لَا يحكم شططاً أبدا فَقَالَا لَهُ: أَنْت وَذَاكَ فَتلقى شُرَحْبِيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي قد رَأَيْت خيرا من ملاعنتك قَالَ: وَمَا هُوَ قَالَ: حكمك الْيَوْم إِلَى اللَّيْل وليلتك إِلَى الصَّباح فمهما حكمت فِينَا فَهُوَ جَائِز فَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يلاعنهم وصالحهم على الْجِزْيَة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن حُذَيْفَة أَن العاقب وَالسَّيِّد أَتَيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَرَادَ أَن يلاعنهما فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: لَا تلاعنه فوَاللَّه لَئِن كَانَ نَبيا فلاعننا لَا نفلح نَحن وَلَا عقبنا من بعده فَقَالُوا لَهُ: نعطيك مَا سَأَلت فَابْعَثْ مَعنا رجلا أَمينا فَقَالَ: قُم يَا أَبَا عُبَيْدَة فَلَمَّا وقف قَالَ: هَذَا أَمِين هَذِه الْأمة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن جَابر قَالَ قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العاقب وَالسَّيِّد فدعاهما إِلَى الإِسلام فَقَالَا: أسلمنَا يَا مُحَمَّد

قَالَ: كذبتما إِن شئتما أخبرتكما بِمَا يَمْنَعكُمَا من الإِسلام قَالَا: فهات قَالَ: حب الصَّلِيب وَشرب الْخمر وَأكل لحم الْخِنْزِير قَالَ جَابر: فدعاهما إِلَى الْمُلَاعنَة فواعداه إِلَى الْغَد فغدا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخذ بيد عَليّ وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن ثمَّ أرسل إِلَيْهِمَا فأبيا أَن يجيباه وأقرا لَهُ فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَو فعلا لأمطر الْوَادي عَلَيْهِمَا نَارا قَالَ جَابر: فيهم نزلت {تَعَالَوْا نَدع أبناءنا وأبناءكم} الْآيَة قَالَ جَابر: أَنْفُسنَا وَأَنْفُسكُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلي وَأَبْنَاءَنَا الْحسن وَالْحُسَيْن وَنِسَاءَنَا فَاطِمَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر أَن وَفد نَجْرَان أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: مَا تَقول فِي عِيسَى فَقَالَ: هُوَ روح الله وكلمته وَعبد الله وَرَسُوله قَالُوا لَهُ: هَل لَك أَن نُلَاعِنك أَنه لَيْسَ كَذَلِك قَالَ: وَذَاكَ أحب إِلَيْكُم قَالُوا: نعم قَالَ: فَإِذا شِئْتُم فجَاء وَجمع وَلَده الْحسن وَالْحُسَيْن فَقَالَ رئيسهم: لَا تلاعنوا هَذَا الرجل فوَاللَّه لَئِن لاعنتموه ليخسفن بِأحد الْفَرِيقَيْنِ فجاؤوا فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم إِنَّمَا أَرَادَ أَن يلاعنك سفهاؤنا وَإِنَّا نحب أَن تعفينا قَالَ: قد أعفيتكم ثمَّ قَالَ: إِن الْعَذَاب قد أظل نَجْرَان وَأخرج أَبُو النَّعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس أَن وَفد نَجْرَان من النَّصَارَى قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم أَرْبَعَة عشر رجلا من أَشْرَافهم مِنْهُم السَّيِّد وَهُوَ الْكَبِير وَالْعَاقِب وَهُوَ الَّذِي يكون بعده وَصَاحب رَأْيهمْ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهما: أسلما قَالَا: أسلمنَا قَالَ: مَا أسلمتما قَالَا: بلَى قد أسلمنَا قبلك قَالَ: كذبتما يمنعكم من الْإِسْلَام ثَلَاث فيكما: عبادتكما الصَّلِيب وأكلكما الْخِنْزِير وزعمكما أَن لله ولدا وَنزل {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله كَمثل آدم خلقه من تُرَاب} الْآيَة فَلَمَّا قَرَأَهَا عَلَيْهِم قَالُوا: مَا نَعْرِف مَا تَقول وَنزل {فَمن حاجَّك فِيهِ من بعد مَا جَاءَك من الْعلم} يَقُول: من جادلك فِي أَمر عِيسَى من بعد مَا جَاءَك من الْعلم من الْقُرْآن {فَقل تَعَالَوْا} إِلَى قَوْله {ثمَّ نبتهل} يَقُول: نجتهد فِي الدُّعَاء أَن الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّد هُوَ الْحق وَإِن الَّذِي يَقُولُونَ هُوَ الْبَاطِل فَقَالَ لَهُم: إِن الله قد أَمرنِي أَن لم تقبلواهذا أَن أُبَاهِلكُم فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم بل نرْجِع فَنَنْظُر فِي أمرنَا ثمَّ نَأْتِيك فَخَلا بَعضهم بِبَعْض وتصادقوا فِيمَا بَينهم قَالَ السَّيِّد للعاقب: قد وَالله علمْتُم أَن الرجل نَبِي مُرْسل وَلَئِن لاعنتموه إِنَّه ليستأصلكم وَمَا لَاعن قوم

قطّ نَبيا فَبَقيَ كَبِيرهمْ وَلَا نبت صَغِيرهمْ فَإِن أَنْتُم لم تَتبعُوهُ وَأَبَيْتُمْ إِلَّا إلْف دينكُمْ فَوَادَعُوهُ وَارْجِعُوا إِلَى بِلَادكُمْ وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج وَمَعَهُ عَليّ وَالْحسن وَالْحُسَيْن وَفَاطِمَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَنا دَعَوْت فَأمنُوا أَنْتُم فَأَبَوا أَن يلاعنوه وصالحوه على الْجِزْيَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عَطاء وَالضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَن ثَمَانِيَة من أساقف الْعَرَب من أهل نَجْرَان قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم العاقب وَالسَّيِّد فَأنْزل الله {فَقل تَعَالَوْا نَدع أبناءنا} إِلَى قَوْله {ثمَّ نبتهل} يُرِيد نَدع الله باللعنة على الْكَاذِب فَقَالُوا: أخرنا ثَلَاثَة أَيَّام فَذَهَبُوا إِلَى بني قُرَيْظَة وَالنضير وَبني قينقاع فاستشاروهم فاشاروا عَلَيْهِم أَن يصالحوه وَلَا يلاعنوه وَهُوَ النَّبِي الَّذِي نجده فِي التَّوْرَاة فصالحوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ألف حلَّة فِي صفر وَألف فِي رَجَب ودراهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن قَتَادَة {فَمن حاجَّك فِيهِ} فِي عِيسَى {فَقل تَعَالَوْا نَدع أبناءنا} الْآيَة فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك وَفد نَجْرَان وهم الَّذين حاجوه فِي عِيسَى فنكصوا وأبوا وَذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن كَانَ الْعَذَاب لقد نزل على أهل نَجْرَان وَلَو فعلوا لاستئصلوا عَن وَجه الأَرْض وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو نعيم عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَ أهل نَجْرَان أعظم قوم من النَّصَارَى قولا فِي عِيسَى بن مَرْيَم فَكَانُوا يجادلون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ فَأنْزل الله هَذِه الْآيَات فِي سُورَة آل عمرَان {إِن مثل عِيسَى عِنْد الله} إِلَى قَوْله {فَنَجْعَل لعنة الله على الْكَاذِبين} فَأمر بملاعنتهم فواعدوه لغد فغدا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ الْحسن وَالْحُسَيْن وَفَاطِمَة فَأَبَوا أَن يلاعنوه وصالحوه على الْجِزْيَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد أَتَانِي البشير بهلكة أهل نَجْرَان حَتَّى الطير على الشّجر لَو تَمُّوا على الْمُلَاعنَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لَو بَاهل أهل نَجْرَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجعوا لَا يَجدونَ أَهلا وَلَا مَالا وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعد بن أبي

وَقاص قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {فَقل تَعَالَوْا نَدع أبناءنا وأبناءكم} دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا وَفَاطِمَة وحسناً وَحسَيْنا فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهلِي وَأخرج ابْن جرير عَن علْبَاء بن أَحْمَر الْيَشْكُرِي قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة {فَقل تَعَالَوْا نَدع أبناءنا وأبناءكم} الْآيَة أرسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَليّ وَفَاطِمَة وابنيهما الْحسن وَالْحُسَيْن ودعا الْيَهُود ليلاعنهم فَقَالَ شَاب من الْيَهُود: وَيحكم أَلَيْسَ عهدكم بالْأَمْس إخْوَانكُمْ الَّذين مسخوا قردة وَخَنَازِير لَا تلاعنوا فَانْتَهوا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه فِي هَذِه الْآيَة {تَعَالَوْا نَدع أبناءنا} الْآيَة قَالَ: فجَاء بِأبي بكر وَولده وبعمر وَولده وبعثمان وَولده وبعلي وَولده وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {ثمَّ نبتهل} نجتهد وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هَذَا الْإِخْلَاص يُشِير بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تلِي الْإِبْهَام وَهَذَا الدُّعَاء فَرفع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه وَهَذَا الابتهال فَرفع يَدَيْهِ مدا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أَن هَذَا لَهو الْقَصَص الْحق} يَقُول: إِن هَذَا الَّذِي قُلْنَا فِي عِيسَى هُوَ الْحق وَأخرج عبد بن حميد عَن قيس بن سعد قَالَ: كَانَ بَين ابْن عَبَّاس وَبَين آخر شَيْء فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {تَعَالَوْا نَدع أبناءنا وأبناءكم وَنِسَاءَنَا ونساءكم وأنفسنا وَأَنْفُسكُمْ ثمَّ نبتهل} فَرفع يَدَيْهِ واستقبل الرُّكْن {فَنَجْعَل لعنة الله على الْكَاذِبين} الْآيَة 64

64

أخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر فِي الأولى مِنْهُمَا (قُولُوا آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل

إِلَيْنَا ) (الْبَقَرَة الْآيَة 136) الْآيَة وَفِي الثَّانِيَة {تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حَدثنِي أَبُو سُفْيَان أَن هِرقل دَعَا بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقرأه فَإِذا فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى هِرقل عَظِيم الرّوم سَلام على من اتبع الْهدى أما بعد فَإِنِّي أَدْعُوك بِدِعَايَةِ الْإِسْلَام أسلم تسلم أسلم يؤتك الله أجرك مرَّتَيْنِ فَإِن توليت فَإِن عَلَيْك إِثْم الأريسين {يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سواءٍ بَيْننَا وَبَيْنكُم أَلا نعْبد إِلَّا الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا} إِلَى قَوْله {اشْهَدُوا بِأَنا مُسلمُونَ} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْكفَّار {تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {تَعَالَوْا إِلَى كلمة} الْآيَة قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا يهود أهل الْمَدِينَة إِلَى ذَلِك فَأَبَوا عَلَيْهِ فجاهدهم حَتَّى أَتَوا بالجزية وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا يهود أهل الْمَدِينَة إِلَى الْكَلِمَة السوَاء وهم الَّذين حاجوا فِي إِبْرَاهِيم وَزَعَمُوا أَنه مَاتَ يَهُودِيّا وأكذبهم الله ونفاهم مِنْهُ فَقَالَ (يَا أهل الْكتاب لم تحاجون فِي إِبْرَاهِيم ) (آل عمرَان الْآيَة 65) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا الْيَهُود إِلَى الْكَلِمَة السوَاء وَأخرج عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير فِي قَوْله {قل يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا} الْآيَة قَالَ: فَدَعَاهُمْ إِلَى النّصْف وَقطع عَنْهُم الْحجَّة يَعْنِي وَفد نَجْرَان وَأخرج عَن السّديّ قَالَ: ثمَّ دعاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي الْوَفْد من نَصَارَى نَجْرَان فَقَالَ {يَا أهل الْكتاب تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء} قَالَ: عدل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع مثله

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم} قَالَ: عدل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: تلاقينا تعاصينا سَوَاء وَلَكِن حم عَن حَال بِحَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كلمة السوَاء لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {تَعَالَوْا إِلَى كلمة سَوَاء} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَلَا يتَّخذ بَعْضنَا بَعْضًا أَرْبَابًا من دون الله} قَالَ: لَا يُطِيع بَعْضنَا بَعْضًا فِي مَعْصِيّة الله وَيُقَال: إِن تِلْكَ الربوبية أَن يُطِيع النَّاس سادتهم وَقَادَتهمْ فِي غير عبَادَة وَإِن لم يصلوا لَهُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَلَا يتَّخذ بَعْضنَا بَعْضًا أَرْبَابًا} قَالَ: سُجُود بَعضهم لبَعض الْآيَتَانِ 65 - 66

65

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ اجْتمعت نَصَارَى نَجْرَان وأحبار يهود عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتنازعوا عِنْده فَقَالَت الْأَحْبَار: مَا كَانَ إِبْرَاهِيم إِلَّا يَهُودِيّا وَقَالَت النَّصَارَى: مَا كَانَ إِبْرَاهِيم إِلَّا نَصْرَانِيّا فَأنْزل الله فيهم {يَا أهل الْكتاب لم تحاجون فِي إِبْرَاهِيم وَمَا أنزلت التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل إِلَّا من بعده} إِلَى قَوْله {وَالله ولي الْمُؤمنِينَ} فَقَالَ أَبُو رَافع الْقرظِيّ: أَتُرِيدُ منا يَا مُحَمَّد أَن نعبدك كَمَا تعبد النَّصَارَى عِيسَى بن مَرْيَم فَقَالَ رجل من أهل نَجْرَان: أذلك تُرِيدُ يَا مُحَمَّد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: معَاذ الله أَن أعبد غير الله أَو آمُر بِعبَادة غَيره مَا بذلك بَعَثَنِي وَلَا أَمرنِي فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْلهمَا (مَا كَانَ لبشر أَن يؤتيه الله

الْكتاب وَالْحكم والنبوّة ثمَّ يَقُول للنَّاس كونُوا عباداً لي من دون الله) (آل عمرَان الْآيَة 79) إِلَى قَوْله (بعد إِذْ أَنْتُم مُسلمُونَ) ثمَّ ذكر مَا أَخذ عَلَيْهِم وعَلى آبَاءَهُم من الْمِيثَاق بتصديقه إِذا هُوَ جَاءَهُم وإقرارهم بِهِ على أنفسهم فَقَالَ (وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين) (آل عمرَان الْآيَة 81) إِلَى قَوْله (من الشَّاهِدين) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا يهود أهل الْمَدِينَة وهم الَّذين حاجوا فِي إِبْرَاهِيم وَزَعَمُوا أَنه مَاتَ يَهُودِيّا فأكذبهم الله ونفاهم مِنْهُ وَقَالَ {يَا أهل الْكتاب لم تحاجون فِي إِبْرَاهِيم} وتزعمون أَنه كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا {وَمَا أنزلت التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل إِلَّا من بعده} فَكَانَت الْيَهُودِيَّة بعد التَّوْرَاة وَكَانَت النَّصْرَانِيَّة بعد الْإِنْجِيل {أَفلا تعقلون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَا أهل الْكتاب لم تحاجون فِي إِبْرَاهِيم} قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى برأه الله مِنْهُم حِين ادّعى كل أمة مِنْهُم وَألْحق بِهِ الْمُؤمنِينَ من كَانَ من أهل الحنيفية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {يَا أهل الْكتاب لم تحاجون فِي إِبْرَاهِيم} قَالَت النَّصَارَى: كَانَ نَصْرَانِيّا وَقَالَت الْيَهُود: كَانَ يَهُودِيّا فَأخْبرهُم الله أَن التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل إِنَّمَا أَنْزَلَتَا من بعده وَبعده كَانَت الْيَهُودِيَّة والنصرانية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ حاججتم فِيمَا لكم بِهِ علم} يَقُول: فِيمَا شهدتم ورأيتم وعاينتم {فَلم تحاجون فِيمَا لَيْسَ لكم بِهِ علم} يَقُول: فِيمَا لم تشهدوا وَلم تروا وَلم تعاينوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: أما الَّذِي لَهُم بِهِ علم فَمَا حرم عَلَيْهِم وَمَا أُمروا بِهِ وَأما الَّذِي لَيْسَ لَهُم بِهِ علم فشأن إِبْرَاهِيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: يعْذر من حَاج بِعلم وَلَا يعْذر من حَاج بِالْجَهْلِ الْآيَة 67

67

أخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَت الْيَهُود: إِبْرَاهِيم على ديننَا وَقَالَت النَّصَارَى: هُوَ على ديننَا فَأنْزل الله {مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا} الْآيَة فأكذبهم الله وأدحض حجتهم وَأخرج عَن الرّبيع مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: قَالَ كَعْب وَأَصْحَابه وَنَفر من النَّصَارَى: إِن إِبْرَاهِيم منا ومُوسَى منا والأنبياء منا فَقَالَ الله {مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفا مُسلما} وَأخرج ابْن جرير عَن سَالم بن عبد الله لَا أرَاهُ إِلَّا يحدثه عَن أَبِيه أَن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل خرج إِلَى الشَّام يسْأَل عَن الدّين ويتبعه فلقي عَالما من الْيَهُود فَسَأَلَهُ عَن دينه وَقَالَ: إِنِّي لعلّي أَن أدين دينكُمْ فَأَخْبرنِي عَن دينكُمْ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيّ: إِنَّك لن تكون على ديننَا حَتَّى تَأْخُذ بنصيبك من غضب الله قَالَ زيد: مَا أفر إِلَّا من غضب الله وَلَا أحمل من غضب الله شَيْئا أبدا فَهَل تدلني على دين لَيْسَ فِيهِ هَذَا قَالَ: مَا أعلمهُ الا أَن تكون حَنِيفا قَالَ: وَمَا الحنيف قَالَ: دين إِبْرَاهِيم لم يكن يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَكَانَ لَا يعبد إِلَّا الله فَخرج من عِنْده فلقي عَالما من النَّصَارَى فَسَأَلَهُ عَن دينه فَقَالَ: إِنِّي لعَلي أَن أدين دينكُمْ فَأَخْبرنِي عَن دينكُمْ قَالَ: إِنَّك لن تكون على ديننَا حَتَّى تَأْخُذ بنصيبك من لعنة الله قَالَ: لَا أحتمل من لعنة الله شَيْئا وَلَا من غضب الله شَيْئا أبدا فَهَل تدلني على دين لَيْسَ فِيهِ هَذَا فَقَالَ لَهُ نَحْو مَا قَالَ الْيَهُودِيّ: لَا أعلمهُ إِلَّا أَن تكون حَنِيفا فَخرج من عِنْدهم وَقد رَضِي بِالَّذِي أخبراه وَالَّذِي اتفقَا عَلَيْهِ من شَأْن إِبْرَاهِيم فَلم يزل رَافعا يَدَيْهِ ألى الله وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أشهدك إِنِّي على دين إِبْرَاهِيم

68

الْآيَة 68 أخرج عبد بن حميد من طَرِيق شهر بن حَوْشَب حَدثنِي ابْن غنم أَنه لما أَن خرج أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّجَاشِيّ أدركهم عَمْرو بن الْعَاصِ وَعمارَة بن أبي معيط فأرادوا عنتهمْ وَالْبَغي عَلَيْهِم فقدموا على النَّجَاشِيّ وَأَخْبرُوهُ أَن هَؤُلَاءِ الرَّهْط

الَّذين قدمُوا عَلَيْك من أهل مَكَّة إِنَّمَا يُرِيدُونَ أَن يخبلوا عَلَيْك ملكك ويفسدوا عَلَيْك أَرْضك ويشتموا رَبك فَأرْسل إِلَيْهِم النَّجَاشِيّ فَلَمَّا أَن أَتَوْهُ قَالَ: أَلا تَسْمَعُونَ مَا يَقُول صاحباكم هَذَانِ لعَمْرو بن الْعَاصِ وَعمارَة بن أبي معيط يزعمان أَنما جئْتُمْ لتخبلوا عليَّ ملكي وتفسدوا عَليّ أرضي فَقَالَ عُثْمَان بن مَظْعُون وَحَمْزَة: إِن شِئْتُم فَخلوا بَين أَحَدنَا وَبَين النَّجَاشِيّ فلنكلمه فانا أَحْدَثَكُمْ سنا فَإِن كَانَ صَوَابا فَالله يَأْتِي بِهِ وَإِن كَانَ غير ذَلِك قُلْتُمْ رجل شَاب لكم فِي ذَلِك عذر فَجمع النَّجَاشِيّ قسيسيه ورهبانه وتراجمته ثمَّ سَأَلَهُمْ أَرَأَيْتكُم صَاحبكُم هَذَا الَّذِي من عِنْده جئْتُمْ مَا يَقُول لكم وَمَا يَأْمُركُمْ بِهِ وَمَا يَنْهَاكُم عَنهُ هَل لَهُ كتاب يقرأه قَالُوا: نعم هَذَا الرجل يقْرَأ مَا أنزل الله عَلَيْهِ وَمَا قد سمع مِنْهُ وَهُوَ يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَيَأْمُر بِحسن الْمُجَاورَة وَيَأْمُر باليتيم وَيَأْمُر بِأَن يعبد الله وَحده وَلَا يعبد مَعَه إِلَه أخر فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَة الرّوم وَسورَة العنكبوت وَأَصْحَاب الْكَهْف وَمَرْيَم فَلَمَّا ان ذكر عِيسَى فِي الْقُرْآن أَرَادَ عَمْرو أَن يغضبه عَلَيْهِم فَقَالَ: وَالله إِنَّهُم ليشتمون عِيسَى ويسبونه قَالَ النَّجَاشِيّ: مَا يَقُول صَاحبكُم فِي عِيسَى قَالَ: يَقُول أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وروحه وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم فَأخذ النَّجَاشِيّ نفثة من سواكه قدر مَا يقذي الْعين فَحلف مَا زَاد الْمَسِيح على مَا يَقُول صَاحبكُم مَا يزن ذَلِك القذى فِي يَده من نفثة سواكه فابشروا وَلَا تخافوا فَلَا دهونة - يَعْنِي بِلِسَان الْحَبَشَة الْيَوْم على حزب إِبْرَاهِيم - قَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ: مَا حزب إِبْرَاهِيم قَالَ: هَؤُلَاءِ الرَّهْط وصاحبهم الَّذِي جاؤوا من عِنْده وَمن اتبعهم فأنزلت ذَلِك الْيَوْم خصومتهم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي وَالَّذين آمنُوا وَالله ولي الْمُؤمنِينَ} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن لكل نَبِي وُلَاة من النَّبِيين وَإِن وليي مِنْهُم أبي وخليل رَبِّي ثمَّ قَرَأَ {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي وَالَّذين آمنُوا وَالله ولي الْمُؤمنِينَ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الحكم بن ميناء أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا معشر قُرَيْش إِن أولى النَّاس بِالنَّبِيِّ المتقون فكونوا أَنْتُم بسبيل ذَلِك فانظروا أَن لَا يلقاني النَّاس يحملون الْأَعْمَال وتلقوني بالدنيا تحملونها فأصدُّ عَنْكُم بوجهي ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِم

هَذِه الْآيَة {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي وَالَّذين آمنُوا وَالله ولي الْمُؤمنِينَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ} يَقُول الَّذين اتَّبعُوهُ على مِلَّته وسنته ومنهاجه وفطرته {وَهَذَا النَّبِي} وَهُوَ نَبِي الله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَالَّذين آمنُوا مَعَه} وهم الْمُؤْمِنُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كل مُؤمن ولي لإِبْرَاهِيم مِمَّن مضى وَمِمَّنْ بَقِي وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَوْلَاد الْمُؤمنِينَ فِي جبل فِي الْجنَّة يكفلهم إِبْرَاهِيم وَسَارة حَتَّى يردهم إِلَى آبَائِهِم يَوْم الْقِيَامَة الْآيَات 69 - 74

69

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان قَالَ: كل شَيْء فِي آل عمرَان من ذكر اهل الْكتاب فَهُوَ فِي النَّصَارَى

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا أهل الْكتاب لمَ تكفرون بآيَات الله وَأَنْتُم تَشْهَدُون} قَالَ: تَشْهَدُون أَن نعت نَبِي الله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كتابكُمْ ثمَّ تكفرون بِهِ وتنكرونه وَلَا تؤمنون بِهِ وَأَنْتُم تجدونه مَكْتُوبًا عنْدكُمْ فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل النَّبِي الْأُمِّي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يَا أهل الْكتاب لم تكفرون بآيَات الله} قَالَ: مُحَمَّد {وَأَنْتُم تَشْهَدُون} قَالَ: تَشْهَدُون أَنه الْحق تجدونه مَكْتُوبًا عنْدكُمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {لم تكفرون بآيَات الله} قَالَ: بالحجج {وَأَنْتُم تَشْهَدُون} ان الْقُرْآن حق وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله تجدونه مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاة والإِنجيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج {لمَ تكفرون بآيَات الله وَأَنْتُم تَشْهَدُون} على أَن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام لَيْسَ لله دين غَيره وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {لمَ تلبسُونَ الْحق بِالْبَاطِلِ} يَقُول: لمَ تخلطون الْيَهُودِيَّة والنصرانية بِالْإِسْلَامِ وَقد علمْتُم أَن دين الله الَّذِي لَا يقبل من أحد غَيره الْإِسْلَام {وتكتمون الْحق} يَقُول: تكتمون شَأْن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنْتُم تجدونه مَكْتُوبًا عنْدكُمْ فِي التَّوْرَاة والإِنجيل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ عبد الله بن الضَّيْف وعدي بن زيد والحرث بن عَوْف بَعضهم لبَعض: تَعَالَوْا نؤمن بِمَا أنزل الله على مُحَمَّد وَأَصْحَابه غدْوَة ونكفر بِهِ عَشِيَّة حَتَّى نلبس عَلَيْهِم دينهم لَعَلَّهُم يصنعون كَمَا نصْنَع فيرجعون عَن دينهم فَأنْزل الله فيهم {يَا أهل الْكتاب لمَ تلبسُونَ الْحق بِالْبَاطِلِ} إِلَى قَوْله {وَالله وَاسع عليم} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك قَالَ: قَالَت الْيَهُود بَعضهم لبَعض: آمنُوا مَعَهم بِمَا يَقُولُونَ أول النَّهَار وَارْتَدوا آخِره لَعَلَّهُم يرجعُونَ مَعكُمْ فَاطلع الله على سرهم فَأنْزل الله تَعَالَى {وَقَالَت طَائِفَة من أهل الْكتاب آمنُوا بِالَّذِي أنزل} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَقَالَت طَائِفَة من أهل الْكتاب} الْآيَة قَالَ: كَانَ أَحْبَار قرى عَرَبِيَّة إثنى عشر حبرًا فَقَالُوا لبَعْضهِم: أدخلُوا فِي دين مُحَمَّد أول النَّهَار وَقُولُوا: نشْهد أَن مُحَمَّدًا حق صَادِق فَإِذا كَانَ آخر النَّهَار فاكفروا وَقُولُوا: إِنَّا رَجعْنَا إِلَى عُلَمَائِنَا وأحبارنا فسألناهم فحدثونا: أَن مُحَمَّدًا كَاذِب وَإِنَّكُمْ لَسْتُم على شَيْء وَقد رَجعْنَا إِلَى ديننَا فَهُوَ أعجب إِلَيْنَا من دينكُمْ لَعَلَّهُم يَشكونَ فَيَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ كَانُوا مَعنا أول النَّهَار فَمَا بالهم فَأخْبر الله رَسُوله بذلك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقَالَت طَائِفَة} الْآيَة قَالَ: أَن طَائِفَة من الْيَهُود قَالَت: إِذا لَقِيتُم أَصْحَاب مُحَمَّد أول النَّهَار فآمنوا وَإِذا كَانَ آخِره فصلوا صَلَاتكُمْ لَعَلَّهُم يَقُولُونَ هَؤُلَاءِ أهل الْكتاب وهم أعلم منا لَعَلَّهُم يَنْقَلِبُون عَن دينهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة من طَرِيق أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقَالَت طَائِفَة} الْآيَة قَالَ: كَانُوا يكونُونَ مَعَهم أول النَّهَار ويجالسونهم ويكلمونهم فَإِذا أَمْسوا وَحَضَرت الصَّلَاة كفرُوا بِهِ وتركوه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {آمنُوا بِالَّذِي أنزل على الَّذين آمنُوا وَجه النَّهَار} يهود تَقوله صلت مَعَ مُحَمَّد صَلَاة الْفجْر وَكَفرُوا آخر النَّهَار مكراً مِنْهُم ليروا النَّاس أَن قد بَدَت لَهُم مِنْهُ الضَّلَالَة بعد إِذْ كَانُوا اتَّبعُوهُ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالربيع فِي قَوْله {وَجه النَّهَار} قَالَا: أول النَّهَار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَلَا تؤمنوا إِلَّا لمن تبع دينكُمْ} قَالَ: هَذَا قَول بَعضهم لبَعض وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع مثله وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {وَلَا تؤمنوا إِلَّا لمن تبع دينكُمْ} قَالَ: لَا تؤمنوا إِلَّا لمن تبع الْيَهُودِيَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَت الْيَهُود تَقول أحبارها للَّذين من دينهم: ائْتُوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه أول النَّهَار فَقولُوا نَحن على دينكُمْ فَإِذا كَانَ بالْعَشي فأتوهم فَقولُوا لَهُم: إِنَّا كفرنا بدينكم وَنحن على ديننَا

الأول إِنَّا قد سَأَلنَا علماءنا فأخبرونا أَنكُمْ لَسْتُم على شَيْء وَقَالُوا لَعَلَّ الْمُسلمين يرجعُونَ إِلَى دينكُمْ فيكفرون بِمُحَمد {وَلَا تؤمنوا إِلَّا لمن تبع دينكُمْ} فَأنْزل الله {قل إِن الْهدى هدى الله} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ} حسداً من يهود أَن تكون النبوّة فِي غَيرهم وَإِرَادَة أَن يتابعوا على دينهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك وَسَعِيد بن جُبَير {أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ} قَالَا: أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ الله لمُحَمد {قل إِن الْهدى هدى الله} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالَ الله لمُحَمد {قل إِن الْهدى هدى الله أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ} يَا أمة مُحَمَّد {أَو يحاجوكم عِنْد ربكُم} يَقُول الْيَهُود: فعل الله بِنَا كَذَا وَكَذَا من الْكَرَامَة حَتَّى أنزل علينا الْمَنّ والسلوى فَإِن الَّذِي أَعْطَاكُم أفضل فَقولُوا {إِن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {قل إِن الْهدى هدى الله أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ} يَقُول: لما أنزل الله كتابا مثل كتابكُمْ وَبعث نَبيا كنبيكم حسدتموه على ذَلِك {قل إِن الْفضل بيد الله يؤتيه من يَشَاء} وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {قل إِن الْهدى هدى الله أَن يُؤْتى أحد مثل مَا أُوتِيتُمْ} يَقُول: هَذَا الْأَمر الَّذِي أَنْتُم عَلَيْهِ مثل مَا أُوتِيتُمْ {أَو يحاجُّوكم عِنْد ربكُم} قَالَ: قَالَ بَعضهم لبَعض: لَا تخبروهم بِمَا بينَّ الله لكم فِي كِتَابه {ليحاجُّوكم} قَالَ: ليخاصموكم بِهِ عِنْد ربكُم فَتكون لَهُم حجَّة عَلَيْكُم {قل إِن الْفضل بيد الله} قَالَ: الْإِسْلَام {يخْتَص برحمته من يَشَاء} قَالَ: الْقُرْآن وَالْإِسْلَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {يخْتَص برحمته من يَشَاء} قَالَ: النبوّة يخْتَص بهَا من يَشَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {يخْتَص برحمته من يَشَاء} قَالَ: رَحمته الْإِسْلَام يخْتَص بهَا من يَشَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {ذُو الْفضل الْعَظِيم} يَعْنِي الوافر

الْآيَتَانِ 75 - 76

75

أخرح عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَمن أهل الْكتاب من إِن تأمنه بقنطار يؤده إِلَيْك} قَالَ: هَذَا من النَّصَارَى {وَمِنْهُم من أَن تأمنه بِدِينَار لَا يؤدِّه إِلَيْك} قَالَ: هَذَا من الْيَهُود {إِلَّا مَا دمت عَلَيْهِ قَائِما} قَالَ: إِلَّا مَا طلبته واتبعته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمِنْهُم من إِن تأمنه بِدِينَار لَا يؤدِّه إِلَيْك} قَالَ: كَانَت تكون دُيُون لأَصْحَاب مُحَمَّد عَلَيْهِم فَقَالُوا: لَيْسَ علينا سَبِيل فِي أَمْوَال أَصْحَاب مُحَمَّد إِن أمسكناها وهم أهل الْكتاب أمروا أَن يؤدوا إِلَى كل مُسلم عَهده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: إِنَّمَا سمي الدِّينَار لِأَنَّهُ دين ونار قَالَ: مَعْنَاهُ أَن من أَخذه بِحقِّهِ فَهُوَ دينه وَمن أَخذه بِغَيْر حَقه فَلهُ النَّار وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه سُئِلَ عَن الدِّرْهَم لمَ سمي درهما وَعَن الدِّينَار لمَ سمي دِينَارا قَالَ: أما الدِّرْهَم فَكَانَ يُسمى دَارهم وَإِمَّا الدِّينَار فضربته الْمَجُوس فَسُمي دِينَارا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {إِلَّا مَا دمت عَلَيْهِ قَائِما} قَالَ: مواظباً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {إِلَّا مَا دمت عَلَيْهِ قَائِما} يَقُول: يعْتَرف بأمانته مَا دمت عَلَيْهِ قَائِما على رَأسه فَإِذا قُمْت ثمَّ جِئْت تطلبه كافرك الَّذِي يُؤَدِّي وَالَّذِي يجْحَد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا لَيْسَ علينا فِي الْأُمِّيين سَبِيل} قَالَ: قَالَت الْيَهُود: لَيْسَ علينا فِيمَا أصبْنَا من أَمْوَال الْعَرَب سَبِيل

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: يُقَال لَهُ مَا بالك لَا تُؤدِّي أمانتك فَيَقُول: لَيْسَ علينا حرج فِي أَمْوَال الْعَرَب قد أحلَّها الله لنا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت {وَمن أهل الْكتاب} إِلَى قَوْله {ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا لَيْسَ علينا فِي الْأُمِّيين سَبِيل} قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كذب أَعدَاء الله مَا من شَيْء كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَّا وَهُوَ تَحت قدمي هَاتين إِلَّا الْأَمَانَة فَإِنَّهَا مؤدَّاة إِلَى الْبر والفاجر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن صعصة أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِنَّا نصيب فِي الْغَزْو من أَمْوَال أهل الذِّمَّة الدَّجَاجَة وَالشَّاة قَالَ ابْن عَبَّاس: فتقولون مَاذَا قَالَ: نقُول لَيْسَ علينا فِي ذَلِك من بَأْس قَالَ: هَذَا كَمَا قَالَ أهل الْكتاب {لَيْسَ علينا فِي الْأُمِّيين سَبِيل} إِنَّهُم إِذا أدُّوا الْجِزْيَة لم تحلَّ لكم أَمْوَالهم إِلَّا بِطيب أنفسهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: بَايع اليهودَ رجالٌ من الْمُسلمين فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا أَسْلمُوا تقاضوهم ثمن بيوعهم فَقَالُوا: لَيْسَ علينا أَمَانَة وَلَا قَضَاء لكم عندنَا لأنكم تركْتُم دينكُمْ الَّذِي كُنْتُم عَلَيْهِ وَادعوا أَنهم وجدوا ذَلِك فِي كِتَابهمْ فَقَالَ الله {وَيَقُولُونَ على الله الْكَذِب وهم يعلمُونَ} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {بلَى من أوفى بعهده وَاتَّقَى} يَقُول: اتَّقى الشّرك {فَإِن الله يحب الْمُتَّقِينَ} يَقُول الَّذين يَتَّقُونَ الشّرك الْآيَة 77

77

أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من حلف على يَمِين هُوَ فِيهَا فَاجر ليقتطع بهَا مَال امرىء مُسلم لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان فَقَالَ الْأَشْعَث بن قيس:

فيَّ - وَالله - كَانَ ذَلِك كَانَ بيني وَبَين رجل من الْيَهُود أَرض فجحدني فقدمته إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي رَسُول اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلَك بيَّنة قلت: لَا فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: احْلِف فَقلت: يَا رَسُول الله إِذن يحلف فَيذْهب مَالِي فَأنْزل الله {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَإِيمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن أبي أوفى أَن رجلا أَقَامَ سلْعَة لَهُ فِي السُّوق فَحلف بِاللَّه لقد أعْطى بهَا مَا لم يُعْطه ليوقع فِيهَا رجلا من الْمُسلمين فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن عدي بن بحيرة قَالَ كَانَ بَين امرىء الْقَيْس وَرجل من حَضرمَوْت خُصُومَة فارتفعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ للحضرمي: بينتك وَإِلَّا فيمينة قَالَ: يَا رَسُول الله إِن حلف ذهب بأرضي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من حلف على يَمِين كَاذِبَة ليقتطع بهَا حق أَخِيه لَقِي الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان فَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس: يَا رَسُول الله فَمَا لمن تَركهَا وَهُوَ يعلم أَنَّهَا حق قَالَ: الْجنَّة فَقَالَ: أشهدك إِنِّي قد تركتهَا فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} إِلَى آخر الْآيَة لفظ ابْن جرير وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج أَن الْأَشْعَث بن قيس اخْتصم هُوَ وَرجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَرض كَانَت فِي يَده لذَلِك الرجل أَخذهَا فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أقِم بينتك قَالَ الرجل: لَيْسَ يشْهد لي أحد على الْأَشْعَث قَالَ: فلك يَمِينه فَقَالَ الْأَشْعَث: نحلف فَأنْزل الله {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله} الْآيَة فنكل الْأَشْعَث وَقَالَ: إِنِّي أشهد الله وأشهدكم أَن خصمي صَادِق فَرد إِلَيْهِ أرضه وزاده من أَرض نَفسه زِيَادَة كَثِيرَة وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ أَن رجلا أَقَامَ سلْعَته من أول النَّهَار فَلَمَّا كَانَ آخِره جَاءَ رجل يساومه فَحلف لقد منعهَا أول النَّهَار من كَذَا وَلَوْلَا الْمسَاء مَا بَاعهَا بِهِ فَأنْزل الله {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد نَحوه وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَإِيمَانهمْ ثمنا قَلِيلا}

فِي أبي رَافع وكنانة بن أبي الْحقيق وَكَعب بن الْأَشْرَف وحيي بن أَخطب وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق ابْن عون عَن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد وَالْحسن فِي قَوْله {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَإِيمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} قَالُوا: هُوَ الرجل يقتطع مَال الرجل بِيَمِينِهِ وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن وَائِل بن حجر قَالَ جَاءَ رجل من حَضرمَوْت وَرجل من كِنْدَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْحَضْرَمِيّ: يَا رَسُول الله إِن هَذَا قد غلبني على أَرض كَانَت لأبي قَالَ الْكِنْدِيّ: هِيَ أَرض كَانَت فِي يَدي أزرعها لَيْسَ لَهُ فِيهَا حق فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للحضرمي: أَلَك بَيِّنَة قَالَ: لَا قَالَ: فلك يَمِينه فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن الرجل فَاجر لَا يُبَالِي مَا حلف عَلَيْهِ وَلَيْسَ يتورع عَن شَيْء فَقَالَ: لَيْسَ لَك مِنْهُ إِلَّا ذَلِك فَانْطَلق ليحلف فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أدبر: لَئِن حلف على مَال ليأكله ظلما ليلقين الله وَهُوَ عَنهُ معرض وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن الْأَشْعَث بن قيس أَن رجلا من كِنْدَة وَآخر من حَضرمَوْت اخْتَصمَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَرض من الْيمن فَقَالَ الْحَضْرَمِيّ: يَا رَسُول الله إِن أرضي اغتصبها أَبُو هَذَا وَهِي فِي يَده فَقَالَ: هَل لَك بَيِّنَة قَالَ: لَا وَلَكِن أحلفه وَالله مَا يعلم أَنَّهَا أرضي اغتصبها أَبوهُ فتهيأ الْكِنْدِيّ للْيَمِين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يقتطع أحد مَالا بِيَمِين إِلَّا لَقِي الله وَهُوَ أَجْذم فَقَالَ الْكِنْدِيّ: هِيَ أرضه وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أبي مُوسَى قَالَ: اخْتصم رجلَانِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَرض أَحدهمَا من حَضرمَوْت فَجعل يَمِين أَحدهمَا فَضَجَّ الآخر وَقَالَ: إِذن يذهب بأرضي فَقَالَ: إِن هُوَ اقتطعها بِيَمِينِهِ ظلما كَانَ مِمَّن لَا ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يُزَكِّيه وَله عَذَاب أَلِيم قَالَ: وورع الآخر فَردهَا وَأخرج أَحْمد بن منيع فِي مُسْنده وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نعد من الذَّنب الَّذِي لَيْسَ لَهُ كَفَّارَة الْيَمين الْغمُوس قيل: وَمَا الْيَمين الْغمُوس فَقَالَ: الرجل يقتطع بِيَمِينِهِ مَال الرجل وَأخرج ابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن الْحَرْث بن البرصاء: سَمِعت

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْحَج بَين الْجَمْرَتَيْن وَهُوَ يَقُول: من اقتطع مَال أَخِيه بِيَمِين فاجرة فليتبوّأ مَقْعَده من النَّار ليبلِّغ شاهدكم غائبكم مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَأخرج الْبَزَّار عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْيَمين الْفَاجِرَة تذْهب بِالْمَالِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ مِمَّا عُصِيَ الله بِهِ هُوَ أعجل عقَابا من الْبَغي وَمَا من شَيْء أُطيع الله فِيهِ أسْرع ثَوابًا من الصِّلَة وَالْيَمِين الْفَاجِرَة تدع الديار بَلَاقِع وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن كَعْب بن مَالك سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من اقتطع مَال امرىء مُسلم بِيَمِين كَاذِبَة كَانَت نُكْتَة سَوْدَاء فِي قلبه لَا يغيرها شَيْء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن عتِيك قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اقتطع مَال مُسلم بِيَمِينِهِ حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة وَأوجب لَهُ النَّار فَقيل: يَا رَسُول الله وَإِن شَيْئا يَسِيرا قَالَ: وَإِن سواكاً وَأخرج مَالك وَابْن سعد وَأحمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي أُمَامَة إِيَاس ابْن ثَعْلَبَة الْحَارِثِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من اقتطع حق امرىء مُسلم بِيَمِينِهِ فقد أوجب الله لَهُ النَّار وَحرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة قَالُوا: وَإِن كَانَ شَيْئا يَسِيرا يَا رَسُول الله قَالَ: وَإِن كَانَ قَضِيبًا من أَرَاك ثَلَاثًا وَأخرج ابْن ماجة بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يحلف عِنْد هَذَا الْمِنْبَر عبد وَلَا أمة على يَمِين آثمة وَلَو على سواك رطبَة إِلَّا وَجَبت لَهُ النَّار وَأخرج ابْن ماجة وَابْن حبَان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من حلف على يَمِين آثمة عِنْد منبري هَذَا فليتبوّأ مَقْعَده من النَّار وَلَو على سواك أَخْضَر قَالَ أَبُو عبيد والخطابي: كَانَت الْيَمين على عَهده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الْمِنْبَر وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْيَمين الكاذبة تنْفق السّلْعَة وتمحق الْكسْب وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي سُوَيْد قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الْيَمين الْفَاجِرَة تعقم الرَّحِم وتقل الْعدَد وَتَدَع الديار بَلَاقِع

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: رجل حلف يَمِينا على مَال مُسلم فاقتطعه وَرجل حلف على يَمِين بعد الْعَصْر أَنه أعطي بسلعته أَكثر مِمَّا أعطي وَهُوَ كَاذِب وَرجل منع فضل مَاء فَإِن الله سُبْحَانَهُ يَقُول: الْيَوْم أمنعك فضلي كَمَا منعت فضل مَا لم تعْمل يداك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عمرَان بن حُصَيْن أَنه كَانَ يَقُول: من حلف على يَمِين فاجرة يقتطع بهَا مَال أَخِيه فليتبوّأ مقعدة من النَّار فَقَالَ لَهُ قَائِل: شَيْء سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُم: إِنَّكُم لتجدون ذَلِك ثمَّ قَرَأَ {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ} الْآيَة وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن أبي مليكَة أَن امْرَأتَيْنِ كَانَتَا تخرزان فِي بَيت فَخرجت إِحْدَاهمَا وَقد أنفذ بإشفاء فِي كفها فادعت على الْأُخْرَى فَرفع إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو يُعطي النَّاس بدعواهم لذهب دِمَاء قوم وَأَمْوَالهمْ ذكروها بِاللَّه واقرووا عَلَيْهَا {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله} الْآيَة فذكروها فَاعْترفت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: إِن الْيَمين الْفَاجِرَة من الْكَبَائِر ثمَّ تَلا {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نرى وَنحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن من الذَّنب الَّذِي لَا يغْفر يَمِين فجر فِيهَا صَاحبهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن يتأكل النَّاس بِهِ أَتَى الله يَوْم الْقِيَامَة وَوَجهه بَين كَتفيهِ وَذَلِكَ بِأَن الله يَقُول {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن زَاذَان قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن يَأْخُذ بِهِ جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَوَجهه عظم عَلَيْهِ لحم وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: المسبل إزَاره والمنفق سلْعَته بِالْحلف الْكَاذِب والمنان

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا ينظر إِلَيْهِم وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: رجل منِّع ابْن السَّبِيل فضل مَاء عِنْده وَرجل حلف على سلْعَة بعد الْعَصْر كَاذِبًا فصدَّقه فاشتراها بقوله وَرجل بَايع إِمَامًا فَإِن أعطَاهُ وفى لَهُ وَإِن لم يُعْطه لم يَفِ لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سلمَان: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: أشمط زانٍ وعائل مستكبر وَرجل جعل الله لَهُ بضَاعَة فَلَا يَبِيع إِلَّا بِيَمِينِهِ وَلَا يَشْتَرِي إِلَّا بِيَمِينِهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله أذن لي أَن أحدث عَن ديك قد مرقت رِجْلَاهُ الأَرْض وعنقه منثن تَحت الْعَرْش وَهُوَ يَقُول: سُبْحَانَكَ مَا أعظمك رَبنَا فَيرد عَلَيْهِ مَا علم ذَلِك من حلف بِي كَاذِبًا الْآيَة 78

78

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن مِنْهُم لفريقاً يلوون ألسنتهم بِالْكتاب} قَالَ: هم الْيَهُود كَانُوا يزِيدُونَ فِي كتاب الله مَا لم ينزل الله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {يلوون ألسنتهم بِالْكتاب} قَالَ: يحرِّفونه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل كَمَا أنزلهَا الله لم يُغير مِنْهَا حرف وَلَكنهُمْ يضلون بالتحريف والتأويل وَكتب كَانُوا يكتبونها من عِنْد أنفسهم {وَيَقُولُونَ هُوَ من عِنْد الله وَمَا هُوَ من عِنْد الله} فَأَما كتب الله فَهِيَ مَحْفُوظَة لَا تحول

الْآيَتَانِ 79 - 80

79

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أَبُو رَافع الْقرظِيّ حِين اجْتمعت الْأَحْبَار من الْيَهُود وَالنَّصَارَى من أهل نَجْرَان عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودعاهم إِلَى الْإِسْلَام: أَتُرِيدُ يَا مُحَمَّد أَن نعبدك كَمَا تعبد النَّصَارَى عِيسَى بن مَرْيَم فَقَالَ رجل من أهل نَجْرَان نَصْرَانِيّ يُقَال لَهُ الرئيس: أَو ذَاك تريده منا يَا مُحَمَّد فَقَالَ رَسُول اللله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: معَاذ الله أَن نعْبد غير الله أَو نأمر بِعبَادة غَيره مَا بذلك بَعَثَنِي وَلَا بذلك أَمرنِي فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْلهمَا {مَا كَانَ لبشر أَن يؤتيه الله الْكتاب} إِلَى قَوْله {بعد إِذْ أَنْتُم مُسلمُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: كَانَ نَاس من يهود يتعبدون النَّاس من دون رَبهم بتحريفهم كتاب الله عَن مَوْضِعه فَقَالَ الله {مَا كَانَ لبشر أَن يؤتيه الله الْكتاب وَالْحكم والنبوّة ثمَّ يَقُول للنَّاس كونُوا عباداً لي من دون الله} ثمَّ يَأْمر النَّاس بِغَيْر مَا أنزل الله فِي كِتَابه وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله نسلِّم عَلَيْك كَمَا يسلم بَعْضنَا على بعض أَفلا نسجد لَك قَالَ: لَا وَلَكِن أكْرمُوا نَبِيكُم واعرفوا الْحق لأَهله فانه لَا يَنْبَغِي أَن يسْجد لأحد من دون الله فَأنْزل الله {مَا كَانَ لبشر أَن يؤتيه الله الْكتاب} إِلَى قَوْله {بعد إِذْ أَنْتُم مُسلمُونَ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ربانيين} قَالَ: فُقَهَاء معلمين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ربانيين} قَالَ: حلماء عُلَمَاء حكماء

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس {ربانيين} قَالَ: عُلَمَاء فُقَهَاء وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {ربانيين} قَالَ: حكماء فُقَهَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود {ربانيين} قَالَ: حكماء عُلَمَاء وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ الربانيون الْفُقَهَاء الْعلمَاء وهم فَوق الْأَحْبَار وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير {ربانيين} قَالَ: حكماء أتقياء وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ الربانيون الَّذين يربون النَّاس وُلَاة هَذَا الْأَمر يَلُونَهُمْ وَقَرَأَ (لَوْلَا ينهاهم الربانيون والأحبار) (الْمَائِدَة الْآيَة 63) قَالَ (الربانيون) الْوُلَاة (والأحبار) الْعلمَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {كونُوا ربانيين بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ الْكتاب} قَالَ: حق على كل من تعلم الْقُرْآن أَن يكون فَقِيها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ} وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَ {بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ} مثقلة بِرَفْع التَّاء وَكسر اللَّام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ {بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ الْكتاب} خَفِيفَة بِنصب التَّاء قَالَ ابْن عُيَيْنَة: مَا علموه حَتَّى علموه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي بكر قَالَ: كَانَ عَاصِم يقْرؤهَا {بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ الْكتاب} مثقلة بِرَفْع التَّاء وَكسر اللَّام قَالَ: الْقُرْآن {وَبِمَا كُنْتُم تدرسون} قَالَ: الْفِقْه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: لَا يعْذر أحد حر وَلَا عبد وَلَا رجل وَلَا امْرَأَة لَا يتَعَلَّم من الْقُرْآن جهده مَا بلغ مِنْهُ فَإِن الله يَقُول: {كونُوا ربانيين بِمَا كُنْتُم تعلمُونَ الْكتاب وَبِمَا كُنْتُم تدرسون} يَقُول: كونُوا فُقَهَاء كونُوا عُلَمَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي رزين فِي قَوْله {وَبِمَا كُنْتُم تدرسون} قَالَ: مذاكرة الْفِقْه كَانُوا يتذاكرون الْفِقْه كَمَا نتذاكره نَحن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَلَا يَأْمُركُمْ أَن تَتَّخِذُوا} قَالَ: وَلَا يَأْمُركُمْ النَّبِي الْآيَتَانِ 81 - 82

81

أخرج عبد بن حميد وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة} قَالَ: هِيَ خطأ من الْكتاب وَهِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب} وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع أَنه قَرَأَ {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب} قَالَ: وَكَذَلِكَ كَانَ يقْرؤهَا أبي كَعْب بن كَعْب قَالَ الرّبيع: أَلا ترى أَنه يَقُول {ثمَّ جَاءَكُم رَسُول مُصدق لما مَعكُمْ لتؤمنن بِهِ ولتنصرنه} يَقُول: لتؤمنن بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولتنصرنه قَالَ: هم أهل الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: إِن أَصْحَاب عبد الله يقرؤون / وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة / وَنحن نَقْرَأ {مِيثَاق النَّبِيين} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّمَا أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين على قَومهمْ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس فِي الْآيَة قَالَ: أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين أَن يصدق بَعضهم بَعْضًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن طَاوس فِي الْآيَة قَالَ: أَخذ الله مِيثَاق الأول من الْأَنْبِيَاء ليصدقن وليؤمنن بِمَا جَاءَ بِهِ الآخر مِنْهُم وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم يبْعَث الله نَبيا

آدم فَمن بعده إِلَّا أَخذ عَلَيْهِ الْعَهْد فِي مُحَمَّد لَئِن بعث وَهُوَ حَيّ ليُؤْمِنن بِهِ ولينصرنه ويأمره فَيَأْخُذ الْعَهْد على قومه ثمَّ تَلا {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مِيثَاق أَخذه الله على النَّبِيين أَن يصدق بَعضهم بَعْضًا وَأَن يبلِّغوا كتاب الله ورسالاته فبلغت الْأَنْبِيَاء كتاب الله ورسالاته إِلَى قَومهمْ وَأخذ عَلَيْهِم فِيمَا بلغتهم رسلهم أَن يُؤمنُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويصدقوه وينصروه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: لم يبْعَث الله نَبيا قطّ من لدن نوح إِلَّا أَخذ الله ميثاقه ليُؤْمِنن بِمُحَمد ولينصرنه إِن خرج وَهُوَ حَيّ وَإِلَّا أَخذ على قومه أَن يُؤمنُوا بِهِ وينصروه إِن خرج وهم أَحيَاء وَأخرج ابْن جريج عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين ليبلغن آخركم أوّلكم وَلَا تختلفوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: ثمَّ ذكر مَا أَخذ عَلَيْهِم - يَعْنِي على أهل الْكتاب - وعَلى أَنْبِيَائهمْ من الْمِيثَاق بتصديقه - يَعْنِي بِتَصْدِيق مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - إِذْ جَاءَهُم وإقرارهم بِهِ على أنفسهم وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن ثَابت قَالَ: جَاءَ عمر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي مَرَرْت بِأَخ لي من قُرَيْظَة فَكتب لي جَوَامِع من التَّوْرَاة أَلا أعرضها عَلَيْك فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا فَسرِّي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو أصبح فِيكُم مُوسَى ثمَّ اتبعتموه لَضَلَلْتُمْ إِنَّكُم حظي من الأ وَأَنا حظكم من النَّبِيين وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تسألوا أهل الْكتاب عَن شَيْء فَإِنَّهُم لن يهدوكم وَقد ضلوا إِنَّكُم أما أَن تصدقوا بباطل وَإِمَّا أَن تكذبوا بِحَق وَأَنه - وَالله - لَو كَانَ مُوسَى حَيا بَين أظْهركُم مَا حل لَهُ إِلَّا أَن يَتبعني وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَ {لما آتيتكم} ثقل لما وَأخرج عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لما} مُخَفّفَة {آتيتكم} بِالتَّاءِ على وَاحِدَة يَعْنِي أَعطيتكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إصري} قَالَ: عهدي

وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {قَالَ فَاشْهَدُوا} يَقُول: فَاشْهَدُوا على أممكم بذلك {وَأَنا مَعكُمْ من الشَّاهِدين} عَلَيْكُم وَعَلَيْهِم {فَمن تولى} عَنْك يَا مُحَمَّد بعد هَذَا الْعَهْد من جَمِيع الْأُمَم {فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} هم العاصون فِي الْكفْر الْآيَتَانِ 83 - 84

83

أخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها} أما من فِي السَّمَوَات فالملائكة وَأما من فِي الأَرْض فَمن ولد على الْإِسْلَام وَأما كرها فَمن أَتَى بِهِ من سَبَايَا الْأُمَم فِي السلَاسِل والأغلال يقادون إِلَى الْجنَّة وهم كَارِهُون وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها} قَالَ: الْمَلَائِكَة أطاعوه فِي السَّمَاء وَالْأَنْصَار وَعبد الْقَيْس أطاعوه فِي الأَرْض وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها} قَالَ: حِين أَخذ الْمِيثَاق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: عِبَادَتهم لي أَجْمَعِينَ {طَوْعًا وَكرها} وَهُوَ قَوْله (وَللَّه يسْجد من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها) (الرَّعْد الْآيَة 15) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات} قَالَ: هَذِه مفصولة {من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {وَله أسلم} قَالَ: الْمعرفَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ كَقَوْلِه (وَلَئِن سَأَلتهمْ من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ليَقُولن الله) (لُقْمَان الْآيَة 25) فَذَلِك إسْلَامهمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: كل آدَمِيّ أقرّ على نَفسه بِأَن الله رَبِّي وَأَنا عَبده فَمن أشرك فِي عِبَادَته فَهَذَا الَّذِي أسلم كرها وَمن أخْلص لله الْعُبُودِيَّة فَهُوَ الَّذِي أسلم طَوْعًا وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: أكره أَقوام على الْإِسْلَام وَجَاء أَقوام طائعين وَأخرج عَن مطر الْوراق فِي الْآيَة قَالَ: الْمَلَائِكَة طَوْعًا وَالْأَنْصَار طَوْعًا وَبَنُو سليم وَعبد الْقَيْس طَوْعًا وَالنَّاس كلهم كرها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أما الْمُؤمن فَأسلم طَائِعا فنفعه ذَلِك وَقبل مِنْهُ وَأما الْكَافِر فَأسلم حِين رأى بَأْس الله فَلم يَنْفَعهُ ذَلِك وَلم يقبل مِنْهُم (فَلم يَك يَنْفَعهُمْ إِيمَانهم لما رَأَوْا بأسنا) (غَافِر الْآيَة 85) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: فِي السَّمَاء الْمَلَائِكَة طَوْعًا وَفِي الأَرْض الْأَنْصَار وَعبد الْقَيْس طَوْعًا وَأخرج عَن الشّعبِيّ {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات} قَالَ: استقادتهم لَهُ وَأخرج عَن أبي سِنَان {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: الْمعرفَة لَيْسَ أحد تسأله إِلَّا عرفه وَأخرج عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَكرها} قَالَ: من أسلم من مُشْركي الْعَرَب والسبايا: وَمن دخل فِي الْإِسْلَام كرها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سَاءَ خلقه من الرَّقِيق وَالدَّوَاب وَالصبيان فاقرأوا فِي أُذُنه {أفغير دين الله يَبْغُونَ} وَأخرج ابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة عَن يُونُس بن عبيد قَالَ: لَيْسَ رجل

يكون على دَابَّة صعبة فَيقْرَأ فِي أذنها {أفغير دين الله يَبْغُونَ وَله أسلم} الْآيَة إِلَّا ذلت لَهُ بِإِذن الله عز وَجل الْآيَة 85

85

أخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تَجِيء الْأَعْمَال يَوْم الْقِيَامَة فتجيء الصَّلَاة فَتَقول: يَا رب أَنا الصَّلَاة فَيَقُول: إِنَّك على خير وتجيء الصَّدَقَة فَتَقول: يَا رب أَنا الصَّدَقَة فَيَقُول: إِنَّك على خير ثمَّ يَجِيء الصّيام فَيَقُول: أَنا الصّيام فَيَقُول إِنَّك على خير ثمَّ تَجِيء الْأَعْمَال كل ذَلِك يَقُول الله: إِنَّك على خير ثمَّ يَجِيء الْإِسْلَام فَيَقُول: يَا رب أَنْت السَّلَام وَأَنا الْإِسْلَام فَيَقُول الله: إِنَّك على خير بك الْيَوْم آخذ وَبِك أعطي قَالَ الله فِي كِتَابه {وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين} الْآيَات 86 - 89

86

أخرج النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رجل من الْأَنْصَار فَأسلم ثمَّ ارْتَدَّ وَلحق بالمشركين ثمَّ نَدم فَأرْسل إِلَى قومه: أرْسلُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل لي من تَوْبَة فَنزلت {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم} إِلَى قَوْله {فَإِن الله غَفُور رَحِيم} فَأرْسل إِلَيْهِ قومه فَأسلم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق ومسدد فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والباوردي فِي مَعْرُوفَة الصَّحَابَة قَالَ: جَاءَ الْحَارِث بن سُوَيْد فَأسلم مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ كفر فَرجع إِلَى قومه فَأنْزل الله فِيهِ الْقُرْآن {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا} إِلَى قَوْله {رَحِيم} فحملها إِلَيْهِ رجل من قومه فقرأها عَلَيْهِ فَقَالَ الْحَارِث: إِنَّك - وَالله - مَا علمت لصدوق وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأصدق مِنْك وَأَن الله عز وَجل لأصدق الثَّلَاثَة فَرجع الْحَارِث فَأسلم فَحسن إِسْلَامه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {كَيفَ يهدي الله قوما} الْآيَة قَالَ: أنزلت فِي الْحَارِث بن سُوَيْد الْأنْصَارِيّ كفر بعد إيمَانه فأنزلت فِيهِ هَذِه الْآيَات ثمَّ نزلت {إِلَّا الَّذين تَابُوا} الْآيَة فَتَابَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كَيفَ يهدي الله قوما} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رجل من بني عَمْرو بن عَوْف كفر بعد إيمَانه فجَاء الشَّام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ رجل من بني عَمْرو بن عَوْف كفر بعد إيمَانه قَالَ: قَالَ ابْن جريج: أَخْبرنِي عبد الله بن كثير عَن مُجَاهِد قَالَ: لحق بِأَرْض الرّوم فتنصَّر ثمَّ كتب إِلَى قومه: أرْسلُوا هَل لي من تَوْبَة فَنزلت {إِلَّا الَّذين تَابُوا} فَآمن ثمَّ رَجَعَ قَالَ ابْن جريج: قَالَ عِكْرِمَة: نزلت فِي أبي عَامر الراهب والْحَارث بن سُوَيْد بن الصَّامِت ووحوح بن الأسلت فِي اثْنَي عشر رجلا رجعُوا عَن الْإِسْلَام وَلَحِقُوا بِقُرَيْش ثمَّ كتبُوا إِلَى أهلهم هَل لنا من تَوْبَة فَنزلت {إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك} الْآيَات وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَن الْحَارِث بن سُوَيْد قتل المجدر بن زِيَاد وقْيس بن زيد أحد بني ضبيعة يَوْم أحد ثمَّ لحق بِقُرَيْش فَكَانَ بِمَكَّة ثمَّ بعث إِلَى أَخِيه الْجلاس يطْلب التَّوْبَة ليرْجع إِلَى قومه فَأنْزل الله فِيهِ {كَيفَ يهدي الله قوما} إِلَى أخر الْقِصَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح مولى أم هانىء أَن الْحَرْث بن سُوَيْد بَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ لحق بِأَهْل مَكَّة وَشهد أحدا فقاتل الْمُسلمين ثمَّ سقط فِي يَده فَرجع إِلَى مَكَّة فَكتب إِلَى أَخِيه جلاس بن سُوَيْد: يَا أخي إِنِّي نَدِمت على مَا كَانَ مني فأتوب إِلَى الله وأرجع إِلَى الْإِسْلَام فاذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن

طمعت لي فِي تَوْبَة فَاكْتُبْ إِلَيّ فَذكر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم} فَقَالَ قوم من أَصْحَابه مِمَّن كَانَ عَلَيْهِ يتمنع ثمَّ يُرَاجع الْإِسْلَام فَأنْزل الله (إِن الَّذين كفرُوا بعد إِيمَانهم ثمَّ ازدادوا كفرا لن تقبل تَوْبَتهمْ وَأُولَئِكَ هم الضالون) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَيفَ يهدي الله قوما كفرُوا بعد إِيمَانهم} قَالَ: هم أهل الْكتاب عرفُوا مُحَمَّدًا ثمَّ كفرُوا بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هم أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى رَأَوْا نعت مُحَمَّد فِي كِتَابهمْ وأقرُّوا بِهِ وشهدوا أَنه حق فَلَمَّا بعث من غَيرهم حسدوا الْعَرَب على ذَلِك فأنكروه وَكَفرُوا بعد اقرارهم حسداً للْعَرَب حِين بعث من غَيرهم الْآيَة 90

90

أخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس أَن قوما أَسْلمُوا ثمَّ ارْتَدُّوا ثمَّ أَسْلمُوا ثمَّ ارْتَدُّوا فأرسلوا إِلَى قَومهمْ يسْأَلُون لَهُم فَذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين كفرُوا بعد إِيمَانهم ثمَّ ازدادوا كفرا} الْآيَة هَذَا خطأ من الْبَزَّار وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى لن تقبل تَوْبَتهمْ عِنْد الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود كفرُوا بالإنجيل وَعِيسَى ثمَّ ازدادوا كفرا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّهَا نزلت فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى كفرُوا بعد إِيمَانهم ثمَّ ازدادوا كفرا بذنوب أذنبوها ثمَّ ذَهَبُوا يتوبون من تِلْكَ الذُّنُوب فِي كفرهم وَلَو كَانُوا على الْهدى قبلت تَوْبَتهمْ وَلَكنهُمْ على ضَلَالَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {لن تقبل تَوْبَتهمْ} قَالَ: تَابُوا من الذُّنُوب وَلم يتوبوا من الأَصْل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ثمَّ ازدادوا كفرا} قَالَ: تَمُّوا على كفرهم وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {ثمَّ ازدادوا كفرا} قَالَ: مَاتُوا وهم كفار {لن تقبل تَوْبَتهمْ} قَالَ: إِذا تَابَ عِنْد مَوته لم تقبل تَوْبَته الْآيَة 91

91

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا وماتوا وهم كفار فَلَنْ يقبل من أحدهم ملْء الأَرْض ذَهَبا} قَالَ: هُوَ كل كَافِر وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يجاء بالكافر يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال لَهُ: أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك ملْء الأَرْض ذَهَبا أَكنت مفتدياً بِهِ فَيَقُول: نعم فَيُقَال: لقد سُئِلت مَا هُوَ أيسر من ذَلِك فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين كفرُوا وماتوا وهم كفار} الْآيَة لفظ ابْن جرير الْآيَة 92

92

أخرج مَالك وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَة أَكثر أَنْصَارِي بِالْمَدِينَةِ نخلا وَكَانَ أحب أَمْوَاله إِلَيْهِ بيرحاء وَكَانَت مُسْتَقْبلَة الْمَسْجِد وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدخلهَا وَيشْرب من مَاء فِيهَا طيب فَلَمَّا نزلت {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} قَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا رَسُول الله إِن الله يَقُول {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} وان أحب أَمْوَالِي إليَّ بيرحاء وَإِنَّهَا صَدَقَة لله أَرْجُو برهَا وَذُخْرهَا عِنْد الله فضعها يَا

رَسُول الله حَيْثُ أَرَاك الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بخ ذَاك مَال رابح ذَلِك مَال رابح وَقد سَمِعت مَا قلت وَإِنِّي أرى أَن تجعلها فِي الْأَقْرَبين فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: أفعل يَا رَسُول الله فَقَسمهَا أَبُو طَلْحَة فِي أَقَاربه وَبني عَمه وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير عَن أنس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} قَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا رَسُول الله إِن الله يسألنا من أَمْوَالنَا أشهد أَنِّي قد جعلت أرضي بأريحا لله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجْعَلْهَا فِي قرابتك فَجَعلهَا فِي حسان بن ثَابت وَأبي بن كَعْب وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} أَو هَذِه الْآيَة (من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا) قَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا رَسُول الله حائطي الَّذِي بِكَذَا وَكَذَا صَدَقَة وَلَو اسْتَطَعْت أَن أسره لم أعلنه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجْعَلْهُ فِي فُقَرَاء أهلك وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَزَّار عَن ابْن عمر قَالَ: حضرتني هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} فَذكرت مَا أَعْطَانِي الله فَلم أجد شَيْئا أحب إليَّ من مرْجَانَة جَارِيَة لي رُومِية فَقلت هِيَ حرَّة لوجه الله فَلَو أَنِّي أَعُود فِي شَيْء جعلته لله لنكحتها فَأَنْكحهَا نَافِعًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب أَنه كتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن يبْتَاع لَهُ جَارِيَة من سبي جَلُولَاء فَدَعَا بهَا عمر فَقَالَ: إِن الله يَقُول {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} فَأعْتقهَا عمر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} جَاءَ زيد بن حَارِثَة بفرس لَهُ يُقَال لَهَا شبلة لم يكن لَهُ مَال أحب إِلَيْهِ مِنْهَا فَقَالَ: هِيَ صَدَقَة فقبلها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحمل عَلَيْهَا ابْنه أُسَامَة فَرَأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك فِي وَجه زيد فَقَالَ: إِن الله قد قبلهَا مِنْك وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن دِينَار مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير من طَرِيق معمر عَن أَيُّوب وَغَيره أَنَّهَا حِين نزلت {لن تنالوا الْبر} الْآيَة جَاءَ زيد بن حَارِثَة بفرس لَهُ كَانَ يُحِبهَا فَقَالَ: يَا رَسُول

الله هَذِه فِي سَبِيل الله فَحمل عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسامة بن زيد فَكَأَن زيدا وجد فِي نَفسه فَلَمَّا رأى ذَلِك مِنْهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أما إِن الله قد قبلهَا وَأخرج عبد بن جميد عَن ثَابت بن الْحجَّاج قَالَ: بَلغنِي أَنه لما نزلت هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} قَالَ زيد: اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنه لَيْسَ لي مَال أحب إِلَيّ من فرسي هَذِه فَتصدق بهَا على الْمَسَاكِين فأقاموها تبَاع وَكَانَت تعجبه فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَهَاهُ أَن يَشْتَرِيهَا وَأخرج ابْن جرير عَن مَيْمُون بن مهْرَان أَن رجلا سَأَلَ أَبَا ذَر أيُّ الْأَعْمَال أفضل قَالَ: الصَّلَاة عماد الْإِسْلَام وَالْجهَاد سَنَام الْعَمَل وَالصَّدَََقَة شَيْء عَجِيب فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر لقد تركت شَيْئا هُوَ أوثق عَمَلي فِي نَفسِي لَا أَرَاك ذكرته قَالَ: مَا هُوَ قَالَ: الصّيام فَقَالَ: قربَة وَلَيْسَ هُنَا وتلا هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} وَأخرج عبد بن حميد عَن رجل من بني سليم قَالَ: جَاوَرت أَبَا ذَر بالربذة وَله فِيهَا قطيع إبل لَهُ فِيهَا رَاع ضَعِيف فَقلت: يَا أَبَا ذَر الا أكون لَك صاحباً أكنف راعيك واقتبس مِنْك بعض مَا عنْدك لَعَلَّ الله أَن يَنْفَعنِي بِهِ فَقَالَ أَبُو ذَر: إِن صَاحِبي من أَطَاعَنِي فَأَما أَنْت مطيعي فَأَنت لي صَاحب وَإِلَّا فَلَا قلت: مَا الَّذِي تَسْأَلنِي فِيهِ الطَّاعَة قَالَ: لَا أَدْعُوك بِشَيْء من مَالِي إِلَّا توخيت أفضله قَالَ: فَلَبثت مَعَه مَا شَاءَ الله ثمَّ ذكر لَهُ فِي المَاء حَاجَة فَقَالَ: ائْتِنِي بِبَعِير من الْإِبِل فتصفحت الْإِبِل فَإِذا أفضلهَا فَحلهَا ذَلُول فهممت بِأَخْذِهِ ثمَّ ذكرت حَاجتهم إِلَيْهِ فتركته وَأخذت نَاقَة لَيْسَ فِي الْإِبِل بعد الْفَحْل أفضل مِنْهَا فَجئْت بهَا فحانت مِنْهُ نظرة فَقَالَ: يَا أَخا بني سليم خُنْتنِي فَلَمَّا فهمتها مِنْهُ خليت سَبِيل النَّاقة وَرجعت إِلَى الْإِبِل فاخذت الْفَحْل فَجئْت بِهِ فَقَالَ لجلسائه: من رجلَانِ يحتسبان عملهما قَالَ رجلَانِ: نَحن قَالَ: اما لَا فأنيخاه ثمَّ اعقلاه ثمَّ انحراه ثمَّ عدوا بيُوت المَاء فجزئوا لَحْمه على عَددهمْ وَاجْعَلُوا بَيت أبي ذَر بَيْتا مِنْهَا فَفَعَلُوا فَلَمَّا فرق اللَّحْم دَعَاني فَقَالَ: مَا أَدْرِي أحفظت وصيتي فظهرت بهَا أم نسيت فاعذرك قلت: مَا نسيت وصيتك وَلَكِن لما تصفحت الْإِبِل وجدت فَحلهَا أفضلهَا فهممت بِأَخْذِهِ فَذكرت حَاجَتكُمْ إِلَيْهِ فتركته فَقَالَ: مَا تركته إِلَّا لحاجتي

إِلَيْهِ قلت: مَا تركته إِلَّا لذَلِك قَالَ: أَفلا أخْبرك بِيَوْم حَاجَتي إِن يَوْم حَاجَتي يَوْم أوضع فِي حفرتي فَذَلِك يَوْم حَاجَتي إِن فِي المَال ثَلَاثَة شُرَكَاء: الْقدر لَا ينْتَظر أَن يذهب بخيرها أَو شَرها وَالْوَارِث ينْتَظر مَتى تضع رَأسك ثمَّ يستفيئها وَأَنت ذميم وَأَنت الثَّالِث فَإِن اسْتَطَعْت أَن لَا تكونن أعجز الثَّلَاثَة فَلَا تكونن مَعَ أَن الله يَقُول {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} وَأَن هَذَا المَال مِمَّا أحب من مَالِي فَأَحْبَبْت أَن أقدمه لنَفْسي وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة قَالَت: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضب فَلم يَأْكُلهُ وَلم ينهَ عَنهُ قلت: يَا رَسُول الله أَفلا نطعمه الْمَسَاكِين قَالَ: لَا تطعموهم مِمَّا لَا تَأْكُلُونَ وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عمر أَنه لما نزلت {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} دَعَا بِجَارِيَة لَهُ فاعتقها وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: قَرَأَ ابْن عمر وَهُوَ يُصَلِّي فَأتى على هَذِه الْآيَة {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} فاعتق جَارِيَة لَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَشَارَ إِلَيْهَا بِيَدِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن نَافِع قَالَ: كَانَ ابْن عمر يَشْتَرِي السكر فَيتَصَدَّق بِهِ فَنَقُول لَهُ: لَو اشْتريت لَهُم بِثمنِهِ طَعَاما كَانَ أَنْفَع لَهُم من هَذَا فَيَقُول: إِنِّي أعرف الَّذِي تَقولُونَ وَلَكِن سَمِعت الله يَقُول {لن تنالوا الْبر حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون} وَابْن عمر يحب السكر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {لن تنالوا الْبر} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن مَيْمُون وَالسُّديّ مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لن تنالوا بركم حَتَّى تنفقوا مِمَّا يعجبكم وَمِمَّا تهوون من أَمْوَالكُم {وَمَا تنفقوا من شَيْء فَإِن الله بِهِ عليم} يَقُول مَحْفُوظ: ذَلِك لكم وَالله بِهِ عليم شَاكر لَهُ

الْآيَات 93 - 95

93

أخرج عبد بن حميد وَالْفِرْيَابِي وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {كل الطَّعَام كَانَ حلا لبني إِسْرَائِيل إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه} قَالَ: الْعرق أَخذه عرق النسا فَكَانَ يبيت لَهُ زقاء يَعْنِي صياح فَجعل لله عَلَيْهِ إِن شفَاه أَن لَا يَأْكُل لَحْمًا فِيهِ عروق فحرمته الْيَهُود وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق يُوسُف بن مَاهك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هَل تَدْرِي مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه ان إِسْرَائِيل أَخَذته الأنساء فاضنته فَجعل لله عَلَيْهِ إِن عافاه الله أَن لَا يَأْكُل عرقاً أبدا فَلذَلِك تسل الْيَهُود الْعُرُوق فَلَا يأكلونها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: حرم على نَفسه الْعُرُوق وَذَلِكَ أَنه كَانَ يشتكي عرق النسا فَكَانَ لَا ينَام اللَّيْل فَقَالَ: وَالله لَئِن عافاني الله مِنْهُ لَا يَأْكُلهُ لي ولد وَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاة وَسَأَلَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفرا من أهل الْكتاب فَقَالَ: مَا شَأْن هَذَا حَرَامًا فَقَالُوا: هُوَ حرَام علينا من قبل الْكتاب فَقَالَ الله {كل الطَّعَام كَانَ حلا لبني إِسْرَائِيل} إِلَى {إِن كُنْتُم صَادِقين} وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ الْيَهُود فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم أخبرنَا عَمَّا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه قَالَ: كَانَ يسكن البدو فاشتكى عرق النسا فَلم يجد شَيْئا يداويه إِلَّا لُحُوم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا فَلذَلِك حرمهَا قَالُوا: صدقت وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه}

قَالَ: حرم الْعُرُوق وَلُحُوم الْإِبِل كَانَ بِهِ عرق النسا فَأكل من لحومها فَبَاتَ بليلة يزقو فَحلف أَن لَا يَأْكُلهُ أبدا وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مجلز فِي قَوْله {إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه} قَالَ: إِن إِسْرَائِيل هُوَ يَعْقُوب وَكَانَ رجلا بطيشاً فلقي ملكا فعالجه فصرعه الْملك ثمَّ ضرب على فَخذه فَلَمَّا رأى يَعْقُوب مَا صنع بِهِ بَطش بِهِ فَقَالَ: مَا أَنا بتاركك حَتَّى تسميني اسْما فَسَماهُ إِسْرَائِيل فَلم يزل يوجعه ذَلِك الْعرق حَتَّى حرمه من كل دَابَّة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: حرم على نَفسه لُحُوم الْأَنْعَام وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: الَّذِي حرم إِسْرَائِيل على نَفسه زائدتا الكبد والكليتين والشحم إِلَّا مَا كَانَ على الظّهْر فَإِن ذَلِك كَانَ يقرب للقربان فتأكله النَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء {إِلَّا مَا حرم إِسْرَائِيل} قَالَ: لُحُوم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت الْيَهُود للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نزلت التَّوْرَاة بِتَحْرِيم الَّذِي حرم إِسْرَائِيل فَقَالَ الله لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فاتلوها إِن كُنْتُم صَادِقين} وكذبوا لَيْسَ فِي التَّوْرَاة وَإِنَّمَا لم يحرم ذَلِك إِلَّا تَغْلِيظًا لمعصية بني إِسْرَائِيل بعد نزُول التَّوْرَاة {قل فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فاتلوها إِن كُنْتُم صَادِقين} وَقَالَت الْيَهُود لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ مُوسَى يَهُودِيّا على ديننَا وجاءنا فِي التَّوْرَاة تَحْرِيم الشحوم وَذي الظفر والسبت فَقَالَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَذبْتُمْ لم يكن مُوسَى يَهُودِيّا وَلَيْسَ فِي التَّوْرَاة إِلَّا الْإِسْلَام يَقُول الله {قل فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فاتلوها إِن كُنْتُم صَادِقين} أفيه ذَلِك وَمَا جَاءَهُم بهَا أنبياؤهم بعد مُوسَى فَنزلت فِي الألواح جملَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي رجل جعل امْرَأَته عَلَيْهِ حَرَامًا قَالَ: حرمت عَلَيْهِ كَمَا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه لُحُوم الْجمل فَحرم عَلَيْهِ قَالَ مَسْرُوق: إِن إِسْرَائِيل كَانَ حرم على نَفسه شَيْئا كَانَ فِي علم الله أَن سيحرمه إِذا نزل الْكتاب فَوَافَقَ تَحْرِيم إِسْرَائِيل مَا قد علم الله أَنه سيحرمه إِذا نزل

الْكتاب وَأَنْتُم تعمدون إِلَى الشَّيْء قد أحله الله فَتُحَرِّمُونَهُ على أَنفسكُم مَا أُبَالِي إِيَّاهَا حرمت أَو قَصْعَة من ثريد الْآيَة 96

96

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الشّعبِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {إِن أول بَيت وضع للنَّاس للَّذي ببكة} قَالَ: كَانَت الْبيُوت قبله وَلكنه كَانَ أول بَيت وضع لعبادة الله وَأخرج ابْن جرير عَن مطر مثله وَأخرج ابْن جريج عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ {إِن أول بَيت وضع للنَّاس} يُعْبَدُ الله فِيهِ {للَّذي ببكة} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذَر قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أَي مَسْجِد وضع أول قَالَ: الْمَسْجِد الْحَرَام قلت: ثمَّ أَي قَالَ: الْمَسْجِد الْأَقْصَى قلت: كم بَينهمَا قَالَ: أَرْبَعُونَ سنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو قَالَ: خلق الله الْبَيْت قبل الأَرْض بألفي سنة وَكَانَ إِذْ كَانَ عَرْشه على المَاء زبدة بَيْضَاء وَكَانَت الأَرْض تَحْتَهُ كَأَنَّهَا حَشَفَة فدحيت الأَرْض من تَحْتَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن الْكَعْبَة خلقت قبل الأَرْض بألفي سنة وَهِي من الأَرْض إِنَّمَا كَانَت حَشَفَة على المَاء عَلَيْهَا ملكان من الْمَلَائِكَة يسبحان فَلَمَّا أَرَادَ الله أَن يخلق الأَرْض دحاها مِنْهَا فَجَعلهَا فِي وسط الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير والأزرقي عَن مُجَاهِد قَوْله {إِن أول بَيت وضع للنَّاس} كَقَوْلِه (كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس) (آل عمرَان الْآيَة 110) وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: أما أول بَيت فَإِنَّهُ يَوْم كَانَت الأَرْض مَاء كَانَ زبدة على الأَرْض فَلَمَّا خلق الله الأَرْض خلق الْبَيْت مَعهَا فَهُوَ أول بَيت وضع فِي الأَرْض

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: أول قبْلَة أعملت للنَّاس الْمَسْجِد الْحَرَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر والأزرقي عَن ابْن جريج قَالَ: بلغنَا أَن الْيَهُود قَالَت: بَيت الْمُقَدّس أعظم من الْكَعْبَة لِأَنَّهَا مهَاجر الْأَنْبِيَاء وَلِأَنَّهُ فِي الأَرْض المقدسة فَقَالَ الْمُسلمُونَ: بل الْكَعْبَة أعظم فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {إِن أول بَيت وضع للنَّاس للَّذي ببكة مُبَارَكًا} إِلَى قَوْله {فِيهِ آيَات بَيِّنَات مقَام إِبْرَاهِيم} وَلَيْسَ ذَلِك فِي بَيت الْمُقَدّس {وَمن دخله كَانَ آمنا} وَلَيْسَ ذَلِك فِي بَيت الْمُقَدّس {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} وَلَيْسَ ذَلِك لبيت الْمُقَدّس وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أول بقْعَة وضعت فِي الأَرْض مَوضِع الْبَيْت ثمَّ مهدت مِنْهَا الأَرْض وَإِن أول جبل وَضعه الله على وَجه الأَرْض أَبُو قبيس ثمَّ مدت مِنْهُ الْجبَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: إِنَّمَا سميت بكة لِأَن النَّاس يجيئون إِلَيْهَا من كل جَانب حجاجاً وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد قَالَ: إِنَّمَا سميت بكة لِأَن النَّاس يتباكون فِيهَا الرِّجَال وَالنِّسَاء يَعْنِي يزدحمون وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: إِنَّمَا سميت بكة لِأَن النَّاس يبك بَعضهم بَعْضًا فِيهَا وانه يحل فِيهَا مَا لَا يحل فِي غَيرهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن قَتَادَة قَالَ: سميت بكة لِأَن الله بك بهَا النَّاس جَمِيعًا فَيصَلي النِّسَاء قُدَّام الرِّجَال وَلَا يصلح ذَلِك بِبَلَد غَيره وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عتبَة بن قيس قَالَ: إِن مَكَّة بَكت بكاء الذّكر فِيهَا كالأنثى قيل: عَمَّن تروي هَذَا قَالَ: عَن ابْن عمر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن زيد بن مهَاجر قَالَ: إِنَّمَا سميت بكة لِأَنَّهَا كَانَت تبك الظلمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: الْبَيْت وَمَا حوله بكة وَمَا وَرَاء ذَلِك مَكَّة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي مَالك الْغِفَارِيّ قَالَ: بكة مَوضِع الْبَيْت وَمَكَّة مَا سوى ذَلِك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن شهَاب قَالَ: بكة الْبَيْت وَالْمَسْجِد وَمَكَّة الْحرم كُله وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: بكة هِيَ مَكَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَكَّة من الْفَج إِلَى التَّنْعِيم وبكة من الْبَيْت إِلَى الْبَطْحَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: بكة الْكَعْبَة وَمَكَّة مَا حولهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان {مُبَارَكًا} جعل فِيهِ الْخَيْر وَالْبركَة {وَهدى للْعَالمين} يَعْنِي بِالْهدى قبلتهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: بَلغنِي أَنهم وجدوا فِي مقَام إِبْرَاهِيم ثَلَاثَة صفوح فِي كل صفح مِنْهَا كتاب فِي الصفح الأول: أَنا الله ذُو بكة صغتها يَوْم صغت الشَّمْس وَالْقَمَر وحففتها بسبعة أَمْلَاك حنفَاء وباركت لأَهْلهَا فِي اللَّحْم وَاللَّبن وَفِي الصفح الثَّانِي: أَنا الله ذُو بكة خلقت الرَّحِم وشققت لَهَا من اسْمِي وَمن وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا بتته وَفِي الثَّالِث: أَنا الله ذُو بكة خلقت الْخَيْر وَالشَّر فطوبى لمن كَانَ الْخَيْر على يَدَيْهِ وويل لمن كَانَ الشَّرّ على يَدَيْهِ وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وجد فِي الْمقَام كتاب فِيهِ: هَذَا بَيت الله الْحَرَام بكة توكل الله برزق أَهله من ثَلَاثَة سبل: يُبَارك لأَهْلهَا فِي اللَّحْم وَالْمَاء وَاللَّبن لَا يحله أول من أَهله وَوجد فِي حجر من الْحجر كتاب من خلقَة الْحجر: أَنا الله ذُو بكة الْحَرَام صغتها يَوْم صغت الشَّمْس وَالْقَمَر وحففتها بسبعة أَمْلَاك حنفَاء لَا تَزُول حَتَّى يَزُول أخشباها مبارك لأَهْلهَا فِي اللَّحْم وَالْمَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد وَالضَّحَّاك نَحوه وَأخرج الجندي فِي فَضَائِل مَكَّة عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خلق الله مَكَّة فوضعها على المكروهات والدرجات قيل لسَعِيد بن جُبَير: مَا الدَّرَجَات قَالَ: الدَّرَجَات الْجنَّة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي عَن عَائِشَة قَالَت: مَا رَأَيْت السَّمَاء فِي مَوضِع أقرب مِنْهَا إِلَى الأَرْض من مَكَّة

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عَطاء بن كثير رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمقَام بِمَكَّة سَعَادَة وَخُرُوج مِنْهَا شقوة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ والجندي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أدْركهُ شهر رَمَضَان بِمَكَّة فصامه كُله وَقَامَ مِنْهُ مَا تيَسّر كتب الله لَهُ مائَة ألف شهر رَمَضَان بِغَيْر مَكَّة وَكتب لَهُ كل يَوْم حَسَنَة وكل لَيْلَة حَسَنَة وكل يَوْم عتق رَقَبَة وكل لَيْلَة عتق رَقَبَة وكل يَوْم حملان فرس فِي سَبِيل الله وكل لَيْلَة حملان فرس فِي سَبِيل الله وَله بِكُل يَوْم دَعْوَة مستجابة وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هَذَا الْبَيْت دعامة الْإِسْلَام من خرج يؤم هَذَا الْبَيْت من حَاج أَو مُعْتَمر كَانَ مَضْمُونا على الله ان قَبضه أَن يدْخلهُ الْجنَّة وَإِن رده أَن يردهُ بِأَجْر أَو غنيمَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الصَّلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْجُمُعَة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف جُمُعَة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَشهر رَمَضَان فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف شهر رَمَضَان فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَأخرج الْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فضل الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام على غَيره مائَة ألف صَلَاة وَفِي مَسْجِدي ألف صَلَاة وَفِي مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس بِخَمْسِمِائَة صَلَاة وَأخرج ابْن ماجة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صَلَاة الرجل فِي بَيته بِصَلَاة وَصلَاته فِي مَسْجِد الْقَبَائِل بِخمْس وَعشْرين صَلَاة وَصلَاته فِي فِي الْمَسْجِد الَّذِي يجمع فِيهِ بِخَمْسِمِائَة صَلَاة وَصلَاته فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ ألف صَلَاة وَصلَاته فِي مَسْجِدي بِخَمْسِينَ ألف صَلَاة وَصلَاته فِي الْمَسْجِد الْحَرَام بِمِائَة ألف صَلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالْبَزَّار وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف

صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من مائَة ألف صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا قيل لعطاء: هَذَا الْفضل الَّذِي يذكر فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَحده أَو فِي الْحرم قَالَ: لَا بل فِي الْحرم فَإِن الْحرم كُله مَسْجِد وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صَلَاة فِي مَسْجِدي أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَصَلَاة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام أفضل من مائَة ألف صَلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا خير من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَأخرج الْبَزَّار عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا خَاتم الْأَنْبِيَاء ومسجدي خَاتم مَسَاجِد الْأَنْبِيَاء أَحَق الْمَسَاجِد أَن يزار وتشد إِلَيْهِ الرَّوَاحِل الْمَسْجِد الْحَرَام ومسجدي صَلَاة فِي مَسْجِدي أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ من الْمَسَاجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن منيع وَالرُّويَانِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من ألف صَلَاة فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام الْآيَة 97

97

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ فِيهِ آيَة بَيِّنَة مقَام إِبْرَاهِيم وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ ((فِيهِ آيَات بَيِّنَة)) وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم بن أبي النجُود {فِيهِ آيَات بَيِّنَات} على الْجمع

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {فِيهِ آيَات بَيِّنَات} مِنْهُنَّ مقَام إِبْرَاهِيم والمشعر وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد وَقَتَادَة فِي الْآيَة قَالَا: مقَام إِبْرَاهِيم من الْآيَات الْبَينَات وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {فِيهِ آيَات بَيِّنَات} قَالَ: {مقَام إِبْرَاهِيم وَمن دخله كَانَ آمنا وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والأزرقي عَن مُجَاهِد {فِيهِ آيَات بَيِّنَات مقَام إِبْرَاهِيم} قَالَ: أثر قَدَمَيْهِ فِي الْمقَام آيَة بَيِّنَة {وَمن دخله كَانَ آمنا} قَالَ: هَذَا شَيْء آخر وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن زيد بن أسلم {فِيهِ آيَات بَيِّنَات} قَالَ: الْآيَات الْبَينَات هنَّ مقَام إِبْرَاهِيم {وَمن دخله كَانَ آمنا وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} وَقَالَ (يَأْتِين من كل فج عميق) (الْحَج الْآيَة 27) وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْكَلْبِيّ {فِيهِ آيَات بَيِّنَات} قَالَ {الْآيَات} الْكَعْبَة والصفا والمروة ومقام إِبْرَاهِيم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن دخله كَانَ آمنا} قَالَ: هَذَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَ الرجل لَو جر كل جريرة على نَفسه ثمَّ لَجأ إِلَى حرم الله لم يتَنَاوَل وَلم يطْلب فاما فِي الْإِسْلَام فَإِنَّهُ لَا يمْنَع من حُدُود الله وَمن سرق فِيهِ قطع وَمن زنى فِيهِ أقيم عَلَيْهِ الْحَد وَمن قتل فِيهِ قتل وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر والأزرقي عَن حويطب بن عبد الْعُزَّى قَالَ: أدْركْت فِي الْجَاهِلِيَّة فِي الْكَعْبَة حلقا أَمْثَال لُجَمِ البُهْمِ لَا يُدخل خَائِف يَده فِيهَا ويهيجه أحد فجَاء خَائِف ذَات يَوْم فَادْخُلْ يَده فِيهَا فَجَاءَهُ آخر من وَرَائه فاجتذبه فشلت يَده فَلقد رَأَيْته أدْرك الْإِسْلَام وَأَنه لأشل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والأزرقي عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لَو وجدت فِيهِ قَاتل الْخطاب مَا مَسسْته حَتَّى يخرج مِنْهُ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن دخله كَانَ آمنا} قَالَ: من عاذ بِالْبَيْتِ أَعَاذَهُ الْبَيْت وَلَكِن لَا يُؤْذِي وَلَا يطعم وَلَا يسقى وَلَا يرْعَى فَإِذا خرج أَخذ بِذَنبِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر والأزرقي من طَرِيق طَاوس عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن دخله كَانَ آمنا} قَالَ: من قتل أَو سرق فِي الْحل ثمَّ دخل الْحرم فَإِنَّهُ لَا يُجَالس وَلَا يكلم وَلَا يؤوى وَلكنه يناشد حَتَّى يخرج فَيُؤْخَذ فيقام عَلَيْهِ فَإِن قتل أَو سرق فِي الْحل فَادْخُلْ الْحرم فارادوا أَن يقيموا عَلَيْهِ مَا أصَاب اخرجوه من الْحرم إِلَى الْحل فأقيم عَلَيْهِ وَإِن قتل فِي الْحرم أَو سرق أقيم عَلَيْهِ فِي الْحرم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أصَاب الرجل الْحَد قتل أَو سرق فَدخل الْحرم لم يُبَايع وَلم يؤْوَ حَتَّى يتبرم فَيخرج من الْحرم فيقام عَلَيْهِ الْحَد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن طَاوس قَالَ: عَابَ ابْن عَبَّاس على ابْن الزبير فِي رجل أَخذ فِي الْحل ثمَّ أدخلهُ الْحرم ثمَّ أخرجه إِلَى الْحل فَقتله وَأخرج عَن الشّعبِيّ قَالَ: من أحدث حَدثا ثمَّ لَجأ إِلَى الْحرم فقد أمِنَ وَلَا يعرض لَهُ وَإِذا أحدث فِي الْحرم أقيم عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من أحدث حَدثا ثمَّ استجار بِالْبَيْتِ فَهُوَ آمن وَلَيْسَ للْمُسلمين أَن يعاقبوه على شَيْء إِلَى أَن يخرج فَإِذا خرج أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من أحدث حَدثا فِي غير الْحرم ثمَّ لَجأ إِلَى الْحرم لم يعرض لَهُ وَلم يُبَايع وَلم يؤوَ حَتَّى يخرج من الْحرم فَإِذا خرج من الْحرم أُخِذَ فأقيم عَلَيْهِ الْحَد وَمن أحدث فِي الْحرم حَدثا أقيم عَلَيْهِ الْحَد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: لَو أخذت قَاتل عمر فِي الْحرم مَا هجته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو وجدت قَاتل أبي فِي الْحرم لم أعرض لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يقتل الرجل ثمَّ يدْخل الْحرم فيلقاه ابْن الْمَقْتُول أَو أَبوهُ فَلَا يحركه

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي شُرَيْح الْعَدوي قَالَ: قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغَد من يَوْم الْفَتْح فَقَالَ: إِن مَكَّة حرَّمها الله وَلم يحرمها النَّاس فَلَا يحل لامرىء يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يسفك بهَا دَمًا وَلَا يعضد بهَا شَجَرَة فَإِن أحد ترخص لقِتَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقولُوا: إِن الله قد أذن لرَسُوله وَلم يَأْذَن لكم وَإِنَّمَا أذن لي سَاعَة من نَهَار ثمَّ عَادَتْ حرمتهَا الْيَوْم كحرمتها بالْأَمْس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَمْرو قَالَ: مرَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بناس من قُرَيْش جُلُوس فِي ظلّ الْكَعْبَة فَلَمَّا انْتهى إِلَيْهِم سلَّم ثمَّ قَالَ: اعلموا أَنَّهَا مسؤولة عَمَّا يعْمل فِيهَا وَإِن ساكنها لَا يسفك دَمًا وَلَا يمشي بالنميمة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن جعدة بن هُبَيْرَة فِي قَوْله {وَمن دخله كَانَ آمنا} قَالَ: آمنا من النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من دخل الْبَيْت دخل فِي حَسَنَة وَخرج من سَيِّئَة مغفوراً لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: من مَاتَ فِي الْحرم بعث آمنا يَقُول الله {وَمن دخله كَانَ آمنا} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ بعث أمنا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ اسْتوْجبَ شَفَاعَتِي وَجَاء يَوْم الْقِيَامَة من الْآمنينَ وَأخرج الجندي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ بعث من الْآمنينَ يَوْم الْقِيَامَة وَمن زارني محتسباً إِلَى الْمَدِينَة كَانَ فِي جواري يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الجندي عَن مخرم بن قيس بن مخرمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ بعث من الْآمنينَ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الجندي عَن ابْن عمر قَالَ: من قُبِرَ بمَكة مُسلما بُعِثَ آمنا يَوْم الْقِيَامَة أما قَوْله تَعَالَى: {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} الْآيَة

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ: لما نزلت {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالُوا: يَا رَسُول الله فِي كل عَام فَسكت قَالُوا: يَا رَسُول الله فِي كل عَام قَالَ: لَا وَلَو قلت نعم لَوَجَبَتْ فَأنْزل الله (لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ) (الْمَائِدَة الْآيَة 101) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَفِي كل عَام فَقَالَ: حج حجَّة الْإِسْلَام الَّتِي عَلَيْك وَلَو قلت نعم وَجَبت عَلَيْكُم وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله كتب عَلَيْكُم الْحَج فَقَامَ الْأَقْرَع بن حَابِس فَقَالَ: أَفِي كل عَام يَا رَسُول الله قَالَ: لَو قلتهَا لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت لم تعملوا بهَا وَلم تستطيعوا أَن تعملو بهَا الْحَج مرّة فَمن زَاد فتطوّع وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَفِي كل عَام قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت مَا قُمْتُم بهَا وَلَو تَرَكْتُمُوهَا لكَفَرْتُمْ فذروني فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِكَثْرَة سُؤَالهمْ أَنْبِيَائهمْ وَاخْتِلَافهمْ عَلَيْهِم فَإِذا أَمرتكُم بِأَمْر فأتمروه مَا اسْتَطَعْتُم وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن أَمر فَاجْتَنبُوهُ وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر قَالَ: قَامَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: من الْحَاج يَا رَسُول الله قَالَ: الشعث التفل فَقَامَ آخر فَقَالَ: أَي الْحَج أفضل يَا رَسُول الله قَالَ: العج والثج فَقَامَ آخر فَقَالَ: مَا السَّبِيل يَا رَسُول الله قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن قَول الله {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} فَقيل مَا السَّبِيل قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنهمَا عَن الْحسن قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا}

قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا السَّبِيل قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنهمَا من طَرِيق الْحسن عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا السَّبِيل إِلَى الْحَج قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: قيل يَا رَسُول الله مَا السَّبِيل قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: السَّبِيل إِلَى الْبَيْت الزَّاد والراحله وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا السَّبِيل قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ: تَجِد ظهر بعير وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عمر بن الْخطاب فِي قَوْله {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: الزَّاد وَالْبَعِير وَفِي لفظ الرَّاحِلَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: السَّبِيل أَن يَصح بدن العَبْد وَيكون لَهُ ثمن زَاد وراحلة من غير أَن يجحف بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {السَّبِيل} من وجد إِلَيْهِ سَعَة وَلم يحل بَينه وَبَينه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن الزبير {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: الِاسْتِطَاعَة الْقُوَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} قَالَ: زاداً وراحلة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير وَالْحسن وَعَطَاء مثله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: إِن الْمحرم للْمَرْأَة من السَّبِيل الَّذِي قَالَ الله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تُسَافِر امْرَأَة مسيرَة لَيْلَة وَفِي لفظ: لَا تُسَافِر الْمَرْأَة بريداً إِلَّا مَعَ ذِي محرم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَقُول: لَا تُسَافِر امْرَأَة إِلَّا مَعَ ذِي محرم فَقَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن امْرَأَتي خرجت حَاجَة وَإِنِّي كنت فِي غَزْوَة كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: انْطلق فحُجَّ مَعَ امْرَأَتك وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من ملك زاداً وراحلة تبلغه إِلَى بَيت الله وَلم يحجَّ بَيت الله فَلَا عَلَيْهِ أَن يَمُوت يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا وَذَلِكَ بِأَن الله يَقُول {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي كتاب الْإِيمَان وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ وَلم يحجّ حجَّة الْإِسْلَام لم يمنعهُ مرض حَابِس أَو سُلْطَان جَائِر أَو حَاجَة ظَاهِرَة فليمت على أَي حَال شَاءَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط مَرْفُوعا مُرْسلا مثله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور بِسَنَد صَحِيح عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لقد هَمَمْت أَن أبْعث رجَالًا إِلَى هَذِه الْأَمْصَار فلينظروا كل من كَانَ لَهُ جدة وَلم يحجّ فيضربوا عَلَيْهِم الْجِزْيَة مَا هم بمسلمين مَا هم بمسلمين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: من مَاتَ وَهُوَ مُوسر لم يحجّ فليمت إِن شَاءَ يَهُودِيّا وَإِن شَاءَ نَصْرَانِيّا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عمر قَالَ: من كَانَ يجد وَهُوَ مُوسر صَحِيح لم يحجّ كَانَ سيماه بَين عَيْنَيْهِ كَافِرًا ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} وَلَفظ ابْن أبي شيبَة: من مَاتَ وَهُوَ مُوسر وَلم يحجّ جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَبَين عَيْنَيْهِ مَكْتُوب كَافِرًا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: من وجد إِلَى الْحَج سَبِيلا سنة ثمَّ سنة ثمَّ مَاتَ وَلم يحجّ لم يصل عَلَيْهِ لَا يدْرِي مَاتَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لَو ترك النَّاس الْحَج لقاتلتهم عَلَيْهِ كَمَا نقاتلهم على الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو أَن النَّاس تركُوا الْحَج عَاما وَاحِدًا لَا يحجّ أحد مَا نُوظِرُوا بعده وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن كفر} قَالَ: من زعم أَنه لَيْسَ بِفَرْض عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: من كفر بِالْحَجِّ فَلم ير حجه برا وَلَا تَركه مأثماً وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما نزلت (وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا ) (آل عمرَان الْآيَة 85) الْآيَة قَالَت الْيَهُود: فَنحْن مُسلمُونَ فَقَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله فرض على الْمُسلمين حج الْبَيْت فَقَالُوا: لم يكْتب علينا وأبوا أَن يحجوا قَالَ الله {وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما نزلت ( {وَمن يبتغ غير الإِسلام دينا} الْآيَة قَالَت الْملَل: نَحن الْمُسلمُونَ فَأنْزل الله {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} فحج الْمُسلمُونَ وَقعد الْكفَّار وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا) الْآيَة قَالَ أهل الْملَل كلهم: نَحن مُسلمُونَ فَأنْزل الله {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} قَالَ: يَعْنِي على الْمُسلمين حج الْمُسلمُونَ وَترك الْمُشْركُونَ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما نزلت آيَة الْحَج {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} الْآيَة جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل الْملَل مُشْركي الْعَرَب وَالنَّصَارَى وَالْيَهُود وَالْمَجُوس وَالصَّابِئِينَ فَقَالَ: إِن الله فرض عَلَيْكُم الْحَج فحجوا الْبَيْت فَلم يقبله إِلَّا الْمُسلمُونَ وكفرت بِهِ خمس

ملل قَالُوا: لَا نؤمن بِهِ وَلَا نصلي إِلَيْهِ وَلَا نستقبله فَأنْزل الله {وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي دَاوُد نفيع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} فَقَامَ رجل من هُذَيْل فَقَالَ: يَا رَسُول الله من تَركه كفر قَالَ: من تَركه لَا يخَاف عُقُوبَته وَمن حج لَا يَرْجُو ثَوَابه فَهُوَ ذَاك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله {وَمن كفر} قَالَ: من كفر بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد أَنه سُئِلَ عَن قَول الله {وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين} مَا هَذَا الْكفْر قَالَ: من كفر بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء بن أبي رَبَاح فِي الْآيَة قَالَ: من كفر بِالْبَيْتِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد أَنه سُئِلَ عَن ذَلِك فَقَرَأَ {إِن أول بَيت وضع للنَّاس} إِلَى قَوْله {سَبِيلا} ثمَّ قَالَ: من كفر بِهَذِهِ الْآيَات وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي الْآيَة قَالَ: وَمن كفر فَلم يُؤمن فَهُوَ الْكَافِر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لَو كَانَ لي جَار مُوسر ثمَّ مَاتَ وَلم يحجَّ لم أصلِّ عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} بِكَسْر الْحَاء وَأخرج عَن عَاصِم بن أبي النجُود {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} بِنصب الْحَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن الْأَقْرَع بن حَابِس سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَج فِي كل سنة أَو مرّة وَاحِدَة قَالَ: لَا بل مرّة وَاحِدَة فَمن زَاد فتطوّع

الْآيَات 98 - 101

98

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم قَالَ: مر شَاس بن قيس وَكَانَ شَيخا قد عسا فِي الْجَاهِلِيَّة عَظِيم الْكفْر شَدِيد الضغن على الْمُسلمين شَدِيد الْحَسَد لَهُم على نفر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَوْس والخزرج فِي مجْلِس قد جمعهم يتحدثون فِيهِ فَغَاظَهُ مَا رأى من ألفتهم وجماعتهم وَصَلَاح ذَات بَينهم على الْإِسْلَام بعد الَّذِي كَانَ بَينهم من الْعَدَاوَة فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ: قد اجْتمع مَلأ بني قيلة بِهَذِهِ الْبِلَاد وَالله مَا لنا مَعَهم إِذا اجْتمع ملؤهم بهَا من قَرَار فَأمر فَتى شَابًّا مَعَه من يهود فَقَالَ: اعمد إِلَيْهِم فاجلس مَعَهم ثمَّ ذكرهم يَوْم بُعَاث وَمَا كَانَ قبله وأنشدهم بعض مَا كَانُوا تقاولوا فِيهِ من الْأَشْعَار وَكَانَ يَوْم بُعَاث يَوْمًا اقْتتلَتْ فِيهِ الْأَوْس والخزرج وَكَانَ الظفر فِيهِ لِلْأَوْسِ على الْخَزْرَج فَفعل فَتكلم الْقَوْم عِنْد ذَلِك وَتَنَازَعُوا وَتَفَاخَرُوا حَتَّى توَاثب رجلَانِ من الْحَيَّيْنِ على الركب أَوْس بن قيظي أحد بني حَارِثَة من الْأَوْس وجبار بن صَخْر أحد بني سَلمَة من الْخَزْرَج فَتَقَاوَلَا ثمَّ قَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: إِن شِئْتُم - وَالله - رددناها الْآن جَذَعَة وَغَضب الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا وَقَالُوا: قد فعلنَا السِّلَاح السِّلَاح مَوْعدكُمْ الظَّاهِرَة وَالظَّاهِرَة الْحرَّة فَخَرجُوا إِلَيْهَا وانضمت الْأَوْس بَعْضهَا إِلَى بعض والخزرج بَعْضهَا إِلَى بعض على دَعوَاهُم الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّة فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج إِلَيْهِم فِيمَن مَعَه من الْمُهَاجِرين من

أَصْحَابه حَتَّى جَاءَهُم فَقَالَ: يَا معشر الْمُسلمين الله الله أَبِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة وَأَنا بَين أظْهركُم بعد إِذْ هدَاكُمْ الله إِلَى الْإِسْلَام وأكرمكم بِهِ وَقطع بِهِ عَنْكُم أَمر الْجَاهِلِيَّة واستنقذكم بِهِ من الْكفْر وَألف بِهِ بَيْنكُم ترجعون إِلَى مَا كُنْتُم عَلَيْهِ كفَّارًا فَعرف الْقَوْم أَنَّهَا نزغة من الشَّيْطَان وَكيد من عدوه لَهُم فَألْقوا السِّلَاح وَبكوا وَعَانَقَ الرِّجَال بَعضهم بَعْضًا ثمَّ انصرفوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَامِعين مُطِيعِينَ قد أطفأ الله عَنْهُم كيد عَدو الله شَاس وَأنزل الله فِي شَأْن شَاس بن قيس وَمَا صنع {قل يَا أهل الْكتاب لمَ تكفرون بآيَات الله وَالله شَهِيد على مَا تَعْمَلُونَ} إِلَى قَوْله {وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ} وَأنزل فِي أَوْس بن قيظي وجبار ابْن صَخْر وَمن كَانَ مَعَهُمَا من قومهما الَّذين صَنَعُوا مَا صَنَعُوا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا فريقاً من الَّذين أُوتُوا الْكتاب يردوكم بعد إيمَانكُمْ كَافِرين} إِلَى قَوْله {وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَاب عَظِيم} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق أبي نعيم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْأَوْس والخزرج فِي الْجَاهِلِيَّة بَينهم شَرّ فَبَيْنَمَا هم يَوْمًا جُلُوس ذكرُوا مَا بَينهم حَتَّى غضبوا وَقَامَ بَعضهم إِلَى بعض بِالسِّلَاحِ فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر لَهُ ذَلِك فَركب إِلَيْهِم فَنزلت {وَكَيف تكفرون} الْآيَة والآيتان بعْدهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ بَين هذَيْن الْحَيَّيْنِ من الْأَوْس والخزرج قتال فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام اصْطَلحُوا وَألف الله بَين قُلُوبهم فَجَلَسَ يَهُودِيّ فِي مجْلِس فِيهِ نفر من الْأَوْس والخزرج فَأَنْشد شعرًا قَالَه أحد الْحَيَّيْنِ فِي حربهم فكأنهم دخلهم من ذَلِك فَقَالَ الْآخرُونَ: قد قَالَ شَاعِرنَا كَذَا وَكَذَا فَاجْتمعُوا وَأخذُوا السِّلَاح وَاصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا فريقاً من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} إِلَى قَوْله {لَعَلَّكُمْ تهتدون} فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قَامَ بَين الصفين فقرأهن وَرفع صَوته فَلَمَّا سمعُوا صَوت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقُرْآنِ أَنْصتُوا لَهُ وَجعلُوا يَسْتَمِعُون فَلَمَّا فرغ ألقوا السِّلَاح وَعَانَقَ بَعضهم بَعْضًا وجثوا يَبْكُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ جماع قبائل الْأَنْصَار بطنين: الْأَوْس والخزرج وَكَانَ بَينهمَا فِي الْجَاهِلِيَّة حَرْب وَدِمَاء وَشَنَآن حَتَّى منّ الله عَلَيْهِم بِالْإِسْلَامِ وبالنبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأطفأ الله الْحَرْب الَّتِي كَانَت بَينهم وألَّف بَينهم

بِالْإِسْلَامِ فَبينا رجل من الْأَوْس وَرجل من الْخَزْرَج قاعدان يتحادثان ومعهما يَهُودِيّ جَالس فَلم يزل يذكرهما بأيامهم والعداوة الَّتِي كَانَت بَينهم حَتَّى اسْتَبَّا ثمَّ اقتتلا فَنَادَى هَذَا قومه وَهَذَا قومه فَخَرجُوا بِالسِّلَاحِ وصفَّ بَعضهم لبَعض فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يزل يمشي بَينهم إِلَى هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء ليسكنهم حَتَّى رجعُوا فَأنْزل الله فِي ذَلِك الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا فريقاً من الَّذين أُوتُوا الْكتاب يردوكم بعد إيمَانكُمْ كَافِرين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي ثَعْلَبَة بن غنمة الْأنْصَارِيّ وَكَانَ بَينه وَبَين أنَاس من الْأَنْصَار كَلَام فَمشى بَينهم يَهُودِيّ من قينقاع فَحمل بَعضهم على بعض حَتَّى هَمت الطائفتان من الْأَوْس والخزرج أَن يحملوا السِّلَاح فيقاتلوا فَأنْزل الله {إِن تطيعوا فريقاً من الَّذين أُوتُوا الْكتاب يردوكم بعد إيمَانكُمْ كَافِرين} يَقُول: إِن حملتم السِّلَاح فاقتتلتم كَفرْتُمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {لمَ تصدُّونَ عَن سَبِيل الله} الْآيَة قَالَ: كَانُوا إِذا سَأَلَهُمْ أحد هَل تَجِدُونَ مُحَمَّدًا قَالُوا: لَا فصدوا النَّاس عَنهُ وبغوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة يَقُول: لم تصدُّونَ عَن الْإِسْلَام وَعَن نَبِي الله من آمن بِاللَّه وَأَنْتُم شُهَدَاء فِيمَا تقرأون من كتاب الله: أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأَن الْإِسْلَام دين الله الَّذِي لَا يقبل غَيره وَلَا يَجْزِي إِلَّا بِهِ يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {يَا أهل الْكتاب لم تصدُّونَ} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى نَهَاهُم أَن يصدوا الْمُسلمين عَن سَبِيل الله ويريدون أَن يعدلُوا النَّاس إِلَى الضَّلَالَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا فريقاً} الْآيَة قد تقدم الله إِلَيْكُم فيهم كَمَا تَسْمَعُونَ وحذروكموهم وأنبأكم بضلالتهم فَلَا تَأْمَنُوهُمْ على دينكُمْ وَلَا تنصحوهم على أَنفسكُم فَإِنَّهُم الْأَعْدَاء الحسدة الضلال كَيفَ تأمنون قوما كفرُوا بِكِتَابِهِمْ وَقتلُوا رسلهم وتحيروا فِي دينهم وعجزوا عَن أنفسهم أُولَئِكَ - وَالله - أهل التُّهْمَة والعداوة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَكَيف تكفرون وَأَنْتُم تتلى عَلَيْكُم آيَات الله وَفِيكُمْ رَسُوله}

قَالَ: علمَان بينان: نَبِي الله وَكتاب الله فَأَما نَبِي الله فَمضى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأما كتاب الله فأبقاه الله بَين أظْهركُم رَحْمَة من الله ونعمة فِيهِ حَلَاله وَحَرَامه ومعصيته وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَمن يعتصم بِاللَّه} قَالَ: يُؤمن بِاللَّه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: الِاعْتِصَام بِاللَّه الثِّقَة بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: إِن الله قضى على نَفسه أَنه من آمن بِهِ هداه وَمن وثق بِهِ أَنْجَاهُ قَالَ الرّبيع: وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {وَمن يعتصم بِاللَّه فقد هدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق الرّبيع عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: إِن الله قضى على نَفسه أَنه من آمن بِهِ هداه وَمن توكل عَلَيْهِ كَفاهُ وَمن أقْرضهُ جزاه وَمن وثق بِهِ أَنْجَاهُ وَمن دَعَاهُ اسْتَجَابَ لَهُ بعد أَن يستجيب لله قَالَ الرّبيع: وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله (وَمن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه) (التغابن الْآيَة 11) (وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه إِن الله بَالغ أمره) (الطَّلَاق الْآيَة 3) (وَمن يقْرض الله قرضا حسنا يضاعفه لَهُ) {وَمن يعتصم بِاللَّه فقد هدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} {وَإِذا سَأَلَك عبَادي عني فَإِنِّي قريب أُجِيب دَعْوَة الداع إِذا دعان فليستجيبوا لي} الْبَقَرَة الْآيَة 186 وَأخرج تَمام فِي فَوَائده عَن كَعْب بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوحى الله إِلَى دَاوُد: يَا دَاوُد مَا من عبد يعتصم بِي دون خلقي أعرف ذَلِك من نِيَّته فتكيده السَّمَوَات بِمن فِيهَا إِلَّا جعلت لَهُ من بَين ذَلِك مخرجا وَمَا من عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف مِنْهُ نِيَّته إِلَّا قطعت أَسبَاب السَّمَاء من بَين يَدَيْهِ وأسخت الْهَوَاء من تَحت قَدَمَيْهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من طلب مَا عِنْد الله كَانَت السَّمَاء ظلاله وَالْأَرْض فرَاشه لم يهتم بِشَيْء

من أَمر الدُّنْيَا فَهُوَ لَا يزرع الزَّرْع وَهُوَ يَأْكُل الْخبز وَلَا يغْرس الشّجر وَيَأْكُل الثِّمَار توكّلاً على الله وَطلب مرضاته فضمن الله السَّمَوَات وَالْأَرْض رزقه فهم يتعبون فِيهِ ويأتون بِهِ حَلَالا ويستوفي هُوَ رزقه بِغَيْر حِسَاب حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِين قَالَ الْحَاكِم: صَحِيح قَالَ الذَّهَبِيّ: بل مُنكر أَو مَوْضُوع فِيهِ عَمْرو بن بكر السكْسكِي مُتَّهم عِنْد ابْن حبَان وَابْنه إِبْرَاهِيم قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مَتْرُوك وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن معقل بن يسَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول ربكُم: يَا ابْن آدم تفرغ لعبادتي أملأ قَلْبك غنى وَأَمْلَأُ يَديك رزقا يَا ابْن أَدَم لَا تبَاعد مني فأملأ قَلْبك فَقَرَأَ واملأ يَديك شغلا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد: مَا من عبد يعتصم بِي دون خلقي وتكيده السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا جعلت لَهُ من ذَلِك مخرجا وَمَا من عبد يعتصم بمخلوق دوني إِلَّا قطعت أَسبَاب السَّمَاء بَين يَدَيْهِ وأسخت الأَرْض من تَحت قَدَمَيْهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من جعل الهموم هما وَاحِدًا كَفاهُ الله مَا أهمه من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن تشاعبت بِهِ الهموم لم يبالِ الله فِي أَي أَوديَة الدُّنْيَا هلك الْآيَة 102

102

أخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي النَّاسِخ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: أَن يطاع فَلَا

يعْصى وَيذكر فَلَا ينسى ويشكر فَلَا يكفر واخرج الحكم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {اتَّقوا الله حق تُقَاته} أَن يطاع فَلَا يعْصى وَيذكر فَلَا ينسى وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: أَن يطاع فَلَا يعْصى وان يذكر فَلَا ينسى قَالَ عِكْرِمَة: قَالَ ابْن عَبَّاس: فشق ذَلِك على الْمُسلمين فَأنْزل الله بعد ذَلِك (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم) (التغابن الْآيَة 16) وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اتَّقوا الله حق تُقَاته} أَن يطاع فَلَا يعْصى فَلم يستطيعوا قَالَ الله (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة اشْتَدَّ على الْقَوْم الْعَمَل فَقَامُوا حَتَّى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فَأنْزل الله تَخْفِيفًا على الْمُسلمين (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم) فنسخت الْآيَة الأولى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: نسختها (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: لم تنسخ وَلَكِن {حق تُقَاته} أَن يجاهدوا فِي الله حق جهاده وَلَا تأخذهم فِي الله لومة لائم ويقوموا لله بِالْقِسْطِ وَلَو على أنفسهم وآبائهم وأمهاتهم وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: لما نزلت {اتَّقوا الله حق تُقَاته} ثمَّ نزل بعْدهَا (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم) نسخت هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي آل عمرَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: نسختها الْآيَة الَّتِي فِي التغابن (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم واسمعوا وَأَطيعُوا) وَعَلَيْهَا بَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على السّمع وَالطَّاعَة فِيمَا اسْتَطَاعُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {اتَّقوا الله حق تُقَاته} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْأَوْس والخزرج وَكَانَ بَينهم قتال يَوْم بُعَاث قبيل مقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأصْلح بَينهم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَات

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: لَا يَتَّقِي اللَّهَ العبدُ حق تُقَاته حَتَّى يخزن من لِسَانه وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وصححاه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} وَلَو أَن قَطْرَة من الزقوم قطرت لأمرت على أهل الأَرْض عيشهم فَكيف مِمَّن لَيْسَ لَهُ طَعَام إِلَّا الزقوم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته} وَهُوَ أَن يطاع فَلَا يعْصى فَإِن لم تَفعلُوا وَلم تستطيعوا {فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} قَالَ: على الْإِسْلَام وعَلى حُرْمَة الْإِسْلَام وَأخرج الْخَطِيب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَتَّقِي الله عبد {حق تُقَاته} حَتَّى يعلم أَن مَا أَصَابَهُ لم يكن ليخطئه وَمَا أخطأه لم يكن ليصيبه الْآيَة 103

103

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن مَسْعُود فِي قَول الله {واعتصموا بِحَبل الله} قَالَ: حَبل الله الْقُرْآن وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن هَذَا الصِّرَاط محتضر تحضره الشَّيَاطِين ينادون يَا عبد الله هلمَّ هَذَا هُوَ الطَّرِيق ليصدوا عَن سَبِيل الله فَاعْتَصمُوا بِحَبل الله فَإِن حَبل الله الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كتاب الله هُوَ حَبل الله الْمَمْدُود من السَّمَاء إِلَى الأَرْض

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي شُرَيْح الْخُزَاعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن هَذَا الْقُرْآن سَبَب طرفه بيد الله وطرفه بِأَيْدِيكُمْ فَتمسكُوا بِهِ فَإِنَّكُم لن تضلوا بعده أبدا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن أَرقم قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي تَارِك فِيكُم كتاب الله هُوَ حَبل الله من اتبعهُ كَانَ على الْهدى وَمن تَركه كَانَ على الضَّلَالَة وَأخرج أَحْمد عَن زيد بن ثَابت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي تَارِك فِيكُم خليفتين: كتاب الله عز وَجل حَبل مَمْدُود مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وعترتي أهل بَيْتِي وأنهما لن يَتَفَرَّقَا حَتَّى يردا عليّ الْحَوْض وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن أَرقم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لكم فرط وَإِنَّكُمْ وَارِدُونَ عليّ الْحَوْض فانظروا كَيفَ تخلفوني فِي الثقلَيْن قيل: وَمَا الثَّقَلَان يَا رَسُول الله قَالَ: الْأَكْبَر كتاب الله عز وَجل سَبَب طرفه بيد الله وطرفه بِأَيْدِيكُمْ فَتمسكُوا بِهِ لن تزالوا وَلَا تضلوا والأصغر عِتْرَتِي وأنهما لن يَتَفَرَّقَا حَتَّى يردا عليّ الْحَوْض وَسَأَلت لَهما ذَاك رَبِّي فَلَا تقدموهما لتهلكوا وَلَا تعلموهما فَإِنَّهُمَا أعلم مِنْكُم وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيهَا النَّاس إِنِّي تَارِك فِيكُم مَا إِن أَخَذْتُم بِهِ لن تضلوا بعدِي أَمريْن أَحدهمَا أكبر من الآخر كتاب الله حَبل مَمْدُود مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وعترتي أهل بَيْتِي وأنهما لن يَتَفَرَّقَا حَتَّى يردا عليّ الْحَوْض وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق الشّعبِيّ عَن ابْن مَسْعُود {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا} قَالَ: حَبل الله الْجَمَاعَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الشّعبِيّ عَن ثَابت بن فطنة الْمُزنِيّ قَالَ: سَمِعت ابْن مَسْعُود يخْطب وَهُوَ يَقُول: أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم بِالطَّاعَةِ وَالْجَمَاعَة فَإِنَّهُمَا حَبل الله الَّذِي أَمر بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سماك بن الْوَلِيد الْحَنَفِيّ أَنه لَقِي ابْن عَبَّاس فَقَالَ: مَا تَقول فِي سلاطين علينا يظلموننا ويشتموننا ويعتدون علينا فِي صَدَقَاتنَا أَلا

نمنعهم قَالَ: لَا أعطهم الْجَمَاعَة الْجَمَاعَة إِنَّمَا هَلَكت الْأُمَم الخالية بتفرقها أما سَمِعت قَول الله {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا} وَأخرج ابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: افْتَرَقت بَنو إِسْرَائِيل على إِحْدَى وَسبعين فرقة وَإِن أمتِي سَتَفْتَرِقُ على إثنتين وَسبعين فرقة كلهم فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة قَالُوا: يَا رَسُول وَمن هَذِه الْوَاحِدَة قَالَ: الْجَمَاعَة ثمَّ قَالَ {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا} (فِي الْكتاب الحَدِيث مُكَرر) وَأخرج ابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: افْتَرَقت بَنو إِسْرَائِيل على إِحْدَى وَسبعين فرقة وَإِن أمتِي سَتَفْتَرِقُ على إثنتين وَسبعين فرقة كلهم فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمن هَذِه الْوَاحِدَة قَالَ: الْجَمَاعَة ثمَّ قَالَ {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا} وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَن الله يرضى لكم ثَلَاثًا ويسخط لكم ثَلَاثًا: يرضى لكم أَن تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَأَن تعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا وَإِن تناصحوا من ولاه الله أَمركُم ويسخط لكم: قيل وَقَالَ وَكَثْرَة السُّؤَال وإضاعة المَال وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أهل الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا فِي دينهم على إثنتين وَسبعين مِلَّة وَإِن هَذِه الْأمة سَتَفْتَرِقُ على ثَلَاث وَسبعين مِلَّة - يَعْنِي الْأَهْوَاء - كلهَا فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة وَهِي الْجَمَاعَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من خرج من الْجَمَاعَة قيد شبر فقد خلع ربقة الْإِسْلَام عَن عُنُقه حَتَّى يُرَاجِعهُ وَمن مَاتَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِمَام جمَاعَة فَإِن موتته ميتَة جَاهِلِيَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {واعتصموا بِحَبل الله} قَالَ: بالإخلاص لله وَحده {وَلَا تفَرقُوا} يَقُول: لَا تعادوا عَلَيْهِ - يَقُول على الْإِخْلَاص - وَكُونُوا عَلَيْهِ إخْوَانًا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {واعتصموا بِحَبل الله} قَالَ: بِطَاعَتِهِ وَأخرج عَن قَتَادَة {واعتصموا بِحَبل الله} قَالَ: بِعَهْد الله وبأمره وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {واعتصموا بِحَبل الله} قَالَ: الإِسلام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء} يقتل بَعْضكُم بَعْضًا وَيَأْكُل شديدكم ضعيفكم حَتَّى جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ فألف بِهِ بَيْنكُم وَجمع جمعكم عَلَيْهِ وجعلكم عَلَيْهِ إخْوَانًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَقِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفرا من الْأَنْصَار فآمنوا بِهِ وَصَدقُوا وَأَرَادَ أَن يذهب مَعَهم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِن بَين قَومنَا حَربًا وَإِنَّا نَخَاف إِن جِئْت على حالك هَذِه أَن لَا يتهيأ الَّذِي تُرِيدُ فوادوه الْعَام الْمقبل فَقَالُوا: نَذْهَب برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَعَلَّ الله أَن يصلح تِلْكَ الْحَرْب وَكَانُوا يرَوْنَ أَنَّهَا لَا تصلح - وَهِي يَوْم بُعَاث - فَلَقوهُ من الْعَام الْمقبل سبعين رجلا قد آمنُوا بِهِ فَأخذ مِنْهُم النُّقَبَاء إثني عشر رجلا فَذَلِك حِين يَقُول {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء فألف بَين قُلُوبكُمْ} وَفِي لفظ لِابْنِ جرير فَلَمَّا كَانَ من أَمر عَائِشَة مَا كَانَ فتشاور الْحَيَّانِ قَالَ بَعضهم لبَعض: مَوْعدكُمْ الْحرَّة فَخَرجُوا إِلَيْهَا فَنزلت هَذِه الْآيَة {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء فألف بَين قُلُوبكُمْ} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جريج فِي قَوْله {إِذْ كُنْتُم أَعدَاء} قَالَ: مَا كَانَ بَين الْأَوْس والخزرج فِي شَأْن عَائِشَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: كَانَت الْحَرْب بَين الْأَوْس والخزرج عشْرين وَمِائَة سنة حَتَّى قَامَ الْإِسْلَام فأطفأ الله ذَلِك وَألف بَينهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: بَلغنِي أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي قبيلتين من قبائل الْأَنْصَار فِي رجلَيْنِ أَحدهمَا من الْخَزْرَج وَالْآخر من الْأَوْس اقْتَتَلُوا فِي الْجَاهِلِيَّة زَمَانا طَويلا فَقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَأصْلح بَينهم فَجرى الحَدِيث بَينهمَا فِي الْمجْلس فتفاخروا واستبوا حَتَّى أشرع بَعضهم الرماح إِلَى بعض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ كُنْتُم أَعدَاء فألف بَين قُلُوبكُمْ فأصبحتم بنعمته إخْوَانًا} إِذْ كُنْتُم تذابحون فِيهَا يَأْكُل شديدكم ضعيفكم حَتَّى جَاءَ الله بِالْإِسْلَامِ فآخى بِهِ بَيْنكُم وَألف بِهِ بَيْنكُم أما وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أَن الألفة لرحمة وَأَن الْفرْقَة لعذاب ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يتواد رجلَانِ فِي الْإِسْلَام فَيُفَرق بَينهمَا من أول ذَنْب يحدثه أَحدهمَا وَإِن أرادهما الْمُحدث

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا معشر الْأَنْصَار بمَ تمنون عليَّ أَلَيْسَ جِئتُكُمْ ضلالا فَهدَاكُم الله بِي وجئتكم أَعدَاء فألف الله بَين قُلُوبكُمْ بِي قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وكنتم على شفا حُفْرَة من النَّار} يَقُول كُنْتُم على طرف النَّار من مَاتَ مِنْكُم وَقع فِي النَّار فَبعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستنقذكم بِهِ من تِلْكَ الحفرة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {وكنتم على شفا حُفْرَة من النَّار فأنقذكم مِنْهَا} قَالَ: أنقذنا مِنْهَا فأرجو أَن لَا يعيدنا فِيهَا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {وكنتم على شفا حُفْرَة من النَّار فأنقذكم مِنْهَا} قَالَ: أنقذكم الله بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عَبَّاس بن مرداس وَهُوَ يَقُول: يكب على شفا الأذقان كبا كَمَا زلق التحتم عَن جفاف الْآيَتَانِ 104 - 105

104

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَمْرو بن دِينَار أَنه سمع ابْن الزبير يقْرَأ {ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر} ويستعينون بِاللَّه على مَا أَصَابَهُم فَمَا أَدْرِي أَكَانَت قِرَاءَته أَو فسَّر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْأَنْبَارِي عَن عُثْمَان أَنه قَرَأَ ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويستعينون الله على مَا أَصَابَهُم وَأُولَئِكَ هم المفلحون

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي جَعْفَر الباقر قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر} ثمَّ قَالَ: الْخَيْر أَتبَاع الْقُرْآن وسُنَّتي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كل آيَة ذكرهَا الله فِي الْقُرْآن فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ فَهُوَ الْإِسْلَام وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فَهُوَ عبَادَة الشَّيْطَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {ولتكن مِنْكُم أمة} يَقُول: ليكن مِنْكُم قوم يَعْنِي وَاحِدًا أَو إثنين أَو ثَلَاثَة نفر فَمَا فَوق ذَلِك أمة يَقُول: إِمَامًا يقْتَدى بِهِ يدعونَ إِلَى الْخَيْر قَالَ: إِلَى الْخَيْر قَالَ: إِلَى الْإِسْلَام ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ بِطَاعَة رَبهم وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر عَن مَعْصِيّة رَبهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر} قَالَ: هم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وهم الروَاة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا} قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ بِالْجَمَاعَة ونهاهم عَن الِاخْتِلَاف والفرقة وَأخْبرهمْ إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بالمراء والخصومات فِي دين الله وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع فِي قَوْله {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا} قَالَ: هم أهل الْكتاب نهى الله أهل الْإِسْلَام أَن يتفرقوا ويختلفوا كَمَا تفرق وَاخْتلف أهل الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا} قَالَ: من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: افْتَرَقت الْيَهُود على إِحْدَى وَسبعين فرقة وَتَفَرَّقَتْ النَّصَارَى على إثنتين وَسبعين فرقة وتفترق أمتِي على ثَلَاث وَسبعين فرقة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: كَيفَ يصنع أهل هَذِه الْأَهْوَاء الخبيثة بِهَذِهِ الْآيَة فِي آل عمرَان {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا من بعد مَا جَاءَهُم الْبَينَات} قَالَ: نبذوها وَرب الْكَعْبَة وَرَاء ظُهُورهمْ وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أهل الْكتاب تفَرقُوا فِي دينهم على إثنتين وَسبعين مِلَّة وتفترق هَذِه الْأمة على ثَلَاث

وَسبعين مِلَّة كلهَا فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة وَهِي الْجَمَاعَة وَيخرج فِي أمتِي أَقوام تتجارى تِلْكَ الْأَهْوَاء بهم كَمَا يتجارى الْكَلْب بِصَاحِبِهِ فَلَا يبْقى مِنْهُ عرق وَلَا مفصل إِلَّا دخله وَأخرج الْحَاكِم عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَأْتِي على أمتِي مَا أَتَى على بني إِسْرَائِيل حَذْو النَّعْل بالنعل حَتَّى لَو كَانَ فيهم من نكح أمة عَلَانيَة كَانَ فِي أمتِي مثله إِن بني إِسْرَائِيل افْتَرَقُوا على إِحْدَى وَسبعين مِلَّة وتفترق أمتِي على ثَلَاث وَسبعين مِلَّة كلهَا فِي النَّار إِلَّا مِلَّة وَاحِدَة فَقيل لَهُ: مَا الْوَاحِدَة قَالَ: مَا أَنا عَلَيْهِ الْيَوْم وأصحابي وَأخرج الْحَاكِم عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لتسلكن سنَن من قبلكُمْ إِن بني إِسْرَائِيل افْتَرَقت الحَدِيث وَأخرج ابْن ماجة عَن عَوْف بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: افْتَرَقت الْيَهُود على إِحْدَى وَسبعين فرقة فَوَاحِدَة فِي الْجنَّة وَسَبْعُونَ فِي النَّار وافترقت النَّصَارَى على اثْنَتَيْنِ وَسبعين فرقة فإحدى وَسبعين فِي النَّار وَوَاحِدَة فِي الْجنَّة وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لتفترقن أمتِي على ثَلَاث وَسبعين فرقة فَوَاحِدَة فِي الْجنَّة وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّار قيل: يَا رَسُول الله من هم قَالَ: الْجَمَاعَة وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل تَفَرَّقت إِحْدَى وَسبعين فرقة فَهَلَكت سَبْعُونَ فرقة وخلصت فرقة وَاحِدَة وَأَن أمتِي سَتَفْتَرِقُ على إثنتين وَسبعين فرقة تهْلك إِحْدَى وَسَبْعُونَ فرقة وتخلص فرقة قيل: يَا رَسُول الله من تِلْكَ الْفرْقَة قَالَ: الْجَمَاعَة الْجَمَاعَة وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إثنان خير من وَاحِد وَثَلَاثَة خير من إثنين وَأَرْبَعَة خير من ثَلَاثَة فَعَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِن الله لم يجمع أمتِي إِلَّا على هدى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ادخُلُوا عليَّ وَلَا يدْخل عليَّ إِلَّا قرشي فَقَالَ: يَا معشر قُرَيْش أَنْتُم الْوُلَاة بعدِي لهَذَا الدّين فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا} {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا من بعد مَا جَاءَهُم الْبَينَات}

{وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين حنفَاء ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة وَذَلِكَ دين الْقيمَة} الْبَيِّنَة الْآيَة 5 الْآيَات 106 - 109

106

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن أبي غَالب قَالَ: رأى أَبُو أُمَامَة رُؤُوس الْأزَارِقَة مَنْصُوبَة على درج مَسْجِد دمشق فَقَالَ أَبُو أُمَامَة: كلاب النَّار شَرّ قَتْلَى تَحت أَدِيم السَّمَاء خير قَتْلَى من قَتَلُوهُ ثمَّ قَرَأَ {يَوْم تبيضُّ وُجُوه وتسودُّ وُجُوه} الْآيَة قلت لأبي أُمَامَة: أَنْت سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو لم أسمعهُ إِلَّا مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا أَو أَرْبعا حَتَّى عدَّ سبعا مَا حَدَّثتكُمُوهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نصر فِي الْإِبَانَة والخطيب فِي تَارِيخه واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ {تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه} قَالَ تبيض وُجُوه أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَتسود وُجُوه أهل الْبدع والضلالة وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك والديلمي عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه} قَالَ: تبيض وُجُوه أهل السّنة وَتسود وُجُوه أهل الْبدع وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الْإِبَانَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه} قَالَ: تبيض وُجُوه أهل الْجَمَاعَات وَالسّنة وَتسود وُجُوه أهل الْبدع والأهواء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي بن كَعْب فِي الْآيَة قَالَ:

صَارُوا فرْقَتَيْن يَوْم الْقِيَامَة يُقَال لمن اسود وَجهه {أكفرتم بعد إيمَانكُمْ} فَهُوَ الْإِيمَان الَّذِي كَانَ فِي صلب آدم حَيْثُ كَانُوا أمة وَاحِدَة وَأما الَّذين ابْيَضَّتْ وُجُوههم فهم الَّذين استقاموا على إِيمَانهم وَأَخْلصُوا لَهُ الدّين فبيَّض الله وُجُوههم وأدخلهم فِي رضوانه وجنته وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: هم أهل الْكتاب كَانُوا مُصدقين بِأَنْبِيَائِهِمْ مُصدقين بِمُحَمد فَلَمَّا بَعثه الله كفرُوا فَذَلِك قَوْله {أكفرتم بعد أَيْمَانكُم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة فِي قَوْله {فَأَما الَّذين اسودت وُجُوههم} قَالَ: هم الْخَوَارِج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير فِي الْآيَة عَن قَتَادَة قَالَ: لقد كفر أَقوام بعد إِيمَانهم كَمَا تَسْمَعُونَ {فَأَما الَّذين اسودت وُجُوههم} فَأهل طَاعَة الله وَالْوَفَاء بِعَهْد الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {فَأَما الَّذين اسودّت وُجُوههم} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ كَانُوا أعْطوا كلمة الْإِيمَان بألسنتهم وأنكروها بقلوبهم وأعمالهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَتسود وُجُوه} قَالَ: هم الْيَهُود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه} قَالَ: هَذَا لأهل الْقبْلَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ بِسَنَد فِيهِ من لَا يعرف {يَوْم تبيض وُجُوه وتسودُّ وُجُوه} قَالَ: بِالْأَعْمَالِ والأحداث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم بِسَنَد فِيهِ من لَا يعرف عَن عَائِشَة قَالَت: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل تَأتي عَلَيْك سَاعَة لَا تملك فِيهَا لأحد شَفَاعَة قَالَ: نعم {يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه} حَتَّى انْظُر مَا يفعل بِي أَو قَالَ: بوجهي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمُصِيبَة تبيض وَجه صَاحبهَا يَوْم تسود الْوُجُوه وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْغُبَار فِي سَبِيل الله إسفار الْوُجُوه يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ من عبد يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله مائَة مرّة إِلَّا بَعثه الله يَوْم الْقِيَامَة وَوَجهه كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن وثاب أَنه قَرَأَ كل شَيْء فِي الْقُرْآن {وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور} بِنصب التَّاء وَكسر الْجِيم الْآيَات 110 - 112

110

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْفِرْيَابِي وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ: هم الَّذين هَاجرُوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: لَو شَاءَ الله لقَالَ: أَنْتُم فَكُنَّا كلنا وَلَكِن قَالَ {كُنْتُم} فِي خَاصَّة أَصْحَاب مُحَمَّد وَمن صنع مثل صنيعهم كَانُوا {خير أمة أخرجت للنَّاس} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ عَمَّن حَدثهُ عَن عمر فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة} قَالَ: تكون لأوّلنا وَلَا تكون لآخرنا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي ابْن مَسْعُود وعمار بن يسَار وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة وَأبي بن كَعْب ومعاذ بن جبل وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب قَرَأَ هَذِه الْآيَة

{كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} الْآيَة ثمَّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس من سرَّه أَن يكون من تلكم الْأمة فليؤدِّ شَرط الله مِنْهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} يَقُول: على هَذَا الشَّرْط أَن تأمروا بِالْمَعْرُوفِ وتنهوا عَن الْمُنكر وتؤمنوا بِاللَّه يَقُول: لمن أَنْتُم بَين ظهرانيه كَقَوْلِه (وَلَقَد اخترناهم على علم على الْعَالمين) (الدُّخان الْآيَة 32) وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن المنذرو ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ: خير النَّاس للنَّاس تأتون بهم فِي السلَاسِل فِي أَعْنَاقهم حَتَّى يدخلُوا فِي الإِسلام وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ: خير النَّاس للنَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لم تكن أمة أَكثر استجابة فِي الْإِسْلَام من هَذِه الْأمة فَمن ثمَّ قَالَ {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُعَاوِيَة بن حيدة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ: إِنَّكُم تتمون سبعين أمة أَنْتُم خَيرهَا وَأَكْرمهَا على الله وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَات يَوْم وَهُوَ مُسْند ظَهره إِلَى الْكَعْبَة: نَحن نكمل يَوْم الْقِيَامَة سبعين أمة نَحن آخرهَا وَخَيرهَا وَأخرج أَحْمد بِسَنَد حسن عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعْطَيْت مَا لم يُعْط أحد من الْأَنْبِيَاء: نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت مَفَاتِيح الأَرْض وَسميت أَحْمد وَجعل التُّرَاب لي طهُورا وَجعلت أمتِي خير الْأُمَم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس} قَالَ: أهل بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة فِي الْآيَة قَالَ: خير النَّاس للنَّاس شهدتم لِلنَّبِيِّينَ الَّذين كذبهمْ قَومهمْ بالبلاغ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: لم تكن أمة دخل فِيهَا من أَصْنَاف النَّاس غير هَذِه الْأمة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس تأمرون بِالْمَعْرُوفِ} يَقُول: تأمرونهم أَن يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله والإِقرار بِمَا أنزل الله ويقاتلونهم عَلَيْهِ وَلَا إِلَه إِلَّا الله هُوَ أعظم الْمَعْرُوف وتنهونهم عَن الْمُنكر وَالْمُنكر هُوَ التَّكْذِيب وَهُوَ أنكر الْمُنكر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مِنْهُم الْمُؤْمِنُونَ} قَالَ: اسْتثْنى الله مِنْهُم ثَلَاثَة كَانُوا على الْهدى وَالْحق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَأَكْثَرهم الْفَاسِقُونَ} قَالَ: ذمّ الله أَكثر النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لن يضروكم إِلَّا أَذَى} قَالَ: تسمعونه مِنْهُم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {لن يضروكم إِلَّا أَذَى} قَالَ: إشراكهم فِي عُزَيْر وَعِيسَى والصليب وَأخرج عَن الْحسن {لن يضروكم إِلَّا أَذَى} قَالَ: تَسْمَعُونَ مِنْهُم كذبا على الله يدعونكم إِلَى الضَّلَالَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ضربت عَلَيْهِم الذلة} قَالَ: هم أَصْحَاب القبالات وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {ضربت عَلَيْهِم الذلة} قَالَ: أذلّهم الله فَلَا مَنْعَة لَهُم وجعلهم الله تَحت أَقْدَام الْمُسلمين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: أدركتهم هَذِه الْأمة وَأَن الْمَجُوس لتجتنيهم الْجِزْيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن وَقَتَادَة {ضربت عَلَيْهِم الذلة} قَالَ: يُعْطون الْجِزْيَة عَن يَد وهم ضاغرون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {وَضربت عَلَيْهِم الذلة} قَالَ: الْجِزْيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيقين عَن ابْن عَبَّاس {إِلَّا بِحَبل من الله وحبل من النَّاس} قَالَ: بِعَهْد من الله وعهد من النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون} قَالَ: اجتنبوا الْمعْصِيَة والعدوان فَإِن بهما هلك من هلك قبلكُمْ من النَّاس الْآيَات 113 - 116

113

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أسلم عبد الله بن سَلام وثعلبة بن سعية وَأسيد بن سعية وَأسد بن عبيد وَمن أسلم من يهود مَعَهم فآمنوا وَصَدقُوا وَرَغبُوا فِي الْإِسْلَام قَالَت أَحْبَار يهود وَأهل الْكفْر مِنْهُم: مَا آمن بِمُحَمد وَتَبعهُ إلاّ شرارنا وَلَو كَانُوا خيارنا مَا تركُوا دين آبَائِهِم وذهبوا إِلَى غَيره فَأنْزل الله فِي ذَلِك {لَيْسُوا سَوَاء} إِلَى قَوْله {وَأُولَئِكَ من الصَّالِحين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَيْسُوا سَوَاء} الْآيَة يَقُول: لَيْسَ كل الْقَوْم هلك قد كَانَ لله فيهم بَقِيَّة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أمة قَائِمَة} قَالَ: عبد الله بن سَلام وثعلبة بن سَلام أَخُوهُ وسعية ومبشر وَأسيد وَأسد ابْنا كَعْب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: هَؤُلَاءِ الْيَهُود لَيْسُوا كَمثل هَذِه الْأمة الَّتِي هِيَ قانتة لله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أمة قَائِمَة} يَقُول: مهتدية قَائِمَة على أَمر الله لم تنْزع عَنهُ وتتركه كَمَا تَركه الْآخرُونَ وضيعوه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {أمة قَائِمَة} قَالَ: عادلة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع {أمة قَائِمَة} يَقُول: قَائِمَة على كتاب الله وحدوده وفرائضه وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع {آنَاء اللَّيْل} قَالَ: سَاعَات اللَّيْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {آنَاء اللَّيْل} قَالَ: جَوف اللَّيْل وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {لَيْسُوا سَوَاء من أهل الْكتاب أمة قَائِمَة} قَالَ: لَا يَسْتَوِي أهل الْكتاب وَأمة مُحَمَّد {يَتلون آيَات الله آنَاء اللَّيْل} قَالَ: صَلَاة الْعَتَمَة هم يصلونها وَمن سواهُم من أهل الْكتاب لَا يصلونها وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أخر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة صَلَاة الْعشَاء ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس ينتظرون الصَّلَاة فَقَالَ: أما أَنه لَيْسَ من أهل هَذِه الْأَدْيَان أحد يذكر الله هَذِه السَّاعَة غَيْركُمْ وَلَفظ ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَقَالَ: إِنَّه لَا يُصَلِّي هَذِه الصَّلَاة أحد من أهل الْكتاب قَالَ: وأنزلت هَذِه الْآيَة {لَيْسُوا سَوَاء من أهل الْكتاب أمة قَائِمَة} حَتَّى بلغ {وَالله عليم بالمتقين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {يَتلون آيَات الله آنَاء اللَّيْل} قَالَ: قَالَ بَعضهم: صَلَاة الْعَتَمَة يُصليهَا أمة مُحَمَّد وَلَا يُصليهَا غَيرهم من أهل الْكتاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن معَاذ بن جبل قَالَ: أخر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْعَتَمَة لَيْلَة حَتَّى ظن الظَّان أَن قد صلى ثمَّ خرج فَقَالَ: اعتموا بِهَذِهِ الصَّلَاة فَإِنَّكُم فضلْتُمْ بهَا على سَائِر الْأُمَم وَلم تصلها أمة قبلكُمْ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن الْمُنْكَدر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خرج ذَات لَيْلَة

وَقد أخر صَلَاة الْعشَاء حَتَّى ذهب من الَّيْلِ هنيهة أَو سَاعَة وَالنَّاس ينتظرون فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: أما أَنكُمْ لن تزالوا فِي صَلَاة مَا انتظرتموها ثمَّ قَالَ: أما إِنَّهَا صَلَاة لم يصلها أحد مِمَّن كَانَ قبلم من الْأُمَم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار بِسَنَد حسن عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعتم لَيْلَة بالعشاء فناداه عمر: نَام النِّسَاء وَالصبيان فَقَالَ: مَا ينْتَظر هَذِه الصَّلَاة أحد من أهل الأَرْض غَيْركُمْ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخر صَلَاة الْعشَاء ثمَّ خرج فَقَالَ: مَا يحبسكم هَذِه السَّاعَة قَالُوا: يَا نَبِي الله انتظرناك لنشهد الصَّلَاة مَعَك فَقَالَ لَهُم: مَا صلى صَلَاتكُمْ هَذِه أمة قطّ قبلكُمْ وَمَا زلتم فِي صَلَاة بعد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن عبد الله بن الْمُسْتَوْرد قَالَ: احْتبسَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة حَتَّى لم يبْق فِي الْمَسْجِد إِلَّا بضعَة عشر رجلا فَخرج إِلَيْهِم فَقَالَ: مَا أَمْسَى أحد ينْتَظر الصَّلَاة غَيْركُمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَنْصُور قَالَ: بَلغنِي أَنَّهَا نزلت {يَتلون آيَات الله آنَاء اللَّيْل وهم يَسْجُدُونَ} فِيمَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {يَتلون آيَات الله آنَاء اللَّيْل} قَالَ: هِيَ صَلَاة الْغَفْلَة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء فِي قَوْله {وَمَا يَفْعَلُوا من خير فَلَنْ يكفروه} قَالَ: بَلغنِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقرؤهما جَمِيعًا بِالتَّاءِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَلَنْ يكفروه} قَالَ: لن يضل عَنْكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فَلَنْ يكفروه} قَالَ: لن تظلموه الْآيَة 117

117

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مثل مَا يُنْفقُونَ فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: مثل نَفَقَة الْكَافِر فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: مثل مَا ينْفق الْمُشْركُونَ وَلَا يتَقَبَّل مِنْهُم كَمثل هَذَا الزَّرْع إِذا زرعه الْقَوْم الظَّالِمُونَ فأصابته ريح فِيهَا صر فأهلكته فَكَذَلِك أَنْفقُوا فأهلكهم شركهم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس {فِيهَا صر} قَالَ: برد شَدِيد وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {فِيهَا صر} قَالَ: برد قَالَ: فَهَل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول نَابِغَة بني ذبيان: لَا يبردون إِذا مَا الأَرْض جللها صر الشتَاء من الأمحال كالأدم الْآيَات 118 - 120

118

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رجال من الْمُسلمين يواصلون رجَالًا من يهود لما كَانَ بَينهم من الْجوَار وَالْحلف فِي الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله فيهم ينهاهم عَن مباطنتهم تخوف الْفِتْنَة عَلَيْهِم مِنْهُم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي الْمُنَافِقين من أهل الْمَدِينَة نهى الْمُؤمنِينَ أَن يتولَّوهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن حميد بن مهْرَان الْمَالِكِي الْخياط قَالَ: سَأَلت أَبَا غَالب عَن قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم} الْآيَة قَالَ: حَدثنِي أَبُو أُمَامَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه قَالَ: هم الْخَوَارِج وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تنقشوا فِي خواتيمكم عَرَبيا وَلَا تستضيئوا بِنَار الْمُشْركين فَذكر ذَلِك لِلْحسنِ فَقَالَ: نعم لَا تنقشوا فِي خواتيمكم مُحَمَّدًا وَلَا تستشيروا الْمُشْركين فِي شَيْء من أُمُوركُم قَالَ الْحسن: وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب أَنه قيل لَهُ: إِن هُنَا غُلَاما من أهل الْحيرَة حَافِظًا كَاتبا فَلَو اتخذته كَاتبا قَالَ: قد اتَّخذت إِذن بطانة من دون الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع {لَا تَتَّخِذُوا بطانة} يَقُول: لَا تستدخلوا الْمُنَافِقين تتولوهم دون الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {ودوا مَا عنتم} يَقُول: مَا ضللتم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {ودوا مَا عنتم} يَقُول: ودّ المُنَافِقُونَ مَا عنت الْمُؤْمِنُونَ فِي دينهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {قد بَدَت الْبغضَاء من أَفْوَاههم} يَقُول: من أَفْوَاه الْمُنَافِقين إِلَى إخْوَانهمْ من الْكفَّار من غشهم لِلْإِسْلَامِ وَأَهله وبغضهم إيَّاهُم {وَمَا تخفي صُدُورهمْ أكبر} يَقُول: مَا تكنُّ صُدُورهمْ أكبر مِمَّا قد أبدوا بألسنتهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {هَا أَنْتُم أولاء تحبونهم وَلَا يحبونكم}

قَالَ الْمُؤمن خير لِلْمُنَافِقِ من الْمُنَافِق لِلْمُؤمنِ يرحمه فِي الدُّنْيَا لَو يقدر الْمُنَافِق من الْمُؤمن على مثل مَا يقدر عَلَيْهِ مِنْهُ لأباد خضراءه وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله وَأخرج إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وتؤمنون بِالْكتاب كُله} أَي بِكِتَابِكُمْ وكتابهم وَبِمَا مضى من الْكتب قبل ذَلِك وهم يكفرون بِكِتَابِكُمْ فَأنْتم أَحَق بالبغضاء لَهُم مِنْهُم لكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود {وَإِذا خلوا عضوا عَلَيْكُم الأنامل} قَالَ: هَكَذَا وَوضع أَطْرَاف أَصَابِعه فِي فِيهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذا لقوكم} الْآيَة قَالَ: إِذا لقوا الْمُؤمنِينَ {قَالُوا آمنا} لَيْسَ بهم إِلَّا مَخَافَة على دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ فصانعوهم بذلك {وَإِذا خلوا عضوا عَلَيْكُم الأنامل من الغيظ} يَقُول: مِمَّا يَجدونَ فِي قُلُوبهم من الغيظ وَالْكَرَاهَة لما هم عَلَيْهِ لَو يَجدونَ ريحًا لكانوا على الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {عضوا عَلَيْكُم الأنامل} قَالَ: الْأَصَابِع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الجوزاء قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الأباضية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {إِن تمسسكم حَسَنَة} يَعْنِي النَّصْر على العدوّ والرزق وَالْخَيْر يسؤهم ذَلِك {وَإِن تصبكم سَيِّئَة} يَعْنِي الْقَتْل والهزيمة والجهد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: إِذا رَأَوْا من أهل الْإِسْلَام إلفة وَجَمَاعَة وظهورا على عدوهم غاظهم ذَلِك وساءهم وَإِذا رَأَوْا من أهل الْإِسْلَام فرقة واختلافاً أَو أُصِيب طرف من أَطْرَاف الْمُسلمين سرهم ذَلِك وابتهجوا بِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وَإِن تصبروا وتتقوا لَا يضركم} مُشَدّدَة بِرَفْع الضَّاد وَالرَّاء الْآيَة 121

121

أخرج ابْن اسحق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب وَعَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَمُحَمّد بن يحيى بن حبَان وَالْحصين بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن معَاذ قَالُوا: كَانَ يَوْم أحد يَوْم بلَاء وتمحيص اختبر الله بِهِ الْمُؤمنِينَ ومحق بِهِ الْكَافرين مِمَّن كَانَ يظْهر الْإِسْلَام بِلِسَانِهِ وَهُوَ مستخفٍ بالْكفْر وَيَوْم أكْرم الله فِيهِ من أَرَادَ كرامته بِالشَّهَادَةِ من أهل ولَايَته فَكَانَ مِمَّا نزل من الْقُرْآن فِي يَوْم أحد سِتُّونَ آيَة من آل عمرَان فِيهَا صفة مَا كَانَ فِي يَوْمه ذَلِك ومعاتبة من عَاتب مِنْهُم يَقُول الله لنَبيه {وَإِذ غَدَوْت من أهلك تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ وَالله سميع عليم} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب قَالَ: قَاتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر فِي رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ ثمَّ قَاتل يَوْم أحد فِي شوّال سنة ثَلَاث ثمَّ قَاتل يَوْم الخَنْدَق وَهُوَ يَوْم الْأَحْزَاب وَبني قُرَيْظَة فِي شوّال سنة أَربع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: كَانَت وقْعَة أحد فِي شوّال على رَأس سنة من وقْعَة بدر وَلَفظ عبد الرَّزَّاق: على رَأس سِتَّة أشهر من وقْعَة بني النَّضِير وَرَئِيس الْمُشْركين يَوْمئِذٍ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت وقْعَة أحد فِي شوّال يَوْم السبت لإحدى عشرَة لَيْلَة مَضَت من شوّال وَكَانَ أَصْحَابه يَوْمئِذٍ سَبْعمِائة وَالْمُشْرِكُونَ الفين أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ: قلت لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف يَا خَال أَخْبرنِي عَن قصتكم يَوْم أحد قَالَ: اقْرَأ بعد الْعشْرين وَمِائَة من آل عمرَان تَجِد قصتنا {وَإِذ غَدَوْت من أهلك تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ} إِلَى قَوْله (إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ مِنْكُم أَن تَفْشَلَا) قَالَ: هم الَّذين طلبُوا الْأمان من الْمُشْركين إِلَى قَوْله (وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت من قبل أَن تلقوهُ فقد رَأَيْتُمُوهُ) قَالَ: هُوَ تمني الْمُؤمنِينَ لِقَاء الْعَدو إِلَى قَوْله (أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم) قَالَ: هُوَ صياح الشَّيْطَان يَوْم أحد: قتل مُحَمَّد إِلَى قَوْله (أَمَنَة نعاسا) قَالَ: ألقِي عَلَيْهِم النّوم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس وَإِذ {غَدَوْت من أهلك تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ} قَالَ: يَوْم أحد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {تبوّئ الْمُؤمنِينَ} قَالَ: توطىء وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {تبوّئ الْمُؤمنِينَ} قَالَ: توطن الْمُؤمنِينَ لتسكن قُلُوبهم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الْأَعْشَى الشَّاعِر: وَمَا بوّأ الرَّحْمَن بَيْتك منزلا بأجياد غربي الفنا وَالْمحرم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذ غَدَوْت من أهلك تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ} قَالَ: مَشى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ على رجلَيْهِ يبوىء الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَإِذ غَدَوْت من أهلك} قَالَ: يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبوىء الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ يَوْم الْأَحْزَاب وَأخرج ابْن إِسْحَق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن شهَاب وَمُحَمّد ابْن يحيى بن حبَان وَعَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَالْحصين بن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن سعد بن معَاذ وَغَيرهم كل حدث بعض الحَدِيث عَن يَوْم أحد قَالُوا: لما أُصِيبَت قُرَيْش أَو من ناله مِنْهُم يَوْم بدر من كفار قُرَيْش وَرجع قلهم إِلَى مَكَّة وَرجع أَبُو سُفْيَان بعيره مَشى عبد الله بن أبي ربيعَة وَعِكْرِمَة بن أبي جهل وَصَفوَان بن أُميَّة فِي رجال من قُرَيْش مِمَّن أُصِيب آباؤهم واخوانهم ببدر فَكَلَّمُوا أَبَا سُفْيَان ابْن حَرْب وَمن كَانَت لَهُ فِي تِلْكَ العير من قُرَيْش تِجَارَة فَقَالُوا: يَا معشر قُرَيْش إِن مُحَمَّدًا قد وتركم وَقتل خياركم فأعينوننا بِهَذَا المَال على حربه لَعَلَّنَا ندرك مِنْهُ ثأراً بِمن أصَاب فَفَعَلُوا فأجمعت قُرَيْش لِحَرْب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخرجت بجدتها وجديدها وَخَرجُوا مَعَهم بالظعن التمَاس الحفيظة وَلِئَلَّا يقرُّوا وَخرج أَبُو سُفْيَان وَهُوَ قَائِد النَّاس فَأَقْبَلُوا حَتَّى نزلُوا بعينين جبل بِبَطن السبخة من قناة على شَفير الْوَادي مِمَّا يَلِي الْمَدِينَة فَلَمَّا سمع بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمسلمون وَأَنَّهُمْ قد نزلُوا حَيْثُ نزلُوا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي رَأَيْت بقرًا تنحر وَرَأَيْت فِي ذُبَاب سَيفي ثلمًا وَرَأَيْت أَنِّي أدخلت يَدي فِي درع حَصِينَة فَأَوَّلتهَا الْمَدِينَة فَإِن رَأَيْتُمْ أَن تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدْعُوهُمْ

حَيْثُ نزلُوا فَإِن أَقَامُوا أَقَامُوا بشر مقَام وَإِن هم دخلُوا علينا قاتلناهم فِيهَا وَنزلت قُرَيْش منزلهَا أحدا يَوْم الْأَرْبَعَاء فأقاموا ذَلِك الْيَوْم وَيَوْم الْخَمِيس وَيَوْم الْجُمُعَة وَرَاح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين صلى الْجُمُعَة فَأصْبح بِالشعبِ من أحد فَالْتَقوا يَوْم السبت لِلنِّصْفِ من شوّال سنة ثَلَاث وَكَانَ رَأْي عبد الله بن أبي مَعَ رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرى رَأْيه فِي ذَلِك أَن لَا يخرج إِلَيْهِم وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكره الْخُرُوج من الْمَدِينَة فَقَالَ رجال من الْمُسلمين مِمَّن أكْرم الله بِالشَّهَادَةِ يَوْم أحد وَغَيرهم مِمَّن كَانَ فَاتَهُ يَوْم بدر وحضروه: يَا رَسُول الله اخْرُج بِنَا إِلَى أَعْدَائِنَا لَا يرَوْنَ أنَّا جبنا عَنْهُم وضعفنا فَقَالَ عبد الله بن أبي: يَا رَسُول الله أقِم بِالْمَدِينَةِ فَلَا تخرج إِلَيْهِم فوَاللَّه مَا خرجنَا مِنْهَا إِلَى عدوّ لنا قطّ إِلَّا أصَاب منا وَلَا دَخلهَا علينا إِلَّا أصبْنَا مِنْهُم فَدَعْهُمْ يَا رَسُول الله فَإِن أَقَامُوا أَقَامُوا بشر وَإِن دخلُوا قَاتلهم النِّسَاء وَالصبيان وَالرِّجَال بِالْحِجَارَةِ من فَوْقهم وَإِن رجعُوا رجعُوا خائبين كَمَا جاؤوا فَلم يزل النَّاس برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذين كَانَ من أَمرهم حب لِقَاء الْقَوْم حَتَّى دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلبس لامته - وَذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة حِين فرغ من الصَّلَاة - ثمَّ خرج عَلَيْهِم وَقد نَدم النَّاس وَقَالُوا: استكرهنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يكن لنا ذَلِك فَإِن شِئْت فَاقْعُدْ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يَنْبَغِي لنَبِيّ إِذا لبس لامته أَن يَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ألف رجل من أَصْحَابه حَتَّى إِذا كَانُوا بِالشَّوْطِ بَين الْمَدِينَة وَأحد تحول عَنهُ عبد الله بن أُبَيَّ بِثلث النَّاس وَمضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى سلك فِي حرَّة بني حَارِثَة فذب فرس بِذَنبِهِ فَأصَاب ذُبَاب سَيْفه فاستلَّه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَكَانَ يحب الفأل وَلَا يعتاف - لصَاحب السَّيْف شمَّ سَيْفك فَإِنِّي أرى السوف ستستل الْيَوْم وَمضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزل بِالشعبِ من أحد من عدوة الْوَادي إِلَى الْجَبَل فَجعل ظَهره وَعَسْكَره إِلَى أحد وتعبأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِلْقِتَالِ وَهُوَ فِي سَبْعمِائة رجل وَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الرُّمَاة عبد الله بن جُبَير وَالرُّمَاة خَمْسُونَ رجلا فَقَالَ: انْضَحْ عَنَّا الْجَبَل بِالنَّبلِ لَا يَأْتُونَا من خلفنا إِن كَانَ علينا أَو لنا فَأَنت مَكَانك لنؤتين من قبلك وَظَاهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين درعين وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه يَوْم أحد: أَشِيرُوا

عليّ مَا أصنع فَقَالُوا: يَا رَسُول الله اخْرُج إِلَى هَذِه الْأَكْلُب فَقَالَت الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله مَا غلبنا عدوّ لنا أَتَانَا فِي دِيَارنَا فَكيف وَأَنت فِينَا فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن أُبي بن سلول - وَلم يَدعه قطّ قبلهَا - فَاسْتَشَارَهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله اخْرُج بِنَا إِلَى هَذِه الْأَكْلُب وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعجبهُ أَن يدخلُوا عَلَيْهِ الْمَدِينَة فيقاتلوا فِي الْأَزِقَّة فَأتى النُّعْمَان بن مَالك الْأنْصَارِيّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله لَا تحرمني الْجنَّة قَالَ لَهُ: بِمَ قَالَ: بِأَنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله واني لَا أفر من الزَّحْف قَالَ: صدقت فَقتل يَوْمئِذٍ ثمَّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا بدرعه فلبسها فَلَمَّا رَأَوْهُ وَقد لبس السِّلَاح ندموا وَقَالُوا: بئْسَمَا صنعنَا نشِير على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْوَحي يَأْتِيهِ فَقَامُوا وَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا: اصْنَع مَا رَأَيْت فَقَالَ: رَأَيْت الْقِتَال وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَنْبَغِي لنَبِيّ أَن يلبس لامته فَيَضَعهَا حَتَّى يُقَاتل وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أحد فِي ألف رجل وَقد وعدهم الْفَتْح أَن يصبروا فَرجع عبد الله بن أبي فِي ثَلَاثمِائَة فَتَبِعهُمْ أَبُو جَابر السّلمِيّ يَدعُوهُم فأعيوه وَقَالُوا لَهُ: مَا نعلم قتالاً وَلَئِن أطعتنا لترجعن مَعنا وَقَالَ {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ مِنْكُم أَن تَفْشَلَا} وهم بَنو سَلمَة وَبَنُو حَارِثَة هموا بِالرُّجُوعِ حِين رَجَعَ عبد الله بن أبي فَعَصَمَهُمْ الله وَبَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَبْعمِائة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَإِذ غَدَوْت من أهلك تبوئ الْمُؤمنِينَ} قَالَ: ذَاك يَوْم أحد غَدا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَهله إِلَى أحد {تبوئ الْمُؤمنِينَ مقاعد لِلْقِتَالِ} وَأحد بِنَاحِيَة الْمَدِينَة الْآيَة 122

122

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: فِينَا نزلت فِي بني حَارِثَة وَبني سَلمَة {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ مِنْكُم أَن تَفْشَلَا} وَمَا يسرني أَنَّهَا لم تنزل لقَوْل الله {وَالله وليهما}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ} قَالَ: بَنو حَارِثَة كَانُوا نَحْو أحد وَبَنُو سَلمَة نَحْو سلع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {إِذْ همَّت طَائِفَتَانِ} قَالَ: ذَلِك يَوْم أحد والطائفتان بَنو سَلمَة وَبَنُو حَارِثَة حَيَّان من الْأَنْصَار هموا بِأَمْر فَعَصَمَهُمْ الله من ذَلِك وَقد ذكر لنا أَنه لما أنزلت هَذِه الْآيَة قَالُوا: مَا يسرنَا أنَّا لم نهم بِالَّذِي هممنا بِهِ وَقد أخبرنَا الله أَنه ولينا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ همَّت طَائِفَتَانِ} قَالَ: هم بَنو حَارِثَة وَبَنُو سَلمَة وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: نزلت فِي بني سَلمَة من الْخَزْرَج وَبني حَارِثَة من الْأَوْس {إِذْ هَمت طَائِفَتَانِ} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج قَالَ ابْن عَبَّاس: الفشل الْجُبْن وَالله أعلم الْآيَة 123

123

أخرج أَحْمد وَابْن حبَان عَن عِيَاض الْأَشْعَرِيّ قَالَ: شهِدت اليرموك وعلينا خَمْسَة أُمَرَاء: أَبُو عُبَيْدَة وَيزِيد بن أبي سُفْيَان وَابْن حَسَنَة وخَالِد بن الْوَلِيد وعياض وَلَيْسَ عِيَاض هَذَا قَالَ: وَقَالَ عمر: إِذا كَانَ قتال فَعَلَيْكُم أَبُو عُبَيْدَة فكتبنا إِلَيْهِ أَنه قد حاس إِلَيْنَا الْمَوْت واستمددناه فَكتب ألينا أَنه قد جَاءَنِي كتابكُمْ تستمدونني وَإِنِّي أدلكم على من هُوَ أعز نصرا وأحضر جندا الله عز وَجل فاستنصروه فَإِن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد نصر يَوْم بدر فِي أقل من عدتكم فَإِذا جَاءَكُم كتابي هَذَا فقاتلوهم وَلَا تراجعوني فقاتلناهم فهزمناهم أَرْبَعَة فراسخ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَلَقَد نصركم الله ببدر} إِلَى (ثَلَاثَة آلَاف من الْمَلَائِكَة منزلين) (آل عمرَان الْآيَة 124) فِي قصَّة بدر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: بدر بِئْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَت بدر بِئْرا لرجل من جُهَيْنَة يُقَال لَهُ بدر فسميت بِهِ

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: بدر مَاء عَن يَمِين طَرِيق مَكَّة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: بدر مَاء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة التقى عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُشْرِكُونَ وَكَانَ أوّل قتال قَاتله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر لنا أَنه قَالَ لأَصْحَابه يَوْمئِذٍ: إِنَّهُم الْيَوْم بعدة أَصْحَاب طالوت يَوْم لَقِي جالوت وَكَانُوا ثَلَاثمِائَة وَبضْعَة عشر رجلا وَألف الْمُشْركُونَ يَوْمئِذٍ أَو راهقوا ذَلِك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت بدر متجراً فِي الْجَاهِلِيَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَأَنْتُم أذلَّة} يَقُول: وَأَنْتُم قَلِيل وهم يَوْمئِذٍ بضعَة عشر وثلاثمائة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم عَن رَافع بن خديج قَالَ: قَالَ جِبْرِيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا تَعدونَ من شهد بَدْرًا فِيكُم قَالَ: خيارنا قَالَ: وَكَذَلِكَ نعد من شهد بَدْرًا من الْمَلَائِكَة فِينَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: على كل مُسلم أَن يشْكر الله فِي نَصره ببدر يَقُول الله {وَلَقَد نصركم الله ببدر وَأَنْتُم أَذِلَّة فَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تشكرون} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: سَمِعت ابْن الْمسيب يَقُول: غزا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَمَانِي عشرَة غَزْوَة قَالَ: وسمعته مرّة أُخْرَى يَقُول أَرْبعا وَعشْرين غَزْوَة فَلَا أَدْرِي أَكَانَ وهما مِنْهُ أَو شَيْئا سَمعه بعد ذَلِك قَالَ الزُّهْرِيّ: وَكَانَ الَّذِي قَاتل فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل شَيْء ذكر فِي الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غزا تسع عشرَة قَاتل فِي ثَمَان: يَوْم بدر وَيَوْم أحد وَيَوْم الْأَحْزَاب وَيَوْم قديد وَيَوْم خَيْبَر وَيَوْم فتح مَكَّة وَيَوْم مَاء لبني المصطلق وَيَوْم حنين الْآيَات 124 - 127

124

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ أَن الْمُسلمين بَلغهُمْ يَوْم بدر أَن كرز بن جَابر الْمحَاربي يمد الْمُشْركين فشق ذَلِك عَلَيْهِم فَانْزِل الله {ألن يكفيكم أَن يمدكم ربكُم بِثَلَاثَة آلَاف} إِلَى قَوْله {مسوّمين} قَالَ: فبلغت كرزاً الْهَزِيمَة فَلم يمد الْمُشْركين وَلم يمد الْمُسلمُونَ بالخمسة وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ذكر نَحوه إِلَّا أَنه قَالَ {ويأتوكم من فورهم هَذَا} يَعْنِي كرزاً وَأَصْحَابه {يمددكم ربكُم بِخَمْسَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مسوّمين} فَبلغ كرزاً وَأَصْحَابه الْهَزِيمَة فَلم يمدهُمْ وَلم تنزل الْخَمْسَة وأمدوا بعد ذَلِك بِأَلف فهم أَرْبَعَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مَعَ الْمُسلمين أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {إِذْ تَقول للْمُؤْمِنين} الْآيَة قَالَ: هَذَا يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أمدوا بِأَلف ثمَّ صَارُوا ثَلَاثَة آلَاف ثمَّ صَارُوا خَمْسَة آلَاف وَذَلِكَ يَوْم بدر وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {بلَى إِن تصبروا وتتقوا} الْآيَة قَالَ هَذَا يَوْم أحد فَلم يصبروا وَلم يتقوا فَلم يمدوا يَوْم أحد وَلَو مدوا لم يهزموا يَوْمئِذٍ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: لم يمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَلَا بِملك وَاحِد لقَوْل الله {وَإِن تصبروا وتتقوا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {إِن تصبروا وتتقوا} الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا موعداً من الله يَوْم أحد عرضه على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمُؤمنِينَ إِن اتَّقوا وصبروا أَيّدهُم بِخَمْسَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مسوّمين ففر الْمُسلمُونَ يَوْم أحد وولوا مُدبرين فَلم يمدهُمْ الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: قَالُوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم ينتظرون الْمُشْركين: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ يمدنا الله كَمَا أمدنا يَوْم بدر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

{ألن يكفيكم أَن يمدكم ربكُم بِثَلَاثَة آلَاف من الْمَلَائِكَة منزلين} فَإِنَّمَا أمدكم يَوْم بدر بِأَلف قَالَ: فَجَاءَت الزِّيَادَة من الله على أَن يصبروا ويتقوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ويأتوكم من فورهم هَذَا} يَقُول: من سفرهم هَذَا وَأخرج عبد بن حميد وان جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ {من فورهم} من وجههم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن وَالربيع وَقَتَادَة وَالسُّديّ مثله وَأخرج ابْن جرير من وَجه آخر عَن عِكْرِمَة {من فورهم} قَالَ: فورهم ذَلِك كَانَ يَوْم أحد غضبوا ليَوْم بدر مِمَّا لقوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {من فورهم} قَالَ: من غضبهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي صَالح مولى أم هانىء مثله وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {ويأتوكم من فورهم} يَقُول: من وجههم وغضبهم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {مسوّمين} قَالَ: معلمين وَكَانَت سِيمَا الْمَلَائِكَة يَوْم بدر عمائمَ سُودًا وَيَوْم أحد عمائمَ حمراً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير أَن الزبير كَانَ عَلَيْهِ يَوْم بدر عِمَامَة صفراء مُعْتَمِرًا أَو مُعْتَماً بهَا فَنزلت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم عمائم صفر وَأخرج ابْن إِسْحَق وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت سِيمَا الْمَلَائِكَة يَوْم بدر عمائم بيضًا قد أرسلوها فِي ظُهُورهمْ وَيَوْم حنين عمائم حمراً وَلم تضرب الْمَلَائِكَة فِي يَوْم سوى يَوْم بدر وَكَانُوا يكونُونَ عددا ومدداً لَا يضْربُونَ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {مسوّمين} قَالَ: الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم عمائم بيض مسوّمة فَتلك سِيمَا الْمَلَائِكَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: وَلَقَد حميت الْخَيل تحمل شكة جرداء صَافِيَة الْأَدِيم مسوّمة

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي أسيد وَكَانَ بَدْرِيًّا أَنه كَانَ يَقُول: لَو أَن بَصرِي معي ثمَّ ذهبتم معي إِلَى أحد لأخبرتكم بِالشعبِ الَّذِي خرجت مِنْهُ الْمَلَائِكَة فِي عمائم صفر قد طرحوها بَين أكتافهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عُرْوَة قَالَ: نزلت الْمَلَائِكَة يَوْم بدر على خيل بلق وَكَانَ على الزبير يَوْمئِذٍ عِمَامَة صفراء وَأخرج أَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة عَن عُرْوَة قَالَ: نزل جِبْرِيل يَوْم بدر على سِيمَا الزبير وَهُوَ معتم بعمامة صفراء وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن عباد بن عبد الله بن الزبير أَنه بلغه أَن الْمَلَائِكَة نزلت يَوْم بدر وهم طير بيض عَلَيْهِم عمائم صفر وَكَانَ على رَأس الزبير يَوْمئِذٍ عِمَامَة صفراء من بَين النَّاس فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نزلت الْمَلَائِكَة على سِيمَا أبي عبد الله وَجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ عِمَامَة صفراء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عُمَيْر بن إِسْحَق قَالَ: إِن أول مَا كَانَ الصُّوف ليَوْم بدر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تسوّموا فَإِن الْمَلَائِكَة قد تسوّمت فَهُوَ أول يَوْم وضع الصُّوف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: كَانَ سِيمَا الْمَلَائِكَة يَوْم بدر الصُّوف الْأَبْيَض فِي نواصي الْخَيل وأذنابها وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {مسوّمين} قَالَ: بالعهن الْأَحْمَر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مسوّمين} قَالَ: أَتَوا مسومين بالصوف فسوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه أنفسهم وخيلهم على سِيمَاهُمْ بالصوف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مسوّمين} قَالَ: معلمين مجزوزة أَذْنَاب خيولهم ونواصيها فِيهَا الصُّوف والعهن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مسوّمين} قَالَ: ذكر لنا أَن سِيمَاهُمْ يَوْمئِذٍ الصُّوف بنواصي خيلهم وأذنابهم وَأَنَّهُمْ على خيل بلق

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة {مسوّمين} قَالَ: عَلَيْهِم سِيمَا الْقِتَال وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: كَانُوا يَوْمئِذٍ على خيل بلق وَأخرج عبد بن حميد عَن عُمَيْر بن إِسْحَق قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد أجلى الله النَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَقِي سعد بن مَالك يَرْمِي وفتى شَاب ينبل لَهُ كلما فني النبل أَتَاهُ بِهِ فنثره فَقَالَ: ارْمِ أَبَا إِسْحَق ارْمِ أَبَا إِسْحَق فَلَمَّا انجلت المعركة سُئِلَ عَن ذَلِك الرجل فَلم يعرف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا جعله الله إِلَّا بشرى لكم} يَقُول: إِنَّمَا جعلهم لتستبشروا بهم ولتطمئنوا إِلَيْهِم وَلم يقاتلوا مَعَهم يَوْمئِذٍ لَا قبله وَلَا بعده إِلَّا يَوْم بدر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {وَمَا النَّصْر إِلَّا من عِنْد الله} قَالَ: لَو شَاءَ أَن ينصركم بِغَيْر الْمَلَائِكَة فعِّل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ليقطع طرفا من الَّذين كفرُوا} قَالَ: قطع الله يَوْم بدر طرفا من الْكفَّار وَقتل صَنَادِيدهمْ ورؤوسهم وَقَادَتهمْ فِي الشَّرّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {ليقطع طرفا} قَالَ: هَذَا يَوْم بدر قطع الله طَائِفَة مِنْهُم وَبقيت طَائِفَة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: ذكر الله قَتْلَى الْمُشْركين بِأحد وَكَانُوا ثَمَانِيَة عشر رجلا فَقَالَ {ليقطع طرفا من الَّذين كفرُوا} ثمَّ ذكر الشُّهَدَاء فَقَالَ (وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا) الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {أَو يكبتهم} قَالَ: يخزيهم وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالربيع مثله الْآيَتَانِ 128 - 129

128

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن

أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كسرت رباعيته يَوْم أحد وشج فِي وَجهه حَتَّى سَالَ الدَّم على وَجهه فَقَالَ: كَيفَ يفلح قوم فعلوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى رَبهم فَأنْزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ} وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة أنزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَقد جرح فِي وحهه وَأُصِيب بعض رباعيته وَفَوق حَاجِبه فَقَالَ وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة يغسل الدَّم عَن وَجهه: كَيفَ يفلح قوم خضبوا وَجه نَبِيّهم بِالدَّمِ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى رَبهم فَأنْزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَقد شج فِي وَجهه وَأُصِيبَتْ رباعيته فهمَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَدْعُو عَلَيْهِم فَقَالَ: كَيفَ يفلح قوم أدموا وَجه نَبِيّهم وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الله ويدعونه إِلَى الشَّيْطَان ويدعوهم إِلَى الْهدى ويدعونه إِلَى الضَّلَالَة ويدعوهم إِلَى الْجنَّة ويدعونه إِلَى النَّار فهمَّ أَن يَدْعُو عَلَيْهِم فَأنْزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة فَكف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الدُّعَاء عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما انْكَشَفَ عَنهُ أَصْحَابه يَوْم أحد كسرت رباعيته وجرح وَجهه فَقَالَ وَهُوَ يصعد على أحد: كَيفَ يفلح قوم خضبوا وَجه نَبِيّهم بِالدَّمِ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى رَبهم فَأنْزل الله مَكَانَهُ {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة أَن ربَاعِية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُصِيبَت يَوْم أحد أَصَابَهَا عتبَة بن أبي وَقاص وَشَجه فِي وَجهه فَكَانَ سَالم مولى أبي حُذَيْفَة يغسل الدَّم وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كَيفَ يفلح قوم صَنَعُوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ فَانْزِل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد: اللَّهُمَّ الْعَن أَبَا سُفْيَان اللَّهُمَّ الْعَن الْحَرْث بن هِشَام الْهم الْعَن سُهَيْل بن عَمْرو اللَّهُمَّ الْعَن صَفْوَان بن أُميَّة فَنزلت هَذِه الْآيَة {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ} فتيب عَلَيْهِم كلهم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو على أَرْبَعَة نفر فَانْزِل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة فهداهم الله لِلْإِسْلَامِ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يَدْعُو على أحد أَو يَدْعُو لأحد قنت بعد الرُّكُوع: اللَّهُمَّ أَنْج الْوَلِيد بن الْوَلِيد وَسَلَمَة بن هِشَام وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك على مُضر وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِم سِنِين كَسِنِي يُوسُف - يجْهر بذلك - وَكَانَ يَقُول فِي بعض صلَاته - فِي صَلَاة الْفجْر - اللَّهُمَّ الْعَن فلَانا وَفُلَانًا لأحياء من أَحيَاء الْعَرَب - يجْهر بذلك - حَتَّى أنزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} وَفِي لفظ اللَّهُمَّ الْعَن لحيان وَرِعْلًا وذكوان وَعصيَّة عَصَتْ الله وَرَسُوله ثمَّ بلغنَا أَنه ترك ذَلِك لما نزل قَوْله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن فِي صَلَاة الْفجْر بعد الرُّكُوع - فِي الرَّكْعَة الْآخِرَة - فَقَالَ: اللَّهُمَّ الْعَن فلَانا وَفُلَانًا - نَاسا من الْمُنَافِقين دَعَا عَلَيْهِم - فَأنْزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة وَأخرج ابْن إِسْحَق والنحاس فِي ناسخه عَن سَالم بن عبد الله بن عمر قَالَ: جَاءَ رجل من قُرَيْش إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّك تنْهى عَن السَّبي يَقُول: قد سبى الْعَرَب ثمَّ تحول قَفاهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكشف استه فلعنه ودعا عَلَيْهِ فَأنْزل الله {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} الْآيَة ثمَّ أسلم الرجل فَحسن إِسْلَامه الْآيَات 130 - 132

130

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يتبايعون إِلَى الْأَجَل فَإِذا حل الْأَجَل زادوا عَلَيْهِم وَزَادُوا فِي الْأَجَل فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أضعافاً مضاعفة}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: كَانَت ثَقِيف تداين بني الْمُغيرَة فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِذا حل الْأَجَل قَالُوا: نَزِيدكُمْ وتؤخرون عَنَّا فَنزلت {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أضعافاً مضاعفة} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: إِن الرجل كَانَ يكون لَهُ على الرجل المَال فَإِذا حل الْأَجَل طلبه من صَاحبه فَيَقُول الْمَطْلُوب: أخِّر عني وَأَزِيدك فِي مَالك فيفعلان ذَلِك فَذَلِك {الرِّبَا أضعافاً مضاعفة} فوعظهم الله {وَاتَّقوا الله} فِي أَمر الرِّبَا فَلَا تَأْكُلُوا {لَعَلَّكُمْ تفلحون} لكَي تُفْلِحُوا {وَاتَّقوا النَّار الَّتِي أعدَّت للْكَافِرِينَ} فخوف آكل الرِّبَا من الْمُؤمنِينَ بالنَّار الَّتِي أعدت للْكَافِرِينَ {وَأَطيعُوا الله وَالرَّسُول} يَعْنِي فِي تَحْرِيم الرِّبَا {لَعَلَّكُمْ ترحمون} يَعْنِي لكَي ترحموا فَلَا تعذبون وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: كَانَ النَّاس يتأولون هَذِه الْآيَة {وَاتَّقوا النَّار الَّتِي أعدَّت للْكَافِرِينَ} اتَّقوا لَا أعذبكم بذنوبكم فِي النَّار الَّتِي أعددتها للْكَافِرِينَ الْآيَة 133

133

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: قَالَ الْمُسلمُونَ يَا رَسُول الله بَنو إِسْرَائِيل كَانُوا أكْرم على الله منا كَانُوا إِذا أذْنب أحدهم ذَنبا أصبح وَكَفَّارَة ذَنبه مَكْتُوبَة فِي عتبَة بَابه أجدع أَنْفك اجدع أُذُنك افْعَل كَذَا وَكَذَا فَسكت فَنزلت هَذِه الْآيَات {وسارعوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم} إِلَى قَوْله {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا أنفسهم ذكرُوا الله فاستغفروا لذنوبهم} فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أخْبركُم بِخَير من ذَلِكُم ثمَّ تَلا هَؤُلَاءِ الْآيَات عَلَيْهِم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أنس بن مَالك فِي قَوْله {وسارعوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم} قَالَ: التَّكْبِيرَة الأولى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وسارعوا} يَقُول: سارعوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة {إِلَى مغْفرَة من ربكُم} قَالَ: لذنوبكم {وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض}

يَعْنِي عرض سبع سموات وَسبع أَرضين لَو لصق بَعضهم إِلَى بعض فالجنة فِي عرضهن وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق السّديّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: تقرن السَّمَوَات السَّبع والأرضون السَّبع كَمَا تقرن الثِّيَاب بَعْضهَا إِلَى بعض فَذَاك عرض الْجنَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن كريب قَالَ: أَرْسلنِي ابْن عَبَّاس إِلَى رجل من أهل الْكتاب أسأله عَن هَذِه الْآيَة {وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَأخْرج أسفار مُوسَى فَجعل ينظر قَالَ: سبع سموات وَسبع أَرضين تلفق كَمَا تلفق الثِّيَاب بَعْضهَا إِلَى بعض هَذَا عرضهَا وَأما طولهَا فَلَا يقدر قدره إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير عَن التنوخي رَسُول هِرقل قَالَ: قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكِتَاب هِرقل وَفِيه: إِنَّك كتبت تَدعُونِي إِلَى {وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض أعدت لِلْمُتقين} فَأَيْنَ النَّار فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُبْحَانَ الله فَأَيْنَ اللَّيْل إِذا جَاءَ النَّهَار وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَرَأَيْت قَوْله {وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَأَيْنَ النَّار قَالَ: أَرَأَيْت اللَّيْل إِذا لبس كل شَيْء فَأَيْنَ النَّهَار قَالَ: حَيْثُ شَاءَ الله قَالَ: فَكَذَلِك حَيْثُ شَاءَ الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن طَارق بن شهَاب أَن اناسا من الْيَهُود سَأَلُوا عمر بن الْخطاب عَن جنَّة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض فَأَيْنَ النَّار فَقَالَ عمر: إِذا جَاءَ اللَّيْل فَأَيْنَ النَّهَار وَإِذا جَاءَ النَّهَار أَيْن اللَّيْل فَقَالُوا: لقد نزعت مثلهَا من التَّوْرَاة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن يزِيد بن الْأَصَم أَن رجلا من أهل الْأَدْيَان قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: تَقولُونَ {وجنة عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَأَيْنَ النَّار فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: إِذا جَاءَ اللَّيْل فَأَيْنَ النَّهَار وَإِذا جَاءَ النَّهَار فَأَيْنَ اللَّيْل وَأخرج مُسلم وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم بدر: قومُوا إِلَى جنَّة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض فَقَالَ عُمَيْر بن الْحمام الْأنْصَارِيّ: يَا رَسُول الله جنَّة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض قَالَ: نعم قَالَ: بخ بخٍ لَا وَالله

يَا رَسُول الله لَا بُد أَن أكون من أَهلهَا قَالَ: فَإنَّك من أَهلهَا فَأخْرج تُمَيْرَات من قرنه فَجعل يَأْكُل مِنْهُنَّ ثمَّ قَالَ: لَئِن حييت حَتَّى آكل تمراتي هَذِه إِنَّهَا لحياة طَوِيلَة فَرمى بِمَا كَانَ مَعَه من التَّمْر ثمَّ قَاتلهم حَتَّى قتل الْآيَة 134

134

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين يُنْفقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء} يَقُول: فِي الْعسر واليسر {والكاظمين الغيظ} يَقُول: كاظمون على الغيظ كَقَوْلِه (وَإِذا مَا غضبوا هم يغفرون) (الشورى الْآيَة 37) يغضبون فِي الْأَمر لَو وَقَعُوا فِيهِ كَانَ حَرَامًا فيغفرون ويعفون يَلْتَمِسُونَ وَجه الله بذلك {وَالْعَافِينَ عَن النَّاس} كَقَوْلِه (وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة ) (النورالآية 22) الْآيَة يَقُول: لَا تقسموا على أَن لَا تعطوهم من النَّفَقَة وَاعْفُوا واصفحوا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله والكاظمين الغيظ مَا الكاظمون قَالَ: الحابسون الغيظ قَالَ عبد الْمطلب بن هَاشم: فَخَشِيت قومِي واحتسبت قِتَالهمْ وَالْقَوْم من خوف قِتَالهمْ كظم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَالْعَافِينَ عَن النَّاس} قَالَ: عَن المملوكين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {وَالْعَافِينَ عَن النَّاس} قَالَ: يغيظون فِي الْأَمر فيغفرون ويعفون عَن النَّاس وَمن فعل ذَلِك فَهُوَ محسن {وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عِنْد ذَلِك: هَؤُلَاءِ فِي أمتِي قَلِيل إِلَّا من عصمه الله وَقد كَانُوا كثيرا فِي الْأُمَم الَّتِي مَضَت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {والكاظمين الغيظ} أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من كظم غيظاً وَهُوَ يقدر على انفاذه ملأَهُ الله أمنا وإيماناً

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من جرعة أحب إِلَى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد مَا كظم عبد لله إِلَّا مَلأ الله جوفة إِيمَانًا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر مثله وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من كظم غيظاً وَهُوَ قَادر على أَن ينفذهُ دَعَاهُ الله على رُؤُوس الْخَلَائق حَتَّى يخيره من أَي الحوَّر شَاءَ وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ الشَّديد بالصرعة وَلَكِن الَّذِي يملك نَفسه عِنْد الْغَضَب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَامر بن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّ بناس يتحادون مهراساً فَقَالَ: أتحسبون الشدَّة فِي حمل الْحِجَارَة إِنَّمَا الشدَّة أَن يمتلىء الرجل غيظاً ثمَّ يغلبه وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: يُقَال يَوْم الْقِيَامَة ليقمْ من كَانَ لَهُ على الله أجر فَمَا يقوم إِلَّا إِنْسَان عَفا وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي بن كَعْب: إِن رَسُول اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من سره أَن يشرف لَهُ الْبُنيان وترفع لَهُ الدَّرَجَات فليعف عَمَّن ظلمه ويعطِ من حرمه ويصل من قطعه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن إِن جَارِيَة جعلت تسكب عَلَيْهِ المَاء يتهيأ للصَّلَاة فَسقط الإبريق من يَدهَا على وَجهه فَشَجَّهُ فَرفع رَأسه إِلَيْهَا فَقَالَت: إِن الله يَقُول {والكاظمين الغيظ} قَالَ: قد كظمت غيظي قَالَت {وَالْعَافِينَ عَن النَّاس} قَالَ: قد عَفا الله عَنْك قَالَت {وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} قَالَ: اذهبي فَأَنت حرَّة وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن عَائِشَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: وَجَبت محبَّة الله على من أغضب فحلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَمْرو بن عبسة أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا الْإِيمَان فَقَالَ: الصَّبْر والسماحة وَخلق حسن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب بن مَالك أَن رجلا من بني سَلمَة سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

عَن الْإِسْلَام فَقَالَ: حسن الْخلق ثمَّ رَاجعه الرجل فَلم يزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: حسن الْخلق حَتَّى بلغ خمس مَرَّات وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن جَابر قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا الشؤم قَالَ: سوء الْخلق وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن عَائِشَة مَرْفُوعا قَالَ: الشؤم سوء الْخلق وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن حسن الْخلق ليذيب الْخَطِيئَة كَمَا تذيب الشَّمْس الجليد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْخلق السوء يفْسد الْإِيمَان كَمَا يفْسد الصَّبْر الطَّعَام قَالَ أنس: وَكَانَ يُقَال: إِن الْمُؤمن أحسن شَيْء خلقا وَأخرج ابْن عدي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: حسن الْخلق يذيب الْخَطَايَا كَمَا تذيب الشَّمْس الجليد وان الْخلق السيء يفْسد الْعَمَل كَمَا يفْسد الْخلّ الْعَسَل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن حسن الْخلق يذيب الْخَطِيئَة كَمَا تذيب الشَّمْس الجليد وان سوء الْخلق يفْسد الْعَمَل كَمَا يفْسد الصَّبْر الْعَسَل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن طَرِيق سعيد بن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حسن الْخلق زِمَام من رَحْمَة الله فِي أنف صَاحبه والزمام بيد الْملك وَالْملك يجره إِلَى الْخَيْر وَالْخَيْر يجره إِلَى الْجنَّة وَسُوء الْخلق زِمَام من عَذَاب الله فِي أنف صَاحبه والزمام بيد الشَّيْطَان والشيطان يجره إِلَى الشَّرّ وَالشَّر يجره إِلَى النَّار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: وَالله مَا حسن الله خلق رجل وَلَا خلقه فتطعمه النَّار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من سَعَادَة ابْن آدم حسن الْخلق وَمن شقوته سوء الْخلق وَأخرج الخرائطي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر الدُّعَاء يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الصِّحَّة والعفة وَالْأَمَانَة وَحسن الْخلق وَالرِّضَا بِالْقدرِ

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد جيد عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ من دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهم كَمَا حسنت خلقي فاحسن خلقي وَأخرج الخرائطي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَسْعُود البدري قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اللَّهم حسنت خلقي فاحسن خلقي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّكُم لَا تسعون النَّاس بأموالكم فليسعهم مِنْكُم بسط الْوَجْه وَحسن الْخلق وَأخرج ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كرم الْمَرْء دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من كَانَ هيناً قَرِيبا حرمه الله على النَّار وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مرني وَلَا تكْثر فلعلي أعقله فَقَالَ: لَا تغْضب فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَا تغْضب وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَارِيَة بن قدامَة قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله قل لي قولا يَنْفَعنِي واقلل لعَلي أعقله قَالَ: لَا تغْضب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يبعدني عَن غضب الله قَالَ: لَا تغْضب وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة إِلَى مغيربان الشَّمْس حفظهَا من حفظهَا ونسيها من نَسِيَهَا وَأخْبر مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد فَإِن الدُّنْيَا خضرَة حلوة وان الله مستخلفكم فِيهَا فناظر كَيفَ تَعْمَلُونَ أَلا فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقوا النِّسَاء أَلا إِن بني آدم خلقُوا على طَبَقَات شَتَّى فَمنهمْ من يُولد مُؤمنا ويحيا مُؤمنا وَيَمُوت مُؤمنا وَمِنْهُم من يُولد كَافِرًا ويحيا كَافِرًا وَيَمُوت كَافِرًا وَمِنْهُم من يُولد مُؤمنا ويحيا مُؤمنا وَيَمُوت كَافِرًا وَمِنْهُم من يُولد كَافِرًا ويحيا كَافِرًا وَيَمُوت مُؤمنا

أَلا إِن الْغَضَب جَمْرَة توقد فِي جَوف ابْن آدم ألم تروا إِلَى حمرَة عَيْنَيْهِ وانتفاخ أوداجه فَإِذا وجد أحدكُم من ذَلِك شَيْئا فليلزق بِالْأَرْضِ أَلا إِن خير الرِّجَال من كَانَ بطيء الْغَضَب سريع الْفَيْء وَشر الرِّجَال من كَانَ بطيء الْفَيْء سريع الْغَضَب فَإِذا كَانَ الرجل سريع الْغَضَب سريع الْفَيْء فانها بهَا وَإِذا كَانَ بطيء الْغَضَب بطيء الْفَيْء فَإِنَّهَا بهَا أَلا وَإِن خير التُّجَّار من كَانَ حسن الْقَضَاء حسن الطّلب وَشر التُّجَّار من كَانَ سيء الْقَضَاء سيء الطّلب فَإِذا كَانَ الرجل حسن الْقَضَاء سيء الطّلب فَإِنَّهَا بهَا وَإِذا كَانَ الرجل سيء الْقَضَاء حسن الطّلب فَإِنَّهَا بهَا أَلا لَا يمنعن رجلا مهابة النَّاس أَن يَقُول بِالْحَقِّ إِذا علمه أَلا إِن لكل غادر لِوَاء بِقدر غدرته يَوْم الْقِيَامَة أَلا وَإِن أكبر الْغدر غدر أَمِير الْعَامَّة أَلا وَإِن أفضل الْجِهَاد من قَالَ كلمة الْحق عِنْد سُلْطَان جَائِر فَلَمَّا كَانَ عِنْد مغرب الشَّمْس قَالَ: أَلا إِن مَا بَقِي من الدُّنْيَا فِيمَا مضى مِنْهُ كَمثل مَا بَقِي من يومكم هَذَا فِيمَا مضى وَأخرج الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِوَصِيَّة قَصِيرَة فألزمها قَالَ: لَا تغْضب يَا مُعَاوِيَة بن حيدة ان الْغَضَب ليفسد الْإِيمَان كَمَا يفْسد الصَّبْر الْعَسَل وَأخرج الْحَكِيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْغَضَب ميسم من نَار جَهَنَّم يَضَعهُ الله على نِيَاط أحدهم أَلا ترى أَنه إِذا غضب احْمَرَّتْ عَيناهُ واربَدَّ وَجهه وَانْتَفَخَتْ أوداجه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْغَضَب جَمْرَة فِي قلب ابْن آدم ألم تروا إِلَى انتفاخ أوداجه وَحُمرَة عَيْنَيْهِ فَمن حس من ذَلِك شَيْئا فَإِن كَانَ قَائِما فليقعد وان كَانَ قَاعِدا فليضطجع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من جرعة أحب إِلَى الله من جرعة غيظ كظمها رجل أَو جرعة صَبر عِنْد مُصِيبَة وَمَا قَطْرَة أحب إِلَى الله من قَطْرَة دمع من خشيَة الله أَو قَطْرَة دم فِي سَبِيل الله وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر: ثَلَاث كُلهنَّ حق: مَا من أحد يظلم مظْلمَة فيغض عَنْهَا إِلَّا زَاده الله بهَا عزا وَمَا من أحد يفتح بَاب مَسْأَلَة لِيَزْدَادَ بهَا كَثْرَة إِلَّا زَاده الله بهَا قلَّة وَمَا من أحد يفتح بَاب عَطِيَّة أَو صلَة إِلَّا زَاده الله بهَا كَثْرَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاحِشا وَلَا متفحشاً وَكَانَ يَقُول: إِن من خياركم أحاسنكم أَخْلَاقًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْبَزَّار وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي الدَّرْدَاء أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أعطيَ حَظه من الرِّفْق أعطي حَظه من الْخَيْر وَمن حرم حَظه من الرِّفْق فقد حرم حَظه من الْخَيْر وَقَالَ: مَا من شَيْء أثقل فِي ميزَان الْمُؤمن يَوْم الْقِيَامَة من خلق حسن وَإِن الله يبغض الْفَاحِش الْبَذِيء وَإِن صَاحب حسن الْخلق ليبلغ بِهِ دَرَجَة صَاحب الصَّوْم وَالصَّلَاة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَكثر مَا يدْخل النَّاس الْجنَّة فَقَالَ: تقوى الله وَحسن الْخلق وَسُئِلَ عَن أَكثر مَا يدْخل النَّاس النَّار فَقَالَ: الأجوفان: الْفَم والفرج وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا وألطفهم بأَهْله وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الْمُؤمن ليدرك بِحسن الْخلق دَرَجَات الْقَائِم اللَّيْل الصَّائِم النَّهَار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله ليبلغ العَبْد بِحسن خلقه دَرَجَة الصَّوْم وَالصَّلَاة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخرئطي عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن العَبْد ليبلغ بِحسن خلقه عَظِيم دَرَجَات الْآخِرَة وشرفات الْمنَازل وَأَنه لضعيف الْعِبَادَة وَأَنه ليبلغ بِسوء خلقه أَسْفَل دَرَجَة فِي جَهَنَّم وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ والخرائطي عَن ابْن عَمْرو: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَن الْمُسلم المسدد ليدرك دَرَجَة الصوّام القوّام بآيَات الله بِحسن خلقه وكرم ضريبته وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصمت عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أخْبركُم بأيسر الْعِبَادَة وأهونها على الْبدن الصمت وَحسن الْخلق وَأخرج مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة عَن الْعَلَاء بن الشخير أَن رجلا

أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قبل وَجهه فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: حسن الْخلق ثمَّ أَتَاهُ عَن يَمِينه فَقَالَ: أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: حسن الْخلق ثمَّ أَتَاهُ عَن شِمَاله فَقَالَ: أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: حسن الْخلق ثمَّ أَتَاهُ من بعده - يَعْنِي من خَلفه - فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَي الْعَمَل أفضل فَالْتَفت إِلَيْهِ رَسُول اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَالك لَا تفقه حسن الْخلق أفضل لَا تغْضب إِن اسْتَطَعْت وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن أبي أُمامة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا زعيم بِبَيْت فِي ربض الْجنَّة لمن ترك المراء وَإِن كَانَ محقاً وببيت فِي وسط الْجنَّة لمن ترك الْكَذِب وَإِن كَانَ مازحاً وببيت فِي أَعلَى الْجنَّة لمن حسن خلقه وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن من أحبكم إِلَيّ وأقربكم مني مَجْلِسا يَوْم الْقِيَامَة أحسنكم أَخْلَاقًا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عمار بن يَاسر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حسن الْخلق خلق الله الْأَعْظَم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أوحى الله إِلَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: يَا خليلي حسن خلقك وَلَو مَعَ الْكفَّار تدخل مَعَ الْأَبْرَار فَإِن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أَن أظلهُ تَحت عَرْشِي وَأَن أسقيه من حَظِيرَة قدسي وَأَن أدنيه من جواري وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان عَن ابْن عَمْرو أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَلا أخْبركُم بأحبكم إِلَيّ وأقربكم مني مَجْلِسا يَوْم الْقِيَامَة قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله قَالَ: أحسنكم خلقا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وأبويعلى وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن أنس قَالَ: لَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا ذَر فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر أَلا أدلُّك على خَصْلَتَيْنِ هما أخف على الظّهْر وأثقل فِي الْمِيزَان من غَيرهمَا قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: عَلَيْك بِحسن الخُلق وَطول الصمت فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا عمل الْخَلَائق بِمِثْلِهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بن حَيَّان فِي الثَّوَاب بِسَنَد رَوَاهُ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا ذَر أَلا أدلك على أفضل الْعِبَادَة وأخفها على الْبدن وأثقلها فِي الْمِيزَان وأهونها على اللِّسَان قلت: بلَى فدَاك أبي وَأمي قَالَ: عَلَيْك بطول الصمت وَحسن الْخلق فَإنَّك لست بعامل بِمِثْلِهَا

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا الدَّرْدَاء أَلا أنبئك بأمرين خفيفةٍ مؤنتُهما عَظِيم أجرُهما لم تلق الله عز وَجل بمثلهما طول الصمت وَحسن الْخلق وَأخرج الْبَزَّار وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أخْبركُم بخياركم قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: اطولكم اعماراً وَأَحْسَنُكُمْ اخلاقاً وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان عَن اسامة بن شريك قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا خير مَا أُعطي الْإِنْسَان قَالَ: خلق حسن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْفُحْش والتفحش ليسَا من الْإِسْلَام فِي شَيْء وَإِن أحسن النَّاس إسلاماً أحْسنهم خلقا وَأخرج ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن عَمْرو أَن معَاذ بن جبل أَرَادَ سفرا فَقَالَ: يَا نَبِي الله أوصني قَالَ: اعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا قَالَ: يَا نَبِي الله زِدْنِي قَالَ: إِذا أَسَأْت فَأحْسن قَالَ: يَا نَبِي الله زِدْنِي قَالَ: اسْتَقِم ولتحسن خلقك وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه والخرائطي عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتقِ الله حَيْثُمَا كنت وأتبعِ السَّيئَة الْحَسَنَة تمحُها وخالقِ النَّاس بِخلق حسن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن هَذِه الْأَخْلَاق من الله فَمن أَرَادَ بِهِ خيرا منحه خلقا حسنا وَمن أَرَادَ بِهِ سوءا منحه خلقا سَيِّئًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أحبكم إليَّ وأقربكم مني فِي الْآخِرَة أحاسنكم أَخْلَاقًا وَإِن أبغضكم إِلَيّ وأبعدكم مني فِي الْآخِرَة أسوأكم أَخْلَاقًا الثرثارون المتشدقون المتفيقهون وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ والخرائطي عَن أنس قَالَ: قَالَت أم حَبِيبَة: يَا رَسُول الله الْمَرْأَة يكون لَهَا زوجان ثمَّ تَمُوت فَتدخل الْجنَّة هِيَ وزوجاها لأيهما تكون للأوّل أَو للْآخر قَالَ: تخير فتختار أحسنهما خلقا كَانَ مَعهَا فِي الدُّنْيَا يكون زَوجهَا فِي الْجنَّة يَا أم حَبِيبَة ذهب حسن الْخلق بِخَير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من شَيْء إِلَّا لَهُ تَوْبَة إِلَّا صَاحب سوء الْخلق فَإِنَّهُ لَا يَتُوب من ذَنْب إِلَّا عَاد فِي شَرّ مِنْهُ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو: اللهمَّ إِنِّي أعوذ بك من الشقاق والنفاق وَسُوء الْأَخْلَاق وَأخرج الخرائطي عَن جرير بن عبد الله قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّك امْرُؤ قد حسن الله خلقك فَحسن خلقك وَأخرج الخرائطي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خياركم أحاسنكم أَخْلَاقًا وَأخرج الخرائطي عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو كَانَ حسن الْخلق رجلا يمشي فِي النَّاس لَكَانَ رجلا صَالحا وَأخرج الخرائطي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاث من لم تكن فِيهِ أَو وَاحِدَة مِنْهُنَّ فَلَا يعتدن بِشَيْء من عمله تقوى تحجزه عَن معاصي الله عز وَجل أَو حلم يكف بِهِ السَّفِيه أَو خلق يعِيش بِهِ فِي النَّاس وَأخرج الخرائطي عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْيمن حسن الْخلق وَأخرج الخرائطي عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سَعَادَة ابْن آدم حسن الْخلق وَأخرج الْقُضَاعِي فِي مُسْند الشهَاب عَن الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أحسن الْحسن الْخلق الْحسن وَأخرج الخرائطي عَن الفضيل بن عِيَاض قَالَ: إِذا خالطت النَّاس فخالط الْحسن الْخلق فَإِنَّهُ لَا يَدْعُو إِلَّا إِلَى خير وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: إِنَّه من أعطي حَظه من الرِّفْق فقد أعطي حَظه من خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن حرم حَظه من الرِّفْق فقد حرم حَظه من الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وصلَة الرَّحِم وَحسن الْخلق وَحسن الْجوَار يعمرَانِ الديار وَيَزِيدَانِ فِي الاعمار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرِّفْق يمن والخرق شُؤْم وَإِذا أَرَادَ الله بِأَهْل بَيت خيرا أَدخل عَلَيْهِم بَاب الرِّفْق إِن الرِّفْق لم يكن فِي شَيْء قطّ إِلَّا زانه وَإِن الْخرق لم يكن فِي شَيْء قطّ إِلَّا شَأْنه وَإِن

الْحيَاء من الْإِيمَان وَإِن الْإِيمَان فِي الْجنَّة وَلَو كَانَ الْحيَاء رجلا كَانَ رجلا صَالحا وَإِن الْفُحْش من الْفُجُور وَإِن الْفُجُور فِي النَّار وَلَو كَانَ الْفُحْش رجلا يمشي فِي النَّاس لَكَانَ رجلا سوءا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أم الدَّرْدَاء قَالَت: بَات أَبُو الدَّرْدَاء لَيْلَة يُصَلِّي فَجعل يبكي وَيَقُول: اللهمَّ أَحْسَنت خلقي فاحسن خلقي حَتَّى إِذا أصبح فَقلت: يَا أَبَا الدَّرْدَاء أما كَانَ دعاؤك مُنْذُ اليلة إِلَّا فِي حسن الْخلق فَقَالَ: يَا أم الدَّرْدَاء إِن العَبْد الْمُسلم يحسن خلقه حَتَّى يدْخلهُ حسن خلقه الْجنَّة ويسوء خلقه حَتَّى يدْخلهُ سوء خلقه النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أكمل النَّاس إِيمَانًا أحْسنهم خلقا وَأفضل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم وَأخرج تَمام فِي فَوَائده وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خِيَار أمتِي خَمْسمِائَة والابدال أَرْبَعُونَ فَلَا الْخَمْسمِائَةِ ينقصُونَ وَلَا الْأَرْبَعُونَ ينقصُونَ وَكلما مَاتَ بدل أَدخل الله عز وَجل من الْخَمْسمِائَةِ مَكَانَهُ وادخل فِي الْأَرْبَعين مكانهم فَلَا الْخَمْسمِائَةِ ينقصُونَ وَلَا الْأَرْبَعُونَ ينقصُونَ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله دلنا على أَعمال هَؤُلَاءِ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ يعفون عَمَّن ظلمهم ويحسنون إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْهِم ويواسون مِمَّا آتَاهُم الله قَالَ: وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {والكاظمين الغيظ وَالْعَافِينَ عَن النَّاس وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} وَأخرج ابْن لال والديلمي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي قصوراً مستوية على الْجنَّة فَقلت: يَا جِبْرِيل لمن هَذَا فَقَالَ {والكاظمين الغيظ وَالْعَافِينَ عَن النَّاس وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} الْآيَتَانِ 135 - 136

135

أخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَنه قَرَأَ (الَّذين يُنْفقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء ) (آل عمرَان الْآيَة 134) الْآيَة ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} الْآيَة فَقَالَ: إِن هذَيْن النعتين لنعت رجل وَاحِد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هَذَانِ ذنبان فعلوا فَاحِشَة ذَنْب وظلموا أنفسهم ذَنْب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن زيد فِي قَوْله {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} قَالَ: زنا الْقَوْم وَرب الْكَعْبَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فعلوا فَاحِشَة} قَالَ: الزِّنَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود أَنه ذكر عِنْده بَنو إِسْرَائِيل وَمَا فَضلهمْ الله بِهِ فَقَالَ: كَانَ بَنو إِسْرَائِيل إِذا أذْنب أحدهم ذَنبا أصبح وَقد كتبت كَفَّارَته على أُسْكُفَّة بَابه وَجعلت كَفَّارَة ذنوبكم قولا تقولونه تستغفرون الله فَيغْفر لكم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد أَعْطَانَا الله آيَة لهي أحب إليَّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن فِي كتاب الله لآيتين مَا أذْنب عبد ذَنبا فَقَرَأَهُمَا فَاسْتَغْفر الله إِلَّا غفر لَهُ {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} الْآيَة وَقَوله (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ) (النِّسَاء الْآيَة 110) الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: بَلغنِي أَن إِبْلِيس حِين نزلت هَذِه الْآيَة بَكَى {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة} الْآيَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عطاف بن خَالِد قَالَ: بَلغنِي أَنه لما نزل قَوْله {وَمن يغْفر الذُّنُوب إِلَّا الله وَلم يصروا على مَا فعلوا} صَاح إِبْلِيس بجُنُوده وحثا على رَأسه التُّرَاب ودعا بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور حَتَّى جَاءَتْهُ جُنُوده من كل بر وبحر فَقَالُوا: مَا لَك يَا سيدنَا قَالَ: آيَة نزلت فِي كتاب الله لَا يضر بعْدهَا أحدا من بني آدم ذَنْب قَالُوا: وَمَا هِيَ فاخبرهم قَالُوا: نفتح لَهُم بَاب الْأَهْوَاء فَلَا يتوبون وَلَا يَسْتَغْفِرُونَ وَلَا يرَوْنَ إِلَّا أَنهم على الْحق فَرضِي مِنْهُم ذَلِك

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالدَّارقطني وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي بكر الصّديق: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من رجل يُذنب ذَنبا ثمَّ يقوم فيذكر ذَنبه فيتطهر ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يسْتَغْفر الله من ذَنبه ذَلِك إِلَّا غفر الله لَهُ ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَالَّذين إِذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا أنفسهم ذكرُوا الله} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أذْنب عبد ذَنبا ثمَّ تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ خرج إِلَى برَاز من الأَرْض فصلى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ واستغفر الله من ذَلِك الذَّنب إِلَّا غفر الله لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل شَيْء يتَكَلَّم بِهِ ابْن آدم فانه مَكْتُوب عَلَيْهِ فَإِذا أَخطَأ خَطِيئَة وَأحب أَن يَتُوب إِلَى الله فليأت بقْعَة رفيعة فليمدد يَدَيْهِ إِلَى الله ثمَّ ليقل: إِنِّي أَتُوب إِلَيْك فِيهَا لَا أرجع إِلَيْهَا أبدا فانه يغْفر لَهُ مَا لم يرجع فِي عمله ذَلِك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اللهمَّ اجْعَلنِي من الَّذين إِذا أَحْسنُوا اسْتَبْشَرُوا وَإِذا أساؤوا اسْتَغْفرُوا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَرْبَعَة فِي حديقة قدس فِي الْجنَّة: المعتصم بِلَا إِلَه إِلَّا اله لَا يشك فِيهَا وَمن إِذا عمل حَسَنَة سرته وَحمد الله عَلَيْهَا وَمن إِذا عمل سَيِّئَة ساءته واستغفر الله مِنْهَا وَمن إِذا أَصَابَته مُصِيبَة قَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن رجلا أذْنب ذَنبا فَقَالَ: رب إِنِّي أذنبت ذَنبا فاغفره فَقَالَ الله: عَبدِي عمل ذَنبا فَعلم أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بِهِ قد غفرت لعبدي ثمَّ عمل ذَنبا آخر فَقَالَ: رب إِنِّي عملت ذَنبا فاغفره فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى: علم عَبدِي أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بِهِ قد غفرت لعبدي ثمَّ عمل ذَنبا آخر فَقَالَ: رب إِنِّي عملت ذَنبا فاغفره فَقَالَ الله: علم عَبدِي أَن لَهُ رَبًّا يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بِهِ أشهدكم إِنِّي غفرت لعبدي فليعمل مَا شَاءَ

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو لم تذنبوا لجاء الله بِقوم يذنبون كي يغْفر لَهُم وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ إِبْلِيس: يَا رب - وَعزَّتك - لَا أَزَال أغوي بني آدم مَا كَانَت أَرْوَاحهم فِي أَجْسَادهم فَقَالَ الله: وَعِزَّتِي لَا أَزَال أَغفر لَهُم مَا استغفروني وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي بكر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عَلَيْكُم بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار فَأَكْثرُوا مِنْهُمَا فَإِن إِبْلِيس قَالَ: أهلكت النَّاس بِالذنُوبِ وأهلكوني بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك اهلكتهم بالأهواء وهم يحسبون أَنهم مهتدون وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ: جَاءَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أذنبت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أذنبت فَاسْتَغْفر رَبك قَالَ: فَإِنِّي اسْتغْفر ثمَّ أَعُود فأذنب فَقَالَ: إِذا أذنبت فَاسْتَغْفر رَبك ثمَّ عَاد فَقَالَ فِي الرَّابِعَة: اسْتغْفر رَبك حَتَّى يكون الشَّيْطَان هُوَ المحسور وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله أَحَدنَا يُذنب قَالَ: يكْتب عَلَيْهِ قَالَ: ثمَّ يسْتَغْفر مِنْهُ وَيَتُوب قَالَ: يغْفر لَهُ ويتاب عَلَيْهِ قَالَ: فَيَعُود ويذنب قَالَ: يكْتب عَلَيْهِ قَالَ: ثمَّ يسْتَغْفر مِنْهُ وَيَتُوب قَالَ: يغْفر لَهُ ويتاب عَلَيْهِ قَالَ: فَيَعُود ويذنب قَالَ: يكْتب عَلَيْهِ قَالَ: ثمَّ يسْتَغْفر مِنْهُ وَيَتُوب قَالَ: يغْفر لَهُ ويتاب عَلَيْهِ وَلَا يمل الله حَتَّى تملوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلم يصروا على مَا فعلوا} قَالَ: لم يقيموا على ذَنْب وهم يعلمُونَ أَنه يغْفر لمن اسْتغْفر وَيَتُوب على من تَابَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: إيَّاكُمْ والإصرار فَإِنَّمَا هلك المصرون الماضون قدماً لَا ينهاهم مَخَافَة الله عَن حرَام حرمه الله عَلَيْهِم وَلَا يتوبون من ذَنْب أَصَابُوهُ حَتَّى أَتَاهُم الْمَوْت وهم على ذَلِك وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ارحموا تُرحموا واغفروا يُغفر لكم ويل لأقماع القَوْل - يَعْنِي الآذان - ويل للمصِّرين الَّذين يصرون على مَا فعلوا وهم يعلمُونَ

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل ذَنْب أصر عَلَيْهِ العَبْد كبر وَلَيْسَ بكبير مَا تَابَ مِنْهُ العَبْد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: إتْيَان الذَّنب عمدا إِصْرَار حَتَّى يَتُوب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: الْإِصْرَار أَن يعْمل الرجل الذَّنب فيحتقره وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَلم يصروا على مَا فعلوا} فينكبوا وَلَا يَسْتَغْفِرُوا وهم يعلمُونَ أَنهم قد أذنبوا ثمَّ أَقَامُوا وَلم يَسْتَغْفِرُوا وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أصر من اسْتغْفر وَإِن عَاد فِي الْيَوْم سبعين مرّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وَنعم أجر العاملين} بِطَاعَة الله الْجنَّة الْآيَة 137

137

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {قد خلت} يَعْنِي مَضَت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قد خلت من قبلكُمْ سنَن} يَعْنِي تداول من الْكفَّار وَالْمُؤمنِينَ فِي الْخَيْر وَالشَّر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فانظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المكذبين} قَالَ: عَاقِبَة الْأَوَّلين والأمم قبلكُمْ كَانَ سوء عاقبتهم متعهم الله قَلِيلا ثمَّ صَارُوا إِلَى النَّار الْآيَة 138

138

أخرج ابْن أبي شيبَة فِي كتاب الْمَصَاحِف عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أول مَا نزل من آل عمرَان {هَذَا بَيَان للنَّاس وَهدى وموعظة لِلْمُتقين} ثمَّ أنزل بقيتها يَوْم أحد وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {هَذَا بَيَان للنَّاس} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هَذَا بَيَان} الْآيَة

قَالَ: هُوَ هَذَا الْقُرْآن جعله الله بَيَانا للنَّاس عَامَّة {وَهدى وموعظة لِلْمُتقين} خُصُوصا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي الْآيَة قَالَ {بَيَان} من الْعَمى {وَهدى} من الضَّلَالَة {وموعظة} من الْجَهْل الْآيَة 139

139

أخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: كثر فِي أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقَتْل والجراح حَتَّى خلص إِلَى كل امرىء مِنْهُم الْبَأْس فَأنْزل الله الْقُرْآن فآسى فِيهِ بَين الْمُؤمنِينَ بِأَحْسَن مَا آسى بِهِ قوما كَانُوا قبلهم من الْأُمَم الْمَاضِيَة فَقَالَ {وَلَا تهنوا وَلَا تحزنوا} إِلَى قَوْله {لبرز الَّذين كتب عَلَيْهِم الْقَتْل إِلَى مضاجعهم} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أقبل خَالِد بن الْوَلِيد يُرِيد أَن يَعْلُو عَلَيْهِم الْجَبَل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللهمَّ لَا يعلون علينا فَأنْزل الله {وَلَا تهنوا وَلَا تحزنوا وَأَنْتُم الأعلون إِن كُنْتُم مُؤمنين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: انهزم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الشّعب يَوْم أحد فسألوا مَا فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا فعل فلَان فنعى بَعضهم لبَعض وتحدثوا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل فَكَانُوا فِي هم وحزن فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك علا خَالِد بن الْوَلِيد بخيل الْمُشْركين فَوْقهم على الْجَبَل وَكَانَ على أحد مجنبتي الْمُشْركين وهم أَسْفَل من الشّعب فَلَمَّا رَأَوْا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرحوا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ لَا قوّة لنا إِلَّا بك وَلَيْسَ أحد يعبدك بِهَذَا الْبَلَد غير هَؤُلَاءِ النَّفر فَلَا تهلكهم وثاب نفر من الْمُسلمين رُمَاة فَصَعِدُوا فرموا خيل الْمُشْركين حَتَّى هَزَمَهُمْ الله وَعلا الْمُسلمُونَ الْجَبَل فَذَلِك قَوْله {وَأَنْتُم الأعْلَوْنَ إِن كُنْتُم مُؤمنين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَلَا تهنوا} قَالَ: لَا تضعفوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَأَنْتُم الأعلون} قَالَ: وَأَنْتُم الغالبون

الْآيَات 140 - 142

140

أخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {أَن يمسسكم} قَالَ: أَن يصبكم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {إِن يمسسكم قرح فقد مس الْقَوْم قرح مثله} بِرَفْع الْقَاف فيهمَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {إِن يمسسكم قرح} قَالَ: جراح وَقتل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {إِن يمسسكم قرح فقد مس الْقَوْم قرح مثله} قَالَ: إِن يقتل مِنْكُم يَوْم أحد فقد قتلتم مِنْهُم يَوْم بدر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نَام الْمُسلمُونَ وبهم الكلوم - يَعْنِي يَوْم أحد - قَالَ عِكْرِمَة: وَفِيهِمْ أنزلت {إِن يمسسكم قرح فقد مس الْقَوْم قرح مثله وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} وَفِيهِمْ أنزلت (إِن تَكُونُوا تألمون فَإِنَّهُم يألمون كَمَا تألمون) (النِّسَاء الْآيَة 104) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} فانه كَانَ يَوْم أحد بِيَوْم بدر قتل الْمُؤْمِنُونَ يَوْم أحد اتخذ الله مِنْهُم شُهَدَاء وَغلب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُشْركين يَوْم بدر فَجعل لَهُ الدولة عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} قَالَ: فانه أدال الْمُشْركين على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَبَلغنِي أَن الْمُشْركين قتلوا من الْمُسلمين يَوْم أحد بضعَة وَسبعين رجلا عدد الْأُسَارَى الَّذين أَسرُّوا يَوْم بدر من الْمُشْركين وَكَانَ عدد الْأُسَارَى ثَلَاثَة وَسبعين رجلا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} قَالَ: جعل الله الْأَيَّام دولاً مرّة لهَؤُلَاء وَمرَّة لهَؤُلَاء أدال الْكفَّار يَوْم أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: وَالله لَوْلَا الدول مَا أودى الْمُؤْمِنُونَ وَلَكِن قد يدال للْكَافِرِ من الْمُؤمن ويُبْتَلى الْمُؤمن بالكافر ليعلم الله من يطيعه مِمَّن يعصيه وَيعلم الصَّادِق من الْكَاذِب وَأخرج عَن السّديّ {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} يَوْمًا لكم وَيَوْما عَلَيْكُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي حَاتِم عَن ابْن سِيرِين {وَتلك الْأَيَّام نداولها بَين النَّاس} يَعْنِي الْأُمَرَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي جَعْفَر قَالَ: إِن للحق دولة وَإِن للباطل دولة من دولة الْحق إِن إِبْلِيس أَمر بِالسُّجُود لأدم فأديل آدم على إِبْلِيس وابتلي ادم بِالشَّجَرَةِ فَأكل مِنْهَا فأديل إِبْلِيس على آدم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {وليعلم الله الَّذين آمنُوا ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء} قَالَ: إِن الْمُسلمين كَانُوا يسْأَلُون رَبهم: اللَّهُمَّ رَبنَا أرنا يَوْمًا كَيَوْم بدر نُقَاتِل فِيهِ الْمُشْركين ونبليك فِيهِ خيرا ونلتمس فِيهِ الشَّهَادَة فَلَقوا الْمُشْركين يَوْم أحد فَاتخذ مِنْهُم شُهَدَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ يسْأَلُون رَبهم أَن يُرِيهم يَوْمًا كَيَوْم بدر يبلون فِيهِ خيرا وَيُرْزَقُونَ فِيهِ الشَّهَادَة وَيُرْزَقُونَ الْجنَّة والحياة والرزق فَلَقوا يَوْم أحد فَاتخذ الله مِنْهُم شُهَدَاء وهم الَّذين ذكرهم الله تَعَالَى فَقَالَ (وَلَا تَقولُوا لمن يقتل فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا) (الْبَقَرَة الْآيَة 154) الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وليعلم الله الَّذين آمنُوا ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء} قَالَ: يكرم الله أولياءه بِالشَّهَادَةِ بأيدي عدوهم ثمَّ تصير حواصل الْأُمُور وعواقبها لأهل طَاعَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُبَيْدَة {وليعلم الله الَّذين آمنُوا ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء} يَقُول: أَن لَا تقتلُوا لَا تَكُونُوا شُهَدَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الضُّحَى قَالَ: نزلت {ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء}

فَقتل مِنْهُم يَوْمئِذٍ سَبْعُونَ مِنْهُم أَرْبَعَة من الْمُهَاجِرين: مِنْهُم حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَمصْعَب بن عُمَيْر أَخُو بني عبد الدَّار والشماس بن عُثْمَان المَخْزُومِي وَعبد الله بن جحش الْأَسدي وسائرهم من الْأَنْصَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما أَبْطَأَ على النِّسَاء الْخَبَر خرجن يستخبرن فَإِذا رجلَانِ مقتولان على دَابَّة أوعلى بعير فَقَالَت امْرَأَة من الْأَنْصَار: من هَذَانِ قَالُوا: فلَان وَفُلَان أَخُوهَا وَزوجهَا أَو زَوجهَا وَابْنهَا فَقَالَت: مَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: حَيّ قَالَت: فَلَا أُبَالِي يتَّخذ الله من عباده الشُّهَدَاء وَنزل الْقُرْآن على مَا قَالَت {ويتخذ مِنْكُم شُهَدَاء} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {وليمحص الله الَّذين آمنُوا} قَالَ: يبتليهم {ويمحق الْكَافرين} قَالَ: ينقصهم وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه كَانَ إِذا تَلا هَذِه الْآيَة قَالَ: اللهمَّ مُحصنا وَلَا تجعلنا كَافِرين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق {أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة} وتصيبوا من ثوابي الْكَرَامَة {ولمَّا يعلم الله الَّذين جاهدوا مِنْكُم} يَقُول: ولمَ اختبركم بالشدة وأبتليكم بالمكاره حَتَّى أعلم صدق ذَلِك مِنْكُم الْإِيمَان بِي وَالصَّبْر على مَا أَصَابَكُم فِي الْآيَة 143

143

أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يَقُولُونَ: ليتنا نقْتل كَمَا قتل أَصْحَاب بدر ونستشهد أَو لَيْت لنا يَوْمًا كَيَوْم بدر نُقَاتِل فِيهِ الْمُشْركين ونبلى فِيهِ خيرا ونلتمس الشَّهَادَة وَالْجنَّة والحياة والرزق فأشهدهم الله أحدا فَلم يَلْبَثُوا إِلَّا من شَاءَ الله مِنْهُم فَقَالَ الله {وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت من قبل أَن تلقوهُ فقد رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُم تنْظرُون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: غَابَ

رجال عَن بدر فَكَانُوا يتمنون مثل بدر أَن يلقوه فيصيبوا من الْأجر وَالْخَيْر مَا أصَاب أهل بدر فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحدٍ ولَّى من وَلَّى فعاتبهم الله على ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الرّبيع وَقَتَادَة قَالَا: أَن أُنَاسًا من الْمُؤمنِينَ لم يشْهدُوا يَوْم بدر وَالَّذِي أَعْطَاهُم الله من الْفضل فَكَانُوا يتمنون أَن يرَوا قتالاً فيقاتلوا فسيق إِلَيْهِم الْقِتَال حَتَّى إِذا كَانَ بِنَاحِيَة الْمَدِينَة يَوْم أحد فَأنْزل الله {وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يَقُولُونَ: لَئِن لَقينَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنفعلن ولنفعلن فابتلوا بذلك فَلَا وَالله مَا كلهم صدق الله فَأنْزل الله {وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت} الْآيَة وَأخرج عَن السّديّ قَالَ: كَانَ نَاس من الصَّحَابَة لم يشْهدُوا بَدْرًا فَلَمَّا رَأَوْا فَضِيلَة أهل بدر قَالُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك أَن ترينا يَوْمًا كَيَوْم بدر نبليك فِيهِ خيرا فَرَأَوْا أُحُداً فَقَالَ لَهُم {وَلَقَد كُنْتُم تمنون الْمَوْت} الْآيَة وَالله أعلم الْآيَتَانِ 144 - 145

144

أخرح ابْن الْمُنْذر عَن كُلَيْب قَالَ: خَطَبنَا عمر فَكَانَ يقْرَأ على الْمِنْبَر آل عمرَان وَيَقُول: إِنَّهَا أُحُدِيَّة ثمَّ قَالَ: تفرقنا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد فَصَعدت الْجَبَل فَسمِعت يَهُودِيّا يَقُول: قتل مُحَمَّد فَقلت لَا أسمع أحدا يَقُول: قتل مُحَمَّد إِلَّا ضربت عُنُقه فَنَظَرت فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس يتراجعون إِلَيْهِ فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل}

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعتزل هُوَ وعصابة مَعَه يَوْمئِذٍ على أكمة وَالنَّاس يفرون وَرجل قَائِم على الطَّرِيق يسألهم: مَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجعل كلما مروا عَلَيْهِ يسألهم فَيَقُولُونَ: وَالله مَا نَدْرِي مَا فعل فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَئِن كَانَ قتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنعطينهم بِأَيْدِينَا أَنهم لعشائرنا وإخواننا وَقَالُوا: لَو أَن مُحَمَّدًا كَانَ حَيا لم يهْزم وَلكنه قد قتل فترخصوا فِي الْفِرَار حِينَئِذٍ فَأنْزل الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة كلهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: ذَلِك يَوْم أحد حِين أَصَابَهُم مَا أَصَابَهُم من الْقَتْل والقرح وتداعوا نَبِي الله قَالُوا: قد قتل وَقَالَ أنَاس مِنْهُم: لَو كَانَ نَبيا مَا قتل وَقَالَ أنَاس من علية أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَاتلُوا على مَا قتل عَلَيْهِ نَبِيكُم حَتَّى يفتح الله عَلَيْكُم أَو تلحقوا بِهِ وَذكر لنا أَن رجلا من الْمُهَاجِرين مر على رجل من الْأَنْصَار وَهُوَ يتخبَّط فِي دَمه فَقَالَ: يَا فلَان أشعرت أَن مُحَمَّدًا قد قتل فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: إِن كَانَ مُحَمَّدًا قد قتل فقد بلغ فَقَاتلُوا عَن دينكُمْ فَأنْزل الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} يَقُول: ارتددتم كفَّارًا بعد أَيْمَانكُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة نَحوه وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: نَادَى مُنَاد يَوْم أحد حِين هزم أَصْحَاب مُحَمَّد: أَن مُحَمَّدًا قد قتل فَارْجِعُوا إِلَى دينكُمْ الأول فَأنْزل الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ أهل الْمَرَض والإرتياب والنفاق حِين فر النَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد قتل مُحَمَّد فالحقوا بدينكم الأول فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: فَشَا فِي النَّاس يَوْم أحد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد قتل فَقَالَ بعض أَصْحَاب الصَّخْرَة: لَيْت لنا رَسُولا إِلَى عبد الله بن أبيّ فَيَأْخُذ لنا أَمَانًا من أبي سُفْيَان يَا قوم إِن مُحَمَّدًا قد قتل فَارْجِعُوا إِلَى قومكم قبل أَن يأتوكم فيقتلونكم قَالَ أنس بن النَّضر: يَا قوم إِن كَانَ مُحَمَّد قد قتل فَإِن رب مُحَمَّد لم يقتل فَقَاتلُوا على مَا قَاتل عَلَيْهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إِنِّي أعْتَذر إِلَيْك ممَّا يَقُول

هَؤُلَاءِ وَأَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ فَشد بِسَيْفِهِ فقاتل حَتَّى قتل فَأنْزل الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن بن رَافع أخي بني عدي بن النجار قَالَ: انْتهى أنس بن النَّضر عَم أنس بن مَالك إِلَى عمر وَطَلْحَة بن عبيد الله فِي رجال من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَقد ألقوا بِأَيْدِيهِم فَقَالَ: مَا يجلسكم قَالُوا: قتل مُحَمَّد رَسُول الله قَالَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بعده قومُوا فموتوا على مَا مَاتَ عَلَيْهِ رَسُول الله واستقبل الْقَوْم فقاتل حَتَّى قتل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد وانهزموا قَالَ بعض النَّاس: إِن كَانَ مُحَمَّد قد أُصِيب فأعطوهم بِأَيْدِيكُمْ إِنَّمَا هم إخْوَانكُمْ وَقَالَ بَعضهم: إِن كَانَ مُحَمَّد قد أُصِيب أَلا تمضون على مَا مضى عَلَيْهِ نَبِيكُم حَتَّى تلحقوا بِهِ فَأنْزل الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} إِلَى قَوْله {فآتاهم الله ثَوَاب الدُّنْيَا} وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات عَن مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل الْعَبدَرِي قَالَ: حمل مُصعب بن عُمَيْر اللِّوَاء يَوْم أحد فَقطعت يَده الْيُمْنَى فَأخذ اللِّوَاء بِيَدِهِ الْيُسْرَى وَهُوَ يَقُول {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} ثمَّ قطعت يَده الْيُسْرَى فَجَثَا على اللِّوَاء وضمه بعضديه إِلَى صَدره وَهُوَ يَقُول {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة وَمَا نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} يَوْمئِذٍ حَتَّى نزلت بعد ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَمن يَنْقَلِب على عَقِبَيْهِ} قَالَ: يرْتَد وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَن أَبَا بكر أقبل على فرس من مَسْكَنه بالسنح حَتَّى نزل فَدخل الْمَسْجِد فَلم يكلم النَّاس حَتَّى دخل على عَائِشَة فَتَيَمم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مغشى بِثَوْب حبرَة فكشف عَن وَجهه ثمَّ أكب عَلَيْهِ وَقَبله وَبكى ثمَّ قَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي وَالله لَا يجمع الله عَلَيْك موتتين وَأما الموتة الَّتِي كتبت عَلَيْك فقد متها قَالَ الزُّهْرِيّ: وحَدثني أَبُو سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن أَبَا بكر خرج وَعمر يكلم النَّاس فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عمر وَقَالَ أَبُو بكر: أما بعد من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ وَمن كَانَ يعبد الله فَإِن الله

حَيّ لَا يَمُوت قَالَ الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} إِلَى قَوْله {الشَّاكِرِينَ} فَقَالَ: فوَاللَّه لَكَانَ النَّاس لم يعلمُوا أَن الله أنزل هَذِه الْآيَة حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بكر فَتَلَاهَا النَّاس مِنْهُ كلهم فَمَا أسمع بشرا من النَّاس إِلَّا يتلوها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: إِن رجَالًا من الْمُنَافِقين يَزْعمُونَ أَن رَسُول اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَالله - مَا مَاتَ وَلَكِن ذهب إِلَى ربه كَمَا ذهب مُوسَى بن عمرَان فقد غَابَ عَن قومه أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِم بعد أَن قيل قد مَاتَ وَالله ليرجعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا رَجَعَ مُوسَى فليقطعن أَيدي رجال وأرجلهم زَعَمُوا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ فَخرج أَبُو بكر فَقَالَ: على رسلك يَا عمر انصت فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس أَنه من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ وَمن كَانَ يعبد الله فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} الْآيَة فوَاللَّه لَكَانَ النَّاس لم يعلمُوا أَن هَذِه الْآيَة نزلت حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بكر يَوْمئِذٍ وَأخذ النَّاس عَن أبي بكر فَإِنَّمَا هِيَ فِي أَفْوَاههم قَالَ عمر: فوَاللَّه مَا هُوَ إِلَّا أَن سَمِعت أَبَا بكر تَلَاهَا فعقرت حَتَّى وَقعت إِلَى الأَرْض مَا تحملنِي رجلاي وَعرفت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد مَاتَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: لما توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ عمر بن الْخطاب فتوعد من قَالَ قد مَاتَ بِالْقَتْلِ وَالْقطع فجَاء أَبُو بكر فَقَامَ إِلَى جَانب الْمِنْبَر وَقَالَ: إِن الله نعى نَبِيكُم إِلَى نَفسه وَهُوَ حَيّ بَين أظْهركُم ونعاكم إِلَى أَنفسكُم فَهُوَ الْمَوْت حَتَّى لَا يبْقى أحد إِلَّا الله قَالَ الله {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول} إِلَى قَوْله {الشَّاكِرِينَ} فَقَالَ عمر: هَذِه الْآيَة فِي الْقُرْآن وَالله مَا علمت أَن هَذِه الْآيَة أنزلت قبل الْيَوْم وَقَالَ: قَالَ الله لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون) (الزمر الْآيَة 30) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن عَبَّاس إِن عمر بن الْخطاب قَالَ: كنت أتأوّل هَذِه الْآيَة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أمة وسطا لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس وَيكون الرَّسُول عَلَيْكُم شَهِيدا) (الْبَقَرَة الْآيَة 143) فوَاللَّه إِن كنت لأَظُن أَنه سَيبقى فِي أمته حَتَّى يشْهد عَلَيْهَا بآخر أَعمالهَا وَأَنه هُوَ الَّذِي حَملَنِي على أَن قلت مَا قلت

وأخرح ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {وسيجزي الله الشَّاكِرِينَ} قَالَ: الثابتين على دينهم أَبَا بكر وَأَصْحَابه فَكَانَ عَليّ يَقُول: كَانَ أَبُو بكر أَمِين الشَّاكِرِينَ وأخرح الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْحسن بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَ عمر: دَعْنِي يَا رَسُول الله أنزع ثنيتي سُهَيْل بن عَمْرو فَلَا يقوم خَطِيبًا فِي قومه أبدا فَقَالَ: دعها فلعلها أَن تسرك يَوْمًا فَلَمَّا مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفر أهل مَكَّة فَقَامَ سُهَيْل عِنْد الْكَعْبَة فَقَالَ: من كَانَ يعبد مُحَمَّدًا فَإِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ وَالله حَيّ لَا يَمُوت وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَن عليا كَانَ يَقُول فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الله يَقُول {أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} وَالله لَا ننقلب على أعقابنا بعد إِذْ هدَانَا الله وَالله لَئِن مَاتَ أَو قتل لأقاتلن على مَا قَاتل عَلَيْهِ حَتَّى أَمُوت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (ليزدادوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهم) (الْفَتْح الْآيَة 4) قَالُوا: يَا رَسُول الله قد علمنَا أَن الْإِيمَان يزْدَاد فَهَل ينقص قَالَ: أَي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّه لينقص قَالُوا: يَا رَسُول الله فَهَل لذَلِك دلَالَة فِي كتاب الله قَالَ: نعم ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} فالإنقلاب نُقْصَان وَلَا كفر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق {وَمَا كَانَ لنَفس} الْآيَة أَي لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أجل هُوَ بالغه فَإِذا أذن الله فِي ذَلِك كَانَ {وَمن يرد ثَوَاب الدُّنْيَا نؤته مِنْهَا} أَي من كَانَ مِنْكُم يُرِيد الدُّنْيَا لَيست لَهُ رَغْبَة فِي الْآخِرَة نؤته مَا قسم لَهُ فِيهَا من رزق وَلَا حَظّ لَهُ فِي الْآخِرَة {وَمن يرد ثَوَاب الْآخِرَة} مِنْكُم {نؤته مِنْهَا} مَا وعده مَعَ مَا يجْرِي عَلَيْهِ من رزقه فِي دُنْيَاهُ وَذَلِكَ جَزَاء الشَّاكِرِينَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز فِي الْآيَة قَالَ: لَا تَمُوت نفس وَلها فِي الدُّنْيَا عمر سَاعَة إِلَّا بلغته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وسنجزي الشَّاكِرِينَ} قَالَ: يُعْطي الله العَبْد بنيته الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَالَ أَبُو بكر: لومنعوني وَلَو عقَالًا أعْطوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجاهدتهم ثمَّ تَلا {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه عَن إِبْرَاهِيم بن حَنْظَلَة عَن أَبِيه أَن سالما مولى أبي حُذَيْفَة كَانَ مَعَه اللِّوَاء يَوْم الْيَمَامَة فَقطعت يَمِينه فَأخذ اللِّوَاء بيساره فَقطعت يسَاره فاعتنق اللِّوَاء وَهُوَ يَقُول {وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم} الْآيَتَيْنِ الْآيَات 146 - 148

146

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد من طَرِيق أبي عُبَيْدَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ {وكأين من نَبِي قَاتل مَعَه ربيون} وَيَقُول أَلا ترى أَنه يَقُول {فَمَا وهنوا لما أَصَابَهُم فِي سَبِيل الله} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير أَنه كَانَ يَقُول: مَا سمعنَا قطّ أَن نَبيا قتل فِي الْقِتَال وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن {قَاتل مَعَه} وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك أَنه قَرَأَ {وكأين من نَبِي قَاتل مَعَه ربيون} بِغَيْر ألف وَأخرج عَن عَطِيَّة مثله وَأخرج من طَرِيق زر عَن ابْن مَسْعُود مثله أَنه كَانَ يَقْرَأها بِغَيْر ألف

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة أَنه قَرَأَ وكأيِّن من نَبِي قتل مَعَه ربيون بِغَيْر ألف وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {ربيون} قَالَ: أُلُوف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {ربيون} قَالَ: الربة الْوَاحِدَة ألف وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {ربيون} يَقُول: جموع وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن فِي قَوْله {ربيون} قَالَ: فُقَهَاء عُلَمَاء قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس: هِيَ الجموع الْكَثِيرَة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء والطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {ربيون} قَالَ: جموع قَالَ: وَهل يعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول حسان: وَإِذا معشر تجافوا الْقَصْد أملنا عَلَيْهِم ريبا وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ربيون كثير} قَالَ: عُلَمَاء كثير وَأخرج من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ربيون كثير} قَالَ الربيون هم الجموع الْكَثِيرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {ربيون} قَالَ: عُلَمَاء كثير وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ الربيون الأتباع والربانيون الْوُلَاة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وكأين من نَبِي قَاتل} الْآيَة قَالَ: هم قوم قتل نَبِيّهم فَلم يضعفوا وَلم يستكينوا لقتل نَبِيّهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {فَمَا وهنوا لما أَصَابَهُم فِي سَبِيل الله} لقتل أَنْبِيَائهمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {فَمَا وهنوا لما أَصَابَهُم فِي سَبِيل الله} يَعْنِي فَمَا عجزوا عَن عدوهم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمَا وهنوا} الْآيَة يَقُول: فَمَا عجزوا وَمَا تضعضعوا لقتل نَبِيّهم {وَمَا اسْتَكَانُوا} يَقُول: مَا ارْتَدُّوا عَن بصيرتهم وَلَا عَن دينهم إِن قَاتلُوا على مَا قَاتل عَلَيْهِ نَبِي الله حَتَّى لَحِقُوا بِاللَّه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا اسْتَكَانُوا} قَالَ {وَمَا اسْتَكَانُوا} قَالَ: تخشعوا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {وَمَا اسْتَكَانُوا} يَقُول: مَا ذلوا وَأخرج عَن ابْن زيد {وَمَا اسْتَكَانُوا} قَالَ: مَا اسْتَكَانُوا لعدوهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وإسرافنا فِي أمرنَا} قَالَ: خطايانا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وإسرافنا فِي أمرنَا} قَالَ: خطايانا وظلمنا أَنْفُسنَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وإسرافنا فِي أمرنَا} يَعْنِي الْخَطَايَا الْكِبَار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فآتاهم الله ثَوَاب الدُّنْيَا} قَالَ: النَّصْر وَالْغنيمَة {وَحسن ثَوَاب الْآخِرَة} قَالَ: رضوَان الله وَرَحمته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فآتاهم الله ثَوَاب الدُّنْيَا} الْفَلاح والظهور والتمكن والنصر على عدوهم فِي الدُّنْيَا {وَحسن ثَوَاب الأخرة} هِيَ الْجنَّة الْآيَتَانِ 149 - 150

149

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا الَّذين كفرُوا}

الْآيَة لَا تنتصحوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى عَن دينكُمْ وَلَا تُصَدِّقُوهُمْ بِشَيْء فِي دينكُمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا الَّذين كفرُوا} الْآيَة يَقُول: إِن تطيعوا أَبَا سُفْيَان بن حَرْب يردوكم كفَّارًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن تطيعوا الَّذين كفرُوا يردوكم على أعقابكم} التَّعَرُّب فَقَالَ عَليّ: بل هُوَ الزَّرْع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ: أَلا أخْبركُم بالمرتد على عَقِبَيْهِ الَّذِي يَأْخُذ الْعَطاء ويغزو فِي سَبِيل الله ثمَّ يدع ذَلِك وَيَأْخُذ الأَرْض بالجزية والرزق فَذَلِك الَّذِي يرْتَد على عَقِبَيْهِ الْآيَة 151

151

أخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لما ارتحل أَبُو سُفْيَان وَالْمُشْرِكُونَ يَوْم أحد متوجهين نَحْو مَكَّة انْطلق أَبُو سُفْيَان حَتَّى بلغ بعض الطَّرِيق ثمَّ إِنَّهُم ندموا فَقَالُوا: بئْسَمَا صَنَعْتُم إِنَّكُم قَتَلْتُمُوهُمْ حَتَّى لم يبْق إِلَّا الشريد تركتموهم إرجعوا فاستأصلوا فقذف الله فِي قُلُوبهم الرعب فَانْهَزَمُوا فَلَقوا أَعْرَابِيًا فَجعلُوا لَهُ عجلا فَقَالُوا لَهُ: إِن لقِيت مُحَمَّدًا فَأخْبرهُم بِمَا قد جَمعنَا لَهُم فاخبر الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فطلبهم حَتَّى بلغ حَمْرَاء الْأسد فَأنْزل الله فِي ذَلِك فَذكر أَبَا سُفْيَان حِين أَرَادَ أَن يرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا قذف فِي قلبه من الرعب فَقَالَ {سنلقي فِي قُلُوب الَّذين كفرُوا الرعب} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ قذف الله فِي قلب أبي سُفْيَان الرعب فَرجع إِلَى مَكَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَبَا سُفْيَان قد أصَاب مِنْكُم طرفا وَقد رَجَعَ وَقذف الله فِي قلبه الرعب

وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نصرت بِالرُّعْبِ على العدوّ وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فضلت على الْأَنْبِيَاء بِأَرْبَع: أرْسلت إِلَى النَّاس كَافَّة وَجعلت لي الأَرْض كلهَا ولأمتي مَسْجِدا وَطهُورًا فأينما رجل أدْركهُ من أمتِي الصَّلَاة فَعنده مَسْجده وَعِنْده طهوره ونُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر يقذفه فِي قُلُوب أعدائي وَأحل لنا الْغَنَائِم الْآيَة 152

152

أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: كَانَ الله وعدهم على الصَّبْر وَالتَّقوى أَن يمدهُمْ بِخَمْسَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مسوّمين وَكَانَ قد فعل فَلَمَّا عصوا أَمر الرَّسُول وَتركُوا مَصَافهمْ وَتركت الرُّمَاة عهد الرَّسُول إِلَيْهِم أَن لَا يبرحوا مَنَازِلهمْ وَأَرَادُوا الدُّنْيَا رفع عَنْهُم مدد الْمَلَائِكَة وَأنزل الله {وَلَقَد صدقكُم الله وعده إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ} فَصدق الله وعده وأراهم الْفَتْح فَلَمَّا عصوا أعقبهم الْبلَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَقَد صدقكُم الله وعده} الْآيَة قَالَ إِن أَبَا سُفْيَان أقبل فِي ثَلَاث لَيَال خلون من شَوَّال حَتَّى نزل أحدا وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأذن فِي النَّاس فَاجْتمعُوا وَأمر على الْخَيل الزبير بن العوّام وَمَعَهُ يَوْمئِذٍ الْمِقْدَاد بن الْأسود الْكِنْدِيّ وَأعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللِّوَاء رجلا من قُرَيْش يُقَال لَهُ مُصعب بن عُمَيْر وَخرج حَمْزَة بن عبد الْمطلب بالجيش وَبعث حَمْزَة بَين يَدَيْهِ وَأَقْبل خَالِد بن الْوَلِيد على خيل الْمُشْركين وَمَعَهُ عِكْرِمَة بن أبي جهل فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزبير وَقَالَ: اسْتقْبل خَالِد بن الْوَلِيد

فَكُن بإزائه حَتَّى أوذنك وَأمر بخيل أُخْرَى فَكَانُوا من جَانب آخر فَقَالَ: لَا تَبْرَحُوا حَتَّى أوذنكم وَأَقْبل أَبُو سُفْيَان يحمل اللات والعزى فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الزبير أَن يحمل فَحمل على خَالِد بن الْوَلِيد فَهَزَمَهُ وَمن مَعَه فَقَالَ {وَلَقَد صدقكُم الله وعده إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ} وَأَن الله وعدالمؤمنين أَن ينصرهم وَأَنه مَعَهم وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث بَعْضًا من النَّاس فَكَانُوا من ورائهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كونُوا هَهُنَا فَردُّوا وَجه من نَدَّ مِنَّّا وَكُونُوا حرساً لنا من قبل ظُهُورنَا وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما هزم الْقَوْم هُوَ وَأَصْحَابه الَّذين كَانُوا جعلُوا من ورائهم فَقَالَ بَعضهم لبَعض لما رَأَوْا النِّسَاء مصعدات فِي الْجَبَل وَرَأَوا الْغَنَائِم: انْطَلقُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأدركوا الْغَنِيمَة قبل أَن تستبقوا إِلَيْهَا وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى: بل نطيع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنثبت مَكَاننَا فَذَلِك قَوْله {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا} للَّذين أَرَادوا الْغَنِيمَة {ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} للَّذين قَالُوا: نطيع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنثْبت مَكَاننَا فاتوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ فشلاً حِين تنازعوا بَينهم يَقُول {وعصيتم من بعد مَا أَرَاكُم مَا تحبون} كَانُوا قد رَأَوْا الْفَتْح وَالْغنيمَة وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ مَا نصر الله نبيه فِي موطن كَمَا نصر يَوْم أحد فانكروا فَقَالَ ابْن عَبَّاس: بيني وَبَين من أنكر ذَلِك كتاب الله إِن الله يَقُول فِي يَوْم أحد {وَلَقَد صدقكُم الله وعده إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ} يَقُول ابْن عَبَّاس: والْحس: الْقَتْل {حَتَّى إِذا فشلتم} إِلَى قَوْله {وَلَقَد عَفا عَنْكُم وَالله ذُو فضل على الْمُؤمنِينَ} وَإِنَّمَا عَنى هَذَا الرُّمَاة وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقامهم فِي مَوضِع ثمَّ قَالَ: احموا ظُهُورنَا فَإِن رَأَيْتُمُونَا نقْتل فَلَا تنصرونا وَإِن رَأَيْتُمُونَا قد غنمنا فَلَا تشركونا فَلَمَّا غنم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأباحوا عَسْكَر الْمُشْركين انكفأت الرُّمَاة جَمِيعًا فَدَخَلُوا فِي الْعَسْكَر ينتهبون والتفت صُفُوف الْمُسلمين فهم هَكَذَا - وَشَبك بَين يَدَيْهِ - والتبسوا فَلَمَّا أخل الرُّمَاة تِلْكَ الْخلَّة الَّتِي كَانُوا فِيهَا دخل الْخَيل من ذَلِك الْموضع على الصَّحَابَة فَضرب بَعضهم بَعْضًا والتبسوا وَقتل من الْمُسلمين نَاس كثير وَقد كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه أول النَّهَار حَتَّى قتل من أَصْحَاب لِوَاء الْمُشْركين سَبْعَة أَو تِسْعَة وجال

الْمُسلمُونَ جَوْلَة نَحْو الْجَبَل وَلم يبلغُوا حَيْثُ يَقُول النَّاس: الغاب إِنَّمَا كَانُوا تَحت المهراس وَصَاح الشَّيْطَان قتل مُحَمَّد فَلم يشك فِيهِ أَنه حق فَمَا زلنا كَذَلِك مَا نشك أَنه قتل حَتَّى طلع بَين السعدين نعرفه بتكفؤه إِذا مَشى ففرحنا حَتَّى كَأَنَّهُ لم يصبنا مَا أَصَابَنَا فَرَقِيَ نحونا وَهُوَ يَقُول: اشْتَدَّ غضب الله على قوم دموا وَجه نَبِيّهم وَيَقُول مرّة أُخْرَى: اللَّهُمَّ إِنَّه لَيْسَ لَهُم أَن يعلونا حَتَّى انْتهى إِلَيْنَا فَمَكثَ سَاعَة فَإِذا أَبُو سُفْيَان يَصِيح فِي أَسْفَل الْجَبَل: أعل هُبل أعل هُبل أَيْن ابْن أبي كَبْشَة أَيْن ابْن أبي قُحَافَة أَيْن ابْن الْخطاب فَقَالَ عمر: أَلا أجيبة يَا رَسُول الله قل: بلَى فَلَمَّا قَالَ: أعل هُبل قَالَ عمر: الله أَعلَى وَأجل فَعَاد فَقَالَ: أَيْن ابْن أبي كَبْشَة أَيْن ابْن أبي قُحَافَة فَقَالَ عمر: هَذَا رَسُول الله وَهَذَا أَبُو بكر وَهَا أَنا عمر فَقَالَ: يَوْم بِيَوْم بدر الْأَيَّام دوَل وَالْحَرب سِجَال فَقَالَ عمر: لَا سَوَاء قَتْلَانَا فِي الْجنَّة وَقَتلَاكُمْ فِي النَّار قَالَ: إِنَّكُم لَتَزْعُمُونَ ذَلِك لقد خبْنا إِذن وَخَسِرْنَا ثمَّ أَدْرَكته حمية الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ: أما انه كَانَ ذَلِك وَلم نكرهه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ إِن النِّسَاء كن يَوْم أحد خلف الْمُسلمين يجهزن على جرحى الْمُشْركين فَلَو حَلَفت يَوْمئِذٍ رَجَوْت أَن أبرَّ أَنه لَيْسَ أحد منا يُرِيد الدُّنْيَا حَتَّى أنزل الله {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} فَلَمَّا خَالف أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعصوا مَا أمروا بِهِ أفرد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تِسْعَة سَبْعَة من الْأَنْصَار وَرجلَيْنِ من قُرَيْش وَهُوَ عَاشر فَلَمَّا رهقوه قَالَ: رحم الله رجلا ردهم عَنَّا فَقَامَ رجل من الْأَنْصَار فقاتل سَاعَة حَتَّى قتل فَلَمَّا رهقوه أَيْضا قَالَ: رحم الله رجلا ردهم عَنَّا فَلم يزل يَقُول ذَا حَتَّى قتل السَّبْعَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصاحبيه: مَا أنصفنا أَصْحَابنَا فجَاء أبوسفيان فَقَالَ: أعل هُبل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قُولُوا الله أَعلَى وَأجل فَقَالُوا: الله أَعلَى وَأجل فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: لنا الْعُزَّى وَلَا عُزّى لكم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قُولُوا اللَّهُمَّ مَوْلَانَا والكافرون لَا مولى لَهُم ثمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَان: يَوْم بِيَوْم بدر يَوْم لنا وَيَوْم علينا وَيَوْم نسَاء وَيَوْم نسر حَنْظَلَة بحنظلة وَفُلَان بفلان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا سَوَاء أما قَتْلَانَا فأحياء يرْزقُونَ وَقَتلَاكُمْ فِي النَّار يُعَذبُونَ قَالَ أَبُو سُفْيَان: قد كَانَ فِي الْقَوْم مثلَة وَإِن كَانَت على غير تَوْجِيه منا مَا

أمرت وَلَا نهيت وَلَا أَحْبَبْت وَلَا كرهت وَلَا سَاءَنِي وَلَا سرني قَالَ: فنظروا فَإِذا حَمْزَة قد بقر بَطْنه وَأخذت هِنْد كبده فلاكتها فَلم تستطع أَن تأكلها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أكلت شَيْئا قَالُوا: لَا قَالَ: مَا كَانَ الله ليدْخل شَيْئا من حَمْزَة النَّار فَوضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَمْزَة فصلى عَلَيْهِ وَجِيء بِرَجُل من الْأَنْصَار فَوضع إِلَى جنبه فصلى عَلَيْهِ فَرفع الْأنْصَارِيّ وَترك حَمْزَة ثمَّ جِيءَ بآخر فَوَضعه إِلَى جنب حَمْزَة فصلى عَلَيْهِ ثمَّ رفع وَترك حَمْزَة حَتَّى صلى عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ سَبْعُونَ صَلَاة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الرُّمَاة يَوْم أحد - وَكَانُوا خمسين رجلا - عبد الله بن جُبَير ووضعهم موضعا وَقَالَ: ان رَأَيْتُمُونَا تخطفنا الطير فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أرسل إِلَيْكُم فهزموهم قَالَ: فَأَنا - وَالله - رَأَيْت النِّسَاء يشتددن على الْجَبَل وَقد بَدَت أسوقهن وخلاخلهن رافعات ثيابهن فَقَالَ أَصْحَاب عبد الله: الْغَنِيمَة أَي قوم الْغَنِيمَة ظهر أصحابكم فَمَا تنتظرون قَالَ عبد الله بن جُبَير: أفنسيتم مَا قَالَ لكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: إِنَّا وَالله لَنَاْتِيَنَّ النَّاس فَلْنصِيبَنَّ من الْغَنِيمَة فَلَمَّا أتوهم صرفت وُجُوههم فاقبلوا منهزمين فَذَلِك الَّذِي يَدعُوهُم الرَّسُول فِي أخراهم فَلم يبْق مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير اثْنَي عشر رجلا فَأَصَابُوا منا سبعين وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه أصَاب من الْمُشْركين يَوْم بدر أَرْبَعِينَ وَمِائَة سبعين أَسِيرًا وَسبعين قَتِيلا قَالَ أَبُو سُفْيَان: أَفِي الْقَوْم مُحَمَّد ثَلَاثًا فنهاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُجِيبُوهُ ثمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْم ابْن أبي قُحَافَة مرَّتَيْنِ أَفِي الْقَوْم ابْن الْخطاب مرَّتَيْنِ ثمَّ أقبل على أَصْحَابه فَقَالَ: أما هَؤُلَاءِ فقد قتلوا وَقد كفيتموهم فَمَا ملك عمر نَفسه أَن قَالَ: كذبت - وَالله - يَا عَدو الله إِن الَّذين عددت أَحيَاء كلهم وَقد بَقِي لَك مَا يسوءك قَالَ: يَوْم بِيَوْم بدر وَالْحَرب سِجَال إِنَّكُم سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْم مثلَة لم آمُر بهَا وَلم تسؤني ثمَّ أَخذ يرتجز: أعل هُبل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا تجيبونه قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا نقُول قَالَ قُولُوا: الله أَعلَى وَأجل قَالَ: إِن لنا الْعُزَّى وَلَا عزى لكم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا تجيبونه قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا نقُول قَالَ: قُولُوا: الله مَوْلَانَا وَلَا مولى لكم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر قَالَ انهزم النَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَبَقِي مَعَه أحد عشر رجلا من الْأَنْصَار وَطَلْحَة بن عبيد الله وَهُوَ يصعد فِي الْجَبَل فلحقهم الْمُشْركُونَ فَقَالَ: الا أحد لهَؤُلَاء فَقَالَ طَلْحَة: أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ: كَمَا أَنْت يَا طَلْحَة فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: فَأَنا يَا رَسُول الله فقاتل عَنهُ وَصعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن بَقِي مَعَه ثمَّ قتل الْأنْصَارِيّ فلحقوه فَقَالَ: أَلا رجل لهَؤُلَاء فَقَالَ طَلْحَة مثل قَوْله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل قَوْله فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: فَأَنا يَا رَسُول الله وَأَصْحَابه يصعدون ثمَّ قتل فلحقوه فَلم يزل يَقُول مثل قَوْله الأول وَيَقُول طَلْحَة أَنا يَا رَسُول الله فيحبسه فيستأذنه رجل من الْأَنْصَار لِلْقِتَالِ فَيَأْذَن لَهُ فَيُقَاتل مثل من كَانَ قبله حَتَّى لم يبْق مَعَه إِلَّا طَلْحَة فغشوهما فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لهَؤُلَاء فَقَالَ طَلْحَة: أَنا فقاتل مثل قتال جَمِيع من كَانَ قبله وَأُصِيبَتْ أنامله فَقَالَ: حس فَقَالَ: لَو قلت بِسم الله أَو ذكرت اسْم الله لَرَفَعَتْك الْمَلَائِكَة وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْك فِي جوّ السَّمَاء ثمَّ صعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَصْحَابه وهم مجتمعون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي قَوْله {إِذْ تحسُّونهم بِإِذْنِهِ} قَالَ: الْحس الْقَتْل وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ تحسونهم} قَالَ: تقتلونهم وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {إِذْ تحسُّونهم} قَالَ: تقتلونهم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: وَمنا الَّذِي لَاقَى بِسيف مُحَمَّد فحس بِهِ الْأَعْدَاء عرض العساكر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله {إِذْ تحسونهم بِإِذْنِهِ} قَالَ: تقتلونهم قَالَ: وَهل كَانَت الْعَرَب تعرف ذَلِك قبل أَن ينزل الْكتاب على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عتبَة اللَّيْثِيّ: نحسهم بالبيض حَتَّى كأننا نفلق مِنْهُم بالجماجم حنظلا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {حَتَّى إِذا فشلتم} قَالَ: الفشل الْجُبْن

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع {حَتَّى إِذا فشلتم} يَقُول: جبنتم عَن عَدوكُمْ {وتنازعتم فِي الْأَمر} يَقُول: اختلفتم وعصيتم {من بعد مَا أَرَاكُم مَا تحبون} وَذَلِكَ يَوْم أُحُد قَالَ لَهُم: إِنَّكُم ستظهرون فَلَا أعرِفَنَّ مَا أصبْتُم من غنائمهم شَيْئا حَتَّى تفرغوا فتركوا أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعصوا ووقعوا فِي الْغَنَائِم ونسوا عَهده الَّذِي عَهده إِلَيْهِم وخالفوا إِلَى غير مَا أَمرهم بِهِ فنصر عَلَيْهِم عدوّهم من بعد مَا أَرَاهُم فيهم مَا يحبونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن ابزى فِي قَوْله {حَتَّى إِذا فشلتم} قَالَ: كَانَ وضع خمسين رجلا من أَصْحَابه عَلَيْهِم عبيد الله بن خَوات فجعلهم بِإِزَاءِ خَالِد بن الْوَلِيد على خيل الْمُشْركين فَلَمَّا هزم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس قَالَ نصف أُولَئِكَ: نَذْهَب حَتَّى نلحق بِالنَّاسِ وَلَا تفوتنا الْغَنَائِم وَقَالَ بَعضهم: قد عهد إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا نريم حَتَّى يحدث إِلَيْنَا فَلَمَّا رأى خَالِد بن الْوَلِيد رقتهم حمل عَلَيْهِم فَقَاتلُوا خَالِدا حَتَّى مَاتُوا ربضة فَأنْزل الله فيهم {وَلَقَد صدقكُم الله وعده} إِلَى قَوْله {وعصيتم} فَجعل أُولَئِكَ الَّذين انصرفوا عصاة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْبَراء بن عَازِب {من بعد مَا أَرَاكُم مَا تحبون} الْغَنَائِم وهزيمة الْقَوْم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {من بعد مَا أَرَاكُم مَا تحبون} قَالَ: نصر الله الْمُؤمنِينَ على الْمُشْركين حَتَّى ركب نسَاء الْمُشْركين على كل صَعب وَذَلُول ثمَّ أديل عَلَيْهِم الْمُشْركُونَ بعصيتهم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: إِن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر يَوْم أحد طَائِفَة من الْمُسلمين فَقَالَ: كونُوا مسلحة للنَّاس بِمَنْزِلَة أَمرهم أَن يثبتوا بهَا وَأمرهمْ أَن لَا يبرحوا مكانهم حَتَّى يَأْذَن لَهُم فَلَمَّا لَقِي نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد أَبَا سُفْيَان وَمن مَعَه من الْمُشْركين هَزَمَهُمْ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رأى المسلحة أَن الله هزم الْمُشْركين انْطلق بَعضهم يتنادون الْغَنِيمَة الْغَنِيمَة لَا تفتكم وَثَبت بَعضهم مكانهم وَقَالُوا لَا نريم موضعنا حَتَّى يَأْذَن لنا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفِي ذَلِك نزل {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} فَكَانَ ابْن مَسْعُود يَقُول: مَا شَعرت أَن أحدا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُرِيد الدُّنْيَا وعرضها حَتَّى كَانَ يَوْم أحد

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما هزم الله الْمُشْركين يَوْم أحد قَالَ الرُّمَاة: أدركوا النَّاس وَنَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يسبقونا إِلَى الْغَنَائِم فَتكون لَهُم دونكم وَقَالَ بَعضهم: لَا نريم حَتَّى يَأْذَن لنا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} قَالَ ابْن جريج: قَالَ ابْن مَسْعُود: مَا علمنَا أَن أحدا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُرِيد الدُّنْيَا وعرضها حَتَّى كَانَ يَوْمئِذٍ وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا كنت أرى أَن أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد الدُّنْيَا حَتَّى نزلت فِينَا يَوْم أحد {مِنْكُم من يُرِيد الدُّنْيَا ومنكم من يُرِيد الْآخِرَة} وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {ثمَّ صرفكم عَنْهُم} قَالَ: صرف الْقَوْم عَنْهُم فَقتل من الْمُسلمين بعدة من أَسرُّوا يَوْم بدر وَقتل عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكسرت رباعيته وشج فِي وَجهه فَقَالُوا: أَلَيْسَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعدنا النَّصْر فَأنْزل الله {وَلَقَد صدقكُم الله وعده} إِلَى قَوْله {وَلَقَد عَفا عَنْكُم} وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وَلَقَد عَفا عَنْكُم} قَالَ: يَقُول الله: قد عَفَوْت عَنْكُم إِذْ عصيتموني أَن لَا أكون استأصلتكم ثمَّ يَقُول الْحسن: هَؤُلَاءِ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي سَبِيل الله غضاب لله يُقَاتلُون أَعدَاء الله نهوا عَن شَيْء فضيعوه فوَاللَّه مَا تركُوا حَتَّى غموا بِهَذَا الْغم قتل مِنْهُم سَبْعُونَ وَقتل عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكسرت رباعيته وشج فِي وَجهه فأفسق الْفَاسِقين الْيَوْم يتجرأ على كل كَبِيرَة ويركب كل داهية ويسحب عَلَيْهَا ثِيَابه وَيَزْعُم أَن لَا بَأْس عَلَيْهِ فَسَوف يعلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَلَقَد عَفا عَنْكُم} قَالَ: إِذْ لم يستأصلكم وَأخرج البُخَارِيّ عَن عُثْمَان بن موهب قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عمر فَقَالَ: إِنِّي سَائِلك عَن شَيْء فَحَدثني أنْشدك بِحرْمَة هَذَا الْبَيْت أتعلم أَن عُثْمَان بن عَفَّان فر يَوْم أحد قَالَ: نعم قَالَ: فتعلمه تغيب عَن بدر فَلم يشهدها قَالَ: نعم قَالَ: فتعلم أَنه تخلف عَن بيعَة الرضْوَان فَلم يشهدها قَالَ: نعم فَكبر فَقَالَ ابْن عمر:

تعال لأخبرك ولأبين لَك عَمَّا سَأَلتنِي عَنهُ أما فراره يَوْم أحد فاشهد أَن الله عَفا عَنهُ وَأما تغيبه عَن بدر فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت مَرِيضَة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَك أجر رجل وسهمه وَأما تغيبه عَن بيعَة الرضْوَان فَلَو كَانَ أحد أعز بِبَطن مَكَّة من عُثْمَان لبعثه مَكَانَهُ فَبعث عُثْمَان فَكَانَت بيعَة الرضْوَان بَعْدَمَا ذهب عُثْمَان إِلَى مَكَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَضرب بهَا على يَده فَقَالَ هَذِه يَد عُثْمَان اذْهَبْ بهَا الْآن مَعَك الْآيَة 153

153

أخرج ابْن جرير عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَرَأَ {تصعدون} بِفَتْح التَّاء وَالْعين وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {تصعدون} بِرَفْع التَّاء وَكسر الْعين وَأخرج ابْن جرير عَن هرون قَالَ: فِي قِرَاءَة أبي كَعْب إِذْ تصعدون فِي الْوَادي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ تصعدون} قَالَ: صعدوا فِي أحد فِرَارًا يَدعُوهُم فِي اخراهم: إِلَيّ عباد الله ارْجعُوا إليّ عباد الله ارْجعُوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد وَانْهَزَمَ النَّاس صعدوا الْجَبَل وَالرَّسُول يَدعُوهُم فِي أخراهم فَقَالَ الله {إِذْ تصعدون وَلَا تلوون على أحد وَالرَّسُول يدعوكم فِي أخراكم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {إِذْ تصعدون} الْآيَة قَالَ: فروا منهزمين فِي شعب شَدِيد لَا يلوون على أحد وَالرَّسُول يَدعُوهُم فِي أخراهم: إليّ عباد الله إليّ عباد الله وَلَا يلوي عَلَيْهِ أحد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِذْ تصعدون} الْآيَة قَالَ: ذاكم يَوْم أحد صعدوا فِي الْوَادي فِرَارًا وَنَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدعُوهُم فِي اخراهم: إِلَيّ عباد الله إليّ عباد الله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ تصعدون وَلَا تلوون على أحد وَالرَّسُول يدعوكم فِي أخراكم} فَرَجَعُوا وَقَالُوا: وَالله لنأتينهم ثمَّ لنقتلهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مهلا فَإِنَّمَا أَصَابَكُم الَّذِي أَصَابَكُم من أجل أَنكُمْ عصيتموني فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ أَتَاهُم الْقَوْم وَقد أيسوا وَقد اخترطوا سيوفهم {فأثابكم غماً بغمٍّ} فَكَانَ غمُّ الْهَزِيمَة وغمُّهم حِين أتوهم {لكيلا تحزنوا على مَا فاتكم} من الْغَنِيمَة {وَمَا أَصَابَكُم} من الْقَتْل والجراحة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف {فأثابكم غما بغم} قَالَ: الْغم الأول بِسَبَب الْهَزِيمَة وَالثَّانِي حِين قيل قتل مُحَمَّد وَكَانَ ذَلِك عِنْدهم أعظم من الْهَزِيمَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فأثابكم غماً بغم} قَالَ: فرة بعد الفرة الأولى حِين سمعُوا الصَّوْت أَن مُحَمَّدًا قد قتل فَرجع الْكفَّار فضربوهم مُدبرين حَتَّى قتلوا مِنْهُم سبعين رجلا ثمَّ انحازوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعلُوا يصعدون فِي الْجَبَل وَالرَّسُول يَدعُوهُم فِي أخراهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فأثابكم غماً بغم} قَالَ: الْغم الأوّل الْجراح وَالْقَتْل وَالْغَم الآخر حِين سمعُوا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد قتل فأنساهم الْغم الآخر مَا أَصَابَهُم من الْجراح وَالْقَتْل وَمَا كَانُوا يرجون من الْغَنِيمَة وَذَلِكَ قَوْله {لكيلا تحزنوا على مَا فاتكم وَلَا مَا أَصَابَكُم} وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: انْطلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ يَدْعُو النَّاس حَتَّى انْتهى إِلَى أَصْحَاب الصَّخْرَة فَلَمَّا رَأَوْهُ وضع رجل سَهْما فِي قوسه فَأَرَادَ أَن يرميه فَقَالَ: أَنا رَسُول الله فَفَرِحُوا بذلك حِين وجدوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيا وَفَرح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين رأى أَن فِي أَصْحَابه من يمْتَنع فَلَمَّا اجْتَمعُوا وَفِيهِمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ذهب عَنْهُم الْحزن فَأَقْبَلُوا يذكرُونَ الْفَتْح وَمَا فاتهم مِنْهُ ويذكرون أَصْحَابهم الَّذين قتلوا فَأقبل أَبُو سُفْيَان حَتَّى أشرف عَلَيْهِم فَلَمَّا نظرُوا إِلَيْهِ نسوا ذَلِك الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ وهمهم أَبُو سُفْيَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ لَهُم أَن يعلونا اللَّهُمَّ إِن تقتل هَذِه الْعِصَابَة لَا تعبد ثمَّ ندب أَصْحَابه فَرَمَوْهُمْ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى أنزلوهم فَذَلِك قَوْله {فأثابكم غماً بغم} الْغم الأوّل مَا فاتهم من الْغَنِيمَة

وَالْفَتْح وَالْغَم الثَّانِي اشراف العدوّ عَلَيْهِم {لكيلا تحزنوا على مَا فاتكم} من الْغَنِيمَة {وَلَا مَا أَصَابَكُم} من الْقَتْل حِين تذكرُونَ فشغلهم أَبُو سُفْيَان وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: أصَاب النَّاس حزن وغم على مَا أَصَابَهُم فِي أَصْحَابهم الَّذين قتلوا فَلَمَّا تولجوا فِي الشّعب وقف أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه بِبَاب الشّعب فَظن الْمُؤْمِنُونَ أَنهم سَوف يميلون عَلَيْهِم فيقتلونهم أَيْضا فَأَصَابَهُمْ حزن من ذَلِك أنساهم حزنهمْ فِي أَصْحَابهم فَذَلِك قَوْله سُبْحَانَهُ {فأثابكم غماً بغم} الْآيَة 154

154

أخرج ابْن جرير عَن السّديّ أَن الْمُشْركين انصرفوا يَوْم أحد بعد الَّذِي كَانَ من أَمرهم وَأمر الْمُسلمين فواعدوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا من قَابل فَقَالَ لَهُم: نعم فتخوّف الْمُسلمُونَ أَن ينزلُوا الْمَدِينَة فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا فَقَالَ: انْظُر فَإِن رَأَيْتهمْ قد قعدوا على أثقالهم وجنبوا خيولهم فَإِن الْقَوْم ذاهبون وَإِن رَأَيْتهمْ قد قعدوا على خيولهم وجنبوا على أثقالهم فَإِن الْقَوْم ينزلون الْمَدِينَة فَاتَّقُوا الله واصبروا ووطنهم على الْقِتَال فَلَمَّا أبصرهم الرَّسُول قعدوا على الأثقال سرَاعًا عجالاً نَادَى بِأَعْلَى صَوته بذهابهم فَلَمَّا رأى الْمُؤْمِنُونَ ذَلِك صدقُوا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَامُوا وَبَقِي أنَاس من الْمُنَافِقين يظنون أَن الْقَوْم يأتونهم فَقَالَ الله يذكر حِين أخْبرهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً يغشى طَائِفَة مِنْكُم وَطَائِفَة قد أهمتهم أنفسهم} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: أَمنهم الله يَوْمئِذٍ بنعاس غشاهم وَإِنَّمَا يَنْعس من يَأْمَن

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ: سَأَلت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن قَول الله {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً} قَالَ: ألقِي علينا النّوم يَوْم أحد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن أنس أَن أَبَا طَلْحَة قَالَ: غشينا وَنحن فِي مَصَافنَا يَوْم أحد حدث أَنه كَانَ مِمَّن غشيه النعاس يَوْمئِذٍ قَالَ: فَجعل سَيفي يسْقط من يَدي وَآخذه وَيسْقط وَآخذه فَذَلِك قَوْله {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً يغشى طَائِفَة مِنْكُم} والطائفة الْأُخْرَى المُنَافِقُونَ لَيْسَ لَهُم هم إِلَّا أنفسهم أجبن قوم وأرعبه وأخذله للحق يظنون بِاللَّه غير الْحق ظن الْجَاهِلِيَّة كذبهمْ إِنَّمَا هم أهل شكّ وريبة فِي الله وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن الزبير ابْن العوّام قَالَ: رفعت رَأْسِي يَوْم أحد فَجعلت أنظر وَمَا مِنْهُم من أحد إِلَّا وَهُوَ مميد تَحت حجفته من النعاس فَذَلِك قَوْله {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً} وتلا هَذِه الْآيَة {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزبير ابْن العوّام قَالَ: رفعت رَأْسِي يَوْم أحد فَجعلت أنظر وَمَا مِنْهُم أحد إِلَّا وَهُوَ مميد تَحت حجفته من النعاس وتلا هَذِه الْآيَة {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً} الْآيَة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزبير قَالَ: لقد رَأَيْتنِي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين اشْتَدَّ الْخَوْف علينا أرسل الله علينا النّوم فَمَا منا من رجل إِلَّا ذقنه فِي صَدره فوَاللَّه إِنِّي لأسْمع قَول معتب بن قُشَيْر مَا أسمعهُ إِلَّا كَالْحلمِ {لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا}

فحفظتها مِنْهُ وَفِي ذَلِك أنزل الله {ثمَّ أنزل عَلَيْكُم من بعد الْغم أَمَنَة نعاساً} إِلَى قَوْله {مَا قتلنَا هَا هُنَا} لقَوْل معتب بن قُشَيْر وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَرَأَ فِي آل عمرَان ((أَمَنَة نعاسا تغشى)) بِالتَّاءِ وأخرح عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ النعاس عِنْد الْقِتَال أَمَنَة من الله وَالنُّعَاس فِي الصَّلَاة من الشَّيْطَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: إِن الْمُنَافِقين قَالُوا لعبد الله بن أبي - وَكَانَ سيد الْمُنَافِقين - فِي أنفسهم قتل الْيَوْم بَنو الْخَزْرَج فَقَالَ: وَهل لنا من الْأَمر شَيْء أما وَالله (لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل) (المُنَافِقُونَ الْآيَة 8) وَقَالَ {لَو كُنْتُم فِي بُيُوتكُمْ لبرز الَّذين كتب عَلَيْهِم الْقَتْل} وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالربيع فِي قَوْله {ظن الْجَاهِلِيَّة} قَالَا: ظن أهل الشّرك وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ معتب: الَّذِي قَالَ يَوْم أحد {لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا} فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْله {وَطَائِفَة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بِاللَّه} إِلَى أخر الْقِصَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {يخفون فِي أنفسهم مَا لَا يبدون لَك} كَانَ مِمَّا أخفوا فِي أنفسهم أَن قَالُوا {لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: لما قتل من قتل من أَصْحَاب مُحَمَّد أَتَوْ عبد الله بن أبي فَقَالُوا لَهُ: مَا ترى فَقَالَ: إِنَّا - وَالله - مَا نؤامر {لَو كَانَ لنا من الْأَمر شَيْء مَا قتلنَا هَا هُنَا} وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {قل لَو كُنْتُم فِي بُيُوتكُمْ لبرز الَّذين كتب عَلَيْهِم الْقَتْل إِلَى مضاجعهم} قَالَ: كتب الله على الْمُؤمنِينَ أَن يقاتلوا فِي سَبيله وَلَيْسَ كل من يُقَاتل يقتل وَلَكِن يقتل من كتب الله عَلَيْهِ الْقَتْل الْآيَة 155

155

أخرج ابْن جرير عَن كُلَيْب قَالَ: خطب عمر يَوْم الْجُمُعَة فَقَرَأَ آل عمرَان وَكَانَ يُعجبهُ إِذا خطب أَن يَقْرَأها فَلَمَّا انْتهى إِلَى قَوْله {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد هَزَمْنَا ففررت حَتَّى صعدت الْجَبَل فَلَقَد رَأَيْتنِي أنزو كأنني أروى (أروى: ضَأْن الْجَبَل ضد الماعز) وَالنَّاس يَقُولُونَ: قتل مُحَمَّد فَقلت: لَا أجد أحد يَقُول قتل مُحَمَّد إِلَّا قتلته حَتَّى اجْتَمَعنَا على الْجَبَل فَنزلت {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} الْآيَة كلهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} قَالَ: هم ثَلَاثَة وَاحِد من الْمُهَاجِرين وَاثْنَانِ من الْأَنْصَار وأخرح ابْن مَنْدَه فِي معرفَة الصَّحَابَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} الْآيَة نزلت فِي عُثْمَان وَرَافِع بن الْمُعَلَّى وحارثة بن زيد وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} قَالَ: نزلت فِي رَافع بن الْمُعَلَّى وَغَيره من الْأَنْصَار وَأبي حُذَيْفَة بن عتبَة وَرجل آخر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {أَن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} قَالَ: عُثْمَان والوليد بن عقبَة وخارجة بن زيد وَرِفَاعَة بن مُعلى وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ الَّذين ولوا الدبر يَوْمئِذٍ: عُثْمَان بن عَفَّان وَسعد بن عُثْمَان وَعقبَة بن عُثْمَان أَخَوان من الْأَنْصَار من بني زُرَيْق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن اسحق {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} فلَان وَسعد بن عُثْمَان وَعقبَة بن عُثْمَان الأنصاريان ثمَّ الزرقيان وَقد كَانَ النَّاس انْهَزمُوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى انْتهى بَعضهم إِلَى المنقى دون الأغوص وفر عقبَة بن عَفَّان وَسعد بن عُثْمَان حَتَّى بلغُوا الجلعب - جبل

بِنَاحِيَة الْمَدِينَة مِمَّا يَلِي الأغوص - فأقاموا بِهِ ثَلَاثًا ثمَّ رجعُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزعموا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقد ذهبتم فِيهَا عريضة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} ذَلِك يَوْم أحد نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توَلّوا عَن الْقِتَال وَعَن نَبِي الله يَوْمئِذٍ وَكَانَ ذَلِك من أَمر الشَّيْطَان وتخويفه فَأنْزل الله مَا تَسْمَعُونَ أَنه قد تجَاوز لَهُم عَن ذَلِك وَعَفا عَنْهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم} يَعْنِي انصرفوا عَن الْقِتَال منهزمين {يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} يَوْم أحد حِين التقى الْجَمْعَانِ: جمع الْمُسلمين وَجمع الْمُشْركين فَانْهَزَمَ الْمُسلمُونَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَقِي فِي ثَمَانِيَة عشر رجلا {إِنَّمَا استزلهم الشَّيْطَان بِبَعْض مَا كسبوا} يَعْنِي حِين تركُوا المركز وعصوا أَمر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ للرماة يَوْم أحد لَا تَبْرَحُوا مَكَانكُمْ فَترك بَعضهم المركز {وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم} حِين لم يعاقبهم فيستأصلهم جَمِيعًا {إِن الله غَفُور حَلِيم} فَلم يَجْعَل لمن انهزم يَوْم أحد بعد قتال بدر النَّار كَمَا جعل يَوْم بدر فَهَذِهِ رخصَة بعد التَّشْدِيد وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر عَن شَقِيق قَالَ: لَقِي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْوَلِيد بن عقبَة فَقَالَ لَهُ الْوَلِيد: مَا لي أَرَاك جفوت أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن: أخبرهُ أَنِّي لم أفر يَوْم عينين يَقُول يَوْم أحد وَلم أَتَخَلَّف عَن بدر وَلم أترك سنة عمر فَانْطَلق فخبر بذلك عُثْمَان فَقَالَ: أما قَوْله أَنِّي لم أفر يَوْم عينين فَكيف يعيرني بذلك وَقد عَفا الله عني فَقَالَ {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا استزلهم الشَّيْطَان بِبَعْض مَا كسبوا وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم} وَأما قَوْله: إِنِّي تخلفت يَوْم بدر فَإِنِّي كنت أمرض رقية بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى مَاتَت وَقد ضرب لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسَهْم وَمن ضرب لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسَهْم فقد شهد وَأما قَوْله: إِنِّي لم أترك سنة عمر فَإِنِّي لَا أطيقها وَلَا هُوَ فَأَتَاهُ فحدثه بذلك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن رَجَاء بن أبي سَلمَة قَالَ: الْحلم ارْفَعْ من الْعقل لِأَن الله عز وَجل تسمى بِهِ

الْآيَات 156 - 158

156

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقَالُوا لإخوانهم إِذا ضربوا فِي الأَرْض} الْآيَة قَالَ: هَذَا قَول عبد الله بن أُبي بن سلول وَالْمُنَافِقِينَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {لَا تَكُونُوا كَالَّذِين كفرُوا وَقَالُوا لإخوانهم} الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ أَصْحَاب عبد الله بن أبي {إِذا ضربوا فِي الأَرْض} وَهِي التِّجَارَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {لَو كَانُوا عندنَا مَا مَاتُوا وَمَا قتلوا} قَالَ: هَذَا قَول الْكفَّار إِذا مَاتَ الرجل يَقُولُونَ: لَو كَانَ عندنَا مَا مَاتَ فَلَا تَقولُوا كَمَا قَالَ الْكفَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ليجعل الله ذَلِك حسرة فِي قُلُوبهم} قَالَ: يحزنهم قَوْلهم لَا يَنْفَعهُمْ شَيْئا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن اسحق {ليجعل الله ذَلِك حسرة فِي قُلُوبهم} لقلَّة الْيَقِين برَبهمْ {وَالله يحيي وَيُمِيت} أَي يُعَجِّلُ مَا يَشَاء وَيُؤَخر مَا يَشَاء من آجالهم بقدرته {وَلَئِن قتلتم فِي سَبِيل الله} الْآيَة أَي إِن الْمَوْت كَائِن لَا بُد مِنْهُ فموت فِي سَبِيل الله أَو قتل {خير} لَو علمُوا وَاتَّقوا {مِمَّا يجمعُونَ} من الدُّنْيَا الَّتِي لَهَا يتأخرون عَن الْجِهَاد تخوف الْمَوْت وَالْقَتْل لما جمعُوا من زهيد الدُّنْيَا زهادة فِي الْآخِرَة {وَلَئِن متم أَو قتلتم لإلى الله تحشرون} أَي ذَلِك كَائِن إِذْ إِلَى الله الْمرجع فَلَا تَغُرَنَّكم الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا تغتروا بهَا وَليكن الْجِهَاد وَمَا رغبكم الله فِيهِ مِنْهُ آثر عنْدكُمْ مِنْهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن العمش أَنه قَرَأَ {متم} و (إِذا متْنا) كل شَيْء فِي الْقُرْآن بِكَسْر الْمِيم الْآيَة 159

159

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فبمَا رَحْمَة من الله} يَقُول: فبرحمة من الله {لنت لَهُم وَلَو كنت فظّاً غليظ الْقلب لانفضوا من حولك} أَي وَالله طهره من الفظاظة والغلظة وَجعله قَرِيبا رحِيما رؤوفاً بِالْمُؤْمِنِينَ وَذكر لنا أَن نعت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخوب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يجزىء بِالسَّيِّئَةِ مثلهَا وَلَكِن يعْفُو ويصفح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: هَذَا خلق مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَعته الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لانفضوا من حولك} قَالَ: لانصرفوا عَنْك وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن عدي بِسَنَد فِيهِ مَتْرُوك عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله أَمرنِي بمداراة النَّاس كَمَا أَمرنِي بِإِقَامَة الْفَرَائِض وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْحسن فِي قَوْله {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ: قد علم الله أَنه مَا بِهِ إِلَيْهِم من حَاجَة وَلَكِن أَرَادَ أَن يستن بِهِ من بعده وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ: أَمر الله نبيه أَن يشاور أَصْحَابه فِي الْأُمُور وَهُوَ يَأْتِيهِ وَحي السَّمَاء لِأَنَّهُ أطيب لأنفس الْقَوْم وَإِن الْقَوْم إِذا شاور بَعضهم بَعْضًا وَأَرَادُوا بذلك وَجه الله عزم لَهُم على رشده

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: مَا أَمر الله نبيه بالمشاورة إِلَّا لما علم مَا فِيهَا من الْفضل وَالْبركَة قَالَ سُفْيَان: وَبَلغنِي أَنَّهَا نصف الْعقل وَكَانَ عمربن الْخطاب يشاور حَتَّى الْمَرْأَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: مَا شاور قوم قطّ إِلَّا هُدُوا لأَرْشَد أُمُورهم وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما ان الله وَرَسُوله لَغَنِيَّانِ عَنْهَا وَلَكِن جعلهَا الله رَحْمَة لأمتي فَمن اسْتَشَارَ مِنْهُم لم يعْدم رشدا وَمن تَركهَا لم يعْدم غياً وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا خَابَ من استخار وَلَا نَدم من اسْتَشَارَ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وشاورهم فِي الْأَمر} قَالَ: أَبُو بكر وَعمر وَأخرج من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أبي بكر وَعمر وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر وَعمر: لَو اجتمعتما فِي مشورة مَا خالفتكما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا من النَّاس أَكثر مشورة لأَصْحَابه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن ابْن عَمْرو قَالَ: كتب أَبُو بكر الصّديق إِلَى عَمْرو: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يشاور فِي الْحَرْب فَعَلَيْك بِهِ وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم كنت مستخلفاً أحدا عَن غير مشورة لاستخلفت ابْن أم عبد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن الْمُنْذر بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ وشاورهم فِي بعض الْأَمر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِذا عزمت فتوكل على الله} قَالَ: أَمر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عزم على أَمر أَن يمْضِي فِيهِ ويستقيم على أَمر الله ويتوكل على الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن زيد وَأبي نهيك أَنَّهُمَا قرآ فَإِذا عزمت يَا مُحَمَّد على أَمر فتوكل على الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْم فَقَالَ: مُشَاورَة أهل الرَّأْي ثمَّ أتباعهم وَأخرج الْحَاكِم عَن الْحباب بن الْمُنْذر قَالَ أَشرت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر بخصلتين فقبلهما مني خرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعَسْكَرَ خلف المَاء فَقلت يَا رَسُول الله أبوحي فعلت أَو بِرَأْي قَالَ: بِرَأْي يَا حباب قلت: فَإِن الرَّأْي أَن تجْعَل المَاء خَلفك فَإِن لجأت لجأت إِلَيْهِ فَقبل ذَلِك مني قَالَ: وَنزل جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَي الْأَمريْنِ أحب إِلَيْك تكون فِي دنياك مَعَ أَصْحَابك أَو ترد على رَبك فِيمَا وَعدك من جنَّات النَّعيم فَاسْتَشَارَ أَصْحَابه فَقَالُوا: يَا رَسُول الله تكون مَعنا أحب إِلَيْنَا وتخبرنا بعورات عدونا وَتَدْعُو الله لينصرنا عَلَيْهِم وتخبرنا من خبر السَّمَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا لَك لَا تَتَكَلَّم يَا حباب فَقلت: يَا رَسُول الله اختر حَيْثُ اخْتَار لَك رَبك فَقبل ذَلِك مني قَالَ الذَّهَبِيّ: حَدِيث مُنكر وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل منزلا يَوْم بدر فَقَالَ الْحباب بن الْمُنْذر: لَيْسَ هَذَا بمنزل انْطلق بِنَا إِلَى أدنى مَاء إِلَى الْقَوْم ثمَّ نَبْنِي عَلَيْهِ حوضاً ونقذف فِيهِ الْآنِية فنشرب ونقاتل ونغور مَا سواهَا من الْقلب فَنزل جِبْرِيل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: الرَّأْي مَا أَشَارَ بِهِ الْحباب بن الْمُنْذر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا حباب أَشرت بِالرَّأْيِ فَنَهَضَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفعل ذَلِك وَأخرج ابْن سعد بن يحيى بن سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَشَارَ النَّاس يَوْم بدر فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر فَقَالَ: نَحن أهل الْحَرْب أرى أَن تغور الْمِيَاه إِلَّا مَاء وَاحِدًا نلقاهم عَلَيْهِ قَالَ: واستشارهم يَوْم قُرَيْظَة وَالنضير فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر فَقَالَ: أرى أَن ننزل بَين الْقُصُور فنقطع خبر هَؤُلَاءِ عَن هَؤُلَاءِ وَخبر هَؤُلَاءِ عَن هَؤُلَاءِ فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله الْآيَة 160

160

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن اسحق فِي الْآيَة قَالَ: أَي أَن ينصرك الله فَلَا غَالب لَك من النَّاس لن يَضرك خذلان من خذلك وَإِن يخذلك فَلَنْ يَضرك النَّاس {فَمن ذَا الَّذِي ينصركم من بعده} أَي لَا تتْرك أَمْرِي للنَّاس وَارْفض النَّاس لأمري {وعَلى الله} لَا على النَّاس {فَليَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ} الْآيَات 161 - 163

161

أخرج أَبُو دَاوُد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} فِي قطيفة حَمْرَاء افتقدت يَوْم بدر فَقَالَ بعض النَّاس: لَعَلَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذهَا فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} وَأخرج ابْن جرير عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانَ ابْن مَسْعُود يقْرَأ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: بلَى وَيقتل إِنَّمَا كَانَت فِي قطيفة قَالُوا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غلها يَوْم بدر فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} فِي قطيفة حَمْرَاء فقدت يَوْم بدر من الْغَنِيمَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَيْشًا فَردَّتْ رايته ثمَّ بعث فَردَّتْ بغلول رَأس غزالة من ذهب فَنزلت {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} قَالَ: مَا كَانَ للنَّبِي أَن يتهمه أَصْحَابه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فقدت قطيفة حَمْرَاء يَوْم بدر مِمَّا أُصِيب من الْمُشْركين فَقَالَ بعض النَّاس: لَعَلَّ النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذهَا فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} قَالَ: خصيف فَقلت لسَعِيد بن جُبَير {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} يَقُول: ليخان قَالَ: بل يغل فقد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله يغل وَيقتل أَيْضا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} بِنصب الْيَاء وَرفع الْغَيْن وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَأبي رَجَاء وَمُجاهد وَعِكْرِمَة مثله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} بِفَتْح الْيَاء وَأخرج ابْن منيع فِي مُسْنده عَن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس أَن ابْن مَسْعُود يقْرَأ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} يَعْنِي بِفَتْح الْغَيْن فَقَالَ لي: قد كَانَ لَهُ أَن يغل وَأَن يقتل إِنَّمَا هِيَ {أَن يغل} يَعْنِي بِضَم الْغَيْن مَا كَانَ الله ليجعل نَبيا غالاً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} قَالَ: أَن يقسم لطائفة من الْمُسلمين وَيتْرك طَائِفَة ويجور فِي الْقِسْمَة وَلَكِن يقسم بِالْعَدْلِ وَيَأْخُذ فِيهِ بِأَمْر الله وَيحكم فِيهِ بِمَا أنزل الله يَقُول: مَا كَانَ الله ليجعل نَبيا يغل من أَصْحَابه فَإِذا فعل ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استسنوا بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير من طَرِيق سَلمَة بن نبيط عَن الضَّحَّاك قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلائع فغنم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقسم بَين النَّاس وَلم يقسم للطلائع شَيْئا فَلَمَّا قدمت الطَّلَائِع فَقَالُوا: قسم الْفَيْء وَلم يقسم لنا فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} قَالَ: أَن يقسم لطائفة وَلَا يقسم لطائفة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} قَالَ أَن يخون وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَنه قَرَأَ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} بِنصب الْغَيْن قَالَ: أَن يخان

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة وَالربيع {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} يَقُول: مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغله أَصْحَابه الَّذين مَعَه وَذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر وَقد غل طوائف من أَصْحَابه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخطيب فِي تَارِيخه عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يُنكر على من يقْرَأ {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} وَيَقُول: كَيفَ لَا يكون لَهُ أَن يغل وَقد كَانَ لَهُ أَن يقتل قَالَ الله (ويقتلُون الْأَنْبِيَاء بِغَيْر حق) (الْبَقَرَة الْآيَة 61) وَلَكِن الْمُنَافِقين اتهموا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَيْء من الْغَنِيمَة فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أَن رجلا توفّي يَوْم حنين فَذكرُوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: صلوا عَلَيْهِ فتغيرت وُجُوه النَّاس لذَلِك فَقَالَ: إِن صَاحبكُم غل فِي سَبِيل الله ففتشنا مَتَاعه فَوَجَدنَا خرزاً من خرز الْيَهُود لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عمر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أصَاب غنيمَة أَمر بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّار فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه فجَاء رجل بعد ذَلِك بزمام شعر فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَذَا فِيمَا كُنَّا أصبناه من الْغَنِيمَة فَقَالَ: أسمعت بِلَالًا ثَلَاثًا قَالَ: نعم قَالَ: فا مَنعك أَن تَجِيء بِهِ قَالَ: يَا رَسُول الله أعْتَذر قَالَ: كن أَنْت تَجِيء بِهِ يَوْم الْقِيَامَة فَلَنْ أقبله عَنْك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن صَالح بن مُحَمَّد بن زَائِدَة قَالَ: دخل مسلمة أَرض الرّوم فَأتي بِرَجُل قد غل فَسَأَلَ سالما عَنهُ فَقَالَ: سَمِعت أبي يحدث عَن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا وجدْتُم الرجل قد غل فاحرقوا مَتَاعه واضربوه قَالَ: فَوَجَدنَا فِي مَتَاعه مُصحفا فَسئلَ سَالم عَنهُ فَقَالَ: بِعْهُ وَتصدق بِثمنِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ أَخْبرنِي من سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بوادي الْقرى وجاءه رجل فَقَالَ: اسْتشْهد مَوْلَاك فلَان قَالَ: بل هُوَ الْآن يُجَرُّ إِلَى النَّار فِي عباءة غلَّ بهَا الله وَرَسُوله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ كَانَ عَليّ ثقل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل يُقَال لَهُ كركرة فَمَاتَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هُوَ فِي النَّار فَذَهَبُوا ينظرُونَ فوجدوا عَلَيْهِ عباءة قد غلها

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس بن مَالك قَالَ قيل يَا رَسُول الله اسْتشْهد مَوْلَاك فلَان قَالَ: كلا إِنِّي رَأَيْت عَلَيْهِ عباءة قد غلها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أهْدى رِفَاعَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُلَاما فَخرج بِهِ مَعَه إِلَى خَيْبَر فَنزل بَين الْعَصْر وَالْمغْرب فَأتى الْغُلَام سهم غائر فَقتله فَقُلْنَا هَنِيئًا لَك الْجنَّة فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن شملته لُتحْرَقَ عَلَيْهِ الْآن فِي النَّار غلها من الْمُسلمين فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله أصبت يَوْمئِذٍ شراكين فَقَالَ: يقدمنك مثلهمَا من نَار جَهَنَّم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن سَالم قَالَ: كَانَ أَصْحَابنَا يَقُولُونَ: عُقُوبَة صَاحب الْغلُول أَن يحرق فسطاطه ومتاعه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن كثير بن عبد الله عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا إِسْلَال وَلَا غلُول {وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن معَاذ بن جبل قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْيمن فَلَمَّا سرت أرسل فِي أثري فَرددت فَقَالَ: أَتَدْرِي لمَ بعثت إِلَيْك لَا تصيبن شَيْئا بِغَيْر إذني فَإِنَّهُ غلُول {وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة} لهَذَا دعوتك فامضِ لذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا غنم مغنماً بعث مناديه يَقُول: أَلا لَا يغلن رجل مخيطاً فَمَا فَوْقه أَلا لَا أَعرفن رجلا يغل بَعِيرًا يَأْتِي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة حامله على عُنُقه لَهُ رُغَاء أَلا لَا أَعرفن رجلا يغل فرسا يَأْتِي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة حامله على عُنُقه لَهُ حَمْحَمَة أَلا لَا أَعرفن رجلا يغل شَاة يَأْتِي بهَا يَوْم الْقِيَامَة حاملها على عُنُقه لَهَا ثُغَاء يتتبع من ذَلِك مَا شَاءَ الله أَن يتتبع ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: اجتنبوا الْغلُول فَإِنَّهُ عَار وشنار ونار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَذكر الْغلُول فَعَظمهُ وَعظم أمره ثمَّ قَالَ: أَلا لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته بعير لَهُ رُغَاء يَقُول: يَا رَسُول الله أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أملك لَك

من الله شَيْئا قد أبلغتك لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته فرس لَهَا حَمْحَمَة فَيَقُول: يَا رَسُول الله أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد أبلغتك لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته رقاع تخفق فَيَقُول: يَا رَسُول الله أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد أبلغتك لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة على رقبته صَامت فَيَقُول: يَا رَسُول الله أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أملك لَك من الله شَيْئا قد أبلغتك وَأخرج هناد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا قَالَ لَهُ: أَرَأَيْت قَول الله {وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة} هَذَا يغل ألف دِرْهَم وَألْفي دِرْهَم يَأْتِي بهَا أَرَأَيْت من يغل مائَة بعير ومائتي بعير كَيفَ يصنع بهَا قَالَ: أَرَأَيْت من كَانَ ضرسه مثل أحد وَفَخذه مثل ورقان وَسَاقه مثل بَيْضَاء ومجلسه مَا بَين الربذَة إِلَى الْمَدِينَة أَلا يحمل هَذَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْحجر ليزن سبع خلفات ليلقى فِي جَهَنَّم فيهوى فِيهَا سبعين خَرِيفًا وَيُؤْتى بالغلول فَيلقى مَعَه ثمَّ يُكَلف صَاحبه أَن يَأْتِي بِهِ وَهُوَ قَول الله {وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن عدي بن عميرَة الْكِنْدِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَيهَا النَّاس من عمل مِنْكُم لنا فِي عمل فكتمنا مِنْهُ مخيطاً فَمَا فَوْقه فَهُوَ غل - وَفِي لفظ - فَإِنَّهُ غلُول يَأْتِي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن أنيس أَنه تَذَاكر هُوَ وَعمر يَوْمًا الصَّدَقَة فَقَالَ: ألم تسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ذكر غلُول الصَّدَقَة من غل مِنْهَا بَعِيرًا أَو شَاة فَإِنَّهُ يحملهُ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ عبد الله بن أنيس: بلَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة} يَعْنِي يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة يحملهُ على عُنُقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لَو كنت مستحلاً من الْغلُول الْقَلِيل لاستحللت مِنْهُ الْكثير مَا من أحد يغل غلولاً إِلَّا كلف أَن يَأْتِي بِهِ من أَسْفَل دَرك جَهَنَّم وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن خمير بن مَالك قَالَ: لما أَمر بالمصاحف أَن تغير فَقَالَ ابْن مَسْعُود: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يغل مصحفه فليغله فَإِنَّهُ من غل شَيْئا جَاءَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَنعم الغل الْمُصحف يَأْتِي بِهِ أحدكُم يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {أَفَمَن اتبع رضوَان الله} يَعْنِي رضَا الله فَلم يغلل من الْغَنِيمَة {كمن بَاء بسخط من الله} يَعْنِي كمن استجوب سخطاً من الله فِي الْغلُول فَلَيْسَ هُوَ بِسَوَاء ثمَّ بَين مستقرهما فَقَالَ للَّذي يغل {ومأواه جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير} يَعْنِي مصير أهل الْغلُول ثمَّ ذكر مُسْتَقر من لَا يغل فَقَالَ {هم دَرَجَات} يَعْنِي فَضَائِل {عِنْد الله وَالله بَصِير بِمَا يعْملُونَ} يَعْنِي بَصِير بِمن غل مِنْكُم وَمن لم يغل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {أَفَمَن اتبع رضوَان الله} قَالَ: من لم يغل {كمن بَاء بسخط من الله} كمن غل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج {أَفَمَن اتبع رضوَان الله} قَالَ: أَمر الله فِي أَدَاء الْخمس {كمن بَاء بسخط من الله} فاستوجب سخطاً من الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {أَفَمَن اتبع رضوَان الله} قَالَ: من أدّى الْخمس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {أَفَمَن اتبع رضوَان الله} يَقُول: من أَخذ الْحَلَال خير لَهُ مِمَّن أَخذ الْحَرَام وَهَذَا فِي الْغلُول وَفِي الْمَظَالِم كلهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {هم دَرَجَات عِنْد الله} يَقُول: بأعمالهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {هم دَرَجَات عِنْد الله} قَالَ: هِيَ كَقَوْلِه (لَهُم دَرَجَات عِنْد الله) (الْأَنْفَال الْآيَة 4) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {هم دَرَجَات} يَقُول: لَهُم دَرَجَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {هم دَرَجَات} قَالَ: للنَّاس دَرَجَات بأعمالهم فِي الْخَيْر وَالشَّر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {هم دَرَجَات عِنْد الله} قَالَ: أهل الْجنَّة بَعضهم فَوق بعض فَيرى الَّذِي فاق فَضله على الَّذِي أَسْفَل مِنْهُ وَلَا يرى الَّذِي أَسْفَل مِنْهُ أَنه فضل عَلَيْهِ أحد

الْآيَة 164

164

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَائِشَة فِي هَذِه الْآيَة {لقد منّ الله على الْمُؤمنِينَ إِذْ بعث فيهم رَسُولا من أنفسهم} قَالَت: هَذِه للْعَرَب خَاصَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: منّ من الله عَظِيم من غير دَعْوَة وَلَا رَغْبَة من هَذِه الْأمة جعله الله رَحْمَة لَهُم يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور ويهديهم إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم بَعثه الله إِلَى قوم لَا يعلمُونَ فعلمهم وَإِلَى قوم لَا أدب لَهُم فأدبهم الْآيَات 165 - 168

165

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة} الْآيَة يَقُول: إِنَّكُم قد أصبْتُم من الْمُشْركين يَوْم بدر مثلي مَا أَصَابُوا مِنْكُم يَوْم أحد

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: قتل الْمُسلمُونَ من الْمُشْركين يَوْم بدر سبعين واسروا سبعين وَقتل الْمُشْركُونَ يَوْم أحد من الْمُسلمين سبعين فَذَلِك قَوْله {قد أصبْتُم مثليها قُلْتُمْ أَنى هَذَا} وَنحن مُسلمُونَ نُقَاتِل غَضبا لله وَهَؤُلَاء مشركون {قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم} عُقُوبَة لكم بمعصيتكم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ مَا قَالَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: لما رَأَوْا من قتل مِنْهُم يَوْم أحد قَالُوا: من أَيْن هَذَا مَا كَانَ للْكفَّار أَن يقتلُوا منا فَلَمَّا رأى الله مَا قَالُوا من ذَلِك قَالَ الله: هم بالأسرى الَّذين أَخَذْتُم يَوْم بدر فردهم الله بذلك وَعجل لَهُم عُقُوبَة ذَلِك فِي الدُّنْيَا ليسلموا مِنْهَا فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عليّ قَالَ جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله قد كره مَا صنع قَوْمك فِي أَخذهم الْأُسَارَى وَقد أَمرك أَن تخيرهم بَين أَمريْن إِمَّا أَن يقدموا فَتضْرب أَعْنَاقهم وَبَين أَن يَأْخُذُوا الْفِدَاء على أَن يقتل مِنْهُم عدتهمْ فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس فَذكر ذَلِك لَهُم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله عشائرنا واخواننا نَأْخُذ فداءهم فنقوى بِهِ على قتال عدونا وَيسْتَشْهد منا بِعدَّتِهِمْ فَلَيْسَ فِي ذَلِك مَا نكره فَقتل مِنْهُم يَوْم أحد سَبْعُونَ رجلا عدَّة أُسَارَى أهل بدر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن وَابْن جريج {قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم} عُقُوبَة لكم بمعصيتكم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ: لَا تتبعوهم يَوْم أحد فاتبعوهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {قُلْتُمْ أَنى هَذَا} وَنحن مُسلمُونَ نُقَاتِل غَضبا لله وَهَؤُلَاء مشركون فَقَالَ {قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم} عُقُوبَة بمعصيتكم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ: لَا تتبعوهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قد أصبْتُم مثليها} قَالَ: أصيبوا يَوْم أحد قتل مِنْهُم سَبْعُونَ يَوْمئِذٍ وَأَصَابُوا مثليها يَوْم بدر قتلوا من الْمُشْركين سبعين وأسروا سبعين {قُلْتُمْ أَنى هَذَا قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم} ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه يَوْم أحد حِين قدم أَبُو سُفْيَان وَالْمُشْرِكُونَ: إِنَّا فِي جنَّة حَصِينَة - يَعْنِي بذلك الْمَدِينَة - فدعوا الْقَوْم يدخلُوا علينا نقاتلهم فَقَالَ لَهُ أنَاس من الْأَنْصَار: إِنَّا نكره أَن نقْتل فِي طرق الْمَدِينَة وَقد كُنَّا نمْنَع

من الْغَزْو فِي الْجَاهِلِيَّة فبالإسلام أَحَق أَن يمْتَنع مِنْهُ فأبرز بِنَا إِلَى الْقَوْم فَانْطَلق فَلبس لأمته فتلاوم الْقَوْم فَقَالُوا: عرض نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَمْر وعرضتم بِغَيْرِهِ اذْهَبْ يَا حَمْزَة فَقل لَهُ امرنا لأمرك تبع فَأتى حَمْزَة فَقَالَ لَهُ فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ لنَبِيّ إِذا لبس لامته أَن يَضَعهَا حَتَّى يناجز وَإنَّهُ سَتَكُون فِيكُم مُصِيبَة قَالُوا: يَا نَبِي الله خَاصَّة أَو عَامَّة قَالَ: سترونها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق فِي قَوْله {وليعلم الْمُؤمنِينَ وليعلم الَّذين نافقوا} فَقَالَ: ليميز بَين الْمُؤمنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ {وَقيل لَهُم تَعَالَوْا قَاتلُوا} يَعْنِي عبد الله بن أبي وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو ادفعوا} قَالَ: كَثُرُوا بِأَنْفُسِكُمْ وَإِن لم تقاتلوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي حَازِم قَالَ: سَمِعت سهل بن سعيد يَقُول: لَو بِعْت دَاري فلحقت بثغر من ثغور الْمُسلمين فَكنت بَين الْمُسلمين وَبَين عدوّهم فَقلت: كَيفَ وَقد ذهب بَصرك قَالَ: ألم تسمع إِلَى قَول الله {تَعَالَوْا قَاتلُوا فِي سَبِيل الله أَو ادفعوا} أسوّد مَعَ النَّاس فَفعل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {أَو ادفعوا} قَالَ: كونُوا سواداً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عون الْأنْصَارِيّ فِي قَوْله {أَو ادفعوا} قَالَ: رابطوا وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن المنذرعن ابْن شهَاب وَغَيره قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أحد فِي ألف رجل من أَصْحَابه حَتَّى إِذا كَانُوا بِالشّرطِ بَين أحد وَالْمَدينَة انْخَذَلَ عَنْهُم عبد الله بن أُبَيَّ بِثلث النَّاس وَقَالَ: أطاعهم وعصاني وَالله مَا نَدْرِي علام نقْتل أَنْفُسنَا هَهُنَا فَرجع بِمن اتبعهُ من أهل النِّفَاق وَأهل الريب واتبعهم عبد الله بن عَمْرو بن حرَام من بني سَلمَة يَقُول: يَا قوم أذكركم الله أَن تخذلوا نَبِيكُم وقومكم عِنْدَمَا حضرهم عدوهم قَالُوا: لَو نعلم أَنكُمْ تقاتلون مَا أسلمناكم وَلَكِن لَا نرى أَن يكون قتال وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَو نعلم قتالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ} قَالَ: لَو نعلم انا واجدون مَعكُمْ مَكَان قتال لَاتَّبَعْنَاكُمْ

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالُوا: {لَو نعلم قتالاً لأتَّبعناكم} قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن أبي وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد فِي ألف رجل وَقد وعدهم الْفَتْح إِن صَبَرُوا فَلَمَّا خَرجُوا رَجَعَ عبد الله بن أبي فِي ثَلَاثمِائَة فَتَبِعهُمْ أَبُو جَابر السّلمِيّ يَدعُوهُم فَلَمَّا غلبوه وَقَالُوا لَهُ: مَا نعلم قتالاً وَلَئِن أطعتنا لترجعن مَعنا فَذكر الله فَهُوَ قَوْلهم: وَلَئِن أطعتنا لترجعن {الَّذين قَالُوا لإخوانهم وقعدوا لَو أطاعونا مَا قتلوا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذين قَالُوا لإخوانهم} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا نزلت فِي عدوّ الله عبد الله بن أبي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع {الَّذين قَالُوا لإخوانهم وقعدوا} قَالَ: نزلت فِي عدوّ الله عبد الله بن أبي وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله {الَّذين قَالُوا لإخوانهم} قَالَ: هُوَ عبد الله بن أبي وَأخرج عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هم عبد الله بن أبي وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ عبد الله بن أبي الَّذين قعدوا وَقَالُوا لإخوانهم الَّذين خَرجُوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق {قل فادرؤوا عَن أَنفسكُم الْمَوْت} أَي أَنه لَا بُد من الْمَوْت فَإِن اسْتَطَعْتُم أَن تدفعوه عَن أَنفسكُم فافعلوا وَذَلِكَ أَنهم إِنَّمَا نافقوا وَتركُوا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله حرصاً على الْبَقَاء فِي الدُّنْيَا وفراراً من الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب قَالَ: إِن الله أنزل على نبيه فِي الْقَدَرِيَّة {الَّذين قَالُوا لإخوانهم وقعدوا لَو أطاعونا مَا قتلوا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هم الْكفَّار يَقُولُونَ لاخوانهم لَو كَانُوا عندنَا مَا قتلوا يحسبون أَن حضورهم لِلْقِتَالِ هُوَ يقدمهم إِلَى الْأَجَل

الْآيَتَانِ 169 - 170

169

أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي حَمْزَة وَأَصْحَابه {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الضُّحَى فِي قَوْله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} قَالَ: نزلت فِي قَتْلَى أحد اسْتشْهد مِنْهُم سَبْعُونَ رجلا: أَرْبَعَة من الْمُهَاجِرين حَمْزَة بن عبد الْمطلب من بني هَاشم وَمصْعَب بن عُمَيْر من بني عبد الدَّار وَعُثْمَان بن شماس من بني مَخْزُوم وَعبد الله بن جحش من بني أَسد وسائرهم من الْأَنْصَار وَأخرج أَحْمد وهناد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أُصِيب إخْوَانكُمْ بِأحد جعل الله أَرْوَاحهم فِي أَجْوَاف طير خضر ترد أَنهَار الْجنَّة وتأكل من ثمارها وتأوي إِلَى قناديل من ذهب معلقَة فِي ظلّ الْعَرْش فَلَمَّا وجدوا طيب مَأْكَلهمْ وَمَشْرَبهمْ وَحسن مقبلهم قَالُوا: يَا لَيْت إِخْوَاننَا يعلمُونَ مَا صنع الله لنا - وَفِي لفظ - قَالُوا: إِنَّا أَحيَاء فِي الْجنَّة نرْزق لِئَلَّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَاد وَلَا ينكلُوا عَن الْحَرْب فَقَالَ الله: أَنا أبلغهم عَنْكُم فَأنْزل الله هَؤُلَاءِ الْآيَات {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} الْآيَة وَمَا بعْدهَا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن ماجة وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله قَالَ لَقِيَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا جَابر مَا لي أَرَاك منكسراً قلت: يَا رَسُول الله اسْتشْهد أبي وَترك عيالاً وديناً فَقَالَ: أَلا أُبَشِّرك بِمَا لَقِي الله بِهِ أَبَاك قَالَ: بلَى قَالَ: مَا كلم الله أحدا قطّ إِلَّا من وَرَاء حجاب وَأَحْيَا أَبَاك فَكَلمهُ كفاحاً وَقَالَ: يَا عَبدِي تمن عليّ أعطك قَالَ: يَا رب تحييني فأقتل فِيك ثَانِيَة قَالَ الرب تَعَالَى: قد

سبق مني أَنهم لَا يرجعُونَ قَالَ: أَي رب فأبلغ من ورائي فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} الْآيَة وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجَابِر: أَلا أُبَشِّرك قَالَ: بلَى قَالَ: شَعرت أَن الله أَحْيَا أَبَاك فأقعده بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: تمنَّ عليَّ مَا شِئْت أعطيكه قَالَ: يَا رب مَا عبدتك حق عبادتك أَتَمَنَّى أَن تردني إِلَى الدُّنْيَا فأقتل مَعَ نبيك مرّة أُخْرَى قَالَ: سبق مني أَنَّك إِلَيْهَا لَا ترجع وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجَالًا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: يَا ليتنا نعلم مَا فعل إِخْوَاننَا الَّذين قتلوا يَوْم أحد فَأنْزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: ذكر لنا عَن بَعضهم فِي قَوْله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} الْآيَة قَالَ: هم قَتْلَى بدر وَأحد زَعَمُوا أَن الله تَعَالَى لما قبض أَرْوَاحهم وأدخلهم الْجنَّة جعلت أَرْوَاحهم فِي طير خضر ترعى فِي الْجنَّة وتأوي إِلَى قناديل من ذهب تَحت الْعَرْش فَلَمَّا رَأَوْا مَا أَعْطَاهُم الله من الْكَرَامَة قَالُوا: لَيْت إِخْوَاننَا الَّذين بَعدنَا يعلمُونَ مَا نَحن فِيهِ فَإِذا شهدُوا قتالاً تعجلوا إِلَى مَا نَحن فِيهِ فَقَالَ الله: إِنِّي منزل على نَبِيكُم ومخبر إخْوَانكُمْ بِالَّذِي أَنْتُم فِيهِ فَفَرِحُوا وَاسْتَبْشَرُوا وَقَالُوا: يخبر الله إخْوَانكُمْ ونبيكم بِالَّذِي أَنْتُم فِيهِ فَإِذا شهدُوا قتالاً أَتَوْكُم فَذَلِك قَوْله {فرحين} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن قيس بن مخرمَة قَالَ: قَالُوا يَا رب أَلا رَسُول لنا يخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنَّا بِمَا أَعطيتنَا فَقَالَ الله تَعَالَى: أَنا رَسُولكُم فَأمر جِبْرِيل أَن يَأْتِي بِهَذِهِ الْآيَة {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله} الْآيَتَيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما أُصِيب الَّذين أصيبوا يَوْم أحد لقوا رَبهم فأكرمهم فَأَصَابُوا الْحَيَاة وَالشَّهَادَة والرزق الطّيب قَالُوا: يَا لَيْت بَيْننَا وَبَين إِخْوَاننَا من يبلغهم أَنا لَقينَا رَبنَا فَرضِي عَنَّا وأرضانا فَقَالَ الله: أَنا رَسُولكُم إِلَى نَبِيكُم وَإِخْوَانكُمْ فَأنْزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} إِلَى قَوْله {وَلَا هم يَحْزَنُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِسْحَق بن أبي طَلْحَة حَدثنِي أنس بن مَالك فِي أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذين أرسلهم إِلَى بِئْر مَعُونَة قَالَ: لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ أَو سبعين وعَلى ذَلِك المَاء عَامر بن الطُّفَيْل فَخرج أُولَئِكَ النَّفر حَتَّى أَتَوا غاراً مشرفاً

على المَاء قعدوا فِيهِ ثمَّ قَالَ بَعضهم لبَعض: أَيّكُم يبلغ رِسَالَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل هَذَا المَاء فَقَالَ أَبُو ملْحَان الْأنْصَارِيّ: أَنا فَخرج حَتَّى أَتَى خواءهم فَاخْتَبَأَ أَمَام الْبيُوت ثمَّ قَالَ: يَا أهل بِئْر مَعُونَة إِنِّي رَسُول رَسُول الله إِلَيْكُم أَنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فآمنوا بِاللَّه وَرَسُوله فَخرج إِلَيْهِ رجل من كسر الْبَيْت بِرُمْح فَضرب بِهِ فِي جنبه حَتَّى خرج من الشق الآخر فَقَالَ: الله أكبر فزت وَرب الْكَعْبَة فاتبعوا أَثَره حَتَّى أَتَوا أَصْحَابه فِي الْغَار فَقَتلهُمْ عَامر بن الطُّفَيْل فَحَدثني أنس أَن الله أنزل فيهم قُرْآنًا: بلغُوا عَنَّا قَومنَا أَنا قد لَقينَا رَبنَا فَرضِي عَنَّا ورضينا عَنهُ ثمَّ نسخت فَرفعت بَعْدَمَا قرأناه زَمَانا وَأنزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا بل أَحيَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق طَلْحَة بن نَافِع عَن أنس قَالَ: لما قتل حَمْزَة وَأَصْحَابه يَوْم أحد قَالُوا: يَا لَيْت لنا مخبرا يخبر إِخْوَاننَا بِالَّذِي صرنا إِلَيْهِ من الْكَرَامَة لنا فَأوحى إِلَيْهِم رَبهم أَنا رَسُولكُم إِلَى إخْوَانكُمْ فَأنْزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} إِلَى قَوْله {لَا يضيع أجر الْمُؤمنِينَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما أُصِيب حَمْزَة وَأَصْحَابه بِأحد قَالُوا: لَيْت من خلفنا علمُوا مَا أَعْطَانَا الله من الثَّوَاب ليَكُون أَحْرَى لَهُم فَقَالَ الله: إِنَّا أعلمهم فَأنْزل الله {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مَسْرُوق قَالَ: سَأَلنَا عبد الله بن مَسْعُود عَن هَذِه الْآيَة {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} فَقَالَ: أما انا قد سَأَلنَا عَن ذَلِك أَرْوَاحهم فِي جَوف طير خضر - وَلَفظ عبد الرَّزَّاق - أَرْوَاح الشُّهَدَاء عِنْد الله كطير خضر لَهَا قناديل معلقَة بالعرش تسرح من الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت ثمَّ تأوي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيل فَاطلع إِلَيْهِم رَبهم إِطْلَاعَة فَقَالَ: هَل تشتهون شَيْئا قَالُوا: أَي شَيْء نشتهي وَنحن نَسْرَح من الْجنَّة حَيْثُ شِئْنَا فَفعل ذَلِك بهم ثَلَاث مَرَّات فَلَمَّا رَأَوْا أَنهم لم يتْركُوا من أَن يسْأَلُوا قَالُوا: يَا رب نُرِيد أَن ترد أَرْوَاحنَا فِي أَجْسَادنَا حَتَّى نقْتل فِي سَبِيلك مرّة أُخْرَى فَلَمَّا رأى أَن لَيْسَ لَهُم حَاجَة تركُوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله أَنه قَالَ فِي الثَّالِثَة حِين قَالَ لَهُم:

هَل تشتهون من شَيْء قَالُوا: تقرىء نَبينَا السَّلَام وتبلغه أَنا قد رَضِينَا وَرَضي عَنَّا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بل أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ} قَالَ: يرْزقُونَ من ثَمَر الْجنَّة ويجدون رِيحهَا وَلَيْسوا فِيهَا وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء تعارف فِي طير بيض تَأْكُل من ثمار الْجنَّة وَأَن مساكنهم سِدْرَة الْمُنْتَهى وَأَن للمجاهد فِي سَبِيل الله ثَلَاث خِصَال: من قتل فِي سَبِيل الله مِنْهُم صَار حَيا مرزوقاً وَمن غلب آتَاهُ الله أجرا عَظِيما وَمن مَاتَ رزقه الله رزقا حسنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {بل أَحيَاء} قَالَ: فِي صور طير خضر يطيرون فِي الْجنَّة حَيْثُ شاؤوا مِنْهَا يَأْكُلُون من حَيْثُ شاؤوا وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي طير بيض فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الإفْرِيقِي عَن ابْن بشار الْأَسْلَمِيّ أَو أبي بشار قَالَ: أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي قباب بيض من قباب الْجنَّة فِي كل قبَّة زوجتان رزقهم فِي كل يَوْم ثَوْر وحوت فَأَما الثور فَفِيهِ طعم كل ثَمَرَة فِي الْجنَّة وَأما الْحُوت فَفِيهِ طعم كل شراب فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ أَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طير خضر فِي قناديل من ذهب معلقَة بالعرش فَهِيَ ترعى بكرَة وَعَشِيَّة فِي الْجنَّة وتبيت فِي الْقَنَادِيل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَرْوَاح الشُّهَدَاء تجول فِي أَجْوَاف طير خضر تعلق فِي ثَمَر الْجنَّة وَأخرج هناد بن السّري فِي كتاب الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي طير خضر ترعى فِي رياض الْجنَّة ثمَّ يكون مأواها إِلَى قناديل معلقَة بالعرش فَيَقُول الرب: هَل تعلمُونَ كَرَامَة أكْرم من كَرَامَة أكْرَمْتُكُموها فَيَقُولُونَ: لَا إِلَّا أَنا وَدَدْنا أَنَّك أعدت أَرْوَاحنَا فِي أَجْسَادنَا حَتَّى نُقَاتِل فنقتل مرّة أُخْرَى فِي سَبِيلك وَأخرج هناد فِي الزّهْد وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: الشُّهَدَاء فِي قباب من رياض بِفنَاء الْجنَّة يبْعَث إِلَيْهِم ثَوْر وحوت فيعتركان فيلهون بهما فَإِذا احتاجوا إِلَى شَيْء عقر أَحدهمَا صَاحبه فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ فيجدون فِيهِ طعم كل شَيْء فِي الْجنَّة

وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الشُّهَدَاء على بارق نهر بِبَاب الْجنَّة فِي قبَّة خضراء يخرج إِلَيْهِم رزقهم من الْجنَّة غدْوَة وَعَشِيَّة وَأخرج هناد فِي الزّهْد من طَرِيق ابْن إِسْحَق عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة قَالَ: حَدثنَا بعض أهل الْعلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الشُّهَدَاء ثَلَاثَة فأدنى الشُّهَدَاء عِنْد الله منزلَة رجل خرج مَنْبُوذًا بِنَفسِهِ وَمَاله لَا يُرِيد أَن يقتل وَلَا يقتل أَتَاهُ سهم غرب فَأَصَابَهُ فَأول قَطْرَة تقطر من دَمه يغْفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ثمَّ يهْبط الله جسداً من السَّمَاء يَجْعَل فِيهِ روحه ثمَّ يصعد بِهِ إِلَى الله فَمَا يمر بسماء من السَّمَوَات إِلَّا شيَّعته الْمَلَائِكَة حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الله فَإِذا انْتهى الى الله وَقع سَاجِدا ثمَّ يُؤمر بِهِ فيكسى سبعين حلَّة من الاستبرق ثمَّ يُقَال: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى إخوانه من الشُّهَدَاء فَاجْعَلُوهُ مَعَهم فَيُؤتى بِهِ إِلَيْهِم وهم فِي قبَّة خضراء عِنْد بَاب الْجنَّة يخرج عَلَيْهِم غداؤهم من الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: مَا زَالَ ابْن آدم يتحمد حَتَّى صَار حَيا مَا يَمُوت ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {فرحين بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} قَالَ: بِمَا هم فِيهِ من الْخَيْر والكرامة والرزق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {ويستبشرون بالذين لم يلْحقُوا بهم} قَالَ: لما دخلُوا الْجنَّة وَرَأَوا مَا فِيهَا من الْكَرَامَة للشهداء قَالُوا: يَا لَيْت إِخْوَاننَا الَّذين فِي الدُّنْيَا يعلمُونَ مَا صرنا فِيهِ من الْكَرَامَة فَإِذا شهدُوا الْقِتَال باشروها بِأَنْفسِهِم حَتَّى يستشهدوا فيصيبون مَا أَصَابَنَا من الْخَيْر فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأمرهم وَمَا هم فِيهِ من الْكَرَامَة وَأخْبرهمْ أَنِّي قد أنزلت على نَبِيكُم وأخبرته بأمركم وَمَا أَنْتُم فِيهِ من الْكَرَامَة فاستبشروا بذلك فَذَلِك قَوْله {ويستبشرون بالذين لم يلْحقُوا بهم من خَلفهم} يَعْنِي إخْوَانهمْ من أهل الدُّنْيَا أَنهم سيحرصون على الْجِهَاد ويلحقون بهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {ويستبشرون بالذين لم يلْحقُوا بهم من خَلفهم} قَالَ: إِن الشَّهِيد يُؤْتى بِكِتَاب فِيهِ من يقدم عَلَيْهِ من إخوانه

وَأَهله يُقَال: يقدم عَلَيْك فلَان يَوْم كَذَا وَكَذَا يقدم عَلَيْك فلَان يَوْم كَذَا وَكَذَا فيستبشر حِين يقدم عَلَيْهِ كَمَا يستبشر أهل الْغَائِب بقدومه فِي الدُّنْيَا الْآيَة 171

171

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {يستبشرون بِنِعْمَة من الله وَفضل} الْآيَة قَالَ: هَذِه الْآيَة جمعت الْمُؤمنِينَ كلهم سوى الشُّهَدَاء وقلما ذكر الله فضلا ذكر بِهِ الْأَنْبِيَاء وثواباً أَعْطَاهُم إِلَّا ذكر مَا أعْطى الْمُؤمنِينَ من بعدهمْ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر عَن أَبِيه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا ذكر أَصْحَاب أحد: وَالله لَوَدِدْت أَنِّي غودرت مَعَ أَصْحَابِي بنحص الْجَبَل نحص الْجَبَل: أَصله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ فقد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَمْزَة حِين فَاء النَّاس من الْقِتَال فَقَالَ رجل: رَأَيْته عِنْد تِلْكَ الشجيرات وَهُوَ يَقُول: أَنا أَسد الله وَأسد رَسُوله اللَّهُمَّ ابرأ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه وَاعْتذر إِلَيْك مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ بانهزامهم فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه فَلَمَّا رأى جثته بَكَى وَلما رأى مَا مثل بِهِ شهق ثمَّ قَالَ: أَلا كفن فَقَامَ رجل من الْأَنْصَار فَرمى بِثَوْب عَلَيْهِ ثمَّ قَامَ آخر فَرمى بِثَوْب عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ جَابر: هَذَا الثَّوْب لأَبِيك وَهَذَا لِعَمِّي ثمَّ جِيءَ بِحَمْزَة فصلى عَلَيْهِ ثمَّ يجاء بِالشُّهَدَاءِ فتوضع إِلَى جَانب حَمْزَة فَيصَلي عَلَيْهِم يرفع وَيتْرك حَمْزَة حَتَّى صلى على الشُّهَدَاء كلهم قَالَ: فَرَجَعت وَأَنا مثقل قد ترك أبي عليَّ دينا وعيالاً فَلَمَّا كَانَ عِنْد اللَّيْل أرسل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا جَابر إِن الله أَحْيَا أَبَاك وَكَلمه قلت: وَكَلمه كلَاما قَالَ: قَالَ لَهُ: تمن فَقَالَ: أَتَمَنَّى أَن ترد روحي وتنشىء خلقي كَمَا كَانَ وترجعني إِلَى نبيك فأقاتل فِي سَبِيلك فأقتل مرّة أُخْرَى قَالَ: إِنِّي قضيت أَنهم لَا يرجعُونَ وَقَالَ: قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سيد الشُّهَدَاء عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة حَمْزَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ كفن حَمْزَة فِي نمرة كَانُوا إِذا مدوها على رَأسه خرجت رِجْلَاهُ فَأَمرهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يمدوها على رَأسه

ويجعلوا على رجلَيْهِ من الْإِذْخر وَقَالَ: لَوْلَا أَن تجزع صَفِيَّة لتركنا حَمْزَة فَلم ندفنه حَتَّى يحْشر من بطُون الطير وَالسِّبَاع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم أحد: من رأى مقتل حَمْزَة فَقَالَ رجل: أَنا قَالَ: فَانْطَلق فأرناه فَخرج حَتَّى وقف على حَمْزَة فَرَآهُ قد بقر بَطْنه وَقد مُثِّل بِهِ فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينظر إِلَيْهِ ووقف بَين ظهراني الْقَتْلَى وَقَالَ: أَنا شَهِيد على هَؤُلَاءِ الْقَوْم لفوهم فِي دِمَائِهِمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ جريح يجرح إِلَّا جرحه يَوْم الْقِيَامَة يدمى لَونه لون الدَّم وريحه ريح الْمسك قدمُوا أَكثر الْقَوْم قُرْآنًا فَاجْعَلُوهُ فِي اللَّحْد وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعد بن أبي وَقاص أَن رجلا جَاءَ إِلَى الصَّلَاة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِنَا فَقَالَ حِين انْتهى إِلَى الصَّفّ: اللَّهُمَّ آتني أفضل مَا تؤتي عِبَادك الصَّالِحين فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة قَالَ: من الْمُتَكَلّم آنِفا فَقَالَ: أَنا فَقَالَ: إِذن يعقر جوادك وتستشهد فِي سَبِيل الله وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُؤْتى بِالرجلِ من أهل الْجنَّة فَيَقُول الله لَهُ: يَا ابْن آدم كَيفَ وجدت مَنْزِلك فَيَقُول: أَي رب خير منزل فَيَقُول: سل وتمن فَيَقُول: أَسأَلك أَن تردني إِلَى الدُّنْيَا فَاقْتُلْ فِي سَبِيلك عشر مَرَّات لما رأى من فضل الشَّهَادَة قَالَ: وَيُؤْتى بِالرجلِ من أهل النَّار فَيَقُول الله: يَا ابْن آدم كَيفَ وجدت مَنْزِلك فَيَقُول: أَي رب شَرّ منزل فَيَقُول: فتفتدى مِنْهُ بطلاع الأَرْض ذَهَبا فَيَقُول: نعم فَيَقُول: كذبت قد سَأَلتك دون ذَلِك فَلم تفعل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عرض عليَّ أول ثَلَاثَة يدْخلُونَ الْجنَّة وَأول ثَلَاثَة يدْخلُونَ النَّار فَأَما أول ثَلَاثَة يدْخلُونَ الْجنَّة فالشهيد وَعبد مَمْلُوك أحسن عبَادَة ربه ونصح لسَيِّده وعفيف متعفف ذُو عِيَال وَأما أول ثَلَاثَة يدْخلُونَ النَّار فأمير مسلط وَذُو ثروة من مَال لَا يُؤَدِّي حق الله فِي مَاله وفقير فخور وَأخرج الْحَاكِم عَن سهل بن أبي أُمَامَة بن سهل عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أول مَا يهراق من دم الشَّهِيد يغْفر لَهُ ذنُوبه

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صَبر حَتَّى يقتل أَو يغلب لم يفتن فِي قَبره وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ عَن أنس أَن حَارِثَة بن سراقَة خرج نظاراً فَأَتَاهُ سهم فَقتله فَقَالَت أمه: يَا رَسُول الله قد عرفت مَوضِع حَارِثَة مني فَإِن كَانَ فِي الْجنَّة صبرت وَإِلَّا رَأَيْت مَا أصنع قَالَ: يَا أم حَارِثَة أَنَّهَا لَيست بجنة وَلكنهَا جنان كَثِيرَة وَأَن حَارِثَة لفي أفضلهَا أَو قَالَ: فِي أَعلَى الفردوس وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا على الأَرْض من نفس تَمُوت وَلها عِنْد الله خير تحب أَن ترجع إِلَيْكُم إِلَّا الْقَتِيل فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ يحب أَن يرجع فَيقْتل مرّة أُخْرَى وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من أهل الْجنَّة أحد يسره أَن يرجع إِلَى الدُّنْيَا وَله عشر أَمْثَالهَا إِلَّا الشَّهِيد فَإِنَّهُ ود أَنه لَو رد إِلَى الدُّنْيَا عشر مَرَّات فاستشهد لما يرى من فضل الشَّهَادَة وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن قيس الجذامي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن للقتيل عِنْد الله سِتّ خِصَال: تغْفر لَهُ خطيئته فِي أول دفْعَة من دَمه ويجار من عَذَاب الْقَبْر ويحلى حلَّة الْكَرَامَة وَيرى مَقْعَده من الْجنَّة ويؤمن من الْفَزع الْأَكْبَر ويزوج من الْحور الْعين وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْمِقْدَام بن معديكرب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن للشهيد عِنْد الله خِصَالًا يغْفر لَهُ فِي أول دفْعَة من دَمه وَيرى مَقْعَده من الْجنَّة ويحلى عَلَيْهِ حلية الْإِيمَان ويجار من عَذَاب الْقَبْر ويأمن يَوْم الْفَزع الْأَكْبَر وَيُوضَع على رَأسه تَاج الْوَقار الياقوتة مِنْهُ خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ويزوج اثْنَتَيْنِ وَسبعين زَوْجَة من الْحور الْعين ويشفع فِي سبعين إنْسَانا من أَقَاربه وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت مثله وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ والأصبهاني فِي ترغيبه بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس بن مَالك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الشُّهَدَاء ثَلَاثَة: رجل خرج بِنَفسِهِ وَمَاله محتسباً فِي سَبِيل الله

يُرِيد أَن لَا يقتل وَلَا يقتل وَلَا يُقَاتل يكثر سَواد الْمُؤمنِينَ فَإِن مَاتَ وَقتل غفرت لَهُ ذنُوبه كلهَا وأجير من عَذَاب الْقَبْر وأومن من الْفَزع الْأَكْبَر وزوّج من الْحور الْعين وحلت عَلَيْهِ حلَّة الْكَرَامَة وَوضع على رَأسه تَاج الْوَقار والخلد وَالثَّانِي رجل خرج بِنَفسِهِ وَمَاله محتسباً يُرِيد أَن يقتل وَلَا يقتل فَإِن مَاتَ أَو قتل كَانَت ركبته مَعَ ركبة خَلِيل الرَّحْمَن بَين يَدي الله فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتدر وَالثَّالِث رجل خرج بِنَفسِهِ وَمَاله محتسباً يُرِيد أَن يقتل وَيقتل فَإِن مَاتَ أَو قتل جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة شاهراً سَيْفه وَاضعه على عَاتِقه وَالنَّاس جاثون على الركب يَقُول: أَلا أفسحوا لنا مرَّتَيْنِ فَإنَّا قد بذلنا دماءنا وَأَمْوَالنَا لله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قَالَ ذَلِك لإِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن أَو لنَبِيّ من الْأَنْبِيَاء لتنحى لَهُم عَن الطَّرِيق لما يرى من وَاجِب حَقهم حَتَّى يَأْتُوا مَنَابِر من نور عَن يَمِين الْعَرْش فَيَجْلِسُونَ فَيَنْظُرُونَ كَيفَ يقْضى بَين النَّاس لَا يَجدونَ غم الْمَوْت وَلَا يغتمون فِي البرزخ وَلَا تفزعهم الصَّيْحَة وَلَا يهمهم الْحساب وَلَا الْمِيزَان وَلَا الصِّرَاط ينظرُونَ كَيفَ يقْضِي بَين النَّاس وَلَا يسْأَلُون شَيْئا إِلَّا أعْطوا وَلَا يشفعون فِي شَيْء إِلَّا شفعوا ويعطون من الْجنَّة مَا أَحبُّوا وينزلون من الْجنَّة حَيْثُ أَحبُّوا وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عتبَة بن عبد السّلمِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْقَتْلَى ثَلَاثَة: رجل مُؤمن جَاهد بِنَفسِهِ وَمَاله فِي سَبِيل الله حَتَّى إِذا لَقِي العدوّ قَاتلهم حَتَّى يقتل فَذَاك الشَّهِيد الممتحن فِي خيمة الله تَحت عَرْشه لَا يفضله النَّبِيُّونَ إِلَّا بِدَرَجَة النُّبُوَّة وَرجل مُؤمن قرف على نَفسه من الذُّنُوب والخطايا جَاهد بِمَالِه وَنَفسه فِي سَبِيل الله حَتَّى إِذا لَقِي الْعَدو قَاتل حَتَّى يقتل فَتلك ممصمصة تحط ذنُوبه وخطاياه إِن السَّيْف مَحَّاءٌ للخطايا وَأدْخل من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَ فَإِن لَهَا ثَمَانِيَة أَبْوَاب ولجهنم سَبْعَة أَبْوَاب وَبَعضهَا أفضل من بعض وَرجل مُنَافِق جَاهد بِنَفسِهِ وَمَاله حَتَّى إِذا لَقِي الْعد قَاتل فِي سَبِيل الله حَتَّى يقتل فَإِن ذَلِك فِي النَّار إِن السَّيْف لَا يمحو النِّفَاق وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يغْفر للشهيد كل ذَنْب إِلَّا الدّين وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن جحش أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله مَا لي إِن قتلت فِي سَبِيل الله قَالَ: الْجنَّة فَلَمَّا ولى قَالَ: إِلَّا الدّين سَارَّنِي بِهِ جِبْرِيل آنِفا

وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن أبي عميرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من نفس مسلمة يقبضهَا رَبهَا تحب أَن ترجع إِلَيْكُم وَإِن لَهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا غير الشَّهِيد وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لِأَن أقتل فِي سَبِيل الله أحب إليَّ من أَن يكون لي أهل الْوَبر والمدر وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يجد الشَّهِيد من مس الْقَتْل إِلَّا كَمَا يجد أحدكُم من مس القرصة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا وقف الْعباد لِلْحسابِ جَاءَ قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دَمًا فازدحموا على بَاب الْجنَّة فَقيل: من هَؤُلَاءِ قيل: الشُّهَدَاء كَانُوا مرزوقين وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن نعيم بن همار أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الشُّهَدَاء أفضل قَالَ: الَّذين أَن يلْقوا فِي الصَّفّ لَا يلفتوا وُجُوههم حَتَّى يقتلُوا أُولَئِكَ ينطلقون فِي الْعرف العالي من الْجنَّة ويضحك إِلَيْهِم رَبهم وَإِذا ضحك رَبك إِلَى عبد فِي الدُّنْيَا فَلَا حِسَاب عَلَيْهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفضل الْجِهَاد عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يلتقون فِي الصَّفّ الأول فَلَا يلفتون وُجُوههم حَتَّى يقتلُوا أُولَئِكَ يتلبطون فِي الغرف من الْجنَّة يضْحك إِلَيْهِم رَبك وَإِذا ضحك إِلَى قوم فَلَا حِسَاب عَلَيْهِم وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ذكر الشَّهِيد عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا تَجف الأَرْض من دم الشَّهِيد حَتَّى تبتدره زوجتاه كَأَنَّهُمَا ظئران أضلتا فصيلهما فِي براح من الأَرْض وَفِي يَد كل وَاحِدَة مِنْهُمَا حلَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأخرج النَّسَائِيّ عَن رَاشد بن سعد عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله مَا بَال الْمُؤمنِينَ يفتنون فِي قُبُورهم إِلَّا الشَّهِيد قَالَ: كفى ببارقة السيوف على رَأسه فتْنَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن رجلا أسود أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل أسود منتن الرّيح قَبِيح الْوَجْه لَا مَال لي فَإِن أَنا قَاتَلت هَؤُلَاءِ حَتَّى أقتل فَأَيْنَ أَنا قَالَ: فِي الْجنَّة فقاتل حَتَّى قتل فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

فَقَالَ: قد بيض الله وَجهك وَطيب رِيحك وَأكْثر مَالك وَقَالَ لهَذَا أَو لغيره: لقد رَأَيْت زَوجته من الْحور الْعين نازعته جُبَّة لَهُ صُوفًا تدخل بَينه وَبَين جبته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بخباء أَعْرَابِي وَهُوَ فِي أَصْحَابه يُرِيدُونَ الْغَزْو فَرفع الْأَعرَابِي نَاحيَة من الخباء فَقَالَ: من الْقَوْم فَقيل: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه يُرِيدُونَ الْغَزْو فَسَار مَعَهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَنه لمن مُلُوك الْجنَّة فَلَقوا الْعَدو فاستشهدوا خبر بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ فَقعدَ عِنْد رَأسه مُسْتَبْشِرًا يضْحك ثمَّ أعرض عَنهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله رَأَيْنَاك مُسْتَبْشِرًا تضحك ثمَّ أَعرَضت عَنهُ فَقَالَ: أما مَا رَأَيْتُمْ من استبشاري فَلَمَّا رَأَيْت من كَرَامَة روحه على الله وَأما إعراضي عَنهُ فَإِن زَوجته من الْحور الْعين الْآن عِنْد رَأسه وَأخرج عناد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ أَن أوّل قَطْرَة تقطر من دم الشَّهِيد يغْفر لَهُ بهَا مَا تقدم من ذَنبه ثمَّ يبْعَث الله ملكَيْنِ بريحان من الْجنَّة وريطة من الْجنَّة وعَلى أرجاء السَّمَاء مَلَائِكَة يَقُولُونَ: سُبْحَانَ الله قد جَاءَ من الأَرْض الْيَوْم ريح طيبَة ونسمة طيبَة فَلَا يمر بِبَاب إِلَّا فتح لَهُ وَلَا يمر بِملك إِلَّا صلى عَلَيْهِ وشيعه حَتَّى يُؤْتى بِهِ إِلَى الرَّحْمَن فَيسْجد لَهُ قبل الْمَلَائِكَة وتسجد الْمَلَائِكَة بعده ثمَّ يَأْمر بِهِ إِلَى الشُّهَدَاء فيجدهم فِي رياض خضر وقباب من حَرِير عِنْد ثَوْر وحوت يلعبان لَهُم كل يَوْم لعبة لم يلعبا بالْأَمْس مثلهَا فيظل الْحُوت فِي أَنهَار الْجنَّة فَإِذا أَمْسَى وكزه الثور بقرنه فذكاه لَهُم فَأَكَلُوا من لَحْمه فوجدوا من لَحْمه طعم كل رَائِحَة من أَنهَار الْجنَّة ويبيت الثور نافشاً فِي الْجنَّة فَإِذا أصبح غَدا عَلَيْهِ الْحُوت فوكزه بِذَنبِهِ فَأَكَلُوا من لَحْمه فوجدوا فِي لَحْمه طعم كل ثَمَرَة من ثمار الْجنَّة ينظرُونَ إِلَى مَنَازِلهمْ بكرَة وَعَشِيَّة يدعونَ الله أَن تقوم السَّاعَة وَإِذا توفى الْمُؤمن بعث الله ملكَيْنِ بريحان من ريحَان الْجنَّة وخرقة من الْجنَّة تقبض فِيهَا نَفسه وَيُقَال: اخْرُجِي أيتها النَّفس المطمئنة إِلَى روح وَرَيْحَان وَرب عَلَيْك غير غَضْبَان فَتخرج كأطيب رَائِحَة وجدهَا أحد قطّ بِأَنْفِهِ وعَلى أرجاء السَّمَاء مَلَائِكَة يَقُولُونَ: سُبْحَانَ الله قد جَاءَ الْيَوْم من الأَرْض ريح طيبَة ونسمة طيبَة فَلَا يمر بِبَاب إِلَّا فتح لَهُ وَلَا بِملك إِلَّا صلى عَلَيْهِ وشيعه حَتَّى يُؤْتى بِهِ إِلَى

الرَّحْمَن فتسجد الْمَلَائِكَة قبله وَيسْجد بعدهمْ ثمَّ يدعى بميكائيل فَيَقُول: اذْهَبْ بِهَذِهِ النَّفس فاجعلها مَعَ أنفس الْمُؤمنِينَ حَتَّى أَسأَلك عَنْهُم يَوْم الْقِيَامَة وَيُؤمر بِهِ إِلَى قبر ويوسع سبعين طوله وَسبعين عرضه وينبذ لَهُ فِيهِ ريحَان ويشيد بالحرير فَإِن كَانَ مَعَه شَيْء من الْقُرْآن كسى نوره وَإِن لم يكن مَعَه شَيْء من الْقُرْآن جعل لَهُ نور مثل الشَّمْس فَمثله كَمثل الْعَرُوس لَا يوقظه إِلَّا أحب أَهله إِلَيْهِ وَإِن الكافرإذا توفّي بعث الله إِلَيْهِ ملكَيْنِ بِخرقَة من بجاد أنتن من كل نَتن وأخشن من كل خشن فَيُقَال: اخْرُجِي أيتها النَّفس الخبيثة ولبئس مَا قدمت لنَفسك فَتخرج كأنتن رَائِحَة وجدهَا أحد قطّ ثمَّ يُؤمر بِهِ فِي قَبره فيضيق عَلَيْهِ حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه وَيُرْسل عَلَيْهِ حيات كأعناق البخت يأكلن لَحْمه وتقبض لَهُ مَلَائِكَة صم بكم عمي لَا يسمعُونَ لَهُ صَوتا وَلَا يرونه فيرحمونه وَلَا يملون إِذا ضربوا يدعونَ الله أَن يديم ذَلِك عَلَيْهِ حَتَّى يخلص إِلَى النَّار وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عمر بن الْخطاب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الشُّهَدَاء أَرْبَعَة: فمؤمن جيد الْإِيمَان لَقِي الْعَدو فَصدق الله فقاتل حَتَّى يقتل فَذَلِك الَّذِي يرفع النَّاس إِلَيْهِ أَعينهم وَرفع رَأسه حَتَّى وَقعت قلنسوة كَانَت على رَأسه أَو رَأس عمر فَهَذَا فِي الدرجَة الأولى وَرجل مُؤمن جيد الْإِيمَان إِذا لَقِي الْعَدو فَكَأَنَّمَا يضْرب جلده بشوك الطلح من الْجُبْن أَتَاهُ سهم غرب فَقتله فَهَذَا فِي الدرجَة الثَّانِيَة وَرجل مُؤمن خلط عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا لَقِي الْعَدو فَصدق الله فَقُتِلَ فَهَذَا فِي الدرجَة الثَّالِثَة وَرجل أسرف على نَفسه فلقي الْعَدو فقاتل حَتَّى يُقتل فَهَذَا فِي الدرجَة الرَّابِعَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الشَّهِيد يشفع فِي سبعين من أهل بَيته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن يزِيد بن شَجَرَة أَنه كَانَ يَقُول: إِذا صف النَّاس للصَّلَاة وصفوا لِلْقِتَالِ فتحت أَبْوَاب السَّمَاء وأبواب الْجنَّة وأبواب النَّار وزين الْحور الْعين وأطلقن فَإِذا أقبل الرجل قُلْنَ اللَّهُمَّ انصره وَإِذا أدبر احْتَجِبْنَ عَنهُ وقلن اللَّهُمَّ اغْفِر لَهُ فانهكوا وُجُوه الْقَوْم وَلَا تخزوا الْحور الْعين فَإِن أوّل قَطْرَة تقطر من دم أحدكُم يكفر عَنهُ كل شَيْء عمله وَينزل إِلَيْهِ زوجتان من الْحور الْعين يمسحان التُّرَاب عَن وَجهه ويقولان: قد أنالك وَيَقُول: قد أنالكما

ثمَّ يكسى مائَة حلَّة لَيْسَ من نسج بني آدم وَلَكِن من نبت الْجنَّة لَو وضعن بَين أصبعين لوسعن وَكَانَ يَقُول: إِن السيوف مَفَاتِيح الْجنَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد التَّمِيمِي قَالَ: سَمِعت قَاسم بن عُثْمَان الجوعي يَقُول: رَأَيْت فِي الطّواف حول الْبَيْت رجلا لَا يزِيد على قَوْله: اللَّهُمَّ قضيت حَاجَة المحتاجين وحاجتي لم تقض فَقلت لَهُ: مَا لَك لَا تزيد على هَذَا الْكَلَام فَقَالَ: أحَدثك كُنَّا سَبْعَة رُفَقَاء من بلدان شَتَّى غزونا أَرض الْعَدو فاستؤسرنا كلنا فاعتزل بِنَا لتضرب أعناقنا فَنَظَرت إِلَى السَّمَاء فَإِذا سَبْعَة أَبْوَاب مفتحة عَلَيْهَا سبع جوَار من الْحور الْعين على كل بَاب جَارِيَة فَقدم رجل منا فَضربت عُنُقه فَرَأَيْت الْجَارِيَة فِي يَدهَا منديل قد هَبَطت إِلَى الأَرْض حَتَّى ضربت أَعْنَاق سِتَّة وَبقيت أَنا وَبَقِي بَاب وَجَارِيَة فَلَمَّا قدمت لتضرب عنقِي استوهبني بعض رِجَاله فوهبني لَهُ فسمعتها تَقول: أَي شَيْء فاتك يَا محروم وأغلقت الْبَاب وَأَنا يَا أخي متحسر على مَا فَاتَنِي قَالَ قَاسم بن عُثْمَان: أرَاهُ أفضلهم لِأَنَّهُ رأى مَا لم يرَوا وَترك يعْمل على الشوق وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَاللَّفْظ لَهُ عَن ابْن مَسْعُود: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عجب رَبنَا من رجلَيْنِ: رجل ثار عَن وطائه ولحافه من بَين حبه وَأَهله إِلَى صلَاته رَغْبَة فِيمَا عِنْدِي وشفقة مِمَّا عِنْدِي وَرجل غزا فِي سَبِيل الله فَانْهَزَمَ أَصْحَابه فَعلم مَا عَلَيْهِ فِي الإنهزام وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوع فَرجع حَتَّى أهريق دَمه فَيَقُول الله لملائكته: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي رَجَعَ رَغْبَة فِيمَا عِنْدِي وشفقة مِمَّا عِنْدِي حَتَّى أهريق دَمه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاثَة يُحِبهُمْ الله ويضحك إِلَيْهِم ويستبشر بهم: الَّذِي إِذا انْكَشَفَ فِئَة قَاتل وَرَاءَهَا بِنَفسِهِ لله عز وَجل فإمَّا أَن يقتل وَإِمَّا أَن ينصره الله تَعَالَى ويكفيه فَيَقُول: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي كَيفَ صَبر لي نَفسه وَالَّذِي لَهُ امْرَأَة حسناء وفراش لين حسن فَيقوم من اللَّيْل فيذر شَهْوَته فيذكرني ويناجيني وَلَو شَاءَ رقد وَالَّذِي إِذا كَانَ فِي سفر وَكَانَ مَعَه ركب فسهروا ونصبوا ثمَّ هجعوا فَقَامَ من السحر فِي سراء أَو ضراء وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من سَأَلَ الله الْقَتْل فِي سَبِيل الله صَادِقا ثمَّ مَاتَ أعطَاهُ الله أجر شَهِيد

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن سهل ابْن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من سَأَلَ الله الشَّهَادَة بِصدق بلَّغه الله منَازِل الشُّهَدَاء وَإِن مَاتَ على فرَاشه وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من طلب الشَّهَادَة صَادِقا أعطيها وَلَو لم تصبه الْآيَات 172 - 175

172

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحمراء الْأسد وَقد أجمع أَبُو سُفْيَان بالرجعة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَقَالُوا: رَجعْنَا قبل أَن نَسْتَأْصِلهُمْ لَنَكُرَّنَّ على بَقِيَّتهمْ فَبَلغهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فِي أَصْحَابه يطلبهم فَثنى ذَلِك أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه وَمر ركب من عبد الْقَيْس فَقَالَ لَهُم أَبُو سُفْيَان: بلغُوا مُحَمَّدًا أَنا قد أجمعنا الرّجْعَة الى أَصْحَابه لنستأصلهم فَلَمَّا مر الركب برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَمْرَاء الْأسد أَخْبرُوهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمؤمنون مَعَه {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} فَأنْزل الله فِي ذَلِك {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَات وَأخرج مُوسَى بن عقبَة فِي مغازيه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتنْفرَ الْمُسلمين لموعد أبي سُفْيَان بَدْرًا فَاحْتمل الشَّيْطَان أولياءه من النَّاس فَمَشَوْا فِي النَّاس يخوفونهم وَقَالُوا: قد أخبرنَا أَن قد جمعُوا لكم من النَّاس

مثل اللَّيْل يرجون أَن يواقعوكم فينتهبوكم فالحذر الحذر فعصم الله الْمُسلمين من تخويف الشَّيْطَان فاستجابوا لله وَرَسُوله وَخَرجُوا بِبَضَائِع لَهُم وَقَالُوا: إِن لَقينَا أَبَا سُفْيَان فَهُوَ الَّذِي خرجنَا لَهُ وَإِن لم نلقه ابتعنا بضائعنا فَكَانَ بَدْرًا متحجرا يوافي كل عَام فَانْطَلقُوا حَتَّى أَتَوا موسم بدر فقضوا مِنْهُ حَاجتهم وأخلف أَبُو سُفْيَان الْموعد فَلم يخرج هُوَ وَلَا أَصْحَابه وَمر عَلَيْهِم ابْن حمام فَقَالَ: من هَؤُلَاءِ قَالُوا: رَسُول الله وَأَصْحَابه ينتظرون أَبَا سُفْيَان وَمن مَعَه من قُرَيْش فَقدم على قُرَيْش فَأخْبرهُم فأرعب أَبُو سُفْيَان وَرجع إِلَى مَكَّة وَانْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة بِنِعْمَة من الله وَفضل فَكَانَت تِلْكَ الْغَزْوَة تدعى غَزْوَة جَيش السويق وَكَانَت فِي شعْبَان سنة ثَلَاث وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله قذف فِي قلب أبي سُفْيَان الرعب يَوْم أحد بعد الَّذِي كَانَ مِنْهُ فَرجع إِلَى مَكَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَبَا سُفْيَان قد أصَاب مِنْكُم طرفا وَقد رَجَعَ وَقذف الله فِي قلبه الرعب وَكَانَت وقْعَة أحد فِي شوّال وَكَانَ التُّجَّار يقدمُونَ الْمَدِينَة فِي ذِي الْقعدَة فينزلون ببدر الصُّغْرَى فِي كل سنة مرّة وَأَنَّهُمْ قدمُوا بعد وقْعَة أحد وَكَانَ أصَاب الْمُؤمنِينَ الْقرح واشتكوا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم الَّذِي أَصَابَهُم وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ندب النَّاس لِيَنْطَلِقُوا مَعَه وَقَالَ: إِنَّمَا ترتحلون الْآن فَتَأْتُونَ الْحَج وَلَا تقدرون على مثلهَا حَتَّى عَام مقبل فجَاء الشَّيْطَان فخوف أولياءه فَقَالَ {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم} فَأبى النَّاس أَن يتبعوه فَقَالَ: إِنِّي ذَاهِب وَإِن لم يَتبعني أحد فَانْتدبَ مَعَه أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَعُثْمَان وَالزُّبَيْر وَسعد وَطَلْحَة وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعبد الله بن مَسْعُود وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح فِي سبعين رجلا فَسَارُوا فِي طلب أبي سُفْيَان فطلبوه حَتَّى بلغُوا الصَّفْرَاء فَأنْزل الله {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما رَجَعَ الْمُشْركُونَ عَن أحد قَالُوا: لَا مُحَمَّدًا قتلتم وَلَا الكواعب أردفتم بئْسَمَا صَنَعْتُم ارْجعُوا فَسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فندب الْمُسلمين فانتدبوا حَتَّى بلغ حَمْرَاء الْأسد أَو بِئْر أبي عنبة شكّ سُفْيَان فَقَالَ الْمُشْركُونَ: نرْجِع قَابل فَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت تعد غَزْوَة فَأنْزل الله {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول}

الْآيَة وَقد كَانَ أَبُو سُفْيَان قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَوْعدكُمْ موسم بدر حَيْثُ قتلتم أَصْحَابنَا فَأَما الجبان فَرجع وَأما الشجاع فَأخذ أهبة الْقِتَال وَالتِّجَارَة فَأتوهُ فَلم يَجدوا بِهِ أحدا وتسوقوا فَأنْزل الله {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر الصُّغْرَى وبهم الكلوم خَرجُوا لموعد أبي سُفْيَان فَمر بهم أَعْرَابِي ثمَّ مر بِأبي سُفْيَان وَأَصْحَابه وَهُوَ يَقُول: ونفرت من رفقتي مُحَمَّد وعجوة منثورة كالعنجد فَتَلقاهُ أَبُو سُفْيَان فَقَالَ: وَيلك مَا تَقول فَقَالَ: مُحَمَّد وَأَصْحَابه تَركتهم ببدر الصُّغْرَى فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: يَقُولُونَ ويصدقون ونقول وَلَا نصدق وَأصَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا من الْأَعْرَاب وانقلبوا قَالَ عِكْرِمَة: ففيهم أنزلت هَذِه الْآيَة {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} إِلَى قَوْله {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ إِن أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه أَصَابُوا من الْمُسلمين مَا أَصَابُوا وَرَجَعُوا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَبَا سُفْيَان قد رَجَعَ وَقد قذف الله فِي قلبه الرعب فَمن ينتدب فِي طلبه فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وأناس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتبعوهم فَبلغ أَبَا سُفْيَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَطْلُبهُ فلقي عيرًا من التُّجَّار فَقَالَ: ردوا مُحَمَّدًا وَلكم من الْجعل كَذَا وَكَذَا وأخبروهم أَنِّي قد جمعت لَهُم جموعاً وَإِنِّي رَاجع إِلَيْهِم فجَاء التُّجَّار فَأخْبرُوا بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حَسبنَا الله فَأنْزل الله {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ أخْبرت أَن أَبَا سُفْيَان لما رَاح هُوَ وَأَصْحَابه يَوْم أحد منقلبين قَالَ الْمُسلمُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهُم عامدون إِلَى الْمَدِينَة يَا رَسُول الله فَقَالَ: إِن ركبُوا الْخَيل وَتركُوا الأثقال فهم عامدوها وَإِن جَلَسُوا على الأثقال وَتركُوا الْخَيل فقد أرعبهم الله فليسوا بعامديها فَرَكبُوا الأثقال ثمَّ ندب أُنَاسًا يتبعونهم ليروا أَن بهم قوّة فاتبعوهم لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَنزلت {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن

جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة فِي قَوْله {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة قَالَت لعروة: يَا ابْن أُخْتِي كَانَ أَبَوَاك مِنْهُم: الزبير وَأَبُو بكر لما أصَاب نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أصَاب يَوْم أحد انْصَرف عَنهُ الْمُشْركُونَ خَافَ أَن يرجِعوا فَقَالَ: من يرجع فِي أَثَرهم فَانْتدبَ مِنْهُم سَبْعُونَ رجلا فيهم أَبُو بكر وَالزُّبَيْر فَخَرجُوا فِي آثَار الْقَوْم فَسَمِعُوا بهم فانصرفوا بِنِعْمَة من الله وَفضل قَالَ: لم يلْقوا عدوّاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِينَا ثَمَانِيَة عشر رجلا {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ يَوْم أحد السبت لِلنِّصْفِ من شوّال فَلَمَّا كَانَ الْغَد من يَوْم الْأَحَد لست عشرَة لَيْلَة مَضَت من شوّال أذن مُؤذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس بِطَلَب الْعَدو وَأذن مؤذنه أَن لَا يخْرجن مَعنا أحدا إِلَّا من حضر يَوْمنَا بالْأَمْس فَكَلمهُ جَابر عَن عبد الله فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن أبي كَانَ خلفني على أَخَوَات لي سبع وَقَالَ: يَا بني أَنه لَا يَنْبَغِي لي وَلَا لَك أَن نَتْرُك هَؤُلَاءِ النسْوَة لَا رجل فِيهِنَّ وَلست بِالَّذِي أوثرك بِالْجِهَادِ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نَفسِي فَتخلف على أخواتك فتخلفت عَلَيْهِنَّ فَأذن لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج مَعَه وَإِنَّمَا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترعيباً للعدوّ ليبلغهم أَنه خرج فِي طَلَبهمْ لِيَظُنُّوا بِهِ قوّة وَأَن الَّذِي أَصَابَهُم لم يُوهِنهُمْ من عدوهم وَأخرج ابْن إِسْحَق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي السَّائِب مولى عَائِشَة بنت عُثْمَان أَن رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بني عبد الْأَشْهَل كَانَ شهد أحدا قَالَ: شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحدا أَنا وَأَخ لي فرجعنا جريحين فَلَمَّا أذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْخرُوجِ فِي طلب الْعَدو قلت لأخي أَو قَالَ لي: تفوتنا غَزْوَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لنا من دَابَّة نركبها وَمَا منا إِلَّا جريح ثقيل فخرجنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكنت أيسر جرحا مِنْهُ فَكنت إِذا غلب حَملته عقبَة وَمَشى عقبَة حَتَّى انتهينا إِلَى مَا انْتهى إِلَيْهِ الْمُسلمُونَ فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى انْتهى إِلَى حَمْرَاء الْأسد وَهِي من الْمَدِينَة على ثَمَانِيَة أَمْيَال فَأَقَامَ بهَا ثَلَاثًا الْإِثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة فَنزل {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ عبد الله من {الَّذين اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُول} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح} قَالَ: الْجِرَاحَات وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ {من بعد مَا أَصَابَهُم الْقرح} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: افصلوا بَينهمَا قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا مِنْهُم وَاتَّقوا أجر عَظِيم الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لما نَدم أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه على الرُّجُوع عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَقَالُوا: ارْجعُوا فاستأصلوهم فقذف الله فِي قُلُوبهم الرعب فهزموا فَلَقوا أَعْرَابِيًا فَجعلُوا لَهُ جعلا فَقَالُوا لَهُ: إِن لقِيت مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فَأخْبرهُم أَنا قد جَمعنَا لَهُم فَأخْبر الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فطلبهم حَتَّى بلغ حَمْرَاء الْأسد فَلَقوا الْأَعرَابِي فِي الطَّرِيق فَأخْبرهُم الْخَبَر فَقَالُوا: {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} ثمَّ رجعُوا من حَمْرَاء الْأسد فَأنْزل الله فيهم وَفِي الْأَعرَابِي الَّذِي لَقِيَهُمْ {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ} الْآيَة وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أَبْزَى {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} قَالَ: أَبُو سُفْيَان قَالَ لقوم: إِن لَقِيتُم أَصْحَاب مُحَمَّد فَأَخْبرُوهُمْ أَنا قد جَمعنَا لَهُم جموعاً فَأَخْبرُوهُمْ فَقَالُوا {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اسْتقْبل أَبُو سُفْيَان فِي مُنْصَرفه من أحد عيرًا وَارِدَة الْمَدِينَة ببضاعة لَهُم وَبينهمْ وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جبال فَقَالَ: إِن لكم عليّ رضاكم إِن أَنْتُم رددتم عني مُحَمَّدًا وَمن مَعَه إِن أَنْتُم وجدتموه فِي طلبي أخبرتموه أَنِّي قد جمعت لَهُ جموعاً كَثِيرَة فاستقبلت العير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّد انا نخبرك أَن أَبَا سُفْيَان قد جمع لَك جموعاً كَثِيرَة وَأَنه مقبل إِلَى الْمَدِينَة وَإِن شِئْت أَن ترجع فافعل فَلم يزده ذَلِك وَمن مَعَه إِلَّا يَقِينا {وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} فَأنْزل الله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ انْطلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعصابة

من أَصْحَابه بَعْدَمَا انْصَرف أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه من أحد خَلفهم حَتَّى إِذا كَانُوا بِذِي الحليفة فَجعل الْأَعْرَاب وَالنَّاس يأْتونَ عَلَيْهِم فَيَقُولُونَ لَهُم: هَذَا أَبُو سُفْيَان مائل عَلَيْكُم بِالنَّاسِ فَقَالُوا {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} فَأنْزل الله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} الْآيَة قَالَ: إِن أَبَا سُفْيَان كَانَ أرسل يَوْم أحد أَو يَوْم الْأَحْزَاب إِلَى قُرَيْش وغَطَفَان وهوازن يستجيشهم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن مَعَه فَقيل: لَو ذهب نفر من الْمُسلمين فأتوكم بالْخبر فَذهب نفر حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْمَكَانِ الَّذِي ذكر لَهُم أَنهم فِيهِ لم يرَوا أحدا فَرَجَعُوا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى يَوْم أحد فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ} فَقَالَ {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} فَأنْزل الله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن أبي رَافع أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجه عليا فِي نفر مَعَه فِي طلب أبي سُفْيَان فَلَقِيَهُمْ أَعْرَابِي من خُزَاعَة فَقَالَ: إِن الْقَوْم قد جمعُوا لكم {وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} فَنزلت فيهم هَذِه الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم} قَالَ: هَذَا أَبُو سُفْيَان قَالَ لمُحَمد يَوْم أحد: مَوْعدكُمْ بدر حَيْثُ قتلتم أَصْحَابنَا فَقَالَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَسى فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لموعده حَتَّى نزل بَدْرًا فوافوا السُّوق فابتاعوا فَذَلِك قَوْله {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم سوء} وَهِي غَزْوَة بدر الصُّغْرَى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت بَدْرًا متجراً فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاعد أَبَا سُفْيَان أَن يلقاه بهَا فَلَقِيَهُمْ رجل فَقَالَ لَهُ: إِن بهما جمعا عَظِيما من الْمُشْركين فَأَما الجبان فَرجع وَأما الشجاع فَأخذ أهبة التِّجَارَة وأهبة الْقِتَال {وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} ثمَّ خَرجُوا حَتَّى جاؤوها فتسوّقوا بهَا وَلم يلْقوا أحدا فَنزلت {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس} إِلَى قَوْله {بِنِعْمَة من الله وَفضل} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَزَادَهُم إِيمَانًا} قَالَ: الإِيمان يزِيد وَينْقص

وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} قَالَهَا إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار وَقَالَهَا مُحَمَّد حِين قَالُوا {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ آخر قَول إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَقَالَ نَبِيكُم مثلهَا {الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: هِيَ الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَهِي الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا نَبِيكُم وَأَصْحَابه إِذْ قيل لَهُم {إِن النَّاس قد جمعُوا لكم فَاخْشَوْهُمْ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا وَقَعْتُمْ فِي الْأَمر الْعَظِيم فَقولُوا {حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الذّكر عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اشتدّ غمه مسح بِيَدِهِ على رَأسه ولحيته ثمَّ تنفس الصعداء وَقَالَ: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل وَأخرج أَبُو نعيم عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل أَمَان كل خَائِف وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ عشر كَلِمَات عِنْد كل صَلَاة غَدَاة وجد الله عِنْدهن مكفياً مجزياً: خمس للدنيا وَخمْس للآخرة: حسبي الله لديني حسبي الله لما أهمني حسبي الله لمن بغى عليّ حسبي الله لمن حسدني حسبي الله لمن كادني بِسوء حسبي الله عِنْد الْمَوْت حسبي الله عِنْد الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر حسبي الله عِنْد الْمِيزَان حسبي الله عِنْد الصِّرَاط حسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل} قَالَ {النِّعْمَة} أَنهم سلمُوا و {الْفضل} إِن عيرًا مرَّت وَكَانَ فِي أَيَّام الْمَوْسِم فاشتراها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فربح مَالا فَقَسمهُ بَين أَصْحَابه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ الْفضل مَا أَصَابُوا من التِّجَارَة وَالْأَجْر وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: أعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين خرج إِلَى غَزْوَة بدر الصُّغْرَى ببدر دَرَاهِم ابتاعوا بهَا من موسم بدر فَأَصَابُوا تِجَارَة فَذَلِك قَول الله {فانقلبوا بِنِعْمَة من الله وَفضل لم يمسسهم سوء} قَالَ: أما النِّعْمَة فَهِيَ الْعَافِيَة وَأما الْفضل فالتجارة وَالسوء الْقَتْل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لم يمسسهم سوء} قَالَ: لم يؤذهم أحد {وَاتبعُوا رضوَان الله} قَالَ: أطاعوا الله وَرَسُوله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ إِنَّمَا ذَلِكُم الشَّيْطَان يخوّفكم أولياءه وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {إِنَّمَا ذَلِكُم الشَّيْطَان يخوّف أولياءه} يَقُول: الشَّيْطَان يخوّف الْمُؤمنِينَ بأوليائه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِنَّمَا ذَلِكُم الشَّيْطَان يخوّف أولياءه} قَالَ: يخوّف الْمُؤمنِينَ بالكفار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {يخوّف أولياءه} قَالَ: يعظم أولياءه فِي أعينكُم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: تَفْسِيرهَا يخوّفكم بأوليائه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: يخوّف النَّاس أولياءه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك تخويف الشَّيْطَان وَلَا يخَاف الشَّيْطَان إِلَّا ولي الشَّيْطَان الْآيَتَانِ 176 - 177

176

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {وَلَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر} قَالَ: هم الْكفَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {إِن الَّذين اشْتَروا الْكفْر بالإِيمان} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ وَالله أعلم الْآيَة 178

178

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو بكر الْمروزِي فِي الْجَنَائِز وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا من نفس برة وَلَا فاجرة إِلَّا وَالْمَوْت خير لَهَا من الْحَيَاة إِن كَانَ برا فقد قَالَ الله {وَمَا عِنْد الله خير للأبرار} وَإِن كَانَ فَاجِرًا فقد قَالَ الله {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نملي لَهُم ليزدادوا إِثْمًا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: مَا من مُؤمن إِلَّا الْمَوْت خير لَهُ وَمَا من كَافِر إِلَّا الْمَوْت خير لَهُ فَمن لم يصدقني فَإِن الله يَقُول (ومَا عِنْد الله خير للأبرار) (آل عمرَان الْآيَة 198) {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نملي لَهُم ليزدادوا إِثْمًا وَلَهُم عَذَاب مهين} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: الْمَوْت خير للْكَافِرِ وَالْمُؤمن ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ثمَّ قَالَ: إِن الْكَافِر مَا عَاشَ كَانَ أَشد لعذابه يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي بَرزَة قَالَ: مَا أحد إِلَّا وَالْمَوْت خير لَهُ من الْحَيَاة فالمؤمن يَمُوت فيستريح وَأما الْكَافِر فقد قَالَ الله {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير} الْآيَة الْآيَة 179

179

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالُوا إِن كَانَ مُحَمَّد صَادِقا فليخبرنا بِمن يُؤمن بِهِ منا وَمن يكفر فَأنْزل الله {مَا كَانَ الله ليذر الْمُؤمنِينَ على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يَقُول للْكفَّار {مَا كَانَ الله ليذر الْمُؤمنِينَ على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} من الْكفْر {حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب} فيميز أهل السَّعَادَة من أهل الشقاوة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: يَقُول للْكفَّار لم يكن ليَدع الْمُؤمنِينَ على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ من الضَّلَالَة حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب فميز بَينهم فِي الْجِهَاد وَالْهجْرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: ميز بَينهم يَوْم أحد الْمُنَافِق من الْمُؤمن وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مَالك بن دِينَار أَنه قَرَأَ {حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب} مُخَفّفَة مَنْصُوبَة الْيَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الله ليطلعكم على الْغَيْب} قَالَ: وَلَا يَّطلع على الْغَيْب إِلَّا رَسُول وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَكِن الله يجتبي من رسله من يَشَاء} قَالَ: يختصهم لنَفسِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {يَجْتَبي} قَالَ: يستخلص الْآيَة 180

180

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب أَنهم بخلوا بِالْكتاب أَن يبينوه للنَّاس {سيطوّقون مَا بخلوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة} ألم تسمع أَنه قَالَ (يَبْخلُونَ ويأمرون النَّاس بالبخل) (النِّسَاء الْآيَة 37) يَعْنِي أهل الْكتاب يَقُول: يكتمون ويأمرون النَّاس بِالْكِتْمَانِ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} قَالَ: هم يهود وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} قَالَ: بخلوا أَن ينفقوها فِي سَبِيل الله وَلم يُؤدوا زَكَاتهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هم كَافِر وَمُؤمن بخل أَن ينْفق فِي سَبِيل الله وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من آتَاهُ الله مَالا فَلم يؤد زَكَاته مثل لَهُ شُجَاع أَقرع لَهُ زَبِيبَتَانِ يطوّقه يَوْم الْقِيَامَة فَيَأْخُذ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي شدقيه - فَيَقُول: أَنا مَالك أَنا كَنْزك ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من رجل لَا يُؤَدِّي زَكَاة مَاله إِلَّا مثل لَهُ يَوْم الْقِيَامَة شُجَاع أَقرع يفر مِنْهُ وَهُوَ يتبعهُ فَيَقُول: أَنا كَنْزك حَتَّى يطوّق فِي عُنُقه ثمَّ قَرَأَ علينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مصداقه من كتاب الله {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} الْآيَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن

مَسْعُود فِي قَوْله {سيطوّقون مَا بخلوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: من كَانَ لَهُ مَال لم يؤد زَكَاته طوقه الله يَوْم الْقِيَامَة شجاعاً أَقرع بِفِيهِ زَبِيبَتَانِ ينقر رَأسه حَتَّى يخلص إِلَى دماغه وَلَفظ الْحَاكِم ينهسه فِي قَبره فَيَقُول: مَا لي وَلَك فَيَقُول: أَنا مَالك الَّذِي بخلت بِي وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: يكون المَال على صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة شجاعاً أَقرع إِذا لم يُعْط حق الله مِنْهُ فيتبعه وَهُوَ يلوذ مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَابْن جرير عَن حجر بن بَيَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من ذِي رحم يَأْتِي ذَا رَحمَه فيسأله من فضل مَا أعطَاهُ الله إِيَّاه فيبخل عَلَيْهِ إِلَّا خرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة من جَهَنَّم شُجَاع يتلمظ حَتَّى يطوقه ثمَّ قَرَأَ {وَلَا يَحسبن الَّذين يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من فَضله} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُعَاوِيَة بن حيدة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يَأْتِي الرجل مَوْلَاهُ فيسأله من فضل مَال عِنْده فيمنعه إِيَّاه إِلَّا دعى لَهُ يَوْم الْقِيَامَة شُجَاع يتلمظ فَضله الَّذِي منع وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جرير بن عبد الله البَجلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من ذِي رحم يَأْتِي ذَا رَحمَه فيسأله فضلا أعطَاهُ الله إِيَّاه فيبخل عَلَيْهِ إِلَّا أخرج الله لَهُ حَيَّة من جَهَنَّم يُقَال لَهَا شُجَاع يتلمظ فيطوّق بِهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يُؤْتى بِصَاحِب المَال الَّذِي أطَاع الله فِيهِ وَمَاله بَين يَدَيْهِ كلما تكفأ بِهِ الصِّرَاط قَالَ لَهُ مَاله: أمض فقد أدّيت حق الله فيّ ثمَّ يُجاء بِصَاحِب المَال الَّذِي لم يطع الله فِيهِ وَمَاله بَين كَتفيهِ كلما تكفأ بِهِ الصِّرَاط قَالَ لَهُ مَاله: وَيلك أَلا أدّيت حق الله فيّ فَمَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل يرزقه الله المَال فَيمْنَع قرَابَته الْحق الَّذِي جعله الله لَهُم فِي مَاله فَيجْعَل حَيَّة فيطوقها فَيَقُول للحية: مَا لي وَلَك فَتَقول: أَنا مَالك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله {سيطوّقون مَا بخلوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: طوقاً من نَار

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {سيطوّقون مَا بخلوا بِهِ} قَالَ: سيكلفون أَن يَأْتُوا بِمثل مَا بخلوا بِهِ من أَمْوَالهم يَوْم الْقِيَامَة الْآيَتَانِ 181 - 182

181

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دخل أَبُو بكر بَيت الْمِدْرَاس فَوجدَ يهود قد اجْتَمعُوا إِلَى رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ فنحَاص وَكَانَ من عُلَمَائهمْ وَأَحْبَارهمْ فَقَالَ أَبُو بكر: وَيلك يَا فنحَاص اتَّقِ الله وَأسلم فوَاللَّه أَنَّك لتعلم أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله تجدونه مَكْتُوبًا عنْدكُمْ فِي التَّوْرَاة فَقَالَ فنخاص: وَالله يَا أَبَا بكر مَا بِنَا إِلَى الله من فقر وَإنَّهُ إِلَيْنَا لفقير وَمَا نَتَضَرَّع إِلَيْهِ كَمَا يتَضَرَّع إِلَيْنَا وَإِنَّا عَنهُ لأغنياء وَلَو كَانَ غَنِيا عَنَّا مَا اسْتقْرض منا كَمَا يزْعم صَاحبكُم يَنْهَاكُم عَن الرِّبَا وَيُعْطِينَا وَلَو كَانَ غَنِيا عَنَّا مَا أَعْطَانَا الرِّبَا فَغَضب أَبُو بكر فَضرب وَجه فنحَاص ضَرْبَة شَدِيدَة وَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبَيْنك لضَرَبْت عُنُقك يَا عدوّ الله فَذهب فنحَاص إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد انْظُر مَا صنع صَاحبك بِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر مَا حملك على مَا صنعت قَالَ: يَا رَسُول الله قَالَ قولا عَظِيما: يزْعم أَن الله فَقير وَأَنَّهُمْ عَنهُ أَغْنِيَاء فَلَمَّا قَالَ ذَلِك غضِبت لله مِمَّا قَالَ فَضربت وَجهه فَجحد فنحَاص فَقَالَ: مَا قلت ذَلِك فَأنْزل الله فِيمَا قَالَ فنحَاص تَصْدِيقًا لأبي بكر {لقد سمع الله قَول الَّذين قَالُوا إِن الله فَقير} الْآيَة وَنزل فِي أبي بكر وَمَا بلغه فِي ذَلِك من الْغَضَب (ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا أَذَى كثيرا ) (آل عمرَان الْآيَة 186) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن عِكْرِمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا

بكر إِلَى فنحَاص الْيَهُودِيّ يستمده وَكتب إِلَيْهِ وَقَالَ لأبي بكر: لَا تفتت عليّ بِشَيْء حَتَّى ترجع إليَّ فَلَمَّا قَرَأَ فنحَاص الْكتاب قَالَ: قد احْتَاجَ ربكُم قَالَ أَبُو بكر فهممت أَن أمده بِالسَّيْفِ ثمَّ ذكرت قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تفتت عليّ بِشَيْء فَنزلت {لقد سمع الله قَول الَّذين قَالُوا} الْآيَة وَقَوله (ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ) (آل عمرَان الْآيَة 186) وَمَا بَين ذَلِك فِي يهود بني قينقاع وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {لقد سمع الله قَول الَّذين قَالُوا إِن الله فَقير} قَالَهَا فنحَاص الْيَهُودِيّ من بني مرْثَد لقِيه أَبُو بكر فَكَلمهُ فَقَالَ لَهُ: يَا فنحَاص اتَّقِ الله وآمن وَصدق وأقرض الله قرضا حسنا فَقَالَ فنحَاص: يَا أَبَا بكر تزْعم أَن رَبنَا غَنِي وتستقرضنا لأموالنا وَمَا يستقرض إِلَّا الْفَقِير من الْغَنِيّ إِن كَانَ مَا تَقول حَقًا فَإِن الله إِذن لفقير فَأنْزل الله هَذَا فَقَالَ أَبُو بكر: فلولا هدنة كَانَت بَين بني مرْثَد وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقتلته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: صك أَبُو بكر رجلا مِنْهُم {الَّذين قَالُوا إِن الله فَقير وَنحن أَغْنِيَاء} لم يستقرضنا وَهُوَ غَنِي وهم يهود وَأخرج ابْن جرير عَن شبْل فِي الْآيَة قَالَ: بَلغنِي أَنه فنحَاص الْيَهُودِيّ وَهُوَ الَّذِي قَالَ (إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة) (الْمَائِدَة الْآيَة 73) و (يَد الله مغلولة) (الْمَائِدَة الْآيَة 64) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَت الْيَهُود مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أنزل الله (من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا) (الْبَقَرَة الْآيَة 245) فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أفقير رَبنَا يسْأَل عباده الْقَرْض فَأنْزل الله {لقد سمع الله قَول الَّذين قَالُوا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لقد سمع الله} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا نزلت فِي حييّ بن أَخطب لما نزلت (من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ أضعافاً كَثِيرَة) (الْبَقَرَة الْآيَة 245) قَالَ: يستقرضنا رَبنَا إِنَّمَا يستقرض الْفَقِير الْغَنِيّ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْعَلَاء بن بدر أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وقتلهم الْأَنْبِيَاء بِغَيْر حق} وهم لم يدركوا ذَلِك قَالَ: بِمُوَالَاتِهِمْ من قتل أَنْبيَاء الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {ونقول ذوقوا عَذَاب الْحَرِيق} قَالَ: بَلغنِي أَنه يحرق أحدهم فِي الْيَوْم سبعين ألف مرّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن الله لَيْسَ بظلام للعبيد} قَالَ: مَا أَنا بمعذب من لم يجترم الْآيَات 183 - 185

183

أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حَتَّى يأتينا بقربان تَأْكُله النَّار} قَالَ: يتَصَدَّق الرجل منا فَإِذا تقبل مِنْهُ أنزلت عَلَيْهِ نَار من السَّمَاء فأكلته وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: كَانَ من قبلنَا من الْأُمَم يقرب أحدهم القربان فَتخرج النَّاس فَيَنْظُرُونَ أيتقبل مِنْهُم أم لَا فَإِن تقبل مِنْهُم جَاءَت نَار بَيْضَاء من السَّمَاء فَأكلت مَا قرب وَإِن لم يتَقَبَّل لم تأت النَّار فَعرف النَّاس أَن لم يقبل مِنْهُم فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا سَأَلَهُ أهل الْكتاب أَن يَأْتِيهم بقربان {قل قد جَاءَكُم رسل من قبلي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} القربان {فلمَ قَتَلْتُمُوهُمْ} يعيرهم بكفرهم قبل الْيَوْم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {الَّذين قَالُوا إِن الله عهد} الْآيَة قَالَ هم الْيَهُود قَالُوا لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَتَيْتنَا بقربان تَأْكُله النَّار صدقناك وَإِلَّا فلست بِنَبِي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِن الرجل يشْتَرك فِي

دم الرجل وَقد قتل قبل أَن يُولد ثمَّ قَرَأَ الشّعبِيّ {قل قد جَاءَكُم رسل من قبلي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلم قَتَلْتُمُوهُمْ} فجعلهم هم الَّذين قتلوهم وَلَقَد قتلوا قبل أَن يولدوا بسبعمائة عَام وَلَكِن قَالُوا قتلوا بِحَق وَسنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {الَّذين قَالُوا إِن الله عهد إِلَيْنَا} الْآيَة قَالَ: كذبُوا على الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَلَاء بن بدر قَالَ: كَانَت رسل تَجِيء بِالْبَيِّنَاتِ ورسل عَلامَة نبوتهم أَن يضع أحدهم لحم الْبَقر على يَده فتجيء نَار من السَّمَاء فتأكله فَأنْزل الله {قد جَاءَكُم رسل من قبلي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَإِن كَذبُوك} قَالَ: الْيَهُود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فقد كذبت رسل من قبلك} قَالَ: يعزي نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ عَن أَصْحَابه فِي قَوْله {بِالْبَيِّنَاتِ} قَالَ: الْحَرَام والحلال {والزبر} قَالَ: كتب الْأَنْبِيَاء {وَالْكتاب الْمُنِير} قَالَ: هُوَ الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {والزبر وَالْكتاب الْمُنِير} قَالَ: يُضَاعف الشَّيْء وَهُوَ وَاحِد قَوْله تَعَالَى: {كل نفس ذائقة الْمَوْت} الْآيَة أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لما توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاءَت التَّعْزِيَة جَاءَهُم آتٍ يسمعُونَ حسه وَلَا يرَوْنَ شخصه فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الْبَيْت وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته {كل نفس ذائقة الْمَوْت وَإِنَّمَا توفون أجوركم يَوْم الْقِيَامَة} إِن فِي الله عزاء من كل مُصِيبَة وخلفاً من كل هَالك ودركاً من كل مَا فَاتَ فبالله فثقوا وإياه فأرجوا فَإِن الْمُصَاب من حرم الثَّوَاب فَقَالَ عَليّ: هَذَا الْخضر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَابْن حبَان وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن مَوضِع سَوط فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا واقرؤوا إِن شِئْتُم {فَمن زحزح عَن النَّار وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لموْضِع سَوط

أحدكُم فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {فَمن زحزح عَن النَّار وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ} وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لغدوة أَو رَوْحَة فِي سَبِيل الله خير من الدُّنْيَا بِمَا عَلَيْهَا وَلَقَاب قَوس أحدهم فِي الْجنَّة خير من الدُّنْيَا بِمَا عَلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع قَالَ: إِن آخر من يدْخل الْجنَّة يعْطى من النُّور بِقدر مَا دَامَ يحبو فَهُوَ فِي النُّور حَتَّى تجَاوز الصِّرَاط فَذَلِك قَوْله {فَمن زحزح عَن النَّار وَأدْخل الْجنَّة فقد فَازَ} وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أحب أَن يزحزح عَن النَّار وَأَن يدْخل الْجنَّة فلتدركه منيته وَهُوَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وليأت إِلَى النَّاس مَا يحب أَن يُؤْتى إِلَيْهِ وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {فقد فَازَ} قَالَ سعد: وَنَجَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عبد الله بن رَوَاحَة: وَعَسَى أَن أفوز ثمت ألْقى حجَّة اتَّقى بهَا الفتانا وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط فِي قَوْله {وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور} قَالَ: كزاد الرَّاعِي يزوده الْكَفّ من التَّمْر أَو الشَّيْء من الدَّقِيق يشرب عَلَيْهِ اللَّبن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور} قَالَ: هِيَ مَتَاع مَتْرُوك أوشكت وَالله أَن تضمحل عَن أَهلهَا فَخُذُوا من هَذَا الْمَتَاع طَاعَة الله إِن اسْتَطَعْتُم وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه الْآيَة 186

186

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {لتبلون} الْآيَة قَالَ: أعلم الله الْمُؤمنِينَ أَنه سيبتليهم فَينْظر كَيفَ صبرهم على دينهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله {ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} قَالَ: هُوَ كَعْب بن الْأَشْرَف وَكَانَ يحرض الْمُشْركين على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فِي شعره ويهجو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج {ولتسمعن من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَكَانَ الْمُسلمُونَ يسمعُونَ من الْيَهُود قَوْلهم: عُزَيْر ابْن الله وَمن النَّصَارَى قَوْلهم: الْمَسِيح ابْن الله وَكَانَ الْمُسلمُونَ ينصبون لَهُم الْحَرْب ويسمعون إشراكهم بِاللَّه {وَإِن تصبروا وتتقوا فَإِن ذَلِك من عزم الْأُمُور} قَالَ: من القوّة مِمَّا عزم الله عَلَيْهِ وأمركم بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَإِن تصبروا وتتقوا} الْآيَة قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ أَن يصبروا على من آذاهم رغم أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: يَا أَصْحَاب مُحَمَّد لَسْتُم على شَيْء نَحن أولى مِنْكُم أَنْتُم ضلال فَأمروا أَن يمضوا ويصبروا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {إِن ذَلِك من عزم الْأُمُور} يَعْنِي هَذَا الصَّبْر على الْأَذَى فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر {من عزم الْأُمُور} يَعْنِي من حق الْأُمُور الَّتِي أَمر الله تَعَالَى الْآيَة 187

187

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس} إِلَى قَوْله {عَذَاب أَلِيم} يَعْنِي فنحَاص وَأشيع وإشباههما من الْأَحْبَار

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس} قَالَ: كَانَ أَمرهم أَن يتبعوا النَّبِي الْأُمِّي الَّذِي يُؤمن بِاللَّه وكلماته وَقَالَ: واتبعوه لَعَلَّكُمْ تهتدون فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا قَالَ (وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم) (الْبَقَرَة الْآيَة 40) عاهدهم على ذَلِك فَقَالَ حِين بعث مُحَمَّدًا: صدقوه وتلقون عِنْدِي الَّذِي أَحْبَبْتُم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَلْقَمَة بن وَقاص عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل أَن الإِسلام دين الله الَّذِي افترضه على عباده وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل فينبذونه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب} قَالَ: الْيَهُود {لتبيننه للنَّاس} قَالَ: مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله أَخذ مِيثَاق الْيَهُود لتبينن للنَّاس مُحَمَّدًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مِيثَاق أَخذه الله على أهل الْعلم فَمن علم علما فليعلمه للنَّاس وَإِيَّاكُم وكتمان الْعلم فَإِن كتمان الْعلم هلكة وَلَا يتكلفن رجل مَا لَا علم لَهُ بِهِ فَيخرج من دين الله فَيكون من المتكلفين كَانَ يَقُول مثل علم لَا يُقَال بِهِ كَمثل كنز لَا ينْتَفع بِهِ وَمثل حِكْمَة لَا تخرج كَمثل صنم قَائِم لَا يَأْكُل وَلَا يشرب وَكَانَ يُقَال فِي الْحِكْمَة: طُوبَى لعالم نَاطِق وطوبى لمستمع واع هَذَا رجل عَلِمَ عِلماً فَعَلَّمَه وبذله ودعا إِلَيْهِ وَرجل سمع خيرا فحفظه ووعاه وانتفع بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى قوم فِي الْمَسْجِد وَفِيه عبد الله بن مَسْعُود فَقَالَ: إِن أَخَاكُم كَعْبًا يقرؤكم السَّلَام ويبشركم أَن هَذِه الْآيَة لَيست فِيكُم {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس وَلَا تكتمونه} فَقَالَ لَهُ عبد الله: وَأَنت فاقرئه السَّلَام أَنَّهَا نزلت وَهُوَ يَهُودِيّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أَن أَصْحَاب عبد الله يقرؤون وَإِذ أَخذ رَبك من الَّذين أُوتُوا الْكتاب ميثاقهم

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَنه كَانَ يُفَسر قَوْله {لتبيننه للنَّاس وَلَا تكتمونه} ليتكلمن بِالْحَقِّ وليصدقنه بِالْعَمَلِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {فنبذوه وَرَاء ظُهُورهمْ} قَالَ إِنَّهُم قد كَانُوا يقرؤونه وَلَكنهُمْ نبذوا الْعَمَل بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {فنبذوه} قَالَ: نبذوا الْمِيثَاق وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {واشتروا بِهِ ثمنا قَلِيلا} أخذُوا طعما وكتموا اسْم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كتموا وَبَاعُوا فَلم يبدوا شَيْئا إِلَّا بِثمن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فبئس مَا يشْتَرونَ} قَالَ: تَبْدِيل يهود التَّوْرَاة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لَوْلَا مَا أَخذ الله على أهل الْكتاب مَا حدثتكم وتلا {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس وَلَا تكتمونه} وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن قَالَ لَوْلَا الْمِيثَاق الَّذِي أَخذه الله على أهل الْعلم مَا حدثتكم بِكَثِير مِمَّا تسْأَلُون عَنهُ الْآيَتَانِ 188 - 189

188

أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن مَرْوَان قَالَ لبوّابه: اذْهَبْ يَا رَافع إِلَى ابْن عَبَّاس فَقل لَهُ: لَئِن كَانَ كل امرىء منا فَرح بِمَا أَتَى وَأحب أَن يحمد بِمَا لم يفعل معذباً لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعِينَ فَقَالَ ابْن عَبَّاس مَا لكم ولهذه الْآيَة إِنَّمَا أنزلت هَذِه فِي أهل الْكتاب ثمَّ تَلا ابْن عَبَّاس {وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس} آل عمرَان الْآيَة 187 الْآيَة وتلا {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} الْآيَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس: سَأَلَهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن

شَيْء فَكَتَمُوهُ إِيَّاه وَأَخْبرُوهُ بِغَيْرِهِ فَخَرجُوا وَقد أروه أَن قد أَخْبرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنهُ وَاسْتحْمدُوا بذلك إِلَيْهِ وفرحوا بِمَا أَتَوا من كتمان مَا سَأَلَهُمْ عَنهُ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجَالًا من الْمُنَافِقين كَانُوا إِذا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْغَزْو تخلفوا عَنهُ وفرحوا بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْغَزْو اعتذروا إِلَيْهِ وحلفوا وأحبوا أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا فَنزلت {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن زيد بن أسلم أَن رَافع بن خديج وَزيد بن ثَابت كَانَا عِنْد مَرْوَان وَهُوَ أَمِير بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ مَرْوَان: يَا رَافع فِي أَي شَيْء نزلت هَذِه الْآيَة {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} قَالَ رَافع: أنزلت فِي نَاس من الْمُنَافِقين كَانُوا إِذا خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعتذروا وَقَالُوا: مَا حبسنا عَنْكُم إِلَّا الشّغل فلوددنا أَنا كُنَّا مَعكُمْ فَأنْزل الله فيهم هَذِه الْآيَة فَكَأَن مَرْوَان أنكر ذَلِك فجزع رَافع من ذَلِك فَقَالَ لزيد ين ثَابت: أنْشدك بِاللَّه هَل تعلم مَا أَقُول قَالَ: نعم فَلَمَّا خرجا من عِنْد مَرْوَان قَالَ لَهُ زيد: أَلا تحمدني شهِدت لَك قَالَ: أحمدك أَن تشهد بِالْحَقِّ قَالَ: نعم قد حمد الله على الْحق أَهله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ يَقُولُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو قد خرجت لخرجنا مَعَك فَإِذا خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تخلفوا وكذبوا ويفرحون بذلك ويرون أَنَّهَا حِيلَة احْتَالُوا بهَا وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي فنحَاص وَأشيع وأشباههما من الْأَحْبَار الَّذين يفرحون بِمَا يصيبون من الدُّنْيَا على مَا زَينُوا للنَّاس من الضَّلَالَة {وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} أَن يَقُول لَهُم النَّاس عُلَمَاء وَلَيْسوا بِأَهْل علم لم يحملوهم على هدى وَلَا خير وَيُحِبُّونَ أَن يَقُول لَهُم النَّاس قد فعلوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: هم أهل الْكتاب أنزل الله عَلَيْهِم الْكتاب فحكموا بِغَيْر الْحق وحرفوا الْكَلم عَن موَاضعه وفرحوا بذلك وأحبوا أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا فرحوا أَنهم كفرُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا أنزل الله إِلَيْهِ وهم يَزْعمُونَ أَنهم يعْبدُونَ الله وَيَصُومُونَ وَيصلونَ

ويطيعون الله فَقَالَ الله لمُحَمد {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} كفرُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَفرُوا بِاللَّه وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا من الصَّلَاة وَالصَّوْم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: إِن الْيَهُود كتب بَعضهم إِلَى بعض: أَن مُحَمَّدًا لَيْسَ بِنَبِي فَأَجْمعُوا كلمتكم وتمسكوا بدينكم وَكِتَابكُمْ الَّذِي مَعكُمْ فَفَعَلُوا فَفَرِحُوا بذلك وفرحوا باجتماعهم على الْكفْر بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كتموا اسْم مُحَمَّد فَفَرِحُوا بذلك حِين اجْتَمعُوا عَلَيْهِ وَكَانُوا يزكون أنفسهم فَيَقُولُونَ: نَحن أهل الصّيام وَأهل الصَّلَاة وَأهل الزَّكَاة وَنحن على دين إِبْرَاهِيم فَأنْزل الله فيهم {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} من كتمان مُحَمَّد {وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} أَحبُّوا أَن تحمدهم الْعَرَب بِمَا يزكون بِهِ أنفسهم وَلَيْسوا كَذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} قَالَ: بكتمانهم مُحَمَّدًا {وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} قَالَ: هُوَ قَوْلهم نَحن على دين إِبْرَاهِيم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: يهود فرحوا بإعجاب النَّاس بتبديلهم الْكتاب وحمدهم إيَّاهُم عَلَيْهِ وَلَا تملك يهود ذَلِك وَلنْ تَفْعَلهُ وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود يفرحون بِمَا آتى الله إِبْرَاهِيم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن يهود خَيْبَر أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزعموا أَنهم راضون بِالَّذِي جَاءَ بِهِ وَأَنَّهُمْ متابعوه وهم متمسكون بضلالتهم وَأَرَادُوا أَن يحمدهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا لم يَفْعَلُوا فَأنْزل الله {لَا تحسبن الَّذين يفرحون} الْآيَة وَأخرج عبد الزراق وَابْن جرير من وَجه آخر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: إِن أهل خَيْبَر أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَقَالُوا: إِنَّا على رَأْيكُمْ وَإِنَّا لكم ردء فأكذبهم الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: إِن الْيَهُود من أهل خَيْبَر قدمُوا

على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالُوا: قد قبلنَا الدّين ورضينا بِهِ فأحبوا أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا وَأخرج مَالك وَابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن ثَابت أَن ثَابت بن قيس قَالَ: يَا رَسُول الله لقد خشيت أَن أكون قد هَلَكت قَالَ: لمَ قَالَ: نَهَانَا الله أَن نحب أَن نحمد بِمَا لم نَفْعل وأجدني أحب الْحَمد ونهانا عَن الْخُيَلَاء وأجدني أحب الْجمال ونهانا أَن نرفع صوتنا فَوق صَوْتك وَأَنا رجل جهير الصَّوْت فَقَالَ: يَا ثَابت أَلا ترْضى أَن تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا وَتدْخل الْجنَّة فَعَاشَ حميدا وَقتل شَهِيدا يَوْم مسليمة الْكذَّاب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مُحَمَّد بن ثَابت قَالَ: حَدثنِي ثَابت بن قيس بن شماس قَالَ قلت: يَا رَسُول الله لقد خشيت فَذكره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجال عباد فُقَهَاء فأدخلتهم الْمُلُوك فرخصوا لَهُم وأعطواهم فَخَرجُوا وهم فَرِحُونَ بِمَا أخذت الْمُلُوك من قَوْلهم وَمَا أعْطوا فَأنْزل الله {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} قَالَ: نَاس من الْيَهُود جهزوا جَيْشًا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَحْنَف بن قيس أَن رجلا قَالَ لَهُ: أَلا تميل فنحملك على ظهر قَالَ: لَعَلَّك من العراضين قَالَ: وَمَا العراضون قَالَ: الَّذين {وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} إِذا عرض لَك الْحق فاقصد لَهُ واله عَمَّا سواهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن يعمر فَلَا يحسبنهم يَعْنِي أنفسهم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ فَلَا يحسبنهم على الْجِمَاع بِكَسْر السِّين وَرفع الْبَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {بمفازة} قَالَ بمنجاة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد مثله الْآيَة 190

190

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَت قُرَيْش الْيَهُود فَقَالُوا: مَا جَاءَكُم مُوسَى من الْآيَات قَالُوا: عَصَاهُ وَيَده بَيْضَاء للناظرين وَأتوا النَّصَارَى فَقَالُوا: كَيفَ كَانَ عِيسَى فِيكُم قَالُوا: كَانَ يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الْمَوْتَى فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: ادْع لنا رَبك يَجْعَل لنا الصَّفَا ذَهَبا فَدَعَا ربه فَنزلت {إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لآيَات لأولي الْأَلْبَاب} فليتفكروا فِيهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بتّ عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة فَنَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى انتصف اللَّيْل أَو قبله بِقَلِيل أَو بعده بِقَلِيل ثمَّ اسْتَيْقَظَ فَجعل يمسح النّوم عَن وَجهه بِيَدِهِ ثمَّ قَرَأَ الْعشْر آيَات الْأَوَاخِر من سُورَة آل عمرَان حَتَّى ختم وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم فِي الكنى وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجم الصَّحَابَة عَن صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ قَالَ: كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فرهقت صلَاته لَيْلَة فصلى الْعشَاء الْآخِرَة ثمَّ نَام فَلَمَّا كَانَ نصف اللَّيْل اسْتَيْقَظَ فَتلا الْآيَات الْعشْر آخر سُورَة آل عمرَان ثمَّ تسوّك ثمَّ تَوَضَّأ فصلى إِحْدَى عشرَة رَكْعَة الْآيَة 191

191

أخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُنَادي مُنَاد يَوْم الْقِيَامَة أَيْن أولُوا الْأَلْبَاب قَالُوا: أَي أولُوا الْأَلْبَاب تُرِيدُ قَالَ {الَّذين يذكرُونَ الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنُوبهم ويتفكرون فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض رَبنَا مَا خلقت هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فقنا عَذَاب النَّار} عقد لَهُم لِوَاء فَاتبع الْقَوْم لواءهم وَقَالَ لَهُم: ادخلوها خَالِدين وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن

ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {الَّذين يذكرُونَ الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنُوبهم} قَالَ: إِنَّمَا هَذَا فِي الصَّلَاة إِذا لم يسْتَطع قَائِما فقاعدا وَإِن لم يسْتَطع قَاعِدا فعلى جنبه وَأخرج الْحَاكِم عَن عمرَان بن حُصَيْن أَنه كَانَ بِهِ البواسير فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُصَلِّي على جنب وَأخرج البُخَارِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: كَانَت بِي بواسير فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فَقَالَ صل قَائِما فَإِن لم تستطع فقاعداً فَإِن لم تستطع فعلى جنب وَأخرج البُخَارِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَلَاة الرجل وَهُوَ قَاعد فَقَالَ من صلى قَائِما فَهُوَ أفضل وَمن صلى قَاعِدا فَلهُ نصف أجر الْقَائِم وَمن صلى نَائِما فَلهُ نصف أجر الْقَاعِد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ ذكر الله فِي الصَّلَاة وَفِي غير الصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {الَّذين يذكرُونَ الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنُوبهم} قَالَ: هَذِه حالاتك كلهَا يَا ابْن آدم اذكر الله وَأَنت قَائِم فَإِن لم تستطع فاذكره جَالِسا فَإِن لم تستطع فاذكره وَأَنت على جَنْبك يسر من الله وَتَخْفِيف وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا يكون عبد من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا حَتَّى يذكر الله قَائِما وَقَاعِدا ومضطجعاً قَوْله تَعَالَى {ويتفكرون} الْآيَة أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن عبد الله ابْن سَلام قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ أَصْحَابه وهم يتفكرون فَقَالَ: لَا تَفَكَّرُوا فِي الله وَلَكِن تَفَكَّرُوا فِيمَا خلق وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التفكر والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قوم يتفكرون فَقَالَ: تَفَكَّرُوا فِي الْخلق وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الْخَالِق وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عُثْمَان بن أبي دهرين قَالَ بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى إِلَى أَصْحَابه وهم سكُوت لَا يَتَكَلَّمُونَ فَقَالَ: مَا لكم لَا تتكلمون قَالُوا: نتفكر فِي خلق الله قَالَ: كَذَلِك فافعلوا تَفَكَّرُوا فِي خلقه وَلَا تَفَكَّرُوا فِيهِ

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تَفَكَّرُوا فِي آلَاء الله وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الله وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تَفَكَّرُوا فِي خلق الله وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تَفَكَّرُوا فِي كل شَيْء وَلَا تَفَكَّرُوا فِي ذَات الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التفكر وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن مرْدَوَيْه والأصبهاني فِي التَّرْغِيب وَابْن عَسَاكِر عَن عَطاء قَالَ قلت لعَائِشَة أَخْبِرِينِي بِأَعْجَب مَا رَأَيْت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: وَأي شَأْنه لم يكن عجبا إِنَّه أَتَانِي لَيْلَة فَدخل معي فِي لِحَافِي ثمَّ قَالَ: ذَرِينِي أَتَعبد لرَبي فَقَامَ فَتَوَضَّأ ثمَّ قَامَ يُصَلِّي فَبكى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعه على صَدره ثمَّ ركع فَبكى ثمَّ سجد فَبكى ثمَّ رفع رَأسه فَبكى فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى جَاءَ بِلَال فآذنه بِالصَّلَاةِ فَقلت: يَا رَسُول الله مَا يبكيك وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا وَلم لَا أفعل وَقد أنزل عَليّ هَذِه اللَّيْلَة {إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لآيَات لأولي الْأَلْبَاب} إِلَى قَوْله {سُبْحَانَكَ فقنا عَذَاب النَّار} ثمَّ قَالَ: ويل لمن قَرَأَهَا وَلم يتفكر فِيهَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي التفكر عَن سُفْيَان رفْعَة قَالَ من قَرَأَ سُورَة آل عمرَان فَلم يتفكر فِيهَا ويله فعد بأصابعه عشرا قيل للأوزاعي: مَا غَايَة التفكر فِيهِنَّ قَالَ: يقرؤهن وَهُوَ يعقلهن وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَامر بن عبد قيس قَالَ: سَمِعت غير وَاحِد وَلَا اثْنَيْنِ وَلَا ثَلَاثَة من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ: إِن ضِيَاء الْإِيمَان أَو نور الْإِيمَان التفكر وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عون قَالَ: سَأَلت أم الدَّرْدَاء مَا كَانَ أفضل عبَادَة أبي الدَّرْدَاء قَالَت: التفكر والإعتبار وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تفكر سَاعَة خير من قيام لَيْلَة وَأخرج ابْن سعد عَن أبي الدَّرْدَاء مثله وَأخرج الديلمي عَن أنس مَرْفُوعا مثله

وَأخرج الديلمي من وَجه آخر مَرْفُوعا عَن أنس تفكر سَاعَة فِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار خير من عبَادَة ثَمَانِينَ سنة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فكرة سَاعَة خير من عبَادَة سِتِّينَ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بَيْنَمَا رجل مستلق ينظر إِلَى السَّمَاء وَإِلَى النُّجُوم فَقَالَ: وَالله إِنِّي لأعْلم أَن لَك خَالِقًا وَربا اللَّهُمَّ اغْفِر لي فَنظر الله إِلَيْهِ فغفر لَهُ الْآيَات 192 - 194

192

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء وَابْن عَبَّاس أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: اسْم الله الْأَكْبَر رب رب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس فِي قَوْله {من تدخل النَّار فقد أخزيته} قَالَ: من تخلد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {رَبنَا إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته} قَالَ: هَذِه خَاصَّة لمن لَا يخرج مِنْهَا وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: قدم علينا جَابر بن عبد الله فِي عمْرَة فانتهيت إِلَيْهِ أَنا وَعَطَاء فَقلت (وَمَا هم بِخَارِجِينَ من النَّار) (الْبَقَرَة الْآيَة 167) قَالَ: أَخْبرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم الْكفَّار قلت لجَابِر: فَقَوله {إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته} قَالَ: وَمَا أَخْزَاهُ حِين أحرقه بالنَّار وَإِن دون ذَلِك خزياً

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {منادياً يُنَادي للْإيمَان} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ {سمعنَا منادياً يُنَادي للْإيمَان} قَالَ: هوالقرآن لَيْسَ كل النَّاس يسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: سمعُوا دَعْوَة من الله فأجابوها وأحسنوا فِيهَا: وصبروا عَلَيْهَا ينبئكم الله عَن مُؤمن الْأنس كَيفَ قَالَ وَعَن مُؤمن الْجِنّ كَيفَ قَالَ فَأَما مُؤمن الْجِنّ فَقَالَ (إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا يهدي إِلَى الرشد فَآمَنا بِهِ وَلنْ نشْرك بربنا أحدا) (الْجِنّ الْآيَة 1) وَأما مُؤمن الْأنس فَقَالَ {رَبنَا إننا سمعنَا منادياً يُنَادي للْإيمَان أَن آمنُوا بربكم فَآمَنا رَبنَا فَاغْفِر لنا ذنوبنا وكفِّر عَنَّا سيئاتنا وتوفنا مَعَ الْأَبْرَار} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج {رَبنَا وآتنا مَا وعدتنا على رسلك} قَالَ: ستنجزون موعد الله على رسله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تخزنا يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: لَا تفضحنا {إِنَّك لَا تخلف الميعاد} قَالَ: ميعاد من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله {فَاسْتَجَاب لَهُم رَبهم أَنِّي لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم} قَالَ: أهل لَا إِلَه إِلَّا الله أهل التَّوْحِيد وَالْإِخْلَاص لَا أخزيهم يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْعَار والتخزية يبلغ من ابْن آدم يَوْم الْقِيَامَة فِي الْمقَام بَين يَدي الله مَا يتَمَنَّى العَبْد أَن يُؤمر بِهِ إِلَى النَّار وَأخرج أَبُو بكر الشَّافِعِي فِي رباعيته عَن أبي قرصافة قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اللَّهُمَّ لَا تخزنا يَوْم الْقِيَامَة وَلَا تفضحنا يَوْم اللِّقَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة فَلْيقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من خير مَا سَأَلَك عِبَادك الصالحون وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا عاذ مِنْهُ عِبَادك الصالحون (رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا

حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وقنا عَذَاب النَّار) (الْبَقَرَة الْآيَة 201) رَبنَا إننا آمنا {فَاغْفِر لنا ذنوبنا وكفِّر عَنَّا سيئاتنا وتوفنا مَعَ الْأَبْرَار} إِلَى قَوْله {إِنَّك لَا تخلف الميعاد} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانَ يسْتَحبّ أَن يَدْعُو فِي الْمَكْتُوبَة بِدُعَاء الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه سُئِلَ عَن الدُّعَاء فِي الصَّلَاة فَقَالَ: كَانَ أحب دُعَائِهِمْ مَا وَافق الْقُرْآن وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عسقلان أحد العروسين يبْعَث الله مِنْهَا يَوْم الْقِيَامَة سبعين ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَيبْعَث مِنْهَا خَمْسُونَ ألفا شُهَدَاء وفوداً إِلَى الله وَبهَا صُفُوف الشُّهَدَاء رؤوسهم تقطر فِي أَيْديهم تثج أوداجهم دَمًا يَقُولُونَ {رَبنَا وآتنا مَا وعدتنا على رسلك وَلَا تخزنا يَوْم الْقِيَامَة إِنَّك لَا تخلف الميعاد} فَيَقُول: صدق عَبِيدِي اغسلوهم بنهر الْبَيْضَة فَيخْرجُونَ مِنْهُ بيضًا فَيسرحُونَ فِي الْجنَّة حَيْثُ شاؤوا الْآيَة 195

195

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أم سَلمَة قَالَت يَا رَسُول الله لَا أسمع الله ذكر النِّسَاء فِي الْهِجْرَة بِشَيْء فَأنْزل الله {فَاسْتَجَاب لَهُم رَبهم أَنِّي لَا أضيع عمل عَامل مِنْكُم من ذكر أَو أُنْثَى} إِلَى آخر الْآيَة قَالَت الْأَنْصَار: هِيَ أول ظَعِينَة قدمت علينا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة قَالَت: آخر آيَة نزلت هَذِه الْآيَة {فَاسْتَجَاب لَهُم رَبهم} إِلَى آخرهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: مَا من عبد يَقُول: يَا رب يَا رب يَا رب ثَلَاث مَرَّات إِلَّا نظر الله إِلَيْهِ فَذكر لِلْحسنِ فَقَالَ: أما تقْرَأ الْقُرْآن (رَبنَا إننا سمعنَا منادياً) (آل عمرَان الْآيَة 193) إِلَى قَوْله {فَاسْتَجَاب لَهُم رَبهم} قَوْله تَعَالَى: {فَالَّذِينَ هَاجرُوا} الْآيَة أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هم الْمُهَاجِرُونَ أخرجُوا من كل وَجه وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أول ثلة الْجنَّة الْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين تتقى بهم المكاره إِذا أُمِروا سمعُوا وأطاعوا وَإِن كَانَت لرجل مِنْهُم حَاجَة إِلَى السُّلْطَان لم تقض حَتَّى يَمُوت وَهِي فِي صَدره وَأَن الله يَدْعُو يَوْم الْقِيَامَة الْجنَّة فتأتي بزخرفها وَزينتهَا فَيَقُول: أَيْن عبَادي الَّذين قَاتلُوا فِي سبيلي وقُتِلوا وأوذوا فِي سبيلي وَجَاهدُوا فِي سبيلي أدخلُوا الْجنَّة فيدخلونه بِغَيْر عَذَاب وَلَا حِسَاب وَيَأْتِي الْمَلَائِكَة فيسجدون وَيَقُولُونَ: رَبنَا نَحن نُسَبِّح لَك اللَّيْل وَالنَّهَار ونقدس لَك من هَؤُلَاءِ الَّذين آثرتهم علينا فَيَقُول: هَؤُلَاءِ عبَادي الَّذين قَاتلُوا فِي سبيلي وأوذوا فِي سبيلي فَتدخل الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم من كل بَاب (سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنعم عُقبى الدَّار) (الرَّعْد الْآيَة 24) وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتعلم أول زمرة تدخل الْجنَّة من أمتِي قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: الْمُهَاجِرُونَ يأْتونَ يَوْم الْقِيَامَة إِلَى بَاب الْجنَّة ويستفتحون فَتَقول لَهُم الخزنة: أوقد حوسبتم قَالُوا: بِأَيّ شَيْء نحاسب وَإِنَّمَا كَانَت أسيافنا على عواتقنا فِي سَبِيل الله حَتَّى متْنا على ذَلِك قَالَ: فَيفتح لَهُم فيقيلون فِيهِ أَرْبَعِينَ عَاما قبل أَن يدْخل النَّاس وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: دخلت الْجنَّة فَسمِعت فِيهَا حَشَفَة بَين يَدي فَقلت: مَا هَذَا قَالَ: بِلَال فمضيت فَإِذا أَكثر أهل الْجنَّة فُقَرَاء الْمُهَاجِرين وذراري الْمُسلمين وَلم أر أحدا أقل من الْأَغْنِيَاء وَالنِّسَاء قيل لي: أما الْأَغْنِيَاء فهم بِالْبَابِ يحاسبون ويمحصون وَأما النِّسَاء فألهاهن الأحمران: الذَّهَب وَالْحَرِير

وَأخرج أَحْمد عَن أبي الصّديق عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يدْخل فُقَرَاء الْمُؤمنِينَ الْجنَّة قبل أغنيائهم بأربعمائة عَام حَتَّى يَقُول الْمُؤمن الْغَنِيّ: يَا لَيْتَني كنت نحيلاً قيل: يَا رَسُول الله صفهم لنا قَالَ: هم الَّذين إِذا كَانَ مَكْرُوه بعثوا لَهُ وَإِذا كَانَ مغنم بعث إِلَيْهِ سواهُم وهم الَّذين يحجبون عَن الْأَبْوَاب وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن سعيد بن عَامر بن حزم قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يدْخل فُقَرَاء الْمُسلمين قبل الْأَغْنِيَاء الْجنَّة بِخَمْسِينَ سنة حَتَّى إِن الرجل من الْأَغْنِيَاء ليدْخل فِي غمارهم فَيُؤْخَذ بِيَدِهِ فيستخرج وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: يجمعُونَ فَيَقُول أَيْن فُقَرَاء هَذِه الْأمة ومساكينها فيبرزون فَيُقَال: مَا عنْدكُمْ فَيَقُولُونَ: يَا رب ابتلينا فصبرنا وَأَنت أعلم وَوَلَّيْتَ الْأَمْوَال وَالسُّلْطَان غَيرنَا فَيُقَال: صَدقْتُمْ فَيدْخلُونَ الْجنَّة قبل سَائِر النَّاس بِزَمن وَتبقى شدَّة الْحساب على ذَوي الْأَمْوَال وَالسُّلْطَان قيل: فَأَيْنَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمئِذٍ قَالَ: يوضع لَهُم كراسي من نور ويظلل عَلَيْهِم الْغَمَام وَيكون ذَلِك الْيَوْم أقصر عَلَيْهِم من سَاعَة من نَهَار وَالله أعلم قَوْله تَعَالَى: {وَالله عِنْده حسن الثَّوَاب} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس لَا تتهموا الله فِي قَضَائِهِ فَإِن الله لَا يَبْغِي على مُؤمن فَإِذا نزل بأحدكم شَيْء مِمَّا يحب فليحمد الله وَإِذا نزل بِهِ شَيْء يكره فليصبر وليحتسب فَإِن الله عِنْده حسن الثَّوَاب الْآيَات 196 - 198

196

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {لَا يغرنك تقلب الَّذين كفرُوا} تقلب ليلهم ونهارهم وَمَا يجْرِي عَلَيْهِم من النعم {مَتَاع قَلِيل ثمَّ مأواهم جَهَنَّم وَبئسَ المهاد} قَالَ عِكْرِمَة: قَالَ ابْن عَبَّاس: أَي بئس الْمنزل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {لَا يغرنك تقلب الَّذين كفرُوا فِي الْبِلَاد} يَقُول ضَربهمْ فِي الْبِلَاد

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: وَالله مَا غروا نَبِي الله وَلَا وكل إِلَيْهِم شَيْئا من أَمر الله حَتَّى قَبضه الله على ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {وَمَا عِنْد الله خير للأبرار} أخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: إِنَّمَا سماهم الله أبراراً لأَنهم بروا الْآبَاء وَالْأَبْنَاء كَمَا أَن لوالدك عَلَيْك حَقًا كَذَلِك لولدك عَلَيْك حق وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر مَرْفُوعا وَالْأول أصح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ {الْأَبْرَار} الَّذين لَا يُؤْذونَ الذَّر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {وَمَا عِنْد الله خير للأبرار} قَالَ: لمن يُطِيع الله عز وَجل الْآيَة 199

199

أخرج النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: لما مَاتَ النَّجَاشِيّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا رَسُول الله نصلي على عبد حبشِي فَأنْزل الله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْكُم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اخْرُجُوا فصلوا على أَخ لكم فصلى بِنَا فَكبر أَربع تَكْبِيرَات فَقَالَ: هَذَا النَّجَاشِيّ أَصْحَمَة فَقَالَ المُنَافِقُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يُصَلِّي على علج نَصْرَانِيّ لم نره قطّ فَأنْزل الله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي النَّجَاشِيّ وَفِي نَاس من أَصْحَابه آمنُوا بِنَبِي الله وَصَدقُوا بِهِ وَذكر لنا: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتغْفر للنجاشي وَصلى عَلَيْهِ حِين بلغه مَوته قَالَ لأَصْحَابه: صلوا على أَخ لكم

قد مَاتَ بِغَيْر بِلَادكُمْ فَقَالَ أنَاس من أهل النِّفَاق: يُصَلِّي على رجل مَاتَ لَيْسَ من أهل دينه فَأنْزل الله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: لما مَاتَ النَّجَاشِيّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَغْفرُوا لأخيكم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أنستغفر لذَلِك العلج فَأنْزل الله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْكُم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ لما صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النَّجَاشِيّ طعن فِي ذَلِك المُنَافِقُونَ فَقَالُوا: صلى عَلَيْهِ وَمَا كَانَ على دينه فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} الْآيَة قَالُوا: مَا كَانَ يسْتَقْبل قبلته وَإِن بَينهمَا الْبحار فَنزلت (فأينما توَلّوا فثم وَجه الله) (الْبَقَرَة الْآيَة 115) قَالَ ابْن جريج: وَقَالَ آخَرُونَ: نزلت فِي النَّفر الَّذين كَانُوا من يهود فأسلموا عبد الله بن سَلام وَمن مَعَه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن وَحشِي بن حَرْب قَالَ: لما مَاتَ النَّجَاشِيّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه إِن أَخَاكُم النَّجَاشِيّ قد مَاتَ قومُوا فصلوا عَلَيْهِ فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله كَيفَ نصلي عَلَيْهِ وَقد مَاتَ فِي كفره قَالَ: أَلا تَسْمَعُونَ قَول الله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن من أهل الْكتاب لمن يُؤمن بِاللَّه} الْآيَة قَالَ: هم مسلمة أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ يهود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هم أهل الْكتاب الَّذين كَانُوا قبل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذين اتبعُوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَة 200

200

أخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق دَاوُد بن صَالح قَالَ: قَالَ أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن: تَدْرِي فِي أَي شَيْء نزلت هَذِه الْآيَة {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا} قلت: لَا قَالَ سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: لم يكن فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْو يرابط فِيهِ وَلَكِن انْتِظَار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: أقبل عليَّ أَبُو هُرَيْرَة يَوْمًا فَقَالَ: أَتَدْرِي يَا ابْن أخي فيمَ أنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا} قلت: لَا قَالَ: أما إِنَّه لم يكن فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْو يرابطون فِيهِ وَلكنهَا نزلت فِي قوم يعمرون الْمَسَاجِد يصلونَ الصَّلَاة فِي مواقيتها ثمَّ يذكرُونَ الله فِيهَا فَعَلَيْهِم أنزلت {اصْبِرُوا} أَي على الصَّلَوَات الْخمس {وَصَابِرُوا} أَنفسكُم وهواكم {وَرَابطُوا} فِي مَسَاجِدكُمْ {وَاتَّقوا الله} فِيمَا علمكُم {لَعَلَّكُمْ تفلحون} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب قَالَ: وقف علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هَل لكم إِلَى مَا يمحو الله تَعَالَى بِهِ الذُّنُوب ويعظم الْأجر فَقُلْنَا: نعم يَا رَسُول الله قَالَ: إسباغ الْوضُوء على المكاره وَكَثْرَة الخطا إِلَى الْمَسَاجِد وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة قَالَ: وَهُوَ قَول الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا} فذلكم هُوَ الرِّبَاط فِي الْمَسَاجِد وَأخرج ابْن جرير وَابْن حبَان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أدلكم على مَا يمحو الله بِهِ الذُّنُوب قُلْنَا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: إسباغ الْوضُوء على المكاره وَكَثْرَة الخطا إِلَى الْمَسَاجِد وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة فذلكم الرِّبَاط وَأخرج ابْن جرير من حَدِيث عَليّ مثله وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلا أخْبركُم بِمَا يمحو الله بِهِ الْخَطَايَا وَيرْفَع بِهِ الدَّرَجَات إسباغ الْوضُوء على المكاره وَكَثْرَة الخطا إِلَى الْمَسَاجِد وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة فذلكم الرِّبَاط فذلكم الرِّبَاط فذلكم الرِّبَاط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي غَسَّان قَالَ: إِن هَذِه الْآيَة إِنَّمَا أنزلت فِي لُزُوم الْمَسَاجِد {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم فِي الْآيَة قَالَ: أَمرهم أَن يصبروا على دينهم وَلَا يَدعُوهُ لشدَّة وَلَا رخاء وَلَا سراء وَلَا ضراء وَأمرهمْ أَن يصابروا الْكفَّار وَأَن يرابطوا الْمُشْركين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي الْآيَة

قَالَ: اصْبِرُوا على دينكُمْ وَصَابِرُوا الْوَعْد الَّذِي وعدتكم وَرَابطُوا عدوّي وَعَدُوكُمْ حَتَّى يتْرك دينه لدينكم وَاتَّقوا الله فِيمَا بيني وَبَيْنكُم لَعَلَّكُمْ تفلحون غَدا إِذا لقيتموني وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: اصْبِرُوا على طَاعَة الله وَصَابِرُوا أهل الضَّلَالَة وَرَابطُوا فِي سَبِيل الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: اصْبِرُوا على الْجِهَاد وَصَابِرُوا عَدوكُمْ وَرَابطُوا على دينكُمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: اصْبِرُوا عِنْد الْمُصِيبَة وَصَابِرُوا على الصَّلَوَات وَرَابطُوا: جاهدوا فِي سَبِيل الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: اصْبِرُوا على الْفَرَائِض وَصَابِرُوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الموطن وَرَابطُوا فِيمَا أَمركُم ونهاكم وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: اصْبِرُوا على طَاعَة الله وَصَابِرُوا أَعدَاء الله وَرَابطُوا فِي سَبِيل الله وَأخرج أَبُو النَّعيم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا} على الصَّلَوَات الْخمس وَصَابِرُوا على قتال عدوّكم بِالسَّيْفِ وَرَابطُوا فِي سَبِيل الله لَعَلَّكُمْ تفلحون وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن زيد بن أسلم قَالَ: كتب أَبُو عُبَيْدَة إِلَى عمر بن الْخطاب يذكر لَهُ جموعاً من الرّوم وَمَا يتخوّف مِنْهُم فَكتب إِلَيْهِ عمر: أما بعد فَإِنَّهُ مهما ينزل بِعَبْد مُؤمن من شدَّة يَجْعَل الله بعْدهَا فرجا وَإنَّهُ لن يغلب عسر يسرين وَإِن الله يَقُول فِي كِتَابه {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابطُوا وَاتَّقوا الله لَعَلَّكُمْ تفلحون} وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سهل بن سعد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رِبَاط يَوْم فِي سَبِيل الله خير من الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن فضَالة بن عبيد: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كل ميت يخْتم على عمله إِلَّا الَّذِي مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عمله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ويأمن فتْنَة الْقَبْر وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سلمَان: سَمِعت رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول رِبَاط يَوْم وَلَيْلَة خير من صِيَام شهر وقيامه وَإِن مَاتَ فِيهِ جرى عَلَيْهِ عمله الَّذِي كَانَ يعْمل وأجرى عَلَيْهِ رزقه فأمن الفتان زَاد الطَّبَرَانِيّ: وَبعث يَوْم الْقِيَامَة شَهِيدا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن أبي الدَّرْدَاء عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ رِبَاط شهر خير من صِيَام دهر وَمن مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله أَمنه من الْفَزع الْأَكْبَر وغدى عَلَيْهِ برزقه وريح من الْجنَّة وَيجْرِي عَلَيْهِ أجر المرابط حَتَّى يَبْعَثهُ الله عز وَجل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل عمل يَنْقَطِع عَن صَاحبه إِذا مَاتَ إِلَّا المرابط فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ ينمي لَهُ عمله وَيجْرِي عَلَيْهِ رزقه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد بِسَنَد جيد عَن أبي الدَّرْدَاء يرفع الحَدِيث قَالَ: من رابط فِي شَيْء من سواحل الْمُسلمين ثَلَاثَة أَيَّام أَجْزَأت عَنهُ رِبَاط سنة وَأخرج ابْن ماجة بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله أجْرى عَلَيْهِ أجر عمله الصَّالح الَّذِي كَانَ يعْمل وأجرى عَلَيْهِ رزقه وَأمن من الفتان وَبَعثه الله يَوْم الْقِيَامَة آمنا من الْفَزع وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا مثله وَزَاد: والمرابط إِذا مَاتَ فِي رباطه كتب لَهُ أجر عمله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وغدى عَلَيْهِ وريح برزقه ويزوّج سبعين حوراء وَقيل لَهُ قف اشفع إِلَى أَن يفرغ من الْحساب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من سنّ سنة حَسَنَة فَلهُ أجرهَا مَا عمل بهَا فِي حَيَاته وَبعد مماته حَتَّى تتْرك وَمن سنّ سنة سَيِّئَة فَعَلَيهِ إثمها حَتَّى تتْرك وَمن مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله جرى عَلَيْهِ عمل المرابط حَتَّى يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد جيد عَن أنس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أجر المرابط فَقَالَ: من رابط لَيْلَة حارساً من وَرَاء الْمُسلمين كَانَ لَهُ أجر من خَلفه مِمَّن صَامَ وَصلى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن جَابر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من رابط يَوْمًا فِي سَبِيل الله جعل الله بَينه وَبَين النَّار سبع خنادق كل خَنْدَق كسبع سموات وَسبع أَرضين

وَأخرج ابْن ماجة بسندٍ واهٍ عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لرباط يَوْم فِي سَبِيل الله من وَرَاء عَورَة الْمُسلمين محتسباً من غير شهر رَمَضَان أفضل عِنْد الله وَأعظم أجرا من عبَادَة مائَة سنة صيامها وقيامها ورباط يَوْم فِي سَبِيل الله من وَرَاء عَورَة الْمُسلمين محتسباً من شهر رَمَضَان أفضل عِنْد الله وَأعظم أجرا من عبَادَة ألفي سنة صيامها وقيامها فَإِن رده الله الى أَهله سالما لم تكْتب لَهُ سَيِّئَة وتكتب لَهُ الْحَسَنَات وَيجْرِي لَهُ أجر الرِّبَاط إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ فِي المرابطة ففزعوا وَخَرجُوا إِلَى السَّاحِل ثمَّ قيل لَا بَأْس فَانْصَرف النَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَاقِف فَمر بِهِ إِنْسَان فَقَالَ: مَا يوقفك يَا أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول موقف سَاعَة فِي سَبِيل الله خير من قيام لَيْلَة الْقدر عِنْد الْحجر الْأسود وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عُثْمَان بن عَفَّان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: رِبَاط يَوْم فِي سَبِيل الله خير من ألف يَوْم فِيمَا سواهُ من الْمنَازل وَلَفظ ابْن ماجة: من رابط لَيْلَة فِي سَبِيل الله كَانَت كألف لَيْلَة صيامها وقيامها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن صَلَاة المرابط تعدل خَمْسمِائَة صَلَاة وَنَفَقَة الدِّينَار وَالدِّرْهَم مِنْهُ أفضل من سَبْعمِائة دِينَار يُنْفِقهُ فِي غَيره وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب عَن أنس مَرْفُوعا الصَّلَاة بِأَرْض الرِّبَاط بألفي ألف صَلَاة وَأخرج ابْن حبَان عَن عتبَة بن الندر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا انتاط غزوكم وَكَثُرت الغرائم واستحلت الْغَنَائِم فَخير جهادكم الرِّبَاط وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تعس عبد الدِّينَار وَعبد الدِّرْهَم وَعبد الخميصة وَعبد القطيفة إِن أعطي رَضِي وَإِن لم يُعْط سخط تعس وانتكس وَإِذا شيك فَلَا انتقش طُوبَى لعبد آخذ بعنان فرسه فِي سَبِيل الله أَشْعَث رَأسه مغبرة قدماه إِن كَانَ فِي الحراسة كَانَ فِي الحراسة وَإِن كَانَ فِي السَّاقَة كَانَ فِي السَّاقَة إِن اسْتَأْذن لم يُؤذن لَهُ وَإِن شفع لم يشفع وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من خير معاش النَّاس لَهُم رجل مُمْسك بعنان فرسه فِي سَبِيل الله يطير على مَتنه كلما سمع هيعة أَو قزعة طَار على مَتنه يَبْتَغِي الْقَتْل وَالْمَوْت من مظانه وَرجل فِي غنيمَة فِي رَأس شعفة من هَذِه الشعف أَو بطن وادٍ من هَذِه الأودية يُقيم الصَّلَاة ويؤتي الزَّكَاة

ويعبد ربه حَتَّى يَأْتِيهِ الْيَقِين لَيْسَ من النَّاس إِلَّا فِي خير وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم مُبشر تبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خير النَّاس منزلَة رجل على متن فرسه يخيف الْعَدو ويخيفونه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لِأَن أحرس ثَلَاث لَيَال مرابطاً من وَرَاء بَيْضَة الْمُسلمين أحب إليّ من أَن تصيبني لَيْلَة الْقدر فِي أحد المسجدين: الْمَدِينَة أَو بَيت الْمُقَدّس وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله آمنهُ الله من فتْنَة الْقَبْر وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن المرابط فِي سَبِيل الله أعظم أجرا من رجل جمع كعبيه رياد شهر صِيَامه وقيامه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَابِد قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة رجل فَلَمَّا وضع قَالَ عمر بن الْخطاب: لَا تصلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُول الله فَإِنَّهُ رجل فَاجر فَالْتَفت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّاس قَالَ: هَل رَآهُ أحد مِنْكُم على الْإِسْلَام فَقَالَ رجل: نعم يَا رَسُول الله حرس لَيْلَة فِي سَبِيل الله فصلى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحثى عَلَيْهِ التُّرَاب وَقَالَ: أَصْحَابك يظنون أَنَّك من أهل النَّار وَأَنا أشهد أَنَّك من أهل الْجنَّة وَقَالَ: يَا عمر إِنَّك لَا تسْأَل عَن أَعمال النَّاس وَلَكِن تسْأَل عَن الْفطْرَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر أَن عمر كَانَ يَقُول: إِن الله بَدَأَ هَذَا الْأَمر حِين بَدَأَ بنبوّة وَرَحْمَة ثمَّ يعود إِلَى ملك وَرَحْمَة ثمَّ يعود جبرية يتكادمون تكادم الْحمير أَيهَا النَّاس عَلَيْكُم بالغزو وَالْجهَاد مَا كَانَ حلواً خضرًا قبل أَن يكون مرا عسراً وَيكون عَاما قبل أَن يكون حطاماً فَإِذا انتاطت الْمَغَازِي وأكلت الْغَنَائِم واستحل الْحَرَام فَعَلَيْكُم بالرباط فَإِنَّهُ خير جهادكم وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَرْبَعَة تجْرِي عَلَيْهِم أُجُورهم بعد الْمَوْت: رجل مَاتَ مرابطاً فِي سَبِيل الله وَرجل علم علما فَأَجره يجْرِي عَلَيْهِ ماعمل بِهِ وَرجل أجْرى صَدَقَة فأجرها يجْرِي عَلَيْهِ مَا جرت عَلَيْهِم وَرجل ترك ولدا صَالحا يَدْعُو لَهُ وَأخرج ابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ عشر آيَات من آخر سُورَة آل عمرَان كل لَيْلَة وَأخرج الدِّرَامِي عَن عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ: من قَرَأَ آخر آل عمرَان فِي لَيْلَة كتب لَهُ قيام لَيْلَة

مُقَدّمَة سُورَة النِّسَاء أخرج ابْن الضريس فِي فضائله والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة النِّسَاء بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: نزل بِالْمَدِينَةِ النِّسَاء وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: مَا نزلت سُورَة الْبَقَرَة وَالنِّسَاء إِلَّا وَأَنا عِنْده وَأخرج أَحْمد وَابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَمُحَمّد بن نصر فِي الصَّلَاة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أَخذ السَّبع فَهُوَ حبر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَيْت مَكَان التَّوْرَاة السَّبع الطول والمئين كل سُورَة بلغت مائَة فَصَاعِدا والمثاني كل سُورَة دون المئين وَفَوق الْمفصل وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ: وجد رَسُول الله ذَات لَيْلَة شَيْئا فَلَمَّا أصبح قيل: يَا رَسُول الله إِن أثر الوجع عَلَيْك لبين: قَالَ: أما أَنِّي على مَا ترَوْنَ بِحَمْد الله قد قَرَأت السَّبع الطوَال وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة قَالَ: قُمْت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة فَقَرَأَ السَّبع الطوَال فِي سبع رَكْعَات وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن بعض أهل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه بَات مَعَه فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اللَّيْل فَقضى حَاجته ثمَّ جَاءَ الْقرْبَة فاستكب مَاء فَغسل كفيه ثَلَاثًا ثمَّ تَوَضَّأ وَقَرَأَ بالطوال السَّبع فِي رَكْعَة وَاحِدَة وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي مليكَة سمع ابْن عَبَّاس يَقُول: سلوني عَن سُورَة النِّسَاء فَإِنِّي قَرَأت الْقُرْآن وَأَنا صَغِير وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من قَرَأَ سُورَة النِّسَاء فَعلم مَا يحجب مِمَّا لَا يحجب علم الْفَرَائِض وَالله أعلم

سُورَة النِّسَاء مَدَنِيَّة وآياتها سِتّ وَسَبْعُونَ وَمِائَة الْآيَة 1

النساء

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} قَالَ: من آدم {وَخلق مِنْهَا زَوجهَا} قَالَ: خلق حوّاء من قصيراء أضلاعه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} قَالَ: آدم {وَخلق مِنْهَا زَوجهَا} قَالَ: حوّاء من قصيراء آدم وَهُوَ نَائِم فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: أأنا بالنبطية امْرَأَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ خلقت حوّاء من خلف آدم الْأَيْسَر وخلقت امْرَأَة إِبْلِيس من خَلفه الْأَيْسَر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَخلق مِنْهَا زَوجهَا} قَالَ: خلق حَوَّاء من آدم من ضلع الْخلف وَهُوَ أَسْفَل الأضلاع وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلقت الْمَرْأَة من الرجل فَجعلت نهمتها فِي الرِّجَال فاحبسوا نساءكم وَخلق الرجل من الأَرْض فَجعل نهمته فِي الأَرْض قَوْله تَعَالَى: {وَبث مِنْهُمَا رجَالًا} الْآيَة وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ولد لآدَم أَرْبَعُونَ ولدا: عشرُون غُلَاما وَعِشْرُونَ جَارِيَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أَرْطَاة بن الْمُنْذر قَالَ: بَلغنِي أَن حوّاء حملت بشيث حَتَّى نَبتَت أَسْنَانه وَكَانَت تنظر إِلَى وَجهه من صفاء فِي بَطنهَا وَهُوَ الثَّالِث من وِلْد آدم وَإنَّهُ لما حضرها الطلق أَخذهَا عَلَيْهِ شدَّة شَدِيدَة فَلَمَّا وَضعته أَخَذته الْمَلَائِكَة فَمَكثَ مَعهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا فعلموه الرَّمْز ثمَّ رد إِلَيْهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ} قَالَ: تعاطون بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي الْآيَة يَقُول: اتَّقوا الله الَّذِي بِهِ تعاقدون وتعاهدون

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {تساءلون بِهِ والأرحام} قَالَ: يَقُول: أَسأَلك بِاللَّه وبالرحم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ قَول الرجل: أنْشدك بِاللَّه وَالرحم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم {تساءلون بِهِ والأرحام} خفض قَالَ: هُوَ قَول الرجل: أَسأَلك بِاللَّه وبالرحم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه تَلا هَذِه الْآيَة قَالَ: إِذا سُئِلت بِاللَّه فأعطه وَإِذا سُئِلت بالرحم فأعطه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} يَقُول: اتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ وَاتَّقوا الْأَرْحَام وصلوها وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله تَعَالَى: صلوا أَرْحَامكُم فَإِنَّهُ أبقى لكم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَخير لكم فِي آخرتكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: اتَّقوا الله وصلوا الْأَرْحَام فَإِنَّهُ أبقى لكم فِي الدُّنْيَا وَخير لكم فِي الْآخِرَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا الله وصلوا الْأَرْحَام وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك إِن ابْن عَبَّاس كَانَ يقْرَأ {والأرحام} يَقُول: اتَّقوا الله لَا تقطعوها وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: اتَّقوا الْأَرْحَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام} قَالَ: اتَّقوا الله وَاتَّقوا الْأَرْحَام أَن تقطعوها نصب الْأَرْحَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {والأرحام} قَالَ: اتَّقوا الْأَرْحَام أَن تقطعوها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيباً} قَالَ: حفيظاً

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: رقيباً على أَعمالكُم يعلمهَا ويعرفها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: علمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة الصَّلَاة وخطبة الْحَاجة فَأَما خطْبَة الصَّلَاة فالتشهد وَأما خطْبَة الْحَاجة فَإِن الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وسيئات أَعمالنَا من يهد الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ثمَّ يقْرَأ ثَلَاث آيَات من كتاب الله (اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ) (آل عمرَان الْآيَة 102) {وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيباً} {اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً يصلح لكم أَعمالكُم وَيغْفر لكم ذنوبكم} الْأَحْزَاب الآيه 70 ثمَّ تعمد حَاجَتك الْآيَة 2

2

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ان رجلا من غطفان كَانَ مَعَه مَال كثير لِابْنِ أَخ لَهُ يَتِيم فَلَمَّا بلغ الْيَتِيم طلب مَاله فَمَنعه عَنهُ فخاصمه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {وَآتوا الْيَتَامَى أَمْوَالهم} يَعْنِي الأوصياء يَقُول: أعْطوا الْيَتَامَى أَمْوَالهم {وَلَا تتبدَّلوا الْخَبيث بالطيب} يَقُول: لَا تتبدلوا الْحَرَام من أَمْوَال النَّاس بالحلال من أَمْوَالكُم يَقُول: لَا تبذروا أَمْوَالكُم الْحَلَال وتأكلوا أَمْوَالهم الْحَرَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن مُجَاهِد {وَلَا تتبدَّلوا الْخَبيث بالطيب} قَالَ: الْحَرَام بالحلال لَا تعجل بالرزق الْحَرَام قبل أَن يَأْتِيك الْحَلَال الَّذِي قدر لَك {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} قَالَ: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم مَعَ أَمْوَالكُم تخلطونها فتأكلونها جَمِيعًا {إِنَّه كَانَ حوباً كَبِيرا} قَالَ: إِثْمًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب {وَلَا تتبدَّلوا الْخَبيث بالطيب} قَالَ: لَا تعط مهزولاً وَتَأْخُذ سميناً وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ مثله

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: لَا تُعْطِ زائفاً وَتَأْخُذ جيدا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أحدهم يَأْخُذ الشَّاة السمينة من غنم الْيَتِيم وَيجْعَل فِيهَا مَكَانهَا الشَّاة المهزولة وَيَقُول: شَاة بِشَاة وَيَأْخُذ الدِّرْهَم الْجيد ويطرح مَكَانَهُ الزيف وَيَقُول: دِرْهَم بدرهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون النِّسَاء وَلَا يورثون الصغار يَأْخُذهُ الْأَكْبَر فَنصِيبه من الْخيرَات طيب وَهَذَا الَّذِي يَأْخُذهُ خَبِيث وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} قَالَ: مَعَ أَمْوَالكُم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة فِي أَمْوَال الْيَتَامَى كَرهُوا أَن يخالطوهم وَجعل ولي الْيَتِيم يعْزل مَال الْيَتِيم عَن مَاله فشكوا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {ويسألونك عَن الْيَتَامَى قل إصْلَاح لَهُم خير وَإِن تخالطوهم فإخوانكم} قَالَ: فخالطوهم وَاتَّقوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حوباً كَبِيرا} قَالَ: إِثْمًا عَظِيما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس حوباً قَالَ: ظلما وَأخرج الطستي فِي مسَائِله وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {حوباً} قَالَ: إِثْمًا بلغَة الْحَبَشَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الْأَعْشَى الشَّاعِر: فَإِنِّي وَمَا كلفتموني من أَمركُم ليعلم من أَمْسَى أعق وأحوبا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة أَنه كَانَ يقْرَأ حوباً بِرَفْع الْحَاء وَأخرج عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرؤهَا {حوبا} بِنصب الْحَاء الْآيَة 3

3

أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عُرْوَة بن الزبير أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَن قَول الله {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} قَالَت: يَا ابْن أُخْتِي هَذِه الْيَتِيمَة تكون فِي حجر وَليهَا تشركه فِي مَالهَا وَيُعْجِبهُ مَالهَا وجمالها فيريد وَليهَا أَن يتزوّجها بِغَيْر أَن يقسط فِي صَدَاقهَا فيعطيها مثل مَا يُعْطِيهَا غَيره فنهوا عَن أَن ينكحوهن إِلَّا أَن يقسطوا لَهُنَّ ويبلغوا بِهن أَعلَى سنتهن فِي الصَدَاق وَأمرُوا أَن ينكحوا مَا طَابَ لَهُم من النِّسَاء سواهن وَإِن النَّاس استفتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذِه الْآيَة فَأنْزل الله (ويستفتونك فِي النِّسَاء) (الْبَقَرَة الْآيَة 220) قَالَت عَائِشَة: وَقَول الله فِي الْآيَة الْأُخْرَى (وترغبون أَن تنكحوهن) (النِّسَاء الْآيَة 127) رَغْبَة أحدكُم عَن يتيمته حِين تكون قَليلَة المَال وَالْجمال فنهوا أَن ينكحوا من رَغِبُوا فِي مَاله وجماله من بَاقِي النِّسَاء إِلَّا بِالْقِسْطِ من أجل رغبتهم عَنْهُن إِذا كن قليلات المَال وَالْجمال وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة أَن رجلا كَانَت لَهُ يتيمة فنكحها وَكَانَ لَهَا عذق فَكَانَ يمْسِكهَا عَلَيْهِ وَلم يكن لَهَا من نَفسه شَيْء فَنزلت فِيهِ {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} أَحْسبهُ قَالَ كَانَت شريكته فِي ذَلِك العذق وَفِي مَاله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْيَتِيمَة تكون عِنْد الرجل وَهِي ذَات مَال فَلَعَلَّهُ ينْكِحهَا لمالها وَهِي لَا تعجبه ثمَّ يضْربهَا ويسيء صحبتهَا فوعظ فِي ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ الرجل من قُرَيْش يكون عِنْد النسْوَة وَيكون عِنْد الْأَيْتَام فَيذْهب مَاله فيميل على مَال الْأَيْتَام فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يتزوّج الْأَرْبَع وَالْخمس والست وَالْعشر فَيَقُول الرجل: مَا يَمْنعنِي أَن أتزوّج كَمَا تزوّج فلَان فَيَأْخُذ مَال يتيمة فيتزوّج بِهِ فنهوا أَن يتزوّجوا فَوق الْأَرْبَع وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يتَزَوَّج بِمَال الْيَتِيم مَا شَاءَ الله تَعَالَى فَنهى الله عَن ذَلِك

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قصر الرِّجَال على أَربع نسْوَة من أجل أَمْوَال الْيَتَامَى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس على أَمر جاهليتهم إِلَّا أَن يؤمروا بِشَيْء وينهوا عَنهُ فَكَانُوا يسْأَلُون عَن الْيَتَامَى وَلم يكن للنِّسَاء عدد وَلَا ذكر فَأنْزل الله {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم} الْآيَة وَكَانَ الرجل يتَزَوَّج مَا شَاءَ فَقَالَ: كَمَا تخافون أَن لَا تعدلوا فِي الْيَتَامَى فخافوا فِي النِّسَاء أَن لَا تعدلوا فِيهِنَّ فقصرهم على الْأَرْبَع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة ينْكحُونَ عشرا من النِّسَاء الْأَيَامَى وَكَانُوا يعظمون شَأْن الْيَتِيم فتفقدوا من دينهم شَأْن الْيَتَامَى وَتركُوا مَا كَانُوا ينْكحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَمَا خِفْتُمْ أَن لَا تعدلوا فِي الْيَتَامَى فخافوا أَن لَا تعدلوا فِي النِّسَاء إِذا جمعتموهن عنْدكُمْ وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يرزؤن من مَال الْيَتِيم شَيْئا وهم ينْكحُونَ عشرا من النِّسَاء وَيَنْكِحُونَ نسَاء آبَائِهِم فتفقدوا من دينهم شَأْن النِّسَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: فَإِن خِفْتُمْ الزِّنَا فانكحوهن يَقُول: كَمَا خِفْتُمْ فِي أَمْوَال الْيَتَامَى أَن لَا تقسطوا فِيهَا كَذَلِك فخافوا على أَنفسكُم مَا لم تنْكِحُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة يَقُول: إِن تحرجتم فِي ولَايَة الْيَتَامَى وَأكل أَمْوَالهم إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا فَكَذَلِك فتحرجوا من الزِّنَا وَانْكِحُوا النِّسَاء نِكَاحا طيبا مثنى وَثَلَاث وَربَاع وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن إِدْرِيس قَالَ أَعْطَانِي الْأسود بن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود مصحف عَلْقَمَة فَقَرَأت {فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء} بِالْألف فَحدثت بِهِ الْأَعْمَش فأعجبه وَكَانَ الْأَعْمَش لَا يكسرها لَا يقْرَأ طيب بِمَال وَهِي فِي بعض الْمَصَاحِف بِالْيَاءِ / طيب لكم /

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {مَا طَابَ لكم} قَالَ: مَا أحل لكم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن وَسَعِيد بن جُبَير {مَا طَابَ لكم} قَالَ: مَا حل لكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة {مَا طَابَ لكم} يَقُول: مَا أحللت لكم قَوْله تَعَالَى: {مثنى وَثَلَاث وَربَاع} أخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة والنحاس فِي ناسخه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ أسلم وَتَحْته عشر نسْوَة فال لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اختر مِنْهُنَّ - وَفِي لفظ - أمسك أَرْبعا وَفَارق سائرهن وَأخرج ابْن أبي شيبَة والنحاس فِي ناسخه عَن قيس بن الْحَارِث قَالَ: أسلمت وَكَانَ تحتي ثَمَان نسْوَة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: اختر مِنْهُنَّ أَرْبعا وخل سائرهن فَفعلت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: قَالَ عمر: من يعلم مَا يحل للمملوك من النِّسَاء قَالَ رجل: أَنا امْرَأتَيْنِ فَسكت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الحكم قَالَ: أجمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ أَن الْمَمْلُوك لَا يجمع من النِّسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي {فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا} الْآيَة يَقُول إِن خفت أَن لَا تعدل فِي أَربع فَثَلَاث وَإِلَّا فاثنتين وَإِلَّا فَوَاحِدَة فَإِن خفت أَن لَا تعدل فِي وَاحِدَة فَمَا ملكت يَمِينك وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع مثله وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا} قَالَ: فِي المجامعة وَالْحب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: السراري وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم} فَكَانُوا فِي حَلَال مِمَّا

ملكت أَيْمَانكُم من الْإِمَاء كُلهنَّ ثمَّ أنزل الله بعد هَذَا تَحْرِيم نِكَاح الْمَرْأَة وَأمّهَا وَنِكَاح مَا نكح الْآبَاء وَالْأَبْنَاء وَأَن يجمع بَين الْأُخْت وَالْأُخْت من الرضَاعَة وَالأُم من الرضَاعَة وَالْمَرْأَة لَهَا زوج حرم الله ذَلِك حر من حرةٍ أَو أمة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا} قَالَ: أَن لَا تَجُورُوا قَالَ ابْن أبي حَاتِم: قَالَ أبي: هَذَا حَدِيث خطأ وَالصَّحِيح عَن عَائِشَة مَوْقُوف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَلا تعولُوا} قَالَ: أَن لَا تميلوا وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا} قَالَ: أَجْدَر أَن لَا تميلوا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: إِنَّا تبعنا رَسُول الله واطرحوا قَول النَّبِي وعالوا فِي الموازين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {أَلا تعولُوا} قَالَ: أَن لَا تميلوا ثمَّ قَالَ: أما سَمِعت قَول أبي طَالب: بميزان قسط لَا تخيس سعيرة ووازن صدق وَزنه غير عائل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي إِسْحَق الْكُوفِي قَالَ: كتب عُثْمَان بن عَفَّان إِلَى أهل الْكُوفَة فِي شَيْء عاتبوه فِيهِ: إِنِّي لست بميزان لَا أعول وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّحْمَن وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {أَلا تعولُوا} قَالَ: أَن لَا تميلوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي رزين وَأبي مَالك وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: {ذَلِك أدنى} أَن لَا يكثر من تعولُوا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: ذَلِك أقل لنفقتك الْوَاحِدَة أقل من عدد وجاريتك أَهْون نَفَقَة من حرَّة أَهْون عَلَيْك فِي الْعِيَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة {أَلا تعولُوا} قَالَ: أَن لَا تفتقروا وَالله تَعَالَى أعلم

الْآيَة 4

4

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح قَالَ: كَانَ الرجل إِذا زوّج أيمة أَخذ صَدَاقهَا دونهَا فنهاهم الله عَن ذَلِك وَنزلت {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة} وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي أَن نَاسا كَانُوا يُعْطي هَذَا الرجل أُخْته وَيَأْخُذ أُخْت الرجل وَلَا يَأْخُذُونَ كَبِير مهر فَقَالَ الله {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وَآتوا النِّسَاء} يَقُول: أعْطوا النِّسَاء {صدقاتهن} يَقُول: مهورهن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {نحلة} قَالَ: يَعْنِي بالنحلة الْمهْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة {نحلة} قَالَت وَاجِبَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج {وَآتوا النِّسَاء صدقاتهن نحلة} قَالَ: فَرِيضَة مُسَمَّاة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ النحلة فِي كَلَام الْوَاجِب يَقُول: لَا تنكحها إِلَّا بِشَيْء وَاجِب لَهَا وَلَيْسَ يَنْبَغِي لأحد أَن ينْكح امْرَأَة بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا بِصَدَاق وَاجِب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {نحلة} قَالَ: فَرِيضَة وَأخرج أَحْمد عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن رجلا أعْطى امْرَأَة صَدَاقهَا ملْء يَدَيْهِ طَعَاما كَانَت لَهُ حَلَالا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن أبي لَبِيبَة عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اسْتحلَّ بدرهم فقد اسْتحلَّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر بن ربيعَة أَن رجلا تزوج على نَعْلَيْنِ فَأجَاز النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِكَاحه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نكح امْرَأَة وَهُوَ يُرِيد أَن يذهب بمهرها فَهُوَ عِنْد الله زَان يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة وَأم سَلمَة قَالَتَا: لَيْسَ شَيْء أَشد من مهر امْرَأَة وَأجر أجِير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جيبر {فَإِن طبن لكم} قَالَ: هِيَ للأزواج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ} قَالَ: من الصَدَاق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئاً} يَقُول: إِذا كَانَ من غير إِضْرَار وَلَا خديعة فَهُوَ هنيء مريء كَمَا قَالَ الله وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي أَن نَاسا كَانُوا يتأثمون أَن يُرَاجع أحدهم فِي شَيْء مِمَّا سَاق إِلَى امْرَأَته فَقَالَ الله {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا مريئاً} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِذا اشْتَكَى أحدكُم فليسأل امْرَأَته ثَلَاثَة دَرَاهِم أَو نَحْوهَا فليشتر بهَا عسلاً وليأخذ من مَاء السَّمَاء فَيجمع هَنِيئًا مريئاً وشفاء ومباركاً وَأخرج ابْن سعد عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يَقُول لامْرَأَته: أطعمينا من ذَلِك الهنيء المريء يتأوّل هَذِه الْآيَة الْآيَة 5

5

أخرج ابْن جرير عَن حضرمي أَن رجلا عمد فَدفع مَاله إِلَى امْرَأَته فَوَضَعته فِي غير الْحق فَقَالَ الله {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} الْآيَة يَقُول: لَا تعمد إِلَى مَالك وَمَا خولك الله وَجعله لَك معيشة فتعطيه امْرَأَتك أَو بنيك ثمَّ تضطر إِلَى مَا فِي أَيْديهم وَلَكِن أمسك مَالك وَأَصْلحهُ وَكن أَنْت الَّذِي تنْفق عَلَيْهِم فِي كسوتهم ورزقهم ومؤنتهم قَالَ: وَقَوله {قيَاما} يَعْنِي قوامكم من معائشكم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: لَا تسلط السَّفِيه من ولدك على مَالك وَأمره أَن يرزقه مِنْهُ ويكسوه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء} قَالَ: هم بنوك وَالنِّسَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن النِّسَاء السُّفَهَاء إِلَّا الَّتِي أطاعت قيمها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء} قَالَ: الخدم وهم شياطين الْأنس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عنابن مسعد {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء} قَالَ: النِّسَاء وَالصبيان وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: الصغار وَالنِّسَاء هم السُّفَهَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نهى الرِّجَال أَن يُعْطوا النِّسَاء أَمْوَالهم وَهن سُفَهَاء من كن أَزْوَاجًا أَو بَنَات أَو أُمَّهَات وَأمرُوا أَن يرزقوهن فِيهِ ويقولوا لَهُنَّ قولا مَعْرُوفا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء} قَالَ: الْيَتَامَى وَالنِّسَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} قَالَ: هُوَ مَال الْيَتِيم يكون عنْدك يَقُول: لَا تؤته إِيَّاه وَأنْفق عَلَيْهِ حَتَّى يبلغ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء} قَالَ: هم الْيَتَامَى {أَمْوَالكُم} قَالَ: أَمْوَالهم بِمَنْزِلَة قَوْله (وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم) (النِّسَاء الْآيَة 127) وَأخرج ابْن جرير عَن مُورق قَالَ: مرت امْرَأَة بِعَبْد الله بن عمر لَهَا شارة وهيئة فَقَالَ لَهَا ابْن عمر {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم الَّتِي جعل الله لكم قيَاما} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاثَة يدعونَ الله فَلَا يستجيب لَهُم: رجل كَانَت تَحْتَهُ امْرَأَة سَيِّئَة الْخلق فَلم

يطلقهَا وَرجل كَانَ لَهُ على رجل مَال فَلم يشْهد وَرجل أَتَى سَفِيها مَاله وَقد قَالَ الله {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم} وَأخرجه ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مُوسَى مَوْقُوفا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: أَمر الله بِهَذَا المَال أَن يخزن فتحسن خزانته وَلَا تملكه الْمَرْأَة السفيهة والغلام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {قيَاما} قَالَ: قيام عيشك وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ {الَّتِي جعل الله لكم قيَاما} بِالْألف يَقُول: قيام عيشك وَأخرج ابْن أبي حام عَن الضَّحَّاك {جعل الله لكم قيَاما} قَالَ: عصمَة لدينكم وقياماً لكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وارزقوهم} يَقُول: أَنْفقُوا عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا} قَالَ: أمروا أَن يَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا فِي الْبر والصلة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا} قَالَ: عدَّة تعدونهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {وَقُولُوا لَهُم قولا مَعْرُوفا} قَالَ: إِن كَانَ لَيْسَ من ولدك وَلَا مِمَّن يجب عَلَيْك أَن تنْفق عَلَيْهِ فَقل لَهُ قولا مَعْرُوفا قل لَهُ عَافَانَا الله وَإِيَّاك وَبَارك الله فِيك الْآيَة 6

6

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وابتلوا الْيَتَامَى} يَعْنِي اختبروا الْيَتَامَى عِنْد الْحلم {فَإِن آنستم} عَرَفْتُمْ {مِنْهُم رشدا} فِي حَالهم والإصلاح فِي أَمْوَالهم {فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم وَلَا تَأْكُلُوهَا إسرافاً وبداراً} يَعْنِي تَأْكُل مَال الْيَتِيم مبادرة قبل أَن يبلغ فتحول بَينه وَبَين مَاله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وابتلوا الْيَتَامَى} قَالَ: عُقُولهمْ {حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} يَقُول: الْحلم {فَإِن آنستم} قَالَ: أحسستم {مِنْهُم رشدا} قَالَ: الْعقل وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {وابتلوا الْيَتَامَى} قَالَ: جربوا عُقُولهمْ {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} قَالَ: عقولاً وصلاحاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مقَاتل {وابتلوا الْيَتَامَى} يَعْنِي الْأَوْلِيَاء والأوصياء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن قيس {حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} قَالَ: خمس عشرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} قَالَ: صلاحاً فِي دينه وحفظاً لمَاله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا} قَالَ: صلاحاً فِي دينهم وحفظا لأموالهم وَخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أدْرك الْيَتِيم بحلم وعقل ووقار دفع إِلَيْهِ مَاله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا تدفع إِلَى الْيَتِيم مَاله وَإِن شمط مَا لم يؤنس مِنْهُ رشد وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {وَلَا تَأْكُلُوهَا إسرافاً وبداراً} وَيَقُول: لَا تسرف فِيهَا وَلَا تبادر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَلَا تَأْكُلُوهَا إسرافاً} يَعْنِي فِي غير حق {وبداراً أَن يكبروا} قَالَ: خشيَة أَن يبلغ الْحلم فَيَأْخُذ مَاله وَأخرج البُخَارِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي ولي الْيَتِيم {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} بِقدر قِيَامه عَلَيْهِ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف} قَالَ: بغناه من مَاله حَتَّى يَسْتَغْنِي عَن مَال الْيَتِيم لَا يُصِيب مِنْهُ شَيْئا {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ: يَأْكُل من مَاله يقوت على نَفسه حَتَّى لَا يحْتَاج إِلَى مَال الْيَتِيم وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي يحيى عَن ابْن عَبَّاس {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف} قَالَ: يستعف بِمَالِه حَتَّى لَا يُفْضِي إِلَى مَال الْيَتِيم وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ: هُوَ الْقَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} يَعْنِي الْقَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: ولي الْيَتِيم إِن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَإِن كَانَ فَقِيرا أَخذ من فضل اللَّبن وَأخذ بالقوت لَا يُجَاوِزهُ وَمَا يستر عَوْرَته من الثِّيَاب فَإِن أيسر قَضَاهُ وَإِن أعْسر فَهُوَ فِي حل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: إِن كَانَ غَنِيا فَلَا يحل لَهُ أَن يَأْكُل من مَال الْيَتِيم شَيْئا وَإِن كَانَ فَقِيرا فليستقرض مِنْهُ فَإِذا وجد ميسرَة فليعطه مَا اسْتقْرض مِنْهُ فَذَلِك أكله بِالْمَعْرُوفِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير والنحاس فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِنِّي أنزلت نَفسِي من مَال الله بِمَنْزِلَة ولي الْيَتِيم إِن اسْتَغْنَيْت اسْتَعْفَفْت وَإِن احتجت أخذت مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا أَيسَرت قضيت وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ: إِذا احْتَاجَ ولي الْيَتِيم وضع يَده فَأكل من طعامهم وَلَا يلبس مِنْهُ ثوبا وَلَا عِمَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ:

بأطراف أَصَابِعه الثَّلَاث وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يَأْكُل الْفَقِير إِذا ولي مَال الْيَتِيم بِقدر قِيَامه على مَاله ومنفعته لَهُ وَمَا لم يسرف أَو يبذر وَأخرج مَالك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِن فِي حجري أيتاماً وَإِن لَهُم إبِلا فَمَاذَا يحل لي من أَلْبَانهَا فَقَالَ: إِن كنت تبغي ضَالَّتهَا وتهنا جَرْبَاهَا وَتَلوط حَوْضهَا وتسعى عَلَيْهَا فَاشْرَبْ غير مُضر بِنَسْل وَلَا نَاهِك فِي الْحَلب وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَمْرو أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَيْسَ لي مَال ولي يَتِيم فَقَالَ كل من مَال يَتِيمك غير مُسْرِف وَلَا مبذر وَلَا متأثل مَالا وَمن غير أَن تَقِيّ مَالك بِمَالِه وَأخرج ابْن حبَان عَن جَابر أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله مِم أضْرب يَتِيمِي قَالَ: مِمَّا كنت ضَارِبًا مِنْهُ ولدك غير واق مَالك بِمَالِه وَلَا متأثل مِنْهُ مَالا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي شيبَة والنحاس فِي ناسخه عَن الْحسن العرني أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله مِم أضْرب يَتِيمِي قَالَ: مِمَّا كنت ضَارِبًا مِنْهُ ولدك قَالَ: فأصيب من مَاله قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ غير متأثل مَالا وَلَا واق مَالك بِمَالِه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن عَم ثَابت بن ودَاعَة - وثابت يَوْمئِذٍ يَتِيم فِي حجره من الْأَنْصَار - أَتَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن ابْن أخي يَتِيم فِي حجري فَمَاذَا يحل لي من مَاله قَالَ: أَن تَأْكُل من مَاله بِالْمَعْرُوفِ من غير أَن تَقِيّ مَالك بِمَالِه وَلَا تَأْخُذ من مَاله وفراً قَالَ: وَكَانَ الْيَتِيم يكون لَهُ الْحَائِط من النّخل فَيقوم وليه على صَلَاحه وسقيه فَيُصِيب من ثمره وَيكون لَهُ الْمَاشِيَة فَيقوم وليه على صَلَاحهَا ومؤنتها وعلاجها فَيُصِيب من جزارها ورسلها وعوارضها فَأَما رِقَاب المَال فَلَيْسَ لَهُم أَن يَأْكُلُوا وَلَا يستهلكوه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: خمس فِي كتاب الله رخصَة وَلَيْسَت بعزيمة قَوْله {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} إِن شَاءَ أكل وَإِن شَاءَ لم يَأْكُل وَأخرج أَبُو دَاوُد والنحاس كِلَاهُمَا فِي النَّاسِخ وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن

عَبَّاس {وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَ: نسختها (إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما ) (النِّسَاء الْآيَة 10) الْآيَة وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي الزِّنَاد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أَبُو الزِّنَاد يَقُول: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي أهل البدو وأشباههم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن نَافِع بن أبي نعيم الْقَارِي قَالَ: سَأَلت يحيى بن سعيد وَرَبِيعَة عَن قَوْله {فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} قَالَا: ذَلِك فِي الْيَتِيم إِن كَانَ فَقِيرا أنْفق عَلَيْهِ بِقدر فقره وَلم يكن للْوَلِيّ مِنْهُ شَيْء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {فَإِذا دفعتم إِلَيْهِم أَمْوَالهم فأشهدوا عَلَيْهِم} يَقُول: إِذا دفع إِلَى الْيَتِيم مَاله فليدفعه إِلَيْهِ بالشهود كَمَا أمره الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة يَقُول للأوصياء: إِذا دفعتم إِلَى الْيَتَامَى أَمْوَالهم إِذا بلغُوا الْحلم فأشهدوا عَلَيْهِم بِالدفع إِلَيْهِم أَمْوَالهم {وَكفى بِاللَّه حسيباً} يَعْنِي لَا شَاهد أفضل من الله فِيمَا بَيْنكُم وَبينهمْ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {وَكفى بِاللَّه حسيبا} يَقُول: شَهِيدا الْآيَة 7

7

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون الْبَنَات وَلَا الصغار الذُّكُور حَتَّى يدركوا فَمَاتَ رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَوْس بن ثَابت وَترك ابْنَتَيْن وابناً صَغِيرا فجَاء ابْنا عَمه وهما عصبته فأخذا مِيرَاثه كُله فَقَالَت امْرَأَته لَهما: تزوجا بهما وَكَانَ بهما دمامة فأبيا فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله توفّي أَوْس وَترك ابْنا صَغِيرا وابنتين فجَاء ابْنا عَمه خَالِد وَعرْفطَة فأخذا مِيرَاثه فَقلت لَهما: تزوّجا ابْنَتَيْهِ فأبيا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أَدْرِي مَا أَقُول فَنزلت {للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ} الْآيَة فَأرْسل إِلَى خَالِد وَعرْفطَة

فَقَالَ: لَا تحركا من الْمِيرَاث شَيْئا فَإِنَّهُ قد أنزل عليَّ فِيهِ شَيْء أخْبرت فِيهِ أَن للذّكر وَالْأُنْثَى نَصِيبا ثمَّ نزل بعد ذَلِك (ويستفتونك فِي النِّسَاء) (النِّسَاء الْآيَة 127) إِلَى قَوْله (عليماً) ثمَّ نزل (يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم) (النِّسَاء الْآيَة 11) إِلَى قَوْله (وَالله عليم حَلِيم) فَدَعَا بِالْمِيرَاثِ فَأعْطى الْمَرْأَة الثّمن وَقسم مَا بَقِي للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أم كُلْثُوم وَابْنَة أم كحلة أَو أم كحة وثعلبة بن أَوْس وسُويد وهم من الْأَنْصَار كَانَ أحدهم زَوجهَا وَالْآخر عَم وَلَدهَا فَقَالَت: يَا رَسُول الله توفّي زَوجي وَتَرَكَنِي وَابْنَته فَلم نورث من مَاله فَقَالَ عَم وَلَدهَا: يَا رَسُول الله لَا تركب فرسا وَلَا تنكأ عدوا ويكسب عَلَيْهَا وَلَا تكتسب فَنزلت {للرِّجَال نصيب} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا لَا يورثون النِّسَاء وَلَا الْولدَان الصغار شَيْئا يجْعَلُونَ الْمِيرَاث لذِي الْأَسْنَان من الرِّجَال فَنزلت {للرِّجَال نصيب مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ} إِلَى قَوْله {مِمَّا قلَّ مِنْهُ أَو كثر} يَعْنِي من الْمِيرَاث {نَصِيبا} يَعْنِي حظاً {مَفْرُوضًا} يَعْنِي مَعْلُوما وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {نَصِيبا مَفْرُوضًا} قَالَ: وَقفا مَعْلُوما الْآيَة 8

8

أخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا حضر الْقِسْمَة أولُوا الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين} قَالَ: هِيَ محكمَة وَلَيْسَت بمنسوخة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة قَالَ: هِيَ قَائِمَة يعْمل بهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حطَّان بن عبد الله فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: قضى بهَا أَبُو مُوسَى

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن يحيى بن يعمر قَالَ: ثَلَاث آيَات مدنيات محكمات ضيعهن كثير من النَّاس {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة وَآيَة الاسْتِئْذَان (وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم) (النُّور الْآيَة 58) وَقَوله (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى ) (الحجرات الْآيَة 13) الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن نَاسا يَزْعمُونَ أَن هَذِه الْآيَة نسخت {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة وَلَا وَالله مَا نسخت وَلكنه مِمَّا تهاون بِهِ النَّاس هما واليان: وَال يَرث فَذَاك الَّذِي يرْزق ويكسو ووال لَيْسَ بوارث فَذَاك الَّذِي يَقُول قولا مَعْرُوفا يَقُول: إِنَّه مَال يَتِيم وَمَاله فِيهِ شَيْء وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق من عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا حضر الْقِسْمَة أولُوا الْقُرْبَى} قَالَ: يرْضخ لَهُم فَإِن كَانَ فِي المَال تَقْصِير اعتذر إِلَيْهِم فَهُوَ قولا مَعْرُوفا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عمْرَة ابْنة عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر حِين قسم مِيرَاث أَبِيه أَمر بِشَاة فاشتريت من المَال وبطعام فَصنعَ فَذكرت ذَلِك لعَائِشَة فَقَالَت: عمل بِالْكتاب هِيَ لم تنسخ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ عِنْد قسْمَة مواريثهم أَن يصلوا أرحامهم وأيتامهم ومساكينهم من الْوَصِيَّة إِن كَانَ أوصى لَهُم فَإِن لم يكن لَهُم وَصِيَّة وصل إِلَيْهِم من مواريثهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: ذَلِك قبل أَن تنزل الْفَرَائِض فَأنْزل الله بعد ذَلِك الْفَرَائِض فَأعْطى كل ذِي حق حَقه فَجعلت الصَّدَقَة فِيمَا سمى الْمُتَوفَّى وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة قَالَ: نسختها آيَة الْمِيرَاث فَجعل لكل إِنْسَان نصِيبه مِمَّا ترك مِمَّا قل مِنْهُ أَو كثر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي مليكَة أَن أَسمَاء بنت عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الصّديق وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر أخبراه أَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر قسم مِيرَاث أَبِيه عبد الرَّحْمَن وَعَائِشَة حَيَّة قَالَا: فَلم يدع فِي الدَّار مِسْكينا وَلَا ذَا قرَابَة إِلَّا أعطَاهُ من مِيرَاث أَبِيه وتلا {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة قَالَ الْقَاسِم: فَذكرت ذَلِك لِابْنِ عَبَّاس فَقَالَ: مَا أصَاب لَيْسَ ذَلِك لَهُ إِنَّمَا ذَلِك للْوَصِيَّة وَإِنَّمَا هَذِه الْآيَة فِي الْوَصِيَّة يُرِيد الْمَيِّت أَن يُوصي لَهُم وَأخرج النّحاس فِي ناسخه من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} الْآيَة قَالَ: نسختها (يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم ) (النِّسَاء الْآيَة 11) الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة كَانَت قبل الْفَرَائِض كَانَ مَا ترك الرجل من مَال أعْطى مِنْهُ الْيَتِيم وَالْفَقِير والمسكين وذوو الْقُرْبَى إِذا حَضَرُوا الْقِسْمَة ثمَّ نسخ بعد ذَلِك نسختها الْمَوَارِيث فَألْحق الله بِكُل ذِي حق حَقه وَصَارَت الْوَصِيَّة من مَاله يُوصي بهَا لِذَوي قرَابَته حَيْثُ يَشَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: إِن كَانُوا كبارًا يرضخوا وَإِن كَانُوا صغَارًا اعتذروا إِلَيْهِم فَذَلِك قَوْله {قولا مَعْرُوفا} وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا يرضخون لِذَوي الْقَرَابَة حَتَّى نزلت الْفَرَائِض وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مَالك قَالَ: نسختها آيَة الْمِيرَاث الْآيَة 9

9

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وليخش الَّذين لَو تركُوا} الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الرجل يحضر الرجل عِنْد مَوته فيسمعه يُوصي وَصِيَّة يضر بورثته فَأمر الله الَّذِي يسمعهُ أَن يَتَّقِي الله ويوفقه ويسدده للصَّوَاب ولينظر لوَرثَته كَمَا يحب أَن يصنع بورثته إِذا خشِي عَلَيْهِم الضَّيْعَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي الرجل يحضرهُ الْمَوْت فَيُقَال لَهُ: تصدق من مَالك وَأعْتق وَأعْطِ مِنْهُ فِي سَبِيل الله فنهوا أَن يأمروا بذلك يَعْنِي أَن من حضر مِنْكُم مَرِيضا عِنْد الْمَوْت فَلَا يَأْمُرهُ أَن ينْفق مَاله فِي الْعتْق أَو فِي الصَّدَقَة أَو فِي سَبِيل الله وَلَكِن يَأْمُرهُ أَن يبين مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ من دين ويوصي من مَاله لِذَوي قرَابَته الَّذين لَا يَرِثُونَ يُوصي لَهُم بالخمس أَو الرّبع يَقُول: لَيْسَ لأحدكم إِذا مَاتَ وَله ولد ضِعَاف - يَعْنِي صغَارًا - أَن يتركهم بِغَيْر مَال فيكونون عيالاً على النَّاس وَلَا يَنْبَغِي لكم أَن تأمروه بِمَا لَا ترْضونَ بِهِ لأنفسكم ولأولادكم وَلَكِن قُولُوا الْحق فِي ذَلِك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَعْنِي بذلك الرجل يَمُوت وَله أَوْلَاد صغَار ضِعَاف يخَاف عَلَيْهِم الْعيلَة والضيعة وَيخَاف بعده أَن لَا يحسن إِلَيْهِم من يليهم يَقُول: فَإِن ولي مثل ذُريَّته ضعافاً يتامى فليحسن إِلَيْهِم وَلَا يَأْكُل أَمْوَالهم إسرافاً وبداراً أَن يكبروا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِذا حضر الرجل عِنْد الْوَصِيَّة فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَن يُقَال: أوص بِمَالك فَإِن الله رَازِق ولدك وَلَكِن يُقَال لَهُ: قدم لنَفسك واترك لولدك فَذَلِك القَوْل السديد فَإِن الَّذِي يَأْمر بِهَذَا يخَاف على نَفسه الْعيلَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وآدَم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل إِذا حضر يُقَال لَهُ: أوص لفُلَان أوص لفُلَان وَافْعل كَذَا وَافْعل كَذَا حَتَّى يضر ذَلِك بورثته فَقَالَ الله {وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم ذُرِّيَّة ضعافاً خَافُوا عَلَيْهِم} قَالَ: لينظروا لوَرَثَة هَذَا كَمَا ينظر هَذَا لوَرَثَة نَفسه فليتقوا الله وليأمروه بِالْعَدْلِ وَالْحق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم} يَعْنِي من بعد مَوْتهمْ {ذُرِّيَّة ضعافاً} يَعْنِي عجزة لَا حِيلَة لَهُم {خَافُوا عَلَيْهِم} يَعْنِي على ولد الْمَيِّت الضَّيْعَة كَمَا يخَافُونَ على ولد أنفسهم {فليتقوا الله وليقولوا} للْمَيت إِذا جَلَسُوا إِلَيْهِ {قولا سديداً} يَعْنِي عدلا فِي وَصيته فَلَا يجور وَأخرج ابْن جرير عَن الشَّيْبَانِيّ قَالَ: كُنَّا بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ أَيَّام مسلمة بن عبد الْملك وَفينَا ابْن محيريز وَابْن الديلمي وهانىء بن كُلْثُوم فَجعلنَا نتذاكر مَا يكون

فِي آخر الزَّمَان فضقت ذرعاً بِمَا سَمِعت فَقلت لِابْنِ الديلمي: يَا أَبَا بشر يودّني أَنه لَا يُولد لي ولد أبدا فَضرب بِيَدِهِ على مَنْكِبي وَقَالَ: يَا ابْن أخي لَا تفعل فَإِنَّهُ لَيست من نسمَة كتب الله لَهَا أَن تخرج من صلب رجل وَهِي خَارِجَة إِن شَاءَ وَإِن أَبى قَالَ: أَلا أدلك على أَمر إِن أَنْت أَدْرَكته نجاك الله مِنْهُ وَإِن تركت ولدك من بعْدك حفظهم الله فِيك قلت: بلَى فَتلا عليّ هَذِه الْآيَة {وليخش الَّذين لَو تركُوا من خَلفهم ذُرِّيَّة ضعافاً} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا الله فِي الضعيفين: الْيَتِيم وَالْمَرْأَة أيتمه ثمَّ أوصى بِهِ وابتلاه وابتلى بِهِ الْآيَة 10

10

أخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي بَرزَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة قوم من قُبُورهم تأجج أَفْوَاههم نَارا فَقيل: يَا رَسُول الله من هم قَالَ: ألم تَرَ إِن الله يَقُول {إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ حَدثنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَيْلَة أسرِي بِهِ قَالَ: نظرت فَإِذا أَنا بِقوم لَهُم مشافر كمشافر الْإِبِل وَقد وكِّل بهم من يَأْخُذ بمشافرهم ثمَّ يَجْعَل فِي أَفْوَاههم صخرا من نَار فتقذف فِي فِي أحدهم حَتَّى تخرج من أسافلهم وَلَهُم خوار وصراخ فَقلت: يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ {الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا وسيصلون سعيراً} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِذا قَامَ الرجل يَأْكُل مَال الْيَتِيم ظلما يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة وَلَهَب النَّار يخرج من فِيهِ وَمن مسامعه وَمن أُذُنَيْهِ وَأَنْفه وَعَيْنَيْهِ يعرفهُ من رَآهُ بآكل مَال الْيَتِيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر قَالَ: من أكل مَال الْيَتِيم فَإِنَّهُ

يُؤْخَذ بمشفره يَوْم الْقِيَامَة فَيمْلَأ فوه جمراً فَيُقَال لَهُ: كل كَمَا أَكلته فِي الدُّنْيَا ثمَّ يدْخل السعير الْكُبْرَى وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه لأهل الشّرك حِين كَانُوا لَا يورثونهم ويأكلون أَمْوَالهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {سعيراً} يَعْنِي وقوداً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ السعير وَاد من فيح فِي جَهَنَّم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَربع حق على الله أَن لَا يدخلهم الْجنَّة وَلَا يذيقهم نعيماً: مدمن الْخمر وآكل رَبًّا وآكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حق والعاق لوَالِديهِ الْآيَة 11

11

أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن جَابر بن عبد الله قَالَ عادني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر فِي بني سَلمَة ماشيين فوجدني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أَعقل شَيْئا فَدَعَا بِمَاء فَتَوَضَّأ مِنْهُ ثمَّ رش عليَّ فَأَفَقْت فَقلت: مَا تَأْمُرنِي أَن أصنع فِي مَالِي يَا رَسُول الله فَنزلت {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم عَن جَابر قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودنِي وَأَنا

مَرِيض فَقلت: كَيفَ أقسم مَالِي بَين وَلَدي فَلم يرد عَليّ شَيْئا وَنزلت {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة ومسدد وَالطَّيَالِسِي وَابْن أبي عمر وَابْن منيع وَابْن أبي أُسَامَة وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر قَالَ جَاءَت امْرَأَة سعد بن الرّبيع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله هَاتَانِ ابنتا سعد بن الرّبيع قتل أَبوهُمَا مَعَك فِي أحد شَهِيدا وَأَن عَمهمَا أَخذ مَالهمَا فَلم يدع لَهما مَالا وَلَا ينكحان إِلَّا وَلَهُمَا مَال فَقَالَ: يقْضِي الله فِي ذَلِك فَنزلت آيَة الْمِيرَاث {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم} الْآيَة فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَمهمَا فَقَالَ: أعْط ابْنَتي سعد الثُّلثَيْنِ وأمهما الثّمن وَمَا بَقِي فَهُوَ لَك وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ المَال للْوَلَد وَكَانَت الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين فنسخ الله من ذَلِك مَا أحب فَجعل للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَجعل لِلْأَبَوَيْنِ لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مَعَ الْوَلَد وَجعل للزَّوْجَة الثّمن وَالرّبع وَللزَّوْج الشّطْر وَالرّبع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت آيَة الْفَرَائِض الَّتِي فرض الله فِيهَا مَا فرض للْوَلَد الذّكر وَالْأُنْثَى والأبوين كرهها النَّاس أَو بَعضهم وَقَالُوا: نعطي الْمَرْأَة الرّبع أَو الثّمن ونعطي الإبنة النّصْف ونعطي الْغُلَام الصَّغِير وَلَيْسَ من هَؤُلَاءِ أحد يُقَاتل الْقَوْم وَلَا يحوز الْغَنِيمَة وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يُعْطون الْمِيرَاث إِلَّا لمن قَاتل الْقَوْم ويعطونه الْأَكْبَر فالأكبر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} قَالَ: صَغِيرا أَو كَبِيرا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون الْجَوَارِي وَلَا الضُّعَفَاء من الغلمان لَا يَرث الرجل من وَالِده إِلَّا من أطَاق الْقِتَال فَمَاتَ عبد الرَّحْمَن أَخُو حسان الشَّاعِر وَترك امْرَأَة لَهُ يُقَال لَهَا أم كحة وَترك خمس جوَار فَجَاءَت الْوَرَثَة فَأخذُوا مَاله فشكت أم كحة ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {فَإِن كن نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك وَإِن كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف}

ثمَّ قَالَ: فِي أم كحة (ولهن الرّبع مِمَّا تركْتُم إِن لم يكن لكم ولد فَإِن كَانَ لكم ولد فَلَهُنَّ الثّمن) (النِّسَاء الْآيَة 12) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {فَإِن كن نسَاء} يَعْنِي بَنَات {فَوق اثْنَتَيْنِ} يَعْنِي أَكثر من اثْنَتَيْنِ أَو كن اثْنَتَيْنِ لَيْسَ مَعَهُنَّ ذكر {فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك} الْمَيِّت والبقية للْعصبَةِ {وَإِن كَانَت وَاحِدَة} يَعْنِي ابْنة وَاحِدَة فلهَا النّصْف {ولأبويه} يَعْنِي أَبَوي الْمَيِّت {لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مِمَّا ترك إِن كَانَ لَهُ ولد} يَعْنِي ذكرا كَانَ أوكانتا اثْنَتَيْنِ فَوق ذَلِك وَلم يكن مَعَهُنَّ ذكر فَإِن كَانَ الْوَلَد ابْنة وَاحِدَة فلهَا نصف المَال ثَلَاثَة أَسْدَاس وَللْأَب سدس وَيبقى سدس وَاحِد فَيرد ذَلِك على الْأَب لِأَنَّهُ هُوَ الْعصبَة {فَإِن لم يكن لَهُ ولد} قَالَ: ذكر وَلَا أُنْثَى {وورَّثه أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث} وَبَقِيَّة المَال للْأَب {فَإِن كَانَ لَهُ} يَعْنِي للْمَيت {إخْوَة} قَالَ: أَخَوان فَصَاعِدا أَو أختَان أَو أَخ أَو أُخْت {فلأمه السُّدس} وَمَا بَقِي فللأب وَلَيْسَ للإخوة مَعَ الْأَب شَيْء وَلَكنهُمْ حجبوا الْأُم عَن الثُّلُث {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا} فِيمَا بَينه وَبَين الثُّلُث لغير الْوَرَثَة وَلَا تجوز وَصِيَّة لوَارث {أَو دين} يَعْنِي يحم الْمِيرَاث للْوَرَثَة من بعد دين على الْمَيِّت {فَرِيضَة من الله} يَعْنِي مَا ذكر من قسْمَة الْمِيرَاث {إِن الله كَانَ عليماً حكيماً} حكم قسمه وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن ثَابت قَالَ: توفّي الرجل أَو الْمَرْأَة وَترك بِنْتا فلهَا النّصْف فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَأكْثر فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ وَإِن كَانَ مَعَهُنَّ ذكر فَلَا فَرِيضَة لأحد مِنْهُم وَيبدأ بِأحد إِن شركهن بفريضة فَيعْطى فريضته وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب إِذا سلك بِنَا طَرِيقا فاتبعناه وَجَدْنَاهُ سهلاً وَإنَّهُ سُئِلَ عَن امْرَأَة وأبوين فَقَالَ: للْمَرْأَة الرّبع وَللْأُمّ ثلث مَا بَقِي وَمَا بَقِي فللأب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة قَالَ: أَرْسلنِي ابْن عَبَّاس إِلَى زيد بن ثَابت أسأله عَن زوج وأبوين فَقَالَ زيد: للزَّوْج النّصْف وَللْأُمّ ثلث مَا بَقِي وَللْأَب بَقِيَّة المَال فَأرْسل إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس: أَفِي كتاب الله تَجِد هَذَا قَالَ: لَا وَلَكِن أكره أَن أفضل أما على أَب قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يُعْطي الْأُم الثُّلُث من جَمِيع المَال

وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه دخل على عُثْمَان فَقَالَ: إِن الْأَخَوَيْنِ لَا يردان الْأُم عَن الثُّلُث قَالَ الله {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة} فالأخوان ليسَا بِلِسَان قَوْمك إخْوَة فَقَالَ عُثْمَان: لَا أَسْتَطِيع أَن أرد مَا كَانَ قبلي وَمضى فِي الْأَمْصَار وتوارث بِهِ النَّاس وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن ثَابت أَنه كَانَ يحجب الْأُم بالأخوين فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا سعيد إِن الله يَقُول {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة} وَأَنت تحجبها بأخوين فَقَالَ: إِن الْعَرَب تسمي الْأَخَوَيْنِ إخْوَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِن كَانَ لَهُ إخْوَة فلأمه السُّدس} قَالَ: أضروا بِالْأُمِّ وَلَا يَرِثُونَ وَلَا يحجبها الْأَخ الْوَاحِد من الثُّلُث ويحجبها مَا فَوق ذَلِك وَكَانَ أهل الْعلم يرَوْنَ أَنهم إِنَّمَا حجبوا أمّهم من الثُّلُث لِأَن أباهم يَلِي نكاحهم وَالنَّفقَة عَلَيْهِم دون أمّهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السُّدس الَّذِي حَجَبته الْإِخْوَة الْأُم لَهُم إِنَّمَا حجبوا أمّهم عَنهُ ليَكُون لَهُم دون أمّهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ قَالَ: إِنَّكُم تقرؤون هَذِه الْآيَة {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بِالدّينِ قبل الْوَصِيَّة وَإِن أَعْيَان بني الْأُم يتوارثون دون بني العلات وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين} قَالَ: يبْدَأ بِالدّينِ قبل الْوَصِيَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {آباؤكم وأبناؤكم لَا تَدْرُونَ أَيهمْ أقرب لكم نفعا} يَقُول: أطوعكم لله من الْآبَاء وَالْأَبْنَاء أرفعكم دَرَجَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة لِأَن الله شفع الْمُؤمنِينَ بَعضهم فِي بعض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَيهمْ أقرب لكم نفعا} قَالَ: فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {أَيهمْ أقرب لكم نفعا} قَالَ بَعضهم: فِي نفع الْآخِرَة وَقَالَ بَعضهم: فِي نفع الدُّنْيَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمِيرَاث للْوَلَد فَانْتزع الله مِنْهُ للزَّوْج وَالْوَالِد

الْآيَة 12

12

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلكم نصف مَا ترك أزواجكم} الْآيَة يَقُول: للرجل نصف مَا تركت امْرَأَته إِذا مَاتَت إِن لم يكن لَهَا ولد من زَوجهَا الَّذِي مَاتَت عَنهُ أَو من غَيره فَإِن كَانَ لَهَا ولد ذكر أَو أُنْثَى فَللزَّوْج الرّبع مِمَّا تركت من المَال من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا النِّسَاء أَو دين عَلَيْهِنَّ - والدّين قبل الْوَصِيَّة فِيهَا تَقْدِيم - {ولهن الرّبع} الْآيَة يَعْنِي للْمَرْأَة الرّبع مِمَّا ترك زَوجهَا من الْمِيرَاث إِن لم يكن لزَوجهَا الَّذِي مَاتَ عَنْهَا ولد مِنْهَا وَلَا من غَيرهَا فَإِن كَانَ للرجل ولد ذكر أَو أُنْثَى فلهَا الثّمن مِمَّا ترك الزَّوْج من المَال وَإِن كَانَ رجل أَو امْرَأَة يُورث كَلَالَة - والكلالة الْمَيِّت الَّذِي لَيْسَ لَهُ ولد وَلَا وَالِد - {فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك} يَعْنِي أَكثر من وَاحِد إثنين إِلَى عشرَة فَصَاعِدا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد والدرامي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعد بن أبي وَقاص أَنه كَانَ يقْرَأ / وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة وَله أَخ أَو أُخْت من أم / وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ: مَا ورث أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِخْوَة من الْأُم مَعَ الْجد شَيْئا قطّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَله أَخ أَو أُخْت} قَالَ:

هَؤُلَاءِ الْإِخْوَة من الْأُم فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث قَالَ: ذكرهم وأنثاهم فِيهِ سَوَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب قَالَ: قضى عمر بن الْخطاب أَن مِيرَاث الْإِخْوَة من الْأُم بَينهم الذّكر فِيهِ مثل الْأُنْثَى قَالَ: وَلَا أرى عمر بن الْخطاب قضى بذلك حَتَّى علمه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولهذه الْآيَة الَّتِي قَالَ الله {فَإِن كَانُوا أَكثر من ذَلِك فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث} وَأخرج الْحَاكِم عَن عمر وَعلي وَابْن مَسْعُود وَزيد فِي أم وَزوج وإخوة لأَب وَأم وإخوة لأم إِن الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم شُرَكَاء الْإِخْوَة من الْأُم فِي ثلثهم وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا: هم بَنو أم كلهم وَلم تزدهم الْأُم إِلَّا قرباً فهم شُرَكَاء فِي الثُّلُث وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن ثَابت فِي المشركة قَالَ: هبوا أَن أباهم كَانَ حمارا مَا زادهم الْأَب إِلَّا قرباً وأشرك بَينهم فِي الثُّلُث ذكر الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْفَرَائِض أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمُوا الْفَرَائِض وعلموه النَّاس فَإِنَّهُ نصف الْعلم وَإنَّهُ ينسى وَهُوَ أول مَا ينْزع من أمتِي وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمُوا الْفَرَائِض وعلموها النَّاس فَإِنِّي امْرُؤ مَقْبُوض وَإِن الْعلم سيقبض وَتظهر الْفِتَن حَتَّى يخْتَلف الإثنان فِي الْفَرَائِض لَا يجدان من يقْضِي بهَا وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن الْمسيب قَالَ: كتب عمر إِلَى أبي مُوسَى: إِذا لهوتم فالهوا بِالرَّمْي وَإِذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: تعلمُوا الْفَرَائِض واللحن وَالسّنة كَمَا تعلمُونَ الْقُرْآن وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: تعلمُوا الْفَرَائِض فَإِنَّهَا من دينكُمْ وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ مِنْكُم الْقُرْآن فليتعلم الْفَرَائِض فَإِن لقِيه أَعْرَابِي قَالَ: يَا مهَاجر أَتَقْرَأُ الْقُرْآن فَيَقُول: نعم فَيَقُول: وَأَنا أَقرَأ فَيَقُول الْأَعرَابِي: أتفرض يَا مهَاجر فَإِن قَالَ: نعم قَالَ: زِيَادَة خير وَإِن قَالَ: لَا قَالَ: فَمَا فضلك عليَّ يَا مهَاجر

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: تعلمُوا الْفَرَائِض وَالْحج وَالطَّلَاق فَإِنَّهُ من دينكُمْ وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَفْرَضُ أمتِي زيد بن ثَابت وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَوْلَا أَن زيد بن ثَابت كتب الْفَرَائِض لرأيت أَنَّهَا ستذهب من النَّاس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركب إِلَى قبَاء يستخير فِي مِيرَاث الْعمة وَالْخَالَة فَأنْزل الله عَلَيْهِ لَا مِيرَاث لَهما وَأخرجه الْحَاكِم مَوْصُولا من طَرِيق عَطاء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب أَنه كَانَ يَقُول: عجبا للعمة تورِث وَلَا تَرث وَأخرج الْحَاكِم عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ: جَاءَت الْجدّة إِلَى أبي بكر فَقَالَت: إِن لي حَقًا فِي ابْن ابْن أَو ابْن ابْنة لي مَاتَ قَالَ: مَا علمت لَك حَقًا فِي كتاب الله وَلَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ شَيْئا وسأسأل فَشهد الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَاهَا السُّدس قَالَ: من شهد ذَلِك مَعَك فَشهد مُحَمَّد بن مسلمة فَأَعْطَاهَا أَبُو بكر السُّدس وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن ثَابت أَن عمر لما استشارهم فِي مِيرَاث الْجد وَالإِخْوَة قَالَ زيد: كَانَ رَأْيِي أَن الْإِخْوَة أولى بِالْمِيرَاثِ وَكَانَ عمر يرى يَوْمئِذٍ أَن الْجد أولى من الْإِخْوَة فحاورته وَضربت لَهُ مثلا وَضرب عَليّ وَابْن عَبَّاس لَهُ مثلا يَوْمئِذٍ السَّيْل يَضْرِبَانِهِ ويصرفانه على نَحْو تصريف زيد وَأخرج الْحَاكِم عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: إِن من قَضَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للجدتين من الْمِيرَاث السُّدس بَينهمَا بِالسَّوِيَّةِ وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول من أعال الْفَرَائِض عمر تدافعت عَلَيْهِ وَركب بَعْضهَا بَعْضًا قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي كَيفَ أصنع بكم وَالله مَا أَدْرِي أَيّكُم قدَّم الله وَلَا أَيّكُم أخَّر وَمَا أجد فِي هَذَا المَال شَيْئا أحسن من أَن أقسمه عَلَيْكُم بِالْحِصَصِ ثمَّ قَالَ ابْن عَبَّاس: وأيم الله لَو قدَّم من قدَّم الله وأخَّر من أخر الله مَا عالت فريضته فَقيل لَهُ: وأيها قدَّم الله قَالَ: كل فَرِيضَة لم يهبطها الله من

فَرِيضَة إِلَّا إِلَى فَرِيضَة: فَهَذَا مَا قدَّم الله وكل فَرِيضَة إِذا زَالَت عَن فَرضهَا لم يكن لَهَا إِلَّا مَا بَقِي فَتلك الَّتِي أخَّر الله فَالَّذِي قدَّم كالزوجين وَالأُم وَالَّذِي أخَّر كالأخوات وَالْبَنَات فَإِذا اجْتمع من قدم الله وَأخر بدىء بِمن قدَّم فَأعْطى حَقه كَامِلا فَإِن بَقِي شَيْء كَانَ لَهُنَّ وَإِن لم يبْق شَيْء فَلَا شَيْء لَهُنَّ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَرَوْنَ الَّذِي أحصى رمل عالج عددا جعل فِي المَال نصفا وَثلثا وربعاً إِنَّمَا هُوَ نِصْفَانِ وَثَلَاثَة أَثلَاث وَأَرْبَعَة أَربَاع وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عَطاء قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أَن النَّاس لَا يَأْخُذُونَ بِقَوْلِي وَلَا بِقَوْلِك وَلَو متُّ أَنا وَأَنت مَا اقتسموا مِيرَاثا على مَا تَقول: قَالَ: فليجتمعوا فلنضع أَيْدِينَا على الرُّكْن ثمَّ نبتهل فَنَجْعَل لعنة الله على الْكَاذِبين مَا حكم الله بِمَا قَالُوا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن ثَابت أَنه أول من أعال الْفَرَائِض وَأكْثر مَا بلغ الْعَوْل مثل ثُلثي رَأس الْفَرِيضَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: من شَاءَ لَاعَنته عِنْد الْحجر الْأسود إِن الله لم يذكر فِي الْقُرْآن جدا وَلَا جدة إِن هم إِلَّا الْآبَاء ثمَّ تَلا (وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب) (يُوسُف الْآيَة 38) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أجرؤكم على قسم الْجد أجرؤكم على النَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر قَالَ: أجرؤكم على جراثيم جَهَنَّم أجرؤكم على الْجد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن عَليّ قَالَ: من سرَّه أَن يتقحَّم جراثيم جَهَنَّم فليقض بَين الْجد وَالإِخْوَة وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَرث الْكَافِر الْمُسلم وَلَا الْمُسلم الْكَافِر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: مَا أحدث فِي الْإِسْلَام قَضَاء بعد قَضَاء أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ أعجب إليَّ من قَضَاء مُعَاوِيَة إِنَّا نرثهم وَلَا يرثونا كَمَا أَن النِّكَاح يحل لنا فيهم وَلَا يحلُّ لَهُم فِينَا

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ للْقَاتِل من الْمِيرَاث شَيْء قَوْله تَعَالَى: {غير مضار} الْآيَة أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {من بعد وَصِيَّة يُوصي بهَا أَو دين غير مضار} يَعْنِي من غير ضرار لَا يقر بِحَق لَيْسَ عَلَيْهِ وَلَا يُوصي بِأَكْثَرَ من الثُّلُث مضار للْوَرَثَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {غير مضار} قَالَ: فِي الْمِيرَاث لأَهله وَأخرج النَّسَائِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الضرار فِي الْوَصِيَّة من الْكَبَائِر ثمَّ قَرَأَ {غير مضار} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الأضرار فِي الْوَصِيَّة من الْكَبَائِر وَأخرج مَالك وَالطَّيَالِسِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْجَارُود وَابْن حبَان عَن سعد بن أبي وَقاص أَنه مرض مَرضا أشفي مِنْهُ فَأَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعودهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي مَالا كثيرا وَلَيْسَ يَرِثنِي إِلَّا ابْنة أفأتصدق بالثلثين قَالَ: لَا قَالَ: فَالشَّطْر قَالَ: لَا قَالَ: فَالثُّلُث قَالَ: الثُّلُث وَالثلث إِنَّك أَن تذر وَرثتك أَغْنِيَاء خير من أَن تذرهم عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ بن جبل قَالَ: إِن الله تصدق عَلَيْكُم بِثلث أَمْوَالكُم زِيَادَة فِي حَيَاتكُم يَعْنِي الْوَصِيَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وددت أَن النَّاس غضوا من الثُّلُث إِلَى الرّبع لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الثُّلُث كثير وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: ذكر عِنْد عمر الثُّلُث فِي الْوَصِيَّة قَالَ: الثُّلُث وسط لَا بخس وَلَا شطط

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لِأَن أوصِي بالخمس أحبُّ إليَّ من أَن أوصِي بِالربعِ وَلِأَن أوصِي بِالربعِ أحب إِلَيّ من أَن أوصِي بِالثُّلثِ وَمن أوصِي بِالثُّلثِ لم يتْرك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: الَّذِي يُوصي بالخمس أفضل من الَّذِي يُوصي بِالربعِ وَالَّذِي يُوصي بِالربعِ أفضل من الَّذِي يُوصي بِالثُّلثِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ يُقَال: السُّدس خير من الثُّلُث فِي الْوَصِيَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ: من أوصى بِوَصِيَّة لم يحف فِيهَا وَلم يضار أحدا كَانَ لَهُ من الْأجر مَا لَو تصدق فِي حَيَاته فِي صِحَّته وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يَمُوت الرجل قبل أَن يُوصي قبل أَن تنزل الْمَوَارِيث آيَة 13 - 14

13

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {تِلْكَ حُدُود الله} يَعْنِي طَاعَة الله يَعْنِي الْمَوَارِيث الَّتِي سمى وَقَوله {ويتعدَّ حُدُوده} يَعْنِي من لم يرض بقسم الله وتعدَّى مَا قَالَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {تِلْكَ حُدُود الله} بقول: شُرُوط الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {تِلْكَ حُدُود الله} يَعْنِي سنة الله وَأمره فِي قسْمَة الْمِيرَاث {وَمن يطع الله وَرَسُوله} فَيقسم الْمِيرَاث كَمَا أمره الله {وَمن يعْص الله وَرَسُوله} قَالَ: يُخَالف أمره فِي قسْمَة الْمَوَارِيث {يدْخلهُ نَارا خَالِدا فِيهَا}

يَعْنِي من يكفر بقسمة الْمَوَارِيث وهم المُنَافِقُونَ كَانُوا لَا يعدون أَن للنِّسَاء وَالصبيان الصغار من الْمِيرَاث نَصِيبا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَمن يطع الله وَرَسُوله} قَالَ: فِي شَأْن الْمَوَارِيث الَّتِي ذكر قبل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {تِلْكَ حُدُود الله} الَّتِي حد لخلقه وفرائضه بَينهم فِي الْمِيرَاث وَالْقِسْمَة فَانْتَهوا إِلَيْهَا وَلَا تعدوها إِلَى غَيرهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَمن يطع الله وَرَسُوله} قَالَ: من يُؤمن بِهَذِهِ الْفَرَائِض وَفِي قَوْله {وَمن يعْص الله وَرَسُوله} قَالَ من لَا يُؤمن بهَا وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل الْخَيْر سبعين سنة فَإِذا أوصى حاف فِي وَصيته فيختم لَهُ بشر عمله فَيدْخل النَّار وَإِن الرجل ليعْمَل بِعَمَل أهل الشَّرّ سبعين سنة فيعدل فِي وَصيته فيختم لَهُ بِخَير عمله فَيدْخل الْجنَّة ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: اقرأوا إِن شِئْتُم {تِلْكَ حُدُود الله} إِلَى قَوْله {عَذَاب مهين} وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قطع مِيرَاثا فَرْضه الله قطع الله مِيرَاثه من الْجنَّة وَأخرج ابْن مَاجَه من وَجه آخر عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قطع مِيرَاث وَارثه قطع الله مِيرَاثه من الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من وَجه ثَالِث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قطع مِيرَاثا فَرْضه الله وَرَسُوله قطع الله بِهِ مِيرَاثه من الْجنَّة وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن السَّاعَة لَا تقوم حَتَّى لَا يقسم مِيرَاث وَلَا يفرح بغنيمة عَدو الْآيَة 15

15

أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة} الْآيَة قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة إِذا فجرت حبست فِي الْبيُوت فَإِن مَاتَت مَاتَت وَإِن عاشت عاشت حَتَّى نزلت الْآيَة فِي سُورَة النُّور (الزَّانِيَة وَالزَّانِي) (النُّور الْآيَة 2) فَجعل الله لهنَّ سَبِيلا فَمن عمل شَيْئا جلد وَأرْسل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة إِذا زنت حبست فِي الْبَيْت حَتَّى تَمُوت ثمَّ أنزل الله بعد ذَلِك (الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة) (النُّور الْآيَة 2) فَإِن كَانَا محصنين رجما فَهَذَا السَّبِيل الَّذِي جعله الله لَهما وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم} وَقَوله {لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} الطَّلَاق الْآيَة 1 وَقَوله {وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} النِّسَاء الْآيَة 19 قَالَ: كَانَ ذكر الْفَاحِشَة فِي هَؤُلَاءِ الْآيَات قبل أَن تنزل سُورَة النُّور بِالْجلدِ وَالرَّجم فَإِن جَاءَت الْيَوْم بِفَاحِشَة مبينَة فَإِنَّهَا تخرج فترجم فنسختها هَذِه الْآيَة {الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة} النُّور الْآيَة 2 والسبيل الَّذِي جعل الله لَهُنَّ الْجلد وَالرَّجم وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم} إِلَى قَوْله {سَبِيلا} وَذكر الرجل بعد الْمَرْأَة ثمَّ جَمعهمَا جَمِيعًا فَقَالَ (واللذان يأتيانهما مِنْكُم فآذوهما ) (النِّسَاء الْآيَة 16) الْآيَة ثمَّ نسخ ذَلِك بِآيَة الْجلد فَقَالَ: (الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة) (النُّور الْآيَة 2) وَأخرج آدم الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة من نِسَائِكُم}

يَعْنِي الزِّنَا كَانَ أَمر أَن يحبس ثمَّ نسختها (الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا) (النُّور الْآيَة 2) وَأخرج آدم وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ السَّبِيل الْحَد وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة} الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا بَدْء عُقُوبَة الزِّنَا كَانَت الْمَرْأَة تحبس ويؤذيان جَمِيعًا ويعيران بالْقَوْل وبالسب ثمَّ إِن الله أنزل بعد ذَلِك فِي سُورَة النُّور جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا فَصَارَت السّنة فِيمَن أحصن بِالرَّجمِ بِالْحِجَارَةِ وفيمن لم يحصن جلد مائَة وَنفي سنة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد والنحاس عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: نسختها الْحُدُود وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْحسن فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة} الْآيَة قَالَ: كَانَ أول حُدُود النِّسَاء أَن يحبسن فِي بيُوت لَهُنَّ حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي فِي النُّور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {واللاتي يَأْتِين الْفَاحِشَة} يَعْنِي الزِّنَا {من نِسَائِكُم} يَعْنِي الْمَرْأَة الثّيّب من الْمُسلمين {فاستشهدوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَة مِنْكُم} يَعْنِي من الْمُسلمين الْأَحْرَار {فَإِن شهدُوا} يَعْنِي بِالزِّنَا {فأمسكوهن} يَعْنِي احبسوهن {فِي الْبيُوت} يَعْنِي فِي السجون وَكَانَ هَذَا فِي أول الْإِسْلَام كَانَت الْمَرْأَة إِذا شهد عَلَيْهَا أَرْبَعَة من الْمُسلمين عدُول بِالزِّنَا حبست فِي السجْن فَإِن كَانَ لَهَا زوج أَخذ الْمهْر مِنْهَا وَلكنه ينْفق عَلَيْهَا من غير طَلَاق وَلَيْسَ عَلَيْهَا حد وَلَا يُجَامِعهَا وَلَكِن يحبسها فِي السجْن {حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت} يَعْنِي حَتَّى تَمُوت الْمَرْأَة وَهِي على تِلْكَ الْحَال {أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا} يَعْنِي مخرجا من الْحَبْس والمخرج الْحَد وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ اللَّاتِي قد أنكحن وَأحْصن إِذا زنت الْمَرْأَة كَانَت تحبس فِي الْبيُوت وَيَأْخُذ زَوجهَا مهرهَا فَهُوَ لَهُ وَذَلِكَ قَوْله (وَلَا يحل لكم أَن تَأْخُذُوا مِمَّا أتيتموهن شَيْئا) (الْبَقَرَة الْآيَة 229) (إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة) الزِّنَا حَتَّى جَاءَت الْحُدُود فنسختها فجلدت ورجمت وَكَانَ مهرهَا مِيرَاثا فَكَانَ السَّبِيل هُوَ الْحَد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالشَّافِعِيّ وَالطَّيَالِسِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد والدرامي وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْجَارُود والطَّحَاوِي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَابْن حبَان عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي كرب لذَلِك وَتَربد وَجهه وَفِي لفظ لِابْنِ جرير: يَأْخُذهُ كَهَيئَةِ الغشي لما يجد من ثقل ذَلِك فَأنْزل الله عَلَيْهِ ذَات يَوْم فَلَمَّا سري عَنهُ قَالَ: خُذُوا عني قد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا الثّيّب جلد مائَة ورجم بِالْحِجَارَةِ وَالْبكْر جلد مائَة ثمَّ نفي سنة وَأخرج أَحْمد عَن سَلمَة بن المحبق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خُذُوا عني خُذُوا عني قد جعل الله لَهُنَّ سَبِيلا الْبكر بالبكر جلد مائَة وَنفي سنة وَالثَّيِّب بِالثَّيِّبِ جلد مائَة وَالرَّجم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت الْفَرَائِض فِي سُورَة النِّسَاء قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا حبس بعد سُورَة النِّسَاء الْآيَة 16

16

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واللذان يأتيانها مِنْكُم} الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل إِذا زنى أوذي بالتعيير وَضرب بالنعال فَأنْزل الله بعد هَذِه الْآيَة (الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة) (النُّور الْآيَة 2) وَإِن كَانَا غير محصنين رجما فِي سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {واللذان يأتيانها مِنْكُم} قَالَ: الرّجلَانِ الفاعلان وَأخرج آدم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فآذوهما} يَعْنِي سبأ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {واللذان} يَعْنِي البكرين اللَّذين لم يحصنا {يأتيانها} يَعْنِي الْفَاحِشَة وَهِي الزِّنَا {مِنْكُم} يَعْنِي من الْمُسلمين {فآذوهما} يَعْنِي بِاللِّسَانِ بالتعيير وَالْكَلَام الْقَبِيح لَهما بِمَا عملا وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا

حبس لِأَنَّهُمَا بكران وَلَكِن يعيران ليتوبا ويندما {فَإِن تابا} يَعْنِي من الْفَاحِشَة {وأصلحا} يَعْنِي الْعَمَل {فأعرضوا عَنْهُمَا} يَعْنِي لَا تسمعوهما الْأَذَى بعد التَّوْبَة {إِن الله كَانَ تَوَّابًا رحِيما} فَكَانَ هَذَا يفعل بالبكر وَالثَّيِّب فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نزل حد الزَّانِي فَصَارَ الْحَبْس والأذى مَنْسُوخا نسخته الْآيَة الَّتِي فِي السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا النُّور (الزَّانِيَة وَالزَّانِي ) (النُّور الْآيَة 2) وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء {واللذان يأتيانها مِنْكُم} قَالَ: الرجل وَالْمَرْأَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: ثمَّ ذكر الْجَوَارِي والفتيان الَّذين لم ينكحوا فَقَالَ {واللذان يأتيانها مِنْكُم} الْآيَة فَكَانَت الْجَارِيَة والفتى إِذا زَنَيَا يعنفان ويعيران حَتَّى يتركا ذَلِك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {فَإِن تابا وأصلحا فأعرضوا عَنْهُمَا} قَالَ: عَن تعييرهما الْآيَة 17 - 18

17

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {إِنَّمَا التَّوْبَة على الله} الْآيَة قَالَ: هَذِه للْمُؤْمِنين وَفِي قَوْله {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات} قَالَ: هَذِه لأهل النِّفَاق {وَلَا الَّذين يموتون وهم كفار} قَالَ: هَذِه لأهل الشّرك وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: نزلت الأولى فِي الْمُؤمنِينَ وَنزلت الْوُسْطَى فِي الْمُنَافِقين وَالْأُخْرَى فِي الْكفَّار

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن أبي الْعَالِيَة أَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يَقُولُونَ: كل ذَنْب أَصَابَهُ عبد فَهُوَ جَهَالَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: اجْتمع أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَوْا أَن كل شَيْء عصي بِهِ فَهُوَ جَهَالَة عمدا كَانَ أَو غَيره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد فِي قَوْله جَهَالَة قَالَ: كل من عصى ربه فَهُوَ جَاهِل حَتَّى ينْزع عَن مَعْصِيَته وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّمَا التَّوْبَة على الله} الْآيَة قَالَ: من عمل السوء فَهُوَ جَاهِل من جهالته عمل السوء {ثمَّ يتوبون من قريب} قَالَ: فِي الْحَيَاة وَالصِّحَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ يتوبون من قريب} قَالَ الْقَرِيب مَا بَينه وَبَين أَن ينظر إِلَى ملك الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مجلز قَالَ: لَا يزَال الرجل فِي تَوْبَة حَتَّى يعاين الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن قيس قَالَ الْقَرِيب مَا لم تنزل بِهِ آيَة من آيَات الله أَو ينزل بِهِ الْمَوْت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كل شَيْء قبل الْمَوْت فَهُوَ قريب لَهُ التَّوْبَة مَا بَينه وَبَين أَن يعاين ملك الْمَوْت فَإِذا تَابَ حِين ينظر إِلَى ملك الْمَوْت فَلَيْسَ لَهُ ذَاك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: الدُّنْيَا كلهَا قريب والمعاصي كلهَا جَهَالَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {ثمَّ يتوبون من قريب} قَالَ: مَا لم يُغَرْغر وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر فِي الْآيَة قَالَ: لَو غرغر بهَا - يَعْنِي الْمُشرك بِالْإِسْلَامِ - لرجوت لَهُ خيرا كثيرا وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن إِبْلِيس لما رأى آدم أجوف قَالَ: وَعزَّتك لَا أخرج من جَوْفه مَا دَامَ فِيهِ الرّوح فَقَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: وَعِزَّتِي لَا أَحول بَينه وَبَين التَّوْبَة مَا دَامَ الرّوح فِيهِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا عِنْد أنس بن مَالك وَثمّ أَبُو قلَابَة فَحدث أَبُو قلَابَة قَالَ: إِن الله تَعَالَى لما لعن إِبْلِيس سَأَلَهُ النظرة فأنظره إِلَى يَوْم الدّين فَقَالَ: وَعزَّتك لَا أخرج من قلب ابْن آدم مَا دَامَ فِيهِ الرّوح قَالَ: وَعِزَّتِي لَا أحجب عَنهُ التَّوْبَة مَا دَامَ فِيهِ الرّوح وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: لَا أخْبركُم إِلَّا مَا سَمِعت من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمعته أذناي ووعاه قلبِي أَن عبدا قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا ثمَّ عرضت لَهُ التَّوْبَة فَسَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض فَدلَّ على رجل فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي قتلت تِسْعَة وَتِسْعين نفسا فَهَل لي من تَوْبَة قَالَ بعد قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا قَالَ: فانتضى سَيْفه فَقتله فأكمل بِهِ مائَة ثمَّ عرضت لَهُ التَّوْبَة فَسَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض فَدلَّ على رجل فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي قتلت مائَة نفس فَهَل لي من تَوْبَة فَقَالَ: وَمن يحول بَيْنك وَبَين التَّوْبَة أخرج من الْقرْيَة الخبيثة الَّتِي أَنْت فِيهَا إِلَى الْقرْيَة الصَّالِحَة قَرْيَة كَذَا وَكَذَا فاعبد رَبك فِيهَا فَخرج يُرِيد الْقرْيَة الصَّالِحَة فَعرض لَهُ أَجله فِي الطَّرِيق فاختصم فِيهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب فَقَالَ إِبْلِيس أَنا أولى بِهِ إِنَّه لم يعصيني سَاعَة قطّ فَقَالَت الْمَلَائِكَة: إِنَّه خرج تَائِبًا فَبعث الله ملكا فاختصموا إِلَيْهِ فَقَالَ: انْظُرُوا أَي القريتين كَانَت أقرب إِلَيْهِ فألحقوه بهَا فَقرب الله مِنْهُ الْقرْيَة الصَّالِحَة وباعد مِنْهُ الْقرْيَة الخبيثة فألحقه بِأَهْل الْقرْيَة الصَّالِحَة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يقبل تَوْبَة العَبْد مَا لم يُغَرْغر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن رجل من الصَّحَابَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا مَا إِنْسَان يَتُوب إِلَى الله عز وَجل قبل أَن تغرغر نَفسه فِي شدقه إِلَّا قبل الله تَوْبَته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: التَّوْبَة مبسوطة للْعَبد مَا لم يسق ثمَّ قَرَأَ {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن} ثمَّ قَالَ: وَهل الْحُضُور إِلَّا السُّوق

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن} قَالَ: لَا يقبل ذَلِك مِنْهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات} الْآيَة قَالَ هم أهل الشّرك وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات} الْآيَة قَالَ هم أهل الشّرك وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن} فَلَيْسَ لهَذَا عِنْد الله تَوْبَة {وَلَا الَّذين يموتون وهم كفار} أُولَئِكَ أبعد من التَّوْبَة وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَيْسَت التَّوْبَة} الْآيَة قَالَ: فَأنْزل الله بعد ذَلِك (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) (النِّسَاء الْآيَة 48) فَحرم الله الْمَغْفِرَة على من مَاتَ وَهُوَ كَافِر وأرجأ أهل التَّوْحِيد إِلَى مَشِيئَته فَلم يؤيسهم من الْمَغْفِرَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: مَا من ذَنْب مِمَّا يعْمل بَين السَّمَاء وَالْأَرْض يَتُوب مِنْهُ العَبْد قبل أَن يَمُوت إِلَّا تَابَ الله عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانَ يُقَال: التَّوْبَة مبسوطة مَا لم يُؤْخَذ بكظمه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو قَالَ: من تَابَ قبل مَوته بفواق تيب عَلَيْهِ قيل: ألم يقل الله {وَلَيْسَت التَّوْبَة للَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات حَتَّى إِذا حضر أحدهم الْمَوْت قَالَ إِنِّي تبت الْآن} فَقَالَ: إِنَّمَا أحَدثك مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يقبل تَوْبَة عَبده أَو يغْفر لعَبْدِهِ مَا لم يَقع الْحجاب قيل: وَمَا وُقُوع الْحجاب قَالَ: تخرج النَّفس وَهِي مُشركَة

الْآيَة 19

19

أخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها} قَالَ: كَانُوا إِذا مَاتَ الرجل كَانَ أولياؤه أَحَق بامرأته إِن شَاءَ بَعضهم تزوّجها وَإِن شاؤوا زوجوها وَإِن شاؤوا لم يزوّجوها فهم أَحَق بهَا من أَهلهَا فَنزلت هَذِه الْآيَة فِي ذَلِك وَأخرج أَبُو دَاوُد من وَجه آخر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يَرث امْرَأَة ذِي قرَابَته فيعضلها حَتَّى تَمُوت أَو ترد إِلَيْهِ صَدَاقهَا فاحكم الله عَن ذَلِك أَي نهى عَن ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل إِذا مَاتَ وَترك جَارِيَة ألْقى عَلَيْهَا حميمه ثَوْبه فَمنعهَا من النَّاس فَإِن كَانَت جميلَة تزَوجهَا وَإِن كَانَت دَمِيمَة حَبسهَا حَتَّى تَمُوت فيرثها وَهِي قَوْله {وَلَا تعضلوهن} يَعْنِي لَا تقهروهن {لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} يَعْنِي الرجل تكون لَهُ الْمَرْأَة وَهُوَ كَارِه لصحبتها وَلها عَلَيْهِ مهر فَيضر بهَا لتفتدي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل إِذا مَاتَ أَبوهُ أَو حميمه كَانَ أَحَق بِامْرَأَة الْمَيِّت إِن شَاءَ أمْسكهَا أَو يحبسها حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ بصداقها أَو تَمُوت فَيذْهب بمالها قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح: وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا هلك الرجل فَترك امْرَأَة يحبسها أَهله على الصَّبِي تكون فيهم فَنزلت {لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها} وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف قَالَ: لما توفّي أَبُو قيس بن الأسلت أَرَادَ ابْنه أَن يتزوّج امْرَأَته - وَكَانَ لَهُم ذَلِك فِي الْجَاهِلِيَّة - فَأنْزل الله {لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي كَبْشَة ابْنة معن بن عَاصِم أبي الْأَوْس كَانَت عِنْد أبي قيس بن الأسلت فَتوفي عَنْهَا فجنح عَلَيْهَا ابْنه فَجَاءَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: لَا أَنا ورثت زَوجي وَلَا أَنا تُرِكْتُ فَأُنْكَحَ فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رجَالًا من أهل الْمَدِينَة كَانَ إِذا مَاتَ حميم أحدهم ألْقى ثَوْبه على امْرَأَته فورث نِكَاحهَا فَلم ينْكِحهَا أحد غَيره وحبسها عِنْده لتفتدي مِنْهُ بفدية فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا مَاتَ زَوجهَا جَاءَ وليُّه فَألْقى عَلَيْهَا ثوبا فَإِن كَانَ لَهُ ابْن صَغِير أَو أَخ حَبسهَا عَلَيْهِ حَتَّى يشب أَو تَمُوت فيرثها فَإِن هِيَ انفلتت فَأَتَت أَهلهَا وَلم يلق عَلَيْهَا ثوبا نجت فَأنْزل الله {لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي نَاس من الْأَنْصَار كَانُوا إِذا مَاتَ الرجل مِنْهُم فأملك النَّاس بامرأته وليه فيمسكها حَتَّى تَمُوت فيرثها فَنزلت فيهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أهل يثرب إِذا مَاتَ الرجل مِنْهُم فِي الْجَاهِلِيَّة ورث امْرَأَته من يَرث مَاله فَكَانَ يعضلها حَتَّى يتزوّجها أَو يُزَوّجهَا من أَرَادَ وَكَانَ أهل تهَامَة يسيء الرجل صُحْبَة الْمَرْأَة حَتَّى يطلقهَا وَيشْتَرط عَلَيْهَا أَن لَا تنْكح إِلَّا من أَرَادَ حَتَّى تَفْتَدِي مِنْهُ بِبَعْض مَا أَعْطَاهَا فَنهى الله الْمُؤمنِينَ عَن ذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الرَّحْمَن بن السَّلمَانِي فِي قَوْله {لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها وَلَا تعضلوهن} قَالَ: نزلت هَاتَانِ الْآيَتَانِ إِحْدَاهمَا فِي أَمر الْجَاهِلِيَّة وَالْأُخْرَى فِي أَمر الْإِسْلَام قَالَ ابْن الْمُبَارك {أَن ترثوا النِّسَاء كرها} فِي الْجَاهِلِيَّة {وَلَا تعضلوهن} فِي الإِسلام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وَلَا تعضلوهن} قَالَ: لَا تضر بامرأتك لتفتدي مِنْك

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَلَا تعضلوهن} يَعْنِي أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ كالعضل فِي سُورَة الْبَقَرَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ العضل فِي قُرَيْش بِمَكَّة ينْكح الرجل الْمَرْأَة الشَّرِيفَة فلعلها لَا توافقه فيفارقها على أَن لَا تتَزَوَّج إِلَّا بِإِذْنِهِ فَيَأْتِي بالشهود فَيكْتب ذَلِك عَلَيْهَا وَيشْهد فَإِذا خطبهَا خَاطب فَإِن أَعطَتْهُ وأرضته أذن لَهَا وَإِلَّا عضلها وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبيِّنة} قَالَ: البغض والنشوز فَإِذا فعلت ذَلِك فقد حلَّ لَهُ مِنْهَا الْفِدْيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مقسم وَلَا تعضلوهن لتذهبوا بِبَعْض مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يفحشن فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود وَقَالَ: إِذا آذتك فقد حل لَك أَخذ مَا أخذت مِنْك وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبيِّنة} يَقُول: إِلَّا أَن ينشزن وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب إِلَّا أَن يفحشن وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْفَاحِشَة هُنَا النُّشُوز وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي الرجل إِذا أَصَابَت امْرَأَته فَاحِشَة أَخذ مَا سَاق إِلَيْهَا وأخرجها فنسخ ذَلِك الْحُدُود وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة} قَالَ: الزِّنَا فَإِذا فعلت حلَّ لزَوجهَا أَن يكون هُوَ يسْأَلهَا الْخلْع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي أُمَامَة قلَابَة وَابْن سِيرِين قَالَا: لَا يحل الْخلْع حَتَّى يُوجد رجل على بَطنهَا لِأَن الله يَقُول {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة} وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا الله فِي النِّسَاء فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله وَإِن لكم عَلَيْهِنَّ أَن لَا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فَإِن فعلن ذَلِك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عَلَيْكُم رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن النِّسَاء عنْدكُمْ عوان أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله وَلكم عَلَيْهِنَّ حق وَمن حقكم عَلَيْهِنَّ أَن لَا يوطئن فرشكم أحدا وَلَا يعصينكم فِي مَعْرُوف وَإِذا فعلن ذَلِك فَلَهُنَّ رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وعاشروهن} قَالَ: خالطوهن قَالَ ابْن جرير: صحفه بعض الروَاة وَإِنَّمَا هُوَ خالقوهن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: حَقّهَا عَلَيْك الصُّحْبَة الْحَسَنَة وَالْكِسْوَة والرزق الْمَعْرُوف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وعاشروهن بِالْمَعْرُوفِ} يَعْنِي صحبتهن بِالْمَعْرُوفِ {فَإِن كرهتموهن فَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا} فيطلقها فتتزوج من بعده رجلا فَيجْعَل الله لَهُ مِنْهَا ولدا وَيجْعَل الله فِي تَزْوِيجهَا خيرا كثيرا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا} قَالَ: الْخَيْر الْكثير أَن يعْطف عَلَيْهَا فيرزق الرجل وَلَدهَا وَيجْعَل الله فِي وَلَدهَا خيرا كثيرا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: فَعَسَى الله أَن يَجْعَل فِي الْكَرَاهِيَة خيرا كثيرا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا} قَالَ: الْوَلَد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: إِذا وَقع بَين الرجل وَبَين امْرَأَته كَلَام فَلَا يعجل بِطَلَاقِهَا وليتأن بهَا وليصبر فَلَعَلَّ الله سيريه مِنْهَا مَا يحب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: عَسى أَن يمْسِكهَا وَهُوَ لَهَا كَارِه فَيجْعَل الله فِيهَا خيرا كثيرا قَالَ: وَكَانَ الْحسن يَقُول: عَسى أَن يطلقهَا فتتزوج غَيره فَيجْعَل الله لَهُ فِيهَا خيرا كثيرا الْآيَة 20 - 21

20

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن أردتم استبدال زوج مَكَان زوج}

قَالَ: إِن كرهت امْرَأَتك وَأَعْجَبَك غَيرهَا فَطلقت هَذِه وَتَزَوَّجت تِلْكَ فأعط هَذِه مهرهَا وَإِن كَانَ قِنْطَارًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَإِن أردتم استبدال زوج مَكَان زوج} قَالَ: طَلَاق امْرَأَة وَنِكَاح أُخْرَى فَلَا يحل لَهُ من مَال الْمُطلقَة شَيْء وَإِن كثر وَأخرج ابْن جرير عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} قَالَ: ألفا وَمِائَتَيْنِ يَعْنِي أَلفَيْنِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو يعلى بِسَنَد جيد عَن مَسْرُوق قَالَ: ركب عمر بن الْخطاب الْمِنْبَر ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس مَا إكْثَاركُمْ فِي صدَاق النِّسَاء وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَإِنَّمَا الصَّدقَات فِيمَا بَينهم أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمَا دون ذَلِك وَلَو كَانَ الْإِكْثَار فِي ذَلِك تقوى عِنْد الله أَو مكرمَة لم تَسْبِقُوهُمْ إِلَيْهَا فَلَا أَعرفن مَا زَاد رجل فِي صدَاق امْرَأَة على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم ثمَّ نزل فاعترضه امْرَأَة من قُرَيْش فَقَالَت لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ نهيت النَّاس أَن يزِيدُوا النِّسَاء فِي صدقاتهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم قَالَ: نعم فَقَالَت أما سَمِعت مَا أنزل الله يَقُول {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} فَقَالَ: اللَّهُمَّ غفرانك كل النَّاس أفقه من عمر ثمَّ رَجَعَ فَركب الْمِنْبَر فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي كنت نَهَيْتُكُمْ أَن تَزِيدُوا النِّسَاء فِي صدقاتهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمن شَاءَ أَن يُعْطي من مَاله مَا أحب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: لَا تغَالوا فِي مُهُور النِّسَاء فَقَالَت امْرَأَة لَيْسَ ذَلِك لَك يَا عمر إِن يَقُول {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} من ذهب قَالَ: وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود فَقَالَ عمر: إِن امْرَأَة خَاصَمت عمر فَخَصمته وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عبد الله بن مُصعب قَالَ: قَالَ عمر: لَا تَزِيدُوا فِي مُهُور النِّسَاء على أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة فَمن زَاد ألقيت الزِّيَادَة فِي بَيت المَال فَقَالَت امْرَأَة: مَا ذَاك لَك قَالَ: وَلم قَالَت: لِأَن الله يَقُول {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} الْآيَة فَقَالَ عمر: امْرَأَة أَصَابَت وَرجل أَخطَأ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: قَالَ

عمر: خرجت وَأَنا أُرِيد أَن أنهاكم عَن كَثْرَة الصَدَاق فعرضت لي آيَة من كتاب الله {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بهتاناً} قَالَ: إِثْمًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {مُبينًا} قَالَ: الْبَين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْإِفْضَاء الْجِمَاع وَلَكِن الله يكني وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَقد أفْضى بَعْضكُم إِلَى بعض} قَالَ: مجامعة النِّسَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ: الْمِيثَاق الغليظ (إمْسَاك بِمَعْرُوف أوتسريح بِإِحْسَان) (الْبَقَرَة الْآيَة 229) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ميثاقاً غليظاً} قَالَ: هُوَ مَا أَخذ الله تَعَالَى للنِّسَاء على الرِّجَال فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان قَالَ: وَقد كَانَ ذَلِك يُؤْخَذ عِنْد عقد النِّكَاح آللَّهُ عَلَيْك لتمسكن بِمَعْرُوف أَو لتسرحن بِإِحْسَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن أبي ملكية أَن ابْن عمر كَانَ إِذا أنكح قَالَ: أنكحك على مَا أَمر الله بِهِ (إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان) وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَوْف قَالَ: كَانَ أنس بن مَالك إِذا زوّج امْرَأَة من بَنَاته أَو امْرَأَة من بعض أَهله قَالَ لزَوجهَا: أُزَوِّجُك تمْسِكْ بِمَعْرُوف أَو تُسَرِّحَ بِإِحْسَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حبيب بن أبي ثَابت أَن ابْن عَبَّاس كَانَ إِذا زَوَّجَ اشتَرط (إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان) وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ (إمْسَاك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان) وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يحيى بن أبي كثير مثله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ: عقدَة النِّكَاح قَالَ: قد أنكحتك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة وَمُجاهد {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ: أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ: هُوَ قَول الرجل ملَّكت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {ميثاقاً غليظاً} قَالَ: كلمة النِّكَاح الَّتِي تستحل بهَا فروجهن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {ميثاقاً غليظاً} يَعْنِي شَدِيدا وَأخرج ابْن جرير عَن بكير أَنه سُئِلَ عَن المختلعة أنأخذ مِنْهَا شَيْئا قَالَ: لَا {وأخذن مِنْكُم ميثاقاً غليظاً} وَأخرج عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: ثمَّ رخص بعد (فَإِن خِفْتُمْ أَن لَا يُقِيمَا حُدُود الله فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ) (الْبَقَرَة الْآيَة 229) قَالَ: فنسخت هَذِه تِلْكَ الْآيَة 22

22

أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عدي بن ثَابت الْأنْصَارِيّ قَالَ توفّي أَبُو قيس بن الأسلت وَكَانَ من صالحي الْأَنْصَار فَخَطب ابْنه قيس امْرَأَته فَقَالَت: إِنَّمَا أعدك ولدا وَأَنت من صالحي قَوْمك وَلَكِن آتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستأمره فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن أَبَا قيس توفّي فَقَالَ لَهَا: خيرا قَالَت وَإِن ابْنه قيسا خطبني وَهُوَ من صالحي قومه وَإِنَّمَا كنت أعدُّه ولدا فَمَا ترى قَالَ: ارجعي إِلَى بَيْتك فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} قَالَ: الْبَيْهَقِيّ مُرْسل قلت: فَمن رِوَايَة ابْن أبي حَاتِم عَن عدي بن ثَابت عَن رجل من الْأَنْصَار

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} قَالَ: نزلت فِي أبي قيس بن الأسلت خلف على أم عبيد بنت ضَمرَة كَانَت تَحت الأسلت أَبِيه وَفِي الْأسود بن خلف وَكَانَ خلف على بنت أبي طَلْحَة بن عبد الْعُزَّى بن عُثْمَان بن عبد الدَّار وَكَانَت عِنْد أَبِيه خلف وَفِي فَاخِتَة ابْنة الْأسود بن الْمطلب بن أَسد كَانَت عِنْد أُميَّة بن خلف فخلف عَلَيْهَا صَفْوَان بن أُميَّة وَفِي مَنْظُور بن ربَاب وَكَانَ خلف على مليكَة ابْنة خَارِجَة وَكَانَت عِنْد أَبِيه ربَاب بن سيار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ إِذا توفّي الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة عمد حميم الْمَيِّت إِلَى امْرَأَته فَألْقى عَلَيْهَا ثوبا فيرث نِكَاحهَا فَلَمَّا توفّي أَبُو قيس بن الأسلت عمد ابْنه قيس إِلَى امْرَأَته فتزوّجها وَلم يدْخل بهَا فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله فِي قيس {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف} قبل التَّحْرِيم حَتَّى ذكر تَحْرِيم الْأُمَّهَات وَالْبَنَات حَتَّى ذكر {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قد سلف} قبل التَّحْرِيم (إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما) (النِّسَاء الْآيَة 23) فِيمَا مضى قبل التَّحْرِيم وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ الرجل إِذا توفّي عَن امْرَأَته كَانَ ابْنه أَحَق بهَا أَن ينْكِحهَا إِن شَاءَ إِن لم تكن أمه أَو ينْكِحهَا من شَاءَ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو قيس بن الأسلت قَامَ ابْنه مُحصن فورث نِكَاح امْرَأَته وَلم ينْفق عَلَيْهَا وَلم يُورثهَا من المَال شَيْئا فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: ارجعي لَعَلَّ الله ينزل فِيك شَيْئا فَنزلت {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} الْآيَة وَنزلت (لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها) (النِّسَاء الْآيَة 19) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قل: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يحرمُونَ مَا حرم الله إِلَّا امْرَأَة الْأَب وَالْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ فَأنْزل الله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} النِّسَاء الْآيَة 23 وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَليّ عَن

ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} يَقُول: كل امْرَأَة تزَوجهَا أَبوك أَو ابْنك دخل أَو لم يدْخل بهَا فَهِيَ عَلَيْك حرَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء بن أبي رَبَاح: الرجل ينْكح الْمَرْأَة ثمَّ لَا يَرَاهَا حَتَّى يطلقهَا أتحل لِابْنِهِ قَالَ: لَا هِيَ مُرْسلَة قَالَ الله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} قلت لعطاء: مَا قَوْله {إِلَّا مَا قد سلف} قَالَ: كَانَ الْأَبْنَاء ينْكحُونَ نسَاء آبَائِهِم فِي الْجَاهِلِيَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} قَالَ: هُوَ أَن يملك عقدَة النِّكَاح وَلَيْسَ بِالدُّخُولِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم عَن مشيخة قَالَ: لَا ينْكح الرجل امْرَأَة جده أبي أمه لِأَنَّهُ من الْآبَاء يَقُول الله {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {إِلَّا مَا قد سلف} إِلَّا مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِلَّا مَا قد سلف} قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة ينْكح امْرَأَة أَبِيه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب أَنه كَانَ يقْرؤهَا وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف إِلَّا من مَاتَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح {أَنه كَانَ فَاحِشَة ومقتاً} قَالَ: يمقت الله عَلَيْهِ {وساء سَبِيلا} قَالَ: طَرِيقا لمن عمل بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْبَراء قَالَ: لقِيت خَالِي وَمَعَهُ الرَّايَة قلت: أَيْن تُرِيدُ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رجل تزوج امْرَأَة أَبِيه من بعده فَأمرنِي أَن أضْرب عُنُقه وآخذ مَاله الْآيَة 23

23

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَالْبُخَارِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حُرِّم من النّسَب سبع وَمن الصهر سبع ثمَّ قَرَأَ {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} إِلَى قَوْله {وَبَنَات الْأُخْت} هَذَا من النّسَب وَبَاقِي الْآيَة من الصهر وَالسَّابِعَة (وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سبع صهر وَسبع نسب وَيحرم من الرَّضَاع مَا يحرم من النّسَب أما قَوْله تَعَالَى {وأمهاتكم اللَّاتِي أرضعنكم وأخواتكم من الرضَاعَة} أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الرضَاعَة تحرم مَا تحرم الْولادَة وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ فِيمَا أنزل من الْقُرْآن عشر رَضعَات مَعْلُومَات فَنُسِخْنَ بِخمْس مَعْلُومَات فَتوفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهن فِيمَا يقْرَأ من الْقُرْآن وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة قَالَت: لقد كَانَت فِي كتاب الله عشر رَضعَات ثمَّ رُدَّ ذَلِك إِلَى خمس وَلَكِن من كتاب الله مَا قبض مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مَاجَه وَابْن الضريس عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ مِمَّا نزل من الْقُرْآن سقط لَا يحرم إِلَّا عشر رَضعَات أَو خمس مَعْلُومَات وَأخرج ابْن مَاجَه عَن عَائِشَة قَالَت: لقد نزلت آيَة الرَّجْم ورضاعة الْكَبِير

عشرا وَلَقَد كَانَ فِي صحيفَة تَحت سَرِيرِي فَلَمَّا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتشاغلنا بِمَوْتِهِ دخل دَاجِن فَأكلهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر أَنه بلغه عَن ابْن الزبير أَنه يأثر عَن عَائِشَة فِي الرضَاعَة لَا يحرم مِنْهَا دون سبع رَضعَات قَالَ: الله خير من عَائِشَة إِنَّمَا قَالَ الله تَعَالَى {وأخواتكم من الرضَاعَة} وَلم يقل رضعة وَلَا رضعتين وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَاوس أَنه قيل لَهُ: إِنَّهُم يَزْعمُونَ أَنه لَا يحرم من الرضَاعَة دون سبع رَضعَات ثمَّ صَار ذَلِك إِلَى خمس قَالَ: قد كَانَ ذَلِك فَحدث بعد ذَلِك أَمر جَاءَ التَّحْرِيم الْمرة الْوَاحِدَة تحرم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمرة الْوَاحِدَة تحرم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: المصة الْوَاحِدَة تحرم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم أَنه سُئِلَ عَن الرَّضَاع فَقَالَ: إِن عليا وَعبد الله بن مَسْعُود كَانَا يَقُولَانِ: قَلِيله وَكَثِيره حرَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: اشْترط عشر رَضعَات ثمَّ قيل: إِن الرضعة الْوَاحِدَة تحرم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: لَا يحرم من الرَّضَاع إِلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا الرضَاعَة من المجاعة أما قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم} أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيقين عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا نكح الرجل الْمَرْأَة فَلَا يحل لَهُ أَن يتزوّج أمهَا دخل بالإبنة أم لم يدْخل وَإِذا تزوج الْأُم فَلم يدْخل بهَا ثمَّ طَلقهَا فَإِن شَاءَ تزوج الإبنة وَأخرج مَالك عَن زيد بن ثَابت أَنه سُئِلَ عَن رجل تزوج امْرَأَة ففارقها قبل أَن يَمَسهَا هَل تحل لَهُ أمهَا فَقَالَ: لَا الْأُم مُبْهمَة لَيْسَ فِيهَا شَرط إِنَّمَا الشَّرْط فِي الربائب

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: الرجل ينْكح الْمَرْأَة وَلم يُجَامِعهَا حَتَّى يطلقهَا أتحل لَهُ أمهَا قَالَ: لَا هِيَ مُرْسلَة قلت: أَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ وَأُمَّهَات نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن قَالَ: لَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم} قَالَ: هِيَ مُبْهمَة إِذا طلق الرجل امْرَأَته قبل أَن يدْخل بهَا أَو مَاتَت لم تحل لَهُ أمهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن فِي ((أُمَّهَات نِسَائِكُم)) قَالَ: هِيَ مُبْهمَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَن رجلا من بني شمخ تزوج امْرَأَة وَلم يدْخل بهَا ثمَّ رأى أمهَا فَأَعْجَبتهُ فاستفتى ابْن مَسْعُود فَأمره أَن يفارقها ثمَّ يتَزَوَّج أمهَا فَفعل وَولدت لَهُ أَوْلَادًا ثمَّ أَتَى ابْن مَسْعُود الْمَدِينَة فَسَأَلَ عمر وَفِي لفظ فَسَأَلَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: لَا تصلح فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْكُوفَة قَالَ للرجل: إِنَّهَا عَلَيْك حرَام ففارقها وَأخرج مَالك عَن ابْن مَسْعُود أَنه استفتي وَهُوَ بِالْكُوفَةِ عَن نِكَاح الْأُم بعد الْبِنْت إِذا لم تكن الْبِنْت مُسَّتْ فارخص ابْن مَسْعُود فِي ذَلِك ثمَّ إِن ابْن مَسْعُود قدم الْمَدِينَة فَسَأَلَ عَن ذَلِك فَأخْبر أَنه لَيْسَ كَمَا قَالَ وَإِن الشَّرْط فِي الربائب فَرجع ابْن مَسْعُود إِلَى الْكُوفَة قلم يصل إِلَى بَيته حَتَّى أَتَى الرجل الَّذِي أفتاه بذلك فَأمره أَن يفارقها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مَسْرُوق أَنه سُئِلَ عَن أُمَّهَات نِسَائِكُم قَالَ هِيَ مُبْهمَة فأرسلوا مَا أرسل الله وَاتبعُوا مَا بَين ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة ثمَّ يطلقهَا أَو مَاتَت قبل أَن يدْخل بهَا هَل تحل لَهُ أمهَا قَالَ هِيَ بِمَنْزِلَة الربيبة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت

أَنه كَانَ يَقُول: إِذا مَاتَت عِنْده فَأخذ مِيرَاثهَا كره أَن يخلف على أمهَا وَإِذا طَلقهَا قبل أَن يدْخل بهَا فَلَا بَأْس أَن يتزوّج أمهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: فِي قَوْله {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم} أُرِيد بهما الدُّخُول جَمِيعًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُسلم بن عُوَيْمِر الأجدع قَالَ: نكحت امْرَأَة فَلم أَدخل بهَا حَتَّى توفّي عمي عَن أمهَا فَسَأَلت ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أنكح أمهَا فَسَأَلت ابْن عمر فَقَالَ: لَا تنكحها فَكتب أبي إِلَى مُعَاوِيَة فَلم يمنعي وَلم يَأْذَن لي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير فَقَالَ: الربيبة وَالأُم سَوَاء لَا بَأْس بهما إِذا لم يدْخل بِالْمَرْأَةِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هانىء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من نظر إِلَى فرج امْرَأَة لم تحل لَهُ أمهَا وَلَا ابْنَتهَا قَوْله تَعَالَى: {وربائبكم} : أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن دَاوُد أَنه قَرَأَ فِي مصحف ابْن مَسْعُود وربائبكم اللَّاتِي دخلتن بأمهاتهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد صَحِيح عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان قَالَ: قَالَ كَانَت عِنْدِي امْرَأَة فَتُوُفِّيَتْ وَقد ولدت لي فَوجدت عَلَيْهَا فلقيني عليّ بن أبي طَالب فَقَالَ: مَا لَك فَقلت توفيت الْمَرْأَة فَقَالَ عَليّ: لَهَا ابْنة قلت نعم وَهِي بِالطَّائِف قَالَ: كَانَت فِي حجرك قلت: لَا قَالَ: فَأَنْكحهَا قلت: فَأَيْنَ قَول الله {وربائبكم اللَّاتِي فِي حجوركم} قَالَ: إِنَّهَا لم تكن فِي حجرك إِنَّمَا ذَلِك إِذا كَانَت فِي حجرك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الدُّخُول: الْجِمَاع وَأخرج عبد لرزاق وَعبد بن حميد عَن طَاوس قَالَ: الدُّخُول: الْجِمَاع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: بنت الربيبة وَبنت ابْنَتهَا لَا تصلح وَإِن كَانَت أَسْفَل لسَبْعين بَطنا

قَوْله تَعَالَى {وحلائل أَبْنَائِكُم} : أخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {وحلائل أَبْنَائِكُم} قَالَ: كُنَّا نتحدث أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نكح امْرَأَة زيد قَالَ الْمُشْركُونَ بِمَكَّة فِي ذَلِك فَأنْزل الله {وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم} وَنزلت (وَمَا مجعل أدعياءكم أبناءكم) (الْأَحْزَاب الْآيَة 4) وَنزلت (مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم) (الْأَحْزَاب الْآيَة 40) وَأخرج ابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن ابْن جريج قَالَ: لما نكح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة زيد قَالَت قُرَيْش: نكح امْرَأَة ابْنه فَنزلت {وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ئبي حَاتِم عَن الْحسن وَمُحَمّد قَالَا: إِن هَؤُلَاءِ الْآيَات مبهمات {وحلائل أَبْنَائِكُم} و (مَا نكح آباؤكم) (النِّسَاء الْآيَة 22) {وَأُمَّهَات نِسَائِكُم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: الرجل ينْكح الْمَرْأَة لَا يَرَاهَا حَتَّى يطلقهَا تحل لِأَبِيهِ قَالَ: هِيَ مُرْسلَة {وحلائل أَبْنَائِكُم الَّذين من أصلابكم} أما قَوْله تَعَالَى: {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} أخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن فَيْرُوز الديلمي أَنه أدْركهُ الْإِسْلَام وَتَحْته أختَان فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طلق أَيَّتهمَا شِئْت وَأخرج عَن قيس قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أيقع الرجل على الْمَرْأَة وابنتها مملوكتين لَهُ فَقَالَ: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة وَلم أكن لأفعله وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} قَالَ: يَعْنِي فِي النِّكَاح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يجمع بَين الْأُخْتَيْنِ المملوكتين وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {وَأَن تجمعُوا بَين الْأُخْتَيْنِ} قَالَ: ذَلِك فِي الْحَرَائِر فَأَما فِي المماليك فَلَا بَأْس

وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق ابْن شهَاب عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب أَن رجلا سَالَ عُثْمَان بن عَفَّان عَن الْأُخْتَيْنِ فِي ملك الْيَمين هَل يجمع بَينهمَا فَقَالَ: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة وَمَا كنت لأصنع ذَلِك فَخرج من عِنْده فلقي رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرَاهُ عَليّ بن أبي طَالب فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: لَو كَانَ لي من الْأَمر شَيْء ثمَّ وجدت أحدا فعل ذَلِك لجعلته نكالاً وَأخرج ابْن عبد الْبر فِي الاستذكار عَن اياس بن عَامر قَالَ: سَأَلت عَليّ بن أبي طَالب فَقلت: إِن لي أُخْتَيْنِ مِمَّا ملكت يَمِيني اتَّخذت إِحْدَاهمَا سَرِيَّة وَولدت لي أَوْلَادًا ثمَّ رغبت فِي الْأُخْرَى فَمَا أصنع قَالَ: تعْتق الَّتِي كنت تطَأ ثمَّ تطَأ الْأُخْرَى ثمَّ قَالَ: إِنَّه يحرم عَلَيْك مِمَّا ملكت يَمِينك مَا يحرم عَلَيْك فِي كتاب الله من الْحَرَائِر إِلَّا الْعدَد أَو قَالَ إِلَّا الْأَرْبَع وَيحرم عَلَيْك من الرَّضَاع مَا يحرم عَلَيْك فِي كتاب الله من النّسَب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن رجل لَهُ أمتان أختَان وطىء إِحْدَاهمَا ثمَّ أَرَادَ أَن يطَأ الْأُخْرَى قَالَ: لَا حَتَّى يُخرجهَا من ملكه قيل فَإِن زَوجهَا عَبده قَالَ: لَا حَتَّى يُخرجهَا من ملكه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الرجل يجمع بَين الْأُخْتَيْنِ الأمتين فكرهه فَقيل: يَقُول الله (إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم) (النِّسَاء الْآيَة 24) فَقَالَ: وبعيرك أَيْضا مِمَّا ملكت يَمِينك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ يحرم من الْإِمَاء مَا يحرم من الْحَرَائِر إِلَّا الْعدَد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن عمار بن يَاسر قَالَ: مَا حرم الله من الْحَرَائِر شَيْئا إِلَّا قد حرمه من الْإِمَاء إِلَّا الْعدَد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي صَالح عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ فِي الْأُخْتَيْنِ المملوكتين: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة وَلَا آمُر وَلَا أنهى وَلَا أحل وَلَا أحرم وَلَا أَفعلهُ أَنا وَلَا أهل بَيْتِي

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة قَالَ: ذكر عِنْد ابْن عَبَّاس قَول عَليّ فِي الْأُخْتَيْنِ من ملك الْيَمين فَقَالُوا: إِن عليا قَالَ: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة قَالَ ابْن عَبَّاس عِنْد ذَلِك: أَحَلَّتْهُمَا آيَة وحرمتهما آيَة إِنَّمَا يحرمهن عَليّ قَرَابَتي مِنْهُنَّ وَلَا يحرمهن عليّ قرَابَة بَعضهنَّ من بعض لقَوْل الله (وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم) (النِّسَاء الْآيَة 24) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: إِذا كَانَ للرجل جاريتان أختَان فَغشيَ إِحْدَاهمَا فَلَا يقرب الْأُخْرَى حَتَّى يخرج الَّذِي غشي عَن ملكه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَن حَيا سَأَلُوا مُعَاوِيَة عَن الْأُخْتَيْنِ مِمَّا ملكت الْيَمين يكونَانِ عِنْد الرجل يطؤهما قَالَ: لَيْسَ بذلك بَأْس فَسمع بذلك النُّعْمَان بن بشير فَقَالَ: أَفْتيت بِكَذَا وَكَذَا قَالَ: نعم قَالَ: أَرَأَيْت لَو كَانَ عِنْد الرجل أُخْته مَمْلُوكَة يجوز لَهُ أَن يَطَأهَا قَالَ: أما وَالله لربما وددتني أدْرك فَقل لَهُم اجتنبوا ذَلِك فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُم فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ الرَّحِم من الْعتَاقَة وَغَيرهَا وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يجمع بَين الْمَرْأَة وعمتها وَلَا بَين الْمَرْأَة وخالتها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم فتح مَكَّة: لَا تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا وَلَا على خَالَتهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مقَاتل بن سُلَيْمَان قَالَ: إِنَّمَا قَالَ الله فِي نسَاء الْآبَاء {إِلَّا مَا قد سلف} لِأَن الْعَرَب كَانُوا ينْكحُونَ نسَاء الْآبَاء ثمَّ حرَّم النّسَب والصهر فَلم يقل {إِلَّا مَا قد سلف} لِأَن الْعَرَب كَانَت لَا تنْكح النّسَب والصهر وَقَالَ فِي الْأُخْتَيْنِ {إِلَّا مَا قد سلف} لأَنهم كَانُوا يجمعُونَ بَينهمَا فَحرم جَمعهمَا جَمِيعًا إِلَّا مَا قد سلف قبل التَّحْرِيم {إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} لما كَانَ من جماع الْأُخْتَيْنِ قبل التَّحْرِيم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن وَطْء الْأُخْتَيْنِ الأمتين فَقَالَ: أشهد أَنه فِيمَا أنزل الله على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنه مَلْعُون من جمع بَين الْأُخْتَيْنِ

وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عمر بن الْخطاب أَنه سُئِلَ عَن الْمَرْأَة وابنتها من ملك الْيَمين هَل تُوطأ إِحْدَاهمَا بعد الْأُخْرَى فَقَالَ عمر: مَا أحب أَن أجيزهما جَمِيعًا وَنَهَاهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الرجل يَقع على الْجَارِيَة وابنتها يكونَانِ عِنْده مملوكتين فَقَالَ: حرمتهما آيَة وأحلتهما آيَة وَلم أكن لأفعله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن ذَلِك فَقَالَ: إِذا أحلّت لَك آيَة وَحرمت عَلَيْك أُخْرَى فَإِن أملكهما آيَة الْحَرَام مَا فصل لنا حرتين وَلَا مملوكتين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: فِي التَّوْرَاة مَلْعُون من نظر إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها مَا فصل لنا حرَّة وَلَا مَمْلُوكَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: من نظر إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَا ينظر الله إِلَى رجل نظر إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها الْآيَة 24

24

أخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والطَّحَاوِي وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث يَوْم حنين جَيْشًا إِلَى أَوْطَاس فَلَقوا عدوّاً فقاتلوهم فظهروا عَلَيْهِم وَأَصَابُوا لَهُم سَبَايَا فَكَانَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحرَّجوا من غشيانهن من أجل

أَزوَاجهنَّ من الْمُشْركين فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} يَقُول: إِلَّا مَا أَفَاء الله عَلَيْكُم فاستحللنا بذلك فروجهن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: نزلت يَوْم حنين لما فتح الله حنيناً أصَاب الْمُسلمُونَ نسَاء لَهُنَّ أَزوَاج وَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي الْمَرْأَة قَالَت: إِن لي زوجا فَسئلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فأنزلت هَذِه الْآيَة {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} يَعْنِي السبية من الْمُشْركين تصاب لَا بَأْس فِي ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي نسَاء أهل حنين لما افْتتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حنيناً أصَاب الْمُسلمُونَ سَبَايَا فَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي الْمَرْأَة مِنْهُنَّ قَالَت: إِن لي زوجا فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: السبايا من ذَوَات الْأزْوَاج وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: كل ذَات زوج إتيانها زنا إِلَّا مَا سبيت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: كل امْرَأَة لَهَا زوج فَهِيَ عَلَيْك حرَام إِلَّا أمة ملكتها وَلها زوج بِأَرْض الْحَرْب فَهِيَ لَك حَلَال إِذا استبرأتها وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ عَليّ: المشركات إِذا سبين حلت لَهُ وَقَالَ ابْن مَسْعُود: المشركات وَالْمُسلمَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: كل ذَات زوج عَلَيْك حرَام إِلَّا مَا اشْتريت بِمَالك وَكَانَ يَقُول بيع الْأمة طَلاقهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ طَلَاق الْأمة سِتّ بيعهَا طَلاقهَا وعتقها طَلاقهَا وهبتها طَلاقهَا وبراءتها طَلاقهَا وَطَلَاق زَوجهَا طَلاقهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا بِيعَتْ الْأمة وَلها زوج فسيدها أَحَق ببضعها

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: ذَوَات الْأزْوَاج وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن أنس بن مَالك {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: ذَوَات الْأزْوَاج الْحَرَائِر حرَام إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: ذَوَات الْأزْوَاج وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: هن ذَوَات الْأزْوَاج ومرجع ذَلِك إِلَى أَن حرَّم الله الزِّنَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: نهين عَن الزِّنَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت يَوْم أَوْطَاس وَأخرج ابْن جرير عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ النِّسَاء يأتيننا ثمَّ يُهَاجر أَزوَاجهنَّ فمنعناهن بقوله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} يَعْنِي بذلك ذَوَات الْأزْوَاج من النِّسَاء لَا يحل نِكَاحهنَّ يَقُول: لَا تحلب وَلَا تعد فتنشز على بَعْلهَا وكل امْرَأَة لَا تنْكح إِلَّا بِبَيِّنَة وَمهر فَهِيَ من الْمُحْصنَات الَّتِي حرم {إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} يَعْنِي الَّتِي أحل الله من النِّسَاء وَهُوَ مَا أحلَّ من حرائر النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: لَا يحل لَهُ أَن يتزوّج فَوق أَربع فَمَا زَاد فَهُوَ عَلَيْهِ حرَام كَأُمِّهِ وَأُخْته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: يَقُول (فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع) (النِّسَاء الْآيَة 3) ثمَّ حرَّم مَا حرَّم من النّسَب والصهر ثمَّ قَالَ {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} فَرجع إِلَى أول السُّورَة إِلَى أَربع فَقَالَ: هن حرَام أَيْضا إِلَّا لمن نكح بِصَدَاق وسنَّة وشهود

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عُبَيْدَة قَالَ: أحل الله لَك أَرْبعا فِي أول السُّورَة وَحرم نِكَاح كل مُحصنَة بعد الْأَرْبَع إِلَّا مَا ملكت يَمِينك وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} فَقَالَ: حرم مَا فرق الْأَرْبَع مِنْهُنَّ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات} قَالَ: العفيفة الْعَاقِلَة من مسلمة أَو من أهل الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: إِلَّا الْأَرْبَع اللَّاتِي ينكحن بِالْبَيِّنَةِ وَالْمهْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: ينْزع الرجل وليدته امْرَأَة عَبده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ هِيَ حل للرجل إِلَّا مَا أنكح مِمَّا ملكت يَمِينه فَإِنَّهَا لَا تحل لَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: قَالَ رجل لسَعِيد بن جُبَير: أما رَأَيْت ابْن عَبَّاس حِين سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} فَلم يقل فِيهَا شَيْئا فَقَالَ: كَانَ لَا يعلمهَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: لَو أعلم من يُفَسر لي هَذِه الْآيَة لضَرَبْت إِلَيْهِ أكباد الْإِبِل قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي السَّوْدَاء قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة عَن هَذِه الْآيَة {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} فَقَالَ: لَا أَدْرِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْأَزْهَرِي عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِحْصَان إحصانان إِحْصَان نِكَاح وإحصان عفاف قَالَ ابْن أبي حَاتِم: قَالَ أبي: هَذَا حَدِيث مُنكر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن شهَاب أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} قَالَ: نرى أَنه حرم فِي هَذِه الْآيَة {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} ذَوَات الْأزْوَاج أَن ينكحن مَعَ أَزوَاجهنَّ وَالْمُحصنَات العفائف وَلَا يحللن إِلَّا بِنِكَاح أوملك يَمِين والإحصان إحصانان: إِحْصَان تَزْوِيج وإحصان عفاف فِي الْحَرَائِر والمملوكات كل ذَلِك حرم الله إِلَّا بِنِكَاح أوملك يَمِين

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ كل شَيْء فِي الْقُرْآن (وَالْمُحصنَات) (الْمَائِدَة الْآيَة 5) بِكَسْر الصَّاد إِلَّا الَّتِي فِي النِّسَاء {وَالْمُحصنَات} من النِّسَاء بِالنّصب وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء} بِنصب الصَّاد وَكَانَ يحيى بن وثاب يقْرَأ {وَالْمُحصنَات} بِكَسْر الصَّاد وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأسود أَنه كَانَ رُبمَا قَرَأَ {وَالْمُحصنَات} وَالْمُحصنَات وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَن هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء {وَالْمُحصنَات من النِّسَاء إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم} نزلت فِي امْرَأَة يُقَال لَهَا: معَاذَة وَكَانَت تَحت شيخ من بني سدوس يُقَال لَهُ: شُجَاع بن الْحَرْث وَكَانَ مَعهَا ضرَّة لَهَا قد ولدت لشجاع أَوْلَادًا رجَالًا وَإِن شجاعاً انْطلق يُمَيّز أَهله من هجر فَمر بمعاذة ابْن عَم لَهَا فَقَالَت لَهُ: احملني إِلَى أَهلِي فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْد هَذَا الشَّيْخ خير فاحتملها فَانْطَلق بهَا فَوَافَقَ ذَلِك جيئة الشَّيْخ فَانْطَلق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله وَأفضل الْعَرَب إِنِّي خرجت أبغيها الطَّعَام فِي رَجَب فتولت والطت بالذنب وَهِي شَرّ غَالب لمن غلب رَأَتْ غُلَاما واركاً على قتب لَهَا وَله أرب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عليّ عليّ فَإِن كَانَ الرجل كشف بهَا ثوبا فارجموها وَإِلَّا فَردُّوا على الشَّيْخ امْرَأَته فَانْطَلق مَالك بن شُجَاع وَابْن ضَرَّتهَا فطلبها فجَاء بهَا وَنزلت بَيتهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عُبَيْدَة السَّلمَانِي فِي قَوْله {كتاب الله عَلَيْكُم} قَالَ: الْأَرْبَع وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عُبَيْدَة عَن عمر بن الْخطاب مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {كتاب الله عَلَيْكُم} قَالَ: وَاحِدَة إِلَى أَربع فِي النِّكَاح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم {كتاب الله عَلَيْكُم} قَالَ: مَا حرم عَلَيْكُم

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {وَأحل لكم} بِضَم الْألف وَكسر الْحَاء وَأخرج عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وَأحل لكم} بِالنّصب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ {وَرَاء} أَمَام فِي الْقُرْآن كُله غير حرفين {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} يَعْنِي سوى ذَلِكُم (فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك) يَعْنِي سوى ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} قَالَ: مَا دون الْأَرْبَع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {كتاب الله عَلَيْكُم} قَالَ: هَذَا النّسَب {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} قَالَ: مَا وَرَاء هَذَا النّسَب وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} قَالَ: مَا وَرَاء ذَات الْقَرَابَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} قَالَ: مَا ملكت أَيْمَانكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} قَالَ: من الْإِمَاء يَعْنِي السراري وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {محصنين} قَالَ: متناكحين {غير مسافحين} قَالَ: غير زانين بِكُل زَانِيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن السفاح قَالَ: الزِّنَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} يَقُول: إِذا تزوّج الرجل مِنْكُم الْمَرْأَة ثمَّ نَكَحَهَا مرّة وَاحِدَة فقد وَجب صَدَاقهَا كُله والاستمتاع هُوَ النِّكَاح وَهُوَ قَوْله (وآتو النِّسَاء صدقاتهن نحلة) (النِّسَاء الْآيَة 4) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ مُتْعَة النِّسَاء فِي أوّل الْإِسْلَام

كَانَ الرجل يقدم الْبَلدة لَيْسَ مَعَه من يصلح لَهُ ضيعته وَلَا يحفظ مَتَاعه فيتزوّج الْمَرْأَة إِلَى قدر مَا يرى أَنه يفرغ من حَاجته فتنظر لَهُ مَتَاعه وَتصْلح لَهُ ضيعته وَكَانَ يقْرَأ / فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى / نسختها {محصنين غير مسافحين} وَكَانَ الْإِحْصَان بيد الرجل يمسك مَتى شَاءَ وَيُطلق مَتى شَاءَ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْمُتْعَة فِي أول الْإِسْلَام وَكَانُوا يقرأون هَذِه الْآيَة ((فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى )) الْآيَة فَكَانَ الرجل يقدم الْبَلدة لَيْسَ لَهُ بهَا معرفَة فَيَتَزَوَّج بِقدر مَا يرى أَنه يفرغ من حَاجته لتحفظ مَتَاعه وَتصْلح لَهُ شَأْنه حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة (حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم) (النِّسَاء الْآيَة 23) إِلَى آخر الْآيَة فنسخ الأولى فَحرمت الْمُتْعَة وتصديقها من الْقُرْآن (إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 6) وَمَا سوى هَذَا الْفرج فَهُوَ حرَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن أبي نَضرة قَالَ: قَرَأت على ابْن عَبَّاس {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} قَالَ ابْن عَبَّاس: (فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى) فَقلت مَا نقرؤها كَذَلِك فَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَالله لأنزلها الله كَذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: فِي قِرَاءَة أبي بن كَعْب ((فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى)) وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب ((فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى)) وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَطاء أَنه سمع ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أجل مُسَمّى فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ وَقَالَ ابْن عَبَّاس: فِي حرف أبي ((إِلَى أجل مُسَمّى)) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ} قَالَ: يَعْنِي نِكَاح الْمُتْعَة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه الْمُتْعَة الرجل ينْكح الْمَرْأَة بِشَرْط إِلَى أجل مُسَمّى فَإِذا انْقَضتْ الْمدَّة فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل وَهِي مِنْهُ بريئة

وَعَلَيْهَا أَن تستبرىء مَا فِي رَحمهَا وَلَيْسَ بَينهمَا مِيرَاث لَيْسَ يَرث وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نغزو مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ مَعنا نساؤنا فَقُلْنَا أَلا نستخصي فنهانا عَن ذَلِك وَرخّص لنا أَن نتزوّج الْمَرْأَة بِالثَّوْبِ إِلَى أجل ثمَّ قَرَأَ عبد الله (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم) (الْمَائِدَة الْآيَة 87) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَمُسلم عَن سُبْرَة الْجُهَنِيّ قَالَ: أذن لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام فتح مَكَّة فِي مُتْعَة النِّسَاء فَخرجت أَنا وَرجل من قومِي - ولي عَلَيْهِ فضل فِي الْجمال وَهُوَ قريب من الدمامة - مَعَ كل وَاحِد منا برد أما بردي فخلق وَأما برد ابْن عمي فبرد جَدِيد غض حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّة تلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة فَقُلْنَا: هَل لَك أَن يسْتَمْتع مِنْك أَحَدنَا قَالَت وَمَا تبذلان فنشر كل وَاحِد منا برده فَجعلت تنظر إِلَى الرجلَيْن فَإِذا رَآهَا صَاحِبي قَالَ: إِن برد هَذَا خلق وبردي جَدِيد غض فَتَقول: وَبرد هَذَا لَا بَأْس بِهِ ثمَّ استمتعت مِنْهَا فَلم تخرج حَتَّى حرمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن سُبْرَة قَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما بَين الرُّكْن وَالْبَاب وَهُوَ يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي كنت أَذِنت لكم فِي الِاسْتِمْتَاع أَلا وَإِن الله حرمهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمن كَانَ عِنْده مِنْهُنَّ شَيْء فَلْيخل سَبِيلهَا وَلَا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: رخص لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مُتْعَة النِّسَاء عَام أَوْطَاس ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ نهى عَنْهَا بعْدهَا وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر والنحاس من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} قَالَ: نسختها (يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن) (الطَّلَاق الْآيَة 1) (والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء) (الْبَقَرَة الْآيَة 228) (واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر) (الطَّلَاق الْآيَة 4)

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: نسخت آيَة الْمِيرَاث الْمُتْعَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْمُتْعَة مَنْسُوخَة نسخهَا الطَّلَاق وَالصَّدَََقَة وَالْعدة وَالْمِيرَاث وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ قَالَ: نسخ رَمَضَان كل صَوْم وَنسخت الزَّكَاة كل صَدَقَة وَنسخ الْمُتْعَة الطَّلَاق وَالْعدة وَالْمِيرَاث وَنسخت الضحية كل ذَبِيحَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن الحكم أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة أمنسوخة قَالَ: لَا وَقَالَ عليّ: لَوْلَا أَن عمر نهى عَن الْمُتْعَة مَا زنا إِلَّا شقي وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي جَمْرَة قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن مُتْعَة النِّسَاء فَرخص فِيهَا فَقَالَ لَهُ مولى لَهُ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك وَفِي النِّسَاء قلَّة وَالْحَال شَدِيد فَقَالَ ابْن عَبَّاس: نعم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمُتْعَة وَإِنَّمَا كَانَت لمن لم يجد فَلَمَّا نزل النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعدة وَالْمِيرَاث بَين الزَّوْج وَالْمَرْأَة نسخت وَأخرج النّحاس عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: إِنَّك رجل تائه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْمُتْعَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: إِنَّمَا أحلّت لأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُتْعَة النِّسَاء ثَلَاثَة أَيَّام نهى عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر أَنه خطب فَقَالَ: مَا بَال رجال ينْكحُونَ هَذِه الْمُتْعَة وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهَا لَا أُوتِيَ بِأحد نَكَحَهَا إِلَّا رَجَمْته وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن مُتْعَة النِّسَاء يَوْم خَيْبَر وَعَن أكل لُحُوم الْحمر الإنسية وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق عَن عُرْوَة بن الزبير أَن خَوْلَة بنت حَكِيم دخلت على عمر بن الْخطاب فَقَالَت: إِن ربيعَة بن أُميَّة استمتع بِامْرَأَة مولدة فَحملت مِنْهُ فَخرج عمر بن الْخطاب يجر رِدَاءَهُ فَزعًا فَقَالَ: هَذِه الْمُتْعَة وَلَو كنت تقدّمت فِيهَا لرجمت

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن خَالِد بن المُهَاجر قَالَ: أرخص ابْن عَبَّاس للنَّاس فِي الْمُتْعَة فَقَالَ لَهُ ابْن عمْرَة الْأنْصَارِيّ: مَا هَذَا يَا ابْن عَبَّاس فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فعلت مَعَ إِمَام الْمُتَّقِينَ فَقَالَ ابْن أبي عمْرَة: اللَّهُمَّ غفرا إِنَّمَا كَانَت الْمُتْعَة رخصَة كالضرورة إِلَى الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير ثمَّ أحكم الله الدّين بعد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: وَالله مَا كَانَت الْمُتْعَة إِلَّا ثَلَاثَة أَيَّام أذن لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا مَا كَانَت قبل ذَلِك وَلَا بعد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: نهى عمر عَن متعتين: مُتْعَة النِّسَاء ومتعة الْحَج وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن نَافِع أَن عمر سُئِلَ عَن الْمُتْعَة فَقَالَ: حرَام فَقيل لَهُ: إِن ابْن عَبَّاس يُفْتِي بهَا قَالَ: فَهَلا ترمرم بهَا فِي زمَان عمر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: لَا يحل لرجل أَن ينْكح امْرَأَة إِلَّا نِكَاح الْإِسْلَام بمهرها ويرثها وترثه وَلَا يقاضيها على أجل إِنَّهَا امْرَأَته فَإِن مَاتَ أَحدهمَا لم يتوارثا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: مَاذَا صنعت ذهب الركاب بفتياك وَقَالَت فِيهِ الشُّعَرَاء قَالَ: وَمَا قَالُوا قلت: قَالُوا: أَقُول للشَّيْخ لما طَال مَجْلِسه يَا صَاح هَل لَك فِي فتيا ابْن عَبَّاس هَل لَك رخصَة الْأَطْرَاف آنسة تكون مثواك حَتَّى مصدر النَّاس فَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون لَا وَالله مَا بِهَذَا أَفْتيت وَلَا هَذَا أردْت وَلَا أحللتها إِلَّا للْمُضْطَر وَلَا أحللت مِنْهَا إِلَّا مَا أحل الله من الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يرحم الله عمر مَا كَانَت الْمُتْعَة إِلَّا رَحْمَة من الله رحم بهَا أمة مُحَمَّد وَلَوْلَا نَهْيه عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلَى الزِّنَا إِلَّا شقي قَالَ: وَهِي الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء {فَمَا استمتعتم بِهِ مِنْهُنَّ} إِلَى كَذَا وَكَذَا من الْأَجَل على كَذَا وَكَذَا قَالَ: وَلَيْسَ بَينهمَا وراثة فَإِن بدا لَهما أَن يتراضيا بعد الْأَجَل فَنعم وَإِن تفَرقا فَنعم وَلَيْسَ بَينهمَا نِكَاح وَأخْبر أَنه سمع ابْن عَبَّاس يَرَاهَا الْآن حَلَالا وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عمار مولى الشريد قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْمُتْعَة

أسفاح هِيَ أم نِكَاح فَقَالَ: لَا سفاح وَلَا نِكَاح قلت: فَمَا هِيَ قَالَ: هِيَ الْمُتْعَة كَمَا قَالَ الله قلت هَل لَهَا من عدَّة قَالَ: نعم عدتهَا حَيْضَة قلت: هَل يتوارثان قَالَ: لَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ فَرِيضَة} قَالَ: مَا تراضوا عَلَيْهِ من قَلِيل أَو كثير وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي أَن رجَالًا كَانُوا يفرضون الْمهْر ثمَّ عَسى أَن يدْرك أحدهم الْعسرَة فَقَالَ الله {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا تراضيتم بِهِ من بعد الْفَرِيضَة} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِيمَا تراضيتم بِهِ من بعد الْفَرِيضَة} قَالَ: التَّرَاضِي أَن يُوفي لَهَا صَدَاقهَا ثمَّ يخيرها وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن شهَاب فِي الْآيَة قَالَ: نزل ذَلِك فِي النِّكَاح فَإِذا فرض الصَدَاق فَلَا جنَاح عَلَيْهِمَا فِيمَا تَرَاضيا بِهِ من بعد الْفَرِيضَة من إنجاز صَدَاقهَا قَلِيل أَو كثير وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم عَن ربيعَة فِي الْآيَة قَالَ: إِن أَعْطَتْ زَوجهَا من بعد الْفَرِيضَة أَو وضعت إِلَيْهِ فَذَلِك الَّذِي قَالَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: إِن وضعت لَك مِنْهُ شَيْئا فَهُوَ سَائِغ وَأخرج عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِن شَاءَ أرضاها من بعد الْفَرِيضَة الأولى الَّتِي تمتّع بهَا فَقَالَ: أتمتع مِنْك أَيْضا بِكَذَا وَكَذَا قبل أَن يستبرىء رَحمهَا وَالله أعلم الْآيَة 25

25

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا} يَقُول: من لم يكن لَهُ سَعَة أَن ينْكح الْمُحْصنَات يَقُول: الْحَرَائِر {فَمن مَا ملكت أَيْمَانكُم من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} فَلْيَنْكِح من إِمَاء الْمُؤمنِينَ {محصنات غير مسافحات} يَعْنِي عفائف غير زوان فِي سر وَلَا عَلَانيَة {وَلَا متخذات أخدان} يَعْنِي أخلاء {فَإِذا أحصن فَإِن أتين بِفَاحِشَة} يَعْنِي إِذا تزوجت حرا ثمَّ زنت {فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} قَالَ: من الْجلد {ذَلِك لمن خشِي الْعَنَت} هُوَ الزِّنَا فَلَيْسَ لأحد من الْأَحْرَار أَن ينْكح أمة إِلَّا أَن لَا يقدر على حرَّة وَهُوَ يخْشَى الْعَنَت {وَأَن تصبروا} عَن نِكَاح الْإِمَاء {فَهُوَ خير لكم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى أَن تنْكح الْأمة على الْحرَّة وَتنْكح الْحرَّة على الْأمة وَمن وجد طولا لحرة فَلَا ينْكح أمة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا} يَعْنِي من لم يجد مِنْكُم غنى {أَن ينْكح الْمُحْصنَات} يَعْنِي الْحَرَائِر فَلْيَنْكِح الْأمة المؤمنة {وَأَن تصبروا} عَن نِكَاح الْإِمَاء {خير لكم} وَهُوَ حَلَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله أَنه سُئِلَ عَن الْحر يتزوّج الْأمة فَقَالَ إِذا كَانَ ذَا طول فَلَا قيل إِن وَقع حب الْأمة فِي نَفسه قَالَ: إِن خشِي الْعَنَت فليتزوجها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِنَّمَا أحل الله نِكَاح الْإِمَاء إِن لم يسْتَطع طولا وخشي الْعَنَت على نَفسه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: مِمَّا وسع الله بِهِ على هَذِه الْأمة نِكَاح الْيَهُودِيَّة والنصرانية وَإِن كَانَ مُوسِرًا

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {من فَتَيَاتكُم} قَالَ: من إمائكم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا يصلح نِكَاح إِمَاء أهل الْكتاب إِن الله يَقُول {من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: إِنَّمَا رخص فِي الْأمة الْمسلمَة لمن لم يجد طولا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: إِنَّمَا رخص لهَذِهِ الْأمة فِي نِكَاح نسَاء أهل الْكتاب وَلم يرخص لَهُم فِي الْإِمَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا يتَزَوَّج الْحر من الْإِمَاء إِلَّا وَاحِدَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا أحل الله وَاحِدَة لمن خشِي الْعَنَت على نَفسه وَلَا يجد طولا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان ثمَّ قَالَ فِي التَّقْدِيم: {وَالله أعلم بإيمانكم بَعْضكُم من بعض} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ {فانكحوهن بِإِذن أهلهن} قَالَ: بِإِذن مواليهن {وآتوهن أُجُورهنَّ} قَالَ: مهورهن وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: المسافحات: المعلنات بِالزِّنَا والمتخذات أخدان ذَات الْخَلِيل الْوَاحِد قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يحرمُونَ مَا ظهر من الزِّنَا ويستحلون مَا خَفِي يَقُولُونَ: أما مَا ظهر مِنْهُ فَهُوَ لؤم وَأما مَا خَفِي فَلَا بَأْس بذلك فَأنْزل الله (وَلَا تقربُوا الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن) (الْأَنْعَام الْآيَة 151) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَإِذا أحصن} قَالَ: إحصانها إسْلَامهَا وَقَالَ عَليّ: اجلدوهن قَالَ ابْن أبي حَاتِم حَدِيث مُنكر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن أمة زنت وَلَيْسَ لَهَا زوج فَقَالَ: اجلدوها خمسين جلدَة قَالَ: إِنَّهَا لم تحصن قَالَ: إسْلَامهَا إحصانها

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر قَالَ: فِي الْأمة إِذا كَانَت لَيست بِذَات زوج فزنت جلدت {نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود قَرَأَ {فَإِذا أَحْصَنَّ} بِفَتْح الْألف وَقَالَ: إحصانها إسْلَامهَا وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم {فَإِذا أحصن} قَالَ: إِذا أسلمن وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يقْرَأ {فَإِذا أحصن} قَالَ: إِذا أسلمن وَكَانَ مُجَاهِد يقْرَأ {فَإِذا أحصن} يَقُول: إِذا تَزَوَّجن مَا لم تزوّج فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا {فَإِذا أحصن} يَعْنِي بِرَفْع الْألف يَقُول: أحصن بالأزواج يَقُول: لَا تجلد أمة حَتَّى تزوّج وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا قَالَ الله {فَإِذا أحصن فَإِن أتين بِفَاحِشَة فعليهن} فَلَيْسَ يكون عَلَيْهَا حد حَتَّى تحصن وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ على الْأمة حد حَتَّى تحصن بِزَوْج فَإِذا أحصنت بِزَوْج فعلَيْهَا نصف مَا على الْمُحْصنَات قَالَ ابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ: رَفعه خطأ وَالصَّوَاب وَقفه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {فَإِذا أحصنَّ} يَقُول: فَإِذا تَزَوَّجن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ لَا يرى على الْأمة حدا حَتَّى تُزوَّج زوجا حرا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْأمة إِذا زنت وَلم تحصن قَالَ اجلدوها ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ إِن زنت فاجلدوها ثمَّ بيعوها وَلَو بضفير وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أنس بن مَالك أَنه كَانَ يضْرب إماءَهُ الْحَد إِذا زنين تزوّجن أَو لم يتزوجن وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة فَإِن أَتَوا أَو أتين بِفَاحِشَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} قَالَ: خَمْسُونَ جلدَة وَلَا نفي وَلَا رجم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حد العَبْد يفتري على الْحر أَرْبَعُونَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْعَنَت الزِّنَا وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن الْعَنَت قَالَ: الْإِثْم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: رَأَيْتُك تبتغي عنتي وتسعى على السَّاعِي عليّ بِغَيْر دخل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَأَن تصبروا خير لكم} قَالَ: عَن نِكَاح الْإِمَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود {وَأَن تصبروا خير لكم} قَالَ: عَن نِكَاح الْإِمَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَأَن تصبروا} عَن نِكَاح الْأمة خير وَهُوَ حل لكم إسترقاق أَوْلَادهنَّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: أَن تصبر وَلَا تنْكح الْأمة فَيكون أولادك مملوكين فَهُوَ خير لَك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا تزحف ناكح الْإِمَاء عَن الزِّنَا إِلَّا قَلِيلا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِذا نكح العَبْد الْحرَّة فقد أعتق نصفه وَإِذا نكح الْحر الْأمة فقد أرق نصفه وأخرد ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ نِكَاح الْأمة كالميتة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير لَا يحل إِلَّا للْمُضْطَر الْآيَات 26 - 28

26

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ثَمَانِي آيَات نزلت فِي سُورَة النِّسَاء هن خير لهَذِهِ الْأمة مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس وغربت أوّلهن {يُرِيد الله ليبيِّن لكم وَيهْدِيكُمْ سنَن الَّذين من قبلكُمْ وَيَتُوب عَلَيْكُم وَالله عليم حَكِيم} وَالثَّانيَِة {وَالله يُرِيد أَن يَتُوب عَلَيْكُم وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات أَن تميلوا ميلًا عَظِيما} وَالثَّالِثَة {يُرِيد الله أَن يُخَفف عَنْكُم وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا} وَالرَّابِعَة (أَن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا) (النِّسَاء الْآيَة 31) وَالْخَامِسَة (إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة ) (النِّسَاء الْآيَة 40) الْآيَة وَالسَّادِسَة (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله ) (النِّسَاء الْآيَة 110) الْآيَة وَالسَّابِعَة (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر ) (النِّسَاء الْآيَة 48) الْآيَة وَالثَّامِنَة (وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَلم يفرقُوا بَين أحد مِنْهُم أُولَئِكَ سَوف يؤيتهم أُجُورهم وَكَانَ الله) للَّذين عمِلُوا من الذُّنُوب (غَفُورًا رحِيما) (النِّسَاء الْآيَة 152) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان {يُرِيد الله ليبين لكم وَيهْدِيكُمْ سنَن الَّذين من قبلكُمْ} من تَحْرِيم الْأُمَّهَات وَالْبَنَات كَذَلِك كَانَ سنة الَّذين من قبلكُمْ وَفِي قَوْله {أَن تميلوا ميلًا عَظِيما} قَالَ: الْميل الْعَظِيم أَن الْيَهُود يَزْعمُونَ أَن نِكَاح الْأُخْت من الْأَب حَلَال من الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات} قَالَ: الزِّنَا {أَن تميلوا ميلًا عَظِيما} قَالَ: يُرِيدُونَ أَن تَكُونُوا مثلهم تزنون كَمَا يزنون وَأخرج ابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس {وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات} قَالَ: الزِّنَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {يُرِيد الله أَن يُخَفف عَنْكُم} يَقُول: فِي نِكَاح الْأمة وَفِي كل شَيْء فِيهِ يسر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس {وَخلق الإِنسان ضَعِيفا} قَالَ: فِي أَمر النِّسَاء لَيْسَ يكون الْإِنْسَان فِي شَيْء أَضْعَف مِنْهُ فِي النِّسَاء قَالَ وَكِيع: يذهب عقله عِنْدهن وَأخرج الخرائطي فِي اعتلال الْقُلُوب عَن طَاوس فِي قَوْله {وَخلق الإِنسان ضَعِيفا} قَالَ: إِذا نظر إِلَى النِّسَاء لم يصبر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {يُرِيد الله أَن يُخَفف عَنْكُم} قَالَ: رخص لكم فِي نِكَاح الْإِمَاء حِين تضطرون إلَيْهِنَّ {وَخلق الْإِنْسَان ضَعِيفا} قَالَ: لَو لم يرخص لَهُ فِيهَا لم يكن إِلَّا الْأَمر الأول إِذا لم يجد حرَّة الْآيَتَانِ 29 - 30

29

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} قَالَ: إِنَّهَا محكمَة مَا نسخت وَلَا تنسخ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: أما أكلهم أَمْوَالهم بَينهم بِالْبَاطِلِ فالزنا والقمار والبخس وَالظُّلم {إِلَّا أَن تكون تِجَارَة} فليرب الدِّرْهَم ألفا إِن اسْتَطَاعَ وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَالْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يتحرَّج أَن يَأْكُل عِنْد أحد من النَّاس بعد مَا نزلت هَذِه الْآيَة فنسخ ذَلِك بِالْآيَةِ الَّتِي فِي النُّور (وَلَا على أَنفسكُم أَن تَأْكُلُوا من بُيُوتكُمْ ) (النورالآية 61) الْآيَة

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله (إِلَّا أَن تكون تِجَارَة عَن ترَاض مِنْكُم) قَالَ: عَن ترَاض فِي تِجَارَة بيع أَو عَطاء يُعْطِيهِ أحد أحدا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: التِّجَارَة رزق من رزق الله وحلال من حَلَال الله لمن طلبَهَا بصدقها وبرها وَقد كُنَّا نُحدث أَن التَّاجِر الْأمين الصدوق مَعَ السَّبْعَة فِي ظلّ الْعَرْش يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه الْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التَّاجِر الصدوق الْأمين مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَأخرج ابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر مَرْفُوعا قَالَ: التَّاجِر الصدوق الْأمين الْمُسلم مَعَ الشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْحَاكِم عَن رَافع بن خديج قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله أَي الْكسْب أطيب قَالَ: كسب الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي بردة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْكسْب أطيب أوأفضل قَالَ: عمل الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن نعيم بن عبد الرَّحْمَن الْأَزْدِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تِسْعَة أعشار الرزق فِي التِّجَارَة وَالْعشر فِي الْمَوَاشِي وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن صَفْوَان بن أُميَّة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعلم أَن عون الله مَعَ صالحي التُّجَّار وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التَّاجِر الصدوق فِي ظلّ الْعَرْش يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أطيب الْكسْب كسب التُّجَّار الَّذين إِذا حدثوا لم يكذبوا وَإِذا وعدوا لم يخلفوا وَإِذا ائتمنوا لم يخونوا وَإِذا اشْتَروا لم يذموا وَإِذا باعوا لم يمدحوا وَإِذا كَانَ عَلَيْهِم لم يمطلوا وَإِذا كَانَ لَهُم لم يعسروا وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا أَن التَّاجِر إِذا كَانَ فِيهِ أَربع خِصَال طَابَ كَسبه: إِذا اشْترى لم يذم وَإِذا بَاعَ لم يمدح وَلم يُدَلس فِي البيع وَلم يحلف فِيمَا بَين ذَلِك وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن رِفَاعَة بن رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن

التُّجَّار يبعثون يَوْم الْقِيَامَة فجاراً إِلَّا من اتَّقى الله وبرَّ وَصدق وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن التُّجَّار هم الْفجار قَالُوا: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ قد أحل الله البيع قَالَ: بلَى وَلَكنهُمْ يحلفُونَ فيأثمون ويحدثون فيكذبون وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَمْرو بن تغلب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يفِيض المَال وَيكثر الْجَهْل وَتظهر الْفِتَن وتفشو التِّجَارَة أخرج ابْن مَاجَه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سعيد فِي قَوْله تَعَالَى {عَن تراضٍ مِنْكُم} قَالَ: قَالَ رَسُول الله: إِنَّمَا البيع عَن ترَاض وَأخرج ابْن جرير عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: البيع عَن ترَاض وَالْخيَار بعد الصَّفْقَة وَلَا يحل لمُسلم أَن يغش مُسلما وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي زرْعَة أَنه بَاعَ فرسا لَهُ فَقَالَ لصَاحبه: اختر فخيره ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ لَهُ: خيرني فخيره ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: هَذَا البيع عَن ترَاض وَأخرج ابْن ماجة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: اشْترى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رجل من الْأَعْرَاب حمل خبط فَلَمَّا وَجب البيع قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اختر فَقَالَ الْأَعرَابِي: عمرك الله بيعا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَاعَ رجلا ثمَّ قَالَ لَهُ: اختر فَقَالَ: قد اخْتَرْت فَقَالَ: هَكَذَا البيع وَأخرج ابْن جرير عَن أبي زرْعَة أَنه كَانَ إِذا بَايع رجلا يَقُول لَهُ: خيرني ثمَّ يَقُول: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يفْتَرق اثْنَان إِلَّا عَن رضَا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي قلَابَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا أهل البقيع لَا يتفرقن بيعان إِلَّا عَن رضَا وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا أَو يَقُول أَحدهمَا للْآخر: اختر أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح وَعِكْرِمَة {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} قَالَا: نَهَاهُم عَن قتل بَعضهم بَعْضًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} لَا يقتل بَعْضكُم قَالَ: بَعْضًا

وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن أبي رَبَاح مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} قَالَ: أهل دينكُمْ وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام ذَات السلَاسِل احْتَلَمت فِي لَيْلَة بَارِدَة شَدِيدَة الْبرد فَأَشْفَقت إِن اغْتَسَلت أَن أهلك فَتَيَمَّمت بِهِ ثمَّ صليت بِأَصْحَابِي صَلَاة الصُّبْح فَلَمَّا قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: يَا عَمْرو صليت بِأَصْحَابِك وَأَنت جنب قلت: نعم يَا رَسُول الله إِنِّي احْتَلَمت فِي لَيْلَة بَارِدَة شَدِيدَة الْبرد فَأَشْفَقت إِن اغستلت أَن أهلك وَذكرت قَول الله {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} فَتَيَمَّمت ثمَّ صليت فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يقل شَيْئا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن عَمْرو بن الْعَاصِ صلى بِالنَّاسِ وَهُوَ جنب فَلَمَّا قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرُوا ذَلِك لَهُ فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: يَا رَسُول الله خشيت أَن يقتلني الْبرد وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما} فَسكت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة أَن مسروقاً أَتَى صفّين فَقَامَ بَين الصفين فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أَنْصتُوا أَرَأَيْتُم لَو أَن منادياً ناداكم من السَّمَاء فرأيتموه وسمعتم كَلَامه فَقَالَ: إِن الله يَنْهَاكُم عَمَّا أَنْتُم فِيهِ أَكُنْتُم منتهين قَالُوا: سُبْحَانَ الله قَالَ: فوَاللَّه لقد نزل بذلك جِبْرِيل على مُحَمَّد وَمَا ذَاك بأبين عِنْدِي مِنْهُ إِن الله قَالَ {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما} ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْكُوفَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَمن يفعل ذَلِك} يَعْنِي الْأَمْوَال والدماء جَمِيعًا {عُدْوانًا وظلماً} يَعْنِي مُتَعَمدا إعتداء بِغَيْر حق {وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا} يَقُول: كَانَ عَذَابه على الله هيناً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: أَرَأَيْت قَوْله تَعَالَى {وَمن يفعل ذَلِك عُدْوانًا وظلماً فَسَوف نصليه نَارا} فِي كل ذَلِك أم فِي قَوْله تَعَالَى الْآيَة 31

31

{وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} قَالَ: بل فِي قَوْله {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} أخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن فِي سُورَة النِّسَاء خمس آيَات مَا يسرني أَن لي بهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَد علمت أَن الْعلمَاء إِذا مروا بهَا يعرفونها قَوْله تَعَالَى {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} الْآيَة وَقَوله (إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة ) (النِّسَاء الْآيَة 40) الْآيَة وَقَوله (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ ) (النِّسَاء الْآيَة 48) الْآيَة وَقَوله (وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم جاؤوك ) (النِّسَاء الْآيَة 64) الْآيَة وَقَوله (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ) (النِّسَاء الْآيَة 110) الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن أنس بن مَالك قَالَ: لم نر مثل الَّذِي بلغنَا عَن رَبنَا عز وَجل ثمَّ لم نخرج لَهُ عَن كل أهل وَمَال أَن تجَاوز لنا عَمَّا دون الْكَبَائِر فَمَا لنا وَلها يَقُول الله {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا} وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس بن مَالك قَالَ: هان مَا سألكم ربكُم {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أنس سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَلا إِن شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} الْآيَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلس على الْمِنْبَر ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من عبد يُصَلِّي الصَّلَوَات الْخمس ويصوم رَمَضَان وَيُؤَدِّي الزَّكَاة ويجتنب الْكَبَائِر السَّبع إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى أَنَّهَا لتصطفق ثمَّ تَلا {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أنس قَالَ: مَا لكم والكبائر وَقد وعدتم الْمَغْفِرَة فِيمَا دون الْكَبَائِر وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد حسن عَن الْحسن أَن نَاسا لقوا عبد الله بن عَمْرو بِمصْر

فَقَالُوا: نرى أَشْيَاء من كتاب الله أَمر أَن يعْمل بهَا لَا يعْمل بهَا فأردنا أَن نلقى أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي ذَلِك فَقدم وَقدمُوا مَعَه فلقي عمر فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن نَاسا لقوني بِمصْر فَقَالُوا: إِنَّا نرى أَشْيَاء من كتاب الله أَمر أَن يعْمل بهَا لَا يعْمل بهَا فأحبوا أَن يلقوك فِي ذَلِك فَقَالَ: اجمعهم لي فَجَمعهُمْ لَهُ فَأخذ أَدْنَاهُم رجلا فَقَالَ: أنْشدك بِاللَّه وبحق الْإِسْلَام عَلَيْك أَقرَأت الْقُرْآن كُله قَالَ: نعم قَالَ: فَهَل أحصيته فِي نَفسك قَالَ: لَا قَالَ: فَهَل أحصيته فِي بَصرك هَل أحصيته فِي لفظك هَل أحصيته فِي أثرك ثمَّ تتبعهم حَتَّى أَتَى على آخِرهم قَالَ: فثكلت عمر أمه أتكلفونه على أَن يُقيم النَّاس على كتاب الله قد علم رَبنَا أَنه سَتَكُون لنا سيئات وتلا {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا} هَل علم أهل الْمَدِينَة فِيمَا قدمتم قَالَ: لَا قَالَ: لَو علمُوا لوعظت بكم وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا وعد الله الْمَغْفِرَة لمن اجْتنب الْكَبَائِر وَذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اجتنبوا الْكَبَائِر وسددوا وابشروا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل مَا نهى الله عَنهُ فَهُوَ كَبِيرَة وَقد ذكرت الطرفة يَعْنِي النظرة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْوَلِيد قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: كل شَيْء عُصِيَ الله فِيهِ فَهُوَ كَبِيرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل مَا وعد الله عَلَيْهِ النَّار كَبِيرَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَبَائِر كل ذَنْب خَتمه الله بِنَار أَو غضب أَو لعنة أَو عَذَاب وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كل ذَنْب نسبه الله إِلَى النَّار فَهُوَ من الْكَبَائِر وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْكَبَائِر كل مُوجبَة أوجب الله لأَهْلهَا النَّار وكل عمل يُقَام بِهِ الحدُّ فَهُوَ من الْكَبَائِر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الْكَبَائِر أَسَبْعٌ هِيَ قَالَ: هِيَ إِلَى السّبْعين أقرب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير أَن رجلا سَأَلَ ابْن عَبَّاس كم الْكَبَائِر سبع هِيَ قَالَ إِلَى سَبْعمِائة أقرب مِنْهَا إِلَى سبع غير أَنه لَا كَبِيرَة مَعَ اسْتِغْفَار وَلَا صَغِيرَة مَعَ إِصْرَار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق قيس بن سعد قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: كل ذَنْب أصر عَلَيْهِ العَبْد كَبِير وَلَيْسَ بكبير مَا تَابَ مِنْهُ العَبْد وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجتنبوا السَّبع الموبقات قَالُوا: وَمَا هن يَا رَسُول الله قَالَ: الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَالسحر وَأكل الرِّبَا وَمَال الْيَتِيم والتولي يَوْم الزَّحْف وَقذف الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْكَبَائِر سبع: أَولهَا الْإِشْرَاك بِاللَّه ثمَّ قتل النَّفس بِغَيْر حَقّهَا وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم إِلَى أَن يكبر والفرار من الزَّحْف وَرمي الْمُحْصنَات والإنقلاب على الْأَعْرَاب بعد الْهِجْرَة وَأخرج عَليّ بن الْجَعْد فِي الجعديات عَن طَيْسَلَة قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هن تسع: الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقذف المحصنة وَقتل النَّفس المؤمنة والفرار من الزَّحْف وَالسحر وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم وعقوق الْوَالِدين والإلحاد بِالْبَيْتِ الْحَرَام قبلتكم أَحيَاء وأمواتاً وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل فِي أَحْكَام الْقُرْآن وَابْن الْمُنْذر بِسَنَد حسن من طَرِيق طَيْسَلَة عَن ابْن عمر قَالَ: الْكَبَائِر تسع: الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّسمَة يَعْنِي بِغَيْر حق وَقذف المحصنة والفرار من الزَّحْف وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم وَالَّذِي يستسحر وإلحاد فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وإنكاء الْوَالِدين من العقوق وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُمَيْر اللَّيْثِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَوْلِيَاء الله المصلون وَمن يُقيم الصَّلَوَات الْخمس الَّتِي كتبهَا الله على عباده وَمن يُؤَدِّي زَكَاة مَاله طيبَة بهَا نَفسه وَمن يَصُوم رَمَضَان يحْتَسب صَوْمه ويجتنب الْكَبَائِر فَقَالَ رجل من الصَّحَابَة: يَا رَسُول الله وَكم الْكَبَائِر قَالَ: هن تسع: أعظمهن الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل الْمُؤمن بِغَيْر

الْحق والفرار يَوْم الزَّحْف وَقذف المحصنة وَالسحر وَأكل مَال الْيَتِيم وَأكل الرِّبَا وعقوق الْوَالِدين الْمُسلمين وَاسْتِحْلَال الْبَيْت الْحَرَام قبلتكم أَحيَاء وأمواتاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صلى الصَّلَوَات الْخمس واجتنب الْكَبَائِر السَّبع نُودي من أَبْوَاب الْجنَّة ادخل بِسَلام قيل أسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكرهن قَالَ: نعم عقوق الْوَالِدين والإشراك بِاللَّه وَقتل النَّفس وَقذف الْمُحْصنَات وَأكل مَال الْيَتِيم والفرار من الزَّحْف وَأكل الرِّبَا وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من عبد الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وَأقَام الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة وَصَامَ رَمَضَان واجتنب الْكَبَائِر فَلهُ الْجنَّة فَسَأَلَهُ رجل مَا الْكَبَائِر قَالَ: الشّرك بِاللَّه وَقتل نفس مسلمة والفرار يَوْم الزَّحْف وَأخرج ابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أهل الْيمن كتابا فِيهِ الْفَرَائِض وَالسّنَن والديات وَبعث بِهِ مَعَ عَمْرو بن حزم قَالَ: وَكَانَ فِي الْكتاب: إِن أكبر الْكَبَائِر عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّفس المؤمنة بِغَيْر حق والفرار يَوْم الزَّحْف وعقوق الْوَالِدين وَرمي المحصنة وَتعلم السحر وَأكل الرِّبَا وَأكل مَال الْيَتِيم وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَبَائِر فَقَالَ: الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس وعقوق الْوَالِدين وَقَالَ: أَلا أنبئكم بأكبرالكبائر قَول الزُّور أَو شَهَادَة الزُّور وَأخرج الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر قُلْنَا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَكَانَ مُتكئا فَجَلَسَ فَقَالَ: أَلا وَقَول الزُّور أَلا وَشَهَادَة الزُّور فَمَا زَالَ يكررها حَتَّى قُلْنَا ليته سكت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَمْرو أَنه سُئِلَ عَن الْخمر فَقَالَ: سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هِيَ أكبر الْكَبَائِر وَأم الْفَوَاحِش من شرب الْخمر ترك الصَّلَاة وَوَقع على أمه وخالته وَعَمَّته

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يعد الْخمر أكبر الْكَبَائِر وَأخرج عبد بن حميد فِي كتاب الْإِيمَان عَن شُعْبَة مولى ابْن عَبَّاس قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أَن الْحسن بن عَليّ سُئِلَ عَن الْخمر أَمن الْكَبَائِر هِيَ فَقَالَ: لَا فَقَالَ ابْن عَبَّاس: قد قَالَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا شرب سكر وزنى وَترك الصَّلَاة فَهِيَ من الْكَبَائِر وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْكَبَائِر: الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين أَو قتل النَّفس - شكّ شُعْبَة - وَالْيَمِين الْغمُوس وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أنيس الْجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن من أكبر الْكَبَائِر الشّرك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَالْيَمِين الْغمُوس وَمَا حلف حَالف بِاللَّه يَمِين صَبر فَأدْخل فِيهَا مثل جنَاح بعوضة إِلَّا جعلت نُكْتَة فِي قلبه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أكبر الْكَبَائِر أَن يلعن الرجل وَالِديهِ قَالُوا: وَكَيف يلعن الرجل وَالِديهِ قَالَ: يَسُبُّ أَبَا الرجل فيسب أَبَاهُ ويَسُبُّ أمه فيسب أمه وَأخرج أَو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أكبر الْكَبَائِر استطالة الْمَرْء فِي عرض رجل مُسلم بِغَيْر حق وَمن الْكَبَائِر السبتان بالسبة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ من غير عذر فقد أَتَى بَابا من أَبْوَاب الْكَبَائِر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ من غير عذر من الْكَبَائِر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي قَتَادَة الْعَدوي قَالَ: قرىء علينا كتاب عمر من الْكَبَائِر جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ يَعْنِي بِغَيْر عذر والفرار من الزَّحْف والنميمة وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد حسن

عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا الْكَبَائِر فَقَالَ: الشّرك بِاللَّه واليأس من روح الله والآمن من مكر الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه والإياس من روح الله والقنوط من رَحْمَة الله والآمن من مكر الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ أَنه سُئِلَ مَا أكبر الْكَبَائِر فَقَالَ: الْأَمْن لمكر الله والإياس من روح الله والقنوط من رَحْمَة الله وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد حسن عَن أبي أُمَامَة أَن نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرُوا الْكَبَائِر وَهُوَ متكىء فَقَالُوا: الشّرك بِاللَّه وَأكل مَال الْيَتِيم وفرار يَوْم الزَّحْف وَقذف المحصنة وعقوق الْوَالِدين وَقَول الزُّور والغلول وَالسحر وَأكل الرِّبَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَيْنَ تَجْعَلُونَ (إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا) (آل عمرَان الْآيَة 77) إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا الضرار فِي الْوَصِيَّة من الْكَبَائِر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: الْكَبَائِر: الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس وَأكل مَال الْيَتِيم وَقذف المحصنة والفرار من الزَّحْف وَالتَّعَرُّب بعد الْهِجْرَة وَالسحر وعقوق الْوَالِدين وَأكل الرِّبَا وفراق الْجَمَاعَة ونكث الصَّفْقَة وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر بِسَنَد ضَعِيف عَن بُرَيْدَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَن أكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَمنع فضل المَاء وَمنع الْفَحْل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بُرَيْدَة قَالَ: إِن أكبر الْكَبَائِر الشّرك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين وَمنع فضول المَاء بعد الرّيّ وَمنع طروق الْفَحْل إِلَّا بِجعْل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: مَا أَخذ على النِّسَاء فَمن الْكَبَائِر يَعْنِي قَوْله (أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين ) (المتحنة الْآيَة 12) الْآيَة وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرَأَيْتُم الزَّانِي وَالسَّارِق وشارب الْخمر مَا تَقولُونَ فيهم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هن فواحش وفيهن عُقُوبَة أَلا أنبئكم

بأكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه ثمَّ قَرَأَ (وَمن يُشْرك بِاللَّه فقد افترى إِثْمًا عَظِيما) (النِّسَاء الْآيَة 48) وعقوق الْوَالِدين ثمَّ قَرَأَ (أَن اشكر لي ولوالديك إِلَيّ الْمصير) (لُقْمَان الْآيَة 14) وَكَانَ مُتكئا فاحتفز فَقَالَ: أَلا وَقَول الزُّور وَأخرج عبدُ بن حميد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن من أكبر الذَّنب عِنْد الله أَن يَقُول لصَاحبه اتَّقِ الله فَيَقُول: عَلَيْك نَفسك من أَنْت تَأْمُرنِي وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سَالم بن عبد الله التمار عَن أَبِيه أَن أَبَا بكر وَعمر وأناساً من الصَّحَابَة بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرُوا أعظم الْكَبَائِر فَلم يكن عِنْدهم فِيهَا علم ينتهون إِلَيْهِ فأرسلوني إِلَى عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أسأله عَن ذَلِك فَأَخْبرنِي أَن أعظم الْكَبَائِر شرب الْخمر فأتيتهم فَأَخْبَرتهمْ فأنكروا ذَلِك وتواثبوا إِلَيْهِ جَمِيعًا حَتَّى أَتَوْهُ فِي دَاره فَأخْبرهُم أَنهم تحدثُوا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن ملكا من بني إِسْرَائِيل أَخذ رجلا فخيره أَن يشرب الْخمر أَو يقتل نفسا أَو يَزْنِي أَو يَأْكُل لحم خِنْزِير أَو يقْتله إِن أَبى فَاخْتَارَ شرب الْخمر وَإنَّهُ لما شربهَا لم يمْتَنع من شَيْء أَرَادَهُ مِنْهُ وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أحد يشْربهَا فَيقبل الله لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَلَا يَمُوت وَفِي مثانته مِنْهَا شَيْء إِلَّا حرمت عَلَيْهِ الْجنَّة وَإِن مَاتَ فِي الْأَرْبَعين مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه لِأَن الله يَقُول (لَا ييأس من روح الله إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ) (يُوسُف الْآيَة 87) والأمن لمكر الله لِأَن الله يَقُول (فَلَا يَأْمَن مكر الله إِلَّا الْقَوْم الخاسرون) (الْأَعْرَاف الْآيَة 99) وعقوق الْوَالِدين لِأَن الله جعل الْعَاق جباراً عصياً وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله لِأَن الله يَقُول (فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم ) (النِّسَاء الْآيَة 93) إِلَى آخر الْآيَة وَقذف الْمُحْصنَات لِأَن الله يَقُول (لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم) (النُّور الْآيَة 23) وَأكل

مَال الْيَتِيم لِأَن الله يَقُول (إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا وسيصلون سعيرا) (النِّسَاء الْآيَة 10) والفرار من الزَّحْف لِأَن الله يَقُول (وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره ) إِلَى قَوْله (وَبئسَ الْمصير) (الْأَنْفَال الْآيَة 16) وَأكل الرِّبَا لِأَن الله يَقُول (الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ ) (الْبَقَرَة الْآيَة 275) الْآيَة وَالسحر لِأَن الله يَقُول (وَلَقَد علمُوا لمن اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَة من خلاق) (الْبَقَرَة الْآيَة 102) وَالزِّنَا لِأَن الله يَقُول (يلق أثاما) (الْفرْقَان الْآيَة 68) الْآيَة وَالْيَمِين الْغمُوس الْفَاجِرَة لِأَن الله يَقُول (إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ) (آل عمرَان الْآيَة 77) الْآيَة والغلول لِأَن الله يَقُول (وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة) (آل عمرَان الْآيَة 161) وَمنع الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة لِأَن الله يَقُول (فتكوى بهَا جباههم ) (التَّوْبَة الْآيَة 35) الْآيَة وَشَهَادَة الزُّور وكتمان الشَّهَادَة لِأَن الله يَقُول (وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه) (الْبَقَرَة الْآيَة 283) وَشرب الْخمر لِأَن الله عدل بهَا الْأَوْثَان وَترك الصَّلَاة مُتَعَمدا لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد برىء من ذمَّة الله وَرَسُوله وَنقض الْعَهْد وَقَطِيعَة الرَّحِم لِأَن الله يَقُول (لَهُم اللَّعْنَة وَلَهُم سوء الدَّار) (الرَّعْد الْآيَة 25) وأخرد عبد بن حميد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الْكَبَائِر قَالَ: مَا بَين أول سُورَة النِّسَاء إِلَى رَأس ثَلَاثِينَ آيَة مِنْهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْكَبَائِر من أول سُورَة النِّسَاء إِلَى قَوْله {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: افتتحوا سُورَة النِّسَاء فَكل شَيْء نهى الله عَنهُ حَتَّى تَأْتُوا ثَلَاثِينَ آيَة فَهُوَ كَبِيرَة ثمَّ قَرَأَ مصداق ذَلِك {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} الْآيَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ من النِّسَاء حَتَّى بلغ ثَلَاثِينَ آيَة مِنْهَا ثمَّ قَرَأَ {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} مِمَّا فِي أول السُّورَة إِلَى حَيْثُ بلغ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن الْكَبَائِر فِيمَا بَين أول هَذِه السُّورَة سُورَة النِّسَاء إِلَى هَذِه الْموضع {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن سِيرِين قَالَ: سَأَلت عُبَيْدَة عَن الْكَبَائِر فَقَالَ: الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله بِغَيْر حَقّهَا وفرار يَوْم الزَّحْف وَأكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حَقه وَأكل الرِّبَا والبهتان وَيَقُولُونَ اعرابية بعد الْهِجْرَة قيل لِابْنِ سِيرِين: فالسحر قَالَ: إِن الْبُهْتَان يجمع شرا كثيرا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُغيرَة قَالَ: كَانَ يُقَال: شتم أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا من الْكَبَائِر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كَانَ يُقَال: من الْكَبَائِر أَن يعْمل الرجل الذَّنب فيحتقره وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا كَبِيرَة بكبيرة مَعَ الاسْتِغْفَار وَلَا صَغِيرَة بصغيرة مَعَ الْإِصْرَار وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ تكفر بِالتَّاءِ وَنصب الْفَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} قَالَ: إِنَّمَا وعد الله الْمَغْفِرَة لمن اجْتنب الْكَبَائِر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} قَالَ: الصغار {وَنُدْخِلكُمْ مدخلًا كَرِيمًا} قَالَ: الْكَرِيم: هُوَ الْحسن فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَنه كَانَ يَقُول: الْمدْخل الْكَرِيم هُوَ الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {مدخلًا} بِضَم الْمِيم الْآيَة 32

32

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن أم سَلمَة أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله تغزو الرِّجَال وَلَا نغزو وَلَا نُقَاتِل فَنُسْتَشْهَد وَإِنَّمَا لنا نصف الْمِيرَاث فَأنْزل الله {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض} وَأنزل فِيهَا (إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات) (الْأَحْزَاب الْآيَة 35) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَت امْرَأَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا نَبِي الله للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَشَهَادَة امْرَأتَيْنِ بِرَجُل أفنحن فِي الْعَمَل هَكَذَا إِن عملت امْرَأَة حَسَنَة كتبت لَهَا نصف حَسَنَة فَأنْزل الله {وَلَا تَتَمَنَّوْا} فَإِنَّهُ عدل مني وَإِن صَنعته وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن النِّسَاء سألن الْجِهَاد فَقُلْنَ وَدِدْنَا أَن الله جعل لنا الْغَزْو فنصيب من الْأجر مَا يُصِيب الرِّجَال فَأنْزل الله {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَا: نزلت فِي أم سَلمَة بنت أبي أُميَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ أَن الرِّجَال قَالُوا: نُرِيد أَن يكون لنا من الْأجر الضعْف على أجر النِّسَاء كَمَا لنا فِي السِّهَام سَهْمَان فنريد أَن يكون لنا فِي الْأجر أَجْرَانِ وَقَالَت النِّسَاء: نُرِيد أَن يكون لنا أجر مثل أجر الرِّجَال الشُّهَدَاء فَإنَّا لَا نستطيع أَن نُقَاتِل وَلَو كتب علينا الْقِتَال لقاتلنا فَأنْزل الله الْآيَة وَقَالَ لَهُم سلوا الله من فَضله يرزقكم الْأَعْمَال وَهُوَ خير لكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض} يَقُول: لَا يتمنّ الرجل فَيَقُول لَيْت لي مَال فلَان وَأَهله فَنهى الله سُبْحَانَهُ عَن ذَلِك وَلَكِن ليسأل الله من فَضله {للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا} يَعْنِي مِمَّا ترك الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: لَا تتمن مَال فلَان وَلَا مَال فلَان وَمَا يدْريك لَعَلَّ هَلَاكه فِي ذَلِك المَال

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون الْمَرْأَة شَيْئا وَلَا الصَّبِي شَيْئا وَإِنَّمَا يجْعَلُونَ الْمِيرَاث لمن يحترف وينفع وَيدْفَع فَلَمَّا لحق للْمَرْأَة نصِيبهَا وللصبي نصِيبه وَجعل للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ قَالَت النِّسَاء لَو كَانَ جعل أنصباءنا فِي الْمِيرَاث كأنصباء الرِّجَال وَقَالَ الرِّجَال: إِنَّا لنَرْجُو أَن نفضل على النِّسَاء بحسنات فِي الْآخِرَة كَمَا فضلنَا عَلَيْهِنَّ فِي الْمِيرَاث فَأنْزل الله {للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا وللنساء نصيب مِمَّا اكتسبن} يَقُول: الْمَرْأَة تجزى بحسنتها عشر أَمْثَالهَا كَمَا يجزى الرجل وَأخرج ابْن جرير عَن أبي حريز قَالَ: لما نزل (للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ) (النِّسَاء الْآيَة 11) قَالَت النِّسَاء: كَذَلِك عَلَيْهِم نصيبان من الذُّنُوب كَمَا لَهُم نصيبان من الْمِيرَاث فَأنْزل الله {للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا وللنساء نصيب مِمَّا اكتسبن} يَعْنِي الذُّنُوب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {للرِّجَال نصيب مِمَّا اكتسبوا} قَالَ: من الْإِثْم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه كَانَ إِذا سمع الرجل يتَمَنَّى فِي الدُّنْيَا قَالَ: قد نهاكم الله عَن هَذَا {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فضل الله بِهِ بَعْضكُم على بعض} ودلكم على خير مِنْهُ {واسألوا الله من فَضله} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {واسألوا الله من فَضله} قَالَ: لَيْسَ بِعرْض الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {واسألوا الله من فَضله} قَالَ: الْعِبَادَة لَيْسَ من أَمر الدُّنْيَا وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلوا الله من فَضله فَإِن الله يحب أَن يسْأَل وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق حَكِيم بن جُبَير عَن رجل لم يسمه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلوا الله من فَضله فَإِن الله يحب أَن يسْأَل وَإِن من أفضل الْعِبَادَة انْتِظَار الْفرج وَأخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا سَأَلَ رجل مُسلم الله

الْجنَّة ثَلَاثًا إِلَّا قَالَت الْجنَّة: اللَّهُمَّ أدخلهُ وَلَا استجار رجل مُسلم من النَّار ثَلَاثًا إِلَّا قَالَت النَّار: اللَّهُمَّ أجره الْآيَة 33

33

أخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وَلكُل جعلنَا موَالِي} قَالَ: وَرَثَة {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لما قدمُوا الْمَدِينَة يَرث المُهَاجر الْأنْصَارِيّ دون ذَوي رَحمَه للأخوة الَّتِي آخى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهم فَلَمَّا نزلت {وَلكُل جعلنَا موَالِي} نسخت ثمَّ قَالَ {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم} من النَّصْر والرفادة والنصيحة وَقد ذهب الْمِيرَاث ويوصى لَهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَلكُل جعلنَا موَالِي} قَالَ: عصبَة {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ: كَانَ الرجل يعاقد الرجل أَيهمَا مَاتَ وَرثهُ الآخر فَأنْزل الله (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا) (الْأَحْزَاب الْآيَة 6) يَقُول: إِلَّا أَن يوصوا إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ الَّذين عقدوا وَصِيَّة فَهُوَ لَهُم جَائِز من ثلث مَال الْمَيِّت وَهُوَ الْمَعْرُوف وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلكُل جعلنَا موَالِي} قَالَ: الموَالِي الْعصبَة هم كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة الموَالِي فَلَمَّا دخلت الْعَجم على الْعَرَب لم يَجدوا لَهُم اسْما فَقَالَ الله (فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم) (الْأَحْزَاب الْآيَة 5) فسموا الموَالِي وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ: كَانَ الرجل قبل الْإِسْلَام يعاقد الرجل يَقُول: ترثني وأرثك

وَكَانَ الْأَحْيَاء يتحالفون فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة أَو عقد أدْركهُ الْإِسْلَام فَلَا يزِيدهُ الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة وَلَا عقد وَلَا حلف فِي الْإِسْلَام نسختها هَذِه الْآيَة (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض) (الْأَحْزَاب الْآيَة 6) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ الرجل يعاقد الرجل فيرث كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه وَكَانَ أَبُو يكر عَاقد رجلا فورثه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ: كَانَ الرجل يحالف الرجل لَيْسَ بَينهمَا نسب فيرث أَحدهمَا الآخر فنسخ فِي ذَلِك فِي الْأَنْفَال فَقَالَ: (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله) (الْأَحْزَاب الْآيَة 6) وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يعاقد الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة فَيَقُول: دمي دمك وهدمي هدمك وترثني وأرثك وتطلب بِي وأطلب بك فَجعل لَهُ السُّدس من جَمِيع المَال فِي الْإِسْلَام ثمَّ يقسم أهل الْمِيرَاث ميراثهم فنسخ ذَلِك بعد فِي سُورَة الْأَنْفَال فَقَالَ: (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض) فقذف مَا كَانَ من عهد يتوارث بِهِ وَصَارَت الْمَوَارِيث لِذَوي الْأَرْحَام وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة قد كَانَ يلْحق بِهِ الرجل فَيكون تَابعه فَإِذا مَاتَ الرجل صَار لأَهله وأقاربه الْمِيرَاث وَبَقِي تَابعا لَيْسَ لَهُ شَيْء فَأنْزل الله {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم} فَكَانَ يُعْطي من مِيرَاثه فَأنْزل الله بعد ذَلِك (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله) وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} الَّذين عقد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فآتوهم نصِيبهم} إِذا لم يَأْتِ رحم يحول بَينهم قَالَ: وَهُوَ لَا يكون

الْيَوْم إِنَّمَا كَانَ نفر آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهم وَانْقطع ذَلِك وَهَذَا لَا يكون لأحد إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ آخى بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالْيَوْم لَا يؤاخى بَين أحد وَأخرج ابْن جرير والنحاس عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي الحلفاء وَالَّذين كَانُوا يتبنون رجَالًا غير أبنائهم ويورثونهم فَأنْزل الله فيهم فَجعل لَهُم نَصِيبا فِي الْوَصِيَّة ورد الْمِيرَاث إِلَى الموَالِي فِي ذِي الرَّحِم والعصبة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير والنحاس عَن مُجَاهِد {وَلكُل جعلنَا موَالِي} قَالَ: الْعصبَة {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} قَالَ: الحلفاء {فآتوهم نصِيبهم} قَالَ: من الْعقل والنصر والرفادة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم عَن دَاوُد بن الْحصين قَالَ: كنت أَقرَأ على أم سعد ابْنة الرّبيع وَكَانَت يتيمة فِي حجر أبي فَقَرَأت عَلَيْهَا {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} فَقَالَت: لَا وَلَكِن {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم} إِنَّمَا نزلت فِي أبي بكر وَابْنه عبد الرَّحْمَن حِين أَبى أَن يسلم فَحلف أَبُو بكر أَن لَا يورثه فَلَمَّا أسلم أمره الله أَن يورثه نصِيبه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ عقدت أَيْمَانكُم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وَالَّذين عقدت} خَفِيفَة بِغَيْر ألف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يَأْتِي الْقَوْم فيعقدون لَهُ أَنه مِنْهُم إِن كَانَ ضراً أَو نفعا أَو دَمًا فَإِنَّهُ فيهم مثلهم وَيَأْخُذُونَ لَهُ من أنفسهم مثل الَّذِي يَأْخُذُونَ مِنْهُ فَكَانُوا إِذا كَانَ قتال قَالُوا: يَا فلَان أَنْت منا فَانْصُرْنَا وَإِن كَانَت مَنْفَعَة قَالُوا: أعطنا أَنْت منا وَلم ينصروه كنصرة بَعضهم بَعْضًا إِن اسنتصر وَإِن نزل بِهِ أَمر أعطَاهُ بَعضهم وَمنعه بَعضهم وَلم يعطوه مثل الَّذين يَأْخُذُونَ مِنْهُ فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلُوهُ وتحرجوا من ذَلِك وَقَالُوا: قد عاقدناهم فِي الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم} قَالَ: أعطوهم مثل الَّذِي تأخذون مِنْهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن أبي مَالك {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم} قَالَ: هُوَ حَلِيف الْقَوْم يَقُول: أشهدوه أَمركُم ومشورتكم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بعد الْفَتْح: فوا بِحلف الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ لَا يزِيدهُ الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة وَلَا تحدثُوا حلفا فِي الْإِسْلَام وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَابْن جرير والنحاس عَن جُبَير بن مطعم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا حلف فِي الْإِسْلَام وَأَيّمَا حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلم يزده الْإِسْلَام إِلَّا شدَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا حلف فِي الْإِسْلَام وتمسكوا بِحلف الْجَاهِلِيَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَفعه كل حلف كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة لم يزده الْإِسْلَام إِلَّا جدة وَشدَّة الْآيَة 34

34

أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أَشْعَث بن عبد الْملك عَن الْحسن قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تستعدي على زَوجهَا أَنه لطمها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْقصاص فَأنْزل الله {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} الْآيَة فَرَجَعت بِغَيْر قصاص وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن أَن رجلا لطم امْرَأَته فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَرَادَ أَن يقصها مِنْهُ فَنزلت {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} فَدَعَاهُ فَتَلَاهَا عَلَيْهِ وَقَالَ أردْت أمرا وَأَرَادَ الله غَيره وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن

مرْدَوَيْه من طَرِيق جرير بن حَازِم عَن الْحسن أَن رجلا من الْأَنْصَار لطم امْرَأَته فَجَاءَت تلتمس الْقصاص فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا الْقصاص فَنزلت (وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه) (طه الْآيَة 114) فَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزل الْقُرْآن {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أردنَا أمرا وَأَرَادَ الله غَيره وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل من الْأَنْصَار بِامْرَأَة لَهُ فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِن زَوجهَا فلَان بن فلَان الْأنْصَارِيّ وَأَنه ضربهَا فأثر فِي وَجههَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض} أَي قوامون على النِّسَاء فِي الْأَدَب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أردْت أمرا وَأَرَادَ الله غَيره وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: لطم رجل امْرَأَته فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقصاص فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك نزلت الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ نَحوه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الرِّجَال قوّامون على النِّسَاء} قَالَ: بالتأديب والتعليم {وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم} قَالَ: بِالْمهْرِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَا تقص الْمَرْأَة من زَوجهَا إِلَّا فِي النَّفس وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان قَالَ: نَحن نقص مِنْهُ إِلَّا فِي الْأَدَب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {الرِّجَال قوّامون على النِّسَاء} يَعْنِي أُمَرَاء عَلَيْهِنَّ أَن تُطِيعهُ فِيمَا أمرهَا الله بِهِ من طَاعَته وطاعته أَن تكون محسنة إِلَى أَهله حافظة لمَاله {بِمَا فضل الله} وفضله عَلَيْهَا بِنَفَقَتِهِ وسعيه {فالصالحات قانتات} قَالَ: مطعيات {حافظات للغيب} يَعْنِي إِذا كن كَذَا فَأحْسنُوا إلَيْهِنَّ وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: الرجل قَائِم على الْمَرْأَة يأمرها بِطَاعَة الله فَإِن أَبَت فَلهُ أَن يضْربهَا ضربا غير مبرح وَله عَلَيْهَا الْفضل بِنَفَقَتِهِ وسعيه

وَأخرج عَن السّديّ {الرِّجَال قوَّامون على النِّسَاء} يَأْخُذُونَ على أَيْدِيهنَّ ويؤدبونهن وَأخرج عَن سُفْيَان {بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض} قَالَ: بتفضيل الله الرِّجَال على النِّسَاء {وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم} بِمَا ساقوا من الْمهْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ {وَبِمَا أَنْفقُوا من أَمْوَالهم} قَالَ: الصَدَاق الَّذِي أَعْطَاهَا أَلا ترى أَنه لَو قَذفهَا لاعنها وَلَو قَذَفته جُلِدَتْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فالصالحات قانتات} أَي مطيعات لله ولأزواجهن {حافظات للغيب} قَالَ: حافظات لما استودعهن الله من حَقه وحافظات لغيب أَزوَاجهنَّ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {حافظات للغيب} للأزواج وأخرح ابْن جرير عَن السّديّ {حافظات للغيب بِمَا حفظ الله} يَقُول تحفظ على زَوجهَا مَاله وفرجها حَتَّى يرجع كَمَا أمرهَا الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: حافظات لِأَزْوَاجِهِنَّ فِي أَنْفسهنَّ بِمَا استحفظهن الله وَأخرج عَن مقَاتل قَالَ: حافظات لفروجهن لغيب أَزوَاجهنَّ حافظات بِحِفْظ الله لَا يخن أَزوَاجهنَّ بِالْغَيْبِ وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: حافظات للأزواج بِمَا حفظ الله يَقُول: حفظهن الله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {حافظات للغيب} قَالَ: يحفظن على أَزوَاجهنَّ مَا غَابُوا عَنْهُن من شأنهن {بِمَا حفظ الله} قَالَ: بِحِفْظ الله إِيَّاهَا أَن يَجْعَلهَا كَذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير النِّسَاء الَّتِي إِذا نظرت إِلَيْهَا سرتك وَإِذا أَمَرتهَا أَطَاعَتك وَإِذا غبت عَنْهَا حفظتك فِي مَالك ونفسها ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {الرِّجَال قوامون على النِّسَاء} إِلَى قَوْله {قانتات حافظات للغيب} وَأخرج ابْن جرير عَن طَلْحَة بن مصرف قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله فالصالحات قانتات حافظات للغيب بِمَا حفظ الله فأصلحوا إلَيْهِنَّ واللاتي تخافون

وَأخرج عَن السّديّ {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بِمَا حفظ الله} فَأحْسنُوا إلَيْهِنَّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يحيى بن جعدة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خير فَائِدَة أفادها الْمُسلم بعد الْإِسْلَام امْرَأَة جميلَة تسرهُ إِذا نظر إِلَيْهَا وَتُطِيعهُ إِذا أمرهَا وَتَحفظه إِذا غَابَ فِي مَاله ونفسها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: مَا اسْتَفَادَ رجل بعد إِيمَان بِاللَّه خيرا من امْرَأَة حَسَنَة الْخلق ودود ولود وَمَا اسْتَفَادَ رجل بعد الْكفْر بِاللَّه شرا من امْرَأَة سَيِّئَة الْخلق حَدِيدَة السان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى قَالَ: مثل الْمَرْأَة الصَّالِحَة عِنْد الرجل الصَّالح مثل التَّاج المخوص بِالذَّهَب على رَأس الْملك وَمثل الْمَرْأَة السوء عِنْد الرجل الصَّالح مثل الْحمل الثقيل على الرجل الْكَبِير وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أَلا أخْبركُم بِالثلَاثِ الفواقر قيل: وَمَا هن قَالَ: إِمَام جَائِر إِن أَحْسَنت لم يشْكر وَإِن أَسَأْت لم يغْفر وجار سوء إِن رأى حَسَنَة غطاها وَإِن رأى سَيِّئَة أفشاها وَامْرَأَة السوء إِن شهدتها غاظتك وَإِن غبت عَنْهَا خانتك وَأخرج الْحَاكِم عَن سعد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث من السَّعَادَة: الْمَرْأَة ترَاهَا فتعجبك وتغيب فتأمنها على نَفسهَا وَمَالك وَالدَّابَّة تكون وطيئة فلتحقك بِأَصْحَابِك وَالدَّار تكون وَاسِعَة كَثِيرَة الْمرَافِق وَثَلَاث من الشَّقَاء: الْمَرْأَة ترَاهَا فتسوءك وَتحمل لسانها عَلَيْك وَإِن غبت عَنْهَا لم تأمنها على نَفسهَا وَمَالك وَالدَّابَّة تكون قطوفاً فَإِن ضربتها أتعبتك وَإِن تركتهَا لم تلحقك بِأَصْحَابِك وَالدَّار تكون ضيقَة قَليلَة الْمرَافِق وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق حُصَيْن بن مُحصن قَالَ: حَدَّثتنِي عَمَّتي قَالَت: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض الْحَاجة فَقَالَ: أَي هَذِه أذات بعل أَنْت قلت: نعم قَالَ: كَيفَ أَنْت لَهُ قَالَت: مَا آلوه إِلَّا مَا عجزت عَنهُ قَالَ: انظري أَيْن أَنْت مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جنتك ونارك وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي مَا حق الزَّوْج على الزَّوْجَة قَالَ: من

حق الزَّوْج على الزَّوْجَة أَن لَو سَالَ منخراه دَمًا وقيحاً وصديداً فلحسته بلسانها مَا أدَّت حَقه لَو كَانَ يَنْبَغِي لبشر أَن يسْجد لبشر أمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا إِذا دخل عَلَيْهَا لما فَضله الله عَلَيْهَا وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه أَن تَأذن فِي بَيت زَوجهَا وَهُوَ كَارِه وَلَا تخرج وَهُوَ كَارِه وَلَا تطيع فِيهِ أحدا وَلَا تخشن بصدره وَلَا تَعْتَزِل فرَاشه وَلَا تضر بِهِ فَإِن كَانَ هُوَ أظلم فلتأته حَتَّى ترضيه فَإِن قبل مِنْهَا فبها ونعمت وَقبل الله عذرها وَإِن هُوَ لم يرض فقد أبلغت عِنْد الله عذرها وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا ينظر الله إِلَى امْرَأَة لَا تشكر لزَوجهَا وَهِي لَا تَسْتَغْنِي عَنهُ وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْفُسَّاق أهل النَّار قيل: يَا رَسُول الله وَمن الْفُسَّاق قَالَ: النِّسَاء قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أولسن أمهاتنا وأخواتنا وَأَزْوَاجنَا قَالَ: بلَى ولكنهن إِذا أعطين لم يشكرن وَإِذا ابتلين لم يصبرن وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تَصُوم الْمَرْأَة وبعلها شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأذن فِي بَيته وَهُوَ شَاهد إِلَّا بِإِذْنِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَنا وافدة النِّسَاء إِلَيْك هَذَا الْجِهَاد كتبه الله على الرِّجَال فَإِن يُصِيبُوا أُجرُوا وَإِن قتلوا كَانُوا أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ وَنحن معشر النِّسَاء نقوم عَلَيْهِم فَمَا لنا من ذَلِك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبلغي من لقِيت من النِّسَاء أَن طَاعَة الزَّوْج واعترافها بِحقِّهِ تعدل ذَلِك وَقَلِيل مِنْكُن من يَفْعَله وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا صلت الْمَرْأَة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجهَا وأطاعت زَوجهَا دخلت الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس أَن امْرَأَة من خثعم أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي مَا حق الزَّوْج على الزَّوْجَة فَإِنِّي امْرَأَة أيم فَإِن اسْتَطَعْت وَإِلَّا جَلَست أَيّمَا قَالَ: فَإِن حق الزَّوْج على زَوجته إِن سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على ظهر بعير أَن لَا تَمنعهُ نَفسهَا وَمن حق الزَّوْج على زَوجته أَن لَا تَصُوم تَطَوّعا إِلَّا

بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت جاعت وعطشت وَلَا يقبل مِنْهَا وَلَا تخرج من بَيته إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت لعنتها مَلَائِكَة السَّمَاء وملائكة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب حَتَّى ترجع وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة قَالَت: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي النَّاس أعظم حَقًا على الْمَرْأَة قَالَ: زَوجهَا قلت: فَأَي النَّاس أعظم حَقًا على الرجل قَالَ: أمه وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا معشر النِّسَاء اتقين الله والتمسن مرضاة أزواجكن فَإِن الْمَرْأَة لَو تعلم مَا حق زَوجهَا لم تزل قَائِمَة مَا حضر غداؤه وعشاؤه وَأخرج الْبَزَّار عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو تعلم الْمَرْأَة حق لزوج مَا قعدت مَا حضر غداؤه وعشاؤه حَتَّى يفرغ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو كنت آمراً بشرا يَسجدُ لبشر لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة لَا تقبل لَهُم صَلَاة وَلَا تصعد لَهُم حَسَنَة: العَبْد الْآبِق حَتَّى يرجع إِلَى موَالِيه وَالْمَرْأَة الساخط عَلَيْهَا زَوجهَا والسكران حَتَّى يصحو وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أخْبركُم برجالكم من أهل الْجنَّة النَّبِي فِي الْجنَّة وَالصديق فِي الْجنَّة والشهيد فِي الْجنَّة والمولود فِي الْجنَّة وَرجل زار أَخَاهُ فِي نَاحيَة الْمصر يزوره الله فِي الْجنَّة وَنِسَاؤُكُمْ من أهل الْجنَّة الْوَدُود العدود على زَوجهَا الَّتِي إِذا غضب جَاءَت حَتَّى تضع يَدهَا فِي يَده ثمَّ تَقول: لَا أَذُوق غمضاً حَتَّى ترْضى وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لابنته: إِنِّي أبْغض أَن تكون الْمَرْأَة تَشْكُو زَوجهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لامْرَأَة عُثْمَان: أَي بنية أَنه لَا امْرَأَة لرجل لم تأت مَا يهوى وذمته فِي وَجهه وَإِن أمرهَا أَن تنْتَقل من جبل أسود إِلَى جبل أَحْمَر أَو من جبل أَحْمَر إِلَى جبل أسود فاستصلحي زَوجك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: النِّسَاء على ثَلَاثَة

أَصْنَاف: صنف كالوعاء تحمل وتضع وصنف كالبعير الجرب وصنف ودود ولود تعين زَوجهَا على إيمَانه خير لَهُ من الْكَنْز وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: النِّسَاء ثَلَاث: امْرَأَة عفيفة مسلمة هينة لينَة ودود ولود تعين أَهلهَا على الدَّهْر وَلَا تعين الدَّهْر على أَهلهَا وَقَلِيل مَا تجدها وَامْرَأَة وعَاء لم تزد على أَن تَلد الْوَلَد وثالثة غل قمل يَجْعَلهَا الله فِي عنق من يَشَاء وَإِذا أَرَادَ أَن يَنْزعهُ نَزعه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَسمَاء بنت يزِيد الْأَنْصَارِيَّة أَنَّهَا أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بَين أَصْحَابه فَقَالَت: بِأبي أَنْت وَأمي إِنِّي وافدة النِّسَاء إِلَيْك وَأعلم نَفسِي - لَك الْفِدَاء - أَنه مَا من امْرَأَة كائنة فِي شَرق وَلَا غرب سَمِعت بمخرجي هَذَا إِلَّا وَهِي على مثل رَأْيِي إِن الله بَعثك بِالْحَقِّ إِلَى الرِّجَال وَالنِّسَاء فَآمَنا بك وبإلهك الَّذِي أرسلك وَإِنَّا معشر النِّسَاء محصورات مقصورات قَوَاعِد بُيُوتكُمْ ومقضى شهواتكم وحاملات أَوْلَادكُم وَإِنَّكُمْ معاشر الرِّجَال فضلْتُمْ علينا بِالْجمعَةِ وَالْجَمَاعَات وعيادة المرضى وشهود الْجَنَائِز وَالْحج بعد الْحَج وَأفضل من ذَلِك الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَإِن الرجل مِنْكُم إِذا خرج حَاجا أَو مُعْتَمِرًا أَو مرابطاً حفظنا لكم أَمْوَالكُم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أَمْوَالكُم فَمَا نشارككم فِي الْأجر يَا رَسُول الله فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَصْحَابه بِوَجْهِهِ كُله ثمَّ قَالَ: هَل سَمِعْتُمْ مقَالَة امْرَأَة قطّ أحسن من مسساءلتها فِي أَمر دينهَا من هَذِه فَقَالُوا يَا رَسُول الله مَا ظننا أَن امْرَأَة تهتدي إِلَى مثل هَذَا فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهَا ثمَّ قَالَ لَهَا: انصرفي أيتها الْمَرْأَة وأعلمي من خَلفك من النِّسَاء إِن حسن تبعل إحداكن لزَوجهَا وطلبها مرضاته واتباعها مُوَافَقَته يعدل ذَلِك كُله فأدبرت الْمَرْأَة وَهِي تهلل وتكبر استبشاراً وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: جَاءَ النِّسَاء إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَ: يَا رَسُول الله ذهب الرِّجَال بِالْفَضْلِ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيل الله أفما لنا عمل ندرك بِهِ عمل الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مهنة إحداكن فِي بَيتهَا تدْرك عمل الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيّمَا امْرَأَة باتت وَزوجهَا عَنْهَا رَاض دخلت الْجنَّة وَأخرج أَحْمد عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: مر بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن فِي نسْوَة

فَسلم علينا فَقَالَ: إياكن وكفران المنعمين قُلْنَا يَا رَسُول الله وَمَا كفران المنعمين قَالَ: لَعَلَّ إحداكن تطول أيمتها بَين أَبَوَيْهَا وتعنس فيرزقها الله زوجا ويزرقها مِنْهُ مَالا وَولدا فتغضب الغضبة فَتَقول: مَا رَأَيْت مِنْهُ خيرا قطّ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد مُنْقَطع عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أُفٍّ للحمام حجاب لَا يستر وَمَاء لَا يطهر وَلَا يحل لرجل أَن يدْخلهُ إِلَّا بمنديل مر الْمُسلمين لَا يفتنوا نِسَاءَهُمْ {الرِّجَال قوّامون على النِّسَاء} علموهن ومروهن بالتسبيح وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهَا ابْن لَهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حاملات والدات رحيمات لَوْلَا مَا يَأْتِين إِلَى أَزوَاجهنَّ لدخل مصلياتهن الْجنَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت امْرَأَة: يَا رَسُول الله مَا جَزَاء غَزْوَة الْمَرْأَة قَالَ: طَاعَة الزَّوْج واعتراف بِحقِّهِ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي النِّسَاء خير قَالَ: الَّتِي تسرهُ إِذا نظر وَلَا تعصيه إِذا أَمر وَلَا تخَالفه بِمَا يكره فِي نَفسهَا وَمَاله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ أَنه أَتَى الشَّام فَرَأى النَّصَارَى يَسْجُدُونَ لأساقفتهم وَرُهْبَانهمْ وَرَأى الْيَهُود يَسْجُدُونَ لأحبارهم وربانهم فَقَالَ: لأي شَيْء تَفْعَلُونَ هَذَا قَالُوا: هَذَا تَحِيَّة الْأَنْبِيَاء قلت: فَنحْن أَحَق أَن نصْنَع بنبينا فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهُم كذبُوا على أَنْبِيَائهمْ كَمَا حرَّفوا كِتَابهمْ لَو أمرت أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا من عظم حَقه عَلَيْهَا وَلَا تَجِد امْرَأَة حلاوة الْإِيمَان حَتَّى تُؤدِّي حق زَوجهَا وَلَو سَأَلَهَا نَفسهَا وَهِي على ظهر قتب وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله عَلمنِي شَيْئا أزداد بِهِ يَقِينا فَقَالَ: ادْع تِلْكَ الشَّجَرَة فَدَعَا بهَا فَجَاءَت حَتَّى سلمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ لَهَا: ارجعي فَرَجَعت قَالَ: ثمَّ أذن لَهُ فَقبل رَأسه وَرجلَيْهِ وَقَالَ: لَو كنت آمراً أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اثْنَان لَا تجَاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد آبق من موَالِيه حَتَّى يرجع وَامْرَأَة عَصَتْ زَوجهَا حَتَّى ترجع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة لَا تجَاوز صلَاتهم آذانهم: العَبْد الْآبِق حَتَّى يرجع وَامْرَأَة باتت وَزوجهَا عَنْهَا ساخط وَإِمَام قوم وهم لَهُ كَارِهُون وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن جبل أَنه قدم الْيمن فَسَأَلته امْرَأَة مَا حق الْمَرْء على زَوجته فَإِنِّي تركته فِي الْبَيْت شَيخا كَبِيرا فَقَالَ: وَالَّذِي نفس معَاذ بِيَدِهِ لَو أَنَّك ترجعين إِذا رجعت إِلَيْهِ فَوجدت الجذام قد خرق لَحْمه وخرق مَنْخرَيْهِ فَوجدت مَنْخرَيْهِ يسيلان قَيْحا ودماً ثمَّ ألقمتيهما فَاك لكيما تبلغي حَقه مَا بلغت ذَاك أبدا وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يصلح لبشر أَن يسْجد لبشر وَلَو صلح أَن يسْجد بشر لبشر لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا من عظم حَقه عَلَيْهَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن من قدمه إِلَى مفرق رَأسه قرحَة تنبجس بالقيح والصديد ثمَّ أَقبلت تلحسه مَا أدَّت حَقه وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أنس أَن رجلا انْطلق غازياً وَأوصى امْرَأَته لَا تنزل من فَوق الْبَيْت فَكَانَ والدها فِي أَسْفَل الْبَيْت فاشتكى أَبوهَا فَأرْسلت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تخبره وتستأمره فَأرْسل إِلَيْهَا إتقي الله وأطيعي زَوجك ثمَّ إِن والدها توفّي فَأرْسل إِلَيْهِ تستأمره فَأرْسل إِلَيْهَا مثل ذَلِك وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصلى عَلَيْهِ فَأرْسل إِلَيْهَا أَن الله قد غفر لأَبِيك بطواعيتك لزوجك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن الْحَارِث بن المصطلق قَالَ: كَانَ يُقَال أَشد النَّاس عذَابا اثْنَان: امْرَأَة تَعْصِي زَوجهَا وَإِمَام قوم وهم لَهُ كَارِهُون وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجلا أَتَى بابنته إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن ابْنَتي هَذِه أَبَت أَن تتزوّج فَقَالَ لَهَا: أطيعي أَبَاك فَقَالَت: لَا حَتَّى تُخبرنِي مَا حق الزَّوْج على زَوجته فَقَالَ: حق الزَّوْج على زَوجته إِن لَو كَانَ بِهِ قرحَة فلحستها أَو ابتدر منخراه صديدا ودماً ثمَّ لحسته مَا أدَّت حَقه فَقَالَت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَتزوّج أبدا فَقَالَ: لَا تنكحوهن إِلَّا بإذنهن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَنْبَغِي لشَيْء أَن يسْجد لشَيْء وَلَو كَانَ ذَلِك لَكَانَ النِّسَاء يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مَاجَه عَن عَائِشَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو كنت آمرا أحدا لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا وَلَو أَن رجلا أَمر

امْرَأَته أَن تنْتَقل من جبل أَحْمَر إِلَى جبل أسود أَو من جبل أسود إِلَى جبل أَحْمَر كَانَ نولها أَن تفعل وَأخرج ابْن شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: يَا معشر النِّسَاء لَو تعلمن حق أزواجكن عليكن لجعلت الْمَرْأَة مِنْكُن تمسح الْغُبَار عَن وَجهه بَحر وَجههَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: لَو أَن امْرَأَة مصت أنف زَوجهَا من الجذام حَتَّى تَمُوت مَا أدَّت حَقه أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {واللاتي تخافون نشوزهن} قَالَ: تِلْكَ الْمَرْأَة تنشز وتستخف بِحَق زَوجهَا وَلَا تطيع أمره فَأمره الله أَن يعظها ويذكرها بِاللَّه ويعظم حَقه عَلَيْهَا فَإِن قبلت وَإِلَّا هجرها فِي المضجع وَلَا يكلمها من غير أَن يذر نِكَاحهَا وَذَلِكَ عَلَيْهَا شَدِيد فَإِن رجعت وَإِلَّا ضربهَا ضربا غير مبرح وَلَا يكسر لَهَا عظما وَلَا يجرح بهَا جرحا {فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} يَقُول: إِذا أَطَاعَتك فَلَا تتجن عَلَيْهَا الْعِلَل وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ نشوزهم قَالَ: بغضهن وَأخرج عَن ابْن زيد قَالَ: النُّشُوز: مَعْصِيَته وخلافه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن} قَالَ: إِذا نشزت الْمَرْأَة عَن فرَاش زَوجهَا يَقُول لَهَا: اتقِي الله وارجعي إِلَى فراشك فَإِن أَطَاعَته فَلَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {واللاتي تخافون نشوزهن} قَالَ: الْعِصْيَان {فعظوهن} قَالَ: بِاللِّسَانِ {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: لَا يكلمها {واضربوهن} ضربا غير مبرح {فَإِن أطعنكم} قَالَ: إِن جَاءَت إِلَى الْفراش {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} قَالَ: لَا تلمها ببغضها إياك فَإِن البغض أَنا جعلته فِي قَلبهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فعظوهن} قَالَ: بِاللِّسَانِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن لَقِيط بن صبرَة قَالَ: قلت يَا رَسُول الله إِن لي امْرَأَة فِي لسانها شَيْء - يَعْنِي الْبذاء - قَالَ طَلقهَا قلت: إِن لي مِنْهَا ولدا وَلها صُحْبَة قَالَ: فَمُرْهَا - يَقُول عظها - فَإِن يَك فِيهَا خير فستقبل وَلَا تضربن ظعينتك ضربك أمتك وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي حرَّة الرقاشِي عَن عَمه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ: فَإِن خِفْتُمْ نشوزهن فاهجروهن فِي الْمضَاجِع - قَالَ حَمَّاد: يَعْنِي النِّكَاح وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: لَا يُجَامِعهَا وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} يَعْنِي بالهجران أَن يكون الرجل وَالْمَرْأَة على فرَاش وَاحِد لَا يُجَامِعهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: لَا يقربهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: لَا تضاجعها فِي فراشك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير من طَرِيق أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: يهجرها بِلِسَانِهِ ويغلظ لَهَا بالْقَوْل وَلَا يدع جِمَاعهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة {واهجروهن فِي الْمضَاجِع} قَالَ: الْكَلَام والْحَدِيث وَلَيْسَ بِالْجِمَاعِ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: يرقد عِنْدهَا ويوليها ظَهره ويطؤها وَلَا يكلمها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير من طَرِيق أبي الضُّحَى عَن ابْن عَبَّاس {واهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن} قَالَ: يفعل بهَا ذَاك ويضربها حَتَّى تُطِيعهُ فِي الْمضَاجِع فَإِن أَطَاعَته فِي المضجع فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيل إِذا ضاجعته وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الهجران حَتَّى تضاجعه فَإِذا فعلت فَلَا يكلفها أَن تحبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَوْله {واضربوهن} قَالَ: ضربا غير مبرح وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اضربوهن إِذا عصينكم فِي الْمَعْرُوف ضربا غير مبرح وَأخرج ابْن جرير عَن حجاج قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تهجروا النِّسَاء إِلَّا فِي الْمضَاجِع واضربوهن إِذا عصينكم فِي الْمَعْرُوف ضربا غير مبرح يَقُول: غير مؤثِّر

وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: مَا الضَّرْب غير المبرح قَالَ: بِالسِّوَاكِ وَنَحْوه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِيَاس بن عبد الله ابْن أبي ذئاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تضربوا إِمَاء الله فَقَالَ عمر: ذئر النِّسَاء على أَزوَاجهنَّ فَرخص فِي ضربهن فأطاف بآل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسَاء كثير يشكين أَزوَاجهنَّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ أُولَئِكَ خياركم وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم كُلْثُوم بنت أبي بكر قَالَت: كَانَ الرِّجَال نهوا عَن ضرب النِّسَاء ثمَّ شكوهن إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فخلى بَينهم وَبَين ضربهن ثمَّ قَالَ: وَلنْ يضْرب خياركم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الله بن زَمعَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أيضرب أحدكُم امْرَأَته كَمَا يضْرب العَبْد ثمَّ يُجَامِعهَا فِي آخر الْيَوْم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أما يستحي أحدكُم أَن يضْرب امْرَأَته كَمَا يضْرب العَبْد يضْربهَا أول النَّهَار ثمَّ يضاجعها آخِره وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن الْأَحْوَص أَنه شهد حجَّة الْوَدَاع مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَذكر وَوعظ ثمَّ قَالَ: أَي يَوْم أحرم أَي يَوْم أحرم أَي يَوْم أحرم فَقَالَ النَّاس: يَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَا رَسُول الله قَالَ: فَإِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ واعراضكم عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي بلدكم هَذَا فِي شهركم هَذَا أَلا لَا يجني جَان إِلَّا على نَفسه أَلا وَلَا يجني وَالِد على وَلَده وَلَا ولد على وَالِده إِلَّا إِن الْمُسلم أَخُو الْمُسلم فَلَيْسَ يحل لمُسلم من أَخِيه شَيْء إِلَّا مَا أحل من نَفسه أَلا وَإِن كل رَبًّا فِي الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع لكم رُؤُوس أَمْوَالكُم لَا تظْلمُونَ وَلَا تظْلمُونَ غير رَبًّا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فَإِنَّهُ مَوْضُوع كُله وَإِن كل دم فِي الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع وَأول دم أَضَع من دم الْجَاهِلِيَّة دم الْحَارِث بن عبد الْمطلب كَانَ مسترضعاً فِي بني لَيْث فَقتلته هُذَيْل أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا فَإِنَّمَا هن عوان عنْدكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئا غير ذَلِك إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة فَإِن فعلن فاهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن ضربا غير مبرح {فَإِن أطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} أَلا وَإِن لكم على نِسَائِكُم حَقًا ولنسائكم عَلَيْكُم حَقًا فَأَما حقكم على

نِسَائِكُم فَلَا يوطئن فرشكم من تَكْرَهُونَ وَلَا يَأْذَن فِي بُيُوتكُمْ لمن تَكْرَهُونَ وَإِن من حقهن عَلَيْكُم أَن تحسنوا إلَيْهِنَّ فِي كسوتهن وطعامهن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يسْأَل الرجل فيمَ ضرب امْرَأَته وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} قَالَ: لَا تلمها ببغضها إياك فَإِن البغض أَنا جعلته فِي قَلبهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن سُفْيَان {فَإِن أطعنكم} قَالَ: إِن أَتَت الْفراش وَهِي تبْغضهُ {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} لَا يكلفها أَن تحبه لِأَن قَلبهَا لَيْسَ فِي يَديهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته إِلَى فرَاشه فَأَبت فَبَاتَ غَضْبَان لعنتها الْمَلَائِكَة حَتَّى تصبح وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن طلق بن عَليّ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته لِحَاجَتِهِ فلتجبه وَإِن كَانَت على التَّنور وَأخرج ابْن سعد عَن طلق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تمنع امْرَأَة زَوجهَا وَلَو كَانَت على ظهر قتب الْآيَة 35

35

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا} هَذَا الرجل وَالْمَرْأَة إِذا تفاسد الَّذِي بَينهمَا أَمر الله أَن يبعثوا رجلا صَالحا من أهل الرجل ورجلاً مثله من أهل الْمَرْأَة فينظران أَيهمَا الْمُسِيء فَإِن كَانَ الرجل هُوَ الْمُسِيء حجبوا عَنهُ امْرَأَته وقصروه على النَّفَقَة وَإِن كَانَت الْمَرْأَة هِيَ المسيئة قصروها على زَوجهَا ومنعوها النَّفَقَة فَإِن اجْتمع رأيهما على أَن يفرقا أَو يجمعا فَأَمرهمَا جَائِز فَإِن رَأيا أَن يجمعا فَرضِي أحد الزَّوْجَيْنِ وَكره ذَلِك الآخر ثمَّ مَاتَ أَحدهمَا فَإِن الَّذِي رَضِي يَرث الَّذِي كره وَلَا يَرث الكاره الراضي

{إِن يريدآ إصلاحا} قَالَ: هما الحكمان {يوفق الله بَينهمَا} وَكَذَلِكَ كل مصلح يوفقه الله للحق وَالصَّوَاب وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: جَاءَ رجل وَامْرَأَة إِلَى عَليّ وَمَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا فِئَام من النَّاس فَأَمرهمْ عَليّ فبعثوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا ثمَّ قَالَ لِلْحكمَيْنِ: تدريان مَا عَلَيْكُمَا عَلَيْكُمَا إِن رَأَيْتُمَا أَن تجمعَا أَن تجمعَا وَإِن رَأَيْتُمَا أَن تفَرقا أَن تفَرقا قَالَت الْمَرْأَة: رضيت بِكِتَاب الله بِمَا عليَّ فِيهِ ولي وَقَالَ الرجل: أما الْفرْقَة فَلَا فَقَالَ عَليّ: كذبت وَالله حَتَّى تقر بِمثل الَّذِي أقرَّت بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: يعظها فَإِن انْتَهَت وَإِلَّا هجرها فَإِن انْتَهَت وَإِلَّا ضربهَا فَإِن انْتَهَت وَإِلَّا رفع أمرهَا إِلَى السُّلْطَان فيبعث حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا فَيَقُول الحكم الَّذِي من أَهلهَا: تفعل بهَا كَذَا وَيَقُول الحكم الَّذِي من أَهله: تفعل بِهِ كَذَا فَأَيّهمَا كَانَ الظَّالِم رده السُّلْطَان وَأخذ فَوق يَدَيْهِ وَإِن كَانَت الْمَرْأَة أمره أَن يخلع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: سَأَلت سعيد بن جُبَير عَن الْحكمَيْنِ اللَّذين فِي الْقُرْآن فَقَالَ: يبْعَث حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا يكلمون أَحدهمَا ويعظونه فَإِن رَجَعَ وَإِلَّا كلموا الآخر ووعظوه فَإِن رَجَعَ وَإِلَّا حكما فَمَا حكما من شَيْء فَهُوَ جَائِز وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعثت أَنا وَمُعَاوِيَة حكمين فَقيل لنا: إِن رَأَيْتُمَا أَن تجمعَا جَمعْتُمَا وَإِن رَأَيْتُمَا أَن تفَرقا فَرَّقْتُمَا وَالَّذِي بعثهما عُثْمَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: إِنَّمَا يبْعَث الحكمان ليصلحا ويشهدا على الظَّالِم بظلمه وَأما الْفرْقَة فَلَيْسَتْ بأيديهما وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة نَحوه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {واللاتي تخافون نشوزهن} قَالَ: هِيَ الْمَرْأَة الَّتِي تنشز على زَوجهَا فلزوجها أَن يخلعها حِين

يَأْمر الحكمان بذلك وَهُوَ بَعْدَمَا تَقول لزَوجهَا: وَالله لَا أبر لَك قسما وَلَا أدبر فِي بَيْتك بِغَيْر أَمرك وَيَقُول السُّلْطَان: لَا نجيز لَك خلعاً حَتَّى تَقول الْمَرْأَة لزَوجهَا: وَالله لَا أَغْتَسِل لَك من جَنَابَة وَلَا أقيم لله صَلَاة فَعِنْدَ ذَلِك يُجِيز السُّلْطَان خلع الْمَرْأَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ عَليّ بن أبي طَالب يبْعَث الْحكمَيْنِ حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا فَيَقُول الحكم من أَهلهَا: يَا فلَان مَا تنقم من زَوجتك فَيَقُول أَنْقم مِنْهَا كَذَا وَكَذَا فَيَقُول أَرَأَيْت إِن نزعت عَمَّا تكره إِلَى مَا تحب هَل أَنْت متقي الله فِيهَا ومعاشرها بِالَّذِي يحِق عَلَيْك فِي نَفَقَتهَا وكسوتها فَإِذا قَالَ: نعم قَالَ الحكم من أَهله: يَا فُلَانَة مَا تنقمين من زَوجك فَتَقول مثل ذَلِك فَإِن قَالَت: نعم جمع بَينهمَا وَقَالَ عَليّ: الحكمان بهما يجمع الله وَبِهِمَا يفرق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ: إِذا حكم أحد الْحكمَيْنِ وَلم يحكم الآخر فَلَيْسَ حكمه بِشَيْء حَتَّى يجتمعا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {إِن يريدا إصلاحاً يوفق الله بَينهمَا} قَالَ: هما الحكمان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِن يريدا إصلاحاً} قَالَ: أما أَنه لَيْسَ بِالرجلِ وَالْمَرْأَة وَلكنه الحكمان {يوفق الله بَينهمَا} قَالَ: بَين الْحكمَيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {إِن يريدا إصلاحاً} قَالَ: هما الحكمان إِذا نصحا الْمَرْأَة وَالرجل جَمِيعًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {إِن الله كَانَ عليماً خَبِيرا} قَالَ: بمكانهما وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن امْرَأَة أَتَتْهُ فَقَالَت: مَا حق الزَّوْج على امْرَأَته فَقَالَ: لَا تَمنعهُ نَفسهَا وَإِن كَانَت على ظهر قتب وَلَا تُعْطِي من بَيته شَيْئا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت ذَلِك كَانَ لَهُ الْأجر وَعَلَيْهَا الْوزر وَلَا تَصُوم يَوْمًا تَطَوّعا إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت أثمت وَلم تؤجر وَلَا تخرج من بَيته إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِن فعلت لعنتها الْمَلَائِكَة مَلَائِكَة الْغَضَب وملائكة الرَّحْمَة حَتَّى تتوب أَو تراجع قيل فَإِن كَانَ ظَالِما قَالَ: وَإِن كَانَ ظَالِما

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ: لما اعتزلت الحرورية فَكَانُوا فِي وَاد على حدتهم قلت لعَلي: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أبرد عَن الصَّلَاة لعلِّي آتِي هَؤُلَاءِ الْقَوْم فأكلمهم فأتيتهم ولبست أحسن مَا يكون من الْحلَل فَقَالُوا: مرْحَبًا بك يَا ابْن عَبَّاس فَمَا هَذِه الْحلَّة قَالَ: مَا تعيبون عليّ لقد رَأَيْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسن الْحلَل وَنزل (قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ والطيبات من الرزق) (الْأَعْرَاف الْآيَة 32) قَالُوا فَمَا جَاءَ بك قلت: أخبروني مَا تَنْقِمُونَ على ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخَتنه وأوّل من آمن بِهِ وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَه قَالُوا: ننقم عَلَيْهِ ثَلَاثًا: قلت مَا هن قَالُوا أولهنَّ أَنه حكم الرِّجَال فِي دين الله وَقد قَالَ الله تَعَالَى (إِن الحكم إِلَّا لله) (الْأَنْعَام الْآيَة 57) قلت: وماذا قَالُوا: وَقَاتل وَلم يسب وَلم يغنم لَئِن كَانُوا كفَّارًا لقد حلت لَهُ أَمْوَالهم وَلَئِن كَانُوا مُؤمنين لقد حرمت عَلَيْهِ دِمَائِهِمْ قلت: وماذا قَالُوا: ومحا اسْمه من أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِن لم يكن أَمِير الْمُؤمنِينَ فَهُوَ أَمِير الْكَافرين قلت: أَرَأَيْتُم إِن قَرَأت عَلَيْكُم من كتاب الله الْمُحكم وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لَا تشكون أترجعون قَالُوا: نعم قلت: أما قَوْلكُم أَنه حكم للرِّجَال فِي دين الله فَإِن الله تَعَالَى يَقُول (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم) إِلَى قَوْله (يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم) (الْمَائِدَة الْآيَة 95) وَقَالَ فِي الْمَرْأَة وَزوجهَا {وَإِن خِفْتُمْ شقَاق بَينهمَا فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا} أنْشدكُمْ الله أَفَحكم الرِّجَال فِي حقن دِمَائِهِمْ وأنفسهم وَصَلَاح ذَات بَينهم أَحَق أم فِي أرنب فِيهَا ربع دِرْهَم قَالُوا اللَّهُمَّ فِي حقن دِمَائِهِمْ وَصَلَاح ذَات بَينهم قَالَ: أخرجت من هَذِه قَالُوا: اللَّهُمَّ

نعم وَأما قَوْلكُم أَنه قَاتل وَلم يسب وَلم يغنم أتسبون أمكُم أم تستحلون مِنْهَا مَا تستحلون من غَيرهَا فقد كَفرْتُمْ وخرجتم من الْإِسْلَام إِن الله تَعَالَى يَقُول (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) (الْأَحْزَاب الْآيَة 6) وَأَنْتُم تترددون بَين ضلالتين فَاخْتَارُوا أَيَّتهمَا شِئْتُم أخرجت من هَذِه قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم وَأما قَوْلكُم محا اسْمه من أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا قُريْشًا يَوْم الْحُدَيْبِيَة على أَن يكْتب بَينه وَبينهمْ كتابا فَقَالَ: اكْتُبْ: هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله فَقَالُوا: وَالله لَو كُنَّا نعلم أَنَّك رَسُول الله مَا صَدَدْنَاك عَن الْبَيْت وَلَا قَاتَلْنَاك وَلَكِن اكْتُبْ مُحَمَّد بن عبد الله فَقَالَ: وَالله إِنِّي لرَسُول الله وَإِن كذبتموني اكْتُبْ يَا عَليّ مُحَمَّد بن عبد الله وَرَسُول الله كَانَ أفضل من عَليّ أخرجت من هَذِه قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم فَرجع مِنْهُم عشرُون ألفا وَبَقِي مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف فَقتلُوا الْآيَة 36

36

أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا وكافل الْيَتِيم فِي الْجنَّة كهاتين وَأَشَارَ بالسبابة وَالْوُسْطَى وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من مسح رَأس يَتِيم لم يمسحه إِلَّا لله كَانَ لَهُ بِكُل شَعْرَة مرت عَلَيْهَا يَده حَسَنَات وَمن أحسن إِلَى يتيمة أَو يَتِيم عِنْده كنت أَنا وَهُوَ فِي الْجنَّة كهاتين وَقرن بَين إصبعيه السبابَة وَالْوُسْطَى وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن عَمْرو بن مَالك الْقشيرِي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول من أعتق رَقَبَة مسلمة فَهِيَ فداؤه من النَّار مَكَان كل عظم محرره بِعظم من عِظَامه وَمن أدْرك أحد وَالِديهِ ثمَّ لم يغْفر لَهُ فَأَبْعَده الله وَمن ضم يَتِيما من أبوين مُسلمين إِلَى طَعَامه وَشَرَابه حَتَّى يُغْنِيه الله وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أحسن إِلَى يَتِيم أَو يتيمة كنت أَنا وَهُوَ فِي الْجنَّة كهاتين وَقرن بَين إصبعيه وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أم سعد بنت مرّة الفهرية عَن أَبِيهَا قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَنا وكافل الْيَتِيم لَهُ أَو لغيره إِذا اتَّقى الله فِي الْجنَّة كهاتين أَو كهذه من هَذِه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى} يَعْنِي الَّذِي بَيْنك وَبَينه قرَابَة {وَالْجَار الْجنب} يَعْنِي الَّذِي لَيْسَ بَيْنك وَبَينه قرَابَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن نوف الشَّامي فِي قَوْله {وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى} قَالَ: الْمُسلم {وَالْجَار الْجنب} قَالَ: الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي شُرَيْح الْخُزَاعِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فليحسن إِلَى جَاره وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن عمر: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كم من جَار مُتَعَلق بجاره يَوْم الْقِيَامَة يَقُول: يَا رب هَذَا أغلق بَابه دوني فَمنع معروفه وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة من لَا يَأْمَن جَاره بوائقه وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فُلَانَة تقوم اللَّيْل وتصوم النَّهَار وَتفعل وَتصدق وتؤذي جِيرَانهَا بلسانها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا خير فِيهَا هِيَ من أهل النَّار قَالُوا: وفلانة تصلي الْمَكْتُوبَة وتصوم رَمَضَان وَتصدق بأثوار وَلَا تؤذي أحدا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هِيَ من أهل الْجنَّة وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله إِن لي جارين فَإلَى أَيهمَا أهدي قَالَ: إِلَى أقربهما مِنْك بَابا وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لَا يبْدَأ بجاره الْأَقْصَى قبل الْأَدْنَى وَلَكِن يبْدَأ بالأدنى قبل الْأَقْصَى وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن الْجَار فَقَالَ: أَرْبَعِينَ دَارا أَمَامه وَأَرْبَعين خَلفه وَأَرْبَعين عَن يَمِينه وَأَرْبَعين عَن يسَاره وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله إِن لي جاراً يُؤْذِينِي فَقَالَ: انْطلق فَأخْرج متاعك إِلَى الطَّرِيق فَانْطَلق فَأخْرج مَتَاعه فَاجْتمع النَّاس عَلَيْهِ فَقَالُوا: مَا شَأْنك قَالَ: لي

جَار يُؤْذِينِي فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: انْطلق فَأخْرج متاعك إِلَى الطَّرِيق فَجعلُوا يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ العنه اللَّهُمَّ أخزه فَبَلغهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ: ارْجع إِلَى مَنْزِلك فوَاللَّه لَا أؤذيك أبدا وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: شكا رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاره فَقَالَ: احْمِلْ متاعك فضعه على الطَّرِيق فَمن مر بِهِ يلعنه فَجعل كل من يمر بِهِ يلعنه فجَاء إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا لقِيت من لعنة النَّاس فَقَالَ: إِن لعنة الله فَوق لعنتهم وَقَالَ للَّذي شكا: كفيت أَو نَحوه وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ثَوْبَان قَالَ: مَا من جَار يظلم جَاره ويقهره حَتَّى يحملهُ ذَلِك على أَن يخرج من منزله إِلَّا هلك وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالله لَا يُؤمن وَالله لَا يُؤمن وَالله لَا يُؤمن قَالُوا: وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: جَار لَا يَأْمَن جَاره بوائقه قَالُوا فَمَا بوائقه قَالَ: شَره وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ بؤمن من لَا يَأْمَن جَاره غوائله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا إِن الله قسم بَيْنكُم أخلاقكم كَمَا قسم بَيْنكُم أرزاقكم وَإِن الله يُعْطي المَال من يحب وَمن لَا يحب وَلَا يُعْطي الْإِيمَان إِلَّا من يحب فَمن أعطَاهُ الْإِيمَان فقد أحبه وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يسلم عبد حَتَّى يسلم قلبه وَلَا يُؤمن حَتَّى يَأْمَن جَاره بوائقه وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يشْبع الرجل دون جَاره وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوصي بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه وَأخرج أَحْمد من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن رجل من الْأَنْصَار قَالَ: خرجت من أَهلِي أُرِيد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا بِهِ قَائِم وَرجل مَعَه مقبل عَلَيْهِ فَظَنَنْت أَن لَهما حَاجَة فَلَمَّا انْصَرف قلت: يَا رَسُول الله لقد قَامَ بك هَذِه الرجل حَتَّى جعلت أرثي لَك من طول الْقيام قَالَ: أوقد رَأَيْته قلت: نعم قَالَ: أَتَدْرِي من هُوَ قلت: لَا قَالَ:

ذَاك جِبْرِيل مَا زَالَ يوصيني بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه ثمَّ قَالَ: أما أَنَّك لَو سلمت رد عَلَيْك السَّلَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَوْصَانِي جِبْرِيل بالجار حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جَار سوء فِي دَار المقامة فَإِن جَار الْبَادِيَة يتَحَوَّل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي لبَابَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا قَلِيل من أَذَى جَاره وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه: مَا تَقولُونَ فِي الزِّنَا قَالُوا: حرمه الله وَرَسُوله فَهُوَ حرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لِأَن يَزْنِي الرجل بِعشر نسْوَة أيسر عَلَيْهِ من أَن يَزْنِي بِامْرَأَة جَاره وَقَالَ مَا تَقولُونَ فِي السّرقَة قَالُوا: حرمهَا الله وَرَسُوله فَهِيَ حرَام قَالَ: لِأَن يسرق الرجل من عشرَة أَبْيَات أيسر عَلَيْهِ من أَن يسرق من جَاره وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {والصاحب بالجنب} قَالَ: الرفيق فِي السّفر وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد مثله وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم {والصاحب بالجنب} قَالَ: هُوَ جليسك فِي الْحَضَر ورفيقك فِي السّفر وامرأتك الَّتِي تضاجعك وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن أبي فديك عَن فلَان بن عبد الله عَن الثِّقَة عِنْده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ مَعَه رجل من أَصْحَابه وهما على راحلتين فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غيضة طرفاء فَقطع نصلين أَحدهمَا معوج وَالْآخر معتدل فَخرج بهما فَأعْطى صَاحبه المعتدل وَأخذ لنَفسِهِ المعوج فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله أَنْت

أَحَق بالمعتدل مني فَقَالَ: كلا يَا فلَان إِن كل صَاحب يصحب صاحباً مسؤول عَن صحابته وَلَو سَاعَة من نَهَار وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خير الْأَصْحَاب عِنْد الله خير هم لصَاحبه وَخير الْجِيرَان عِنْد الله خَيرهمْ لجاره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ فِي قَوْله {والصاحب بالجنب} قَالَ: الْمَرْأَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: مِمَّا خوّلك الله فَأحْسن صحبته كل هَذَا أوصى الله بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وَمَا ملكت أَيْمَانكُم} يَعْنِي من عبيدكم وَإِمَائِكُمْ يُوصي الله بهم خيرا أَن تُؤَدُّوا إِلَيْهِم حُقُوقهم الَّتِي جعل الله لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن إخْوَانكُمْ خولكم جعلهم الله تَحت أَيْدِيكُم فَمن كَانَ أَخُوهُ تَحت يَدَيْهِ فليطعمه مِمَّا يَأْكُل وليلبسه مِمَّا يلبس وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبهُمْ فَإِن كلفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبهُمْ فَأَعِينُوهُمْ وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوصي بالمملوكين خيرا وَيَقُول: أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وألبسوهم من لبوسكم وَلَا تعذبوا خلق الله وَأخرج ابْن سعد عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه رؤى عَلَيْهِ برد وثوب أَبيض وعَلى غُلَامه برد وثوب أَبيض فَقيل لَهُ فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اكسوهم مِمَّا تلبسُونَ وَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ قَالَ: كَانَ آخر كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الصَّلَاة الصَّلَاة اتَّقوا الله فِيمَا ملكت أَيْمَانكُم وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي رَافع قَالَ: توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول: الله الله وَمَا

ملكت أَيْمَانكُم وَالصَّلَاة فَكَانَ ذَلِك آخر مَا تكلم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أم سَلمَة قَالَت: كَانَت عَامَّة وَصِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد مَوته: الصَّلَاة الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم حَتَّى يلجلجها فِي صَدره وَمَا يفِيض بهَا لِسَانه وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن أنس قَالَ: كَانَت عَامَّة وَصِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين حَضَره الْمَوْت: الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم حَتَّى جعل يغرغرها فِي صَدره وَمَا يفِيض بهَا لِسَانه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: للمملوك طَعَامه وَكسوته وَلَا يُكَلف من الْعَمَل إِلَّا مَا يُطيق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْفَقِير عِنْد الْغَنِيّ فتْنَة وَإِن الضَّعِيف عِنْد الْقوي فتْنَة وَإِن الْمَمْلُوك عِنْد المليك فتْنَة فليتق الله وليكلفه مَا يَسْتَطِيع فَإِن أمره أَن يعْمل بِمَا لَا يَسْتَطِيع فليعنه عَلَيْهِ فَإِن لم يفعل فَلَا يعذبه وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لاءمكم من خدمكم فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وألبسوهم مِمَّا تلبسُونَ وَمن لَا يلائمكم مِنْهُم فبيعوهم وَلَا تعذبوا خلق الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن رَافع بن مكيث قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سوء الْخلق شُؤْم وَحسن الملكة نَمَاء وَالْبر زِيَادَة فِي الْعُمر وَالصَّدَََقَة تدفع ميتَة السوء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي بكر الصّديق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة سيء الملكة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله كم نعفو عَن العَبْد فِي الْيَوْم قَالَ: سبعين مرّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا ضرب أحدكُم خادمه فَذكر الله فليمسك وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تضربوا الرَّقِيق فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ مَا توافقون وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا حق

امْرَأَتي عليّ قَالَ: تطعمها مِمَّا تَأْكُل وتكسوها مِمَّا تكتسي قَالَ: فَمَا حق جاري عليّ قَالَ: تنوسه مَعْرُوفك وتكف عَنهُ أذاك قَالَ: فَمَا حق خادمي عليّ قَالَ: هُوَ أَشد الثَّلَاثَة عَلَيْك يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن سعد وَأحمد عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع: أَرِقَّاءَكُم أَرِقَّاءَكُم أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تلبسُونَ وَإِن جاؤوا بذنب لَا تُرِيدُونَ أَن تغفروه فبيعوا عباد الله وَلَا تعذبوهم كَذَا قَالَ ابْن سعد عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب وَقَالَ عبد الرَّزَّاق وَأحمد بن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن دَاوُد بن أبي عَاصِم قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صه اطت السَّمَاء وَحقّ لَهَا أَن تئط مَا فِي السَّمَاء مَوضِع كف - أَو قَالَ شبر - إِلَّا عَلَيْهِ ملك ساجد فَاتَّقُوا الله وأحسنوا إِلَى مَا ملكت أَيْمَانكُم أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تلبسُونَ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ فَإِن جاؤوا بِشَيْء من أَخْلَاقهم يُخَالف شَيْئا من أخلاقكم فَوَلوا شرهم غَيْركُمْ وَلَا تعذبوا عباد الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ وَهُوَ يضْرب خادمه فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله لله أقدر عَلَيْك مِنْك على هَذَا قَالَ: وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يمثل الرجل بِعَبْدِهِ فيعور أَو يجدع قَالَ: أشبعوهم وَلَا تجيعوهم وَاكْسُوهُمْ وَلَا تعروهم وَلَا وَلَا تكثروا ضَربهمْ فَإِنَّكُم مسؤولون عَنْهُم وَلَا تعذبوهم بِالْعَمَلِ فَمن كره عَبده فليبعه وَلَا يَجْعَل رزق الله عَلَيْهِ عناء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَمُسلم عَن زَاذَان قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد ابْن عمر فَدَعَا بِعَبْد لَهُ فَأعْتقهُ ثمَّ قَالَ: مَا لي من أجره مَا يزن هَذَا - وَأخذ شَيْئا بِيَدِهِ - إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من ضرب عبدا لَهُ حدا لم يَأْته أَو لطمه فَإِن كَفَّارَته أَن يعتقهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن سُوَيْد بن مقرن قَالَ: كُنَّا بني مقرن سَبْعَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلنَا خادمة لَيْسَ لنا غَيرهَا فلطمها أَحَدنَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعتقوها فَقُلْنَا: لَيْسَ لنا خَادِم غَيرهَا يَا رَسُول الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تخدمكم حَتَّى تستغنواعنها ثمَّ خلوا سَبِيلهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن عمار بن يَاسر قَالَ: لَا يضْرب أحد عبدا لَهُ وَهُوَ ظَالِم لَهُ إِلَّا أقيد مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَشد النَّاس على الرجل يَوْم الْقِيَامَة مَمْلُوكه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: بَينا أَنا أضْرب غُلَاما لي إِذْ سَمِعت صَوتا من ورائي فَالْتَفت فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: وَالله لله أقدر عَلَيْك مِنْك على هَذَا فَحَلَفت أَن لَا أضْرب مَمْلُوكا لي أبدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن قَالَ: بَينا رجل يضْرب غُلَاما لَهُ وَهُوَ يَقُول: أعوذ بِاللَّه وَهُوَ يضْرب إِذْ بصر برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أعوذ برَسُول الله فَألْقى مَا كَانَ فِي يَده وخلى عَن العَبْد فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما وَالله لله أَحَق أَن يعاذ من استعاذ بِهِ مني فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله فَهُوَ لوجه الله قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو لم تفعل لدافع وَجهك سفع النَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن التَّيْمِيّ قَالَ: حَلَفت أَن أضْرب مَمْلُوكَة لي فَقَالَ لي أبي: إِنَّه قد بَلغنِي أَن النَّفس تَدور فِي الْبدن فَرُبمَا كَانَ قَرَارهَا الرَّأْس وَرُبمَا كَانَ قَرَارهَا فِي مَوضِع كَذَا وَكَذَا - حَتَّى عدد مَوَاضِع - فَتَقَع الضَّرْبَة عَلَيْهَا فتتلف فَلَا تفعل وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي أَن أَبَا الدَّرْدَاء كَانَت لَهُم وليدة فلطمها ابْنه يَوْمًا لطمة فأقعده لَهَا وَقَالَ: اقتصي فَقَالَت: قد عَفَوْت فَقَالَ: إِن كنت عَفَوْت فاذهبي فادعي من هُنَاكَ من حرَام فأشهديهم أَنَّك قد عَفَوْت فَذَهَبت فدعتهم فأشهدتهم أَنَّهَا قد عفت فَقَالَ: اذهبي فَأَنت لله وليت آل أبي الدَّرْدَاء يَنْقَلِبُون كفافاً وَأخرج أَحْمد عَن أبي قلَابَة قَالَ: دَخَلنَا على سلمَان وَهُوَ يعجن قُلْنَا: مَا هَذَا قَالَ: بعثنَا الْخَادِم فِي عمل فكرهنا أَن نجمع عَلَيْهَا عملين وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً} قَالَ: متكبراً {فخوراً} قَالَ: بَعْدَمَا أعطي وَهُوَ لَا يشْكر الله وَأخرج أَبُو يعلى والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا جمع الله النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد يَوْم الْقِيَامَة أَقبلت النَّار يركب بَعْضهَا بَعْضًا وخزنتها يكفونها وَهِي تَقول: وَعزة رَبِّي لتخلن بيني وَبَين أزواجي أَو لأغشين النَّاس عنقًا وَاحِدًا فَيَقُولُونَ: وَمن أَزوَاجك

فَتَقول كل متكبر جَبَّار فَتخرج لسانها فتلقطهم بِهِ من بَين ظهراني النَّاس فتقذفهم فِي جوفها ثمَّ تستأخر ثمَّ تقبل يركب بَعْضهَا بَعْضًا وخزنتها يكفونها وَهِي تَقول: وَعزة رَبِّي لتخلن بيني وَبَين أزواجي أَو لأغشين النَّاس عنقًا وَاحِدًا فَيَقُولُونَ وَمن أَزوَاجك فَتَقول كل مختال فخور فلتقطهم بلسانها من بَين ظهراني النَّاس فتقذفهم فِي جوفها ثمَّ تستأخر وَيَقْضِي الله بَين الْعباد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر بن عتِيك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من الْغيرَة مَا يحب الله وَمِنْهَا مَا يبغض الله وَإِن من الْخُيَلَاء مَا يحب الله وَمِنْهَا مَا يبغض الله فَأَما الْغيرَة الَّتِي يجب الله فالغيرة فِي الرِّيبَة وَأما الْغيرَة الَّتِي يبغض الله فالغيرة فِي غير رِيبَة وَأما الْخُيَلَاء الَّتِي يُحِبهَا الله فاختيال الرجل بِنَفسِهِ عِنْد الْقِتَال واختياله عِنْد الصَّدَقَة وَالْخُيَلَاء الَّتِي يبغض الله فاختيال الرجل بِنَفسِهِ فِي الْفَخر وَالْبَغي وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن سليم الهُجَيْمِي قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض طرق الْمَدِينَة قلت: عَلَيْك السَّلَام يَا رَسُول الله فَقَالَ: عَلَيْك السَّلَام تَحِيَّة الْمَيِّت سَلام عَلَيْكُم سَلام عَلَيْكُم سَلام عَلَيْكُم أَي هَكَذَا فَقل قَالَ فَسَأَلته عَن الْإِزَار فأقنع ظَهره وَأخذ بمعظم سَاقه فَقَالَ: هَهُنَا ائتزر فَإِن أَبيت فههنا أَسْفَل من ذَلِك فَإِن أَبيت فههنا فَوق الْكَعْبَيْنِ فَإِن أَبيت فَإِن الله لَا يحب كل مختالٍ فخور فَسَأَلته عَن الْمَعْرُوف فَقَالَ: لَا تحقرن من الْمَعْرُوف شَيْئا وَلَو أَن تُعْطِي صلَة الْحَبل وَلَو أَن تُعْطِي شسع النَّعْل وَلَو أَن تفرغ من دلوك فِي إِنَاء المستقي وَلَو أَن تنحي الشَّيْء من طَرِيق النَّاس يؤذيهم وَلَو أَن تلقى أَخَاك ووجهك إِلَيْهِ منطلق وَلَو أَن تلقى أَخَاك فتسلم عَلَيْهِ وَلَو أَن تؤنس الوحشان فِي الأَرْض وَإِن سبك رجل بِشَيْء يُعلمهُ فِيك وَأَنت تعلم فِيهِ نَحوه فَلَا تسبه فَيكون أجره لَك ووزره عَلَيْهِ وَمَا سَرَّ أُذُنك أَن تسمعه فاعمل بِهِ وَمَا سَاءَ أُذُنك أَن تسمعه فاجتنبه وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مطرف بن عبد الله قَالَ: قلت لأبي ذَر: بَلغنِي أَنَّك تزْعم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثكُمْ أَن الله يحب ثَلَاثَة وَيبغض ثَلَاثَة قَالَ: أجل قلت: من الثَّلَاثَة الَّذين يُحِبهُمْ الله قَالَ: رجل غزا فِي سَبِيل الله صَابِرًا محتسباً مُجَاهدًا فلقي الْعَدو فقاتل حَتَّى

قتل وَأَنْتُم تجدونه عنْدكُمْ فِي كتاب الله الْمنزل ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة (إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا كَأَنَّهُمْ بينان مرصوص) (الصَّفّ الْآيَة 4) وَرجل لَهُ جَار سوء يُؤْذِيه فَصَبر على آذاه حَتَّى يَكْفِيهِ الله إِمَّا بحياة وَإِمَّا بِمَوْت وَرجل سَافر مَعَ قوم فأدلجوا حَتَّى إِذا كَانُوا من آخر اللَّيْل وَقع عَلَيْهِم الْكرَى فَضربُوا رؤوسهم ثمَّ قَامَ فَتطهر رهبة لله ورغبة فِيمَا عِنْده قلت: فَمن الثَّلَاثَة الَّذين يبغضهم الله قَالَ: المختال الفخور وَأَنْتُم تجدونه فِي كتاب الله الْمنزل ثمَّ تَلا {إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخوراً} قلت: وَمن قَالَ: الْبَخِيل المنان قلت: وَمن قَالَ: البَائِع الحلاف وَأخرج ابْن جرير عَن أبي رَجَاء الْهَرَوِيّ قَالَ: لَا تَجِد سيء الملكة إِلَّا وجدته مختالاً فخوراً وتلا {وَمَا ملكت أَيْمَانكُم إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخوراً} وَلَا عاقاً إِلَّا وجدته جباراً شقياً وتلا (وَبرا بوالدتي وَلم يَجْعَلنِي جباراً شقياً) (مَرْيَم الْآيَة 32) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَوام بن حَوْشَب مثله وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَغوِيّ والباوردي وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن رجل من بلجيم قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أوصني قَالَ: إياك وإسبال الْإِزَار فَإِن إسبال الْإِزَار من المخيلة وَإِن الله لَا يحب المخيلة وَأخرج الْبَغَوِيّ وَابْن قَانِع فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ثَابت بن قيس بن شماس قَالَ: كنت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالاً فخوراً} فَذكر الْكبر فَعَظمهُ فَبكى ثَابت فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يبكيك فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي لأحب الْجمال حَتَّى إِنَّه ليعجبني أَن يحسن شِرَاك نَعْلي قَالَ: فَأَنت من أهل الْجنَّة إِنَّه لَيْسَ بِالْكبرِ أَن تحسن راحلتك ورحلك وَلَكِن الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس وَأخرج أَحْمد عَن سَمُرَة بن فاتك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم الْفَتى سَمُرَة لَو أَخذ من لمنة وشمر من مِئْزَره الْآيَات 37 - 39

37

أخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ كردم بن يزِيد حَلِيف كَعْب بن الْأَشْرَف وَأُسَامَة بن حبيب وَنَافِع بن أبي نَافِع وبحري بن عَمْرو وحيي بن أَخطب وَرِفَاعَة بن زيد بن التابوت يأْتونَ رجَالًا من الْأَنْصَار يتنصحون لَهُم فَيَقُولُونَ لَهُم: لَا تنفقوا أَمْوَالكُم فَإنَّا نخشى عَلَيْكُم الْفقر فِي ذهابها وَلَا تسارعوا فِي النَّفَقَة فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ مَا يكون فَأنْزل الله فيهم {الَّذين يَبْخلُونَ ويأمرون النَّاس بالبخل} إِلَى قَوْله {وَكَانَ الله بهم عليماً} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {الَّذين يَبْخلُونَ} قَالَ: هِيَ فِي أهل الْكتاب يَقُول: يكتمون ويأمرون النَّاس بِالْكِتْمَانِ وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي فِي الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود بخلوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم وكتموا ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الَّذين يَبْخلُونَ} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي يهود وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {الَّذين يَبْخلُونَ} الْآيَة قَالَ هَؤُلَاءِ يهود يَبْخلُونَ بِمَا آتَاهُم الله من الرزق ويكتمون مَا آتَاهُم الله من الْكتب إِذا سئلوا عَن الشَّيْء وَأخرج ابْن أبي سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل يَبْخلُونَ بِمَا عِنْدهم من الْعلم وَينْهَوْنَ الْعلمَاء أَن يعلمُوا النَّاس شَيْئا فعيرهم الله بذلك فَأنْزل الله {الَّذين يَبْخلُونَ} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {الَّذين يَبْخلُونَ ويأمرون النَّاس بالبخل} قَالَ: هَذَا فِي الْعلم لَيْسَ للدنيا مِنْهُ شَيْء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة

قَالَ: هم أَعدَاء الله أهل الْكتاب بخلوا بِحَق الله عَلَيْهِم وكتموا الْإِسْلَام ومحمداً وهم (يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل) (الْأَعْرَاف الْآيَة 157) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس قَالَ: الْبُخْل أَن يبخل الإِنسان بِمَا فِي يَدَيْهِ وَالشح أَن يشح على مَا فِي أَيدي النَّاس يحب أَن يكون لَهُ مَا فِي أَيدي النَّاس بِالْحلِّ وَالْحرَام لَا يقنع وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عَمْرو بن عبيد أَنه قَرَأَ {ويأمرون النَّاس بالبخل} وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن يعمر أَنه قَرَأَهَا {ويأمرون النَّاس بالبخل} بِنصب الْبَاء وَالْخَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن دِينَار أَن ابْن الزبير كَانَ يَقْرَأها {ويأمرون النَّاس بالبخل} بِنصب الْبَاء وَالْخَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم رئاء النَّاس} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود الْآيَة 40

40

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة} قَالَ: رَأس نملة خضراء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مِثْقَال ذرة} قَالَ: نملة وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق عَطاء عَن عبد الله أَنه قَرَأَ إِن الله لَا يظلم مِثْقَال نملة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة} قَالَ: وزن ذرة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْأَعْرَاب من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا فَقَالَ

رجل: وَمَا للمهاجرين قَالَ {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} وَإِذا قَالَ الله لشَيْء عَظِيم فَهُوَ عَظِيم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة أَنه تَلا هَذِه الْآيَة فَقَالَ: لِأَن تفضل حسناتي على سيئاتي بمثقال ذرة أحب إليَّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَمُسلم وَابْن جرير عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله لَا يظلم الْمُؤمن حَسَنَة يُثَاب عَلَيْهَا الرزق فِي الدُّنْيَا ويجزى بهَا فِي الْآخِرَة وَأما الْكَافِر فيطعم بهَا فِي الدُّنْيَا فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة لم تكن لَهُ حَسَنَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يخرج من النَّار من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من الْإِيمَان قَالَ أَبُو سعيد: فَمن شكّ فليقرأ {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يُؤْتى بِالْعَبدِ يَوْم الْقِيَامَة فينادي مُنَاد على رُؤُوس الْأَوَّلين والآخرين: هَذَا فلَان بن فلَان من كَانَ لَهُ حق فليأت إِلَى حَقه فيفرح وَالله الْمَرْء أَن يَدُور لَهُ الْحق على وَالِده أَو وَلَده أَو زَوجته فَيَأْخذهُ مِنْهُ وَإِن كَانَ صَغِيرا ومصداق ذَلِك فِي كتاب الله (فَإِذا نفخ فِي الصُّور فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتسألون) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 101) فَيُقَال لَهُ: ائْتِ هَؤُلَاءِ حُقُوقهم فَيَقُول: أَي رب وَمن أَيْن وَقد ذهبت الدُّنْيَا فَيَقُول الله لملائكته: انْظُرُوا أَعماله الصَّالِحَة وأعطوهم مِنْهَا فَإِن بَقِي مِثْقَال ذرة من حَسَنَة قَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رَبنَا أعطينا كل ذِي حق حَقه وَبَقِي لَهُ مِثْقَال ذرة من حَسَنَة فَيَقُول للْمَلَائكَة: ضعفوها لعبدي وأدخلوه بِفضل رَحْمَتي الْجنَّة ومصداق ذَلِك فِي كتاب الله {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} أَي الْجنَّة يُعْطِيهَا وَإِن فنيت حَسَنَاته وَبقيت سيئاته قَالَت الْمَلَائِكَة: إلهنا فنيت حَسَنَاته وَبَقِي طالبون كثير فَيَقُول الله: ضَعُوا عَلَيْهِ من أوزارهم واكتبوا لَهُ كتابا إِلَى النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَإِن تَكُ حَسَنَة} وزن ذرة زَادَت على سيئاته {يُضَاعِفهَا} فَأَما الْمُشرك فيخفف بِهِ عَنهُ الْعَذَاب وَلَا يخرج من النَّار أبدا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي رَجَاء أَنه قَرَأَ: وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا بتثقيل الْعين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُثْمَان قَالَ: بَلغنِي عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: إِن الله يَجْزِي الْمُؤمن بِالْحَسَنَة ألف ألف حَسَنَة فَأَتَيْته فَسَأَلته قَالَ: نعم وَألْفي ألف حَسَنَة وَفِي الْقُرْآن من ذَلِك {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا} فَمن يدْرِي مَا ذَلِك الإضعاف وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: لقِيت أَبَا هُرَيْرَة فَقلت لَهُ: بَلغنِي أَنَّك تَقول أَن الْحَسَنَة لتضاعف ألف ألف حَسَنَة قَالَ: وَمَا أعْجبك من ذَلِك فوَاللَّه لقد سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله ليضاعف الْحَسَنَة ألفي ألف حَسَنَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة {وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} قَالَ: الْجنَّة الْآيَة 41

41

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقْرَأ عليَّ قلت: يَا رَسُول الله اقْرَأ عَلَيْك وَعَلَيْك أنزل قَالَ: نعم إِنِّي أحب أَن أسمعهُ من غَيْرِي فَقَرَأت سُورَة النِّسَاء حَتَّى أتيت على هَذِه الْآيَة {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} فَقَالَ: حَسبك الْآن فَإِذا عَيناهُ تَذْرِفَانِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَمْرو بن حُرَيْث قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الله بن مَسْعُود: اقْرَأ قَالَ: أَقرَأ وَعَلَيْك أنزل قَالَ: إِنِّي أحب أَن أسمعهُ من غَيْرِي فَافْتتحَ سُورَة النِّسَاء حَتَّى بلغ {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد} الْآيَة فاستعبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكف عبد الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن مُحَمَّد بن فضَالة الْأنْصَارِيّ - وَكَانَ مِمَّن صحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُم فِي نَبِي ظفر وَمَعَهُ ابْن مَسْعُود ومعاذ بن جبل وناس من أَصْحَابه فَأمر قَارِئًا فَقَرَأَ

فَأتى على هَذِه الْآيَة {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} فَبكى حَتَّى اضْطربَ لحياه وجنباه وَقَالَ: يَا رب هَذَا شهِدت على من أَنا بَين ظهريه فَكيف بِمن لم أره وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن لَبِيبَة عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَرَأَ هَذِه الْآيَة {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} بَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: يَا رب هَذَا شهِدت على من أَنا بَين ظهريه فَكيف بِمن لم أره وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد} قَالَ: رسولها يشْهد عَلَيْهَا أَن قد أبلغهم مَا أرْسلهُ الله بِهِ إِلَيْهِم {وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى عَلَيْهَا فاضت عَيناهُ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: شَهِيدا عَلَيْهِم مَا دمت فيهم فَإِذا توفيتني كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم وَالله تَعَالَى أعلم الْآيَة 42

42

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَو تسوّى بهم الأَرْض} يَعْنِي أَن تستوي الأَرْض الْجبَال عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة يَقُول: ودوا لَو انخرقت بهم الأَرْض فساخوا فِيهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {لَو تسوّى بهم الأَرْض} تَنْشَق لَهُم فَيدْخلُونَ فِيهَا فتسوي عَلَيْهِم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أَرَأَيْت أَشْيَاء تخْتَلف على من فِي الْقُرْآن فَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَا هُوَ أَشك فِي الْقُرْآن قَالَ: لَيْسَ شكّ وَلكنه

اخْتِلَاف قَالَ: هَات مَا اخْتلف عَلَيْك من ذَلِك قَالَ: اسْمَع الله يَقُول (ثمَّ لم تكن فتنتهم إِلَّا أَن قَالُوا وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين) (الْأَنْعَام الْآيَة 23) وَقَالَ {وَلَا يكتمون الله حَدِيثا} فقد كتموا واسمعه يَقُول (فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 101) ثمَّ قَالَ (وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون) (الصافات الْآيَة 27) وَقَالَ (أئنكم لتكفرون بِالَّذِي خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ) (فصلت الْآيَة 9) حَتَّى بلغ (طائعين) فَبَدَأَ بِخلق الأَرْض فِي هَذِه الْآيَة قبل خلق السَّمَاء ثمَّ قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى (أم السَّمَاء بناها) (النازعات الْآيَة 27) ثمَّ قَالَ (وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها) (النازعات الْآيَة 30) فَبَدَأَ بِخلق السَّمَاء فِي هَذِه الْآيَة قبل خلق الأَرْض واسمعه يَقُول (وَكَانَ الله عَزِيزًا حكيماً) (وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما) (وَكَانَ الله سميعاً بَصيرًا) فَكَأَنَّهُ كَانَ ثمَّ مضى وَفِي لفظ مَا شَأْنه يَقُول (وَكَانَ الله) فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أما قَوْله (ثمَّ لم تكن فتنتهم إِلَّا أَن قَالُوا وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين) (الْأَنْعَام الْآيَة 23) فَإِنَّهُم لما رَأَوْا يَوْم الْقِيَامَة وَأَن الله يغْفر لأهل الْإِسْلَام وَيغْفر الذُّنُوب وَلَا يغْفر شركا وَلَا يتعاظمه ذَنْب أَن يغفره جَحده الْمُشْركُونَ رَجَاء أَن يغْفر لَهُم فَقَالُوا: وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين فختم الله على أَفْوَاههم وتكلمت أَيْديهم وأرجلهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ فَعِنْدَ ذَلِك يود الَّذين كفرُوا لَو تسوّى بهم الأَرْض وَلَا يكتمون الله حَدِيثا وَأما قَوْله (فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 101) فَهَذَا فِي النفخة الأولى (وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله) (الزمر الْآيَة 68) فَلَا أَنْسَاب بَينهم عِنْد ذَلِك وَلَا يتساءلون (ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ) (الزمر الْآيَة 68) (وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون) (الصافات الْآيَة 27) وَأما قَوْله (خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ) (فصلت الْآيَة 9) فَإِن الأَرْض خلقت قبل

السَّمَاء وَكَانَت السَّمَاء دخاناً فسوّاهن سبع سموات فِي يَوْمَيْنِ بعد خلق الأَرْض وَأما قَوْله (وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها) (النازعات الْآيَة 6) يَقُول: جعل فِيهَا جبلا جعل فِيهَا نَهرا جعل فِيهَا شَجرا وَجعل فِيهَا بحوراً وَأما قَوْله (وَكَانَ الله) فَإِن الله كَانَ وَلم يزل كَذَلِك وَهُوَ كَذَلِك (عَزِيز حَكِيم) (عليم قدير) ثمَّ لم يزل كَذَلِك فَمَا اخْتلف عَلَيْك من الْقُرْآن فَهُوَ يشبه مَا ذكرت لَك وَأَن الله لم ينزل شَيْئا إِلَّا وَقد أصَاب بِهِ الَّذِي أَرَادَ وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك أَن نَافِع بن الْأَزْرَق أَتَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: يَا ابْن عَبَّاس قَول الله {يَوْمئِذٍ يود الَّذين كفرُوا وعصوا الرَّسُول لَو تسوّى بهم الأَرْض وَلَا يكتمون الله حَدِيثا} وَقَوله (وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين) (الْأَنْعَام الْآيَة 23) فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: إِنِّي أحسبك قُمْت من عِنْد أَصْحَابك فَقلت: ألقِي على ابْن عَبَّاس متشابه الْقُرْآن فَإِذا رجعت إِلَيْهِم فَأخْبرهُم أَن الله جَامع النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي بَقِيع وَاحِد فَيَقُول الْمُشْركُونَ: إِن الله لَا يقبل من أحد شَيْئا إِلَّا مِمَّن وَحَّدَهُ فَيَقُولُونَ: تَعَالَوْا نقل فيسألهم فَيَقُولُونَ (وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين) (الْأَنْعَام الْآيَة 23) فيختم على أَفْوَاههم وتستنطق بِهِ جوارحهم فَتشهد عَلَيْهِم أَنهم كَانُوا مُشْرِكين فَعِنْدَ ذَلِك تمنوا لَو أَن الأَرْض سوّيت بهم وَلَا يكتمون الله حدثياً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن حُذَيْفَة قَالَ: أُتِي بِعَبْد آتَاهُ الله مَالا فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عملت فِي الدُّنْيَا - وَلَا يكتمون الله حَدِيثا - فَقَالَ: مَا عملت من شَيْء يَا رب إِلَّا أَنَّك آتيتني مَالا فَكنت أبايع النَّاس وَكَانَ من خلقي أَن أنظر الْمُعسر قَالَ الله: أَنا أَحَق بذلك مِنْك تجاوزوا عَن عَبدِي فَقَالَ أَبُو مَسْعُود الْأنْصَارِيّ: هَكَذَا سَمِعت من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا يكتمون الله حَدِيثا} قَالَ: بجوارحهم

الْآيَة 43

43

أخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: صنع لنا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف طَعَاما فَدَعَانَا وَسَقَانَا من الْخمر فَأخذت الْخمر منا وَحَضَرت الصَّلَاة فقدموني فَقَرَأت: قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ وَنحن نعْبد مَا تَعْبدُونَ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ أَنه كَانَ هُوَ وَعبد الرَّحْمَن وَرجل آخر شربوا الْخمر فصلى بهم عبد الرَّحْمَن فَقَرَأَ (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (الْكَافِرُونَ الْآيَة 1) فخلط فِيهَا فَنزلت {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أبي بكر وَعمر وَعلي وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد صنع عَليّ لَهُم طَعَاما وَشَرَابًا فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا ثمَّ صلى عَليّ بهم الْمغرب فَقَرَأَ (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (الْكَافِرُونَ الْآيَة 1) حَتَّى خاتمتها فَقَالَ: لَيْسَ لي دين وَلَيْسَ لكم دين فَنزلت {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} قَالَ: نسخهَا (إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر ) (المائده الْآيَة 90) الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ قبل أَن تُحَرَّمُ الْخمر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نهوا أَن يصلوا وهم سكارى ثمَّ نسخهَا تَحْرِيم الْخمر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم والنحاس عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} قَالَ: نسختها (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ) (الْمِائَة الْآيَة 6) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} قَالَ: نسخهَا (إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ) (الْمَائِدَة الْآيَة 6) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} قَالَ: نشاوى من الشَّرَاب {حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ} يَعْنِي مَا تقرؤون فِي صَلَاتكُمْ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: لم يعن بهَا الْخمر إِنَّمَا عَنى بهَا سكر النّوم وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأَنْتُم سكارى} قَالَ: النعاس وَأخرج البُخَارِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا نعس أحدكُم وَهُوَ يُصَلِّي فلينصرف فلينم حَتَّى يعلم مَا يَقُول وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُسَافِر تصيبه الْجَنَابَة فيتيمم وَيُصلي وَفِي لفظ قَالَ: لَا يقرب الصَّلَاة إِلَّا أَن يكون مُسَافِرًا تصيبه الْجَنَابَة فَلَا يجد المَاء فيتيمم وَيُصلي حَتَّى يجد المَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} يَقُول: لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم جنب إِذا وجدْتُم المَاء فَإِن لم تَجدوا المَاء فقد أحللت لكم أَن تَمسحُوا بِالْأَرْضِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: هُوَ الْمُسَافِر الَّذِي لَا يجد مَاء فيتيمم وَيُصلي وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا يمر الْجنب وَلَا الْحَائِض فِي الْمَسْجِد إِنَّمَا نزلت {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} للْمُسَافِر يتَيَمَّم ثمَّ يُصَلِّي وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: مسافرين لَا تَجِدُونَ مَاء وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيل فِي الْأَحْكَام والطَّحَاوِي فِي مُشكل الْآثَار والباوردي فِي الصَّحَابَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن الأسلع بن شريك قَالَ: كنت أرحل نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأصابتني جَنَابَة فِي لَيْلَة بَارِدَة وَأَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرحلة فَكرِهت أَن أرحل نَاقَته وَأَنا جنب وخشيت أَن أَغْتَسِل بِالْمَاءِ الْبَارِد فأموت أَو أمرض فَأمرت رجلا من الْأَنْصَار فرحلها ثمَّ رضفت أحجاراً فأسخنت بهَا مَاء فاغتسلت بِهِ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} إِلَى {إِن الله كَانَ عفوا غَفُورًا} وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن جُبَير وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ فِي سنَنه من وَجه آخر عَن الأسلع قَالَ: كنت أخدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأرحل لَهُ فَقَالَ لي ذَات لَيْلَة: يَا أسلع قُم فارحل لي قلت: يَا رَسُول الله أصابتني جَنَابَة فَسكت عني سَاعَة حَتَّى جَاءَ جِبْرِيل بِآيَة الصَّعِيد فَقَالَ: قُم يَا أسلع فَتَيَمم ثمَّ أَرَانِي الأسلع كَيفَ علمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّيَمُّم قَالَ: ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكفيه الأَرْض فَمسح وَجهه ثمَّ ثمَّ ضرب فدلك إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى ثمَّ نفضهما ثمَّ مسح بهما ذِرَاعَيْهِ ظاهرهما وباطنهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس {لَا تقربُوا الصَّلَاة} قَالَ: الْمَسَاجِد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: لَا تدْخلُوا الْمَسْجِد وَأَنْتُم جنب إِلَّا عابري سَبِيل قَالَ: تمر بِهِ مرا وَلَا تجْلِس

وَأخرج ابْن جرير عَن يزِيد بن أبي حبيب فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: إِن رجَالًا من الْأَنْصَار كَانَت أَبْوَابهم فِي الْمَسْجِد فَكَانَت تصيبهم جَنَابَة وَلَا مَاء عِنْدهم فيريدون المَاء وَلَا يَجدونَ ممراً إِلَّا فِي الْمَسْجِد فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: هُوَ الْمَمَر فِي الْمَسْجِد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا بَأْس للحائض وَالْجنب أَن يمرا فِي الْمَسْجِد مَا لم يجلسا فِيهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: الْجنب يمر فِي الْمَسْجِد وَلَا يجلس فِيهِ ثمَّ قَرَأَ {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: الْجنب يمر فِي الْمَسْجِد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يرخص للْجنب أَن يمر فِي الْمَسْجِد مجتازاً وَقَالَ {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس فِي قَوْله {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ: يجتاز وَلَا يجلس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ: كَانَ أَحَدنَا يمر فِي الْمَسْجِد وَهُوَ جنب مجتازاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم مرضى} قَالَ: نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار كَانَ مَرِيضا فَلم يسْتَطع أَن يقوم فيتوضأ وَلم يكن لَهُ خَادِم فِينَا فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم مرضى} قَالَ: هُوَ الرجل المجدور أَو بِهِ الْجراح أَو الْقرح يجنب فيخاف إِن اغْتسل أَن يَمُوت فيتيمم وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن ابْن عَبَّاس رَفعه فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم مرضى} قَالَ: إِذا كَانَت بِالرجلِ الْجراحَة فِي سَبِيل الله أَو القروح أوالجدري فيجنب فيخاف إِن اغْتسل أَن يَمُوت فليتيمم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم مرضى} قَالَ: هِيَ للْمَرِيض تصيبه الْجَنَابَة إِذا خَافَ على نَفسه الرُّخْصَة فِي التَّيَمُّم مثل الْمُسَافِر إِذا لم يجد المَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: للْمَرِيض المجدور وَشبهه رخصَة فِي أَن لَا يتَوَضَّأ وتلا {وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر} ثمَّ يَقُول: هِيَ مِمَّا خَفِي من تَأْوِيل الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: نَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِرَاحَة ففشت فيهم ثمَّ ابتلوا بالجنابة فشكوا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {وَإِن كُنْتُم مرضى} الْآيَة كلهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم مرضى} قَالَ: الْمَرِيض الَّذِي قد أرخص لَهُ فِي التَّيَمُّم هُوَ الكسير والجريح فَإِذا أَصَابَت الْجَنَابَة لَا يحل جراحته إِلَّا جِرَاحَة لَا يخْشَى عَلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد قَالَا فِي الْمَرِيض تصيبه الْجَنَابَة فيخاف على نَفسه: هُوَ بِمَنْزِلَة الْمُسَافِر الَّذِي لَا يجد المَاء يتَيَمَّم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الْمَرِيض الَّذِي لَا يجد أحدا يَأْتِيهِ بِالْمَاءِ وَلَا يقدر عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ خَادِم وَلَا عون يتَيَمَّم وَيُصلي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط} قَالَ: الْغَائِط الْوَادي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور ومسدد وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {أَو لامستم النِّسَاء} قَالَ: اللَّمْس مَا دون الْجِمَاع والقبلة مِنْهُ وفيهَا الْوضُوء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يَقُول فِي هَذِه الْآيَة {أَو لامستم النِّسَاء} هُوَ الغمز وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يتَوَضَّأ من قبْلَة الْمَرْأَة وَيَقُول: هِيَ اللماس وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قبْلَة

الرجل امْرَأَته وجسها بِيَدِهِ من الْمُلَامسَة فَمن قبل امْرَأَته أَو جسها بِيَدِهِ فَعَلَيهِ الْوضُوء وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر قَالَ: إِن الْقبْلَة من اللَّمْس فَتَوَضَّأ مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: اللَّمْس هُوَ الْجِمَاع وَلَكِن الله كنى عَنهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو لامستم النِّسَاء} قَالَ: هُوَ الْجِمَاع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كُنَّا فِي حجرَة ابْن عَبَّاس ومعنا عَطاء بن أبي رَبَاح وَنَفر من الموَالِي وَعبيد بن عُمَيْر وَنَفر من الْعَرَب فتذاكرنا اللماس فَقلت أَنا وَعَطَاء والموالي: اللَّمْس بِالْيَدِ وَقَالَ عبيد بن عُمَيْر وَالْعرب: هُوَ الْجِمَاع فَدخلت على ابْن عَبَّاس فَأَخْبَرته فَقَالَ: غُلِبَتْ الموَالِي وأصابت الْعَرَب ثمَّ قَالَ: إِن اللَّمْس والمس والمباشرة إِلَى الْجِمَاع مَا هُوَ وَلَكِن الله يكني بِمَا شَاءَ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {أَو لامستم النِّسَاء} قَالَ: أَو جامعتم النِّسَاء وهذيل تَقول: اللَّمْس بِالْيَدِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم قَالَ أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة حَيْثُ يَقُول: يلمس الاحلاس فِي منزله بيدَيْهِ كاليهودي المصل وَقَالَ الْأَعْشَى: ورادعة صفراء بالطيب عندنَا للمس الندامى من يَد الدرْع مفتق وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ ((أَو لمستم النِّسَاء)) قَالَ: يَعْنِي مَا دون الْجِمَاع وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: سَأَلت عُبَيْدَة عَن قَوْله {أَو لامستم النِّسَاء} فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَضم أَصَابِعه كَأَنَّهُ يتَنَاوَل شَيْئا يقبض عَلَيْهِ قَالَ مُحَمَّد: ونبئت عَن ابْن عمر أَنه كَانَ إِذا مس مخرجه تَوَضَّأ فَظَنَنْت أَن قَول ابْن عمر وَعبيدَة شَيْئا وَاحِدًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُثْمَان قَالَ: اللَّمْس بِالْيَدِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: مَا دون الْجِمَاع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: الْمُلَامسَة دون الْجِمَاع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: الْمُلَامسَة الْجِمَاع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا} قَالَ: تحروا تعمدوا صَعِيدا طيبا وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {صَعِيدا طيبا} قَالَ: الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شجر وَلَا نَبَات وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي قَالَ: الصَّعِيد التُّرَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن بشير فِي الْآيَة قَالَ: الطّيب: مَا أَتَت عَلَيْهِ الأمطار وطهرته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله {صَعِيدا طيبا} قَالَ: حَلَالا لكم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أطيب الصَّعِيد أَرض الْحَرْث وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حَمَّاد قَالَ: كل شَيْء وضعت يدك عَلَيْهِ فَهُوَ صَعِيد حَتَّى غُبَار لبدك فَتَيَمم بِهِ وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الصَّعِيد أطيب قَالَ: أَرض الْحَرْث وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت آيَة التَّيَمُّم لم أدر كَيفَ أصنع فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم أَجِدهُ فَانْطَلَقت أطلبه فاستقبلته فَلَمَّا رَآنِي عرف الَّذِي جِئْت لَهُ فَبَال ثمَّ ضرب بيدَيْهِ الأَرْض فَمسح بهما وَجهه وكفيه وَأخرج ابْن عدي عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت آيَة التَّيَمُّم ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ على الأَرْض فَمسح بهما وَجهه وَضرب بِيَدِهِ الْأُخْرَى ضَرْبَة فَمسح بهما كفيه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عمار بن يَاسر قَالَ: كنت فِي سفر فاجنبت فتمعكت فَصليت ثمَّ ذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَن تَقول هَكَذَا ثمَّ ضرب بيدَيْهِ الأَرْض فَمسح بهَا وَجهه وكفيه

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التَّيَمُّم ضربتان: ضَرْبَة للْوَجْه وضربة لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: تيممنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضربنا بِأَيْدِينَا على الصَّعِيد الطّيب ثمَّ نفضنا أَيْدِينَا فمحسنا بهَا وُجُوهنَا ثمَّ ضربنا ضَرْبَة أُخْرَى ثمَّ نفضنا أَيْدِينَا فمحسنا بِأَيْدِينَا من الْمرَافِق إِلَى الأكف على منابت الشّعْر من ظَاهر وباطن وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مَالك قَالَ: تيَمّم عمار فَمسح وَجهه وَيَديه وَلم يمسح الذِّرَاع وَأخرج عَن مَكْحُول قَالَ: التَّيَمُّم ضَرْبَة للْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ إِلَى الْكُوع فَإِن الله قَالَ فِي الْوضُوء (وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق) (الْمَائِدَة الْآيَة 6) وَقَالَ فِي التَّيَمُّم {وَأَيْدِيكُمْ} وَلم يسْتَثْن فِيهِ كَمَا اسْتثْنى فِي الْوضُوء إِلَى الْمرَافِق وَقَالَ الله (وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا) (الْمَائِدَة الْآيَة 38) فَإِنَّمَا تقطع يَد السَّارِق من مفصل الْكُوع وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: التَّيَمُّم إِلَى الآباط وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عمار بن يَاسر قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهَلَك عقد لعَائِشَة فَأَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَضَاء الصُّبْح فتغيظ أَبُو بكر على عَائِشَة فَنزلت عَلَيْهِ رخصَة الْمسْح بالصعيد فَدخل أَبُو بكر فَقَالَ لَهَا: إِنَّك لمباركة نزل فِيك رخصَة فضربنا بِأَيْدِينَا ضَرْبَة لوجهنا وضربة بِأَيْدِينَا إِلَى المناكب والآباط قَالَ الشَّافِعِي: هَذَا مَنْسُوخ لِأَنَّهُ أول تيَمّم كَانَ حِين نزلت آيَة التَّيَمُّم فَكل تيَمّم جَاءَ بعده يُخَالِفهُ فَهُوَ لَهُ نَاسخ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: اجْتمعت غنيمَة عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر ابْدُ فِيهَا فبدوت فِيهَا إِلَى الربذَة وَكَانَت تصيبني الْجَنَابَة فامكث الْخَمْسَة والستة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم وَلَو إِلَى عشر سِنِين فَإِذا وجدت المَاء فأمسه جِلْدك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جعلت تربَتهَا لنا طهُورا إِذا لم نجد المَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جعلت تربَتهَا لنا طهُورا إِذا لم نجد المَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُثْمَان الْهِنْدِيّ قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تَمسحُوا بهَا فَإِنَّهَا بكم بَرَّةٌ يَعْنِي الأَرْض وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من السّنة أَن لَا يُصَلِّي الرجلُ بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا صَلَاة وَاحِدَة ثمَّ يتَيَمَّم لِلْأُخْرَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: يُتَيَمَّمُ لكل صَلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: يتَيَمَّم لكل صَلَاة الْآيَات 44 - 46

44

أخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رِفَاعَة بن زيد بن التابوت من عُظَمَاء الْيَهُود إِذا كلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لوى لِسَانه وَقَالَ: ارعنا سَمعك يَا مُحَمَّد حَتَّى نفهمك ثمَّ طعن فِي الْإِسْلَام وعابه فَأنْزل الله فِيهِ {ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يشْتَرونَ الضَّلَالَة} إِلَى قَوْله {فَلَا يُؤمنُونَ إِلَّا قَلِيلا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب} إِلَى قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} قَالَ: نزلت فِي رِفَاعَة بن زيد بن التابوت الْيَهُودِيّ وَالله أعلم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وهيب بن الْورْد قَالَ: قَالَ الله يَا ابْن آدم اذْكُرْنِي إِذا غضِبت أذكرك إِذا غضِبت فَلَا أمحقك فِيمَن أمحق وَإِذا ظلمت فاصبر وَارْضَ بنصرتي فَإِن نصرتي لَك خير من نصرتك لنَفسك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} يَعْنِي يحرفُونَ حُدُود الله فِي التَّوْرَاة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} قَالَ: تَبْدِيل الْيَهُود التَّوْرَاة {وَيَقُولُونَ سمعنَا وعصينا} قَالُوا: سمعنَا مَا تَقول وَلَا نطعيك {واسمع غير مسمع} قَالَ: غير مَقْبُول مَا تَقول {لياً بألسنتهم} قَالَ: خلافًا يلوون بِهِ ألسنتهم {واسمع وانظرنا} قَالَ: أفهمنا لَا تعجل علينا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} قَالَ: لَا يضعونه على مَا أنزلهُ الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واسمع غير مسمع} يَقُولُونَ: اسْمَع لَا سَمِعت وَفِي قَوْله {وراعنا} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَاعنا سَمعك وَإِنَّمَا رَاعنا كَقَوْلِك عاطنا وَفِي قَوْله {لياً بألسنتهم} قَالَ: تحريفاً بِالْكَذِبِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ نَاس مِنْهُم يَقُولُونَ: اسْمَع غير مسمع كَقَوْلِك: اسْمَع غير صاغر وَفِي قَوْله {لياً بألسنتهم} قَالَ: بالْكلَام شبه الِاسْتِهْزَاء {وطعنا فِي الدّين} قَالَ: فِي دين مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: اللي تحريكهم ألسنتهم بذلك الْآيَة 47

47

أخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جريروابن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُؤَسَاء من أَحْبَار يهود مِنْهُم عبد الله بن صوريا وَكَعب بن أَسد فَقَالَ لَهُم: يَا معشر يهود اتَّقوا الله واسلموا فوَاللَّه إِنَّكُم لتعلمون أَن الَّذِي جِئتُكُمْ بِهِ لحق فَقَالُوا: مَا نَعْرِف ذَلِك يَا مُحَمَّد فَأنْزل الله فيهم {يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي مَالك بن الصَّيف وَرِفَاعَة بن زيد بن التابوت من بني قينقاع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} قَالَ: طمسها أَن تعمى {فنردها على أدبارها} يَقُول: نجْعَل وُجُوههم من قبل أقفيتهم فيمشون الْقَهْقَرَى وَيجْعَل لأَحَدهم عينين فِي قَفاهُ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله عز وَجل {من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} قَالَ: من قبل أَن نمسخها على غير خلقهَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَهُوَ يَقُول: من يطمس الله عَيْنَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ نور يبين بِهِ شمساً وَلَا قمراً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي ادريس الْخَولَانِيّ قَالَ: كَانَ أَبُو مُسلم الخليلي معلم كَعْب وَكَانَ يلومه فِي ابطائه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَعثه لينْظر أهوَ هُوَ قَالَ كَعْب: حَتَّى أتيت الْمَدِينَة فَإِذا تالٍ يقْرَأ الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا مُصدقا لما مَعكُمْ من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} فبادرت المَاء اغْتسل وَإِنِّي لأمس وَجْهي مَخَافَة أَن أطمس ثمَّ أسلمت وَأخرج ابْن جرير عَن عِيسَى بن الْمُغيرَة قَالَ: تَذَاكرنَا عِنْد إِبْرَاهِيم اسلام كَعْب فَقَالَ: اسْلَمْ كَعْب فِي زمَان عمر أقبل وَهُوَ يُرِيد بَيت الْمُقَدّس فَمر على الْمَدِينَة فَخرج إِلَيْهِ عمر فَقَالَ: يَا كَعْب أسلم قَالَ: ألستم تقرأون فِي كتابكُمْ (مثل الَّذين حُمِّلوا التَّوْرَاة ثمَّ لم يحملوها كَمثل الْحمار يحمل أسفارا) (الْجُمُعَة الْآيَة 5) وَأَنا قد حملت التَّوْرَاة

فَتَركه ثمَّ خرج حَتَّى انْتهى إِلَى حمص فَسمع رجلا من أَهلهَا يقْرَأ هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا مُصدقا لما مَعكُمْ من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} قَالَ كَعْب: يَا رب آمَنت يَا رب أسلمت مَخَافَة أَن تصيبه هَذِه الْآيَة ثمَّ رَجَعَ فَأتى أَهله بِالْيمن ثمَّ جَاءَ بهم مُسلمين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} يَقُول: عَن صِرَاط الْحق {فنردها على أدبارها} قَالَ: فِي الضَّلَالَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: الطمس: أَن يرتدوا كفَّارًا فَلَا يهتدوا أبدا {أَو نلعنهم كَمَا لعنا أَصْحَاب السبت} أَن نجعلهم قردة وَخَنَازِير وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {فنردها على أدبارها} قَالَ: كَانَ أبي يَقُول إِلَى الشَّام أَي رجعت إِلَى الشَّام من حَيْثُ جَاءَت ردوا إِلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: نطمسها عَن الْحق {فنردها على أدبارها} على ضلالتها {أَو نلعنهم} يَقُول سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: أَو نجعلهم قردة الْآيَة 48

48

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن لي ابْن أَخ لَا يَنْتَهِي عَن الْحَرَام قَالَ: وَمَا دينه قَالَ: يُصَلِّي ويوحد الله قَالَ: استوهب مِنْهُ دينه فَإِن أَبى فابتعه مِنْهُ فَطلب الرجل ذَلِك مِنْهُ فَأبى عَلَيْهِ فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: وجدته شحيحاً على دينه فَنزلت {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَزَّار من طرق عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا معشر أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نشك فِي قَاتل النَّفس وآكل مَال الْيَتِيم وَشَاهد الزُّور وقاطع الرَّحِم حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} فامسكنا عَن الشَّهَادَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا لَا نشك فِيمَن أوجب الله لَهُ النَّار فِي كتاب الله حَتَّى نزلت علينا هَذِه الْآيَة {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} فَلَمَّا سمعنَا هَذَا كففنا عَن الشَّهَادَة وأرجأنا الْأُمُور إِلَى الله وَأخرج ابْن الضريس وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن عدي بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا نمسك عَن الاسْتِغْفَار لأهل الْكَبَائِر حَتَّى سمعنَا من نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} وَقَالَ: إِنِّي ادخرت شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي فأمسكنا عَن كثير مِمَّا كَانَ فِي أَنْفُسنَا ثمَّ نطقنا بعد ورَجَوْنا وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن سُلَيْمَان بن عتبَة الْبَارِقي قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن ثَوْبَان قَالَ: شهِدت فِي الْمَسْجِد قبل الدَّاء الْأَعْظَم فَسَمِعتهمْ يَقُولُونَ (من قتل مُؤمنا) (الْمَائِدَة الْآيَة 32) إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار: قد أوجب لَهُ النَّار فَلَمَّا نزلت {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} قَالُوا: مَا شَاءَ الله يصنع الله مَا يَشَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: لما نزلت (يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم الزمر الْآيَة 53 الْآيَة فَقَامَ رجل فَقَالَ: والشرك يَا نَبِي الله فكره ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي مجلز قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على ) (الزمر الْآيَة 53) الْآيَة قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر فَتَلَاهَا على النَّاس فَقَامَ إِلَيْهِ رجل قَالَ: والشرك بِاللَّه فَسكت مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} فاثبتت هَذِه فِي الزمر وأثبتت هَذِه فِي النِّسَاء وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي هَذِه الْآيَة: إِن الله حرَّم الْمَغْفِرَة على من مَاتَ وَهُوَ كَافِر وأرجأ أهل التَّوْحِيد إِلَى مشئيته فَلم يؤيسهم من الْمَغْفِرَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ {وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} قَالَ: ثنيا من رَبنَا على جَمِيع الْقُرْآن وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن عَليّ قَالَ: أحب آيَة إِلَيّ فِي الْقُرْآن {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الجوزاء قَالَ: اخْتلفت إِلَى ابْن عَبَّاس ثَلَاث عشرَة سنة فَمَا من شَيْء من الْقُرْآن إِلَّا سَأَلته عَنهُ ورسولي يخْتَلف إِلَى عَائِشَة فَمَا سمعته وَلَا سَمِعت أحدا من الْعلمَاء يَقُول: إِن الله يَقُول لذنب لَا أغفره وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من عبد يَمُوت لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا إِلَّا حلت لَهُ الْمَغْفِرَة إِن شَاءَ غفر لَهُ وَإِن شَاءَ عذبه إِن الله اسْتثْنى فَقَالَ {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من وعده الله على عمل ثَوابًا فَهُوَ منجزه لَهُ وَمن وعده على عمل عقَابا فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذَنْب لَا يغْفر وذنب لَا يتْرك وذنب يغْفر فَأَما الَّذِي لَا يغْفر فالشرك بِاللَّه وَأما الَّذِي يغْفر فذنب بَينه وَبَين الله عز وَجل وَأما الَّذِي لَا يتْرك فظلم الْعباد بَعضهم بَعْضًا وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الدَّوَاوِين عِنْد الله ثَلَاثَة: ديوَان لَا يعبأ الله بِهِ شَيْئا وديوان لَا يتْرك الله مِنْهُ شَيْئا وديوان لَا يغفره الله فَأَما الدِّيوَان الَّذِي لَا يغفره الله فالشرك قَالَ الله (وَمن يُشْرك بِاللَّه فقد حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة) (الْمَائِدَة الْآيَة 72) وَقَالَ الله {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرَكَ بِهِ} وَأما الدِّيوَان الَّذِي لَا يعبأ الله بِهِ فظلم العَبْد نَفسه فِيمَا بَينه وَبَين ربه من صَوْم تَركه أَو صَلَاة تَركهَا فَإِن الله يغْفر ذَلِك ويتجاوز عَنهُ إِن شَاءَ وَأما الدِّيوَان الَّذِي لَا يتْرك الله مِنْهُ شَيْئا فظلم الْعباد بَعضهم بَعْضًا الْقصاص لَا محَالة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا من عبد قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ مَاتَ على ذَلِك

إِلَّا دخل الْجنَّة قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة: على رغم أنف أبي ذَر وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يَقُول: يَا عَبدِي مَا عبدتني ورجوتني فَإِنِّي غَافِر لَك على مَا كَانَ فِيك وَيَا عَبدِي لَو لقيتني بقراب الأَرْض خَطَايَا مَا لم تشرك بِي شَيْئا لقيتك بقرابها مغْفرَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من مَاتَ لَا يعدل بِاللَّه شَيْئا ثمَّ كَانَت عَلَيْهِ من الذُّنُوب مثل الرمال غفر لَهُ وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله عز وَجل: من علم أَنِّي ذُو قدرَة على مغْفرَة الذُّنُوب غفرت لَهُ وَلَا أُبَالِي مَا لم يُشْرك بِي شَيْئا وَأخرج أَحْمد عَن سَلمَة بن نعيم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل الْجنَّة وَإِن زنى وَإِن سرق وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ دخل الْجنَّة قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق قلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق على رغم أنف أبي الدَّرْدَاء قَالَ فَخرجت لأنادي بهَا فِي النَّاس فلقيني عمر فَقَالَ: ارْجع فَإِن النَّاس إِن علمُوا بِهَذِهِ اتكلوا عَلَيْهَا فَرَجَعت فَأَخْبَرته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: صدق عمر وَأخرج هناد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أَربع آيَات فِي كتاب الله عز وَجل أحب إليّ من حُمُرِ النِعَمْ وسودها فِي سُورَة النِّسَاء قَوْله (إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة ) (النِّسَاء الْآيَة 40) الْآيَة وَقَوله {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ} الْآيَة وَقَوله (وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا

أنفسهم جاؤوك ) (النِّسَاء الْآيَة 64) الْآيَة وَقَوله (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه) (النِّسَاء الْآيَة 110) الْآيَة الْآيَتَانِ 49 - 50

49

أخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الْيَهُود قَالُوا: إِن أبناءنا قد توفوا وهم لنا قربَة عِنْد الله وسيشفعون لنا ويزكوننا فَقَالَ الله لمُحَمد {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْيَهُود يقدمُونَ صبيانهم يصلونَ بهم ويقربون قُرْبَانهمْ ويزعمون أَنهم لَا خَطَايَا لَهُم وَلَا ذنُوب وكذبوا قَالَ الله: إِنِّي لَا أطهر ذَا ذَنْب بآخر لَا ذَنْب لَهُ ثمَّ أنزل الله {ألم ترَ إِلَى الَّذين يزكُّون أنفسهم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} قَالَ: يَعْنِي يهود كَانُوا يقدمُونَ صبياناً لَهُم أمامهم فِي الصَّلَاة فيؤمونهم يَزْعمُونَ أَنهم لَا ذنُوب لَهُم قَالَ: فَتلك التَّزْكِيَة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مَالك فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود كَانُوا يقدمُونَ صبيانهم يَقُولُونَ: لَيست لَهُم ذنُوب وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ أهل الْكتاب يقدمُونَ الغلمان الَّذين لم يبلغُوا الْحِنْث يصلونَ بهم يَقُولُونَ: لَيْسَ لَهُم ذنُوب فَأنْزل الله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {ألم ترَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى (قَالُوا نَحن أَبنَاء الله واحباؤه) (الْمَائِدَة الْآيَة 18) (وَقَالُوا لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ هوداً أَو نَصَارَى) (الْبَقَرَة الْآيَة 111)

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود قَالُوا: إِنَّا نعلم أبناءنا التَّوْرَاة صغَارًا فَلَا يكون لَهُم ذنُوب وذنوبنا مثل ذنُوب أبناءنا مَا عَملنَا بِالنَّهَارِ كفر عَنَّا بِاللَّيْلِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الرجل ليغدر بِدِينِهِ ثمَّ يرجع وَمَا مَعَه مِنْهُ شَيْء يلقى الرجل لَيْسَ يملك لَهُ نفعا وَلَا ضراً فَيَقُول: وَالله إِنَّك لذيت وذيت وَلَعَلَّه أَن يرجع وَلم يَجُدْ من حَاجته بِشَيْء وَقد أَسخط الله عَلَيْهِ ثمَّ قَرَأَ {ألم ترَ إِلَى الَّذين يزكون أنفسهم} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا يظْلمُونَ فتيلاً} قَالَ: الفتيل: مَا خرج من بَين الأصبعين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الفتيل هم أَن تدلك بَين أصبعيك فَمَا خرج مِنْهُمَا فَهُوَ ذَلِك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: النقير: النقرة تكون فِي النواة الَّتِي تنْبت مِنْهَا النَّخْلَة والفتيل: الَّذِي يكون على شقّ النواة والقطمير: القشر الَّذِي يكون على النواة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الفتيل: الَّذِي فِي الشق الَّذِي فِي بطن النواة وَأخرج الطستي وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ {وَلَا يظْلمُونَ فتيلاً} قَالَ: لَا ينقصُونَ من الْخَيْر وَالشَّر مثل الفتيل هُوَ الَّذِي يكون فِي شقّ النواة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان يَقُول: يجمع الْجَيْش ذَا الألوف ويغزو ثمَّ لَا يرزأ الأعادي فتيلا وَقَالَ الأول أَيْضا: أعاذل بعض لومك لَا تلحي فَإِن اللوم لَا يُغني فتيلا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: النقير: الَّذِي يكون فِي وسط النواة فِي ظهرهَا والفتيل: الَّذِي يكون فِي جَوف النواة وَيَقُولُونَ: مَا يدلك فَيخرج من وسخها والقطمير: لفافة النواة أَو سحاة الْبَيْضَة أَو سحاة القصبة

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة الجدلي: هِيَ ثَلَاث فِي النواة: القطمير وَهِي قشرة النواة والنقير الَّذِي غَابَتْ فِي وَسطهَا والفتيل الَّذِي رَأَيْت فِي وَسطهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: قَالَت يهود: لَيْسَ لنا ذنُوب إِلَّا كذنوب أَوْلَادنَا يَوْم يولدون فَإِن كَانَت لَهُم ذنُوب فَإِن لنا ذنوباً فَإِنَّمَا نَحن مثلهم قَالَ الله {انْظُر كَيفَ يفترون على الله الْكَذِب وَكفى بِهِ إِثْمًا مُبينًا} الْآيَات 51 - 53

51

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم حييّ بن أَخطب وَكَعب بن الْأَشْرَف مَكَّة على قُرَيْش فحالفوهم على قتال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لَهُم: أَنْتُم أهل الْعلم الْقَدِيم وَأهل الْكتاب فأخبرونا عَنَّا وَعَن مُحَمَّد قَالُوا: مَا أَنْتُم وَمَا مُحَمَّد قَالُوا: نَنْحَر الكوماء ونسقس اللَّبن على المَاء ونفك العناة ونسقي الحجيج ونصل الْأَرْحَام قَالُوا: فَمَا مُحَمَّد قَالُوا صنبور قطع أرحامنا وَاتبعهُ سراق الحجيج بَنو غفار قَالُوا: لَا بل أَنْتُم خير مِنْهُم واهدى سَبِيلا فَأنْزل الله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرجه سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة مُرْسلا وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما قدم كَعْب بن الْأَشْرَف مَكَّة قَالَت لَهُ قُرَيْش: أَنْت خير أهل الْمَدِينَة وسيدهم قَالَ: نعم قَالُوا: أَلا ترى إِلَى هَذَا المنصبر المنبتر من قومه يزْعم أَنه خير منا وَنحن أهل الحجيج وَأهل السدَانَة وَأهل السِّقَايَة قَالَ: أَنْتُم خير مِنْهُ فانزلت (إِن شائنك هُوَ الأبتر) (الْكَوْثَر الْآيَة 3) وأنزلت {ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت} إِلَى قَوْله {نَصِيرًا}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَن كَعْب بن الْأَشْرَف انْطلق إِلَى الْمُشْركين من كفار قُرَيْش فاستجاشهم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمرهمْ أَن يغزوه وَقَالَ: إِنَّا مَعكُمْ نقاتله فَقَالُوا: إِنَّكُم أهل كتاب وَهُوَ صَاحب كتاب وَلَا نَأْمَن أَن يكون هَذَا مكراً مِنْكُم فَإِن أردْت أَن تخرج مَعَك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما فَفعل ثمَّ قَالُوا: نَحن اهدى أم مُحَمَّد فَنحْن نَنْحَر الكوماء ونسقي اللَّبن على المَاء ونصل الرَّحِم ونقري الضَّيْف ونطوف بِهَذَا الْبَيْت وَمُحَمّد قطع رَحمَه وَخرج من بَلَده قَالَ: بل أَنْتُم خير وَأهْدى فَنزلت فِيهِ {ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: أنزلت فِي كَعْب بن الْأَشْرَف قَالَ: كفار قُرَيْش أهْدى من مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن السّديّ عَن أبي مَالك قَالَ: لما كَانَ من أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْيَهُود من النَّضِير مَا كَانَ حِين أَتَاهُم يَسْتَعِينهُمْ فِي دِيَة الْعَامِرِيين فَهموا بِهِ وبأصحابه فَاطلع الله رَسُوله على مَا هموا بِهِ من ذَلِك وَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة هرب كَعْب بن الْأَشْرَف حَتَّى أَتَى مَكَّة فعاهدهم على مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَان: يَا أَبَا سعيد إِنَّكُم قوم تقرأون الْكتاب وتعلمون وَنحن قوم لَا نعلم فاخبرنا ديننَا خير أم دين مُحَمَّد قَالَ كَعْب: اعرضوا عليَّ دينكُمْ فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: نَحن قوم نَنْحَر الكوماء ونسقي الحجيج المَاء ونقري الضَّيْف ونحمي بَيت رَبنَا ونعبد آلِهَتنَا الَّتِي كَانَ يعبد آبَاؤُنَا وَمُحَمّد يَأْمُرنَا أَن نَتْرُك هَذَا ونتبعه قَالَ: دينكُمْ خير من دين مُحَمَّد فاثبتوا عَلَيْهِ أَلا ترَوْنَ أَن مُحَمَّدًا يزْعم أَنه بعث بالتواضع وَهُوَ ينْكح من النِّسَاء مَا شَاءَ وَمَا نعلم ملكا أعظم من ملك النِّسَاء فَذَلِك حِين يَقُول {ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا} الْآيَة وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الَّذين حزبوا الْأَحْزَاب من قُرَيْش وغَطَفَان وَبني قُرَيْظَة حييّ بن أَخطب وَسَلام بن أبي الْحقيق وَأَبُو رَافع وَالربيع بن أبي الْحقيق وَعمارَة ووحوح بن عَارِم وهودة بن قيس فَأَما وحوح بن عَامر وهودة فَمن بني وَائِل وَكَانَ سَائِرهمْ من بني النَّضِير فَلَمَّا قدمُوا على قُرَيْش قَالُوا: هَؤُلَاءِ أَحْبَار يهود وَأهل الْعلم بِالْكتاب الأول فاسألوهم أدينكم خير أم دين مُحَمَّد فَسَأَلُوهُمْ فَقَالُوا: بل دينكُمْ خير من دينه وَأَنْتُم أهْدى مِنْهُ وَمن

اتبعهُ فَأنْزل الله فيهم {ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب} إِلَى قَوْله {ملكا عَظِيما} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما كَانَ من أَن أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ اعتزل كَعْب بن الْأَشْرَف وَلحق بِمَكَّة وَكَانَ بهَا وَقَالَ: لَا أعين عَلَيْهِ وَلَا أقاتله فَقيل لَهُ بِمَكَّة: يَا كَعْب أديننا خير أم دين مُحَمَّد وَأَصْحَابه قَالَ: دينكُمْ خير وأقدم وَدين مُحَمَّد حَدِيث فَنزلت فِيهِ {ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي كَعْب بن الْأَشْرَف وحيي بن أَخطب رجلَيْنِ من الْيَهُود من بني النَّضِير أَتَيَا قُريْشًا بِالْمَوْسِمِ فَقَالَ لَهُم الْمُشْركُونَ: أَنَحْنُ أهْدى أم مُحَمَّد وَأَصْحَابه فَإنَّا أهل السدَانَة والسقاية وَأهل الْحرم فَقَالَا: بل أَنْتُم أهْدى من مُحَمَّد وَأَصْحَابه وهما يعلمَانِ أَنَّهُمَا كاذبان إِنَّمَا حملهما على ذَلِك حسد مُحَمَّد وَأَصْحَابه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: الجبت والطاغوت: صنمان وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم ورستة فِي الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الجبت السَّاحر والطاغوت الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طرق عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الجبت حييّ بن أَخطب والطاغوت كَعْب بن الْأَشْرَف وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الجبت الْأَصْنَام والطاغوت الَّذِي يكون بَين يَدي الْأَصْنَام يعبرون عَنْهَا الْكَذِب ليضلوا النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الجبت اسْم الشَّيْطَان بالحبشية والطاغوت كهان الْعَرَب وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: الجبت الشَّيْطَان بِلِسَان الْحَبَش والطاغوت الكاهن

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الجبت السَّاحر بِلِسَان الْحَبَشَة والطاغوت الكاهن وَأخرج عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: الطاغوت السَّاحر والجبت الكاهن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن الجبت شَيْطَان والطاغوت الكاهن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق لَيْث عَن مُجَاهِد قَالَ: الجبت كَعْب بن الْأَشْرَف والطاغوت الشَّيْطَان كَانَ فِي صُورَة إِنْسَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن قبيصَة بن مُخَارق أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن العيافة والطرق والطيرة من الجبت وَأخرج رستة فِي الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَيَقُولُونَ للَّذين كفرُوا هَؤُلَاءِ أهْدى من الَّذين آمنُوا سَبِيلا} قَالَ: الْيَهُود تَقول ذَاك يَقُولُونَ: قُرَيْش أهْدى من مُحَمَّد وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أم لَهُم نصيب من الْملك} قَالَ: فَلَيْسَ لَهُم نصيب وَلَو كَانَ لَهُم نصيب لم يؤتوا النَّاس نقيرا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: لَو كَانَ لَهُم نصيب من ملك إِذن لم يؤتوا مُحَمَّدًا نقيراً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق خَمْسَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: النقير: النقطة الَّتِي فِي ظهر النواة وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن النقير قَالَ: مَا فِي شقّ ظهر النواة وَمِنْه تنْبت النَّخْلَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: وَلَيْسَ النَّاس بعْدك فِي نقير وَلَيْسوا غير أصداء وهامِ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله {فَإِذا لَا يُؤْتونَ النَّاس نقيراً} مَا النقير قَالَ: مَا فِي ظهر النواة قَالَ فِيهِ الشَّاعِر: لقد رزحت كلاب بني زبير فَمَا يُعْطون سائلهم نقيرا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هَذَا النقير وَوضع طرف الْإِبْهَام على بَاطِن السبابَة ثمَّ نقرها الْآيَتَانِ 54 - 55

54

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أم يحسدون النَّاس} قَالَ: هم يهود وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أهل الْكتاب: زعم مُحَمَّد أَنه أُوتِيَ مَا أُوتِيَ فِي تواضع وَله تسع نسْوَة وَلَيْسَ همه إِلَّا النِّكَاح فَأَي ملك أفضل من هَذَا فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {أم يحسدون النَّاس} إِلَى قَوْله {ملكا عَظِيما} يَعْنِي ملك سُلَيْمَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة قَالَ: قَالَت الْيَهُود للْمُسلمين: تَزْعُمُونَ أَن مُحَمَّدًا أُوتِيَ الدّين فِي تواضع وَعِنْده تسع نسْوَة أَي ملك أعظم من هَذَا فَأنْزل الله {أم يحسدون النَّاس} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك نَحوه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أم يحسدون النَّاس} قَالَ: نَحن النَّاس دون النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {أم يحسدون النَّاس} قَالَ: النَّاس فِي هَذَا الْموضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {أم يحسدون النَّاس} قَالَ: مُحَمَّد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: أعْطى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضع وَسبعين شَابًّا فحسدته الْيَهُود فَقَالَ الله {أم يحسدون النَّاس على مَا آتَاهُم الله من فَضله} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي الْآيَة قَالَ: يحسدون مُحَمَّدًا حِين لم يكن مِنْهُم وَكَفرُوا بِهِ

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة {أم يحسدون النَّاس} قَالَ: أُولَئِكَ الْيَهُود حسدوا هَذَا الْحَيّ من الْعَرَب {على مَا آتَاهُم الله من فَضله} بعث الله مِنْهُم نَبيا فحسدوهم على ذَلِك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {على مَا آتَاهُم الله من فَضله} قَالَ: النُّبُوَّة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إيَّاكُمْ والحسد فَإِن الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يجْتَمع فِي جَوف عبد الْإِيمَان والحسد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم} سُلَيْمَان وَدَاوُد {الْكتاب وَالْحكمَة} يَعْنِي النُّبُوَّة {وآتيناهم ملكا عَظِيما} فِي النِّسَاء فَمَا باله حل لأولئك الْأَنْبِيَاء وهم أَنْبيَاء أَن ينْكح دَاوُد تسعا وَتِسْعين امْرَأَة وينكح سُلَيْمَان مائَة امْرَأَة لَا يحل لمُحَمد أَن ينْكح كَمَا نكحوا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ فِي ظهر سُلَيْمَان مئة رجل وَكَانَ لَهُ ثلثمِائة امْرَأَة وثلثمائة سَرِيَّة وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: بَلغنِي أَنه كَانَ لسيلمان ثلثمِائة امْرَأَة وَسَبْعمائة سَرِيَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن همام بن الْحَارِث {وآتيناهم ملكا عَظِيما} قَالَ: ايدوا بِالْمَلَائِكَةِ والجنود وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وآتيناهم ملكا عَظِيما} قَالَ: النُّبُوَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وآتيناهم ملكا عَظِيما} قَالَ: النبوّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فَمنهمْ من آمن بِهِ قَالَ بِمَا أنزل على مُحَمَّد من يهود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فَمنهمْ من آمن بِهِ} اتبعهُ {وَمِنْهُم من صد عَنهُ} يَقُول: تَركه فَلم يتبعهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: زرع إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن وَزرع النَّاس فِي تِلْكَ السّنة فَهَلَك زرع النَّاس وزكا زرع إِبْرَاهِيم وَاحْتَاجَ النَّاس

إِلَيْهِ فَكَانَ النَّاس يأْتونَ إِبْرَاهِيم فيسألونه مِنْهُ فَقَالَ لَهُم: من آمن أَعْطيته وَمن أَبى منعته فَمنهمْ من آمن بِهِ فَأعْطَاهُ من الزَّرْع وَمِنْهُم من أَبى فَلم يَأْخُذ مِنْهُ فَذَلِك قَوْله {فَمنهمْ من آمن بِهِ وَمِنْهُم من صد عَنهُ وَكفى بجهنم سعيراً} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكتاب وَالْحكمَة} وَمُحَمّد من آل إِبْرَاهِيم وَأخرج ابْن الزبير بن بكار فِي الموقفيات عَن ابْن عَبَّاس أَن مُعَاوِيَة قَالَ: يَا بني هَاشم إِنَّكُم تُرِيدُونَ أَن تستحقوا الْخلَافَة كَمَا استحقيتم النُّبُوَّة وَلَا يَجْتَمِعَانِ لأحد وتزعمون أَن لكم ملكا فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: أما قَوْلك أَنا نستحق الْخلَافَة بالنبوّة فَإِن لم نستحقها بالنبوّة فَبِمَ نستحقها وَأما قَوْلك أَن النُّبُوَّة والخلافة لَا يَجْتَمِعَانِ لأحد فَأَيْنَ قَول الله {فقد آتَيْنَا آل إِبْرَاهِيم الْكتاب وَالْحكمَة وآتيناهم ملكا عَظِيما} فالكتاب النبوّة وَالْحكمَة السّنة وَالْملك الْخلَافَة نَحن آل إِبْرَاهِيم أَمر الله فِينَا وَفِيهِمْ وَاحِد وَالسّنة لنا وَلَهُم جَارِيَة وَأما قَوْلك زَعمنَا أَن لنا ملكا فالزعم فِي كتاب الله شكّ وكل يشْهد أَن لنا ملكا لَا تَمْلِكُونَ يَوْمًا إِلَّا ملكنا يَوْمَيْنِ وَلَا شهرا إِلَّا ملكنا شَهْرَيْن وَلَا حولا إِلَّا ملكنا حَوْلَيْنِ وَالله أعلم الْآيَتَانِ 56 - 57

56

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ثوبر عَن ابْن عمر فِي قَوْله {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا} قَالَ: إِذا احترقت جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا بَيْضَاء أَمْثَال الْقَرَاطِيس وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قرىء عِنْد عمر {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا ليذوقوا الْعَذَاب}

فَقَالَ معَاذ: عِنْدِي تَفْسِيرهَا تبدل فِي سَاعَة مائَة مرّة فَقَالَ عمر: هَكَذَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عمر قَالَ: تَلا رجل عِنْد عمر {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا} فَقَالَ كَعْب عِنْدِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة قرأتها قبل الْإِسْلَام فَقَالَ: هَاتِهَا يَا كَعْب فَإِن جِئْت بهَا كَمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدقناك قَالَ: إِنِّي قرأتها قبل الْإِسْلَام {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا} فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة عشْرين وَمِائَة مرّة فَقَالَ عمر: هَكَذَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: بَلغنِي أَنه يحرق أحدهم فِي الْيَوْم سبعين ألف مرّة {كلما نَضِجَتْ} وأكلت لحومهم قيل لَهُم عودوا فعادوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: تَأْخُذ النَّار فتأكل جُلُودهمْ حَتَّى تكشطها عَن اللَّحْم حَتَّى تُفْضِي النَّار إِلَى الْعِظَام ويبدلون جُلُودًا غَيرهَا يذيقهم الله شَدِيد الْعَذَاب فَذَلِك دَائِم لَهُم أبدا بتكذيبهم رَسُول الله وكفرهم بآيَات الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن يزِيد الْحَضْرَمِيّ أَنه بلغه فِي قَول الله {كلما نَضِجَتْ جُلُودهمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيرهَا} قَالَ: يَجْعَل للْكَافِرِ مائَة جلد بَين كل جلدين لون من الْعَذَاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ: سمعنَا أَنه مَكْتُوب فِي الْكتاب الأول: أَن جلد أحدهم أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وسنه سَبْعُونَ ذِرَاعا وبطنه لَو وضع فِيهِ جبل لوسعه فَإِذا أكلت النَّار جُلُودهمْ بدلُوا جُلُودًا غَيرهَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: أسر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا حُذَيْفَة إِن فِي جَهَنَّم لسباعاً من نَار وكلاباً من نَار وكلاليب من نَار وسيوفاً من نَار وَإنَّهُ تبْعَث مَلَائِكَة يعلقون أهل النَّار بِتِلْكَ الكلاليب بأحناكهم ويقطعونهم بِتِلْكَ السيوف عضوا عضوا ويلقونهم إِلَى تِلْكَ السبَاع وَالْكلاب كلما قطعُوا عضوا عَاد مَكَانَهُ غضا جَدِيدا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح قَالَ: قَالَ أَبُو مَسْعُود لأبي هُرَيْرَة: أَتَدْرِي كم غلظ جلد الْكَافِر قَالَ: لَا قَالَ: غلظ جلد الْكَافِر اثْنَان وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: غلظ جلد الْكَافِر أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أهل النَّار يعظمون فِي النَّار حَتَّى يصير أحدهم مسيرَة كَذَا وَكَذَا وَإِن ضرس أحدهم لمثل أحد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {وندخلهم ظلاً ظليلاً} قَالَ: هُوَ ظلّ الْعَرْش الَّذِي لَا يَزُول الْآيَة 58

58

أخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} قَالَ: لما فتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة دَعَا عُثْمَان بن أبي طَلْحَة فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ: أَرِنِي الْمِفْتَاح فَأَتَاهُ بِهِ فَلَمَّا بسط يَده إِلَيْهِ قدم الْعَبَّاس فَقَالَ: يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي اجْعَلْهُ لي مَعَ السِّقَايَة فَكف عُثْمَان يَده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرِنِي الْمِفْتَاح يَا عُثْمَان فَبسط يَده يُعْطِيهِ فَقَالَ الْعَبَّاس مثل كَلمته الأولى فَكف عُثْمَان يَده ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عُثْمَان إِن كنت تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فهاتني الْمِفْتَاح فَقَالَ: هُنَاكَ بأمانة الله فَقَامَ فَفتح بَاب الْكَعْبَة فَوجدَ فِي الْكَعْبَة تِمْثَال إِبْرَاهِيم مَعَه قداح يستقسم بهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا للْمُشْرِكين - قَاتلهم الله - وَمَا شَأْن إِبْرَاهِيم وشأن القداح ثمَّ دَعَا بِجَفْنَة فِيهَا مَاء فَأخذ مَاء فغمسه ثمَّ غمس بهَا تِلْكَ التماثيل وَأخرج مقَام إِبْرَاهِيم وَكَانَ فِي الْكَعْبَة ثمَّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس هَذِه الْقبْلَة ثمَّ خرج فَطَافَ بِالْبَيْتِ ثمَّ نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل فِيمَا ذكر لنا برد الْمِفْتَاح فَدَعَا عُثْمَان بن طَلْحَة فَأعْطَاهُ الْمِفْتَاح ثمَّ قَالَ {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} النِّسَاء الْآيَة 58 حَتَّى فرغ من الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} قَالَ: نزلت فِي عُثْمَان بن طَلْحَة قبض مِنْهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِفْتَاح الْكَعْبَة وَدخل بِهِ الْبَيْت يَوْم الْفَتْح فَخرج وَهُوَ يَتْلُو هَذِه الْآيَة فَدَعَا عُثْمَان فَدفع

إِلَيْهِ الْمِفْتَاح قَالَ: وَقَالَ عمر بن الْخطاب: لما خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْكَعْبَة وَهُوَ يَتْلُو هَذِه الْآيَة - فداؤه أبي وَأمي - مَا سمعته يتلوها قبل ذَلِك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خذوها يَا بني طَلْحَة خالدة تالدة لَا يَنْزِعهَا مِنْكُم إِلَّا ظَالِم يَعْنِي حجابة الْكَعْبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} الْآيَة قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي وُلَاة الْأَمر وفيمن ولي من أُمُور النَّاس شَيْئا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: نزلت فِي الْأُمَرَاء خَاصَّة {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: حق على الإِمَام أَن يحكم بِمَا أنزل الله وَأَن يُؤَدِّي الْأَمَانَة فَإِذا فعل ذَلِك فَحق على النَّاس أَن يسمعوا لَهُ وَأَن يطيعوا وَأَن يجيبوا إِذا دعوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} قَالَ: يَعْنِي السُّلْطَان يُعْطون النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} قَالَ: هِيَ مسجلة للبر والفاجر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه الْأَمَانَات فِيمَا بَيْنك وَبَين النَّاس فِي المَال وَغَيره وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الْقَتْل فِي سَبِيل الله يكفر الذُّنُوب كلهَا إِلَّا الْأَمَانَة يجاء بِالرجلِ يَوْم الْقِيَامَة وَإِن كَانَ قتل فِي سَبِيل الله فَيُقَال لَهُ: ادّ أمانتك فَيَقُول: من أَيْن وَقد ذهبت الدِّينَا فَيُقَال: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى الهاوية فَينْطَلق فتمثل لَهُ أَمَانَته كهيئتها يَوْم دفعت إِلَيْهِ فِي قَعْر جَهَنَّم فيحملها فيصعد بهَا حَتَّى إِذا ظن أَنه خَارج بهَا فهزلت من عَاتِقه فهوت وَهوى مَعهَا أَبَد الآبدين قَالَ زَاذَان: فَأتيت الْبَراء بن عَازِب فَقلت: أما سَمِعت مَا قَالَ أَخُوك ابْن مَسْعُود قَالَ: صدق إِن الله يَقُول {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} وَالْأَمَانَة فِي

الصَّلَاة وَالْأَمَانَة فِي الْغسْل من الْجَنَابَة وَالْأَمَانَة فِي الحَدِيث وَالْأَمَانَة فِي الْكَيْل وَالْوَزْن وَالْأَمَانَة فِي الدّين وَأَشد ذَلِك فِي الودائع وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} قَالَ: إِنَّه لم يرخص لموسر وَلَا لمعسر وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة عَن الْحسن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أد الْأَمَانَة إِلَى من ائتمنك وَلَا تخن من خانك وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث من كن فِيهِ فَهُوَ مُنَافِق وَإِن صَامَ وَصلى وَزعم أَنه مُسلم: من إِذا حدث كذب وَإِذا وعد أخلف وَإِذا اتئمن خَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ وَلَا صَلَاة لمن لَا وضوء لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَربع إِذا كن فِيك فَلَا عَلَيْك مَا فاتك من الدُّنْيَا: حفظ أَمَانَة وَصدق حَدِيث وَحسن خَلِيقَة وعفة طعمة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن أول مَا يرفع من النَّاس الْأَمَانَة وَآخر مَا يبْقى الصَّلَاة وَرب مصل لَا خير فِيهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أول مَا يرفع من هَذِه الْأمة الْحيَاء وَالْأَمَانَة فسلوهما الله عزَّ وجلَّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: لَا تنظروا إِلَى صَلَاة أحد وَلَا صِيَامه وانظروا إِلَى صدق حَدِيثه إِذا حدث وَإِلَى أَمَانَته إِذا ائْتمن وَإِلَى ورعه إِذا أشفى وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب مثله وَأخرج عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: ثَلَاثَة تؤدين إِلَى الْبر والفاجر: الرَّحِم توصل كَانَت برة أَو فاجرة والأمانى تُؤَدّى إِلَى الْبر والفاجر والعهد يُوفى بِهِ للبر والفاجر

وَأخرج عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: من لم يكن لَهُ رَأس مَال فليتخذ الْأَمَانَة رَأس مَاله وَأخرج عَن أنس قَالَ: الْبَيْت الَّذِي تكون فِيهِ خِيَانَة لَا تكون فِيهِ الْبركَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي يُونُس قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يقْرَأ هَذِه الْآيَة {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات} إِلَى قَوْله {كَانَ سميعاً بَصيرًا} وَيَضَع إبهاميه على أُذُنَيْهِ وَالَّتِي تَلِيهَا على عينه وَيَقُول: هَكَذَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْرَأها وَيَضَع أصبعيه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقترىء هَذِه الْآيَة {سميعاً بَصيرًا} يَقُول: بِكُل شَيْء بَصِير الْآيَة 59

59

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول} قَالَ: طَاعَة الرَّسُول اتِّبَاع الْكتاب وَالسّنة {وأولي الْأَمر مِنْكُم} قَالَ: أولي الْفِقْه وَالْعلم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي إِذْ بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَرِيَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِد بن الْوَلِيد فِي سَرِيَّة وفيهَا عمار بن يَاسر فَسَارُوا قبل الْقَوْم الَّذين يُرِيدُونَ فَلَمَّا بلغُوا قَرِيبا مِنْهُم عرسوا وأتاهم ذُو العبينتين فَأخْبرهُم فَأَصْبحُوا قد هربوا غير رجل أَمر أَهله فَجمعُوا مَتَاعهمْ ثمَّ أقبل يمشي فِي ظلمَة اللَّيْل حَتَّى أَتَى عَسْكَر خَالِد يسْأَل عَن عمار بن يَاسر فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا أَبَا الْيَقظَان إِنِّي قد أسلمت وَشهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا

الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن قومِي لما سمعُوا بكم هربوا وَأَنِّي بقيت فَهَل إسلامي نافعي غَدا وَإِلَّا هربت فَقَالَ عمار: بل هُوَ ينفعك فأقم فَأَقَامَ فَلَمَّا أَصْبحُوا أغار خَالِد فَلم يجد أحدا غير الرجل فَأَخذه وَأخذ مَاله فَبلغ عماراً الْخَبَر فَأتى خَالِدا فَقَالَ: خل عَن الرجل فَإِنَّهُ قد أسلم وَهُوَ فِي أَمَان مني قَالَ: خَالِد وفيم أَنْت تجير فَاسْتَبَّا وارتفعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأجَاز أَمَان عمار وَنَهَاهُ أَن يجير الثَّانِيَة على أَمِير فَاسْتَبَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ خَالِد: يَا رَسُول الله أتترك هَذَا العَبْد الأجدع يَشْتمنِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا خَالِد لَا تسب عماراً فَإِنَّهُ من سبّ عماراً سبه الله وَمن أبْغض عماراً أبغضه الله وَمن لعن عماراً لَعنه الله فَغَضب عمار فَقَامَ فَتَبِعَهُ خَالِد ختى أَخذ بِثَوْبِهِ فَاعْتَذر إِلَيْهِ فَرضِي فَأنْزل الله الْآيَة وَأخرجه ابْن عَسَاكِر من طَرِيق السّديّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَيْمُون بن مهْرَان فِي قَوْله {وأولي الْأَمر مِنْكُم} قَالَ: أَصْحَاب السَّرَايَا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {وأولي الْأَمر مِنْكُم} قَالَ: هم الْأُمَرَاء مِنْكُم وَفِي لفظ: هم أُمَرَاء السَّرَايَا وَأخرج ابْن جرير عَن مَكْحُول فِي قَوْله {وأولي الْأَمر مِنْكُم} قَالَ: هم أهل الْآيَة الَّتِي قبلهَا {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله وَمن أطَاع أَمِيري فقد أَطَاعَنِي وَمن عَصَانِي فقد عصى الله وَمن عصى أَمِيري فقد عَصَانِي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وأولي الْأَمر مِنْكُم} قَالَ: قَالَ أبيّ: هم السلاطين قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الطَّاعَة الطَّاعَة وَفِي الطَّاعَة بلَاء وَقَالَ: لَو شَاءَ الله لجعل الْأَمر فِي الْأَنْبِيَاء يَعْنِي لقد جعل إِلَيْهِم والأنبياء مَعَهم أَلا ترى حِين حكمُوا فِي قتل يحيى بن زَكَرِيَّا وَأخرج البُخَارِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اسمعوا وَأَطيعُوا وَإِن اسْتعْمل عَلَيْكُم حبشِي كَانَ رَأسه زبيبة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي أُمَامَة

سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فِي حجَّة الْوَدَاع فَقَالَ: اعبدوا ربكُم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زَكَاة أَمْوَالكُم وَأَطيعُوا ذَا أَمركُم تدْخلُوا جنَّة ربكُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وأولي الْأَمر مِنْكُم} يَعْنِي أهل الْفِقْه وَالدّين وَأهل طَاعَة الله الَّذين يعلمُونَ النَّاس مَعَاني دينهم ويأمرونهم بِالْمَعْرُوفِ وينهونهم عَن الْمُنكر فَأوجب الله طاعتهم على الْعباد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله {وأولي الْأَمر مِنْكُم} قَالَ: أولي الْفِقْه وأولي الْخَيْر وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وأولي الْأَمر مِنْكُم} قَالَ: أهل الْعلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وأولي الْأَمر} قَالَ: هم الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وأولي الْأَمر} قَالَ: أَصْحَاب مُحَمَّد أهل الْعلم وَالْفِقْه وَالدّين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وأولي الْأَمر} قَالَ: هم أهل الْعلم أَلا ترى أَنه يَقُول (وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلم الَّذين يستنبطونه مِنْهُم) (النِّسَاء الْآيَة 83) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وأولي الْأَمر} قَالَ: هم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم الدعاة الروَاة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وأولي الْأَمر} قَالَ: أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ {وأولي الْأَمر} قَالَ: أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَابْن مَسْعُود

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن أُمَّهَات الْأَوْلَاد فَقَالَ: هن أَحْرَار فَقيل لَهُ بِأَيّ شَيْء تَقوله قَالَ: بِالْقُرْآنِ قَالُوا بِمَاذَا من الْقُرْآن قَالَ: قَول الله {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} وَكَانَ عمر من أولي الْأَمر قَالَ: أعتقت كَانَت مسْقطًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: على الْمَرْء الْمُسلم السّمع وَالطَّاعَة فِيمَا أحب وَكره إِلَّا أَن يُؤمر بِمَعْصِيَة فَمن أَمر بِمَعْصِيَة فَلَا سمع وَلَا طَاعَة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سيليكم بعدِي وُلَاة فيليكم الْبر ببره والفاجر بفجره فَاسْمَعُوا لَهُم وَأَطيعُوا فِي كل مَا وَافق الْحق وصلوا وَرَاءَهُمْ فَإِن أَحْسنُوا فَلهم وَلكم وَإِن أساءوا فلكم وَعَلَيْهِم وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن معَاذًا قَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن كَانَت علينا أُمَرَاء لَا يستنون بسنتك وَلَا يَأْخُذُونَ بِأَمْرك فَمَا تَأمر فِي أَمرهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا طَاعَة لمن لم يطع الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلْقَمَة بن بجزر على بعث أَنا فيهم فَلَمَّا كُنَّا بِبَعْض الطّرق أذن لطائفة من الْجَيْش وَأمر عَلَيْهِم عبد الله بن حذافة بن قيس السَّهْمِي - وَكَانَ من أَصْحَاب بدر وَكَانَ بِهِ دعابة - فنزلنا بِبَعْض الطَّرِيق وأوقد الْقَوْم نَارا ليصنعوا عَلَيْهَا صنيعاً لَهُم فَقَالَ لَهُم: أَلَيْسَ لي عَلَيْكُم السّمع وَالطَّاعَة قَالُوا: بلَى قَالَ: فَمَا أَنا آمركُم بِشَيْء إِلَّا صنعتموه قَالُوا: بلَى قَالَ: أعزم بحقي وطاعتي لما تواثبتم فِي هَذِه النَّار فَقَامَ نَاس فتحجزوا حَتَّى إِذا ظن أَنهم واثبون قَالَ: احْبِسُوا أَنفسكُم إِنَّمَا كنت أضْحك مَعَهم فَذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَن قدمُوا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَمركُم بِمَعْصِيَة فَلَا تطيعوه وَأخرج ابْن الضريس عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: مَكْتُوب فِي الْكتاب الأول: من رأى لأحد عَلَيْهِ طَاعَة فِي مَعْصِيّة الله فَلَنْ يقبل الله عمله مَا دَامَ كَذَلِك وَمن رَضِي أَن يَعْصِي الله فَلَنْ يقبل الله عمله مَا دَامَ كَذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا طَاعَة فِي مَعْصِيّة الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ عمر إِذا اسْتعْمل رجلا كتب فِي عَهده: اسمعوا لَهُ وَأَطيعُوا مَا عدل فِيكُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: اسْمَع وأطع وَإِن أَمر عَلَيْك عبد حبشِي مجدع إِن ضرك فاصبر وَإِن حَرمك فاصبر وَإِن أَرَادَ أمرا ينتقص دينك فَقل: دمي دون ديني وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سُفْيَان قَالَ: خَطَبنَا ابْن الزبير فَقَالَ: إِنَّا قد ابتلينا بِمَا قد ترَوْنَ فَمَا أمرناكم بِأَمْر لله فِيهِ طَاعَة فلنا عَلَيْكُم فِيهِ السّمع وَالطَّاعَة وَمَا أمرناكم من أَمر لَيْسَ لله فِيهِ طَاعَة فَلَيْسَ لنا عَلَيْكُم فِيهِ طَاعَة وَلَا نعْمَة عين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ عَن أم الْحصين الأحمسية قَالَت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يخْطب وَعَلِيهِ برد متلفعاً بِهِ وَهُوَ يَقُول: إِن أَمر عَلَيْكُم عبد حبشِي مجدع فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطيعُوا مَا قادكم بِكِتَاب الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: حق على الْمُسلمين أَن يسمعوا ويطيعوا ويجيبوا إِذا دعوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: لَا طَاعَة لبشر فِي مَعْصِيّة الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا طَاعَة لبشر فِي مَعْصِيّة الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة وَاسْتعْمل عَلَيْهِم رجلا من الْأَنْصَار فَأَمرهمْ أَن يسمعوا لَهُ ويطيعوا قَالَ: فأغضبوه فِي شَيْء فَقَالَ: اجْمَعُوا لي حطباً فَجمعُوا لَهُ حطباً قَالَ: أوقدوا نَارا فأوقدوا نَارا قَالَ: ألم يَأْمُركُمْ أَن تسمعوا لَهُ وتطيعوا قَالُوا: بلَى قَالَ: فادخلوها فَنظر بَعضهم إِلَى بعض وَقَالُوا: إِنَّمَا فَرَرْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من النَّار فسكن غَضَبه وطفئت النَّار فَلَمَّا قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ: لَو دخلوها مَا خَرجُوا مِنْهَا إِنَّمَا الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحسن أَن زِيَاد اسْتعْمل الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ على جَيش فَلَقِيَهُ عمرَان بن الْحصين فَقَالَ: هَل تَدْرِي فيمَ جئْتُك أما تذكر أَن رَسُول الله صلى

الله عَلَيْهِ وَسلم لما بلغه الَّذِي قَالَ لَهُ أميره: قُم فقع فِي النَّار فَقَامَ الرجل ليَقَع فِيهَا فأدلك فَأمْسك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو وَقع فِيهَا لدخل النَّار لَا طَاعَة فِي مَعْصِيّة الله قَالَ: بلَى قَالَ: فَإِنَّمَا أردْت أَن أذكرك هَذَا الحَدِيث وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آمركُم بِخمْس أَمرنِي الله بِهن: الْجَمَاعَة والسمع وَالطَّاعَة وَالْهجْرَة وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله فَمن فَارق الْجَمَاعَة فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه إِلَّا أَن يُرَاجع وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْمِقْدَام أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أطِيعُوا أمراءكم فَإِن أمروكم بِمَا جِئتُكُمْ بِهِ فَإِنَّهُم يؤجرون عَلَيْهِ وتؤجرون بطاعتهم وَإِن أمروكم بِمَا لم آتكم بِهِ فَهُوَ عَلَيْهِم وَأَنْتُم بُرَآء من ذَلِك إِذا لَقِيتُم الله قُلْتُمْ: رَبنَا لَا ظلم فَيَقُول: لَا ظلم فتقولون: رَبنَا أرْسلت إِلَيْنَا رَسُولا فأطعناه بإذنك واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك وَأمرت علينا أُمَرَاء فأطعناهم بإذنك فَيَقُول: صَدقْتُمْ هُوَ عَلَيْهِم وَأَنْتُم مِنْهُ بُرَآء وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون عَلَيْكُم أُمَرَاء تطمئِن إِلَيْهِم الْقُلُوب وتلين لَهُم الْجُلُود ثمَّ يكون عَلَيْكُم أُمَرَاء تشمئز مِنْهُم الْقُلُوب وتقشعر مِنْهُم الْجُلُود فَقَالَ رجل: أنقاتلهم يَا رَسُول الله قَالَ: لَا مَا أَقَامُوا الصَّلَاة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ بعدِي أَثَرَة وأموراً تنكرونها قُلْنَا: فَمَا تَأْمُرنَا يَا رَسُول الله قَالَ: أَدّوا الْحق الَّذِي عَلَيْكُم واسألوا الله الَّذِي لكم وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّه كَائِن بعدِي سُلْطَان فَلَا تذلوه فَمن أَرَادَ أَن يذله فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه وَلَيْسَ بمقبول مِنْهُ حَتَّى يسد ثلمته الَّتِي ثلم: وَلَيْسَ بفاعل ثمَّ يعود فَيكون فِيمَن يعزه أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا تغلب على ثَلَاث: أَن نأمر بِالْمَعْرُوفِ وننهي عَن الْمُنكر ونعلم النَّاس السّنَن وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من فَارق الْجَمَاعَة واستذل الْإِمَارَة لَقِي الله وَلَا وَجه لَهُ عِنْده

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تسبوا السطان فَإِنَّهُم فَيْء الله فِي أرضه وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: أمرنَا أكابرنا من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَا نسب أمراءنا وَلَا نغشهم وَلَا نعصيهم وَأَن نتقي الله وَنَصْبِر فَإِن الْأَمر قريب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لَا يصلح اللناس إِلَّا أَمِير بر أَو فَاجر قَالُوا: هَذَا الْبر فَكيف بالفاجر قَالَ: إِن الْفَاجِر يُؤمن الله بِهِ السبل ويجاهد بِهِ الْعَدو وَيَجِيء بِهِ الْفَيْء ويقام بِهِ الْحُدُود ويحج بِهِ الْبَيْت ويعبد الله فِيهِ الْمُسلم آمنا حَتَّى يَأْتِيهِ أَجله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فيقوله {فَإِن تنازعتم فِي شَيْء} قَالَ: فَإِن تنَازع الْعلمَاء {فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول} قَالَ: يَقُول: فَردُّوهُ إِلَى كتاب الله وَسنة رَسُوله ثمَّ قَرَأَ (وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم) (النِّسَاء الْآيَة 82) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مَيْمُون بن مهْرَان فِي الْآيَة قَالَ: الرَّد إِلَى الله الرَّد إِلَى كِتَابه وَالرَّدّ إِلَى رَسُوله مَا دَامَ حَيا فَإِذا قبض فَإلَى سنته وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالسُّديّ مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ذَلِك خير وَأحسن تَأْوِيلا} يَقُول: ذَلِك أحسن ثَوابًا وَخير عَاقِبَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَأحسن تَأْوِيلا} قَالَ: أحسن جَزَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَأحسن تَأْوِيلا} قَالَ: عَاقِبَة الْآيَات 60 - 63

60

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أَبُو بَرزَة الْأَسْلَمِيّ كَاهِنًا يقْضِي بَين الْيَهُود فِيمَا يتنافرون فِيهِ فتنافر إِلَيْهِ نَاس من الْمُسلمين فَأنْزل الله {ألم ترَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم آمنُوا} إِلَى قَوْله {إحساناً وتوفيقاً} وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْجلاس بن الصَّامِت قبل تَوْبَته ومعتب بن قُشَيْر وَرَافِع بن زيد وَبشير كَانُوا يدَّعون الْإِسْلَام فَدَعَاهُمْ رجال من قَومهمْ من الْمُسلمين فِي خُصُومَة كَانَت بَينهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فدعوهم إِلَى الْكُهَّان حكام الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله فيهم {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ بَين رجل من الْيَهُود وَرجل من الْمُنَافِقين خُصُومَة - وَفِي لفظ: وَرجل مِمَّن زعم أَنه مُسلم - فَجعل الْيَهُودِيّ يَدعُوهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ قد علم أَنه لَا يَأْخُذ الرِّشْوَة فِي الحكم ثمَّ اتفقَا على أَن يتحاكما إِلَى كَاهِن فِي جُهَيْنَة فَنزلت {ألم ترَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم آمنُوا} الْآيَة إِلَى قَوْله {ويسلموا تَسْلِيمًا} وَأخرج ابْن جرير عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: زعم حضرمي أَن رجلا من الْيَهُود كَانَ قد أسلم فَكَانَت بَينه وَبَين رجل من الْيَهُود مدارأة فِي حق فَقَالَ الْيَهُودِيّ لَهُ: انْطلق إِلَى نَبِي الله فَعرف أَنه سيقضي عَلَيْهِ فَأبى فَانْطَلقَا إِلَى رجل من الْكُهَّان فتحاكما إِلَيْهِ فَأنْزل الله {ألم ترَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار وَرجل من الْيَهُود فِي مدارأة كَانَت بَينهمَا فِي حق تدارآ فِيهِ فتحاكما إِلَى كَاهِن كَانَ بِالْمَدِينَةِ وتركا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعاب الله ذَلِك عَلَيْهِمَا وَقد حَدثنَا أَن الْيَهُودِيّ كَانَ يَدعُوهُ إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ لَا يعلم أَنه لَا يجوز عَلَيْهِ وَكَانَ يَأْبَى عَلَيْهِ الْأنْصَارِيّ الَّذِي زعم أَنه مُسلم فَأنْزل الله فيهمَا مَا تَسْمَعُونَ عَابَ ذَلِك على الَّذِي زعم أَنه مُسلم وعَلى صَاحب الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ نَاس من الْيَهُود قد أَسْلمُوا ونافق بَعضهم وَكَانَت قُرَيْظَة وَالنضير فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا قتل الرجل من بني النَّضِير قتلته بَنو قُرَيْظَة قتلوا بِهِ مِنْهُم فَإِذا قتل رجل من بني قُرَيْظَة قتلته النَّضِير أعْطوا دِيَته سِتِّينَ وسْقا من تمر فَلَمَّا أسلم أنَاس من قُرَيْظَة وَالنضير قتل رجل من بني النَّضِير رجلا من بني قُرَيْظَة فَتَحَاكَمُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النضيري: يَا رَسُول الله إِنَّا كُنَّا نعطيهم فِي الْجَاهِلِيَّة الدِّيَة فَنحْن نعطيهم الْيَوْم الدِّيَة فَقَالَت قُرَيْظَة: لَا وَلَكنَّا إخْوَانكُمْ فِي النّسَب وَالدّين ودماؤنا مثل دمائكم وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُم تغلبونا فِي الْجَاهِلِيَّة فقد جَاءَ الْإِسْلَام فَأنْزل الله تَعَالَى يعيرهم بِمَا فعلوا فَقَالَ (وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ) (الْمَائِدَة الْآيَة 45) يعيرهم ثمَّ ذكر قَول النضيري: كُنَّا نعطيهم فِي الْجَاهِلِيَّة سِتِّينَ وسْقا ونقتل مِنْهُم وَلَا يقتلُون منا فَقَالَ (أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 50) فَأخذ النضيري فَقتله بِصَاحِبِهِ فتفاخرت النَّضِير وَقُرَيْظَة فَقَالَت النَّضِير: نَحن أقرب مِنْكُم وَقَالَت قُرَيْظَة: نَحن أكْرم مِنْكُم فَدَخَلُوا الْمَدِينَة إِلَى أبي بَرزَة الكاهن الْأَسْلَمِيّ فَقَالَ المُنَافِقُونَ من قُرَيْظَة وَالنضير: انْطَلقُوا بِنَا إِلَى أبي بَرزَة ينفر بَيْننَا فتعالوا إِلَيْهِ فَأبى المُنَافِقُونَ وَانْطَلَقُوا إِلَى أبي بَرزَة وسألوه فَقَالَ: أعظموا اللُّقْمَة يَقُول: أعظموا الْخطر فَقَالُوا لَك عشرَة أوساق قَالَ: لَا بل مائَة وسق ديتي فَإِنِّي أَخَاف أَن أنفر النَّضِير فتقتلني قُرَيْظَة أَو أنفر قُرَيْظَة فتقتلني النَّضِير فَأَبَوا أَن يعطوه فَوق عشرَة أوساق وأبى أَن يحكم بَينهم فَأنْزل الله {يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت} إِلَى قَوْله {ويسلموا تَسْلِيمًا}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت} قَالَ: الطاغوت رجل من الْيَهُود كَانَ يُقَال لَهُ كَعْب بن الْأَشْرَف وَكَانُوا إِذا مَا دعوا إِلَى مَا أنزل الله وَإِلَى الرَّسُول ليحكم بَينهم قَالُوا: بل نحاكمهم إِلَى كَعْب فَذَلِك قَوْله {يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: تنَازع رجل من الْمُنَافِقين وَرجل من الْيَهُود فَقَالَ الْمُنَافِق: اذْهَبْ بِنَا إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف وَقَالَ الْيَهُودِيّ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {ألم ترَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: كَانَ رجلَانِ من أصَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا خُصُومَة أَحدهمَا مُؤمن وَالْآخر مُنَافِق فَدَعَاهُ الْمُؤمن إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدعَاهُ الْمُنَافِق إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف فَأنْزل الله {وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا إِلَى مَا أنزل الله وَإِلَى الرَّسُول رَأَيْت الْمُنَافِقين يصدون عَنْك صدوداً} وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم آمنُوا} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رجل من الْمُنَافِقين يُقَال لَهُ بشر خَاصم يَهُودِيّا فَدَعَاهُ الْيَهُودِيّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدعَاهُ الْمُنَافِق إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف ثمَّ إنَّهُمَا احْتَكَمَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى لِلْيَهُودِيِّ فَلم يرض الْمُنَافِق وَقَالَ: تعال نَتَحَاكَم إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ الْيَهُودِيّ لعمر: قضى لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يرض بِقَضَائِهِ فَقَالَ لِلْمُنَافِقِ: أَكَذَلِك قَالَ: نعم فَقَالَ عمر: مَكَانكُمَا حَتَّى أخرج إلَيْكُمَا فَدخل عمر فَاشْتَمَلَ على سَيْفه ثمَّ خرج فَضرب عنق الْمُنَافِق حَتَّى برد ثمَّ قَالَ: هَكَذَا أَقْْضِي لمن لم يرض بِقَضَاء الله وَرَسُوله: فَنزلت وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {يُرِيدُونَ أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت} قَالَ: هُوَ كَعْب بن الْأَشْرَف وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: الطاغوت والشيطان فِي صُورَة إِنْسَان يتحاكمون إِلَيْهِ وَهُوَ صَاحب أَمرهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: سَأَلت جَابر بن عبد الله عَن الطواغيت الَّتِي كَانُوا يتحاكون إِلَيْهَا قَالَ: إِن فِي جُهَيْنَة وَاحِدًا وَفِي أسلم

وَاحِدًا وَفِي هِلَال وَاحِدًا وَفِي كل حَيّ وَاحِدًا وهم كهان تنزل عَلَيْهِم الشَّيَاطِين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا إِلَى مَا أنزل الله وَإِلَى الرَّسُول} قَالَ: دَعَا الْمُسلم الْمُنَافِق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليحكم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي قَوْله {يصدون عَنْك صدوداً} قَالَ: الصدود: الْإِعْرَاض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {فَكيف إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة} فِي أنفسهم وَبَين ذَلِك مَا بَينهمَا من الْقُرْآن هَذَا من تَقْدِيم الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أَصَابَتْهُم مُصِيبَة} يَقُول: بِمَا قدمت أَيْديهم فِي أنفسهم وَبَين ذَلِك مَا بَين ذَلِك قل لَهُم قولا بليغاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فَكيف إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة بِمَا قدمت أَيْديهم} قَالَ: عُقُوبَة لَهُم بنفاقهم وكرههم حكم الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {فَأَعْرض عَنْهُم} ذَلِك لقَوْله {وَقل لَهُم فِي أنفسهم قولا بليغا} الْآيَة 64

64

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا ليطاع بِإِذن الله} قَالَ: وَاجِب لَهُم أَن يطيعهم من شَاءَ الله لَا يطيعهم أحد إِلَّا باذن الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم} الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الرجل الْيَهُودِيّ وَالرجل الْمُسلم اللَّذين تحاكما إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الاسْتِغْفَار على نحوين: أَحدهمَا فِي القَوْل وَالْآخر فِي الْعَمَل فَأَما اسْتِغْفَار القَوْل فَإِن الله يَقُول {وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لَهُم الرَّسُول} وَأما

اسْتِغْفَار الْعَمَل فَإِن الله يَقُول (وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ) (الْأَنْفَال الْآيَة 33) فعنى بذلك أَن يعملوا عمل الغفران وَلَقَد علمت أَن أُنَاسًا سيدخلون النَّار وهم يَسْتَغْفِرُونَ الله بألسنتهم مِمَّن يَدعِي بِالْإِسْلَامِ وَمن سَائِر الْملَل الْآيَة 65

65

أخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ أَن عُرْوَة بن الزبير حدث عَن الزبير بن العوّام: أَنه خَاصم رجلا من الْأَنْصَار قد شهد بَدْرًا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شراج من الْحرَّة كَانَا يسقيان بِهِ كِلَاهُمَا النّخل فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: سرح المَاء يمر فَأبى عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اسْقِ يَا زبير ثمَّ أرسل المَاء إِلَى جَارك فَغَضب الْأنْصَارِيّ وَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن كَانَ ابْن عَمَّتك فتلوّن وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زبير ثمَّ احْبِسْ المَاء حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر ثمَّ أرسل المَاء إِلَى جَارك واسترعى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للزبير حَقه وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل ذَلِك أَشَارَ على الزبير بِرَأْي أَرَادَ فِيهِ السعَة لَهُ وللأنصاري فَلَمَّا أحفظ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأنْصَارِيّ استرعى للزبير حَقه فِي صَرِيح الحكم فَقَالَ الزبير: مَا أَحسب هَذِه الْآيَة نزلت إِلَّا فِي ذَلِك {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يحكِّموك فِيمَا شجر بَينهم} الْآيَة وَأخرج الْحميدِي فِي مُسْنده وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن أم سَلمَة قَالَت: خَاصم الزبير رجلا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى للزبير فَقَالَ الرجل: إِنَّمَا قضى لَهُ لِأَنَّهُ ابْن عمته فَأنْزل الله {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ} الْآيَة قَالَ: أنزلت فِي الزبير بن الْعَوام وحاطب بن أبي بلعتة اخْتَصمَا فِي مَاء فَقضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يسْقِي الْأَعْلَى ثمَّ الْأَسْفَل

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَلَا وَرَبك} الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الرجل الْيَهُودِيّ وَالرجل الْمُسلم اللَّذين تحاكما إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ مثله إِلَّا أَنه قَالَ: إِلَى الكاهن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود قَالَ: اخْتصم رجلَانِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى بَينهمَا فَقَالَ الَّذِي قضي عَلَيْهِ: ردنا إِلَى عمر بن الْخطاب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم انْطَلقَا إِلَى عمر فَلَمَّا أَتَيَا عمر قَالَ الرجل: يَا ابْن الْخطاب قضى لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على هَذَا فَقَالَ: ردنا إِلَى عمر فَرَدَّنَا إِلَيْك فَقَالَ: أَكَذَلِك قَالَ: نعم فَقَالَ عمر: مَكَانكُمَا حَتَّى أخرج إلَيْكُمَا فأقضي بَيْنكُمَا فَخرج إِلَيْهِمَا مُشْتَمِلًا على سَيْفه فَضرب الَّذِي قَالَ: ردنا إِلَى عمر فَقتله وَأدبر الآخر فَارًّا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله قتل عمر - وَالله - صَاحِبي وَلَوْلَا أَنِّي أَعْجَزته لَقَتَلَنِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا كنت أَظن أَن يجترىء عمر على قتل مُؤمنين فَأنْزل الله {فَلَا وَرَبك لَا يُؤمنُونَ} الْآيَة فَهدر دم ذَلِك الرجل وبرأ عمر من قَتله فكره الله أَن يسن ذَلِك بعد فَقَالَ (وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم) (النِّسَاء الْآيَة 66) إِلَى قَوْله (وَأَشد تثبيتاً) وَأخرج الْحَافِظ دُحَيْم فِي تَفْسِيره عَن عتبَة بن ضَمرَة عَن أَبِيه أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى للمحق على الْمُبْطل فَقَالَ الْمقْضِي عَلَيْهِ: لَا أرْضى فَقَالَ صَاحبه: فَمَا تُرِيدُ قَالَ: أَن تذْهب إِلَى أبي بكر الصّديق فذهبا إِلَيْهِ فَقَالَ: أَنْتُمَا على مَا قضى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأبى أَن يرضى قَالَ: نأتي عمر فَأتيَاهُ فَدخل عمر منزله وَخرج وَالسيف فِي يَده فَضرب بِهِ رَأس الَّذِي أَبى أَن يرضى فَقتله وَأنزل الله {فَلَا وَرَبك} الْآيَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن مَكْحُول قَالَ: كَانَ بَين رجل من الْمُنَافِقين وَرجل من الْمُسلمين مُنَازعَة فِي شَيْء فَأتيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى على الْمُنَافِق فَانْطَلقَا إِلَى أبي بكر فَقَالَ: مَا كنت لأقضي بَين من يرغب عَن قَضَاء

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلقَا إِلَى عمر فقصَّا عَلَيْهِ فَقَالَ عمر: لَا تعجلا حَتَّى أخرج إلَيْكُمَا فَدخل فَاشْتَمَلَ على السَّيْف وَخرج فَقتل الْمُنَافِق ثمَّ قَالَ: هَكَذَا أَقْْضِي بَين من لم يرض بِقَضَاء رَسُول الله فَأتى جِبْرِيل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن عمر قد قتل الرجل وَفرق الله بَين الْحق وَالْبَاطِل على لِسَان عمر فَسُمي الْفَارُوق وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {فِيمَا شجر بَينهم} قَالَ: فِيمَا أشكل عَلَيْهِم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت زهيراً وَهُوَ يَقُول: مَتى تشتجر قوم تقل سراتهم هم بَيْننَا فهم رضَا وَهُوَ عدل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {حرجاً} قَالَ: شكا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر فِي قَوْله {حرجاً} قَالَ: إِثْمًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ الرجل الَّذِي خَاصم الزبير وَكَانَ من الْأَنْصَار: سلمت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه نَازع الْأَنْصَار فِي المَاء من المَاء فَقَالَ لَهُم: أَرَأَيْت لَو أَنِّي علمت أَن مَا تَقولُونَ كَمَا تَقولُونَ واغتسل أَنا فَقَالُوا لَهُ: لَا وَالله حَتَّى لَا يكون فِي صدرك حرج مِمَّا قضى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله أعلم الْآيَات 66 - 68

66

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم} هم يهود يَعْنِي وَالْعرب كَمَا أَمر أَصْحَاب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَن يقتل بَعضهم بَعْضًا بالخناجر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان فِي قَوْله {وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم}

قَالَ: نزلت فِي ثَابت بن قيس بن شماس وَفِيه أَيْضا {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: افتخر ثَابت بن قيس بن شماس وَرجل من الْيَهُود فَقَالَ الْيَهُودِيّ: وَالله لقد كتب الله علينا أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم فَقَتَلْنَا أَنْفُسنَا فَقَالَ ثَابت: وَالله لَو كتب الله علينا أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم لقتلنا أَنْفُسنَا فَأنْزل الله فِي هَذَا {وَلَو أَنهم فعلوا مَا يوعظون بِهِ لَكَانَ خيرا لَهُم وَأَشد تثبيتاً} وَأخرج ابْن جرير وَابْن إِسْحَاق السبيعِي قَالَ: لما نزلت {وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم} الْآيَة قَالَ رجل: لَو أمرنَا لفعلنَا وَالْحَمْد لله الَّذِي عَافَانَا فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن من أمتِي لَرِجَالًا الْإِيمَان أثبت فِي قُلُوبهم من الْجبَال الرواسِي وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن زيد بن الْحسن قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم} قَالَ نَاس من الْأَنْصَار: وَالله لَو كتبه الله علينا لقبلنا الْحَمد لله الَّذِي عَافَانَا ثمَّ الْحَمد لله الَّذِي عَافَانَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْإِيمَان أثبت فِي قُلُوب رجال من الْأَنْصَار من الْجبَال الرواسِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق هِشَام عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم} قَالَ أنَاس من الصَّحَابَة: لَو فعل رَبنَا فَبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: للْإيمَان أثبت فِي قُلُوب أَهله من الْجبَال الرواسِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَامر بن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت {وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم} قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله - وَالله - لَو أَمرتنِي أَن أقتل نَفسِي لفَعَلت قَالَ: صدقت يَا أَبَا بكر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شُرَيْح بن عبيد قَالَ لما تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {وَلَو أَنا كتبنَا عَلَيْهِم أَن اقْتُلُوا أَنفسكُم أَو اخْرُجُوا من دِيَاركُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُم} أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عبد الله بن رَوَاحَة فَقَالَ: لَو أَن الله كتب ذَلِك لَكَانَ هَذَا من أُولَئِكَ الْقَلِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو نزلت كَانَ ابْن أم عبد مِنْهُم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ عبد الله بن مَسْعُود من الْقَلِيل الَّذِي يقتل نَفسه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: عبد الله بن مَسْعُود وعمار بن يَاسر: يَعْنِي من أُولَئِكَ الْقَلِيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَأَشد تثبيتاً} قَالَ: تَصْدِيقًا الْآيَتَانِ 69 - 70

69

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية والضياء الْمَقْدِسِي فِي صفة الْجنَّة وَحسنه عَن عَائِشَة قَالَت: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّك لأحب إليَّ من نَفسِي وَإنَّك لأحب إليَّ من وَلَدي وَإِنِّي لأَكُون فِي الْبَيْت فَأَذْكرك فَمَا أَصْبِر حَتَّى آتِي فَأنْظر إِلَيْك وَإِذا ذكرت موتِي وموتك عرفت أَنَّك إِذا دخلت الْجنَّة رفعت مَعَ النَّبِيين وَأَنِّي إِذا دخلت الْجنَّة خشيت أَن لَا أَرَاك فَلم يرد عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا حَتَّى نزل جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة {وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم} الْآيَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أحبك حَتَّى أذكرك فلولا أَنِّي أجيء فَأنْظر إِلَيْك ظَنَنْت أَن نَفسِي تخرج وأذكر أَنِّي إِن دخلت الْجنَّة صرت دُونك فِي الْمنزلَة فَيشق عليَّ وَأحب أَن أكون مَعَك فِي الدرجَة فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا فَأنْزل الله {وَمن يطع الله وَالرَّسُول} الْآيَة فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَلَاهَا عَلَيْهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ أَن رجلا من الْأَنْصَار أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله وَالله لأَنْت أحب إليَّ من نَفسِي وَوَلَدي وَأَهلي وَمَالِي وَلَوْلَا أَنِّي آتِيك فَأَرَاك لظَنَنْت أَنِّي سأموت وَبكى الْأنْصَارِيّ فَقَالَ لَهُ النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أبكاك فَقَالَ: ذكرت أَنَّك سَتَمُوتُ وَنَمُوت فَترفع مَعَ النَّبِيين وَنحن إِذا دَخَلنَا الْجنَّة كُنَّا دُونك فَلم يُخبرهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَيْء فَأنْزل الله على رَسُوله {وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم} إِلَى قَوْله {عليماً} فَقَالَ: أبشر يَا أَبَا فلَان وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَاءَ رجل من الْأَنْصَار إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محزون فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا فلَان مَا لي أَرَاك مَحْزُونا قَالَ: يَا نَبِي الله شَيْء فَكرت فِيهِ فَقَالَ: مَا هُوَ قَالَ: نَحن نغدو عَلَيْك وَنَرُوح نَنْظُر فِي وَجهك وَنُجَالِسك غَدا ترفع مَعَ النَّبِيين فَلَا نصل إِلَيْك فَلم يرد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فَأَتَاهُ جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة {وَمن يطع الله وَالرَّسُول} إِلَى قَوْله {رَفِيقًا} قَالَ: فَبعث إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبشره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق قَالَ: قَالَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا رَسُول الله مَا يَنْبَغِي لنا أَن نُفَارِقك فِي الدِّينَا فَإنَّك لَو قدمت رفعت فَوْقنَا فَلم نرك فَأنْزل الله {وَمن يطع الله وَالرَّسُول} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: أَتَى فَتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله: إِن لنا فِيك نظرة فِي الدِّينَا وَيَوْم الْقِيَامَة لَا نرَاك لِأَنَّك فِي الْجنَّة فِي الدَّرَجَات العلى فَأنْزل الله {وَمن يطع الله} الْآيَة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْت معي فِي الْجنَّة إِن شَاءَ الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجَالًا قَالُوا: هَذَا نَبِي الله نرَاهُ فِي الدِّينَا فَأَما فِي الْآخِرَة فيرفع بفضله فَلَا نرَاهُ فَأنْزل الله {وَمن يطع الله وَالرَّسُول} إِلَى قَوْله {رَفِيقًا} وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: قَالَ نَاس من الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله إِذا أدْخلك الله الْجنَّة فَكنت فِي أَعْلَاهَا وَنحن نشتاق إِلَيْك فَكيف نصْنَع فَأنْزل الله {وَمن يطع الله وَالرَّسُول} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع أَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: قد علمنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ فضل على من آمن بِهِ فِي دَرَجَات الْجنَّة مِمَّن تبعه وَصدقه فَكيف لَهُم إِذا اجْتَمعُوا فِي الْجنَّة أَن يرى بَعضهم بَعْضًا فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الأعلين ينحدرون إِلَى من هُوَ أَسْفَل مِنْهُم فيجتمعون فِي رياضها فَيذكرُونَ مَا أنعم الله عَلَيْهِم ويثنون عَلَيْهِ وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن ربيعَة بن كَعْب الْأَسْلَمِيّ قَالَ: كنت أَبيت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فآتيه بوضوئه وَحَاجته فَقَالَ لي: سل فَقلت: يَا رَسُول الله أَسَالَك مرافقتك فِي الْجنَّة قَالَ: أَو غير ذَلِك قلت: هُوَ ذَاك قَالَ: فأعني على نَفسك بِكَثْرَة السُّجُود وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو بن مرّة الْجُهَنِيّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله شهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَصليت الْخمس وَأديت زَكَاة مَالِي وَصمت رَمَضَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ على هَذَا كَانَ مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة هَكَذَا - وَنصب أصبعيه - مَا لم يعق وَالِديهِ وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ ألف آيَة فِي سَبِيل الله كتب يَوْم الْقِيَامَة مَعَ النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا إِن شَاءَ الله وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مَاجَه عَن عَائِشَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من نَبِي يمرض إِلَّا خير بَين الدِّينَا وَالْآخِرَة وَكَانَ فِي شكواه الَّذِي قبض فِيهِ أَخَذته بحة شَدِيدَة فَسَمعته يَقُول {مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ} فَعلمت أَنه خيِّر وَأخرج ابْن جرير عَن الْمِقْدَاد قَالَ: قلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت فِي أَزوَاجك: إِنِّي لأرجو لَهُنَّ من بعدِي الصديقين قَالَ: من تعنون الصديقين قلت: أَوْلَادنَا الَّذين هَلَكُوا صغَارًا قَالَ: لَا وَلَكِن الصديقين هم المصدقون الْآيَات 71 - 76

71

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {خُذُوا حذركُمْ} قَالَ: عدتكم من السِّلَاح وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فانفروا ثبات} قَالَ: عصباً يَعْنِي سَرَايَا مُتَفَرّقين {أَو انفروا جَمِيعًا} يَعْنِي كلكُمْ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {فانفروا ثبات} قَالَ: عشرَة فَمَا فَوق ذَلِك قَالَ وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عَمْرو بن كُلْثُوم التغلبي وَهُوَ يَقُول: فَأَما يَوْم خشيتنا عَلَيْهِم فَتُصْبِح خلينا عصباً ثباتا وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قي سُورَة النِّسَاء {خُذُوا حذركُمْ فانفروا ثبات أَو انفروا جَمِيعًا} عصباً وفرقاً قَالَ: نسخهَا (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة) (الْأَنْعَام الْآيَة 141) الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ثبات} قَالَ: فرقا قَلِيلا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {فانفروا ثبات} قَالَ: هِيَ الْعصبَة وَهِي الثبة {أَو انفروا جَمِيعًا} مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {أَو انفروا جَمِيعًا} أَي إِذا نفر نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَيْسَ لأحد أَن يتَخَلَّف عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن مِنْكُم لمن ليبطئن} إِلَى قَوْله {فَسَوف نؤتيه أجرا عَظِيما} مَا بَين ذَلِك فِي الْمُنَافِق وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان {وَإِن مِنْكُم لمن ليبطئن} قَالَ: هُوَ فِيمَا بلغنَا عبد الله بن أُبي بن سلول رَأس الْمُنَافِقين {ليبطئن} قَالَ: ليتخلفن عَن الْجِهَاد {فَإِن أَصَابَتْكُم مُصِيبَة} من الْعَدو وَجهد من الْعَيْش {قَالَ قد أنعم الله عَليّ إِذْ لم أكن مَعَهم شَهِيدا} فيصيبني مثل الَّذِي أَصَابَهُم من الْبلَاء والشدة {وَلَئِن أَصَابَكُم فضل من الله} يَعْنِي فتحا وغنيمة وسعة فِي الرزق {ليَقُولن} الْمُنَافِق وَهُوَ نادم فِي التَّخَلُّف {كَأَن لم تكن بَيْنكُم وَبَينه مَوَدَّة} يَقُول: كَأَنَّهُ لَيْسَ من أهل دينكُمْ فِي الْمَوَدَّة فَهَذَا من التَّقْدِيم {يَا لَيْتَني كنت مَعَهم فأفوز فوزاً عَظِيما} يَعْنِي آخذ من الْغَنِيمَة نَصِيبا وافراً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَإِن مِنْكُم لمن ليبطئن} عَن الْجِهَاد وَعَن الْغَزْو فِي سَبِيل الله {فَإِن أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قَالَ قد أنعم الله عَليّ إِذْ لم أكن مَعَهم شَهِيدا} قَالَ: هَذَا قَول مكذب {وَلَئِن أَصَابَكُم فضل من الله ليَقُولن} الْآيَة قَالَ: هَذَا قَول حَاسِد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَإِن مِنْكُم لمن ليبطئن} قَالَ: الْمُنَافِق يبطىء الْمُسلمين عَن الْجِهَاد فِي سَبِيل الله {فَإِن أَصَابَتْكُم مُصِيبَة} قَالَ: بقتل الْعَدو من الْمُسلمين {قَالَ قد أنعم الله عَليّ إِذْ لم أكن مَعَهم شَهِيدا} قَالَ: هَذَا قَول الشامت {وَلَئِن أَصَابَكُم فضل من الله} ظهر الْمُسلمُونَ على عدوهم وَأَصَابُوا مِنْهُم غنيمَة {ليَقُولن} الْآيَة قَالَ: قَول الْحَاسِد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {الَّذين يشرون الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالآخِرَة} يَقُول: يبيعون الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {فليقاتل} يَعْنِي يُقَاتل الْمُشْركين {فِي سَبِيل الله} قَالَ: فِي طَاعَة الله {وَمن يُقَاتل فِي سَبِيل الله فَيقْتل}

يَعْنِي يقْتله الْعَدو {أَو يغلب} يَعْنِي يغلب الْعَدو من الْمُشْركين {فَسَوف نؤتيه أجرا عَظِيما} يَعْنِي جزاءا وافراً فِي الْجنَّة فَجعل الْقَاتِل والمقتول من الْمُسلمين فِي جِهَاد الْمُشْركين شَرِيكَيْنِ فِي الْأجر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا لكم لَا تقاتلون فِي سَبِيل الله وَالْمُسْتَضْعَفِينَ} قَالَ: وسبيل الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: المستضعفون: أنَاس مُسلمُونَ كَانُوا بِمَكَّة لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يخرجُوا مِنْهَا وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت أَنا وَأمي من الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: أَمر الْمُؤْمِنُونَ أَن يقاتلوا عَن مستضعفين مُؤمنين كَانُوا بِمَكَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة فِي قَوْله {رَبنَا أخرجنَا من هَذِه الْقرْيَة الظَّالِم أَهلهَا} قَالَ: مَكَّة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة {وَاجعَل لنا من لَدُنْك نَصِيرًا} قَالَا: حجَّة ثَابِتَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَالَّذين كفرُوا يُقَاتلُون فِي سَبِيل الطاغوت} يَقُول فِي سَبِيل الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا رَأَيْتُمْ الشَّيْطَان فَلَا تخافوه واحملوا عَلَيْهِ {إِن كيد الشَّيْطَان كَانَ ضَعِيفا} قَالَ مُجَاهِد: كَانَ الشَّيْطَان يتَرَاءَى لي فِي الصَّلَاة فَكنت أذكر قَول ابْن عَبَّاس فأحمل عَلَيْهِ فَيذْهب عني الْآيَة 77

77

أخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس إِن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وأصحاباً لَهُ أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا نَبِي الله كُنَّا فِي عز وَنحن مشركون فَلَمَّا آمنا صرنا أَذِلَّة فَقَالَ: إِنِّي أمرت بِالْعَفو فَلَا تقاتلوا الْقَوْم فَلَمَّا حوله الله إِلَى الْمَدِينَة أمره الله بِالْقِتَالِ فكفوا فَأنْزل الله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين قيل لَهُم كفوا أَيْدِيكُم} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أنَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وهم يَوْمئِذٍ بِمَكَّة قبل الْهِجْرَة - يُسَارِعُونَ إِلَى الْقِتَال فَقَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذرنا نتَّخذ معاول نُقَاتِل بهَا الْمُشْركين وَذكر لنا إِن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف كَانَ فِيمَن قَالَ ذَلِك فنهاهم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك قَالَ: لم أومر بذلك فَلَمَّا كَانَت الْهِجْرَة وَأمرُوا بِالْقِتَالِ كره الْقَوْم ذَلِك وصنعوا فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ قَالَ الله تَعَالَى {قل مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل وَالْآخِرَة خير لمن اتَّقى وَلَا تظْلمُونَ فتيلاً} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هم قوم أَسْلمُوا قبل أَن يفْرض عَلَيْهِم الْقِتَال وَلم يكن عَلَيْهِم إِلَّا الصَّلَاة وَالزَّكَاة فسألوا الله أَن يفْرض عَلَيْهِم الْقِتَال وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى الَّذين قيل لَهُم كفوا أَيْدِيكُم} إِلَى قَوْله {لاتّبعتم الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلا} مَا بَين ذَلِك فِي يهود وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {فَلَمَّا كتب عَلَيْهِم الْقِتَال إِذا فريق مِنْهُم} الْآيَة قَالَ: نهى الله هَذِه الْأمة أَن يصنعوا صنيعهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {إِلَى أجل قريب} قَالَ: هُوَ الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {إِلَى أجل قريب} أَي إِلَى أَن يَمُوت موتا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن هِشَام قَالَ: قَرَأَ الْحسن {قل مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل} قَالَ: رحم الله عبدا صحبها على ذَلِك مَا الدِّينَا كلهَا من أَولهَا إِلَى آخرهَا إِلَّا كَرجل نَام نومَة فَرَأى فِي مَنَامه بعض مَا يحب ثمَّ انتبه فَلم يرَ شَيْئا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: الدُّنْيَا قَلِيل وَقد مضى أَكثر الْقَلِيل وَبَقِي قَلِيل من قَلِيل الْآيَتَانِ 78 - 79

78

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {أَيْنَمَا تَكُونُوا} قَالَ: من الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَلَو كُنْتُم فِي بروج مشيدة} يَقُول فِي قُصُور مُحصنَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {فِي بروج مشيدة} قَالَ: المجصصة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {فِي بروج مشيدة} قَالَ: هِيَ قُصُور بيض فِي سَمَاء الدُّنْيَا مبينَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {فِي بروج مشيدة} قَالَ: قُصُور فِي السَّمَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان فِي الْآيَة قَالَ: يرَوْنَ أَن هَذِه البروج فِي السَّمَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة وَكَانَ لَهَا أجِير فَولدت الْمَرْأَة فَقَالَت لأجيرها: انْطلق فاقتبس لي نَارا فَانْطَلق الْأَجِير فَإِذا هُوَ برجلَيْن قَائِمين على الْبَاب فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: وَمَا ولدت فَقَالَ: ولدت جَارِيَة فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه لَا تَمُوت هَذِه الْجَارِيَة حَتَّى تَزني بِمِائَة ويتزوّجها الْأَجِير وَيكون مَوتهَا بعنكبوت فَقَالَ الْأَجِير: أما وَالله لأكذبن حَدِيثهمَا فَرمى بِمَا فِي يَده وَأخذ السكين فشحذها وَقَالَ:

أَلا تراني أَتَزَوَّجهَا بَعْدَمَا تَزني بِمِائَة ففرى كَبِدهَا وَرمى بالسكين وَظن أَنه قد قَتلهَا فصاحت الصبية فَقَامَتْ أمهَا فرأت بَطنهَا قد شقّ فخاطته وداوته حَتَّى بَرِئت وَركب الْأَجِير رَأسه فَلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث وَأصَاب الْأَجِير مَالا فَأَرَادَ أَن يطلع أرضه فَينْظر من مَاتَ مِنْهُم وَمن بَقِي فَأقبل حَتَّى نزل على عَجُوز وَقَالَ للعجوز: أبغي لي أحسن امْرَأَة فِي الْبَلَد أُصِيب مِنْهَا وأعطيها فَانْطَلَقت الْعَجُوز إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَة وَهِي أحسن جَارِيَة فِي الْبَلَد فدعتها إِلَى الرجل وَقَالَت: تصيبين مِنْهُ مَعْرُوفا فَأَبت عَلَيْهَا وَقَالَت: إِنَّه قد كَانَ ذَاك مني فِيمَا مضى فَأَما الْيَوْم فقد بدا لي أَن لَا أفعل فَرَجَعت إِلَى الرجل فَأَخْبَرته فَقَالَ: فاخطيبها لي فَخَطَبَهَا وتزوجهت فأعجب بهَا فَلَمَّا أنس إِلَيْهَا حدثها حَدِيثه فَقَالَت: وَالله لَئِن كنت صَادِقا لقد حَدَّثتنِي أُمِّي حَدِيثك وَإِنِّي لتِلْك الْجَارِيَة قَالَ: أنتِ قَالَت: أَنا قَالَ: وَالله لَئِن كنتِ أنتِ إِن بكِ لعلامة لَا تخفى فكشف بَطنهَا فَإِذا هُوَ بأثر السكين فَقَالَ: صدقني وَالله الرّجلَانِ وَالله لقد زَنَيْت بِمِائَة وَإِنِّي أَنا الْأَجِير وَقد تزوّجتك ولتكونن الثَّالِثَة وليكونن موتك بعنكبوت فَقَالَت: وَالله لقد كَانَ ذَاك مني وَلَكِن لَا أَدْرِي مائَة أَو أقل أَو أَكثر فَقَالَ: وَالله مَا نقص وَاحِدًا وَلَا زَاد وَاحِدًا ثمَّ انْطلق إِلَى نَاحيَة الْقرْيَة فَبنى فِيهِ مَخَافَة العنكبوت فَلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث حَتَّى إِذا جَاءَ الْأَجَل ذهب ينظر فَإِذا هُوَ بعنكبوت فِي سقف الْبَيْت وَهِي إِلَى جَانِبه فَقَالَ: وَالله إِنِّي لأرى العنكبوت فِي سقف الْبَيْت فَقَالَت: هَذِه الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهَا تقتلني وَالله لأقتلنها قبل أَن تقتلني فَقَامَ الرجل فزاولها وَأَلْقَاهَا فَقَالَت: وَالله لَا يَقْتُلهَا أحد غَيْرِي فَوضعت أصبعها عَلَيْهَا فشدختها فطار السم حَتَّى وَقع بَين الظفر وَاللَّحم فاسودت رجلهَا فَمَاتَتْ وَأنزل الله على نبيه حِين بعث {أَيْنَمَا تَكُونُوا يدرككم الْمَوْت وَلَو كُنْتُم فِي بروج مشيدة} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَأَن تصبهم حَسَنَة} يَقُول: نعْمَة {وَإِن تصبهم سَيِّئَة} قَالَ: مُصِيبَة {قل كل من عِنْد الله} قَالَ: النعم والمصائب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {وَإِن تصبهم حَسَنَة يَقُولُوا هَذِه من عِنْد الله وَإِن تصبهم سَيِّئَة يَقُولُوا هَذِه من عنْدك} قَالَ: هَذِه فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَفِي قَوْله {مَا أَصَابَك من حَسَنَة فَمن الله وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك} قَالَ: هَذِه فِي الْحَسَنَات والسيئات

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَإِن تصبهم حَسَنَة} الْآيَة قَالَ: إِن هَذِه الْآيَات نزلت فِي شَأْن الْحَرْب {قل كل من عِنْد الله} قَالَ: النَّصْر والهزيمة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قل كل من عِنْد الله} يَقُول: الْحَسَنَة والسيئة من عِنْد الله أما الْحَسَنَة فأنعم بهَا عَلَيْك وَأما السَّيئَة فابتلاك الله بهَا وَفِي قَوْله {مَا أَصَابَك من حَسَنَة فَمن الله} قَالَ: مَا فتح الله عَلَيْهِ يَوْم بدر وَمَا أصَاب من الْغَنِيمَة وَالْفَتْح {وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة} قَالَ: مَا أَصَابَهُ يَوْم أحد أَن شج فِي وَجهه وَكسرت رباعيته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطرف بن عبد الله قَالَ: مَا تُرِيدُونَ من الْقدر مَا يكفيكم الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء {وَإِن تصبهم حَسَنَة} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك} قَالَ: هَذَا يَوْم أحد يَقُول: مَا كَانَت من نكبة فبذنبك وَأَنا قدرت ذَلِك عَلَيْك وَأخرج سعيد ين مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح {وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك} وَأَنا قدرتها عَلَيْك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك} قَالَ: عُقُوبَة بذنبك يَا ابْن آدم قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: لَا يُصِيب رجلا خدش عود وَلَا عَثْرَة قدم وَلَا اخْتِلَاج عرق إِلَّا بذنب وَمَا يعْفُو الله عَنهُ أَكثر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك} قَالَ: بذنبك كَمَا قَالَ لأهل أحد (أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قد أصبْتُم مثليها قُلْتُمْ أَنى هَذَا قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم) (التَّوْبَة الْآيَة 122) بذنوبكم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن مُجَاهِد قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب وَعبد الله بن مَسْعُود مَا أَصَابَك من حَسَنَة فَمن الله وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك وَأَنا كتبتها عَلَيْك

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق مُجَاهِد أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يقْرَأ وَمَا أَصَابَك من سَيِّئَة فَمن نَفسك وَأَنا كتبتها عَلَيْك قَالَ مُجَاهِد: وَكَذَلِكَ فِي قِرَاءَة أبي وَابْن مَسْعُود الْآيَة 80

80

أخرج ابْن الْمُنْذر والخطيب عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نفر من أَصْحَابه فَقَالَ: يَا هَؤُلَاءِ ألستم تعلمُونَ أَنِّي رَسُول الله إِلَيْكُم قَالُوا: بلَى قَالَ: ألستم تعلمُونَ أَن الله أنزل فِي كِتَابه أَنه من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله قَالُوا: بلَى نشْهد أَنه من أطاعك فقد أطَاع الله وَإِن من طَاعَته طَاعَتك قَالَ: فَإِن من طَاعَة الله أَن تطيعوني وَإِن من طَاعَتي أَن تطيعوا أئمتكم وَإِن صلوا قعُودا فصلوا قعُودا أَجْمَعِينَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن الْمُنْذر عَن ربيع بن خُثيم قَالَ: حرف وَأَيّمَا حرف {من يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله} فوض إِلَيْهِ فَلَا يَأْمر إِلَّا بِخَير وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {فَمَا أَرْسَلْنَاك عَلَيْهِم حفيظاً} قَالَ: هَذَا أول مَا بَعثه قَالَ: إِن عَلَيْك إِلَّا الْبَلَاغ ثمَّ جَاءَ بعد هَذَا يَأْمُرهُ بجهادهم والغلظة عَلَيْهِم حَتَّى يسلمُوا الْآيَة 81

81

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَيَقُولُونَ طَاعَة} الْآيَة قَالَ: هم أنَاس كَانُوا يَقُولُونَ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:

آمنا بِاللَّه وَرَسُوله ليأمنوا على دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ {فَإِذا برزوا} من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {بَيت طَائِفَة مِنْهُم} يَقُول: خالفوهم إِلَى غير مَا قَالُوا عَنْك فعابهم الله فَقَالَ {بَيت طَائِفَة مِنْهُم غير الَّذِي تَقول} قَالَ: يغيرون مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَيَقُولُونَ طَاعَة} قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ الَّذين يَقُولُونَ إِذا حَضَرُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَمرهمْ بِأَمْر قَالُوا: طَاعَة فَإِذا خَرجُوا غيرت طَائِفَة مِنْهُم مَا يَقُول النَّبِي {وَالله يكْتب مَا يبيتُونَ} يَقُول: مَا يَقُولُونَ وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بَيت طَائِفَة مِنْهُم غير الَّذِي تَقول} قَالَ: غير أُولَئِكَ مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {بَيت طَائِفَة مِنْهُم غير الَّذِي تَقول} يغيرون مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَالله يكْتب مَا يبيتُونَ} يغيرون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {بَيت طَائِفَة مِنْهُم} قَالَ: هم أهل النِّفَاق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {بَيت طَائِفَة مِنْهُم غير الَّذِي تَقول} قَالَ: يغيرون مَا عهدوا إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عُثْمَان بن عَطاء عَن أَبِيه {وَالله يكْتب مَا يبيتُونَ} قَالَ: يغيرون مَا يَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَة 82

82

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن} قَالَ: يتدبرون النّظر فِيهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} يَقُول: إِن قَول الله لَا يخْتَلف وَهُوَ حق لَيْسَ فِيهِ بَاطِل وَإِن قَول النَّاس يخْتَلف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم قَالَ: سَمِعت ابْن

الْمُنْكَدر يَقُول وَقَرَأَ {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} فَقَالَ: إِنَّمَا يَأْتِي الِاخْتِلَاف من قُلُوب الْعباد فَأَما من جَاءَ من عِنْد الله فَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَاف وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: إِن الْقُرْآن لَا يكذب بعضه بَعْضًا وَلَا ينْقض بعضه بَعْضًا مَا جهل النَّاس من أمره فَإِنَّمَا هُوَ من تَقْصِير عُقُولهمْ وجهالتهم وَقَرَأَ {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} قَالَ: فَحق على الْمُؤمن أَن يَقُول: كل من عِنْد الله يُؤمن بالمتشابه وَلَا يضْرب بعضه بِبَعْض إِذا جهل أمرا وَلم يعرفهُ أَن يَقُول: الَّذِي قَالَ الله حق وَيعرف أَن الله لم يقل قولا وَينْقص يَنْبَغِي أَن يُؤمن بِحَقِيقَة مَا جَاءَ من عِنْد الله الْآيَة 83

83

أخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن عَبَّاس عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لما اعتزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ دخلت الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس ينكتون بالحصا وَيَقُولُونَ: طلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ فَقُمْت على بَاب الْمَسْجِد فناديت بِأَعْلَى صوتي: لم يُطلق نِسَاءَهُ وَنزلت هَذِه الْآيَة فِي {وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم} فَكنت أَنا استنبطت ذَلِك الْأَمر وأحرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ} يَقُول: أفشوه وَسعوا بِهِ {وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم} يَقُول: لعلمه الَّذين يتجسسونه مِنْهُم وَأخرج ابْن جريج وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ} قَالَ: هَذَا فِي الْإِخْبَار إِذا غزت سَرِيَّة من الْمُسلمين خبر النَّاس عَنْهَا فَقَالُوا: أصَاب الْمُسلمين من عدوهم كَذَا

وَكَذَا وَأصَاب الْعَدو من الْمُسلمين كَذَا وَكَذَا فأفشوه بَينهم من غير أَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ يُخْبِرهُمْ بِهِ قَالَ ابْن جريج: قَالَ ابْن عَبَّاس: {أذاعوا بِهِ} أعلنوه وأفشوه {وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول} حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يُخْبِرهُمْ بِهِ {وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم} أولي الْفِقْه فِي الدّين وَالْعقل وَأخرج ابْن جريج وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف} يَقُول: إِذا جَاءَهُم أَمر أَنهم قد أمنُوا من عدوهم أَو أَنهم خائفون مِنْهُ أذاعوا بِالْحَدِيثِ حَتَّى يبلغ عدوهم أَمرهم {وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول} يَقُول: وَلَو سكتوا وردوا الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم} يَقُول: إِلَى أَمِيرهمْ حَتَّى يتَكَلَّم بِهِ {لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم} يَعْنِي عَن الْأَخْبَار وهم الَّذين ينقرون عَن الْأَخْبَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَإِذا جَاءَهُم أَمر} قَالَ: هم أهل النِّفَاق وَأخرج ابْن جرير عَن أبي معَاذ مثله وَأخرج عَن ابْن زيد فِي قَوْله {أذاعوا بِهِ} قَالَ: نشروه قَالَ: وَالَّذين أذاعوا بِهِ قوم إمَّا مُنَافِقُونَ وَإِمَّا آخَرُونَ ضعفاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم} يَقُول: إِلَى عُلَمَائهمْ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الْوُلَاة الَّذين يكونُونَ فِي الْحَرْب عَلَيْهِم يتفكرون فَيَنْظُرُونَ لما جَاءَهُم من الْخَبَر أصدق أم كذب أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم} قَالَ: الَّذين يتبعونه ويتجسسونه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم} قَالَ: الَّذين يسْأَلُون عَنهُ ويتجسسونه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم} قَالَ: قَوْلهم مَاذَا كَانَ وَمَا سَمِعْتُمْ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا هُوَ {لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم} الَّذين يفحصون عَنهُ ويهمهم ذَلِك إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لاتبعتم الشَّيْطَان} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لاتبعتم الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلا} يَقُول: لاتبعتم الشَّيْطَان كلكُمْ وَأما قَوْله {إِلَّا قَلِيلا} فَهُوَ لقَوْله {لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم} إِلَّا قَلِيلا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لاتبعتم الشَّيْطَان} قَالَ: فَانْقَطع الْكَلَام وَقَوله {إِلَّا قَلِيلا} فَهُوَ فِي أوّل الْآيَة يخبر عَن الْمُنَافِقين قَالَ {وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ} إِلَّا قَلِيلا يَعْنِي بِالْقَلِيلِ الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: هَذِه الْآيَة مُقَدّمَة ومؤخرة إِنَّمَا هِيَ {أذاعوا بِهِ إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لم ينج قَلِيل وَلَا كثير} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته لاتبعتم الشَّيْطَان إِلَّا قَلِيلا} قَالَ: هم أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا حدثوا أنفسهم بِأَمْر من أُمُور الشَّيْطَان إِلَّا طائقة مِنْهُم الْآيَة 84

84

أخرج ابْن سعد عَن خَالِد بن معدان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لي فَإلَى الْعَرَب فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لي فَإلَى قُرَيْش فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لي فَإلَى بني هَاشم فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لي فإليّ وحدي وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: قلت للبراء: الرجل يحمل على الْمُشْركين أهوَ مِمَّن ألْقى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة قَالَ: لَا إِن الله بعث رَسُوله وَقَالَ {فقاتل فِي سَبِيل الله لَا تكلّف إِلَّا نَفسك} إِنَّمَا ذَلِك فِي النَّفَقَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فقاتل فِي سَبِيل الله لَا تكلّف إِلَّا نَفسك وحرض الْمُؤمنِينَ}

قَالَ لأَصْحَابه: قد أَمرنِي رَبِّي بِالْقِتَالِ فَقَاتلُوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سِنَان فِي قَوْله {وحرض الْمُؤمنِينَ} قَالَ: عظهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أُسَامَة بن زيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه ذَات يَوْم: أَلا هَل مشمر للجنة فَإِن الْجنَّة لَا خطر لَهَا هِيَ وَرب الْكَعْبَة نور تلألأ وَرَيْحَانَة تهتز وَقصر مشيد ونهر مطرد وَفَاكِهَة كَثِيرَة نضيجة وَزَوْجَة حسناء جميلَة وحلل كَثِيرَة فِي مقَام أبدا فِي خير ونضرة ونعمة فِي دَار عالية سليمَة بهية قَالُوا: يَا رَسُول الله نَحن المشمرون لَهَا قَالَ: قُولُوا: إِن شَاءَ الله ثمَّ ذكر الْجِهَاد وحض عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن ابْن شبْرمَة سمعته يقْرؤهَا {عَسى الله أَن يكف بَأْس الَّذين كفرُوا} قَالَ سُفْيَان: وَهِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود هَكَذَا {عَسى الله أَن يكف بَأْس الَّذين كفرُوا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالله أَشد بَأْسا وَأَشد تنكيلاً} يَقُول: عُقُوبَة الْآيَة 85

85

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة} الْآيَة قالشفاعة بعض النَّاس لبَعض وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة كَانَ لَهُ أجرهَا وَإِن لم يشفع لِأَن الله يَقُول {من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة يكن لَهُ نصيب مِنْهَا} وَلم يقل يشفع وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة كتب لَهُ أجره مَا جرت مَنْفَعَتهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله

{يكن لَهُ نصيب مِنْهَا} قَالَ: حظاً مِنْهَا وَفِي قَوْله {كفل مِنْهَا} قَالَ: الكفل هُوَ الْإِثْم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ وَالربيع فِي قَوْله {كفل مِنْهَا} قَالَا: الْحَظ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: الكفل والنصيب وَاحِد وَقَرَأَ {يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَكَانَ الله على كل شَيْء مقيتاً} قَالَ: حفيظاً وَأخرج أَبُو بكر ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير والطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {مقيتاً} قَالَ: قَادِرًا مقتدراً قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أحيحة بن ألأنصاري: وَذي ضغن كَفَفْت النَّفس عَنهُ وَكنت على مساءته مقيتا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِيسَى بن يُونُس عَن إِسْمَاعِيل عَن رجل عَن عبد الله بن رَوَاحَة أَنه سَأَلَهُ رجل عَن قَول الله {وَكَانَ الله على كل شَيْء مقيتاً} قَالَ: يقيت كل إِنْسَان بِقدر عمله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {مقيتاً} قَالَ: شَهِيدا حسيباً حفيظاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {مقيتاً} قَالَ: قَادِرًا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: المقيت الْقَدِير وَأخرج عَن ابْن زيد مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: المقيت الرَّزَّاق الْآيَتَانِ 86 - 87

86

أخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله فَقَالَ: وَعَلَيْك وَرَحْمَة الله ثمَّ أَتَى آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله وَرَحْمَة الله فَقَالَ: وَعَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ثمَّ جَاءَ آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَقَالَ لَهُ: وَعَلَيْك فَقَالَ لَهُ الرجل: يَا نَبِي الله - بِأبي أَنْت وَأمي - أَتَاك فلَان وَفُلَان فسلما عَلَيْك فَرددت عَلَيْهِمَا أَكثر مِمَّا رددت عَليّ فَقَالَ: إِنَّك لم تدع لنا شَيْئا قَالَ الله {وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا} فرددناها عَلَيْك وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا مر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي مجْلِس فَقَالَ: سَلام عَلَيْكُم فَقَالَ: عشر حَسَنَات فَمر رجل آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله فَقَالَ: عشرُون حَسَنَة فَمر رجل آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَقَالَ: ثَلَاثُونَ حَسَنَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر قَالَ: جَاءَ رجل فَسلم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عشر فجَاء آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عشرُون فجَاء آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَقَالَ: ثَلَاثُونَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن حنيف قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم كتب الله لَهُ عشر حَسَنَات فَإِن قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله كتب الله لَهُ عشْرين حَسَنَة فَإِن قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته كتب لَهُ ثَلَاثِينَ حَسَنَة وَأخرج أَحْمد والدرامي وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم فَرد عَلَيْهِ وَقَالَ: عشر ثمَّ جَاءَ آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله فَرد عَلَيْهِ ثمَّ جلس فَقَالَ: عشرُون ثمَّ جَاءَ آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَرد عَلَيْهِ ثمَّ جلس فَقَالَ: ثَلَاثُونَ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْنَاهُ زَاد ثمَّ أَتَى آخر فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَرَحمته وَبَرَكَاته ومغفرته فَقَالَ: أَرْبَعُونَ قَالَ: هَكَذَا تكون الْفَضَائِل وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا} يَقُول: إِذا سلم عَلَيْك أحد فَقل أَنْت: وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله أَو تقطع إِلَى السَّلَام عَلَيْك كَمَا قَالَ لَك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي قَوْله {وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا} قَالَ: ذَلِك كُله فِي أهل الْإِسْلَام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر أَنه كَانَ إِذا سلم عَلَيْهِ إِنْسَان رد كَمَا يسلم عَلَيْهِ يَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم فَيَقُول عبد الله: السَّلَام عَلَيْكُم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ أَيْضا عَن عُرْوَة بن الزبير أَن رجلا سلم عَلَيْهِ فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَقَالَ عُرْوَة مَا ترك لنا فضل إِن السَّلَام انْتهى إِلَى وَبَرَكَاته وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن سَالم مولى عبد الله بن عمر قَالَ: كَانَ ابْن عمر إِذا سلم عَلَيْهِ فَرد زَاد فاتيته فَقلت: السَّلَام عَلَيْكُم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله ثمَّ أَتَيْته مرّة أُخْرَى فَقلت: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ثمَّ أَتَيْته مرّة أُخْرَى فَقلت: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وَطيب صلواته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْمُبَارك بن فضَالة عَن الْحسن فِي قَوْله {فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا} قَالَ: تَقول إِذا سلم عَلَيْك أَخُوك الْمُسلم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك فَقل: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله {أَو ردوهَا} يَقُول: إِن لم تقل لَهُ السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله فَرد عَلَيْهِ كَمَا قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم كَمَا سلم وَلَا تقل وَعَلَيْك وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق يُونُس بن عبيد عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ {بِأَحْسَن مِنْهَا} للْمُسلمين {أَو ردوهَا} على أهل الْكتاب قَالَ: وَقَالَ الْحسن: كل ذَلِك للْمُسلمِ وأخرح ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من سلم عَلَيْك من خلق الله فاردد عَلَيْهِ وَإِن كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا أَو مجوسياً ذَلِك بِأَن الله يَقُول {وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا} وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو أَن فِرْعَوْن قَالَ لي: بَارك الله فِيك لَقلت: وفيك بَارك الله

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: السَّلَام تطوّع وَالرَّدّ فَرِيضَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله وَضعه الله فِي الأَرْض: فافشوه بَيْنكُم وَإِذا مر رجل بالقوم فَسلم عَلَيْهِم فَردُّوا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم فضل دَرَجَة لِأَنَّهُ ذكرهم السَّلَام وَإِن لم يردوا عَلَيْهِ رد عَلَيْهِ من هُوَ خير مِنْهُم وَأفضل وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله وَضعه الله فِي الأَرْض فافشوا السَّلَام بَيْنكُم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى وَضعه الله فِي الأَرْض فافشوه بَيْنكُم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله فَإِذا أَنْت أكثرت مِنْهُ أكثرت من ذكر الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله جعله بَين خلقه فَإِذا سلم الْمُسلم على الْمُسلم قفد حرم عَلَيْهِ أَن يذكرهُ الا بِخَير وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفشوا السَّلَام بَيْنكُم فَإِنَّهَا تَحِيَّة أهل الْجنَّة فَإِذا مر رجل على مَلأ فَسلم عَلَيْهِم كَانَ لَهُ عَلَيْهِم دَرَجَة وَإِن ردوا عَلَيْهِ فَإِن لم يردوا عَلَيْهِ رد عَلَيْهِ من هُوَ خير مِنْهُم الْمَلَائِكَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: السَّلَام أَمَان الله فِي الأَرْض وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من بدا بِالسَّلَامِ فَهُوَ أولى بِاللَّه وَرَسُوله وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا حسدتكم الْيَهُود على شَيْء مَا حسدتكم على السَّلَام والتأمين وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه قَالَ: إِن الْيَهُود قوم حسد وَإِنَّهُم لن يحسدوا أهل الْإِسْلَام على أفضل من السَّلَام أَعْطَانَا الله فِي الدِّينَا وَهُوَ تَحِيَّة أهل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة وَقَوْلنَا وَرَاء الإِمَام آمين

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحَارِث بن شُرَيْح أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْمُسلم أَخُو الْمُسلم إِذا لقِيه رد عَلَيْهِ من السَّلَام بِمثل مَا حَيَّاهُ بِهِ أَو أحسن من ذَلِك وَإِذا استأمره نصح لَهُ وَإِذا استنصره على الْأَعْدَاء نَصره وَإِذا استنعته قصد السَّبِيل يسره ونعت لَهُ وَإِذا استغاره أحد على الْعَدو أغاره وَإِذا استعاره الْحَد على الْمُسلم لم يعره وَإِذا استعاره الْجنَّة أَعَارَهُ لَا يمنعهُ الماعون قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا الماعون قَالَ: الماعون فِي الْحجر وَالْمَاء وَالْحَدِيد قَالُوا: وَأي الْحَدِيد قَالَ: قدر النّحاس وحديد الفأس الَّذِي تمتهنون بِهِ قَالُوا: فَمَا هَذَا الْحجر قَالَ: الْقدر من الْحِجَارَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا التقى المؤمنان فَسلم كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه وتصافحا كَانَ أحبهما إِلَى الله أحسنهما بشرا لصَاحبه وَنزلت بَينهمَا مائَة رَحْمَة للبادي تسعون وللمصافح عشر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن من الصَّدَقَة أَن تسلم على النَّاس وَأَنت منطلق الْوَجْه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله جعل السَّلَام تَحِيَّة لِأُمَّتِنَا وأماناً لأهل ذمتنا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يسلم الرَّاكِب على الْمَاشِي والماشي على الْقَاعِد والقليل على الْكثير وَالصَّغِير على الْكَبِير وَإِذا مر بالقوم فَسلم مِنْهُم وَاحِدًا أَجْزَأَ عَنْهُم وَإِذا رد من الآخرين وَاحِد أَجْزَأَ عَنْهُم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: مر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل وَعَلِيهِ ثَوْبَان أَحْمَرَانِ فَسلم عَلَيْهِ فَلم يرد عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن أبي هِلَال اللَّيْثِيّ قَالَ: سَلام الرجل يَجْزِي عَن الْقَوْم ورد السَّلَام يَجْزِي عَن الْقَوْم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنِّي لأرى جَوَاب الْكتاب حَقًا كَمَا أرى حق السَّلَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي قَوْله {وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا} قَالَ: ترَوْنَ هَذَا فِي السَّلَام وَحده هَذَا فِي كل شَيْء من أحسن إِلَيْك فَأحْسن إِلَيْهِ وكافئه فَإِن لم تَجِد فَادع لَهُ أَو أثن عَلَيْهِ عِنْد إخوانه وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {إِن الله كَانَ على كل شَيْء} يَعْنِي من التَّحِيَّة وَغَيرهَا {حسيباً} يَعْنِي شَهِيدا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {حسيباً} قَالَ: حفيظا الْآيَتَانِ 88 - 89

88

أخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن زيد بن ثَابت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج إِلَى أحد فَرجع نَاس خَرجُوا مَعَه فَكَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم فرْقَتَيْن: فرقة تَقول: نقتلهم وَفرْقَة تَقول: لَا فَأنْزل الله {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} الْآيَة كلهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهَا طيبَة وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخبث كَمَا تَنْفِي النَّار خبث الْفضة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن زيد بن أسلم عَن ابْن سعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِينَا {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين وَالله أركسهم بِمَا كسبوا} خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس فَقَالَ: من لي بِمن يُؤْذِينِي وَيجمع لي فِي بَيته من يُؤْذِينِي فَقَامَ سعد بن معَاذ فَقَالَ: إِن كَانَ منا يَا رَسُول الله قَتَلْنَاهُ وَإِن كَانَ من إِخْوَاننَا الْخَزْرَج أمرتنا فاطعناك فَقَامَ سعد بن عبَادَة فَقَالَ: مَا بك يَا ابْن معَاذ طَاعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن عرفت مَا هُوَ مِنْك فَقَامَ أسيد بن حضير فَقَالَ: إِنَّك يَا ابْن عبَادَة مُنَافِق تحب الْمُنَافِقين فَقَامَ مُحَمَّد بن مسلمة فَقَالَ: استكوا أَيهَا النَّاس فَإِن فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَأْمُرنَا فننفذ لأَمره فَأنْزل الله {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن قوما كَانُوا بِمَكَّة قد تكلمُوا بِالْإِسْلَامِ وَكَانُوا يظاهرون الْمُشْركين فَخَرجُوا من مَكَّة يطْلبُونَ

حَاجَة لَهُم فَقَالُوا: إِن لَقينَا أَصْحَاب مُحَمَّد فَلَيْسَ علينا فيهم بَأْس وَإِن الْمُؤمنِينَ لما أخبروا أَنهم قد خَرجُوا من مَكَّة قَالَت فِئَة من الْمُؤمنِينَ: اركبوا إِلَى الخبثاء فاقتلوهم فَإِنَّهُم يظاهرون عَلَيْكُم عَدوكُمْ وَقَالَت فِئَة أُخْرَى من المؤمينن: سُبْحَانَ الله تقتلون قوما قد تكلمُوا بِمثل مَا تكلمتم بِهِ من أجل أَنهم لم يهاجروا ويتركوا دِيَارهمْ تستحل دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ فَكَانُوا كَذَلِك فئتين وَالرَّسُول عِنْدهم لَا ينْهَى وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ عَن شَيْء فَنزلت {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} إِلَى قَوْله {حَتَّى يهاجروا فِي سَبِيل الله} يَقُول: حَتَّى يصنعوا كَمَا صَنَعْتُم {فَإِن توَلّوا} قَالَ: عَن الْهِجْرَة وَأخرج أَحْمد بِسَنَد فِيهِ انْقِطَاع عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن قوما من الْعَرَب أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ فأسلموا وأصابهم وباء الْمَدِينَة حماها فاركسوا خَرجُوا من الْمَدِينَة فَاسْتَقْبَلَهُمْ نفر من الصَّحَابَة فَقَالُوا لَهُم: مَا لكم رجعتم قَالُوا: أَصَابَنَا وباء الْمَدِينَة فَقَالُوا: مَا لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة فَقَالَ بَعضهم: نافقوا وَقَالَ بَعضهم: لم ينافقوا إِنَّهُم مُسلمُونَ فَأنْزل الله {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن أبي سَلمَة عَن عبد الرَّحْمَن أَن نَفرا من طوائف الْعَرَب هَاجرُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَكَثُوا مَعَه مَا شَاءَ الله أَن يمكثوا ثمَّ ارتكسوا فَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ فَلَقوا سَرِيَّة من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعرفوهم فَسَأَلُوهُمْ: مَا ردكم فَاعْتَلُّوا لَهُم فَقَالَ بعض الْقَوْم لَهُم: نافقتم فَلم يزل بعض ذَلِك حَتَّى فَشَا فيهم القَوْل فَنزلت هَذِه الْآيَة {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} قَالَ: قوم خَرجُوا من مَكَّة حَتَّى جاؤوا الْمَدِينَة يَزْعمُونَ أَنهم مهاجرون ثمَّ ارْتَدُّوا بعد ذَلِك فَاسْتَأْذنُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَكَّة ليأتوا بِبَضَائِع لَهُم يتجرون فِيهَا فَاخْتلف فيهم الْمُؤْمِنُونَ فَقَائِل يَقُول: هم مُنَافِقُونَ وَقَائِل يَقُول: هم مُؤمنُونَ فَبين الله نفاقهم فَأمر بِقَتْلِهِم فَجَاءُوا ببضائعهم يُرِيدُونَ هِلَال بن عُوَيْمِر الْأَسْلَمِيّ وَبَينه وَبَين مُحَمَّد عَلَيْهِ السَّلَام حلف وَهُوَ الَّذِي حصر صَدره أَن يُقَاتل الْمُؤمنِينَ أَو يُقَاتل قومه فَدفع عَنْهُم بِأَنَّهُم يؤمُّونَ هلالا وَبَينه وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين}

قَالَ: ذكر لنا أَنَّهُمَا كَانَا رجلَيْنِ من قُرَيْش كَانَا مَعَ الْمُشْركين بِمَكَّة وَكَانَا قد تكلما بِالْإِسْلَامِ وَلم يهاجرا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلقيهما نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهما مقبلان إِلَى مَكَّة فَقَالَ بَعضهم: إِن دماءهما وأموالهما حَلَال وَقَالَ بَعضهم: لَا يحل ذَلِك لكم فتشاجروا فيهمَا فَانْزِل الله {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} حَتَّى بلغ {وَلَو شَاءَ الله لسلطهم عَلَيْكُم فلقاتلوكم} وَأخرج ابْن جرير عَن معمر بن رَاشد قَالَ: بَلغنِي أَن نَاسا من أهل مَكَّة كتبُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم قد أَسْلمُوا أَو كَانَ ذَلِك مِنْهُم كذبا فلقوهم فَاخْتلف فيهم الْمُسلمُونَ فَقَالَت طَائِفَة: دِمَاءَهُمْ حَلَال وَطَائِفَة قَالَت: دِمَاءَهُمْ حرَام فَأنْزل اله {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: هم نَاس تخلفوا عَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَقَامُوا بِمَكَّة وأعلنوا الْإِيمَان وَلم يهاجروا فَاخْتلف فيهم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتولاهم نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتبرأ من ولايتهم آخَرُونَ وَقَالُوا: تخلفوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يهاجروا فسماهم الله منافقين وبرأ الْمُؤمنِينَ من ولايتهم وَأمرهمْ أَن لَا يتولوهم حَتَّى يهاجروا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: كَانَ نَاس من الْمُنَافِقين أَرَادوا أَن يخرجُوا من الْمَدِينَة فَقَالُوا للْمُؤْمِنين: إِنَّا قد أَصَابَنَا أوجاع فِي الْمَدِينَة واتخمناها فَلَعَلَّنَا أَن نخرج إِلَى الظّهْر حَتَّى نتماثل ثمَّ نرْجِع فَإنَّا كُنَّا أَصْحَاب بَريَّة فَانْطَلقُوا وَاخْتلف فيهم أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت طَائِفَة: أَعدَاء الله مُنَافِقُونَ وَدِدْنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن لنا فقاتلناهم وَقَالَت طَائِفَة: لَا بل إِخْوَاننَا تخمتهم الْمَدِينَة فاتخموها فَخَرجُوا إِلَى الظّهْر يتنزهون فَإِذا برئوا رجعُوا فَأنْزل الله فِي ذَلِك {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: أَخذ نَاس من الْمُسلمين أَمْوَالًا من الْمُشْركين فَانْطَلقُوا بهَا تجارًا إِلَى الْيَمَامَة فَاخْتلف الْمُسلمُونَ فيهم فَقَالَت طَائِفَة: لَو لَقِينَاهُمْ قتلناهم وأخذنا مَا فِي أَيْديهم وَقَالَ بَعضهم: لَا يصلح لكم ذَلِك إخْوَانكُمْ انْطَلقُوا تجارًا فَنزلت هَذِه الْآيَة {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن وهب عَن ابْن زيد فِي قَوْله {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين}

قَالَ: هَذَا فِي شَأْن ابْن أبي حِين تكلم فِي عَائِشَة مَا تكلم فَنزلت إِلَى قَوْله {فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُم أَوْلِيَاء حَتَّى يهاجروا فِي سَبِيل الله} فَقَالَ سعد بن معَاذ: فَإِنِّي أَبْرَأ إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله مِنْهُ يُرِيد عبد الله بن أُبي بن سلول وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب النَّاس فَقَالَ: كَيفَ ترَوْنَ فِي الرجل يخاذل بَين أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويسيء القَوْل لأهل رَسُول الله وَقد برأها الله ثمَّ قَرَأَ مَا أنزل الله فِي بَرَاءَة عَائِشَة فَنزل الْقُرْآن فِي ذَلِك {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} الْآيَة فَلم يكن بعد هَذِه الْآيَة ينْطق وَلَا يتَكَلَّم فِيهِ أحد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {وَالله أركسهم} يَقُول: أوقعهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس {أركسهم} قَالَ: ردهم وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَول {أركسهم} قَالَ: حَبسهم فِي جَهَنَّم بِمَا عمِلُوا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أُميَّة بن الصَّلْت فِي شعره: أركسوا فِي جَهَنَّم أَنهم كَانُوا عتاة يَقُولُوا مينا وكذبا وزورا [الْبَيْت مكسور وَفِيه خطأ] وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {أركسهم بِمَا كسبوا} قَالَ: أهلكهم بِمَا عمِلُوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {أركسهم} قَالَ: أضلهم الْآيَة 90

90

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن الْحسن أَن سراقَة بن مَالك المدلجي حَدثهمْ قَالَ: لما ظهر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ أهل بدر وَأحد وَأسلم من حَولهمْ قَالَ سراقَة: بَلغنِي أَنه يُرِيد أَن يبْعَث خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى قومِي بني مُدْلِج فَأَتَيْته فَقلت: أنْشدك النِّعْمَة فَقَالُوا: مَه فَقَالَ: دَعوه مَا تُرِيدُ قلت: بَلغنِي أَنَّك تُرِيدُ أَن تبْعَث إِلَى قومِي وَأَنا أُرِيد أَن توادعهم فَإِن أسلم قَوْمك أَسْلمُوا ودخلوا فِي الْإِسْلَام وَإِن لم يسلمُوا لم تخشن لقلوب قَوْمك عَلَيْهِم فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيد خَالِد فَقَالَ: اذْهَبْ مَعَه فافعل مَا يُرِيد فَصَالحهُمْ خَالِد على أَن لَا يعينوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن أسلمت قُرَيْش أَسْلمُوا مَعَهم وَمن وصل إِلَيْهِم من النَّاس كَانُوا على مثل عَهدهم فَأنْزل الله {ودوا لَو تكفرون} حَتَّى بلغ {إِلَّا الَّذين يصلونَ إِلَى قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} فَكَانَ من وصل إِلَيْهِم كَانُوا مَعَهم على عَهدهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين يصلونَ إِلَى قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} يَقُول: إِذا أظهرُوا كفرهم فاقتلوهم حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ فَإِن أحد مِنْهُم دخل فِي قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فاجروا عَلَيْهِ مثل مَا تجرون على أهل الذِّمَّة وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين يصلونَ إِلَى قوم} الْآيَة قَالَ: نسختها بَرَاءَة (فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة 5) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {حصرت صُدُورهمْ} قَالَ: عَن هَؤُلَاءِ وَعَن هَؤُلَاءِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {أَو جاؤوكم} يَقُول: رجعُوا فَدَخَلُوا فِيكُم {حصرت صُدُورهمْ} يَقُول: ضَاقَتْ صُدُورهمْ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَنه قَرَأَ {حصرت صُدُورهمْ} أَي كارهة صُدُورهمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع {وألقوا إِلَيْكُم السّلم} قَالَ: الصُّلْح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس عَن قَتَادَة فِي

قَوْله {فَإِن اعتزلوكم} الْآيَة قَالَ: نسختها (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة 5) وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن وَعِكْرِمَة فِي هَذِه الْآيَة قَالَا: نسخهَا فِي بَرَاءَة الْآيَة 91

91

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {سَتَجِدُونَ آخَرين} الْآيَة قَالَ: نَاس من أهل مَكَّة كَانُوا يأْتونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيسلمون رِيَاء ثمَّ يرجعُونَ إِلَى قُرَيْش فيرتكسون فِي الْأَوْثَان يَبْتَغُونَ بذلك أَن يأمنوا هَهُنَا وَهَهُنَا فَأمر بقتالهم إِن لم يعتزلوا ويصالحوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {سَتَجِدُونَ آخَرين يُرِيدُونَ أَن يأمنوكم ويأمنوا قَومهمْ كل مَا ردوا إِلَى الْفِتْنَة أركسوا فِيهَا} يَقُول: كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا من فتْنَة أركسوا فِيهَا وَذَلِكَ أَن الرجل كَانَ يُوجد قد تكلم بِالْإِسْلَامِ فيتقرب إِلَى الْعود وَالْحجر وَإِلَى الْعَقْرَب والخنفساء فَيَقُول الْمُشْركُونَ لذَلِك الْمُتَكَلّم بِالْإِسْلَامِ: قل هَذَا رَبِّي للخنفساء وَالْعَقْرَب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {سَتَجِدُونَ آخَرين} الْآيَة قَالَ: حَيّ كَانُوا بتهامة قَالُوا: يَا نَبِي الله لَا نقاتلك وَلَا نُقَاتِل قَومنَا وَأَرَادُوا أَن يأمنوا نَبِي الله ويأمنوا قَومهمْ فَأبى الله ذَلِك عَلَيْهِم فَقَالَ {كل مَا ردوا إِلَى الْفِتْنَة أركسوا فِيهَا} يَقُول: كلما عرض لَهُم بلَاء هَلَكُوا فِيهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: ثمَّ ذكر نعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ وَكَانَ يَأْمَن فِي الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين بِنَقْل الحَدِيث بَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَالْمُشْرِكين فَقَالَ {سَتَجِدُونَ آخَرين يُرِيدُونَ أَن يأمنوكم ويأمنوا قَومهمْ كل مَا ردوا إِلَى الْفِتْنَة} يَقُول: إِلَى الشّرك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {كل مَا ردوا إِلَى الْفِتْنَة أركسوا فِيهَا} قَالَ: كلما ابتلوا بهَا عموا فِيهَا الْآيَة 92

92

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} يَقُول: مَا كَانَ لَهُ ذَلِك فِيمَا آتَاهُ من ربه من عهد الله الَّذِي عهد إِلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} قَالَ: الْمُؤمن لَا يقتل مُؤمنا وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ الْحَرْث بن يزِيد بن نُبَيْشَة من بني عَامر بن لؤَي يعذب عَيَّاش بن أبي ربيعَة مَعَ أبي جهل ثمَّ خرج مُهَاجرا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقِيَهُ عَيَّاش بِالْحرَّةِ فعلاه بِالسَّيْفِ وَهُوَ يحْسب أَنه كَافِر ثمَّ جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَنزلت {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} الْآيَة فقرأها عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ لَهُ قُم فحرر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} قَالَ: عَيَّاش بن أبي ربيعَة: قتل رجلا

مُؤمنا كَانَ يعذبه هُوَ وَأَبُو جهل وَهُوَ أَخُوهُ لأمه فِي اتِّبَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَيَّاش يحْسب أَن ذَلِك الرجل كَافِر كَمَا هُوَ وَكَانَ عَيَّاش هَاجر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُؤمنا فَجَاءَهُ أَبُو جهل وَهُوَ أَخُوهُ لأمه فَقَالَ: إِن أمك تناشدك رَحمهَا وحقها أَن ترجع إِلَيْهَا - وَهِي أُمَيْمَة بنت مخرمَة - فاقبل مَعَه فربطه أَبُو جهل حَتَّى قدم بِهِ مَكَّة فَلَمَّا رَآهُ الْكفَّار زادهم كفرا وافتتاناً فَقَالُوا: إِن أَبَا جهل ليقدر من مُحَمَّد على مَا يَشَاء وَيَأْخُذ أَصْحَابه فيربطهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي كَانَ قد أسلم وَهَاجَر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ عَيَّاش أَخا أبي جهل والْحَارث بن هِشَام لِأُمِّهِمَا وَكَانَ أحب وَلَدهَا إِلَيْهَا فَلَمَّا لحق بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شقّ ذَلِك عَلَيْهَا فَحَلَفت أَن لَا يُظِلّهَا سقف بَيت حَتَّى ترَاهُ فَأقبل أَبُو جهل والْحَارث حَتَّى قدما الْمَدِينَة فأخبرا عياشا بِمَا لقِيت أمه وسألاه أَن يرجع مَعَهُمَا فتنظر إِلَيْهِ وَلَا يمنعاه أَن يرجع وأعطياه موثقًا أَن يخليا سَبيله بعد أَن ترَاهُ أمه فَانْطَلق مَعَهُمَا حَتَّى إِذا خرجا من الْمَدِينَة عمدا إِلَيْهِ فشداه وثاقاً وجلداه نَحْو من مائَة جلدَة وأعانهما على ذَلِك رجل من بني كنَانَة فَحلف عَيَّاش ليقْتلن الْكِنَانِي إِن قدر عَلَيْهِ فَقدما بِهِ مَكَّة فَلم يزل مَحْبُوسًا حَتَّى فتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة فَخرج عَيَّاش فلقي الْكِنَانِي وَقد أسلم وَعَيَّاش لَا يعلم بِإِسْلَام الْكِنَانِي فَضَربهُ عَيَّاش حَتَّى قَتله فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} يَقُول: وَهُوَ لَا يعلم أَنه مُؤمن {وَمن قتل مُؤمنا خطأ فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية مسلمة إِلَى أَهله إِلَّا أَن يصدقُوا} فَيتْركُوا الدِّيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: إِن عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي كَانَ حلف على الْحَارِث بن يزِيد مولى بني عَامر بن لؤَي لَيَقْتُلَنهُ وَكَانَ الْحَارِث يَوْمئِذٍ مُشْركًا وَأسلم الْحَارِث وَلم يعلم بِهِ عَيَّاش فَلَقِيَهُ بِالْمَدِينَةِ فَقتله وَكَانَ قَتله ذَلِك خطأ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه أَن الْحَارِث بن زيد كَانَ شَدِيدا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء وَهُوَ يُرِيد الْإِسْلَام وَعَيَّاش لَا يشْعر فَلَقِيَهُ عَيَّاش بن أبي ربيعَة فَحمل عَلَيْهِ فَقتله فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ}

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رجل قَتله أَبُو الدرادء كَانُوا فِي سَرِيَّة فَعدل أَبُو الدَّرْدَاء إِلَى شعب يُرِيد حَاجَة لَهُ فَوجدَ رجلا من الْقَوْم فِي غنم لَهُ فَحمل عَلَيْهِ السَّيْف فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فَضَربهُ ثمَّ جَاءَ بغنمه إِلَى الْقَوْم ثمَّ وجد فِي نَفسه شَيْئا فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِلَّا شققت عَن قلبه فَقَالَ: مَا عَسَيْت أجد هَل هُوَ يَا رَسُول الله إِلَّا دم أَو مَاء فَقَالَ: فقد أخْبرك بِلِسَانِهِ فَلم تصدقه قَالَ: كَيفَ بِي يَا رَسُول الله قَالَ: فَكيف بِلَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ: فَكيف بِي يَا رَسُول الله قَالَ: فَكيف بِلَا إِلَه إِلَّا الله حَتَّى تمنيت أَن يكون ذَلِك مُبْتَدأ إسلامي قَالَ: وَنزل الْقُرْآن {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} حَتَّى بلغ {إِلَّا أَن يصدقُوا} قَالَ: إِلَّا أَن يضعوها وَأخرج الرَّوْيَانِيّ وَابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الْمعرفَة عَن بكر بن حَارِثَة الْجُهَنِيّ قَالَ: كنت فِي سَرِيَّة بعثها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاقتتلنا نَحن وَالْمُشْرِكُونَ وحملت على رجل من الْمُشْركين فتعوذ مني بِالْإِسْلَامِ فَقتلته فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَغَضب وأقصاني فاوحى الله إِلَيْهِ {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} الْآيَة فَرضِي عني وأدناني وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} قَالَ: يَعْنِي بالمؤمنة من قد عقل الْإِيمَان وَصَامَ وَصلى وكل رَقَبَة فِي الْقُرْآن لم تسم مُؤمنَة فَإِنَّهُ يجوز الْمَوْلُود فَمَا فَوْقه مِمَّن لَيْسَ بِهِ زمانة وَفِي قَوْله {ودية مسلمة إِلَى أَهله إِلَّا أَن يصدقُوا} قَالَ: عَلَيْهِ الدِّيَة مسلمة إِلَّا أَن يتَصَدَّق بهَا عَلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: فِي حرف أبي {فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} لَا يجْرِي فِيهَا صبي وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَارِيَة سَوْدَاء فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن عليَّ عتق رَقَبَة مُؤمنَة فَقَالَ لَهَا: أَيْن الله فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاء بأصبعها فَقَالَ لَهَا: من أَنا فَأَشَارَتْ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِلَى السَّمَاء أَي أَنْت رَسُول الله فَقَالَ: اعتقها فَإِنَّهَا مُؤمنَة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل فَقَالَ: إِن

عَليّ رَقَبَة مُؤمنَة وَعِنْدِي أمة سَوْدَاء فَقَالَ: ائْتِنِي بهَا فَقَالَ: أتشهدين أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله قَالَت: نعم قَالَ: اعتقها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد عَن رجل من الْأَنْصَار أَنه جَاءَ بِأمة لَهُ سَوْدَاء فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن عَليّ رَقَبَة مُؤمنَة فَإِن كنت ترى هَذِه مُؤمنَة اعتقها فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتشهدين أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَت: نعم قَالَ: أتشهدين أَنِّي رَسُول الله قَالَت: نعم قَالَ: تؤمنين بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت قَالَت: نعم قَالَ: اعتقها فَإِنَّهَا مُؤمنَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُعَاوِيَة بت الحكم الْأَسْلَمِيّ أَنه لطم جَارِيَة لَهُ فَأخْبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعظم ذَلِك قَالَ: فَقلت: يَا رَسُول الله أَفلا اعتقها قَالَ: بلَى ائْتِنِي بهَا قَالَ: فَجئْت بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهَا: أَيْن الله قَالَت: فِي السَّمَاء قَالَ: فَمن أَنا قَالَت: أَنْت رَسُول الله قَالَ: إِنَّهَا مُؤمنَة فاعتقها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله {ودية مسلمة} قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرضهَا مائَة من الْإِبِل وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِيَة الْخَطَأ عشْرين بنت مَخَاض وَعشْرين بني مَخَاض ذُكُورا وَعشْرين بنت لبون وَعشْرين جَذَعَة وَعشْرين حقة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل الدِّيَة اثْنَي عشر ألفا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى أهل الْيمن بِكِتَاب فِيهِ الْفَرَائِض وَالسّنَن والديات وَبعث بِهِ مَعَ عَمْرو بن حزم وَفِيه وعَلى أهل الذَّهَب ألف دِينَار يَعْنِي فِي الدِّيَة وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِي الدِّيَة على أهل الْإِبِل مائَة من الْإِبِل وعَلى أهل الْبَقر مِائَتي بقرة وعَلى أهل الشَّاة ألفي شَاة وعَلى أهل الْحلَل مِائَتي حلَّة وعَلى أهل الْقَمْح شَيْئا لم يحفظه مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ودية مسلمة} قَالَ: موفرة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {مسلمة إِلَى أَهله} قَالَ: الْمسلمَة التَّامَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ {مسلمة إِلَى أَهله} قَالَ: تدفع {إِلَّا أَن يصدقُوا} إِلَّا أَن يدعوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {مسلمة إِلَى أَهله} أَي إِلَى أهل الْقَتِيل {إِلَّا أَن يصدقُوا} إِلَّا أَن يصدق أهل الْقَتِيل فيعفوا ويتجاوزوا عَن الدِّيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {ودية مسلمة} يَعْنِي يُسَلِّمهَا عَاقِلَة الْقَاتِل إِلَى أَهله إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول {إِلَّا أَن يصدقُوا} يَعْنِي إِلَّا أَن يصدق أَوْلِيَاء الْمَقْتُول بِالدِّيَةِ على الْقَاتِل فَهُوَ خير لَهُم فَأَما عتق رَقَبَة فانه وَاجِب على الْقَاتِل فِي مَاله وَأخرج ابْن جرير عَن بكر بن الشرود قَالَ: فِي حرف أبي إِلَّا أَن يتصدقوا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله {ودية مسلمة إِلَى أَهله} قَالَ: هَذَا الْمُسلم الَّذِي ورثته مُسلمُونَ {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن} قَالَ: هَذَا الرجل الْمُسلم وَقَومه مشركون وَبينهمْ وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عقد فَيقْتل فَيكون مِيرَاثه للْمُسلمين وَتَكون دِيَته لقومهم لأَنهم يعْقلُونَ عَنهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن} يَقُول: فَإِن كَانَ فِي أهل الْحَرْب وَهُوَ مُؤمن فَقتله خطأ فعلى قَاتله أَن يكفر بتحرير رَقَبَة مُؤمنَة أَو صِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين وَلَا دِيَة عَلَيْهِ وَفِي قَوْله {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} يَقُول: إِذا كَانَ كَافِرًا فِي ذمتكم فَقتل فعلى قَاتله الدِّيَة مسلمة إِلَى أَهله وتحرير رَقَبَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن} قَالَ: هُوَ الْمُؤمن يكون فِي الْعَدو من الْمُشْركين يسمعُونَ بالسرية من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيفرون وَيثبت الْمُؤمن فَيقْتل فَفِيهِ تَحْرِير رَقَبَة وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن}

قَالَ: يكون الرجل مُؤمنا وَقَومه كفار فَلَا دِيَة لَهُ وَلَكِن تَحْرِير رَقَبَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء بن السَّائِب عَن أبي عِيَاض قَالَ: كَانَ الرجل يَجِيء فَيسلم ثمَّ يَأْتِي قومه وهم مشركون فيقيم فيهم فتغزوهم جيوش النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيقْتل الرجل فِيمَن يقتل فأنزلت هَذِه الْآيَة {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} وَلَيْسَت لَهُ دِيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَطاء بن السَّائِب عَن أبي يحيى عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن} قَالَ: كَانَ الرجل يَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيسلم ثمَّ يرجع إِلَى قومه فَيكون فيهم وهم مشركون فَيُصِيبهُ الْمُسلمُونَ خطأ فِي سَرِيَّة أَو غَارة فَيعتق الَّذِي يُصِيبهُ رَقَبَة وَفِي قَوْله {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} قَالَ: كَانَ الرجل يكون معاهداً وَقَومه أهل عهد فَيسلم إِلَيْهِم دِيَته وَيعتق الَّذِي أَصَابَهُ رَقَبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن} قَالَ: نزلت فِي مرداس بن عَمْرو وَكَانَ أسلم وَقَومه كفار من أهل الْحَرْب فَقتله أُسَامَة بن زيد خطأ {فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} وَلَا دِيَة لَهُم لأَنهم أهل الْحَرْب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن جرير بن عبد الله البَجلِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أَقَامَ مَعَ الْمُشْركين فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} قَالَ: من أهل الْعَهْد وَلَيْسَ بِمُؤْمِن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن زيد {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} قَالَ: وَهُوَ مُؤمن وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} قَالَ: هُوَ كَافِر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} قَالَ: عهد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب {وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فديَة مسلمة إِلَى أَهله} قَالَ: بلغنَا أَن دِيَة الْمعَاهد كَانَت كدية الْمُسلم ثمَّ نقصت بعد فِي آخر الزَّمَان فَجعلت مثل نصف دِيَة الْمُسلم وَأَن الله أَمر بِتَسْلِيم دِيَة الْمعَاهد إِلَى أَهله وَجعل مَعهَا تَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: كَانَت قيمَة الدِّيَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَمَانمِائَة دِينَار أَو ثَمَانِيَة آلَاف دِرْهَم ودية أهل الْكتاب يَوْمئِذٍ النّصْف من دِيَة الْمُسلمين وَكَانَ ذَلِك كَذَلِك حَتَّى اسْتخْلف عمر فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: إِن الْإِبِل قد غلت ففرضها عمر على أهل الذَّهَب ألف دِينَار وعَلى أهل الْوَرق اثْنَي عشر ألفا وعَلى أهل الْبَقر مِائَتي بقرة وعَلى أهل الشَّاة ألفي شَاة وعَلى أهل الْحلَل مِائَتي حلَّة وَترك دِيَة أهل الذِّمَّة لم يرفعها فِيمَا رفع من الدِّيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي بكرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ريح الْجنَّة يُوجد من مسيرَة مائَة عَام وَمَا من عبد يقتل نفسا معاهدة إِلَّا حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة ورائحتها أَن يجدهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قتل قَتِيلا من أهل الذِّمَّة لم يجد ريح الْجنَّة وَإِن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة أَرْبَعِينَ عَاما وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِلَّا من قتل معاهداً لَهُ ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد خفر ذمَّة الله وَلَا يرح ريح الْجنَّة وَإِن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة سبعين خَرِيفًا وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: دِيَة أهل الْكتاب أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم ودية الْمَجُوس ثَمَانمِائَة وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: الْخَطَأ أَن يُرِيد الشَّيْء فَيُصِيب غَيره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين} قَالَ: من لم يجد عتقا فِي قتل مُؤمن خطأ قَالَ: وأنزلت فِي عَيَّاش بن أبي ربيعَة قتل مُؤمنا خطأ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {فَمن لم يجد} قَالَ: فَمن لم يجد رَقَبَة فَصِيَام شَهْرَيْن

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن} قَالَ: الصّيام لمن لَا يجد رَقَبَة وَأما الدِّيَة فواجبة لَا يُبْطِلهَا شَيْء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق أَنه سُئِلَ عَن الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء {فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين} صِيَام الشَّهْرَيْنِ عَن الرَّقَبَة وَحدهَا أَو عَن الدِّيَة والرقبة قَالَ: من لم يجد فَهُوَ عَن الدِّيَة والرقبة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد أَنه سُئِلَ عَن صِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالَ: لَا يفْطر فِيهَا وَلَا يقطع صيامها فَإِن فعل من غير مرض وَلَا عذر اسْتقْبل صيامها جَمِيعًا فَإِن عرض لَهُ مرض أَو عذر صَامَ مَا بَقِي مِنْهُمَا فَإِن مَاتَ وَلم يصم أطْعم عَنهُ سِتُّونَ مِسْكينا لكل مِسْكين مد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين} تَغْلِيظًا وتشديداً من الله قَالَ: هَذَا فِي الْخَطَأ تَشْدِيد من الله وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {تَوْبَة من الله} يَعْنِي تجاوزاً من الله لهَذِهِ الْأمة حِين جعل فِي قتل الْخَطَأ كَفَّارَة ودية {وَكَانَ الله عليماً حكيماً} يَعْنِي حكم الْكَفَّارَة لمن قتل خطأ ثمَّ صَارَت دِيَة الْعَهْد وَالْمُوَادَعَة لمشركي الْعَرَب مَنْسُوخَة نسختها الْآيَة الَّتِي فِي بَرَاءَة (اقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة 5) وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يتوراث أهل ملتين الْآيَة 93

93

أخرج ابْن جريج وَابْن المنذرمن طَرِيق ابْن جريج عَن عِكْرِمَة أَن رجلا من الْأَنْصَار قتل أَخا مقيس بن ضَبَابَة فَأعْطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدِّيَة فقبلها ثمَّ وثب على قَاتل أَخِيه فَقتله قَالَ ابْن جريج وَقَالَ غَيره: ضرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دِيَته على بني النجار ثمَّ بعث مقيساً وَبعث مَعَه رجلا من بني فهر فِي حَاجَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاحْتمل مقيس الفِهري - وَكَانَ رجلا شَدِيدا - فَضرب بِهِ الأَرْض ورضخ رَأسه بَين حجرين ثمَّ ألْقى يتَغَنَّى:

قتلت بِهِ فهرا وحملت عقله سراة بني النجار أَرْبَاب قارع فَأخْبر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَظُنهُ قد أحدث حَدثا أما وَالله لَئِن كَانَ فعل لَا أومنه فِي حل وَلَا حرم وَلَا سلم وَلَا حَرْب فَقتل يَوْم الْفَتْح قَالَ ابْن جريج: وَفِيه نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} قَالَ: نزلت فِي مقيس بن ضَبَابَة الْكِنَانِي وَذَلِكَ أَنه أسلم وَأَخُوهُ هِشَام بن ضَبَابَة وَكَانَا بِالْمَدِينَةِ فَوجدَ مقيس أَخَاهُ هشاماً ذَات يَوْم قَتِيلا فِي الْأَنْصَار فِي بني النجار فَانْطَلق إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بذلك فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا من قُرَيْش من بني فهر وَمَعَهُ مقيس إِلَى بني النجار - ومنازلهم يَوْمئِذٍ بقباء - أَن ادفعوا إِلَى مقيس قَاتل أَخِيه إِن علمْتُم ذَلِك وَإِلَّا فادفعوا إِلَيْهِ الدِّيَة فَلَمَّا جَاءَهُم الرَّسُول قَالُوا: السّمع وَالطَّاعَة لله وَلِلرَّسُولِ وَالله مَا نعلم لَهُ قَاتلا وَلَكِن نُؤَدِّي إِلَيْهِ الدِّيَة فدفعوا إِلَى مقيس مائَة من الْإِبِل دِيَة أَخِيه فَلَمَّا انْصَرف مقيس والفهري رَاجِعين من قبَاء إِلَى الْمَدِينَة وَبَينهمَا سَاعَة عمد مقيس إِلَى الفِهري رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقتله وارتد عَن الْإِسْلَام وَركب جملا مِنْهَا وسَاق مَعَه الْبَقِيَّة وَلحق بِمَكَّة وَهُوَ يَقُول فِي شعر لَهُ: قتلت بِهِ فهراً وحملت عقله سراة بني النجار أَرْبَاب قارع وَأدْركت ثَأْرِي واضطجعت موسداً وَكنت إِلَى الْأَوْثَان أول رَاجع فَنزلت فِيهِ بعد قتل النَّفس وَأخذ الدِّيَة وارتد عَن الْإِسْلَام وَلحق بِمَكَّة كَافِرًا {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس مثله سَوَاء وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير قَالَ: اخْتلف أهل الْكُوفَة فِي قتل الْمُؤمن فرحلت فِيهَا إِلَى ابْن عَبَّاس فَسَأَلته عَنْهَا فَقَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} هِيَ آخر مَا نزل وَمَا نسخهَا شَيْء وَأخرج أَحْمد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق سَالم بن أبي

الْجَعْد عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: أَرَأَيْت رجلا قتل رجلا مُتَعَمدا قَالَ {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا وَغَضب الله عَلَيْهِ ولعنه وَأعد لَهُ عذَابا عَظِيما} قَالَ: لقد نزلت فِي آخر مَا نزل مَا نسخهَا شَيْء حَتَّى قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا نزل وَحي بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَرَأَيْت إِن تَابَ وآمن وَعمل صَالحا ثمَّ اهْتَدَى قَالَ: وأنى لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ثكلته أمه رجل قتل رجلا مُتَعَمدا يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة آخِذا قَاتله بِيَمِينِهِ أَو بيساره وآخذا رَأسه بِيَمِينِهِ أَو بِشمَالِهِ تشخب أوداجهُ دَمًا فِي قبل الْعَرْش يَقُول: يَا رب سل عَبدك فيمَ قتلني وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَجِيء الْمَقْتُول بالقاتل يَوْم الْقِيَامَة ناصيته وَرَأسه بِيَدِهِ وأوداجه تشخب دَمًا يَقُول: يَا رب قتلني هَذَا حَتَّى يُدْنِيه من الْعَرْش قَالَ: فَذكرُوا لِابْنِ عَبَّاس التَّوْبَة فَتلا هَذِه الْآيَة {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} قَالَ: مَا نسخت هَذِه الْآيَة وَلَا بدلت وأنى لَهُ التَّوْبَة وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جري عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَ لي عبد الرَّحْمَن بن ابزي: سل ابْن عَبَّاس عَن قَوْله {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} فَقَالَ: لم ينسخها شَيْء وَقَالَ فِي هَذِه الْآيَة (وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر) (الْفرْقَان الْآيَة 68) الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أهل الشّرك وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير أَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي سَأَلَهُ: أَن يسْأَل ابْن عَبَّاس عَن هَاتين الْآيَتَيْنِ الَّتِي فِي النِّسَاء {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} إِلَى آخر الْآيَة وَالَّتِي فِي الْفرْقَان (وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاماً) (الْفرْقَان الْآيَة 68) الْآيَة قَالَ: فَسَأَلته فَقَالَ: إِذا دخل الرجل فِي الْإِسْلَام وَعلم شرائعه وَأمره ثمَّ قتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم لَا تَوْبَة لَهُ وَأما الَّتِي فِي الْفرْقَان فَإِنَّهَا لما أنزلت قَالَ الْمُشْركُونَ من أهل مَكَّة: فقد عدلنا بِاللَّه وقتلنا النَّفس الَّتِي حرم الله بِغَيْر الْحق وأتينا الْفَوَاحِش فَمَا نفعنا الْإِسْلَام فَنزلت (إِلَّا من تَابَ) (الْفرْقَان الْآيَة 70) الْآيَة فَهِيَ لأولئك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} بعد قَوْله (إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل صَالحا) (الْفرْقَان الْآيَة 70) بِسنة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} بعد الَّتِي فِي سُورَة الْفرْقَان بثماني سِنِين وَهِي قَوْله (وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر) (الْفرْقَان الْآيَة 68) إِلَى قَوْله (غَفُورًا رحِيما) (الْفرْقَان الْآيَة 70) وَأخرج ابْن جرير والنحاس وَالطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس هَل لمن قتل مُؤمنا مُتَعَمدا من تَوْبَة قَالَ: لَا فَقَرَأت عَلَيْهِ الْآيَة الَّتِي فِي الْفرْقَان (وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر) (الْفرْقَان الْآيَة 68) فَقَالَ هَذِه الْآيَة مَكِّيَّة نسختها آيَة مَدِينَة {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن زيد بن ثَابت قَالَ: نزلت الشَّدِيدَة بعد الهينة بِسِتَّة أشهر يَعْنِي {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} بعد (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ) (النِّسَاء الْآيَة 48) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن ثَابت قَالَ: نزلت الشَّدِيدَة بعد الهينة بِسِتَّة أشهر قَوْله {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} بعد قَوْله (وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر) (الْفرْقَان الْآيَة 68) إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن جرير والنحاس وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن ثَابت قَالَ: نزلت الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء بعد الْآيَات الَّتِي فِي سُورَة الْفرْقَان بِسِتَّة أشهر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن ثَابت قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْفرْقَان (وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر ) (الْفرْقَان الْآيَة 78) الْآيَة عجبنا للينها فلبثنا سَبْعَة أشهر ثمَّ نزلت الَّتِي فِي النِّسَاء {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا} الْآيَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الضَّحَّاك قَالَ: بَينهمَا ثَمَانِي سِنِين الَّتِي فِي النِّسَاء بعد الَّتِي فِي الْفرْقَان وَأخرج سمويه فِي فَوَائده عَن زيد بن ثَابت قَالَ: نزلت هَذِه الَّتِي فِي النِّسَاء بعد قَوْله (وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) (النِّسَاء الْآيَة 48) بأَرْبعَة أشهر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله لِأَن الله يَقُول {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا وَغَضب الله عَلَيْهِ ولعنه وَأعد لَهُ عذَابا عَظِيما} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هما المبهمتان: الشّرك وَالْقَتْل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} قَالَ: هِيَ محكمَة وَلَا تزداد إِلَّا شدَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن كردم أَن أَبَا هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر سئلوا عَن الرجل يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَقَالُوا: هَل تَسْتَطِيع أَن لَا تَمُوت هَل تَسْتَطِيع أَن تبتغي نفقاً فِي الأَرْض أَو سلما فِي السَّمَاء أَو تحييه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن ميناء قَالَ: كنت جَالِسا بِجنب أبي هُرَيْرَة إِذْ أَتَاهُ رجل فَسَأَلَهُ عَن قَاتل الْمُؤمن هَل لَهُ من تَوْبَة فَقَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَا يدْخل الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي رزين عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هِيَ مُبْهمَة لَا يعلم لَهُ تَوْبَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: لَيْسَ لمن قتل مُؤمنا تَوْبَة لم ينسخها شَيْء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن ميناء قَالَ: كَانَ بَين صَاحب لي وَبَين رجل من أهل السُّوق لجاجة فَأخذ صَاحِبي كرسياً فَضرب بِهِ رَأس الرجل فَقتله وَنَدم وَقَالَ: إِنِّي سأخرج من مَالِي ثمَّ انْطلق فَاجْعَلْ نَفسِي حَبِيسًا فِي سَبِيل الله قلت: انْطلق بِنَا إِلَى ابْن عمر نَسْأَلهُ هَل لَك من تَوْبَة فَانْطَلقَا حَتَّى دَخَلنَا عَلَيْهِ فقصصت عَلَيْهِ الْقِصَّة على مَا كَانَت قلت: هَل ترى لَهُ من تَوْبَة قَالَ: كل

واشرب أُفٍّ قُم عني قلت: يزْعم أَنه لم يرد قَتله قَالَ: كذب يعمد أحدكُم إِلَى الْخَشَبَة فَيضْرب بهَا رَأس الرجل الْمُسلم ثمَّ يَقُول: لم أرد قَتله كذب كل واشرب مَا اسْتَطَعْت أُفٍّ قُم عني فَلم يزدنا على ذَلِك حَتَّى قمنا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قتل الْمُؤمن معقلة وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال الْمُؤمن فِي فسحة من دينه مَا لم يصب دَمًا حَرَامًا وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن مُعَاوِيَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إِلَّا الرجل يَمُوت كَافِرًا أَو الرجل يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إِلَّا من مَاتَ مُشْركًا أَو من قتل مُؤمنا مُتَعَمدا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أعَان فِي قتل مُسلم بِشَطْر كلمة يلقى الله يَوْم يلقاه مَكْتُوب على جَبهته آيس من رَحْمَة الله وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أعَان على دم امرىء مُسلم بِشَطْر كلمة كتب بَين عَيْنَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة: آيس من رَحْمَة الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي عون قَالَ: إِذا سَمِعت فِي الْقُرْآن خلوداً فَلَا تَوْبَة لَهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نازلت رَبِّي فِي قَاتل الْمُؤمن فِي أَن يَجْعَل لَهُ تَوْبَة فَأبى عَليّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الْقَاسِم بن بَشرَان فِي أَمَالِيهِ بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} قَالَ: هُوَ جَزَاؤُهُ إِن جازاه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول: جَزَاؤُهُ جَهَنَّم إِن جازاه يَعْنِي لِلْمُؤمنِ وَلَيْسَ للْكَافِرِ فَإِن شَاءَ عَفا عَن الْمُؤمن وَإِن شَاءَ عاقب وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَاصِم بن أبي النجُود عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} قَالَ: هِيَ جَزَاؤُهُ إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ غفر لَهُ

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي مجلز فِي قَوْله {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} قَالَ: هِيَ جَزَاؤُهُ فَإِن شَاءَ الله أَن يتَجَاوَز عَن جَزَائِهِ فعل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عون بن عبد الله فِي قَوْله {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} قَالَ: إِن هُوَ جازاه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِسْمَاعِيل بن ثَوْبَان قَالَ: جالست النَّاس قبل الدَّاء الْأَعْظَم فِي الْمَسْجِد الْأَكْبَر فَسَمِعتهمْ يَقُولُونَ {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} إِلَى {عذَابا عَظِيما} قَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار: وَجَبت لمن فعل هَذَا النَّار حَتَّى نزلت (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) (النِّسَاء الْآيَة 48) فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار: مَا شَاءَ يصنع الله مَا شَاءَ فَسكت عَنْهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن هِشَام بن حسان قَالَ: كُنَّا عِنْد مُحَمَّد بن سِيرِين فَقَالَ لَهُ رجل (وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم) حَتَّى ختم الْآيَة فَغَضب مُحَمَّد وَقَالَ: أَيْن أَنْت عَن هَذِه الْآيَة (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) قُم عني أخرج عني قَالَ: فَأخْرج وَأخرج القتبي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن قُرَيْش بن أنس قَالَ: سَمِعت عَمْرو بن عبيد يَقُول: يُؤْتى بِي يَوْم الْقِيَامَة فَأَقَامَ بَين يَدي الله قيقول لي لم قلت إِن الْقَاتِل فِي النَّار فَأَقُول أَنْت قلته ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة (وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم) قلت لَهُ: وَمَا فِي الْبَيْت أَصْغَر مني أَرَأَيْت إِن قَالَ لَك فَإِنِّي قد قلت (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) من أَيْن علمت أَنِّي لَا أَشَاء أَن أَغفر قَالَ: فَمَا اسْتَطَاعَ أَن يرد عَليّ شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي إِسْحَاق قَالَ أَتَى رجل عمر فَقَالَ لقَاتل الْمُؤمن تَوْبَة قَالَ: نعم ثمَّ قَرَأَ (حم تَنْزِيل الْكتاب من الله الْعَزِيز الْعَلِيم غَافِر الذَّنب وقابل التوب) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَاتل الْمُؤمن قَالَ: كَانَ يُقَال: لَهُ تَوْبَة إِذا نَدم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة مثله

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن كردم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَاهُ رجل فَقَالَ: مَلَأت حَوْضِي أنتطر طميتي ترد عَليّ فَلم أستيقظ إِلَّا وَرجل أشرع نَاقَته فتلم الْحَوْض وسال المَاء فَقُمْت فَزعًا فضربته بِالسَّيْفِ فَقتلته فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مثل الَّذِي قَالَ فَأمره بِالتَّوْبَةِ قَالَ سُفْيَان: كَانَ أهل الْعلم إِذا سئلوا قَالُوا: لَا تَوْبَة لَهُ فَإِذا ابتلى بِهِ رجل قَالُوا: كذبت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ: كَفَّارَة الْقَتْل الْقَتْل وَأخرج عبد بن حميد والنحاس عَن سعد بن عُبَيْدَة أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول: لمن قتل مُؤمنا تَوْبَة قَالَ: فَجَاءَهُ رجل فَسَأَلَهُ أَلِمَنْ قتل مُؤمنا تَوْبَة قَالَ: لَا إِلَّا النَّار فَلَمَّا قَامَ الرجل قَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ: مَا كنت هَكَذَا تفتينا كنت تفتينا أَن لمن قتل مُؤمنا تَوْبَة مَقْبُولَة فَمَا شَأْن هَذَا الْيَوْم قَالَ: إِنِّي أَظُنهُ رجل يغْضب يُرِيد أَن يقتل مُؤمنا فبعثوا فِي أَثَره فوجدوه كَذَلِك وَأخرج النّحاس عَن نَافِع وَسَالم أَن رجلا سَأَلَ عبد الله بن عمر كَيفَ ترى فِي رجل قتل قتل رجلا عمدا قَالَ: أَنْت قتلته قَالَ: نعم قَالَ: تب إِلَى الله يتب عَلَيْك وَأخرج عبد بن حميد عَن زيد بن أسلم قَالَ: لَيْسَ للْقَاتِل تَوْبَة إِلَّا أَن يُقَاد مِنْهُ أَو يُعْفَى عَنهُ أَو تُؤْخَذ مِنْهُ الدِّيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن سُفْيَان قَالَ: بلغنَا أَن الَّذِي يقتل مُتَعَمدا فكفارته أَن يُقيد من نَفسه أَو أَن يُعْفَى عَنهُ أَو تُؤْخَذ مِنْهُ الدِّيَة فَإِن فعل بِهِ ذَلِك رجونا أَن تكون كَفَّارَته ويستغفر ربه فَإِن لم يفعل من ذَلِك شَيْئا فَهُوَ فِي مَشِيئَة الله إِن شَاءَ غفر لَهُ وَإِن شَاءَ لم يغْفر لَهُ فَقَالَ سُفْيَان: فَإِذا جَاءَك من لم يقتل فَشدد عَلَيْهِ وَلَا ترخص لَهُ لكَي يفْرض وَإِن كَانَ مِمَّن قتل فسألك فَأخْبرهُ لَعَلَّه يَتُوب وَلَا تؤيسه وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: لِأَن أَتُوب من الشّرك أحب إِلَيّ من أَتُوب من قتل الْمُؤمن وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وأدّى زَكَاة مَاله طيبَة بهَا نَفسه محتبساً وَسمع وأطاع فَلهُ الْجنَّة وَخمْس لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَة: الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس بِغَيْر حق وبهت مُؤمن والفرار من الزَّحْف وَيَمِين صابرة تقتطع بهَا مَالا بِغَيْر حق

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن الرجل ليقْتل يَوْم الْقِيَامَة ألف قتلة قَالَ أَبُو زرْعَة: بضروب مَا قتل وَأخرج ابْن شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله للدينا وَمَا فِيهَا أَهْون على الله من قتل مُسلم بِغَيْر حق وَأخرج النَّسَائِيّ والنحاس عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لزوَال الدِّينَا أَهْون على الله من قتل رجل مُسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قتل الْمُؤمن أعظم عِنْد الله من زَوَال الدِّينَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقتل مُؤمن أعظم عِنْد الله من زَوَال الدِّينَا وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن بُرَيْدَة عَن النَّبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لقتل الْمُؤمن أعظم عِنْد الله من زَوَال الدُّنْيَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: لَا يزل الرجل فِي فسحة من دينه مَا نقيت كَفه من الدَّم فَإِذا أغمس يَده فِي الدَّم الْحَرَام نزع حياؤه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَجِيء الرجل آخِذا بيد الرجل فَيَقُول: يَا رب هَذَا قتلني قَالَ: لمَ قتلته فَيَقُول لتَكون الْعِزَّة لَك فَيَقُول: فَإِنَّهَا لي وَيَجِيء الرجل آخِذا بيد الرجل فَيَقُول: يَا رب قتلني هَذَا فَيَقُول الله: لمَ قتلت هَذَا فَيَقُول: قتلته لتَكون الْعِزَّة لفُلَان فَيَقُول: إِنَّهَا لَيست لَهُ بؤ بإثمه وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل مَوْقُوفا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: يجلس الْمَقْتُول يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا مر الَّذِي قَتله قَامَ فَأَخذه فَينْطَلق فَيَقُول: يَا رب سَله لمَ قتلني فَيَقُول: فيمَ قتلته فَيَقُول: أَمرنِي فلَان فيعذب الْقَاتِل والآمر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض اشْتَركُوا فِي دم مُؤمن لأكبَّهم الله جَمِيعًا فِي النَّار وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والأصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن الْبَراء ابْن

عَازِب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لزوَال الدِّينَا وَمَا فِيهَا أَهْون عِنْد الله من قتل مُؤمن وَلَو أَن أهل سماواته وَأهل أرضه اشْتَركُوا فِي دم مُؤمن لأدخلهم الله النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قتل بِالْمَدِينَةِ قَتِيل على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يعلم من قَتله فَصَعدَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر فَقَالَ: أَيهَا النَّاس قتل قَتِيل وَأَنا فِيكُم وَلَا نعلم من قَتله وَلَو اجْتمع أهل السَّمَاء وَالْأَرْض على قتل امرىء لعذبهم الله إِلَّا أَن يفعل مَا يَشَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن جُنْدُب البَجلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن لَا يحول بَينه وَبَين الْجنَّة ملْء كف من دم امرىء مُسلم أَن يهرقه كلما تعرض لباب من أَبْوَاب الْجنَّة حَال بَينه وَبَينه وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يزَال الْمُؤمن معنقاً صَالحا مَا لم يصب دَمًا فَإِذا أصَاب دَمًا حَرَامًا بلح وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أَن الثقلَيْن اجْتَمعُوا على قتل مُؤمن لأكبَّهم الله على مناخرهم فِي النَّار وَأَن الله حرم الْجنَّة على الْقَاتِل والآمر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن رجل من الصَّحَابَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قسمت النَّار سبعين جُزْءا للْآمِر تِسْعَة وَسِتِّينَ وللقاتل جُزْءا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن عجلَان قَالَ: كنت بالإسكندرية فَحَضَرت رجلا الْوَفَاة لم نرَ من خلق الله أحدا كَانَ أخْشَى لله مِنْهُ فَكُنَّا نلقنه فَيقبل كلما لقناه من سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله فَإِذا جَاءَت لَا إِلَه إِلَّا الله أَبى فَقُلْنَا لَهُ: مَا رَأينَا من خلق الله أحدا كَانَ أخْشَى لله مِنْك فنلقنك فتلقن حَتَّى إِذا جَاءَت لَا إِلَه إِلَّا الله أَبيت قَالَ: إِنَّه حيل بيني وَبَينهَا وَذَلِكَ أَنِّي قتلت نفسا فِي شبيبتي وَأخرج ابْن ماحه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من عبد يلقى الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا لم يتند بِدَم حرَام إِلَّا أَدخل الْجنَّة من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن مُسلم أخي الزُّهْرِيّ قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد سَالم بن عبد الله فِي نفر من أهل الْمَدِينَة فَقَالَ رجل: ضرب الْأَمِير آنِفا رجلا أسواطاً فَمَاتَ فَقَالَ سَالم: عَابَ الله على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي نفس كَافِر قَتلهَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن شهر بن حَوْشَب أَن أَعْرَابِيًا أَتَى أَبَا ذَر فَقَالَ: إِنَّه قتل حَاج بَيت الله ظَالِما فَهَل لَهُ من مخرج فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَر: وَيحك أَحَي والداك قَالَ: لَا قَالَ: فأحدهما قَالَ: لَا قَالَ: لَو كَانَا حيين أَو أَحدهمَا لرجوت لَك وَمَا أجد لَك مخرجا إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاث قَالَ: وَمَا هن قَالَ: هَل تَسْتَطِيع أَن تحييه كَمَا قتلته قَالَ: لَا وَالله قَالَ: فَهَل تَسْتَطِيع أَن لَا تَمُوت قَالَ: لَا وَالله مَا من الْمَوْت بُد فَمَا الثَّالِثَة قَالَ: هَل تَسْتَطِيع أَن تبتغي نفقاً فِي الأَرْض أَو سلما فِي السَّمَاء فَقَامَ الرجل وَله صُرَاخ فَلَقِيَهُ أَبُو هُرَيْرَة فَسَأَلَهُ فَقَالَ: وَيحك حَيَّان والداك قَالَ: لَا قَالَ: لَو كَانَا حيين أَو أَحدهمَا لرجوت لَك وَلَكِن اغز فِي سَبِيل الله وتَعَرَّضْ للشَّهَادَة فَعَسَى الْآيَة 94

94

أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لحق نَاس من الْمُسلمين رجلا مَعَه غنيمَة لَهُ فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا غنيمته فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله فَتَبَيَّنُوا} إِلَى قَوْله {عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: تِلْكَ الْغَنِيمَة قَالَ: قَرَأَ ابْن عَبَّاس {السَّلَام} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَعبد بن حميد وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مر رجل من بني سليم بِنَفر من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَسُوق غنما لَهُ فَسلم عَلَيْهِم فَقَالُوا: مَا سلم علينا إِلَّا ليتعوّذ منا فعمدوا لَهُ فَقَتَلُوهُ وَأتوا بغنمه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ} الْآيَة

وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن أبي حَدْرَد الْأَسْلَمِيّ قَالَ: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أضم فَخرجت فِي نفر من الْمُسلمين فيهم الْحَرْث بن ربعي أَبُو قَتَادَة ومحلم بن جثامة بن قيس اللَّيْثِيّ فخرجنا حَتَّى إِذا كُنَّا بِبَطن أضم مر بِنَا عَامر بن الأضبط الْأَشْجَعِيّ على قعُود لَهُ مَعَه متيع لَهُ وقطب من لبن فَلَمَّا مر بِنَا سلم علينا بِتَحِيَّة الْإِسْلَام فأمسكنا عَنهُ وَحمل عَلَيْهِ محلم بن جثامة لشَيْء كَانَ بَينه وَبَينه فَقتله وَأخذ بعيره ومتاعه فَلَمَّا قدمنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأخبرناه الْخَبَر نزل فِينَا الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله فَتَبَيَّنُوا} الْآيَة وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه من طَرِيق يزِيد بن عبد الله بن قسيط عَن أبي حَدْرَد الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه نَحوه وَفِيه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أقتلته بَعْدَمَا قَالَ: آمَنت بِاللَّه فَنزل الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محلم بن جثامة مبعثاً فَلَقِيَهُمْ عَامر بن الأضبط فحياهم بِتَحِيَّة الْإِسْلَام وَكَانَت بَينهم إحْنَة فِي الْجَاهِلِيَّة فَرَمَاهُ محلم بِسَهْم فَقتله فجَاء الْخَبَر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء محلم فِي بردين فَجَلَسَ بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَسْتَغْفِر لَهُ فَقَالَ: لَا غفر الله لَك فَقَامَ وَهُوَ يتلَقَّى دُمُوعه ببرديه فَمَا مَضَت بِهِ سَاعَة حَتَّى مَاتَ ودفنوه فلفظته الأَرْض فجاؤوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ: إِن الأَرْض تقبل من هُوَ شَرّ من صَاحبكُم وَلَكِن الله أَرَادَ أَن يعظكم ثمَّ طرحوه فِي جبل وألقوا عَلَيْهِ الْحِجَارَة فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ} الْآيَة وَأخرج الْبَزَّار وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فِيهَا الْمِقْدَاد بن الْأسود فَلَمَّا أَتَوا الْقَوْم وجدوهم قد تفَرقُوا وَبَقِي رجل لَهُ مَال كثير لم يبرح فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَأَهوى إِلَيْهِ الْمِقْدَاد فَقتله فَقَالَ لَهُ رجل من أَصْحَابه: أقتلت رجلا شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله لأذكرن ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: يَا رَسُول الله إِن رجلا شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقتله الْمِقْدَاد فَقَالَ: ادعوا إليَّ الْمِقْدَاد فَقَالَ: يَا مقداد أقتلت

رجلا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فَكيف لَك بِلَا إِلَه إِلَّا الله غَدا فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله} إِلَى قَوْله {كَذَلِك كُنْتُم من قبل} قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِلْمِقْدَادِ: كَانَ رجل مُؤمن يخفي إيمَانه مَعَ قوم كفار فاظهر إيمَانه فَقتلته وَكَذَلِكَ كنت تخفي إيمانك بِمَكَّة قبل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام} فِي مرداس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل يتَكَلَّم بِالْإِسْلَامِ ويؤمن بِاللَّه وَالرَّسُول وَيكون فِي قومه فَإِذا جَاءَت سَرِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر بهَا حيه - يَعْنِي قومه - وَأقَام الرجل لَا يخَاف الْمُؤمنِينَ من أجل أَنه على دينهم حَتَّى يلقاهم فيلقي إِلَيْهِم السَّلَام فَيَقُولُونَ: لست مُؤمنا وَقد ألْقى السّلم فيقتلونه فَقَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله فَتَبَيَّنُوا} إِلَى {تَبْتَغُونَ عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا} يَعْنِي تَقْتُلُونَهُ إِرَادَة أَن يحل لكم مَاله الَّذِي وجدْتُم مَعَه وَذَلِكَ عرض الْحَيَاة الدِّينَا فَإِن عِنْدِي مَغَانِم كَثِيرَة والتمسوا من فضل الله وَهُوَ رجل اسْمه مرداس خلى قومه هاربين من خيل بعثها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا رجل من بني لَيْث اسْمه قليب حَتَّى إِذا وصلت الْخَيل سلّم عَلَيْهِم فَقَتَلُوهُ فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَهله بديته ورد إِلَيْهِم مَاله وَنهى الْمُؤمنِينَ عَن مثل ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله فَتَبَيَّنُوا} قَالَ: هَذَا الحَدِيث فِي شَأْن مرداس رجل من غطفان ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث جَيْشًا عَلَيْهِم غَالب اللَّيْثِيّ إِلَى أهل فدك وَبِه نَاس من غطفان وَكَانَ مرداس مِنْهُم ففر أَصْحَابه فَقَالَ مرداس: إِنِّي مُؤمن وعَلى متبعكم فصبحته الْخَيل غدْوَة فَلَمَّا لقوه سلم عَلَيْهِم مرداس فَتَلقاهُ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا مَا كَانَ مَعَه من مَتَاع فَأنْزل الله فِي شَأْنه {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا} لِأَن تَحِيَّة الْمُسلمين السَّلَام بهَا يَتَعَارَفُونَ وَبهَا يحيي بَعضهم بَعْضًا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله} الْآيَة قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة عَلَيْهَا أُسَامَة بن زيد إِلَى بني ضَمرَة فَلَقوا رجلا مِنْهُم يدعى مرداس بن نهيك مَعَه غنم لَهُ وجمل أَحْمَر فَلَمَّا

رَآهُمْ أَوَى إِلَى كَهْف جبل وَاتبعهُ أُسَامَة فَلَمَّا بلغ مرداس الْكَهْف وضع فِيهِ غنمه ثمَّ أقبل إِلَيْهِم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَشد عَلَيْهِ أُسَامَة فَقتله من أجل جمله وغنيمته وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بعث أُسَامَة أحب أَن يثني عَلَيْهِ خير وَيسْأل عَنهُ أَصْحَابه فَلَمَّا رجعُوا لم يسألهم عَنهُ فَجعل الْقَوْم يحدثُونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُولُونَ: يَا رَسُول الله لَو رَأَيْت أُسَامَة ولقيه رجل فَقَالَ الرجل: لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشد عَلَيْهِ فَقتله وَهُوَ معرض عَنْهُم فَلَمَّا أَكْثرُوا عَلَيْهِ رفع رَأسه إِلَى أُسَامَة فَقَالَ: كَيفَ أَنْت وَلَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّمَا قَالَهَا مُتَعَوِّذًا تعوذ بهَا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هلا شققت عَن قلبه فَنَظَرت إِلَيْهِ فَأنْزل الله خبر هَذَا وَأخْبر إِنَّمَا قَتله من أجل جمله وغنمه فَذَلِك حِين يَقُول {تَبْتَغُونَ عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا} فَلَمَّا بلغ {فَمن الله عَلَيْكُم} يَقُول: فَتَابَ الله عَلَيْكُم فَحلف أُسَامَة أَن لَا يُقَاتل رجلا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله بعد ذَلِك الرجل وَمَا لَقِي من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْحسن أَن نَاسا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَهَبُوا يتطرقون فَلَقوا أُنَاسًا من الْعَدو فحملوا عَلَيْهِم فهزموهم فَشد رجل مِنْهُم فَتَبِعَهُ رجل يُرِيد مَتَاعه فَلَمَّا غشيه بِالسِّنَانِ قَالَ: إِنِّي مُسلم إِنِّي مُسلم فأوجره السنان فَقتله وَأخذ متيعه فَرفع ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْقَاتِل: أقتلته بعد أَن قَالَ إِنِّي مُسلم قَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّمَا قَالَهَا متعوّذاً قَالَ: أَفلا شققت عَن قلبه قَالَ: لمَ يَا رَسُول الله قَالَ: لتعلم أصادق هُوَ أَو كَاذِب قَالَ: وَكنت عَالم ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا كَانَ يعبر عَنهُ لِسَانه إِنَّمَا كَانَ يعبر عَنهُ لِسَانه قَالَ: فَمَا لبث الْقَاتِل أَن مَاتَ فحفر لَهُ أَصْحَابه فَأصْبح وَقد وَضعته الأَرْض ثمَّ عَادوا فَحَفَرُوا لَهُ فَأصْبح وَقد وَضعته الأَرْض إِلَى جنب قَبره قَالَ الْحسن: فَلَا أَدْرِي كم قَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كم دفناه مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثَة كل ذَلِك لَا تقبله الأَرْض فَلَمَّا رَأينَا الأَرْض لَا تقبله أَخذنَا برجليه فألقيناه فِي بعض تِلْكَ الشعاب فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيل الله فتبيَّنوا} أهل الْإِسْلَام إِلَى آخر الْآيَة قَالَ الْحسن: أما وَالله مَا ذَاك أَن تكون الأَرْض تجن من هُوَ شَرّ مِنْهُ وَلَكِن وعظ الله الْقَوْم أَن لَا يعودوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا}

قَالَ: بَلغنِي أَن رجلا من الْمُسلمين أغار على رجل من الْمُشْركين فَحمل عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْمُشرك: إِنِّي مُسلم أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقتله الْمُسلم بعد أَن قَالَهَا فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ للَّذي قَتله: أقتلته وَقد قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ وَهُوَ يعْتَذر: يَا نَبِي الله إِنَّمَا قَالَ متعوّذاً وَلَيْسَ كَذَلِك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَهَلا شققت عَن قلبه ثمَّ مَاتَ قَاتل الرجل فقبر فلفظته الأَرْض فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَمرهمْ أَن يقبروه ثمَّ لفظته حَتَّى فعل ذَلِك بِهِ ثَلَاث مَرَّات فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الأَرْض أَبَت أَن تقبله فألقوه فِي غَار من الغيران قَالَ معمر: وَقَالَ بَعضهم: إِن الأَرْض تقبل من هُوَ شَرّ مِنْهُ وَلَكِن الله جعله لكم عِبْرَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق أَن قوما من الْمُسلمين لقوا رجلا من الْمُشْركين وَمَعَهُ غنيمَة لَهُ فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم إِنِّي مُؤمن فظنواأنه يتَعَوَّذ بذلك فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا عنيمته فَأنْزل الله {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا تَبْتَغُونَ عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا} تِلْكَ الْغَنِيمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: خرج الْمِقْدَاد بن الْأسود فِي سَرِيَّة بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمروا بِرَجُل فِيهِ غنيمَة لَهُ فَقَالَ: إِنِّي مسالم فَقتله ابْن الْأسود فَلَمَّا قدمُوا ذكرُوا ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا تَبْتَغُونَ عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: الْغَنِيمَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: نزل ذَلِك فِي رجل قَتله أَبُو الدَّرْدَاء فَذكر من قصَّة أبي الدَّرْدَاء نَحْو الْقِصَّة الَّتِي ذكرت عَن أُسَامَة بن زيد وَنزل الْقُرْآن {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ} فَقَرَأَ حَتَّى بلغ إِلَى قَوْله {إِن الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا} قَالَ: راعي غنم لقِيه نفر من الْمُؤمنِينَ فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا مَا مَعَه وَلم يقبلُوا مِنْهُ السَّلَام عَلَيْكُم إِنِّي مُؤمن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام لست مُؤمنا} قَالَ: حرم الله على الْمُؤمنِينَ أَن يَقُولُوا لمن يشْهد

أَن لَا إِلَه إِلَّا الله لست مُؤمنا كَمَا حرم عَلَيْهِم الْميتَة فَهُوَ آمن على مَاله وَدَمه فَلَا تردوا عَلَيْهِ قَوْله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن أبي رَجَاء وَالْحسن أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السّلم بِكَسْر السِّين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَأبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن {لمن ألْقى إِلَيْكُم السَّلَام} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {كَذَلِك كُنْتُم من قبل} قَالَ: تستخفون بإيمانكم كَمَا استخفى هَذَا الرَّاعِي بإيمانه وَفِي لفظ: تكتمون إيمَانكُمْ من الْمُشْركين {فمنّ الله عَلَيْكُم} فأظهر الْإِسْلَام فاعلنتم إيمَانكُمْ {فَتَبَيَّنُوا} قَالَ: وَعِيد من الله مرَّتَيْنِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {كَذَلِك كُنْتُم من قبل} قَالَ: كُنْتُم كفَّارًا حَتَّى منّ الله عَلَيْكُم بِالْإِسْلَامِ وهداكم لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق {كَذَلِك كُنْتُم من قبل} لم تَكُونُوا مُؤمنين وَأخرج عبد بن حميد عَن النُّعْمَان بن سَالم أَنه كَانَ يَقُول: نزلت فِي رجل من هُذَيْل وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {فَتَبَيَّنُوا} بِالْيَاءِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أُسَامَة قَالَ: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَرِيَّة فصبحنا الحرقات من جُهَيْنَة فأدركت رجلا فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فطعنته فَوَقع فِي نَفسِي من ذَلِك فَذَكرته للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وقتلته قلت: يَا رَسُول الله إِنَّمَا قَالَهَا فرقا من السِّلَاح قَالَ: أَلا شققت عَن قلبه حَتَّى تعلم قَالَهَا أم لَا فَمَا زَالَ يكررها عَليّ حَتَّى تمنيت أَنِّي أسلمت يؤمئذ وَأخرج ابْن سعد عَن جَعْفَر بن برْقَان قَالَ: حَدثنَا الْحَضْرَمِيّ رجل من أهل الْيَمَامَة قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أُسَامَة بن زيد على جَيش قَالَ أُسَامَة: فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعلت أحدثه فَقلت: فَلَمَّا انهزم الْقَوْم أدْركْت رجلا

فَأَهْوَيْت إِلَيْهِ بِالرُّمْحِ فَقَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فطعنته فَقتلته فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: وَيحك يَا أُسَامَة فَكيف لَك بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَيحك يَا أُسَامَة فَكيف لَك بِلَا إِلَه إِلَّا الله فَلم يزل يُرَدِّدهَا عَليّ حَتَّى لَوَدِدْت أَنِّي انسلخت من كل عمل عملته واستقبلت الْإِسْلَام يَوْمئِذٍ جَدِيدا فَلَا وَالله أقَاتل أحدا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله بَعْدَمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن سعد عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ أُسَامَة بن زيد: لَا أقَاتل رجلا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله أبدا فَقَالَ سعد بن مَالك: وَأَنا - وَالله - لَا أقَاتل رجلا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله أبدا فَقَالَ لَهما رجل: ألم يقل الله (وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة وَيكون الدّين كُله لله) (الْبَقَرَة الْآيَة 193) فَقَالَا: قد قاتلنا حَتَّى لم تكن فتْنَة وَكَانَ الدّين كُله لله وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ عَن عقبَة بن مَالك اللَّيْثِيّ قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فغارت على وقم فَأتبعهُ رجل من السّريَّة شاهراً فَقَالَ الشاذ من الْقَوْم: إِنِّي مُسلم فَلم ينظر فِيمَا قَالَ فَضَربهُ فَقتله فنمي الحَدِيث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ فِيهِ قولا شَدِيدا فَبلغ الْقَاتِل فَبينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب إِذْ قَالَ الْقَاتِل: وَالله مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تعوّذاً من الْقَتْل فَأَعْرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ وَعَمن قبله من النَّاس وَأخذ فِي خطبَته ثمَّ قَالَ أَيْضا: يَا رَسُول الله مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تعوّذاً من الْقَتْل فَأَعْرض عَنهُ وَعَمن قبله من النَّاس وَأخذ فِي خطبَته ثمَّ لم يصبر فَقَالَ الثَّالِثَة: وَالله يَا رَسُول الله مَا قَالَ الَّذِي قَالَ إِلَّا تعوّذاً من الْقَتْل فَأقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعرف المساءة فِي وَجهه فَقَالَ: إِن الله أَبى عليّ لمن قتل مُؤمنا ثَلَاث مرَارًا وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن اخْتلفت أَنا وَرجل من الْمُشْركين بضربتين فَقطع يَدي فَلَمَّا علوته بِالسَّيْفِ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله أضربه أم أَدَعهُ قَالَ: بل دَعه قلت: قطع يَدي قَالَ: إِن ضَربته بعد أَن قَالَهَا فَهُوَ مثلك قبل أَن تقتله وَأَنت مثله قبل أَن يَقُولهَا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جُنْدُب البَجلِيّ قَالَ: إِنِّي لعِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين جَاءَهُ بشير من سريته فَأخْبرهُ بالنصر الَّذِي نصر الله سريته وبفتح الله الَّذِي فتح لَهُم قَالَ: يَا رَسُول الله بَينا نَحن نطلب الْقَوْم وَقد هَزَمَهُمْ الله تَعَالَى إِذْ لحقت رجلا بِالسَّيْفِ فَلَمَّا خشِي أَن السَّيْف واقعه وَهُوَ يسْعَى وَيَقُول: إِنِّي مُسلم إِنِّي مُسلم قَالَ: فَقتلته فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّمَا تعوّذ فَقَالَ: فَهَلا شققت عَن قلبه فَنَظَرت أصادق هُوَ أم كَاذِب فَقَالَ: لَو شققت عَن قلبه مَا كَانَ علمي هَل قلبه إِلَّا مُضْغَة من لحم قَالَ: لَا مَا فِي قلبه تعلم وَلَا لِسَانه صدقت قَالَ: يَا رَسُول الله اسْتغْفر لي قَالَ: لَا أسْتَغْفر لَك فَمَاتَ ذَلِك الرجل فدفنوه فَأصْبح على وَجه الأَرْض ثمَّ دفنوه فَأصْبح على وَجه الأَرْض ثَلَاث مَرَّات فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك اسْتَحْيوا وخزوا مِمَّا لَقِي فاحتملوه فألقوه فِي شعب من تِلْكَ الشعاب الْآيَتَانِ 95 - 96

95

أخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: لما نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ} قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ادْع فلَانا وَفِي لفظ: ادْع زيدا فجَاء وَمَعَهُ الدواة واللوح والكتف فَقَالَ: اكْتُبْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} وَخلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أم مَكْتُوم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي ضَرِير فَنزلت مَكَانهَا {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب قَالَ: حَدثنِي سهل بن سعد السَّاعِدِيّ ان مَرْوَان بن الحكم أخبرهُ: أَن زيد بن ثَابت أخبرهُ: أَن رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمْلى عَلَيْهِ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} فجَاء ابْن أم مَكْتُوم وَهُوَ يُمْلِيهَا عليّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله لَو أَسْتَطِيع الْجِهَاد لَجَاهَدْت - وَكَانَ أعمى - فَأنْزل الله على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفَخذه على فَخذي فَثقلَتْ عليّ حَتَّى خفت أَن ترض فَخذي ثمَّ سري عَنهُ فَأنْزل الله {غير أولي الضَّرَر} قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح قَالَ: وَفِي هَذَا الحَدِيث رِوَايَة رجل من الصَّحَابَة وَهُوَ سهل بن سعد عَن رجل من التَّابِعين وَهُوَ مَرْوَان بن الحكم لم يسمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَأحمد وَأَبُو دَاوُود وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق خَارِجَة بن زيد بن ثَابت عَن زيد بن ثَابت قَالَ: كنت إِلَى جنب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَغَشِيتهُ السكينَة فَوَقَعت فَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على فَخذي فَمَا وجدت ثقل شَيْء أثقل من فَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ سري عَنهُ: فَقَالَ: اكْتُبْ فَكتبت فِي كتف {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ ابْن أم مَكْتُوم - وَكَانَ رجلا أعمى - لما سمع فضل الْمُجَاهدين: يَا رَسُول الله فَكيف بِمن لَا يَسْتَطِيع الْجِهَاد من الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا قضى كَلَامه غشيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السكينَة فَوَقَعت فَخذه على فَخذي فَوجدت ثقلهَا فِي الْمرة الثَّانِيَة كَمَا وجدت فِي الْمرة الأولى ثمَّ سري عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اقْرَأ يَا زيد فَقَرَأت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اكْتُبْ {غير أولي الضَّرَر} الْآيَة قَالَ زيد: أنزلهَا الله وَحدهَا فَأَلْحَقْتهَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لكَأَنِّي أنظر إِلَى مُلْحَقهَا عِنْد صدع فِي كتف وَأخرج ابْن فهر فِي كتاب الْفَضَائِل مَالك وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عبد الله بن رَافع قَالَ: قدم هَارُون الرشيد الْمَدِينَة فَوجه الْبَرْمَكِي إِلَى مَالك وَقَالَ لَهُ: احْمِلْ إليّ الْكتاب الَّذِي صنفته حَتَّى أسمعهُ مِنْك فَقَالَ للبرمكي: أقرئه السَّلَام وَقل لَهُ: إِن الْعلم يزار وَلَا يزور وَإِن الْعلم يُؤْتى وَلَا يَأْتِي فَرجع الْبَرْمَكِي إِلَى هَارُون فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يبلغ أهل الْعرَاق أَنَّك وجهت إِلَى مَالك فخالفك اعزم عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيك فَإِذا بِمَالك قد دخل وَلَيْسَ مَعَه كتاب وَأَتَاهُ مُسلما فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الله جعلك فِي هَذَا الْموضع لعلمك فَلَا تكن أَنْت أوّل من يضع الْعلم فيضعك الله وَلَقَد رَأَيْت من لَيْسَ فِي حَسبك وَلَا بَيْتك يعز هَذَا الْعلم ويجله فَأَنت أَحْرَى أَن

تعز وتجل علم ابْن عمك وَلم يزل يعدد عَلَيْهِ من ذَلِك حَتَّى بَكَى هَارُون ثمَّ قَالَ أَخْبرنِي الزُّهْرِيّ عَن خَارِجَة بن زيد قَالَ: قَالَ زيد بن ثَابت: كنت أكتب بيد يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كتف {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير} وَابْن أم مَكْتُوم عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله قد أنزل الله فِي فضل الْجِهَاد مَا أنزل وَأَنا رجل ضَرِير فَهَل لي من رخصَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا أَدْرِي قَالَ زيد بن ثَابت: وقلمي رطب مَا جف حَتَّى غشي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي وَوَقع فَخذه على فَخذي حَتَّى كَادَت تدق من ثقل الْوَحْي ثمَّ جلى عَنهُ فَقَالَ لي: اكْتُبْ يَا زيد {غير أولي الضَّرَر} فيا أَمِير الْمُؤمنِينَ حرف وَاحِد بعث بِهِ جِبْرِيل وَالْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام من مسيرَة خمسين ألف عَام حَتَّى أنزل على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يَنْبَغِي لي أَن أعزه وأجله وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر} عَن بدر والخارجين إِلَى بدر لما نزلت غَزْوَة بدر قَالَ عبد الله بن جحش وَابْن أم مَكْتُوم: انا أعميان يَا رَسُول الله فَهَل لنا رخصَة فَنزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر} وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين دَرَجَة فهولاء الْقَاعِدُونَ غير أولي الضَّرَر {فضل الله الْمُجَاهدين بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم على القاعدين} دَرَجَات مِنْهُ على القاعدين من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ} عَن بدر والخارجين إِلَيْهَا وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن زيد بن أَرقم قَالَ: لما نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} جَاءَ ابْن أم مَكْتُوم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أما لي من رخصَة قَالَ: لَا قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي ضَرِير فرخِّص لي فَأنْزل الله {غير أولي الضَّرَر} فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكتابتها وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ عَن الفلتان ابْن عَاصِم قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل عَلَيْهِ وَكَانَ إِذا أنزل عَلَيْهِ دَامَ بَصَره مَفْتُوحَة عَيناهُ وَفرغ سَمعه وَقَلبه لما يَأْتِيهِ من الله قَالَ: فَكُنَّا نَعْرِف ذَلِك مِنْهُ

فَقَالَ لِلْكَاتِبِ: اكْتُبْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} فَقَامَ الْأَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا ذنبنا فَأنْزل الله فَقُلْنَا للأعمى: إِنَّه ينزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فخاف أَن يكون ينزل عَلَيْهِ شَيْء فِي أمره فَبَقيَ قَائِما يَقُول: أعوذ بغضب رَسُول الله فَقَالَ لِلْكَاتِبِ: اكْتُبْ {غير أولي الضَّرَر} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} فَسمع بذلك عبد الله بن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله قد أنزل الله فِي الْجِهَاد مَا قد علمت وَأَنا رجل ضَرِير الْبَصَر لَا أَسْتَطِيع الْجِهَاد فَهَل لي من رخصَة عِنْد الله إِن قعدت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أمرت فِي شَأْنك بِشَيْء وَمَا أَدْرِي هَل يكون لَك ولأصحابك من رخصَة فَقَالَ ابْن أم مَكْتُوم: اللَّهُمَّ إِنِّي أنْشدك بَصرِي فَأنْزل الله {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر} وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي نَضرة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي قوم كَانَت تشغلهم أمراض وأوجاع فَأنْزل الله عذرهمْ من السَّمَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن أنس بن مَالك قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي ابْن أم مَكْتُوم {غير أولي الضَّرَر} لقد رَأَيْته فِي بعض مشَاهد الْمُسلمين مَعَه اللِّوَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عبد الله بن شَدَّاد قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ} قَامَ ابْن أم مَكْتُوم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي ضَرِير كَمَا ترى فَأنْزل الله {غير أولي الضَّرَر} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنه لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ عبد الله بن أم مَكْتُوم: يَا نَبِي الله عُذْري فَأنْزل الله {غير أولي الضَّرَر} وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد قَالَ: نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} فَقَالَ رجل أعمى: يَا نَبِي الله فَإِنِّي أحب الْجِهَاد وَلَا أَسْتَطِيع أَن أجاهد فَنزلت {غير أولي الضَّرَر} وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ ابْن أم مَكْتُوم: يَا رَسُول الله إِنِّي أعمى وَلَا أُطِيق الْجِهَاد فَأنْزل الله فِيهِ {غير أولي الضَّرَر}

وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق زِيَاد بن فياض عَن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ: لما نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} قَالَ عَمْرو بن أم مَكْتُوم: يَا رب ابتليتني فَكيف أصنع فَنزلت {غير أولي الضَّرَر} وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ثَابت عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى قَالَ: لما نزلت {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله} قَالَ ابْن أم مَكْتُوم: أَي رب أَيْن عُذْري أَي رب أَيْن عُذْري فَنزلت {غير أولي الضَّرَر} فَوضعت بَينهَا وَبَين الْأُخْرَى فَكَانَ بعد ذَلِك يَغْزُو وَيَقُول: ادفعوا إِلَيّ اللِّوَاء وأقيموني بَين الصفين فَإِنِّي لن أفر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: نزلت فِي ابْن أم مَكْتُوم أَربع آيَات {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر} وَنزل فِيهِ (لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج) (النُّور الْآيَة 61) وَنزل فِيهِ (فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار ) (الْحَج الْآيَة 16) الْآيَة وَنزل فِيهِ (عبس وَتَوَلَّى) (عبس الْآيَة 1) فَدَعَا بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأدناه وقربه وَقَالَ: أَنْت الَّذِي عَاتَبَنِي فِيك رَبِّي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: لَا يَسْتَوِي فِي الْفضل الْقَاعِد عَن الْعَدو والمجاهد دَرَجَة يَعْنِي فَضِيلَة {وكلا} يَعْنِي الْمُجَاهِد والقاعد الْمَعْذُور {وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين} الَّذين لَا عذر لَهُم {أجرا عَظِيما دَرَجَات} يَعْنِي فَضَائِل {وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما} بِفضل سبعين دَرَجَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {غير أولي الضَّرَر} قَالَ: أهل الْعذر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فضل الله الْمُجَاهدين بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم على القاعدين دَرَجَة} قَالَ: على أهل الضَّرَر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وكلا وعد الله الْحسنى} أَي الْجنَّة وَالله يُؤْتِي كل ذِي فضل فَضله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين أجرا عَظِيما دَرَجَات مِنْهُ ومغفرة} قَالَ على القاعدين من الْمُؤمنِينَ {غير أولي الضَّرَر}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {دَرَجَات مِنْهُ ومغفرة وَرَحْمَة} قَالَ: كَانَ يُقَال: الْإِسْلَام دَرَجَة وَالْهجْرَة دَرَجَة فِي الْإِسْلَام وَالْجهَاد فِي الْهِجْرَة دَرَجَة وَالْقَتْل فِي الْجِهَاد دَرَجَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن وهب قَالَ: سَأَلت ابْن زيد عَن قَول الله تَعَالَى {وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين أجرا عَظِيما دَرَجَات مِنْهُ} الدَّرَجَات هِيَ السَّبع لتي ذكرهَا فِي سُورَة بَرَاءَة (مَا كَانَ لأهل الْمَدِينَة وَمن حَولهمْ أَن يتخلفوا عَن رَسُول الله وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفسِهِم عَن نَفسه ذَلِك بِأَنَّهُم لَا يصيبهم ظمأ وَلَا نصب) فَقَرَأَ حَتَّى بلغ (أحسن مَا كَانُوا يعْملُونَ) (التَّوْبَة الْآيَة 120 - 121) قَالَ: هَذِه السَّبع دَرَجَات قَالَ: كَانَ أول شَيْء فَكَانَت دَرَجَة الْجِهَاد مجملة فَكَانَ الَّذِي جَاهد بِمَالِه لَهُ اسْم فِي هَذِه فَلَمَّا جَاءَت هَذِه الدَّرَجَات بالتفضيل أخرج مِنْهَا وَلم يكن لَهُ مِنْهَا إِلَّا النَّفَقَة فَقَرَأَ (لَا يصيبهم ظمأ وَلَا نصب) (التَّوْبَة الْآيَة 120) وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا لصَاحب النَّفَقَة ثمَّ قَرَأَ (وَلَا يُنْفقُونَ نَفَقَة) قَالَ: وَهَذِه نَفَقَة الْقَاعِد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن محيريز فِي قَوْله {وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين أجرا عَظِيما دَرَجَات} قَالَ: الدَّرَجَات سَبْعُونَ دَرَجَة مَا بَين الدرجتين عَدو الْجواد الْمُضمر سَبْعُونَ سنة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن أبي محلز فِي قَوْله {وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين أجرا عَظِيما دَرَجَات} قَالَ: بَلغنِي أَنَّهَا سَبْعُونَ دَرَجَة بَين كل دَرَجَتَيْنِ سَبْعُونَ عَاما للجواد الْمُضمر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {دَرَجَات مِنْهُ ومغفرة وَرَحْمَة} قَالَ: ذكر لنا أَن معَاذ بن جبل كَانَ يَقُول: إِن للقتيل فِي سَبِيل الله سِتّ خِصَال من خير: أول دفْعَة من دَمه يكفر بهَا عَنهُ ذنُوبه ويحلى عَلَيْهِ حلَّة الْإِيمَان ثمَّ يفوز من الْعَذَاب ثمَّ يَأْمَن من الْفَزع الْأَكْبَر ثمَّ يسكن الْجنَّة ويزوج من الْحور الْعين وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة أعدهَا الله للمجاهدين فِي سَبِيل الله مَا بَين

الدرجتين كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَإِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ الفردوس فَإِنَّهُ أَوسط الْجنَّة وَأَعْلَى الْجنَّة وفوقه عرش الرَّحْمَن وَمِنْه تفجر أَنهَار الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة أعدهَا الله للمجاهدين فِي سَبيله كل دَرَجَتَيْنِ بَينهمَا كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من رَضِي بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا وَجَبت لَهُ الْجنَّة عجب لَهَا أَبُو سعيد فَقَالَ: أعدهَا عليّ يَا رَسُول الله فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: وَأُخْرَى يرفع الله بهَا العَبْد مائَة دَرَجَة فِي الْجنَّة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض قَالَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ: الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من بلغ بِسَهْم فِي سَبِيل الله فَلهُ دَرَجَة فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا الدرجَة قَالَ: أما أَنَّهَا لَيست بِعتبَة أمك مَا بَين الدرجتين مائَة عَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْجنَّة مائَة دَرَجَة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ مِنْهَا كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن أبي مَالك قَالَ: كَانَ يُقَال: الْجنَّة مائَة دَرَجَة بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء إِلَى الأَرْض فِيهِنَّ الْيَاقُوت وَالْخَيْل فِي كل دَرَجَة أَمِير يرَوْنَ لَهُ الْفضل والسؤدد الْآيَات 97 - 99

97

أخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَن نَاسا من الْمُسلمين كَانُوا مَعَ الْمُشْركين يكثرون سَواد الْمُشْركين على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَأْتِي السهْم يَرْمِي بِهِ فَيُصِيب أحدهم فيقتله أَو يضْرب فَيقْتل فَأنْزل الله {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ قوم من أهل مَكَّة أَسْلمُوا وَكَانُوا يستخفون بِالْإِسْلَامِ فَأخْرجهُمْ الْمُشْركُونَ مَعَهم يَوْم بدر فأصيب بَعضهم وَقتل بعض فَقَالَ الْمُسلمُونَ: قد كَانَ أَصْحَابنَا هَؤُلَاءِ مُسلمين وأكرهوا فاستغفروا لَهُم فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ فَكتب إِلَى من بَقِي بِمَكَّة من الْمُسلمين بِهَذِهِ الْآيَة وَأَنه لَا عذر لَهُم فَخَرجُوا فلحقهم الْمُشْركُونَ فاعطوهم الْفِتْنَة فأنزلت فيهم هَذِه الْآيَة (وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه فَإِذا أوذي فِي الله جعل فتْنَة النَّاس كعذاب الله) (العنكبوت الْآيَة 10) إِلَى آخر الْآيَة فَكتب الْمُسلمُونَ إِلَيْهِم بذلك فَحَزِنُوا وَأَيِسُوا من كل خير فَنزلت فيهم (ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بعد مَا فتنُوا ثمَّ جاهدوا وصبروا إِن رَبك من بعْدهَا لغَفُور رَحِيم) (النَّحْل الْآيَة 110) فَكَتَبُوا إِلَيْهِم بذلك أَن الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا فَخَرجُوا فأدركهم الْمُشْركُونَ فقاتلوهم حَتَّى نجا من نجا وَقتل من قتل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم قَالُوا فيمَ كُنْتُم} إِلَى قَوْله {وَسَاءَتْ مصيراً} قَالَ: نزلت فِي قيس بن الْفَاكِه بن الْمُغيرَة والْحَارث بن زَمعَة بن الْأسود وَقيس بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأبي الْعَاصِ بن منية بن الْحجَّاج وَعلي بن أُميَّة بن خلف قَالَ: لما خرج الْمُشْركُونَ من قُرَيْش وأتباعهم لمنع أبي سُفْيَان بن حَرْب وعير قُرَيْش من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَأَن يطلبوا مَا نيل مِنْهُم يَوْم نَخْلَة خَرجُوا مَعَهم بشبان كارهين كَانُوا قد أَسْلمُوا واجتمعوا ببدر على غير موعد فَقتلُوا ببدر كفار وَرَجَعُوا عَن الْإِسْلَام وهم هَؤُلَاءِ الَّذين سميناهم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق فِي قَوْله {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة} قَالَ: هم خَمْسَة فتية من قُرَيْش: عَليّ بن أُميَّة وَأَبُو قيس بن الْفَاكِه وَزَمعَة بن الْأسود وَأَبُو العَاصِي بن منية بن الْحجَّاج قَالَ: ونسيت الْخَامِس وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: هم قوم تخلفوا بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتركُوا أَن يخرجُوا مَعَه فَمن مَاتَ مِنْهُم قبل أَن يلْحق بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضربت الْمَلَائِكَة وَجهه وَدبره وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ قوم بِمَكَّة قد أَسْلمُوا فَلَمَّا هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَرهُوا أَن يهاجروا وخافوا فَأنْزل الله {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم} إِلَى قَوْله {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: هم أنَاس من الْمُنَافِقين تخلفوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَلم يخرجُوا مَعَه إِلَى الْمَدِينَة وَخَرجُوا مَعَ مُشْركي قُرَيْش إِلَى بدر فأصيبوا يَوْم بدر فِيمَن أُصِيب فَأنْزل الله فيهم هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: لما أسر الْعَبَّاس وَعقيل وَنَوْفَل قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: افْدِ نَفسك وَابْن أَخِيك قَالَ: يَا رَسُول الله ألم نصل قبلتك ونشهد شهادتك قَالَ: يَا عَبَّاس إِنَّكُم خاصمتم فخصمتم ثمَّ تَلا عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة فتهاجروا فِيهَا فَأُولَئِك مأواهم جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيراً} فَيوم نزلت هَذِه الْآيَة كَانَ من أسلم وَلم يُهَاجر فَهُوَ كَافِر حَتَّى يُهَاجر {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} الَّذين {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} حِيلَة فِي المَال والسبيل الطَّرِيق قَالَ ابْن عَبَّاس: كنت أَنا مِنْهُم من الْولدَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: حدثت أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي أنَاس تكلمُوا بِالْإِسْلَامِ من أهل مَكَّة فَخَرجُوا مَعَ عَدو الله أبي جهل فَقتلُوا يَوْم بدر فاعتذروا بِغَيْر عذر فَأبى الله أَن يقبل مِنْهُم وَقَوله {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} قَالَ: أنَاس من أهل مَكَّة عذرهمْ الله فاستثناهم قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: كنت أَنا وَأمي من الَّذين لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة: نزلت هَذِه الْآيَة فِيمَن قتل يَوْم بدر من الضُّعَفَاء فِي كفار قُرَيْش

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: لما بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وظهروا ونبع الْإِيمَان نبع النِّفَاق مَعَه فَأتى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجال فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لَوْلَا أَنا نَخَاف هَؤُلَاءِ الْقَوْم يعذبونا ويفعلون ويفعلون لأسلمنا وَلَكنَّا نشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله فَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِك لَهُ فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر قَامَ الْمُشْركُونَ فَقَالُوا: لَا يتَخَلَّف عَنَّا أحد إِلَّا هدمنا دَاره واستبحنا مَاله فَخرج أُولَئِكَ الَّذين كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِك القَوْل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَهم فقتلت طَائِفَة مِنْهُم وأسرت طَائِفَة قَالَ: فَأَما الَّذين قتلوا فهم الَّذين قَالَ الله {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم} الْآيَة كلهَا {ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة فتهاجروا فِيهَا} وتتركوا هَؤُلَاءِ الَّذين يستضعفونكم {فَأُولَئِك مأواهم جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيراً} ثمَّ عذر الله أهل الصدْق فَقَالَ {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} يتوجهون لَهُ لَو خَرجُوا لهلكوا {فَأُولَئِك عَسى الله أَن يعْفُو عَنْهُم} اقامتهم بَين ظَهْري الْمُشْركين وَقَالَ الَّذين أَسرُّوا: يَا رَسُول الله انك تعلم انا كُنَّا نَأْتِيك فنشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَأَن هَؤُلَاءِ الْقَوْم خرجنَا مَعَهم خوفًا فَقَالَ الله (يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا يُؤْتكُم خيرا مِمَّا أَخذ مِنْكُم وَيغْفر لكم) (الْأَنْفَال الْآيَة 70) صنيعكم الَّذِي صَنَعْتُم خروجكم مَعَ الْمُشْركين على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتك فقد خانوا الله من قبل) (الْأَنْفَال الْآيَة 71) خَرجُوا مَعَ الْمُشْركين فَأمكن مِنْهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت أَنا وَأمي من الْمُسْتَضْعَفِينَ أَنا من الْولدَان وَأمي من النِّسَاء وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه تَلا {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان} قَالَ: كنت أَنا وَأمي مِمَّن عذر الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانو يَدْعُو فِي دبر كل صَلَاة: اللَّهُمَّ خلص الْوَلِيد وَسَلَمَة بن هِشَام وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة

وضعفة الْمُسلمين من أَيدي الْمُشْركين الَّذين لَا يَسْتَطِيعُونَ حلية وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: بَينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الْعشَاء إِذْ قَالَ: سمع الله لمن حَمده ثمَّ قَالَ قبل أَن يسْجد: اللَّهُمَّ نج عَيَّاش بن أبي ربيعَة اللَّهُمَّ نج سَلمَة بن هِشَام اللَّهُمَّ نج الْوَلِيد بن الْوَلِيد اللَّهُمَّ نج الْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُد وطأتك على مُضر اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِين كَسِنِي يُوسُف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ} يَعْنِي الشَّيْخ الْكَبِير والعجوز والجواري الصغار والغلمان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن يحيى قَالَ: مكث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعِينَ صباحاً يقنت فِي صَلَاة الصُّبْح بعد الرُّكُوع وَكَانَ يَقُول فِي قنوته: اللَّهُمَّ أَنْج الْوَلِيد بن الْوَلِيد وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة والعاصي بن هِشَام وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْمُؤمنِينَ بِمَكَّة الَّذين {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم} إِلَى قَوْله {وَسَاءَتْ مصيراً} قَالَ: كَانُوا قوما من الْمُسلمين بِمَكَّة فَخَرجُوا مَعَ قَومهمْ من الْمُشْركين فِي قتال فَقتلُوا مَعَهم فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان} فعذر الله أهل الْعذر مِنْهُم وَهلك من لَا عذر لَهُ قَالَ ابْن عَبَّاس: وَكنت أَنا وَأمي مِمَّن كَانَ لَهُ عذر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة} قُوَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة} قَالَ: نهوضاً إِلَى الْمَدِينَة {وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} طَرِيقا إِلَى الْمَدِينَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} طَرِيقا إِلَى الْمَدِينَة وَالله تَعَالَى أعلم الْآيَة 100

100

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مراغماً كثيرا وسعة} قَالَ: المراغم التَّحَوُّل من أَرض إِلَى أَرض وَالسعَة الرزق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {مراغماً} قَالَ: متزحزحاً عَمَّا يكره وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {مراغماً} قَالَ: منفسحاً بلغَة هُذَيْل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: واترك أَرض جهرة إِن عِنْدِي رَجَاء فِي المراغم والتعادي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: المراغم المُهَاجر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ مراغماً قَالَ: مبتغى للمعيشة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر مراغماً قَالَ منفسحاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {يجد فِي الأَرْض مراغماً كثيرا وسعة} قَالَ: متحولاً من الضَّلَالَة إِلَى الْهدى وَمن الْعيلَة إِلَى الْغنى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {وسعة} قَالَ: ورخاء وَأخرج عَن ابْن الْقَاسِم قَالَ: سُئِلَ مَالك عَن قَول الله {وسعة} قَالَ: سَعَة الْبلَاء وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد رِجَاله ثِقَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خرج ضَمرَة بن جُنْدُب من بَيته مُهَاجرا فَقَالَ لأَهله: احْمِلُونِي فاخرجوني من أَرض الْمُشْركين إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَاتَ فِي الطَّرِيق قبل أَن يصل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزل الْوَحْي {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ بِمَكَّة رجل يُقَال لَهُ ضَمرَة من بني بكر وَكَانَ مَرِيضا فَقَالَ لأَهله: أَخْرجُونِي من مَكَّة فَإِنِّي أجد الْحر فَقَالُوا أَيْن نخرجك فَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْو طَرِيق الْمَدِينَة فَخَرجُوا بِهِ فَمَاتَ على ميلين من مَكَّة فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت}

وَأخرج أَبُو حَاتِم السجسْتانِي فِي كتاب المعمرين عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله تَعَالَى {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أَكْثَم بن صَيْفِي قلت: فَأَيْنَ اللَّيْثِيّ قَالَ: هَذَا قبل اللَّيْثِيّ بِزَمَان وَهِي خَاصَّة عَامَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن جُبَير إِن رجلا من خُزَاعَة كَانَ بِمَكَّة فَمَرض وَهُوَ ضَمرَة بن الْعيص أَو الْعيص بن ضَمرَة بن زنباع فَلَمَّا أمروا بِالْهِجْرَةِ كَانَ مَرِيضا فَأمر أَهله أَن يفرشوا لَهُ على سَرِيره ففرشوا لَهُ وَحَمَلُوهُ وَانْطَلَقُوا بِهِ مُتَوَجها إِلَى الْمَدِينَة فَلَمَّا كَانَ بِالتَّنْعِيمِ مَاتَ فَنزل {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فقد وَقع أجره على الله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير عَن أبي ضَمرَة بن الْعيص الزرقي الَّذِي كَانَ مصاب الْبَصَر وَكَانَ بِمَكَّة فَلَمَّا نزلت (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة) (النِّسَاء الْآيَة 97) فَقَالَ: إِنِّي لَغَنِيّ وَإِنِّي لذُو حِيلَة فتجهز يُرِيد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأدركه الْمَوْت بِالتَّنْعِيمِ فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله} وَأخرج ابْن جرير من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر) (النِّسَاء الْآيَة 96) رخَّص فِيهَا لقوم من الْمُسلمين مِمَّن بِمَكَّة من أهل الضَّرَر حَتَّى نزلت فَضِيلَة الْمُجَاهدين على القاعدين وَرخّص لأهل الضَّرَر حَتَّى نزلت (إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم) إِلَى قَوْله (وَسَاءَتْ مصيرا) (النِّسَاء الْآيَة 96) قَالُوا: هَذِه مُوجبَة حَتَّى نزلت (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا) (النِّسَاء الْآيَة 98) فَقَالَ ضَمرَة بن الْعيص أحد بني لَيْث وَكَانَ مصاب الْبَصَر: إِنِّي لذُو حِيلَة لي مَال فاحملوني فَخرج وَهُوَ مَرِيض فأدركه الْمَوْت عِنْد التَّنْعِيم فَدفن عِنْد مَسْجِد التَّنْعِيم فَنزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت} الْآيَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ لما أنزل الله هَؤُلَاءِ الْآيَات وَرجل من الْمُؤمنِينَ يُقَال لَهُ ضمره وَلَفظ عبد سُبْرَة بِمَكَّة قَالَ: وَالله إِن لي من المَال مَا يبلغنِي إِلَى الْمَدِينَة وَأبْعد مِنْهَا وَإِنِّي لأَهْتَدِي إِلَى الْمَدِينَة فَقَالَ لأَهله: أَخْرجُونِي - وَهُوَ مَرِيض يَوْمئِذٍ - فَلَمَّا جَاوز الْحرم قَبضه الله فَمَاتَ فَأنْزل الله {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير من وَجه آخر عَن قَتَادَة قَالَ: لما نزلت (إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم) (النِّسَاء الْآيَة 97) قَالَ رجل من الْمُسلمين يَوْمئِذٍ وهومريض: وَالله مَا لي من عذر إِنِّي لدَلِيل بِالطَّرِيقِ وَإِنِّي لموسر فاحملوني فَحَمَلُوهُ فأدركه الْمَوْت بِالطَّرِيقِ فَنزل فِيهِ {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما أنزل الله (إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم) (النِّسَاء الْآيَة 97) الْآيَتَيْنِ قَالَ رجل من بني ضَمرَة - وَكَانَ مَرِيضا - أَخْرجُونِي إِلَى الرّوح فأخرجوه حَتَّى إِذا كَانَ بالحصحاص مَاتَ فَنزل فِيهِ {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن علْبَاء بن أَحْمَر قَوْله {وَمن يخرج من بَيته} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رجل من خُزَاعَة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لما سمع - هَذِه يَعْنِي (إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم ) (النِّسَاء الْآيَة 97) الْآيَة - ضَمرَة بن جُنْدُب الضمرِي قَالَ لأَهله - وَكَانَ وجعاً -: أرحلوا رَاحِلَتي فَإِن الأخشبين قد غماني - يَعْنِي جبلي مَكَّة - لعلّي أَن أخرج فيصيبني روح فَقعدَ على رَاحِلَته ثمَّ توجه نَحْو الْمَدِينَة فَمَاتَ فِي الطَّرِيق فَأنْزل الله {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا} الْآيَة وَأما حِين توجه إِلَى الْمَدِينَة فَإِنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي مهَاجر إِلَيْك وَإِلَى رَسُولك

وَأخرج سنيد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما نزلت (إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ) (النِّسَاء الْآيَة 97) الْآيَة قَالَ ضَمرَة بن جُنْدُب الجندعي: اللَّهُمَّ أبلغت المعذرة وَالْحجّة وَلَا معذرة لي وَلَا حجَّة ثمَّ خرج وَهُوَ شيخ كَبِير فَمَاتَ بِبَعْض الطَّرِيق فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَاتَ قبل أَن يُهَاجر فَلَا نَدْرِي أَعلَى ولَايَة أم لَا فَنزلت {وَمن يخرج من بَيته} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما أنزل الله فِي الَّذين قتلوا مَعَ مُشْركي قُرَيْش ببدر (إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم) (النِّسَاء الْآيَة 97) الْآيَة سمع بِمَا أنزل الله فيهم رجل من بني لَيْث كَانَ على دين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُقيما بِمَكَّة وَكَانَ مِمَّن عذر الله كَانَ شَيخا كَبِيرا فَقَالَ لأَهله: مَا أَنا ببائت اللَّيْلَة بِمَكَّة فَخَرجُوا بِهِ حَتَّى إِذا بلغ التَّنْعِيم من طَرِيق الْمَدِينَة أدْركهُ الْمَوْت فَنزل فِيهِ {وَمن يخرج من بَيته} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رجل من بني لَيْث أحد بني جندع وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط أَن جندع بن ضَمرَة الجندعي كَانَ بِمَكَّة فَمَرض فَقَالَ لِبَنِيهِ: أَخْرجُونِي من مَكَّة فقد قتلني غمها فَقَالُوا إِلَى أَيْن فَأَوْمأ بِيَدِهِ نَحْو الْمَدِينَة يُرِيد الْهِجْرَة فَخَرجُوا بِهِ فَلَمَّا بلغُوا اضاة بني غفار مَاتَ فَأنْزل الله فِيهِ {وَمن يخرج من بَيته} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: هَاجر رجل من بني كنَانَة يُرِيد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَاتَ فِي الطَّرِيق فَسخرَ بِهِ قوم واستهزؤوا بِهِ وَقَالَ: لَا هُوَ بلغ الَّذِي يُرِيد وَلَا هُوَ أَقَامَ فِي أَهله يقومُونَ عَلَيْهِ ويدفن فَنزل الْقُرْآن {وَمن يخرج من بَيته} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: خرج رجل من مَكَّة بعد مَا أسلم وَهُوَ يُرِيد النَّبِي وَأَصْحَابه فأدركه الْمَوْت فِي الطَّرِيق فَمَاتَ فَقَالُوا: مَا أدْرك هَذَا من شَيْء فَأنْزل الله {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن الزبير بن الْعَوام قَالَ: هَاجر خَالِد بن حزَام إِلَى أَرض الْحَبَشَة فنهشته حَيَّة فِي الطَّرِيق فَمَاتَ فَنزلت

فِيهِ {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فقد وَقع أجره على الله وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما} قَالَ الزبير: وَكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وَأَنا بِأَرْض الْحَبَشَة فَمَا أحزنني شَيْء حزني لوفاته حِين بَلغنِي لِأَنَّهُ قلَّ أَن هَاجر أحدٌ من قُرَيْش إِلَّا وَمَعَهُ بعض أَهله أَو ذِي رَحمَه وَلم يكن معي أحد من بني أَسد بن عبد الْعُزَّى وَلَا أَرْجُو غَيره وَأخرج ابْن سعد عَن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن الْخُزَاعِيّ عَن أَبِيه قَالَ: خرج خَالِد بن حزَام مُهَاجرا إِلَى أَرض الْحَبَشَة فِي الْمرة الثَّانِيَة فنهش فِي الطَّرِيق فَمَاتَ قبل أَن يدْخل أَرض الْحَبَشَة فَنزلت فِيهِ {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن يزِيد بن أبي حبيب أَن أهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ: من خرج فاصلاً وَجب سَهْمه وتأولوا قَوْله تَعَالَى {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله} يَعْنِي من مَاتَ مِمَّن خرج إِلَى الْغَزْو بعد انْفِصَاله من منزله قبل أَن يشْهد الْوَقْعَة فَلهُ سَهْمه من الْمغنم وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عتِيك سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من خرج من بَيته مُجَاهدًا فِي سَبِيل الله - وَأَيْنَ المجاهدون فِي سَبِيل الله - فَخر عَن دَابَّته فَمَاتَ فقد وَقع أجره على الله أَو لدغته دَابَّة فَمَاتَ فقد وَقع أجره على الله أَو مَاتَ حتف أَنفه فقد وَقع أجره على الله - يَعْنِي بحتف أَنفه على فرَاشه وَالله إِنَّهَا لكلمة مَا سَمعتهَا من أحد من الْعَرَب قبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَمن قتل قعصاً فقد اسْتوْجبَ الْجنَّة وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من خرج حَاجا فَمَاتَ كتب لَهُ أجر الْحَاج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمن خرج مُعْتَمِرًا فَمَاتَ كتب لَهُ أجر الْمُعْتَمِر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَمن خرج غازياً فِي سَبِيل الله كتب لَهُ أجر الْغَازِي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة الْآيَة 101

101

أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْجَارُود وَابْن خُزَيْمَة والطَّحَاوِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن حبَان عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ: سَأَلت عمر بن الْخطاب قلت: {فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} وَقد أَمن النَّاس فَقَالَ لي عمر: عجبت مِمَّا عجبت مِنْهُ فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَقَالَ: صَدَقَة تصدق الله بهَا عَلَيْكُم فاقبلوا صدقته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي حَنْظَلَة قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن صَلَاة السّفر فَقَالَ: رَكْعَتَانِ فَقلت: فَأَيْنَ قَوْله تَعَالَى {إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} وَنحن آمنون فَقَالَ: سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أُميَّة بن عبد الله بن خَالِد بن أَسد أَنه سَأَلَ ابْن عمر أَرَأَيْت قصر الصَّلَاة فِي السّفر أَنا لَا نجدها فِي كتاب الله إِنَّمَا نجد ذكر صَلَاة الْخَوْف فَقَالَ ابْن عمر: يَا ابْن أخي إِن الله أرسل مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا نعلم شَيْئا فَإِنَّمَا نَفْعل كَمَا رَأينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل وَقصر الصَّلَاة فِي السّفر سنة سنّهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن حَارِثَة بن وهب الْخُزَاعِيّ قَالَ: صليت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَالْعصر بمنى أَكثر مَا كَانَ النَّاس وآمنه رَكْعَتَيْنِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صلينَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَنحن آمنون لَا نَخَاف شَيْئا رَكْعَتَيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: سَافَرت إِلَى مَكَّة فَكنت أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فلقيني قراء من أهل هَذِه النَّاحِيَة فَقَالُوا: كَيفَ تصلي قلت رَكْعَتَيْنِ قَالُوا أَسُنَّةٌ وَقُرْآن قلت: كل سُنَّةٍ وَقُرْآن صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ قَالُوا إِنَّه كَانَ فِي حَرْب قلت: قَالَ الله (لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام إِن شَاءَ الله آمِنين مُحَلِّقِينَ رؤوسكم وَمُقَصِّرِينَ لَا تخافون) (الْفَتْح الْآيَة 27) وَقَالَ {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة}

فَقَرَأَ حَتَّى بلغ (فَإِذا اطمأننتم) (النِّسَاء الْآيَة 102) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صلينَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَنحن آمنون لَا نَخَاف شَيْئا رَكْعَتَيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ قَالَ: سَأَلَ قوم من التُّجَّار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا نضرب فِي الأَرْض فَكيف نصلي فَأنْزل الله {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} ثمَّ انْقَطع الْوَحْي فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك بحول غزا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى الظّهْر فَقَالَ الْمُشْركُونَ: لقد أمكنكم مُحَمَّد وَأَصْحَابه من ظُهُورهمْ هلا شددتم عَلَيْهِم فَقَالَ قَائِل مِنْهُم: إِن لَهُم مثلهَا أُخْرَى فِي أَثَرهَا فَأنْزل الله بَين الصَّلَاتَيْنِ {إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا إِن الْكَافرين كَانُوا لكم عدوا مُبينًا وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة فلتقم طَائِفَة مِنْهُم مَعَك} إِلَى قَوْله {إِن الله أعد للْكَافِرِينَ عذَابا مهيناً} فَنزلت صَلَاة الْخَوْف وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل تَاجر أختلف إِلَى الْبَحْرين فَأمره أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبيّ بن كَعْب أَنه كَانَ يقْرَأ {أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} وَلَا يقْرَأ {إِن خِفْتُمْ} وَهِي فِي مصحف عُثْمَان {إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عمر بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي بكر الصّديق قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت عَائِشَة تَقول: فِي السّفر أَتموا صَلَاتكُمْ فَقَالُوا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ فَقَالَت: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي حَرْب وَكَانَ يخَاف هَل تخافون أَنْتُم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء أَي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتم الصَّلَاة فِي السّفر قَالَ: عَائِشَة وَسعد بن أبي وَقاص وَأخرج ابْن جرير عَن أُميَّة بن عبد الله أَنه قَالَ لعبد الله بن عمر: أَنا نجد فِي كتاب الله قصر الصَّلَاة فِي الْخَوْف وَلَا نجد قصر صَلَاة الْمُسَافِر فَقَالَ عبد الله: إِنَّا وجدنَا نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْمل عملا عَملنَا بِهِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} قَالَ: أنزلت يَوْم كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعسفان وَالْمُشْرِكُونَ بضجنان فتوافقوا فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الظّهْر أَرْبعا ركوعهم وسجودهم وقيامهم مَعًا جمعا فهم بِهِ الْمُشْركُونَ أَن يُغيرُوا على أمتعتهم وأثقالهم فَأنْزل الله (فلتقم طَائِفَة مِنْهُم مَعَك) (النِّسَاء الْآيَة 102) فصلى الْعَصْر فَصف أَصْحَابه صفّين ثمَّ كبر بهم جَمِيعًا ثمَّ سجد الْأَولونَ لسجوده وَالْآخرُونَ قيام لم يسجدوا حَتَّى قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ كبر بهم وركعوا جَمِيعًا فَتقدم الصَّفّ الآخر واستأخر الصَّفّ الْمُقدم فتعاقبوا السُّجُود كَمَا فعلوا أول مرّة وَقصر الْعَصْر إِلَى رَكْعَتَيْنِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَاوس فِي قَوْله {أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} قَالَ: قصرهَا من الْخَوْف والقتال الصَّلَاة فِي كل وَجه رَاكِبًا وماشياً قَالَ: فَأَما صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الركعتان وَصَلَاة النَّاس فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ بقصر هُوَ وفاؤها وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَمْرو بن دِينَار فِي قَوْله {إِن خِفْتُمْ أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} قَالَ: إِنَّمَا ذَلِك إِذا خَافُوا الَّذين كفرُوا وَسن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد رَكْعَتَيْنِ وَلَيْسَ بقصر وَلكنهَا وَفَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} إِذا صليت رَكْعَتَيْنِ فِي السّفر فَهِيَ تَمام وَالتَّقْصِير لَا يحل إِلَّا أَن تخَاف من الَّذين كفرُوا أَن يفتنوك عَن الصَّلَاة وَالتَّقْصِير رَكْعَة يقوم الإِمَام وَيقوم مَعَه طَائِفَتَانِ طَائِفَة خَلفه وَطَائِفَة يوازون الْعَدو فَيصَلي بِمن مَعَه رَكْعَة ويمشون إِلَيْهِم على أدبارهم حَتَّى يقومُوا فِي مقَام أَصْحَابهم وَتلك المشية الْقَهْقَرَى ثمَّ تَأتي الطَّائِفَة الْأُخْرَى فَتُصَلِّي مَعَ الإِمَام رَكْعَة ثمَّ يجلس الإِمَام فَيسلم فَيقومُونَ فيصلون لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة ثمَّ يرجعُونَ إِلَى صفهم وَيقوم الْآخرُونَ فيضيفون إِلَى ركعته شَيْئا تُجزئه رَكْعَة الإِمَام فَيكون للْإِمَام رَكْعَتَانِ وَلَهُم رَكْعَة فَذَلِك قَول الله (وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة) إِلَى قَوْله (وخذوا حذركُمْ) (النِّسَاء الْآيَة 102)

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ايْنَ عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {أَن يَفْتِنكُم الَّذين كفرُوا} قَالَ: بِالْعَذَابِ وَالْجهل بلغَة هوزان قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: كل امرىء من عباد الله مضطهد بِبَطن مَكَّة مقهور ومفتون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سماك الْحَنَفِيّ قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن صَلَاة السّفر فَقَالَ: رَكْعَتَانِ تَمام غير قصر إِنَّمَا الْقصر صَلَاة المخافة قلت: وَمَا صَلَاة المخافة قَالَ: يُصَلِّي الإِمَام بطَائفَة رَكْعَة ثمَّ يَجِيء هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَان هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء إِلَى مَكَان هَؤُلَاءِ فَيصَلي بهم رَكْعَة فَيكون للْإِمَام رَكْعَتَانِ وَلكُل طَائِفَة رَكْعَة رَكْعَة وَأخرج مَالك وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة قَالَت: فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي السّفر والحضر فأقرت صَلَاة السّفر وَزيد فِي صَلَاة الْحَضَر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَائِشَة قَالَت: فرضت الصَّلَاة على النَّبِي بِمَكَّة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا خرج إِلَى الْمَدِينَة فرضت أَرْبعا وأقرت صَلَاة السّفر رَكْعَتَيْنِ وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت: فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمغرب فرضت ثَلَاثًا وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَافر صلى الصَّلَاة الأولى وَإِذا أَقَامَ زَاد مَعَ كل رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمغرب لِأَنَّهَا وتر وَالصُّبْح لِأَنَّهَا تطول فِيهَا الْقِرَاءَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا أهل مَكَّة لَا تقصرُوا الصَّلَاة فِي أدنى من أَرْبَعَة برد من مَكَّة إِلَى عسفان وَأخرج الشَّافِعِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَن عبد الله بن عمر وَعبد الله بن عَبَّاس كَانَا يصليان رَكْعَتَيْنِ ويفطران فِي أَرْبَعَة برد فَمَا فَوق ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ أتقصر إِلَى عَرَفَة فَقَالَ: لَا وَلَكِن إِلَى عسفان وَإِلَى جدة وَإِلَى الطَّائِف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير والنحاس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فرض الله الصَّلَاة على لِسَان نَبِيكُم فِي الْحَضَر أَرْبعا وَفِي السّفر رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْف رَكْعَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض} الْآيَة قَالَ:

قصر الصَّلَاة - إِن لقِيت الْعَدو وَقد حانت الصَّلَاة - أَن تكبر الله وتخفض رَأسك إِيمَاء رَاكِبًا كنت أَو مَاشِيا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة} قَالَ: ذَاك عِنْد الْقِتَال يُصَلِّي الرجل الرَّاكِب تَكْبِيرَة من حَيْثُ كَانَ وَجهه الْآيَتَانِ 102 - 103

102

أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي عَيَّاش الزرقي قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعسفان فَاسْتقْبلنَا الْمُشْركُونَ عَلَيْهِم خَالِد بن الْوَلِيد وهم بَيْننَا وَبَين الْقبْلَة فصلى بِنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر فَقَالُوا: قد كَانُوا على حَال لَو أصبْنَا غرتهم ثمَّ قَالُوا: يَأْتِي عَلَيْهِم الْآن صَلَاة هِيَ أحب إِلَيْهِم من أبنائهم وأنفسهم فَنزل جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَات بَين الظّهْر وَالْعصر {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} فَحَضَرت فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذُوا السِّلَاح وصففنا خَلفه صفّين ثمَّ ركع فَرَكَعْنَا جَمِيعًا ثمَّ سجد بالصف الَّذِي يَلِيهِ وَالْآخرُونَ قيام يَحْرُسُونَهُمْ فَلَمَّا سجدوا وَقَامُوا جلس الْآخرُونَ فسجدوا فِي مكانهم ثمَّ تقدم هَؤُلَاءِ إِلَى مصَاف هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء إِلَى مصَاف هَؤُلَاءِ

ثمَّ ركع فركعوا جَمِيعًا ثمَّ رفع فَرفعُوا جَمِيعًا ثمَّ سجد الصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ وَالْآخرُونَ قيام يَحْرُسُونَهُمْ فَلَمَّا جَلَسُوا جلس الْآخرُونَ فسجدوا ثمَّ سلم عَلَيْهِم ثمَّ انْصَرف قَالَ: فَصلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّتَيْنِ: مرّة بعسفان وَمرَّة بِأَرْض بني سليم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل بَين ضجنَان وَعُسْفَان فَقَالَ الْمُشْركُونَ: إِن لهَؤُلَاء صَلَاة هِيَ أحب إِلَيْهِم من آبَائِهِم وَأَبْنَائِهِمْ وَهِي الْعَصْر فَأَجْمعُوا أَمركُم فَمِيلُوا عَلَيْهِم مَيْلَة وَاحِدَة وَإِن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره أَن يقسم أَصْحَابه شطرين فَيصَلي بهم وَتقوم طَائِفَة أُخْرَى وَرَاءَهُمْ {وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم} ثمَّ يَأْتِي الْآخرُونَ وَيصلونَ مَعَه رَكْعَة وَاحِدَة ثمَّ يَأْخُذ هَؤُلَاءِ حذرهم وأسلحتهم فَيكون لَهُم رَكْعَة رَكْعَة ولرسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَانِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد الْفَقِير قَالَ: سَأَلت جَابر بن عبد الله عَن الرَّكْعَتَيْنِ فِي السّفر أقصرهما قَالَ الركعتان فِي السّفر تَمام إِنَّمَا الْقصر وَاحِدَة عِنْد الْقِتَال بَينا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قتال إِذْ أُقِيمَت الصَّلَاة فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصفت طَائِفَة وَطَائِفَة وجوهها قبل الْعَدو فصلى بهم رَكْعَة وَسجد بهم سَجْدَتَيْنِ ثمَّ الَّذين خلفوا انْطَلقُوا إِلَى أُولَئِكَ فَقَامُوا مقامهم وَجَاء أُولَئِكَ فَقَامُوا خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى بهم رَكْعَة وَسجد بهم سَجْدَتَيْنِ ثمَّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلس فَسلم وَسلم الَّذين خَلفه وَسلم أُولَئِكَ فَكَانَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَانِ وَلِلْقَوْمِ رَكْعَة ثمَّ قَرَأَ {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سُلَيْمَان الْيَشْكُرِي أَنه سَأَلَ جَابر بن عبد الله عَن إقْصَار الصَّلَاة أَي يَوْم أنزل فَقَالَ جَابر بن عبد الله: وعير قُرَيْش آتِيَة من الشَّام حَتَّى إِذا كُنَّا بِنَخْل جَاءَ رجل من الْقَوْم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد قَالَ: نعم قَالَ: هَل تخافني قَالَ: لَا قَالَ: فَمن يمنعك مني قَالَ: الله يَمْنعنِي مِنْك قَالَ: فسل السَّيْف ثمَّ تهدده وأوعده ثمَّ نَادَى بالرحيل وَأخذ السِّلَاح ثمَّ نُودي بِالصَّلَاةِ فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بطَائفَة من الْقَوْم وَطَائِفَة أُخْرَى تحرسهم فصلى بالذين يلونه رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تَأَخّر الَّذين يلونه على أَعْقَابهم فَقَامُوا فِي مصَاف أَصْحَابهم ثمَّ جَاءَ الْآخرُونَ فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ وَالْآخرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ ثمَّ سلم فَكَانَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع رَكْعَات وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ يَوْمئِذٍ فَأنْزل الله فِي إقْصَار الصَّلَاة وَأمر الْمُؤمنِينَ بِأخذ السِّلَاح

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه فِي قَوْله {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} قَالَ: هِيَ صَلَاة الْخَوْف صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَة والطائفة الْأُخْرَى مقبلة على الْعَدو ثمَّ انصرفت الطَّائِفَة الَّتِي صلت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامُوا مقَام أُولَئِكَ مُقْبِلين على الْعَدو وَأَقْبَلت الطَّائِفَة الْأُخْرَى الَّتِي كَانَت مقبلة على الْعَدو فصلى بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَة أُخْرَى ثمَّ سلم بهم ثمَّ قَامَت طَائِفَة فصلوا رَكْعَة رَكْعَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة فلتقم طَائِفَة مِنْهُم مَعَك} فَهَذَا فِي الصَّلَاة عِنْد الْخَوْف يقوم الإِمَام وَيقوم مَعَه طَائِفَة مِنْهُم وَطَائِفَة يَأْخُذُونَ أسلحتهم ويقفون بِإِزَاءِ الْعَدو فَيصَلي الإِمَام بِمن مَعَه رَكْعَة ثمَّ يجلس على هَيئته فَيقوم الْقَوْم فيصلون لأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَة الثَّانِيَة وَالْإِمَام جَالس ثمَّ يَنْصَرِفُونَ فيقفون موقفهم ثمَّ يقبل الْآخرُونَ فَيصَلي بهم الإِمَام الرَّكْعَة الثَّانِيَة ثمَّ يسلم فَيقوم الْقَوْم فيصلون لأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَة الثَّانِيَة فَهَكَذَا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بطن نَخْلَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْخَوْف بِذِي قرد فَصف النَّاس صفّين صفا خَلفه وَصفا موازي الْعَدو فصلى بالذين خَلفه رَكْعَة ثمَّ انْصَرف هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَان هَؤُلَاءِ وَجَاء أُولَئِكَ فصلى بهم رَكْعَة وَلم يقضوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن ثَابت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الْخَوْف قَالَ سُفْيَان: فَذكر مثل حَدِيث ابْن عَبَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ثَعْلَبَة بن زَهْدَم قَالَ: كُنَّا مَعَ سعيد بن الْعَاصِ بطبرستان فَقَالَ: أَيّكُم صلى مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف فَقَالَ حُذَيْفَة: أَنا فَقَامَ حُذَيْفَة فَصف النَّاس خَلفه وَصفا موازي الْعَدو فصلى بالذين خَلفه رَكْعَة ثمَّ انْصَرف هَؤُلَاءِ مَكَان هَؤُلَاءِ وَجَاء أُولَئِكَ فصلى بهم رَكْعَة وَلم يقضوا وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف بِذَات الرّقاع فصدع النَّاس صدعتين فصفت

طَائِفَة وَرَاءه وَقَامَت طَائِفَة وجاه الْعَدو فَكبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَبرت الطَّائِفَة خَلفه ثمَّ ركع وركعوا وَسجد وسجدوا ثمَّ رفع رَأسه فَرفعُوا ثمَّ مكث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا وسجدوا لأَنْفُسِهِمْ سَجْدَة ثَانِيَة ثمَّ قَامُوا ثمَّ نكصوا على أَعْقَابهم يَمْشُونَ الْقَهْقَرَى حَتَّى قَامُوا من ورائهم وَأَقْبَلت الطَّائِفَة الْأُخْرَى فصفوا خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكبروا ثمَّ ركعوا لأَنْفُسِهِمْ ثمَّ سجد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجدته الثَّانِيَة فسجدوا مَعَه ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ركعته وسجدوا لأَنْفُسِهِمْ السَّجْدَة الثَّانِيَة ثمَّ قَامَت الطائفتان جَمِيعًا فصفوا خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَكَعَ بهم رَكْعَة فركعوا جَمِيعًا ثمَّ سجد فسجدوا جَمِيعًا ثمَّ رفع رَأسه وَرفعُوا مَعَه كل ذَلِك من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيعا جدا لَا يألو أَن يُخَفف مَا اسْتَطَاعَ ثمَّ سلم فَسَلمُوا ثمَّ قَامَ وَقد شركه النَّاس فِي صلَاته كلهَا وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الْخَوْف أَنه قَالَ: وَطَائِفَة من خَلفه وَطَائِفَة من وَرَاء الطَّائِفَة الَّتِي خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قعُود وُجُوههم كلهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكبرت الطائفتان فَرَكَعَ فركعت الطَّائِفَة الَّتِي خَلفه وَالْآخرُونَ قعُود ثمَّ سجد فسجدوا أَيْضا وَالْآخرُونَ قعُود ثمَّ قَامُوا ونكصوا خَلفه حَتَّى كَانُوا مَكَان أَصْحَابهم قعُودا وَأَتَتْ الطَّائِفَة الْأُخْرَى فصلى بهم رَكْعَة وسجدتين ثمَّ سلم وَالْآخرُونَ قعُود ثمَّ سلم فَقَامَتْ الطائفتان كلتاهما فصلوا لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة وسجدتين رَكْعَة وسجدتين وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق صَالح بن خَوات عَمَّن صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم ذَات الرّقاع صَلَاة الْخَوْف أَن طَائِفَة صفت مَعَه وَطَائِفَة تجاه الْعَدو فصلة بِالَّتِي مَعَه رَكْعَة ثمَّ ثَبت قَائِما وَأَتمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ثمَّ انصرفوا وصلوا تجاه الْعَدو وَجَاءَت الطَّائِفَة الْأُخْرَى فصلى بهم الرَّكْعَة الَّتِي بقيت من صلَاته ثمَّ ثَبت جَالِسا وَأَتمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ثمَّ سلم بهم وَأخرج عبد بن حميد وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي بكرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الحوف فصلى بِبَعْض أَصْحَابه رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم فتأخروا وَجَاء الْآخرُونَ فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم فَكَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع رَكْعَات وللمسلمين رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي بكرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بالقوم فِي الْخَوْف صَلَاة الْمغرب ثَلَاث رَكْعَات ثمَّ انْصَرف وَجَاء الْآخرُونَ فصلى بهم ثَلَاثًا فَكَانَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتّ رَكْعَات وَلِلْقَوْمِ ثَلَاث ثَلَاث وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف فَقَامُوا صفّين صفّين صف خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصف مُسْتَقْبل الْعَدو فصلى بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَة وَجَاء الْآخرُونَ فَقَامُوا مقامهم واستقبلوا هَؤُلَاءِ الْعَدو فصلى بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَة ثمَّ سلم فَقَامَ هَؤُلَاءِ إِلَى مقَام هَؤُلَاءِ فصلوا لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَة ثمَّ سلمُوا وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق عُرْوَة من مَرْوَان أَنه سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة هَل صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: نعم قَالَ مَرْوَان: مَتى قَالَ: عَام غَزْوَة نجد قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الصَّلَاة صَلَاة الْعَصْر فَقَامَتْ مَعَه طَائِفَة وَطَائِفَة أُخْرَى مُقَابل الْعَدو وظهورهم إِلَى الْقبْلَة فَكبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكبر الْكل ثمَّ ركع رَكْعَة وَاحِدَة وركعت الطَّائِفَة الَّتِي خَلفه ثمَّ سجد فسجدت الطَّائِفَة الَّتِي تليه وَالْآخرُونَ قيام مُقَابل الْعَدو ثمَّ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَامَت الطَّائِفَة الَّتِي مَعَه وذهبوا إِلَى الْعَدو فقابلوهم وَأَقْبَلت الطَّائِفَة الْأُخْرَى فركعوا وسجدوا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم كَمَا هُوَ ثمَّ قَامُوا فَرَكَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَة أُخْرَى وركعوا مَعَه وسجدوا مَعَه ثمَّ أَقبلت الطَّائِفَة الَّتِي كَانَت مُقَابل الْعَدو فركعوا وسجدوا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعد وَمن مَعَه ثمَّ كَانَ السَّلَام فَسلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسلموا جَمِيعًا فَكَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَانِ وَلكُل وَاحِدَة من الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَة رَكْعَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَلَاة الْخَوْف فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقمنا خَلفه صفّين فَكبر وَركع وركعنا جَمِيعًا الصفان كِلَاهُمَا ثمَّ رفع رَأسه ثمَّ خر سَاجِدا وَسجد الصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ وَثَبت الْآخرُونَ قيَاما يَحْرُسُونَ إخْوَانهمْ فَلَمَّا فرغ من سُجُوده وَقَامَ خر الصَّفّ الْمُؤخر سجوداً فسجدوا سَجْدَتَيْنِ ثمَّ قَامُوا فَتَأَخر الصَّفّ الْمُقدم الَّذِي يَلِيهِ وَتقدم الصَّفّ الْمُؤخر فَرَكَعَ وركعوا جَمِيعًا وَسجد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والصف الَّذِي يَلِيهِ وَثَبت الْآخرُونَ قيَاما يَحْرُسُونَ إخْوَانهمْ فَلَمَّا قعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خر الصَّفّ الْمُؤخر سجوداً ثمَّ سلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ محاصراً بني محَارب بِنَخْل

ثمَّ نُودي فِي النَّاس أَن الصَّلَاة جَامِعَة فجعلهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طائفتين طَائِفَة مقبلة على الْعَدو يتحدثون وَصلى بطَائفَة رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم فانصرفوا فَكَانُوا مَكَان إخْوَانهمْ وَجَاءَت الطَّائِفَة الْأُخْرَى فصلى بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ فَكَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع رَكْعَات وَلكُل طَائِفَة رَكْعَتَانِ وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة لَهُ فلقي الْمُشْركين بعسفان فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر فرأوه يرْكَع وَيسْجد هُوَ وَأَصْحَابه قَالَ بَعضهم لبَعض: لَو حملتم عَلَيْهِم مَا علمُوا بكم حَتَّى تُوَاقِعُوهُمْ فَقَالَ قَائِل مِنْهُم: إِن لَهُم صَلَاة أُخْرَى هِيَ أحب إِلَيْهِم من أَهْليهمْ وَأَمْوَالهمْ فَاصْبِرُوا حَتَّى تحضر فنحمل عَلَيْهِم جملَة فَأنْزل الله {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} إِلَى آخر الْآيَة وأعلمه بِمَا ائتمر بِهِ الْمُشْركُونَ فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَصْر وَكَانُوا قبالته فِي الْقبْلَة جعل الْمُسلمين خَلفه صفّين فَكبر فكبروا مَعَه جَمِيعًا ثمَّ ركع وركعوا مَعَه جَمِيعًا فَلَمَّا سجد سجد مَعَه الصَّفّ الَّذين يلونه ثمَّ قَامَ الَّذين خَلفهم مقبلون على الْعَدو فَلَمَّا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سُجُوده وَقَامَ سجد الصَّفّ الثَّانِي ثمَّ قَامُوا وَتَأَخر الصَّفّ الَّذين يلونه وَتقدم الْآخرُونَ فَكَانُوا يلون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا ركع ركعوا مَعَه جَمِيعًا ثمَّ رفع فَرفعُوا مَعَه ثمَّ سجد فَسجدَ مَعَه الَّذين يلونه وَقَامَ الصَّفّ الثَّانِي مُقْبِلين على الْعَدو فَلَمَّا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سُجُوده وَقعد قعد الَّذين يلونه وَسجد الصَّفّ الْمُؤخر ثو قعدوا فسجدوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا سلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلم عَلَيْهِم جَمِيعًا فَلَمَّا نظر إِلَيْهِم الْمُشْركُونَ يسْجد بَعضهم وَيقوم بعض قَالُوا: لقد أخبروا بِمَا أردنَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي أَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ كَانَ بِالدَّار من أَصْبَهَان وَمَا بهم يَوْمئِذٍ كَبِير خوف وَلَكِن أحب أَن يعلمهُمْ دينهم وَسنة نَبِيّهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجعلهم صفّين طَائِفَة مَعهَا السِّلَاح مقبلة على عدوّها وَطَائِفَة وَرَاءَهَا فصلى بالذين يلونه رَكْعَة ثمَّ نكصوا على أدبارهم حَتَّى قَامُوا مقَام الآخرين وَجَاء الْآخرُونَ يتخللونهم حَتَّى قَامُوا وَرَاءه فصلى بهم رَكْعَة أُخْرَى ثمَّ سلم فَقَامَ الَّذين يلونه وَالْآخرُونَ فصلوا رَكْعَة فَسلم بَعضهم على بعض فتمت للْإِمَام رَكْعَتَانِ فِي جمَاعَة وَلِلنَّاسِ رَكْعَة رَكْعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعسفان

وَالْمُشْرِكُونَ بضجنان فَلَمَّا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَرَآهُ الْمُشْركُونَ يرْكَع وَيسْجد ائْتَمرُوا أَن يُغيرُوا عَلَيْهِ فَلَمَّا حضرت الْعَصْر صف النَّاس خَلفه صفّين فَكبر وَكَبرُوا جَمِيعًا وَركع وركعوا جَمِيعًا وَسجد وَسجد الصَّفّ الَّذين يلونه وَقَامَ الصَّفّ الثَّانِي الَّذين بسلاحهم مُقْبِلين على العدوّ بِوُجُوهِهِمْ فَلَمَّا رفع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه سجد الصَّفّ الثَّانِي فَلَمَّا رفعوا رؤوسهم ركع وركعوا جَمِيعًا وَسجد وَسجد الصَّفّ الَّذين يلونه وَقَامَ الصَّفّ الثَّانِي بسلاحهم مُقْبِلين على الْعَدو بِوُجُوهِهِمْ فَلَمَّا رفع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه سجد الصَّفّ الثَّانِي قَالَ مُجَاهِد: فَكَانَ تكبيرهم وركوعهم وتسليمه عَلَيْهِم سَوَاء وتصافوا فِي السُّجُود قَالَ مُجَاهِد: فَلم يصل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف قبل يَوْمه وَلَا بعده وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: صليت صَلَاة الْخَوْف مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمغرب فَإِنَّهُ صلاهَا ثَلَاثًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد قَالَ: صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الظّهْر قبل أَن تنزل صَلَاة الْخَوْف فتلهف الْمُشْركُونَ أَن لَا يَكُونُوا حملُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم رجل: فَإِن لَهُم صَلَاة قبل مغيربان الشَّمْس هِيَ أحب إِلَيْهِم من أنفسهم فَقَالُوا: لَو قد صلوا بعد لحملنا عَلَيْهِم فأرصدوا ذَلِك فَنزلت صَلَاة الْخَوْف فصلى بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف بِصَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلقينا الْمُشْركين بِنَخْل فَكَانُوا بَيْننَا وَبَين الْقبْلَة فَلَمَّا حضرت صَلَاة الظّهْر صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن جَمِيع فَلَمَّا فَرغْنَا تآمر الْمُشْركُونَ فَقَالُوا لَو كُنَّا حملنَا عَلَيْهِم وهم يصلونَ فَقَالَ بَعضهم: فَإِن لَهُم صَلَاة ينتظرونها تَأتي الْآن وَهِي أحب إِلَيْهِم من أَبْنَاءَهُم فَإِذا صلوا فَمِيلُوا عَلَيْهِم فجَاء جِبْرِيل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالْخبر وَعلمه كَيفَ يُصَلِّي فَلَمَّا حضرت الْعَصْر قَامَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا يَلِي الْعَدو وقمنا خَلفه صفّين وَكبر نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكَبَّرنا جَمِيعًا ثمَّ ذكر نَحوه وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الْخَوْف أَمر النَّاس فَأخذُوا السِّلَاح عَلَيْهِم فَقَامَتْ طَائِفَة من وَرَائه مستقبلي العدوّ وَجَاءَت طَائِفَة فصلوا مَعَه فصلى بهم رَكْعَة ثمَّ قَامُوا إِلَى الطَّائِفَة الَّتِي لم تصل وَأَقْبَلت الطَّائِفَة الَّتِي لم

تصل مَعَه فَقَامُوا خَلفه فصلى بهم رَكْعَة وسجدتين ثمَّ سلم عَلَيْهِم فَلَمَّا سلم قَامَ الَّذين قبل الْعَدو فكبروا جَمِيعًا وركعوا رَكْعَة وسجدتين بَعْدَمَا سلم وَأخرج أَحْمد عَن جَابر قَالَ: غزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتّ غزوات قبل صَلَاة الْخَوْف وَكَانَت صَلَاة الْخَوْف فِي السّنة السَّابِعَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا كنت فيهم فأقمت لَهُم الصَّلَاة} إِلَى قَوْله {فليصلوا مَعَك} فَإِنَّهُ كَانَت تَأْخُذ طَائِفَة مِنْهُم السِّلَاح فيقبلون على العدوّ والطائفة الْأُخْرَى يصلونَ مَعَ الإِمَام رَكْعَة ثمَّ يَأْخُذُونَ أسلحتهم فيستقبلون العدوّ وَيرجع أَصْحَابهم فيصلون مَعَ الإِمَام رَكْعَة فَيكون للْإِمَام رَكْعَتَانِ ولسائر النَّاس رَكْعَة وَاحِدَة ثمَّ يقضون رَكْعَة أُخْرَى وَهَذَا تَمام من الصَّلَاة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِذا سجدوا} يَقُول: فَإِذا سجدت الطَّائِفَة الَّتِي قَامَت مَعَك فِي صَلَاتك تصلي بصلاتك ففرغت من سجودها {فليكونوا من وَرَائِكُمْ} يَقُول: فليصيروا بعد فراغهم من سجودهم خلفكم مصافي العدوّ الْمَكَان الَّذِي فِيهِ سَائِر الطوائف الَّتِي لم تصل مَعَك وَلم تدخل مَعَك فِي صَلَاتك وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن كَانَ بكم أَذَى من مطر أَو كُنْتُم مرضى} قَالَ: نزلت فِي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف كَانَ جريحاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي الْآيَة قَالَ: رخص فِي وضع السِّلَاح عِنْد ذَلِك وَأمرهمْ أَن يَأْخُذُوا حذرهم وَفِي قَوْله {عذَابا مهيناً} قَالَ: يَعْنِي بالمهين الهوان وَفِي قَوْله {فَإِذا قضيتم الصَّلَاة} قَالَ: صَلَاة الْخَوْف {فاذكروا الله} قَالَ: بِاللِّسَانِ {فَإِذا اطمأننتم} يَقُول: إِذا استقررتم وأمنتم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فاذكروا الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنوبكم} قَالَ: بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار فِي الْبر وَالْبَحْر فِي السّفر والحضر والغنى والفقر والسقم وَالصِّحَّة والسر وَالْعَلَانِيَة وعَلى كل حَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه بلغه: أَن قوما يذكرُونَ الله قيَاما فَأَتَاهُم فَقَالَ: مَا هَذَا قَالُوا: سمعنَا الله يَقُول {فاذكروا الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنوبكم}

فَقَالَ: إِنَّمَا هَذِه إِذا لم يسْتَطع الرجل أَن يُصَلِّي قَائِما صلى قَاعِدا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَإِذا اطمأننتم} قَالَ: إِذا خَرجْتُمْ من دَار السّفر إِلَى دَار الْإِقَامَة {فأقيموا الصَّلَاة} قَالَ: أتموها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فَإِذا اطمأننتم} يَقُول: إِذا اطمأننتم فِي أمصاركم فَأتمُّوا الصَّلَاة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {فَإِذا اطمأننتم} يَقُول: فَإِذا أمنتم {فأقيموا الصَّلَاة} يَقُول: أتموها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {فَإِذا اطمأننتم} يَقُول: فَإِذا أمنتم {فأقيموا الصَّلَاة} يَقُول: أتموها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {فَإِذا اطمأننتم} أقمتم فِي أمصاركم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {فَإِذا اطمأننتم} يَعْنِي إِذا نزل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {فَإِذا اطمأننتم} قَالَ: بعد الْخَوْف وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {فَإِذا اطمأننتم فأقيموا الصَّلَاة} قَالَ: إِذا اطمأننتم فصلوا الصَّلَاة لَا تصلها رَاكِبًا وَلَا مَاشِيا وَلَا قَاعِدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتاً} يَعْنِي مَفْرُوضًا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: الموقوت: الْوَاجِب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {كتابا موقوتاً} قَالَ: مَفْرُوضًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كتابا موقوتاً} قَالَ: فرضا وَاجِبا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {كتابا موقوتاً} قَالَ: كتابا وَاجِبا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتاً} قَالَ: قَالَ ابْن مَسْعُود: إِن للصَّلَاة وقتا كوقت الْحَج

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {إِن الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتاً} قَالَ: منجماً كلما مضى نجم جَاءَ نجم آخر يَقُول: كلما مضى وَقت جَاءَ وَقت آخر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمني جِبْرِيل عِنْد الْبَيْت مرَّتَيْنِ فصلى بِي الظّهْر حِين زَالَت الشَّمْس وَكَانَت قدر الشرَاك وَصلى بِي الْعَصْر حِين كَانَ ظلّ كل شَيْء مثله وَصلى بِي الْمغرب حِين أفطر الصَّائِم وَصلى بِي الْعشَاء حِين غَابَ الشَّفق وَصلى بِي الْفجْر حِين حرم الطَّعَام وَالشرَاب على الصَّائِم وَصلى بِي من الْغَد الظّهْر حِين كَانَ ظلّ كل شَيْء مثله وَصلى بِي الْعَصْر حِين كَانَ ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ وَصلى بِي الْمغرب حِين أفطر الصَّائِم وَصلى بِي الْعشَاء ثلث اللَّيْل وَصلى بِي الْفجْر فأسفر ثمَّ الْتفت إِلَيّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد هَذَا الْوَقْت وَقت النَّبِيين قبلك الْوَقْت مَا بَين هذَيْن الْوَقْتَيْنِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن للصَّلَاة أَولا وآخراً وَإِن أول وَقت الظّهْر حِين تَزُول الشَّمْس وَإِن آخر وَقتهَا حِين يدْخل وَقت الْعَصْر وَإِن أول وَقت الْعَصْر حِين يدْخل وَقت الْعَصْر وَإِن آخر وَقتهَا حِين تصفر الشَّمْس وَإِن أول وَقت الْمغرب حِين تغرب الشَّمْس وَإِن آخر وَقتهَا حِين يغيب الشَّفق وَإِن أول وَقت الْعشَاء الْآخِرَة حِين يغيب الشَّفق وَإِن آخر وَقتهَا حِين ينتصف اللَّيْل وَإِن أول وَقت الْفجْر حِين يطلع الْفجْر وَإِن آخر وَقتهَا حِين تطلع الشَّمْس الْآيَة 104

104

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تهنوا} قَالَ: وَلَا تضعفوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَلَا تهنوا فِي ابْتِغَاء الْقَوْم} قَالَ: لَا تضعفوا فِي طلب الْقَوْم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {إِن تَكُونُوا تألمون}

قَالَ: توجعون {وترجون من الله مَا لَا يرجون} قَالَ: ترجون الْخَيْر وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة يَقُول: لَا تضعفوا فِي طلب الْقَوْم فَإِنَّكُم إِن تَكُونُوا تتوجعون فَإِنَّهُم يتوجعون كَمَا تتوجعون ويرجعون من الْأجر وَالثَّوَاب مَا لَا يرجون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: لَا تضعفوا فِي طلب الْقَوْم إِن تَكُونُوا تتوجعون من الْجِرَاحَات فَإِنَّهُم يتوجعون كَمَا تتوجعون {وترجون من الله} يَعْنِي الْحَيَاة والرزق وَالشَّهَادَة وَالظفر فِي الدِّينَا الْآيَات 105 - 113

105

أخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن قَتَادَة بن النُّعْمَان قَالَ: كَانَ أهل بَيت منا يُقَال لَهُم: بَنو أُبَيْرِق: بشر وَبشير ومبشر وَكَانَ بشير رجلا منافقاً يَقُول الشّعْر يهجو بِهِ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ينحله بعض الْعَرَب ثمَّ يَقُول: قَالَ فلَان كَذَا وَكَذَا قَالَ فلَان كَذَا وَكَذَا وَإِذا سمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك الشّعْر قَالُوا: وَالله مَا يَقُول هَذَا الشّعْر إِلَّا هَذَا الْخَبيث فَقَالَ: أَو كلما قَالَ الرِّجَال قصيدة أضحوا فَقَالُوا: ابْن الأبيرق قَالَهَا وَكَانُوا أهل بَيت حَاجَة وفاقة فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَكَانَ النَّاس إِنَّمَا طعامهم بِالْمَدِينَةِ التَّمْر وَالشعِير وَكَانَ الرجل إِذا كَانَ لَهُ يسَار فَقدمت ضافطة من الشَّام من الرزمك ابْتَاعَ الرجل مِنْهَا فَخص بهَا بِنَفسِهِ وَأما الْعِيَال فَإِنَّمَا طعامهم الشّعير فَقدمت ضافطة الشَّام فَابْتَاعَ عمي رِفَاعَة بن زر جملا من الرزمك فَجعله فِي مشربَة لَهُ وَفِي الْمشْربَة سلَاح لَهُ دِرْعَانِ وسيفاهما وَمَا يصلحهما فَعدا عدي من تَحت اللَّيْل فَنقبَ الْمشْربَة وَأخذ الطَّعَام وَالسِّلَاح فَلَمَّا أصبح أَتَانِي عمي رِفَاعَة فَقَالَ: يَا ابْن أخي تعلم أَنه قد عدي علينا فِي ليلتنا هَذِه فنقبت مشربتنا فَذهب بِطَعَامِنَا وَسِلَاحنَا قَالَ: فَتَجَسَّسْنَا فِي الدَّار وَسَأَلنَا فَقيل لنا: قد رَأينَا بني أُبَيْرِق قد اسْتَوْقَدُوا فِي هَذِه اللَّيْلَة وَلَا نرى فِيمَا نرى إِلَّا على بعض طَعَامكُمْ قَالَ: وَقد كَانَ بَنو أُبَيْرِق قَالُوا - وَنحن نسْأَل فِي الدَّار - وَالله مَا نرى صَاحبكُم إِلَّا لبيد بن سهل رجلا منا لَهُ صَلَاح وَإِسْلَام فَلَمَّا سمع ذَلِك لبيد اخْتَرَطَ سَيْفه ثمَّ أَتَى بني أُبَيْرِق وَقَالَ: أَنا أسرق فوَاللَّه لَيُخَالِطَنكُمْ هَذَا السَّيْف أَو لتتبين هَذِه السّرقَة قَالُوا: إِلَيْك عَنَّا أَيهَا الرجل - فوَاللَّه - مَا أَنْت بصاحبها فسألنا فِي الدَّار حَتَّى لم نشك أَنهم أَصْحَابهَا فَقَالَ لي عمي: يَا ابْن أخي لَو أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ قَالَ قَتَادَة: فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله إِن أهل بَيت منا أهل جفَاء عَمدُوا إِلَى عمي رِفَاعَة بن زيد فَنقبُوا مشربَة لَهُ وَأخذُوا سلاحه وَطَعَامه فليردوا علينا سِلَاحنَا فَأَما الطَّعَام فَلَا حَاجَة لنا فِيهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَأَنْظُرُ فِي ذَلِك فَلَمَّا سمع ذَلِك بَنو أُبَيْرِق أَتَوا رجلا مِنْهُم يُقَال لَهُ أَسِير بن عُرْوَة فكلموه فِي ذَلِك وَاجْتمعَ إِلَيْهِ نَاس من أهل الدَّار فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِن قَتَادَة بن النُّعْمَان وَعَمه عَمدُوا إِلَى أهل بَيت منا أهل إِسْلَام وَصَلَاح يرمونهم بِالسَّرقَةِ من غير

بَيِّنَة وَلَا ثَبت قَالَ قَتَادَة: فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكلمته فَقَالَ: عَمَدت إِلَى أهل بَيت ذكر مِنْهُم إِسْلَام وَصَلَاح ترميهم بِالسَّرقَةِ من غير بَيِّنَة وَلَا ثَبت قَالَ قَتَادَة: فَرَجَعت ولوددت أَنِّي خرجت من بعض مَالِي وَلم أكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك فَأَتَانِي عمي رِفَاعَة فَقَالَ: يَا ابْن أخي مَا صنعت فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: الله الْمُسْتَعَان فَلم نَلْبَث أَن نزل الْقُرْآن {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله وَلَا تكن للخائنين خصيماً} لبني أُبَيْرِق {واستغفر الله} أَي مِمَّا قلت لِقَتَادَة {إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم} إِلَى قَوْله {ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما} أَي أَنهم لَو اسْتَغْفرُوا الله لغفر لَهُم {وَمن يكْسب إِثْمًا} إِلَى قَوْله {فقد احْتمل بهتاناً وإثماً مُبينًا} قَوْلهم للبيد {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْك وَرَحمته لهمت طَائِفَة مِنْهُم أَن يضلوك} يَعْنِي أَسِير بن عُرْوَة وَأَصْحَابه إِلَى قَوْله {فسيؤتيه أجرا عَظِيما} فَلَمَّا نزل الْقُرْآن أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالسِّلَاحِ فَرده إِلَى رِفَاعَة قَالَ قَتَادَة: فَلَمَّا أتيت عمي بِالسِّلَاحِ - وَكَانَ شَيخا قد عسا فِي الْجَاهِلِيَّة وَكنت أرى إِسْلَامه مَدْخُولا - فَلَمَّا أَتَيْته بِالسِّلَاحِ قَالَ: يَا ابْن أخي هُوَ فِي سَبِيل الله فَعرفت أَن إِسْلَامه كَانَ صَحِيحا فَلَمَّا نزل الْقُرْآن لحق بشير بالمشركين فَنزل على سلافة بنت سعد فَأنْزل الله (وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى) (النِّسَاء الْآيَة 115) إِلَى قَوْله (ضلالا بعيد) فَلَمَّا نزل على سلافة رَمَاهَا حسان بن ثَابت بِأَبْيَات من شعر فَأخذت رَحْله فَوَضَعته على رَأسهَا ثمَّ خرجت فرمت بِهِ فِي الأبطح ثمَّ قَالَت أهديت لي شعر حسان مَا كنت تَأتِينِي بِخَير وَأخرج ابْن سعد عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ: عدا بشير بن الْحَارِث على علية رِفَاعَة بن زيد عَم قَتَادَة بن النُّعْمَان الظفري فنقبها من ظهرهَا وَأخذ طَعَاما لَهُ ودرعين بأداتهما فَأتى قَتَادَة بن النُّعْمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بذلك فَدَعَا بشيراً فَسَأَلَهُ فَأنْكر وَرمى بذلك لبيد بن سهل رجلا من أهل الدَّار ذَا حسب وَنسب فَنزل الْقُرْآن بتكذيب بشير وَبَرَاءَة لبيد بن سهل قَوْله {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} إِلَى قَوْله {ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما} يَعْنِي بشير بن

أُبَيْرِق {وَمن يكْسب خَطِيئَة أَو إِثْمًا ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا} يَعْنِي لبيد بن سهل حِين رَمَاه بَنو أُبَيْرِق بِالسَّرقَةِ فَلَمَّا نزل الْقُرْآن فِي بشير وعثر عَلَيْهِ هرب إِلَى مَكَّة مُرْتَدا كَافِر فَنزل على سلافة بنت سعد بن الشَّهِيد فَجعل يَقع فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي الْمُسلمين فَنزل الْقُرْآن فِيهِ وهجاه حسان بن ثَابت حَتَّى رَجَعَ وَكَانَ ذَلِك فِي شهر ربيع سنة أَربع من الْهِجْرَة وَأخرج ابْن سعد من وَجه آخر عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ: كَانَ أَسِير بن عُرْوَة رجلا منطيقاً ظريفاً بليغاً حلواً فَسمع بِمَا قَالَ قَتَادَة بن النُّعْمَان فِي بني أُبَيْرِق للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين اتهمهم بنقب علية عَمه وَأخذ طَعَامه والدرعين فَأتى أَسِير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جمَاعَة جمعهم من قومه فَقَالَ: إِن قَتَادَة وَعَمه عَمدُوا إِلَى أهل بَيت منا أهل حسب وَنسب وَصَلَاح يؤنبونهم بالقبيح وَيَقُولُونَ لَهُم مَا لَا يَنْبَغِي بِغَيْر ثَبت وَلَا بَيِّنَة فَوضع لَهُم عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَاءَ ثمَّ انْصَرف فَأقبل بعد ذَلِك قَتَادَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليكلمه فجبهه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جبهاً شَدِيدا مُنْكرا وَقَالَ: بئْسَمَا صنعت وبئسما مشيت فِيهِ فَقَامَ قَتَادَة وَهُوَ يَقُول: لَوَدِدْت أَنِّي خرجت من أَهلِي وَمَالِي وَأَنِّي لم أكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَيْء من أَمرهم وَمَا أَنا بعائد فِي شَيْء من ذَلِك فَأنْزل الله على نبيه فِي شَأْنهمْ {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب} إِلَى قَوْله {وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم} يَعْنِي أَسِير بن عُرْوَة وَأَصْحَابه {إِن الله لَا يحب من كَانَ خوانًا أَثِيمًا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} إِلَى قَوْله {وَمن يفعل ذَلِك ابْتِغَاء مرضات الله} فِيمَا بَين ذَلِك فِي طعمة بن أُبَيْرِق درعه من حَدِيد الَّتِي سرق وَقَالَ أَصْحَابه من الْمُؤمنِينَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اعذره فِي النَّاس بلسانك ورموا بالدرع رجلا من يهود بَرِيئًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَات أنزلت فِي شَأْن طعمة بن أُبَيْرِق وَفِيمَا هم بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عذره فَبين الله شَأْن طعمة بن أُبَيْرِق وَوعظ نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحذره أَن يكون للخائنين خصيماً وَكَانَ طعمة بن أُبَيْرِق رجلا من الْأَنْصَار ثمَّ أحد بني ظفر سرق درعاً لِعَمِّهِ كَانَت وَدِيعَة عِنْدهم ثمَّ قدمهَا على يَهُودِيّ كَانَ يَغْشَاهُم يُقَال لَهُ زيد بن

السمين فجَاء الْيَهُودِيّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَهْتِف فَلَمَّا رأى ذَلِك قومه بَنو ظفر جَاءُوا إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِيَعْذِرُوا صَاحبهمْ وَكَانَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد هم بِعُذْرِهِ حَتَّى أنزل الله فِي شَأْنه مَا أنزل فَقَالَ {وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم} إِلَى قَوْله {يرم بِهِ بَرِيئًا} وَكَانَ طعمة قذف بهَا برئيا فَلَمَّا بَين الله شَأْن طعمة نَافق وَلحق بالمشركين فَأنْزل الله فِي شَأْنه (وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ ) (النِّسَاء الْآيَة 114) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن نَفرا من الْأَنْصَار غزوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض غَزَوَاته فسرقت درع لأَحَدهم فأظن بهَا رجلا من الْأَنْصَار فَأتى صَاحب الدرْع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن طعمة بن أُبَيْرِق سرق دِرْعِي فَلَمَّا رأى السَّارِق ذَلِك عمد إِلَيْهَا فألقاها فِي بَيت رجل بَرِيء وَقَالَ لنفر من عشيرته: إِنِّي غيبت الدرْع وألقيتها فِي بَيت فلَان وستوجد عِنْده فَانْطَلقُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا نَبِي الله إِن صاحبنا بَرِيء وَإِن سَارِق الدرْع فلَان وَقد أحطنا بذلك علما فاعذر صاحبنا على رُؤُوس النَّاس وجادل عَنهُ فَإِنَّهُ إِن لَا يعصمه الله بك يهْلك فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبرأه وعذره على رُؤُوس النَّاس فَأنْزل الله {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} يَقُول: بِمَا أنزل الله إِلَيْك إِلَى قَوْله {خوانًا أَثِيمًا} ثمَّ قَالَ للَّذين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلًا {يستخفون من النَّاس} إِلَى قَوْله {وَكيلا} يَعْنِي الَّذين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستخفين يجادلون عَن الخائنين ثمَّ قَالَ {وَمن يكْسب خَطِيئَة} الْآيَة يَعْنِي السَّارِق وَالَّذين جادلوا عَن السَّارِق وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ رجل سرق درعاً من حَدِيد فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَرحه على يَهُودِيّ فَقَالَ الْيَهُودِيّ: وَالله مَا سرقتها يَا أَبَا الْقَاسِم وَلَكِن طرحت عليّ وَكَانَ الرجل الَّذِي سرق لَهُ جيران يبرئونه ويطرحونه على الْيَهُودِيّ وَيَقُولُونَ: يَا رَسُول الله إِن هَذَا الْيَهُودِيّ خَبِيث يكفر بِاللَّه وَبِمَا جِئْت بِهِ حَتَّى مَال عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبَعْض القَوْل فَعَاتَبَهُ الله فِي ذَلِك فَقَالَ {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله وَلَا تكن للخائنين خصيماً واستغفر الله} بِمَا قلت لهَذَا الْيَهُودِيّ {إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} ثمَّ أقبل على جِيرَانه فَقَالَ

{هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ جادلتم عَنْهُم} إِلَى قَوْله {وَكيلا} ثمَّ عرض التَّوْبَة فَقَالَ {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما وَمن يكْسب إِثْمًا فَإِنَّمَا يكسبه على نَفسه} فَمَا أدخلكم أَنْتُم أَيهَا النَّاس على خَطِيئَة هَذَا تكَلمُون دونه {وَمن يكْسب خَطِيئَة أَو إِثْمًا ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا} وَإِن كَانَ مُشْركًا {فقد احْتمل بهتاناً} إِلَى قَوْله {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى} قَالَ: أَبى أَن يقبل التَّوْبَة الَّتِي عرض الله لَهُ وَخرج إِلَى الْمُشْركين بِمَكَّة فَنقبَ بَيْتا يسرقه فهدمه الله عَلَيْهِ فَقتله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَن رجلا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْتَانَ درعاً من حَدِيد فَلَمَّا خشِي أَن تُوجد عِنْده أَلْقَاهَا فِي بَيت جَار لَهُ من الْيَهُود وَقَالَ: تَزْعُمُونَ إِنِّي اختنت الدرْع - فوَاللَّه - لقد أنبئت أَنَّهَا عِنْد الْيَهُودِيّ فَرفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاء أَصْحَابه يعذرونه فَكَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عذره حِين لم يجد عَلَيْهِ بَيِّنَة ووجدوا الدرْع فِي بَيت الْيَهُودِيّ وأبى الله إِلَّا الْعدْل فَأنْزل الله على نبيه {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ} إِلَى قَوْله {أم من يكون عَلَيْهِم وَكيلا} فَعرض الله بِالتَّوْبَةِ لَو قبلهَا إِلَى قَوْله {ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا} الْيَهُودِيّ ثمَّ قَالَ لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْك وَرَحمته} إِلَى قَوْله {وَكَانَ فضل الله عَلَيْك عَظِيما} فأبرىء الْيَهُودِيّ وَأخْبر بِصَاحِب الدرْع قَالَ: قد افتضحت الْآن فِي الْمُسلمين وَعَلمُوا أَنِّي صَاحب الدرْع مَا لي اقامة بِبَلَد فتراغم فلحق بالمشركين فَأنْزل الله (وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى) (النِّسَاء الْآيَة 114) إِلَى قَوْله (ضلالا بعيد) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} قَالَ: بِمَا أوحى الله إِلَيْك نزلت فِي طعمة بن أُبَيْرِق استودعه رجل من الْيَهُود درعاً فَانْطَلق بهَا إِلَى دَاره فحفر لَهَا الْيَهُودِيّ ثمَّ دَفنهَا فَخَالف إِلَيْهَا طعمة فاحتفر عَنْهَا فَأَخذهَا فَلَمَّا جَاءَ الْيَهُودِيّ يطْلب درعه كافره عَنْهَا فَانْطَلق إِلَى أنَاس من الْيَهُود من عشيرته فَقَالَ: انْطَلقُوا معي فَإِنِّي أعرف مَوضِع الدرْع فَلَمَّا علم بِهِ طعمة أَخذ الدرْع فألقاها فِي بَيت أبي مليك الْأنْصَارِيّ فَلَمَّا جَاءَت الْيَهُود تطلب الدرْع فَلم تقدر عَلَيْهَا وَقع بِهِ طعمة وأناس من قومه فسبوه

قَالَ: أتخوِّنوني فَانْطَلقُوا يطلبونها فِي دَاره فأشرفوا على دَار أبي مليك فَإِذا هم بالدرع وَقَالَ طعمة: أَخذهَا أَبُو مليك وجادلت الْأَنْصَار دون طعمة وَقَالَ لَهُم: انْطَلقُوا معي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقولُوا لَهُ ينضح عني ويكذب حجَّة الْيَهُودِيّ فَإِنِّي إِن أكذب كذب على أهل الْمَدِينَة الْيَهُودِيّ فَأَتَاهُ أنَاس من الْأَنْصَار فَقَالُوا: يَا رَسُول الله جادل عَن طعمة وأكذب الْيَهُودِيّ فهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يفعل فَأنْزل الله عَلَيْهِ {وَلَا تكن للخائنين خصيماً} إِلَى قَوْله {أَثِيمًا} ثمَّ ذكر الْأَنْصَار ومجادلتهم عَنهُ فَقَالَ {يستخفون من النَّاس وَلَا يستخفون من الله} إِلَى قَوْله {وَكيلا} ثمَّ دَعَا إِلَى التَّوْبَة فَقَالَ {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه} إِلَى قَوْله {رحِيما} ثمَّ ذكر قَوْله حِين قَالَ أَخذهَا أَبُو مليك فَقَالَ {وَمن يكْسب إِثْمًا} إِلَى قَوْله {مُبينًا} ثمَّ ذكر الْأَنْصَار وأتيانها إِيَّاه أَن ينضح عَن صَاحبهمْ ويجادل عَنهُ فَقَالَ: {لهمت طَائِفَة مِنْهُم أَن يضلوك} ثمَّ ذكر مناجاتهم فِيمَا يُرِيدُونَ أَن يكذبوا عَن طعمة فَقَالَ: (لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ) (النِّسَاء الْآيَة 115) فَلَمَّا فَضَح الله طعمة بِالْقُرْآنِ بِالْمَدِينَةِ هرب حَتَّى أَتَى مَكَّة فَكفر بعد إِسْلَامه وَنزل على الْحجَّاج بن علاط السّلمِيّ فَنقبَ بَيت الْحجَّاج فَأَرَادَ أَن يسرقه فَسمع الْحجَّاج خشخشته فِي بَيته وَقَعْقَعَة جُلُود كَانَت عِنْده فَنظر فَإِذا هُوَ بطعمة فَقَالَ: ضَيْفِي وَابْن عمي فَأَرَدْت أَن تسرقني فَأخْرجهُ فَمَاتَ بحرة بني سليم كَافِرًا وَأنزل الله فِيهِ (وَمن يُشَاقق الرَّسُول) (النِّسَاء الْآيَة 115) إِلَى (وَسَاءَتْ مصيرا) وَأخرج سنيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: استودع رجل من الْأَنْصَار طعمة بن أُبَيْرِق مشربَة لَهُ فِيهَا درع فَغَاب فَلَمَّا قدم الْأنْصَارِيّ فتح مشْربَته فَلم يجد الدرْع فَسَأَلَ عَنْهَا طعمة بن أُبَيْرِق فَرمى بهَا رجلا من الْيَهُود يُقَال لَهُ زيد بن السمين فَتعلق صَاحب الدرْع بطعمة فِي درعه فَلَمَّا رأى ذَلِك قومه أَتَوْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكلموه ليدرأ عَنهُ فهم بذلك فَأنْزل الله {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس} إِلَى قَوْله {وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم} يَعْنِي طعمة بن أُبَيْرِق وَقَومه {هَا أَنْتُم هَؤُلَاءِ جادلتم} إِلَى قَوْله {يكون عَلَيْهِم وَكيلا} مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقوم طعمة {ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا} يَعْنِي زيد بن السمين {فقد احْتمل بهتاناً}

طعمة بن أُبَيْرِق {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْك وَرَحمته} لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لهمت طَائِفَة} قوم طعمة (لَا خير فِي كثير) (النِّسَاء الْآيَة 114) الْآيَة للنَّاس عَامَّة (وَمن يُشَاقق الرَّسُول) (النِّسَاء الْآيَة 115) قَالَ: لما أنزل الْقُرْآن فِي طعمة بن أُبَيْرِق لحق بِقُرَيْش وَرجع فِي دينه ثمَّ عدا على مشربَة للحجاج بن علاط البهري فنقبها فَسقط عَلَيْهِ حجر فلحج فَلَمَّا أصبح أَخْرجُوهُ من مَكَّة فَخرج فلقي ركباً من قضاعة فَعرض لَهُم فَقَالَ: ابْن سَبِيل مُنْقَطع بِهِ فَحَمَلُوهُ حَتَّى إِذا جن عَلَيْهِ اللَّيْل عدا عَلَيْهِم فسرقهم ثمَّ انْطلق فَرَجَعُوا فِي طلبه فأدركوه فقذفوه بِالْحِجَارَةِ حَتَّى مَاتَ فَهَذِهِ الْآيَات كلهَا فِيهِ نزلت إِلَى قَوْله (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ) (النِّسَاء الْآيَة 115) وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل من الْأَنْصَار استودع درعاً فجحدها صَاحبهَا فلحق بِهِ رجال من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَغَضب لَهُ قومه وَأتوا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: خوّنوا صاحبنا وَهُوَ أَمِين مُسلم فأعذره يَا نَبِي الله وازجر عَنهُ فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعذره وَكذب عَنهُ وَهُوَ يرى أَنه بَرِيء وَأَنه مَكْذُوب عَلَيْهِ فَأنْزل الله بَيَان ذَلِك فَقَالَ {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} إِلَى قَوْله {أم من يكون عَلَيْهِم وَكيلا} فَبين خيانته فلحق بالمشركين من أهل مَكَّة وارتد عَن الْإِسْلَام فَنزل فِيهِ (وَمن يُشَاقق الرَّسُول) (النِّسَاء الْآيَة 115) إِلَى قَوْله (وَسَاءَتْ مصيرا) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ أَن رجلا يُقَال لَهُ طعمة بن أُبَيْرِق سرق درعا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فألقاها فِي بَيت رجل ثمَّ قَالَ لأَصْحَاب لَهُ: انْطَلقُوا فاعذروني عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن الدرْع قد وجد فِي بَيت فلَان فَانْطَلقُوا يعذرونه عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {وَمن يكْسب خَطِيئَة أَو إِثْمًا ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا فقد احْتمل بهتاناً} قَالَ: بهتانه قذفه الرجل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تجَادل عَن الَّذين يَخْتَانُونَ أنفسهم} قَالَ: اختان رجل من الْأَنْصَار عمّاً لَهُ درعاً فقذف بهَا يَهُودِيّا كَانَ يَغْشَاهُم فجادل الرجل قومه فَكَأَن

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عذره ثمَّ لحق بدار الشّرك فَنزلت فِيهِ (وَمن يُشَاقق الرَّسُول ) (النِّسَاء الْآيَة 114) الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إيَّاكُمْ والرأي فَإِن الله قَالَ لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} وَلم يقل بِمَا رَأَيْت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن دِينَار أَن رجلا قَالَ لعمر {بِمَا أَرَاك الله} قَالَ: مَه إِنَّمَا هَذِه للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ {لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} قَالَ: الَّذِي أرَاهُ فِي كِتَابه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مَالك بن أنس عَن ربيعَة قَالَ: إِن الله أنزل الْقُرْآن وَترك فِيهِ موضعا للسّنة وَسن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السّنة وَترك فِيهَا موضعا للرأي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن وهب قَالَ: قَالَ لي مَالك: الحكم الَّذِي يحكم بِهِ بَين النَّاس على وَجْهَيْن فَالَّذِي يحكم بِالْقُرْآنِ وَالسّنة الْمَاضِيَة فَذَلِك الحكم الْوَاجِب وَالصَّوَاب وَالْحكم يجْتَهد فِيهِ الْعَالم نَفسه فِيمَا لم يَأْتِ فِيهِ شَيْء فَلَعَلَّهُ أَن يوفق قَالَ: وثالث التَّكَلُّف لما لَا يعلم فَمَا أشبه ذَلِك أَن لَا يوفق وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} قَالَ: بِمَا بَين الله لَك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطر {لتَحكم بَين النَّاس بِمَا أَرَاك الله} قَالَ: بِالْبَيِّنَاتِ وَالشُّهُود وَأخرج عبد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا وَمَرْفُوعًا قَالَ: من صلى صَلَاة عِنْد النَّاس لَا يُصَلِّي مثلهَا إِذا خلا فَهِيَ استهانة استهان بهَا ربه ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {يستخفون من النَّاس وَلَا يستخفون من الله وَهُوَ مَعَهم} وَأخرج عبد بن حميد عَن حُذَيْفَة مثله وَزَاد: وَلَا يستحيي أَن يكون النَّاس أعظم عِنْده من الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي رزين {إِذْ يبيتُونَ} قَالَ: إِذْ يؤلفون مَا لَا يرضى من القَوْل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله}

قَالَ: أخبر الله عباده بحلمه وعفوه وَكَرمه وسعة رَحمته ومغفرته فَمن أذْنب ذَنبا صَغِير كَانَ أَو كَبِيرا ثمَّ اسْتغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما وَلَو كَانَت ذنُوبه أعظم من السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال وَأخرج ابْن جرير وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ بَنو إِسْرَائِيل إِذا أصَاب أحدهم ذَنبا أصبح قد كتب كَفَّارَة ذَلِك الذَّنب على بَابه وَإِذا أصَاب الْبَوْل شَيْئا مِنْهُ قرضه بالمقراض فَقَالَ رجل: لقد آتى الله بني إِسْرَائِيل خيرا فَقَالَ ابْن مَسْعُود: مَا آتَاكُم الله خير مِمَّا آتَاهُم جعل لكم المَاء طهُورا وَقَالَ {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما} وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من قَرَأَ هَاتين الْآيَتَيْنِ من سُورَة النِّسَاء ثمَّ اسْتغْفر غفر لَهُ {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما} (وَلَو أَنهم إِذْ ظلمُوا أنفسهم جاؤوك فتستغفروا الله واستغفر لَهُم الرَّسُول ) (النِّسَاء الْآيَة 48) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى عبد الله بن مُغفل فَسَأَلته عَن امْرَأَة فجرت فحبلت وَلما ولدت قتلت وَلَدهَا فَقَالَ: مَا لَهَا إِلَّا النَّار فَانْصَرَفت وَهِي تبْكي فَدَعَاهَا ثمَّ قَالَ: مَا أرى أَمرك إِلَّا أحد أَمريْن {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما} فمسحت عينهَا ثمَّ مَضَت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: سَمِعت أَبَا بكر يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من عبد أذْنب فَقَامَ فَتَوَضَّأ فَأحْسن وضوءه ثمَّ قَامَ فصلى واستغفر من ذَنبه إِلَّا كَانَ حَقًا على الله أَن يغْفر لَهُ لِأَن الله يَقُول {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما} وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جلس وَجَلَسْنَا حوله وَكَانَت لَهُ حَاجَة فَقَامَ إِلَيْهَا وَأَرَادَ الرُّجُوع ترك نَعْلَيْه فِي مَجْلِسه أَو بعض مَا يكون عَلَيْهِ وَأَنه قَامَ فَترك نَعْلَيْه فَأخذت ركوة من مَاء فاتبعته

فَمضى سَاعَة ثمَّ رَجَعَ وَلم يقْض حَاجته فَقَالَ: إِنَّه أَتَانِي آتٍ من رَبِّي فَقَالَ: إِنَّه {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما} فَأَرَدْت أَن أبشر أَصْحَابِي قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: وَكَانَت قد شقَّتْ على النَّاس الَّتِي قبلهَا (من يعْمل سوءا يجز بِهِ) (النِّسَاء الْآيَة 123) فَقلت: يَا رَسُول الله وَإِن زنى وَإِن سرق ثمَّ اسْتغْفر ربه غفر الله لَهُ قَالَ: نعم قلت: الثَّانِيَة قَالَ نعم قلت: الثَّالِثَة قَالَ: نعم على رغم أنف عُوَيْمِر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سِيرِين {ثمَّ يرم بِهِ بَرِيئًا} قَالَ: يَهُودِيّا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وعلمك مَا لم تكن تعلم} قَالَ: علَّمه الله بَيَان الدِّينَا وَالْآخِرَة بَين حَلَاله وَحَرَامه ليحتج بذلك على خلقه وَأخرج عَن الضَّحَّاك قَالَ: علمه الْخَيْر وَالشَّر وَالله أعلم الْآيَة 114

114

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد أسلم فِي قَوْله {لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ إِلَّا من أَمر بِصَدقَة أَو مَعْرُوف أَو إصْلَاح بَين النَّاس} من جَاءَك يناجيك فِي هَذَا فاقبل مناجاته وَمن جَاءَ يناجيك فِي غير هَذَا فاقطع أَنْت عَنهُ ذَاك لَا تناجيه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان {إِلَّا من أَمر بِصَدقَة أَو مَعْرُوف} قَالَ: الْمَعْرُوف الْقَرْض وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصمت وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق مُحَمَّد بن عبد الله بن يزِيد بن حنيش قَالَ: دَخَلنَا على سُفْيَان الثَّوْريّ نعوده ومعنا سعيد بن حسان

المَخْزُومِي فَقَالَ لَهُ سُفْيَان: أعد عليَّ الحَدِيث الَّذِي كنت حدثتنيه عَن أم صَالح قَالَ: حَدَّثتنِي أم صَالح بنت صَالح عَن صَفِيَّة بنت شيبَة عَن أم حَبِيبَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَلَام ابْن آدم كُله عَلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا أمرا بِمَعْرُوف أَو نهيا عَن مُنكر أَو ذكر الله عز وَجل فَقَالَ مُحَمَّد بن يزِيد: مَا أَشد هَذَا الحَدِيث فَقَالَ سُفْيَان: وَمَا شدَّة هَذَا الحَدِيث إِنَّمَا جَاءَت بِهِ امْرَأَة عَن امْرَأَة هَذَا فِي كتاب اللله الَّذِي أرسل بِهِ نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما سَمِعت الله يَقُول {لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ إِلَّا من أَمر بِصَدقَة أَو مَعْرُوف أَو إصْلَاح بَين النَّاس} فَهَذَا هُوَ بِعَيْنِه أوما سَمِعت الله يَقُول (يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا من أذن لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابا) (النبأ الْآيَة 38) فَهُوَ هَذَا بِعَيْنِه أوما سَمِعت الله يَقُول (وَالْعصر إِن الإِنسان لفي خسر إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ) (الْعَصْر: السُّورَة كلهَا) فَهُوَ هَذَا بِعَيْنِه وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شُرَيْح الْخُزَاعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من يضمن لي مَا بَين لحييْهِ وَمَا بَين رجلَيْهِ أضمن لَهُ الْجنَّة وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَكثر مَا يدْخل النَّاس النَّار الأجوفان: الْفَم والفرج وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُفْيَان بن عبد الله الثَّقَفِيّ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله مرني بِأَمْر أَعْتَصِم بِهِ فِي الْإِسْلَام قَالَ: قل آمَنت بِاللَّه ثمَّ اسْتَقِم قلت: يَا رَسُول الله مَا أخوف مَا تخَاف عَليّ قَالَ: هَذَا وَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِطرف لِسَان نَفسه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي عمر والشيباني قَالَ: حَدثنِي صَاحب هَذِه الدَّار - يَعْنِي عبد الله بن مَسْعُود - قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: الصَّلَاة على ميقاتها قلت: ثمَّ مَاذَا يَا

رَسُول الله قَالَ: بر الْوَالِدين قلت: ثمَّ مَاذَا يَا رَسُول الله قَالَ: إِن يسلم النَّاس من لسَانك قَالَ: ثمَّ سكت وَلَو استزدته لزادني وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قلت يَا نَبِي الله مَا النجَاة قَالَ: أملك عَلَيْك لسَانك وليسعك بَيْتك وابك على خطيئتك وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن أبي الدِّينَا فِي الصمت وَالْبَيْهَقِيّ عَن أسود بن أبي أَصْرَم الْمحَاربي قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أوصني قَالَ: هَل تملك لسَانك قلت: فَمَا أملك إِذا لم أملك لساني قَالَ: فَهَل تملك يدك قلت: فَمَا أملك إِذا لم أملك يَدي قَالَ: فَلَا تقل بلسانك إِلَّا مَعْرُوفا وَلَا تبسط يدك إِلَّا إِلَى خير وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث مرار: رحم الله امْرأ تكلم فغنم أَو سكت فَسلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رحم الله عبدا تكلم فغنم أَو سكت فَسلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه أَتَى على الصَّفَا فَقَالَ: يَا لِسَان قل خيرا تغنم أَو اصمت تسلم من قبل أَن تندم قَالُوا: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن هَذَا شَيْء تَقوله أَو سمعته قَالَ: لَا بل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أَكثر خَطَايَا ابْن آدم فِي لِسَانه وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: رَأَيْت ابْن عَبَّاس آخِذا بثمرة لِسَانه وَهُوَ يَقُول: يَا لساناه قل خيرا تغنم أَو اسْكُتْ عَن شَرّ تسلم قبل أَن تندم فَقَالَ لَهُ رجل: مَا لي أَرَاك آخِذا بثمرة لسَانك تَقول كَذَا وَكَذَا قَالَ: إِنَّه بَلغنِي أَن العَبْد يَوْم الْقِيَامَة لَيْسَ هُوَ عَن شَيْء أحنق مِنْهُ على لِسَانه وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سره أَن يسلم فليلزم الصمت وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي أَبَا ذَر فَقَالَ أَلا أدلُّك على خَصْلَتَيْنِ هما أخف على الظّهْر وأثقل فِي الْمِيزَان من غَيرهمَا قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: عَلَيْك بِحسن الْخلق وَطول الصمت وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا عمل الْخَلَائق بمثلهما وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أوصني قَالَ: أوصيك

بتقوى الله فَإِنَّهُ أزين لأمرك كُله قلت: زِدْنِي قَالَ: عَلَيْك بِتِلَاوَة الْقُرْآن وَذكر الله فَإِنَّهُ ذكر لَك فِي السَّمَاء وَنور لَك فِي الأَرْض قلت: زِدْنِي قَالَ: عَلَيْك بطول الصمت فَإِنَّهُ مطردَة للشَّيْطَان وَعون لَك على أَمر دينك قلت: زِدْنِي قَالَ: إياك وَكَثْرَة الضحك فَإِنَّهُ يُمِيت الْقلب وَيذْهب بِنور الْوَجْه قلت: زِدْنِي قَالَ: قل الْحق وَلَو كَانَ مرًّا قلت: زِدْنِي قَالَ: لَا تخف فِي الله لومة لائم قلت: زِدْنِي قَالَ: ليحجزك عَن النَّاس مَا تعلم من نَفسك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ركب الْمصْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: طُوبَى لمن عمل بِعِلْمِهِ وَأنْفق الْفضل من مَاله وَأمْسك الْفضل من قَوْله وَأخرج التِّرْمِذِيّ والبيقهي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أصبح ابْن آدم فَإِن كل شَيْء من الْجَسَد يكفر اللِّسَان يَقُول: ننشدك الله فِينَا فَإنَّك إِن اسْتَقَمْت استقمنا وَإِن اعوججت أعوججنا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب اطلع على أبي بكر وَهُوَ يمد لِسَانه قَالَ: مَا تصنع يَا خَليفَة رَسُول الله قَالَ: إِن هَذَا الَّذِي أوردني الْمَوَارِد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ شَيْء من الْجَسَد إِلَّا يشكو ذرب اللِّسَان على حِدته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله قَالَ: فَسَكَتُوا فَلم يجبهُ أحد قَالَ: هُوَ حفظ اللِّسَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن الْحصين أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مقَام الرجل بِالصَّمْتِ أفضل من عبَادَة سِتِّينَ سنة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فَأصَاب النَّاس ريح فتقطعوا فَضربت ببصري فَإِذا أَنا أقرب النَّاس من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: لأغتنمن خلوته الْيَوْم فدنوت مِنْهُ فَقلت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِعَمَل يقربنِي - أَو قَالَ - يدخلني الْجنَّة وَيُبَاعِدنِي من النَّار قَالَ: لقد سَأَلت عَن عَظِيم وَإنَّهُ ليسير على من يسره الله عَلَيْهِ تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وتؤتي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة وتحج الْبَيْت وتصوم رَمَضَان وَإِن شِئْت أَنْبَأتك بِأَبْوَاب الْخَيْر قلت: أجل يَا رَسُول الله قَالَ: الصَّوْم جنَّة وَالصَّدَََقَة تكفر الْخَطِيئَة وَقيام العَبْد فِي جَوف اللَّيْل يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله ثمَّ قَرَأَ الْآيَة

(تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع) (ألم السَّجْدَة الْآيَة 16) ثمَّ قَالَ: إِن شِئْت أَنْبَأتك بِرَأْس الْأَمر وعموده وذروة سنامه قلت أجل يَا رَسُول الله قَالَ: أما رَأس الْأَمر فالإسلام وَأما عموده فَالصَّلَاة وَأما ذرْوَة سنامه فالجهاد وَإِن شِئْت أَنْبَأتك بأملك النَّاس من ذَلِك كُله قلت: مَا هُوَ يَا رَسُول الله فَأَشَارَ بإصبعه إِلَى فِيهِ فَقلت: وَإِنَّا لَنُؤَاخَذَ بِكُل مَا نتكلم بِهِ فَقَالَ: ثكلتك أمك يَا معَاذ وَهل يُكِبُّ النَّاس على مناخرهم فِي جَهَنَّم إِلَّا حصائد ألسنتهم وَهل تَتَكَلَّم إِلَّا مَا عَلَيْك أَو لَك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: إِن من قبلكُمْ كَانُوا يعدون فضول الْكَلَام مَا عدا كتاب الله أَو أَمر بِمَعْرُوف أَو نهي عَن مُنكر أَو أَن تنطق فِي معيشتك الَّتِي لَا بُد لَك مِنْهَا أتذكرون أَن عَلَيْكُم حافظين (كراماً كاتبين) (الانفطار الْآيَة 11) (عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد) (ق الْآيَة 18) أما يستحي أحدكُم لَو نشرت صَحِيفَته الَّتِي أمْلى صدر نَهَاره وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء من أَمر آخرته وَأخرج ابْن سعد عَن أنس بن مَالك قَالَ: لَا يَتَّقِي الله عبد حَتَّى يخزن من لِسَانه وَأخرج أَحْمد عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يَسْتَقِيم إِيمَان عبد حَتَّى يَسْتَقِيم قلبه وَلَا يَسْتَقِيم قلبه حَتَّى يَسْتَقِيم لِسَانه وَلَا يدْخل الْجنَّة حَتَّى يَأْمَن جَاره بوائقه وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: مَا فِي الْمُؤمن بضعَة أحب إِلَى الله من لِسَانه بِهِ يدْخلهُ الْجنَّة وَمَا فِي الْكَافِر بضعَة أبْغض إِلَى الله من لِسَانه بِهِ يدْخلهُ النَّار وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: لَا تنطق فِيمَا لَا يَعْنِيك وأخزن لسَانك كَمَا تخزن درهمك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: أَكثر النَّاس ذنوباً أَكْثَرهم كلَاما فِي مَعْصِيّة الله

وَأخرج أَحْمد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أَكثر النَّاس خَطَايَا أَكْثَرهم خوضاً فِي الْبَاطِل وَأخرج أَحْمد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَه غَيره مَا على الأَرْض شَيْء أحْوج إِلَى طول سجن من لِسَان وَأخرج ابْن عدي عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يصلح الْكَذِب إِلَّا فِي ثَلَاث: الرجل يُرْضِي امْرَأَته وَفِي الْحَرْب وَفِي صلح بَين النَّاس وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن النّواس بن سمْعَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الْكَذِب لَا يصلح إِلَّا فِي ثَلَاث: الْحَرْب فَإِنَّهَا خدعة وَالرجل يُرْضِي امْرَأَته وَالرجل يصلح بَين اثْنَيْنِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يصلح الْكَذِب إِلَّا فِي ثَلَاث: الرجل يكذب لامْرَأَته لترضى عَنهُ أَو إصْلَاح بَين النَّاس أَو يكذب فِي الْحَرْب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا عمل ابْن آدم شَيْء أفضل من الصَّدَقَة وَصَلَاح ذَات الْبَين وَخلق حسن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفضل الصَّدَقَة صَلَاح ذَات الْبَين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا أَيُّوب أَلا أخْبرك بِمَا يعظم الله بِهِ الْأجر ويمحو بِهِ الذُّنُوب تمشي فِي إصْلَاح النَّاس إِذا تباغضوا وتفاسدوا فَإِنَّهَا صَدَقَة يحب الله موضعهَا وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم كُلْثُوم بنت عقبَة أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَيْسَ الْكذَّاب بِالَّذِي يصلح بَين النَّاس فينمي خيرا أَو يَقُول خيرا وَقَالَت: لم أسمعهُ يرخص فِي شَيْء مِمَّا يَقُوله النَّاس إِلَّا فِي ثَلَاث: فِي الْحَرْب والإصلاح بَين النَّاس وَحَدِيث الرجل امْرَأَته وَحَدِيث الْمَرْأَة زَوجهَا وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أخْبركُم بِأَفْضَل من دَرَجَات الصّيام وَالصَّلَاة وَالصَّدَََقَة قَالُوا: بلَى قَالَ: إصْلَاح ذَات الْبَين قَالَ: وَفَسَاد ذَات الْبَين هِيَ الحالقة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أَيُّوب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: يَا أَبَا أَيُّوب أَلا أدلك على صَدَقَة يرضى الله وَرَسُوله موضعهَا قَالَ: بلَى قَالَ: أَن تصلح بَين النَّاس إِذا تفاسدوا وتقرب بَينهم إِذا تباعدوا وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي أَيُّوب: أَلا أدلك على تِجَارَة قَالَ: بلَى قَالَ: تسْعَى فِي صلح بَين النَّاس إِذا تفاسدوا وتقرب بَينهم إِذا تباعدوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ لَهُ الْقَوْم: أَيْن كنت فَقَالَ: أصلحت بَين الْقَوْم فَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب: أصبت لَك مثل أجر الْمُجَاهدين ثمَّ قَرَأَ {لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ إِلَّا من أَمر بِصَدقَة أَو مَعْرُوف أَو إصْلَاح بَين النَّاس} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {وَمن يفعل ذَلِك} تصدق أَو اقرض أَو اصلح بَين النَّاس وَأخرج أَبُو نصر السجري فِي الْإِبَانَة عَن أنس قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله أنزل عليّ فِي الْقُرْآن يَا أَعْرَابِي {لَا خير فِي كثير من نَجوَاهُمْ} إِلَى قَوْله {فَسَوف نؤتيه أجرا عَظِيما} يَا أَعْرَابِي الْأجر الْعَظِيم: الْجنَّة قَالَ الْأَعرَابِي: الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا للإِسلام الْآيَتَانِ 115 - 116

115

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: دَعَاني مُعَاوِيَة فَقَالَ: بَايع لِابْنِ أَخِيك فَقلت: يَا مُعَاوِيَة {وَمن يُشَاقق الرَّسُول من بعد مَا تبين لَهُ الْهدى وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ نوله مَا تولى ونصله جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيراً} فأسكته عني

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {نوله مَا تولى} من آلِهَة الْبَاطِل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك قَالَ: كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز يَقُول: سنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وولاة الْأَمر من بعده سنناً الْأَخْذ بهَا تَصْدِيق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوّة على دين الله لَيْسَ لأحد تغييرها وَلَا تبديلها وَلَا النّظر فِيمَا خالفها من اقْتدى بهَا مهتد وَمن استنصر بهَا مَنْصُور وَمن خالفها اتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ وولاه الله مَا تولى وصلاه جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيراً وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يجمع الله هَذِه الْأمة على الضَّلَالَة أبدا وَيَد الله على الْجَمَاعَة فَمن شَذَّ شذَّ فِي النَّار وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يجمع الله أمتِي أَو قَالَ: هَذِه الْأمة على الضَّلَالَة أبدا وَيَد الله على الْجَمَاعَة الْآيَات 118 - 122

117

أخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والضياء فِي المختارة عَن أبيّ بن كَعْب {إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا} قَالَ: مَعَ كل صنم جنية

وَأخرج عبد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك فِي قَوْله {إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا} قَالَ: اللات والعزى ومنات كلهَا مؤنث وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا} يَقُول: يسمونهم إِنَاثًا لات وَمَنَاة وعزى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا} قَالَ: موتى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: الْإِنَاث كل شَيْء ميت لَيْسَ فِيهِ روح مثل الْخَشَبَة الْيَابِسَة وَمثل الْحجر الْيَابِس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ {إِلَّا إِنَاثًا} قَالَ: مَيتا لَا روح فِيهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: كَانَ لكل حَيّ من أَحيَاء الْعَرَب صنم يعبدونها اثنى بني فلَان فَأنْزل الله {إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا} قَالَ الْمُشْركُونَ: إِن الْمَلَائِكَة بَنَات الله وَإِنَّمَا نعبدهم ليقربونا إِلَى الله زلفى قَالَ اتَّخذُوا أَرْبَابًا وصوروهن صور الْجَوَارِي فحلوا وقلدوا وَقَالُوا: هَؤُلَاءِ يشبهن بَنَات الله الَّذِي نعبده يعنون الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف إِن يدعونَ من دونه إِلَّا أُنْثَى وَإِن يدعونَ إِلَّا شَيْطَانا مرِيدا قَالَ مَعَ كل صنم شَيْطَانَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِلَّا إِنَاثًا} قَالَ: إِلَّا أوثاناً وَأخرج أَبُو عبيد فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تقْرَأ ((إِن يدعونَ من دونه إِلَّا أوثاناً)) وَلَفظ ابْن جرير كَانَ فِي مصحف عَائِشَة {إِن يدعونَ من دونه إِلَّا إِنَاثًا} وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة قَالَت: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ((إِن يدعونَ من دونه إِلَّا أُنْثَى))

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان {وَإِن يدعونَ إِلَّا شَيْطَانا} يَعْنِي إِبْلِيس وَأخرج عَن سُفْيَان {وَإِن يدعونَ إِلَّا شَيْطَانا} قَالَ: لَيْسَ من صنم إِلَّا فِيهِ شَيْطَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مرِيدا} قَالَ: تمرد على معاصي الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان {وَقَالَ لأتَّخذن من عِبَادك} قَالَ: هَذَا قَول إِبْلِيس {نَصِيبا مَفْرُوضًا} يَقُول: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين إِلَى النَّار وَوَاحِد إِلَى الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {لأتَّخذنَّ من عِبَادك نَصِيبا مَفْرُوضًا} قَالَ: يتخذونها من دونه وَيَكُونُونَ من حزبي وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {نَصِيبا مَفْرُوضًا} قَالَ: مَعْلُوما وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {لأتَّخذنَّ من عِبَادك نَصِيبا مَفْرُوضًا} قَالَ: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {ولأضلنهم ولأمنينّهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الْأَنْعَام} قَالَ: دين شَرعه لَهُم إِبْلِيس كَهَيئَةِ البحائر والسوائب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فليبتكن آذان الْأَنْعَام} قَالَ: التبتك فِي الْبحيرَة والسائبة كَانُوا يبتكون آذانها لطواغيتهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {فليبتكن آذان الْأَنْعَام} قَالَ: ليقطعن آذان الْأَنْعَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: أما يبتكن آذان الْأَنْعَام فيشقونها فيجعلونها بحيرة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه كره الإخصاء وَقَالَ: فِيهِ نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن

أنس بن مَالك أَنه كره الإخصاء وَقَالَ: فِيهِ نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} وَلَفظ عبد الرَّزَّاق قَالَ: من تَغْيِير خلق الله الإخصاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اخصاء الْبَهَائِم مثله ثمَّ قَرَأَ {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} وَأخرج عبد بن حميد من طرق عَن ابْن عَبَّاس {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قَالَ: هُوَ الخصاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن خصاء الْخَيل والبهائم قَالَ ابْن عمر: فِيهِ نَمَاء الْخلق وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صَبر الرّوح وإخصاء الْبَهَائِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر إِن عمر بن الْخطاب كَانَ ينْهَى عَن إخصاء الْبَهَائِم وَيَقُول: هَل النَّمَاء إِلَّا فِي الذُّكُور وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن شبيل أَنه سمع شهر بن حَوْشَب قَرَأَ هَذِه الْآيَة {فليغيرن خلق الله} قَالَ: الخصاء مِنْهُ فَأمرت أَبَا التياج فَسَأَلَ الْحسن عَن خصاء الْغنم قَالَ: لَا بَأْس بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {فليغيرن خلق الله} قَالَ: هُوَ الخصاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يكره الخصاء وَيَقُول: هُوَ نَمَاء خلق الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَنه كره الخصاء قَالَ: فِيهِ نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة أَنه خصى بغلاً لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن طَاوس أَنه خصى جملا لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه سُئِلَ عَن خصاء الفحول فَقَالَ: لَا بَأْس لَو تركت الفحول لأكل بَعْضهَا بَعْضًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: لَا بَأْس بإخصاء الدَّوَابّ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي سعيد عبد الله بن بشر قَالَ: أمرنَا عمر بن عبد الْعَزِيز بخصاء الْخَيل ونهانا عَنهُ عبد الْملك بن مَرْوَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء أَنه سُئِلَ عَن إخصاء الْفَحْل فَلم ير بِهِ عِنْد عضاضه وَسُوء خلقه بَأْسا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قَالَ: دين لله وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فليغيرن خلق الله} قَالَ: دين الله وَهُوَ قَوْله (فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله) (الرّوم الْآيَة 30) يَقُول: لدين الله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم {فليغيرن خلق الله} قَالَ: دين الله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير {فليغيرن خلق الله} قَالَ: دين الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وآدَم وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد {فليغيرن خلق الله} قَالَ: دين الله ثمَّ قَرَأَ {لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {فليغيرن خلق الله} قَالَ: الوشم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لعن الله الْوَاشِمَات وَالْمُسْتَوْشِمَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحسنِ والمغيرات خلق الله وَأخرج أَحْمد عَن أبي رَيْحَانَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عشرَة: عَن الوشر والوشم والنتف وَعَن مكامعة الرجل الرجل بِغَيْر شعار وَعَن مكامعة الْمَرْأَة الْمَرْأَة بِغَيْر شعار وَأَن يَجْعَل الرجل فِي أَسْفَل ثَوْبه حَرِيرًا مثل الْأَعْلَام وَأَن يَجْعَل على مَنْكِبه مثل الْأَعَاجِم وَعَن النهبى وَعَن ركُوب النمور ولبوس الْخَاتم إِلَّا لذِي سُلْطَان

وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلعن القاشرة والمقشورة والواشمة والتستوشمة والواصلة والمتصلة وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن جَابر قَالَ: زجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تصل الْمَرْأَة برأسها شَيْئا وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن جَارِيَة من الْأَنْصَار تزوجت وَأَنَّهَا مَرضت فتمعط شعرهَا فأرداوا أَن يصلوها فسألوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لعن الله الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت: أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِن لي ابْنة عروساً وَأَنه أَصَابَهَا حصبة فتمزق شعرهَا أفأصله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لعن الله الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} قَالَ: مَا بَال أَقوام جهلة يغيرون صبغة الله ولون الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن أصدق الحَدِيث كَلَام الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كل مَا هُوَ آتٍ قريب إِلَّا إِن الْبعيد مَا لَيْسَ بآتٍ أَلا لَا يعجل الله لعجلة أحد وَلَا يجد لأمر النَّاس مَا شَاءَ الله لَا مَا شَاءَ النَّاس يُرِيد الله أمرا وَيُرِيد النَّاس أمرا مَا شَاءَ الله كَانَ وَلَو كره النَّاس لَا مقرب لما باعد الله وَلَا مباعد لما قرب الله وَلَا يكون شَيْء إِلَّا بِإِذن الله أصدق الحَدِيث كتاب الله وَأحسن الْهَدْي هدي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة وَخير مَا ألقِي فِي الْقلب الْيَقِين وَخير الْغنى غنى النَّفس وَخير الْعلم مَا نفع وَخير الْهَدْي مَا اتبع وَمَا قل وَكفى خير مِمَّا كثر وألهى وَإِنَّمَا يصير أحدكُم إِلَى مَوضِع أَرْبَعَة أَذْرع أَلا لَا تملوا النَّاس وَلَا تسئموهم فَإِن لكا نفس نشاطاً وإقبالاً وَإِن لَهَا سآمة وإدباراً أَلا وَشر الروايا روايا الْكَذِب وَالْكذب يَقُود إِلَى الْفُجُور وَإِن الْفُجُور يَقُود إِلَى النَّار أَلا وَعَلَيْكُم بِالصّدقِ فَإِن الصدْق يَقُود إِلَى الْبر وَإِن الْبر يَقُود إِلَى الْجنَّة واعتبروا فِي ذَلِك أَيهمَا الفئتان التقا يُقَال للصادق صدق وبر وَيُقَال للكاذب كذب وفجر وَقد سمعنَا نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يزَال العَبْد يصدق حَتَّى يكْتب صديقا وَلَا يزَال يكذب حَتَّى يكْتب كذابا

أَلا وَإِن الْكَذِب لَا يصلح فِي جد وَلَا هزل وَلَا أَن يَعِدَ الرجل مِنْكُم صَبِيه ثمَّ لَا ينجز لَهُ أَلا وَلَا تسألوا أهل الْكتاب عَن شَيْء فَإِنَّهُم قد طَال عَلَيْهِم الأمد فقست قُلُوبهم وابتدعوا فِي دينهم فَإِن كُنْتُم لَا محَالة سائليهم فَمَا وَافق كتابكُمْ فَخُذُوهُ وَمَا خَالفه فأمسكوا عَنهُ واستكوا أَلا وَإِن أصفر الْبيُوت الْبَيْت الَّذِي لَيْسَ فِيهِ من كتاب الله شَيْء أَلا وَإِن الْبَيْت الَّذِي لَيْسَ فِيهِ من كتاب الله خرب كخراب الْبَيْت الَّذِي لَا عَامر لَهُ أَلا وَإِن الشَّيْطَان يخرج من الْبَيْت الَّذِي يسمع سُورَة الْبَقَرَة تقْرَأ فِيهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فَأَشْرَف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَانَ مِنْهَا على لَيْلَة فَلم يَسْتَيْقِظ حَتَّى كَانَت الشَّمْس قيد رمح قَالَ: ألم أقل لَك يَا بِلَال أكلئنا اللَّيْلَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله ذهب بِي النّوم فَذهب بِي الَّذِي ذهب بك فانتقل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك الْمنزل غير بعيد ثمَّ صلى ثمَّ هدر بَقِيَّة يَوْمه وَلَيْلَته فَأصْبح بتبوك فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ: أما بعد: فَإِن أصدق الحَدِيث كتاب الله وأوثق العرا كلمة التَّقْوَى وَخير الْملَل مِلَّة إِبْرَاهِيم وَخير السّنَن سنة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأشرف الحَدِيث ذكر الله وَأحسن الْقَصَص هَذَا الْقُرْآن وَخير الْأُمُور عوازمها وَشر الْأُمُور محدثاتها وَأحسن الْهَدْي هدي الْأَنْبِيَاء وأشرف الْمَوْت قتل الشُّهَدَاء وأعمى الْعَمى الضَّلَالَة بعد الْهدى وَخير الْعلم مَا نفع وَخير الْهَدْي مَا اتبع وَشر الْعَمى عمى الْقلب وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى وَمَا قل وَكفى خير مِمَّا كثر وألهى وَشر المعذرة حِين يحضر الْمَوْت وَشر الندامة يَوْم الْقِيَامَة وَمن النَّاس من لَا يَأْتِي الصَّلَاة إِلَّا دبراً وَمِنْهُم من لَا يذكر الله إِلَّا هجراً وَأعظم الْخَطَايَا اللِّسَان الكذوب وَخير الْغنى غنى النَّفس وَخير الزَّاد التَّقْوَى وَرَأس الْحِكْمَة مَخَافَة الله عز وَجل وَخير مَا وقر فِي الْقُلُوب الْيَقِين والإرتياب من الْكفْر والنياحة من عمل الْجَاهِلِيَّة والغلول من جثاء جَهَنَّم والكنز كي من النَّار وَالشعر من مَزَامِير إِبْلِيس وَالْخمر جماع الْإِثْم وَالنِّسَاء حبالة الشَّيْطَان والشباب شُعْبَة من الْجُنُون وَشر المكاسب كسب الرِّبَا وَشر المآكل مَال الْيَتِيم والسعيد من وعظ بِغَيْرِهِ والشقي من شقي فِي بطن أمه وَإِنَّمَا يصير أحدكُم إِلَى مَوضِع أَربع أَذْرع وَالْأَمر بِآخِرهِ وملاك الْعَمَل خواتمه وَشر الروايا روايا الْكَذِب وكل مَا هُوَ آتٍ قريب وسباب الْمُؤمن فسوق وقتال الْمُؤمن كفر وَأكل

لَحْمه من مَعْصِيّة الله وَحُرْمَة مَاله كَحُرْمَةِ دَمه وَمن يتَأَوَّل على الله يكذبهُ وَمن يغْفر يغْفر لَهُ وَمن يغْضب يغْضب الله عَنهُ وَمن يَكْظِم الغيظ يأجره الله وَمن يصبر على الرزية يعوضه الله وَمن يتبع السمعة يسمع الله بِهِ وَمن يصبر يضعف الله لَهُ وَمن يعْص الله يعذبه الله اللَّهُمَّ اغْفِر لي ولأمتي قَالَهَا ثَلَاثًا: اسْتغْفر الله لي وَلكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يَقُول فِي خطبَته: أصدق الحَدِيث كَلَام الله فَذكر مثله سَوَاء الْآيَة 123

123

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَت الْعَرَب: لَا نبعث وَلَا نحاسب وَقَالَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى (لن يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ هوداً أَو نَصَارَى) (الْبَقَرَة الْآيَة 111) وَقَالُوا (لن تمسنا النَّار إِلَّا أَيَّامًا معدوة) (الْبَقَرَة الْآيَة 80) فَأنْزل الله {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق قَالَ: احْتج الْمُسلمُونَ وَأهل الْكتاب فَقَالَ الْمُسلمُونَ: نَحن أهْدى مِنْكُم وَقَالَ أهل الْكتاب نَحن أهْدى مِنْكُم فَأنْزل الله {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب} فانفلج عَلَيْهِم الْمُسلمُونَ بِهَذِهِ الْآيَة (وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن ) (وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن) (النِّسَاء الْآيَة 124) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق قَالَ: تفاخر النَّصَارَى وَأهل الْإِسْلَام فَقَالَ هَؤُلَاءِ: نَحن أفضل مِنْكُم وَقَالَ هَؤُلَاءِ: نَحن أفضل مِنْكُم فَأنْزل الله {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن الْمُسلمين وَأهل الْكتاب افْتَخرُوا فَقَالَ أهل الْكتاب: نَبينَا قبل نَبِيكُم وَكِتَابنَا قبل كتابكُمْ وَنحن أولى بِاللَّه مِنْكُم وَقَالَ الْمُسلمُونَ: نَحن أولى بِاللَّه مِنْكُم وَنَبِينَا خَاتم النَّبِيين وَكِتَابنَا يقْضِي على الْكتب الَّتِي كَانَت قبله فَأنْزل الله {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب} إِلَى قَوْله {وَمن أحسن دينا} الْآيَة فأفلج الله حجَّة الْمُسلمين على من ناوأهم من أهل الْأَدْيَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: التقى نَاس من الْمُسلمين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى فَقَالَت الْيَهُود للْمُسلمين: نَحن خير مِنْكُم ديننَا قبل دينكُمْ وَكِتَابنَا قبل كتابكُمْ وَنَبِينَا قبل نَبِيكُم وَنحن على دين إِبْرَاهِيم وَلنْ يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ يَهُودِيّا وَقَالَت النَّصَارَى مثل ذَلِك فَقَالَ الْمُسلمُونَ: كتَابنَا بعد كتابكُمْ وَنَبِينَا بعد نَبِيكُم وَدِيننَا بعد دينكُمْ وَقد أمرْتُم أَن تتبعونا وتتركوا أَمركُم فَنحْن خير مِنْكُم نَحن على دين إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَلنْ يدْخل الْجنَّة إِلَّا من كَانَ على ديننَا فَرد الله عَلَيْهِم قَوْلهم فَقَالَ {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ} ثمَّ فضل الله الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِم فَقَالَ (وَمن أحسن دينا مِمَّن أسلم وَجهه لله وَهُوَ محسن وَاتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا) (النِّسَاء الْآيَة 125) وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عبيد بن سُلَيْمَان عَن الضَّحَّاك قَالَ: تخاصم أهل الْأَدْيَان فَقَالَ أهل التَّوْرَاة: كتَابنَا أول كتاب وَخَيرهَا وَنَبِينَا خير الْأَنْبِيَاء وَقَالَ أهل الْإِنْجِيل نَحوا من ذَلِك وَقَالَ أهل الْإِسْلَام: لَا دين إِلَّا الْإِسْلَام وَكِتَابنَا نسخ كل كتاب وَنَبِينَا خَاتم النَّبِيين وأمرنا أَن نعمل بكتابنا ونؤمن بِكِتَابِكُمْ فَقضى الله بَينهم فَقَالَ {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ} ثمَّ خير بَين أهل الْأَدْيَان ففضل أهل الْفضل فَقَالَ (وَمن أحسن دينا مِمَّن أسلم وَجهه لله وَهُوَ محسن ) (النِّسَاء الْآيَة 125) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك قَالَ: افتخر أهل الْأَدْيَان فَقَالَت الْيَهُود: كتَابنَا خير الْكتب وَأَكْرمهَا على الله وَنَبِينَا أكْرم الْأَنْبِيَاء على الله مُوسَى خلا بِهِ وَكَلمه نجيا وَدِيننَا خير الْأَدْيَان وَقَالَت النَّصَارَى: عِيسَى

خَاتم النَّبِيين آتَاهُ الله التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَلَو أدْركهُ مُحَمَّد تبعه وَدِيننَا خير الدّين وَقَالَت الْمَجُوس وكفار الْعَرَب: ديننَا أقدم الْأَدْيَان وَخَيرهَا وَقَالَ الْمُسلمُونَ: مُحَمَّد رَسُول الله وَخَاتم الْأَنْبِيَاء وَسيد الرُّسُل وَالْقُرْآن آخر مَا نزل من عِنْد الله من الْكتب وَهُوَ أَمِير على كل كتاب وَالْإِسْلَام خير الْأَدْيَان فَخير الله بَينهم فَقَالَ {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ} يَعْنِي بذلك الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وكفار الْعَرَب وَلَا يجد لَهُ من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا ثمَّ فضل الْإِسْلَام على كل دين فَقَالَ: (وَمن أحسن دينا مِمَّن أسلم وَجهه لله) (النِّسَاء الْآيَة 125) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أهل التَّوْرَاة: كتَابنَا خير الْكتب أنزل قبل كتابكُمْ وَنَبِينَا خير الْأَنْبِيَاء وَقَالَ أهل الْإِنْجِيل مثل ذَلِك وَقَالَ أهل الْإِسْلَام: كتَابنَا نسخ كل كتاب وَنَبِينَا خَاتم النَّبِيين وأمرتم وأمرنا أَن نؤمن بِكِتَابِكُمْ ونعمل بكتابنا فَقضى الله بَينهم فَقَالَ {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ} وَخير بَين أهل الْأَدْيَان فَقَالَ (وَمن أحسن دينا مِمَّن أسلم وَجهه) (النِّسَاء الْآيَة 125) الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح قَالَ: جلس أنَاس من أهل التَّوْرَاة وَأهل الْإِنْجِيل وَأهل الْإِيمَان فَقَالَ هَؤُلَاءِ: نَحن أفضل مِنْكُم وَقَالَ هَؤُلَاءِ: نَحن أفضل فَقَالَ الله {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ} ثمَّ خص الله أهل الْأَدْيَان فَقَالَ (وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى) (النِّسَاء الْآيَة 124) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب} قَالَ: قُرَيْش وَكَعب بن الْأَشْرَف وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: إِن الْإِيمَان لَيْسَ بالتحلي وَلَا بالتمني إِن الْإِيمَان مَا وقر فِي الْقلب وَصدقه الْعَمَل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى: لَا يدْخل الْجنَّة غَيرنَا وَقَالَت قُرَيْش: لَا نبعث فَأنْزل الله {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ}

وَالسوء: الشّرك وَأخرج أَحْمد وهناد وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والضياء فِي المختارة عَن أبيّ بكر الصّديق أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله كَيفَ الصّلاح بعد هَذِه الْآيَة {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ} فَكل سوء جزينا بِهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: غفر الله لَك يَا أَبَا بكر أَلَسْت تنصب أَلَسْت تمرض أَلَسْت تحزن أَلَسْت تصيبك اللأواء قَالَ: بلَى قَالَ: فَهُوَ مَا تُجْزونَ بِهِ وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن ابْن عمر قَالَ: سَمِعت أَبَا بكر يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يعْمل سوءا يجز بِهِ فِي الدِّينَا وَأخرج ابْن سعيد وَالتِّرْمِذِيّ الْحَكِيم وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن ابْن عمر أَنه مر بِعَبْد الله بن الزبير وَهُوَ مصلوب فَقَالَ: رَحِمك الله يَا أَبَا خبيب سَمِعت أَبَاك الزبير يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من يعْمل سوءا يجز بِهِ فِي الدِّينَا وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة {من يعْمل سوءا يجز بِهِ وَلَا يجد لَهُ من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا بكر أَلا أقرئك آيَة نزلت عليّ قلت: بلَى يَا رَسُول الله فاقرأنيها فَلَا أعلم إِلَّا أَنِّي وجدت انقصاما فِي ظَهْري حَتَّى تمطيت لَهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَالك يَا أَبَا بكر قلت: بِأبي وَأمي يَا رَسُول الله وأينا لم يعْمل السوء وَإِنَّا لمجزيون بِكُل سوء عَمِلْنَاهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما أَنْت وَأَصْحَابك يَا أَبَا بكر الْمُؤْمِنُونَ فتجزون بذلك فِي الدِّينَا حَتَّى تلقوا الله لَيْسَ لكم ذنُوب وَأما الْآخرُونَ فَيجمع لَهُم ذَلِك حَتَّى يجزوا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة عَن أبي بكر قَالَ: لما نزلت {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله كل مَا نعمل نؤاخذ بِهِ فَقَالَ: يَا أَبَا بكر أَلَيْسَ يصيبك كَذَا وَكَذَا فَهُوَ كَفَّارَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وهناد وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَسْرُوق قَالَ: قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله مَا أَشد هَذِه الْآيَة {من يعْمل سوءا يجز بِهِ}

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: المصائب والأمراض وَالْأَحْزَان فِي الدِّينَا جَزَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة أَن رجلا تَلا هَذِه الْآيَة {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} قَالَ: إِنَّا لنجزى بِكُل مَا عَمِلْنَاهُ هلكنا إِذن فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم يجزى بِهِ الْمُؤمن فِي الدِّينَا فِي نَفسه فِي جسده فِيمَا يُؤْذِيه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله إِنِّي لأعْلم أَشد آيَة فِي الْقُرْآن قَالَ: مَا هِيَ يَا عَائِشَة قلت: {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} فَقَالَ: هُوَ مَا يُصِيب العَبْد من السوء حَتَّى النكبة ينكبها يَا عَائِشَة من نُوقِشَ هلك وَمن حُوسِبَ عذب فَقلت: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ الله يَقُول (فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا) قَالَ: ذَاك الْعرض يَا عَائِشَة من نُوقِشَ الْحساب عَن هَذِه الْآيَة {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} قَالَ: إِن الْمُؤمن يُؤجر فِي كل شَيْء حَتَّى فِي الغط عِنْد الْمَوْت وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كثرت ذنُوب العَبْد وَلم يكن لَهُ مَا يكفرهَا ابتلاه الله بالحزن ليكفرها وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الْمُهلب قَالَ: رحلت إِلَى عَائِشَة فِي هَذِه الْآيَة {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} قَالَت: هُوَ مَا يُصِيبكُم فِي الدِّينَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} شقّ ذَلِك على الْمُسلمين وَبَلغت مِنْهُم مَا شَاءَ الله فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: سددوا وقاربوا فَإِن فِي كل مَا أصَاب الْمُسلم كَفَّارَة حَتَّى الشَّوْكَة يُشَاكَهَا والنكبة ينكبها وَفِي لفظ عِنْد ابْن مرْدَوَيْه: بكينا وحزنا وَقُلْنَا: يَا رَسُول الله مَا أبقت هَذِه الْآيَة من شَيْء قَالَ: أما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَكمَا نزلت وَلَكِن أَبْشِرُوا وقاربوا وسددوا إِنَّه لَا يُصِيب أحد مِنْكُم من مُصِيبَة فِي الدِّينَا إِلَّا كفر الله بهَا خطيئته حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها أحدكُم فِي قدمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد أَنَّهُمَا

سمعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا يُصِيب الْمُؤمن من وصب وَلَا نصب وَلَا سقم وَلَا حزن حَتَّى الْهم يهمه إِلَّا كفر الله بِهِ من سيئاته وَأخرج أَحْمد ومسدد وَابْن أبي الدِّينَا فِي الْكَفَّارَات وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت هَذِه الْأَمْرَاض الَّتِي تصيبنا مَا لنا بهَا قَالَ: كَفَّارَات قَالَ أبي: وَإِن قلت قَالَ: وَإِن شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده عَن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر قَالَ: قَالَ رجل لعمر ابْن الْخطاب: إِنِّي لَا أعرف أَشد آيَة فِي كتاب الله فَأَهوى عمر فَضَربهُ بِالدرةِ وَقَالَ: مَالك نقبت عَنْهَا فَانْصَرف حَتَّى كَانَ الْغَد قَالَ لَهُ عمر: الْآيَة الَّتِي ذكرت بالْأَمْس فَقَالَ {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} فَمَا منا أحد يعْمل سوءا إِلَّا جزي بِهِ فَقَالَ عمر: لبثنا حِين نزلت مَا ينفعنا طَعَام وَلَا شراب حَتَّى أنزل الله بعد ذَلِك وَرخّص وَقَالَ: (وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه ثمَّ يسْتَغْفر الله يجد الله غَفُورًا رحِيما) (النِّسَاء الْآيَة 110) وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أُميَّة بنت عبد الله قَالَت: سَأَلت عَائِشَة عَن هَذِه الْآيَة {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} فَقَالَت: لقد سَأَلتنِي عَن شَيْء مَا سَأَلَني عَنهُ أحد بعد أَن سَأَلت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا عَائِشَة هَذِه مبايعة الله العَبْد بِمَا يُصِيبهُ من الْحمى والحزن والنكبة حَتَّى البضاعة يَضَعهَا فِي كمه فيفقدها فَيفزع لَهَا فيجدها تَحت ضبنه حَتَّى إِن العَبْد ليخرج من ذنُوبه كَمَا يخرج التبر الْأَحْمَر من الْكِير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدِّينَا وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن زِيَاد بن الرّبيع قَالَ: قلت لأبي بن كَعْب: آيَة فِي كتاب الله قد أحزنتني قَالَ: مَا هِيَ قلت {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} قَالَ: مَا كنت أَرَاك إِلَّا أفقه مِمَّا أرى إِن الْمُؤمن لَا تصيبه مُصِيبَة عَثْرَة قدم وَلَا اخْتِلَاج عرق وَلَا نحبة نملة إِلَّا بذنب وَمَا يعفوه الله عَنهُ أَكثر حَتَّى اللدغة والنفحة وَأخرج هناد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن إِبْرَاهِيم بن مرّة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى أبي فَقَالَ:

يَا أَبَا الْمُنْذر آيَة فِي كتاب الله قد غمتني قَالَ: أَي آيَة قَالَ {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} قَالَ: ذَاك العَبْد الْمُؤمن مَا أَصَابَته من نكبة مُصِيبَة فيصبر فليقى الله عز وَجل وَلَا ذَنْب لَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: لما نزلت {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} قَالَ أَبُو بكر: جَاءَت قاصمة الظّهْر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا هِيَ المصيبات فِي الدِّينَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس إِن ابْن عمر لقِيه حَزينًا فَسَأَلَهُ عَن هَذِه الْآيَة {لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب من يعْمل سوءا يجز بِهِ} فَقَالَ: مَا لكم ولهذه إِنَّمَا هَذِه للْمُشْرِكين قُرَيْش وَأهل الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} يَقُول من يُشْرك يجز بِهِ وَهُوَ السوء {وَلَا يجد لَهُ من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا} إِلَّا أَن يَتُوب قبل مَوته فيتوب الله عَلَيْهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن فِي قَوْله {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} قَالَ: إِنَّمَا ذَاك لمن أَرَادَ الله هوانه فَأَما من أَرَادَ الله كرامته فَإِنَّهُ يتَجَاوَز عَن سيئاته فِي أَصْحَاب الْجنَّة وعد الصدْق الَّذِي كَانُوا يوعدون وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَجَرَة فهزها حَتَّى تساقط من وَرقهَا مَا شَاءَ الله أَن يتساقط ثمَّ قَالَ: الأوجاع والمصيبات أسْرع فِي ذنُوب بني آدم مني فِي هَذِه الشَّجَرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال الْبلَاء بِالْمُؤمنِ والمؤمنة فِي نَفسه وَفِي وَلَده وَمَاله حَتَّى يلقى الله وَمَا عَلَيْهِ من خَطِيئَة وَأخرج أَحْمد عَن السَّائِب بن خَلاد أَن

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من شَيْء يُصِيب الْمُؤمن حَتَّى الشَّوْكَة تصيبه إِلَّا كتب الله لَهُ بهَا حَسَنَة وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من مُصِيبَة تصيب الْمُسلم إِلَّا كفر الله بهَا عَنهُ حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يُصِيب الْمُؤمن شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا رَفعه الله بهَا دَرَجَة وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طرقه وجع فَجعل يشتكي ويتقلب على فرَاشه فَقَالَت عَائِشَة: لَو صنع هَذَا بَعْضنَا لوجدت عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الصَّالِحين يشدد عَلَيْهِم وَأَنه لَا يُصِيب مُؤمنا نكبة من شَوْكَة فَمَا فَوق ذَلِك إِلَّا حطت بِهِ عَنهُ خَطِيئَة وَرفع لَهُ بهَا دَرَجَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يُصِيب الْمُؤمن من نصب وَلَا وصب وَلَا هم وَلَا حزن وَلَا أَذَى وَلَا غم حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها إِلَّا كفر الله من خطاياه وَأخرج أَحْمد وهناد فِي الزّهْد مَعًا عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: إِن الْمُسلم ليؤجر فِي كل شَيْء حَتَّى فِي النكبة وَانْقِطَاع شسعه والبضاعة تكون فِي كمه فيفقدها فَيفزع لَهَا فيجدها فِي ضبنه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أَي النَّاس أَشد بلَاء قَالَ: النَّبِيُّونَ ثمَّ الأمثل من النَّاس فَمَا يزَال بِالْعَبدِ الْبلَاء حَتَّى يلقى الله وَمَا عَلَيْهِ من خَطِيئَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُعَاوِيَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من شَيْء يُصِيب الْمُؤمن فِي جسده يُؤْذِيه إِلَّا كفَّر الله عَنهُ بِهِ من سيئاته وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صداع الْمُؤمن أَو شَوْكَة يشاكها أَو شَيْء يُؤْذِيه يرفعهُ الله بهَا يَوْم الْقِيَامَة دَرَجَة وَيكفر عَنهُ بهَا ذنُوبه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا أصَاب رجلا من الْمُسلمين نكبة فَمَا فَوْقهَا - حَتَّى ذكر الشَّوْكَة - إِلَّا لإحدى خَصْلَتَيْنِ: إِلَّا ليغفر الله من الذُّنُوب ذَنبا لم يكن ليغفر الله لَهُ إِلَّا بِمثل ذَلِك أَو يبلغ بِهِ من الْكَرَامَة كَرَامَة لم يكن يبلغهَا إِلَّا بِمثل ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الوجع لَا يكْتب بِهِ الْأجر إِنَّمَا الْأجر فِي الْعَمَل وَلَكِن يكفِّر الله بِهِ الْخَطَايَا وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أياس بن أبي فَاطِمَة عَن أَبِيه عَن جده

عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَيّكُم يحب أَن يَصح فَلَا يسقم قَالُوا: كلنا يَا رَسُول الله قَالَ: أتحبون أَن تَكُونُوا كالحمير الضَّالة وَفِي لفظ: الصيالة أَلا تحبون أَن تَكُونُوا أَصْحَاب بلَاء وَأَصْحَاب كَفَّارَات وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الله ليبتلي الْمُؤمن وَمَا يَبْتَلِيه إِلَّا لكرامته عَلَيْهِ وَإِن العَبْد لتَكون لَهُ الدرجَة فِي الْجنَّة لَا يبلغهَا بِشَيْء من عمله حَتَّى يَبْتَلِيه بالبلاء ليبلغ بِهِ تِلْكَ الدرجَة وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن خَالِد السّلمِيّ عَن أَبِيه عَن جده وَكَانَت لَهُ صُحْبَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا سبقت للْعَبد من الله منزلَة لم يبلغهَا بِعَمَلِهِ ابتلاه الله فِي جسده أَو فِي مَاله أَو فِي وَلَده ثمَّ صبره حَتَّى يبلغهُ الْمنزلَة الَّتِي سبقت لَهُ من الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرجل لتَكون لَهُ الْمنزلَة عِنْد الله فَمَا يبلغهَا بِعَمَل فَمَا يزَال يَبْتَلِيه بِمَا يكره حَتَّى يبلغهُ ذَلِك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ: سَمِعت أَبَا سُلَيْمَان يَقُول: مر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام على رجل فِي متعبد لَهُ ثمَّ مر بِهِ بعد ذَلِك وَقد مزقت السبَاع لَحْمه فرأس ملقى وفخذ ملقى وكبد ملقى فَقَالَ مُوسَى: يَا رب عَبدك كَانَ يطيعك فابتليه بِهَذَا فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا مُوسَى إِنَّه سَأَلَني دَرَجَة لم يبلغهَا بِعَمَلِهِ فابتليه بِهَذَا لأبلغه بذلك الدرجَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا ضرب من مُؤمن عرق إلاَّ حَطَّ الله بِهِ عَنهُ خَطِيئَة وَكتب لَهُ بِهِ حَسَنَة وَرفع لَهُ بِهِ دَرَجَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله ليبتلي عَبده بِالسقمِ حَتَّى يكفِّر كل ذَنْب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صدع فِي سَبِيل الله ثمَّ احستب غفر الله لَهُ مَا كَانَ قبل ذَلِك من ذَنْب وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن يزِيد بن أبي حبيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال الصداع والمليلة بِالْمَرْءِ الْمُسلم حَتَّى يَدعه مثل الْفضة الْبَيْضَاء وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَامر أخي الْخضر قَالَ: إِنِّي لبأرض محَارب إِذا رايات وألوية فَقلت: مَا هَذَا قَالُوا: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَلَست إِلَيْهِ وَهُوَ فِي ظلّ شَجَرَة قد بسط لَهُ كسَاء وَحَوله أَصْحَابه فَذكرُوا الأسقام فَقَالَ: إِن العَبْد

الْمُؤمن إِذا أَصَابَهُ سقم ثمَّ عافاه الله كَانَ كَفَّارَة لما مضى من ذنُوبه وموعظة لَهُ فِيمَا يسْتَقْبل من عمره وَإِن الْمُنَافِق إِذا مرض وعوفي كَانَ كالبعير عقله أَهله ثمَّ أَطْلقُوهُ لَا يدْرِي فِيمَا عقلوه وَلَا فِيمَا أَطْلقُوهُ فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله مَا الأسقام قَالَ: أَو مَا سقمت قطّ قَالَ: لَا قَالَ: فَقُمْ عَنَّا فلست منا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من عبد يصرع صرعة من مرض إِلَّا بَعثه مِنْهُ طَاهِرا وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن العَبْد إِذا مرض أوحى الله إِلَى مَلَائكَته: يَا ملائكتي إِذا قيدت عَبدِي بِقَيْد من قيودي فَإِن أقبضهُ أَغفر لَهُ وَإِن أعافه فجسده مغْفُور لَا ذَنْب لَهُ وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله ليجرب أحدكُم بالبلاء - وَهُوَ أعلم - كَمَا يجرب أحدكُم ذهبه بالنَّار فَمنهمْ من يخرج كالذهب الإِبريز فَذَلِك الَّذِي نجاه الله من السَّيِّئَات وَمِنْهُم من يخرج كالذهب دون ذَلِك فَذَلِك الَّذِي يشك بعض الشَّك وَمِنْهُم من يخرج كالذهب الْأسود فَذَلِك الَّذِي قد افْتتن وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق بشير بن عبد الله بن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: عَاد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا من الْأَنْصَار فأكبَّ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَا نَبِي الله مَا غمضت مُنْذُ سبع لَيَال وَلَا أحد يحضرني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي أخي اصبر أَي أخي اصبر تخرج من ذنوبك كَمَا دخلت فِيهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَاعَات الْأَمْرَاض يذْهبن سَاعَات الْخَطَايَا وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَاعَات الْأَذَى يذْهبن سَاعَات الْخَطَايَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الحكم بن عتبَة رَفعه قَالَ: إِذا كثرت ذنُوب العَبْد وَلم يكن لَهُ من الْعَمَل مَا يكفر ذنُوبه ابتلاه الله بالهم يكفر بِهِ ذنُوبه وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله ليبتلي عَبده بالبلاء والألم حَتَّى يتْركهُ من ذَنبه كالفضة المصفاة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْمسيب بن رَافع أَن أَبَا بكر الصّديق قَالَ: إِن الْمَرْء الْمُسلم يمشي فِي النَّاس وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة قيل: وَلم ذَلِك يَا أَبَا بكر قَالَ: بالمصائب وَالْحجر والشوكة والسشع يَنْقَطِع

وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الصداع والمليلة لَا يزَال بِالْمُؤمنِ وَإِن ذَنبه مثل أحد فَمَا يتْركهُ وَعَلِيهِ من ذَلِك مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل وَأخرج أَحْمد عَن خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي عَن جده يزِيد بن أَسد أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْمَرِيض تحات خطاياه كَمَا يتحات ورق الشّجر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: مَا يسرني بليلة أمرضها حمر النعم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِيَاض بن غُضَيْف قَالَ: دَخَلنَا على أبي عُبَيْدَة بن الْجراح نعوده فَإِذا وَجهه مِمَّا يَلِي الْجِدَار وَامْرَأَته قَاعِدَة عِنْد رَأسه قلت: كَيفَ بَات أَبُو عُبَيْدَة قَالَت: بَات بِأَجْر فَأقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: إِنِّي لم أَبِتْ بِأَجْر وَمن ابتلاه الله ببلاء فِي جسده فَهُوَ لَهُ حطة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان قَالَ: إِن الْمُؤمن يُصِيبهُ الله بالبلاء ثمَّ يعافيه فَيكون كَفَّارَة لسيئاته ومستعتباً فِيمَا بَقِي وَإِن الْفَاجِر يُصِيبهُ الله بالبلاء ثمَّ يعافيه فَيكون كالبعير عقله أَهله لَا يدْرِي لمَ عقلوه ثمَّ أَرْسلُوهُ فَلَا يدْرِي لمَ أَرْسلُوهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمار أَنه كَانَ عِنْده أَعْرَابِي فَذكرُوا الوجع فَقَالَ عمار: مَا اشتكيت قطّ قَالَ: لَا فَقَالَ عمار: لست منا مَا من عبد يبتلى إِلَّا حط عَنهُ خطاياه كَمَا تحط الشَّجَرَة وَرقهَا وَإِن الْكَافِر يبتلى فَمثله مثل الْبَعِير عُقِل فَلم يدرِ لمَ عَقِلْ وأُطْلِقَ فَلم يدرِ لمَ أُطْلِقَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} قَالَ: الشّرك وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {من يعْمل سوءا يجز بِهِ} قَالَ: الْكَافِر ثمَّ قَرَأَ (وَهل يجازى إِلَّا الكفور) (سبأ الْآيَة 17) الْآيَة 124

124

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مَسْرُوق قَالَ: لما نزلت (لَيْسَ بأمانيكم وَلَا أماني أهل الْكتاب ) (النِّسَاء الْآيَة 123) الْآيَة قَالَ أهل الْكتاب: نَحن وَأَنْتُم سَوَاء فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن} ففجلوا عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن} قَالَ: أَبى أَن يقبل الْإِيمَان إِلَّا بِالْعَمَلِ الصَّالح وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن ابْن عمر لقِيه فَسَأَلَهُ عَن هَذِه الْآيَة {وَمن يعْمل من الصَّالِحَات} قَالَ: الْفَرَائِض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن} قَالَ: قد يعْمل الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ والمشرك الْخَيْر فَلَا يَنْفَعهُمْ فِي الدِّينَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن يعْمل من الصَّالِحَات من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن} قَالَ: إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْعَمَل مَا كَانَ فِي الإِيمان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: النقير هِيَ النُّكْتَة الَّتِي تكون فِي ظهر النواة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: القطمير القشرة الَّتِي تكون على النواة والفتيل الَّذِي يكون فِي بَطنهَا والنقير النقطة الْبَيْضَاء الَّتِي فِي وسط النواة الْآيَتَانِ 125 - 126

125

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أهل الْإِسْلَام: لَا دين إِلَّا الْإِسْلَام كتَابنَا نسخ كل كتاب وَنَبِينَا خَاتم النَّبِيين وَدِيننَا خير الْأَدْيَان فَقَالَ الله تَعَالَى {وَمن أحسن دينا مِمَّن أسلم وَجهه لله وَهُوَ محسن} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله اصْطفى مُوسَى بالْكلَام وَإِبْرَاهِيم بالخلة

وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله اصْطفى إِبْرَاهِيم بالخلة وَاصْطفى مُوسَى بالْكلَام وَاصْطفى مُحَمَّدًا بِالرُّؤْيَةِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن الضريس عَن معَاذ بن جبل أَنه لما قدم الْيمن صلى بهم الصُّبْح فَقَرَأَ {وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} فَقَالَ رجل من الْقَوْم: لقد قرت عين أم إِبْرَاهِيم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جُنْدُب: أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قبل أَن يتوفى: إِن الله اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الله اتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَإِن صَاحبكُم خَلِيل الله وَإِن مُحَمَّدًا سيد بني آدم يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قَرَأَ (عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا) (الْإِسْرَاء الْآيَة 79) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الْأَنْبِيَاء يَوْم الْقِيَامَة كل اثْنَيْنِ مِنْهُم خليلان دون سَائِرهمْ قَالَ فخليلي مِنْهُم يَوْمئِذٍ خَلِيل الله إِبْرَاهِيم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فِي الْجنَّة قصراً من درة لَا صدع فِيهِ وَلَا وَهن أعده الله لخليله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام نزلا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أتعجبون أَن تكون الْخلَّة لإِبراهيم وَالْكَلَام لمُوسَى والرؤية لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جلس نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينتظرونه فَخرج حَتَّى إِذا دنا مِنْهُم سمعهم يتذاكرون فَسمع حَدِيثهمْ وَإِذا بَعضهم يَقُول: إِن الله اتخذ من خلقه خَلِيلًا فإبراهيم خَلِيله وَقَالَ آخر: مَاذَا بِأَعْجَب من أَن كلم الله مُوسَى تكليماً وَقَالَ آخر: فعيسى روح الله وكلمته وَقَالَ آخر آدم اصطفاه الله فَخرج عَلَيْهِم فَسلم فَقَالَ: قد سَمِعت كلامكم وعجبكم ان إِبْرَاهِيم خَلِيل الله وَهُوَ كَذَلِك ومُوسَى كليمه وَعِيسَى روحه وكلمته وآدَم اصطفاه الله ربه كَذَلِك أَلا وَإِنِّي حبيب الله وَلَا فَخر وَأَنا أول شَافِع وَأول مُشَفع وَلَا فَخر وَأَنا أول من يُحَرك حلق الْجنَّة فيفتحها الله فيدخلنيها وَمَعِي فُقَرَاء الْمُؤمنِينَ وَلَا فَخر وَأَنا أكْرم الْأَوَّلين والآخرين يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر

وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات قَالَ: أوحى الله إِلَى إِبْرَاهِيم: أَتَدْرِي لم اتخذتك خَلِيلًا قَالَ: لَا يارب قَالَ: لِأَنِّي اطَّلَعت إِلَى قَلْبك فوجدتك تحب أَن ترزأ وَلَا ترزأ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن أَبْزَى قَالَ: دخل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام منزله فَجَاءَهُ ملك الْمَوْت فِي صُورَة شَاب لَا يعرفهُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: بِإِذن من دخلت قَالَ: بِإِذن رب الْمنزل فَعرفهُ إِبْرَاهِيم فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: إِن رَبك اتخذ من عباده خَلِيلًا قَالَ إِبْرَاهِيم: وَنحن ذَلِك قَالَ: وَمَا تصنع بِهِ قَالَ: أكون خَادِمًا لَهُ حَتَّى أَمُوت قَالَ: فَإِنَّهُ أَنْت وَبِأَيِّ شَيْء اتَّخَذَنِي خَلِيلًا قَالَ: بأنك تحب أَن تُعْطِي وَلَا تَأْخُذ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا جِبْرِيل لم اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا قَالَ: لإطعامه الطَّعَام يَا مُحَمَّد وَأخرج الديلمي بِسَنَد واهٍ عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْعَبَّاس: يَا عَم أَتَدْرِي لم اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا هَبَط إِلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ: أَيهَا الْخَلِيل هَل تَدْرِي بِمَ اسْتَوْجَبت الْخلَّة فَقَالَ: لَا أَدْرِي يَا جِبْرِيل قَالَ: لِأَنَّك تُعْطِي وَلَا تَأْخُذ وَأخرج الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم حَمْزَة بن يُوسُف السَّهْمِي فِي فَضَائِل الْعَبَّاس عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله اصْطفى من ولد آدم إِبْرَاهِيم اتَّخذهُ خَلِيلًا وَاصْطفى من ولد إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل ثمَّ اصْطفى من ولد إِسْمَاعِيل نزاراً ثمَّ اصْطفى من ولد نزار مُضر ثمَّ اصْطفى من مُضر كنَانَة ثمَّ اصْطفى من كنَانَة قُريْشًا ثمَّ اصْطفى من قُرَيْش بني هَاشم ثمَّ اصْطفى من بني هَاشم بني عبد عبد الْمطلب ثمَّ اصطفاني من بني عبد الْمطلب وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه وَابْن عَسَاكِر والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى نجياً واتخذني حبيباً ثمَّ قَالَ: وَعِزَّتِي لَأُوثِرَنَّ حَبِيبِي على خليلي ونجيِّي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: أوّل من يكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم قبطيتين وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلَّة حبرَة وَهُوَ عَن يَمِين الْعَرْش وَالله أعلم

الْآيَة 127

127

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ويستفتونك فِي النِّسَاء} الْآيَة قَالَ كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون الْمَوْلُود حَتَّى يكبر وَلَا يورثون الْمَرْأَة فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَام قَالَ {ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب} فِي أوّل السُّورَة فِي الْفَرَائِض وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ لَا يَرث إِلَّا الرجل الَّذِي قد بلغ أَن يقوم فِي المَال وَيعْمل فِيهِ وَلَا يَرث الصَّغِير وَلَا الْمَرْأَة شَيْئا قَلما نزلت الْمَوَارِيث فِي سُورَة النِّسَاء شقّ ذَلِك على النَّاس وَقَالُوا: أَيَرِث الصَّغِير الَّذِي لَا يقوم فِي المَال وَالْمَرْأَة الَّتِي هِيَ كَذَلِك فيرثان كَمَا يَرث الرجل فَرجوا أَن يَأْتِي فِي ذَلِك حدث من السَّمَاء فانتظروا فَلَمَّا رَأَوْا أَنه لَا يَأْتِي حدث قَالُوا: لَئِن تمّ هَذَا إِنَّه لواجب مَا عَنهُ بُد ثمَّ قَالُوا: سلوا فسألوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب} فِي أول السُّورَة فِي يتامى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تؤتونهن مَا كتب لَهُنَّ وترغبون أَن تنكحوهن قَالَ سعيد ابْن جُبَير: وَكَانَ الْوَلِيّ إِذا كَانَت الْمَرْأَة ذَات جمال وَمَال رغب فِيهَا ونكحها واستأثر بهَا وَإِذا لم تكن ذَات جمال وَمَال أنْكحهَا وَلم ينْكِحهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة لَا يورثون النِّسَاء وَلَا الصّبيان شَيْئا كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يغزون وَلَا يغنمون خيرا فَفرض الله لَهُنَّ الْمِيرَاث حَقًا وَاجِبا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا إِذا كَانَت الْجَارِيَة يتيمة دَمِيمَة لم يعطوها مِيرَاثهَا وحبسوها من التَّزْوِيج حَتَّى تَمُوت فيرثوها فَأنْزل الله هَذَا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْيَتِيمَة تكون فِي حجر الرجل فيرغب أَن ينكجها وَلَا يُعْطِيهَا مَالهَا رَجَاء أَن تَمُوت فيرثها وَإِن مَاتَ لَهَا حميم لم تعط من الْمِيرَاث شَيْئا وَكَانَ ذَلِك فِي الْجَاهِلِيَّة فَبين الله لَهُم ذَلِك وَكَانُوا لَا يورثون الصَّغِير والضعيف شَيْئا فَأمر الله أَن يعْطى نصِيبه من الْمِيرَاث وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ جَابر بن عبد الله لَهُ ابْنة عَم عمياء وَكَانَت دَمِيمَة وَكَانَت قد ورثت من أَبِيهَا مَالا فَكَانَ جَابر يرغب عَن نِكَاحهَا وَلَا ينْكِحهَا رهبة أَن يذهب الزَّوْج بمالها فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك وَكَانَ نَاس فِي حجورهم جوَار أَيْضا مثل ذَلِك فَأنْزل الله فيهم هَذَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب فِي يتامى النِّسَاء اللَّاتِي لَا تؤتونهن مَا كتب لَهُنَّ وترغبون أَن تنكحوهن} قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة إِذا كَانَت عِنْد ولي يرغب عَن حسنها لم يتزوّجها وَلم يتْرك أحدا يتزوّجها {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الْولدَان} قَالَ: كَانُوا لَا يورثون إِلَّا الْأَكْبَر فالأكبر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب فِي يتامى النِّسَاء} قَالَ: مَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي أول السُّورَة من الْمَوَارِيث وَكَانُوا لَا يورثون امْرَأَة وَلَا صَبيا حَتَّى يَحْتَلِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة فِي قَوْله {ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ} إِلَى قَوْله {وترغبون أَن تنكحوهن} قَالَت: هُوَ الرجل تكون عِنْده الْيَتِيمَة هُوَ وَليهَا ووراثها قد شركته فِي مَاله حَتَّى فِي العذق فيرغب أَن ينْكِحهَا وَيكرهُ أَن يزوّجها رجلا فيشركه فِي مَاله بِمَا شركته فيعضلها فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: ثمَّ إِن النَّاس استفتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذِه الْآيَة فِيهِنَّ فَأنْزل الله {ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب فِي يتامى النِّسَاء} قَالَت: وَالَّذِي ذكر الله أَنه يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب الْآيَة الأولى الَّتِي قَالَ الله (وَإِن خِفْتُمْ أَن لَا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء) قَالَت: وَقَول الله {وترغبون أَن تنكحوهن} رَغْبَة أحدكُم عَن يتيمته الَّتِي تكون فِي حجره حِين تكون

قَليلَة المَال وَالْجمال فنهوا أَن ينكحوا مَا رَغِبُوا فِي مَالهَا وجمالها من يتامى النِّسَاء إِلَّا بِالْقِسْطِ من أجل رغبتهم عَنْهُن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة تكون عِنْده الْيَتِيمَة فيلقي عَلَيْهَا ثَوْبه فَإِذا فعل ذَلِك لم يقدر أحد أَن يتزوّجها أبدا فَإِن كَانَت جميلَة وهويها تزوّجها وَأكل مَالهَا وَإِن كَانَت دَمِيمَة منعهَا الرِّجَال أبدا حَتَّى تَمُوت فَإِذا مَاتَت ورثهَا فَحرم الله ذَلِك وَنهى عَنهُ وَكَانُوا لَا يورثون الصغار وَلَا الْبَنَات وَذَلِكَ قَوْله {لَا تؤتونهن مَا كتب لَهُنَّ} فَنهى الله عَنهُ وبيَّن لكل ذِي سهم سَهْمه صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْيَتِيمَة تكون فِي حجر الرجل فِيهَا دمامة فيرغب عَنْهَا أَن ينْكِحهَا وَلَا ينْكِحهَا رَغْبَة فِي مَالهَا وَأخرج القَاضِي إِسْمَاعِيل فِي أَحْكَام الْقُرْآن عَن عبد الْملك بن مُحَمَّد بن حزم أَن عمْرَة بنت حزم كَانَت تَحت سعد بن الرّبيع فَقتل عَنْهَا بِأحد وَكَانَ لَهُ مِنْهَا ابْنة فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تطلب مِيرَاث ابْنَتهَا فَفِيهَا نزلت {ويستفتونك فِي النِّسَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن عون عَن الْحسن وَابْن سِيرِين فِي هَذِه الْآيَة قَالَ أَحدهمَا: ترغبون فِيهِنَّ وَقَالَ الآخر: ترغبون عَنْهُن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وترغبون أَن تنكحوهن} قَالَ: ترعبون عَنْهُن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عُبَيْدَة {وترغبون أَن تنكحوهن} قَالَ: ترغبون عَنْهُن الْآيَات 128 - 134

128

أخرج الطَّيَالِسِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خشيت سَوْدَة أَن يطلقهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله لَا تُطَلِّقنِي وَاجعَل يومي لعَائِشَة فَفعل وَنزلت هَذِه الْآيَة {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا} الْآيَة قَالَ ابْن عَبَّاس: فَمَا اصطلحا عَلَيْهِ من شَيْء فَهُوَ جَائِز وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفضل بَعْضنَا على بعض فِي مكثه عندنَا وَكَانَ يطوف علينا يومياً من كل امْرَأَة من غير مَسِيس حَتَّى يبلغ إِلَى من هُوَ يَوْمهَا فيبيت عِنْدهَا وَلَقَد قَالَت سَوْدَة بنت زَمعَة حِين أَسِنَت وَفرقت أَن يفارقها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا رَسُول الله يومي هُوَ لعَائِشَة فَقبل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت عَائِشَة: فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا} الْآيَة قَالَت: الرجل تكون عِنْده الْمَرْأَة لَيْسَ مستكثراً مِنْهَا يُرِيد أَن يفارقها فَتَقول: أجعلك من شأني فِي حل فَنزلت هَذِه الْآيَة

وَأخرج ابْن مَاجَه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت هَذِه الْآيَة {وَالصُّلْح خير} فِي رجل كَانَت تَحْتَهُ امْرَأَة قد طَالَتْ صحبتهَا وَولدت مِنْهُ أَوْلَادًا فَأَرَادَ أَن يسْتَبْدل بهَا فراضته على أَن يُقيم عِنْدهَا وَلَا يُقيم لَهَا وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن رَافع بن خديج أَنه كَانَت تَحْتَهُ امْرَأَة قد خلا من سنّهَا فَتزَوج عَلَيْهَا شَابة فآثرها عَلَيْهَا فَأَبت الأولى أَن تقر فَطلقهَا تَطْلِيقَة حَتَّى إِذا بَقِي من أجلهَا يسير قَالَ: إِن شِئْت رَاجَعتك وَصَبَرت على الأثرة وَإِن شِئْت تركتك قَالَت: بل راجعني فَرَاجعهَا فَلم تصبر على الأثرة فَطلقهَا أُخْرَى وآثر عَلَيْهَا الشَّابَّة فَذَلِك الصُّلْح الَّذِي بلغنَا أَن الله أنزل فِيهِ {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا} الْآيَة وَأخرج الشَّافِعِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد ابْن الْمسيب أَن ابْنة مُحَمَّد بن مسلمة كَانَت عِنْد رَافع بن خديج فكره مِنْهَا أمرا إِمَّا كبرا أَو غَيره فَأَرَادَ طَلاقهَا فَقَالَت: لَا تُطَلِّقنِي واقسم لي مَا بدا لَك فاصطلحا على صلح فجرت السّنة بذلك وَنزل الْقُرْآن {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن عمر أَن رجلا سَأَلَهُ عَن آيَة فكره ذَلِك وضربه بِالدرةِ فَسَأَلَهُ آخر عَن هَذِه الْآيَة {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا} فَقَالَ: عَن مثل هَذَا فَسَلُوا ثمَّ قَالَ: هَذِه الْمَرْأَة تكون عِنْد الرجل قد خلا من سنّهَا فَيَتَزَوَّج الْمَرْأَة الثَّانِيَة يلْتَمس وَلَدهَا فَمَا اصطلحا عَلَيْهِ من شَيْء فَهُوَ جَائِز وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: هُوَ الرجل عِنْده امْرَأَتَانِ فَتكون إِحْدَاهمَا قد عجزت أَو تكون دَمِيمَة فيريد فراقها فتصالحه على أَن يكون عِنْدهَا لَيْلَة وَعند الْأُخْرَى ليَالِي وَلَا يفارقها فَمَا طابت بِهِ نَفسه فَلَا بَأْس بِهِ فَإِن رجعت سوَّى بَينهمَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: هِيَ الْمَرْأَة تكون عِنْد الرجل حَتَّى تكبر فيريد أَن يتَزَوَّج عَلَيْهَا فيتصالحان بَينهمَا صلحا على أَن لَهَا يَوْمًا ولهذه يَوْمَانِ أَو ثَلَاثَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: تِلْكَ الْمَرْأَة تكون عِنْد الرجل لَا يرى مِنْهَا كثيرا مِمَّا يحب وَله امْرَأَة غَيرهَا أحب إِلَيْهِ مِنْهَا فيؤثرها عَلَيْهَا فَأمر الله إِذا كَانَ ذَلِك أَن يَقُول لَهَا: يَا هَذِه إِن شِئْت أَن تقيمي على مَا تَرين من الأثرة فأواسيك وَأنْفق عَلَيْك فأقيمي وَإِن كرهت خليت سَبِيلك فَإِن هِيَ رضيت أَن تقيم بعد أَن يخبرها فَلَا جنَاح عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْله {وَالصُّلْح خير} يَعْنِي أَن تَخْيِير الزَّوْج لَهَا بَين الْإِقَامَة والفراق خير من تمادي الزَّوْج على أَثَرَة غَيرهَا عَلَيْهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل تكون تَحْتَهُ الْمَرْأَة الْكَبِيرَة فينكح عَلَيْهَا الْمَرْأَة الشَّابَّة وَيكرهُ أَن يُفَارق أم وَلَده فيصالحها على عَطِيَّة من مَاله وَنَفسه فيطيب لَهُ ذَلِك الصُّلْح وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أبي السنابل بن بعكك وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي سَوْدَة بنت زَمعَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبْغض الْحَلَال إِلَى الله الطَّلَاق وَأخرج الْحَاكِم عَن كثير بن عبد الله بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصُّلْح حائز بَين الْمُسلمين إِلَّا صلحا حرم حَلَالا أَو أحل حَرَامًا والمسلمون على شروطهم إِلَّا شرطا حرم حَلَالا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وأحضرت الْأَنْفس الشُّح} قَالَ: تشح عِنْد الصُّلْح على نصِيبهَا من زَوجهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وأحضرت الْأَنْفس الشُّح} قَالَ: هَوَاهُ فِي الشَّيْء يحرص عَلَيْهِ وَفِي قَوْله {وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء} قَالَ: فِي الْحبّ وَالْجِمَاع وَفِي قَوْله {فَلَا تميلوا كل الْميل فتذروها كالمعلقة} قَالَ: لَا هِيَ أيِّم وَلَا هِيَ ذَات زوج وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء} فِي عَائِشَة يَعْنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُحِبهَا أَكثر من غَيرهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن الْمُنْذر

عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم بَين نِسَائِهِ فيعدل ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ هَذَا قسمي فِيمَا أملك فَلَا تلمني فِيمَا تملك وَلَا أملك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَت لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَال إِلَى إِحْدَاهمَا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَأحد شقيه سَاقِط وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يستحبون أَن يسوّوا بَين الضرائر حَتَّى فِي الطّيب يتطيب لهَذِهِ كَمَا يتطيب لهَذِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن زيد قَالَ: كَانَت لي امْرَأَتَانِ فَلَقَد كنت أعدل بَينهمَا حَتَّى أعد الْقبل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين فِي الَّذِي لَهُ امْرَأَتَانِ يكره أَن يتَوَضَّأ فِي بَيت إِحْدَاهمَا دون الْأُخْرَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: إِن كَانُوا ليسوّون بَين الضرائر حَتَّى تبقى الفضلة مِمَّا لَا يُكَال من السويق وَالطَّعَام فيقسمونه كفا كفا إِذا كَانَ مِمَّا لَا يُسْتَطَاع كَيْله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء} قَالَ: فِي الْجِمَاع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُبَيْدَة فِي قَوْله {وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء} قَالَ فِي الْحبّ {فَلَا تميلوا كل الْميل} قَالَ: فِي الغشيان {فتذروها كالمعلقة} لَا أيِّم وَلَا ذَات زوج وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلنْ تستطيعوا أَن تعدلوا بَين النِّسَاء} يَعْنِي فِي الْحبّ {فَلَا تميلوا كل الْميل} قَالَ: لَا تتعمدوا الْإِسَاءَة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: لَا تمل عَلَيْهَا فَلَا تنْفق عَلَيْهَا وَلَا تقسم لَهَا يَوْمًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة يَقُول: إِن أَحْبَبْت وَاحِدَة وأبغضت وَاحِدَة فاعدل بَينهمَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فتذروها كالمعلقة} قَالَ: لَا مُطلقَة وَلَا ذَات بعل

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كالمعلقة} قَالَ: كالمسجونة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن يَتَفَرَّقَا} قَالَ: الطَّلَاق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَكَانَ الله غَنِيا} قَالَ: غَنِيا عَن خلقه {حميدا} قَالَ: مستحمداً إِلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ مثله وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَكفى بِاللَّه وَكيلا} قَالَ: حفيظاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن يَشَأْ يذهبكم أَيهَا النَّاس وَيَأْتِ بِآخَرين} قَالَ: قَادر وَالله رَبنَا على ذَلِك أَن يهْلك من خلقه مَا شَاءَ وَيَأْتِ بِآخَرين من بعدهمْ الْآيَة 135

135

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا قوّامين} الْآيَة قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ أَن يَقُولُوا بِالْحَقِّ وَلَو على أنفسهم أَو آبَائِهِم أَو أبنائهم لَا يحابوا غَنِيا لغناه وَلَا يرحموا مِسْكينا لمسكنته وَفِي قَوْله {فَلَا تتبعوا الْهوى} فتذروا الْحق فتجوروا {وَإِن تلووا} يَعْنِي أَلْسِنَتكُم بِالشَّهَادَةِ أَو تعرضوا عَنْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا قوّامين بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لله} الْآيَة قَالَ: الرّجلَانِ يقعدان عِنْد القَاضِي فَيكون ليّ القَاضِي وإعراضه لأحد الرجلَيْن على الآخر وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن مولى لِابْنِ عَبَّاس قَالَ: لما قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة كَانَت الْبَقَرَة أول سُورَة نزلت ثمَّ أردفها النِّسَاء قَالَ:

فَكَانَ الرجل يكون عِنْده الشَّهَادَة قبل ابْنه أَو عَمه أَو ذَوي رَحمَه فيلوي بهَا لِسَانه أَو يكتمها مِمَّا يرى من عسرته حَتَّى يوسر فَيَقْضِي فَنزلت {كونُوا قوّامين بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لله} يَعْنِي إِن يكن غَنِيا أَو فَقِيرا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اخْتصم إِلَيْهِ رجلَانِ غَنِي وفقير فَكَانَ حلفه مَعَ الْفَقِير يرى أَن الْفَقِير لَا يظلم الْغَنِيّ فَأبى الله إِلَّا أَن يقوم بِالْقِسْطِ فِي الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الشَّهَادَة فأقم الشَّهَادَة يَا ابْن آدم وَلَو على نَفسك أَو الْوَالِدين والأقربين أَو على ذِي قرابتك وأشراف قَوْمك فَإِنَّمَا الشَّهَادَة لله وَلَيْسَت للنَّاس وَإِن الله تَعَالَى رَضِي بِالْعَدْلِ لنَفسِهِ والإقساط وَالْعدْل ميزَان الله فِي الأَرْض بِهِ يرد الله من الشَّديد على الضَّعِيف وَمن الصَّادِق على الْكَاذِب وَمن الْمُبْطل على المحق وبالعدل يصدق الصَّادِق ويكذب الْكَاذِب وَيرد المعتدي ويوبخه تَعَالَى رَبنَا وتبارك وبالعدل يصلح النَّاس يَا ابْن آدم إِن يكن غَنِيا أَو فَقِيرا فَالله أولى بهما يَقُول الله أولى بغنيكم وفقيركم وَلَا يمنعك عَنى غَنِي وَلَا فَقْرُ فَقير أَن تشهد عَلَيْهِ بِمَا تعلم فَإِن ذَلِك من الْحق قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا رب أَي شَيْء وضعت فِي الأَرْض أقل قَالَ: الْعدْل أقل مَا وضعت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن تلووا أَو تعرضوا} يَقُول: تلوي لسَانك بِغَيْر الْحق وَهِي اللجلجة فَلَا يُقيم الشَّهَادَة على وَجههَا والإعراض التّرْك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ {تلووا} تحرفوا و {تعرضوا} تتركوا وَأخرج آدم وَالْبَيْهَقِيّ فب سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن تلووا} يَقُول: تبدلوا الشَّهَادَة {أَو تعرضوا} يَقُول: تكتموها الْآيَة 136

136

أخرج الثَّعْلَبِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن عبد الله بن سَلام وأسداً وَأُسَيْدًا ابنَيْ كَعْب وثعلبة بن قيس وَسلَامًا ابْن أُخْت عبد الله بن سَلام وَسَلَمَة ابْن أَخِيه ويامين بن يَامِين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا نؤمن بكتابك ومُوسَى والتوراة وعزير ونكفر بِمَا سواهُ من الْكتب وَالرسل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بل آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله مُحَمَّد وَكتابه الْقُرْآن وَبِكُل كتاب كَانَ قبله فَقَالُوا: لَا نَفْعل فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَالْكتاب الَّذِي نزل على رَسُوله وَالْكتاب الَّذِي أنزل من قبل} قَالَ: فآمنوا كلهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله} الْآيَة قَالَ: يَعْنِي بذلك أهل الْكتاب كَانَ الله قد أَخذ ميثاقهم فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وأقروا على أنفسهم بِأَن يُؤمنُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بعث الله رَسُوله دعاهم إِلَى أَن يُؤمنُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَذكرهمْ الَّذِي أَخذ عَلَيْهِم من الْمِيثَاق فَمنهمْ من صدق النَّبِي وَاتبعهُ وَمِنْهُم من كفر الْآيَات 137 - 139

137

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى آمَنت الْيَهُود بِالتَّوْرَاةِ ثمَّ كفرت وَآمَنت النَّصَارَى بالإنجيل ثمَّ كفرت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا ثمَّ كفرُوا} قَالَ: هَؤُلَاءِ الْيَهُود آمنُوا بِالتَّوْرَاةِ ثمَّ كفرُوا ثمَّ ذكر النَّصَارَى فَقَالَ {ثمَّ آمنُوا ثمَّ كفرُوا} يَقُول: آمنُوا بالإنجيل ثمَّ كفرُوا بِهِ {ثمَّ ازدادوا كفرا} بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَا ليهديهم سَبِيلا} قَالَ: طَرِيق هدى وَقد كفرُوا بآيَات الله

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ آمنُوا مرَّتَيْنِ وَكَفرُوا مرَّتَيْنِ {ثمَّ ازدادوا كفرا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هم المُنَافِقُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ أَنه قَالَ فِي الْمُرْتَد: إِن كنت لمستتيبه ثَلَاثًا ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين آمنُوا ثمَّ كفرُوا ثمَّ آمنُوا ثمَّ كفرُوا ثمَّ ازدادوا كفرا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن فضَالة بن عبيد أَنه أُتِي بِرَجُل من الْمُسلمين قد فر إِلَى العدوّ فأقاله الْإِسْلَام فَأسلم ثمَّ فر الثَّانِيَة فَأتي بِهِ فأقاله الْإِسْلَام ثمَّ فر الثَّالِثَة فَأتي بِهِ فَنزع بِهَذِهِ الْآيَة {إِن الَّذين آمنُوا ثمَّ كفرُوا} إِلَى {سَبِيلا} ثمَّ ضرب عُنُقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ازدادوا كفرا} قَالَ: تَمُّوا على كفرهم حَتَّى مَاتُوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج الْحَاكِم فِي التَّارِيخ والديلمي وَابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يَقُول كل يَوْم: أَنا ربكُم الْعَزِيز فَمن أَرَادَ عز الدَّاريْنِ فليطع الْعَزِيز الْآيَتَانِ 140 - 141

140

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن أبي وَائِل قَالَ: إِن الرجل ليَتَكَلَّم فِي الْمجْلس بِالْكَلِمَةِ الْكَذِب يُضْحِكُ بهَا جلساءه فيسخط الله عَلَيْهِم جَمِيعًا فَذكر ذَلِك لإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فَقَالَ: صدق أَبُو وَائِل أَو لَيْسَ ذَلِك فِي كتاب الله {فَلَا تقعدوا مَعَهم حَتَّى يخوضوا فِي حَدِيث غَيره} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: أنزل فِي سُورَة الْأَنْعَام (حَتَّى يخوضوا فِي حَدِيث غَيره) (الْأَنْعَام الْآيَة 68) ثمَّ نزل التَّشْدِيد فِي سُورَة النِّسَاء {إِنَّكُم إِذا مثلهم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ إِذا جالسوا الْمُؤمنِينَ وَقَعُوا فِي رَسُول الله وَالْقُرْآن فَشَتَمُوهُ واستهزؤوا بِهِ فَأمر الله أَن لَا يقعدوا مَعَهم حَتَّى يخوضوا فِي حَدِيث غَيره وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير أَن الله جَامع الْمُنَافِقين من أهل الْمَدِينَة وَالْمُشْرِكين من أهل مَكَّة الَّذين خَاضُوا واستهزؤوا بِالْقُرْآنِ فِي جَهَنَّم جَمِيعًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {الَّذين يتربصون بكم} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ يتربصون بِالْمُؤْمِنِينَ {فَإِن كَانَ لكم فتح من الله} إِن أصَاب الْمُسلمُونَ من عدوّهم غنيمَة قَالَ المُنَافِقُونَ {ألم نَكُنْ مَعكُمْ} قد كُنَّا مَعكُمْ فأعطونا من الْغَنِيمَة مثل مَا تأخذون {وَإِن كَانَ للْكَافِرِينَ نصيب} يصيبونه من الْمُسلمين قَالَ المُنَافِقُونَ للْكفَّار {ألم نستحوذ عَلَيْكُم} ألم نبين لكم أَنا على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ قد نثبطهم عَنْكُم وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {ألم نستحوذ عَلَيْكُم} قَالَ: نغلب عَلَيْكُم أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ أَنه قيل لَهُ: أَرَأَيْت هَذِه الْآيَة {وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} وهم يقاتلونا فيظهرون وَيقْتلُونَ فَقَالَ: ادنه ادنه ثمَّ قَالَ: فَالله يحكم بَيْنكُم يَوْم الْقِيَامَة {وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ {وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} قَالَ فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} قَالَ: ذَاك يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} قَالَ: ذَاك يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك مثله وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {سَبِيلا} قَالَ: حجَّة الْآيَة 142

142

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: يلقى على كل مُؤمن ومنافق نور يَمْشُونَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى إِذا انْتَهوا إِلَى الصِّرَاط طفىء نور الْمُنَافِقين وَمضى الْمُؤْمِنُونَ بنورهم فَتلك خديعة الله إيَّاهُم وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {وَهُوَ خادعهم} قَالَ: يعطيهم يَوْم الْقِيَامَة نورا يَمْشُونَ فِيهِ مَعَ الْمُسلمين كَمَا كَانُوا مَعَه فِي الدِّينَا ثمَّ يسلبهم ذَلِك النُّور فيطفئه فَيقومُونَ فِي ظلمتهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير نَحوه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن أبي وَأبي عَامر بن النُّعْمَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن أبي الدِّينَا فِي الصمت عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يكره أَن يَقُول الرجل إِنِّي كسلان ويتأوّل هَذِه الْآيَة وَأخرج أَبُو يعلى عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من حسن الصَّلَاة حَيْثُ يرَاهُ النَّاس وأساءها حَيْثُ يَخْلُو فَتلك استهانة استهان بهَا ربه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {يراؤون النَّاس} قَالَ: وَالله لَوْلَا النَّاس مَا صلى الْمُنَافِق وَلَا يُصَلِّي إِلَّا رِيَاء وَسُمْعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن الْحسن {وَلَا يذكرُونَ الله إِلَّا قَلِيلا} قَالَ: إِنَّمَا لِأَنَّهُ كَانَ لغير الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَلَا يذكرُونَ الله إِلَّا قَلِيلا}

قَالَ: إِنَّمَا قل ذكر الْمُنَافِق لِأَن الله لم يقبله وكل مَا رد الله قَلِيل وكل مَا قبل الله كثير وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ قَالَ: لَا يقل عمل مَعَ تقوى وَكَيف يقل مَا يتَقَبَّل وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تِلْكَ صَلَاة الْمُنَافِق يجلس يرقب الشَّمْس حَتَّى إِذا كَانَت بَين قَرْني شَيْطَان قَامَ فَنقرَ أَرْبعا لَا يذكر الله فِيهَا إِلَّا قَلِيلا الْآيَة 143

143

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مثل الْمُؤمن وَالْمُنَافِق وَالْكَافِر مثل ثَلَاثَة نفر انْتَهوا إِلَى وَاد فَوَقع أحدهم فَعبر حَتَّى أَتَى ثمَّ وَقع أحدهم حَتَّى أَتَى على نصف الْوَادي ناداه الَّذِي على شَفير الْوَادي: وَيلك أَيْن تذْهب إِلَى الهلكة ارْجع عودك على بدئك وناداه الَّذِي عبر: هَلُمَّ النجَاة فَجعل ينْتَظر إِلَى هَذَا مرّة وَإِلَى هَذَا مرّة قَالَ: فَجَاءَهُ سيل فأغرقه فَالَّذِي عبر الْمُؤمن وَالَّذِي غرق الْمُنَافِق مذبذب بَين ذَلِك لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَالَّذِي مكث الْكَافِر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة {مذبذبين بَين ذَلِك لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} يَقُول: لَيْسُوا بمؤمنين مُخلصين وَلَا مُشْرِكين مصرحين بالشرك قَالَ: وَذكر لنا: أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يضْرب مثلا لِلْمُؤمنِ وَالْكَافِر وَالْمُنَافِق كَمثل رَهْط ثَلَاثَة دفعُوا إِلَى نهر فَوَقع الْمُؤمن فَقطع ثمَّ وَقع الْمُنَافِق حَتَّى كَاد يصل إِلَى الْمُؤمن ناداه الْكَافِر: أَن هَلُمَّ إليّ فَإِنِّي أخْشَى عَلَيْك وناداه الْمُؤمن أَن هَلُمَّ إِلَيّ فَإِن عِنْدِي وَعِنْدِي يحصي لَهُ مَا عِنْده فَمَا زَالَ الْمُنَافِق يتَرَدَّد بَينهمَا حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ المَاء فغرقه وَإِن الْمُنَافِق لم يزل فِي شكّ وشبهة حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ الْمَوْت وَهُوَ كَذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مذبذبين بَين ذَلِك} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ {لَا إِلَى هَؤُلَاءِ} يَقُول: لَا إِلَى أَصْحَاب مُحَمَّد وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ الْيَهُود

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {مذبذبين بَين ذَلِك} قَالَ: بَين الْإِسْلَام وَالْكفْر وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَثَل الْمُنَافِق مَثَل الشَّاة العائرة بَين الْغَنَمَيْنِ تعير إِلَى هَذِه مرّة وَإِلَى هَذِه مرّة لَا تَدْرِي أَيهَا تتبع وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن مثل الْمُنَافِق يَوْم الْقِيَامَة كالشاة بَين الْغَنَمَيْنِ إِن أَتَت هَؤُلَاءِ نطحتها وَإِن أَتَت هَؤُلَاءِ نطحتها الْآيَة 144

144

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أتريدون أَن تجْعَلُوا لله عَلَيْكُم سُلْطَانا مُبينًا} قَالَ: إِن لله السُّلْطَان على خلقه وَلكنه يَقُول: عذرا مُبينًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل سُلْطَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ حجَّة الْآيَات 145 - 147

145

أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن أبي الدِّينَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي صفة النَّار عَن ابْن مَسْعُود {إِن الْمُنَافِقين فِي الدَّرك الْأَسْفَل} قَالَ: فِي توابيت من حَدِيد مقفلة عَلَيْهِم وَفِي لفظ: مُبْهمَة عَلَيْهِم أَي مقفلة لَا يَهْتَدُونَ لمَكَان فتحهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة {إِن الْمُنَافِقين فِي الدَّرك الْأَسْفَل} قَالَ: الدَّرك الْأَسْفَل: بيُوت من حَدِيد لَهَا أَبْوَاب تطبق عَلَيْهَا فيوقد من تَحْتهم وَمن فَوْقهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة {إِن الْمُنَافِقين فِي الدَّرك} قَالَ: فِي توابيت ترتج عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فِي الدَّرك الْأَسْفَل} يَعْنِي فِي أَسْفَل النَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن كثير قَالَ: سَمِعت أَن جَهَنَّم أَدْرَاك منَازِل بَعْضهَا فَوق بعض وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا فِي صفة النَّار عَن أبي الْأَحْوَص قَالَ: قَالَ ابْن مَسْعُود: أَي أهل النَّار أَشد عذَابا قَالَ رجل: المُنَافِقُونَ قَالَ: صدقت فَهَل تَدْرِي كَيفَ يُعَذبُونَ قَالَ: لَا قَالَ: يجْعَلُونَ فِي توابيت من حَدِيد تصمد عَلَيْهِم ثمَّ يجْعَلُونَ فِي الدَّرك الْأَسْفَل فِي تنانير أضيق من زج يُقَال لَهُ: جب الْحزن يطبق على أَقوام بأعمالهم آخر الْأَبَد وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا فِي كتاب الْإِخْلَاص وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بَعثه إِلَى الْيمن: أوصني قَالَ: أخْلص دينك يكفك الْقَلِيل من الْعَمَل وَأخرج ابْن أبي الدِّينَا فِي الْإِخْلَاص وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ثَوْبَان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: طُوبَى للمخلصين أُولَئِكَ مصابيح الْهدى تنجلي عَنْهُم كل فتْنَة ظلماء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي فراس رجل من أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلوني عَمَّا شِئْتُم فَنَادَى رجل: يَا رَسُول الله مَا الْإِسْلَام قَالَ: إقَام الصَّلَاة وإتياء الزَّكَاة قَالَ: فَمَا الْإِيمَان قَالَ: الْإِخْلَاص قَالَ: فَمَا الْيَقِين قَالَ: التَّصْدِيق بالقيامة وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد حسن عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي حجَّة الْوَدَاع: نصر الله أمرأ سمع مَقَالَتي فوعاها فَرب حَامِل فقه لَيْسَ بفقيه ثَلَاث لَا يغل عَلَيْهِنَّ قلب امرىء مُؤمن إخلاص الْعَمَل لله والمناصحة لأئمة الْمُسلمين وَلُزُوم جَمَاعَتهمْ فَإِن دعاءهم يُحِيط من ورائهم

الْجَهْر بالسوء من القَوْل الْآيَة قَالَ: لَا يحب الله أَن يَدْعُو أحد على أحد إِلَّا أَن يكون مَظْلُوما فَإِنَّهُ رخص لَهُ أَن يَدْعُو على من ظلمه وَإِن يصبر فَهُوَ خير لَهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل يظلم فَلَا يدع عَلَيْهِ وَلَكِن ليقل: اللَّهُمَّ أَعنِي عَلَيْهِ اللَّهُمَّ استخرج لي حَقي حل بَينه وَبَين مَا يُرِيد وَنَحْو هَذَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: عذر الله الْمَظْلُوم كَمَا تَسْمَعُونَ أَن يَدْعُو وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن عَائِشَة أَنه سرق لَهَا شَيْء فَجعلت تَدْعُو عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تسبخي عَنهُ بدعائك وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من دَعَا على مَنْ ظلمه فقد انتصر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رجل ضاف رجلا بفلاة من الأَرْض فَلم يضفه فَنزلت {إِلَّا من ظلم} ذكر أَنه لم يضفه لَا يزِيد على ذَلِك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: هُوَ الرجل ينزل بِالرجلِ فَلَا يحسن ضيافته فَيخرج من عِنْده فَيَقُول: أَسَاءَ ضيافتي وَلم يحسن وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: إِن الله لَا يحب الْجَهْر بالسوء من القَوْل من أحد من الْخلق وَلَكِن يَقُول: من ظلم فانتصر بِمثل مَا ظلم فَلَيْسَ عَلَيْهِ جنَاح وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ أبي يقْرَأ {لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل إِلَّا من ظلم} قَالَ ابْن زيد: يَقُول: من قَامَ على ذَلِك النِّفَاق فجهر لَهُ بالسوء حَتَّى نزع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِسْمَاعِيل {لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل إِلَّا من ظلم} قَالَ: كَانَ الضَّحَّاك بن مُزَاحم يَقُول: هَذَا فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير يَقُول الله (مَا

وَأخرج النَّسَائِيّ عَن مُصعب بن سعد عَن أَبِيه أَنه ظن أَن لَهُ فضلا على من دونه من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا ينصر الله هَذِه الْأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة والمروزي فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ بن حبَان عَن مَكْحُول قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أخْلص عبد لله أَرْبَعِينَ صباحاً إِلَّا ظَهرت ينابيع الْحِكْمَة من قلبه على لِسَانه وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قد أَفْلح من أخْلص قلبه للْإيمَان وَجعل قلبه سليما وَلسَانه صَادِقا وَنَفسه مطمئنة وخليقته مُسْتَقِيمَة وَأذنه مستمعة وعينه ناظرة فَأَما الْأذن فقمع وَالْعين مقرة لما يوعي الْقلب وَقد أَفْلح من جعل قلبه واعياً وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن زيد بن أَرقم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصاً دخل الْجنَّة قيل: يَا رَسُول الله وَمَا إخلاصها قَالَ: أَن تحجزه عَن الْمَحَارِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي ثُمَامَة قَالَ: قَالَ الحواريون لعيس عَلَيْهِ السَّلَام: يَا روح الله من المخلص لله قَالَ: الَّذِي يعْمل لله لَا يحب أَن يحمده النَّاس عَلَيْهِ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي إِدْرِيس قَالَ: لَا يبلغ عبد حَقِيقَة الْإِخْلَاص حَتَّى لَا يحب أَن يحمده أحد على شَيْء من عمل الله عزَّ وجلَّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مَا يفعل الله بعذابكم} الْآيَة قَالَ: إِن الله لَا يعذب شاكرا وَلَا مُؤمنا الْآيَتَانِ 148 - 149

148

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا يفعل الله بعذابكم إِن شكرتم وآمنتم} ) (النِّسَاء الْآيَة 147) {إِلَّا من ظلم}

وَكَانَ يَقْرَأها كَذَلِك ثمَّ قَالَ {لَا يحب الله الْجَهْر بالسوء من القَوْل} أَي على كل حَال الْآيَات 150 - 152

150

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أُولَئِكَ أَعدَاء الله الْيَهُود وَالنَّصَارَى آمَنت الْيَهُود بِالتَّوْرَاةِ ومُوسَى وَكَفرُوا بالإنجيل وَعِيسَى وَآمَنت النَّصَارَى بالإنجيل وَعِيسَى وَكَفرُوا بِالْقُرْآنِ وَمُحَمّد فاتخذوا الْيَهُودِيَّة والنصرانية وهما بدعتان ليستا من الله وَتركُوا الْإِسْلَام وَهُوَ دين الله الَّذِي بعث بِهِ رسله وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ وَابْن جريج نَحوه الْآيَات 153 - 156

153

أخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: جَاءَ نَاس من الْيَهُود إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: إِن مُوسَى جَاءَنَا بالألواح من عِنْد الله فائتنا بالألواح من عِنْد الله حَتَّى نصدقِّك فَأنْزل الله {يَسْأَلك أهل الْكتاب أَن تنزل عَلَيْهِم كتابا من السَّمَاء} إِلَى {وَقَوْلهمْ على مَرْيَم بهتاناً عَظِيما} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَالُوا لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لن نُبَايِعك على مَا تدعونا إِلَيْهِ حَتَّى تَأْتِينَا بِكِتَاب من عِنْد الله من الله إِلَى فلَان أَنَّك رَسُول الله وَإِلَى فلَان أَنَّك رَسُول الله فَأنْزل الله {يَسْأَلك أهل الْكتاب} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: قَالَت الْيَهُود: إِن كنت صَادِقا أَنَّك رَسُول الله فآتنا كتابا مَكْتُوبًا من السَّمَاء كَمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَن تنزل عَلَيْهِم كتابا من السَّمَاء} أَي كتابا خَاصَّة وَفِي قَوْله {جهرة} أَي عيَانًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَقَالُوا أرنا الله جهرة} قَالَ: إِنَّهُم إِذا رَأَوْهُ إِنَّمَا قَالُوا جهرة أرنا الله قَالَ: هُوَ مقدم ومؤخر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَرَأَ فَأَخَذتهم الصعقة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَأَخَذتهم الصاعقة} قَالَ: الْمَوْت أماتهم الله قبل آجالهم عُقُوبَة بقَوْلهمْ مَا شَاءَ الله أَن يميتهم ثمَّ بَعثهمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {ورفعنا فَوْقهم الطّور} قَالَ: جبل كَانُوا فِي أَصله فرفعه الله فَجعله فَوْقهم كَأَنَّهُ ظلة فَقَالَ: لتأخذن أَمْرِي أَو لأرمينكم بِهِ فَقَالُوا: نَأْخُذهُ وأمسكه الله عَنْهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقُلْنَا لَهُم ادخُلُوا الْبَاب سجدا} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنه بَاب من أَبْوَاب بَيت الْمُقَدّس {وَقُلْنَا لَهُم لَا تعدوا فِي السبت} قَالَ: أَمر الْقَوْم أَن لَا يَأْكُلُوا الْحيتَان يَوْم السبت وَلَا يعرضُوا

لَهَا وَأحلت لَهُم مَا خلا ذَلِك وَفِي قَوْله {فبمَا نقضهم} يَقُول: فبنقضهم ميثاقهم {وَقَوْلهمْ قُلُوبنَا غلف} أَي لَا نَفَقَة {بل طبع الله عَلَيْهَا} يَقُول: لما ترك الْقَوْم أَمر الله وَقتلُوا رَسُوله وَكَفرُوا بآياته وَنَقَضُوا الْمِيثَاق الَّذِي عَلَيْهِم طبع الله على قُلُوبهم ولعنهم حِين فعلوا ذَلِك وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الطابع مُعَلّق بقائمة الْعَرْش فَإِذا انتكهت الْحُرْمَة وَعمل بِالْمَعَاصِي واجترىء على الله بعث الله الطابع فطبع على قلبه فَلَا يقبل بعد ذَلِك شَيْئا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقَوْلهمْ على مَرْيَم بهتاناً عَظِيما} قَالَ: رَمَوْهَا بِالزِّنَا وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عليّ قَالَ: قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لَك من عِيسَى مثلا أبغضته الْيَهُود حَتَّى بهتُوا أمه وأحبته النَّصَارَى حَتَّى أنزلوه الْمنزل الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَالله تَعَالَى أعلم الْآيَتَانِ 157 - 158

157

أخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أَرَادَ الله أَن يرفع عِيسَى إِلَى السَّمَاء خرج إِلَى أَصْحَابه وَفِي الْبَيْت إثنا عشر رجلا من الحواريين فَخرج عَلَيْهِم من غير الْبَيْت وَرَأسه يقطر مَاء فَقَالَ: إِن مِنْكُم من يكفر بِي إثني عشر مرّة بعد أَن آمن بِي ثمَّ قَالَ: أَيّكُم يلقى عَلَيْهِ شبهي فَيقْتل مَكَاني وَيكون معي فِي درجتي فَقَامَ شَاب من أحدثهم سنا فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ ثمَّ أعَاد عَلَيْهِم فَقَامَ الشَّاب فَقَالَ: اجْلِسْ ثمَّ أعَاد عَلَيْهِم فَقَامَ الشَّاب فَقَالَ: أَنا فَقَالَ: أَنْت ذَاك فَألْقى عَلَيْهِ شبه عِيسَى وَرفع عِيسَى من روزنة فِي الْبَيْت إِلَى السَّمَاء قَالَ: وَجَاء الطّلب من الْيَهُود فَأخذُوا الشّبَه فَقَتَلُوهُ ثمَّ

صلبوه وَكفر بِهِ بَعضهم إثني عشر مرّة بعد أَن آمن بِهِ وافترقوا ثَلَاث فرق وَقَالَت طَائِفَة: كَانَ الله فِينَا مَا شَاءَ ثمَّ صعد إِلَى السَّمَاء فَهَؤُلَاءِ اليعقوبية وَقَالَت فرقة: كَانَ فِينَا ابْن الله مَا شَاءَ ثمَّ رَفعه الله إِلَيْهِ وَهَؤُلَاء النسطورية وَقَالَت فرقة: كَانَ فِينَا عبد الله وَرَسُوله وَهَؤُلَاء الْمُسلمُونَ فتظاهرت الكافرتان على الْمسلمَة فَقَتَلُوهَا فَلم يزل الْإِسْلَام طامساً حَتَّى بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {فآمنت طَائِفَة من بني إِسْرَائِيل} يَعْنِي الطَّائِفَة الَّتِي آمَنت فِي زمن عِيسَى وكفرت الطَّائِفَة الَّتِي كفرت فِي زمن عِيسَى {فأيدنا الَّذين آمنُوا} فِي زمن عِيسَى بِإِظْهَار مُحَمَّد دينهم على دين الْكَافرين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَقَوْلهمْ إِنَّا قتلنَا الْمَسِيح} الْآيَة قَالَ: أُولَئِكَ أَعدَاء الله الْيَهُود افْتَخرُوا بقتل عِيسَى وَزَعَمُوا أَنهم قَتَلُوهُ وصلبوه وَذكر لنا أَنه قَالَ لأَصْحَابه: أَيّكُم يقذف عَلَيْهِ شبهي فَإِنَّهُ مقتول قَالَ رجل من أَصْحَابه: أَنا يَا نَبِي الله فَقتل ذَلِك الرجل وَمنع الله نبيه وَرَفعه إِلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {شُبِّه لَهُم} قَالَ: صلبوا رجلا غير عِيسَى شبه بِعِيسَى يَحْسبُونَهُ إِيَّاه وَرفع الله إِلَيْهِ عِيسَى حَيا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينا} قَالَ: يَعْنِي لم يقتلُوا ظنهم يَقِينا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: مَا قتلوا ظنهم يَقِينا وَأخرج ابْن جرير مثله عَن جُوَيْبِر وَالسُّديّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق ثَابت الْبنانِيّ عَن أبي رَافع قَالَ: رفع عِيسَى بن مَرْيَم وَعَلِيهِ مدرعة وخُفَّا رَاع وحذافة يخذف بهَا الطير وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق ثَابت الْبنانِيّ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: مَا ترك عِيسَى بن مَرْيَم حِين رفع إِلَّا مدرعة صوف وخفَّيْ رَاع وقذافة يقذف بهَا الطير وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الْجَبَّار بن عبد الله بن سُلَيْمَان قَالَ: أقبل عِيسَى ابْن مَرْيَم على أَصْحَابه لَيْلَة رفع فَقَالَ لَهُم: لَا تَأْكُلُوا بِكِتَاب الله أجرا فانكم إِن لم تَفعلُوا

أقعدكم الله على مَنَابِر الْحجر مِنْهَا خير من الدِّينَا وَمَا فِيهَا قَالَ عبد الْجَبَّار: وَهِي المقاعد الَّتِي ذكر الله فِي الْقُرْآن (فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتد) (الْقَمَر الْآيَة 55) وَرفع عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن عِيسَى لما أعلمهُ الله أَنه خَارج من الدِّينَا جزع من الْمَوْت وشق عَلَيْهِ فَدَعَا الحواريين فَصنعَ لَهُم طَعَاما فَقَالَ: احضروني اللَّيْلَة فَإِن لي إِلَيْكُم حَاجَة فَلَمَّا اجْتَمعُوا إِلَيْهِ من اللَّيْلَة عَشَّاهُم وَقَامَ يُحَدِّثهُمْ فَلَمَّا فرغوا من الطَّعَام أَخذ يغسل أَيْديهم ويوضيهم بِيَدِهِ وَيمْسَح أَيْديهم بثيابه فتعاظموا ذَلِك وتكارموه فَقَالَ: أَلا من رد عليَّ شَيْئا اللَّيْلَة مِمَّا أصنع فَلَيْسَ مني وَلَا أَنا مِنْهُ فأقروه حَتَّى فرغ من ذَلِك قَالَ: أما مَا صنعت بكم اللَّيْلَة مِمَّا خدمتكم فَلَا يتعظم بَعْضكُم على بعض وليبذل بَعْضكُم نَفسه لبَعض كَمَا بذلت نَفسِي لكم وَأما حَاجَتي الَّتِي استعنتكم عَلَيْهَا فتدعون لي الله وتجتهدون فِي الدُّعَاء أَن يؤخِّر أَجلي فَلَمَّا نصبوا أنفسهم للدُّعَاء وَأَرَادُوا أَن يجتهدوا أَخذهم النّوم حَتَّى لم يستطيعوا دُعَاء فَجعل يوقظهم وَيَقُول: سُبْحَانَ الله مَا تصبرون لي لَيْلَة وَاحِدَة تعينونني فِيهَا قَالُوا: وَالله مَا نَدْرِي مَا كُنَّا لقد كُنَّا نسمر فنكثر السمر وَمَا نطيق اللَّيْلَة سمراً وَمَا نُرِيد دُعَاء إِلَّا حيل بَيْننَا وَبَينه فَقَالَ: يذهب بالراعي وتتفرق الْغنم وَجعل يَأْتِي بِكَلَام نَحْو هَذَا ينعي بِهِ نَفسه ثمَّ قَالَ: الْحق ليكفرن بِي أحدكُم قبل أَن يَصِيح الديك ثَلَاث مَرَّات وليبيعنني أحدكُم بِدَرَاهِم يسيرَة وليأكلن ثمني فَخَرجُوا وَتَفَرَّقُوا وَكَانَت الْيَهُود تطلبه فَأخذُوا شَمْعُون أحد الحواريين فَقَالُوا: هَذَا من أَصْحَابه فَجحد وَقَالَ: مَا أَنا بِصَاحِبِهِ فَتَرَكُوهُ ثمَّ أَخذه آخَرُونَ كَذَلِك ثمَّ سمع صَوت ديك فَبكى وأحزنه فَلَمَّا أصبح أَتَى أحد الحواريين إِلَى الْيَهُود فَقَالَ: مَا تَجْعَلُونَ لي إِن دللتكم على الْمَسِيح فَجعلُوا لَهُ ثَلَاثِينَ درهما فَأَخذهَا ودلهم عَلَيْهِ وَكَانَ شبِّه عَلَيْهِم قبل ذَلِك فَأَخَذُوهُ واستوثقوا مِنْهُ وربطوه بالحبل فَجعلُوا يقودنه وَيَقُولُونَ: أَنْت كنت تحيي الْمَيِّت وتبرىء الْمَجْنُون أَفلا تخلِّص نَفسك من هَذَا الْحَبل ويبصقون عَلَيْهِ ويلقون عَلَيْهِ الشوك حَتَّى أَتَوا بِهِ الْخَشَبَة الَّتِي أَرَادوا أَن يصلبوه عَلَيْهَا فرفعه الله إِلَيْهِ وصلبوا مَا شُبِّه لَهُم فَمَكثَ سبعا

ثمَّ إِن أمه وَالْمَرْأَة الَّتِي كَانَ يدوايها عِيسَى فأبرأها الله من الْجُنُون جاءتا تبكيان حَيْثُ المصلوب فجاءهما عِيسَى فَقَالَ: علام تبكيان قَالَتَا عَلَيْك قَالَ: إِنِّي قد رفعني الله إِلَيْهِ وَلم يُصِبْنِي إِلَّا خير وَإِن هَذَا شَيْء شبِّه لَهُم فَأمروا الحواريين أَن يلقوني إِلَى مَكَان كَذَا وَكَذَا فألقوه إِلَى ذَلِك الْمَكَان أحد عشر وَقعد الَّذِي كَانَ بَاعه وَدلّ عَلَيْهِ الْيَهُود فَسَأَلَ عَنهُ أَصْحَابه فَقَالُوا: إِنَّه نَدم على مَا صنع فاختنق وَقتل قَالَ: لَو تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ ثمَّ سَأَلَهُمْ عَن غُلَام يتبعهُم يُقَال لَهُ يحنا فَقَالَ: هُوَ مَعكُمْ فَانْطَلقُوا فَإِنَّهُ سيصبح كل إِنْسَان مِنْكُم يحدث بلغَة فليتدبرهم وليدعهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ سياحاً فَمر على امْرَأَة تستقي فَقَالَ: اسقيني من مائك الَّذِي من شرب مِنْهُ مَاتَ وأسقيك من مائي الَّذِي من شرب مِنْهُ حييّ قَالَ: وصادف امْرَأَة حكيمة فَقَالَت لَهُ: أما تكتفي بمائك الَّذِي من شرب مِنْهُ حييّ عَن مائي الَّذِي من شرب مِنْهُ مَاتَ قَالَ: إِن ماءك عَاجل ومائي آجل قَالَت: لَعَلَّك هَذَا الرجل الَّذِي يُقَال لَهُ عِيسَى بن مَرْيَم قَالَ: فَإِنِّي أَنا هُوَ وَأَنا أَدْعُوك إِلَى عبَادَة الله وَترك مَا تعبدين من دون الله عز وَجل قَالَت: فأتني على مَا تَقول ببرهان قَالَ: برهَان ذَلِك أَن تَرْجِعِي إِلَى زَوجك فيطلقك قَالَت: إِن فِي هَذَا لآيَة بَيِّنَة مَا فِي بني إِسْرَائِيل امْرَأَة أكْرم على زَوجهَا مني وَلَئِن كَانَ كَمَا تَقول إِنِّي لأعرف أَنَّك صَادِق قَالَ: فَرَجَعت إِلَى زَوجهَا وَزوجهَا شَاب غيور فَقَالَ: مَا بَطُؤ بِكِ قَالَت: مر عَليّ رجل فَأَرَادَتْ أَن تخبره عَن عِيسَى فاحتملته الْغيرَة فَطلقهَا فَقَالَت: لقد صدقني صَاحِبي فَخرجت تتبع عِيسَى وَقد آمَنت بِهِ فَأتى عِيسَى وَمَعَهُ سَبْعَة وَعِشْرُونَ من الحواريين فِي بَيت وَأَحَاطُوا بهم فَدَخَلُوا عَلَيْهِم وَقد صوّرهم الله على صُورَة عِيسَى فَقَالُوا: قد سحرتمونا لتبرزن لنا عِيسَى أَو لنقتلكم جَمِيعًا فَقَالَ عِيسَى لأَصْحَابه: من يَشْتَرِي مِنْكُم نَفسه بِالْجنَّةِ فَقَالَ رجل من الْقَوْم: أَنا فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ وصلبوه فَمن ثمَّ شُبِّه لَهُم وظنوا أَنهم قد قتلوا عِيسَى وصلبوه فظنت النَّصَارَى مثل ذَلِك وَرفع الله عِيسَى من يَوْمه ذَلِك فَبلغ الْمَرْأَة أَن عِيسَى قد قتل وصلب فَجَاءَت حَتَّى بنت مَسْجِدا إِلَى أصل شجرته فَجعلت تصلي وتبكي على عِيسَى فَسمِعت صَوتا من فَوْقهَا صَوت عِيسَى لَا تنكره: أَي فُلَانَة إِنَّهُم وَالله مَا قتلوني وَمَا صلبوني وَلَكِن شُبِّه لَهُم وَآيَة ذَلِك أَن

الحواريين يَجْتَمعُونَ اللَّيْلَة فِي بَيْتك فيفترقون اثْنَتَيْ عشرَة فرقة كل فرقة مِنْهُم تَدْعُو قوما إِلَى دين الله فَلَمَّا أَمْسوا اجْتَمعُوا فِي بَيتهَا فَقَالَت لَهُم: إِنِّي سَمِعت اللَّيْلَة شَيْئا أحدِّثكم بِهِ وَعَسَى أَن تكذبوني وَهُوَ الْحق سَمِعت صَوت عِيسَى وَهُوَ يَقُول: يَا فُلَانَة إِنِّي وَالله مَا قتلت وَلَا صلبت وَآيَة ذَلِك أَنكُمْ تجتمعون اللَّيْلَة فِي بَيْتِي فتفترقون اثْنَتَيْ عشرَة فرقة فَقَالُوا: إِن الَّذِي سَمِعت كَمَا سَمِعت فَإِن عِيسَى لم يقتل وَلم يصلب إِنَّمَا قتل فلَان وصلب وَمَا اجْتَمَعنَا فِي بَيْتك إِلَّا لما قَالَ نُرِيد أَن نخرج دعاة فِي الأَرْض فَكَانَ مِمَّن توجه إِلَى الرّوم نسطور وصاحبان لَهُ فَأَما صَاحِبَاه فَخَرَجَا وَأما نسطور فحسبته حَاجَة لَهُ فَقَالَ لَهما: ارفقا وَلَا تخرقا وَلَا تستبطئاني فِي شَيْء فَلَمَّا قدما الكورة الَّتِي أَرَادَا قدما فِي يَوْم عيدهم وَقد برز ملكهم وبرز وبرز مَعَه أهل مَمْلَكَته فَأَتَاهُ الرّجلَانِ فقاما بَين يَدَيْهِ فَقَالَا لَهُ: اتَّقِ الله فَإِنَّكُم تَعْمَلُونَ بمعاصي الله وتنتهكون حرم الله مَعَ مَا شَاءَ الله أَن يَقُولَا قَالَ: فأسف الْملك وهمَّ بِقَتْلِهِمَا فَقَامَ إِلَيْهِ نفر من أهل مَمْلَكَته فَقَالُوا: إِن هَذَا يَوْم لَا تهرق فِيهِ دَمًا وَقد ظَفرت بصاحبيك فَإِن أَحْبَبْت أَن تحبسهما حَتَّى يمْضِي عيدنا ثمَّ ترى فيهمَا رَأْيك فعلت فَأمر بحبسهما ثمَّ ضُرِب على أُذُنه بِالنِّسْيَانِ لَهما حَتَّى قدم نسطور فَسَأَلَ عَنْهُمَا فَأخْبر بشأنهما وإنهما محبوسان فِي السجْن فَدخل عَلَيْهِمَا فَقَالَ: ألم أقل لَكمَا ارفقا وَلَا تخرقا وَلَا تستبطئاني فِي شَيْء هَل تدريان مَا مثلكما مثلكما مثل امْرَأَة لم تصب ولدا حَتَّى دخلت فِي السن فأصابت بَعْدَمَا دخلت فِي السن ولدا فأحبت أَن تعجل شبابه لتنتفع بِهِ فَحملت على معدته مَا لَا تطِيق فَقتلته ثمَّ قَالَ لَهما: والآن فَلَا تستبطئاني فِي شَيْء ثمَّ خرج فَانْطَلق حَتَّى أَتَى بَاب الْملك وَكَانَ إِذا جلس النَّاس وضع سَرِيره وَجلسَ النَّاس سمطاً بَين يَدَيْهِ وَكَانُوا إِذا ابتلوا بحلال أَو حرَام رفعوا لَهُ فَنظر فِيهِ ثمَّ سَأَلَ عَنهُ من يَلِيهِ فِي مَجْلِسه وَسَأَلَ النَّاس بَعضهم بَعْضًا حَتَّى تَنْتَهِي الْمَسْأَلَة إِلَى أقْصَى الْمجْلس وَجَاء نسطور حَتَّى جلس فِي أقْصَى الْقَوْم فَلَمَّا ردوا على الْملك جَوَاب من أَجَابَهُ وردوا عَلَيْهِ جَوَاب نسطور فَسمع بِشَيْء عَلَيْهِ نور وحلا فِي مسامعه فَقَالَ: من صَاحب هَذَا القَوْل فَقيل: الرجل الَّذِي فِي أقْصَى الْقَوْم فَقَالَ: عليَّ بِهِ فَقَالَ: أَنْت الْقَائِل كَذَا وَكَذَا قَالَ: نعم قَالَ: فَمَا تَقول فِي كَذَا وَكَذَا قَالَ: كَذَا وَكَذَا فَجعل لَا يسْأَله عَن شَيْء إِلَّا فسَّره لَهُ فَقَالَ: عنْدك هَذَا الْعلم وَأَنت تجْلِس فِي آخر الْقَوْم ضَعُوا لَهُ عِنْد

سَرِيرِي مَجْلِسا ثمَّ قَالَ: إِن أَتَاك ابْني فَلَا تقم لَهُ عَنهُ ثمَّ أقبل على نسطور وَترك النَّاس فَلَمَّا عرف أَن مَنْزِلَته قد تثبتت قَالَ: لأزورنه فَقَالَ: أَيهَا الْملك رجل بعيد الدَّار بعيد الضَّيْعَة فَإِن أَحْبَبْت أَن تقضي حَاجَتك مني وتأذن لي فأنصرف إِلَى أَهلِي فَقَالَ: يَا نسطور لَيْسَ إِلَى ذَلِك سَبِيل فَإِن أَحْبَبْت أَن تحمل أهلك إِلَيْنَا فلك الْمُوَاسَاة وَإِن أَحْبَبْت أَن تَأْخُذ من بَيت المَال حَاجَتك فتبعث بِهِ إِلَى أهلك فعلت فَسكت نسطور ثمَّ تحيَّن يَوْمًا فَمَاتَ لَهُم فِيهِ ميت فَقَالَ: أَيهَا الْملك بَلغنِي أَن رجلَيْنِ أتياك يعيبان دينك قَالَ: فذكرهما فَأرْسل إِلَيْهِمَا فَقَالَ: يَا نسطور أَنْت حكم بيني وَبَينهمَا مَا قلت من شَيْء رضيت قَالَ: نعم أَيهَا الْملك هَذَا ميت قد مَاتَ فِي بني إِسْرَائِيل فمرهما حَتَّى يَدْعُوَا ربهما فيحييه لَهما فَفِي ذَلِك آيَة بيِّنة قَالَ: فَأتى بِالْمَيتِ فَوضع عِنْده فقاما وتوضآ ودعوا ربهما فَرد عَلَيْهِ روحه وَتكلم فَقَالَ: أَيهَا الْملك إِن فِي هَذِه لآيَة بَيِّنَة وَلَكِن مرهما بِغَيْر مَا أجمع أهل مملكتك ثمَّ قل لآلهتك فَإِن كَانَت تقدر أَن تضر هذَيْن فَلَيْسَ أَمرهمَا بِشَيْء وَإِن كَانَ هَذَانِ يقدران أَن يضرا آلهتك فَأَمرهمَا قوي فَجمع الْملك أهل مَمْلَكَته وَدخل الْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْآلهَة فَخر سَاجِدا هُوَ وَمن مَعَه من أهل مَمْلَكَته وخرَّ نسطور سَاجِدا وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسجد لَك وأكيد هَذِه الْآلهَة أَن تعبد من دُونك ثمَّ رفع الْملك رَأسه فَقَالَ: إِن هذَيْن يُريدَان أَن يبدلا دينكُمْ ويدعوا إِلَى إِلَه غَيْركُمْ فافقأوا أعينهما أَو اجذموهما أَو شلوهما فَلم تردَّ عَلَيْهِ الْآلهَة شَيْئا وَقد كَانَ نسطور أَمر صَاحِبيهِ أَن يحملا مَعَهُمَا فأساً فَقَالَ: أَيهَا الْملك قل لهذين أيقدران أَن يضرا آلهتك قَالَ: أتقدران على أَن تضرا آلِهَتنَا قَالَا: خلِّ بَيْننَا وَبَينهَا فَأَقْبَلَا عَلَيْهَا فكسراها فَقَالَ نسطور: أما أَنا فآمنت بِرَبّ هذَيْن وَقَالَ الْملك: وَأَنا آمَنت بِرَبّ هذَيْن وَقَالَ جَمِيع النَّاس: آمنا بِرَبّ هذَيْن فَقَالَ نسطور لصاحبيه: هَكَذَا الرِّفْق وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَكَانَ الله عَزِيزًا حكيماً} قَالَ: معنى ذَلِك أَنه كَذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن يَهُودِيّا قَالَ لَهُ: إِنَّكُم تَزْعُمُونَ أَن الله كَانَ عَزِيزًا حكيماً فَكيف هُوَ الْيَوْم قَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّه كَانَ من نَفسه عَزِيزًا حكيما

الْآيَة 159

159

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} قَالَ: خُرُوج عِيسَى بن مَرْيَم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأَن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} قَالَ: قبل موت عِيسَى وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي أَنه سيدرك أنَاس من أهل الْكتاب حِين يبْعَث عِيسَى سيؤمنون بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأَن من أهل الْكتاب} قَالَ: الْيَهُود خَاصَّة {إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} قَالَ: قبل موت الْيَهُودِيّ وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَة أبي قبل مَوْتهمْ قَالَ: لَيْسَ يَهُودِيّ أبدا حَتَّى يُؤمن بِعِيسَى قيل لِابْنِ عَبَّاس: أَرَأَيْت إِن خر من فَوق بَيت قَالَ: يتَكَلَّم بِهِ فِي الْهَوَاء فَقيل: أَرَأَيْت إِن ضرب عنق أحدهم قَالَ: يتلجلج بهَا لِسَانه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو ضربت عُنُقه لم تخرج نَفسه حَتَّى يُؤمن بِعِيسَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا يَمُوت يَهُودِيّ حَتَّى يشْهد أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وَلَو عجل عَلَيْهِ بِالسِّلَاحِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} قَالَ: لَو أَن يَهُودِيّا ألقِي من فَوق قصر مَا خلص إِلَى الأَرْض حَتَّى يُؤمن أَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: لَا يَمُوت يَهُودِيّ حَتَّى يُؤمن بِعِيسَى قيل: وَإِن ضرب بِالسَّيْفِ قَالَ: يتَكَلَّم بِهِ قيل: وَإِن هوى قَالَ: يتَكَلَّم بِهِ وَهُوَ يهوي

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هَاشم وَعُرْوَة قَالَا: فِي مصحف أبي بن كَعْب: وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوْتهمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن شهر بن حَوْشَب فِي قَوْله {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب هُوَ ابْن الحنيفة قَالَ: لَيْسَ من أهل الْكتاب أحد إِلَّا أَتَتْهُ الْمَلَائِكَة يضْربُونَ وَجهه وَدبره ثمَّ يُقَال: يَا عَدو الله إِن عِيسَى روح الله وكلمته كذبت على الله وَزَعَمت أَنه الله إِن عِيسَى لم يمت وَإنَّهُ رفع إِلَى السَّمَاء وَهُوَ نَازل قبل أَن تقوم السَّاعَة فَلَا يبْقى يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ إِلَّا آمن بِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: قَالَ لي الْحجَّاج: يَا شهر آيَة من كتاب الله مَا قرأتها إِلَّا اعْترض فِي نَفسِي مِنْهَا شَيْء قَالَ الله {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} وَإِنِّي أُوتى بالأسارى فَأَضْرب أَعْنَاقهم وَلَا أسمعهم يَقُولُونَ شَيْئا فَقلت: رفعت إِلَيْك على غير وَجههَا وَإِن النَّصْرَانِي إِذا خرجت روحه ضَربته الْمَلَائِكَة من قبله وَمن دبره وَقَالُوا: أَي خَبِيث إِن الْمَسِيح الَّذِي زعمت أَنه الله أَو ابْن الله أَو ثَالِث ثَلَاثَة عبد الله وروحه وكلمته فَيُؤمن حِين لَا يَنْفَعهُ إيمَانه وَإِن الْيَهُودِيّ إِذا خرجت نَفسه ضَربته الْمَلَائِكَة من قبله وَمن دبره وَقَالُوا: أَي خَبِيث إِن الْمَسِيح الَّذِي زعمت أَنَّك قتلته عبد الله وروحه فَيُؤمن بِهِ حِين لَا يَنْفَعهُ الْإِيمَان فَإِذا كَانَ عِنْد نزُول عِيسَى آمَنت بِهِ أحياؤهم كَمَا آمَنت بِهِ موتاهم فَقَالَ: من أَيْن أَخَذتهَا فَقلت: من مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: لقد أَخَذتهَا من مَعْدِنهَا قَالَ شهر: وأيم الله مَا حَدَّثَنِيهِ إِلَّا أم سَلمَة وَلَكِنِّي أَحْبَبْت أَن أَغيظهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} قَالَ: إِذا نزل آمَنت بِهِ الْأَدْيَان كلهَا {وَيَوْم الْقِيَامَة يكون عَلَيْهِم شَهِيدا} أَنه قد بلَّغ رِسَالَة ربه وأقرَّ على نَفسه بالعبودية وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} قَالَ: إِذا نزل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقتل الدَّجَّال لم يبْق يَهُودِيّ فِي الأَرْض إِلَّا آمن بِهِ فَذَلِك حِين لَا يَنْفَعهُمْ الْإِيمَان وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مَالك {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته}

قَالَ: ذَلِك عِنْد نزُول عِيسَى ابْن مَرْيَم لَا يبْقى أحد من أهل الْكتاب إِلَّا آمن بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} قَالَ: قبل موت عِيسَى وَالله إِنَّه الْآن حَيّ عِنْد الله وَلَكِن إِذا نزل آمنُوا بِهِ أَجْمَعُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَن رجلا سَأَلَهُ عَن قَوْله {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} قَالَ: قبل موت عِيسَى وَإِن الله رفع إِلَيْهِ عِيسَى وَهُوَ باعثه قبل يَوْم الْقِيَامَة مقَاما يُؤمن بِهِ الْبر والفاجر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليوشكن أَن ينزل فِيكُم ابْن مَرْيَم حكما عدلا فيكسر الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير وَيَضَع الْجِزْيَة وَيفِيض المَال حَتَّى لَا يقبله أحد حَتَّى تكون السَّجْدَة خيرا من الدِّينَا وَمَا فِيهَا ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: واقرأوا إِن شِئْتُم {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته وَيَوْم الْقِيَامَة يكون عَلَيْهِم شَهِيدا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُوشك أَن ينزل فِيكُم ابْن مَرْيَم حكما عدلا يقتل الدَّجَّال وَيقتل الْخِنْزِير وَيكسر الصَّلِيب وَيَضَع الْجِزْيَة وَيفِيض المَال وَتَكون السَّجْدَة وَاحِدَة لله رب الْعَالمين واقرأوا إِن شِئْتُم {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته} موت عِيسَى بن مَرْيَم ثمَّ يُعِيدهَا أَبُو هُرَيْرَة ثَلَاث مَرَّات وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فَيقْتل الْخِنْزِير وَيكسر الصَّلِيب وَيجمع لَهُ الصَّلَاة وَيُعْطِي المَال حَتَّى لَا يقبل وَيَضَع الْخراج وَينزل الروحاء فيحج مِنْهَا أَو يعْتَمر أَو يجمعهما قَالَ: وتلا أَبُو هُرَيْرَة {وَإِن من أهل الْكتاب إِلَّا ليُؤْمِنن بِهِ قبل مَوته وَيَوْم الْقِيَامَة يكون عَلَيْهِم شَهِيدا} قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: يُؤمن بِهِ قبل موت عِيسَى وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ليهلن عِيسَى بن مَرْيَم بفج الروحاء بِالْحَجِّ أَو بِالْعُمْرَةِ أَو ليثنينهما جَمِيعًا وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ أَنْتُم إِذا نزل فِيكُم ابْن مَرْيَم وإمامكم مِنْكُم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْأَنْبِيَاء أَخَوَات لعَلَّات أمهاتهم شَتَّى وَدينهمْ وَاحِد وَإِنِّي أولى النَّاس بِعِيسَى بن مَرْيَم لِأَنَّهُ لم يكن بيني وَبَينه نَبِي وَإنَّهُ خليفتي على أمتِي وَأَنه نَازل فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فَاعْرِفُوهُ رجل مَرْبُوع إِلَى الْحمرَة وَالْبَيَاض عَلَيْهِ ثَوْبَان مُمَصَّرَانِ كَأَن رَأسه يقطر وَإِن لم يصبهُ بَلل فَيدق الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير وَيَضَع الْجِزْيَة وَيَدْعُو النَّاس إِلَى الْإِسْلَام وَيهْلك الله فِي زَمَانه الْملَل كلهَا إِلَّا الْإِسْلَام وَيهْلك الله فِي زَمَانه الْمَسِيح الدَّجَّال ثمَّ تقع الأمنة على الأَرْض حَتَّى ترتع الْأسود مَعَ الْإِبِل والنمار مَعَ الْبَقر والذئاب مَعَ الْغنم وتلعب الصيبان بالحيات لَا تَضُرهُمْ فيمكث أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ يتوفى وَيُصلي عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ ويدفنونه وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنِّي لأرجو إِن طَال بِي عمر أَن ألْقى عِيسَى بن مَرْيَم فَإِن عجل بِي موت فَمن لقية مِنْكُم فليقرئه مني السَّلَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا إِن عِيسَى بن مَرْيَم لَيْسَ بَينه وبيني نَبِي وَلَا رَسُول إِلَّا أَنه خليفتي فِي أمتِي من بعدِي إِلَّا أَنه يقتل الدَّجَّال وَيكسر الصَّلِيب وَيَضَع الْجِزْيَة وتضع الْحَرْب أَوزَارهَا أَلا من أدْركهُ مِنْكُم فليقرأ عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ينزل عِيسَى بن مَرْيَم فيمكث فِي النَّاس أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ينزل ابْن مَرْيَم إِمَامًا عادلاً وَحكما مقسطاً فيكسر الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير وَيرجع السّلم وتتخذ السيوف مناجل وَتذهب حمة كل ذَات حمة وتنزل السَّمَاء رزقها وَتخرج الأَرْض بركتها حَتَّى يلْعَب الصَّبِي بالثعبان وَلَا يضرّهُ ويراعي الْغنم الذِّئْب وَلَا يَضرهَا ويراعي الْأسد الْبَقر وَلَا يَضرهَا وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الدَّجَّال خَارج وَهُوَ أَعور عين الشمَال عَلَيْهَا طفرة غَلِيظَة وَأَنه يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الْمَوْتَى وَيَقُول: أَنا ربكُم فَمن قَالَ: أَنْت رَبِّي فقد فتن

وَمن قَالَ رَبِّي الله حَيّ لَا يَمُوت فقد عصم من فتنته وَلَا فتْنَة عَلَيْهِ وَلَا عَذَاب فيلبث فِي الأَرْض مَا شَاءَ الله ثمَّ يَجِيء عِيسَى بن مَرْيَم من الْمغرب وَلَفظ الطَّبَرَانِيّ: من الْمشرق مُصدقا بِمُحَمد وعَلى مِلَّته فَيقْتل الدَّجَّال ثمَّ إِنَّمَا هُوَ قيام السَّاعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عَائِشَة قَالَت: دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أبْكِي فَقَالَ: مَا يبكيكِ قلت: يَا رَسُول الله ذكرت الدَّجَّال فَبَكَيْت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه يخرج فِي يَهُودِيَّة أَصْبَهَان حَتَّى يَأْتِي الْمَدِينَة فَينزل ناحيتها وَلها يَوْمئِذٍ سَبْعَة أَبْوَاب على كل نقب مِنْهَا ملكان فَيخرج إِلَيْهَا شرار أَهلهَا حَتَّى يَأْتِي الشَّام مَدِينَة بفلسطين بَاب لدّ فَينزل عِيسَى بن مَرْيَم فيقتله ثمَّ يمْكث عِيسَى فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة إِمَامًا عادلاً وَحكما مقسطاً وَأخرج أَحْمد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج الدَّجَّال فِي خفقة من الدّين وإدبار من الْعلم فَلهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَة يسيحها فِي الأَرْض الْيَوْم مِنْهَا كالسنة وَالْيَوْم مِنْهَا كالشهر وَالْيَوْم مِنْهَا كَالْجُمُعَةِ ثمَّ سَائِر أَيَّامه كأيامكم هَذِه وَله حمَار يركبه عرض مَا يبن أُذُنَيْهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعا فَيَقُول للنَّاس: أَنا ربكُم وَهُوَ أَعور وَإِن ربكُم لَيْسَ بأعور مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ ك ف ر مهجاة يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن كَاتب وَغير كَاتب يرد كل مَاء منهل إِلَّا الْمَدِينَة وَمَكَّة حرمهما الله عَلَيْهِ وَقَامَت الْمَلَائِكَة بأبوابها وَمَعَهُ جبال من خبز وَالنَّاس فِي جهد إِلَّا من اتبعهُ وَمَعَهُ نهران أَنا أعلم بهما مِنْهُ نهر يَقُول الْجنَّة ونهر يَقُول النَّار فَمن دخل الَّذِي يُسَمِّيه الْجنَّة فَهِيَ النَّار وَمن دخل الَّذِي يُسَمِّيه النَّار فَهِيَ الْجنَّة وتبعث مَعَه شياطين تكلم النَّاس وَمَعَهُ فتْنَة عَظِيمَة يَأْمر السَّمَاء فتمطر فِيمَا يرى النَّاس وَيقتل نفسا ثمَّ يحييه لَا يُسَلط على غَيرهَا من النَّاس فِيمَا يرى النَّاس فَيَقُول للنَّاس: أَيهَا النَّاس هَل يفعل مثل هَذَا إِلَّا الرب فيفر الْمُسلمُونَ إِلَى جبل الدُّخان بِالشَّام فيأتهم فيحصرهم فيشتد حصارهم ويجهدهم جهداً شَدِيدا ثمَّ ينزل عِيسَى فينادي من السحر فَيَقُول: يَا أَيهَا النَّاس مَا يمنعكم أَن تخْرجُوا إِلَى الْكذَّاب الْخَبيث فَيَقُولُونَ: هَذَا رجل حَيّ فَيَنْطَلِقُونَ فَإِذا هم بِعِيسَى فتقام الصَّلَاة فَيُقَال لَهُ: تقدم يَا روح الله فَيَقُول: لِيَتَقَدَّم إمامكم فَليصل بكم فَإِذا صلوا الصُّبْح خَرجُوا إِلَيْهِ فحين يرَاهُ الْكذَّاب ينماث كَمَا ينماث الْملح فِي المَاء فَيَمْشِي إِلَيْهِ فيقتله حَتَّى إِن الشَّجَرَة تنادي: يَا روح الله هَذَا يَهُودِيّ فَلَا يتْرك مِمَّن كَانَ يتبعهُ أحد إلاَّ قَتله

وَأخرج معمر فِي جَامعه عَن الزُّهْرِيّ أَخْبرنِي عَمْرو بن سُفْيَان الثَّقَفِيّ أَخْبرنِي رجل من الْأَنْصَار عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدَّجَّال فَقَالَ: يَأْتِي سباخ الْمَدِينَة وَهُوَ محرم عَلَيْهِ أَن يدخلهَا فتنتفض بِأَهْلِهَا نفضة أَو نفضتين وَهِي الزلزلة فَيخرج إِلَيْهِ مِنْهَا كل مُنَافِق وَمُنَافِقَة ثمَّ يَأْتِي الدَّجَّال قبل الشَّام حَتَّى يَأْتِي بعض جبال الشَّام فيحاصرهم وَبَقِيَّة الْمُسلمُونَ يَوْمئِذٍ معتصمون بِذرْوَةِ جبل فيحاصرهم نازلاً بِأَصْلِهِ حَتَّى إِذا طَال عَلَيْهِم الْحصار قَالَ رجل: حَتَّى مَتى أَنْتُم هَكَذَا وعدوّكم نَازل بِأَصْل جبلكم هَل أَنْتُم إِلَّا بَين إِحْدَى الحسنيين بَين أَن تستشهدوا أَو يظهركم فيتبايعون على الْقِتَال بيعَة يعلم الله أَنَّهَا الصدْق من أنفسهم ثمَّ تأخذهم ظلمَة لَا يبصر أحدهم كَفه فَينزل ابْن مَرْيَم فيحسر عَن أَبْصَارهم وَبَين أظهرهم رجل عَلَيْهِ لأمة فَيَقُول: من أَنْت فَيَقُول: أَنا عبد الله وروحه وكلمته عِيسَى إختاروا إِحْدَى ثَلَاث: بَين أَن يبْعَث الله على الدَّجَّال وَجُنُوده عذَابا جسيماً أَو يخسف بهم الأَرْض أَو يُرْسل عَلَيْهِم سلاحكم ويكف سِلَاحهمْ فَيَقُولُونَ: هَذِه يَا رَسُول الله أشفى لصدرونا فَيَوْمئِذٍ ترى الْيَهُودِيّ الْعَظِيم الطَّوِيل الأكول الشروب لَا تقل يَده سَيْفه من الرعب فينزلون إِلَيْهِم فيسلطون عَلَيْهِم ويذرب الدَّجَّال حَتَّى يُدْرِكهُ عِيسَى فيقتله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عُثْمَان بن أبي العَاصِي سَمِعت رسلو الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يكون للْمُسلمين ثَلَاثَة أَمْصَار: مصر بملتقى الْبَحْرين ومصر بالجزيرة ومصر بِالشَّام فَيفزع النَّاس ثَلَاث فَزعَات فَيخرج الدَّجَّال فِي عراض جَيش فيهزم من قبل الْمشرق فأوّل مصر يردهُ الْمصر الَّذِي بلمتقى الْبَحْرين فَيصير أَهلهَا ثَلَاث فرق: فرقة تقيم وَتقول نشامه نَنْظُر مَا هُوَ وَفرْقَة تلْحق الْأَعْرَاب وَفرْقَة تلْحق بِالْمِصْرِ الَّذِي يليهم وَمَعَ الدَّجَّال سَبْعُونَ ألفا عَلَيْهِم التيجان وَأكْثر من مَعَه الْيَهُود وَالنِّسَاء ثمَّ يَأْتِي الْمصر الَّذِي يليهم فَيصير أَهله ثَلَاث فرق: فرقة تَقول نشامه وَنَنْظُر مَا هُوَ وَفرْقَة تلْحق بالأعراب وَفرْقَة تلْحق بِالْمِصْرِ الَّذِي يليهم ثمَّ يَأْتِي الشَّام فَيَنْحَاز الْمُسلمُونَ إِلَى عقبَة أفِيق فيبعثون بسرح لَهُم فيصاب سرحهم فيشتد ذَلِك عَلَيْهِم وتصيبهم مجاعَة شَدِيدَة وَجهد شَدِيد حَتَّى إِن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ ناداهم مُنَاد: من السحر أَتَاكُم الْغَوْث أَيهَا النَّاس ثَلَاثًا فَيَقُول بَعضهم لبَعض: إِن هَذَا لصوت رجل

شبعان فَينزل عِيسَى عِنْد صَلَاة الْفجْر فَيَقُول لَهُ أَمِير النَّاس تقدم يَا روح الله فصلِّ بِنَا فَيَقُول: إِنَّكُم معشر هَذِه الْأمة أُمَرَاء بَعْضكُم على بعض تقدم أَنْت فصلِّ بِنَا فيتقدم فَيصَلي بهم فَإِذا انْصَرف أَخذ عِيسَى حربته نَحْو الدَّجَّال فَإِذا رَآهُ ذاب كَمَا يذوب الرصاص فَتَقَع حربته بَين تندوته فيقتله ثمَّ ينهزم أَصْحَابه فَلَيْسَ شَيْء يَوْمئِذٍ يجن أحدا مِنْهُم حَتَّى إِن الْحجر ليقول: يَا مُؤمن هَذَا كَافِر فاقتله وَالشَّجر يَقُول: يَا مُؤمن هَذَا كَافِر فاقتله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: كنت بِالْكُوفَةِ فَقيل: قد خرج الدَّجَّال فأتينا حُذَيْفَة بن أسيد فَقلت: هَذَا الدَّجَّال قد خرج فَقَالَ اجْلِسْ فَجَلَست فَنُوديَ أَنَّهَا كذبة صباغ فَقَالَ حُذَيْفَة: إِن الدَّجَّال لَو خرج زمانكم لرمته الصّبيان بالخزف وَلكنه يخرج فِي نقص من النَّاس وخفة من الدّين وَسُوء ذَات بَين فَيرد كل منهل وتُطْوَى لَهُ الأَرْض طيّ فَرْوَة الْكَبْش حَتَّى يَأْتِي الْمَدِينَة فيغلب على خَارِجهَا وَيمْنَع داخلها ثمَّ جبل إيليا فيحاصر عِصَابَة من الْمُسلمين فَيَقُول لَهُم الَّذِي عَلَيْهِم: مَا تنتظرون بِهَذَا الطاغية أَن تقاتلوه حَتَّى تلحقوا بِاللَّه أَو يفتح لكم فيأتمرون أَن يقاتلوه إِذا أَصْبحُوا فيصبحون وَمَعَهُمْ عِيسَى بن مَرْيَم فَيقْتل الدَّجَّال ويهزم أَصْحَابه وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج الدَّجَّال فليبث فِي أمتِي مَا شَاءَ الله يلبث أَرْبَعِينَ وَلَا أَدْرِي لَيْلَة أَو شهرا أَو سنة قَالَ: ثمَّ يبْعَث الله عِيسَى بن مَرْيَم كَأَنَّهُ عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ فيطلبه حَتَّى يهلكه ثمَّ يبْقى النَّاس سبع سِنِين لَيْسَ بَين اثْنَيْنِ عَدَاوَة ثمَّ يبْعَث الله ريحًا بَارِدَة تَجِيء من قبل الشَّام فَلَا تدع أحدا فِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان إِلَّا قبضت روحه حَتَّى لَو أَن أحدكُم دخل فِي كبد جبل لدخلت عَلَيْهِ حَتَّى تقبضه سَمِعت هَذِه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كبد جبل ثمَّ يبْقى شرار النَّاس من لَا يعرف مَعْرُوفا وَلَا يُنكر مُنْكرا فِي خفَّة الطير وأحلام السبَاع فيجيئهم الشَّيْطَان فَيَقُول: أَلا تستحيون فَيَقُولُونَ مَا تَأْمُرنَا فيأمرهم بِعبَادة الْأَوْثَان فيعبدونها وهم فِي ذَلِك دَار رزقهم حسن عيشهم ثمَّ ينْفخ فِي الصُّور وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ أَكثر خطبَته حَدِيثا حدّثنَاهُ عَن الدَّجَّال وحذرناه فَكَانَ من قَوْله أَن قَالَ: إِنَّه

لم تكن فتْنَة فِي الأَرْض مُنْذُ ذَرأ الله ذُرِّيَّة آدم أعظم من فتْنَة الدَّجَّال وَإِن الله لم يبْعَث نَبيا إِلَّا حذر من الدَّجَّال وَأَنا آخر الْأَنْبِيَاء وَأَنْتُم آخر الْأُمَم وَهُوَ خَارج فِيكُم لَا محَالة فَإِن يخرج وَأَنا بَين ظهرانيكم فَأَنا حجيج لكل مُسلم وَإِن يخرج من بعدِي فَكل حجيج نَفسه وَالله خليفتي على كل مُسلم وَأَنه يخرج من خلة بَين الشَّام وَالْعراق فيعيث يَمِينا ويعيث شمالاً يَا عباد الله فاثبتوا وَإِنِّي سأصفه لكم صفة لم يصفها إِيَّاه نَبِي قبلي إِنَّه يبْدَأ فَيَقُول: أَنا نَبِي وَلَا نَبِي بعدِي ثمَّ يثني فَيَقُول: أَنا ربكُم وَلَا ترَوْنَ ربكُم حَتَّى تَمُوتُوا وَإنَّهُ أَعور وَإِن ربكُم عز وَجل لَيْسَ بأعور وَإنَّهُ مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يقرأه كل مُؤمن كَاتب وَغير كَاتب وَإِن من فتنته أَن مَعَه جنَّة وَنَارًا فناره جنَّة وجنته نَار فَمن ابْتُلِيَ بناره فليستعن بِاللَّه وليقرأ فواتح الْكَهْف فَتكون عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا كَمَا كَانَت النَّار على إِبْرَاهِيم وَإِن من فتنته أَن يَقُول لأعرابي: أَرَأَيْت إِن بعثت لَك أَبَاك وأمك أَتَشهد أَنِّي رَبك فَيَقُول لَهُ: نعم فيمثل لَهُ شيطانان فِي صُورَة أَبِيه وَأمه فَيَقُولَانِ: يَا بني اتبعهُ فَإِنَّهُ رَبك وَإِن من فتنته أَن يُسَلط على نفس وَاحِدَة فيقتلها ينشرها بِالْمِنْشَارِ حَتَّى يلقى شقتين ثمَّ يَقُول: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي هَذَا فَإِنِّي أبعثه الْآن ثمَّ يزْعم أَن لَهُ رَبًّا غَيْرِي فيبعثه الله فَيَقُول لَهُ الْخَبيث: من رَبك فَيَقُول: رَبِّي الله وَأَنت عدوّ الله الدَّجَّال وَالله مَا كنت أَشد بَصِيرَة بك مني الْيَوْم وَإِن من فتنته أَن يَأْمر السَّمَاء أَن تمطر فتمطر وَيَأْمُر الأَرْض أَن تنْبت وَإِن من فتنته أَن يمر بالحي فيكذبونه فَلَا يبْقى لَهُم سَائِمَة إِلَّا هَلَكت وَإِن من فتنته أَن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السَّمَاء أَن تمطر وَيَأْمُر الأَرْض أَن تنْبت فتنبت حَتَّى تروح مَوَاشِيهمْ من يومهم ذَلِك أسمن مَا كَانَت وأعظمه وأمده خواصر وادره ضروعاً وَأَنه لَا يبْقى من الأَرْض شَيْء إِلَّا وَطئه وَظهر عَلَيْهِ إِلَّا مَكَّة وَالْمَدينَة فَإِنَّهُ لَا يَأْتِيهَا من نقب من نقابها إِلَّا لَقيته الْمَلَائِكَة بِالسُّيُوفِ صلته حَتَّى ينزل عِنْد الظريب الْأَحْمَر عِنْد مُنْقَطع السبخة فترجف الْمَدِينَة بِأَهْلِهَا ثَلَاث رجفات فَلَا يبْقى مُنَافِق وَلَا منافقة إِلَّا خرج إِلَيْهِ فتنقي الْخبث مِنْهَا كَمَا ينقي الْكِير خبث الْحَدِيد ويدعى ذَلِك الْيَوْم يَوْم الْخَلَاص فَقَالَت أم شريك بنت أبي الْعَسْكَر: يَا رَسُول الله فَأَيْنَ الْعَرَب يَوْمئِذٍ قَالَ:

هم قَلِيل وجلهم بِبَيْت الْمُقَدّس وإمامهم رجل صَالح فَبَيْنَمَا إمَامهمْ قد تقدم يُصَلِّي الصُّبْح إِذْ نزل عَلَيْهِم عِيسَى بن مَرْيَم الصُّبْح فَرجع ذَلِك الإِمَام يمشي الْقَهْقَرَى لِيَتَقَدَّم عِيسَى يُصَلِّي فَيَضَع عِيسَى يَده بَين كَتفيهِ ثمَّ يَقُول لَهُ تقدم فصل فَإِنَّهَا لَك أُقِيمَت فَيصَلي بهم إمَامهمْ فَإِذا انْصَرف قَالَ عِيسَى: أقِيمُوا الْبَاب فَيفتح ووراءه الدَّجَّال مَعَه سَبْعُونَ ألف يَهُودِيّ كلهم ذُو سيف محلى وساج فَإِذا نظر إِلَيْهِ الدَّجَّال ذاب كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء وينطلق هَارِبا وَيَقُول عِيسَى: إِن لي فِيك ضَرْبَة لن تسبقني بهَا فيدركه عِنْد بَاب لدّ الشَّرْقِي فيقتله فيهزم الله الْيَهُود فَلَا يبْقى شَيْء مَا خلق الله يتَوَارَى بِهِ يَهُودِيّ إِلَّا أنطق الله الشَّيْء لَا حجر وَلَا شجر وَلَا دَابَّة وَلَا حَائِط إِلَّا الغرقدة فَإِنَّهَا من شجرهم لَا تنطق إِلَّا قَالَت: يَا عبد الله الْمُسلم هَذَا يَهُودِيّ فتعال فاقتله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَإِن أَيَّامه أَرْبَعُونَ سنة السّنة كَنِصْف السّنة وَالسّنة كالشهر والشهر كَالْجُمُعَةِ وَآخر أَيَّامه كالشررة يصبح أحدكُم على بَاب الْمَدِينَة فَلَا يبلغ بهَا الآخر حَتَّى يُمْسِي فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله كَيفَ نصلي فِي تِلْكَ الْأَيَّام الْقصار قَالَ: تقدرون فِيهَا للصَّلَاة كَمَا تقدرون فِي هَذِه الْأَيَّام الطوَال ثمَّ صلوا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيَكُونن عِيسَى بن مَرْيَم فِي أمتِي حكما عدلا وإماماً مقسطاً يدق الصَّلِيب ويذبح الْخِنْزِير وَيَضَع الْجِزْيَة وَيتْرك الصَّدَقَة فَلَا يسْعَى على شَاة وَلَا بعير وترفع الشحناء والتباغض وتنزع حمة كل ذَات حمة حَتَّى يدْخل الْوَلِيد يَده فِي فِي الْحَيَّة فَلَا تضره وينفر الْوَلِيد الْأسد فَلَا يضرّهُ وَيكون الذِّئْب فِي الْغنم كَأَنَّهُ كلبها وتملأ الأَرْض من الْمُسلم كَمَا يمْلَأ الْإِنَاء من الأناء وَتَكون الْكَلِمَة وَاحِدَة فَلَا يعبد إِلَّا الله وتضع الْحَرْب أَوزَارهَا وتسلب قُرَيْش ملكهَا وَتَكون الأَرْض كثاثور الْفضة تنْبت نباتها كعهد آدم حَتَّى يجْتَمع النَّفر على القطف من الْعِنَب يشبعهم ويجتمع النَّفر على الرمانة فتشبعهم وَيكون الثور بِكَذَا وَكَذَا من المَال وَيكون الْفرس بالدريهمات قيل: يَا رَسُول الله وَمَا يرخص الْفرس قَالَ: لَا يركب لِحَرْب أبدا قيل لَهُ: فَمَا يغلي الثور قَالَ: لحرث الأَرْض كلهَا وَإِن قبل خرج الدَّجَّال ثَلَاث سنوات شَدَّاد يُصِيب النَّاس فِيهَا جوع شَدِيد يَأْمر الله السَّمَاء أَن تحبس ثلث مطرها وَيَأْمُر الأَرْض أَن تحبس ثلث نباتها ثمَّ يَأْمر السَّمَاء فِي السّنة الثَّانِيَة فتحبس ثُلثي

مطرها وَيَأْمُر الأَرْض فتحبس ثُلثي نباتها ثمَّ يَأْمر السَّمَاء فِي السّنة الثَّالِثَة فتحبس مطرها كُله فَلَا تقطر قَطْرَة وَيَأْمُر الأَرْض فتحبس نباتها كُله فَلَا تنْبت خضراء فَلَا تبقي ذَات ظلف إِلَّا هَلَكت إِلَّا مَا شَاءَ الله قيل: فَمَا يعِيش النَّاس فِي ذَلِك الزَّمَان قَالَ: التهليل وَالتَّكْبِير وَالتَّسْبِيح والتحميد وَيجْرِي ذَلِك عَلَيْهِم مجْرى الطَّعَام وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي يُقَاتلُون على الْحق ظَاهِرين إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: فَينزل عِيسَى بن مَرْيَم فَيَقُول أَمِيرهمْ: تعال صلِّ بِنَا فَيَقُول: لَا إِن بَعْضكُم على بعض أَمِير تكرمه الله هَذِه الْأمة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أَوْس بن أَوْس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ينزل عِيسَى بن مَرْيَم عِنْد المنارة الْبَيْضَاء فِي دمشق وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة قَالَ: بَعَثَنِي خَالِد بن الْوَلِيد بشيراً إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم مُؤْتَة فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ قلت: يَا رَسُول الله فَقَالَ: على رسلك يَا عبد الرَّحْمَن أَخذ اللِّوَاء زيد ابْن حَارِثَة فقاتل حَتَّى قتل رحم الله زيدا ثمَّ أَخذ اللِّوَاء جَعْفَر فقاتل فَقتل رحم الله جعفراً ثمَّ أَخذ اللِّوَاء عبد الله بن رَوَاحَة فقاتل فَقتل رحم الله عبد الله ثمَّ أَخذ اللِّوَاء خَالِد فَفتح الله لخَالِد فَخَالِد سيف من سيوف الله فَبكى أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم حوله فَقَالَ: مَا يبكيكم قَالُوا: وَمَا لنا لَا نبكي وَقد قتل خيارنا وَأَشْرَافنَا وَأهل الْفضل منا فَقَالَ: لَا تبكوا فَإِنَّمَا مَثل أمتِي مثل حديقة قَامَ عَلَيْهَا صَاحبهَا فاجتث زواكيها وهيأ مساكنها وَحلق سعفها فأطعمت عَاما فوجا ثمَّ عَاما فوجا ثمَّ عَاما فوجا فَلَعَلَّ آخرهَا طعماً يكون أَجودهَا قنواناً وأطولها شمراخاً وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ ليجدن ابْن مَرْيَم فِي أمتِي خلفا من حواريه وَأخرج ابْن أبي شيبَة والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير بن نفير الْحَضْرَمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: لما اشْتَدَّ جزع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على من قتل يَوْم مُؤْتَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليدركن الدَّجَّال من هَذِه الْأمة قوما مثلكُمْ أَو خيرا مِنْكُم ثَلَاث مَرَّات وَلنْ يخزي الله أمة أَنا أَولهَا وَعِيسَى بن مَرْيَم آخرهَا قَالَ الذَّهَبِيّ: مُرْسل وَهُوَ خبر مُنكر

وَأخرج الْحَاكِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سيدرك رجال من أمتِي عِيسَى بن مَرْيَم وَيشْهدُونَ قتال الدَّجَّال وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليهبطن ابْن مَرْيَم حكما عدلا واماماً مقسطاً وليسلكن فجاً حاجّاً أَو مُعْتَمِرًا وليأتين قَبْرِي حَتَّى يسلِّم عليَّ ولأردن عَلَيْهِ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة: أَي بني أخي إِن رَأَيْتُمُوهُ فَقولُوا: أَبُو هُرَيْرَة يُقْرِئك السَّلَام وَأخرج الْحَاكِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أدْرك مِنْكُم عِيسَى بن مَرْيَم فَلْيُقْرئْهُ مني السَّلَام وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: يلبث عِيسَى بن مَرْيَم فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة لَو يَقُول للبطحاء سيلي عسلاً لسالت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن مجمع بن جَارِيَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ليقْتلن ابْن مَرْيَم الدَّجَّال بِبَاب لدّ وَأخرج أَحْمد عَن ثَوْبَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عصابتان من أمتِي أحرزهم الله من النَّار: عِصَابَة تغزو الْهِنْد وعصابة تكون مَعَ عِيسَى بن مَرْيَم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن مُحَمَّد بن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة صفة مُحَمَّد وَعِيسَى بن مَرْيَم يدْفن مَعَه وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: يدْفن عِيسَى بن مَرْيَم مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه فَيكون قَبره رَابِعا الْآيَتَانِ 160 - 161

160

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ طَيّبَات كَانَت أحل لَهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فبظلم من الَّذين هادوا حرَّمنا عَلَيْهِم طَيّبَات أحلّت لَهُم}

قَالَ: عُوقِبَ الْقَوْم بظُلْم ظلموه وبغي بغوه فَحرمت عَلَيْهِم أَشْيَاء ببغيهم وظلمهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وبصدهم عَن سَبِيل الله كثيرا} قَالَ: أنفسهم وَغَيرهم عَن الْحق الْآيَة 162

162

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَكِن الراسخون فِي الْعلم مِنْهُم} قَالَ: اسْتثْنى الله مِنْهُم فَكَانَ مِنْهُم من يُؤمن بِاللَّه وَمَا أُنزل عَلَيْهِم وَمَا أُنزل على نَبِي الله يُؤمنُونَ بِهِ ويصدقون بِهِ ويعلمون أَنه الْحق من رَبهم وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَكِن الراسخون فِي الْعلم مِنْهُم} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن سَلام وَأسيد بن سعية وثعلبة بن سعية حِين فارقوا يهود وَأَسْلمُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر عَن الزبير بن خَالِد قَالَ: قلت لأَبَان بن عُثْمَان بن عَفَّان: مَا شَأْنهَا كتبت {لَكِن الراسخون فِي الْعلم مِنْهُم والمؤمنون يُؤمنُونَ بِمَا أنزل إِلَيْك وَمَا أنزل من قبلك والمقيمين الصَّلَاة والمؤتون الزَّكَاة} مَا بَين يَديهَا وَمَا خلفهَا رفع وَهِي نصب قَالَ: إِن الْكَاتِب لما كتب {لَكِن الراسخون} حَتَّى إِذا بلغ قَالَ: مَا أكتب قيل لَهُ: اكْتُبْ {والمقيمين الصَّلَاة} فَكتب مَا قيل لَهُ وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن لحن الْقُرْآن (إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا والصائبون) (الْمَائِدَة الْآيَة 69) {والمقيمين الصَّلَاة والمؤتون الزَّكَاة} وَإِن هَذَانِ

لساحران) (طه الْآيَة 63) فَقَالَت: يَا ابْن أُخْتِي هَذَا عمل الْكتاب أخطأوا فِي الْكتاب وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: فِي الْقُرْآن أَرْبَعَة أحرف الصائبون والمقيمين (فأصَّدَّق وأكن من الصَّالِحين) (المُنَافِقُونَ الْآيَة 10) (وَإِن هَذَانِ لساحران) (طه الْآيَة 63) وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عبد الْأَعْلَى بن عبد الله بن عَامر الْقرشِي قَالَ: لما فرغ من الْمُصحف أَتَى بِهِ عُثْمَان فَنظر فِيهِ فَقَالَ: قد أَحْسَنْتُم وَأَجْمَلْتُمْ أرى شَيْئا من لحن ستقيمه الْعَرَب بألسنتها قَالَ ابْن أبي دَاوُد: هَذَا عِنْدِي يَعْنِي بلغتهَا فِينَا وَإِلَّا فَلَو كَانَ فِيهِ لحن لَا يجوز فِي كَلَام الْعَرَب جَمِيعًا لما استجاز أَن يبْعَث إِلَى قوم يقرأونه وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما أَتَى عُثْمَان بالمصحف رأى فِيهِ شَيْئا من لحن فَقَالَ: لَو كَانَ المملي من هُذَيْل وَالْكَاتِب من ثَقِيف لم يُوجد فِيهِ هَذَا وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن قَتَادَة أَن عُثْمَان لما رفع إِلَيْهِ الْمُصحف قَالَ: إِن فِيهِ لحناً وستقيمه الْعَرَب بألسنتها وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن يحيى بن يعمر قَالَ: قَالَ عُثْمَان: إِن فِي الْقُرْآن لحناً وستقيمه الْعَرَب بألسنتها الْآيَة 163

163

أخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ سكين وعدي بن زيد: يَا مُحَمَّد مَا نعلم الله أنزل على بشر من شَيْء بعد مُوسَى فَأنْزل الله فِي ذَلِك {إِنَّا أَوْحَينَا إِلَيْك} إِلَى آخر الْآيَات وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن خَيْثَم فِي قَوْله {إِنَّا أَوْحَينَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَينَا إِلَى نوح والنبيين من بعده} قَالَ: أوحى إِلَيْهِ كَمَا أوحى إِلَى جَمِيع النَّبِيين من قبله

الْآيَة 164

164

أخرج عبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي ذَر قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله كم الْأَنْبِيَاء قَالَ: مائَة ألف نَبِي وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألفا قلت: يَا رَسُول الله كم الرُّسُل مِنْهُم قَالَ: ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر جم غفير قَالَ: يَا أَبَا ذَر أَرْبَعَة سريانيون: آدم وشيث ونوح وخنوخ وَهُوَ إِدْرِيس وَهُوَ أوّل من خطّ بقلم وَأَرْبَعَة من الْعَرَب: هود وَصَالح وَشُعَيْب وَنَبِيك وأوّل نَبِي من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل مُوسَى وَآخرهمْ عِيسَى وأوّل النَّبِيين آدم وَآخرهمْ نبيك أخرجه ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وهما فِي طرفِي نقيض وَالصَّوَاب أَنه ضَعِيف لَا صَحِيح وَلَا مَوْضُوع كَمَا بَينته فِي مُخْتَصر الموضوعات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قلت: يَا نَبِي الله كم الْأَنْبِيَاء قَالَ: مائَة ألف وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألفا الرُّسُل من ذَلِك ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة عشر جماً غفيراً وَأخرج أَبُو يعلى وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ فِيمَن خلا من اخواني من الْأَنْبِيَاء ثَمَانِيَة آلَاف نَبِي ثمَّ كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم ثمَّ كنت أَنا بعده وَأخرج الْحَاكِم بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ثَمَانِيَة آلَاف من الْأَنْبِيَاء مِنْهُم أَرْبَعَة آلَاف من بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ فِي قَوْله {ورسلاً لم نقصصهم عَلَيْك} قَالَ: بعث الله نَبيا عبدا حَبَشِيًّا فَهُوَ مِمَّا مَا لم يقصصه على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي لفظ: بعث نَبِي من الْحَبَش وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: إِن الله أنزل على آدم عَلَيْهِ السَّلَام عصياً بِعَدَد الْأَنْبِيَاء الْمُرْسلين ثمَّ أقبل على ابْنه شِيث فَقَالَ: أَي بني أَنْت خليفتي من بعدِي فَخذهَا بعمارة التَّقْوَى والعروة الوثقى وَكلما ذكرت اسْم الله تَعَالَى فاذكر

إِلَى جنبه اسْم مُحَمَّد فَإِنِّي رَأَيْت اسْمه مَكْتُوبًا على سَاق الْعَرْش وَأَنا بَين الرّوح والطين ثمَّ إِنِّي طفت السَّمَوَات فَلم أرَ فِي السَّمَوَات موضعا إِلَّا رَأَيْت اسْم مُحَمَّد مَكْتُوبًا عَلَيْهِ وَإِن رَبِّي أسكنني الْجنَّة فَلم أرَ فِي الْجنَّة قصراً وَلَا غرفَة إِلَّا رَأَيْت اسْم مُحَمَّد مَكْتُوبًا عَلَيْهِ وَلَقَد رَأَيْت اسْم مُحَمَّد مَكْتُوبًا على نحور الْحور الْعين وعَلى ورق قصب آجام الْجنَّة وعَلى ورق شَجَرَة طُوبَى وعَلى ورق سِدْرَة الْمُنْتَهى وعَلى أَطْرَاف الْحجب وَبَين أعين الْمَلَائِكَة فَأكْثر ذكره فَإِن الْمَلَائِكَة تذكره فِي كل ساعاتها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق أبي يُونُس عَن سماك بن حَرْب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا من بني عبس يُقَال لَهُ خَالِد بن سِنَان قَالَ لِقَوْمِهِ: إِنِّي أطفىء عَنْكُم نَار الْحدثَان فَقَالَ لَهُ عمَارَة بن زِيَاد رجل من قومه: وَالله مَا قلت لنا يَا خَالِد قطّ إِلَّا حَقًا فَمَا شَأْنك وشأن نَار الْحدثَان تزْعم أَنَّك تطفئها قَالَ: فَانْطَلق وَانْطَلق مَعَه عمَارَة فِي ثَلَاثِينَ من قومه حَتَّى أتوها وَهِي تخرج من شن جبل من حرَّة يُقَال لَهَا حرَّة أَشْجَع فَخط لَهُم خَالِد خطة فاجلسهم فِيهَا فَقَالَ: إِن أَبْطَأت عَلَيْكُم فَلَا تَدعُونِي باسمي فَخرجت كَأَنَّهَا خيل شقر يتبع بَعْضهَا بَعْضًا فَاسْتَقْبلهَا خَالِد فَجعل يضْربهَا بعصاه وَهُوَ يَقُول: بدا بدا بدا كل هدي زعم ابْن راعية المعزى أَنِّي لَا أخرج مِنْهَا وثيابي تندى حَتَّى دخل مَعهَا الشق فابطأ عَلَيْهِم فَقَالَ عمَارَة: وَالله لَو كَانَ صَاحبكُم حَيا لقد خرج إِلَيْكُم فَقَالُوا: إِنَّه قد نَهَانَا أَن نَدْعُوهُ باسمه قَالَ: فَقَالَ: فَادعوهُ باسمه - فو الله - لَو كَانَ صَاحبكُم حَيا لقد خرج إِلَيْكُم فَدَعوهُ باسمه فَخرج إِلَيْهِم بِرَأْسِهِ فَقَالَ: ألم أنهكم أَن تَدعُونِي باسمي - قد وَالله - قتلتموني فادفنوني فَإِذا مرت بكم الْحمر فِيهَا حمَار ابتر فانبشوني فَإِنَّكُم ستجدوني حَيا فدفنوه فمرت بهم الْحمر فِيهَا حمَار ابتر فَقَالُوا: انبشوه فَإِنَّهُ أمرنَا أَن ننبشه فَقَالَ لَهُم عمَارَة: لَا تحدث مُضر اننا ننبش مَوتَانا وَالله لَا تنبشوه أبدا وَقد كَانَ خَالِد أخْبرهُم أَن فِي عُكَن امْرَأَته لوحين فَإِذا أشكل عَلَيْكُم أَمر فانظروا فيهمَا فَإِنَّكُم سَتَرَوْنَ مَا تساءلون عَنهُ وَقَالَ: لَا تمسها حَائِض فَلَمَّا رجعُوا إِلَى امْرَأَته سألوها عَنْهُمَا فأخرجتهما وَهِي حَائِض فَذهب مَا كَانَ فيهمَا من علم وَقَالَ أَبُو يُونُس: قَالَ سماك بن حَرْب: سُئِلَ عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ذَاك نَبِي أضاعه قومه وَإِن ابْنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مرْحَبًا بِابْن أخي قَالَ

الْحَاكِم: صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ فَإِن أَبَا يُونُس هُوَ حَاتِم بن أبي صَغِيرَة وَقَالَ الذَّهَبِيّ مُنكر وَأخرج ابْن سعد وَالزُّبَيْر بن بكار فِي الموفقيات وَابْن عَسَاكِر عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: أول نَبِي بَعثه الله فِي الأَرْض ادريس وَهُوَ اخنوخ بن يرد وَهُوَ يارد ابْن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شِيث بن آدم ثمَّ انْقَطَعت الرُّسُل حَتَّى بعث نوح بن لمك بن متوشلخ بن اخنوخ بن يارد وَقد كَانَ سَام بن نوح نَبيا ثمَّ انْقَطَعت الرُّسُل حَتَّى بعث الله إِبْرَاهِيم نَبيا وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن تارح وتارح هُوَ آزر بن ناحور بن شاروخ بن ارغو بن فالغ وفالغ هُوَ فالخ وَهُوَ الَّذِي قسم الأَرْض ابْن عَابِر بن شالخ بن أرفخشد بن سَام بن نوح ثمَّ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم فَمَاتَ بِمَكَّة وَدفن بهَا ثمَّ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم مَاتَ بِالشَّام وَلُوط بن هاران بن تارح وَإِبْرَاهِيم عَمه هُوَ ابْن أخي إِبْرَاهِيم ثمَّ إِسْرَائِيل وَهُوَ يَعْقُوب بن إِسْحَاق ثمَّ يُوسُف بن يَعْقُوب ثمَّ شُعَيْب بن بوبب ابْن عنقاء بن مَدين بن إِبْرَاهِيم ثمَّ هود بن عبد الله بن الخلود بن عَاد بن عوص بن أرم بن سَام بن نوح ثمَّ صَالح بن آسَف بن كماشج بن اروم بن ثَمُود بن جَابر بن أرم بن سَام بن نوح ثمَّ مُوسَى وَهَارُون ابْنا عمرَان بن فاهت ابْن لاوي بن يَعْقُوب ثمَّ أَيُّوب بن رازخ بن أُمُور بن ليغزر بن الْعيص ثمَّ دَاوُد بن إيشا بن عُوَيْد بن ناخر بن سَلمُون بن بخشون بن عنادب بن رام ابْن خصرون بن يهود بن يَعْقُوب ثمَّ سُلَيْمَان بن دَاوُد ثمَّ يُونُس بن مَتى من سبط بنيامين بن يَعْقُوب ثمَّ اليسع من سبط روبيل بن يَعْقُوب والياس بن بشير بن العاذر بن هَارُون بن عمرَان وَذَا الكفل اسْمه عويدياً من سبط يهود بن يَعْقُوب وَبَين مُوسَى بن عمرَان وَبَين مَرْيَم بنت عمرَان أم عِيسَى ألف سنة وَسَبْعمائة سنة وليسا من سبط ثمَّ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكل نَبِي ذكر فِي الْقُرْآن من ولد إِبْرَاهِيم غير إِدْرِيس ونوح وَلُوط وَهود وَصَالح وَلم يكن من الْعَرَب أَنْبيَاء إِلَّا خَمْسَة: هود وَصَالح وَإِسْمَاعِيل وَشُعَيْب وَمُحَمّد وَإِنَّمَا سموا عربا لِأَنَّهُ لم يتَكَلَّم أحد من الْأَنْبِيَاء بِالْعَرَبِيَّةِ غَيرهم فَلذَلِك سموا عربا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل الْأَنْبِيَاء من بني إِسْرَائِيل إِلَّا عشرَة: نوح وَهود وَصَالح وَلُوط وَإِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَإِسْمَاعِيل وَيَعْقُوب وَشُعَيْب وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يكن نَبِي لَهُ اسمان إِلَّا عِيسَى وَيَعْقُوب فيعقوب إِسْرَائِيل وَعِيسَى الْمَسِيح

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ بَين آدم ونوح ألف سنة وَبَين نوح وَإِبْرَاهِيم ألف سنة وَبَين إِبْرَاهِيم ومُوسَى ألف سنة وَبَين مُوسَى وَعِيسَى أَرْبَعمِائَة سنة وَبَين عِيسَى وَمُحَمّد سِتّمائَة سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانَ بَين مُوسَى وَعِيسَى ألف نَبِي وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ عمر آدم ألف سنة قَالَ ابْن عَبَّاس: وَبَين آدم وَبَين نوح ألف سنة وَبَين نوح وَإِبْرَاهِيم ألف سنة وَبَين إِبْرَاهِيم وَبَين مُوسَى سَبْعمِائة سنة وَبَين مُوسَى وَعِيسَى ألف وَخَمْسمِائة سنة وَبَين عِيسَى وَنَبِينَا سِتّمائَة سنة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن وَائِل بن دَاوُد فِي قَوْله {وكلم الله مُوسَى تكليماً} قَالَ: مرَارًا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الْجَبَّار بن عبد الله قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى أبي بكر بن عَيَّاش فَقَالَ: سَمِعت رجلا يقْرَأ {وكلم الله مُوسَى تكليماً} فَقَالَ: مَا قَالَ هَذَا إِلَّا كَافِر قَرَأت على الْأَعْمَش وَقَرَأَ الْأَعْمَش على يحيى بن وثاب وَقَرَأَ يحيى بن وثاب على أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ وَقَرَأَ أَبُو عبد الرَّحْمَن على عَليّ بن أبي طَالب وَقَرَأَ عَليّ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وكلم الله مُوسَى تكليماً} قَالَ الهيثمي: وَرِجَاله ثِقَات غير أَن عبد الْجَبَّار لم أعرفهُ وَالَّذِي روى عَن ابْن عَبَّاس أَحْمد بن عبد الْجَبَّار بن مَيْمُون وَهُوَ ضَعِيف وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن ثَابت قَالَ: لما مَاتَ مُوسَى بن عمرَان جالت الْمَلَائِكَة فِي السَّمَوَات بَعْضهَا إِلَى بعض واضعي أَيْديهم على خدودهم ينادون مَاتَ مُوسَى كليم الله فَأَي الْخلق لَا يَمُوت الْآيَة 165

165

أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا أحد أغير من الله من أجل ذَلِك حرَّم الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَلَا أحد أحب إِلَيْهِ الْمَدْح من الله من أجل ذَلِك مدح

نَفسه وَلَا أحد أحب إِلَيْهِ الْعذر من الله من أجل ذَلِك بعث النَّبِيين مبشرين ومنذرين وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا شخص أحب إِلَيْهِ الْعذر من الله وَلذَلِك بعث الرُّسُل مبشرين ومنذرين وَلَا شخص أحب إِلَيْهِ الْمَدْح من الله وَلذَلِك وعد الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {لِئَلَّا يكون للنَّاس على الله حجَّة بعد الرُّسُل} فيقولوا: مَا أرسلتَ إِلَيْنَا رَسُولا الْآيَات 166 - 170

166

أخرج ابْن إِسْحَاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دخل جمَاعَة من الْيَهُود على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُم: إِنِّي وَالله أعلم أَنكُمْ تعلمُونَ أَنِّي رَسُول الله فَقَالُوا: مَا نعلم ذَلِك فَأنْزل الله {لَكِن الله يشْهد} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَكِن الله يشْهد} الْآيَة قَالَ: شُهُود وَالله غير متهمة

الْآيَة 171

171

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَا تغلوا} قَالَ: لَا تبتدعوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم} قَالَ: كَلمته إِن قَالَ: كن فَكَانَ وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي مُوسَى أَن النَّجَاشِيّ قَالَ لجَعْفَر: مَا يَقُول صَاحبك فِي ابْن مَرْيَم قَالَ: يَقُول فِيهِ قَول الله: روح الله وكلمته أخرجه من البتول الْعَذْرَاء لم يقربهَا بشر فَتَنَاول عوداً من الأَرْض فرفعه فَقَالَ: يَا معشر القسيسين والرهبان مَا يزِيد هَؤُلَاءِ على مَا تَقولُونَ فِي ابْن مَرْيَم مَا يزن هَذِه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّجَاشِيّ وَنحن ثَمَانُون رجلا ومعنا جَعْفَر بن أبي طَالب وَبعثت قُرَيْش عمَارَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ ومعهما هَدِيَّة إِلَى النَّجَاشِيّ فَلَمَّا دخلا عَلَيْهِ سجدا لَهُ وبعثا إِلَيْهِ بالهدية وَقَالا: إِن نَاسا من قَومنَا رَغِبُوا عَن ديننَا وَقد نزلُوا أَرْضك فَبعث إِلَيْهِم حَتَّى دخلُوا عَلَيْهِ فَلم يسجدوا لَهُ فَقَالُوا: مَا لكم لم تسجدوا للْملك فَقَالَ جَعْفَر: إِن الله بعث إِلَيْنَا نبيه فَأمرنَا أَن لَا نسجد إِلَّا لله فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ: إِنَّهُم يخالفونك فِي عِيسَى وَأمه قَالَ: فَمَا يَقُولُونَ فِي عِيسَى وَأمه قَالُوا: نقُول كَمَا قَالَ الله: هُوَ روح الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاء البتول الَّتِي لم يمسسها بشر فَتَنَاول النَّجَاشِيّ عوداً فَقَالَ: يَا معشر القسيسين والرهبان مَا تزيدون على مَا يَقُول هَؤُلَاءِ مَا يزن هَذِه مرْحَبًا بكم وبمن جئْتُمْ من عِنْده فَأَنا أشهد أَنه نَبِي ولوددت أَنِّي عِنْده فأحتمل نَعْلَيْه فانزلوا حَيْثُ شِئْتُم من أرضي

وَأخرج البُخَارِيّ عَن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تطروني كَمَا أطرت النَّصَارَى عِيسَى بن مَرْيَم فَإِنَّمَا أَنا عبد فَقولُوا: عبد الله وَرَسُوله وَأخرج مُسلم عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأَن عِيسَى عبد الله وَرَسُوله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ وَالْجنَّة حق وَالنَّار حق أدخلهُ الله من أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية من أَيهَا شَاءَ على مَا كَانَ من الْعَمَل الْآيَتَانِ 172 - 173

172

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لن يستنكف} قَالَ: لن يستكبر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية والإسماعيلي فِي مُعْجَمه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {فيوفِّيهم أُجُورهم ويزيدهم من فَضله} قَالَ {أُجُورهم} يدخلهم الْجنَّة {ويزيدهم من فَضله} الشَّفَاعَة فِيمَن وَجَبت لَهُم النَّار مِمَّن صنع إِلَيْهِم الْمَعْرُوف فِي الدِّينَا وَالله سُبْحَانَهُ أعلم الْآيَتَانِ 174 - 175

174

أخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه كَانَ إِذا تحرّك من اللَّيْل قَالَ {يَا أَيهَا النَّاس قد جَاءَكُم برهَان من ربكُم وأنزلنا إِلَيْكُم نورا مُبينًا} وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أَبِيه عَن رجل لَا يحفظ اسْمه فِي قَوْله {قد جَاءَكُم برهَان من ربكُم} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وأنزلنا إِلَيْكُم نورا مُبينًا} قَالَ: الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {برهَان من ربكُم} قَالَ: حجَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قد جَاءَكُم برهَان من ربكُم} قَالَ: بيِّنة {وأنزلنا إِلَيْكُم نورا مُبينًا} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {واعتصموا بِهِ} قَالَ: الْقُرْآن الْآيَة 176

176

أخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مَرِيض لَا أَعقل فَتَوَضَّأ ثمَّ صب عليَّ فعقلت فَقلت إِنَّه لَا يَرِثنِي إِلَّا كَلَالَة فَكيف الْمِيرَاث فَنزلت آيَة الْفَرَائِض وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم عَن جَابر قَالَ: أنزلت فِي {يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ تورث الْكَلَالَة فَأنْزل الله {يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} إِلَى آخرهَا فَكَأَن عمر لم يفهم فَقَالَ لحفصة: إِذا رَأَيْت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طيب نفس فسليه عَنْهَا

فرأت مِنْهُ طيب نفس فَسَأَلته فَقَالَ: أَبوك ذكر لَك هَذَا مَا أرى أَبَاك يعلمهَا فَكَانَ عمر يَقُول مَا أَرَانِي أعلمها وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَاوس أَن عمر أَمر حَفْصَة أَن تسْأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكَلَالَة فَسَأَلته فأملاها عَلَيْهَا فِي كتف وَقَالَ: من أَمرك بِهَذَا أعمر مَا أرَاهُ يقيمها أَو مَا تكفيه آيَة الصَّيف قَالَ سُفْيَان: وَآيَة الصَّيف الَّتِي فِي النِّسَاء (وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة أَو امْرَأَة) (النِّسَاء الْآيَة 12) فَلَمَّا سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلت الْآيَة الَّتِي فِي خَاتِمَة النِّسَاء وَأخرج مَالك وَمُسلم وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر قَالَ: مَا سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شَيْء أَكثر مَا سَأَلته عَن الْكَلَالَة حَتَّى طعن بِأُصْبُعِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ: تكفيك آيَة الصَّيف الَّتِي فِي آخر سُورَة النِّسَاء وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: تكفيك آيَة الصَّيف وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: أما سَمِعت الْآيَة الَّتِي أنزلت فِي الصَّيف {يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} فَمن لم يتْرك ولدا وَلَا والداً فورثته كَلَالَة وَأخرجه الْحَاكِم مَوْصُولا عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمر قَالَ: ثَلَاث وددت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ عهد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عهدا ننتهي إِلَيْهِ: الْجد والكلالة وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا وَأخرج أَحْمد عَن عمر قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: تكفيك آيَة الصَّيف فَلِأَن أكون سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهَا أحب إليَّ من أَن يكون لي حمر النعم وَأخرج عبد الرَّزَّاق والعدني وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن عمر قَالَ: لِأَن أكون سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ثَلَاث أحب إليَّ من حُمُرِ النِعَمْ: عَن الْخَلِيفَة بعده وَعَن قوم قَالُوا: نقر بِالزَّكَاةِ من أَمْوَالنَا وَلَا نؤديها إِلَيْك أَيحلُّ قِتَالهمْ وَعَن الْكَلَالَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق والعدني وَابْن مَاجَه والساجي وَابْن جرير وَالْحَاكِم

وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر قَالَ: ثَلَاث لِأَن يكون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَّنهنَّ لنا أحب إليّ من الدِّينَا وَمَا فِيهَا: الْخلَافَة والكلالة والربا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ رجل يستفتيه فِي الْكَلَالَة أنبئني يَا رَسُول الله أكلالة الرجل يُرِيد إخْوَته من أَبِيه وَأمه فَلم يقل لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا غير أَنه قَرَأَ عَلَيْهِ آيَة الْكَلَالَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء ثمَّ عَاد الرجل يسْأَله فَكلما سَأَلَهُ قَرَأَهَا حَتَّى أَكثر وصخب الرجل وَاشْتَدَّ صخبه من حرصه على أَن يبيِّن لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْآيَة ثمَّ قَالَ لَهُ: إِنِّي وَالله لَا أزيدك على مَا أَعْطَيْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت آخر النَّاس عهدا بعمر فَسَمعته يَقُول: القَوْل مَا قلت قلت: وَمَا قلت قَالَ: قلت: الْكَلَالَة من لَا ولد لَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: أَخذ عمر كَتفًا وَجمع أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: لأقضين فِي الْكَلَالَة قَضَاء تحدث بِهِ النِّسَاء فِي خُدُورهنَّ فَخرجت حِينَئِذٍ حَيَّة من الْبَيْت فَتَفَرَّقُوا فَقَالَ: لَو أَرَادَ الله أَن يتم هَذَا الْأَمر لأتمه وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن سعيد بن الْمسيب أَن عمر كتب فِي الْجد والكلالة كتابا فَمَكثَ يستخير الله يَقُول: اللَّهُمَّ إِن علمت أَن فِيهِ خيرا فامضه حَتَّى إِذا طعن دَعَا بِالْكتاب فمحا وَلم يدر أحد مَا كتب فِيهِ فَقَالَ: إِنِّي كنت كتبت فِي الْجد والكلالة كتابا وَكنت أستخير الله فِيهِ فَرَأَيْت أَن أترككم على مَا كُنْتُم عَلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَنا أوّل من أَتَى عمر حِين طعن فَقَالَ: احفظ عني ثَلَاثًا فَإِنِّي أَخَاف أَن لَا يدركني النَّاس: أما أَنا فَلم أقض فِي الْكَلَالَة وَلم أستخلف على النَّاس خَليفَة وكل مَمْلُوك لَهُ عَتيق وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو الْقَارِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على سعد وَهُوَ وجع مغلوب فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي مَالا وَإِنِّي أورث كَلَالَة أفأوصي بِمَالي أَو أتصدَّق بِهِ قَالَ: لَا قَالَ: أفأوصي بثلثيه قَالَ: لَا قَالَ: أفأوصي بشطره قَالَ: لَا قَالَ: أفأوصي بِثُلثِهِ قَالَ: نعم وَذَاكَ كثير وَأخرج ابْن سعد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر قَالَ:

اشتكيت فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليَّ فَقلت: يَا رَسُول الله أوصِي لأخواني بِالثُّلثِ قَالَ: أحسن قلت: بالشطر قَالَ: أحسن ثمَّ خرج ثمَّ دخل عَليّ فَقَالَ: لَا أَرَاك تَمُوت فِي وجعك هَذَا إِن الله أنزل وبيَّن مَا لأخواتك وَهُوَ الثُّلُثَانِ فَكَانَ جَابر يَقُول: نزلت هَذِه الْآيَة فِي {يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} وَأخرج الْعَدنِي وَالْبَزَّار فِي مسنديهما وَأَبُو الشَّيْخ فِي الْفَرَائِض بِسَنَد صَحِيح عَن حُذَيْفَة قَالَ: نزلت آيَة الْكَلَالَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسير لَهُ فَوقف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ بحذيفة فلقاه إِيَّاه فَنظر حُذَيْفَة فَإِذا عمر فلقاه إِيَّاه فَلَمَّا كَانَ فِي خلَافَة عمر نظر عمر فِي الْكَلَالَة فَدَعَا حُذَيْفَة فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ حُذَيْفَة: لقد لقانيها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلقيتك كَمَا لقاني - وَالله - لَا أزيدك على ذَلِك شَيْئا أبدا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي الْفَرَائِض عَن الْبَراء قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: مَا خلا الْوَلَد وَالْوَالِد وَأخرج ابْن أبي شيبَة والدرامي وَابْن جرير عَن أبي الْخَيْر أَن رجلا سَأَلَ عقبَة بن عَامر عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: أَلا تعْجبُونَ من هَذَا يسألني عَن الْكَلَالَة وَمَا أعضل بأصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْء مَا أعضلت بهم الْكَلَالَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة والدرامي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الشّعبِيّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو بكر عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: إِنِّي سأقول فِيهَا برأيي فَإِذا كَانَ صَوَابا فَمن الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن كَانَ خطأ فمني وَمن الشَّيْطَان وَالله مِنْهُ بَرِيء أرَاهُ مَا خلا الْوَلَد وَالْوَالِد فَلَمَّا اسْتخْلف عمر قَالَ: الْكَلَالَة مَا عدا الْوَلَد فَلَمَّا طعن عمر قَالَ: إِنِّي لأَسْتَحي من الله أَن أُخَالِف أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي بكر الصّديق أَنه قَالَ: من مَاتَ لَيْسَ لَهُ ولد وَلَا وَالِد فورثته كَلَالَة فَضَجَّ مِنْهُ عَليّ ثمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْله وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ: مَا رَأَيْتهمْ إِلَّا قد تواطأوا إِن الْكَلَالَة من لَا ولد لَهُ وَلَا وَالِد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة والدرامي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْكَلَالَة قَالَ: هُوَ مَا عدا الْوَالِد وَالْولد فَقلت لَهُ {إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد} فَغَضب وانتهرني

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَلَالَة: من لم يتْرك ولدا وَلَا والداً وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن السميط قَالَ: كَانَ عمر يَقُول: الْكَلَالَة: مَا خلا الْوَلَد وَالْوَالِد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: الْكَلَالَة مَا كَانَ سوى الْوَالِد وَالْولد من الْوَرَثَة إخْوَة أَو غَيرهم من الْعصبَة كَذَلِك قَالَ: عَليّ وَابْن مَسْعُود وَزيد ابْن ثَابت وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْكَلَالَة: الْمَيِّت نَفسه وَأخرج ابْن جرير عَن معدان بن أبي طالحة الْيَعْمرِي قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: مَا أغْلظ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو مَا نازعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَيْء مَا نازعته فِي آيَة الْكَلَالَة حَتَّى ضرب صَدْرِي فَقَالَ: يَكْفِيك مِنْهَا آيَة الصَّيف {يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} وسأقضي فِيهَا بِقَضَاء يُعلمهُ من يقْرَأ وَمن لَا يقْرَأ هُوَ مَا خلا الرب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين قَالَ: نزلت {يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسير لَهُ وَإِلَى جنبه حُذَيْفَة بن الْيَمَان فبلغها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حُذَيْفَة وَبَلغهَا حُذَيْفَة عمر بن الْخطاب وَهُوَ يسير خَلفه فَلَمَّا اسْتخْلف عمر سَأَلَ عَنْهَا حُذَيْفَة وَرَجا أَن يكون عِنْده تَفْسِيرهَا فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَة: وَالله إِنَّك لعاجز إِن ظَنَنْت أَن أمارتك تحملنِي أَن أحَدثك مَا لم أحَدثك يَوْمئِذٍ فَقَالَ عمر: لم أرد هَذَا رَحِمك الله وَأخرج ابْن جرير عَن عمر قَالَ: لِأَن أكون أعلم الْكَلَالَة أحب إليَّ من أَن يكون لي جِزْيَة قُصُور الشَّام وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن بن مَسْرُوق عَن أَبِيه قَالَ: سَأَلت عمر وَهُوَ يخْطب النَّاس عَن ذِي قرَابَة لي ورث كَلَالَة فَقَالَ: الْكَلَالَة الْكَلَالَة الْكَلَالَة وَأخذ بلحيته ثمَّ قَالَ: وَالله لِأَن أعلمها أحب إليَّ من أَن يكون لي مَا على الأَرْض من شَيْء سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ألم تسمع الْآيَة الَّتِي أنزلت فِي الصَّيف فَأَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي سَلمَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن الْكَلَالَة فَقَالَ: ألم تسمع الْآيَة الَّتِي أنزلت فِي الصَّيف (وَإِن كَانَ رجل يُورث كَلَالَة) (النِّسَاء الْآيَة 12) إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج أَحْمد بِسَنَد جيد عَن زيد بن ثَابت أَنه سُئِلَ عَن زوج وَأُخْت لأَب وَأم فَأعْطى الزَّوْج النّصْف وَالْأُخْت النّصْف فَكلم فِي ذَلِك فَقَالَ: حضرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى بذلك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَالْحَاكِم عَن الْأسود قَالَ: قضى فِينَا معَاذ بن جبل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ابْنة وَأُخْت للإبنة النّصْف وَللْأُخْت النّصْف وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن هزيل بن شُرَحْبِيل أَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ سُئِلَ عَن ابْنة وَابْنَة ابْن وَأُخْت لِأَبَوَيْنِ فَقَالَ: للْبِنْت النّصْف وَللْأُخْت النّصْف وائت ابْن مَسْعُود فيتابعني فَسئلَ ابْن مَسْعُود وَأخْبر بقول أبي مُوسَى فَقَالَ: لقد ضللت إِذا وَمَا أَنا من المهتدين اقْضِ فِيهَا بِمَا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للابنة النّصْف ولابنة الإبن السُّدس تَكْمِلَة الثُّلثَيْنِ وَمَا بَقِي فللأخت فَأَخْبَرنَاهُ بقول ابْن مَسْعُود فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الحبر فِيكُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن رجل توفّي وَترك ابْنَته وَأُخْته لِأَبِيهِ وَأمه فَقَالَ: الْبِنْت النّصْف وَلَيْسَ للْأُخْت شَيْء وَمَا بَقِي فلعصبته فَقيل: إِن عمر جعل للْأُخْت النّصْف فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أأنتم أعلم أم الله قَالَ الله {إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد وَله أُخْت فلهَا نصف مَا ترك} فقلتم أَنْتُم لَهَا النّصْف وَإِن كَانَ لَهُ ولد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: شَيْء لَا تجدونه فِي كتاب الله وَلَا فِي قَضَاء رَسُول الله وَتَجِدُونَهُ فِي النَّاس كلهم للابنة النّصْف وَللْأُخْت النّصْف وَقد قَالَ الله {إِن امْرُؤ هلك لَيْسَ لَهُ ولد وَله أُخْت فلهَا نصف مَا ترك} وَأخرج الشَّيْخَانِ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ألْحقُوا الْفَرَائِض بِأَهْلِهَا فَمَا أبقت فلأول رجل ذكر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {يستفتونك} قَالَ: سَأَلُوا نَبِي الله عَن الْكَلَالَة {يبين الله لكم أَن تضلوا} قَالَ فِي شَأْن الْمَوَارِيث

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْبَراء قَالَ: آخر سُورَة نزلت كَامِلَة (بَرَاءَة) وَآخر آيَة نزلت خَاتِمَة سُورَة النِّسَاء {يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} وَأخرج ابْن جرير وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن أَبَا بكر الصّديق قَالَ فِي خطبَته: أَلا إِن الْآيَة الَّتِي أنزلت فِي سُورَة النِّسَاء فِي شَأْن الْفَرَائِض أنزلهَا الله فِي الْوَلَد وَالْوَالِد وَالْآيَة الثَّانِيَة أنزلهَا فِي الزَّوْج وَالزَّوْجَة وَالإِخْوَة من الْأُم وَالْآيَة الَّتِي ختم بهَا سُورَة النِّسَاء أنزلهَا فِي الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات من الْأَب وَالأُم وَالْآيَة الَّتِي ختم بهَا سُورَة الْأَنْفَال أنزلهَا فِي أولي الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله مِمَّا جرت بِهِ الرَّحِم من الْعصبَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركب حمارا إِلَى قبَاء يستخير فِي الْعمة وَالْخَالَة فَأنْزل الله لَا مِيرَاث لَهما وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب إِذا قَرَأَ {يبين الله لكم أَن تضلوا} قَالَ: اللَّهُمَّ من بيِّنت لَهُ الْكَلَالَة فَلم تتبيَّن لي وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو الْقَارِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على سعد وَهُوَ وجع وغلوب فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي مَالا وَإِنِّي أورث كَلَالَة أفأوصي بِمَالي أَو أتصدَّق بِهِ قَالَ: لَا قَالَ: أفأوصي بثلثيه قَالَ: لَا قَالَ: أفأوصي بشطره قَالَ: لَا قَالَ: أفأوصي بِثُلثِهِ قَالَ: نعم وَذَاكَ كثير وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت أَن زيد بن ثَابت كتب لمعاوية رِسَالَة: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لعبد الله مُعَاوِيَة أَمِير الْمُؤمنِينَ من زيد بن ثَابت سَلام عَلَيْك أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَحْمَة الله فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد فَإنَّك كتبت تَسْأَلنِي عَن مِيرَاث الْجد وَالإِخْوَة وَإِن الْكَلَالَة وَكَثِيرًا مِمَّا قضى بِهِ فِي هَذِه الْمَوَارِيث لَا يعلم مبلغها إِلَّا الله وَقد كُنَّا نحضر من ذَلِك أموراً عِنْد الْخُلَفَاء بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوعينا مِنْهَا مَا شِئْنَا أَن نعي فَنحْن نفتي بعد من استفتاناً فِي الْمَوَارِيث وَالله أعلم 3

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم مُقَدّمَة سُورَة الْمَائِدَة أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: الْمَائِدَة مدنيه وَأخرج أَحْمد وَأَبُو عبيد فِي فضائله والنحاس فِي ناسخه وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جُبَير بن نفير قَالَ: حججْت فَدخلت على عَائِشَة فَقَالَت لي: يَا جُبَير تقْرَأ الْمَائِدَة فَقلت: نعم فَقَالَت: أما انها آخر سُورَة نزلت فَمَا وجدْتُم فِيهَا من حَلَال فاستحلوه وَمَا وجدْتُم من حرَام فحرموه وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: آخر سُورَة نزلت سُورَة الْمَائِدَة وَالْفَتْح وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أنزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة الْمَائِدَة وَهُوَ رَاكب على رَاحِلَته فَلم تستطع أَن تحمله فَنزل عَنْهَا وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر فِي الصَّلَاة وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والبيهيقي فِي شعب الإِيمان عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: اني لآخذة بزمام العضباء نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ نزلت الْمَائِدَة كلهَا فَكَادَتْ من ثقلهَا تدق عضد النَّاقة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن أم عَمْرو بنت عبس عَن عَمها أَنه كَانَ فِي مسير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْمَائِدَة فاندق كتف رَاحِلَته العضباء من ثقل السُّورَة وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله غليه وَسلم قَرَأَ فِي خطبَته سُورَة الْمَائِدَة وَالتَّوْبَة وَأخرج أَبُو عبيد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ نزلت سُورَة الْمَائِدَة على رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع فِيمَا بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَهُوَ على نَاقَته فانصدعت كتفها فَنزل عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: نزلت سُورَة الْمَائِدَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمسير فِي حجَّة الْوَدَاع وَهُوَ رَاكب رَاحِلَته فبركت بِهِ رَاحِلَته من ثقلهَا وَأخرج أَبُو عبيد عَن ضَمرَة بن حبيب وعطية بن قيس قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَائِدَة من آخر الْقُرْآن تَنْزِيلا فاحلوا حلالها وحرموا حرامها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أبي ميسرَة قَالَ: آخر سُورَة أنزلت سُورَة الْمَائِدَة وان فِيهَا لسبع عشرَة فَرِيضَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي ميسرَة قَالَ: فِي الْمَائِدَة ثَمَان عشرَة فَرِيضَة لَيْسَ فِي سُورَة من الْقُرْآن غَيرهَا وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخ المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وماأكل السَّبع إِلَّا مَا ذكتيم وَمَا ذبح على النصب وان تستقيموا بالازلام والجوارح مكلبين وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب وَتَمام الطّهُور واذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وَالسَّارِق والسارقة وَمَا جعل الله من بحيرة الْآيَة وَأخرج أَبُو دَاوُد والنحاس كِلَاهُمَا فِي النَّاسِخ عَن أبي ميسرَة عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ: لم ينْسَخ من الْمَائِدَة شَيْء وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عون قَالَ: قلت لِلْحسنِ: نسخ من الْمَائِدَة شَيْء فَقَالَ: لَا وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس عَن الشّعبِيّ قَالَ: لم ينْسَخ من الْمَائِدَة إِلَّا هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحلوا شَعَائِر الله وَلَا الشَّهْر الْحَرَام وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد} الْمَائِدَة الْآيَة 2 وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نسخ من هَذِه السُّورَة آيتان آيَة القلائد وَقَوله {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} الْمَائِدَة الْآيَة 42 وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه من طَرِيق عَبدة بن أبي لبَابَة قَالَ: بَلغنِي عَن سَالم

مولى أبي حُذَيْفَة قَالَ كَانَت لي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَاجَة فَأتيت الْمَسْجِد فَوَجَدته قد كبر فتقدمت قَرِيبا مِنْهُ فَقَرَأَ بِسُورَة الْبَقَرَة وَسورَة النِّسَاء وبسورة الْمَائِدَة وبسورة الْأَنْعَام ثمَّ ركع فَسَمعته يَقُول سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم ثمَّ قَامَ فَسجدَ فَسَمعته يَقُول سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا فِي كل رَكْعَة (5) سُورَة الْمَائِدَة مَدَنِيَّة وآياتها عشرُون وَمِائَة

المائدة

- يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَوْفوا بِالْعُقُودِ أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم غير محلي الصَّيْد وَأَنْتُم حرم إِن الله يحكم مَا يُرِيد - أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} يَعْنِي بالعهود مَا أحل الله وَمَا حرم وَمَا فرض وَمَا حدَّ فِي الْقُرْآن كُله لاتغدروا وَلَا تنكثوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} أَي بِعقد الْجَاهِلِيَّة ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول أَوْفوا بِعقد الْجَاهِلِيَّة ولاتحدثوا عقدا فِي الْإِسْلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} قَالَ: بالعهود وَهِي عُقُود الْجَاهِلِيَّة الْحلف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عُبَيْدَة قَالَ: الْعُقُود خمس: عقدَة الْإِيمَان وعقدة النِّكَاح وعقدة البيع وعقدة الْعَهْد وعقدة الْحلف وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: الْعُقُود خمس: عقدَة الْإِيمَان وعقدة النِّكَاح وعقدة البيع وعقدة الْعَهْد وعقدة الْحلف وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ: هَذَا كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عندنَا الَّذِي كتبه لعَمْرو بن حزم حِين بَعثه إِلَى الْيمن يفقِّه أَهلهَا وَيُعلمهُم السّنة وَيَأْخُذ صَدَقَاتهمْ فَكتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا كتاب من الله وَرَسُوله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَوْفوا بِالْعُقُودِ} عهدا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم أمره بتقوى الله فِي أمره كُله {إِن الله مَعَ الَّذين اتَّقوا وَالَّذين هم محسنون}

(النَّحْل الْآيَة 128) وَأمره أَن يَأْخُذ الْحق كَمَا أمره وَأَن يبشر بِالْخَيرِ النَّاس وَيَأْمُرهُمْ بِهِ الحَدِيث بِطُولِهِ وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَدّوا للحلفاء عقودهم الَّتِي عاقدت أَيْمَانكُم قَالُوا: وَمَا عقدهم يَا رَسُول الله قَالَ: الْعقل عَنْهُم والنصرلهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: بلغنَا فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَوْفوا بِالْعُقُودِ} يَقُول: أَوْفوا بالعهود يَعْنِي الْعَهْد الَّذِي كَانَ عهد اليهم فِي الْقُرْآن فِيمَا أَمرهم من طَاعَته أَن يعملوا بهَا وَنَهْيه الَّذِي نَهَاهُم عَنهُ وبالعهد الَّذِي بَينهم وَبَين الْمُشْركين وَفِيمَا يكون من العهود بَين النَّاس وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام} قَالَ: يَعْنِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: أهل القباب الْحمر والن عَم [وَالنعَم] المؤثل والقبائل وَأخرج عبد بن حميد ابْن جرير ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام} قَالَ: الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَنه أَخذ بذنب الْجَنِين فَقَالَ: هَذَا من بَهِيمَة الْأَنْعَام الَّتِي أحلَّت لكم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر فِي قَوْله {أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام} قَالَ: مَا فِي بطونها قلت: إِن خرج مَيتا آكله قَالَ: نعم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام} قَالَ: الْأَنْعَام كلهَا {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم} قَالَ: إِلَّا الْميتَة ومالم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم} قَالَ {الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا أهل لغير الله بِهِ}

الْمَائِدَة الْآيَة 3 إِلَى آخر الْآيَة فَهَذَا مَا حرم الله من بَهِيمَة الْأَنْعَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم} قَالَ: إِلَّا الْميتَة وماذكر مَعهَا {غير محلي الصَّيْد وَأَنْتُم حرم} قَالَ: غير أَن يحل الصَّيْد أحد وَهُوَ محرم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن أَيُّوب قَالَ: سُئِلَ مُجَاهِد عَن القرد أيؤكل لَحْمه فَقَالَ: لَيْسَ من بَهِيمَة الْأَنْعَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ: الْأَنْعَام كلهَا حل الاما كَانَ مِنْهَا وحشياً فَإِنَّهُ صيد فلايحل إِذا كَانَ محرما وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن الله يحكم مَا يُرِيد} قَالَ: إِن الله يحكم ماأراد فِي خلقه وَبَين مااراد فِي عباده وَفرض فَرَائِضه وحدَّ حُدُوده وَأمر بِطَاعَتِهِ وَنهى عَن مَعْصِيَته

2

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحلوا شَعَائِر الله وَلَا الشَّهْر الْحَرَام وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام يَبْتَغُونَ فضلا من رَبهم ورضوانا وَإِذا حللتم فاصطادوا وَلَا يجرمنكم شنآن قوم أَن صدوكم عَن الْمَسْجِد الْحَرَام أَن تَعْتَدوا وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى وَلَا تعاونوا على الْإِثْم والعدوان وَاتَّقوا الله إِن الله شَدِيد الْعقَاب - أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تحلوا شَعَائِر الله} قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يحجون الْبَيْت الْحَرَام ويهدون الْهَدَايَا ويعظمون حُرْمَة المشاعر وينحرون فِي حجهم فَأَرَادَ الْمُسلمُونَ أَن يُغيرُوا عَلَيْهِم فَقَالَ الله {لَا تحلوا شَعَائِر الله} وَفِي قَوْله {وَلَا الشَّهْر الْحَرَام} يَعْنِي لاتستحلوا قتالاً فِيهِ {وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} يَعْنِي من توجه قبل الْبَيْت فَكَانَ

الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُشْرِكُونَ يحجون الْبَيْت جَمِيعًا فَنهى الله الْمُؤمنِينَ أَن يمنعوا أحدا يحجّ الْبَيْت أَو يتَعَرَّضُوا لَهُ من مُؤمن أَو كَافِر ثمَّ أنزل الله بعد هَذَا {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا} التَّوْبَة الْآيَة 28 وَفِي قَوْله {يَبْتَغُونَ فضلا} يَعْنِي أَنهم يترضون الله بحجهم {وَلَا يجرمنكم} يَقُول: لايحملنكم {شنآن قوم} يَقُول: عَدَاوَة قوم {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} قَالَ: الْبر ماأمرت بِهِ {وَالتَّقوى} مانهيت عَنهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: شَعَائِر الله مَا نهى الله عَنهُ أَن تصيبه وَأَنت محرم وَالْهَدْي مالم يقلدوا القلائد مقلدات الْهَدْي {وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} يَقُول: من توجه حَاجا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تحلوا شَعَائِر الله} قَالَ: مَنَاسِك الْحَج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا تحلوا شَعَائِر الله} قَالَ: معالم الله فِي الْحَج وَأخرج ابْن جرير وَابْن المنذرعن عَطاء أَنه سُئِلَ عَن شَعَائِر الْحَج فَقَالَ: حرمات الله اجْتِنَاب سخط الله وَاتِّبَاع طَاعَته فَذَلِك شَعَائِر الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير والنحاس فِي ناسخه عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحلوا شَعَائِر الله وَلَا الشَّهْر الْحَرَام وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} قَالَ: مَنْسُوخ كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا خرج من بَيته يُرِيد الْحَج تقلد من السمر فَلم يعرض لَهُ أحد واذا تقلد بقلادة شعر لم يعرض لَهُ أحد وَكَانَ الْمُشرك يَوْمئِذٍ لايصد عَن الْبَيْت فَأمر الله أَن لايقاتل الْمُشْركُونَ فِي الشَّهْر الْحَرَام ولاعند الْبَيْت ثمَّ نسخهَا قَوْله {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} التَّوْبَة الْآيَة 5 وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: نسخ مِنْهَا {آمّين الْبَيْت الْحَرَام} نسختها الْآيَة الَّتِي فِي بَرَاءَة {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وَقَالَ {مَا كَانَ للْمُشْرِكين أَن يعمروا مَسَاجِد الله شَاهِدين على أنفسهم بالْكفْر}

التَّوْبَة الْآيَة 17 وَقَالَ {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا} التَّوْبَة الْآيَة 28 وَهُوَ الْعَام الَّذِي حج فِيهِ أَبُو بكر بالآذان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا تحلوا شَعَائِر الله} الْآيَة قَالَ: نسختها {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} التَّوْبَة الْآيَة 5 وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: كَانُوا يتقلدون من لحاء شجر الْحرم يأمنون بذلك إِذا خَرجُوا من الْحرم فَنزلت {لَا تحلوا شَعَائِر الله وَلَا الشَّهْر الْحَرَام وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد} وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا تحلوا شَعَائِر الله} قَالَ: القلائد اللحاء فِي رِقَاب النَّاس والبهائم أَمَانًا لَهُم والصفا والمروة وَالْهَدْي وَالْبدن كل هَذَا من شَعَائِر الله قَالَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا كُله عمل أهل الْجَاهِلِيَّة فعله وإقامته فَحرم الله ذَلِك كُله بِالْإِسْلَامِ إِلَّا اللحاء القلائد ترك ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: أما القلائد فَإِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا ينزعون من لحاء السمر فيتخذون مِنْهَا قلائد يأمنون بهَا فِي النَّاس فَنهى الله عَن ذَلِك أَن ينْزع من شجر الْحرم وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَلَا الشَّهْر الْحَرَام} قَالَ: هُوَ ذُو الْقعدَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحُدَيْبِية وَأَصْحَابه حِين صدهم الْمُشْركُونَ عَن الْبَيْت وَقد اشْتَدَّ ذَلِك عَلَيْهِم فَمر بهم أنَاس من الْمُشْركُونَ من أهل الْمشرق يُرِيدُونَ الْعمرَة فَقَالَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نصد هَؤُلَاءِ كَمَا صدنَا أَصْحَابنَا فَأنْزل الله {وَلَا يجرمنكم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: أقبل الحطم بن هِنْد الْبكْرِيّ حَتَّى أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَاهُ فَقَالَ: إلام تَدْعُو فَأخْبرهُ وَقد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه يدْخل الْيَوْم عَلَيْكُم رجل من ربيعَة يتَكَلَّم بِلِسَان شَيْطَان فَلَمَّا أخبرهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: انْظُرُوا لعَلي أسلم ولي من أشاوره فَخرج من عِنْده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:

لقد دخل بِوَجْه كَافِر وَخرج بعقب غادر فَمر بسرح من سرح الْمَدِينَة فساقه ثمَّ أقبل من عَام قَابل حَاجا قد قلد وَأهْدى فَأَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يبْعَث إِلَيْهِ فَنزلت هَذِه الْآيَة حَتَّى بلغ {وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} فَقَالَ النَّاس من أَصْحَابه: يَا رَسُول الله خلِّ بَيْننَا وَبَينه فَإِنَّهُ صاحبنا قَالَ: أَنه قد قلد قَالُوا: إِنَّمَا هُوَ شَيْء كُنَّا نصنعه فِي الْجَاهِلِيَّة فَأبى عَلَيْهِم فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: قدم الحطم بن هِنْد الْبكْرِيّ الْمَدِينَة فِي عير لَهُ تحمل طَعَاما فَبَاعَهُ ثمَّ دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَايعهُ وَأسلم فَلَمَّا ولى خَارِجا نظر اليه فَقَالَ لمن عِنْده لقد دخل عليَّ بِوَجْه فَاجر وَولى بقفا غادر فَلَمَّا قدم الْيَمَامَة ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وَخرج فِي عير لَهُ تحمل الطَّعَام فِي ذِي الْقعدَة يُرِيد مَكَّة فَلَمَّا سمع بِهِ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تهَيَّأ لِلْخُرُوجِ اليه نفر من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار ليقتطعوه فِي عيره فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحلوا شَعَائِر الله} الْآيَة فَانْتهى الْقَوْم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} قَالَ: هَذَا يَوْم الْفَتْح جَاءَ النَّاس يؤمُّونَ الْبَيْت من الْمُشْركين يهلون بِعُمْرَة فَقَالَ الْمُسلمُونَ: يَا رَسُول الله إِنَّمَا هَؤُلَاءِ مشركون فَمثل هَؤُلَاءِ فَلَنْ ندعهم إِلَّا أَن نغير عَلَيْهِم فَنزل الْقُرْآن {وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام يَبْتَغُونَ فضلا من رَبهم ورضواناً} قَالَ: يَبْتَغُونَ الْأجر وَالتِّجَارَة حرم الله على كل أحد إخافتهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَبْتَغُونَ فضلا من رَبهم ورضواناً} قَالَ: هِيَ للْمُشْرِكين يَلْتَمِسُونَ فضل الله ورضواناً نَمَاء يصلح لَهُم دنياهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: خمس آيَات فِي كتاب الله رخصَة وَلَيْسَت بعزمة {وَإِذا حللتم فاصطادوا} إِن شَاءَ اصطاد وَإِن شَاءَ لم يصطد {فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا} الْجُمُعَة الْآيَة 10 {أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر} الْبَقَرَة الْآيَة 184 {فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا} الْحَج الْآيَة 28

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: خمس آيَات من كتاب الله رخصَة وَلَيْسَت بعزيمة {فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا} الْحَج الْآيَة 28 فَمن شَاءَ أكل وَمن شَاءَ لم يَأْكُل {وَإِذا حللتم فاصطادوا} فَمن شَاءَ فعل وَمن شَاءَ لم يفعل {وَمن كَانَ مَرِيضا أَو على سفر} الْبَقَرَة الْآيَة 184 فَمن شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر {فكاتبوهم إِن علمْتُم} النُّور الْآيَة 33 إِن شَاءَ كَاتب وَإِن شَاءَ لم يفعل {فَإِذا قُضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا} الْجُمُعَة الْآيَة 10 إِن شَاءَ انْتَشَر وَإِن شَاءَ لم ينتشر وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا يجرمنكم شنآن قوم} قَالَ: لَا يحملنكم بغض قوم وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} قَالَ: الَّذين يُرِيدُونَ الْحَج {يَبْتَغُونَ فضلا من رَبهم} قَالَ: التِّجَارَة فِي الْحَج {ورضواناً} قَالَ: الْحَج {وَلَا يجرمنكم شنآن قوم} قَالَ: عَدَاوَة قوم {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى} قَالَ: الْبر ماأمرت بِهِ وَالتَّقوى مانهيت عَنهُ وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد فِي هَذِه الْآيَة وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن وابصة قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا لَا أُرِيد أَن أدع شَيْئا من الْبر وَالْإِثْم إِلَّا سَأَلته عَنهُ فَقَالَ لي ياوابصة أخْبرك عَمَّا جِئْت تسْأَل عَنهُ أم تسْأَل قلت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي قَالَ: جِئْت لتسأل عَن الْبر والاثم ثمَّ جمع أَصَابِعه الثَّلَاث فَجعل ينكت بهَا فِي صَدْرِي وَيَقُول: يَا وابصة استفت قَلْبك استفت نَفسك الْبر: مااطمأن اليه الْقلب واطمأنت اليه النَّفس وَالْإِثْم: ماحاك فِي الْقلب وَتردد فِي الصَّدْر وَإِن أَفْتَاك النَّاس وأفتوك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن النّواس بن سمْعَان قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْبر والاثم فَقَالَ ماحاك فِي نَفسك فَدَعْهُ قَالَ: فَمَا الْإِيمَان قَالَ: من ساءته سيئته وسرته حسنته فَهُوَ مُؤمن

وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: الْإِثْم حوّاز الْقُلُوب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الاثم حوّاز الْقُلُوب فَإِذا حز فِي قلب أحدكُم شَيْء فليدعه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِثْم حوّاز الْقُلُوب وَمَا من نظرة إِلَّا وللشيطان فِيهَا مطمع وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مامن رجل ينعش لِسَانه حَقًا يعْمل بِهِ إِلَّا أجْرى عَلَيْهِ أجره إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ بوَّأه الله ثَوَابه يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ فِيمَا يُخَاطب ربه عز وَجل: يَا رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك أحبه بحبك قَالَ: يَا دَاوُد أحب عبَادي إليّ نقي الْقلب نقي الْكَفَّيْنِ لَا يَأْتِي إِلَى أحد سوءا وَلَا يمشي بالنميمة تَزُول الْجبَال وَلَا يَزُول أَحبَّنِي وَأحب من يحبني وحببني إِلَى عبَادي قَالَ: يَا رب إِنَّك لتعلم إِنِّي أحبك وَأحب من يجبك فَكيف أحببك إِلَى عِبَادك قَالَ: ذكرهم بآلائي وبلائي ونعمائي يَا دَاوُد إِنَّه لَيْسَ من عبد يعين مَظْلُوما أَو يمشي مَعَه فِي مظلمته إِلَّا أُثَبِّتُ قَدَمَيْهِ يَوْم تزل الْأَقْدَام وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من رد عَن عرض أَخِيه رد الله عَن وَجهه النَّار يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أعَان على قتل مُؤمن وَلَو بِشَطْر كلمة لَقِي الله مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ آيس من رَحْمَة الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أعَان ظَالِما بباطل ليدحض بِهِ حَقًا فقد برىء من ذمَّة الله وَرَسُوله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعَان على خُصُومَة بِغَيْر حق كَانَ فِي سخط الله حَتَّى ينْزع وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أَوْس ابْن شُرَحْبِيل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَشى مَعَ ظَالِم ليعينه وهويعلم أَنه ظَالِم فقد خرج من الْإِسْلَام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من

حَالَتْ شَفَاعَته دون حد من حُدُود الله فقد ضاد الله فِي أمره وَمن مَاتَ وَعَلِيهِ دين فَلَيْسَ بالدينار وَالدِّرْهَم وَلكنهَا الْحَسَنَات والسيئات وَمن خَاصم فِي بَاطِل وَهُوَ يُعلمهُ لم يزل فِي سخط الله حَتَّى ينْزع وَمن قَالَ فِي مُؤمن ماليس فِيهِ أسْكنهُ الله ردغة الخبال حَتَّى يخرج مِمَّا قَالَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق فسيلة أَنَّهَا سَمِعت أَبَاهَا وَهُوَ وَاثِلَة بن الْأَسْقَع يَقُول: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمن الْمعْصِيَة أَن يحب الرجل قومه قَالَ لَا وَلَكِن من الْمعْصِيَة أَن يعين الرجل قومه على الظُّلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَشى مَعَ قوم يرى أَنه شَاهد وَلَيْسَ بِشَاهِد فَهُوَ شَاهد زور وَمن أعَان على خُصُومَة بِغَيْر علم كَانَ فِي سخط الله حَتَّى ينْزع وقتال الْمُسلم كفر وسبابه فسوق وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن مَسْعُود عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أعَان قوما على ظلم فَهُوَ كالبعير المتردي فَهُوَ ينْزع بِذَنبِهِ وَلَفظ الْحَاكِم: مثل الَّذِي يعين قومه على غير الْحق كَمثل الْبَعِير يتردى فَهُوَ يمد بِذَنبِهِ

3

- قَوْله تَعَالَى: حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا أهل لغير الله بِهِ والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وَمَا أكل السَّبع إِلَّا مَا ذكيتم وَمَا ذبح على النصب وَأَن تستقسموا بالأزلام ذَلِكُم فسق الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا من دينكُمْ فَلَا تخشوهم واخشون الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الإِسلام دينا فَمن اضْطر فِي مَخْمَصَة غير متجانف لإثم فَإِن الله غَفُور رَحِيم - أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قومِي أدعوهم إِلَى الله وَرَسُوله وَأعْرض عَلَيْهِم شَعَائِر الْإِسْلَام فأتيتهم فَبَيْنَمَا نَحن كَذَلِك إِذْ جاؤوا بقصعة دم واجتمعوا عَلَيْهَا يأكلونها

قَالُوا: هَلُمَّ يَا صدي فَكل قلت: وَيحكم إِنَّمَا أتيتكم من عِنْد من يحرِّم هَذَا عَلَيْكُم وَأنزل الله عَلَيْهِ قَالُوا: وماذاك قَالَ: فتلوت عَلَيْهِم هَذِه الْآيَة {حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن قَتَادَة قَالَ: إِذا أكل لحم الْخِنْزِير عرضت عَلَيْهِ التَّوْبَة فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا أهل لغير الله بِهِ} قَالَ: ماأهل للطواغيت بِهِ {والمنخنقة} قَالَ: الَّتِي تخنق فتموت {والموقوذة} الَّتِي تضرب بالخشبة فتموت {والمتردية} قَالَ: الَّتِي تتردى من الْجَبَل فتموت {والنطيحة} قَالَ: الشَّاة الَّتِي تنطح الشَّاة {وَمَا أكل السَّبع} يَقُول: ماأخذ السَّبع {إِلَّا مَا ذكيتم} يَقُول: ماذبحتم من ذَلِك وَبِه روح فكلوه {وَمَا ذبح على النصب} قَالَ: النصب إنصاب كَانُوا يذبحون ويهلون عَلَيْهَا {وَأَن تستقسموا بالأزلام} قَالَ: هِيَ القداح كَانُوا يستقسون بهَا فِي الْأُمُور {ذَلِكُم فسق} يَعْنِي من أكل من ذَلِك كُله فَهُوَ فسق وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {والمنخنقة} قَالَ: كَانَت الْعَرَب تخنق الشَّاة فَإِذا مَاتَت أكلُوا لَحمهَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت امرىء الْقَيْس وَهُوَ يَقُول: يغط غطيط الْبكر شدّ خناقه ليقتلني والمرء لَيْسَ بِقِتَال قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {والموقوذة} قَالَ: الَّتِي تضرب بالخشب حَتَّى تَمُوت قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: يلوينني دين النَّهَار واقتضي ديني إِذا وقذ النعاس الرقدا قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {والأنصاب} قَالَ: الأنصاب الْحِجَارَة الَّتِي كَانَت الْعَرَب تعبدها من دون الله وتذبح لَهَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان وَهُوَ يَقُول: فَلَا لعمر الَّذِي مسحت كعبته وَمَا هريق على الأنصاب من جَسَد قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وَإِن تستقسموا بالأزلام} قَالَ: الأزلام القداح كَانُوا يستقسمون الْأُمُور بهَا مَكْتُوب على أَحدهمَا أَمرنِي رَبِّي وعَلى الآخر نهاني ربّي

فَإِذا أَرَادوا أمرا أَتَوا بَيت أصنامهم ثمَّ غطوا على القداح بِثَوْب فَأَيّهمَا خرج عمِلُوا بِهِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الحطيئة وَهُوَ يَقُول: لايزجر الطير إِن مرت بِهِ سنحاً ولايفاض على قدح بأزلام وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: قلت يَا رَسُول الله إِنِّي أرمي بالمعراض الصَّيْد فأصيب فَقَالَ: إِذا رميت بالمعراض فخزق فكله وَإِن أَصَابَهُ بعرضه فَإِنَّمَا هُوَ وقيذ فلاتأكله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الرادة الَّتِي تتردى فِي الْبِئْر والمتردية الَّتِي تتردى من الْجَبَل وَأخرج عَن أبي ميسرَة أَنه كَانَ يقْرَأ (والمنطوحة) وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (وأكيل السَّبع) وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ قَالَ: إِذا أدْركْت ذَكَاة الموقوذة والمتردية والنطيحة وَهِي تحرّك يدا أَو رجلا فَكلهَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لاتأكل الشريطة فَإِنَّهَا ذَبِيحَة الشَّيْطَان قَالَ ابْن الْمُبَارك: هِيَ أَن تخرج الرّوح مِنْهُ بِشَرْط من غير قطع حلقوم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا ذبح على النصب} قَالَ: كَانَت حِجَارَة حول الْكَعْبَة يذبح عَلَيْهَا أهل الْجَاهِلِيَّة ويبدلونها بحجارة: إِذا شاؤوا أعجب اليهم مِنْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن تستقسموا بالأزلام} قَالَ: سِهَام الْعَرَب وكعاب فَارس الَّتِي يتقامرون بهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ {والأزلام} القداح يضْربُونَ بهَا لكل سفر وغزو وتجارة وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَإِن تستقسموا بالأزلام} قَالَ: القداح كَانُوا إِذا أَرَادوا أَن يخرجُوا فِي سفر جعلُوا قداحاً لِلْخُرُوجِ وللجلوس فَإِن وَقع الْخُرُوج خَرجُوا وَإِن وَقع الْجُلُوس جَلَسُوا وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَإِن تستقسموا بالأزلام} قَالَ: حَصى بيض كَانُوا يضْربُونَ بهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا إِذا أَرَادوا أمرا أَو سفرا يَعْمِدُونَ إِلَى قداح ثَلَاثَة على وَاحِد مِنْهَا مَكْتُوب أَمرنِي وعَلى الآخر إنهني ويتركون الآخر محللاً بَينهمَا عَلَيْهِ شَيْء ثمَّ يجيلونها فَإِن خرج الَّذِي عَلَيْهِ مرني مضوا لأمرهم وَإِن خرج الَّذِي عَلَيْهِ إنهني كفوا وَإِن خرج الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء أعادوها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لن يلج الدَّرَجَات العلى من تكهَّن أَو استقسم أَو رَجَعَ من سفر تطيراً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا من دينكُمْ} قَالَ: يئسوا أَن ترجعوا إِلَى دينهم أبدا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا من دينكُمْ} يَقُول: يئس أهل مَكَّة أَن ترجعوا إِلَى دينهم عبَادَة الاوثان أبدا {فَلَا تخشوهم} فِي اتِّبَاع مُحَمَّد {واخشوني} فِي عبَادَة الْأَوْثَان وَتَكْذيب مُحَمَّد فَلَمَّا كَانَ وَاقِفًا بِعَرَفَات نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل وَهُوَ رَافع يَده والمسلمون يدعونَ الله {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} يَقُول: حلالكم وحرامكم فَلم ينزل بعد هَذَا حَلَال ولاحرام {وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي} قَالَ: منتي فَلم يحجّ مَعكُمْ مُشْرك {ورضيت} يَقُول: واخترت {لكم الْإِسْلَام دينا} مكث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد نزُول هَذِه الْآيَة إِحْدَى وَثَمَانِينَ يَوْمًا ثمَّ قَبضه الله إِلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا من دينكُمْ فَلَا تخشوهم واخشون الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} قَالَ: هَذَا حِين فعلت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَلَا تخشوهم واخشون} قَالَ: فَلَا تخشوهم ان يظهروا عَلَيْكُم وَأخرج مُسلم عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الشَّيْطَان قد يئس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة الْعَرَب وَلَكِن فِي التحريش بَينهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان قد أيس أَن يعبد بأرضكم هَذِه وَلكنه رَاض مِنْكُم بِمَا تحقرون وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان قد يئس أَن تعبد الْأَصْنَام بِأَرْض الْعَرَب وَلَكِن سيرضى مِنْكُم بِدُونِ ذَلِك بالمحقرات وَهِي

الموبقات يَوْم الْقِيَامَة فَاتَّقُوا الْمَظَالِم مااستطعتم أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أخبر الله نبيه وَالْمُؤمنِينَ أَنه قد أكمل لَهُم الْإِيمَان فَلَا تحتاجون إِلَى زِيَادَة أبدا وَقد أتمه فَلَا ينقص أبدا وَقد رضيه فلايسخطه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} قَالَ: أخْلص الله لَهُم دينهم وَنفى الْمُشْركين عَن الْبَيْت قَالَ: وبلغنا أَنَّهَا أنزلت يَوْم عَرَفَة ووافقت يَوْم جُمُعَة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة يَوْم جُمُعَة حِين نفى الله الْمُشْركين عَن الْمَسْجِد الْحَرَام وأخلص للْمُسلمين حجهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ والمسلمون يحجون جَمِيعًا فَلَمَّا نزلت بَرَاءَة فنفي الْمُشْركُونَ عَن الْبَيْت الْحَرَام وَحج الْمُسلمُونَ لايشاركهم فِي الْبَيْت الْحَرَام أحد من الْمُشْركين فَكَانَ ذَلِك من تَمام النِّعْمَة وَهُوَ قَوْله {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} قَالَ: تَمام الْحَج وَنفي الْمُشْركين عَن الْبَيْت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ وَاقِف بِعَرَفَات وَقد أطاف بِهِ النَّاس وتهدمت منار الْجَاهِلِيَّة ومناسكهم واضمحل الشّرك وَلم يطف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلم يحجّ مَعَه فِي ذَلِك الْعَام مُشْرك فَأنْزل الله {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة وَهُوَ بِعَرَفَة {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} وَكَانَ إِذا أَعْجَبته آيَات جَعلهنَّ صدر السُّورَة قَالَ: وَكَانَ جِبْرِيل يعلم كَيفَ ينْسك وَأخرج الْحميدِي وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن طَارق بن شهَاب قَالَ قَالَت الْيَهُود لعمر: إِنَّكُم تقرأون آيَة فِي كتابكُمْ لَو علينا معشر الْيَهُود نزلت لاتّخذنا ذَلِك الْيَوْم عيداً قَالَ: وَأي آيَة قَالُوا {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي}

قَالَ عمر: وَالله إِنِّي لأعْلم الْيَوْم الَّذِي نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ والساعة الَّتِي نزلت فِيهَا نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَشِيَّة عَرَفَة فِي يَوْم جُمُعَة وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَعبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانُوا عِنْد عمر فَذكرُوا هَذِه الْآيَة فَقَالَ رجل من أهل الْكتاب: لَو علمنَا أَي يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة لاتخذناه عيداً فَقَالَ عمر: الْحَمد لله الَّذِي جعله لنا عيداً وَالْيَوْم الثَّانِي نزلت يَوْم عَرَفَة وَالْيَوْم الثَّانِي يَوْم النَّحْر فأكمل لنا الْأَمر فَعلمنَا أَن الْأَمر بعد ذَلِك فِي انتقاص وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عنترة قَالَ: لما نزلت {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} وَذَلِكَ يَوْم الْحَج الْأَكْبَر بَكَى عمر فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مايبكيك قَالَ: أبكاني أَنا كُنَّا فِي زِيَادَة من ديننَا فَأَما إِذْ كمل فَإِنَّهُ يكمل شَيْء قطّ إِلَّا نقص فَقَالَ: صدقت وَأخرج ابْن جرير عَن قبيصَة بن أبي ذُؤَيْب قَالَ: قَالَ كَعْب: لَو أَن غير هَذِه الْأمة نزلت عَلَيْهِم هَذِه الْآيَة لنظروا الْيَوْم الَّذِي أنزلت فِيهِ عَلَيْهِم فاتخذوه عيداً يَجْتَمعُونَ فِيهِ فَقَالَ عمر: وَأي آيَة ياكعب فَقَالَ {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} فَقَالَ عمر: لقد علمت الْيَوْم الَّذِي أنزلت وَالْمَكَان الَّذِي نزلت فِيهِ نزلت فِي يَوْم جُمُعَة وَيَوْم عَرَفَة وَكِلَاهُمَا بِحَمْد الله لنا عيد وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} فَقَالَ يَهُودِيّ: لَو نزلت هَذِه الْآيَة علينا لاتخذنا يَوْمهَا عيداً فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فَإِنَّهَا نزلت فِي يَوْم عيدين اثْنَيْنِ: فِي يَوْم جُمُعَة يَوْم عَرَفَة وَأخرج ابْن جرير عَن عِيسَى بن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الدِّيوَان فَقَالَ لنا نَصْرَانِيّ: ياأهل الْإِسْلَام لقد أنزلت عَلَيْكُم آيَة لَو أنزلت علينا لاتخذنا ذَلِك الْيَوْم وَتلك السَّاعَة عيدا مابقى منا اثْنَان {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} فَلم يجبهُ أحد منا فَلَقِيت مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ: ألارددتم عَلَيْهِ فَقَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: أنزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ وَاقِف على الْجَبَل يَوْم عَرَفَة فلايزال ذَلِك الْيَوْم عيد للْمُسلمين مابقي مِنْهُم أحد وَأخرج ابْن جرير عَن دَاوُد قَالَ: قلت لعامر الشّعبِيّ ان الْيَهُود تَقول كَيفَ لم

تحفظ الْعَرَب هَذَا الْيَوْم الَّذِي أكمل الله لَهَا دينهَا فِيهِ فَقَالَ عَامر: أَو مَا حفظته قلت لَهُ: فَأَي يَوْم هُوَ قَالَ: يَوْم عَرَفَة أنزل الله فِي يَوْم عَرَفَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ قَائِم عَشِيَّة عَرَفَة {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَمْرو بن قيس السكونِي أَنه سمع مُعَاوِيَة ابْن أبي سُفْيَان على الْمِنْبَر ينْزع بِهَذِهِ الْآيَة {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} حَتَّى خَتمهَا فَقَالَ: نزلت فِي يَوْم عَرَفَة فِي يَوْم جُمُعَة وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِعَرَفَة وَاقِف يَوْم الْجُمُعَة وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِعَرَفَة {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ولد نَبِيكُم يَوْم الِاثْنَيْنِ ونبأ يَوْم الِاثْنَيْنِ وَخرج من مَكَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَدخل الْمَدِينَة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَفتح مَكَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وأنزلت سُورَة الْمَائِدَة يَوْم الِاثْنَيْنِ {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} وَتُوفِّي يَوْم الِاثْنَيْنِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ لما نصب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا يَوْم غَدِير خم فَنَادَى لَهُ بِالْولَايَةِ هَبَط جِبْرِيل عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَة {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما كَانَ يَوْم غَدِير خم وَهُوَ يَوْم ثَمَانِي عشر من ذِي الْحجَّة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ فَأنْزل الله {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} قَالَ: هَذَا نزل يَوْم عَرَفَة فَلم ينزل بعْدهَا حرَام ولاحلال وَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَاتَ فَقَالَت أَسمَاء بنت عُمَيْس: حججْت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ الْحجَّة فَبَيْنَمَا نَحن نسير إِذْ تجلى لَهُ جِبْرِيل على الرَّاحِلَة فَلم تطق الرَّاحِلَة من ثقل ماعليها من الْقُرْآن فبركت فَأَتَيْته فسجيت عَلَيْهِ بردا كَانَ عليّ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ مكث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مانزلت هَذِه الْآيَة احدى وَثَمَانِينَ لَيْلَة قَوْله {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} أما قَوْله تَعَالَى: {ورضيت لكم الإِسلام دينا} أخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَنه يمثل لأهل كل دين دينهم يَوْم الْقِيَامَة فَأَما الْإِيمَان فيبشر أَصْحَابه وَأَهله ويعدهم إِلَى الْخَيْر حَتَّى يَجِيء الْإِسْلَام فَيَقُول: رب أَنْت السَّلَام وَأَنا الْإِسْلَام فَيَقُول: إياك الْيَوْم أقبل وَبِك الْيَوْم أجزي وَأخرج أَحْمد عَن عَلْقَمَة بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: حَدثنِي رجل قَالَ: كنت فِي مجْلِس عمر بن الْخطاب فَقَالَ عمر لرجل من الْقَوْم: كَيفَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينعَت الْإِسْلَام قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الْإِسْلَام بَدَأَ جذعاً ثمَّ ثنياً ثمَّ رباعياً ثمَّ سدسياً ثمَّ بازلاً قَالَ عمر: فَمَا بعد البزول إِلَّا النُّقْصَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن اضْطر} يَعْنِي إِلَى ماحرم مِمَّا سمي فِي صدر هَذِه السُّورَة {فِي مَخْمَصَة} يَعْنِي مجاعَة {غير متجانف لإثم} يَقُول: غير معتدٍ لإثم وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {فِي مَخْمَصَة} قَالَ: فِي مجاعَة وحهد قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: تبيتون فِي المشتى ملاء بطونكم وجاراتكم غرتي يبتن خمائصا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمن اضْطر فِي مَخْمَصَة غير متجانف لإثم} قَالَ: فِي مجاعَة غير متعرض لإثم وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: رخص للْمُضْطَر إِذا كَانَ غير متعمد لإثم أَن يَأْكُلهُ من جهد فَمن بغى أَو عدا أَو خرج فِي مَعْصِيّة الله فَإِنَّهُ محرم عَلَيْهِ أَن يَأْكُلهُ وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ أَنهم قَالُوا يارسول الله إِنَّا بِأَرْض تصيبنا بهَا المخمصة فَمَتَى تحل لنا الْميتَة قَالَ: إِذا لم تصطبحوا وَلم تغتبقوا وَلم تحتفئوا بقلاً فشأنكم بهَا

وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو دَاوُد عَن الفجيع العامري أَنه قَالَ يارسول الله مايحل لنا من الْميتَة فَقَالَ: ماطعامكم قُلْنَا: نغتبق ونصطبح قَالَ عقبَة: قدح غدْوَة وقدح عَشِيَّة قَالَ: ذَاك وأبى الْجُوع وَأحل لَهُم الْميتَة على هَذِه الْحَال وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا رويت أهلك من اللَّبن غبوقا فاجتنب مانهى الله عَنهُ من ميتَة

4

- قَوْله تَعَالَى: يَسْأَلُونَك مَاذَا أحل لَهُم قل أحل لكم الطَّيِّبَات وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح مكلبين تعلمونهن مِمَّا علمكُم الله فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم واذْكُرُوا اسْم الله عَلَيْهِ وَاتَّقوا الله إِن الله سريع الْحساب - أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي رَافع قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَأْذن عَلَيْهِ فَأذن لَهُ فَأَبْطَأَ فَأخذ رِدَاءَهُ فَخرج فَقَالَ: قد أذنا لَك قَالَ: أجل وَلَكنَّا لاندخل بَيْتا فِيهِ كلب ولاصورة فنظروا فَإِذا فِي بعض بُيُوتهم جرو قَالَ أَبُو رَافع: فَأمرنِي أَن أقتل كل كلب بِالْمَدِينَةِ فَفعلت وجاءالناس فَقَالُوا: يارسول الله مَاذَا يحل لنا من هَذِه الْأمة الَّتِي أمرت بقتلها فَسكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك مَاذَا أحل لَهُم قل أحل لكم الطَّيِّبَات وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح مكلبين} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أرسل الرجل كَلْبه وَذكر اسْم الله فَأمْسك عَلَيْهِ فَليَأْكُل مالم يَأْكُل وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا رَافع فِي قتل الْكلاب فَقتل حَتَّى بلغ العوالي فَدخل عَاصِم بن عدي وَسعد بن خَيْثَمَة وعويم بن سَاعِدَة فَقَالُوا: مَاذَا أحل لنا يارسول الله فَنزلت {يَسْأَلُونَك مَاذَا أحل لَهُم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ لما أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتل الْكلاب قَالُوا: يارسول الله مَاذَا أحل لنا من هَذِه الْأمة فَنزلت {يَسْأَلُونَك مَاذَا أحل لَهُم} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير أَن عدي بن حَاتِم وَزيد بن المهلهل

الطائيين سَأَلَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَا: يارسول الله قد حرم اللخ الْميتَة فَمَاذَا يحل لنا فَنزلت {يَسْأَلُونَك مَاذَا أحل لَهُم قل أحل لكم الطَّيِّبَات} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَامر أَن عدي بن حَاتِم الطَّائِي أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن صيد الْكلاب فَلم يدر مايقول لَهُ حَتَّى أنزل الله عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة فِي الْمَائِدَة {تعلمونهن مِمَّا علمكُم الله} وَأخرج ابْن جرير عَن رعوة بن الزبير عَمَّن حَدثهُ أَن رجلا من الْأَعْرَاب أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستفتيه فِي الَّذِي حرم الله عَلَيْهِ وَالَّذِي أحل لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يحل لَك الطَّيِّبَات وَيحرم عَلَيْك الْخَبَائِث إِلَّا ان تفتقرالى طَعَام لَك فتأكل مِنْهُ حَتَّى تَسْتَغْنِي عَنهُ فَقَالَ الرجل: ومافقري الَّذِي يحل لي وَمَا غناي الَّذِي يغنيني عَن ذَلِك قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كنت ترجو نتاجاً فتبلغ من لُحُوم ماشيتك إِلَى نتاجك أَو كنت ترجو غنى تطلبه فتبلغ من ذَلِك شَيْئا فاطعم أهلك مابدا لَك حَتَّى تَسْتَغْنِي عَنهُ فَقَالَ الْأَعرَابِي: ماغناي الَّذِي أَدَعهُ إِذا وجدته فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أرويت أهلك غبوقاً من اللَّيْل فاجتنب ماحرم الله عَلَيْك من طَعَام وَأما مَالك فَإِنَّهُ ميسور كُله لَيْسَ فِيهِ حرَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن صَفْوَان بن أُميَّة أَن عرفطة بن نهيك التَّمِيمِي قَالَ: يارسول الله إِنِّي وَأهل بَيْتِي يرْزقُونَ من هَذَا الصَّيْد وَلنَا فِيهِ قسم وبركة وَهُوَ مشغلة عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فِي جمَاعَة وبنا اليه حَاجَة أفتحله أم أحرمهُ قَالَ: أحله لِأَن الله قد أحله نعم الْعَمَل وَالله أولى بالعذر قد كَانَت قبلي لله رسل كلهم يصطادون وَيطْلبُونَ الصَّيْد وَيَكْفِيك من الصَّلَاة فِي جمَاعَة إِذا غبت غبت عَنْهَا فِي طلب الرزق حبك الْجَمَاعَة وَأَهْلهَا وحبك ذكر الله وَأَهله وابتغ على نَفسك وَعِيَالك حَلَالا فَإِن فِي ذَلِك جِهَاد فِي سَبِيل الله وَاعْلَم أَن عون الله فِي صَالح التُّجَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح مكلبين} قَالَ: هِيَ الْكلاب المعلمة والبازي يعلم الصَّيْد والجوارح يَعْنِي: الْكلاب والفهود والصقور وأشباهها والمكلبين الضوراي {فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم} يَقُول: كلوا مِمَّا قتلن فَإِن قتل وَأكل فَلَا تَأْكُل {واذْكُرُوا اسْم الله عَلَيْهِ} يَقُول: إِذا أرْسلت جوارحك فَقل بِسم الله وَإِن نسيت فَلَا حرج

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {من الْجَوَارِح مكلبين} قَالَ: الطير وَالْكلاب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {من الْجَوَارِح مكلبين} قَالَ: يكالبن الصَّيْد {فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم} قَالَ: إِذا أرْسلت كلبك أَو طائرك أَو سهمك فَذكرت اسْم الله فَأمْسك أَو قتل فَكل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس: فِي الْمُسلم يَأْخُذ كلب الْمَجُوسِيّ الْمعلم أَو بازه أَو صقره مِمَّا علمه الْمَجُوسِيّ فيرسله فَيَأْخذهُ قَالَ: لايأكله وَإِن سميت لِأَنَّهُ من تَعْلِيم الْمَجُوسِيّ وَإِنَّمَا قَالَ {تعلمونهن مِمَّا علمكُم الله} وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح} قَالَ: كُلّ مَا {تعلمونهن مِمَّا علمكُم الله} قَالَ: تعلمونهن من الطّلب كَمَا علمكُم الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا الْمعلم من الْكلاب أَن يمسك صَيْده فلايأكل كل مِنْهُ حَتَّى يَأْتِيهِ صَاحبه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أكل الْكَلْب فلاتأكل فَإِنَّمَا أمسك على نَفسه وَأخرج ابْن جرير عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن صيد الْبَازِي قَالَ: ماأمسك عَلَيْك فَكل وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ قلت: يارسول الله إِنِّي أرسل الْكلاب المعلمة وَاذْكُر اسْم الله فَقَالَ: إِذا أرْسلت كلبك الْمعلم وَذكرت اسْم الله فَكل ماأمسكن عَلَيْك قلت: وَإِن قتلن قَالَ: وَإِن قتلن مَا لم يشركها كلب لَيْسَ مِنْهَا فَإنَّك إِنَّمَا سميت على كلبك وَلم تسمِّ على غَيره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: قلت يارسول الله إِنَّا قوم نصيد بالكلاب والبزاة فَمَا يحل لنا مِنْهَا قَالَ: يحل لكم {وَمَا علمْتُم من الْجَوَارِح مكلبين تعلمونهن مِمَّا علمكُم الله فَكُلُوا مِمَّا أمسكن عَلَيْكُم واذْكُرُوا اسْم الله عَلَيْهِ} ثمَّ قَالَ: مَا أرْسلت من كلب وَذكرت اسْم الله فَكل مَا أمسك عَلَيْك قلت: وَإِن قتل قَالَ: وَإِن قتل مالم يَأْكُل هُوَ الَّذِي أمسك قلت: إِنَّا قوم نرمي فَمَا يحل لنا قَالَ: ماذكرت اسْم الله وخزقت فَكل وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ بن الحكم أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَ ابْن عَبَّاس

فَقَالَ: أَرَأَيْت إِذا أرْسلت كَلْبِي وَسميت فَقتل الصَّيْد آكله قَالَ: نعم قَالَ نَافِع: يَقُول الله {إِلَّا مَا ذكيتم} تَقول أَنْت: وَإِن قتل قَالَ: وَيحك ياابن الْأَزْرَق أَرَأَيْت لَو أمسك على سنور فأدركت ذَكَاته أَكَانَ يكون على يأس وَالله إِنِّي لأعْلم فِي أَي كلاب نزلت: فِي كلاب نَبهَان من طي وَيحك ياابن الْأَزْرَق لَيَكُونن لَك نبأ وَأخرج عبد بن حميد عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماأمسك عَلَيْك الَّذِي لَيْسَ بمكلب فأدركت ذَكَاته فَكل وَإِن لم تدْرك ذَكَاته فَلَا تَأْكُل وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أكل الْكَلْب فَلَا تَأْكُل وَإِذا أكل الصَّقْر فَكل لِأَن الْكَلْب تَسْتَطِيع أَن تضربه والصقر لاتستطيع وَأخرج عبد بن حميد عَن عُرْوَة أَنه سُئِلَ عَن الْغُرَاب أَمن الطَّيِّبَات هُوَ قَالَ: من أَيْن يكون من الطَّيِّبَات وَسَماهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسِقًا

5

- قَوْله تَعَالَى: الْيَوْم أحل لكم الطَّيِّبَات وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم وطعامكم حل لَهُم وَالْمُحصنَات من الْمُؤْمِنَات وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ محصنين غير مسافحين وَلَا متخذي أخدان وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين - أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب} قَالَ: ذَبَائِحهم وَفِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} قَالَ: حل لكم {إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ} يَعْنِي مهورهن {محصنين} يَعْنِي تنكحوهن بِالْمهْرِ وَالْبَيِّنَة {غير مسافحين} غير معلنين بِالزِّنَا {وَلَا متخذات أخدان} يَعْنِي يسررن بِالزِّنَا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم} قَالَ: ذبيحتهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب} قَالَ: ذَبَائِحهم

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من الْمُؤْمِنَات وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} قَالَ: أحل الله لنا محصنتين: مُحصنَة مُؤمنَة ومحصنة من أهل الْكتاب نساؤنا عَلَيْهِم حرَام وَنِسَاؤُهُمْ لنا حَلَال وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نتزوج نسَاء أهل الْكتاب ولايتزوجون نِسَاءَنَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: الْمُسلم يتَزَوَّج النَّصْرَانِيَّة ولايتزوج النَّصْرَانِي الْمسلمَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: أحل لنا طعامهم وَنِسَاؤُهُمْ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا أحلّت ذَبَائِح الْيَهُود وَالنَّصَارَى من أجل أَنهم آمنُوا بِالتَّوْرَاةِ والإِنجيل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} قَالَ: من الْحَرَائِر وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} قَالَ: من العفائف وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} قَالَ: الَّتِي أحصنت فرجهَا وَاغْتَسَلت من الْجَنَابَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله أَنه سُئِلَ عَن نِكَاح الْمُسلم الْيَهُودِيَّة والنصرانية فَقَالَ: تزوجناهن زمن الْفَتْح وَنحن لانكاد نجد المسلمات كثيرا فَلَمَّا رَجعْنَا طلقناهن قَالَ: ونساؤهن لنا حل وَنِسَاؤُنَا عَلَيْهِم حرَام وَأخرج عبد بن حميد عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن نسَاء أهل الْكتاب فَتلا عليّ هَذِه الْآيَة {وَالْمُحصنَات من الْمُؤْمِنَات وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ} {وَلَا تنْكِحُوا المشركات} الْبَقَرَة الْآيَة 221 وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَنه سُئِلَ: أيتزوج الرجل الْمَرْأَة من أهل الْكتاب قَالَ: مَاله وَلأَهل الْكتاب وَقد أَكثر الله المسلمات فَإِن كَانَ لابد فَاعِلا فليعهد إِلَيْهَا حصاناً غير مسافحة قَالَ الرجل: وَمَا المسافحة قَالَ: هِيَ الَّتِي إِذا ألمح اليها الرجل بِعَيْنِه تَبعته

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا متخذي أخدان} قَالَ: ذُو الخدن والخلية الْوَاحِدَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجَالًا قَالُوا: كَيفَ نتزوج نِسَاءَهُمْ وهم على دين وَنحن على دين فَأنْزل الله {وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله} قَالَ: لاوالله لايقبل الله عملا إِلَّا بِالْإِيمَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله} قَالَ: أخبرالله أَن الْإِيمَان هُوَ العروة الوثقى وَأَنه لايقبل عملا إِلَّا بِهِ ولايحرم الْجنَّة إِلَّا على من تَركه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْنَاف النِّسَاء الاماكان من الْمُؤْمِنَات الْمُهَاجِرَات وَحرم كل ذَات دين غير الْإِسْلَام قَالَ الله تَعَالَى {وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله}

6

- قَوْله تَعَالَى: ياأيها الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط أَو لامستم النِّسَاء فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مايريد الله ليجعل عَلَيْكُم من حرج وَلَكِن يُرِيد ليطهركم وليتم نعْمَته عَلَيْكُم لَعَلَّكُمْ تشكرون - أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن عَلْقَمَة بن صَفْوَان قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أراق الْبَوْل نكلمه فَلَا يُكَلِّمنَا ونسلم عَلَيْهِ فَلَا يرد علينا حَتَّى يَأْتِي أَهله فيتوضأ كوضوئه للصَّلَاة فَقُلْنَا: يارسول الله نكلمك فَلَا تكلمنا ونسلم عَلَيْك فَلَا ترد علينا حَتَّى نزلت آيَة الرُّخْصَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} الْآيَة وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ عِنْد كل صَلَاة فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْفَتْح تَوَضَّأ وَمسح على خفيه وَصلى الصَّلَوَات بِوضُوء وَاحِد فَقَالَ لَهُ عمر: يارسول الله إِنَّك فعلت شَيْئا لم تكن تَفْعَلهُ قَالَ: إِنِّي عمدا فعلت ياعمر

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج إِلَى الْخَلَاء فَقدم إِلَيْهِ طَعَام فَقَالُوا: أَلا نَأْتِيك بِوضُوء فَقَالَ: إِنَّمَا أمرت بِالْوضُوءِ إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن حَنْظَلَة بن الغسيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِالْوضُوءِ لكل صَلَاة طَاهِرا كَانَ أوغير طَاهِر فَلَمَّا شقّ ذَلِك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِالسِّوَاكِ عِنْد كل صَلَاة وَوضع عَنهُ الْوضُوء إِلَّا من حدث وَأخرج ابْن جرير والنحاس فِي ناسخه عَن عَليّ أَنه كَانَ يتَوَضَّأ عِنْد كل صَلَاة وَيقْرَأ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} الْآيَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن رِفَاعَة بن رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للمسيء صلَاته: إِنَّهَا لاتتم صَلَاة أحدكُم حَتَّى يسبغ الْوضُوء كَمَا أمره الله يغسل وَجهه وَيَديه إِلَى الْمرْفقين وَيمْسَح بِرَأْسِهِ وَرجلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم والنحاس أَن معنى هَذِه الْآيَة {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} الْآيَة إِن ذَلِك إِذا قُمْتُم من الْمضَاجِع يَعْنِي النّوم وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ مثله وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة} يَقُول: قُمْتُم وَأَنْتُم على غير طهر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن فِي قَوْله {فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ} قَالَ: ذَلِك الْغسْل الدَّلْك وَأخرج الدَّارقطني وَالْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنهمَا عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَوَضَّأ أدَار المَاء على مرفقيه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَلْحَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ فَمسح رَأسه هَكَذَا وأمرَّ حَفْص بيدَيْهِ على رَأسه حَتَّى مسح قَفاهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ فَمسح بناصيته وعَلى الْعِمَامَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر

وَابْن أبي حَاتِم والنحاس عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا (وأرجلكم) بِالنّصب يَقُول رجعت إِلَى الْغسْل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ أَنه قَرَأَ (وأرجلكم) قَالَ: عَاد إِلَى الْغسْل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والنحاس عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) بِالنّصب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة أَنه كَانَ يقْرَأ (وأرجلكم) يَقُول: رَجَعَ الْأَمر إِلَى الْغسْل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة أَن ابْن مَسْعُود قَالَ: رَجَعَ قَوْله إِلَى غسل الْقَدَمَيْنِ فِي قَوْله {وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ: قَرَأَ الْحسن وَالْحُسَيْن {وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ} فَسمع عَليّ ذَلِك وَكَانَ يقْضِي بَين النَّاس فَقَالَ: أَرْجُلكُم هَذَا من الْمُقدم والمؤخر فِي الْكَلَام وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أنس أَنه قَرَأَ (وأرجلكم) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} قَالَ: هُوَ الْمسْح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَبى النَّاس إِلَّا الْغسْل وَلَا أجد فِي كتاب الله إِلَّا الْمسْح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْوضُوء غسلتان ومسحتان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: افْترض الله غسلتين ومسحتين ألاترى أَنه ذكر التَّيَمُّم فَجعل مَكَان الغسلتين مسحتين وَترك المسحتين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة مثله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أنس أَنه قيل لَهُ: إِن الْحجَّاج خَطَبنَا فَقَالَ: اغسلوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم وَأَنه لَيْسَ شَيْء من ابْن آدم أقرب إِلَى الْخبث من قَدَمَيْهِ فَاغْسِلُوا بطونهما وَظُهُورهمَا

وعراقيبهما فَقَالَ أنس: صدق الله وَكذب الْحجَّاج قَالَ الله {وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} وَكَانَ أنس إِذا مسح قَدَمَيْهِ بلهما وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزل جِبْرِيل بِالْمَسْحِ على الْقَدَمَيْنِ أَلا ترى أَن التَّيَمُّم أَن يمسح ماكان غسلا ويلقى ماكان مسحاً وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش والنحاس عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزل الْقُرْآن بِالْمَسْحِ وَجَرت السُّنة بِالْغسْلِ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانُوا يقرؤونها {برؤوسكم وأرجلكم} بالخفض وَكَانُوا يغسلون وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: اجْتمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على غسل الْقَدَمَيْنِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الحكم قَالَ: مَضَت السّنة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُسْلِمين بِغسْل الْقَدَمَيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: لم أرَ أحدا يمسح الْقَدَمَيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن أنس قَالَ: نزل الْقُرْآن بِالْمَسْحِ وَالسّنة بِالْغسْلِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن الْبَراء بن عَازِب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يزل يمسح على الْخُفَّيْنِ قبل نزُول الْمَائِدَة وَبعدهَا حَتَّى قَبضه الله عزوجل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أَنه قَالَ: ذكر الْمسْح على الْقَدَمَيْنِ عِنْد عمر وَسعد وَعبد الله بن عمر فَقَالَ: عمر: سعد أفقه مِنْك فَقَالَ عمر ياسعد انا لاننكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح وَلَكِن هَل مسح مُنْذُ أنزلت سُورَة الْمَائِدَة فَإِنَّهَا أحكمت كل شَيْء وَكَانَت آخر سُورَة نزلت من الْقُرْآن إِلَّا بَرَاءَة قَالَ: فَلم يتَكَلَّم أحد وَأخرج أَبُو الْحسن بن صَخْر فِي الهاشميات بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نزل بهَا جِبْرِيل على ابْن عمي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} قَالَ لَهُ: اجْعَلْهَا بَينهمَا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ وَاللَّفْظ لَهُ عَن جرير أَنه بَال ثمَّ تَوَضَّأ وَمسح على

الْخُفَّيْنِ قَالَ: مايمنعني أَن أَمسَح وَقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح قَالُوا: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك قبل نزُول الْمَائِدَة قَالَ: ماأسلمت إلابعد نزُول الْمَائِدَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن جرير بن عبد الله قَالَ قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد نزُول الْمَائِدَة فرأيته يمسح على الْخُفَّيْنِ وَأخرج ابْن عدي عَن بِلَال قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: امسحوا على الْخُفَّيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن الْقَاسِم بن الْفضل الْحدانِي قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَر: من الْكَعْبَيْنِ فَقَالَ الْقَوْم: هَهُنَا فَقَالَ: هَذَا رَأس السَّاق وَلَكِن الْكَعْبَيْنِ هما عِنْد الْمفصل أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا} يَقُول: فاغتسلوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ رجل جيد الثِّيَاب طيب الرّيح حسن الْوَجْه فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يارسول الله فَقَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام قَالَ أدنو مِنْك قَالَ: نعم فَدَنَا حَتَّى ألصق ركبته بركبة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: يارسول الله ماالاسلام قَالَ: تقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتصوم رَمَضَان وتحج إِلَى بَيت الله الْحَرَام وتغتسل من الْجَنَابَة قَالَ: صدقت فَقُلْنَا: مارأينا كَالْيَوْمِ قطّ رجلا - وَالله - لكأنه يعلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد عَن وهب الذمارِي قَالَ: مَكْتُوب فِي الزبُور من اغْتسل من الْجَنَابَة فَإِنَّهُ عَبدِي حَقًا وَمن لم يغْتَسل من الْجَنَابَة فَإِنَّهُ عدوي حَقًا أما قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كُنْتُم مرضى} الْآيَة أخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: احْتَلَمَ رجل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مجذوم فغسلوه فَمَاتَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَتَلُوهُ قَتلهمْ الله ضيعوه ضيعهم الله وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يطوف بِالْبَيْتِ بَعْدَمَا ذهب بَصَره وَسمع قوما يذكرُونَ المجامعة وَالْمُلَامَسَة والرفث ولايدرون مَعْنَاهُ وَاحِد أم شَتَّى فَقَالَ: الله أنزل الْقُرْآن بلغَة كل حَيّ من أَحيَاء الْعَرَب فَمَا كَانَ مِنْهُ

لايستحي النَّاس من ذكره فقد عناه وَمَا كَانَ مِنْهُ يستحي النَّاس فقد كناه وَالْعرب يعْرفُونَ مَعْنَاهُ لِأَن المجامعة وَالْمُلَامَسَة والرفث وَوضع أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ ثمَّ قَالَ: أَلا هُوَ النيك وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {أَو لامستم النِّسَاء} قَالَ: أَو جامعتم النِّسَاء وهذيل تَقول اللَّمْس بِالْيَدِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة وَهُوَ يَقُول: يلمس الاحلاس فِي منزله بيدَيْهِ كاليهودي المصل وَقَالَ الْأَعْشَى: ودارعة صفراء بالطيب عندنَا للمس الندى مَا فِي يَد الدرْع منتق وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} قَالَ: إِن أعياك المَاء فلايعييك الصَّعِيد أَن تضع فِيهِ كفيك ثمَّ تنفضهما فتمسح بهما يَديك ووجهك لاتعدو ذَلِك لغسل جَنَابَة وَلَا لوضوء صَلَاة وَمن تيَمّم بالصعيد فصلى ثمَّ قدر على المَاء فَعَلَيهِ الْغسْل وَقد مَضَت صلَاته الَّتِي كَانَ صلاهَا وَمن كَانَ مَعَه مَاء قَلِيل وخشي على نَفسه الظمأ فليتيمم الصَّعِيد ويتبلغ بمائه فَإِنَّهُ كَانَ يُؤمر بذلك وَالله أعذر بالعذر وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة قَالَت: سَقَطت قلادة لي بِالْبَيْدَاءِ وَنحن داخلون الْمَدِينَة فَأَنَاخَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وثنى رَأسه فِي حجري رَاقِدًا وَأَقْبل أَبُو بكر فلكزني لكزة شَدِيدَة وَقَالَ: حبست النَّاس فِي قلادة فَبِي الْمَوْت لمَكَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أوجعني ثمَّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَيْقَظَ وَحَضَرت الصُّبْح فالتمس المَاء فَلم يُوجد فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم} الْآيَة فَقَالَ أسيد بن الْحضير: لقد بَارك الله فِيكُم ياآل أبي بكر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَابْن مَاجَه عَن عمار بن يَاسر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرس باولات الْجَيْش وَمَعَهُ عَائِشَة فَانْقَطع عقد لَهَا من جزع ظفار فَجَلَسَ ابْتِغَاء عقدهَا ذَلِك حَتَّى أَضَاء الْفجْر وَلَيْسَ مَعَ النَّاس مَاء فَأنْزل الله على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخصَة الطُّهْر بالصعيد الطّيب فَقَامَ الْمُسلمُونَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضربُوا بِأَيْدِيهِم إِلَى المناكب من بطُون أَيْديهم إِلَى الابط

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {من حرج} قَالَ: من ضيق وَأخرج مَالك وَمُسلم وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا تَوَضَّأ العَبْد الْمُسلم فَغسل وَجهه خرج من وَجهه كل خَطِيئَة بطشتها يَدَاهُ مَعَ المَاء أَو مَعَ آخر قطر المَاء حَتَّى يخرج نقياً من الذُّنُوب وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَن عبد الله بن دارة عَن حمْرَان مولى عُثْمَان عَن عُثْمَان بن عَفَّان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ماتوضأ عبد فأسبغ وضوءه ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة إِلَّا غفر لَهُ مابينه وَبَين الصَّلَاة الْأُخْرَى قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: وَكنت إِذا سَمِعت الحَدِيث عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التمسته فِي الْقُرْآن فَالْتمست هَذَا فَوَجَدته {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر وَيتم نعْمَته عَلَيْك} الْبَقَرَة الْآيَة 221 فَعرفت أَن الله لم يتم عَلَيْهِ النِّعْمَة حَتَّى غفر لَهُ ذنُوبه ثمَّ قَرَأت الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم} حَتَّى بلغ {وَلَكِن يُرِيد ليطهركم وليتم نعْمَته عَلَيْكُم} فَعرفت أَن الله لم يتم النِّعْمَة عَلَيْهِم حَتَّى غفر لَهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة من أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَوَضَّأ الرجل الْمُسلم خرجت ذنُوبه من سَمعه وبصره وَيَديه وَرجلَيْهِ فَإِن جاس جلس مغفوراً لَهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد صَحِيح عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تمضمض أحدكُم حط ماأصاب بِفِيهِ وَإِذا غسل وَجهه حط ماأصاب بِوَجْهِهِ وَإِذا غسل يَدَيْهِ حط ماأصاب بيدَيْهِ وَإِذا مسح رَأسه تناثرت خطاياه من أصُول الشّعْر وَإِذا غسل قَدَمَيْهِ حط ماأصاب برجليه وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا رجل قَامَ إِلَى وضوئِهِ يُرِيد الصَّلَاة فَغسل كفيه نزلت كل خَطِيئَة من كفيه فَإِذا مضمض واستنشق واستنثر نزلت خطيئته من لِسَانه وشفتيه مَعَ أول قَطْرَة فاذ غسل

وَجهه نزلت كل خَطِيئَة من سَمعه وبصره مَعَ أول قَطْرَة وَإِذا غسل يَدَيْهِ إِلَى الْمرْفقين وَرجلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ سلم من كل ذَنْب كَهَيْئَته يَوْم وَلدته أمه فَإِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة رفع الله دَرَجَته وَإِن قعد قعد سالما وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من تَوَضَّأ فأسبغ الْوضُوء غسل يَدَيْهِ وَوَجهه وَمسح على رَأسه وَأُذُنَيْهِ ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة غفر لَهُ ذَلِك الْيَوْم مامشت رجله وقبضت عَلَيْهِ يَدَاهُ وَسمعت إِلَيْهِ أذنَاهُ وَنظرت إِلَيْهِ عَيناهُ وَحدث بِهِ نَفسه من سوء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من مُسلم يتَوَضَّأ فَيغسل يَدَيْهِ ويمضمض فَاه وَيتَوَضَّأ كَمَا أَمر الاحط عَنهُ ماأصاب يَوْمئِذٍ مانطق بِهِ فَمه وَمَا مس بيدَيْهِ وَمَا مَشى إِلَيْهِ حَتَّى أَن الْخَطَايَا لتتحادر من أَطْرَافه ثمَّ هُوَ إِذا مَشى إِلَى الْمَسْجِد فرِجل تكْتب حَسَنَة وَأُخْرَى تمحو سَيِّئَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ثَعْلَبَة بن عباد عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مامن عبد يتَوَضَّأ فَيحسن الْوضُوء فَيغسل وَجهه حَتَّى يسيل المَاء على ذقنه ثمَّ يغسل ذِرَاعَيْهِ حَتَّى يسيل المَاء على مرفقيه ثمَّ يغسل رجلَيْهِ حَتَّى يسيل المَاء من كعبيه ثمَّ يقوم فَيصَلي الاغفر الله ماسلف من ذَنبه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مُسلم يتَوَضَّأ للصَّلَاة فيمضمض إلاخرج مَعَ قطر المَاء كل سَيِّئَة تكلم بهَا لِسَانه ولايستنشق الاخرج مَعَ قطر المَاء كل سَيِّئَة نظر إِلَيْهَا بهما ولايغسل شَيْئا من يَدَيْهِ إلاّ خرج مَعَ قطر المَاء كل سَيِّئَة مَشى بهما إِلَيْهَا فَإِذا خرج إِلَى الْمَسْجِد كتب لَهُ بِكُل خطْوَة خطاها حَسَنَة ومحا بهَا عَنهُ سَيِّئَة حَتَّى يَأْتِي مقَامه وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: قلت يارسول الله أَخْبرنِي عَن الْوضُوء فَقَالَ: مامنكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويمج ثمَّ يستنشق وينثر إِلَّا جرت خَطَايَا فِيهِ وخياشيمه مَعَ المَاء ثمَّ يغسل وَجهه كَمَا أمره الله إِلَّا جرت خَطَايَا وَجهه من أَطْرَاف لحيته مَعَ المَاء ثمَّ يغسل يَدَيْهِ إِلَى الْمرْفقين إِلَّا جرت خَطَايَا يَدَيْهِ بَين أَطْرَاف أنامله ثمَّ يمسح رَأسه كَمَا أمره الله الاجرت خَطَايَا رَأسه من أَطْرَاف شعره مَعَ المَاء ثمَّ يغسل قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ كَمَا أمره الله إِلَّا جرت

خَطَايَا قَدَمَيْهِ من أَطْرَاف أَصَابِعه مَعَ المَاء ثمَّ يقوم فيحمد الله ويثني عَلَيْهِ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أهل ثمَّ يرْكَع رَكْعَتَيْنِ إِلَّا انْصَرف من ذنُوبه كَهَيْئَته يَوْم وَلدته أمة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَيتم نعْمَته عَلَيْك} قَالَ: تَمام النِّعْمَة دُخُول الْجنَّة لم تتمّ نعْمَته على عبد لم يدْخل الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالتِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات والخطيب عَن معَاذ بن جبل قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الصَّبْر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَأَلت الْبلَاء فَاسْأَلْهُ المعافاة وَمر على رجل وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك تَمام النِّعْمَة قَالَ: ياابن آدم هَل تَدْرِي ماتمام النِّعْمَة قَالَ: يارسول الله دَعْوَة دَعَوْت بهَا رَجَاء الْخَيْر قَالَ: تَمام النِّعْمَة دُخُول الْجنَّة والفوز من النَّار وَمر على رجل وَهُوَ يَقُول: يَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام فَقَالَ: قد اسْتُجِيبَ لَك فسل وَأخرج ابْن عدي عَن أبي مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتتم على عبد نعْمَة إِلَّا بِالْجنَّةِ

7

- قَوْله تَعَالَى: واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم وميثاقه الَّذِي واثقكم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سمعنَا وأطعنا وَاتَّقوا الله إِن الله عليم بِذَات الصُّدُور - أخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم وميثاقه الَّذِي واثقكم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سمعنَا وأطعنا} حَتَّى ختم بعث الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنزل عَلَيْهِ الْكتاب قَالُوا: آمنا بِالنَّبِيِّ وَالْكتاب وأقررنا بِمَا فِي التَّوْرَاة فأذكرهم الله ميثاقه الَّذِي أقرُّوا بِهِ على أنفسهم وَأمرهمْ بِالْوَفَاءِ بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم} قَالَ: النعم آلَاء الله وميثاقه الَّذِي واثقكم بِهِ قَالَ: الَّذِي واثق بِهِ بني آدم فِي ظهر آدم عَلَيْهِ السَّلَام

8

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا قوّامين لله شُهَدَاء بِالْقِسْطِ ولايجرمنكم شنآن قوم على أَلا تعدلوا اعدلوا هُوَ أقرب للتقوى

وَاتَّقوا الله إِن الله خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ وعد الله الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لَهُم مغْفرَة وَأجر عَظِيم وَالَّذين كفرُوا وكذبوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجَحِيم - أخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن عبد الله بن كثير فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا قوّامين لله شُهَدَاء بِالْقِسْطِ} الْآيَة نزلت فِي يهود خَيْبَر ذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليستعينهم فِي دِيَة فَهموا ليقتلوه فَذَلِك قَوْله {وَلَا يجرمنكم شنآن قوم على أَلا تعدلوا} الْآيَة وَالله أعلم

11

- قَوْله يعالى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم فكفَّ أَيْديهم عَنْكُم وَاتَّقوا الله وعَلى الله فَليَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ - أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل منزلا فَتفرق النَّاس فِي العضاه يَسْتَظِلُّونَ تحتهَا فعلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلاحه بشجرة فجَاء أَعْرَابِي إِلَى سَيْفه فَأَخذه فَسَلَّهُ ثمَّ أقبل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: من يمنعك مني قَالَ: الله قَالَ الْأَعرَابِي: مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثَة من يمنعك مني وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الله فَشَام الْأَعرَابِي السَّيْف فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه فَأخْبرهُم بصنيع الْأَعرَابِي وَهُوَ جَالس إِلَى جنبه لم يُعَاقِبهُ قَالَ معمر: وَكَانَ قَتَادَة يذكر نَحْو هَذَا وَيذكر أَن قوما من الْعَرَب أَرَادوا أَن يفتكوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأرسلوا هَذَا الْأَعرَابِي ويتألوا {اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم} الْآيَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ: قَاتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محَارب خصفة بِنَخْل فَرَأَوْا من الْمُسلمين غرَّة فجَاء رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ غورث بن الْحَارِث قَامَ على رَأس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: من يمنعك قَالَ: الله فَوَقع السَّيْف من يَده فَأَخذه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: من يمنعك قَالَ: كن خيرا آخذ قَالَ: تشهد أَن

لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله قَالَ: أعاهدك أَن لَا أقاتلك وَلَا أكون مَعَ قوم يقاتلونك فخلى سَبيله فجَاء إِلَى قومه فَقَالَ: جِئتُكُمْ من عِنْد خير النَّاس فَلَمَّا حضرت الصَّلَاة صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الْخَوْف فَكَانَ النَّاس طائفتين: طَائِفَة بِإِزَاءِ الْعَدو وَطَائِفَة تصلي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانصرفوا فَكَانُوا مَوضِع الَّذين بِإِزَاءِ عدوهم وَجَاء أُولَئِكَ فصلى بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ فَكَانَ للنَّاس رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَلِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع رَكْعَات وَأخرج ابْن إِسْحَق وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْحسن أَن رجلا من محَارب يُقَال لَهُ غورث بن الْحَارِث قَالَ لِقَوْمِهِ: أقتل لكم مُحَمَّدًا قَالُوا لَهُ: كَيفَ تقتله فَقَالَ: أفتك بِهِ فَأقبل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس وسيفه فِي حجره فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أنظر إِلَى سَيْفك هَذَا قَالَ: نعم فَأَخذه فاستله وَجعل يهزه ويهم فيكبته الله فَقَالَ: يَا مُحَمَّد مَا تخافني وَفِي يَدي السَّيْف ورده إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم فكفَّ أَيْديهم عَنْكُم} الْآيَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عَطاء وَالضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي حِين انْصَرف من بِئْر مَعُونَة لَقِي رجلَيْنِ كلابيين مَعَهُمَا أَمَان من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَتَلَهُمَا وَلم يعلم أم مَعَهُمَا أَمَانًا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني النَّضِير وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعلي فَتَلقاهُ بَنو النَّضِير فَقَالُوا: مرْحَبًا يَا أَبَا الْقَاسِم لماذا جِئْت قَالَ: رجل من أَصْحَابِي قتل رجلَيْنِ من بني كلاب مَعَهُمَا أَمَان مني طلب مني دِيَتهمَا فَأُرِيد أَن تُعِينُونِي قَالُوا: نعم أقعد حَتَّى نجمع لَك فَقعدَ تَحت الْحصن وَأَبُو بكر وَعمر وَعلي وَقد تآمر بَنو النَّضِير أَن يطْرَحُوا عَلَيْهِ حجرا فجَاء جِبْرِيل فاخبره بِمَا هموا بِهِ فَقَامَ بِمن مَعَه وَأنزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم} الْآيَة وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس نَحوه وَأخرج أَيْضا عَن عُرْوَة وَزَاد بعد نزُول الْآيَة وَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإجلائهم لما أَرَادوا فَأَمرهمْ أَن يخرجُوا من دِيَارهمْ قَالُوا: إِلَى أَيْن قَالَ: إِلَى الْحَشْر وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَعبد الله بن أبي بكر قَالَا: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني النَّضِير يَسْتَعِينهُمْ على دِيَة الْعَامِرِيين

اللَّذين قَتلهمَا عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي فَلَمَّا جَاءَهُم خلا بَعضهم بِبَعْض فَقَالُوا: إِنَّكُم لن تَجدوا مُحَمَّدًا أقرب مِنْهُ الْآن فَمروا رجلا يظْهر على هَذَا الْبَيْت فيطرح عَلَيْهِ صَخْرَة فَيُرِيحنَا مِنْهُ فَقَالَ عمر بن جحاش بن كَعْب: أَنا فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَبَر فَانْصَرف فَأنْزل الله فيهم وَفِيمَا أَرَادَ هُوَ وَقَومه {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم} قَالَ: هم يهود دخل عَلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَائِطا لَهُم وَأَصْحَابه من وَرَاء جِدَاره فاستعانهم فِي مغرم فِي دِيَة غرمها ثمَّ قَامَ من عِنْدهم فائتمروا بَينهم بقتْله فَخرج يمشي الْقَهْقَرَى مُعْتَرضًا ينظر إِلَيْهِم ثمَّ دَعَا أَصْحَابه رجلا رجلا حَتَّى تقاوموا إِلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن يزِيد بن زِيَاد قَالَ: جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني النَّضِير يَسْتَعِينهُمْ فِي عقل أَصَابَهُ وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعلي فَقَالَ أعينوني فِي عقل أصابني فَقَالُوا: نعم يَا أَبَا الْقَاسِم قد آن لَك تَأْتِينَا وتسألنا حَاجَة اجْلِسْ حَتَّى نُطْعِمك ونعطيك الَّذِي تسألنا فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ينتظرونه وَجَاء حييّ بن أَخطب فَقَالَ حييّ لأَصْحَابه: لَا تَرَوْنَهُ أقرب مِنْهُ الْآن اطرحوا عَلَيْهِ حِجَارَة فَاقْتُلُوهُ وَلَا ترَوْنَ شرا أبدا فجاؤوا إِلَى رحى لَهُم عَظِيمَة ليطرحوها عَلَيْهِ فَأمْسك الله عَنْهَا أَيْديهم حَتَّى جَاءَهُ جِبْرِيل فأقامه من بَينهم فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم} الْآيَة فَأخْبر الله نبيه مَا أَرَادوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي كَعْب بن الْأَشْرَف وَأَصْحَابه حِين أَرَادوا أَن يغروا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُنْذر بن عَمْرو أحد النُّقَبَاء لَيْلَة الْعقبَة فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار إِلَى غطفان فَالْتَقوا على مَاء من مياه عَامر فَاقْتَتلُوا فَقتل الْمُنْذر ابْن عَمْرو وَأَصْحَابه إِلَّا ثَلَاثَة نفر كَانُوا فِي طلب ضَالَّة لَهُم فَلم يرعهم إِلَّا وَالطير تجول فِي جوّ السَّمَاء يسْقط من خراطيمها علق الدَّم فَقَالُوا قتل أَصْحَابنَا والرحمن فَانْطَلق رجل مِنْهُم فلقي رجلا فاختلفا ضربتين فَلَمَّا خالطه الضَّرْبَة رفع طرفه إِلَى السَّمَاء ثمَّ رفع عَيْنَيْهِ فَقَالَ: الله

أكبر الْجنَّة وَرب الْعَالمين وَكَانَ يرْعَى أعنق ليَمُوت فَانْطَلق صَاحِبَاه فلقيا رجلَيْنِ من بني سليم فانتسبا لَهما إِلَى بني عَامر فَقَتَلَاهُمَا وَكَانَ بَينهمَا وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موادعة فَقدم قومهما على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطْلبُونَ عقلهما فَانْطَلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف حَتَّى دخلُوا على بني النَّضِير يستعينونهم فِي عقلهما فَقَالُوا: نعم فاجتمعت يهود على أَن يقتلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَاعْتَلُّوا لَهُ بصنعة الطَّعَام فَلَمَّا أَتَاهُ جِبْرِيل بِالَّذِي أجمع لَهُ يهود من الْغدر خرج ثمَّ أعَاد عليا فَقَالَ: لاتبرح من مَكَانك هَذَا فَمن مر بك من أَصْحَابِي فسألك عني فَقل: وَجه إِلَى الْمَدِينَة فأدركوه فجعلو يَمرونَ على عَليّ فَيَقُول لَهُم الَّذِي أمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ آخِرهم ثمَّ تَبِعَهُمْ فَفِي ذَلِك أنزلت {إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم} حَتَّى {وَلَا تزَال تطلع على خَائِنَة مِنْهُم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ إِن قوما من الْيَهُود صَنَعُوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولأصحابه طَعَاما ليقتلوه فَأوحى الله إِلَيْهِ بشأنهم فَلم يَأْتِ الطَّعَام وَأمر أَصْحَابه فَلم يأتوه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ ذكر لنا أَنَّهَا أنزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِبَطن نخل فِي الْغَزْوَة الثَّانِيَة فَأَرَادَ بَنو ثَعْلَبَة وَبَنُو محَارب ان يفتكوا بِهِ فأطلعه الله على ذَلِك ذكر لنا أَن رجلا انتدب لقَتله فَأتى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسيفه مَوْضُوع فَقَالَ: آخذه يارسول الله قَالَ: خُذْهُ قَالَ: استله قَالَ: نعم فاستله فَقَالَ: من يمنعك مني قَالَ: الله يَمْنعنِي مِنْك فهدده أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأغلظوا لَهُ القَوْل فَشَام السَّيْف فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه بالرحيل فأنزلت عَلَيْهِ صَلَاة الْخَوْف عِنْد ذَلِك

12

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد أَخذ الله مِيثَاق بني إِسْرَائِيل وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر نَقِيبًا وَقَالَ الله إِنِّي مَعكُمْ لَئِن أقمتم الصَّلَاة وَآتَيْتُم الزَّكَاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ ولأدخلنكم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار فَمن كفر بعد ذَلِك مِنْكُم فقد ضل سَوَاء السَّبِيل

- أخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَلَقَد أَخذ الله مِيثَاق بني إِسْرَائِيل} قَالَ: أَخذ الله مواثيقهم أَن يخلصوا لَهُ وَلَا يعبدوا غَيره {وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر نَقِيبًا} يَعْنِي بذلك وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر كَفِيلا فكفلوا عَلَيْهِم بِالْوَفَاءِ لله بِمَا وثقوا عَلَيْهِ من العهود فِيمَا أَمرهم عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {اثْنَي عشر نَقِيبًا} قَالَ: من كل سبط من بني إِسْرَائِيل رجال أرسلهم مُوسَى إِلَى الجبارين فوجدوهم يدْخل فِي كم أحدهم اثْنَان ولايحمل عنقود عنبهم إِلَّا خَمْسَة أنفس بَينهم فِي خَشَبَة وَيدخل فِي شطر الرمانة إِذا نزع حبها خَمْسَة أنفس وَأَرْبَعَة فَرجع النُّقَبَاء كل مِنْهُم ينْهَى سبطه عَن قِتَالهمْ إِلَّا يُوشَع بن نون وكالب بن بَاقِيَة أمرا الأسباط بِقِتَال الجبارين ومجاهدتهم فعصوهما وأطاعوا الآخرين فهما الرّجلَانِ اللَّذَان أنعم الله عَلَيْهِمَا فتاهت بَنو إِسْرَائِيل أَرْبَعِينَ سنة يُصْبِحُونَ حَيْثُ أَمْسوا وَيُمْسُونَ حَيْثُ أَصْبحُوا فِي تيههم ذَلِك فَضرب مُوسَى الْحجر لكل سبط عينا حجر لَهُم يحملونه مَعَهم فَقَالَ لَهُم مُوسَى: اشربوا ياحمير فَنَهَاهُ الله عَن سبهم وَقَالَ: هم خلقي فَلَا تجعلهم حميراً والسبط كل بطن بني فلَان وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: أَمر الله بني إِسْرَائِيل بالسير إِلَى أريحاء - وَهِي أَرض بَيت الْمُقَدّس - فَسَارُوا حَتَّى إِذا كَانُوا قَرِيبا مِنْهُ أرسل مُوسَى اثْنَي عشر نَقِيبًا من جَمِيع أَسْبَاط بني إِسْرَائِيل فَسَارُوا يُرِيدُونَ أَن يأتوه بِخَبَر الْجَبَابِرَة فَلَقِيَهُمْ رجل من الجبارين يُقَال لَهُ عاج فَأخذ اثْنَي عشر فجعلهم فِي حجزته وعَلى رَأسه حزمة حطب فَانْطَلق بهم إِلَى امْرَأَته فَقَالَ: انظري إِلَى هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم يُرِيدُونَ أَن يقاتلونا فطرحهم بَين يَديهَا فَقَالَ: أَلا أطحنهم برجلي فَقَالَت امْرَأَته: بل خل عَنْهُم حَتَّى يخبروا قَومهمْ بِمَا رَأَوْا فَفعل ذَلِك فَلَمَّا خرج الْقَوْم قَالَ بَعضهم لبَعض: ياقوم إِنَّكُم ان أخبرتم بني إِسْرَائِيل خبر الْقَوْم ارْتَدُّوا عَن نَبِي الله وَلَكِن اكتموه ثمَّ رجعُوا فَانْطَلق عشرَة مِنْهُم فَنَكَثُوا الْعَهْد فَجعل كل مِنْهُم يخبرأخاه وأباه بِمَا رأى من عاج وكتم رجلَانِ مِنْهُم فَأتوا مُوسَى وهاورن فأخبروهما فَذَلِك حِين يَقُول الله {وَلَقَد أَخذ الله مِيثَاق بني إِسْرَائِيل وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر نَقِيبًا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر نَقِيبًا} قَالَ: شَهِيدا من كل سبط رجل شَاهد على قومه

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: النُّقَبَاء الْأُمَنَاء وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {اثْنَي عشر نَقِيبًا} قَالَ: اثْنَي عشر وزيراً وصاروا أَنْبيَاء بعد ذَلِك قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: وَإِنِّي بِحَق قَائِل لسراتها مقَالَة نصح لايضيع نقيبها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله عز وَجل {اثْنَي عشر نَقِيبًا} قَالَ: هم من بني إِسْرَائِيل بَعثهمْ مُوسَى لينظروا إِلَى الْمَدِينَة فجاؤوا بِحَبَّة من فاكهتهم فَعِنْدَ ذَلِك فتنُوا فَقَالُوا: لانستطيع الْقِتَال فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو صدقني وآمن بِي واتبعني عشرَة من الْيَهُود لأسلم كل يَهُودِيّ كَانَ قَالَ كَعْب اثْنَي عشر وتصديق ذَلِك فِي الْمَائِدَة {وبعثنا مِنْهُم اثْنَي عشر نَقِيبًا} وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ كم يملك هَذِه الْأمة من خَليفَة فَقَالَ: سَأَلنَا عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اثْنَا عشر كعدة بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ للنقباء الاثْنَي عشر: سِيرُوا الْيَوْم فحدثوني حَدِيثهمْ وَمَا امرهم ولاتخافوا إِن الله {مَعكُمْ لَئِن أقمتم الصَّلَاة وَآتَيْتُم الزَّكَاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وعزرتموهم} قَالَ: أعنتموهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وعزرتموهم} قَالَ: نصرتموهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: التعزيز والتوقير النُّصْرَة وَالطَّاعَة

13

- قَوْله تَعَالَى: فبمَا نقضهم ميثاقهم لعناهم وَجَعَلنَا قُلُوبهم قاسية يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه ونسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ وَلَا تزَال تطلع على خَائِنَة مِنْهُم إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم فاعفوا عَنْهُم وَاصْفَحْ أَن الله يحب الْمُحْسِنِينَ

- أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فبمَا نقضهم ميثاقهم} قَالَ: هُوَ مِيثَاق أَخذه الله على أهل التَّوْرَاة فنقضوه وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فبمَا نقضهم} يَقُول: فبنقضهم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فبمَا نقضهم ميثاقهم لعناهم} قَالَ: اجتنبوا نقض الْمِيثَاق فَإِن الله قدم فِيهِ وأوعد فِيهِ وَذكره فِي آي من الْقُرْآن تقدمة ونصيحة وَحجَّة وَإِنَّمَا بِعظم عظمها الله بِهِ عِنْد أولي الْفَهم وَالْعقل وَأهل الْعلم بِاللَّه وانا مانعلم الله أوعد فِي ذَنْب مَا أوعد فِي نقض الْمِيثَاق وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} يَعْنِي حُدُود الله فِي التَّوْرَاة يَقُول: ان أَمركُم مُحَمَّد بِمَا أَنْتُم عَلَيْهِ فاقبلوه وَإِن خالفكم فاحذروا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ونسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ} قَالَ: نسوا الْكتاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ونسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ} قَالَ: نسوا الْكتاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ونسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ} قَالَ: كتاب الله إِذا نزل عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {ونسوا حظاً} تركُوا نَصِيبا وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {ونسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ} قَالَ: عرى دينهم ولطائف الله الَّتِي لايقبل الْأَعْمَال إِلَّا بهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: نسوا كتاب الله بَين أظهرهم وَعَهده الَّذِي عَهده إِلَيْهِم وَأمره الَّذِي أَمرهم بِهِ وضيعوا فَرَائِضه وعطلوا حُدُوده وَقتلُوا رسله ونبذوا كِتَابه وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَأحمد فِي الزّهْد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِنِّي لأحسب الرجل ينسى الْعلم كَانَ يُعلمهُ بالخطيئة يعملها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تزَال تطلع على خَائِنَة مِنْهُم} قَالَ: هم يهود مثل الَّذِي هموا بِهِ من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم دخل عَلَيْهِم حائطهم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تزَال تطلع على خَائِنَة مِنْهُم} يَقُول: على خِيَانَة وَكذب وفجور وَفِي قَوْله {فَاعْفُ عَنْهُم وَاصْفَحْ} قَالَ: لم يُؤمر يَوْمئِذٍ بقتالهم فَأَمرهمْ الله أَن يعْفُو عَنْهُم ويصفح ثمَّ نسخ ذَلِك فِي بَرَاءَة فَقَالَ {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر} التَّوْبَة الْآيَة 29 الْآيَة

14

- قَوْله تَعَالَى: وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخذنَا ميثاقهم فنسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ فأغرينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وسوف ينبئهم الله بِمَا كَانُوا يصنعون - أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} قَالَ: كَانُوا بقرية يُقَال لَهَا ناصرة كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم ينزلها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} قَالَ: كَانُوا بقرية يُقَال لَهَا ناصرة نزلها عِيسَى وَهُوَ اسْم تسموا بِهِ وَلم يؤمروا بِهِ وَفِي قَوْله {ميثاقهم فنسوا حظاً مِمَّا ذكرُوا بِهِ} قَالَ: نسوا كتاب الله بَين أظهرهم وعهد الله الَّذِي عهد لَهُم وَأمر الله الَّذِي أَمر بِهِ وضيعوا فَرَائِضه {فأغرينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: بأعمالهم أَعمال السوء وَلَو أَخذ الْقَوْم بِكِتَاب الله وَأمره ماتفرقوا وماتباغضوا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله {فأغرينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: أغرى بَعضهم بَعْضًا بالخصومات والجدال فِي الدّين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: مَا أرى الإغراء فِي هَذِه الْآيَة إِلَّا الْأَهْوَاء الْمُخْتَلفَة وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: إِن الله تقدم إِلَى بني إِسْرَائِيل أَن لايشتروا بآيَات الله ثمنا قَلِيلا ويعلموا الْحِكْمَة ولايأخذوا عَلَيْهَا أجرا فَلم يفعل ذَلِك إِلَّا قَلِيل

مِنْهُم فَأخذُوا الرِّشْوَة فِي الحكم وجاوزوا الْحُدُود فَقَالَ فِي الْيَهُود حَيْثُ حكمُوا بِغَيْر مَا أَمر الله {وألقينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} الْمَائِدَة الْآيَة 64 وَقَالَ فِي النَّصَارَى {فنسوا حَظًّا مِمَّا ذكرُوا بِهِ فأغرينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة}

15

- قَوْله تَعَالَى: يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم كثيرا مِمَّا كُنْتُم تخفون من الْكتاب ويعفوا عَن كثير قد جَاءَكُم من الله نور وَكتاب مُبين يهدي بِهِ الله من اتبع رضوانه سبل السَّلَام ويخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور بِإِذْنِهِ ويهديهم إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله هُوَ الْمَسِيح ابْن مَرْيَم قل فَمن يملك من الله شَيْئا إِن أَرَادَ أَن يهْلك الْمَسِيح ابْن مَرْيَم وَأمه وَمن فِي الأَرْض جَمِيعًا وَللَّه ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا يخلق مايشاء وَالله على كل شَيْء قدير - أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: لما أخبر الْأَعْوَر سمويل بن صوريا الَّذِي صدق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الرَّجْم أَنه فِي كِتَابهمْ وَقَالَ: لَكنا نخفيه فَنزلت {يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم كثيرا مِمَّا كُنْتُم تخفون من الْكتاب} وَهُوَ شَاب أَبيض طَوِيل من أهل فدك وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يبين لكم كثيرا} يَقُول: يبين لكم مُحَمَّد رَسُولنَا كثيرا مِمَّا كُنْتُم تكتمونه النَّاس: ولاتبينونه لَهُم مِمَّا فِي كتابكُمْ وَكَانَ مِمَّا يخفونه من كِتَابهمْ فبينه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنَّاس: رجم الزَّانِيَيْنِ المحصنين

وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ الْيَهُود يسألونه عَن الرَّجْم فَقَالَ: أَيّكُم أعلم فأشاروا إِلَى ابْن صوريا فَنَاشَدَهُ بِالَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى وَالَّذِي رفع الطّور بالمواثيق الَّتِي أخذت عَلَيْهِم هَل تَجِدُونَ الرَّجْم فِي كتابكُمْ فَقَالَ: إِنَّه لما كثر فِينَا جلدنا مائَة وحلقنا الرؤوس فَحكم عَلَيْهِم بِالرَّجمِ فَأنْزل الله {يَا أهل الْكتاب} إِلَى قَوْله {صِرَاط مُسْتَقِيم} وَأخرج ابْن الضريس وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من كفر بِالرَّجمِ فقد كفر بِالْقُرْآنِ من حَيْثُ لايحتسب قَالَ تَعَالَى {يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم كثيرا مِمَّا كُنْتُم تخفون من الْكتاب} قَالَ: فَكَانَ الرَّجْم مِمَّا أخفوا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَيَعْفُو عَن كثير} من ذنُوب الْقَوْم جَاءَ مُحَمَّد باقالة مِنْهَا وَتجَاوز إِن اتَّبعُوهُ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {يهدي بِهِ الله من اتبع رضوانه سبل السَّلَام} قَالَ: سَبِيل الله الَّذِي شَرعه لِعِبَادِهِ ودعاهم إِلَيْهِ وابتعث بِهِ رسله وَهُوَ الْإِسْلَام الَّذِي لايقبل من أحد عمل إِلَّا بِهِ لَا الْيَهُودِيَّة وَلَا النَّصْرَانِيَّة وَلَا الْمَجُوسِيَّة وَالله تَعَالَى أعلم

18

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى نَحن أَبنَاء الله وأحباؤه قل فَلم يعذبكم بذنوبكم بل أَنْتُم بشر مِمَّن خلق يغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء وَللَّه ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا وَإِلَيْهِ الْمصير - أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أبي وبحري بن عَمْرو وشاس بن عدي فَكَلَّمَهُمْ وكلموه ودعاهم إِلَى الله وحذرهم نقمته فَقَالُوا: ماتخوفنا يامحمد نَحن وَالله أَبنَاء الله وأحباؤه كَقَوْل النَّصَارَى فَأنْزل الله فيهم {وَقَالَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى} إِلَى آخر الْآيَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تَعَالَى: {قل فَلم يعذبكم} الْآيَة

أخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نفر من أَصْحَابه وَصبي فِي الطَّرِيق فَلَمَّا رَأَتْ أمه الْقَوْم خشيت على وَلَدهَا أَن يُوطأ فَأَقْبَلت تسْعَى وَتقول: ابْني ابْني فَأَخَذته فَقَالَ الْقَوْم: يارسول الله ماكانت هَذِه لتلقي ابْنهَا فِي النَّار فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لاوالله ولايلقى حَبِيبه فِي النَّار وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالله لايعذب الله حَبِيبه وَلَكِن يَبْتَلِيه فِي الدُّنْيَا أخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {يغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء} يَقُول: يهدي مِنْكُم من يَشَاء فِي الدُّنْيَا فَيغْفر لَهُ وَيُمِيت من يَشَاء مِنْكُم على كفره فيعذبه

19

- قَوْله يعالى: يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم على فَتْرَة من الرُّسُل أَن تَقولُوا مَا جَاءَنَا من بشير وَلَا نَذِير فقد جَاءَكُم بشير ونذير وَالله على كل شَيْء قدير - أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهود إِلَى الْإِسْلَام فرغبهم فِيهِ وحذرهم فَأَبَوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُم معَاذ بن جبل وَسعد بن عبَادَة وَعقبَة بن وهب: يامعشر يهود اتَّقوا الله فوَاللَّه إِنَّكُم لتعلمون أَنه رَسُول الله لقد كُنْتُم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه لنا بِصفتِهِ فَقَالَ رَافع بن حُرَيْمِلَة ووهب بن يهودا: ماقلنا لكم هَذَا وَمَا أنزل الله من كتاب من بعد مُوسَى وَلَا أرسل بشيراً وَلَا نذيراً بعده فَأنْزل الله {يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم على فَتْرَة} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم على فَتْرَة من الرُّسُل} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد جَاءَ بِالْحَقِّ الَّذِي فتر بِهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل فِيهِ بَيَان وموعظة وَنور وَهدى وعصمة لمن أَخذ بِهِ قَالَ: وَكَانَت الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر لنا أَنه كَانَت سِتّمائَة سنة أَو ماشاء الله من ذَلِك

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {على فَتْرَة من الرُّسُل} قَالَ: كَانَ بَين عِيسَى وَمُحَمّد خَمْسمِائَة سنة وَسِتُّونَ قَالَ معمر: قَالَ الْكَلْبِيّ: خَمْسمِائَة سنة وَأَرْبَعُونَ سنة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: كَانَت الفترة خَمْسمِائَة سنة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَت الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد أَرْبَعمِائَة سنة وبضعاً وَثَلَاثِينَ سنة

20

- قَوْله تَعَالَى: وَإِذ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قوم اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جعل فِيكُم أَنْبيَاء وجعلكم ملوكا وآتاكم مالم يُؤْت أحدا من الْعَالمين - أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قوم اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جعل فِيكُم أَنْبيَاء وجعلكم ملوكاً} قَالَ: وَاسم الله قد جعل نَبيا وجعلكم ملوكاً على رِقَاب النَّاس فاشكروا نعْمَة الله إِن الله يحب الشَّاكِرِينَ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قوم اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جعل فِيكُم أَنْبيَاء وجعلكم ملوكاً} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنهم أول من سخَّر لَهُم الخدم من بني آدم وملكوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وجعلكم ملوكاً} قَالَ: ملَّكهم الخدم وَكَانُوا أول من ملك الخدم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وجعلكم ملوكاً} قَالَ: كَانَ الرجل من بني إِسْرَائِيل إِذا كَانَت لَهُ الزَّوْجَة وَالْخَادِم وَالدَّار يُسمى ملكا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وجعلكم ملوكاً} قَالَ: الزَّوْجَة وَالْخَادِم وَالْبَيْت وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِذْ جعل فِيكُم أَنْبيَاء وجعلكم ملوكاً} قَالَ: الْمَرْأَة الْخَادِم {وآتاكم مَا لم يُؤْت أحدا من الْعَالمين} قَالَ: الَّذين هم بَين ظهرانيهم يَوْمئِذٍ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا كَانَ لأَحَدهم خَادِم ودابة وَامْرَأَة كتب ملكا

وَأخرج ابْن جرير وَالزُّبَيْر بن بكار فِي الموفقيات عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ لَهُ بَيت وخادم فَهُوَ ملك وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسليه عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ لَهُ بَيت وخادم فَهُوَ ملك وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسليه عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {وجعلكم ملوكاً} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَوْجَة ومسكن وخادم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه سَأَلَهُ رجل: أَلسنا من فُقَرَاء الْمُهَاجِرين قَالَ: أَلَك امْرَأَة تأوي إِلَيْهَا قَالَ: نعم قَالَ: أَلَك مسكن تسكنه قَالَ: نعم قَالَ: فَأَنت من الْأَغْنِيَاء قَالَ: إِن لي خَادِمًا قَالَ: فَأَنت كم الْمُلُوك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وجعلكم ملوكاً} قَالَ: جعل لَهُم أَزْوَاجًا وخدماً وبيوتاً {وآتاكم مَا لم يُؤْت أحدا من الْعَالمين} المنَّ والسلوى وَالْحجر والغمام وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {وجعلكم ملوكاً} قَالَ: وَهل الْملك إِلَّا مركب وخادم وَدَار وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وآتاكم مَا لم يُؤْت أحدا من الْعَالمين} قَالَ: الْمَنّ والسلوى

21

- قَوْله تَعَالَى: يَا قوم ادخُلُوا الأَرْض المقدسة الَّتِي كتب الله لكم وَلَا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين - أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الأَرْض المقدسة} قَالَ: هِيَ الْمُبَارَكَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن معَاذ بن جبل قَالَ: الأَرْض مابين الْعَريش إِلَى الْفُرَات وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الأَرْض المقدسة} قَالَ: هِيَ الشَّام وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {الَّتِي كتب الله لكم} قَالَ: أَمركُم الله بهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أَمر الْقَوْم كَمَا أمروا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَالْحج وَالْعمْرَة

22

- قَوْله تَعَالَى: قَالُوا ياموسى إِن فِيهَا قوما جبارين وَإِنَّا لن ندْخلهَا حَتَّى يخرجُوا مِنْهَا فَإِن يخرجُوا مِنْهَا فَإنَّا داخلون قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا ادخُلُوا عَلَيْهِم الْبَاب فَإِذا دخلتموه فَإِنَّكُم غالبون وعَلى الله فتوكلوا إِن كُنْتُم مُؤمنين - أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن فِيهَا قوما جبارين} قَالَ: ذكر لنا أَنهم كَانَت لَهُم أجسام وَخلق لَيست لغَيرهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا مُوسَى إِن فِيهَا قوما جبارين} قَالَ: هم أطول منا أجساماً وَأَشد قوّة وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر عَن أبي ضَمرَة قَالَ: استظل سَبْعُونَ رجلا من قوم مُوسَى خلف رجل من العماليق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن زيد بن أسلم قَالَ: بَلغنِي أَنه رُئِيَتْ ضبع وَأَوْلَادهَا رابضة فِي فجاج عين رجل من العمالقة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس بن مَالك أَنه أَخذ عَصا فذرع فِيهَا شَيْئا ثمَّ قَاس فِي الأَرْض خمسين أَو خمْسا وَخمسين ثمَّ قَالَ: هَكَذَا أطوال العماليق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَمر مُوسَى أَن يدْخل مَدِينَة الجبارين فَسَار بِمن مَعَه حَتَّى نزل قَرِيبا من الْمَدِينَة وَهِي أريحاء فَبعث إِلَيْهِم اثْنَي عشر نَقِيبًا من كل سبط مِنْهُم عين فيأتوه بِخَبَر الْقَوْم فَدَخَلُوا الْمَدِينَة فَرَأَوْا أمرا عَظِيما من هيبتهم وجسمهم وعظمهم فَدَخَلُوا حَائِطا لبَعْضهِم فجَاء صَاحب الْحَائِط ليجني من حَائِطه فَجعل يحش الثِّمَار فَنظر إِلَى آثَارهم فَتَبِعهُمْ فَكلما أصَاب وَاحِد مِنْهُم أَخذه فَجعله فِي كمه مَعَ الْفَاكِهَة وَذهب إِلَى ملكهم فنثرهم بَين يَدَيْهِ فَقَالَ الْملك: قد رَأَيْتُمْ شَأْننَا وأمرنا اذْهَبُوا فَأخْبرُوا صَاحبكُم قَالَ: فَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى فأخبروه بِمَا عاينوا من أَمرهم فَقَالَ: اكتموا عَنَّا فَجعل الرجل يخبر أَبَاهُ

وَصديقه وَيَقُول: اكتم عني فأشيع ذَلِك فِي عَسْكَرهمْ وَلم يكتم مِنْهُم الارجلان يُوشَع بن نون وكالب بن يوحنا وهم اللَّذَان أنزل الله فيهمَا {قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ادخُلُوا الأَرْض المقدسة} قَالَ: هِيَ مَدِينَة الجبارين لما نزل بهَا مُوسَى وَقَومه بعث مِنْهُم اثْنَي عشر رجلا وهم النُّقَبَاء الَّذين ذكرهم الله تَعَالَى ليأتوهم بخبرهم فَسَارُوا فَلَقِيَهُمْ رجل من الجبارين فجعلهم فِي كساءته فحملهم حَتَّى أَتَى بهم الْمَدِينَة ونادى فِي قومه: فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: من أَنْتُم قَالُوا: نَحن قوم مُوسَى بعثنَا لنأتيه بخبركم فأعطوهم حَبَّة من عِنَب تَكْفِي الرجل وَقَالُوا لَهُم: اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى وَقَومه فَقولُوا لَهُم: أقدروا قدر فاكهتهم فَلَمَّا أتوهم قَالُوا: ياموسى {فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ} الْمَائِدَة الْآيَة 24 {قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا} وَكَانَا من أهل الْمَدِينَة أسلما واتبعا مُوسَى فَقَالَا لمُوسَى {ادخُلُوا عَلَيْهِم الْبَاب فَإِذا دخلتموه فَإِنَّكُم غالبون} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَ رجلَانِ} قَالَ: يُوشَع بن نون وكالب وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله {قَالَ رجلَانِ} قَالَ: كالب ويوشع بن نون فَتى مُوسَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا} قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة (يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا) وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَا من الْعَدو فصارا مَعَ مُوسَى وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس {قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ} بِرَفْع الْيَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {من الَّذين يخَافُونَ} بِنصب الْيَاء فِي يخَافُونَ

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا} بِالْهدى فهداهما فَكَانَا على دين مُوسَى وَكَانَا فِي مَدِينَة الجبارين وَأخرج ابْن جرير عَن سهل بن عَليّ {قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا} بالخوف وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا} قَالَ: هم النُّقَبَاء وَفِي قَوْله {ادخُلُوا عَلَيْهِم الْبَاب} قَالَ: هِيَ قَرْيَة الجبارين

24

- قَوْله تَعَالَى: قَالُوا ياموسى إِنَّا لن ندْخلهَا أبدا ماداموا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ - أخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سَار إِلَى بدر اسْتَشَارَ الْمُسلمين فَأَشَارَ عَلَيْهِ عمر ثمَّ استشارهم فَقَالَت الْأَنْصَار: يامعشر الْأَنْصَار إيَّاكُمْ يُرِيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: لَا نقُول كَمَا قَالَت بَنو اسرئيل لمُوسَى {فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ} وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَو ضربت أكبادها إِلَى برك الغماد لاتبعناك وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عتبَة بن عبد السّلمِيّ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاصحابه ألاتقاتلون قَالُوا: نعم ولانقول كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى {فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعكُمْ مُقَاتِلُونَ وَأخرج أَحْمد عَن طَارق بن شهَاب أَن الْمِقْدَاد قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر يارسول الله انا لانقول كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى {فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعكُمْ مُقَاتِلُونَ وَأخرج البُخَارِيّ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لقد شهِدت من الْمِقْدَاد مشهداً لِأَن أكون أَنا صَاحبه أحب إليَّ مِمَّا عدل بِهِ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَدْعُو على الْمُشْركين قَالَ: وَالله يارسول الله لانقول كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى {فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِن نُقَاتِل عَن يَمِينك

وَعَن يسارك وَمن بَين يَديك وَمن خَلفك فَرَأَيْت وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشرق لذَلِك وسر بذلك وَأخرج ابْن جريرعن قَتَادَة ذكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه يَوْم الْحُدَيْبِيَة حِين صد الْمُشْركُونَ الْهَدْي وحيل بَينهم وَبَين مناسكهم إِنِّي ذَاهِب بِالْهَدْي فناحره عِنْد الْبَيْت فَقَالَ الْمِقْدَاد بن الْأسود: اما وَالله لانكون كالملأ من بني إِسْرَائِيل إِذْ قَالُوا لنبيهم {فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ}

25

- قَوْله تَعَالَى: قَالَ رَبِّي إِنِّي لَا أملك إِلَّا نَفسِي وَأخي فافرق بَيْننَا وَبَين الْقَوْم الْفَاسِقين - أخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: غضب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حِين قَالَ لَهُ الْقَوْم: {فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ} فَدَعَا عَلَيْهِم فَقَالَ: {رب إِنِّي لَا أملك إِلَّا نَفسِي وَأخي فافرق بَيْننَا وَبَين الْقَوْم الْفَاسِقين} وَكَانَ عجلة من مُوسَى عجلها فَلَمَّا ضرب عَلَيْهِم التيه نَدم مُوسَى فَلَمَّا نَدم أوحى الله إِلَيْهِ {فَلَا تأس على الْقَوْم الْفَاسِقين} الْمَائِدَة الْآيَة 26 لاتحزن على الْقَوْم الَّذين سميتهم فاسقين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فافرق بَيْننَا وَبَين الْقَوْم الْفَاسِقين} يَقُول: افصل بَيْننَا وَبينهمْ

26

- قَوْله تَعَالَى: قَالَ فَإِنَّهَا مُحرمَة عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ سنة يتيهون فِي الأَرْض فَلَا تأس على الْقَوْم الْفَاسِقين - أخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِنَّهَا مُحرمَة عَلَيْهِم} قَالَ: أبدا وَفِي قَوْله {يتيهون فِي الأَرْض} قَالَ: أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنهم بعثوا اثْنَي عشر رجلا من كل سبط رجلا عيُونا ليأتوهم بِأَمْر الْقَوْم فَأَما عشرَة فجبنوا قَومهمْ وكرهوا إِلَيْهِم الدُّخُول وَأما يُوشَع بن نون وَصَاحبه فأمرا بِالدُّخُولِ واستقاما على أَمر الله ورغبا

قَومهمْ فِي ذَلِك وأخبراهم فِي ذَلِك أَنهم غالبون حَتَّى بلغ {هَا هُنَا قَاعِدُونَ} قَالَ: لما جبن الْقَوْم عَن عدوّهم وَتركُوا أَمر رَبهم قَالَ الله {فَإِنَّهَا مُحرمَة عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ سنة} إِنَّمَا يشربون مَاء الاطوار لايهبطون قَرْيَة ولامصرا ولايهتدون لَهَا وَلَا يقدرُونَ على ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: حرمت عَلَيْهِم الْقرى فَكَانُوا لَا يهبطون قَرْيَة وَلَا يقدرُونَ على ذَلِك إِنَّمَا يتبعُون الاطواء أَرْبَعِينَ سنة والاطواء الركايا وَذكر لنا أَن مُوسَى توفّي فِي الْأَرْبَعين سنة وَأَنه لم يدْخل بَيت الْمُقَدّس مِنْهُم إِلَّا أبناؤهم وَالرجلَانِ اللَّذَان قَالَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تاهوا أَرْبَعِينَ سنة فَهَلَك مُوسَى وهرون فِي التيه وكل من جَاوز الْأَرْبَعين سنة فَلَمَّا مَضَت الْأَرْبَعُونَ سنة ناهضهم يُوشَع بن نون وَهُوَ الَّذِي قَامَ بِالْأَمر بعد مُوسَى وَهُوَ الَّذِي قيل لَهُ الْيَوْم يَوْم الْجُمُعَة فَهموا بافتتاحها فدنت الشَّمْس للغروب فخشي إِن دخلت لَيْلَة السبت أَن يُسْبِتُوا فَنَادَى الشَّمْس: إِنِّي مَأْمُور وَإنَّك مأمورة فوقفت حَتَّى افتتحها فَوجدَ فِيهَا من الْأَمْوَال مالم ير مثله قطّ فقربوه إِلَى النَّار فَلم تأتِ فَقَالَ: فِيكُم غلُول فَدَعَا رُؤُوس الاسباط وهم اثْنَا عشر رجلا فبايعهم فالتصقت يَد رجل مِنْهُم بِيَدِهِ فَقَالَ: الْغلُول عنْدك فَأخْرجهُ فَأخْرج رَأس بقرة من ذهب لَهَا عينان من ياقوت وأسنان من لُؤْلُؤ فوضعا مَعَ القربان فَأَتَت النَّار فَأَكَلتهَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: تاهت بَنو إِسْرَائِيل أَرْبَعِينَ سنة يُصْبِحُونَ حَيْثُ أَمْسوا وَيُمْسُونَ حَيْثُ أَصْبحُوا فِي تيهم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل لما حرم الله عَلَيْهِم أَن يدخلُوا الأَرْض المقدسة أَرْبَعِينَ سنة يتيهون فِي الأَرْض شكوا إِلَى مُوسَى فَقَالُوا: مانأكل فَقَالَ: إِن الله سيأتكم بِمَا تَأْكُلُونَ قَالُوا: من أَيْن قَالَ: إِن الله سينزل عَلَيْكُم خبْزًا مخبوزاً فَكَانَ ينزل عَلَيْهِم المنّ وَهُوَ خبز الرقَاق وَمثل الذّرة قَالُوا: وَمَا نَأْتَدِمُ وَهل بُدِّلْنَا من لحم قَالَ: فَإِن الله يأتيكم بِهِ قَالُوا: من أَيْن فَكَانَت الرّيح تأتيهم بالسلوى وَهُوَ طير سمين مثل الْحمام فَقَالُوا: فَمَا نلبس قَالَ: لَا يخلق لأحدكم ثوب أَرْبَعِينَ سنة قَالُوا: فَمَا نحتذي قَالَ: لَا يَنْقَطِع لأحدكم شسع أَرْبَعِينَ سنة قَالُوا: فَإِنَّهُ يُولد فِينَا أَوْلَاد صغَار فَمَا نكسوهم

قَالَ: الثَّوْب الصَّغِير يشب مَعَه قَالُوا: فَمن أَيْن لنا المَاء قَالَ: يأتيكم بِهِ الله فَأمر الله مُوسَى أَن يضْرب بعصاه الْحجر قَالُوا: فَمَا نبصر تغشانا الظامة فَضرب لَهُ عموداً من نور فِي وسط عسكره أَضَاء عسكره كُله قَالُوا: فَبِمَ نستظل الشَّمْس علينا شَدِيدَة قَالَ: يظلكم الله تَعَالَى بالغمام وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: ظلل عَلَيْهِم الْغَمَام فِي التيه قدر خَمْسَة فراسخ أَو سِتَّة كلما أَصْبحُوا سَارُوا غادين فَإِذا امسوا إِذا هم فِي مكانهم الَّذِي ارتحلوا مِنْهُ فَكَانُوا كَذَلِك أَرْبَعِينَ سنة وهم فِي ذَلِك ينزل عَلَيْهِم الْمَنّ والسلوى وَلَا تبلى ثِيَابهمْ وَمَعَهُمْ حجر من حِجَارَة الطّور يحملونه مَعَهم فَإِذا نزلُوا ضربه مُوسَى بعصاه فانفجرت مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق لَهُم فِي التيه ثِيَاب لَا تخلق وَلَا تذوب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن طَاوس قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا كَانُوا فِي تيهم تشب مَعَهم ثِيَابهمْ إِذا شبوا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: لما استسقى مُوسَى لِقَوْمِهِ أوحى الله إِلَيْهِ: أَن اضْرِب بعصاك الْحجر فانفجرت مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا فَقَالَ لَهُم مُوسَى: ردوا معشر الْحمير فَأوحى الله إِلَيْهِ: قلت لعبادي معشر الْحمير وَإِنِّي قد حرمت عَلَيْكُم الأَرْض المقدسة قَالَ: يارب فَاجْعَلْ قَبْرِي مِنْهَا قذفة حجر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو رَأَيْتُمْ قبر مُوسَى لرأيتموه من الأَرْض المقدسة قذفة بِحجر وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: لما استسقى لِقَوْمِهِ فسقوا قَالَ: اشربوا ياحمير فَنَهَاهُ عَن ذَلِك وَقَالَ: لَا تدع عبَادي ياحمير وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَلَا تأس} قَالَ: لَا تحزن وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {فَلَا تأس} قَالَ: لَا تحزن قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت امْرُؤ الْقَيْس وهويقول: وقوفاً بهَا صحبي عليّ مطيهم يَقُولُونَ لَا تهْلك أسى وتجمَّل وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن نَبيا من الْأَنْبِيَاء قَاتل أهل مَدِينَة حَتَّى إِذا كَاد أَن يفتحها خشِي أَن تغرب الشَّمْس فَقَالَ: أيتها الشَّمْس إِنَّك مأمورة وَأَنا مَأْمُور بحرمتي عَلَيْك إِلَّا وقفت سَاعَة من النَّهَار قَالَ: فحبسها الله تَعَالَى حَتَّى افْتتح الْمَدِينَة وَكَانُوا إِذا أَصَابُوا الْغَنَائِم قربوها فِي القربان فَجَاءَت النَّار فَأَكَلتهَا فَلَمَّا أَصَابُوا وضعُوا القربان فَلم تجىء النَّار تَأْكُله فَقَالُوا: يانبي الله مالنا لَا يقبل قرباننا قَالَ: فِيكُم غلُول قَالُوا: وَكَيف لنا أَن نعلم من عِنْده الْغلُول قَالَ: وهم اثْنَا عشر سبطاً قَالَ: يبايعني رَأس كل سبط مِنْكُم فَبَايعهُ رَأس كل سبط فلزقت كَفه بكف رجل مِنْهُم فَقَالُوا لَهُ: عنْدك الْغلُول فَقَالَ: كَيفَ لي أَن أعلم قَالَ تَدْعُو سبطك فتبايعهم رجلا رجلا فَفعل فلزقت كَفه بكف رجل مِنْهُم قَالَ: عنْدك الْغلُول قَالَ: نعم عِنْدِي الْغلُول قَالَ: وماهو قَالَ: رَأس ثَوْر من ذهب أعجبني فغللته فجَاء بِهِ فَوَضعه فِي الْغَنَائِم فَجَاءَت النَّار فأكلته فَقَالَ كَعْب: صدق الله وَرَسُوله هَكَذَا وَالله فِي كتاب الله يَعْنِي فِي التَّوْرَاة ثمَّ قَالَ: ياأبا هُرَيْرَة أحدثكُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي نَبِي كَانَ قَالَ: هُوَ يُوشَع بن نون قَالَ: فحدثكم أَي قَرْيَة قَالَ: هِيَ مَدِينَة أريحاء وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم تحل الْغَنِيمَة لأحد قبلنَا وَذَلِكَ أَن الله رأى ضعفنا فطيبها لنا وَزَعَمُوا أَن الشَّمْس لم تحبس لأحد قبله وَلَا بعده

27

- قَوْله تَعَالَى: واتل عَلَيْهِم نبأ ابْني آدم بِالْحَقِّ إِذْ قربا قربانا فَتقبل من أَحدهمَا وَلم يتَقَبَّل من الآخر قَالَ لأَقْتُلَنك قَالَ إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ - أخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود عَن نَاس من الصَّحَابَة أَنه كَانَ لايولد لآدَم مَوْلُود أَلا ولد مَعَه جَارِيَة فَكَانَ يزوّج غُلَام هَذَا الْبَطن لجارية الْبَطن الآخر ويزوّج جَارِيَة هَذَا الْبَطن غُلَام هَذَا الْبَطن الآخر حَتَّى ولد لَهُ ابْنَانِ يُقَال لَهما قابيل وهابيل وَكَانَ قابيل صَاحب زرع وَكَانَ هابيل صَاحب ضرع وَكَانَ قابيل أكبرهما وَكَانَت لَهُ أُخْت أحسن من أُخْت هابيل وَإِن هابيل طلب أَن ينْكح أُخْت قابيل فَأبى عَلَيْهِ وَقَالَ: هِيَ اختي ولدت معي وَهِي أحسن من أختك وَأَنا أَحَق أَن أتزوّج بهَا فَأمره أَبوهُ أَن يتزوّجها هابيل فَأبى وإنهما قَرَّبَا قرباناً إِلَى الله أَيهمَا أَحَق

بالجارية وَكَانَ آدم قد غَابَ عَنْهُمَا إِلَى مَكَّة ينظر إِلَيْهَا فَقَالَ آدم للسماء: احفظي وَلَدي بالأمانة فَأَبت وَقَالَ للْأَرْض فَأَبت وَقَالَ للجبال فَأَبت فَقَالَ لقابيل فَقَالَ: نعم تذْهب وَترجع وتجد أهلك كَمَا يَسُرك فَلَمَّا انْطلق آدم قربا قرباناً وَكَانَ قابيل يفخر عَلَيْهِ فَقَالَ: أَنا أَحَق بهَا مِنْك هِيَ أُخْتِي وَأَنا أكبر مِنْك وَأَنا وَصِيّ وَالِدي فَلَمَّا قربا قرب هابيل جَذَعَة سَمِينَة وَقرب قابيل حزمة سنبل فَوجدَ فِيهَا سنبلة عَظِيمَة ففركها فَأكلهَا فَنزلت النَّار فَأكلت قرْبَان هابيل وَتركت قرْبَان قابيل فَغَضب وَقَالَ: لأَقْتُلَنك حَتَّى لَا تنْكح أُخْتِي فَقَالَ هابيل {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ} {إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي وإثمك} يَقُول: إِثْم قَتْلِي إِلَى إثمك الَّذِي فِي عُنُقك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد جيد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نهى أَن ينْكح الْمَرْأَة أخاها توأمها وَأَن ينْكِحهَا غَيره من اخوتها وَكَانَ يُولد لَهُ فِي كل بطن رجل وَامْرَأَة فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك ولد لَهُ امْرَأَة وضيئة وَأُخْرَى قبيحة ذميمة فَقَالَ أَخُو الذميمة: انكحني أختك وأنكحك أُخْتِي قَالَ: لَا أَنا أَحَق بأختي فقربا قرباناً فجَاء صَاحب الْغنم بكبش أَبيض وَصَاحب الزَّرْع بصبرة من طَعَام فَتقبل من صَاحب الْكَبْش فخزنه الله فِي الْجنَّة أَرْبَعِينَ خَرِيفًا وَهُوَ الْكَبْش الَّذِي ذبحه إِبْرَاهِيم وَلم يقبل من صَاحب الزَّرْع فبنو آدم كلهم من ذَلِك الْكَافِر وَأخرج إِسْحَق بن بشر فِي الْمُبْتَدَأ وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه من طَرِيق جُوَيْبِر وَمُقَاتِل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ولد لآدَم أَرْبَعُونَ ولدا عشرُون غُلَاما وَعِشْرُونَ جَارِيَة فَكَانَ مِمَّن عَاشَ مِنْهُم هابيل وقابيل وَصَالح وَعبد الرَّحْمَن وَالَّذِي كَانَ سَمَّاهُ عبد الْحَارِث وود وَكَانَ يُقَال لَهُ شِيث وَيُقَال لَهُ هبة الله وَكَانَ اخوته قد سودوه وَولد لَهُ سواع ويغوث ونسر وَإِن الله أمره أَن يفرق بَينهم فِي النِّكَاح ويزوج أُخْت هَذَا من هَذَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ من شَأْن ابْني آدم أَنه لم يكن مِسْكين يتَصَدَّق عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ القربان يقربهُ الرجل فَبينا ابْنا آدم قاعدان إِذْ قَالَا: لَو قربنا قرباناً وَكَانَ أَحدهمَا رَاعيا وَالْآخر حراثاً وَإِن صَاحب الْغنم قرب خير غنمه واسمنه وَقرب الآخر بعض زرعه فَجَاءَت النَّار فَنزلت فَأكلت الشَّاة

وَتركت الزَّرْع وَإِن ابْن آدم قَالَ لِأَخِيهِ: أتمشي فِي النَّاس وَقد علمُوا أَنَّك قربت قرباناً فَتقبل مِنْك وردَّ عليَّ فَلَا وَالله لَا ينظر النَّاس إليّ وَإِلَيْك وَأَنت خير مني فَقَالَ: لأَقْتُلَنك فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ: مَا ذَنبي {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ لَئِن بسطت إليّ يدك لتقتلني مَا أَنا بباسط يَدي إِلَيْك لأقتلك} لَا أَنا مستنصر ولأمسكن يَدي عَنْك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: إِن ابْني آدم اللَّذين قربا قرباناً كَانَ أَحدهمَا صَاحب حرث وَالْآخر صَاحب غنم وأنهما أُمِرَا أَن يُقَرِّبَا قرباناً وَأَن صَاحب الْغنم قرب أكْرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبَة بهَا نَفسه وَإِن صَاحب الْحَرْث قرب شَرّ حرثه الكردن والزوان غير طيبَة بهَا نَفسه وَإِن الله تقبل قرْبَان صَاحب الْغنم وَلم يقبل قرْبَان صَاحب الْحَرْث وَكَانَ من قصتهما مَا قصّ الله فِي كِتَابه وَايْم الله إِن كَانَ الْمَقْتُول لأشد الرجالين [الرجلَيْن] وَلكنه مَنعه التحرج أَن يبسط يَده إِلَى أَخِيه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {واتل عَلَيْهِم نبأ ابْني آدم} قَالَ: هابيل وقابيل لصلب آدم قرب هابيل عنَاقًا من أحسن غنمه وَقرب قابيل زرعا من زرعه فَتقبل من صَاحب الشَّاة فَقَالَ لصَاحبه: لأَقْتُلَنك فَقتله فعقل الله إِحْدَى رجلَيْهِ بساقه إِلَى فَخذهَا من يَوْم قَتله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَجعل وَجهه إِلَى الْيمن حَيْثُ دارت عَلَيْهِ حَظِيرَة من ثلج فِي الشتَاء وَعَلِيهِ فِي الصَّيف حَظِيرَة من نَار وَمَعَهُ سَبْعَة أَمْلَاك كلما ذهب ملك جَاءَ الآخر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {واتل عَلَيْهِم نبأ ابْني آدم بِالْحَقِّ} قَالَ: كَانَا من بني إِسْرَائِيل وَلم يَكُونَا ابْني آدم لصلبه وَإِنَّمَا كَانَ القربان فِي بني اسرئيل وَكَانَ أوّل من مَاتَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: لِأَن استيقن ان الله تقبل مني صَلَاة وَاحِدَة أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا ومافيها إِن الله يَقُول {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّقْوَى عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لايقل عمل مَعَ تقوى وَكَيف يقل مايتقبل وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه كتب إِلَى رجل: أوصيك بتقوى الله الَّذِي لايقبل غَيرهَا ولايرحم إِلَّا عَلَيْهَا ولايثيب إِلَّا عَلَيْهَا فَإِن الواعظين بهَا كثير والعاملين بهَا قَلِيل

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن يزِيد الْعيص: سَأَلت مُوسَى بن أعين عَن قَوْله عز وَجل {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ} قَالَ: تنزهوا عَن أَشْيَاء من الْحَلَال مَخَافَة أَن يقعوا فِي الْحَرَام فسماهم الله متقين وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن فضَالة بن عبيد قَالَ: لِأَن أكون اعْلَم أَن الله يقبل مني مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا ومافيها فَإِن الله يَقُول {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ} وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ عَامر بن عبد قيس آيَة فِي الْقُرْآن أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا جَمِيعًا أَن أعطَاهُ أَن يَجْعَلنِي الله من الْمُتَّقِينَ فَإِنَّهُ قَالَ {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن همام بن يحيى قَالَ: بَكَى عَامر بن عبد الله عِنْد الْمَوْت فَقيل لَهُ: مايبكيك قَالَ: آيَة فِي كتاب الله فَقيل لَهُ: أيّة آيَة قَالَ {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لايقبل عمل عبد حَتَّى يرضى عَنهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ثَابت قَالَ: كَانَ مطرف يَقُول: اللَّهُمَّ تقبَّل مني صِيَام يَوْم اللَّهُمَّ اكْتُبْ لي حَسَنَة ثمَّ يَقُول {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ} قَالَ: الَّذين يَتَّقُونَ الشّرك وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن هِشَام بن يحيى عَن أَبِيه قَالَ: دخل سَائل إِلَى ابْن عمر فَقَالَ لِابْنِهِ: اعطه دِينَار فاعطاه فَلَمَّا انْصَرف قَالَ ابْنه: تقبل الله مِنْك ياأبتاه فَقَالَ: لَو علمت أَن الله تقبل مني سَجْدَة وَاحِدَة أَو صَدَقَة دِرْهَم لم يكن غَائِب أحب إِلَيّ من الْمَوْت تَدْرِي مِمَّن يتَقَبَّل الله {إِنَّمَا يتَقَبَّل الله من الْمُتَّقِينَ}

28

- قَوْله تَعَالَى: لَئِن بسطت إِلَيّ يدك لتقتلني مَا أَنا بباسط يَدي إِلَيْك لأقتلك إِنِّي أَخَاف الله رب الْعَالمين إِنِّي أُرِيد أَن تبوأ بإثمي وإثمك فَتكون من أَصْحَاب النَّار وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمين

- أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَئِن بسطت إِلَيّ يدك} الْآيَة قَالَ: كَانَ كتب عَلَيْهِم إِذا أَرَادَ الرجل رجلا تَركه ولايمتنع مِنْهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل كتب عَلَيْهِم إِذا الرجل بسط يَده إِلَى الرجل لايمتنع عَنهُ حَتَّى يقْتله أَو يَدعه فَذَلِك قَوْله {لَئِن بسطت} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي وإثمك} قَالَ: بقتلك إيَّايَ {وإثمك} قَالَ: بِمَا كَانَ مِنْك قبل ذَلِك وَأخرج عَن قَتَادَة وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي وإثمك} قَالَ: ترجع بإثمي وإثمك الَّذِي عملت فتستوجب النَّار قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: من كَانَ كَارِه عيشه فليأتنا يلقى الْمنية أَو يبوء عناء وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعد بن أبي وَقاص: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّهَا سَتَكُون فتْنَة الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم والقائم خير من الْمَاشِي والماشي خير من السَّاعِي قَالَ: أَفَرَأَيْت إِن دخل عَليّ بَيْتِي فَبسط إليّ يَده ليقتلني قَالَ: كن كَابْن آدم وتلا {لَئِن بسطت إلىّ يدك لتقتلني} الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْحَاكِم عَن أبي ذَر قَالَ ركب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمارا وأردفني خَلفه فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر أَرَأَيْت إِن أصَاب النَّاس جوع لاتستطيع أَن تقوم من فراشك إِلَى مسجدك كَيفَ تصنع قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: تعفف يَا أباذر أَرَأَيْت إِن أصَاب النَّاس موت شَدِيد يكون الْبَيْت فِيهِ بِالْعَبدِ يَعْنِي الْقَبْر قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: اصبر يَا أَبَا ذَر قَالَ: أَرَأَيْت إِن قتل النَّاس بَعضهم بَعْضًا حَتَّى تغرق حِجَارَة الزَّيْت من الدِّمَاء كَيفَ تصنع قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: اقعد فِي بَيْتك واغلق بابك قلت: فَإِن لم أترك قَالَ: فَائت من أنق مِنْهُم فَكُن فيهم قلت: فآخذ سلاحي قَالَ: إِذن تشاركهم فِيمَا هم فِيهِ وَلَكِن إِن خشيت أَن يروّعك شُعَاع السَّيْف فالق طرف ردائك على وَجهك حَتَّى يبوء بإثمه وإثمك فَيكون من أَصْحَاب النَّار

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اكسروا سيفكم يَعْنِي فِي الْفِتْنَة واقطعوا أوتاركم والزموا أَجْوَاف الْبيُوت وَكُونُوا فِيهَا كالخير من ابْني آدم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة قَالَ: لَئِن اقتتلتم لأنتظرن أقْصَى بَيت فِي دَاري فلألجنه فلئن عليَّ فلأقولن: هَا بؤ بإثمي وإثمك كخير ابْني آدم وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أبي نَضرة قَالَ: دخل أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ يَوْم الْحرَّة غاراً فَدخل عَلَيْهِ الْغَار رجل وَمَعَ أبي سعيد السَّيْف فَوَضعه أَبُو سعيد وَقَالَ: بؤ بإثمي وإثمك وَكن من أَصْحَاب النارولفظ ابْن سعد وَقَالَ: {إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي وإثمك فَتكون من أَصْحَاب النَّار} قَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ: أَنْت قَالَ: نعم قَالَ: فَاسْتَغْفر لي قَالَ: غفر الله لَك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ابْني آدم ضربا مثلا لهَذِهِ الْأمة فَخُذُوا بِالْخَيرِ مِنْهُمَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ياأيها النَّاس أَلا إِن ابْن آدم ضربا لكم مثلا فتشبهوا بخيرهما وَلَا تتشبهوا بشرهما وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه قَالَ: قلت لبكر بن عبد الله: أما بلغك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله ضرب لكم ابْني آدم مثلا فَخُذُوا خيرهما ودعوا شرهما قَالَ بلَى وَأخرج الْحَاكِم بِسَنَد صَحِيح عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا إِنَّهَا سَتَكُون فتن أَلا ثمَّ تكون فتْنَة الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم والقائم فِيهَا خير من الْمَاشِي والماشي فِيهَا خير من السَّاعِي إِلَيْهَا فَإِذا نزلت فَمن كَانَ لَهُ إبل فليلحق بإبله وَمن كَانَ لَهُ أَرض فليلحق بأرضه فَقيل: أَرَأَيْت يارسول الله إِن لم يكن لَهُ ذَلِك قَالَ: فليأخذ حجرا فليدق بِهِ على حد سَيْفه ثمَّ لينج إِن اسْتَطَاعَ النجَاة اللَّهُمَّ هَل بلغت ثَلَاثًا فَقَالَ رجل: يارسول الله أَرَأَيْت إِن أكرهت حَتَّى ينْطَلق بِي إِلَى أحد الصفين فيرميني رجل بِسَهْم أَو يضربني بِسيف فَيَقْتُلنِي قَالَ يبوء بإثمه وإثمك فَيكون من أَصْحَاب النَّار قَالَهَا ثَلَاثًا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة أَنه قيل لَهُ: مَا تَأْمُرنَا إِذا قتل المصلون قَالَ: آمُرك أَن تنظر أقْصَى بَيت فِي دَارك فلتج فِيهِ فَإِن دخل عَلَيْك فَتَقول لَهُ: بُؤْ بإثمي وإثمك فَتكون كَابْن آدم

وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن خَالِد بن عرفطة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ياخالد إِنَّه سَيكون بعدِي أَحْدَاث وَفتن وَاخْتِلَاف فَإِن اسْتَطَعْت أَن تكون عبد الله الْمَقْتُول لَا الْقَاتِل فافعل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يكون فتْنَة النَّائِم فِيهَا خير من المضطجع والمضطجع خير من الْقَاعِد والقاعد خير من الْمَاشِي والماشي خير من السَّاعِي قتلاها كلهَا فِي النَّار قَالَ: يارسول الله فيمَ تَأْمُرنِي إِن أدْركْت ذَلِك قَالَ: ادخل بَيْتك قلت: أَفَرَأَيْت إِن إِن دخل عليَّ قَالَ: قل بؤ بإثمي وإثمك وَكن عبد الله الْمَقْتُول وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: من قتل مَظْلُوما كفَّر الله كل ذَنْب عَنهُ وَذَلِكَ فِي الْقُرْآن {إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي وإثمك} وَأخرج ابْن سعد عَن خباب بن الْأَرَت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر فتْنَة الْقَاعِد فِيهَا خير من الْقَائِم والقائم فِيهَا خير من الْمَاشِي والماشي فِيهَا خير من السَّاعِي فَإِن أدْركْت ذَلِك فَكُن عبد الله الْمَقْتُول ولاتكن عبد الله الْقَاتِل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعجز أحدكُم أَتَاهُ الرجل أَن يقْتله أَن يَقُول هَكَذَا وَقَالَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى فَيكون كالخير من ابْني آدم وَإِذا هُوَ فِي الْجنَّة وَإِذا هُوَ فِي الْجنَّة وَإِذا قَاتله فِي النَّار

30

- قَوْله تَعَالَى: فطوّعت لَهُ نَفسه قتل أَخِيه فَقتله فَأصْبح من الخاسرين - أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فطوّعت لَهُ نَفسه قتل أَخِيه} قَالَ: زيَّنت لَهُ نَفسه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة {فطوّعت لَهُ نَفسه قتل أَخِيه} ليَقْتُلهُ فرَاغ الْغُلَام مِنْهُ فِي رُؤُوس الْجبَال فَأَتَاهُ يَوْمًا من الْأَيَّام وَهُوَ يرْعَى غنما لَهُ وَهُوَ نَائِم فَرفع صَخْرَة فشدخ بهَا رَأسه فَمَاتَ فَتَركه بالعراء ولايدري كَيفَ يدْفن فَبعث الله غرابين أَخَوَيْنِ فاقتتلا فَقتل أَحدهمَا صَاحبه فحفر لَهُ ثمَّ حثا عَلَيْهِ التُّرَاب فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: ياويلتا أعجزت أَن أكون مثل هَذَا الْغُرَاب

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: ابْن آدم الَّذِي قتل أَخَاهُ لم يدر كَيفَ يقْتله فتمثل لَهُ إِبْلِيس فِي صُورَة طير فَأخذ طيراً فَوضع رَأسه بَين حجرين فشدخ رَأسه فَعلمه الْقَتْل وَأخرج عَن مُجَاهِد نَحوه وَأخرج ابْن جرير عَن خَيْثَمَة قَالَ: لما قتل ابْن آدم أَخَاهُ شفت الأَرْض دَمه فلعنت فَلم تشف الأَرْض دَمًا بعد وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بِدِمَشْق جبل يُقَال لَهُ قاسيون فِيهِ قتل ابْن آدم أَخَاهُ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَمْرو بن خَبِير الشَّعْبَانِي قَالَ: كنت مَعَ كَعْب الْأَحْبَار على جبل دير المران فَرَأى لجة سَائِلَة فِي الْجَبَل فَقَالَ: هَهُنَا قتل ابْن آدم أَخَاهُ وَهَذَا أثر دَمه جعله الله آيَة للْعَالمين وَأخرج ابْن عَسَاكِر من وَجه آخر عَن كَعْب قَالَ: إِن الدَّم الَّذِي على جبل قاسيون هُوَ دم ابْن آدم وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: إِن الأَرْض نشفت دم ابْن آدم الْمَقْتُول فلعن ابْن آدم الأَرْض فَمن أجل ذَلِك لاتنشف الأَرْض دَمًا بعد دم هابيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج نعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن عَن عبد الرَّحْمَن بن فضَالة قَالَ: لما قتل قابيل هابيل مسح الله عقله وخلع فُؤَاده تائها حَتَّى مَاتَ قَوْله تَعَالَى: {فَأصْبح من الخاسرين} أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتقتل نفس ظلما إِلَّا كَانَ على ابْن آدم الأول كفل من دَمهَا لِأَنَّهُ أول من سنّ الْقَتْل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماقتلت نفس ظلما إِلَّا كَانَ على ابْن آدم قَاتل الأول كفل من دَمهَا لِأَنَّهُ أول من سنّ الْقَتْل وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن أَشْقَى النَّاس رجلا لِابْنِ آدم الَّذِي قتل أَخَاهُ مَا سفك دم فِي الأَرْض مُنْذُ قتل أَخَاهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا لحق بِهِ مِنْهُ شَيْء وَذَلِكَ أَنه أول من سنّ الْقَتْل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشْقَى النَّاس ثَلَاثَة:

عَاقِر نَاقَة ثَمُود وَابْن آدم الَّذِي قتل أَخَاهُ مَا سفك على الأَرْض من دم إِلَّا لحقه مِنْهُ لِأَنَّهُ أول من سنّ الْقَتْل وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَمْرو قَالَ إِنَّا لنجد ابْن آدم الْقَاتِل يقاسم أهل النَّار قسْمَة صَحِيحَة الْعَذَاب عَلَيْهِ شطر عَذَابهمْ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت من طَرِيق عبد الله بن دِينَار عَن أبي أَيُّوب الْيَمَانِيّ عَن رجل من قومه يُقَال لَهُ عبد الله أَنه وَنَفَرًا من قومه ركبُوا الْبَحْر وَإِن الْبَحْر أظلم عَلَيْهِم أَيَّامًا ثمَّ انجلت عَنْهُم تِلْكَ الظلمَة وهم قرب قَرْيَة قَالَ عبد الله: فَخرجت ألتمس المَاء وَإِذا أَبْوَاب مغلقة تجأجأ فِيهَا الرّيح فهتفت فِيهَا فَلم يجبني أحد فَبينا أَنا على ذَلِك إِذْ طلع عليَّ فارسان فسألا عَن أَمْرِي فأخبرتهما الَّذِي أَصَابَنَا فِي الْبَحْر وَأَنِّي خرجت أطلب المَاء فَقَالَا لي: اسلك فِي هَذِه السِّكَّة فَإنَّك ستنتهي إِلَى بركَة فِيهَا مَاء فاستق مِنْهَا ولايهولنك ماترى فِيهَا فَسَأَلتهمَا عَن تِلْكَ الْبيُوت المغلقة الَّتِي تجأجىء فِيهَا الرّيح فَقَالَا: هَذِه بيُوت أَرْوَاح الْمَوْتَى فَخرجت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى الْبركَة فَإِذا فِيهَا رجل مُعَلّق منكوس على رَأسه يُرِيد أَن يتَنَاوَل المَاء بِيَدِهِ فَلَا يَنَالهُ فَلَمَّا رَآنِي هتف بِي وَقَالَ: يَا عبد الله اسْقِنِي فغرفت بالقدح لأناوله فقبضت يَدي فَقلت: أَخْبرنِي من أَنْت فَقَالَ: أَنا ابْن آدم أول من سفك دَمًا فِي الأَرْض

31

- قَوْله تَعَالَى: فَبعث الله غرابا يبْحَث فِي الأَرْض ليريه كَيفَ يواري سوأة أَخِيه قَالَ ياويلتا أعجزت أَن أكون مثل هَذَا الْغُرَاب فأواري سوأة أخي فَأصْبح من النادمين - أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطِيَّة قَالَ: لما قَتله نَدم ضمه إِلَيْهِ حَتَّى أروح وعكفت عَلَيْهِ الطير وَالسِّبَاع تنْتَظر مَتى يَرْمِي بِهِ فتأكله وَكره أَن يَأْتِي بِهِ آدم فيحزنه فَبعث الله غرابين قتل أَحدهمَا الآخر وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ ثمَّ حفر بِهِ بمنقاره وبرجليه حَتَّى مكَّن لَهُ ثمَّ دَفعه بِرَأْسِهِ حَتَّى أَلْقَاهُ فِي الحفرة ثمَّ بحث عَلَيْهِ برجليه حَتَّى واراه فَلَمَّا رأى مَا صنع الْغُرَاب {يَا ويلتى أعجزت أَن أكون مثل هَذَا الْغُرَاب فأواري سوأة أخي}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث الله غرابين فاقتتلا فَقتل أَحدهمَا الآخر ثمَّ جعل يحثو عَلَيْهِ التُّرَاب حَتَّى واراه فَقَالَ ابْن آدم الْقَاتِل: {يَا ويلتى أعجزت أَن أكون مثل هَذَا الْغُرَاب فأواري سوأة أخي} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ غراب إِلَى غراب ميت فَحَثَا عَلَيْهِ التُّرَاب حَتَّى واراه فَقَالَ الَّذِي قتل أَخَاهُ {يَا ويلتى أعجزت أَن أكون مثل هَذَا الْغُرَاب فأواري سوأة أخي} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مكث يحمل أَخَاهُ فِي جراب على رقبته سنة حَتَّى بعث الله بغرابين فرآهما يبحثان فَقَالَ {أعجزت أَن أكون مثل هَذَا الْغُرَاب} فَدفن أَخَاهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: ان آدم لما قتل أحد ابنيه الآخر مكث مائَة عَام لايضحك حزنا عَلَيْهِ فَأتى على رَأس الْمِائَة فَقيل لَهُ: حياك الله وبياك وَبشر بِغُلَام فَعِنْدَ ذَلِك ضحك وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قتل ابْن آدم بَكَى آدم فَقَالَ: تَغَيَّرت الْبِلَاد وَمن عَلَيْهَا فلون الأَرْض مغبر قَبِيح تغير كل ذِي لون وَطعم وَقل بشاشة الْوَجْه الْمليح فَأُجِيب آدم عَلَيْهِ السَّلَام: أَبَا هابيل قد قتلا جَمِيعًا وَصَارَ الْحَيّ بِالْمَيتِ الذَّبِيح وَجَاء بشره قد كَانَ مِنْهُ على خوف فجَاء بهَا يَصِيح وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما قتل ابْن آدم أَخَاهُ قَالَ آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: تَغَيَّرت الْبِلَاد وَمن عَلَيْهَا فلون الأَرْض مغبر قَبِيح تغير كل ذِي لون وَطعم وَقل بشاشة الْوَجْه الْمليح قتل قابيل هابيلا أَخَاهُ فواحزنا مضى الْوَجْه الْمليح فَأَجَابَهُ إِبْلِيس عَلَيْهِ اللَّعْنَة: تَنَح عَن الْبِلَاد وساكنيها فَبِي فِي الْخلد ضَاقَ بك الفسيح

وَكنت بهَا وزوجك فِي رخاء وقلبك من أَذَى الدُّنْيَا مريح فَمَا انفكت مكايدتي ومكري إِلَى أَن فاتك الثّمن الربيح

32

- قَوْله تَعَالَى: من أجل ذَلِك كتبنَا على بني إِسْرَائِيل أَنه من قتل نفسا بِغَيْر نفس أَو فَسَاد فِي الأَرْض فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا وَلَقَد جَاءَتْهُم رسلنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثمَّ إِن كثيرا مِنْهُم بعد ذَلِك فِي الأَرْض لمسرفون - أخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {من أجل ذَلِك كتبنَا على بني إِسْرَائِيل} يَقُول: من أجل ابْن آدم الَّذِي قتل أَخَاهُ ظلما وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله {من قتل نفسا بِغَيْر نفس أَو فَسَاد فِي الأَرْض فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا} عِنْد الْمَقْتُول يَقُول: فِي الْإِثْم {وَمن أَحْيَاهَا} فاستنقذها من هلكة {فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا} عِنْد المستنفذ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا} قَالَ: أوبق نَفسه كَمَا لَو قتل النَّاس جَمِيعًا وَفِي قَوْله {وَمن أَحْيَاهَا} قَالَ: من سلم من قَتلهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: احياؤها أَن لايقتل نفسا حرمهَا الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: من قتل نَبيا أَو إِمَام عدل فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا وَأخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: دخلت على عُثْمَان يَوْم الدَّار فَقلت: جِئْت لأنصرك فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَة أَيَسُرُّك أَن تقتل النَّاس جَمِيعًا وإيار مَعَهم قلت: لَا قَالَ: فَإنَّك إِن قتلت رجلا وَاحِدًا فَكَأَنَّمَا قتلت النَّاس جَمِيعًا فَانْصَرف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا}

قَالَ: هَذِه مثل الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا وَغَضب الله عَلَيْهِ ولعنه وَأعد لَهُ عذَابا عَظِيما} النِّسَاء الْآيَة 93 يَقُول: لَو قتل النَّاس جَمِيعًا لم يزدْ على مثل ذَلِك الْعَذَاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {من قتل نفسا بِغَيْر نفس أَو فَسَاد فِي الأَرْض فَكَأَنَّمَا قتل النَّاس جَمِيعًا} قَالَ: فِي الْوزر {وَمن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا} قَالَ: فِي الْأجر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمن أَحْيَاهَا} قَالَ: من أنجاها من غرق أَو حرق أَو هدم أَو هلكة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمن أَحْيَاهَا} قَالَ: من قتل حميم فَعَفَا عَنهُ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاس جَمِيعًا وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَنه قيل لَهُ فِي هَذِه الْآيَة: أَهِي لنا كَمَا كَانَت لبني إِسْرَائِيل قَالَ: اي وَالَّذِي لااله غَيره

33

- قَوْله تَعَالَى: إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا أَن يقتلُوا أَو يصلبوا أَو تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينفوا من الأَرْض ذَلِك لَهُم خزي فِي الدُّنْيَا وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم فاعلموا إِن الله غَفُور رَحِيم - أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} قَالَ: نزلت فِي الْمُشْركين مِنْهُم من تَابَ قبل أَن يقدر عَلَيْهِ لم يكن عَلَيْهِ سَبِيل وَلَيْسَت تحرز هَذِه الْآيَة الرجل الْمُسلم من الْحَد إِن قتل أَو أفسد فِي الأَرْض أَو حَارب الله وَرَسُوله ثمَّ لحق بالكفار قبل أَن يقدروا عَلَيْهِ لم يمنعهُ ذَلِك أَن يُقَام فِيهِ الْحَد الَّذِي أَصَابَهُ

وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ كَانَ قوم من أهل الْكتاب بَينهم وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد وميثاق فنقضوا الْعَهْد وأفسدوا فِي الأَرْض فَخير الله نبيه فيهم إِن شَاءَ أَن يقتل وَإِن شَاءَ أَن يصلب وَإِن شَاءَ أَن يقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف وَأما النَّفْي فَهُوَ الْهَرَب فِي الأَرْض فَإِن جَاءَ تَائِبًا فَدخل فِي الْإِسْلَام قُبِل مِنْهُ وَلم يُؤْخَذ بِمَا سلف وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن سعد قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الحرورية {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس أَن نَفرا من عكل قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأسلموا وآمنوا فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْتُوا إبل الصَّدَقَة فيشربوا من أبوالها فَقتلُوا راعيها واستاقوها فَبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَلَبهمْ فَأتى بهم فَقطع أَيْديهم وأرجلهم وسمل أَعينهم وَلم يحسمهم وتركهم حَتَّى مَاتُوا فَأنْزل الله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: نزلت آيَة الْمُحَاربين فِي الْعرنِين وَأخرج ابْن جرير قَالَ: قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قوم من عرينة مضرورين فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا صحوا واشتدوا قتلوا رعاء اللقَاح ثمَّ صرخوا باللقاح عَامِدين بهَا إِلَى أَرض قَومهمْ قَالَ جرير: فَبَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نفر من الْمُسلمين فقدمنا بهم فَقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف وسمل أَعينهم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن يزِيد بن أبي حبيب أَن عبد الْملك بن مَرْوَان كتب إِلَى أنس يسْأَله عَن هَذِه الْآيَة فَكتب إِلَيْهِ أنس يُخبرهُ أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي أُولَئِكَ النَّفر من الْعرنِين وهم من بجيلة قَالَ أنس فَارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام وَقتلُوا الرَّاعِي وَاسْتَاقُوا الْإِبِل وأخافوا السَّبِيل وَأَصَابُوا الْفرج الْحَرَام فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل عَن الْقَضَاء فِيمَن حَارب فَقَالَ: من سرق وأخاف السَّبِيل واستحل الْفرج الْحَرَام فاصلبه وَأخرج الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ فِي إِيضَاح الْإِشْكَال من طَرِيق أبي قلَابَة عَن أنس

عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} قَالَ: هم من عكل وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجال من بني فزاره قد مَاتُوا هزالًا فَأَمرهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى لقاحه فسرقوها فطلبوا فَأتى بهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقطع أَيْديهم وأرجلهم وسمل أَعينهم قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فيهم نزلت هَذِه الْآيَة {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} قَالَ: فَترك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعْين بعد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ نَاس من بني سليم أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَايعُوهُ على الْإِسْلَام وهم كذبة ثمَّ قَالُوا: إِنَّا نَجْتَوِي الْمَدِينَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذِه اللقَاح تَغْدُو عَلَيْكُم وَتَروح فَاشْرَبُوا من أبوالها فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ جَاءَ الصَّرِيخ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قتلوا الرَّاعِي وَسَاقُوا النعم فَرَكبُوا فِي أَثَرهم فَرجع صحابة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أَسرُّوا مِنْهُم فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهم فَأنْزل الله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة فَقتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم وصلب وَقطع وسمل الْأَعْين قَالَ: فَمَا مثل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل ولابعد وَنهى عَن الْمثلَة وَقَالَ: لاتمثلوا بِشَيْء وَأخرج مُسلم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ إِنَّمَا سمل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعين أُولَئِكَ لأَنهم سملوا أعين الرُّعَاة وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي سودان عرينة أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبهم المَاء الْأَصْفَر فشكوا ذَلِك إِلَيْهِ فَأَمرهمْ فَخَرجُوا إِلَى إبل الصَّدَقَة فَقَالَ اشربوا من أبوالها وَأَلْبَانهَا فَشَرِبُوا حَتَّى إِذا صحوا وبرئوا قتلوا الرُّعَاة وَاسْتَاقُوا الْإِبِل فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتى بهم فَأَرَادَ أَن يسمل أَعينهم فَنَهَاهُ الله عَن ذَلِك وَأمره أَن يُقيم فيهم الْحُدُود كَمَا أنزل الله وَأخرج ابْن جرير عَن الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ: ذكرت لليث بن سعد ماكان من سمل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَترك حسمهم حَتَّى مَاتُوا فَقَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن عجلَان يَقُول: أنزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معاتبة فِي ذَلِك وعلَّمه عُقُوبَة مثلهم من الْقطع وَالْقَتْل وَالنَّفْي وَلم يسمل بعدهمْ وَغَيرهم قَالَ: وَكَانَ هَذَا القَوْل ذكر لِابْنِ عمر فَأنْكر أَن تكون نزلت معاتبة وَقَالَ: بل كَانَت عُقُوبَة ذَلِك النَّفر

بأعيانهم ثمَّ نزلت هَذِه الْآيَة فِي عُقُوبَة غَيرهم مِمَّن حَارب بعدهمْ فَرفع عَنهُ السمل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن أبي الزِّنَاد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قطع الَّذين أخذُوا لقاحه وسمل أَعينهم عاتبه الله فِي ذَلِك فَأنْزل الله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة قَالَ: إِذا خرج الْمُحَارب فَأخذ المَال وَلم يقتل يقطع من خلاف واذا خرج فَقتل وَلم يَأْخُذ المَال قتل وَإِذا خرج فَقتل وَأخذ المَال قتل وصلب واذا خرج فَأَخَاف السَّبِيل وَلم يَأْخُذ المَال وَلم يقتل نفي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة قَالَ: من شهر السِّلَاح فِي قبَّة الْإِسْلَام وأفسد السَّبِيل وَظهر عَلَيْهِ وَقدر فإمام الْمُسلمين مخيَّر فِيهِ إِن شَاءَ قَتله وَإِن شَاءَ صلبه وَإِن شَاءَ قطع يَده وَرجله قَالَ {أَو ينفوا من الأَرْض} يهربوا يخرجُوا من دَار الْإِسْلَام إِلَى دَار الْحَرْب وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لايحل دم امرىء مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث خِصَال: زَان مُحصن يرْجم وَرجل قتل مُتَعَمدا فَيقْتل وَرجل خرج من الْإِسْلَام فحارب فَيقْتل أَو يصلب أَو ينفى من الأَرْض وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن عَبَّاس أَن قوما من عرينة جاؤوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأسلموا وَكَانَ مِنْهُم مواربة قد شلت أعضاؤهم واصفرت وُجُوههم وعظمت بطونهم فَأَمرهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى إبل الصَّدَقَة يشْربُوا من أبوالها وَأَلْبَانهَا فَشَرِبُوا حَتَّى صحوا وسمنوا فعمدوا إِلَى راعي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَتَلُوهُ وَاسْتَاقُوا الْإِبِل وَارْتَدوا عَن الْإِسْلَام وَجَاء جِبْرِيل فَقَالَ: يامحمد ابْعَثْ فِي آثَارهم فَبعث ثمَّ قَالَ: ادْع بِهَذَا الدُّعَاء: اللَّهُمَّ إِن السَّمَاء سماؤك وَالْأَرْض أَرْضك والمشرق مشرقك وَالْمغْرب مغربك اللَّهُمَّ ضيق [] من مسك حمل حَتَّى تقدرني عَلَيْهِم فجاؤوا بهم فَأنْزل الله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة فَأمره جِبْرِيل أَن من أَخذ المَال وَقتل يصلب وَمن قتل وَلم يَأْخُذ المَال يقتل وَمن

أَخذ المَال وَلم يقتل تقطع يَده وَرجله من خلاف وَقَالَ ابْن عَبَّاس هَذَا الدُّعَاء: لكل آبق وَلكُل من ضلت لَهُ ضَالَّة من انسان وَغَيره يَدْعُو هَذَا الدُّعَاء وَيكْتب فِي شَيْء ويدفن فِي مَكَان نظيف إِلَّا قدره الله عَلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة قَالَ: هَذَا الَّذِي يقطع الطَّرِيق فَهُوَ محَارب فَإِن قتل وَأخذ مَالا صلب وَإِن قتل وَلم يَأْخُذ مَالا قتل وَإِن أَخذ مَالا وَلم يقتل قطعت يَده وَرجله وَإِن أَخذ قبل أَن يفعل شَيْئا من ذَلِك نفي وَأما قَوْله {إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم} فَهَؤُلَاءِ خَاصَّة وَمن أصَاب دَمًا ثمَّ تَابَ من قبل أَن يقدر عَلَيْهِ أهْدر عَنهُ مامضى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عَطاء وَمُجاهد قَالَا: الإِمَام فِي ذَلِك مُخَيّر إِن شَاءَ قتل وَإِن شَاءَ قطع وَإِن شَاءَ صلب وَإِن شَاءَ نفى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب وَالْحسن وَالضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالُوا: الإِمَام مخيَّر فِي الْمُحَارب يصنع بِهِ ماشاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك فال كَانَ قوم بَينهم وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِيثَاق فنقضوا الْعَهْد وقطعو السبل وأفسدوا فِي الأَرْض فَخير الله نبيه فيهم إِن شَاءَ قتل وَإِن شَاءَ صلب وَإِن شَاءَ قطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينفوا من الأَرْض قَالَ: هُوَ أَن يطلبوا حَتَّى يعْجزُوا فَمن تَابَ قبل أَن يقدروا عَلَيْهِ قبل ذَلِك مِنْهُ وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن الضَّحَّاك قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُشْركين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نَفْيه أَن يَطْلُبهُ الإِمَام حَتَّى يَأْخُذهُ أَقَامَ عَلَيْهِ إِحْدَى هَذِه الْمنَازل الَّتِي ذكر الله بِمَا اسْتحلَّ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله {أَو ينفوا من الأَرْض} قَالَ: من بلد إِلَى بلد وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: ينفى حَتَّى لايقدر عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله {أَو ينفوا من الأَرْض} قَالَ: نَفْيه أَن يطْلب فَلَا يقدرعليه كلما سمع بِهِ أَرض طلب

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ: يخرجُوا من الأَرْض أَيْنَمَا أدركوا خَرجُوا حَتَّى يلْحقُوا بِأَرْض الْعَدو وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: من أَخَاف سَبِيل الْمُؤمنِينَ نفي من بلد إِلَى غَيره وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا} قَالَ: الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَقتل النَّفس وهلاك الْحَرْث والنسل وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ وَسَعِيد بن جُبَير قَالَا: ان جَاءَ تَائِبًا لم يقطع مَالا ولاسفك دَمًا فَذَلِك الَّذِي قَالَ الله {إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَشْرَاف وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ حَارِثَة بن بدر التَّمِيمِي من أهل الْبَصْرَة قد أفسد فِي الأَرْض وَحَارب وكلم رجَالًا من قُرَيْش أَن يستأمنوا لَهُ عليا فَأَبَوا فَأتى سعيد بن قيس الهمذاني فَأتى عليا فَقَالَ: ياأمير الْمُؤمنِينَ ماجزاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا قَالَ: أَن يقتلُوا أَو يصلبوا أَو تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينفوا من الأَرْض ثمَّ قَالَ {إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم} فَقَالَ سعيد: وَإِن كَانَ حَارِثَة بن بدر فَقَالَ: هَذَا حَارِثَة بن بدر قد جَاءَ تَائِبًا فَهُوَ آمن قَالَ: نعم قَالَ: فجَاء بِهِ إِلَيْهِ فَبَايعهُ وقَبِل ذَلِك مِنْهُ وَكتب لَهُ أَمَانًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الْأَشْعَث عَن رجل قَالَ: صلى رجل مَعَ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْغَدَاة ثمَّ قَالَ: هَذَا مقَام العائذ التائب أَنا فلَان بن فلَان أَنا كنت مِمَّن حَارب الله وَرَسُوله وَجئْت تَائِبًا من قبل أَن يقدر عليَّ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: إِن فلَان بن فلَان كَانَ مِمَّن حَارب الله وَرَسُوله وَجَاء تَائِبًا من قبل أَن يقدر عَلَيْهِ فلايعرض لَهُ أحد إِلَّا بِخَير فَإِن يكن صَادِقا فسبيلي ذَلِك وَإِن يَك كَاذِبًا فَلَعَلَّ الله أَن يَأْخُذهُ بِذَنبِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء أَنه سُئِلَ عَن رجل سرق سَرقَة فجَاء تَائِبًا من غير أَن يُؤْخَذ عَلَيْهِ هَل عَلَيْهِ حد قَالَ: لَا ثمَّ قَالَ: {إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم} الْآيَة

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن السّديّ فِي قَوْله {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} قَالَ: سمعنَا انه إِذا قَتَلَ قُتِلَ واذا أَخذ المَال وَلم يقتل قطعت يَده بِالْمَالِ وَرجله بالمحاربة وَإِذا قتل وَأخذ المَال قطعت يَده وَرجلَاهُ وصلب {إِلَّا الَّذين تَابُوا من قبل أَن تقدروا عَلَيْهِم} فَإِن جَاءَ تَائِبًا إِلَى الإِمَام قبل أَن يقدر عَلَيْهِ فَأَمنهُ الإِمَام فَهُوَ آمن فَإِن قَتله إِنْسَان بعد أَن يعلم أَن الإِمَام قد أَمنه قتل بِهِ فَإِن قَتله وَلم يعلم أَن الإِمَام قد أَمنه كَانَت الدِّيَة

35

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة وَجَاهدُوا فِي سَبيله لَعَلَّكُمْ تفلحون - أخرج عبد بن حميد وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله {وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة} قَالَ: الْقرْبَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة فِي قَوْله {وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة} قَالَ: الْقرْبَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة} قَالَ: تقربُوا إِلَى الله بِطَاعَتِهِ وَالْعَمَل بِمَا يرضيه وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي وَائِل قَالَ {الْوَسِيلَة} فِي الْإِيمَان وَأخرج الطستي وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة} قَالَ: الْحَاجة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عنترة وَهُوَ يَقُول: إِن الرِّجَال لَهُم إِلَيْك وَسِيلَة إِن يأخذوك تكللي وتخضبي

36

- قَوْله يعالى: إِن الَّذين كفرُوا لَو أَن لَهُم مافي الأَرْض جَمِيعًا وَمثله مَعَه ليفتدوا بِهِ من عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة مَا تقبل مِنْهُم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم يُرِيدُونَ أَن يخرجُوا من النَّار وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُم عَذَاب مُقيم

- أخرج مُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يخرج من النَّار قوم فَيدْخلُونَ الْجنَّة قَالَ يزِيد بن الْفَقِير: فَقلت لجَابِر بن عبد الله: يَقُول الله {يُرِيدُونَ أَن يخرجُوا من النَّار وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا} قَالَ: اتل أول الْآيَة {إِن الَّذين كفرُوا لَو أَن لَهُم مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا وَمثله مَعَه ليفتدوا بِهِ من عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة} أَلا إِنَّهُم الَّذين كفرُوا وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن طلق بن حبيب قَالَ: كنت من أَشد النَّاس تَكْذِيبًا للشفاعة حَتَّى لقِيت جَابر بن عبد الله فَقَرَأت عَلَيْهِ كل آيَة أقدر عَلَيْهَا يذكر الله فِيهَا خُلُود أهل النَّار قَالَ: ياطلق أتراك أَقْرَأ لِكِتابِ الله وأَعْلَم لسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مني إِن الَّذين قَرَأت هم أَهلهَا هم الْمُشْركُونَ وَلَكِن هَؤُلَاءِ قوم أَصَابُوا ذنوباً ثمَّ خَرجُوا مِنْهَا ثمَّ أَهْوى بيدَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ: صمتا إِن لم أكن سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يخرجُون من النَّار بَعْدَمَا دخلُوا وَنحن نَقْرَأ كَمَا قَرَأت وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لِابْنِ عَبَّاس {وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَيحك اقْرَأ مافوقها هَذِه للْكفَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن الله إِذا فرغ من الْقَضَاء بَين خلقه أخرج كتابا من تَحت عَرْشه فِيهِ: رَحْمَتي سبقت غَضَبي وَأَنا أرْحم الرَّاحِمِينَ قَالَ: فَيخرج من النَّار مثل أهل الْجنَّة أَو قَالَ مثلي أهل الْجنَّة مَكْتُوب هَهُنَا مِنْهُم - وَأَشَارَ إِلَى نَحره - عُتَقَاء الله تَعَالَى فَقَالَ رجل لعكرمة: يَا أَبَا عبد الله فَإِن الله يَقُول {يُرِيدُونَ أَن يخرجُوا من النَّار وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا} قَالَ: وَيلك أُولَئِكَ هم أَهلهَا الَّذين هم أَهلهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أَشْعَث قَالَ: قلت: أَرَأَيْت قَول الله {يُرِيدُونَ أَن يخرجُوا من النَّار وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا} فَقَالَ: إِنَّك وَالله لاتسقط على شَيْء إِن للنار أَهلا لايخرجون مِنْهَا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك قَالَ: ماكان فِيهِ عَذَاب مُقيم يَعْنِي دَائِم لاينقطع

38

- قَوْله تَعَالَى: وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا جَزَاء بِمَا كسبا نكالاً من الله وَالله عَزِيز حَكِيم

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن نجدة الْحَنَفِيّ قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} أخاص أم عَام قَالَ: بل عَام وَأخرج عبد بن حميد عَن نجدة بن نفيع قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله {وَالسَّارِق والسارقة} الْآيَة قَالَ: ماكان من الرِّجَال وَالنِّسَاء قطع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ فَاقْطَعُوا أيمانهما وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ: فِي قراءتنا وَرُبمَا قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله والسارقون والسارقات فَاقْطَعُوا أَيْمَانهم وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {جَزَاء بِمَا كسبا نكالا من الله} قَالَ: لاترثوا لَهُم فِيهِ فَإِنَّهُ أَمر الله الَّذِي أَمر بِهِ قَالَ: وَذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب كَانَ يَقُول: اشتدوا على الْفُسَّاق واجعلوهم يدا يدا ورجلاً رجلا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لاتقطع يَد السَّارِق إلافي ربع دِينَار فَصَاعِدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ إِن أول حد أقيم فِي الْإِسْلَام لرجل أَتَى بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سرق فَشَهِدُوا عَلَيْهِ فَأمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقطع فَلَمَّا حف الرجل نظر إِلَى وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّمَا سفى فِيهِ الرماد فَقَالُوا: يارسول الله كَأَنَّهُ اشْتَدَّ عَلَيْك قطع هَذَا قَالَ: ومايمنعني وَأَنْتُم أعون للشَّيْطَان على أخيكم قَالُوا: فَأرْسلهُ قَالَ: فَهَلا قبل أَن تَأْتُونِي بِهِ إِن الإِمَام إِذا أَتَى بِحَدّ لم يسغْ لَهُ أَن يعطله

39

- قَوْله تَعَالَى: فَمن تَابَ من بعد ظلمه وَأصْلح فَإِن الله يَتُوب عَلَيْهِ إِن الله غَفُور رَحِيم ألم تعلم أَن الله لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض يعذب من يَشَاء وَيغْفر لمن يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير - أخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عمر أَن امْرَأَة سرقت على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقطعت يَدهَا الْيُمْنَى فَقَالَت: هَل لي من تَوْبَة يارسول

الله قَالَ: نعم أَنْت الْيَوْم من خطيئتك كَيَوْم وَلدتك أمك فَأنْزل الله فِي سُورَة الْمَائِدَة {فَمن تَابَ من بعد ظلمه وَأصْلح فَإِن الله يَتُوب عَلَيْهِ إِن الله غَفُور رَحِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَمن تَابَ من بعد ظلمه وَأصْلح فَإِن الله يَتُوب عَلَيْهِ} يَقُول: الْحَد كَفَّارَته وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن ثَوْبَان قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل سرق شملة فَقَالَ: ماأخاله سرق أَو سرقت قَالَ: نعم قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاقْطَعُوا يَده ثمَّ احسموها ثمَّ ائْتُونِي بِهِ فَأتوهُ بِهِ فَقَالَ: تبت إِلَى الله فَقَالَ: إِنِّي أَتُوب إِلَى الله قَالَ: اللَّهُمَّ تب عَلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن الْمُنْكَدر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطع رجلا ثمَّ أَمر بِهِ فحسم وَقَالَ: تب إِلَى الله فَقَالَ أَتُوب إِلَى الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن السَّارِق إِذا قطعت يَده وَقعت فِي النَّار فَإِن عَاد تبعها وَإِن تَابَ استشلاها يَقُول: استرجعها

41

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الرَّسُول لَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر من الَّذين قَالُوا آمنا بأفواههم وَلم تؤمن قُلُوبهم وَمن الَّذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخَرين لم يأتوك يحرفُونَ الْكَلم من بعد موَاضعه يَقُولُونَ إِن أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لم تؤتوه فاحذروا وَمن يرد الله فتنته فَلَنْ تملك لَهُ من الله شَيْئا أُولَئِكَ الَّذين لم يرد الله أَن يطهر قُلُوبهم لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم - أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الرَّسُول لَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر} قَالَ: هم الْيَهُود {من الَّذين قَالُوا آمنا بأفواههم وَلم تؤمن قُلُوبهم} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الله أنزل {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ}

الْمَائِدَة الْآيَة 44 الظَّالِمُونَ الْفَاسِقُونَ أنزلهَا الله فِي طائفتين من الْيَهُود قهرت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى فِي الْجَاهِلِيَّة حَتَّى ارتضوا واصطلحوا على أَن كل قَتِيل قتلته الغريزة من الذليلة فديته خَمْسُونَ وسْقا وكل قَتِيل قتلته الذليلة من الغريزة فديته مائَة وسق فَكَانُوا على ذَلِك حَتَّى قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَنزلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ لم يظْهر عَلَيْهِم فَقَامَتْ الذليلة فَقَالَت: وَهل كَانَ هَذَا فِي حيين قطّ دينهما وَاحِد ونسبهما وَاحِد وبلدهما وَاحِد ودية بَعضهم نصف دِيَة بعض إِنَّمَا أعطيناكم هَذَا ضيماً مِنْكُم لنا وفرقاً مِنْكُم فاما إِذْ قدم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلانعطيكم ذَلِك فَكَادَتْ الْحَرْب تهيج بَينهم ثمَّ ارتضوا على أَن يجْعَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهم ففكرت الغريزة فَقَالَت: وَالله مَا مُحَمَّد بمعطيكم مِنْهُم ضعف مَا يعطيهم مِنْكُم وَلَقَد صدقُوا مَا أعطونا هَذَا الاضيما وقهراً لَهُم فدسوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاخبر الله رَسُوله بأمرهم كُله وماذا أَرَادوا فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الرَّسُول لَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر} إِلَى قَوْله {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} ثمَّ قَالَ: فيهم - وَالله - أنزلت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَامر الشّعبِيّ فِي قَوْله {وَلَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر} قَالَ: رجل من الْيَهُود قتل رجلا من أهل دينه فَقَالُوا لحلفائهم من الْمُسلمين: سلوا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن كَانَ يقْضِي بِالدِّيَةِ اختصمنا إِلَيْهِ وَإِن كَانَ يقْضِي بِالْقَتْلِ لم نأته وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة أَن أَحْبَار الْيَهُود اجْتَمعُوا فِي بَيت الْمِدْرَاس حِين قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَقد زنى رجل بعد احصانه بِامْرَأَة من الْيَهُود وَقد أحصنت فَقَالُوا: ابْعَثُوا هَذَا الرجل وَهَذِه الْمَرْأَة إِلَى مُحَمَّد فَاسْأَلُوهُ كَيفَ الحكم فيهمَا وولوه الحكم فيهمَا فَإِن حكم بعملكم من التجبية وَالْجَلد بِحَبل من لِيف مَطْلِي بقار ثمَّ يسود وُجُوههمَا ثمَّ يحْملَانِ على حِمَارَيْنِ وُجُوههمَا من قبل أدبار الْحمار فَاتَّبعُوهُ فَإِنَّمَا هُوَ ملك سيد الْقَوْم وَإِن حكم فيهمَا بِالنَّفْيِ فَإِنَّهُ نَبِي فَاحْذَرُوهُ على مَا فِي أَيْدِيكُم أَن يسلبكم فَأتوهُ فَقَالُوا: يامحمد هَذَا رجل قد زنى بعد إحْصَانه بِامْرَأَة قد أحصنت فاحكم فيهمَا فقد وليناك الحكم فيهمَا فَمشى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى أَحْبَارهم فِي بَيت

الْمِدْرَاس فَقَالَ: يامعشر يهود أخرجُوا إِلَيّ علمائكم فأخرجوا إِلَيْهِ عبد الله بن صوريا وياسر بن أَخطب ووهب بن يهودا فَقَالُوا: هَؤُلَاءِ عُلَمَاؤُنَا فَسَأَلَهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ حصل أَمرهم إِلَى أَن قَالُوا لعبد الله بن صوريا: هَذَا أعلم من بَقِي بِالتَّوْرَاةِ فَخَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ وشدد الْمَسْأَلَة وَقَالَ: ياابن صوريا أنْشدك الله وأذكرك أَيَّامه عِنْد بني إِسْرَائِيل هَل تعلم أَن الله حكم فِيمَن زنى بعد إحْصَانه بِالرَّجمِ فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: اللَّهُمَّ نعم أما وَالله يَا أَبَا الْقَاسِم إِنَّهُم ليعرفون أَنَّك مُرْسل وَلَكنهُمْ يحسدونك فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر بهما فَرُجِمَا عِنْد بَاب الْمَسْجِد ثمَّ كفر بعد ذَلِك ابْن صوريا وَجحد نبوّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الرَّسُول لَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أول مرجوم رجمه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْيَهُود زنى رجل مِنْهُم وَامْرَأَة فَقَالَ بَعضهم لبَعض: اذْهَبُوا بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِي فَإِنَّهُ نَبِي بعث بتَخْفِيف فَإِن أَفتانا بِفُتْيَا دون الرَّجْم قبلناها واحتججنا بهَا عِنْد الله وَقُلْنَا: فتيا نَبِي من أنبيائك قَالَ: فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد وَأَصْحَابه فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم ماترى فِي رجل وَامْرَأَة مِنْهُم زَنَيَا فَلم يكلمهُ كلمة حَتَّى أَتَى مِدْرَاسهمْ فَقَامَ على الْبَاب فَقَالَ: أنْشدك الله الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى ماتجدون فِي التَّوْرَاة على من زنى إِذا أحصن قَالُوا يحمم ويجبه ويجلد وَالتَّجْبِيَة أَن يحمل الزانيان على حمَار ويقابل أقفيتهما وَيُطَاف بهما وَسكت شَاب فَلَمَّا رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سكت ألظ النِّشْدَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَشَدتنَا فَإنَّا نجد فِي التَّوْرَاة الرَّجْم ثمَّ زنى رجل فِي أسرة من النَّاس فَأَرَادَ رجمه فحال قومه دونه وَقَالُوا: وَالله مانرجم صاحبنا حَتَّى تَجِيء بصاحبك فترجمه فَاصْطَلَحُوا بِهَذِهِ الْعقُوبَة بَينهم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَإِنِّي أحكم بِمَا فِي التَّوْرَاة فَأمر بهما فرجمها قَالَ الزُّهْرِيّ: فَبَلغنَا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فيهم {إِنَّا أنزلنَا التَّوْرَاة فِيهَا هدى وَنور يحكم بهَا النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا} الْمَائِدَة الْآيَة 44 فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والنحاس فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن

الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: مر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَهُودِيّ محمم مجلود فَدَعَاهُمْ فَقَالَ: أهكذا تَجِدُونَ حد الزَّانِي فِي كتابكُمْ قَالُوا: نعم فَدَعَا رجلا من عُلَمَائهمْ فَقَالَ: أنْشدك بِاللَّه الَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى: أهكذا تَجِدُونَ حد الواني فِي كنابكم قَالَ: اللَّهُمَّ لَا وَلَوْلَا أَنَّك نشدتني بِهَذَا لم أخْبرك نجد حد الزَّانِي فِي كتَابنَا الرَّجْم وَلكنه كثر فِي أشرافنا فَكُنَّا إِذا أَخذنَا الشريف تَرَكْنَاهُ وَإِذا أَخذنَا الضَّعِيف أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَد فَقُلْنَا: تَعَالَوْا نجْعَل شَيْئا نقيمه على الشريف والوضيع فَاجْتَمَعْنَا على التحميم وَالْجَلد فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ إِنِّي أول من أَحْيَا أَمرك إِذْ أماتوه وَأمر بِهِ فرجم فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الرَّسُول لَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر} إِلَى قَوْله {إِن أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} وَإِن أفتاكم بِالرَّجمِ {فاحذروا} إِلَى قَوْله {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} قَالَ فِي الْيَهُود {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} الْمَائِدَة الْآيَة 45 قَالَ: فِي النَّصَارَى إِلَى قَوْله {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} الْمَائِدَة الْآيَة 47 قَالَ: فِي الْكفَّار كلهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عمر قَالَ: إِن الْيَهُود جاؤوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا لَهُ رجلا مِنْهُم وَامْرَأَة زَنَيَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماتجدون فِي التَّوْرَاة قَالُوا: نفصحهم ويجلدون قَالَ عبد الله بن سَلام: كَذبْتُمْ ان فِيهَا آيَة الرَّجْم فَأتوا بِالتَّوْرَاةِ فنشروها فَوضع أحدهم يَده على آيَة الرَّجْم فَقَالَ ماقبلها وَمَا بعْدهَا فَقَالَ عبد الله بن سَلام: ارْفَعْ يدك فَرفع يَده فَإِذا آيَة الرَّجْم قَالُوا: صدق فَأمر بهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرُجِمَا وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لم تؤتوه فاحذروا} قَالَ هم الْيَهُود زنت مِنْهُم امْرَأَة وَقد كَانَ حكم الله فِي التَّوْرَاة فِي الزِّنَا الرَّجْم فنفسوا أَن يرجموها وَقَالُوا: انْطَلقُوا إِلَى مُحَمَّد فَعَسَى أَن تكون عِنْده رخصَة فَإِن كَانَت عِنْده رخصَة فاقبلوها فَأتوهُ فَقَالُوا: ياأبا الْقَاسِم إِن امْرَأَة منا زنت فَمَا تَقول فِيهَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَكيف حكم الله فِي التَّوْرَاة فِي الزَّانِي قَالُوا: دَعْنَا مِمَّا فِي التَّوْرَاة وَلَكِن ماعندك فِي ذَلِك فَقَالَ: ائْتُونِي

بأعلمكم بِالتَّوْرَاةِ الَّتِي أنزلت على مُوسَى فَقَالَ لَهُم: بِالَّذِي نجاكم من آل فِرْعَوْن وَبِالَّذِي فلق لكم الْبَحْر فانجاكم وَأغْرقَ آل فِرْعَوْن إِلَّا أخبرتموني ماحكم الله فِي التَّوْرَاة فِي الزَّانِي قَالُوا: حكمه الرَّجْم فَأمر بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرجمت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله {وَمن الَّذين هادوا سماعون للكذب} قَالَ: يهود الْمَدِينَة {سماعون لقوم آخَرين لم يأتوك} قَالَ: يهود فدك {يحرفُونَ الْكَلم} قَالَ: يهود فدك {يَقُولُونَ} ليهود الْمَدِينَة {إِن أُوتِيتُمْ هَذَا} الْجلد {فَخُذُوهُ وَإِن لم تؤتوه فاحذروا} الرَّجْم وَأخرج الْحميدِي فِي مُسْنده وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: زنى رجل من أهل فدك فَكتب أهل فدك إِلَى نَاس من الْيَهُود بِالْمَدِينَةِ اسألوا مُحَمَّدًا عَن ذَلِك فَإِن أَمركُم بِالْجلدِ فَخُذُوهُ عَنهُ وَإِن أَمركُم بِالرَّجمِ فَلَا تأخذوه عَنهُ فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: أرْسلُوا إليَّ أعلم رجلَيْنِ مِنْكُم فجاؤوا بِرَجُل أَعور يُقَال لَهُ ابْن صوريا وَآخر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهما أَلَيْسَ عندكما التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله قَالَا: بلَى قَالَ: فانشدك بِالَّذِي فلق الْبَحْر لبني إِسْرَائِيل وظلل عَلَيْكُم الْغَمَام ونجاكم من آل فِرْعَوْن وَأنزل التَّوْرَاة على مُوسَى وَأنزل الْمَنّ والسلوى على بني إِسْرَائِيل ماتجدون فِي التَّوْرَاة فِي شَأْن الرَّجْم فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر: مانشدت بِمثلِهِ قطّ: قَالَا: نجد ترداد النّظر زنية والاعتناق زنية والقبل زنية فَإِذا شهد أَرْبَعَة أَنهم رَأَوْهُ يبدىء وَيُعِيد كَمَا يدْخل الْميل فِي المكحلة فقد وَجب الرَّجْم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَهُوَ كَذَلِك فَأمر بِهِ فرجم فَنزلت {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم} إِلَى قَوْله {يحب المقسطين} الْمَائِدَة الْآيَة 42 وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَلَا يحزنك الَّذين يُسَارِعُونَ فِي الْكفْر} قَالَ: نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار زَعَمُوا أَنه أَبُو لباتة أشارت اليه بَنو قُرَيْظَة يَوْم الْحصار ماالامر على ماننزل فَأَشَارَ إِلَيْهِم أَنه الذّبْح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمن الَّذين هادوا سماعون للكذب} قَالَ: هم أَبُو يسرة وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {سماعون لقوم آخَرين} قَالَ: يهود خَيْبَر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {سمَّاعون لقوم آخَرين} قَالَ: هم أَيْضا سماعون ليهود وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله {يحرِّفون الْكَلم عَن موَاضعه} (الْمَائِدَة الْآيَة 13) قَالَ: كَانَ يَقُول بني إِسْرَائِيل: يابني أحباري فحرفوا ذَلِك فجعلوه يابني أبكاري فَذَلِك قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه} وَكَانَ إِبْرَاهِيم يَقْرَأها (يحرفُونَ الْكَلم من موَاضعه) وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم من بعد موَاضعه} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذَا كَانَ فِي قَتِيل بني قُرَيْظَة وَالنضير إِذْ قتل رجل من قُرَيْظَة قَتله النَّضِير وَكَانَت النَّضِير إِذا قتلت من بني قُرَيْظَة لم يقيدوهم إِنَّمَا يعطونهم الدِّيَة لفضلهم عَلَيْهِم فِي أنفسهم تعوذاً فَقدم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَسَأَلَهُمْ فأرادوا ان يرفعوا ذَلِك إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليحكم بَينهم فَقَالَ لَهُم رجل من الْمُنَافِقين: إِن قتيلكم هَذَا قَتِيل عمد وَإِنَّكُمْ مَتى ترفعون أمره إِلَى مُحَمَّد أخْشَى عَلَيْكُم الْقود فَإِن قبل مِنْكُم الدِّيَة فَخُذُوهُ وَإِلَّا فكونوا مِنْهُم على حذر وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَقُولُونَ إِن أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} قَالَ: إِن وافقكم وَإِن لم يوافقكم {فَاحْذَرُوهُ} يهود تَقول: لِلْمُنَافِقين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يحرفُونَ الْكَلم} يَعْنِي حُدُود الله فِي التَّوْرَاة وَفِي قَوْله {يَقُولُونَ إِن أُوتِيتُمْ هَذَا} قَالَ: يَقُولُونَ إِن أَمركُم مُحَمَّد بِمَا أَنْتُم عَلَيْهِ فاقبلوه وَإِن خالفكم فَاحْذَرُوهُ وَفِي قَوْله {وَمن يرد الله فتنته} قَالَ: ضلالته {فَلَنْ تملك لَهُ من الله شَيْئا} يَقُول: لن تغني عَنهُ شَيْئا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي} قَالَ: أما خزيهم فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ إِذا قَامَ الْهدى فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة فَقَتلهُمْ فَذَلِك الخزي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي} مَدِينَة تفتح بالروم فيسبون وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي} قَالَ: يُعْطون الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون

42

- قَوْله تَعَالَى: سماعون للكذب أكالون للسحت فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم وَإِن تعرض عَنْهُم فَلَنْ يضروك شَيْئا وَإِن حكمت فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ إِن الله يحب المقسطين - أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سمَّاعون للكذب أكَّالون للسحت} وَذَلِكَ أَنهم أخذُوا الرِّشْوَة فِي الحكم وقضوا بِالْكَذِبِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {سمَّاعون للكذب أكَّالون للسحت} قَالَ: تِلْكَ أَحْكَام الْيَهُود يسمع كذبه وَيَأْخُذ رشوته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: السُّحت الرِّشْوَة فِي الدّين قَالَ سُفْيَان: يَعْنِي فِي الحكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من شفع لرجل ليدفع عَنهُ مظلمته أويرد عَلَيْهِ حَقًا فاهدى لَهُ هَدِيَّة فقبلها فَذَلِك السُّحت فَقيل: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن إِنَّا كُنَّا نعد السُّحت الرِّشْوَة فِي الحكم فَقَالَ عبد الله: ذَلِك الْكفْر {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} الْمَائِدَة الْآيَة 44 وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن السُّحت فَقَالَ: الرشا قيل: فِي الحكم قَالَ: ذَلِك الْكفْر ثمَّ قَرَأَ {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} الْمَائِدَة الْآيَة 44 وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن السُّحت أهوَ الرِّشْوَة فِي الحكم قَالَ: لَا {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} الْمَائِدَة الْآيَة 45 الْفَاسِقُونَ وَلَكِن السُّحت أَن يستعينك رجل على مظْلمَة فيهدي لَك فتقبله فَذَلِك السُّحت

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق قَالَ: قلت لعمر بن الْخطاب: أَرَأَيْت الرِّشْوَة فِي الحكم أَمن السُّحت هِيَ قَالَ: لَا وَلَكِن كفرا إِنَّمَا السُّحت أَن يكون للرجل عِنْد السُّلْطَان جاه ومنزلة وَيكون إِلَى السُّلْطَان حَاجَة فلايقضي حَاجته حَتَّى يهدي إِلَيْهِ هَدِيَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رشوة الْحُكَّام حرَام وَهِي السُّحت الَّذِي ذكر الله فِي كِتَابه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل لحم نبت من سحت فَالنَّار أولى بِهِ قيل: يارسول الله وَمَا السُّحت قَالَ: الرِّشْوَة فِي الحكم وَأخرج عبد بن حميد عَن زيد بن ثَابت أَنه سُئِلَ عَن السُّحت فَقَالَ: الرِّشْوَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه سُئِلَ عَن السُّحت فَقَالَ: الرشا فَقيل لَهُ: فِي الحكم قَالَ: ذَاك الْكفْر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: بَابَانِ من السُّحت يأكلهما النَّاس الرشا فِي الحكم وَمهر الزَّانِيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ قَالَ: أَبْوَاب السُّحت ثَمَانِيَة: رَأس السُّحت رشوة الْحَاكِم وَكسب الْبَغي وعَسَبُ الْفَحْل وَثمن الْميتَة وَثمن الْخمر وَثمن الْكَلْب وَكسب الْحجام وَأجر الكاهن وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طريف قَالَ: مر عَليّ بِرَجُل يحْسب بَين قوم بِأَجْر وَفِي لفظ: يقسم بَين نَاس قسما فَقَالَ لَهُ عَليّ: إِنَّمَا تَأْكُل سحتاً وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: من السُّحت مهر الزَّانِيَة وَثمن الْكَلْب إِلَّا كلب الصَّيْد وَمَا أَخذ من شَيْء فِي الحكم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَدَايَا الْأُمَرَاء سحت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتّ خِصَال من السُّحت: رشوة الإِمَام وَهِي أَخبث ذَلِك كُله وَثمن الْكَلْب وعسب الْفَحْل وَمهر الْبَغي وَكسب الْحجام وحلوان الكاهن

وَأخرج عبد بن حميد عَن طَاوس قَالَ: هَدَايَا الْعمَّال سحت وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن سعيد قَالَ لما بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن رَوَاحَة إِلَى أهل خيبرأهدوا لَهُ فَرْوَة فَقَالَ: سحت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الراشي والمرتشي وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ: لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الراشي والمرتشي والرائش يَعْنِي الَّذِي يمشي بَينهمَا وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من ولي عشرَة فَحكم بَينهم بِمَا أَحبُّوا أَو كَرهُوا جِيءَ بِهِ مغلولة يَده فَإِن عدل وَلم يرتش وَلم يحف فك الله عَنهُ وَإِن حكم بِغَيْر ماأنزل الله ارتشى وحابى فِيهِ شدت يسَاره إِلَى يَمِينه ثمَّ رمي فِي جَهَنَّم فَلم يبلغ قعرها خَمْسمِائَة عَام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سَتَكُون من بعدِي وُلَاة يسْتَحلُّونَ الْخمر بالنبيذ والبخس بِالصَّدَقَةِ والسحت بالهدية وَالْقَتْل بِالْمَوْعِظَةِ يقتلُون البريء لتوطى الْعَامَّة لَهُم فيزدادوا إِثْمًا وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من السُّحت: كسب الْحجام وَثمن الْكَلْب وَثمن القرد وَثمن الْخِنْزِير وَثمن الْخمر وَثمن الْميتَة وَثمن الدَّم وعسب الْفَحْل وَأجر النائحة وَأجر الْمُغنيَة وَأجر الكاهن وَأجر السَّاحر وَأجر الْقَائِف وَثمن جُلُود السبَاع وَثمن جُلُود الْميتَة فَإِذا دبغت فَلَا بَأْس بهَا وَأجر صور التماثيل وهدية الشَّفَاعَة وجعلة الْغَزْو وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله قَالَ: هَذِه الرغف الَّتِي يَأْخُذهَا المعلمون من السُّحت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آيتان نسختا من هَذِه السُّورَة - يَعْنِي من الْمَائِدَة - آيَة القلائد وَقَوله {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُخَيّرا إِن شَاءَ حكم بَينهم وَإِن شَاءَ أعرض عَنْهُم فردهم إِلَى

أحكامهم فَنزلت {وَأَن أحكم بَينهم بِمَا أنزل الله وَلَا تتبع أهواءهم} الْمَائِدَة الْآيَة 49 قَالَ: فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحكم بَينهم بِمَا فِي كتَابنَا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} قَالَ: نسختها هَذِه الْآيَة {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله} الْمَائِدَة 49 وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن شهَاب إِن الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم} كَانَت فِي شَأْن الرَّجْم وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن الْآيَات من الْمَائِدَة الَّتِي قَالَ الله فِيهَا {فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} إِلَى قَوْله {المقسطين} إِنَّمَا نزلت فِي الدِّيَة من بني النَّضِير وَقُرَيْظَة وَذَلِكَ أَن قَتْلَى بني النَّضِير كَانَ لَهُم شرف يُرِيدُونَ الدِّيَة كَامِلَة وَأَن بني قُرَيْظَة كَانُوا يُرِيدُونَ نصف الدِّيَة فَتَحَاكَمُوا فِي ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله ذَلِك فيهمفحملهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْحق فَجعل الدِّيَة سَوَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت قُرَيْظَة وَالنضير وَكَانَ النَّضِير أشرف من قُرَيْظَة فَكَانَ إِذا قتل رجل من النَّضِير رجلا من قُرَيْظَة أدّى مائَة وسق من تمر وَإِذا قتل رجل من قُرَيْظَة رجلا من النَّضِير قتل بِهِ فَلَمَّا بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل رجل من النَّضِير رجلا من قُرَيْظَة فَقَالُوا: ادفعوه إِلَيْنَا نَقْتُلهُ فَقَالُوا: بَيْننَا وَبَيْنكُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتوهُ فَنزلت {وَإِن حكمت فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ} والقسط النَّفس بِالنَّفسِ ثمَّ نزلت {أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ} الْمَائِدَة الْآيَة 50 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} قَالَ: يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة كَانَ فِي سَعَة من أمره إِن شَاءَ حكم وَإِن شَاءَ لم يحكم ثمَّ قَالَ {وَإِن تعرض عَنْهُم فَلَنْ يضروك شَيْئا} قَالَ: نسختها {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله وَلَا تتبع أهواءهم} الْمَائِدَة الْآيَة 49

وَأخرج عبد بن حميد والنحاس فِي ناسخه عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} قَالَ: إِن شَاءَ حكم بَينهم وَإِن شَاءَ لم يحكم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ قَالَا: إِذا جاؤوا إِلَى حَاكم من حكام الْمُسلمين إِن شَاءَ حكم بَينهم وَإِن شَاءَ أعرض عَنْهُم وَإِن حكم بَينهم حكم بِمَا أنزل الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ مخيَّر وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي أهل الذِّمَّة يرتفعون إِلَى حكام الْمُسلمين قَالَ: يحكم بَينهم بِمَا أنزل الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: أهل الذِّمَّة إِذْ ارتفعوا إِلَى الْمُسلمين حكم عَلَيْهِم بِحكم الْمُسلمين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ {وَإِن حكمت فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ} قَالَ: بِالرَّجمِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك فِي قَوْله {إِن الله يحب المقسطين} قَالَ: المعدلين فِي القَوْل وَالْفِعْل وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الزُّهْرِيّ فِي الْآيَة قَالَ: مَضَت السّنة أَن يردوا فِي حُقُوقهم ومواريثهم إِلَى أهل دينهم إِلَّا أَن يَأْتُوا راغبين فِي حد يحكم بَينهم فِيهِ فَيحكم بَينهم بِكِتَاب الله وَقد قَالَ لرَسُوله {وَإِن حكمت فاحكم بَينهم بِالْقِسْطِ}

43

- قَوْله تَعَالَى: وَكَيف يحكمونك وَعِنْدهم التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله ثمَّ يتولون من بعد ذَلِك وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ - أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ مر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَهُودِيّ محمم قد جلد فَسَأَلَهُمْ ماشأن هَذَا قَالُوا: زنى فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْيَهُود: ماتجدون حد الزَّانِي فِي كتابكُمْ قَالُوا نجد حَده التحميم وَالْجَلد فَسَأَلَهُمْ أَيّكُم أعلم فوركوا ذَلِك إِلَى رجل مِنْهُم قَالُوا: فلَان فارسل إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ قَالَ: نجد التحميم وَالْجَلد فَنَاشَدَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماتجدون حد الزَّانِي فِي كتابكُمْ قَالَ: نجد الرَّجْم وَلكنه

كثر فِي عظمائنا فامنتعوا مِنْهُم بقومهم وَوَقع الرَّجْم على ضعفائنا فَقُلْنَا نضع شَيْئا يصلح بَينهم حَتَّى يستووا فِيهِ فَجعلنَا التحميم وَالْجَلد فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ إِنِّي أول من أَحْيَا أَمرك إِذْ أماتوه فَأمر بِهِ فرجم قَالَ: وَوَقع الْيَهُود بذلك الرجل الَّذِي أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وشتموه وَقَالُوا: لوكنا نعلم أَنَّك تَقول هَذَا ماقلنا انك أعلمنَا قَالَ: ثمَّ جعلُوا بعد ذَلِك يسْأَلُون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ماتجد فِيمَا أنزل إِلَيْك حد الزَّانِي فَأنْزل الله {وَكَيف يحكمونك وَعِنْدهم التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله} يَعْنِي حُدُود الله فَأخْبرهُ الله بِحكمِهِ فِي التَّوْرَاة قَالَ {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا} إِلَى قَوْله {والجروح قصاص} الْمَائِدَة الْآيَة 45 وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَكَيف يحكمونك وَعِنْدهم التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله} يَقُول: عِنْدهم بَيَان ماتشاجروا فِيهِ من شَأْن قتيلهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {وَكَيف يحكمونك وَعِنْدهم التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله} يَقُول: فِيهَا الرَّجْم للمحصن والمحصنة وَالْإِيمَان بِمُحَمد والتصديق لَهُ {ثمَّ يتولون} يَعْنِي عَن الْحق {من بعد ذَلِك} يَعْنِي بعد الْبَيَان {وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} يَعْنِي الْيَهُود

44

- قَوْله تَعَالَى: إِنَّا أنزلنَا التَّوْرَاة فِيهَا هدى وَنور يحكم بهَا النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا للَّذين هادوا والربانيون والأحبار بِمَا استحفظوا من كتاب الله وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلَا تخشوا النَّاس واخشون وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ - أخرج ابْن أبي حَاتِم وأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل فِي قَوْله {إِنَّا أنزلنَا التَّوْرَاة فِيهَا هدى وَنور} يَعْنِي هدى من الضَّلَالَة وَنور من الْعَمى {يحكم بهَا النَّبِيُّونَ} يحكمون بِمَا فِي التَّوْرَاة من لدن مُوسَى إِلَى عِيسَى {للَّذين هادوا} لَهُم وَعَلَيْهِم ثمَّ قَالَ وَيحكم بهَا {الربانيون والأحبار} أَيْضا بِالتَّوْرَاةِ {بِمَا استحفظوا من كتاب الله} من

الرَّجْم وَالْإِيمَان بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلَا تخشوا النَّاس} فِي أَمر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالرَّجم يَقُول: اظهروا أَمر مُحَمَّد وَالرَّجم {واخشون} فِي كِتْمَانه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّا أنزلنَا التَّوْرَاة فِيهَا هدى وَنور يحكم بهَا النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا للَّذين هادوا والربانيون والأحبار} قَالَ: أما الربانيون ففقهاء الْيَهُود وَأما الْأَحْبَار فعلماؤهم قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما أنزلت هَذِه الْآيَة: نَحن نحكم على الْيَهُود وعَلى من سواهُم من أهل الْأَدْيَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {يحكم بهَا النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا} قَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن قبله من الْأَنْبِيَاء يحكمون بِمَا فِيهَا من الْحق وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {والربانيون والأحبار} قَالَ: الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء وَأخرج عَن مُجَاهِد قَالَ: {الربانيون} الْعلمَاء الْفُقَهَاء وهم فَوق الْأَحْبَار وَأخرج عَن قَتَادَة قَالَ {الربانيون} فُقَهَاء الْيَهُود {والأحبار} الْعلمَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ كَانَ رجلَانِ من الْيَهُود أَخَوان يُقَال لَهما ابْنا صوريا قد اتبعا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يسلما وأعطياه عهدا أَن لايسألهما عَن شَيْء فِي التَّوْرَاة إِلَّا أخبراه بِهِ وَكَانَ أَحدهمَا ربيّا وَالْآخر حبرًا وَإِنَّمَا الْأَمر كَيفَ حِين زنى الشريف وزنى الْمِسْكِين وَكَيف غيروه فَأنْزل الله {إِنَّا أنزلنَا التَّوْرَاة فِيهَا هدى وَنور يحكم بهَا النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا للَّذين هادوا} يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {والربانيون والأحبار} هما ابْنا صوريا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الربانيون الْفُقَهَاء الْعلمَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {والربانيون} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ {والأحبار} قَالَ: هم الْقُرَّاء {وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاء} يَعْنِي الربانيون والأحبار هم الشُّهَدَاء لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا قَالَ أَنه حق جَاءَ من عِنْد الله فَهُوَ نَبِي الله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَتْهُ الْيَهُود فَقضى بَينهم بِالْحَقِّ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جريج {فَلَا تخشوا النَّاس واخشون} لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمته وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن عَسَاكِر عَن نَافِع قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْن عمر فِي سفر فَقيل إِن السَّبع فِي الطَّرِيق قد حبس النَّاس فاستحث ابْن عمر

رَاحِلَته فَلَمَّا بلغ اليه برك فَعَرَكَ أُذُنه وقعده قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِنَّمَا يسْخط على ابْن آدم من خافه ابْن آدم وَلَو أَن ابْن آدم لم يخف إِلَّا الله لم يُسَلط عَلَيْهِ غَيره وَإِنَّمَا وكل ابْن آدم عَن رجال ابْن آدم وَلَو أَن ابْن آدم لم يرج إِلَّا الله لم يكله إِلَى سواهُ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {فَلَا تخشوا النَّاس} فتكتموا مَا أنزلت {وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا} على أَن تكتموا مَا أنزلت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا} قَالَ: لاتأكلوا السُّحت على كتابي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله} فقد كفر وَمن أقرّ بِهِ وَلم يحكم بِهِ فَهُوَ ظَالِم فَاسق وَأخرج سعيد بن مَنْصُور والْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} (الْمَائِدَة آيَة 45) {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} (الْمَائِدَة آيَة 47) قَالَ: كفر دون كفر وظلم دون ظلم وَفسق دون فسق وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا نزل الله {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} والظالمون والفاسقون فِي الْيَهُود خَاصَّة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي صَالح قَالَ: الثَّلَاث الْآيَات الَّتِي فِي الْمَائِدَة {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} هم الظَّالِمُونَ هم الْفَاسِقُونَ لَيْسَ فِي أهل الْإِسْلَام مِنْهَا شَيْء هِيَ فِي الْكفَّار وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} هم الظَّالِمُونَ هم الْفَاسِقُونَ نزلت هَؤُلَاءِ الْآيَات فِي أهل الْكتاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله} الْآيَات قَالَ: نزلت الْآيَات فِي بني إِسْرَائِيل وَرَضي لهَذِهِ الْأمة بهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود وَهِي علينا وَاجِبَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ قَالَ: الثَّلَاث آيَات الَّتِي فِي الْمَائِدَة {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله} أَولهَا فِي هَذِه الْأمة وَالثَّانيَِة فِي الْيَهُود وَالثَّالِثَة فِي النَّصَارَى وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} قَالَ: من حكم بكتابه الَّذِي كتب بِيَدِهِ وَترك كتاب الله وَزعم أَن كِتَابه هَذَا من عِنْد الله فقد كفر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة أَن هَذِه الْآيَات ذكرت عِنْده {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} والظالمون والفاسقون فَقَالَ رجل: ان هَذَا فِي بني إِسْرَائِيل قَالَ حُذَيْفَة: نعم الْأُخوة لكم بَنو إِسْرَائِيل إِن كَانَ لكم كل حلوة وَلَهُم كل مرّة كلا وَالله لتسلكن طريقهم قدر الشرَاك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نعم الْقَوْم أَنْتُم إِن كَانَ مَا كَانَ من حُلو فَهُوَ لكم وماكان من مُر فَهُوَ لأهل الْكتاب كَأَنَّهُ يرى أَن ذَلِك فِي الْمُسلمين {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} قَالَ: نعم قَالُوا {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} قَالَ: نعم قَالُوا: فَهَؤُلَاءِ يحكمون بِمَا أنزل الله قَالَ: نعم هُوَ دينهم الَّذِي بِهِ يحكمون وَالَّذِي بِهِ يَتَكَلَّمُونَ وَإِلَيْهِ يدعونَ فَإِذا تركُوا مِنْهُ شَيْئا علمُوا أَنه جور مِنْهُم إِنَّمَا هَذِه الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكُونَ الَّذين لايحكمون بِمَا أنزل الله وَأخرج عبد بن حميد عَن حَكِيم بن جُبَير قَالَ: سَأَلت سعيد بن جُبَير عَن هَذِه الْآيَات فِي الْمَائِدَة {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ} {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ} {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} فَقلت: زعم قوم أَنَّهَا نزلت على بني إِسْرَائِيل وَلم تنزل علينا قَالَ: اقْرَأ ماقبلها وَمَا بعْدهَا فَقَرَأت عَلَيْهِ فَقَالَ: لَا بل نزلت علينا ثمَّ لقِيت مقسمًا مولى ابْن عَبَّاس فَسَأَلته عَن هَذِه الْآيَات الَّتِي فِي الْمَائِدَة قلت: زعم قوم أَنَّهَا نزلت على

بني إِسْرَائِيل وَلم تنزل علينا قَالَ: إِنَّه نزل على بني إِسْرَائِيل وَنزل علينا وَمَا نزل علينا وَعَلَيْهِم فَهُوَ لنا وَلَهُم ثمَّ دخلت على عَليّ بن الْحُسَيْن فَسَأَلته عَن هَذِه الْآيَات الَّتِي فِي الْمَائِدَة وحدثته أَنِّي سَأَلت عَنْهَا سعيد بن جُبَير ومقسماً قَالَ: فَمَا قَالَ مقسم فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ قَالَ صدق وَلكنه كفر لَيْسَ ككفر الشّرك وَفسق لَيْسَ كفسق الشّرك وظلم لَيْسَ كظلم الشّرك فَلَقِيت سعيد بن جُبَير فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ: فَقَالَ سعيد بن جُبَير لِابْنِهِ: كَيفَ رَأَيْته لقد وجدت لَهُ فضلا عَلَيْك وعَلى مقسم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عمر قَالَ: مارأيت مثل من قضى بَين إثنين بعد هَذِه الْآيَات وَأخرج سعيد قَالَ: استُعمل أَبُو الدَّرْدَاء على الْقَضَاء فَأصْبح يهينه قَالَ: تهينني بِالْقضَاءِ وَقد جعلت على رَأس مهواة منزلتها أبعد من عدن وَأبين وَلَو علم النَّاس مَا فِي الْقَضَاء لأخذوه بالدول رَغْبَة عَنهُ وكراهية لَهُ وَلَو يعلم النَّاس مافي الْأَذَان لأخذوه بالدول رَغْبَة فِيهِ وحرصاً عَلَيْهِ وَأخرج ابْن سعد عَن يزِيد بن موهب أَن عُثْمَان قَالَ لعبد الله بن عمر: اقْضِ بَين النَّاس قَالَ: لَا أَقْْضِي بَين إثنين وَلَا أؤم إثنين قَالَ: لَا وَلكنه بَلغنِي أَن الْقُضَاة ثَلَاثَة رجل قضى بِجَهْل فَهُوَ فِي النَّار وَرجل حاف وَمَال بِهِ الْهوى فَهُوَ فِي النَّار وَرجل اجْتهد فَأصَاب فَهُوَ كفاف لَا أجر لَهُ وَلَا وزر عَلَيْهِ قَالَ: إِن أَبَاك كَانَ يقْضِي قَالَ: إِن أبي إِذا أشكل عَلَيْهِ شَيْء سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِذا أشكل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ جِبْرِيل وَإِنِّي لَا أجد من أسأَل أما سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من عاذ بِاللَّه فقد عاذ بمعاذ فَقَالَ عُثْمَان: بلَى قَالَ: فَانِي أعوذ بِاللَّه أَن تَسْتَعْمِلنِي فاعفاه وَقَالَ: لاتخبر بِهَذَا أحدا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد قَالَ: بَلغنِي أَن قَاضِيا كَانَ فِي زمن بني إِسْرَائِيل بلغ من اجْتِهَاده أَن طلب إِلَى ربه أَن يَجْعَل بَينه وَبَينه علما إِذا هُوَ قضى بِالْحَقِّ عرف ذَلِك فَقيل لَهُ: ادخل مَنْزِلك ثمَّ مد يدك فِي جدارك ثمَّ انْظُر كَيفَ تبلغ أصابعك من الْجِدَار فاخطط عِنْده خطا فَإِذا أَنْت قُمْت من مجْلِس الْقَضَاء فَارْجِع إِلَى ذَلِك الْخط فامدد يدك إِلَيْهِ فانك مَتى كنت على الْحق فانك ستبلغه وَإِن قصرت عَن الْحق قصر بك فَكَانَ يَغْدُو إِلَى الْقَضَاء وَهُوَ مُجْتَهد وَكَانَ لايقضي إِلَّا بِالْحَقِّ وَكَانَ إِذا فرغ لم يذقْ طَعَاما وَلَا

شرابًا وَلَا يُفْضِي إِلَى أَهله بِشَيْء حَتَّى يَأْتِي ذَلِك الْخط فَإِذا بلغه حمد الله وأفضى إِلَى كل ماأحل الله لَهُ من أهل أَو مطعم أَو مشرب فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم وَهُوَ فِي مجْلِس الْقَضَاء أقبل إِلَيْهِ رجلَانِ بِدَابَّة فَوَقع فِي نَفسه أَنَّهُمَا يُريدَان يختصمان إِلَيْهِ وَكَانَ أَحدهمَا لَهُ صديقا وخدنا فَتحَرك قلبه عَلَيْهِ محبَّة أَن يكون لَهُ فَيَقْضِي لَهُ بِهِ فَلَمَّا إِن تكلما دَار الْحق على صَاحبه فَقضى عَلَيْهِ فَلَمَّا قَامَ من مَجْلِسه ذهب إِلَى خطه كَمَا كَانَ يذهب كل يَوْم فَمد يَده إِلَى الْخط فَإِذا الْخط قد ذهب وتشمر إِلَى السّقف وَإِذا هُوَ لايبلغه فَخر سَاجِدا وَهُوَ يَقُول: يارب شَيْء لم أتعمده فَقيل لَهُ: أتحسبن أَن الله لم يطلع على جور قَلْبك حَيْثُ أَحْبَبْت أَن يكون الْحق لصديقك فتقضي لَهُ بِهِ قد أردته وأحببته وَلَكِن الله قد رد الْحق إِلَى أَهله وَأَنت لذَلِك كَارِه وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ عَن لَيْث قَالَ: تقدم عمر بن الْخطاب خصمان فأقامهما ثمَّ عادا ففصل بَينهم فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ: تقدما إليَّ فَوجدت لأَحَدهمَا مَا لم أجد لصَاحبه فَكرِهت أَن افصل بَينهمَا ثمَّ عادا فَوجدت بعض ذَلِك فَكرِهت ثمَّ عادا وَقد ذهب ذَلِك ففصلت بَينهمَا

45

- قَوْله تَعَالَى: وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ وَالْعين بِالْعينِ وَالْأنف بالأنف وَالْأُذن بالأذن وَالسّن بِالسِّنِّ والجروح قصاص فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ - أخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ لما رَأَتْ قُرَيْظَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكم بِالرَّجمِ وَقد كَانُوا يخفونه فِي كِتَابهمْ فَنَهَضت قُرَيْظَة فَقَالُوا: يامحمد اقْضِ بَيْننَا وَبَين إِخْوَاننَا بني النَّضِير وَكَانَ بَينهم دم قبل قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت النَّضِير ينفرون على بني قُرَيْظَة دياتهم على انصاف ديات النَّضِير فَقَالَ: دم الْقرظِيّ وَفَاء دم النَّضِير فَغَضب بنوالنضير وَقَالُوا: لانطيعك فِي الرَّجْم وَلَكنَّا نَأْخُذ بحدودنا الَّتِي كُنَّا عَلَيْهَا فَنزلت {أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ} الْمَائِدَة الْآيَة 50 وَنزل {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} الْآيَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا} قَالَ: فِي التَّوْرَاة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} قَالَ: كتب عَلَيْهِم هَذَا فِي التَّوْرَاة فَكَانُوا يقتلُون الْحر بِالْعَبدِ وَيَقُولُونَ: كتب علينا أَن النَّفس بِالنَّفسِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كتب ذَلِك على بني إِسْرَائِيل فَهَذِهِ الْآيَات لنا وَلَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} إِلَى تَمام الْآيَة أَهِي عَلَيْهِم خَاصَّة قَالَ: بل عَلَيْهِم وَالنَّاس عَامَّة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا} قَالَ: فِي التَّوْرَاة {أَن النَّفس بِالنَّفسِ} الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا أنزل مَا تَسْمَعُونَ فِي أهل الْكتاب حِين نبذوا كتاب الله وعطّلوا حُدُوده وَتركُوا كِتَابه وَقتلُوا رسله وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن يرويهِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قتل عَبده قَتَلْنَاهُ وَمن جدعه جدعناه فراجعوه فَقَالَ: قضى الله {أَن النَّفس بِالنَّفسِ} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن شهَاب قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} أقيد الرجل من الْمَرْأَة وَفِيمَا تَعَمّده من الْجَوَارِح وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: الرجل يقتل بِالْمَرْأَةِ إِذا قَتلهَا قَالَ الله {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه فِي قَوْله {أَن النَّفس بِالنَّفسِ} قَالَ: تقتل بِالنَّفسِ {وَالْعين بِالْعينِ} قَالَ: تفقأ بِالْعينِ {وَالْأنف بالأنف} قَالَ: يقطع الْأنف بالأنف {وَالسّن بِالسِّنِّ والجروح قصاص} قَالَ: وتقتص الْجراح بالجراح {فَمن تصدَّق بِهِ} يَقُول: من عَفا عَنهُ فَهُوَ كَفَّارَة للمطلوب وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَهَا {وكتبنا عَلَيْهِم فِيهَا أَن النَّفس بِالنَّفسِ وَالْعين بِالْعينِ} بِنصب النَّفس وَرفع الْعين ومابعده الْآيَة كلهَا

وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن الرّبيع كسرت ثنية جَارِيَة فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَخُوهَا أنس بن النَّضر: يارسول الله تكسر ثنية فُلَانَة فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ياأنس كتاب الله الْقصاص وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: الجروح قصاص وَلَيْسَ للْإِمَام أَن يضْربهُ ولايحبسه إِنَّمَا الْقصاص - ماكان الله نسياً - لَو شَاءَ لأمر بِالضَّرْبِ والسجن وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عمر فِي قَوْله {فَمن تصدَّق بِهِ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} قَالَ كَفَّارَة للمجروح وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر بن عبد الله {فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} قَالَ للَّذي تصدق بِهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن رجل من الْأَنْصَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} قَالَ: الرجل تكسر سنه أَو تقطع يَده أَو يقطع الشَّيْء أَو يجرح فِي بدنه فيعفو عَن ذَلِك فيحط عَنهُ قدر خطاياه فَإِن كَانَ ربع الدِّيَة فربع خطاياه وَإِن كَانَ الثُّلُث فثلث خطاياه وَإِن كَانَت الدِّيَة حطت عَنهُ خطاياه كَذَلِك وَأخرج الديلمي عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} الرجل تكسر سنه أَو يجرح من جسده فيعفو عَنهُ فيحط من خطاياه بِقدر مَا عَفا من جسده إِن كَانَ نصف الدِّيَة فَنصف خطاياه وَإِن كَانَ ربع الدِّيَة فربع خطاياه وَإِن كَانَ ثلث الدِّيَة فثلث خطاياه وَإِن كَانَت الدِّيَة كلهَا فخطاياه كلهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عدي بن ثَابت أَن رجلا هتم فَم رجل على عهد مُعَاوِيَة فَأعْطَاهُ دِيَة فَأبى إِلَّا أَن يقْتَصّ فاعطاه ديتين فَأبى فَأعْطى ثَلَاثًا فَحدث رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من تصدق بِدَم فَمَا دونه فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ من يَوْم ولد إِلَى يَوْم يَمُوت

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: كسر رجل من قُرَيْش سنّ رجل من الْأَنْصَار فاستعدى عَلَيْهِ فَقَالَ مُعَاوِيَة: أَنا أسترضيه فألح الْأنْصَارِيّ فَقَالَ مُعَاوِيَة: شَأْنك بصاحبك وَأَبُو الدَّرْدَاء جَالس فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مامن مُسلم يصاب بِشَيْء من جسده فَيصدق بِهِ إِلَّا رَفعه الله بِهِ دَرَجَة وَحط عَنهُ بِهِ خَطِيئَة فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: فَانِي قد عَفَوْت وَأخرج الديلمي عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} قَالَ: هُوَ الرجل تكسر سنه ويجرح من جسده فيعفو عَنهُ فيحط عَنهُ من خطاياه بِقدر ماعفا عَنهُ من جسده إِن كَانَ نصف الدِّيَة فَنصف خطاياه وَإِن كَانَ ربع الدِّيَة فربع خطاياه وَإِن كَانَ ثلث الدِّيَة فثلث خطاياه وَإِن كَانَ الدِّيَة كلهَا فحطاياه كلهَا وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مامن مُسلم يصاب بِشَيْء من جسده فَيتَصَدَّق بِهِ إِلَّا رَفعه الله بِهِ دَرَجَة وَحط بِهِ خَطِيئَة فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: فَانِي قد عَفَوْت وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مامن رجل يجرح من جسده جرحة فَيتَصَدَّق بهَا إِلَّا كفر الله عَنهُ مثل مَا تصدق بِهِ وَأخرج أَحْمد عَن رجل من الصَّحَابَة قَالَ: من أُصِيب بِشَيْء من جسده فَتَركه بعد كَانَ كَفَّارَة لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن يُونُس بن أبي إِسْحَق قَالَ: سَأَلَ مُجَاهِد أَبَا اسحق عَن قَوْله {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} فَقَالَ لَهُ أَبُو اسحق: هُوَ الَّذِي يعْفُو قَالَ مُجَاهِد: بل هُوَ الْجَارِح صَاحب الذَّنب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} قَالَ: كَفَّارَة للجارح وَأجر الْمُتَصَدّق على الله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد وَإِبْرَاهِيم {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} قَالَ: كَفَّارَة للجارح وَأجر الْمُتَصَدّق على الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد وَإِبْرَاهِيم {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} قَالَا: للجارح وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} للمتصدق عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن تصدق بِهِ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ} يَقُول: من جرح فَتصدق بِهِ على الْجَارِح فَلَيْسَ على الْجَارِح سَبِيل ولاقود ولاعقل ولاجرح عَلَيْهِ من أجل أَنه تصدق عَلَيْهِ الَّذِي جرح فَكَانَ كَفَّارَة لَهُ من ظلمه الَّذِي ظلم وَأخرج الْخَطِيب عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من عَفا عَن دم لم يكن لَهُ ثَوَاب إِلَّا الْجنَّة

46

- قَوْله تَعَالَى: وقفينا على آثَارهم بِعِيسَى ابْن مَرْيَم مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ من التَّوْرَاة وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيل فِيهِ هدى وَنور ومصدقا لما بَين يَدَيْهِ من التَّوْرَاة وَهدى وموعظة لِلْمُتقين وليحكم أهل الْإِنْجِيل بِمَا أنزل الله فِيهِ وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ - أخرج أَبُو الشَّيْخ فِي قَوْله {وقفينا على آثَارهم} يَقُول: بعثنَا من بعدهمْ عِيسَى ابْن مَرْيَم وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله {وقفينا على آثَارهم} قَالَ: اتَّبعنَا آثَار الْأَنْبِيَاء أَي بعثنَا على آثَارهم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عدي بن زيد وَهُوَ يَقُول: يَوْم قفت عيرهم من عيرنَا وَاحْتِمَال الْحَيّ فِي الصُّبْح فلق وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وليحكم أهل الْإِنْجِيل بِمَا أنزل الله فِيهِ} قَالَ: من أهل الْإِنْجِيل {فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} قَالَ: الْكَاذِبُونَ قَالَ ابْن زيد: كل شَيْء فِي الْقُرْآن فَاسق فَهُوَ كَاذِب إِلَّا قَلِيلا وَقَرَأَ قَول الله {إِن جَاءَكُم فاسقٌ بنبإ} الحجرات الْآيَة 6 فَهُوَ كَاذِب قَالَ: الْفَاسِق هَهُنَا كَاذِب

48

- قَوْله تَعَالَى: وأنزلنا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ من الْكتاب ومهيمنا عَلَيْهِ فاحكم بَينهم بِمَا أنزل الله وَلَا تتبع أهواءهم عَمَّا جَاءَك من الْحق لكل جعلنَا مِنْكُم شرعة ومنهاجاً وَلَو شَاءَ الله لجعلكم أمة وَاحِدَة وَلَكِن ليَبْلُوكُمْ فِي مَا ءاتاكم فاستبقوا الْخيرَات إِلَى الله مرجعكم جَمِيعًا فينبئكم بِمَا كُنْتُم فِيهِ تختلفون - أخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: لما أنبأكم الله عَن أهل الْكتاب قبلكُمْ بأعمالهم أَعمال السوء وبحكمهم بِغَيْر ماأنزل الله وعظ نبيه وَالْمُؤمنِينَ موعظة بليغة شافية وليعلم من ولي شَيْئا من هَذَا الحكم أَنه لَيْسَ بَين الْعباد وَبَين الله شَيْء يعطيهم بِهِ خيرا ولايدفع عَنْهُم بِهِ سوءا إِلَّا بِطَاعَتِهِ وَالْعَمَل بِمَا يرضيه فَلَمَّا بيَّن الله لنَبيه وَالْمُؤمنِينَ صَنِيع أهل الْكتاب وجورهم قَالَ {وأنزلنا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ} يَقُول: للكتب الَّتِي قد خلت قبله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ومهيمناً عَلَيْهِ} قَالَ: مؤتمناً عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ومهيمناً عَلَيْهِ} قَالَ: الْمُهَيْمِن الْأمين وَالْقُرْآن أَمِين على كل كتاب قبله وَأخرج ابو الشَّيْخ عَن عَطِيَّة {ومهيمناً عَلَيْهِ} قَالَ: أَمينا على التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل يحكم عَلَيْهِمَا وَلَا يحكمان عَلَيْهِ قَالَ: مؤتمنا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد {ومهيمناً عَلَيْهِ} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مؤتمناً على الْقُرْآن والمهيمن الشَّاهِد على ماقبله من الْكتب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {ومهيمناً عَلَيْهِ} قَالَ: شَهِيدا على كل كتاب قبله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي روق {ومهيمناً عَلَيْهِ} قَالَ: شَهِيدا على خلقه بأعمالهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فاحكم بَينهم بِمَا أنزل الله} قَالَ: بحدود الله وَأخرج عبد بن حميد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {شرعة ومنهاجاً} قَالَ: سَبِيلا وَسنة وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزوجل {شرعة ومنهاجاً} قَالَ: الشرعة الدّين والمنهاج الطَّرِيق قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَبَا سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَهُوَ يَقُول: لقد نطق الْمَأْمُون بِالصّدقِ وَالْهدى وَبَين لنا الْإِسْلَام دينا ومنهاجاً يَعْنِي بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لكل جعلنَا مِنْكُم شرعة ومنهاجاً} قَالَ: الدّين وَاحِد والشرائع مُخْتَلفَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لكل جعلنَا مِنْكُم شرعة ومنهاجاً} يَقُول: سَبِيلا وَالسّنَن مُخْتَلفَة للتوراة شَرِيعَة وللإنجيل من يطيعه مِمَّن يعصيه وَلَكِن الدّين الْوَاحِد الَّذِي لايقبل غَيره التَّوْحِيد وَالْإِخْلَاص الَّذِي جَاءَت بِهِ الرُّسُل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن كثير فِي قَوْله {وَلَكِن ليَبْلُوكُمْ فِي مَا آتَاكُم} قَالَ: من الْكتب

49

- قَوْله تَعَالَى: وَأَن أحكم بَينهم بِمَا أنزل الله وَلَا تتبع أهواءهم واحذرهم أَن يفتنوك عَن بعض مَا أنزل الله إِلَيْك فَإِن توَلّوا فَاعْلَم أَنما يُرِيد الله أَن يصيبهم بِبَعْض ذنوبهم وَإِن كثيرا من النَّاس لفاسقون - أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ كَعْب بن أَسد وَعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس اذْهَبُوا بِنَا إِلَى مُحَمَّد لَعَلَّنَا نفتنه عَن دينه فَأتوهُ فَقَالُوا: يامحمد إِنَّك عرفت أَنا أَحْبَار يهود

وأشرافهم وساداتهم وَإِنَّا إِن اتَّبَعْنَاك اتَّبعنَا يهود وَلم يخالفونا وَإِن بَيْننَا وَبَين قَومنَا خُصُومَة فنحاكمهم إِلَيْك فتقضي لنا عَلَيْهِم ونؤمن لَك ونصدقك فَأبى ذَلِك وَأنزل الله عز وَجل فيهم {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله} إِلَى قَوْله {لقوم يوقنون} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِن أحكم بَينهم بِمَا أنزل الله} قَالَ: أَمر الله نبيه أَن يحكم بَينهم بَعْدَمَا كَانَ رخص لَهُ أَن يعرض عَنْهُم إِن شَاءَ فنسخت هَذِه الْآيَة ماكان قبلهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نسخت من هَذِه السُّورَة {فَإِن جاؤوك فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} الْمَائِدَة الْآيَة 42 قَالَ: فَكَانَ مُخَيّرا حَتَّى أنزل الله {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله} فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحكم بَينهم بِمَا فِي كتاب الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن أحكم بَينهم بِمَا أنزل الله} قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحكم بَينهم قَالَ: نسخت ماقبلها {فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} الْمَائِدَة الْآيَة 42 وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن مَسْرُوق أَنه كَانَ يحلف أهل الْكتاب بِاللَّه وَكَانَ يَقُول {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله}

50

- قَوْله تَعَالَى: أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ وَمن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون - أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ} قَالَ: يهود وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ} قَالَ: هَذَا فِي قَتِيل الْيَهُود إِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانَ يَأْكُل شديدهم ضعيفهم وعزيزهم ذليلهم قَالَ {أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ}

وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبْغض النَّاس إِلَى الله مبتغ فِي الْإِسْلَام سنة جَاهِلِيَّة وطالب امرىء بِغَيْر حق ليريق دَمه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: الحكم حكمان: حكم الله وَحكم الْجَاهِلِيَّة ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {أَفَحكم الْجَاهِلِيَّة يَبْغُونَ وَمن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة قَالَ: كَانَت تسمى الْجَاهِلِيَّة العالمية حَتَّى جَاءَت امْرَأَة فَقَالَت: يارسول الله كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله ذكر الْجَاهِلِيَّة

51

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين - أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن عبَادَة بن الْوَلِيد أَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: لما حَارَبت بَنو قينقاع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تشبث بأمرهم عبد الله بن سلول وَقَامَ دونهم وَمَشى عبَادَة بن الصَّامِت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتبرأ إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله من حلفهم - وَكَانَ أحد بني عَوْف بن الْخَزْرَج - وَله من حلفهم مثل الَّذِي كَانَ لَهُم من عبد الله بن أبي فخلعهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: أتولى الله وَرَسُوله وَالْمُؤمنِينَ وَأَبْرَأ إِلَى الله وَرَسُوله من حلف هَؤُلَاءِ الْكفَّار وولايتهم وَفِيه وَفِي عبد الله بن أبي نزلت الْآيَات فِي الْمَائِدَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} إِلَى قَوْله {فَإِن حزب الله هم الغالبون} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَن عبد الله بن أبيّ بن سلول قَالَ: أَن بيني وَبَين قُرَيْظَة وَالنضير حلف وَإِنِّي أَخَاف الدَّوَائِر فأرتد كَافِرًا وَقَالَ عبَادَة بن الصَّامِت: أَبْرَأ إِلَى الله من حلف قُرَيْظَة وَالنضير وأتولى الله وَرَسُوله وَالْمُؤمنِينَ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء} إِلَى قَوْله {فترى الَّذين فِي قُلُوبهم مرض يُسَارِعُونَ فيهم} يَعْنِي عبد الله بن أبي وَقَوله {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ} ) (الْمَائِدَة الْآيَة 55) يَعْنِي

عبَادَة بن الصَّامِت وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: {وَلَو كَانُوا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالنَّبِيّ وَمَا أنزل إِلَيْهِ مَا اتخذوهم أَوْلِيَاء وَلَكِن كثيرا مِنْهُم فَاسِقُونَ} الْمَائِدَة الْآيَة 81 وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عبَادَة بن الْوَلِيد عَن أَبِيه عَن جده عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: فيَّ نزلت هَذِه الْآيَة حِين أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبرأت إِلَيْهِ من حلف الْيَهُود وظاهرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُسْلِمين عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عَطِيَّة بن سعد قَالَ جَاءَ عبَادَة بن الصَّامِت من بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يارسول الله إِن لي موَالِي من يهود كثير عَددهمْ وَإِنِّي أَبْرَأ إِلَى الله وَرَسُوله من ولَايَة يهود وأتولى الله وَرَسُوله فَقَالَ عبد الله بن أبي: إِنِّي رجل أَخَاف الدَّوَائِر لَا أَبْرَأ من ولَايَة مواليّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الله بن أُبَيِّ: يَا أَبَا حباب أَرَأَيْت الَّذِي نفست بِهِ من وَلَاء يهود على عبَادَة فَهُوَ لَك دونه قَالَ: إِذن أقبل فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} إِلَى أَن بلغ إِلَى قَوْله {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: لما كَانَت وقْعَة أُحد اشْتَدَّ على طَائِفَة من النَّاس وتخوَّفوا أَن يدال عَلَيْهِم الْكفَّار فَقَالَ رجل لصَاحبه: أما أَنا فَألْحق بفلان الْيَهُودِيّ فآخذ مِنْهُ أَمَانًا وأتهوّد مَعَه فَإِنِّي أَخَاف أَن يدال على الْيَهُود وَقَالَ الآخر: اما أَنا فَألْحق بفلان النَّصْرَانِي بِبَعْض أَرض الشَّام فآخذ مِنْهُ أَمَانًا وأتنصر مَعَه فَأنْزل الله تَعَالَى فيهمَا ينهاهما {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} فِي بني قُرَيْظَة إِذْ غدروا وَنَقَضُوا الْعَهْد بَينهم وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كِتَابه إِلَى أبي سُفْيَان بن حَرْب يَدعُونَهُ وقريشاً ليدخلوهم حصونهم فَبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا لبَابَة بن عبد الْمُنْذر إِلَيْهِم ان يستنزلهم من حصونهم فَلَمَّا أطاعوا لَهُ بالنزول وَأَشَارَ إِلَى حلقه بِالذبْحِ وَكَانَ طَلْحَة وَالزُّبَيْر يكاتبان النَّصَارَى وَأهل الشَّام وَبَلغنِي أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا

يخَافُونَ العوز والفاقة فيكاتبون الْيَهُود من بني قُرَيْظَة وَالنضير فيدسون إِلَيْهِم الْخَبَر من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَلْتَمِسُونَ عِنْدهم الْقَرْض والنفع فنهوا عَن ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كلوا من ذَبَائِح بني تغلب وتزوّجوا من نِسَائِهِم فَإِن الله يَقُول {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم} فَلَو لم يَكُونُوا مِنْهُم إِلَّا بِالْولَايَةِ لكانوا مِنْهُم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء} الْآيَة قَالَ: إِنَّهَا فِي الذَّبَائِح من دخل فِي دين قوم فَهُوَ مِنْهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن عِيَاض أَن عمر أَمر أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن يرفع اليه مَا أَخذ وَمَا أعْطى فِي أزيم وَاحِد وَكَانَ لَهُ كَاتب نَصْرَانِيّ فَرفع إِلَيْهِ ذَلِك فَعجب عمر وَقَالَ: إِن هَذَا لحفيظ هَل أَنْت قارىء لنا كتابا فِي الْمَسْجِد جَاءَ من الشَّام فَقَالَ: إِنَّه لايستطيع أَن يدْخل الْمَسْجِد قَالَ عمر: أجنب هُوَ قَالَ: لَا بل نَصْرَانِيّ فَانْتَهرنِي وَضرب فَخذي ثمَّ قَالَ: أَخْرجُوهُ ثمَّ قَرَأَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن حُذَيْفَة قَالَ: ليتق أحدكُم أَن يكون يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا وَهُوَ لايشعر وتلا {وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم}

52

- قَوْله تَعَالَى: فترى الَّذين فِي قُلُوبهم مرض يُسَارِعُونَ فيهم يَقُولُونَ نخشى أَن تصيبنا دَائِرَة فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح أَو أَمر من عِنْده فيصبحوا على مَا أَسرُّوا فِي أنفسهم نادمين وَيَقُول الَّذين آمنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذين أَقْسمُوا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم إِنَّهُم لمعكم حبطت أَعْمَالهم فَأَصْبحُوا خاسرين - أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة {فترى الَّذين فِي قُلُوبهم مرض} كَعبد الله بن أبي {يُسَارِعُونَ فيهم} فِي ولايتهم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {فترى الَّذين فِي قُلُوبهم مرض يُسَارِعُونَ فيهم} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ فِي مصانعة الْيَهُود وملاحاتهم واسترضاعهم أَوْلَادهم اياهم {يَقُولُونَ نخشى} أَن تكون الدائرة للْيَهُود بِالْفَتْح حِينَئِذٍ {فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح} على النَّاس عَامَّة {أَو أَمر من عِنْده} خَاصَّة لِلْمُنَافِقين {فيصبحوا} المُنَافِقُونَ {على مَا أَسرُّوا فِي أنفسهم} من شَأْن يهود {نادمين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {فترى الَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: شكّ {يَقُولُونَ نخشى أَن تصيبنا دَائِرَة} والدائرة ظُهُور الْمُشْركين عَلَيْهِم {فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح} فتح مَكَّة {أَو أَمر من عِنْده} قَالَ: وَالْأَمر هُوَ الْجِزْيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فترى الَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: أنَاس من الْمُنَافِقين كَانُوا يوادّون الْيَهُود ويناصحونهم دون الْمُؤمنِينَ قَالَ الله تَعَالَى {فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح} أَي بِالْقضَاءِ {أَو أَمر من عِنْده فيصبحوا على مَا أَسرُّوا فِي أنفسهم نادمين} وَأخرج ابْن سعد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو انه سمع ابْن الزبير يقْرَأ فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح أَو أَمر من عِنْده فيصبحوا على ماأسروا فِي أنفسهم من موادتهم الْيَهُود وَمن غمهم الْإِسْلَام وَأَهله نادمين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو انه سمع ابْن الزبير يقْرَأ فَعَسَى الله أَن يَأْتِي بِالْفَتْح أَو أَمر من عِنْده فَيُصْبِح الْفُسَّاق على مَا أَسرُّوا فِي أنفسهم نادمين قَالَ عمر: وَلَا أَدْرِي كَانَت قِرَاءَته أم فسر

54

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا من يرْتَد مِنْكُم عَن دينه فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين يجاهدون فِي سَبِيل الله وَلَا يخَافُونَ لومة لائم ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء وَالله وَاسع عليم - أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة قَالَ: أنزل الله هَذِه الْآيَة وَقد علم أَنه سيرتد مرتدون من النَّاس فَلَمَّا قبض

الله نبيه ارْتَدَّ عَامَّة الْعَرَب عَن الْإِسْلَام إِلَّا ثَلَاثَة مَسَاجِد: أهل الْمَدِينَة وَأهل الجواثي من عبد الْقَيْس وَقَالَ الَّذين ارْتَدُّوا: نصلي الصَّلَاة ولانزكي وَالله يغصب أَمْوَالنَا فَكلم أَبُو بكر فِي ذَلِك ليتجاوز عَنْهُم وَقيل لَهُم أَنهم قد فقهوا أَدَاء الزَّكَاة فَقَالَ: وَالله لَا أفرق بَين شَيْء جمعه الله وَالله لَو مَنَعُونِي عقَالًا مِمَّا فرض الله وَرَسُوله لقاتلتهم عَلَيْهِ فَبعث الله تَعَالَى عصائب مَعَ أبي بكر فَقَاتلُوا حَتَّى أقرُّوا بالماعون وَهُوَ الزَّكَاة قَالَ قَتَادَة: فَكُنَّا نُحدث أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي أبي بكر وَأَصْحَابه {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ: هُوَ أَبُو بكر وَأَصْحَابه لما ارْتَدَّ من ارْتَدَّ من الْعَرَب عَن الْإِسْلَام جاهدهم أَبُو بكر وَأَصْحَابه حَتَّى ردهم إِلَى الْإِسْلَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وخيثمة الاترابلسي فِي فَضَائِل الصَّحَابَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْحسن {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ: هم الَّذين قَاتلُوا أهل الرِّدَّة من الْعَرَب بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن جرير عَن شُرَيْح بن عبيد قَالَ: لما أنزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا من يرْتَد مِنْكُم عَن دينه فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ عمر: أَنا وقومي هم يارسول الله قَالَ: بل هَذَا وَقَومه يَعْنِي أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عِيَاض الْأَشْعَرِيّ قَالَ: لما نزلت {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم قوم هَذَا وَأَشَارَ إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم فِي جمعه لحَدِيث شُعْبَة وَالْبَيْهَقِيّ {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم قَوْمك يَا أَبَا مُوسَى أهل الْيمن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي الكنى وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله

{فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ: هَؤُلَاءِ قوم من أهل الْيمن من كِنْدَة من السّكُون ثمَّ من التحبيب وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ: هم قوم من أهل الْيمن ثمَّ كِنْدَة من السّكُون وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم} قَالَ: هم أهل الْقَادِسِيَّة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن الْقَاسِم بن مخيمرة قَالَ: أتيت ابْن عمر فرحَّب بِي ثمَّ تَلا {من يرْتَد مِنْكُم عَن دينه فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ} ثمَّ ضرب على مَنْكِبي وَقَالَ: احْلِف بِاللَّه أَنهم لمنكم أهل الْيمن ثَلَاثًا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم} قَالَ: هم قوم سبأ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا من يرْتَد مِنْكُم عَن دينه فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ: هَذَا وَعِيد من عِنْد الله انه من ارْتَدَّ مِنْكُم سيتبدل بهم خيرا وَفِي قَوْله {أَذِلَّة} لَهُ قَالَ: رحماء وَأخرج ابْن جرير عَن قَوْله {أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ} قَالَ: أهل رقة على أهل دينهم {أعزة على الْكَافرين} قَالَ: أهل غلظة على من خالفهم فِي دينهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ} قَالَ: رحماء بَينهم {أعزة على الْكَافرين} قَالَ: أشداء عَلَيْهِم وَفِي قَوْله {يجاهدون فِي سَبِيل الله} قَالَ: يُسَارِعُونَ فِي الْحَرْب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارْتَدَّ طوائف من الْعَرَب فَبعث الله أَبَا بكر فِي أنصار من أنصار الله فَقَاتلهُمْ حَتَّى ردهم إِلَى الْإِسْلَام فَهَذَا تَفْسِير هَذِه الْآيَة قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يخَافُونَ لومة لائم} أخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذَر قَالَ أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسبع: بحب الْمَسَاكِين وَأَن أدنو مِنْهُم وَأَن لَا أنظر إِلَى من هُوَ فَوقِي وَأَن أصل رحمي وَإِن جفاني وَأَن أَكثر من قَول لاحول ولاقوة إِلَّا

بِاللَّه فَإِنَّهَا من كنز تَحت الْعَرْش وَأَن أَقُول الْحق وَإِن كَانَ مرًّا وَلَا أَخَاف فِي الله لومة لائم وَأَن لَا أسأَل النَّاس شَيْئا وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا لَا يمنعن أحدكُم رهبة النَّاس أَن يَقُول الْحق إِذا رَآهُ وَتَابعه فَإِنَّهُ لَا يقرِّب من أجل وَلَا يباعد من رزق أَن يَقُول بِحَق أَو أَن يذكر بعظيم وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لايحقرن أحدكُم نَفسه أَن يرى أَمر الله فِيهِ يُقَال فَلَا يَقُول فِيهِ مَخَافَة النَّاس فَيُقَال: إيَّايَ كنت أَحَق أَن تخَاف وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ: بَايَعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا وَأَبُو ذَر وَعبادَة بن الصَّامِت وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَمُحَمّد بن مسلمة وسادس على أَن لَا تأخذنا فِي الله لومة لائم فَأَما السَّادِس فاستقاله فأقاله وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه من طَرِيق الزُّهْرِيّ أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إِن وليت شَيْئا من أَمر النَّاس فَلَا تبال لومة لائم وَأخرج ابْن سعد عَن أبي ذَر قَالَ: مازال بِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر حَتَّى مَا ترك لي الْحق صديقا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ بَايعنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على السّمع وَالطَّاعَة فِي الْعسر واليسر والمنشط وَالْمكْره وعَلى أَثَره علينا وَأَن لَا ننازع الْأَمر أَهله وعَلى أَن نقُول بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا لَا نَخَاف فِي الله لومة

55

- قَوْله تَعَالَى: إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ - أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة بن سعد قَالَ: نزلت فِي عبَادَة بن الصَّامِت {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا} وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تصدق عَليّ بِخَاتمِهِ وَهُوَ

رَاكِع فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للسَّائِل من أَعْطَاك هَذَا الْخَاتم قَالَ: ذَاك الرَّاكِع فَأنْزل الله {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمار بن يَاسر قَالَ: وقف بعلي سَائل وَهُوَ رَاكِع فِي صَلَاة تطوّع فَنزع خَاتمه فَأعْطَاهُ السَّائِل فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعلمه ذَلِك فَنزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ} فَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَصْحَابه ثمَّ قَالَ: من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ اللَّهُمَّ وَال من وَالَاهُ وَعَاد من عَادَاهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيته {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين} إِلَى آخر الْآيَة فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل الْمَسْجِد جَاءَ وَالنَّاس يصلونَ بَين رَاكِع وَسَاجِد وقائم يُصَلِّي فَإِذا سَائل فَقَالَ: ياسائل هَل أَعْطَاك أحد شَيْئا قَالَ: لَا إِلَّا ذَاك الرَّاكِع - لعَلي بن أبي طَالب - أَعْطَانِي خَاتمه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن سَلمَة بن كهيل قَالَ: تصدق عَليّ بِخَاتمِهِ وَهُوَ رَاكِع فَنزلت {إِنَّمَا وَلِيكُم الله} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله} الْآيَة نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب تصدق وَهُوَ رَاكِع وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ وَعتبَة بن حَكِيم مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَى عبد الله بن سَلام ورهط مَعَه من أهل الْكتاب نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الظّهْر فَقَالُوا يارسول الله إِن بُيُوتنَا قاصية لانجد من يجالسنا ويخالطنا دون هَذَا الْمَسْجِد وَإِن قَومنَا لما رأونا قد صدقنا الله وَرَسُوله وَتَركنَا دينهم أظهرُوا الْعَدَاوَة وأقسموا ان لَا يخالطونا وَلَا يؤاكلونا فشق ذَلِك علينا فبيناهم يَشكونَ ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ}

وَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ صَلَاة الظّهْر وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَعْطَاك أحد شَيْئا قَالَ: نعم قَالَ: من قَالَ: ذَاك الرجل الْقَائِم قَالَ: على أَي حَال أعطاكه قَالَ: وَهُوَ رَاكِع قَالَ: وَذَلِكَ عَليّ بن أبي طَالب فَكبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك وَهُوَ يَقُول {وَمن يتول الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا فَإِن حزب الله هم الغالبون} الْمَائِدَة الْآيَة 56 وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن أبي رَافع قَالَ دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ نَائِم يُوحى إِلَيْهِ فَإِذا حَيَّة فِي جَانب الْبَيْت فَكرِهت أَن أَبيت عَلَيْهَا فأوقظ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخفت أَن يكون يُوحى إِلَيْهِ فاضطجعت بَين الْحَيَّة وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَئِن كَانَ مِنْهَا سوء كَانَ فيَّ دونه فَمَكثت سَاعَة فَاسْتَيْقَظَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ} الْحَمد لله الَّذِي أتمَّ لعَلي نعمه وهيأ لعَلي بِفضل الله إِيَّاه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ عَليّ بن أبي طَالب قَائِما يُصَلِّي فَمر سَائل وَهُوَ رَاكِع فَأعْطَاهُ خَاتمه فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي الَّذين آمنُوا وَعلي بن أبي طَالب أوّلهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّمَا وَلِيكُم الله} الْآيَة قَالَ: يَعْنِي من أسلم فقد تولى الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي جَعْفَر أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة من الَّذين آمنُوا قَالَ: الَّذين آمنُوا قيل لَهُ: بلغنَا أَنَّهَا نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: عَليّ من الَّذين آمنُوا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان قَالَ: سَأَلت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ عَن قَوْله {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ} قَالَ: أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت يَقُولُونَ عَليّ قَالَ: عَليّ مِنْهُم وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن جرير بن مُغيرَة قَالَ: كَانَ فِي قِرَاءَة عبد الله {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة}

56

- قَوْله تَعَالَى: وَمن يتول الله وَرَسُوله والَّذين آمنُوا فَإِن حزب الله هم الغالبون - أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمن يتول الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا فَإِن حزب الله هم الغالبون} قَالَ: أخْبرهُم من الْغَالِب فَقَالَ: لاتخافوا الدولة وَلَا الدائرة

57

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تتَّخذوا الَّذين اتَّخذُوا دينكُمْ هزوا وَلَعِبًا من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَالْكفَّار أَوْلِيَاء وَاتَّقوا الله إِن كُنْتُم مُؤمنين - أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رِفَاعَة بن زيد بن التابوت وسُويد بن الْحَارِث قد أظهرا الْإِسْلَام ونافقا وَكَانَ رجال من الْمُسلمين يوادّونهما فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تتَّخذوا الَّذين اتَّخذُوا دينكُمْ هزوا وَلَعِبًا} إِلَى قَوْله {أعلم بِمَا كَانُوا يكتمون} وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ (من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَمن الَّذين أشركوا)

58

- قَوْله تَعَالَى: وَإِذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاة اتَّخَذُوهَا هزوا وَلَعِبًا ذَلِك بِأَنَّهُم قوم لَا يعْقلُونَ - أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاة اتَّخَذُوهَا هزوا وَلَعِبًا ذَلِك بِأَنَّهُم قوم لَا يعْقلُونَ} أَمر الله قَالَ: كَانَ مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نَادَى بِالصَّلَاةِ فَقَامَ الْمُسلمُونَ إِلَى الصَّلَاة قَالَت الْيَهُود: قد قَامُوا لَا قَامُوا فَإِذا رَأَوْهُمْ ركعا وَسجدا استهزأوا بهم وَضَحِكُوا مِنْهُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَإِذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاة اتَّخَذُوهَا هزوا وَلَعِبًا} قَالَ: كَانَ رجل من النَّصَارَى بِالْمَدِينَةِ إِذا سمع

الْمُنَادِي يُنَادي: أشهد أَن مُحَمَّد رَسُول الله قَالَ: أحرق الله الْكَاذِب فَدخل خادمه ذَات لَيْلَة من اللَّيَالِي بِنَار وَهُوَ قَائِم وَأَهله نيام فَسَقَطت شرارة فاحرقت الْبَيْت وَاحْتَرَقَ هُوَ وَأَهله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن شهَاب الزُّهْرِيّ قَالَ: قد ذكر الله الْأَذَان فِي كِتَابه فَقَالَ {وَإِذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاة} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ ائتمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه كَيفَ يجْعَلُونَ شَيْئا إِذا أَرَادوا جمع الصَّلَاة اجْتَمعُوا لَهَا بِهِ فائتمروا بالناقوس فَبينا عمر بن الْخطاب يُرِيد أَن يَشْتَرِي خشبتين للناقوس إِذْ رأى فِي الْمَنَام ان لاتجعلوا الناقوس بل أذنوا بِالصَّلَاةِ فَذهب عمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليخبره بِالَّذِي رأى وَقد جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي بذلك فَمَا رَاع عمر إِلَّا بِلَال يُؤذن فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد سَبَقَك بذلك الْوَحْي حِين أخبرهُ بذلك عمر

59

- قَوْله تَعَالَى: قل يَا أهل الْكتاب هَل تَنْقِمُونَ منا إِلَّا أَن آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل من قبل وَأَن أَكْثَرَكُم فَاسِقُونَ - أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نفر من يهود فيهم أَبُو يَاسر بن أَخطب وَنَافِع بن أبي نَافِع وغازي بن عَمْرو وَزيد بن خَالِد وازار بن أبي أزار وأسقع فَسَأَلُوهُ عَمَّن يُؤمن بِهِ من الرُّسُل قَالَ: أُؤْمِن بِاللَّه {وَمَا أنزل إِلَيْنَا وَمَا أنزل إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب والأسباط وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ من رَبهم لَا نفرِّق بَين أحد مِنْهُم وَنحن لَهُ مُسلمُونَ} فَلَمَّا ذكر عِيسَى جَحَدُوا نبوّته وَقَالُوا: لانؤمن بِعِيسَى فَأنْزل الله {قل يَا أهل الْكتاب هَل تَنْقِمُونَ منا إِلَّا أَن آمنا بِاللَّه وَمَا أنزل إِلَيْنَا} إِلَى قَوْله {فَاسِقُونَ}

60

- قَوْله تَعَالَى: قل هَل أنبئكم بشر من ذَلِك مثوبة عِنْد الله من لَعنه الله وَغَضب عَلَيْهِ وَجعل مِنْهُم القردة والخنازير وَعبد الطاغوت أُولَئِكَ شَرّ مَكَانا وأضل عَن سَوَاء السَّبِيل

- أخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: المثوبة الثَّوَاب مثوبة الْخَيْر ومثوبة الشَّرّ وقرىء بشر ثَوابًا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {مثوبة عِنْد الله} يَقُول: ثَوابًا عِنْد الله قَوْله تَعَالَى: {وَجعل مِنْهُم القردة والخنازير} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَجعل مِنْهُم القردة والخنازير} قَالَ: مسخت من يهود وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك أَنه قيل: أَكَانَت القردة والخنازير قبل أَن يمسخوا قَالَ: نعم وَكَانُوا مِمَّا خلق من الْأُمَم وَأخرج مُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن القردة والخنازير أَهِي مِمَّا مسخ الله فَقَالَ: إِن الله لم يهْلك قوما أَو يمسخ قوما فَيجْعَل لَهُم نَسْلًا ولاعاقبة وَإِن القردة والخنازير قبل ذَلِك وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن القردة والخنازير أَهِي من نسل من الْيَهُود فَقَالَ: لَا إِن الله لم يعلن قوما قطّ فمسخم فَكَانَ لَهُم نسل وَلَكِن هَذَا خلق فَلَمَّا غضب الله على الْيَهُود فمسخهم جعلهم مثلهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَيَّات مسخ الْجِنّ كَمَا مسخت القردة والخنازير وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن كثير عَن أَفْلح مولى أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: حدثت ان المسخ فِي بني إِسْرَائِيل من الْخَنَازِير كَانَ أَن امْرَأَة كَانَت من بني إِسْرَائِيل كَانَت فِي قَرْيَة من قرى بني إِسْرَائِيل وَكَانَ فِيهَا ملك بني إِسْرَائِيل وَكَانُوا قد استجمعوا على الهلكة إِلَّا أَن تِلْكَ الْمَرْأَة كَانَت على بَقِيَّة من الْإِسْلَام متمسكة فَجعلت تَدْعُو إِلَى الله حَتَّى إِذا اجْتمع إِلَيْهَا نَاس فبايعوها على أمرهَا قَالَت لَهُم: أَنه لابد لكم من أَن تجاهدوا عَن دين الله وَأَن تنادوا قومكم بذلك فاخرجوا فَإِنِّي خَارِجَة فَخرجت وَخرج إِلَيْهَا ذَلِك الْملك فِي النَّاس فَقتل أَصْحَابهَا جَمِيعًا وانفلتت من بَينهم ودعت إِلَى الله حَتَّى تجمع النَّاس إِلَيْهَا إِذا رضيت مِنْهُم أَمرتهم بِالْخرُوجِ فَخَرجُوا وَخرجت مَعَهم

فأصيبوا جَمِيعًا وانفلتت مِنْهُم ثمَّ دعت إِلَى الله حَتَّى إِذا اجْتمع اليها رجال واستجابوا لَهَا أَمرتهم بِالْخرُوجِ فَخَرجُوا وَخرجت مَعَهم فأصيبوا جَمِيعًا وانفلتت مِنْهُم ثمَّ دعت إِلَى الله حَتَّى إِذا اجْتمع اليها رجال واستجابوا لَهَا أَمرتهم بِالْخرُوجِ فَخَرجُوا وَخرجت مَعَهم فأصيبوا جَمِيعًا وانفلتت من بَينهم فَرَجَعت وَقد أَيِست وَهِي تَقول: سُبْحَانَ الله لَو كَانَ لهَذَا الدّين ولي وناصر لقد أظهره بعد فباتت محزونة وَأصْبح أهل الْقرْيَة يسعون فِي نَوَاحِيهَا خنازير مسخهم الله فِي ليلتهم تِلْكَ فَقَالَت حِين أَصبَحت وَرَأَتْ مَا رَأَتْ: الْيَوْم أعلم أَن الله قد أعز دينه وَأمر دينه قَالَ: فَمَا كَانَ مسخ الْخَنَازِير فِي بني إِسْرَائِيل إِلَّا على يَدي تِلْكَ الْمَرْأَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي من طَرِيق عُثْمَان بن عَطاء عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَيكون فِي أمتِي خسف ورجف وقردة وَخَنَازِير وَالله أعلم أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن زُهَيْر قَالَ: قلت لِابْنِ أبي ليلى: كَيفَ كَانَ طَلْحَة يقْرَأ الْحَرْف {وَعبد الطاغوت} فسره ابْن أبي ليلى وخففه وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء بن السَّائِب قَالَ: كَانَ أَبُو عبد الرَّحْمَن يقْرَأ (وَعبد الطاغوت) بِنصب الْعين وَالْبَاء كَمَا يَقُول ضرب الله وَأخرج ابْن جرير عَن أبي جَعْفَر النَّحْوِيّ أَنه كَانَ يَقْرَأها (وَعبد الطاغوت) كَمَا يَقُول: ضرب الله وَأخرج ابْن جرير عَن بُرَيْدَة أَنه كَانَ يقْرؤهَا (وعابد الطاغوت) وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي حَمَّاد قَالَ: حَدثنِي الْأَعْمَش وَعَن يحيى بن وثاب أَنه قَرَأَ (وَعبد الطاغوت) يَقُول: خدم قَالَ عبد الرَّحْمَن: وَكَانَ حَمْزَة رَحمَه الله يقْرؤهَا كَذَلِك

61

- قَوْله تَعَالَى: وَإِذا جاءوكم قَالُوا آمنا وَقد دخلُوا بالْكفْر وهم قد خَرجُوا بِهِ وَالله أعلم بِمَا كَانُوا يكتمون - أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذا جاؤوكم قَالُوا آمنا} الْآيَة قَالَ اناس من الْيَهُود وَكَانُوا يدْخلُونَ على

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيخبرونه أَنهم مُؤمنُونَ راضون بِالَّذِي جَاءَ بِهِ وهم متمسكون بضلالتهم وبالكفر فَكَانُوا يدْخلُونَ وَيخرجُونَ بِهِ من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا جاؤوكم قَالُوا آمنا وَقد دخلُوا بالْكفْر وهم قد خَرجُوا بِهِ} فَإِنَّهُم دخلُوا وهم يَتَكَلَّمُونَ بِالْحَقِّ وتسر قُلُوبهم الْكفْر فَقَالَ {دخلُوا بالْكفْر وهم قد خَرجُوا بِهِ} وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ نَاس من الْمُنَافِقين كَانُوا يهوداً يَقُول: دخلُوا كفَّارًا وَخَرجُوا كفَّارًا

62

- قَوْله تَعَالَى: وَترى كثيرا مِنْهُم يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْم والعدوان وأكلهم السُّحت لبئس مَا كَانُوا يعْملُونَ لَوْلَا ينهاهم الربانيون والأحبار عَن قَوْلهم الْإِثْم وأكلهم السُّحت لبئس مَا كَانُوا بصنعون - أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَترى كثيرا مِنْهُم يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْم والعدوان} قَالَ: هَؤُلَاءِ الْيَهُود {لبئس مَا كَانُوا يعْملُونَ لَوْلَا ينهاهم الربانيون} إِلَى قَوْله {لبئس مَا كَانُوا يصنعون} ويعملون وَاحِد قَالَ: هَؤُلَاءِ لم ينهوا كَمَا قَالَ لهَؤُلَاء حِين عمِلُوا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَترى كثيرا مِنْهُم يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْم والعدوان وأكلهم السُّحت} قَالَ: كَانَ هَذَا فِي أَحْكَام الْيَهُود بَين أَيْدِيكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَوْلَا ينهاهم الربانيون والأحبار} وهم الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {لَوْلَا ينهاهم} الْعلمَاء والأحبار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لبئس مَا كَانُوا يصنعون} قَالَ: حَيْثُ لم ينهوهم عَن قَوْلهم الْإِثْم وأكلهم السُّحت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم أَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي خطبَته: أَيهَا النَّاس إِنَّمَا هلك من هلك قبلكُمْ بركوبهم الْمعاصِي وَلم ينههم الربانيون والأحبار فَلَمَّا تَمَادَوْا فِي

الْمعاصِي وَلم ينههم الربانيون والأحبار أخذتهم الْعُقُوبَات فَمروا بِالْمَعْرُوفِ وانهوا عَن الْمُنكر فَإِن الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر لايقطع رزقا ولايقرب أَََجَلًا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا فِي الْقُرْآن آيَة أَشد توبيخاً من هَذِه الْآيَة لَوْلَا ينهاهم الربانيون والأحبار عَن قَوْلهم الْعدوان وأكلهم السُّحت لبئس ماكانوا يعْملُونَ هَكَذَا قَرَأَ وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك ابْن مُزَاحم قَالَ: مافي الْقُرْآن آيَة أخوف عِنْدِي من هَذِه الْآيَة {لَوْلَا ينهاهم الربانيون والأحبار عَن قَوْلهم الْإِثْم وأكلهم السُّحت لبئس مَا كَانُوا يصنعون} أَسَاءَ الثَّنَاء على الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق سَلمَة بن نبيط عَن الضَّحَّاك {لَوْلَا ينهاهم الربانيون والأحبار عَن قَوْلهم الْإِثْم وأكلهم السُّحت} قَالَ {الربانيون والأحبار} فقهاؤهم وقراؤهم وعلماؤهم قَالَ: ثمَّ يَقُول الضَّحَّاك: وَمَا أخوفني من هَذِه الْآيَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن جرير سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مامن قوم يكون بَين أظهرهم من يعْمل من الْمعاصِي هم أعز مِنْهُ وَأَمْنَع من يُغيرُوا إِلَّا أَصَابَهُم الله مِنْهُ بِعَذَاب

64

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة غلت أَيْديهم ولعنوا بِمَا قَالُوا بل يَدَاهُ مبسوطتان ينْفق كَيفَ يَشَاء وليزيدن كثيرا مِنْهُم مَا أنزل إِلَيْك من رَبك طغياناً وَكفرا وألقينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا وَالله لَا يحب المفسدين - أخرج ابْن إِسْحَق وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ رجل من الْيَهُود يُقَال لَهُ النباش بن قيس: إِن رَبك بخيل لاينفق فَأنْزل الله {وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة غلت أَيْديهم ولعنوا بِمَا قَالُوا بل يَدَاهُ مبسوطتان ينْفق كَيفَ يَشَاء}

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة} نزلت فِي فنحَاص رَأس يهود قينقاع وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي فنحَاص الْيَهُودِيّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة} قَالَ: أَي بخيلة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقَالَت الْيَهُود يَد الله مغلولة} قَالَ: لايعنون بذلك أَن يَد الله موثوقة وَلَكِن يَقُولُونَ: إِنَّه بخيل أمسك مَا عِنْده تَعَالَى عَمَّا الله يَقُولُونَ علوا كَبِيرا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {مغلولة} يَقُولُونَ: إِنَّه بخيل لَيْسَ بجواد وَفِي قَوْله {غلت أَيْديهم} قَالَ: أَمْسَكت عَن النَّفَقَة وَالْخَيْر وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أنس مَرْفُوعا أَن يحيى بن زَكَرِيَّا سَأَلَ ربه فَقَالَ: يارب اجْعَلنِي مِمَّن لايقع النَّاس فِيهِ فَأوحى الله: يَا يحيى هَذَا شَيْء لم أستخلصه لنَفْسي كَيفَ أَفعلهُ بك اقْرَأ فِي الْمُحكم تَجِد فِيهِ {وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله وَقَالَت النَّصَارَى الْمَسِيح ابْن الله} التَّوْبَة الْآيَة 30 وَقَالُوا {يَد الله مغلولة} وَقَالُوا وَقَالُوا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: إِذا بلغك عَن أَخِيك شَيْء يسوءك فَلَا تغتم فَإِنَّهُ إِن كَانَ كَمَا يَقُول كَانَت عُقُوبَة أجلت وَإِن كَانَت على غير مَا يَقُول كَانَت حَسَنَة لم تعملها قَالَ: وَقَالَ مُوسَى: يارب أَسَالَك أَن لَا يذكرنِي أحد إِلَّا بِخَير قَالَ مافعلت ذَلِك لنَفْسي وَأخرج أَبُو نعيم عَن وهب قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب أَسَالَك أَن لَا يذكرنِي أحد إِلَّا بِخَير قَالَ مَا فعلت ذَلِك لنَفْسي وَأخرج أَبُو نعيم عَن وهب قَالَ: قَالَ مُوسَى: يارب احْبِسْ عني كَلَام النَّاس فَقَالَ الله عزوجل لَو فعلت هَذَا بِأحد لفعلته بِي قَوْله تَعَالَى {بل يَدَاهُ مبسوطتان ينْفق كَيفَ يَشَاء} أخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي مَعًا فِي الْمَصَاحِف وَابْن المنذرعن ابْن مَسْعُود قَرَأَ {بل يَدَاهُ مبسوطتان}

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَمِين الله ملأى لَا يغيضها نَفَقَة سخاء اللَّيْل وَالنَّهَار أَرَأَيْتُم مَا أنْفق مُنْذُ خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَإِنَّهُ لم يغض مَا فِي يَمِينه قَالَ: وعرشه على المَاء وَفِي يَده الْأُخْرَى الْقَبْض يرفع ويخفض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وليزيدن كثيرا مِنْهُم مَا أنزل إِلَيْك من رَبك طغياناً وَكفرا} قَالَ: حملهمْ حسد مُحَمَّد وَالْعرب على أَن تركُوا الْقُرْآن وَكَفرُوا بِمُحَمد وَدينه وهم يجدونه عِنْدهم مَكْتُوبًا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع قَالَ: قَالَت الْعلمَاء فِيمَا حفظو وَعَلمُوا: أَنه لَيْسَ على الأَرْض قوم حكمُوا بِغَيْر مَا أنزل الله إِلَّا ألْقى الله بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء وَقَالَ: ذَلِك فِي الْيَهُود حَيْثُ حكمُوا بِغَيْر ماانزل الله {وألقينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَفِي قَوْله {كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله} قَالَ: حَرْب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله} قَالَ: كلما اجْمَعُوا أَمرهم على شَيْء فرّقه الله وأطفأ حَدهمْ ونارهم وَقذف فِي قُلُوبهم الرعب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله} قَالَ: أُولَئِكَ أَعدَاء الله الْيَهُود كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله فَلَنْ تلقى الْيَهُود بِبَلَد إِلَّا وَجَدتهمْ من أذلّ أَهله لقد جَاءَ الْإِسْلَام حِين جَاءَ وهم تَحت أَيدي الْمَجُوس وهم أبْغض خلق الله تعمية وتصغيراً باعمالهم أَعمال السوء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَفِي قَوْله عَن الْحسن {كلما أوقدوا نَارا للحرب أطفأها الله} قَالَ: كلما اجْتمعت السفلة على قتل الْعَرَب

65

- قَوْله تَعَالَى: وَلَو أَن أهل الْكتاب آمنُوا وَاتَّقوا لكفرنا عَنْهُم سيئاتهم ولأدخلناهم جنَّات النَّعيم

- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَو أَن أهل الْكتاب آمنُوا وَاتَّقوا} قَالَ: آمنُوا بِمَا أنزل الله وَاتَّقوا مَا حرم الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مَالك بن دِينَار قَالَ {جنَّات النَّعيم} بَين جنَّات الفردوس وجنات عدن وفيهَا جوَار خُلِقْنَ من ورد الْجنَّة قيل فَمن سكنها قَالَ: الَّذين هموا بِالْمَعَاصِي فَلَمَّا ذكرُوا عَظمَة الله جلّ جَلَاله راقبوه

66

- قَوْله تَعَالَى: وَلَو أَنهم أَقَامُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَمَا أنزل إِلَيْهِم من رَبهم لأكلوا من فَوْقهم وَمن تَحت أَرجُلهم مِنْهُم أمة مقتصدة وَكثير مِنْهُم سَاءَ مَا يعْملُونَ - أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَو أَنهم أَقَامُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل} الْآيَة قَالَ: أما اقامتهم التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فَالْعَمَل بهما وَأما {وَمَا أنزل إِلَيْهِم من رَبهم} فمحمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وماأنزل عَلَيْهِ وَأما {لأكلوا من فَوْقهم} فَأرْسلت عَلَيْهِ مَطَرا وَأما {وَمن تَحت أَرجُلهم} يَقُول: لأنبت لَهُم من الأَرْض من رِزْقِي مَا يغنيهم {مِنْهُم أمة مقتصدة} وهم مسلمة أهل الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {لأكلوا من فَوْقهم} يَعْنِي لأرسل عَلَيْهِم السَّمَاء مدراراً {وَمن تَحت أَرجُلهم} قَالَ: تخرج الأَرْض من بركاتها وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: لأكلوا من الرزق الَّذِي ينزل من السَّمَاء وَالَّذِي وَالَّذِي ينْبت من الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {لأكلوا من فَوْقهم وَمن تَحت أَرجُلهم} يَقُول لأعطتهم السَّمَاء بركاتها وَالْأَرْض نباتها {مِنْهُم أمة مقتصدة} على كتاب الله قد آمنُوا ثمَّ ذمّ أَكثر الْقَوْم فَقَالَ {وَكثير مِنْهُم سَاءَ مَا يعْملُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: الْأمة المقتصدة الَّذين لاهم فسقوا فِي الدّين ولاهم غلوا قَالَ: والغلو الرَّغْبَة وَالْفِسْق التَّقْصِير عَنهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {أمة مقتصدة} يَقُول مُؤمنَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جُبَير بن نفير أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُوشك أَن يرفع الْعلم قلت: كَيفَ وَقد قَرَأنَا الْقُرْآن وعلمناه أبناءنا فَقَالَ: ثكلتك أمك يَا ابْن نفير إِن كنت لأرَاك من أفقه أهل الْمَدِينَة أوليست التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل بأيدي الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَمَا أغْنى عَنْهُم حِين تركُوا أَمر الله ثمَّ قَرَأَ {وَلَو أَنهم أَقَامُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل} الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة من طَرِيق ابْن أبي الْجَعْد عَن زِيَاد بن لبيد قَالَ ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فَقَالَ: وَذَلِكَ عِنْد ذهَاب أَبْنَائِنَا يارسول الله وَكَيف يذهب الْعلم وَنحن نَقْرَأ الْقُرْآن ونقرئه أبناءنا ويقرئه أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: ثكلتك أمك يَا ابْن أم لبيد إِن كنت لأرَاك من أفقه رجل بِالْمَدِينَةِ أوليس هَذِه الْيَهُود وَالنَّصَارَى يقرؤون التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل ولاينتفعون مِمَّا فيهمَا بِشَيْء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق يَعْقُوب بن زيد بن طَلْحَة عَن زيد بن أسلم عَن أنس بن مَالك قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر حَدِيثا قَالَ: ثمَّ حَدثهمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: تفرَّقت أمة مُوسَى على إِحْدَى وَسبعين مِلَّة سَبْعُونَ مِنْهَا فِي النَّار وَوَاحِدَة مِنْهَا فِي الْجنَّة وَتَفَرَّقَتْ أمة عِيسَى على اثْنَيْنِ وَسبعين مِلَّة وَاحِدَة مِنْهَا فِي الْجنَّة وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّار وتعلوا أَنْتُم على الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا بِملَّة وَاحِدَة فِي الْجنَّة وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّار قَالُوا: من هم يارسول الله قَالَ: الْجَمَاعَات الْجَمَاعَات قَالَ يَعْقُوب بن زيد: كَانَ عَليّ بن أبي طَالب إِذا حدث بِهَذَا الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا فِيهِ قُرْآنًا {وَلَو أَن أهل الْكتاب آمنُوا وَاتَّقوا} إِلَى قَوْله {سَاءَ مَا يعْملُونَ} وتلا أَيْضا {وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} الْأَعْرَاف الْآيَة 181 يَعْنِي أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

67

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته وَالله يَعْصِمك من النَّاس إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الْكَافرين - أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله بَعَثَنِي برسالة فضقت

بهَا ذرعاً وَعرفت أَن النَّاس مُكَذِّبِي فوعدني لأبلغن أَو ليعذبني فَأنْزل {يَا أَيهَا الرَّسُول بلِّغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: لما نزلت {بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} قَالَ: يارب إِنَّمَا أَنا وَاحِد كَيفَ أصنع ليجتمع عليّ النَّاس فَنزلت {وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم غَدِير خم فِي عَليّ بن أبي طَالب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نَقْرَأ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} أَن عليا مولى الْمُؤمنِينَ {وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته وَالله يَعْصِمك من النَّاس} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عنترة أَنه قَالَ لعَلي هَل عنْدكُمْ شَيْء لم يُبْدِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنَّاس فَقَالَ: ألم تعلم إِن الله قَالَ {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} وَالله ماورثنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَوْدَاء فِي بَيْضَاء أما قَوْله تَعَالَى: {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} أخرج ابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي آيَة أنزلت من السَّمَاء أَشد عَلَيْك فَقَالَ كنت بمنى أَيَّام موسم وَاجْتمعَ مُشْرِكُوا الْعَرَب وافناء النَّاس فِي الْمَوْسِم فَنزل عليّ جِبْرِيل فَقَالَ {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك وَإِن لم تفعل فَمَا بلغت رسَالَته وَالله يَعْصِمك من النَّاس} قَالَ: فَقُمْت عِنْد الْعقبَة فناديت: ياأيها النَّاس من ينصرني على أَن أبلغ رِسَالَة رَبِّي وَلكم الْجنَّة أَيهَا النَّاس قُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنا رَسُول الله إِلَيْكُم وتنجحوا وَلكم الْجنَّة قَالَ: فَمَا بَقِي رجل وَلَا امْرَأَة وَلَا صبي إِلَّا يرْمونَ عليّ بِالتُّرَابِ وَالْحِجَارَة ويبصقون فِي وَجْهي وَيَقُولُونَ: كَذَّاب صابىء فَعرض عَليّ عَارض فَقَالَ: يامحمد إِن كنت رَسُول الله فقد آن لَك أَن تَدْعُو عَلَيْهِم كَمَا دَعَا نوح على قومه بِالْهَلَاكِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ اهد قومِي فانهم لايعلمون وَانْصُرْنِي عَلَيْهِم أَن يجيبوني إِلَى طَاعَتك فجَاء الْعَبَّاس عَمه فأنقذه مِنْهُم وطردهم عَنهُ قَالَ: الْأَعْمَش فبذلك تفتخر بنوالعباس وَيَقُولُونَ: فيهم نزلت {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء}

الْقَصَص الْآيَة 56 هوى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا طَالب وَشاء الله عَبَّاس بن عبد الْمطلب وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحرس حَتَّى نزلت {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فَأخْرج رَأسه من الْقبَّة فَقَالَ: أَيهَا النَّاس انصرفوا فقد عصمني الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ الْعَبَّاس عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن يَحْرُسهُ فَلَمَّا نزلت {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} ترك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحرس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خرج بعث مَعَه أَبُو طَالب من يكلؤه حَتَّى نزلت {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فَذهب ليَبْعَث مَعَه فَقَالَ: ياعم أَن الله قد عصمني لاحاجة لي إِلَى من تبْعَث وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحرس وَكَانَ يُرْسل مَعَه عَمه أَبُو طَالب كل يَوْم رجلا من بني هَاشم يحرسونه فَقَالَ: ياعم أَن الله قد عصمني لاحاجة لي إِلَى من تبْعَث وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي ذَر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاينام إِلَّا وَنحن حوله من مَخَافَة الغوائل حَتَّى نزلت آيَة الْعِصْمَة {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عصمَة بن مَالك الخطمي قَالَ كُنَّا نحرس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّيْلِ حَتَّى نزلت {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فَترك الحرس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما غزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني أَنْمَار نزل ذَات الرّقاع بِأَعْلَى نخل فَبينا هُوَ جَالس على رَأس بِئْر قد دلى رجلَيْهِ فَقَالَ غورث بن الْحَرْث: لأقتلن مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: كَيفَ تقتله قَالَ: أَقُول لَهُ أعطيني سَيْفك فَإِذا أعطانيه قتلته بِهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ: يامحمد اعطني سَيْفك أشمه

فَأعْطَاهُ إِيَّاه فَرعدَت يَده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حَال الله بَيْنك وَبَين ماتريد فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} الْآيَة وَأخرج ابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ كُنَّا إِذا صَحِبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر تركنَا لَهُ أعظم دوحة وأظلها فَينزل تحتهَا فَنزل ذَات يَوْم تَحت شَجَرَة وعلق سَيْفه فِيهَا فجَاء رجل فَأَخذه فَقَالَ: يامحمد من يمنعك مني فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الله ينمعني مِنْك ضع عَنْك السَّيْف فَوَضعه فَنزلت {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} وَأخرج أحمدعن جعدة بن خَالِد بن الصمَّة الْجُشَمِي قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل فَقيل: هَذَا أَرَادَ أَن يقتلك فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الم ترع وَلَو أردْت ذَلِك لم يسلطك الله عَليّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أخبر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سيكفيه النَّاس ويعصمه مِنْهُم وَأمره بالبلاغ وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ: لَو احتجت فَقَالَ: وَالله لايدع الله عَقبي للنَّاس مَا صاحبتهم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت {يَا أَيهَا الرَّسُول} إِلَى قَوْله {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تحرسوني إِن رَبِّي قد عصمني وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتعقبه نَاس من أَصْحَابه فَلَمَّا نزلت {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فَخرج فَقَالَ: ياأيها النَّاس الحقوا بملاحقكم فَإِن الله قد عصمني من النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا زَالَ يحرس يحارسه أَصْحَابه حَتَّى أنزل الله {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فَترك الحرس حِين أخبرهُ أَنه سيعصمه من النَّاس وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزل منزلا اخْتَار لَهُ أَصْحَابه شَجَرَة ظليلة فيقيل تحتهَا فَأَتَاهُ اعرابي فاخترط سَيْفه ثمَّ قَالَ: من يمنعك مني قَالَ: الله فَرعدَت يَد الْأَعرَابِي وَسقط السَّيْف مِنْهُ قَالَ: وَضرب بِرَأْسِهِ الشَّجَرَة حَتَّى انتثرت دماغه فَأنْزل الله {وَالله يَعْصِمك من النَّاس}

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهاب قُريْشًا فَأنْزل الله {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} فاستلقى ثمَّ قَالَ: من شَاءَ فليخذلني مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن الرّبيع بن أنس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَحْرُسهُ أَصْحَابه حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك} الْآيَة فَخرج إِلَيْهِم فَقَالَ: لاتحرسوني فَإِن الله قد عصمني من النَّاس

68

- قَوْله تَعَالَى: قل يَا أهل الْكتاب لَسْتُم على شَيْء حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَمَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم وليزيدن كثيرا مِنْهُم مَا أنزل إِلَيْك من رَبك طغياناً وَكفرا فَلَا تأس على الْقَوْم الْكَافرين إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا والصابئون وَالنَّصَارَى من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَعمل صَالحا فَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ لقد أَخذنَا مِيثَاق بني إِسْرَائِيل وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِم رسلًا كلما جَاءَهُم رَسُول بِمَا لَا تهوى أنفسهم فريقا كذبُوا وفريقا يقتلُون - أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رَافع بن حَارِثَة وَسَلام بن مشْكم وَمَالك بن الصَّيف وَرَافِع بن حَرْمَلَة قَالُوا: يامحمد أَلَسْت تزْعم أَنَّك على مِلَّة إِبْرَاهِيم وَدينه وتؤمن بِمَا عندنَا من التَّوْرَاة وَتشهد أَنَّهَا من حق الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلَى وَلَكِنَّكُمْ أحدثتم وجحدتم مافيها مِمَّا أَخذ عَلَيْكُم من الْمِيثَاق كتمتم مِنْهَا مَا أمرْتُم أَن تبينوا للنَّاس فبرئت من أحداثكم قَالُوا: فَإنَّا نَأْخُذ مِمَّا فِي أَيْدِينَا فَإنَّا على الْهدى وَالْحق وَلَا نؤمن بك وَلَا نتبعك فَأنْزل الله فيهم {قل يَا أهل الْكتاب لَسْتُم على شَيْء حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل} إِلَى قَوْله {الْقَوْم الْكَافرين}

71

- قَوْله تَعَالَى: وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة فعموا وصموا ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِم ثمَّ عموا وصموا كثير مِنْهُم وَالله بَصِير بِمَا يعْملُونَ - أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة} قَالَ: يهود وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة} قَالَ: بلَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة} قَالَ: حسب الْقَوْم أَن لَا يكون بلَاء {فعموا وصموا} قَالَ: كلما عرض لَهُم بلَاء ابتلوا بِهِ هَلَكُوا فِيهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة} قَالَ: حسبوا أَن لَا يبتلوا فعموا عَن الْحق

72

- قَوْله تَعَالَى: لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله هُوَ الْمَسِيح ابْن مَرْيَم وَقَالَ الْمَسِيح يَا بني إِسْرَائِيل اعبدوا الله رَبِّي وربكم أَنه من يُشْرك بِاللَّه فقد حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة ومأواه النَّار وَمَا للظالمين من أنصار لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة وَمَا من إِلَه إِلَّا إِلَه وَاحِد وَأَن لم ينْتَهوا عَمَّا يَقُولُونَ ليمسن الَّذين كفرُوا مِنْهُم عَذَاب أَلِيم أَفلا يتوبون إِلَى الله ويستغفرونه وَالله غَفُور رَحِيم مَا الْمَسِيح ابْن مَرْيَم إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل وَأمه صديقَة كَانَا يأكلان الطَّعَام انْظُر كَيفَ نبين لَهُم الْآيَات ثمَّ انْظُر أَنى يؤفكون قل أتعبدون من دون الله مَا لَا يملك لكم ضرا وَلَا نفعا وَالله هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم

- أخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: لما رفع الله عِيسَى بن مَرْيَم اجْتمع من عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل مائَة رجل فَقَالَ بَعضهم: أَنْتُم كثير نتخوف الْفرْقَة اخْرُجُوا عشرَة فاخرجوا عشرَة ثمَّ قَالُوا: أَنْتُم كثير نتخوف الْفرْقَة اخْرُجُوا عشرَة فاخرجوا عشرَة ثمَّ قَالُوا: أَنْتُم كثير فاخرجوا عشرَة فاخرجوا عشرَة ثمَّ قَالُوا: أَنْتُم كثير فاخرجوا عشرَة حَتَّى بَقِي عشرَة فَقَالُوا: أَنْتُم كثير حَتَّى الْآن فاخرجوا سِتَّة وَبَقِي أَرْبَعَة فَقَالَ بَعضهم: ماتقولون فِي عِيسَى فَقَالَ رجل مِنْهُم: أتعلمون أَنه لايعلم الْغَيْب إِلَّا الله قَالُوا: لَا فَقَالَ الرجل: هُوَ الله كَانَ فِي الأَرْض مَا بدا لَهُ ثمَّ صعد إِلَى السَّمَاء حِين بدا لَهُ وَقَالَ الآخر: قد عرفنَا عِيسَى وعرفنا أمه هُوَ وَلَده وَقَالَ الآخر: لَا أَقُول كَمَا تَقولُونَ قد كَانَ عِيسَى يخبرنا أَنه عبد الله وروحه وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم فَنَقُول كَمَا قَالَ لنَفسِهِ لقد خشيت أَن تَكُونُوا قُلْتُمْ قولا عَظِيما قَالَ: فَخَرجُوا على النَّاس فَقَالُوا لرجل مِنْهُم: مَاذَا قلت قَالَ: قلت هُوَ الله كَانَ فِي الأَرْض مابدا لَهُ ثمَّ صعد إِلَى السَّمَاء حِين بدا لَهُ قَالَ: فَاتبعهُ عنق من النَّاس وَهَؤُلَاء النسطورية واليعقوبية ثمَّ خرج الرَّابِع فَقَالُوا لَهُ: مَاذَا قلت قَالَ: قلت هُوَ عبد الله روحه وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم فَاتبعهُ عنق من النَّاس فَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب فَكل قد ذكره الله فِي الْقُرْآن {لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة} الْآيَة ثمَّ قَرَأَ {وبكفرهم وَقَوْلهمْ على مَرْيَم بهتاناً عَظِيما} النِّسَاء الْآيَة 156 ثمَّ قَرَأَ {وَلَو أَن أهل الْكتاب آمنُوا وَاتَّقوا} الْمَائِدَة الْآيَة 65 إِلَى قَوْله {مِنْهُم أمة مقتصدة وَكثير مِنْهُم سَاءَ مَا يعْملُونَ} الْمَائِدَة الْآيَة 66 قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب: فَهَؤُلَاءِ أمة مقتصدة الَّذين قَالُوا: عِيسَى عبد الله وكلمته وروحه أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة} قَالَ: النَّصَارَى يَقُولُونَ: {إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة} وكذبوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: تفرق بَنو إِسْرَائِيل ثَلَاث فرق فِي

عِيسَى فَقَالَت فرقة هُوَ الله وَقَالَت فرقة: هُوَ ابْن الله وَقَالَت فرقة: هُوَ عبد الله وروحه وَهِي المقتصدة وَهِي مسلمة أهل الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة} قَالَ: قَالَت النَّصَارَى: إِن الله هُوَ الْمَسِيح وَأمه فَذَلِك قَوْله {أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله} الْمَائِدَة الْآيَة 116 قَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا عبد الله بن هِلَال الدِّمَشْقِي حَدثنَا أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ: قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي: ياأحمد - وَالله - مَا حرك ألسنتهم بقَوْلهمْ ثَالِث ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ وَلَو شَاءَ الله لأخرس ألسنتهم

77

- قَوْله تَعَالَى: قل يَا أهل الْكتاب لَا تغلوا فِي دينكُمْ غير الْحق وَلَا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وَضَلُّوا عَن سَوَاء السَّبِيل - أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَا تغلوا فِي دينكُمْ} يَقُول لَا تبتدعوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {لَا تغلوا فِي دينكُمْ} قَالَ: الغلوا فِرَاق الْحق وَكَانَ مِمَّا غلوا فِيهِ أَن دعوا الله صَاحِبَة وَولدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: قد كَانَ قَائِم قَامَ عَلَيْهِم فَأخذ بِالْكتاب وَالسّنة زَمَانا فَأَتَاهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: إِنَّمَا تركب اثر وأمراً قد عمل بِهِ قبلك فَلَا تحمد عَلَيْهِ وَلَكِن ابتدع أمرا من قبل نَفسك وادع إِلَيْهِ واجبر النَّاس عَلَيْهِ فَفعل ثمَّ ادّكر من بعد فعله زَمَانا فاراد أَن يَمُوت فَخلع سُلْطَانه وَملكه وَأَرَادَ أَن يتعبد فَلبث فِي عِبَادَته أَيَّامًا فَأتي فَقيل لَهُ: لَو أَنَّك تبت من خَطِيئَة عملتها فِيمَا بَيْنك وَبَين رَبك عَسى أَن يُتَاب عَلَيْك وَلَكِن ضل فلَان وَفُلَان فِي سَبِيلك حَتَّى فارقوا الدُّنْيَا وهم على الضَّلَالَة فَكيف لَك بهداهم فَلَا تَوْبَة لَك أبدا فَفِيهِ سمعنَا وَفِي

اشباهه هَذِه الْآيَة {يَا أهل الْكتاب لَا تغلوا فِي دينكُمْ غير الْحق وَلَا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وَضَلُّوا عَن سَوَاء السَّبِيل} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَلَا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا} فهم أُولَئِكَ الَّذين ضلوا وأضلوا أتباعهم {وَضَلُّوا عَن سَوَاء السَّبِيل} عَن عدل السَّبِيل وَالله أعلم

78

- قَوْله تَعَالَى: لعن الَّذين كفرُوا من بني إِسْرَائِيل على لِسَان دَاوُد وَعِيسَى ابْن مَرْيَم ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون كَانُوا لَا يتناهون عَن مُنكر فَعَلُوهُ لبئس مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ - أخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ الرجل يلقى الرجل فَيَقُول لَهُ: ياهذا اتَّقِ الله ودع ماتصنع فانه لايحل لَك ثمَّ يلقاه من الْغَد فَلَا يمنعهُ ذَلِك أَن يكون أكيله وشريبه وقعيده فَلَمَّا فعلوا ذَلِك ضرب الله على قُلُوب بَعضهم بِبَعْض قَالَ {لعن الَّذين كفرُوا من بني إِسْرَائِيل على لِسَان دَاوُد} إِلَى قَوْله {فَاسِقُونَ} ثمَّ قَالَ: كلا وَالله لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر ولتأخذن على يَدي الظَّالِم ولتأطرنه على الْحق اطراء وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن بني اسرئيل لما عمِلُوا الْخَطِيئَة نَهَاهُم علماؤهم تعزيراً ثمَّ جالسوهم وآكلوهم وشاربوهم كَأَن لم يعملوا بالْأَمْس خَطِيئَة فَلَمَّا رأى الله ذَلِك مِنْهُم ضرب بقلوب بَعضهم على بعض ولعنهم على لِسَان نَبِي من الْأَنْبِيَاء ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهن عَن الْمُنكر ولتأطرنهم على الْحق أطراً أَو ليضربن الله بقلوب بَعْضكُم على بعض وليلعننكم كَمَا لعنهم وَأخرج عبد بن حميد عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُذُوا الْعَطاء ماكان عَطاء فَإِذا كَانَ رشوة عَن دينكُمْ فَلَا تأخذوه وَلنْ تتركوه يمنعكم

من ذَلِك الْفقر والمخافة إِن بني يَأْجُوج قد جاؤوا وَإِن رحى الْإِسْلَام ستدور فَحَيْثُ مَا دَار الْقُرْآن فدوروا بِهِ يُوشك السُّلْطَان وَالْقُرْآن أَن يقتتلا ويتفرقا إِنَّه سَيكون عَلَيْكُم مُلُوك يحكمون لكم بِحكم وَلَهُم بِغَيْرِهِ فَإِن أطعتموهم أضلوكم وَإِن عصيتموهم قتلوكم قَالُوا: يارسول الله فَكيف بِنَا ان أدركنا ذَلِك قَالَ: تَكُونُونَ كأصحاب عِيسَى نشرُوا بالمناشير وَرفعُوا على الْخشب موت فِي طَاعَة خير من حَيَاة فِي مَعْصِيّة إِن أول ماكان نقص فِي بني اسرئيل أَنهم كَانُوا يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر شبه التَّعْزِير فَكَانَ أحدهم إِذا لَقِي صَاحبه الَّذِي كَانَ يعيب عَلَيْهِ آكله وشاربه كَأَنَّهُ لم يعب عَلَيْهِ شَيْئا فلعنهم الله على لِسَان دَاوُد وَذَلِكَ بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر أَو ليسلطنَّ الله عَلَيْكُم شِرَاركُمْ ثمَّ ليدعون خياركم فَلَا يُسْتَجَاب لكم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهن عَن الْمُنكر ولتأخذن على يَد الظَّالِم فلتأطرنه عَلَيْهِ اطراً أَو ليضربن الله قُلُوب بَعْضكُم بِبَعْض وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَالْبُخَارِيّ فِي الوحدانيات وَابْن السكن وَابْن مَنْدَه والباوردي فِي معرفَة الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن أَبْزَى عَن أَبِيه قَالَ خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ ذكر طوائف من الْمُسلمين فَأثْنى عَلَيْهِم خيرا ثمَّ قَالَ: مَا بَال أَقوام لَا يعلمُونَ جيرانهم وَلَا يفقهونهم وَلَا يفطنونهم وَلَا يأمرونهم وَلَا ينهونهم وَمَا بَال أَقوام لَا يتعلمون من جيرانهم وَلَا يتفقهمون وَلَا يتفطنون وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليعلمن جِيرَانه أَو ليتفقهن أَو ليفطنن أَو لأعاجلنهم بالعقوبة فِي دَار الدُّنْيَا ثمَّ نزل فَدخل بَيته فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يَعْنِي بِهَذَا الْكَلَام قَالُوا: مَا نعلم يَعْنِي بِهَذَا الْكَلَام إِلَّا الْأَشْعَرِيين فُقَهَاء عُلَمَاء وَلَهُم جيران من أهل الْمِيَاه جُفَاة جهلة فَاجْتمع جمَاعَة من الْأَشْعَرِيين فَدَخَلُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ذكرت طوائف من الْمُسلمين بِخَير وذكرتنا بشر فَمَا بالنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لتعلمن جِيرَانكُمْ ولتفقهنهم ولتأمرنهم ولتنهونهم أَو لأعاجلنكم بالعقوبة فِي دَار الدُّنْيَا فَقَالُوا: يارسول الله فاما إِذن فامهلنا سنة فَفِي سنة مَا نعلمهُ ويتعلمون فامهلهم سنة ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لعن الَّذين كفرُوا من بني إِسْرَائِيل على لِسَان دَاوُد وَعِيسَى ابْن مَرْيَم ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون كَانُوا لَا يتناهون عَن مُنكر فَعَلُوهُ لبئس مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لُعِن الَّذين كفرُوا من بني إِسْرَائِيل على لِسَان دَاوُد} يَعْنِي فِي الزبُور {وَعِيسَى} يَعْنِي فِي الْإِنْجِيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لعن الَّذين كفرُوا} الْآيَة قَالَ: لعنُوا بِكُل لِسَان لعنُوا على عهد مُحَمَّد فِي الْقُرْآن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {لعن الَّذين كفرُوا} الْآيَة خالطوهم بعد النَّهْي على تجارهم فَضرب الله قُلُوب بَعضهم على بعض وهم ملعونون على لِسَان دَاوُد وَعِيسَى بن مَرْيَم وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك الْغِفَارِيّ فِي الْآيَة قَالَ: لعنُوا على لِسَان دَاوُد فجُعلوا قردة وعَلى لِسَان عِيسَى فجُعِلوا خنازير وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لعنهم الله على لِسَان دَاوُد فِي زمانهم فجعلهم قردة خَاسِئِينَ ولعنهم فِي الْإِنْجِيل على لِسَان عِيسَى فجعلهم خنازير وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون} مَاذَا كَانَ بَعضهم قَالُوا {لَا يتناهون عَن مُنكر فَعَلُوهُ} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي عَمْرو بن حماس أَن ابْن الزبير قَالَ لكعب: هَل لله من عَلامَة فِي الْعباد إِذا سخط عَلَيْهِم قَالَ: نعم يذلهم فَلَا يامرون بِالْمَعْرُوفِ ولاينهون عَن الْمُنكر وَفِي الْقُرْآن {لعن الَّذين كفرُوا من بني إِسْرَائِيل} الْآيَة وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح مَرْفُوعا قتلت بَنو إِسْرَائِيل ثَلَاثَة وَأَرْبَعين نَبيا من أوّل النَّهَار فَقَامَ مائَة وَاثنا عشر رجلا من عبادهم فأمروهم بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْهُمْ عَن الْمُنكر فَقتلُوا جَمِيعًا فِي آخر النَّهَار فهم الَّذين ذكر الله {لعن الَّذين كفرُوا من بني إِسْرَائِيل} الْآيَات وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر أَو ليوشكن أَن يبْعَث الله عَلَيْكُم عقَابا من عِنْده ثمَّ لتدعنه فَلَا يستجيب لكم

وَأخرج ابْن مَاجَه عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مروا بِالْمَعْرُوفِ وانهوا عَن الْمُنكر قبل أَن تدعوا فَلَا يُسْتَجَاب لكم وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رأى مِنْكُم مُنْكرا فليغيره بِيَدِهِ فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه وَذَلِكَ أَضْعَف الْإِيمَان وَأخرج أَحْمد عَن عدي بن عميرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله لايعذب الْعَامَّة بِعَمَل الْخَاصَّة حَتَّى يرَوا الْمُنكر بَين ظهرانيهم وهم قادرون على أَن ينكروه فَإِذا فعلوا ذَلِك عذب الله الْعَامَّة والخاصة وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك من طَرِيق أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله لايعذب الْعَامَّة بِعَمَل الْخَاصَّة حَتَّى يرَوا الْمُنكر بَين ظهرانيهم وهم قادرون على أَن ينكروه فَلَا ينكرونه فَإِذا فعلوا ذَلِك عذب الله الْخَاصَّة والعامة وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك من طَرِيق أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ ليخرجن من أمتِي اناس من قُبُورهم فِي صُورَة القردة والخنازير داهنوا أهل الْمعاصِي سكتوا عَن نهيهم وهم يَسْتَطِيعُونَ وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عظمت أمتِي الدُّنْيَا نزعت مِنْهَا هَيْبَة الْإِسْلَام واذا تركت الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر حرمت بَرَكة الْوَحْي وَإِذا تسابَّت امتي سَقَطت من عين الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قيل يارسول الله أتهلك الْقرْيَة فيهم الصالحون قَالَ: نعم فَقيل يارسول الله قَالَ: تهانونهم وسكوتهم عَن معاصي الله عز وَجل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن من كَانَ قبلكُمْ من بني إِسْرَائِيل إِذا عمل الْعَامِل فيهم الْخَطِيئَة فَنَهَاهُ الناهي تعزيراً فَإِذا كَانَ من الْغَد جالسه وآكله وشاربه كَأَنَّهُ لم يره على خَطِيئَة بالْأَمْس فَلَمَّا رأى الله ذَلِك مِنْهُم ضرب بقلوب بَعضهم على بعض ولعنهم على لِسَان دَاوُد وَعِيسَى بن مَرْيَم {ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون} وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهن عَن الْمُنكر ولتأخذن على يَد الْمُسِيء ولتأطرنه على الْحق أطرا أَو ليضربن الله بقلوب بَعْضكُم على بعض ويلعنكم كَمَا لعنهم

وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اسْتغنى النِّسَاء بِالنسَاء وَالرِّجَال بِالرِّجَالِ فبشروهم برِيح حَمْرَاء تخرج من قبل الْمشرق فَينْسَخ بَعضهم ويخسف بِبَعْض {ذَلِك بِمَا عصوا وَكَانُوا يعتدون}

80

- قَوْله تَعَالَى: ترى كثيرا مِنْهُم يتولون الَّذين كفرُوا لبئس مَا قدمت لَهُم أنفسهم أَن سخط الله عَلَيْهِم وَفِي الْعَذَاب هم خَالدُونَ - أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لبئس مَا قدمت لَهُم أنفسهم} قَالَ: مَا أَمرتهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن حُذَيْفَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يامعشر الْمُسلمين إيَّاكُمْ وَالزِّنَا فَإِن فِيهِ سِتّ خِصَال: ثَلَاث فِي الدُّنْيَا وَثَلَاث فِي الْآخِرَة فاما الَّتِي فِي الدُّنْيَا قد طَابَ إِلَيْهَا ودوام الْفقر وَقصر الْعُمر وَأما الَّتِي فِي الْآخِرَة فسخط الله وَطول الْحساب وَالْخُلُود فِي النَّار ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لبئس مَا قدمت لَهُم أنفسهم أَن سخط الله عَلَيْهِم وَفِي الْعَذَاب هم خَالدُونَ}

81

- قَوْله تَعَالَى: وَلَو كَانُوا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالنَّبِيّ وَمَا أنزل إِلَيْهِ مَا اتخذوهم أَوْلِيَاء وَلَكِن كثيرا مِنْهُم فَاسِقُونَ - أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَو كَانُوا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالنَّبِيّ وَمَا أنزل إِلَيْهِ مَا اتخذوهم أَوْلِيَاء} الْآيَة

82

- قَوْله تَعَالَى: لتجدن أَشد النَّاس عَدَاوَة للَّذين آمنُوا الْيَهُود وَالَّذين أشركوا ولتجدن أقربهم مَوَدَّة للَّذين آمنُوا الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِك بِأَن مِنْهُم قسيسن وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول ترى أَعينهم تفيض من الدمع مِمَّا عرفُوا من الْحق يَقُولُونَ رَبنَا آمنا فاكتبنا مَعَ الشَّاهِدين وَمَا لنا لَا نؤمن بِاللَّه وَمَا جَاءَنَا من الْحق ونطمع أَن يدخلنا رَبنَا مَعَ الْقَوْم الصَّالِحين فأثابهم الله بِمَا قَالُوا جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ وَالَّذين كفرُوا وكذبوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجَحِيم

- أخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماخلا يَهُودِيّ بِمُسلم إِلَّا هم بقتْله وَفِي لفظ: إِلَّا حدَّث نَفسه بقتْله أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ولتجدن أقربهم مَوَدَّة للَّذين آمنُوا الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} قَالَ: هم الْوَفْد الَّذين جاؤوا مَعَ جَعْفَر وَأَصْحَابه من أَرض الْحَبَشَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: مَا ذكر الله بِهِ النَّصَارَى قَالَ: هم نَاس من الْحَبَشَة آمنُوا إِذْ جَاءَتْهُم مهاجرة الْمُؤمنِينَ فَذَلِك لَهُم وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي النَّجَاشِيّ وَأَصْحَابه {وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول ترى أَعينهم تفيض من الدمع} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية والواحدي من طَرِيق ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْحَارِث بن هِشَام وَعُرْوَة بن الزبير قَالُوا بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي وَكتب مَعَه كتابا إِلَى النَّجَاشِيّ فَقدم على النَّجَاشِيّ فَقَرَأَ كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ دَعَا جَعْفَر بن أبي طَالب والمهاجرين مَعَه وَأرْسل النَّجَاشِيّ إِلَى الرهبان والقسيسين فَجَمعهُمْ ثمَّ أَمر جَعْفَر بن أبي طَالب أَن يقْرَأ عَلَيْهِم الْقُرْآن فَقَرَأَ عَلَيْهِم سُورَة

مَرْيَم فآمنوا بِالْقُرْآنِ وفاضت أَعينهم من الدمع وهم الَّذين أنزل فيهم {ولتجدن أقربهم مَوَدَّة} إِلَى قَوْله {مَعَ الشَّاهِدين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا} قَالَ: هم رسل النَّجَاشِيّ الَّذين أرسل بِإِسْلَامِهِ وَإِسْلَام قومه كَانُوا سبعين رجلا اخْتَارَهُمْ من قومه الخيِّر الخيِّر فالخير فِي الْفِقْه وَالسّن وَفِي لفظ: بعث من خِيَار أَصْحَابه إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثِينَ رجلا فَلَمَّا أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخلُوا عَلَيْهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِم سُورَة يس فبكوا حِين سمعُوا الْقُرْآن وَعرفُوا أَنه الْحق فَأنْزل الله فيهم {ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا} الْآيَة وَنزلت هَذِه الْآيَة فيهم أَيْضا {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ} الْقَصَص الْآيَة 52 إِلَى قَوْله {أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} الْقَصَص الْآيَة 54 وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن عُرْوَة قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي النَّجَاشِيّ {وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول} قَالَ: إِنَّهُم كَانُوا برايين يَعْنِي ملاحين قدمُوا مَعَ جَعْفَر بن أبي طَالب من الْحَبَشَة فَلَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن آمنُوا وفاضت أَعينهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رجعتم إِلَى أَرْضكُم انقلبتم عَن دينكُمْ فَقَالُوا لن ننقلب عَن ديننَا فَأنْزل الله ذَلِك من قَوْلهم {وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي الَّذين أَقبلُوا مَعَ جَعْفَر من أَرض الْحَبَشَة وَكَانَ جَعْفَر لحق بِالْحَبَشَةِ هُوَ وَأَرْبَعُونَ مَعَه من قُرَيْش وَخَمْسُونَ من الْأَشْعَرِيين مِنْهُم أَرْبَعَة من عك أكبرهم أَبُو عَامر الْأَشْعَرِيّ وأصغرهم عَامر فَذكر لنا أَن قُريْشًا بعثوا فِي طَلَبهمْ عَمْرو بن الْعَاصِ وَعمارَة بن الْوَلِيد فَأتوا النَّجَاشِيّ فَقَالُوا: إِن هَؤُلَاءِ قد أفسدوا دين قَومهمْ فَأرْسل اليهم فجاؤوا فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: بعث الله فِينَا نَبيا كَمَا بعث فِي الْأُمَم قبلنَا يَدْعُونَا إِلَى الله وَحده ويأمرنا بِالْمَعْرُوفِ وينهانا عَن الْمُنكر ويأمرنا بالصلة وينهانا عَن القطيعة ويأمرنا بِالْوَفَاءِ وينهانا عَن النكث وَإِن قَومنَا بغوا علينا وأخرجونا حِين صدقناه وآمنا بِهِ فَلم نجد

أحد نلجأ اليه غَيْرك فَقَالَ: مَعْرُوفا فَقَالَ عَمْرو وَصَاحبه: إِنَّهُم يَقُولُونَ فِي عِيسَى غير الَّذِي تَقول قَالَ: وَمَا تَقولُونَ فِي عِيسَى قَالُوا: نشْهد أَنه عبد الله وَرَسُوله وكلمته وروحه وَلدته عذراء بتول قَالَ: مَا أخطأتم ثمَّ قَالَ لعَمْرو وَصَاحبه: لَوْلَا أنكما أقبلتما فِي جواري لفَعَلت بكما وَذكر لنا أَن جَعْفَر وَأَصْحَابه إِذْ أَقبلُوا جَاءَ أُولَئِكَ مَعَهم فآمنوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَائِل: لَو قد رجعُوا إِلَى أَرضهم لَحِقُوا بدينهم فحدثنا أَنه قدم مَعَ جَعْفَر سَبْعُونَ مِنْهُم فَلَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاضت أَعينهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ بعث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إثنا عشر رجلا سَبْعَة قِسِّيسِينَ وَخَمْسَة رهباناً ينظرُونَ إِلَيْهِ ويسألونه فَلَمَّا لقوه قَرَأَ عَلَيْهِم مَا أنزل الله بكوا وآمنوا وَأنزل الله فيهم {وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِمَكَّة يخَاف على أَصْحَابه من الْمُشْركين فَبعث جَعْفَر بن أبي طَالب وَابْن مَسْعُود وَعُثْمَان بن مَظْعُون فِي رَهْط من أَصْحَابه إِلَى النَّجَاشِيّ ملك الْحَبَشَة فَلَمَّا بلغ الْمُشْركين بعثوا عَمْرو بن الْعَاصِ فِي رَهْط مِنْهُم وَذكروا أَنهم سبقوا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّجَاشِيّ فَقَالُوا إِنَّه قد خرج فِينَا رجل سفه عقول قُرَيْش وأحلامها زعم أَنه نَبِي وَأَنه بعث إِلَيْك رهطاً ليفسدوا عَلَيْك قَوْمك فأحببنا أَن نَأْتِيك ونخبرك خبرهم قَالَ: إِن جاؤوني نظرت فِيمَا يَقُولُونَ فَلَمَّا قدم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتوا إِلَى بَاب النَّجَاشِيّ فَقَالُوا: اسْتَأْذن لأولياء الله فَقَالَ: ائْذَنْ لَهُم فمرحباً بأولياء الله فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهِ سلمُوا فَقَالَ الرَّهْط من الْمُشْركين: ألم تَرَ أَيهَا الْملك انا صدقناك وانهم لم يحيوك بتحيتك الَّتِي تحيى بهَا فَقَالَ لَهُم: مَا يمنعكم أَن تحيوني بتيحيتي قَالُوا: إِنَّا حييناك بِتَحِيَّة أهل الْجنَّة وتحية الْمَلَائِكَة فَقَالَ لَهُم: مايقول صَاحبكُم فِي عِيسَى وَأمه قَالُوا: يَقُول عبد الله وَرَسُوله وَكلمَة من الله وروح مِنْهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وَيَقُول فِي مَرْيَم: إِنَّهَا الْعَذْرَاء الطّيبَة البتول قَالَ: فَأخذ عوداً من الأَرْض فَقَالَ: مَا زَاد عِيسَى وَأمه على مَا قَالَ صَاحبكُم هَذَا الْعود فكره الْمُشْركُونَ قَوْله وَتغَير لون وُجُوههم فَقَالَ: هَل تقرأون شَيْئا مِمَّا أنزل عَلَيْكُم قَالُوا: نعم قَالَ: فاقرأوا وَحَوله القسيسون والرهبان وَسَائِر النَّصَارَى فَجعلت طَائِفَة من

القسيسسن والرهبان كلما قرأوا آيَة انحدرت دموعهم مِمَّا عرفُوا من الْحق قَالَ الله {ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول ترى أَعينهم تفيض من الدمع مِمَّا عرفُوا من الْحق} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان فِي إِسْلَامه قَالَ لما قدم النَّبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة صنعت طَعَاما فَجئْت بِهِ فَقَالَ: ماهذا قلت: صَدَقَة فَقَالَ لأَصْحَابه: كلوا وَلم يَأْكُل ثمَّ إِنِّي رجعت حَتَّى جمعت طَعَاما فَأَتَيْته بِهِ فَقَالَ: ماهذا قلت: هَدِيَّة فَأكل وَقَالَ لأَصْحَابه: كلوا قلت يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن النَّصَارَى قَالَ: لَا خير فيهم ولافيمن أحبهم فَقُمْت وَأَنا مثقل فَأنْزل الله {لتجدن أَشد النَّاس عَدَاوَة للَّذين آمنُوا الْيَهُود} حَتَّى بلغ {تفيض من الدمع} فَأرْسل إلىَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي: ياسلمان إِن أَصْحَابك هَؤُلَاءِ الَّذين ذكر الله وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ولتجدن أقربهم مَوَدَّة} الْآيَة قَالَ: أنَاس من أهل الْكتاب كَانُوا على شَرِيعَة من الْحق مِمَّا جَاءَ بِهِ عِيسَى يُؤمنُونَ بِهِ وينتهون إِلَيْهِ فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صدقوه وآمنوا بِهِ وَعرفُوا مَا جَاءَ بِهِ من الْحق أَنه من الله فَأثْنى عَلَيْهِم بِمَا تَسْمَعُونَ وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه والْحَارث بن أُسَامَة فِي مُسْنده والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَزَّار وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا} قَالَ: الرهبان الَّذين فِي الصوامع نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا} وَلَفظ الْبَزَّار دع القسيسين أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم / ذَلِك بِأَن مِنْهُم صديقين / وَلَفظ الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ: قَرَأت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ} فأقرأني / ذَلِك بِأَن مِنْهُم صديقين / وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سلمَان قَالَ: كنت يَتِيما من رامهرمز وَكَانَ ابْن دهقان رامهرمز يخْتَلف إِلَى معلم يُعلمهُ فَلَزِمته لأَكُون فِي كنفه وَكَانَ لي أَخ أكبر مني وَكَانَ مستغنياً فِي نَفسه وَكنت غُلَاما فَقِيرا فَكَانَ إِذا قَامَ من مَجْلِسه تفرق من يحفظه فَإِذا تفَرقُوا خرج فتقنع بِثَوْبِهِ ثمَّ صعد الْجَبَل فَكَانَ يفعل ذَلِك غير مرّة متنكراً قَالَ: فَقلت أما أَنَّك تفعل كَذَا وَكَذَا فَلم لَا تذْهب بِي مَعَك قَالَ:

أَنْت غُلَام وأخاف أَن يظْهر مِنْك شَيْء قَالَ: قلت لاتخف قَالَ: فَإِن فِي هَذَا الْجَبَل قوما فِي برطيل لَهُم عبَادَة وَصَلَاح يذكرُونَ الله عز وَجل ويذكرون الْآخِرَة يَزْعمُونَ أَنا عَبدة النيرَان وَعَبدَة الْأَوْثَان وَأَنا على غير دين قلت: فَاذْهَبْ بِي مَعَك إِلَيْهِم قَالَ: لَا أقدر على ذَلِك حَتَّى أستأمرهم وَأَنا أَخَاف أَن يظْهر مِنْك شَيْء فَيعلم أبي فَيقْتل الْقَوْم فَيجْرِي هلاكهم على يَدي قَالَ: قلت لن يظْهر مني ذَلِك فاستأمرهم فَقَالَ: غُلَام عِنْدِي يَتِيم فَأحب أَن يأتيكم وَيسمع كلامكم قَالُوا: إِن كنت تثق بِهِ قَالَ: أَرْجُو أَن لَا يَجِيء مِنْهُ إِلَّا مَا أحب قَالُوا: فجيء بِهِ فَقَالَ لي: قد اسْتَأْذَنت الْقَوْم أَن تَجِيء معي فَإِذا كَانَت السَّاعَة الَّتِي رَأَيْتنِي أخرج فِيهَا فأتني وَلَا يعلم بك أحد فَإِن أبي إِن علم قَتلهمْ قَالَ: فَلَمَّا كَانَت السَّاعَة الَّتِي يخرج تَبعته فَصَعدَ الْجَبَل فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِم فَإِذا هم فِي برطيلهم قَالَ: عَليّ وَأرَاهُ قَالَ: هم سِتَّة أَو سَبْعَة قَالَ: وَكَانَت الرّوح قد خرجت مِنْهُم من الْعِبَادَة يَصُومُونَ النَّهَار ويقومون اللَّيْل يَأْكُلُون الشّجر وَمَا وجدوا فَقَعَدْنَا إِلَيْهِم فَأثْنى ابْن الدهْقَان عليَّ خيرا فتكلموا فحمدوا الله وأثنوا عَلَيْهِ وَذكروا من مضى من الرُّسُل والأنبياء حَتَّى خلصوا إِلَى عِيسَى بن مَرْيَم قَالُوا: بَعثه الله وَولده بِغَيْر ذكر بَعثه الله رَسُوله وسخر لَهُ ماكان يفعل من إحْيَاء الْمَوْتَى وَخلق الطير وابراء الْأَعْمَى والأبرص فَكفر بِهِ قوم وَتَبعهُ قوم وَإِنَّمَا كَانَ عبد الله وَرَسُوله ابتلى بِهِ خلقه قَالَ: وَقَالُوا قبل ذَلِك: ياغلام إِن لَك رَبًّا وَإِن لَك معاداً وَإِن بَين يَديك جنَّة وَنَارًا إِلَيْهَا تصير وَإِن هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين يعْبدُونَ النيرَان أهل كفر وضلالة لايرضى الله بِمَا يصنعون وَلَيْسوا على دين فَلَمَّا حضرت السَّاعَة الَّتِي ينْصَرف فِيهَا الْغُلَام انْصَرف وانصرفت مَعَه ثمَّ غدونا إِلَيْهِم فَقَالُوا مثل ذَلِك وَأحسن فلزمتهم فَقَالُوا: ياغلام إِنَّك غُلَام وَإنَّك لَا تَسْتَطِيع أَن تصنع كَمَا نصْنَع فَكل واشرب وصل ونم قَالَ: فَاطلع الْملك على صَنِيع ابْنه فَركب الْخَيل حَتَّى أَتَاهُم فِي برطيلهم فَقَالَ: ياهؤلاء قد جاورتموني فأحسنت جوراكم وَلم تروا مني سوءا فعمدتم إِلَى ابْني فافسدتموه عليَّ قد أجلتكم ثَلَاثًا فَإِن قدرت عَلَيْكُم بعد ثَلَاث أحرقت عَلَيْكُم برطيلكم هَذَا فالحقوا ببلادكم فَإِنِّي أكره أَن يكون مني إِلَيْكُم سوء قَالُوا: نعم ماتعمدنا اساءتك وَلَا أردنَا إِلَّا الْخَيْر فكفَّ ابْنه عَن إتيانهم فَقلت لَهُ: اتَّقِ الله

فَإنَّك تعرف أَن هَذَا الدّين دين الله وَإِن أَبَاك وَنحن على غير دين إِنَّمَا هم عَبدة النيرَان لايعرفون الله فَلَا تبع آخرتك بدنيا غَيْرك قَالَ: ياسلمان هُوَ كَمَا تَقول وَإِنَّمَا أَتَخَلَّف عَن الْقَوْم بقيا عَلَيْهِم ان اتبعت الْقَوْم يطلبني أبي فِي الْخَيل وَقد جزع من إتياني إيَّاهُم حَتَّى طردهم وَقد أعرف أَن الْحق فِي أَيْديهم قلت: أَنْت أعلم ثمَّ لقِيت أخي فعرضت عَلَيْهِ فَقَالَ: أَنا مشتغل بنفسي وَطلب الْمَعيشَة فأتيتهم فِي الْيَوْم الَّذِي أَرَادوا أَن يرتحلوا فِيهِ فَقَالُوا: ياسلمان قد كُنَّا نحذر فَكَانَ مَا رَأَيْت اتَّقِ الله وَاعْلَم أَن الدّين مَا أوصيناك بِهِ وَإِن هَؤُلَاءِ عَبدة النيرَان لايعرفون الله ولايذكرونه فَلَا يخدعنَّك أحد عَن ذَلِك قلت: مَا أَنا بمفارقكم قَالُوا: إِنَّك لَا تقدر على أَن تكون مَعنا نَحن نَصُوم النَّهَار ونقوم اللَّيْل وَنَأْكُل الشّجر وَمَا أصبْنَا وَأَنت لاتستطيع ذَلِك قَالَ: قلت: لَا أفارقكم قَالُوا: أَنْت أعلم قد أعلمناك حَالنَا فَإِذا أَبيت فاطلب أحدا يكون مَعَك واحمل مَعَك شَيْئا تَأْكُله لَا تَسْتَطِيع مانستطيع نَحن قَالَ: فَفعلت فَلَقِيت أخي فعرضت عَلَيْهِ فَأبى فأتيتهم فتحمَّلوا فَكَانُوا يَمْشُونَ وأمشي مَعَهم فرزقنا الله السَّلامَة حَتَّى أَتَيْنَا الْموصل فأتينا بَيْعه بالموصل فَلَمَّا دخلُوا حفوا بهم وَقَالُوا: أَيْن كُنْتُم قَالُوا: كُنَّا فِي بِلَاد لَا يذكرُونَ الله بهَا عبّاد نيران فطردونا فقدمنا عَلَيْكُم فَلَمَّا كَانَ بعد قَالُوا: يَا سلمَان ان هَهُنَا قوما فِي هَذِه الْجبَال هم أهل دين وَإِنَّا نُرِيد لقاءهم فَكُن أَنْت هَهُنَا مَعَ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُم أهل دين وسترى مِنْهُم مَا تحب قلت: مَا أَنا بمفارقكم قَالَ: وأوصوا بِي أهل الْبيعَة فَقَالَ أهل دين الْبيعَة: أقِم مَعنا فانه لايعجزك شَيْء يسعنا قلت: مَا أَنا بمفارقكم فَخَرجُوا وَأَنا مَعَهم فأصبحنا بَين الْجبَال فَإِذا صَخْرَة وَمَاء كثير فِي جرار وخبز كثير فَقَعَدْنَا عِنْد الصَّخْرَة فَلَمَّا طلعت الشَّمْس خَرجُوا من بَين تِلْكَ الْجبَال يخرج رجل رجل من مَكَانَهُ كَأَن الْأَرْوَاح انتزعت مِنْهُم حَتَّى كَثُرُوا فرحبوا بهم وحفوا وَقَالُوا: أَيْن كُنْتُم لم نركم قَالُوا: كُنَّا فِي بِلَاد لَا يذكرُونَ اسْم الله فِيهَا عَبدة النيرَان وَكُنَّا نعْبد الله فِيهَا فطردونا فَقَالُوا: ماهذا الْغُلَام قَالَ: فطفقوا يثنون عليَّ وَقَالُوا: صَحِبنَا من تِلْكَ الْبِلَاد فَلم نرَ مِنْهُ إِلَّا خيرا قَالَ: فو الله إِنَّهُم لكذا إِذْ طلع عَلَيْهِم رجل من كَهْف رجل طَوِيل فجَاء حَتَّى سلم وَجلسَ فحف بِهِ أَصْحَابِي الَّذين كنت مَعَهم وعظموه وَأَحْدَقُوا بِهِ فَقَالَ لَهُم: أَيْن كُنْتُم فأخبروه

فَقَالَ: وَمَا هَذَا الْغُلَام مَعكُمْ فَأَثْنوا عليَّ خيرا وَأَخْبرُوهُ باتباعي إيَّاهُم وَلم أرَ مثل إعظامهم إِيَّاه فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ ذكر من أرسل من رسله وأنبيائه وَمَا لقوا وَمَا صنع بهم حَتَّى ذكر مولد عِيسَى بن مَرْيَم وَأَنه ولد بِغَيْر ذكر فَبَعثه الله رَسُولا وأجرى على يَدَيْهِ إحْيَاء الْمَوْتَى وإبراء الْأَعْمَى والأبرص وَأَنه يخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير فينفخ فِيهِ فَيكون طيراً بِإِذن الله وَأنزل عَلَيْهِ الْإِنْجِيل وَعلمه التَّوْرَاة وَبَعثه رَسُولا إِلَى بني إِسْرَائِيل فَكفر بِهِ قوم وآمن بِهِ قوم وَذكر بعض مَا لَقِي عِيسَى بن مَرْيَم وَأَنه كَانَ عبدا أنعم الله عَلَيْهِ فَشكر ذَلِك لَهُ وَرَضي عَنهُ حَتَّى قَبضه الله وَهُوَ يعظمهم وَيَقُول: اتَّقوا الله والزموا مَا جَاءَ عِيسَى بِهِ وَلَا تخالفوا فيخالف بكم ثمَّ قَالَ: من أَرَادَ أَن يَأْخُذ من هَذَا شَيْئا فليأخذ فَجعل الرجل يقوم فَيَأْخُذ الجرة من المَاء وَالطَّعَام وَالشَّيْء وَقَامَ إِلَيْهِ أَصْحَابِي الَّذين جِئْت مَعَهم فَسَلمُوا عَلَيْهِ وعظموه فَقَالَ لَهُم: الزموا هَذَا الدّين وَإِيَّاكُم أَن تفَرقُوا وَاسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلَام خيرا وَقَالَ لي: هَذَا دين الله الَّذِي لَيْسَ لَهُ دين فَوْقه وَمَا سواهُ هُوَ الْكفْر قَالَ: قلت: مَا أُفَارِقك قَالَ: إِنَّك لن تَسْتَطِيع أَن تكون معي إِنِّي لَا أخرج من كهفي هَذَا إِلَّا كل يَوْم أحد لَا تقدر على الكينونة معي قَالَ: وَأَقْبل على أَصْحَابه فَقَالُوا: يَا غُلَام إِنَّك لَا تَسْتَطِيع أَن تكون مَعَه قلت: مَا أَنا بمفارقك قَالَ: يَا غُلَام فَإِنِّي أعلمك الْآن إِنِّي أَدخل هَذَا الْكَهْف وَلَا أخرج مِنْهُ إِلَى الْأَحَد الآخر وَأَنت أعلم قلت: مَا أَنا بمفارقك قَالَ لَهُ أَصْحَابه: يافلان هَذَا غُلَام ونخاف عَلَيْهِ قَالَ: قَالَ لي: أَنْت أعلم قلت: إِنِّي لَا أُفَارِقك فَبكى أَصْحَابِي الأوّلون الَّذين كنت مَعَهم عِنْد فراقهم إيَّايَ فَقَالَ: خُذ من هَذَا الطَّعَام مَا ترى أَنه يَكْفِيك إِلَى الْأَحَد الآخر وَخذ من هَذَا المَاء مَا تكتفي بِهِ فَفعلت وَتَفَرَّقُوا وَذهب كل إِنْسَان إِلَى مَكَانَهُ الَّذِي يكون فِيهِ وتبعته حَتَّى دخل الْكَهْف فِي الْجَبَل فَقَالَ: ضع مَا مَعَك وكل واشرب وَقَامَ يُصَلِّي فَقُمْت مَعَه أُصَلِّي قَالَ: وانفتل إِلَيّ فَقَالَ: إِنَّك لَا تَسْتَطِيع هَذَا وَلَكِن صل ونم وكل واشرب فَفعلت فَمَا رَأَيْته لَا نَائِما وَلَا طاعماً إِلَّا رَاكِعا وساجداً إِلَى الْأَحَد الآخر فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَالَ: خُذ جرتك هَذِه وَانْطَلق فَخرجت مَعَه أتبعه حَتَّى انتهينا إِلَى الصَّخْرَة وَإِذا هم قد خَرجُوا من تِلْكَ الْجبَال واجتمعوا إِلَى الصَّخْرَة ينتظرون

خُرُوجه فقعدوا وجاد فِي حَدِيثه نَحْو الْمرة الأولى فَقَالَ: الزموا هَذَا الدّين وَلَا تفَرقُوا وَاتَّقوا الله وَاعْلَمُوا أَن عِيسَى بن مَرْيَم كَانَ عبد الله أنعم الله عَلَيْهِ ثمَّ ذكروني فَقَالُوا: يَا فلَان كَيفَ وجدت هَذَا الْغُلَام فَأثْنى عَليّ وَقَالَ: خيرا فحمدوا الله فَإِذا خبز كثير وَمَاء فَأخذُوا وَجعل الرجل يَأْخُذ بِقدر مَا يَكْتَفِي بِهِ فَفعلت وَتَفَرَّقُوا فِي تِلْكَ الْجبَال وَرجع إِلَى كهفه وَرجعت مَعَه فَلبث ماشاء الله يخرج فِي كل يَوْم أحد وَيخرجُونَ مَعَه ويوصيهم بِمَا كَانَ يوصيهم بِهِ فَخرج فِي أحد فَلَمَّا اجْتَمعُوا حمد الله ووعظهم وَقَالَ مثل ماكان يَقُول لَهُم ثمَّ قَالَ لَهُم آخر ذَلِك: يَا هَؤُلَاءِ إِنِّي قد كَبرت سني ورق عظمي واقترب أَجلي وَأَنه لَا عهد لي بِهَذَا الْبَيْت مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَلَا بُد لي من إِتْيَانه فَاسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلَام خيرا وَإِنِّي رَأَيْته لَا بَأْس بِهِ قَالَ: فجزع الْقَوْم فَمَا رَأَيْت مثل جزعهم وَقَالُوا: يَا أَبَا فلَان أَنْت كَبِير وَأَنت وَحدك وَلَا نَأْمَن أَن يصيبك الشَّيْء ولسنا أحْوج مَا كُنَّا إِلَيْك قَالَ: لَا تراجعوني لَا بُد لي من إِتْيَانه وَلَكِن اسْتَوْصُوا بِهَذَا الْغُلَام خيرا وافعلوا وافعلوا قَالَ: قلت: مَا أَنا بمفارقك قَالَ: ياسلمان قد رَأَيْت حَالي وماكنت عَلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا لَك إِنَّمَا أَمْشِي أَصوم النَّهَار وأقوم اللَّيْل وَلَا أَسْتَطِيع أَن أحمل معي زادا ولاغيره وَلَا تقدر على هَذَا قَالَ: قلت: مَا أَنا بمفارقك قَالَ: أَنْت أعلم قَالُوا: يَا أَبَا فلَان إِنَّا نَخَاف عَلَيْك وعَلى هَذَا الْغُلَام قَالَ: هُوَ أعلم قد أعلمته الْحَالة وَقد رأى ماكان قبل هَذَا قلت: لَا أُفَارِقك فبكوا وودعوه وَقَالَ لَهُم: اتَّقوا الله وَكُونُوا على مَا أوصيتكم بِهِ فَإِن أعش فلعلي أرجع إِلَيْكُم وَإِن أمت فَإِن الله حَيّ لَا يَمُوت فَسلم عَلَيْهِم وَخرج وَخرجت مَعَه وَقَالَ لي: احْمِلْ مَعَك من هَذَا الْخبز شَيْئا تَأْكُله فَخرج وَخرجت مَعَه يمشي وَاتبعهُ يذكر الله وَلَا يلْتَفت وَلَا يقف على شَيْء حَتَّى إِذْ أَمْسَى قَالَ: يَا سلمَان صل أَنْت ونم وكل واشرب ثمَّ قَامَ هُوَ يُصَلِّي إِلَى أَن انْتهى إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَكَانَ لَا يرفع طرفه إِلَى السَّمَاء حَتَّى انتهينا إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَإِذا على الْبَاب مقْعد قَالَ: ياعبد الله قد ترى حَالي فَتصدق عليَّ بِشَيْء فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ وَدخل الْمَسْجِد وَدخلت مَعَه فَجعل يتتبع أمكنة من الْمَسْجِد يُصَلِّي فِيهَا ثمَّ قَالَ: ياسلمان إِنِّي لم أنم مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَلم أجد طعم نوم فَإِن أَنْت جعلت لي أَن توقظني إِذا بلغ الظل مَكَان كَذَا وَكَذَا نمت فَانِي أحب أَن أَنَام فِي هَذَا الْمَسْجِد

وَإِلَّا لم أنم قَالَ: قلت: فَإِنِّي أفعل قَالَ: فَانْظُر إِذا بلغ الظل مَكَان كَذَا وَكَذَا فأيقظني إِذا غلبتني عَيْني فَنَامَ فَقلت فِي نَفسِي: هَذَا لم ينم مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَقد رَأَيْت بعض ذَلِك لأدعنه ينَام حَتَّى يشتفي من النّوم وَكَانَ فِيمَا يمشي وَأَنا مَعَه يقبل عليَّ فيعظني ويخبرني أَن لي رَبًّا وَأَن بَين يَدَيْهِ جنَّة وَنَارًا وحساباً ويعلمني بذلك ويذكرني نَحْو مَا كَانَ يذكر الْقَوْم يَوْم الْأَحَد حَتَّى قَالَ فِيمَا يَقُول لي: ياسلمان الله تَعَالَى سَوف يبْعَث رَسُولا اسْمه أَحْمد يخرج بتهامة - وَكَانَ رجلا أعجمياً لَا يحسن أَن يَقُول تهَامَة ولامحمد - علامته أَنه يَأْكُل الْهَدِيَّة وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة بَين كَتفيهِ خَاتم وَهَذَا زَمَانه الَّذِي يخرج فِيهِ قد تقَارب فَأَما أَنا فَإِنِّي شيخ كَبِير وَلَا أحسبني أدْركهُ فَإِن أَدْرَكته أَنْت فَصدقهُ وَاتبعهُ قلت: وَإِن أَمرنِي بترك دينك وَمَا أَنْت عَلَيْهِ قَالَ: وَإِن أَمرك فَإِن الْحق فِيمَا يَجِيء بِهِ ورضا الرَّحْمَن فِيمَا قَالَ فَلم يمض إِلَّا يسير حَتَّى اسْتَيْقَظَ فَزعًا يذكر الله تَعَالَى فَقَالَ: ياسلمان مضى الْفَيْء من هَذَا الْمَكَان وَلم أذكر الله أَيْنَمَا جعلت لي على نَفسك قَالَ: قلت: أَخْبَرتنِي أَنَّك لم تنم مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَقد رَأَيْت بعض ذَلِك فَأَحْبَبْت أَن تشتفي من النّوم فَحَمدَ الله فَقَامَ وَخرج فتبعته فَقَالَ المقعد: ياعبد الله دخلت فسألتك فَلم تعطني وَخرجت فسألتك فَلم تعطني فَقَامَ ينظر هَل يرى أحد فَلم يره فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ: ناولني يدك فَنَاوَلَهُ فَقَالَ: قُم بِسم الله فَقَامَ كَأَنَّهُ نشط من عقال صَحِيحا لاعيب فِيهِ فخلى عَن يَده فَانْطَلق ذَاهِبًا فَكَانَ لَا يلوي على أحد وَلَا يقوم عَلَيْهِ فَقَالَ لي المقعد: يَا غُلَام أحمل على ثِيَابِي حَتَّى أَنطلق وأبشر أَهلِي فَحملت عَلَيْهِ ثِيَابه وَانْطَلق لَا يلوي عليَّ فَخرجت فِي أَثَره أطلبه وَكلما سَأَلت عَنهُ قَالُوا: أمامك حَتَّى لَقِيَنِي الركب من كلب فسألتهم فَلَمَّا سمعُوا لغتي أَنَاخَ رجل مِنْهُم بعيره فَحَمَلَنِي فجعلني خَلفه حَتَّى بلغُوا بِي بِلَادهمْ قَالَ: فباعوني فاشترتني امْرَأَة من الْأَنْصَار فجعلتني فِي حَائِط لَهَا وَقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأُخبرت بِهِ فَأخذت شَيْئا من تمر حائطي فَجَعَلته على شَيْء ثمَّ أَتَيْته فَوجدت عِنْده أُنَاسًا وَإِذا أَبُو بكر أقرب الْقَوْم مِنْهُ فَوَضَعته بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذَا قلت صَدَقَة فَقَالَ للْقَوْم: كلوا وَلم يَأْكُل هُوَ ثمَّ لَبِثت مَا شَاءَ الله ثمَّ أخذت مثل ذَلِك فَجَعَلته على شَيْء ثمَّ أَتَيْته بِهِ فَوجدت عِنْده أُنَاسًا

وَإِذا أَبُو بكر أقرب الْقَوْم مِنْهُ فَوَضَعته بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: ماهذا قلت: هَدِيَّة قَالَ: بِسم الله فَأكل وَأكل الْقَوْم قَالَ: قلت: فِي نَفسِي هَذِه من آيَاته كَانَ صَاحِبي رجلا أعجمياً لم يحسن أَن يَقُول تهَامَة قَالَ تُهْمَة وَقَالَ أَحْمد فَدرت خَلفه فَفطن بِي فَأرْخى ثَوْبه فَإِذا الْخَاتم فِي نَاحيَة كتفه الايسر فتبينته ثمَّ درت حَتَّى جَلَست بَين يَدَيْهِ فَقلت: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله قَالَ: من أَنْت قلت: مَمْلُوك فَحَدَّثته بحديثي وَحَدِيث الرجل الَّذِي كنت مَعَه وَمَا أَمرنِي بِهِ قَالَ: لمن أَنْت قلت: لامْرَأَة من الْأَنْصَار جَعَلتني فِي حَائِط لَهَا قَالَ: يَا أَبَا بكر قَالَ: لبيْك قَالَ: اشتره قَالَ: فاشتراني أَبُو بكر فاعتقني فَلَبثت مَا شَاءَ الله أَن ألبث ثمَّ أَتَيْته فَسلمت عَلَيْهِ وَقَعَدت بَين يَدَيْهِ فَقلت: يارسول الله مَا تَقول فِي دين النَّصَارَى قَالَ: لَا خير فيهم وَلَا فِي دينهم فدخلني أَمر عَظِيم فَقلت فِي نَفسِي: هَذَا الَّذِي كنت مَعَه وَرَأَيْت مِنْهُ مَا رَأَيْت أَخذ بيد المقعد فأقامه الله على يَدَيْهِ لَا خير فِي هَؤُلَاءِ وَلَا فِي دينهم فَانْصَرَفت وَفِي نَفسِي ماشاء الله فَأنْزل الله بعد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليَّ بسلمان فَأَتَانِي الرَّسُول فدعاني وَأَنا خَائِف فَجئْت حَتَّى قعدت بَين يَدَيْهِ فَقَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ: ياسلمان أُولَئِكَ الَّذين كنت مَعَهم وَصَاحِبك لم يَكُونُوا نَصَارَى إِنَّمَا كَانُوا مُسلمين فَقلت: يارسول الله فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ لقد أَمرنِي باتباعك فَقلت لَهُ: وَإِن أَمرنِي بترك دينك وَمَا أَنْت عَلَيْهِ فأتركه قَالَ: نعم فَاتْرُكْهُ فَإِن الْحق وَمَا يحب الله فِيمَا يَأْمُرك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {قِسِّيسِينَ} قَالَ: علماؤهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: القسيسون عبادهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: سَأَلت الزُّهْرِيّ عَن هَذِه الْآيَة {ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} وَقَوله {وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما} الْفرْقَان الْآيَة 63 قَالَ: مازلت أسمع عُلَمَائِنَا يَقُولُونَ: نزلت فِي النَّجَاشِيّ وَأَصْحَابه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فاكتبنا مَعَ الشَّاهِدين} قَالَ: أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي لفظ: قَالَ: يعنون بالشاهدين مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمته أَنهم قد شهدُوا لَهُ أَنه بلِّغ وشهدوا للمرسلين أَنهم قد بلغُوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {ونطمع أَن يدخلنا رَبنَا مَعَ الْقَوْم الصَّالِحين} قَالَ: الْقَوْم الصالحون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأصاحبه رَضِي الله عَنْهُم

87

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ وكلوا مِمَّا رزقكم الله حَلَالا طيبا وَاتَّقوا الله الَّذِي أَنْتُم بِهِ مُؤمنُونَ - أخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يارسول الله إِنِّي إِذا أكلت اللَّحْم انتشرت للنِّسَاء وأخذتني شهوتي وَإِنِّي حرمت عليّ اللَّحْم فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رَهْط من الصَّحَابَة قَالُوا: نقطع مذاكيرنا ونترك شهوات الدُّنْيَا ونسيح فِي الأَرْض كَمَا تفعل الرهبان قَالُوا: فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل إِلَيْهِم فَذكر لَهُم ذَلِك فَقَالُوا: نعم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لكني أَصوم أفطر وأصلي وأنام وأنكح النِّسَاء فَمن أَخذ بِسنتي فَهُوَ مني وَمن لم يَأْخُذ بسنَّتي فَلَيْسَ منى وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي مراسليه وَابْن جرير عَن أبي مَالك فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} قَالَ: نزلت فِي عُثْمَان بن مَظْعُون وَأَصْحَابه كَانُوا حرمُوا على أنفسهم كثيرا من الشَّهَوَات وَالنِّسَاء وهمَّ بَعضهم أَن يقطع ذكره فَنزلت هَذِه الْآيَة

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة أَن نَاسا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلُوا أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عمله فِي السِّرّ فَقَالَ بَعضهم: لَا آكل اللَّحْم قَالَ بَعضهم: لَا أَتزوّج النِّسَاء وَقَالَ بَعضهم لَا أَنَام على الْفراش فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا بَال أَقوام يَقُول أحدهم كَذَا وَكَذَا لكني أَصوم وَأفْطر وأنام وأقوم وآكل اللَّحْم وأتزوج النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كُنَّا نغزو مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ مَعنا نسَاء فَقُلْنَا أَلا نستخصي فنهانا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك وَرخّص لنا أَن ننكح الْمَرْأَة بِالثَّوْبِ إِلَى أجل ثمَّ قَرَأَ عبد الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ أنَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم همُّوا بالخصاء وَترك اللَّحْم وَالنِّسَاء فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة أَن عُثْمَان بن مَظْعُون فِي نفر من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَعضهم: لَا آكل اللَّحْم وَقَالَ الآخر: لَا أَنَام على فرَاش وَقَالَ الآخر: لَا أَتزوّج النِّسَاء وَقَالَ الآخر: أَصوم وَلَا أفطر فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} قَالَ: كَانُوا حرمُوا الطّيب وَاللَّحم فَأنْزل الله هَذَا فيهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي قلَابَة قَالَ أَرَادَ أنَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرفضوا الدُّنْيَا ويتركوا النِّسَاء ويترهبوا فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فغلظ فيهم الْمقَالة ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِالتَّشْدِيدِ شَدَّدُوا على أنفسهم فَشدد الله عَلَيْهِم فَأُولَئِك بقاياهم فِي الديار والصوامع اعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وحجوا واعتمروا واستقيموا يستقم بكم قَالَ: وَنزلت فيهم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم}

قَالَ: نزلت فِي أنَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادوا أَن يتخلوا من الدُّنْيَا ويتركوا النِّسَاء وتزهَّدوا مِنْهُم عَليّ بن أبي طَالب وَعُثْمَان بن مَظْعُون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} الْآيَة قَالَ ذكر لنا أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رفضوا النِّسَاء وَاللَّحم وَأَرَادُوا أَن يتخذوا الصوامع فَلَمَّا بلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ فِي ديني ترك النِّسَاء وَاللَّحم وَلَا اتِّخَاذ الصوامع وخبرنا أَن ثَلَاثَة نفر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّفقُوا فَقَالَ أحدهم أما أَنا فأقوم اللَّيْل لَا أَنَام وَقَالَ أحدهم: أما أَنا فأصوم النَّهَار فَلَا أفطر وَقَالَ الآخر: أما أَنا فَلَا آتِي النِّسَاء فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم فَقَالَ: ألم أنبأ إِنَّكُم اتفقتم على كَذَا وَكَذَا قَالُوا: بلَى يارسول الله وَمَا أردنَا إِلَّا الْخَيْر قَالَ: لكني أقوم وأنام وَأَصُوم وَأفْطر وَآتِي النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني وَكَانَ فِي بعض الْقِرَاءَة فِي الْحَرْف الأول: من رغب عَن سنتك فَلَيْسَ من أمتك وَقد ضل سَوَاء السَّبِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا آمركُم أَن تَكُونُوا قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلس يَوْمًا فَذكر النَّاس ثمَّ قَامَ وَلم يزدهم على التخويف فَقَالَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا عشرَة مِنْهُم عَليّ بن أبي طَالب وَعُثْمَان بن مَظْعُون: مَا حَقنا أَن لم نُحدث عملا فَإِن النَّصَارَى قد حرَّموا على أنفسهم فَنحْن نحرم فَحرم بَعضهم أكل اللَّحْم والودك وَأَن يَأْكُل مِنْهَا وَحرم بَعضهم النّوم وَحرم بَعضهم النِّسَاء فَكَانَ عُثْمَان بن مَظْعُون مِمَّن حرم النِّسَاء وَكَانَ لَا يدنو من أَهله وَلَا يدنون مِنْهُ فَأَتَت امْرَأَته عَائِشَة - وَكَانَ يُقَال لَهَا الحولاء - فَقَالَت لَهَا عَائِشَة وَمن حولهَا من نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بالك يَا حولاء متغيرة اللَّوْن لَا تمتشطين وَلَا تتطيبين فَقَالَت: وَكَيف أتطيب وأمتشط وَمَا وَقع عليَّ زَوجي وَلَا رفع عني ثوبا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَجعلْنَ يضحكن من كَلَامهَا فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهن يضحكن فَقَالَ: مَا يضحككن قَالَت: يَا رَسُول الله الحولاء سَأَلتهَا عَن أمرهَا فَقَالَت: مَا رفع عني زَوجي ثوبا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَأرْسل إِلَيْهِ فَدَعَاهُ فَقَالَ: مَا بالك ياعثمان قَالَ: إِنِّي تركته لله لكَي أتخلى لِلْعِبَادَةِ وقصَّ عَلَيْهِ أمره وَكَانَ عُثْمَان قد أَرَادَ أَن يجب نَفسه

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَقْسَمت عَلَيْك إِلَّا رجعت فواقعت أهلك فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي صَائِم قَالَ: أفطر قَالَ: فَأفْطر وأتى أَهله فَرَجَعت الحولاء إِلَى عَائِشَة قد اكتحلت وامتشطت وتطيبت فَضَحكت عَائِشَة فَقَالَت: مَالك يَا حولاء فَقَالَت: أَنه أَتَاهَا أمس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بَال أَقوام حرمُوا النِّسَاء وَالطَّعَام وَالنَّوْم أَلا اني أَنَام وأقوم وَأفْطر وَأَصُوم وأنكح النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا} يَقُول لعُثْمَان: لَا تجب نَفسك فَإِن هَذَا هُوَ الاعتداء وَأمرهمْ أَن يكفروا أَيْمَانهم فَقَالَ {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} الْمَائِدَة الْآيَة 89 الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ أَرَادَ رجال مِنْهُم عُثْمَان بن مَظْعُون وَعبد الله بن عَمْرو أَن يتبتلوا ويخصوا أنفسهم ويلبسوا المسوح فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} وَالْآيَة الَّتِي بعْدهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة أَن عُثْمَان بن مَظْعُون وَعلي بن أبي طَالب وَابْن مَسْعُود والمقداد بن الْأسود وسالماً مولى أبي حُذَيْفَة وَقُدَامَة تبتلوا فجلسوا فِي الْبيُوت واعتزلوا النِّسَاء ولبسوا المسوح وحرموا طَيّبَات الطَّعَام واللباس إِلَّا مَا يَأْكُل ويلبس السياحة من بني إِسْرَائِيل وهمُّوا بالاختصاء وَأَجْمعُوا لقِيَام اللَّيْل وَصِيَام النَّهَار فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} الْآيَة فَلَمَّا نزلت بعث إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن لأنفسكم حَقًا ولأعينكم حَقًا وَإِن لأهلكم حَقًا فصلوا وناموا وأفطروا فَلَيْسَ منا من ترك سنتنا فَقَالُوا: اللَّهُمَّ صدقنا وَاتَّبَعنَا مَا أنزلت على الرَّسُول وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم عُثْمَان بن مَظْعُون حرمُوا اللَّحْم وَالنِّسَاء على أنفسهم وَأخذُوا الشفار ليقطعوا مَذَاكِيرهمْ لكَي تَنْقَطِع الشَّهْوَة عَنْهُم ويتفرغوا لعبادة رَبهم فَأخْبر بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا أردتم قَالُوا: أَردنا أَن نقطع الشَّهْوَة عَنَّا ونتفرغ لعبادة رَبنَا ونلهو عَن النَّاس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم أُؤمر بذلك وَلَكِنِّي أُمِرْتُ فِي ديني أَن أَتزوّج النِّسَاء فَقَالُوا: نطيع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم}

إِلَى قَوْله {وَاتَّقوا الله الَّذِي أَنْتُم بِهِ مُؤمنُونَ} فَقَالُوا: يَا رَسُول الله فَكيف نصْنَع بأيماننا الَّتِي حلفنا عَلَيْهَا فَأنْزل الله {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} الْمَائِدَة الْآيَة 89 وَأخرج ابْن مردوية عَن الْحسن العرني قَالَ: كَانَ عَليّ فِي أنَاس مِمَّن أَرَادوا أَن يحرموا الشَّهَوَات فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق ابْن جريج عَن الْمُغيرَة بن عُثْمَان قَالَ كَانَ عُثْمَان بن مَظْعُون وَعلي وَابْن مَسْعُود والمقداد وعمار أَرَادوا الاختصاء وَتَحْرِيم اللَّحْم وَلبس المسوح فِي أَصْحَاب لَهُم فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُثْمَان بن مَظْعُون فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: قد كَانَ بعض ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنكح النِّسَاء وآكل اللَّحْم وَأَصُوم وَأفْطر وأصلي وأنام وألبس الثِّيَاب لم آتِ بالتبتل وَلَا بالرهبانية وَلَكِن جِئْت بالحنيفية السمحة وَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني قَالَ ابْن جريج: فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم أَن عبد الله بن رَوَاحَة ضافه ضيف من أَهله وَهُوَ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ إِلَى أَهله فَوَجَدَهُمْ لم يطعموا ضيفهم انتظاراً لَهُ فَقَالَ لامْرَأَته: حبست ضَيْفِي من أَجلي هُوَ حرَام عَليّ فَقَالَت امْرَأَته: هُوَ عليَّ حرَام قَالَ الضَّيْف: هُوَ عَليّ حرَام فَلَمَّا رأى ذَلِك وضع يَده وَقَالَ: كلوا بِسم الله ثمَّ ذهب إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد أصبت فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن: {لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا} إِلَى مَا حرم الله عَلَيْكُم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْمُغيرَة قَالَ: قلت: لإِبْرَاهِيم فِي هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} هوالرجل يحرم الشَّيْء مِمَّا أحل الله قَالَ: نعم

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل يحلف لَا يصل أَهله أَو يحرِّم عَلَيْهِ بعض مَا أحل الله لَهُ فيأتيه وَيكفر عَن يَمِينه وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ من طرق عَن ابْن مَسْعُود أَن معقل بن مقرن قَالَ لَهُ: إِنِّي حرمت فِرَاشِي عليَّ سنة فَقَالَ: نم على فراشك وكفِّر عَن يَمِينك ثمَّ تَلا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارقطني عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ آخى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين سلمَان وَأبي الدَّرْدَاء فزار سلمَان أَبَا الدَّرْدَاء فَرَأى أم الدَّرْدَاء متبذلة فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنك قَالَت: أَخُوك أَبُو الدَّرْدَاء لَيْسَ لَهُ حَاجَة فِي الدُّنْيَا فجَاء أَبُو الدَّرْدَاء فَصنعَ لَهُ طَعَاما فَقَالَ: كل فَإِنِّي صَائِم قَالَ: مَا أَنا بآكل حَتَّى تَأْكُل فَأكل فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل ذهب أَبُو الدَّرْدَاء يقوم قَالَ: نم فَنَامَ ثمَّ ذهب يقوم فَقَالَ: نم فَلَمَّا كَانَ من آخر اللَّيْل قَالَ سلمَان: قُم الْآن فَصَليَا فَقَالَ لَهُ سلمَان: أَن لِرَبِّك عَلَيْك حَقًا وَلِنَفْسِك عَلَيْك حَقًا ولأهلك عَلَيْك حَقًا فأعط كل ذِي حق حَقه فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ: صدق سلمَان وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألم أخبر أَنَّك تَصُوم النَّهَار وَتقوم اللَّيْل قلت: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: فَلَا تفعل صم وَأفْطر وقم ونم فَإِن لجسدك عَلَيْك حَقًا وَإِن لعينك عَلَيْك حَقًا وَإِن لزوجك عَلَيْك حَقًا وَإِن لزورك عَلَيْك حَقًا وَأَن بحسبك أَن تَصُوم من كل شهر ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن لَك بِكُل حَسَنَة عشر أَمْثَالهَا فَإِذن ذَلِك صِيَام الدَّهْر كُله قلت: إِنِّي أجد قُوَّة قَالَ: فَصم صِيَام نَبِي الله دَاوُد لَا تزد عَلَيْهِ قلت: وَمَا كَانَ صِيَام نَبِي الله دَاوُد قَالَ: نصف الدَّهْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن سعيد بن الْمسيب أَن نَفرا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الله بن عَمْرو لما تبتلوا وجلسوا فِي الْبيُوت واعتزلوا وهما بالخصاء وَأَجْمعُوا على قيام اللَّيْل وَصِيَام النَّهَار فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَاهُمْ فَقَالَ: أما أَنا فَانِي أُصَلِّي وأنام وَأَصُوم وَأفْطر وأتزوج النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَائِشَة قَالَت دخلت امْرَأَة عُثْمَان بن مَظْعُون

وَاسْمهَا خَوْلَة بنت حَكِيم عليَّ وَهِي باذة الْهَيْئَة فسألتها ماشأنك فَقَالَت: زَوجي يقوم اللَّيْل ويصوم النَّهَار فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فلقي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا عُثْمَان إِن الرهبانية لم تكْتب علينا أما لَك فيَّ أُسْوَة فوَاللَّه إِن أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده لأَنا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي قلَابَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من: تبتل فَلَيْسَ منا وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن شهَاب أَن عُثْمَان بن مَظْعُون أَرَادَ أَن يختصي ويسيح فِي الأَرْض فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلَيْسَ لَك فيَّ أُسْوَة فَأَنِّي آتِي النِّسَاء وآكل اللَّحْم وَأَصُوم وَأفْطر إِن خصاء أمتِي الصّيام وَلَيْسَ من أمتِي من خصى أَو اختصى وَأخرج ابْن سعد عَن أبي بردة قَالَ دخلت امْرَأَة عُثْمَان بن مَظْعُون على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرأينها سَيِّئَة الْهَيْئَة فَقُلْنَ لَهَا: مَالك فَقَالَت: مالنا مِنْهُ شَيْء أما ليله فقائم وَأما نَهَاره فصائم فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فذكرن ذَلِك لَهُ فَلَقِيَهُ فَقَالَ يَا عُثْمَان بن مَظْعُون أما لَك فيَّ أُسْوَة قَالَ: وَمَا ذَاك قَالَ: تَصُوم النَّهَار وَتقوم اللَّيْل قَالَ: إِنِّي لأَفْعَل قَالَ: لَا تفعل إِن لعينك عَلَيْك حَقًا ان لجسدك عَلَيْك حَقًا وَإِن لأهْلك عَلَيْك حَقًا فصل ونم وصم وَأفْطر قَالَ: فاتتهن بعد ذَلِك عطرة كَأَنَّهَا عروس فَقُلْنَ لَهَا مَه قَالَت: أَصَابَنَا ماأصاب النَّاس وَأخرج ابْن سعد عَن أبي قلَابَة أَن عُثْمَان بن مَظْعُون اتخذ بَيْتا فَقعدَ يتعبّد فِيهِ فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ فَأخذ بِعضَادَتَيْ بَاب الْبَيْت الَّذِي هُوَ فِيهِ فَقَالَ: يَا عُثْمَان إِن الله لم يَبْعَثنِي بالرهبانية مرَّتَيْنِ أوثلاثة وَإِن خير الدّين عِنْد الله الحنيفية السمحة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ كَانَت امْرَأَة عُثْمَان بن مَظْعُون امْرَأَة جميلَة عطرة تحب اللبَاس والهيئة لزَوجهَا فزارتها عَائِشَة وَهِي تفلة قَالَت: ماحالك هَذِه قَالَت: إِن نَفرا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الله بن رَوَاحَة وَعُثْمَان بن مَظْعُون قد تخلوا لِلْعِبَادَةِ وامتنعوا من النِّسَاء وَأكل اللَّحْم وصاموا النَّهَار وَقَامُوا اللَّيْل فَكرِهت أَن أريه من حَالي مَا يَدعُوهُ إِلَى مَا

عِنْدِي لما تخلى لَهُ فَلَمَّا دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرته عَائِشَة فَأخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَعله فَحَمله بالسبابة من أُصْبُعه الْيُسْرَى ثمَّ انْطلق سَرِيعا حَتَّى دخل عَلَيْهِم فَسَأَلَهُمْ عَن حَالهم قَالُوا: أردنَا الْخَيْر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي إِنَّمَا بعثت بالحنيفية السمحة وَإِنِّي لم أبْعث بالرهبانية الْبِدْعَة إِلَّا وان أَقْوَامًا ابتدعوا الرهبانية فَكتبت عَلَيْهِم فَمَا رعوها حق رعايتها إِلَّا فَكُلُوا اللَّحْم وَأتوا النِّسَاء وصوموا وأفطروا وصلوا وناموا فَإِنِّي بذلك أمرت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْبَاءَة فليتزوّج فَإِنَّهُ أَغضّ لِلْبَصَرِ وَأحْصن لِلْفَرجِ وَمن لم يسْتَطع فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بفتية فَقَالَ: من كَانَ مِنْكُم ذَا طول فلينزوج فَإِنَّهُ أَغضّ لِلْبَصَرِ وَأحْصن لِلْفَرجِ وَمن لم يسْتَطع فليصم فَإِن الصَّوْم لَهُ وَجَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة قَالَ: لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم وَاحِد لأحببت أَن يكون لي فِيهِ زَوْجَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَالَ لرجل: أتزوجت قَالَ: لَا قَالَ: إِمَّا أَن تكون أَحمَق وَإِمَّا أَن تكون فَاجِرًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة قَالَ: قَالَ لي طَاوس: لتنكحن أَو لأقول لَك مَا قَالَ عمر لأبي الزَّوَائِد مايمنعك من النِّكَاح إِلَّا عجز أَو فجور وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: مثل الأعزب كَمثل شَجَرَة فِي فلاة تقلبها الرِّيَاح هَكَذَا وَهَكَذَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن سعيد بن هِلَال أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تناكحوا تكثروا فَإِنِّي أباهي بكم الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ لقد رد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عُثْمَان بن مَظْعُون التبتل وَلَو أذن لَهُ فِي ذَلِك لاختصينا وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان من طَرِيق عَائِشَة بنت قدامَة بن

مَظْعُون عَن أَبِيهَا عَن أَخِيه عُثْمَان بن مَظْعُون أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل تشق عليَّ هَذِه الْعزبَة فِي الْمَغَازِي فتأذن لي يَا رَسُول الله فِي الخصاء فأختصي قَالَ: لَا وَلَكِن عَلَيْك يَا ابْن مَظْعُون بالصيام فَإِنَّهُ مجفر وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن التبتل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن التبتل وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أنس أَن نَفرا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلُوا أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عمله فِي السِّرّ فَقَالَ بَعضهم: لَا أَتزوّج النِّسَاء وَقَالَ بَعضهم: لَا آكل اللَّحْم وَقَالَ بَعضهم: لَا أَنَام على فرَاش وَقَالَ بَعضهم أَصوم وَلَا أفطر فَقَامَ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: مَا بَال أَقوام قَالُوا كَذَا وَكَذَا لكني أُصَلِّي وأنام وَأَصُوم وَأفْطر وأتزوج النِّسَاء فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبيد الله بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من أحب فِطْرَتِي فَليَسْتَنَّ بِسنتي وَمن سنتي النِّكَاح وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مَيْمُون أبي الْمُغلس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من كَانَ مُوسِرًا لِأَن ينْكح فَلم ينْكح فَلَيْسَ منا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أَيُّوب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من اسْتنَّ بِسنتي فَهُوَ مني وَمن سنتي النِّكَاح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد عَن أبي ذَر قَالَ دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل يُقَال لَهُ عَكَّاف بن بشير التَّمِيمِي فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل لَك من زَوْجَة قَالَ: لَا قَالَ: وَلَا جَارِيَة قَالَ: وَلَا جَارِيَة قَالَ: وَأَنت مُوسر بِخَير قَالَ: نعم قَالَ: أَنْت إِذا من إخْوَان الشَّيَاطِين لَو كنت من النَّصَارَى كنت من رهبانهم إِن من سنتنا النِّكَاح شِرَاركُمْ عُزَّابُكُمْ وأراذل مَوْتَاكُم عُزَّابُكُمْ أبالشيطان تتمرسون ماللشيطان من سلَاح أبلغ فِي الصَّالِحين من النِّسَاء إِلَّا المتزوجين أُولَئِكَ الْمُطهرُونَ المبرأون من الْخَنَا وَيحك ياعكاف إنَّهُنَّ صَوَاحِب أَيُّوب وَدَاوُد ويوسف وكرسف فَقَالَ لَهُ بشير بن عَطِيَّة: وَمن كُرْسُف يَا رَسُول الله قَالَ: رجل كَانَ يعبد الله بساحل من سواحل الْبَحْر ثلثمِائة عَام يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل ثمَّ إِنَّه كفر بعد ذَلِك بِاللَّه الْعَظِيم فِي سَبَب امْرَأَة عَشِقَهَا وَترك مَا كَانَ عَلَيْهِ من عبَادَة ربه ثمَّ

استدركه الله بِبَعْض مَا كَانَ مِنْهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَيحك يَا عَكَّاف تزوج وَإِلَّا فَأَنت من الْمُذَبْذَبِينَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَطِيَّة بن بسر الْمَازِني قَالَ جَاءَ عَكَّاف بن ودَاعَة الْهِلَالِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عَكَّاف أَلَك زَوْجَة قَالَ: لَا قَالَ: وَلَا جَارِيَة قَالَ: لَا قَالَ: وَأَنت صَحِيح مُوسر قَالَ: نعم وَالْحَمْد لله قَالَ: فَأَنت إِذا من الشَّيَاطِين إِمَّا أَن تكون من رَهْبَانِيَّة النَّصَارَى فَأَنت مِنْهُم وَإِمَّا أَن تكون منا فتصنع كَمَا نصْنَع فَإِن من ستنا النِّكَاح شِرَاركُمْ عُزَّابُكُمْ وأراذل مَوْتَاكُم عُزَّابُكُمْ أبالشيطان تتمرسون مَاله فِي نَفسه سلَاح أبلغ فِي الصَّالِحين من النِّسَاء إِلَّا المتزوجون الْمُطهرُونَ المبرأون من الْخَنَا وَيحك ياعكاف تزوج إنَّهُنَّ صَوَاحِب دَاوُد وَصَوَاحِب أَيُّوب وَصَوَاحِب يُوسُف وَصَوَاحِب كُرْسُف فَقَالَ عَطِيَّة من كُرْسُف يَا رَسُول الله فَقَالَ: رجل من بني إِسْرَائِيل على سَاحل من سواحل الْبَحْر يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل لَا يفتر من صَلَاة وَلَا صِيَام ثمَّ كفر من بعد ذَلِك بِاللَّه الْعَظِيم فِي سَبَب امْرَأَة عَشِقَهَا فَترك مَا كَانَ عَلَيْهِ من عبَادَة ربه عز وَجل فَتَدَاركهُ الله بِمَا سلف مِنْهُ فَتَابَ الله عَلَيْهِ وَيحك تزوج وَإِلَّا فَإنَّك من الْمُذَبْذَبِينَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي نجيح قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ مُوسِرًا لِأَن ينْكح فَلم ينْكح فَلَيْسَ مني وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي نجيح قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِسْكين مِسْكين مِسْكين رجل لَيست لَهُ امْرَأَة قيل يَا رَسُول الله وَإِن كَانَ غَنِيا ذَا مَال قَالَ: وَإِن كَانَ غَنِيا من المَال قَالَ: ومسكينة مسكينة مسكينة امْرَأَة لَيْسَ زوج قيل: يَا رَسُول الله وَإِن كَانَت غنية ومكثرة من المَال قَالَ: وَإِن كَانَت قَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَبُو نجيح اسْمه يسَار وَهُوَ وَالِد عبد الله بن أبي نجيح والْحَدِيث مُرْسل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنَا بِالْبَاءَةِ وينهانا عَن التبتل نهيا شَدِيدا وَيَقُول: تزوجوا الْوَدُود الْوَلُود فَإِنِّي مُكَاثِر بكم الْأَنْبِيَاء يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تزوج العَبْد فقد اسْتكْمل نصف دينه فليتق الله فِي النّصْف الْبَاقِي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من رزقه الله امْرَأَة صَالِحَة فقد أَعَانَهُ على شطر دينه فليتق الله فِي الشّطْر الْبَاقِي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل عَابِد وَكَانَ مُعْتَزِلا فِي كَهْف لَهُ فَكَانَ بَنو إِسْرَائِيل قد أعجبوا بِعِبَادَتِهِ فَبَيْنَمَا هم عِنْد نَبِيّهم إِذْ ذَكرُوهُ فَأَثْنوا عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي: إِنَّه لَكمَا تَقولُونَ لَوْلَا أَنه تَارِك لشَيْء من السّنة وَهُوَ التَّزَوُّج وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة عَن شَدَّاد بن أَوْس أَنه قَالَ: زوِّجوني فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَوْصَانِي أَن لَا ألْقى الله عزباً وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: قَالَ معَاذ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ: زوجوني إِنِّي أكره أَن ألْقى الله عزباً وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: يُكفن الرجل فِي ثَلَاثَة أَثوَاب لَا تَعْتَدوا إِن الله لايحب الْمُعْتَدِينَ

89

- قَوْله تَعَالَى: لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم أَو كسوتهم أَو تَحْرِير رَقَبَة فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِك كَفَّارَة أَيْمَانكُم إِذا حلفتم واحفظوا أَيْمَانكُم كَذَلِك يبين الله لكم آيَاته لعلم تشكرون - أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} الْمَائِدَة الْآيَة 87 فِي الْقَوْم الَّذين كَانُوا حرَّموا النِّسَاء وَاللَّحم على

أنفسهم قَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ نصْنَع بأيماننا الَّتِي حلفنا عَلَيْهَا فَأنْزل الله {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يعلى بن مُسلم قَالَ: سَأَلت سعيد ابْن جُبَير عَن هَذِه الْآيَة {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} قَالَ: اقْرَأ ماقبلها فَقَرَأت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم} إِلَى قَوْله {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} قَالَ: اللَّغْو أَن تحرم هَذَا الَّذِي أحل الله لَك وأشباهه تكفرعن يَمِينك وَلَا تحرمه فَهَذَا اللَّغْو الَّذِي لَا يُؤَاخِذكُم {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} فَإِن مت عَلَيْهِ أخذت بِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} قَالَ: هُوَ الرجل يحلف على الْحَلَال أَن يحرمه فَقَالَ الله {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} أَن تتركه وتكفرعن يَمِينك {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} قَالَ: مَا أَقمت عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} قَالَ: هما الرّجلَانِ يتبايعان يَقُول أَحدهمَا: وَالله لَا أبيعك بِكَذَا وَيَقُول الآخر: وَالله لَا أشتريه بِكَذَا وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: اللَّغْو أَن يصل الرجل كَلَامه بِالْحلف وَالله لتجيئن وَالله لتأكلن وَالله لتشربن وَنَحْو هَذَا لَا يُرِيد بِهِ يَمِينا وَلَا يتَعَمَّد بِهِ حلفا فَهُوَ لَغْو الْيَمين لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك قَالَ: الْأَيْمَان ثَلَاثَة يَمِين تكفر وَيَمِين لَا تكفر وَيَمِين لَا يُؤَاخذ بهَا فَأَما الَّتِي تكفر فالرجل يحلف على قطيعة رحم أَو مَعْصِيّة الله فيكفر يَمِينه وَالَّتِي لَا تكفر الرجل يحلف على الْكَذِب مُتَعَمدا وَلَا تكفر وَالَّتِي لَا يُؤَاخذ بهَا فالرجل يحلف على الشَّيْء يرى أَنه صَادِق فَهُوَ اللَّغْو لَا يُؤَاخذ بِهِ وَالله أعلم وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: اللَّغْو الْخَطَأ أَن تحلف على الشَّيْء وَأَنت ترى كَمَا حَلَفت عَلَيْهِ فَلَا يكون كَذَلِك تجوّز لَك عَنهُ وَلَا كفَّارة

عَلَيْك فِيهِ {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} قَالَ: مَا تَعَمّدت فِيهِ المآثم فَعَلَيْك فِيهِ الْكَفَّارَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} قَالَ: بِمَا تعمدتم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {لَا يُؤَاخِذكُم الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانكُم} قَالَ: الرجل يحلف على الشَّيْء يرى أَنه كَذَلِك وَلَيْسَ كَذَلِك {وَلَكِن يُؤَاخِذكُم بِمَا عقدتم الْأَيْمَان} قَالَ: الرجل يحلف على الشَّيْء وَهُوَ يُعلمهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَائِشَة قَالَت: إِنَّمَا اللَّغْو فِي المراء والهزل والمزاحة فِي الحَدِيث الَّذِي لَا يعْقد عَلَيْهِ الْقلب وَإِنَّمَا الْكَفَّارَة فِي كل يَمِين حلف عَلَيْهَا فِي جد من الْأَمر فِي غضب أَو غَيره ليفعلن أَو ليتركن فَذَاك عقد الْأَيْمَان الَّذِي فرض الله فِيهِ الْكَفَّارَة قَوْله تَعَالَى {فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين} أخرج ابْن مَاجَه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كفر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَاع من تمر وَأمر النَّاس بِهِ وَمن لم يجد فَنصف صَاع من بر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُقيم كَفَّارَة الْيَمين مدا من حِنْطَة بِمد الأول وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت: كُنَّا نعطي فِي كَفَّارَة الْيَمين بِالْمدِّ الَّذِي يقتات بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: أَنِّي أَحْلف لَا أعطي أَقْوَامًا ثمَّ يَبْدُو لي أَن أعطيهم فأطعم عشرَة مَسَاكِين كل مِسْكين صَاعا من شعير أَو صَاعا من تمر أَو نصف صَاع من قَمح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: فِي كَفَّارَة الْيَمين إطْعَام عشرَة مَسَاكِين لكل مِسْكين نصف صَاع من حِنْطَة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس: فِي كَفَّارَة الْيَمين نصف صَاع من حِنْطَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: كل طَعَام فِي الْقُرْآن فَهُوَ نصف صَاع فِي كَفَّارَة الْيَمين وَغَيرهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي كَفَّارَة الْيَمين مد من حِنْطَة لكل مِسْكين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن ثَابت أَنه قَالَ: فِي كَفَّارَة الْيَمين مد من حِنْطَة لكل مِسْكين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر فِي كَفَّارَة الْيَمين قَالَ: إطْعَام عشرَة مَسَاكِين لكل مِسْكين مد من حِنْطَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ثَلَاث فِيهِنَّ مد مد كَفَّارَة الْيَمين وَكَفَّارَة الظِّهَار وَكَفَّارَة الصّيام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين} قَالَ: يغديهم ويعشيهم إِن شِئْت خبْزًا وَلَحْمًا أَو خبْزًا وزيتاً أَو خبْزًا وَسمنًا أَو خبْزًا وَتَمْرًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين فِي كَفَّارَة الْيَمين قَالَ: أَكلَة وَاحِدَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ أَنه سُئِلَ عَن كَفَّارَة الْيَمين فَقَالَ: رغيفين وعرق لكل مِسْكين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن جَابر قَالَ: قيل لِلشَّعْبِيِّ أردد على مِسْكين وَاحِد قَالَ: لَا يجْزِيك إِلَّا عشرَة مَسَاكِين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يطعم مِسْكينا وَاحِدًا عشر مَرَّات فِي كَفَّارَة الْيَمين أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم} قَالَ: من عسركم ويسركم وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل يقوت أَهله قوتاً فِيهِ سَعَة

وَكَانَ الرجل يقوت أَهله قوتاً فِيهِ شدَّة فَنزلت {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل يقوت أَهله قوتاً فِيهِ فضل وَبَعْضهمْ يقوت قوتاً دون ذَلِك فَقَالَ الله {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم} لَيْسَ بأرفعه وَلَا أدناه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم} قَالَ: من أَوسط مَا نطعم أَهْلينَا الْخبز وَالتَّمْر وَالْخبْز وَالزَّيْت وَالْخبْز وَالسمن وَمن أفضل مَا نطعمهم الْخبز وَاللَّحم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: أفضله الْخبز وَاللَّحم وأوسطه الْخبز وَالسمن وأخسه الْخبز وَالتَّمْر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ أهل الْمَدِينَة يفضلون الْحر على العَبْد وَالْكَبِير على الصَّغِير يَقُولُونَ: الصَّغِير على قدره وَالْكَبِير على قدره فَنزلت {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم} فَأمروا بأوسط من ذَلِك لَيْسَ بأرفعه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {من أَوسط} يَعْنِي من أعدل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {من أَوسط} قَالَ: من أمثل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم} قَالَ: قوتهم وَالطَّعَام صَاع من كل شَيْء إِلَّا الْحِنْطَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: كل شَيْء فِيهِ إطْعَام مِسْكين فَهُوَ مد بِمد أهل مَكَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {أَو كسوتهم} قَالَ عباءة لكل مِسْكين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة قَالَ قُلْنَا يارسول الله {أَو كسوتهم} ماهو قَالَ: عباءة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أَو كسوتهم} قَالَ: عباءة لكل مِسْكين أَو شملة

وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {أَو كسوتهم} قَالَ: ثوب ثوب لكل إِنْسَان وَقد كَانَت العباءة تقضي يَوْمئِذٍ من الْكسْوَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: الْكسْوَة ثوب أَو إِزَار وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {أَو كسوتهم} قَالَ: الْقَمِيص أَو الرِّدَاء أَو الْإِزَار قَالَ: وَيجْزِي فِي كَفَّارَة الْيَمين كل ثوب إِلَّا التبَّان أَو القلنسوة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {أَو كسوتهم} قَالَ: أدناه ثوب وَأَعلاهُ مَا شِئْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن الْمسيب {أَو كسوتهم} قَالَ: إِزَار وعمامة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: السَّرَاوِيل لَا يَجْزِي والقلنسوة لَا تجزي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عمرَان بن حُصَيْن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {أَو كسوتهم} قَالَ: لَو أَن وَفْدًا قدمُوا على أميركم فكساهم قلنسوة قلنسوة قُلْتُمْ قد كسوا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء فِي الرجل يكون عَلَيْهِ الْكَفَّارَة من الْيَمين فيكسو خمس مَسَاكِين وَيطْعم خَمْسَة أَن ذَلِك جَائِز وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَ (إطْعَام عشرَة مَسَاكِين أَو كاسوتهم) ثمَّ قَالَ سعيد: أَو كاسوتهم فِي الطَّعَام أما قَوْله تَعَالَى: {أَو تَحْرِير رَقَبَة} وَأخرج ابْن أَبُو شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: لَا يَجْزِي الْأَعْمَى وَلَا المقعد فِي الرَّقَبَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن فضَالة بن عبيد قَالَ: يَجْزِي ولد الزِّنَا فِي الرَّقَبَة الْوَاجِبَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء بن أبي ريَاح قَالَ: تجزي الرَّقَبَة لصغيرة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن: أَنه كَانَ لَا يرى عتق الْكَافِر فِي شَيْء من الْكَفَّارَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: لَا يَجْزِي ولد الزِّنَا فِي الرَّقَبَة ويجزىء الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ فِي كَفَّارَة الْيَمين وَالله تَعَالَى أعلم أما قَوْله تَعَالَى: {فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام}

أخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي آيَة كَفَّارَة الْيَمين قَالَ: هُوَ بِالْخِيَارِ فِي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة الأول فالأوّل فَإِن لم يجد شَيْئا من ذَلِك فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت آيَة الْكَفَّارَات قَالَ حُذَيْفَة: يَا رَسُول الله نَحن بِالْخِيَارِ قَالَ أَنْت بِالْخِيَارِ إِن شِئْت أعتقت وَإِن شِئْت كسوت وَإِن شِئْت أطعمت فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: من كَانَ عِنْده دِرْهَمَانِ فَعَلَيهِ أَن يطعم فِي الْكَفَّارَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: إِذا كَانَ عِنْده خَمْسُونَ درهما فَهُوَ مِمَّن يجد وَيجب عَلَيْهِ الْإِطْعَام وَإِن كَانَت أقل فَهُوَ مِمَّن لَا يجد ويصوم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: إِذا كَانَ عِنْده عشرُون درهما فَعَلَيهِ أَن يطعم فِي الْكَفَّارَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي بن كَعْب أَنه كَانَ يَقْرَأها (فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات) وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن حميد بن قيس الْمَكِّيّ قَالَ: كنت أَطُوف مَعَ مُجَاهِد فَجَاءَهُ إِنْسَان يسْأَله عَن صِيَام الْكَفَّارَة أيتابع قَالَ حميد: فَقلت: لَا فَضرب مُجَاهِد فِي صَدْرِي ثمَّ قَالَ: إِنَّهَا فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب (مُتَتَابِعَات) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يَقْرَأها (فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات) قَالَ سُفْيَان: وَنظرت فِي مصحف ربيع بن خَيْثَم فَرَأَيْت فِيهِ (فَمن لم يجد من ذَلِك شَيْئا فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ كل شَيْء فِي الْقُرْآن مُتَتَابِعَات وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقْرَأها (فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن

مُجَاهِد قَالَ: كل صَوْم فِي الْقُرْآن فَهُوَ متتابع إلاَّ قَضَاء رَمَضَان فَإِنَّهُ عدَّة من أَيَّام أخر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ أَنه كَانَ لَا يفرق فِي صِيَام الْيَمين ثَلَاثَة أَيَّام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن إِنَّه كَانَ يَقُول فِي صَوْم كَفَّارَة الْيَمين: يَصُومهُ مُتَتَابِعَات فَإِن أفطر من عذر يقْضِي يَوْمًا مَكَان يَوْم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير {ذَلِك} يَعْنِي الَّذِي ذكر من الْكَفَّارَة {كَفَّارَة أَيْمَانكُم إِذا حلفتم} يَعْنِي الْيَمين الْعمد {واحفظوا أَيْمَانكُم} يَعْنِي لَا تعمدوا الْأَيْمَان الكاذبة {كَذَلِك} يَعْنِي هَكَذَا {يبين الله لكم آيَاته} يَعْنِي مَا ذكر من الْكَفَّارَة {لَعَلَّكُمْ تشكرون} فَمن صَامَ من كَفَّارَة الْيَمين يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ وجد مَا يطعم فليطعم وَيجْعَل صَوْمه تطوّعاً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ أَبُو بكر إِذا حلف لم يَحْنَث حَتَّى نزلت آيَة الْكَفَّارَة فَكَانَ بعد ذَلِك يَقُول: لَا أَحْلف على يَمِين فَأرى غَيرهَا خيرا مِنْهَا إِلَّا أتيت الَّذِي هُوَ خير وَقبلت رخصَة الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من حلف على ملك يَمِين ليضربه فكفارته تَركه وَمَعَ الْكَفَّارَة حَسَنَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن جُبَير بن مطعم أَنه افتدى يَمِينه بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وَقَالَ: وَرب هَذِه الْقبْلَة لَو حَلَفت لحلفت صَادِقا وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء افتديت بِهِ يَمِيني وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي نجيح أَن نَاسا من أهل الْبَيْت حلفوا عِنْد الْبَيْت خمسين رجلا قسَامَة فكأنهم حلفوا على بَاطِل ثمَّ خَرجُوا حَتَّى إِذا كَانُوا فِي بعض الطَّرِيق قَالُوا تَحت صَخْرَة فَبَيْنَمَا هم قَائِلُونَ تحتهَا إِذْ انقبلت الصَّخْرَة عَلَيْهِم فَخَرجُوا يَشْتَدُّونَ من تحتهَا فانفلقت خمسين فلقَة فقتلت كل فلقَة رجلا

90

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ لَعَلَّكُمْ تفلحون إِنَّمَا يُرِيد الشَّيْطَان أَن يُوقع بَيْنكُم الْعَدَاوَة والبغضاء فِي الْخمر وَالْميسر ويصدكم عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ وَأَطيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول واحذروا فَإِن توليتم فاعلموا أَنما على رَسُولنَا الْبَلَاغ الْمُبين لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وأمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ

- أخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ حرمت الْخمر ثَلَاث مَرَّات قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم يشربون الْخمر ويأكلون الميسر فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُمَا فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} الْبَقَرَة الْآيَة 219 الْآيَة فَقَالَ النَّاس مَا حرم علينا إِنَّمَا قَالَ إِثْم كَبِير وَكَانُوا يشربون الْخمر حَتَّى كَانَ يَوْم من الْأَيَّام صلى رجل من الْمُهَاجِرين أمّ أَصْحَابه فِي الْمغرب خلط فِي قِرَاءَته فَأنْزل الله أغْلظ مِنْهَا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ} النِّسَاء الْآيَة 43 وَكَانَ النَّاس يشربون حَتَّى يَأْتِي أحدهم الصَّلَاة وَهُوَ مغتبق ثمَّ نزلت آيَة أغْلظ من ذَلِك {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر} إِلَى قَوْله {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} قَالُوا: انتهينا رَبنَا فَقَالَ النَّاس: يَا رَسُول الله نَاس قتلوا فِي سَبِيل الله وماتوا على فرشهم كَانُوا يشربون الْخمر ويأكلون الميسر وَقد جعله الله رجساً من عمل الشَّيْطَان فَأنْزل الله {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح} إِلَى آخر الْآيَة وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو حرم عَلَيْهِم لتركوه كَمَا تركْتُم وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر قَالَ: نزل فِي الْخمر ثَلَاث آيَات فأوّل شَيْء نزل {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} الْبَقَرَة الْآيَة 219 الْآيَة فَقيل حرمت الْخمر فَقَالُوا: يَا رَسُول الله دَعْنَا ننتفع بهَا كَمَا قَالَ الله فَسكت عَنْهُم ثمَّ نزلت هَذِه الْآيَة {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} النِّسَاء الْآيَة 43 فَقيل: حرمت الْخمر فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لَا نشربها قرب الصَّلَاة

فَسكت عَنْهُم ثمَّ نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حرمت الْخمر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والنحاس فِي ناسخه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: فيَّ نزل تَحْرِيم الْخمر صنع رجل من الْأَنْصَار طَعَاما فَدَعَانَا فَأَتَاهُ نَاس فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا حَتَّى انتشوا من الْخمر وَذَلِكَ قبل أَن تحرم الْخمر فتفاخروا فَقَالَت الْأَنْصَار: الْأَنْصَار خير وَقَالَت قُرَيْش: قُرَيْش خير فَأَهوى رجل بِلحي جزور فَضرب على أنفي ففزره فَكَانَ سعد مفزور الْأنف قَالَ: فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن شهَاب أَن سَالم بن عبد الله حَدثهُ أَن أول مَا حرمت الْخمر إِن سعد بن أبي وَقاص وأصحاباً لَهُ شربوا فَاقْتَتلُوا فكسروا أنف سعد فَأنْزل الله {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} الْآيَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ نزلت فيَّ ثَلَاث آيَات من كتاب الله نزل تَحْرِيم الْخمر نادمت رجلا فعارضته وعارضني فعربدت عَلَيْهِ فشججته فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} إِلَى قَوْله {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} وَنزلت فيَّ {وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حسنا} العنكبوت الْآيَة 8 {حَملته أمه كرها} إِلَى آخر الْآيَة وَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة} المجادلة الْآيَة 12 فَقدمت شعيرَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّك لَزَهِيد فَنزلت الْآيَة الْأُخْرَى {أَأَشْفَقْتُم أَن تقدمُوا} المجادلة الْآيَة 13 الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا نزل تَحْرِيم الْخمر فِي قبيلتين من قبائل الْأَنْصَار شربوا فَلَمَّا أَن ثمل الْقَوْم عَبث بَعضهم بِبَعْض فَلَمَّا أَن صحوا جعل يرى الرجل مِنْهُم الْأَثر بِوَجْهِهِ وبرأسه ولحيته فَيَقُول: صنع بِي هَذَا أخي فلَان وَكَانُوا إخْوَة لَيْسَ فِي قُلُوبهم ضغائن وَالله لَو كَانَ بِي رؤوفاً مَا صنع

بِي هَذَا حَتَّى وَقعت الضغائن فِي قُلُوبهم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} إِلَى قَوْله {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} فَقَالَ نَاس من المتكلفين: هِيَ رِجْس وَهِي فِي بطن فلَان قتل يَوْم بدر وَفُلَان قتل يَوْم أحد فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن بُرَيْدَة قَالَ بَيْنَمَا نَحن قعُود على شراب لنا وَنحن نشرب الْخمر جلاء إِذْ قُمْت حَتَّى آتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم عَلَيْهِ وَقد نزل تَحْرِيم الْخمر {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} إِلَى قَوْله {مُنْتَهُونَ} فَجئْت إِلَى أَصْحَابِي فقرأتها عَلَيْهِم قَالَ: وَبَعض الْقَوْم شربته فِي بِيَدِهِ قد شرب بَعْضًا وَبَقِي بعض فِي الْإِنَاء فَقَالَ بِالْإِنَاءِ تَحت شفته الْعليا كَمَا يفعل الْحجام ثمَّ صبوا مَا فِي باطيتهم فَقَالُوا: انتهينا رَبنَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا أهل الْمَدِينَة إِن الله يعرض عَن الْخمر تعريضاً لَا أَدْرِي لَعَلَّه سينزل فِيهَا أَمر ثمَّ قَامَ فَقَالَ: يَا أهل الْمَدِينَة إِن الله قد أنزل إليَّ تَحْرِيم الْخمر فَمن كتب مِنْكُم هَذِه الْآيَة وَعِنْده مِنْهَا شَيْء فَلَا يشْربهَا وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ: زَعَمُوا أَن عُثْمَان بن مَظْعُون حرم الْخمر فِي الْجَاهِلِيَّة وَقَالَ: لَا أشْرب شَيْئا يذهب عَقْلِي ويضحك بِي من هُوَ أدنى مني ويحملني على أَن أنكح كَرِيمَتي من لَا أُرِيد فَنزلت هَذِه الْآيَة فِي سُورَة الْمَائِدَة فِي الْخمر فَمر عليَّ رجل فَقَالَ: حرمت الْخمر وتلا هَذِه الْآيَة فَقَالَ: تَبًّا لَهَا قد كَانَ بَصرِي فِيهَا ثَابتا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ لما نزلت فِي الْبَقَرَة {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس} الْبَقَرَة الْآيَة 219 شربهَا قوم لقَوْله مَنَافِع للنَّاس وَتركهَا قوم لقَوْله إِثْم كَبِير مِنْهُم عُثْمَان بن مَظْعُون حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي فِي النِّسَاء {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} النِّسَاء الْآيَة 43 فَتَركهَا قوم وشربها قوم يتركونها بِالنَّهَارِ حِين الصَّلَاة ويشربونها بِاللَّيْلِ حَتَّى نزلت الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر}

الْآيَة قَالَ عمر: أقرنت بالميسر والأنصاب والأزلام بعدا لَك وَسُحْقًا فَتَركهَا النَّاس وَوَقع فِي صُدُور أنَاس من النَّاس مِنْهَا فَجعل قوم يمر بالراوية من الْخمر فتخرق فيمر بهَا أَصْحَابهَا فَيَقُولُونَ: قد كُنَّا نكرمك عَن هَذَا المصرع وَقَالُوا: مَا حرم علينا شَيْء أَشد من الْخمر حَتَّى جعل الرجل يلقى صَاحبه فَيَقُول: إِن فِي نَفسِي شَيْئا فَيَقُول لَهُ صَاحبه: لَعَلَّك تذكر الْخمر فَيَقُول: نعم فَيَقُول: إِن فِي نَفسِي مثل مافي نَفسك حَتَّى ذكر ذَلِك قوم واجتمعوا فِيهِ فَقَالُوا: كَيفَ نتكلم وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَاهد وخافوا أَن ينزل فيهم فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أعدُّوا لَهُ حجَّة فَقَالُوا: أَرَأَيْت حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَمصْعَب بن عُمَيْر وَعبد الله بن جحش أَلَيْسُوا فِي الْجنَّة قَالَ: بلَى قَالُوا: أَلَيْسُوا قد مضوا وهم يشربون الْخمر فَحرم علينا شَيْء دخلُوا الْجنَّة وهم يشربونه فَقَالَ: قد سمع الله مَا قُلْتُمْ فَإِن شَاءَ أجابكم فَأنْزل الله {إِنَّمَا يُرِيد الشَّيْطَان أَن يُوقع بَيْنكُم الْعَدَاوَة والبغضاء فِي الْخمر وَالْميسر ويصدكم عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} قَالُوا: انتهينا وَنزل فِي الَّذين ذكرُوا حَمْزَة وَأَصْحَابه {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} قَالَ: الميسر هُوَ الْقمَار كُله {قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس} قَالَ: فذمهما وَلم يحرمهما وَهِي لَهُم حَلَال يَوْمئِذٍ ثمَّ أنزل هَذِه الْآيَة فِي شَأْن الْخمر وَهِي أَشد مِنْهَا فَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} النِّسَاء الْآيَة 43 فَكَانَ السكر مِنْهَا حَرَامًا ثمَّ أنزل الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام} إِلَى قَوْله {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} فجَاء تَحْرِيمهَا فِي هَذِه الْآيَة قليلها وكثيرها مَا أسكر مِنْهَا وَمَا لم يسكر وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: أول مَا نزل تَحْرِيم الْخمر {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير} الْبَقَرَة الْآيَة 219 الْآيَة فَقَالَ بعض النَّاس: نشربها لمنافعها الَّتِي فِيهَا وَقَالَ آخَرُونَ لَا خير فِي شَيْء فِيهِ إِثْم ثمَّ نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى}

النِّسَاء الْآيَة 43 الْآيَة فَقَالَ بعض النَّاس: نشربها ونجلس فِي بُيُوتنَا وَقَالَ آخَرُونَ: لَا خير فِي شَيْء يحول بَيْننَا وَبَين الصَّلَاة مَعَ الْمُسلمين فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} الْآيَة فَانْتَهوا فنهاهم فَانْتَهوا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} النِّسَاء الْآيَة 43 قَالَ: كَانَ الْقَوْم يشربونها حَتَّى إِذا حضرت الصَّلَاة أَمْسكُوا عَنْهَا قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حِين أنزلت هَذِه الْآيَة: قد تقرَّب الله فِي تَحْرِيم الْخمر ثمَّ حرمهَا بعد ذَلِك فِي سُورَة الْمَائِدَة بعد غَزْوَة الْأَحْزَاب وَعلم أَنَّهَا تسفِّه الأحلام وتجهد الْأَمْوَال وتشغل عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} قَالَ: فَانْتهى الْقَوْم عَن الْخمر وأمسكوا عَنْهَا قَالَ: وَذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة لما أنزلت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَيهَا النَّاس إِن الله قد حرم الْخمر فَمن كَانَ عِنْده شَيْء فَلَا يطعمهُ وَلَا تَبِيعُوهَا فَلبث الْمُسلمُونَ زَمَانا يَجدونَ رِيحهَا من طرق الْمَدِينَة لِكَثْرَة مَا أهرقوا مِنْهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن الشَّرَاب كَانُوا يضْربُونَ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْأَيْدِي وَالنعال والعصي حَتَّى توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبُو بكر: لَو فَرضنَا لَهُم حدا فتوخى نَحْو مَا كَانُوا يضْربُونَ فِي عهد رَسُول الله صللى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ أَبُو بكر يجلدهم أَرْبَعِينَ حَتَّى توفّي ثمَّ كَانَ عمر من بعده يجلدهم كَذَلِك أَرْبَعِينَ حَتَّى أَتَى بِرَجُل من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين وَقد شرب فَأمر بِهِ لن يجلد فَقَالَ: لم تجلدني بيني وَبَيْنك كتاب الله قَالَ: وَفِي أَي كتاب الله تَجِد أَن لَا أجلدك قَالَ: فَإِن الله تَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} فَإنَّا من الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات {ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا} شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا وأحداً وَالْخَنْدَق والمشاهد فَقَالَ عمر: أَلا تردون عَلَيْهِ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هَؤُلَاءِ الْآيَات نزلت عذرا للماضين وَحجَّة على البَاقِينَ عذرا للماضين لأَنهم لقوا الله قبل أَن حرم عَلَيْهِم الْخمر وَحجَّة على البَاقِينَ لِأَن الله يَقُول {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام} حَتَّى بلغ الْآيَة الْأُخْرَى فَإِن كَانَ من {الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وأمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا} فَإِن

الله نهى أَن يشرب الْخمر فَقَالَ عمر: فَمَاذَا ترَوْنَ فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: نرى أَنه إِذا شرب سكر وَإِذا سكر هذى وَإِذا هذى افترى وعَلى المفتري ثَمَانُون جلدَة فَأمر عمر فجلد ثَمَانِينَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن أبي طَلْحَة زوج أم أنس قَالَ لما نزلت تَحْرِيم الْخمر بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هاتفاً يَهْتِف: أَلا أَن الْخمر قد حرمت فَلَا تَبِيعُوهَا فَمن كَانَ عِنْده مِنْهُ شَيْء فليهرقه قَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا غُلَام حل عُزّلى تِلْكَ المزاد فَفَتحهَا فَأَهْرقهَا وخمرنا يَوْمئِذٍ الْبُسْر وَالتَّمْر فأهرق النَّاس حَتَّى امْتنعت فجاج الْمَدِينَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: كُنَّا نَأْكُل من طَعَام لنا وَنَشْرَب عَلَيْهِ من هَذَا الشَّرَاب فَأَتَانَا فلَان من نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّكُم تشربون الْخمر وَقد أنزل فِيهَا قُلْنَا مَا تَقولُونَ قَالَ: نعم سمعته من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّاعَة وَمن عِنْده أتيتكم فقمنا فأكفينا ماكان فِي الْإِنَاء من شَيْء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ كَانَ عِنْد أبي طَلْحَة مَال ليتيم فَاشْترى بِهِ خمرًا فَلَمَّا حرمت الْخمر أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اجْعَلْهُ خلا فَقَالَ: لَا أهْرقْهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن الْآيَة الَّتِي حرم الله فِيهَا الْخمر نزلت وَلَيْسَ فِي الْمَدِينَة شراب يشرب إِلَّا من تمر وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس قَالَ: لما نزل تَحْرِيم الْخمر فَدخلت على نَاس من أَصْحَابِي وَهِي بَين أَيْديهم فضربتها برجلي وَقلت: انْطَلقُوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد نزل تَحْرِيم الْخمر وشرابهم يَوْمئِذٍ الْبُسْر وَالتَّمْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانُوا يشربون الْخمر بعد مَا أنزلت الَّتِي فِي الْبَقَرَة وَبعد الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء فَلَمَّا نزلت الَّتِي الَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة تَرَكُوهُ وَأخرج مُسلم وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِن الله أعرض بِالْخمرِ فَمن كَانَ عِنْده مِنْهَا شَيْء فليبع ولينتفع بِهِ فَلم نَلْبَث إِلَّا يَسِيرا ثمَّ قَالَ: إِن الله قد حرم الْخمر فَمن أَدْرَكته هَذِه الْآيَة وَعِنْده مِنْهَا شَيْء فَلَا يبع وَلَا يشرب قَالَ: فَاسْتقْبل النَّاس بِمَا كَانَ عِنْدهم مِنْهَا فسفكوها فِي طرق الْمَدِينَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حرمت الْخمر بِعَينهَا قليلها وكثيرها والمسكر من كل شراب

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن وهب بن كيسَان قَالَ: قلت لجَابِر بن عبد الله مَتى حرمت الْخمر قَالَ: بعد أحد صبحنا الْخمر يَوْم أحد حِين خرجنَا إِلَى الْقِتَال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: حرمت الْخمر يَوْم حرمت وَمَا كَانَ شراب النَّاس إِلَّا التَّمْر وَالزَّبِيب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ كَانَ رجل عِنْده مَال أَيْتَام فَكَانَ يَشْتَرِي لَهُم وَيبِيع فَاشْترى خمرًا فَجعله فِي خوابي وَإِن الله أنزل تَحْرِيم الْخمر فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِنَّه لَيْسَ لَهُم مَال غَيره فَقَالَ: أهرقه فأهرقه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: حرمت الْخمر وَمَا بِالْمَدِينَةِ مِنْهَا شَيْء وَمَا خمرهم يَوْمئِذٍ إِلَّا الفضيخ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: حرمت الْخمر يَوْم حرمت وَمَا بِالْمَدِينَةِ خمر إِلَّا الفضيخ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أَن هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ لَعَلَّكُمْ تفلحون} هِيَ فِي التَّوْرَاة إِن الله أنزل الْحق ليذْهب بِهِ الْبَاطِل وَيبْطل بِهِ اللّعب والزفن والمزامير والكبارات يَعْنِي البرابط والزمارات يَعْنِي الدُّف والطنابير وَالشعر وَالْخمر مرّة لمن طعمها وَأقسم رَبِّي بِيَمِينِهِ وَعزة حيله لَا يشْربهَا عبد بَعْدَمَا حرمتهَا عَلَيْهِ إِلَّا عطشته يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يَدعهَا بعد مَا حرمتهَا إِلَّا سقيته إِيَّاهَا من حَظِيرَة الْقُدس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ حرم الله الْخمر وكل مُسكر حرَام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: لقد أنزل الله تَحْرِيم الْخمر وَمَا بِالْمَدِينَةِ زبيبة وَاحِدَة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن الْجَارُود وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ كَانَ عندنَا خمر ليتيم فَلَمَّا نزلت الْآيَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا: ليتيم فَقَالَ: اهريقوها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: حرمت الْخمر وَهِي تخمر فِي الجراري

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: نزل تَحْرِيم الْخمر وَمَا فِي أسقيتنا إِلَّا الزَّبِيب وَالتَّمْر فأكفأناهما وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من التَّمْر خمر وَمن الْعَسَل خمر وَمن الزَّبِيب خمر وَمن الْعِنَب خمر وَمن الْحِنْطَة خمر وأنهاكم عَن كل مُسكر وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} الْبَقَرَة الْآيَة 219 الْآيَة كرهها قوم لقَوْله {فيهمَا إِثْم كَبِير} وشربها قوم لقَوْله {وَمَنَافع للنَّاس} حَتَّى نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} النِّسَاء الْآيَة 43 فَكَانُوا يَدَعونها فِي حِين الصَّلَاة ويشربونها فِي غير حِين الصَّلَاة حَتَّى نزلت {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} الْآيَة فَقَالَ عمر: ضَيْعَة لَك الْيَوْم قرنت بالميسر وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزلت فِي الْخمر أَربع آيَات {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} الْآيَة فتركوها ثمَّ نزلت {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا وَرِزْقًا حسنا} النَّحْل الْآيَة 67 فشربوها ثمَّ نزلت الْآيَتَانِ فِي الْمَائِدَة {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} إِلَى قَوْله {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر} الْآيَة فَلم يزَالُوا بذلك يشربونها حَتَّى

صنع عبد الرَّحْمَن بن عَوْف طَعَاما فَدَعَانَا ساقيهم وَعلي بن أبي طَالب يقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} الْكَافِرُونَ الْآيَة 1 فَلم يفهمها فَأنْزل الله يشدد فِي الْخمر {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ} فَكَانَت حَلَالا يشربونها من صَلَاة الْغَدَاة حَتَّى يرْتَفع النَّهَار فَيقومُونَ إِلَى صَلَاة الظّهْر وهم مصحون ثمَّ لَا يشربونها حَتَّى يصلوا الْعَتَمَة ثمَّ يقومُونَ إِلَى صَلَاة الْفجْر وَقد صحوا فَلم يزَالُوا بذلك يشربونها حَتَّى صنع سعد بن أبي وَقاص طَعَاما فَدَعَا ساقيهم رجل من الْأَنْصَار فشوى لَهُم رَأس بعير ثمَّ دعاهم عَلَيْهِ فَلَمَّا أكلُوا وَشَرِبُوا من الْخمر سَكِرُوا وَأخذُوا فِي الحَدِيث فَتكلم سعد بِشَيْء فَغَضب الْأنْصَارِيّ فَرفع لحي الْبَعِير فَكسر أنف سعد فَأنْزل الله نسخ الْخمر وتحريمها {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} إِلَى قَوْله {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: نزل تَحْرِيم الْخمر فِي سُورَة الْمَائِدَة بعد غَزْوَة الْأَحْزَاب وَلَيْسَ للْعَرَب يَوْمئِذٍ عَيْش أعجب اليهم مِنْهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: لما نزلت آيَة الْبَقَرَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ربكُم يقدم فِي تَحْرِيم الْخمر ثمَّ نزلت آيَة النِّسَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن ربكُم يقرب فِي تَحْرِيم الْخمر ثمَّ نزلت آيَة الْمَائِدَة فَحرمت الْخمر عِنْد ذَلِك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ نزلت أَربع آيَات فِي تَحْرِيم الْخمر أولهنَّ الَّتِي فِي الْبَقَرَة ثمَّ نزلت الثَّانِيَة {وَمن ثَمَرَات النخيل وَالْأَعْنَاب تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا وَرِزْقًا حسنا} النَّحْل الْآيَة 67 ثمَّ أنزلت الَّتِي فِي النِّسَاء بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بعض الصَّلَوَات إِذْ غنى سَكرَان خَلفه فَأنْزل الله {لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى} النِّسَاء الْآيَة 43 الْآيَة فَشربهَا طَائِفَة من النَّاس وَتركهَا طَائِفَة ثمَّ نزلت الرَّابِعَة الَّتِي فِي الْمَائِدَة فَقَالَ عمر ين الْخطاب انتهينا ياربنا وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن قيس قَالَ لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة أَتَاهُ النَّاس وَقد كَانُوا يشربون الْخمر ويأكلون الميسر فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس وإثمهما أكبر من نفعهما} الْبَقَرَة الْآيَة 216 فَقَالُوا: هَذَا شَيْء قد جَاءَ فِيهِ رخصَة نَأْكُل الميسر وَنَشْرَب الْخمر ونستغفر من ذَلِك حَتَّى أَتَى رجل صَلَاة الْمغرب فَجعل يقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد} الْكَافِرُونَ الْآيَات الثَّلَاث فَجعل لَا يجوّد ذَلِك وَلَا يدْرِي مَا يقْرَأ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى}

النِّسَاء الْآيَة 43 فَكَانَ النَّاس يشربون الْخمر حَتَّى يَجِيء وَقت الصَّلَاة فَيدعونَ شربهَا فَيَأْتُونَ الصَّلَاة وهم يعلمُونَ مَا يَقُولُونَ فَلم يزَالُوا كَذَلِك حَتَّى أنزل الله {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام} إِلَى قَوْله {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} فَقَالَ: انتهينا يارب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَمُوت مدمن خمر إِلَّا لَقِي الله كعابد وثن ثمَّ قَرَأَ {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله حرم الْخمر وَالْميسر والكوبة والغبيراء وكل مُسكر حرَام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله حرم عَلَيْكُم الْخمر وَالْميسر والكوبة وكل مُسكر حرَام وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: نزل تَحْرِيم الْخمر وَإِن بِالْمَدِينَةِ يَوْمئِذٍ لخمسة أشربة مَا فِيهَا شراب الْعِنَب وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَام الْفَتْح إِن الله حرَّم بيع الْخمر الأنصاب وَالْميتَة وَالْخِنْزِير فَقَالَ بعض النَّاس: كَيفَ ترى فِي شحوم الْميتَة يدهن بهَا السفن والجلود ويستصبح بهَا النَّاس فَقَالَ: لَا هِيَ حرَام ثمَّ قَالَ عِنْد ذَلِك: قَاتل الله الْيَهُود إِن الله لما حرم عَلَيْهِم الشحوم جملوه فباعوه وأكلوا ثمنه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قدم رجل من دوس على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم براوية من خمر أهداها لَهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل علمت أَن الله حرمهَا بعْدك فَأقبل الدوسي على رجل كَانَ مَعَه فَأمره بِبَيْعِهَا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل علمت أَن الَّذِي حرَّم شربهَا حرم بيعهَا وَأكل ثمنهَا وَأمر بالمزاد فأهريقت حَتَّى لم يبْق فِيهَا قَطْرَة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن تَمِيم الدَّارِيّ أَنه كَانَ يهدى لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل عَام راوية من خمر فَلَمَّا كَانَ عَام حرمت الْخمر جَاءَ براوية فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا ضحك وَقَالَ: هَل شَعرت أَنَّهَا قد حرمت فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَفلا نبيعها فننتفع بِثمنِهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لعن الله الْيَهُود انْطَلقُوا إِلَى مَا حرم الله عَلَيْهِم من شحوم الْبَقر وَالْغنم فأذابوه اهالة فباعوا مِنْهُ مَا يَأْكُلُون وَالْخمر حرَام ثمنهَا حرَام بيعهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو عوَانَة والطَّحَاوِي وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عمر أَنه قَامَ على الْمِنْبَر فَقَالَ: أما بعد فَإِن الْخمر نزل تَحْرِيمهَا يَوْم نزل وَهِي من خَمْسَة من الْعِنَب وَالتَّمْر وَالْبر وَالشعِير وَالْعَسَل وَالْخمر ماخامر الْعقل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: إِن هَذِه الأنبذة تنبذ من خَمْسَة أَشْيَاء من التَّمْر وَالزَّبِيب وَالْعَسَل وَالْبر وَالشعِير فَمَا خمرته مِنْهَا ثمَّ عتقته فَهُوَ خمر وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل مُسكر خمر وكل خمر حرَام وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الزَّبِيب وَالتَّمْر هُوَ الْخمر يَعْنِي إِذا انتبذا جَمِيعًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه والنحاس فِي ناسخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الْحِنْطَة خمرًا وَمن الشّعير خمرًا وَمن الزَّبِيب خمرًا وَمن التَّمْر خمرًا وَمن الْعَسَل خمرًا وَأَنا أنهاكم عَن كل مُسكر وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن مَرْيَم بنت طَارق قَالَت: كنت فِي نسْوَة من الْمُهَاجِرَات حجَجنَا فَدَخَلْنَا على عَائِشَة فَجعل نسَاء يسألنها عَن الظروف فَقَالَت: إِنَّكُم لتذكرن ظروفاً مَا كَانَ كثير مِنْهَا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاتقين الله واجتنبن مَا يسكركن فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل مُسكر حرَام وَإِن أسكرها مَاء حبها فلتجتنبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْخمر من هَاتين الشجرتين: النَّخْلَة والعنبة

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي عَن الْحسن قَالَ: الميسر الْقمَار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول: الميسر الْقمَار وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: الميسر كعاب فَارس وقداح الْعَرَب وَهُوَ الْقمَار كُله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: الميسر الْقمَار كُله حَتَّى الْجَوْز الَّذِي يلْعَب بِهِ الصّبيان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اجتنبوا هَذِه الكعاب الموسومة الَّتِي يزْجر بهَا زجرا فَإِنَّهَا من الميسر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيَّاكُمْ وَهَذِه الكعاب الموسومة الَّتِي تزجر زجرا فَإِنَّهَا من الميسر وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيَّاكُمْ وَهَاتين اللُّعْبَتَيْنِ الموسومتين اللَّتَيْنِ يُزْجَرَانِ زجرا فَإِنَّهُمَا ميسر الْعَجم وَأخرج وَكِيع وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وأبوالشيخ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إيَّاكُمْ وَهَذِه الكعاب الموسومة الَّتِي تزجر زجرا فَإِنَّهَا ميسر الْعَجم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل الْقمَار من الميسر حَتَّى لعب الصّبيان بالجوز والكعاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: النَّرْد وَالشطْرَنْج من الميسر وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ قَالَ: الشطرنج ميسر الْأَعَاجِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَنه سُئِلَ عَن النَّرْد أَهِي من الميسر قَالَ: كل مَا ألهى عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهُوَ ميسر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْقَاسِم أَنه قيل لَهُ: هَذِه النَّرْد تكرهونها فَمَا بَال الشطرنج قَالَ: كل مَا ألهى عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهُوَ من الميسر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي

الشّعب من طَرِيق ربيعَة بن كُلْثُوم عَن أَبِيه قَالَ: خَطَبنَا ابْن الزبير فَقَالَ: يَا أهل مَكَّة بَلغنِي عَن رجال يَلْعَبُونَ بلعبة يُقَال لَهَا النَّرْد شير وَإِن الله يَقُول فِي كِتَابه {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} إِلَى قَوْله {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} وَإِنِّي أَحْلف بِاللَّه لَا أُوتى بِأحد لعب بهَا إِلَّا عاقبته فِي شعره وبشره وَأعْطيت سلبه من أَتَانِي بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لعب بالنرد شير فقد عصى الله وَرَسُوله وَأخرج أَحْمد عَن أبي عبد الرَّحْمَن الخطمي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مثل الَّذِي يلْعَب بالنرد ثمَّ يقوم فَيصَلي مثل الَّذِي يتَوَضَّأ بالقيح وَدم الْخِنْزِير ثمَّ يقوم فَيصَلي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: اللاعب بالنرد قماراً كآكل لحم الْخِنْزِير واللاعب بهَا من غير قمار كالمدهن بودك الْخِنْزِير وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مُجَاهِد قَالَ: اللاعب بالنرد قماراً من الميسر واللاعب بهَا سِفَاحًا كالصابغ يَده فِي دم الْخِنْزِير والجالس عِنْدهَا كالجالس عِنْد مسالخه وَإنَّهُ يُؤمر بِالْوضُوءِ مِنْهَا والكعبين وَالشطْرَنْج سَوَاء وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقوم يَلْعَبُونَ بالنرد فَقَالَ: قُلُوب لاهية وأيد عاملة وألسنة لاغية وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ: النَّرْد ميسر الْعَجم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن أنس قَالَ: الشطرنج من النَّرْد بلغنَا عَن ابْن عَبَّاس أَنه ولي مَال يَتِيم فأحرقها وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبيد الله بن عُمَيْر قَالَ: سُئِلَ ابْن عمر عَن الشطرنج فَقَالَ: هِيَ شَرّ من النَّرْد وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي جَعْفَر أَنه سُئِلَ عَن الشطرنج فَقَالَ: تِلْكَ الْمَجُوسِيَّة لَا تلعبوا بهَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ: رأى رجل من أهل الشَّام أَنه يغْفر لكل مُؤمن فِي كل يَوْم اثْنَتَيْ عشرَة مرّة إِلَّا أَصْحَاب الشاه يَعْنِي الشطرنج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: الميسر الْقمَار

كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يقامر على أَهله وَمَاله فيقعد سليباً حَزينًا ينظر إِلَى مَاله فِي يَد غَيره وَكَانَت تورث بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء فَنهى الله عَن ذَلِك وَتقدم فِيهِ وَأخْبر إِنَّمَا هُوَ رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ لَعَلَّكُمْ تفلحون وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق لَيْث عَن عَطاء وَطَاوُس وَمُجاهد قَالُوا: كل شَيْء فِيهِ قمار فَهُوَ من الميسر حَتَّى لعب الصّبيان بالكعاب والجوز وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه رأى غلماناً يتقامرون فِي يَوْم عيد فَقَالَ: لَا تقامروا فَإِن الْقمَار من الميسر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن سِيرِين قَالَ: مَا كَانَ من لعب فِيهِ قمار أَو قيام أَو صياح أَو شَرّ فَهُوَ من الميسر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن شُرَيْح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاث من الميسر: الصفير بالحمام والقمار وَالضَّرْب بالكعاب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يتبع حمامة فَقَالَ: شَيْطَان يتبع شَيْطَانَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن قَالَ: شهِدت عُثْمَان وَهُوَ يخْطب وَهُوَ يَأْمر بِذبح الْحمام وَقتل الْكلاب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن خَالِد الْحذاء عَن رجل يُقَال لَهُ أَيُّوب قَالَ: كَانَ ملاعب آل فِرْعَوْن الْحمام وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: من لعب بالحمام الطيارة لم يمت حَتَّى يَذُوق ألم الْفقر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد الْمسيب بن قَالَ: كَانَ من ميسر أهل الْجَاهِلِيَّة بيع اللَّحْم بِالشَّاة والشاتين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي الميسر قَالَ: كَانُوا يشْتَرونَ الْجَزُور فيجعلونها أَجزَاء ثمَّ يَأْخُذُونَ القداح فيلقونها وينادي: يَا يَاسر الْجَزُور يَا يَاسر الْجَزُور فَمن خرج قدحه أَخذ جُزْءا بِغَيْر شَيْء وَمن لم يخرج قدحه غرم وَلم يَأْخُذ شَيْئا وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يُقَال: ايْنَ ايسار

الْجَزُور فيجتمع الْعشْرَة فيشترون الْجَزُور بِعشْرَة فصلان إِلَى الفصال فيجيلون السِّهَام فَتَصِير بِتِسْعَة حَتَّى تصير إِلَى وَاحِد وَيغرم الْآخرُونَ فصيلاً فصيلاً إِلَى الفصال فَهُوَ الميسر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأنصاب حِجَارَة كَانُوا يذبحون لَهَا والأزلام قداح كَانُوا يقتسمون بهَا الْأُمُور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَت لَهُم حَصَيَات إِذا أَرَادَ أحدهم أَن يَغْزُو أَو يجلس استقسم بهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {والأزلام} قَالَ: هِيَ كعاب فَارس الَّتِي يقتمرون بهَا وسهام الْعَرَب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سَلمَة بن وهرام قَالَ: سَأَلت طاوساً عَن الأزلام فَقَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة لَهُم قداح يضْربُونَ بهَا قدح معلم يَتَطَيَّرُونَ مِنْهُ فَإِذا ضربوا بهَا حِين يُرِيد أحدهم الْحَاجة فَخرج ذَلِك الْقدح لم يخرج لِحَاجَتِهِ وَإِن خرج غَيره خرج لِحَاجَتِهِ وَكَانَت الْمَرْأَة إِذا أَرَادَت حَاجَة لَهَا لم تضرب بِتِلْكَ القداح فَذَلِك قَوْله الشَّاعِر: إِذا جددت أُنْثَى لأمر خمارها أَتَتْهُ وَلم تضرب لَهُ بالمقاسم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {رِجْس} قَالَ: سخط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {رِجْس} قَالَ: إِثْم {من عمل الشَّيْطَان} يَعْنِي من تَزْيِين الشَّيْطَان {إِنَّمَا يُرِيد الشَّيْطَان أَن يُوقع بَيْنكُم الْعَدَاوَة والبغضاء فِي الْخمر وَالْميسر} يَعْنِي حِين شج الْأنْصَارِيّ رَأس سعد بن أبي وَقاص {ويصدكم عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} فَهَذَا وَعِيد التَّحْرِيم {وَأَطيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول} يَعْنِي فِي تَحْرِيم الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام {فَإِن توليتم} يَعْنِي أعرضتم عَن طاعتهما {فاعلموا أَنما على رَسُولنَا} يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {الْبَلَاغ الْمُبين} يَعْنِي أَن يبين تَحْرِيم ذَلِك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزل تَحْرِيم

الْخمر قَالُوا: يَا رَسُول الله فَكيف بأصحابنا الَّذين مَاتُوا وهم يشربون الْخمر فَنزلت {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح} الْآيَة وَأخرج الطياليسي وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: مَاتَ نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم يشربون الْخمر فَلَمَّا نزل تَحْرِيمهَا قَالَ أنَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ بأصحابنا الَّذين مَاتُوا وهم يشربونها فَنزلت {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ بَينا أدير الكاس على أبي طَلْحَة وَأبي عُبَيْدَة بن الْجراح ومعاذ بن جبل وَسُهيْل بن بَيْضَاء وَأبي دُجَانَة حَتَّى مَالَتْ رؤوسهم من خليط بسر وتمر فسمعنا منادياً يُنَادي: أَلا إِن الْخمر قد حرمت قَالَ: فَمَا دخل علينا دَاخل وَلَا خرج منا خَارج حَتَّى أهرقنا الشَّرَاب وكسرنا القلال وَتَوَضَّأ بَعْضنَا واغتسل بَعْضنَا وأصبنا من طيب أم سليم ثمَّ خرجنَا إِلَى الْمَسْجِد وَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} إِلَى قَوْله {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله فَمَا منزلَة من مَاتَ منا وَهُوَ يشْربهَا فَأنْزل الله {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: كنت ساقي الْقَوْم فِي منزل أبي طَلْحَة فَنزل تَحْرِيم الْخمر فَنَادَى مُنَاد فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: اخْرُج فَانْظُر مَا هَذَا الصَّوْت فَخرجت فَقلت: هَذَا مُنَاد يُنَادي: أَلا إِن الْخمر قد حرمت فَقَالَ لي: اذْهَبْ فَأَهْرقهَا قَالَ: فجرت فِي سِكَك الْمَدِينَة قَالَ: وَكَانَت خمرهم يَوْمئِذٍ الفضيخ الْبُسْر وَالتَّمْر فَقَالَ بعض الْقَوْم: قتل قوم وَهِي فِي بطونهم فَأنْزل الله {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: اصطبح نَاس الْخمر يَوْم أحد ثمَّ قتلوا شُهَدَاء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما نزل تَحْرِيم الْخمر قَالَت الْيَهُود: أَلَيْسَ إخْوَانكُمْ الَّذين مَاتُوا كَانُوا يشربونها فَأنْزل الله

{لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح} الْآيَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لي: أَنْت مِنْهُم وَأخرج الدَّارقطني فِي الافراد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لما نزل تَحْرِيم الْخمر قَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ بِمن شربهَا من إِخْوَاننَا الَّذين مَاتُوا وَهِي فِي بطونهم فَأنْزل الله {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا} الْآيَة يَعْنِي بذلك رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتُوا وهم يشربون الْخمر قبل أَن تحرم الْخمر فَلم يكن عَلَيْهِم فِيهَا جنَاح قبل أَن تحرم فَلَمَّا حرمت قَالُوا: كَيفَ تكون علينا حَرَامًا وَقد مَاتَ إِخْوَاننَا وهم يشربونها فَأنْزل الله {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} يَقُول لَيْسَ عَلَيْهِم حرج فِيمَا كَانُوا يشربون قبل أَن أحرمهَا إِذْ كَانُوا محسنين متقين وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: نزلت {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} فِيمَن كَانَ يشْربهَا مِمَّن قتل ببدر وَأحد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: لما أنزل الله تَحْرِيم الْخمْرَة فِي سُورَة الْمَائِدَة بعد سُورَة الْأَحْزَاب قَالَ فِي ذَلِك رجال من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أُصِيب فلَان يَوْم بدر وَفُلَان يَوْم أحد وهم يشربونها فَنحْن نشْهد أَنهم من أهل الْجنَّة فَأنْزل الله {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وأمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} يَقُول: شربهَا الْقَوْم على تقوى من الله وإحسان وَهِي لَهُم يَوْمئِذٍ حَلَال ثمَّ حرمت بعدهمْ فَلَا جنَاح عَلَيْهِم فِي ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح} قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا نقُول لإِخْوَانِنَا الَّذين مضوا كَانُوا يشربون الْخمر ويأكلون الميسر فَأنْزل الله {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} من الْحَرَام قبل أَن يحرم عَلَيْهِم {إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وأمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا} وأحسنوا بَعْدَمَا حرم عَلَيْهِم وهوقوله {فَمن جَاءَهُ موعظة من ربه فَانْتهى فَلهُ مَا سلف} الْبَقَرَة الْآيَة 275

وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: لما نزلت {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} الْآيَة قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لي: أَنْت مِنْهُم وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن ثَابت بن عبيد قَالَ: جَاءَ رجل من آل حَاطِب إِلَى عَليّ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي أرجع إِلَى الْمَدِينَة وَإِنَّهُم سائلي عَن عُثْمَان فَمَاذَا أَقُول لَهُم قَالَ: أخْبرهُم أَن عُثْمَان كَانَ من {الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا إِذا مَا اتَّقوا وآمنوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ثمَّ اتَّقوا وآمنوا ثمَّ اتَّقوا وأحسنوا وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء بن السَّائِب عَن محَارب بن دثار أَن نَاسا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شربوا الْخمر بِالشَّام فَقَالَ لَهُم يزِيد بن أبي سُفْيَان: شربتم الْخمر فَقَالُوا: نعم لقَوْل الله {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} حَتَّى فرغوا من الْآيَة فَكتب فيهم إِلَى عمر فَكتب إِلَيْهِ إِن أَتَاك كتابي هَذَا نَهَارا فَلَا تنظر بهم اللَّيْل وَإِن أَتَاك لَيْلًا فَلَا تنظر بهم النَّهَار حَتَّى تبْعَث بهم إليَّ لَا يفتنوا عباد الله فَبعث بهم إِلَى عمر فَلَمَّا قدمُوا على عمر قَالَ: شربتم الْخمر قَالُوا: نعم فَتلا عَلَيْهِم {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} إِلَى آخر الْآيَة قَالُوا: اقْرَأ الَّتِي بعْدهَا {لَيْسَ على الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَاح فِيمَا طعموا} قَالَ: فَشَاور فيهم النَّاس فَقَالَ لعَلي: مَا ترى قَالَ: أرى أَنهم شرَّعوا فِي دين الله مَا لم يَأْذَن الله فِيهِ فَإِن زَعَمُوا أَنَّهَا حَلَال فاقتلهم فقد أحلُّوا مَا حرم الله وَإِن زَعَمُوا أَنَّهَا حرَام فاجلدهم ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ فقد افتروا على الله الْكَذِب وَقد أخبرنَا الله بِحَدّ مَا يفتري بِهِ بَعْضنَا على بعض قَالَ: فجلدهم ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لعن الْخمر وَلعن غارسها وَلعن شاربها وَلعن عاصرها وَلعن مؤويها وَلعن مديرها وَلعن سَاقيهَا وَلعن حاملها وَلعن آكل ثمنهَا وَلعن بَائِعهَا وَأخرج وَكِيع وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة إِلَّا أَن يَتُوب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا وَلم يتب لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة وَإِن أُدخل الْجنَّة

وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله أَن رجلا قدم من الْيمن فَسَأَلَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شراب يشربونه بأرضهم من الذّرة يُقَال لَهُ المزر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو يسكر هُوَ قَالُوا: نعم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل مُسكر حرَام إِن الله عهد لمن يشرب الْمُسكر أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا طِينَة الخبال قَالَ: عرق أهل النَّار أَو عصارة أهل النَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من شرب الْخمر لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ وَإِن شربهَا الثَّالِثَة لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن شربهَا الرَّابِعَة لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ لم يتب الله عَلَيْهِ وَكَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال قيل: وَمَا طِينَة الخبال قَالَ: صديد أهل النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من شرب الْخمر شربة لم تقبل صلَاته أَرْبَعِينَ صباحاً فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن عَاد لم تقبل تَوْبَته أَرْبَعِينَ صباحاً فَلَا أَدْرِي أَفِي الثَّالِثَة أَو فِي الرَّابِعَة قَالَ: فَإِن عَاد كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من ردغة الخبال يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر وَعَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من ترك الصَّلَاة سكرا مرّة وَاحِدَة فَكَأَنَّمَا كَانَت لَهُ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا فسلبها وَمن ترك الصَّلَاة سكرا أَربع مَرَّات كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال قيل: وَمَا طِينَة الخبال يَا رَسُول الله قَالَ: عصارة أهل النَّار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الْخمر وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إِلَيْهِ وساقيها وشاربها وآكل ثمنهَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله لعن الْخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إِلَيْهِ وبائعها وساقيها ومسقيها وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اجتنبوا أم الْخَبَائِث فَإِنَّهُ كَانَ رجل فِيمَن كَانَ قبلكُمْ يتعبد ويعتزل النِّسَاء فعلقته امْرَأَة غاوية فَأرْسلت إِلَيْهِ خَادِمهَا فَقَالَت: إِنَّا ندعوك لشهادة فَدخل فطفقت كلما

دخل عَلَيْهَا بَاب أغلقته دونه حَتَّى أفْضى إِلَى امْرَأَة وضيئة جالسة عِنْدهَا غُلَام وباطية فِيهَا خمر فَقَالَت: أَنا لم أدعك لشهادة وَلَكِن دعوتك لتقتل هَذَا الْغُلَام أَو تقع عليَّ أَو تشرب كأساً من هَذَا الْخمر فَإِن أَبيت صحت وفضحتك فَلَمَّا رأى أَنه لَا بُد من ذَلِك قَالَ: اسْقِنِي كأساً من هَذَا الْخمر فسقته كأساً من الْخمر ثمَّ قَالَ: زيديني فَلم يرم حَتَّى وَقع عَلَيْهَا وَقتل النَّفس فَاجْتَنبُوا الْخمر فَإِنَّهُ - وَالله - لَا يجْتَمع الْإِيمَان وإدمان الْخمر فِي صدر رجل أبدا ليوشكن أَحدهمَا أَن يخرج صَاحبه وَأخرجه عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عُثْمَان موثوقا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجتنبوا الْخمر فَإِنَّهَا مِفْتَاح كل شَرّ وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ أَوْصَانِي أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَا تشرك بِاللَّه شَيْئا وَإِن قطِّعت أَو حرِّقت وَلَا تتْرك صَلَاة مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فَمن تَركهَا مُتَعَمدا بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة وَأَن لَا تشرب الْخمر فَإِنَّهَا مِفْتَاح كل شَرّ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تبَارك وَتَعَالَى بنى الفردوس بِيَدِهِ وحظره على كل مُشْرك وكل مدمن الْخمر سكير وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة لَا تقبل لَهُم صَلَاة وَلَا يرفع لَهُم إِلَى السَّمَاء عمل: العَبْد الْآبِق من موَالِيه حَتَّى يرجع فَيَضَع يَده فِي أَيْديهم وَالْمَرْأَة الساخط عَلَيْهَا زَوجهَا حَتَّى يرضى والسكران حَتَّى يصحو وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدْخل الْجنَّة عَاق وَلَا مدمن خمر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقْعد على مائدة يشرب عَلَيْهَا الْخمر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يدْخل حليلته الْحمام وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يدْخل الْحمام إِلَّا بمئزر وَمن كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يجلس على مائدة يدار عَلَيْهَا الْخمر وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ عَن سهل بن أبي صَالح عَن مُحَمَّد بن عبيد الله عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من لَقِي الله وَهُوَ مدمن خمر لقِيه كعابد وثن

وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا مثله وَقَالَ البُخَارِيّ وَلَا يَصح حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من مَاتَ مدمن خمر لَقِي الله وَهُوَ كعابد الوثن وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من شرب شرابًا يذهب بعقله فقد أَتَى بَاب من أَبْوَاب الْكَبَائِر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: لِأَن أزني أحب إليَّ من أَن أسكر وَلِأَن أسرق أحب إليَّ من أَن أسكر لِأَن السَّكْرَان يَأْتِي عَلَيْهِ سَاعَة لَا يعرف فِيهَا ربه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة وَمن شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا لم يشربه فِي الْآخِرَة وَمن شرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة لم يشرب بهَا فِي الْآخِرَة ثمَّ قَالَ: لِبَاس أهل الْجنَّة وشراب أهل الْجنَّة وآنية أهل الْجنَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مُوسَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة مدمن الْخمر وقاطع الرَّحِم ومصدِّق بِالسحرِ وَمن مَاتَ مدمن الْخمر سقَاهُ الله من نهر الغوطة قيل: وَمَا نهر الغوطة قَالَ: نهر يخرج من فروج المومسات يُؤْذِي أهل النَّار ريح فروجهم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر: أَن أَبَا بكر وَعمر وناساً جَلَسُوا بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا أعظم الْكَبَائِر فَلم يكن عِنْدهم فِيهَا علم فأرسلوني إِلَى عبد الله بن عَمْرو أسأله فَأَخْبرنِي أَن أعظم الْكَبَائِر شرب الْخمر فأتيتهم فَأَخْبَرتهمْ فأنكروا ذَلِك ووثبوا جَمِيعًا حَتَّى أَتَوْهُ فِي دَاره فَأخْبرهُم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن ملكا من مُلُوك بني إِسْرَائِيل أَخذ رجلا فخيره بَين أَن يشرب الْخمر أَو يقتل نفسا أَو يَزْنِي أَو يَأْكُل لحم خِنْزِير أَو يقتلوه فَاخْتَارَ الْخمر وَإنَّهُ لما شربه لم يمْتَنع من شَيْء أرادوه مِنْهُ وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من أحد يشْربهَا فَتقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَلَا يَمُوت وَفِي مثانته مِنْهُ شَيْء إِلَّا حرمت عَلَيْهِ بهَا الْجنَّة فَإِن مَاتَ فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَة مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مُسلم الْخَولَانِيّ أَنه حج فَدخل على

عَائِشَة فَجعلت تسأله عَن الشَّام وَعَن بردهَا فَجعل يخبرها فَقَالَت: كَيفَ تصبرون على بردهَا قَالَ: يَا أم الْمُؤمنِينَ إِنَّهُم يشربون شرابًا لَهُم يُقَال لَهُ الطلا قَالَت: صدق الله وَبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمعته يَقُول إِن نَاسا من أمتِي يشربون الْخمر يسمونها بِغَيْر اسْمهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَعَثَنِي الله رَحْمَة وَهدى للْعَالمين وبعثني بمحق المعازف والمزامير وَأمر الْجَاهِلِيَّة ثمَّ قَالَ: من شرب خمرًا فِي الدُّنْيَا سقَاهُ الله كَمَا شرب مِنْهُ من حميم جَهَنَّم معذب بعد أَو مغْفُور لَهُ وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله بَعَثَنِي رَحْمَة وَهدى للْعَالمين بَعَثَنِي لأمحق المعازف والمزامير وَأمر الْجَاهِلِيَّة والأوثان وَحلف رَبِّي عز وَجل بعزته لَا يشرب الْخمر أحد فِي الدُّنْيَا إِلَّا سقَاهُ الله مثلهَا من الْحَمِيم يَوْم الْقِيَامَة مغْفُور لَهُ أَو معذب وَلَا يَدعهَا أحد فِي الدُّنْيَا إِلَّا سقيته إِيَّاهَا فِي حَظِيرَة الْقُدس حَتَّى تقنع نَفسه وَأخرج الْحَاكِم عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حَلَفت على مَعْصِيّة فدعها واقذف ضغائن الْجَاهِلِيَّة تَحت قدمك وَإِيَّاك وَشرب الْخمر فَإِن الله لم يقدس شاربها وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب ذمّ الملاهي عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكون فِي أمتِي خسف وَقذف ومسخ قيل: يارسول الله مَتى قَالَ: إِذا ظَهرت المعازف والقينات واستحلت الْخمر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكون فِي أمتِي وَقذف ومسخ وَخسف قيل: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَتى ذَلِك قَالَ: إِذا ظَهرت المعازف وَكَثُرت الْقَيْنَات وشربت الْخمر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكون فِي أمتِي خسف ومسخ وَقذف قلت: يَا رَسُول الله وهم يَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ: إِذا ظَهرت القيان وَظهر الزِّنَا وَشرب الْخمر وَلبس الْحَرِير كَانَ ذَا عِنْد ذَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عملت أمتِي خمس عشرَة خصْلَة حل بهَا الْبلَاء قيل: وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ: إِذا كَانَ الْمغنم دولاً وَالْأَمَانَة مغنماً وَالزَّكَاة مغرماً وأطاع

الرجل زَوجته وعقَّ أمه وبرَّ صديقه وجفا أَبَاهُ وَارْتَفَعت الْأَصْوَات فِي الْمَسَاجِد وَكَانَ زعيم الْقَوْم أرذلهم وَأكْرم الرجل مَخَافَة شَره وشربت الْخُمُور وَلبس الْحَرِير وَاتَّخذُوا القيان وَالْمَعَازِف وَلعن آخر هَذِه الْأمة أَولهَا فليرتقبوا عِنْد ذَلِك ثَلَاثًا: ريحًا حَمْرَاء وخسفاً ومسخاً وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَليّ بن أبي طَالب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تمسخ طَائِفَة من أمتِي قردة وَطَائِفَة خنازير ويخسف بطَائفَة وَيُرْسل على طَائِفَة الرّيح الْعَقِيم بِأَنَّهُم شربوا الْخمر ولبسوا الْحَرِير وَاتَّخذُوا القيان وضربوا بِالدُّفُوفِ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيَكُونن فِي هَذِه الْأمة خسف وَقذف ومسخ وَذَلِكَ إِذا شربوا الْخمر وَاتَّخذُوا الْقَيْنَات وضربوا بالمعازف وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسخ قوم من هَذِه الْأمة فِي آخر الزَّمَان قردة وَخَنَازِير قَالُوا: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ يشْهدُونَ أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله قَالَ: بلَى وَيَصُومُونَ وَيصلونَ ويحجون قَالَ: فَمَا بالهم قَالَ: اتَّخذُوا المعازف والدفوف والقينات فَبَاتُوا على شربهم ولهوهم فَأَصْبحُوا قد مسخوا قردة وَخَنَازِير وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكون فِي أمتِي خسف وَقذف ومسخ قَالُوا: مَتى ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: إِذا أظهرُوا المعازف وَاسْتَحَلُّوا الْخُمُور وَلبس الْحَرِير وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْغَازِي بن ربيعَة رفع الحَدِيث قَالَ ليمسخن قوم وهم على أريكتهم قردة وَخَنَازِير بشربهم الْخمر وضربهم بالبرابط والقيان وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن صَالح بن خَالِد رفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ليستحلن نَاس من أمتِي الْحَرِير وَالْخمر وَالْمَعَازِف وليأتين الله على أهل حاضرتهم بجبل عَظِيم حَتَّى ينبذه عَلَيْهِم ويمسخ آخَرُونَ قردة وَخَنَازِير وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليبيتن رجال على أكل وَشرب وعزف يُصْبِحُونَ على أرائكهم ممسوخين قردة وَخَنَازِير واخرج ابْن عدي وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَا تَنْقَضِي هَذِه الدُّنْيَا حَتَّى يَقع بهم الْخَسْف وَالْمَسْخ

وَالْقَذْف قَالُوا: وَمَتى ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: إِذا رَأَيْتُمْ النِّسَاء ركبن السُّرُوج وَكَثُرت المعازف وفشت شَهَادَات الزُّور وشربت الْخمر لَا يستخفى بِهِ وشربت المصلون فِي آنِية أهل الشّرك من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَاسْتغْنى النِّسَاء بِالنسَاء وَالرِّجَال بِالرِّجَالِ فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فاستدفروا واستعدوا وَاتَّقوا الْقَذْف من السَّمَاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اسْتعْملت أمتِي خمْسا فَعَلَيْهِم الدمار: إِذا ظهر فيهم التلاعن وَلبس الْحَرِير وَاتَّخذُوا الْقَيْنَات وَشَرِبُوا الْخمر وَاكْتفى الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يبيت قوم من هَذِه الْأمة على طعم وَشرب وَلَهو وَلعب فيصبحوا وَقد مسخوا قردة وَخَنَازِير وليصيبنهم خسف وَقذف حَتَّى يصبح النَّاس فَيَقُولُونَ: قد خسف اللَّيْلَة ببني فلَان وَخسف اللَّيْلَة بدار فلَان وليرسلن عَلَيْهِم حاصباً من السَّمَاء كَمَا أرْسلت على قوم لوط على قبائل فِيهَا وعَلى دور وليرسلن عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم الَّتِي أهلكت عاداً على قبائل فِيهَا وعَلى دور بشربهم الْخمر ولبسهم الْحَرِير واتخاذهم الْقَيْنَات وأكلهم الرِّبَا وقطيعتهم الرَّحِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماحه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ليشربن نَاس من أمتِي الْخمر يسمونها بِغَيْر اسْمهَا وتضرب على رؤوسهم المعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأَرْض وَيجْعَل مِنْهُم القردة والخنازير وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ وَأبي عُبَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذَا الْأَمر بَدَأَ رَحْمَة ونبوّة ثمَّ يكون رَحْمَة وَخِلَافَة ثمَّ كَائِن ملكا عَضُوضًا ثمَّ كَائِن عتواً وَجَبْرِيَّة وَفَسَادًا فِي الأَرْض يسْتَحلُّونَ الْحَرِير وَالْخُمُور والفروج يرْزقُونَ على ذَلِك وينصرون حَتَّى يلْقوا الله عز وَجل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حبس الْعِنَب أَيَّام قطافه حَتَّى يَبِيعهُ من يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَو مِمَّن يعلم أَنه يتَّخذ خمرًا فقد تقدم فِي النَّار على بَصِيرَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ يكره أَن تسقى الْبَهَائِم الْخمر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة: أَنَّهَا كَانَت تنْهى النِّسَاء أَن يمتشطن بِالْخمرِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن مُعَاوِيَة ابْن أبي سُفْيَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من شرب الْخمر فاجلدوه قَالَهَا ثَلَاثًا فَإِن شربهَا الرَّابِعَة فَاقْتُلُوهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بَعثه إِلَى الْيمن سَأَلَهُ قَالَ: إِن قومِي يصنعون شرابًا من الذّرة يُقَال لَهُ المزر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أيسكر قَالَ: نعم قَالَ: فانههم عَنهُ قَالَ: نهيتهم وَلم ينْتَهوا قَالَ: فَمن لم ينتهِ فِي الثَّالِثَة مِنْهُم فاقتله وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر فَاضْرِبُوهُ ثمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة: من شرب الْخمر فَاقْتُلُوهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا شربوا فَاجْلِدُوهُمْ قَالَهَا ثَلَاثًا فَإِذا شربوا الرَّابِعَة فاقتلوهم قَالَ معمر: فَذكرت ذَلِك لِابْنِ الْمُنْكَدر فَقَالَ: قد ترك الْقَتْل قد أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِابْن النعيمان فجلده ثمَّ أَتَى بِهِ فجلده ثمَّ أَتَى بِهِ فجلده ثمَّ أَتَى بِهِ فجلده الرَّابِعَة أَو أَكثر وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا شربوا فَاجْلِدُوهُمْ ثمَّ إِذا شربوا فَاجْلِدُوهُمْ ثمَّ إِذا شربوا فاقتلوهم ثمَّ قَالَ: إِن الله قد وضع عَنْهُم الْقَتْل فَإِذا شربوا فَاجْلِدُوهُمْ ثمَّ إِذا شربوا فَاجْلِدُوهُمْ ذكرهَا أَربع مَرَّات وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَمْرو بن دِينَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من شرب الْخمر فحدُّوه فَإِن شرب الثَّانِيَة فحدُّوه فَإِن شرب الرَّابِعَة فَاقْتُلُوهُ قَالَ: فَأتى بِابْن النعيمان قد شرب فَضرب بالنعال وَالْأَيْدِي ثمَّ أَتَى بِهِ الثَّانِيَة فَكَذَلِك ثمَّ أَتَى بِهِ الرَّابِعَة فحدَّه وَوضع الْقَتْل وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضرب رجلا فِي الْخمر أَربع مَرَّات ثمَّ أَن عمر بن خطاب ضرب أَبَا محجن الثَّقَفِيّ فِي الْخمر ثَمَان مَرَّات وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الرمد البلوي أَن رجلا مِنْهُم شرب الْخمر فَأتوا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضَربهُ ثمَّ شرب الثَّانِيَة فَأتوا بِهِ فَضَربهُ فَمَا أَدْرِي قَالَ فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة فَجعل على الْعجل فَضربت عُنُقه

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يدْخل الْجنَّة عَاق وَلَا منان وَلَا مدمن خمر قَالَ ابْن عَبَّاس: فذهبنا نَنْظُر فِي كتاب الله فَإِذا هم فِيهِ فِي العاقّ {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم} مُحَمَّد الْآيَة 82 إِلَى آخر الْآيَة وَفِي المنان {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى} الْبَقَرَة الْآيَة 262 وَفِي الْخمر {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} إِلَى قَوْله {من عمل الشَّيْطَان} وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن الديلمي قَالَ وفدت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله إِنَّا نصْنَع طَعَاما وَشَرَابًا فنطعمه بني عمنَا فَقَالَ: هَل يسكر قلت: نعم فَقَالَ: حرَام فَلَمَّا كَانَ عِنْد توديعي إِيَّاه ذكرته لَهُ فَقلت: يَا نَبِي الله إِنَّهُم لن يصبروا عَنهُ قَالَ: فَمن لم يصبر عَنهُ فاضربوا عُنُقه وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن شُرَحْبِيل بن أَوْس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر فاجلدوه فَإِن عَاد فاجلدوه فَإِن عَاد فاجلدوه فَإِن عَاد فَاقْتُلُوهُ وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان أَن نَاسا من أهل الْيمن قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعلمهم الصَّلَاة وَالسّنَن والفرائض ثمَّ قَالُوا: يَا رَسُول الله إِن لنا شرابًا نصنعه من التَّمْر وَالشعِير فَقَالَ: الغبيراء قَالُوا: نعم قَالَ: لَا تطعموه قَالُوا: فَإِنَّهُم لَا يدعونها قَالَ: من لم يَتْرُكهَا فاضربوا عُنُقه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الَّذين يشربون الْخمر وَقد حرم الله عَلَيْهِم لَا يسقونها فِي حَظِيرَة الْقُدس وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر قَالَ من شرب الْخمر لم يقبل الله مِنْهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحاً فَإِن مَاتَ فِي الْأَرْبَعين دخل النَّار وَلم ينظر الله إِلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يلقى الله شَارِب الْخمر يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ سَكرَان فَيَقُول: وَيلك مَا شربت فَيَقُول: الْخمر قَالَ: أَو لم أحرمهَا عَلَيْك فَيَقُول: بلَى فَيُؤْمَر بِهِ إِلَى النَّار

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليبيتن أنَاس من أمتِي على أشر وبطر وَلعب وَلَهو فيصبحوا قردة وَخَنَازِير باستحلالهم الْمَحَارِم واتخاذهم الْقَيْنَات وشربهم الْخمر وبأكلهم الرِّبَا ولبسهم الْحَرِير وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِنَّه فِي الْكتاب مَكْتُوب: أَن خَطِيئَة الْخمر تعلو الْخَطَايَا كَمَا تعلو شجرتها الشّجر وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مَسْرُوق بن الأجدع قَالَ: شَارِب الْخمر كعابد الوثن وشارب الْخمر كعابد اللات والعزى وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جُبَير قَالَ: من شرب مُسكرا لم يقبل الله مِنْهُ مَا كَانَت فِي مثانته مِنْهُ قَطْرَة فَإِن مَاتَ مِنْهَا كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال وَهِي صديد أهل النَّار وقيحهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي ذَر قَالَ: من شرب مُسكرا من الشَّرَاب فَهُوَ رِجْس ورجس صلَاته أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن شرب أَيْضا فَهُوَ رِجْس ورجس صلَاته أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَإِن عَاد لَهَا قَالَ: فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبان رفع الحَدِيث قَالَ: إِن الْخَبَائِث جعلت فِي بَيت فأغلق عَلَيْهَا وَجعل مفتاحها الْخمر فَمن شرب الْخمر وَقع بالخبائث وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: إِن الْخمر مِفْتَاح كل شَرّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُحَمَّد الْمُنْكَدر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر صباحاً كَانَ كالمشرك بِاللَّه حَتَّى يُمْسِي وَكَذَلِكَ إِن شربهَا لَيْلًا كَانَ كالمشرك بِاللَّه حَتَّى يصبح وَمن شربهَا حَتَّى يسكر لم يقبل الله لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحاً وَمن مَاتَ وَفِي عروقه مِنْهَا شَيْء مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلف الله بعزته وَقدرته لَا يشرب عبد مُسلم شربة من خمر إِلَّا سقيته بِمَا انتهك مِنْهَا من الْحَمِيم معذب بعد أَو مغْفُور لَهُ وَلَا يَتْرُكهَا وهوعليها قَادر ابْتِغَاء مرضاتي إِلَّا سقيته مِنْهَا فأرويته فِي حَظِيرَة الْقُدس وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة

شَارِب الْخمر مسوداً وَجهه مزرقَّة عَيناهُ مائلاً شقَّه أَو قَالَ: شدقه مدلياً لِسَانه يسيل لعابه على صَدره يقذره كل من يرَاهُ وَأخرج أَحْمد عَن قيس بن سعد بن عبَادَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من شرب الْخمر أَتَى عطشان يَوْم الْقِيَامَة أَلا وكل مُسكر خمر وَإِيَّاكُم والغبيراء وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شرب الْخمر لم يقبل الله لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ وَإِن عَاد كَانَ مثل ذَلِك فَمَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَة أم فِي الرَّابِعَة قَالَ: فَإِن عَاد كَانَ حتما على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا طِينَة الخبال قَالَ: عصارة أهل النَّار وَأخرج ابْن أبي سعد وَابْن أبي شيبَة عَن خلدَة بنت طلق قَالَت: قَالَ لنا أبي: جلسنا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء صحار فَسَأَلَهُ مَا ترى فِي شراب نصنعه من ثمارنا قَالَ: تَسْأَلنِي عَن الْمُسكر لَا تشربه وَلَا تسقه أَخَاك فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا شربه رجل قطّ ابْتِغَاء لَذَّة سكر فيسقيه الله الْخمر يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد عَن أَسمَاء بنت يزِيد أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من شرب الْخمر لم يرضَ الله عَنهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن مَاتَ مَاتَ كَافِرًا وَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ وَإِن عَاد كَانَ حَقًا على الله أَن يسْقِيه من طِينَة الخبال قلت: يَا رَسُول الله وَمَا طِينَة الخبال قَالَ: صديد أهل النَّار وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ الريب من الْكفْر وَالنوح عمل الْجَاهِلِيَّة وَالشعر من أَمر إِبْلِيس والغلول جمر من جَهَنَّم وَالْخمر جَامع كل إِثْم والشباب شُعْبَة من الْجُنُون وَالنِّسَاء حبائل الشَّيْطَان وَالْكبر شَرّ من الشَّرّ وَشر المآكل مَال الْيَتِيم وَشر المكاسب الرِّبَا والسعيد من وعظ بِغَيْرِهِ والشقي من شقي فِي بطن أمه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عليّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لم يزل جِبْرِيل ينهاني عَن عبَادَة الْأَوْثَان وَشرب الْخمر وملاحاة الرِّجَال وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَ فِي أول مَا نهاني عَنهُ رَبِّي وعهد إليَّ بعد عبَادَة الْأَوْثَان وَشرب الْخمر لملاحاة الرِّجَال وَالله تَعَالَى أعلم

94

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ليبلونكم الله بِشَيْء من الصَّيْد تناله أَيْدِيكُم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بِالْغَيْبِ فَمن اعْتدى بعد ذَلِك فَلهُ عَذَاب أَلِيم - أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ليبلونكم الله بِشَيْء من الصَّيْد تناله أَيْدِيكُم ورماحكم} قَالَ: هُوَ الضَّعِيف من الصَّيْد وصغيره يَبْتَلِي الله بِهِ عباده فِي إحرامهم حَتَّى لَو شاؤوا تناولوه بِأَيْدِيهِم فنهاهم الله أَن يقربوه فَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا قَالَ: إِن قَتله مُتَعَمدا أَو نَاسِيا أَو خطأ حكم عَلَيْهِ فَإِن عَاد مُتَعَمدا عجلت لَهُ الْعقُوبَة إِلَّا أَن يعْفُو الله عَنهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ليبلونكم الله بِشَيْء من الصَّيْد تناله أَيْدِيكُم ورماحكم} قَالَ: النبل وَالرمْح ينَال كبار الصَّيْد وأيديهم تنَال صغَار الصَّيْد أَخذ الفروخ وَالْبيض وَفِي لفظ: أَيْدِيكُم أخذكم إياهن بِأَيْدِيكُمْ من بيضهن وفراخهن ورماحكم مَا رميت أَو طعنت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {ليبلونكم الله بِشَيْء من الصَّيْد} قَالَ: مَا لَا يَسْتَطِيع أَن يَرْمِي من الصَّيْد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي عمْرَة الْحُدَيْبِيَة فَكَانَت الْوَحْش وَالطير وَالصَّيْد يَغْشَاهُم فِي رحالهم لم يرَوا مثله قطّ فِيمَا خلا فنهاهم الله عَن قَتله وهم محرمون {ليعلم الله من يخافه بِالْغَيْبِ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طرق قيس بن سعد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول فِي قَوْله: {فَمن اعْتدى بعد ذَلِك فَلهُ عَذَاب أَلِيم} : أَن يُوسع ظَهره وبطنه جلدا ويسلب ثِيَابه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ إِذا مَا أَخذ شَيْئا من الصَّيْد أَو قَتله جلد مائَة ثمَّ نزل الحكم بعد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يمْلَأ بَطْنه وظهره إِن عَاد لقتل الصَّيْد مُتَعَمدا وَكَذَلِكَ صنع بِأَهْل وَج أهل وَاد بِالطَّائِف قَالَ ابْن

عَبَّاس: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا أحدث الرجل حَدثا أَو قتل صيدا ضرب ضربا شَدِيدا وسلب ثِيَابه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {فَمن اعْتدى بعد ذَلِك فَلهُ عَذَاب أَلِيم} قَالَ: هِيَ وَالله مُوجبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد مثله

95

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم وَمن قَتلهمْ مِنْكُم مُتَعَمدا فجزاء مثل مَا قتل من النعم يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم هَديا بَالغ الْكَعْبَة أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين أَو عدل ذَلِك صياما ليذوق وبال أمره عَفا الله عَمَّا سلف وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ وَالله عَزِيز ذُو انتقام - أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم} فَنهى الْمحرم عَن قَتله فِي هَذِه الْآيَة وَأكله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم} قَالَ: حرم صَيْده هَهُنَا وَأكله هَهُنَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا} قَالَ: إِن قَتله مُتَعَمدا أَو نَاسِيا أوخطأ حكم عَلَيْهِ فَإِن عَاد مُتَعَمدا عجلت لَهُ الْعقُوبَة إِلَّا أَن يعْفُو الله عَنهُ وَفِي قَوْله {فجزاء مثل مَا قتل من النعم} قَالَ: إِذا قتل الْمحرم شَيْئا من الصَّيْد حكم عَلَيْهِ فِيهِ فَإِن قتل ظَبْيًا أَو نَحوه فَعَلَيهِ شَاة تذبح بِمَكَّة فَإِن لم يجد فإطعام سِتَّة مَسَاكِين فَإِن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن قتل إبِلا وَنَحْوه فَعَلَيهِ بقرة فَإِن لم يجدهَا أطْعم عشْرين مِسْكينا فَإِن لم يجد صَامَ عشْرين يَوْمًا وَإِن قتل نعَامَة أَو حمَار وَحش أَو نَحوه فَعَلَيهِ بَدَنَة من الْإِبِل فَإِن لم يجد أطْعم ثَلَاثِينَ مِسْكينا فَإِن لم يجد صَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَالطَّعَام مدٌّ مدٌّ يشبعهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الحكم أَن عمر كتب أَن يحكم عَلَيْهِ فِي الْخَطَأ والعمد

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: يحكم عَلَيْهِ فِي الْعمد وَالْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا} قَالَ: متعمد القتلة نَاسِيا لإحرامه فَذَلِك الَّذِي يحكم عَلَيْهِ فَإِن قَتله ذَاكِرًا لإحرامه متعمد القتلة لم يحكم عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الَّذِي يقتل الصَّيْد مُتَعَمدا وَهُوَ يعلم أَنه محرم ومتعمد قَتله قَالَ: لَا يحكم عَلَيْهِ وَلَا حج لَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: الْعمد هُوَ الْخَطَأ الْمُكَفّر أَن يُصِيب الصَّيْد وَهُوَ يُرِيد غَيره فَيُصِيبهُ وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا} للصَّيْد نَاسِيا لإحرامه فَمن اعْتدى بعد ذَلِك مُتَعَمدا للصَّيْد يذكر إِحْرَامه لم يحكم عَلَيْهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا} قَالَ: إِذا كَانَ نَاسِيا لإحرامه وَقتل الصَّيْد مُتَعَمدا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: من قَتله مُتَعَمدا لقَتله نَاسِيا لإحرامه فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَمن قَتله مُتَعَمدا لقَتله غير نَاس لإحرامه فَذَاك إِلَى الله إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ غفر لَهُ وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: من قَتله مُتَعَمدا غير نَاس لإحرامه وَلَا يُرِيد غَيره فقد حل وَلَيْسَت لَهُ رخصَة وَمن قَتله نَاسِيا لإحرامه أَو أَرَادَ غَيره فَأَخْطَأَ بِهِ فَذَلِك الْعمد الْمُكَفّر وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء {وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا} فَمن قَتله خطأ يغرم وَإِنَّمَا جعل الْغرم على من قَتله مُتَعَمدا قَالَ: نعم تعظم بذلك حرمات الله وَمَضَت بذلك السّنَن وَلِئَلَّا يدْخل النَّاس فِي ذَلِك وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: رَأَيْت النَّاس أَجْمَعِينَ يغرمون فِي الْخَطَأ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير

قَالَ: إِنَّمَا كَانَت الْكَفَّارَة فِيمَن قتل الصَّيْد مُتَعَمدا وَلَكِن غلظ عَلَيْهِم فِي الْخَطَأ كي يتقوا وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: نزل الْقُرْآن بالعمد وَجَرت السّنة فِي الْخَطَأ يَعْنِي فِي الْمحرم يُصِيب الصَّيْد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: يحكم عَلَيْهِ فِي الْعمد وَفِي الْخَطَأ وَمِنْه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أصَاب الْمحرم الصَّيْد فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي الْمحرم إِذا أمات صيدا خطأ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن أصَاب مُتَعَمدا فَعَلَيهِ الْجَزَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس قَالَ: لَا يحكم على من أصَاب صيدا خطأ إِنَّمَا يحكم من أَصَابَهُ عمدا وَالله مَا قَالَ الله إِلَّا {وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فجزاء مثل مَا قتل من النعم} قَالَ: إِذا أصَاب الْمحرم الصَّيْد يحكم عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ من النعم فَإِن وجد جَزَاؤُهُ ذبحه وتصدَّق بِلَحْمِهِ وَإِن لم يجد جَزَاؤُهُ قوم الْجَزَاء دَرَاهِم ثمَّ قومت الدَّرَاهِم حِنْطَة ثمَّ صَامَ مَكَان كل نصف صَاع يَوْمًا قَالَ {أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين أَو عدل ذَلِك صياما} وَإِنَّمَا أُرِيد بِالطَّعَامِ الصّيام أَنه إِذا وجد الطَّعَام وجد جَزَاؤُهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي الرجل يُصِيب الصَّيْد وَهُوَ محرم قَالَ: يحكم عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ فَإِن لم يجد قَالَ: يحكم عَلَيْهِ ثمنه فقوّم طَعَاما فَتصدق بِهِ فَإِن لم يجد حكم عَلَيْهِ الصّيام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله {فجزاء مثل} قَالَ: شبهه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ {فجزاء مثل مَا قتل من النعم} قَالَ: نده وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: سَأَلَ مَرْوَان بن الحكم ابْن عَبَّاس وَهُوَ بوادي الْأَزْرَق قَالَ: أَرَأَيْت مَا أصبْنَا من الصَّيْد لم نجد لَهُ ندا فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ثمنه يهدى إِلَى مَكَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: عَلَيْهِ من النعم مثله وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِن قتل نعَامَة أَو حمارا فَعَلَيهِ بَدَنَة وَإِن قتل بقرة أَو أيلاً أَو أروى فَعَلَيهِ بقرة أَو قتل غزالاً أَو أرنباً فَعَلَيهِ شَاة وَإِن قتل ظَبْيًا أَو جَريا أَو يربوعاً فَعَلَيهِ سخلة قد أكلت العشب وشربت اللَّبن وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء أَنه سُئِلَ: أيغرم فِي صَغِير الصَّيْد كَمَا يغرم فِي كبيره قَالَ: أَلَيْسَ يَقُول الله {فجزاء مثل مَا قتل} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {فجزاء مثل مَا قتل} قَالَ: مَا كَانَ لَهُ مثل يُشبههُ فَهُوَ جَزَاؤُهُ قَضَاؤُهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حبَان فِي قَوْله {فجزاء مثل مَا قتل} قَالَ: فَمَا كَانَ من صيد الْبر مِمَّا لَيْسَ لَهُ قرن الْحمار والنعامة فَجَزَاؤُهُ من الْبدن وَمَا كَانَ من صيد الْبر ذَوَات الْقُرُون فَجَزَاؤُهُ من الْبَقر وَمَا كَانَ من الظباء فَفِيهِ من الْغنم والأرنب فِيهِ ثنية من الْغنم واليربوع فِيهِ برق وَهُوَ الْحمل وَمَا كَانَ من حمامة أونحوها من الطير فَفِيهَا شَاة وَمَا كَانَ من جَرَادَة أونحوها فَفِيهَا قَبْضَة من طَعَام وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: أَرَأَيْت إِن قتلت صيدا فَإِذا هُوَ أَعور أَو أعرج أَو مَنْقُوص أغرم مثله قَالَ: نعم إِن شِئْت قَالَ عَطاء: وَإِن قتلت ولد بقرة وحشية فَفِيهِ ولد بقرة إنسية مثله فَكل ذَلِك على ذَلِك وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم فِي قَوْله {فجزاء مثل مَا قتل من النعم} قَالَ: مَا كَانَ من صيد الْبر مِمَّا لَيْسَ لَهُ قرن الْحمار أَو النعامة فَعَلَيهِ مثله من الْإِبِل وَمَا كَانَ ذَا قرن من صيد الْبر من وعل أَو إبل فَجَزَاؤُهُ من الْبَقر وَمَا كَانَ من ظَبْي فَمن الْغنم مثله وَمَا كَانَ من أرنب فَفِيهَا ثنية وَمَا كَانَ من يَرْبُوع وَشبهه فَفِيهِ حمل صَغِير وَمَا كَانَ من جَرَادَة أَو نَحْوهَا فَفِيهَا قَبْضَة من طَعَام وَمَا كَانَ من طير الْبر فَفِيهِ أَن يقوم وَيتَصَدَّق بِثمنِهِ وَإِن شَاءَ صَامَ لكل نصف صَاع يَوْمًا وَإِن أصَاب فرخ طير بَريَّة أَو بيضها فَالْقيمَة فِيهَا طَعَام أوصوم على الَّذِي يكون فِي الطير وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الضبع صيد فَإِذا أَصَابَهُ الْمحرم فَفِيهِ جَزَاء كَبْش مسن وتؤكل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء أَن عمر وَعُثْمَان وَزيد بن ثَابت وَابْن عَبَّاس وَمُعَاوِيَة قَالُوا: فِي النعامة بَدَنَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر أَن عمر قضى فِي الأرنب جفرة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء وَطَاوُس وَمُجاهد أَنهم قَالُوا: فِي الْحمار بقرة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة قَالَ: إِذا أصَاب الْمحرم بقرة الْوَحْش فَفِيهَا جزور وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء أَن رجلا أغلق بَابه على حمامة وفرخيها ثمَّ انْطلق إِلَى عَرَفَات وَمنى فَرجع وَقد مَاتَت فَأتى ابْن عمر فَذكر ذَلِك لَهُ فَجعل عَلَيْهِ ثَلَاثَة من الْغنم وَحكم مَعَه رجل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي طير الْحرم شَاة شَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: أول من فدى طير الْحرم بِشَاة عُثْمَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: فِي الْجَرَاد قَبْضَة من طَعَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: تَمْرَة خير من جَرَادَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْقَاسِم قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الْمحرم يصيد الجرادة فَقَالَ: تَمْرَة خير من جَرَادَة وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: مَا أصَاب الْمحرم من شَيْء حكم فِيهِ قِيمَته وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي بَيْضَة النعام صِيَام يَوْم أَو إطْعَام مِسْكين وَأخرج الشَّافِعِي عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَابْن مَسْعُود مَوْقُوفا مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة وَأحمد عَن رجل من الْأَنْصَار أَن رجلا أوطأ بعيره ادحي نعَامَة فَكسر بيضها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْك بِكُل بَيْضَة صَوْم يَوْم أَو إطْعَام مِسْكين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن ذكْوَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن رجل محرم أصَاب بيض نعام قَالَ: عَلَيْهِ فِي كل بَيْضَة صِيَام يَوْم أَو إطْعَام مِسْكين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الزِّنَاد عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي المهزم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي بيض النعام ثمنه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر قَالَ: فِي بيض النعام قِيمَته وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: فِي بيض النعام قِيمَته وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي كل بيضتين دِرْهَم وَفِي كل بَيْضَة نصف دِرْهَم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن قبيصَة بن جَابر قَالَ: حجَجنَا زمن عمر فَرَأَيْنَا ظَبْيًا فَقَالَ أَحَدنَا لصَاحبه: أَترَانِي أبلغه فَرمى بِحجر فَمَا أَخطَأ خششاه فَقتله فأتينا عمر بن الْخطاب فَسَأَلْنَاهُ عَن ذَلِك وَإِذا إِلَى جنبه رجل يَعْنِي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَالْتَفت إِلَيْهِ فَكَلمهُ ثمَّ أقبل على صاحبنا فَقَالَ: أعمدا قَتله أم خطأ قَالَ الرجل: لقد تَعَمّدت رميه وَمَا أردْت قَتله قَالَ عمر: مَا أَرَاك إِلَّا قد أشركت بَين الْعمد وَالْخَطَأ اعمد إِلَى شَاة فاذبحها وَتصدق بلحمها وأسق إهابها يَعْنِي ادفعه إِلَى مِسْكين يَجعله سقاء فقمنا من عِنْده فَقلت لصاحبي: أَيهَا الرجل أعظم شَعَائِر الله الله مَا درى أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا يفتيك حَتَّى شاور صَاحبه اعمد إِلَى نَاقَتك فانحرها فَلَعَلَّ ذَلِك قَالَ قبيصَة: وَمَا أذكر الْآيَة فِي سُورَة الْمَائِدَة {يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم} قَالَ: فَبلغ عمر مَقَالَتي فَلم يفجأنا إِلَّا وَمَعَهُ الدرة فعلا صَاحِبي ضربا بهَا وَهُوَ يَقُول: أقتلت الصَّيْد فِي الْحرم وسفهت الْفتيا ثمَّ أقبل عليَّ يضربني فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا أحل لَك مني شَيْئا مِمَّا حرم الله عَلَيْك قَالَ: يَا قبيصَة إِنِّي أَرَاك شَابًّا حَدِيث السن فصيح اللِّسَان فسيح الصَّدْر وَإنَّهُ قد يكون فِي الرجل تِسْعَة أَخْلَاق صَالِحَة وَخلق سيء فيغلب خلقه السيء أخلاقه الصَّالِحَة فإياك وعثرات الشَّبَاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان أَن أَعْرَابِيًا أَتَى أَبَا بكر فَقَالَ: قتلت صيدا وَأَنا محرم فَمَا ترى عليَّ من الْجَزَاء فَقَالَ أَبُو بكر لأبي بن كَعْب وهوجالس عِنْده: مَا ترى فِيهَا فَقَالَ الْأَعرَابِي: أَتَيْتُك وَأَنت خَليفَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَسأَلك فَإِذا أَنْت تسْأَل غَيْرك قَالَ أَبُو بكر: فَمَا تنكر يَقُول الله {يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم} فشاورت صَاحِبي حَتَّى إِذا اتفقنا على أَمر أمرناك بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: كَانَ رجلَانِ من الْأَعْرَاب محرمان فأجاش أَحدهمَا ظَبْيًا فَقتله الآخر فَأتيَا عمر وَعِنْده عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ لَهُ عمر: مَا ترى قَالَ: شَاة قَالَ: وَأَنا أرى ذَلِك

اذْهَبَا فاهديا شَاة فَلَمَّا مضيا قَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: مَا درى أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا يَقُول حَتَّى سَأَلَ صَاحبه فَسَمعَهَا عمر فردهما وَأَقْبل على الْقَائِل ضربا بِالدرةِ وَقَالَ: تقتل الصَّيْد وَأَنت محرم وَتَغْمِص الْفتيا إِن الله يَقُول {يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم} ثمَّ قَالَ: إِن الله لم يرض بعمر وَحده فاستعنت بصاحبي هَذَا وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: أوطأ أَرْبَد ظَبْيًا فَقتله وَهُوَ محرم فَأتى عمر ليحكم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عمر: احكم معي فحكما فِيهِ جدياً قد جمع المَاء وَالشَّجر ثمَّ قَالَ عمر {يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مجلز: أَن رجلا سَأَلَ ابْن عمر عَن رجل أصَاب صيدا وهومحرم وَعِنْده عبد الله بن صَفْوَان فَقَالَ ابْن عمر لَهُ: إِمَّا أَن تَقول فأصدقك أَو أَقُول فتصدقني فَقَالَ ابْن صَفْوَان: بل أَنْت فَقل فَقَالَ ابْن عمر وَوَافَقَهُ على ذَلِك عبد الله بن صَفْوَان وَأخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي حريز البَجلِيّ قَالَ: أصبت ظَبْيًا وَأَنا محرم فَذكرت ذَلِك لعمر فَقَالَ: ائْتِ رجلَيْنِ من إخوانك فليحكما عَلَيْك فَأتيت عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وسعداً فحكما عليَّ تَيْسًا أعفر وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن حبشِي قَالَ: سَمِعت رجلا سَأَلَ عبد الله بن عمر عَن رجل أصَاب ولد أرنب فَقَالَ: فِيهِ ولد مَاعِز فِيمَا أرى أَنا ثمَّ قَالَ لي: أكذاك فَقلت: أَنْت أعلم مني فَقَالَ: قَالَ الله {يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مليكَة قَالَ: سُئِلَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن محرم قتل سخلة فِي الْحرم فَقَالَ لي: احكم فَقلت: أحكم وَأَنت هَهُنَا فَقَالَ: إِن الله يَقُول {يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة بن خَالِد قَالَ: لَا يصلح إِلَّا بحكمين لَا يَخْتَلِفَانِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ أَن رجلا سَأَلَ عليا عَن الْهَدْي ممَّ هُوَ قَالَ: من الثَّمَانِية الْأزْوَاج فَكَأَن الرجل شكّ فَقَالَ عَليّ: تقْرَأ الْقُرْآن فَكَأَن الرجل قَالَ نعم قَالَ: أفسمعت الله يَقُول {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَوْفوا بِالْعُقُودِ أحلّت لكم بَهِيمَة الْأَنْعَام} الْمَائِدَة الْآيَة 1 قَالَ: نعم قَالَ: وسمعته يَقُول {لِيذكرُوا اسْم الله على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام}

الْحَج الْآيَة 34 {وَمن الْأَنْعَام حمولة وفرشاً} الْأَنْعَام 142 فَكُلُوا من بَهِيمَة الْأَنْعَام قَالَ: نعم قَالَ: أفسمعته يَقُول {من الضَّأْن اثْنَيْنِ وَمن الْمعز اثْنَيْنِ} {وَمن الْإِبِل اثْنَيْنِ وَمن الْبَقر اثْنَيْنِ} الْأَنْعَام قَالَ: نعم قَالَ: أفسمعته يَقُول {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقتلُوا الصَّيْد وَأَنْتُم حرم} الْمَائِدَة الْآيَة 95 إِلَى قَوْله {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} قَالَ الرجل: نعم فَقَالَ: إِن قتلت ظَبْيًا فَمَا عَليّ قَالَ: شَاة قَالَ عَليّ: هَديا بَالغ الْكَعْبَة قَالَ الرجل: نعم فَقَالَ عَليّ: قد سَمَّاهُ الله بَالغ الْكَعْبَة كَمَا تسمع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر قَالَ: إِنَّمَا الْهَدْي ذَوَات الْجوف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} قَالَ: مَحَله مَكَّة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: الْهَدْي والنسك وَالطَّعَام بِمَكَّة وَالصَّوْم حَيْثُ شِئْت وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الحكم قَالَ: قيمَة الصَّيْد حَيْثُ أَصَابَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين} قَالَ: الْكَفَّارَة فِي قتل مَا دون الأرنب إطْعَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: من قتل الصَّيْد نَاسِيا أَو أَرَادَ غَيره فَأَخْطَأَ بِهِ فَذَلِك الْعمد الْمُكَفّر فَعَلَيهِ مثله {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} فَإِن لم يجد فَابْتَاعَ بِثمنِهِ طَعَاما فَإِن لم يجد صَامَ عَن كل مد يَوْمًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ لي الْحسن بن مُسلم: من أصَاب من الصَّيْد مَا يبلغ أَن يكون فِيهِ شَاة فَصَاعِدا فَذَلِك الَّذِي قَالَ الله {فجزاء مثل مَا قتل من النعم} وَأما {كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين} فَذَلِك الَّذِي لَا يبلغ أَن يكون فِيهِ هدي العصفور يقتل فَلَا يكون هدي قَالَ {أَو عدل ذَلِك صياما} عدل النعامة أَو عدل العصفور أَو عدل ذَلِك كُله قَالَ ابْن جريج: فَذكرت ذَلِك لعطاء فَقَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن أَو فلصاحبه أَن يخْتَار مَا شَاءَ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يَقُول: إِذا أصَاب الْمحرم شَيْئا من الصَّيْد عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ من النعم فَإِن لم يجد قوم الْجَزَاء دَرَاهِم ثمَّ قومت الدَّرَاهِم طَعَاما بِسعْر ذَلِك الْيَوْم فَتصدق بِهِ فَإِن لم يكن عِنْده طَعَام صَامَ مَكَان كل نصف صَاع يَوْمًا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء وَمُجاهد فِي قَوْله {أَو كَفَّارَة طَعَام مَسَاكِين أَو عدل ذَلِك صياما} قَالَا: هُوَ مَا يُصِيب الْمحرم من الصَّيْد لَا يبلغ أَن يكون فِيهِ الْهَدْي فَفِيهِ طَعَام قِيمَته وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: إِن أصَاب إِنْسَان محرم نعَامَة فَإِن لَهُ إِن كَانَ ذَا يسَار أَن يهدي مَا شَاءَ جزوراً أَو عدلها طَعَاما أَو عدلها صياما لَهُ ايتهن شَاءَ من أجل قَوْله عز وَجل فَجَزَاؤُهُ كَذَا قَالَ: فَكل شَيْء فِي الْقُرْآن أَو فليختر مِنْهُ صَاحبه مَا شَاءَ قلت لَهُ: أَرَأَيْت إِذا قدر على الطَّعَام أَلا يقدر على عدل الصَّيْد الَّذِي أصَاب قَالَ: ترخيص الله عَسى أَن يكون عِنْده طَعَام وَلَيْسَ عِنْده ثمن الْجَزُور وَهِي الرُّخْصَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي أَن عمر بن الْخطاب وَعُثْمَان بن عَفَّان وَعلي بن أبي طَالب وَابْن عَبَّاس وَزيد بن ثَابت وَمُعَاوِيَة قضوا فِيمَا كَانَ من هدي مِمَّا يقتل الْمحرم من صيد فِيهِ جَزَاء نظر إِلَى قيمَة ذَلِك فأطعم بِهِ الْمَسَاكِين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآن أَو فَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ وَمَا كَانَ فَمن لم يجد فَالْأول ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد وَالْحسن وَإِبْرَاهِيم وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ فِي محرم أصَاب صيدا بخراسان قَالَ: يكفر بِمَكَّة أَو بمنى ويقوِّم الطَّعَام بِسعْر الأَرْض الَّتِي يكفر بهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: مَا كَانَ من دم فبمكة وَمَا كَانَ من صَدَقَة أَو صَوْم حَيْثُ شَاءَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس وَعَطَاء مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: أَيْن يتَصَدَّق بِالطَّعَامِ قَالَ: بِمَكَّة من أجل أَنه بِمَنْزِلَة الْهَدْي

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: كَفَّارَة الْحَج بِمَكَّة وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: إِذا قدمت مَكَّة بجزاء صيد فانحره فَإِن الله يَقُول {هَديا بَالغ الْكَعْبَة} إِلَّا أَن تقدم فِي الْعشْر فيؤخر إِلَى يَوْم النَّحْر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: هَل لصيامه وَقت قَالَ: لَا إِذا شَاءَ وَحَيْثُ شَاءَ وتعجيله أحب إليَّ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: مَا عدل الطَّعَام من الصّيام قَالَ: لكل مد يَوْم يَأْخُذ زعم بصيام رَمَضَان وبالظهار وَزعم أَن ذَلِك رَأْي يرَاهُ وَلم يسمعهُ من أحد وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {أَو عدل ذَلِك صياما} قَالَ: يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام إِلَى عشرَة أَيَّام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا جعل الطَّعَام ليعلم بِهِ الصّيام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {ليذوق وبال أمره} قَالَ: عُقُوبَة أمره وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قتاد {ليذوق وبال أمره} قَالَ: عَاقِبَة عمله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ من طَرِيق نعيم بن قعنب عَن أبي ذَر {عَفا الله عَمَّا سلف} عَمَّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة {وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ} قَالَ: فِي الإِسلام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء {عَفا الله عَمَّا سلف} قَالَ: عَمَّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة {وَمن عَاد} قَالَ: من عَاد فِي الْإِسْلَام {فينتقم الله مِنْهُ} وَعَلِيهِ مَعَ ذَلِك الْكَفَّارَة قَالَ ابْن جريج: قلت لعطاء: فَعَلَيهِ من الآثام عُقُوبَة قَالَ: لَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي الَّذِي يُصِيب الصَّيْد وَهُوَ محرم يحكم عَلَيْهِ من وَاحِدَة فَإِن عَاد لم يحكم عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِك إِلَى الله إِن شَاءَ عاقبه وَإِن شَاءَ عَفا عَنهُ ثمَّ تَلا {وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ} وَلَفظ أبي الشَّيْخ: وَمن عَاد قيل لَهُ اذْهَبْ ينْتَقم الله مِنْك

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من قتل شَيْئا من الصَّيْد خطأ وهومحرم حكم عَلَيْهِ كلما قَتله وَمن قَتله مُتَعَمدا حكم عَلَيْهِ فِيهِ مرّة وَاحِدَة فَإِن عَاد يُقَال لَهُ: ينْتَقم الله مِنْك كَمَا قَالَ الله عز وَجل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ أَن رجلا أصَاب صيدا وَهُوَ محرم فَسَأَلَ شريحاً فَقَالَ: هَل أصبت قبل هَذَا شَيْئا قَالَ: لَا قَالَ: أما إِنَّك لَو فعلت لم أحكم عَلَيْك ولوكلتك إِلَى الله يكون هُوَ ينْتَقم مِنْك وَأخرج ابْن جرير وأبوالشيخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: رخص فِي قتل الصَّيْد مرّة فَإِن عَاد لم يَدعه الله حَتَّى ينْتَقم مِنْهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم فِي الَّذِي يقتل الصَّيْد ثمَّ يعود قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: من عَاد لَا يحكم عَلَيْهِ أمره إِلَى الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: يحكم عَلَيْهِ فِي الْعمد مرّة وَاحِدَة فَإِن عَاد لم يحكم عَلَيْهِ وَقيل لَهُ: اذْهَبْ ينْتَقم الله مِنْك وَيحكم عَلَيْهِ فِي الْخَطَأ أبدا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: يحكم عَلَيْهِ كلما عَاد وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كلما أصَاب الصَّيْد الْمحرم حكم عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق زيد أبي الْمُعَلَّى عَن الْحسن أَن رجلا أصَاب صيدا وَهُوَ محرم فَتجوز عَنهُ ثمَّ عَاد فَأصَاب صيدا آخر فَنزلت نَار من السَّمَاء فَأَحْرَقتهُ فَهُوَ قَوْله {وَمن عَاد فينتقم الله مِنْهُ} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجلا عَاد فَبعث الله عَلَيْهِ نَارا فأكلته وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليقْتل الْمحرم الْفَأْرَة وَالْعَقْرَب والحدأ والغراب وَالْكَلب الْعَقُور زَاد فِي رِوَايَة وَيقتل الْحَيَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول خمس فواسق فاقتلوهن فِي الْحرم: الحدأ والغراب وَالْكَلب والفأرة وَالْعَقْرَب

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر محرما أَن يقتل حَيَّة فِي الْحرم بمنى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يقتل الْمحرم الذِّئْب

96

- قَوْله تَعَالَى: أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه مَتَاعا لكم وللسيارة وَحرم عَلَيْكُم صيد الْبر مَا دمتم حرما وَاتَّقوا الله الَّذِي إِلَيْهِ تحشرون - أخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه مَتَاعا لكم} قَالَ: مَا لَفظه مَيتا فَهُوَ طَعَامه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا مثله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق قَتَادَة عَن أنس عَن أبي بكر الصّديق فِي الْآيَة قَالَ: صَيْده مَا حويت عَلَيْهِ وَطَعَامه مَا لفظ إِلَيْك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة أَن أَبَا بكر الصّديق قَالَ فِي قَوْله {أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه} قَالَ: صيد الْبَحْر مَا تصطاده أَيْدِينَا وَطَعَامه مَا لاثه الْبَحْر وَفِي لفظ: طَعَامه كل مَا فِيهِ وَفِي لفظ: طَعَامه ميتَته وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي الطُّفَيْل عَن أبي بكر الصّديق قَالَ فِي الْبَحْر: هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ الْحل ميتَته وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صيد الْبَحْر حَلَال وماؤه طهُور وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي الزبير عَن عبد الرَّحْمَن مولى بني مَخْزُوم قَالَ: مَا فِي الْبَحْر شَيْء إِلَّا قد ذكَّاه الله لكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خطب أَبُو بكر النَّاس فَقَالَ {أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه مَتَاعا لكم} قَالَ: وَطَعَامه مَا قذف بِهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قدمت الْبَحْرين فَسَأَلَنِي أهل الْبَحْرين عَمَّا يقذف الْبَحْر من السّمك فَقلت لَهُم: كلوا فَلَمَّا رجعت سَأَلت عمر بن الْخطاب عَن ذَلِك

فَقَالَ: بِمَ أفتيتهم قَالَ: أفتيتهم أَن يَأْكُلُوا قَالَ: لَو أفتيتهم بِغَيْر ذَلِك لعلوتك بِالدرةِ ثمَّ قَالَ {أحل لكم صيد الْبَحْر وَطَعَامه} فصيده مَا صيد مِنْهُ وَطَعَامه مَا قذف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صَيْده مَا صيد وَطَعَامه مَا لفظ بِهِ الْبَحْر وَفِي رِوَايَة مَا قذف بِهِ يَعْنِي مَيتا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طرق أُخْرَى عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: صَيْده الطري وَطَعَامه المالح للْمُسَافِر والمقيم وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن ثَابت قَالَ: صَيْده مَا اصطدت وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: مَا حسر عَنهُ فَكل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عمر قَالَ: صَيْده مَا اضْطربَ وَطَعَامه مَا قذف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {أحل لكم صيد الْبَحْر} يَعْنِي طَعَامه مالحه وَمَا حسر عَنهُ المَاء وَمَا قذفه فَهَذَا حَلَال لجَمِيع النَّاس محرم وَغَيره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن نَافِع أَن عبد الرَّحْمَن بن أبي هُرَيْرَة سَأَلَ ابْن عمر عَن حيتان أَلْقَاهَا الْبَحْر فَقَالَ ابْن عمر: أميتة هِيَ قَالَ: نعم فَنَهَاهُ فَلَمَّا رَجَعَ عبد الله إِلَى أَهله أَخذ الْمُصحف فَقَرَأَ سُورَة الْمَائِدَة فَأتى على هَذِه الْآيَة {وَطَعَامه مَتَاعا لكم} فَقَالَ: طَعَامه هُوَ الَّذِي أَلْقَاهُ فألحقه فمره يَأْكُلهُ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي أَيُّوب قَالَ: مَا لفظ الْبَحْر فَهُوَ طَعَامه وَإِن كَانَ مَيتا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: صَيْده مَا اصطدت طرياً وَطَعَامه مَا تزوّدت مملوحاً فِي سفرك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان قَالَ: مَا نعلمهُ حرم من صيد الْبَحْر شَيْئا غير الْكلاب

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون الْكرْدِي أَن ابْن عَبَّاس كَانَ رَاكِبًا فَمر عَلَيْهِ جَراد فَضَربهُ فَقيل لَهُ: قتلت صيدا وَأَنت محرم فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ من صيد الْبَحْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: قَالَ كَعْب الْأَحْبَار لعمر: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن هُوَ إِلَّا نثرة حوت يَنْثُرهُ فِي كل عَام مرَّتَيْنِ يَعْنِي الْجَرَاد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز فِي الْآيَة قَالَ: مَا كَانَ من صيد الْبَحْر يعِيش فِي الْبر وَالْبَحْر فَلَا يصيده وَمَا كَانَ حَيَاته فِي المَاء فَذَلِك لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة {مَتَاعا لكم} لمن كَانَ يحضرهُ الْبَحْر {وللسيارة} قَالَ: السّفر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {وَطَعَامه} قَالَ: حيتانه {مَتَاعا لكم} لأهل الْقرى {وللسيارة} أهل الْأَسْفَار وأجناس النَّاس كلهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن {وللسيارة} قَالَ: هم المحرمون وَأخرج الْفرْيَابِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {وللسيارة} قَالَ: الْمُسَافِر يتزوّد مِنْهُ وَيَأْكُل وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق طَاوس عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَحرم عَلَيْكُم صيد الْبر مَا دمتم حرما} قَالَ: هِيَ مُبْهمَة لَا يحل لَك أكل لحم الصَّيْد وَأَنت محرم وَلَفظ ابْن أبي حَاتِم قَالَ: هِيَ مُبْهمَة صَيْده وَأكله حرَام على الْمحرم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق قَالَ: قلت لمجاهد: فَإِنَّهُ صيد اصطيد بهمذان قبل أَن يحرم الرجل بأَرْبعَة أشهر فَقَالَ: لَا كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: هِيَ مُبْهمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحَارِث بن نَوْفَل قَالَ: حج عُثْمَان بن عَفَّان فَأتى بِلَحْم صيد صَاده حَلَال فَأكل مِنْهُ عُثْمَان وَلم يَأْكُل عَليّ فَقَالَ عُثْمَان: وَالله مَا صدنَا وَلَا أمرنَا وَلَا أَشَرنَا فَقَالَ عَليّ {وَحرم عَلَيْكُم صيد الْبر مَا دمتم حرما}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْحسن أَن عمر بن الْخطاب لم يكن يرى بَأْسا بِلَحْم الصَّيْد للْمحرمِ إِذا صيد لغيره وَكَرِهَهُ عَليّ بن أبي طَالب وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب إِن عليا كره لحم الصَّيْد للْمحرمِ على كل حَال وَأخرج عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عمر أَنه كَانَ لَا يَأْكُل الصَّيْد وَهُوَ محرم وَإِن صَاده الْحَلَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِسْمَاعِيل قَالَ: سَأَلت الشّعبِيّ عَنهُ فَقَالَ: قد اخْتلف فِيهِ فَلَا تَأْكُل مِنْهُ أحب إليَّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سُئِلَ عَن لحم صيد صَاده حَلَال أيأكله الْمحرم قَالَ: نعم ثمَّ لَقِي عمر بن الْخطاب فَأخْبرهُ فَقَالَ: لَو أَفْتيت بِغَيْر هَذَا لعلوتك بِالدرةِ إِنَّمَا نهيت أَن تصطاده وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَحرم عَلَيْكُم صيد الْبر مَا دمتم حرما} فَجعل الصَّيْد حَرَامًا على الْمحرم صَيْده وَأكله حَرَامًا وَإِن كَانَ الصَّيْد صيد قبل أَن يحرم الرجل فَهُوَ حَلَال وَإِن صَاده حرَام للْحَلَال فَلَا يحل أكله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان قَالَ كُنَّا مَعَ طَلْحَة بن عبيد الله وَنحن حرم فأهدي لنا طَائِر فمنا من أكل وَمنا من تورع فَلم يَأْكُل فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَة وَافق من أكل وَقَالَ: أكلناه مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اقرأها كَمَا تقرؤها فَإِن الله ختم الْآيَة بِحرَام قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي {وَحرم عَلَيْكُم صيد الْبر مَا دمتم حرما} يَقُول: فَهَذَا يَأْتِي مَعْنَاهُ على قَتله وعَلى أكل لَحْمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج حَاجا فَخَرجُوا مَعَه فصرف طَائِفَة مِنْهُم فيهم أَبُو قَتَادَة فَقَالَ: خُذُوا سَاحل الْبَحْر حَتَّى نَلْتَقِي فَأخذُوا سَاحل الْبَحْر فَلَمَّا انصرفوا أَحْرمُوا كلهم إِلَّا أَبُو قَتَادَة لم يحرم فَبَيْنَمَا هم يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حمر وَحش فَحمل أَبُو قَتَادَة على الْحمر فعقر مِنْهَا أَتَانَا فنزلوا فَأَكَلُوا من لَحمهَا فَقَالُوا: نَأْكُل لحم صيد وَنحن محرمون فحملنا مَا بَقِي من لَحمهَا فَلَمَّا أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا كُنَّا أحرمنا وَقد كَانَ أَبُو قَتَادَة

لم يحرم فَرَأَيْنَا حمر وَحش فَحمل عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَة فعقر مِنْهَا أَتَانَا فنزلنا فأكلنا من لَحمهَا ثمَّ قُلْنَا أنأكل لحم صيد وَنحن محرمون فحملنا مَا بَقِي من لَحمهَا قَالَ: أمنكم أحد أمره أَن يحمل عَلَيْهَا أَو أَشَارَ إِلَيْهَا قَالُوا: لَا قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِي من لَحمهَا وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحم صيد الْبر لكم حَلَال وَأَنْتُم حرم مَا لم تصيدوه أَو يصد لكم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ يَا زيد بن أَرقم أعلمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهدي لَهُ بيضات نعام وَهُوَ حرَام فردهن قَالَ: نعم وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حج أَو عمْرَة فَاسْتقْبلنَا رَحل جَراد فَجعلنَا نضربهن بعصينا وسياطنا فنقتلهن فأسقط فِي أَيْدِينَا فَقُلْنَا: مَا نصْنَع وَنحن محرمون فسألنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا بَأْس بصيد الْبَحْر وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: كل شَيْء عَاشَ فِي الْبر وَالْبَحْر فَأَصَابَهُ الْمحرم فَعَلَيهِ الْكَفَّارَة

97

- قَوْله تَعَالَى: جعل الله الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام قيَاما للنَّاس والشهر الْحَرَام وَالْهَدْي والقلائد ذَلِك لِتَعْلَمُوا أَن الله يعلم مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَإِن الله بِكُل شَيْء عليم - أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: إِنَّمَا سميت الْكَعْبَة لِأَنَّهَا مربعة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِنَّمَا سميت الْكَعْبَة لتربيعها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {جعل الله الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام قيَاما للنَّاس} قَالَ: قيَاما لدينهم ومعالم لحجهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: قِيَامهَا أَن يَأْمَن من توجه إِلَيْهَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {قيَاما للنَّاس} قَالَ: قواماً للنَّاس

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير {قيَاما للنَّاس} قَالَ: صلاحاً لدينهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير {قيَاما للنَّاس} قَالَ: شدَّة لدينهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير {قيَاما للنَّاس} قَالَ: عصمَة فِي أَمر دينهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ النَّاس كلهم فيهم مُلُوك يدْفع بَعضهم عَن بعض وَلم يكن فِي الْعَرَب مُلُوك يدْفع بَعضهم عَن بعض فَجعل الله لَهُم الْبَيْت الْحَرَام قيَاما يدْفع بَعضهم عَن بعض بِهِ {والشهر الْحَرَام} كَذَلِك يدْفع الله بَعضهم عَن بعض بِالْأَشْهرِ الْحرم والقلائد ويلقي الرجل قَاتل أَبِيه أَو ابْن عَمه فَلَا يعرض لَهُ وَهَذَا كُله قد نسخ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب قَالَ: جعل الله الْبَيْت الْحَرَام والشهر الْحَرَام قيَاما للنَّاس يأمنون بِهِ فِي الْجَاهِلِيَّة الأولى لَا يخَاف بَعضهم بَعْضًا حِين يلقونهم عِنْد الْبَيْت أَو فِي الْحرم أَو فِي الشَّهْر الْحَرَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {جعل الله الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام قيَاما للنَّاس والشهر الْحَرَام وَالْهَدْي والقلائد} قَالَ: حواجز أبقاها الله فِي الْجَاهِلِيَّة بَين النَّاس فَكَانَ الرجل لَو جر كل جريرة ثمَّ لَجأ الْحرم لم يتَنَاوَل وَلم يقرب وَكَانَ الرجل لَو لَقِي قَاتل أَبِيه فِي الشَّهْر الْحَرَام لم يعرض لَهُ وَلم يقربهُ وَكَانَ الرجل لَو لَقِي الْهَدْي مُقَلدًا وَهُوَ يَأْكُل العصب من الْجُوع لم يعرض لَهُ وَلم يقربهُ وَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ الْبَيْت تقلد قلادة من شعر فأحمته ومنعته من النَّاس وَكَانَ إِذا نفر تقلد قلادة من الْإِذْخر أَو من السمر فمنعته من النَّاس حَتَّى يَأْتِي أَهله حواجز أبقاها الله بَين النَّاس فِي الْجَاهِلِيَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {جعل الله الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام قيَاما للنَّاس} قَالَ: لَا يزَال النَّاس على دين مَا حجُّوا الْبَيْت واستقبلوا الْقبْلَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: جعل الله هَذِه الْأَرْبَعَة قيَاما للنَّاس هِيَ قوام أَمرهم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده فِي قَوْله {قيَاما للنَّاس} قَالَ: تعظيمهم إِيَّاهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل بن حَيَّان {قيَاما للنَّاس} يَقُول: قواماً علما لقبلتهم وَأمنا هم فِيهِ آمنون وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم {قيَاما للنَّاس} قَالَ: أمنا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن مُسلم بن هُرْمُز قَالَ: حَدثنِي من أصدق قَالَ: تنصب الْكَعْبَة يَوْم الْقِيَامَة للنَّاس تخبرهم بأعمالهم فِيهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانَ الرجل مِنْهُم إِذا أحرم تقلد قلادة من شعر فَلَا يعرض لَهُ أحد فَإِذا حج وَقضى حجه تقلد قلادة من إذخرفقال الله {جعل الله الْكَعْبَة الْبَيْت الْحَرَام قيَاما للنَّاس والشهر الْحَرَام} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا إِذا دخل الشَّهْر الْحَرَام وضعُوا السِّلَاح وَمَشى بَعضهم إِلَى بعض وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْعَرَب فِي جَاهِلِيَّتهَا جعل الله هَذَا لَهُم شَيْئا بَينهم يعيشون بِهِ فَمن انتهك شَيْئا من هَذَا أَو هَذَا لم يناظره الله حَتَّى بعد ذَلِك {لِتَعْلَمُوا أَن الله يعلم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} وَالله تَعَالَى أعلم

98

- قَوْله تَعَالَى: اعلموا أَن الله شَدِيد الْعقَاب وَأَن الله غَفُور رَحِيم مَا على الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ وَالله يعلم مَا تبدون وَمَا تكتمون - أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَن أَبَا بكر الصّديق حِين حَضرته الْوَفَاة قَالَ: ألم ترَ أَن الله ذكر آيَة الرخَاء عِنْد آيَة الشدَّة وَآيَة الشدَّة عِنْد آيَة الرخَاء ليَكُون الْمُؤمن رَاغِبًا رَاهِبًا لَا يتَمَنَّى على الله غير الْحق وَلَا يلقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة

100

- قَوْله تَعَالَى: قل لَا يَسْتَوِي الْخَبيث وَالطّيب وَلَو أعْجبك كَثْرَة الْخَبيث فَاتَّقُوا الله يَا أولي الْأَلْبَاب لَعَلَّكُمْ تفلحون

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: الْخَبيث هم الْمُشْركُونَ وَالطّيب هم الْمُؤْمِنُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لدرهم حَلَال أَتصدق بِهِ أحب إليَّ من مائَة ألف وَمِائَة ألف حرَام فَإِن شِئْتُم فاقرأوا كتاب الله {قل لَا يَسْتَوِي الْخَبيث وَالطّيب} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى حَدثنَا ابْن وهب حَدثنِي يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الاسكندراني قَالَ: كتب إِلَى عمر عبد العزبز بعض عماله يذكر أَن الْخراج قد انْكَسَرَ فَكتب إِلَيْهِ عمر أَن الله يَقُول {لَا يَسْتَوِي الْخَبيث وَالطّيب وَلَو أعْجبك كَثْرَة الْخَبيث} فَإِن اسْتَطَعْت أَن تكون فِي الْعدْل والإصلاح وَالْإِحْسَان بِمَنْزِلَة من كَانَ قبلك فِي الظُّلم والفجور والعدوان فافعل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {يَا أولي الْأَلْبَاب} يَقُول: من كَانَ لَهُ لب أَو عقل

101

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسئلوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ وَإِن تسئلوا عَنْهَا حِين ينزل الْقُرْآن تبد لكم عَفا الله عَنْهَا وَالله غَفُور حَلِيم قد سَأَلَهَا قوم من قبلكُمْ ثمَّ أَصْبحُوا بهَا كَافِرين - أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة مَا سَمِعت مثلهَا قطّ فَقَالَ رجل: من أبي قَالَ فلَان فَنزلت هَذِه الْآيَة {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق قَتَادَة عَن أنس فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسؤْكُم} أَن النَّاس سَأَلُوا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أحفوه بِالْمَسْأَلَة فَخرج ذَات يَوْم حَتَّى صعد الْمِنْبَر فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي الْيَوْم عَن شَيْء إِلَّا أنبأتكم بِهِ فَلَمَّا سمع ذَلِك الْقَوْم أرموا وظنوا أَن ذَلِك بَين يَدي أَمر قد حضر فَجعلت الْتفت عَن يَمِيني وشمالي فَإِذا كل رجل لاف ثَوْبه بِرَأْسِهِ يبكي فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله من أبي

قَالَ: أَبوك حذافة وَكَانَ إِذا لحى يدعى إِلَى غير أَبِيه فَقَالَ عمر بن الْخطاب: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا ونعوذ بِاللَّه من سوء الْفِتَن قَالَ: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا رَأَيْت فِي الْخَيْر وَالشَّر كَالْيَوْمِ قطّ إِن الْجنَّة وَالنَّار مثلتا لي حَتَّى رأيتهما دون الْحَائِط قَالَ قَتَادَة: وَإِن الله يرِيه مَا لَا ترَوْنَ ويسمعه مَا لَا تَسْمَعُونَ قَالَ: وَأنزل عَلَيْهِ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} الْآيَة قَالَ قَتَادَة: وَفِي قِرَاءَة أبي بن كَعْب (قد سَأَلَهَا قوم بيّنت لَهُم فَأَصْبحُوا بهَا كَافِرين) وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ نَاس يسْأَلُون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استهزاء فَيَقُول الرجل: من أبي وَيَقُول الرجل تضل نَاقَته: أَيْن نَاقَتي فَأنْزل الله فيهم هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} حَتَّى فرغ من الْآيَة كلهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عون قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس عَن قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} قَالَ: ذَاك يَوْم قَامَ فيهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا أَخْبَرتكُم بِهِ فَقَامَ رجل فكره الْمُسلمُونَ مقَامه يَوْمئِذٍ فَقَالَ: يَا رَسُول الله من أبي قَالَ: أَبوك حذافة فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن طَاوس قَالَ نزلت {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} فِي رجل قَالَ: يَا رَسُول الله من أبي قَالَ: أَبوك فلَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} الْآيَة قَالَ: غضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا من الْأَيَّام فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: سلوني فَإِنَّكُم لَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا أنبأتكم بِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ رجل من قُرَيْش من بني سهم يُقَال لَهُ عبد الله بن حذافة - وَكَانَ يطعن فِيهِ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله من أبي قَالَ: أَبوك فلَان فَدَعَاهُ لِأَبِيهِ فَقَامَ إِلَيْهِ عمر فَقبل رجله وَقَالَ: يَا رَسُول الله رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وَبِك نَبيا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا فَاعْفُ عَنَّا عَفا الله عَنْك فَلم يزل بِهِ حَتَّى رَضِي فَيَوْمئِذٍ قَالَ: الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر وَأنزل عَلَيْهِ {قد سَأَلَهَا قوم من قبلكُمْ} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ غَضْبَان محمار الوجهه حَتَّى جلس على الْمِنْبَر فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: أَيْن

آبَائِي قَالَ: فِي النَّار فَقَامَ آخر فَقَالَ: من أبي فَقَالَ: أَبوك حذافة فَقَامَ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا إِنَّا يَا رَسُول الله حَدِيث عهد بجاهلية وشرك وَالله أعلم مَنْ آبَاؤُنَا فسكن غَضَبه وَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} وَأخرج ابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِن الله تَعَالَى قد افْترض عَلَيْكُم الْحَج فَقَامَ رجل فَقَالَ: لكل عَام يَا رَسُول الله فَسكت عَنهُ حَتَّى أَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات قَالَ: لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت مَا قُمْتُم بهَا ذروني مَا تركتكم فَإِنَّمَا هلك الَّذين قبلكُمْ بِكَثْرَة سُؤَالهمْ وَاخْتِلَافهمْ على أَنْبِيَائهمْ فَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَاجْتَنبُوهُ وَإِذا أَمرتكُم بِشَيْء فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم وَذكر أَن هَذِه الْآيَة فِي الْمَائِدَة نزلت فِي ذَلِك {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس كتب الله عَلَيْكُم الْحَج فَقَامَ عكاشة بن مُحصن الْأَسدي فَقَالَ: أَفِي كل عَام يارسول الله قَالَ: أما أَنِّي لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت ثمَّ تركتكم لَضَلَلْتُمْ اسْكُتُوا عني مَا سكت عَنْكُم فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بسؤالهم وَاخْتِلَافهمْ على أَنْبِيَائهمْ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس فَقَالَ: إِن الله تَعَالَى كتب عَلَيْكُم الْحَج فَقَالَ رجل من الْأَعْرَاب: أَفِي كل عَام فَسكت طَويلا ثمَّ تكلم فَقَالَ: من السَّائِل فَقَالَ: أَنا ذَا فَقَالَ: وَيحك مَاذَا يُؤمنك أَن أَقُول نعم وَالله لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت لتركتم وَلَو تركْتُم لكَفَرْتُمْ أَلا أَنه إِنَّمَا أهلك الَّذين من قبلكُمْ أَئِمَّة الْحَرج وَالله لَو أَنِّي أحللت لكم جَمِيع مَا فِي الأَرْض من شَيْء وَحرمت عَلَيْكُم مِنْهَا مَوضِع خف بعير لوقعتم فِيهِ وَأنزل الله عِنْد ذَلِك {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كتب الله عَلَيْكُم الْحَج فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله كل عَام فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي

نَفسِي بِيَدِهِ لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت مَا أطقتموها وَلَو تَرَكْتُمُوهَا لكَفَرْتُمْ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَيْن أبي قَالَ: فِي النَّار ثمَّ جَاءَ آخر فَقَالَ: يَا رَسُول الله الْحَج كل عَام فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحول وركه فَدخل الْبَيْت ثمَّ خرج فَقَالَ: لم تَسْأَلُونِي عَمَّا لَا أَسأَلكُم عَنهُ ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ عَلَيْكُم كل عَام ثمَّ لكَفَرْتُمْ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارقطني وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ لما نزلت {وَللَّه على النَّاس حجُّ الْبَيْت} آل عمرَان الْآيَة 97 قَالُوا: يَا رَسُول الله أَفِي كل عَام فَسكت ثمَّ قَالُوا: أَفِي كل عَام قَالَ: لَا: وَلَو قلت نعم لَوَجَبَتْ فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما نزلت آيَة الْحَج أذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله قد كتب عَلَيْكُم الْحَج فحجوا فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أعاماً وَاحِدًا أم كل عَام فَقَالَ: لَا بل عَاما وَاحِدًا وَلَو قلت كل عَام لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت لكَفَرْتُمْ وَأنزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن فِي النَّاس فَقَالَ: يَا قوم كتب عَلَيْكُم الْحَج فَقَامَ رجل من بني أَسد فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَفِي كل عَام فَغَضب غَضبا شَدِيدا فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ وَلَو وَجَبت مَا اسْتَطَعْتُم وَإِذن لكَفَرْتُمْ فَاتْرُكُونِي ماتركتكم واذ أَمرتكُم بِشَيْء فافعلوا وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَانْتَهوا عَنهُ فَأنْزل الله {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} نَهَاهُم أَن يسْأَلُوا عَن مثل الَّذِي سَأَلت النَّصَارَى من الْمَائِدَة فَأَصْبحُوا بهَا كَافِرين فَنهى الله عَن ذَلِك وَقَالَ {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} أَي إِن نزل الْقُرْآن فِيهَا بتغليظ ساءكم ذَلِك وَلَكِن انتظروا فَإِذا نزل الْقُرْآن فَإِنَّكُم لَا تسْأَلُون عَن شَيْء إِلَّا وجدْتُم تبيانه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَج فَقيل: أواجب هُوَ يَا رَسُول الله كل عَام قَالَ: لَا وَلَو قلتهَا لَوَجَبَتْ عَلَيْكُم كل عَام وَلَو وَجَبت مَا أطقتم وَلَو لم تُطِيقُوا لكَفَرْتُمْ ثمَّ قَالَ: سلوني فَلَا يسألني رجل فِي مجلسي هَذَا عَن شَيْء إِلَّا أخْبرته وَإِن سَأَلَني عَن أَبِيه فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: من أبي قَالَ: أَبوك حذافة بن قيس فَقَامَ عمر فَقَالَ: يَا رَسُول الله رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبيا ونعوذ بِاللَّه من غَضَبه وَغَضب رَسُوله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: إِن كَانُوا ليسألون عَن الشَّيْء وَهُوَ لَهُم حَلَال فَمَا يزالون يسْأَلُون حَتَّى يحرم عَلَيْهِم وَإِذا حرم عَلَيْهِم وَقَعُوا فِيهِ وَأخرج الشَّافِعِي وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعظم الْمُسلمين فِي الْمُسلمين جرما من سَأَلَ عَن شَيْء لم يحرم فَحرم من أجل مَسْأَلته وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله حد حدوداً فَلَا تعتدوها وَفرض لكم فَرَائض فَلَا تضيعوها وَحرم أَشْيَاء فَلَا تنتهكوها وَترك أَشْيَاء فِي غير نِسْيَان وَلَكِن رَحْمَة مِنْهُ لكم فاقبلوها وَلَا تبحثوا عَنْهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق خصيف عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} قَالَ يَعْنِي بحيرة والسائبة والوصيلة والحام أَلا ترى أَنه يَقُول بعد ذَلِك: مَا جعل الله من كَذَا وَلَا كَذَا قَالَ: وَأما عِكْرِمَة فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّهُم كَانُوا يسألونه عَن الْآيَات فنهوا عَن ذَلِك ثمَّ قَالَ {قد سَأَلَهَا قوم من قبلكُمْ ثمَّ أَصْبحُوا بهَا كَافِرين} قَالَ: فَقلت: قد حَدثنِي مُجَاهِد بِخِلَاف هَذَا عَن ابْن عَبَّاس فَمَا لَك تَقول هَذَا فَقَالَ: هاه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عبد الْكَرِيم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} قَالَ: هُوَ الَّذِي سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أبي وَأما سعيد بن جُبَير فَقَالَ: هم الَّذين سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْبحيرَة والسائبة وَأما مقسم فَقَالَ: هِيَ فِيمَا سَأَلت الْأُمَم أنبياءها عَن الْآيَات

وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن نَافِع فِي قَوْله {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} قَالَ: مَا زَالَ كَثْرَة السُّؤَال مذ قطّ تكره وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (تبد لكم) بِرَفْع التَّاء وَنصب الدَّال وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الْملك بن أبي جُمُعَة الْأَزْدِيّ قَالَ: سَأَلت الْحسن عَن كسب الكناس فَقَالَ لي: وَيحك مَا تسْأَل عَن شَيْء لَو ترك فِي مَنَازِلكُمْ لضاقت عَلَيْكُم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} وَأخرج أَحْمد وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف فِي حجَّة الْوَدَاع وَهُوَ مردف الْفضل بن عَبَّاس على جمل آدم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس خُذُوا الْعلم قبل رَفعه وَقَبضه قَالَ: وَكُنَّا نهاب مَسْأَلته بعد تَنْزِيل الله الْآيَة {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} فقدمنا إِلَيْهِ أَعْرَابِيًا فرشوناه برداء على مَسْأَلته فاعتم بهَا حَتَّى رَأَيْت حَاشِيَة الْبرد على حَاجِبه الْأَيْمن وَقُلْنَا لَهُ: سل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ يرفع الْعلم وَهَذَا الْقُرْآن بَين أظهرنَا وَقد تعلمناه وعلمناه نِسَاءَنَا وذرارينا وخدامنا فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه قد علا وَجهه حمرَة من الْغَضَب فَقَالَ: أوليست الْيَهُود وَالنَّصَارَى بَين أظهرها الْمَصَاحِف وَقد أَصْبحُوا مَا يتعلقون مِنْهَا بِحرف مِمَّا جَاءَ بِهِ أنبياؤهم أَلا وَإِن ذهَاب الْعلم أَن تذْهب حَملته وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} قَالَ: فَنحْن نَسْأَلهُ إِذْ قَالَ: ان لله عبادا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاء وَلَا شُهَدَاء يَغْبِطهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاء بقربهم ومقعدهم من الله يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ أَعْرَابِي: من هم يَا رَسُول الله قَالَ: هم عباد من عباد الله من بلدان شَتَّى وقبائل شَتَّى من شعوب الْقَبَائِل لم تكن بَينهم أَرْحَام يتواصلون بهَا وَلَا دنيا يتبادلون بهَا يتحابون بِروح الله يَجْعَل الله وُجُوههم نورا وَيجْعَل لَهُم مَنَابِر من لُؤْلُؤ قُدَّام الرَّحْمَن يفزع النَّاس وَلَا يفزعون وَيخَاف النَّاس وَلَا يخَافُونَ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَالك بن بُحَيْنَة قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أهل الْمقْبرَة ثَلَاث مَرَّات وَذَلِكَ بعد نزُول هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ}

فاسكت الْقَوْم فَقَامَ أَبُو بكر فَأتى عَائِشَة فَقَالَ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على أهل الْمقْبرَة فَقَالَت عَائِشَة: صليت على أهل الْمقْبرَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تِلْكَ مَقْبرَة بعسقلان يحْشر مِنْهَا سَبْعُونَ ألف شَهِيد وَأخرج مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن معَاذ بن جبل قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتقدمت بِهِ رَاحِلَته ثمَّ إِن رَاحِلَتي لحقت براحلته حَتَّى تصْحَب ركبتي ركبته فَقلت: يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد أَن أَسأَلك عَن أَمر يَمْنعنِي مَكَان هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} قَالَ: مَا هُوَ يَا معَاذ قلت: مَا الْعَمَل الَّذِي يدخلني الْجنَّة وينجيني من النَّار قَالَ: قد سَأَلت عَن عَظِيم وَإنَّهُ يسير شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله واقام الصَّلَاة وايتاء الزَّكَاة وَحج الْبَيْت وَصَوْم رَمَضَان ثمَّ قَالَ: أَلا أخْبرك بِرَأْس الْأَمر وعموده وذروته أما رَأس الْأَمر فالإسلام وعموده الصَّلَاة وَأما ذروته فالجهاد ثمَّ قَالَ: الصّيام جنَّة وَالصَّدَََقَة تكفر الْخَطَايَا وَقيام اللَّيْل وَقَرَأَ {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} إِلَى آخر الْآيَة ثمَّ قَالَ: أَلا أنبئكم مَا هُوَ أملك بِالنَّاسِ من ذَلِك ثمَّ أخرج لِسَانه فأمسكه بَين أصبعيه فَقلت: يَا رَسُول الله أكل مَا نتكلم بِهِ يكْتب علينا قَالَ: ثكلتك أمك وَهل يكب النَّاس على مناخرهم فِي النَّار إِلَّا حصائد ألسنتهم إِنَّك لن تزَال سالما مَا أَمْسَكت فَإِذا تَكَلَّمت كتب عَلَيْك أَو لَك

103

- قَوْله تَعَالَى: مَا جعل الله من بحيرة وَلَا سائبة وَلَا وصيلة وَلَا حام وَلَكِن الَّذين كفرُوا يفترون على الله الْكَذِب وَأَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا إِلَى مَا أنزل الله وَإِلَى الرَّسُول قَالُوا حَسبنَا مَا وجدنَا عَلَيْهِ آبَائِنَا أولو كَانَ آباؤهم لَا يعلمُونَ شَيْئا وَلَا يَهْتَدُونَ - أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: الْبحيرَة الَّتِي يمْنَع درها للطواغيت وَلَا يحلبها أحد من النَّاس والسائبة: كَانُوا يسيبونها لآلهتهم

لَا يحمل عَلَيْهَا شَيْء قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت عَمْرو بن عَامر الْخُزَاعِيّ يجر قصبه فِي النَّار كَانَ أول من سيب السوائب قَالَ ابْن الْمسيب: والوصيلة النَّاقة الْبكر تبكر فِي أول نتاج الْإِبِل ثمَّ تثني بعد بأنثى وَكَانُوا يسيبونها لطواغيتهم إِن وصلت إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى لَيْسَ بَينهمَا ذكر والحامي: فَحل الْإِبِل يضْرب الضراب الْمَعْدُود فَإِذا قضى ضرابه وَدعوهُ للطواغيت واعفوه من الْحمل فَلم يحمل شَيْء وسموه الحتمي وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي الْأَحْوَص عَن أَبِيه قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خلقان من الثِّيَاب فَقَالَ لي: هَل لَك من مَال قلت: نعم قَالَ: من أَي مَال قلت: من كل المَال من الْإِبِل وَالْغنم وَالْخَيْل وَالرَّقِيق قَالَ: فَإِذا آتاك الله مَالا فلير عَلَيْك ثمَّ قَالَ: تنْتج إبلك رافية آذانها قلت: نعم وَهل تنْتج الْإِبِل إِلَّا كَذَلِك قَالَ: فلعلك تَأْخُذ مُوسَى قتقطع آذان طَائِفَة مِنْهَا وَتقول: هَذِه بَحر وتشق آذان طَائِفَة مِنْهَا وَتقول: هَذِه الصرم قلت: نعم قَالَ: فَلَا تفعل إِن كل مَا آتاك الله لَك حل ثمَّ قَالَ {مَا جعل الله من بحيرة وَلَا سائبة وَلَا وصيلة وَلَا حام} قَالَ أَبُو الْأَحْوَص: أما الْبحيرَة فَهِيَ الَّتِي يجدعون آذانها فَلَا تنْتَفع امْرَأَته وَلَا بَنَاته وَلَا أحد من أهل بَيته بصوفها وَلَا أوبارها وَلَا أشعارها وَلَا أَلْبَانهَا فَإِذا مَاتَت اشْتَركُوا فِيهَا وَأما السائبة: فَهِيَ الَّتِي يسيبون لآلهتهم وَأما الوصيلة: فالشاة تَلد سِتَّة أبطن وتلد السَّابِع جدياً وعناقاً فَيَقُولُونَ: قد وصلت فَلَا يذبحونها وَلَا تضرب وَلَا تمنع مهما وَردت على حَوْض وَإِذا مَاتَت كَانُوا فِيهَا سَوَاء والحام من الْإِبِل إِذا أدْرك لَهُ عشرَة من صلبه كلهَا تضرب حمى ظَهره فَسُمي الحام فَلَا ينْتَفع لَهُ بوبر وَلَا ينْحَر وَلَا يركب لَهُ ظهر فَإِذا مَاتَ كَانُوا فِيهِ سَوَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْبحيرَة هِيَ النَّاقة إِذا أنتجت خَمْسَة أبطن نظرُوا إِلَى الْخَامِس فَإِن كَانَ ذكرا ذبحوه فَأَكله الرِّجَال دون النِّسَاء وَإِن كَانَت أُنْثَى جدعوا آذانها فَقَالُوا: هَذِه بحيرة وَأما السائبة: فَكَانُوا يسيبون من أنعامهم لآلهتهم لَا يركبون لَهَا ظهرا وَلَا يحلبون لَهَا لَبَنًا وَلَا يجزون لَهَا وَبرا وَلَا يحملون عَلَيْهَا شَيْئا وَأما

الوصيلة: فالشاة إِذا أنتجت سَبْعَة أبطن نظرُوا السَّابِع فَإِن كَانَ ذكرا أَو أُنْثَى وَهُوَ ميت اشْترك فِيهِ الرِّجَال دون النِّسَاء وَإِن كَانَت أُنْثَى اسحيوها وَإِن كَانَ ذكرا وَأُنْثَى فِي بطن استحيوهما وَقَالُوا: وصلته أُخْته فحرمته علينا وَأما الحام: فالفحل من الْإِبِل إِذا ولد لوَلَده قَالُوا: حمى هَذَا ظَهره فَلَا يحملون عَلَيْهِ شَيْئا وَلَا يجزون لَهُ وَبرا وَلَا يمنعونه من حمى رعي وَلَا من حَوْض يشرب مِنْهُ وَإِن كَانَ الْحَوْض لغير صَاحبه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا جعل الله من بحيرة} قَالَ: الْبحيرَة النَّاقة كَانَ الرجل إِذا ولدت خَمْسَة فيعمد إِلَى الْخَامِسَة فَمَا لم تكن سقيا فيبتك آذانها وَلَا يجز لَهَا وَبرا وَلَا يَذُوق لَهَا لَبَنًا فَتلك الْبحيرَة {وَلَا سائبة} كَانَ الرجل يسيب من مَاله مَا شَاءَ {وَلَا وصيلة} فَهِيَ الشَّاة إِذا ولدت سبعا عمد إِلَى السَّابِع فَإِن كَانَ ذكرا ذبح وَإِن كَانَت أُنْثَى تركت وَإِن كَانَ فِي بَطنهَا اثْنَان ذكر وَأُنْثَى فولدتهما قَالُوا: وصلت أخاها فيتركان جَمِيعًا لَا يذبحان فَتلك الوصيلة {وَلَا حام} كَانَ الرجل يكون لَهُ الْفَحْل فَإِذا ألقح عشرا قيل: حام فاتركوه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مَا جعل الله من بحيرة} الْآيَة قَالَ: الْبحيرَة من الْإِبِل كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يحرمُونَ وبرها وظهرها ولحمها ولبنها إِلَّا على الرِّجَال فَمَا ولدت من ذكر وَأُنْثَى فَهُوَ على هيئتها فَإِن مَاتَت اشْترك الرِّجَال وَالنِّسَاء فِي أكل لَحمهَا فَإِذا ضرب من ولد الْبحيرَة فَهُوَ الحامي والسائبة من الْغنم على نَحْو ذَلِك إِلَّا أَنَّهَا مَا ولدت من ولد بَينهَا وَبَين سِتَّة أَوْلَاد كَانَ على هيئتها فَإِذا ولدت فِي السَّابِع ذكرا أَو أُنْثَى أَو ذكرين ذبحوه فَأَكله رِجَالهمْ دون نِسَائِهِم وَإِن توأمت أُنْثَى وَذكر فَهِيَ وصيلة ترك ذبح الذّكر بِالْأُنْثَى وَإِن كَانَتَا أنثيين تركتا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر فاستأخر عَن قبلته وَأعْرض بِوَجْهِهِ وتعوَّذ بِاللَّه ثمَّ دنا من قبلته حَتَّى رَأَيْنَاهُ يتَنَاوَل بِيَدِهِ فَلَمَّا سلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُلْنَا: يَا نَبِي الله لقد صنعت الْيَوْم فِي صَلَاتك شَيْئا ماكنت تَصنعهُ قَالَ: نعم عرضت عليَّ فِي مقَامي هَذَا الْجنَّة وَالنَّار فَرَأَيْت فِي النَّار مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله وَرَأَيْت فِيهَا الحميرية صَاحِبَة الْهِرَّة الَّتِي ربطتها فَلم

تطعمها وَلم تسقها وَلم ترسلها فتأكل من خشَاش الأَرْض حَتَّى مَاتَت فِي رباطها وَرَأَيْت فِيهَا عَمْرو بن لحي يجر قصبه فِي النَّار وَهُوَ الَّذِي سيَّب السوائب وبحر الْبحيرَة وَنصب الْأَوْثَان وغيَّر دين إِسْمَاعِيل وَرَأَيْت فِيهَا عمرَان الْغِفَارِيّ مَعَه محجنه الَّذِي كَانَ يسرق بِهِ الْحَاج قَالَ: وسمى لي الرَّابِع فَنسيته وَرَأَيْت الْجنَّة فَلم أر مثل مَا فِيهَا فتناولت مِنْهَا قطفاً لأريكموه فحيل بيني وَبَينه فَقَالَ رجل من الْقَوْم: كَيفَ تكون الْحبَّة مِنْهُ قَالَ: كأعظم دلو فرته أمك قطّ قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَق: فَسَأَلت عَن الرَّابِع فَقَالَ: هُوَ صَاحب ثنيتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي نزعهما وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت جَهَنَّم يحطم بَعْضهَا بَعْضًا وَرَأَيْت عمرا يجر قصبه فِي النَّار وَهُوَ أول من سيب السوائب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لأكتم بن الجون: يَا أكتم عرضت عليَّ النَّار فَرَأَيْت فِيهَا عَمْرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه فِي النَّار فَمَا رَأَيْت رجلا أشبه بِرَجُل مِنْك بِهِ وَلَا بِهِ مِنْك فَقَالَ أكتم: أخْشَى أَن يضرني شبهه يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا إِنَّك مُؤمن وَهُوَ كَافِر إِنَّه أول من غيَّر دين إِبْرَاهِيم وبحر الْبحيرَة وسيب السائبة وَحمى الحامي وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أول من سيب السوائب وَعبد الْأَصْنَام أَبُو خُزَاعَة عَمْرو بن عَامر وَإِنِّي رَأَيْته يجر أمعاءه فِي النَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأعرف أول من سيَّب السوائب وَنصب النصب وَأول من غير دين إِبْرَاهِيم قَالُوا: من هُوَ يَا رَسُول الله قَالَ: عَمْرو بن لحي أَخُو بني كَعْب لقد رَأَيْته يجر قصبه فِي النَّار يُؤْذِي أهل النَّار ريح قصبه وَإِنِّي لأعرف من بَحر البحائر قَالُوا: من هُوَ يَا رَسُول الله قَالَ: رجل من بني مُدْلِج كَانَت لَهُ ناقتان فجدع آذانهما وَحرم ألبانهما وَظُهُورهمَا وَقَالَ: هَاتَانِ لله ثمَّ احْتَاجَ إِلَيْهِمَا فَشرب ألبانهما وَركب ظهورهما قَالَ: فَلَقَد رَأَيْته فِي النَّار وهما يقضمانه بأفواههما ويطآنه بأخفافهما

وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي بن كَعْب قَالَ: بَينا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صَلَاة الظّهْر وَالنَّاس فِي الصُّفُوف خَلفه فرأيناه تنَاول شَيْئا فَجعل يتَنَاوَلهُ فَتَأَخر فَتَأَخر النَّاس ثمَّ تَأَخّر الثَّانِيَة فَتَأَخر النَّاس فَقلت: يَا رَسُول الله رَأَيْنَاك صنعت الْيَوْم شَيْئا مَا كنت تَصنعهُ فِي الصَّلَاة فَقَالَ: إِنَّه عرضت عَليّ الْجنَّة بِمَا فِيهَا من الزهرة والنضرة فتناولت قطفاً من عنبها وَلَو أَخَذته لأكل مِنْهُ من بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لَا ينقصونه فحيل بيني وَبَينه وَعرضت عَليّ النَّار فَلَمَّا وجدت سفعتها تأخَّرت عَنْهَا وَأكْثر من رَأَيْت فِيهَا النِّسَاء إِن ائْتمن أفشين وَإِن سألن ألحفن وَإِذا سئلن بخلن وَإِذا أعطين لم يشكرن وَرَأَيْت فِيهَا عَمْرو بن لحي يجر قصبه فِي النَّار وأشبه من رَأَيْت بِهِ معبد بن أكتم الْخُزَاعِيّ فَقَالَ معبد: يَا رَسُول الله أتخشى عليّ من شبهه قَالَ: لَا أَنْت مُؤمن وَهُوَ كَافِر وَهُوَ أول من حمل الْعَرَب على عبَادَة الْأَصْنَام وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وَلَكِن الَّذين كفرُوا يفترون على الله الْكَذِب وَأَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} قَالَ: لَا يعْقلُونَ تَحْرِيم الشَّيْطَان الَّذِي يحرم عَلَيْهِم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن أبي مُوسَى فِي الْآيَة قَالَ: الْآبَاء جعلُوا هَذَا وماتوا وَنَشَأ الْأَبْنَاء وظنوا أَن الله هُوَ جعل هَذَا فَقَالَ الله {وَلَكِن الَّذين كفرُوا يفترون على الله الْكَذِب} الْآبَاء فالآباء افتروا على الله الْكَذِب وَالْأَبْنَاء أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ يظنون الله هُوَ الَّذِي جعله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن أبي مُوسَى فِي قَوْله {وَلَكِن الَّذين كفرُوا يفترون على الله الْكَذِب} قَالَ: هم أهل الْكتاب {وَأَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} قَالَ: هم أهل الْأَوْثَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {وَلَكِن الَّذين كفرُوا يفترون على الله الْكَذِب وَأَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} قَالَ: الَّذين لَا يعقلوهم الأتباع وَأما الَّذين افتروا فعقلوا أَنهم افتروا

105

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى الله مرجعكم جَمِيعًا فينبئكم بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد والعدني وَابْن منيع والْحميدِي فِي مسانيدهم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى والكجي فِي سنَنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والضياء فِي المختارة عَن قيس قَالَ: قَامَ أَبُو بكر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنَّكُم تقرأون هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} وَإِنَّكُمْ تضعونها على غير موضعهَا وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن النَّاس إِذا رَأَوْا الْمُنكر وَلم يغيروه أوشك أَن يعمهم الله بعقاب وَأخرج ابْن جرير عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ: صعد أَبُو بكر مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّكُم لتتلون آيَة من كتاب الله وتعدونها رخصَة وَالله مَا أنزل الله فِي كِتَابه أَشد مِنْهَا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} وَالله لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر أَو ليعمنكم الله مِنْهُ بعقاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن جرير البَجلِيّ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مامن قوم يكون بَين أظهرهم رجل يعْمل بِالْمَعَاصِي هم أمنع مِنْهُ وأعز ثمَّ لَا يغيرون عَلَيْهِ إِلَّا أوشك أَن يعمهم الله مِنْهُ بعقاب وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي أُميَّة الشَّعْبَانِي قَالَ أتيت أَبَا ثَعْلَبَة الْخُشَنِي فَقلت لَهُ: كَيفَ تصنع فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: أَيَّة آيَة قَالَ: قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} قَالَ: أما وَالله لقد سَأَلت عَنْهَا خَبِيرا سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بل ائْتَمرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهوا عَن الْمُنكر حَتَّى إِذا رَأَيْت شحا مُطَاعًا وَهوى مُتبعا وَدُنْيا مُؤثرَة وَإِعْجَاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ فَعَلَيْك بِخَاصَّة نَفسك ودع عَنْك أَمر الْعَوام فَإِن من وَرَائِكُمْ أَيَّام الصَّبْر الصابر فِيهِنَّ مثل الْقَابِض على الْحمر لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مثل أجر خمسين رجلا يعْملُونَ مثل عَمَلكُمْ وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عَامر الْأَشْعَرِيّ أَنه كَانَ فيهم شَيْء فاحتبس على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: مَا حَبسك

قَالَ: يَا رَسُول الله قَرَأت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} قَالَ: فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيْن ذهبتم إِنَّمَا هِيَ لَا يضركم من ضل من الْكفَّار إِذا اهْتَدَيْتُمْ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَن ابْن مَسْعُود سَأَلَهُ رجل عَن قَوْله {عَلَيْكُم أَنفسكُم} فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّه لَيْسَ بزمانها فَإِنَّهَا الْيَوْم مَقْبُولَة وَلكنه قد أوشك أَن يَأْتِي زمَان تأمرون بِالْمَعْرُوفِ فيصنع بكم كَذَا وَكَذَا أَو قَالَ: فَلَا يقبل مِنْكُم فَحِينَئِذٍ عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {عَلَيْكُم أَنفسكُم} الْآيَة قَالَ: مروا بِالْمَعْرُوفِ وانهوا عَن الْمُنكر مالم يكن من دون ذَلِك السَّوْط وَالسيف فَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك فَعَلَيْكُم أَنفسكُم وَأخرج عبد بن حميد ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانُوا عِنْد عبد الله بن مَسْعُود فَوَقع بَين رجلَيْنِ بعض مَا يكون بَين النَّاس حَتَّى قَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه فَقَالَ رجل من جلساء عبد الله: أَلا أقوم فآمرهما بِالْمَعْرُوفِ وأنهاهما عَن الْمُنكر فَقَالَ آخر إِلَى جنبه: عَلَيْك نَفسك فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {عَلَيْكُم أَنفسكُم} فَسَمعَهَا ابْن مَسْعُود فَقَالَ: مَه لم يَجِيء تَأْوِيل هَذِه الْآيَة بعد إِن الْقُرْآن أنزل حَيْثُ أنزل وَمِنْه آي قد مضى تأويلهن قبل أَن ينزلن وَمِنْه مَا وَقع تأويلهن على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمِنْه آي يَقع تأويلهن بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسنين وَمِنْه آي يَقع تأويلهن بعد الْيَوْم وَمِنْه آي يَقع تأويلهن عِنْد السَّاعَة مَا ذكر من أَمر السَّاعَة وَمِنْه آي يَقع تأويلهن عِنْد الْحساب مَا ذكر من أَمر الْحساب وَالْجنَّة وَالنَّار فَمَا دَامَت قُلُوبكُمْ وَاحِدَة وأهواؤكم وَاحِدَة وَلم تلبسوا شيعًا فَلم يذقْ بَعْضكُم بَأْس بعض فَمروا وانهوا فَإِذا اخْتلفت الْقُلُوب والأهواء وألبستم شيعًا وذاق بَعْضكُم بَأْس بعض فَكل امرىء وَنَفسه فَعِنْدَ ذَلِك جَاءَ تَأْوِيل هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَنه قيل لَهُ: أجلست فِي هَذِه الْأَيَّام فَلم تَأمر وَلم تنه فَإِن الله قَالَ {عَلَيْكُم أَنفسكُم} فَقَالَ: إِنَّهَا لَيست لي وَلَا لِأَصْحَابِي لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب فَكُنَّا نَحن الشُّهُود

وَأَنْتُم الْغَيْب وَلَكِن هَذِه الْآيَة لأقوام يجيئون من بَعدنَا إِن قَالُوا لم يقبل مِنْهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير من طَرِيق قَتَادَة عَن رجل قَالَ: كنت فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب بِالْمَدِينَةِ فِي حَلقَة فيهم أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا فيهم شيخ حسبت أَنه قَالَ أبي بن كَعْب فَقَرَأَ {عَلَيْكُم أَنفسكُم} فَقَالَ: إِنَّمَا تَأْوِيلهَا فِي آخر الزَّمَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق قَتَادَة عَن أبي مَازِن قَالَ: انْطَلَقت على عهد عُثْمَان إِلَى الْمَدِينَة فَإِذا قوم جُلُوس فَقَرَأَ أحدهم {عَلَيْكُم أَنفسكُم} فَقَالَ: أَكْثَرهم: لم يَجِيء تَأْوِيل هَذِه الْآيَة الْيَوْم وَأخرج ابْن جرير عَن جُبَير بن نفير قَالَ: كنت فِي حَلقَة فِيهَا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنِّي لأصغر الْقَوْم فتذاكروا الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فَقلت: أَلَيْسَ الله يَقُول {عَلَيْكُم أَنفسكُم} فَأَقْبَلُوا عَليّ بِلِسَان وَاحِد فَقَالُوا: تنْزع آيَة من الْقُرْآن لَا تعرفها وَلَا تَدْرِي مَا تَأْوِيلهَا حَتَّى تمنيت أَنِّي لم أكن تَكَلَّمت ثمَّ أَقبلُوا يتحدثون فَلَمَّا حضر قيامهم قَالُوا: إِنَّك غُلَام حدث السن وَإنَّك نزعت أَيَّة لَا تَدْرِي ماهي وَعَسَى أَن تدْرك ذَلِك الزَّمَان إِذا رَأَيْت شحا مُطَاعًا وَهوى مُتبعا وَإِعْجَاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ فَعَلَيْك بِنَفْسِك لَا يَضرك من ضل إِذا اهتديت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ: يارسول الله أَخْبرنِي عَن قَول الله عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} قَالَ: يَا معَاذ مروا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهوا عَن الْمُنكر فَإِذا رَأَيْتُمْ شحا مُطَاعًا وَهوى مُتبعا وَإِعْجَاب كل ذِي رَأْي بِرَأْيهِ فَعَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم ضَلَالَة غَيْركُمْ فَهُوَ من وَرَائِكُمْ أَيَّام الصَّبْر المتمسك فِيهَا بِدِينِهِ مثل الْقَابِض على الْجَمْر فللعامل مِنْهُم يَوْمئِذٍ مثل عمل أحدكُم الْيَوْم كَأَجر خمسين مِنْكُم قلت: يَا رَسُول الله خمسين مِنْهُم قَالَ: بل خمسين مِنْكُم أَنْتُم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: ذكرت هَذِه الْآيَة عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول الله عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم يجىء تَأْوِيلهَا لَا يَجِيء تَأْوِيلهَا حَتَّى يهْبط عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن عبد الله التَّيْمِيّ عَن أبي بكر الصّديق سَمِعت

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا ترك قوم الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إِلَّا ضَربهمْ الله بذل وَلَا أقرّ قوم الْمُنكر بَين أظهارهم إِلَّا عمهم الله بعقاب وَمَا بَيْنك وَبَين أَن يعمكم الله بعقاب من عِنْده إِلَّا أَن تأولوا هَذِه الْآيَة على غير أَمر بِمَعْرُوف وَلَا نهي عَن الْمُنكر {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ: خطب أَبُو بكر النَّاس فَكَانَ فِي خطبَته قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَيهَا النَّاس لَا تتكلموا على هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} إِن الذاعر ليَكُون فِي الْحَيّ فَلَا يمنعوه فيعمهم الله بعقاب وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} فَقَالَ: يالها من سَعَة مَا أوسعها ويالها ثِقَة مَا أوثقها وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عُثْمَان الشحام أبي سَلمَة قَالَ: حَدثنِي شيخ من أهل الْبَصْرَة وَكَانَ لَهُ فضل وَسن قَالَ: بَلغنِي أَن دَاوُد سَأَلَ ربه قَالَ: يَا رب كَيفَ لي أَن أَمْشِي لَك فِي الأَرْض واعمل لَك فِيهَا بنصح قَالَ ياداود تحب من أَحبَّنِي من أَحْمَر وأبيض وَلَا يزَال شفتاك رطبتين من ذكري واجتنب فرَاش المغيب قَالَ: أَي رب فَكيف أَن تحبني أهل الدُّنْيَا الْبر والفاجر قَالَ: ياداود تصانع أهل الدُّنْيَا لدنياهم وتحب أهل الْآخِرَة لآخرتهم وتجتان إِلَيْك ذَنْبك بيني وَبَيْنك فَإنَّك إِذا فعلت ذَلِك فَلَا يَضرك من ضل إِذا اهتديت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَنه جَاءَ رجل فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن نفر سِتَّة كلهم قَرَأَ الْقُرْآن وَكلهمْ مُجْتَهد لَا يألوهم فِي ذَلِك يشْهد بَعضهم على بعض بالشرك فَقَالَ: لَعَلَّك ترى أَنِّي آمُرك أَن تذْهب إِلَيْهِم تقَاتلهمْ عظهم وانههم فَإِن عصوك فَعَلَيْك نَفسك فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم} حَتَّى ختم الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن صَفْوَان بن مُحرز أَنه أَتَاهُ رجل من أَصْحَاب الْأَهْوَاء فَذكر لَهُ بعض أمره فَقَالَ لَهُ صَفْوَان: أَلا أدلك على خَاصَّة الله الَّتِي خص الله بهَا أولياءه {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} يَقُول: أطِيعُوا أَمْرِي واحفظوا وصيتي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} يَقُول: إِذا مَا أَطَاعَنِي العَبْد فِيمَا أَمرته من الْحَلَال وَالْحرَام فَلَا يضرّهُ من ضل بعده إِذا عمل بِمَا أَمرته بِهِ وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق قَارب بَينهمَا عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} مالم يكن سيف أَو سَوط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَكْحُول أَن رجلا سَأَلَهُ عَن قَول الله {عَلَيْكُم أَنفسكُم} الْآيَة فَقَالَ: إِن تَأْوِيل هَذِه الْآيَة لم يَجِيء بعد إِذا هاب الْوَاعِظ وَأنكر الموعوظ فَعَلَيْك نَفسك لَا يَضرك حِينَئِذٍ من ضل إِذا اهتديت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر مولى غفرة قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة لِأَن الرجل كَانَ يسلم وَيكفر أَبوهُ وَيسلم الرجل وَيكفر أَخُوهُ فَلَمَّا دخل قُلُوبهم حلاوة الْإِيمَان دعوا آبَاءَهُم وإخوانهم فَقَالُوا: حَسبنَا مَا وجدنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: نزلت فِي أهل الْكتاب يَقُول {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل} من أهل الْكتاب {إِذا اهْتَدَيْتُمْ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حُذَيْفَة فِي قَوْله {عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} قَالَ: إِذا أمرْتُم بِالْمَعْرُوفِ ونهيتم عَن الْمُنكر وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} قَالَ: إِذا أمرت بِالْمَعْرُوفِ ونهيت عَن الْمُنكر لَا يَضرك من ضل إِذا اهتديت وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم} فَقَالَ: الْحَمد لله بهَا وَالْحَمْد لله عَلَيْهَا مَا كَانَ مُؤمن فِيمَا مضى وَلَا مُؤمن فِيمَا بَقِي إِلَّا وَإِلَى جَانِبه مُنَافِق يكره عمله

وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس قَالَ: قيل يَا رَسُول الله مَتى يتْرك الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر قَالَ إِذا ظهر فِيكُم مَا ظهر فِي بني إِسْرَائِيل قبلكُمْ قَالُوا: وَمَا ذَاك يارسول الله قَالَ: إِذا ظهر الادهان فِي خياركم والفاحشة فِي كباركم وتحوّل الْملك فِي صغاركم وَالْفِقْه وَفِي لفظ: وَالْعلم فِي رذالكم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر أَو ليوشكن الله أَن يبْعَث عَلَيْكُم عقَابا مِنْهُ ثمَّ تَدعُونَهُ فَلَا يستجيب لكم وَالله تَعَالَى أعلم

106

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت حِين الْوَصِيَّة اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ إِن أَنْتُم ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فأصابتكم مُصِيبَة الْمَوْت تحبسونهما من بعد الصَّلَاة فيقسمان بِاللَّه إِن ارتبتم لَا نشتري بِهِ ثمنا وَلَو كَانَ ذَا قربى وَلَا نكتم شَهَادَة الله إِنَّا إِذا لمن الآثمين فَإِن عثر على أَنَّهُمَا استحقا إِثْمًا فآخران يقومان مقامهما من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم الأوليان فيقسمان بِاللَّه لَشَهَادَتنَا أَحَق من شَهَادَتهمَا وَمَا اعتدينا إِنَّا إِذا لمن الظَّالِمين ذَلِك أدنى أَن يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ على وَجههَا أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم وَاتَّقوا الله واسمعوا وَالله لَا يهدي الْقَوْم الْفَاسِقين - أخرج التِّرْمِذِيّ وَضَعفه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو النَّعيم فِي الْمعرفَة من طَرِيق أبي النَّضر وَهُوَ الْكَلْبِيّ عَن باذان مولى أم هانىء عَن ابْن عَبَّاس عَن تَمِيم الدَّارِيّ فِي هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت} قَالَ برىء النَّاس مِنْهَا غَيْرِي وَغير عدي بن بداء وَكَانَا نَصْرَانِيين يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّام قبل الْإِسْلَام فَأتيَا الشَّام لِتِجَارَتِهِمَا وَقدم

عَلَيْهِمَا مولى لبني سهم يُقَال لَهُ: بديل بن أبي مَرْيَم بِتِجَارَة وَمَعَهُ جَام من فضَّة يُرِيد بِهِ الْملك وَهُوَ عظم تِجَارَته فَمَرض فأوصى إِلَيْهِمَا وَأَمرهمَا أَن يبلغَا مَا ترك أَهله قَالَ تَمِيم: فَلَمَّا مَاتَ أَخذنَا ذَلِك الْجَام فَبِعْنَاهُ بِأَلف دِرْهَم ثمَّ اقتسمناه أَنا وعدي بن بداء فَلَمَّا قدمنَا إِلَى أَهله دفعنَا إِلَيْهِم ماكان مَعنا وَفقدُوا الْجَام فَسَأَلُونَا عَنهُ فَقُلْنَا: مَا ترك غير هَذَا وَمَا دفع إِلَيْنَا غَيره قَالَ تَمِيم: فَلَمَّا أسلمت بعد قدوم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة تَأَثَّمت من ذَلِك فَأتيت أَهله فَأَخْبَرتهمْ الْخَبَر وَأديت إِلَيْهِم خَمْسمِائَة دِرْهَم وَأَخْبَرتهمْ أَن عِنْد صَاحِبي مثلهَا فَأتوا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُمْ الْبَيِّنَة فَلم يَجدوا فَأَمرهمْ أَن يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يعظم بِهِ على أهل دينه فَحلف الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم} إِلَى قَوْله {أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم} فَقَامَ عَمْرو بن الْعَاصِ وَرجل آخر فَحَلفا فنزعت الْخَمْسمِائَةِ دِرْهَم من عدي بن بداء وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ خرج رجل من بني سهم مَعَ تَمِيم الدَّارِيّ وعدي بن بداء فَمَاتَ السَّهْمِي بِأَرْض لَيْسَ فِيهَا مُسلم فأوصى إِلَيْهِمَا فَلَمَّا قدما بِتركَتِهِ فقدوا جَاما من فضَّة مخوصاً بِالذَّهَب فَأَحْلفهُمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّه: مَا كتمتماها وَلَا اطلعتما ثمَّ وجدوا الْجَام بِمَكَّة فَقيل: اشْتَرَيْنَاهُ من تَمِيم وعدي فَقَامَ رجلَانِ من أَوْلِيَاء السَّهْمِي فَحَلفا بِاللَّه لَشَهَادَتنَا أَحَق من شَهَادَتهمَا وَإِن الْجَام لصَاحِبِهِمْ وَأخذ الْجَام وَفِيه نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ كَانَ تَمِيم الدَّارِيّ وعدي بن بداء رجلَيْنِ نَصْرَانِيين يتجران إِلَى مَكَّة فِي الْجَاهِلِيَّة ويطيلان الْإِقَامَة بهَا فَلَمَّا هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حوّل متجرهما إِلَى الْمَدِينَة فَخرج بديل بن أبي مَارِيَة مولى عَمْرو بن الْعَاصِ تَاجِرًا حَتَّى قدم الْمَدِينَة فَخَرجُوا جَمِيعًا تجارًا إِلَى الشَّام حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق اشْتَكَى بديل فَكتب وَصيته بِيَدِهِ ثمَّ دسها فِي مَتَاعه وَأوصى إِلَيْهِمَا فَلَمَّا مَاتَ فتحا مَتَاعه فأخذا مِنْهُ شَيْئا ثمَّ حجزاه كَمَا كَانَ وقدما الْمَدِينَة على أَهله فدفعا مَتَاعه فَفتح أَهله مَتَاعه فوجدوا كِتَابه وَعَهده وَمَا خرج بِهِ وَفقدُوا شَيْئا فسألوهما عَنهُ فَقَالُوا: هَذَا الَّذِي قبضنا لَهُ وَدُفِعَ إِلَيْنَا فَقَالُوا لَهما: هَذَا كِتَابه بِيَدِهِ قَالُوا:

مَا كتمنا لَهُ شَيْئا فترافعوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت} إِلَى قَوْله {إِنَّا إِذا لمن الآثمين} فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يستحلفوهما بعد صَلَاة الْعَصْر بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ مَا قبضنا لَهُ غير هَذَا وَلَا كتمنا فمكثا مَا شَاءَ الله أَن يمكثا ثمَّ ظهر مَعَهُمَا على إِنَاء من فضَّة منقوش مموه بِذَهَب فَقَالَ أَهله: هَذَا من مَتَاعه وَلَكنَّا اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ ونسينا أَن نذكرهُ حِين حلفنا فكرهنا أَن نكذب نفوسنا فترافعوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت الْآيَة الْأُخْرَى {فَإِن عثر على أَنَّهُمَا استحقا إِثْمًا} فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلَيْنِ من أهل الْمَيِّت أَن يحلفا على مَا كتما وغيبا ويستحقانه ثمَّ إِن تميماً الدَّارِيّ أسلم وَبَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يَقُول: صدق الله وَرَسُوله أَنا أخذت الْإِنَاء ثمَّ قَالَ: يَا رَسُول الله إِن الله يظهرك على أهل الأَرْض كلهَا فَهَب لي قريتين من بَيت لحم - وَهِي الْقرْيَة الَّتِي ولد فِيهَا عِيسَى - فَكتب لَهُ بهَا كتابا فَلَمَّا قدم عمر الشَّام أَتَاهُ تَمِيم بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر: أَنا حَاضر ذَلِك فَدَفعهَا إِلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {شَهَادَة بَيْنكُم} مُضَاف بِرَفْع شَهَادَة بِغَيْر نون وبخفض بَيْنكُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس من طَرِيق عَليّ عَن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت حِين الْوَصِيَّة اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم} هَذَا لمن مَاتَ وَعِنْده الْمُسلمُونَ أمره الله أَن يشْهد على وَصيته عَدْلَيْنِ من الْمُسلمين ثمَّ قَالَ {أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ إِن أَنْتُم ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض} فَهَذَا لمن مَاتَ وَلَيْسَ عِنْده أحد من الْمُسلمين أمره الله بِشَهَادَة رجلَيْنِ من غير الْمُسلمين فَإِن ارتيب بِشَهَادَتِهِمَا استحلفا بِاللَّه بعد الصَّلَاة: مَا اشترينا بشهادتنا ثمنا قَلِيلا فَإِن اطلع الْأَوْلِيَاء على أَن الْكَافرين كذبا فِي شَهَادَتهمَا قَامَ رجلَانِ من الْأَوْلِيَاء فَحَلفا بِاللَّه أَن شَهَادَة الْكَافرين بَاطِلَة فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {فَإِن عثر على أَنَّهُمَا استحقا إِثْمًا} يَقُول: إِن اطلع على أَن الْكَافرين كذبا قَامَ الأوليان فَحَلفا أَنَّهُمَا كذبا ذَلِك أدنى أَن يَأْتِي الكافران بِالشَّهَادَةِ على وَجههَا أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم فَتتْرك شَهَادَة الْكَافرين وَيحكم بِشَهَادَة الأوليان فَلَيْسَ على شُهُود الْمُسلمين أَقسَام إِنَّمَا الْأَقْسَام إِذا كَانَا كَافِرين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله

{اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم} قَالَ: من أهل الْإِسْلَام {أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ} قَالَ: من غير أهل الْإِسْلَام وَفِي قَوْله {فيقسمان بِاللَّه} يَقُول: يحلفان بِاللَّه بعد الصَّلَاة وَفِي قَوْله {فآخران يقومان مقامهما} قَالَ: من أَوْلِيَاء الْمَيِّت فيحلفان {بِاللَّه لَشَهَادَتنَا أَحَق من شَهَادَتهمَا} يَقُول: فيحلفان بِاللَّه مَا كَانَ صاحبنا ليوصي بِهَذَا وإنهما لكاذبان وَفِي قَوْله {ذَلِك أدنى أَن يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ على وَجههَا أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم} يَعْنِي أَوْلِيَاء الْمَيِّت فيستحقون مَاله بأيمانهم ثمَّ يوضع مِيرَاثه كَمَا أَمر الله وَتبطل شَهَادَة الْكَافرين وَهِي مَنْسُوخَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم} قَالَ: مَا من الْكتاب إِلَّا قد جَاءَ على شَيْء جَاءَ على إدلاله غير هَذِه الْآيَة وَلَئِن أَنا لم أخْبركُم بهَا لأَنا أَجْهَل من الَّذِي ترك الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة هَذَا رجل خرج مُسَافِرًا وَمَعَهُ مَال فأدركه قدره فَإِن وجد رجلَيْنِ من الْمُسلمين دفع إِلَيْهِمَا تركته وَأشْهد عَلَيْهِمَا عَدْلَيْنِ من الْمُسلمين فَإِن لم يجد عَدْلَيْنِ من الْمُسلمين فرجلين من أهل الْكتاب فَإِن أدّى فسبيل مَا أدّى وَإِن هُوَ جحد اسْتحْلف بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ دبر صَلَاة: أَن هَذَا الَّذِي وَقع إِلَيّ وَمَا غيبت شَيْئا فَإِذا حلف برىء فَإِذا أَتَى بعد ذَلِك صاحبا الْكتاب فشهدا عَلَيْهِ ثمَّ ادّعى الْقَوْم عَلَيْهِ من تسميتهم مَا لَهُم جعلت أَيْمَان الْوَرَثَة مَعَ شَهَادَتهم ثمَّ اقتطعوا حَقه فَذَلِك الَّذِي يَقُول الله {ذَوا عدل مِنْكُم أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {شَهَادَة بَيْنكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت} قَالَ: أَن يَمُوت الْمُؤمن فيحضر مَوته مسلمان أَو كَافِرَانِ لَا يحضرهُ غير اثْنَيْنِ مِنْهُم فَإِن رَضِي ورثته بِمَا غابا عَنهُ من تركته فَذَلِك وَيحلف الشَّاهِدَانِ أَنَّهُمَا صادقان فَإِن عثر قَالَ: وجد لطخ أَو لبس أَو تَشْبِيه حلف الِاثْنَان الأوّلان من الْوَرَثَة فاستحقا وأبطلا أَيْمَان الشَّاهِدين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ} قَالَ: من غير الْمُسلمين من أهل الْكتاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم} قَالَ: من أهل دينكُمْ {أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ} قَالَ: من أهل الْكتاب إِذا كَانَ بِبِلَاد لَا يجد غَيرهم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن شُرَيْح قَالَ: لَا تجوز شَهَادَة الْيَهُودِيّ وَلَا النَّصْرَانِي إِلَّا فِي وَصِيَّة وَلَا تجوز فِي وَصِيَّة إِلَّا فِي سفر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن الشّعبِيّ أَن رجلا من الْمُسلمين حَضرته الْوَفَاة بدقوقاء وَلم يجد أحدا من الْمُسلمين يشْهد على وَصيته فَأشْهد رجلَيْنِ من أهل الْكتاب فَقدما الْكُوفَة فَأتيَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَأَخْبَرَاهُ وقدما بِتركَتِهِ ووصيته فَقَالَ الْأَشْعَرِيّ: هَذَا أَمر لم يكن بعد الَّذِي كَانَ فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَحْلفهُمَا بعد الْعَصْر بِاللَّه مَا خَانا وَلَا كذبا وَلَا بدَّلا وَلَا كتما وَلَا غيرا وَإِنَّهَا وَصِيَّة الرجل وَتركته فَأمْضى شَهَادَتهمَا وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {شَهَادَة بَيْنكُم} الْآيَة كلهَا قَالَ: كَانَ ذَلِك فِي رجل توفّي وَلَيْسَ عِنْده أحد من أهل الْإِسْلَام وَذَلِكَ فِي أول الْإِسْلَام وَالْأَرْض حَرْب وَالنَّاس كفار إِلَّا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ النَّاس يتوارثون بَينهم بِالْوَصِيَّةِ ثمَّ نسخت الْوَصِيَّة وفرضت الْفَرَائِض وَعمل الْمُسلمُونَ بهَا وَأخرج ابْن جرير عَن الزبير قَالَ: مَضَت السّنة أَن لايجوز شَهَادَة كَافِر فِي حضر وَلَا سفر إِنَّمَا هِيَ فِي الْمُسلمين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة وَأخرج عبد بن حميد وأبوالشيخ عَن عِكْرِمَة {أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ} قَالَ: من الْمُسلمين من غير حيه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه {اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم} قَالَ: من قبيلتكم {أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ} قَالَ: من غير قبيلتكم أَلا ترى أَنه يَقُول {تحبسونهما من بعد الصَّلَاة} كلهم من الْمُسلمين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عقيل قَالَ: سَأَلت ابْن شهَاب عَن هَذِه الْآيَة قلت: أَرَأَيْت الِاثْنَيْنِ اللَّذين ذكر الله من غير أهل الْمَرْء الْمُوصي أَهما من الْمُسلمين أَو هما من أهل الْكتاب وَرَأَيْت الآخرين اللَّذين يقومان مقامهما أتراهما من أهل الْمَرْء الْمُوصي أم هما فِي غير الْمُسلمين قَالَ ابْن شهَاب: لم نسْمع فِي هَذِه اللآية عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا عَن أَئِمَّة الْعَامَّة سنة أذكرها وَقد كُنَّا نتذكرها أُنَاسًا من عُلَمَائِنَا

أَحْيَانًا فَلَا يذكرُونَ فِيهَا سنة مَعْلُومَة ولاقضاء من إِمَام عَادل وَلكنه مُخْتَلف فِيهَا رَأْيهمْ وَكَانَ أعجبهم فِيهَا رَأيا إِلَيْنَا الَّذين كَانُوا يَقُولُونَ: هِيَ فِيمَا بَين أهل الْمِيرَاث من الْمُسلمين يشْهد بَعضهم الْمَيِّت الَّذِي يرثونه ويغيب عَنهُ بَعضهم وَيشْهد من شهده على مَا أوصى بِهِ لِذَوي الْقُرْبَى فيخبرون من غَابَ عَنهُ مِنْهُم بِمَا حَضَرُوا من وَصِيَّة فَإِن سلمُوا جَازَت وَصيته وَإِن ارْتَابُوا أَن يَكُونُوا بدلُوا قَول الْمَيِّت وآثروا بِالْوَصِيَّةِ من أَرَادوا مِمَّن لم يوص لَهُم الْمَيِّت بِشَيْء حلف اللَّذَان يَشْهَدَانِ على ذَلِك بعد الصَّلَاة وَهِي أَن الْمُسلمين {فيقسمان بِاللَّه إِن ارتبتم لَا نشتري بِهِ ثمنا وَلَو كَانَ ذَا قربى وَلَا نكتم شَهَادَة الله إِنَّا إِذا لمن الآثمين} فَإِذا أقسما على ذَلِك جَازَت شَهَادَتهمَا وأيمانهما مَا لم يعثر على أَنَّهُمَا استحقا إِثْمًا فِي شَيْء من ذَلِك قَامَ آخرَانِ مقامهما من أهل الْمِيرَاث من الْخصم الَّذين يُنكرُونَ مَا يشْهد عَلَيْهِ الْأَوَّلَانِ المستحلفان أول مرّة فيقسمان بِاللَّه لَشَهَادَتنَا على تكذيبكما أَو إبِْطَال مَا شهدتما بِهِ وَمَا اعتدينا إِنَّا إِذا لمن الظَّالِمين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عُبَيْدَة فِي قَوْله {تحبسونهما من بعد الصَّلَاة} قَالَ: صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {لَا نشتري بِهِ ثمنا} قَالَ: لَا نَأْخُذ بِهِ رشوة {وَلَا نكتم شَهَادَة الله} وَإِن كَانَ صَاحبهَا بَعيدا وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَامر الشّعبِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ (وَلَا نكتم شَهَادَة) يَعْنِي بِقطع الْكَلَام منوّناً (الله) بِقطع الْألف وخفض اسْم الله على الْقسم وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَنه كَانَ يقْرؤهَا (وَلَا نكتم شَهَادَة الله) يَقُول هوالقسم وَأخرج عَن عَاصِم (وَلَا نكتم شَهَادَة الله) مُضَاف بِنصب شَهَادَة ولاينون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِن عثر على أَنَّهُمَا استحقا إِثْمًا} أَي اطلع مِنْهُمَا على خِيَانَة على أَنَّهُمَا كذبا أَو كتما فَشهد رجلَانِ هما أعدل مِنْهُمَا بِخِلَاف مَا قَالَا أُجِيز شَهَادَة الآخرين وَبَطلَت شَهَادَة الْأَوَّلين وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَأَبُو عُبَيْدَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وأبوالشيخ عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه كَانَ يقْرَأ (من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم الأوليان) بِفَتْح التَّاء

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم الأوليان} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن عدي عَن أبي مجلز أَن أبي بن كَعْب قَرَأَ {من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم الأوليان} قَالَ عمر: كذبت قَالَ: أَنْت أكذب فَقَالَ الرجل: تكذب أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: أَنا أَشد تَعْظِيمًا لحق أَمِير الْمُؤمنِينَ مِنْك وَلَكِن كَذبته فِي تَصْدِيق كتاب الله وَلم أصدق أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي تَكْذِيب كتاب الله فَقَالَ عمر: صدق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى ابْن يعمر أَنه قَرَأَهَا (الأوليان) وَقَالَ: هما الوليان وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وأبوالشيخ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ (من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم الْأَوَّلين) وَيَقُول: أَرَأَيْت لَو كَانَ الأوليان صغيرين كَيفَ يقومان مقامهما وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة أَنه كَانَ يقْرَأ الْأَوَّلين مُشَدّدَة على الْجِمَاع وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم (من الَّذين اسْتحق) بِرَفْع التَّاء وَكسر الْحَاء (عَلَيْهِم الْأَوَّلين) مُشَدّدَة على الْجِمَاع وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن يزِيد فِي قَوْله {الأوليان} قَالَ: الْمَيِّت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ذَلِك أدنى أَن يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ على وَجههَا} يَقُول: ذَلِك أَحْرَى أَن يصدقُوا فِي شَهَادَتهم {أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم} يَقُول: وَأَن يخَافُوا الْعَنَت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن يزِيد فِي قَوْله {أَو يخَافُوا أَن ترد أَيْمَان بعد أَيْمَانهم} قَالَ: فَتبْطل أَيْمَانهم وَتُؤْخَذ أَيْمَان هَؤُلَاءِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن مقَاتل فِي قَوْله {وَاتَّقوا الله واسمعوا} قَالَ: يَعْنِي الْقَضَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَالله لَا يهدي الْقَوْم الْفَاسِقين} قَالَ: الْكَاذِبين الَّذين يحلفُونَ على الْكَذِب وَالله تَعَالَى أعلم

109

- قَوْله تَعَالَى: يَوْم يجمع الله الرُّسُل فَيَقُول مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا إِنَّك أَنْت علام الغيوب

- أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَوْم يجمع الله الرُّسُل فَيَقُول مَاذَا أجبتم} فيفزعون فَيَقُول: مَاذَا أجبتم فَيَقُولُونَ: لاعلم لنا فَيرد إِلَيْهِم أفئدتهم فيعلمون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {يَوْم يجمع الله الرُّسُل فَيَقُول مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا} قَالَ: ذَلِك أَنهم نزلُوا منزلا ذهلت فِيهِ الْعُقُول فَلَمَّا سئلوا قَالُوا: لَا علم لنا ثمَّ نزلُوا منزلا آخر فَشَهِدُوا على قَومهمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْم يجمع الله الرُّسُل فَيَقُول مَاذَا أجبتم} فَيَقُولُونَ للرب تبَارك وَتَعَالَى: لَا علم لنا إِلَّا علم أَنْت أعلم بِهِ منا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْم يجمع الله الرُّسُل فَيَقُول مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا} قَالَ: فرقا تذهل عُقُولهمْ ثمَّ يرد الله عُقُولهمْ إِلَيْهِم فيكونون هم الَّذين يسْأَلُون يَقُول الله {فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم ولنسألن الْمُرْسلين} الْأَعْرَاف الْآيَة 6 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {فَيَقُول مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا} قَالَ: من هول ذَلِك الْيَوْم وَأخرج أبوالشيخ عَن زيد بن أسلم قَالَ: يَأْتِي على الْخلق سَاعَة يذهل فِيهَا عقل كل ذِي عقل {يَوْم يجمع الله الرُّسُل} وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: جَاءَ نَافِع بن الْأَزْرَق إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتفسرن لي آياً من كتاب الله عز وَجل أَو لأكفرن بِهِ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَيحك أَنا لَهَا الْيَوْم أَي آي قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ {يَوْم يجمع الله الرُّسُل فَيَقُول مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا} وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى {وَنَزَعْنَا من كل أمة شَهِيدا فَقُلْنَا هاتوا برهانكم فَعَلمُوا أَن الْحق لله} الْقَصَص الْآيَة 75 فَكيف علمُوا وَقد قَالُوا لَا علم لنا وَأَخْبرنِي عَن قَول الله {ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} الزمر الْآيَة 31 وَقَالَ فِي آيَة آخرى {لَا تختصموا لدي} ق الْآيَة 38 فَكيف يختصمون وَقد

قَالَ: لَا تختصموا لديَّ وَأَخْبرنِي عَن قَول الله {الْيَوْم نختم على أَفْوَاههم وتكلمنا أَيْديهم وَتشهد أَرجُلهم} يس الْآيَة 65 فَكيف شهدُوا وَقد ختم على الأفواه فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ثكلتك أمك يَا ابْن الْأَزْرَق إِن للقيامة أحوالاً وأهوالاً وفظائع وزلازل فَإِذا تشققت السَّمَوَات وتناثرت النُّجُوم وَذهب ضوء الشَّمْس وَالْقَمَر وذهلت الْأُمَّهَات عَن الْأَوْلَاد وقذفت الْحَوَامِل مَا فِي الْبُطُون وسجرت الْبحار ودكدكت الْجبَال وَلم يلْتَفت وَالِد إِلَى ولد وَلَا ولد إِلَى وَالِد وَجِيء بِالْجنَّةِ تلوح فِيهَا قباب الدّرّ والياقوت حَتَّى تنصب على يَمِين الْعَرْش ثمَّ جِيءَ بجهنم تقاد بسبعين ألف زِمَام من حَدِيد مُمْسك بِكُل زِمَام سَبْعُونَ ألف ملك لَهَا عينان زرقاوان تجر الشّفة السُّفْلى أَرْبَعِينَ عَاما تخطر كَمَا يخْطر الْفَحْل لَو تركت لأتت على كل مُؤمن وَكَافِر ثمَّ يُؤْتى بهَا حَتَّى تنصب عَن يسَار الْعَرْش فَتَسْتَأْذِن رَبهَا فِي السُّجُود فَيَأْذَن لَهَا فتحمده بِمَحَامِد لم يسمع الْخَلَائق بِمِثْلِهَا تَقول: لَك الْحَمد إلهي إِذْ جَعَلتني أنتقم من أعدائك وَلم تجْعَل لي شَيْئا مِمَّا خلقت تنتقم بِهِ مني إِلَى أَهلِي فلهي أعرف بِأَهْلِهَا من الطير بالحب على وَجه الأَرْض حَتَّى إِذا كَانَت من الْموقف على مسيرَة مائَة عَام وَهُوَ قَول الله تَعَالَى {إِذا رأتهم من مَكَان بعيد} الْفرْقَان الْآيَة 12 زفرت زفرَة فَلَا يبْقى ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل وَلَا صديق منتخب وَلَا شَهِيد مِمَّا هُنَالك الآخر جاثياً على رُكْبَتَيْهِ ثمَّ تزفر الثَّانِيَة زفرَة فَلَا يبْقى قَطْرَة من الدُّمُوع إِلَّا بدرت فَلَو كَانَ لكل آدَمِيّ يَوْمئِذٍ عمل اثْنَيْنِ وَسبعين نَبيا لظن أَنه سيواقعها ثمَّ تزفر الثَّالِثَة زفرَة فتنقطع الْقُلُوب من أماكنها فَتَصِير بَين اللهوات والحناجر ويعلو سَواد الْعُيُون بياضها يُنَادي كل آدَمِيّ يَوْمئِذٍ: يَا ربّ نَفسِي نَفسِي لَا أَسأَلك غَيرهَا ونبيكم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَا رب أمتِي أمتِي لَا همة لَهُ غَيْركُمْ فَعِنْدَ ذَلِك يدعى بالأنبياء وَالرسل فَيُقَال لَهُم {مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا} طاشت الأحلام وذهلت الْعُقُول فَإِذا رجعت الْقُلُوب إِلَى أماكنها {وَنَزَعْنَا من كل أمة شَهِيدا فَقُلْنَا هاتوا برهانكم فَعَلمُوا أَن الْحق لله} الْقَصَص الْآيَة 75 وَأما قَوْله تَعَالَى {ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} الزمر الْآيَة 31 فَيُؤْخَذ

للمظلوم من الظَّالِم وللمملوك من الْمَالِك وللضعيف من الشَّديد وللجماء من القرناء حَتَّى يُؤدى إِلَى كل ذِي حق حَقه فَإِذا أدّى إِلَى كل ذِي حق حَقه أَمر بِأَهْل الْجنَّة إِلَى الْجنَّة وَأهل النَّار إِلَى النَّار اخْتَصَمُوا فَقَالُوا: رَبنَا هَؤُلَاءِ أضلونا {رَبنَا من قدم لنا هَذَا فزده عذَابا ضعفا فِي النَّار} ص الْآيَة 16 فَيَقُول الله تَعَالَى {لَا تختصموا لديَّ وَقد قدمت إِلَيْكُم بالوعيد} ق الْآيَة 38 إِنَّمَا الْخُصُومَة بالموقف وَقد قضيت بَيْنكُم بالموقف فَلَا تختصموا لدي وَأما قَوْله {الْيَوْم نختم على أَفْوَاههم وتكلمنا أَيْديهم وَتشهد أَرجُلهم} يس الْآيَة 65 فَهَذَا يَوْم الْقِيَامَة حَيْثُ يرى الْكفَّار مَا يُعْطي الله أهل التَّوْحِيد من الْفَضَائِل وَالْخَيْر يَقُولُونَ: تَعَالَوْا حَتَّى نحلف بِاللَّه مَا كُنَّا مُشْرِكين فتتكلم الْأَيْدِي بِخِلَاف مَا قَالَت الألسن: وَتشهد الأرجل تَصْدِيقًا للأيدي ثمَّ يَأْذَن الله للأفواه فَتَنْطِق {وَقَالُوا لجلودهم لم شهدتم علينا قَالُوا أنطقنا الله الَّذِي أنطق كل شَيْء} فصلت الْآيَة 21

110

- قَوْله تَعَالَى: إِذْ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم اذكر نعمتي عَلَيْك وعَلى والدتك إِذْ أيدتك بِروح الْقُدس تكلم النَّاس فِي المهد وكهلا وَإِذ علمتك الْكتاب وَالْحكمَة والتوراة وَالْإِنْجِيل وَإِذ تخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير بإذني فتنفخ فِيهَا فَتكون طيرا بإذني وتبرأ الأكمه والأبرص بإذني وَإِذ تخرج الْمَوْتَى بإذني وَإِذ كَفَفْت بني إِسْرَائِيل عَنْك إِذْ جئتهم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذين كفرُوا مِنْهُم إِن هَذَا إِلَّا سحر مُبين - أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دعِي بالأنبياء وأممها ثمَّ يدعى بِعِيسَى فيذكره الله نعْمَته عَلَيْهِ فيقربها يَقُول {يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم اذكر نعمتي عَلَيْك وعَلى والدتك} الْآيَة ثمَّ يَقُول {أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله} الْمَائِدَة الْآيَة 116 فينكر أَن يكون قَالَ ذَلِك فيؤتي بالنصارى فَيسْأَلُونَ فَيَقُولُونَ: نعم هُوَ

أمرنَا بذلك فَيطول شعر عِيسَى حَتَّى يَأْخُذ كل ملك من الْمَلَائِكَة بشعرة من شعر رَأسه وَجَسَده فيجاثيهم بَين يَدي الله مِقْدَار ألف عَام حَتَّى يُوقع عَلَيْهِم الْحجَّة وَيرْفَع لَهُم الصَّلِيب وينطلق بهم إِلَى النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي بكر بن عَيَّاش عَن ابْن وهب عَن أَبِيه قَالَ: قدم رجل من أهل الْكتاب الْيمن فَقَالَ أبي: ائته واسمع مِنْهُ فَقلت: تحيلني على رجل نَصْرَانِيّ قَالَ: نعم ائته واسمع مِنْهُ فَأَتَيْته فَقَالَ: لما رفع الله عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَقَامَهُ بَين يَدي جِبْرِيل وَمِيكَائِيل فَقَالَ لَهُ {اذكر نعمتي عَلَيْك وعَلى والدتك} فعلت بك وَفعلت بك ثمَّ أخرجتك من بطن أمك فَفعلت بك وَفعلت بك سَتَكُون أمة بعْدك ينتجلونك وينتجلون ربوبيتك وَيشْهدُونَ أَنَّك قدمت وَكَيف يكون رب يَمُوت فبعزتي حَلَفت لأناصبنهم الْحساب يَوْم الْقِيَامَة ولأقيمنهم مقَام الْخصم من الْخصم حَتَّى ينفذوا مَا قَالُوا وَلنْ ينفذوه أبدا ثمَّ أسلم وَجَاء من الْأَحَادِيث بِشَيْء لم أسمع مثلهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ كَفَفْت بني إِسْرَائِيل عَنْك إِذْ جئتهم بِالْبَيِّنَاتِ} أَي الْآيَات الَّتِي وضع على يَدَيْهِ من احياء الْمَوْتَى وخلقه من الطين كَهَيئَةِ الطير ثمَّ ينْفخ فِيهِ فَيكون طيراً بِإِذن الله وإبراء الأسقام وَالْخَبَر بِكَثِير من الغيوب مِمَّا يدخرون فِي بُيُوتهم وَمَا رد عَلَيْهِم من التَّوْرَاة مَعَ الإِنجيل الَّذِي أحدث الله إِلَيْهِ ثمَّ ذكر كفرهم بذلك كُله

111

- قَوْله تَعَالَى: وَإِذ أوحيت إِلَى الحواريين أَن آمنُوا بِي وبرسولي قَالُوا آمنا واشهد بأننا مُسلمُونَ - أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَإِذ أوحيت إِلَى الحواريين} يَقُول: قذفت فِي قُلُوبهم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَإِذ أوحيت إِلَى الحواريين} قَالَ: وَحي قذف فِي قُلُوبهم لَيْسَ بِوَحْي نبوّة وَالْوَحي وحيان: وَحي تَجِيء بِهِ الْمَلَائِكَة ووحي يقذف فِي قلب العَبْد

112

- قَوْله تَعَالَى: إِذْ قَالَ الحواريون يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم هَل يَسْتَطِيع رَبك أَن ينزل علينا مائدة من السَّمَاء قَالَ اتَّقوا الله إِن كُنْتُم مُؤمنين قَالُوا نُرِيد أَن نَأْكُل مِنْهَا وتطمئن قُلُوبنَا ونعلم أَن قد صدقتنا ونكون عَلَيْهَا من الشَّاهِدين قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم اللَّهُمَّ رَبنَا أنزل علينا مائدة من السَّمَاء تكون لنا عيداً لأولنا وآخرنا وَآيَة مِنْك وارزقنا وَأَنت خير الرازقين قَالَ الله إِنِّي منزلهَا عَلَيْكُم فَمن يكفر بعد مِنْكُم فَإِنِّي أعذبه عذَابا لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين - أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ الحواريون أعلم بِاللَّه من أَن يَقُولُوا هَل يَسْتَطِيع رَبك إِنَّمَا قَالُوا: هَل تَسْتَطِيع أَنْت رَبك هَل تَسْتَطِيع أَن تَدعُوهُ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ: سَأَلت معَاذ بن جبل عَن قَول الحواريين {هَل يَسْتَطِيع رَبك} أَو تَسْتَطِيع رَبك فَقَالَ أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (هَل تَسْتَطِيع رَبك) بِالتَّاءِ وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وأبوالشيخ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا (هَل تَسْتَطِيع رَبك) بِالتَّاءِ وَنصب رَبك وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَهَا (هَل تَسْتَطِيع رَبك) قَالَ: هَل تَسْتَطِيع أَن تسْأَل رَبك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَامر الشّعبِيّ أَن عليا كَانَ يَقْرَأها (هَل يَسْتَطِيع رَبك) قَالَ: هَل يعطيك رَبك وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن وثاب وَأبي رَجَاء أَنَّهُمَا قرآ (هَل يَسْتَطِيع رَبك) بِالْيَاءِ وَالرَّفْع وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {هَل يَسْتَطِيع رَبك أَن ينزل علينا مائدة من السَّمَاء} قَالَ: قَالُوا: هَل يطيعك رَبك إِن سَأَلته فَأنْزل الله عَلَيْهِم مائدة من السَّمَاء فِيهَا جَمِيع الطَّعَام إِلَّا اللَّحْم فَأَكَلُوا مِنْهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {مائدة} قَالَ: الْمَائِدَة الخوان وَفِي قَوْله {وتطمئن} قَالَ: توقن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن السّديّ فِي قَوْله {تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا} يَقُول: نتَّخذ الْيَوْم الَّذِي نزلت فِيهِ عيداً نعظمه نَحن وَمن بَعدنَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا} قَالَ: أَرَادوا أَن تكون لعقبهم من بعدهمْ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ فِي العظمة وَأَبُو بكر الشَّافِعِي فِي فَوَائده الْمَعْرُوفَة بالغيلانيات عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: لما سَأَلَ الحواريون عِيسَى بن مَرْيَم الْمَائِدَة كره ذَلِك جدا وَقَالَ: اقنعوا بِمَا رزقكم الله فِي الأَرْض وَلَا تسألوا الْمَائِدَة من السَّمَاء فَإِنَّهَا إِن نزلت عَلَيْكُم كَانَت آيَة من ربكُم وَإِنَّمَا هَلَكت ثَمُود حِين سَأَلُوا نَبِيّهم آيَة فابتلوا بهَا حَتَّى كَانَ بوارهم فِيهَا فَأَبَوا إِلَّا أَن يَأْتِيهم بهَا فَلذَلِك {قَالُوا نُرِيد أَن نَأْكُل مِنْهَا وتطمئن قُلُوبنَا ونعلم أَن قد صدقتنا ونكون عَلَيْهَا من الشَّاهِدين} فَلَمَّا رأى عِيسَى أَن قد أَبَوا إِلَّا أَن يدعوا لَهُم بهَا قَامَ فَألْقى عَنهُ الصُّوف وَلبس الشّعْر الْأسود وجبة من شعر وعباءة من شعر ثمَّ تَوَضَّأ واغتسل وَدخل مُصَلَّاهُ فصلى مَا شَاءَ الله فَلَمَّا قضى صلَاته قَامَ قَائِما مُسْتَقْبل الْقبْلَة وصف قَدَمَيْهِ حَتَّى اسْتَويَا فألصق الكعب بالكعب وحاذي الْأَصَابِع بالأصابع وَوضع يَده الْيُمْنَى على الْيُسْرَى فَوق صَدره وغض بَصَره وطأطأ رَأسه خشوعاً ثمَّ أرسل عَيْنَيْهِ بالبكاء فَمَا زَالَت دُمُوعه تسيل على خديه وتقطر من أَطْرَاف لحيته حَتَّى ابتلت الأَرْض حِيَال وَجهه من خشوعه فَلَمَّا رأى ذَلِك دَعَا الله فَقَالَ {اللَّهُمَّ رَبنَا أنزل علينا مائدة من السَّمَاء تكون لنا عيداً لأوّلنا وآخرنا} تكون عظة مِنْك لنا {وَآيَة مِنْك} أَي عَلامَة مِنْك تكون بَيْننَا وَبَيْنك وارزقنا عَلَيْهَا طَعَاما نأكله {وَأَنت خير الرازقين} فَأنْزل الله عَلَيْهِم سفرة حَمْرَاء بَين غمامتين غمامة فَوْقهَا وغمامة تحتهَا وهم ينظرُونَ إِلَيْهَا فِي الْهَوَاء منقضة من فلك السَّمَاء تهوي إِلَيْهِم وَعِيسَى يبكي خوفًا

للشروط الَّتِي اتخذ الله فِيهَا عَلَيْهِم إِنَّه يعذب من يكفر بهَا مِنْهُم بعد نُزُولهَا عذَابا لم يعذبه أحدا من الْعَالمين وَهُوَ يَدْعُو الله فِي مَكَانَهُ وَيَقُول: إلهي اجْعَلْهَا رَحْمَة إلهي لَا تجعلها عذَابا إلهي كم من عَجِيبَة سَأَلتك فأعطيتني إلهي اجْعَلْنَا لَك شاكرين إلهي أعوذ بك أَن تكون أنزلتها غَضبا ورجزاً إلهي اجْعَلْهَا سَلامَة وعافية وَلَا تجعلها فتْنَة ومثلة فَمَا زَالَ يَدْعُو حَتَّى اسْتَقَرَّتْ السفرة بَين يَدي عِيسَى والحواريون وَأَصْحَابه حوله يَجدونَ رَائِحَة طيبَة لم يَجدوا فِيمَا مضى رَائِحَة مثلهَا قطّ وخر عِيسَى والحواريون لله سجدا شكرا لَهُ بِمَا رزقهم من حَيْثُ لم يحتسبوا وأراهم فِيهِ آيَة عَظِيمَة ذَات عجب وعبرة وَأَقْبَلت الْيَهُود ينظرُونَ فَرَأَوْا أمرا عجبا أورثهم كمداً وغماً ثمَّ انصرفوا بغيظ شَدِيد وَأَقْبل عِيسَى والحواريون وَأَصْحَابه حَتَّى جَلَسُوا حول السفرة فَإِذا عَلَيْهِ منديل مغطى قَالَ عِيسَى: من أجرؤنا على كشف المنديل عَن هَذِه السفرة وأوثقنا بِنَفسِهِ وأحسننا بلَاء عِنْد ربه فليكشف عَن هَذِه الْآيَة حَتَّى نرَاهَا وَنَحْمَد رَبنَا وَنَذْكُر باسمه وَنَأْكُل من رزقه الَّذِي رزقنا فَقَالَ الحواريون: يَا روح الله وكلمته أَنْت أولانا بذلك وأحقنا بالكشف عَنْهَا فَقَامَ عِيسَى: فاستأنف وضُوءًا جَدِيدا ثمَّ دخل مُصَلَّاهُ فصلى بذلك رَكْعَات ثمَّ بَكَى طَويلا ودعا الله أَن يَأْذَن لَهُ فِي الْكَشْف عَنْهَا وَيجْعَل لَهُ ولقومه فِيهَا بركَة وَرِزْقًا ثمَّ انْصَرف وَجلسَ إِلَى السفرة وَتَنَاول المنديل وَقَالَ: بِسم الله خير الرازقين وكشف عَن السفرة وَإِذا هُوَ عَلَيْهَا سَمَكَة ضخمة مشوية لَيْسَ عَلَيْهَا بواسير وَلَيْسَ فِي جوفها سوك يسيل مِنْهَا السّمن سيلاً قد نضد حولهَا بقول من كل صنف غير الكراث وَعند رَأسهَا خل وَعند ذنبها ملح وحول الْبُقُول خَمْسَة أرغفة على وَاحِد مِنْهَا زيتون وعَلى الآخر تمرات وعَلى الآخر خمس رمانات فَقَالَ شَمْعُون رَأس الحواريين لعيسى: يَا روح الله وكلمته أَمن طَعَام الدُّنْيَا هَذَا أم من طَعَام الْجنَّة فَقَالَ: أما آن لكم أَن تعتبروا بِمَا ترَوْنَ من الْآيَات وَتَنْتَهُوا عَن تنقير الْمسَائِل مَا أخوفني عَلَيْكُم أَن تعاقبوا فِي سَبَب هَذِه الْآيَة فَقَالَ شَمْعُون: لَا وإله إِسْرَائِيل مَا أردْت بهَا سوءا يَا ابْن الصديقة فَقَالَ عِيسَى: لَيْسَ شَيْء مِمَّا ترَوْنَ عَلَيْهَا من طَعَام الْجنَّة وَلَا من طَعَام الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ شَيْء ابتدعه الله فِي الْهَوَاء بِالْقُدْرَةِ الْغَالِبَة

الْقَاهِرَة فَقَالَ لَهُ كن فَكَانَ أسْرع من طرفَة عين فَكُلُوا مِمَّا سَأَلْتُم بِسم الله واحمدوا عَلَيْهِ ربكُم يمدكم مِنْهُ ويزدكم فَإِنَّهُ بديع قَادر شَاكر فَقَالَ يَا روح الله وكلمته إِنَّا نحب أَن ترينا آيَة فِي هَذِه الْآيَة فَقَالَ عِيسَى: سُبْحَانَ الله أما اكتفيتم بِمَا رَأَيْتُمْ من هَذِه الْآيَة حَتَّى تسألوا فِيهَا آيَة أُخْرَى ثمَّ أقبل عِيسَى على السَّمَكَة فَقَالَ: يَا سَمَكَة عودي بِإِذن الله حَيَّة كَمَا كنت فأحياها الله بقدرته فاضطربت وعادت بِإِذن الله حَيَّة طرية تلمظ كَمَا يتلمظ الْأسد تَدور عَيناهَا لَهَا بصيص وعادت عَلَيْهَا بواسيرها فَفَزعَ الْقَوْم مِنْهَا وانحاسوا فَلَمَّا رأى عِيسَى ذَلِك مِنْهُم قَالَ: مَا لكم تسْأَلُون الْآيَة فَإِذا أراكموها ربكُم كرهتموها مَا أخوفني عَلَيْكُم أَن تعاقبوا بِمَا تَصْنَعُونَ يَا سَمَكَة عودي بِإِذن الله كَمَا كنت فَعَادَت بِإِذن الله مشوية كَمَا كَانَت فِي خلقهَا الأول فَقَالُوا لعيسى: كن أَنْت يَا روح الله الَّذِي تبدأ بِالْأَكْلِ مِنْهَا ثمَّ نَحن بعد فَقَالَ: معَاذ الله من ذَلِك يبْدَأ بِالْأَكْلِ كل من طلبَهَا فَلَمَّا رأى الحواريون وأصحابهم امْتنَاع نَبِيّهم مِنْهَا خَافُوا أَن يكون نُزُولهَا سخطَة وَفِي أكلهَا مثلَة فتحاموها فَلَمَّا رأى ذَلِك عِيسَى دَعَا لَهَا الْفُقَرَاء والزمنى وَقَالَ: كلوا من رزق ربكُم ودعوة نَبِيكُم واحمدوا الله الَّذِي أنزلهَا لكم يكون مهناها لكم وعقوبتها على غَيْركُمْ وافتتحوا أكلكم بِسم الله واختتموه بِحَمْد الله فَفَعَلُوا فَأكل مِنْهَا ألف وثلثمائة إِنْسَان بَين رجل وَامْرَأَة يصدرون عَنْهَا كل وَاحِد مِنْهُم شبعان يتجشأ وَنظر عِيسَى والحواريون فَإِذا مَا عَلَيْهَا كَهَيئَةِ إِذْ نزلت من السَّمَاء لم ينتقص مِنْهُ شَيْء ثمَّ إِنَّهَا رفعت إِلَى السَّمَاء وهم ينظرُونَ فاستغنى كل فَقير أكل مِنْهَا وبريء كل زمن مِنْهُم أكل مِنْهَا فَلم يزَالُوا أَغْنِيَاء صحاحاً حَتَّى خَرجُوا من الدُّنْيَا وَنَدم الحواريون وأصحابهم الَّذين أَبُو أَن يَأْكُلُوا مِنْهَا ندامة سَأَلت مِنْهَا أشفارهم وَبقيت حسرتها فِي قُلُوبهم إِلَى يَوْم الْمَمَات قَالَ: فَكَانَت الْمَائِدَة إِذا نزلت بعد ذَلِك أَقبلت بَنو إِسْرَائِيل إِلَيْهَا من كل مَكَان يسعون يزاحم بَعضهم بَعْضًا الْأَغْنِيَاء والفقراء وَالنِّسَاء وَالصغَار والكبار والأصحاء والمرضى يركب بَعضهم بَعْضًا فَلَمَّا رأى عِيسَى ذَلِك جعلهَا نوباً بَينهم فَكَانَت تنزل يَوْمًا وَلَا تنزل يَوْمًا فلبثوا فِي ذَلِك أَرْبَعِينَ يَوْمًا تنزل عَلَيْهِم غبا عِنْد ارْتِفَاع الضُّحَى فَلَا تزَال مَوْضُوعَة يُؤْكَل مِنْهَا حَتَّى إِذا قَالُوا ارْتَفَعت عَنْهُم بِإِذن الله إِلَى جو السَّمَاء وهم ينظرُونَ إِلَى ظلها فِي الأَرْض حَتَّى توارى عَنْهُم

فَأوحى الله إِلَى عِيسَى أَن اجْعَل رِزْقِي فِي الْمَائِدَة لِلْيَتَامَى والفقراء والزمنى دون الْأَغْنِيَاء من النَّاس فَلَمَّا فعل الله ذَلِك ارتاب بهَا الْأَغْنِيَاء وغمصوا ذَلِك حَتَّى شكوا فِيهَا فِي أنفسهم وشككوا فِيهَا النَّاس وأذاعوا فِي أمرهَا الْقَبِيح وَالْمُنكر وَأدْركَ الشَّيْطَان مِنْهُم حَاجته وَقذف وساوسه فِي قُلُوب المرتابين حَتَّى قَالُوا لعيسى: أخبرنَا عَن الْمَائِدَة ونزولها من السَّمَاء حق فَإِنَّهُ ارتاب بهَا بشر منا كثير قَالَ عِيسَى: كَذبْتُمْ وإله الْمَسِيح طلبتم الْمَائِدَة إِلَى نَبِيكُم أَن يطْلبهَا لكم إِلَى ربكُم فَلَمَّا أَن فعل وأنزلها الله عَلَيْكُم رَحْمَة وَرِزْقًا وأراكم فِيهَا الْآيَات والعبر كَذبْتُمْ بهَا وشككتم فِيهَا فأبشروا بِالْعَذَابِ فَإِنَّهُ نَازل بكم إِلَّا أَن يَرْحَمكُمْ الله وَأوحى الله إِلَى عِيسَى إِنِّي آخذ المكذبين بشرطي فَإِنِّي معذب مِنْهُم من كفر بالمائدة بعد نُزُولهَا عذَابا لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين فَلَمَّا أَمْسَى المرتابون بهَا وَأخذُوا مضاجعهم فِي أحسن صُورَة من نِسَائِهِم آمِنين فَلَمَّا كَانَ من آخر اللَّيْل مسخهم الله خنازير وَأَصْبحُوا يتتبعون الأقذار فِي الكناسات وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن ابْن عَبَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وأبوالشيخ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يحدث عَن عِيسَى بن مَرْيَم أَنه قَالَ لبني إِسْرَائِيل: هَل لكم أَن تَصُومُوا لله ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثمَّ تسألوه فيعطيكم مَا سَأَلْتُم فَإِن أجر الْعَامِل على من عمل لَهُ فَفَعَلُوا ثمَّ قَالُوا: يَا معلم الْخَيْر قلت لنا إِن أجر الْعَامِل على من عمل لَهُ وأمرتنا أَن نَصُوم ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَفَعَلْنَا وَلم نَكُنْ نعمل لأحد ثَلَاثِينَ يَوْمًا إِلَّا أطعمنَا {هَل يَسْتَطِيع رَبك أَن ينزل علينا مائدة من السَّمَاء} إِلَى قَوْله {أحدا من الْعَالمين} فَأَقْبَلت الْمَلَائِكَة تطير بمائدة من السَّمَاء عَلَيْهَا سَبْعَة أحوات وَسَبْعَة أرغفة حَتَّى وَضَعتهَا بَين أَيْديهم فَأكل مِنْهَا آخر النَّاس كَمَا أكل مِنْهَا أَوَّلهمْ وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وأبوالشيخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمار بن يَاسر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزلت الْمَائِدَة من السَّمَاء خبْزًا وَلَحْمًا وَأمرُوا أَن لَا يخونوا وَلَا يدخروا لغد فخانوا وَادخرُوا وَرفعُوا لغد فمسخوا قردة وَخَنَازِير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن عمار بن يَاسر مَوْقُوفا مثله قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَالْوَقْف أصح

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمار بن يَاسر قَالَ: نزلت الْمَائِدَة عَلَيْهَا ثَمَر من ثَمَر الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمَائِدَة سَمَكَة وأريغفة وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عِكْرِمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَوْلَا بَنو إِسْرَائِيل مَا خنز الْخبز وَلَا أنتن اللَّحْم وَلَكِن خَبَّأوه لغد فأُنتن اللَّحْم وخنز الْخبز وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ فِي قَوْله {أنزل علينا مائدة من السَّمَاء} قَالَ: خبْزًا وسمكاً وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: نزلت الْمَائِدَة وَهِي طَعَام يفور فَكَانُوا يَأْكُلُون مِنْهَا قعُودا فأحدثوا فَرفعت شَيْئا فَأَكَلُوا على الركب ثمَّ أَحْدَثُوا فَرفعت الْبَتَّةَ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كَانَت مائدة يجلس عَلَيْهَا أَرْبَعَة آلَاف فَقَالُوا لقوم من وضعائهم: إِن هَؤُلَاءِ يلطخون ثيابنا علينا فَلَو بنينَا لَهَا دكاناً يرفعها فبنوا لَهَا دكاناً فَجعلت الضُّعَفَاء لَا تصل إِلَى شَيْء فَلَمَّا خالفوا أَمر الله عز وَجل رَفعهَا عَنْهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ قَالَ: الْمَائِدَة سَمَكَة فِيهَا من طعم كل طَعَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة أَن الْخبز الَّذِي أنزل مَعَ الْمَائِدَة كَانَ من أرز وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزل على عِيسَى ابْن مَرْيَم والحواريين خوان عَلَيْهِ خبز وسمك يَأْكُلُون مِنْهُ أَيْنَمَا توَلّوا إِذا شاؤوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْمَائِدَة قَالَ: كَانَ طَعَاما ينزل عَلَيْهِم من السَّمَاء حَيْثُمَا نزلُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: هُوَ الطَّعَام ينزل عَلَيْهِم حَيْثُ نزلُوا وَأخرج ابْن جرير عَن إِسْحَق بن عبد الله أَن الْمَائِدَة نزلت على عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهَا سَبْعَة أرغفة وَسَبْعَة أحوات يَأْكُلُون مِنْهَا مَا شاؤوا فَسرق بَعضهم مِنْهَا وَقَالَ: لَعَلَّهَا لَا تنزل غَدا فَرفعت

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا كَانَت مائدة ينزل عَلَيْهَا الثَّمر من ثمار الْجنَّة وَأمرُوا أَن لَا يخبئوا وَلَا يخونوا وَلَا يدخروا لغد بلَاء أبلاهم الله بِهِ وَكَانُوا إِذا فعلوا شَيْئا من ذَلِك أنبأهم بِهِ عِيسَى فخان الْقَوْم فِيهِ فخبأوا وادَّخَروا لِغدٍ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أنزل على الْمَائِدَة كل شَيْء إِلَّا اللَّحْم والمائدة الخوان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ميسرَة وزاذان قَالَا: كَانَت الْمَائِدَة إِذا وضعت لبني إِسْرَائِيل اخْتلفت الْأَيْدِي فِيهَا بِكُل طَعَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن الْمَائِدَة الَّتِي أنزلهَا الله من السَّمَاء على بني إِسْرَائِيل قَالَ: كَانَ ينزل عَلَيْهِم فِي كل يَوْم فِي تِلْكَ الْمَائِدَة من ثمار الْجنَّة فَأَكَلُوا مَا شاؤوا من ضروب شَتَّى فَكَانَت يقْعد عَلَيْهَا أَرْبَعَة آلَاف فَإِذا أكلُوا أبدل الله مَكَان ذَلِك بِمثلِهِ فلبثوا بذلك مَا شَاءَ الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أنزل علينا مائدة من السَّمَاء} قَالَ: هُوَ مثل ضرب وَلم ينزل عَلَيْهِم شَيْء وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: مائدة عَلَيْهَا طَعَام أَبوهَا حِين عرض عَلَيْهِم الْعَذَاب إِن كفرُوا فَأَبَوا أَن ينزل عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن الْحسن قَالَ: لما قيل لَهُم {فَمن يكفر بعد مِنْكُم فَإِنِّي أعذبه عذَابا} قَالُوا: لَا حَاجَة لنا فِيهَا فَلم تنزل عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِنِّي أعذبه عذَابا لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين} قَالَ: ذكر لنا أَنهم لما صَنَعُوا فِي الْمَائِدَة مَا صَنَعُوا حوِّلوا خنازير وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فَمن يكفر بعد مِنْكُم} بعد مَا جَاءَتْهُ الْمَائِدَة {فَإِنِّي أعذبه عذَابا لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين} يَقُول: أعذبه بِعَذَاب لَا أعذبه أحدا غير أهل الْمَائِدَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة من كفر من أَصْحَاب الْمَائِدَة والمنافقون وَآل فِرْعَوْن

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {إِنِّي منزلهَا} مثقلة - الْآيَة (116 - 117)

116

- أخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: يلقى الله عِيسَى حجَّته وَالله لقاه فِي قَوْله {وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله} قَالَ أبوهريرة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فلقاه الله {سُبْحَانَكَ مَا يكون لي أَن أَقُول مَا لَيْسَ لي بِحَق} الْآيَة كلهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ميسرَة قَالَ: لما {قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله} أرعد كل مفصل مِنْهُ حَتَّى وَقع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن بن صَالح قَالَ: لما قَالَ {أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله} زَالَ كل مفصل لَهُ من مَكَانَهُ خيفة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله} مَتى يكون ذَلِك قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة أَلا ترى أَنه يَقُول {هَذَا يَوْم ينفع الصَّادِقين صدقهم} الْمَائِدَة الْآيَة 119 وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله} قَالَ: لما رفع الله عِيسَى بن مَرْيَم إِلَيْهِ قَالَت النَّصَارَى مَا قَالَت وَزَعَمُوا أَن عِيسَى أَمرهم بذلك

فَسَأَلَهُ عَن قَوْله {قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يكون لي} إِلَى قَوْله {وَأَنت على كل شَيْء شَهِيد} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: احْتج عِيسَى وربه وَالله وَفقه {قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يكون لي أَن أَقُول مَا لَيْسَ لي بِحَق} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق طَاوس عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن عِيسَى حاجه ربه فحاج عِيسَى ربه وَالله لقاه حجَّته بقوله {أَأَنْت قلت للنَّاس} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن جَابر بن عبد الله سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمعت الْأُمَم ودعي كل أنَاس بإمامهم قَالَ: ويدعى عِيسَى فَيَقُول لعيسى {يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله} فَيَقُول {سُبْحَانَكَ مَا يكون لي أَن أَقُول مَا لَيْسَ لي بِحَق} إِلَى قَوْله {يَوْم ينفع الصَّادِقين صدقهم} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج {وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله} وَالنَّاس يسمعُونَ فَرَاجعه بِمَا قد رَأَيْت فَأقر لَهُ بالعبودية على نَفسه فَعلم من كَانَ يَقُول فِي عِيسَى مَا كَانَ يَقُول أَنه إِنَّمَا كَانَ يَقُول بَاطِلا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَن اعبدوا الله رَبِّي وربكم} قَالَ: سَيِّدي وسيدكم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِنَّكُم مَحْشُورُونَ إِلَى الله حُفَاة عُرَاة غرلًا ثمَّ قَرَأَ {كَمَا بدأنا أوّل خلق نعيده وَعدا علينا إِنَّا كُنَّا فاعلين} الْأَنْبِيَاء الْآيَة 104 ثمَّ قَالَ: أَلا وَإِن أول الْخَلَائق يكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم أَلا

وَإنَّهُ يجاء بِرِجَال من أمتِي فَيُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال فَأَقُول: يَا رب أَصْحَابِي أَصْحَابِي فَيُقَال: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك فَأَقُول كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح {وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم فَلَمَّا توفيتني كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم} فَيُقَال: أما هَؤُلَاءِ لم يزَالُوا مرتدين على أَعْقَابهم مذ فَارَقْتهمْ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم} قَالَ: الحفيظ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كنت أَنْت الرَّقِيب} قَالَ: الحفيظ - الْآيَة (118)

118

- أخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي ذَر قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة فَقَرَأَ بِآيَة حَتَّى أصبح يرْكَع بهَا وَيسْجد بهَا {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك} الْآيَة فَلَمَّا أصبح قلت: يَا رَسُول الله مَا زلت تقْرَأ هَذِه الْآيَة حَتَّى أَصبَحت قَالَ: إِنِّي سَأَلت رَبِّي الشَّفَاعَة لأمتي فَأَعْطَانِيهَا وَهِي ائلة إِن شَاءَ الله من لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي ذَر قَالَ قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِآيَة حَتَّى أصبح يُرَدِّدهَا {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وان تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي حسن الظَّن وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا قَول الله فِي إِبْرَاهِيم {رب إنَّهُنَّ أضللن كثيرا من النَّاس فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني} إِبْرَاهِيم الْآيَة 36 الْآيَة وَقَالَ عِيسَى بن مَرْيَم {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وان تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} فَرفع يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أمتِي أمتِي وَبكى فَقَالَ الله: جِبْرِيل اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد فَقل إِنَّا سنرضيك فِي أمتك وَلَا نسوءك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ بَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة يشفع لأمته

فَكَانَ يُصَلِّي بِهَذِهِ الْآيَة {إِن تعذِّبهم فَإِنَّهُم عِبَادك} إِلَى آخر الْآيَة كَانَ بهَا يسْجد وَبهَا يرْكَع وَبهَا يقوم وَبهَا يقْعد حَتَّى أصبح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: قلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله قُمْت اللَّيْلَة بِآيَة من الْقُرْآن ومعك قُرْآن لَو فعل هَذَا بَعْضنَا لوجدنا عَلَيْهِ قَالَ: دَعَوْت لأمتي قَالَ: فَمَاذَا أجبْت قَالَ: أجبْت بِالَّذِي لَو اطَّلع كثير مِنْهُم عَلَيْهِ تركُوا الصَّلَاة قَالَ: أَفلا أبشر النَّاس قَالَ: بلَى فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله إِنَّك إِن تبْعَث إِلَى النَّاس بِهَذَا نكلوا عَن الْعِبَادَة فناداه أَن ارْجع فَرجع وتلا الْآيَة الَّتِي يتلوها {إِن تعذِّبهم فَإِنَّهُم عِبَادك وان تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك} يَقُول: عبيدك قد استوجبوا الْعَذَاب بمقالتهم {وَإِن تغْفر لَهُم} أَي من تركت مِنْهُم وَمد فِي عمره حَتَّى أهبط من السَّمَاء إِلَى الأَرْض يقتل الدَّجَّال فنزلوا عَن مقالتهم ووحدوك وأقروا إِنَّا عبيد {وَإِن تغْفر لَهُم} حَيْثُ رجعُوا عَن مقالتهم {فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك} يَقُول: إِن تُعَذبهُمْ تميتهم بنصرانيتهم فيحق عَلَيْهِم الْعَذَاب فَإِنَّهُم عِبَادك {وان تغْفر لَهُم} فتخرجهم من النَّصْرَانِيَّة وتهديهم إِلَى الْإِسْلَام {فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} هَذَا قَول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي الدُّنْيَا - الْآيَة (119 - 120)

119

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {هَذَا يَوْم ينفع الصَّادِقين صدقهم} قَالَ: يَقُول هَذَا يَوْم ينفع الْمُوَحِّدين توحيدهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {قَالَ الله هَذَا يَوْم ينفع الصَّادِقين صدقهم} قَالَ: هَذَا فصل بَين كَلَام عِيسَى وَهَذَا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: متكلمان تكلما يَوْم الْقِيَامَة نَبِي الله عِيسَى وإبليس عَدو الله فَأَما إِبْلِيس فَيَقُول {إِن الله وَعدكُم وعد الْحق} إِبْرَاهِيم الْآيَة 42 إِلَى قَوْله {إِلَّا أَن دعوتكم فاستجبتم} لي وَصدق عَدو الله يَوْمئِذٍ وَكَانَ فِي الدُّنْيَا كَاذِبًا وَأما عِيسَى فَمَا قصّ الله عَلَيْكُم فِي قَوْله {وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى ابْن مَرْيَم أَأَنْت قلت للنَّاس اتخذوني وَأمي إِلَهَيْنِ من دون الله قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يكون لي} الْمَائِدَة الْآيَة 116 إِلَى آخر الْآيَة: {قَالَ الله هَذَا يَوْم ينفع الصَّادِقين صدقهم} وَكَانَ صَادِقا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَبعد الْمَوْت قَوْله تَعَالَى: {لله ملك السَّمَاوَات} الْآيَة أخرج أبوعبيد فِي فضائله عَن أبي الزَّاهِرِيَّة أَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ كتب فِي آخر الْمَائِدَة لله ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالله سميع بَصِير

(6) سُورَة الْأَنْعَام مَكِّيَّة وآياتها خمس وَسِتُّونَ وَمِائَة أخرج ابْن الضريس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت سُورَة الْأَنْعَام بِمَكَّة وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة وَابْن الضريس فِي فضائلهما وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْعَام بِمَكَّة لَيْلًا جملَة حولهَا سَبْعُونَ ألف ملك يجأرون بالتسبيح وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت سُورَة الْأَنْعَام جَمِيعًا بِمَكَّة مَعهَا موكب من الْمَلَائِكَة يشيعونها قد طبقوا مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لَهُم زجل بالتسبيح حَتَّى كَادَت الأَرْض أَن ترتج من زجلهم بالتسبيح ارتجاجا فَلَمَّا سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زجلهم بالتسبيح رعب من ذَاك فَخر سَاجِدا حَتَّى أنزلت عَلَيْهِ بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْعَام يشيعها سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء قَالَت: نزلت سُورَة الْأَنْعَام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي مسير فِي زجل من الْمَلَائِكَة وَقد نظموا مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: نزلت سُورَة الْأَنْعَام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جملَة وَاحِدَة وَأَنا آخذة بزمام نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن كَادَت من ثقلهَا لتكسر عِظَام النَّاقة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلت عَليّ سُورَة الْأَنْعَام جملَة وَاحِدَة يشيعها سَبْعُونَ ألف ملك لَهُم زجل بالتسبيح والتحميد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان والسلفي فِي

الطيوريات عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلت عَليّ سُورَة الْأَنْعَام وَمَعَهَا موكب من الْمَلَائِكَة يسد مَا بَين الْخَافِقين لَهُم زجل بالتسبيح وَالتَّقْدِيس وَالْأَرْض ترتج وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: سُبْحَانَ الله الْعَظِيم سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والإسماعيلي فِي مُعْجَمه عَن جَابر قَالَ: لما نزلت سُورَة الْأَنْعَام سبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ لقد شيع هَذِه السُّورَة من الْمَلَائِكَة مَا سد الْأُفق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه والخطيب فِي تَارِيخه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: أنزل الْقُرْآن خمْسا خمْسا وَمن حفظ خمْسا خمْسا لم ينسه إِلَّا سُورَة الْأَنْعَام فَإِنَّهَا نزلت جملَة فِي ألف يشيعها من كل سَمَاء سَبْعُونَ ملكا حَتَّى أدوها إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قُرِئت على عليل إِلَّا شفَاه الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزلت عَليّ سُورَة الْأَنْعَام جملَة وَاحِدَة يشيعها سَبْعُونَ ألف ملك لَهُم زجل بالتسبيح والتحميد وَالتَّكْبِير والتهليل وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُورَة الْأَنْعَام نزلت بِمَكَّة جملَة وَاحِدَة فَهِيَ مَكِّيَّة إِلَّا ثَلَاث آيَات مِنْهَا نزلتا بِالْمَدِينَةِ {قل تَعَالَوْا أتل} الْأَنْعَام الْآيَات 151 - 153 إِلَى تَمام الْآيَات الثَّلَاث وَأخرج الديلمي بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس مَرْفُوعا يُنَادي مناديا: قارىء سُورَة الْأَنْعَام هَلُمَّ إِلَى الْجنَّة بحبك إِيَّاهَا وتلاوتها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْعَام كلهَا جملَة مَعهَا خَمْسمِائَة ملك يزفونها ويحفونها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْعَام جَمِيعًا مَعهَا سَبْعُونَ ألف ملك كلهَا مَكِّيَّة إِلَّا {وَلَو أننا نزلنَا إِلَيْهِم الْمَلَائِكَة} الْأَنْعَام الْآيَة 111 فَإِنَّهَا مَدَنِيَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: لما نزلت سُورَة الْأَنْعَام سبح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ لقد شيع هَذِه السُّورَة من الْمَلَائِكَة مَا سد الْأُفق وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَإِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَعبد بن حميد عَن شهر بن

حَوْشَب قَالَ: نزلت الْأَنْعَام جملَة وَاحِدَة مَعهَا رجز من الْمَلَائِكَة قد نظموا مَا بَين السَّمَاء الدُّنْيَا إِلَى الأَرْض قَالَ: وَهِي مَكِّيَّة غير آيَتَيْنِ {قل تَعَالَوْا أتل مَا حرم ربكُم عَلَيْكُم} الْأَنْعَام الْآيَات 151 - 152 وَالْآيَة الَّتِي بعْدهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: أنزلت الْأَنْعَام جَمِيعًا وَمَعَهَا سَبْعُونَ ألف ملك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: نزلت الْأَنْعَام كلهَا بِمَكَّة إِلَّا آيَتَيْنِ نزلتا بِالْمَدِينَةِ فِي رجل من الْيَهُود وَهُوَ الَّذِي قَالَ {مَا أنزل الله على بشر من شَيْء} الْأَنْعَام الْآيَة 91 الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان قَالَ: نزلت الْأَنْعَام كلهَا بِمَكَّة إِلَّا آيَتَيْنِ نزلتا بِالْمَدِينَةِ فِي رجل من الْيَهُود وَهُوَ الَّذِي قَالَ {مَا أنزل الله على بشر من شَيْء} الْأَنْعَام الْآيَة 91 وَهُوَ فنحَاص الْيَهُودِيّ أَو مَالك بن الصَّيف وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة فِي فضائله والدارمي فِي مُسْنده وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَأَبُو الشَّيْخ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: الْأَنْعَام من مواجب الْقُرْآن وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْأَنْعَام من مواجب الْقُرْآن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن حبيب أبي مُحَمَّد العابد قَالَ: من قَرَأَ ثَلَاث آيَات من أول الْأَنْعَام إِلَى تكسبون بعث الله لَهُ سبعين ألف ملك يدعونَ لَهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَله مثل أَعْمَالهم فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أدخلهُ الله الْجنَّة وسقاه من سلسبيل وغسله من الْكَوْثَر وَقَالَ: أَنا رَبك حَقًا وَأَنت عَبدِي حَقًا وَأخرج ابْن الضريس عَن حبيب بن عِيسَى عَن أبي مُحَمَّد الْفَارِسِي قَالَ: من قَرَأَ ثَلَاث آيَات من أول سُورَة الْأَنْعَام بعث الله سبعين ألف ملك يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَله مثل أُجُورهم فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أدخلهُ الله الْجنَّة أظلهُ فِي ظلّ عَرْشه وأطعمه من ثمار الْجنَّة وَشرب من الْكَوْثَر واغتسل من السلسبيل وَقَالَ الله: أَنا رَبك وَأَنت عَبدِي وَأخرج السلَفِي بِسَنَدِهِ واه عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا قَالَ من قَرَأَ إِذا صلى الْغَدَاة

ثَلَاث آيَات من أول سُورَة الْأَنْعَام إِلَى {وَيعلم مَا تكسبون} نزل إِلَيْهِ أَرْبَعُونَ ألف ملك يكْتب لَهُ مثل أَعْمَالهم وَبعث إِلَيْهِ ملك من سبع سموات وَمَعَهُ مرزبة من حَدِيد فَإِن أوحى الشَّيْطَان فِي قلبه شَيْئا من الشَّرّ ضربه حَتَّى يكون بَينه وَبَينه سَبْعُونَ حِجَابا فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الله تَعَالَى: أَنا رَبك وَأَنت عَبدِي: امش فِي ظِلِّي واشرب من الْكَوْثَر واغتسل من السلسبيل وادخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَلَا عَذَاب وَأخرج الديلمي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى الْفجْر فِي جمَاعَة وَقعد فِي مُصَلَّاهُ وَقَرَأَ ثَلَاث آيَات من أول سُورَة الانعام وكل الله بِهِ سبعين ملكا يسبحون الله وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ إِلَى الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن حُذَيْفَة أَنه مر بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة وَهُوَ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد قَالَ: فَقُمْت أُصَلِّي وَرَاءه فَاسْتَفْتَحَ سُورَة الْبَقَرَة فَلَمَّا ختم قَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد اللَّهُمَّ لَك الْحَمد وترا ثمَّ افْتتح آل عمرَان فختمها فَلم يرْكَع وَقَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد ثَلَاث مَرَّات ثمَّ افْتتح سُورَة الْمَائِدَة فختمها فَرَكَعَ فَسَمعته يَقُول: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم وَيرجع شَفَتَيْه فَاعْلَم انه يَقُول: غير ذَلِك ثمَّ افْتتح سُورَة الْأَنْعَام فتركته وَذَهَبت - الْآيَة (1)

الأنعام

- أخرج ابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب قَالَ: فتحت التَّوْرَاة {الْحَمد لله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَجعل الظُّلُمَات والنور ثمَّ الَّذين كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ} وختمت {الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا} الى قَوْله {وَكبره تَكْبِيرا} وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس {الْحَمد لله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَجعل الظُّلُمَات والنور ثمَّ الَّذين كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ} قَالَ: هِيَ فِي التَّوْرَاة بستمائة آيَة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {الْحَمد لله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} حمد نَفسه فأعظم خلقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ أَنه أَتَاهُ رجل من الْخَوَارِج فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَجعل الظُّلُمَات والنور ثمَّ الَّذين كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ أَلَيْسَ كَذَلِك قَالَ: نعم فَانْصَرف عَنهُ ثمَّ قَالَ: ارْجع فَرجع فَقَالَ: أَي قل إِنَّمَا أنزلت فِي أهل الْكتاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي عَن أَبِيه أَنه أَتَاهُ رجل من الْخَوَارِج فَقَرَأَ عَلَيْهِ {الْحَمد لله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَجعل الظُّلُمَات والنور} الْآيَة ثمَّ قَالَ: أَلَيْسَ الَّذِي كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ قَالَ: بلَى فَانْصَرف عَنهُ الرجل فَقَالَ لَهُ رجل من الْقَوْم: يَا ابْن ابزى إِن هَذَا أَرَادَ تَفْسِير الْآيَة غير مَا ترى إِنَّه رجل من الْخَوَارِج قَالَ: ردُّوهُ عَليّ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: أَتَدْرِي فِيمَن أنزلت هَذِه الْآيَة قَالَ: لَا قَالَ: نزلت فِي أهل الْكتاب فَلَا تضعها فِي غير موضعهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الزَّنَادِقَة {الْحَمد لله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَجعل الظُّلُمَات والنور} قَالَ: قَالُوا: إِن الله لم يخلق الظلمَة وَلَا الخنافس وَلَا العقارب وَلَا شَيْئا قبيحاً وَإِنَّمَا خلق النُّور وكل شَيْء حسن فَأنْزل فيهم هَذِه الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: نزل جِبْرِيل مَعَ سبعين ألف ملك مَعَهم سُورَة الْأَنْعَام لَهُم زجل من التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير والتهليل والتحميد وَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَكَانَ فِيهِ رد على ثَلَاثَة أَدْيَان مِنْهُم فَكَانَ فِيهِ رد على الدهرية لِأَن الْأَشْيَاء كلهَا دائمة ثمَّ قَالَ: {وَجعل الظُّلُمَات والنور} فَكَانَ فِيهِ رد على الْمَجُوس الَّذين زَعَمُوا أَن الظلمَة والنور هما المدبران وَقَالَ {ثمَّ الَّذين كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ} فَكَانَ فِيهِ رد على مُشْركي الْعَرَب وَمن دَعَا دون الله إِلَهًا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي روق قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن {جعل} فَهُوَ خلق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وَجعل الظُّلُمَات والنور} قَالَ: الْكفْر وَالْإِيمَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن

قَتَادَة فِي قَوْله {الْحَمد لله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَجعل الظُّلُمَات والنور} قَالَ: خلق الله السَّمَوَات قبل الأَرْض والظلمة قبل النُّور وَالْجنَّة قبل النَّار {ثمَّ الَّذين كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ} قَالَ: كذب الْعَادِلُونَ بِاللَّه فَهَؤُلَاءِ أهل الشّرك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَجعل الظُّلُمَات والنور} قَالَ: الظُّلُمَات ظلمَة اللَّيْل والنور نور النَّهَار {ثمَّ الَّذين كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ} قَالَ: هم الْمُشْركُونَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ثمَّ الَّذين كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ} قَالَ: يشركُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {ثمَّ الَّذين كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ} قَالَ: الْآلهَة الَّتِي عبدوها عدلوها بِاللَّه تَعَالَى وَلَيْسَ لله عدل وَلَا ند وَلَيْسَ مَعَه آلِهَة وَلَا اتخذ صَاحِبَة وَلَا ولدا - الْآيَة (2 - 5)

2

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {هُوَ الَّذِي خَلقكُم من طين} يَعْنِي آدم {ثمَّ قضى أَََجَلًا} يَعْنِي أجل الْمَوْت {وَأجل مُسَمّى عِنْده} أجل السَّاعَة وَالْوُقُوف عِنْد الله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ قضى أَََجَلًا} قَالَ: أجل الدُّنْيَا وَفِي لفظ: أجل مَوته {وَأجل مُسَمّى عِنْده} قَالَ: الْآخِرَة لَا يُعلمهُ إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {قضى أَََجَلًا} قَالَ: هُوَ النّوم يقبض الله فِيهِ الرّوح ثمَّ يرجع إِلَى صَاحبه حِين الْيَقَظَة {وَأجل مُسَمّى عِنْده} قَالَ: هُوَ أجل موت الإِنسان

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي خَلقكُم من طين} قَالَ: هَذَا بَدْء الْخلق خلق آدم من طين {ثمَّ جعل نَسْله من سلالة من مَاء مهين} السَّجْدَة الْآيَة 8 {ثمَّ قضى أَََجَلًا وَأجل مُسَمّى عِنْده} يَقُول: أجل حياتك إِلَى يَوْم تَمُوت وَأجل موتك إِلَى يَوْم الْبَعْث {ثمَّ أَنْتُم تمترون} قَالَ: تشكون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ثمَّ قضى أَََجَلًا} قَالَ: أجل الدُّنْيَا الْمَوْت {وَأجل مُسَمّى عِنْده} قَالَ: الْآخِرَه الْبَعْث وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة وَالْحسن فِي قَوْله {قضى أَََجَلًا} قَالَا: قضى أجل الدُّنْيَا مُنْذُ خلقت إِلَى أَن تَمُوت {وَأجل مُسَمّى عِنْده} قَالَ: يَوْم القيامه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي {قضى أَََجَلًا} قَالَ: مَا خلق فِي سِتَّة أَيَّام {وَأجل مُسَمّى عِنْده} قَالَ: مَا كَانَ بعد ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {ثمَّ أَنْتُم تمترون} قَالَ: تشكون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خَالِد بن معدان فِي قَوْله {ثمَّ أَنْتُم تمترون} يَقُول يَقُول: فِي الْبَعْث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله وَمَا {وَمَا تأتيهم من آيَة من آيَات رَبهم إِلَّا كَانُوا عَنْهَا معرضين} يَقُول: مَا يَأْتِيهم من شَيْء من كتاب الله إِلَّا أَعرضُوا عَنهُ وَفِي قَوْله {فقد كذبُوا بِالْحَقِّ لما جَاءَهُم فَسَوف يَأْتِيهم أنباء مَا كَانُوا بِهِ يستهزؤون} يَقُول: سيأتيهم يَوْم الْقِيَامَة أنباء مَا استهزأوا بِهِ من كتاب الله عز وَجل - الْآيَة (6)

6

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {من قرن} قَالَ: أمة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مكناهم فِي الأَرْض مَا لم نمكن لكم} يَقُول: أعطيناهم مَا لم نعطكم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مدراراً} يَقُول: يتبع بَعْضهَا بَعْضًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن هَارُون التَّمِيمِي فِي قَوْله {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مدراراً} قَالَ: الْمَطَر فِي إبانه - الْآيَة (7)

7

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَو نزلنَا عَلَيْك كتابا فِي قرطاس فلمسوه بِأَيْدِيهِم} يَقُول: لَو أنزلنَا من السَّمَاء صحفاً فِيهَا كتاب فلمسوه بِأَيْدِيهِم لزادهم ذَلِك تَكْذِيبًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَو نزلنَا عَلَيْك كتابا فِي قرطاس} يَقُول: فِي صحيفَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فلمسوه بِأَيْدِيهِم} يَقُول: فعاينوه مُعَاينَة ومسوه بِأَيْدِيهِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فلمسوه بِأَيْدِيهِم} قَالَ: فمسوه ونظروا إِلَيْهِ لم يصدقُوا بِهِ - الْآيَة (8 - 9)

8

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق قَالَ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قومه إِلَى الإِسلام وكلمهم فابلغ إِلَيْهِم فِيمَا بَلغنِي فَقَالَ لَهُ زَمعَة بن الْأسود بن الْمطلب وَالنضْر بن الْحَارِث بن كلدة وَعَبدَة بن عبد يَغُوث وَأبي بن خلف بن وهب والعاصي بن وَائِل بن هِشَام: لَو جعل مَعَك يَا مُحَمَّد ملك يحدث عَنْك النَّاس وَيرى مَعَك فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْلهم {وَقَالُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ ملك} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقَالُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ ملك} قَالَ: ملك فِي صُورَة رجل {وَلَو أنزلنَا ملكا لقضي الْأَمر} قَالَ: لقامت السَّاعَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَو أنزلنَا ملكا لقضي الْأَمر} يَقُول: لَو أنزل الله ملكا ثمَّ لم يُؤمنُوا لعجَّل لَهُم الْعَذَاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وَلَو أنزلنَا ملكا} قَالَ: وَلَو أَتَاهُم ملك فِي صورته {لقضي الْأَمر} لأهلكناهم {ثمَّ لَا ينظرُونَ} لَا يؤخرون {وَلَو جَعَلْنَاهُ ملكا لجعلناه رجلا} يَقُول: لَو أَتَاهُم ملك مَا أَتَاهُم إِلَّا فِي صُورَة رجل لأَنهم لَا يَسْتَطِيعُونَ النّظر إِلَى الْمَلَائِكَة {وللبسنا عَلَيْهِم مَا يلبسُونَ} يَقُول: لخلطنا عَلَيْهِم مَا يخلطون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَو جَعَلْنَاهُ ملكا لجعلناه رجلا} قَالَ: فِي صُورَة رجل وَفِي خلق رجل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَو جَعَلْنَاهُ ملكا لجعلناه رجلا} يَقُول: فِي صُورَة آدَمِيّ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلَو جَعَلْنَاهُ ملكا لجعلناه رجلا} قَالَ: لجعلنا ذَلِك الْملك فِي صُورَة رجل لم نرسله فِي صُورَة الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وللبسنا عَلَيْهِم} يَقُول: شبهنا عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وللبسنا عَلَيْهِم مَا يلبسُونَ} يَقُول: شبهنا عَلَيْهِم مَا يشبهون على أنفسهم

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وللبسنا عَلَيْهِم مَا يلبسُونَ} يَقُول: مَا لبس قوم على أنفسهم إِلَّا لبس الله عَلَيْهِم واللبس إِنَّمَا هُوَ من النَّاس قد بَين الله للعباد وَبعث رسله وَاتخذ عَلَيْهِم الْحجَّة وأراهم الْآيَات وَقدم إِلَيْهِم بالوعيد - الْآيَة (10)

10

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا بَلغنِي بالوليد بن الْمُغيرَة وَأُميَّة بن خلف وَأبي جهل بن هِشَام فهمزوه واستهزؤا بِهِ فَغَاظَهُ ذَلِك فَأنْزل الله {وَلَقَد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا مِنْهُم مَا كَانُوا بِهِ يستهزؤون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {فحاق بالذين سخروا مِنْهُم} من الرُّسُل {مَا كَانُوا بِهِ يستهزؤون} يَقُول: وَقع بهم الْعَذَاب الَّذِي استهزؤا بِهِ - الْآيَة (11 - 12)

11

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قل سِيرُوا فِي الأَرْض ثمَّ انْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المكذبين} قَالَ: بئس - وَالله - مَا كَانَ عَاقِبَة المكذبين دمر الله عَلَيْهِم وأهلكهم ثمَّ صيرهم إِلَى النَّار أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سلمَان فِي قَوْله {كتب على نَفسه الرَّحْمَة} قَالَ: إِنَّا نجده فِي التَّوْرَاة عطيفتين أَن الله خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ثمَّ جعل مائَة رَحْمَة قبل أَن يخلق الْخلق ثمَّ خلق

الْخلق فَوضع بَينهم وَاحِدَة وَأمْسك عِنْده تسعا وَتِسْعين رَحْمَة فِيهَا يتراحمون وَبهَا يتعاطفون وَبهَا يتباذلون وَبهَا يتزاورون وَبهَا تحن النَّاقة وَبهَا تنْتج الْبَقَرَة وَبهَا تَيْعر الشَّاة وَبهَا تتَابع الطير وَبهَا تتَابع الْحيتَان فِي الْبَحْر فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع تِلْكَ الرَّحْمَة إِلَى مَا عِنْده وَرَحمته أفضل وأوسع وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سلمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خلق الله يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض مائَة رَحْمَة مِنْهَا رَحْمَة يتراحم بهَا الْخلق وتسع وَتسْعُونَ ليَوْم الْقِيَامَة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أكملها بِهَذِهِ الرَّحْمَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قضى الله الْخلق كتب كتابا فَوَضعه عِنْده فَوق الْعَرْش: ان رَحْمَتي سبقت غَضَبي وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما خلق الله الْخلق كتب كتابا بِيَدِهِ على نَفسه: إِن رَحْمَتي تغلب غَضَبي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا فرغ الله من الْقَضَاء بَين الْخلق أخرج كتابا من تَحت الْعَرْش: إِن رَحْمَتي سبقت غَضَبي وَأَنا أرْحم الرَّاحِمِينَ فَيقبض قَبْضَة أَو قبضتين فَيخرج من النَّار خلق كثير لم يعملوا خيرا: مَكْتُوب بَين أَعينهم عُتَقَاء الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله كتب كتابا بِيَدِهِ لنَفسِهِ قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَوَضعه تَحت عَرْشه فِيهِ: رَحْمَتي سبقت غَضَبي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن طَاوس أَن الله لما خلق الْخلق لم يعْطف شَيْء مِنْهُ على شَيْء حَتَّى خلق مائَة رَحْمَة فَوضع بَينهم رَحْمَة وَاحِدَة فعطف بعض الْخلق على بعض وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة حسبته أسْندهُ قَالَ: إِذا فرغ الله من الْقَضَاء بَين خلقه أخرج كتابا من تَحت الْعَرْش فِيهِ: إِن رَحْمَتي سبقت غَضَبي وَأَنا أرْحم الرَّاحِمِينَ قَالَ: فَيخرج من النَّار مثل أهل الْجنَّة أَو قَالَ مثلا أهل الْجنَّة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن لله مائَة رَحْمَة فاهبط مِنْهَا رَحْمَة وَاحِدَة إِلَى أهل الدُّنْيَا يتراحم بهَا الْجِنّ وَالْإِنْس وطائر السَّمَاء وحيتان المَاء ودواب الأَرْض وهوامها وَمَا بَين الْهَوَاء واختزن عِنْده تسعا وَتِسْعين رَحْمَة حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة اختلج الرَّحْمَة الَّتِي كَانَ أهبطها إِلَى أهل الدُّنْيَا فحواها إِلَى مَا عِنْده فَجَعلهَا فِي قُلُوب أهل الْجنَّة وعَلى أهل الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْمخَارِق زُهَيْر بن سَالم قَالَ: قَالَ عمر لكعب: مَا أول شَيْء ابتدأه الله من خلقه فَقَالَ كَعْب: كتب الله كتابا لم يَكْتُبهُ بقلم وَلَا مدد وَلَكِن كتب بِأُصْبُعِهِ يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت: أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا سبقت رَحْمَتي غَضَبي وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب حسن الظَّن بِاللَّه عَن أبي قَتَادَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله للْمَلَائكَة: أَلا أحدثكُم عَن عَبْدَيْنِ من بني إِسْرَائِيل أما أَحدهمَا فَيرى بَنو إِسْرَائِيل أَنه أفضلهما فِي الدّين وَالْعلم والخلق وَالْآخر أَنه مُسْرِف على نَفسه فَذكر عِنْد صَاحبه فَقَالَ: لن يغْفر الله لَهُ فَقَالَ: ألم يعلم أَنِّي أرْحم الرَّاحِمِينَ ألم يعلم رَحْمَتي سبقت غَضَبي وَإِنِّي أوجبت لهَذَا الْعَذَاب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَلَا تألوا على الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله خلق يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض مائَة رَحْمَة فَجعل فِي الأَرْض مِنْهَا رَحْمَة فِيهَا تعطف الوالدة على وَلَدهَا والبهائم بَعْضهَا على بعض وَأخر تسعا وَتِسْعين إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أكملها بِهَذِهِ الرَّحْمَة مائَة رَحْمَة وَأخرج مُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله خلق يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض مائَة رَحْمَة كل رَحْمَة طباق مَا بَين السَّمَوَات وَالْأَرْض فَجعل مِنْهَا فِي الأَرْض رَحْمَة فبها تعطف الوالدة على وَلَدهَا والوحش وَالطير بَعْضهَا على بعض فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أكملها بِهَذِهِ الرَّحْمَة - الْآيَة (13 - 18)

13

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَله مَا سكن فِي اللَّيْل وَالنَّهَار} يَقُول: مَا اسْتَقر فِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَفِي قَوْله {قل أغير الله أَتَّخِذ وليا} قَالَ: أما الْوَلِيّ فَالَّذِي يَتَوَلَّاهُ ويقر لَهُ بالربوبية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة فِي فضائله وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت لَا أَدْرِي مَا فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَتَّى أَتَانِي اعرابيان يختصمان فِي بِئْر فَقَالَ أَحدهمَا: أَنا فطرتها يَقُول: أَنا ابْتَدَأتهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: خَالق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَهُوَ يطعِم وَلَا يطعَم} قَالَ: يرْزق وَلَا يُرزق وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن السّني وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ دَعَا رجل من الْأَنْصَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلَقْنَا مَعَه فَلَمَّا طعَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغسل يَده قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي يطعم وَلَا يطعم ومنَّ علينا فهدانا وأطعمنا وَسَقَانَا وكل بلَاء حسن أبلانا الْحَمد لله غير مُودع رَبِّي وَلَا مكفأ وَلَا مكفور وَلَا مستغني عَنهُ الْحَمد لله الَّذِي أطعمنَا من الطَّعَام وَسَقَانَا من الشَّرَاب وكسانا من العرى وهدانا

من الضلال وبصرنا من الْعَمى وفضلنا على كثير من خلقه تَفْضِيلًا الْحَمد لله رب الْعَالمين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {من يصرف عَنهُ يَوْمئِذٍ} قَالَ: من يصرف عَنهُ الْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق بشر بن السّري عَن هَارُون النَّحْوِيّ قَالَ: فِي قِرَاءَة أبي (من يصرفهُ الله) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَإِن يمسسك بِخَير} يَقُول: بعافية - الْآيَة (19)

19

- أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ النحام بن زيد وقردم بن كَعْب وبحرى بن عَمْرو فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد مَا تعلم مَعَ الله إِلَهًا غَيره فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا إِلَه إِلَّا الله بذلك بعثت وَإِلَى ذَلِك أَدْعُو فَأنْزل الله فِي قَوْلهم {قل أَي شَيْء أكبر شَهَادَة} الْآيَة وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قل أَي شَيْء أكبر شَهَادَة} قَالَ: أَمر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يسْأَل قُريْشًا أَي شَيْء أكبر شَهَادَة ثمَّ امْرَهْ أَن يُخْبِرهُمْ فَيَقُول: الله شَهِيد بيني وَبَيْنكُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس {وأوحي إليَّ هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ} يَعْنِي أهل مَكَّة {وَمن بلغ} يَعْنِي من بلغه هَذَا الْقُرْآن فَهُوَ لَهُ نَذِير وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وأوحي إليَّ هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ} كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كسْرَى وَقَيْصَر وَالنَّجَاشِي وكل جَبَّار يَدعُوهُم إِلَى الله عز وَجل وَلَيْسَ بالنجاشي الَّذِي صلي عَلَيْهِ

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي بن كَعْب قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأسَارَى فَقَالَ لَهُم: هَل دعيتم إِلَى الْإِسْلَام قَالُوا: لَا فخلى سبيلهم ثمَّ قَرَأَ {وأوحي إليَّ هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ وَمن بلغ} ثمَّ قَالَ: خلوا سبيلهم حَتَّى يَأْتُوا مَا مِنْهُم من أجل أَنهم لم يدعوا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم والخطيب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بلغه الْقُرْآن فَكَأَنَّمَا شافهته بِهِ ثمَّ قَرَأَ {وأوحي إليَّ هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ وَمن بلغ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {وأوحي إليَّ هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ وَمن بلغ} قَالَ: من بلغه الْقُرْآن فَكَأَنَّمَا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي لفظ: من بلغه الْقُرْآن حَتَّى يفهمهُ ويعقله كَانَ كمن عاين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَلمه وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وأوحي إليَّ هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ} قَالَ: الْعَرَب {وَمن بلغ} قَالَ: الْعَجم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن بن صَالح قَالَ: سَأَلت ليثاً هَل بَقِي أحد لم تبلغه الدعْوَة قَالَ: كَانَ مُجَاهِد يَقُول: حَيْثُمَا يَأْتِي الْقُرْآن فَهُوَ دَاع وَهُوَ نَذِير ثمَّ قَرَأَ {لأنذركم بِهِ وَمن بلغ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وأوحي إليَّ هَذَا الْقُرْآن لأنذركم بِهِ وَمن بلغ} أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول بلغُوا عَن الله فَمن بلغته آيَة من كتاب الله فقد بلغه أَمر الله وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس بلغُوا وَلَو آيَة من كتاب الله فَمن بلغته آيَة من كتاب الله فقد بلغه أَمر الله أَخذهَا أَو تَركهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر وَعَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بلغُوا عني وَلَو آيَة وَحَدثُوا عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج وَمن كذب عليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: كَأَن النَّاس لم يسمعوا الْقُرْآن قبل يَوْم الْقِيَامَة حِين يتلوه الله عَلَيْهِم.

- الْآيَة (20)

20

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يعرفونه كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم} الْآيَة يَعْنِي يعْرفُونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم لِأَن نَعته مَعَهم فِي التَّوْرَاة {الَّذين خسروا أنفسهم فهم لَا يُؤمنُونَ} لأَنهم كفرُوا بِهِ بعد الْمعرفَة - الْآيَة (21 - 22)

21

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ النَّضر وَهُوَ من بني عبد الدَّار: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة شفعت لي اللات والعزى فَأنْزل الله {وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو كذب بآياته إِنَّه لَا يفلح الظَّالِمُونَ} - الْآيَة (23 - 24)

23

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {ثمَّ لم تكن فتنتهم} قَالَ: معذرتهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {ثمَّ لم تكن فتنتهم} قَالَ: حجتهم {إِلَّا أَن قَالُوا وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين} يَعْنِي الْمُنَافِقين وَالْمُشْرِكين قَالُوا وهم فِي النَّار: هَلُمَّ فلنكذب فَلَعَلَّهُ أَن ينفعنا فَقَالَ الله {أنظر كَيفَ كذبُوا على أنفسهم وضلّ عَنْهُم} فِي الْقِيَامَة {مَا كَانُوا يفترون} يكذبُون فِي الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (ثمَّ لم تكن فتنتهم) بِالنّصب (إِلَّا أَن قَالُوا وَالله رَبنَا) بالخفض

وَأخرج عبد بن حميد عَن شُعَيْب بن الْحجاب سَمِعت الشّعبِيّ يقْرَأ (وَالله رَبنَا) بِالنّصب فَقلت: إِن أَصْحَاب النَّحْو يقرأونها (وَالله رَبنَا) بالخفض فَقَالَ: هَكَذَا أَقْرَأَنيهَا عَلْقَمَة بن قيس وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَلْقَمَة أَنه قَرَأَ (وَالله رَبنَا) وَالله يَا رَبنَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين} ثمَّ قَالَ {وَلَا يكتمون الله حَدِيثا} النِّسَاء الْآيَة 42 قَالَ: بجوارحهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين} قَالَ: قَول أهل الشّرك حِين رَأَوْا الذُّنُوب تغْفر وَلَا يغْفر الله لِمُشْرِكٍ {أنظر كَيفَ كذبُوا على أنفسهم} قَالَ: بتكذيب الله إيَّاهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف (وَالله رَبنَا) بخفضها قَالَ: حلفوا وَاعْتَذَرُوا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {أنظر كَيفَ كذبُوا على أنفسهم} قَالَ: باعتذارهم بِالْبَاطِلِ وَالْكذب {وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون} قَالَ: مَا كَانُوا يشركُونَ بِهِ - الْآيَة (25)

25

- أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمِنْهُم من يستمع إِلَيْك} قَالَ: قُرَيْش وَفِي قَوْله {وَجَعَلنَا على قُلُوبهم أكنَّة} قَالَ: كالجعبة للنبل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَجَعَلنَا على قُلُوبهم أكنَّة أَن يفقهوه وَفِي آذانهم وقرا}

قَالَ: يسمعونه بآذانهم وَلَا يعون مِنْهُ شَيْئا كَمثل الْبَهِيمَة الَّتِي تسمع النداء وَلَا تَدْرِي مَا يُقَال لَهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَجَعَلنَا على قُلُوبهم أكنَّة} قَالَ: الغطاء أكن قُلُوبهم {أَن يفقهوه} فَلَا يفقهُونَ الْحق {وَفِي آذانهم وقرا} قَالَ: صمم وَفِي قَوْله {أساطير الْأَوَّلين} قَالَ: أساجيع الْأَوَّلين 261 - وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أساطير الْأَوَّلين} قَالَ: أَحَادِيث الْأَوَّلين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أساطير الْأَوَّلين} قَالَ: كذب الْأَوَّلين وباطلهم وَالله أعلم - الْآيَة (26)

26

- أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس {وهم ينهون عَنهُ وينأون عَنهُ} قَالَ: نزلت فِي أبي طَالب كَانَ ينْهَى الْمُشْركين أَن يؤذوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويتباعد عَمَّا جَاءَ بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْقَاسِم بن مخيمرة فِي قَوْله {وهم ينهون عَنهُ وينأون عَنهُ} قَالَ: نزلت فِي أبي طَالب كَانَ ينْهَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُؤْذى وَلَا يصدق بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن دِينَار فِي قَوْله {وهم ينهون عَنهُ وينأون عَنهُ} قَالَ: نزلت فِي أبي طَالب كَانَ ينْهَى النَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وينأى عَمَّا جَاءَ بِهِ من الْهدى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وهم ينهون عَنهُ} قَالَ: ينهون النَّاس عَن مُحَمَّد أَن يُؤمنُوا بِهِ {وينأون عَنهُ} يتباعدون عَنهُ

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وهم ينهون عَنهُ وينأون عَنهُ} يَقُول: لَا يلقونه وَلَا يدعونَ أحدا يَأْتِيهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة فِي قَوْله {وهم ينهون عَنهُ وينأون عَنهُ} قَالَ: كفار مَكَّة كَانُوا يدْفَعُونَ النَّاس عَنهُ وَلَا يجيبون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وهم ينهون} قَالَ: قُرَيْش عَن الذّكر {وينأون عَنهُ} يَقُول: يتباعدون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وهم ينهون عَنهُ} قَالَ: ينهون عَن الْقُرْآن وَعَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وينأون عَنهُ} يتباعدون عَنهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن أبي هِلَال فِي قَوْله {وهم ينهون عَنهُ وينأون عَنهُ} قَالَ: نزلت فِي عمومة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانُوا عشرَة فَكَانُوا أَشد النَّاس مَعَه فِي الْعَلَانِيَة وَأَشد النَّاس عَلَيْهِ فِي السِّرّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {وهم ينهون عَنهُ} قَالَ: عَن قَتله {وينأون عَنهُ} قَالَ: لَا يتبعونه - الْآيَة (27 - 29)

27

- أخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير عَن هرون قَالَ: فِي حرف ابْن مَسْعُود {يَا ليتنا نرد وَلَا نكذب} بِالْفَاءِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بل بدا لَهُم مَا كَانُوا يخفون من قبل} قَالَ: من أَعْمَالهم {وَلَو ردوا لعادوا لما نُهوا عَنهُ} يَقُول: وَلَو وصل الله لَهُم دنيا كدنياهم الَّتِي كَانُوا فِيهَا لعادوا إِلَى أَعْمَالهم أَعمال السوء الَّتِي كَانُوا نهوا عَنْهَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {بل بدا لَهُم مَا كَانُوا يخفون من قبل} يَقُول: بَدَت لَهُم أَعْمَالهم فِي الْآخِرَة الَّتِي افتروا فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فاخبر الله سُبْحَانَهُ أَنهم لَو ردوا لم يقدروا على الْهدى فَقَالَ {وَلَو ردوا لعادوا لما نهوا عَنهُ} أَي وَلَو ردوا إِلَى الدُّنْيَا لحيل بَينهم وَبَين الْهدى كَمَا حلنا بَينهم وَبَينه أول مرّة وهم فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلَو ردوا لعادوا لما نهوا عَنهُ} قَالَ: وَقَالُوا حِين يردون {إِن هِيَ إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا وَمَا نَحن بمبعوثين} - الْآيَة (30 - 31)

30

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْحَسْرَة الندامة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب بِسَنَد صَحِيح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {يَا حسرتنا} قَالَ: الْحَسْرَة أَن يرى أهل النَّار مَنَازِلهمْ من الْجنَّة فِي الْجنَّة فَتلك الْحَسْرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يَا حسرتنا} قَالَ: ندامتنا {على مَا فرَّطنا فِيهَا} قَالَ: ضيعنا من عمل الْجنَّة {وهم يحملون أوزارهم على ظُهُورهمْ} قَالَ: لَيْسَ من رجل ظَالِم يَمُوت فَيدْخل قَبره إِلَّا جَاءَهُ رجل قَبِيح الْوَجْه أسود اللَّوْن منتن الرّيح عَلَيْهِ ثِيَاب دنسة حَتَّى يدْخل مَعَه الْقَبْر فَإِذا رَآهُ قَالَ لَهُ: مَا أقبح وَجهك قَالَ: كَذَلِك كَانَ عَمَلك قبيحاً قَالَ: مَا أنتن رِيحك قَالَ: كَذَلِك كَانَ عَمَلك منتناً قَالَ: مَا أدنس ثِيَابك فَيَقُول: إِن عَمَلك كَانَ دنساً قَالَ: من أَنْت قَالَ: أَنا عَمَلك قَالَ: فَيكون مَعَه فِي قَبره

فَإِذا بعث يَوْم الْقِيَامَة قَالَ لَهُ: إِنِّي كنت أحملك الدُّنْيَا باللذات والشهوات فَأَنت الْيَوْم تحملنِي فيركب على ظَهره فيسوقه حَتَّى يدْخلهُ النَّار فَذَلِك قَوْله {يحملون أوزارهم على ظُهُورهمْ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي قَالَ: إِن الْمُؤمن إِذا خرج من قَبره استقبله عمله فِي أحسن صُورَة وَأطيب ريحًا فَيَقُول لَهُ: هَل تعرفنِي فَيَقُول: لَا إِلَّا أَن الله قد طيب رِيحك وَحسن صُورَتك فَيَقُول: كَذَلِك كنت فِي الدُّنْيَا أَنا عَمَلك الصَّالح طالما ركبتك فِي الدُّنْيَا فاركبني أَنْت الْيَوْم وتلا {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} مَرْيَم الْآيَة 85 وَإِن الْكَافِر يستقبله أقبح شَيْء صُورَة وأنتنه ريحًا فَيَقُول: هَل تعرفنِي فَيَقُول: لَا إِلَّا أَن الله قد قبح صُورَتك ونتن رِيحك فَيَقُول: كَذَلِك كنت فِي الدُّنْيَا أَنا عَمَلك السيء طالما ركبتني فِي الدُّنْيَا فَأَنا الْيَوْم أركبك وتلا {وهم يحملون أوزارهم على ظُهُورهمْ أَلا سَاءَ مَا يزرون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَمْرو بن قيس عَن أبي مَرْزُوق مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَلا سَاءَ مَا يزرون} قَالَ: مَا يعْملُونَ - الْآيَة (32)

32

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كل لعب لَهو - الْآيَة (33)

33

- أخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ والضياء فِي المختارة عَن عليّ قَالَ: قَالَ أَبُو جهل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا لَا نكذبك وَلَكِن نكذب بِمَا جِئْت بِهِ فَأنْزل الله {فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك وَلَكِن الظَّالِمين بآيَات الله يجحدون}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي يزِيد الْمدنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي أَبَا جهل فَجعل أَبُو جهل يلاطفه ويسائله فَمر بِهِ بعض شياطينه فَقَالَ: أتفعل هَذَا قَالَ: أَي وَالله إِنِّي لأَفْعَل بِهِ هَذَا وَإِنِّي لاعلم أَنه صَادِق وَلَكِن مَتى كُنَّا تبعا لبني عبد منَاف وتلا أَبُو يزِيد {فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ميسرَة قَالَ مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ أبي جهل فَقَالَ: وَالله يَا مُحَمَّد مَا نكذبك أَنَّك عندنَا لمصدق وَلَكنَّا نكذب بِالَّذِي جِئْت بِهِ فَأنْزل الله {فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك وَلَكِن الظَّالِمين بآيَات الله يجحدون} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي صَالح فِي الْآيَة قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس حَزِين فَقَالَ لَهُ: مَا يحزنك فَقَالَ كَذبَنِي هَؤُلَاءِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: إِنَّهُم لَا يكذبُونَك إِنَّهُم ليعلمون أَنَّك صَادِق {وَلَكِن الظَّالِمين بآيَات الله يجحدون} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ إِذا رَأَوْا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة قَالَ بَعضهم لبَعض فِيمَا بَينهم: إِنَّه لنَبِيّ فَنزلت هَذِه الْآيَة {قد نعلم أَنه ليحزنك الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك وَلَكِن الظَّالِمين بآيَات الله يجحدون} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ والضياء عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَرَأَ (فَإِنَّهُم لَا يكذبُون) خَفِيفَة قَالَ: لَا يجيؤن بِحَق هُوَ أَحَق من حَقك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك) مُخَفّفَة قَالَ: لَا يقدرُونَ على أَن لَا تكون رَسُولا وعَلى أَن لَا يكون الْقُرْآن قُرْآنًا فاما أَن يكذبُونَك بألسنتهم فهم يكذبُونَك فَذَاك الا كَذَّاب وَهَذَا التَّكْذِيب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب أَنه كَانَ يقْرؤهَا (فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك) بِالتَّخْفِيفِ يَقُول: لَا يبطلون مَا فِي يَديك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَكِن الظَّالِمين بآيَات الله يجحدون} قَالَ: يعلمُونَ أَنَّك رَسُول الله ويجحدون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه قَرَأَ عِنْده رجل (فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك)

خَفِيفَة فَقَالَ الْحسن {فَإِنَّهُم لَا يكذبُونَك} وَقَالَ: إِن الْقَوْم قد عرفوه وَلَكنهُمْ جَحَدُوا بعد الْمعرفَة - الْآيَة (34)

34

- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَقَد كذبت رسل من قبلك فصبروا على مَا كذبُوا} قَالَ: يعزي نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا تَسْمَعُونَ ويخبره أَن الرُّسُل قد كذبت قبله فصبروا على مَا كذبُوا حَتَّى حكم الله وَهُوَ خير الْحَاكِمين وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَلَقَد كذبت رسل من قبلك} قَالَ: يعزي نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَلَقَد كذبت رسل من قبلك} الْآيَة قَالَ يعزي نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - الْآيَة (35 - 37)

35

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن كَانَ كبر عَلَيْك إعراضهم فَإِن اسْتَطَعْت أَن تبتغي نفقاً فِي الأَرْض} والنفق السرب فتذهب فِيهِ فتأتيهم بِآيَة أَو تجْعَل لَهُم سلما {فِي السَّمَاء} فتصعد عَلَيْهِ {فتأتيهم بِآيَة} أفضل مِمَّا أتيناهم بِهِ فافعل {وَلَو شَاءَ الله لجمعهم على الْهدى} يَقُول الله سُبْحَانَهُ: لَو شِئْت لجمعتهم على الْهدى أَجْمَعِينَ

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {نفقاً فِي الأَرْض} قَالَ: سرباً {أَو سلما فِي السَّمَاء} قَالَ: يَعْنِي الدرج وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {تبتغي نفقاً فِي الأَرْض} قَالَ: سرباً فِي الأَرْض فتذهب هربا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عدي بن زيد وهويقول: فَدس لَهَا على الانفاق عَمْرو بشكته وَمَا خشيت كمينا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {إِنَّمَا يستجيب الَّذين يسمعُونَ} قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ {والموتى} قَالَ: الْكفَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِنَّمَا يستجيب الَّذين يسمعُونَ} قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ للذّكر {والموتى} قَالَ: الْكفَّار حِين يَبْعَثهُم الله مَعَ الْمَوْتَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّمَا يستجيب الَّذين يسمعُونَ} قَالَ: هَذَا مثل الْمُؤمن سمع كتاب الله فَانْتَفع بِهِ وَأخذ بِهِ وعقله فَهُوَ حَيّ الْقلب حَيّ الْبَصَر {وَالَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا صم وبكم} الْأَنْعَام الْآيَة 39 وَهَذَا مثل الْكَافِر أَصمّ أبكم لَا يبصر هدي وَلَا ينْتَفع بِهِ - الْآيَة (38)

38

- أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِلَّا أُمَم أمثالكم} قَالَ: أصنافاً مصنفة تعرف باسمائها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم} يَقُول: الطير أمة وَالْإِنْس أمة وَالْجِنّ أمه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {إِلَّا أُمَم أمثالكم} قَالَ: خلق أمثالكم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: الذّرة فَمَا فَوْقهَا من ألوان مَا خلق الله من الدَّوَابّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {مَا فرَّطنا فِي الْكتاب من شَيْء} يَعْنِي مَا تركنَا شَيْئا إِلَّا وَقد كتبناه فِي أم الْكتاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء} قَالَ: من الْكتاب الَّذِي عِنْده وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن زِيَادَة الْبكْرِيّ قَالَ: دخلت على ابْني بشر المازنيين صَاحِبي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يرحمكما الله الرجل يركب منا دَابَّة فيضربها بِالسَّوْطِ أَو يكبحها باللجام فَهَل سمعتما من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك شَيْئا فَقَالَا: لَا قَالَ عبد الله: فنادتني امْرَأَة من الدَّاخِل فَقَالَت: يَا هَذَا إِن الله يَقُول فِي كِتَابه {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء ثمَّ إِلَى رَبهم يحشرون} فَقَالَا: هَذِه أُخْتنَا وَهِي أكبر منا وَقد أدْركْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء} قَالَ: لم نغفل الْكتاب مَا من شَيْء إِلَّا وَهُوَ فِي ذَلِك الْكتاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أنس بن مَالك أَنه سَأَلَ من يقبض أَرْوَاح الْبَهَائِم فَقَالَ: ملك الْمَوْت فَبلغ الْحسن فَقَالَ: صدق أَن ذَلِك فِي كتاب الله ثمَّ تَلا {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ إِلَى رَبهم يحشرون} قَالَ: موت الْبَهَائِم حشرها وَفِي لفظ قَالَ: يَعْنِي بالحشر الْمَوْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: مَا من دَابَّة وَلَا طَائِر إِلَّا ستحشر يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ يقْتَصّ لبعضها من بعض حَتَّى يقْتَصّ للجلحاء من ذَات الْقرن ثمَّ يُقَال لَهُم كوني تُرَابا فَعِنْدَ ذَلِك يَقُول الْكَافِر {يَا لَيْتَني كنت تُرَابا} النبأ الْآيَة 40 وَإِن شِئْتُم فاقرؤوا {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض وَلَا طَائِر يطير بجناحيه إِلَّا أُمَم أمثالكم}

إِلَى قَوْله {يحشرون} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي ذَر قَالَ انتطحت شَاتَان عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي: يَا أَبَا ذَر أَتَدْرِي فِيمَا انتطحتا قلت: لَا قَالَ: لَكِن الله يدْرِي وسيقضي بَينهمَا قَالَ أَبُو ذَر: لقد تركنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا يقلب طَائِر جناحيه فِي السَّمَاء إِلَّا ذكرنَا مِنْهُ علما - الْآيَة (39 - 42)

39

- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا صم وبكم} قَالَ: هَذَا مثل الْكَافِر أَصمّ أبكم لَا يبصر هدي وَلَا ينْتَفع بِهِ صم عَن الْحق فِي الظُّلُمَات لَا يَسْتَطِيع مِنْهَا خُرُوجًا متسكع فِيهَا أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي يُوسُف الْمدنِي قَالَ: كل مَشِيئَة فِي الْقُرْآن إِلَى ابْن آدم مَنْسُوخَة نسختها {من يشإ الله يضلله وَمن يَشَأْ يَجعله على صِرَاط مُسْتَقِيم} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {فأخذناهم بالبأساء وَالضَّرَّاء} قَالَ: خوف السُّلْطَان وغلا السّعر وَالله أعلم - الْآيَة (43)

43

- أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فلولا إِذْ جَاءَهُم بأسنا تضرعوا وَلَكِن قست قُلُوبهم} قَالَ: عَابَ الله عَلَيْهِم قسوة عِنْد ذَلِك فتضعضوا لعقوبة الله بَارك الله فِيكُم وَلَا تعرضوا لعقوبة الله بالقسوة فَإِنَّهُ عَابَ ذَلِك على قوم قبلكُمْ

- الْآيَة (44 - 45)

44

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ} قَالَ: يَعْنِي تركُوا مَا ذكرُوا بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ} قَالَ: مَا دعاهم الله إِلَيْهِ وَرُسُله أَبوهُ وردوه عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فتحنا عَلَيْهِم أَبْوَاب كل شَيْء} قَالَ: رخاء الدُّنْيَا ويسرها على الْقُرُون الأولى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فتحنا عَلَيْهِم أَبْوَاب كل شَيْء} قَالَ: يَعْنِي الرخَاء وسعة الرزق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {حَتَّى إِذا فرحوا بِمَا أُوتُوا} قَالَ: من الرزق {أَخَذْنَاهُم بَغْتَة فَإِذا هم مبلسون} قَالَ: مهلكون متغير حَالهم {فَقطع دابر الْقَوْم الَّذين ظلمُوا} يَقُول: قطع أصل الَّذين ظلمُوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن النَّضر الْحَارِثِيّ فِي قَوْله {أَخَذْنَاهُم بَغْتَة} قَالَ: أمهلوا عشْرين سنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {فَإِذا هم مبلسون} قَالَ: المبلس المجهود المكروب الَّذِي قد نزل بِهِ الشَّرّ الَّذِي لَا يَدْفَعهُ والمبلس أَشد من المستكبر وَفِي قَوْله {فَقطع دابر الْقَوْم الَّذين ظلمُوا} قَالَ: استؤصلوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {فَإِذا هم مبلسون} قَالَ: الاكتئاب وَفِي لفظ قَالَ: آيسون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: الإِبلاس تَغْيِير الْوُجُوه وَإِنَّمَا سمي إِبْلِيس لِأَن الله نكس وَجهه وَغَيره

وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عقبَة بن عَامر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا رَأَيْت الله يُعْطي العَبْد فِي الدُّنْيَا وَهُوَ مُقيم على مَعَاصيه مَا يحب فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاج ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ فتحنا عَلَيْهِم أَبْوَاب كل شَيْء} الْآيَة وَالْآيَة الَّتِي بعْدهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن صَامت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى إِذا أَرَادَ بِقوم بَقَاء أَو نَمَاء رزقهم الْقَصْد والعفاف وَإِذا أَرَادَ بِقوم اقتطاعا فتح عَلَيْهِم بَاب خِيَانَة {حَتَّى إِذا فرحوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَة فَإِذا هم مبلسون فَقطع دابر الْقَوْم الَّذين ظلمُوا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: من وسع عَلَيْهِ فَلم ير أَنه يمكر بِهِ فَلَا رَأْي لَهُ وَمن قتر عَلَيْهِ فَلم ير أَنه ينظر لَهُ فَلَا رَأْي لَهُ ثمَّ قَرَأَ {فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ فتحنا عَلَيْهِم أَبْوَاب كل شَيْء} الْآيَة وَقَالَ الْحسن: مكر بالقوم وَرب الْكَعْبَة أعْطوا حاجاتهم ثمَّ أخذُوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن جَعْفَر قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد خفني على كل حَال وأخوف مَا تكون عِنْد تظاهر النعم عَلَيْك لَا أصرعك عِنْدهَا ثمَّ لَا أنظر إِلَيْك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي حَازِم قَالَ: إِذا رَأَيْت الله يُتَابع نعمه عَلَيْك وَأَنت تعصيه فاحذره قَالَ: وكل نعْمَة لَا تقرب من الله عز وَجل فَهِيَ بلية وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {حَتَّى إِذا فرحوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَة} قَالَ: بَغت الْقَوْم أَمر الله مَا أَخذ الله قوما قطّ إِلَّا عِنْد سلوتهم وغرتهم ونعيمهم فَلَا تغتروا بِاللَّه فَإِنَّهُ لَا يغتر بِاللَّه إِلَّا الْقَوْم الْفَاسِقُونَ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: إِن الْبَعُوضَة تحيا مَا جاعت فَإِذا شبعت مَاتَت وَكَذَلِكَ ابْن آدم إِذا امْتَلَأَ من الدُّنْيَا أَخذه الله عِنْد ذَلِك ثمَّ تَلا {حَتَّى إِذا فرحوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَة} وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {فَقطع دابر الْقَوْم الَّذين ظلمُوا} قَالَ: قطع أصلهم واستؤصلوا من ورائهم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول زُهَيْر وَهُوَ يَقُول:

الْقَائِد الْخَيل منكوباً دوابرها محكومة بحكام الْعَدو الأنفا - الْآيَة (46 - 50)

46

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يصدفون} قَالَ: يعدلُونَ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {يصدفون} قَالَ: يعرضون عَن الْحق قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت سُفْيَان بن الْحَارِث وَهُوَ يَقُول: عجبت لحكم الله فِينَا وَقد بدا لَهُ صدفنا عَن كل حق منزل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يصدفون} قَالَ: يعرضون وَفِي قَوْله {قل أَرَأَيْتكُم إِن أَتَاكُم عَذَاب الله بَغْتَة} قَالَ: فَجْأَة آمِنين {أَو جهرة} قَالَ: وهم ينظرُونَ وَفِي قَوْله {قل هَل يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير}

قَالَ: الضال والمهتدي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: كل فسق فِي الْقُرْآن فَمَعْنَاه الْكَذِب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قل هَل يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير} قَالَ: الْأَعْمَى الْكَافِر الَّذِي عمي عَن حق الله وَأمره ونعمه عَلَيْهِ {والبصير} العَبْد الْمُؤمن الَّذِي أبْصر بصراً نَافِعًا فَوحد الله وَحده وَعمل بِطَاعَة ربه وانتفع بِمَا آتَاهُ الله - الْآيَة (51 - 56)

51

- أخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ مر الْمَلأ من قُرَيْش على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده صُهَيْب وعمار وبلال وخباب وَنَحْوهم من ضعفاء الْمُسلمين فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أرضيت بهؤلاء من قَوْمك منّ الله عَلَيْهِم من بَيْننَا أونحن نَكُون تبعا لهَؤُلَاء أطردهم عَنْك فلعلك إِن طردتهم أَن نتبعك فَأنْزل فيهم الْقُرْآن {وأنذر بِهِ الَّذين يخَافُونَ أَن يحْشرُوا إِلَى رَبهم} إِلَى قَوْله {وَالله أعلم بالظالمين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ مَشى عتبَة بن ربيعَة وَشَيْبَة بن ربيعَة وقرظة بن عبد عمر وبن نَوْفَل والْحَارث بن عَامر بن نَوْفَل ومطعم بن

عدي بن الْخِيَار بن نَوْفَل فِي أَشْرَاف الْكفَّار من عبد منَاف إِلَى أبي طَالب فَقَالُوا: لَو أَن ابْن أَخِيك طرد عَنَّا هَؤُلَاءِ إِلَّا عبد فانهم عبيدنا وعسفاؤنا كَانَ أعظم لَهُ فِي صدورنا وأطوع لَهُ عندنَا وَأدنى لاتباعنا إِيَّاه وتصديقه فَذكر ذَلِك أَبُو طَالب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر بن الْخطاب: لَو فعلت يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نَنْظُر مَا يُرِيدُونَ بقَوْلهمْ وَمَا يصيرون إِلَيْهِ من أَمرهم فَأنْزل الله {وأنذر بِهِ الَّذين يخَافُونَ أَن يحْشرُوا إِلَى رَبهم} إِلَى قَوْله {أَلَيْسَ الله بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ} قَالُوا: وَكَانُوا بِلَالًا وعمار بن يَاسر وسالماً مولى أبي حُذَيْفَة وصبحاً مولى أسيد وَمن الحلفاء ابْن مَسْعُود والمقداد بن عَمْرو وواقد بن عبد الله الْحَنْظَلِي وَعَمْرو بن عبد عمر وَذُو الشمالين ومرثد بن أبي مرْثَد وأشباهم وَنزلت فِي أَئِمَّة الْكفْر من قُرَيْش والموالي والحلفاء {وَكَذَلِكَ فتنا بَعضهم بِبَعْض لِيَقُولُوا} الْآيَة فَلَمَّا نزلت أقبل عمر بن الْخطاب فَاعْتَذر من مقَالَته فَأنْزل الله {وَإِذا جَاءَك الَّذين يُؤمنُونَ بِآيَاتِنَا} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن خباب قَالَ جَاءَ الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي وعيينة بن حصن الْفَزارِيّ فوجدا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعِدا مَعَ بِلَال وصهيب وعمار وخباب فِي أنَاس ضعفاء من الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حوله حَقرُوهُمْ فَأتوهُ فَخلوا بِهِ فَقَالُوا: انا نحب أَن تجْعَل لنا مِنْك مَجْلِسا تعرف لنا الْعَرَب بِهِ فضلنَا فَإِن وُفُود الْعَرَب ستأتيك فنستحي أَن تَرَانَا الْعَرَب قعُودا مَعَ هَؤُلَاءِ الْأَعْبد فَإِذا نَحن جئْنَاك فأقمهم عَنَّا فَإِذا نَحن فَرغْنَا فلتقعد مَعَهم إِن شِئْت قَالَ: نعم قَالُوا: فَكتب لنا عَلَيْك بذلك كتابا فَدَعَا بالصحيفة ودعا عليا ليكتب وَنحن قعُود فِي نَاحيَة إِذْ نزل جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} إِلَى قَوْله {فَقل سَلام عَلَيْكُم كتب ربكُم على نَفسه الرَّحْمَة} فَألْقى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّحِيفَة من يَده ثمَّ دَعَا فأتيناه وَهُوَ يَقُول {سَلام عَلَيْكُم كتب ربكُم على نَفسه الرَّحْمَة} فَكُنَّا نقعد مَعَه فَإِذا أَرَادَ أَن يقوم قَامَ وَتَركنَا فَأنْزل الله {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يُرِيدُونَ وَجهه} الْكَهْف الْآيَة 28 الْآيَة قَالَ: فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْعد مَعنا بعد فَإِذا بلغ السَّاعَة الَّتِي يقوم فِيهَا تَرَكْنَاهُ حَتَّى يقوم

وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن عمر بن عبد الله بن المُهَاجر مولى غفرة أَنه قَالَ فِي أسطوان التَّوْبَة: كَانَ أَكثر نَافِلَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهَا وَكَانَ إِذا صلى الصُّبْح انْصَرف إِلَيْهَا وَقد سبق إِلَيْهَا الضُّعَفَاء وَالْمَسَاكِين وَأهل الضّر وضيفان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمؤلفة قُلُوبهم وَمن لَا مبيت لَهُ إِلَّا الْمَسْجِد قَالَ: وَقد تحلقوا حولهَا حلقا بَعْضهَا دون بعض فَيَنْصَرِف إِلَيْهِم من مُصَلَّاهُ من الصُّبْح فيتلو عَلَيْهِم مَا أنزل الله عَلَيْهِ من ليلته ويحدثهم ويحدثونه حَتَّى إِذا طلعت الشَّمْس جَاءَ أهل الطول والشرف والغني فَلم يَجدوا إِلَيْهِ مخلصاً فتاقت أنفسهم إِلَيْهِ وتاقت نَفسه إِلَيْهِم فَأنْزل الله عز وَجل {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يُرِيدُونَ وَجهه} الْكَهْف الْآيَة 28 إِلَى مُنْتَهى الْآيَتَيْنِ فَلَمَّا نزل ذَلِك فيهم قَالُوا: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو طردتهم عَنَّا ونكون نَحن جلساءك وإخوانك لَا نُفَارِقك فَأنْزل الله عز وَجل {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} إِلَى مُنْتَهى الْآيَتَيْنِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حَيَّان وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: لقد نزلت هَذِه الْآيَة فِي سِتَّة أَنا وَعبد الله بن مَسْعُود وبلال وَرجل من هُذَيْل واثنين قَالُوا: يَا رَسُول الله أطردهم فانا نستحي أَن نَكُون تبعا لهَؤُلَاء فَوَقع فِي نفس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَاءَ الله أَن يَقع فَأنْزل الله {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} إِلَى قَوْله {أَلَيْسَ الله بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} قَالَ: الْمُصَلِّين بِلَال وَابْن أم عبد كَانَا يجالسان مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت قُرَيْش تحقره لَهما: لولاهما واشباههما لجالسناه فَنهى عَن طردهم حَتَّى قَوْله {أَلَيْسَ الله بِأَعْلَم بِالشَّاكِرِينَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس قَالَ كَانَ رجال يَسْتَبقُونَ إِلَى مجْلِس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم بِلَال وصهيب وسلمان فَيَجِيء أَشْرَاف قومه وسادتهم وَقد أَخذ هَؤُلَاءِ الْمجْلس فَيَجْلِسُونَ نَاحيَة فَقَالُوا: صُهَيْب رومي وسلمان فَارسي وبلال حبشِي يَجْلِسُونَ عِنْده وَنحن نجيء فنجلس نَاحيَة

حَتَّى ذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: انا سادة قَوْمك وأشرافهم فَلَو أدنيتنا مِنْك إِذا جِئْنَا قَالَ: فهم إِن يفعل فَأنْزل الله {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم} الْآيَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ أَشْرَاف قُرَيْش يأْتونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده بِلَال وسلمان وصهيب وَغَيرهم مثل ابْن أم عبد وعمار وخباب فَإِذا أحاطوا بِهِ قَالَ أَشْرَاف قُرَيْش: بِلَال حبشِي وسلمان فَارسي وصهيب رومي فَلَو نحاهم لأتيناه فَأنْزل الله {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يُرِيدُونَ وَجهه} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} يَعْنِي يعْبدُونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يَعْنِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} قَالَ: الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة الصُّبْح وَالْعصر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} قَالَ: هم أهل الذّكر لَا تطردهم عَن الذّكر قَالَ سُفْيَان: هم أهل الْفقر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ فتنا بَعضهم بِبَعْض} يَعْنِي أَنه جعل بَعضهم اغنياء وَبَعْضهمْ فُقَرَاء فَقَالَ الْأَغْنِيَاء للْفُقَرَاء {أَهَؤُلَاءِ منَّ الله عَلَيْهِم من بَيْننَا} يَعْنِي هَؤُلَاءِ هدَاهُم الله وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِك استهزاءً وسخرياً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ فتنا بَعضهم بِبَعْض} يَقُول: ابتلينا بَعضهم بِبَعْض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أَهَؤُلَاءِ منَّ الله عَلَيْهِم من بَيْننَا} لَو كَانَ بهم كَرَامَة على الله مَا أَصَابَهُم هَذَا من الْجهد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَكَذَلِكَ فتنا بَعضهم بِبَعْض} الْآيَة قَالَ: هم أنَاس كَانُوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْفُقَرَاء فَقَالَ أنَاس من أَشْرَاف النَّاس: نؤمن لَك فَإِذا صلينَا مَعَك فَأخر هَؤُلَاءِ الَّذين مَعَك فليصلوا خلفنا

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد ومسدد فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ماهان قَالَ: أَتَى قوم إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: انا أصبْنَا ذنوبا عظاما فَمَا رد عَلَيْهِم شَيْئا فانصرفوا فَأنْزل الله {وَإِذا جَاءَك الَّذين يُؤمنُونَ بِآيَاتِنَا} الْآيَة فَدَعَاهُمْ فقرأها عَلَيْهِم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: أخْبرت أَن قَوْله {سَلام عَلَيْكُم} قَالَ: كَانُوا إِذا دخلُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بدأهم فَقَالَ: سَلام عَلَيْكُم وَإِذا لَقِيَهُمْ فَكَذَلِك أَيْضا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ نفصل الْآيَات} قَالَ: نبين الْآيَات وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {ولتستبين سَبِيل الْمُجْرمين} قَالَ: الَّذين يأمرونك بطرد هَؤُلَاءِ قَوْله تَعَالَى {قد ضللت إِذا وَمَا أَنا من المهتدين} أخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم عَن هزيل بن شُرَحْبِيل قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى أبي مُوسَى وسلمان بن ربيعَة فَسَأَلَهُمَا عَن ابْنة وَابْنَة ابْن أُخْت فَقَالَ: للابنة النّصْف وَللْأُخْت النّصْف وائت عبد الله فَإِنَّهُ سيتابعنا فَأتى عبد الله فَأخْبرهُ فَقَالَ {قد ضللت إِذا وَمَا أَنا من المهتدين} لأقضين فِيهَا بِقَضَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للابنة النّصْف ولابنة الإبن السُّدس وَمَا بَقِي فللأخت - الْآيَة (57 - 58)

57

- وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ أَنه قَرَأَ / يقْضِي الْحق / وَأخرج الدَّارقطني فِي الافراد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أُبيّ بن كَعْب قَالَ أَقرَأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا {يقص الْحق وَهُوَ خير الفاصلين} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن

ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {يقص الْحق} وَيَقُول {نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص} لُقْمَان الْآيَة 34 وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن هرون قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله {يقص الْحق} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد الْأَنْبَارِي عَن هرون قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله {يقص الْحق} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ {يقص الْحق} وَقَالَ: لَو كَانَت يقْضِي كَانَت بِالْحَقِّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {لقضي الْأَمر بيني وَبَيْنكُم} قَالَ: لقامت السَّاعَة - الْآيَة (59)

59

- أخرج جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَعِنْده مفاتح الْغَيْب} قَالَ: يَقُول خَزَائِن الْغَيْب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَعِنْده مفاتح الْغَيْب} قَالَ: هن خمس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث} إِلَى قَوْله {عليم خَبِير} وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ ومحشيش بن أَصْرَم فِي الاسْتقَامَة وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمرَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَفَاتِيح الْغَيْب خمس لَا يعلمهَا إِلَّا الله لَا يعلم مَا فِي الْغَد إِلَّا الله وَلَا يعلم مَتى تغيض الْأَرْحَام إِلَّا الله وَلَا يعلم مَتى يَأْتِي الْمَطَر أحد إِلَّا الله وَلَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِلَّا الله وَلَا يعلم أحد مَتى تقوم السَّاعَة إِلَّا الله تبَارك وَتَعَالَى

وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: اعطى نَبِيكُم كل شَيْء إِلَّا مَفَاتِيح الْغَيْب الْخمس ثمَّ قَالَ {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث} لُقْمَان الْآيَة 34 إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر فِي قَوْله {وَعِنْده مفاتح الْغَيْب لَا يعلمهَا إِلَّا هُوَ} قَالَ: هُوَ قَوْله عز وَجل {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث} لُقْمَان الْآيَة 34 إِلَى آخر الْآيَة قَوْله تَعَالَى {وَمَا تسْقط من ورقة إِلَّا يعلمهَا} أخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا تسْقط من ورقة إِلَّا يعلمهَا} قَالَ: مَا من شَجَرَة على سَاق إِلَّا مُوكل بهَا ملك يعلم مَا يسْقط مِنْهَا حِين يُحْصِيه ثمَّ يرفع علمه وَهُوَ أعلم مِنْهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن جحاده فِي قَوْله {وَمَا تسْقط من ورقة إِلَّا يعلمهَا} قَالَ: لله تبَارك وَتَعَالَى شَجَرَة تَحت الْعَرْش لَيْسَ مَخْلُوق إِلَّا لَهُ فِيهَا ورقة فَإِذا سَقَطت ورقته خرجت روحه من جسده فَذَلِك قَوْله {وَمَا تسْقط من ورقة إِلَّا يعلمهَا} وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه بسندٍ ضَعِيف عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من زرع على الأَرْض وَلَا ثمار على أَشجَار إِلَّا عَلَيْهَا مَكْتُوب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا رزق فلَان بن فلَان وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا تسْقط من ورقة إِلَّا يعلمهَا وَلَا حَبَّة فِي ظلمات الأَرْض وَلَا رطب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كتاب مُبين} قَوْله تَعَالَى {وَلَا حَبَّة فِي ظلمات الأَرْض} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: إِن تَحت الأَرْض الثَّالِثَة وَفَوق الأَرْض الرَّابِعَة من الْجِنّ مَا لَو أَنهم ظَهَرُوا لكم لم تروا مَعَه نورا على كل زَاوِيَة من زواياه خَاتم من خَوَاتِم الله على كل خَاتم ملك من الْمَلَائِكَة يبْعَث الله إِلَيْهِ فِي كل يَوْم ملكا من عِنْده أَن احتفظ بِمَا عنْدك قَوْله تَعَالَى: {وَلَا رطب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كتاب مُبين}

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ: مَا فِي الأَرْض من شَجَرَة صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة وَلَا كمغر زابرة رطبَة وَلَا يابسة إِلَّا عَلَيْهَا ملك مُوكل بهَا يَأْتِي الله بعلمها رطوبتها إِذا رطبت ويبسها إِذا يَبِسَتْ كل يَوْم قَالَ الْأَعْمَش: وَهَذَا فِي الْكتاب {وَلَا رطب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كتاب مُبين} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب قَالَ: مَا من شَجَرَة وَلَا مَوضِع ابرة إِلَّا وَملك وكل بهَا يرفع علم ذَلِك إِلَى الله تَعَالَى فَإِن مَلَائِكَة السَّمَاء أَكثر من عدد التُّرَاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {وَلَا رطب وَلَا يَابِس} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: الرطب واليابس من كل شَيْء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق الله النُّور وَهِي الدواة وَخلق الألواح فَكتب فِيهَا أَمر الدُّنْيَا حَتَّى تَنْقَضِي مَا كَانَ من خلق مَخْلُوق أَو رزق حَلَال أَو حرَام أَو عمل برِّ أَو فجور ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَلَا رطب وَلَا يَابِس إِلَّا فِي كتاب مُبين} ثمَّ وكل بِالْكتاب حفظَة ووكل بخلقه حفظَة فتنسخ حفظَة الْخلق من الذّكر مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ فِي كل يَوْم وَلَيْلَة فَيجْرِي الْخلق على مَا وكل بِهِ مقسوم على من وكل بِهِ فَلَا يُغَادر أحدا مِنْهُم فيجرون على مَا فِي أَيْديهم مِمَّا فِي الْكتاب فَلَا يُغَادر مِنْهُ شَيْء قبل مَا كُنَّا نرَاهُ إِلَّا كتب عَملنَا قَالَ: ألستم بعرب هَل تكون نُسْخَة إِلَّا من شَيْء قد فرغ مِنْهُ ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} الجاثية 29 أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي عمرَان الْجونِي فِي قَوْله {قل إِنِّي على بَيِّنَة من رَبِّي} قَالَ: على ثِقَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله (يقْضِي الْحق وَهُوَ أسْرع الفاصلين) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: قَرَأَ أَبُو عَمْرو / يقْضِي الْحق / وَقَالَ: لَا يكون الْفَصْل إِلَّا بعد الْقَضَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق حسن بن صَالح بن حَيّ عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم

النَّخعِيّ أَنه قَرَأَ / يقْضِي الْحق وَهُوَ خير الفاصلين / قَالَ ابْن حَيّ: لَا يكون الْفَصْل إِلَّا مَعَ الْقَضَاء - الْآيَة (60)

60

- أخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ كل انسان ملك إِذا نَام يَأْخُذ نَفسه فَإِن أذن الله فِي قبض روحه قَبضه وَإِلَّا رد إِلَيْهِ فَذَلِك قَوْله {يتوفاكم بِاللَّيْلِ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي يتوفاكم بِاللَّيْلِ} قَالَ: يتوفى الْأَنْفس عِنْد منامها مَا من لَيْلَة الا وَالله يقبض الْأَرْوَاح كلهَا فَيسْأَل كل نفس عَمَّا عمل صَاحبهَا من النَّهَار ثمَّ يَدْعُو ملك الْمَوْت فَيَقُول: اقبض هَذَا اقبض هَذَا وَمَا من يَوْم إِلَّا وَملك الْمَوْت ينظر فِي كتاب حَيَاة النَّاس قَائِل يَقُول ثَلَاثًا وَقَائِل يَقُول خمْسا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي يتوفاكم بِاللَّيْلِ} الْآيَة قَالَ: أما وفاتهم بِاللَّيْلِ فمنامهم وَأما مَا جرحتم بِالنَّهَارِ فَيَقُول: مَا اكتسبتم بِالنَّهَارِ {ثمَّ يبعثكم فِيهِ} قَالَ: فِي النَّهَار {ليقضي أجل مُسَمّى} وَهُوَ الْمَوْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي يتوفاكم بِاللَّيْلِ} يَعْنِي بذلك نومهم {وَيعلم مَا جرحتم} قَالَ: مَا عملتم من الأثم بِالنَّهَارِ {ثمَّ يبعثكم فِيهِ} قَالَ: فِي النَّهَار والبعث الْيَقَظَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَيعلم مَا جرحتم} قَالَ: مَا كسبتم من الْإِثْم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ عبد الله بن كثير فِي قَوْله {ليقضي أجل مُسَمّى} قَالَ: ليقضي الله إِلَيْهِم مدتهم - الْآيَة (61 - 62)

61

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَيُرْسل عَلَيْكُم حفظَة} قَالَ: هم المعقبات من الْمَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ ويحفظون عمله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَيُرْسل عَلَيْكُم حفظَة} يَقُول: حفظَة يَا ابْن آدم عَلَيْك عَمَلك ورزقك وأجلك فَإِذا توفيت ذَلِك قبضت إِلَى رَبك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {توفته رسلنَا} قَالَ: اعوان ملك الْمَوْت من الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله {توفته رسلنَا} قَالَ: الْمَلَائِكَة تقبض الْأَنْفس ثمَّ يذهب بهَا ملك الْمَوْت وَفِي لفظ: ثمَّ يقبضهَا مِنْهُم ملك الْمَوْت بعد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: جعلت الأَرْض لملك الْمَوْت مثل الطست يتَنَاوَل من حَيْثُ شَاءَ وَجعلت لَهُ أعوان يتوفون الْأَنْفس ثمَّ يقبضهَا مِنْهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن قَتَادَة فِي قَوْله {توفته رسلنَا} قَالَ: إِن ملك الْمَوْت لَهُ رسل فيلي قبضهَا الرُّسُل ثمَّ يدفعونها إِلَى ملك الْمَوْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: إِن ملك الْمَوْت هُوَ الَّذِي يَلِي ذَلِك فيدفعه إِن كَانَ مُؤمنا إِلَى مَلَائِكَة الرَّحْمَة وَإِن كَانَ كَافِرًا إِلَى مَلَائِكَة الْعَذَاب

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: مَا من أهل الْبَيْت شعر وَلَا مدر إِلَّا وَملك الْمَوْت يطِيف بهم كل يَوْم مرَّتَيْنِ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس أَنه سُئِلَ عَن ملك الْمَوْت أهوَ وَحده الَّذِي يقبض الْأَرْوَاح قَالَ: هُوَ الَّذِي يَلِي أَمر الْأَرْوَاح وَله أعوان على ذَلِك أَلا تسمع إِلَى قَوْله تَعَالَى {حَتَّى إِذا جَاءَتْهُم رسلنَا يتوفونهم} الْأَعْرَاف الْآيَة 37 وَقَالَ {توفته رسلنَا وهم لَا يفرطون} غير أَن ملك الْمَوْت هُوَ الرئيس وكل خطْوَة مِنْهُ من الْمشرق إِلَى الْمغرب قيل: أَيْن تكون أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ قَالَ: عِنْد السِّدْرَة فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وهم لَا يفرطون} يَقُول: لَا يضيعون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قيس قَالَ: دخل عُثْمَان بن عَفَّان على عبد الله بن مَسْعُود فَقَالَ: كَيفَ تجدك قَالَ: مَرْدُود إِلَى مولَايَ الْحق فَقَالَ: طبت وَالله أعلم - الْآيَة (63 - 64)

63

- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قل من ينجيكم من ظلمات الْبر وَالْبَحْر} يَقُول: من كرب الْبر وَالْبَحْر وَأخرج وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قل من ينجيكم من ظلمات الْبر وَالْبَحْر تَدعُونَهُ تضرعاً وخفية} يَقُول: إِذا أضلّ الرجل الطَّرِيق دَعَا الله {لَئِن أنجيتنا من هَذِه لنكونن من الشَّاكِرِينَ} - الْآيَة (65 - 67)

65

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم} قَالَ: يَعْنِي من أمرائكم {أَو من تَحت أَرْجُلكُم} يَعْنِي سفلتكم {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا} يَعْنِي بالشيع الْأَهْوَاء الْمُخْتَلفَة {وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض} قَالَ: يُسَلط بَعْضكُم على بعض بِالْقَتْلِ وَالْعَذَاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم} قَالَ: أَئِمَّة السوء {أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ: خدم السوء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {عذَابا من فَوْقكُم} قَالَ: من قبل أمرائكم وأشرافكم {أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ: من قبل سفلتكم وعبيدكم وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك {عذَابا من فَوْقكُم} قَالَ: الْقَذْف {أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ: الْخَسْف وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم} قَالَ: الصَّيْحَة وَالْحِجَارَة وَالرِّيح {أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ: الرجفة والخسف وهما عَذَاب أهل التَّكْذِيب {وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض} قَالَ: عَذَاب أهل الاقرار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {عذَابا من فَوْقكُم} قَالَ: الْحِجَارَة {أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ: الْخَسْف {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا} قَالَ: الِاخْتِلَاف والاهواء المفترقة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: عَذَاب هَذِه الْأمة أهل الاقرار بِالسَّيْفِ {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض} وَعَذَاب أهل التَّكْذِيب الصَّيْحَة والزلزلة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه

وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم} قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعوذ بِوَجْهِك {أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ: أعوذ بِوَجْهِك {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض} قَالَ: هَذَا أَهْون أَو أيسر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: لما نزلت {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعوذ بِاللَّه من ذَلِك {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا} قَالَ: هَذَا أيسر وَلَو استعاذه لأعاذه وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي هَذِه الْآيَة {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم أَو من تَحت أَرْجُلكُم} فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما انها كائنة وَلم يَأْتِ تَأْوِيلهَا بعد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله {قل هُوَ الْقَادِر} الْآيَة قَالَ: هن أَربع وكلهن عَذَاب وكلهن وَاقع لَا محَالة فمضت اثْنَتَانِ بعد وَفَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخمْس وَعشْرين سنة فألبسوا شيعًا وذاق بَعضهم بَأْس بعض وَبقيت اثْنَتَانِ وَاقِعَتَانِ لَا محَالة الْخَسْف وَالرَّجم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {قل هُوَ الْقَادِر} قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَوَضَّأ ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ لَا ترسل على أمتِي عذَابا من فَوْقهم وَلَا من تَحت أَرجُلهم وَلَا تَلبسهمْ شيعًا وَلَا تذق بَعضهم بَأْس بعض فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: إِن الله قد أَجَارَ أمتك أَن يُرْسل عَلَيْهِم عذَابا من فَوْقهم أَو من تَحت أَرجُلهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: دَعَوْت رَبِّي أَن يدْفع عَن أمتِي أَرْبعا فَرفع عَنْهُم اثْنَتَيْنِ وأبى أَن يرفع عَنْهُم اثْنَتَيْنِ دَعَوْت رَبِّي أَن يرفع عَنْهُم الرَّجْم من السَّمَاء وَالْغَرق من الأَرْض وَأَن لَا يلْبِسهُمْ شيعًا وَأَن لَا يُذِيق بَعضهم بَأْس بعض فَرفع عَنْهُم الرَّجْم وَالْغَرق وأبى أَن يرفع الْقَتْل والهرج

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن سعد بن أبي وَقاص أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقبل ذَات يَوْم من الْعَالِيَة حَتَّى إِذا مر بِمَسْجِد بني مُعَاوِيَة دخل فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وصلينا مَعَه ودعا ربه طَويلا ثمَّ انْصَرف إِلَيْنَا فَقَالَ: سَأَلت رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلته أَن لَا يهْلك أمتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يهْلك أمتِي بِالسنةِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِيهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ تحدثون من آخركم وَفَاة قُلْنَا: أجل قَالَ: فَإِنِّي من أوّلكم وَفَاة وتتبعوني أفناداً يهْلك بَعْضكُم بَعْضًا ثمَّ نزع هَذِه الْآيَة {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم} حَتَّى بلغ {لكل نبإ مُسْتَقر وسوف تعلمُونَ} وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْبَزَّار وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ثَوْبَان أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن رَبِّي زوى لي الأَرْض حَتَّى رَأَيْت مشارقها وَمَغَارِبهَا وَأَعْطَانِي الكنزين الْأَحْمَر والأبيض وَإِن أمتِي سيبلغ ملكهَا مَا زوى لي مِنْهَا وَإِنِّي سَأَلت رَبِّي لأمتي أَن لَا يهلكها بِسنة عَامَّة فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يُسَلط عَلَيْهَا عدوا من غَيرهم فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يُذِيق بَعضهم بَأْس بعض فَمَنَعَنِيهَا وَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِنِّي إِذا قضيت قَضَاء لم يرد إِنِّي أَعطيتك لأمتك أَن لَا أهلكها بِسنة عَامَّة وَلَا أظهر عَلَيْهِم عدوا من غَيرهم فيستبيحهم بعامة وَلَو اجْتمع من بَين أقطارها حَتَّى يكون بَعضهم هُوَ يهْلك بَعْضًا وَبَعْضهمْ هُوَ يسبي بَعْضًا وَإِنِّي لَا أَخَاف على أمتِي إِلَّا الْأَئِمَّة المضلين وَلنْ تقوم السَّاعَة حَتَّى تلْحق قبائل من أمتِي بالمشركين وَحَتَّى تعبد قبائل من أمتِي الْأَوْثَان وَإِذا وضع السَّيْف فِي أمتِي لم يرفع عَنْهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأَنه قَالَ: كلهَا يُوجد فِي مائَة سنة وسيخرج فِي أمتِي كذابون ثَلَاثُونَ كلهم يزْعم أَنه نَبِي الله وَأَنا خَاتم الْأَنْبِيَاء لَا نَبِي بعدِي وَلنْ يزَال فِي أمتِي طَائِفَة يُقَاتلُون على الْحق ظَاهِرين لَا يضرهم من خذلهم حَتَّى يَأْتِي أَمر الله قَالَ: وَزعم أَنه لَا ينْزع رجل من أهل الْجنَّة شَيْئا من ثَمَرهَا إِلَّا أخلف الله مَكَانهَا مثلهَا وَأَنه قَالَ: لَيْسَ دِينَار يُنْفِقهُ رجل بأعظم أجرا من دِينَار يُنْفِقهُ على عِيَاله ثمَّ دِينَار يُنْفِقهُ على فرسه فِي سَبِيل الله ثمَّ دِينَار يُنْفِقهُ على أَصْحَابه فِي سَبِيل الله قَالَ:

وَزعم أَن نَبِي الله عظم شَأْن الْمَسْأَلَة وَأَنه إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جَاءَ أهل الْجَاهِلِيَّة يحملون أوثانهم على ظُهُورهمْ فيسألهم رَبهم مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: رَبنَا لم ترسل إِلَيْنَا رَسُولا وَلم يأتنا امْر فَيَقُول: أَرَأَيْتُم إِن أَمرتكُم بِأَمْر تطيعوني فَيَقُولُونَ: نعم فَيَأْخُذ مواثيقهم على ذَلِك فيأمرهم أَن يعمدوا لِجَهَنَّم فيدخلونها فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى إِذا جاؤوها رَأَوْا لَهَا تغيظاً وزفيراً فهابوا فَرَجَعُوا إِلَى رَبهم فَقَالُوا: رَبنَا فرقنا مِنْهَا فَيَقُول: ألم تعطوني مواثيقكم لتطيعن اعمدوا إِلَيْهَا فادخلوا فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى إِذا رأوها فرقوا فَرَجَعُوا فَيَقُول: ادخلوها داخرين قَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو دخلوها أول مرّة كَانَت عَلَيْهِم بردا وَسلَامًا وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عبد الله بن جَابر بن عتِيك عَن جَابر بن عتِيك قَالَ: جَاءَنَا عبد الله بن عمر وَفِي بني مُعَاوِيَة وَهِي قَرْيَة من قرى الْأَنْصَار فَقَالَ لي: هَل تَدْرِي أَيْن صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَسْجِدكُمْ هَذَا قلت: نعم وأشرت لَهُ إِلَى نَاحيَة مِنْهُ فَقَالَ: هَل تَدْرِي مَا الثَّلَاث الَّتِي دَعَا بِهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: نعم فَقَالَ: أَخْبرنِي بِهن قلت: دَعَا أَن لَا يظْهر عَلَيْهِم عدوا من غَيرهم وَلَا يُهْلِكهُمْ بِالسِّنِينَ فاعطيها ودعا بِأَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمنعهَا قَالَ: صدقت لَا يزَال الْهَرج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي نَضرة الْغِفَارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سَأَلت رَبِّي أَرْبعا فَأَعْطَانِي ثَلَاثًا وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلت الله أَن لَا يجمع أمتِي على ضَلَالَة فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلت الله أَن لَا يظْهر عَلَيْهِم عدوا من غَيرهم فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلت الله أَن لَا يُهْلِكهُمْ بِالسِّنِينَ كَمَا أهلك الْأُمَم فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلت الله أَن لَا يلْبِسهُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعضهم بَأْس بعض فَمَنَعَنِيهَا وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مردوية عَن أنس قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر صلى سبْحَة الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات فَلَمَّا انْصَرف قَالَ إِنِّي صليت صَلَاة رَغْبَة وَرَهْبَة سَأَلت رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلته أَن لَا يَبْتَلِي أمتِي بِالسِّنِينَ فَفعل وَسَأَلته أَن لَا يظْهر عَلَيْهَا عدوهم فَفعل وَسَأَلته أَن لَا يلْبِسهُمْ شيعًا فَأبى عليّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حرَّة بني مُعَاوِيَة وَاتَّبَعت أَثَره حَتَّى ظهر عَلَيْهَا فصلى الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات

فَأطَال فِيهِنَّ ثمَّ الْتفت إِلَيّ فَقَالَ: إِنِّي سَأَلت الله ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلته أَن لَا يُسَلط على أمتِي عدوّاً من غَيرهم فَأَعْطَانِي وَسَأَلته أَن لَا يُهْلِكهُمْ بغرق فَأَعْطَانِي وَسَأَلته أَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلت الله ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي إثنتين وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلت رَبِّي أَن لَا يهْلك أمتِي بِالسِّنِينَ فَفعل وَسَأَلت رَبِّي أَن لَا يُسَلط على أمتِي عدوا لَهَا فَفعل وَسَأَلت رَبِّي أَن لَا يهْلك أمتِي بَعْضهَا بِبَعْض فَمَنَعَنِيهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صليت صَلَاة رغباً ورهباً ودعوت دُعَاء رغباً ورهباً حَتَّى فرج لي عَن الْجنَّة فَرَأَيْت عناقيدها فهويت أَن أتناول مِنْهَا شَيْئا فخوفت بالنَّار فَسَأَلت رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي إثنتين وكف عني الثَّالِثَة سَأَلته أَن لَا يظهرعلى أمتِي عدوها فَفعل وَسَأَلته أَن لَا يهلكها بِالسِّنِينَ فَفعل وَسَأَلته أَن لَا يلبسهَا شيعًا وَلَا يُذِيق بَعْضهَا بَأْس بعض فكفها عني وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن شَدَّاد قَالَ: فقد معَاذ بن جبل أَو سعد بن معَاذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَجَدَهُ قَائِما يُصَلِّي فِي الْحرَّة فَأَتَاهُ فتنحنح فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْتُك صليت صَلَاة لم تصل مثلهَا قَالَ صليت صَلَاة رَغْبَة وَرَهْبَة سَأَلت رَبِّي فِيهَا ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلته أَن لَا يهْلك أمتِي جوعا فَفعل ثمَّ قَرَأَ {وَلَقَد أَخذنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ} الْأَعْرَاف الْآيَة 130 الْآيَة وَسَأَلته أَن لَا يُسَلط عَلَيْهِم عدوا من غَيرهم فَفعل ثمَّ قَرَأَ {هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى وَدين الْحق} الْفَتْح الْآيَة 28 إِلَى آخر الْآيَة وَسَأَلته أَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِي ثمَّ قَرَأَ {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا من فَوْقكُم} إِلَى آخر الْآيَة ثمَّ قَالَ: لَا يزَال هَذَا الدّين ظَاهرا على من ناوأهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن خباب بن الارث فِي قَوْله {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا} قَالَ: راقب خباب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي حَتَّى إِذا كَانَ فِي الصُّبْح قَالَ لَهُ: يَا نَبِي الله لقد رَأَيْتُك تصلي هَذِه اللَّيْلَة صَلَاة مَا رَأَيْتُك تصلي مثلهَا قَالَ أجل إِنَّهَا صَلَاة رَغْبَة

وَرَهْبَة سَأَلت رَبِّي فِيهَا ثَلَاث خِصَال فَأَعْطَانِي إثنتين وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلته أَن لَا يُهْلِكنَا بِمَا أهلكت بِهِ الْأُمَم قبلكُمْ فَأَعْطَانِي وَسَأَلته أَن لَا يُسَلط علينا عدوا من غَيرنَا فَأَعْطَانِي وَسَأَلته أَن لَا يلْبِسنَا شيعًا فَمَنَعَنِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق نَافِع بن خَالِد الْخُزَاعِيّ عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة خَفِيفَة الرُّكُوع وَالسُّجُود فَقَالَ: قد كَانَت صَلَاة رَغْبَة وَرَهْبَة فَسَأَلت الله فِيهَا ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي إثنتين وَبَقِي وَاحِدَة سَأَلت الله أَن لَا يُصِيبكُم بِعَذَاب أصَاب بِهِ قبلكُمْ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلت الله أَن لَا يُسَلط عَلَيْكُم عدوا يستبيح بيضتكم فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يلْبِسكُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض فَمَنَعَنِيهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن خَالِد الْخُزَاعِيّ وَكَانَ من أَصْحَاب الشَّجَرَة قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم صَلَاة فأخف وَجلسَ فَأطَال الْجُلُوس فَلَمَّا انْصَرف قُلْنَا: يَا رَسُول الله أطلت الْجُلُوس فِي صَلَاتك قَالَ: إِنَّهَا صَلَاة رَغْبَة وَرَهْبَة سَأَلت الله فِيهَا ثَلَاث خِصَال فَأَعْطَانِي إثنتين وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلته أَن لَا يسحتكم بِعَذَاب أصَاب من كَانَ قبلكُمْ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يُسَلط على بيضتكم عدوا فيجتاحها فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يلْبِسكُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض فَمَنَعَنِيهَا وَأخرج نعيم بن حَمَّاد فِي كتاب الْفِتَن عَن ضرار بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا} قَالَ: أَربع فتن تَأتي فتنته الأولى يسْتَحل فِيهَا الدِّمَاء وَالثَّانيَِة يسْتَحل فِيهَا الدِّمَاء وَالْأَمْوَال وَالثَّالِثَة يسْتَحل فِيهَا الدِّمَاء وَالْأَمْوَال والفروج وَالرَّابِعَة عمياء مظْلمَة تمور مور الْبَحْر تَنْتَشِر حَتَّى لَا يبْقى بَيت من الْعَرَب إِلَّا دَخلته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن شَدَّاد بن أَوْس يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله زوى لي الأَرْض حَتَّى رَأَيْت مشارقها وَمَغَارِبهَا وَإِن ملك أمتِي سيبلغ مَا زوي لي مِنْهَا وَأَنِّي أَعْطَيْت الكنزين الْأَحْمَر والأبيض وَإِنِّي سَأَلت رَبِّي أَن لَا يهْلك قوم بِسنة عَامَّة وَأَن لَا يلْبِسهُمْ شيعًا وَلَا يُذِيق بَعضهم بَأْس بعض فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِنِّي إِذا قضيت قَضَاء فَإِنَّهُ لَا يرد وَإِنِّي أَعطيتك لأمتك أَن لَا أهلكهم بِسنة عَامَّة وَلَا أسلط عَلَيْهِم عدوا من سواهُم فيهلكوهم حَتَّى يكون بَعضهم يهْلك بَعْضًا وَبَعْضهمْ يقتل بَعْضًا وَبَعْضهمْ يسبي

بَعْضًا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي أَخَاف على أمتِي الْأَئِمَّة المضلين فَإِذا وضع السَّيْف فِي أمتِي لم يرفع عَنْهُم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة فَأطَال قِيَامهَا وركوعها وسجودها فَلَمَّا انْصَرف قلت: يَا رَسُول الله لقد أطلت الْيَوْم الصَّلَاة فَقَالَ إِنَّهَا صَلَاة رَغْبَة وَرَهْبَة إِنِّي سَأَلت رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي إثنتين وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلت رَبِّي أَن لَا يُسَلط على أمتِي عدوا من سواهُم فيهلكهم عَامَّة فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يُسَلط عَلَيْهِم سنة فتهلكهم عَامَّة فَأَعْطَانِيهَا وَلَفظ أَحْمد وَابْن ماجة وَسَأَلته أَن لَا يُهْلِكهُمْ غرقاً فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سَأَلت رَبِّي لأمتي أَربع خِصَال فَأَعْطَانِي ثَلَاثًا وَمَنَعَنِي وَاحِدَة سَأَلته أَن لَا تكفر أمتِي وَاحِدَة فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يظْهر عَلَيْهِم عدوا من غَيرهم فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته أَن لَا يعذبهم بِمَا عذب بِهِ الْأُمَم من قبلهم فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلته لَا يَجْعَل بأسهم بَينهم فَمَنَعَنِيهَا وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا} قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَوَضَّأ فَسَأَلَ ربه أَن لَا يُرْسل عَلَيْهِم عذَابا من فَوْقهم أَو من تَحت أَرجُلهم وَلَا يلبس أمته شيعًا وَيُذِيق بَعضهم بَأْس بعض كَمَا أذاق بني إِسْرَائِيل فهبط إِلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِنَّك سَأَلت رَبك أَرْبعا فأعطاك إثنتين ومنعك إثنتين لن يَأْتِيهم عَذَاب من فَوْقهم وَلَا من تَحت أَرجُلهم يَسْتَأْصِلهُمْ فَإِنَّهُمَا عذابان لكل أمة اجْتمعت على تَكْذِيب نبيها ورد كتاب رَبهَا وَلَكنهُمْ يلْبِسهُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعضهم بَأْس بعض وَهَذَانِ عذابان لأهل الإِقرار بالكتب والتصديق بالأنبياء وَلَكِن يُعَذبُونَ بِذُنُوبِهِمْ وَأوحى الله إِلَيْهِ {فإمَّا نذهبن بك فَإنَّا مِنْهُم منتقمون} التَّوْبَة الْآيَة 5 يَقُول: من أمتك أَو نرينك الَّذِي وعدناهم من الْعَذَاب وَأَنت حَيّ فَإنَّا عَلَيْهِم مقتدرون فَقَامَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فراجع ربه فَقَالَ: أَي مُصِيبَة أَشد من أَن أرى أمتِي يعذب

بَعْضهَا بَعْضًا وَأوحى إِلَيْهِ {آلمَ أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا} العنكبوت الْآيَتَانِ 1 - 2 الْآيَتَيْنِ فَأعلمهُ أَن أمته لم تخص دون الْأُمَم بالفتن وَأَنَّهَا ستبتلى كَمَا ابْتليت الْأُمَم ثمَّ أنزل عَلَيْهِ {قل رب إِمَّا تريني مَا يوعدون رب فَلَا تجعلني فِي الْقَوْم الظَّالِمين} الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 93 فتعوذ نَبِي الله فأعاذه الله لم ير من أمته إِلَّا الْجَمَاعَة والألفة وَالطَّاعَة ثمَّ أنزل عَلَيْهِ آيَة حذر فِيهَا أَصْحَاب الْفِتْنَة فَأخْبرهُ أَنه إِنَّمَا يخص بهَا نَاس مِنْهُم دون نَاس فَقَالَ {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة وَاعْلَمُوا أَن الله شَدِيد الْعقَاب} الْأَنْفَال الْآيَة 25 فَخص بهَا أَقْوَامًا من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعده وعصم بهَا أَقْوَامًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم قَالَ: لما نزلت {قل هُوَ الْقَادِر على أَن يبْعَث عَلَيْكُم عذَابا} الْآيَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض بِالسُّيُوفِ فَقَالُوا: وَنحن نشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله قَالَ: نعم فَقَالَ بعض النَّاس: لَا يكون هَذَا أبدا فَأنْزل الله {انْظُر كَيفَ نصرف الْآيَات لَعَلَّهُم يفقهُونَ وَكذب بِهِ قَوْمك وَهُوَ الْحق} إِلَى قَوْله {وسوف تعلمُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قولة {عذَابا من فَوْقكُم أَو من تَحت أَرْجُلكُم} قَالَ: هَذَا للْمُشْرِكين {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا وَيُذِيق بَعْضكُم بَأْس بعض} قَالَ: للْمُسلمين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن قَانِع فِي مُعْجَمه عَن ابْن إِسْحَق عَن عبد الله بن أبي بكر قَالَ: قَرَأَ عبد الله بن سُهَيْل على أَبِيه {وَكذب بِهِ قَوْمك وَهُوَ الْحق قل لست عَلَيْكُم بوكيل} فَقَالَ: أما وَالله يَا بني لَو كنت إِذْ ذَاك وَنحن مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فهمت مِنْهَا إِذْ ذَاك مَا فهمت الْيَوْم لقد كنت إِذْ ذَاك أسلمت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَكذب بِهِ قَوْمك} يَقُول: كذبت قُرَيْش بِالْقُرْآنِ {وَهُوَ الْحق} وَأما الْوَكِيل: فالحفيظ وَأما {لكل نبإٍ مُسْتَقر} فَكَانَ نبأ الْقُرْآن اسْتَقر يَوْم بدر بِمَا كَانَ يعدهم من الْعَذَاب وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قل لست عَلَيْكُم بوكيل}

قَالَ: نسخ هَذِه الْآيَة آيَة السَّيْف {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الزخرف الْآيَة 41 وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {لكل نبأ مُسْتَقر} يَقُول: حَقِيقَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَنه قَرَأَ {لكل نبإٍ مُسْتَقر} قَالَ: حبست عقوبتها حَتَّى عمل ذنبها أرْسلت عقوبتها وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لكل نبإٍ مُسْتَقر وسوف تعلمُونَ} يَقُول: فعل وَحَقِيقَة مَا كَانَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَمَا كَانَ فِي الْآخِرَة وَأخرج وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لكل نبإٍ مُسْتَقر وسوف تعلمُونَ} قَالَ: لكل نبأ حَقِيقَة أما فِي الدُّنْيَا فَسَوف تَرَوْنَهُ وَأما فِي الْآخِرَة فَسَوف يَبْدُو لكم - الْآيَة (68 - 69)

68

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا} وَنَحْو هَذَا فِي الْقُرْآن قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ بِالْجَمَاعَة ونهاهم عَن الِاخْتِلَاف والفرقة وَأخْبرهمْ إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلهم بالمراء والخصومات فِي دين الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا فَأَعْرض عَنْهُم} قَالَ: نَهَاهُ الله أَن يجلس مَعَ الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَات الله يكذبُون بهَا فَإِن نسى فَلَا يقْعد بعد الذكرى مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا} قَالَ: يستهزؤون بهَا نهى

مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يقْعد مَعَهم إِلَّا أَن ينسى فَإِذا ذكر فَليقمْ وَذَلِكَ قَول الله {فَلَا تقعد بعد الذكرى مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا} قَالَ: الَّذين يكذبُون بِآيَاتِنَا يَعْنِي الْمُشْركين {وَإِمَّا ينسينك الشَّيْطَان فَلَا تقعد بعد الذكرى} بعد مَا تذكر قَالَ: إِن نسيت فَذكرت فَلَا تجْلِس مَعَهم {وَمَا على الَّذين يَتَّقُونَ من حسابهم من شَيْء} قَالَ: مَا عَلَيْك أَن يخوضوا فِي آيَات الله إِذا فعلت ذَلِك {وَلَكِن ذكرى لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ} ذكروهم ذَلِك وأخبروهم أَنه يشق عَلَيْكُم فيتقون مساءتكم ثمَّ أنزل الله {وَقد نزل عَلَيْكُم فِي الْكتاب} النِّسَاء الْآيَة 140 الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ إِذا جالسوا الْمُؤمنِينَ وَقَعُوا فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن فسبوه واستهزؤا بِهِ فَأَمرهمْ الله أَن لَا يقعدوا مَعَهم حَتَّى يخوضوا فِي حَدِيث غَيره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين فِي قَوْله {وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا} قَالَ: كَانَ يرى أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي أهل الْأَهْوَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي جَعْفَر قَالَ: لَا تجالسوا أهل الْخُصُومَات فَإِنَّهُم الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَات الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: أَن أَصْحَاب الْأَهْوَاء من الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَات الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يَجْلِسُونَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحبونَ أَن يسمعوا مِنْهُ فَإِذا سمعُوا استهزؤوا فَنزلت {وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا فَأَعْرض عَنْهُم} الْآيَة قَالَ: فَجعلُوا إِذا استهزؤوا قَامَ فحذروا وَقَالُوا: لَا تستهزؤوا فَيقوم فَذَلِك قَوْله {لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ} إِن يخوضوا فَيقوم وَنزل {وَمَا على الَّذين يَتَّقُونَ من حسابهم من شَيْء} أَن تقعد مَعَهم وَلَكِن لَا تقعد ثمَّ نسخ قَوْله بِالْمَدِينَةِ {وَقد نزل عَلَيْكُم فِي الْكتاب أَن إِذا سَمِعْتُمْ} النِّسَاء الْآيَة 140

إِلَى قَوْله {إِنَّكُم إِذا مثلهم} نسخ قَوْله {وَمَا على الَّذين يَتَّقُونَ من حسابهم من شَيْء} الْآيَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا} قَالَ: هم أهل الْكتاب نهى أَن يقْعد مَعَهم إِذا سمعهم يَقُولُونَ فِي الْقُرْآن غير الْحق وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي وَائِل قَالَ: إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من الْكَذِب ليضحك بهَا جلساءه فيسخط الله عَلَيْهِ فَذكر ذَلِك لإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فَقَالَ: صدق أَو لَيْسَ ذَلِك فِي كتاب الله {وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا فَأَعْرض عَنْهُم} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ بِمَكَّة إِذا سمعُوا الْقُرْآن من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاضُوا واستهزؤوا فَقَالَ الْمُسلمين: لَا يصلح لنا مجالستهم نَخَاف أَن نخرج حِين نسْمع قَوْلهم ونجالسهم فَلَا نعيب عَلَيْهِم فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا فَأَعْرض عَنْهُم} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَإِذا رَأَيْت الَّذين يَخُوضُونَ فِي آيَاتنَا} الْآيَة قَالَ: نسختها هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء {وَقد نزل عَلَيْكُم فِي الْكتاب أَن إِذا سَمِعْتُمْ آيَات الله يكفر بهَا} النِّسَاء الْآيَة 140 الْآيَة ثمَّ أنزل بعد ذَلِك {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} التَّوْبَة الْآيَة 5 وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا على الَّذين يَتَّقُونَ من حسابهم من شَيْء} قَالَ: هَذِه مَكِّيَّة نسخت بِالْمَدِينَةِ بقوله {وَقد نزل عَلَيْكُم فِي الْكتاب أَن إِذا سَمِعْتُمْ آيَات الله يكفر بهَا} النِّسَاء الْآيَة 140 الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {وَمَا على الَّذين يَتَّقُونَ من حسابهم من شَيْء} إِن قعدوا وَلَكِن لَا تقعد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما هَاجر الْمُسلمُونَ إِلَى الْمَدِينَة جعل المُنَافِقُونَ يجالسونهم فَإِذا سمعُوا الْقُرْآن خَاضُوا واستهزؤوا كَفعل الْمُشْركين بِمَكَّة فَقَالَ

الْمُسلمُونَ: لاحرج علينا قد رخص الله لنا فِي مجالستهم وَمَا علينا من خوضهم فَنزلت بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن هِشَام بن عُرْوَة قَالَ: أَتَى عمر بن عبد الْعَزِيز بِقوم قعدوا على شراب مَعَهم رجل صَائِم فَضَربهُ وَقَالَ {فَلَا تقعدوا مَعَهم حَتَّى يخوضوا فِي حَدِيث غَيره} - الْآيَة (70)

70

- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وذر الَّذين اتَّخذُوا دينهم لعباً ولهواً} قَالَ: مثل قَوْله {ذَرْنِي وَمن خلقت وحيداً} المدثر الْآيَة 11 وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وذر الَّذين اتَّخذُوا دينهم لعباً ولهواً} قَالَ: ثمَّ أنزل فِي سُورَة بَرَاءَة فَأمر بقتالهم فَقَالَ {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} التَّوْبَة الْآيَة 5 فنسختها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {اتَّخذُوا دينهم لعباً ولهواً} قَالَ: أكلا وشرباً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَن تبسل} قَالَ: تفضح وَفِي قَوْله {أبسلوا} قَالَ: فضحوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَن تبسل} قَالَ: تسلم وَفِي قَوْله {أبسلوا بِمَا كسبوا} قَالَ: أَسْلمُوا بجرائرهم

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل أَن تبسل نفس قَالَ: يَعْنِي أَن تحبس نَفسه بِمَا كتبت فِي النَّار قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت زهيراً وَهُوَ يَقُول: وفارقتك برهن لَا فكاك لَهُ يَوْم الْوَدَاع وقلبي مبسل علقاً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَن تبسل نفس} قَالَ: تُؤْخَذ فتحبس وَفِي قَوْله {وَإِن تعدل كل عدل لَا يُؤْخَذ مِنْهَا} قَالَ: لَو جَاءَت بملء الأَرْض ذَهَبا لم يقبل مِنْهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {أُولَئِكَ الَّذين أبسلوا بِمَا كسبوا} قَالَ: أخذُوا بِمَا كسبوا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان بن حُسَيْن أَنه سَأَلَ عَن قَوْله {أبسلوا} قَالَ: اخذلوا أَو أَسْلمُوا أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: فَإِن أقفرت مِنْهُم فأنهم بسل - الْآيَة (71)

71

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {قل أندعو من دون الله} هَذَا مثل ضربه الله للآلهة وللدعاة الَّذين يدعونَ إِلَى الله كَمثل رجل ضل عَن الطَّرِيق تائهاً ضَالًّا إِذْ ناداه مُنَاد فلَان بن فلَان هَلُمَّ إِلَى الطَّرِيق وَله أَصْحَاب يَدعُونَهُ يَا فلَان بن فلَان هَلُمَّ إِلَى الطَّرِيق فَإِن اتبع الدَّاعِي الأول انْطلق بِهِ حَتَّى يلقيه فِي هلكة وَإِن أجَاب من يَدْعُو إِلَى الْهدى اهْتَدَى إِلَى الطَّرِيق وَهَذِه الداعية الَّتِي تَدْعُو فِي الْبَريَّة الغيلان يَقُول: مثل من يعبد هَذِه الْآلهَة من دون الله فَإِنَّهُ يرى أَنه فِي شَيْء حَتَّى يَأْتِيهِ الْمَوْت فيستقبل الهلكة والندامة وَقَوله {كَالَّذي استهوته الشَّيَاطِين فِي الأَرْض} يَقُول: أضلته وهم الغيلان يَدعُونَهُ باسمه وَاسم أَبِيه وجده

فيتبعها وَيرى أَنه فِي شَيْء فَيُصْبِح وَقد ألقته فِي هلكه وَرُبمَا أَكلته أَو تلقيه فِي مضلة من الأَرْض يهْلك فِيهَا عطشاً فَهَذَا مثل من أجَاب الْآلهَة الَّتِي تعبد من دون الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {قل أندعو من دون الله} الْآيَة قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ للْمُؤْمِنين: اتبعُوا سبيلنا واتركوا دين مُحَمَّد فَقَالَ الله {قل أندعو من دون الله مَا لَا ينفعنا وَلَا يضرنا} فَهَذِهِ الْآلهَة {ونرد على أعقابنا بعد إِذْ هدَانَا الله} فَيكون مثلنَا {كَالَّذي استهوته الشَّيَاطِين فِي الأَرْض} يَقُول: مثلكُمْ إِن كَفرْتُمْ بعد الإِيمان كَمثل رجل كَانَ مَعَ قوم على طَرِيق فضل الطَّرِيق فحيرته الشَّيَاطِين واستهوته فِي الأَرْض وَأَصْحَابه على الطَّرِيق فَجعلُوا يَدعُونَهُ إِلَيْهِم يَقُولُونَ ائتنا فَإنَّا على الطَّرِيق فَأبى أَن يَأْتِيهم فَذَلِك مثل من تبعكم بعد الْمعرفَة لمُحَمد وَمُحَمّد الَّذِي يَدْعُو إِلَى الطَّرِيق وَالطَّرِيق هُوَ الْإِسْلَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قل أندعو من دون الله مَا لَا ينفعنا وَلَا يضرنا} قَالَ: الْأَوْثَان وَفِي قَوْله {كَالَّذي استهوته الشَّيَاطِين فِي الأَرْض حيران} قالِ: رجل حيران يَدْعُو أَصْحَابه إِلَى الطَّرِيق فَذَلِك مثل من يضل بعد إِذْ هدى وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَالَّذي استهوته الشَّيَاطِين} الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل الَّذِي لَا يستجيب لهدي الله وَهُوَ رجل أطَاع الشَّيْطَان وَعمل فِي الأَرْض بالمعصية وجار عَن الْحق وضل عَنهُ وَله أَصْحَاب يَدعُونَهُ إِلَى الْهدى ويزعمون أَن الَّذِي يأمرونه بِهِ هدى الله يَقُول الله ذَلِك لأوليائهم من الإِنس يَقُول {إِن الْهدى هدى الله} والضلالة مَا يَدْعُو إِلَيْهِ الْجِنّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: خُصُومَة علمهَا الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه يُخَاصِمُونَ بهَا أهل الضَّلَالَة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أبي إِسْحَق قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله (كَالَّذي استهواه الشَّيْطَان) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي عَن أبي إِسْحَق قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله (يَدعُونَهُ إِلَى الْهدى بَينا) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (يَدعُونَهُ إِلَى الْهدى بَينا) قَالَ: الْهدى الطَّرِيق أَنه بَين وَالله أعلم

- الْآيَة (72)

72

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: مَا من أهل بَيت يكون لَهُم مَوَاقِيت يعلمُونَ الصَّلَاة إِلَّا بورك فيهم كَمَا بورك فِي إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم - الْآيَة (73)

73

- أخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصُّور فَقَالَ هُوَ قرن ينْفخ فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن أهل منى اجْتَمعُوا على أَن يقلوا الْقرن من الأَرْض مَا أَقلوهُ وَأخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الصُّور كَهَيئَةِ الْقرن ينْفخ فِيهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الصُّور كَهَيئَةِ البوق وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يزَال صاحبا الْقرن ممسكين بالصور ينتظران مَتى يؤمران وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن طرف صَاحب الصُّور مذ وكل بِهِ مستعد ينظر نَحْو الْعَرْش مَخَافَة أَن يُؤمر قبل أَن يَرْتَد إِلَيْهِ طرفه كَأَن عَيْنَيْهِ كوكبان دريان وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس

قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ أنعم وَصَاحب الصُّور قد الْتَقم الْقرن وحنى جَبهته وأصغى بسمعه ينْتَظر مَتى يُؤمر كَيفَ نقُول يَا رَسُول الله قَالَ: قُولُوا: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل على الله توكلنا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَيفَ أنعم وَصَاحب الصُّور قد الْتَقم الْقرن وحنى الْجَبْهَة وأصغى بالأذن مَتى يُؤمر فينفخ قَالُوا: فَمَا نقُول يَا رَسُول الله قَالَ: قُولُوا: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل على الله توكلنا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ أنعم وَصَاحب الْقرن قد التقمه وحنى جَبهته وأصغى بسمعه ينْتَظر مَتى يُؤمر فينفخ قَالُوا: يَا رَسُول الله فَمَا تَأْمُرنَا قَالَ: حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مامن صباح إِلَّا وملكان يناديان يَقُول أَحدهمَا: اللَّهُمَّ أعْط منفقاً خلفا وَيَقُول الآخر: اللَّهُمَّ اعط ممسكاً تلفاً وملكان موكلان بالصور ينتظران مَتى يؤمران فينفخان وملكان يناديان: يَا باغي الْخَيْر هَلُمَّ وَيَقُول الآخر: يَا باغي الشَّرّ أقصر وملكان يناديان يَقُول أَحدهمَا: ويل للرِّجَال من النِّسَاء وويل للنِّسَاء من الرِّجَال وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النافخان فِي السَّمَاء الثَّانِيَة رَأس أَحدهمَا بالمشرق وَرجلَاهُ بالمغرب وينتظران مَتى يؤمران أَن ينفخا فِي الصُّور فينفخا وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة بِسَنَد حسن عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ كنت عِنْد عَائِشَة وَعِنْدهَا كَعْب الحبر فَذكر إسْرَافيل فَقَالَت عَائِشَة: أَخْبرنِي عَن إسْرَافيل فَقَالَ كَعْب: عنْدكُمْ الْعلم قَالَت: أجل فَأَخْبرنِي قَالَ: لَهُ أَرْبَعَة أَجْنِحَة جَنَاحَانِ فِي الْهَوَاء وَجَنَاح قد تسربل بِهِ وَجَنَاح على كَاهِله والقلم على أُذُنه فَإِذا نزل الْوَحْي كتب الْقَلَم ثمَّ درست الْمَلَائِكَة وَملك الصُّور جاث على إِحْدَى رُكْبَتَيْهِ وَقد نصب الْأُخْرَى فالتقم الصُّور محنى ظَهره وَقد أَمر إِذا رأى إسْرَافيل قد ضم جناحيه أَن ينْفخ فِي الصُّور فَقَالَت عَائِشَة: هَكَذَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: خلق الله الصُّور من لؤلؤة

بَيْضَاء فِي صفاء الزجاجة ثمَّ قَالَ للعرش: خُذ الصُّور فَتعلق بِهِ ثمَّ قَالَ: كن فَكَانَ إسْرَافيل فَأمره أَن يَأْخُذ الصُّور فَأَخذه وَبِه ثقب بِعَدَد كل روح مخلوقة وَنَفس منفوسة لَا تخرج روحان من ثقب وَاحِد وَفِي وسط الصُّور كوَّة كاستدارة السَّمَاء وَالْأَرْض وإسرافيل وَاضع فَمه على تِلْكَ الكوة ثمَّ قَالَ لَهُ الرب تَعَالَى: قد وَكلتك بالصور فَأَنت للنفخة والصيحة فَدخل إسْرَافيل فِي مقدم الْعَرْش فَادْخُلْ رجله الْيُمْنَى تَحت الْعَرْش وقدَّم الْيُسْرَى وَلم يطرف مُنْذُ خلقه الله ينْتَظر مَتى يُؤمر بِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي بكر الهزلي قَالَ: إِن ملك الصُّور وكل بِهِ أَن إِحْدَى قَدَمَيْهِ لفي الأَرْض السَّابِعَة وَهُوَ جاث على رُكْبَتَيْهِ شاخص بَصَره إِلَى إسْرَافيل مَا طرف مُنْذُ خلقه الله تَعَالَى ينْتَظر مَتى يُشِير إِلَيْهِ فينفخ فِي الصُّور وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْم ينْفخ فِي الصُّور} قَالَ: يَعْنِي النفخة الأولى ألم تسمع أَنه يَقُول {وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى} الزمر الْآيَة 68 يَعْنِي الثَّانِي {فَإِذا هم قيام ينظرُونَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة أَنه قَرَأَ {يَوْم ينْفخ فِي الصُّور} أَي فِي الْخلق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة} يَعْنِي أَن عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة هُوَ الَّذِي ينْفخ فِي الصُّور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة} قَالَ: السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: الشَّهَادَة مَا قد رَأَيْتُمْ من خلقه والغيب مَا غَابَ عَنْكُم مِمَّا لم تروه - الْآيَة (74)

74

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آزر الصَّنَم وَأَبُو إِبْرَاهِيم

اسْمه يازر وَأمه اسْمهَا مثلى وَامْرَأَته اسْمهَا سارة وسريته أم اسمعيل اسْمهَا هَاجر وَدَاوُد بن أَمِين ونوح بن لمك وَيُونُس بن مَتى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: آزر لم يكن بِأَبِيهِ وَلكنه اسْم صنم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: اسْم أَبِيه تارح وأسم الصَّنَم آزر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ آزر} قَالَ: لَيْسَ آزر بِأَبِيهِ وَلَكِن {وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ آزر} وَهن الْآلهَة وَهَذَا من تَقْدِيم الْقُرْآن إِنَّمَا هُوَ إِبْرَاهِيم بن تيرح وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ أَنه قَرَأَ {وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ آزر} قَالَ: بَلغنِي أَنَّهَا أَعْوَج وَأَنَّهَا أَشد كلمة قَالَهَا إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ آزر أتتخذ أصناماً آلِهَة} قَالَ: كَانَ يَقُول أعضد أتعتضد بالآلهة من دون الله لَا تفعل وَيَقُول: إِن أَبَا إِبْرَاهِيم لم يكن اسْمه آزر وَإِنَّمَا اسْمه تارح قَالَ أَبُو زرْعَة: بهمزتين (أءزر) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: آزر أَبُو إِبْرَاهِيم - الْآيَة (75 - 79)

75

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن

عَبَّاس {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: كشف مَا بَين السَّمَوَات وَالْأَرْض حَتَّى نظر إلَيْهِنَّ على صَخْرَة والصخرة على حوت وَهُوَ الْحُوت الَّذِي مِنْهُ طَعَام النَّاس والحوت فِي سلسلة والسلسلة فِي خَاتم الْعِزَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض قَالَ: سلطانهما وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: إِنَّمَا هُوَ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلكنه بِلِسَان النبطية ملكوثا وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَابْن الْمُنْذر وَابْن حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: آيَات فرجت لَهُ السَّمَوَات السَّبع فَنظر إِلَى مَا فِيهِنَّ حَتَّى انْتهى بَصَره إِلَى الْعَرْش وفرجت لَهُ الأرضون السَّبع فَنظر إِلَى مَا فِيهِنَّ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: قَامَ على صَخْرَة ففرجت لَهُ السَّمَوَات السَّبع حَتَّى نظر إِلَى الْعَرْش وَإِلَى منزله من الْجنَّة ثمَّ فرجت لَهُ الأرضون السَّبع حَتَّى نظر إِلَى الصَّخْرَة الَّتِي عَلَيْهَا الأرضون كَذَلِك قَوْله {وَآتَيْنَاهُ أجره فِي الدُّنْيَا} العنكبوت الْآيَة 27 وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الرَّحْمَن بن عائش الْحَضْرَمِيّ عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: رَأَيْت رَبِّي فِي أحسن صُورَة فَقَالَ: فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّد قَالَ: قلت أَنْت أعلم أَي رب قَالَ: فَوضع يَده بَين كَتِفي فَوجدت بردهَا بَين ثديي قَالَ: فَعلمت مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض وليكون من الموقنين} ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد فيمَ

يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى قَالَ: قلت: فِي الدَّرَجَات وَالْكَفَّارَات قَالَ: وَمَا الْكَفَّارَات قلت: نقل الْأَقْدَام إِلَى الْجَمَاعَات والمجالس فِي الْمَسَاجِد خلاف الصَّلَوَات وإبلاغ الْوضُوء أماكنه فِي الْمَكْرُوه فَمن يفعل ذَلِك يَعش بِخَير ويمت بِخَير ويكن من خطيئته كَهَيْئَته يَوْم وَلدته أمه وَأما الدَّرَجَات فبذل السَّلَام واطعام الطَّعَام وَالصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام قَالَ: قل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الطَّيِّبَات وَترك الْمُنْكَرَات وَحب الْمَسَاكِين وَإِن تغْفر لي وترحمني وَإِذا أردْت فتْنَة فِي قوم فتوفني غير مفتون فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تُعَلِّمُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ حق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رأى إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض أشرف على رجل على مَعْصِيّة من معاصي الله فَدَعَا عَلَيْهِ فَهَلَك ثمَّ أشرف على آخر على مَعْصِيّة من معاصي الله فَدَعَا فَهَلَك ثمَّ أشرف على آخر فَذهب يَدْعُو عَلَيْهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن يَا إِبْرَاهِيم أَنَّك رجل مستجاب الدعْوَة فَلَا تدع على عبَادي فَإِنَّهُم مني على ثَلَاث إِمَّا أَن يَتُوب فأتوب عَلَيْهِ وَإِمَّا أَن أخرج من صلبه نسمَة تملأ الأَرْض بالتسبيح وَإِمَّا أَن أقبضهُ إِلَيّ فَإِن شِئْت عَفَوْت وَإِن شِئْت عَاقَبت وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: لما رفع إِبْرَاهِيم إِلَى ملكوت السَّمَوَات أشرف على عبد يَزْنِي فَدَعَا عَلَيْهِ فَأهْلك ثمَّ رفع أَيْضا فَأَشْرَف على عبد يَزْنِي فَدَعَا عَلَيْهِ فَأهْلك ثمَّ رفع أَيْضا فَأَشْرَف على عبد يَزْنِي فَأَرَادَ أَن يَدْعُو عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ ربه: على رسلك يَا إِبْرَاهِيم فَإنَّك عبد مستجاب لَك وَإِنِّي من عَبدِي على إِحْدَى ثَلَاث خلال إِمَّا أَن يَتُوب إِلَيّ فأتوب عَلَيْهِ وَإِمَّا أَن أخرج مِنْهُ ذُرِّيَّة طيبَة وَإِمَّا أَن يتمادى فِيمَا هُوَ فِيهِ فَأَنا من وَرَائه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: رفع إِبْرَاهِيم إِلَى السَّمَاء فَنظر أَسْفَل مِنْهُ فَرَأى رجلا على فَاحِشَة فَدَعَا فَخسفَ بِهِ حَتَّى دَعَا على سَبْعَة كلهم يخسف بِهِ فَنُوديَ يَا إِبْرَاهِيم رفه عَن عبَادي ثَلَاث مرار إِنِّي من عَبدِي بَين ثَلَاث اما أَن يَتُوب فأتوب عَلَيْهِ وَإِمَّا أَن استخرج من صلبه ذُرِّيَّة مُؤمنَة وَإِمَّا أَن يكفر فحسبه جَهَنَّم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق شهر بن حَوْشَب عَن

معَاذ بن جبل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما رأى إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض أبْصر عبدا على خَطِيئَة فَدَعَا عَلَيْهِ ثمَّ أبْصر عبدا على خَطِيئَة فَدَعَا عَلَيْهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا إِبْرَهِيمُ إِنَّك عبد مستجاب الدعْوَة فَلَا تدع على أحد فَإِنِّي من عَبدِي على ثَلَاث إِمَّا أَن أخرج من صلبه ذُرِّيَّة تعبدني وَإِمَّا أَن يَتُوب فِي آخر عمره فأتوب عَلَيْهِ وَإِمَّا أَن يتَوَلَّى فَإِن جَهَنَّم من وَرَائه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: لما رأى إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض رأى رجلا على فَاحِشَة فَدَعَا عَلَيْهِ فَهَلَك ثمَّ رأى آخر على فَاحِشَة فَدَعَا عَلَيْهِ فَهَلَك ثمَّ رأى آخر على فَاحِشَة فَدَعَا عَلَيْهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن يَا إِبْرَاهِيم مهلا فَإنَّك رجل مستجاب لَك وَإِنِّي من عَبدِي على ثَلَاث خِصَال إِمَّا أَن يَتُوب قبل الْمَوْت فأتوب عَلَيْهِ وَإِمَّا أَن أخرج من صلبه ذُرِّيَّة يذكروني وَإِمَّا أَن يتَوَلَّى فجهنم من وَرَائه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَطاء قَالَ: لما رفع إِبْرَاهِيم فِي ملكوت السَّمَوَات رأى رجلا يَزْنِي فَدَعَا عَلَيْهِ فَهَلَك ثمَّ رفع فَرَأى رجلا يَزْنِي فَدَعَا عله فَهَلَك ثمَّ رفع فَرَأى رجلا يَزْنِي فَدَعَا عَلَيْهِ فَهَلَك ثمَّ رأى رجلا يَزْنِي فَدَعَا عَلَيْهِ فَهَلَك فَقيل: على رسلك يَا إِبْرَاهِيم إِنَّك عبد يُسْتَجَاب لَك وَإِنِّي من عَبدِي على ثَلَاث إِمَّا أَن يَتُوب إِلَيّ فأتوب عَلَيْهِ وَإِمَّا أَن أخرج مِنْهُ ذُرِّيَّة طيبَة تعبدني وَإِمَّا أَن يتمادى فِيمَا هُوَ فِيهِ فَإِن جَهَنَّم من وَرَائه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ نري إِبْرَاهِيم ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: يَعْنِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض {وليكون من الموقنين} فَإِنَّهُ جلا لَهُ الْأَمر سره وعلانيته فَلم يخف عَلَيْهِ شَيْء من أَعمال الْخَلَائق فَلَمَّا جعل يلعن أَصْحَاب الذُّنُوب قَالَ الله: إِنَّك لَا تَسْتَطِيع هَذَا فَرده الله كَمَا كَانَ قبل ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فر بِهِ من جَبَّار مترف فَجعل فِي سرب وَجعل رزقه فِي أَطْرَافه فَجعل لَا يمص أصبعاً من أَصَابِعه إِلَّا جعل الله لَهُ فِيهَا رزقا فَلَمَّا خرج من ذَلِك السرب أرَاهُ الله ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأرَاهُ شمساً وقمراً ونجوماً وسحاباً وخلقاً عَظِيما وَأرَاهُ ملكوت الأَرْض فَرَأى جبالاً وبحوراً وأنهاراً وشجراً

وَمن كل الدَّوَابّ وخلقاً عَظِيما {فَلَمَّا جن عَلَيْهِ اللَّيْل رأى كوكباً} ذكر لنا أَن الْكَوْكَب الَّذِي رأى الزهرة طلعت عشَاء {قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أفل قَالَ لَا أحب الآفلين} علم أَن ربه دَائِم لَا يَزُول {فَلَمَّا رأى الْقَمَر بازغاً قَالَ هَذَا رَبِّي} رأى خلقا أكبر من الْخلق الأوّل {فَلَمَّا أفل قَالَ لَئِن لم يهدني رَبِّي لأكونن من الْقَوْم الضَّالّين فَلَمَّا رأى الشَّمْس بازغة قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أكبر} أَي أكبر خلقا من الخلقين الأوّلين وأبهى وأنور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ من شَأْن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أَن أول ملك ملك فِي الأَرْض شرقها وغربها نمْرُود بن كنعان بن كوش بن سَام بن نوح وَكَانَت الْمُلُوك الَّذين ملكوا الأَرْض كلهَا أَرْبَعَة بن كنعان وَسليمَان بن دَاوُد وَذُو القرنين وَبُخْتنَصَّرَ مُسلمين وكافرين وَإنَّهُ طلع كَوْكَب على نمْرُود ذهب بضوءالشمس وَالْقَمَر فَفَزعَ من ذَلِك فَدَعَا السَّحَرَة والكهنة والقافة والحازة فَسَأَلَهُمْ عَن ذَلِك فَقَالُوا: يخرج من ملكك رجل يكون على وَجهه هلاكك وهلاك ملكك وَكَانَ مَسْكَنه بِبَابِل الْكُوفَة فَخرج من قريته إِلَى قَرْيَة أُخْرَى وَأخرج الرِّجَال وَترك النِّسَاء وَأمر أَن لَا يُولد مَوْلُود ذكر إِلَّا ذبحه فذبح أَوْلَادهم ثمَّ إِنَّه بَدَت لَهُ حَاجَة فِي الْمَدِينَة لم يَأْمَن عَلَيْهَا إِلَّا آزر أَبَا إِبْرَاهِيم فَدَعَاهُ فَأرْسلهُ فَقَالَ لَهُ: أنظر لَا تواقع أهلك فَقَالَ لَهُ آزر أَنا أضُنُّ بديني من ذَلِك فَلَمَّا دخل الْقرْيَة نظر إِلَى أَهله فَلم يملك نَفسه إِن وَقع عَلَيْهَا ففر بهَا إِلَى قَرْيَة بَين الْكُوفَة وَالْبَصْرَة يُقَال لَهَا ادر فَجَعلهَا فِي سرب فَكَانَ يتعهدها بِالطَّعَامِ وَمَا يصلحها وَإِن الْملك لما طَال عَلَيْهِ الْأَمر قَالَ: قَول سحرة كَذَّابين ارْجعُوا إِلَى بلدكم فَرَجَعُوا وَولد إِبْرَاهِيم فَكَانَ فِي كل يَوْم يمر بِهِ كَأَنَّهُ جُمُعَة وَالْجُمُعَة كالشهر من سرعَة شبابه وَنسي الْملك ذَاك وَكبر إِبْرَاهِيم وَلَا يرى أَن أحدا من الْخلق غَيره وَغير أَبِيه وَأمه فَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيم لأَصْحَابه: إِن لي ابْنا وَقد خبأته فتخافون عَلَيْهِ الْملك ان أَنا جِئْت بِهِ قَالُوا: لَا فَائت بِهِ فَانْطَلق فَأخْرجهُ فَلَمَّا خرج الْغُلَام من السرب نظر إِلَى الدَّوَابّ والبهائم والخلق فَجعل يسْأَل أَبَاهُ فَيَقُول: مَا هَذَا فيخبره عَن الْبَعِير أَنه بعير وَعَن الْبَقَرَة أَنَّهَا بقرة وَعَن الْفرس أَنَّهَا فرس وَعَن الشَّاة أَنَّهَا شَاة فَقَالَ: مَا لهَؤُلَاء بُد من أَن يكون لَهُم رب وَكَانَ خُرُوجه حِين خرج من السرب بعد غرُوب الشَّمْس فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء

فَإِذا هُوَ بالكوكب وَهُوَ المُشْتَرِي فَقَالَ: هَذَا رَبِّي فَلم يلبث أَن غَابَ قَالَ: لَا أحب رَبًّا يغيب قَالَ ابْن عَبَّاس: وَخرج فِي آخر الشَّهْر فَلذَلِك لم ير الْقَمَر قبل الْكَوْكَب فَلَمَّا كَانَ آخر اللَّيْل رأى الْقَمَر بازغاً قد طلع قَالَ: هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أفل - يَقُول غَابَ {قَالَ لَئِن لم يهدني رَبِّي لأكونن من الْقَوْم الضَّالّين} فَلَمَّا أصبح رأى الشَّمْس بازغة {قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أكبر فَلَمَّا أفلت قَالَ يَا قوم إِنِّي بَرِيء مِمَّا تشركون} قَالَ الله لَهُ: اسْلَمْ قَالَ: أسلمت لرب الْعَالمين فَجعل إِبْرَاهِيم يَدْعُو قومه وَيُنْذرهُمْ وَكَانَ أَبوهُ يصنع الْأَصْنَام فيعطيها أَوْلَاده فيبيعونها وَكَانَ يُعْطِيهِ فينادي من يَشْتَرِي مَا يضرّهُ وَلَا يَنْفَعهُ فَيرجع إخْوَته وَقد باعوا أصنامهم وَيرجع إِبْرَاهِيم بأصنامه كَمَا هِيَ ثمَّ دَعَا أَبَاهُ فَقَالَ {يَا أَبَت لم تعبد مَا لَا يسمع وَلَا يبصر وَلَا يُغني عَنْك شَيْئا} مَرْيَم الْآيَة 42 ثمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيم إِلَى بَيت الْآلهَة فَإِذا هن فِي بهو عَظِيم مُسْتَقْبل بَاب البهو صنم عَظِيم إِلَى جنبه أَصْغَر مِنْهُ بَعْضهَا إِلَى جنب بعض كل صنم يَلِيهِ أَصْغَر مِنْهُ حَتَّى بلغُوا بَاب البهو وَإِذا هم قد جعلُوا طَعَاما بَين يَدي الْآلهَة وَقَالُوا: إِذا كَانَ حِين نرْجِع رَجعْنَا وَقد بَرحت الْآلهَة من طعامنا فأكلنا فَلَمَّا نظر إِلَيْهِم إِبْرَاهِيم وَإِلَى مَا بَين أَيْديهم من الطَّعَام قَالَ: أَلا تَأْكُلُونَ فَلَمَّا لم تجبه قَالَ: مَا لكم لَا تنطقون ثمَّ إِن إِبْرَاهِيم أَتَى قومه فَدَعَاهُمْ فَجعل يَدْعُو قومه وَيُنْذرهُمْ فحبسوه فِي بَيت وجمعوا لَهُ الْحَطب حَتَّى أَن الْمَرْأَة لتمرض فَتَقول: لَئِن عافاني الله لأجمعن لإِبْرَاهِيم حطباً فَلَمَّا جمعُوا لَهُ وَأَكْثرُوا من الْحَطب حَتَّى إِن كَانَ الطير ليمر بهَا فيحترق من شدَّة وهجها وحرها فعمدوا إِلَيْهِ فَرَفَعُوهُ إِلَى رَأس الْبُنيان فَرفع إِبْرَاهِيم رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقَالَت السَّمَاء وَالْأَرْض وَالْجِبَال وَالْمَلَائِكَة: رَبنَا إِبْرَاهِيم يحرق فِيك قَالَ: أَنا أعلم بِهِ فَإِن دعَاكُمْ فأغيثوه وَقَالَ إِبْرَاهِيم حِين رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء: اللَّهُمَّ أَنْت الْوَاحِد فِي السَّمَاء وَأَنا الْوَاحِد فِي الأَرْض لَيْسَ أحد يعبدك غَيْرِي حسبي الله وَنعم الْوَكِيل فقذفوه فِي النَّار فناداها فَقَالَ {يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا على إِبْرَاهِيم} الْأَنْبِيَاء الْآيَة 69 وَكَانَ جِبْرِيل هُوَ الَّذِي ناداها فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَو لم يتبع بردا سَلاما لمات إِبْرَاهِيم من بردهَا وَلم يبْق يَوْمئِذٍ فِي الأَرْض نَار إِلَّا طفئت ظنت أَنَّهَا هِيَ تعنى فَلَمَّا طفئت

النَّار نظرُوا إِلَى إِبْرَاهِيم فَإِذا هُوَ وَرجل آخر مَعَه وَرَأس إِبْرَاهِيم فِي حجره يمسح عَن وَجهه الْعرق وَذكر أَن ذَلِك الرجل ملك الظل فَأنْزل الله نَارا فَانْتَفع بهَا بَنو آدم وأخرجوا إِبْرَاهِيم فأدخلوه على الْملك وَلم يكن قبل ذَلِك دخل عَلَيْهِ فَكَلمهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن السّديّ فِي قَوْله {رأى كوكباً} قَالَ: هُوَ المُشْتَرِي وَهُوَ الَّذِي يطلع نَحْو الْقبْلَة عِنْد الْمغرب وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن عَليّ فِي قَوْله {رأى كوكباً} قَالَ: الزهرة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {فَلَمَّا أفل} أَي ذهب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَا أحب الآفلين} قَالَ: الزائلين وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {فَلَمَّا أفلت} قَالَ: فَلَمَّا زَالَت الشَّمْس عَن كبد السَّمَاء قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ وَهُوَ يرثي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُول: فَتغير الْقَمَر الْمُنِير لفقده وَالشَّمْس قد كسفت وكادت تأفل قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ {حَنِيفا} قَالَ: دينا مخلصاً قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَهُوَ يَقُول: حمدت الله حِين هدى فُؤَادِي إِلَى الْإِسْلَام والدّين الحنيف قَالَ: أَيْضا رجل من الْعَرَب يذكر بني عبد الْمطلب وفضلهم أقِيمُوا لنادينا حَنِيفا فانتمو لنا غَايَة قد نهتدي بالذوائب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء فِي قَوْله {حَنِيفا} قَالَ: مخلصاً وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِيَاض بن حمَار الْمُجَاشِعِي أَنه شهد خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمعهُ يَقُول: إِن الله أَمرنِي أَن أعلمكُم مَا جهلتم من دينكُمْ مِمَّا عَلمنِي يومي هَذَا إِن كل مَال نحلته عبدا فَهُوَ لَهُ حَلَال وَإِنِّي خلقت عبَادي حنفَاء كلهم وَإنَّهُ أَتَتْهُم الشَّيَاطِين فَاجْتَالَتْهُمْ عَن دينهم وَحرمت عَلَيْهِم مَا أحللت لَهُم وأمرتهم أَن يشركوا بِي مَا لم أنزل بِهِ سُلْطَانا وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا استفتح الصَّلَاة كبر ثمَّ قَالَ: وجهت

وَجْهي للَّذي فطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين لَا شريك لَهُ وَبِذَلِك أمرت وَأَنا أول الْمُسلمين - الْآيَة (80 - 81)

80

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {وحاجه قومه} يَقُول: خاصموه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أتحاجوني} قَالَ: أتخاصموني وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (أتحاجوني) مُشَدّدَة النُّون وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وحاجه قومه} قَالَ: دعوا مَعَ الله إِلَهًا {قَالَ أتحاجوني فِي الله وَقد هدان} وَقد عرفت رَبِّي خوّفوه بآلهتهم أَن يُصِيبهُ مِنْهَا خبل فَقَالَ {وَلَا أَخَاف مَا تشركون بِهِ} ثمَّ قَالَ {وَكَيف أَخَاف مَا أشركتم وَلَا تخافون} أَيهَا الْمُشْركُونَ {أَنكُمْ أشركتم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَأَي الْفَرِيقَيْنِ أَحَق بالأمن} قَالَ: قَول إِبْرَاهِيم حِين سَأَلَهُمْ أَي الْفَرِيقَيْنِ أَحَق بالأمن وَمن حجَّة إِبْرَاهِيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {فَأَي الْفَرِيقَيْنِ أَحَق بالأمن} أَمن خَافَ غير الله وَلم يخفه أم من خَافَ الله وَلم يخف غَيره فَقَالَ الله {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم أُولَئِكَ لَهُم الْأَمْن وهم مهتدون} الْأَنْعَام الْآيَة 82

- الْآيَة (82)

82

- أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارقطني فِي الْأَفْرَاد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} شقّ ذَلِك على النَّاس فَقَالُوا: يَا رَسُول الله وأينا لَا يظلم نَفسه قَالَ إِنَّه لَيْسَ الَّذِي تعنون ألم تسمعوا مَا قَالَ العَبْد الصَّالح {إِن الشّرك لظلم عَظِيم} لُقْمَان الْآيَة 13 إِنَّمَا هُوَ الشّرك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر الصّديق أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} قَالَ: مَا تَقولُونَ قَالُوا: لم يظلموا قَالَ: حملتم الْأَمر على أشده بظُلْم: بشرك ألم تسمع إِلَى قَول الله {إِن الشّرك لظلم عَظِيم} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عمر بن الْخطاب {وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} قَالَ: بشرك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن حُذَيْفَة {وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} قَالَ: بشرك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن سلمَان الْفَارِسِي أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} قَالَ: إِنَّمَا عَنى بِهِ الشّرك ألم تسمع الله يَقُول {إِن الشّرك لظلم عَظِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله {وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} قَالَ: ذَاك الشّرك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس إِن عمر بن الْخطاب كَانَ إِذا دخل بَيته نشر الْمُصحف يقرأه فَدخل ذَات يَوْم فَقَرَأَ سُورَة الْأَنْعَام فَأتى

على هَذِه الْآيَة {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} إِلَى آخر الْآيَة فانتقل وَأخذ رِدَاءَهُ ثمَّ أَتَى أبي بن كَعْب فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذر أتيت على هَذِه الْآيَة {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} وَقد نرى أَنا نظلم ونفعل ونفعل فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن هَذَا لَيْسَ بِذَاكَ يَقُول الله {إِن الشّرك لظلم عَظِيم} لُقْمَان الْآيَة 13 إِنَّمَا ذَلِك الشّرك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وأبوالشيخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس {وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} قَالَ: بشرك وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} قَالَ: بِعبَادة الْأَوْثَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} يَقُول: لم يخلصوا إِيمَانهم بشرك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي إِبْرَاهِيم وَأَصْحَابه خَاصَّة لَيْسَ فِي هَذِه الْأمة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جرير بن عبد الله قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بَرَزْنَا من الْمَدِينَة إِذا رَاكب يوضع نحونا فَانْتهى إِلَيْنَا فَسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَيْن أَقبلت فَقَالَ: من أَهلِي وَوَلَدي وعشيرتي أُرِيد رَسُول الله قَالَ: قد أصبته قَالَ: عَلمنِي مَا الإِيمان قَالَ: تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتصوم رَمَضَان وتحج الْبَيْت قَالَ: قد أَقرَرت ثمَّ إِن بعيره دخلت يَده فِي شبكة جردان فهوى وَوَقع الرجل على هامته فَمَاتَ فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا من الَّذين عمِلُوا قَلِيلا وأجروا كثيرا هَذَا من الَّذين قَالَ الله {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم أُولَئِكَ لَهُم الْأَمْن وهم مهتدون} إِنِّي رَأَيْت حور الْعين يدخلن فِي فِيهِ من ثمار الْجنَّة فَعلمت أَن الرجل مَاتَ جائعا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسير ساره إِذْ عرض لَهُ أَعْرَابِي فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد خرجت من بلادي وتلادي لأَهْتَدِي بهداك وآخذ من قَوْلك فاعرض عَليّ فَأَعْرض عَلَيْهِ

الإِسلام فَقبل فازدحمنا حوله فَدخل خف بكره فِي ثقب جردان فتردى الْأَعرَابِي فَانْكَسَرت عُنُقه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أسمعتم بِالَّذِي عمل قَلِيلا وَأجر كثيرا هَذَا مِنْهُم أسمعتم بالذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم هَذَا مِنْهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بكر بن سوَادَة قَالَ: حمل رجل من العدوّ على الْمُسلمين فَقتل رجلا ثمَّ حمل فَقتل آخر ثمَّ حمل فَقتل آخر ثمَّ قَالَ: أينفعني الإِسلام بعد هَذَا قَالُوا: مَا نَدْرِي فَذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: نعم فَضرب فرسه فَدخل فيهم ثمَّ حمل على أَصْحَابه فَقتل رجلا ثمَّ آخر ثمَّ قتل قَالَ: فيرون أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِيهِ {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ أَن رجلا سَأَلَ عَنْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسكت حَتَّى جَاءَ رجل فَأسلم فَلم يلبث إِلَّا قَلِيلا حَتَّى قَاتل فاستشهد فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا مِنْهُم من الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن أبي حَاتِم وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سَخْبَرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ابْتُلِيَ فَصَبر وَأعْطِي فَشكر وظلم فغفر وظلم فَاسْتَغْفر ثمَّ سكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقيل: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاله قَالَ {أُولَئِكَ لَهُم الْأَمْن وهم مهتدون} - الْآيَة (83)

83

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {وَتلك حجتنا آتيناها إِبْرَاهِيم على قومه} قَالَ: ذَاك فِي الْخُصُومَة الَّتِي كَانَت بَينه وَبَين قومه وَالْخُصُومَة الَّتِي كَانَت بَينه وَبَين الْجَبَّار الَّذِي يُسمى نمْرُود وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَتلك حجتنا آتيناها إِبْرَاهِيم على قومه} قَالَ: خصمهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق مَالك بن أنس عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {وَتلك حجتنا آتيناها إِبْرَاهِيم على قومه} قَالَ: خصمهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق مَالك بن أنس عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {نرفع دَرَجَات من نشَاء} قَالَ: بِالْعلمِ

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك قَالَ: إِن للْعُلَمَاء دَرَجَات كدرجات الشُّهَدَاء - الْآيَة (84 - 88)

84

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود قَالَ: أرسل الْحجَّاج إِلَى يحيى بن يعمر فَقَالَ: بَلغنِي أَنَّك تزْعم أَن الْحسن وَالْحُسَيْن من ذُرِّيَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَجدهُ فِي كتاب الله وَقد قرأته من أَوله إِلَى آخِره فَلم أَجِدهُ قَالَ: أَلَسْت تقْرَأ سُورَة الْأَنْعَام {وَمن ذُريَّته دَاوُد وَسليمَان} حَتَّى بلغ {وَيحيى وَعِيسَى} قَالَ: أَلَيْسَ عِيسَى من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم وَلَيْسَ لَهُ أَب قَالَ: صدقت وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ: دخل يحيى بن يعمر على الْحجَّاج فَذكر الْحُسَيْن فَقَالَ الْحجَّاج: لم يكن من ذُرِّيَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَقَالَ يحيى: كذبت فَقَالَ: لتَأْتِيني على مَا قلت بِبَيِّنَة فَتلا {وَمن ذُريَّته دَاوُد وَسليمَان} إِلَى قَوْله {وَعِيسَى وإلياس} فَأخْبر تَعَالَى أَن عِيسَى من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم بِأُمِّهِ قَالَ: صدقت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: الْخَال وَالِد وَالْعم وَالِد نسب الله عِيسَى إِلَى أَخْوَاله قَالَ {وَمن ذُريَّته} حَتَّى بلغ إِلَى قَوْله {وزَكَرِيا وَيحيى وَعِيسَى} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب كلا هدينَا ونوحاً هدينَا من قبل} ثمَّ قَالَ فِي إِبْرَاهِيم {وَمن ذُريَّته دَاوُد وَسليمَان}

إِلَى قَوْله {وَإِسْمَاعِيل وَالْيَسع وَيُونُس ولوطاً وكلا فضلنَا على الْعَالمين} ثمَّ قَالَ فِي الْأَنْبِيَاء الَّذين سماهم الله فِي هَذِه الْآيَة {فبهداهم اقتده} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {واجتبيناهم} قَالَ: أخلصناهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلَو أشركوا لحبط عَنْهُم مَا كَانُوا يعْملُونَ} قَالَ: يُرِيد هَؤُلَاءِ الَّذين قَالَ: هديناهم وفضلناهم - الْآيَة (89)

89

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حوثرة بن بشير سَمِعت رجلا سَأَلَ الْحسن عَن قَوْله {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب وَالْحكم والنبوّة} من هم يَا أَبَا سعيد قَالَ: هم الَّذين فِي صدر هَذِه الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أُولَئِكَ الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب وَالْحكم} قَالَ: الحكم اللب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِن يكفر بهَا هَؤُلَاءِ} يَعْنِي أهل مَكَّة يَقُول: أَن يكفروا بِالْقُرْآنِ {فقد وكلنَا بهَا قوما لَيْسُوا بهَا بكافرين} يَعْنِي أهل الْمَدِينَة وَالْأَنْصَار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِن يكفر بهَا هَؤُلَاءِ} قَالَ: أهل مَكَّة كفار قُرَيْش {فقد وكلنَا بهَا قوما لَيْسُوا بهَا بكافرين} وهم الْأَنْبِيَاء الَّذين قصّ الله على نبيه الثَّمَانِية عشر الَّذين قَالَ الله {فبهداهم اقتده} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي رَجَاء العطاردي فِي قَوْله {فقد وكلنَا بهَا قوما لَيْسُوا بهَا بكافرين} قَالَ: هم الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أهل الْإِيمَان قد تبوّأوا الدَّار والإِيمان قبل أَن يقدم عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أنزل الله الْآيَات جحد بهَا أهل مَكَّة فَقَالَ الله {فَإِن يكفر بهَا هَؤُلَاءِ فقد وكلنَا بهَا قوما لَيْسُوا بهَا بكافرين}

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب فِي الْآيَة قَالَ: إِن يكفر بهَا أهل مَكَّة فقد وكلنَا بهَا أهل الْمَدِينَة من الْأَنْصَار - الْآيَة (90)

90

- أخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أُولَئِكَ الَّذين هدى الله فبهداهم اقتده} قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقْتَدى بهداهم وَكَانَ يسْجد فِي ص وَلَفظ ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن السَّجْدَة الَّتِي فِي ص فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة وَقَالَ: أَمر نَبِيكُم أَن يقْتَدى بِدَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: قصّ الله عَلَيْهِ ثَمَانِيَة عشر نَبيا ثمَّ أمره أَن يَقْتَدِي بهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (فبهداهم اقتده) بَين الْهَاء إِذا وصل وَلَا يدغمها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا} قَالَ: قل لَهُم يَا مُحَمَّد لَا أَسأَلكُم على مَا أدعوكم إِلَيْهِ عرضا من عرض الدُّنْيَا وَالله أعلم - الْآيَة (91)

91

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} قَالَ: هم الْكفَّار الَّذين لم يُؤمنُوا بقدرة

الله عَلَيْهِم فَمن آمن أَن الله على كل شَيْء قدير فقد قدر الله حق قدره وَمن لم يُؤمن بذلك فَلم يُؤمن بِاللَّه حق قدره {إِذْ قَالُوا مَا أنزل الله على بشر من شَيْء} يَعْنِي من بني إِسْرَائِيل قَالَت الْيَهُود يَا مُحَمَّد أنزل الله عَلَيْك كتابا قَالَ: نعم قَالُوا: وَالله مَا أنزل الله من السَّمَاء كتابا فَأنْزل الله قل يَا مُحَمَّد {من أنزل الْكتاب الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نورا وَهدى للنَّاس} إِلَى قَوْله {وَلَا آباؤكم قل الله} أنزلهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} قَالَ: وَمَا علمُوا كَيفَ هُوَ حَيْثُ كذبوه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} قَالَ: مَا عظموه حق عَظمته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا قدرُوا الله حق قدره إِذْ قَالُوا مَا أنزل الله على بشر من شَيْء} قَالَ: قَالَهَا مُشْرِكُوا قُرَيْش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {إِذْ قَالُوا مَا أنزل الله على بشر من شَيْء} قَالَ: قَالَ فنحَاص الْيَهُودِيّ: مَا أنزل الله على مُحَمَّد من شَيْء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {إِذْ قَالُوا مَا أنزل الله على بشر من شَيْء} قَالَ: نزلت فِي مَالك بن الصَّيف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَاءَ رجل من الْيَهُود يُقَال لَهُ مَالك بن الصَّيف فخاصم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِي أنْشدك بِالَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى هَل تَجِد فِي التَّوْرَاة أَن الله يبغض الحبر السمين وَكَانَ حبرًا سميناً فَغَضب وَقَالَ: وَالله مَا أنزل الله على بشر من شَيْء فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: وَيحك وَلَا على مُوسَى قَالَ: مَا أنزل الله على بشر من شَيْء فَأنْزل الله {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} الْآيَة وَأخرج ابْن جريرعن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: جَاءَ نَاس من يهود إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محتب فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم أَلا تَأْتِينَا بِكِتَاب من السَّمَاء كَمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى ألواحا فَأنْزل الله تَعَالَى {يَسْأَلك أهل الْكتاب أَن تنزل عَلَيْهِم كتابا من السَّمَاء} النِّسَاء الْآيَة 153 الْآيَة فَجَثَا رجل من الْيَهُود فَقَالَ: مَا أنزل الله عَلَيْك وَلَا على

مُوسَى وَلَا على عِيسَى وَلَا على أحد شَيْئا فَأنْزل الله {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: أَمر الله مُحَمَّدًا أَن يسْأَل أهل الْكتاب عَن أمره وَكَيف يجدونه فِي كتبهمْ فحملهم حسدهم أَن يكفروا بِكِتَاب الله وَرُسُله فَقَالُوا {مَا أنزل الله على بشر من شَيْء} فَأنْزل الله {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} الْآيَة ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد هَلُمَّ لَك إِلَى الْخَبِير ثمَّ أنزل {الرَّحْمَن فاسأل بِهِ خَبِيرا} الْفرْقَان الْآيَة 59 {وَلَا ينبئك مثل خَبِير} فاطر الْآيَة 14 وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن كَعْب قَالَ: إِن الله يبغض أهل الْبَيْت اللحمين والحبر السمين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جعدة الْجُشَمِي قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرجل يقص عَلَيْهِ رُؤْيا فَرَأى رجلا سميناً فَجعل بَطْنه بِشَيْء فِي يَده وَيَقُول لَو كَانَ بعض هَذَا فِي غير هَذَا لَكَانَ خير الْملك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {تجعلونه قَرَاطِيس تبدونها وتخفون كثيرا} قَالَ: هم الْيَهُود {وعلمتم مَا لم تعلمُوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم} قَالَ: هَذِه للْمُسلمين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {تجعلونه قَرَاطِيس تبدونها وتخفون كثيرا} فِي يهود فِيمَا أظهرُوا من التَّوْرَاة وأخفوا من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ {تجعلونه قَرَاطِيس تبدونها وتخفون كثيرا} وعلمتم معشر الْعَرَب {مَا لم تعلمُوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وعلمتم مَا لم تعلمُوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم} قَالَ: هم الْيَهُود آتَاهُم الله علما فَلم يقتدوا بِهِ وَلم يَأْخُذُوا بِهِ وَلم يعملوا بِهِ فذمهم الله فِي عَمَلهم ذَلِك

- الْآيَة (92)

92

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَهَذَا كتاب أَنزَلْنَاهُ مبارك} قَالَ: هُوَ الْقُرْآن الَّذِي أنزلهُ الله تَعَالَى على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {مُصدق الَّذِي بَين يَدَيْهِ} أَي من الْكتب الَّتِي قد خلت قبله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ولتنذر أم الْقرى} قَالَ: مَكَّة وَمن حولهَا قَالَ: يَعْنِي مَا حولهَا من الْقرى إِلَى الْمشرق وَالْمغْرب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء وَعَمْرو بن دِينَار قَالَا: بعث الله رياحاً فشققت المَاء فأبرزت مَوضِع الْبَيْت على حَشَفَة بَيْضَاء فَمد الله الأَرْض مِنْهَا فَذَلِك هِيَ أم الْقرى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {أم الْقرى} قَالَ: مَكَّة وَإِنَّمَا سميت أم الْقرى لِأَنَّهَا أول بَيت وضع بهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ولتنذر أم الْقرى} قَالَ: هِيَ مَكَّة قَالَ: وَبَلغنِي أَن الأَرْض دحيت من مَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم الْقرى مَكَّة - الْآيَة (93)

93

- أخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن شُرَحْبِيل بن سعد قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن أبي سرح {وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو قَالَ أُوحِي إِلَيّ وَلم يُوح إِلَيْهِ شَيْء} الْآيَة فَلَمَّا دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة فر إِلَى عُثْمَان أَخِيه من الرضَاعَة فغيبه عِنْده حَتَّى اطْمَأَن أهل مَكَّة ثمَّ استأمن لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي خلف الْأَعْمَى قَالَ: كَانَ ابْن أبي سرح يكْتب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي فَأتى أهل مَكَّة فَقَالُوا: يَا ابْن أبي سرح كَيفَ كتبت لِابْنِ أبي كَبْشَة الْقُرْآن قَالَ: كنت أكتب كَيفَ شِئْت فَأنْزل الله {وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو قَالَ أُوحِي إِلَيّ وَلم يُوح إِلَيْهِ شَيْء} قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن سعد بن أبي سرح الْقرشِي أسلم وَكَانَ يكْتب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ إِذا أمْلى عَلَيْهِ {سميعاً عليماً} كتب (عليماً حكيماً) وَإِذا قَالَ {عليماً حكيماً} كتب (سميعاً عليماً) فَشك وَكفر وَقَالَ: إِن كَانَ مُحَمَّد يُوحى إِلَيْهِ فقد أوحى إليّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو قَالَ أُوحِي إِلَيّ وَلم يُوح إِلَيْهِ شَيْء} قَالَ: نزلت فِي مُسَيْلمَة الْكذَّاب وَنَحْوه مِمَّن دَعَا إِلَى مثل مَا دَعَا إِلَيْهِ وَمن قَالَ: {سَأُنْزِلُ مثل مَا أنزل الله} قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن سعد بن أبي سرح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن أظلم} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي مُسَيْلمَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن أظلم} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي مُسَيْلمَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو قَالَ أُوحِي إِلَيّ وَلم يُوح إِلَيْهِ شَيْء} قَالَ: نزلت فِي مُسَيْلمَة فِيمَا كَانَ يسجع ويتكهن بِهِ وَمن {قَالَ سَأُنْزِلُ مثل مَا أنزل الله} قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن سعد بن أبي سرح كَانَ يكْتب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ فِيمَا يملى {عَزِيز حَكِيم} فَيكْتب

(غَفُور رَحِيم) فيغيره ثمَّ يقْرَأ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا لما حوّل فَيَقُول: نعم سَوَاء فَرجع عَن الْإِسْلَام وَلحق بِقُرَيْش وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما نزلت {والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا} المرسلات الْآيَة 1 - 2 قَالَ النَّضر وَهُوَ من بني عبد الدَّار: والطاحنات طحناً والعاجنات عَجنا وقولاً كثيرا فَأنْزل الله {وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو قَالَ أُوحِي إِلَيّ وَلم يُوح إِلَيْهِ شَيْء} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا من الْقُرْآن شَيْء إِلَّا قد عمل بِهِ من كَانَ قبلكُمْ وسيعمل بِهِ من بعدكم حَتَّى كنت لأمر بِهَذِهِ الْآيَة {وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو قَالَ أُوحِي إِلَيّ وَلم يُوح إِلَيْهِ شَيْء} وَلم يعْمل هَذَا أهل هَذِه الْقبْلَة حَتَّى كَانَ الْمُخْتَار بن أبي عُبَيْدَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آيتان يبشر بهما الْكَافِر عِنْد مَوته {وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ} إِلَى قَوْله {تستكبرون} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم قَاعِدا وتلا هَذِه الْآيَة {وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم أخرجُوا أَنفسكُم الْيَوْم تُجْزونَ عَذَاب الْهون بِمَا كُنْتُم تَقولُونَ على الله غير الْحق وكنتم عَن آيَاته تستكبرون} ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا من نفس تفارق الدُّنْيَا حَتَّى ترى مقعدها من الْجنَّة وَالنَّار ثمَّ قَالَ: إِذا كَانَ عِنْد ذَلِك صف سماطان من الْمَلَائِكَة نظموا مَا بَين الْخَافِقين كَأَن وُجُوههم الشَّمْس فَينْظر إِلَيْهِم مَا يرى غَيرهم وَإِن كُنْتُم ترَوْنَ أَنه ينظر إِلَيْكُم مَعَ كل ملك مِنْهُم أكفان وحنوط فَإِذا كَانَ مُؤمنا بشروه بِالْجنَّةِ وَقَالُوا: اخْرُجِي أيتها النَّفس الطّيبَة إِلَى رضوَان الله وجنته فقد أعد الله لَك من الْكَرَامَة مَا هُوَ خير لَك من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا فَمَا يزالون يُبَشِّرُونَهُ ويحفون بِهِ فهم ألطف وأرأف من الوالدة بِوَلَدِهَا ويسلون روحه من تَحت كل ظفر ومفصل وَيَمُوت الأول فَالْأول ويبرد كل عُضْو الأول فَالْأول ويهون عَلَيْهِ وان كُنْتُم تَرَوْنَهُ شَدِيدا حَتَّى تبلغ ذقنه فَلَهو أَشد كَرَامَة لِلْخُرُوجِ حِينَئِذٍ من الْوَلَد حِين يخرج من الرَّحِم فيبتدرها كل ملك مِنْهُم أَيهمْ يقبضهَا فيتولى قبضهَا ملك

الْمَوْت ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت الَّذِي وكل بكم ثمَّ إِلَى ربكُم ترجعون} السَّجْدَة الْآيَة 11 قَالَ: فيتلقاها باكفان بيض ثمَّ يحتضنها إِلَيْهِ فَهُوَ أَشد لَهَا لُزُوما من الْمَرْأَة لولدها ثمَّ يفوح لَهَا فيهم ريح أطيب من الْمسك يتباشرون بهَا وَيَقُولُونَ: مرْحَبًا بِالرِّيحِ الطّيبَة وَالروح الطّيب اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِ روحاً وصل عَلَيْهِ جسداً خرجت مِنْهُ فيصعدون بهَا وَللَّه خلق فِي الْهَوَاء لَا يعلم عدتهمْ إِلَّا هُوَ فيفوح لَهَا فيهم ريح أطيب من الْمسك فيصلون عَلَيْهَا ويتباشرون بهَا وَيفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء وَيُصلي عَلَيْهَا كل ملك فِي كل سَمَاء تمر بِهِ حَتَّى توقف بَين يَدي الْملك الْجَبَّار فَيَقُول الْجَبَّار عز وَجل: مرْحَبًا بِالنَّفسِ الطّيبَة وبجسد خرجت مِنْهُ وَإِذا قَالَ الرب عز وَجل للشَّيْء: مرْحَبًا رحب لَهُ كل شَيْء وَذهب عَنهُ كل ضيق ثمَّ يَقُول: اذْهَبُوا بِهَذِهِ النَّفس الطّيبَة فادخلوها الْجنَّة وأروها مقعدها واعرضوا عَلَيْهَا مَا أعد لَهَا من النَّعيم والكرامة ثمَّ اهبطوا بهَا إِلَى الأَرْض فَإِنِّي قضيت أَنِّي مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فو الَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ هِيَ أَشد كَرَاهَة لِلْخُرُوجِ مِنْهَا حِين كَانَت تخرج من الْجَسَد وَتقول: ايْنَ تذهبون بِي إِلَى ذَلِك الْجَسَد الَّذِي كنت فِيهِ فَيَقُولُونَ: إنّا مأمورون بِهَذَا فَلَا بُد لَك مِنْهُ فيهبطون بِهِ على قدر فراغهم من غسله وأكفانه فَيدْخلُونَ ذَلِك الرّوح بَين الْجَسَد وأكفانه فَمَا خلق الله تَعَالَى كلمة تكلم بهَا حميم وَلَا غير حميم إِلَّا وَهُوَ يسْمعهَا إِلَّا أَنه لَا يُؤذن لَهُ فِي الْمُرَاجَعَة فَلَو سمع أَشد النَّاس لَهُ حبا وَمن أعزهم كَانَ عَلَيْهِ يَقُول: على رسلكُمْ مَا يعجلكم وَأذن لَهُ فِي الْكَلَام للعنه وَإنَّهُ يسمع خَفق نعَالهمْ ونفض أَيْديهم إِذا ولوا عَنهُ ثمَّ يَأْتِيهِ عِنْد ذَلِك ملكان فظان غليظان يسميان مُنْكرا ونكيراً ومعهما عَصا من حَدِيد لَو اجْتمع عَلَيْهَا الْجِنّ والانس مَا أَقلوهَا وَهِي عَلَيْهِمَا يسير فَيَقُولَانِ لَهُ: أقعد بِإِذن الله فَإِذا هُوَ مستو قَاعِدا فَينْظر عِنْد ذَلِك إِلَى خلق كريه فظيع ينسيه مَا كَانَ رأى عِنْد مَوته فَيَقُولَانِ لَهُ من رَبك فَيَقُول: الله فَيَقُولَانِ: فَمَا دينك فَيَقُول: الإِسلام ثمَّ ينتهرانه عِنْد ذَلِك انتهارة شَدِيدَة ثمَّ يَقُولَانِ: فَمن نبيك فَيَقُول: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويعرق عِنْد ذَلِك عرقاً يبتل مَا تَحْتَهُ من التُّرَاب وَيصير ذَلِك

الْعرق أطيب من ريح الْمسك وينادي عِنْد ذَلِك من السَّمَاء نِدَاء خفِيا صدق عَبدِي فلينفعه صدقه ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره ويتبذله فِيهِ الريحان وَيسْتر بالحرير فَإِن كَانَ مَعَه من الْقُرْآن شَيْء كَفاهُ نوره وَإِن لم يكن مَعَه جعل لَهُ نور مثل الشَّمْس فِي قَبره وَيفتح لَهُ أَبْوَاب وكوى إِلَى الْجنَّة فَينْظر إِلَى مَقْعَده مِنْهَا مِمَّا كَانَ عاين حِين صعد بِهِ ثمَّ يُقَال: نم قرير الْعين فَمَا نَومه ذَلِك إِلَى يَوْم يقوم إِلَّا كنومة ينامها أحدكُم شهية لم يرو مِنْهَا يقوم وَهُوَ يمسح عَيْنَيْهِ فَكَذَلِك نَومه فِيهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَإِن كَانَ غير ذَلِك إِذا نزل بِهِ ملك الْمَوْت صف لَهُ سماطان من الْمَلَائِكَة نظموا مَا بَين الْخَافِقين فيخطف بَصَره إِلَيْهِم مَا يرى غَيرهم وَإِن كُنْتُم ترَوْنَ أَنه ينظر إِلَيْكُم ويشدد عَلَيْهِ وَإِن كُنْتُم ترَوْنَ أَنه يهون عَلَيْهِ فيلعنونه ويقولن: أَخْرِجِي أيتها النَّفس الخبيثة فقد أعد الله لَك من النكال والنقمة وَالْعَذَاب كَذَا وَكَذَا سَاءَ مَا قدمت لنَفسك وَلَا يزالون يسلونها فِي غضب وتعب وَغلظ وَشدَّة من كل ظفر وعضو وَيَمُوت الأول فَالْأول وتنشط نَفسه كَمَا يصنع السفود ذُو الشّعب بالصوف حَتَّى تقع الرّوح فِي ذقنه فلهي أَشد كَرَاهِيَة لِلْخُرُوجِ من الْوَلَد حِين يخرج من الرَّحِم مَعَ مَا يُبَشِّرُونَهُ بأنواع النكال وَالْعَذَاب حَتَّى تبلغ ذقنه فَلَيْسَ مِنْهُم ملك إِلَّا وَهُوَ يتحاماه كَرَاهِيَة لَهُ فيتولى قبضهَا ملك الْمَوْت الَّذِي وكل بهَا فيتلقاها أَحْسبهُ قَالَ: بِقطعِهِ من بجاد أنتن مَا خلق الله وأخشنه فَيلقى فِيهَا ويفوح لَهَا ريح أنتن مَا خلق الله ويسد ملك الْمَوْت مَنْخرَيْهِ ويسدون آنافهم وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ العنها من روح والعنه جسداً خرجت مِنْهُ فَإِذا صعد بهَا غلقت أَبْوَاب السَّمَاء دونهَا فيرسلها ملك الْمَوْت فِي الْهَوَاء حَتَّى إِذا دنت من الأَرْض انحدر مسرعاً فِي أَثَرهَا فيقبضها بحديدة مَعَه يفعل بهَا ذَلِك ثَلَاث مَرَّات ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خرّ من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} الْحَج الْآيَة 31 والسحيق الْبعيد ثمَّ يَنْتَهِي بهَا فتوقف بَين يَدي الْملك الْجَبَّار فَيَقُول: لَا مرْحَبًا بِالنَّفسِ الخبيثة وَلَا بجسد خرجت مِنْهُ ثمَّ يَقُول: انْطَلقُوا بهَا إِلَى جَهَنَّم فأروها مقعدها مِنْهَا واعرضوا عَلَيْهَا مَا أَعدَدْت لَهَا من الْعَذَاب والنقمة والنكال ثمَّ يَقُول الرب: اهبطو بهَا إِلَى الأَرْض فَإِنِّي قضيت أَنِّي مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فيهبطون بهَا على قدر فراغهم مِنْهَا فَيدْخلُونَ

ذَلِك الرّوح بَين جسده وأكفانه فَمَا خلق الله حميماً وَلَا غير حميم من كلمة يتَكَلَّم بهَا إِلَّا وَهُوَ يسْمعهَا إِلَّا أَنه لَا يُؤذن لَهُ فِي الْمُرَاجَعَة فَلَو سمع أعز النَّاس عَلَيْهِ وأحبهم إِلَيْهِ يَقُول: أخرجُوا بِهِ وعجلوا وَأذن لَهُ فِي الْمُرَاجَعَة للعنه وود أَنه ترك كَمَا هُوَ لَا يبلغ بِهِ حفرته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا دخل قَبره جَاءَهُ ملكان أسودان أزرقان فظان غليظان ومعهما مرزبة من حَدِيد وسلاسل وأغلال ومقامع الْحَدِيد فَيَقُولَانِ لَهُ: أقعد بِإِذن الله فَإِذا هُوَ مستوٍ قَاعد سَقَطت عَنهُ أَكْفَانه وَيرى عِنْد ذَلِك خلقا فظيعاً ينسى بِهِ مَا رأى قبل ذَلِك فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك فَيَقُول: أَنْت فيفزعان عِنْد ذَلِك فزعة ويقبضان ويضربانه ضَرْبَة بِمِطْرَقَةٍ الْحَدِيد فَلَا يبْقى مِنْهُ عُضْو إِلَّا وَقع على حِدة فَيَصِيح عِنْد ذَلِك صَيْحَة فَمَا خلق الله من شَيْء ملك أَو غَيره إِلَّا يسْمعهَا إِلَّا الْجِنّ والإِنس فيلعنونه عِنْد ذَلِك لعنة وَاحِدَة وَهُوَ قَوْله {أُولَئِكَ يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} الْبَقَرَة الْآيَة 159 وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو اجْتمع على مطرقتهما الْجِنّ والإِنس مَا أَقلوهَا وَهِي عَلَيْهِمَا يسير ثمَّ يَقُولَانِ عد بِإِذن الله فَإِذا هُوَ مستو قَاعد فَيَقُولَانِ: من رَبك فَيَقُول: لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ: فَمن نبيك فَيَقُول: سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ مُحَمَّد فَيَقُولَانِ: فَمَا تَقول أَنْت فَيَقُول: لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ: لَا دَريت ويعرق عِنْد ذَلِك عرقاً يبتل مَا تَحْتَهُ من التُّرَاب فَلَهو أنتن من الجيفة فِيكُم ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه فَيَقُولَانِ لَهُ: نم نومَة المسهر فَلَا يزَال حيات وعقارب أَمْثَال أَنْيَاب البخت من النَّار ينهشنه ثمَّ يفتح لَهُ بَابه فَيرى مَقْعَده من النَّار وتهب عَلَيْهِ أرواحها وسمومها وتلفح وَجهه النَّار غدوّاً وعشياً إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {غَمَرَات الْمَوْت} قَالَ: سَكَرَات الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم} قَالَ: هَذَا عِنْد الْمَوْت والبسط الضَّرْب يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم} قَالَ: ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم} قَالَ: بِالْعَذَابِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن قيس قَالَ: إِن لملك الْمَوْت أعوانا من الْمَلَائِكَة ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب قَالَ: إِن الْمَلَائِكَة الَّذين يقرنون بِالنَّاسِ هم الَّذين يتفونهم ويكتبون لَهُم آجالهم فَإِذا كَانَ يَوْم كَذَا وَكَذَا توفته ثمَّ نزع {وَلَو ترى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَات الْمَوْت وَالْمَلَائِكَة باسطوا أَيْديهم أخرجُوا أَنفسكُم} فَقيل لوهب: أَلَيْسَ قد قَالَ الله {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت الَّذِي وكل بكم} السَّجْدَة الْآيَة 11 قَالَ: نعم إِن الْمَلَائِكَة إِذا توفوا نفسا دفعوها إِلَى ملك الْمَوْت وَهُوَ كالعاقب - يَعْنِي العشار - الَّذِي يُؤَدِّي إِلَيْهِ من تَحْتَهُ وَأخرج الطستي وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {عَذَاب الْهون} قَالَ: الهوان الدَّائِم الشَّديد قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: أَنا وجدنَا بِلَاد الله واسعه تنجى من الذل والمخزات والهون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {عَذَاب الْهون} قَالَ: الهوان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {عَذَاب الْهون} قَالَ: الَّذِي يهينهم - الْآيَة (94)

94

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ النَّضر بن الْحَارِث: سَوف تشفع لي اللات والعزى فَنزلت {وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى} الْآيَة كلهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَرَأت قَول الله {وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة} فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: يَا رَسُول الله واسوأتاه إِن الرِّجَال وَالنِّسَاء سيحشرون جَمِيعًا ينظر بَعضهم إِلَى سوأة بعض فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكل امرىء مِنْهُم يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه لَا ينظر الرِّجَال إِلَى النِّسَاء وَلَا النِّسَاء إِلَى الرِّجَال شغل بَعضهم عَن بعض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة} قَالَ: كَيَوْم ولد يرد عَلَيْهِ كل شَيْء نقص مِنْهُ من يَوْم ولد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة حشر النَّاس حُفَاة عُرَاة غرلًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وتركتم مَا خوّلناكم} قَالَ: من المَال والخدم {وَرَاء ظهوركم} قَالَ: فِي الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُؤْتى بِابْن آدم يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُ بذخ فَيَقُول لَهُ تبَارك وَتَعَالَى: أَيْن مَا جمعت فَيَقُول لَهُ يَا رب جمعته وَتركته أوفر مَا كَانَ فَيَقُول: فَأَيْنَ مَا قدمت لنَفسك فَلَا يرَاهُ قدم شَيْئا وتلا هَذِه الْآيَة {وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة وتركتم مَا خوّلناكم وَرَاء ظهوركم} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عِنْد ابْن زِيَاد أَبُو الْأسود الديلمي وَجبير بن حَيَّة الثَّقَفِيّ فَذكرُوا هَذَا الْحَرْف (لقد تقطع بَيْنكُم) فَقَالَ أَحدهمَا: بيني وَبَيْنك أول من يدْخل علينا فَدخل يحيى بن يعمر فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: بَيْنكُم بِالرَّفْع وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْأَعْرَج أَنه قَرَأَ (لقد تقطع بَيْنكُم) بِالرَّفْع يَعْنِي وصلكم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (لقد تقطع بَيْنكُم) بِالنّصب أَي مَا بَيْنكُم من المواصلة الَّتِي كَانَت بَيْنكُم فِي الدُّنْيَا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ (لقد تقطع بَيْنكُم) قَالَ: مَا كَانَ بَينهم من الْوَصْل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما تزوج عمر رَضِي الله عَنهُ أم كُلْثُوم رَضِي الله عَنْهَا بنت عَليّ اجْتمع عَلَيْهِ أَصْحَابه فباركوا لَهُ دعوا لَهُ فَقَالَ: لقد تَزَوَّجتهَا وَمَا بِي حَاجَة إِلَى النِّسَاء وَلَكِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن كل نسب وَسبب يَنْقَطِع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا سببي ونسبي فاحببت أَن يكون بيني وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لقد تقطع بَيْنكُم وضل عَنْكُم مَا كُنْتُم تَزْعُمُونَ} يَعْنِي الْأَرْحَام والمنازل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد تقطع بَيْنكُم} قَالَ: تواصلكم فِي الدُّنْيَا - الْآيَة (95)

95

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فالق الْحبّ والنوى} يَقُول: خلق الْحبّ والنوى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فالق الْحبّ والنوى} قَالَ: يفلق الْحبّ والنوى عَن النَّبَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فالق الْحبّ والنوى} قَالَ: الشقان اللَّذَان فيهمَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فالق الْحبّ والنوى} قَالَ: الشق الَّذِي فِي النواة وَالْحِنْطَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فالق الْحبّ والنوى} قَالَ: فالق الْحبَّة عَن السنبلة وفالق النواة عَن النَّخْلَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ

فِي قَوْله {يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت} قَالَ: النَّخْلَة من النواة والسنبلة من الْحبَّة {ومخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} قَالَ: النواة من النَّخْلَة والحبة من السنبلة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت ومخرج الْمَيِّت من الْحَيّ} قَالَ: النَّاس الْأَحْيَاء من النطف والنطفة ميتَة تخرج من النَّاس الْأَحْيَاء وَمن الْأَنْعَام والنبات كَذَلِك أَيْضا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَأنى تؤفكون} قَالَ: كَيفَ تكذبون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {فَأنى تؤفكون} قَالَ: أَنى تصرفون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فَأنى تؤفكون} قَالَ: كَيفَ تضل عقولكم عَن هَذَا - الْآيَة (96)

96

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فالق الإصباح} قَالَ: خلق اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فالق الإصباح} قَالَ: يَعْنِي بالاصباح ضوء الشَّمْس بِالنَّهَارِ وضوء الْقَمَر بِاللَّيْلِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فالق الإصباح} قَالَ: اضاءة الْفجْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فالق الإصباح} قَالَ: فالق الصُّبْح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فالق الإصباح} قَالَ: فالق النُّور نور النَّهَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَجعل اللَّيْل سكناً} قَالَ: يسكن فِيهِ كل طير ودابة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالشَّمْس وَالْقَمَر حسبانا} قَالَ: يَعْنِي عدد الْأَيَّام والشهور والسنين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالشَّمْس وَالْقَمَر حسباناً} قَالَ: يدوران فِي حِسَاب وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {حسباناً} قَالَ: ضِيَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع فِي قَوْله {وَالشَّمْس وَالْقَمَر حسباناً} قَالَ: الشَّمْس وَالْقَمَر فِي حِسَاب فَإِذا خلت أَيَّامهَا فَذَلِك آخر الدَّهْر وَأول الْفَزع الْأَكْبَر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة بِسَنَد واهٍ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق الله بحراً دون السَّمَاء بِمِقْدَار ثَلَاث فراسخ فَهُوَ موج مكفوف قَائِم فِي الْهَوَاء بِأَمْر الله لَا يقطر مِنْهُ قَطْرَة جَار فِي سرعَة السهْم تجْرِي فِيهِ الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم فَذَلِك قَوْله {كل فِي فلك يسبحون} الْأَنْبِيَاء الْآيَة 33 والفلك دوران العجلة فِي لجة غمر ذَلِك الْبَحْر فَإِذا أحب الله أَن يحدث الْكُسُوف خرت الشَّمْس عَن العجلة فَتَقَع فِي غمر ذَلِك الْبَحْر فَإِذا أَرَادَ أَن يعظم الْآيَة وَقعت كلهَا فَلَا يبْقى على العجلة مِنْهَا شَيْء وَإِذا أَرَادَ دون ذَلِك وَقع النّصْف مِنْهَا أَو الثُّلُث أَو الثُّلُثَانِ فِي المَاء وَيبقى سَائِر ذَلِك على العجلة وَصَارَت الْمَلَائِكَة الموكلين بهَا فرْقَتَيْن فرقة يقبلُونَ على الشَّمْس فيجرونها نَحْو العجلة وَفرْقَة يقبلُونَ إِلَى العجلة فيجرونها إِلَى الشَّمْس فَإِذا غربت رفع بهَا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فِي سرعَة طيران الْمَلَائِكَة وتحبس تَحت الْعَرْش فَتَسْتَأْذِن من أَيْن تُؤمر بالطلوع ثمَّ ينْطَلق بهَا مَا بَين السَّمَاء السَّابِعَة وَبَين أَسْفَل دَرَجَات الْجنان فِي سرعَة طيران الْمَلَائِكَة فتنحدر حِيَال الْمشرق من سَمَاء إِلَى سَمَاء فَإِذا وصلت إِلَى هَذِه السَّمَاء فَذَلِك حِين ينفجر الصُّبْح فَإِذا وصلت إِلَى هَذَا الْوَجْه من السَّمَاء فَذَلِك حِين تطلق الشَّمْس قَالَ: وَخلق الله عِنْد الْمشرق حِجَابا من الظلمَة فوضعها على الْبَحْر السَّابِع مِقْدَار عدَّة اللَّيَالِي فِي الدُّنْيَا مُنْذُ خلقهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا كَانَ عِنْد غرُوب الشَّمْس أقبل ملك قد وكل بِاللَّيْلِ فَقبض قَبْضَة من ظلمَة ذَلِك الْحجاب ثمَّ يسْتَقْبل الغرب فَلَا يزَال يُرْسل تِلْكَ الظلمَة من خلل أَصَابِعه قَلِيلا قَلِيلا وَهُوَ يُرَاعِي الشَّفق فَإِذا غَابَ الشَّفق أرسل الظلمَة كلهَا ثمَّ ينشر جناحيه فيبلغان قطري الأَرْض وكنفي السَّمَاء

فتشرق ظلمَة اللَّيْل بجناحيه فَإِذا حَان الصُّبْح ضم جنَاحه ثمَّ يضم الظلمَة كلهَا بَعْضهَا إِلَى بعض بكفيه من الْمشرق ويضعها على الْبَحْر السَّابِع بالمغرب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ بِسَنَد واه عَن سلمَان قَالَ: اللَّيْل مُوكل بِهِ ملك يُقَال لَهُ شراهيل: فَإِذا حَان وَقت اللَّيْل أَخذ خرزة سَوْدَاء فدلاها من قبل الْمغرب فَإِذا نظرت إِلَيْهَا الشَّمْس وَجَبت فِي أسْرع من طرفَة الْعين وَقد أمرت الشَّمْس أَن لَا تغرب حَتَّى ترى الخرزة فَإِذا غربت جَاءَ اللَّيْل فَلَا تزَال الخرزة معلقَة حَتَّى يَجِيء ملك آخر يُقَال لَهُ هراهيل بخرزة بَيْضَاء فيعلقها من قبل المطلع فَإِذا رَآهَا شراهيل مد إِلَيْهِ خرزته وَترى الشَّمْس الخرزة الْبَيْضَاء فَتَطلع وَقد وَقد أمرت أَن لاتطلع حَتَّى ترَاهَا فَإِذا طلعت جَاءَ النَّهَار وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحب عباد الله إِلَى الله الَّذين يراعون الشَّمْس وَالْقَمَر لذكر الله وَأخرج الْخَطِيب فِي كتاب النُّجُوم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحب عباد الله إِلَى الله رعاء الشَّمْس وَالْقَمَر الَّذين يحببون عباد الله إِلَى الله وَيُحَبِّبُونَ الله إِلَى عباده وَأخرج ابْن شاهين وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم والخطيب عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن خِيَار عباد الله الَّذين يراعون الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم والاظلة لذكر الله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد والخطيب عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: إِن أحب عباد الله إِلَى الله لرعاة الشَّمْس وَالْقَمَر وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخه والديلمي بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة يظلهم الله فِي ظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله التَّاجِر الامين والإِمام المقتصد وراعي الشَّمْس بِالنَّهَارِ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الزّهْد عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: سَبْعَة فِي ظلّ الله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله رجل لَقِي أَخَاهُ فَقَالَ: إِنِّي أحبك فِي الله وَقَالَ الآخر مثل ذَلِك وَرجل ذكر الله فَفَاضَتْ عَيناهُ من مَخَافَة الله وَرجل يتَصَدَّق بِيَمِينِهِ يخفيها من شِمَاله وَرجل دَعَتْهُ أمراة ذَات حسب وجمال إِلَى نَفسهَا فَقَالَ إِنِّي أَخَاف الله وَرجل قلبه مُعَلّق بالمساجد من حبها وَرجل يُرَاعِي الشَّمْس لمواقيت الصَّلَاة وَرجل إِن تكلم تكلم بِعلم وَإِن سكت سكت على حلم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُسلم بن يسَار قَالَ: كَانَ دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ فالق الأصباح وجاعل اللَّيْل سكناً وَالشَّمْس وَالْقَمَر حسباناً اقضِ عني الدّين واغني من الْفقر وأمتعني بسمعي وبصري وقوتي فِي سَبِيلك - الْآيَة (97 - 98)

97

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي جعل لكم النُّجُوم لتهتدوا بهَا فِي ظلمات الْبر وَالْبَحْر} قَالَ: يضل الرجل وَهُوَ الظلمَة والجور عَن الطَّرِيق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر والخطيب فِي كتاب النُّجُوم عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: تعلمُوا من النُّجُوم مَا تهتدون بِهِ فِي بركم وبحركم ثمَّ امسكوا فَإِنَّهَا وَالله مَا خلقت إِلَّا زِينَة للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يهتدى بهَا وتعلموا من النِّسْبَة مَا تصلونَ بِهِ أَرْحَامكُم وتعلموا مَا يحل لكم من النِّسَاء وَيحرم عَلَيْكُم ثمَّ امسكوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ والخطيب فِي كتاب النُّجُوم عَن قَتَادَة قَالَ: إِن الله إِنَّمَا جعل هَذِه النُّجُوم لثلاث خِصَال جعلهَا زِينَة للسماء وَجعلهَا يَهْتَدِي بهَا وَجعلهَا رجوماً للشياطين فَمن تعاطى فِيهَا غير ذَلِك فقد قَالَ رَأْيه وَأَخْطَأ حَظه وأضاع نصِيبه وتكلف مَا لَا علم لَهُ بِهِ وَإِن نَاسا جهلة بِأَمْر الله قد أَحْدَثُوا فِي هَذِه النُّجُوم كهَانَة من أعرس بِنَجْم كَذَا وَكَذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا وَمن سَافر بِنَجْم كَذَا وَكَذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا ولعمري مَا من نجم إِلَّا يُولد بِهِ الْأَحْمَر وَالْأسود والطويل والقصير وَالْحسن والدميم وَلَو أَن أحدا علم الْغَيْب لعلمه آدم الَّذِي خلقه الله بِيَدِهِ وأسجد لَهُ مَلَائكَته وَعلمه أَسمَاء كل شَيْء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعلمُوا من النُّجُوم مَا تهتدون بِهِ فِي ظلمات الْبر وَالْبَحْر ثمَّ انْتَهوا

وَأخرج الْخَطِيب عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا بَأْس أَن يتَعَلَّم الرجل من النُّجُوم مَا يَهْتَدِي بِهِ فِي الْبر وَالْبَحْر ويتعلم منَازِل الْقَمَر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والمرهبي فِي فضل الْعلم عَن حميد الشَّامي قَالَ: النُّجُوم هِيَ علم آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج المرهبي عَن الْحسن بن صَالح قَالَ: سَمِعت عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: ذَلِك علم ضيعه النَّاس النُّجُوم وَأخرج الْخَطِيب عَن عِكْرِمَة أَنه سَأَلَ رجلا عَن حِسَاب النُّجُوم وَجعل الرجل يتحرج أَن يُخبرهُ فَقَالَ عِكْرِمَة: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: علم عجز النَّاس عَنهُ وددت أَنِّي عَلمته قَالَ الْخَطِيب: مُرَاده الضَّرْب الْمُبَاح الَّذِي كَانَت الْعَرَب تخْتَص بِهِ وَأخرج الزبير بن بكار فِي المفقيات عَن عبد الله بن حَفْص قَالَ: خصت الْعَرَب بخصال بالكهانة والقيافة والعيافة والنجوم والحساب فهدم الإِسلام الكهانة وَثَبت الْبَاقِي بعد ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْقرظِيّ قَالَ: وَالله مَا لأحد من أهل الأَرْض فِي السَّمَاء من نجم وَلَكِن يتبعُون الكهنة وْيتخذون النُّجُوم عِلّة وَأخرج أَبُو دَاوُد والخطيب عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَنه خطب فَذكر حَدِيثا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أما بعد فَإِن نَاسا يَزْعمُونَ أَن كسوف الشَّمْس وكسوف هَذَا الْقَمَر وَزَوَال هَذِه النُّجُوم عَن موَاضعهَا لمَوْت رجال عُظَمَاء من أهل الأَرْض وَإِنَّهُم قد كذبُوا وَلكنهَا آيَات من آيَات الله يعْتَبر بهَا عباده لينْظر من يحدث لَهُ مِنْهُم تَوْبَة وَأخرج الْخَطِيب عَن عمر بن الْخطاب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا تسألوا عَن النُّجُوم وَلَا تفسروا الْقُرْآن برأيكم وَلَا تسبوا أحدا من أَصْحَابِي فَإِن ذَلِك الايمان الْمَحْض وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن عَليّ قَالَ نهاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النّظر فِي النُّجُوم وَأَمرَنِي باسباغ الطّهُور وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والمرهبي والخطيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النّظر فِي النُّجُوم

وَأخرج الْخَطِيب عَن عَائِشَة قَالَت نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النّظر فِي النُّجُوم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية والخطيب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذكر أَصْحَابِي فامسكوا وَإِذا ذكر الْقدر فامسكوا وَإِذا ذكر النُّجُوم فامسكوا وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخَاف على أمتِي خَصْلَتَيْنِ تَكْذِيبًا بِالْقدرِ وَتَصْدِيقًا بالنجوم وَفِي لفظ: وحذقا بالنجوم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وأبوداود وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اقتبس علما من النُّجُوم أقتبس شُعْبَة من السحر زَاد مَا زَاد وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة والخطيب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن قوما مَا ينظرُونَ فِي النُّجُوم وَيَحْسبُونَ ابراجاً وَمَا أرى الَّذين يَفْعَلُونَ ذَلِك من خلاق وَأخرج الْخَطِيب عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس أوصني قَالَ: أوصيك بتقوى الله وَإِيَّاك وَعلم النُّجُوم فَإِنَّهُ يدعوا إِلَى الكهانة وَإِيَّاك أَن تذكر أحدا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا بِخَير فَيُكِبُّكَ الله على وَجهك فِي جَهَنَّم فَإِن الله أظهر بهم هَذَا الدّين وَإِيَّاك وَالْكَلَام فِي الْقدر فَإِنَّهُ مَا تكلم فِيهِ اثْنَان إِلَّا اثماً أَو اثم أَحدهمَا وَأخرج الْخَطِيب فِي كتاب النُّجُوم بِسَنَد ضعفه عَن عَطاء قَالَ: قيل لعَلي بن أبي طَالب: هَل كَانَ للنجوم أصل قَالَ: نعم كَانَ نَبِي من الْأَنْبِيَاء يُقَال لَهُ يُوشَع بن نون فَقَالَ لَهُ قومه: انا لَا نؤمن بك حَتَّى تعلمنا بَدْء الْخلق وآجاله فَأوحى الله تَعَالَى إِلَى غمامة فأمطرتهم واستنقع على الْجَبَل مَاء صافياً ثمَّ أوحى الله إِلَى الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم أَن تجْرِي فِي ذَلِك المَاء ثمَّ أوحى إِلَى يُوشَع بن نون أَن يرتقي هُوَ وَقَومه على الْجَبَل فارتقوا الْجَبَل فَقَامُوا على المَاء حَتَّى عرفُوا بَدْء الْخلق وآجاله بمجاري الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وساعات اللَّيْل وَالنَّهَار فَكَانَ أحدهم يعلم مَتى يَمُوت وَمَتى يمرض وَمن ذَا الَّذِي يُولد لَهُ وَمن الَّذِي لَا يُولد لَهُ قَالَ: فبقوا كَذَلِك بُرْهَة من دهرهم ثمَّ إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَاتلهم على الْكفْر فأخرجوا إِلَى دَاوُد فِي الْقِتَال من لم يحضر أَجله وَمن حضر أَجله خلفوه فِي بُيُوتهم

فَكَانَ يقتل من أَصْحَاب دَاوُد وَلَا يقتل من هَؤُلَاءِ أحد فَقَالَ دَاوُد رب هَا أَنا أقَاتل على طَاعَتك وَيُقَاتل هَؤُلَاءِ على معصيتك فَيقْتل أَصْحَابِي وَلَا يقتل من هَؤُلَاءِ أحد فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَنِّي كنت عَلَّمْتهمْ بَدْء الْخلق وآجاله وَإِنَّمَا أخرجُوا إِلَيْك من لم يحضر أَجله وَمن حضر أَجله خلفوه فِي بُيُوتهم فَمن ثمَّ يقتل من أَصْحَابك وَلَا يقتل مِنْهُم أحد قَالَ دَاوُد: يَا رب على مَاذَا عَلَّمْتهمْ قَالَ: على مجاري الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وساعات اللَّيْل وَالنَّهَار فَدَعَا الله فحبست الشَّمْس عَلَيْهِم فَزَاد فِي النَّهَار فاختلطت الزِّيَادَة بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار فَلم يعرفوا قدر الزِّيَادَة فاختلط عَلَيْهِم حسابهم قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: فَمن ثمَّ كره النّظر فِي النُّجُوم وَأخرج المرهبي فِي فضل الْعلم عَن الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما فتح الله على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر دَعَا بقوسه واتكأ على سيتها وَحمد الله وَذكر مَا فتح الله على نبيه وَنَصره وَنهى عَن خِصَال: عَن مهر الْبَغي وَعَن خَاتم الذَّهَب وَعَن المياثر الْحمر وَعَن لبس الثِّيَاب القسي وَعَن ثمن الْكَلْب وَعَن أكل لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة وَعَن الصّرْف الذَّهَب بِالذَّهَب وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ بَينهمَا فضل وَعَن النّظر فِي النُّجُوم وَأخرج المرهبي عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: لَا تعلم النُّجُوم فانها تَدْعُو إِلَى الكهانة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْحسن عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد طهر الله هَذِه الجزيرة من الشّرك مَا لم تضلهم النُّجُوم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن متعلم حُرُوف أبي جاد وَرَاء فِي النُّجُوم لَيْسَ لَهُ عِنْد الله خلاق يَوْم الْقِيَامَة أما قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي أنشأكم من نفس وَاحِدَة} أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نصب آدم بَين يَدَيْهِ ثمَّ ضرب كتفه الْيُسْرَى فَخرجت ذُريَّته من صلبه حَتَّى ملأوا الأَرْض قَوْله تَعَالَى: {فمستقر ومستودع} - أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله

{فمستقر ومستودع} قَالَ: المستقر مَا كَانَ فِي الرَّحِم والمستودع مَا استودع فِي أصلاب الرِّجَال وَالدَّوَاب وَفِي لفظ: المستقر مَا فِي الرَّحِم وعَلى ظهر الأَرْض وبطنها مِمَّا هُوَ حَيّ وَمِمَّا قد مَاتَ وَفِي لفظ: المستقر مَا كَانَ فِي الأَرْض والمستودع مَا كَانَ فِي الصلب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {فمستقر ومستودع} قَالَ: مستقرها فِي الدُّنْيَا ومستودعها فِي الْآخِرَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: المستقر الرَّحِم والمستودع الْمَكَان الَّذِي تَمُوت فِيهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا كَانَ أجل الرجل بِأَرْض أتيحت لَهُ إِلَيْهَا الْحَاجة فَإِذا بلغ أقْصَى أَثَره قبض فَتَقول الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة: هَذَا مَا استودعتني وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فمستقر ومستودع} قَالَ: قَالَا: مُسْتَقر فِي الْقَبْر ومستودع فِي الدُّنْيَا أوشك أَن يلْحق بصاحبة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَوْف قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أنبئت بِكُل مُسْتَقر ومستودع من هَذِه الْأمة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة كَمَا علم آدم الْأَسْمَاء كلهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من اشْتَكَى ضرسه فليضع يَده عَلَيْهِ وليقرأ {وَهُوَ الَّذِي أنشأكم من نفس وَاحِدَة} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم (فمستقر) بِنصب الْقَاف وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَ لي ابْن عَبَّاس: أتزوجت قلت: لَا وَمَا ذَاك فِي نَفسِي الْيَوْم قَالَ: إِن كَانَ فِي صلبك وَدِيعَة فستخرج وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قد فصلنا الْآيَات} يَقُول: بَينا الأيات {لقوم يفقهُونَ} - الْآيَة (99)

99

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْبَراء بن عَازِب {قنوان دانية} قَالَ: قريبَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {قنوان دانية} قَالَ: قصار النّخل اللاصقة عذوقها بِالْأَرْضِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {قنوان} الكبائس والدانية المنصوبة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قنوان دانية} قَالَ: تهدل العذوق من الطّلع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قنوان} قَالَ: عذوق النّخل {دانية} قَالَ: متهدلة يَعْنِي متدلية وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مشتبهاً وَغير متشابه} قَالَ: مشتبهاً ورقه مُخْتَلفا ثمره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {انْظُرُوا إِلَى ثمره إِذا أثمر} قَالَ: رطبه وعنبه وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (انْظُرُوا إِلَى ثمره) بِنصب الثَّاء وَالْمِيم (وينعه) بِنصب الْيَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد مسعر قَالَ: فرضا على النَّاس إِذا أخرجت الثِّمَار أَن يخرجُوا وينظروا إِلَيْهَا قَالَ الله {انْظُرُوا إِلَى ثمره إِذا أثمر} وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء {وينعه} قَالَ: نضجه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وينعه} قَالَ: نضجه وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وينعه} قَالَ: نضجه وبلاغه قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: إِذا مَا مشت وسط النِّسَاء تأوّدت كَمَا اهتز غُصْن ناعم أنبت يَانِع

- الْآيَة (100 - 102)

100

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَجعلُوا لله شُرَكَاء الْجِنّ وخلقهم} قَالَ: وَالله خلقهمْ {وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات بِغَيْر علم} قَالَ: تخرصوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات} قَالَ: عَبَّاس فِي قَوْله {وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات} قَالَ: جعلُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وخرقوا} قَالَ: كذبُوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات} قَالَ: قَالَت الْعَرَب: الْمَلَائِكَة بَنَات الله وَقَالَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى: الْمَسِيح وعُزير ابْنا الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات} قَالَ: كذبُوا لَهُ أما الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَقَالُوا: نَحن أَبنَاء الله وأحباؤه وَأما مُشْرِكُوا الْعَرَب فَكَانُوا يعْبدُونَ اللات والعزى فَيَقُولُونَ الْعُزَّى بَنَات الله {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يصفونَ} أَي عَمَّا يكذبُون وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وخرقوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَات} قَالَ: وصفوا لله بَنِينَ وَبَنَات افتراء عَلَيْهِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت حسان بن ثَابت يَقُول: اخترق القَوْل بهَا لاهيا مُسْتَقْبلا أَشْعَث عذب الْكَلَام وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يحيى بن يعمر أَنه كَانَ يَقْرَأها {وَجعلُوا لله شُرَكَاء الْجِنّ وخلقهم} خَفِيفَة يَقُول: جعلُوا لله خلقهمْ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَنه قَرَأَ {وخلقهم} مثقلة يَقُول: هُوَ خلقهمْ

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: خرقوا مَا هُوَ إِنَّمَا خرقوا خَفِيفَة كَانَ الرجل إِذا كذب الكذبة فينادي الْقَوْم قيل: خرقها - الْآيَة (103)

103

- أخرج ابْن أبي حَاتِم والعقيلي وَابْن عدي وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} قَالَ لَو أَن الإِنس وَالْجِنّ وَالشَّيَاطِين وَالْمَلَائِكَة مُنْذُ خُلِقُوا إِلَى أَن فُنُوا صُفُّوا صفا وَاحِدًا مَا أحاطوا بِاللَّه أبدا قَالَ الذَّهَبِيّ: هَذَا حَدِيث مُنكر وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رأى مُحَمَّد ربه قَالَ عِكْرِمَة: فَقلت لَهُ: أَلَيْسَ الله يَقُول {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار} قَالَ: لَا أم لَك ذَاك نوره وَإِذا تجلى بنوره لَا يُدْرِكهُ شَيْء وَفِي لفظ: إِنَّمَا ذَلِك إِذا تجلى بكيفيته لم يقم لَهُ بصر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} قَالَ: لَا يُحِيط بصر أحد بِاللَّه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى ربه فَقَالَ لَهُ رجل عِنْد ذَلِك: أَلَيْسَ قَالَ الله {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} فَقَالَ لَهُ عِكْرِمَة أَلَسْت ترى السَّمَاء قَالَ: بلَى قَالَ: فَكلهَا تُرَى وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} قَالَ: هُوَ أجلُّ من ذَلِك وَأعظم أَن تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الرُّؤْيَة عَن الْحسن فِي قَوْله {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} قَالَ: فِي الدُّنْيَا وَقَالَ الْحسن: يرَاهُ أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة يَقُول الله {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة} الْقِيَامَة الْآيَة 22 قَالَ: ينظرُونَ إِلَى وَجه الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار} يَقُول: لَا يرَاهُ شَيْء وَهُوَ يرى الْخَلَائق

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِسْمَعِيل بن علية فِي قَوْله {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} قَالَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ واللالكائي من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَ: سَمِعت أَبَا الْحصين يحيى بن الْحصين قارىء أهل مَكَّة يَقُول {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} قَالَ: أبصار الْعُقُول وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريح فِي قَوْله {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} قَالَ: قَالَت امْرَأَة: استشفع لي يَا رَسُول الله على رَبك قَالَ هَل تدرين على من تستشفعين إِنَّه مَلأ كرسيه السَّمَوَات وَالْأَرْض ثمَّ جلس عَلَيْهِ فَمَا يفضل مِنْهُ من كل أَربع أَصَابِع ثمَّ قَالَ: إِن لَهُ أطيطا كأطيط الرحل الْجَدِيد فَذَلِك قَوْله {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} يَنْقَطِع بِهِ بَصَره قبل أَن تبلغ أرجاء السَّمَاء زَعَمُوا أَن أول من يعلم بِقِيَام السَّاعَة الْجِنّ تذْهب فَإِذا ارجاؤها قد سَقَطت لَا تَجِد منفذاً تذْهب فِي الْمشرق وَالْمغْرب واليمن وَالشَّام - الْآيَة (104 - 106)

104

- أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قد جَاءَكُم بصائر} أَي بَيِّنَة {فَمن أبْصر فلنفسه} أَي من اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لنَفسِهِ {وَمن عمي} أَي من ضل {فعلَيْهَا} وَالله أعلم قَوْله تَعَالَى: {وليقولوا درست} - أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف (دارست) بِالْألف مجزومة السِّين منتصبة التَّاء قَالَ: قارأت

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس درست قَالَ: قَرَأت وتعلمت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس (دارست) قَالَ: خَاصَمت جادلت تَلَوت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله (وليقولوا دارست) قَالَ: فاقهت وقرأت على يهود وقرأوا عَلَيْك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: سَمِعت عبد الله بن الزبير يَقُول: إِن صبياناً هَهُنَا يقرأون (دارست) وَإِنَّمَا هِيَ {درست} يَعْنِي بِفَتْح السِّين وَجزم التَّاء ويقرأون (وَحرم على قَرْيَة) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة 59) وَإِنَّمَا هِيَ {وَحرَام} ويقرأون (فِي عين حمئة) وَإِنَّمَا هِيَ {حامية} قَالَ عَمْرو: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يُخَالِفهُ فِيهِنَّ كُلهنَّ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ابْن كَعْب قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وليقولوا درست} يَعْنِي بجزم السِّين وَنصب التَّاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس دارست يَقُول: قارأت الْيَهُود وفاقهتهم وَفِي حرف أُبي وليقولوا درس أَي تعلم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير عَن هرون قَالَ: فِي حرف أبيّ بن كَعْب وَابْن مَسْعُود (وليقولوا درس) يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد أَنه قَرَأَ {درست} قَالَ: علمت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي إِسْحَق الْهَمدَانِي قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (درست) بِغَيْر ألف بِنصب السِّين ووقف التَّاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ (وليقولوا درست) أَي انمحت وَذَهَبت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن أَنه يقْرَأ (درست) مُشَدّدَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ (أدارست) ويتمثل دارس كطعم الصاب والعلقم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وليقولوا درست} قَالُوا: قَرَأت وتعلمت تَقول ذَلِك لَهُ قُرَيْش قَوْله تَعَالَى: {وَأعْرض عَن الْمُشْركين} أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {وَأعْرض عَن الْمُشْركين} قَالَ: كف عَنْهُم وَهَذَا مَنْسُوخ نسخه الْقِتَال {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} التَّوْبَة الْآيَة 5 - الْآيَة (107)

107

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَو شَاءَ الله مَا أشركوا} يَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى: لَو شِئْت لجمعتهم على الْهدى أَجْمَعِينَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بوكيل} أَي بحفيظ - الْآيَة (108)

108

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تسبوا الَّذين يدعونَ من دون الله} الْآيَة قَالَ: قَالُوا: يَا مُحَمَّد لتنتهين عَن سبِّ أَو شتم آلِهَتنَا أَو لَنَهْجُوَنَّ ربَّك فنهاهم الله أَن يسبوا أوثانهم {فيسبوا الله عدوا بِغَيْر علم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ لما حضر أَبَا طَالب الْمَوْت قَالَت قُرَيْش انْطَلقُوا فلندخل على هَذَا الرجل فلنأمره أَن يُنْهِي عَنَّا ابْن أَخِيه فانا نستحي أَن نَقْتُلهُ بعد مَوته فَتَقول الْعَرَب: كَانَ يمنعهُ فَلَمَّا مَاتَ قَتَلُوهُ فَانْطَلق أَبُو سُفْيَان وَأَبُو جهل وَالنضْر بن الْحَارِث وَأُميَّة وَأبي ابْنا خلف وَعقبَة بن أبي معيط وَعَمْرو

بن العَاصِي وَالْأسود بن البخْترِي وبعثوا رجلا مِنْهُم يُقَال لَهُ الْمطلب فَقَالُوا: اسْتَأْذن لنا عَليّ أبي طَالب فَأتى أَبَا طَالب فَقَالَ: هَؤُلَاءِ مشيخة قَوْمك يُرِيدُونَ الدُّخُول عَلَيْك فَأذن لَهُم عَلَيْهِ فَدَخَلُوا فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالب أَنْت كَبِيرنَا وَسَيِّدنَا وَأَن مُحَمَّدًا قد آذَانا وآذى آلِهَتنَا فَنحب أَن تَدعُوهُ فتنهاه عَن ذكر آلِهَتنَا ولندعه وإلهه فَدَعَا فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالب: هَؤُلَاءِ قَوْمك وَبَنُو عمك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يُرِيدُونَ قَالُوا: نُرِيد أَن تدعنا وَآلِهَتنَا ولندعك وَإِلَهك قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرَأَيْتُم أَن أَعطيتكُم هَذَا هَل أَنْتُم معطيّ كلمة إِن تكلمتم بهَا ملكتم بهَا الْعَرَب ودانت لكم بهَا الْعَجم الْخراج قَالَ أَبُو جهل: وَأَبِيك لنعطينكها وَعشرَة أَمْثَالهَا فَمَا هِيَ قَالَ: قُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله فَأَبَوا واشمأزوا قَالَ أَبُو طَالب: قل غَيرهَا فَإِن قَوْمك قد فزعوا مِنْهَا قَالَ: يَا عَم مَا أَنا بِالَّذِي أَقُول غَيرهَا حَتَّى يَأْتُوا بالشمس فيضعوها فِي يَدي وَلَو أَتَوْنِي بالشمس فَوَضَعُوهَا فِي يَدي مَا قلت غَيرهَا إِرَادَة أَن يؤيسهم فغضبوا وَقَالُوا: لتكفن عَن شتم آلِهَتنَا أَو لنشتمك ونشتم من يَأْمُرك فَأنْزل الله {وَلَا تسبوا الَّذين يدعونَ من دون الله فيسبوا الله عدوا بِغَيْر علم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ يسبون أصنام الْكفَّار فيسب الْكفَّار الله فَأنْزل الله {وَلَا تسبوا الَّذين يدعونَ من دون الله} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {كَذَلِك زينا لكل أمة عَمَلهم} قَالَ: زين الله لكل أمة عَمَلهم الَّذِي يعْملُونَ بِهِ حَتَّى يموتوا عَلَيْهِ - الْآيَة (109 - 111)

109

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت فِي قُرَيْش {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَئِن جَاءَتْهُم آيَة ليُؤْمِنن بهَا قل إِنَّمَا الْآيَات عِنْد الله وَمَا يشعركم} يَا معشر الْمُسلمين {أَنَّهَا إِذا جَاءَت لَا يُؤمنُونَ} إِلَّا إِن يَشَاء الله فيجبرهم على الإِسلام وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ كلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُريْشًا فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد تخبرنا أَن مُوسَى كَانَ مَعَه عَصا يضْرب بهَا الْحجر وَأَن عِيسَى كَانَ يُحيي الْمَوْتَى وَأَن ثَمُود كَانَ لَهُم نَاقَة فأتنا من الْآيَات حَتَّى نصدقك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي شَيْء تحبون أَن آتيكم بِهِ قَالُوا: تجْعَل لنا الصَّفَا ذَهَبا قَالَ: فَإِن فعلت تصدقوني قَالُوا: نعم وَالله لَئِن فعلت لنتبعنك أَجْمَعُونَ فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدعوا فَجَاءَهُ جِبْرِيل فَقَالَ لَهُ: إِن شِئْت أصبح ذَهَبا فَإِن لم يصدقُوا عِنْد ذَلِك لنعذبهم وَإِن شِئْت فاتركهم حَتَّى يَتُوب تائبهم فَقَالَ: بل يَتُوب تائبهم فَأنْزل الله {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم} إِلَى قَوْله {يجهلون} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريح {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَئِن جَاءَتْهُم آيَة} فِي الْمُسْتَهْزِئِينَ هم الَّذين سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَة فَنزل فيهم {وأقسموا بِاللَّه} حَتَّى {وَلَكِن أَكْثَرهم يجهلون} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: الْقسم يَمِين ثمَّ قَرَأَ {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْقسم يَمِين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَئِن جَاءَتْهُم آيَة ليُؤْمِنن بهَا} قَالَ: سَأَلت قُريْشًا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَأْتِيهم بِآيَة فاستحلفهم ليُؤْمِنن بهَا {قل إِنَّمَا الْآيَات عِنْد الله وَمَا يشعركم} قَالَ: مَا يدريكم ثمَّ أوجب عَلَيْهِم أَنهم لَا يُؤمنُونَ {ونقلب أفئدتهم} قَالَ: نحول بَينهم وَبَين الْأَيْمَان لَو جَاءَتْهُم كل آيَة كَمَا حلنا بَينهم وَبَينه أوّل مرّة {ونذرهم فِي طغيانهم يعمهون} قَالَ: يَتَرَدَّدُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من وَجه آخر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا يشعركم} قَالَ: وَمَا يدريكم أَنكُمْ تؤمنون إِذا جَاءَت ثمَّ اسْتقْبل يخبر فَقَالَ: أَنَّهَا إِذا جَاءَت لَا يُؤمنُونَ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن النَّضر بن شُمَيْل قَالَ: سَأَلَ رجل الْخَلِيل بن أَحْمد

عَن قَوْله {وَمَا يشعركم أَنَّهَا إِذا جَاءَت لَا يُؤمنُونَ} فَقَالَ: إِنَّهَا لَعَلَّهَا أَلا ترى أَنَّك تَقول: اذْهَبْ إِنَّك تَأْتِينَا بِكَذَا وَكَذَا يَقُول: لَعَلَّك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كَمَا لم يُؤمنُوا بِهِ أول مرّة} قَالَ: لما جحد الْمُشْركُونَ مَا أنزل الله لم تثبت قُلُوبهم على شَيْء وَردت عَن كل أَمر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {ونقلب أفئدتهم} الْآيَة قَالَ: جَاءَهُم مُحَمَّد بِالْبَيِّنَاتِ فَلم يُؤمنُوا بِهِ فقلبنا أَبْصَارهم وأفئدتهم وَلَو جَاءَتْهُم كل آيَة مثل ذَلِك لم يُؤمنُوا إِلَّا أَن يَشَاء الله وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أم الدَّرْدَاء أَن أَبَا الدَّرْدَاء لما احْتضرَ جعل يَقُول: من يعْمل لمثل يومي هَذَا: من يعْمل لمثل سَاعَتِي هَذِه من يعْمل لمثل مضجعي هَذَا ثمَّ يَقُول {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كَمَا لم يُؤمنُوا بِهِ أول مرّة ونذرهم فِي طغيانهم يعمهون} ثمَّ يغمى عَلَيْهِ ثمَّ يفِيق فيقولها حَتَّى قبض وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وحشرنا عَلَيْهِم كل شَيْء قبلا} قَالَ: معانية {مَا كَانُوا ليؤمنوا} أَي أهل الشَّقَاء {إِلَّا أَن يَشَاء الله} أَي أهل السَّعَادَة الَّذين سبق لَهُم فِي عمله أَن يدخلُوا فِي الإِيمان وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وحشرنا عَلَيْهِم كل شَيْء قبلا} أَي فعاينوا ذَلِك مُعَاينَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {وحشرنا عَلَيْهِم كل شَيْء قبلا} قَالَ: أَفْوَاجًا قبيلا - الْآيَة (112 - 113)

112

- أخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا ذَر تعوذ بِاللَّه من شَرّ شياطين الْجِنّ والإِنس قَالَ: يَا نَبِي الله وَهل للإِنس شياطين قَالَ: نعم {شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ يوحي بَعضهم إِلَى بعض زخرف القَوْل غرُورًا} وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعوذ شياطين الانس وَالْجِنّ قلت: يَا رَسُول الله وللانس شياطين قَالَ: نعم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ جعلنَا لكل نَبِي عدوّاً شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ} قَالَ: إِن للجن شياطين يضلونهم مثل شياطين الإِنس يضلونهم فيلتقي شَيْطَان الإِنس وَشَيْطَان الْجِنّ فَيَقُول هَذَا لهَذَا: أضلله بِكَذَا وأضلله بِكَذَا فَهُوَ قَوْله {يوحي بَعضهم إِلَى بعض زخرف القَوْل غرُورًا} وَقَالَ ابْن عَبَّاس: الْجِنّ هم الجان وَلَيْسوا بشياطين وَالشَّيَاطِين ولد إِبْلِيس وهم لَا يموتون إِلَّا مَعَ إِبْلِيس وَالْجِنّ يموتون فَمنهمْ الْمُؤمن وَمِنْهُم الْكَافِر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الكهنة هم شياطين الإِنس وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يوحي بَعضهم إِلَى بعض} قَالَ: شياطين الْجِنّ يوحون إِلَى شياطين الإِنس فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {وَإِن الشَّيَاطِين ليوحون إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} الْأَنْعَام 121 وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {شياطين الإِنس وَالْجِنّ} قَالَ: من الإِنس شياطين وَمن الْجِنّ شياطين {يوحي بَعضهم إِلَى بعض} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {زخرف القَوْل غرُورًا} يَقُول: بوراً من القَوْل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {زخرف القَوْل غرُورًا} يَقُول: بوراً من القَوْل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {زخرف القَوْل غرُورًا} قَالَ: يحسن بعصهم لبَعض القَوْل ليتبعوهم فِي فتنتهم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الْإِبَانَة وَأَبُو

الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: شياطين الْجِنّ يوحون إِلَى شياطين الانس كفار الإِنس {زخرف القَوْل غرُورًا} قَالَ: تَزْيِين الْبَاطِل بالألسنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {زخرف القَوْل} قَالَ: زخرفوه وزينوه {غرُورًا} قَالَ: يغرون بِهِ النَّاس وَالْجِنّ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الزخرف المزين حَيْثُ زين لَهُم هَذَا الْغرُور كَمَا زين إِبْلِيس لآدَم مَا جَاءَ بِهِ وقاسمه إِنَّه لمن الناصحين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {ولتصغى} لتميل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {ولتصغى إِلَيْهِ أَفْئِدَة} قَالَ: تزِيغ {وليقترفوا} قَالَ: ليكتسبوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {ولتصغى إِلَيْهِ أَفْئِدَة الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة} قَالَ: لتميل إِلَيْهِ قُلُوب الْكفَّار {وليرضوه} قَالَ: يحبوه {وليقترفوا مَا هم مقترفون} يَقُول: ليعملوا مَا هم عاملون وَأخرج الطستي وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {زخرف القَوْل غرُورًا} قَالَ: بَاطِل القَوْل غرُورًا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَوْس بن حجر وَهُوَ يَقُول: لم يغروكم غرُورًا وَلَكِن يرفع الال جمعكم والدهاء وَقَالَ زُهَيْر بن أبي سلمى: فَلَا يغرنك دنيا ان سَمِعت بهَا عِنْد امرىء سروه فِي النَّاس مغمور قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن قَوْله {ولتصغى إِلَيْهِ أَفْئِدَة الَّذين لَا يُؤمنُونَ} مَا تصغي قَالَ: ولتميل إِلَيْهِ قَالَ فِيهِ الفطامي: وَإِذا سمعن هما هما من رفْقَة وَمن النُّجُوم غوابر لم تخفق أصغت إِلَيْهِ هجائن بخدودها آذانهن إِلَى الحداة السوّق قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وليقترفوا مَا هم مقترفون} قَالَ: ليكتسبوا مَا هم مكتسبون فَإِنَّهُم يَوْم الْقِيَامَة يجازون بأعمالهم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة وَهُوَ يَقُول: وَإِنِّي لآتي مَا أتيت وإنني لما اقترفت نَفسِي عليّ لراهب

- الْآيَة (114)

114

- أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي أنزل إِلَيْكُم الْكتاب مفصلا} قَالَ: مُبينًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مَالك بن أنس عَن ربيعَة قَالَ: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى أنزل الْكتاب وَترك فِيهِ موضعا للسّنة وَسن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَترك فِيهَا موضعا للرأي - الْآيَة (115 - 117)

115

- وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وتمت كلمة رَبك صدقا وعدلاً} قَالَ: صدقا فِيمَا وعد وعدلاً فِيمَا حكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو النَّصْر السجْزِي فِي الابانة عَن مُحَمَّد بن كَعْب القظي فِي قَوْله {لَا مبدل لكلماته} قَالَ: لَا تَبْدِيل لشَيْء قَالَه فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة كَقَوْلِه {مَا يُبدل القَوْل لدي} سُورَة ق آيَة 29 وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْيَمَان جَابر بن عبد الله قَالَ دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد الْحَرَام يَوْم فتح مَكَّة وَمَعَهُ مخصرة وَلكُل قوم صنم يعبدونه فَجعل يَأْتِيهَا صنماً ويطعن فِي صدر الصَّنَم بعصا ثمَّ يعقره كلما صرع صنماً أتبعه النَّاس ضربا بالفؤوس

حَتَّى يكسرونه ويطرحونه خَارِجا من الْمَسْجِد وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول {وتمت كلمة رَبك صدقا وعدلاً لَا مبدل لكلماته وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وتمت كلمة رَبك صدقا وعدلاً} قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعوذ الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا: أُعِيذكُمَا بِكَلِمَات الله التَّامَّة من كل شَيْطَان وَهَامة وَمن كل عين لَامة ثمَّ يَقُول: كَانَ أبوكم إِبْرَاهِيم يعوّذ بهَا إِسْمَعِيل وَإِسْحَق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن خَوْلَة بنت حَكِيم سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من نزل منزلا فَقَالَ: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات كلهَا من شَرّ مَا خلق لم يضرّهُ شَيْء حَتَّى يرتحل من منزله ذَلِك وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا لقِيت من عقرب لدغتني البارحة قَالَ: أما إِنَّك لَو قلت حِين أمسيت: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق لم تَضُرك وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول عِنْد مضجعه اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بِوَجْهِك الْكَرِيم وكلماتك التَّامَّة من شَرّ مَا أَنْت آخذ بناصيته اللَّهُمَّ أَنْت تكشف المغرم والمأثم اللَّهُمَّ لَا يهْزم جندك وَلَا يخلف وَعدك وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان ان الْوَلِيد بن الْوَلِيد شكا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأرق - حَدِيث النَّفس بِاللَّيْلِ - فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أويت إِلَى فراشك فَقل: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من غَضَبه وعقابه وَمن شَرّ عباده وَمن همزات الشَّيَاطِين وَأَن يحْضرُون فَإِنَّهُ لن يَضرك وحريٌّ أَن لَا يقربك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي التياح قَالَ: قَالَ رجل لعبد الرَّحْمَن بن خنبش: كَيفَ صنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين كادته الشَّيَاطِين قَالَ: نعم تحدرت الشَّيَاطِين من الْجبَال والأودية يُرِيدُونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَفِيهِمْ شَيْطَان مَعَه شعلة من نَار يُرِيد أَن يحرق بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزع مِنْهُم وجاءه جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد قل قَالَ: مَا أَقُول قَالَ: قل أعوذ بِكَلِمَات الله التامات

اللَّاتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ مَا خلق وبرأ وذرأ وَمن شَرّ مَا ينزل من السَّمَاء وَمن شَرّ مَا يعرج فِيهَا وَمن شَرّ مَا ذَرأ فِي الأَرْض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمن شَرّ فتن اللَّيْل وَالنَّهَار وَمن شَرّ كل طَارق إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير يَا رَحْمَن قَالَ: فطفئت نَار الشَّيَاطِين وَهَزَمَهُمْ الله عز وَجل وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما كَانَ لَيْلَة الْجِنّ أقبل عفريت من الْجِنّ فِي يَده شعلة من نَار فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ الْقُرْآن فَلَا يزْدَاد إِلَّا قرباً فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: أَلاَ أعلمك كَلِمَات تقولهن ينكب مِنْهَا لفيه وتطفأ شعلته قل أعوذ بِوَجْه الله الْكَرِيم وكلمات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ مَا ينزل من السَّمَاء وَمن شَرّ مَا يعرج فِيهَا وَمن شَرّ ماذرأ فِي الأَرْض وَمن مَا يخرج مِنْهَا وَمن شَرّ فتن اللَّيْل وَالنَّهَار وَمن شَرّ طوارق اللَّيْل وَمن شَرّ كل طَارق إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير يَا رَحْمَن فَقَالَهَا فانكب لفيه وطفئت شعلته وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَكْحُول أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما دخل مَكَّة تَلَقَّتْهُ الْجِنّ بالشرر يرمونه فَقَالَ جِبْرِيل: تعوّذ يَا مُحَمَّد فتعوذ بهؤلاء الْكَلِمَات فدحروا عَنهُ فَقَالَ: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ مَا نزل من السَّمَاء وَمَا يعرج فِيهَا وَمن شَرّ مَا بَث فِي الأَرْض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمن شَرّ اللَّيْل وَالنَّهَار وَمن شَرّ كل طَارق إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير يَا رَحْمَن - الْآيَة (118 - 120)

118

- أخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَت الْيَهُود إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا:

أنأكل مِمَّا قتلنَا وَلَا نَأْكُل مِمَّا يقتل الله فَأنْزل الله {فَكُلُوا مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ إِن كُنْتُم بآياته مُؤمنين} إِلَى قَوْله {وَإِن أطعتموهم إِنَّكُم لمشركون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {فَكُلُوا مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ} فَإِنَّهُ حَلَال {إِن كُنْتُم بآياته مُؤمنين} يَعْنِي بِالْقُرْآنِ مُصدقين {وَمَا لكم أَلا تَأْكُلُوا مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ} يَعْنِي الذَّبَائِح {وَقد فصل لكم مَا حرم عَلَيْكُم إِلَّا مَا اضطررتم إِلَيْهِ} يَعْنِي مَا حرم عَلَيْكُم من الْميتَة {وَإِن كثيرا} من مُشْركي الْعَرَب {ليضلون بأهوائهم بِغَيْر علم} يَعْنِي فِي أَمر الذَّبَائِح وَغَيره {إِن رَبك هُوَ أعلم بالمعتدين} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقد فصل لكم} يَقُول: بَين لكم {مَا حرم عَلَيْكُم إِلَّا مَا اضطررتم إِلَيْهِ} أَي من الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (وَقد فصل لكم) مثقلة بِنصب الْفَاء (مَا حرم عَلَيْكُم) بِرَفْع الْحَاء وَكسر الرَّاء (وَإِن كثيرا ليضلون) بِرَفْع الْيَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وذروا ظَاهر الْإِثْم} قَالَ: هُوَ نِكَاح الْأُمَّهَات وَالْبَنَات {وباطنه} قَالَ: هُوَ الزِّنَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وذروا ظَاهر الْإِثْم وباطنه} قَالَ: الظَّاهِر مِنْهُ {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء} و {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم وأخواتكم} الْآيَة وَالْبَاطِن الزِّنَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وذروا ظَاهر الْإِثْم وباطنه} قَالَ: عَلَانِيَته وسره وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وذروا ظَاهر الْإِثْم وباطنه} قَالَ: مَا يحدث بِهِ الْإِنْسَان نَفسه مِمَّا هُوَ عَامله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {وذروا ظَاهر الْإِثْم وباطنه} قَالَ: نهى الله عَن ظَاهر الاثم وباطنه أَن يعْمل بِهِ - الْآيَة (121)

121

- أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ وَفِي لفظ قَالَت الْيَهُود: لَا تَأْكُلُونَ مِمَّا قتل الله وتأكلون مِمَّا قتلتم أَنْتُم فَأنْزل الله {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ لأَصْحَاب مُحَمَّد: هَذَا الَّذِي تذبحون أَنْتُم تأكلونه فَهَذَا الَّذِي يَمُوت من قَتله قَالُوا: الله قَالُوا: فَمَا قتل الله تحرمونه وَمَا قتلتم أَنْتُم تحلونه فَأنْزل الله {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَإنَّهُ لفسق} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} أرْسلت فَارس إِلَى قُرَيْش أَن خاصموا مُحَمَّدًا فَقَالُوا لَهُ: مَا تذبح أَنْت بِيَدِك بسكين فَهُوَ حَلَال: وَمَا ذبح الله بمسمار من ذهب - يَعْنِي الميته - فَهُوَ حرَام فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَإِن الشَّيَاطِين ليوحون إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ليجادلوكم} قَالَ: الشَّيَاطِين من فَارس وأوليائهم قُرَيْش وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن عِكْرِمَة أَن الْمُشْركين ليجادلوكم قَالَ: الشَّيَاطِين من فَارس وأولياؤهم قُرَيْش وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن عِكْرِمَة أَن الْمُشْركين دخلُوا على نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: أخبرنَا عَن الشَّاة إِذا مَاتَت من قَتلهَا قَالَ: الله قَتلهَا قَالُوا: فتزعم أَن مَا قَتَلْتَ أَنْت وَأَصْحَابك حَلَال وَمَا قَتله الله حرَام فَأنْزل الله {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} يَعْنِي الْميتَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يوحي الشَّيَاطِين إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ من الْمُشْركين أَن يَقُولُوا تَأْكُلُونَ مَا قتلتم وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قتل الله فَقَالَ: إِن الَّذِي قتلتم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَإِن الَّذِي مَاتَ لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالُوا: يَا مُحَمَّد أما مَا قتلتم وذبحتم فتأكلونه وَأما مَا قتل ربكُم فَتُحَرِّمُونَهُ فَأنْزل الله {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَإنَّهُ لفسق وَإِن الشَّيَاطِين ليوحون إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ليجادلوكم وَإِن أطعتموهم} فِي كل مَا نَهَيْتُكُمْ عَنهُ أَنكُمْ إِذا لمشركون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: عمد عَدو الله إِبْلِيس إِلَى أوليائه من أهل الضَّلَالَة فَقَالَ لَهُم: خاصموا أَصْحَاب مُحَمَّد فِي الْميتَة فَقولُوا: أما مَا ذبحتم وقتلتم فتأكلون وَأما مَا قتل الله فَلَا تَأْكُلُونَ وَأَنْتُم زعمتم أَنكُمْ تتبعون أَمر الله فَأنْزل الله {وَإِن أطعتموهم إِنَّكُم لمشركون} وَأَنا وَالله مَا نعلمهُ كَانَ شركا قطّ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاث أَن يدعى مَعَ الله إِلَهًا آخر أَو يسْجد لغير الله أَو تسمى الذَّبَائِح لغير الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن الشَّيَاطِين ليوحون إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} قَالَ: إِبْلِيس أوحى إِلَى مُشْركي قُرَيْش وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من ذبح فنسي أَن يُسَمِّي فليذكر اسْم الله عَلَيْهِ وليأكل وَلَا يَدعه للشَّيْطَان إِذا ذبح على الْفطْرَة فَإِن اسْم الله فِي قلب كل مُسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك فِي الرجل يذبح وينسى أَن يُسَمِّي قَالَ: لَا بَأْس بِهِ قيل: فَأَيْنَ قَوْله {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} قَالَ: إِنَّمَا ذبحت بِدينِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} قَالَ: نهى عَن ذَبَائِح كَانَت تذبحها قُرَيْش على الْأَوْثَان وَينْهى عَن ذَبَائِح الْمَجُوس وَأخرج عبد بن حميد عَن رَاشد بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَبِيحَة الْمُسلم حَلَال سمى أَو لم يسم مَا لم يتَعَمَّد وَالصَّيْد كَذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عُرْوَة قَالَ: كَانَ قوم أَسْلمُوا على عهد

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقدموا بِلَحْم إِلَى الْمَدِينَة يبيعونه فتحنثت أنفس أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُ وَقَالُوا: لَعَلَّهُم لم يسموا فسألوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ سموا أَنْتُم وكلوا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا ذبح الْمُسلم وَنسي أَن يذكر اسْم الله فَليَأْكُل فَإِن الْمُسلم فِيهِ اسْم من أَسمَاء الله وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت لرجل منا يذبح وينسى أَن يُسَمِّي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْم الله على كل مُسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن طَاوس قَالَ: مَعَ الْمُسلم ذكر الله فَإِن ذبح وَنسي أَن يُسَمِّي فليسم وليأكل فَإِن الْمَجُوسِيّ لَو سمى الله على ذَبِيحَته لم تُؤْكَل وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَإنَّهُ لفسق} فنسخ وَاسْتثنى من ذَلِك فَقَالَ {وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم} الْمَائِدَة الْآيَة 5 وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن يزِيد الخطمي قَالَ: كلوا ذَبَائِح الْمُسلمين وَأهل الْكتاب مِمَّا ذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين فِي الرجل يذبح وينسى أَن يُسَمِّي قَالَ: لَا يَأْكُل وَأخرج النّحاس عَن الشّعبِيّ قَالَ: لَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ إِبْلِيس: يَا رب كل خلقك بيّنت رزقه فَفِيمَ رِزْقِي قَالَ: فِيمَا لم يذكر اسْمِي عَلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن معمر قَالَ: بَلغنِي أَن رجلا سَأَلَ ابْن عمر عَن ذَبِيحَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ فَتلا عَلَيْهِ {أحل لكم الطَّيِّبَات وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب} الْمَائِدَة الْآيَة 5 وتلا {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} وتلا عَلَيْهِ {وَمَا أهلَّ بِهِ لغير الله} الْبَقَرَة الْآيَة 173 قَالَ: فَجعل الرجل يردد عَلَيْهِ فَقَالَ ابْن عمر: لعن الله الْيَهُود وَالنَّصَارَى وكفرة الْأَعْرَاب فان هَذَا وَأَصْحَابه يَسْأَلُونِي فَإِذا لم أوافقهم انشأوا يخاصموني

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَكْحُول قَالَ: أنزل الله فِي الْقُرْآن {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} ثمَّ نسخهَا الرب عز وَجل ورحم الْمُسلمين {الْيَوْم أحل لكم الطَّيِّبَات وَطَعَام الَّذين أُوتُوا الْكتاب حل لكم} الْمَائِدَة الْآيَة 5 فنسخها بذلك وَأحل طَعَام أهل الْكتاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله وَإِن أطعمتموهم يَعْنِي فِي أكل الْميتَة استحلالاً {إِنَّكُم لمشركون} مثلهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَإِن أطعتموهم إِنَّكُم لمشركون} فَقيل تزْعم الْخَوَارِج إِنَّهَا فِي الْأُمَرَاء قَالَ: كذبُوا إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُشْركين كَانُوا يُخَاصِمُونَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُولُونَ: أما مَا قتل الله فَلَا تَأْكُلُوا مِنْهُ - يَعْنِي الْميتَة - وَأما مَا قتلتم أَنْتُم فتأكلون مِنْهُ فَأنْزل الله {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ} إِلَى قَوْله {إِنَّكُم لمشركون} قَالَ: لَئِن أكلْتُم الْميتَة وأطعتموهم إِنَّكُم لمشركون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر أَنه قيل لَهُ: إِن الْمُخْتَار يزْعم أَنه يُوحى إِلَيْهِ قَالَ: صدق {وَإِن الشَّيَاطِين ليوحون إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي زميل قَالَ: كنت قَاعِدا عِنْد ابْن عَبَّاس وَحج الْمُخْتَار بن أبي عبيد فجَاء رجل فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاس زعم أَبُو إِسْحَق أَنه أُوحِي إِلَيْهِ اللَّيْلَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس: صدق فنفرت وَقلت: يَقُول ابْن عَبَّاس صدق فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هما وحيان وَحي الله ووحي الشَّيْطَان فَوَحَى الله إِلَى مُحَمَّد وَوَحَى الشيطانُ إِلَى أوليائه ثمَّ قَرَأَ {وَإِن الشَّيَاطِين ليوحون إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} - الْآيَة (122)

122

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه}

قَالَ: كَانَ كَافِرًا ضَالًّا فهديناه {وَجَعَلنَا لَهُ نورا} هُوَ الْقُرْآن {كمن مثله فِي الظُّلُمَات} الْكفْر والضلالة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَو من كَانَ مَيتا} قَالَ: ضَالًّا {فأحييناه} فهديناه {وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس} قَالَ: هدى {كمن مثله فِي الظُّلُمَات} قَالَ: فِي الضَّلَالَة أبدا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس} قَالَ: نزلت فِي عمار بن يَاسر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس} قَالَ: عمر بن الْخطاب {كمن مثله فِي الظُّلُمَات لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا} يَعْنِي أَبَا جهل بن هِشَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس كمن مثله فِي الظُّلُمَات} قَالَ: أنزلت فِي عمر بن الْخطاب وَأبي جهل بن هِشَام كَانَا ميتين فِي ضلالتهما فأحيا الله عمر بالإِسلام وأعزه وَأقر أَبَا جهل فِي ضلالته وَمَوته وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا فَقَالَ: اللَّهُمَّ أعز الإِسلام بِأبي جهل بن هِشَام أَو بعمر بن الْخطاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه} قَالَ: عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ {كمن مثله فِي الظُّلُمَات} قَالَ: أَبُو جهل بن هِشَام وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي سِنَان {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه} قَالَ: نزلت فِي عمر بن الْخطاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس} قَالَ: هَذَا الْمُؤمن مَعَه من الله بَيِّنَة وَبهَا يعْمل وَبهَا يَأْخُذ وإليها يَنْتَهِي وَهُوَ كتاب الله {كمن مثله فِي الظُّلُمَات لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا} قَالَ: مثل الْكَافِر فِي ضلالته متحير فِيهَا متسكع فِيهَا لَا يجد مِنْهَا مخرجا وَلَا منفذاً

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {وَجَعَلنَا لَهُ نورا يمشي بِهِ فِي النَّاس} قَالَ: الْقُرْآن - الْآيَة (123)

123

- أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ جعلنَا فِي كل قَرْيَة أكَابِر مجرميها} قَالَ: نزلت فِي الْمُسْتَهْزِئِينَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {جعلنَا فِي كل قَرْيَة أكَابِر مجرميها} قَالَ: سلطنا شِرَارهَا فعصوا فِيهَا فَإِذا ذَلِك أهلكناهم بِالْعَذَابِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أكَابِر مجرميها} قَالَ: عظماؤها - الْآيَة (124)

124

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ ابْن جريج {وَإِذا جَاءَتْهُم آيَة قَالُوا لن نؤمن حَتَّى نؤتى مثل مَا أوتيَ رسل الله} وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين دعاهم إِلَى مَا دعاهم إِلَيْهِ من الْحق: لَو كَانَ هَذَا حَقًا لَكَانَ فِينَا من هُوَ أَحَق أَن يَأْتِي بِهِ من مُحَمَّد {وَقَالُوا لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم} الزخرف 31 أما قَوْله تَعَالَى: {الله أعلم حَيْثُ يَجْعَل رسَالَته} - أخرج أَحْمد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الله نظر فِي قُلُوب الْعباد فَوجدَ قلب مُحَمَّد خير قُلُوب الْعباد فاصطفاه لنَفسِهِ فابتعثه برسالته ثمَّ نظر فِي قُلُوب الْعباد بعد قلب مُحَمَّد فَوجدَ قُلُوب أَصْحَابه خير قُلُوب الْعباد فجعلهم وزراء نبيه يُقَاتلُون على دينه فَمَا رأى الْمُسلمُونَ حسنا فَهُوَ عِنْد الله حسن وَمَا رَأَوْهُ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْد الله سيء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي حسن قَالَ: أبْصر رجل ابْن عَبَّاس وَهُوَ يدْخل من بَاب الْمَسْجِد فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ راعه فَقَالَ: من هَذَا قَالُوا: ابْن عَبَّاس بن عَم رَسُول الله قَالَ {الله أعلم حَيْثُ يَجْعَل رسَالَته} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سيصيب الَّذين أجرموا} قَالَ: أشركوا {صغَار} قَالَ: هوان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {صغَار} قَالَ: ذلة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {بِمَا كَانُوا يمكرون} قَالَ: بدين الله وَنبيه وعباده الْمُؤمنِينَ - الْآيَة (125)

125

- أخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي جَعْفَر الْمَدَائِنِي رجل من بني هَاشم وَلَيْسَ هُوَ مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْمُؤمنِينَ أَكيس قَالَ أَكْثَرهم ذكرا للْمَوْت وَأَحْسَنهمْ لما بعده اسْتِعْدَادًا قَالَ: وَسُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه الْآيَة {فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره للإِسلام} قَالُوا: كَيفَ يشْرَح صَدره يَا رَسُول الله قَالَ: نور يقذف فِيهِ فينشرح لَهُ وينفسح لَهُ قَالُوا: فَهَل لذَلِك من إِمَارَة يعرف بهَا قَالَ: الإِنابة إِلَى دَار الخلود والتجافي عَن دَار الْغرُور والاستعداد للْمَوْت قبل لِقَاء الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد عَن الفضيل أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت قَول الله {فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره للإِسلام} فَكيف الشَّرْح

قَالَ: إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا قذف فِي قلبه النُّور فانفسح لذَلِك صَدره فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَل لذَلِك من آيَة يعرف بهَا قَالَ: نعم قَالَ: فَمَا آيَة ذَلِك قَالَ: التَّجَافِي عَن دَار الْغرُور والإِنابة إِلَى دَار الخلود وَحسن الإِستعداد للْمَوْت قبل نزُول الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب ذكر الْمَوْت عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره للإِسلام} قَامَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هَل لهَذِهِ الْآيَة علم تعرف بِهِ قَالَ نعم الإِنابة إِلَى دَار الخلود والتجافي عَن دَار الْغرُور والاستعداد للْمَوْت قبل أَن ينزل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طرق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نزلت هَذِه الْآيَة {فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره لِلْإِسْلَامِ} قَالَ إِذا أَدخل الله النورَ القلبَ انشرحَ وانفسحَ قَالُوا: فَهَل لذَلِك من آيَة يعرف بهَا قَالَ: الإِنابة إِلَى دَار الخلود والتجافي عَن دَار الْغرُور والإِستعداد للْمَوْت قبل نزُول الْمَوْت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَي الْمُؤمنِينَ أَكيس قَالَ أَكْثَرهم للْمَوْت ذكرا وَأَحْسَنهمْ لَهُ اسْتِعْدَادًا ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره للإِسلام} قلت: وَكَيف يشْرَح صَدره للإِسلام قَالَ: هُوَ نور يقذف فِيهِ إِن النُّور إِذا وَقع فِي الْقلب انْشَرَحَ لَهُ الصَّدْر وَانْفَسَحَ قَالُوا: يَا رَسُول الله هَل لذَلِك من عَلامَة يعرف بهَا قَالَ: نعم الإِنابة إِلَى دَار الخلود والتجافي عَن دَار الْغرُور والاستعداد للْمَوْت قبل الْمَوْت ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بئس الْقَوْم لَا يقومُونَ لله بِالْقِسْطِ بئس الْقَوْم قوم يقتلُون الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن الْمسور - وَكَانَ من ولد جَعْفَر بن أبي طَالب - قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره لِلْإِسْلَامِ} قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا هُوَ هَذَا الشَّرْح قَالَ: نور يقذف بِهِ فِي الْقلب ينفسح لَهُ الْقلب قَالُوا: فَهَل لذَلِك من إِمَارَة يعرف بهَا قَالَ: نعم الإِنابة إِلَى دَار الخلود والتجافي عَن دَار الْغرُور والاستعداد للْمَوْت قبل الْمَوْت

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمن يرد الله أَن يهديه يشْرَح صَدره للإِسلام} يَقُول يُوسع قلبه للتوحيد والإِيمان بِهِ {وَمن يرد أَن يضله يَجْعَل صَدره ضيقا حرجاً} يَقُول: شاكاً {كَأَنَّمَا يصّعَّد فِي السَّمَاء} يَقُول: كَمَا لَا يَسْتَطِيع ابْن آدم أَن يبلغ السَّمَاء فَكَذَلِك لَا يقدر على أَن يدْخل التَّوْحِيد والإِيمان قلبه حَتَّى يدْخلهُ الله فِي قلبه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الصَّلْت الثَّقَفِيّ أَن عمر بن الْخطاب قَرَأَ هَذِه الْآيَة (وَمن يرد أَن يضله يَجْعَل صَدره ضيقا حرجاً) بِنصب الرَّاء وَقرأَهَا بعض من عِنْده من أَصْحَاب رَسُول الله (حرجاً) بالخفض فَقَالَ عمر: أبغوني رجلا من كنَانَة وأجعلوه رَاعيا وَلَكِن مدلجيا فَأتوهُ بِهِ فَقَالَ لَهُ عمر: يَا فَتى مَا الحرجة فِيكُم قَالَ: الحرجة فِينَا: الشَّجَرَة تكون بَين الْأَشْجَار الَّتِي لَا تصل إِلَيْهَا راعية وَلَا وحشية وَلَا شَيْء فَقَالَ عمر: كَذَلِك قلب الْمُنَافِق لَا يصل إِلَيْهِ شَيْء من الْخَيْر وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (ضيقا حرجاً) بِكَسْر الرَّاء وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {ضيقا حرجاً} أَي متلبسا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج {ضيقا حرجاً} أَي بِلَا إِلَه إِلَّا الله لَا يَسْتَطِيع أَن يدخلهَا فِي صَدره لَا يجد لَهَا فِي صَدره مساغاً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {كَأَنَّمَا يصعد فِي السَّمَاء} من شدَّة ذَلِك عَلَيْهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن يرد أَن يضله يَجْعَل صَدره ضيقا حرجاً} يَقُول: من أَرَادَ الله أَن يضله يضيق عَلَيْهِ حَتَّى يَجْعَل الإِسلام عَلَيْهِ ضيقا والإِسلام وَاسع وَذَلِكَ حِين يَقُول: {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} الْحَج الْآيَة 78 يَقُول: مَا فِي الإِسلام من ضيق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله {يَجْعَل صَدره ضيقا حرجاً} قَالَ: لَيْسَ للخير فِيهِ منفذ {كَأَنَّمَا يصعد فِي السَّمَاء} يَقُول: مثله كَمثل الَّذِي لَا يَسْتَطِيع أَن يصعد فِي السَّمَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كَذَلِك يَجْعَل الله الرجس} قَالَ: الرجس مَا لَا خير فِيهِ

- الْآيَة (126 - 127)

126

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فصلنا الْآيَات} قَالَ: بَينا الْآيَات وَفِي قَوْله {لَهُم دَار السَّلَام} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن زيد قَالَ: السَّلَام: هُوَ الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {لَهُم دَار السَّلَام} قَالَ: الله هُوَ السَّلَام وداره الْجنَّة - الْآيَة (128)

128

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قد استكثرتم من الإِنس} يَقُول: فِي ضلالتكم إيَّاهُم يَعْنِي أضللتم مِنْهُم كثيرا وَفِي قَوْله {قَالَ النَّار مثواكم خَالِدين فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ الله} قَالَ: إِن هَذِه الْآيَة لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يحكم على الله فِي خلقه لَا ينزلهم جنَّة وَلَا نَارا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {يَا معشر الْجِنّ قد استكثرتم من الإِنس} قَالَ: استكثرتم ربكُم أهل النَّار يَوْم الْقِيَامَة {وَقَالَ أولياؤهم من الإِنس رَبنَا استمتع بَعْضنَا بِبَعْض} قَالَ الْحسن: وَمَا كَانَ استمتاع بَعضهم بِبَعْض إِلَّا أَن الْقِيَامَة {وَقَالَ أولياؤهم من الإِنس رَبنَا استمتع بَعْضنَا بِبَعْض} قَالَ الْحسن: وَمَا كَانَ استمتاع بَعضهم بِبَعْض إِلَّا أَن الْجِنّ أمرت وعملت الإِنس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {رَبنَا استمتع بَعْضنَا بِبَعْض} قَالَ: الصَّحَابَة فِي الدُّنْيَا {وبلغنا أجلنا الَّذِي أجلت لنا} قَالَ: الْمَوْت

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن أبي جريج فِي قَوْله {رَبنَا استمتع بَعْضنَا بِبَعْض} قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة ينزل بِالْأَرْضِ فَيَقُول: أعوذ بكبير هَذَا الْوَادي فَذَلِك استمتاعهم فاعتذروا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة {وبلغنا أجلنا الَّذِي أجلت لنا} قَالَ: الْمَوْت - الْآيَة (129)

129

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ نولي بعض الظَّالِمين بَعْضًا} قَالَ: ظالمي الْجِنّ وظالمي الإِنس وَقَرَأَ {وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا فَهُوَ لَهُ قرين} الزخرف الْآيَة 36 قَالَ: ونسلط ظلمَة الْجِنّ على ظلمَة الإِنس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ نولي بعض الظَّالِمين بَعْضًا} قَالَ: يولي الله بعض الظَّالِمين بَعْضًا فِي الدُّنْيَا يتبع بَعضهم بَعْضًا فِي النَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ نولي بعض الظَّالِمين بَعْضًا} قَالَ: إِنَّمَا يولي الله بَين النَّاس بأعمالهم فالمؤمن ولي الْمُؤمن من أَيْن كَانَ وحيثما كَانَ وَالْكَافِر ولي الْكَافِر من أَيْن كَانَ وحيثما كَانَ لَيْسَ الْإِيمَان بِاللَّه بالتمني وَلَا بالتحلي ولعمري لَو عملت بِطَاعَة الله وَلم تعرف أهل طَاعَة الله مَا ضرك ذَلِك وَلَو عملت بِمَعْصِيَة الله وتوليت أهل طَاعَة الله مَا نفعك ذَلِك شَيْئا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَنْصُور بن أبي الْأسود قَالَ: سَأَلت الْأَعْمَش عَن قَوْله {وَكَذَلِكَ نولي بعض الظَّالِمين بَعْضًا} مَا سمعتهم يَقُولُونَ فِيهِ قَالَ: سمعتهم يَقُولُونَ إِذا فسد النَّاس أُمِّرَ عَلَيْهِم شرارهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَرَأت فِي الزبُور: إِنِّي أنتقم من الْمُنَافِق بالمنافق ثمَّ أنتقم من الْمُنَافِقين جَمِيعًا وَذَلِكَ فِي كتاب الله قَول الله {وَكَذَلِكَ نولي بعض الظَّالِمين بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}

وَأخرج الْحَاكِم فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق يحيى بن هَاشم ثنايونس بن أبي إِسْحَق عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا تَكُونُونَ كَذَلِك يُؤمر عَلَيْكُم قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا مُنْقَطع وَيحيى ضَعِيف وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: إِن لكل زمَان ملكا يَبْعَثهُ الله على نَحْو قُلُوب أَهله فَإِذا أَرَادَ صَلَاحهمْ بعث عَلَيْهِم مصلحاً وَإِذا أَرَادَ هلكتهم بعث عَلَيْهِم مترفهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن إِن بني إِسْرَائِيل سَأَلُوا مُوسَى فَقَالُوا: سل لنا رَبك يبين لنا علم رِضَاهُ عَنَّا وَعلم سخطه فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَا مُوسَى أنبئهم إِن رضاي عَنْهُم أَن اسْتعْمل عَلَيْهِم خيارهم وَأَن سخطي عَلَيْهِم أَن اسْتعْمل عَلَيْهِم شرارهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عبد الْملك بن قريب الْأَصْمَعِي ثَنَا مَالك عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: حدثت أَن مُوسَى أَو عِيسَى قَالَ: يَا رب مَا عَلامَة رضاك عَن خلقك قَالَ: أَن أنزل عَلَيْهِم الْغَيْث إبان زرعهم وأحبسه إبان حصادهم وَاجعَل أُمُورهم إِلَى حلمائهم وفيئهم فِي أَيدي سمحائهم قَالَ: يَا رب فَمَا عَلامَة السخط قَالَ: أَن أنزل عَلَيْهِم الْغَيْث إبان حصادهم وأحبسه إبان زرعهم وَاجعَل أُمُورهم إِلَى سفهائهم وفيئهم فِي أَيدي بخلائهم وَالله تَعَالَى أعلم - الْآيَة (130 - 131)

130

- أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَا معشر الْجِنّ والإِنس ألم يأتكم رسل مِنْكُم} قَالَ: لَيْسَ فِي الْجِنّ رسل إِنَّمَا الرُّسُل فِي الإِنس والنذارة فِي الْجِنّ وَقَرَأَ {فَلَمَّا قضي ولوا إِلَى قَومهمْ منذرين} الْأَحْقَاف الْآيَة 29

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {رسل مِنْكُم} قَالَ: رسل الرُّسُل {ولوا إِلَى قَومهمْ منذرين} الْأَحْقَاف الْآيَة 29 وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك أَنه سُئِلَ عَن الْجِنّ هَل كَانَ فيهم نَبِي قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ألم تسمع إِلَى قَول الله {يَا معشر الْجِنّ والإِنس ألم يأتكم رسل مِنْكُم} يَعْنِي بذلك أَن رسلًا من الإِنس ورسلاً من الْجِنّ {قَالُوا بلَى} - الْآيَة (132 - 133)

132

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْجِنّ يدْخلُونَ الْجنَّة ويأكلون وَيَشْرَبُونَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن لَيْث قَالَ: بَلغنِي أَن الْجِنّ لَيْسَ لَهُم ثَوَاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن لَيْث بن أبي سليم قَالَ: مسلموا الْجِنّ لَا يدْخلُونَ الْجنَّة وَلَا النَّار وَذَلِكَ أَن الله أخرج أباهم من الْجنَّة فَلَا يُعِيدهُ وَلَا يُعِيد وَلَده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي ليلى قَالَ: للجن ثَوَاب وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {وَلكُل دَرَجَات مِمَّا عمِلُوا} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه مثله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْخلق أَرْبَعَة فخلق فِي الْجنَّة كلهم وَخلق فِي النَّار كلهم وخلقان فِي الْجنَّة وَالنَّار فَأَما الَّذين فِي الْجنَّة كلهم فالملائكة وَأما الَّذين فِي النَّار كلهم فالشياطين وَأما الَّذين فِي الْجنَّة وَالنَّار فالجن والإِنس لَهُم الثَّوَاب وَعَلَيْهِم الْعقَاب وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ

وَالْحَاكِم واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْجِنّ على ثَلَاثَة أَصْنَاف صنف لَهُم أَجْنِحَة يطيرون فِي الْهَوَاء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلونَ ويظعنون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: الْجِنّ ولد إِبْلِيس والإِنس ولد آدم وَمن هَؤُلَاءِ مُؤمنُونَ وَمن هَؤُلَاءِ مُؤمنُونَ وهم شركاؤهم فِي الثَّوَاب وَالْعِقَاب وَمن كَانَ من هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء مُؤمنا فَهُوَ ولي الله وَمن كَانَ من هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء كَافِرًا فَهُوَ شَيْطَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أنعم قَالَ: الْجِنّ ثَلَاثَة أَصْنَاف صنف لَهُم الثَّوَاب وَعَلَيْهِم الْعقَاب وصنف طيارون فِيمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وصنف حيات وكلاب والإِنس ثَلَاثَة أَصْنَاف صنف يظلهم الله بِظِل عَرْشه يَوْم الْقِيَامَة وصنف هم كالأنعام بل هم أضلّ سَبِيلا وصنف فِي صور النَّاس على قُلُوب الشَّيَاطِين وَأخرج ابْن جرير عَن وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن الْجِنّ هَل يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ ويموتون ويتناكحون فَقَالَ: هم أَجنَاس فَأَما خَالص الْجِنّ فهم ريح لَا يَأْكُلُون وَلَا يشربون وَلَا يموتون وَلَا يتوالدون وَمِنْهُم أَجنَاس يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ ويتناكحون ويموتون وَهِي هَذِه الَّتِي مِنْهَا السعالي والغول وَأَشْبَاه ذَلِك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن جَابر قَالَ: مَا من أهل بَيت من الْمُسلمين إِلَّا وَفِي سقف بَيتهمْ أهل بَيت من الْجِنّ من الْمُسلمين إِذا وضع غداؤهم نزلُوا فتغدوا مَعَهم وَإِذا وضع عشاؤهم نزلُوا فَتَعَشَّوْا مَعَهم قَوْله تَعَالَى: {كَمَا أنشأكم من ذُرِّيَّة قوم آخَرين} أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبان بن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الذُّرِّيَّة الأَصْل والذرية النَّسْل - الْآيَة (134)

134

- أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الأمل وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: اشْترى أُسَامَة بن زيد وليدة بِمِائَة دِينَار إِلَى شهر فَسمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَلا تعْجبُونَ من أُسَامَة المُشْتَرِي إِلَى شهر إِن أُسَامَة لطويل الأمل وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا طرفت عَيْنَايَ وظننت أَن شفري يَلْتَقِيَانِ حَتَّى

أَقبض وَلَا رفعت طرفِي وظننت إِنِّي وَاضِعَة حَتَّى أَقبض وَلَا لقمت لقْمَة فَظَنَنْت أَنِّي أسيغها حَتَّى أغص بِالْمَوْتِ يَا بني آدم إِن كُنْتُم تعقلون فَعِدُوا أَنفسكُم فِي الْمَوْتَى وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ {إِن مَا توعدون لآت وَمَا أَنْتُم بمعجزين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا أَنْتُم بمعجزين} قَالَ: بسابقين - الْآيَة (135)

135

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {على مكانتكم} قَالَ: على ناحيتكم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك {على مكانتكم} يَعْنِي على جديلتكم وناحيتكم - الْآيَة (136)

136

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَجعلُوا لله مِمَّا ذَرأ} الْآيَة قَالَ: جعلُوا لله من ثمارهم ومائهم نَصِيبا وللشيطان والأوثان نَصِيبا فَأن سقط من ثَمَرَة مَا جعلُوا لله فِي نصيب الشَّيْطَان تَرَكُوهُ وَإِن سقط مِمَّا جعلُوا للشَّيْطَان فِي نصيب الله ردُّوهُ إِلَى نصيب الشَّيْطَان فَإِن انفجر من سقى مَا جعلُوا لله فِي نصيب الشَّيْطَان تَرَكُوهُ وَإِن انفجر من سقى مَا جعلُوا للشَّيْطَان فِي نصيب الله سرحوه فَهَذَا مَا جعل لله من الْحَرْث وَسقي المَاء وَأما مَا جَعَلُوهُ للشَّيْطَان من الْأَنْعَام فَهُوَ قَول الله {مَا جعل الله من بحيرة} الْمَائِدَة الْآيَة 103 الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَجعلُوا لله مِمَّا ذَرأ من الْحَرْث والأنعام نَصِيبا} الْآيَة قَالَ: كَانُوا إِذا احترثوا حرثاً أَو كَانَت لَهُم ثَمَرَة جعلُوا لله مِنْهُ جزأ وجزأ للوثن فَمَا كَانَ من حرث أَو ثَمَرَة أَو شَيْء من نصيب الْأَوْثَان حفظوه وأحصوه فَإِن سقط مِنْهُ شَيْء مِمَّا سمي للصمد ردُّوهُ إِلَى مَا جَعَلُوهُ للوثن وَإِن سبقهمْ المَاء الَّذِي جَعَلُوهُ للوثن فسقي شَيْئا مِمَّا جَعَلُوهُ لله جَعَلُوهُ للوثن وَإِن سقط شَيْء من الْحَرْث وَالثَّمَرَة الَّذِي جَعَلُوهُ لله فاختلط بِالَّذِي جَعَلُوهُ للوثن قَالُوا: هَذَا فَقير وَلم يردوه إِلَى مَا جعلُوا لله وَإِن سبقهمْ المَاء الَّذِي سموا لله فسقي مَا سموا للوثن وتركوه للوثن وَكَانُوا يحرمُونَ من أنعامهم الْبحيرَة والسائبة والوصيلة والحامي فيجعلونه للأوثان ويزعمون أَنهم يحرمونه لله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَجعلُوا لله مِمَّا ذَرأ من الْحَرْث} قَالَ: يسمون لله جزأ من الْحَرْث ولشركائهم وأوثانهم جزأ فَمَا ذهبت بِهِ الرّيح مِمَّا سموا لله إِلَى جُزْء أوثانهم تَرَكُوهُ وَقَالُوا: إِن الله عَن هَذَا غَنِي وَمَا ذهبت بِهِ الرّيح من جُزْء أوثانهم إِلَى جُزْء الله أَخَذُوهُ والأنعام الَّتِي سموا لله: الْبحيرَة والسائبة - الْآيَة (137)

137

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ زين لكثير من الْمُشْركين قتل أَوْلَادهم شركاؤهم} قَالَ: زَينُوا لَهُم من قتل أَوْلَادهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ زين لكثير من الْمُشْركين قتل أَوْلَادهم شركاؤهم} قَالَ: شياطينهم يأمرونهم أَن يئدوا أَوْلَادهم خيفة الْعيلَة

- الْآيَة (138)

138

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقَالُوا هَذِه أنعام وحرث حجر} قَالَ: الْحجر مَا حرمُوا من الوصيلة وَتَحْرِيم مَا حرمُوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقَالُوا هَذِه أنعام وحرث حجر} قَالَ: مَا جعلُوا لله ولشركائهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {وحرث حجر} قَالَ: حرَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَقَالُوا هَذِه أنعام وحرث حجر} قَالَ: إِنَّمَا احتجروا ذَلِك الْحَرْث لآلهتهم وَفِي قَوْله {لَا يطْعمهَا إِلَّا من نشَاء بزعمهم} قَالُوا: يحتجرها عَن النِّسَاء ويجعلها للرِّجَال وَقَالُوا: إِن شِئْنَا جعلنَا للبنات فِيهِ نَصِيبا وَإِن شِئْنَا لم نجْعَل وَهَذَا أَمر افتروه على الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَقَالُوا هَذِه أنعام وحرث حجر لَا يطْعمهَا إِلَّا من نشَاء بزعمهم} يَقُولُونَ: حرَام أَن نطعم إِلَّا من شِئْنَا {وأنعام حرمت ظُهُورهَا} قَالَ: الْبحيرَة والسائبة والحامي {وأنعام لَا يذكرُونَ اسْم الله عَلَيْهَا} قَالَ: لَا يذكرُونَ اسْم الله عَلَيْهَا إِذا ولدوها وَلَا إِن نحروها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي وَائِل فِي قَوْله {وأنعام لَا يذكرُونَ اسْم الله عَلَيْهَا} قَالَ: لم يكن يحجّ عَلَيْهَا وَهِي الْبحيرَة وَأخرج ابو الشَّيْخ عَن أبان بن عُثْمَان أَنه قَرَأَهَا (هَذِه أنعام وحرث حجر) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقْرَأها (وحرث حرج) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن الزبير أَنه قَرَأَ (أنعام وحرث حرج)

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (بزعمهم) بِنصب الزَّاي فيهمَا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن هرون قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله (هَذِه أنعام وحرث حرج) وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ (وحرث حجر) بِضَم الْحَاء - الْآيَة (139)

139

- أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وَقَالُوا مَا فِي بطُون هَذِه الْأَنْعَام خَالِصَة لذكورنا} قَالَ: اللَّبن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقَالُوا مَا فِي بطُون هَذِه الْأَنْعَام خَالِصَة لذكورنا} قَالَ: السائبة والبحيرة {ومحرم على أَزوَاجنَا} قَالَ: النِّسَاء {سيجزيهم وَصفهم} قَالَ: قَوْلهم الْكَذِب فِي ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالُوا مَا فِي بطُون هَذِه الْأَنْعَام خَالِصَة لذكورنا ومحرم على أَزوَاجنَا} قَالَ: ألبان البحائر كَانَت للذكور دون النِّسَاء وَإِن كَانَت ميتَة اشْترك فِيهَا ذكرهم وأنثاهم {سيجزيهم وَصفهم} أَي كذبهمْ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَقَالُوا مَا فِي بطُون هَذِه الْأَنْعَام خَالِصَة لذكورنا ومحرم على أَزوَاجنَا} قَالَ: كَانَت الشَّاة إِذا

ولدت ذكرا ذبحوه فَكَانَ للرِّجَال دون النِّسَاء وَإِن كَانَت أُنْثَى تركوها فَلم تذبح وَإِن كَانَت ميتَة كَانُوا فِيهِ شُرَكَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس وَقَالُوا مَا بطُون هَذِه الْأَنْعَام الْآيَة قَالَ: اللَّبن كَانُوا يحرمونه على إناثهم ويشربونه ذكرانهم كَانَت الشَّاة إِذا ولدت ذكرا ذبحوه فَكَانَ للرِّجَال دون النِّسَاء وَإِن كَانَت أُنْثَى تركت فَلم تذبح وَإِن كَانَت ميتَة فهم شُرَكَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (وَإِن تكن ميتَة) بِالتَّاءِ مَنْصُوبَة منوّنة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة قَالَت: يعمد أحدكُم إِلَى المَال فَيَجْعَلهُ للذكور من وَلَده إِن هَذَا إِلَّا كَمَا قَالَ الله {خَالِصَة لذكورنا ومحرم على أَزوَاجنَا} - الْآيَة (140)

140

- أخرج البُخَارِيّ وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا سرك أَن تعلم جهل الْعَرَب فاقرأ مَا فَوق الثَّلَاثِينَ وَمِائَة من سُورَة الْأَنْعَام {قد خسر الَّذين قتلوا أَوْلَادهم سفهاً} إِلَى قَوْله {وَمَا كَانُوا مهتدين} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {قد خسر الَّذين قتلوا أَوْلَادهم سفهاً بِغَيْر علم} قَالَ: نزلت فِيمَن كَانَ يئد الْبَنَات من مُضر وَرَبِيعَة كَانَ الرجل يشْتَرط على امْرَأَته إِنَّك تئدين جَارِيَة وتستحبين أُخْرَى فَإِذا كَانَت الْجَارِيَة الَّتِي توأد غَدا من عِنْد أَهله أَو رَاح وَقَالَ: أَنْت عَليّ كأمي إِن رجعت إِلَيْك وَلم تئديها فترسل إِلَى نسوتها فيحفرن لَهَا حُفْرَة فيتداولنها بَينهُنَّ فَإِذا بصرن بِهِ مُقبلا دسسنها فِي حفرتها وسوّين عَلَيْهَا التُّرَاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قد خسر الَّذين قتلوا أَوْلَادهم سفهاً بِغَيْر علم} قَالَ: هَذَا صنع أهل الْجَاهِلِيَّة كَانَ أحدهم يقتل ابْنَته مَخَافَة السباء والفاقة ويغذوا كَلْبه وَفِي قَوْله {وحرموا مَا رزقهم الله} قَالَ: جعلُوا بحيرة وسائبة ووصيلة وحامياً تحكماً من الشَّيْطَان فِي أَمْوَالهم وجزؤا من مَوَاشِيهمْ وحروثهم فَكَانَ ذَلِك من الشَّيْطَان افتراء على الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي رزين أَنه قَرَأَ (قد ضلوا قبل ذَلِك وَمَا كَانُوا مهتدين) - الْآيَة (141)

141

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي أنشأ جنَّات معروشات وَغير معروشات} قَالَ: المعروشات مَا عرش النَّاس {وَغير معروشات} مَا خرج فِي الْجبَال والبرية من الثمرات وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {معروشات} قَالَ: بالعيدان والقصب {وَغير معروشات} قَالَ: الضاحي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {معروشات} قَالَ: الْكَرم خَاصَّة وَأخرج من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس {معروشات} مَا يعرش من الْكَرم وَغير ذَلِك {وَغير معروشات} مَا لَا يعرش مِنْهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {متشابهاً} قَالَ: فِي المنظر {وَغير متشابه} قَالَ: فِي الْمطعم وَأخرج ابْن الْمُنْذر والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: مَا سقط من السنبل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: نسخهَا الْعشْر وَنصف الْعشْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: كَانُوا إِذا حصدوا وَإِذا ديس وَإِذا غربل أعْطوا مِنْهُ شَيْئا فنسخها الْعشْر وَنصف الْعشْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان قَالَ: سَأَلت السّديّ عَن هَذِه الْآيَة {وَأتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: هِيَ مَكِّيَّة نسخهَا الْعشْر وَنصف الْعشْر قلت لَهُ: عَمَّن قَالَ: عَن الْعلمَاء

وَأخرج النّحاس وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: كَانَ هَذَا قبل أَن تنزل الزَّكَاة الرجل يعْطى من زرعه ويعلف الدَّابَّة وَيُعْطى الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَيُعْطى الضغث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: نسخت الزَّكَاة كل صَدَقَة فِي الْقُرْآن وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: نسخت الزَّكَاة كل صَدَقَة فِي الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: كَانُوا يُعْطون من اعتربهم شَيْئا سوى الصَّدَقَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَأتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: إِذا حصدت فحضرك الْمَسَاكِين فاطرح لَهُم من السنبل فَإِذا طيبته وكرسته فحضرك الْمَسَاكِين فاطرح لَهُم مِنْهُ فَإِذا دسته وَذريته فحضرك الْمَسَاكِين فاطرح لَهُم مِنْهُ فَإِذا ذُريَّته وَجمعته وَعرفت كَيْله فاعزل زَكَاته وَإِذا بلغ النّخل فحضرك الْمَسَاكِين فاطرح لَهُم من التفاريق والبسر فَإِذا جددته فحضرك الْمَسَاكِين فاطرح لَهُم مِنْهُ فَإِذا جمعته وَعرفت كَيْله فاعزل زَكَاته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مَيْمُون بن مهْرَان وَيزِيد بن الْأَصَم قَالَ: كَانَ أهل الْمَدِينَة إِذا صرموا النّخل يجيئون بالعذق فيضعونه فِي الْمَسْجِد فَيَجِيء السَّائِل فيضربه بالعصا فَيسْقط مِنْهُ فَهُوَ قَوْله {وَأتوا حَقه يَوْم حَصَاده} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان فِي قَوْله {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: كَانُوا يطْعمُون مِنْهُ رطبا وَأخرج أَبُو عبيد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: هُوَ الصَّدَقَة من الْحبّ وَالثِّمَار وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن أنس أَن رجلا من بني تَمِيم قَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا رجل ذُو مَال كثير وَأهل وَولد وحاضرة فَأَخْبرنِي كَيفَ أنْفق وَكَيف أصنع قَالَ تخرج زَكَاة مَالك فَإِنَّهَا طهرة تطهرك وَتصل أقاربك وتعرف حق السَّائِل وَالْجَار والمسكين

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِن فِي المَال حَقًا سوى الزَّكَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: كَانُوا يُعْطون شَيْئا سوى الزَّكَاة ثمَّ إِنَّهُم تباذروا واسرفوا فَأنْزل الله {وَلَا تسرفوا إِنَّه لَا يحب المسرفين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي جريج قَالَ: نزلت فِي ثَابت بن قيس بن شماس وجد نخلا فَقَالَ: لَا يأتيني الْيَوْم أحد إِلَّا أطعمته فاطعم حَتَّى أَمْسَى وَلَيْسَت لَهُ ثَمَرَة فَأنْزل الله {وَلَا تسرفوا إِنَّه لَا يحب المسرفين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر مولى غفرة قَالَ: لَيْسَ شَيْء أنفقته فِي طَاعَة الله اسرافاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: لَو أنفقت مثل أبي قيس ذَهَبا فِي طَاعَة الله لم يكن إسرافاً وَلَو أنفقت صَاعا فِي مَعْصِيّة الله كَانَ إسرافاً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {وَلَا تسرفوا} قَالَ: لَا تمنعوا الصَّدَقَة فتعصوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عون بن عبد الله فِي قَوْله {إِنَّه لَا يحب المسرفين} قَالَ: الَّذِي يَأْكُل مَال غَيره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: عشوره وَقَالَ للولاة {وَلَا تسرفوا} لَا تَأْخُذُوا مَا لَيْسَ لكم بِحَق {إِنَّه لَا يحب المسرفين} فَأمر هَؤُلَاءِ أَن يؤدوا حَقه وَأمر الولاه أَن لَا يَأْخُذُوا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَلَا تسرفوا} قَالَ: لَا تعطوا أَمْوَالكُم وتقعدوا فُقَرَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {كلوا من ثمره إِذا أثمر} قَالَ: من رطبه وعنبه وَمَا كَانَ فَإِذا كَانَ يَوْم الْحَصاد فاعطوا حَقه يَوْم حَصَاده {وَلَا تسرفوا إِنَّه لَا يحب المسرفين} قَالَ: السَّرف أَن لَا يعْطى فِي حق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير عَن أبي بشر قَالَ: أطاف النَّاس باياس بن مُعَاوِيَة فَقَالُوا: مَا السَّرف قَالَ: مَا تجاوزت بِهِ أَمر الله فَهُوَ سرف قَالَ سُفْيَان ابْن حُسَيْن: وَمَا قصرت بِهِ عَن أَمر الله فَهُوَ سرف وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: الصَّدَقَة الَّتِي

فِيهِ ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سنّ فِيمَا سقت السَّمَاء أَو الْعين السائحة أَو سقى النّيل أَو كَانَ بعلاً: الْعشْر كَامِلا وَفِيمَا سقى بالرشا نصف الْعشْر وَهَذَا فِيمَا يُكَال من الثَّمر قَالَ: وَكَانَ يُقَال: إِذا بلغت الثَّمَرَة خَمْسَة أوسق وَهُوَ ثلثمِائة صَاع فقد حقت فِيهِ الزَّكَاة قَالَ: وَكَانُوا يستحبون أَن يعْطى مِمَّا لَا يُكَال من الثَّمَرَة على نَحْو مَا يُكَال مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والنحاس وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس بن مَالك {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} يَعْنِي الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة يَوْم يُكَال وَيعلم كَيْله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} قَالَ: الزَّكَاة - الْآيَة (142)

142

- أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَأَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الحمولة مَا حمل عَلَيْهِ من الإِبل والفرش صغَار الإِبل الَّتِي لَا تحمل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الحمولة الْكِبَار من الإِبل والفرش الصغار من الإِبل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن الْأَنْعَام حمولة وفرشاً} قَالَ: الإِبل خَاصَّة والحمولة مَا حمل عَلَيْهِ والفرش مَا أكل مِنْهُ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {حمولة وفرشاً} قَالَ: الْفرش الصغار من الْأَنْعَام قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم: أما سَمِعت أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَهُوَ يَقُول: لَيْتَني كنت قبل مَا قد رَآنِي فِي قلال الْجبَال أرعى الحمولا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الحمولة الإِبل وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير وكل شَيْء يحمل عَلَيْهِ والفرش الْغنم

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {حمولة وفرشاً} قَالَ: الحمولة الإِبل وَالْبَقر والفرش الضان والمعز - الْآيَة (143 - 144)

143

- أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأزْوَاج الثَّمَانِية من الإِبل وَالْبَقر والضان والمعز وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {ثَمَانِيَة أَزوَاج} الْآيَة يَقُول: أنزلت لكم ثَمَانِيَة أَزوَاج الْآيَة من هَذَا الَّذِي عددن ذكرا وَأُنْثَى وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {ثَمَانِيَة أَزوَاج} قَالَ: الذّكر وَالْأُنْثَى زوجان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ثَمَانِيَة أَزوَاج} قَالَ: فِي شَأْن مَا نهى الله عَنهُ عَن الْبحيرَة والسائبة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن لَيْث بن أبي سليم قَالَ: الجاموس والبختي من الْأزْوَاج الثَّمَانِية وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثَمَانِيَة أَزوَاج من الضَّأْن اثْنَيْنِ وَمن الْمعز اثْنَيْنِ} قَالَ: فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَزوَاج {قل آلذكرين حرم أم الْأُنْثَيَيْنِ} يَقُول: لم أحرم شَيْئا من ذَلِك {أما اشْتَمَلت عَلَيْهِ أَرْحَام الْأُنْثَيَيْنِ} يَعْنِي هَل تشْتَمل الرَّحِم إِلَّا على ذكر أَو أُنْثَى فَلم تحرمون بَعْضًا وتحلون بَعْضًا {نبئوني بِعلم إِن كُنْتُم صَادِقين} يَقُول: كُله حَلَال: يَعْنِي مَا تقدم ذكره مِمَّا حرمه أهل الْجَاهِلِيَّة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {أما اشْتَمَلت عَلَيْهِ أَرْحَام الْأُنْثَيَيْنِ} قَالَ: مَا حملت الرَّحِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {آلذكرين حرم} الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا ذكر هَذَا من أجل مَا حرمُوا من الْأَنْعَام وَكَانُوا يَقُولُونَ: الله أمرنَا بِهَذَا فَقَالَ الله {فَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا ليضل النَّاس بِغَيْر علم} - الْآيَة (145)

145

- أخرج عبد بن حميد عَن طَاوس قَالَ: إِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يحرمُونَ أَشْيَاء ويستحلون أَشْيَاء فَنزلت {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَأْكُلُون أَشْيَاء ويتركون أَشْيَاء تقذرا فَبعث الله نبيه وَأنزل كِتَابه وَأحل حَلَاله وَحرم حرَامه فَمَا أحل فَهُوَ حَلَال وَمَا حرم فَهُوَ حرَام وَمَا سكت عَنهُ فَهُوَ عَفْو مِنْهُ ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} فَقَالَ: مَا خلا هَذَا فَهُوَ حَلَال وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: قلت لجَابِر بن زيد: إِنَّهُم يَزْعمُونَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة زمن خَيْبَر فَقَالَ: قد كَانَ يَقُول ذَلِك الحكم بن عمر والغفاري عندنَا بِالْبَصْرَةِ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن أَبى ذَلِك الْبَحْر بن عَبَّاس وَقَرَأَ {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَى} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَيْسَ من الدَّوَابّ شَيْء حرَام إِلَّا مَا حرم الله فِي كِتَابه {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} الْآيَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن أكل الْقُنْفُذ فَقَرَأَ {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} الْآيَة فَقَالَ شيخ عِنْده: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: ذكر عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ خَبِيث من الْخَبَائِث فَقَالَ ابْن عمر: إِن كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه فَهُوَ كَمَا قَالَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت إِذا سُئلت عَن كل ذِي نَاب من السبَاع ومخلب من الطير تلت {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن شَاة السودة بنت زَمعَة مَاتَت فَقَالَت: يَا رَسُول الله مَاتَت فُلَانَة - تَعْنِي الشَّاة - قَالَ: فلولا أَخَذْتُم مسكها قَالَت: يَا رَسُول الله أنأخذ مسك شَاة قد مَاتَت فَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قل {لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طاعم يطعمهُ إِلَّا أَن يكون ميتَة} وَإِنَّكُمْ لَا تطعمونه وَإِنَّمَا تدبغونه حَتَّى تنتفعوا بِهِ فَأرْسلت إِلَيْهَا فسلختها ثمَّ دبغته فاتخذت مِنْهُ قربَة حَتَّى تخرقت عِنْدهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طاعم يطعمهُ إِلَّا أَن يكون ميتَة} إِلَى آخر الْآيَة وَقَالَ: إِنَّمَا حرم من الْميتَة مَا يُؤْكَل مِنْهَا وَهُوَ اللَّحْم فاما الْجلد وَالْقد وَالسّن والعظم وَالشعر وَالصُّوف فَهُوَ حَلَال وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا ذَبَحُوا أودجوا الدَّابَّة وَأخذُوا الدَّم فأكلوه قَالُوا: هُوَ دم مسفوح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: حرم الدَّم مَا كَانَ مسفوحاً فَأَما لحم يخالطه الدَّم فَلَا بَأْس بِهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَوْلَا هَذِه الْآيَة {أَو دَمًا مسفوحاً} لاتبع الْمُسلمُونَ من الْعُرُوق مَا تتبع مِنْهُ الْيَهُود وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أَو دَمًا مسفوحاً} قَالَ: المسفوح الَّذِي يهراق وَلَا بَأْس بِمَا كَانَ فِي الْعُرُوق مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ:

جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَهُ: آكل الطحال قَالَ: نعم قَالَ: إِن عامتها دم قَالَ: إِنَّمَا حرم الله الدَّم المسفوح وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز فِي الدَّم يكون فِي مذبح الشَّاة أَو الدَّم يكون على أَعلَى الْقدر قَالَ: لَا بَأْس إِنَّمَا نهى عَن الدَّم المسفوح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر وَعَائِشَة قَالَا: لَا بَأْس بِأَكْل كل ذِي شَيْء إِلَّا مَا ذكر الله فِي هَذِه الْآيَة {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ أَنه سُئِلَ عَن لحم الْفِيل والأسد فَتلا قل {لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَى} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن الْحَنَفِيَّة أَنه سُئِلَ عَن أكل الجريت فَقَالَ {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن ثمن الْكَلْب وَالذِّئْب والهر وَأَشْبَاه ذَلِك فَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} الْمَائِدَة الْآيَة 101 كَانَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكْرهُونَ أَشْيَاء فَلَا يحرمونه وَأَن الله أنزل كتابا فأحل فِيهِ حَلَالا وَحرم حَرَامًا وَأنزل فِي كِتَابه {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طاعم يطعمهُ إِلَّا أَن يكون ميتَة أَو دَمًا مسفوحاً أَو لحم خِنْزِير} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر قَالَ نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة يَوْم خَيْبَر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة قَالَ حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَهُ جاءٍ فَقَالَ: أكلت الْحمر ثمَّ جَاءَهُ جَاءَ فَقَالَ: أفنيت الْحمر فَأمر منادياً فَنَادَى فِي النَّاس: إِن الله وَرَسُوله ينهيانكم عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة فَإِنَّهَا رِجْس فاكفئت الْقُدُور وانها لتفور بِاللَّحْمِ وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي ثَعْلَبَة الخشي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع

وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم خَيْبَر عَن كل ذِي نَاب من السبَاع وَعَن كل ذِي مخلب من الطير وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن خَالِد بن الْوَلِيد قَالَ: غزوت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم خَيْبَر فَأتوا الْيَهُود فشكوا أَن النَّاس قد أشرفوا إِلَى حظائرهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا لَا تحل أَمْوَال المعاهدين إِلَّا بِحَقِّهَا حرَام عَلَيْكُم حمير الْأَهْلِيَّة وخيلها وبغالها وكل ذِي نَاب من السبَاع وكل ذِي مخلب من الطير وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وحسنة عَن جَابر قَالَ حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم خَيْبَر الْحمر الإِنسية وَلُحُوم البغال وكل ذِي نَاب من السبَاع وَذي مخلب من الطير وَالْمُجَثمَة وَالْحمار الإِنسي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وحسنة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرم يَوْم خَيْبَر كل ذِي نَاب من السبَاع وَحرم الْمُجثمَة وَالْخلْسَة وَالنهبَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى يَوْم خَيْبَر عَن كل ذِي نَاب من السَّبع وَعَن كل ذِي مخلب من الطير وَعَن لحم الْحمر الْأَهْلِيَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن مَكْحُول قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم خَيْبَر عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة وَعَن الحبالى أَن يقربن وَعَن بيع الْمَغَانِم - يَعْنِي حَتَّى تقسم - وَعَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق الْقَاسِم وَمَكْحُول عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى يَوْم خَيْبَر عَن أكل الْحمار الأهلي وَعَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع وَأَن تُوطأ الحبالى حَتَّى تضعن وَعَن أَن تبَاع السِّهَام حَتَّى تقسم وَأَن تبَاع التمرة حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا وَلعن يَوْمئِذٍ الْوَاصِلَة والموصولة والواشمة والموشومة والخامشة وَجههَا والشاقة جيبها وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن أكل الْهِرَّة وَأكل ثمنهَا وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن أكل لحم الضَّب وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة

عَن ابْن عمر قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الضَّب فَقَالَ لست آكله وَلَا أحرمهُ وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن خَالِد بن الْوَلِيد أَنه دخل مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيت مَيْمُونَة فَأتى بضب محنوذ فَأَهوى إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ فَقَالَ: بعض النسْوَة أخبروا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا يُرِيد أَن يَأْكُل فَقَالُوا: هُوَ ضَب يَا رَسُول الله فَرفع يَده فَقلت: أحرام هُوَ يَا رَسُول الله قَالَ: لَا وَلَكِن لم يكن بِأَرْض قومِي فاجدني أعافه قَالَ خَالِد: فاجترره فأكلته وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينظر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ثَابت بن وَدِيعَة قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَيش فأصبنا ضباباً فشويت مِنْهَا ضباً فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَضَعته بَين يَدَيْهِ فَأخذ عوداً فعد بِهِ أَصَابِعه ثمَّ قَالَ إِن أمة من بني إِسْرَائِيل مسخت دَوَاب فِي الأَرْض وَإِنِّي لَا أَدْرِي أَي الدَّوَابّ هِيَ فَلم يَأْكُل وَلم ينْه وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن خَالِد بن الْحُوَيْرِث أَن عبد الله بن عَمْرو كَانَ بالصفاح وَأَن رجلا جَاءَ بأرنب قد صادها فَقَالَ لَهُ: مَا تَقول قَالَ: قد جِيءَ بهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس فَلم يأكلها وَلم ينْه عَن أكلهَا وَزعم أَنَّهَا تحيض وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس قَالَ: انفجنا أرنباً وَنحن بمر الظهْرَان فسعى الْقَوْم فلغبوا وأخذتها فَجئْت بهَا إِلَى أبي طَلْحَة فذبحها فَبعث بوركيها إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقبلها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَضَعفه وَابْن ماجة عَن خُزَيْمَة بن جزيء السّلمِيّ قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أكل الضبع فَقَالَ: وَيَأْكُل الضبع أحد وَسَأَلته عَن أكل الذِّئْب قَالَ: وَيَأْكُل الذِّئْب أحد فِيهِ خير وَفِي لفظ لِابْنِ ماجة: قلت: يَا رَسُول الله جئْتُك لأسألك عَن أَجنَاس الأَرْض مَا تَقول فِي الثَّعْلَب قَالَ: وَمن يَأْكُل الثَّعْلَب قلت: مَا تَقول فِي الضَّب قَالَ: لَا آكله وَلَا أحرمهُ قلت: وَلم يَا رَسُول الله قَالَ: فقدت أمة من الْأُمَم وَرَأَيْت خلقا رَابَنِي قلت: يَا رَسُول الله مَا تَقول فِي الأرنب قَالَ: لَا آكله وَلَا أحرمهُ قلت: وَلم يَا رَسُول الله قَالَ: نبئت أَنَّهَا تدمى وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عمر قَالَ: من يَأْكُل الْغُرَاب وَقد سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسِقًا وَالله مَا هُوَ من الطَّيِّبَات

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن عمر بن سفينة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ أكلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحم حباري وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل لحم دَجَاج وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمار قَالَ: قلت لجَابِر: الضبع أصيد هِيَ قَالَ: نعم قلت: آكلها قَالَ: نعم قلت: أقاله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم - الْآيَة (146)

146

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وعَلى الَّذين هادوا حرمنا كل ذِي ظفر} قَالَ: هُوَ الَّذِي لَيْسَ بمنفرج الْأَصَابِع يَعْنِي لَيْسَ بمشقوق الْأَصَابِع مِنْهَا الْإِبِل والنعام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس {وعَلى الَّذين هادوا حرمنا كل ذِي ظفر} قَالَ: هُوَ الْبَعِير والنعامة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {حرمنا كل ذِي ظفر} قَالَ: كَانَ يُقَال: هُوَ الْبَعِير والنعامة فِي أَشْيَاء من الطير وَالْحِيتَان وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {حرمنا كل ذِي ظفر} قَالَ: كل شَيْء لم تفرج قوائمه من الْبَهَائِم وَمَا انفرج أَكلته الْيَهُود قَالَ: أنفدت قَوَائِم الدَّجَاج والعصافير فيهود تَأْكُله وَلم تفرج قَائِمَة الْبَعِير خفه وَلَا خف النعامة وَلَا قَائِمَة الورينة فَلَا تَأْكُل الْيَهُود الْإِبِل وَلَا النعام وَلَا الورينة وَلَا كل شَيْء لم تفرج قائمته كَذَلِك وَلَا تَأْكُل حمَار الْوَحْش وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير {وعَلى الَّذين هادوا حرمنا كل ذِي ظفر} قَالَ: الديك مِنْهُ

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج {حرمنا كل ذِي ظفر} قَالَ: كل شَيْء لم تفرج قوائمه من الْبَهَائِم وَمَا انفرجت قوائمه أكلوه وَلَا يَأْكُلُون الْبَعِير وَلَا النعامه وَلَا البط وَلَا الْوزر وَلَا حمَار الْوَحْش وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَاتل الله الْيَهُود لما حرم الله عَلَيْهِم شحومها جملوه ثمَّ باعوه فأكلوها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الله الْيَهُود حرمت عَلَيْهِم الشحوم فَبَاعُوهَا وأكلوا أثمانها وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن الله الْيَهُود حرمت عَلَيْهِم الشحوم فَبَاعُوهَا وأكلوا أثمانها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاتل الله الْيَهُود حرم الله عَلَيْهِم الشحوم فَبَاعُوهَا وأكلوا ثمنهَا وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لعن الله الْيَهُود ثَلَاثًا إِن الله حرم عَلَيْهِم الشحوم ثَلَاثًا إِن الله حرم عَلَيْهِم الشحوم فَبَاعُوهَا وأكلوا أثمانها وَإِن الله لم يحرم على قوم أكل شَيْء إِلَّا حرم عَلَيْهِم ثمنه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن الْبَقر وَالْغنم حرمنا عَلَيْهِم شحومهما إِلَّا مَا حملت ظهورهما} يَعْنِي مَا علق بِالظّهْرِ من الشَّحْم {أَو الحوايا} هُوَ المبعر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمن الْبَقر وَالْغنم حرمنا عَلَيْهِم شحومهما} قَالَ: حرم الله عَلَيْهِم الثرب وشحم الكليتين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: إِنَّمَا حرم عَلَيْهِم الثرب وشحم الْكُلية وكل شَحم كَانَ لَيْسَ فِي عظم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح فِي قَوْله {إِلَّا مَا حملت ظهورهما}

قَالَ: الإِلية {أَو الحوايا} قَالَ: المبعر {أَو مَا اخْتَلَط بِعظم} قَالَ: الشَّحْم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَو الحوايا} قَالَ: المباعر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {أَو الحوايا} قَالَ: المرابض والمباعر {أَو مَا اخْتَلَط بِعظم} قَالَ: مَا ألزق بالعظم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: الحوايا المرابض الَّتِي تكون فِيهَا الامعاء تكون وَسطهَا وَهِي بَنَات اللَّبن وَهِي فِي كَلَام الْعَرَب تدعى: المرابض وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو مَا اخْتَلَط بِعظم} قَالَ: الإِلية اخْتَلَط شَحم الالية بالعصعص فَهُوَ حَلَال وكل شَحم القوائم وَالْجنب وَالرَّأْس وَالْعين وَالْإِذْن يَقُولُونَ قد اخْتَلَط ذَلِك بِعظم فَهُوَ حَلَال لَهُم إِنَّمَا حرم عَلَيْهِم الثرب وشحم الْكُلية وكل شَيْء كَانَ كَذَلِك لَيْسَ فِي عظم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ذَلِك جزيناهم ببغيهم} قَالَ: إِنَّمَا حرم الله ذَلِك عَلَيْهِم عُقُوبَة ببغيهم فَشدد عَلَيْهِم بذلك وَمَا هُوَ بخبيث - الْآيَة (147)

147

- وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَإِن كَذبُوك} قَالَ: الْيَهُود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَت الْيَهُود يَقُولُونَ فِي اللَّحْم: إِنَّمَا حرمه إِسْرَائِيل فَنحْن نحرمه فَذَلِك قَوْله {فَإِن كَذبُوك فَقل ربكُم} الْآيَة وَالله أعلم

- الْآيَة (148 - 149)

148

- أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {سَيَقُولُ الَّذين أشركوا لَو شَاءَ الله} الْآيَة قَالَ: هَذَا قَول قُرَيْش: إِن الله حرم هَذَا يعنون الْبحيرَة والسائبة والوصيلة والحام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس أَنه قيل لَهُ: إِن نَاسا يَقُولُونَ: إِن الشَّرّ لَيْسَ بِقدر فَقَالَ ابْن عَبَّاس: بَيْننَا وَبَين أهل الْقدر هَذِه الْآيَة {سَيَقُولُ الَّذين أشركوا لَو شَاءَ الله مَا أشركنا} إِلَى قَوْله {قل فلله الْحجَّة الْبَالِغَة فَلَو شَاءَ لهداكم أَجْمَعِينَ} قَالَ ابْن عَبَّاس: وَالْعجز والكيس من الْقدر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن زيد قَالَ: انْقَطَعت حجَّة الْقَدَرِيَّة عِنْد هَذِه الْآيَة {قل فلله الْحجَّة الْبَالِغَة فَلَو شَاءَ لهداكم أَجْمَعِينَ} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة {قل فلله الْحجَّة الْبَالِغَة} قَالَ: السُّلْطَان - الْآيَة (150)

150

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {قل هَلُمَّ شهداءكم} قَالَ: أروني شهداءكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الَّذين يشْهدُونَ أَن الله حرم هَذَا} قَالَ: البحائر والسوائب

- الْآيَة (151 - 152)

151

- أخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من سره أَن ينظر إِلَى وَصِيَّة مُحَمَّد الَّتِي عَلَيْهَا خَاتمًا فليقرأ هَؤُلَاءِ الْآيَات {قل تَعَالَوْا أتل مَا حرم ربكُم عَلَيْكُم} إِلَى قَوْله {لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّكُم يبايعني على هَؤُلَاءِ الْآيَات الثَّلَاث ثمَّ تَلا {قل تَعَالَوْا أتل مَا حرم ربكُم عَلَيْكُم} إِلَى ثَلَاث آيَات ثمَّ قَالَ: فَمن وفى بِهن فَأَجره على الله وَمن انْتقصَ مِنْهُنَّ شَيْئا فأدركه الله فِي الدُّنْيَا كَانَت عُقُوبَته وَمن أَخّرهُ إِلَى الْآخِرَة كَانَ أمره إِلَى الله إِن شَاءَ آخذه وَإِن شَاءَ عَفا عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن منذرالثوري قَالَ: قَالَ الرّبيع بن خَيْثَم: أَيَسُرُّك أَن تلقى صحيفَة من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَاتم قلت: نعم فَقَرَأَ هَؤُلَاءِ الْآيَات من آخر سُورَة الْأَنْعَام {قل تَعَالَوْا أتل مَا حرم ربكُم عَلَيْكُم} إِلَى آخر الْآيَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس وَابْن الْمُنْذر عَن كَعْب قَالَ: أول مَا نزل من التَّوْرَاة عشر آيَات وَهِي الْعشْر الَّتِي أنزلت من آخر الْأَنْعَام {قل تَعَالَوْا أتل مَا حرم ربكُم عَلَيْكُم} إِلَى آخرهَا

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبيد الله بن عبد الله بن عدي بن الْخِيَار قَالَ: سمع كَعْب رجلا يقْرَأ {قل تَعَالَوْا أتل مَا حرم ربكُم عَلَيْكُم أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا} فَقَالَ كَعْب: وَالَّذِي نفس كَعْب بِيَدِهِ أَنَّهَا لأوّل آيَة فِي التَّوْرَاة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {قل تَعَالَوْا أتل مَا حرم ربكُم عَلَيْكُم} إِلَى آخر الْآيَات وَأخرج ابْن سعد عَن مُزَاحم بن زفر قَالَ: قَالَ رجل للربيع بن خَيْثَم: أوصني قَالَ: ائْتِنِي بِصَحِيفَة فَكتب فِيهَا {قل تَعَالَوْا أتل مَا حرم ربكُم عَلَيْكُم} الْآيَات قَالَ: إِنَّمَا أَتَيْتُك لتوصيني قَالَ: عَلَيْك بهؤلاء وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ لما أَمر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يعرض نَفسه على قبائل الْعَرَب خرج إِلَى منى وَأَنا مَعَه وَأَبُو بكر وَكَانَ أَبُو بكر رجلا نسابة فَوقف على مَنَازِلهمْ ومضاربهم بمنى فَسلم عَلَيْهِم وردوا السَّلَام وَكَانَ فِي الْقَوْم مفروق بن عَمْرو وهانىء بن قبيصَة والمثنى بن الحارثة والنعمان بن شريك وَكَانَ أقرب الْقَوْم إِلَى أبي بكر مفروق وَكَانَ مفروق قد غلب عَلَيْهِم بَيَانا وَلِسَانًا فَالْتَفت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: إلام تَدْعُو يَا أَخا قُرَيْش فَتقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَلَسَ وَقَامَ أَبُو بكريظله بِثَوْبِهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ادعوكم إِلَى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ واني رَسُول الله وَإِن تأووني وتنصروني وتمنعوني حَتَّى أؤدي حق الله الَّذِي أَمرنِي بِهِ فَإِن قُريْشًا قد تظاهرت على أَمر الله وكذبت رسله واستغنت بِالْبَاطِلِ عَن الْحق وَالله هُوَ الْغَنِيّ الحميد قَالَ لَهُ: وإلام تَدْعُو أَيْضا يَا أَخا قُرَيْش فَتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل تَعَالَوْا أتل مَا حرم ربكُم عَلَيْكُم أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا} إِلَى قَوْله {تَتَّقُون} فَقَالَ لَهُ مفروق: وإلام تَدْعُو أَيْضا يَا أَخا قُرَيْش فو الله مَا هَذَا من كَلَام أهل الأَرْض وَلَو كَانَ من كَلَامهم لعرفناه فَتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ والإِحسان} النَّحْل الْآيَة 90 الْآيَة فَقَالَ لَهُ مفروق: دَعَوْت - وَالله - يَا قرشي إِلَى مَكَارِم الْأَخْلَاق ومحاسن الْأَعْمَال وَلَقَد أفك قوم كَذبُوك وظاهروا عَلَيْك وَقَالَ هانىء بن قبيصَة: قد سَمِعت مَقَالَتك واستحسنت قَوْلك يَا أَخا قُرَيْش ويعجبني مَا تَكَلَّمت بِهِ ثمَّ قَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لم تلبثوا إِلَّا يَسِيرا حَتَّى يمنحكم الله بِلَادهمْ وَأَمْوَالهمْ - يَعْنِي أَرض فَارس

وأنهار كسْرَى - ويفرشكم بناتهم أتسبحون الله وتقدسونه فَقَالَ لَهُ النُّعْمَان بن شريك: اللَّهُمَّ وَإِن ذَلِك لَك يَا أَخا قُرَيْش - فَتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا وداعياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجاً منيرا} الْأَحْزَاب الْآيَة 45 الآيه ثمَّ نَهَضَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَابِضا على يَد أبي بكر وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم من إملاق} قَالَ: من خشيَة الْفَاقَة قَالَ: وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يقتل أحدهم ابْنَته مَخَافَة الْفَاقَة عَلَيْهَا والسبا {وَلَا تقربُوا الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن} قَالَ: سرها وعلانيتها وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم من إملاق} قَالَ: خشيَة الْفقر {وَلَا تقربُوا الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن} قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يرَوْنَ بِالزِّنَا بَأْسا فِي السِّرّ ويستقبحونه فِي الْعَلَانِيَة فحرَّم الله الزِّنَا فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تقربُوا الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: الْعَلَانِيَة {وَمَا بطن} قَالَ: السِّرّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَرَأَيْتُم الزَّانِي وَالسَّارِق وشارب الْخمر مَا تَقولُونَ فيهم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هن فواحش وفيهن عُقُوبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي حَازِم الرهاوي أَنه سمع مَوْلَاهُ يَقُول: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مسئلة النَّاس من الْفَوَاحِش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن جَابر قَالَ: بَلغنِي من الْفَوَاحِش الَّتِي نهى الله عَنْهَا فِي كِتَابه تَزْوِيج الرجل الْمَرْأَة فَإِذا نفضت لَهُ وَلَدهَا طَلقهَا من غير رِيبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تقربُوا الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: نِكَاح الْأُمَّهَات وَالْبَنَات {وَمَا بطن} قَالَ: الزِّنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَلَا تقربُوا الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: ظلم النَّاس {وَمَا بطن} قَالَ: الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلَا تقتلُوا النَّفس} يَعْنِي نفس الْمُؤمن الَّتِي حرم الله قَتلهَا إِلَّا بِالْحَقِّ

وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن قَانِع وَالْبَغوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَلمَة بن قيس الْأَشْجَعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع أَلا إِنَّمَا هِيَ أَربع لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَسْرِقُوا فَمَا أَنا بأشح عَلَيْهِنَّ مني إِذْ سَمِعتهنَّ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة فِي قَوْله {وَلَا تقربُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: طلب التِّجَارَة فِيهِ وَالرِّبْح فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَلَا تقربُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: يَبْتَغِي للْيَتِيم فِي مَاله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلَا تقربُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: الَّتِي هِيَ أحسن أَن يَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ إِن افْتقر وَإِن اسْتغنى فَلَا يَأْكُل قَالَ الله {وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ} النِّسَاء الْآيَة 6 فَسئلَ عَن الْكسْوَة فَقَالَ: لم يذكر الله كسْوَة وَإِنَّمَا ذكر الْأكل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة {وَلَا تقربُوا مَال الْيَتِيم} قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَن يلبس من مَاله قلنسوه وَلَا عِمَامَة وَلَكِن يَده مَعَ يَده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {حَتَّى يبلغ أشده} قَالَ: الأشد الْحلم إِذا كتبت لَهُ الْحَسَنَات وكتبت عَلَيْهِ السَّيِّئَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن قيس فِي قَوْله {حَتَّى يبلغ أشده} قَالَ: خمس عشرَة سنة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن أَنه كَانَ يَقُول فِي هَذِه الْآيَة: الأشد الْحلم لقَوْله {وابتلوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح} النِّسَاء الْآيَة 6 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم قَالَ: الأشد: الْحلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَوْفوا الْمِكْيَال وَالْمِيزَان بِالْقِسْطِ} {لَا نكلف نفسا إِلَّا وسعهَا} فَقَالَ: من أوفى على يَدَيْهِ فِي الْكَيْل وَالْمِيزَان وَالله يعلم صِحَة نِيَّته بِالْوَفَاءِ فيهمَا لم يُؤَاخذ وَذَلِكَ تَأْوِيل وسعهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وأوفوا الْكَيْل وَالْمِيزَان بِالْقِسْطِ}

يَعْنِي بِالْعَدْلِ {لَا نكلف نفسا إِلَّا وسعهَا} يَعْنِي إِلَّا طاقتها وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بِالْقِسْطِ} قَالَ: بِالْعَدْلِ وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَضَعفه وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معشر التُّجَّار إِنَّكُم قد وليتم أمرا هَلَكت فِيهِ الْأُمَم السالفة قبلكُمْ: الميكال وَالْمِيزَان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا نقص قوم الميكال وَالْمِيزَان إِلَّا سلط الله عَلَيْهِم الْجُوع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَإِذا قُلْتُمْ فاعدلوا} قَالَ: قُولُوا الْحق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَإِذا قُلْتُمْ فاعدلوا وَلَو كَانَ ذَا قربى} يَعْنِي وَلَو كَانَ قرابتك فَقل فِيهِ الْحق - الْآيَة (153)

153

- أخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ وَلَا تتبعوا السبل} قَالَ: اعلموا انما السَّبِيل سَبِيل وَاحِد جمَاعَة الْهدى ومصيره الْجنَّة وَأَن إِبْلِيس اشترع سبلاً مُتَفَرِّقَة جِمَاعهَا الضَّلَالَة ومصيرها النَّار وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: خطّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطا بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ هَذَا سَبِيل الله مُسْتَقِيمًا ثمَّ خطّ خُطُوطًا عَن يَمِين ذَلِك الْخط وَعَن شِمَاله ثمَّ قَالَ: وَهَذِه السبل لَيْسَ مِنْهَا سَبِيل إِلَّا عَلَيْهِ شَيْطَان يَدْعُو إِلَيْهِ ثمَّ قَرَأَ {وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ وَلَا تتبعوا السبل فَتفرق بكم عَن سَبيله} وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخط خطا هَكَذَا أَمَامه فَقَالَ: هَذَا سَبِيل الله وخطين عَن يَمِينه وخطين عَن شِمَاله وَقَالَ: هَذَا سَبِيل الشَّيْطَان ثمَّ وضع يَده فِي الْخط الْأَوْسَط وتلا {وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ} الْآيَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَن رجلا سَأَلَهُ مَا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم قَالَ: تركنَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أدناه وطرفه الْجنَّة وَعَن يَمِينه جواد وَعَن شِمَاله جواد وَثمّ رجال يدعونَ من مر بهم فَمن أَخذ فِي تِلْكَ الْجواد انْتَهَت بِهِ إِلَى النَّار وَمن أَخذ على الصِّرَاط الْمُسْتَقيم انْتهى بِهِ إِلَى الْجنَّة ثمَّ قَرَأَ ابْن مَسْعُود {وَأَن هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبعُوهُ} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تتبعوا السبل} قَالَ: الضلالات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تتبعوا السبل} قَالَ: الْبدع والشبهات - الْآيَة (154)

154

- أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {تَمامًا على الَّذِي أحسن} قَالَ: على الْمُؤمنِينَ الْمُحْسِنِينَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر فِي قَوْله {تَمامًا على الَّذِي أحسن} قَالَ: تَمامًا لما قد كَانَ من إحسانه إِلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {تَمامًا على الَّذِي أحسن} قَالَ: تَمامًا لنعمه عَلَيْهِم وإحسانه إِلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {تَمامًا على الَّذِي أحسن} قَالَ: من أحسن فِي الدُّنْيَا تمَّم الله ذَلِك لَهُ فِي الْآخِرَة وَفِي لفظ: تمت لَهُ كَرَامَة الله يَوْم الْقِيَامَة وَفِي قَوْله {وتفصيلاً لكل شَيْء} أَي تبياناً لكل شَيْء وَفِيه حَلَاله وَحَرَامه وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن هرون قَالَ: قِرَاءَة الْحسن تَمامًا على الْمُحْسِنِينَ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن هرون قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله تَمامًا على الَّذين أَحْسنُوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وتفصيلا لكل شَيْء} قَالَ: مَا أمروا بِهِ وَمَا نهوا عَنهُ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: لما ألْقى مُوسَى الألواح لفي الْهدى وَالرَّحْمَة وَذهب التَّفْصِيل - الْآيَة (155)

155

- أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَهَذَا كتاب أَنزَلْنَاهُ مبارك} قَالَ: هُوَ الْقُرْآن الَّذِي أنزلهُ الله على مُحَمَّد {فَاتَّبعُوهُ وَاتَّقوا} يَقُول: فاتبعوا مَا أحل فِيهِ وَاتَّقوا مَا حرم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن الضريس وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن هَذَا الْقُرْآن شَافِع مُشَفع وَمَا حل مُصدق من جعله أماماً قَادَهُ إِلَى الْجنَّة وَمن جعل خَلفه سَاقه إِلَى النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن أَبِيه عَن جده سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يمثل الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة رجلا فَيُؤتى الرجل قد حمله فَخَالف أمره فيقف لَهُ خصما فَيَقُول: يَا رب حَملته إيَّايَ فبئس حاملي تعدى حدودي وضيع فرائضي وَركب معصيتي وَترك طَاعَتي فَمَا يزَال يقذف عَلَيْهِ بالحجج حَتَّى يُقَال: فشأنك فَيَأْخُذ بِيَدِهِ فَمَا يُرْسِلهُ حَتَّى يكبه على منخره فِي النَّار وَيُؤْتى بِالرجلِ الصَّالح قد كَانَ حمله وَحفظ أمره فيتمثل لَهُ خصما دونه فَيَقُول: يَا رب حَملته إيَّايَ فحفظ حدودي وَعمل بفرائضي واجتنب معصيتي وَاتبع طَاعَتي فَمَا يزَال يقذف لَهُ بالحجج حَتَّى يُقَال لَهُ: شَأْنك بِهِ فَيَأْخُذ بِيَدِهِ فَمَا يُرْسِلهُ حَتَّى يلْبسهُ حلَّة الاستبرق ويعقد عَلَيْهِ تَاج الْملك ويسقيه كأس الْخمر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: إِن هَذَا الْقُرْآن كَائِن لكم ذكرا وكائن عَلَيْكُم وزراً فتعلموه واتبعوه فَإِنَّكُم إِن تتبعوا الْقُرْآن يُورد بكم رياض الْجنَّة وان يتبعكم الْقُرْآن يَزُجّ فِي أقفائكم حَتَّى يوردكم إِلَى النَّار - الْآيَة (156 - 157)

156

- أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن تَقولُوا إِنَّمَا أنزل الْكتاب على طائفتين من قبلنَا} قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى خَافَ أَن تَقوله قُرَيْش وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {على طائفتين من قبلنَا} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى {وَإِن كُنَّا عَن دراستهم} قَالَ: تلاوتهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَو تَقولُوا لَو أَنا أنزل علينا الْكتاب لَكنا أهْدى مِنْهُم} قَالَ: هَذَا قَول كفار الْعَرَب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فقد جَاءَكُم بَيِّنَة من ربكُم} يَقُول: قد جاءتكم بَيِّنَة لِسَان عَرَبِيّ مُبين حِين لم يعرفوا دراسة الطَّائِفَتَيْنِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وصدف عَنْهَا} قَالَ: أعرض عَنْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {يصدفون} قَالَ: يعرضون - الْآيَة (158)

158

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود {هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن تأتيهم الْمَلَائِكَة} قَالَ: عِنْد الْمَوْت {أَو يَأْتِي رَبك} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن تأتيهم الْمَلَائِكَة} قَالَ: بِالْمَوْتِ {أَو يَأْتِي رَبك} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {أَو يَأْتِي رَبك} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة فِي ظلل من الْغَمَام

أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك} قَالَ طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك} قَالَ طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك} قَالَ: طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك} قَالَ: طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك} قَالَ: طُلُوع الشَّمْس وَالْقَمَر من مغربهما مقترنين كالبعيرين القرينين ثمَّ قَرَأَ {وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر} الْقِيَامَة الْآيَة 9 وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك} قَالَ: طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا فَإِذا طلعت وَرَآهَا النَّاس آمنُوا أَجْمَعُونَ فَذَلِك حِين لَا ينفع نفسا إيمَانهَا ثمَّ قَرَأَ الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ثَلَاث إِذا خرجت لم ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل الدَّجَّال وَالدَّابَّة وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: حفظت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أوّل الْآيَات خُرُوجًا طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَخُرُوج الدَّابَّة ضحى فأيتهما كَانَت قبل صاحبتها فالأخرى على أَثَرهَا ثمَّ قَالَ عبد الله وَكَانَ قَرَأَ الْكتب: وأظن

أَولهمَا خُرُوجًا طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَذَلِكَ أَنَّهَا كلما خرجت أَتَت تَحت الْعَرْش فسجدت وأستأذنت فِي الرُّجُوع فَيَأْذَن لَهَا فِي الرُّجُوع حَتَّى إِذا بدا لله أَن تطلع عَن مغْرِبهَا فعلت كَمَا كَانَت تفعل أَتَت تَحت الْعَرْش فسجدت واستأذنت فِي الرُّجُوع فَلم يرد عَلَيْهَا شَيْء ثمَّ تستأذن فِي الرُّجُوع فَلَا يرد عَلَيْهَا شَيْء حَتَّى إِذا ذهب من اللَّيْل مَا شَاءَ الله أَن يذهب وَعرفت أَنه إِن أذن لَهَا فِي الرُّجُوع لم تدْرك الْمشرق قَالَت: رب مَا أبعد الْمشرق من لي بِالنَّاسِ حَتَّى إِذا صَار الْأُفق كَأَنَّهُ طوق اسْتَأْذَنت فِي الرُّجُوع فَيُقَال لَهَا: من مَكَانك فاطلعي فطلعت على النَّاس من مغْرِبهَا ثمَّ تَلا عبد الله هَذِه الْآيَة {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي ايمانها خيرا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله مَا آيَة طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا فَقَالَ: تطول تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى تكون قدر لَيْلَتَيْنِ فَبَيْنَمَا الَّذين كَانُوا يصلونَ فِيهَا فيعملون كَمَا كَانُوا والنجوم لَا ترى قد قَامَت مقَامهَا ثمَّ يرقدون ثمَّ يقومُونَ فيعملون ثمَّ يرقدون ثمَّ يقومُونَ فيطل عَلَيْهِم جنونهم حَتَّى يَتَطَاوَل عَلَيْهِم اللَّيْل فَيفزع النَّاس وَلَا يُصْبِحُونَ فَبَيْنَمَا هم ينتظرون طُلُوع الشَّمْس من مشرقها إِذا هِيَ طلعت من مغْرِبهَا فَإِذا رَآهَا النَّاس آمنُوا وَلَا يَنْفَعهُمْ أَيْمَانهم وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: كنت ردف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على حمَار وَعَلِيهِ بردعة وقطيفة وَذَاكَ عِنْد غرُوب الشَّمْس فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر أَتَدْرِي أَيْن تغيب هَذِه قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِنَّهَا تغرب فِي عين حمئة تَنْطَلِق حَتَّى تَخِر لِرَبِّهَا سَاجِدَة تَحت الْعَرْش فَإِذا حَان خُرُوجهَا أذن لَهَا فَتخرج فَتَطلع فَإِذا أَرَادَ أَن يطْلعهَا من حَيْثُ تغرب حَبسهَا فَتَقول: يَا رب ان سيري بعيد فَيَقُول لَهَا: اطلعِي من حَيْثُ غربت فَذَلِك حِين لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل} فَهُوَ آيَة لَا ينفع مُشْركًا إيمَانه عِنْد الْآيَات وينفع أهل الإِيمان عِنْد الْآيَات إِن كَانُوا اكتسبوا خيرا قبل ذَلِك قَالَ

ابْن عَبَّاس: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَشِيَّة من العشيات فَقَالَ لَهُم يَا عباد الله تُوبُوا إِلَى الله بقراب فَإِنَّكُم توشكون أَن تروا الشَّمْس من قبل الْمغرب فَإِذا فعلت ذَلِك حبست التَّوْبَة وطوى الْعَمَل وَختم الإِيمان فَقَالَ النَّاس: هَل لذَلِك من آيَة يَا رَسُول الله فَقَالَ: آيَة تلكم اللَّيْلَة أَن تطول كَقدْر ثَلَاث لَيَال فيستيقظ الَّذين يَخْشونَ رَبهم فيصلون لَهُ ثمَّ يقضون صلَاتهم وَاللَّيْل كَأَنَّهُ لم ينْقض فيضطجعون حَتَّى إِذا استيقظوا وَاللَّيْل مَكَانَهُ فَإِذا رَأَوْا ذَلِك خَافُوا أَن يكون ذَلِك بَين يَدي أَمر عَظِيم فَإِذا أَصْبحُوا فطال عَلَيْهِم طُلُوع الشَّمْس فَبَيْنَمَا هم ينتظرونها إِذْ طلعت عَلَيْهِم من قبل الْمغرب فَإِذا فعلت ذَلِك لم ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت قبل ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا: طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا والدجال وَالدُّخَان ودابة الأَرْض وَخُوَيصة أحدكُم وَأمر الْعَامَّة الْقِيَامَة ذكر لنا أَن قَائِلا قَالَ: يَا نَبِي الله مَا آيَة طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا قَالَ: تطول تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى تكون قدر لَيْلَتَيْنِ فَيقوم المتهجدون لحينهم الَّذِي كَانُوا يصلونَ فِيهِ فيصلون حَتَّى يقضوا صلَاتهم والنجوم مَكَانهَا لَا تسري ثمَّ يأْتونَ فرشهم فيرقدون حَتَّى تكل جنُوبهم ثمَّ يقومُونَ فيصلون حَتَّى يَتَطَاوَل عَلَيْهِم اللَّيْل فَيفزع النَّاس ثمَّ يُصْبِحُونَ وَلَا يُصْبِحُونَ إِلَّا عصراً عصراً فَبَيْنَمَا هم ينتظرونها من مشرقها إِذْ فجئتهم من مغْرِبهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي ايمانها خيرا} قَالَ: لَا ينفعها الإِيمان إِن آمَنت وَلَا تزداد فِي عمل ان لم تكن عملته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {أَو كسبت فِي ايمانها خيرا} يَقُول: كسبت فِي تصديقها عملا صَالحا هَؤُلَاءِ أهل الْقبْلَة وَإِن كَانَت مصدقة لم تعْمل قبل ذَلِك خيرا فَعمِلت بعد أَن رَأَتْ الْآيَة لم يقبل مِنْهَا وَإِن عملت قبل الْآيَة خيرا ثمَّ عملت بعد الْآيَة خيرا قبل مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل فِي قَوْله {أَو كسبت فِي ايمانها خيرا} يَعْنِي الْمُسلم الَّذِي لم يعْمل فِي إيمَانه خيرا وَكَانَ قبل الْآيَة مُقيما على الْكَبَائِر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عمر وَقَالَ: يبْقى النَّاس بعد طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا عشْرين وَمِائَة سنة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا الْآيَات خَرَزَات منظومات فِي سلك انْقَطع السلك فتبع بَعْضهَا بَعْضًا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الإِمارات خَرَزَات منظومات بسلك فَإِذا انْقَطع السلك تبع بعضه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم عَن ابْن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْآيَات خرز منظومات فِي سلك يقطع السلك فَيتبع بَعْضهَا بَعْضًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة قَالَ: لَو أَن رجلا ارْتبط فرسا فِي سَبِيل الله فأنتجت مهْرا مُنْذُ أول الْآيَات مَا ركب الْمهْر حَتَّى يرى آخرهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة قَالَ: إِذا رَأَيْتُمْ أول الْآيَات تَتَابَعَت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: الْآيَات كلهَا فِي ثَمَانِيَة أشهر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: الْآيَات كلهَا فِي سِتَّة أشهر وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن الشَّمْس إِذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فَيُؤذن لَهَا حَتَّى إِذا كَانَ يَوْمًا غربت فَسلمت وسجدت واستأذنت فَلَا يُؤذن لَهَا فَتَقول: يَا رب إِن الْمشرق بعيد وَإِنِّي ان لَا يُؤذن لي لَا أبلغ قَالَ: فتحبس مَا شَاءَ الله ثمَّ يُقَال لَهَا اطلعِي من حَيْثُ غربت فَمن يومئذٍ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل الْآيَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ: الْآيَة الَّتِي لَا ينفع نفسا إيمَانهَا إِذا طلعت الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن أبي أوفى سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ليَأْتِيَن على النَّاس لَيْلَة بِقدر ثَلَاث لَيَال من لياليكم هَذِه فَإِذا كَانَ ذَلِك يعرفهَا المصلون يقوم أحدهم فَيقْرَأ حزبه ثمَّ ينَام ثمَّ يقوم فَيقْرَأ حزبه ثمَّ ينَام ثمَّ يقوم فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك ماج النَّاس بَعضهم فِي بعض فَقَالُوا: مَا هَذَا فيفزعون إِلَى الْمَسَاجِد فَإِذا هم بالشمس قد طلعت من مغْرِبهَا فَضَجَّ النَّاس ضجة وَاحِدَة حَتَّى إِذا صَارَت فِي وسط السَّمَاء رجعت طلعت من مطْلعهَا وَحِينَئِذٍ لَا ينفع نفسا إيمَانهَا

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن صَفْوَان بن عَسَّال عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله جعل بالمغرب بَابا عرضه سَبْعُونَ عَاما مَفْتُوحًا للتَّوْبَة لَا يغلق مَا لم تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا قبله فَذَلِك قَوْله {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا إيمَانهَا} وَلَفظ ابْن ماجة: فَإِذا طلعت من نَحوه لم ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي ايمانها خيرا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن صَفْوَان بن عَسَّال قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانشأ يحدثنا أَن للتَّوْبَة بَابا عرض مَا بَين مصراعيه مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب لَا يغلق حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تَابَ قبل أَن تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا تَابَ الله عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: التَّوْبَة معروضة على ابْن آدم مَا لم يخرج إِحْدَى ثَلَاث مالم تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا أَو تخرج الدَّابَّة أَو يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَقَالَ: مهما يأتِ عَلَيْكُم عَام فالآخر شَرّ وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن مُعَاوِيَة بن أبي سفبان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة حَتَّى تَنْقَطِع التَّوْبَة وَلَا تَنْقَطِع التَّوْبَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مَالك بن يخَامر السكْسكِي عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْهِجْرَة خصلتان إِحْدَاهمَا أَن تهجر السَّيِّئَات وَالْأُخْرَى أَن تهَاجر إِلَى الله وَرَسُوله وَلَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة مَا تقبل التَّوْبَة وَلَا تزَال التَّوْبَة مَقْبُولَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من الْمغرب فَإِذا طلعت طبع على كل قلب بِمَا فِيهِ وَكفى النَّاس الْعَمَل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَضَت الْآيَات غير أَرْبَعَة الدَّجَّال وَالدَّابَّة ويأجوج وطلوع

الشَّمْس من مغْرِبهَا وَالْآيَة الَّتِي يخْتم الله بهَا الْأَعْمَال طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ثمَّ قَرَأَ {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك} الْآيَة قَالَ: فَهِيَ طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَبِيحَة تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا يصير فِي هَذِه الْأمة قردة وَخَنَازِير وتطوى الدَّوَاوِين وتجف الأقلام لَا يُزَاد فِي حسنه وَلَا ينقص من سيئه وَلَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي ايمانها خيرا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة قَالَت: إِذا خرج أول الْآيَات طرحت الأقلام وطويت الصُّحُف وحبست الْحفظَة وَشهِدت الأجساد على الْأَعْمَال وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا والدجال وَالدُّخَان ودابة الأَرْض وَخُوَيصة أحدكُم وَأمر الْعَامَّة قَالَ قَتَادَة: خويصة أحدكُم: الْمَوْت وَأمر الْعَامَّة: أَمر السَّاعَة وَأخرج ابْن ماجة عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتا طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَالدُّخَان ودابة الأَرْض والدجال وَخُوَيصة أحدكُم وَأمر العامه وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العظائم سبع مَضَت وَاحِدَة وَهِي الطوفان وَبقيت فِيكُم سِتّ طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَالدُّخَان والدجال ودابة الأَرْض ويأجوج وَمَأْجُوج والصور وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يلتقي الشَّيْخَانِ الكبيران فَيَقُول أَحدهمَا لصَاحبه: مَتى ولدت فَيَقُول: زمن طلعت الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن الْآيَات يتتابعن تتَابع النظام فِي الْخَيط عَاما فعاماً وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: الْآيَات خَرَزَات منظومات فِي سلك انْقَطع السلك فتبع بَعضهنَّ بَعْضًا

وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ عَن أبي قَتَادَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَات بعد الْمِائَتَيْنِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أَن النَّاس بعد الْآيَة يصلونَ وَيَصُومُونَ ويحجون فيتقبل الله مِمَّن كَانَ يتَقَبَّل مِنْهُ قبل الْآيَة وَمن لم يتَقَبَّل مِنْهُ قبل الْآيَة لم يتَقَبَّل مِنْهُ بعد الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أول الْآيَات طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: يبيت النَّاس يسرون إِلَى جمع وتبيت دَابَّة الأَرْض تسري إِلَيْهِم فيصبحون وَقد جعلتهم بَين رَأسهَا وذنبها فَمَا من مُؤمن الا تمسحه وَلَا مُنَافِق وَلَا كَافِر الا تخطمه وان التَّوْبَة لمفتوحة ثمَّ يخرج الدُّخان فَيَأْخُذ الْمُؤمن مِنْهُ كَهَيئَةِ الزكمة وَيدخل فِي مسامع الْكَافِر وَالْمُنَافِق حَتَّى يكون كالشيء الْخَفِيف وان التَّوْبَة لمفتوحة ثمَّ تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن حُذَيْفَة بن أسيد قَالَ: أشرف علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من علية وَنحن نتذاكر فَقَالَ مَاذَا تذكرُونَ قُلْنَا: نتذاكر السَّاعَة قَالَ: فَإِنَّهَا لَا تقوم حَتَّى تروا قبلهَا عشر آيَات الدُّخان والدجال وَعِيسَى بن مَرْيَم ويأجوج وَمَأْجُوج وَالدَّابَّة وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَثَلَاثَة خُسُوف خسف بالمشرق وَخسف بالمغرب وَخسف بِجَزِيرَة الْعَرَب وَآخر ذَلِك نَار تخرج من قَعْر عدن أَو الْيمن تطرد النَّاس إِلَى الْمَحْشَر تنزل مَعَهم إِذا نزلُوا وتقيل مَعَهم إِذا قَالُوا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج مَا يَمُوت الرجل مِنْهُم حَتَّى يُولد لَهُ من صلبه ألف فَصَاعِدا وَإِن من ورائهم ثَلَاث أُمَم مَا يعلم عدتهمْ إِلَّا الله تَعَالَى منسك وَتَأْويل وتاريس وان الشَّمْس إِذا طلعت كل يَوْم أبصرهَا الْخلق كلهم فَإِذا غربت خرت سَاجِدَة فتسلم وتستأذن فَلَا يُؤذن لَهَا ثمَّ تستأذن فَلَا يُؤذن لَهَا ثمَّ الثَّالِثَة فَلَا يُؤذن لَهَا فَتَقول: يَا رب إِن عِبَادك ينظروني والمدى بعيد فَلَا يُؤذن لَهَا حَتَّى إِذا كَانَ قدر لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاث قيل لَهَا: اطلعِي من حَيْثُ غربت فَتَطلع فيراها أهل الأَرْض كلهم وَهِي فِيمَا بلغنَا أول الْآيَات {لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل}

فَيذْهب النَّاس فيتصدقون بِالذَّهَب الْأَحْمَر فَلَا يُؤْخَذ مِنْهُم وَيُقَال: لَو كَانَ بالْأَمْس وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه قَالَ: ذَات يَوْم لجلسائه: أَرَأَيْتُم قَول الله عز وَجل {تغرب فِي عين حمئة} الْكَهْف الْآيَة 86 مَاذَا يَعْنِي بهَا قَالُوا: الله أعلم قَالَ: إِذا غربت سجدت لَهُ وسبحته وعظمته وَكَانَت تَحت الْعَرْش فَإِذا حضر طُلُوعهَا سجدت لَهُ وسبحته وعظمته واستأذنته فَيُؤذن لَهَا فَإِذا كَانَ الْيَوْم الَّذِي تحبس فِيهِ سجدت لَهُ وسبحته وعظمته ثمَّ استأذنته فَيُقَال لَهَا: أثبتي فَإِذا حضر طُلُوعهَا سجدت لَهُ وسبحته وعظمته ثمَّ استأذنته فَيُقَال لَهَا: أثبتي فتحبس مِقْدَار لَيْلَتَيْنِ قَالَ: ويفزع إِلَيْهَا المتهجدون وينادي الرجل جَاره يَا فلَان مَا شَأْننَا اللَّيْلَة لقد نمت حَتَّى شبعت وَصليت حَتَّى أعيت ثمَّ يُقَال لَهَا: اطلعِي من حَيْثُ غربت فَذَاك {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل} الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خَطَبنَا عمر فَقَالَ: أَيهَا النَّاس سَيكون قوم من هَذِه الْأمة يكذبُون بِالرَّجمِ ويكذبون بالدجال ويكذبون بِطُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ويكذبون بِعَذَاب الْقَبْر ويكذبون بالشفاعة ويكذبون بِقوم يخرجُون من النَّار بَعْدَمَا امتحشوا وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن عَسَاكِر عَن كَعْب قَالَ: إِذا أَرَادَ الله أَن تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا أدارها بالقطب فَجعل مشرقها مغْرِبهَا وَمَغْرِبهَا مشرقها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بسندٍ واهٍ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خلق الله عِنْد الْمشرق حِجَابا من الظلمَة على الْبَحْر السَّابِع على مِقْدَار ليَالِي الدُّنْيَا كلهَا فَإِذا كَانَ غرُوب الشَّمْس أقبل ملك من الْمَلَائِكَة قد وكل بِاللَّيْلِ فَيقبض قَبْضَة من ظلمَة ذَلِك الْحجاب ثمَّ يسْتَقْبل الْمغرب فَلَا يزَال يُرْسل تِلْكَ الظلمَة من خلال أَصَابِعه قَلِيلا قَلِيلا وَهُوَ يُرَاعِي الشَّفق فَإِذا غَابَ الشَّفق أرسل الظلمَة كلهَا ثمَّ ينشر جناحيه فيبلغان أقطار الأَرْض وأكناف السَّمَاء فيجاوزان مَا شَاءَ الله أَن يجاوزا فِي الْهَوَاء فَيشق ظلمَة اللَّيْل بجناحيه بالتسبيح وَالتَّقْدِيس لله حَتَّى يبلغ الْمغرب على قدر

سَاعَات اللَّيْل فَإِذا بلغ الْمغرب انفجر الصُّبْح من الْمشرق ضم جنَاحه وَضم الظلمَة بَعْضهَا إِلَى بعض بكفيه حَتَّى بِقَبض عَلَيْهَا بكف وَاحِدَة مثل قَبضته حِين تنَاولهَا من الْحجاب بالمشرق ثمَّ يَضَعهَا عِنْد الْمغرب على الْبَحْر السَّابِع فَمن هُنَاكَ تكون ظلمَة اللَّيْل فَإِذا حوّل ذَلِك الْحجاب من الْمشرق إِلَى الْمغرب نفخ فِي الصُّور فضوء النَّهَار من قبل الشَّمْس وظلمة اللَّيْل من قبل ذَلِك الْحجاب فَلَا تزَال الشَّمْس تجْرِي من مطْلعهَا إِلَى مغْرِبهَا حَتَّى يَأْتِي الْوَقْت الَّذِي جعله الله لتوبة عباده فَتَسْتَأْذِن الشَّمْس من أَيْن تطلع ويستأذن الْقَمَر من أَيْن يطلع فَلَا يُؤذن لَهما فيحسبان مِقْدَار ثَلَاث لَيَال للشمس وليلتين للقمر فَلَا يعرف مِقْدَار حبسهما إِلَّا قَلِيل من النَّاس وهم بَقِيَّة أهل الأَرْض وَحَملَة الْقُرْآن يقْرَأ كل رجل مِنْهُم ورده فِي تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى إِذا فرغ مِنْهُ نظر فَإِذا ليلته على حَالهَا فَيَعُود فَيقْرَأ ورده فَإِذا فرغ مِنْهُ نظر فَإِذا اللَّيْلَة على حَالهَا فَيَعُود فَيقْرَأ ورده فَإِذا فرغ مِنْهُ نظر فَإِذا اللَّيْلَة على حَالهَا فَلَا يعرف طول تِلْكَ اللَّيْلَة إِلَّا حَملَة الْقُرْآن فينادي بَعضهم بَعْضًا فيجتمعون فِي مَسَاجِدهمْ بالتضرع والبكاء والصراخ بَقِيَّة تِلْكَ اللَّيْلَة وَمِقْدَار تِلْكَ اللَّيْلَة مِقْدَار ثَلَاث لَيَال ثمَّ يُرْسل الله جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الشَّمْس وَالْقَمَر فَيَقُول: إِن الرب عز وَجل أمركما أَن ترجعا إِلَى مغربكما فتطلعا مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا ضوء لَكمَا وَلَا نور فتبكي الشَّمْس وَالْقَمَر من خوف يَوْم الْقِيَامَة وَخَوف الْمَوْت فترجع الشَّمْس وَالْقَمَر فتطلعان من مغربهما فَبَيْنَمَا النَّاس كَذَلِك يَبْكُونَ ويتضرعون إِلَى الله عز وَجل والغافلون فِي غفلتهم إِذْ نَادَى مُنَاد: أَلا أَن بَاب التَّوْبَة قد أغلق وَالشَّمْس وَالْقَمَر قد طلعا من مغربهما فَينْظر النَّاس فَإِذا بهما أسودان كالعكمين لَا ضوء لَهما وَلَا نور فَذَلِك قَوْله {وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر} الْقِيَامَة الْآيَة 9 فيرتفعان مثل البعيرين المقرونين المعقودين يُنَازع كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه استباقاً ويتصايح أهل الدُّنْيَا وتذهل الْأُمَّهَات وتضع كل ذَات حمل حملهَا فَأَما الصالحون والأبرار فَإِنَّهُ يَنْفَعهُمْ بكاؤهم يَوْمئِذٍ وَيكْتب لَهُم عبَادَة وَأما الْفَاسِقُونَ والفجار فَلَا ينفغهم بكاؤهم يَوْمئِذٍ وَيكْتب عَلَيْهِم حسرة فَإِذا بلغت الشَّمْس وَالْقَمَر سرة السَّمَاء وَهُوَ منصفها جاءهما جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَأخذ بقرونها فردهما إِلَى الْمغرب فَلَا يغربهما فِي مغاربهما وَلَكِن يغربهما فِي بَاب التَّوْبَة

فَقَالَ عمر بن الْخطاب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا بَاب التَّوْبَة فَقَالَ: يَا عمر خلق الله بَابا للتَّوْبَة خلف الْمغرب وَهُوَ من أَبْوَاب الْجنَّة لَهُ مصراعان من ذهب مكللان بالبدر والياقوت والجوهر مَا بَين المصراع إِلَى المصراع مسيرَة أَرْبَعِينَ عَاما للراكب المسرع فَذَلِك الْبَاب المفتوح مُنْذُ خلق الله خلقه إِلَى صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَالْقَمَر من مغاربها وَلم يتب عبد من عباد الله تَوْبَة نصُوحًا من لدن آدم إِلَى ذَلِك الْيَوْم إِلَّا ولجت تِلْكَ التَّوْبَة فِي ذَلِك الْبَاب ثمَّ ترفع إِلَى الله فَقَالَ معَاذ بن جبل: يَا رَسُول الله وَمَا التَّوْبَة النصوح قَالَ: أَن ينْدَم العَبْد على الذَّنب الَّذِي أصَاب فيهرب إِلَى الله مِنْهُ ثمَّ لَا يعود إِلَيْهِ حَتَّى يعود اللَّبن فِي الضَّرع قَالَ: فيغربهما جِبْرِيل فِي ذَلِك الْبَاب ثمَّ يرد المصراعين فيلتئم مَا بَينهمَا ويصيران كَأَنَّهُمَا لم يكن فيهمَا صدع قطّ وَلَا خلل فَإِذا أغلق بَاب التَّوْبَة لم تقبل لعبد بعد ذَلِك تَوْبَة وَلم تَنْفَعهُ حَسَنَة يعملها بعد ذَلِك إِلَّا مَا كَانَ قبل ذَلِك فَإِنَّهُ يجْرِي لَهُم وَعَلَيْهِم بعد ذَلِك مَا كَانَ يجْرِي لَهُم قبل ذَلِك فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي ايمانها خيرا} فَقَالَ أبيّ بن كَعْب: يَا رَسُول الله فدَاك أبي وَأمي فَكيف بالشمس وَالْقَمَر بعد ذَلِك وَكَيف بِالنَّاسِ وَالدُّنْيَا قَالَ: يَا أبي إِن الشَّمْس وَالْقَمَر يكسيان بعد ذَلِك ضوء النُّور ثمَّ يطلعان على النَّاس ويغربان كَمَا كَانَا قبل ذَلِك وَأما النَّاس فَإِنَّهُم حِين رَأَوْا مَا رَأَوْا من تِلْكَ الْآيَة وعظمها يلحون على الدُّنْيَا فيعمرونها ويجرون فِيهَا الْأَنْهَار ويغرسون فِيهَا الْأَشْجَار ويبنون فِيهَا الْبُنيان فاما الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَو نتج رجل مهْرا لم يركب حَتَّى تقوم السَّاعَة من لدن طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا إِلَى يَوْم ينْفخ فِي الصُّور وَأخرج نعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَالْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَضَعفه عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بَين أُذُنِي الدَّجَّال أَرْبَعُونَ ذِرَاعا وخطوة حمارة مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام يَخُوض الْبَحْر كَمَا يَخُوض أحدكُم الساقية وَيَقُول: أَنا رب الْعَالمين وَهَذِه الشَّمْس تجْرِي باذني أتريدون أَن أحبسها فتحبس الشَّمْس حَتَّى يَجْعَل الْيَوْم كالشهر وَالْجُمُعَة وَيَقُول: أتريدون أَن أَسِيرهَا فَيَقُولُونَ: نعم فَيجْعَل الْيَوْم كالساعة وتأتيه الْمَرْأَة فَتَقول: يَا رب أَحَي لي أخي وَابْني وَزَوْجي حَتَّى انها تعانق شَيْطَانا وَبُيُوتهمْ مَمْلُوءَة شياطين ويأتيه الْأَعرَابِي فَيَقُول: يَا رب أَحَي لنا ابلنا

وغنمنا فيعطيهم شياطين أَمْثَال ابلهم وغنمهم سَوَاء بِالسِّنِّ والسمة فَيَقُولُونَ: لولم يكن هَذَا رَبنَا لم يحي لنا مَوتَانا وَمَعَهُ جبل من فرق وعراق اللَّحْم حَار لَا يبرد ونهر حَار وجبل من جنان وخضرة وجبل من نَار ودخان يَقُول: هَذِه جنتي وَهَذِه نَارِي وَهَذَا طَعَامي وَهَذَا شرابي وَالْيَسع عَلَيْهِ السَّلَام مَعَه ينذر بِالنَّاسِ يَقُول: هَذَا الْمَسِيح الْكذَّاب فَاحْذَرُوهُ لَعنه الله وَيُعْطِيه الله من السرعة والخفة مَا لَا يلْحقهُ الدَّجَّال فَإِذا قَالَ: أَنا رب الْعَالمين قَالَ لَهُ النَّاس: كذبت وَيَقُول اليسع: صدق النَّاس فيمر بِمَكَّة فَإِذا هُوَ بِخلق عَظِيم فَيَقُول: من أَنْت فَيَقُول أَنا مِيكَائِيل بَعَثَنِي الله لأمنعه من حرمه ويمر بِالْمَدِينَةِ فَإِذا هُوَ بِخلق عَظِيم فَيَقُول: من أَنْت فَيَقُول: أَنا جِبْرِيل بَعَثَنِي الله لأمنعه من حرم رَسُوله فيمر الدَّجَّال بِمَكَّة فَإِذا رأى مِيكَائِيل ولى هَارِبا ويصيح فَيخرج إِلَيْهِ من مَكَّة منافقوها وَمن الْمَدِينَة كَذَلِك وَيَأْتِي النذير إِلَى الَّذين فتحُوا الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَمن تألف من الْمُسلمين بِبَيْت الْمُقَدّس قَالَ: فَيتَنَاوَل الدَّجَّال ذَلِك الرجل فَيَقُول: هَذَا الَّذِي يزْعم أَنِّي لَا أقدر عَلَيْهِ فَاقْتُلُوهُ فَيُنْشَر ثمَّ يَقُول: أَنا أحييه قُم - وَلَا يَأْذَن الله لنَفس غَيرهَا - فَيَقُول: أَلَيْسَ قد أمتك ثمَّ أحييك الْآن ازددت فِيك يَقِينا بشرني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انك تقتلني ثمَّ أَحْيَا باذن الله فَيُوضَع على جلده صَفَائِح من نُحَاس فَلَا يحيك فِيهِ سِلَاحهمْ فَيَقُول اطرحوه فِي نَارِي فيحوّل الله ذَلِك الْجَبَل على النذير جنَانًا فيشك النَّاس فِيهِ ويبادر إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَإِذا صعد على عقبَة أفِيق وَقع ظله على الْمُسلمين فيوترون قسيهم لقتاله فاقواهم من برك أَو جلس من الْجُوع والضعف ويسمعون النداء: جَاءَكُم الْغَوْث فَيَقُولُونَ: هَذَا صَوت رجل شبعان وتشرق الأَرْض بِنور رَبهَا وَينزل عِيسَى بن مَرْيَم وَيَقُول: يَا معشر الْمُسلمين احمدوا ربكُم وسبحوه فيفعلون ويريدون الْفِرَار فيضيق الله عَلَيْهِم الأَرْض فَإِذا أَتَوْ بَاب لد فِي نصف سَاعَة فيوافقون عِيسَى فَإِذا نظر إِلَى عِيسَى يَقُول: أقِم الصَّلَاة فَيَقُول الدَّجَّال: يَا نَبِي الله قد أُقِيمَت الصَّلَاة فَيَقُول: يَا عَدو الله زعمت انك رب الْعَالمين فَلِمَنْ تصلي فيضربه بمقرعة فيقتله فَلَا يبْقى أحد من أنصاره خلف شَيْء إِلَّا نَادَى: يَا مُؤمن هَذَا دجَّال فاقتله فيمتعوا أَرْبَعِينَ سنة لَا

يَمُوت أحد وَلَا يمرض أحد وَيَقُول الرجل لغنمه ولدوابه: اذْهَبُوا فارعوا وتمر الْمَاشِيَة بَين الزرعين لَا تَأْكُل مِنْهُ سنبلة والحيات والعقارب لَا تؤذي أحدا والسبع على أَبْوَاب الدّور لَا يُؤْذِي أحدا وَيَأْخُذ الرجل المدَّ من الْقَمْح فيبدره بِلَا حرث فَيَجِيء مِنْهُ سَبْعمِائة مد فيمكثون فِي ذَلِك حَتَّى يكسر سد يَأْجُوج وَمَأْجُوج فيموجون ويفسدون ويستغيث النَّاس فَلَا يُسْتَجَاب لَهُم وَأهل طور سينا هم الَّذين فتح الله عَلَيْهِم فَيدعونَ فيبعث الله دَابَّة من الأَرْض ذَات قَوَائِم فَتدخل فِي آذانهم فيصبحون موتى أَجْمَعِينَ وتنتن الأَرْض مِنْهُم فيؤذون النَّاس بنتنهم أَشد من حياتهم فَيَسْتَغِيثُونَ بِاللَّه فيبعث الله ريحًا يَمَانِية غبراء فَيصير النَّاس غماً ودخاناً وَتَقَع عَلَيْهِم الزكمة ويكشف مَا بهم بعد ثَلَاث وَقد قذف جَمِيعهم فِي الْبَحْر وَلَا يلبثُونَ إِلَّا قَلِيلا حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا وجفت الأقلام وطويت الصُّحُف وَلَا يقبل من أحد تَوْبَة ويخر إِبْلِيس سَاجِدا يُنَادي: إلهي مرني أَن أَسجد لمن شِئْت وتجتمع إِلَيْهِ الشَّيَاطِين فَتَقول يَا سيدنَا إِلَى من تفزع فَيَقُول: إِنَّمَا سَأَلت رَبِّي أَن ينظرني إِلَى يَوْم الْبَعْث وَقد طلعت الشَّمْس من مغْرِبهَا وَهَذَا الْوَقْت الْمَعْلُوم وَتصير الشَّيَاطِين ظَاهِرَة فِي الأَرْض حَتَّى يَقُول الرجل: هَذَا قريني الَّذِي كَانَ يغويني فَالْحَمْد لله الَّذِي أَخْزَاهُ وَلَا يزَال أبليس سَاجِدا باكياً حَتَّى تخرج الدَّابَّة فتقتله وَهُوَ سَاجِدا ويتمتع الْمُؤْمِنُونَ بعد ذَلِك أَرْبَعِينَ سنة لَا يتمنون شَيْئا إِلَّا أَعْطوهُ حَتَّى تتمّ أَرْبَعُونَ سنة بعد الدَّابَّة ثمَّ يعود فيهم الْمَوْت ويسرع فَلَا يبْقى مُؤمن وَيبقى الْكفَّار يتهارجون فِي الطّرق كَالْبَهَائِمِ حَتَّى ينْكح الرجل أمه فِي وسط الطَّرِيق يقوم وَاحِد عَنْهَا وَينزل وَاحِد وأفضلهم يَقُول: لَو تنحيتم عَن الطَّرِيق كَانَ أحسن فَيكون على مثل ذَلِك حَتَّى لَا يُولد أحد من نِكَاح ثمَّ يعقم الله النِّسَاء ثَلَاثِينَ سنة وَيَكُونُونَ كلهم أَوْلَاد زنا شرار النَّاس عَلَيْهِم تقوم السَّاعَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا طلعت الشَّمْس من مغْرِبهَا خر إِبْلِيس سَاجِدا يُنَادي ويجهر: إلهي مرني أَسجد لمن شِئْت فتجتمع إِلَيْهِ زبانيته فَيَقُولُونَ: يَا سيدهم مَا هَذَا التضرع فَيَقُول: إِنَّمَا سَأَلت رَبِّي أَن ينظرني إِلَى الْوَقْت الْمَعْلُوم وَهَذَا الْوَقْت الْمَعْلُوم قَالَ:

وَتخرج دَابَّة الأَرْض من صدع فِي الصَّفَا فَأول خطْوَة تضعها بأنطاكيا فتأتي إِبْلِيس فتخطمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يبسط يَده بِاللَّيْلِ ليتوب مسيء النَّهَار ويبسط يَده بِالنَّهَارِ ليتوب مسيء اللَّيْل حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِذا طلعت الشَّمْس من مغْرِبهَا ذهب الرجل إِلَى المَال كنزه فيستخرجه فيحمله على ظَهره فَيَقُول: من لَهُ فِي هَذِه فَيُقَال لَهُ: أَفلا جِئْت بِهِ بالْأَمْس فَلَا يقبل مِنْهُ فَيَجِيء إِلَى الْمَكَان الَّذِي احتفره فَيضْرب بِهِ الأَرْض وَيَقُول: لَيْتَني لم أرك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ قَالَ: اسْتَأْذَنت على حُذَيْفَة ثَلَاث مَرَّات فَلم يَأْذَن لي فَرَجَعت فَإِذا رَسُوله قد لَحِقَنِي فَقَالَ: مَا ردك قلت: ظَنَنْت أَنَّك نَائِم قَالَ: مَا كنت لأنام حَتَّى أنظر من أَيْن تطلع الشَّمْس قَالَ ابْن عون: فَحدثت بِهِ مُحَمَّدًا فَقَالَ: قد فعله غير وَاحِد من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي أُسَامَة قَالَ: إِن صبح يَوْم الْقِيَامَة يطول تِلْكَ اللَّيْلَة كطول ثَلَاث لَيَال فَيقوم الَّذين يَخْشونَ رَبهم فيصلون حَتَّى إِذا فرغوا من صلَاتهم أَصْبحُوا ينظرُونَ إِلَى الشَّمْس من مطْلعهَا فَإِذا هِيَ قد طلعت من مغْرِبهَا وَالله أعلم - الْآيَة (159)

159

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اخْتلفت الْيَهُود وَالنَّصَارَى قبل أَن يبْعَث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَفَرَّقُوا فَلَمَّا بعث مُحَمَّد أنزل عَلَيْهِ {إِن الَّذين فرقوا دينهم} الْآيَة وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله فِي قَوْله {إِن الَّذين فرقوا دينهم} قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى تركُوا الْإِسْلَام وَالدّين الَّذِي أمروا بِهِ وَكَانُوا {شيعًا}

فرقا أحزاباً: مُخْتَلفَة {لست مِنْهُم فِي شَيْء} نزلت بِمَكَّة ثمَّ نسخهَا {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه} النِّسَاء الْآيَة 40 الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس وَكَانُوا شيعًا قَالَ: مللاً شَتَّى وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {إِن الَّذين فرقوا دينهم} الْآيَة قَالَ: هم فِي هَذِه الْأمة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ والشيرازي فِي الألقاب وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {إِن الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا} قَالَ: هم أهل الْبدع والأهواء من هَذِه الْأمة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة {إِن الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا} قَالَ: هم الحرورية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي غَالب أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا} فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو أُمَامَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهُم الْخَوَارِج وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة: يَا عَائِشَة {إِن الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا} هم أَصْحَاب الْبدع وَأَصْحَاب الْأَهْوَاء وَأَصْحَاب الضَّلَالَة من هَذِه الْأمة لَيست لَهُم تَوْبَة يَا عَائِشَة إِن لكل صَاحب ذَنْب تَوْبَة غير أَصْحَاب الْبدع وَأَصْحَاب الْأَهْوَاء لَيْسَ لَهُم تَوْبَة أَنا مِنْهُم بَرِيء وهم منى برَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ (إِن الَّذين فرقوا) بِغَيْر ألف وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَرَأَهَا (إِن الَّذين فارقوا دينهم) بِالْألف وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ (فارقوا دينهم)

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن الَّذين فرقوا دينهم} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن الَّذين فرقوا دينهم} قَالَ: يهود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {إِن الَّذين فرقوا دينهم} قَالَ: تركُوا دينهم وهم الْيَهُود وَالنَّصَارَى {وَكَانُوا شيعًا} قَالَ: فرقا {لست مِنْهُم فِي شَيْء} قَالَ: لم تُؤمر بقتالهم ثمَّ نسخت فَأمر بقتالهم فِي سُورَة بَرَاءَة وَأخرج عبد بن حميد وابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْأَحْوَص فِي قَوْله {لست مِنْهُم فِي شَيْء} قَالَ: برىء مِنْهُم نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مرّة الطّيب قَالَ: لَيْسَ أَمْرِي أَن لَا يكون من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَيْء ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا لست مِنْهُم فِي شَيْء} وَأخرج ابْن منيع فِي مُسْنده وَأَبُو الشَّيْخ عَن أم سَلمَة قَالَت: ليتقين امْرُؤ أَن لَا يكون من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَيْء ثمَّ قَرَأت هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا لست مِنْهُم فِي شَيْء} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: رَأَيْت يَوْم قتل عُثْمَان ذِرَاع أمراة من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أخرجت من بَين الْحَائِط والستر وَهِي تنادي: أَلا إِن الله وَرَسُوله بريئان من الَّذين فارقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أَفْلح مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أخوف مَا أَخَاف على أمتِي ثَلَاث ضَلَالَة الْأَهْوَاء وَاتِّبَاع الشَّهَوَات فِي الْبَطن والفرج وَالْعجب - الْآيَة (160)

160

- أخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} قَالَ رجل من الْمُسلمين: يَا رَسُول الله لَا إِلَه إِلَّا الله حَسَنَة قَالَ نعم أفضل الْحَسَنَات

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن مَسْعُود {من جَاءَ بِالْحَسَنَة} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من جَاءَ بِالْحَسَنَة} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة أرَاهُ رَفعه {من جَاءَ بِالْحَسَنَة} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} وهم يَصُومُونَ ثَلَاثَة أَيَّام من الشَّهْر ويؤدون عشر أَمْوَالهم ثمَّ نزلت الْفَرَائِض بعد ذَلِك صَوْم رَمَضَان وَالزَّكَاة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أَقُول: وَالله لأصومن النَّهَار ولأقومن اللَّيْل مَا عِشْت فَقلت لَهُ: قد قلته يَا رَسُول الله قَالَ: فَإنَّك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك صم وافطر ونم وقم وصم من الشَّهْر ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا وَذَلِكَ كصيام الدَّهْر وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر فَذَلِك صِيَام الدَّهْر فَأنْزل الله تَصْدِيق ذَلِك فِي كِتَابه {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} الْيَوْم بِعشْرَة أَيَّام وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: قلت يَا رَسُول الله عَلمنِي عملا يقربنِي من الْجنَّة وَيُبَاعِدنِي من النَّار قَالَ: إِذا عملت سَيِّئَة فاعمل حَسَنَة فَإِنَّهَا عشر أَمْثَالهَا قلت: يَا رَسُول الله لَا إِلَه إِلَّا الله من الْحَسَنَات قَالَ: هِيَ أحسن الْحَسَنَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: مَا تَقولُونَ من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا لمن هِيَ قُلْنَا للْمُسلمين قَالَ: لَا وَالله مَا هِيَ إِلَّا للأعراب خَاصَّة فاما الْمُهَاجِرُونَ فسبعمائة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} قَالَ: إِنَّمَا هِيَ للأعراب ومضعفة للمهاجرين بسبعمائة ضعف

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْأَعْرَاب {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} والاضعاف للمهاجرين وَفِي لفظ: فَقَالَ رجل: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن مَا للمهاجرين قَالَ: مَا هُوَ أفضل من ذَلِك {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} النِّسَاء الْآيَة 41 وَإِذا قَالَ الله لشَيْء عَظِيم فَهُوَ عَظِيم وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة وَاسْتَاك وَمَسّ من طيب إِن كَانَ عِنْده وَلبس من أحسن ثِيَابه ثمَّ خرج حَتَّى يَأْتِي الْمَسْجِد وَلم يتخط رِقَاب النَّاس ثمَّ ركع مَا شَاءَ الله أَن يرْكَع ثمَّ أنصت إِذا خرج الإِمام فَلم يتَكَلَّم حَتَّى يفرغ من صلَاته كَانَت كَفَّارَة لما بَينهَا وَبَين الْجُمُعَة الَّتِي قبلهَا وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول: ثَلَاثَة أَيَّام زِيَادَة إِن الله جعل الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {من جَاءَ بِالْحَسَنَة} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا هم العَبْد بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة وَإِذا هم بسيئة ثمَّ عَملهَا كتبت لَهُ سَيِّئَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يروي عَن ربه من هم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشرا إِلَى سَبْعمِائة إِلَى أَضْعَاف كَثِيرَة وَمن همّ بسيئة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ وَاحِدَة أَو يمحوها الله وَلَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله عز وَجل: من عمل حَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا وأزيد وَمن عمل سَيِّئَة فجزاؤها مثلهَا أَو اغْفِر وَمن عمل قرَاب الأَرْض خَطِيئَة ثمَّ لَقِيَنِي لَا يُشْرك بِي شَيْئا جعلت لَهُ مثلهَا مغْفرَة وَمن اقْترب إليَّ شبْرًا اقْتَرَبت إِلَيْهِ ذِرَاعا وَمن اقْترب إِلَى ذِرَاعا اقْتَرَبت إِلَيْهِ باعاً وَمن أَتَانِي يمشي أَتَيْته هرولة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله تَعَالَى وَقَوله الْحق: إِذا هم عَبدِي بحسنة فاكتبوها لَهُ حَسَنَة وَإِذا عَملهَا فاكتبوها لَهُ

بِعشر أَمْثَالهَا وَإِذا هم بسيئة فَلَا تكتبوها فَإِن عَملهَا فاكتبوها بِمِثْلِهَا فَإِن تَركهَا فاكتبوها لَهُ حَسَنَة ثمَّ قَرَأَ {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من هم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشرا وَمن همّ بسيئة فَلم يعملها لم يكْتب عَلَيْهِ شَيْء فَإِن عَملهَا كتبت عَلَيْهِ سَيِّئَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجُمُعَة كَفَّارَة لما بَينهَا وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام وَذَلِكَ لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يحضر الْجُمُعَة ثَلَاثَة نفر رجل حضرها يَلْغُو فَهُوَ حَظه مِنْهَا وَرجل حضرها يَدْعُو فَإِن شَاءَ الله أعطَاهُ وَإِن شَاءَ مَنعه وَرجل حضرها بانصات وسكوت وَلم يتخُط رَقَبَة مُسلم وَلم يؤذ أحدا فَهِيَ كَفَّارَة لَهُ إِلَى الْجُمُعَة الَّتِي تَلِيهَا وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام وَذَلِكَ لِأَن الله يَقُول {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة وَمَسّ من طيب إِن كَانَ يجده ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد فَلم يؤذ أحدا وَلم يتخط أحدا كَانَت كَفَّارَة لما بَينهَا وَبَين الْجُمُعَة الثَّانِيَة وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام لِأَن الله تَعَالَى يَقُول الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عُثْمَان بن أبي العَاصِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصيام الدَّهْر ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر فَإِن الحسنه بِعشر أَمْثَالهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر صِيَام الدَّهْر كُله يَوْم بِعشْرَة أَيَّام {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} وَأخرجه الْخَطِيب عَن عَليّ مَوْقُوفا وَأخرج أَحْمد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله جعل حَسَنَة ابْن آدم عشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف إِلَّا الصَّوْم وَالصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن ابْن

عَمْرو أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خصلتان لَا يحافظ عَلَيْهِمَا عبد مُسلم إِلَّا دخل الْجنَّة هما يسير وَمن يعْمل بهما قَلِيل يسبح الله دبر كل صَلَاة عشرا ويحمد عشرا وَيكبر عشرا فَذَلِك خَمْسُونَ وَمِائَة بِاللِّسَانِ وَألف وَخَمْسمِائة فِي الْمِيزَان وَيكبر أَرْبعا وَثَلَاثِينَ إِذا أَخذ مضجعه ويحمد ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ويسبح ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَذَلِك مائَة بِاللِّسَانِ وَألف فِي الْمِيزَان وأيّكم يعْمل فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة أَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة سَيِّئَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَاد مَرِيضا أَو أماط أَذَى عَن طَرِيق فحسنة بِعشر أَمْثَالهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: تعملوا الْقُرْآن واتلوه فَإِنَّكُم تؤجرون بِهِ بِكُل حرف مِنْهُ عشر حَسَنَات أما أَنِّي لَا أَقُول آلم عشر وَلَكِن ألف وَلَام وَمِيم ثَلَاثُونَ حَسَنَة ذَلِك بِأَن الله عز وَجل يَقُول {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن خريم بن فاتك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النَّاس أَرْبَعَة والأعمال سِتَّة فموجبتان وَمثل بِمثل وَعشرَة أَضْعَاف وَسَبْعمائة ضعف فَمن مَاتَ كَافِرًا وَجَبت لَهُ النَّار وَمن مَاتَ مُؤمنا وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَالْعَبْد يعْمل بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يجزى إِلَّا بِمِثْلِهَا وَالْعَبْد يهم بِالْحَسَنَة فَيكْتب لَهُ حَسَنَة وَالْعَبْد يعْمل بِالْحَسَنَة فتكتب لَهُ عشرا وَالْعَبْد ينْفق النَّفَقَة فِي سَبِيل الله فيضاعف لَهُ سَبْعمِائة ضعف وَالنَّاس أَرْبَعَة فموسع عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وموسع عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة وموسع عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا ومقتر عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة ومقتر عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وموسع عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة ومقتر عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل حَسَنَة يعملها العَبْد الْمُسلم بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة وَسبع أَمْثَالهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله ليعطي بِالْحَسَنَة الْوَاحِدَة ألف ألف حَسَنَة ثمَّ قَرَأَ {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} وَأخرج أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي عُثْمَان قَالَ: كُنَّا مَعَ أبي هُرَيْرَة فِي سفر فَحَضَرَ الطَّعَام فَبَعَثنَا إِلَى أبي هُرَيْرَة فجَاء رَسُول الله

فَذكر أَنه صَائِم فَوضع الطَّعَام ليؤكل فجَاء أَبُو هُرَيْرَة فَجعل يَأْكُل فنظروا إِلَى الرجل الَّذِي أَرْسلُوهُ فَقَالَ: مَا تنْظرُون إِلَيّ قد - وَالله - أَخْبرنِي أَنه صَائِم قَالَ: صدق ثمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: صَوْم شهر الصَّبْر وَثَلَاثَة أَيَّام من الشَّهْر صَوْم الدَّهْر فانا صَائِم فِي تَضْعِيف الله ومفطر فِي تخفيفه وَلَفظ ابْن حبَان: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر فقد صَامَ الشَّهْر كُله وَقد صمت ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر وَإِنِّي الشَّهْر كُله صَائِم وَوجدت تَصْدِيق ذَلِك فِي كتاب الله {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْأَزْرَق بن قيس عَن رجل من بني تَمِيم قَالَ: كُنَّا على بَاب مُعَاوِيَة ومعنا أَبُو ذَر فَذكر أَنه صَائِم فَلَمَّا دَخَلنَا وَوضعت الموائد جعل أَبُو ذَر يَأْكُل فَنَظَرت إِلَيْهِ فَقَالَ: مَالك قلت: ألم تخبر أَنَّك صَائِم قَالَ: بلَى أَقرَأت الْقُرْآن قلت: نعم قَالَ: لَعَلَّك قَرَأت الْمُفْرد مِنْهُ وَلم تقْرَأ المضعف {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول صَوْم شهر الصَّبْر وَثَلَاثَة من كل شهر حَسَنَة قَالَ: صَوْم الدَّهْر يذهب مغلة الصَّدْر قلت: وَمَا مغلة الصَّدْر قَالَ: رجز الشَّيْطَان وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من صَامَ رَمَضَان وَأتبعهُ سِتا من شَوَّال فَذَاك صِيَام الدَّهْر وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صَامَ رَمَضَان وَسِتَّة أَيَّام من شَوَّال فَكَأَنَّمَا صَامَ السّنة كلهَا وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صِيَام شهر بِعشْرَة أشهر وَسِتَّة أَيَّام بعده بشهرين فَذَلِك تَمام السّنة يَعْنِي رَمَضَان وَسِتَّة أَيَّام بعده وَأخرج ابْن ماجة عَن ثَوْبَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ سِتَّة أَيَّام بعد الْفطر كَانَ تَمام السّنة {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: كَانَت أول خطْبَة خطبهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ أَنه قَامَ فيهم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ قَالَ: أما بعد أَيهَا النَّاس فقدموا لأنفسكم تعلمن وَالله ليضعفن أحدكُم

ثمَّ لَيَدَعَن غنمه لَيْسَ لَهَا رَاع ثمَّ ليَقُولن لَهُ ربه لَيْسَ لَهُ ترجمان وَلَا حَاجِب يَحْجُبهُ دونه: ألم يأتك رَسُولي فبلغك وآتيتك مَالا وأفضلت عَلَيْك فَمَا قدمت لنَفسك فَينْظر يَمِينا وَشمَالًا فَلَا يرى شَيْئا ثمَّ لينظرن قدامه فَلَا يرى غير جَهَنَّم فَمن اسْتَطَاعَ أَن يقي وَجهه من النَّار وَلَو بشق من تَمْرَة فَلْيفْعَل وَمن لم يجد فبكلمة طيبَة فَإِن بهَا يُجزى الْحَسَنَة عشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف وَالسَّلَام على رَسُول الله وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ثمَّ خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن الْحَمد لله أَحْمَده وَأَسْتَعِينهُ نَعُوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وسيئات أَعمالنَا من يهد الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ ان أحسن الحَدِيث كتاب الله قد أَفْلح من زينه الله فِي قلبه وَأدْخلهُ فِي الإِسلام بعد الْكفْر وَاخْتَارَهُ على مَا سواهُ من أَحَادِيث النَّاس أَنه أحسن الحَدِيث وأبلغه أَحبُّوا من أحب الله أَحبُّوا الله من كل قُلُوبكُمْ وَلَا تملوا كَلَام الله تَعَالَى وَذكره وَلَا تقسوا عَنهُ قُلُوبكُمْ فَإِنَّهُ من كل يخْتَار الله ويصطفي فقد سَمَّاهُ خيرته من الْأَعْمَال ومصطفاه من الْعباد والصالح من الحَدِيث وَمن كل مَا أَتَى النَّاس من الْحَلَال وَالْحرَام فاعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَاتَّقوا الله حق تُقَاته واصدقوا الله صَالح مَا تَقولُونَ بأفواهكم وتحابوا بِروح الله بَيْنكُم إِن الله يغْضب أَن ينْكث عَهده وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته - الْآيَة (161)

161

- أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (دينا قيمًا) بِكَسْر الْقَاف وَنصب الْيَاء مُخَفّفَة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن أَبْزَى عَن أَبِيه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أصبح قَالَ أَصْبَحْنَا على فطْرَة الإِسلام وَكلمَة الاخلاص وَدين نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وملة أَبينَا إِبْرَاهِيم حَنِيفا وَمَا كَانَ من الْمُشْركين وَإِذا أَمْسَى قَالَ مثل ذَلِك - الْآيَة (162 - 163)

162

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن أَبَا مُوسَى قَالَ: وددت أَن كل مُسلم يقْرَأ هَذِه الْآيَة مَعَ مَا يقْرَأ من كتاب الله {قل إِن صَلَاتي ونسكي} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {قل إِن صَلَاتي} قَالَ: صَلَاتي الْمَفْرُوضَة {ونسكي} قَالَ: يَعْنِي الْحَج وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير {إِن صَلَاتي ونسكي} قَالَ: ذبيحتي وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {إِن صَلَاتي ونسكي} قَالَ: حجي ومذبحي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ونسكي} قَالَ: ذبيحتي فِي الْحَج وَالْعمْرَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ونسكي} قَالَ ضحيتي وَفِي قَوْله {وَأَنا أول الْمُسلمين} قَالَ: من هَذِه الْأمة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا فَاطِمَة قومِي فاشهدي أضحيتك فَإِنَّهُ يغْفر لَك بِأول قَطْرَة تقطر من دَمهَا كل ذَنْب عملته وَقَوْلِي: إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين لَا شريك لَهُ وَبِذَلِك أمرت وَأَنا من الْمُسلمين قلت: يَا رَسُول الله هَذَا لَك وَلأَهل بَيْتك خَاصَّة فَأهل ذَلِك أَنْتُم أم للْمُسلمين عَامَّة قَالَ: بل للْمُسلمين عَامَّة - الْآيَة (164)

164

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} قَالَ: لَا يُؤْخَذ أحد بذنب غَيره وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ على ولد الزِّنَا من وزر أَبَوَيْهِ شَيْء لَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: توفيت أم عمر وَبنت أبان بن عُثْمَان فَحَضَرت الْجِنَازَة فَسمع ابْن عمر بكاء فَقَالَ: أَلا تنهي هَؤُلَاءِ عَن الْبكاء فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَيِّت يعذب ببكاء الْحَيّ عَلَيْهِ فَأتيت عَائِشَة فَذكرت ذَلِك لَهَا فَقَالَت: وَالله إِنَّك لتخبرني عَن غير كَاذِب وَلَا مُتَّهم وَلَكِن السّمع يخطىء وَفِي الْقُرْآن مَا يكفيكم {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة قَالَ: سُئِلت عَائِشَة عَن ولد الزِّنَا فَقَالَت: لَيْسَ عَلَيْهِ من خَطِيئَة أَبَوَيْهِ شَيْء وقرأت {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: ولد الزِّنَا خير الثَّلَاثَة إِنَّمَا هَذَا شَيْء قَالَه كَعْب هُوَ شَرّ الثَّلَاثَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} قَالَ: لَا يحمل الله على عبد ذَنْب غَيره وَلَا يؤاخذه إِلَّا بِعَمَلِهِ - الْآيَة (165)

165

- وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي جعلكُمْ خلائف الأَرْض} قَالَ: أهلك الْقُرُون واستخلفنا فِيهَا من بعدهمْ {وَرفع بَعْضكُم فَوق بعض دَرَجَات} قَالَ: فِي الرزق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {جعلكُمْ خلائف الأَرْض} قَالَ: يسْتَخْلف فِي الأَرْض قوما بعد قوم وقوماً بعد قوم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل فِي قَوْله {وَرفع بَعْضكُم فَوق بعض دَرَجَات} يَعْنِي فِي الْفضل والغنى {ليَبْلُوكُمْ فِي مَا آتَاكُم} يَقُول ليبتليكم فِيمَا أَعْطَاكُم ليبلوا الْغَنِيّ وَالْفَقِير والشريف والوضيع وَالْحر وَالْعَبْد

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم مُقَدّمَة سُورَة الْأَعْرَاف أخرج ابْن الضريس والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُورَة الْأَعْرَاف نزلت بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزل بِمَكَّة الْأَعْرَاف وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: آيَة من الْأَعْرَاف مَدَنِيَّة وَهِي {واسألهم عَن الْقرْيَة الَّتِي كَانَت حَاضِرَة الْبَحْر} إِلَى آخر الْآيَة وسائرها مَكِّيَّة وَأخرج سمويه فِي فَوَائده عَن زيد بن ثَابت قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب بطولي الطولين المص وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن أبي أَيُّوب وَزيد بن ثَابت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْمغرب بالأعراف فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَمِيعًا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ سُورَة الْأَعْرَاف فِي صَلَاة الْمغرب فقرأها فِي رَكْعَتَيْنِ (7) سُورَة الْأَعْرَاف مَكِّيَّة وآياتها سِتّ ومائتان - الْآيَة (1)

الأعراف

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {آلمص} قَالَ: أَنا الله أفصل وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {آلمص} قَالَ: أَنا الله أفصل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي

قَوْله {آلمص} وطه وطسم وَيس وص وحم وحمعسق وق ون وَأَشْبَاه هَذَا فَإِنَّهُ قسم أقسم الله بِهِ وَهِي من أَسمَاء الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {آلمص} قَالَ: هُوَ المصوّر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله {آلمص} قَالَ: الالف من الله وَالْمِيم من الرَّحْمَن وَالصَّاد من الصَّمد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك {آلمص} قَالَ: أَنا الله الصَّادِق - الْآيَة (2 - 4)

2

- أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فَلَا يكن فِي صدرك حرج مِنْهُ} قَالَ: الشَّك وَقَالَ لأعرابي: مَا الْحَرج فِيكُم قَالَ: الشَّك اللنهس وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَلَا يكن فِي صدرك حرج مِنْهُ} قَالَ: شكّ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك {فَلَا يكن فِي صدرك حرج مِنْهُ} قَالَ: ضيق وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {اتبعُوا مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم} أَي هَذَا الْقُرْآن - الْآيَة (5)

5

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا هلك قوم حَتَّى يعذروا من أنفسهم ثمَّ قَرَأَ {فَمَا كَانَ دَعوَاهُم إِذْ جَاءَهُم بأسنا إِلَّا أَن قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظالمين} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا مثله

- الْآيَة (6 - 7)

6

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس {فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم ولنسألن الْمُرْسلين} قَالَ: نسْأَل النَّاس عَمَّا أجابوا الْمُرْسلين ونسأل الْمُرْسلين عَمَّا بلغُوا {فَلْنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعلم} قَالَ: يوضع الْكتاب يَوْم الْقِيَامَة فيتكلم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَوْله {فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم ولنسألن الْمُرْسلين} قَالَ: أَحدهمَا الْأَنْبِيَاء وَأَحَدهمَا الْمَلَائِكَة {فلنقصن عَلَيْهِم بِعلم وَمَا كُنَّا غائبين} قَالَ: ذَلِك قَول الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم} يَقُول: النَّاس تَسْأَلهُمْ عَن لَا إِلَه إِلَّا الله {ولنسألن الْمُرْسلين} قَالَ: جِبْرِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي قَوْله {فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم} قَالَ: هَل بَلغَكُمْ الرُّسُل {ولنسألن الْمُرْسلين} قَالَ: مَاذَا ردوا عَلَيْكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم أبي الرَّحْمَن أَنه تَلا هَذِه الْآيَة فَقَالَ: يسْأَل العَبْد يَوْم الْقِيَامَة عَن أَربع خِصَال يَقُول رَبك: ألم اجْعَل لَك جسداً فَفِيمَ أبليته الم اجْعَل لَك علما فَفِيمَ عملت بِمَا علمت ألم أجعَل لَك مَالا فَفِيمَ أنفقته فِي طَاعَتي أم فِي معصيتي ألم اجْعَل لَك عمرا فَفِيمَ أفنيته وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهيب بن الْورْد قَالَ: بَلغنِي أَن أقرب الْخلق إِلَى الله اسرافيل وَالْعرش على كَاهِله فَإِذا نزل الْوَحْي دلى اللَّوْح من نَحْو الْعَرْش فيقرع جبهة اسرافيل فَينْظر فِيهِ فَيُرْسل إِلَى جِبْرِيل فيدعوه فيرسله فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دعِي اسرافيل فَيُؤْتَى بِهِ ترتعد فرائصه فَيُقَال لَهُ: مَا صنعت فِيمَا أدّى إِلَيْك اللَّوْح فَيَقُول: أَي رب أديته إِلَى جِبْرِيل فَيُدْعَى جِبْرِيل فَيُؤتى بِهِ ترتعد فرائصه فَيُقَال لَهُ: مَا صنعت فِيمَا أدّى إِلَيْك إسْرَافيل فَيَقُول: أَي رب بلغت الرُّسُل فيدعى بالرسل ترتعد فرائصهم فَيُقَال لَهُم: مَا صَنَعْتُم فِيمَا أدّى إِلَيْكُم

جِبْرِيل فَيَقُولُونَ: أَي رب بلغنَا النَّاس قَالَ: فَهُوَ قَوْله {فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم ولنسألن الْمُرْسلين} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي سِنَان قَالَ: أقرب الْخلق إِلَى الله اللَّوْح وَهُوَ مُعَلّق بالعرش فَإِذا أَرَادَ الله أَن يوحي بِشَيْء كتب فِي اللَّوْح فَيَجِيء اللَّوْح حَتَّى يقرع جبهة إسْرَافيل وإسرافيل قد غطى وَجهه بجناحيه لَا يرفع بَصَره اعظاماً لله فَينْظر فِيهِ فَإِن كَانَ إِلَى أهل السَّمَاء دَفعه إِلَى مِيكَائِيل وَإِن كَانَ إِلَى أهل الأَرْض دَفعه إِلَى جِبْرِيل فَأول من يُحَاسب يَوْم الْقِيَامَة اللَّوْح يدعى بِهِ ترْعد فرائصه فَيُقَال لَهُ: هَل بلغت فَيَقُول: نعم فَيَقُول رَبنَا: من يشْهد لَك فَيَقُول: اسرافيل فيدعى إسْرَافيل ترْعد فرائصه فَيُقَال لَهُ: هَل بلعك اللَّوْح فَإِذا قَالَ نعم قَالَ اللَّوْح: الْحَمد لله الَّذِي نجاني من سوء الْحساب ثمَّ كَذَلِك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يَقُول الله عز وَجل: يَا إسْرَافيل هَات مَا وَكلتك بِهِ فَيَقُول: نعم يَا رب فِي الصُّور كَذَا وَكَذَا ثقبة وَكَذَا روح للإنس مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللجن مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللشياطين مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللوحوش مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللطير مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللبهائم مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللهوام مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللحيتان مِنْهَا كَذَا وَكَذَا فَيَقُول الله عز وَجل: خُذْهُ من اللَّوْح فَإِذا هُوَ مثلا بِمثل لَا يزِيد وَلَا ينقص ثمَّ يَقُول عز وَجل: هَات مَا وَكلتك يَا مِيكَائِيل فَيَقُول: نعم يَا رب أنزلت من السَّمَاء كَذَا وَكَذَا كيلة وزنة كَذَا وَكَذَا مِثْقَالا وزنة كَذَا وَكَذَا قيراطاً وزنة كَذَا وَكَذَا خردلة وزنة كَذَا وَكَذَا درة أنزلت فِي سنة كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَفِي شهر كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَفِي جُمُعَة كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَفِي يَوْم كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَفِي سَاعَة كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا أنزلت للزَّرْع مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وأنزلت للشياطين مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وأنزلت للانس مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وأنزلت للبهائم كَذَا وَكَذَا وأنزلت للوحوش كَذَا وَكَذَا وللطير كَذَا وَكَذَا وللحيتان كَذَا وَكَذَا وللهوام كَذَا وَكَذَا فَذَلِك كُله كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: خُذْهُ من اللَّوْح فَإِذا هُوَ مثلا بِمثل لَا يزِيد وَلَا ينقص ثمَّ يَقُول: يَا جِبْرِيل هَات مَا وَكلتك بِهِ فَيَقُول: نعم يَا رب أنزلت على نبيك فلَان كَذَا وَكَذَا آيَة فِي شهر كَذَا وَكَذَا فِي جُمُعَة كَذَا وَكَذَا فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا وأنزلت على نبيك فلَان كَذَا وَكَذَا آيَة وَكَذَا وَكَذَا سُورَة فِيهَا كَذَا وَكَذَا آيَة فَذَلِك كَذَا وَكَذَا آيَة فَذَلِك كَذَا وَكَذَا حرفا

وأهلكت كَذَا وَكَذَا مَدِينَة وخسفت بِكَذَا وَكَذَا فَيَقُول: خُذْهُ من اللَّوْح فَإِذا هُوَ مثلا بِمثل لَا يزِيد وَلَا ينقص ثمَّ يَقُول: هَات مَا وَكلتك بِهِ يَا عزرائيل فَيَقُول: نعم يَا رب فبضت روح كَذَا وَكَذَا إنسي وَكَذَا وَكَذَا جني وَكَذَا وَكَذَا شَيْطَان وَكَذَا وَكَذَا غريق وَكَذَا وَكَذَا حريق وَكَذَا وَكَذَا كَافِر وَكَذَا وَكَذَا شَهِيد وَكَذَا وَكَذَا هديم وَكَذَا وَكَذَا لديغ وَكَذَا وَكَذَا فِي سهل وَكَذَا وَكَذَا فِي جبل وَكَذَا وَكَذَا طير وَكَذَا وَكَذَا هوَام وَكَذَا وَكَذَا وَحش فَذَلِك كَذَا وَكَذَا جملَته كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: خُذْهُ من اللَّوْح فَإِذا مثلا بِمثل لايزيد وَلَا ينقص وَأخرج أَحْمد عَن مُعَاوِيَة بن حيدة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن رَبِّي دَاعِيَّ وَأَنه سائلي هَل بلغت عبَادي وَإِنِّي قَائِل رب إِنِّي قد بلغتهم فليبلغ الشَّاهِد مِنْكُم الْغَائِب ثمَّ إِنَّكُم تدعون مفدمة أَفْوَاهكُم بالفدام إِن أول مَا يبين عَن أحدكُم لفخذه وكفه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَاوس أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة فَقَالَ الإِمام يسْأَل عَن النَّاس وَالرجل يسْأَل عَن أَهله وَالْمَرْأَة تسْأَل عَن بَيت زَوجهَا وَالْعَبْد يسْأَل عَن مَال سَيّده وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلكُمْ رَاع وكلكم مسؤول عَن رَعيته فالإِمام يسْأَل عَن النَّاس وَالرجل يسْأَل عَن أَهله وَالْمَرْأَة تسْأَل عَن بَيت زَوجهَا وَالْعَبْد يسْأَل عَن مَال سَيّده وَأخرج ابْن حبَان وَأَبُو نعيم عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله سَائل كل رَاع عَمَّا استرعاه أحفظ ذَلِك أم ضيعه حَتَّى يسْأَل الرجل عَن أهل بَيته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد صَحِيح عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلكُمْ رَاع وكلكم مسؤول عَن رَعيته فأعدوا للمسائل جَوَابا قَالُوا: وَمَا جوابها قَالَ: أَعمال الْبر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن الْمِقْدَام سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يكون رجل على قوم إِلَّا جَاءَ يقدمهم يَوْم الْقِيَامَة بَين يَدَيْهِ راية يحملهَا وهم يتبعونه فَيسْأَل عَنْهُم ويسألون عَنهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من أَمِير يُؤمر على عشرَة إِلَّا سُئِلَ عَنْهُم يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الله سَائل كل ذِي رعية عَمَّا استرعاه أَقَامَ أَمر الله فيهم أم أضاعه حَتَّى أَن الرجل ليسأل عَن أهل بَيته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا يسْأَل عَنهُ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة ينظر فِي صلَاته فَإِن صلحت فقد أَفْلح وَإِن فَسدتْ فقد خَابَ وخسر - الْآيَة (8 - 10)

8

- أخرج اللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عمر بن الْخطاب قَالَ بَينا نَحن جُلُوس عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أنَاس إِذْ جَاءَ رجل لَيْسَ عَلَيْهِ سحناء سفر وَلَيْسَ من أهل الْبَلَد يتخطى حَتَّى ورك بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا يجلس أَحَدنَا فِي الصَّلَاة ثمَّ وضع يَده على ركبتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد مَا الإِسلام قَالَ: الإِسلام أَن تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله وَأَن تقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتحج وتعتمر وتغتسل من الْجَنَابَة وتتم الْوضُوء وتصوم رَمَضَان قَالَ: فَإِن فعلت هَذَا فَأَنا مُسلم قَالَ: نعم قَالَ: صدقت يَا مُحَمَّد قَالَ: مَا الإِيمان قَالَ: الإِيمان أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وتؤمن بِالْجنَّةِ وَالنَّار وَالْمِيزَان وتؤمن بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت وتؤمن بِالْقدرِ خَيره وشره قَالَ: فَإِذا فعلت هَذَا فَأَنا مُؤمن قَالَ: نعم قَالَ: صدقت وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ الْحق} قَالَ: الْعدْل {فَمن ثقلت مَوَازِينه} قَالَ: حَسَنَاته {وَمن خفت مَوَازِينه} قَالَ: حَسَنَاته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْعيزَار قَالَ: إِن الإِقدام يَوْم الْقِيَامَة لمثل النبل فِي الْقرن والسعيد من وجد لقدميه موضعا وَعند الْمِيزَان ملك

يُنَادي: أَلا إِن فلَان بن فلَان ثقلت مَوَازِينه وَسعد سَعَادَة لن يشقي بعْدهَا أبدا أَلا إِن فلَان بن فلَان خفت مَوَازِينه وشقى شقاء لن يسْعد بعده أبدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ الْحق} قَالَ: توزن الْأَعْمَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِنَّمَا يُوزن من الْأَعْمَال خواتيمها فَمن أَرَادَ الله بِهِ خيرا ختم لَهُ بِخَير عمله وَمن أَرَادَ بِهِ شرا ختم لَهُ بشر عمله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحَارِث الْأَعْوَر قَالَ: إِن الْحق ليثقل على أهل الْحق كثقله فِي الْمِيزَان وَأَن الْحق ليخف على أهل الْبَاطِل كخفته فِي الْمِيزَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر واللالكائي عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان قَالَ: ذكر الْمِيزَان عِنْد الْحسن فَقَالَ: لَهُ لِسَان وكفتان وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب قَالَ: يوضع الْمِيزَان بَين شجرتين عِنْد بَيت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير واللالكائي عَن حُذَيْفَة قَالَ: صَاحب الموازين يَوْم الْقِيَامَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يرد بَعضهم على بعض فَيُؤْخَذ من حَسَنَات الظَّالِم فَترد على الْمَظْلُوم فَإِن لم تكن لَهُ حَسَنَات أَخذ من سيئات الْمَظْلُوم فَردَّتْ على الظَّالِم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْكَلْبِيّ فِي قَوْله {وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ الْحق} قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: لَهُ لِسَان وكفتان يُوزن فَمن ثقلت مَوَازِينه فَأُولَئِك هم المفلحون وَمن خفت مَوَازِينه فَأُولَئِك الَّذين خسروا أنفسهم ومنازلهم فِي الْجنَّة بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا تظْلمُونَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمن ثقلت مَوَازِينه فَأُولَئِك هم المفلحون} قَالَ: قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض أَهله: يَا رَسُول الله هَل يذكر النَّاس أَهْليهمْ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ أما فِي ثَلَاث مَوَاطِن فَلَا عِنْد الْمِيزَان وَعند تطاير الصُّحُف فِي الْأَيْدِي وَعند الصِّرَاط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يُحَاسب النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَمن كَانَت حَسَنَاته أَكثر من سيئاته بِوَاحِدَة دخل الْجنَّة وَمن كَانَت سيئاته أَكثر من حَسَنَاته بواحده دخل النَّار ثمَّ قَرَأَ {فَمن ثقلت مَوَازِينه} الْآيَتَيْنِ ثمَّ قَالَ إِن

الْمِيزَان يخف بمثقال حَبَّة ويرجح وَمن اسْتَوَت حَسَنَاته وسيئاته كَانَ من أَصْحَاب الْأَعْرَاف فوقفوا على الْأَعْرَاف وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الإِخلاص عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: من كَانَ ظَاهره أرجح من بَاطِنه خف مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة وَمن كَانَ بَاطِنه أرجح من ظَاهره ثقل مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يوضع الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة فيوزن الْحَسَنَات والسيئات فَمن رجحت حَسَنَاته على سيئاته دخل الْجنَّة وَمن رجحت سيئاته على حَسَنَاته دخل النَّار وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَفعه قَالَ: إِن ملكا مُوكل بالميزان فَيُؤتى بِالْعَبدِ يَوْم الْقِيَامَة فَيُوقف بَين كفتي الْمِيزَان فَإِن ثقل مِيزَانه نَادَى الْملك بِصَوْت يسمع الْخَلَائق: سعد فلَان بن فلَان سَعَادَة لَا يشقى بعْدهَا أبدا وَإِن خفت مِيزَانه نَادَى الْملك: شقى فلَان شقاوة لَا يسْعد بعْدهَا أبدا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عَائِشَة أَنَّهَا ذكرت النَّار فَبَكَتْ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَالك قَالَت: ذكرت النَّار فَبَكَيْت فَهَل تذكرُونَ أهليكم يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: أما فِي ثَلَاث مَوَاطِن فَلَا يذكر أحدا أحدا حَيْثُ تُوضَع الْمِيزَان حَتَّى يعلم اتخف مِيزَانه أم تثقل وَعند تطاير الْكتب حِين يُقَال {هاؤم اقرؤوا كِتَابيه} الحاقة الْآيَة 19 حَتَّى يعلم أَيْن يَقع كِتَابه أَفِي يَمِينه أم فِي شِمَاله أَو من وَرَاء ظَهره وَعند الصِّرَاط إِذا وضع بَين ظَهْري جَهَنَّم حافتاه كلاليب كَثِيرَة وحسك كثير يحبس الله بهَا من شَاءَ من خلقه حَتَّى يعلم أينجو أم لَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سلمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يوضع الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة فَلَو وزن فِيهِ السَّمَوَات وَالْأَرْض لوسعت فَتَقول الْمَلَائِكَة: يَا رب لمن يزن هَذَا فَيَقُول الله: لمن شِئْت من خلقي فَتَقول الْمَلَائِكَة: سُبْحَانَكَ مَا عبدناك حق عبادتك وَيُوضَع الصِّرَاط مثل حد الموس فَتَقول الْمَلَائِكَة: من تنحى على هَذَا فَيَقُول: من شِئْت من خلقي فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَكَ مَا عبدناك حق عبادتك

وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد والآجري فِي الشَّرِيعَة واللالكائي عَن سلمَان قَالَ: يوضع الْمِيزَان وَله كفتان لَو وضع فِي إِحْدَاهمَا السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ لوسعه فَتَقول الْمَلَائِكَة: من يزن هَذَا فَيَقُول: من شِئْت من خلقي فَتَقول الْمَلَائِكَة: سُبْحَانَكَ مَا عبدناك حق عبادتك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: خلق الله كفتي الْمِيزَان مثل السَّمَوَات وَالْأَرْض فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رَبنَا من تزن بِهَذَا قَالَ: أزن بِهِ من شِئْت وَخلق الله الصِّرَاط كَحَد السَّيْف فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رَبنَا من تجيز على هَذَا قَالَ: أُجِيز عَلَيْهِ من شِئْت وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمِيزَان لَهُ لِسَان وكفتان يُوزن فِيهِ الْحَسَنَات والسيئات فَيُؤتى بِالْحَسَنَاتِ فِي أحسن صُورَة فتوضع فِي كفة الْمِيزَان فتثقل على السَّيِّئَات فتؤحذ فتوضع فِي الْجنَّة عِنْد مَنَازِله ثمَّ يُقَال لِلْمُؤمنِ: الْحق بعملك فَينْطَلق إِلَى الْجنَّة فَيعرف مَنَازِله بِعَمَلِهِ وَيُؤْتى بالسيئات فِي أقبح صُورَة فتوضع فِي كفة الْمِيزَان فتخف - وَالْبَاطِل خَفِيف - فتطرح فِي جَهَنَّم إِلَى مَنَازِله فِيهَا وَيُقَال لَهُ: الْحق بعملك إِلَى النَّار فَيَأْتِي النَّار فَيعرف مَنَازِله بِعَمَلِهِ وَمَا أعد الله لَهُ فِيهَا من ألوان الْعَذَاب قَالَ ابْن عَبَّاس: فَلهم أعرف بمنازلهم فِي الْجنَّة وَالنَّار بعملهم من الْقَوْم يَنْصَرِفُونَ يَوْم الْجُمُعَة رَاجِعين إِلَى مَنَازِلهمْ وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يشفع لي يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ أَنا فَاعل قلت: يَا رَسُول الله أَيْن أطلبك قَالَ: أطلبني أول مَا تطلبني على الصِّرَاط قلت: فَإِن لم ألقك على الصِّرَاط قَالَ: فاطلبني عِنْد الْمِيزَان قلت: فَإِن لم ألقك عِنْد الْمِيزَان قَالَ: فاطلبني عِنْد الْحَوْض فَإِنِّي لَا أخطىء هَذِه الثَّلَاثَة مَوَاطِن وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصاح بِرَجُل من أمتِي على رُؤُوس الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة فينشر لَهُ تِسْعَة وَتسْعُونَ سجلاً كل سجل مِنْهَا مد الْبَصَر فَيَقُول: أتنكر من هَذَا شَيْئا أظلمك كتبتي الحافظون فَيَقُول: لَا يَا رب فَيَقُول: أَفَلَك عذرا وحسنة فيهاب الرجل فَيَقُول: لَا يَا رب فَيَقُول: بلَى إِن لَك عندنَا حَسَنَة وَأَنه لَا ظلم عَلَيْك الْيَوْم فَيخرج لَهُ

بطاقة فِيهَا: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله فَيَقُول: يَا رب مَا هَذِه البطاقة مَعَ هَذِه السجلات فَيُقَال: إِنَّك لَا تظلم فتوضع السجلات فِي كفة والبطاقة فِي كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة وَلَا يثقل مَعَ اسْم الله شَيْء وَأخرج أَحْمد بِسَنَد حسن عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تُوضَع الموازين يَوْم الْقِيَامَة فيؤتي بِالرجلِ فَيُوضَع فِي كَفه وَيُوضَع مَا أحصى عَلَيْهِ فتمايل بِهِ الْمِيزَان فيبعث بِهِ إِلَى النَّار فَإِذا أدبر بِهِ صائح يَصِيح من عِنْد الرَّحْمَن: لَا تعجلوا لَا تعلجوا فَإِنَّهُ قد بَقِي لَهُ فَيُؤتى ببطاقة فِيهَا: لَا إِلَه إِلَّا الله فتوضع مَعَ الرجل فِي كفة حَتَّى تميل بِهِ الْمِيزَان وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والنميري فِي كتاب الْأَعْلَام عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ إِن لآدَم عَلَيْهِ السَّلَام من الله عز وَجل موقفا فِي فسح من الْعَرْش عَلَيْهِ ثَوْبَان أخضران كَأَنَّهُ سحوق ينظر إِلَى من ينْطَلق بِهِ من وَلَده إِلَى الْجنَّة وَينظر إِلَى من ينْطَلق بِهِ من وَلَده إِلَى النَّار فَبينا آدم على ذَلِك إِذا نظر إِلَى رجل من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْطَلق بِهِ إِلَى النَّار فينادي آدم: يَا أَحْمد يَا أَحْمد فَيَقُول: لبيْك يَا أَبَا الْبشر فَيَقُول: هَذَا رجل من أمتك ينْطَلق بِهِ إِلَى النَّار فأشد المئزر وأسرع فِي أثر الْمَلَائِكَة وَأَقُول: يَا رسل رَبِّي قفوا فَيَقُولُونَ: نَحن الْغِلَاظ الشداد الَّذين لَا نعصي الله مَا أمرنَا ونفعل مَا نؤمر فَإِذا أيس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبض على لحيته بِيَدِهِ الْيُسْرَى واستقبل الْعَرْش بِوَجْهِهِ فَيَقُول: يَا رب قد وَعَدتنِي أَن لَا تخزيني فِي أمتِي قيأتي النداء من عِنْد الْعَرْش: أطِيعُوا مُحَمَّدًا وردوا هَذَا العَبْد إِلَى الْمقَام فَأخْرج من حجزتي بطاقة بَيْضَاء كالأنملة فألقيها فِي كفة الْمِيزَان الْيُمْنَى وَأَنا أَقُول: بِسم الله فترجح الْحَسَنَات على السَّيِّئَات فينادي سعد وَسعد جده وثقلت مَوَازِينه: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى الْجنَّة فَيَقُول: يَا رسل رَبِّي قفوا حَتَّى أسأَل هَذَا العَبْد الْكَرِيم على ربه فَيَقُول: بِأبي أَنْت وَأمي مَا أحسن وَجهك وَأحسن خلقك من أَنْت فقد: أقلتني عثرتي فَيَقُول: أَنا نبيك مُحَمَّد وَهَذِه صَلَاتك الَّتِي كنت تصلي عَليّ وافتك أحْوج مَا تكون إِلَيْهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أول مَا يوضع فِي ميزَان العَبْد نَفَقَته على أَهله وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة واللالكائي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلمتان خفيفتان على اللِّسَان ثقيلتان فِي الْمِيزَان حبيبتان إِلَى

الرَّحْمَن: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو جِيءَ بالسموات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَمَا بَينهُنَّ وَمَا تحتهن فوضعن فِي كفة الْمِيزَان وَوضعت شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فِي الكفة الْأُخْرَى لرجحت بِهن وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد جيد عَن أنس قَالَ: لَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا ذَر فَقَالَ أَلا أدلُّك على خَصْلَتَيْنِ هما خفيفتان على الظّهْر وأثقل فِي الْمِيزَان من غَيرهمَا قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: عَلَيْك بِحسن الْخلق وَطول الصمت فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا عمل الْخَلَائق بمثلهما وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: قلت لأم الدَّرْدَاء: أما سَمِعت من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا قَالَت: نعم دخلت عَلَيْهِ فَسَمعته يَقُول أول مَا يوضع فِي الْمِيزَان الخُلق الْحسن وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصحح وَابْن حبَان واللالكائي عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من شَيْء يوضع فِي الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة أثقل من خُلق حسن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: أَعْطَيْت نَاقَة فِي سَبِيل الله فَأَرَدْت أَن أَشْتَرِي من نسلها فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ دعها تَأتي يَوْم الْقِيَامَة هِيَ وَأَوْلَادهَا جَمِيعًا فِي ميزانك وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قضى لِأَخِيهِ حَاجَة كنت وَاقِفًا عِنْد مِيزَانه فَإِن رجح وَإِلَّا شفعت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن مغيث بن سميّ وَعَن مَسْرُوق قَالَا: تعبَّد رَاهِب فِي صومعة سِتِّينَ سنة فَنظر يَوْمًا فِي غب السَّمَاء فَقَالَ: لَو نزلت فَإِنِّي لَا أرى أحدا فَشَرِبت من المَاء وتوضأت ثمَّ رجعت إِلَى مَكَاني فتعرضت لَهُ امْرَأَة فتكشفت لَهُ فَلم يملك نَفسه إِن وَقع عَلَيْهَا فَدخل بعض تِلْكَ الغدران يغْتَسل فِيهِ وأدركه الْمَوْت وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال وَمر بِهِ سَائل فأوما إِلَيْهِ أَن خُذ الرَّغِيف رغيفاً كَانَ فِي كسائه فَأخذ الْمِسْكِين الرَّغِيف وَمَات فجيء بِعَمَل سِتِّينَ سنة فَوضع فِي كفة وَجِيء بخطيئته فَوضعت فِي كفة فرجحت بِعَمَلِهِ حَتَّى جِيءَ بالرغيف فَوضع مَعَ عمله فرجح بخطيئته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن سفينة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخ بخ

خمس مَا أثقلهن فِي الْمِيزَان سُبْحَانَ الله وَلَا إلَه إِلَّا الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر وفرط صَالح يفرطه الْمُسلم وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن حبَان عَن عَمْرو بن حُرَيْث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أنفقت عَن خادمك من عمله كَانَ لَك أجره فِي موازينك وَأخرج ابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضغيف عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من تَوَضَّأ فَمسح بِثَوْب نظيف فَلَا بَأْس بِهِ وَمن لم يفعل فَهُوَ أفضل لِأَن الْوضُوء يُوزن يَوْم الْقِيَامَة مَعَ سَائِر الْأَعْمَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن سعيد بن الْمسيب أَنه كره المنديل بعد الْوضُوء وَقَالَ: هُوَ يُوزن وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: إِنَّمَا كره المنديل بعد الْوضُوء لِأَن كل قطره توزن وَأخرج المرهبي فِي فضل الْعلم عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوزن يَوْم الْقِيَامَة مداد الْعلمَاء وَدِمَاء الشُّهَدَاء فيرجح مداد الْعلمَاء على دِمَاء الشُّهَدَاء وَأخرج الديلمي من حَدِيث ابْن عمر وَابْن عَمْرو مثله وَأخرج عبد الْبر فِي فضل الْعلم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: يجاء بِعَمَل الرجل فَيُوضَع فِي كفة مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة فيخف فيجاء بِشَيْء أَمْثَال الْغَمَام فَيُوضَع فِي كفة مِيزَانه فترجح فَيُقَال لَهُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا فَيَقُول: لَا فَيُقَال لَهُ: هَذَا فضل الْعلم الَّذِي كنت تعلمه النَّاس وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان قَالَ: يَجِيء رجل يَوْم الْقِيَامَة فَيرى عمله محتقراً فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ جَاءَهُ مثل السَّحَاب حَتَّى يَقع فِي مِيرَاثه فَيُقَال: هَذَا مَا كنت تعلم النَّاس من الْخَيْر فورث بعْدك فأجرت فِيهِ وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: من كَانَ الأجوفان همه خسر مِيزَانه يَوْم القيامه وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن لَيْث قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام: أمة مُحَمَّد أثقل النَّاس فِي الْمِيزَان ذلت ألسنتهم بِكَلِمَة ثقلت على من كَانَ قبلهم: لَا إِلَه إِلَّا الله

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أَيُّوب قَالَ: سَمِعت من غير وَاحِد من أَصْحَابنَا: أَن العَبْد يُوقف على الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة فَينْظر فِي الْمِيزَان وَينظر إِلَى صَاحب الْمِيزَان فَيَقُول صَاحب الْمِيزَان: يَا عبد الله أتفقد من عَمَلك ذَلِك شَيْئا فَيَقُول: نعم فَيَقُول: مَاذَا فَيَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ فَيَقُول صَاحب الْمِيزَان: هِيَ أعظم من أَن تُوضَع فِي الْمِيزَان قَالَ مُوسَى بن عُبَيْدَة: سَمِعت أَنَّهَا تَأتي يَوْم الْقِيَامَة تجَادل عَمَّن كَانَ يَقُولهَا فِي الدُّنْيَا جِدَال الْخصم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن أبي الْأَزْهَر زُهَيْر الْأَنمَارِي قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَخذ مضجعه قَالَ اللهمَّ أَغفر لي وأخسَّ شيطاني وفكَّ رهاني وَثقل ميزاني واجعلني فِي الندي الْأَعْلَى - الْآيَة (11)

11

- أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَقَد خَلَقْنَاكُمْ ثمَّ صورناكم} قَالَ: خلقُوا فِي أصلاب الرِّجَال وصوروا فِي أَرْحَام النِّسَاء وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: خلقُوا فِي ظهر آدم ثمَّ صوروا فِي الْأَرْحَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم فِي الْآيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أما قَوْله {خَلَقْنَاكُمْ} فآدم {ثمَّ صورناكم} فذريته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَقَد خَلَقْنَاكُمْ} قَالَ: آدم {ثمَّ صورناكم} قَالَ: فِي ظهر آدم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَقَد خَلَقْنَاكُمْ ثمَّ صورناكم} قَالَ: خلق الله آدم من طين ثمَّ صوركُمْ فِي بطُون أُمَّهَاتكُم خلقا من بعد خلق علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ عظاماً ثمَّ كسى الْعِظَام لَحْمًا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْكَلْبِيّ {وَلَقَد خَلَقْنَاكُمْ ثمَّ صورناكم} قَالَ: خلق الإِنسان فِي الرَّحِم ثمَّ صوره فشق سَمعه وبصره وأصابعه - الْآيَة (12)

12

- أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قَالَ أَنا خير مِنْهُ خلقتني من نَار وخلقته من طين} قَالَ: حسد عَدو الله إِبْلِيس آدم على مَا أعطَاهُ الله من الْكَرَامَة وَقَالَ: أَنا ناريٌّ وَهَذَا طينيٌّ فَكَانَ بَدْء الذُّنُوب الْكبر استكبر عَدو الله أَن يسْجد لآدَم فَأَهْلَكَهُ الله بكبره وحسده وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح قَالَ: خلق إِبْلِيس من نَار الْعِزَّة وخلقت الْمَلَائِكَة من نور الْعِزَّة وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {خلقتني من نَار وخلقته من طين} قَالَ: قَاس إِبْلِيس وَهُوَ أول من قَاس وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية والديلمي عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أول من قَاس أَمر الدّين بِرَأْيهِ إِبْلِيس قَالَ الله لَهُ: اسجد لآدَم فَقَالَ {أَنا خير مِنْهُ خلقتني من نَار وخلقته من طين} قَالَ جَعْفَر: فَمن قَاس أَمر الدّين بِرَأْيهِ قرنه الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة بإبليس لِأَنَّهُ اتبعهُ بِالْقِيَاسِ - الْآيَة (13 - 15)

13

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {فَمَا يكون لَك أَن تتكبر فِيهَا} يَعْنِي فَمَا يَنْبَغِي لَك أَن تتكبر فِيهَا - الْآيَة (16)

16

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس {فبمَا أغويتني} قَالَ: أضللتني

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق بَقِيَّة عَن أَرْطَاة عَن رجل من أهل الطَّائِف فِي قَوْله {فبمَا أغويتني} قَالَ: عرف إِبْلِيس أَن الغواية جَاءَتْهُ من قبل الله فَآمن بِالْقدرِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لأقعدن لَهُم صراطك الْمُسْتَقيم} قَالَ: الْحق وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لأقعدن لَهُم صراطك الْمُسْتَقيم} قَالَ: طَرِيق مَكَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عون بن عبد الله {لأقعدنَّ لَهُم صراطك الْمُسْتَقيم} قَالَ: طَرِيق مَكَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عون ابْن مَسْعُود مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: مَا من رفْقَة تخرج إِلَى مَكَّة إِلَّا جهز إِبْلِيس مَعَهم بِمثل عدتهمْ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة يَقُول: أقعد لَهُم فأصدهم عَن سَبِيلك وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سُبْرَة بن الْفَاكِه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الشَّيْطَان قعد لِابْنِ آدم فِي طرقه فَقعدَ لَهُ بطرِيق الإِسلام فَقَالَ: تسلم وَتَذَر دينك وَدين آبَائِك فَعَصَاهُ فَأسلم ثمَّ قعد لَهُ بطرِيق الْهِجْرَة فَقَالَ لَهُ: أتهاجر وَتَذَر أَرْضك وسماءك وَإِنَّمَا مثل المُهَاجر كالفرس فِي طوله فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ ثمَّ قعد لَهُ بطرِيق الْجِهَاد فَقَالَ: هُوَ جهد النَّفس وَالْمَال فتقاتل فَتقْتل فَتنْكح الْمَرْأَة وَيقسم المَال فَعَصَاهُ فَجَاهد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَمن فعل ذَلِك مِنْهُم فَمَاتَ أَو وقصته دَابَّته فَمَاتَ كَانَ حَقًا على الله أَن يدْخلهُ الْجنَّة - الْآيَة (17)

17

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم} قَالَ: أشككهم فِي آخرتهم {وَمن خَلفهم} فأرغبهم فِي

دنياهم {وَعَن أَيْمَانهم} أشبه عَلَيْهِم أَمر دينهم {وَعَن شمائلهم} اسْتنَّ لَهُم الْمعاصِي وأخف عَلَيْهِم الْبَاطِل {وَلَا تَجِد أَكْثَرهم شاكرين} قَالَ: مُوَحِّدين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم} من قبل الدُّنْيَا {وَمن خَلفهم} من قبل الْآخِرَه {وَعَن أَيْمَانهم} من قبل حسناتهم {وَعَن شمائلهم} من قبل سيئاتهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم} قَالَ لَهُم: أَن لَا بعث وَلَا جنَّة وَلَا نَار وَمن خَلفهم من أَمر الدُّنْيَا فزينها لَهُم ودعاهم إِلَيْهَا {وَعَن أَيْمَانهم} من قبل حسناتهم ابطأهم عَنْهَا {وَعَن شمائلهم} زين لَهُم السَّيِّئَات والمعاصي ودعاهم إِلَيْهَا وَأمرهمْ بهَا أَتَاك يَا ابْن آدم من قبل وَجهك غير أَنه لم يأتك من فَوْقك لَا يَسْتَطِيع أَن يكون بَيْنك وَبَين رَحْمَة الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: لم يسْتَطع أَن يَقُول: من فَوْقهم علم أَن الله فَوْقهم وَفِي لفظ: لِأَن الرَّحْمَة تنزل من فَوْقهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: يَأْتِيك يَا ابْن آدم من كل جِهَة غير أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يحول بَيْنك وَبَين رَحْمَة الله إِنَّمَا تَأْتِيك الرَّحْمَة من فَوْقك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ إِبْلِيس: لآتينَّهم من بَين أَيْديهم وَمن خَلفهم وَعَن إِيمَانهم وَعَن شمائلهم قَالَ الله: أنزل عَلَيْهِم الرَّحْمَة من فَوْقهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح فِي قَوْله {ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم} من سبل الْحق {وَمن خَلفهم} من سبل الْبَاطِل {وَعَن أَيْمَانهم} من أَمر الْآخِرَه {وَعَن شمائلهم} من الدُّنْيَا وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو هَذِه الدَّعْوَات حِين يصبح وَحين يُمْسِي اللَّهُمَّ احفظني من بَين يَدي وَمن خَلْفي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي وَمن فَوقِي وَأَعُوذ بعظمتك أَن أغتال من تحتي

- الْآيَة (18 - 19)

18

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَ أخرج مِنْهَا مذؤوما} قَالَ: ملوماً {مَدْحُورًا} قَالَ: مقيتاً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مذؤوما} قَالَ: مذموماً {مَدْحُورًا} قَالَ: منفياً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مذؤوما} قَالَ: منفياً {مَدْحُورًا} قَالَ: مطروداً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مذؤوما} قَالَ: معيبا {مَدْحُورًا} قَالَ: منفياً - الْآيَة (20 - 25)

20

- أخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن قيس قَالَ: نهى الله آدم وحوّاء أَن يأكلا من شَجَرَة وَاحِدَة فِي الْجنَّة فجَاء الشَّيْطَان فَدخل فِي جَوف الْحَيَّة فَكلم حوّاء ووسوس

إِلَى آدم فَقَالَ: مَا نهاكما رَبكُمَا عَن هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ أَو تَكُونَا من الخالدين وقاسمهما إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين فَقطعت حوّاء الشَّجَرَة فدميت الشَّجَرَة وَسقط عَنْهُمَا رياشهما الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا {وطفقا يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة وناداهما ربهما ألم أنهكما عَن تلكما الشَّجَرَة وَأَقل لَكمَا إِن الشَّيْطَان لَكمَا عدوّ مُبين} لم أكلتها وَقد نهيتك عَنْهَا قَالَ: يَا رب أطعمتني حَوَّاء قَالَ لحوّاء: لم أطعمتيه قَالَت: أَمرتنِي الْحَيَّة قَالَ للحية: لم أَمَرتهَا قَالَت: أَمرنِي إِبْلِيس قَالَ: مَلْعُون مدحور أما أَنْت يَا حَوَّاء كَمَا أدميت الشَّجَرَة تدمين فِي كل هِلَال وَأما أَنْت يَا حَيَّة فأقطع قوائمك فتمشين جراً على وَجهك وسيشدخ رَأسك من لقيك بِالْحجرِ اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عدوّ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي غنيم سعيد بن حَدَّيْنِ الْحَضْرَمِيّ قَالَ: لما أسكن الله آدم وحوّاء الْجنَّة خرج آدم يطوف فِي الْجنَّة فاغتنم إِبْلِيس غيبته فَأقبل حَتَّى بلغ الْمَكَان الَّذِي فِيهِ حوّاء فصفر بقصبة مَعَه صفيراً سمعته حَوَّاء وَبَينهَا وَبَينه سَبْعُونَ قبَّة بَعْضهَا فِي جَوف بعض فَأَشْرَفت حَوَّاء عَلَيْهِ فَجعل يصفر صفيراً لم يسمع السامعون بِمثلِهِ من اللَّذَّة والشهوة وَالسَّمَاع حَتَّى مَا بَقِي من حَوَّاء عُضْو مَعَ آخر إِلَّا تخلج فَقَالَت: أنْشدك بِاللَّه الْعَظِيم لما أقصرت عني فَإنَّك قد أهلكتني فَنزع القصبة ثمَّ قَلبهَا فصفر صفيراً آخر فَجَاشَ الْبكاء وَالنوح والحزن بِشَيْء لم يسمع السامعون بِمثلِهِ حَتَّى قطع فؤادها بالحزن والبكاء فَقَالَت: أنْشدك بِاللَّه الْعَظِيم لما أقصرت عني فَفعل فَقَالَت لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي جِئْت بِهِ أخذتني بِأَمْر الْفَرح وأخذتني بِأَمْر الْحزن قَالَ: ذكرت منزلتكما من الْجنَّة وكرامة الله إياكما فَفَرِحت لَكمَا بمكانكما وَذكرت إنَّكُمَا تخرجان مِنْهَا فَبَكَيْت لَكمَا وحزنت عَلَيْكُمَا ألم يقل لَكمَا رَبكُمَا مَتى تأكلان من هَذِه الشَّجَرَة تموتان وتخرجان مِنْهَا أنظري إليّ يَا حَوَّاء فَإِذا أَنا أكلتها فَإِن أَنا مت أَو تغير من خلقي شَيْء فَلَا تأكلا مِنْهَا أقسم لَكمَا بِاللَّه إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين فَانْطَلق إِبْلِيس حَتَّى تنَاول من تِلْكَ الشَّجَرَة فَأكل مِنْهَا وَجعل يَقُول: يَا حَوَّاء انظري هَل تغير من خلقي شَيْء هَل مت قد أَخْبَرتك مَا أَخْبَرتك ثمَّ أدبر مُنْطَلقًا وَأَقْبل آدم من مَكَانَهُ الَّذِي كَانَ يطوف بِهِ من الْجنَّة فَوَجَدَهَا منكبة على وَجههَا حزينة فَقَالَ لَهَا آدم: مَا شَأْنك قَالَت: أَتَانِي الناصح المشفق قَالَ:

وَيحك لَعَلَّه إِبْلِيس الَّذِي حذرناه الله قَالَت: يَا آدم وَالله لقد مضى إِلَى الشَّجَرَة فَأكل مِنْهَا وَأَنا أنظر فَمَا مَاتَ وَلَا تغير من جسده شَيْء فَلم تزل بِهِ تدليه بالغرور حَتَّى مضى آدم وحواء إِلَى الشَّجَرَة فَأَهوى آدم بِيَدِهِ إِلَى الثَّمَرَة ليأخذها فناداه جَمِيع شجرالجنة: يَا آدم لَا تأكلها فَإنَّك إِن أكلتها تخرج مِنْهَا فعزم آدم على الْمعْصِيَة فَأخذ ليتناول الشَّجَرَة فَجعلت الشَّجَرَة تتطاول ثمَّ جعل يمدّ يَده ليأخذها فَلَمَّا وضع يَده على الثَّمَرَة اشتدت فَلَمَّا رأى الله مِنْهُ الْعَزْم على الْمعْصِيَة أَخذهَا وَأكل مِنْهَا وناول حَوَّاء فَأكلت فَسقط مِنْهَا لِبَاس الْجمال الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الْجنَّة وبدت لَهما سوأتهما وابتدرا يستكنان بورق الْجنَّة يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة وَيعلم الله يُنظر أَيهمَا فَأقبل الرب فِي الْجنَّة فَقَالَ: يَا آدم أَيْن أَنْت أخرج قَالَ: يَا رب أَنا ذَا أستحي أخرج إِلَيْك قَالَ: فلعلك أكلت من الشَّجَرَة الَّتِي نهيتك عَنْهَا قَالَ: يَا رب هَذِه الَّتِي جَعلتهَا معي أغوتني قَالَ: فَمَتَى تختبىء يَا آدم أولم تعلم أَن كل شَيْء لي يَا آدم وَأَنه لَا يخفى عليّ شَيْء فِي ظلمَة وَلَا فِي نَهَار قَالَ: فَبعث إِلَيْهِمَا مَلَائِكَة يدفعان فِي رقابهما حَتَّى أخرجوهما من الْجنَّة فأوقفا عريانين وإبليس مَعَهُمَا بَين يَدي الله فَعِنْدَ ذَلِك قضى عَلَيْهِمَا وعَلى إِبْلِيس مَا قضى وَعند ذَلِك أهبط إِبْلِيس مَعَهُمَا وتلقى آدم من ربه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ وأهبطوا جَمِيعًا وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه فِي قَوْله {ليبدي لَهما مَا وُوريَ عَنْهُمَا من سوآتهما} قَالَ: كَانَ على كل وَاحِد مِنْهُمَا نور لَا يبصر كل وَاحِد مِنْهُمَا عَورَة صَاحبه فَلَمَّا أصابا الْخَطِيئَة نزع مِنْهُمَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: ليهتك لباسهما وَكَانَ قد علم أَن لَهما سوءة لما كَانَ يقْرَأ من كتب الْمَلَائِكَة وَلم يكن آدم يعلم ذَلِك وَكَانَ لباسهما الظفر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أتاهما إِبْلِيس قَالَ: مَا نهاكما رَبكُمَا عَن هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ تَكُونَا مثله - يَعْنِي مثل الله عز وَجل - فَلم يصدقاه حَتَّى دخل فِي جَوف الْحَيَّة فكلمهما وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ (إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ) بِكَسْر اللَّام

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ (الا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ) بِنصب اللَّام من الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ} قَالَ: ذكر تَفْضِيل الْمَلَائِكَة فضلوا بالصور وفضلوا بالأجنحة وفضلوا بالكرامة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة لَهَا غصنان أَحدهمَا تَطوف بِهِ الْمَلَائِكَة وَالْآخر قَوْله {مَا نهاكما رَبكُمَا عَن هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ} يَعْنِي من الْمَلَائِكَة الَّذين يطوفون بذلك الْغُصْن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ هَذِه الْآيَة {مَا نهاكما رَبكُمَا عَن هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ} فَإِن أخطأكما أَن تَكُونَا ملكَيْنِ لم يخطئكما أَن تَكُونَا خَالِدين فَلَا تموتان فِيهَا أبدا {وقاسمهما} قَالَ: حلف لَهما {إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {أَو تَكُونَا من الخالدين} يَقُول: لَا تموتون أبدا وَفِي قَوْله {وقاسمهما} قَالَ: حلف لَهما بِاللَّه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وقاسمهما إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين} قَالَ: حلف لَهما بِاللَّه حَتَّى خدعهما وَقد يخدع الْمُؤمن بِاللَّه قَالَ لَهما: إِنِّي خلقت قبلكما وَأعلم مِنْكُمَا فاتبعاني أرشدكما قَالَ قَتَادَة: وَكَانَ بعض أهل الْعلم يَقُول: من خادعنا بِاللَّه خدعنَا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة (وقاسمهما بِاللَّه إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {فدلاهما بغرور} قَالَ: مناهما بغرور وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَلَمَّا ذاقا الشَّجَرَة بَدَت لَهما سوآتهما} وَكَانَا قبل ذَلِك لَا يريانها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لِبَاس كل دَابَّة مِنْهَا ولباس الإِنسان الظفر فأدركت آدم التَّوْبَة عِنْد ظفره وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي

حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ لِبَاس آدم وحواء كالظفر فَلَمَّا أكلا من الشَّجَرَة لم يبْق عَلَيْهِمَا إِلَّا مثل الظفر {وطفقا يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة} قَالَ: ينزعان ورق التِّين فيجعلانه على سوءاتهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أسكن الله آدم الْجنَّة كَسَاه سربالاً من الظفر فَلَمَّا أصَاب الْخَطِيئَة سلبه السربال فَبَقيَ فِي أَطْرَاف أَصَابِعه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ لِبَاس آدم الظفر بِمَنْزِلَة الريش على الطير فَلَمَّا عصى سقط عَنهُ لِبَاسه وَتركت الْأَظْفَار زِينَة وَمَنَافع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ لِبَاس آدم فِي الْجنَّة الْيَاقُوت فَلَمَّا عصى تقلص فَصَارَ الظفر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ آدم طوله سِتُّونَ ذِرَاعا فَكَسَاهُ الله هَذَا الْجلد وأعانه بالظفر يحتك بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وطفقا يخصفان} قَالَ: يرقعان كَهَيئَةِ الثَّوْب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وطفقا يخصفان عَلَيْهِمَا} قَالَ: أَقبلَا يغطيان عَلَيْهِمَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة} قَالَ: يوصلان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {وطفقا يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة} قَالَ: يأخذان مَا يواريان بِهِ عورتهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وناداهما ربهما ألم أنهكما عَن تلكما الشَّجَرَة} قَالَ آدم: رب انه خلف لي بك وَلم أكن أَظن أَن أحدا من خلقك يحلف بك إِلَّا صَادِقا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَا} قَالَ: آدم وحواء {رَبنا ظلمنَا أَنْفُسنَا} يَعْنِي ذَنبا أذنبناه فغفره لَهما وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {قَالَا رَبنَا ظلمنَا أَنْفُسنَا} الْآيَة قَالَ:

هِيَ الْكَلِمَات الَّتِي تلقى آدم من ربه وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: إِن الْمُؤمن ليستحي ربه من الذَّنب إِذا وَقع بِهِ ثمَّ يعلم بِحَمْد الله أَيْن الْمخْرج يعلم أَن الْمخْرج فِي الاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة إِلَى الله عز وَجل فَلَا يحتشمن رجل من التَّوْبَة فَإِنَّهُ لَوْلَا التَّوْبَة لم يخلص أحدا من عباد الله وبالتوبة أدْرك الله أَبَاكُم الرئيس فِي الْخَيْر من الذَّنب حِين وَقع بِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن كريب قَالَ: دَعَاني ابْن عَبَّاس فَقَالَ: اكْتُبْ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من عبد الله إِلَى فلَان حبر تيما حَدثنِي عَن قَوْله {وَلكم فِي الأَرْض مُسْتَقر ومتاع إِلَى حِين} فَقَالَ: هُوَ مستقره فَوق الأَرْض ومستقره فِي الرَّحِم ومستقره تَحت الأَرْض ومستقره حَيْثُ يصير إِلَى الْجنَّة أَو إِلَى النَّار - الْآيَة (26 - 27)

26

- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَا بني آدم قد أنزلنَا عَلَيْكُم لباساً يواري سوآتكم} قَالَ: كَانَ أنَاس من الْعَرَب يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة فَلَا يلبس أحدهم ثوبا طَاف فِيهِ {وريشا} قَالَ: المَال وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {قد أنزلنَا عَلَيْكُم لباسا يواري سوآتكم} قَالَ: نزلت فِي الحمس من قُرَيْش وَمن كَانَ يَأْخُذ مأخذها من قبائل الْعَرَب الْأَنْصَار الْأَوْس والخزرج وخزاعة وَثَقِيف وَبني عَامر بن صعصعة وبطون كنَانَة بن بكر كَانُوا لَا يَأْكُلُون اللَّحْم وَلَا يأْتونَ الْبيُوت إِلَّا من أدبارها وَلَا يضطربون وَبرا وَلَا شعرًا إِنَّمَا يضطربون الادم وَيلبسُونَ صبيانهم الرهاط وَكَانُوا يطوفون عُرَاة إِلَّا قُريْشًا فَإِذا قدمُوا طرحوا ثِيَابهمْ الَّتِي قدمُوا فِيهَا وَقَالُوا: هَذِه

ثيابنا الَّتِي تطهرنا إِلَى رَبنَا فِيهَا من الذُّنُوب والخطايا ثمَّ قَالُوا لقريش: من يعيرنا مئزراً فَإِن لم يَجدوا طافوا عُرَاة فَإِذا فرغوا من طوافهم أخذُوا ثِيَابهمْ الَّتِي كَانُوا وضعُوا وَأخرج ابْن جرير عَن عُرْوَة بن الزبير فِي قَوْله {لباساً يواري سوآتكم} قَالَ: الثِّيَاب {وريشا} قَالَ: المَال {ولباس التَّقْوَى} قَالَ: خشيَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن عَليّ فِي قَوْله {لباسا يواري سوآتكم} قَالَ: لِبَاس الْعَامَّة {وريشاً} قَالَ: لِبَاس الزِّينَة {ولباس التَّقْوَى} قَالَ: الإِسلام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وريشاً} قَالَ: المَال واللباس والعيش وَالنَّعِيم وَفِي قَوْله {ولباس التَّقْوَى} قَالَ: الإِيمان وَالْعَمَل الصَّالح {ذَلِك خير} قَالَ: الإِيمان وَالْعَمَل خير من الريش واللباس وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وريشا} يَقُول: مَالا وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لبس ثوبا جَدِيدا قَالَ الْحَمد لله الَّذِي كساني من الرياش مَا أواري بِهِ عورتي وأتجمل بِهِ فِي النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: الرياش: الْجمال وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ {وريشاً} قَالَ: الرياش: المَال قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: فرشني بِخَير طَال مَا قد بريتني وَخير الموَالِي من يريش وَلَا يبري وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لباسا يواري سوآتكم وريشاً} قَالَ: هُوَ اللبَاس {ولباس التَّقْوَى} قَالَ: هُوَ الإِيمان وَقد أنزل الله اللبَاس ثمَّ قَالَ: خير اللبَاس التَّقْوَى وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَهَا (وريشاً ولباس التَّقْوَى) بِالرَّفْع وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (وريشاً) بِغَيْر ألف (ولباس التَّقْوَى) بِالرَّفْع وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عُثْمَان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {وريشا} وَلم يقل: وريشاً

وَأخرج ابْن جرير عَن زر بن حُبَيْش أَنه قَرَأَهَا (ورياشاً) وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن معبد الْجُهَنِيّ فِي قَوْله {ولباس التَّقْوَى} قَالَ: هُوَ الْحيَاء ألم تَرَ أَن الله قَالَ {يَا بني آدم قد أنزلنَا عَلَيْكُم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التَّقْوَى} فاللباس الَّذِي يواري سوءاتكم: هُوَ لبوسكم والرياش المعاش ولباس التَّقْوَى: الْحيَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {ولباس التَّقْوَى} قَالَ: يَتَّقِي الله فيواري عَوْرَته ذَاك لِبَاس التَّقْوَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {ولباس التَّقْوَى} قَالَ: مَا يلبس المتقون يَوْم الْقِيَامَة {ذَلِك خير} من لِبَاس أهل الدُّنْيَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء فِي قَوْله {ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير} قَالَ: مَا يلبس المتقون يَوْم الْقِيَامَة خير مِمَّا يلبس أهل الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ولباس التَّقْوَى} قَالَ: السمت الْحسن فِي الْوَجْه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من عبد عمل خيرا أَو شرا إِلَّا كسى رِدَاء عمله حَتَّى يعرفوه وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: رَأَيْت عُثْمَان على الْمِنْبَر قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا الله فِي هَذِه السرائر فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا عمل أحد عملا قطّ سرا إِلَّا ألبسهُ الله رِدَاءَهُ عَلَانيَة إِن خيرا فَخير وَإِن شرا فشر ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وريشا} وَلم يقل وريشاً {ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير} قَالَ: السمت الْحسن وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {لباسا يواري سوآتكم} قَالَ: هِيَ الثِّيَاب {وريشا} قَالَ: المَال {ولباس التَّقْوَى} قَالَ: الإِيمان {ذَلِك خير} يَقُول: ذَلِك خير من الرياش واللباس يواري سوءاتكم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ينْزع عَنْهُمَا لباسهما} قَالَ: التَّقْوَى وَفِي قَوْله {إِنَّه يراكم هُوَ وقبيله} قَالَ: الْجِنّ وَالشَّيَاطِين وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مُنَبّه {ينْزع عَنْهُمَا لباسهما} قَالَ: النُّور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وقبيله} قَالَ: نَسْله وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {إِنَّه يراكم هُوَ وقبيله من حَيْثُ لَا ترونهم} قَالَ: وَالله ان عدوا يراك من حَيْثُ لَا ترَاهُ لشديد الْمُؤْنَة إِلَّا من عصم الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: سَأَلَ أَن يرى وَلَا يرى وَأَن يخرج من تَحت الثرى وَإنَّهُ مَتى شَاب عَاد فَتى فَأُجِيب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مطرف أَنه كَانَ يَقُول: لَو أَن رجلا رأى صيدا وَالصَّيْد لَا يرَاهُ فختله ألم يُوشك أَن يَأْخُذهُ قَالُوا: بلَى قَالَ: فَإِن الشَّيْطَان يَرَانَا وَنحن لَا نرَاهُ وَهُوَ يُصِيب منا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أيّما رجل مِنْكُم تخيل لَهُ الشَّيْطَان حَتَّى يرَاهُ فَلَا يَصُدَّنَّ عَنهُ وليمضِ قدماً فَإِنَّهُم مِنْكُم أَشد فرقا مِنْكُم مِنْهُم فَإِنَّهُ إِن صد عَنهُ رَكبه وَإِن مضى هرب مِنْهُ قَالَ مُجَاهِد: فانا ابْتليت بِهِ حَتَّى رَأَيْته فَذكرت قَول ابْن عَبَّاس فمضيت قدماً فهرب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن نعيم بن عمر قَالَ: الْجِنّ لَا يرَوْنَ الشَّيَاطِين بِمَنْزِلَة الْإِنْس - الْآيَة (28)

28

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا فعلوا فَاحِشَة قَالُوا وجدنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا} قَالَ: كَانُوا يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة فنهوا عَن ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذا فعلوا فَاحِشَة} قَالَ: فاحشتهم أَنهم كَانُوا يطوفون حول الْبَيْت عُرَاة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَإِذا فعلوا فَاحِشَة}

الْآيَة قَالَ: كَانَ قَبيلَة من الْعَرَب من أهل الْيمن يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة فَإِذا قيل لَهُم لم تَفْعَلُونَ ذَلِك قَالُوا: وجدنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وأمرنا الله بهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ الرِّجَال يطوفون بِالْبَيْتِ بِالنَّهَارِ عُرَاة وَالنِّسَاء بِاللَّيْلِ عُرَاة وَيَقُولُونَ: إِنَّا وجدنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَالله أمرنَا بهَا فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام وأخلاقه الْكَرِيمَة نهوا عَن ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: وَالله مَا أكْرم الله عبدا قطّ على مَعْصِيَته وَلَا رضيها لَهُ وَلَا أَمر بهَا وَلَكِن رَضِي لكم بِطَاعَتِهِ ونهاكم عَن مَعْصِيَته - الْآيَة (29 - 30)

29

- أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قل أَمر رَبِّي بِالْقِسْطِ} قَالَ: بِالْعَدْلِ {وَأقِيمُوا وُجُوهكُم عِنْد كل مَسْجِد} قَالَ: إِلَى الْكَعْبَة حَيْثُ صليتم فِي كَنِيسَة أَو غَيرهَا {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} قَالَ: شقي أَو سعيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وادعوه مُخلصين لَهُ الدّين كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} يَقُول: اخلصوا لَهُ الدّين كَمَا بَدَأَكُمْ فِي زمَان آدم حَيْثُ فطرهم على الإِسلام يَقُول: فَادعوهُ كَذَلِك لَا تَدْعُو لَهَا غَيره وَأمرهمْ أَن يخلصوا لَهُ الدّين والدعوة وَالْعَمَل ثمَّ يوجهوا وُجُوههم إِلَى الْبَيْت الْحَرَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} الْآيَة قَالَ: إِن الله بَدَأَ خلق بني آدم مُؤمنا وكافراً كَمَا قَالَ {هُوَ الَّذِي خَلقكُم فمنكم كَافِر ومنكم مُؤمن} التغابن الْآيَة 2 ثمَّ يعيدهم يَوْم الْقِيَامَة كَمَا بَدَأَ خلقهمْ مُؤمنا وكافراً وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر فِي الْآيَة قَالَ: يبعثون على مَا كَانُوا عَلَيْهِ الْمُؤمن على ايمانه وَالْمُنَافِق على نفَاقه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} {فريقاً هدى وفريقاً حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} قَالَ: من ابْتَدَأَ الله خلقه على الْهدى والسعاده صيره إِلَى مَا ابْتَدَأَ عَلَيْهِ خلقه كَمَا فعل بالسحرة ابْتَدَأَ خلقهمْ على الْهدى والسعادة حَتَّى تَوَفَّاهُم مُسلمين وكما فعل إِبْلِيس ابْتَدَأَ خلقه على الْكفْر والضلالة وَعمل بِعَمَل الْمَلَائِكَة فصيره الله إِلَى مَا ابْتَدَأَ خلقه عَلَيْهِ من الْكفْر قَالَ الله تَعَالَى {وَكَانَ من الْكَافرين} الْبَقَرَة الْآيَة 34 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} يَقُول: كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة كَذَلِك تعودُونَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} قَالَ: كَمَا بَدَأَكُمْ وَلم تَكُونُوا شَيْئا فأحياكم كَذَلِك يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} قَالَ: خلقهمْ من التُّرَاب وَإِلَى التُّرَاب يعودون قَالَ: وَقيل فِي الْحِكْمَة: مَا فَخر من خلق من التُّرَاب وَإِلَى التُّرَاب يعود وَمَا تكبر من هُوَ الْيَوْم حَيّ وَغدا يَمُوت وَأَن الله وعد المتكبرين أَن يضعهم وَيرْفَع الْمُسْتَضْعَفِينَ فَقَالَ {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم وَمِنْهَا نخرجكم تَارَة أُخْرَى} طه الْآيَة 55 ثمَّ قَالَ {فريقاً هدى وفريقاً حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة إِنَّهُم اتَّخذُوا الشَّيَاطِين أَوْلِيَاء من دون الله وَيَحْسبُونَ أَنهم مهتدون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} قَالَ: إِن تَمُوتُوا يحْسب الْمُهْتَدي أَنه على هدى ويحسب الْغَنِيّ أَنه على هدى حَتَّى يتَبَيَّن لَهُ عِنْد الْمَوْت وَكَذَلِكَ تبعثون يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ قَوْله {وَيَحْسبُونَ أَنهم مهتدون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} قَالَ: كَمَا كتب عَلَيْكُم تَكُونُونَ {فريقاً هدى وفريقاً حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة}

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عمر بن أبي مَعْرُوف قَالَ: حَدثنِي رجل ثِقَة فِي قَوْله {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} قَالَ: قلفاً بظرا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل بن وهب الْعَبْدي أَن تَأْوِيل هَذِه الْآيَة {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} تكون فِي آخر هَذِه الْأمة وَأخرج البُخَارِيّ فِي الضُّعَفَاء عَن عبد الغفور بن عبد الْعَزِيز بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله تَعَالَى يمسخ خلقا كثيرا وَإِن الإِنسان يَخْلُو بمعصيته فَيَقُول الله تَعَالَى استهانة بِي فيمسخه ثمَّ يَبْعَثهُ يَوْم الْقِيَامَة إنْسَانا يَقُول {كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ} ثمَّ يدْخلهُ النَّار - الْآيَة (31)

31

- أخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَن النِّسَاء كن يطفن عُرَاة إِلَّا أَن تجْعَل الْمَرْأَة على فرجهَا خرقَة وَتقول: الْيَوْم يَبْدُو بعضه أَو كُله وَمَا بدا مِنْهُ فَلَا أحله وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ النَّاس يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة يَقُولُونَ: لَا نطوف فِي ثِيَاب اذنبنا فِيهَا فَجَاءَت امْرَأَة فَأَلْقَت ثِيَابهَا وطافت وَوضعت يَدهَا على قَلبهَا وَقَالَت: الْيَوْم يَبْدُو بعضه أَو كُله فَمَا بدا مِنْهُ فَلَا أحله فَنزلت هَذِه الْآيَة {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} إِلَى قَوْله {والطيبات من الرزق} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} قَالَ: كَانَ رجال يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة فَأَمرهمْ الله بالزينة والزينة اللبَاس وَهُوَ مَا يواري السوءة وَمَا سوى ذَلِك من جيّد الْبَز وَالْمَتَاع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} قَالَ: مَا وارى الْعَوْرَة وَلَو عباءة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} قَالَ: الثِّيَاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن طَاوس قَالَ: الشملة من الزِّينَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة يأْتونَ الْبيُوت من ظُهُورهَا فيدخلونها من ظُهُورهَا وهم حَيّ من قُرَيْش يُقَال لَهُم الحمس فَأنْزل الله {يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ نَاس من الْعَرَب يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة حَتَّى ان كَانَت الْمَرْأَة لتطوف بِالْبَيْتِ وَهِي عُرْيَانَة فَأنْزل الله {يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} قَالَ: كَانُوا يطوفون عُرَاة بِالْبَيْتِ فَأَمرهمْ الله تَعَالَى أَن يلبسوا ثِيَابهمْ وَلَا يتعروا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْعَرَب إِذا حجُّوا فنزلوا أدنى الْحرم نزعوا ثِيَابهمْ وَوَضَعُوا رداءهم ودخلوا مَكَّة بِغَيْر رِدَاء إِلَّا أَن يكون للرجل مِنْهُم صديق من الحمس فيعيره ثَوْبه ويطعمه من طَعَامه فَأنْزل الله {يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة فَأنْزل الله {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ حَيّ من أهل الْيمن يطوفون بِالْبَيْتِ وهم عُرَاة إِلَّا أَن يستعير أحدهم مئزراً من ميازر أهل مَكَّة فيطوف فِيهِ فَأنْزل الله {يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن طَاوس فِي الْآيَة قَالَ: لم يَأْمُرهُم بِلبْس الْحَرِير والديباج وَلَكنهُمْ كَانُوا يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة وَكَانُوا إِذا قدمُوا يضعون ثِيَابهمْ خَارِجا من الْمَسْجِد ثمَّ يدْخلُونَ وَكَانَ إِذا دخل رجل وَعَلِيهِ ثِيَابه يضْرب وتنزع مِنْهُ ثِيَابه فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد}

وَأخرج ابْن عدي وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُذُوا زِينَة الصَّلَاة قَالُوا: وَمَا زِينَة الصَّلَاة قَالَ: البسوا نعالكم فصلوا فِيهَا وَأخرج الْعقيلِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} قَالَ صلوا فِي نعالكم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا أكْرم الله بِهِ هَذِه الْأمة لبس نعَالهمْ فِي صلَاتهم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خالفوا الْيَهُود فَإِنَّهُم لَا يصلونَ فِي خفافهم وَلَا نعَالهمْ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا صلى أحدكُم فَخلع نَعْلَيْه فَلَا يؤذ بهما أحدا ليجعلهما بَين رجلَيْهِ أَو لِيُصَلِّ فيهمَا وَأخرج أَبُو يعلى بِسَنَد ضَعِيف عَن عَليّ بن أبي طَالب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ زين الصَّلَاة الْحذاء وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خالفوا الْيَهُود وصلوا فِي نعالكم فَإِنَّهُم لَا يصلونَ فِي خفافهم وَلَا فِي نعَالهمْ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن مَسْعُود عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من تَمام الصَّلَاة الصَّلَاة فِي النَّعْلَيْنِ وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مشيخة من الْأَنْصَار بيض لحاهم فَقَالَ: يَا معشر الْأَنْصَار حمِّرُوا وصفِّروا وخالفوا أهل الْكتاب قيل يَا رَسُول الله إِن أهل الْكتاب يتسرولون وَلَا يَأْتَزِرُونَ فَقَالَ رَسُول الله: تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الْكتاب قُلْنَا: يَا رَسُول الله إِن أهل الْكتاب يتخففون وَلَا ينتعلون فَقَالَ: تخففوا وَانْتَعِلُوا وخالفوا أهل الْكتاب قُلْنَا يَا رَسُول الله إِن أهل الْكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم فَقَالَ: قصوا سبالكم ووفِرُوا عثانينكم وخالفوا أهل الْكتاب وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أنس أَنه سُئِلَ أَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي نَعْلَيْه قَالَ: نعم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وجهني على بن أبي طَالب إِلَى ابْن الْكواء وَأَصْحَابه وَعلي قَمِيص رَقِيق وحلة فَقَالُوا لي: أَنْت ابْن عَبَّاس وتلبس مثل

هَذِه الثِّيَاب فَقلت: أول مَا أخاصمكم بِهِ قَالَ الله {قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ} الْأَعْرَاف الْآيَة 32 و {خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد} وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلبس فِي الْعِيدَيْنِ بردي حبرَة وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما خرجت الحرورية أتيت عليا فَقَالَ: ائْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْم فَلبِست أحسن مَا يكون من حلل الْيمن فأتيتهم فَقَالُوا: مرْحَبًا بك يَا ابْن عَبَّاس مَا هَذِه الْحلَّة قلت: مَا تعيبون عليّ لقد رَأَيْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسن مَا يكون من الْحلَل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا صلى أحدكُم فليلبس ثوبيه فَإِن الله عز وَجل أَحَق من تزين لَهُ فَإِن لم يكن لَهُ ثَوْبَان فليتزر إِذا صلى وَلَا يشْتَمل أحدكُم فِي صلَاته اشْتِمَال الْيَهُود وَأخرج الشَّافِعِي وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يصلين أحدكُم فِي الثَّوْب الْوَاحِد لَيْسَ على عَاتِقه مِنْهُ شَيْء وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُصَلِّي الرجل فِي لِحَاف لَا يتوشح بِهِ وَنهى أَن يُصَلِّي الرجل فِي سَرَاوِيل وَلَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاء وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أحسن مَا زرتم الله بِهِ فِي قبوركم ومساجدكم الْبيَاض وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البسوا من ثيابكم الْبيَاض فَإِنَّهَا من خير ثيابكم وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألبسوا ثِيَاب الْبيَاض فَإِنَّهَا أطهر وَأطيب وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي الْأَحْوَص عَن أَبِيه قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثوب دون فَقَالَ: أَلَك مَال قَالَ: نعم قَالَ: من أَي المَال قَالَ: قد آتَانِي الله من الإِبل وَالْغنم وَالْخَيْل وَالرَّقِيق قَالَ: فَإِذا آتاك الله فلير أثر نعْمَة الله عَلَيْك وكرامته وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يحب أَن يرى أثر نعْمَته على عَبده

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدْخل النَّار من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من إِيمَان وَلَا يدْخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من كبر قَالَ رجل: يَا رَسُول الله انه يُعجبنِي أَن يكون ثوبي غسيلاً ورأسي دهيناً وشراك نَعْلي جَدِيدا وَذكر أَشْيَاء حَتَّى ذكرعلاقة سَوْطه فَمن الْكبر ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: لَا ذَاك الْجمال إِن الله عز وَجل جميل يحب الْجمال وَلَكِن الْكبر من سفه الْحق وازدرى النَّاس وَأخرج ابْن سعد عَن جُنْدُب بن مكيث قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قدم الْوَفْد لبس أحسن ثِيَابه وَأمر عَلَيْهِ أَصْحَابه بذلك وَأخرج أَحْمد عَن سهل بن الحنظلية قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنَّكُم قادمون على إخْوَانكُمْ فأصلحوا رحالكُمْ واصلحوا لباسكم حَتَّى تَكُونُوا فِي النَّاس كأنكم شامة فَإِن الله لَا يحب الْفُحْش وَلَا التَّفَحُّش أما قَوْله تَعَالَى: {وكلوا وَاشْرَبُوا} الْآيَة أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: احل الله الْأكل وَالشرب مَا لم يكن سَرفًا ومخيلة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: احل الله الْأكل وَالشرب مَا لم يكن سَرفًا أَو مخيلة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّه لَا يحب المسرفين} قَالَ: فِي الطَّعَام وَالشرَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَلَا تسرفوا} قَالَ: فِي الثِّيَاب وَالطَّعَام وَالشرَاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلَا تسرفوا} قَالَ: لَا تَأْكُلُوا حَرَامًا ذَلِك إِسْرَاف وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كلوا وَاشْرَبُوا وتصدقوا وَالْبَسُوا فِي غير مخيلة وَلَا سرف فَإِن الله سُبْحَانَهُ يحب أَن يرى أثر نعْمَته على عَبده وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عَائِشَة قَالَت رَآنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أكلت فِي الْيَوْم

مرَّتَيْنِ فَقَالَ: يَا عَائِشَة أما تحبين أَن يكون لَك شغل إِلَّا فِي جوفك الْأكل فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ من الإِسراف وَالله لَا يحب المسرفين وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الإِسراف أَن تَأْكُل كل مَا اشْتهيت وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن قَالَ: دخل عمر على ابْنه عبد الله بن عمر إِذا عِنْدهم لحم فَقَالَ: مَا هَذَا اللَّحْم قَالَ: اشتهيته قَالَ: وَكلما اشْتهيت شَيْئا أَكلته كفى بِالْمَرْءِ: إسرافاً أَن يَأْكُل كلما اشْتهى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل مَا شِئْت واشرب مَا شِئْت والبس مَا شِئْت إِذا أَخْطَأتك اثْنَتَانِ سرف أَو مخيلة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: من السَّرف أَن يكتسي الإِنسان وَيَأْكُل وَيشْرب مَا لَيْسَ عِنْده وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير أَنه سُئِلَ مَا الإِسراف فِي المَال قَالَ: أَن يرزقك الله مَالا حَلَالا فتنفقه فِي حرَام حرمه عَلَيْك وَأخرج ابْن ماجة عَن سلمَان أَنه أكره على طَعَام يَأْكُلهُ فَقَالَ: حسبي أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن أَكثر النَّاس شبعاً فِي الدُّنْيَا أطولهم جوعا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن ماجة عَن ابْن عمر قَالَ: تجشى رجل عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كف جشاك عَنَّا فَإِن أطولكم جوعا يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرَكُم شبعاً فِي دَار الدُّنْيَا وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَابْن السّني فِي الطِّبّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الطِّبّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا مَلأ ابْن آدم وعَاء شرا من بطن حسب ابْن آدم لقيمات يقمن صلبه فَإِن كَانَ لَا محَالة فثلث لطعامه وَثلث لشرابه وَثلث لنَفسِهِ وَأخرج ابْن السّني وَأَبُو نعيم فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن المرقع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لم يخلق وعَاء إِذا ملىء شرا من بطن فَإِن كَانَ لَا بُد فاجعلوا ثلثا للطعام وَثلثا للشراب وَثلثا للريح

وَأخرج ابْن السّني وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصل كل دَاء الْبردَة وَأخرج ابْن السّني وَأَبُو نعيم من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ مثله وَأخرج أَبُو نعيم عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إيَّاكُمْ والبطنة فِي الطَّعَام وَالشرَاب فَإِنَّهَا مفْسدَة للجسد مورثة للسقم ومكسلة عَن الصَّلَاة وَعَلَيْكُم بِالْقَصْدِ فيهمَا فَإِنَّهُ أصلح للجسد وَأبْعد من السَّرف وَأَن الله تَعَالَى ليبغض الحبر السمين وَإِن الرجل لن يهْلك حَتَّى يُؤثر شَهْوَته على دينه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أَرْطَاة قَالَ: اجْتمع رجال من أهل الطِّبّ عِنْد ملك من الْمُلُوك فَسَأَلَهُمْ مَا رَأس دَوَاء الْمعدة فَقَالَ كل رجل مِنْهُم قولا وَفِيهِمْ رجل سَاكِت فَلَمَّا فرغوا قَالَ: مَا تَقول أَنْت قَالَ: ذكرُوا أَشْيَاء وَكلهَا تَنْفَع بعض النَّفْع وَلَكِن ملاك ذَلِك ثَلَاثَة أَشْيَاء لَا تَأْكُل طَعَاما أبدا إِلَّا وَأَنت تشتهيه وَلَا تَأْكُل لَحْمًا يُطْبَخُ لَك حَتَّى تنعم إنضاجه وَلَا تبتلع لقْمَة أبدا حَتَّى تمضغها مضغاً شَدِيدا لَا يكون على الْمعدة فِيهَا مؤونة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْموصِلِي قَالَ: أخرج من جَمِيع الْكَلَام أَرْبَعَة الآف كلمة وَأخرج مِنْهَا أَرْبَعمِائَة كلمة وَأخرج مِنْهَا أَرْبَعُونَ كلمة وَأخرج مِنْهَا أَربع كَلِمَات أَولهَا لَا تثقفن بِالنسَاء وَالثَّانيَِة لَا تحمل معدتك مَا لَا تطِيق وَالثَّالِثَة لَا يغرنك المَال وَالرَّابِعَة يَكْفِيك من الْعلم مَا تنْتَفع بِهِ وَأخرج أَبُو مُحَمَّد الْخلال عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا وَهِي تَشْتَكِي فَقَالَ لَهَا: يَا عَائِشَة الازم دَوَاء والمعدة بَيت الادواء وعودوا بدنا مَا اعْتَادَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن محب عَن أَبِيه قَالَ: الْمعدة حَوْض الْجَسَد وَالْعُرُوق تشرع فِيهِ فَمَا ورد فِيهَا بِصِحَّة صدر بِصِحَّة وَمَا ورد فِيهَا بسقم صدر بسقم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن السّني وَأَبُو نعيم معافى الطِّبّ النَّبَوِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمعدة حَوْض الْبدن وَالْعُرُوق إِلَيْهَا وَارِدَة فَإِذا صحت الْمعدة صدرت الْعُرُوق بِالصِّحَّةِ وَإِذا فَسدتْ الْمعدة صدرت الْعُرُوق بِالسقمِ

- الْآيَة (32)

32

- أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت قُرَيْش يطوفون بِالْبَيْتِ وهم عُرَاة يصفرون ويصفقون فَأنْزل الله {قل من حرم زِينَة الله} فَأمروا بالثياب أَن يلبسوها {قل هِيَ للَّذين آمنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا خَالِصَة يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: يَنْتَفِعُونَ بهَا فِي الدُّنْيَا لَا يتبعهُم فِيهَا إِثْم يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر عَن عَائِشَة أَنَّهَا سُئِلت عَن مقانع القز فَقَالَت: مَا حرم الله شَيْئا من الزِّينَة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك {قل هِيَ للَّذين آمنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا خَالِصَة يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: الْمُشْركُونَ يشاركون الْمُؤمنِينَ فِي زهرَة الدُّنْيَا وَهِي خَالِصَة يَوْم الْقِيَامَة للْمُؤْمِنين دون الْمُشْركين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس والطيبات من الرزق قَالَ: الودك وَاللَّحم وَالسمن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ قوم يحرمُونَ من الشَّاة لَبنهَا ولحمها وسمنها فَأنْزل الله {قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ والطيبات من الرزق} قَالَ: والزينة الثِّيَاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {والطيبات من الرزق} قَالَ: هُوَ مَا حرم أهل الْجَاهِلِيَّة عَلَيْهِم فِي أَمْوَالهم الْبحيرَة والسائبة والوصيلة والحامي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْجَاهِلِيَّة يحرمُونَ أَشْيَاء أحلهَا الله من الثِّيَاب وَغَيرهَا وَهُوَ قَول الله {قل أَرَأَيْتُم مَا أنزل الله لكم من رزق فجعلتم مِنْهُ حَرَامًا وحلالا} يُونُس الْآيَة 59 وَهُوَ هَذَا فَأنْزل الله {قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ والطيبات من الرزق قل هِيَ للَّذين آمنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا}

يَعْنِي شَارك الْمُسلمُونَ الْكفَّار فِي الطَّيِّبَات فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا فَأَكَلُوا من طَيّبَات طعامها ولبسوا من جِيَاد ثِيَابهَا ونكحوا من صَالح نسائها ثمَّ يخلص الله الطَّيِّبَات فِي الْآخِرَة للَّذين آمنُوا وَلَيْسَ للْمُشْرِكين فِيهَا شَيْء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: الزِّينَة تخلص يَوْم الْقِيَامَة لمن آمن فِي الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم قَالَ: سَمِعت الْحجَّاج بن يُوسُف يقْرَأ (قل هِيَ للَّذين آمنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا خَالِصَة) بِالرَّفْع قَالَ عَاصِم: وَلم يبصر الْحجَّاج اعرابها وَقرأَهَا عَاصِم بِالنّصب (خَالِصَة) - الْآيَة (33)

33

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن} قَالَ: مَا ظهر الْعرية وَمَا بطن الزِّنَا كَانُوا يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أحد أغير من الله فَلذَلِك حرم الْفَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: قَالَ سعد بن عبَادَة: لَو رَأَيْت رجلا مَعَ امْرَأَتي لضربته بِالسَّيْفِ فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أتعجبون من غيرَة سعد فو الله لأَنا أَغْيَرُ مِنْ سعد وَالله أغْيَرُ مني وَمن أَجله حرم الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَلَا شخص أغير من الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله أما تغار قَالَ وَالله إِنِّي لأغار وَالله أغْيَرُ مني وَمن غيرته نهى عَن الْفَوَاحِش وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن {قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن} قَالَ: مَا ظهر مِنْهَا الِاغْتِسَال بِغَيْر ستْرَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن يحيى بن أبي كثير أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي

أصبت حدا فأقمه عليَّ فجلده ثمَّ صعد الْمِنْبَر وَالْغَضَب يعرف فِي وَجهه فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِن الله حرم عَلَيْكُم الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن فَمن أصَاب مِنْهَا شَيْئا فليستتر بسترالله فَإِنَّهُ من يرفع إِلَيْنَا من ذَلِك شَيْئا نقمة عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جَعْفَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي غيور وَإِن إِبْرَاهِيم كَانَ غيوراً وَمَا من امرىء لَا يغار إِلَّا منكوس الْقلب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {والإِثم} قَالَ: الْمعْصِيَة وَالْبَغي قَالَ: إِن تبغى على النَّاس بِغَيْر حق - الْآيَة (34)

34

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص وَابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: تَذَاكرنَا زِيَادَة الْعُمر عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا: من وصل رَحمَه أنسء فِي أَجله فَقَالَ إِنَّه لَيْسَ بزائدة فِي عمره قَالَ الله {فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} وَلَكِن الرجل يكون لَهُ الذُّرِّيَّة الصَّالِحَة فَيدعونَ الله لَهُ من بعده فيبلغه ذَلِك فَذَلِك الَّذِي ينسأ فِي أبده وَفِي لفظ: فيلحقه دعاؤهم فِي قَبره فَذَلِك زِيَادَة الْعُمر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن أبي عرُوبَة قَالَ: كَانَ الْحسن يَقُول: مَا أَحمَق هَؤُلَاءِ الْقَوْم يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ أطل عمره وَالله يَقُول {فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب قَالَ: لما طعن عمر قَالَ كَعْب: لَو دَعَا الله عمر لأَخَّر فِي أَجله فَقيل لَهُ: أَلَيْسَ قد قَالَ الله {فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} فَقَالَ كَعْب: وَقد قَالَ الله {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره إِلَّا فِي كتاب} فاطر الْآيَة 11 قَالَ الزُّهْرِيّ: وَلَيْسَ أحد إِلَّا لَهُ عمر مَكْتُوب فَرَأى أَنه مَا لم يحضر أَجله فَإِن الله يُؤَخر مَا شَاءَ وَينْقص {فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}

وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات عَن كَعْب قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل ملك إِذا ذَكرْنَاهُ ذكرنَا عمر وَإِذا ذكرنَا عمر ذَكرْنَاهُ وَكَانَ إِلَى جنبه نَبِي يُوحى إِلَيْهِ فَأوحى الله إِلَى النَّبِي أَن يَقُول لَهُ: أَعهد عَهْدك واكتب إِلَى وصيتك فَإنَّك ميت إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام فَأخْبرهُ النَّبِي بذلك فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّالِث وَقع بَين الْجدر وَبَين السرير ثمَّ جَار إِلَى ربه فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي كنت أعدل فِي الحكم وَإِذا اخْتلفت الْأُمُور اتبعت هداك وَكنت فزدني فِي عمري حَتَّى يكبر طفلي وتربو أمتِي فَأوحى الله إِلَى النَّبِي: أَنه قد قَالَ كَذَا وَكَذَا وَقد صدق: وَقد زِدْته فِي عمره خمس عشرَة سنة فَفِي ذَلِك مَا يكبر طِفْله وتربو أمته فَلَمَّا طعن عمر قَالَ كَعْب: لَئِن سَأَلَ عمر ليبقينه فَأخْبر بذلك عمر فَقَالَ: اللَّهُمَّ اقبضني إِلَيْك غير عَاجز وَلَا ملوم وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: لما طعن عمر جَاءَ كَعْب فَجعل يبكي بِالْبَابِ وَيَقُول: وَالله لَو أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ يقسم على الله أَن يُؤَخِّرهُ لأخَّرَهُ فَدخل ابْن عَبَّاس عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا كَعْب يَقُول كَذَا وَكَذَا قَالَ: إِذا - وَالله - لَا أسأله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن لَبِيبَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: جَاءَ سعد بن أبي وَقاص فَقَالَ: يَا رب إِن لي بَنِينَ صغَارًا فأخِّر عني الْمَوْت حَتَّى يبلغُوا فَأخر عَنهُ الْمَوْت عشْرين سنة وَأخرج أَحْمد عَن ثَوْبَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من سره النسأ فِي الْأَجَل والزياده فِي الرزق فَليصل رَحمَه وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ولي من أَمر أمتِي شَيْئا فحسنت سَرِيرَته رزق الهيبة من قُلُوبهم وَإِذا بسط يَده لَهُم بِالْمَعْرُوفِ رزق الْمحبَّة مِنْهُم وَإِذا وفر عَلَيْهِم أَمْوَالهم وفر الله عَلَيْهِ مَاله وَإِذا أنصف الضَّعِيف من الْقوي قوّى الله سُلْطَانه وَإِذا عدل مدَّ فِي عمره وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: من اتَّقى ربه وَوصل رَحمَه نسىء لَهُ فِي عمره وَربا مَاله وأحبه أَهله

- الْآيَة (35 - 36)

35

- أخرج ابْن جرير عَن أبي سيار السّلمِيّ فَقَالَ: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى جعل آدم وَذريته فِي كَفه فَقَالَ {يَا بني آدم إِمَّا يَأْتينكُمْ رسل مِنْكُم يقصون عَلَيْكُم آياتي فَمن اتَّقى وَأصْلح فَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} ثمَّ نظر إِلَى الرُّسُل فَقَالَ {يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عليم} الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 51 {وَإِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة وَأَنا ربكُم فاتقون} الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 53 ثمَّ بثهم - الْآيَة (37)

37

- أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أُولَئِكَ ينالهم نصِيبهم من الْكتاب} قَالَ: مَا قدر لَهُم من خير وَشر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أُولَئِكَ ينالهم نصِيبهم من الْكتاب} قَالَ: من الْأَعْمَال من عمل خيرا جزى بِهِ وَمن عمل شرا جزى بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ونصيبهم من الْكتاب قَالَ: مَا كتب عَلَيْهِم من الشَّقَاء والسعادة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أُولَئِكَ ينالهم نصِيبهم من الْكتاب} قَالَ: قوم يعْملُونَ أعمالاً لَا بُد لَهُم أَن يعملوها

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أُولَئِكَ ينالهم نصِيبهم من الْكتاب} قَالَ: مَا سبق من الْكتاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {نصِيبهم من الْكتاب} قَالَ: مَا وعدوا فِيهِ من خير أَو شَرّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {أُولَئِكَ ينالهم نصِيبهم من الْكتاب} قَالَ: رزقه وأجله وَعَمله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح فِي قَوْله {نصِيبهم من الْكتاب} قَالَ: من الْعَذَاب وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {ينالهم نصِيبهم من الْكتاب} قَالَ: مِمَّا كتب لَهُم من الرزق - الْآيَة (38 - 39)

38

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {قد خلت} قَالَ: قد مَضَت {كلما دخلت أمة لعنت أُخْتهَا} قَالَ: كلما دخلت أهل مِلَّة لعنُوا أَصْحَابهم على ذَلِك الدّين يلعن الْمُشْركُونَ الْمُشْركين وَالْيَهُود الْيَهُود وَالنَّصَارَى النَّصَارَى والصابئون الصابئين وَالْمَجُوس الْمَجُوس تلعن الْآخِرَة الأولى {حَتَّى إِذا ادَّاركوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَت أخراهم} الَّذين كَانُوا فِي آخر الزَّمَان {لأولاهم} الَّذين شرعوا لَهُم ذَلِك الدّين {رَبنَا هَؤُلَاءِ أضلونا فآتهم عذَابا ضعفا} للأولى وَالْآخِرَة {وَقَالَت أولاهم لأخراهم فَمَا كَانَ لكم علينا من فضل} وَقد ضللتم كَمَا ضللنا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {عذَابا ضعفا} قَالَ: مضاعفاً {قَالَ لكل ضعف} قَالَ: مضاعف وَفِي قَوْله {فَمَا كَانَ لكم علينا من فضل} قَالَ: تَخْفيف من الْعَذَاب وَأخرج عبد بن حميد ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز فِي قَوْله {وَقَالَت أولاهم لأخراهم فَمَا كَانَ لكم علينا من فضل} يَقُول: قد بيَّن لكم مَا صنع بِنَا من الْعَذَاب حِين عصينا وحذرتم فَمَا فَضلكُمْ علينا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ الْحسن: الْجِنّ لَا يموتون فَقلت لَهُ: ألم يقل الله {فِي أُمَم قد خلت من قبلكُمْ من الْجِنّ والإِنس} وَإِنَّمَا يكون مَا خلا مَا قد ذهب وَالله تَعَالَى أعلم - الْآيَة (40)

40

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} يَعْنِي لَا يصعد إِلَى الله من عَمَلهم شَيْء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: لَا تفتح لَهُم لعمل وَلَا دُعَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: عَيَّرَتها الْكفَّار إِن السَّمَاء لَا تفتح لأرواحهم وَهِي تفتح لأرواح الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفتح لَهُم بِالْيَاءِ وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمَيِّت تحضره الْمَلَائِكَة فَإِذا كَانَ الرجل صَالحا قَالَ: أَخْرِجِي أيتها النَّفس الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب

أَخْرِجِي حميدة وابشري بِروح وَرَيْحَان وَرب رَاض غير غَضْبَان فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَإِذا كَانَ الرجل السوء قَالَ: أَخْرِجِي أيتها النَّفس الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث أَخْرِجِي ذميمة وابشري بحميم وغساق وَآخر من شكله أَزوَاج فَلَا يزَال يُقَال لَهَا ذَلِك حَتَّى تخرج ثمَّ يعرج بهَا إِلَى السَّمَاء فيستفتح لَهَا فَيُقَال: من هَذَا فَيُقَال: فلَان فَيُقَال: لَا مرْحَبًا بِالنَّفسِ الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث ارجعي ذميمة فَإِنَّهَا لَا تفتح لَك أَبْوَاب السَّمَاء فترسل من السَّمَاء ثمَّ تصير إِلَى الْقَبْر وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: تخرج نفس الْمُؤمن وَهِي أطيب ريحًا من الْمسك فيصعد بهَا الْمَلَائِكَة الَّذين يتوفونها فَتَلقاهُمْ مَلَائِكَة دون السَّمَاء فَيَقُولُونَ: من هَذَا مَعكُمْ فَيَقُولُونَ: فلَان ويذكرونه بِأَحْسَن عمله فَيَقُولُونَ: حياكم الله وَحيا من مَعكُمْ فَيفتح لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء فيصعد بِهِ من الْبَاب الَّذِي كَانَ يصعد عمله مِنْهُ فيشرق وَجهه فَيَأْتِي الرب ولوجهه برهَان مثل الشَّمْس قَالَ: وَأما الْكَافِر فَتخرج نَفسه وَهِي أنتن من الجيفة فيصعد بهَا الْمَلَائِكَة الَّذين يتوفونها فَتَلقاهُمْ مَلَائِكَة دون السَّمَاء فَيَقُولُونَ: من هَذَا فَيَقُولُونَ فلَان ويذكرونه باسوأ [هجاء الْهمزَة] عمله فَيَقُولُونَ: ردُّوهُ فَمَا ظلمه الله شَيْئا فَيرد إِلَى أَسْفَل الْأَرْضين إِلَى الثرى وَقَرَأَ أَبُو مُوسَى {وَلَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وهناد بن السّري وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْر وَلما يلْحد فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَلَسْنَا حوله وَكَأن على رؤوسنا الطير وَفِي يَده عود ينْكث بِهِ فِي الأَرْض فَرفع رَأسه فَقَالَ: استعيذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: إنَّ العَبْد الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي انْقِطَاع من الدُّنْيَا وإقبال من الْآخِرَة نزل إِلَيْهِ مَلَائِكَة من السَّمَاء بيض الْوُجُوه كَأَن وجوهم الشَّمْس مَعَهم أكفان من كفن الْجنَّة وحنوط من حنوط الْجنَّة حَتَّى يجلسوا مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت حَتَّى يجلس عِنْد رَأسه قيقول: أيتها النَّفس الطّيبَة اخْرُجِي إِلَى مغْفرَة من الله ورضوان فَتخرج تسيل كَمَا تسيل القطرة من

فِي السقاء وَإِن كُنْتُم ترَوْنَ غير ذَلِك فيأخذها فَإِذا لم يدعوها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يأخذوها فيجعلوها فِي ذَلِك الْكَفَن وَفِي ذَلِك الحنوط فَيخرج مِنْهَا كأطيب نفحة مسك وجدت على وَجه الأَرْض فيصعدون بهَا فَلَا يَمرونَ على ملإٍ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الطّيب فَيَقُولُونَ: فلَان بن فلَان بِأَحْسَن أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يسمونه بهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى ينْتَهوا بهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فيستفتحون لَهُ فَيفتح لَهُم فيشيعه من كل سَمَاء مقربوها إِلَى السَّمَاء الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يَنْتَهِي بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَيَقُول الله: اكتبوا كتاب عَبدِي فِي عليين وأعيدوه إِلَى الأَرْض فَإِنِّي مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فتعاد روحه فِي جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك فَيَقُول: رَبِّي الله فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دينك فَيَقُول: ديني الإِسلام فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول: هُوَ رَسُول الله فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عَمَلك فَيَقُول: قَرَأت كتاب الله فآمنت بِهِ وصدّقت فينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن صدق عَبدِي فافرشوه من الْجنَّة وألبسوه من الْجنَّة وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره ويأتيه رجل حسن الْوَجْه حسن الثِّيَاب طيب الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يَسُرك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد فَيَقُول لَهُ: من أَنْت فوجهك الْوَجْه يَجِيء بِالْخَيرِ فَيَقُول: أَنا عَمَلك الصَّالح فَيَقُول: رب أقِم السَّاعَة رب أقِم السَّاعَة حَتَّى أرجع إِلَى أَهلِي وَمَالِي قَالَ: وَإِن العَبْد الْكَافِر إِذا كَانَ فِي إقبال من الْآخِرَة وَانْقِطَاع من الدُّنْيَا نزل إِلَيْهِ من السَّمَاء مَلَائِكَة سود الْوُجُوه مَعَهم المسوح فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت حَتَّى يجلس عِنْد رَأسه فَيَقُول: أيتها النَّفس الخبيثة اخْرُجِي إِلَى سخط من الله وَغَضب فَتفرق فِي جسده فينتزعها كَمَا ينتزع السفود من الصُّوف المبلول فيأخذها فَإِذا أَخذهَا لم يدعوها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يجعلوها فِي تِلْكَ المسوح وَيخرج مِنْهَا كأنتن ريح جيفة وجدت على وَجه الأَرْض فيصعدون بهَا فَلَا يَمرونَ بهَا على ملإٍ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الْخَبيث فَيَقُولُونَ: فلَان بن فلَان بأقبح أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسمى بهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهِي بهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فيستفتح فَلَا يفتح لَهُ ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} فَيَقُول الله عز وَجل: اكتبوا كِتَابه فِي سِجِّين فِي الأَرْض السُّفْلى فتطرح روحه طرحاً ثمَّ قَرَأَ

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خرّ من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} الْحَج الْآيَة 31 فتعاد روحه فِي جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك فَيَقُول: هاه هاه فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دينك فَيَقُول: هاه هاه لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول: هاه هاه لَا أَدْرِي فينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن كذب عَبدِي فافرشوه من النَّار وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فيأتيه من حرهَا وسمومها ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه ويأتيه رجل قَبِيح الْوَجْه قَبِيح الثِّيَاب منتن الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يسوءك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد فَيَقُول: من أَنْت فوجهك الْوَجْه يَجِيء بِالشَّرِّ فَيَقُول: أَنا عَمَلك الْخَبيث فَيَقُول: رب لَا تقم السَّاعَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: لَا يصعد لَهُم كَلَام وَلَا عمل وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: لَا يرفع لَهُم عمل وَلَا دُعَاء وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: لأرواحهم وَلَا لأعمالهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء} قَالَ: الْكَافِر إِذا أَخذ روحه ضَربته مَلَائِكَة الأَرْض حَتَّى يرْتَفع إِلَى السَّمَاء فَإِذا بلغ السَّمَاء الدُّنْيَا ضَربته مَلَائِكَة السَّمَاء فهبط فضربته مَلَائِكَة الأَرْض فارتفع فضربته مَلَائِكَة السَّمَاء الدُّنْيَا فهبط إِلَى أَسْفَل الْأَرْضين وَإِذا كَانَ مُؤمنا روّح روحه وَفتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء فَلَا يمر بِملك إِلَّا حَيَّاهُ وَسلم عَلَيْهِ حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الله فيعطيه حَاجته ثمَّ يَقُول الله: ردوا روح عَبدِي فِيهِ إِلَى الأَرْض فَإِنِّي قضيت من التُّرَاب خلقه وَإِلَى التُّرَاب يعود وَمِنْه يخرج قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حَتَّى يلج الْجمل} قَالَ: ذُو القوائم {فِي سم الْخياط} قَالَ: فِي خرق الإِبرة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {حَتَّى يلج الْجمل} قَالَ: زوج النَّاقة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {حَتَّى يلج الْجمل} قَالَ: ابْن النَّاقة الَّذِي يقوم فِي المربد على أَربع قَوَائِم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ (الْجمل) يَعْنِي بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْمِيم وَقَالَ: الْجمل الْحَبل الغليظ وَهُوَ من حبال السفن وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود حَتَّى يلج الْجمل الْأَصْفَر فِي سم الْخياط وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُصعب قَالَ: إِن قُرِئت الْجمل فَإنَّا طيراً يُقَال لَهُ الْجمل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط} قَالَ: الْجمل حَبل السَّفِينَة وسم الْخياط ثقبة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: الْجمل الْحَبل الَّذِي يصعد بِهِ إِلَى النّخل الْمِيم مَرْفُوعَة مُشَدّدَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: حَتَّى يدْخل الْبَعِير فِي خرق الإِبرة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن سم الْخياط قَالَ: الْجمل فِي ثقب الإبرة - الْآيَة (41 - 42)

41

- أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَهُم من جَهَنَّم مهاد} قَالَ: الْفرش {وَمن فَوْقهم غواش} قَالَ: اللحف وَأخرج هناد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ مثله وَأخرج أَبُو الْحسن الْقطَّان فِي الطوالات وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكسى الْكَافِر لوحين من نَار فِي قَبره فَذَلِك قَوْله {لَهُم من جَهَنَّم مهاد وَمن فَوْقهم غواش} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة {لَهُم من جَهَنَّم مهاد وَمن فَوْقهم غواش} قَالَ: هِيَ طَبَقَات من فَوْقه وطبقات من تَحْتَهُ لَا يدْرِي مَا فَوْقه أَكثر أَو ماتحته غير أَنه ترفعه الطَّبَقَات السُّفْلى وتضعه الطَّبَقَات الْعليا ويضيق فِيمَا بَينهمَا حَتَّى يكون بِمَنْزِلَة الزج فِي الْقدح - الْآيَة (43)

43

- أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: فِينَا وَالله أهل بدر نزلت هَذِه الْآيَة {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} قَالَ: هِيَ الْعَدَاوَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يحبس أهل الْجنَّة بعد مَا يجوزون الصِّرَاط حَتَّى يُؤْخَذ لبَعْضهِم من بعض ظلاماتهم فِي الدُّنْيَا فَيدْخلُونَ الْجنَّة وَلَيْسَ فِي قُلُوب بَعضهم على بعض غل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: إِن أهل الْجنَّة إِذا سيقوا إِلَى الْجنَّة فبلغوا وجدوا عِنْد بَابهَا شَجَرَة فِي أصل سَاقهَا عينان فيشربون من إِحْدَاهمَا فينزع مَا فِي صُدُورهمْ من غل فَهُوَ الشَّرَاب الطّهُور وَاغْتَسلُوا من الْأُخْرَى فجرت عَلَيْهِم نَضرة النَّعيم فَلَنْ يشعثوا وَلنْ يشحبوا بعْدهَا أبدا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي نَضرة قَالَ: يحبس أهل الْجنَّة دون الْجنَّة حَتَّى يقْتَصّ

لبَعْضهِم من بعض حَتَّى يدخلُوا الْجنَّة حِين يدْخلُونَهَا وَلَا يطْلب أحد أحدا بقلامة ظفر ظلمها إِيَّاه وَيحبس أهل النَّار دون النَّار حَتَّى يقْتَصّ لبَعْضهِم من بعض فَيدْخلُونَ النَّار حِين يدْخلُونَهَا وَلَا يطْلب أحد مِنْهُم أحدا بقلامة ظفر ظلمها إِيَّاه أما قَوْله تعلى: {وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا} أخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير فِي ذكر الْمَوْت وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل أهل النَّار يرى منزله من الْجنَّة يَقُول: لَو هدَانَا الله فَيكون حسرة عَلَيْهِم وكل أهل الْجنَّة يرى منزله من النَّار فَيَقُول: لَوْلَا أَن هدَانَا الله فَهَذَا شكرهم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هَاشم قَالَ: كتب عدي بن أَرْطَاة إليّ عمر بن عبد الْعَزِيز أَن من قبلنَا من أهل الْبَصْرَة قد أَصَابَهُم من الْخَيْر خير حَتَّى خفت عَلَيْهِم فَكتب إِلَيْهِ عمر: قد فهمت كتابك وَأَن الله لما أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة رَضِي مِنْهُم بِأَن قَالُوا {الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا} فَمر من قبلك أَن يحْمَدُوا الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد والدارمي وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} قَالَ نُودُوا: أَن صحوا فَلَا تسقموا وأنعموا فَلَا تبأسوا وشبوا فَلَا تهرموا واخلدوا فَلَا تَمُوتُوا وَأخرج هناد وَابْن جرير وَعبد بن حميد عَن أبي سعيد قَالَ: إِذا أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة نَادَى مُنَاد: يَا أهل الْجنَّة إِن لكم أَن تحيوا فَلَا تَمُوتُوا أبدا وَإِن لكم أَن تنعموا فَلَا تيأسوا أبدا وَإِن لكم أَن تشبوا فَلَا تهرموا أبدا وَإِن لكم أَن تصحوا فَلَا تسقموا أبدا فَذَلِك قَوْله {ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} قَالَ: لَيْسَ من مُؤمن وَلَا كَافِر إِلَّا وَله فِي الْجنَّة وَالنَّار منزل مُبين فَإِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار ودخلوا مَنَازِلهمْ رفعت الْجنَّة لأهل النَّار فنظروا إِلَى مَنَازِلهمْ فِيهَا فَقيل: هَذِه مَنَازِلكُمْ لَو عملتم بِطَاعَة الله ثمَّ يُقَال: يَا أهل الْجنَّة رثوهم بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ فيقتسم أهل الْجنَّة مَنَازِلهمْ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي معَاذ الْبَصْرِيّ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم إِذا خَرجُوا من قُبُورهم يستقبلون بِنُوق بيض لَهَا أَجْنِحَة عَلَيْهَا رحال الذَّهَب شرك نعَالهمْ نور يتلألأ كل خطْوَة مِنْهَا مد الْبَصَر فينتهون إِلَى شَجَرَة يَنْبع من أَصْلهَا عينان فيشربون من إِحْدَاهمَا فتغسل مَا فِي بطونهم من دنس ويغتسلون من الْأُخْرَى فَلَا تشعث أَبْصَارهم وَلَا أشعارهم بعْدهَا أبدا وتجري عَلَيْهِم نَضرة النَّعيم فينتهون إِلَى بَاب الْجنَّة فَإِذا حَلقَة من ياقوتة حَمْرَاء على صَفَائِح الذَّهَب فيضربون بالحلقة على الصفحة فَيسمع لَهَا طنين فَيبلغ كل حوراء أَن زَوجهَا قد أقبل فتبعث قَيِّمَهَا فَيفتح لَهُ فَإِذا رَآهُ خر لَهُ سَاجِدا فَيَقُول: ارْفَعْ رَأسك إِنَّمَا أَنا قيمك وكلت بِأَمْرك فيتبعه ويقفوا أَثَره فيستخف الْحَوْرَاء العجلة فَتخرج من خيام الدّرّ والياقوت حَتَّى تعتنقه ثمَّ ثقول: أَنْت حبي وَأَنا حبك وَأَنا الخالدة الَّتِي لَا أَمُوت وَأَنا الناعمة الَّتِي لَا أبأس وَأَنا الراضية الَّتِي لَا أَسخط وَأَنا المقيمة الَّتِي لَا أظعن فَيدْخل بَيْتا من رَأسه إِلَى سقفه مائَة ألف ذِرَاع بِنَاؤُه على جندل اللُّؤْلُؤ طرائق أصفر وأحمر وأخضر لَيْسَ مِنْهَا طَريقَة تشاكل صاحبتها فِي الْبَيْت سَبْعُونَ سريراً على كل سَرِير سَبْعُونَ حشية على كل حشية سَبْعُونَ زَوْجَة على كل زَوْجَة سَبْعُونَ حلةٍ يُرَى مخ سَاقهَا من بَاطِن الْحلَل يقْضِي جِمَاعهَا فِي مِقْدَار لَيْلَة من لياليكم هَذِه الْأَنْهَار من تَحْتهم تطرد أَنهَارًا من مَاء غير آسن فَإِن شَاءَ أكل قَائِما وَإِن شَاءَ أكل قَاعِدا وَإِن شَاءَ أكل مُتكئا ثمَّ تَلا {ودانية عَلَيْهِم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا} الْأَعْرَاف الْآيَتَانِ 8 - 9 فيشتهي الطَّعَام فيأتيه طير أَبيض فَترفع أَجْنِحَتهَا فيأكل من جنوبها أَي الألوان شَاءَ ثمَّ تطير فتذهب فَيذْهب الْملك فَيَقُول: سَلام عَلَيْكُم {تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} - الْآيَة (44 - 46)

44

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَن قد وجدنَا مَا وعدنا رَبنَا حَقًا} قَالَ: من النَّعيم والكرامة {فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا} قَالَ: من الخزي والهوان وَالْعَذَاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: وجد أهل الْجنَّة مَا وُعِدُوا من ثَوَاب وَوجد أهل النَّار مَا وُعِدوا من عَذَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف على قليب بدر من الْمُشْركين فَقَالَ: قد وجدنَا مَا وعدنا رَبنَا حَقًا فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا فَقَالَ لَهُ النَّاس: أَلَيْسُوا أَمْوَاتًا فَيَقُول: إِنَّهُم يسمعُونَ كَمَا تَسْمَعُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَبَينهمَا حجاب} قَالَ: هُوَ السُّور وَهُوَ الْأَعْرَاف وَإِنَّمَا سمي الْأَعْرَاف لِأَن أَصْحَابه يعْرفُونَ النَّاس أما قَوْله تَعَالَى: {وعَلى الْأَعْرَاف رجال} أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن حُذَيْفَة قَالَ: الْأَعْرَاف سور بَين الْجنَّة وَالنَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَعْرَاف هُوَ الشَّيْء المشرف وَأخرج الْفرْيَابِيّ وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَعْرَاف سور لَهُ عرف كعرف الديك وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: الْأَعْرَاف حجاب بَين الْجنَّة وَالنَّار سور لَهُ بَاب

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الْأَعْرَاف جبال بَين الْجنَّة وَالنَّار فهم على أعرافها يَقُول: على ذراها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: الْأَعْرَاف فِي كتاب الله عُمقاناً سقطاناً قَالَ ابْن لَهِيعَة: وَاد عميق خلف جبل مُرْتَفع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: زَعَمُوا أَنه الصِّرَاط وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الْأَعْرَاف تل بَين الْجنَّة وَالنَّار جلس عَلَيْهِ نَاس من أهل الذُّنُوب بَين الْجنَّة وَالنَّار وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَعْرَاف سور بَين الْجنَّة وَالنَّار وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يَعْنِي بالأعراف السُّور الَّذِي ذكر الله فِي الْقُرْآن وَهُوَ بَين الْجنَّة وَالنَّار وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يُحَاسب النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَمن كَانَت حَسَنَاته أَكثر من سيئاته بِوَاحِدَة دخل الْجنَّة وَمن كَانَت سيئاته أَكثر من حَسَنَاته بواحده دخل النَّار ثمَّ قَرَأَ {فَمن ثقلت مَوَازِينه فَأُولَئِك هم المفلحون وَمن خفت مَوَازِينه فَأُولَئِك الَّذين خسروا أنفسهم} ) (الْأَعْرَاف الْآيَة 49) ثمَّ قَالَ: إِن الْمِيزَان يخف بمثقال حَبَّة ويرجح قَالَ: وَمن اسْتَوَت حَسَنَاته وسيئاته كَانَ من أَصْحَاب الْأَعْرَاف فوقفوا على الصِّرَاط ثمَّ عرض أهل الْجنَّة وَأهل النَّار فَإِذا نظرُوا إِلَى أهل الْجنَّة نادوا: سَلام عَلَيْكُم وَإِذا صرفُوا أَبْصَارهم إِلَى يسارهم رَأَوْا أَصْحَاب النَّار {قَالُوا رَبنَا لَا تجعلنا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين} فتعوّذوا بِاللَّه من مَنَازِلهمْ فَأَما أَصْحَاب الْحَسَنَات فَإِنَّهُم يُعْطون نورا يَمْشُونَ بِهِ بَين أَيْديهم وبأيمانهم وَيُعْطى كل عبد مُؤمن نورا وكل أمة نورا فَإِذا أَتَوا على الصِّرَاط سلب الله نورا كل مُنَافِق وَمُنَافِقَة فَلَمَّا رأى أهل الْجنَّة مَا لَقِي المُنَافِقُونَ قَالُوا: رَبنَا أتمم لنا نورنا وَأما أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَإِن النُّور كَانَ فِي أَيْديهم فَلم ينْزع من أَيْديهم فهنالك يَقُول الله {لم يدخلوها وهم يطمعون} فَكَانَ الطمع دُخُولا قَالَ ابْن مَسْعُود: إِن العَبْد إِذا عمل حَسَنَة كتب لَهُ بهَا عشر وَإِذا عمل سَيِّئَة لم تكْتب إِلَّا وَاحِدَة ثمَّ يَقُول: هلك من غلب وحدانه أعشاره وَأخرج ابْن جرير عَن حُذَيْفَة قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم كَانَت لَهُم أَعمال أنجاهم الله من النَّار وهم آخر من يدْخل الْجنَّة قد عرفُوا أهل الْجنَّة وَأهل النَّار

وَأخرج ابْن جرير عَن حُذَيْفَة قَالَ: إِن أَصْحَاب الْأَعْرَاف: تكافأت أَعْمَالهم فقصرت بهم حسناتهم عَن الْجنَّة وَقصرت بهم سيئاتهم عَن النَّار فَجعلُوا على الْأَعْرَاف يعْرفُونَ النَّاس بِسِيمَاهُمْ فَلَمَّا قضى بَين الْعباد أذن لَهُم فِي طلب الشَّفَاعَة فَأتوا آدم فَقَالُوا: يَا آدم أَنْت أَبونَا اشفع لنا عِنْد رَبك فَقَالَ: هَل تعلمُونَ أحدا خلقه الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيهِ من روحه وسبقت رَحْمَة الله إِلَيْهِ غَضَبه وسجدت لَهُ الْمَلَائِكَة غَيْرِي فَيَقُولُونَ: لَا فَيَقُول: مَا علمت كنه مَا أَسْتَطِيع أَن أشفع لكم وَلَكِن ائْتُوا ابْني إِبْرَاهِيم فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فيسألونه أَن يشفع لَهُم عِنْد ربه فَيَقُول: هَل تعلمُونَ أحدا اتَّخذهُ الله خَلِيلًا هَل تعلمُونَ أحدا أحرقه قومه فِي الله غَيْرِي فَيَقُولُونَ: لَا فَيَقُول: مَا علمت كنه مَا أَسْتَطِيع أَن أشفع لكم وَلَكِن ائْتُوا ابْني مُوسَى فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُول: هَل تعلمُونَ من أحد كَلمه الله تكليماً وقرَّبه نجيا غَيْرِي فَيَقُولُونَ: لَا فَيَقُول: مَا علمت كنه مَا أَسْتَطِيع أَن أشفع لكم وَلَكِن ائْتُوا عِيسَى فيأتونه فَيَقُولُونَ: اشفع لنا عِنْد رَبك فَيَقُول: هَل تعلمُونَ أحدا خلقه الله من غير آب غَيْرِي فَيَقُول: هَل تعلمُونَ من أحد كَانَ يبرىء الأكمه والأبرص ويحي الْمَوْتَى بِإِذن الله غَيْرِي فَيَقُولُونَ: لَا فَيَقُول: أَنا حجيج نَفسِي ماعلمت كنه مَا أَسْتَطِيع أَن أشفع لكم وَلَكِن ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فيأتونني فَاضْرب بيَدي على صَدْرِي ثمَّ أَقُول أَنا لَهَا ثمَّ أَمْشِي حَتَّى أَقف بَين يَدي الْعَرْش فأثني على رَبِّي فَيفتح لي من الثَّنَاء مَا لم يسمع السامعون بِمثلِهِ قطّ ثمَّ اسجد فَيُقَال لي: يَا مُحَمَّد ارْفَعْ رَأسك سل تعطه وَاشْفَعْ تشفع فارفع رَأْسِي فَأَقُول: رب أمتِي فَيَقُول: هم لَك فَلَا يبْقى نَبِي مُرْسل وَلَا ملك مقرب إِلَّا غبطني يَوْمئِذٍ بذلك الْمقَام الْمَحْمُود فَآتي بهم بَاب الْجنَّة فَاسْتَفْتَحَ فَيفتح لي وَلَهُم فَيذْهب بهم إِلَى نهر يُقَال لَهُ نهر الْحَيَاة حافتاه قُضب من ذهب مكلل بِاللُّؤْلُؤِ ترابه الْمسك وحصباؤه الْيَاقُوت فيغتسلون مِنْهُ فتعود إِلَيْهِم ألوان أهل الْجنَّة وريح أهل الْجنَّة ويصيرون كَأَنَّهُمْ الْكَوَاكِب الدرية وَتبقى فِي صُدُورهمْ شامات بيض يعْرفُونَ بهَا يُقَال لَهُم: مَسَاكِين أهل الْجنَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن حُذَيْفَة قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم اسْتَوَت حسناتهم وسيئاتهم غادرت بهم سيئاتهم عَن النَّار

وَقصرت بهم سيئاتهم عَن الْجنَّة جعلُوا على سور بَين الْجنَّة وَالنَّار حَتَّى يقْضِي بَين النَّاس فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذا طلع عَلَيْهِم رَبهم فَقَالَ لَهُم: قومُوا فادخوا الْجنَّة فَإِنِّي غفرت لكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وعَلى الْأَعْرَاف} قَالَ: هُوَ السُّور الَّذِي بَين الْجنَّة وَالنَّار وَأَصْحَابه رجال كَانَت لَهُم ذنُوب عِظَام وَكَانَ جسيم أَمرهم لله يقومُونَ على الْأَعْرَاف يعْرفُونَ أهل النَّار بسواد الْوُجُوه وَأهل الْجنَّة ببياض الْوُجُوه فَإِذا نظرُوا إِلَى أهل الْجنَّة طمعوا أَن يدخلوها وَإِذا نظرُوا إِلَى أهل النَّار تعوَّذوا بِاللَّه مِنْهَا فأدخلهم الله الْجنَّة فَذَلِك قَوْله {أَهَؤُلَاءِ الَّذين أقسمتم لَا ينالهم الله برحمة} الْأَعْرَاف آيَة 49 يَعْنِي أَصْحَاب الْأَعْرَاف {ادخُلُوا الْجنَّة لَا خوف عَلَيْكُم وَلَا أَنْتُم تَحْزَنُونَ} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تُوضَع الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة فتوزن الْحَسَنَات والسيئات فَمن رجحت حَسَنَاته على سيئاته مِثْقَال صؤابة دخل الْجنَّة وَمن رجحت سيئاته على حَسَنَاته مِثْقَال صؤابة دخل النَّار قيل: يَا رَسُول الله فَمن اسْتَوَت حَسَنَاته وسيئاته قَالَ: أُولَئِكَ أَصْحَاب الْأَعْرَاف {لم يدخلوها وهم يطمعون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ هم آخر من يفصل بَينهم من الْعباد فَإِذا فرغ رب الْعَالمين من الْفَصْل بَين الْعباد قَالَ: أَنْتُم قوم أخرجتكم حسناتكم من النَّار وَلم تدْخلُوا الْجنَّة فَأنْتم عتقائي فارعوا من الْجنَّة حَيْثُ شِئْتُم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن حُذَيْفَة أرَاهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجمع النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَيُؤْمَر بِأَهْل الْجنَّة إِلَى الْجنَّة وَيُؤمر بِأَهْل النَّار إِلَى النَّار ثمَّ يُقَال لأَصْحَاب الْأَعْرَاف: مَا تنتظرون قَالُوا: نَنْتَظِر أَمرك فَيُقَال لَهُم: إِن حسناتكم تجاوزت بكم النَّار أَن تدخلوها وحالت بَيْنكُم وَبَين الْجنَّة خطياكم فادخلوا الْجنَّة بمغفرتي ورحمتي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وعَلى الْأَعْرَاف رجال} قَالَ: الْأَعْرَاف حَائِط بَين الْجنَّة وَالنَّار وَذكر لنا أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول: هم قوم

اسْتَوَت حسناتهم وسيئاتهم فَلم تفضّل حسناتهم على سيئاتهم وَلَا سيئاتهم على حسناتهم فحبسوا هُنَالك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم اسْتَوَت حسناتهم وسيئاتهم فوقفوا هُنَالك على السُّور فَإِذا رَأَوْا أَصْحَاب الْجنَّة عرفوهم ببياض وجوهم وَإِذا رَأَوْا أَصْحَاب النَّار عرفوهم بسواد وجوهم ثمَّ قَالَ {لم يدخلوها وهم يطمعون} فِي دُخُولهَا ثمَّ قَالَ: إِن الله أَدخل أَصْحَاب الْأَعْرَاف الْجنَّة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن الْحَرْث بن نَوْفَل قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف أنَاس تستوي حسناتهم وسيئاتهم فَيذْهب بهم إِلَى نهر يُقَال لَهُ الْحَيَاة تربته ورس وزعفران وحافتاه قصب من ذهب مكلل بِاللُّؤْلُؤِ فيغتسلون مِنْهُ فتبدوا فِي نحورهم شامة بَيْضَاء ثمَّ يغتسلون ويزدادون بَيَاضًا ثمَّ يُقَال لَهُم: تمنوا مَا شِئْتُم فيتمنون مَا شاؤوا فَيُقَال: لكم مثل مَا تمنيتم سبعين مرّة فَأُولَئِك مَسَاكِين الْجنَّة وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عبد الله بن الْحَارِث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَعْرَاف السُّور الَّذِي بَين الْجنَّة وَالنَّار وَهُوَ الْحجاب وَأَصْحَاب الْأَعْرَاف بذلك الْمَكَان فَإِذا أَرَادَ الله أَن يعفوا عَنْهُم انْطلق بهم إِلَى نهر يُقَال لَهُ نهر الْحَيَاة حافتاه قصب الذَّهَب مكلل بِاللُّؤْلُؤِ تربته الْمسك فيكونون فِيهِ مَا شَاءَ الله حَتَّى تصفوا ألوانهم ثمَّ يخرجُون فِي نحورهم شامة بَيْضَاء يعْرفُونَ بهَا فَيَقُول الله لَهُم: سلوا فَيسْأَلُونَ حَتَّى تبلغ أمنيتهم ثمَّ يُقَال لَهُم: لكم مَا سَأَلْتُم وَمثله سَبْعُونَ ضعفا فَيدْخلُونَ الْجنَّة وَفِي نحورهم شامة بَيْضَاء يعْرفُونَ بهَا ويسمون مَسَاكِين أهل الْجنَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن منيع والْحَارث بن أبي أُسَامَة فِي مسنديهما وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الرَّحْمَن الْمُزنِيّ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ: هم قوم قتلوا فِي سَبِيل الله فِي مَعْصِيّة آبَائِهِم فَمَنعهُمْ من النَّار قَتلهمْ فِي سَبِيل الله ومنعهم من الْجنَّة مَعْصِيّة آبَائِهِم

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ هم رجال قتلوا فِي سَبِيل الله وهم عصاة لِآبَائِهِمْ فمنعتهم الشَّهَادَة أَن يدخلُوا النَّار ومنعتهم الْمعْصِيَة أَن يدخلُوا الْجنَّة وهم على سور بَين الْجنَّة وَالنَّار حَتَّى تذبل لحومهم وشحومهم حَتَّى يفرغ الله من حِسَاب الْخَلَائق فَإِذا فرغ من حِسَاب خلقه فَلم يبْق غَيرهم تغمَّدهم مِنْهُ برحمة فأدخلهم الْجنَّة برحمته وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ هم قوم قتلوا فِي سَبِيل الله وهم لِآبَائِهِمْ عاصون فمنعوا الْجنَّة بمعصيتهم آبَائِهِم وَمنعُوا النَّار بِقَتْلِهِم فِي سَبِيل الله وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَالك الْهِلَالِي عَن أَبِيه قَالَ قَائِل: يَا رَسُول الله مَا أَصْحَاب الْأَعْرَاف قَالَ هم قوم خَرجُوا فِي سَبِيل الله بِغَيْر إِذن آبَائِهِم فاستشهدوا فمنعتهم الشَّهَادَة أَن يدخلُوا النَّار ومنعتهم مَعْصِيّة آبَائِهِم أَن يدخلُوا الْجنَّة فهم آخر من يدْخل الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم خَرجُوا غزَاة فِي سَبِيل الله وآباؤهم وأمهاتهم ساخطون عَلَيْهِم وَخَرجُوا من عِنْدهم بِغَيْر إذْنهمْ فأوقفوا عَن النَّار بِشَهَادَتِهِم وَعَن الْجنَّة بمعصيتهم آبَاءَهُم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن رجل من مزينة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ: إِنَّهُم قوم خَرجُوا عصاة بِغَيْر إِذن آبَائِهِم فَقتلُوا فِي سَبِيل الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن مؤمني الْجِنّ لَهُم ثَوَاب وَعَلَيْهِم عِقَاب فَسَأَلْنَاهُ عَن ثوابهم فَقَالَ: على الْأَعْرَاف وَلَيْسوا فِي الْجنَّة مَعَ أمة مُحَمَّد فَسَأَلْنَاهُ وَمَا الْأَعْرَاف قَالَ: حَائِط الْجنَّة تجْرِي فِيهِ الْأَنْهَار وتنبت فِيهِ الْأَشْجَار وَالثِّمَار وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الأضداد وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي مجلز قَالَ: الْأَعْرَاف مَكَان مُرْتَفع عَلَيْهِ رجال من الْمَلَائِكَة يعْرفُونَ أهل الْجنَّة بِسِيمَاهُمْ وَأهل النَّار بِسِيمَاهُمْ وَهَذَا قبل أَن يدْخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار {وَنَادَوْا أَصْحَاب الْجنَّة}

قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف ينادون أَصْحَاب الْجنَّة {أَن سَلام عَلَيْكُم لم يدخلوها وهم يطمعون} فِي دخلوها قيل: يَا أَبَا مجلز الله يَقُول {رجال} وَأَنت تَقول: الْمَلَائِكَة قَالَ: إِنَّهُم ذُكُور لَيْسُوا بإناث وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم صَالِحُونَ فُقَهَاء عُلَمَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة عَن الْحسن قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم كَانَ فيهم عجب قَالَ قَتَادَة: وَقَالَ مُسلم بن يسَار: هم قوم كَانَ عَلَيْهِم دين وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وعَلى الْأَعْرَاف رجال يعْرفُونَ كلا بِسِيمَاهُمْ} الْكفَّار بسواد الْوُجُوه وزرقة الْعُيُون وسيما أهل الْجنَّة مبيضة وُجُوههم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ أَنه سُئِلَ عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ: أخْبرت أَن رَبك أَتَاهُم بَعْدَمَا أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار قَالَ: مَا حبسكم محبسكم هَذَا قَالُوا: أَنْت رَبنَا وَأَنت خلقتنا وَأَنت أعلم بِنَا فَيَقُول: علام فارقتم الدُّنْيَا فَيَقُولُونَ: على شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ لَهُم رَبهم: لَا أوليكم غَيْرِي إِن حسناتكم جوزت بكم النَّار وَقصرت بكم خطاياكم عَن الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من اسْتَوَت حَسَنَاته وسيئاته كَانَ من أَصْحَاب الْأَعْرَاف وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من اسْتَوَت حَسَنَاته وسيئاته كَانَ من أَصْحَاب الْأَعْرَاف وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن مُجَاهِد فِي أَصْحَاب الْأَعْرَاف قَالَ: هم قوم قد اسْتَوَت حسناتهم وسيئاتهم وهم على سور بَين الْجنَّة وَالنَّار وهم على طمع من دُخُول الْجنَّة وهم داخلون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {لم يدخلوها وهم يطمعون} قَالَ: وَالله مَا جعل ذَلِك الطمع فِي قُلُوبهم إِلَّا لكرامة يريدها بهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي عُبَيْدَة بن مُحَمَّد بن عمار أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {لم يدخلوها وهم يطمعون}

قَالَ: سلمت عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة وهم لم يدخلوها وهم يطمعون أَن يدخلوها حِين سلمت وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف يعْرفُونَ النَّاس بِسِيمَاهُمْ وَأهل النَّار بسواد وُجُوههم وَأهل الْجنَّة ببياض وجوهم فَإِذا مروا بزمرة يذهب بهم إِلَى الْجنَّة قَالُوا: سَلام عَلَيْكُم وَإِذا مروا بزمرة يذهب بهَا إِلَى النَّار قَالُوا: رَبنَا لَا تجعلنا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن قَتَادَة قَالَ سَالم مولى أبي حُذَيْفَة: وددت أَنِّي بِمَنْزِلَة أَصْحَاب الْأَعْرَاف - الْآيَة (47)

47

- أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَإِذا صرفت أَبْصَارهم تِلْقَاء أَصْحَاب النَّار} قَالَ: تجرد وُجُوههم للنار فَإِذا رَأَوْا أهل الْجنَّة ذهب ذَلِك عَنْهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَإِذا صرفت أَبْصَارهم تِلْقَاء أَصْحَاب النَّار} فَرَأَوْا وُجُوههم مسودة وأعينهم مزرقة {قَالُوا رَبنَا لَا تجعلنا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين} وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مجلز {وَإِذا صرفت أَبْصَارهم} قَالَ: إِذا صرفت أبصار أهل الْجنَّة {تِلْقَاء أَصْحَاب النَّار قَالُوا رَبنَا لَا تجعلنا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين} - الْآيَة (48 - 49)

48

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {ونادى أَصْحَاب الْأَعْرَاف رجَالًا}

قَالَ: فِي النَّار {يعرفونهم بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أغْنى عَنْكُم جمعكم} وتكبركم {وَمَا كُنْتُم تستكبرون} قَالَ الله لأهل التكبر {أَهَؤُلَاءِ الَّذين أقسمتم لَا ينالهم الله برحمة} يَعْنِي أَصْحَاب الْأَعْرَاف {ادخُلُوا الْجنَّة لَا خوف عَلَيْكُم وَلَا أَنْتُم تَحْزَنُونَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يعرفونهم بِسِيمَاهُمْ} قَالَ: سَواد الْوُجُوه وزرقة الْعُيُون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مجلز فِي قَوْله {ونادى أَصْحَاب الْأَعْرَاف رجَالًا} قَالَ: هَذَا حِين دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {ونادى أَصْحَاب الْأَعْرَاف} قَالَ: مرَّ بهم نَاس من الجبارين عرفوهم بِسِيمَاهُمْ فناداهم أَصْحَاب الْأَعْرَاف {قَالُوا مَا أغْنى عَنْكُم جمعكم وَمَا كُنْتُم تستكبرون أَهَؤُلَاءِ الَّذين أقسمتم لَا ينالهم الله برحمة} قَالَ: هم الضُّعَفَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {أَهَؤُلَاءِ الَّذين أقسمتم لَا ينالهم الله برحمة أدخلُوا الْجنَّة} قَالَ: دخلُوا الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {ادخُلُوا الْجنَّة لَا خوف عَلَيْكُم وَلَا أَنْتُم تَحْزَنُونَ} قَالَ: كَانَ رجال فِي النَّار قد أَقْسمُوا بِاللَّه لَا ينَال أَصْحَاب الْأَعْرَاف من الله رَحْمَة فاكذبهم الله فَكَانُوا آخر أهل الْجنَّة دُخُولا فِيمَا سمعناه عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - الْآيَة (50)

50

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ أَي الصَّدَقَة أفضل فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الصَّدَقَة سقِِي المَاء ألم تسمع إِلَى أهل النَّار لما اسْتَغَاثُوا بِأَهْل الْجنَّة قَالُوا: أفيضوا علينا من المَاء أَو مِمَّا رزقكم الله وَأخرج أَحْمد عَن سعد بن عبَادَة أَن أمَةً مَاتَت فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَتصدق عَلَيْهَا قَالَ: نعم قَالَ: فَأَي الصَّدَقَة أفضل قَالَ: سقِِي المَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ونادى أَصْحَاب الْجنَّة} الْآيَة قَالَ: يُنَادي الرجل أَخَاهُ فَيَقُول: يَا أخي أَغِثْنِي فَإِنِّي قد احترقت فأفض عليّ من المَاء فَيُقَال: أجبه فَيَقُول {إِن الله حرَّمهما على الْكَافرين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {أفيضوا علينا من المَاء أَو مِمَّا رزقكم الله} قَالَ: من الطَّعَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح قَالَ: لما مرض أَبُو طَالب قَالُوا لَهُ: لَو أرْسلت إِلَى ابْن أَخِيك فَيُرْسل إِلَيْك بعنقود من جنَّة لعلَّه يشفيك فَجَاءَهُ الرَّسُول وَأَبُو بكر عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبُو بكر: إِن الله حرَّمهما على الْكَافرين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {أفيضوا علينا من المَاء أَو مِمَّا رزقكم الله} قَالَ: يستسقونهم ويستطعمونهم وَفِي قَوْله {إِن الله حرَّمهما على الْكَافرين} قَالَ: طَعَام الْجنَّة وشرابها وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عقيل بن شهر الريَاحي قَالَ: شرب عبد الله بن عمر مَاء بَارِدًا فَبكى فَاشْتَدَّ بكاؤه فَقيل لَهُ: مَا يبكيك قَالَ: ذكرت آيَة فِي كتاب الله {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} سبأ الْآيَة 54 فَعرفت أَن أهل النَّار لَا يشتهون إِلَّا المَاء الْبَارِد وَقد قَالَ الله عز وَجل {أفيضوا علينا من المَاء أَو مِمَّا رزقكم الله} وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يلقى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ يَوْم الْقِيَامَة وعَلى وَجهه قترة وغبرة فَيَقُول: يَا رب إِنَّك وَعَدتنِي أَن لَا تخزيني فَأَي خزي أخزى من أبي إِلَّا بعد فِي النَّار فَيَقُول الله: إِنِّي حرمت الْجنَّة على الْكَافرين - الْآيَة (51 - 52)

51

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فاليوم ننساهم كَمَا نسوا لِقَاء يومهم هَذَا} يَقُول: نتركهم فِي النَّار كَمَا تركُوا لِقَاء يومهم هَذَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: نسيهم الله من الْخَيْر وَلم ينسهم من الشَّرّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فاليوم ننساهم} قَالَ: نؤخِّرهم فِي النَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {فاليوم ننساهم} قَالَ: نتركهم من الرَّحْمَة {كَمَا نسوا لِقَاء يومهم هَذَا} قَالَ: كَمَا تركُوا أَن يعملوا للقاء يومهم هَذَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن أبي مَالك قَالَ: إِن فِي جَهَنَّم لآباراً من ألقيَ فِيهَا نسي يتردى فِيهَا سبعين عَاما قبل أَن يبلغ الْقَرار - الْآيَة (53)

53

- أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هَل ينظرُونَ إِلَّا تَأْوِيله} قَالَ: عاقبته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله} قَالَ: جَزَاؤُهُ {يَقُول الَّذين نسوه من قبل} قَالَ: أَعرضُوا عَنهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله} قَالَ: عواقبه مثل وقْعَة بدر وَالْقِيَامَة وَمَا وعد فِيهِ من موعد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ:

لَا يزَال يَقع من تَأْوِيله أَمر حَتَّى يتم تَأْوِيله يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يدْخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار فَيتم تَأْوِيله يَوْمئِذٍ فَفِي ذَلِك أنزل {يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله} حَيْثُ أثاب الله أولياءه وأعداءه ثَوَاب أَعْمَالهم يَقُول يَوْمئِذٍ {الَّذين نسوه من قبل قد جَاءَت رسل رَبنَا بِالْحَقِّ} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله} قَالَ: تَحْقِيقه وَقَرَأَ {هَذَا تَأْوِيل رُؤْيَايَ من قبل} يُوسُف الْآيَة 100 قَالَ: هَذَا تحقيقها وَقَرَأَ {وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله} آل عمرَان الْآيَة 7 قَالَ: مَا يعلم تَحْقِيقه إِلَّا الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون} قَالَ: مَا كَانُوا يكذبُون فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مَا كَانُوا يفترون} أَي يشركُونَ - الْآيَة (54 - 55)

54

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سميط قَالَ: دلنا رَبنَا تبَارك وَتَعَالَى على نَفسه فِي هَذِه الْآيَة {إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الدُّعَاء والخطيب فِي تَارِيخه عَن الْحسن بن عَليّ قَالَ: أَنا ضَامِن لمن قَرَأَ هَذِه الْعشْرين آيَة أَن يعصمه الله من كل سُلْطَان ظَالِم وَمن كل شَيْطَان مُرِيد وَمن كل سبع ضار وَمن كل لص عَاد آيَة الْكُرْسِيّ وَثَلَاث آيَات من الْأَعْرَاف {إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَعشرا من أول الصافات وَثَلَاث آيَات من الرَّحْمَن {يَا معشر الْجِنّ} الرَّحْمَن الْآيَة 33 وخاتمة سُورَة الْحَشْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعد بن اسحق بن كَعْب بن عجْرَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام} 7 لَقِي ركب

عَظِيم لَا يرَوْنَ إِلَّا أَنهم من الْعَرَب فَقَالُوا لَهُم: من أَنْتُم قَالُوا: من الْجنَّة خرجنَا من الْمَدِينَة أخرجتنا هَذِه الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبيد بن أبي مَرْزُوق قَالَ: من قَرَأَ عِنْد نَومه {إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} الْآيَة بسط عَلَيْهِ ملك جنَاحه حَتَّى يصبح وعوفي من السرق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن قيس صَاحب عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: مرض رجل من أهل الْمَدِينَة فَجَاءَهُ زمرة من أَصْحَابه يعوذونه فَقَرَأَ رجل مِنْهُم {إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} الْآيَة كلهَا وَقد أصمت الرجل فَتحَرك ثمَّ اسْتَوَى جَالِسا ثمَّ سجد يَوْمه وَلَيْلَته حَتَّى كَانَ من الْغَد من السَّاعَة الَّتِي سجد فِيهَا قَالَ لَهُ أَهله: الْحَمد لله الَّذِي عافاك قَالَ: بعث إِلَى نَفسِي ملك يتوفاها فَلَمَّا قَرَأَ صَاحبكُم الْآيَة الَّتِي قَرَأَ سجد الْملك وسجدت بسجوده فَهَذَا حِين رفع رَأسه ثمَّ مَال فَقضى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام} قَالَ: لكل يَوْم مِنْهَا اسْم أبي جاد هواز حطى كلمون صعفص قرشات وَأخرج سمويه فِي فَوَائده عَن زيد بن أَرقم قَالَ: إِن الله عزَّ وجلَّ خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام قَالَ: كل يَوْم مِقْدَاره ألف سنة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد قَالَ: بَدْء الْخلق الْعَرْش وَالْمَاء والهواء وخلقت الأَرْض من المَاء وَكَانَ بَدْء الْخلق يَوْم الْأَحَد وَيَوْم الإِثنين وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس وَجَمِيع الْخلق فِي يَوْم الْجُمُعَة وتهودت الْيَهُود يَوْم السبت وَيَوْم من السِّتَّة أَيَّام كألف سنة مِمَّا تَعدونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن الله بَدَأَ خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا يَوْم الْأَحَد ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش يَوْم الْجُمُعَة فِي ثَلَاث سَاعَات فخلق فِي سَاعَة مِنْهَا الشموس كي يرغب النَّاس إِلَى رَبهم فِي الدُّعَاء وَالْمَسْأَلَة وَخلق فِي سَاعَة النتن الَّذِي يَقع على ابْن آدم إِذا مَاتَ لكَي يقبر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن حَيَّان الْأَعْرَج قَالَ: كتب يزِيد بن أبي

سلم إِلَى جَابر بن زيد يسْأَله عَن بَدْء الْخلق قَالَ: الْعَرْش وَالْمَاء والقلم وَالله أعلم أَي ذَلِك بَدَأَ قبل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: بَدَأَ الله بِخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض يَوْم الْأَحَد والاثنين وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس وَالْجُمُعَة وَجعل كل يَوْم ألف سنة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَة أَن الله خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة أَيَّام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش فخلق التربة يَوْم السبت وَالْجِبَال يَوْم الْأَحَد وَالشَّجر يَوْم الِاثْنَيْنِ وآدَم يَوْم الثُّلَاثَاء والنور يَوْم الْأَرْبَعَاء وَالدَّوَاب يَوْم الْخَمِيس وآدَم يَوْم الْجُمُعَة فِي اخر سَاعَة من النَّهَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش} قَالَ: يَوْم السَّابِع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: إِن الله حِين خلق الْخلق اسْتَوَى على الْعَرْش فسبَّحه الْعَرْش وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه واللالكائي فِي السّنة عَن أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا فِي قَوْله {ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش} قَالَت: الكيف غير مَعْقُول والاستواء غير مَجْهُول والاقرار بِهِ ايمان والجحود بِهِ كفر وَأخرج اللالكائي عَن ابْن عُيَيْنَة قَالَ: سُئِلَ ربيعَة عَن قَوْله {اسْتَوَى على الْعَرْش} كَيفَ اسْتَوَى قَالَ: الاسْتوَاء غير مَجْهُول والكيف غير مَعْقُول وَمن الله الرسَالَة وعَلى الرَّسُول الْبَلَاغ وعلينا التَّصْدِيق وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عبد الله بن صَالح بن مُسلم قَالَ: سُئِلَ ربيعَة فَذكره وَأخرج اللالكائي عَن جَعْفَر بن عبد الله قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى مَالك بن أنس فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عبد الله اسْتَوَى على الْعَرْش كَيفَ اسْتَوَى قَالَ: فَمَا رَأَيْت مَالِكًا وجد من شَيْء كموجدته من مقَالَته وعلاه الرُّحَضاء - يَعْنِي الْعرق - وأطرق الْقَوْم قَالَ: فسرى عَن مَالك فَقَالَ: الكيف غير مَعْقُول والاستواء مِنْهُ غير مَجْهُول والايمان بِهِ وَاجِب وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة وَإِنِّي أَخَاف أَن تكون ضَالًّا وَأمر بِهِ فَأخْرج وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن وهب قَالَ: كُنَّا عِنْد مَالك بن أنس فَدخل

رجل فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الله {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} كَيفَ استواؤه فاطرق مَالك وأخذته الرحضاء ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى} كَمَا وصف نَفسه وَلَا يُقَال لَهُ كَيفَ وَكَيف عَنهُ مَرْفُوع وَأَنت رجل سوء صَاحب بِدعَة أَخْرجُوهُ قَالَ: فَأخْرج الرجل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ: سَمِعت سُفْيَان بن عيينه يَقُول: كلما وصف الله من نَفسه فِي كِتَابه فتفسيره تِلَاوَته وَالسُّكُوت عَلَيْهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن إِسْحَق بن مُوسَى قَالَ: سَمِعت ابْن عيينه يَقُول: مَا وصف الله بِهِ نَفسه فتفسيره قِرَاءَته لَيْسَ لأحد أَن يفسره إِلَّا الله تَعَالَى وَرُسُله صلوَات الله عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عِيسَى قَالَ: لما اسْتَوَى على الْعَرْش خر ملك سَاجِدا فَهُوَ ساجد إِلَى أَن تقوم السَّاعَة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة رفع رَأسه فَقَالَ: سُبْحَانَكَ مَا عبدتك حق عبادتك إِلَّا اني لم أشرك بك شَيْئا وَلم اتخذ من دُونك وليا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {يغشي اللَّيْل النَّهَار} قَالَ: يغشي اللَّيْل النَّهَار فَيذْهب بضوئه ويطلبه سَرِيعا حَتَّى يُدْرِكهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حثيثاً} قَالَ: سَرِيعا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يغشي اللَّيْل النَّهَار} قَالَ: يلبس اللَّيْل النَّهَار أما قَوْله تَعَالَى: {وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم} أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم خُلِقْنَ من نورالعرش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي قَوْله {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} قَالَ: الْخلق: مَا دون الْعَرْش وَالْأَمر: مَا فَوق ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سُفْيَان بن عيينه قَالَ: الْخلق: هُوَ الْخلق وَالْأَمر هُوَ الْكَلَام

وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الْعَزِيز الشَّامي عَن أَبِيه وَكَانَت لَهُ صُحْبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لم يحمد الله على مَا عمل من عمل صَالح وَحمد نَفسه فقد كفر وحبط مَا عمل: وَمن زعم أَن الله جعل للعباد من الْأَمر شَيْئا فقد كفر بِمَا أنزل الله على أنبيائه لقَوْله {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر تبَارك الله رب الْعَالمين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {ادعوا ربكُم تضرعاً وخفية} قَالَ: السِّرّ {إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} فِي الدُّعَاء وَلَا فِي غَيره وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: التضرع: عَلَانيَة والخفية: سر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {ادعوا ربكُم تضرعاً} يَعْنِي مستكيناً {وخفية} يَعْنِي فِي خفض وَسُكُون فِي حاجاتكم من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة {إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} يَقُول: لَا تدعوا على الْمُؤمن والمؤمنه بِالشَّرِّ: اللهمَّ اخزه والعنه وَنَحْو ذَلِك فَإِن ذَلِك عدوان وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مجلز فِي قَوْله {إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} قَالَ: لَا تسألوا منَازِل الْأَنْبِيَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم: كَانَ يرى أَن الْجَهْر بِالدُّعَاءِ الاعتداء وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} إِلَى قَوْله {تبَارك الله رب الْعَالمين} قَالَ: لما أنبأكم الله بقدرته وعظمته وجلاله بيَّن لكم كَيفَ تَدعُونَهُ على تفئه ذَلِك فَقَالَ {ادعوا ربكُم تضرعاً وخفية إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} قَالَ: تعلمُوا إِن فِي بعض الدُّعَاء اعتداء فَاجْتَنبُوا الْعدوان والاعتداء إِن اسطعتم وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ: وَذكر لنا أَن مجَالد بن مَسْعُود أَخا بني سليم سمع قوما يعجون فِي دُعَائِهِمْ فَمشى إِلَيْهِم فَقَالَ: أَيهَا الْقَوْم لقد أصبْتُم فضلا على من كَانَ قبلكُمْ أَو لقد هلكتم فَجعلُوا يَتَسَلَّلُونَ رجلا رجلا حَتَّى تركُوا بقعتهم الَّتِي كَانُوا فِيهَا قَالَ: وَذكر لنا أَن ابْن عمر أَتَى على قوم يرفعون أَيْديهم فَقَالَ: مَا يتَنَاوَل هَؤُلَاءِ الْقَوْم فو الله لَو كَانُوا على أطول جبل فِي الأَرْض مَا ازدادوا من الله قرباً قَالَ قَتَادَة: وَإِن الله إِنَّمَا يتَقرَّب إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ فَمَا كَانَ من دعائكم الله فَلْيَكُن فِي سكينَة ووقار وَحسن سمت وزي وهدي وَحسن دعة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن مُغفل أَنه سمع ابْنه يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْقصر الْأَبْيَض عَن يَمِين الْجنَّة إِذا دَخَلتهَا فَقَالَ: أَي بني سل الله الْجنَّة وتعوّذ بِهِ من النَّار فَإِنِّي سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول سَيكون فِي هَذِه الْأمة قوم يعتدون فِي الدُّعَاء وَالطهُور وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وقَّاص أَنه سمع ابْنا لَهُ يَدْعُو وَيَقُول: اللهمَّ إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة وَنَعِيمهَا واستبرقها وَنَحْو هَذَا وَأَعُوذ بك من النَّار وسلاسلها وأغلالها فَقَالَ: لقد سَأَلت الله خيرا وتعوّذت بِهِ من شَرّ كل كثير وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِنَّه سَيكون قوم يعتدون فِي الدُّعَاء وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {ادعوا ربكُم تضرعاً وخفية إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} وَأَن بحسبك أَن تَقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة وَمَا قرب إِلَيْهَا من قَول أَو عمل وَأَعُوذ بك من النَّار وَمَا قرب إِلَيْهَا من قَول أَو عمل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: إياك أَن تسْأَل رَبك أمرا قد نهيت عَنهُ أَو مَا يَنْبَغِي لَك وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: لقد كَانَ الْمُسلمُونَ يجتهدون فِي الدُّعَاء وَمَا يسمع لَهُم صَوت إِن كَانَ إِلَّا همساً بَينهم وَبَين رَبهم وَذَلِكَ أَن الله يَقُول {ادعوا ربكُم تضرعاً وخفية} وَذَلِكَ أَن الله ذكر عبدا صَالحا فَرضِي لَهُ قَوْله فَقَالَ {إِذْ نَادَى ربه نِدَاء خفِيا} مَرْيَم الْآيَة 2 وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: إِن من الدُّعَاء اعتداء يكره رفع الصَّوْت والنداء والصياح بِالدُّعَاءِ وَيُؤمر بالتضرع والاستكانة - الْآيَة (56)

56

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله {وَلَا تفسدوا فِي الأَرْض بعد إصلاحها} قَالَ: بَعْدَمَا أصلحها الْأَنْبِيَاء وأصحابهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي بكر بن عَيَّاش أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَلَا تفسدوا فِي الأَرْض بعد إصلاحها}

فَقَالَ: إِن الله بعث مُحَمَّدًا إِلَى أهل الأَرْض وهم فِي فَسَاد فأصلحهم الله بمحمدا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن دَعَا إِلَى خلاف مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهُوَ من المفسدين فِي الأَرْض وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي سِنَان فِي قَوْله {وَلَا تفسدوا فِي الأَرْض بعد إصلاحها} قَالَ: قد أحللت حلالي وَحرمت حرامي وحددت حدودي فَلَا تعتدوها وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وادعوه خوفًا وَطَمَعًا} قَالَ: خوفًا مِنْهُ وَطَمَعًا لما عِنْده {إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ} يَعْنِي من الْمُؤمنِينَ وَمن لم يُؤمن بِاللَّه فَهُوَ من المفسدين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مطر الْوراق قَالَ: تنجزوا مَوْعُود الله بِطَاعَة الله فَإِنَّهُ قضى إِن رَحمته قريب من الْمُحْسِنِينَ - الْآيَة (57)

57

- أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وَهُوَ الَّذِي يُرْسل الرِّيَاح} على الْجِمَاع (بشرا) خَفِيفَة بِالْبَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله يُرْسل الرّيح فتأتي بالسحاب من بَين الْخَافِقين - طرف السَّمَاء وَالْأَرْض من حَيْثُ يَلْتَقِيَانِ - فيخرجه من ثَمَّ ثمَّ ينشره فيبسطه فِي السَّمَاء كَيفَ يَشَاء ثمَّ يفتح أَبْوَاب السَّمَاء فيسيل المَاء على السَّحَاب ثمَّ يمطر السَّحَاب بعد ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بشرا بَين يَدي رَحمته} قَالَ: يستبشر بهَا النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْيَمَانِيّ أَنه كَانَ يَقْرَأها {بشرا} من قبل مُبَشِّرَات وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {بَين يَدي رَحمته}

قَالَ: هُوَ الْمَطَر وَفِي قَوْله {كَذَلِك نخرج الْمَوْتَى} قَالَ: وَكَذَلِكَ تخرجُونَ كَذَلِك النشور كَمَا يخرج الزَّرْع بِالْمَاءِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كَذَلِك نخرج الْمَوْتَى} قَالَ: إِذا أَرَادَ الله أَن يخرج الْمَوْتَى تمطر المَاء حَتَّى تشقق الأَرْض ثمَّ يُرْسل الْأَرْوَاح فَيهْوِي كل روح إِلَى جسده فَكَذَلِك يحيي الله الْمَوْتَى بالمطر كاحيائه الأَرْض - الْآيَة (58)

58

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {والبلد الطّيب} الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله لِلْمُؤمنِ يَقُول: هُوَ طيب وَعَمله طيب كَمَا أَن الْبَلَد الطّيب ثَمَرهَا طيب وَالَّذِي خبث ضرب مثلا للْكَافِرِ كالبلد السبخة المالحة الَّتِي لَا يخرج مِنْهَا الْبركَة وَالْكَافِر هُوَ الْخَبيث وَعَمله خَبِيث وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {والبلد الطّيب يخرج نَبَاته بِإِذن ربه وَالَّذِي خبث} قَالَ: كل ذَلِك فِي الأَرْض السباخ وَغَيرهَا مثل آدم وَذريته فيهم طيب وخبيث وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {والبلد الطّيب} قَالَ: هَذَا مثل الْمُؤمن سمع كتاب الله فوعاه وَأخذ بِهِ وَعمل بِهِ وانتفع بِهِ كَمثل هَذِه الأَرْض أَصَابَهَا الْغَيْث فأنبتت وأمرعت {وَالَّذِي خبث} قَالَ: هَذَا مثل الْكَافِر لم يعقل الْقُرْآن وَلم يعْمل بِهِ وَلم يَأْخُذ بِهِ وَلم ينْتَفع فَهُوَ كَمثل الأَرْض الخبيثة أَصَابَهَا الْغَيْث فَلم تنْبت شَيْئا وَلم تمرع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل ضربه للقلوب يَقُول: ينزل المَاء فَيخرج الْبَلَد الطّيب نَبَاته بِإِذن الله {وَالَّذِي خبث} هِيَ السبخة لَا يخرج نباتها إِلَّا نكداً فَكَذَلِك الْقُلُوب لما نزل الْقُرْآن بقلب الْمُؤمن آمن بِهِ وَثَبت الإِيمان فِي قلبه وقلب الْكَافِر لما دخله الْقُرْآن لم يتَعَلَّق مِنْهُ بِشَيْء

يَنْفَعهُ وَلم يثبت فِيهِ من الإِيمان شَيْء إِلَّا مَا لَا يَنْفَعهُ كَمَا لم يخرج هَذَا الْبَلَد إِلَّا مَا لم ينفع من النَّبَات والنكد: الشَّيْء الْقَلِيل الَّذِي لَا ينفع وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (والبلد الطّيب يخرج نَبَاته) بِنصب الْيَاء وَرفع الرَّاء وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {والبلد الطّيب} الْآيَة قَالَ: الطّيب يَنْفَعهُ الْمَطَر فينبت {وَالَّذِي خبث} السباخ لَا يَنْفَعهُ الْمَطَر {لَا يخرج إِلَّا نكداً} هَذَا مثل ضربه الله لآدَم وَذريته كلهم إِنَّمَا خلقُوا من نفس وَاحِدَة فَمنهمْ من آمن بِاللَّه وَكتابه فطاب وَمِنْهُم من كفر بِاللَّه وَكتابه فخبث وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {والبلد الطّيب} الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله للْكَافِرِ وَالْمُؤمن وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل مَا بَعَثَنِي الله بِهِ من الْهدى وَالْعلم كَمثل الْغَيْث الْكثير أصَاب أَرضًا فَكَانَت مِنْهَا بَقِيَّة قبلت المَاء فأنبتت الْكلأ والعشب الْكثير وَكَانَت مِنْهَا أجادب أَمْسَكت المَاء فنفع الله بهَا النَّاس فَشَرِبُوا وَسقوا وزرعوا وَأصَاب مِنْهَا طَائِفَة أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قيعان لَا تمسك مَاء وَلَا تنْبت كلأً فَذَلِك مثل من فقه فِي دين الله ونفعه مَا بَعَثَنِي الله بِهِ فَعلم وعلّم وَمثل من لم ينفع بذلك رَأْسا وَلم يقبل هدى الله الَّذِي أرْسلت بِهِ - الْآيَة (59)

59

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أول نَبِي أرسل نوح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن يزِيد الرقاشِي قَالَ: إِنَّمَا سمي نوح عَلَيْهِ السَّلَام نوحًا لطول مَا ناح على نَفسه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِنَّمَا سمي نوحًا لِأَنَّهُ كَانَ ينوح على نَفسه وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن مقَاتل وجويبر أَن آدم حِين كبر ورقَّ

عظمه قَالَ: يَا رب إِلَى مَتى أكد وأسعى قَالَ: يَا آدم حَتَّى يُولد لَك ولد مختون فولد لَهُ نوح بعد عشرَة أبطن وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن ألف سنة إِلَّا سِتِّينَ عَاما فَكَانَ نوح بن لامك بن متوشلخ بن إِدْرِيس وَهُوَ اخنوخ بن يرد بن مهلايبل بن قينان بن أنوش بن شِيث بن آدم وَكَانَ اسْم نوح السكن وَإِنَّمَا سمي نوح السكن لِأَن النَّاس بعد آدم سكنوا إِلَيْهِ فَهُوَ أبوهم وَإِنَّمَا سمي نوحًا لِأَنَّهُ ناح على قومه ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما يَدعُوهُم إِلَى الله فَإِذا كفرُوا بَكَى وناح عَلَيْهِم وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: كَانَ بَين نوح وآدَم عشرَة آبَاء وَكَانَ بَين إِبْرَاهِيم ونوح عشرَة آبَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ بَين آدم ونوح عشرَة قُرُون كلهم على شَرِيعَة من الْحق وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن نوف الشَّامي قَالَ: خَمْسَة من الْأَنْبِيَاء من الْعَرَب مُحَمَّد ونوح وَهود وَصَالح وَشُعَيْب عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس أَن نوحًا بعث فِي الْألف الثَّانِي وَأَن آدم لم يمت حَتَّى ولد لَهُ نوح فِي آخر الْألف الأول وَكَانَ قد فَشَتْ فيهم الْمعاصِي وَكَثُرت الْجَبَابِرَة وعتوا عتوّاً كَبِيرا وَكَانَ نوح يَدعُوهُم لَيْلًا وَنَهَارًا سرا وَعَلَانِيَة صبوراً حَلِيمًا وَلم يلق أحد من الْأَنْبِيَاء أَشد مِمَّا لَقِي نوح فَكَانُوا يدْخلُونَ عَلَيْهِ فيخنقونه وَيضْرب فِي الْمجَالِس ويطرد وَكَانَ لَا يدع على مَا يصنع بِهِ أَن يَدعُوهُم وَيَقُول: يَا رب اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ فَكَانَ لَا يزيدهم ذَلِك إِلَّا فِرَارًا مِنْهُ حَتَّى إِنَّه ليكلم الرجل مِنْهُم فيلف رَأسه بِثَوْبِهِ وَيجْعَل أَصَابِعه فِي أُذُنَيْهِ لكيلا يسمع شَيْئا من كَلَامه فَذَلِك قَول الله {جعلُوا أَصَابِعهم فِي آذانهم واستغشوا ثِيَابهمْ} نوح الْآيَة 7 ثمَّ قَامُوا من الْمجْلس فاسرعوا الْمَشْي وَقَالُوا: امضوا فَإِنَّهُ كَذَّاب وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْبلَاء وَكَانَ ينْتَظر الْقرن بعد الْقرن والجيل بعد الجيل فَلَا يَأْتِي قرن إِلَّا وَهُوَ أَخبث من الأول وأعتى من الأول وَيَقُول الرجل مِنْهُم: قد كَانَ هَذَا مَعَ آبَائِنَا وأجدادنا فَلم يزل هَكَذَا مَجْنُونا وَكَانَ الرجل مِنْهُم إِذا أوصى عِنْد الْوَفَاة يَقُول لأولاده: احْذَرُوا هَذَا الْمَجْنُون فَإِنَّهُ قد حَدثنِي آبَائِي: إِن هَلَاك النَّاس على يَدي هَذَا فَكَانُوا كَذَلِك يتوارثون الْوَصِيَّة بَينهم حَتَّى إِن كَانَ الرجل ليحمل وَلَده على

عَاتِقه ثمَّ يقف بِهِ وَعَلِيهِ فَيَقُول: يَا بني ان عِشْت ومت أَنا فاحذر هَذَا الشَّيْخ فَلَمَّا طَال ذَلِك بِهِ وبهم {قَالُوا يَا نوح قد جادلتنا فَأَكْثَرت جدالنا فأتنا بِمَا تعدنا إِن كنت من الصَّادِقين} هود الْآيَة 32 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة 0 أَن نوحًا بعث من الجزيرة وهوداً من أَرض الشحر أَرض مهرَة وصالحاً من الْحجر ولوطاً من سدوم وشعيباً من مَدين وَمَات إِبْرَاهِيم وآدَم وَإِسْحَق ويوسف بِأَرْض فلسطين وَقتل يحيى بن زَكَرِيَّا بِدِمَشْق 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يضْربُونَ نوحًا حَتَّى يغشى عَلَيْهِ فَإِذا أَفَاق قَالَ: رب اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُجَاهِد عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: إِن كَانَ نوحًا ليضربه قومه حَتَّى يغمى عَلَيْهِ ثمَّ يفِيق فَيَقُول: اهد قومِي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ وَقَالَ شَقِيق: قَالَ عبد الله: لقد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يمسح الدَّم عَن وَجهه وَهُوَ يَحْكِي نَبيا من الْأَنْبِيَاء وَهُوَ يَقُول: اللهمَّ اهد قومِي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ نَحوه وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ قوم نوح يخنقونه حَتَّى تترقى عَيناهُ فَإِذا تَرَكُوهُ قَالَ: اللهمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم جهلة 0 وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَحْكِي نَبيا من الْأَنْبِيَاء قد ضربه قومه وَهُوَ يمسح الدَّم عَن جَبينه وَيَقُول: اللهمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي مهَاجر الرقي قَالَ: لبث نوح فِي قومه ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما فِي بَيت من شعر فَيُقَال لَهُ: يَا نَبِي الله ابْن بَيْتا فَيَقُول: أَمُوت الْيَوْم وأموت غَدا 0 وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن وهيب بن الْورْد قَالَ: بنى نوحًا بَيْتا من قصب فَقيل لَهُ: لَو بنيت غير هَذَا فَقَالَ: هَذَا كثير لمن يَمُوت 0 وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والعقيلي وَابْن عَسَاكِر والديلمي عَن عَائِشَة مَرْفُوعا نوح

كبيرالأنبياء لم يخرج من خلاء قطّ إِلَّا قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أذاقني طعمه وَأبقى فِي منفعَته وَأخرج من أَذَاهُ 0 وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: بعث الله نوحًا فَمَا أهلك أمته إِلَّا الزَّنَادِقَة ثمَّ نَبِي فنبي وَالله لَا يهْلك هَذِه الْأمة إِلَّا الزَّنَادِقَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعد بن حسن قَالَ: كَانَ قوم نوح عَلَيْهِ السَّلَام يزرعون فِي الشَّهْر مرَّتَيْنِ وَكَانَت الْمَرْأَة تَلد أول النَّهَار فيتبعها وَلَدهَا فِي آخِره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: مَا عذب قوم نوح حَتَّى مَا كَانَ فِي الأَرْض سهل وَلَا جبل إِلَّا لَهُ عَامر يعمره وحائز يحوزه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم 0 أَن أهل السهل كَانَ قد ضَاقَ بهم وَأهل الْجَبَل حَتَّى مَا يقدر أهل السهل أَن يرتقوا إِلَى الْجَبَل وَلَا أهل الْجَبَل أَن ينزلُوا إِلَى أهل السهل فِي زمَان نوح 0 قَالَ: حسوا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كَانَ نوح أجمل أهل زَمَانه وَكَانَ يلبس البرقع فاصابتهم مجاعَة فِي السَّفِينَة فَكَانَ نوح إِذا تجلى بِوَجْهِهِ لَهُم شَبِعُوا 0 وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما حج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بوادي عسفان فَقَالَ: لقد مر بِهَذَا الْوَادي هود وَصَالح ونوح على بكرات حمر خطمها الليف أزرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون يحجون الْبَيْت الْعَتِيق 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَمْرو سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: صَامَ نوح الدَّهْر إِلَّا يَوْم الْفطر والأضحى وَصَامَ دَاوُد نصف الدَّهْر وَصَامَ إِبْرَاهِيم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر صَامَ الدَّهْر وَأفْطر الدَّهْر وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ وَالصِّفَات عَن عبد الله بن عَمْرو أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن نوحًا لما حَضرته الْوَفَاة قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصِر عَلَيْك الْوَصِيَّة آمُرك بِاثْنَتَيْنِ وأنهاك عَن اثْنَتَيْنِ آمُرك بِلَا إِلَه إِلَّا الله فَإِن السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع لَو وضعن فِي كفة وَوضعت لَا إِلَه إِلَّا الله فِي كفة لرجحت بِهن وَلَو أَن السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع كن حَلقَة مُبْهمَة لقصمتهن لَا إِلَه إِلَّا الله وَسُبْحَان الله وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلَاة كل شَيْء وَبهَا يرْزق كل شَيْء وأنهاك عَن الشّرك وَالْكبر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أعلمكُم مَا علم نوح ابْنه قَالُوا: بلَى قَالَ: قَالَ آمُرك أَن تَقول لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير فَإِن السَّمَوَات لَو كَانَت فِي كفة لرجحت بهَا وَلَو كَانَت حَلقَة قصمتها وآمرك بسبحان الله وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلَاة الْخلق وتسبيح الْخلق وَبهَا يرْزق الْخلق 0 - الْآيَة (60 - 64)

60

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {قَالَ الْمَلأ} يَعْنِي الاشراف من قومه 0 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {أوعجبتم أَن جَاءَكُم ذكر من ربكُم} قَالَ: بَيَان من ربكُم 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس {إِنَّهُم كَانُوا قوما عمين} قَالَ: كفَّارًا 0 وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {إِنَّهُم كَانُوا قوما عمين} قَالَ: عَن الْحق 0 - الْآيَة (65 - 71)

65

- أخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِلَى عَاد أَخَاهُم هوداً} قَالَ: لَيْسَ بأخيهم فِي الدّين وَلكنه أخوهم فِي النّسَب فَلذَلِك جعله أَخَاهُ لِأَنَّهُ مِنْهُم وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن الشرفي بن قطامى قَالَ: هود اسْمه عَابِر بن شالخ بن ارفشخد بن سَام بن نوح 0 وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: يَزْعمُونَ أَن هوداً من بني عبد الضخم من حَضرمَوْت 0 وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ هود أول من تكلم بالعربيه وَولد لهود أَرْبَعَة: قحطان ومقحط وقاحط وفالغ فَهُوَ أَبُو مُضر وقحطان أَبُو الْيمن وَالْبَاقُونَ لَيْسَ لَهُم نسل 0 وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مقَاتل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس وَمن طَرِيق إِبْنِ اسحق عَن رجال سماهم وَمن طَرِيق الْكَلْبِيّ قَالُوا جَمِيعًا: إِن عاداً كَانُوا أَصْحَاب أوثان يعبدونها اتَّخذُوا أصناماً على مِثَال ودَّ وسواع ويغوث ونسر فاتخذوا صنماً يُقَال لَهُ: صمود وصنما يُقَال لَهُ: الهتار فَبعث الله إِلَيْهِم هوداً وَكَانَ هود من قَبيلَة يُقَال لَهَا الخلود وَكَانَ من أوسطهم نسبا وأصبحهم وَجها وَكَانَ فِي مثل أَجْسَادهم أَبيض بعد أبادي العنفقة طَوِيل اللِّحْيَة فَدَعَاهُمْ إِلَى الله وَأمرهمْ أَن يوحدوه وَأَن يكفوا عَن ظلم النَّاس وَلم

يَأْمُرهُم بِغَيْر ذَلِك وَلم يدعهم إِلَى شَرِيعَة وَلَا إِلَى صَلَاة فَأَبَوا ذَلِك وكذبوه وَقَالُوا: من أَشد منا قوّة فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَإِلَى عَاد أَخَاهُم هوداً} كَانَ من قَومهمْ وَلم يكن أَخَاهُم فِي الدّين {قَالَ يَا قوم اعبدوا الله} يَعْنِي وحدوا الله {وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا} مَا لكم يَقُول: لَيْسَ لكم {من إِلَه غَيره أَفلا تَتَّقُون} يَعْنِي فَكيف لَا تَتَّقُون {واذْكُرُوا إِذْ جعلكُمْ خلفاء} يَعْنِي سكاناً فِي الأَرْض {من بعد قوم نوح} فَكيف لَا تعتبرون فتؤمنوا وَقد علمْتُم مَا نزل بِقوم نوح من النقمَة حِين عصوه {فاذكروا آلَاء الله} يَعْنِي هَذِه النعم {لَعَلَّكُمْ تفلحون} أَي كي تُفْلِحُوا وَكَانَت مَنَازِلهمْ بالأحقاف والأحقاف: الرمل 0 فِيمَا بَين عمان إِلَى حَضرمَوْت بِالْيمن وَكَانُوا مَعَ ذَلِك قد أفسدوا فِي الأَرْض كلهَا وقهروا أَهلهَا بِفضل قوّتهم الَّتِي آتَاهُم الله 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن خثيم قَالَ: كَانَت عَاد مَا بَين الْيمن إِلَى الشَّام مثل الذَّر 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ 0 إِن عَاد كَانُوا بِالْيمن بالأحقاف والأحقاف: هِيَ الرمال 0 وَفِي قَوْله {واذْكُرُوا إِذْ جعلكُمْ خلفاء من بعد قوم نوح} قَالَ: ذهب بِقوم نوح واستخلفكم بعدهمْ {وزادكم فِي الْخلق بسطة} قَالَ: فِي الطول 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: كَانَ الرجل من عَاد سِتِّينَ ذِرَاعا بذراعهم وَكَانَ هَامة الرجل مثل الْقبَّة الْعَظِيمَة وَكَانَ عين الرجل ليفرخ فِيهَا السبَاع وَكَذَلِكَ مناخرهم 0 وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وزادكم فِي الْخلق بسطة} قَالَ: ذكرلنا أَنهم كَانُوا اثْنَي عشر ذِرَاعا طوَالًا 0 وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: كَانَ الرجل مِمَّن كَانَ قبلكُمْ بَين مَنْكِبَيْه ميل 0 وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الرجل فِي خلقه ثَمَانُون باعاً وَكَانَت الْبرة فيهم ككلية الْبَقر والرمانة الْوَاحِدَة يقْعد فِي قشرها عشرَة نفر 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وزادكم فِي الْخلق بسطة} قَالَ: شدَّة 0

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن كَانَ الرجل من قوم عَاد ليتَّخذ المصراع من الْحِجَارَة لَو اجْتمع عَلَيْهِ خَمْسمِائَة من هَذِه الْأمة لم يستطيعوا أَن ينقلوه وَإِن كَانَ أحدهم ليدْخل قدمه فِي الأَرْض فَتدخل فِيهَا 0 وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن ثَوْر بن زيد الديلمي قَالَ: قَرَأت كتابا: انا شَدَّاد بن عَاد انا الَّذِي رفعت الْعِمَاد وانا الَّذِي سددت بَدْرًا عَن بطن وَاد وانا الَّذِي كنزت كنزاً فِي الْبَحْر على تسع أَذْرع لَا يُخرجهُ إِلَّا أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم 0 وَأخرج ابْن بكار عَن ثَوْر بن زيد قَالَ: جِئْت الْيمن فَإِذا أَنا بِرَجُل لم أر أطول مِنْهُ قطّ فعجبت 0 قَالُوا: تعجب من هَذَا قلت: وَالله مَا رَأَيْت أطول من ذَا قطّ قَالُوا: فو الله لقد ساقاً أَو ذِرَاعا فذرعناها بِذِرَاع هَذَا فَوَجَدْنَاهَا سِتّ عشرَة ذِرَاعا 0 وَأخرج الزبير بن بكار عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ فِي الزَّمن الأول تمْضِي أَرْبَعمِائَة سنة وَلم يسمع فِيهَا بِجنَازَة 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {آلَاء الله} قَالَ: نعم الله 0 وَفِي قَوْله {رِجْس} قَالَ: سخط 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {قد وَقع عَلَيْكُم من ربكُم رِجْس} قَالَ: جَاءَهُم مِنْهُ عَذَاب والرجس: كُله عَذَاب فِي الْقُرْآن 0 وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله رِجْس وَغَضب قَالَ: الرجس: اللعنه وَالْغَضَب: الْعَذَاب 0 قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: إِذا سنة كَانَت بِنَجْد مُحِيطَة وَكَانَ عَلَيْهِم رجسها وعذابها - الْآيَة (72)

72

- أخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: لما أوحى الله إِلَى الْعَقِيم أَن تخرج على قوم عَاد فتنتقم لَهُ مِنْهُم فَخرجت بِغَيْر كيل على قدر منخر ثَوْر حَتَّى رجفت الأَرْض مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب فَقَالَ

الْخزَّان: رب لن نطيقها وَلَو خرجت على حَالهَا لأهلكت مَا بَين مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا فَأوحى الله إِلَيْهَا: أَن ارجعي 0 فَرَجَعت فَخرجت على قدر خرق الْخَاتم وَهِي الْحلقَة فَأوحى الله إِلَى هود: أَن يعتزل بِمن مَعَه من الْمُؤمنِينَ فِي حَظِيرَة فاعتزلوا وخطَّ عَلَيْهِم خطا وَأَقْبَلت الرّيح فَكَانَت لَا تدخل حَظِيرَة هود وَلَا تجَاوز الْخط إِنَّمَا يدْخل عَلَيْهِم مِنْهَا بِقدر مَا تلذ بِهِ أنفسهم وتلين عَلَيْهِ الْجُلُود وَإِنَّهَا لَتَمَرُّ من عَاد بالظعن بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وتدمغهم بِالْحِجَارَةِ وَأوحى الله إِلَى الْحَيَّات والعقارب: أَن تَأْخُذ عَلَيْهِم الطّرق فَلم تدع عادياً يجاوزهم 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: لما أرسل الله الرّيح على عَاد اعتزل هود وَمن مَعَه من الْمُؤمنِينَ فِي حَظِيرَة مَا يصيبهم من الرّيح إِلَّا مَا تلين عَلَيْهِ الْجُلُود وتلتذه الْأَنْفس وَإِنَّهَا لتمر بالعادي فتحمله بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وتدمغه بِالْحِجَارَةِ 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وقطعنا دابر الَّذين كذبُوا} قَالَ: استأصلناهم 0 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن هزين بن حَمْزَة قَالَ: سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه أَن يرِيه رجلا من قوم عَاد فكشف الله لَهُ عَن الغطاء فَإِذا رَأسه بِالْمَدِينَةِ وَرجلَاهُ بِذِي الحليفة أَرْبَعَة أَمْيَال طوله 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق سَالم بن أبي الْجَعْد عَن عبد الله قَالَ: ذكر الْأَنْبِيَاء عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا ذكر هود قَالَ ذَاك خَلِيل الله وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما حجَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بوادي عسفان فَقَالَ لقد مر بِهِ هود وَصَالح على بكرات حمر خطمهن الليف أزرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون ويحجون الْبَيْت الْعَتِيق وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن سابط قَالَ: بَين الْمقَام والركن وزمزم قُبِرَ تِسْعَة وَسَبْعُونَ نَبيا وان قبر نوح وَهود وَشُعَيْب وَصَالح وإسمعيل فِي تِلْكَ الْبقْعَة 0 وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة قَالَ: مَا يعلم قبر نَبِي من الْأَنْبِيَاء إِلَّا ثَلَاثَة 0 قبر اسمعيل فَإِنَّهُ تَحت الْمِيزَاب بَين الرُّكْن وَالْبَيْت وقبر هود فَإِنَّهُ فِي حقف تَحت جبل من جبال الْيمن عَلَيْهِ شَجَرَة وموضعه أَشد الأَرْض حرا وقبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن هَذِه قُبُورهم حق 0

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قبر هود بحضرموت فِي كثيب أَحْمَر عِنْد رَأسه سِدْرَة 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عُثْمَان بن أبي العاتكة قَالَ: قبْلَة مَسْجِد دمشق قبر هود عَلَيْهِ السَّلَام 0 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ عمر هود أَرْبَعمِائَة واثنتين وَسبعين سنة 0 وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ: عجائب الدُّنْيَا أَرْبَعَة 0 مرْآة كَانَت معلقَة بمنارة الاسكندرية فَكَانَ يجلس الْجَالِس تحتهَا فيبصر من بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ وَبَينهمَا عرض الْبَحْر وَفرس كَانَ من نُحَاس بِأَرْض الأندلس قَائِلا بكفه كَذَا باسطاً يَده أَي لَيْسَ خَلْفي مَسْلَك فَلَا يطَأ تِلْكَ الْبِلَاد أحد إِلَّا أَكلته النَّمْل ومنارة من نُحَاس عَلَيْهَا رَاكب من نُحَاس بِأَرْض عَاد فَإِذا كَانَت الْأَشْهر الْحرم هطل مِنْهُ المَاء فَشرب النَّاس وَسقوا وَصبُّوا فِي الْحِيَاض فَإِذا انْقَطَعت الْأَشْهر الْحرم انْقَطع ذَلِك المَاء وشجرة من نُحَاس عَلَيْهَا سودانية من نُحَاس بِأَرْض رُومِية إِذا كَانَ أَوَان الزَّيْتُون صفرت السودانية الَّتِي من نُحَاس فتجيء كل سودانية من الطيارات بِثَلَاث زيتونات زيتونتين برجليها وزيتونة بمنقارها حَتَّى تلقيه على تِلْكَ السودانية النّحاس فيعصر أهل رُومِية مَا يكفيهم لأدامهم وسرجهم شتويتهم إِلَى قَابل 0 - الْآيَة (73 - 79)

73

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مطلب بن زِيَادَة قَالَ: سَأَلت عبد الله بن أبي ليلى عَن الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ يُقَال لَهُ أَخ قَالَ: الْأَخ فِي الدَّار الا ترى إِلَى قَول الله {وَإِلَى ثَمُود أَخَاهُم صَالحا} 0 وَأخرج سنيد وَابْن جرير وَالْحَاكِم من طَرِيق حجاج عَن أبي بكر بن عبد الله عَن شهر بن حَوْشَب عَن عَمْرو بن خَارِجَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَانَت ثَمُود قوم صَالح اعمرهم الله فِي الدُّنْيَا فَأطَال أعمارهم حَتَّى جعل أحدهم يَبْنِي الْمسكن من الْمدر فينهدم وَالرجل مِنْهُم حَيّ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك اتَّخذُوا من الْجبَال بُيُوتًا فنحتوها وجابوها وخرقوها وَكَانُوا فِي سَعَة من مَعَايشهمْ فَقَالُوا: يَا صَالح ادْع لنا رَبك يخرج لنا آيَة نعلم أَنَّك رَسُول الله 0 فَدَعَا صَالح ربه فَأخْرج لَهُم النَّاقة فَكَانَ شربهَا يَوْمًا وشربهم يَوْمًا مَعْلُوما فَإِذا كَانَ يَوْم شربهَا خلوا عَنْهَا وَعَن المَاء وحلبوها لَبَنًا ملأوا كل اناء ووعاء وسقاء حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم شربهم صرفوها عَن المَاء فَلم تشرب مِنْهُ شَيْئا فملأوا كلَّ اناء ووعاء وسقاء 0 فَأوحى الله إِلَى صَالح: إِن قَوْمك سيعقرون نَاقَتك 0 فَقَالَ لَهُم 0 فَقَالُوا: مَا كُنَّا لنفعل فَقَالَ لَهُم: أَن لَا تعقروها أَنْتُم يُوشك أَن يُولد فِيكُم مَوْلُود يعقرها 0 قَالُوا: فَمَا عَلامَة ذَلِك الْمَوْلُود فوَاللَّه لَا نجده إِلَّا قَتَلْنَاهُ قَالَ: فَإِنَّهُ غُلَام أشقر أَزْرَق أصهب أَحْمَر 0 وَكَانَ فِي الْمَدِينَة شَيْخَانِ عزيزان منيعان لاحدهما ابْن يرغب بِهِ عَن المناكح وَللْآخر ابْنة لَا يجد لَهَا كُفؤًا فَجمع بَينهمَا مجْلِس فَقَالَ أَحدهمَا

لصَاحبه مَا يمنعك أَن تزوج ابْنك قَالَ: لَا أجد لَهُ كُفؤًا قَالَ: فَإِن ابْنَتي كُفْء لَهُ فانا أزَوجك فَزَوجهُ فولد بَينهمَا مَوْلُود وَكَانَ فِي الْمَدِينَة ثَمَانِيَة رَهْط يفسدون فِي الأَرْض وَلَا يصلحون فَلَمَّا قَالَ لَهُم صَالح: إِنَّمَا يعقرها مَوْلُود فِيكُم اخْتَارُوا ثَمَانِي نسْوَة قوابل من الْقرْيَة وَجعلُوا مَعَهُنَّ شرطا كَانُوا يطوفون فِي الْقرْيَة فَإِذا نظرُوا الْمَرْأَة تمخض نظرُوا مَا وَلَدهَا إِن كَانَ غُلَاما قلبنه فنظرن مَا هُوَ وَإِن كَانَت جَارِيَة أعرضن عَنْهَا فَلَمَّا وجدوا ذَلِك الْمَوْلُود صرخت النسْوَة: هَذَا الَّذِي يُرِيد صَالح رَسُول الله فَأَرَادَ الشَّرْط أَن يأخذوه فحال جداه بَينهم وَقَالُوا: لَو أَن صَالحا أَرَادَ هَذَا قَتَلْنَاهُ فَكَانَ شَرّ مَوْلُود وَكَانَ يشب فِي الْيَوْم شباب غَيره فِي الْجُمُعَة ويشب فِي الْجُمُعَة شباب غَيره فِي الشَّهْر ويشب فِي الشَّهْر شباب غَيره فِي السّنة فَاجْتمع الثَّمَانِية الَّذين يفسدون فِي الأَرْض وَلَا يصلحون وَفِيهِمْ الشَّيْخَانِ فَقَالُوا: اسْتعْمل علينا هَذَا الْغُلَام لمنزلته وَشرف جديه فَكَانُوا تِسْعَة وَكَانَ صَالحا لَا ينَام مَعَهم فِي الْقرْيَة كَانَ يبيت فِي مَسْجده فَإِذا أصبح أَتَاهُم فوعظهم وَذكرهمْ وَإِذا أَمْسَى خرج إِلَى مَسْجده فَبَاتَ فِيهِ قَالَ حجاج وَقَالَ ابْن جريج: لما قَالَ لَهُم صَالح: إِنَّه سيولد غُلَام يكون هلاككم على يَدَيْهِ قَالُوا: فَكيف تَأْمُرنَا قَالَ: آمركُم بِقَتْلِهِم: فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا وَاحِدًا قَالَ: فَلَمَّا بلغ ذَلِك الْمَوْلُود قَالُوا: لَو كُنَّا لم نقْتل أَوْلَادنَا لَكَانَ لكل رجل منا مثل هَذَا هَذَا عمل صَالح فأتمروا بَينهم بقتْله وَقَالُوا: نخرج مسافرين وَالنَّاس يروننا عَلَانيَة ثمَّ نرْجِع من لَيْلَة كَذَا من شهر كَذَا وَكَذَا فنرصده عِنْد مُصَلَّاهُ فنقتله فَلَا يحْسب النَّاس إِلَّا أَنا مسافرون كَمَا نَحن فاقبلوا حَتَّى دخلُوا تَحت صَخْرَة يَرْصُدُونَهُ فَأرْسل الله عَلَيْهِم الصَّخْرَة فرضختهم فاصبحوا رضخاً فَانْطَلق رجال مِمَّن قد اطلع على ذَلِك مِنْهُم فَإِذا هم رضخ فَرَجَعُوا يصيحون فِي الْقرْيَة: أَي عباد الله أما رَضِي صَالح إِن أَمرهم أَن يقتلُوا أَوْلَادهم حَتَّى قَتلهمْ فَاجْتمع أهل الْقرْيَة على قتل النَّاقة أَجْمَعِينَ وأحجموا عَنْهَا إِلَّا ذَلِك ابْن الْعَاشِر ثمَّ رَجَعَ الحَدِيث إِلَى حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَأَرَادُوا أَن يَمْكُرُوا بِصَالح فَمَشَوْا حَتَّى أَتَوا على شرب طَرِيق صَالح فَاخْتَبَأَ فِيهِ ثَمَانِيَة وَقَالُوا: إِذا خرج علينا قَتَلْنَاهُ وأتينا أَهله فبيتناهم فَأمر الله الأَرْض فاستوت عَلَيْهِم فَاجْتمعُوا وَمَشوا إِلَى

النَّاقة وَهِي على حَوْضهَا قَائِمَة فَقَالَ الشقي لأَحَدهم ائتها فاعقرها فاتاها فتعاظمه ذَلِك فَاضْرب عَن ذَلِك فَبعث آخر فأعظمه ذَلِك فَجعل لَا يبْعَث رجلا إِلَّا تعاظمه أمرهَا حَتَّى مَشى إِلَيْهَا وتطاول فَضرب عرقوبيها فَوَقَعت تركض فَرَأى رجل مِنْهُم صَالحا فَقَالَ: اِدَّرَكَ النَّاقة فقد عقرت فَأقبل وَخَرجُوا يتلقونه ويعتذرون إِلَيْهِ يَا نَبِي الله إِنَّمَا عقرهَا فلَان إِنَّه لَا ذَنْب لنا قَالَ: فانظروا هَل تدركون فصيلها فَإِن أدركتموه فَعَسَى الله أَن يرفع عَنْكُم الْعَذَاب فَخَرجُوا يطلبونه فَلَمَّا رأى الفصيل أمه تضطرب أَتَى جبلا يُقَال لَهُ القارة قصير فَصَعدَ وذهبوا ليأخذوه فَأوحى الله إِلَى الْجَبَل فطال فِي السَّمَاء حَتَّى مَا تناله الطير وَدخل صَالح الْقرْيَة فَلَمَّا رَآهُ الفصيل بَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعه ثمَّ اسْتقْبل صَالحا فرغا رغوة ثمَّ رغا أُخْرَى ثمَّ رغا أُخْرَى فَقَالَ صَالح لِقَوْمِهِ: لكل رغوة أجل فتمتعوا فِي داركم ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِك وعد غير مَكْذُوب الا أَن آيَة الْعَذَاب أَن الْيَوْم الأول تصبح وُجُوهكُم مصفرة وَالْيَوْم الثَّانِي محمرة وَالْيَوْم الثَّالِث مسودة فَلَمَّا أَصْبحُوا إِذا وُجُوههم كَأَنَّهَا قد طليت بالخلوق صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ ذكرهم وأنثاهم فَلَمَّا أَمْسوا صاحوا بأجمعهم أَلا قد مضى يَوْم من الْأَجَل وحضركم الْعَذَاب فَلَمَّا أَصْبحُوا الْيَوْم الثَّانِي إِذا وُجُوههم محمرة كَأَنَّهَا خضبت بالدماء فصاحوا وضجوا وَبكوا وَعرفُوا أَنه الْعَذَاب فَلَمَّا أَمْسوا صاحوا بأجمعهم أَلا قد مضى يَوْمَانِ من الْأَجَل وحضركم الْعَذَاب فَلَمَّا أَصْبحُوا الْيَوْم الثَّالِث فَإِذا وُجُوههم مسودة كَأَنَّهَا طليت بالقار فصاحوا جَمِيعًا أَلا قد حضركم الْعَذَاب فتكفنوا وتحنطوا وَكَانَ حنوطهم الصَّبْر والمغر وَكَانَت أكفانهم الانطاع ثمَّ ألقوا أنفسهم بِالْأَرْضِ فَجعلُوا يقلبون أَبْصَارهم فَيَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاء مرّة وَإِلَى الأَرْض مرّة فَلَا يَدْرُونَ من أَيْن يَأْتِيهم الْعَذَاب من فَوْقهم من السَّمَاء أم من تَحت أَرجُلهم من الأَرْض خسفاً أَو قذفا فَلَمَّا أَصْبحُوا الْيَوْم الرَّابِع أَتَتْهُم صَيْحَة من السَّمَاء فِيهَا صَوت كل صَاعِقَة وَصَوت كل شَيْء لَهُ صَوت فِي الأَرْض فتقطعت قُلُوبهم فِي صُدُورهمْ فاصبحوا فِي دِيَارهمْ جاثمين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي طفيل قَالَ: قَالَ ثَمُود لصالح: ائتنا بِآيَة إِن كنت من الصَّادِقين قَالَ: اخْرُجُوا فَخَرجُوا إِلَى هضبة من الأَرْض فَإِذا هِيَ تمخض كَمَا

تمخض الْحَامِل ثمَّ إِنَّهَا انفرجت فَخرجت النَّاقة من وَسطهَا فَقَالَ لَهُم صَالح {هَذِه نَاقَة الله لكم آيَة فذروها تَأْكُل فِي أَرض الله وَلَا تمسوها بِسوء فيأخذكم عَذَاب أَلِيم} فَلَمَّا ملوها عقروها {فَقَالَ تمَتَّعُوا فِي داركم ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِك وعد غير مَكْذُوب} هود الْآيَة 65 وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة أَن صَالحا قَالَ لَهُم حِين عقروا النَّاقة: تمَتَّعُوا ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ قَالَ لَهُم: آيَة عذابكم أَن تصبح وُجُوهكُم غَدا مصفرة وتصبح الْيَوْم الثَّانِي محمرة ثمَّ تصبح الثَّالِث مسودة فَأَصْبَحت كَذَلِك فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث أيقنوا بِالْهَلَاكِ فتكفنوا وتحنطوا ثمَّ أخذتهم الصَّيْحَة فاهمدتهم وَقَالَ عَاقِر النَّاقة: لَا أقتلها حَتَّى ترضوا أَجْمَعِينَ فَجعلُوا يدْخلُونَ على الْمَرْأَة فِي خدرها فَيَقُولُونَ: ترْضينَ فَتَقول: نعم وَالصَّبِيّ حَتَّى رَضوا أَجْمَعِينَ فَعَقَرُوهَا وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزل الْحجر قَامَ فَخَطب النَّاس فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس لَا تسألوا نَبِيكُم عَن الْآيَات فَإِن قوم صَالح سَأَلُوا نَبِيّهم أَن يبْعَث إِلَيْهِم آيَة فَبعث الله إِلَيْهِم النَّاقة فَكَانَت ترد من هَذَا الْفَج فَتَشرب مَاءَهُمْ يَوْم وردهَا ويحتلبون من لَبنهَا مثل الَّذِي كَانُوا يَأْخُذُونَ من مَائِهَا يَوْم غبها وتصدر من هَذَا الْفَج فَعَتَوْا عَن أَمر رَبهم فَعَقَرُوهَا فَوَعَدَهُمْ الله الْعَذَاب بعد ثَلَاثَة أَيَّام وَكَانَ وَعدا من الله غير مَكْذُوب ثمَّ جَاءَتْهُم الصَّيْحَة فَأهْلك الله من كَانَ مِنْهُم تَحت مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا إِلَّا رجلا كَانَ فِي حرم الله فَمَنعه حرم الله من عَذَاب الله فَقيل: يَا رَسُول الله من هُوَ قَالَ: أَبُو رِغَال فَلَمَّا خرج من الْحرم أَصَابَهُ مَا أصَاب قومه وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث أبي الطُّفَيْل مَرْفُوعا مثله وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي كَبْشَة الْأَنمَارِي قَالَ: لما كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوك تسارع قوم إِلَى أهل الْحجر يدْخلُونَ عَلَيْهِم فَنُوديَ فِي النَّاس أَن الصَّلَاة جَامِعَة

فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يَقُول علام يدْخلُونَ على قوم غضب الله عَلَيْهِم فَقَالَ رجل: نعجب مِنْهُم يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا انبئكم بِأَعْجَب من ذَلِك رجل من أَنفسكُم ينبئكم بِمَا كَانَ قبلكُمْ وَبِمَا هُوَ كَائِن بعدكم اسْتَقِيمُوا وسددوا فَإِن الله لَا يعبأ بعذابكم شَيْئا وَسَيَأْتِي الله بِقوم لَا يدْفَعُونَ عَن أنفسهم شَيْئا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَن ثَمُود لما عقروا النَّاقة تغامزوا وَقَالُوا: عَلَيْكُم الفصيل فَصَعدَ الفصيل القارة جبلا حَتَّى إِذا كَانَ يَوْمًا اسْتقْبل الْقبْلَة وَقَالَ: يَا رب أُمِّي يَا رب أُمِّي يَا رب أُمِّي فَأرْسلت عَلَيْهِم الصَّيْحَة عِنْد ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن أبي الْهُذيْل قَالَ: لما عقرت النَّاقة صعد بكرها فَوق جبل فرغا فَمَا سَمعه شَيْء إِلَّا همد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: لما قتل قوم صَالح النَّاقة قَالَ لَهُم صَالح: ان الْعَذَاب آتيكم قَالُوا لَهُ: وَمَا عَلامَة ذَلِك قَالَ: إِن تصبح وُجُوهكُم أول يَوْم محمرة وَفِي الْيَوْم الثَّانِي مصفرة وَفِي الْيَوْم الثَّالِث مسودة 0 فَلَمَّا أَصْبحُوا أول يَوْم احْمَرَّتْ وُجُوههم فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّانِي اصْفَرَّتْ وُجُوههم فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث أَصبَحت وُجُوههم مسودة فَأَيْقنُوا بِالْعَذَابِ فتحنطوا وتكفنوا وَأَقَامُوا فِي بُيُوتهم فصاح بهم جِبْرِيل صَيْحَة فَذَهَبت أَرْوَاحهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: إِن الله بعث صَالحا إِلَى ثَمُود فَدَعَاهُمْ فَكَذبُوهُ فسألوا أَن يَأْتِيهم بِآيَة فَجَاءَهُمْ بالناقة لَهَا شرب وَلَهُم شرب يَوْم مَعْلُوم فاقروا بهَا جَمِيعًا فَكَانَت النَّاقة لَهَا شرب فَيوم تشرب فِيهِ المَاء نهر بَين جبلين فيزحمانه فَفِيهَا أَثَرهَا حَتَّى السَّاعَة ثمَّ تَأتي فتقف لَهُم حَتَّى يحتلبوا اللَّبن قترويهم وَيَوْم يشربون المَاء لَا تأتيهم وَكَانَ مَعهَا فصيل لَهَا فَقَالَ لَهُم صَالح: إِنَّه يُولد فِي شهركم هَذَا مَوْلُود يكون هلا ككم على يَدَيْهِ فولد لتسعة مِنْهُم فِي ذَلِك الشَّهْر فذبحوا أَبْنَاءَهُم ثمَّ ولد للعاشر ابْن فَأبى أَن يذبح ابْنه وَكَانَ لم يُولد لَهُ قبله شَيْء وَكَانَ أَبُو الْعَاشِر أَحْمَر أَزْرَق فنبت نباتاً سَرِيعا فَإِذا مر بالتسعة فرأوه قَالُوا: لَو كَانَ ابناؤنا احياء كَانُوا مثل هَذَا: فَغَضب التِّسْعَة على صَالح وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَلَا تمسوها بِسوء} قَالَ: لَا تعقروها

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وتنحتون الْجبَال بُيُوتًا} قَالَ: كَانُوا ينقبونفي الْجبَال الْبيُوت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وعتوا عَن أَمر رَبهم} قَالَ: غلوا فِي الْبَاطِل وَفِي قَوْله {فَأَخَذتهم الرجفة} قَالَ: الصَّيْحَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {فَأَصْبحُوا فِي دَارهم} يَعْنِي الْعَسْكَر كُله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {فَأَصْبحُوا فِي دَارهم جاثمين} قَالَ: ميتين وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فَأَصْبحُوا فِي دَارهم جاثمين} قَالَ: ميتين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: لما عقرت ثَمُود النَّاقة ذهب فصيلها حَتَّى صعد تَلا فَقَالَ: يَا رب أَيْن أُمِّي رغا رغوة فَنزلت الصَّيْحَة فأهدتهم وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عمار قَالَ: إِن قوم صَالح سَأَلُوا النَّاقة فأتوها فَعَقَرُوهَا وان بني إِسْرَائِيل سَأَلُوا الْمَائِدَة فَنزلت فَكَفرُوا بهَا وَإِن فتنتكم فِي الدِّينَار وَالدِّرْهَم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب قَالَ: إِن صَالحا لما نجا هُوَ وَالَّذين مَعَه قَالَ: يَا قوم إِن هَذِه دَار قد سخط الله عَلَيْهَا وعَلى أَهلهَا فأظعنوا وألحقوا بحرم الله وأمنه فاهلوا من ساعتهم بِالْحَجِّ وَانْطَلَقُوا حَتَّى وردوا مَكَّة فَلم يزَالُوا حَتَّى مَاتُوا فَتلك قُبُورهم فِي غربي الْكَعْبَة - الْآيَة (80 - 84)

80

- أخرج ابْن عَسَاكِر عَن سُلَيْمَان بن صرد قَالَ: أَبُو لوط هُوَ عَم إِبْرَاهِيم وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أرسل لوط إِلَى الْمُؤْتَفِكَات وَكَانَت قرى لوط أَربع مَدَائِن 0 سدوم وأمورا وعامورا وصبوير وَكَانَ فِي كل قَرْيَة مائَة ألف مقَاتل وَكَانَت أعظم مدائنهم سدوم وَكَانَ لوط يسكنهَا وَهِي من بِلَاد الشَّام وَمن فلسطين مسيرَة وَلَيْلَة وَكَانَ إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن عَم لوط بن هاران بن تارح وَكَانَ إِبْرَاهِيم ينصح قوم لوط وَكَانَ الله قد أمْهل قوم لوط فخرقوا حجاب الإِسلام وانتهكوا الْمَحَارِم وَأتوا الْفَاحِشَة الْكُبْرَى فَكَانَ إِبْرَاهِيم يركب على حِمَاره حَتَّى يَأْتِي مَدَائِن قوم لوط فينصحهم فيأبون أَن يقبلُوا فَكَانَ بعد ذَلِك يَجِيء على حِمَاره فَينْظر إِلَى سدوم فَيَقُول: يَا سدوم أَي يَوْم لَك من الله سدوم إِنَّمَا أنهاكم أَن لَا تتعرضوا لعقوبة الله حَتَّى بلغ الْكتاب أَجله فَبعث الله جِبْرِيل فِي نفر من الْمَلَائِكَة فهبطوا فِي صُورَة الرِّجَال حَتَّى انْتَهوا إِلَى إِبْرَاهِيم وَهُوَ فِي زرع لَهُ يثير الأَرْض فَلَمَّا بلغ المَاء إِلَى سكته من الأَرْض ركز مسحاته فِي الأَرْض فصلى خلفهَا رَكْعَتَيْنِ فَنَظَرت الْمَلَائِكَة إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالُوا: لَو كَانَ الله يَبْتَغِي أَن يتَّخذ خَلِيلًا لاتخذ هَذَا العَبْد خَلِيلًا وَلَا يعلمُونَ أَن الله قد اتَّخذهُ خَلِيلًا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي ذمّ الملاهي والشعب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَتأتون الْفَاحِشَة} قَالَ: أدبار الرِّجَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عَمْرو بن دِينَار فِي قَوْله {مَا سبقكم بهَا من أحد من الْعَالمين} قَالَ: مَا نزا ذكر على ذكر حَتَّى كَانَ قوم لوط وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي صَخْرَة جَامع بن شَدَّاد رَفعه قَالَ كَانَ اللواط فِي قوم لوط فِي النِّسَاء قبل أَن يكون فِي الرِّجَال بِأَرْبَعِينَ سنة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن طَاوس أَنه سُئِلَ عَن الرجل يَأْتِي الْمَرْأَة فِي عجيزتها قَالَ: إِنَّمَا بَدْء قوم لوط ذَاك صَنعته الرِّجَال بِالنسَاء ثمَّ صَنعته الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ أَنه قَالَ على الْمِنْبَر: سلوني فَقَالَ ابْن الْكواء: تؤتي النِّسَاء فِي أعجازهن فَقَالَ عَليّ:

سفلت سفل الله بك ألم تسمع إِلَى قَوْله {أتأتون الْفَاحِشَة مَا سبقكم بهَا من أحد من الْعَالمين} وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الَّذِي حملهمْ على إتْيَان الرِّجَال دون النِّسَاء أَنهم كَانَت لَهُم ثمار فِي مَنَازِلهمْ وحوائطهم وثمار خَارِجَة على ظهر الطَّرِيق وَإِنَّهُم أَصَابَهُم قحط وَقلة من الثِّمَار فَقَالَ بَعضهم لبَعض: إِنَّكُم إِن منعتم ثماركم هَذِه الظَّاهِرَة من أَبنَاء السَّبِيل كَانَ لكم فِيهَا عَيْش قَالُوا: بِأَيّ شَيْء نمنعها قَالُوا: اجعلوا سنتكم من أَخَذْتُم فِي بِلَادكُمْ غَرِيبا سننتم فِيهِ أَن تنكحوه واغرموه أَرْبَعَة دَرَاهِم فَإِن النَّاس لَا يظهرون ببلادكم إِذا فَعلْتُمْ ذَلِك فَذَلِك الَّذِي حملهمْ على مَا ارتكبوا من الْأَمر الْعَظِيم الَّذِي لم يسبقهم إِلَيْهِ أحد من الْعَالمين وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَق عَن بعض رُوَاة ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا كَانَ بَدْء عمل قوم لوط أَن إِبْلِيس جَاءَهُم عِنْد ذكرهم مَا ذكرُوا فِي هَيْئَة صبي أجمل صبي رَآهُ النَّاس فَدَعَاهُمْ إِلَى نَفسه فنكحوه ثمَّ جروا على ذَلِك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن حُذَيْفَة قَالَ: إِنَّمَا حق القَوْل على القَوْل على قوم لوط حِين اسْتغنى النِّسَاء بِالنسَاء وَالرِّجَال بِالرِّجَالِ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي حَمْزَة قَالَ: قلت لمُحَمد بن عَليّ: عذب الله نسَاء قوم لوط بِعَمَل رِجَالهمْ قَالَ: الله أعدل من ذَلِك اسْتغنى الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّهُم أنَاس يتطهرون} قَالَ: من أدبار الرِّجَال وَمن أدبار النِّسَاء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِنَّهُم أنَاس يتطهرون} قَالَ: من أدبار الرِّجَال وأدبار النِّسَاء استهزاء بهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {إِنَّهُم أنَاس يتطهرون} قَالَ: عابوهم بِغَيْر عيب وذموهم بِغَيْر ذمّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِلَّا امْرَأَته كَانَت من الغابرين} قَالَ: من البَاقِينَ فِي عَذَاب الله {وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا}

قَالَ: أمطر الله على بقايا قوم لوط حِجَارَة من السَّمَاء فأهلكتهم وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن الزُّهْرِيّ إِن لوطا عذب الله قومه لحق بإبراهيم فَلم يزل مَعَه حَتَّى قَبضه الله إِلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب فِي قَوْله {وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا} قَالَ: على أهل بواديهم وعَلى رعاتهم وعَلى مسافريهم فَلم ينفلت مِنْهُم أحد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب فِي قَوْله {وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا} قَالَ: الكبريت وَالنَّار وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن أبي عرُوبَة قَالَ: كَانَ قوم لوط أَرْبَعَة آلَاف ألف وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لعن الله من تولى غير موَالِيه وَلعن الله من غير تخوم الأَرْض وَلعن الله من كمه أعمى عَن السَّبِيل وَلعن الله من لعن وَالِديهِ وَلعن الله من ذبح لغير الله وَلعن الله من وَقع على بَهِيمَة وَلعن الله من عمل عمل قوم لوط ثَلَاث مَرَّات وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من أخوف مَا أَخَاف على أمتِي عمل قوم لوط وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَرْبَعَة يُصْبِحُونَ فِي غضب الله وَيُمْسُونَ فِي سخط الله قيل من هم يَا رَسُول الله قَالَ: المتشبهون من الرِّجَال بِالنسَاء والمتشبهات من النِّسَاء بِالرِّجَالِ وَالَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة وَالَّذِي يَأْتِي الرجل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من وجدتموه يعْمل عمل قوم لوط فَاقْتُلُوهُ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي نَضرة أَن ابْن عَبَّاس سُئِلَ مَا حدُّ اللوطي قَالَ: ينظر أَعلَى بِنَاء فِي الْقرْيَة فيلقي مِنْهُ مُنَكسًا ثمَّ يتبع بِالْحِجَارَةِ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن يزِيد بن قبس: إِن عليا رجم لوطياً وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شهَاب قَالَ: اللوطي يرْجم أحصن أم لم يحصن سنة مَاضِيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: لَو كَانَ أحد يَنْبَغِي لَهُ أَن يرْجم مرَّتَيْنِ لرجم اللوطي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد الله بن عبد الله بن معمر قَالَ: عِلّة الرَّجْم قتلة قوم لوط وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم قَالَا: حدُّ اللوطي حد الزَّانِي إِن كَانَ قد أحصن فَالرَّجْم وَإِلَّا فالحد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أول من اتهمَ بِالْأَمر الْقَبِيح - يَعْنِي عمل قوم لوط - اتهمَ بِهِ رجل على عهد عمر رَضِي الله عَنهُ فَأمر عمر بعض شباب قُرَيْش أَن لَا يجالسوه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْوَضِين بن عَطاء عَن بعض التَّابِعين قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يحد الرجل النّظر إِلَى وَجه الْغُلَام الْجَمِيل وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن بَقِيَّة قَالَ بعض التَّابِعين: مَا أَنا بأخوف على الشَّاب الناسك من سبع ضار من الْغُلَام الْأَمْرَد يقْعد إِلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن بن ذكْوَان قَالَ: لَا تجالسوا أَوْلَاد الْأَغْنِيَاء فَإِن لَهُم صور كصور النِّسَاء وهم أَشد فتْنَة من العذارى وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن النجيب ابْن السّديّ قَالَ: كَانَ يُقَال لَا يبيت الرجل فِي بَيت مَعَ المرد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: دخل سُفْيَان الثَّوْريّ الْحمام فَدخل عَلَيْهِ غُلَام صبيح فَقَالَ: أَخْرجُوهُ فَإِنِّي أرى مَعَ كل امْرَأَة شَيْطَانا وَمَعَ كل غُلَام بضعَة عشر شَيْطَانا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن سِيرِين قَالَ: لَيْسَ شَيْء من الدَّوَابّ يعْمل عمل قوم لوط إِلَّا الْخِنْزِير وَالْحمار وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن سهل قَالَ: سَيكون فِي هَذِه الْأمة قوم

يُقَال لَهُم اللوطيون على ثَلَاثَة أَصْنَاف صنف ينظرُونَ وصنف يصافحون وصنف يعْملُونَ ذَلِك الْعَمَل وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: لَو أَن الَّذِي يعْمل ذَلِك الْعَمَل - يَعْنِي عمل قوم لوط - اغْتسل بِكُل قَطْرَة فِي السَّمَاء وكل قَطْرَة فِي الأَرْض لم يزل نجسا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن جَابر بن زيد قَالَ: حُرْمَة الدبر أَشد من حُرْمَة الْفرج وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعن الله سَبْعَة من خلقه فَوق سبع سموات فردد لعنته على وَاحِدَة مِنْهَا ثَلَاثًا وَلعن بعد كل وَاحِدَة لعنة لعنة قَالَ: مَلْعُون مَلْعُون مَلْعُون من عمل عمل قوم لوط مَلْعُون من أَتَى شَيْئا من الْبَهَائِم مَلْعُون من جمع بَين امْرَأَة وابنتها مَلْعُون من عقَّ وَالِديهِ مَلْعُون من ذبح لغير الله مَلْعُون من غير حُدُود الأَرْض مَلْعُون من تولى غير موَالِيه وَأخرج ابْن ماجة والْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عمل قوم لوط فارجموا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس فِي الْبكر يُوجد على اللوطية قَالَ: يرْجم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة أَنَّهَا رَأَتْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَزينًا فَقَالَت: يَا رَسُول الله وَمَا الَّذِي يحزنك قَالَ: شَيْء تخوّفته على أمتِي أَن يعملوا بعدِي بِعَمَل قوم لوط وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي حُصَيْن أَن عُثْمَان أشرف على النَّاس يَوْم الدَّار فَقَالَ: أما علمْتُم أَنه لَا يحل دم امرىء مُسلم إِلَّا أَرْبَعَة رجل قتل فَقتل أَو رجل زنى بَعْدَمَا أحصن أَو رجل ارْتَدَّ بعد إِسْلَامه أَو رجل عمل عمل قوم لوط - الْآيَة (85 - 93)

85

- أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق إِسْحَق بن بشر قَالَ: أَخْبرنِي عبيد الله بن زِيَاد بن سمْعَان عَن بعض من قَرَأَ الْكتب قَالَ: إِن أهل التَّوْرَاة يَزْعمُونَ أَن شعيباً اسْمه فِي التَّوْرَاة مِيكَائِيل واسْمه بالسُّرْيَانيَّة جزى بن بشخر وبالعبرانية شُعَيْب بن بشخر بن لاوي بن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام

وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق إِسْحَق بن بشر عَن الشَّرْقِي بن الْقطَامِي وَكَانَ نسابة عَالما بالأنساب قَالَ: هُوَ ثيروب بالعبرانية وَشُعَيْب بِالْعَرَبِيَّةِ ابْن عيفا بن يوبب بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يوبب بِوَزْن جَعْفَر أَوله مثناة تحيتة وَبعد الْوَاو موحدتان وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ شُعَيْب نَبيا رَسُولا من بعد يُوسُف وَكَانَ من خَبره وَخبر قومه مَا ذكر الله فِي الْقُرْآن {وَإِلَى مَدين أَخَاهُم شعيباً قَالَ يَا قوم اعبدوا الله مَا لكم من إِلَه غَيره} فَكَانُوا مَعَ مَا كَانَ فيهم من الشّرك أهل بخس فِي مكايلهم وموازينهم مَعَ كفرهم برَبهمْ وتكذيبهم نَبِيّهم وَكَانُوا قوما طغاة بغاة يَجْلِسُونَ على الطَّرِيق فيبخسون النَّاس أَمْوَالهم حَتَّى يشترونه وَكَانَ أوّل من سنّ ذَلِك هم وَكَانُوا إِذا دخل عَلَيْهِم الْغَرِيب يَأْخُذُونَ دَرَاهِمه وَيَقُولُونَ دراهمك هَذِه زيوف فيقطعونها ثمَّ يشترونها مِنْهُ بالبخس يَعْنِي بِالنُّقْصَانِ فَذَلِك قَوْله {وَلَا تفسدوا فِي الأَرْض بعد إصلاحها} وَكَانَت بِلَادهمْ بِلَاد ميرة يمتار النَّاس مِنْهُم فَكَانُوا يَقْعُدُونَ على الطَّرِيق فيصدون النَّاس عَن شُعَيْب يَقُولُونَ: لَا تسمعوا مِنْهُ فَإِنَّهُ كَذَّاب يَفْتِنكُم فَذَلِك قَوْله {وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون} النَّاس أَن اتبعتم شعيباً فتنكم ثمَّ إِنَّهُم تواعدوه فَقَالُوا: يَا شُعَيْب لنخرجنك من قريتنا أَو لتعودن فِي ملتنا أَي إِلَى دين آبَائِنَا فَقَالَ عِنْد ذَلِك {وَمَا أُرِيد أَن أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ إِن أُرِيد إِلَّا الإِصلاح مَا اسْتَطَعْت وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت} هود الْآيَة 88 وَهُوَ الَّذِي يعصمني {وَإِلَيْهِ أنيب} يَقُول: إِلَيْهِ ارْجع ثمَّ قَالَ {أولو كُنَّا كارهين} يَقُول: إِلَى الرّجْعَة إِلَى دينكُمْ إِن رَجعْنَا إِلَى دينكُمْ {قد افترينا على الله كذبا إِن عدنا فِي ملتكم بعد إِذْ نجانا الله مِنْهَا وَمَا يكون لنا} يَقُول: وَمَا يَنْبَغِي لنا أَن نعود فِيهَا بعد إِذْ نجانا الله مِنْهَا {إِلَّا أَن يَشَاء الله رَبنَا} فخاف الْعَاقِبَة فَرد الْمَشِيئَة إِلَى الله تَعَالَى فَقَالَ {إِلَّا أَن يَشَاء الله رَبنَا وسع رَبنَا كل شَيْء علما} مَا نَدْرِي مَا سبق لنا {على الله توكلنا رَبنَا افْتَحْ بَيْننَا وَبَين قَومنَا بِالْحَقِّ وَأَنت خير الفاتحين} يَعْنِي الفاصلين قَالَ: ابْن عَبَّاس كَانَ حَلِيمًا صَادِقا وقوراً وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذكر شعيباً يَقُول ذَاك خطيب الْأَنْبِيَاء لحسن مُرَاجعَته قومه فِيمَا دعاهم إِلَيْهِ وَفِيمَا ردوا عَلَيْهِ وكذبوه وتواعدوه بِالرَّجمِ وَالنَّفْي من بِلَادهمْ وتواعد كبراؤهم ضعفاءهم قَالُوا {لَئِن اتبعتم شعيباً إِنَّكُم إِذا لخاسرون} فَلم ينْتَه شُعَيْب أَن

دعاهم فَلَمَّا عتوا على الله {أخذتهم الرجفة} وَذَلِكَ أَن جِبْرِيل نزل فَوقف عَلَيْهِم فصاح صَيْحَة رجفت مِنْهَا الْجبَال وَالْأَرْض فَخرجت أَرْوَاحهم من أبدانهم فَذَلِك قَوْله {فَأَخَذتهم الرجفة} وَذَلِكَ أَنهم حِين سمعُوا الصَّيْحَة قَامُوا قيَاما فزعوا لَهَا فرجفت بهم الأَرْض فرمتهم ميتين وَأخرج إِسْحَق وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة وَالسُّديّ قَالَا: مَا بعث الله نَبيا مرَّتَيْنِ إِلَّا شعيباً مرّة إِلَى مَدين فَأَخذهُم الله بالصيحة وَمرَّة أُخْرَى إِلَى أَصْحَاب الأيكة فَأَخذهُم الله بِعَذَاب يَوْم الظلة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم} قَالَ: لَا تظلموا النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم} قَالَ: لَا تظلموهم {وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون} قَالَ: كَانُوا يوعدون من أَتَى شعيباً وغشيه وَأَرَادَ الإِسلام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون} قَالَ: كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي الطَّرِيق فيخبرون من أَتَى عَلَيْهِم أَن شعيباً كَذَّاب فَلَا يفتننَّكم عَن دينكُمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط} قَالَ: طَرِيق {توعدون} قَالَ: تخوّفون النَّاس أَن يَأْتُوا شعيباً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون} قَالَ: بِكُل سَبِيل حق {وتصدون عَن سَبِيل الله} قَالَ: تصدُّونَ أَهلهَا {وتبغونها عوجا} قَالَ: تلتمسون لَهَا الزيغ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون} قَالَ: الْعَاشِر {وتصدون عَن سَبِيل الله} قَالَ: تصدُّونَ عَن الإِسلام {وتبغونها عوجا} قَالَ: هَلَاكًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وتبغونها} قَالَ: تبغون السَّبِيل عوجا قَالَ: عَن الْحق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون} قَالَ: هم العشار

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة عَن أبي هُرَيْرَة أَو غَيره شكّ أَبُو الْعَالِيَة قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرى على خَشَبَة على الطَّرِيق لَا يمر بهَا ثوب إِلَّا شقته وَلَا شَيْء إِلَّا خرقته قَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيل هَذَا مثل أَقوام من أمتك يَقْعُدُونَ على الطَّرِيق فيقطعونه ثمَّ تَلا {وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمَا يكون لنا أَن نعود فِيهَا} قَالَ: مَا يَنْبَغِي لنا أَن نعود فِي شرككم {بعد إِذْ نجانا الله مِنْهَا وَمَا يكون لنا أَن نعود فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاء الله رَبنَا} وَالله لَا يَشَاء الشّرك وَلَكِن يَقُول: إِلَّا أَن يكون الله قد علم شَيْئا فَإِنَّهُ قد وسع كل شَيْء علما وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن زيد بن أسلم: أَنه قَالَ فِي الْقَدَرِيَّة وَالله مَا قَالُوا كَمَا قَالَ الله وَلَا كَمَا قَالَ النَّبِيُّونَ وَلَا كَمَا قَالَ أَصْحَاب الْجنَّة وَلَا كَمَا قَالَ أَصْحَاب النَّار وَلَا كَمَا قَالَ أخوهم إِبْلِيس قَالَ الله {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله} الْإِنْسَان الْآيَة 30 وَقَالَ شُعَيْب {وَمَا يكون لنا أَن نعود فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاء الله} وَقَالَ أَصْحَاب الْجنَّة {الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله} الْأَعْرَاف الْآيَة 43 وَقَالَ أَصْحَاب النَّار {وَلَكِن حقت كلمة الْعَذَاب على الْكَافرين} الزمر الْآيَة 71 وَقَالَ إِبْلِيس {رب بِمَا أغويتني} الْحجر الْآيَة 39 وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا كنت أَدْرِي مَا قَوْله {رَبنَا افْتَحْ بَيْننَا وَبَين قَومنَا بِالْحَقِّ} حَتَّى سَمِعت ابْنة ذِي يزن تَقول: تعال أفاتحك: يَعْنِي أقاضيك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {رَبنَا افْتَحْ} يَقُول: اقْضِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: الْفَتْح: الْقَضَاء لُغَة يَمَانِية إِذا قَالَ أحدهم: تعال أقاضيك الْقَضَاء قَالَ: تعال أفاتحك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَأَن لم يغنوا فِيهَا} قَالَ: كَأَن لم يعمروا فِيهَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَأَن لم يغنوا فِيهَا} قَالَ: كَأَن لم يعيشوا فِيهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {كَأَن لم يغنوا فِيهَا} يَقُول: كَأَن لم يعيشوا فِيهَا وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {فَتَوَلّى عَنْهُم وَقَالَ يَا قوم لقد أبلغتكم رسالات رَبِّي وَنَصَحْت لكم} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله شعيباً أسمع قومه وَأَن نَبِي الله صَالحا أسمع قومه كَمَا أسمع - وَالله - نَبِيكُم مُحَمَّد قومه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَكيف آسى} قَالَ: أَحْزَن وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مبلة بن عبد الله قَالَ: بعث الله جِبْرِيل إِلَى أهل مَدين شطر اللَّيْل ليأفكهم بمغانيهم فألفى رجلاَ قَائِما يَتْلُو كتاب الله فهاله أَن يهلكه فِيمَن يهْلك فَرجع إِلَى الْمِعْرَاج فَقَالَ: اللهمَّ أَنْت سبوح قدوس بعثتني إِلَى مَدين لإِفك مدائنهم فَأَصَبْت رجلا قَائِما يَتْلُوا كتاب الله فَأوحى الله: مَا أعرفني بِهِ هُوَ فلَان بن فلَان فابدأ بِهِ فَإِنَّهُ لم يدْفع عَن محارمي إِلَّا موادعاً وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس أَن شعيباً كَانَ يقْرَأ من الْكتب الَّتِي كَانَ الله أنزلهَا على إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي الْمَسْجِد الْحَرَام قبران لَيْسَ فِيهِ غَيرهمَا قبر إِسْمَعِيل وَشُعَيْب فقبر إِسْمَعِيل فِي الْحجر وقبر شُعَيْب مُقَابل الْحجر الْأسود وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه أَن شعيباً مَاتَ بِمَكَّة وَمن مَعَه من الْمُؤمنِينَ فقبورهم فِي غربي الْكَعْبَة بَين دارالندوة وَبَين بَاب بني سهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن وهب عَن مَالك بن أنس قَالَ: كَانَ شُعَيْب خطيب الْأَنْبِيَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: ذكر لي يَعْقُوب بن أبي سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا ذكر شعيباً قَالَ: ذَاك خطيب الْأَنْبِيَاء لحسن مُرَاجعَته قومه فِيمَا يرادهم بِهِ فَلَمَّا كذبوه وتوعدوه بِالرَّجمِ وَالنَّفْي من بِلَاده وعتوا على الله أَخذهم عَذَاب يَوْم الظلة فبلغني أَن رجلا من أهل مَدين يُقَال لَهُ عَمْرو بن حلهَا ألما رَآهَا قَالَ:

يَا قوم إِن شعيباً مُرْسل فذروا عَنْكُم سميراً وَعمْرَان بن شَدَّاد إِنِّي أرى عينة يَا قوم قد طلعت تَدْعُو بِصَوْت على صمانة الواد وَإنَّهُ لَا يروي فِيهِ ضحى غَد إِلَّا الرَّحِيم يحشى بَين أنجاد وسمير وَعمْرَان كاهناهم والرقيم كلبهم - الْآيَة (94 - 95)

94

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ بدلنا مَكَان السَّيئَة الْحَسَنَة} قَالَ: مَكَان الشدَّة الرخَاء {حَتَّى عفوا} قَالَ: كَثُرُوا وَكَثُرت أَمْوَالهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ثمَّ بدلنا مَكَان السَّيئَة} قَالَ: الشَّرّ {الْحَسَنَة} قَالَ: الرخَاء وَالْعدْل وَالْولد {حَتَّى عفوا} يَقُول: حَتَّى كثرت أَمْوَالهم وَأَوْلَادهمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حَتَّى عفوا} قَالَ: جموا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالُوا قد مس آبَاءَنَا الضراء والسراء} قَالَ: قَالُوا قد آتى على آبَائِنَا مثل هَذَا فَلم يكن شَيْئا {فأخذناهم بَغْتَة وهم لَا يَشْعُرُونَ} قَالَ: بَغت الْقَوْم أَمر الله وَمَا أَخذ الله قوما قطّ إِلَّا عِنْد سكوتهم وغرتهم ونعمتهم فَلَا تغتروا بِاللَّه إِنَّه لَا يغتر بِاللَّه إِلَّا الْقَوْم الْفَاسِقُونَ - الْآيَة (96)

96

- أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَو أَن أهل الْقرى آمنُوا} قَالَ: بِمَا أنزل {وَاتَّقوا} قَالَ: مَا حرم الله {لفتحنا عَلَيْهِم بَرَكَات من السَّمَاء وَالْأَرْض} يَقُول: لأعطتهم السَّمَاء بركتها وَالْأَرْض نباتها

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق معَاذ بن رِفَاعَة عَن مُوسَى الطَّائِفِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اكرموا الْخبز فَإِن الله أنزلهُ من بَرَكَات السَّمَاء وَأخرجه من بَرَكَات الأَرْض وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن عبد الله بن أم حرَام قَالَ: صليت الْقبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أكْرمُوا الْخبز فان الله أنزلهُ من بَرَكَات السَّمَاء وسخر لَهُ بَرَكَات الأَرْض وَمن يتبع مَا يسْقط من السفرة غفر لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: كَانَ أهل قَرْيَة أوسع الله عَلَيْهِم حَتَّى كَانُوا يستنجون بالخبز فَبعث عَلَيْهِم الْجُوع حَتَّى أَنهم كَانُوا يَأْكُلُون مَا يتغدون بِهِ - الْآيَة (97 - 98)

97

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي نَضرة قَالَ: يسْتَحبّ إِذا قَرَأَ الرجل هَذِه الْآيَة {أفأمن أهل الْقرى أَن يَأْتِيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون} يرفع بهَا صَوته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا تَتَّخِذُوا الدَّجَاج وَالْكلاب فتكونوا من أهل الْقرى وتلا {أفأمن أهل الْقرى أَن يَأْتِيهم بأسنا بياتا} - الْآيَة (99)

99

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن هِشَام بن عُرْوَة قَالَ: كتب رجل إِلَى صَاحب لَهُ: إِذا أصبت من الله شَيْئا يَسُرك فَلَا تأمن أَن يكون فِيهِ من الله مكر {أفأمنوا مكر الله فَلَا يَأْمَن مكر الله إِلَّا الْقَوْم الخاسرون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم أَن الله تبَارك وَتَعَالَى قَالَ للْمَلَائكَة مَا هَذَا الْخَوْف الَّذِي قد بَلغَكُمْ وَقد أنزلتكم الْمنزلَة الَّتِي لم أنزلهَا غَيْركُمْ قَالُوا: رَبنَا لَا نَأْمَن مكرك لَا يَأْمَن مكرك إِلَّا الْقَوْم الخاسرون وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن عَليّ بن أبي حليمة قَالَ: كَانَ ذَر

بن عبد الله الْخَولَانِيّ إِذا صلى الْعشَاء يخْتَلف فِي الْمَسْجِد فَإِذا أَرَادَ أَن ينْصَرف رفع صَوته بِهَذِهِ الْآيَة {فَلَا يَأْمَن مكر الله إِلَّا الْقَوْم الخاسرون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِسْمَعِيل بن رَافع قَالَ: من الْأَمْن لمكر الله إِقَامَة العَبْد على الذَّنب يتَمَنَّى على الله الْمَغْفِرَة - الْآيَة (100)

100

- أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أولم يهد} قَالَ: أَو لم يبين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أولم يهد} قَالَ: يبين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {للَّذين يَرِثُونَ الأَرْض من بعد أَهلهَا} قَالَ: الْمُشْركُونَ - الْآيَة (101)

101

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله {فَمَا كَانُوا ليؤمنوا بِمَا كذبُوا من قبل} قَالَ: كَانَ فِي علم الله يَوْم أقرُّوا لَهُ بالميثاق من يكذب بِهِ وَمن يصدق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَمَا كَانُوا ليؤمنوا بِمَا كذبُوا من قبل} قَالَ: مثل قَوْله {وَلَو ردوا لعادوا لما نهوا عَنهُ} الْأَنْعَام الْآيَة 28

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {فَمَا كَانُوا ليؤمنوا بِمَا كذبُوا من قبل} قَالَ: ذَلِك يَوْم أَخذ مِنْهُم الْمِيثَاق فآمنوا كرها وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع فِي قَوْله {وَلَقَد جَاءَتْهُم رسلهم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا ليؤمنوا بِمَا كذبُوا من قبل كَذَلِك يطبع الله على قُلُوب الْكَافرين} قَالَ: لقد علمه فيهم أَيهمْ الْمُطِيع من العَاصِي حَيْثُ خلقهمْ فِي زمَان آدم قَالَ: وتصديق ذَلِك حِين قَالَ لنوح {يَا نوح اهبط بِسَلام منا وبركات عَلَيْك وعَلى أُمَم مِمَّن مَعَك وأمم سنمتعهم ثمَّ يمسهم منا عَذَاب أَلِيم} هودالآية 48 فَفِي ذَلِك قَالَ {وَلَو ردوا لعادوا لما نهوا عَنهُ وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ} ) (الْأَنْعَام الْآيَة 28) وَفِي ذَلِك {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} الْإِسْرَاء الْآيَة 15 وَأخرج الشَّيْخ عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} الْأَعْرَاف الْآيَة 172 قَالَ: أخرجهم مثل الذَّر فَركب فيهم الْعُقُول ثمَّ استنطقهم فَقَالَ لَهُم {أَلَسْت بربكم} قَالُوا جَمِيعًا: بلَى فأقروا بألسنتهم وَأسر بَعضهم الْكفْر فِي قُلُوبهم يَوْم الْمِيثَاق فَهُوَ قَوْله {وَلَقَد جَاءَتْهُم رسلهم} بعد الْبَلَاغ {بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا ليؤمنوا} بعد الْبلُوغ {بِمَا كذبُوا} يَعْنِي يَوْم الْمِيثَاق {كَذَلِك يطبع الله على قُلُوب الْكَافرين} - الْآيَة (102)

102

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد} قَالَ: الْوَفَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد} يَقُول: فِيمَا ابْتَلَاهُم بِهِ ثمَّ عافاهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد} قَالَ: هُوَ ذَلِك الْعَهْد يَوْم أَخذ الْمِيثَاق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد} قَالَ: لما

ابْتَلَاهُم بالشدة والجهد وَالْبَلَاء ثمَّ أَتَاهُم بالرخاء والعافية ذمّ الله أَكْثَرهم عِنْد ذَلِك فَقَالَ {وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي بن كَعْب {وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد} قَالَ: الْمِيثَاق الَّذِي أَخذه فِي ظهر آدم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي بن كَعْب فِي قَوْله {وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد} قَالَ: علم الله يَوْمئِذٍ من يَفِي مِمَّن لَا يَفِي فَقَالَ {وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد} قَالَ: الَّذِي أَخذ من بني آدم فِي ظهر آدم لم يفوا بِهِ {وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين} قَالَ: الْقُرُون الْمَاضِيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين} قَالَ: وَذَلِكَ أَن الله إِنَّمَا أهلك الْقرى لأَنهم لم يَكُونُوا حفظوا مَا أوصاهم بِهِ - الْآيَة (103)

103

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سمي مُوسَى لِأَنَّهُ ألقِي بَين مَاء وَشَجر فالماء بالقبطية: مو وَالشَّجر: سى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ فِرْعَوْن فارسياً من أهل اصطخر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن لَهِيعَة إِن فِرْعَوْن كَانَ من أَبنَاء مصر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: عَاشَ فِرْعَوْن ثَلَاثمِائَة سنة مِنْهَا مِائَتَان وَعِشْرُونَ سنة لم ير فِيهَا مَا يقذي عَيْنَيْهِ وَدعَاهُ مُوسَى ثَمَانِينَ سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة أَن فِرْعَوْن كَانَ قبطياً ولد زنا طوله سَبْعَة أشبار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: كَانَ فِرْعَوْن علجاً من هَمدَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب أمهلت فِرْعَوْن أَرْبَعمِائَة سنة وَهُوَ يَقُول: أَنا ربكُم الْأَعْلَى ويكذب بآلائك ويجحد رسلك فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَنه كَانَ حسن الْخلق سهل الْحجاب فَأَحْبَبْت أَن أكافئه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: أول من خضب بِالسَّوَادِ فِرْعَوْن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم بن مقسم الْهُذلِيّ قَالَ: مكث فِرْعَوْن أَرْبَعمِائَة سنة لم يصدع لَهُ رَأس وَأخرج عَن أبي اأاشرس قَالَ: مكث فِرْعَوْن أَرْبَعمِائَة سنة الشَّبَاب يَغْدُو فِيهِ وَيروح وَأخرج الْخَطِيب عَن الحكم بن عتيبة قَالَ: أول من خضب بِالسَّوَادِ فِرْعَوْن حَيْثُ قَالَ لَهُ مُوسَى: إِن أَنْت آمَنت بِاللَّه سَأَلته أَن يرد عَلَيْك شبابك فَذكر ذَلِك لهامان فخضبه هامان بِالسَّوَادِ فَقَالَ لَهُ مُوسَى: ميعادك ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا كَانَت ثَلَاثَة أَيَّام فصل خضابه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: كَانَ يغلق دون فِرْعَوْن ثَمَانُون بَابا فَمَا يَأْتِي مُوسَى بَابا مِنْهَا إِلَّا انْفَتح لَهُ وَلَا يكلم أحدا حَتَّى يقوم بَين يَدَيْهِ - الْآيَة (104 - 112)

104

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ (حقيق عليّ أَن لَا أَقُول) وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَألْقى عَصَاهُ} قَالَ: ذكر لنا أَن تِلْكَ الْعَصَا عَصا آدم اعطاه اياها ملك حِين توجه إِلَى مَدين فَكَانَت

تضيء لَهُ بِاللَّيْلِ وَيضْرب بهَا الأَرْض بِالنَّهَارِ فَيخرج لَهُ رزقه ويهش بهَا على غنمه قَالَ الله عز وَجل {فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين} قَالَ: حَيَّة تكَاد تساوره وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْمنْهَال قَالَ: ارْتَفَعت الْحَيَّة فِي السَّمَاء ميلًا فَأَقْبَلت إِلَى فِرْعَوْن فَجعلت تَقول: يَا مُوسَى مرني بِمَا شِئْت وَجعل فِرْعَوْن يَقُول: يَا مُوسَى أَسأَلك بِالَّذِي أرسلك قَالَ: وَأَخذه بَطْنه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لقد دخل مُوسَى على فِرْعَوْن وَعَلِيهِ زرمانقة من صوف مَا تجَاوز مرفقه فاستؤذن على فِرْعَوْن فَقَالَ: ادخلوه فَدخل فَقَالَ: إِن ألهي أَرْسلنِي إِلَيْك فَقَالَ للْقَوْم حوله: مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي خذوه قَالَ إِنِّي قد جئْتُك بِآيَة {قَالَ إِن كنت جِئْت بِآيَة فأت بهَا إِن كنت من الصَّادِقين فَألْقى عَصَاهُ} فَصَارَت ثعباناً مَا بَين لحييْهِ مَا بَين السّقف إِلَى الأَرْض وَأدْخل يَده فِي جيبه فأخرجها مثل الْبَرْق تلتمع الْأَبْصَار فَخَروا على وُجُوههم وَأخذ مُوسَى عَصَاهُ ثمَّ خرج لَيْسَ أحد من النَّاس إِلَّا يفر مِنْهُ فَلَمَّا أَفَاق وَذهب عَن فِرْعَوْن الروع قَالَ: للملأ حوله مَاذَا تأمرون قَالُوا: أرجئه وأخاه لَا تأتنا بِهِ وَلَا يقربنا وَأرْسل فِي الْمَدَائِن حاشرين وَكَانَت السَّحَرَة يَخْشونَ من فِرْعَوْن فَلَمَّا أرسل إِلَيْهِم قَالُوا: قد احْتَاجَ إِلَيْكُم إِلَهكُم قَالَ: إِن هَذَا فعل كَذَا وَكَذَا قَالُوا: إِن هَذَا سَاحر يسحر أئن لنا لأجراً إِن كُنَّا نَحن الغالبين قَالَ: سَاحر يسحر النَّاس وَلَا يسحر السَّاحر السَّاحر قَالَ: نعم وَإِنَّكُمْ إِذا لمن المقربين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الحكم قَالَ: كَانَت عَصا مُوسَى من عوسج وَلم يسخر العوسج لأحد بعده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: عَصا مُوسَى اسْمهَا ماشا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُسلم قَالَ: عَصا مُوسَى هِيَ الدَّابَّة يَعْنِي دَابَّة الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين} قَالَ: الْحَيَّة الذّكر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين} قَالَ: تحوّلت حَيَّة عَظِيمَة قَالَ معمر قَالَ غَيره: مثل الْمَدِينَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: حَيَّة صفراء ذكر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كَانَ بَين لحيي الثعبان الَّذِي من عَصا مُوسَى إثنا عشر ذِرَاعا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن فرقد السبخي قَالَ: كَانَ فِرْعَوْن إِذا كَانَت لَهُ حَاجَة ذهبت بِهِ السَّحَرَة مسيرَة خمسين فرسخاً فَإِذا قضى حَاجته جاؤوا بِهِ حَتَّى كَانَ يَوْم عَصا مُوسَى فَإِنَّهَا فتحت فاها فَكَانَ مَا بَين لحييها أَرْبَعِينَ ذِرَاعا فأحدث يَوْمئِذٍ أَرْبَعِينَ مرّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين} قَالَ: الذّكر من الْحَيَّات فَاتِحَة فمها وَاضِعَة لحيها الْأَسْفَل فِي الأَرْض والأعلى على سور الْقصر ثمَّ تَوَجَّهت نَحْو فِرْعَوْن لتأخذه فَلَمَّا رَآهَا ذعر مِنْهَا ووثب فأحدث وَلم يكن يحدث قبل ذَلِك وَصَاح: يَا مُوسَى خُذْهَا وَأَنا أومن بك وَأرْسل مَعَك بني إِسْرَائِيل فَأَخذهَا مُوسَى فَصَارَت عَصا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {وَنزع يَده} قَالَ: الْكَفّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يُرِيد أَن يخرجكم} قَالَ: يستخرجكم من أَرْضكُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أرجه} قَالَ: أخِّره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالُوا {أرجه وأخاه} قَالَ: احبسه وأخاه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأرْسل فِي الْمَدَائِن حاشرين} قَالَ: الشَّرْط - الْآيَة (113 - 126)

113

- أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت السَّحَرَة سبعين رجلا أَصْبحُوا سحرة وأمسوا شُهَدَاء وَفِي لفظ: كَانُوا سحرة فِي أول النَّهَار وشهداء آخر النَّهَار حِين قتلوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب قَالَ: كَانَ سحرة فِرْعَوْن اثْنَي عشر ألفا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن اسحق قَالَ: جمع لَهُ خَمْسَة عشر ألف سَاحر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي ثُمَامَة قَالَ: سحرة فِرْعَوْن سَبْعَة عشر الْفَا وَفِي لفظ: تِسْعَة عشر ألفا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: كَانَ السَّحَرَة بضعَة وَثَلَاثِينَ ألفا لَيْسَ مِنْهُم رجل إِلَّا مَعَه حَبل أَو عَصا فَلَمَّا ألقوا سحروا أعين النَّاس واسترهبوهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة قَالَ: سحرة فِرْعَوْن كَانُوا سبعين ألف سَاحر فَألْقوا سبعين ألف حَبل وَسبعين ألف عَصا حَتَّى جعل مُوسَى يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا مُوسَى ألقِ عصاك فَألْقى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ ثعبان فاغر فَاه فابتلع حبالهم وعصيهم فَألْقى السَّحَرَة عِنْد ذَلِك سجدا فَمَا رفعوا رؤوسهم حَتَّى رَأَوْا الْجنَّة وَالنَّار وثواب أَهلهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: كَانَت السَّحَرَة الَّذين تَوَفَّاهُم الله مُسلمين ثَمَانِينَ ألفا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: السَّحَرَة ثَلَاثمِائَة من قرم ثَلَاثمِائَة من الْعَريش ويشكون فِي ثَلَاثمِائَة من الاسكندرية وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قَالُوا إنَّ لنا لأجرا} أَي إِن لنا لعطاء وفضيلة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَلَمَّا ألقوا} قَالَ: ألقوا حِبَالًا غلاظاً وخشباً طوَالًا فَأَقْبَلت تخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وأوحينا إِلَى مُوسَى أَن ألق عصاك} قَالَ: أوحى الله إِلَى مُوسَى أَن ألق مَا فِي يَمِينك فَألْقى عَصَاهُ فَأكلت كل حَيَّة فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك سجدوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وأوحينا إِلَى مُوسَى أَن ألق عصاك} فَألْقى عَصَاهُ فتحولت حَيَّة فَأكلت سحرهم كُله وعصيهم وحبالهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {تلقف مَا يأفكون} قَالَ: يكذبُون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {تلقف مَا يأفكون} قَالَ: تسترط حبالهم وعصيهم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن السَّحَرَة قَالُوا حِين اجْتَمعُوا إِن يَك ماجاء بِهِ سحرًا فَلَنْ يغلب وَإِن يَك من الله فسترون فَلَمَّا ألْقى عَصَاهُ أكلت مَا افكوا من سحرهم وعادت كَمَا كَانَت علمُوا أَنه من الله فَألْقوا عِنْد ذَلِك ساجدين قَالُوا: آمنا بِرَبّ الْعَالمين وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة قَالَ: التقى مُوسَى وأمير السَّحَرَة فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أريتك إِن غلبتك أتؤمن بِي وَتشهد أَن مَا جِئْت بِهِ حق قَالَ السَّاحر: لآتينَّ غَدا بِسحر لَا يغلبه سحر فو الله لَئِن غلبتني لأومنن بك ولأشهدن أَنَّك حق وَفرْعَوْن ينظر إِلَيْهِم وَهُوَ قَول فِرْعَوْن: إِن هَذَا لمكر مكرتموه فِي الْمَدِينَة إِذْ التقيتما لتظاهر أفتخرجا مِنْهَا أَهلهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَوَقع الْحق} قَالَ: ظهر {وَبَطل مَا كَانُوا يعْملُونَ} قَالَ: ذهب الإِفك الَّذِي كَانُوا يعْملُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَألقى السَّحَرَة ساجدين} قَالَ: رَأَوْا مَنَازِلهمْ تبنى لَهُم وهم فِي سجودهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن اأاوزاعي قَالَ: لما خرَّ السَّحَرَة سجدا رفعت لَهُم الْجنَّة حَتَّى نظرُوا إِلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {إِن هَذَا لمكر مكرتموه فِي الْمَدِينَة} إِذْ التقيتما لتظاهر افتخرجا مِنْهَا أَهلهَا {لأقطعن أَيْدِيكُم} الْآيَة قَالَ: قَتلهمْ وقطعهم كَمَا قَالَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: كَانَ من رُؤُوس السَّحَرَة الَّذين جمع فِرْعَوْن لمُوسَى فِيمَا بَلغنِي سَابُور وعاذور وحطحط ومصفى أَرْبَعَة هم الَّذين آمنُوا حِين رَأَوْا مَا رَأَوْا من سُلْطَان الله فآمنت مَعَهم السَّحَرَة جَمِيعًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أول من صلب فِرْعَوْن وَهُوَ أول من قطع الْأَيْدِي والأرجل من خلاف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما ألقوا مَا فِي أَيْديهم من السحر ألْقى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين فتحت فَماً لَهَا مثل الرَّحَى فَوضعت مشفرها على الأَرْض وَرفعت المشفر الآخر فاستوعبت كل شَيْء ألقوه من حبالهم وعصيهم ثمَّ جَاءَ إِلَيْهَا فَأَخذهَا فَصَارَت عَصا كَمَا كَانَت فخرت بَنو إِسْرَائِيل سجدا وَقَالُوا: آمنا بِرَبّ مُوسَى وَهَارُون قَالَ {آمنتم لَهُ قبل أَن آذن لكم} الْآيَة قَالَ: فَكَانَ أول من قطع من خلاف وَأول من صلب فِي الأَرْض فِرْعَوْن وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {لأقطعن أَيْدِيكُم وأرجلكم من خلاف} قَالَ: يدا من هَهُنَا ورجلاً من هَهُنَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنهم كَانُوا أول النَّهَار سحرة وَآخره شُهَدَاء

- الْآيَة (127 - 128)

127

- أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَأَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ (ويذرك وإلاهتك) قَالَ: عبادتك وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ فِرْعَوْن يُعبد وَلَا يَعبد وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس (ويذرك وإلاهتك) قَالَ: يتْرك عبادتك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {ويذرك وآلهتك} قَالَ: وعبادتك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك أَنه قَالَ: كَيفَ تقرأون هَذِه الْآيَة {ويذرك} قَالُوا: ويذرك وآلهتك فَقَالَ الضَّحَّاك: إِنَّمَا هِيَ الأهتك أَي عبادتك أَلا ترى أَنه يَقُول أَنا ربكُم الْأَعْلَى وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {ويذرك وآلهتك} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس لَيْسَ يعنون الْأَصْنَام إِنَّمَا يعنون بآلهتك تعظيمك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {ويذرك وآلهتك} قَالَ: لَيْسَ يعنون بِهِ الْأَصْنَام إِنَّمَا يعنون تَعْظِيمه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: قَرَأت على بكر بن عبد الله {ويذرك وآلهتك} قَالَ بكر: أتعرف هَذَا فِي العربيه فَقلت: نعم فجَاء الْحسن فاستقرأني بكر فقرأتها كَذَلِك فَقَالَ الْحسن {ويذرك وآلهتك} فَقلت لِلْحسنِ: أَو كَانَ يعبد شيا قَالَ: أَي وَالله ان كَانَ ليعبد قَالَ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ: بَلغنِي أَنه كَانَ يَجْعَل فِي عُنُقه شَيْئا يعبده قَالَ: وَبَلغنِي أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يعبد الْبَقر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {ويذرك وآلهتك} قَالَ: كَانَ فِرْعَوْن لَهُ آلِهَة يَعْبُدهَا سرا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما آمَنت السَّحَرَة اتبع مُوسَى سِتّمائَة ألف من بني إِسْرَائِيل - الْآيَة (129)

129

- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قَالُوا أوذينا من قبل أَن تَأْتِينَا وَمن بعد مَا جئتنا} قَالَ: من قبل ارسال الله إياك وَمن بعده وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه فِي الْآيَة قَالَ: قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى: كَانَ فِرْعَوْن يكلفنا اللَّبن قبل أَن تَأْتِينَا فَلَمَّا جِئْت كلفنا اللَّبن مَعَ التِّبْن أَيْضا فَقَالَ مُوسَى: أَي رب أهلك فِرْعَوْن حَتَّى مَتى تبقيه فَأوحى الله إِلَيْهِم: إِنَّهُم لم يعملوا الذَّنب الَّذِي اهلكهم بِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {قَالُوا أوذينا من قبل أَن تَأْتِينَا وَمن بعد مَا جئتنا} قَالَ: أما قبل أَن يبْعَث حزرا لعدو الله فِرْعَوْن حَاز إِنَّه يُولد فِي هَذَا الْعَام غُلَام يسلبك ملكك قَالَ: فتتبع أَوْلَادهم فِي ذَلِك الْعَام بِذبح الذُّكُور مِنْهُم ثمَّ ذبحهم أَيْضا بَعْدَمَا جَاءَهُم مُوسَى وَهَذَا قَول نَبِي إِسْرَائِيل يَشكونَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ لَهُم مُوسَى {عَسى ربكُم أَن يهْلك عَدوكُمْ ويستخلفكم فِي الأَرْض فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن بِنَا أهل الْبَيْت يفتح وَيخْتم فَلَا بُد أَن تقع دولة لبني هَاشم فانظروا فِيمَن تَكُونُوا من بني هَاشم وَفِيهِمْ نزلت {عَسى ربكُم أَن يهْلك عَدوكُمْ ويستخلفكم فِي الأَرْض فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ} - الْآيَة (130)

130

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود {وَلَقَد أَخذنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ} قَالَ: السنون الْجُوع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَقَد أَخذنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ} قَالَ: الجوائح {وَنقص من الثمرات} دون ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَقَد أَخذنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ} قَالَ: أَخذهم الله بِالسِّنِينَ بِالْجُوعِ عَاما فعاماً {وَنقص من الثمرات} فَأَما السنون فَكَانَ ذَلِك فِي باديتهم وَأهل مَوَاشِيهمْ وَأما نقص من الثمرات فَكَانَ فِي أمصارهم وقراهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن رَجَاء بن حَيْوَة فِي قَوْله {وَنقص من الثمرات} قَالَ: حَتَّى لَا تحمل النَّخْلَة إِلَّا بسرة وَاحِدَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أَخذ الله آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ يبس كل شَيْء لَهُم وَذَهَبت مَوَاشِيهمْ حَتَّى يبس نيل مصر واجتمعوا إِلَى فِرْعَوْن فَقَالُوا لَهُ: إِن كنت تزْعم فأتنا فِي نيل مصر بِمَاء قَالَ: غدْوَة يصبحكم المَاء فَلَمَّا خَرجُوا من عِنْده قَالَ: أَي شَيْء صنعت انا أقدر على أَن أجري فِي نيل مصر مَاء غدْوَة أصبح فيكذبونني فَلَمَّا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل قَامَ واغتسل وَلبس مدرعة صوف ثمَّ خرج حافياً حَتَّى أَتَى نيل مصر فَقَامَ فِي بَطْنه فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنِّي أعلم أَنَّك تقدر على أَن تملا نيل مصر مَاء فأملاه فَمَا علم إِلَّا بخرير المَاء يقبل فَخرج وَأَقْبل النّيل يزخ بِالْمَاءِ لما أَرَادَ الله بهم من الهلكة - الْآيَة (131)

131

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَإِذا جَاءَتْهُم الْحَسَنَة} قَالَ: الْعَافِيَة والرخاء {قَالُوا لنا هَذِه} وَنحن أَحَق بهَا {وَإِن تصبهم سَيِّئَة} قَالَ: بلَاء وعقوبة {يطيروا بمُوسَى} قَالَ: يتشاءموا بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا إِنَّمَا طائرهم} قَالَ مصائبهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَلا إِنَّمَا طائرهم عِنْد الله} قَالَ: الْأَمر من قبل الله أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {أَلا إِنَّمَا طائرهم عِنْد الله} يَقُول: الْأَمر من قبل الله مَا أَصَابَكُم من أَمر الله فَمن الله بِمَا كسبت أَيْدِيكُم - الْآيَة (132)

132

- أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَقَالُوا مهما تأتنا بِهِ من آيَة} قَالَ: إِن مَا تأتنا بِهِ من آيَة قَالَ: وَهَذِه فِيهَا زِيَادَة مَا - الْآيَة (133)

133

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطوفان: الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ {الطوفان} الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ {الطوفان} الْمَوْت على كل حَال وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {الطوفان} الْغَرق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {الطوفان} أَن يمطروا دَائِما بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار ثَمَانِيَة أَيَّام وَالْقمل الْجَرَاد الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَجْنِحَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {الطوفان} أَمر من آمُر رَبك ثمَّ قَرَأَ {فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك} الْقَلَم الْآيَة 19 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أرسل الله على قوم فِرْعَوْن الطوفان - وَهُوَ الْمَطَر - فَقَالُوا: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك يكْشف عَنَّا الْمَطَر فنؤمن لَك وَنُرْسِل مَعَك بني إِسْرَائِيل فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم فأنبت الله لَهُم فِي تِلْكَ السّنة شَيْئا لم ينبته قبل ذَلِك من الزَّرْع والكلأ فَقَالُوا: هَذَا مَا كُنَّا نتمنى فَأرْسل الله عَلَيْهِم الْجَرَاد فَسَلَّطَهُ عَلَيْهِم فَلَمَّا رَأَوْهُ عرفُوا أَنه لَا يبقي الزَّرْع قَالُوا مثل ذَلِك فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم الْجَرَاد فداسوه وأحرزوه فِي الْبيُوت فَقَالُوا: قد أحرزنا فَأرْسل الله عَلَيْهِم الْقمل: وَهُوَ السوس الَّذِي يخرج من الْحِنْطَة فَكَانَ الرجل يخرج بِالْحِنْطَةِ عشرَة أجربة إِلَى الرحا فَلَا يرد مِنْهَا بِثَلَاثَة أَقْفِزَة فَقَالُوا مثل ذَلِك فكشف عَنْهُم فَأَبَوا أَن يرسلوا مَعَه بني إِسْرَائِيل فَبينا مُوسَى عِنْد فِرْعَوْن إِذْ سمع نقيق ضفدع من نهر فَقَالَ: يَا فِرْعَوْن مَا تلقى أَنْت وقومك من هَذَا الضفدع فَقَالَ: وَمَا عَسى أَن يكون عِنْد هَذَا الضفدع فَمَا أَمْسوا حَتَّى كَانَ الرجل يجلس إِلَى ذقنه فِي الضفادع وَمَا مِنْهُم من أحد يتَكَلَّم إِلَّا وثب ضفدع فِي فِيهِ وَمَا من شَيْء من آنيتهم إِلَّا وَهِي ممتلئة من الضفادع فَقَالُوا مثل ذَلِك فكشف عَنْهُم فَلم يفوا فَأرْسل الله عَلَيْهِم الدَّم فَصَارَت أنهارهم دَمًا وَصَارَت آبارهم دَمًا فشكوا إِلَى فِرْعَوْن ذَلِك فَقَالَ: وَيحكم قد سحركم فَقَالُوا: لَيْسَ نجد من مائنا شَيْئا فِي اناء وَلَا بِئْر وَلَا نهر إِلَّا ونجده طعم الدَّم العبيط فَقَالَ فِرْعَوْن: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك يكْشف عَنْهُم الدَّم فَلم يفوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم الطوفان} وَهُوَ الْمَطَر حَتَّى خَافُوا الْهَلَاك فَأتوا مُوسَى فَقَالُوا: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك أَن يكْشف عَنَّا

الْمَطَر فانا نؤمن لَك وَنُرْسِل مَعَك بني إِسْرَائِيل فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم الْمَطَر فأنبت الله بِهِ حرثهم وأخصبت بِلَادهمْ فَقَالُوا: مَا نحب أَنا لم نمطر وَلنْ نَتْرُك إلهنا ونؤمن بك وَلنْ نرسل مَعَك بني إِسْرَائِيل فَأرْسل الله عَلَيْهِم الْجَرَاد فأسرع فِي فَسَاد زُرُوعهمْ وثمارهم قَالُوا: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك أَن يكْشف عَنَّا الْجَرَاد فانا سنؤمن لَك وَنُرْسِل مَعَك بني إِسْرَائِيل فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم الْجَرَاد وَكَانَ قد بَقِي من زرعهم ومعائشهم بقايا فَقَالُوا: قد بَقِي لنا مَا هُوَ كافينا فَلَنْ نؤمن لَك وَلنْ نرسل مَعَك بني إِسْرَائِيل فَأرْسل الله عَلَيْهِم الْقمل وَهُوَ الدبا فتتبع مَا كَانَ ترك الْجَرَاد فجزعوا وخشوا الْهَلَاك فَقَالُوا: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك يكْشف عَنَّا الدبا فَإنَّا سنؤمن لَك وَنُرْسِل مَعَك بني إِسْرَائِيل فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم الدبا فَقَالُوا: مَا نَحن لَك بمؤمنين وَلَا مرسلين مَعَك بني إِسْرَائِيل فَأرْسل الله عَلَيْهِم الضفادع فَمَلَأ بُيُوتهم مِنْهَا ولقوا مِنْهَا أَذَى شَدِيدا لم يلْقوا مثله فِيمَا كَانَ قبله كَانَت تثب فِي قدورهم فتفسد عَلَيْهِم طعامهم وتطفىء نيرانهم قَالُوا: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك أَن يكْشف عَنَّا الضفادع فقد لَقينَا مِنْهَا بلَاء وأذى فانا سنؤمن لَك وَنُرْسِل مَعَك بني إِسْرَائِيل فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم الضفادع فَقَالُوا: لَا نؤمن لَك وَلَا نرسل مَعَك بني إِسْرَائِيل فَأرْسل الله عَلَيْهِم الدَّم فَجعلُوا لَا يَأْكُلُون إِلَّا الدَّم وَلَا يشربون إِلَّا الدَّم قَالُوا: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك أَن يكْشف عَنَّا الدَّم فانا سنؤمن لَك وَنُرْسِل مَعَك بني إِسْرَائِيل فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم الدَّم فَقَالُوا: يَا مُوسَى لن نؤمن لَك وَلنْ نرسل مَعَك بني إِسْرَائِيل 0 فَكَانَت آيَات مفصلات بَعْضهَا أثر بعض لتَكون لله الْحجَّة عَلَيْهِم فَأَخذهُم الله بِذُنُوبِهِمْ فأغرقهم فِي أَلِيم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم الطوفان} قَالَ: المَاء والطاعون وَالْجَرَاد قَالَ: تَأْكُل مسامير رتجهم: يَعْنِي أَبْوَابهم وثيابهم وَالْقمل الدبا والضفادع تسْقط على فرشهم وَفِي أطعمتهم وَالدَّم يكون فِي ثِيَابهمْ ومائهم وطعامهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: بَلغنِي أَن الْجَرَاد لما سلط على بني إِسْرَائِيل أكل أَبْوَابهم حَتَّى أكل مساميرهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْجَرَاد نترة من حوت فِي الْبَحْر وَأخرج الْعقيلِيّ فِي كتاب الضُّعَفَاء وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْجَرَاد فَقَالَ: إِن مَرْيَم سَأَلت الله أَن يطْعمهَا لَحْمًا لَا دم فِيهِ فاطعمها الْجَرَاد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن مَرْيَم بنت عمرَان سَأَلت رَبهَا أَن يطْعمهَا لَحْمًا لَا دم فِيهِ فاطعمها الْجَرَاد فَقَالَت:

اللَّهُمَّ اعشه بِغَيْر رضَاع وتابع بَينه بِغَيْر شياع - يَعْنِي الصون - قَالَ الذَّهَبِيّ: اسناده أنظف من الأول وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زَيْنَب ربيبة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: إِن نَبيا من الْأَنْبِيَاء سَأَلَ الله لحم طير لَا ذَكَاة لَهُ فرزقه الله الْحيتَان وَالْجَرَاد وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن سلمَان قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجَرَاد فَقَالَ أَكثر جنود الله لَا آكله وَلَا أحرمهُ وَأخرج أَبُو بكر البرقي فِي معرفَة الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي زُهَيْر النميري قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقاتلوا الْجَرَاد فَإِنَّهُ جند من جند الله الْأَعْظَم قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا إِن صَحَّ أَرَادَ بِهِ إِذا لم يتَعَرَّض لإِفساد الْمزَارِع فَإِذا تعرض لَهُ جَازَ دَفعه بِمَا يَقع بِهِ الدّفع من الْقِتَال وَالْقَتْل أَو أَرَادَ بِهِ تعذر مقاومته بِالْقِتَالِ وَالْقَتْل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الفضيل بن عِيَاض عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله قَالَ: وَقعت جَرَادَة بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: الا نقتلها يَا رَسُول الله فَقَالَ من قتل جَرَادَة فَكَأَنَّمَا قتل غوريا قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا ضَعِيف بِجَهَالَة بعض رُوَاته وَانْقِطَاع مَا بَين إِبْرَاهِيم وَابْن مَسْعُود وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخه وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد فِيهِ مَجْهُول عَن ابْن عمر قَالَ: وَقعت جَرَادَة بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاحتملها فَإِذا مَكْتُوب فِي جناحها بالعبرانية: لَا يَعْنِي جنيني وَلَا يشْبع آكِلِي نَحن جند الله الْأَكْبَر لنا تسع وَتسْعُونَ بَيْضَة وَلَو تمت لنا الْمِائَة لأكلنا الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ أهلك الْجَرَاد اقْتُل كِبَارهَا وأمت صغارها وأفسد بيضها وسدَّ أفواهها عَن مزارع الْمُسلمين وَعَن مَعَايشهمْ إِنَّك سميع الدُّعَاء فَجَاءَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: إِنَّه قد اسْتُجِيبَ لَك فِي بعض قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا حَدِيث مُنكر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وإسمعيل بن عبد الغافر الْفَارِسِي فِي الْأَرْبَعين وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحُسَيْن بن عَليّ قَالَ: كُنَّا على مائدة أَنا وَأخي مُحَمَّد بن الحنيفة وَبني عمي عبد الله بن عَبَّاس وَقثم وَالْفضل فَوَقَعت جَرَادَة فَأَخذهَا عبد الله بن عَبَّاس فَقَالَ للحسين: تعلم مَا مَكْتُوب على جنَاح الجرادة فَقَالَ: سَأَلت أبي فَقَالَ: سَأَلت

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي على جنَاح الجرادة مَكْتُوب: إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا رب الجرادة ورازقها إِذا شِئْت بعثتها رزقا لقوم وَإِن شِئْت على قوم بلَاء فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا وَالله من مَكْنُون الْعلم وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ لي ابْن عَبَّاس: مَكْتُوب على الجرادة بالسُّرْيَانيَّة: إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا وحدي لَا شريك لي الْجَرَاد جند من جندي أسلطه على من أَشَاء من عبَادي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: لما خلق الله آدم فضَّل من طينته شَيْء فخلق مِنْهُ الْجَرَاد وَأخرج عَن سعيد بن أبي الْحسن مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ {الطوفان} الْمَطَر {وَالْجَرَاد} هَذَا الْجَرَاد {وَالْقمل} الدَّابَّة الَّتِي تكون فِي الْحِنْطَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر قَالَ: الْقمل الْجَرَاد الَّذِي لَا يطير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: الْقمل: هُوَ الْقمل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد قَالَ: زعم بعض النَّاس فِي الْقمل أَنَّهَا البراغيث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ: الْقمل الْجعلَان 0 وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس 0 أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {وَالْقمل والضفادع} قَالَ: الْقمل الدبا 0 والضفادع: هِيَ هَذِه 0 قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَبَا سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَهُوَ يَقُول: يبادرون النَّحْل من أَنَّهَا كَأَنَّهُمْ فِي الشّرف الْقمل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: الْقمل: الجنادب بَنَات الْجَرَاد 0 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عفيف عَن رجل من أهل الشَّام قَالَ: الْقمل: البراغيث 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الضفادع بَريَّة فَلَمَّا أرسلها الله على آل فِرْعَوْن سَمِعت وأطاعت فَجعلت تقذف نَفسهَا فِي الْقدر وَهِي تغلي وَفِي التنانير وَهِي تَفُور فأثابها الله بِحسن طاعتها برد المَاء 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لم يكن شَيْء أَشد على

آل فِرْعَوْن من الضفادع كَانَت تَأتي الْقُدُور وَهِي تغلي فتلقي أَنْفسهَا فِيهَا فأورثها الله برد المَاء وَالثَّرَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: لَا تقتلُوا الضفادع فانها لما أرْسلت على آل فِرْعَوْن انْطلق ضفدع مِنْهَا فَوَقع فِي تنور فِيهِ نَار طلبت بذلك مرضاة الله فأبدلهن الله أبرد شَيْء نعلمهُ المَاء وَجعل نعيقهن التَّسْبِيح 0 وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان التَّيْمِيّ 0 أَن طَبِيبا ذكر ضفدعاً فِي دَوَاء عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَتله 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: سَالَتْ النّيل دَمًا فَكَانَ الاسرائيلي يَسْتَقِي مَاء طيبا ويستقي الفرعوني دَمًا ويشتركان فِي اناء وَاحِد فَيكون مَا يَلِي الإاسرائيلي مَاء طيبا وَمَا يَلِي الفرعوني دَمًا 0 وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: أرسل الله عَلَيْهِم الدَّم فَكَانُوا لَا يَغْتَرِفُونَ من مَائِهِمْ إِلَّا دَمًا أَحْمَر حَتَّى لقد ذكر لنا أَن فِرْعَوْن كَانَ يجمع بَين الرجلَيْن على الاناء الْوَاحِد القبطي والإِسرائيلي فَيكون مَا يَلِي الاسرائيلي مَاء وَمَا يَلِي القبطي دَمًا 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {وَالدَّم} قَالَ: سلط الله عَلَيْهِم الرعاف 0 وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن نوف الشَّامي قَالَ: مكث مُوسَى فِي آل فِرْعَوْن بعد مَا غلب السَّحَرَة عشْرين سنة يُرِيهم الْآيَات الْجَرَاد وَالْقمل والضفادع وَالدَّم فيأبون أَن يسلمُوا 0 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مكث مُوسَى فِي آل فِرْعَوْن بعد مَا غلب السَّحَرَة أَرْبَعِينَ سنة يُرِيهم الْآيَات الْجَرَاد وَالْقمل والضفادع 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {آيَات مفصلات} قَالَ: كَانَت آيَات مفصلات بَعْضهَا على أثر بعض ليَكُون لله الْحجَّة عَلَيْهِم 0 وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {آيَات مفصلات} قَالَ: يتبع بَعْضهَا بَعْضًا تمكث فيهم سبتاً إِلَى سبت ثمَّ ترفع عَنْهُم شهرا 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ بَين كل آيَتَيْنِ من هَذِه الْآيَات ثَلَاثُونَ يَوْمًا 0

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَت الْآيَات التسع فِي تسع سِنِين فِي كل سنة آيَة 0 - الْآيَة (134 - 135)

134

- أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ {الرجز} الْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَمر مُوسَى نَبِي إِسْرَائِيل فَقَالَ: ليذبح كل رجل مِنْكُم كَبْشًا ثمَّ ليخضب كَفه فِي دَمه ثمَّ ليضْرب على بَابه 0 فَقَالَت القبط لبني إِسْرَائِيل: لم تَجْعَلُونَ هَذَا الدَّم على بَابَكُمْ قَالَ: إِن الله يُرْسل عَلَيْكُم عذَابا فنسلم وتهلكون 0 قَالَ القبط: فَمَا يعرفكم الله إِلَّا بِهَذِهِ العلامات قَالُوا: هَكَذَا أمرنَا نَبينَا 0 فَأَصْبحُوا وَقد طعن من قوم فِرْعَوْن سَبْعُونَ ألفا فأمسوا وهم لَا يتدافنون فَقَالَ فِرْعَوْن عِنْد ذَلِك {ادْع لنا رَبك بِمَا عهد عنْدك لَئِن كشفت عَنَّا الرجز لنؤمنن لَك ولنرسلن مَعَك بني إِسْرَائِيل} وَالرجز: الطَّاعُون 0 فَدَعَا ربه فكشفه عَنْهُم فَكَانَ أوفاهم كلهم فِرْعَوْن قَالَ: اذْهَبْ ببني إِسْرَائِيل حَيْثُ شِئْت 0 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ألْقى الله الطَّاعُون على آل فِرْعَوْن فشغلهم بذلك حَتَّى خرج مُوسَى فَقَالَ مُوسَى لبني إِسْرَائِيل: اجعلوا أكفكم فِي الطين والرماد ثمَّ ضعوه على أبوابكم كَيْمَا يجتنبكم ملك الْمَوْت 0 قَالَ فِرْعَوْن: أما يَمُوت من عبيدنا أحد قَالُوا: لَا 0 قَالَ: أَلَيْسَ هَذَا عجبا أَنا نؤخذ وَلَا يؤخذون 0000 وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {لَئِن كشفت عَنَّا الرجز} قَالَ: الطَّاعُون 0 وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ {الرجز} الْعَذَاب 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَى أجل هم بالغوه} قَالَ: الْغَرق 0

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَلَمَّا كشفنا عَنْهُم الرجز} قَالَ: الْعَذَاب {إِلَى أجل هم بالغوه} قَالَ: عدد مُسَمّى مَعَهم من أيامهم 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {إِذا هم ينكثون} قَالَ: مَا أعْطوا من العهود 0 - الْآيَة (136 - 137)

136

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: فانتقم الله مِنْهُم بعد ذَلِك فأغرقهم فِي أَلِيم 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {اليم} الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ {اليم} هُوَ الْبَحْر 0 قَوْله تَعَالَى: {وأورثنا الْقَوْم الَّذين كَانُوا يستضعفون مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا الَّتِي باركنا فِيهَا} 0 أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن فِي قَوْله {مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا} قَالَ: هِيَ أَرض الشَّام 0 وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا الَّتِي باركنا فِيهَا} قَالَ: هِيَ أَرض الشَّام 0 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن شَوْذَب فِي قَوْله {مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا} قَالَ: فلسطين 0

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {الَّتِي باركنا فِيهَا} قَالَ: قرى الشَّام 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: إِن الله تَعَالَى بَارك فِي الشَّام من الْفُرَات إِلَى الْعَريش 0 وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي الأغبش وَكَانَ قد أدْرك أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن الْبركَة الَّتِي بوركت فِي الشَّام أَيْن مبلغ حَده قَالَ: أول حُدُوده عَرِيش مصر وَالْحَد الآخر طرف التنية وَالْحَد الآخر الْفُرَات وَالْحَد الآخر جعل فِيهِ قبر هود النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ: إِن رَبك قَالَ لإِبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام: أعمر من الْعَريش إِلَى الْفُرَات الأَرْض الْمُبَارَكَة وَكَانَ أول من اختتن وقرى الضَّيْف وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: دمشق بناها غُلَام إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ حَبَشِيًّا وهبه لَهُ نمْرُود بن كنعان حِين خرج إِبْرَاهِيم من النَّار وَكَانَ اسْم الْغُلَام دمشق فسماها على اسْمه وَكَانَ إِبْرَاهِيم جعله على كل شَيْء لَهُ وسكنها الرّوم بعد ذَلِك بِزَمَان وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي عبد الْملك الْجَزرِي قَالَ: إِذا كَانَت الدُّنْيَا فِي بلَاء وقحط كَانَ الشَّام فِي رخاء وعافية وَإِذا كَانَ الشَّام فِي بلَاء وقحط كَانَت فلسطين فِي رخاء وعافية وَإِذا كَانَت فلسطين فِي بلَاء وقحط كَانَ بَيت الْمُقَدّس فِي رخاء وعافية وَقَالَ: الشَّام مباركة وفلسطين مُقَدَّسَة وَبَيت الْمُقَدّس قدس ألف مرّة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر قَالَ: قلت لأبي سَلام الْأسود مَا نقلك من حمص إِلَى دمشق قَالَ: بَلغنِي أَن الْبركَة تضعف بهَا ضعفين وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَكْحُول أَنه سَأَلَ رجلا أَيْن تسكن قَالَ: الغوطة قَالَ: لَهُ مَكْحُول: مايمنعك أَن تسكن دمشق فَإِن الْبركَة فِيهَا مضعفة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة إِن الشَّام كنز الله عز وَجل من أرضه بهَا كنز الله من عباده يَعْنِي بهَا قُبُور الْأَنْبِيَاء إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ثَابت بن معبد قَالَ: قَالَ الله تَعَالَى: ياشام أَنْت خيرتي من بلدي أسكنك خيرتي من عبَادي

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي مُسْنده وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن زيد بن ثَابت قَالَ: كُنَّا حول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نؤلف الْقُرْآن من الرّقاع إِذْ قَالَ طُوبَى للشام قيل لَهُ: وَلم قَالَ: أَن مَلَائِكَة الرَّحْمَن باسطة أَجْنِحَتهَا عَلَيْهِم وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّكُم ستجندون أجناداً جنداً بِالشَّام ومصر وَالْعراق واليمن قُلْنَا: فَخِرْ لنا يَا رَسُول الله قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام فَإِن الله قد تكفل لي بِالشَّام وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّكُم ستجندون أجناداً فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله خِرْ لي فَقَالَ: عَلَيْك بِالشَّام فَإِنَّهَا صفوة الله من بِلَاده فِيهَا خيرة الله من عباده فَمن رغب عَن ذَلِك فليلحق بنجدة فَإِن الله تكفل لي بِالشَّام وَأَهله وَأخرج أَحْمد وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن حِوَالَة الْأَزْدِيّ أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله خرْ لي بَلَدا أكون فِيهِ فَقَالَ عَلَيْك بِالشَّام ان الله يَقُول: يَا شام أَنْت صفوتي من بلادي أَدخل فِيك خيرتي من عبَادي وَلَفظ أَحْمد: فَإِنَّهُ خيرة الله من أرضه يجتبي إِلَيْهِ خيرته من عباده فَإِن أَبَيْتُم فَعَلَيْكُم بيمنكم فَإِن الله قد تكفل لي بِالشَّام وَأَهله وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: عَلَيْكُم بِالشَّام فانها صفوة بِلَاد الله يسكنهَا خيرته من عباده فَمن أَبى فليلحق بيمنه ويسق من غدره فَإِن الله تكفل لي بِالشَّام وَأَهله وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن حِوَالَة الْأَزْدِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّكُم ستجندون أجناداً جنداً بِالشَّام وجنداً بالعراق وجنداً بِالْيمن فَقَالَ الحوالي: خر لي يَا رَسُول الله قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام فَمن أَبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره فَإِن الله قد تكفل لي بِالشَّام وَأَهله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان لَا يبْقى فِيهِ مُؤمن إِلَّا لحق بِالشَّام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عون بن عبد الله بن عتبَة قَالَ: قَرَأت فِيمَا أنزل الله على بعض الْأَنْبِيَاء: إِن الله يَقُول: الشَّام كِنَانَتِي فَإِذا غضِبت على قوم رميتهم مِنْهَا بِسَهْم

وَأخرج ابْن عَسَاكِر وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ستفتح على أمتِي من بعدِي الشَّام وشيكاً فَإِذا فتحهَا فاحتلها فَأهل الشَّام مرابطون إِلَى مُنْتَهى الجزيرة فَمن احتل ساحلاً من تِلْكَ السواحل فَهُوَ فِي جِهَاد وَمن احتل بَيت الْمُقَدّس وَمَا حوله فَهُوَ فِي رِبَاط وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن عَسَاكِر عَن قُرَّة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا فسد أهل الشَّام فَلَا خير فِيكُم لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي منصورين على النَّاس لَا يضرهم من خذلهم حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ضَمرَة بن ربيعَة قَالَ: سَمِعت إِنَّه لم يبْعَث نَبِي إِلَّا من الشَّام فَإِن لم يكن مِنْهَا أسريَ بِهِ إِلَيْهَا وَأخرج الْحَافِظ أَبُو بكر النجاد فِي جُزْء التراجم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينا أَنا نَائِم رَأَيْت عَمُود الإِسلام احْتمل من تَحت رَأْسِي فَظَنَنْت أَنه مذهوب بِهِ فاتبعته بَصرِي فَعمد بِهِ إِلَى الشَّام أَلا فَإِن الإِيمان حِين تقع الْفِتَن بِالشَّام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشَّام أَرض الْمَحْشَر والمنشر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: ليهاجرن الرَّعْد والبرق والبركات إِلَى الشَّام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: مد الْفُرَات على عهد عبد الله فكره النَّاس ذَلِك فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس لَا تكْرهُوا مده فَإِنَّهُ يُوشك أَن يلْتَمس فِيهِ طست من مَاء فَلَا يُوجد وَذَاكَ حِين يرجع كل مَاء إِلَى عنصره فَيكون المَاء وَبَقِيَّة الْمُؤمنِينَ يومئذٍ بِالشَّام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: أحب الْبِلَاد إِلَى الله الشَّام وَأحب الشَّام إِلَيْهِ الْقُدس وَأحب الْقُدس إِلَيْهِ جبل نابلس ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان يتماسحونه كالحبال بَينهم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل إِبْلِيس الْعرَاق فَقضى مِنْهَا حَاجته ثمَّ دخل الشَّام فطردوه حَتَّى بلغ بيسان ثمَّ دخل مصر فباض فِيهَا وفرخ وَبسط عبقرية

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ: دخل الشَّيْطَان بالمشرق فَقضى قَضَاءَهُ ثمَّ خرج يُرِيد الأَرْض المقدسة الشَّام فَمنع فَخرج على سَاق حَتَّى جَاءَ الْمغرب فباض بيضه وَبسط بهَا عبقرية وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِنِّي لأجد تردد الشَّام فِي الْكتب حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ لله حَاجَة إِلَّا بِالشَّام وَأخرج أَحْمد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي شامنا ويمننا قَالُوا: وَفِي نجدنا وَفِي لفظ: وَفِي مشرقنا قَالَ: هُنَاكَ الزلازل والفتن وَبهَا يطلع قرن الشَّيْطَان زَاد ابْن عَسَاكِر فِي رِوَايَة: وَبهَا تِسْعَة اعشار الشَّرّ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيْر عشرَة أعشار تِسْعَة بِالشَّام وَوَاحِد فِي سَائِر الْبلدَانِ وَالشَّر عشرَة اعشار وَاحِد بِالشَّام وَتِسْعَة فِي سَائِر الْبلدَانِ وَإِذا فسد أهل الشَّام فَلَا خير فِيكُم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قسم الله الْخَيْر فَجعله عشرَة أعشار فَجعل تِسْعَة اعشاره بِالشَّام وبقيته فِي سَائِر الْأَرْضين وَقسم الشَّرّ فَجعله عشرَة أعشار فَجعل تِسْعَة اعشاره بِالشَّام وبقيته فِي سَائِر الْأَرْضين وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: نجد هَذِه الأَرْض فِي كتاب الله تَعَالَى على صفة النسْر فالرأس الشَّام والجناحان الْمشرق وَالْمغْرب والذنب الْيمن فَلَا يزَال النَّاس بِخَير مابقي الرَّأْس فَإِذا نزع الرَّأْس هلك النَّاس وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان لَا تبقى جَزِيرَة من جزائر الْعَرَب إِلَّا وَفِيهِمْ مقنب خيل من الشَّام يقاتلونهم على الإِسلام لولاهم لكفروا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن إِيَاس بن مُعَاوِيَة قَالَ: مثلت الدُّنْيَا على طَائِر فمصر وَالْبَصْرَة الجناحان والجزيرة الجؤجؤ وَالشَّام الرَّأْس واليمن الذَّنب وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: رَأس الأَرْض الشَّام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب قَالَ: إِنِّي لأجد فِي كتاب الله الْمنزل: إِن خراب الأَرْض قبل الشَّام بِأَرْبَعِينَ عَاما وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن بحير بن سعد قَالَ: تقيم الشَّام بعد خراب الأَرْض أَرْبَعِينَ عَاما وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ستخرج نَار

من حَضرمَوْت قبل يَوْم الْقِيَامَة تحْشر النَّاس قُلْنَا: يَا رَسُول الله فَمَا تَأْمُرنَا قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب قَالَ: يُوشك أَن تخرج نَار من الْيمن تَسوق النَّاس إِلَى الشَّام تَغْدُو مَعَهم إِذا غدوا وتقيل مَعَهم إِذا قَالُوا وَتَروح مَعَهم إِذا راحوا فَإِذا سَمِعْتُمْ بهَا فاخرجوا إِلَى الشَّام وَأخرج تَمام فِي فَوَائده وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عمر وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي رَأَيْت عَمُود الْكتاب انتزع من تَحت وِسَادَتِي فاتبعته بَصرِي فَإِذا هُوَ نور سَاطِع فَعمد بِهِ إِلَى الشَّام أَلا وان الإِيمان إِذا وَقعت الْفِتَن بِالشَّام وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن اللَّيْث بن سعد فِي قَوْله {وأورثنا الْقَوْم الَّذين كَانُوا يستضعفون مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا الَّتِي باركنا فِيهَا} قَالَ: هِيَ مصر وَهِي مباركة فِي كتاب الله وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي تَارِيخ مصر وَمُحَمّد ابْن الرّبيع الجيزي فِي مُسْند الصَّحَابَة الَّذين دخلُوا مصر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: مصر أطيب أَرض الله تُرَابا وأبعده خراباً وَلنْ يزَال فِيهَا بركَة مَا دَامَ فِي شَيْء من الْأَرْضين بركَة وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: من أَرَادَ أَن يذكر الفردوس أَو ينظر إِلَى مثلهَا فِي الدُّنْيَا فَلْينْظر إِلَى أَرض مصر حِين تخضر زروعها وتنور ثمارها وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: من أَرَادَ أَن ينظر إِلَى شبه الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى أَرض مصر إِذا أزهرت وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن ابْن لَهِيعَة قَالَ: كَانَ عَمْرو بن العَاصِي يَقُول: ولَايَة مصر جَامِعَة لعدل الْخلَافَة وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ: خلقت الدُّنْيَا على خمس صور على صُورَة الطير بِرَأْسِهِ وصدره وجناحيه وذنبه فالرأس مَكَّة وَالْمَدينَة واليمن والصدر الشَّام ومصر والجناح الْأَيْمن الْعرَاق والجناح الْأَيْسَر السَّنَد والهند والذنب من ذَات الْحمام إِلَى مغرب الشَّمْس وَشر مافي الطير الذَّنب وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن نوف قَالَ: إِن الدُّنْيَا مثلت على طير فَإِذا انْقَطع جناحاه وَقع وَإِن جناحي الأَرْض مصر وَالْبَصْرَة فَإِذا خربا ذهبت الدُّنْيَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وتمت كلمة رَبك الْحسنى} قَالَ: ظُهُور قوم مُوسَى على فِرْعَوْن وتمكين الله لَهُم فِي الأَرْض وَمَا ورثهم مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن وهب عَن مُوسَى بن عَليّ عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل بِالربعِ من آل فِرْعَوْن ووليهم فِرْعَوْن أَرْبَعمِائَة وَأَرْبَعين سنة فضاعف الله ذَلِك لبني اسرائيل فولاهم ثَمَانمِائَة عَام وَثَمَانِينَ عَاما قَالَ: وَإِن كَانَ الرجل ليعمر ألف سنة فِي الْقُرُون الأولى وَمَا يَحْتَلِم حَتَّى يبلغ عشْرين وَمِائَة سنة وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: لَو أَن النَّاس إِذا ابتلوا من سلطانهم بِشَيْء صَبَرُوا ودعوا الله لم يَلْبَثُوا أَن يرفع الله ذَلِك عَنْهُم وَلَكنهُمْ يفزعون إِلَى السَّيْف فيوكلون إِلَيْهِ وَالله مَا جاؤو بِيَوْم خير قطّ ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وتمت كلمة رَبك الْحسنى على بني اسرائيل بِمَا صَبَرُوا} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: مَا أُوتيت بَنو اسرائيل مَا أُوتيت إِلَّا بصبرهم وَمَا فزغت هَذِه الْأمة إِلَى السَّيْف قطّ فَجَاءَت بِخَير وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: إِذا جَاءَ أَمر لَا كفاء لَك بِهِ فاصبر وانتظر الْفرج من الله وَأخرج أَحْمد عَن بَيَان بن حَكِيم قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى أبي الدَّرْدَاء فَشَكا إِلَيْهِ جاراً لَهُ قَالَ: اصبر فَإِن الله سيجيرك مِنْهُ فَمَا لبث أَن أَتَى مُعَاوِيَة فحباه وَأَعْطَاهُ فَأتى أَبَا الدَّرْدَاء فَذكر ذَلِك لَهُ قَالَ: إِن ذَلِك لَك مِنْهُ جَزَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {ودمرنا مَا كَانَ يصنع فِرْعَوْن وَقَومه} قَالَ: إِن الله تَعَالَى لَا يملي للْكَافِرِ إِلَّا قَلِيلا حَتَّى يوبقه بِعَمَلِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا كَانُوا يعرشون} قَالَ: يبنون وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا كَانُوا يعرشون} قَالَ: يبنون الْبيُوت والمساكن مَا بلغت وَكَانَ عنبهم غير معروش وَالله اعْلَم

- الْآيَة (138 - 141)

138

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَأتوا على قوم يعكفون على أصنام لَهُم} قَالَ: على لخم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمرَان الْجونِي فِي قَوْله {فَأتوا على قوم يعكفون على أصنام لَهُم} قَالَ: هم لخم وجذام 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن أبي جريج فِي قَوْله {فَأتوا على قوم يعكفون على أصنام لَهُم} قَالَ: تماثيل بقر من نُحَاس فَلَمَّا كَانَ عجل السامري شبه لَهُم أَنه من تِلْكَ الْبَقر فَذَلِك كَانَ أول شَأْن الْعجل لتَكون لله عَلَيْهِم حجَّة فينتقم مِنْهُم بعد ذَلِك 0 وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة} قَالَ: يَا سُبْحَانَ الله 000 قوم أنجاهم الله من الْعُبُودِيَّة وأقطعهم الْبَحْر وَأهْلك عدوهم وأراهم الْآيَات الْعِظَام ثمَّ سَأَلُوا الشّرك صراحية 0 وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل حنين فمررنا بسدرة فَقلت: يَا رَسُول الله اجْعَل لنا هَذِه ذَات أنواط كَمَا للْكفَّار ذَات أنواط وَكَانَ الْكفَّار ينوطون سِلَاحهمْ بسدرة ويعكفون حولهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الله أكبر هَذَا كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى {اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة} إِنَّكُم تَرْكَبُونَ سنَن الَّذين من قبلكُمْ 0

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق كثير بن عبد الله بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفَتْح وَنحن ألف ونيف فَفتح الله لَهُ مَكَّة وحنينا حَتَّى إِذا كُنَّا بَين حنين والطائف مَرَرْنَا بشجرةٍ دنوا عَظِيمَة سِدْرَة كَانَ يناط بهَا السِّلَاح فسميت ذَات أنواط وَكَانَت تُعبد من دون الله فَلَمَّا رَآهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صرف عَنْهَا فِي يَوْم صَائِف إِلَى ظلّ هُوَ أدنى مِنْهَا فَقَالَ لَهُ رجل: يَا رَسُول الله اجْعَل لنا ذَات أنواط كَمَا لَهُم ذَات أنواط فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا السّنَن قُلْتُمْ 0 وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل {اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة} 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {متبر} قَالَ: خسران 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {متبر} قَالَ: هَالك 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {إِن هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هم فِيهِ وباطل} قَالَ: المتبر المخسر وَقَالَ المتبر وَالْبَاطِل سَوَاء كُله وَاحِد كَهَيئَةِ غَفُور رَحِيم وَالْعرب تَقول: إِنَّه البائس المتبر وَإنَّهُ البائس المخسر 0 - الْآيَة (142)

142

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وواعدنا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَة وأتممناها بِعشر} قَالَ: ذُو القعده وَعشر من ذِي الْحجَّة 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: زعم حضرمي أَن الثَّلَاثِينَ لَيْلَة الَّتِي وعد مُوسَى ذُو الْقعدَة وَالْعشر الَّتِي تمم الله بهَا الْأَرْبَعين لَيْلَة عشر ذِي الْحجَّة 0 وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: مَا من عمل فِي أَيَّام من السّنة أفضل مِنْهُ فِي الْعشْر من ذِي الْحجَّة وَهِي الْعشْر الَّتِي أتمهَا الله لمُوسَى 0

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وواعدنا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَة وأتممناها بِعشر} يَعْنِي ذَا القعده وَعشرا من ذِي الْحجَّة خلف مُوسَى أَصْحَابه واستخلف عَلَيْهِم هرون فَمَكثَ على الطّور أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَأنزل عَلَيْهِ التَّوْرَاة فِي الألواح فقربه الرب نجياً وَكَلمه وَسمع صريف الْقَلَم وبلغنا أَنه لم يحدث فِي الْأَرْبَعين لَيْلَة حَتَّى هَبَط من الطّور 0 وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وواعدنا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَة} قَالَ: ذُو الْقعدَة {وأتممناها بِعشر} قَالَ: عشر ذِي الْحجَّة 0 وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وواعدنا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَة وأتممناها بِعشر} قَالَ: إِن مُوسَى قَالَ لِقَوْمِهِ: إِن رَبِّي وَعَدَني ثَلَاثِينَ لَيْلَة أَن أَلْقَاهُ وأخلف هرون فِيكُم فَلَمَّا فصل مُوسَى إِلَى ربه زَاده الله عشرا فَكَانَت فتنتهم فِي الْعشْر الَّتِي زَاده الله فَلَمَّا مضى ثَلَاثُونَ لَيْلَة كَانَ السامري أبْصر جِبْرِيل فَأخذ من أثر الْفرس قَبْضَة من تُرَاب فَقَالَ حِين مضى ثَلَاثُونَ لَيْلَة: يَا بني إِسْرَائِيل إِن مَعكُمْ حليا من حلى آل فِرْعَوْن وَهُوَ حرَام عَلَيْكُم فهاتوا مَا عنْدكُمْ فنحرقها فَأتوهُ بِمَا عِنْدهم من حليهم فأوقدوا نَارا ثمَّ ألْقى الحلى فِي النَّار فَلَمَّا ذاب الحلى ألْقى تِلْكَ القبضة من التُّرَاب فِي النَّار فَصَارَ عجلاً جسداً لَهُ خوار فخار خورة وَاحِدَة لم يثن فَقَالَ السامري: إِن مُوسَى ذهب يطْلب ربكُم وَهَذَا إِلَه مُوسَى فَذَلِك قَوْله {هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى فنسي} طه الْآيَة 88 يَقُول: انْطلق يطْلب ربه فضل عَنهُ وَهُوَ هَذَا فَقَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى لمُوسَى وَهُوَ يناجيه {قَالَ فَإنَّا قد فتنا قَوْمك من بعْدك وأضلهم السامري فَرجع مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا} طه الْآيَة 85 - 86 قَالَ يَعْنِي حَزينًا 0 وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب قَالَ: قَالَ الرب تبَارك وَتَعَالَى لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام مرْ قَوْمك أَن ينيبوا إِلَيّ ويدعوني فِي الْعشْر - يَعْنِي عشر ذِي الْحجَّة - فَإِذا كَانَ الْيَوْم الْعَاشِر فليخرجوا إليَّ أُغْفِرْ لَهُم قَالَ وهب: الْيَوْم الَّذِي طلبته الْيَهُود فأخطأوه وَلَيْسَ عدد أصوب من عدد الْعَرَب 0 وَأخرج الديلمي عَن ابْن عَبَّاس رَفعه لما أَتَى مُوسَى ربه وَأَرَادَ أَن يكلمهُ بعد الثَّلَاثِينَ يوماوقد صَامَ ليلهن ونهارهن فكره أَن يكلم ربه وريح فَمه ريح فَم

الصَّائِم فَتَنَاول من نَبَات الأَرْض فمضغه فَقَالَ لَهُ ربه: لم أفطرت - وَهُوَ أعلم بِالَّذِي كَانَ - قَالَ: أَي رب كرهت أَن أُكَلِّمك إِلَّا وَفِي طيب الرّيح 0 قَالَ: أوما علمت يَا مُوسَى أَن ريح فَم الصَّائِم عِنْدِي أطيب من ريح الْمسك ارْجع فَصم عشرَة أَيَّام ثمَّ إيتني 0 فَفعل مُوسَى الَّذِي أمره ربه فَلَمَّا كلم الله مُوسَى قَالَ لَهُ مَا قَالَ 0 أما قَوْله تَعَالَى: {وَلما جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلمه ربه} 0 أخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما كلم الله مُوسَى يَوْم الطّور كَلمه بِغَيْر الْكَلَام الَّذِي كَلمه يَوْم ناداه فَقَالَ لَهُ مُوسَى: يَا رب أَهَذا كلامك الَّذِي كَلَّمتنِي بِهِ قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّمَا كلمتك بِقُوَّة عشرَة آلَاف لِسَان ولي قُوَّة الألسن كلهَا وَأقوى من ذَلِك فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى بني إِسْرَائِيل قَالُوا: يَا مُوسَى صف لنا كَلَام الرَّحْمَن 0 فَقَالَ: لَا تستطيعونه ألم تروا إِلَى أصوات الصَّوَاعِق الَّذِي يقبل فِي أحلى حلاوة سمعتموه فَذَلِك قريب مِنْهُ وَلَيْسَ بِهِ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن عَطاء بن السَّائِب قَالَ: كَانَ لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قبَّة طولهَا سِتّمائَة ذِرَاع يُنَاجِي فِيهَا ربه عز وَجل 0 وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ قي نَوَادِر الْأُصُول عَن كَعْب قَالَ: لما كلم الله مُوسَى قَالَ: يَا رب أهكذا كلامك قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّمَا أُكَلِّمك بِقُوَّة عشرَة آلَاف لِسَان ولي قُوَّة الْأَلْسِنَة كلهَا وَلَو كلمتك بكنه كَلَامي لم تَكُ شَيْئا 0 وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن كَعْب قَالَ: لما كلم الله مُوسَى كَلمه بالألسنة كلهَا قبل كَلَامه - يَعْنِي كَلَام مُوسَى - فَجعل يَقُول: يَا رب لَا أفهم حَتَّى كَلمه آخر الْأَلْسِنَة بِلِسَانِهِ بِمثل صَوته فَقَالَ: يَا رب هَكَذَا كلامك قَالَ: لَا لَو سَمِعت كَلَامي أَي على وَجهه لم تَكُ شَيْئا 0 قَالَ: يَا رب هَل فِي خلقك شَيْء شبه كلامك قَالَ: لَا وَأقرب خلقي شبها بكلامي أَشد مَا سمع النَّاس من الصَّوَاعِق 0 وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: قيل لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام مَا شبهت كَلَام رَبك مِمَّا خلق فَقَالَ مُوسَى: الرَّعْد السَّاكِن 0 وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الْحُوَيْرِث عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة قَالَ: إِنَّمَا كلم الله مُوسَى بِقدر مَا يُطيق من كَلَامه وَلَو تكلم

بِكَلَامِهِ كُله لم يطقه شَيْء فَمَكثَ مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَة لَا يرَاهُ أحد إِلَّا مَاتَ من نور رب الْعَالمين 0 وَأخرج الديلمي عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه لما خرج أخي مُوسَى إِلَى مُنَاجَاة ربه كَلمه ألف كلمة ومائتي كلمة فَأول مَا كَلمه بالبربرية أَن قَالَ: يَا مُوسَى وَنَفْسِي معبراً: أَي أَنا الله الْأَكْبَر 0 قَالَ مُوسَى: يَا رب أَعْطَيْت الدُّنْيَا لأعدائك ومنعتها أولياءك فَمَا الْحِكْمَة فِي ذَلِك فَأوحى الله إِلَيْهِ: أعطيتهَا أعدائي ليتمرغوا ومنعتها أوليائي ليتضرعوا 0 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عجلَان قَالَ: كلم مُوسَى بالألسنة كُله وَكَانَ فِيمَا كَلمه لِسَان البربر فَقَالَ كَلمته بالبربرية: أَنا الله الْكَبِير 0 وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم كلم الله مُوسَى كَانَ عَلَيْهِ جُبَّة صوف وَكسَاء صوف وَسَرَاويل صوف وكمه صوف وَنَعْلَان من جلد حمَار غير ذكي 0 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة قَالَ: لما كلم مُوسَى ربه عز وَجل مكث أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يرَاهُ أحد إِلَّا مَاتَ من نور رب الْعَالمين 0 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عُرْوَة بن رُوَيْم قَالَ: كَانَ مُوسَى لم يَأْتِ النِّسَاء مُنْذُ كَلمه ربه وَكَانَ قد ألبس على وَجهه برقع فَكَانَ لَا ينظر إِلَيْهِ أحد إِلَّا مَاتَ فكشف لَهَا عَن وَجهه فأخذتها من غَشيته مثل شُعَاع الشَّمْس فَوضعت يَدهَا على وَجههَا وخرت لله سَاجِدَة 0 وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كلم الله مُوسَى من ألف مقَام فَكَانَ كلما كَلمه رأى النُّور على وَجهه ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ: وَمَا قرب مُوسَى امْرَأَة مذ كَلمه ربه 0 وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة بن رُوَيْم اللَّخْمِيّ قَالَ: قَالَت امْرَأَة مُوسَى لمُوسَى: إِنِّي أيم مِنْك مذ أَرْبَعِينَ سنة فأمتعني بنظرة 0 فَرفع البرقع عَن وَجهه فغشى وَجهه نور التمع بصرها فَقَالَت: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي زَوجتك فِي الْجنَّة 0 قَالَ: على أَن لَا تزوّجي بعدِي وَأَن لَا تأكلي إِلَّا من عمل يَديك 0 قَالَ: فَكَانَت تتبع الحصادين فَإِذا رَأَوْا ذَلِك تخاطوا لَهَا فَإِذا أحست بذلك تجاوزته 0

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَأَبُو خَيْثَمَة فِي كتاب الْعلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حِين كلم ربه: أَي رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك قَالَ: أَكْثَرهم لي ذكرا 0 قَالَ: أَي عِبَادك أحكم قَالَ: الَّذِي يقْضِي على نَفسه كَمَا يقْضِي على النَّاس 0 قَالَ: رب أَي عِبَادك أغْنى قَالَ: الراضي بِمَا أعْطِيه 0 وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن 0 أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ ربه جماعاً من الْخَيْر فَقَالَ: أصحب النَّاس بِمَا تحب أَن تصْحَب بِهِ 0 وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تبَارك وَتَعَالَى ناجى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِمِائَة ألف وَأَرْبَعين ألف كلمة فِي ثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا سمع مُوسَى كَلَام الْآدَمِيّين مقتهم لما وَقع فِي مسامعه من كَلَام الرب عز وَجل فَكَانَ فِيمَا ناجاه إِن قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّه لم يتصنع المتصنعون بِمثل الزّهْد فِي الدُّنْيَا وَلم يتَقرَّب إليّ المتقربون بِمثل الْوَرع عَمَّا حرمت عَلَيْهِم وَلم يتعبد المتعبدون بِمثل الْبكاء من خَشْيَتِي 0 فَقَالَ مُوسَى: يَا رب وَيَا إِلَه الْبَريَّة كلهَا وَيَا مَالك يَوْم الدّين وَيَا ذَا الْجلَال والإِكرام مَاذَا أَعدَدْت لَهُم وماذا جزيتهم قَالَ: أما الزاهدون فِي الدُّنْيَا فَإِنِّي أبيحهم جنتي حَتَّى يتبوَّأوا فِيهَا حَيْثُ شاؤوا وَأما الورعون عَمَّا حرمت عَلَيْهِم فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة لم يبْق عبد إِلَّا ناقشته الْحساب وفتشت عَمَّا فِي يَدَيْهِ إِلَّا الورعون فَأَنِّي أستحيهم وأجلهم وَأكْرمهمْ وأدخلهم الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَأما الباكون من خَشْيَتِي فَأُولَئِك لَهُم الرفيق الْأَعْلَى لَا يشاركهم فِيهِ أحد وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ مُوسَى: يَا رب عَلمنِي شَيْئا أذكرك بِهِ وأدعوك بِهِ 0 قَالَ: قل يَا مُوسَى لَا إِلَه إِلَّا الله 0 قَالَ: يَا رب كل عِبَادك يَقُول هَذَا 000 قَالَ: قل لَا إِلَه إِلَّا الله 0 قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت يَا رب إِنَّمَا أُرِيد شَيْئا تخصني بِهِ 0 قَالَ: يَا مُوسَى لَو أَن السَّمَوَات السَّبع وعامرهن غَيْرِي وَالْأَرضين السَّبع فِي كفة وَلَا إِلَه إِلَّا الله فِي كفة مَالَتْ بِهن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَوْلِيَاء عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب من أهلك الَّذين هم أهلك الَّذين تظلهم فِي

ظلّ عرشك قَالَ: هم البريئة أَيْديهم الطاهرة قُلُوبهم الَّذين يتحابون بجلالي الَّذين ذكرت ذكرُوا بِي وَإِذا ذكرُوا ذكرت بذكرهم الَّذين يسبغون الْوضُوء فِي المكاره وينيبون إِلَى ذكري كَمَا تنيب النسور إِلَى وكورها ويكلفون بحبي كَمَا يُكَلف الصَّبِي بحب النَّاس ويغضبون لمحارمي إِذا استحلت كَمَا يغْضب النمر إِذا حزب 0 وَأخرج أَحْمد عَن عمر أَن الْقصير قَالَ: قَالَ مُوسَى بن عمرَان: أَي رب أَيْن أبغيك قَالَ: ابغني عِنْد المنكسرة قُلُوبهم إِنِّي أدنوا مِنْهُم كل يَوْم باعاً وَلَوْلَا ذَلِك انهدموا 0 وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَأحمد عَن عمار بن يَاسر 0 أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا رب حَدثنِي بِأحب النَّاس إِلَيْك قَالَ: وَلم 000 قَالَ: لَأحبهُ لحبك أَيَّاهُ 0 فَقَالَ: عبد فِي أقْصَى الأَرْض سمع بِهِ عبد آخر فِي أقْصَى الأَرْض لَا يعرفهُ فَإِن أَصَابَته مُصِيبَة فَكَأَنَّمَا أَصَابَته وَإِن شاكته شَوْكَة فَكَأَنَّمَا شاكته مَا ذَاك إِلَّا لي فَذَلِك أحب خلقي إِلَيّ 0 قَالَ: يَا رب خلقت خلقا تدخلهم النَّار أَو تُعَذبهُمْ فَأوحى الله إِلَيْهِ: كلهم خلقي ثمَّ قَالَ: ازرع زرعا فزرعه 0 فَقَالَ: اسْقِهِ فَسَقَاهُ ثمَّ قَالَ: قُم عَلَيْهِ فَقَامَ عَلَيْهِ فحصده وَرَفعه فَقَالَ: مَا فعل زرعك يَا مُوسَى قَالَ: فرغت مِنْهُ ورفعته قَالَ: مَا تركت مِنْهُ شَيْئا قَالَ: مَا لَا خير فِيهِ 0 قَالَ: كَذَلِك أَنا لَا أعذب إِلَّا من لَا خير فِيهِ 0 وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا رب أَخْبرنِي بأكرم خلقك عَلَيْك 0 قَالَ: الَّذِي يسْرع إِلَى هواي إسراع النسْر إِلَى هَوَاهُ وَالَّذِي يُكَلف بعبادي الصَّالِحين كَمَا يُكَلف الصَّبِي بِالنَّاسِ وَالَّذِي يغْضب إِذا انتهكت محارمي غضب النمر لنَفسِهِ فَإِن النمر إِذا غضب لم يبال أَقَلَّ النَّاس أم كَثُرُوا 0 وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة مَوْقُوفا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ: سَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ربه عزَّ وَجل فَقَالَ: أَي عِبَادك أغْنى قَالَ: الَّذِي يقنع بِمَا يُؤْتى 0 قَالَ: فَأَي عِبَادك أحكم قَالَ: الَّذِي يحكم للنَّاس بِمَا يحكم لنَفسِهِ قَالَ: فأيّ عِبَادك أعلم قَالَ: أخشاهم 0 وَأخرج أَبُو بكر بن أبي عَاصِم فِي كتاب السّنة وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يمشي ذَات يَوْم فِي طَرِيق فناداه الْجَبَّار عز وَجل: يَا مُوسَى 0 فَالْتَفت يَمِينا وَشمَالًا فَلم ير أحدا 000 ثمَّ ناداه الثَّانِيَة: يَا مُوسَى

بن عمرَان 0 فَالْتَفت يَمِينا وَشمَالًا فَلم ير أحد وارتعدت فرائصه ثمَّ نُودي الثالثه يَا مُوسَى بن عمرَان إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فَقَالَ: لبيْك لبيْك فَخر لله تَعَالَى سَاجِدا فَقَالَ: ارْفَعْ رَأسك يَا مُوسَى بن عمرَان فَرفع رَأسه فَقَالَ: يَا مُوسَى إِن أَحْبَبْت أَن تسكن فِي ظلّ عَرْشِي يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظِلِّي كن كَالْأَبِ الرَّحِيم وَكن للأرملة كالزوج العطوف يَا مُوسَى بن عمرَان أرْحم ترحم يَا مُوسَى كَمَا تدين تدان يَا مُوسَى نبأ بني إِسْرَائِيل أَنه من لَقِيَنِي وَهُوَ جَاحد بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أدخلته النَّار 0 فَقَالَ: وَمن أَحْمد فَقَالَ: يَا مُوسَى وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا خلقت خلقا أكْرم عليَّ مِنْهُ كتبت اسْمه مَعَ اسْمِي فِي الْعَرْش قبل أَن أخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر بألفي سنة وَعِزَّتِي وَجَلَالِي إِن الْجنَّة مُحرمَة على جَمِيع خلقي حَتَّى يدخلهَا مُحَمَّد وَأمته 0 قَالَ مُوسَى: وَمن أمة أَحْمد قَالَ: أمته الْحَمَّادون يحْمَدُونَ صعُودًا وهبوطاً وعَلى كل حَال يشدون أوساطهم ويطهرون أَطْرَافهم صائمون بِالنَّهَارِ رُهْبَان بِاللَّيْلِ أقبل مِنْهُم الْيَسِير وأدخلهم الْجنَّة بِشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله 0 قَالَ: إجعلني نَبِي تِلْكَ الْأمة 0 قَالَ: نبيها مِنْهَا 0 قَالَ: إجعلني من أمة ذَلِك النَّبِي قَالَ: استقدمت واستأخر يَا مُوسَى وَلَكِن سأجمع بَيْنك وَبَينه فِي دَار الْجلَال وَأخرج أَبُو نعيم عَن وهب قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إلهي مَا جَزَاء من ذكرك بِلِسَانِهِ وَقَلبه قَالَ: يَا مُوسَى أظلهُ يَوْم الْقِيَامَة بِظِل عَرْشِي وأجعله فِي كنفي 0 قَالَ: يَا رب أَي عِبَادك أَشْقَى قَالَ: من لَا تَنْفَعهُ موعظة وَلَا يذكرنِي إِذا خلا 0 وَأخرج أَبُو نعيم عَن كَعْب قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب مَا جَزَاء من آوى يَتِيما حَتَّى يَسْتَغْنِي أَو كفل أرملة قَالَ: أسْكنهُ جنتي وأظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظِلِّي 0 وَأخرج ابْن شاهين فِي التَّرْغِيب عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب مَا لمن عزى الثكلى قَالَ: أظلهُ بظلي يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظِلِّي 0 وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس فِي كتاب الْعلم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: لما قرب مُوسَى نجياً أبْصر فِي ظلّ الْعَرْش رجلا فغبطه بمكانه فَسَأَلَ عَنهُ فَلم يخبر باسمه وَأخْبر بِعَمَلِهِ فَقَالَ لَهُ: هَذَا رجل كَانَ لَا يحْسد النَّاس على مَا آتَاهُم الله من فَضله بر بالوالدين لَا يمشي بالنميمة 0 فَقَالَ الله: يَا مُوسَى مَا جِئْت تطلب قَالَ: جِئْت

أطلب الْهدى يَا رب 0 قَالَ: قد وجدت يَا مُوسَى 0 قَالَ: رب أَغفر لي مَا مضى من ذُنُوبِي وَمَا غبر وَمَا بَين ذَلِك وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني وَأَعُوذ بك من وَسْوَسَة نَفسِي وَسُوء عَمَلي 0 فَقيل لَهُ: قد كفيت يَا مُوسَى 0 قَالَ: رب أَي الْعَمَل أحب إِلَيْك أَن أعمله قَالَ: اذْكُرْنِي يَا مُوسَى 0 قَالَ: رب أَي عِبَادك أتقى قَالَ: الَّذِي يذكرنِي وَلَا ينساني 0 قَالَ: رب أَي عِبَادك أغْنى قَالَ الَّذِي يقنع بِمَا يُؤْتى قَالَ: رب أَي عِبَادك أفضل قَالَ: الَّذِي يقْض بِالْحَقِّ وَلَا يتبع الْهوى قَالَ: رب أَي عِبَادك أعلم قَالَ: الَّذِي يطْلب علم النَّاس إِلَى علمه لَعَلَّه يسمع كلمة تدله على هدى أَو ترده عَن ردى 0 قَالَ: رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك عملا قَالَ: الَّذِي لَا يكذب لِسَانه وَلَا يَزْنِي فرجه وَلَا يفجر قلبه 0 قَالَ: رب ثمَّ أَي على أثر هَذَا قَالَ: قلب مُؤمن فِي خلق حسن قَالَ: رب أَي عِبَادك أبْغض إِلَيْك قَالَ: قلب كَافِر فِي خلق سيِّىء 0 قَالَ: رب ثمَّ أَي على أثر هَذَا قَالَ: جيفة بِاللَّيْلِ بطال بِالنَّهَارِ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الْجلد 0 أَن الله أوحى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إِذا ذَكرتني فاذكرني وَأَنت تنتفض أعضاؤك وَكن عِنْد ذكري خَاشِعًا مطمئناً وَإِذا ذَكرتني فَاجْعَلْ لسَانك وَرَاء قَلْبك وَإِذا قُمْت بَين يَدي فَقُمْ مقَام العَبْد الحقير الذَّلِيل وذمَّ نَفسك فَهِيَ أولى بالذم وناجني حِين تناجيني بقلب وَجل ولسان صَادِق 0 وَأخرج أَحْمد عَن قسي رجل من أهل الْكتاب قَالَ: إِن الله أوحى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا مُوسَى إِن جَاءَك الْمَوْت وَأَنت على غير وضوء فَلَا تلومن إِلَّا نَفسك 0 قَالَ: وَأوحى إِلَيْهِ أَن الله تبَارك وَتَعَالَى يدْفع بِالصَّدَقَةِ سبعين بَابا من السوء مثل الْغَرق والحرق والسرق وَذَات الْجنب 0 قَالَ: وَقَالَ لَهُ: وَالنَّار قَالَ: وَالنَّار 0 وَأخرج أَحْمد عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: أوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن عَلِّم الْخَيْر وتعلمه فَأَنِّي منوّر لمعلم الْخَيْر ومتعلمه فِي قُبُورهم حَتَّى لَا يستوحشوا لِمَكَانِهِمْ 0 وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما ارْتقى مُوسَى طور سينا رأى الْجَبَّار فِي أُصْبُعه خَاتمًا قَالَ: يَا مُوسَى مَا هَذَا - وَهُوَ أعلم بِهِ - قَالَ: شَيْء من حلي الرِّجَال يَا رب 0 قَالَ: فَهَل عَلَيْهِ شَيْء من أسمائي مَكْتُوب أَو كَلَامي قَالَ: لَا 0 قَالَ: فَاكْتُبْ عَلَيْهِ {لكل أجل كتاب} الرَّعْد 38 0

وَأخرج االحكيم التِّرْمِذِيّ عَن عَطاء قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب أيتمت الصَّبِي من أَبَوَيْهِ وتدعه هَكَذَا قَالَ: يَا مُوسَى أما ترْضى بِي كافلاً وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن عَطاء قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك قَالَ: أعلمهم بِي 0 وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب إِنَّهُم سيسألنني كَيفَ كَانَ بدؤك قَالَ: فَأخْبرهُم إِنِّي أَنا الْكَائِن قبل كل شَيْء والمكوّن لكل شَيْء والكائن بعد كل شَيْء وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الْجلد أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ ربه قَالَ: أَي رب أنزل عليَّ آيَة محكمَة أَسِير بهَا فِي عِبَادك فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا مُوسَى أَن أذهب فَمَا أَحْبَبْت أَن يَأْتِيهِ عبَادي إِلَيْك فأته إِلَيْهِم وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: أَي رب أَي شَيْء وضعت فِي الأَرْض أقل قَالَ: الْعدْل أقل مَا وضعت فِي الأَرْض وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو بن قيس قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب أَي النَّاس أتقى قَالَ: الَّذِي يذكر وَلَا ينسى قَالَ: فَأَي النَّاس أعلم قَالَ: الَّذِي يَأْخُذ من علم النَّاس إِلَى علمه وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك قَالَ: من أذكر بِرُؤْيَتِهِ قَالَ: أَي رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك الَّذين يعودون المرضى ويعزون الثكلى ويشيعون الهلكى وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: لما قيل للجبال أَنه يُرِيد أَن يتجلى تطاولت الْجبَال كلهَا وتواضع الْجَبَل الَّذِي تجلى لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق أَحْمد بن أبي الْحوَاري عَن أبي سُلَيْمَان قَالَ: إِن الله اطلع فِي قُلُوب الْآدَمِيّين فَلم يجد قلباً أَشد تواضعاً من قلب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فخصه بالْكلَام لتواضعه قَالَ وَقَالَ غير أبي سُلَيْمَان: أوحى الله إِلَى الْجبَال: إِنِّي مُكَلم عَلَيْك عبدا من عَبِيدِي فتطاولت الْجبَال ليكلمه عَلَيْهَا وتواضع الطّور قَالَ: إِن قدر شَيْء كَانَ قَالَ: فَكَلمهُ عَلَيْهِ لتواضعه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَلَاء بن كثيِّر قَالَ: إِن الله تَعَالَى قَالَ: يَا مُوسَى أَتَدْرِي لم كلمتك قَالَ: لَا يَا رب قَالَ: لِأَنِّي لم أخلق خلقا تواضع لي تواضعك

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن نوف الْبكالِي قَالَ: أوحى الله إِلَى الْجبَال إِنِّي نَازل على جبل مِنْكُم قَالَ: فشمخت الْجبَال كلهَا إِلَّا جبل الطّور فَإِنَّهُ تواضع قَالَ: أرْضى بِمَا قسم لي فَكَانَ الْأَمر عَلَيْهِ وَفِي لفظ قَالَ: إِن قدر لي شَيْء فسيأتيني فَأوحى الله: إِنِّي سَأُنْزِلُ عَلَيْك بتواضعك لي ورضاك بِقُدْرَتِي وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن أبي خَالِد الأحمق قَالَ: لما كلم الله تَعَالَى مُوسَى عرض إِبْلِيس على الْجَبَل فَإِذا جِبْرِيل قد وافاه فَقَالَ: أخّر يَا لعين ايش تعْمل هَهُنَا قَالَ: جِئْت أتوقع من مُوسَى مَا توقعت من أَبِيه فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: أخر يَا لعين ثمَّ قعد جِبْرِيل يبكي حِيَال مُوسَى فأنطق الله الْجُبَّة فَقَالَت: يَا جِبْرِيل ايش هَذَا الْبكاء قَالَ: إِنِّي فِي الْقرب من الله وَإِنِّي لأشتهي أَن اسْمَع كَلَام الله كَمَا يسمعهُ مُوسَى قَالَت الْجُبَّة: يَا جِبْرِيل أَنا جُبَّة مُوسَى وَأَنا على جلد مُوسَى أَنا أقرب إِلَى مُوسَى أَو أَنْت يَا جِبْرِيل أَنا لَا أسمع ماتسمعه أَنْت - الْآيَة (143)

143

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَ رب أَرِنِي} يَقُول: أَعْطِنِي أنظر إِلَيْك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {قَالَ رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك} قَالَ: لما سمع الْكَلَام طمع فِي الرُّؤْيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حِين قَالَ مُوسَى لرَبه تبَارك وَتَعَالَى {رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك} قَالَ الله لَهُ: يَا مُوسَى إِنَّك لن تراني قَالَ: يَقُول: لَيْسَ تراني قَالَ: لَا يكون ذَلِك أبدا يَا مُوسَى إِنَّه لَا يراني أحدا فيحيا فَقَالَ مُوسَى: رب أَن أَرَاك ثمَّ أَمُوت أحبُ إليَّ من أَن لَا أَرَاك ثمَّ أَحْيَا فَقَالَ الله لمُوسَى: يَا مُوسَى أنظر إِلَى الْجَبَل الْعَظِيم الطَّوِيل الشَّديد {فَإِن اسْتَقر مَكَانَهُ} يَقُول: فَإِن ثَبت مَكَانَهُ

لم يتضعضع وَلم ينهد لبَعض مَا يرى من عظمى {فَسَوف تراني} أَنْت لضعفك وذلتك وَإِن الْجَبَل تضعضع وأنهد بقوّته وشدته وعظمه فَأَنت أَضْعَف وأذل وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك} قَالَ قَالَ الله عر وَجل: يَا مُوسَى إِنَّه لَا يراني حَيّ إِلَّا مَاتَ وَلَا يَابِس إِلَّا تدهده وَلَا رطب إِلَّا تفرق وَإِنَّمَا يراني أهل الْجنَّة الَّذين لَا تَمُوت أَعينهم وَلَا تبلى أَجْسَادهم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: لن تراني وَلَكِن انْظُر إِلَى الْجَبَل فَإِنَّهُ أكبر مِنْك وَأَشد خلقا قَالَ {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل} فَنظر إِلَى الْجَبَل لَا يَتَمَالَك وَأَقْبل الْجَبَل يندك على أوّله فَلَمَّا رأى مُوسَى مَا يصنع الْجَبَل خرَّ مُوسَى صعقاً وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أوحى الله إِلَى مُوسَى بن عمرَان: إِنِّي مكلمك على جبل طور سيناء صَار من مقَام مُوسَى إِلَى جبل طور سيناء أَرْبَعَة فراسخ فِي أَرْبَعَة فراسخ رعد وبرق وصواعق فَكَانَت لَيْلَة قر فجَاء مُوسَى حَتَّى وقف بَين يَدي صَخْرَة جبل طور سيناء فَإِذا هُوَ بشجرة خضراء المَاء يقطر مِنْهَا وتكاد النَّار تلفح من جوفها فَوقف مُوسَى مُتَعَجِّبا فَنُوديَ من جَوف الشَّجَرَة: يَا مِيشَا فَوقف مُوسَى مستمعاً للصوت فَقَالَ مُوسَى: من هَذَا الصَّوْت العبراني يكلمني فَقَالَ الله لَهُ: يَا مُوسَى إِنِّي لست بعبراني إِنِّي أَنا الله رب الْعَالمين فَكلم الله مُوسَى فِي ذَلِك الْمقَام بسبعين لُغَة لَيْسَ مِنْهَا لُغَة إِلَّا وَهِي مُخَالفَة للغة الْأُخْرَى وَكتب لَهُ التَّوْرَاة فِي ذَلِك الْمقَام فَقَالَ مُوسَى: إلهي أَرِنِي أنظر إِلَيْك قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّه لَا يراني أحد إِلَّا مَاتَ فَقَالَ مُوسَى: إلهي أَرِنِي أنظر إِلَيْك وأموت فَأجَاب مُوسَى جبل طور سيناء: يَا مُوسَى بن عمرَان لقد سَأَلت أمرا عَظِيما لقد ارتعدت السَّمَوَات السَّبع وَمن فِيهِنَّ والأرضون السَّبع وَمن فِيهِنَّ وزالت الْجبَال واضطربت الْبحار لعظم مَا سَأَلت يَا ابْن عمرَان فَقَالَ مُوسَى وَأعَاد الْكَلَام: رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك فَقَالَ: يَا مُوسَى أنظر إِلَى الْجَبَل فَإِن اسْتَقر مَكَانَهُ فَإنَّك تراني {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخرّ مُوسَى صعقاً} مِقْدَار جُمُعَة فَلَمَّا أَفَاق مُوسَى مسح التُّرَاب عَن وَجهه وَهُوَ يَقُول {سُبْحَانَكَ تبت إِلَيْك وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ} فَكَانَ مُوسَى بعد مقَامه لَا يرَاهُ أحد إِلَّا مَاتَ وَاتخذ مُوسَى على وَجهه البرقع فَجعل يكلم النَّاس بقفاه فَبينا مُوسَى ذَات يَوْم فِي الصَّحرَاء فَإِذا هُوَ

بِثَلَاثَة نفر يحفرون قبراً حَتَّى انْتَهوا إِلَى الضريح فجَاء مُوسَى حَتَّى أشرفع عَلَيْهِم فَقَالَ لَهُم: لمن تَحْفِرُونَ هَذَا الْقَبْر قَالُوا لَهُ: الرجل كَأَنَّهُ أَنْت أَو مثلك أَو فِي طولك أَو نَحْوك فَلَو نزلت فقدرنا عَلَيْك هَذَا الضريح فَنزل مُوسَى فتمدد فِي الضريح فَأمر الله الأَرْض فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِ وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الرُّؤْيَة من طرق عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه الْآيَة {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً} قَالَ هَكَذَا وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ وَوضع طرف إبهامه على أُنْمُلَة الْخِنْصر وَفِي لفظ: على الْمفصل الْأَعْلَى من الْخِنْصر فساخ الْجَبَل {وخرّ مُوسَى صعقاً} وَفِي لفظ: فساخ الْجَبَل فِي الأَرْض فَهُوَ يهوي فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ثَابت عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل} قَالَ أظهر مِقْدَار هَذَا وَوضع الإِبهام على خنصر الْأصْبع الصُّغْرَى فَقَالَ حميد: يَا أَبَا مُحَمَّد مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا فَضرب فِي صَدره وَقَالَ: من أَنْت يَا حميد وَمَا أَنْت يَا حميد يحدثني أنس بن مَالك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتقول أَنْت: مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْجَبَل الَّذِي أَمر الله أَن ينظر إِلَيْهِ: الطّور وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الرُّؤْيَة عَن ابْن عَبَّاس {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل} قَالَ: مَا تجلى مِنْهُ إِلَّا قدر الْخِنْصر {جعله دكاً} قَالَ: تُرَابا {وخرّ مُوسَى صعقاً} قَالَ: مغشياً عَلَيْهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما تجلى الله لمُوسَى كَانَ يبصر دَبِيب النملة على الصَّفَا فِي اللَّيْلَة الظلماء من مسيرَة عشرَة فراسخ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما تجلى الله للجبل طارت لعظمته سِتَّة أجبل فَوَقَعت ثَلَاثَة بِالْمَدِينَةِ أحد وورقان ورضوى وبمكة حراء وثبير وثور وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما تجلى الله لمُوسَى تطايرت سَبْعَة جبال فَفِي الْحجاز مِنْهَا خَمْسَة وَفِي الْيمن إثنان فِي الْحجاز أحد وثبير وثور وورقان وَفِي الْيمن حصور وصير

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً} قَالَ: اسْمَع مُوسَى قَالَ لَهُ: إِنِّي أَنا الله قَالَ: وَذَاكَ عَشِيَّة عَرَفَة وَكَانَ الْجَبَل بالموقف فَانْقَطع على سبع قطع قِطْعَة سَقَطت بَين يَدَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يقوم الإِمام عِنْده فِي الْموقف يَوْم عَرَفَة وبالمدينة ثَلَاثَة طيبَة وَأحد ورضوى وطور سيناء بِالشَّام وَإِنَّمَا سمي الطّور: لِأَنَّهُ طَار فِي الْهَوَاء إِلَى الشَّام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً} قَالَ أخرج خِنْصره وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكا} مثقلة ممدودة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {دكاً} منوّنة وَلم يمده وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا تجلى ربه للجبل طارت لعظمته سِتَّة أجبل فوقعن بِالْمَدِينَةِ أحد وورقان ورضوى وَوَقع بِمَكَّة ثَوْر وثبير وحراء وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن مُوسَى لما كَلمه ربه أحب أَن ينظر إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ {لن تراني وَلَكِن انْظُر إِلَى الْجَبَل} قَالَ: فحف حول الْجَبَل بِالْمَلَائِكَةِ وحف حول الْمَلَائِكَة بِنَار وحف حول النَّار بِالْمَلَائِكَةِ وحف حَولهمْ بِنَار ثمَّ تجلى رَبك للجبل تجلى مِنْهُ مثل الْخِنْصر فَجعل الْجَبَل دكاً وخر مُوسَى صعقاً فَلم يزل صعقاً مَا شَاءَ الله ثمَّ إِنَّه أَفَاق فَقَالَ {سُبْحَانَكَ تبت إِلَيْك وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ} يَعْنِي أوّل الْمُؤمنِينَ من بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل} قَالَ: كشف بعض الْحجب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً} قَالَ: كَانَ حجرا أَصمّ فَلَمَّا تجلى لَهُ صَار تَلا تُرَابا دكاً من الدكوات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان فِي قَوْله {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً} قَالَ: ساخ الْجَبَل إِلَى الأَرْض حَتَّى وَقع فِي الْبَحْر فَهُوَ يذهب بعد

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي معشر قَالَ: مكث مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَة لَا ينظر إِلَيْهِ أحد إِلَّا مَاتَ من نور رب الْعَالمين ومصداق ذَلِك فِي كتاب الله {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً} قَالَ: تُرَابا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عُرْوَة بن رُوَيْم قَالَ: كَانَت الْجبَال قبل أَن يتجلى الله لمُوسَى على الطّور صمًّا ملساً لَيْسَ فِيهَا كهوف وَلَا شقوق فَلَمَّا تجلى الله لمُوسَى على الطّور صَار الطّور دكاً وتفطرت الْجبَال فَصَارَت فِيهَا هَذِه الكهوف والشقوق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش فِي قَوْله {دكاً} قَالَ: الأَرْض المستوية وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {جعله دكاً} قَالَ: دك بعضه بَعْضًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وخر مُوسَى صعقاً} قَالَ: غشي عَلَيْهِ إِلَّا أَن روحه فِي جسده {فَلَمَّا أَفَاق قَالَ} لعظم مَا رأى {سُبْحَانَكَ} تَنْزِيها الله من أَن يرَاهُ {تبت إِلَيْك} رجعت عَن الْأَمر الَّذِي كنت عَلَيْهِ {وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ} يَقُول: أول المصدقين الْآن أَنه لَا يراك أحد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَأَنا أوّل الْمُؤمنِينَ} يَقُول: أَنا أول من يُؤمن أَنه لَا يراك شَيْء من خلقك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وخر مُوسَى صعقاً} أَي مَيتا {فَلَمَّا أَفَاق} قَالَ: فَلَمَّا رد عَلَيْهِ روحه وَنَفسه {قَالَ سُبْحَانَكَ تبت إِلَيْك وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ} أَنه لن تراك نفس فتحيا وإليها يفزع كل عَالم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {تبت إِلَيْك} قَالَ: من سُؤَالِي إياك الرُّؤْيَة {وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ} قَالَ: أول قومِي إِيمَانًا وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَأَنا أوّل الْمُؤمنِينَ} قَالَ: قد كَانَ إِذن قبله مُؤمنُونَ وَلَكِن يَقُول: أَنا أول من آمن بِأَنَّهُ لَا يراك أحد من خلقك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تخيروني من بَين الْأَنْبِيَاء فَإِن النَّاس يصعقون يَوْم الْقِيَامَة فَأَكُون أول

من يفِيق فَإِذا مُوسَى آخذ بقائمة من قَوَائِم الْعَرْش فَلَا أَدْرِي أَفَاق قبلي أم جوِزيَ بصعقة الطّور - الْآيَة (144 - 145)

144

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن شودب قَالَ: أوحى الله إِلَى مُوسَى أَتَدْرِي لم اصطفيتك على النَّاس برسالاتي وبكلامي قَالَ: لَا يَا رب قَالَ: إِنَّه لم يتواضع لي تواضعك أحد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب دلَّنِي على عمل إِذا عملته كَانَ شكرا لَك فِيمَا اصطنعت إِلَى قَالَ: يَا مُوسَى قل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير قَالَ: فَكَانَ مُوسَى أَرَادَ من الْعَمَل مَا هُوَ أَنْهَك لجسمه مِمَّا أَمر بِهِ فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى لَو أَن السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع وضعت فِي كفة وَوضعت لَا إِلَه إِلَّا الله فِي كفة لرجحت بِهن قَوْله تَعَالَى: {وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء موعظة وتفصيلاً لكل شَيْء} أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: كتبت التَّوْرَاة بأقلام من ذهب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: كتب الله الألواح لمُوسَى وَهُوَ يسمع صريف الأقلام فِي الألواح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الألواح الَّتِي أنزلت على مُوسَى كَانَت من سدر الْجنَّة كَانَ طول اللَّوْح إثني عشر ذِرَاعا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: أخْبرت أَن الألواح من زبرجد وَمن زمرد الْجنَّة أَمر الرب تَعَالَى جِبْرِيل فجَاء بهَا من عدن وكتبها بِيَدِهِ بالقلم الَّذِي كتب بِهِ الذّكر واستمد الرب من نهر النُّور وَكتب بِهِ الألواح

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: كَانَت الألواح من ياقوتة وانا أَقُول: إِنَّمَا كَانَت من زبرجد وكتابها الذَّهَب كتبهَا الله بِيَدِهِ فَسمع أهل السَّمَوَات صريف الْقَلَم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَت أَلْوَاح مُوسَى من برد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَت الألواح من زمرد أَخْضَر أَمر الرب تَعَالَى جِبْرِيل فجَاء بهَا من عدن فَكتب الرب بِيَدِهِ بالقلم الَّذِي كتب بِهِ الذّكر واستمد الرب من نهر النُّور وَكتب بِهِ الألواح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: كتب الله التَّوْرَاة لمُوسَى بِيَدِهِ وَهُوَ مُسْند ظَهره إِلَى الصَّخْرَة يسمع صريف الْقَلَم فِي أَلْوَاح من زمرد لَيْسَ بَينه وَبَينه إِلَّا الْحجاب وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن الله لم يمش شَيْئا إِلَّا ثَلَاثَة خلق آدم بِيَدِهِ وغرس الْجنَّة بِيَدِهِ وَكتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن حَكِيم بن جَابر قَالَ: أخْبرت أَن الله تبَارك وَتَعَالَى لم يمس من خلقه بِيَدِهِ شَيْئا إِلَّا ثَلَاثَة أَشْيَاء غرس الْجنَّة بِيَدِهِ وَجعل ترابها الورس والزعفران وجبالها الْمسك وَخلق آدم بِيَدِهِ وَكتب التَّوْرَاة لمُوسَى بِيَدِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن وردان بن خَالِد قَالَ خلق الله آدم بِيَدِهِ وَخلق جِبْرِيل بِيَدِهِ وَخلق الْقَلَم بِيَدِهِ وَخلق عَرْشه بِيَدِهِ وَكتب الْكتاب الَّذِي عِنْده لَا يطلع عَلَيْهِ غَيره بِيَدِهِ وَكتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أعطيَ مُوسَى التَّوْرَاة فِي سَبْعَة أَلْوَاح من زبرجد فِيهَا تبيان لكل شَيْء وموعظة فَلَمَّا جَاءَ بهَا فَرَأى بني إِسْرَائِيل عكوفاً على عبَادَة الْعجل رمى بِالتَّوْرَاةِ من يَده فتحطمت فَرفع الله مِنْهَا سِتَّة أَسْبَاع وَبَقِي سبع وَأخرج عبد بن حميد عَن مغيث الشَّامي قَالَ: بَلغنِي أَن الله تَعَالَى لم يخلق بِيَدِهِ إِلَّا ثَلَاثَة أَشْيَاء الْجنَّة غرسها بِيَدِهِ وآدَم خلقه بِيَدِهِ والتوراة كتبهَا بِيَدِهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن ابْن عمر قَالَ: خلق الله آدم بِيَدِهِ وَخلق جنَّة عدن بِيَدِهِ وَكتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ لسَائِر الْأَشْيَاء: كن فَكَانَ

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء} أمروا بِهِ ونهوا عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء موعظة وتفصيلاً لكل شَيْء} قَالَ: مِمَّا أمروا بِهِ ونهوا عَنهُ وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله يَقُول فِي كِتَابه لمُوسَى {إِنِّي اصطفيتك على النَّاس} الْأَعْرَاف الْآيَة 144 {وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء} قَالَ: فَكَانَ يرى أَن جَمِيع الْأَشْيَاء قد أَثْبَتَت لَهُ كَمَا ترَوْنَ أَنْتُم علماءكم فَلَمَّا انْتهى إِلَى سَاحل الْبَحْر لَقِي الْعَالم فاستنطقه فَأقر لَهُ بِفضل علمه وَلم يحسده الحَدِيث وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن مُوسَى لما كربه الْمَوْت قَالَ: هَذَا من أجل آدم قد كَانَ الله جعلنَا فِي دَار مثوى لَا نموت فخطا آدم انزلنا هُنَا فَقَالَ الله لمُوسَى: أبْعث لَك آدم فتخاصمه قَالَ: نعم فَلَمَّا بعث الله آدم سَأَلَهُ مُوسَى فَقَالَ: لَوْلَا أَنْت لم نَكُنْ هَهُنَا فَقَالَ لَهُ آدم: قد أَتَاك الله من كل شَيْء موعظة وتفصيلاً أفلست تعلم أَنه {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها} الْحَدِيد الْآيَة 22 قَالَ مُوسَى: بلَى فخصمه آدم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الله عز وَجل كتب فِي الألواح ذكر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر أمته وَمَا ذخر لَهُم من عِنْده وَمَا يسر عَلَيْهِم فِي دينهم وَمَا وسع عَلَيْهِم فِيمَا أحل لَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: فِيمَا كتب الله لمُوسَى فِي الألواح: يَا مُوسَى لَا تحلف بِي كَاذِبًا فَإِنِّي لَا أزكي عمل من حلف بِي كذبا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه فِي قَوْله {وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء} قَالَ: كتب لَهُ اعبدني وَلَا تشرك بِي شَيْئا من أهل السَّمَاء وَلَا من أهل الأَرْض فَإِن كل ذَلِك خلقي فَإِذا أشرك بِي غضِبت وَإِذا غضِبت لعنت وَإِن لَعْنَتِي تدْرك الرَّابِع من الْوَلَد وَإِنِّي إِذا أَطَعْت رضيت وَإِذا رضيت باركت وَالْبركَة مني تدْرك الْأمة بعد الْأمة وَلَا تحلف باسمي كَاذِبًا فَإِنِّي

لَا أزكي من حلف باسمي كَاذِبًا وَوقر والديك فَإِنَّهُ من وقر وَالِديهِ مددت لَهُ فِي عمره ووهبت لَهُ ولدا يبره وَمن عق وَالِديهِ قصرت لَهُ فِي عمره ووهبت لَهُ ولدا يعقه واحفظ السبت فَإِنَّهُ آخر يَوْم فرغت فِيهِ من خلقي وَلَا تزن وَلَا تسرق وَلَا تولّ وَجهك عَن عدوي وَلَا تزن بِامْرَأَة جَارك الَّذِي يأمنك وَلَا تغلب جَارك على مَاله وَلَا تخلفه على امْرَأَته وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي حزرة الْقَاص ان الْعشْر الْآيَات الَّتِي كتب الله تَعَالَى لمُوسَى فِي الألواح: أَن اعبدني وَلَا تشرك بِي شَيْئا وَلَا تحلف باسمي كَاذِبًا فَإِنِّي لَا أزكي وَلَا أطهر من حلف باسمي كَاذِبًا واشكر لي ولوالديك أنسأ لَك فِي أَجلك وأقيك المتالف وَلَا تسرق وَلَا تزن فأحجب عَنْك نور وَجْهي وَلَا تغلق عَن دعائك أَبْوَاب سماواتي وَلَا تغدر بحليل جَارك واحب للنَّاس مَا تحب لنَفسك وَلَا تشهد بِمَا لم يعِ سَمعك ويفقه قَلْبك فَإِنِّي وَاقِف أهل الشَّهَادَات على شَهَادَتهم يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ سائلهم عَنْهَا وَلَا تذبح لغيري وَلَا يَصعد إِلَى من قرْبَان أهل الأَرْض إِلَّا مَا ذكر عَلَيْهِ اسْمِي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء قَالَ: بَلغنِي أَن فِيمَا أنزل الله على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: لَا تجالسوا أهل الاهواء فيحدثوا فِي قَلْبك مَا لم يكن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن لال فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كَانَ فِيمَا أعْطى الله مُوسَى فِي الألواح الأول فِي أول مَا كتب عشرَة أَبْوَاب: يَا مُوسَى لَا تشرك بِي شَيْئا فقد حق القَوْل مني لتلفحن وُجُوه الْمُشْركين النَّار واشكر لي ولوالديك أقك المتالف وانسأ فِي عمرك وأحييك حَيَاة طيبَة وأقلبك إِلَى خير مِنْهَا وَلَا تقتل النَّفس الَّتِي حرمت إِلَّا بِالْحَقِّ فتضيق عَلَيْك الأَرْض برحبها وَالسَّمَاء باقطارها وتبوء بسخطي وَالنَّار وَلَا تحلف باسمي كَاذِبًا وَلَا آثِما فَإِنِّي لَا أطهر وَلَا أزكي من لم ينزهني ويعظم أسمائي وَلَا تحسد النَّاس على مَا أَعطيتهم من فضلي وَلَا تنفس عَلَيْهِم نعمتي ورزقي فَإِن الْحَاسِد عَدو نعمتي راد لقضائي ساخط لقسمتي الَّتِي أقسم بَين عبَادي وَمن لم يكن كَذَلِك فلست مِنْهُ وَلَيْسَ مني وَلَا تشهد بِمَا لم يع سَمعك ويحفظ عقلك وتعقد عَلَيْهِ قَلْبك فَإِنِّي وَاقِف أهل الشَّهَادَات على شَهَادَتهم يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ سائلهم عَنْهَا سؤالا حثيثاً وَلَا تزن وَلَا تسرق وَلَا تزن بحليلة جَارك فأحجب عَنْك وَجْهي وَلَا تغلق عَنْك أَبْوَاب السَّمَاء

وأحبب للنَّاس مَا تحب لنَفسك وَلَا تذبحن لغيري فَإِنِّي لَا أقبل من القربان إِلَّا مَا ذكر عَلَيْهِ اسْمِي وَكَانَ خَالِصا لوجهي وتفرغ لي يَوْم السبت وَفرغ لي نَفسك وَجَمِيع أهل بَيْتك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله جعل السبت لمُوسَى عيداً وَاخْتَارَ لنا الْجُمُعَة فَجَعلهَا لنا عيداً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: مِمَّا كتب الله لمُوسَى فِي الألواح لَا تتمن مَال أَخِيك وَلَا أمراة أَخِيك وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة: شوقناكم فَلم تشتاقوا ونُحْنَا لكم فَلم تبكوا أَلا وان لله ملكا يُنَادي فِي السَّمَاء كل لَيْلَة: بشر القتَّالين بِأَن لَهُم عِنْد الله سَيْفا لَا ينَام وَهُوَ نَار جَهَنَّم أَبنَاء الْأَرْبَعين زرع قددنا حَصَاده أَبنَاء الْخمسين هلموا إِلَى الْحساب لَا عذر لكم أَبنَاء السِّتين مَاذَا قدمتم وماذا أخرتم أَبنَاء السّبْعين مَا تنْظرُون أَلا لَيْت الْخلق لم يخلقوا فَإِذا خلقُوا علمُوا لما خلقُوا أَلا أتتكم السَّاعَة فَخُذُوا حذركُمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ مُوسَى: رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة هم الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة الْآخرُونَ فِي الْخلق وَالسَّابِقُونَ فِي دُخُول الْجنَّة فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة خير أمة أخرجت للنَّاس يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويؤمنون بِاللَّه فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب أَنِّي أجد فِي الألواح أمة يُؤمنُونَ بِالْكتاب الأول وَالْكتاب الآخر ويقاتلون فضول الضَّلَالَة حَتَّى يقاتلوا الْأَعْوَر الْكذَّاب فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب أَنِّي أجد فِي الألواح أمة أَنَاجِيلهمْ فِي قُلُوبهم يقرأونها - قَالَ قَتَادَة: وَكَانَ من قبلكُمْ إِنَّمَا يقرأون كِتَابهمْ نظرا فَإِذا رفعوها لم يحفظوا مِنْهُ شَيْئا وَلم يعوه وَإِن الله اعطاكم ايتها الْأمة من الْحِفْظ شَيْئا لم يُعْطه أحدا من الْأُمَم قبلكُمْ فَالله خصكم بهَا وكرامة أكْرمكُم بهَا - قَالَ: فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب أَنِّي أجد فِي الألواح أمة صَدَقَاتهمْ يأكلونها فِي بطونهم ويؤجرون عَلَيْهَا - قَالَ قَتَادَة: وَكَانَ من قبلكُمْ إِذا تصدق بِصَدقَة فَقبلت مِنْهُ بعث الله عَلَيْهَا نَارا فَأَكَلتهَا وَإِن ردَّتْ تركت فَأَكَلتهَا السبَاع وَالطير وَإِن الله أَخذ صَدقَاتكُمْ من غنيكم لفقيركم رَحْمَة رحمكم بهَا وتخفيفاً خفف بِهِ عَنْكُم - فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب

إِنِّي أجد فِي الألواح أمة إِذا هم أحدهم بحسنة ثمَّ لم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب أَنِّي أجد فِي الألواح أمة إِذا همَّ أحدهم بسيئة لم تكْتب عَلَيْهِ حَتَّى يعملها فَإِن عَملهَا كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لَهُم فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ قَتَادَة: فَذكر لنا أَن نَبِي الله مُوسَى نبذ الألواح وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِذا فَاجْعَلْنِي من أمة أَحْمد قَالَ: فاعطى اثْنَتَيْنِ لم يعطهما {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصطفيتك على النَّاس برسالاتي وبكلامي} الْأَعْرَاف الْآيَة 144 قَالَ: فَرضِي نَبِي الله ثمَّ أعْطى الثَّانِيَة {وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} قَالَ: فَرضِي نَبِي الله مُوسَى كل الرِّضَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ مُوسَى: يَا رب أجد فِي الألواح أمة خير أمة أخرجت للنَّاس يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة إِذا هم أحدهم بِالْحَسَنَة كتبت لَهُ حَسَنَة وَإِذا عَملهَا كتبت لَهُ عشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة إِذا هم أحدهم بِالسَّيِّئَةِ فَلم يعملها لم تكْتب عَلَيْهِ وَإِذا عَملهَا كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة هم المشفعون والمشفع لَهُم فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لَهُم يَوْم الْقِيَامَة فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة ينْصرُونَ على من ناوأهم حَتَّى يقاتلوا الْأَعْوَر الدَّجَّال فاجعلهم أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: فانتبذ الألواح من يَده وَقَالَ: رب فَاجْعَلْنِي من أمة أَحْمد فَأنْزل الله {وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} الْأَعْرَاف الْآيَة 159 فَرضِي نَبِي الله مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِيمَا ناجى مُوسَى ربه فِيمَا وهب الله لمُحَمد وَأمته حَيْثُ قَرَأَ التَّوْرَاة وَأصَاب فِيهَا نعت النَّبِي وَأمته قَالَ: يَا رب من هَذَا النَّبِي

الَّذِي جعلته وَأمته أَولا وآخراً قَالَ: هَذَا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي الْعَرَبِيّ الحرمي التهامي من ولد قاذر بن اسمعيل جعلته أوّلاً فِي الْمَحْشَر وَجَعَلته آخرا ختمت بِهِ الرُّسُل يَا مُوسَى ختمت بِشَرِيعَتِهِ الشَّرَائِع وبكتابه الْكتب وبسننه السّنَن وبدينه الْأَدْيَان قَالَ: يَا رب إِنَّك اصطفيتني وكلمتني قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّك صفيّ وَهُوَ حَبِيبِي أبعثه يَوْم الْقِيَامَة على كوم أجعَل حَوْضه أعرض الْحِيَاض وَأَكْثَرهم وارداً وَأَكْثَرهم تبعا قَالَ: رب لقد كرمته وشرفته قَالَ: يَا مُوسَى حق لي أَن أكْرمه وأفضله وَأفضل أمته لأَنهم يُؤمنُونَ بِي وبرسلي كلهم وبكلمتي كلهَا وبغيبي كُله مَا كَانَ فيهم شَاهدا - يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَمن بعد مَوته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: يَا رب هَذَا نعتهم قَالَ: نعم قَالَ: يَا رب وهبت لَهُم الْجُمُعَة أَو لأمتي قَالَ: بل لَهُم الْجُمُعَة دون أمتك قَالَ: رب إِنِّي نظرت فِي التَّوْرَاة إِلَى نعت قوم غر محجلين فَمن هم أَمن بني إِسْرَائِيل هم أم من غَيرهم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد الغر المحجلون من آثَار الْوضُوء قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما يَمرونَ على الصِّرَاط كالبرق وَالرِّيح فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما يصلونَ الصَّلَوَات الْخمس فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما يتزرون إِلَى أَنْصَافهمْ فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت قوما يراعون الشَّمْس مناديهم فِي جوّ السَّمَاء فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: رب أَنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما الْحَسَنَة مِنْهُم بِعشْرَة والسيئة بِوَاحِدَة فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم شاهرين سيوفهم لَا ترد لَهُم حَاجَة قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما إِذا أَرَادوا أمرا استخاروك ثمَّ ركبوه فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة نعت قوم يشفع محسنهم فِي مسيئهم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يحجون الْبَيْت الْحَرَام لَا ينأون عَنهُ أبدا لَا يقضون مِنْهُ وطراً ابداً فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم قُرْبَانهمْ دِمَاؤُهُمْ فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يُقَاتلُون فِي سَبِيلك صُفُوفا زحوفاً يفرغ عَلَيْهِم الصَّبْر افراغاً فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي

وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يُذنب أحدهم الذَّنب فيتوضأ فَيغْفر لَهُ وَيُصلي فتجعل الصَّلَاة لَهُ نَافِلَة بِلَا ذَنْب فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يشْهدُونَ لرسلك بِمَا بلغُوا فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يجْعَلُونَ الصَّدَقَة فِي بطونهم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم الْغَنَائِم لَهُم حَلَال وَهِي مُحرمَة على الْأُمَم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم جعلت الأَرْض لَهُم طهُورا ومسجداً فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت نعت قوم الرجل مِنْهُم خير من ثَلَاثِينَ مِمَّن كَانَ قبلهم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد يَا مُوسَى الرجل من الْأُمَم السالفة أعبد من الرجل من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاثِينَ ضعفا وهم خير بِثَلَاثِينَ ضعفا بايمانه بالكتب كلهَا قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت نعت قوم يأوون إِلَى ذكرك ويتحابون عَلَيْهِ كَمَا تأوي النسور إِلَى وكورها فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم إِذا غضبوا هللوك وَإِذا تنازعوا سبحوك فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يغضبون لَك كَمَا يغْضب النمر الْحَرْب لنَفسِهِ فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم تفتح أَبْوَاب السَّمَاء لأعمالهم وأرواحهم وتباشر بهم الْمَلَائِكَة فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم تتباشر بهم الْأَشْجَار وَالْجِبَال بممرهم عَلَيْهَا لتسبيحهم لَك وتقديسهم لَك فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم وهبت لَهُم الاسترجاع عِنْد الْمُصِيبَة ووهبت لَهُم عِنْد الْمُصِيبَة الصَّلَاة وَالرَّحْمَة وَالْهدى فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم تصلي عَلَيْهِم أَنْت وملائكتك فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يدْخل محسنهم الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب ومقتصدهم يُحَاسب حسابا يَسِيرا وظالمهم يغْفر لَهُ فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب فَاجْعَلْنِي مِنْهُم قَالَ: يَا مُوسَى أَنْت مِنْهُم وهم مِنْك لِأَنَّك على ديني وهم على ديني وَلَكِن قد فضلتك برسالاتي وبكلامي فَكُن من الشَّاكِرِينَ

قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يبعثون يَوْم الْقِيَامَة قد مَلَأت صفوفهم مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب صُفُوفا يهوّن عَلَيْهِم الْموقف لَا يدْرك فَضلهمْ أحد من الْأُمَم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم تقبضهم على فرشهم وهم شُهَدَاء عنْدك فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم لَا يخَافُونَ فِيك لومة لائم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم صديقهم أفضل الصديقين فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب لقد كرمته وفضلتهُ قَالَ: يَا مُوسَى هُوَ كَذَلِك نَبِي وصفي وحبيبي وَأمته خير أمة قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم مُحرمَة على الْأُمَم الْجنَّة إِن يدخلوها حَتَّى يدخلهَا نَبِيّهم وَأمته فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب لبني إِسْرَائِيل مَا بالهم قَالَ: يَا مُوسَى إِن قَوْمك من بني إِسْرَائِيل يبدلون دينك من بعْدك ويغيرون كتابك الَّذِي أنزلت عَلَيْك وَأَن أمة مُحَمَّد لَا يغيرون سنته وَلَا يبطلون الْكتاب الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ إِلَى أَن تقوم السَّاعَة فَلذَلِك بلغتهم سَنَام كَرَامَتِي وفضلتهم على الْأُمَم وَجعلت نَبِيّهم أفضل الْأَنْبِيَاء أَوَّلهمْ فِي الْحَشْر وأوّلهم فِي انْشِقَاق الأَرْض وأولهم شافعاً وأوّلهم مشفعاً قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم حلماء عُلَمَاء كَادُوا أَن يبلغُوا بفقههم حَتَّى يَكُونُوا أَنْبيَاء فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد يَا مُوسَى أعْطوا الْعلم الأول الآخر قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما تُوضَع الْمَائِدَة بَين أَيْديهم فَمَا يرفعونها حَتَّى يغْفر لَهُم فَمن هم قَالَ: أُولَئِكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يلبس أحدهم الثَّوْب فَمَا ينفضه حَتَّى يغْفر لَهُم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة نعت قوم إِذا اسْتَووا على ظُهُور دوابهم حمدوك فَيغْفر لَهُم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد أوليائي يَا مُوسَى الَّذين انتقم بهم من عَبدة النيرَان والأوثان وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن مُوسَى لما نزلت عَلَيْهِ التَّوْرَاة وَقرأَهَا فَوجدَ فِيهَا ذكر هَذِه الْأمة قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي

الألواح أمة هم الْآخرُونَ السَّابِقُونَ فاجعلها أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لَهُم فاجعلها أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ يقرأونه ظَاهرا فاجعلها أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة يَأْكُلُون الْفَيْء فاجعلها أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة يجْعَلُونَ الصَّدَقَة فِي بطونهم يؤجرون عَلَيْهَا فاجعلها أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة إِذا هم أحدهم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة وَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشر حَسَنَات فاجعلها أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي الألواح أمة يُؤْتونَ الْعلم الأول وَالْعلم الآخر فيقتلون قُرُون الضَّلَالَة والمسيح الدَّجَّال فاجعلها أمتِي قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب فَاجْعَلْنِي من أمة أَحْمد فاعطي عِنْد ذَلِك خَصْلَتَيْنِ {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصطفيتك على النَّاس برسالاتي وبكلامي فَخذ مَا آتيتك وَكن من الشَّاكِرِينَ} قَالَ: قد رضيت يارب وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عبد الرَّحْمَن المغافري أَن كَعْب الْأَحْبَار رأى حبر الْيَهُود يبكي فَقَالَ لَهُ: مَا يبكيك قَالَ: ذكرت بعض الْأَمر فَقَالَ لَهُ كَعْب: أنْشدك بِاللَّه لَئِن أَخْبَرتك مَا أبكاك لتصدقني قَالَ: نعم قَالَ: أنْشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: رب إِنِّي أجد أمة فِي التَّوْرَاة خير أمة أخرجت للنَّاس يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويؤمنون بِالْكتاب الأول وَالْكتاب الآخر ويقاتلون أهل الضَّلَالَة حَتَّى يقاتلوا الْأَعْوَر الدَّجَّال فَقَالَ مُوسَى: رب أجعلهم أمتِي قَالَ: هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر: نعم قَالَ كَعْب: فأنشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: رب إِنِّي أجد أمة هم الْحَمَّادُونَ رُعَاة الشَّمْس المحكمون إِذا أَرَادوا أمرا قَالَ افعله إِن شَاءَ الله فاجعلهم أمتِي قَالَ: هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر: نعم قَالَ كَعْب: أنْشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: يَا رب إِنِّي أجد أمة إِذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله وَإِذا هَبَط وَاديا حمد الله الصَّعِيد لَهُم طهُور وَالْأَرْض لَهُم مَسْجِد حَيْثُمَا كَانُوا يتطهرون من الْجَنَابَة طهورهم بالصعيد كطهورهم بِالْمَاءِ حَيْثُ لَا يَجدونَ المَاء غر محجلون من

آثَار الْوضُوء فاجعلهم أمتِي قَالَ: هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر: نعم قَالَ كَعْب: انشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: رب إِنِّي أجد أمة مَرْحُومَة ضعفاء يَرِثُونَ الْكتاب واصطفيتهم {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات} فاطر الْآيَة 32 وَلَا أجد أحدا مِنْهُم إِلَّا مرحوماً فاجعلهم أمتِي قَالَ: هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر: نعم قَالَ كَعْب: انشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة مصاحفهم فِي صُدُورهمْ يلبسُونَ الوان ثِيَاب أهل الْجنَّة يصفّون فِي صلَاتهم كَصُفُوف الْمَلَائِكَة أَصْوَاتهم فِي مَسَاجِدهمْ كَدَوِيِّ النَّحْل لَا يدْخل النَّار مِنْهُم أحدا إِلَّا من بري من الْحَسَنَات مثل مَا بري الْحجر من ورق الشّجر فاجعلهم أمتِي قَالَ: هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر: نعم فَلَمَّا عجب مُوسَى من الْخَيْر الَّذِي أعطَاهُ الله مُحَمَّدًا وَأمته قَالَ: يَا لَيْتَني من أمة أَحْمد فَأوحى الله إِلَيْهِ ثَلَاث آيَات يرضيه بِهن {يَا مُوسَى إِنِّي اصطفيتك على النَّاس برسالاتي وبكلامي} الْأَعْرَاف الْآيَة 144 الْآيَة فَرضِي مُوسَى كل الرِّضَا وَأخرج أَبُو نعيم عَن سعيد بن أبي هِلَال أَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ لكعب: أَخْبرنِي عَن صفة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمته قَالَ: أجدهم فِي كتاب الله: أَن أَحْمد وَأمته حمَّادون يحْمَدُونَ الله على كل خير وَشر يكبرُونَ الله على كل شرف يسبحون الله فِي كل منزل نداؤهم فِي جو السَّمَاء لَهُم دوِي فِي صلَاتهم كَدَوِيِّ النَّحْل على الصخر يصفونَ فِي صلَاتهم كَصُفُوف الْمَلَائِكَة ويصفون فِي الْقِتَال كصفوفهم فِي الصَّلَاة إِذا غزوا فِي سَبِيل الله كَانَت الْمَلَائِكَة بَين أَيْديهم وَمن خَلفهم برماح شَدَّاد إِذا حَضَرُوا الصفّ فِي سَبِيل الله كَانَ الله عَلَيْهِم مظلاً كَمَا تظل النسور على وكورها لَا يتأخرون زحفاً أبدا حَتَّى يحضرهم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن يزِيد الثَّقَفِيّ قَالَ: اصطحب قيس بن خَرشَة وَكَعب الْأَحْبَار حَتَّى إِذا بلغا صفّين وقف كَعْب ثمَّ نظر سَاعَة ثمَّ قَالَ: ليهراقن بِهَذِهِ الْبقْعَة من دِمَاء الْمُسلمين شَيْء لَا يهراق ببقعة من الأَرْض مثله فَقَالَ قيس: مَا يدْريك فَإِن هَذَا من الْغَيْب الَّذِي اسْتَأْثر الله بِهِ فَقَالَ كَعْب: مَا

من الأَرْض شبر إِلَّا مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة الَّذِي أنزل الله على مُوسَى مَا يكون عَلَيْهِ وَمَا يخرج مِنْهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن خَالِد الربعِي قَالَ: قَرَأت فِي كتاب الله الْمنزل أَن عُثْمَان بن عَفَّان رَافع يَدَيْهِ إِلَى الله يَقُول: يَا رب قتلني عِبَادك الْمُؤْمِنُونَ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن خَالِد الربعِي قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة إتق الله يَا ابْن آدم وَإِذا شبعت فاذكر الجائع وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة قَالَ: بلغنَا أَنه مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة ابْن آدم ارْحَمْ ترحم إِنَّه من لَا يَرحم لَا يُرحم كَيفَ ترجو أَن ارحمك وَأَنت لَا ترحم عبَادي وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة يَا ابْن آدم لَا تعجز أَن تقوم بَين يَدي فِي صَلَاتك باكياً فَإِنِّي أَنا الله الَّذِي إقتربت لقلبك وبالغيب رَأَيْت نوري قَالَ مَالك: يَعْنِي الْحَلَاوَة وَالسُّرُور الَّذِي يجد الْمُؤمن وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: أَرْبَعَة أحرف فِي التَّوْرَاة مَكْتُوب من لم يشاور ينْدَم وَمن اسْتغنى اسْتَأْثر والفقر الْمَوْت الْأَحْمَر وكما تدين تدان وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم عَن خَيْثَمَة قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة ابْن آدم تفرغ لعبادتي أملأ قَلْبك غنى وأسدّ فقرك وَإِن لَا تفعل املأ قَلْبك شغلاً وَلَا أَسد فقرك وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن بَيَان قَالَ: بَلغنِي أَن فِي التَّوْرَاة مَكْتُوب ابْن آدم كسيرة تكفيك وخرقة تواريك وَحجر يأويك وَأخرج أَحْمد عَن وهيب الْمَكِّيّ قَالَ: بَلغنِي أَنه مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة يَا ابْن آدم اذْكُرْنِي إِذا غضِبت أذكرك إِذا غضِبت فَلَا أمحقك مَعَ من أمحق وَإِذا ظلمت فارض بنصرتي لَك فَإِن نصرتي لَك خير من نصرتك لنَفسك وَأخرج أَحْمد عَن الْحسن بن أبي الْحسن قَالَ: انْتَهَت بَنو اسرائيل إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالُوا: إِن التَّوْرَاة تكبر علينا فأنبئنا بجماع من الْأَمر فِيهِ تَخْفيف فاوحى الله إِلَيْهِ: مَا سَأَلَك قَوْمك قَالَ: يَا رب أَنْت أعلم قَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُك لتبلغني عَنْهُم وتبلغهم عني قَالَ: فَإِنَّهُم سَأَلُونِي جماعاً من الْأَمر فِيهِ تَخْفيف ويزعمون أَن التَّوْرَاة تكبر عَلَيْهِم فَقَالَ الله عز وَجل: قل لَهُم لَا تظالموا فِي الْمَوَارِيث وَلَا يدخلن عَلَيْكُم عبد بَيْتا حَتَّى يسْتَأْذن وليتوضأ من الطَّعَام مَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة فاستخفوها يَسِيرا ثمَّ إِنَّهُم لم يقومُوا بهَا قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك تقبلُوا إِلَيّ بستٍ أتقبل لكم

بِالْجنَّةِ من حدث فَلَا يكذب وَمن وعد فَلَا يخلف وَمن ائْتمن فَلَا يخون اخفظوا أَيْدِيكُم وأبصاركم وفروجكم وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة من يَزْدَدْ علما يَزْدَدْ وجفاً وَقَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة من كَانَ لَهُ جَار يعْمل بِالْمَعَاصِي فَلم يَنْهَهُ فَهُوَ شَرِيكه وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة قَالَ: أَن فِي التَّوْرَاة مَكْتُوبًا يَا ابْن آدم تذكرني وتنساني وَتَدْعُو إِلَيّ وتفر مني وأرزقك وَتعبد غَيْرِي وَأخرج عبد الله وَابْنه عَن الْوَلِيد بن عمر قَالَ: بَلغنِي أَنه مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة ابْن آدم حرك يَديك افْتَحْ لَك بَابا من الرزق وأطعني فِيمَا آمُرك فَمَا أعلمني بِمَا يصلحك وَأخرج عبد الله عَن عقبَة بن زَيْنَب قَالَ: فِي التَّوْرَاة مَكْتُوب لَا تتوكل على ابْن آدم فَإِن ابْن آدم لليس وَلَكِن توكل على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت وَفِي التَّوْرَاة مَكْتُوب مَاتَ مُوسَى كليم الله فَمن ذَا الَّذِي لَا يَمُوت وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: وجدت فِيمَا أنزل الله على مُوسَى أَن من أحب الدُّنْيَا أبغضه الله وَمن أبْغض الدُّنْيَا أحبه الله وَمن أكْرم الدُّنْيَا أهانه الله وَمن أهان الدُّنْيَا أكْرمه الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة ليكن وَجهك بسطاً وكلمتك طيبَة تكن أحب إِلَى النَّاس من الَّذين يعطونهم الْعَطاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة قَالَ: بَلغنِي أَنه مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة كَمَا تَرحمون تُرحمون وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: وَالَّذِي فلق الْبَحْر لبني إِسْرَائِيل فِي التَّوْرَاة مَكْتُوب: يَا ابْن آدم اتَّقِ رَبك وابرر والديك وصل رَحِمك أمدَّ لَك فِي عمرك وأيسر لَك يَسُرك واصرف عَنْك عسرك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كرْدُوس الثَّعْلَبِيّ قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة اتَّقِ توقه إِنَّمَا التوقي فِي التَّقْوَى ارحموا ترحموا تُوبُوا يُتَاب عَلَيْكُم وَأخرج الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي الجوزاء قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة أَن سرَّك أَن تحيا وتبلغ علم الْيَقِين فَاحْتمل فِي كل حِين أَن تغلب شهوات الدُّنْيَا فَإِن من يغلب شهوات الدُّنْيَا يفرق الشَّيْطَان من ظله

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة وَأَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب قَالَ: لما أَرَادَ الله أَن يكْتب لمُوسَى التَّوْرَاة قَالَ: يَا جِبْرِيل ادخل الْجنَّة فائتني بلوحين من شَجَرَة الْجنَّة فَدخل جِبْرِيل الْجنَّة فاستقبلته شَجَرَة من شجر الْجنَّة من ياقوت الْجنَّة فَقطع مِنْهَا لوحين فتابعته على مَا أمره الرَّحْمَن تبَارك وَتَعَالَى فَأتى بهما الرَّحْمَن فَأَخذهُمَا بِيَدِهِ فَعَاد اللوحان نورا لما مسّهما الرَّحْمَن تبَارك وَتَعَالَى وَتَحْت الْعَرْش نهر يجْرِي من نور لَا يدْرِي حَملَة الْعَرْش أَيْن يَجِيء وَلَا أَيْن يذهب مُنْذُ خلق الله الْخلق فَلَمَّا استمد مِنْهُ الرَّحْمَن جف فَلم يجر فَلَمَّا كتب لمُوسَى التَّوْرَاة بِيَدِهِ ناول اللَّوْحَيْنِ مُوسَى فَلَمَّا أخذهما مُوسَى عاداً حِجَارَة فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بني إِسْرَائِيل والى هرون وَهُوَ مغضب أَخذ بلحيته وَرَأسه يجره إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ هرون: يَا ابْن آدم {إِن الْقَوْم استضعفوني وكادوا يقتلونني} الْأَعْرَاف الْآيَة 150 وَمَعَ ذَلِك إِنِّي خفت أَن آتِيك فَتَقول: فرقت بَين بني إِسْرَائِيل وَلم تنْتَظر قولي فَاسْتَغْفر مُوسَى ربه تبَارك وَتَعَالَى واستغفر لِأَخِيهِ وَقد تَكَسَّرَتْ الألواح لما أَلْقَاهَا من يَده وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن كَعْب الْأَحْبَار إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَقُول فِي دُعَائِهِ: اللهمَّ ليّن قلبِي بِالتَّوْرَاةِ وَلَا تجْعَل قلبِي قاسياً كالحجر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: سَأَلَ مُوسَى جماعاً من الْعَمَل فَقيل لَهُ: انْظُر مَا تُرِيدُ أَن يصاحبك بِهِ النَّاس فَصَاحب النَّاس بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {فَخذهَا بقوّة} قَالَ: بجد وحزم {سأريكم دَار الْفَاسِقين} قَالَ: دَار الْكفَّار وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فَخذهَا بقوّة} قَالَ: بجد {وَأمر قَوْمك يَأْخُذُوا بأحسنها} قَالَ: أَمر مُوسَى أَن يَأْخُذهَا بأشد مِمَّا أَمر بِهِ قومه وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فَخذهَا بِقُوَّة} قَالَ: إِن الله تَعَالَى يحب أَن يُؤْخَذ أمره بِقُوَّة وجد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {فَخذهَا بِقُوَّة} قَالَ: بِطَاعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {فَخذهَا بِقُوَّة} يَعْنِي بجد واجتهاد {وَأمر قَوْمك يَأْخُذُوا بأحسنها} قَالَ: بِأَحْسَن مَا يَجدونَ مِنْهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {سأريكم دَار الْفَاسِقين} قَالَ: مصيرهم فِي الْآخِرَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {دَار الْفَاسِقين} قَالَ: مَنَازِلهمْ فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {سأريكم دَار الْفَاسِقين} قَالَ: جَهَنَّم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {سأريكم دَار الْفَاسِقين} قَالَ: رفعت لمُوسَى حَتَّى نظر إِلَيْهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {سأريكم دَار الْفَاسِقين} قَالَ: مصر - الْآيَة (146 - 147)

146

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {سأصرف عَن آياتي الَّذين يتكبرون} يَقُول: سأصرفهم عَن أَن يتفكروا فِي آياتي وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {سأصرف عَن آياتي} قَالَ: عَن خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض والآيات الَّتِي فِيهَا سأصرفهم عَن أَن يتفكروا فِيهَا أَو يعتبروا فِيهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي قَوْله {سأصرف عَن آياتي الَّذين يتكبرون فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق} يَقُول: أنزع عَنْهُم فهم الْقُرْآن - الْآيَة (148)

148

- أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن المنذرعن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَاتخذ قوم مُوسَى من بعده من حليهم عجلاً جسداً} قَالَ: حِين دفنوها ألقِي عَلَيْهَا السامري قَبْضَة من تُرَاب من أثر فرس جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {من حليهم عجلاً جسداً لَهُ خوار} قَالَ: استعاروا حليا من آل فِرْعَوْن فَجَمعه السامري فصاغ مِنْهُ عجلاً فَجعله الله جسداً لَحْمًا ودماً لَهُ خوار وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل {عجلاً جسداً لَهُ خوار} قَالَ: يَعْنِي لَهُ صياح قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: كَانَ بني مُعَاوِيَة بن بكر إِلَى الإِسلام ضاحية تخور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: خار الْعجل خورة لم يثن ألم تَرَ أَن الله قَالَ {ألم يرَوا أَنه لَا يكلمهم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {لَهُ خوار} قَالَ: الصَّوْت - الْآيَة (149)

149

- أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلما سقط فِي أَيْديهم} قَالَ: ندموا - الْآيَة (150 - 151)

150

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أسفا} قَالَ: حَزينًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلما رَجَعَ مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا} قَالَ: حَزينًا على مَا صنع قومه من بعده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {غَضْبَان اسفاً} قَالَ: حَزينًا وَفِي الزخرف {فَلَمَّا آسفونا} الزخرف الْآيَة 55 يَقُول: اغضبونا والأسف على وَجْهَيْن: الْغَضَب والحزن وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أسفا} قَالَ: جزعاً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: الأسف: منزلَة وَرَاء الْغَضَب أَشد من ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: الأسف: الْغَضَب الشَّديد وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ايزحم الله مُوسَى لَيْسَ المعاين كالمخبر أخبرهُ ربه تبَارك وَتَعَالَى أَن قومه فتنُوا بعده فَلم يلق الألواح فَلَمَّا رَآهُمْ وعاينهم ألْقى الألواح فتكسر مَا تكسر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِذا غضب اشتعلت قلنسوته نَارا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما ألْقى مُوسَى الألواح تَكَسَّرَتْ فَرفعت إِلَّا سدسها وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كتب الله لمُوسَى فِي الألواح فِيهَا {موعظة وتفصيلاً لكل شَيْء} الْأَعْرَاف الْآيَة 145 فَلَمَّا أَلْقَاهَا رفع الله مِنْهَا سِتَّة أسباعها وَبَقِي سبع يَقُول الله {وَفِي نسختها هدى وَرَحْمَة} الْأَعْرَاف الْآيَة 154 يَقُول: فِيمَا بَقِي مِنْهَا وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أُوتِيَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّبع المثاني وَهِي الطوَال وأوتي مُوسَى سِتا فَلَمَّا ألْقى الألواح رفعت أثنتان وَبقيت أَربع

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع فِي قَوْله {وَألقى الألواح} قَالَ: ذكر أَنه رفع من الألواح خَمْسَة أَشْيَاء وَكَانَ لَا يَنْبَغِي أَن يُعلمهُ النَّاس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} لُقْمَان الْآيَة 34 إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير قَالَ: كَانَت الألوح من زمرد فَلَمَّا أَلْقَاهَا مُوسَى ذهب التَّفْصِيل وَبَقِي الْهدى وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: اخبرت أَن الواح مُوسَى كَانَت تِسْعَة فَرفع مِنْهَا لوحان وَبَقِي سَبْعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تجعلني مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين} قَالَ: مَعَ أَصْحَاب الْعجل - الْآيَة (152)

152

- أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أَيُّوب قَالَ: تَلا أَبُو قلَابَة هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل سينالهم غضب من رَبهم وذلة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نجزي المفترين} قَالَ: هُوَ جَزَاء لكل مفتر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة أَن يذله الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ نجزي المفترين} قَالَ: كل صَاحب بِدعَة ذليل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: لَا تَجِد مبتدعاً إِلَّا وجدته ذليلاً ألم تسمع إِلَى قَول الله {إِن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل سينالهم غضب من رَبهم وذلة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: لَيْسَ فِي الأَرْض صَاحب بِدعَة إِلَّا وَهُوَ يجد ذلة تغشاه وَهُوَ فِي كتاب الله قَالُوا: أَيْن هِيَ قَالَ: أما سَمِعْتُمْ إِلَى قَوْله {إِن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل} الْآيَة قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّد هَذِه لأَصْحَاب الْعجل

خَاصَّة قَالَ: كلا اقْرَأ مَا بعْدهَا {وَكَذَلِكَ نجزي المفترين} فَهِيَ لكل مفتر ومبتدع إِلَى يَوْم الْقِيَامَة - الْآيَة (153)

153

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الرجل يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ ثمَّ يَتَزَوَّجهَا فَتلا {وَالَّذين عمِلُوا السَّيِّئَات ثمَّ تَابُوا من بعْدهَا وآمنوا إِن رَبك من بعْدهَا لغَفُور رَحِيم} - الْآيَة (154)

154

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اعطى الله مُوسَى التَّوْرَاة فِي سَبْعَة أَلْوَاح من زبرجد فِيهَا تبيان لكل شَيْء وموعظة التَّوْرَاة مَكْتُوبَة فَلَمَّا جَاءَ بهَا فَرَأى بني إِسْرَائِيل عكوفاً على الْعجل فَرمى التَّوْرَاة من يَده فتحطمت وَأَقْبل على هرون فَأخذ بِرَأْسِهِ فَرفع الله مِنْهَا سِتَّة أَسْبَاع وَبَقِي سبع {وَلما سكت عَن مُوسَى الْغَضَب أَخذ الألواح وَفِي نسختها هدى وَرَحْمَة للَّذين هم لرَبهم يرهبون} قَالَ: فَمَا بَقِي مِنْهَا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد إِن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَت الألواح من زمرد فَلَمَّا أَلْقَاهَا مُوسَى ذهب التَّفْصِيل وَبَقِي الْهدى وَالرَّحْمَة وَقَرَأَ {وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء موعظة وتفصيلا لكل شَيْء} الْأَعْرَاف آيَة 145 وقرا / وَلما ذهب عَن مُوسَى الْغَضَب أَخذ الألواح وَفِي نسختها هدى وَرَحْمَة / قَالَ: وَلم يذكر التَّفْصِيل هَهُنَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا لِمِيقَاتِنَا} قَالَ: اخْتَارَهُمْ ليقوموا مَعَ هرون على قومه بِأَمْر الله {فَلَمَّا أخذتهم الرجفة} تناولتهم الصاعقة حِين أخذت قَومهمْ

وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق أبي سعد عَن مُجَاهِد {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أخذتهم الرجفة} بعد أَن خرج مُوسَى بالسبعين من قومه يدعونَ الله ويسألونه أَن يكْشف عَنْهُم الْبلَاء فَلم يستجب لَهُم علم مُوسَى أَنهم قد أَصَابُوا من الْمعْصِيَة مَا أصَاب قَومهمْ قَالَ أَبُو سعد: فَحَدثني مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: فَلم يستجب لَهُم من أجل أَنهم لم ينهوهم عَن الْمُنكر وَلم يأمروهم بِالْمَعْرُوفِ فَأَخَذتهم الرجفة فماتوا ثمَّ أحياهم الله وَأخرج عبد بن حميد عَن الْفضل بن عِيسَى بن أخي الرقاشِي إِن بني إِسْرَائِيل قَالُوا ذَات يَوْم لمُوسَى: أَلَسْت ابْن عمنَا وَمنا وتزعم أَنَّك كلمت رب الْعِزَّة فانا لن نؤمن لَك حَتَّى نرى الله جهرة فَلَمَّا أَن أَبَوا إِلَّا ذَلِك أوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن اختر من قَوْمك سبعين رجلا فَاخْتَارَ مُوسَى من قومه سبعين رجلا خيرة ثمَّ قَالَ لَهُم: اخْرُجُوا فَلَمَّا برزوا جَاءَهُم مَا لَا قبل لَهُم بِهِ فَأَخَذتهم الرجفة قَالُوا: يَا مُوسَى ردنا فَقَالَ لَهُم مُوسَى: لَيْسَ لي من الْأَمر شَيْء سَأَلْتُم شَيْئا فجاءكم فماتوا جَمِيعًا قيل: يَا مُوسَى ارْجع قَالَ: رب إِلَى أَيْن الرّجْعَة {قَالَ رب لَو شِئْت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا} الْأَعْرَاف آيَة 155 إِلَى قَوْله {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ} الْآيَة قَالَ عِكْرِمَة كتبت الرَّحْمَة يَوْمئِذٍ لهَذِهِ الْأمة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت وَابْن جرير ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما حضر أجل هرون أوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن انْطلق أَنْت وهرون وَابْن هرون إِلَى غَار فِي الْجَبَل فَأَنا قَابض روحه فَانْطَلق مُوسَى وهرون وَابْن هرون فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى الْغَار دخلُوا فَإِذا سَرِير فاضطجع عَلَيْهِ مُوسَى ثمَّ قَامَ عَنهُ فَقَالَ: مَا أحسن هَذَا الْمَكَان يَا هرون فاضطجع هرون فَقبض روحه فَرجع مُوسَى وَابْن هرون إِلَى بني إِسْرَائِيل حزينين فَقَالُوا لَهُ: ايْنَ هرون قَالَ: مَاتَ قَالُوا: بل قتلته كنت تعلم أَنا نحبه فَقَالَ لَهُم مُوسَى: وَيْلكُمْ أقتل أخي وَقد سَأَلته الله وزيراً وَلَو أَنِّي أردْت قَتله أَكَانَ ابْنه يدعني قَالُوا لَهُ: بلَى قتلته حسدتناه قَالَ: فَاخْتَارُوا سبعين رجلا فَانْطَلق بهم فَمَرض رجلَانِ فِي الطَّرِيق فَخط عَلَيْهِمَا خطا فَانْطَلق مُوسَى وَابْن هرون وَبَنُو إِسْرَائِيل حَتَّى انْتَهوا إِلَى هرون فَقَالَ: يَا هرون من قَتلك قَالَ: لم يقتلني أحد وَلَكِنِّي مت قَالُوا: مَا

تقضي يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك يجعلنا أَنْبيَاء قَالَ: فَأَخَذتهم الرجفة فصعقوا وصعق الرّجلَانِ اللَّذَان خلفوا وَقَامَ مُوسَى يدعوا ربه {لَو شِئْت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا} فأحياهم الله فَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ أَنْبيَاء - الْآيَة (155)

155

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه} الْآيَة قَالَ: كَانَ الله أمره أَن يخْتَار من قومه سبعين رجلا فَاخْتَارَ سبعين رجلا فبرز بهم فَكَانَ ليدعوا ربكُم فِيمَا دعوا الله أَن قَالُوا: اللهمَّ اعطنا مَا لم تعطه أحدا بَعدنَا فكره الله ذَلِك من دُعَائِهِمْ فَأَخَذتهم الرجفة قَالَ مُوسَى {لَو شِئْت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا إِن هِيَ إِلَّا فتنتك} يَقُول: إِن هُوَ إِلَّا عذابك تصيب بِهِ من تشَاء وتصرفه عَمَّن تشَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن نوف الْحِمْيَرِي قَالَ: لما اخْتَار مُوسَى قومه سبعين رجلا لميقات ربه قَالَ الله لمُوسَى: أجعَل لكم الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأَجْعَل لكم السكينَة مَعكُمْ فِي بُيُوتكُمْ واجعلكم تقرأون التَّوْرَاة من ظُهُور قُلُوبكُمْ فيقرأها الرجل مِنْكُم وَالْمَرْأَة وَالْحر وَالْعَبْد وَالصَّغِير وَالْكَبِير فَقَالَ مُوسَى: أَن الله قد جعل لكم الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا قَالُوا: لَا نُرِيد أَن نصلي إِلَّا فِي الْكَنَائِس قَالَ: وَيجْعَل السكينَة مَعكُمْ فِي بُيُوتكُمْ قَالُوا: لَا نُرِيد إِلَّا كَمَا كَانَت فِي التابوت قَالَ: ويجعلكم تقرأون التَّوْرَاة عَن ظُهُور قُلُوبكُمْ فيقرأها الرجل مِنْكُم وَالْمَرْأَة وَالْحر وَالْعَبْد وَالصَّغِير وَالْكَبِير قَالُوا: لَا نُرِيد أَن نقرأها إِلَّا نظرا قَالَ الله {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ وَيُؤْتونَ الزَّكَاة} إِلَى قَوْله {المفلحون} قَالَ مُوسَى: أَتَيْتُك بوفد قومِي فَجعلت وفادتهم لغَيرهم اجْعَلنِي نَبِي هَذِه الْأمة قَالَ: إِن نَبِيّهم مِنْهُم قَالَ: اجْعَلنِي من هَذِه الْأمة قَالَ: إِنَّك لن تُدْرِكهُمْ قَالَ: رب أَتَيْتُك بوفد قومِي فَجعلت وفادتهم لغَيرهم قَالَ: فَأوحى الله إِلَيْهِ {وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ}

الْأَعْرَاف الْآيَة 159 قَالَ: فَرضِي مُوسَى قَالَ نوف: أَلا تحمدون رَبًّا شهد غيبتكم وَأخذ لكم بسمعكم وَجعل وفادة غَيْركُمْ لكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن نوف الْبكالِي أَن مُوسَى لما اخْتَار من قومه سبعين رجلا قَالَ لَهُم: فِدوا الى الله وَسَلُوهُ فَكَانَت لمُوسَى مَسْأَلَة وَلَهُم مَسْأَلَة فَلَمَّا انْتهى إِلَى الطّور - الْمَكَان الَّذِي وعده الله بِهِ - قَالَ لَهُم مُوسَى: سلوا الله قَالُوا {أرنا الله جهرة} النِّسَاء الْآيَة 153 قَالَ: وَيحكم تسْأَلُون الله هَذَا مرَّتَيْنِ قَالَ: هِيَ مَسْأَلَتنَا أرنا الله جهرة فَأَخَذتهم الرجفة فصعقوا فَقَالَ مُوسَى: أَي رب جئْتُك بسبعين من خِيَار بني إِسْرَائِيل فأرجع إِلَيْهِم وَلَيْسَ معي مِنْهُم أحد فَكيف أصنع ببني إِسْرَائِيل أَلَيْسَ يقتلونني فَقيل لَهُ: سل مسألتك قَالَ: أَي رب إِنِّي أَسأَلك أَن تبعثهم فبعثهم الله فَذَهَبت مسألتهم ومسألته وَجعلت تِلْكَ الدعْوَة لهَذِهِ الْأمة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي سعيد الرقاشِي فِي قَوْله {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا} قَالَ: كَانُوا قد جاوزوا الثَّلَاثِينَ وَلم يبلغُوا الْأَرْبَعين وَذَلِكَ أَن من جَاوز الثَّلَاثِينَ فقد ذهب جَهله وصباه وَمن بلغ الْأَرْبَعين لم يفقد من عقله شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا لِمِيقَاتِنَا} قَالَ: لتَمام الْموعد وَفِي قَوْله {فَلَمَّا أخذتهم الرجفة} قَالَ: مَاتُوا ثمَّ أحياهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {إِن هِيَ إِلَّا فتنتك} قَالَ: بليتك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن هِيَ إِلَّا فتنتك} قَالَ: مشيئتك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب إِن هَذَا السامري أَمرهم أَن يتخذوا الْعجل أَرَأَيْت الرّوح من نفخها فِيهِ قَالَ الرب: أَنا قَالَ: رب فَأَنت إِذا أضللتهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن رَاشد بن سعد أَن مُوسَى لما أَتَى ربه لموعده قَالَ:

يَا مُوسَى إِن قَوْمك افتتنوا من بعْدك قَالَ: يَا رب وَكَيف يفتنون وَقد أنجيتهم من فِرْعَوْن ونجيتهم من الْبَحْر وأنعمت عَلَيْهِم قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّهُم اتَّخذُوا من بعْدك عجلاً جسداً لَهُ خوار قَالَ: يَا رب فَمن جعل فِيهِ الرّوح قَالَ: أَنا قَالَ: فَأَنت أضللتهم يَا رب قَالَ: يَا مُوسَى يَا رَأس النَّبِيين يَا أَبَا الْحُكَمَاء إِنِّي رَأَيْت ذَلِك فِي قُلُوبهم فيسرته لَهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي عمر الْعَدنِي فِي مُسْنده وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن السّبْعين الَّذين اخْتَارَهُمْ مُوسَى من قومه إِنَّمَا أخذتهم الرجفة لأَنهم لم يرْضوا بالعجل وَلم ينهوا عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن أُولَئِكَ السّبْعين كَانُوا يلبسُونَ ثِيَاب الطهرة ثِيَاب يغزله وينسجه العذارى ثمَّ يتبرزون صَبِيحَة لَيْلَة الْمَطَر إِلَى الْبَريَّة فَيدعونَ الله فِيهَا فو الله مَا سَأَلَ الْقَوْم يَوْمئِذٍ شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ الله هَذِه الْأمة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن أَن السّبْعين الَّذين اخْتَار مُوسَى من قومه كَانُوا يعْرفُونَ بخضاب السوَاد - الْآيَة (156 - 157)

156

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واكتب لنا فِي هَذِه الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة} قَالَ: فَلم يُعْطهَا مُوسَى {قَالَ عَذَابي أُصِيب بِهِ من أَشَاء} إِلَى قَوْله {المفلحون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {واكتب لنا فِي هَذِه الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة} قَالَ: فَكتب الرَّحْمَة يَوْمئِذٍ لهَذِهِ الْأمة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج {واكتب لنا فِي هَذِه الدُّنْيَا حسنه} قَالَ: مغْفرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّا هدنا إِلَيْك} قَالَ: تبنا إِلَيْك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد ين جُبَير فِي قَوْله {إِنَّا هدنا إِلَيْك} قَالَ: تبنا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي وجرة السَّعْدِيّ - وَكَانَ من أعلم النَّاس بِالْعَرَبِيَّةِ - قَالَ: لَا وَالله لَا أعلمها فِي كَلَام أحد من الْعَرَب (هدنا) قيل: فَكيف قَالَ: هدنا بِكَسْر الْهَاء يَقُول: ملنا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن وَقَتَادَة فِي قَوْله {ورحمتي وسعت كل شَيْء} قَالَا: وسعت فِي الدُّنْيَا الْبر والفاجر وَهِي يَوْم الْقِيَامَة للَّذين اتَّقوا خَاصَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء فِي قَوْله {ورحمتي وسعت كل شَيْء} قَالَ: رَحمته فِي الدُّنْيَا على خلقه كلهم يَتَقَلَّبُونَ فِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سماك بن الْفضل أَنه ذكر عِنْده أَي شَيْء أعظم فَذكرُوا السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهُوَ سَاكِت فَقَالُوا: مَا تَقول يَا أَبَا الْفضل فَقَالَ: مَا من شَيْء أعظم من رَحمته قَالَ الله تَعَالَى {ورحمتي وسعت كل شَيْء} وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي فَأَنَاخَ رَاحِلَته ثمَّ عقلهَا ثمَّ صلى خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ نَادَى: اللهمَّ ارْحَمْنِي ومحمداً وَلَا تشرك فِي رَحْمَتنَا أحدا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد حظرت رَحْمَة وَاسِعَة أَن الله خلق مائَة رَحْمَة فَأنْزل رَحْمَة يتعاطف بهَا الْخلق جنّها وإنسها وبهائمها وَعِنْده تِسْعَة وَتسْعُونَ

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن سلمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن لله مائَة رَحْمَة فَمِنْهَا رَحْمَة يتراحم بهَا الْخلق وَبهَا تعطف الوحوش على أَوْلَادهَا وَأخر تسع وَتسْعُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان مَوْقُوفا وَابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله خلق مائَة رَحْمَة يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض كل رَحْمَة مِنْهَا طباق مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فأهبط مِنْهَا رَحْمَة إِلَى الأَرْض فِيهَا تراحم الْخَلَائق وَبهَا تعطف الوالدة على وَلَدهَا وَبهَا يشرب الطير والوحوش من المَاء وَبهَا تعيش الْخَلَائق فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة انتزعها من خلقه ثمَّ أفاضها على الْمُتَّقِينَ وَزَاد تسعا وَتِسْعين رَحْمَة ثمَّ قَرَأَ {ورحمتي وسعت كل شَيْء فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ} 0 وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليدخلن الْجنَّة الْفَاجِر فِي دينه الأحمق فِي معيشته وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليدخلن الْجنَّة الَّذِي قد محشته النَّار بِذَنبِهِ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليغفرن الله يَوْم الْقِيَامَة مغْفرَة يَتَطَاوَل لَهَا إِبْلِيس رَجَاء أَن تصيبه وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَأَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ افتخرت الْجنَّة وَالنَّار فَقَالَت النَّار: يَا رب يدخلني الْجَبَابِرَة والملوك والأشراف وَقَالَت الْجنَّة: يَا رب يدخلني الْفُقَرَاء والضعفاء وَالْمَسَاكِين فَقَالَ الله للنار: أَنْت عَذَابي أُصِيب بك من أَشَاء وَقَالَ للجنة: أَنْت رَحْمَتي وسعت كل شَيْء وَلكُل وَاحِدَة مِنْكُمَا ملؤُهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي بكر الْهُذلِيّ قَالَ: لما نزلت {ورحمتي وسعت كل شَيْء} قَالَ إِبْلِيس: يَا رب وَأَنا من الشَّيْء فَنزلت {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ} الْآيَة فنزعها الله من إِبْلِيس وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: لما نزلت {ورحمتي وسعت كل شَيْء} قَالَ إِبْلِيس: وَأَنا من الشَّيْء فنسخها الله فَأنْزل {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: لما نزلت {ورحمتي وسعت كل شَيْء} قَالَ إِبْلِيس: أَنا من كل شَيْء قَالَ الله {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ وَيُؤْتونَ الزَّكَاة} قَالَت يهود: فَنحْن نتقي ونؤتي الزَّكَاة قَالَ الله {الَّذين يتبعُون الرَّسُول النَّبِي الْأُمِّي}

فعزلها الله عَن إِبْلِيس وَعَن الْيَهُود وَجعلهَا لأمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة نَحوه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {ورحمتي وسعت كل شَيْء} مد إِبْلِيس عُنُقه فَقَالَ: أَنا من الشَّيْء فَنزلت {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وَالَّذين هم بِآيَاتِنَا يُؤمنُونَ} فمدت الْيَهُود وَالنَّصَارَى أعناقها فَقَالُوا: نَحن نؤمن بِالتَّوْرَاةِ والإِنجيل ونؤدي الزَّكَاة فاختلسها الله من إِبْلِيس وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى فَجَعلهَا لهَذِهِ الْأمة خَاصَّة فَقَالَ {الَّذين يتبعُون} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَزَّار فِي مُسْنده وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلَ مُوسَى ربه مَسْأَلَة فَأَعْطَاهَا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه} إِلَى قَوْله {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ} فَأعْطى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل شَيْء سَأَلَ مُوسَى ربه فِي هَذِه الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ} قَالَ: كتبهَا الله لهَذِهِ الْأمة وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دَعَا مُوسَى فَبعث الله سبعين فَجعل دعاءه حِين دَعَاهُ لمن آمن بِمُحَمد وَاتبعهُ قَوْله {فَاغْفِر لنا وارحمنا وَأَنت خير الغافرين} {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ وَيُؤْتونَ الزَّكَاة} وَالَّذين يتبعُون مُحَمَّدًا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ} قَالَ: يَتَّقُونَ الشّرك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير {فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ} أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مُوسَى: يَا لَيْتَني أخرت فِي أمة مُحَمَّد فَقَالَت الْيَهُود لمُوسَى: أيخلق رَبك خلقا ثمَّ يعذبهم فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا مُوسَى ازرع قَالَ: قد زرعت قَالَ: أحصد قَالَ: قد حصدت قَالَ: دس قَالَ: قد دست قَالَ: ذَر قَالَ: قد ذريت قَالَ: فَمَا بَقِي قَالَ: مَا بَقِي شَيْء فِيهِ خير قَالَ: كَذَلِك لَا أعذب من خلقي إِلَّا من لَا خير فِيهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن أبي بكر وَعمر فَقَالَ: إنَّهُمَا من السّبْعين الَّذين سَأَلَهُمْ مُوسَى بن

عمرَان فاخراً حَتَّى أعطيهما مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وتلا هَذِه الْآيَة {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا لِمِيقَاتِنَا} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام فَرَكزَ لِوَاءُهُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَغدا بِسَائِر الْمَلَائِكَة إِلَى الْمَسَاجِد الَّتِي يجمع فِيهَا يَوْم الْجُمُعَة فركزوا أَلْوِيَتهم وراياتهم بِأَبْوَاب الْمَسَاجِد ثمَّ نشرُوا قَرَاطِيس من فضَّة وأقلاماً من ذهب ثمَّ كتبُوا الأول فَالْأول من بكَّر إِلَى الْجُمُعَة فَإِذا بلغ من فِي الْمَسْجِد سبعين رجلا قد بَكرُوا طَوَوْا الْقَرَاطِيس فَكَانَ أُولَئِكَ السبعون كَالَّذِين اخْتَارَهُمْ مُوسَى من قومه وَالَّذين اخْتَارَهُمْ مُوسَى من قومه كَانُوا أَنْبيَاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رَاح منا إِلَى الْجُمُعَة سَبْعُونَ رجلا كَانُوا كسبعين مُوسَى الَّذين وفدوا إِلَى رَبهم أَو أفضل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله {النَّبِي الْأُمِّي} قَالَ: كَانَ لَا يكْتب وَلَا يقْرَأ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الرَّسُول النَّبِي الْأُمِّي} قَالَ: هُوَ نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أُمِّيا لَا يكْتب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا كَالْمُودعِ فَقَالَ: أَنا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي أَنا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي أَنا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وَلَا نَبِي بعدِي أُوتيت فواتح الْكَلم وخواتمه وجوامعه وَعلمت خَزَنَة النَّار وَحَملَة الْعَرْش فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا مَا دمت فِيكُم فَإِذا ذهب بِي فَعَلَيْكُم كتاب الله أحلُّوا حَلَاله وحرِّموا حرَامه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّا أمة أُميَّة لَا تكْتب وَلَا تحسب وان الشَّهْر كَذَا وَكَذَا وَضرب بِيَدِهِ سِتّ مَرَّات وَقبض وَاحِدَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق مجَالد قَالَ: حَدثنِي عون بن عبد الله بن عتبَة عَن أَبِيه قَالَ: مَا مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قَرَأَ وَكتب فَذكرت هَذَا الحَدِيث لِلشَّعْبِيِّ فَقَالَ: صدق سَمِعت أَصْحَابنَا يَقُولُونَ ذَلِك قَوْله تَعَالَى {الَّذِي يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل}

أخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذِي يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل} قَالَ: يَجدونَ نَعته وَأمره ونبوّته مَكْتُوبًا عِنْدهم وَأخرج ابْن سعد عَن قَتَادَة قَالَ: بلغنَا أَن نعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض الْكتب مُحَمَّد رَسُول الله لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخوب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مثلهَا وَلَكِن يعْفُو ويصفح أمته الْحَمَّادُونَ على كل حَال وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن رجل من الْأَعْرَاب قَالَ: جلبت حلوية إِلَى الْمَدِينَة فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا فرغت من بيعتي قلت: لألقين هَذَا الرجل ولأسمعن مِنْهُ فتلقاني بَين أبي بكر وَعمر يمشيان فتبعتهما حَتَّى أَتَيَا على رجل من الْيَهُود ناشر التَّوْرَاة يقْرؤهَا يعزي بهَا نَفسه عَن ابْن لَهُ فِي الْمَوْت كأحسن الفتيان وأجمله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْشدك بِالَّذِي أنزل التَّوْرَاة هَل تجدني فِي كتابك ذَا صِفَتي ومخرجي فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا أَي لَا فَقَالَ ابْنه: أَي وَالَّذِي أنزل التَّوْرَاة إِنَّا لنجد فِي كتَابنَا صِفَتك ومخرجك وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله فَقَالَ: أقِيمُوا الْيَهُودِيّ عَن أخيكم ثمَّ ولي كَفنه وَالصَّلَاة عَلَيْهِ وَأخرج ابْن سعد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: لقِيت عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قلت: أَخْبرنِي عَن صفة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أجل - وَالله - انه لموصوف فِي التَّوْرَاة بِبَعْض صفته فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} الْأَحْزَاب الْآيَة 45 وحرزاً للأميين أَنْت عَبدِي ورسولي سميتك المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو ويصفح وَلنْ يقبضهُ الله حَتَّى يُقيم بِهِ الْملَّة العوجاء بِأَن يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله وَيفتح بِهِ أعينا عميا وآذانا صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا وَأخرج ابْن سعد والدارمي فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: صفة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} الْأَحْزَاب الْآيَة 45 وحرزاً للأميين أَنْت عَبدِي ورسولي سميتك المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مثلهَا وَلَكِن يعْفُو

ويصفح وَلنْ يقبضهُ الله حَتَّى يُقيم بِهِ الْملَّة العوجاء حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله وَيفتح أعينا عميا وآذاناً صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا وَأخرج الدَّارمِيّ عَن كَعْب قَالَ: فِي السطر الأول: مُحَمَّد رَسُول الله عَبدِي الْمُخْتَار لَا فظ وَلَا غليظ وَلَا سخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو وَيغْفر مولده بِمَكَّة وهجرته بِطيبَة وَملكه بِالشَّام وَفِي السطر الثَّانِي: مُحَمَّد رَسُول الله أمته الْحَمَّادُونَ يحْمَدُونَ الله فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء يحْمَدُونَ الله فِي كل منزلَة ويكبرونه على كل شرف رُعَاة الشَّمْس يصلونَ الصَّلَاة إِذا جَاءَ وَقتهَا وَلَو كَانُوا على رَأس كناسَة ويأتزرون على أوساطهم ويوضئون أَطْرَافهم وأصواتهم بِاللَّيْلِ فِي جوّ السَّمَاء كأصوات النَّحْل وَأخرج ابْن سعد والدارمي وَابْن عَسَاكِر عَن أبي فَرْوَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سَأَلَ كَعْب الْأَحْبَار كَيفَ قد نعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة فَقَالَ كَعْب: نجده مُحَمَّد بن عبد الله يُولد بِمَكَّة ويهاجر إِلَى طابة وَيكون ملكه بِالشَّام وَلَيْسَ بفاحش وَلَا سخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يكافىء بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو وَيغْفر أمته الْحَمَّادُونَ يحْمَدُونَ الله فِي كل سراء وَيُكَبِّرُونَ الله على كل نجد ويوضئون أَطْرَافهم ويأتزرون فِي أوساطهم يصفونَ فِي صلَاتهم كَمَا يصفونَ فِي قِتَالهمْ دويهم فِي مَسَاجِدهمْ كَدَوِيِّ النَّحْل يسمع مناديهم فِي جوّ السَّمَاء وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن أم الدراداء قَالَت: قلت لكعب: كَيفَ تَجِدُونَ صفة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة قَالَ: نجده مَوْصُوفا فِيهَا مُحَمَّد رَسُول الله اسْمه المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَأعْطى المفاتيح ليبصر الله بِهِ أعيناً عورا وَيسمع بِهِ الله آذَانا صمًّا وَيُقِيم بِهِ السّنة المعوجة حَتَّى يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ يعين الْمَظْلُوم ويمنعه من أَن يستضعف وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صِفَتي أَحْمد المتَوَكل مولده بِمَكَّة وَمُهَاجره إِلَى طيبَة لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ يَجْزِي بِالْحَسَنَة الْحَسَنَة وَلَا يكافىء بِالسَّيِّئَةِ أمته الْحَمَّادُونَ يَأْتَزِرُونَ على أَنْصَافهمْ ويوضئون أَطْرَافهم أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ يصفونَ للصَّلَاة كَمَا يصفونَ لِلْقِتَالِ قُرْبَانهمْ الَّذِي يَتَقَرَّبُون بِهِ إِلَيّ دِمَاؤُهُمْ رُهْبَان بِاللَّيْلِ لُيُوث بِالنَّهَارِ وَأخرج أَبُو نعيم عَن كَعْب قَالَ: إِن أبي كَانَ من أعلم النَّاس بِمَا أنزل الله على

مُوسَى وَكَانَ لم يدّخر عني شَيْئا مِمَّا كَانَ يعلم فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت دَعَاني فَقَالَ لي: يَا بني إِنَّك قد علمت أَنِّي لم أدخر عَنْك شَيْئا مِمَّا كنت أعلمهُ إِلَّا أَنِّي قد حبست عَنْك ورقتين فيهمَا: نَبِي يبْعَث قد أظل زَمَانه فَكرِهت أَن أخْبرك بذلك فَلَا آمن عَلَيْك أَن يخرج بعض هَؤُلَاءِ الْكَذَّابين فتطيعه وَقد جعلتهما فِي هَذِه الكوة الَّتِي ترى وطينت عَلَيْهِمَا فَلَا تعرضن لَهما وَلَا تنظرن فيهمَا حينك هَذَا فَإِن الله أَن يرد ذَلِك خيرا وَيخرج ذَلِك النَّبِي تتبعه ثمَّ أَنه مَاتَ فدفناه فَلم يكن شَيْء أحب إليّ من أَن أنظر فِي الورقتين ففتحت الكوة ثمَّ استخرجت الورقتين فَإِذا فيهمَا: مُحَمَّد رَسُول الله خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعده مولده بِمَكَّة وَمُهَاجره بِطيبَة لَا فظ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَيجْزِي بِالسَّيِّئَةِ الْحَسَنَة وَيَعْفُو ويصفح أمته الْحَمَّادُونَ الَّذين يحْمَدُونَ الله على كل حَال تذلل ألسنتهم بِالتَّكْبِيرِ وينصر نَبِيّهم على كل من ناوأه يغسلون فروجهم ويأتزرون على أوساطهم أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ وتراحمهم بَينهم تراحم بني الْأُم وهم أول من يدْخل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة من الْأُمَم فَمَكثَ مَا شَاءَ الله ثمَّ بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد خرج بِمَكَّة فأخرت حَتَّى استثبت ثمَّ بَلغنِي أَنه توفّي وَأَن خَلِيفَته قد قَامَ مقَامه وجاءتنا جُنُوده فَقلت: لَا أَدخل فِي هَذَا الدّين حَتَّى أنظر سيرتهم وأعمالهم فَلم أزل أدافع ذَلِك وأؤخره لأستثبت حَتَّى قدمت علينا عُمَّال عمر بن الْخطاب فَلَمَّا رَأَيْت وفاءهم بالعهد وَمَا صنع الله لَهُم على الْأَعْدَاء علمت أَنهم هم الَّذين كنت أنْتَظر فو الله إِنِّي لذات لَيْلَة فَوق سطحي فَإِذا رجل من الْمُسلمين يَتْلُو قَول الله {يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا مُصدقا لما مَعكُمْ من قبل أَن نطمس وُجُوهًا} النِّسَاء الْآيَة 47 الْآيَة فَلَمَّا سَمِعت هَذِه الْآيَة خشيت أَن لَا أصبح حَتَّى يحول وَجْهي فِي قفاي فَمَا كَانَ شَيْء أحب إليّ من الصَّباح فَغَدَوْت على مُسلمين وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن يَهُودِيّا كَانَ لَهُ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَنَانِير فتقاضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: ماعندي مَا أُعْطِيك قَالَ: فَإِنِّي لَا أُفَارِقك يَا مُحَمَّد حَتَّى تُعْطِينِي قَالَ: إِذن أَجْلِس مَعَك يَا مُحَمَّد فَجَلَسَ مَعَه فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء والغداة وَكَانَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتهددون الْيَهُودِيّ ويتوعدونه فَقَالُوا: يَا رَسُول الله يَهُودِيّ

يحبسك قَالَ: مَنَعَنِي رَبِّي أَن أظلم معاهداً وَلَا غَيره فَلَمَّا ترحل النَّهَار أسلم الْيَهُودِيّ وَقَالَ: شطر مَالِي فِي سَبِيل الله أما وَالله مَا فعلت الَّذِي فعلت بك إِلَّا لأنظر إِلَى نعتك فِي التَّوْرَاة: مُحَمَّد بن عبد الله مولده بِمَكَّة وَمُهَاجره بِطيبَة وَملكه بِالشَّام لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا متزين بالفحشاء وَلَا قوّال للخنا وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ أَن يَهُودِيّا قَالَ: مَا كَانَ بَقِي شَيْء من نعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة إِلَّا رَأَيْته إِلَّا الْحلم وَإِنِّي أسلفته ثَلَاثِينَ دِينَارا فِي ثَمَر إِلَى أجل مَعْلُوم فتركته حَتَّى إِذا بَقِي من الْأَجَل يَوْم أَتَيْته فَقلت: يَا مُحَمَّد اقضني حَقي فَإِنَّكُم معاشر بني عبد الْمطلب مطل فَقَالَ عمر: يَا يَهُودِيّ الْخَبيث أما وَالله لَوْلَا مَكَانَهُ لضَرَبْت الَّذِي فِيهِ عَيْنَاك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غفر الله لَك يَا أَبَا حَفْص نَحن كُنَّا إِلَى غير هَذَا مِنْك أحْوج إِلَى أَن تكون أَمرتنِي بِقَضَاء مَا عليّ وَهُوَ إِلَى أَن تكون أعنته على قَضَاء حَقه أحْوج فَلم يزده جهلي عَلَيْهِ إِلَّا حلماً قَالَ: يَا يَهُودِيّ إِنَّمَا يحل حَقك غَدا ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا حَفْص أذهب بِهِ إِلَى الْحَائِط الَّذِي كَانَ سَأَلَ أوّل يَوْم فَإِن رضيه فاعطه كَذَا وَكَذَا صَاعا وزده لما قلت لَهُ كَذَا وَكَذَا صَاعا وزده فَإِن لم يرض فاعط ذَلِك من حَائِط كَذَا وَكَذَا فَأتى بِي الْحَائِط فَرضِي تمره فَأعْطَاهُ مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا أمره من الزِّيَادَة فَلَمَّا قبض الْيَهُودِيّ تمره قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنه رَسُول الله وَأَنه وَالله مَا حَملَنِي على مَا رَأَيْتنِي صنعت يَا عمر إِلَّا أَنِّي قد كنت رَأَيْت فِي رَسُول الله صفته فِي التَّوْرَاة كلهَا إِلَّا الْحلم فاختبرت حلمه الْيَوْم فَوَجَدته على مَا وصف فِي التَّوْرَاة وَإِنِّي أشهدك أَن هَذَا التَّمْر وَشطر مَالِي فِي فُقَرَاء الْمُسلمين فَقَالَ عمر: فَقلت: أَو بَعضهم فَقَالَ: أَو بَعضهم قَالَ: وَأسلم أهل بَيت الْيَهُودِيّ كلهم إِلَّا شيخ كَانَ ابْن مائَة سنة فعسا على الْكفْر وَأخرج ابْن سعد عَن كثيِّر بن مرّة قَالَ: إِن الله يَقُول: لقد جَاءَكُم رَسُول لَيْسَ بوهن وَلَا كسل يفتح أعيناً كَانَت عميا وَيسمع آذَانا صمًّا ويختن قلوباً كَانَت غلفًا وَيُقِيم سنة كَانَت عوجاء حَتَّى يُقَال: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيت الْمدَارِس فَقَالَ أخرجُوا إليَّ أعلمكُم فَقَالُوا: عبد الله ابْن صوريا فَخَلا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَاشَدَهُ بِدِينِهِ وَبِمَا أنعم الله بِهِ عَلَيْهِم وأطعمهم من الْمَنّ والسلوى وظللهم بِهِ من الْغَمَام أتعلم أَنِّي رَسُول الله قَالَ: اللهمَّ نعم وَإِن الْقَوْم ليعرفون مَا أعرف وَإِن

صِفَتك ونعتك الْمُبين فِي التَّوْرَاة وَلَكنهُمْ حسدوك قَالَ: فَمَا يمنعك أَنْت قَالَ: أكره خلاف قومِي وَعَسَى أَن يتبعوك ويسلموا فَأسلم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الفلتان بن عَاصِم قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء رجل فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَقْرَأُ التَّوْرَاة قَالَ: نعم قَالَ: والإِنجيل قَالَ: نعم فَنَاشَدَهُ هَل تجدني فِي التَّوْرَاة والإِنجيل قَالَ: نجد نعتاً مثل نعتك وَمثل هيئتك ومخرجك وَكُنَّا نرجو أَن تكون منا فَلَمَّا خرجت تخوَّفنا أَن تكون هُوَ أَنْت فَنَظَرْنَا فَإِذا لَيْسَ أَنْت هُوَ قَالَ: وَلم ذَاك قَالَ: إِن مَعَه من أمته سبعين ألفا لَيْسَ عَلَيْهِم حِسَاب وَلَا عَذَاب وَإِنَّمَا مَعَك نفر يسير قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأَنا هُوَ إِنَّهُم لأمتي وَأَنَّهُمْ لأكْثر من سبعين ألفا وَسبعين ألفا وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: بعثت قُرَيْش النَّضر بن الْحَارِث وَعقبَة بن أبي معيط وَغَيرهمَا إِلَى يهود يثرب وَقَالُوا لَهُم: سلوهم عَن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقدموا الْمَدِينَة فَقَالُوا: أَتَيْنَاكُم لأمر حدث فِينَا منا غُلَام يَتِيم يَقُول قولا عَظِيما يزْعم أَنه رَسُول الرَّحْمَن قَالُوا: صفوا لنا نَعته فوصفوا لَهُم قَالُوا: فَمن تبعه مِنْكُم قَالُوا: سفلتنا فَضَحِك حبر مِنْهُم فَقَالَ: هَذَا النَّبِي الَّذِي نجد نَعته ونجد قومه أَشد النَّاس لَهُ عَدَاوَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل عصى الله تَعَالَى مِائَتي سنة ثمَّ مَاتَ فَأَخَذُوهُ فألقوه على مزبلة فَأوحى الله إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: أَن أخرج فصلِّ عَلَيْهِ قَالَ: يَا رب بَنو إِسْرَائِيل شهدُوا أَنه عصاك مِائَتي سنة فَأوحى الله إِلَيْهِ: هَكَذَا كَانَ لِأَنَّهُ كَانَ كلما نشر التَّوْرَاة وَنظر إِلَى اسْم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبله وَوَضعه على عَيْنَيْهِ وَصلى عَلَيْهِ فَشَكَرت لَهُ ذَلِك وغفرت ذنُوبه وزوّجته سبعين حوراء وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكْتُوب فِي الإِنجيل لَا فظ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مثلهَا وَلَكِن يعْفُو ويصفح وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قدم الْجَارُود بن عبد الله على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم وَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد وجدت وصفك فِي الإِنجيل وَلَقَد بشَّر بك ابْن البتول

وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُوسَى بن يَعْقُوب الربعِي عَن سهل مولى خَيْثَمَة قَالَ: قَرَأت فِي الإِنجيل نعت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه لَا قصير وَلَا طَوِيل أَبيض ذُو طمرين بَين كَتفيهِ خَاتم يكثر الاحتباء وَلَا يقبل الصَّدَقَة ويركب الْحمار وَالْبَعِير ويحتلب الشَّاة ويلبس قَمِيصًا مرقوعاً وَمن فعل ذَلِك فقد برىء من الْكبر وَهُوَ يفعل ذَلِك وَهُوَ من ذُرِّيَّة اسمعيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أوحى الله يعالى إِلَى شُعَيْب إِنِّي باعث نَبيا أُمِّيا أفتح بِهِ آذَانا صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا وَأَعْيُنًا عميا مولده بِمَكَّة وَمُهَاجره بِطيبَة وَملكه الشَّام عَبدِي المتَوَكل الْمُصْطَفى الْمَرْفُوع الحبيب المتحبب الْمُخْتَار لَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو ويصفح رحِيما بِالْمُؤْمِنِينَ يبكي للبهيمة المثقلة ويبكي للْيَتِيم فِي حجر الأرملة لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا متزين بالفحش وَلَا قوّال للخنا يمر إِلَى جنب السراج لم يطفئه من سكينته وَلَو يمشي على الْقصب الرعراع - يَعْنِي الْيَابِس - لم يسمع من تَحت قَدَمَيْهِ أبعثه مبشراً وَنَذِيرا أسدده لكل جميل وَأهب لَهُ كل خلق كريم أجعَل السكينَة لِبَاسه والبرَّ شعاره وَالْمَغْفِرَة وَالْمَعْرُوف حليته وَالْحق شَرِيعَته وَالْهدى إِمَامه والإِسلام مِلَّته وَأحمد اسْمه أهدي بِهِ من بعد الضَّلَالَة وَأعلم بِهِ بعد الْجَهَالَة وَأَرْفَع بِهِ بعد الْخَمَالَة وَأُسَمِّي بِهِ بعد النكرَة وَأكْثر بِهِ بعد الْقلَّة وأغنى بِهِ بعد الْعيلَة وَأجْمع بِهِ بعد الْفرْقَة وَأُؤَلِّف بِهِ بَين قُلُوب وَأَهْوَاء مُتَشَتِّتَة وأمم مُخْتَلفَة وَأَجْعَل أمته خير أمة أخرجت للنَّاس آمراً بِالْمَعْرُوفِ ونهياً عَن الْمُنكر وتوحيداً لي وإيماناً بِي وإخلاصاً لي وَتَصْدِيقًا لما جَاءَت بِهِ رُسُلِي وهم رُعَاة الشَّمْس طُوبَى لتِلْك الْقُلُوب وَالْوُجُوه والأرواح الَّتِي أخلصت لي أُلهمهم التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير والتمجيد والتوحيد فِي مَسَاجِدهمْ ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم ويصفُّون فِي مَسَاجِدهمْ كَمَا تصف الْمَلَائِكَة حول عَرْشِي هم أوليائي وأنصاري أنتقم بهم من أعدائي عَبدة الْأَوْثَان يصلونَ لي قيَاما وقعوداً وسجوداً وَيخرجُونَ من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ ابْتِغَاء مرضاتي ألوفاً ويقاتلون فِي سبيلي صُفُوفا وزحوفاً اختم بكتبهم الْكتب وشريعتهم الشَّرَائِع وبدينهم الْأَدْيَان من أدركهم فَلم يُؤمن بِكِتَابِهِمْ وَيدخل فِي دينهم وشريعتهم فَلَيْسَ مني وَهُوَ مني بَرِيء واجعلهم أفضل

الْأُمَم واجعلهم أمة وسطاء شُهَدَاء على النَّاس إِذا غضبوا هللوني وَإِذا قبضوا كبَّروني وَإِذا تنازعوا سبَّحوني يطهرون الْوُجُوه والأطراف ويشدون الثِّيَاب إِلَى الأنصاف ويهللون على التلال والأشراف قُرْبَانهمْ دِمَاؤُهُمْ وَأَنَاجِيلهمْ صُدُورهمْ رُهْبَان بِاللَّيْلِ لُيُوث بِالنَّهَارِ مناديهم فِي جو السَّمَاء لَهُم دوِي كَدَوِيِّ النَّحْل طُوبَى لمن كَانَ مَعَهم وعَلى دينهم ومناهجهم وشريعتهم ذَلِك فضلي أوتيه من أَشَاء وَأَنا ذُو الْفضل الْعَظِيم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن الله أوحى فِي الزبُور ياداود إِنَّه سَيَأْتِي من بعْدك نَبِي اسْمه أَحْمد وَمُحَمّد صَادِقا نَبيا لَا أغضب عَلَيْهِ أبدا وَلَا يعصيني أبدا وَقد غفرت لَهُ أَن يعصيني مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأمته مَرْحُومَة أَعطيتهم من النَّوَافِل مثل مَا أَعْطَيْت الْأَنْبِيَاء وافترضت عَلَيْهِم الْفَرَائِض الَّتِي افترضت على الْأَنْبِيَاء وَالرسل حَتَّى يأتوني يَوْم الْقِيَامَة ونورهم مثل نور الْأَنْبِيَاء وَذَلِكَ أَنِّي افترضت عَلَيْهِم أَن يَتَطَهَّرُوا لي لكل صَلَاة كَمَا افترضت على الْأَنْبِيَاء قبلهم وأمرتهم بِالْغسْلِ من الْجَنَابَة كَمَا أمرت الْأَنْبِيَاء قبلهم وأمرتهم بِالْحَجِّ كَمَا أمرت الْأَنْبِيَاء قبلهم وأمرتهم بِالْجِهَادِ كَمَا أمرت الرُّسُل قبلهم يَا دَاوُد إِنِّي فضَّلت مُحَمَّدًا وَأمته على الْأُمَم أَعطيتهم سِتّ خِصَال لم أعطيها غَيرهم من الْأُمَم لَا أؤاخذهم بالْخَطَأ وَالنِّسْيَان وكل ذَنْب ركبوه على غير عمد إِذا استغفروني مِنْهُ غفرته وَمَا قدمُوا لآخرتهم من شَيْء طيبَة بِهِ أنفسهم عجلته لَهُم أضعافاً مضاعفة وَلَهُم عِنْدِي أَضْعَاف مضاعفة وَأفضل من ذَلِك وأعطيتهم على المصائب فِي البلايا إِذا صَبَرُوا وَقَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون الصَّلَاة وَالرَّحْمَة وَالْهدى إِلَى جنَّات النَّعيم فَإِن دَعونِي استجبت لَهُم فإمَّا أَن يروه عَاجلا وَإِمَّا أَن أصرف عَنْهُم سوءا وَإِمَّا أَن أؤخره لَهُم فِي الْآخِرَة يَا دَاوُد من لَقِيَنِي من أمة مُحَمَّد يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنا وحدي لَا شريك لي صَادِقا بهَا فَهُوَ معي فِي جنتي وكرامتي وَمن لَقِيَنِي وَقد كذب مُحَمَّدًا وَكذب بِمَا جَاءَ بِهِ واستهزأ بكتابي صببت عَلَيْهِ فِي قَبره الْعَذَاب صبا وَضربت الْمَلَائِكَة وَجهه وَدبره عِنْد منشره من قَبره ثمَّ أدخلهُ فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أجد فِي الْكتب أَن هَذِه الْأمة تحب ذكر الله كَمَا تحب الْحَمَامَة وَكرها وَلَهُم أسْرع إِلَى ذكر الله من الإِبل إِلَى وردهَا يَوْم ظمئها

قَوْله تَعَالَى: {وَيحل لَهُم الطَّيِّبَات وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث} الْآيَة أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حبيب بن سُلَيْمَان بن سَمُرَة عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ رجل من الْأَعْرَاب يستفتيه عَن الرجل مَا الَّذِي يحل لَهُ وَالَّذِي يحرم عَلَيْهِ فِي مَاله ونسكه وماشيته وعنزه وفرعه من نتاج إبِله وغنمه فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أحلَّ لَك الطَّيِّبَات وَحرم عَلَيْك الْخَبَائِث إِلَّا أَن تفْتَقر إِلَى طَعَام فتأكل مِنْهُ حَتَّى تَسْتَغْنِي عَنهُ قَالَ: مَا فقري الَّذِي آكل ذَلِك إِذا بلغته أمْ مَا غناي الَّذِي يغنيني عَنهُ قَالَ: إِذا كنت ترجو نتاجاً فتبلغ بلحوم ماشيتك إِلَى نتاجك أَو كنت ترجو عشَاء تصيبه مدْركا فتبلغ إِلَيْهِ بلحوم ماشيتك وَإِذا كنت لَا ترجو من ذَلِك شَيْئا فاطعم أهلك مَا بدا لَك حَتَّى تَسْتَغْنِي عَنهُ قَالَ الْأَعرَابِي: وَمَا عشائي الَّذِي أَدَعهُ إِذا وجدته قَالَ: إِذا رويت أهلك غبوقاً من اللَّبن فاجتنب مَا حرم عَلَيْك من الطَّعَام وَأما مَالك فَإِنَّهُ ميسور كُله لَيْسَ مِنْهُ حرَام غير أَن نتاجك من إبلك فرعا وَفِي نتاجك من غنمك فرعا تغذوه ماشيتك حَتَّى تَسْتَغْنِي ثمَّ إِن شِئْت فاطعمه أهلك وَإِن شِئْت تصدَّق بِلَحْمِهِ وَأمره أَن يعقر من الْغنم فِي كل مائَة عشرا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَيحل لَهُم الطَّيِّبَات} قَالَ: الْحَلَال {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم} قَالَ: الثقيل الَّذِي كَانَ فِي دينهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث} قَالَ: كلحم الْخِنْزِير والربا وَمَا كَانُوا يسْتَحلُّونَ من الْمُحرمَات من المآكل الَّتِي حرَّمها الله وَفِي قَوْله {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم} قَالَ: هُوَ مَا كَانَ أَخذ الله عَلَيْهِم من الْمِيثَاق فِيمَا حرم عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم} قَالَ: عَهدهم ومواثيقهم فِي تَحْرِيم مَا أحلَّ الله لَهُم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم} يَقُول: يضع عَنْهُم عهودهم ومواثيقهم الَّتِي أخذت عَلَيْهِم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن صَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم}

قَالَ: التَّشْدِيد فِي الْعِبَادَة كَانَ أحدهم يُذنب الذَّنب فَيكْتب على بَاب دَاره: إِن توبتك أَن تخرج أَنْت وَأهْلك وَمَالك إِلَى الْعَدو فَلَا ترجع حَتَّى يَأْتِي الْمَوْت على آخركم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم} قَالَ: مَا غلظ على بني إِسْرَائِيل من قرض الْبَوْل من جُلُودهمْ إِذا أَصَابَهُم وَنَحْوه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شودب فِي قَوْله {والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم} قَالَ: الشدائد الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم} قَالَ: تَشْدِيد شدد على الْقَوْم فجَاء مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالتجاوز عَنْهُم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم} قَالَ: مَا غلظوا على أنفسهم من قطع أثر الْبَوْل وتتبع الْعُرُوق فِي اللَّحْم وَشبهه وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم} قَالَ: عَهدهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وعزروه} يَعْنِي عَظَّموه وَوَقَّروه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وعزَّروه ونصروه} قَالَ: بِالسَّيْفِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وعزَّروه} يَقُول: نصروه قَالَ: فَأَما نَصره وتعزيره قد سبقتم بِهِ وَلَكِن خَيركُمْ من آمن وَاتبع النُّور الَّذِي أنزل مَعَه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وعزروه} قَالَ: شدوا أمره وأعانوا رَسُوله ونصروه وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (وعزروه) مثقلة - الْآيَة (158)

158

- أخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْأَحْمَر وَالْأسود فَقَالَ {يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي رَسُول الله إِلَيْكُم جَمِيعًا} وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: كَانَت بَين أبي بكر وَعمر محاورة فاغضب أَبُو بكر عمر فَانْصَرف عمر عَنهُ مغضباً فَأتبعهُ أَبُو بكر فَسَأَلَهُ أَن يسْتَغْفر لَهُ فَلم يفعل حَتَّى أغلق بَابه فِي وَجهه فَأقبل أَبُو بكر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنَدم عمر على مَا كَانَ مِنْهُ فَأقبل حَتَّى سلَّم وَجلسَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقصَّ الْخَبَر فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل أَنْتُم تاركو لي صَاحِبي إِنِّي قلت {يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي رَسُول الله إِلَيْكُم جَمِيعًا} فقلتم: كذبت وَقَالَ أَبُو بكر: صدقت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يُؤمن بِاللَّه وكلماته} قَالَ: عِيسَى وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (يُؤمن بِاللَّه وكلماته) على الْجِمَاع - الْآيَة (159 - 162)

159

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب أجد أمة انجيلهم فِي قُلُوبهم قَالَ: تِلْكَ أمة تكون بعْدك أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب أجد أمة يصلونَ الْخمس تكون كَفَّارَة لما بَينهُنَّ قَالَ: تِلْكَ أمة تكون بعْدك أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب أجد أمة يُعْطون صدقَات أَمْوَالهم ثمَّ ترجع فيهم فَيَأْكُلُونَ قَالَ: تِلْكَ أمة تكون بعْدك أمة أَحْمد قَالَ: يَا رب اجْعَلنِي من أمة أَحْمد فَأنْزل الله كَهَيئَةِ المرضية لمُوسَى {وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي ليلى الْكِنْدِيّ قَالَ: قَرَأَ عبد الله بن مَسْعُود {وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} فَقَالَ رجل: مَا أحب إِنِّي مِنْهُم فَقَالَ عبد الله: لم مَا يزِيد صالحوكم على أَن يَكُونُوا مثلهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَمن قوم مُوسَى أمة} الْآيَة قَالَ: بَلغنِي أَن بني إِسْرَائِيل لما قتلوا أنبياءهم وَكَفرُوا وَكَانُوا اثْنَي عشر سبطاً تَبرأ سبط مِنْهُم مِمَّا صَنَعُوا وَاعْتَذَرُوا وسألوا الله أَن يفرق بَينهم وَبينهمْ فَفتح الله لَهُم نفقاً فِي الأَرْض فَسَارُوا فِيهِ حَتَّى خَرجُوا من وَرَاء الصين فهم هُنَالك حنفَاء مستقلين يستقبلون قبلتنا قَالَ ابْن جريج: قَالَ ابْن عَبَّاس: فَذَلِك قَوْله {وَقُلْنَا من بعده لبني إِسْرَائِيل اسكنوا الأَرْض فَإِذا جَاءَ وعد الْآخِرَة جِئْنَا بكم لفيفاً} الإِسراء الْآيَة 104 ووعد الْآخِرَة عِيسَى بن مَرْيَم قَالَ ابْن عَبَّاس: سَارُوا فِي السرب سنة وَنصفا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: افْتَرَقت بَنو إِسْرَائِيل بعد مُوسَى إِحْدَى وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار إِلَّا فرقة وافترقت النَّصَارَى بعد عِيسَى على اثْنَتَيْنِ وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار إِلَّا فرقة وتفترق هَذِه الْأمة على ثَلَاث وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار إِلَّا فرقة فَأَما الْيَهُود فَإِن الله يَقُول {وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} وَأما النَّصَارَى فَإِن الله يَقُول {مِنْهُم أمة مقتصدة} الْمَائِدَة الْآيَة 66 فَهَذِهِ الَّتِي تنجو وَأما نَحن فَيَقُول {وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} الْأَعْرَاف الْآيَة 181 فَهَذِهِ الَّتِي تنجو من هَذِه الْأمة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل قَالَ: إِن مِمَّا فضل الله بِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه عاين لَيْلَة الْمِعْرَاج قوم مُوسَى الَّذين من وَرَاء الصين وَذَلِكَ أَن بني إِسْرَائِيل حِين عمِلُوا بِالْمَعَاصِي وَقتلُوا الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ من النَّاس دعوا رَبهم وهم بِالْأَرْضِ المقدسة فَقَالُوا: اللهمَّ أخرجنَا من بَين أظهرهم فَاسْتَجَاب لَهُم فَجعل لَهُم سرباً فِي الأَرْض فَدَخَلُوا فِيهِ وَجعل مَعَهم نَهرا يجْرِي وَجعل لَهُم مصباحاً من نور بَين أَيْديهم فَسَارُوا فِيهِ سنة وَنصفا وَذَلِكَ من بَيت الْمُقَدّس إِلَى مجلسهم الَّذِي هم فِيهِ فَأخْرجهُمْ الله إِلَى أَرض تَجْتَمِع فِيهَا الْهَوَام والبهائم وَالسِّبَاع مختلطين بهَا لَيْسَ فِيهَا ذنُوب وَلَا معاص فَأَتَاهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ اللَّيْلَة وَمَعَهُ جِبْرِيل فآمنوا بِهِ وَصَدقُوهُ وعلَّمهم الصَّلَاة وَقَالُوا: إِن مُوسَى قد بشَّرهم بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} قَالَ: بَيْنكُم وَبينهمْ نهر من سهل يَعْنِي من رمل يجْرِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن صَفْوَان بن عَمْرو قَالَ: هم الَّذين قَالَ الله {وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ} يَعْنِي سبطان من أَسْبَاط بني إِسْرَائِيل يَوْم الملحمة الْعُظْمَى ينْصرُونَ الإِسلام وَأَهله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِن لله عباداً من وَرَاء الأندلس كَمَا بَيْننَا وَبَين الأندلس لَا يرَوْنَ أَن الله عَصَاهُ مَخْلُوق رضراضهم الدّرّ والياقوت وجبالهم الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يزرعون وَلَا يحصدون وَلَا يعْملُونَ عملا لَهُم شجر على أَبْوَابهم لَهَا أوراق عراض هِيَ لبوسهم وَلَهُم شجر على أَبْوَابهم لَهَا ثَمَر فَمِنْهَا يَأْكُلُون قَوْله تَعَالَى: {فانبجست مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا} أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فانبجست} قَالَ: فانفجرت وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ {فانبجست مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا} قَالَ: أجْرى الله من الصَّخْرَة اثْنَتَيْ عشرَة عينا لكل عين يشربون مِنْهَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت بشر بن أبي حَازِم يَقُول: فاسلبت العينان مني بواكف كَمَا انهل من واهي الكلى المتبجس

- الْآيَة (163 - 166)

163

- أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: دخلت على ابْن عَبَّاس وَهُوَ يقْرَأ هَذِه الْآيَة {واسألهم عَن الْقرْيَة الَّتِي كَانَت حَاضِرَة الْبَحْر} قَالَ: يَا عِكْرِمَة هَل تَدْرِي أَي قَرْيَة هَذِه قلت: لَا قَالَ: هِيَ أَيْلَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب {واسألهم عَن الْقرْيَة} هِيَ طبرية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {واسألهم عَن الْقرْيَة} قَالَ: هِيَ قَرْيَة يُقَال لَهَا مقنا بَين مَدين وعينونا وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {واسألهم عَن الْقرْيَة} هِيَ مَدين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِذْ يعدون فِي السبت} قَالَ: يظْلمُونَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {شرعا} يَقُول: من كل مَكَان وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {شرعا} قَالَ: ظَاهِرَة على المَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {شرعا} قَالَ: وَارِدَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واسألهم عَن الْقرْيَة الَّتِي كَانَت حَاضِرَة الْبَحْر} قَالَ: هِيَ قَرْيَة على شاطىء الْبَحْر بَين مصر

وَالْمَدينَة يُقَال لَهَا أَيْلَة فحرَّم الله عَلَيْهِم الْحيتَان يَوْم سبتهم فَكَانَت تأتيهم يَوْم سبتهم شرعا فِي سَاحل الْبَحْر فَإِذا مضى يَوْم السبت لم يقدروا عَلَيْهَا فَمَكَثُوا كَذَلِك مَا شَاءَ الله ثمَّ إِن طَائِفَة مِنْهُم أخذُوا الْحيتَان يَوْم سبتهم فنهتهم طَائِفَة فَلم يزدادوا إِلَّا غيّاً فَقَالَت طَائِفَة من النهاة: تعلمُونَ أَن هَؤُلَاءِ قوم قد حق عَلَيْهِم الْعَذَاب {لم تعظون قوما الله مهلكهم} وَكَانُوا أَشد غَضبا من الطَّائِفَة الْأُخْرَى وكل قد كَانُوا ينهون فَلَمَّا وَقع عَلَيْهِم غضب الله نجت الطائفتان اللَّتَان قَالَتَا: لم تعظون وَالَّذين {قَالُوا معذرة إِلَى ربكُم} وَأهْلك الله أهل مَعْصِيَته الَّذين أخذُوا الْحيتَان فجعلهم قردة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واسألهم عَن الْقرْيَة} الْآيَة قَالَ: إِن الله إِنَّمَا افْترض على بني إِسْرَائِيل الْيَوْم الَّذِي افْترض عَلَيْكُم يَوْم الْجُمُعَة فخالفوا إِلَى يَوْم السبت فعظَّموه وَتركُوا مَا أمروا بِهِ فَلَمَّا ابتدعوا السبت ابتلوا فِيهِ فَحرمت عَلَيْهِم الْحيتَان وَهِي قَرْيَة يُقَال لَهَا مَدين أَيْلَة وَالطور فَكَانُوا إِذا كَانَ يَوْم السبت شرعت لَهُم الْحيتَان ينظرُونَ إِلَيْهَا فِي الْبَحْر فَإِذا انْقَضى السبت ذهبت فَلم تَرَ حَتَّى مثله من السبت الْمقبل فَإِذا جَاءَ السبت عَادَتْ شرعا ثمَّ إِن رجلا مِنْهُم أَخذ حوتاً فحزمه بخيط ثمَّ ضرب لَهُ وتداً فِي السَّاحِل وربطه وَتَركه فِي المَاء فَلَمَّا كَانَ الْغَد جَاءَ فَأَخذه فَأَكله سرا فَفَعَلُوا ذَلِك وهم ينظرُونَ وَلَا يتناهون إِلَّا بَقِيَّة مِنْهُم فنهوهم حَتَّى إِذا ظهر ذَلِك فِي الْأَسْوَاق عَلَانيَة قَالَت طَائِفَة للَّذين ينهونهم {لم تعظون قوما الله مهلكهم أَو معذبهم عذَابا شَدِيدا} قَالُوا {معذرة إِلَى ربكُم} فِي سخطنا أَعْمَالهم {ولعلهم يَتَّقُونَ} فَكَانُوا أَثلَاثًا ثلثا نهى وَثلثا قَالُوا {لم تعظون} وَثلثا أَصْحَاب الْخَطِيئَة فَمَا نجا إِلَّا الَّذين نهوا وَهلك سَائِرهمْ فَأصْبح الَّذين نهوا ذَات غَدَاة فِي مجَالِسهمْ يتفقدون النَّاس لَا يرونهم وَقد باتوا من ليلتهم وغلقوا عَلَيْهِم دُورهمْ فَجعلُوا يَقُولُونَ: إِن للنَّاس شَأْنًا فانظروا مَا شَأْنهمْ فَاطَّلَعُوا فِي دُورهمْ فَإِذا الْقَوْم قد مسخوا يعْرفُونَ الرجل بِعَيْنِه وَأَنه لقرد وَالْمَرْأَة بِعَينهَا وانها لقردة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عِكْرِمَة قَالَ: جِئْت ابْن عَبَّاس يَوْمًا وَهُوَ يبكي وَإِذا الْمُصحف فِي حجره فَقلت: مَا يبكيك يَا ابْن عَبَّاس فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الورقات وَإِذا فِي سُورَة الْأَعْرَاف قَالَ: تعرف أَيْلَة قلت: نعم قَالَ: فَإِنَّهُ كَانَ بهَا حَيّ من يهود سيقت الْحيتَان إِلَيْهِم يَوْم السبت

ثمَّ غاصت لَا يقدرُونَ عَلَيْهَا حَتَّى يغوصوا عَلَيْهَا بعد كد وَمؤنَة شَدِيدَة وَكَانَت تأتيهم يَوْم السبت شرعا بيضًا سمانا كَأَنَّهَا الماخض فَكَانُوا كَذَلِك بُرْهَة من الدَّهْر ثمَّ إِن الشَّيْطَان أوحى إِلَيْهِم فَقَالَ: إِنَّمَا نهيتم عَن أكلهَا يَوْم السبت فخذوها فِيهِ وكلوها فِي غَيره من الْأَيَّام فَقَالَت: ذَلِك طَائِفَة مِنْهُم وَقَالَت طَائِفَة: بل نهيتم عَن أكلهَا وَأَخذهَا وصيدها فِي يَوْم السبت فعدت طَائِفَة بأنفسها وأبنائها ونسائها واعتزلت طَائِفَة ذَات الْيَمين وتنحَّت واعتزلت طَائِفَة ذَات الْيَسَار وسكتت وَقَالَ الأيمنون: وَيْلكُمْ لَا تتعرضوا لعقوبة الله وَقَالَ الأيسرون {لم تعظون قوما الله مهلكهم أَو معذبهم عذَابا شَدِيدا} قَالَ الأيمنون: {معذرة إِلَى ربكُم ولعلهم يَتَّقُونَ} ان ينْتَهوا فَهُوَ أحب إِلَيْنَا أَن لَا يصابوا وَلَا يهْلكُوا وَأَن لم ينْتَهوا فمعذرة إِلَى ربكُم فَمَضَوْا على الْخَطِيئَة وَقَالَ الأيمنون: قد فَعلْتُمْ يَا أَعدَاء الله وَالله لنبايننَّكم اللَّيْلَة فِي مدينتكم وَالله مَا أَرَاكُم تُصبحُونَ حَتَّى يصبحكم الله بخسف أَو قذف أَو بعض مَا عِنْده من الْعَذَاب فَلَمَّا أَصْبحُوا ضربوا عَلَيْهِم الْبَاب وَنَادَوْا فَلم يجابوا فوضعوا سلما وعلوا سور الْمَدِينَة رجلا فَالْتَفت إِلَيْهِم فَقَالَ: أَي عباد الله قردة - وَالله - تعاوى لَهَا أَذْنَاب ففتحوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِم فَعرفت القردة أنسابها من الانس وَلَا تعرف الانس أنسابها من القردة فَجعلت القرود تَأتي نسيبها من الانس فتشم ثِيَابه وتبكي فَيَقُول: ألم ننهكم فَتَقول برأسها: أَي نعم ثمَّ قَرَأَ ابْن عَبَّاس {فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ أنجينا الَّذين ينهون عَن السوء وأخذنا الَّذين ظلمُوا بِعَذَاب بئيس} قَالَ: أَلِيم وجيع قَالَ: فارى الَّذين نهوا قد نَجوا وَلَا أرى الآخرين ذكرُوا وَنحن نرى أَشْيَاء ننكرها وَلَا نقُول فِيهَا قلت: أَي جعلني الله فدَاك أَلا ترى أَنهم كَرهُوا مَا هم عَلَيْهِ وخالفوهم وَقَالُوا {لم تعظون قوما الله مهلكهم} قَالَ: فَأمر بِي فكسيت ثَوْبَيْنِ غليظين وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت قَرْيَة على سَاحل الْبَحْر يُقَال لَهَا ايلة وَكَانَ على سَاحل الْبَحْر صنمان من حِجَارَة مستقبلان المَاء يُقَال لأَحَدهمَا لقيم وَالْآخر لقمانة فَأوحى الله إِلَى السّمك: أَن حج يَوْم السبت إِلَى الصنمين وَأوحى إِلَى أهل الْقرْيَة: أَنِّي قد أمرت السّمك أَن يحجوا إِلَى الصنمين يَوْم السبت فَلَا تعرضوا للسمك يَوْم لَا يمْتَنع مِنْكُم فَإِذا ذهب السبت فشأنكم بِهِ فصيدوه فَكَانَ إِذا طلع الْفجْر يَوْم السبت أقبل السّمك شرعا إِلَى الصنمين لَا يمْتَنع من آخذ يَأْخُذهُ فَظهر

يَوْم السبت شَيْء من السّمك فِي الْقرْيَة فَقَالُوا: نَأْخُذهُ يَوْم السبت فنأكله يَوْم الْأَحَد فَلَمَّا كَانَ يَوْم السبت الآخر ظهر أَكثر من ذَلِك فَلَمَّا كَانَ السبت الآخر ظهر السّمك فِي الْقرْيَة فَقَامَ إِلَيْهِم قوم مِنْهُم فوعظوهم فَقَالُوا: اتَّقوا الله فَقَامَ آخَرُونَ فَقَالُوا {لم تعظون قوما الله مهلكهم أَو معذبهم عذَابا شَدِيدا قَالُوا معذرة إِلَى ربكُم ولعلهم يَتَّقُونَ} فَلَمَّا كَانَ سبت من تِلْكَ الأسبات فشى السّمك فِي الْقرْيَة فَقَامَ الَّذين نهوا عَن السوء فَقَالُوا: لَا نبيت مَعكُمْ اللَّيْلَة فِي هَذِه الْقرْيَة فَقيل لَهُم: لَو أَصْبَحْتُم فانقلبتم بذراريكم ونسائكم قَالُوا: لَا نبيت مَعكُمْ اللَّيْلَة فِي هَذِه الْقرْيَة فَإِن أَصْبَحْنَا غدونا فاخرجنا ذرارينا وأمتعتنا من بَين ظهرانيكم وَكَانَ الْقَوْم شَاتين فَلَمَّا أَمْسوا أغلقوا أَبْوَابهم فَلَمَّا أَصْبحُوا لم يسمع الْقَوْم لَهُم صَوتا وَلم يرَوا سرجاً خرج من الْقرْيَة قَالُوا: قد أصَاب أهل الْقرْيَة شَرّ فبعثوا رجلا مِنْهُم ينظر إِلَيْهِم فَلَمَّا أَتَى الْقرْيَة إِذا الْأَبْوَاب مغلقة عَلَيْهِم فَاطلع فِي دَار فَإِذا هم قرود كلهم الْمَرْأَة أُنْثَى وَالرجل ذكر ثمَّ اطلع فِي دَار أُخْرَى فَإِذا هم كَذَلِك الصَّغِير صَغِير وَالْكَبِير كَبِير وَرجع إِلَى الْقَوْم فَقَالَ: يَا قوم نزل بِأَهْل الْقرْيَة مَا كُنْتُم تحذرون أَصْبحُوا قردة كلهم لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يفتحوا الْأَبْوَاب فَدَخَلُوا عَلَيْهِم فَإِذا هم قردة كلهم فَجعل الرجل يومىء إِلَى القرد مِنْهُم أَنْت فلَان فيومىء بِرَأْسِهِ: نعم وهم يَبْكُونَ فَقَالُوا: أبعدكم الله قد حذرناكم هَذَا ففتحوا لَهُم الْأَبْوَاب فَخَرجُوا فَلَحقُوا بالبرية وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نجا الناهون وَهلك الفاعلون وَلَا أَدْرِي مَا صنع بالساكتين وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وَالله لَئِن أكون علمت أَن الْقَوْم الَّذين قَالُوا {لم تعظون قوما} نَجوا مَعَ الَّذين نهوا عَن السوء أحب إِلَى مَا عدل بِهِ وَفِي لفظ: من حمر النعم وَلَكِنِّي أَخَاف أَن تكون الْعقُوبَة نزلت بهم جَمِيعًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: مَا أَدْرِي انجا الَّذين قَالُوا لم تعظون قوما أم لَا قَالَ: فَمَا زلت أبصره حَتَّى عرف أَنهم قد نَجوا فكساني حلَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن لَيْث بن أبي سليم قَالَ: مسخوا حِجَارَة الَّذين قَالُوا {لم تعظون قوما الله مهلكهم}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {واسألهم عَن الْقرْيَة} الْآيَة قَالَ: كَانَ حوتاً حرمه الله عَلَيْهِم فِي يَوْم وأحله لَهُم فِيمَا سوى ذَلِك فَكَانَ يَأْتِيهم فِي الْيَوْم الَّذِي حرَّمه الله عَلَيْهِم كَأَنَّهُ الْمَخَاض مَا يمْتَنع من أحد فَجعلُوا يهمون ويمسكون وقلما رَأَيْت أحدا أَكثر الأهتمام بالذنب إِلَّا واقعه فَجعلُوا يهمون ويمسكون حَتَّى أَخَذُوهُ فأكلو بهَا - وَالله - أوخم أَكلَة أكلهَا قوم قطّ أبقاه خزياً فِي الدُّنْيَا وأشده عُقُوبَة فِي الْآخِرَة وأيم الله لِلْمُؤمنِ أعظم حُرْمَة عِنْد الله من حوت وَلَكِن الله عز وَجل جعل موعد قوم السَّاعَة والساعة أدهى وَأمر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَخذ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام رجلا يحمل حطباً يَوْم السبت وَكَانَ مُوسَى يسبت فصلبه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: احتطب رجل فِي السبت وَكَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يسبت فصلبه وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي بكر بن عَيَّاش قَالَ: كَانَ حفظي عَن عَاصِم (بِعَذَاب بئيس) على معنى فعيل ثمَّ دخلني مِنْهَا شكّ فَتركت رِوَايَتهَا عَن عَاصِم وأخذتها عَن الْأَعْمَش (بِعَذَاب بئيس) على معنى فعيل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بِعَذَاب بئيس} قَالَ: لَا رَحْمَة فِيهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {بِعَذَاب بئيس} قَالَ: وجيع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بِعَذَاب بئيس} قَالَ: أَلِيم بِشدَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: نُودي الَّذين اعتدوا فِي السبت ثَلَاثَة أصوات نُودُوا يَا أهل الْقرْيَة فانتبهت طَائِفَة ثمَّ نُودُوا يَا أهل الْقرْيَة فانتبهت طَائِفَة أَكثر من الأولى ثمَّ نُودُوا يَا أهل الْقرْيَة فانتبه الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالصبيان فَقَالَ الله لَهُم {كونُوا قردة خَاسِئِينَ} الْبَقَرَة آيَة 65 فَجعل الَّذين نهوهم يدْخلُونَ عَلَيْهِم فَيَقُولُونَ: يَا فلَان ألم ننهكم فَيَقُولُونَ برؤوسهم: أَي بلَى

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير وماهان الْحَنَفِيّ قَالَ: لما مسخوا جعل الرجل يشبه الرجل وَهُوَ قرد فَيُقَال: أَنْت فلَان فيومىء إِلَى يَدَيْهِ بِمَا كسبت يداي وَأخرج ابْن بطة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا ترتكبوا مَا ارتكبت الْيَهُود فتستحلوا محارم الله بِأَدْنَى الْحِيَل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان قَالَ: قَالُوا لعبد الله بن عبد الْعَزِيز الْعمريّ فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر: تَأمر من لَا يقبل مِنْك قَالَ: يكون معذرة وَقَرَأَ {قَالُوا معذرة إِلَى ربكُم} - الْآيَة (167 - 168)

167

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ تَأذن رَبك} الْآيَة قَالَ: الَّذين يسومونهم سوء الْعَذَاب مُحَمَّد وَأمته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَسُوء الْعَذَاب الْجِزْيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ تَأذن رَبك} الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود بعث عَلَيْهِم الْعَرَب يجبونهم الْخراج فَهُوَ سوء الْعَذَاب وَلم يكن من نَبِي جبا الْخراج إِلَّا مُوسَى جباه ثَلَاث عشرَة سنة ثمَّ كفَّ عَنهُ وَلَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي قَوْله {وقطعناهم} الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود بسطهم الله فِي الأَرْض فَلَيْسَ فِي الأَرْض بقْعَة إِلَّا وفيهَا عِصَابَة مِنْهُم وَطَائِفَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذ تَأذن رَبك} يَقُول: قَالَ رَبك: ليبْعَثن عَلَيْهِم قَالَ: على الْيَهُود وَالنَّصَارَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة {من يسومهم سوء الْعَذَاب} فَبعث الله عَلَيْهِم أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْخُذُونَ مِنْهُم الْجِزْيَة وهم صاغرون {وقطعناهم فِي الأَرْض أمماً} قَالَ:

يهود {مِنْهُم الصالحون} وهم مسلمة أهل الْكتاب {وَمِنْهُم دون ذَلِك} قَالَ: الْيَهُود {وبلوناهم بِالْحَسَنَاتِ} قَالَ: الرخَاء والعافية {والسيئات} قَالَ: الْبلَاء والعقوبة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله {وقطعناهم فِي الأَرْض أمماً} مَا الْأُمَم قَالَ: الْفرق وَقَالَ فِيهِ بشر بن أبي حَازِم: من قيس غيلَان فِي ذوائبها مِنْهُم وهم بعد قادة الْأُمَم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وبلوناهم بِالْحَسَنَاتِ والسيئات} قَالَ: بِالْخصْبِ والجدب - الْآيَة (169 - 170)

169

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {فخلف من بعدهمْ خلف ورثوا الْكتاب يَأْخُذُونَ عرض هَذَا الْأَدْنَى} قَالَ: أَقوام يقبلُونَ على الدُّنْيَا فيأكلونها ويتبعون رخص الْقُرْآن وَيَقُولُونَ: سيغفر لنا وَلَا يعرض لَهُم شَيْء من الدُّنْيَا إِلَّا أَخَذُوهُ وَيَقُولُونَ: سيغفرلنا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فخلف من بعدهمْ خلف} قَالَ: النَّصَارَى {يَأْخُذُونَ عرض هَذَا الْأَدْنَى} قَالَ: مَا أشرف لَهُم شَيْء من الدُّنْيَا حَلَالا أَو حَرَامًا يشتهونه أَخَذُوهُ ويتمنون الْمَغْفِرَة وَإِن يَجدوا آخر مثله يأخذونه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فخلف من بعدهمْ خلف} الْآيَة يَقُول: يَأْخُذُونَ مَا أَصَابُوا ويتركون مَا شاؤوا من حَلَال أَو حرَام وَيَقُولُونَ سيغفر لنا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فخلف من بعدهمْ خلف} قَالَ: خلف سوء {ورثوا الْكتاب} بعد أَنْبِيَائهمْ ورسلهم أورثهم الله الْكتاب وعهد الله إِلَيْهِم {يَأْخُذُونَ عرض هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سيغفر لنا} قَالَ: آمانيٌّ تمنوها على الله وغرة يغترون بهَا {وَإِن يَأْتهمْ عرض مثله يأخذوه} وَلَا يشغلهم شَيْء عَن شَيْء وَلَا ينهاهم شَيْء عَن ذَلِك كلما أشرف لَهُم شَيْء من الدُّنْيَا أَخَذُوهُ وَلَا يبالون حَلَالا كَانَ أَو حَرَامًا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {يَأْخُذُونَ عرض هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سيغفر لنا} قَالَ: كَانُوا يعْملُونَ بِالذنُوبِ وَيَقُولُونَ: سيغفرلنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء فِي قَوْله {يَأْخُذُونَ عرض هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سيغفر لنا} قَالَ: يَأْخُذُونَ مَا عرض لَهُم من الدُّنْيَا وَيَقُولُونَ: نَسْتَغْفِر الله ونتوب إِلَيْهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل لَا يستقضون قَاضِيا إِلَّا ارتشى فِي الحكم فَإِذا قيل لَهُ يَقُول: سيغفر لي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْجلد قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان تخرب صُدُورهمْ من الْقُرْآن وتتهافت وتبلى كَمَا تبلى ثِيَابهمْ لَا يَجدونَ لَهُم حلاوة وَلَا لذاذة إِن قصروا عَمَّا أُمروا بِهِ قَالُوا: إِن الله غَفُور رَحِيم وَإِن عمِلُوا بِمَا نهوا عَنهُ قَالُوا: سيغفر لنا إِنَّا لَا نشْرك بِاللَّه شَيْئا أَمرهم كُله طمع لَيْسَ فِيهِ خوف لبسوا جُلُود الضان على قُلُوب الذئاب أفضلهم فِي نَفسه المدهن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: الْمُؤمن يعلم أَن مَا قَالَ الله كَمَا قَالَ الله وَالْمُؤمن أحسن عملا وأشدَّ النَّاس خوفًا لَو أنْفق جبلا من مَال مَا أَمن دون أَن يعاين لَا يزْدَاد صلاحاً وبرّاً وَعبادَة إِلَّا ازْدَادَ فرقا يَقُول: أَلا أنجوه وَالْمُنَافِق يَقُول: سَواد النَّاس كثير وسيغفر لي وَلَا بَأْس عليَّ فيسيء الْعَمَل ويتمنى على الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {ألم يُؤْخَذ عَلَيْهِم مِيثَاق الْكتاب أَن لَا يَقُولُوا على الله إِلَّا الْحق} فِيمَا يوجهون على الله من غفران ذنوبهم الَّتِي لَا يزالون يعودون إِلَيْهَا وَلَا يتوبون مِنْهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {ودرسوا مَا فِيهِ} قَالَ: علمُوا مَا فِي الْكتاب لم يأتوه بِجَهَالَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {وَالَّذين يمسكون بِالْكتاب} قَالَ: هِيَ لأهل الْأَيْمَان مِنْهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالَّذين يمسكون بِالْكتاب} قَالَ: من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَالَّذين يمسكون بِالْكتاب} قَالَ: الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام - الْآيَة (171)

171

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ نتقنا الْجَبَل فَوْقهم كَأَنَّهُ ظلة} يَقُول: رفعناه وَهُوَ قَوْله {ورفعنا فَوْقهم الطّور بميثاقهم} النِّسَاء الْآيَة 154 فَقَالَ {خُذُوا مَا آتيناكم بِقُوَّة} وَإِلَّا أَرْسلتهُ عَلَيْكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ نتقنا الْجَبَل} قَالَ: رفعته الْمَلَائِكَة فَوق رؤوسهم فَقيل لَهُم {خُذُوا مَا آتيناكم بِقُوَّة} فَكَانُوا إِذا نظرُوا إِلَى الْجَبَل قَالُوا: سمعنَا وأطعنا وَإِذا نظرُوا إِلَى الْكتاب قَالُوا: سمعنَا وعصينا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنِّي لأعْلم لم تسْجد الْيَهُود على حرف قَالَ الله {وَإِذ نتقنا الْجَبَل فَوْقهم كَأَنَّهُ ظلة وظنوا أَنه وَاقع بهم} قَالَ: لتأخذن أَمْرِي أَو لأرمينكم بِهِ فسجدوا وهم ينظرُونَ إِلَيْهِ مَخَافَة أَن يسْقط عَلَيْهِم فَكَانَت سَجْدَة رضيها الله تَعَالَى فاتخذوها سنة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: أَتَى ابْن عَبَّاس يَهُودِيّ وَنَصْرَانِي فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: مَا دعَاكُمْ أَن تسجدوا بجباهكم فَلم يدر مَا يجِيبه فَقَالَ: سجدتم بجباهكم لقَوْل

الله {وَإِذ نتقنا الْجَبَل فَوْقهم كَأَنَّهُ ظلة} فخررتم لجباهكم تنْظرُون إِلَيْهِ وَقَالَ لِلنَّصْرَانِيِّ: سجدتم إِلَى الشرق لقَوْل الله {إِذْ انتبذت من أَهلهَا مَكَانا شرقياً} مَرْيَم الْآيَة 16 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: إِن هَذَا الْجَبَل جبل الطّور هُوَ الَّذِي رفع على بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذ نتقنا الْجَبَل} قَالَ: كَمَا تنتق الزبدة أخرجنَا الْجَبَل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ثَابت بن الْحجَّاج قَالَ: جَاءَتْهُم التَّوْرَاة جملَة وَاحِدَة فَكبر عَلَيْهِم فَأَبَوا أَن يأخذوه حَتَّى ظلَّل الله عَلَيْهِم الْجَبَل فَأَخَذُوهُ عِنْد ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وَإِذ نتقنا الْجَبَل} قَالَ: انتزعه الله من أَصله ثمَّ جعله فَوق رؤوسهم ثمَّ قَالَ: لتأخذن أَمْرِي أَو لأرمينكم بِهِ وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: كتب هِرقل ملك الرّوم إِلَى مُعَاوِيَة يسْأَله عَن الشَّيْء وَلَا شَيْء وَعَن دين لَا يقبل الله غَيره وَعَن مِفْتَاح الصَّلَاة وَعَن غرس الْجنَّة وَعَن صلا ة كل شَيْء وَعَن أَرْبَعَة فيهم الرّوح وَلم يركضوا فِي اصلاب الرِّجَال وَلَا ارحام النِّسَاء وَعَن رجل لَا أَب لَهُ وَعَن رجل لَا قوم لَهُ وَعَن قبر جرى بِصَاحِبِهِ وَعَن قَوس قزَح وَعَن بقْعَة طلعت عَلَيْهَا الشَّمْس مرّة لم تطلع عَلَيْهَا قبلهَا وَلَا بعْدهَا وَعَن ظاعن ظعن مرّة لم يظعن قبلهَا وَلَا بعْدهَا وَعَن شَجَرَة نَبتَت بِغَيْر مَاء وَعَن شَيْء يتنفس لَا روح لَهُ وَعَن الْيَوْم وأمس وغد وَبعد غَد مَا أجزاؤها فِي الْكَلَام وَعَن الرَّعْد والبرق وصوته وَعَن المجرة وَعَن المحو الَّذِي فِي الْقَمَر فَقيل لَهُ: لست هُنَاكَ وَإنَّك مَتى تخطىء شَيْئا فِي كتابك إِلَيْهِ يغتمزه فِيك فَاكْتُبْ إِلَى ابْن عَبَّاس فَكتب إِلَيْهِ فَأَجَابَهُ ابْن عَبَّاس: أما الشَّيْء: فالماء قَالَ الله {وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ} واما لَا شَيْء: فالدنيا تبيد وتفنى وَأما الدّين الَّذِي لَا يقبل الله غَيره: فَلَا إِلَه إِلَّا الله وَأما مِفْتَاح الصَّلَاة: فَالله أكبر وَأما غرس الْجنَّة فَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأما صَلَاة كل شَيْء: فسبحان الله وَبِحَمْدِهِ وَأما الْأَرْبَعَة الَّتِي فِيهَا الرّوح وَلم يرتكضوا فِي أصلاب الرِّجَال وَلَا أَرْحَام

النِّسَاء: فآدم وحواء وعصا مُوسَى والكبش الَّذِي فدى الله بِهِ إِسْحَق واما الرجل الَّذِي لَا أَب لَهُ: فعيسى بن مَرْيَم وَأما الرجل الَّذِي لَا قوم لَهُ: فآدم وَأما الْقَبْر الَّذِي جرى بِصَاحِبِهِ: فَالْحُوت حَيْثُ سَار بِيُونُس فِي الْبَحْر وَأما قَوس قزَح: فأمان الله لِعِبَادِهِ من الْغَرق وَأما الْبقْعَة الَّتِي طلعت عَلَيْهَا الشَّمْس وَلم تطلع عَلَيْهَا قبلهَا وَلَا بعْدهَا: فالبحر حَيْثُ انْفَلق لبني إِسْرَائِيل وَأما الظاعن الَّذِي ظعن مرّة لم يظعن قبلهَا وَلَا بعْدهَا: فجبل طور سيناء كَانَ بَينه وَبَين الأَرْض المقدسة أَربع لَيَال فَلَمَّا عَصَتْ بَنو إِسْرَائِيل أطاره الله بجناحين من نور فِيهِ ألوان الْعَذَاب فأظله الله عَلَيْهِم وناداهم مُنَاد إِن قبلتم التَّوْرَاة كشفته عَنْكُم وَإِلَّا أَلقيته عَلَيْكُم فَأخذُوا التَّوْرَاة معذورين فَرده الله إِلَى مَوْضِعه فَذَلِك قَوْله {وَإِذ نتقنا الْجَبَل فَوْقهم كَأَنَّهُ ظلة} الْآيَة وَأما الشَّجَرَة الَّتِي نَبتَت من غير مَاء: فاليقطينة الَّتِي أنبتت على يُونُس وَأما الَّذِي تنفس بِلَا روح فالصبح قَالَ الله {وَالصُّبْح إِذا تنفس} التكوير الْآيَة 18 وَأما الْيَوْم: فَعمل وَأما أمس: فَمثل وَأما غَد: فأجل وَبعد غَد فأمل وَأما الْبَرْق: فمخاريق بأيدي الْمَلَائِكَة تضرب بهَا السَّحَاب وَأما الرَّعْد: فاسم الْملك الَّذِي يَسُوق السَّحَاب وصوته زَجره وَأما المجرة: فأبواب السَّمَاء وَمِنْهَا تفتح الْأَبْوَاب وَأما المحو الَّذِي فِي الْقَمَر فَقَوْل الله {وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ فمحونا آيَة اللَّيْل} الاسراء الْآيَة 12 وَلَوْلَا ذَلِك المحو لم يعرف اللَّيْل من النَّهَار وَلَا النَّهَار من اللَّيْل فَبعث بهَا مُعَاوِيَة إِلَى قَيْصر وَكتب إِلَيْهِ جَوَاب مسَائِله فَقَالَ قَيْصر: مَا يعلم هَذَا إِلَّا نَبِي أَو رجل من أهل بَيت نَبِي وَالله تَعَالَى أعلم - الْآيَة (172 - 174)

172

- أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم} الْآيَة قَالَ: خلق الله آدم وَأخذ ميثاقه أَنه ربه وَكتب أَجله ورزقه ومصيبته ثمَّ أخرج وَلَده من ظَهره كَهَيئَةِ الذَّر فَأخذ مواثيقهم أَنه رَبهم وَكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم} الْآيَة قَالَ: لما خلق الله آدم أَخذ ذُريَّته من ظَهره كَهَيئَةِ الذَّر ثمَّ سماهم بِأَسْمَائِهِمْ فَقَالَ: هَذَا فلَان بن فلَان يعْمل كَذَا وَكَذَا وَهَذَا فلَان بن فلَان يعْمل كَذَا وَكَذَا ثمَّ أَخذ بِيَدِهِ قبضتين فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة وَهَؤُلَاء فِي النَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ رَبك} الْآيَة قَالَ: إِن الله خلق آدم ثمَّ أخرج ذُريَّته من صلبه مثل الذَّر فَقَالَ لَهُم: من ربكُم فَقَالُوا: الله رَبنَا ثمَّ أعادهم فِي صلبه حَتَّى يُولد كل من أَخذ ميثاقه لَا يُزَاد فيهم وَلَا ينقص مِنْهُم إِلَى أَن تقوم السَّاعَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أهبط آدم عَلَيْهِ السَّلَام حِين أهبط بدحناء فَمسح الله ظَهره فَأخْرج كل نسمَة هُوَ خَالِقهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قَالَ: أَلَسْت بربكم قَالُوا: بلَى فَيَوْمئِذٍ جف الْقَلَم بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: مسح الله على صلب آدم فَأخْرج من صلبه مَا يكون من ذُريَّته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخذ ميثاقهم أَنه رَبهم وَأَعْطوهُ ذَلِك فَلَا يسْأَل أحد كَافِر وَلَا غَيره من رَبك إِلَّا قَالَ: الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ واللالكائي فِي السّنة عَن عبد الله بن عَمْرو فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} قَالَ: أَخذهم من ظهْرهمْ كَمَا يُؤْخَذ بالمشط من الرَّأْس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مَنْدَه فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: أخرج ذُريَّته من صلبه كَأَنَّهُمْ الذَّر فِي آذىء من المَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله ضرب بِيَمِينِهِ على منْكب آدم فَخرج مِنْهُ مثل اللُّؤْلُؤ فِي كَفه فَقَالَ: هَذَا للجنة وَضرب بِيَدِهِ

الْأُخْرَى على مَنْكِبه الشمَال فَخرج مِنْهُ سَواد مثل الحمم فَقَالَ: هَذَا ذَرْء النَّار قَالَ: وَهِي هَذِه الْآيَة {وَلَقَد ذرأنا لِجَهَنَّم كثيرا من الْجِنّ والإِنس} الْأَعْرَاف الْآيَة 179 وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: مسح الله ظهر آدم وَهُوَ بِبَطن نعْمَان - وَاد إِلَى جنب عَرَفَة - فَأخْرج مِنْهُ كل نسمَة هُوَ خَالِقهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ أَخذ عَلَيْهِم الْمِيثَاق وتلا (أَن يَقُولُوا يَوْم الْقِيَامَة) هَكَذَا قَرَأَهَا يَقُولُوا بِالْيَاءِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الْكَرِيم بن أبي أُميَّة قَالَ: أخرجُوا من ظَهره مثل طَرِيق النَّمْل وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: أقرُّوا لَهُ بالإِيمان والمعرفة الْأَرْوَاح قبل أَن يخلق أجسادها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: خلق الله الْأَرْوَاح قبل أَن يخلق الأجساد فَأخذ ميثاقهم وَأخرج ابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة الْهَمدَانِي عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} قَالُوا: لما أخرج الله آدم من الْجنَّة قبل تهبيطه من السَّمَاء مسح صفحة ظَهره الْيُمْنَى فَأخْرج مِنْهُ ذُريَّته بَيْضَاء مثل اللُّؤْلُؤ كَهَيئَةِ الذَّر فَقَالَ لَهُم: ادخُلُوا الْجنَّة برحمتي وَمسح صفحة ظَهره الْيُسْرَى فَأخْرج مِنْهُ ذُرِّيَّة سَوْدَاء كَهَيئَةِ الذَّر فَقَالَ: ادخُلُوا النَّار وَلَا أُبَالِي فَذَلِك قَوْله: أَصْحَاب الْيَمين وَأَصْحَاب الشمَال ثمَّ أَخذ مِنْهُم الْمِيثَاق فَقَالَ {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} فَأعْطَاهُ طَائِفَة طائعين وَطَائِفَة كارهين على وَجه التقية فَقَالَ: هُوَ وَالْمَلَائِكَة {شَهِدنَا أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة انَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين أَو تَقولُوا إِنَّمَا أشرك آبَاؤُنَا من قبل} قَالُوا: فَلَيْسَ أحد من ولد آدم إِلَّا وَهُوَ يعرف الله أَنه ربه وَذَلِكَ قَوْله عز وَجل {وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها} آل عمرَان الْآيَة 83 وَذَلِكَ قَوْله {فَللَّه الْحجَّة الْبَالِغَة فَلَو شَاءَ لهداكم أَجْمَعِينَ} الْأَنْعَام الْآيَة 149 يَعْنِي يَوْم أَخذ الْمِيثَاق

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مُحَمَّد رجل من أهل الْمَدِينَة قَالَ: سَأَلت عمر بن الْخطاب عَن قَوْله {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا سَأَلتنِي فَقَالَ خلق الله آدم بِيَدِهِ وَنفخ فِيهِ من روحه ثمَّ أجلسه فَمسح ظَهره بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَأخْرج ذراً فَقَالَ: ذَرْء ذرأتهم للجنة ثمَّ مسح ظَهره بِيَدِهِ الْأُخْرَى - وكلتا يَدَيْهِ يَمِين - فَقَالَ: ذَرْء ذرأتهم للنار يعْملُونَ فِيمَا شِئْت من عمل ثمَّ اختم بِأَسْوَأ أَعْمَالهم فأدخلهم النَّار وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مَنْدَه فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية والالكائي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} قَالَ: إِلَى قَوْله {بِمَا فعل المبطلون} جَمِيعًا فجعلهم أرواحاً فِي صورهم ثمَّ استنطقهم فتكلموا ثمَّ أَخذ عَلَيْهِم الْعَهْد والميثاق {وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} قَالَ: فَإِنِّي أشهد عَلَيْكُم السَّمَوَات السَّبع وَأشْهد عَلَيْكُم أَبَاكُم آدم {أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة} انَّا لم نعلم بِهَذَا اعلموا أَنه لَا إِلَه غَيْرِي وَلَا رب غَيْرِي وَلَا تُشْرِكُوا بِي شَيْئا إِنِّي سأرسل إِلَيْكُم رُسُلِي يذكرونكم عهدي وميثاقي وَأنزل عَلَيْكُم كتبي قَالُوا: شَهِدنَا بأنك رَبنَا وإلهنا لَا رب لنا غَيْرك وَلَا إِلَه لنا غَيْرك فأقروا وَرفع عَلَيْهِم آدم ينظر إِلَيْهِم فَرَأى الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَحسن الصُّورَة وَدون ذَلِك فَقَالَ: يَا رب لَوْلَا سوّيت بَين عِبَادك قَالَ: إِنِّي أَحْبَبْت أَن أشكر وَرَأى الْأَنْبِيَاء فيهم مثل السرج عَلَيْهِم النُّور وخصوا بميثاق آخر فِي الرسَالَة والنبوة أَن يبلغُوا وَهُوَ قَوْله {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم} الْأَحْزَاب الْآيَة 7 الْآيَة وَهُوَ قَوْله {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} الرّوم الْآيَة 30 وَفِي ذَلِك قَالَ {وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين} الْأَعْرَاف الْآيَة 102 وَفِي ذَلِك قَالَ {فَمَا كَانُوا ليؤمنوا بِمَا كذبُوا بِهِ من قبل} الْأَعْرَاف الْآيَة 101 قَالَ: فَكَانَ فِي علم الله يَوْمئِذٍ من يكذب بِهِ وَمن يصدق بِهِ فَكَانَ روح عِيسَى من تِلْكَ الْأَرْوَاح الَّتِي أَخذ عهدها وميثاقها فِي زمن آدم فَأرْسلهُ الله إِلَى مَرْيَم فِي صُورَة بشر فتمثل لَهَا بشرا سوياً قَالَ: أبي فَدخل من فِيهَا

وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان والآجري فِي الشَّرِيعَة وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُسلم بن يسَار الْجُهَنِيّ أَن عمر بن الْخطاب سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ أَن الله خلق آدم ثمَّ مسح ظَهره بِيَمِينِهِ فاستخرج مِنْهُ ذُرِّيَّة فَقَالَ: خلقت هَؤُلَاءِ للجنة وبعمل أهل الْجنَّة يعْملُونَ ثمَّ مسح ظَهره فاستخرج مِنْهُ ذُرِّيَّة فَقَالَ: خلقت هَؤُلَاءِ للنار وبعمل أهل النَّار يعْملُونَ فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله فَفِيمَ الْعَمَل فَقَالَ: إِن الله إِذا خلق العَبْد للجنة اسْتَعْملهُ بِعَمَل أهل الْجنَّة حَتَّى يَمُوت على عمل من أَعمال أهل الْجنَّة فيدخله الله الْجنَّة وَإِذا خلق العَبْد للنار اسْتَعْملهُ بِعَمَل أهل النَّار حَتَّى يَمُوت على عمل من أَعمال أهل النَّار فيدخله الله النَّار وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله أَخذ الْمِيثَاق من ظهر آدم بنعمان يَوْم عَرَفَة فَأخْرج من صلبه كل ذُرِّيَّة ذرأها فنثرها بَين يَدَيْهِ كالذر ثمَّ كَلمهمْ قبلا قَالَ {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى شَهِدنَا} إِلَى قَوْله {المبطلون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مَنْدَه فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} قَالَ أَخذ من ظَهره كَمَا يُؤْخَذ بالمشط من الرَّأْس فَقَالَ لَهُم {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} قَالَت الْمَلَائِكَة {شَهِدنَا أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة انَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مَنْدَه وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله لما خلق آدم مسح ظَهره فخرت مِنْهُ كل نسمَة هُوَ خَالِقهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَنزع ضلعاً من أضلاعه فخلق مِنْهُ حَوَّاء ثمَّ أَخذ عَلَيْهِم الْعَهْد {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} ثمَّ اختلس كل نسمَة من بني آدم بنوره فِي وَجهه وَجعل فِيهِ الْبلوى الَّذِي كتب أَنه يَبْتَلِيه بهَا فِي الدُّنْيَا من الأسقام ثمَّ عرضهمْ على آدم فَقَالَ: يَا آدم هَؤُلَاءِ ذريتك وَإِذا فيهم الأجذم والأبرص وَالْأَعْمَى وأنواع الأسقام فَقَالَ آدم: يَا رب لم فعلت هَذَا بذريتي قَالَ: كي

تشكر نعمتي وَقَالَ آدم: يَا رب من هَؤُلَاءِ الَّذين أَرَاهُم أظهر النَّاس نورا قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء من ذريتك قَالَ: من هَذَا الَّذِي أرَاهُ أظهرهم نورا قَالَ: هَذَا دَاوُد يكون فِي آخر الْأُمَم قَالَ: يَا رب كم جعلت عمره قَالَ: سِتِّينَ سنة قَالَ: يَا رب كم جعلت عمري قَالَ: كَذَا وَكَذَا قَالَ: يَا رب فزده من عمري أَرْبَعِينَ سنة حَتَّى يكون عمره مائَة سنة قَالَ: أتفعل يَا آدم قَالَ: نعم يَا رب قَالَ: فَيكْتب وَيخْتم إنَّا كتبنَا وختمنا وَلم نغير قَالَ: فافعل أَي رب قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَلَمَّا جَاءَ ملك الْمَوْت إِلَى آدم ليقْبض روحه قَالَ: مَاذَا تُرِيدُ يَا ملك الْمَوْت قَالَ: أُرِيد قبض روحك قَالَ: ألم يبْق من أَجلي أَرْبَعُونَ سنة قَالَ: أَو لم تعطها ابْنك دَاوُد قَالَ: لَا قَالَ: فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول: نسي آدم ونسيت ذُريَّته وَجحد آدم فَجحدت ذُريَّته وَأخرج ابْن جرير عَن جُوَيْبِر قَالَ: مَاتَ ابْن الضَّحَّاك بن مُزَاحم ابْن سِتَّة أَيَّام فَقَالَ: إِذا وضعت ابْني فِي لحده فأبرز وَجهه وَحل عقده فَإِن ابْني مجْلِس ومسؤول فَقلت: عمَّ يسْأَل قَالَ: عَن مِيثَاق الَّذِي أقرَّ بِهِ فِي صلب آدم حَدثنِي ابْن عَبَّاس: أَن الله مسح صلب آدم فاستخرج مِنْهُ كل نسمَة هُوَ خَالِقهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَأخذ مِنْهُم الْمِيثَاق أَن يعبدوه وَلَا يشركوا بِهِ شَيْئا وتكفل لَهُم بالأرزاق ثمَّ أعادهم فِي صلبه فَلَنْ تقوم السَّاعَة حَتَّى يُولد من أعطي الْمِيثَاق يَوْمئِذٍ فَمن أدْرك مِنْهُم الْمِيثَاق الآخر فوفى بِهِ نَفعه الْمِيثَاق الأوّل وَمن أدْرك الْمِيثَاق الآخر فَلم يقر بِهِ لم يَنْفَعهُ الْمِيثَاق الأول وَمن مَاتَ صَغِيرا قبل أَن يدْرك الْمِيثَاق الآخر مَاتَ على الْمِيثَاق الأول على الْفطْرَة وَأخرج عبد بن حميد عَن سلمَان قَالَ: إِن الله لما خلق آدم مسح ظَهره فَأخْرج مِنْهُ مَا هُوَ ذارىء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَكتب الْآجَال والأرزاق والأعمال والشقوة والسعادة فَمن علم السَّعَادَة فعل الْخَيْر ومجالس الْخَيْر وَمن علم الشقاوة فعل الشَّرّ ومجالس الشَّرّ وَأخرج عبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خلق الله الْخلق وَقضى الْقَضِيَّة وَأخذ مِيثَاق النَّبِيين وعرشه على المَاء فَأخذ أهل الْيَمين بِيَمِينِهِ وَأخذ أهل الشمَال بِيَدِهِ الْأُخْرَى - وكلتا يَدي الرَّحْمَن يَمِين - فَقَالَ: يَا أَصْحَاب الْيَمين

فاستجابوا لَهُ فَقَالُوا: لبيْك رَبنَا وَسَعْديك قَالَ {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} قَالَ: يَا أَصْحَاب الشمَال فاستجابوا لَهُ فَقَالُوا: لبيْك رَبنَا وَسَعْديك قَالَ {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} فخلط بَعضهم بِبَعْض فَقَالَ قَائِل مِنْهُم: رب لم خلطت بَيْننَا قَالَ {وَلَهُم أَعمال من دون ذَلِك هم لَهَا عاملون} الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 63 {أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة انَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين} ثمَّ ردهم فِي صلب آدم فَأهل الْجنَّة أَهلهَا وَأهل النَّار أَهلهَا فَقَالَ قَائِل: يَا رَسُول الله فَمَا الْأَعْمَال قَالَ: يعْمل كل قوم لمنازلهم فَقَالَ عمر بن الْخطاب: إِذا نجتهد وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما خلق الله آدم مسح ظَهره فَسقط من ظَهره نسمَة هُوَ خَالِقهَا من ذُريَّته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَجعل بَين عَيْني كل إِنْسَان مِنْهُم وبيصاً من نور ثمَّ عرضهمْ على آدم فَقَالَ: أَي رب من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ ذريتك فَرَأى رجلا مِنْهُم فأعجبه وبيص مَا بَين عَيْنَيْهِ فَقَالَ: أَي رب من هَذَا فَقَالَ: رجل من آخر الْأُمَم من ذريتك يُقَال لَهُ دَاوُد قَالَ: أَي رب وَكم جعلت عمره قَالَ: سِتِّينَ سنة قَالَ: أَي رب زده من عمري أَرْبَعِينَ سنة فَلَمَّا انْقَضى عمر آدم جَاءَ ملك الْمَوْت فَقَالَ: أولم يبْق من عمري أَرْبَعُونَ سنة قَالَ: أولم تعطها ابْنك دَاوُد قَالَ: فَجحد فَجحدت ذُريَّته وَنسي فنسيت ذُريَّته وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الشُّكْر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحسن قَالَ: لما خلق الله آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج أهل الْجنَّة من صفحته الْيُمْنَى وَأخرج أهل النَّار من صفحته الْيُسْرَى فدبوا على وَجه الأَرْض مِنْهُم الْأَعْمَى والأصم والأبرص والمقعد والمبتلى بأنواع الْبلَاء فَقَالَ آدم: يَا رب أَلا سويت بَين وَلَدي قَالَ: يَا آدم إِنِّي أردْت أَن أشكر ثمَّ ردهم فِي صلبه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن قَتَادَة وَالْحسن قَالَا: لما عرضت على آدم ذُريَّته فَرَأى فضل بَعضهم على بعض قَالَ: أَي رب أفهلا سوّيت بَينهم قَالَ: إِنِّي أحب أَن أشكر يرى ذُو الْفضل فَضله فيحمدني ويشكرني وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن بكر مثله

وَأخرج ابْن جرير وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ والآجري فِي الشَّرِيعَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن هِشَام بن حَكِيم أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَتُبتدأ الْأَعْمَال أم قد قضي الْقَضَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله أَخذ ذُرِّيَّة آدم من ظُهُورهمْ ثمَّ أشهدهم على أنفسهم ثمَّ أَفَاضَ بهم فِي كفيه فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة وَهَؤُلَاء فِي النَّار فَأهل الْجنَّة ميسرون لعمل أهل الْجنَّة وَأهل النَّار ميسرون لعمل أهل النَّار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله أخرج ذُرِّيَّة آدم من صلبه حَتَّى ملؤوا الأَرْض وَكَانُوا هَكَذَا فضم إِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلت رَبِّي فَأَعْطَانِي أَوْلَاد الْمُشْركين خدماً لأهل الْجنَّة وَذَلِكَ أَنهم لم يدركوا مَا أدْرك آباؤهم من الشّرك وهم فِي الْمِيثَاق الأوّل وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُقَال للرجل من أهل النَّار يَوْم الْقِيَامَة: أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك مَا على الأَرْض من شَيْء أَكنت مفتدياً بِهِ فَيَقُول: نعم فَيَقُول: قد أردْت مِنْك أَهْون من ذَلِك قد أخذت عَلَيْك فِي ظهر أَبِيك آدم أَن لَا تشرك بِي فأبيت إِلَّا أَن تشرك بِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عَليّ بن حُسَيْن أَنه كَانَ يعْزل ويتأوّل هَذِه الْآيَة {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْل فَقَالَ لَا عَلَيْكُم أَن لَا تَفعلُوا إِن تكن مِمَّا أَخذ الله مِنْهَا الْمِيثَاق فَكَانَت على صَخْرَة نفخ فِيهَا الرّوح وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْل فَقَالَ لَو أَن المَاء الَّذِي يكون مِنْهُ الْوَلَد صب على صَخْرَة لأخرج الله مِنْهَا مَا قدر ليخلق الله نفسا هُوَ خَالِقهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الْعَزْل فَقَالَ: لَو أَخذ الله مِيثَاق نسمَة من صلب رجل ثمَّ أفرغه على صفا لأخرجه من ذَلِك الصَّفَا فَإِن شِئْت فأعزل وَإِن شِئْت فَلَا تعزل

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: إِن النُّطْفَة الَّتِي قضى الله فِيهَا الْوَلَد لَو وَقعت على صَخْرَة لأخرج الله مِنْهَا الْوَلَد وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَأَبُو الشَّيْخ عَن فَاطِمَة بنت حُسَيْن قَالَت: لما أَخذ الله الْمِيثَاق من بني آدم جعله فِي الرُّكْن فَمن الْوَفَاء بِعَهْد الله استلام الْحجر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: كنت مَعَ أبي مُحَمَّد بن عَليّ فَقَالَ لَهُ رجل: يَا أَبَا جَعْفَر مَا بَدْء خلق هَذَا الرُّكْن فَقَالَ: إِن الله لما خلق الْخلق قَالَ لبني آدم {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} فأقروا وأجرى نَهرا أحلى من الْعَسَل وألين من الزّبد ثمَّ أَمر الْقَلَم فاستمد من ذَلِك النَّهر فَكتب إقرارهم وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى الْيَوْم الْقِيَامَة ثمَّ ألقم ذَلِك الْكتاب هَذَا الْحجر فَهَذَا الإِستلام الَّذِي ترى إِنَّمَا هُوَ بَيْعه على إقرارهم الَّذِي كَانُوا أقرُّوا بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ضرب الله متن آدم فَخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بَيْضَاء نقية فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أهل الْجنَّة وَخرجت كل نفس مخلوقة للنار سَوْدَاء فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أهل النَّار أَمْثَال الْخَرْدَل فِي صور الذَّر فَقَالَ: يَا عباد الله أجِيبُوا الله: يَا عباد الله أطِيعُوا الله قَالُوا: لبيْك اللَّهُمَّ أطعناك اللَّهُمَّ أطعناك اللَّهُمَّ أطعناك وَهِي الَّتِي أعْطى الله إِبْرَاهِيم فِي الْمَنَاسِك: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك فَأخذ عَلَيْهِم الْعَهْد بالإِيمان بِهِ والإِقرار والمعرفة بِاللَّه وَأمره وَأخرج الجندي فِي فَضَائِل مَكَّة وَأَبُو الْحسن الْقطَّان فِي الطوالات وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: حجَجنَا مَعَ عمر بن الْخطاب فَلَمَّا دخل الطّواف اسْتقْبل الْحجر فَقَالَ: إِنِّي أعلم أَنَّك حجر لَا تضر وَلَا تَنْفَع وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبلك مَا قبلتك ثمَّ قبله فَقَالَ لَهُ عَليّ بن أبي طَالب: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه يضر وينفع قَالَ: بِمَ قَالَ: بِكِتَاب الله عز وَجل قَالَ: وَأَيْنَ ذَلِك من كتاب الله قَالَ الله {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} إِلَى قَوْله {بلَى} خلق الله آدم وَمسح على ظَهره فقررهم بِأَنَّهُ الرب وَإِنَّهُم العبيد وَأخذ عهودهم ومواثيقهم وَكتب ذَلِك فِي رق وَكَانَ لهَذَا الْحجر عينان ولسان فَقَالَ لَهُ افْتَحْ فَاك فَفتح فَاه فألقمه ذَلِك الرّقّ فَقَالَ: أشهد لمن وافاك بالموافاة يَوْم الْقِيَامَة وَإِنِّي أشهد لسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يُؤْتى يَوْم الْقِيَامَة بِالْحجرِ الْأسود وَله لِسَان ذلق يشْهد لمن يستلمه بِالتَّوْحِيدِ فَهُوَ يَا أَمِير

الْمُؤمنِينَ يضر وينفع فَقَالَ عمر: أعوذ بِاللَّه أَن أعيش فِي قوم لست فيهم يَا أَبَا حسن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ رَبك} الْآيَة قَالَ: أَخذهم فِي كَفه كَأَنَّهُمْ الْخَرْدَل الْأَوَّلين والآخرين فقلبهم فِي يَده مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا يرفع ويطأطئها مَا شَاءَ الله من ذَلِك ثمَّ ردههم فِي أصلاب آبَائِهِم حَتَّى أخرجهم قرنا بعد قرن ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك {وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد} الْأَعْرَاف الْآيَة 102 الْآيَة ثمَّ نزل بعد ذَلِك {واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم وميثاقه الَّذِي واثقكم بِهِ} الْمَائِدَة الْآيَة 7 وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن عمر قَالَ: لما خلق الله آدم نفضه نفض المزود فَخر مِنْهُ مثل النغف فَقبض مِنْهُ قبضتين فَقَالَ لما فِي الْيَمين: فِي الْجنَّة وَقَالَ لما فِي الْأُخْرَى: فِي النَّار وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن عبد الرَّحْمَن بن قَتَادَة السّلمِيّ وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله تبَارك وَتَعَالَى خلق آدم ثمَّ أَخذ الْخلق من ظَهره فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاء فِي النَّار وَلَا أُبَالِي فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله فعلى مَاذَا نعمل قَالَ: على مواقع الْقدر وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خلق الله آدم حِين خلقه فَضرب كتفه الْيُمْنَى فَأخْرج ذُرِّيَّة بَيْضَاء كَأَنَّهُمْ الذَّر وَضرب كتفه الْيُسْرَى فَأخْرج ذُرِّيَّة سَوْدَاء كَأَنَّهُمْ الحممة فَقَالَ للَّذي فِي يَمِينه: إِلَى الْجنَّة وَلَا أُبَالِي وَقَالَ للَّذي فِي كتفه الْيُسْرَى: إِلَى النَّار وَلَا أُبَالِي وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ والآجري وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله جلّ ذكره يَوْم خلق آدم قبض من صلبه قبضتين فَوَقع كل طيب فِي يَمِينه وكل خَبِيث بِيَدِهِ الْأُخْرَى فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَصْحَاب الْجنَّة وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاء أَصْحَاب النَّار وَلَا أُبَالِي ثمَّ أعادهم فِي صلب آدم فهم يَنْسلونَ على ذَلِك إِلَى الْآن وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي القبضتين هَذِه فِي الْجنَّة وَلَا أُبَالِي

وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي القبضتين هَؤُلَاءِ لهَذِهِ وَهَؤُلَاء لهَذِهِ قَالَ: فَتفرق النَّاس وهم لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْقدر وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نوادرالأصول والآجري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما خلق الله آدم ضرب بِيَدِهِ على شقّ آدم الْأَيْمن فَأخْرج ذَرأ كالذر فَقَالَ: يَا آدم هَؤُلَاءِ ذريتك من أهل الْجنَّة ثمَّ ضرب بِيَدِهِ على شقّ آدم الْأَيْسَر فَأخْرج ذَرأ كالحمم ثمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ ذريتك من أهل النَّار وَأخرج أَحْمد عَن أبي نضر فَإِن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُ أَبُو عبد الله دخل عَلَيْهِ أَصْحَابه يعودونه وَهُوَ يبكي فَقَالُوا لَهُ: مَا يبكيك قَالَ: سَمِعت رَسُول الله يَقُول إِن الله قبض بِيَمِينِهِ قَبْضَة وَأُخْرَى بِالْيَدِ الْأُخْرَى فَقَالَ: هَذِه لهَذِهِ وَهَذِه لهَذِهِ وَلَا أُبَالِي فَلَا أَدْرِي فِي أَي القبضتين أَنا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله قبض قَبْضَة فَقَالَ: للجنة برحمتي وَقبض قَبْضَة فَقَالَ: إِلَى النَّار وَلَا أُبَالِي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: إِن الله أخرج من ظهر آدم يَوْم خلقه مَا يكون إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَأخْرجهُمْ مثل الذَّر ثمَّ قَالَ {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} قَالَت الْمَلَائِكَة: شَهِدنَا ثمَّ قبض قَبْضَة بِيَمِينِهِ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة ثمَّ قبض قَبْضَة أُخْرَى فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي النَّار وَلَا أُبَالِي وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {إِن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة انَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين} قَالَ: عَن الْمِيثَاق الَّذِي أَخذ عَلَيْهِم {أَو تَقولُوا إِنَّمَا أشرك آبَاؤُنَا من قبل} فَلَا يَسْتَطِيع أحد من خلق الله من الذُّرِّيَّة {أَو تَقولُوا إِنَّمَا أشرك آبَاؤُنَا} وَنَقَضُوا الْمِيثَاق {وَكُنَّا ذُرِّيَّة من بعدهمْ أفتهلكنا} بذنوب آبَاؤُنَا وَبِمَا فعل المبطلون وَالله تَعَالَى أعلم - الْآيَة (175 - 177)

175

- أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا} قَالَ: هُوَ رجل من بني إِسْرَائِيل يُقَال لَهُ بلعم بن أبر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هُوَ بلعم بن باعوراء وَفِي لفظ: بلعام بن عَامر الَّذِي أُوتِيَ الِاسْم كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا} الْآيَة قَالَ: هُوَ رجل من مَدِينَة الجبارين يُقَال لَهُ بلعم تعلم اسْم الله الْأَكْبَر فَلَمَّا نزل بهم مُوسَى أَتَاهُ بَنو عَمه وَقَومه فَقَالُوا: إِن مُوسَى رجل جَدِيد وَمَعَهُ جنود كَثِيرَة وَإنَّهُ إِن يظْهر علينا يُهْلِكنَا فَادع الله أَن يرد عَنَّا مُوسَى وَمن مَعَه قَالَ: إِنِّي إِن دَعَوْت الله أَن يرد مُوسَى وَمن مَعَه مَضَت دنياي وآخرتي فَلم يزَالُوا بِهِ حَتَّى دَعَا عَلَيْهِم فسلخ مِمَّا كَانَ فِيهِ وَفِي قَوْله {إِن تحمل عَلَيْهِ يَلْهَث أَو تتركه يَلْهَث} قَالَ: إِن حمل الْحِكْمَة لم يحملهَا وَإِن ترك لم يهتد لخير كَالْكَلْبِ إِن كَانَ رابضاً لهث وَإِن طرد لهث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه} الْآيَة قَالَ: هُوَ رجل أعْطى ثَلَاث دعوات يُسْتَجَاب لَهُ فِيهِنَّ وَكَانَت لَهُ امْرَأَة لَهُ مِنْهَا ولد فَقَالَت: اجْعَل لي مِنْهَا وَاحِدَة قَالَ: فلك وَاحِدَة فَمَا الَّذِي ترتدين قَالَت: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي أجمل امْرَأَة فِي بني إِسْرَائِيل فَدَعَا الله فَجَعلهَا أجمل امْرَأَة فِي بني إِسْرَائِيل فَلَمَّا علمت أَن لَيْسَ فيهم مثلهَا رغبت عَنهُ وأرادت شَيْئا آخر فَدَعَا الله أَن يَجْعَلهَا كلبة فَصَارَت كلبة فَذَهَبت دعوتان فجَاء بنوها فَقَالُوا: لَيْسَ بِنَا على هَذَا قَرَار قد صَارَت أمنا كلبة يعيرنا النَّاس بهَا

فَادع الله أَن يردهَا إِلَى الْحَال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِ فَدَعَا الله فَعَادَت كَمَا كَانَت فَذَهَبت الدَّعْوَات الثَّلَاث وَسميت البسوس وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هُوَ رجل يدعى بلعم من أهل الْيمن آتَاهُ الله آيَاته فَتَركهَا وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا} قَالَ: هُوَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت الثَّقَفِيّ وَفِي لفظ: نزلت فِي صَاحبكُم أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قدمت الفارعة أُخْت أُميَّة بن أبي الصَّلْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد فتح مَكَّة فَقَالَ لَهَا هَل تحفظين من شعر أَخِيك شَيْئا قَالَت: نعم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا فارعة إِن مثل أَخِيك كَمثل الَّذِي آتَاهُ الله آيَاته فانسلخ مِنْهَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن شهَاب قَالَ: قَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت: أَلا رَسُول لنا منا يخبرنا مَا بعد غايتنا من رَأس نجرانا قَالَ: ثمَّ خرج أُميَّة إِلَى الْبَحْرين وتنبأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَقَامَ أُميَّة بِالْبَحْرَيْنِ ثَمَانِي سِنِين ثمَّ قدم فلقي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جمَاعَة من أَصْحَابه فَدَعَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الإِسلام وَقَرَأَ عَلَيْهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم} يس الْآيَتَانِ 1 - 2 حَتَّى فرغ مِنْهَا وثب أُميَّة يجر رجلَيْهِ فتبعته قُرَيْش تَقول: مَا تَقول يَا أُميَّة قَالَ: أشهد أَنه على الْحق قَالُوا: فَهَل تتبعه قَالَ: حَتَّى أنظر فِي أمره ثمَّ خرج أُميَّة إِلَى الشَّام وَقدم بعد وقْعَة بدر يُرِيد أَن يسلم فَلَمَّا أخبر بقتلى بدر ترك الإِسلام وَرجع إِلَى الطَّائِف فَمَاتَ بهَا قَالَ: فَفِيهِ أنزل الله {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن نَافِع بن عَاصِم بن عُرْوَة ابْن مَسْعُود قَالَ: إِنِّي لفي حَلقَة فِيهَا عبد الله بن عمر فَقَرَأَ رجل من الْقَوْم الْآيَة الَّتِي فِي الْأَعْرَاف {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا} فَقَالَ: أَتَدْرُونَ من هُوَ فَقَالَ بَعضهم: هُوَ صَيْفِي بن الراهب وَقَالَ بَعضهم: هُوَ

بلعم رجل من بني إِسْرَائِيل فَقَالَ: لَا فَقَالُوا: من هُوَ قَالَ: أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الشّعبِيّ فِي هَذِه الْآيَة {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ رجل من بني إِسْرَائِيل يُقَال لَهُ بلعم بن باعورا وَكَانَت الْأَنْصَار تَقول: هُوَ ابْن الراهب الَّذِي بنى لَهُ مَسْجِد الشقاق وَكَانَت ثَقِيف تَقول: هُوَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هُوَ صَيْفِي بن الراهب وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ نَبِي فِي بني إِسْرَائِيل يَعْنِي بلعم أُوتِيَ النبوّة فرشاه قومه على أَن يسكت فَفعل وتركهم على مَا هم عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فانسلخ مِنْهَا} قَالَ: نزع مِنْهُ الْعلم وَفِي قَوْله {وَلَو شِئْنَا لرفعناه بهَا} قَالَ: رَفعه الله بِعِلْمِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: بعث نَبِي الله مُوسَى بلعام بن باعورا إِلَى ملك مَدين يَدعُوهُم إِلَى الله وَكَانَ مجاب الدعْوَة وَكَانَ من عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل فَكَانَ مُوسَى يقدمهُ فِي الشدائد فاقطعه وأرضاه فَترك دين مُوسَى وَتبع دينه فَأنْزل الله {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب فِي قَوْله {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا} قَالَ: كَانَ يعلم اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا} قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله لمن عرض عَلَيْهِ الْهدى فَأبى أَن يقبله وَتَركه {وَلَو شِئْنَا لرفعناه بهَا} قَالَ: لَو شِئْنَا لرفعناه بإيتائه الْهدى فَلم يكن للشَّيْطَان عَلَيْهِ سَبِيل وَلَكِن الله يَبْتَلِي من يَشَاء من عباده {وَلكنه أخلد إِلَى الأَرْض وَاتبع هَوَاهُ} قَالَ: أَبى أَن يصحب الْهدى {فَمثله كَمثل الْكَلْب} الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل الْكَافِر ميت الْفُؤَاد كَمَا أميت فؤاد الْكَلْب وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا} قَالَ: أنَاس من الْيَهُود وَالنَّصَارَى والحنفاء مِمَّن أَعْطَاهُم الله من آيَاته وَكتابه {فانسلخ مِنْهَا} فَجعله مثل الْكَلْب

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَو شِئْنَا لرفعناه بهَا} قَالَ: لدفعناه عَنهُ بهَا {وَلكنه أخلد إِلَى الأَرْض} قَالَ: سكن {إِن تحمل عَلَيْهِ يَلْهَث أَو تتركه يَلْهَث} إِن تطرده بدابتك ورجليك وَهُوَ مثل الَّذِي يقْرَأ الْكتاب وَلَا يعْمل بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَلكنه أخلد إِلَى الأَرْض} قَالَ: ركن نزع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {إِن تحمل عَلَيْهِ} قَالَ: أَن تسع عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {إِن تحمل عَلَيْهِ يَلْهَث} قَالَ: الْكَلْب مُنْقَطع الْفُؤَاد لَا فؤاد لَهُ مثل الَّذِي يتْرك الْهدى لَا فؤاد لَهُ إِنَّمَا فُؤَاده مُنْقَطع كَانَ ضَالًّا قبل وَبعد وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْمُعْتَمِر قَالَ: سُئِلَ أَبُو الْمُعْتَمِر عَن هَذِه الْآيَة {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا} فَحدث عَن سيار أَنه كَانَ رجلا يُقَال لَهُ بلعام وَكَانَ قد أُوتِيَ النبوّة وَكَانَ مجاب الدعْوَة ثمَّ أَن مُوسَى أقبل فِي بني إسرئيل يُرِيد الأَرْض الَّتِي فِيهَا بلعام فرعب النَّاس مِنْهُ رعْبًا شَدِيدا فَأتوا بلعام فَقَالُوا: ادْع الله على هَذَا الرجل قَالَ: حَتَّى أؤامر رَبِّي فوامر فِي الدُّعَاء عَلَيْهِم فَقيل لَهُ: لَا تدع عَلَيْهِم فَإِن فيهم عبَادي وَفِيهِمْ نَبِيّهم فَقَالَ لِقَوْمِهِ: قد وَأمرت فِي الدُّعَاء عَلَيْهِم وَإِنِّي قد نهيت قَالَ: فاهدوا إِلَيْهِ هَدِيَّة فقبلها ثمَّ راجعوه فَقَالُوا: ادْع الله عَلَيْهِم فَقَالَ: حَتَّى أوَامِر فوامر فَلم يحار إِلَيْهِ شَيْء فَقَالَ: قد وَأمرت فَلم يحار إِلَى شَيْء فَقَالُوا: لَو كره رَبك أَن تَدْعُو عَلَيْهِم لنهاك كَمَا نهاك الأولى فَأخذ يَدْعُو عَلَيْهِم فَإِذا دَعَا جرى على لِسَانه الدُّعَاء على قومه فَإِذا أرسل أَن يفتح على قومه جرى على لِسَانه أَن يفتح على مُوسَى وجيشه فَقَالُوا: مَا نرَاك إِلَّا تَدْعُو علينا قَالَ: مَا يجْرِي على لساني إِلَّا هَكَذَا وَلَو دَعَوْت عَلَيْهِم مَا اسْتُجِيبَ لي وَلَكِن سأدلكم على أَمر عَسى أَن يكون فِيهِ هلاكهم إِن الله يبغض الزِّنَا وَإِن هم وَقَعُوا بِالزِّنَا هَلَكُوا فاخرِجُوا النِّسَاء فَإِنَّهُم قوم مسافرون فَعَسَى أَن يزنوا فيهلكوا فأخْرَجُوا النِّسَاء تستقبلهم فوقعوا بِالزِّنَا فَسلط الله عَلَيْهِم الطَّاعُون فَمَاتَ مِنْهُم سَبْعُونَ ألفا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا}

قَالَ: كَانَ اسْمه بلعم وَكَانَ يحسن اسْما من أَسمَاء الله فغزاهم مُوسَى فِي سبعين ألفا فَجَاءَهُ قومه فَقَالُوا: ادْع الله عَلَيْهِم - وَكَانُوا إِذا غزاهم أحد أَتَوْهُ فَدَعَا عَلَيْهِم فهلكوا - وَكَانَ لَا يَدْعُو حَتَّى ينَام فَينْظر مَا يُؤمر بِهِ فِي مَنَامه فَنَامَ فَقيل لَهُ: ادْع الله لَهُم وَلَا تدع عَلَيْهِم فَاسْتَيْقَظَ فَأبى أَن يَدْعُو عَلَيْهِم فَقَالَ لَهُم: زَينُوا لَهُم النِّسَاء فَإِنَّهُم إِذا رأوهن لم يصبروا حَتَّى يُصِيبُوا من الذُّنُوب فتدالوا عَلَيْهِم - الْآيَة (178)

178

- أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي الْخطْبَة الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جَابر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي خطبَته نحمد الله ونثني عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ يَقُول: من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ أصدق الحَدِيث كتاب الله وَأحسن الْهَدْي هدي مُحَمَّد وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة وكل ضَلَالَة فِي النَّار ثمَّ يَقُول: بعثت أَنا والساعة كهاتين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله خلق خلقه فِي ظلمَة ثمَّ ألْقى عَلَيْهِم من نوره فَمن أَصَابَهُ من ذَلِك النُّور يَوْمئِذٍ شَيْء اهْتَدَى وَمن اخطأه ضل فَلذَلِك أَقُول: جف الْقَلَم على علم الله - الْآيَة (179)

179

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَقَد ذرأنا} قَالَ: خلقنَا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن {وَلَقَد ذرأنا لِجَهَنَّم} قَالَ: خلقنَا لِجَهَنَّم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لما ذَرأ لِجَهَنَّم من ذَرأ كَانَ ولد الزِّنَا مِمَّن ذَرأ لِجَهَنَّم وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلق الله الْجِنّ ثَلَاثَة أَصْنَاف صنف حيات وعقارب وخشاش الأَرْض وصنف كَالرِّيحِ فِي الْهَوَاء وصنف عَلَيْهِم الْحساب وَالْعِقَاب وَخلق الله الإِنس ثَلَاثَة أَصْنَاف صنف كَالْبَهَائِمِ قَالَ الله {لَهُم قُلُوب لَا يفقهُونَ بهَا وَلَهُم أعين لَا يبصرون بهَا وَلَهُم آذان لَا يسمعُونَ بهَا أُولَئِكَ كالأنعام بل هم أضلّ} وجنس أَجْسَادهم أجساد بني آدم وأرواحهم أَرْوَاح الشَّيَاطِين وصنف فِي ضل الله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَقَد ذرأنا لِجَهَنَّم} قَالَ: لقد خلقنَا لِجَهَنَّم {لَهُم قُلُوب لَا يفقهُونَ بهَا} قَالَ: لَا يفقهُونَ شَيْئا من أَمر الْآخِرَة {وَلَهُم أعين لَا يبصرون بهَا} الْهدى {وَلَهُم آذان لَا يسمعُونَ بهَا} الْحق ثمَّ جعلهم كالأنعام ثمَّ جعلهم شرا من الْأَنْعَام فَقَالَ {بل هم أضلّ} ثمَّ أخبر أَنهم الغافلون وَالله أعلم - الْآيَة (180)

180

- أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَأَبُو عوَانَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو عبد الله بن مَنْدَه فِي التَّوْحِيد وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدًا من أحصاها دخل الْجنَّة إِنَّه وتر يحب الْوتر

وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لله مائَة اسْم غير اسْم من دَعَا بهَا اسْتَجَابَ الله لَهُ دعاءه وَأخرج الدَّارقطني فِي الغرائب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله عز وَجل: لي تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما من أحصاها دخل الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدًا من أحصاها دخل الْجنَّة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَابْن مَنْدَه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدًا من أحصاها دخل الْجنَّة إِنَّه وتر يحب الْوتر هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر الْخَالِق البارىء المصور الغفّار القهّار الوهّاب الرزّاق الفتّاح الْعَلِيم الْقَابِض الباسط الْخَافِض الرافع الْمعز المذل السَّمِيع الْبَصِير الحكم الْعدْل اللَّطِيف الْخَبِير الْحَلِيم الْعَظِيم الغفور الشكُور الْعلي الْكَبِير الحفيظ المقيت الحسيب الْجَلِيل الْكَرِيم الرَّقِيب الْمُجيب الْوَاسِع الْحَكِيم الْوَدُود الْمجِيد الْبَاعِث الشَّهِيد الْحق الْوَكِيل الْقوي المتين الْوَلِيّ الحميد المحصي المبدىء المعيد المحيي المميت الْحَيّ القيوم الْوَاجِد الْمَاجِد الْوَاحِد الْأَحَد الصَّمد الْقَادِر المقتدر الْمُقدم الْمُؤخر الأول الآخر الظَّاهِر الْبَاطِن الْبر التواب المنتقم الْعَفو الرؤوف الْمَالِك الْملك ذُو الْجلَال والإِكرام الْوَالِي المتعال المقسط الْجَامِع الْغَنِيّ الْمُغنِي الْمَانِع الضار النافع النُّور الْهَادِي البديع الْبَاقِي الْوَارِث الرشيد الصبور وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الدُّعَاء وَالطَّبَرَانِيّ كِلَاهُمَا وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما من أحصاها دخل الْجنَّة اسْأَل الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الإِله الرب الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر الْخَالِق البارىء المصوّر الْحَلِيم الْعَلِيم السَّمِيع الْبَصِير الْحَيّ القيوم الْوَاسِع اللَّطِيف الْخَبِير الحنان المنان البديع الغفور الْوَدُود

الشكُور الْمجِيد المبدىء المعيد النُّور البادىء وَفِي لفظ: الْقَائِم الأول الآخر الظَّاهِر الْبَاطِن العفوّ الغفّار الوهّاب الْفَرد وَفِي لفظ: الْقَادِر الْأَحَد الصَّمد الْوَكِيل الْكَافِي الْبَاقِي المغيث الدَّائِم المتعالي ذَا الْجلَال والإِكرام الْمولى النصير الْحق الْمُبين الْوَارِث الْمُنِير الْبَاعِث الْقَدِير وَفِي لفظ: الْمُجيب المحيي المميت الحميد وَفِي لفظ: الْجَمِيل الصَّادِق الحفيظ الْمُحِيط الْكَبِير الْقَرِيب الرَّقِيب الفتّاح التوّاب الْقَدِيم الْوتر الفاطر الرَّزَّاق العلاَّم الْعلي الْعَظِيم الْغَنِيّ المليك المقتدر الأكرم الرؤوف الْمُدبر الْمَالِك القاهر الْهَادِي الشاكر الْكَرِيم الرفيع الشَّهِيد الْوَاحِد ذَا الطول ذَا المعارج ذَا الْفضل الْكَفِيل الْجَلِيل وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما من أحصاها دخل الْجنَّة وَهِي فِي الْقُرْآن وَأخرج أَبُو نعيم عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر قَالَ: سَأَلت أبي جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق عَن الْأَسْمَاء التِّسْعَة وَالتسْعين الَّتِي من أحصاها دخل الْجنَّة فَقَالَ: هِيَ فِي الْقُرْآن فَفِي الْفَاتِحَة خَمْسَة أَسمَاء يَا ألله يَا رب يَا رَحْمَن يَا رَحِيم يَا مَالك وَفِي الْبَقَرَة ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ اسْما: يَا مُحِيط يَا قدير يَا عليم يَا حَكِيم يَا عَليّ يَا عَظِيم يَا تواب يَا بَصِير يَا ولي يَا وَاسع يَا كَافِي يَا رؤوف يَا بديع يَا شَاكر يَا وَاحِد يَا سميع يَا قَابض يَا باسط يَا حَيّ يَا قيوم يَا غَنِي يَا حميد يَا غَفُور يَا حَلِيم يَا إِلَه يَا قريب يَا مُجيب يَا عَزِيز يَا نصير يَا قوي يَا شَدِيد يَا سريع يَا خَبِير وَفِي آل عمرَان: يَا وهَّاب يَا قَائِم يَا صَادِق يَا باعث يَا منعم يَا متفضل وَفِي النِّسَاء: يَا رَقِيب يَا حسيب يَا شَهِيد يَا مقيت يَا وَكيل يَا عَليّ يَا كَبِير وَفِي الْأَنْعَام: يَا فاطر يَا قاهر يَا لطيف يَا برهَان وَفِي الْأَعْرَاف: يَا محيي يَا مميت وَفِي الْأَنْفَال: يَا نعم الْمولى يَا نعم النصير وَفِي هود: يَا حفيظ يَا مجيد يَا ودود يَا فعال لما يُرِيد وَفِي الرَّعْد: يَا كَبِير يَا متعال وَفِي إِبْرَاهِيم: يَا منَّان يَا وَارِث وَفِي الْحجر: يَا خلاق وَفِي مَرْيَم: يَا فَرد وَفِي طه: يَا غفّار وَفِي قد أَفْلح: يَا كريم وَفِي النُّور: يَا حق يَا مُبين وَفِي الْفرْقَان: يَا هادي وَفِي سبأ: يَا فتَّاح وَفِي الزمر:

يَا عَالم وَفِي غَافِر: يَا غَافِر يَا قَابل التَّوْبَة يَا ذَا الطول يَا رفيع وَفِي الذاريات: يَا رزاق يَا ذَا الْقُوَّة يَا متين وَفِي الطّور: يَا بر وَفِي اقْتَرَبت: يَا مليك يَا مقتدر وَفِي الرَّحْمَن: يَاذَا الْجلَال والإِكرام يَا رب المشرقين يَا رب المغربين يَا بَاقِي يَا مهيمن وَفِي الْحَدِيد: يَا أول يَا آخر يَا ظَاهر يَا بَاطِن وَفِي الْحَشْر: يَا ملك يَا قدوس يَا سَلام يَا مُؤمن يَا مهيمن يَا عَزِيز يَا جَبَّار يَا متكبر يَا خَالق يَا بارىء يَا مُصَور وَفِي البروج: يَا مبدئ يَا معيد وَفِي الْفجْر: يَا وتر وَفِي الإِخلاص: يَا أحد يَا صَمد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَصَابَهُ هم أَو حزن فَلْيقل: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبدك وَابْن عَبدك وَابْن أمتك ناصيتي فِي يدك مَاض فيّ حكمك عدل فيّ قضاؤك أَسأَلك بِكُل اسْم هُوَ لَك سميت بِهِ نَفسك أَو أنزلته فِي كتابك أَو عَلمته أحدا من خلقك أَو استأثرت بِهِ فِي علم الْغَيْب عنْدك أَن تجْعَل الْقُرْآن الْعَظِيم ربيع قلبِي وَنور بَصرِي وَذَهَاب همي وجلاء حزني قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا قالهن مهموم قطّ إِلَّا أذهب الله همه وأبدله بهمه فرجا قَالُوا: يَا رَسُول الله أَفلا نتعلم هَذِه الْكَلِمَات قَالَ: بلَى فتعلموهن وعلموهن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله عَلمنِي اسْم الله الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب قَالَ لَهَا قومِي فتوضئي وادخلي الْمَسْجِد فَصلي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ادعِي حَتَّى أسمع فَفعلت فَلَمَّا جَلَست للدُّعَاء قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ وفقها فَقَالَت: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِجَمِيعِ أسمائك الْحسنى كلهَا مَا علمنَا مِنْهَا وَمَا لم نعلم وَأَسْأَلك بِاسْمِك الْعَظِيم الْأَعْظَم الْكَبِير الْأَكْبَر الَّذِي من دعَاك بِهِ أَجَبْته وَمن سَأَلَك بِهِ أَعْطيته قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أصبته أصبته قَوْله تَعَالَى: {وذروا الَّذين يلحدون فِي أَسْمَائِهِ} أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الإِلحاد التَّكْذِيب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وذروا الَّذين يلحدون فِي أَسْمَائِهِ} قَالَ: اشتقوا الْعُزَّى من الْعَزِيز واشتقوا اللات من الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: الْإِلْحَاد الضاهاة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ (يلحدون) بِنصب الْيَاء والحاء من اللَّحْد وَقَالَ تَفْسِيرهَا يدْخلُونَ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وذروا الَّذين يلحدون فِي أَسْمَائِهِ} قَالَ: يشركُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {يلحدون فِي أَسْمَائِهِ} قَالَ: يكذبُون فِي أَسْمَائِهِ - الْآيَة (181)

181

- أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ} قَالَ: ذكر لنا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذِه أمتِي بِالْحَقِّ يحكمون ويقضون وَيَأْخُذُونَ ويعطون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ} قَالَ: بلغنَا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا قَرَأَهَا هَذِه لكم وَقد أعْطى الْقَوْم بَين أَيْدِيكُم مثلهَا {وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} الْأَعْرَاف الْآيَة 159 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من أمتِي قوما على الْحق حَتَّى ينزل عِيسَى بن مَرْيَم مَتى مَا نزل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لتفترقن هَذِه الْأمة على ثَلَاث وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار إِلَّا فرقة يَقُول الله {وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ} فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تنجو من هَذِه الْأمة - الْآيَة (182 - 183)

182

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {سنستدرجهم} يَقُول: سنأخذهم {من حَيْثُ لَا يعلمُونَ} قَالَ: عَذَاب بدر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يحيى بن الْمثنى {سنستدرجهم من حَيْثُ لَا يعلمُونَ} قَالَ: كلما أَحْدَثُوا ذَنبا جددنا لَهُم نعْمَة تنسيهم الاسْتِغْفَار وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سُفْيَان فِي قَوْله {سنستدرجهم من حَيْثُ لَا يعلمُونَ} قَالَ: نسبغ عَلَيْهِم النعم ونمنعهم شكرها وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {وأملي لَهُم إِن كيدي متين} يَقُول: كف عَنْهُم وأخرجهم على رسلهم ان مكري شَدِيد ثمَّ نسخهَا الله فَأنْزل الله {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كيد الله الْعَذَاب والنقمة - الْآيَة (184)

184

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ على الصَّفَا فَدَعَا قُريْشًا فخذا فخذا: يَا بني فلَان يَا بني فلَان يُحَذرهُمْ بَأْس الله ووقائع الله إِلَى الصَّباح حَتَّى قَالَ قَائِلهمْ: إِن صَاحبكُم هَذَا لمَجْنُون بَات يهوت حَتَّى أصبح فَأنْزل الله {أولم يتفكروا مَا بِصَاحِبِهِمْ من جنَّة إِن هُوَ إِلَّا نَذِير مُبين} - الْآيَة (185)

185

وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت لَيْلَة أسريَ بِي فَلَمَّا انتهينا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة نظرت فَوقِي فَإِذا أَنا برعد وبرق وصواعق قَالَ: وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فِيهَا الْحَيَّات ترى من خَارج بطونهم قلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ هَؤُلَاءِ أَكلَة الرِّبَا فَلَمَّا نزلت إِلَى السَّمَاء

الدُّنْيَا فَنَظَرت إِلَى أَسْفَل مني فَإِذا أَنا برهج ودخان وأصوات فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذِه الشَّيَاطِين يحرجون على أعين بني آدم أَن لَا يتفكروا فِي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلَوْلَا ذَلِك لرأوا الْعَجَائِب - الْآيَة (186)

186

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عمر بن الْخطاب أَنه خطب بالجابية فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ فَقَالَ لَهُ فَتى بَين يَدَيْهِ كلمة بِالْفَارِسِيَّةِ فَقَالَ عمر لمترجم يترجم لَهُ: مَا يَقُول قَالَ: يزْعم أَن الله لَا يضل أحدا فَقَالَ عمر: كذبت يَا عَدو الله بل الله خلقك وَهُوَ أضلك وَهُوَ يدْخلك النَّار إِن شَاءَ الله وَلَوْلَا ولث عقد لضَرَبْت عُنُقك فَتفرق النَّاس وَمَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْقدر وَالله أعلم - الْآيَة (187)

187

- أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ حمل بن أبي قُشَيْر وسمول بن زيد لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرنَا مَتى السَّاعَة إِن كنت نَبيا كَمَا تَقول فَإنَّا نعلم مَا هِيَ فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن السَّاعَة أَيَّانَ مرْسَاها قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد رَبِّي} إِلَى قَوْله {وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {يَسْأَلُونَك عَن السَّاعَة أَيَّانَ مرْسَاها} أَي مَتى قيامتها {قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد رَبِّي لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ} قَالَ: قَالَت قُرَيْش: يَا مُحَمَّد أسر إِلَيْنَا السَّاعَة لما بَيْننَا وَبَيْنك من الْقَرَابَة قَالَ: {يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد الله} قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول تهج السَّاعَة بِالنَّاسِ: وَالرجل يسْقِي على مَاشِيَته وَالرجل يصلح حَوْضه وَالرجل يخْفض مِيزَانه وَيَرْفَعهُ وَالرجل يُقيم سلْعَته فِي السُّوق قَضَاء الله لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَيَّانَ مرْسَاها} قَالَ: مُنْتَهَاهَا وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السَّاعَة قَالَ {علمهَا عِنْد رَبِّي لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ} وَلَكِن أخْبركُم بمشاريطها وَمَا يكون بَين يَديهَا إِن بَين يَديهَا فتْنَة وهرجا قَالُوا: يَا رَسُول الله الْفِتْنَة قد عرفناها الْهَرج مَا هُوَ قَالَ: بِلِسَان الْحَبَشَة الْقَتْل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الاشعري قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السَّاعَة وَأَنا شَاهد فَقَالَ لَا يعلمهَا إِلَّا الله وَلَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ وَلَكِن سأخبركم بمشاريطها مَا بَين يَديهَا من الْفِتَن والهرج فَقَالَ رجل: وَمَا الْهَرج يَا رَسُول الله قَالَ: بِلِسَان الْحَبَشَة الْقَتْل وَأَن تَجف قُلُوب النَّاس ويلقي بَينهم التناكر فَلَا يكَاد أحد يعرف أحدا وَيرْفَع ذُو الحجا وَيبقى رجراجة من النَّاس لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا وَلَا يُنكرُونَ مُنْكرا وَأخرج مُسلم وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قبل أَن يَمُوت بِشَهْر تَسْأَلُونِي عَن السَّاعَة وَإِنَّمَا علمهَا عِنْد الله وَأقسم بِاللَّه مَا على ظهر الأَرْض يَوْم من نفس منفوسة يَأْتِي عَلَيْهَا مائَة سنة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ قَالَ: لَقِي عِيسَى جِبْرِيل فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا روح الله قَالَ: وَعَلَيْك يَا روح الله قَالَ: يَا جِبْرِيل مَتى السَّاعَة فانتفض جِبْرِيل فِي أجنحته ثمَّ قَالَ: مَا المسؤول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل ثقلت فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة أَو قَالَ {لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ} يَقُول: لَا يَأْتِي بهَا إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ يجليها لوَقْتهَا لَا يعلم ذَلِك إِلَّا الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثقلت فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: لَيْسَ شَيْء من الْخلق إِلَّا يُصِيبهُ من ضَرَر يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله

{ثقلت فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: ثقل علمهَا على أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض إِنَّهُم لَا يعلمُونَ وَقَالَ الْحسن إِذا جَاءَت ثقلت على أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض يَقُول: كَبرت عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {ثقلت فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: إِذا جَاءَت انشقت السَّمَاء وانتثرت النُّجُوم وكوّرت الشَّمْس وسيرت الْجبَال وَمَا يُصِيب الأَرْض وَكَانَ مَا قَالَ الله فَذَلِك ثقلهَا بهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة} قَالَ: فَجْأَة آمِنين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تقوم السَّاعَة على رجل أَكلته فِي فِيهِ فَلَا يلوكها وَلَا يسيغها وَلَا يلفظها وعَلى رجلَيْنِ قد نشرا بَينهمَا ثوبا يتبايعانه فَلَا يطويانه وَلَا يتبايعانه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يُنَادي مُنَاد: يَا أَيهَا النَّاس أتتكم السَّاعَة ثَلَاثًا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ} يَقُول: لَا يرسلها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ {ثقلت فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} يَقُول: خفيت فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض فَلم يعلم قِيَامهَا مَتى تقوم ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل {لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة} قَالَ: تبغتهم تأتيهم على غَفلَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كَأَنَّك حفي عَنْهَا} قَالَ: استحفيت عَنْهَا السُّؤَال حَتَّى علمتها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله {كَأَنَّك حفي عَنْهَا} قَالَ أَحدهمَا: عَالم بهَا وَقَالَ الآخر: يجب أَن يسْأَل عَنْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كَأَنَّك حفي عَنْهَا} قَالَ: استحفيت عَنْهَا السُّؤَال حَتَّى علمتها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله {كَأَنَّك حفي عَنْهَا} قَالَ أَحدهمَا: عَالم بهَا وَقَالَ الآخر: يجب أَن يسْأَل عَنْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا} يَقُول: كَأَنَّك عَالم بهَا أَي لست تعلمهَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {كَأَنَّك حفي عَنْهَا} قَالَ: لطيف بهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا} يَقُول: كَانَ بَيْنك وَبينهمْ مَوَدَّة كَأَنَّك صديق لَهُم قَالَ ابْن عَبَّاس: لما سَأَلَ النَّاس مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السَّاعَة سَأَلُوهُ سُؤال قوم كَأَنَّهُمْ يرَوْنَ أَن مُحَمَّدًا حفي بهم فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنَّمَا علمهَا عِنْده اسْتَأْثر بعلمها فَلم يطلع عَلَيْهَا ملكا وَلَا رَسُولا وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك {يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا} قَالَ: كَأَنَّك حفي بهم حِين يأتونك يَسْأَلُونَك وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي} بسؤالهم قَالَ: كَأَنَّك تحب أَن يسألوك عَنْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ (كَأَنَّك حفيء بهَا) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا} قَالَ: كَأَنَّك يُعْجِبك أَن يسألوك عَنْهَا لنخبرك بهَا فأخفاها مِنْهُ فَلم يُخبرهُ فَقَالَ {فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا} النازعات الْآيَة 43 وَقَالَ {أكاد أخفيها} طه الْآيَة 15 وَقِرَاءَة أُبي (أكاد أخفيها من نَفسِي) وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَت قُرَيْش لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن بَيْننَا وَبَيْنك قرَابَة فَأسر إِلَيْنَا مَتى السَّاعَة فَقَالَ الله {يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا} - الْآيَة (188)

188

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَو كنت أعلم الْغَيْب لاستكثرت من الْخَيْر} قَالَ: لعَلِمت إِذا اشْتريت شَيْئا مَا أربح فِيهِ فَلَا أبيع شَيْئا إِلَّا ربحت فِيهِ {وَمَا مسني السوء} قَالَ: وَلَا يُصِيبنِي الْفقر

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {قل لَا أملك لنَفْسي نفعا وَلَا ضراً} قَالَ: الْهدى والضلالة {وَلَو كنت أعلم الْغَيْب} مَتى أَمُوت {لاستكثرت من الْخَيْر} قَالَ: الْعَمَل الصَّالح وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَمَا مسني السوء} قَالَ: لاجتنبت مَا يكون من الشَّرّ قبل أَن يكون - الْآيَة (189 - 193)

189

- أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَمُرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما ولدت حَوَّاء طَاف بهَا إِبْلِيس وَكَانَ لَا يعِيش لَهَا ولد فَقَالَ: سميه عبد الْحَارِث فَإِنَّهُ يعِيش فَسَمتْهُ عبد الْحَارِث فَعَاشَ فَكَانَ ذَلِك من وَحي الشَّيْطَان وَأمره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة بن جُنْدُب فِي قَوْله {فَلَمَّا آتاهما صَالحا جعلا لَهُ شُرَكَاء} قَالَ: سمياه عبد الْحَارِث وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لما حملت حَوَّاء وَكَانَ لَا يعِيش لَهَا ولد آتاها الشَّيْطَان فَقَالَ: سمياه عبد الْحَارِث يعِيش لَكمَا فسمياه عبد الْحَارِث فَكَانَ ذَلِك من وَحي الشَّيْطَان وَأمره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لما حملت حَوَّاء أَتَاهَا الشَّيْطَان فَقَالَ: أتطيعيني وَيسلم لَك ولدك سميه عبد الْحَارِث فَلم تفعل فَولدت فَمَاتَ ثمَّ حملت فَقَالَ لَهَا مثل ذَلِك: فَلم تفعل ثمَّ حملت

الثَّالِث فَجَاءَهَا فَقَالَ لَهَا: إِن تطيعيني سلم لَك وَإِلَّا فَإِنَّهُ يكون بَهِيمَة فهيبها فأطاعته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: ولد لآدَم ولد فَسَماهُ عبد الله فأتاهما إِبْلِيس فَقَالَ: مَا سميتا ابنكما هَذَا قَالَ: عبد الله وَكَانَ ولد لَهما قبل ذَلِك ولد فسمياه عبد الله فَقَالَ إِبْلِيس: أتظنان أَن الله تَارِك عَبده عندكما وَوَاللَّه ليذهبن بِهِ كَمَا ذهب بِالْآخرِ وَلَكِن أدلكما على اسْم يبْقى لَكمَا مَا بقيتما فسمياه عبد شمس فسمياه فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {أيشركون مَا لَا يخلق شَيْئا} الشَّمْس لَا تخلق شَيْئا إِنَّمَا هِيَ مخلوقة قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خدعهما مرَّتَيْنِ قَالَ زيد: خدعهما فِي الْجنَّة وخدعهما فِي الأَرْض وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما أهبط الله آدم وحواء ألْقى فِي نَفسه الشَّهْوَة لامْرَأَته فَتحَرك ذَلِك مِنْهُ فأصابها فَلَيْسَ إِلَّا أَن أَصَابَهَا حملت فَلَيْسَ إِلَّا أَن حملت تحرّك وَلَدهَا فِي بَطنهَا فَقَالَت: مَا هَذَا فَجَاءَهَا إِبْلِيس فَقَالَ لَهَا: إِنَّك حملت فتلدين قَالَت: مَا أَلد قَالَ: مَا هَل تَرين إِلَّا نَاقَة أَو بقرة أَو ماعزة أَو ضانية هُوَ بعض ذَلِك وَيخرج من أَنْفك أوعينك أَو من اذنك قَالَت: وَالله مَا مني من شَيْء إِلَّا وَهُوَ يضيق عَن ذَلِك قَالَ: فاطيعيني وسميه عبد الْحَارِث - وَكَانَ اسْمه فِي الْمَلَائِكَة الْحَارِث - تلدي مثلك فَذكرت ذَلِك لآدَم فَقَالَ: هُوَ صاحبنا الَّذِي قد علمت فَمَاتَ ثمَّ حملت بآخر فَجَاءَهَا فَقَالَ: أطيعيني أَو قتلته فَإِنِّي أَنا قتلت الأول فَذكرت ذَلِك لآدَم فَقَالَ مثل قَوْله الأوّل ثمَّ حملت بالثالث فَجَاءَهَا فَقَالَ لَهَا مثل مَا قَالَ فَذكرت ذَلِك لآدَم فَكَأَنَّهُ لم يكره ذَلِك فَسَمتْهُ عبد الْحَارِث فَذَلِك قَوْله {جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حملت حَوَّاء فَأَتَاهَا إِبْلِيس فَقَالَ: إِنِّي صاحبكما الَّذِي أخرجتكم من الْجنَّة لتطيعيني أَو لأجعلن لَهُ قربى أيل فَيخرج من بَطْنك فيشقه وَلَأَفْعَلَن وَلَأَفْعَلَن - فخوّفهما - سمياه عبد الْحَارِث فأبيا أَن يطيعاه فَخرج مَيتا ثمَّ حملت فأتاهما أَيْضا فَقَالَ مثل ذَلِك فأبيا أَن يطيعاه فَخرج مَيتا ثمَّ حملت فأتاهما فَذكر لَهما فادركهما حب الْوَلَد فسمياه عبد الْحَارِث فَذَلِك قَوْله {جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما}

وَأخرج عبد بن حميد عَن السّديّ قَالَ: إِن أول اسْم سمياه عبد الرَّحْمَن فَمَاتَ ثمَّ سمياه صَالحا فَمَاتَ يَعْنِي آدم وحواء وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت حَوَّاء تَلد لآدَم أَوْلَاد فتعبدهم لله وتسميه عبد الله وَعبيد الله وَنَحْو ذَلِك فيصيبهم الْمَوْت فَأَتَاهَا إِبْلِيس وآدَم فَقَالَ: إنَّكُمَا لَو تسميانه بِغَيْر الَّذِي تسميانه لعاش فَولدت لَهُ رجلا فَسَماهُ عبد الْحَارِث فَفِيهِ أنزل الله {هُوَ الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا فِي بعض أهل الْملَل وَلَيْسَ بِآدَم وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا (حملت حملا خَفِيفا فمرت بِهِ) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة فِي قَوْله {حملت حملا خَفِيفا} قَالَ: خَفِيفا لم يستبن فمرت بِهِ لما استبان حملهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فمرت بِهِ} قَالَ: فشكت أحملت أم لَا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أَيُّوب قَالَ: سُئِلَ الْحسن عَن قَوْله {حملت حملا خَفِيفا فمرت بِهِ} قَالَ: فشكت أحملت أم لَا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أَيُّوب قَالَ: سُئِلَ الْحسن عَن قَوْله {حملت حملا خَفِيفا فمرت بِهِ} قَالَ: لَو كنت عَرَبيا لعرفتها إِنَّمَا هِيَ استمرت بِالْحملِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {حملت حملا خَفِيفا} قَالَ: هِيَ من النُّطْفَة {فمرت بِهِ} يَقُول: استمرت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فمرت بِهِ} قَالَ: فاستمرت بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فمرت بِهِ} قَالَ: فاستمرت بِحمْلِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فمرت بِهِ} قَالَ: فاستمرت بِحمْلِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان فِي قَوْله {فمرت بِهِ} قَالَ: استخفته

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {فَلَمَّا أثقلت} قَالَ: كبر الْوَلَد فِي بَطنهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح فِي قَوْله {لَئِن آتيتنا} قَالَ: أشفقا أَن يكون بَهِيمَة فَقَالَا: لَئِن آتيتنا بشرا سوياً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: أشفقا أَن لَا يكون إنْسَانا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {لَئِن آتيتنا صَالحا} قَالَ: غُلَاما سوياً وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {جعلا لَهُ شُرَكَاء} قَالَ: كَانَ شركا فِي طَاعَة وَلم يكن شركا فِي عباده وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (فَجعلَا لَهُ شركا) بِكَسْر الشين وَأخرج عبد بن حميد عَن سُفْيَان {جعلا لَهُ شُرَكَاء} قَالَ: أشركاه فِي الِاسْم قَالَ: وكنية إِبْلِيس أَبُو كدوس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: هَذَا من الْمَوْصُول والمفصول قَوْله {جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما} فِي شَأْن آدم وحوّاء يَعْنِي فِي الْأَسْمَاء {فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ} يَقُول: عَمَّا يُشْرك الْمُشْركُونَ وَلم يعيِّنهما وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا أشرك آدم أَن أَولهمَا شكر وآخرهما مثل ضربه لمن بعده وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ} هَذِه فصل بَين آيَة آدم خَاصَّة فِي آلِهَة الْعَرَب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه مفصولة اطاعاه فِي الْوَلَد {فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ} هَذِه لقوم مُحَمَّد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {جعلا لَهُ شُرَكَاء} قَالَ: كَانَ شركا فِي طَاعَته وَلم يكن شركا فِي عِبَادَته وَقَالَ: كَانَ الْحسن يَقُول: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى رزقهم الله أَوْلَاد فهوّدوا ونصروا وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ} قَالَ: يَعْنِي بهَا ذُرِّيَّة آدم وَمن أشرك مِنْهُم بعده وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ} قَالَ: هُوَ

الانكاف أنكف نَفسه يَقُول: عظم نَفسه وانكفته الْمَلَائِكَة وَمَا سبح لَهُ وَأخرج ابْن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الْكفَّار يدعونَ الله فَإِذا آتاهما صَالحا وهودا ونصرا ثمَّ قَالَ {أيشركون مَا لَا يخلق شَيْئا وهم يخلقون} يَقُول: يطيعون مَا لَا يخلق شَيْئا وَهِي الشَّيَاطِين لَا تخلق شَيْئا وَهِي تخلق {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُم نصرا} يَقُول: لمن يَدعُوهُم - الْآيَة (194 - 197)

194

- أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: يجاء بالشمس وَالْقَمَر حَتَّى يلقيان بَين يَدي الله ويجاء بِمن كَانَ يعبدهما فَيُقَال {فادعوهم فليستجيبوا لكم إِن كُنْتُم صَادِقين} - الْآيَة (198)

198

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وتراهم ينظرُونَ إِلَيْك} قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُشْركُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وتراهم ينظرُونَ إِلَيْك وهم لَا يبصرون} مَا تدعوهم إِلَيْهِ من الْهدى - الْآيَة (199)

199

- أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ والنحاس فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: مَا نزلت هَذِه الْآيَة إِلَّا فِي أَخْلَاق النَّاس {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} وَفِي لفظ: أَمر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَأْخُذ الْعَفو من أَخْلَاق النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر فِي قَوْله تَعَالَى {خُذ الْعَفو} قَالَ: أَمر الله نبيه أَن يَأْخُذ الْعَفو من أَخْلَاق النَّاس وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن إِبْرَاهِيم بن أدهم قَالَ: لما أنزل الله {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرت أَن آخذ الْعَفو من أَخْلَاق النَّاس وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ قَالَ: لما أنزل الله {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: لَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل الْعَالم فَذهب ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ: إِن الله أَمرك أَن تَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتُعْطِي من حَرمك وَتصل من قَطعك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا جِبْرِيل مَا تَأْوِيل هَذِه الْآيَة قَالَ: حَتَّى أسأَل فَصَعدَ ثمَّ نزل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله يَأْمُرك أَن تصفح عَمَّن ظلمك وَتُعْطِي من حَرمك وَتصل من قَطعك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا ادلكم على أشرف أَخْلَاق الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَالُوا: وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: تَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتُعْطِي من حَرمك وَتصل من قَطعك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن قيس بن سعد بن عبَادَة قَالَ: لما نظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حَمْزَة بن عبد الْمطلب قَالَ وَالله لَأُمَثِّلَن بسبعين مِنْهُم فَجَاءَهُ جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} فَقَالَ: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا قَالَ: لَا أَدْرِي ثمَّ عَاد فَقَالَ: إِن الله يَأْمُرك أَن تَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة فِي قَول الله {خُذ الْعَفو} قَالَ: مَا عفى لَك من مَكَارِم الْأَخْلَاق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {خُذ الْعَفو} من أَخْلَاق النَّاس وأعمالهم بِغَيْر تجسيس {وَأمر بِالْعرْفِ} قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم عُيينة بن حصن بن بدر فَنزل على ابْن أَخِيه الْحر بن قيس - وَكَانَ من النَّفر الَّذين يدنيهم عمر وَكَانَ الْقُرَّاء أَصْحَاب مجَالِس عمر ومشاورته كهولا كَانُوا أَو شبَابًا - فَقَالَ عُيَيْنَة لِابْنِ أَخِيه: يَا ابْن أخي هَل لَك وَجه عِنْد هَذَا الْأَمِير فَاسْتَأْذن لي عَلَيْهِ قَالَ: سأستأذن لَك عَلَيْهِ قَالَ ابْن عَبَّاس: فَاسْتَأْذن الْحر لعُيينة فَأذن لَهُ عمر فَلَمَّا دخل قَالَ: هِيَ يَا ابْن الْخطاب فو الله مَا تُعْطِينَا الجزل وَلَا تحكم بَيْننَا بِالْعَدْلِ فَغَضب عمر حَتَّى همَّ أَن يُوقع بِهِ فَقَالَ لَهُ الْحر: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الله عز وَجل قَالَ لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} وَإِن هَذَا من الْجَاهِلين وَالله مَا جاوزنا عمر حِين تَلَاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ وقافا عِنْد كتاب الله عز وَجل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن وهب عَن مَالك بن أنس عَن عبد الله بن نَافِع أَن سَالم بن عبد الله مر على عير لأهل الشَّام وفيهَا جرس فَقَالَ: إِن هَذَا ينْهَى عَنهُ فَقَالُوا: نَحن أعلم بِهَذَا مِنْك إِنَّمَا يكره الجلجل الْكَبِير وَأما مثل هَذَا فَلَا بَأْس بِهِ فَبكى سَالم وَقَالَ {وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} قَالَ: خلق أَمر الله بِهِ نبيه ودله عَلَيْهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أدلك على خير أَخْلَاق الأوّلين والآخرين قَالَ: قلت يَا رَسُول الله نعم قَالَ: تُعْطِي من حَرمك وَتَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتصل من قَطعك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبرك بِأَفْضَل أَخْلَاق أهل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وَتَعْفُو عَمَّن ظلمك

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صل من قَطعك واعف عَمَّن ظلمك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صل من قَطعك واعف عَمَّن ظلمك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا أدلكم على كرائم الْأَخْلَاق للدنيا وَالْآخِرَة أَن تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وَتجَاوز عَمَّن ظلمك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أدلكم على مَكَارِم الْأَخْلَاق فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: صل من قَطعك واعط من حَرمك واعف عَمَّن ظلمك وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيقه عَن معمر عَن أبي إِسْحَق الْهَمدَانِي عَن ابْن أبي حُسَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أدلكم على خير أَخْلَاق أهل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أَن تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وَتَعْفُو عَمَّن ظلمك قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا مُرْسل حسن وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لن ينَال عبد صَرِيح الإِيمان حَتَّى يصل من قطعه وَيَعْفُو عَمَّن ظلمه وَيغْفر لمن شَتمه وَيحسن إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن مَكَارِم الْأَخْلَاق عِنْد الله أَن تَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك ثمَّ تَلا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رَضِي الله بِالْعَفو وَأمر بِهِ وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أفضل الْفَضَائِل أَن تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وتصفح عَمَّن شتمك وَأخرج السلَفِي فِي الطيوريات عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ إِذا سَافر أخرج مَعَه سَفِيها يرد عَنهُ سفاهة السُّفَهَاء وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن شَوْذَب قَالَ: كُنَّا عِنْد مَكْحُول ومعنا سُلَيْمَان بن مُوسَى فجَاء رجل واستطال على سُلَيْمَان وَسليمَان سَاكِت فجَاء أَخ لِسُلَيْمَان فَرد عَلَيْهِ فَقَالَ مَكْحُول: لقد ذل من لَا سَفِيه لَهُ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خُذ الْعَفو} قَالَ: خُذ مَا عُفيَ لَك من أَمْوَالهم مَا أتوك بِهِ من شَيْء فَخذه وَكَانَ هَذَا قبل أَن تنزل بَرَاءَة بفرائض الصَّدقَات وتفصيلها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خُذ الْعَفو} قَالَ: خُذ الْفضل أنْفق الْفضل {وَأمر بِالْعرْفِ} يَقُول بِالْمَعْرُوفِ وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الأرزق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي {خُذ الْعَفو} قَالَ: خُذ الْفضل من أَمْوَالهم أَمر الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْخُذ لَك قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عبيد بن الأبرص وَهُوَ يَقُول: يعْفُو عَن الْجَهْل والسوآت كَمَا يدْرك غيث الرّبيع ذُو الطَّرْد وَأخرج ابْن جرير والنحاس فِي ناسخه عَن السّديّ فِي قَوْله {خُذ الْعَفو} قَالَ: الْفضل من المَال نسخته الزَّكَاة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {خُذ الْعَفو} فَكَانَ الرجل يمسك من مَاله مَا يَكْفِيهِ وَيتَصَدَّق بِالْفَضْلِ فنسخها الله بِالزَّكَاةِ {وَأمر بِالْعرْفِ} قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ {وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة قبل أَن تفرض الصَّلَاة وَالزَّكَاة والقتال أمره الله بالكف ثمَّ نسخهَا الْقِتَال وَأنزل {أُذن للَّذين يُقَاتلُون بِأَنَّهُم ظلمُوا} الْحَج الْآيَة 39 الْآيَة - الْآيَة (200)

200

- أخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: لما نزلت {خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} الْأَعْرَاف الْآيَة 199 قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ يَا رب وَالْغَضَب فَنزل {وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ} قَالَ: علم الله أَن هَذَا الْعَدو مبتغ ومريد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الشَّيْطَان من همزه ونفثه ونفخه قَالَ: همزه الموتة ونفثه الشّعْر: ونفخه الْكِبْرِيَاء - الْآيَة (201 - 203)

201

- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إنَّ الَّذين اتَّقوا} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَضَب وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان} قَالَ: الْغَضَب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الطيف: الْغَضَب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك أَنه قَرَأَ (إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان) بِالْألف {تَذكرُوا} قَالَ: هَم بِفَاحِشَة فَلم يعملها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان تَذكرُوا} يَقُول: إِذا زلوا تَابُوا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق وهب بن جرير عَن أَبِيه قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد الْحسن إِذْ جَاءَهُ رجل فَقَالَ: يَا أَبَا سعيد مَا تَقول فِي العَبْد يُذنب الذَّنب ثمَّ يَتُوب قَالَ: لم يَزْدَدْ بتوبته من الله إِلَّا دنواً قَالَ: ثمَّ عَاد فِي ذَنبه ثمَّ تَابَ قَالَ: لم يَزْدَدْ بتوبته إِلَّا شرفاً عِنْد الله قَالَ: ثمَّ قَالَ لي: ألم تسمع مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: وَمَا قَالَ قَالَ مثل الْمُؤمن مثل السنبلة تميل أَحْيَانًا وتستقيم

أَحْيَانًا - وَفِي ذَلِك تكبر - فَإِذا حصدها صَاحبهَا حمد أمره كَمَا حمد صَاحب السنبلة بره ثمَّ قَرَأَ {إِن الَّذين اتَّقوا إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان تَذكرُوا فَإِذا هم مبصرون} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: إِن الله لم يسم عَبده الْمُؤمن كَافِرًا ثمَّ قَرَأَ {إِن الَّذين اتَّقوا إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان تَذكرُوا} فَقَالَ: لم يسمه كَافِرًا وَلَكِن سَمَّاهُ متقياً وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {إِذا مسهم طائف} بِالْألف وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم وَيحيى بن وثاب قَرَأَ أَحدهمَا طائف وَالْآخر طيف وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَ (إِذا مسهم طائف) بِالْألف وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: الطَّائِف اللمة من الشَّيْطَان {تَذكرُوا فَإِذا هم مبصرون} يَقُول: إِذا هم مُنْتَهُونَ عَن الْمعْصِيَة آخذون بِأَمْر الله عاصون للشَّيْطَان وإخوانهم قَالَ: إخْوَان الشَّيَاطِين {يمدونهم فِي الغي ثمَّ لَا يقصرون} قَالَ: لَا الإِنس عَمَّا يعْملُونَ السَّيِّئَات وَلَا الشَّيَاطِين تمسك عَنْهُم {وَإِذا لم تأتهم بِآيَة قَالُوا لَوْلَا اجتبيتها} يَقُول: لَوْلَا أحدثتها لَوْلَا تلقيتها فأنشأتها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وإخوانهم يمدونهم فِي الغي} قَالَ: هم الْجِنّ يوحون إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ من الإِنس {ثمَّ لَا يقصرون} يَقُول: لَا يسامون {وَإِذا لم تأتهم بِآيَة قَالُوا لَوْلَا اجتبيتها} يَقُول: هلا افتعلتها من تِلْقَاء نَفسك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {وإخوانهم من الشَّيَاطِين يمدونهم فِي الغي} قَالَ: استجهالاً وَفِي قَوْله {لَوْلَا اجتبيتها} قَالَ: ابتدعتها وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: أَتَانِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أعرف الْحزن فِي وَجهه فَأخذ بلحيتي فَقَالَ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون أَتَانِي جِبْرِيل

آنِفا فَقَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون قلت: أجل فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَمَا ذَاك يَا جِبْرِيل فَقَالَ: إِن أمتك مفتتنة بعْدك بِقَلِيل من الدَّهْر غير كثير قلت: فتْنَة كفر أَو فتْنَة ضَلَالَة قَالَ: كل ذَلِك سَيكون قلت: وَمن أَيْن ذَاك وَأَنا تَارِك فيهم كتاب الله قَالَ: بِكِتَاب الله يضلون وَأول ذَلِك من قبل قرائهم وأمرائهم يمْنَع الْأُمَرَاء النَّاس حُقُوقهم فَلَا يعطونها فيقتتلون وتتبع الْقُرَّاء أهواء الْأُمَرَاء فيمدونهم فِي الغي ثمَّ لَا يقصرون قلت: يَا جِبْرِيل فَبِمَ يسلم من سلم مِنْهُم قَالَ: بالكف وَالصَّبْر إِن أعْطوا الَّذِي لَهُم أَخَذُوهُ وَإِن منعُوهُ تَرَكُوهُ وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {قل إِنَّمَا أتبع مَا يُوحى إليَّ من رَبِّي} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن {هَذَا بصائر من ربكُم} أَي بَيِّنَات فاعقلوه {وَهدى وَرَحْمَة} لمن آمن بِهِ وَعمل بِهِ ثمَّ مَاتَ عَلَيْهِ - الْآيَة (204)

204

- أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} قَالَ: نزلت فِي رفع الْأَصْوَات وهم خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} يَعْنِي فِي الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ خَلفه قوم فَنزلت {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ فِي الصَّلَاة أَجَابَهُ من وَرَاءه إِذا قَالَ: بِسم الله الرَّحْمَن [] قَالُوا مثل مَا يَقُول حَتَّى تَنْقَضِي فَاتِحَة الْكتاب وَالسورَة فَلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث ثمَّ نزلت {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} الْآيَة فَقَرَأَ وأنصتوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: قرأرجل من الْأَنْصَار خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة فأنزلت {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مُغفل أَنه سُئِلَ أَكُلُّ من سمع الْقُرْآن يُقْرَأْ وَجب عَلَيْهِ الِاسْتِمَاع والإِنصات قَالَ: لَا قَالَ: إِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} فِي قِرَاءَة الإِمام إِذا قَرَأَ الإِمام فاستمع لَهُ وأنصت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود أَنه صلى بِأَصْحَابِهِ فَسمع نَاسا يقرؤون خَلفه فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: أما آن لكم أَن تفهموا أما آن لكم أَن تعقلوا {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} كَمَا أَمركُم الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي وَائِل عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ فِي الْقِرَاءَة خلف الإِمام: انصت لِلْقُرْآنِ كَمَا أُمرت فَإِن فِي الصَّلَاة شغلاً وسيكفيك ذَاك الإِمام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: من قَرَأَ خلف الإِمام فقد أَخطَأ الْفطْرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن ثَابت قَالَ: لَا قِرَاءَة خلف الإِمام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا جعل الإِمام ليؤتم بِهِ فَإِذا كبر فكبروا وَإِذا قَرَأَ فانصتوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من كَانَ لَهُ إِمَام فقراءته لَهُ قِرَاءَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: أول مَا أَحْدَثُوا الْقِرَاءَة خلف الإِمام وَكَانُوا لَا يقرأون وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي فَتى من الْأَنْصَار كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلما قَرَأَ شَيْئا قَرَأَهُ فَنزلت {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا صلى بِأَصْحَابِهِ فَقَرَأَ قَرَأَ أَصْحَابه خَلفه فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} فَسكت الْقَوْم وَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا قَرَأت أئمتهم جاوبوهم فكره الله ذَلِك لهَذِهِ الْأمة قَالَ {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ وَرجل يقْرَأ فَنزلت {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن طَلْحَة بن مصرف فِي قَوْله {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} قَالَ: لَيْسَ هَؤُلَاءِ بالأئمة الَّذين أمرنَا بالإِنصات لَهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة فَنزلت {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَنه سلم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَلم يرد عَلَيْهِ - وَكَانَ الرجل قبل ذَلِك يتَكَلَّم فِي صلَاته وَيَأْمُر بحاجته - فَلَمَّا فرغ رد عَلَيْهِ وَقَالَ: غن الله يفعل مَا يَشَاء وَإِنَّهَا نزلت {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا لَعَلَّكُمْ ترحمون} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا يسلم بَعْضنَا على بعض فِي الصَّلَاة فجَاء الْقُرْآن {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: كَانَ النَّاس يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا لَعَلَّكُمْ ترحمون} فنهانا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَطاء قَالَ: بَلغنِي أَن الْمُسلمين كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة كَمَا يتَكَلَّم الْيَهُود وَالنَّصَارَى حَتَّى نزلت {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا لَعَلَّكُمْ ترحمون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة أول مَا أمروا بهَا كَانَ الرجل يَجِيء وهم فِي الصَّلَاة فَيَقُول لصَاحبه: كم صليتم فَيَقُول: كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} فَأمروا بالاستماع والإِنصات علم أَن الإِنصات هُوَ أَحْرَى أَن يستمع العَبْد ويعيه ويحفظه علم أَن لن يفقهوا حَتَّى ينصتوا والإِنصات بِاللِّسَانِ وَالِاسْتِمَاع بالأذنين وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة فَأنْزل الله {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن} الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ} قَالَ: نزلت فِي صَلَاة الْجُمُعَة وَفِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَفِيمَا جهر بِهِ من الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمُؤمن فِي سَعَة من الِاسْتِمَاع إِلَيْهِ إِلَّا فِي صَلَاة الْجُمُعَة وَفِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَفِيمَا جهر بِهِ من الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} قَالَ: نزلت فِي رفع الْأَصْوَات خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة وَفِي الْخطْبَة لِأَنَّهَا صَلَاة وَقَالَ: من تكلم يَوْم الْجُمُعَة والإِمام يخْطب فَلَا صَلَاة لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي هَذِه الْآيَة {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} قَالَ: هَذَا فِي الصَّلَاة وَالْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: وَجب الإِنصات فِي اثْنَتَيْنِ فِي الصَّلَاة والإِمام يقْرَأ وَيَوْم الْجُمُعَة والإِمام يخْطب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: مَا أوجب الإِنصات يَوْم الْجُمُعَة قَالَ: قَوْله {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} قَالَ: ذَاك زَعَمُوا فِي الصَّلَاة وَفِي الْجُمُعَة قلت: والإِنصات يَوْم الْجُمُعَة كالإِنصات فِي الْقِرَاءَة سَوَاء قَالَ: نعم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن فِي قَوْله {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} قَالَ: عِنْد الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَعند الذّكر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: كَانُوا يرفعون أَصْوَاتهم فِي الصَّلَاة حِين يسمعُونَ ذكر الْجنَّة وَالنَّار فَأنْزل الله {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ} الْآيَة قَالَ: فِي الصَّلَاة وَحين ينزل الْوَحْي عَن الله عزَّ وجلَّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد أَنه كره إِذا مر الإِمام بِآيَة خوف أَو آيَة رَحْمَة أَن يَقُول أحد من خَلفه شَيْئا قَالَ: السُّكُوت

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عُثْمَان بن زَائِدَة أَنه كَانَ إِذا قرىء عَلَيْهِ الْقُرْآن غطى وَجهه بِثَوْبِهِ ويتأوّل من ذَلِك قَول الله {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} فَيكْرَه أَن يشغل بَصَره وشيئاً من جواره بِغَيْر اسْتِمَاع وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من اسْتمع إِلَى آيَة من كتاب الله كتبت لَهُ حَسَنَة مضاعفة وَمن تَلَاهَا كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة - الْآيَة (205)

205

- أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أمره الله أَن يذكرهُ وَنَهَاهُ عَن الْغَفْلَة أما بالغدوّ: فَصَلَاة الصُّبْح وَالْآصَال: بالْعَشي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر قَالَ: الآصال: مَا بَين الظّهْر وَالْعصر وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} الْأَعْرَاف الْآيَة 204 قَالَ: هَذَا إِذا أَقَامَ الإِمام الصَّلَاة {فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا} وَاذْكُر رَبك أَيهَا المنصت {فِي نَفسك تضرعاً وخيفة وَدون الْجَهْر من القَوْل} قَالَ: لَا تجْهر بِذَاكَ {بالغدوّ وَالْآصَال} بالبكر والعشي {وَلَا تكن من الغافلين} وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبيد بن عُمَيْر فِي قَوْله {وَاذْكُر رَبك فِي نَفسك} قَالَ: يَقُول الله إِذا ذَكرنِي عَبدِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي وَإِذا ذَكرنِي عَبدِي وحْده ذكرته وحدي وَإِذا ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ أحسن مِنْهُم وَأكْرم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {بالغدوّ} قَالَ: آخر الْفجْر صَلَاة الصُّبْح {وَالْآصَال} آخر الْعشي صَلَاة الْعَصْر وكل ذَلِك لَهَا وَقت أول الْفجْر وَآخره وَذَلِكَ مثل قَوْله فِي سُورَة آل عمرَان {بالْعَشي والإِبكار} آل عمرَان الْآيَة 41 ميل الشَّمْس إِلَى أَن تغيب والإِبكار أول الْفجْر

وَأخرج عبد بن حميد عَن معرف بن وَاصل قَالَ: سَمِعت أَبَا وَائِل يَقُول لغلامه عِنْد مغيب الشَّمْس: آصلنا أخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَلَا تكن من الغافلين} قَالَ: ذَاكر الله فِي الغافلين كالمقاتل عَن الفارقين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بكير بن الْأَخْنَس قَالَ: مَا أَتَى يَوْم الْجُمُعَة على أحد وَهُوَ لَا يعلم أَنه يَوْم الْجُمُعَة إِلَّا كتب من الغافلين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْغَفْلَة فِي ثَلَاث عَن ذكر الله وَمن حِين يُصَلِّي الصُّبْح إِلَى طُلُوع الشَّمْس وَأَن يغْفل الرجل عَن نَفسه فِي الدّين حَتَّى يركبه - الْآيَة (206)

206

- أخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق أبي الْعُرْيَان الْمُجَاشِعِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه ذكر سُجُود الْقُرْآن فَقَالَ: الْأَعْرَاف والرعد والنحل وَبَنُو إِسْرَائِيل وَمَرْيَم وَالْحج سَجْدَة وَاحِدَة والنمل وَالْفرْقَان والم تَنْزِيل وحم تَنْزِيل وص وَلَيْسَ فِي الْمفصل سُجُود وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: عد عَليّ بن الْعَبَّاس عشر سَجدَات فِي الْقُرْآن الْأَعْرَاف والرعد والنحل وَبني إِسْرَائِيل وَمَرْيَم وَالْحج الأولى مِنْهَا وَالْفرْقَان والنمل وتنزيل السَّجْدَة وحم السَّجْدَة وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ سجدت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى عشرَة سَجْدَة لَيْسَ فِيهَا من الْمفصل شَيْء الْأَعْرَاف والرعد والنحل وَبني إِسْرَائِيل وَمَرْيَم وَالْحج سَجْدَة وَالْفرْقَان وَسليمَان سُورَة النَّمْل والسجدة وص وَسجْدَة الحواميم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقْرَأَهُ خَمْسَ عشرَة سَجْدَة فِي الْقُرْآن مِنْهَا ثَلَاث من الْمفصل وَفِي سُورَة الْحَج سَجْدَتَيْنِ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ علينا الْقُرْآن فَيقْرَأ السُّورَة فِيهَا السَّجْدَة فَيسْجد ونسجد مَعَه حَتَّى لَا يجد أَحَدنَا مَكَانا لوضع جَبهته

وَأخرج مُسلم وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ ابْن آدم السَّجْدَة فَسجدَ اعتزل الشَّيْطَان يبكي يَقُول: يَا ويله أَمر ابْن آدم بِالسُّجُود فَسجدَ فَلهُ الْجنَّة وأُمِرْتُ بِالسُّجُود فأبيتُ فليَ النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن سِيرِين قَالَ: سُئِلت عَائِشَة عَن سُجُود الْقُرْآن فَقَالَت: حق الله يُؤَدِّيه أَو تطوّع تطوّعه وَمَا من مُسلم سجد لله سَجْدَة إِلَّا رَفعه الله بهَا دَرَجَة أَو حط عَنهُ بهَا خَطِيئَة أَو جمعهَا لَهُ كلتيهما وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُسلم بن يسَار قَالَ: إِذا قَرَأَ الرجل السَّجْدَة فَلَا يسْجد حَتَّى يَأْتِي على الْآيَة كلهَا فَإِذا أَتَى عَلَيْهِ رفع يَدَيْهِ وَكبر وَسجد وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ علينا الْقُرْآن فَإِذا مر بِالسَّجْدَةِ كبَّر وَسجد وسجدنا مَعَه وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي سُجُود الْقُرْآن بِاللَّيْلِ يَقُول فِي السَّجْدَة مرَارًا سَجَدَ وَجْهي للَّذي خلقه وشق سَمعه وبصره بحوله وقوته فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قيس بن السكن قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول سجد وَجْهي للَّذي خلقه وشق سَمعه وبصره قَالَ: وَبَلغنِي أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَقُول: سجد وَجْهي متعفراً فِي التُّرَاب لخالقي وَحقّ لَهُ ثمَّ قَالَ: سُبْحَانَ الله مَا أشبه كَلَام الْأَنْبِيَاء بَعضهم بِبَعْض وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول فِي سُجُوده: اللَّهُمَّ لَك سجد سوَادِي وَبِك آمن فُؤَادِي اللَّهُمَّ ارزفني علما يَنْفَعنِي وعلماً يرفعني وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة أَنه كَانَ يَقُول إِذا قَرَأَ السَّجْدَة: سُبْحَانَ رَبنَا إِن كَانَ وعد رَبنَا لمفعولاً سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: لَا يسْجد الرجل إِلَّا وَهُوَ طَاهِر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ إِذا أَتَوا على السَّجْدَة أَن يجاوزوها حَتَّى يسجدوا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يدع قِرَاءَة آخر سُورَة الْأَعْرَاف فِي كل جُمُعَة على الْمِنْبَر 4

سُورَة الْأَنْفَال (8) سُورَة الْأَنْفَال مَدَنِيَّة وآياتها خمس وَسَبْعُونَ أخرج النّحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْفَال بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ سُورَة الْأَنْفَال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن ثَابت قَالَ: نزلت الْأَنْفَال بِالْمَدِينَةِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: سُورَة الْأَنْفَال قَالَ: نزلت فِي بدر وَفِي لفظ: تِلْكَ سُورَة بدر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1

الأنفال

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر قتل أخي عُمَيْر وَقتلت سعيد بن العَاصِي وَأخذت سَيْفه وَكَانَ يُسمى ذَا الكتيعة فَأتيت بِهِ النَّبِي فَقَالَ اذْهَبْ فَاطْرَحْهُ فِي الْقَبْض فَرَجَعت وَبِي مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله من قتل أخي وَأخذ سَلبِي فَمَا جَاوَزت إِلَّا يَسِيرا حَتَّى نزلت سُورَة الْأَنْفَال فَقَالَ لي رَسُول الله: اذْهَبْ فَخذ سَيْفك وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعد قَالَ: قلت:

يَا رَسُول الله قد شفاني الله الْيَوْم من الْمُشْركين فَهَب لي هَذَا السَّيْف قَالَ: إِن هَذَا السَّيْف لَا لَك وَلَا لي ضَعْهُ فَوَضَعته ثمَّ رجعت قلت: عَسى يعْطى هَذَا السَّيْف الْيَوْم من لَا يبْلى بلائي إِذا رجل يدعوني من ورائي قلت: قد أنزل الله فِي شَيْء قَالَ: كنت سَأَلتنِي هَذَا السَّيْف وَلَيْسَ هُوَ لي وَإِنِّي قد وهب لي فَهُوَ لَك وَأنزل الله هَذِه الْآيَة {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: نزلت فيَّ أَربع آيَات بر الْوَالِدين وَالنَّفْل وَالثلث وَتَحْرِيم الْخمر وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَمُسلم والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: نزلت فيَّ أَربع آيَات من كتاب الله كَانَت أُمِّي حَلَفت أَن لَا تَأْكُل وَلَا تشرب حَتَّى أُفَارِق مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأنْزل الله (وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا) (لُقْمَان الْآيَة 15) وَالثَّانيَِة أَنِّي كنت أخذت سَيْفا أعجبني فَقلت: يَا رَسُول الله هَب لي هَذَا فَنزلت {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} وَالثَّالِثَة إِنِّي مَرضت فَأَتَانِي رَسُول الله فَقلت: يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد أَن أقسم مَالِي أفأوصي بِالنِّصْفِ قَالَ: لَا فَقلت: الثُّلُث فَسكت فَكَانَ الثُّلُث بعده جَائِزا وَالرَّابِعَة اني شربت الْخمر مَعَ قوم من الْأَنْصَار فَضرب رجل مِنْهُم أنفي بلحيي جمل فَأتيت النَّبِي فَأنْزل الله تَحْرِيم الْخمر وَأخرج عبد بن حميد والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد قَالَ: أصَاب رَسُول الله غنيمَة عَظِيمَة فَإِذا فِيهَا سيف فَأَخَذته فَأتيت بِهِ رَسُول الله فَقلت: نفلني هَذَا السَّيْف فَأَنا من عملت فَقَالَ رده من حَيْثُ أَخَذته فَرَجَعت بِهِ حَتَّى إِذا أردْت أَن ألقيه فِي الْقَبْض لأمتني نَفسِي فَرَجَعت إِلَيْهِ فَقلت: اعطنيه فشدَّ لي صَوته وَقَالَ: رده من حَيْثُ أَخَذته فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعد قَالَ: نفلني النَّبِي يَوْم بدر سَيْفا وَنزل فِي النَّفْل وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة من طَرِيق مُصعب بن سعد عَن سعد قَالَ:

أصبت سَيْفا يَوْم بدر فَأتيت بِهِ النَّبِي فَقلت: يَا رَسُول الله نفلنيه فَقَالَ ضَعْهُ من حَيْثُ أَخَذته فَنزلت {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} وَهِي قِرَاءَة عبد الله هَكَذَا الْأَنْفَال وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: سَأَلت عبَادَة بن الصَّامِت عَن الْأَنْفَال فَقَالَ: فِينَا أَصْحَاب بدر نزلت حِين اخْتَلَفْنَا فِي النَّفْل فَسَاءَتْ فِيهِ أَخْلَاقنَا فانتزعه الله من أَيْدِينَا وَجعله إِلَى رَسُول الله فَقَسمهُ رَسُول الله بَين الْمُسلمين عَن بَرَاءَة يَقُول: عَن سَوَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله فَشَهِدت مَعَه بدر فَالتقى النَّاس فَهزمَ الله العدوّ فَانْطَلَقت طَائِفَة فِي آثَارهم منهزمون يقتلُون واكبت طَائِفَة على الْعَسْكَر يحوزونه ويجمعونه وَأَحْدَقَتْ طَائِفَة برَسُول الله لَا يُصِيب العدوّ مِنْهُ غرَّة حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْل وَفَاء النَّاس بَعضهم إِلَى بعض قَالَ الَّذين جمعُوا الْغَنَائِم: نَحن حَوَيْنَاهَا وجمعناها فَلَيْسَ لأحد فِيهَا نصيب وَقَالَ الَّذين خَرجُوا فِي طلب العدوّ: لَسْتُم بِأَحَق بهَا منا نَحن نَفينَا عَنْهَا الْعَدو وهزمناهم وَقَالَ الَّذين أَحدقُوا برَسُول الله: لَسْتُم بِأَحَق بهَا منا نَحن أَحدقنَا برَسُول الله وخفنا أَن يُصِيب العدوّ مِنْهُ غرَّة وَاشْتَغَلْنَا بِهِ فَنزلت {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم} فَقَسمهَا رَسُول الله بَين الْمُسلمين وَكَانَ رَسُول الله إِذا أغار فِي أَرض العدوّ وَنفل الرّبع وَإِذا أقبل رَاجعا وكل النَّاس نفل الثُّلُث وَكَانَ يكره الْأَنْفَال وَيَقُول: ليرد قويُّ الْمُسلمين على ضعيفهم وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ بعث رَسُول الله سَرِيَّة فنصرها الله وَفتح عَلَيْهَا فَكَانَ من أَتَاهُ بِشَيْء نفله من الْخمس فَرجع رجال كَانُوا يَسْتَقْدِمُونَ وَيقْتلُونَ وَيَأْسِرُونَ وَيقْتلُونَ وَتركُوا الْغَنَائِم خَلفهم فَلم ينالوا من الْغَنَائِم شَيْئا فَقَالُوا: يَا يَا رَسُول الله مَا بَال رجال منا يَسْتَقْدِمُونَ وَيَأْسِرُونَ وتخلف رجال لم يصلوا بِالْقِتَالِ فنفلتهم من الْغَنِيمَة فَسكت رَسُول الله وَنزل {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} الْآيَة فَدَعَاهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

فَقَالَ: ردوا مَا أَخَذْتُم واقتسموه بِالْعَدْلِ والسوية فَإِن الله يَأْمُركُمْ بذلك قَالُوا: قد احتسبنا وأكلنا قَالَ: احتسبوا ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّاس سَأَلُوا النَّبِي الْغَنَائِم يَوْم بدر فَنزلت {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: لم ينفل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد إِذْ أنزلت عَلَيْهِ {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} إِلَّا من الْخمس فَإِنَّهُ نفل يَوْم خَيْبَر من الْخمس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حبيب بن مسلمة الفِهري قَالَ: كَانَ رَسُول الله ينفل الثُّلُث بعد الْخمس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل قَتِيلا فَلهُ كَذَا وَكَذَا وَمن أسر أَسِيرًا فَلهُ كَذَا وَكَذَا فَأَما المشيخة فثبتوا تَحت الرَّايَات وَأما الشبَّان فتسارعوا إِلَى الْقَتْل والغنائم فَقَالَت المشيخة للشبان: أشركونا مَعكُمْ فَإنَّا كُنَّا لكم ردأً وَلَو كَانَ مِنْكُم شَيْء لَلَجَأْتم إِلَيْنَا فاختصموا إِلَى النَّبِي فَنزلت {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول} فقسم الْغَنَائِم بَينهم بِالسَّوِيَّةِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل قَتِيلا فَلهُ كَذَا وَمن جَاءَ بأسير فَلهُ كَذَا فجَاء أَبُو الْيُسْر بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ بأسيرين فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّك قد وعدتنا فَقَامَ سعد بن عبَادَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّك إِن أَعْطَيْت هَؤُلَاءِ لم يبْق لأصحابك شَيْء وَإنَّهُ لم يمنعنا من هَذَا زهادة فِي الْأجر وَلَا جبن عَن الْعَدو وَإِنَّمَا قمنا هَذَا الْمقَام مُحَافظَة عَلَيْك أَن يأتوك من ورائك فتشاجروا فَنزل الْقُرْآن {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} وَكَانَ أَصْحَاب عبد الله يقرأونها {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم} فِيمَا تشاجرتم بِهِ فَسَلمُوا الْغَنِيمَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزل الْقُرْآن (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه) (الْأَنْفَال الْآيَة 41) إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة فَمَكثَ

ضعفاء النَّاس فِي الْعَسْكَر فَأصَاب أهل السّريَّة غَنَائِم فَقَسمهَا رَسُول الله بَينهم كلهم فَقَالَ أهل السّريَّة: يقاسمنا هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاء وَكَانُوا فِي الْعَسْكَر لم يشخصوا مَعنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهل تنْصرُونَ إِلَّا بضعفائكم فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما انْصَرف من بدر وَقدم الْمَدِينَة أنزل الله عَلَيْهِ سُورَة الْأَنْفَال فَعَاتَبَهُ فِي إحلال غنيمَة بدر وَذَلِكَ أَن رَسُول الله قسمهَا بَين أَصْحَابه لما كَانَ بَينهم من الْحَاجة إِلَيْهَا وَاخْتِلَافهمْ فِي النَّفْل يَقُول الله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم وَأَطيعُوا الله وَرَسُوله إِن كُنْتُم مُؤمنين} فَردهَا الله على رَسُوله فَقَسمهَا بَينهم على السوَاء فَكَانَ فِي ذَلِك تقوى الله وطاعته وَطَاعَة رَسُوله وَصَلَاح ذَات الْبَين وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد إِنَّهُم سَأَلُوا النَّبِي عَن الْخمس بعد الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس فَنزلت {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} قَالَ: كَانَ هَذَا يَوْم بدر وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن سعيد بن جُبَير أَن سَعْدا ورجلاً من الْأَنْصَار خرجا يتنفلان فوجدا سَيْفا ملقى فخرّا عَلَيْهِ جَمِيعًا فَقَالَ سعد: هُوَ لي وَقَالَ الْأنْصَارِيّ: هُوَ لي قَالَ: لَا أسلمه حَتَّى آتِي رَسُول الله فَأتيَاهُ فقصا عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ رَسُول الله لَيْسَ لَك يَا سعد وَلَا للْأَنْصَارِيِّ وَلكنه لي فَنزلت {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم وَأَطيعُوا الله وَرَسُوله} يَقُول: سلما السَّيْف إِلَى رَسُول الله ثمَّ نسخت هَذِه الْآيَة فَقَالَ (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل) (الْأَنْفَال الْآيَة 41) وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة قبل نجد فغنموا ابلاً كثيرا فَصَارَت سُهْمَانهمْ اثْنَي عشر بَعِيرًا ونفلوا بَعِيرًا بَعِيرًا

وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مَكْحُول عَن الْحجَّاج بن سُهَيْل النصري وَقيل إِن لَهُ صُحْبَة قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر قَاتَلت طَائِفَة من الْمُسلمين وَثبتت طَائِفَة عِنْد رَسُول الله فَجَاءَت الطَّائِفَة الَّتِي قَاتَلت بالاسلاب وَأَشْيَاء أصابوها فقسمت الْغَنِيمَة بَينهم وَلم يقسم للطائفة الَّتِي لم تقَاتل فَقَالَت الطَّائِفَة الَّتِي لم تقَاتل: اقسموا لنا فَأَبت وَكَانَ بَينهم فِي ذَلِك كَلَام فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم} فَكَانَ صَلَاح ذان بَينهم إِن ردوا الَّذِي كَانُوا أعْطوا مَا كَانُوا أخذُوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول} قَالَ الْأَنْفَال: الْمَغَانِم كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِصَة لَيْسَ لأحد مِنْهَا شَيْء مَا أصَاب سَرَايَا الْمُسلمين من شَيْء أَتَوْهُ بِهِ فَمن حبس مِنْهُ إبرة أَو سلكاً فَهُوَ غلُول فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يعطيهم مِنْهَا شَيْئا فَأنْزل الله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال} لي جَعلتهَا لرسولي لَيْسَ لكم مِنْهُ شَيْء {فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم} إِلَى قَوْله {إِن كُنْتُم مُؤمنين} ثمَّ أنزل الله (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء) (الْأَنْفَال الْآيَة 41) الْآيَة ثمَّ قسم ذَلِك الْخمس لرَسُول الله وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين والمهاجرين فِي سَبِيل الله وَجعل أَرْبَعَة أَخْمَاس النَّاس فِيهِ سَوَاء لفرس سَهْمَان ولصاحبه سهم وللراجل سهم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} قَالَ: هِيَ الْغَنَائِم ثمَّ نسخهَا (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء) (الْأَنْفَال الْآيَة 41) الْآيَة وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن جرير والنحاس وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: سَمِعت رجلا يسْأَل ابْن عَبَّاس عَن الْأَنْفَال فَقَالَ: الْفرس من النَّفْل وَالسَّلب من النَّفْل فَأَعَادَ المسئلة فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ذَلِك أَيْضا ثمَّ قَالَ الرجل: الْأَنْفَال الَّتِي قَالَ الله فِي كتابهما مَا هِيَ فَلم يزل يسْأَله حَتَّى كَاد يحرجه فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا

مثل صبيغ الَّذِي ضربه عمر وَفِي لفظ: فَقَالَ: مَا أحوجك إِلَى من يَضْرِبك كَمَا فعل عمر بصبيغ الْعِرَاقِيّ وَكَانَ عمر ضربه حَتَّى سَالَتْ الدِّمَاء على عَقِبَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَنْفَال: الْمَغَانِم أمروا أَن يصلحوا ذَات بَينهم فِيهَا فَيرد الْقوي على الضَّعِيف وَأخرج عبد بن حميد والنحاس وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} هُوَ مَا شَذَّ من الْمُشْركين إِلَى الْمُسلمين بِغَيْر قتال من عبد أَو دَابَّة أَو مَتَاع فَذَلِك للنَّبِي يصنع بِهِ مَا شَاءَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن عَمْرو قَالَ: أرسلنَا إِلَى سعيد بن الْمسيب نَسْأَلهُ عَن الْأَنْفَال فَقَالَ: تَسْأَلُونِي عَن الْأَنْفَال وَإنَّهُ لَا نفل بعد رَسُول الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن الْمسيب أَن النَّبِي لم يكن ينفل إِلَّا من الْخمس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن الْمسيب قَالَ: مَا كَانُوا ينفلون إِلَّا الْخمس وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن الْمسيب قَالَ: لَا نفل فِي غَنَائِم الْمُسلمين إِلَّا فِي خمس الْخمس وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أنس أَن أَمِيرا من الْأُمَرَاء أَرَادَ أَن ينفلهُ قبل أَن يخمسه فَأبى أنس أَن يقبله حَتَّى يخمسه وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود يسئلونك الْأَنْفَال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق شَقِيق عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ / يسئلونك عَن الْأَنْفَال / وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} قَالَ: الْفَيْء مَا أُصِيب من أَمْوَال الْمُشْركين مِمَّا لم يوجف عَلَيْهِ بخيل وَلَا ركاب فَهُوَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال} قَالَ: مَا أَصَابَت السَّرَايَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة قَالَا:

كَانَت الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول حَتَّى نسخهَا آيَة الْخمس (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء) (الْأَنْفَال الْآيَة 41) الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانَ أَصْحَاب عبد الله يقرؤنها يسئلونك الْأَنْفَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَاتَّقُوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم} قَالَ: هَذَا تحريج من الله على الْمُؤمنِينَ أَن يتقوا الله وَأَن يصلحوا ذَات بَينهم حَيْثُ اخْتلفُوا فِي الْأَنْفَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم} قَالَ: لَا تستبوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَكْحُول قَالَ: كَانَ صَلَاح ذَات بَينهم إِن ردَّتْ الْغَنَائِم فقسمت بَين من ثَبت عِنْد رَسُول الله وَبَين من قَاتل وغنم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {وَأَطيعُوا الله وَرَسُوله} قَالَ: طَاعَة الرَّسُول اتِّبَاع الْكتاب وَالسّنة وَأخرج أَبُو يعلى وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ عَن أنس قَالَ بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس إِذْ رَأَيْنَاهُ ضحك حَتَّى بَدَت ثناياه فَقَالَ عمر: مَا أضْحكك يَا رَسُول الله قَالَ: رجلا جثيا من أمتِي بَين يَدي رب الْعِزَّة فَقَالَ أَحدهمَا: يَا رب خُذ لي مظلمتي من أخي قَالَ الله: أعْط أَخَاك مظلمته قَالَ: يَا رب لم يبْق من حسناتي شَيْء قَالَ: يَا رب يحمل عني من أوزاري وفاضت عينا رَسُول الله بالبكاء ثمَّ قَالَ: إِن ذَلِك ليَوْم عَظِيم يَوْم تحْتَاج النَّاس إِلَى أَن يتَحَمَّل عَنْهُم من أوزارهم فَقَالَ الله للطَّالِب: ارْفَعْ بَصرك فَانْظُر فِي الْجنان فَرفع رَأسه فَقَالَ: يَا رب أرى مَدَائِن من فضَّة وقصوراً من ذهب مكللة بِاللُّؤْلُؤِ لأي نَبِي هَذَا لأي صديق هَذَا لأي شَهِيد هَذَا قَالَ: هَذَا لمن أعْطى الثّمن قَالَ: يَا رب من يملك ثمنه قَالَ: أَنْت قَالَ: بِمَاذَا قَالَ: بعفوك عَن أَخِيك قَالَ: يَا رب قد عَفَوْت عَنهُ قَالَ: خُذ بيد أَخِيك فَأدْخلهُ الْجنَّة ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا الله وَأَصْلحُوا ذاتْ بَيْنكُم فَإِن الله يصلح بَين الْمُؤمنِينَ يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أم هَانِئ أُخْت عَليّ بن أبي طَالب قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرك أَن الله تبَارك وَتَعَالَى وتقدس يجمع الأوّلين والآخرين يَوْم الْقِيَامَة فِي صَعِيد وَاحِد فَمن يدْرِي أَي الطَّرفَيْنِ فَقَالَت: الله وَرَسُوله أعلم ثمَّ يُنَادي مُنَاد من تَحت الْعَرْش يَا أهل التَّوْحِيد فَيَشْرَئِبُّونَ ثمَّ يُنَادي: يَا أهل التَّوْحِيد ثمَّ يُنَادي الثَّالِثَة إِن الله قد عَفا عَنْكُم فَيقوم النَّاس قد تعلق بَعضهم بِبَعْض فِي ظلامات الدُّنْيَا ثمَّ يُنَادي: يَا أهل التَّوْحِيد يعْفُو بَعْضكُم عَن بعض وعَلى الله الثَّوَاب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد: يَا أهل التَّوْحِيد إِن الله قد عَفا عَنْكُم فليعف بَعْضكُم عَن بعض وَعلي الثَّوَاب الْآيَة 2

2

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم} قَالَ: فرقت قُلُوبهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم} قَالَ: المُنَافِقُونَ لَا يدْخل قُلُوبهم شَيْء من ذكر الله عِنْد أَدَاء فَرَائِضه وَلَا يُؤمنُونَ بِشَيْء من آيَات الله وَلَا يَتَوَكَّلُونَ على الله وَلَا يصلونَ إِذا غَابُوا وَلَا يؤدون زَكَاة أَمْوَالهم فاخبر الله أَنهم لَيْسُوا بمؤمنين ثمَّ وصف الْمُؤمنِينَ فَقَالَ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم} فأدوا فَرَائِضه وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق شهر بن حَوْشَب عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: إِنَّمَا الوجل فِي الْقلب كاحتراق السعفة يَا شهر أما تَجِد قشعريرة قلت: بلَى قَالَ: فَادع عِنْدهَا فَإِن الدُّعَاء يُسْتَجَاب عِنْد ذَلِك وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عَائِشَة قَالَ: مَا الوجل فِي قلب الْمُؤمن إِلَّا كضرمة السعفة فَإِذا وجد أحدكُم فَليدع عِنْد ذَلِك وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: قَالَ فلَان: إِنِّي لأعْلم مَتى

يُسْتَجَاب لي قَالُوا: وَمن أَيْن يعلم ذَاك قَالَ: إِذا اقشعر جلدي ووجل قلبِي وفاضت عَيْنَايَ فَذَاك حِين يُسْتَجَاب لي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن السّديّ فِي قَوْله {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم} قَالَ: هُوَ الرجل يُرِيد أَن يظلم أَو يهم بِمَعْصِيَة فَيُقَال لَهُ: اتَّقِ الله فيجل قلبه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {زادتهم إِيمَانًا} قَالَ: تَصْدِيقًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {زادتهم إِيمَانًا} قَالَ: زادتهم خشيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {زادتهم إِيمَانًا} قَالَ: الإِيمان يزِيد وَينْقص وَهُوَ قَول وَعمل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: نطق الْقُرْآن بِزِيَادَة الإِيمان ونقصانه قَوْله {زادتهم إِيمَانًا} فَهَذِهِ زِيَادَة الْأَيْمَان وَإِذا غفلنا ونيسنا وضيعنا فَذَلِك نقصانه وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لَو وزن إِيمَان أبي بكر بِإِيمَان أهل الأَرْض لرجح إِيمَان أبي بكر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ} يَقُول: لَا يرجون غَيره وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: التَّوَكُّل على الله جماع الإِيمان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: التَّوَكُّل جماع الإِيمان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: التَّوَكُّل على الله نصف الْإِيمَان الْآيَات 3 - 4

3

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: إِن الايمان فِي كتاب الله صَار إِلَى الْعَمَل فَقَالَ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم وَإِذا تليت عَلَيْهِم آيَاته زادتهم إِيمَانًا وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ} ثمَّ صيرهم إِلَى الْعَمَل فَقَالَ {الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} قَالَ: برئوا من الْكفْر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} قَالَ: خَالِصا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} قَالَ: استحقوا الايمان بِحَق فاحقه الله لَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق يحيى بن الضريس عَن أبي سِنَان قَالَ: سُئِلَ عَمْرو بن مرّة عَن قَوْله {أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} قَالَ: انما نزل الْقُرْآن بِلِسَان الْعَرَب كَقَوْلِك: فلَان سيد حَقًا وَفِي الْقَوْم سادة وَفُلَان شَاعِر حَقًا وَفِي الْقَوْم شعراء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي روق فِي قَوْله {أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} قَالَ: كَانَ قوم يسرون الْكفْر ويظهرون الإِيمان وَقوم يسرون الايمان ويظهرونه فَأَرَادَ الله أَن يُمَيّز بَين هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء فَقَالَ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم} حَتَّى انْتهى إِلَى قَوْله {أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} الَّذين يسرون الايمان ويظهرونه لَا هَؤُلَاءِ الَّذين يسرون الْكفْر ويظهرون الإِيمان وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن مرّة فِي قَوْله {أُولَئِكَ هم الْمُؤْمِنُونَ حَقًا} قَالَ: فضل بَعضهم على بعض وكلٌ مُؤمنُونَ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحَارِث بن مَالك الْأنْصَارِيّ انه مر برَسُول الله فَقَالَ لَهُ كَيفَ أَصبَحت يَا حَارِث قَالَ: أَصبَحت مُؤمنا حَقًا قَالَ: انْظُر مَا تَقول فَإِن لكل شَيْء حَقِيقَة فَمَا حَقِيقَة إيمانك فَقَالَ: عزفت نَفسِي عَن الدُّنْيَا فاسهرت ليلِي واظمأت نهاري وَكَأَنِّي أنظر إِلَى أهل الْجنَّة يتزاورون فِيهَا وَكَأَنِّي أنظر إِلَى أهل النَّار يتضاغون فِيهَا قَالَ: يَا حَارِث عرفت فَالْزَمْ ثَلَاثًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {لَهُم دَرَجَات} يَعْنِي فَضَائِل وَرَحْمَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَهُم دَرَجَات عِنْد رَبهم} قَالَ: أَعمال رفيعة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {لَهُم دَرَجَات} قَالَ: أهل الْجنَّة بَعضهم فَوق بعض فَيرى الَّذِي هُوَ فَوق فَضله على الَّذِي هُوَ أَسْفَل مِنْهُ وَلَا يرى الَّذِي هُوَ أَسْفَل أَنه فضل عَلَيْهِ أحد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله ومغفرة قَالَ: بترك الذُّنُوب {ورزق كريم} قَالَ الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: إِذا سَمِعت الله يَقُول {ورزق كريم} فَهِيَ الْجنَّة الْآيَات 5 - 6

5

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن بِالْمَدِينَةِ وبلغه أَن عير أبي سُفْيَان قد أَقبلت فَقَالَ مَا ترَوْنَ فِيهَا لَعَلَّ الله يغنمناها ويسلمنا فخرجنا فَلَمَّا سرنا يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نتعادّ فَفَعَلْنَا فَإِذا نَحن ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر رجلا فَأخْبرنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعدّتنا فسر بذلك وَحمد الله وَقَالَ: عدَّة أَصْحَاب طالوت فَقَالَ: مَا ترَوْنَ فِي الْقَوْم فانهم قد أخبروا بمخرجكم فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله لَا وَالله مَا لنا طَاقَة بِقِتَال الْقَوْم إِنَّمَا خرجنَا للعير ثمَّ قَالَ: مَا ترَوْنَ فِي قتال الْقَوْم فَقُلْنَا مثل ذَلِك فَقَالَ الْمِقْدَاد: لَا تَقولُوا كَمَا قَالَ أَصْحَاب مُوسَى لمُوسَى (اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 24) فَأنْزل الله {كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ وَإِن فريقا من الْمُؤمنِينَ لكارهون} إِلَى قَوْله {وَإِذ يَعدكُم الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لكم} فَلَمَّا

وعدنا الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ - اما الْقَوْم واما العير - طابت أَنْفُسنَا ثمَّ إِنَّا اجْتَمَعنَا مَعَ الْقَوْم فصففنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ إِنِّي أنْشدك وَعدك فَقَالَ ابْن رَوَاحَة: يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد أَن أُشير عَلَيْك - وَرَسُول الله أفضل من أَن نشِير عَلَيْهِ - إِن الله أجل وَأعظم من أَن تَنْشُدَهُ وعده فَقَالَ: يَا ابْن رَوَاحَة لأنْشُدَنَّ اللهَ وعده فَإِن الله لَا يخلف الميعاد فَأخذ قَبْضَة من التُّرَاب فَرمى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وُجُوه الْقَوْم فَانْهَزَمُوا فَأنْزل الله (وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى) (الْأَنْفَال الْآيَة 17) فَقَتَلْنَا وأسرنا فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله مَا أرى أَن تكون لَك اسرى فانما نَحن داعون مؤلفون فَقُلْنَا معشر الْأَنْصَار: انما يحمل عمر على مَا قَالَ حسد لنا فَنَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ اسْتَيْقَظَ ثمَّ قَالَ: ادعو لي عمر فدعي لَهُ فَقَالَ لَهُ: إِن الله قد أنزل عليَّ (مَا كَانَ لنَبِيّ أَن تكون لَهُ أسرى) (الْأَنْفَال الْآيَة 56) الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة بن وَقاص اللَّيْثِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر حَتَّى إِذا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ خطب النَّاس فَقَالَ: كَيفَ ترَوْنَ فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله بلغنَا انهم كَذَا وَكَذَا ثمَّ خطب النَّاس فَقَالَ: كَيفَ ترَوْنَ فَقَالَ عمر مثل قَول أبي بكر ثمَّ خطب النَّاس فَقَالَ: كَيفَ ترَوْنَ فَقَالَ سعد بن معَاذ: يَا رَسُول الله ايانا تُرِيدُ فوالذي أكرمك وَأنزل عَلَيْك الْكتاب مَا سلكتها قطّ وَلَا لي بهَا علم وَلَئِن سرت حَتَّى تَأتي برك الغماد من ذِي يمن لَنَسيرَنَّ مَعَك وَلَا نكونَنَّ كَالَّذِين قَالُوا لمُوسَى (اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 24) وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا انا مَعكُمْ متبعون ولعلك أَن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إِلَيْك غَيره فَانْظُر الَّذِي أحدث الله إِلَيْك فَامْضِ لَهُ فصل حبال من شِئْت واقطع حبال من شِئْت وَعَاد من شِئْت وَسَالم من شِئْت وَخذ من أَمْوَالنَا مَا شِئْت فَنزل الْقُرْآن على قَول سعد {كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ} إِلَى قَوْله {وَيقطع دابر الْكَافرين} وَإِنَّمَا رَسُول الله يُرِيد غنيمَة مَعَ أبي سُفْيَان فأحدث الله إِلَيْهِ الْقِتَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو

الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ} قَالَ: كَذَلِك أخرجك رَبك إِلَى قَوْله {يجادلونك فِي الْحق} قَالَ: الْقِتَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ} قَالَ: خُرُوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر {وَإِن فريقاً من الْمُؤمنِينَ لكارهون} قَالَ: لطلب الْمُشْركين {يجادلونك فِي الْحق بعد مَا تبين} انك لَا تصنع إِلَّا مَا أَمرك الله بِهِ {كَأَنَّمَا يساقون إِلَى الْمَوْت} حِين قيل هم الْمُشْركُونَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما شاور النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لِقَاء العدوّ وَقَالَ لَهُ سعد بن عباة مَا قَالَ وَذَلِكَ يَوْم بدر أَمر النَّاس فتعبوا لِلْقِتَالِ وَأمرهمْ بِالشَّوْكَةِ فكره ذَلِك أهل الايمان فَأنْزل الله {كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ} إِلَى قَوْله {وهم ينظرُونَ} أَي كَرَاهِيَة لِقَاء الْمُشْركين وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: نزل الإِسلام بالكره والشدّة فَوَجَدنَا خير الْخَيْر فِي الكره خرجنَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة فأسكننا سبخَة بَين ظهراني حرَّة فَجعل الله لنا فِي ذَلِك الْعلَا وَالظفر وَخَرجْنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر على الْحَال الَّتِي ذكر الله {وَإِن فريقاً من الْمُؤمنِينَ لكارهون} إِلَى قَوْله {وهم ينظرُونَ} فَجعل الله لنا فِي ذَلِك الْعلَا وَالظفر فَوَجَدنَا خير الْخَيْر فِي الكره وَأخرج ابْن جرير عَن الزبيرِي قَالَ: كَانَ رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُفَسر {كَأَنَّمَا يساقون إِلَى الْمَوْت وهم ينظرُونَ} خُرُوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى العير الْآيَة 7 - 8

7

أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب ومُوسَى بن عقبَة قَالَا مكث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد قتل ابْن الْحَضْرَمِيّ شَهْرَيْن ثمَّ أقبل أَبُو سُفْيَان بن حَرْب فِي عير لقريش من الشَّام وَمَعَهَا سَبْعُونَ رَاكِبًا من بطُون قُرَيْش كلهَا وَفِيهِمْ مخرمَة بن نَوْفَل وَعَمْرو بن

الْعَاصِ وَكَانُوا تجارًا بِالشَّام وَمَعَهُمْ خَزَائِن أهل مَكَّة وَيُقَال: كَانَت عيرهم ألف بعير وَلم يكن لأحد من قُرَيْش أُوقِيَّة فَمَا فَوْقهَا إِلَّا بعث بهَا مَعَ أبي سُفْيَان إِلَّا حويطب بن عبد الْعُزَّى فَلذَلِك كَانَ تخلف عَن بدر فَلم يشهده فَذكرُوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَقد كَانَت الْحَرْب بَينهم قبل ذَلِك وَقتل ابْن الْحَضْرَمِيّ وَأسر الرجلَيْن عُثْمَان وَالْحكم فَلَمَّا ذكرت عير أبي سُفْيَان لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدي بن أبي الزغباء الْأنْصَارِيّ من بني غنم وَأَصله من جُهَيْنَة وبسبس - يَعْنِي ابْن عَمْرو - إِلَى العير عينا لَهُ فسارا حَتَّى أَتَيَا حَيا من جُهَيْنَة قَرِيبا من سَاحل الْبَحْر فَسَأَلُوهُمْ عَن العير وَعَن تجار قُرَيْش فأخبروهما بِخَبَر الْقَوْم فَرَجَعَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرَاهُ فاستنفر الْمُسلمين للعير وَذَلِكَ فِي رَمَضَان وَقدم أَبُو سُفْيَان على الجهنيين وَهُوَ متخوّف من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَقَالَ: أحسوا من مُحَمَّد فأخبروه خبر الراكبين عدي بن أبي الزغباء وبسبس وأشاروا لَهُ إِلَى مناخهما فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: خُذُوا من بعر بعيرهما فَفتهُ فَوجدَ فِيهِ النَّوَى فَقَالَ: هَذِه علائف أهل يثرب وَهَذِه عُيُون مُحَمَّد وَأَصْحَابه فَسَارُوا سرَاعًا خَائِفين للطلب وَبعث أَبُو سُفْيَان رجلا من بني غفار يُقَال لَهُ ضَمْضَم بن عَمْرو إِلَى قُرَيْش أَن انفروا فاحموا عِيركُمْ من مُحَمَّد وَأَصْحَابه فَإِنَّهُ قد اسْتنْفرَ أَصْحَابه ليعرضوا لنا وَكَانَت عَاتِكَة بنت عبد الْمطلب سَاكِنة بِمَكَّة وَهِي عمَّة رَسُول الله وَكَانَت مَعَ أَخِيهَا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فرأت رُؤْيا قبل بدر وَقبل قدوم ضَمْضَم عَلَيْهِم فَفَزِعت مِنْهَا فَأرْسلت إِلَى أَخِيهَا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب من لَيْلَتهَا فَجَاءَهَا الْعَبَّاس فَقَالَت: رَأَيْت اللَّيْلَة رُؤْيا قد أشفقت مِنْهَا وخشيت على قَوْمك مِنْهَا الهلكة قَالَ: وماذا رَأَيْت قَالَت: لن أحَدثك حَتَّى تعاهدني أَنَّك لَا تذكرها فَإِنَّهُم إِن سمعوها آذونا وأسمعونا مَا لَا نحب فَلَمَّا عاهدها الْعَبَّاس فَقَالَت: رَأَيْت رَاكِبًا أقبل من أَعلَى مَكَّة على رَاحِلَته يَصِيح بِأَعْلَى صَوته: يَا آل غدر اخْرُجُوا فِي لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاث فَأقبل يَصِيح حَتَّى دخل الْمَسْجِد على رَاحِلَته فصاح ثَلَاث صيحات وَمَال عَلَيْهِ الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالصبيان وفزع لَهُ النَّاس أَشد الْفَزع قَالَ: ثمَّ أرَاهُ مثل على ظهر الْكَعْبَة على رَاحِلَته فصاح ثَلَاث صيحات فَقَالَ: يَا آل غدر وَيَا آل فجر اخْرُجُوا فِي لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاث ثمَّ أرَاهُ مثل على ظهر أبي قبيس كَذَلِك يَقُول: يَا آل غدر وَيَا آل فجر حَتَّى أسمع من بَين الأخشبين من أهل مَكَّة ثمَّ عمد إِلَى صَخْرَة فنزعها من

أَصْلهَا ثمَّ أرسلها على أهل مَكَّة فَأَقْبَلت الصَّخْرَة لَهَا حس شَدِيد حَتَّى إِذا كَانَت عِنْد أصل الْجَبَل ارفضت فَلَا أعلم بِمَكَّة دَارا وَلَا بَيْتا إِلَّا وَقد دَخَلتهَا فلقَة من تِلْكَ الصَّخْرَة فقد خشيت على قَوْمك فَفَزعَ الْعَبَّاس من رؤياها ثمَّ خرج من عِنْدهَا فلقي الْوَلِيد بن عتبَة بن ربيعَة من آخر تِلْكَ اللَّيْلَة - وَكَانَ الْوَلِيد خَلِيلًا للْعَبَّاس - فَقص عَلَيْهِ رُؤْيا عَاتِكَة وَأمره أَن لَا يذكرهَا لأحد فَذكرهَا الْوَلِيد لِأَبِيهِ عتبَة وَذكرهَا عتبَة لِأَخِيهِ شيبَة فارتفع الحَدِيث حَتَّى بلغ أَبَا جهل بن هِشَام واستفاض فِي أهل مَكَّة فَلَمَّا أَصْبحُوا غَدا الْعَبَّاس يطوف بِالْبَيْتِ فَوجدَ فِي الْمَسْجِد أَبَا جهل وَعتبَة وَشَيْبَة بن ربيعَة وَأُميَّة وَأبي بن خلف وَزَمعَة بن الْأسود وَأَبا البخْترِي فِي نفر من قُرَيْش يتحدثون فَلَمَّا نظرُوا إِلَى الْعَبَّاس ناداه أَبُو جهل: يَا أَبَا الْفضل إِذا قضيت طوافك فَهَلُمَّ إِلَيْنَا فَلَمَّا قضى طَوَافه جَاءَ فَجَلَسَ إِلَيْهِم فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل: مَا رُؤْيا رأتها عَاتِكَة فَقَالَ: مَا رَأَتْ من شَيْء فَقَالَ أَبُو جهل: أما رَضِيتُمْ يَا بني هَاشم كذب الرِّجَال حَتَّى جئتمونا بكذب النِّسَاء انا وَإِيَّاكُم كفرسي رهان فاستبقنا الْمجد مُنْذُ حِين فَلَمَّا تحاكت الركب قُلْتُمْ منا نَبِي فَمَا بَقِي إِلَّا أَن تَقولُوا منا نبية فَنًّا أعلم فِي قُرَيْش أهل بَيت أكذب امْرَأَة وَلَا رجل مِنْكُم وأذاه أَشد الْأَذَى وَقَالَ أَبُو جهل: زعمت عَاتِكَة أَن الرَّاكِب قَالَ: اخْرُجُوا فِي لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاث فَلَو قد مَضَت هَذِه الثَّلَاث تبينت قُرَيْش كذبكم وكتبت سجلاً إِنَّكُم أكذب أهل بَيت فِي الْعَرَب رجلا وَامْرَأَة أما رَضِيتُمْ يَا بني قصي إِن ذهبتم بالحجابة والندوة والسقاية واللواء والوفادة حَتَّى جئتمونا بِنَبِي مِنْكُم فَقَالَ الْعَبَّاس: هَل أَنْت مُنْتَه ٍفإن الْكَذِب مِنْك وَمن أهل بَيْتك فَقَالَ من حضرهما: مَا كنت يَا أَبَا الْفضل جهولاً خرقاً وَلَقي الْعَبَّاس من عَاتِكَة فِيمَا أفشى عَلَيْهَا من رؤياها أَذَى شَدِيدا فَلَمَّا كَانَ مسَاء اللَّيْلَة الَّتِي رَأَتْ عَاتِكَة فِيهَا الرُّؤْيَا جَاءَهُم الرَّاكِب الَّذِي بعث أَبُو سُفْيَان وَهُوَ ضَمْضَم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ فصاح وَقَالَ: يَا آل غَالب بن فهر انفروا فقد خرج مُحَمَّد وَأهل يثرب يعترضون لأبي سُفْيَان فاحرزوا عِيركُمْ فَفَزِعت قُرَيْش أَشد الْفَزع وَأَشْفَقُوا من رُؤْيا عَاتِكَة وَقَالَ الْعَبَّاس: هَذَا زعمتم كَذَا وَكذب عَاتِكَة فنفروا على كل صَعب وَذَلُول وَقَالَ أَبُو جهل: أيظن مُحَمَّد أَن يُصِيب مثل مَا أصَاب بنخلة سَيعْلَمُ أنمنع عيرنَا أم لَا فَخَرجُوا بِخَمْسِينَ وَتِسْعمِائَة مقَاتل وَسَاقُوا

مائَة فرس وَلم يتْركُوا كَارِهًا لِلْخُرُوجِ يظنون أَنه فِي قهر مُحَمَّد وَأَصْحَابه وَلَا مُسلما يعلمُونَ اسلامه وَلَا أحدا من بني هَاشم إِلَّا من لَا يتهمون إِلَّا أشخصوه مَعَهم فَكَانَ مِمَّن أشخصوا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَنَوْفَل بن الْحَارِث وطالب بن أبي طَالب وَعقيل بن أبي طَالب فِي آخَرين فهنالك يَقُول طَالب بن أبي طَالب: إِمَّا يخْرجن طَالب بمقنب من هَذِه المقانب فِي نفر مقَاتل يحارب وَليكن المسلوب غير السالب والراجع المغلوب غير الْغَالِب فَسَارُوا حَتَّى نزلُوا الْجحْفَة نزلوها عشَاء يتزودون من المَاء وَمِنْهُم رجل من بني عبد الْمطلب بن عبد منَاف يُقَال لَهُ جهيم بن الصَّلْت بن مخرمَة فَوضع حهيم رَأسه فأغفى ثمَّ فزع فَقَالَ لأَصْحَابه: هَل رَأَيْتُمْ الْفَارِس الَّذِي وقف عَليّ آنِفا فَقَالُوا: لَا إِنَّك مَجْنُون فَقَالَ: قد وقف عَليّ فَارس آنِفا فَقَالَ: قتل أَبُو جهل وَعتبَة وَشَيْبَة وَزَمعَة وَأَبُو البخْترِي وَأُميَّة بن خلف فعد أشرافا من كفار قُرَيْش فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: إِنَّمَا لعب بك الشَّيْطَان وَرفع حَدِيث جهيم إِلَى أبي جهل فَقَالَ: قد جئْتُمْ بكذب بني الْمطلب مَعَ كذب بني هَاشم سيرون غَدا من يقتل ثمَّ ذكر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عير قُرَيْش جَاءَت من الشَّام وفيهَا أَبُو سُفْيَان بن حري ومخرمة بن نَوْفَل وَعَمْرو بن العَاصِي وَجَمَاعَة من قُرَيْش فَخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسلك حِين خرج إِلَى بدر على نقب بني دِينَار وَرجع حِين رَجَعَ من ثنية الْوَدَاع فنفر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نفر وَمَعَهُ ثلثمِائة وَسَبْعَة عشر رجلا وَفِي رِوَايَة ابْن فليح: ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر رجلا وَأَبْطَأ عَنهُ كثير من أَصْحَابه وتربصوا وَكَانَت أول وقْعَة أعز الله فِيهَا الْإِسْلَام فَخرج فِي رَمَضَان على رَأس ثَمَانِيَة عشر شهرا من مقدمه الْمَدِينَة وَمَعَهُ الْمُسلمُونَ لَا يُرِيدُونَ إِلَّا العير فسلك على نقب بني دِينَار والمسلمون غير معدين من الظّهْر إِنَّمَا خَرجُوا على النَّوَاضِح يعتقب الرجل مِنْهُم على الْبَعِير الْوَاحِد وَكَانَ زميل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بن أبي طَالب ومرثد بن أبي مرْثَد الغنوي حَلِيف حَمْزَة فهم مَعَه لَيْسَ مهعهم إِلَّا بعير وَاحِد فَسَارُوا حَتَّى إِذا كَانُوا بعرق الظبية لَقِيَهُمْ رَاكب من قبل تهَامَة - والمسلمون يَسِيرُونَ - فوافقه نفر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن أبي سُفْيَان فَقَالَ: لَا علم لي بِهِ فَلَمَّا يئسوا من خَبره فَقَالُوا لَهُ: سلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: وَفِيكُمْ رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: نعم قَالَ: أَيّكُم هُوَ فأشاروا لَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ الْأَعرَابِي: أَنْت رَسُول الله كَمَا تَقول قَالَ: نعم قَالَ: إِن كنت رَسُول الله كَمَا تزْعم فَحَدثني بِمَا فِي بطن نَاقَتي هَذِه فَغَضب رجل من الأنصارمن بني عبد الْأَشْهَل يُقَال لَهُ سَلمَة بن سَلامَة بن وقش فَقَالَ للأعرابي: وَقعت على نَاقَتك فَحملت مِنْك فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ سَلمَة حِين سَمعه أفحش فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ سَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يلقاه خبر وَلَا يعلم بنفرة قُرَيْش فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَشِيرُوا علينا فِي أمرنَا ومسيرنا فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول اله أَنا أعلم النَّاس بمسافة الأَرْض أخبرنَا عدي بن أبي الزغباء أَن العير كَانَت بوادي كَذَا وَكَذَا فَكَانَا وإياهم فرسخان إِلَى بدر ثمَّ قَالَ: أَشِيرُوا عَليّ فَقَالَ عمر بن الْخطاب: يَا رَسُول الله إِنَّهَا قُرَيْش وعزها وَالله مَا ذلت مُنْذُ عزت وَلَا آمَنت مُنْذُ كفرت وَالله لتقاتلنك فتأهب لذَلِك أهبته وأعدد لَهُ عدته فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَشِيرُوا عَليّ فَقَالَ الْمِقْدَاد بن عَمْرو: إِنَّا لَا نقُول لَك كَمَا قَالَ أَصْحَاب مُوسَى (اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 24) وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعكُمْ متبعون فَقَالَ رَسُول الله: أَشِيرُوا عَليّ فَلَمَّا رأى سعد بن معَاذ كَثْرَة استشارة النَّبِي أَصْحَابه فيشيرون فَيرجع إِلَى المشورة ظن سعد أَنه يستنطق الْأَنْصَار شفقا أَن لَا يستحوذوا مَعَه على مَا يُرِيد من أمره فَقَالَ سعد بن معَاذ لَعَلَّك يَا رَسُول الله تخشى أَن لَا تكون الْأَنْصَار يُرِيدُونَ مواساتك وَلَا يرونها حَقًا عَلَيْهِم إِلَّا بِأَن يرَوا عدوا فِي بُيُوتهم وَأَوْلَادهمْ وَنِسَائِهِمْ وَإِنِّي أَقُول عَن الْأَنْصَار وَأجِيب عَنْهُم: يَا رَسُول الله فاظعن حَيْثُ شِئْت وَخذ من أَمْوَالنَا مَا شِئْت ثمَّ أعطنا مَا شِئْت وَمَا أَخَذته منا أحب إِلَيْنَا مِمَّا تركت وَمَا ائتمرت من أَمر فَأمرنَا بِأَمْرك فِيهِ تبع فوَاللَّه لَو سرت حَتَّى تبلغ الْبركَة من ذِي يمن لسرنا مَعَك فَلَمَّا قَالَ ذَلِك سعد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سِيرُوا على اسْم الله فَإِنِّي قد رَأَيْت مصَارِع الْقَوْم فَعمد لبدر وخفض أَبُو سُفْيَان فلصق بساحل الْبَحْر وَكتب إِلَى قُرَيْش حِين خَالف مسير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأى أَن قد أحرز مَا مَعَه وَأمرهمْ أَن يرجِعوا فَإِنَّمَا أخرجتم لتحرزوا ركبكم فقد أحرز لكم فَلَقِيَهُمْ هَذَا الْخَبَر بِالْجُحْفَةِ فَقَالَ أَبُو جهل: وَالله لَا نرْجِع

حَتَّى نقدم بَدْرًا فنقيم فِيهَا ونطعم من حَضَرنَا من الْعَرَب فَإِنَّهُ لن يَرَانَا أحد فيقاتلنا فكره ذَلِك الْأَخْنَس بن شريق فَأحب أَن يرجِعوا وَأَشَارَ عَلَيْهِم بالرجعة فَأَبَوا وعصوا وأخذتهم حمية الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا يئس الْأَخْنَس من رُجُوع قُرَيْش أكب على بني زهرَة فأطاعوه فَرَجَعُوا فَلم يشْهد أحد مِنْهُم بَدْرًا واغتبطوا بِرَأْي الْأَخْنَس وتبركوا بِهِ فَلم يزل فيهم مُطَاعًا حَتَّى مَاتَ وأرادت بَنو هَاشم الرُّجُوع فِيمَن رَجَعَ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِم أَبُو جهل وَقَالَ: وَالله لَا تفارقنا هَذِه الْعِصَابَة حَتَّى نرْجِع وَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزل أدنى شَيْء من بدر ثمَّ بعث عَليّ بن أبي طَالب وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وبسبسا الْأنْصَارِيّ فِي عِصَابَة من أَصْحَابه فَقَالَ لَهُم: انْدَفَعُوا إِلَى هَذِه الظراب وَهِي فِي نَاحيَة بدر فَإِنِّي أَرْجُو أَن تَجدوا الْخَبَر عِنْد القليب الَّذِي يعلى الظراب فَانْطَلقُوا متوشحي السيوف فوجدوا وَارِد قُرَيْش عِنْد القليب الَّذِي ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذُوا غلامين أَحدهمَا لبني الْحجَّاج بن الْأسود وَالْآخر لأبي العَاصِي يُقَال لَهُ أسلم وأفلت أصحابهما قبل قُرَيْش فَأَقْبَلُوا بهما حَتَّى أَتَوا بهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي معرشة دون المَاء فَجعلُوا يسْأَلُون الْعَبْدَيْنِ عَن أبي سُفْيَان وَأَصْحَابه لَا يرَوْنَ إِلَّا أَنهم لَهُم فطفقا يحدثانهم عَن قُرَيْش وَمن خرج مِنْهُم وَعَن رؤوسهم فيكذبونهما وهم أكره شَيْء للَّذي يخبرانه وَكَانُوا يطمعون بِأبي سُفْيَان وَأَصْحَابه ويكرهون قُريْشًا وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما يُصَلِّي يسمع وَيرى الَّذِي يصنعون بالعبدين فَجعل العبدان إِذا أذلقوهما بِالضَّرْبِ يَقُولَانِ نعم هَذَا أَبُو سُفْيَان (والركب) كَمَا قَالَ الله تَعَالَى (أَسْفَل مِنْكُم) قَالَ الله (إِذْ أَنْتُم بالعدوة الدُّنْيَا وهم بالعدوة القصوى والركب أَسْفَل مِنْكُم وَلَو تواعدتم لاختلفتم فِي الميعاد وَلَكِن ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا) (الْأَنْفَال الْآيَة 42) قَالَ فطفقوا إِذا قَالَ العَبْد إِن هَذِه قُرَيْش قد جاءتكم كذبوهما وَإِذا قَالَا هَذَا أَبُو سُفْيَان تركوهما فَلَمَّا رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صنيعهم بهما سلم من صلَاته وَقَالَ: مَاذَا أخبراكم قَالُوا: أخبرانا أَن قُريْشًا قد جَاءَت قَالَ: فَإِنَّهُمَا قد صدقا وَالله إِنَّكُم لتضربونهما إِذا صدقا وتتركونهما إِذا كذبا خرجت قُرَيْش لتحرز ركبهَا وخافوكم عَلَيْهِم ثمَّ دَعَا رَسُول الله الْعَبْدَيْنِ فَسَأَلَهُمَا فَأَخْبَرَاهُ بِقُرَيْش وَقَالا: لَا علم لنا بِأبي سُفْيَان

فَسَأَلَهُمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كم الْقَوْم قَالَا: لَا نَدْرِي وَالله هم كثير فزعموا إِن رَسُول الله قَالَ: من أطْعمهُم أمس فسميا رجلا من الْقَوْم قَالَ: كم نحر لَهُم قَالَا: عشر جزائر قَالَ: فَمن أطْعمهُم أول أمس فسميا رجلا آخر من الْقَوْم قَالَ: كم نحر لَهُم قَالَا: تسعا فزعموا أَن رَسُول الله قَالَ: الْقَوْم مَا بَين التسْعمائَة وَالْألف يعْتَبر ذَلِك بتسع جزائر ينحرونها يَوْمًا وَعشر ينحرونها يَوْمًا فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَشِيرُوا عَليّ فِي الْمسير فَقَامَ الْحباب بن الْمُنْذر أحد بني سَلمَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا عَالم بهَا وبقلبها إِن رَأَيْت أَن تسير إِلَى قليب مِنْهَا قد عرفتها كَثِيرَة المَاء عذبة فتنزل إِلَيْهَا ونسبق الْقَوْم إِلَيْهَا ونغور مَا سواهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سِيرُوا فَإِن الله قد وَعدكُم إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لكم فَوَقع فِي قُلُوب نَاس كثير الْخَوْف وَكَانَ فيهم من تخاذل من تخويف الشَّيْطَان فَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمسلمون مسابقين إِلَى المَاء وَسَار الْمُشْركُونَ سرَاعًا يُرِيدُونَ المَاء فَأنْزل الله عَلَيْهِم فِي تِلْكَ اللَّيْلَة مَطَرا وَاحِدًا فَكَانَ على الْمُشْركين بلَاء شَدِيدا مَنعهم أَن يَسِيرُوا وَكَانَ على الْمُسلمين دِيمَة خَفِيفَة لبد لَهُم الْمسير والمنزل وَكَانَت بطحاء فَسبق الْمُسلمُونَ إِلَى المَاء فنزلوا عَلَيْهِ شطر اللَّيْل فاقتحم الْقَوْم فِي القليب فَمَا حوها حَتَّى كثر مَاؤُهَا وصنعوا حوضا عَظِيما ثمَّ غوروا مَا سواهُ من الْمِيَاه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذِه مصَارِعهمْ إِن شَاءَ الله بِالْغَدَاةِ وَأنزل الله (إِذْ يغشيكم النعاس أَمَنَة مِنْهُ وَينزل عَلَيْكُم من السَّمَاء مَاء ليطهركم بِهِ وَيذْهب عَنْكُم رجز الشَّيْطَان وليربط على قُلُوبكُمْ وَيثبت بِهِ الْأَقْدَام) (الْأَنْفَال الْآيَة 11) ثمَّ صف رَسُول الله على الْحِيَاض فَلَمَّا طلع الْمُشْركُونَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ هَذِه قُرَيْش قد جَاءَت بِخُيَلَائِهَا وَفَخْرهَا تُحَادك وَتكذب رَسُولك اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مَا وَعَدتنِي - وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُمْسك بعضد أبي بكر يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مَا وَعَدتنِي - فَقَالَ أَبُو بكر: أبشر فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لنيجزن الله لَك مَا وَعدك فاستنصر الْمُسلمُونَ الله واستعانوه فَاسْتَجَاب الله لنَبيه وللمسلمين وَأَقْبل المشكون وَمَعَهُمْ إِبْلِيس فِي صُورَة سراقَة بن جعْشم المدلجي يُحَدِّثهُمْ أَن بني كنَانَة وَرَاءَهُمْ قد أَقبلُوا لنصرهم وَأَنه لَا غَالب لكم الْيَوْم من النَّاس وَإِنِّي جَار لكم لما

أخْبرهُم من مسير بني كنَانَة وَأنزل الله (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين خَرجُوا من دِيَارهمْ بطرا ورئاء النَّاس) (الْأَنْفَال الْآيَة 47) هَذِه الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا وَقَالَ رجال من الْمُشْركين لما رَأَوْا قلَّة من مَعَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: غر هَؤُلَاءِ دينهم فَأنْزل الله (وَمن يتوكل على الله فَإِن الله عَزِيز حَكِيم) (الطَّلَاق الْآيَة 3) وَأَقْبل الْمُشْركُونَ حَتَّى نزلُوا وتعبوا لِلْقِتَالِ والشيطان مَعَهم لَا يفارقهم فسعى حَكِيم بن حزَام إِلَى عتبَة بن ربيعَة فَقَالَ لَهُ: هَل لَك أَن تكون سيد قُرَيْش مَا عِشْت قَالَ عتبَة فأفعل مَاذَا قَالَ: تجير بَين النَّاس وَتحمل دم ابْن الْحَضْرَمِيّ وَبِمَا أصَاب مُحَمَّد من تِلْكَ العير فَإِنَّهُم لَا يطْلبُونَ من مُحَمَّد غير هَذِه العير وَدم هَذَا الرجل قَالَ عتبَة: نعم قد فعلت وَنِعما قلت وَنِعما دَعَوْت إِلَيْهِ فاسع فِي عشيرتك فَأَنا أتحمل بهَا فسعى حَكِيم فِي أَشْرَاف قُرَيْش بذلك يَدعُوهُم فِيهِ وَركب عتبَة جملا لَهُ فَسَار عَلَيْهِ فِي صُفُوف الْمُشْركين فِي أَصْحَابه فَقَالَ: يَا قوم أَطِيعُونِي فَإِنَّكُم لَا تطلبون عِنْدهم غير دم ابْن الْحَضْرَمِيّ وَمَا أَصَابُوا من عِيركُمْ تِلْكَ وَأَنا أتحمل بوفاء ذَلِك ودعوا هَذَا الرجل فَإِن كَانَ كَاذِبًا ولي قَتله غَيْركُمْ من الْعَرَب فَإِن فيهم رجَالًا لكم فيهم قرَابَة قريبَة وَإِنَّكُمْ إِن تَقْتُلُوهُمْ لَا يزَال الرجل مِنْكُم ينظر إِلَى قَاتل أَبِيه وأخيه أَو ابْن أَخِيه أَو ابْن عَمه فيورث ذَلِك فيهم احنا وضغائن وَإِن كَانَ هَذَا الرجل ملكا كُنْتُم فِي ملك أخيكم وَإِن كَانَ نَبيا لم تقتلون النَّبِي فتيسئوا بِهِ وَلنْ تخلصوا إِلَيْهِم حَتَّى يُصِيبُوا أعدادهم وَلَا آمن أَن يكون لكم الدبرة عَلَيْهِم فحسده أَبُو جهل على مقَالَته وأبى الله إِلَّا أَن ينفذ أمره وَعمد أَبُو جهل إِلَى ابْن الْحَضْرَمِيّ - وَهُوَ أَخُو الْمَقْتُول - فَقَالَ: هَذَا عتبَة يخذل بَين النَّاس وَقد تحمل بدية أَخِيك يزْعم أَنَّك قابلها أَفلا تسحيون من ذَلِك أَن تقبلُوا الدِّيَة فزعموا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ ينظر إِلَى عتبَة: إِن يكن عِنْد أحد من الْقَوْم خير فَهُوَ عِنْد صَاحب الْجمل الْأَحْمَر وَإِن يطيعوه يرشدوا فَلَمَّا حرض أَبُو جهل قُريْشًا على الْقِتَال أَمر النِّسَاء يعولن عمر فقمن يصحن: واعمراه واعمراه تحريضا على الْقِتَال فاجتمعت قُرَيْش على الْقِتَال فَقَالَ عتبَة لأبي جهل: سَيعْلَمُ الْيَوْم أَي الْأَمريْنِ أرشد وَأخذت قُرَيْش مصَاف هَذَا الْقِتَال

وَقَالُوا لعمير بن وهب: اركب فاحذر مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فَقعدَ عُمَيْر على فرسه فأطاف برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمُشْركين فَقَالَ: حذرتهم بثلثمائة مقَاتل زادوا شَيْئا أَو نَقَصُوا شَيْئا وحذرت سبعين بَعِيرًا وَنَحْو ذَلِك وَلَكِن أنظروني حَتَّى أنظر هَل لَهُم مدد أَو كمين فأطاف حَولهمْ وبعثوا خيلهم مَعَه فأطافوا حَولهمْ ثمَّ رجعُوا فَقَالُوا: لَا مدد لَهُم وَلَا كمين وَإِنَّمَا هم أَكلَة جزور وَقَالُوا لعمير حرش بَين الْقَوْم فَحمل عُمَيْر على الصَّفّ بِمِائَة فَارس واضطجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ لأَصْحَابه: لَا تقاتلوا حَتَّى أؤذنكم وغشيه نوم فغلبه فَلَمَّا نظر بعض الْقَوْم إِلَى بعض جعل أَبُو بكر يَقُول: يَا رَسُول الله قد دنا الْقَوْم ونالوا منا فَاسْتَيْقَظَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أرَاهُ الله إيَّاهُم فِي مَنَامه قَلِيلا وقلل الْمُسلمين فِي أعين الْمُشْركين حَتَّى طمع بعض الْقَوْم فِي بعض وَلَو أرَاهُ عددا كثيرا لفشلوا وَتَنَازَعُوا فِي الْأَمر كَمَا قَالَ الله وَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس فوعظهم وَأخْبرهمْ أَن الله قد أوجب الْجنَّة لمن اسْتشْهد الْيَوْم فَقَامَ عُمَيْر بن الْحمام من عجين كَانَ يعجنه لأَصْحَابه حِين سمع قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي الْجنَّة إِن قتلت قَالَ: نعم فَشد على أَعدَاء الله مَكَانَهُ فاستشهد وَكَانَ أول قَتِيل قتل ثمَّ أقبل الْأسود بن عبد الْأسد المَخْزُومِي يحلف بآلهته ليشربن من الْحَوْض الَّذِي صنع مُحَمَّد وليهدمنه فَلَمَّا دنا من الْحَوْض لقِيه حَمْزَة بن عبد الْمطلب فَضرب رجله فقطعها فَأقبل يحبو حَتَّى وَقع فِي جَوف الْحَوْض وَأتبعهُ حَمْزَة حَتَّى قَتله ثمَّ نزل عتبَة بن ربيعَة عَن جمله ونادى: هَل من مبارز ولحقه أَخُوهُ شيبَة والوليد ابْنه فناديا يسألان المبارزة فَقَامَ إِلَيْهِم ثَلَاثَة من الْأَنْصَار فاستحيا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك فناداهم أَن ارْجعُوا إِلَى مَصَافكُمْ وليقم إِلَيْهِم بَنو عمهم فَقَامَ حَمْزَة وَعلي بن أبي طَالب وَعبيدَة بن الْحَارِث بن الْمطلب فَقتل حَمْزَة عتبَة وَقتل عُبَيْدَة شيبَة وَقتل عَليّ الْوَلِيد وَضرب شيبَة رجل عُبَيْدَة فقطعها فاستنقذه حَمْزَة وَعلي فَحمل حَتَّى توفّي بالصفراء وَعند ذَلِك نذرت هِنْد بنت عتبَة لتأكلن من كبد حَمْزَة إِن قدرت عَلَيْهَا فَكَانَ قتل هَؤُلَاءِ النَّفر قبل إلتقاء الجمعين وعج الْمُسلمُونَ إِلَى الله يسألونه النَّصْر حِين رَأَوْا الْقِتَال قد نشب وَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ إِلَى الله يسْأَله مَا وعده ويسأله النَّصْر وَيَقُول: اللَّهُمَّ إِن ظهر على هَذِه الْعِصَابَة ظهر الشّرك وَلم يقم لَك دين وَأَبُو بكر يَقُول: يَا رَسُول الله وَالَّذِي نَفسِي

بِيَدِهِ لينصرنك الله وليبيضن وَجهك فَأنْزل الله جندا فِي أكناف الْعَدو فَقَالَ رَسُول الله: قد أنزل الله نَصره: وَنزلت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام أبشر يَا أَبَا بكر فَإِنِّي قد رَأَيْت جِبْرِيل معتجرا يَقُود فرسا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَلَمَّا هَبَط إِلَى الأَرْض جلس عَلَيْهَا فتغيب عني سَاعَة ثمَّ رَأَيْت على شفته غبارا وَقَالَ أَبُو جهل: اللَّهُمَّ انصر خير الدينَيْنِ اللَّهُمَّ ديننَا الْقَدِيم وَدين مُحَمَّد الحَدِيث ونكص الشَّيْطَان على عَقِبَيْهِ حِين رأى الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام وتبرأ من نصْرَة أَصْحَابه وَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملْء كَفه من الْحَصْبَاء فَرمى بهَا وُجُوه الْمُشْركين فَجعل الله تِلْكَ الْحَصْبَاء عَظِيما شَأْنهَا لم يتْرك من الْمُشْركين رجلا إِلَّا مَلَأت عَيْنَيْهِ وَالْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْسِرُونَهُمْ ويجدون النَّفر كل رجل مِنْهُم مكبا على وَجهه لَا يدْرِي أَن يتَوَجَّه يعالج التُّرَاب يَنْزعهُ من عَيْنَيْهِ وَرجعت قُرَيْش إِلَى مَكَّة منهزمين مغلوبين وأذل الله بوقعة بدر رِقَاب الْمُشْركين وَالْمُنَافِقِينَ فَلم يبْق بِالْمَدِينَةِ مُنَافِق وَلَا يَهُودِيّ إِلَّا وَهُوَ خاضع عُنُقه لِوَقْعَة بدر وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْفرْقَان يَوْم فرق الله بَين الشّرك وَالْإِيمَان وَقَالَت الْيَهُود تَيَقنا: أَنه النَّبِي الَّذِي نجد نَعته فِي التَّوْرَاة وَالله لَا يرفع راية بعد الْيَوْم إِلَّا ظَهرت وَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة فَدخل من ثنية الْوَدَاع وَنزل الْقُرْآن يعرفهُمْ الله نعْمَته فِيمَا كَرهُوا من خُرُوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر فَقَالَ {كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ وَإِن فريقا من الْمُؤمنِينَ لكارهون} هَذِه الْآيَة وَثَلَاث آيَات مَعهَا وَقَالَ فِيمَا اسْتَجَابَ للرسول للْمُؤْمِنين (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم فَاسْتَجَاب لكم) (الْأَنْفَال الْآيَة 9) الْآيَة وَأُخْرَى مَعهَا وَأنزل فِيمَا غشيهم من النعاس (إِذْ يغشيكم النعاس) (الْأَنْفَال الْآيَة 11) الْآيَة ثمَّ أخْبرهُم بِمَا أوحى إِلَى الْمَلَائِكَة من نَصرهم فَقَالَ (إِذْ يوحي رَبك إِلَى الْمَلَائِكَة أَنِّي مَعكُمْ) (الْأَنْفَال الْآيَة 12) الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا وَأنزل فِي قتل الْمُشْركين والقبضة الَّتِي رمى بهَا رَسُول الله (فَلم تقلتوهم وَلَكِن الله قَتلهمْ) (الْأَنْفَال الْآيَة 17) الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا وَأنزل فِي استفتاحهم (إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح) (الْأَنْفَال الْآيَة 19) ثمَّ أنزل يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَرَسُوله فِي سبع آيَات مِنْهَا وَأنزل فِي مَنَازِلهمْ (إِذْ أَنْتُم بالعدوة الدُّنْيَا) (الْأَنْفَال الْآيَة 42) الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا

وَأنزل فِيمَا تكلم بِهِ من رأى قلَّة الْمُسلمين (غر هَؤُلَاءِ دينهم) (الْأَنْفَال الْآيَة 49) الْآيَة وَأنزل فِي قَتْلَى الْمُشْركين وَمن اتبعهم (وَلَو ترى إِذْ يتوفى الَّذين كفرُوا) (الْأَنْفَال الْآيَة 50) الْآيَة وثمان آيَات مَعهَا وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما سمع رَسُول الله بِأبي سُفْيَان مُقبلا من الشَّام ندب الْمُسلمين إِلَيْهِم وَقَالَ هَذِه عير قُرَيْش فِيهَا أَمْوَالهم فأخرجوا إِلَيْهَا لَعَلَّ الله يتفلكموها فَانْتدبَ النَّاس فخف بَعضهم وَثقل بَعضهم وَذَلِكَ أَنهم لم يَظُنُّوا أَن رَسُول الله يلقِي حَربًا وَكَانَ أَبُو سُفْيَان حِين دنا من الْحجاز يتجسس الْأَخْبَار وَيسْأل من لَقِي من الركْبَان تخوفا عَن أَمر النَّاس حَتَّى أصَاب خَبرا من بعض الركْبَان أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد اسْتنْفرَ لَك أَصْحَابه فحذر من ذَلِك فاستأجر ضَمْضَم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ فَبَعثه إِلَى مَكَّة وَأمره أَن يَأْتِي قُريْشًا فليستنفرهم إِلَى أَمْوَالهم ويخبرهم أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد عرض لَهَا فِي أَصْحَابه فَخرج سَرِيعا إِلَى مَكَّة وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بلغ وَاديا يُقَال لَهُ وجران فَأَتَاهُ الْخَبَر عَن قُرَيْش بمسيرهم ليمنعوا عَن عيرهم فَاسْتَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس فَقَامَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ فَأحْسن ثمَّ قَامَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ فَأحْسن ثمَّ الْمِقْدَاد بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله امْضِ لم أَمرك الله بِهِ فَنحْن مَعَك وَالله لَا نقُول لَك كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام (اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 24) وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعكُمْ مُقَاتِلُونَ فو الله الَّذِي بَعثك لَئِن سرت بِنَا إِلَى برك الغماد لجالدنا مَعَك من دونه حَتَّى تبلغه فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خيرا ودعا لَهُ وَقَالَ لَهُ سعد بن معَاذ رَضِي الله عَنهُ: لَو اسْتعْرضت بِنَا هَذَا الْبَحْر فَخُضْته لخضنا مَعَك مَا تخلف منا رجل وَاحِد وَمَا نكره أَن يلقِي منا عدونا غَد إِنَّا لصبر فِي الْحَرْب صدق فِي اللِّقَاء لَعَلَّ الله تَعَالَى يُرِيك منا مَا تقر بِهِ عَيْنك فسر بِنَا على بركَة الله تَعَالَى فسر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقول سعد رَضِي الله عَنهُ ونشطه ذَلِك سِيرُوا وَأَبْشِرُوا فَإِن الله تَعَالَى قد وَعَدَني إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَالله لكَأَنِّي أنظر إِلَى مصَارِع الْقَوْم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله

{وَإِذ يَعدكُم الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ} قَالَ أَقبلت عير أهل مَكَّة من الشَّام فَبلغ أهل الْمَدِينَة ذَلِك فَخَرجُوا وَمَعَهُمْ رَسُول الله يُرِيد العير فَبلغ أهل مَكَّة ذَلِك فَخَرجُوا فَأَسْرعُوا السّير إِلَيْهَا لكَي لَا يغلب عَلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فسبقت العير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ الله عز وَجل وعدهم إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَكَانُوا أَن يلْقوا العير أحب إِلَيْهِم وأيسر شَوْكَة وأخصر نَفرا فَلَمَّا سبقت العير وفاتت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمُسْلِمين يُرِيد الْقَوْم فكره الْقَوْم مَسِيرهمْ لشوكة الْقَوْم فَنزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمسلمون بَينهم وَبَين المَاء رَملَة دَعصَة فَأصَاب الْمُسلمين ضعف شَدِيد وَألقى الشَّيْطَان فِي قُلُوبهم الغيظ فوسوس بَينهم يوسوسهم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ أَوْلِيَاء الله وَفِيكُمْ رَسُوله وَقد غَلَبَكُمْ الْمُشْركُونَ على المَاء وَأَنْتُم تصلونَ مجنبين وأمطر الله عَلَيْهِم مَطَرا شَدِيدا فَشرب الْمُسلمُونَ وَتطَهرُوا فَأذْهب الله عَنْهُم رجز الشَّيْطَان واشف الرمل من إِصَابَة الْمَطَر وَمَشى النَّاس عَلَيْهِ وَالدَّوَاب فَسَارُوا إِلَى الْقَوْم وأمد الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُؤمنِينَ بِأَلف من الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام فَكَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي خَمْسمِائَة من الْمَلَائِكَة مجنبة وَمِيكَائِيل فِي خَمْسمِائَة من الْمَلَائِكَة مجنبة وَجَاء إِبْلِيس فِي جند مَعَه راية فِي صُورَة رجال من بني مُدْلِج والشيطان فِي صُورَة سراقَة بن مَالك بن جعْشم فَقَالَ الشَّيْطَان للْمُشْرِكين (لَا غَالب لكم الْيَوْم من النَّاس وَإِنِّي جَار لكم) (الْأَنْفَال الْآيَة 48) فَلَمَّا اصطف الْقَوْم قَالَ أَبُو جهل: اللَّهُمَّ أولانا بِالْحَقِّ فانصره وَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ فَقَالَ: يَا رب إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة فِي الأَرْض فَلَنْ تعبد فِي الأَرْض أبدا فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: خُذ قَبْضَة من التُّرَاب فأرم بِهِ وُجُوههم فَمَا من الْمُشْركين من أحد إِلَّا أصَاب عَيْنَيْهِ وَمنْخرَيْهِ وفمه من تِلْكَ القبضة فَوَلوا مُدبرين وَأَقْبل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا رَآهُ إِبْلِيس وَكَانَت يَده فِي يَد رجل من الْمُشْركين انتزع إِبْلِيس يَده ثمَّ ولى مُدبرا وشيعته فَقَالَ الرجل: يَا يَا سراقَة أتزعم أَنَّك لنا جَار فَقَالَ: إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ إِنِّي أَخَاف الله وَالله شَدِيد الْعقَاب فَذَلِك حِين رأى الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذ يَعدكُم الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لكم} قَالَ: الطائفتان احداهما أَبُو سُفْيَان أقبل بالعير من الشَّام والطائفة الْأُخْرَى أَبُو جهل بن

هِشَام مَعَه نفر من قُرَيْش فكره الْمُسلمُونَ الشَّوْكَة والقتال وأحبوا أَن يلتقوا العير وَأَرَادَ الله مَا أَرَادَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وتودون أَن غير ذَات الشَّوْكَة تكون لكم} قَالَ: هِيَ عير أبي سُفْيَان ودّ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن العير كَانَت لَهُم وَإِن الْقِتَال صرف عَنْهُم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَيقطع دابر الْكَافرين} أَي يَسْتَأْصِلهُمْ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قيل لرَسُول الله حِين فرغ من بدر: عَلَيْك العير لَيْسَ دونهَا شَيْء فناداه الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ فِي وثَاقه أَسِير: أَنه لَا يصلح لَك قَالَ: وَلم قَالَ: لِأَن الله إِنَّمَا وَعدك إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَقد أَعْطَاك مَا وَعدك قَالَ: صدقت الْآيَة 10

9

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو عوَانَة وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ حَدثنِي عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر نظر النَّبِي إِلَى أَصْحَابه وهم ثلثمِائة رجل وَبضْعَة عشر رجلا وَنظر إِلَى الْمُشْركين فَإِذا هم ألف وَزِيَادَة فَاسْتقْبل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ مد يَده وَجعل يَهْتِف بربه: اللَّهُمَّ أنْجز لي مَا وَعَدتنِي اللَّهُمَّ إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة من أهل الإِسلام لَا تعبد فِي الأَرْض فَمَا زَالَ يَهْتِف بربه مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبل الْقبْلَة حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ فَأَتَاهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَأخذ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ على مَنْكِبَيْه ثمَّ الْتَزمهُ من وَرَائه وَقَالَ: يَا نَبِي الله كَفاك مُنَاشَدَتك رَبك فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَك مَا وَعدك فَأنْزل

الله تَعَالَى {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم فَاسْتَجَاب لكم أَنِّي مُمِدكُمْ بِأَلف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ} فَلَمَّا كَانَ يَوْمئِذٍ والتقوا هزم الله الْمُشْركين فَقتل مِنْهُم سَبْعُونَ رجلا وَاسْتَشَارَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر وَعمر وعليا رَضِي الله عَنْهُم فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله هَؤُلَاءِ بَنو الْعم وَالْعشيرَة وَإِنِّي أرى أَن تَأْخُذ مِنْهُم الْفِدْيَة فَيكون مَا أَخذنَا مِنْهُم قوّة لنا على الْكفَّار وَعَسَى الله أَن يهْدِيهم فَيَكُونُوا لنا عضدا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا ترى يَا ابْن الْخطاب قلت: مَا رأى أَبُو بكر وَلَكِنِّي أرى أَن تمكنني من فلَان قريب لعمر فَأَضْرب عُنُقه حَتَّى يعلم الله تَعَالَى أَنه لَيْسَ فِي قُلُوبنَا مَوَدَّة للْمُشْرِكين هَؤُلَاءِ صَنَادِيدهمْ وأئمتهم وَقَادَتهمْ فهوى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَلم يَهو مَا قلت وَأخذ مِنْهُم الْفِدَاء فَلَمَّا كَانَ من الْغَد قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: فَغَدَوْت إِلَى النَّبِي وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وهما يَبْكِيَانِ فَقلت: يَا يَا رَسُول الله أَخْبرنِي مَاذَا يبكيك أَنْت وَصَاحِبك فَإِن وجدت بكاء بَكَيْت وَإِن لم أجد بكاء تَبَاكَيْت لِبُكَائِكُمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الَّذِي عرض على أَصْحَابك من أَخذ الْفِدَاء قد عرض عَليّ عذابكم أدنى من هَذِه الشَّجَرَة الشَّجَرَة قريبَة وَأنزل الله تَعَالَى (مَا كَانَ لنَبِيّ أَن تكون لَهُ أسرى حَتَّى يثخن فِي الأَرْض) (الْأَنْفَال الْآيَة 67) إِلَى قَوْله (لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم) من الْفِدَاء ثمَّ أحل لَهُم الْغَنَائِم فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد من الْعَام الْمقبل عوقبوا بِمَا صَنَعُوا يَوْم بدر من أَخذهم الْفِدَاء فَقتل مِنْهُم سَبْعُونَ وفر أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَكسرت رباعيته وهشمت الْبَيْضَة على رَأسه وسال الدَّم على وَجهه فَأنْزل الله تَعَالَى (أَو لما أَصَابَتْكُم مُصِيبَة قد أصبْتُم مثليها قُلْتُمْ أَنى هَذَا قل هُوَ من عِنْد أَنفسكُم) (آل عمرَان الْآيَة 165) بأخذكم الْفِدَاء قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: بَيْنَمَا رجل من الْمُسلمين يشْتَد فِي أثر رجل من الْمُشْركين أَمَامه إِذْ سمع ضَرْبَة بالصوت فَوْقه وَصَوت الْفَارِس يَقُول: أقدم حيزوم إِذْ نظر إِلَى الْمُشرك أَمَامه فَخر مُسْتَلْقِيا فَنظر إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ قد خطم وشق وَجهه كَضَرْبَة السَّوْط فَاحْضُرْ ذَلِك أجمع فجَاء الْأنْصَارِيّ فَحدث ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: صدقت ذَاك من مدد السَّمَاء الثَّالِثَة فَقتلُوا يَوْمئِذٍ سبعين وأسروا سبعين وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي ألف

من الْمَلَائِكَة عَن ميمنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وفيهَا أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَنزل مِيكَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي ألف من الْمَلَائِكَة عَن ميسرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا فِي الميسرة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله قَالَ يَوْم بدر: هَذَا جِبْرِيل آخذ بِرَأْس فرسه عَلَيْهِ أَدَاة الْحَرْب وَأخرج سنيد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا أمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَكْثَرَ من هَذِه الْألف الَّتِي ذكر الله تَعَالَى فِي الْأَنْفَال وَمَا ذكر الثَّلَاثَة آلَاف أَو الْخَمْسَة آلَاف إِلَّا بشرى ثمَّ أمدوا بِالْألف مَا أمدوا بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ عَن رِفَاعَة بن رَافع الزرقي رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ من أهل بدر قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا تَعدونَ أهل بدر فِيكُم قَالَ من أفضل الْمُسلمين أَو كلمة نَحْوهَا قَالَ: وَكَذَلِكَ من شهد بَدْرًا من الْمَلَائِكَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطِيَّة بن قيس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وقف جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على فرس أَخْضَر أُنْثَى قد علاهُ الْغُبَار وبيد جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام رمح وَعَلِيهِ درع فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله بَعَثَنِي إِلَيْك فَأمرنِي أَن لَا أُفَارِقك حَتَّى ترْضى فَهَل رضيت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مُردفِينَ} يُقَال: المدد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مُردفِينَ} يُقَال: المدد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مُردفِينَ} قَالَ: وَرَاء كل ملك ملك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ ألف مُردفِينَ وَثَلَاثَة آلَاف منزلين فَكَانُوا أَرْبَعَة آلَاف وهم مدد الْمُسلمين فِي ثغورهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مُردفِينَ} قَالَ: ممدين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مُردفِينَ} قَالَ: مُتَتَابعين أمدهم الله تَعَالَى بِأَلف ثمَّ بِثَلَاثَة ثمَّ أكملهم خَمْسَة آلَاف

{وَمَا جعله الله إِلَّا بشرى ولتطمئن بِهِ قُلُوبكُمْ} قَالَ: يَعْنِي نزُول الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام قَالَ: وَذكر لنا أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أما يَوْم بدر فَلَا نشك أَن الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام كَانُوا مَعنا وَأما بعد ذَلِك فَالله أعلم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ {مُردفِينَ} قَالَ: بَعضهم على أثر بعض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا جعله الله إِلَّا بشرى} قَالَ: إِنَّمَا جعلهم الله يستبشر بهم الْآيَة 11

11

أخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا كَانَ فِينَا فَارس يَوْم بدر غير الْمِقْدَاد وَلَقَد رَأَيْتنَا وَمَا فِينَا إِلَّا نَائِم إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي تَحت الشَّجَرَة حَتَّى أصبح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ يغشيكم النعاس أَمَنَة مِنْهُ} قَالَ: بلغنَا أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي الْمُؤمنِينَ يَوْم بدر فِيمَا أغشاهم الله من النعاس أَمَنَة مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَمَنَة} قَالَ: أمنا من الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: النعاس فِي الرَّأْس وَالنَّوْم فِي الْقلب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النعاس أَمَنَة من الله وَكَانَ النعاس نعاسين نُعَاس يَوْم بدر ونعاس يَوْم أحد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو

الشَّيْخ عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَينزل عَلَيْكُم من السَّمَاء مَاء ليطهركم بِهِ} قَالَ: طس كَانَ يَوْم بدر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَينزل عَلَيْكُم من السَّمَاء مَاء ليطهركم بِهِ} قَالَ: الْمَطَر: أنزلهُ عَلَيْهِم قبل النعاس فاطفأ بالمطر الْغُبَار والتبدت بِهِ الأَرْض وَطَابَتْ بِهِ أنفسهم وَثبتت بِهِ أَقْدَامهم وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث الله السَّمَاء وَكَانَ الْوَادي دهساً وَأصَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه مِنْهَا مَا لبد الأَرْض وَلم يمنعهُم الْمسير وَأصَاب قُريْشًا مَا لم يقدروا على أَن يرتحلوا مَعَه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن الْمُشْركين غلبوا الْمُسلمين فِي أول أَمرهم على المَاء فظمئ الْمُسلمُونَ وصلوا مجنبين محدثين فَكَانَت بَينهم رمال فَألْقى الشَّيْطَان فِي قُلُوبهم الْحزن وَقَالَ: أتزعمون أَن فِيكُم نَبيا وَإِنَّكُمْ أَوْلِيَاء الله وتصلون مجنبين محدثين فَأنْزل الله من السَّمَاء مَاء فَسَالَ عَلَيْهِم الْوَادي مَاء فَشرب الْمُسلمُونَ وَتطَهرُوا وَثبتت أَقْدَامهم وَذَهَبت وسوسته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {رجز الشَّيْطَان} قَالَ: وسوسته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وليربط على قُلُوبكُمْ} قَالَ: بِالصبرِ {وَيثبت بِهِ الْأَقْدَام} قَالَ: كَانَ بِبَطن الْوَادي دهاس فَلَمَّا مطر اشْتَدَّ الرملة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَيثبت بِهِ الْأَقْدَام} قَالَ: حَتَّى يشْتَد على الرمل وَهُوَ وَجه الأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله يُصَلِّي تِلْكَ اللَّيْلَة لَيْلَة بدر وَيَقُول: اللَّهُمَّ إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة لَا تُعبد وأصابهم تِلْكَ اللَّيْلَة مطر شَدِيد فَذَلِك قَوْله {وَيثبت بِهِ الْأَقْدَام} الْآيَات 12 - 14

12

أخرج ابْن أبي حَاتِم أخبرنَا أَبُو بدر عباد بن الْوَلِيد المغبري فِيمَا كتب إِلَيّ قَالَ: سَمِعت أَبَا سعيد أَحْمد بن دَاوُد الْحداد يَقُول: إِنَّه لم يقل الله لشَيْء أَنه مَعَه إِلَّا للْمَلَائكَة يَوْم بدر قَالَ: إِنِّي مَعكُمْ بالنصر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم تقَاتل الْمَلَائِكَة إِلَّا يَوْم بدر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف قَالَ: قَالَ أبي: يَا بني لقد رَأَيْتنَا يَوْم بدر وان أَحَدنَا ليشير بِسَيْفِهِ إِلَى رَأس الْمُشرك فَيَقَع رَأسه عَن جسده قبل أَن يصل إِلَيْهِ السَّيْف وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الْمُشْركين من قُرَيْش لما خَرجُوا لينصروا العير ويقاتلوا عَلَيْهَا نزلُوا على المَاء يَوْم بدر فغلبوا الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِ فَأصَاب الْمُؤمنِينَ الظمأ فَجعلُوا يصلونَ مجنبين ومحدثين فَألْقى الشَّيْطَان فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ الْحزن فَقَالَ لَهُم: أتزعمون أَن فِيكُم النَّبِي وَإِنَّكُمْ أَوْلِيَاء الله وَقد غلبتم على المَاء وَأَنْتُم تصلونَ مجنبين ومحدثين حَتَّى تعاظم ذَلِك فِي صُدُور أَصْحَاب النَّبِي: فَأنْزل الله من السَّمَاء مَاء حَتَّى سَالَ الْوَادي فَشرب الْمُؤْمِنُونَ وملأوا الأسقية وَسقوا الركاب وَاغْتَسلُوا من الْجَنَابَة فَجعل الله فِي ذَلِك طهُورا وَثَبت أَقْدَامهم وَذَلِكَ أَنه كَانَت بَينهم وَبَين الْقَوْم رَملَة فَبعث الله الْمَطَر عَلَيْهَا فلبدها حَتَّى اشتدت وَثَبت عَلَيْهَا الْأَقْدَام وَنَفر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَمِيعِ الْمُسلمين وهم يَوْمئِذٍ ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر رجلا مِنْهُم سَبْعُونَ ومائتان من الْأَنْصَار وسائرهم من الْمُهَاجِرين وَسيد الْمُشْركين يَوْمئِذٍ عتبَة بن ربيعَة لكبر سنه فَقَالَ عتبَة: يَا معشر قُرَيْش إِنِّي لكم نَاصح وَعَلَيْكُم مُشفق لَا أدخر النَّصِيحَة لكم بعد الْيَوْم وَقد بَلغْتُمْ الَّذِي تُرِيدُونَ وَقد نجا أَبُو سُفْيَان فَارْجِعُوا وَأَنْتُم سَالِمُونَ فَإِن يكن مُحَمَّد صَادِقا فَأنْتم أسعد النَّاس بصدقه وَإِن يَك كَاذِبًا فَأنْتم أَحَق من حقن دَمه فَالْتَفت إِلَيْهِ أَبُو جهل فشتمه وفج وَجهه وَقَالَ لَهُ: قد امْتَلَأت أحشاؤك رعْبًا فَقَالَ لَهُ عتبَة: سَيعْلَمُ الْيَوْم من الجبان الْمُفْسد لِقَوْمِهِ

فَنزل عتبَة بن ربيعَة وَشَيْبَة بن ربيعَة حَتَّى إِذا كَانُوا أقرب أسنة الْمُسلمين قَالُوا: ابْعَثُوا إِلَيْنَا عدتنا مِنْكُم نقاتلهم فَقَامَ غلمة من بني الْخَزْرَج فاجلسهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: يَا بني هَاشم أتبعثون إِلَى أخويكم - وَالنَّبِيّ مِنْكُم - غلمة بني الْخَزْرَج فَقَامَ حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَعلي بن أبي طَالب وَعبيدَة بن الْحَارِث فَمَشَوْا إِلَيْهِم فِي الْحَدِيد فَقَالَ عتبَة: تكلمُوا نعرفكم فَإِن تَكُونُوا أكفاءنا نقاتلكم فَقَالَ حَمْزَة رَضِي الله عَنهُ: أَنا أَسد الله وَأسد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ عتبَة: كُفْء كريم فَوَثَبَ إِلَيْهِ شيبَة فاختلفا ضربتين فَضَربهُ حَمْزَة فَقتله ثمَّ قَامَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ إِلَى الْوَلِيد بن عتبَة فاختلفا ضربتين فَضَربهُ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقتله ثمَّ قَامَ عُبَيْدَة فَخرج إِلَيْهِ عتبَة فاختلفا ضربتين فجرح كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه وكر حَمْزَة على عتبَة فَقتله فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ رَبنَا أَنْزَلْتَ عليَّ الْكتاب وأمرتني بِالْقِتَالِ ووعدتني النَّصْر وَلَا تخلف الميعاد فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَأنْزل عَلَيْهِ (ألن يكفيكم أَن يمدكم ربكُم بِثَلَاثَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ) (آل عمرَان الْآيَة 124) فَأوحى الله إِلَى الْمَلَائِكَة {إِنِّي مَعكُمْ فثبتوا الَّذين آمنُوا سألقي فِي قُلُوب الَّذين كفرُوا الرعب فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق واضربوا مِنْهُم كل بنان} فَقتل أَبُو جهل فِي تِسْعَة وَسِتِّينَ رجلا وَأسر عقبَة بن أبي معيط فَقتل صبرا فوفى ذَلِك سبعين وَأسر سَبْعُونَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن بعض بني سَاعِدَة قَالَ: سَمِعت أَبَا أسيد مَالك بن ربيعَة رَضِي الله عَنهُ بَعْدَمَا أُصِيب بَصَره يَقُول: لَو كنت مَعكُمْ ببدر الْآن وَمَعِي بَصرِي لأخبرتكم بِالشعبِ الَّذِي خرجت مِنْهُ الْمَلَائِكَة لَا أَشك وَلَا أتمارى فَلَمَّا نزلت الْمَلَائِكَة وَرَآهَا إِبْلِيس وَأوحى الله: إِلَيْهِم إِنِّي مَعكُمْ فثبتوا الَّذين آمنُوا وتثبيتهم أَن الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام تَأتي الرجل فِي صُورَة الرجل يعرفهُ فَيَقُول: ابشروا فَإِنَّهُم لَيْسُوا بِشَيْء وَالله مَعكُمْ كروا عَلَيْهِم فَلَمَّا رأى إِبْلِيس الْمَلَائِكَة نكص على عَقِبَيْهِ وَقَالَ: إِنِّي بَرِيء مِنْكُم وَهُوَ فِي صُورَة سراقَة وَأَقْبل أَبُو جهل يحضض أَصْحَابه وَيَقُول: لَا يهولنكم خذلان سراقَة إيَّاكُمْ فَإِنَّهُ كَانَ على موعد من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ثمَّ قَالَ: وَاللات والعزى لَا نرْجِع حَتَّى نقرن مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فِي الحبال فَلَا تقتلُوا وخذوهم أخذا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ

لما حضر الْقِتَال وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَافع يَدَيْهِ يسْأَل الله النَّصْر وَيَقُول: اللَّهُمَّ إِن ظَهَرُوا على هَذِه الْعِصَابَة ظهر الشّرك وَلَا يقوم لَك دين وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يَقُول: وَالله لينصرنك الله ويبيضن وَجهك فَأنْزل الله عز وَجل ألفا من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ عِنْد أكتاف الْعَدو وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبشر يَا أَبَا بكر هَذَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام معتجر بعمامة صفراء آخذ بعنان فرسه بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَلَمَّا نزل إِلَى الأَرْض تغيب عني سَاعَة ثمَّ نزل على ثنايا النَّقْع يَقُول: أَتَاك نصر الله إِذْ دَعوته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّاس يَوْم بدر يعْرفُونَ قَتْلَى الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام مِمَّن قتلوهم بِضَرْب على الْأَعْنَاق وعَلى البنان مثل سمة النَّار قد أحرق بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق} يَقُول: الرؤوس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق} قَالَ: اضربوا الْأَعْنَاق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق} يَقُول: اضربوا الرّقاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {واضربوا مِنْهُم كل بنان} قَالَ: كل مفصل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واضربوا مِنْهُم كل بنان} قَالَ: أضْرب مِنْهُ الْوَجْه وَالْعين وارمه بشهاب من نَار وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {واضربوا مِنْهُم كل بنان} قَالَ: أَطْرَاف الْأَصَابِع وبلغة هُذَيْل الْجَسَد كُله قَالَ: فأنشدني فِي كلتيهما قَالَ: نعم أما أَطْرَاف الْأَصَابِع فَقَوْل عنترة الْعَبْسِي: فَنعم فوارس الهيجاء قومِي إِذا علق الأعنة بالبنان وَقَالَ الْهُذلِيّ فِي الْجَسَد: لَهَا أَسد شاكي البنان مقذف لَهُ لبد أَظْفَاره لم تقلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي دَاوُد الْمَازِني رَضِي الله عَنهُ قَالَ:

بَينا أَنا أتبع رجلا من الْمُشْركين يَوْم بدر فاهويت إِلَيْهِ بسيفي فَوَقع رَأسه قبل أَن يصل سَيفي إِلَيْهِ فَعرفت أَن قد قَتله غَيْرِي وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق واضربوا مِنْهُم كل بنان} قَالَ: مَا وَقعت يَوْمئِذٍ ضَرْبَة إِلَّا بِرَأْس أَو وَجه أَو مفصل الْآيَات 15 - 16

15

أخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن نَافِع رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّا قوم لَا نثبت عِنْد قتال عدونا وَلَا نَدْرِي من الفئة أمامنا أَو عسكرنا فَقَالَ لي: الفئة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: إِن الله تَعَالَى يَقُول {إِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا زحفاً فَلَا تولوهم الأدبار} قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل بدر لَا قبلهَا وَلَا بعْدهَا وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} قَالَ: إِنَّهَا كَانَت لأهل بدر خَاصَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي نَضرة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} الْآيَة قَالَ: نزلت يَوْم بدر وَلم يكن لَهُم أَن ينحازوا وَلَو انحازوا لم ينحازوا إِلَّا للْمُشْرِكين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تغرنكم هَذِه الْآيَة فَإِنَّهَا كَانَت يَوْم بدر وَأَنا فِئَة لكل مُسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: ذاكم يَوْم بدر لأَنهم كَانُوا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أهل بدر خَاصَّة مَا كَانَ لَهُم أَن يهزموا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويتركوه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} قَالَ: إِنَّمَا كَانَت يَوْم بدر خَاصَّة لَيْسَ الْفِرَار من الزَّحْف من الْكَبَائِر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} قَالَ: ذَاك فِي يَوْم بدر وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَوْم بدر وَلم يكن للْمُسلمين فِئَة ينحازون إِلَيْهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} قَالَ: يرَوْنَ أَن ذَلِك فِي بدر أَلا ترى أَنه يَقُول {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن يزِيد بن أبي حبيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أوجب الله تَعَالَى لمن فر يَوْم بدر النَّار قَالَ: وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره إِلَى قَوْله {فقد بَاء بغضب من الله} فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد بعد ذَلِك قَالَ (إِنَّمَا استزلهم الشَّيْطَان بِبَعْض مَا كسبوا وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم) (آل عمرَان الْآيَة 155) ثمَّ كَانَ يَوْم حنين بعد ذَلِك بِسبع سِنِين فَقَالَ (ثمَّ وليتم مُدبرين) (التَّوْبَة الْآيَة 25) (ثمَّ يَتُوب الله من بعد ذَلِك على من يَشَاء) (التَّوْبَة الْآيَة 27) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} قَالَ: يَعْنِي يَوْم بدر خَاصَّة مُنْهَزِمًا {إِلَّا متحرفاً لقِتَال} يَعْنِي مستطرداً يُرِيد الكرة على الْمُشْركين {أَو متحيزاً إِلَى فِئَة} يَعْنِي أَو ينحاز إِلَى أَصْحَابه من غير هزيمَة {فقد بَاء بغضب من الله} يَقُول: اسْتوْجبَ سخطاً من الله {ومأواه جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير} فَهَذَا يَوْم بدر خَاصَّة كَأَن الله شدد على الْمُسلمين يَوْمئِذٍ ليقطع دابر الْكَافرين وَهُوَ أول قتال قَاتل فِيهِ الْمُشْركين من أهل مَكَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المتحرف: الْمُتَقَدّم فِي أَصْحَابه إِنَّه يرى غرَّة من الْعَدو فيصيبها والمتحيز: الفار إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَكَذَلِكَ من فر الْيَوْم إِلَى أميره وَأَصْحَابه قَالَ:

وَإِنَّمَا هَذِه وَعِيد من الله تَعَالَى لأَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَا يَفروا وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثبتهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} قَالَ: هَذِه مَنْسُوخَة بِالْآيَةِ الَّتِي فِي الْأَنْفَال (الْآن خفف الله عَنْكُم) (الْأَنْفَال الْآيَة 66) وَأخرج ابْن جرير والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْفِرَار من الزَّحْف من الْكَبَائِر لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره إِلَّا متحرفاً لقِتَال} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْفِرَار من الزَّحْف من الْكَبَائِر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَاللَّفْظ لَهُ وأو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا فِي غزَاة فَحَاص النَّاس حيصه قُلْنَا: كَيفَ نلقى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد فَرَرْنَا من الزَّحْف وَبُؤْنَا بِالْغَضَبِ فأتينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل صَلَاة الْفجْر فَخرج فَقَالَ من الْقَوْم فَقُلْنَا: نَحن الْفَرَّارُونَ فَقَالَ: لَا بل أَنْتُم الْعَكَّارُونَ فَقبلنَا يَده فَقَالَ: أَنا فِئَتكُمْ وَأَنا فِئَة الْمُسلمين ثمَّ قَرَأَ {إِلَّا متحرفاً لقِتَال أَو متحيزاً إِلَى فِئَة} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أُمَامَة رَضِي الله عَنْهَا مولاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: كنت أوضئ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفرغ على يَدَيْهِ إِذْ دخل عَلَيْهِ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله أُرِيد اللحوق بأهلي فأوصني بِوَصِيَّة أحفظها عَنْك قَالَ لَا تَفِر يَوْم الزَّحْف فَإِنَّهُ من فرَّ يَوْم الزَّحْف فقد بَاء بغضب من الله ومأواه جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير وَأخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: من فر من اثْنَيْنِ فقد فر وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت

هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا زحفاً فَلَا تولوهم الأدبار} الْآيَة قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاتلُوا كَمَا قَالَ الله وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه استعاذ من سبع موتات موت الْفجأَة وَمن لدغ الْحَيَّة وَمن السَّبع وَمن الْغَرق وَمن الحرق وَمن أَن يخر عَلَيْهِ شَيْء وَمن الْقَتْل عِنْد فرار الزَّحْف وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْيُسْر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله كَانَ يَدْعُو بهؤلاء الْكَلِمَات السَّبع يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهَرم وَأَعُوذ بك من الْغم وَالْغَرق والحرق وَأَعُوذ بك أَن يتخبطني الشَّيْطَان عِنْد الْمَوْت وَأَعُوذ بك أَن أَمُوت فِي سَبِيلك مُدبرا وَأَعُوذ بك أَن أَمُوت لديغاً وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن بِلَال بن يسَار عَن زيد مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَبِيه عَن جده أَنه سمع رَسُول الله يَقُول: من قَالَ: أسْتَغْفر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وَأَتُوب إِلَيْهِ غفر لَهُ وَإِن كَانَ فر من الزَّحْف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله من قَالَ أسْتَغْفر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم ثَلَاثًا غفرت ذنُوبه وَإِن كَانَ فر من الزَّحْف وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ مثله مَوْقُوفا وَله حكم الرّفْع وَالله تَعَالَى أعلم الْآيَات 17 - 18

17

أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلم تَقْتُلُوهُمْ} قَالَ: لأَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ هَذَا قتلت وَهَذَا قتلت {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين حصب الْكفَّار

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا رميت إِذْ رميت} قَالَ: رماهم يَوْم بدر بالحصباء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا وَقع شَيْء من الْحَصْبَاء إِلَّا فِي عين رجل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} قَالَ: هَذَا يَوْم بدر أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث حَصَيَات فَرمى بحصاة بَين أظهرهم فَقَالَ: شَاهَت الْوُجُوه فَانْهَزَمُوا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن محكول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كرَّ عَليّ وَحَمْزَة على شيبَة بن ربيعَة غضب الْمُشْركُونَ وَقَالُوا: اثْنَان بِوَاحِد فاشتعل الْقِتَال فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إِنَّك أَمرتنِي بِالْقِتَالِ ووعدتني النَّصْر وَلَا خلف لوعدك وَأخذ قَبْضَة من حَصى فَرمى بهَا فِي وُجُوههم فَانْهَزَمُوا بِإِذن الله تَعَالَى فَذَلِك قَوْله {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن حَكِيم بن حزَام رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما كَانَ يَوْم بدر سمعنَا صَوتا وَقع من السَّمَاء إِلَى الأَرْض كَأَنَّهُ صَوت حَصَاة وَقعت فِي طست وَرمى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتِلْكَ الْحَصْبَاء وَقَالَ: شَاهَت الْوُجُوه فَانْهَزَمْنَا فَذَلِك قَول الله تَعَالَى {وَمَا رميت إِذْ رميت} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت صَوت حَصَيَات وقعن من السَّمَاء يَوْم بدر كأنهن وقعن فِي طست فَلَمَّا اصطف النَّاس أخذهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرمى بِهن فِي وُجُوه الْمُشْركين فَانْهَزَمُوا فَذَلِك قَوْله {وَمَا رميت إِذْ رميت} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي رَضِي الله عَنهُ ناولني قَبْضَة من حَصْبَاء فَنَاوَلَهُ فَرمى بهَا فِي وُجُوه الْقَوْم فَمَا بَقِي أحد من الْقَوْم إِلَّا امْتَلَأت عَيناهُ من الْحَصْبَاء فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا رميت إِذْ رميت} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن قيس وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: لما دنا الْقَوْم بَعضهم من بعض أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَبْضَة من تُرَاب فَرمى بهَا فِي وُجُوه الْقَوْم وَقَالَ: شَاهَت الْوُجُوه فَدخلت فِي أَعينهم كلهم وَأَقْبل أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْتُلُونَهُمْ وَكَانَت هزيمتهم فِي رمية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} إِلَى قَوْله {سميع عليم}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد أَخذ أبي بن خلف يرْكض فرسه حَتَّى دنا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاعْترض رجال من الْمُسلمين لأبي بن خلف ليقتلوه فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استأخروا فاستأخروا فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حربته فِي يَده فَرمى بهَا أبي بن خلف وَكسر ضلعاً من أضلاعه فَرجع أبي بن خلف إِلَى أَصْحَابه ثقيلاً فاحتملوه حِين ولوا قافلين فطفقوا يَقُولُونَ: لَا بَأْس فَقَالَ أبي حِين قَالُوا لَهُ ذَلِك: وَالله لَو كَانَت بِالنَّاسِ لقتلتهم ألم يقل إِنِّي أَقْتلك إِن شَاءَ الله فَانْطَلق بِهِ أَصْحَابه ينعشونه حَتَّى مَاتَ بِبَعْض الطَّرِيق فدفونه قَالَ ابْن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ: وَفِي ذَلِك أنزل الله تَعَالَى {وَمَا رميت إِذْ رميت} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب وَالزهْرِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: أنزلت فِي رمية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد أبي بن خلف بالحربة وَهُوَ فِي لامته فخدشه فِي ترقوته فَجعل يتدأدأ عَن فرسه مرَارًا حَتَّى كَانَت وَفَاته بهَا بعد أَيَّام قاسى فِيهَا الْعَذَاب الْأَلِيم مَوْصُولا بِعَذَاب البرزخ الْمُتَّصِل بِعَذَاب الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} قَالَ: حَيْثُ رمى أبي بن خلف يَوْم أحد بحربته فَقيل لَهُ: إِن يَك الأجحش قَالَ: أَلَيْسَ قَالَ: أَنا أَقْتلك وَالله لَو قَالَهَا لجَمِيع الْخلق لماتوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - يَوْم ابْن أبي الْحقيق - دَعَا بقوس: فَأتى بقوس طَوِيلَة فَقَالَ: جيئوني بقوس غَيرهَا فجاءوه بقوس كيداء فَرمى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحصن فَأقبل السهْم يهوي حَتَّى قتل ابْن أبي الْحقيق فِي فرَاشه فَأنْزل الله {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَكِن الله رمى} أَي لم يكن ذَلِك برميتك لَوْلَا الَّذِي جعل الله تَعَالَى من نصرك وَمَا ألْقى فِي صُدُور عَدوك مِنْهَا حَتَّى هزمتهم {وليبلي الْمُؤمنِينَ مِنْهُ بلَاء حسنا} أَي يعرف الْمُؤمنِينَ من نعْمَته عَلَيْهِم فِي إظهارهم على عدوّهم مَعَ كَثْرَة عدوّهم وَقلة عَددهمْ ليعرفوا بذلك حَقه ويشكروا بذلك نعْمَته

الْآيَات 19 - 20

19

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن مَنْدَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب عَن عبد الله ابْن ثَعْلَبَة بن صَغِير أَن أَبَا جهل قَالَ حيت التقى الْقَوْم: اللَّهُمَّ اقطعنا للرحم وأتانا بمالا نَعْرِف فاحنه الْغَدَاة فَكَانَ ذَلِك استفتاحاً مِنْهُ فَنزلت {إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن تستفتحوا} يَعْنِي الْمُشْركين إِن تستنصروا فقد جَاءَكُم المدد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ أَبُو جهل يَوْم بدر: اللَّهُمَّ انصر إِحْدَى الفئتين وَأفضل الفئتين وَخير الفئتين فَنزلت {إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح} وَأخرج أَبُو عبيد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح وَإِن تنتهوا فَهُوَ خير لكم وَإِن تعودوا نعد وَلنْ تغني عَنْهُم فئتهم من الله شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح} قَالَ: كفار قُرَيْش فِي قَوْلهم: رَبنَا افْتَحْ بَيْننَا وَبَين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَفتح بَينهم يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح} قَالَ: إِن تستقضوا فقد جَاءَكُم الْقَضَاء فِي يَوْم بدر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله

{وَإِن تنتهوا} قَالَ: عَن قتال مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَإِن تعودوا نعد} قَالَ: إِن تستفتحوا الثَّانِيَة افْتَحْ لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَأَن الله مَعَ الْمُؤمنِينَ} قَالَ: مَعَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَإِن تعودوا نعد} يَقُول: نعد لكم بالأسر وَالْقَتْل الْآيَة 21

21

أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهم لَا يسمعُونَ} قَالَ: عاصون الْآيَة 22

22

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله} قَالَ: هم الْكفَّار وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله} قَالَ: هم نفر من قُرَيْش من بني عبد الدَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الصم الْبكم الَّذين لَا يعْقلُونَ} قَالَ: لَا يتبعُون الْحق وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أنزلت فِي حيّ من أَحيَاء الْعَرَب من بني عبد الدَّار وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي المضر بن الْحَارِث وَقَومه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله} قَالَ: الدَّوَابّ الْخلق وَقَرَأَ {وَلَو يُؤَاخذ الله النَّاس بِمَا كسبوا مَا ترك على ظهرهَا من دَابَّة} فاطر الْآيَة 45 (وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على رزقها) (هود الْآيَة 6) قَالَ: هَذَا يدْخل فِي هَذَا

الْآيَة 23

23

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} أَي لأعدلهم قَوْلهم الَّذِي قَالُوا بألسنتهم وَلَكِن الْقُلُوب خَالَفت ذَلِك مِنْهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو أسمعهم} قَالَ: بعد أَن يعلم أَن لَا خير فيهم مَا نفعهم بعد أَن ينفذ علمه بِأَنَّهُم لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: قَالُوا: نَحن صم عَمَّا يَدْعُونَا إِلَيْهِ مُحَمَّد لَا نَسْمَعهُ بكم لَا نجيبه فِيهِ بِتَصْدِيق قتلوا جَمِيعًا بِأحد وَكَانُوا أَصْحَاب اللِّوَاء يَوْم أحد الْآيَة 24

24

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذا دعَاكُمْ لما يُحْيِيكُمْ} قَالَ: هُوَ هَذَا الْقُرْآن فِيهِ الْحَيَاة والتقة والنجاة والعصمة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذا دعَاكُمْ لما يُحْيِيكُمْ} أَي للحرب الَّتِي أعزكم الله بهَا بعد الذل وقوّاكم بهَا بعد الضعْف ومنعكم بهَا من عَدوكُمْ بعد الْقَهْر مِنْهُم لكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وحشيش بن أَصْرَم فِي الاسْتقَامَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَاعْلَمُوا أَن الله يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه} قَالَ: يحول بَين الْمُؤمن وَبَين الْكفْر ومعاصي الله ويحول بَين الْكَافِر وَبَين الإِيمان وَطَاعَة الله

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه الْآيَة {يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه} قَالَ يحول بَين الْمُؤمن وَالْكفْر ويحول بَين الْكَافِر وَبَين الْهدى وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَاعْلَمُوا أَن الله يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه} قَالَ: يحول بَين الْكَافِر وَبَين أَن يعي بَابا من الْخَيْر أَو يعمله أَو يَهْتَدِي لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاعْلَمُوا أَن الله يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه} قَالَ: علمه يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي غَالب الخلجي قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن قَول الله {يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه} قَالَ: يحول بَين الْمُؤمن وَبَين مَعْصِيَته الَّتِي يسْتَوْجب بهَا الهلكة فَلَا بُد لِابْنِ آدم أَن يُصِيب دون ذَلِك وَلَا يدْخل على قلبه الموبقات الَّتِي يسْتَوْجب بهَا دَار الْفَاسِقين ويحول بَين الْكَافِر وَبَين طَاعَته مَا يسْتَوْجب مَا يُصِيب أولياءه من الْخَيْر شَيْئا وَكَانَ ذَلِك فِي الْعلم السَّابِق الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ أَمر الله تَعَالَى وتستقر عِنْده أَعمال الْعباد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي غَالب قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن قَوْله {يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه} قَالَ: قد سبقت بهَا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ وصف لَهُم عَن الْقَضَاء قَالَ لعمر رَضِي الله عَنهُ وَغَيره مِمَّن سَأَلَهُ من أَصْحَابه اعْمَلْ فَكل ميسر قَالَ: وَمَا ذَاك التَّيْسِير قَالَ: صَاحب النَّار ميسر لعمل النَّار وَصَاحب الْجنَّة ميسر لعمل الْجنَّة وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع غُلَاما يَدْعُو: اللَّهُمَّ إِنَّك تحول بَين الْمَرْء وَقَلبه فَحل بيني وَبَين الْخَطَايَا فَلَا أعمل بِسوء مِنْهَا فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: رَحِمك الله ودعا لَهُ بِخَير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه} قَالَ: فِي الْقرب مِنْهُ الْآيَة 25

25

وَأخرج أَحْمد الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن مطرف قَالَ: قُلْنَا للزبير: يَا أَبَا عبد الله ضيعتم الْخَلِيفَة حَتَّى قتل ثمَّ جئْتُمْ تطلبون بدمه فَقَالَ: الزبير رَضِي الله عَنهُ: إِنَّا قَرَأنَا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُم {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} وَلم نَكُنْ نحسب أَنا أَهلهَا حَتَّى وَقعت فِينَا حَيْثُ وَقعت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد قَرَأنَا زَمَانا وَمَا نرى إِنَّا من أَهلهَا فَإِذا نَحن المعنيون بهَا {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} قَالَ: الْبلَاء وَالْأَمر الَّذِي هُوَ كَائِن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} قَالَ: نزلت فِي عَليّ وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أما وَالله لقد علم أَقوام حِين نزلت أَنه سيخص بهَا قوم وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: علم - وَالله - ذُو الْأَلْبَاب من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نزلت هَذِه الْآيَة أَنه سَيكون فتن وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: نزلت فِي أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه نزلت فِي أهل بدر خَاصَّة فَأَصَابَتْهُمْ يَوْم الْجمل فَاقْتَتلُوا فَكَانَ من المقتولين طَلْحَة وَالزُّبَيْر وهما من أهل بدر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} قَالَ: أخْبرت أَنهم أَصْحَاب الْجمل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} قَالَ: تصيب الظَّالِم والصالح عَامَّة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} قَالَ: هِيَ يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه حَتَّى يتْركهُ لَا يعقل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَاتَّقوا فتْنَة} الْآيَة قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ أَن لَا يقرُّوا الْمُنكر بَين أظهرهم فيعمهم الله بِالْعَذَابِ الْآيَة 26

26

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واذْكُرُوا إِذْ أَنْتُم قَلِيل} الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا الْحَيّ أذلّ النَّاس ذلاً وأشقاه عَيْشًا وأجوعه بطوناً وأعراه جُلُودًا وأبينه ضَلَالَة معكوفين على رَأس حجر بَين فَارس وَالروم لَا وَالله مَا فِي بِلَادهمْ يحسدون عَلَيْهِ من عَاشَ مِنْهُم عَاشَ شقياً وَمن مَاتَ مِنْهُم ردى فِي النَّار يؤكلون وَلَا يَأْكُلُون لَا وَالله مَا نعلم قبيلا من حَاضر الأَرْض يَوْمئِذٍ كَانَ أشر منزلا مِنْهُم حَتَّى جَاءَ الله بالإِسلام فمكن بِهِ فِي الْبِلَاد ووسع بِهِ فِي الرزق وجعلكم بِهِ ملوكاً على رِقَاب النَّاس وبالإِسلام أعْطى الله مَا رَأَيْتُمْ فاشكروا لله نعمه فَإِن ربكُم منعم يحب الشُّكْر وَأهل الشُّكْر فِي مزِيد من الله عز وَجل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يتخطفكم النَّاس} قَالَ: فِي الْجَاهِلِيَّة بِمَكَّة فآواكم إِلَى الْإِسْلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يتخطفكم النَّاس} قَالَ: النَّاس إِذْ ذَاك: فَارس وَالروم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم والديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {واذْكُرُوا إِذْ أَنْتُم قَلِيل مستضعفون فِي الأَرْض تخافون أَن يتخطفكم النَّاس} قيل: يَا رَسُول الله وَمن النَّاس قَالَ أهل فَارس

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فآواكم} قَالَ: إِلَى الْأَنْصَار بِالْمَدِينَةِ {وأيدكم بنصره} قَالَ: يَوْم بدر الْآيَات 27 - 28

27

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَن أَبَا سُفْيَان خرج من مَكَّة فَأتى جِبْرِيل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن أَبَا سُفْيَان بمَكَان كَذَا وَكَذَا فاخرجوا إِلَيْهِ واكتموا فَكتب رجل من الْمُنَافِقين إِلَى أبي سُفْيَان: إِن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيدكُمْ فَخُذُوا حذركُمْ فَأنْزل الله {لَا تخونوا الله وَالرَّسُول} الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {لَا تخونوا الله وَالرَّسُول} فِي أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر سَأَلُوهُ يَوْم قُرَيْظَة مَا هَذَا الْأَمر فَأَشَارَ إِلَى حلقه أَنه الذّبْح فَنزلت قَالَ أَبُو لبَابَة رَضِي الله عَنهُ: مَا زَالَت قَدَمَايَ حَتَّى علمت أَنِّي خُنْت الله وَرَسُوله وَأخرج سنيد وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا تخونوا الله وَالرَّسُول} الْآيَة قَالَ نزلت فِي أبي لبَابَة رَضِي الله عَنهُ بَعثه رَسُول الله فَأَشَارَ إِلَى حلقه أَنه الذّبْح فَقَالَ أَبُو لبَابَة رَضِي الله عَنهُ: لَا وَالله لَا أَذُوق طَعَاما وَلَا شرابًا حَتَّى أَمُوت أَو يَتُوب عليّ فَمَكثَ سَبْعَة أَيَّام لَا يَذُوق طَعَاما وَلَا شرابًا حَتَّى خر مغشياً عَلَيْهِ ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِ فَقيل لَهُ: يَا أَبَا لبَابَة قد تيب عَلَيْك قَالَ: لَا وَالله لَا أحل نَفسِي حَتَّى يكون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الَّذِي يُحِلنِي فَجَاءَهُ فَحله بِيَدِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا لبَابَة رَضِي الله عَنهُ إِلَى قُرَيْظَة وَكَانَ حليفاً لَهُم فَأَوْمأ بِيَدِهِ أَي الذّبْح فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول وتخونوا أماناتكم وَأَنْتُم تعلمُونَ} فَقَالَ رَسُول الله لأمرأة أبي لبَابَة أيصلي ويصوم ويغتسل من الْجَنَابَة فَقَالَت: إِنَّه ليُصَلِّي ويصوم ويغتسل من الْجَنَابَة وَيُحب الله وَرَسُوله فَبعث إِلَيْهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ:

يَا رَسُول الله وَالله إِنِّي لأصلي وَأَصُوم وأغتسل من الْجَنَابَة وَإِنَّمَا نهست إِلَى النِّسَاء وَالصبيان فَوَقَعت لَهُم مَا زَالَت فِي قلبِي حَتَّى عرفت أَنِّي خُنْت الله وَرَسُوله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول} قَالَ: نزلت فِي أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر رَضِي الله عَنهُ نسختها الْآيَة الَّتِي فِي بَرَاءَة (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) (التَّوْبَة الْآيَة 102) وَأخرج ابْن مردوية عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما كَانَ شَأْن بني قُرَيْظَة بعث إِلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا رَضِي الله عَنهُ فِيمَن كَانَ عِنْده من النَّاس انْتهى إِلَيْهِم وَقَعُوا فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على فرس أبلق فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: فلكأني أنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح الْغُبَار عَن وَجه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقلت: هَذَا دحْيَة يَا رَسُول الله قَالَ: هَذَا جِبْرِيل فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا يمنعك من بني قُرَيْظَة أَن تأتيهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَكيف لي بحصنهم فَقَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي أَدخل فرسي هَذَا عَلَيْهِم فَركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرسا معروراً فَلَمَّا رَآهُ عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَا رَسُول الله لَا عَلَيْك أَن لَا تأتيهم فَإِنَّهُم يشتمونك فَقَالَ: كلا إِنَّهَا سَتَكُون تَحِيَّة فَأَتَاهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا إخْوَة القردة والخنازير فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم مَا كنت فحاشاً فَقَالُوا: لَا ننزل على حكم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولكننا ننزل على حكم سعد بن معَاذ فنزلوا فَحكم فيهم: أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ وتسبى ذَرَارِيهمْ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بذلك طرقني الْملك سحرًا فَنزل فيهم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول وتخونوا أماناتكم وَأَنْتُم تعلمُونَ} نزلت فِي أبي لبَابَة رَضِي الله عَنهُ أَشَارَ إِلَى بني قُرَيْظَة حِين قَالُوا: ننزل على حكم سعد بن معَاذ رَضِي الله عَنهُ لَا تَفعلُوا فَإِنَّهُ الذّبْح وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حلقه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَا تخونوا الله} قَالَ: بترك فَرَائِضه {وَالرَّسُول} بترك سنته وارتكاب مَعْصِيَته {وتخونوا أماناتكم} يَقُول: لَا تنقضوها وَالْأَمَانَة الَّتِي ائْتمن الله عَلَيْهَا الْعباد

وَأخرج ابْن جرير عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي قتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يزِيد بن أبي حبيب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا تخونوا الله وَالرَّسُول} هُوَ الإِخلال بِالسِّلَاحِ فِي الْمَغَازِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَهُوَ يشْتَمل على فتْنَة لِأَن الله يَقُول {إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} فَمن استعاذ مِنْكُم فليستعذ بِاللَّه من مضلات الْفِتَن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاعْلَمُوا إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} قَالَ: فتْنَة الاختبار اختبرهم وَقَرَأَ قَول الله تَعَالَى (ونبلوكم بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فتْنَة) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة 35) الْآيَة 29

29

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يَجْعَل لكم فرقاناً} قَالَ: نجاة وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يَجْعَل لكم فرقاناً} قَالَ: نصرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَجْعَل لكم فرقاناً} يَقُول: مخرجا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة الْآيَة 30

30

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والخطيب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك}

قَالَ: تَشَاوَرَتْ قُرَيْش لَيْلَة بِمَكَّة فَقَالَ بَعضهم: إِذا أصبح فأثبتوه بِالْوَثَاقِ - يُرِيدُونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَقَالَ بَعضهم: بل اقْتُلُوهُ وَقَالَ بَعضهم: بل أَخْرجُوهُ فَأطلع الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك فَبَاتَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ على فرَاش النَّبِي وَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى لحق بِالْغَارِ وَبَات الْمُشْركُونَ يَحْرُسُونَ عليا رَضِي الله عَنهُ يَحْسبُونَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَصْبحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ فَلَمَّا رَأَوْهُ عليا رَضِي الله عَنهُ رد الله مَكْرهمْ فَقَالُوا: أَيْن صَاحبك هَذَا قَالَ: لَا أَدْرِي فَاقْتَصُّوا أَثَره فَلَمَّا بلغُوا الْجَبَل اخْتَلَط عَلَيْهِم فَصَعِدُوا فِي الْجَبَل فَرَأَوْا على بَابه نسج العنكبوت فَقَالُوا: لَو دخل هُنَا لم يكن نسج العنكبوت على بَابه فَمَكثَ فِيهِ ثَلَاث لَيَال وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَفرا من قُرَيْش وَمن أَشْرَاف كل قَبيلَة اجْتَمعُوا ليدخلوا دَار الندوة واعترضهم إِبْلِيس فِي صُورَة شيخ جليل فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: من أَنْت قَالَ: شيخ من أهل نجد سَمِعت بِمَا اجْتَمَعْتُمْ لَهُ فَأَرَدْت أَن أحْضركُم وَلنْ يعدمكم مني رَأْي ونصح قَالُوا: أجل فَادْخُلْ فَدخل مَعَهم فَقَالَ: انْظُرُوا فِي شَأْن هَذَا الرجل - فوَاللَّه - ليوشكن أَن يواتيكم فِي أَمركُم بأَمْره فَقَالَ قَائِل: احْبِسُوهُ فِي وثاق ثمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ الْمنون حَتَّى يهْلك كَمَا هلك من كَانَ قبله من الشُّعَرَاء: زُهَيْر ونابغة فَإِنَّمَا هُوَ كأحدهم فَقَالَ عدوّ الله الشَّيْخ النجدي: لَا وَالله مَا هَذَا لكم بِرَأْي وَالله ليخرجن رائد من محبسه لأَصْحَابه فليوشكن أَن يثبوا عَلَيْهِ حَتَّى يأخذوه من أَيْدِيكُم ثمَّ يمنعوه مِنْكُم فَمَا آمن عَلَيْكُم أَن يخرجوكم من بِلَادكُمْ فانظروا فِي غير هَذَا الرَّأْي فَقَالَ قَائِل: فأخرجوه من بَين أظْهركُم فاستريحوا مِنْهُ فَإِنَّهُ إِذا خرج لم يضركم مَا صنع وَأَيْنَ وَقع وَإِذا غَابَ عَنْكُم أَذَاهُ استرحتم مِنْهُ فَإِنَّهُ إِذا خرج لم يضركم مَا صنع وَكَانَ أمره فِي غَيْركُمْ فَقَالَ الشَّيْخ النجدي: لَا وَالله مَا هَذَا لكم بِرَأْي ألم تروا حلاوة قَوْله وطلاقة لِسَانه وَأَخذه الْقُلُوب بِمَا تستمع من حَدِيث وَالله لَئِن فَعلْتُمْ ثمَّ استعرض الْعَرَب لتجتمعن إِلَيْهِ ثمَّ ليسيرن إِلَيْكُم حَتَّى يخرجكم من بِلَادكُمْ وَيقتل أشرافكم قَالُوا: صدق - وَالله - فانظروا رَأيا غير هَذَا فَقَالَ أَبُو جهل: وَالله لأشيرن عَلَيْكُم بِرَأْي مَا أرى غَيره قَالُوا: وَمَا هَذَا قَالَ: تَأْخُذُوا من كل قَبيلَة غُلَاما وسطا شَابًّا مهداً ثمَّ يعْطى كل غُلَام مِنْهُم سَيْفا

صَارِمًا ثمَّ يضربوه بِهِ - يَعْنِي ضَرْبَة رجل وَاحِد - فَإِذا قَتَلْتُمُوهُ تفرق دَمه فِي الْقَبَائِل كلهَا فَلَا أَظن هَذَا الْحَيّ من بني هَاشم يقدرُونَ على حَرْب قُرَيْش كلهم وَإِنَّهُم إِذا أَرَادوا ذَلِك قبلوا الْعقل وَاسْتَرَحْنَا وقطعنا عَنَّا أَذَاهُ فَقَالَ الشَّيْخ النجدي: هَذَا - وَالله - هُوَ الرَّأْي القَوْل مَا قَالَ الْفَتى لَا أرى غَيره فَتَفَرَّقُوا على ذَلِك وهم مجتمعون لَهُ فَأتى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره أَن لَا يبيت فِي مضجعه الَّذِي كَانَ يبيت فِيهِ وَأخْبرهُ بمكر الْقَوْم فَلم يبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيته تِلْكَ اللَّيْلَة وَأذن الله لَهُ عِنْد ذَلِك فِي الْخُرُوج وَأمرهمْ بِالْهِجْرَةِ وافترض عَلَيْهِم الْقِتَال فَأنْزل الله (أُذن للَّذين يُقَاتلُون) (الْحَج الْآيَة 39) فَكَانَت هَاتَانِ الْآيَتَانِ أول مَا نزل فِي الْحَرْب وَأنزل بعد قدومه الْمَدِينَة يذكرهُ نعْمَته عَلَيْهِ {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا} الْآيَة وَأخرج سنيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما ائْتَمرُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليثبتوه أَو يقتلوه أَو يخرجوه قَالَ لَهُ عَمه أَبُو طَالب: هَل تَدْرِي مَا ائْتَمرُوا بك قَالَ: يُرِيدُونَ أَن يسجنوني أَو يقتلوني أَو يُخْرِجُونِي قَالَ: من حَدثَك بِهَذَا قَالَ: رَبِّي قَالَ: نعم الرب رَبك اسْتَوْصِ بِهِ خيرا قَالَ: أَنا استوصي بِهِ بل هُوَ يستوصي بِي وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة أَنا أَبَا طَالب قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يأتمر بك قَوْمك قَالَ: يُرِيدُونَ أَن يجسنوني أَو يقتلوني أَو يُخْرِجُونِي قَالَ: من حَدثَك بِهَذَا قَالَ: رَبِّي قَالَ: نعم الرب رَبك فاستوص بِهِ خيرا قَالَ: أَنا استوصي بِهِ بل هُوَ يستوصي بِي: فَنزلت {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا} وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا} قَالَ: هِيَ مَكِّيَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْأَيَّام سُئِلَ عَن يَوْم السبت فَقَالَ هُوَ يَوْم مكر وخديعة قَالُوا: وَكَيف ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: فِيهِ مكرت قُرَيْش فِي دَار الندوة إِذْ قَالَ الله {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك أَو يَقْتُلُوك أَو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله وَالله خير الماكرين}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ليثبتوك} يَعْنِي ليوثقوك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخلُوا دَار الندوة يأتمرون بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: لَا يدْخل عَلَيْكُم أحد لَيْسَ مِنْكُم فَدخل مَعَهم الشَّيْطَان فِي صُورَة شيخ من أهل نجد فتشاوروا فَقَالَ أحدهم: نخرجهُ: فَقَالَ الشَّيْطَان: بئْسَمَا رأى هَذَا هُوَ قد كَاد أَن يفْسد فِيمَا بَيْنكُم وَهُوَ بَين أظْهركُم فَكيف إِذا أخرجتموه فأفسد النَّاس ثمَّ حملهمْ عَلَيْكُم يقاتلونكم قَالُوا: نعم مَا رأى هَذَا فَأطلع الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك فَخرج هُوَ وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى غَار فِي جبل يُقَال ثَوْر وَقَامَ عَليّ بن أبي طَالب على فرَاش النَّبِي وَبَاتُوا يحرسونه يحسبون أَنه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَصْبحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ فَإِذا هم بعلي رَضِي الله عَنهُ فَقَالُوا: أَيْن صَاحبك فَقَالَ: لَا أَدْرِي فَاقْتَصُّوا أَثَره حَتَّى بلغُوا الْغَار ثمَّ رجعُوا وَمكث فِيهِ هُوَ وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ ثَلَاث لَيَال وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة رَضِي الله عَنهُ أَن قُريْشًا اجْتمعت فِي بَيت وَقَالُوا: لَا يدْخل مَعكُمْ الْيَوْم إِلَّا من هُوَ مِنْكُم فجَاء إِبْلِيس فَقَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: شيخ من أهل نجد وَأَنا ابْن أختكم فَقَالُوا: ابْن أُخْت الْقَوْم مِنْهُم فَقَالَ بَعضهم: أوثقوه فَقَالَ: أيرضى بَنو هَاشم بذلك فَقَالَ بَعضهم: أَخْرجُوهُ فَقَالَ: يؤويه غَيْركُمْ فَقَالَ أَبُو جهل: ليجتمع من كل بني أَب رجل فيقتلوه فَقَالَ إِبْلِيس: هَذَا الْأَمر الَّذِي قَالَ الْفَتى فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ليثبتوك أَو يَقْتُلُوك أَو يخرجوك} قَالَ: كفار قُرَيْش أَرَادوا ذَلِك بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يخرج من مَكَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: شرى عَليّ رَضِي الله عَنهُ نَفسه وَلبس ثوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ نَام مَكَانَهُ وَكَانَ الْمُشْركُونَ يحسبون أَنه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت قُرَيْش تُرِيدُ أَن تقتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعلُوا يرمقون عليا ويرونه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجعل عَليّ رَضِي الله يتَصَوَّر فَإِذا هُوَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالُوا: إِنَّك للئيم إِنَّك لتتصوّر وَكَانَ صَاحبك لَا يتصوّرك وَلَقَد استنكرناه مِنْك

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ فِي ذَلِك: وقيت بنفسي خير من وطئ الْحَصَى وَمن طَاف بِالْبَيْتِ الْعَتِيق وَالْحجر رَسُول الله خَافَ أَن يَمْكُرُوا بِهِ فَنَجَّاهُ ذُو الطول الإِله من الْمَكْر وَبَات رَسُول الله فِي الْغَار آمنا وَفِي حفظ من الله وَفِي ستر وَبت اراعيه وَمَا يتهمونني وَقد وطنت نَفسِي على الْقَتْل والأسر الْآيَة 31

31

وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ قتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر صبرا عقبَة بن أبي معيط وَالنضْر بن الْحَارِث وَكَانَ الْمِقْدَاد أسر النَّضر فَلَمَّا أَمر بقتْله قَالَ الْمِقْدَاد: يَا رَسُول الله أسيري فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه كَانَ يَقُول فِي كتاب الله مَا يَقُول: وَفِيه أنزلت هَذِه الْآيَة {وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا قَالُوا قد سمعنَا لَو نشَاء لقلنا مثل هَذَا إِن هَذَا إِلَّا أساطير الأوّلين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السَّيِّد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّضر بن الْحَارِث يخْتَلف إِلَى الْحيرَة فَيسمع سجع أَهلهَا وَكَلَامهم فَلَمَّا قدم إِلَى مَكَّة سمع كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن فَقَالَ: {قد سمعنَا لَو نشَاء لقلنا مثل هَذَا إِن هَذَا إِلَّا أساطير الْأَوَّلين} الْآيَات 32 - 34

32

أخرج البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ أَبُو جهل بن هِشَام {اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء أَو ائتنا بِعَذَاب أَلِيم} فَنزلت {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا أنزلت فِي أبي جهل بن هِشَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَإِذ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك} قَالَ: نزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: نزلت فِي النَّضر {وَإِذ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء} {وَقَالُوا رَبنَا عجل لنا قطنا قبل يَوْم الْحساب} ص الْآيَة 16 (وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة) (الْأَنْعَام الْآيَة 94) و (سَأَلَ سَائل بِعَذَاب وَاقع) (المعارج الْآيَة 1) قَالَ عَطاء رَضِي الله عَنهُ: لقد نزل فِيهِ بضع عشرَة آيَة من كتاب الله وَأخرج ابْن مَرْوُدَيْهِ عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت عَمْرو بن الْعَاصِ وَاقِفًا على فرس يَوْم أحد وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِن كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًا فاخسف بِي وبفرسي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يطوفون بِالْبَيْتِ وَيَقُولُونَ: لبيْك لَا شريك لَك لبيْك فَيَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد قد وَيَقُولُونَ: لَا شريك لَك إِلَّا شريك هُوَ لَك تملكه وَمَا ملك وَيَقُولُونَ: غفرانك غفرانك فَأنْزل الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} الْآيَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: كَانَ فيهم أمانان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالِاسْتِغْفَار فَذهب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَقِي الاسْتِغْفَار {وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله} قَالَ: هُوَ عَذَاب الْآخِرَة وَذَلِكَ عَذَاب الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير عَن يزِيد بن رُومَان وَمُحَمّد بن قيس قَالَا: قَالَت قُرَيْش بَعْضهَا

لبَعض: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكْرمه الله من بَيْننَا {اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء} الْآيَة فَلَمَّا أَمْسوا ندموا على مَا قَالُوا فَقَالُوا: غفرانك اللَّهُمَّ فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} إِلَى قَوْله {لَا يعلمُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن أَبْزَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} فَلَمَّا خَرجُوا أنزل الله {وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله} الْآيَة فَأذن فِي فتح مَكَّة فَهُوَ الْعَذَاب الَّذِي وعدهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} يَعْنِي الْمُشْركين حَتَّى يخْرجك مِنْهُم {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} قَالَ: يَعْنِي الْمُؤمنِينَ ثمَّ أعَاد الْمُشْركين فَقَالَ {وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله وهم يصدون عَن الْمَسْجِد الْحَرَام} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} يَقُول: لَو اسْتَغْفرُوا وأقروا بِالذنُوبِ لكانوا مُؤمنين وَفِي قَوْله {وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله وهم يصدون عَن الْمَسْجِد الْحَرَام} يَقُول: وَكَيف لَا أعذبهم وهم لَا يَسْتَغْفِرُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} قَالَ: بَين أظهرهم {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} يَقُول: وَمَا كَانَ الله معذبهم وَهُوَ لَا يزَال الرجل مِنْهُم يدْخل فِي الإِسلام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} قَالَ: وهم يدْخلُونَ فِي الإِسلام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ عَن الاسْتِغْفَار فَقَالَ: قَالَ الله {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} يَقُول: يعْملُونَ على الغفران وَعلمت أَن نَاسا سيدخلون جَهَنَّم مِمَّن يَسْتَغْفِرُونَ بألسنتهم مِمَّن يَدعِي الإِسلام وَسَائِر الْملَل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة وَالْحسن رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} قَالَا: نسختها الْآيَة الَّتِي تَلِيهَا {وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله} فقوتلوا بِمَكَّة فَأَصَابَهُمْ فِيهَا الْجُوع والحصر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} يَعْنِي أهل مَكَّة {وَمَا كَانَ الله معذبهم} وَفِيهِمْ الْمُؤْمِنُونَ يَسْتَغْفِرُونَ وأخرحج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْقُرْآن يدلكم على دائكم ودوائكم أما داءكم فذنوبكم وَأما دواؤكم فالاستغفار وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن العَبْد ليذنب الذَّنب الصَّغِير فيحتقره وَلَا ينْدَم عَلَيْهِ وَلَا يسْتَغْفر مِنْهُ فيعظم عِنْد الله حَتَّى يكون مثل الطود ويذنب الذَّنب فيندم عَلَيْهِ ويستغفر مِنْهُ فيصغر عِنْد الله عز وَجل حَتَّى يعْفُو لَهُ وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزل الله عَليّ أمانين لأمتي {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} فَإِذا مضيت تركت فيهم الاسْتِغْفَار إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فِيكُم أمانان مضى أَحدهمَا وَبَقِي الآخر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الله جعل فِي هَذِه الْأمة أمانين لَا يزالون معصومين من قوارع الْعَذَاب مَا داما بَين أظهرهم فأمان قَبضه الله تَعَالَى إِلَيْهِ وأمان بَقِي فِيكُم قَوْله {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّه قد كَانَ فِيكُم أمانان مضى أَحدهمَا وَبَقِي الآخر {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} فَأَما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد مضى بسبيله وَأما الاسْتِغْفَار فَهُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ فِي

هَذِه الْأمة أمانان: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالِاسْتِغْفَار فَذهب أَمَان - يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَبَقِي أَمَان يَعْنِي الاسْتِغْفَار وَأخرج أَحْمد عَن فضَالة بن عبيد رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: العَبْد آمن من عَذَاب الله مَا اسْتغْفر الله وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله: إِن الشَّيْطَان قَالَ: وَعزَّتك يَا رب لَا أَبْرَح أغوي عِبَادك مَا دَامَت أَرْوَاحهم فِي أَجْسَادهم قَالَ الرب: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَال أَغفر لَهُم مَا استغفروني وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي قَالَ: من أَكثر من الاسْتِغْفَار جعل الله لَهُ من كل هم فرجا وَمن كل ضيق مخرجا ورزقه من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبد الله بن بسر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طُوبَى لمن وجد فِي صَحِيفَته اسْتِغْفَارًا كثيرا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن اسْتَطَعْتُم أَن تكثروا من الاسْتِغْفَار فافعلوا فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْء أنجح عِنْد الله وَلَا أحب إِلَيْهِ مِنْهُ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مغيث بن أَسمَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رجل مِمَّن كَانَ قبلكُمْ يعْمل بِالْمَعَاصِي فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم يسير إِذْ تفكر فِيمَا سلف مِنْهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ غفرانك فادركه الْمَوْت على تِلْكَ الْحَال فغفر لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: طُوبَى لمن وجد فِي صَحِيفَته بنداً من الإِستغفار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من قَالَ: أسْتَغْفر الله الْعَظِيم الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم وَأَتُوب إِلَيْهِ خمس مَرَّات غفر لَهُ وَإِن كَانَ عَلَيْهِ مثل زبد الْبَحْر وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ انكسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله فصلى رَسُول الله فَقَامَ فَلم

يكد يرْكَع ثمَّ ركع فَلم يكد يسْجد ثمَّ سجد فَلم يكد يرفع ثمَّ رفع وَفعل فِي الرَّكْعَة الْأُخْرَى مثل ذَلِك ثمَّ نفخ فِي آخر سُجُوده ثمَّ قَالَ: رب ألم تعدني أَن لَا تُعَذبهُمْ وَأَنا فيهم رب ألم تعدني أَن لَا تُعَذبهُمْ وهم يَسْتَغْفِرُونَ وَنحن نستغفرك ففرغ رَسُول الله من صلَاته وَقد انمخصت الشَّمْس وَأخرج الديلمي عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله فِي الأَرْض أَمَانًا: أَنا امان وَالِاسْتِغْفَار أَمَان وَأَنا مذهوب بِي وَيبقى أَمَان الاسْتِغْفَار فَعَلَيْكُم بالاستغفار عِنْد كل حدث وذنب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} قَالَ: مَا كَانَ الله ليعذب قوما وأنبياؤهم بَين أظهرهم حَتَّى يخرجهم {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} يَقُول: وَفِيهِمْ من قد سبق لَهُ من الله الدُّخُول فِي الإِيمان: وَهُوَ الاسْتِغْفَار وَقَالَ للْكَافِرِ {مَا كَانَ الله ليذر الْمُؤمنِينَ على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ حَتَّى يُمَيّز الْخَبيث من الطّيب} ) (آل عمرَان الْآيَة 179) فيميز الله أهل السَّعَادَة من أهل الشقاوة {وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله} فعذبهم يَوْم بدر بِالسَّيْفِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} ثمَّ اسْتثْنى أهل الشّرك فَقَالَ {وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} قَالَ: الْمُشْركين الَّذين بِمَكَّة {وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} قَالَ: الْمُؤمنِينَ بِمَكَّة {وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله} قَالَ: كفار مَكَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله} قَالَ: عَذَابهمْ فتح مَكَّة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي اله عَنهُ {وَمَا لَهُم أَلا يعذبهم الله} وهم يجحدون آيَات الله ويكذبون رسله وَإِن كَانَ فيهم مَا يدعونَ وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله

{وهم يصدون عَن الْمَسْجِد الْحَرَام} أَي من آمن بِاللَّه وَعَبده أَنْت وَمن اتبعك {وَمَا كَانُوا أولياءه إِن أولياؤه إِلَّا المتقون} الَّذين يخرجُون مِنْهُ ويقيمون الصَّلَاة عِنْده أَي أَنْت وَمن آمن بك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن أولياؤه إِلَّا المتقون} قَالَ: من كَانُوا حَيْثُ كَانُوا وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن رِفَاعَة بن رَافع رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعمر رَضِي الله عَنهُ: اجْمَعْ لي قَوْمك فَجَمعهُمْ فَلَمَّا حَضَرُوا بَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عمر رَضِي الله عَنهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: قد جمعت لَك قومِي فَسمع ذَلِك الْأَنْصَار فَقَالُوا: قد نزل فِي قُرَيْش وَحي فجَاء المستمع والناظر مَا يُقَال لَهُم فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ بَين أظهرهم فَقَالَ: هَل فِيكُم من غَيْركُمْ قَالُوا: نعم فِينَا حليفنا وَابْن أُخْتنَا وموالينا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حليفنا منا وَابْن أُخْتنَا منا ومولانا منا أَنْتُم تَسْمَعُونَ أَن أوليائي مِنْكُم إِلَّا المتقون فَإِن كُنْتُم أُولَئِكَ فَذَلِك وَإِلَّا فانظروا أَلا يَأْتِي النَّاس بِالْأَعْمَالِ يَوْم الْقِيَامَة وتأتون بالأثقال فَيعرض عَنْكُم وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أوليائي يَوْم الْقِيَامَة المتقون وَإِن كَانَ نسب أقرب من نسب فَلَا يأتيني النَّاس بِالْأَعْمَالِ وتأتوني بالدنيا تحملونها على رِقَابكُمْ فَأَقُول هَكَذَا وَهَكَذَا إِلَّا وَأعْرض فِي كل عطفيه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من آلك فَقَالَ: كل تَقِيّ وتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن أولياؤه إِلَّا المتقون} وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن آل فلَان لَيْسُوا لي بأولياء وَإِنَّمَا وليي الله وَصَالح الْمُؤمنِينَ وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أولى النَّاس بِي المتقون من كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا

الْآيَة 35

35

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت قُرَيْش يعارضون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الطّواف يستهزءون ويصفرون ويصفقون فَنزلت {وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت إِلَّا مكاء وتصدية} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن نبيط - وَكَانَ من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت} الْآيَة قَالَ: كَانُوا يطوفون بِالْبَيْتِ الْحَرَام وهم يصفرون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانُوا يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة تصفر وتصفق فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت إِلَّا مكاء وتصدية} قَالَ: والمكاء الصفير وَإِنَّمَا شبهوا بصفير الطير وتصدية التصفيق وَأنزل فيهم (قل من حرم زِينَة الله) (الْأَعْرَاف الْآيَة 32) الْآيَة وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {إِلَّا مكاء وتصدية} قَالَ: المكاء صَوت القنبرة والتصدية صَوت العصافير وَهُوَ التصفيق وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة وَهُوَ بِمَكَّة كَانَ يُصَلِّي قَائِما بَين الْحجر والركن الْيَمَانِيّ فَيَجِيء رجلَانِ من بني سهم يقوم أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن شِمَاله ويصيح أَحدهمَا كَمَا يَصِيح المكاء وَالْآخر يصفق بيدَيْهِ تصدية العصافير ليفسد عَلَيْهِ صلَاته قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك ققال: نعم أما سَمِعت حسان بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَقُول: نقوم إِلَى الصَّلَاة إِذا دعينا وهمتك التصدي والمكاء وَقَالَ آخر من الشُّعَرَاء فِي التصدية: حَتَّى تنبهنا سحيراً قبل تصدية العصافير وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطِيَّة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المكاء الصفير كَانَ أَحدهمَا يضع يَده على الْأُخْرَى ثمَّ يصفر

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِلَّا مكاء وتصدية} قَالَ: المكاء الصفير والتصدية التصفيق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: المكاء الصفير والتصدية التصفيق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المكاء إِدْخَال أَصَابِعهم فِي أَفْوَاههم والتصدية الصفير يخلطون بذلك كُله على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المكاء الصفير على نَحْو طير أَبيض يُقَال لَهُ المكاء يكون بِأَرْض الْحجاز والتصدية التصفيق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا مكاء} قَالَ: كَانُوا يشبكون أَصَابِعهم ويصفرون فِيهِنَّ {وتصدية} قَالَ: صدهم النَّاس وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يطوفون بِالْبَيْتِ على الشمَال وَهُوَ قَوْله {وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت إِلَّا مكاء وتصدية} فالمكاء مثل نفخ البوق والتصدية طوافهم على الشمَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَذُوقُوا الْعَذَاب بِمَا كُنْتُم تكفرون} قَالَ: يَعْنِي أهل بدر عذبهم الله بِالْقَتْلِ والاسر الْآيَات 36 - 37

36

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل كلهم من طَرِيقه قَالَ: حَدثنِي الزُّهْرِيّ وَمُحَمّد بن يحيى بن حَيَّان وَعَاصِم بن عَمْرو بن قَتَادَة وَالْحصين بن عبد الرَّحْمَن بن عمر قَالُوا: لما أُصِيبَت قُرَيْش يَوْم بدر وَرجع فَلهم إِلَى مَكَّة وَرجع أَبُو سُفْيَان بعيره مَشى عبد الله بن ربيعَة وَعِكْرِمَة بن أبي جهل وَصَفوَان بن أُميَّة فِي رجال من قُرَيْش إِلَى من كَانَ مَعَه تِجَارَة فَقَالُوا: يَا معشر قُرَيْش إِن مُحَمَّدًا قد وتركم وَقتل خياركم فأعينونا بِهَذَا المَال على حربه فَلَعَلَّنَا أَن ندرك مِنْهُ ثأراً فَفَعَلُوا ففيهم كَمَا ذكر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أنزل الله {إِن الَّذين كفرُوا يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ليصدوا عَن سَبِيل الله} إِلَى قَوْله {وَالَّذين كفرُوا إِلَى جَهَنَّم يحشرون} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ليصدوا عَن سَبِيل الله} قَالَ: نزلت فِي أبي سُفْيَان بن حَرْب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا يُنْفقُونَ أَمْوَالهم} إِلَى قَوْله {أُولَئِكَ هم الخاسرون} قَالَ: فِي نَفَقَة أبي سُفْيَان على الْكفَّار يَوْم أحد وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ليصدوا عَن سَبِيل} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أبي سُفْيَان بن حَرْب اسْتَأْجر يَوْم أحد أَلفَيْنِ من الْأَحَابِيش من بني كنَانَة يُقَاتل بهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سوى من استجاش من الْعَرَب فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة وهم الَّذين قَالَ فيهم كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ: وَجِئْنَا إِلَى موج من الْبَحْر وَسطه أحابيش مِنْهُم حاسر ومقنع ثَلَاثَة آلَاف وَنحن نصية ثَلَاث مئين إِن كثرن فأربع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الحكم بن عتيبة فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ليصدوا عَن سَبِيل الله} قَالَ: نزلت فِي أبي سُفْيَان أنْفق على مُشْركي قُرَيْش يَوْم أحد أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة من ذهب وَكَانَت الْأُوقِيَّة يَوْمئِذٍ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين مِثْقَالا من ذهب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله

{إِن الَّذين كفرُوا يُنْفقُونَ أَمْوَالهم ليصدوا عَن سَبِيل الله} وَهُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فسينفقونها ثمَّ تكون عَلَيْهِم حسرة} يَقُول: ندامة يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين كفرُوا إِلَى جَهَنَّم يحشرون} يَعْنِي النَّفر الَّذين مَشوا إِلَى أبي سُفْيَان وَإِلَى من كَانَ لَهُ مَال من قُرَيْش فِي تِلْكَ التِّجَارَة فَسَأَلُوهُمْ أَن يقووهم بهَا على حَرْب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفَعَلُوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن شهر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ {ليميز الله الْخَبيث من الطّيب} قَالَ: يُمَيّز يَوْم الْقِيَامَة مَا كَانَ لله من عمل صَالح فِي الدُّنْيَا ثمَّ تُؤْخَذ الدُّنْيَا بأسرها فَتلقى فِي جَهَنَّم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فيركمه جَمِيعًا} قَالَ: يجمعه جَمِيعًا الْآيَات 38 - 40

38

وَأخرج ابْن أَحْمد وَمُسلم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما جعل الله الإِسلام فِي قلبِي أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: ابْسُطْ يدك فلأبايعك فَبسط يَمِينه فقبضت يَدي قَالَ: مَالك قلت: أردْت أَن اشْترط قَالَ: أتشترط مَاذَا قلت: ان يغْفر لي قَالَ: أما علمت أَن الإِسلام يهدم مَا كَانَ قبله وَأَن الْهِجْرَة تهدم مَا كَانَ قبلهَا وَأَن الْحَج يهدم مَا كَانَ قبله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يُؤْخَذ الْكَافِر بِشَيْء صنعه فِي كفره إِذا أسلم وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى يَقُول {قل للَّذين كفرُوا إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن

مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فقد مَضَت سنة الأوّلين} قَالَ: فِي قُرَيْش وَغَيرهَا يَوْم بدر والأمم قبل ذَلِك الْآيَة 41

41

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثمَّ وضع مقاسم الْفَيْء واعلمه قَالَ {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء} بعد الَّذِي مضى من بدر {فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء} قَالَ: الْمخيط من شَيْء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن أبي نجيح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا المَال ثَلَاثَة: مغنم أَو فَيْء أَو صَدَقَة فَلَيْسَ فِيهِ دِرْهَم إِلَّا بيّن الله مَوْضِعه قَالَ فِي الْمغنم {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه} تحرجاً عَلَيْهِم وَقَالَ فِي الْفَيْء (كَيْلا يكون دولة بَين الْأَغْنِيَاء مِنْكُم) (الْحَشْر الْآيَة 7) وَقَالَ فِي الصَّدَقَة (فَرِيضَة من الله وَالله عليم حَكِيم) (التَّوْبَة الْآيَة 60) وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم عَن قيس بن مُسلم الجدلي قَالَ: سَأَلت الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب بن الْحَنَفِيَّة عَن قَول الله {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه} قَالَ: هَذَا مِفْتَاح كَلَام لله الدُّنْيَا وَالْآخِرَة {وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} فَاخْتَلَفُوا بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هذَيْن السهمين قَالَ قَائِل: سهم ذَوي الْقُرْبَى لقرابة الْخَلِيفَة وَقَالَ قَائِل: سهم النَّبِي للخليفة من بعده وَاجْتمعَ رَأْي أَصْحَاب رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن يجْعَلُوا هذَيْن السهمين فِي الْخَيل وَالْعدة فِي سَبِيل الله تَعَالَى فَكَانَ كَذَلِك فِي خلَافَة أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بعث سَرِيَّة فغنموا خمس الْغَنِيمَة فَضرب ذَلِك الْخمس فِي خَمْسَة ثمَّ قَرَأَ {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ} قَالَ: قَوْله {فَأن لله خمسه} مِفْتَاح كَلَام (لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض) (الْبَقَرَة الْآيَة 284) فَجعل الله سهم الله وَالرَّسُول وَاحِدًا {وَلِذِي الْقُرْبَى} فَجعل هذَيْن السهمين قُوَّة فِي ال خيل وَالسِّلَاح وَجعل سهم الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل لَا يُعْطِيهِ غَيره وَجعل الْأَرْبَعَة أسْهم الْبَاقِيَة للْفرس سَهْمَيْنِ ولراكبه سهم وللراجل سهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَأن لله خمسه} يَقُول: هُوَ لله ثمَّ قسم الْخمس خَمْسَة أَخْمَاس {وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الْغَنِيمَة تقسم على خَمْسَة أَخْمَاس فَأَرْبَعَة مِنْهَا بَين من قَاتل عَلَيْهَا وَخمْس وَاحِد يقسم على أَرْبَعَة أَخْمَاس فربع لله وَلِرَسُولِهِ وَلِذِي الْقُرْبَى - يَعْنِي قرَابَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَمَا كَانَ لله وَلِلرَّسُولِ فَهُوَ لقرابة النَّبِي وَلم يَأْخُذ النَّبِي من الْخمس شَيْئا وَالرّبع الثَّانِي لِلْيَتَامَى وَالرّبع الثَّالِث للْمَسَاكِين وَالرّبع الرَّابِع لِابْنِ السَّبِيل وَهُوَ الضَّيْف الْفَقِير الَّذِي ينزل بِالْمُسْلِمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء} الْآيَة قَالَ: كَانَ يجاء بِالْغَنِيمَةِ فتوضع فَيقسمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على خَمْسَة أسْهم فيعزل سَهْما مِنْهُ وَيقسم أَرْبَعَة أسْهم بَين النَّاس - يَعْنِي لمن شهد الْوَقْعَة - ثمَّ يضْرب بِيَدِهِ فِي جَمِيع السهْم الَّذِي عَزله فَمَا قبض عَلَيْهِ من شَيْء جعله للكعبة فَهُوَ الَّذِي سمى لله تَعَالَى: لَا تجْعَلُوا لله نَصِيبا فَإِن لله الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ثمَّ يعمد إِلَى بَقِيَّة السهْم فيقسمه على خَمْسَة أسْهم سهم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسَهْم لذِي الْقُرْبَى وَسَهْم لِلْيَتَامَى وَسَهْم للْمَسَاكِين وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء} قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذُو قرَابَته لَا يَأْكُلُون من الصَّدقَات شَيْئا لَا يحل لَهُم فللنبي خمس الْخمس وَلِذِي قراباته خمس الْخمس ولليتامى مثل ذَلِك وللمساكين مثل ذَلِك وَلابْن السَّبِيل مثل ذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدعى الصفى إِن شَاءَ عبدا وَإِن شَاءَ فرسا يختاره قبل الْخمس وَيضْرب لَهُ بسهمه ان شهد وَإِن غَابَ وَكَانَت صَفِيَّة بنة حييّ من الصفى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: خمس الله وَالرَّسُول وَاحِد إِن كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحمل فِيهِ ويصنع فِيهِ مَا شَاءَ الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله تنَاول شَيْئا من الأَرْض أَو وبرة من بعير فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَالِي مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكُم وَلَا مثل هَذِه إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود عَلَيْكُم وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم مَا افْتتح على خَمْسَة أَخْمَاس فَأَرْبَعَة مِنْهَا لمن شهده وَيَأْخُذ الْخمس خمس الله فيقسمه على سِتَّة أسْهم فسهم لله وَسَهْم للرسول وَسَهْم لذِي الْقُرْبَى وَسَهْم لِلْيَتَامَى وَسَهْم للْمَسَاكِين وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَجْعَل سهم الله فِي السِّلَاح والكراع وَفِي سَبِيل الله وَفِي كسْوَة الْكَعْبَة وطيبها وَمَا تحْتَاج إِلَيْهِ الْكَعْبَة وَيجْعَل سهم الرَّسُول فِي الكراع وَالسِّلَاح وَنَفَقَة أَهله وَسَهْم لذِي الْقُرْبَى لِقَرَابَتِهِ يضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم مَعَ سهمهم مَعَ الْبَأْس ولليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل ثَلَاثَة أسْهم يَضَعهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن شَاءَ وَحَيْثُ شَاءَ لَيْسَ لبني عبد الْمطلب فِي هَذِه الثَّلَاثَة إِلَّا سهم ولرسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَهْمه مَعَ سِهَام النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حُسَيْن الْمعلم قَالَ: سَأَلت عبد الله بن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ} قَالَ: الَّذِي لله لنَبيه وَالَّذِي للرسول لأزواجه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَلِذِي الْقُرْبَى} قَالَ: هم بَنو عبد الْمطلب وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِن نجدة كتب إِلَيْهِ يسْأَله عَن ذَوي الْقُرْبَى الَّذين ذكر الله فَكتب إِلَيْهِ: انا كُنَّا نرى أَنا هم فَأبى ذَلِك علينا قَومنَا وَقَالُوا: قُرَيْش كلهَا ذَوُو قربى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نجدة الحروري أرسل إِلَيْهِ يسْأَله عَن سهم ذِي الْقُرْبَى الَّذِي ذكر الله فَكتب إِلَيْهِ: انا كُنَّا نرى أَنا هم فَأبى ذَلِك علينا قَومنَا وَقَالُوا: وَيَقُول: لمن ترَاهُ فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: هُوَ لقربى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسمه لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ عرض علينا من ذَلِك عرضا رَأينَا دون حَقنا فرددناه عَلَيْهِ وأبينا أَن نقبله وَكَانَ عرض عَلَيْهِم أَن يعين ناكحهم وَأَن يقْضِي عَن غارمهم وَأَن يُعْطي فقيرهم وأبى أَن يزيدهم على ذَلِك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: سَأَلت عليا رَضِي الله عَنهُ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخْبرنِي كَيفَ كَانَ صنع أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْخمس نصيبكم فَقَالَ: أما أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَلم تكن فِي ولَايَته أَخْمَاس وَأما عمر رَضِي الله عَنهُ فَلم يزل يَدْفَعهُ إليّ فِي كل خمس حَتَّى كَانَ خمس السوس وجند نيسابور فَقَالَ وَأَنا عِنْده: هَذَا نصيبكم أهل الْبَيْت من الْخمس وَقد أحل بِبَعْض الْمُسلمين واشتدت حَاجتهم فَقلت: نعم فَوَثَبَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فَقَالَ: لَا تعرض فِي الَّذِي لنا فَقلت: أَلسنا أَحَق من الْمُسلمين وشفع أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَبضهُ فوَاللَّه مَا قبضناه وَلَا صدرت عَلَيْهِ فِي ولَايَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ ثمَّ أنشأ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يحدث فَقَالَ: إِن الله حرم الصَّدَقَة على رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعوضهُ سَهْما من الْخمس عوضا عَمَّا حرم عَلَيْهِ وحرمها على أهل بَيته خَاصَّة دون أمته فَضرب لَهُم مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَهْما عوضا مِمَّا حرم عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رغبت لكم عَن غسالة الْأَيْدِي لِأَن لكم فِي خمس الْخمس مَا يغنيكم أَو يكفيكم

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ وَعبد الله بن أبي بكر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم سهم ذِي الْقُرْبَى من خَيْبَر على بني هَاشم وَبني عبد الْمطلب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ قَالَ قسم رَسُول الله سهم ذِي الْقُرْبَى على بني هَاشم وَبني عبد الْمطلب قَالَ: فمشيت أَنا وَعُثْمَان بن عَفَّان حَتَّى دَخَلنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله هَؤُلَاءِ اخوانك من بني هَاشم لَا ننكر فَضلهمْ لِمَكَانِك الَّذِي وضعك الله بِهِ مِنْهُم أَرَأَيْت اخواننا من بني الْمطلب أَعطيتهم دُوننَا وَإِنَّمَا نَحن وهم بِمَنْزِلَة وَاحِدَة فِي النّسَب فَقَالَ: إِنَّهُم لم يفارقونا فِي الْجَاهِلِيَّة والإِسلام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: آل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذين أعْطوا الْخمس آل عَليّ وَآل عَبَّاس وَآل جَعْفَر وَآل عقيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ آل مُحَمَّد لَا تحل لَهُم الصَّدَقَة فَجعل لَهُم خمس الْخمس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء} يَعْنِي من الْمُشْركين {فَإِن لله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} يعين قرَابَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} يَعْنِي الضَّيْف وَكَانَ الْمُسلمُونَ إِذا غنموا فِي عهد النَّبِي أخرجُوا خُمْسَهُ فيجعلون ذَلِك الْخمس الْوَاحِد أَرْبَعَة أَربَاع فربعه لله وَلِلرَّسُولِ ولقرابة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا كَانَ لله فَهُوَ للرسول الْقَرَابَة وَكَانَ للنَّبِي نصيب رجل من الْقَرَابَة وَالرّبع الثَّانِي للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالرّبع الثَّالِث للْمَسَاكِين وَالرّبع الرَّابِع لِابْنِ السَّبِيل ويعمدون إِلَى الَّتِي بقيت فيقسمونها على سُهْمَانهمْ فَلَمَّا توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رد أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نصيب الْقَرَابَة فَجعل يحمل بِهِ فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَبَقِي نصيب الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَغوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن رجل من بلقين عَن ابْن عَم لَهُ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله مَا تَقول فِي هَذَا المَال قَالَ لله خمسه وَأَرْبَعَة أخماسه لهَؤُلَاء - يَعْنِي الْمُسلمين - قلت: فَهَل أحد أَحَق بِهِ من أحد قَالَ: لَا وَلَو انتزعت سَهْما من جَنْبك لم تكن بِأَحَق بِهِ من أَخِيك الْمُسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مردوبه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن

شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينفل قبل أَن تنزل فَرِيضَة الْخمس فِي الْمغنم فَلَمَّا نزلت {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء} الْآيَة ترك التَّنَفُّل وَجعل ذَلِك فِي خمس الْخمس وَهُوَ سهم الله وَسَهْم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَالك بن عبد الله الْحَنَفِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من هَهُنَا من أهل الشَّام فَقُمْت فَقَالَ: أبلغ مُعَاوِيَة إِذا غنم غنيمَة أَن يَأْخُذ خَمْسَة أسْهم فَيكْتب على كل سهم مِنْهَا: لله ثمَّ ليقرع فَحَيْثُمَا خرج مِنْهَا فليأخذه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه} قَالَ: سهم الله وَسَهْم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاحِد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي الْمغنم خسم لله وَسَهْم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالصفى كَانَ يصطفى لَهُ فِي الْمغنم خير رَأس من السَّبي إِن سبي وَإِلَّا غَيره ثمَّ يخرج الْخمس ثمَّ يضْرب لَهُ بسهمه شهد أَو غَابَ مَعَ الْمُسلمين بعد الصفى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء بن السَّائِب رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء} وَقَوله (مَا أَفَاء الله على رَسُوله) (الْحَشْر الْآيَة 7) مَا الْفَيْء وَمَا الْغَنِيمَة قَالَ: إِذا ظهر الْمُسلمُونَ على الْمُشْركين وعَلى أَرضهم فَأَخَذُوهُمْ عنْوَة فَمَا أخذُوا من مَال ظَهَرُوا عَلَيْهِ فَهُوَ غنيمَة وَأما الأَرْض: فَهُوَ فَيْء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سُفْيَان قَالَ: الْغَنِيمَة مَا أصَاب الْمُسلمُونَ عنْوَة فَهُوَ لمن سمى الله وَأَرْبَعَة أَخْمَاس لمن شَهِدَهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ: كَيفَ كَانَ رَسُول الله يصنع فِي الْخمس قَالَ: كَانَ يحمل الرجل سَهْما فِي سَبِيل الله ثمَّ الرجل ثمَّ الرجل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْء وَاحِد فِي الْمغنم يصطفيه لنَفسِهِ أما خَادِم واما فرس ثمَّ نصِيبه بعد ذَلِك من الْخمس

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سلمنَا الْأَنْفَال لله وَرَسُوله وَلم يُخَمّس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا وَنزلت بعد {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه} فَاسْتقْبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمُسْلِمين الْخمس فِيمَا كَانَ من كل غنيمَة بعد بدر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أَلا توليني مَا خصنا الله بِهِ من الْخمس فولانيه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ولاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمس الْخمس فَوَضَعته موَاضعه حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا سهم من الْخَيل إِلَّا لفرسين وَإِن كَانَ مَعَه ألف فرس إِذا دخل بهَا أَرض العدوّ قَالَ: قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر للفارس سَهْمَيْنِ وللراجل سهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل للفارس سَهْمَيْنِ وللراجل سَهْما وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ أوصى بالخمس وَقَالَ: أوصِي بِمَا رَضِي الله بِهِ لنَفسِهِ ثمَّ قَالَ {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فأَن لله خمسه} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه} يَقُول: أقرُّوا بحكمي {وَمَا أنزلنَا على عَبدنَا} يَقُول: وَمَا أنزلت على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقِسْمَة {يَوْم الْفرْقَان} يَوْم بدر {يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} جمع الْمُسلمين وَجمع الْمُشْركين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يَوْم الْفرْقَان} قَالَ: هُوَ يَوْم بدر وَبدر: مَاء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يَوْم الْفرْقَان} قَالَ: هُوَ يَوْم بدر فرق الله بَين الْحق وَالْبَاطِل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ

فِي قَوْله {يَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} قَالَ: كَانَت بدر لسبع عشرَة مَضَت من شهر رَمَضَان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت لَيْلَة الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ فِي صبيحتها لَيْلَة الْجُمُعَة لسبع عشرَة مَضَت من رَمَضَان وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت لَيْلَة الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ لسبع عشرَة مَضَت من رَمَضَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقَتْلِ فِي آي من الْقُرْآن فَكَانَ أول مشْهد شهده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَدْرًا وَكَانَ رَئِيس الْمُشْركين يَوْمئِذٍ عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس فَالْتَقوا يَوْم الْجُمُعَة لسبع أَو سِتّ عشرَة لَيْلَة مَضَت من رَمَضَان وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثلثمِائة وَبضْعَة عشر رجلا وَالْمُشْرِكُونَ بَين الْألف والتسعمائة وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْفرْقَان: يَوْم فرق الله بَين الْحق وَالْبَاطِل فَكَانَ أول قَتِيل قتل يَوْمئِذٍ مهجع مولى عمر وَرجل من الْأَنْصَار وَهزمَ الله يَوْمئِذٍ الْمُشْركين فَقتل مِنْهُم زِيَادَة على سبعين رجلا وَأسر مِنْهُم مثل ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَعْفَر عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت بدر لسبع عشرَة من رَمَضَان فِي يَوْم جُمُعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام أَنه سُئِلَ أَي لَيْلَة كَانَت لَيْلَة بدر فَقَالَ: هِيَ لَيْلَة الْجُمُعَة لسبع عشرَة لَيْلَة بقيت من رَمَضَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر بن ربيعَة البدري قَالَ: كَانَ يَوْم بدر يَوْم الِاثْنَيْنِ لسبع عشرَة من رَمَضَان الْآيَة 42

42

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِذْ أَنْتُم بالعدوة الدُّنْيَا}

قَالَ: شاطئ الْوَادي {والركب أَسْفَل مِنْكُم} قَالَ: أَبُو سُفْيَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ أَنْتُم بالعدوة الدُّنْيَا} الْآيَة قَالَ: العدوة الدُّنْيَا: شَفير الْوَادي الْأَدْنَى والعدوة القصوى: شَفير الْوَادي الْأَقْصَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {والركب أَسْفَل مِنْكُم} قَالَ: كَانَ أَبُو سُفْيَان أَسْفَل الْوَادي فِي سبعين رَاكِبًا ونفرت قُرَيْش وَكَانَت تِسْعمائَة وَخمسين فَبعث أَبُو سُفْيَان إِلَى قُرَيْش وهم بِالْجُحْفَةِ: إِنِّي قد جَاوَزت الْقَوْم فَارْجِعُوا قَالُوا: وَالله لَا نرْجِع حَتَّى نأتي مَاء بدر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {والركب أَسْفَل مِنْكُم} قَالَ: أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه مُقْبِلين من الشَّام تجارًا لم يشعروا بأصحاب بدر وَلم يشْعر أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكفار قُرَيْش وَلَا كفار قُرَيْش بهم حَتَّى الْتَقَوْا على مَاء بدر فَاقْتَتلُوا فَغَلَبَهُمْ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأسرُوهُمْ وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهم بالعدوة القصوى} من الْوَادي إِلَى مَكَّة {والركب أَسْفَل مِنْكُم} يَعْنِي أَبَا سُفْيَان وَغَيره وَهِي أَسْفَل من ذَلِك نَحْو السَّاحِل {وَلَو تواعدتم لاختلفتم فِي الميعاد} أَي وَلَو كَانَ على ميعاد مِنْكُم وَمِنْهُم ثمَّ بَلغَكُمْ كَثْرَة عَددهمْ وَقلة عددكم مَا التقيتم {وَلَكِن ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا} أَي ليقضي مَا أَرَادَ بقدرته من اعزاز الإِسلام وَأَهله واذلال الْكفْر وَأَهله من غير مَلأ مِنْكُم فَفعل مَا أَرَادَ من ذَلِك بِلُطْفِهِ فَأخْرجهُ الله وَمن مَعَه إِلَى العير لَا يُرِيد غَيرهَا وَأخرج قُريْشًا من مَكَّة لَا يُرِيدُونَ إِلَّا الدّفع عَن عيرهم ثمَّ ألف بَين الْقَوْم على الْحَرْب وَكَانُوا لَا يُرِيدُونَ إِلَّا العير فَقَالَ فِي ذَلِك {ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا} ليفصل بَين الْحق وَالْبَاطِل {ليهلك من هلك عَن بَيِّنَة وَيحيى من حيَّ عَن بَيِّنَة} أَي ليكفر من كفر بعد الْحجَّة لما رأى من الْآيَات والعبر يُؤمن من آمن على مثل ذَلِك الْآيَة 43

43

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ يريكهم الله فِي مَنَامك قَلِيلا} قَالَ: أرَاهُ الله إيَّاهُم فِي مَنَامه قَلِيلا فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه بذلك وَكَانَ تثبيتاً لَهُم وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر عَن حَيَّان بن وَاسع بن حَيَّان عَن أَشْيَاخ من قومه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدل صُفُوف أَصْحَابه يَوْم بدر وَرجع إِلَى الْعَريش فدخله ومعنا أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَقد خَفق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خفقة وَهُوَ فِي الْعَريش ثمَّ انتبه فَقَالَ: أبشر يَا أَبَا بكر أَتَاك نصر الله هَذَا جِبْرِيل آخذ بعنان فرس يَقُودهُ على ثناياه النَّقْع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم فِي الْأَمر} قَالَ: لاختلفتم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَكِن الله سلم} أَي أتم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَكِن الله سلم} يَقُول: سلم بهم أَمرهم حَتَّى أظهرهم على عدوّهم الْآيَة 44

44

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد قللُوا فِي أَعيننَا يَوْم بدر حَتَّى قلت لرجل إِلَى جَنْبي: تراهم سبعين قَالَ: لَا بل مائَة حَتَّى أَخذنَا رجلا مِنْهُم فَسَأَلْنَاهُ قَالَ: كُنَّا ألفا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذ يريكموهم إِذْ التقيتم فِي أعينكُم قَلِيلا ويقللكم فِي أَعينهم} قَالَ: حضض بَعضهم على بعض الْآيَة 45

45

أخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاء العدوّ وأسالوا الله الْعَافِيَة فَإِن لقيتموهم فاثبتوا واذْكُرُوا الله كثيرا فَإِذا جلبوا وصيحوا فَعَلَيْكُم بِالصَّمْتِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من شَيْء أحب إِلَى الله من قِرَاءَة الْقُرْآن وَالذكر وَلَوْلَا ذَلِك مَا أَمر الله النَّاس بِالصَّلَاةِ والقتال: أَلا ترَوْنَ أَنه قد أَمر النَّاس بِالذكر عِنْد الْقِتَال فَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا لَقِيتُم فِئَة فاثبتوا واذْكُرُوا الله كثيرا لَعَلَّكُمْ تفلحون} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: افْترض الله ذكره عِنْد أشغل مَا تَكُونُونَ عِنْد الضراب بِالسُّيُوفِ وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي حعفر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَشد الْأَعْمَال ثَلَاثَة ذكر الله على كل حَال وانصافك من نَفسك ومواساة الْأَخ فِي المَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي قَالَ: لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاء الْعَدو فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ لَعَلَّكُمْ ستبلون بهم وسلوا الله الْعَافِيَة فَإِذا جَاءَكُم يبرقون ويرجفون ويصيحون بِالْأَرْضِ الأَرْض جُلُوسًا ثمَّ قُولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا وربهم نواصينا وَنَوَاصِيهمْ بِيَدِك وَإِنَّمَا تقتلهم أَنْت فَإِذا دنو مِنْكُم فثوروا إِلَيْهِم وَاعْلَمُوا أَن الْجنَّة تَحت البارقة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَجب الانصات وَالذكر عِنْد الرجف ثمَّ تَلا {واذْكُرُوا الله كثيرا} وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَطاء بن أبي مُسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما ودع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن رَوَاحَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ ابْن رَوَاحَة: يَا رَسُول الله مرني بِشَيْء أحفظه عَنْك قَالَ إِنَّك قادم غَدا بَلَدا السُّجُود بِهِ قَلِيل فَأكْثر السُّجُود قَالَ: زِدْنِي قَالَ: اذكر الله فَإِنَّهُ عون لَك على مَا تطلب قَالَ: زِدْنِي قَالَ: يَا ابْن رَوَاحَة فَلَا تعجزن إِن أَسَأْت عشرا أَن تحسن وَاحِدَة فَقَالَ ابْن رَوَاحَة رَضِي الله عَنهُ: لَا أَسأَلك عَن شَيْء بعْدهَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنيتان لَا تردان الدُّعَاء عِنْد النداء وَعند الْبَأْس حِين يلحم بَعضهم بَعْضًا

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكره الصَّوْت عِنْد الْقِتَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم عَن قيس بن عباد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكْرهُونَ الصَّوْت عِنْد الْقِتَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قيس بن عباد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستحبون خفض الصَّوْت عِنْد ثَلَاث عِنْد الْقِتَال وَعند الْقُرْآن وَعند الْجَنَائِز وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكره رفع الصَّوْت عِنْد ثَلَاث عِنْد الْجِنَازَة وَإِذا التقى الزحفان وَعند قِرَاءَة الْقُرْآن الْآيَة 46

46

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تنازعوا فتفشلوا وَتذهب ريحكم} قَالَ: يَقُول: لَا تختلفوا فتجبنوا وَيذْهب نصركم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَتذهب ريحكم} قَالَ: نصركم وَقد ذهب ريح أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نازعوه يَوْم أُحد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَتذهب ريحكم} قَالَ: الرّيح النَّصْر لم يكن نصر قطّ إِلَّا برِيح يبعثها الله تضرب وُجُوه العدوّ وَإِذا كَانَ كَذَلِك لم يكن لَهُم قوام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن النُّعْمَان بن مقرن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ عِنْد الْقِتَال لم يُقَاتل أول النَّهَار وَآخره إِلَى أَن تَزُول الشَّمْس وتهب الرِّيَاح وَينزل النَّصْر الْآيَة 47

47

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين خَرجُوا من دِيَارهمْ بطرا ورئاء النَّاس} يَعْنِي الْمُشْركين الَّذين قَاتلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما خرجت قُرَيْش من مَكَّة إِلَى بدر خَرجُوا بالقيان والدفوف فَأنْزل الله تَعَالَى {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين خَرجُوا من دِيَارهمْ بطراً} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين خَرجُوا من دِيَارهمْ بطراً} قَالَ: أَبُو جهل وَأَصْحَابه يَوْم بدر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ كَانَ مشركو قُرَيْش الَّذين قَاتلُوا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر خَرجُوا وَلَهُم بغي وفخر وَقد قيل لَهُم يَوْمئِذٍ: ارْجعُوا فقد انْطَلَقت عِيركُمْ وَقد ظفرتم فَقَالُوا: لَا وَالله حَتَّى يتحدث أهل الْحجاز بمسيرنا وعددنا وَذكر لنا أَن نَبِي اللهقال يَوْمئِذٍ: اللَّهُمَّ إِن قُريْشًا قد أَقبلت بفخرها وخيلائها لتجادل رَسُولك وَذكر لنا أَنه قَالَ يَوْمئِذٍ: الْآيَة 48 - 49

48

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذ زين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم} قَالَ: قُرَيْش يَوْم بدر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ إِبْلِيس فِي جند من الشَّيَاطِين وَمَعَهُ راية فِي صُورَة رجال من بني مُدْلِج فِي صُورَة سراقَة بن مَالك بن جعْشم فَقَالَ الشَّيْطَان

{لَا غَالب لكم الْيَوْم من النَّاس وَإِنِّي جَار لكم} وَأَقْبل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على إِبْلِيس وَكَانَت يَده فِي يَد رجل من الْمُشْركين فَلَمَّا رأى جِبْرِيل انتزع يَد وَولى مُدبرا هُوَ وشيعته فَقَالَ الرجل: يَا سراقَة انك جَار لنا فَقَالَ {إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ} وَذَلِكَ حِين رأى الْمَلَائِكَة {إِنِّي أَخَاف الله وَالله شَدِيد الْعقَاب} قَالَ: وَلما دنا الْقَوْم بَعضهم من بعض قلل الله الْمُسلمين فِي أعين الْمُشْركين فَقَالَ الْمُشْركُونَ: وَمَا هَؤُلَاءِ {غر هَؤُلَاءِ دينهم وَمن يتوكل على الله فَإِن الله عَزِيز حَكِيم} وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما تواقف النَّاس أُغمي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاعَة ثمَّ سري عَنهُ فبشر النَّاس بِجِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي جند من الْمَلَائِكَة ميمنة النَّاس وَمِيكَائِيل فِي جند آخر ميسرَة وإسرافيل فِي جند آخر ألف وإبليس قد تصور فِي صُورَة سراقَة بن جعْشم المدلجي يجير الْمُشْركين ويخبرهم أَنه لَا غَالب لَهُم الْيَوْم من النَّاس فَلَمَّا أبْصر عدوّ الله الْمَلَائِكَة {نكص على عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْكُم إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ} فَتثبت بِهِ الْحَارِث وَانْطَلق إِبْلِيس لَا يرى حَتَّى سقط فِي الْبَحْر وَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ: يَا رب موعدك الَّذِي وَعَدتنِي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن رِفَاعَة بن رَافع الْأَنْصَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما رأى إِبْلِيس مَا يفعل الْمَلَائِكَة بالمشركين يَوْم بدر أشْفق أَن يخلص الْقَتْل إِلَيْهِ فتشبث بِهِ الْحَارِث بن هِشَام وَهُوَ يظنّ أَنه سراقَة بن مَالك فَوَكَزَ فِي صدر الْحَارِث فَأَلْقَاهُ ثمَّ خرج هَارِبا حَتَّى ألْقى نَفسه فِي الْبَحْر فَرفع يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك نظرتك إيَّايَ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل الله تَعَالَى على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة (سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر) (الْقَمَر الْآيَة 45) فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: أَي جمع يهْزم - وَذَلِكَ قبل بدر - فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر وانهزمت قُرَيْش نظرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آثَارهم مُصْلِتًا بِالسَّيْفِ وَيَقُول: (سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر) فَكَانَت بِيَوْم بدر فَأنْزل الله فيهم (حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 24)

الْآيَة وَأنزل الله (ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا) (إِبْرَاهِيم الْآيَة 28) الْآيَة وَرَمَاهُمْ رَسُول الله فوسعهم الرَّمية وملأت أَعينهم وأفواههم حَتَّى إِن الرجل ليقْتل وَهُوَ يقذي عَيْنَيْهِ وفاه فَأنْزل الله (وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى) (الْأَنْفَال الْآيَة 17) وَأنزل الله فِي إِبْلِيس {فَلَمَّا تراءت الفئتان نكص على عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيء مِنْكُم إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ} وَقَالَ عتبَة بن ربيعَة وناس مَعَه من الْمُشْركين يَوْم بدر {غر هَؤُلَاءِ دينهم} فَأنْزل الله {إِذْ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض غر هَؤُلَاءِ دينهم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ} قَالَ: أرى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام معتجراً بردائه يَقُود الْفرس بَين يَدي أَصْحَابه مَا رَكبه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ} قَالَ: ذكر لنا أَنه رأى جِبْرِيل تنزل مَعَه الْمَلَائِكَة فَعلم عَدو الله أَنه لَا يدان لَهُ بِالْمَلَائِكَةِ وَقَالَ {إِنِّي أَخَاف الله} وَكذب عَدو الله مَا بِهِ مَخَافَة الله وَلَكِن علم أَنه لَا قوّة لَهُ بِهِ وَلَا مَنْعَة لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن معمر قَالَ: ذكرُوا أَنهم أَقبلُوا على سراقَة بن مَالك بعد ذَلِك فَأنْكر أَن يكون شَيْء من ذَلِك وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الَّذِي رَآهُ نكص حِين نكص الْحَارِث بن هِشَام أَو عَمْرو بن وهب الجُمَحِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِذْ يَقُول المُنَافِقُونَ} قَالَ: وهم يَوْمئِذٍ فِي الْمُسلمين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: هم قوم لم يشْهدُوا الْقِتَال يَوْم بدر فسموا منافقين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هم قوم كَانُوا أقرُّوا بالإِسلام وهم بِمَكَّة ثمَّ خَرجُوا مَعَ الْمُشْركين يَوْم بدر فَلَمَّا رَأَوْا الْمُسلمين قَالُوا {غر هَؤُلَاءِ دينهم}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أنَاس من أهل مَكَّة تكلمُوا بالإِسلام فَخَرجُوا مَعَ الْمُشْركين يَوْم بدر فَلَمَّا رَأَوْا وَفد الْمُسلمين قَالُوا {غر هَؤُلَاءِ دينهم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: هم الفئة الَّذين خَرجُوا مَعَ قُرَيْش احتبسهم آباؤهم فَخَرجُوا وهم على الارتياب فَلَمَّا رَأَوْا قلَّة أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا {غر هَؤُلَاءِ دينهم} حِين قدمُوا على مَا قدمُوا عَلَيْهِ من قلَّة عَددهمْ وَكَثْرَة عدوّهم وهم فِئَة من قُرَيْش مسمون خَمْسَة قيس بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأَبُو قيس بن الْفَاكِه بن الْمُغيرَة المخزوميان والْحَارث بن زَمعَة وَعلي بن أُميَّة بن خلف وَالْعَاص بن مُنَبّه الْآيَات 50 - 54

50

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ يتوفى الَّذين كفرُوا الْمَلَائِكَة} قَالَ: الَّذين قَتلهمْ الله ببدر من الْمُشْركين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: آيتان يبشر بهما الْكَافِر عِنْد مَوته {وَلَو ترى إِذْ يتوفى الَّذين كفرُوا الْمَلَائِكَة يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأدبارهم} قَالَ: وأشباههم وَلَكِن الله كريم يكني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ذَلِك بِأَن الله لم يَك مغيراً نعْمَة أنعمها على قوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم} قَالَ: نعْمَة الله: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنعم الله بهَا على قُرَيْش فَكَفرُوا فنقله إِلَى الْأَنْصَار الْآيَات 55 - 58

55

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت {إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله الَّذين كفرُوا فهم لَا يُؤمنُونَ} فِي سِتَّة رَهْط من الْيَهُود مِنْهُم ابْن تَابُوت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الَّذين عَاهَدت مِنْهُم ثمَّ ينقضون عَهدهم} قَالَ: قُرَيْظَة يَوْم الخَنْدَق مالؤا على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعداءه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فشرد بهم من خَلفهم} قَالَ: نكل بهم من بعدهمْ وَأخرج ابْن جريرعن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فشرد بهم من خَلفهم} قَالَ: نكل بهم من وَرَاءَهُمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فشرد بهم من خَلفهم} قَالَ: نكل بهم الَّذين خَلفهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فشرد بهم من خَلفهم} قَالَ: أَنْذرهُمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فشرد بهم من خَلفهم} قَالَ: اصْنَع بهم كَمَا تصنع بهؤلاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {لَعَلَّهُم يذكرُونَ} يَقُول: لَعَلَّهُم يحذرون أَن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذَلِك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قد وضعت السِّلَاح وَمَا زلنا فِي طلب الْقَوْم فَاخْرُج فَإِن الله قد أذن لَك فِي قُرَيْظَة وَأنزل فيهم {وَإِمَّا تخافن من قوم خِيَانَة} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِمَّا تخافن من قوم خِيَانَة} قَالَ: قُرَيْظَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِمَّا تخافن من قوم خِيَانَة} الْآيَة قَالَ: من عَاهَدَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن خفت أَن يختانوك ويغدروا فتأتيهم فانبذ إِلَيْهِم على سَوَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تقَاتل عدوّك حَتَّى تنبذ إِلَيْهِم على سَوَاء {إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن سليم بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ بَين مُعَاوِيَة وَبَين الرّوم عهد وَكَانَ يسير حَتَّى يكون قَرِيبا من أَرضهم فَإِذا انْقَضتْ الْمدَّة أغار عَلَيْهِم فَجَاءَهُ عَمْرو بن عبسة فَقَالَ: الله أكبر وَفَاء لَا غدر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من كَانَ بَينه وَبَين قوم عهد فَلَا يشد عقدَة وَلَا يحلهَا حَتَّى يَنْقَضِي أمرهَا أَو ينْبذ إِلَيْهِم على سَوَاء قَالَ: فَرجع مُعَاوِيَة بالجيوش وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثَلَاثَة الْمُسلم وَالْكَافِر فِيهِنَّ سَوَاء من عاهدته فوفى بعهده مُسلما كَانَ أَو كَافِرًا فَإِنَّمَا الْعَهْد لله وَمن كَانَت بَيْنك وَبَينه رحم فصلها مُسلما كَانَ أَو كَافِرًا وَمن ائتمنك على أَمَانَة فأدها إِلَيْهِ مُسلما كَانَ أَو كَافِرًا الْآيَة 59

59

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّهُم لَا يعجزون} يَقُول: لَا يفوتونا

الْآيَة 60

60

أخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو يَعْقُوب اسحق بن إِبْرَاهِيم القراب فِي كتاب فضل الرَّمْي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَهُوَ على الْمِنْبَر وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة أَلا أَن الْقُوَّة الرَّمْي أَلا أَن القوّة الرَّمْي قَالَهَا ثَلَاثًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل} أَلا إِن القوّة الرَّمْي ثَلَاثًا إِن الأَرْض ستفتح لكم وتكفون الْمُؤْنَة فَلَا يعجزنَّ أحدكُم أَن يلهو باسهمه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة} قَالَ: أَلا أَن القوّة الرَّمْي وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا بَين الهدفين رَوْضَة من رياض الْجنَّة فتعلموا الرَّمْي فَإِنِّي سَمِعت الله تَعَالَى يَقُول {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قوّة} قَالَ: فالرمي من القوّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قوّة} قَالَ: الرَّمْي وَالسُّيُوف وَالسِّلَاح وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قوّة} قَالَ: أَمرهم بإعداد الْخَيل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل} قَالَ: القوّة ذُكُور الْخَيل والرباط الإِناث

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قوّة} قَالَ: القوّة ذُكُور الْخَيل ورباط الْخَيل الإِناث وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: القوّة الْفرس إِلَى السهْم فَمَا دونه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ترهبون بِهِ عدوّ الله وعدوّكم} قَالَ: تخزون بِهِ عَدو الله وَعَدُوكُمْ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي مر بِقوم وهم يرْمونَ فَقَالَ: رميا بني إِسْمَعِيل لقد كَانَ أبوكم رامياً وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم صَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله يدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد ثَلَاثَة نفر الْجنَّة صانعه الَّذِي يحْتَسب فِي صَنعته الْخَيْر وَالَّذِي يُجهز بِهِ فِي سَبِيل الله وَالَّذِي يَرْمِي بِهِ فِي سَبِيل الله وَقَالَ: ارموا واركبوا وان ترموا خير من أَن تركبوا وَقَالَ: كل شَيْء يلهو بِهِ ابْن آدم فَهُوَ بَاطِل إِلَّا ثَلَاثَة رمية عَن قوسه وتأديبه فرسه وملاعبته أَهله فَإِنَّهُنَّ من الْحق وَمن علم الرَّمْي ثمَّ تَركه فَهِيَ نعْمَة كفرها وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن حرَام بن مُعَاوِيَة قَالَ: كتب إِلَيْنَا عمر بن الْخطاب رَضِي اله عَنهُ أَن لَا يجاورنكم خِنْزِير وَلَا يرفع فِيكُم صَلِيب وَلَا تَأْكُلُوا على مائدة يشرب عَلَيْهَا الْخمر وأدبوا الْخَيل وامشوا بَين الْفرْقَتَيْنِ وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج النَّبِي وَقوم من أسلم يرْمونَ فَقَالَ ارموا بني اسمعيل فَإِن أَبَاكُم كَانَ راميا ارموا وَأَنا مَعَ ابْن الأدرع فَأمْسك الْقَوْم فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله من كنت مَعَه غلب قَالَ: ارموا وَأَنا مَعكُمْ كلكُمْ وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قوم من أسلم يتناضلون فِي السُّوق فَقَالَ ارموا يَا بني اسمعيل فَإِن أَبَاكُم كَانَ رامياً ارموا وَأَنا مَعَ بني فلَان - لَاحَدَّ الْفَرِيقَيْنِ - فأمسكوا بِأَيْدِيهِم فَقَالَ:

ارموا قَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ نرمي وَأَنت مَعَ بني فلَان قَالَ: ارموا وَأَنا مَعكُمْ كلكُمْ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن مُحَمَّد بن إِيَاس بن سَلمَة عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على نَاس ينتضلون فَقَالَ: حسن اللَّهُمَّ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ارموا وَأَنا مَعَ ابْن الأدرع فَأمْسك الْقَوْم قَالَ: ارموا وَأَنا مَعكُمْ جَمِيعًا فَلَقَد رموا عَامَّة يومهم ذَلِك ثمَّ تفَرقُوا على السوَاء مَا نضل بَعضهم بَعْضًا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم والقراب فِي فضل الرَّمْي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل شَيْء من لَهو الدُّنْيَا بَاطِل إِلَّا ثَلَاثَة انتضالك بقوسك وتأديبك فرسك وملاعبتك أهلك فَإِنَّهَا من الْحق وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: انتضلوا واركبوا وان تنتضلوا أحب إليَّ إِن الله ليدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد ثَلَاثَة الْجنَّة صانعه محتسباً والمعين بِهِ والرامي بِهِ فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ والقراب عَن أبي نجيح السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حاصرنا قصر الطَّائِف فَسمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله فَلهُ عدل مُحَرر قَالَ: فبلغت يَوْمئِذٍ سِتَّة عشر سَهْما وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم والقراب عَن عَمْرو بن عبسة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من رمى العدوّ بِسَهْم فَبلغ سَهْمه أَو أَخطَأ أَو أصَاب فَعدل رَقَبَة وَأخرج الْحَاكِم عَن عَبَّاس بن سهل بن سعد عَن أَبِيه قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أكثبوكم فارموا بِالنَّبلِ واستبقوا نبلكم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعد بن أبي وَقاص أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم أحد: أنبلوا سعد أرم يَا سعد رمى الله لَك فدَاك أبي وَأمي وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة بنت سعد رَضِي الله عَنْهَا عَن أَبِيهَا أَنه قَالَ: أَلا هَل أَتَى رَسُول الله أَنِّي حميت صَحَابَتِي بصدور نبلي وَأخرج الثَّقَفِيّ فِي فَوَائده عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تحضر الْمَلَائِكَة من اللَّهْو شَيْئا إِلَّا ثَلَاثَة لَهو الرجل مَعَ امْرَأَته وإجراء الْخَيل والنضال وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله الْمَلَائِكَة تشهد ثَلَاثًا الرَّمْي والرهان وملاعبة الرجل أَهله

وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة فِي كتاب الْخَيل عَن أبي الشعْثَاء جَابر بن يزِيد رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ارموا واركبوا الْخَيل وان ترموا أحب إليَّ كل لَهو لَهَا بة الْمُؤمن بَاطِل إِلَّا ثَلَاث خلال رميك عَن قوسك وتأديبك فرسك وملاعبتك أهلك فَإِنَّهُنَّ من الْحق وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَالْبَغوِيّ والبارودي وَالطَّبَرَانِيّ والقراب وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ والضياء عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: رَأَيْت جَابر بن عبد الله وَجَابِر بن عُمَيْر الْأنْصَارِيّ يرتميان فمل أَحدهمَا فَجَلَسَ فَقَالَ الآخر: كسلت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كل شَيْء لَيْسَ من ذكر الله فَهُوَ لَغْو وسهو إِلَّا أَربع خِصَال مشي الرجل بَين الغرضين وتأديب فرسه وملاعبته أَهله وَتَعْلِيم السباحة وَأخرج القراب عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد ثَلَاثَة الْجنَّة الرَّامِي والممد بِهِ والمحتسب لَهُ وَأخرج القراب عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كتب عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى الشَّام: أَيهَا النَّاس ارموا واركبوا وَالرَّمْي أحب إِلَيّ من الرّكُوب فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله يدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد الْجنَّة من عمله فِي سَبيله وَمن قوّي بِهِ فِي سَبِيل الله عز وَجل وَأخرج القراب عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نعم لَهو الْمُؤمن الرَّمْي وَمن ترك الرَّمْي بَعْدَمَا علمه فَهُوَ نعْمَة تَركهَا وَأخرج القراب عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا أترك الرَّمْي أبدا وَلَو كَانَت يَدي مَقْطُوعَة بعد شَيْء سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من تعلم الرَّمْي ثمَّ تَركه فقد عَصَانِي وَأخرج القراب عَن مَكْحُول يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كل لَهو بَاطِل إِلَّا ركُوب الْخَيل وَالرَّمْي وَلَهو الرجل مَعَ امْرَأَته فَعَلَيْكُم بركوب الْخَيل وَالرَّمْي وَالرَّمْي أحبهما إليَّ وَأخرج القراب من طَرِيق مَكْحُول عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اللَّهْو فِي ثَلَاث تأديبك فرسك ورميك بقوسك وملاعبتك أهلك وَأخرج القراب من طَرِيق مَكْحُول أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَى أهل الشَّام: أَن علمُوا أَوْلَادكُم السباحة والفروسية

وَأخرج القراب عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعجبهُ أَن يكون الرجل سابحاً رامياً وَأخرج القراب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله فَأصَاب أَو أَخطَأ أَو قصر فَكَأَنَّمَا أعتق رَقَبَة كَانَت فكاكاً لَهُ من النَّار وَأخرج القراب عَن أبي نجيح السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَضَرنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصر الطَّائِف فَسَمعته يَقُول من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله قصر أَو بلغ كَانَت لَهُ دَرَجَة فِي الْجنَّة وَأخرج القراب عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاتلُوا أهل الصقع فَمن بلغ مِنْهُم فَلهُ دَرَجَة فِي الْجنَّة قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا الدرجَة قَالَ: مَا بَين الدرجتين خَمْسمِائَة عَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والقراب عَن أبي عمْرَة الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله فَبلغ أَو قصر كَانَ السهْم نورا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحب اللَّهْو إِلَى الله إِجْرَاء الْخَيل وَالرَّمْي بِالنَّبلِ ولعبكم مَعَ أزواجكم وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: عَلَيْكُم بِالرَّمْي فَإِنَّهُ خير أَو من خير لهوكم وَأخرج أَبُو عوَانَة عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تعلمُوا الرَّمْي فَإِنَّهُ خير لعبكم وَأخرج الْبَزَّار عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على قوم وهم يرْمونَ فَقَالَ: ارموا بني اسمعيل فَإِن أَبَاكُم كَانَ رامياً وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من تعلم الرَّمْي ثمَّ نَسيَه فَهِيَ نعْمَة جَحدهَا وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تحضر الْمَلَائِكَة من لهوكم إِلَّا الرِّهَان والنضال وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد حسن عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

من رمى رمية فِي سَبِيل الله قصر أَو بلغ كَانَ لَهُ مثل أجر أَرْبَعَة أنَاس من ولد اسمعيل الْيَوْم وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله كَانَ لَهُ نور يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل لَهو يكره إِلَّا ملاعبة الرجل امْرَأَته ومشيه بَين الهدفين وتعليمه فرسه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الرَّمْي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي رَافع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حق الْوَلَد على الْوَالِد أَن يُعلمهُ الْكِتَابَة والسباحة وَالرَّمْي وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعلمُوا الرَّمْي فَإِن مَا بَين الهدفين رَوْضَة من رياض الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَشى بَين العرضين كَانَ لَهُ بِكُل خطْوَة حَسَنَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا على أحدكُم إِذا ألح بِهِ همه أَن يتقلد قوسه فينفي بهَا همه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علمُوا أبناءكم السباحة وَالرَّمْي وَالْمَرْأَة المغزل وَأخرج ابْن مَنْدَه فِي الْمعرفَة عَن بكر بن عبد الله بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علمُوا أبناءكم السباحة وَالرَّمْي وَالْمَرْأَة المغزل وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَمْرو بن عبسة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من شَاب شيبَة فِي الإِسلام كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة وَمن رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله كَانَ لَهُ عدل رَقَبَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من شَاب شيبَة فِي الإِسلام كَانَ لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة وَمن رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله أَخطَأ أَو أصَاب كَانَ لَهُ عدل رَقَبَة من ولد إِسْمَعِيل وَأخرج أَحْمد عَن مرّة بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من بلغ

الْعَدو بِسَهْم رَفعه الله بِهِ دَرَجَة بَين الدرجتين مائَة عَام وَمن رمى بِسَهْم فِي سَبِيل الله كَانَ كمن أعتق رَقَبَة وَأخرج الْخَطِيب عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله ليدْخل بِالسَّهْمِ الْوَاحِد الْجنَّة ثَلَاثَة صانعه محسباً صَنعته والرامي بِهِ والمقوي بِهِ وَأخرج الْوَاقِدِيّ عَن مُسلم بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول من ركب الْخَيل إِسْمَعِيل بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام وَإِنَّمَا كَانَت وحشاً لَا تطاق حَتَّى سخرت لَهُ وَأخرج الزبير بن بكار فِي الْأَنْسَاب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الْخَيل وحشاً لَا تطاق حَتَّى سخرت لَهُ وَأخرج الزبير بن بكار فِي الْأَنْسَاب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الْخَيل وحشاً لَا تركب فَأول من ركبهَا اسمعيل عَلَيْهِ السَّلَام فبذلك سميت العراب وَأخرج أَحْمد بن سُلَيْمَان والنجاد فِي جزئه الْمَشْهُور عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الْخَيل وحشاً كَسَائِر الوحوش فَلَمَّا أذن الله تَعَالَى لإِبراهيم واسمعيل بِرَفْع الْقَوَاعِد من الْبَيْت قَالَ الله عز وَجل: إِنِّي معطيكما كنزاً ادخرته لَكمَا ثمَّ أوحى الله إِلَى اسمعيل عَلَيْهِ السَّلَام: إِن أخرج فَادع بذلك الْكَنْز فَخرج اسمعيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى أجناد وَكَانَ موطناً مِنْهُ وَمَا يدْرِي مَا الدُّعَاء وَلَا الْكَنْز فألهمه الله الدُّعَاء فَلم يبْق على وَجه الأَرْض فرس إِلَّا أَجَابَتْهُ فأمكنته من نَوَاصِيهَا وذللها لَهُ فاركبوها واعدوها فَإِنَّهَا ميامين وَإِنَّهَا مِيرَاث أبيكم اسمعيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أَرَادَ الله أَن يخلق الْخَيل قَالَ للريح الْجنُوب: إِنِّي خَالق مِنْك خلقا فاجعله عزا لأوليائي ومذلة على أعدائي وجمالاً لأهل طَاعَتي فَقَالَت الرّيح: اخلق فَقبض مِنْهَا قَبْضَة فخلق فرسا فَقَالَ لَهُ: خلقتك عَرَبيا وَجعلت الْخَيْر معقوداً بناصيتك والغنائم مَجْمُوعَة على ظهرك عطفت عَلَيْك صَاحبك وجعلتك تطير بِلَا جنَاح فَأَنت للطلب وَأَنت للهرب وسأجعل على ظهرك رجَالًا يسبحوني ويحمدوني ويهللوني تسبحن إِذا سبحوا وتهللن إِذا هللوا وتكبرن إِذا كبروا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من تَسْبِيحَة أَو تَحْمِيدَة أَو تَكْبِيرَة يكبرها صَاحبهَا فتسمعه الا تجيبه بِمِثْلِهَا ثمَّ قَالَ: سَمِعت الْمَلَائِكَة

صَنْعَة الْفرس وعاينوا خلقهَا قَالَت: رب نَحن ملائكتك نسبحك ونحمدك فَمَاذَا لنا فخلق الله لَهَا خيلاً بلقاً أعناقها كأعناق البخت فَلَمَّا أرسل الله الْفرس إِلَى الأَرْض واستوت قدماه على الأَرْض صَهل فَقيل: بوركت من دَابَّة أذلّ بصهيلك الْمُشْركين أذلّ بِهِ أَعْنَاقهم وإملاء بِهِ آذانهم وارعب بِهِ قُلُوبهم فَلَمَّا عرض الله على آدم من كل شَيْء قَالَ لَهُ: اختر من خلقي مَا شِئْت فَاخْتَارَ الْفرس قَالَ لَهُ: اخْتَرْت لعزكَ وَعز ولدك خَالِدا مَا خلدوا وباقياً مَا بقوا بركتي عَلَيْك وَعَلَيْهِم مَا خلقت خلقا أحب إليّ مِنْك وَمِنْهُم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مثله سَوَاء وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل لثَلَاثَة لرجل أجر ولرجل ستر وعَلى رجل وزر فَأَما الَّذِي هِيَ لَهُ أجر فَرجل ربطها فِي سَبِيل الله فَأطَال لَهَا فِي مرج أَو رَوْضَة فَمَا أَصَابَت فِي طيلها ذَلِك من المرج أَو الرَّوْضَة كَانَ لَهُ حَسَنَات وَلَو أَنَّهَا قطعت طيلها فاستنت شرفاً أَو شرفين كَانَت آثارها وأرواثها حَسَنَات لَهُ وَلَو أَنَّهَا مرت بنهر فَشَرِبت مِنْهُ وَلم يرد أَن يسقيها كَانَ ذَلِك حَسَنَات لَهُ فَهِيَ لذَلِك أجر وَرجل ربطها تغَنِّيا ثمَّ لم ينس حق الله فِي رقابها وَلَا ظُهُورهَا فَهِيَ لذَلِك ستر وَرجل ربطها فخراً ورياء ونواء لأهل الإِسلام فَهِيَ على ذَلِك وزر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَالْخَيْل ثَلَاثَة خيل أجر وخيل وزر وخيل ستر فَأَما خيل ستر فَمن اتخذها تعففاً وتكرماً وتجملاً وَلم ينس حق بطونها وظهورها فِي عسره ويسره وَأما خيل الْأجر فَمن ارتبطها فِي سَبِيل الله فَإِنَّهَا لَا تغيب فِي بطونها شَيْئا إِلَّا كَانَ لَهُ أجر حَتَّى ذكر أرواثها وَأَبْوَالهَا وَلَا تعدو فِي وَاد شوطاً أَو شوطين إِلَّا كَانَ فِي مِيزَانه وَأما خيل الْوزر فَمن ارتبطها تبذخاً على النَّاس فَإِنَّهَا لَا تغيب فِي بطونها شَيْئا إِلَّا كَانَ وزر عَلَيْهِ حَتَّى ذكر أرواثها وَأَبْوَالهَا وَلَا تعدو فِي وَاد شوطاً أَو شوطين إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ وزر وَأخرج مَالك وَأحمد بن حَنْبَل وَالطَّيَالِسِي وَابْن شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عُرْوَة الْبَارِقي رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قيل: يَا رَسُول الله وَمَا ذَاك قَالَ: الْأجر وَالْغنيمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن جرير بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلوي نَاصِيَة فرسه باصبعه وَيَقُول: الْخَيْر مَعْقُود بنواصي الْخَيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَأَبُو مُسلم الْكشِّي فِي سنَنه عَن سَلمَة بن نفَيْل رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قيل: يَا رَسُول الله وَمَا ذَاك قَالَ: الْأجر وَالْغنيمَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والآجري فِي كتاب النَّصِيحَة عَن أبي كَبْشَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأَهْلهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا والمنفق عَلَيْهَا كالباسط يَده بِالصَّدَقَةِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سوَادَة بن الرّبيع الْجرْمِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمرنِي بذود وَقَالَ عَلَيْك بِالْخَيْلِ فَإِن الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيل فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر والمغنم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ونواصيها أذناها وأذنابها مذابها وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَابْن مَنْدَه فِي الصَّحَابَة عَن يزِيد بن عبد الله بن غَرِيب الْمليكِي عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر والنيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأَهْلهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا والمنفق عَلَيْهَا كباسط كفيه فِي الصَّدَقَة لَا يقبضهَا وَأَبْوَالهَا وأرواثها عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة كذكي الْمسك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أَسمَاء بنت يزِيد رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر أبدا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمن ربطها عدَّة فِي سَبِيل الله وَأنْفق عَلَيْهَا احتساباً فِي سَبِيل الله فَإِن شبعها وجوعها وريَّها وظمأها وَأَبْوَالهَا وأرواثها فلاح فِي مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة وَمن ربطها رِيَاء وَسُمْعَة وفخراً ومرحاً فَإِن شبعها وجوعها وريها وظمأها وأرواثها وَأَبْوَالهَا خسران فِي مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَبُو بكر بن عَاصِم فِي الْجِهَاد وَالْقَاضِي عمر بن الْحسن الاشناني فِي بعض

تَارِيخه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأَهْلهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا فَخُذُوا بنواصيها وَادعوا بِالْبركَةِ وقلدوها وَلَا تقلدوها إِلَّا وتار وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة فِي كتاب الْخَيل عَن زِيَاد بن مُسلم الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: الْخَيل ثَلَاثَة فَمن ارتبطها فِي سَبِيل الله وَجِهَاد عدوه كَانَ شبعها وجوعها وريها وعطشها وجريها وعرقها وأرواثها وَأَبْوَالهَا أجرا فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة وَمن ارتبطها للجمال فَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ذَاك وَمن ارتبطها فخراً ورياء كَانَ مثل نَص فِي الأول وزراً فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والآجري فِي الشَّرِيعَة والنصيحة عَن خباب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيل ثَلَاثَة: ففرس للرحمن وَفرس للإِنسان وَفرس للشَّيْطَان فَأَما فرس الرَّحْمَن فَمَا أعد فِي سَبِيل الله وقوتل عَلَيْهِ أَعدَاء الله وَأما فرس الإِنسان فَمَا استبطن وَيحمل عَلَيْهِ وَأما فرس الشَّيْطَان فَمَا قومر عَلَيْهِ وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن خباب مَوْقُوفا وَأخرج أَحْمد عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْخَيل ثَلَاثَة: فرس للرحمن وَفرس للإِنسان وَفرس للشَّيْطَان فَأَما فرس الرَّحْمَن فَالَّذِي يرتبط فِي سَبِيل الله فعلفه وروثه وبوله وَذكر مَا شَاءَ الله وَأما فرس الشَّيْطَان فَالَّذِي يقامر أَي يراهن عَلَيْهِ وَأما فرس الإِنسان فالفرس يرتبطها الإِنسان يلْتَمس بَطنهَا ستر من فقر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد من طَرِيق أبي عمر والشيباني رَضِي الله عَنهُ عَن رجل من الْأَنْصَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْخَيل ثَلَاثَة: فرس يربطه الرجل فِي سَبِيل الله فثمنه أجر وعاريته أجر وعلفه أجر وَفرس يعالق فِيهِ الرجل ويراهن فثمنه وزر وعلفه وزر وَفرس للبطنة فَعَسَى أَن يكون سدداً من الْفقر إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبركَة فِي نواصي الْخَيل وَأخرج النَّسَائِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ لم يكن شَيْء أحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد النِّسَاء من الْخَيل

وَأخرج ابْن سعد وَأحمد فِي الزّهْد عَن معقل بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَا كَانَ شي أحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْخَيل ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ غفرا إِلَّا النِّسَاء وَأخرج الدمياطي فِي كتاب الْخَيل عَن زيد بن ثَابت رضى الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من حبس فرسا فِي سَبِيل الله كَانَ ستْرَة من النَّار وَأخرج ابْن أبي عَاصِم فِي الْجِهَاد عَن يزِيد بن عبد الله بن غَرِيب الْمليكِي عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْخَيل وَأَبْوَالهَا وأرواثها كف من مسك الْجنَّة وَأخرج ابْن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُنفق على الْخَيل كباسط يَده بِالصَّدَقَةِ لَا يقبضهَا وَأَبْوَالهَا وأرواثها عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة كذكي الْمسك وَأخرج ابْن ماجة وَابْن أبي عَاصِم عَن تَمِيم الدَّارِيّ رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من ارْتبط فرسا فِي سَبِيل الله ثمَّ عالج علفه بِيَدِهِ كَانَ لَهُ بِكُل حَبَّة حَسَنَة وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي عَاصِم عَن تَمِيم رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من امرىء مُسلم ينقي لفرسه الشّعير ثمَّ يعلفه عَلَيْهِ الا كتب الله تَعَالَى لَهُ بِكُل حَبَّة حَسَنَة وَأخرج ابْن ماجة وَابْن أبي عَاصِم عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدْخل الْجنَّة سيء الملكة قَالُوا: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ أخبرتنا أَن هَذِه الْأمة أَكثر الْأُمَم مملوكين وأيامى قَالَ: بلَى فاكرموهم بكرامة أَوْلَادكُم واطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ قَالُوا: فَمَا ينفعنا فِي الدُّنْيَا قَالَ: فرس تربطه تقَاتل عَلَيْهِ فِي سَبِيل الله ومملوك يَكْفِيك فَإِذا كَفاك فَهُوَ أَخُوك وَأخرج أَبُو عبد الله الْحُسَيْن بن اسمعيل الْمحَامِلِي عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من رجل مُسلم إِلَّا حق عَلَيْهِ أَن يرتبط فرسا إِذا أطَاق ذَلِك وَأخرج ابْن أبي عَاصِم عَن سوَادَة بن الرّبيع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارتبطوا الْخَيل فَإِن الْخَيل فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر وَأخرج ابْن أبي عَاصِم عَن ابْن الحنظلية رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

يَقُول: من ارْتبط فرسا فِي سَبِيل الله كَانَت النَّفَقَة عَلَيْهِ كالمادِّ يَده بِصَدقَة لَا يقطعهَا وَأخرج أَبُو طَاهِر المخلص عَن ابْن الحنظلية رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وصاحبها يعان عَلَيْهَا والمنفق عَلَيْهَا كالباسط يَده بِالصَّدَقَةِ لَا يقبضهَا وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن أبي عَاصِم وَالْحَاكِم عَن ابْن الحنظلية رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمُنفق على الْخَيل فِي سَبِيل الله كباسط يَده بِالصَّدَقَةِ لَا يقبضهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من احْتبسَ فرسا فِي سَبِيل الله إِيمَانًا بِاللَّه وتصديق مَوْعُود الله كَانَ شبعه وريه وبوله حَسَنَات فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من فرس عَرَبِيّ إِلَّا يُؤذن لَهُ عِنْد كل سحر بدعوتين يَقُول: اللَّهُمَّ كَمَا خوّلتني من خوّلتني من بني آدم فَاجْعَلْنِي من أحب مَاله وَأَهله إِلَيْهِ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُسَمِّي الْأُنْثَى من الْخَيل فرسا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي كَبْشَة الْأَنمَارِي رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أطرق مُسلما فرسا فأعقب لَهُ الْفرس كتب الله لَهُ أجر سبعين فرسا يحمل عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله وَإِن لم تعقب لَهُ كَانَ لَهُ كَأَجر سبعين فرسا يحمل عَلَيْهِ فِي سَبِيل الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا تعاطى النَّاس بَينهم شَيْئا قطّ أفضل من الطّرق يطْرق الرجل فرسه فَيجْرِي لَهُ أجره ويطرق الرجل فَحله فَيجْرِي لَهُ أجره ويطرق الرجل كبشه فَيجْرِي لَهُ أجره وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة فِي كتاب الْخَيل عَن مُعَاوِيَة بن خديج رَضِي الله عَنهُ أَنه لما افتتحت مصر كَانَ لكل قوم مراغة يمرغون فِيهَا خيولهم فَمر مُعَاوِيَة بِأبي ذَر رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يمرغ فرسا لَهُ فَسلم عَلَيْهِ ووقف ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَر مَا هَذَا الْفرس قَالَ: فرس لي لَا أرَاهُ إِلَّا مستجاباً قَالَ: وَهل تَدْعُو الْخَيل وتجاب قَالَ: نعم لَيْسَ من لَيْلَة إِلَّا وَالْفرس يَدْعُو فِيهَا ربه فَيَقُول: رب إِنَّك سخرتني لِابْنِ آدم وَجعلت رِزْقِي

فِي يَده: اللَّهُمَّ فَاجْعَلْنِي أحب إِلَيْهِ من أَهله وَولده فَمِنْهَا المستجاب وَمِنْهَا غير المستجاب وَلَا أرى فرسي هَذَا إِلَّا مستجاباً وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ أصَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسلم فرسا من جدس حَيّ من الْيمن فَأعْطَاهُ رجلا من الْأَنْصَار وَقَالَ: إِذا نزلت فَأنْزل قَرِيبا مني فَإِنِّي أسار إِلَى صهيله فَفَقدهُ لَيْلَة فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا خصيناه فَقَالَ: مثلت بِهِ يَقُولهَا ثَلَاثًا الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة أعرافها ادفاؤها وأذنابها مذابها التمسوا نسلها وباهوا بصهيلها الْمُشْركين وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جز أَذْنَاب الْخَيل وأعرافها ونواصيها وَقَالَ أما أذنابها فمذابها وَأما أعرافها فادفاؤها وَأما نَوَاصِيهَا فَفِيهَا الْخَيْر وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تهلبوا أَذْنَاب الْخَيل وَلَا تجزوا أعرافها ونواصيها فَإِن الْبركَة فِي نَوَاصِيهَا ودفاؤها فِي أعرافها وأذنابها مذابها وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن عتبَة بن عبد الله السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تقصوا نواصي الْخَيل وَلَا معارفها وَلَا أذنابها فَأَما أذنابها مذابها ومعارفها ادفاؤها ونواصيها مَعْقُود فِيهَا الْخَيْر وَأخرج ابْن سعد عَن أبي وَاقد أَنه بلغه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ إِلَى فرسه فَمسح وَجهه بكم قَمِيصه فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أبقميصك قَالَ: إِن جِبْرِيل عَاتَبَنِي فِي الْخَيل وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة من طَرِيق يحيى بن سعيد عَن شيخ من الْأَنْصَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسح بِطرف رِدَائه وَجه فرسه وَقَالَ: إِنِّي عتبت اللَّيْلَة فِي اذلة الْخَيل وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة عَن عبد الله بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ مسح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجه فرسه بِثَوْبِهِ وَقَالَ: إِن جِبْرِيل بَات اللَّيْلَة يعاتبني فِي اذلة الْخَيل وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل عَن الْوَضِين بن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقودوا الْخَيل بنواصيها فتذلوها وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أكْرمُوا الْخَيل وجللوها

وَأخرج الْحسن بن عَرَفَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أبْصر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنْسَانا ضرب وَجه فرسه ولعنه فَقَالَ هَذِه مَعَ تِلْكَ إِلَّا أَن تقَاتل عَلَيْهِ فِي سَبِيل الله فَجعل الرجل يُقَاتل عَلَيْهِ وَيحمل إِلَى أَن كبر وَضعف وَجعل يَقُول: اشْهَدُوا اشْهَدُوا وَأخرج أَبُو نصر يُوسُف بن عمر القَاضِي فِي سنَنه عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى فِي عين الْفرس ربع ثمنه وَأخرج مُحَمَّد بن يَعْقُوب الخلي فِي كتاب الفروسية عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من لَيْلَة إِلَّا ينزل ملك من السَّمَاء يحبس عَن دَوَاب الْغُزَاة الكلال إِلَّا دَابَّة فِي عُنُقهَا جرس وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي وهب الْجُشَمِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ارتبطوا الْخَيل وامسحوا بنواصيها وأكنافها وقلدوها وَلَا تقلدوها الأوتار وَعَلَيْكُم بِكُل كميت أغر محجل أَو أشقر أغر محجل أَو أدهم أغر محجل وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يمن الْخَيل فِي شقرها وَأخرج الْوَاقِدِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير الْخَيل الشقر وَإِلَّا فالأدهم أغر محجل ثَلَاث طليق الْيُمْنَى وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيث رَفعه أَنه قَالَ التمسوا الْحَوَائِج على الْفرس الْكُمَيْت الأرثم المحجل الثَّلَاث الْمُطلق الْيَد الْيُمْنَى وَأخرج الْحسن بن عَرَفَة عَن مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي أُرِيد أَن أبتاع فرسا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله: عَلَيْك بِهِ كميتاً وأدهم أقراح ارثم محجل ثَلَاث طليق الْيُمْنَى وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة وَابْن أبي شيبَة عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن خير الْخَيل الحو وَأخرج ابْن عَرَفَة عَن نَافِع بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْيمن فِي الْخَيل فِي كل احوى احم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكره الشكال من الْخَيل

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خير الْخَيل الأدهم الأقرح المحجل الأرثم طلق الْيَد الْيُمْنَى فَإِن لم يكن ادهم فكميت على هَذِه النِّسْبَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أردْت أَن تغتزي فاشتري فرسا أدهم أغر محجلاً مُطلق الْيُمْنَى فَإنَّك تغنم وتسلم وَأخرج سعد والحرث بن أبي أُسَامَة وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن قَانِع فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مَنْدَه وَالرُّويَانِيّ فِي مُسْنده وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن يزِيد بن عبد الله بن عريب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي قَوْله {وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ} قَالَ: هم الْجِنّ وَلَا يخبل الشَّيْطَان إنْسَانا فِي دَاره فرس عَتيق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْهدى عَن أَبِيه عَمَّن حَدثهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم} قَالَ: هم الْجِنّ فَمن ارْتبط حصاناً من الْخَيل لم يَتَخَلَّل منزله شَيْطَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ} وَلنْ يخبل الشَّيْطَان إنْسَانا فِي دَاره فرس عَتيق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَآخَرين من دونهم} يَعْنِي الشَّيْطَان لَا يَسْتَطِيع نَاصِيَة فرس لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر فَلَا يستطيعه شَيْطَان أبدا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَآخَرين من دونهم} قَالَ: قُرَيْظَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل فِي قَوْله {وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم} قَالَ: يَعْنِي الْمُنَافِقين {الله يعلمهُمْ} يَقُول: الله يعلم مَا فِي قُلُوب الْمُنَافِقين من النِّفَاق الَّذِي يسرون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ} قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ لَا تَعْلَمُونَهُم لأَنهم مَعكُمْ يَقُولُونَ: لَا إِلَه إِلَّا الله ويغزون مَعكُمْ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَآخَرين من دونهم} قَالَ: أهل فَارس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَآخَرين من دونهم} قَالَ: قَالَ ابْن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ: هم الشَّيَاطِين الَّتِي فِي الدّور الْآيَة 61

61

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن جنحوا للسلم} قَالَ: قُرَيْظَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا} قَالَ: نزلت فِي بني قُرَيْظَة نسختها (فَلَا تهنوا وَتَدعُوا إِلَى السّلم ) (مُحَمَّد الْآيَة 35) إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي كَانَ يقْرَأ {وَإِن جنحوا للسلم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِن جنحوا للسلم} قَالَ: الطَّاعَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا} قَالَ: إِن رَضوا فارض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا} يَقُول: إِذا أَرَادوا الصُّلْح فأرده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ وَإِن جنحوا للسلم يَعْنِي بالخفض وَهُوَ الصُّلْح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُبشر بن عبيد رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ وَإِن جنحوا للسلم يَعْنِي بِفَتْح السِّين يَعْنِي الصُّلْح

وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا} قَالَ: نسختها هَذِه الْآيَة (قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر) (التَّوْبَة الْآيَة 29) إِلَى قَوْله (صاغرون) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن جنحوا للسلم} أَي الصُّلْح {فاجنح لَهَا} قَالَ: كَانَت قبل بَرَاءَة وَكَانَ النَّبِي يوادع النَّاس إِلَى أجل فإمَّا أَن يسلمُوا وَإِمَّا أَن يقاتلهم ثمَّ نسخ ذَلِك فِي بَرَاءَة فَقَالَ (اقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة 5) وَقَالَ: (قَاتلُوا الْمُشْركين كَافَّة) (التَّوْبَة الْآيَة 36) نبذ إِلَى كل ذِي عهد عَهده وَأمره أَن يقاتلهم حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله ويسلموا وَأَن لَا يقبلُوا مِنْهُم إِلَّا ذَلِك وكل عهد كَانَ فِي هَذِه السُّورَة وَغَيرهَا وكل صلح يُصَالح بِهِ الْمُسلمُونَ الْمُشْركين يتواعدون بِهِ فَإِن بَرَاءَة جَاءَت بنسخ ذَلِك فَأمر بقتالهم قبلهَا على كل حَال حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله الْآيَات 62 - 63

62

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأَن يُرِيدُوا أَن يخدعوك} قَالَ: قُرَيْظَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي أيدك بنصره وَبِالْمُؤْمِنِينَ} قَالَ: الْأَنْصَار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي أيدك بنصره وَبِالْمُؤْمِنِينَ} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي الْأَنْصَار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي أيدك بنصره وَبِالْمُؤْمِنِينَ} قَالَ: هم الْأَنْصَار

وَأخرج ابْن عساكرعن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَكْتُوب على الْعَرْش: لَا إِلَه إِلَّا أَنا وحدي لَا شريك لي مُحَمَّد عَبدِي ورسولي أيدته بعلي وَذَلِكَ قَوْله {هُوَ الَّذِي أيدك بنصره وَبِالْمُؤْمِنِينَ} وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الاخوان وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي المتحابين {لَو أنفقت مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مَا ألفت بَين قُلُوبهم وَلَكِن الله ألف بَينهم} وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَاللَّفْظ لَهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ قرَابَة الرَّحِم تقطع ومنة الْمُنعم تكفر وَلم نر مثل تقَارب الْقُلُوب يَقُول الله {لَو أنفقت مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مَا ألفت بَين قُلُوبهم وَلَكِن الله ألف بَينهم} وَذَلِكَ مَوْجُود فِي الشّعْر قَالَ الشَّاعِر: إِذا مت ذُو الْقُرْبَى إِلَيْك برحمه فغشك وَاسْتغْنى فَلَيْسَ بِذِي رحم وَلَكِن ذَا الْقُرْبَى الَّذِي ان دَعوته أجَاب: وَمن يَرْمِي العدوّ الَّذِي ترمي وَمن ذَلِك قَول الْقَائِل: وَلَقَد صَحِبت النَّاس ثمَّ خبرتهم وبلوت مَا وصلوا من الْأَسْبَاب فَإِذا الْقَرَابَة لَا تقرب قَاطعا وَإِذ المودّة أقرب الْأَسْبَاب قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَكَذَا وجدته مَوْصُولا بقول ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَلَا أَدْرِي قَوْله وَذَلِكَ مَوْجُود فِي الشّعْر من قَوْله أَو من قبل من قبله من الروَاة وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: النِّعْمَة تكفر وَالرحم يقطع وَإِن الله تَعَالَى إِذا قَارب بَين الْقُلُوب لم يزحزحها شَيْء ثمَّ تَلا {لَو أنفقت مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مَا ألفت بَين قُلُوبهم} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا لَقِي الرجل أَخَاهُ فصافحه تحاتت الذُّنُوب بَينهمَا كَمَا ينثر الرّيح الْوَرق فَقَالَ رجل: إِن هَذَا من الْعَمَل الْيَسِير فَقَالَ: ألم تسمع الله قَالَ {لَو أنفقت مَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مَا ألفت بَين قُلُوبهم وَلَكِن الله ألف بَينهم}

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كتب إِلَيّ قَتَادَة: إِن يكن الدَّهْر فرق بَيْننَا فَإِن ألفة الله الَّذِي ألف بَين الْمُسلمين قريب الْآيَة 64

64

وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما أسلم عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْمُشْركُونَ: قد انتصف الْقَوْم منا الْيَوْم وَأنزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أسلم مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِسْعَة وَثَلَاثُونَ رجلا وَامْرَأَة ثمَّ إِن عمر رَضِي الله عَنهُ أسلم فصاروا أَرْبَعِينَ فَنزل {يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير رَضِي اله عَنهُ قَالَ: لما أسلم مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ رجلا وست نسْوَة ثمَّ أسلم مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمرنزلت {يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسلم عمر رَضِي الله عَنهُ أنزل الله فِي إِسْلَامه {يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله} وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} قَالَ: فَقَالَ: نزلت فِي الْأَنْصَار وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} قَالَ: حَسبك الله وحسبك من اتبعك وَأخرج أَبُو مُحَمَّد اسمعيل بن عَليّ الحطبي فِي الأول من تحديثه من طَرِيق طَارق عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أسلمت رَابِع أَرْبَعِينَ فَنزلت {يَا أَيهَا النَّبِي حَسبك الله وَمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} وَأخرج عَن مُجَاهِد رَضِي اله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: يَقُول: حَسبك الله والمؤمنون الْآيَات 65 - 66

65

أخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق سُفْيَان بن عَمْرو بن دينارعن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ وَإِن يكن مِنْكُم مائَة يغلبوا ألفا} فَكتب عَلَيْهِم أَن لَا يفر وَاحِد من عشرَة وَأَن لَا يفر عشرُون من مِائَتَيْنِ ثمَّ نزلت {الْآن خفف الله عَنْكُم} الْآيَة فَكتب أَن لَا يفر مائَة من مِائَتَيْنِ قَالَ سُفْيَان: وَقَالَ ابْن شبْرمَة رَضِي الله عَنهُ: وَأرى الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر مثل هَذَا إِن كَانَا رجلَيْنِ أَمرهمَا وَإِن كَانَا ثَلَاثَة فَهُوَ فِي سَعَة من تَركهم وَأخرج البُخَارِيّ والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ} شقّ ذَلِك على الْمُسلمين حِين فرض عَلَيْهِم أَن لَا يفر وَاحِد من عشرَة فجَاء التَّخْفِيف {الْآن خفف الله عَنْكُم وَعلم أَن فِيكُم ضعفا فَإِن يكن مِنْكُم مائَة صابرة يغلبوا مِائَتَيْنِ} فَلَمَّا خفف الله عَنْهُم من الْعدة نقص من الصَّبْر بِقدر مَا خفف عَنْهُم وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: افْترض أَن يُقَاتل كل رجل عشرَة فثقل ذَلِك عَلَيْهِم وشق عَلَيْهِم فَوضع عَنْهُم ورد عَنْهُم إِلَى أَن يُقَاتل الرجل الرجلَيْن فَأنْزل الله فِي ذَلِك {أَن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ} إِلَى آخر الْآيَات

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: افْترض عَلَيْهِم أَن يُقَاتل كل رجل عشرَة فثقل ذَلِك عَلَيْهِم وشق عَلَيْهِم فَوضع عَنْهُم ورد عَنْهُم إِلَى أَن يُقَاتل الرجل الرجلَيْن فَأنْزل الله فِي ذَلِك {أَن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ} إِلَى آخر الْآيَات وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي حرض الْمُؤمنِينَ على الْقِتَال} ثقلت على الْمُسلمين فاعظموا أَن يُقَاتل عشرُون مِائَتَيْنِ وَمِائَة ألفا فَخفف الله عَنْهُم فنسخها بِالْآيَةِ الْأُخْرَى فَقَالَ {الْآن خفف الله عَنْكُم وَعلم أَن فِيكُم ضعفا} الْآيَة قَالَ: فَكَانُوا إِذا كَانُوا على الشّطْر من عدوهم لم يَنْبغ لَهُم أَن يَفروا مِنْهُم وَإِن كَانُوا دون ذَلِك لم يجب عَلَيْهِم قِتَالهمْ وَجَاز لَهُم أَن يتحرزوا عَنْهُم ثمَّ عَاتَبَهُمْ فِي الْأُسَارَى وَأخذ الْمَغَانِم وَلم يكن أحد قبله من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام يَأْكُل مغنماً من عدوّ هُوَ لله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ} الْآيَة قَالَ: فَفرض عَلَيْهِم أَن لَا يفر رجل من عشرَة وَلَا قوم من عشرَة أمثالهم فجهد النَّاس ذَلِك وشق عَلَيْهِم فَنزلت الْآيَة {الْآن خفف الله عَنْكُم} إِلَى قَوْله {أَلفَيْنِ} فَفرض عَلَيْهِم أَن لَا يفر رجل من رجلَيْنِ وَلَا قوم من مثليهم وَنقص من الصَّبْر بِقدر مَا تخفف عَنْهُم من الْعدة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن يكن مِنْكُم عشرُون} الْآيَة قَالَ: كَانَ يَوْم بدر جعل الله على الْمُسلمين أَن يُقَاتل الرجل الْوَاحِد مِنْهُم عشرَة من الْمُشْركين لقطع دابرهم فَلَمَّا هزم الله الْمُشْركين وَقطع دابرهم خفف على الْمُسلمين بعد ذَلِك فَنزلت {الْآن خفف الله عَنْكُم} يَعْنِي بعد قتال بدر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ} قَالَ: نزلت فِي أهل بدر شدد عَلَيْهِم فَجَاءَت الرُّخْصَة بعد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هَذَا لأَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر جعل الله كل رجل مِنْهُم يُقَاتل عشرَة من الْكفَّار فضجوا من ذَلِك فَجعل على كل رجل مِنْهُم قتال رجلَيْنِ تَخْفيف من الله عز وَجل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عُمَيْر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ} قَالَ: نزلت فِينَا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب وَابْن عدي وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {الْآن خفف الله عَنْكُم وَعلم أَن فِيكُم ضعفا} رفع

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي أَنه قَرَأَ {وَعلم أَن فِيكُم ضعفا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَ {وَعلم أَن فِيكُم ضعفا} وَقَرَأَ كل شَيْء فِي الْقُرْآن ضعف الْآيَات 67 - 69

67

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رَضِي اله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {أَن يكون لَهُ أسرى} وَأخرج أَحْمد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اسْتَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس فِي الْأُسَارَى يَوْم بدر فَقَالَ: إِن الله أمكنكم مِنْهُم فَقَامَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله اضْرِب أَعْنَاقهم فَأَعْرض عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله قد أمكنكم مِنْهُم وَإِنَّمَا هم إخْوَانكُمْ بالْأَمْس فَقَامَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله اضْرِب أَعْنَاقهم فَأَعْرض عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ عَاد فَقَالَ مثل ذَلِك فَقَامَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله نرى أَن تَعْفُو عَنْهُم وَأَن تقبل مِنْهُم الْفِدَاء فَعَفَا عَنْهُم وَقبل مِنْهُم الْفِدَاء فَنزل (لَوْلَا كتاب من الله سبق) (الْأَنْفَال الْآيَة 68) الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ اسْتَشَارَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله قد أَعْطَاك الظفر ونصرك عَلَيْهِم ففادهم فَيكون عوناً لأصحابك وَاسْتَشَارَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول اللهأضرب أَعْنَاقهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رحمكما الله مَا أشبهكما بِاثْنَيْنِ مضيا قبلكما: نوح وَإِبْرَاهِيم أما نوح فَقَالَ (رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين

ديارًا) (نوح الْآيَة 26) وَأما إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ يَقُول (رب من تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم) (إِبْرَاهِيم الْآيَة 36) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر جِيءَ بالأسارى فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله قَوْمك وَأهْلك اسْتَبْقِهِمْ لَعَلَّ الله أَن يَتُوب عَلَيْهِم وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله كَذبُوك وَأَخْرَجُوك وقاتلوك قدمهم فَأَضْرب أَعْنَاقهم وَقَالَ عبد الله بن رَوَاحَة رَضِي الله عَنهُ: أنظروا وَاديا كثير الْحَطب فاضرمه عَلَيْهِم نَارا فَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يسمع مَا يَقُول: قطعت رَحِمك فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يرد عَلَيْهِم شَيْئا فَقَالَ أنَاس: يَأْخُذ بقول أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ أنَاس: يَأْخُذ بقول عمر رَضِي الله عَنهُ فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن الله ليلين قُلُوب رجال حَتَّى تكون أَلين من اللَّبن وَإِن الله ليُشَدد قُلُوب رجال فِيهِ حَتَّى تكون أَشد من الْحِجَارَة مثلك يَا أَبَا بكر مثل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ (رب من تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم) (إِبْرَاهِيم الْآيَة 36) وَمثلك يَا أَبَا بكر مثل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ (إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وان تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم) وَمثلك يَا عمر كَمثل نوح عَلَيْهِ السَّلَام إِذْ قَالَ (رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا) (نوح الْآيَة 26) وَمثلك يَا عمر كَمثل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِذْ قَالَ (رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم وَاشْدُدْ على قُلُوبهم فَلَا يُؤمنُوا حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم) (يُونُس الْآيَة 88) أَنْتُم عَالَة فَلَا ينفلتن مِنْهُم أحد إِلَّا بِفِدَاء أَو ضرب عنق فَقَالَ عبد الله رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله الا سُهَيْل بن بَيْضَاء فَإِنِّي سمعته يذكر الْإِسْلَام فَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا رَأَيْتنِي فِي يَوْم أخوف من أَن تقع عليّ الْحِجَارَة مني فِي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِلَّا سُهَيْل بن بَيْضَاء فَأنْزل الله تَعَالَى {مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى حَتَّى يثخن فِي الأَرْض} إِلَى آخر الْآيَتَيْنِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فضل عمر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّاس بِأَرْبَع: بِذكرِهِ الاسارى يَوْم بدر فَأمر بِقَتْلِهِم فَأنْزل الله {لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم}

وبذكره الْحجاب أَمر نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت زَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا: وَإنَّك لَتَغَار علينا وَالْوَحي ينزل فِي بُيُوتنَا فَأنْزل الله (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب) (الْأَحْزَاب الْآيَة 53) ودعوة نَبِي الله اللَّهُمَّ أيد الإِسلام بعمر ورأيه فِي أبي بكر رَضِي عَنهُ كَانَ أول النَّاس بَايعه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ اسْتَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي أُسَارَى بدر فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله استبق قَوْمك وَخذ الْفِدَاء وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله اقتلهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو اجتمعتما مَا عصيتكما فَأنْزل الله {مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى} الْآيَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للأسارى يَوْم بدر إِن شِئْتُم فاقتلوهم وَإِن شِئْتُم فاديتم وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِالْفِدَاءِ وَاسْتشْهدَ مِنْكُم بِعدَّتِهِمْ فَكَانَ آخر السّبْعين ثَابت بن قيس رَضِي الله عَنهُ اسْتشْهد يَوْم الْيَمَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة عَن أبي عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على النَّبِي يَوْم بدر فَقَالَ: إِن رَبك يُخْبِرك إِن شِئْت أَن تقتل هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى وان شِئْت أَن تفادي بهم وَيقتل من أَصْحَابك مثلهم فَاسْتَشَارَ أَصْحَابه فَقَالُوا: نفاديهم فنقوى بهم وَيكرم الله بِالشَّهَادَةِ من يَشَاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما اسْتَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس من أُسَارَى بدر: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملكان من الْمَلَائِكَة أَحدهمَا أحلى من الشهد وَالْآخر أَمر من الصَّبْر ونبيان من الْأَنْبِيَاء أَحدهمَا أحلى على قومه من الشهد وَالْآخر أَمر على قومه من الصَّبْر فإمَّا النبيان فنوح قَالَ (رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا) (نوح الْآيَة 26) وَأما الآخر فإبراهيم إِذْ قَالَ (فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم) (إِبْرَاهِيم الْآيَة 36) وَأما الْملكَانِ فجبريل وَمِيكَائِيل هَذَا صَاحب الشدَّة وَهَذَا صَاحب اللين وَمثلهمَا فِي أمتِي أَبُو بكر وَعمر

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا: أَلا أخبركما بمثيلكما فِي الْمَلَائِكَة ومثليكما فِي الْأَنْبِيَاء مثلك يَا أَبَا بكر فِي الْمَلَائِكَة كَمثل مِيكَائِيل ينزل بِالرَّحْمَةِ وَمثلك فِي الْأَنْبِيَاء مثل إِبْرَاهِيم قَالَ (فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم) (إِبْرَاهِيم الْآيَة 36) وَمثلك يَا عمر فِي الْمَلَائِكَة مثل جِبْرِيل ينزل بالشدة والبأس والنقمة على أَعدَاء الله وَمثلك فِي الْأَنْبِيَاء مثل نوح قَالَ (رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا) (نوح الْآيَة 26) وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أَشَارَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: قَوْمك وعشيرتك فَخَل سبيلهم فَاسْتَشَارَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: اقتلهم ففاداهم رَسُول الله فَأنْزل الله {مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى} الْآيَة فلقي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: كَاد أَن يصيبنا فِي خِلافك شرا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لما أسر الْأُسَارَى يَوْم بدر أسر الْعَبَّاس فِيمَن أسر أسره رجل من الْأَنْصَار وَقد وعدته الْأَنْصَار أَن يقتلوه فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لم أنم اللَّيْلَة من أجل عمي الْعَبَّاس وَقد زعمت الْأَنْصَار أَنهم قَاتلُوهُ فَقَالَ لَهُ عمر: فآتيهم قَالَ: نعم فَأتى عمر رَضِي الله عَنهُ الْأَنْصَار فَقَالَ لَهُم: ارسلوا الْعَبَّاس فَقَالُوا: لَا وَالله لَا نرسله فَقَالَ لَهُم عمر رَضِي الله عَنهُ: فَإِن كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رضَا قَالُوا: فَإِن كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رضَا فَخذه فَأَخذه عمر رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا صَار فِي يَده قَالَ لَهُ: يَا عَبَّاس أسلم فوَاللَّه لِأَن تسلم أحب إِلَيّ من أَن يسلم الْخطاب وَمَا ذَاك إِلَّا لما رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعجبهُ إسلامك قَالَ: فَاسْتَشَارَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: عشيرتك فأرسلهم فَاسْتَشَارَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: اقتلهم ففاداهم رَسُول الله فَأنْزل الله {مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقتل يَوْم بدر صبرا إِلَّا ثَلَاثَة عقبَة بن أبي معيط وَالنضْر بن الْحَرْث وطعمة بن عدي وَكَانَ النَّضر أسره الْمِقْدَاد

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ اخْتلف النَّاس فِي أُسَارَى بدر فَاسْتَشَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فادهم وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: اقتلهم قَالَ قَائِل: أَرَادوا قتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهدم الإِسلام ويأمره أَبُو بكر بِالْفِدَاءِ وَقَالَ قَائِل: لَو كَانَ فيهم أَبُو عمر أَو أَخُوهُ مَا أمره بِقَتْلِهِم فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقول أبي بكر ففاداهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن كَاد ليمسنا فِي خلاف ابْن الْخطاب عَذَاب عَظِيم وَلَو نزل الْعَذَاب مَا أفلت إِلَّا عمر وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ يَوْم بدر تعجل النَّاس إِلَى الْغَنَائِم فأصابوها قبل أَن تحل لَهُم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْغَنِيمَة لَا تحل لأحد سود الرؤوس قبلكُمْ كَانَ النَّبِي وَأَصْحَابه إِذا غنموا جمعوها وَنزلت نَار من السَّمَاء فأهلكتها فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {لَوْلَا كتاب من الله سبق} إِلَى آخر الْآيَتَيْنِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَوْلَا كتاب من الله سبق} قَالَ: يَقُول لَوْلَا أَنه سبق فِي علمي أَنِّي سأحل الْمَغَانِم {لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم} قَالَ: وَكَانَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب يَقُول: أَعْطَانِي الله هَذِه الْآيَة (يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأُسَارَى) (الْأَنْفَال الْآيَة 70) وَأَعْطَانِي بِمَا أَخذ مني أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة أَرْبَعِينَ عبدا وَأخرج اسحق بن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم} يَعْنِي غَنَائِم بدر قبل أَن يحلهَا لَهُم يَقُول: لَوْلَا أَنِّي أعذب من عَصَانِي حَتَّى أتقدم إِلَيْهِ لمسكم عَذَاب عَظِيم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى} قَالَ: ذَلِك يَوْم بدر والمسلمون يَوْمئِذٍ قَلِيل فَلَمَّا كَثُرُوا وَاشْتَدَّ سلطانهم أنزل الله تَعَالَى

بعد هَذَا فِي الْأُسَارَى (فإمَّا منا وَإِمَّا فدَاء) (مُحَمَّد الْآيَة 4) فَجعل الله النَّبِي وَالْمُؤمنِينَ فِي أَمر الْأُسَارَى بِالْخِيَارِ إِن شَاءُوا قتلوهم وَإِن شَاءُوا استعبدوهم وَإِن شَاءُوا فادوهم وَفِي قَوْله {لَوْلَا كتاب من الله سبق} يَعْنِي فِي الْكتاب الأول أَن الْمَغَانِم وَالْأسَارَى حَلَال لكم {لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم} من الْأُسَارَى {عَذَاب عَظِيم فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُم حَلَالا طيبا} قَالَ: وَكَانَ الله تَعَالَى قد كتب فِي أم الْكتاب الْمَغَانِم وَالْأسَارَى حَلَالا لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمته وَلم يكن أحله لأمة قبلهم وَأخذُوا الْمَغَانِم وأسروا الْأُسَارَى قبل أَن ينزل إِلَيْهِم فِي ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {حَتَّى يثخن فِي الأَرْض} يَقُول: حَتَّى يظهروا على الأَرْض وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الإِثخان هُوَ الْقَتْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى حَتَّى يثخن فِي الأَرْض} قَالَ: نزلت الرُّخْصَة بعد إنْ شئتَ فمنّ وإنْ شئتَ ففاد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تُرِيدُونَ عرض الدُّنْيَا} قَالَ: أَرَادَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر الْفِدَاء ففادوهم بأَرْبعَة آلَاف أَرْبَعَة آلَاف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تُرِيدُونَ عرض الدُّنْيَا} يَعْنِي الْخراج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ أحد يعْمل عملا يُرِيد بِهِ وَجه الله يَأْخُذ عَلَيْهِ شَيْئا من عرض الدُّنْيَا إِلَّا كَانَ حَظه مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو لم يكن لنا ذنُوب نَخَاف على أَنْفُسنَا مِنْهَا إِلَّا حبنا للدنيا لخشينا على أَنْفُسنَا إِن الله يَقُول {تُرِيدُونَ عرض الدُّنْيَا وَالله يُرِيد الْآخِرَة} أريدوا مَا أَرَادَ الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَوْلَا كتاب من الله سبق} قَالَ: سبق لَهُم الْمَغْفِرَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَوْلَا كتاب من الله سبق} قَالَ: سبق لأهل بدر من السَّعَادَة {لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم} قَالَ: من الْفِدَاء {عَذَاب عَظِيم} وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {لَوْلَا كتاب من الله سبق} قَالَ: سبقت لَهُم من الله الرَّحْمَة قبل أَن يعملوا بالمعصية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن خَيْثَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سعد رَضِي الله عَنهُ جَالِسا ذَات يَوْم وَعِنْده نفر من أَصْحَابه إِذْ ذكر رجلا فنالوا مِنْهُ فَقَالَ: مهلا عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإنَّا أَذْنَبْنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَنبا فَأنْزل الله {لَوْلَا كتاب من الله سبق} قَالَ: فَكُنَّا نرى أَنَّهَا رَحْمَة من الله سبقت لنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَوْلَا كتاب من الله سبق} قَالَ: فِي أَنه لَا يعذب أحدا حَتَّى يبين لَهُ ويتقدم إِلَيْهِ وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضلت على الْأَنْبِيَاء بست: أَعْطَيْت جَوَامِع الْكَلم ونصرت بِالرُّعْبِ وَأحلت لي الْغَنَائِم وَجعلت لي الأَرْض طهُورا ومسجداً وَأرْسلت إِلَى الْخلق كَافَّة وَختم بِي النَّبِيُّونَ وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعْطَيْت خمْسا لم يعطهم أحد قبلي: بعثت إِلَى الْأَحْمَر وَالْأسود وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأحلت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لأحد كَانَ قبلي ونصرت بِالرُّعْبِ فيرعب العدوّ وَهُوَ مني مسيرَة شهر وَقَالَ لي: سل تعطه فاختبأت دَعْوَتِي شَفَاعَة لأمتي وَهِي نائلة مِنْكُم إِن شَاءَ الله من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا وَأحلت لأمتي الْغَنَائِم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لم تكن الْغَنَائِم تحل لأحد كَانَ قبلنَا فطيبها الله لنا لما علم الله من ضعفنا فَأنْزل الله فِيمَا سبق من كِتَابه إحلال الْغَنَائِم {لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم} فَقَالُوا: وَالله يَا رَسُول الله لَا نَأْخُذ لَهُم قَلِيلا وَلَا كثيرا حَتَّى نعلم أحلال هُوَ أم حرَام فطيبه الله لَهُم فَأنْزل الله تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُم حَلَالا طيبا وَاتَّقوا الله إِن الله غَفُور رَحِيم}

فَلَمَّا أحل الله لَهُم فداهم وَأَمْوَالهمْ قَالَ الْأُسَارَى: مَا لنا عِنْد الله من خير قد قتلنَا وأسرنا فَأنْزل الله يبشرهم (يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الْأُسَارَى) (الْأَنْفَال الْآيَة 70) إِلَى قَوْله (وَالله عليم حَكِيم) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت الْغَنَائِم قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْأُمَم إِذا أَصَابُوا مِنْهُ جَعَلُوهُ فِي القربان وَحرم الله عَلَيْهِم أَن يَأْكُلُوا مِنْهَا قَلِيلا أَو كثيرا حرم على كل نَبِي وعَلى أمته فَكَانُوا لَا يَأْكُلُون مِنْهُ وَلَا يغلون مِنْهُ وَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ قَلِيلا وَلَا كثيرا إِلَّا عذبهم الله عَلَيْهِ وَكَانَ الله حرمه عَلَيْهِم تَحْرِيمًا شَدِيدا فَلم يحله لنَبِيّ إِلَّا لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد كَانَ سبق من الله فِي قَضَائِهِ أَن الْمغنم لَهُ ولأمته حَلَال فَذَلِك قَوْله يَوْم بدر فِي أَخذه الْفِدَاء من الْأُسَارَى {لَوْلَا كتاب من الله سبق لمسكم فِيمَا أَخَذْتُم عَذَاب عَظِيم} وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لما رَغِبُوا فِي الْفِدَاء أنزلت {مَا كَانَ لنَبِيّ} إِلَى قَوْله {لَوْلَا كتاب من الله سبق} الْآيَة قَالَ: سبق من الله رَحمته لمن شهد بَدْرًا فَتَجَاوز الله عَنْهُم وأحلها لَهُم الْآيَة 70

70

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت لما بعث أهل مَكَّة فِي فدَاء أَسْرَاهُم بعثت زَيْنَب بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلادة لَهَا فِي فدَاء زَوجهَا فَلَمَّا رَآهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رق رقة شَدِيدَة وَقَالَ: إِن رَأَيْتُمْ أَن تطلقوا لَهَا أَسِيرهَا وَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: إِنِّي كنت مُسلما يَا رَسُول الله قَالَ: الله أعلم بِإِسْلَامِك فَإِن تكن كَمَا تَقول فَالله يجْزِيك فَافْدِ نَفسك وَابْني أخويك نَوْفَل بن الْحَارِث وَعقيل بن أبي طَالب وَحَلِيفك عتبَة بن عمر وَقَالَ: مَا ذَاك عِنْدِي يَا رَسُول الله قَالَ: فَأَيْنَ الَّذِي دفعت أَنْت وَأم الْفضل فَقلت لَهَا: إِن أصبت فَإِن هَذَا المَال لبني فَقَالَ: وَالله يَا رَسُول الله إِن هَذَا لشَيْء مَا علمه غَيْرِي وَغَيرهَا فَاحْسبْ لي مَا أصبْتُم مني عشْرين أُوقِيَّة من مَال كَانَ معي فَقَالَ: افْعَل ففدي نَفسه

وَابْني أَخَوَيْهِ وَحَلِيفه وَنزلت {قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا يُؤْتكُم خيرا مِمَّا أَخذ مِنْكُم} فَأَعْطَانِي مَكَان الْعشْرين أُوقِيَّة فِي الإِسلام عشْرين عبدا كلهم فِي يَده مَال نصرت بِهِ مَعَ مَا أَرْجُو من مغْفرَة الله وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مُوسَى أَن الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ رَضِي الله عَنهُ بعث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَالا أَكثر مِنْهُ فنثر على حَصِير جَاءَ النَّاس فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعطيهم وَمَا كَانَ يَوْمئِذٍ عدد وَلَا وزن فجَاء الْعَبَّاس فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أَعْطَيْت فدائي وَفِدَاء عقيل يَوْم بدر أَعْطِنِي من هَذَا المَال فَقَالَ: خُذ فَحثى فِي قَمِيصه ثمَّ ذهب ينْصَرف فَلم يسْتَطع فَرفع رَأسه وَقَالَ: يَا رَسُول الله أرفع عَليّ فَتَبَسَّمَ رَسُول الله وَهُوَ يَقُول: أما أَخذ مَا وعد الله فقد نجز وَلَا أَدْرِي الْأُخْرَى {قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا يُؤْتكُم خيرا مِمَّا أَخذ مِنْكُم وَيغْفر لكم} هَذَا خير مِمَّا أَخذ مني وَلَا أَدْرِي مَا يصنع فِي الْمَغْفِرَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أسر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر سبعين من قُرَيْش مِنْهُم الْعَبَّاس وَعقيل فَجعل عَلَيْهِم الْفِدَاء أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة من ذهب وَجعل على الْعَبَّاس مائَة أُوقِيَّة وعَلى عقيل ثَمَانِينَ أُوقِيَّة فَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: لقد تَرَكتنِي فَقير قُرَيْش مَا بقيت فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى} حِين ذكرت لرَسُول الله إسلامي وَسَأَلته أَن يقاسمني بالعشرين أُوقِيَّة الَّتِي أخذت مني فعوّضني الله مِنْهَا عشْرين عبدا كلهم تَاجر يضْرب بِمَالي مَعَ مَا أَرْجُو من رَحْمَة الله ومغفرته وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قد أسر يَوْم بدر فَافْتدى نَفسه بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة من ذهب فَقَالَ حِين نزلت {يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى} لقد أَعْطَانِي خَصْلَتَيْنِ مَا أحب أَن لي بهما الدُّنْيَا إِنِّي أسرت يَوْم بدر ففديت نَفسِي بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة فَأَعْطَانِي الله أَرْبَعِينَ عبدا وَإِنِّي أَرْجُو الْمَغْفِرَة الَّتِي وعدنا الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى} قَالَ: عَبَّاس وَأَصْحَابه قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آمنا بِمَا جِئْت بِهِ ونشهد أَنَّك رَسُول الله فَنزل {إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا} أَي إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا يخلف لكم

خيرا مِمَّا أصبت مِنْكُم وَيغْفر لكم الشّرك الَّذِي كُنْتُم عَلَيْهِ فَكَانَ عَبَّاس يَقُول: مَا أحب أَن هَذِه الْآيَة لم تنزل فِينَا وَإِن لي مَا فِي الدُّنْيَا من شَيْء فَلَقَد أَعْطَانِي الله خيرا مِمَّا أَخذ مني مائَة ضعف وَأَرْجُو أَن يكون غفر لي وَأخرج ابْن سعد وَابْن عساكرعن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي الْأُسَارَى يَوْم بدر مِنْهُم الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَنَوْفَل بن الْحَرْث وَعقيل بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم الْآيَة 71

71

أخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتك} إِن كَانَ قَوْلهم كذبا {فقد خانوا الله من قبل} فقد كفرُوا وقاتلوك فأمنك مِنْهُم الْآيَة 72

72

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله} قَالَ: إِن الْمُؤمنِينَ كَانُوا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ثَلَاث منَازِل مِنْهُم الْمُؤمن وَالْمُهَاجِر المباين لِقَوْمِهِ فِي الْهِجْرَة خرج إِلَى قوم مُؤمنين فِي دِيَارهمْ وعقارهم وَأَمْوَالهمْ وَفِي قَوْله {وَالَّذين آووا ونصروا} وأعلنوا مَا أعلن أهل الْهِجْرَة وشهروا السيوف على من كذب وَجحد فهذان مُؤْمِنَانِ جعل الله بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَفِي قَوْله {وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا}

قَالَ: كَانُوا يتوارثون بَينهم إِذا توفّي الْمُؤمن المُهَاجر بِالْولَايَةِ فِي الدّين وَكَانَ الَّذِي آمن وَلم يُهَاجر لَا يَرث من أجل أَنه لم يُهَاجر وَلم ينصر فبؤأ الله الْمُؤمنِينَ الْمُهَاجِرين من ميراثهم وَهِي الْولَايَة الَّتِي قَالَ الله {مَا لكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا وَإِن استنصروكم فِي الدّين فَعَلَيْكُم النَّصْر إِلَّا على قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} وَكَانَ حَقًا على الْمُؤمنِينَ الَّذين آووا ونصروا إِذا استنصروهم فِي الدّين أَن ينصروهم إِن قوتلوا إِلَّا أَن يستنصروا على قوم بَينهم وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِيثَاق وَلَا نصر لَهُم عَلَيْهِم إِلَّا على الْعَدو الَّذِي لَا مِيثَاق لَهُم ثمَّ أنزل الله تَعَالَى بعد ذَلِك: أَن ألحق كل ذِي رحم برحمه من الْمُؤمنِينَ الَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا فَجعل لكل إِنْسَان من الْمُؤمنِينَ نَصِيبا مَفْرُوضًا لقَوْله {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله إِن الله بِكُل شَيْء عليم} الْأَنْفَال الْآيَة 75 وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخى بَين الْمُسلمين من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فآخى بَين حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَبَين زيد بن حَارِثَة وَبَين عمر بن الْخطاب ومعاذ بن عفراء وَبَين الزبير بن العوّام وَعبد الله بن مَسْعُود وَبَين أبي بكر الصّديق وَطَلْحَة بن عبيد الله وَبَين عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن الرّبيع وَقَالَ لسَائِر أَصْحَابه: تآخوا وَهَذَا أخي - يَعْنِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: فَأَقَامَ الْمُسلمُونَ على ذَلِك حَتَّى نزلت سُورَة الْأَنْفَال وَكَانَ مِمَّا شدد الله بِهِ عقد نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول الله تَعَالَى {إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذين آووا ونصروا أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا} إِلَى قَوْله {لَهُم مغْفرَة ورزق كريم} فأحكم الله تَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَات العقد الَّذِي عقد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَصْحَابه من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار يتوارث الَّذين تآخوا دون من كَانَ مُقيما بِمَكَّة من ذَوي الْأَرْحَام والقرابات فَمَكثَ النَّاس على ذَلِك العقد مَا شَاءَ الله ثمَّ أنزل الله الْآيَة الْأُخْرَى فنسخت مَا كَانَ قبلهَا فَقَالَ {وَالَّذين آمنُوا من بعد وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا مَعكُمْ فَأُولَئِك مِنْكُم وأولو الْأَرْحَام} والقرابات وَرجع كل رجل إِلَى نسبه ورحمه وانقطعت تِلْكَ الوراثة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذين آووا ونصروا أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} يَعْنِي فِي الْمِيرَاث جعل الله الْمِيرَاث للمهاجرين

وَالْأَنْصَار دون الْأَرْحَام {وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مَا لكم من ولايتهم من شَيْء} مَا لكم من ميراثهم شَيْء {حَتَّى يهاجروا وَإِن استنصروكم فِي الدّين} يَعْنِي إِن استنصر الْأَعْرَاب الْمُسلمُونَ الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار على عَدو لَهُم فَعَلَيْهِم أَن ينصروهم {إِلَّا على قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} فَكَانُوا يعْملُونَ على ذَلِك حَتَّى أنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} فنسخت الَّتِي قبلهَا وَصَارَت الْمَوَارِيث لِذَوي الْأَرْحَام وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذين آووا ونصروا أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مَا لكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا} قَالَ: كَانَ المُهَاجر لَا يتَوَلَّى الْأَعرَابِي وَلَا يَرِثهُ وَهُوَ مُؤمن وَلَا يَرث الْأَعرَابِي المُهَاجر فنسختها هَذِه الْآيَة {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا} قَالَ: كَانَ الْأَعرَابِي لَا يَرث المُهَاجر وَلَا المُهَاجر يَرث الْأَعرَابِي حَتَّى فتحت مَكَّة وَدخل النَّاس فِي الدّين أَفْوَاجًا فَأنْزل الله {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مَا لكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فتوارثت الْمُسلمُونَ بِالْهِجْرَةِ فَكَانَ لَا يَرث الْأَعرَابِي الْمُسلم من المُهَاجر الْمُسلم شَيْئا حَتَّى نسخ ذَلِك بعد فِي سُورَة الْأَحْزَاب (وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين) فخلط الله بَعضهم بِبَعْض وَصَارَت الْمَوَارِيث بالملل وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بعث أَمِيرا على سَرِيَّة أَو جَيش أوصاه فِي خَاصَّة نَفسه بتقوى الله وبمن مَعَه من الْمُسلمين خيرا وَقَالَ: اغزوا فِي سَبِيل الله قَاتلُوا من كفر بِاللَّه إِذا لقِيت عدوّك من الْمُشْركين فادعهم إِلَى إِحْدَى ثَلَاث خِصَال فأيتهن مَا أجابوك فاقبل مِنْهُم وكف عَنْهُم ادعهم

إِلَى الإِسلام فَإِن أجابوك فَأقبل مِنْهُم ثمَّ ادعهم إِلَى التحوّل من دَارهم إِلَى دَار الْمُهَاجِرين واعلمهم إِن فعلوا ذَلِك أَن لَهُم مَا للمهاجرين وَعَلَيْهِم مَا على الْمُهَاجِرين فَإِن أَبَوا واختاروا دَارهم فاعلمهم أَنهم يكونُونَ كأعراب الْمُسلمين يجْرِي عَلَيْهِم حكم الله الَّذِي يجْرِي على الْمُؤمنِينَ وَلَا يكون لَهُم فِي الْفَيْء وَالْغنيمَة نصيب إِلَّا أَن يجاهدوا مَعَ الْمُسلمين فَإِن هم أَبَوا فادعهم إِلَى إِعْطَاء الْجِزْيَة فَإِن آتوا فَأقبل مِنْهُم وكف عَنْهُم فَإِن أَبَوا فَاسْتَعِنْ بِاللَّه ثمَّ قَاتلهم وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: جاهدوا الْمُشْركين بأموالكم وَأَنْفُسكُمْ وألسنتكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن استنصروكم فِي الدّين فَعَلَيْكُم النَّصْر إِلَّا على قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق} قَالَ: نهى الْمُسلمُونَ عَن أهل ميثاقهم فوَاللَّه لأخوك الْمُسلم أعظم عَلَيْك حُرْمَة وَحقا وَالله أعلم الْآيَات 73 - 74

73

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رجل من الْمُسلمين لنورثن ذَوي الْقُرْبَى منا من الْمُشْركين فَنزلت {وَالَّذين كفرُوا بَعضهم أَوْلِيَاء بعض إِلَّا تفعلوه تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد كَبِير} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالَّذين كفرُوا بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} قَالَ: نزلت فِي مَوَارِيث مُشْركي أهل الْعَرَب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالَّذين كفرُوا بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} يَعْنِي فِي الْمَوَارِيث {إِلَّا تفعلوه} يَقُول: أَن لَا تَأْخُذُوا فِي الْمَوَارِيث بِمَا أَمرتكُم بِهِ وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جرير بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُهَاجِرُونَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

والطلقاء من قُرَيْش والعتقاء من ثَقِيف بَعضهم أَوْلِيَاء بعض فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يتوارث أهل ملتين وَلَا يَرث مُسلم كَافِرًا وَلَا كَافِر مُسلما ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين كفرُوا بَعضهم أَوْلِيَاء بعض إِلَّا تفعلوه تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد كَبِير} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جَاءَكُم من ترْضونَ أَمَانَته وخلقه فانكحوه كَائِنا مَا كَانَ فَإِن لَا تفعلوه تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد كَبِير الْآيَة 75

75

أخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ ترك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس يَوْم توفّي على أَرْبَعَة منَازِل مُؤمن مهَاجر وَالْأَنْصَار وأعرابي مُؤمن لم يُهَاجر إِن استنصره النَّبِي نَصره وَإِن تَركه فَهُوَ إِذن لَهُ وَإِن استنصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَن ينصره وَذَلِكَ (استنصروكم فِي الدّين فَعَلَيْكُم النَّصْر) (الْأَنْفَال الْآيَة 72) وَالرَّابِعَة التَّابِعين بِإِحْسَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الزبير بن الْعَوام قَالَ: أنزل الله فِينَا خَاصَّة معشر قُرَيْش وَالْأَنْصَار {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض} وَذَلِكَ أَنا معشر قُرَيْش لما قدمنَا الْمَدِينَة قدمنَا وَلَا أَمْوَال لنا فَوَجَدنَا الْأَنْصَار نعم الإِخوان فواخيناهم وتوارثنا فآخى أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ خَارِجَة بن زيد وآخى عمر رَضِي الله عَنهُ فلَانا وآخى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ رجلا من بني زُرَيْق بن سعد الزرقي قَالَ الزبير: وواخيت أَنا كَعْب بن مَالك ووارثونا ووارثناهم فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد قيل لي قتل أَخُوك كَعْب بن مَالك فَجِئْته فانتقلته فَوجدت السِّلَاح قد ثقله فِيمَا نرى فوَاللَّه يَا بني لَو مَاتَ يَوْمئِذٍ عَن الدُّنْيَا مَا وَرثهُ غَيْرِي حَتَّى أنزل الله هَذِه الْآيَة فِينَا معشر قُرَيْش وَالْأَنْصَار خَاصَّة فرجعنا إِلَى مواريثنا

وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير أَنه كتب إِلَى شُرَيْح القَاضِي: إِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة أَن الرجل كَانَ يعاقد الرجل يَقُول: ترثني وأرثك فَنزلت {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} فَلَمَّا نزلت ترك ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قيل لَهُ: أَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ لَا يُورث الموَالِي دون الْأَرْحَام وَيَقُول: إِن ذَوي الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: هَيْهَات هَيْهَات أَيْن ذهب إِنَّمَا كَانَ الْمُهَاجِرُونَ يتوارثون دون الْأَعْرَاب فَنزلت {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} يَعْنِي أَنه يُورث الْمولى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} قَالَ: نسخت هَذِه الْآيَة مَا كَانَ قبلهَا من مَوَارِيث العقد وَالْحلف والمواريث بِالْهِجْرَةِ وَصَارَت لِذَوي الْأَرْحَام قَالَ: وَالِابْن أولى من الْأَخ وَالْأَخ أولى من الْأُخْت وَالْأُخْت أولى من ابْن الْأَخ وَابْن الْأَخ أولى من الْعم وَالْعم أولى من ابْن الْعم وَابْن الْعم أولى من الْخَال وَلَيْسَ للخال وَلَا الْعمة وَلَا الْخَالَة من الْمِيرَاث نصيب فِي قَول زيد وَكَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يُعْطي ثُلثي المَال للعمة وَالثلث للخالة إِذا لم يكن لَهُ وَارِث وَكَانَ عَليّ وَابْن مَسْعُود يردان مَا فضل من الْمِيرَاث على ذَوي الْأَرْحَام على قدر سُهْمَانهمْ غير الزَّوْج وَالْمَرْأَة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ لَا يَرث الْأَعرَابِي المُهَاجر حَتَّى أنزل الله {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: توارثت الْمُسلمُونَ لما قدمُوا الْمَدِينَة بِالْهِجْرَةِ ثمَّ نسخ ذَلِك فَقَالَ {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عنما قَالَ: آخى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أَصْحَابه وَورث بَعضهم من بعض حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} فتركوا ذَلِك وتوارثوا بِالنّسَبِ

(9) سُورَة التَّوْبَة (مَدَنِيَّة وآياتها تسع وَعِشْرُونَ وَمِائَة) مُقَدّمَة سُورَة التَّوْبَة أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت بَرَاءَة بعد فتح مَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة التَّوْبَة بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزل بِالْمَدِينَةِ سُورَة بَرَاءَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مِمَّا نزل فِي الْمَدِينَة بَرَاءَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قلت لعُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ: مَا حملكم أَن عمدتم إِلَى الْأَنْفَال وَهِي من المثاني وَإِلَى بَرَاءَة وَهِي من المئين فقرنتم بَينهمَا وَلم تكْتبُوا سطر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبع الطوَال مَا حملكم على ذَلِك فَقَالَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَان وَهُوَ ينزل عَلَيْهِ السُّور ذَوَات الْعدَد فَكَانَ إِذا نزل عَلَيْهِ الشَّيْء دَعَا بعض من كَانَ يكْتب فَيَقُول ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَات فِي السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَكَانَت الْأَنْفَال من أَوَائِل مَا نزل بِالْمَدِينَةِ وَكَانَت بَرَاءَة من آخر الْقُرْآن نزولا وَكَانَت قصَّتهَا شَبيهَة بِقِصَّتِهَا فظنت أَنَّهَا مِنْهَا فَقبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يبين لنا أَنَّهَا مِنْهَا فَمن أجل ذَلِك قرنت بيهما وَلم أكتب بَينهمَا سطر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ووضعتهما فِي السَّبع الطوَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَابْن الْمُنْذر والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: آخر آيَة نزلت (يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة) (النِّسَاء الْآيَة 176) وَآخر سُورَة نزلت تَامَّة بَرَاءَة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي رَجَاء قَالَ: سَأَلت الْحسن رَضِي الله عَنهُ عَن الْأَنْفَال وَبَرَاءَة أسورتان أَو سُورَة قَالَ: سورتان وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي روق قَالَ: الْأَنْفَال وَبَرَاءَة سُورَة وَاحِدَة وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت الْأَنْفَال وَبَرَاءَة يدعيان فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم القرينتين فَلذَلِك جعلتهما فِي السَّبع الطوَال وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد عَن عسعس بن سَلامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا بَال الْأَنْفَال وَبَرَاءَة لَيْسَ بَينهمَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ: كَانَت تنزل السُّورَة فَلَا تزَال تكْتب حَتَّى تنزل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَإِذا جَاءَت بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم كتبت سُورَة أُخْرَى فَنزلت الْأَنْفَال وَلم تكْتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُنَافِق لَا يحفظ سُورَة هود وَبَرَاءَة وَيس وَالدُّخَان وَعم يتسألون وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي عَطِيَّة الْهَمدَانِي قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: تعلمُوا سُورَة بَرَاءَة وَعَلمُوا نساءكم سُورَة النُّور وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الَّتِي تسمون سُورَة التَّوْبَة هِيَ سُورَة الْعَذَاب وَالله مَا تركت أحدا إِلَّا نَالَتْ مِنْهُ وَلَا تقرأون مِنْهَا مِمَّا كُنَّا نَقْرَأ إِلَّا ربعهَا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ فِي بَرَاءَة يسمونها سُورَة التَّوْبَة وَهِي سُورَة الْعَذَاب وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ فِي بَرَاءَة يسمونها سُورَة التَّوْبَة وَهِي سُورَة الْعَذَاب وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: سُورَة التَّوْبَة قَالَ: التَّوْبَة بل هِيَ الفاضحة مَا زَالَت تنزل وَمِنْهُم حَتَّى ظننا أَن لن يبْقى منا أحد إِلَّا ذكر فِيهَا

وَأخرج أَبُو عوَانَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قيل لَهُ: سُورَة التَّوْبَة قَالَ: هِيَ إِلَى الْعَذَاب أقرب مَا أقلعت عَن النَّاس حَتَّى مَا كَادَت تدع مِنْهُم أحدا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: مَا فرغ من تَنْزِيل بَرَاءَة حَتَّى ظننا أَنه لم يبْق منا أحد إِلَّا سينزل فِيهِ وَكَانَت تسمى الفاضحة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ لعبد الله: سُورَة التَّوْبَة فَقَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ: وأيتهن سُورَة التَّوْبَة فَقَالَ: بَرَاءَة فَقَالَ ابْن عمر: وَهل فعل بِالنَّاسِ الأفاعيل إِلَّا هِيَ مَا كُنَّا ندعوها إِلَّا المقشقشة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت بَرَاءَة تسمى المنقرة نقرت عَمَّا فِي قُلُوب الْمُشْركين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا تقرأون ثلثهَا يَعْنِي سُورَة التَّوْبَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يسمونها سُورَة التَّوْبَة وَإِنَّهَا لسورة عَذَاب يَعْنِي بَرَاءَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت بَرَاءَة تسمى فِي زمَان النَّبِي المعبرة لما كشفت من سرائر النَّاس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ دخلت الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فَجَلَست قَرِيبا من أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة بَرَاءَة فَقلت لأبي: مَتى نزلت هَذِه السُّورَة فَلم يكلمني قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاته قلت لأبي رَضِي الله عَنهُ: سَأَلتك فتجهمتني وَلم تكلمني فَقَالَ أبي: مَالك من صَلَاتك إِلَّا مَا لغوت فَذَهَبت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: صدق أبي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن أَبَا ذَر وَالزُّبَيْر بن الْعَوام رَضِي الله عَنْهُمَا سمع أَحدهمَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيَة يَقْرَأها وَهُوَ على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ لصَاحبه: مَتى أنزلت هَذِه الْآيَة فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ لَهُ عمر بن الْخطاب:

لَا جُمُعَة لَك فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ: صدق عمر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت سُورَة بَرَاءَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثت بمداراة النَّاس وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سَأَلت عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ لم لم تكْتب فِي بَرَاءَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ: لِأَن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَمَان وَبَرَاءَة نزلت بِالسَّيْفِ الْآيَات 1 - 2

التوبة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بَرَاءَة من الله وَرَسُوله إِلَى الَّذين عاهدتم من الْمُشْركين} إِلَى أهل الْعَهْد خُزَاعَة ومدلج وَمن كَانَ لَهُ عهد وَغَيرهم أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تَبُوك حِين فرغ مِنْهَا فَأَرَادَ الْحَج ثمَّ قَالَ إِنَّه يحضر الْبَيْت مشركون يطوفون عُرَاة فَلَا أحب أَن أحج حَتَّى لَا يكون ذَلِك فَأرْسل أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ وعليا رَضِي الله عَنهُ فَطَافَا فِي النَّاس بِذِي الْمجَاز وبأمكنتهم الَّتِي كَانُوا يبيعون بهَا وبالموسم كُله فآذانوا أَصْحَاب الْعَهْد أَن يأمنوا أَرْبَعَة أشهر وَهِي الْأَشْهر الْحرم المنسلخات المتواليات عشرُون من آخر ذِي الْحجَّة إِلَى عشر تَخْلُو من ربيع الأوّل ثمَّ عهد لَهُم وآذن النَّاس كلهم بِالْقِتَالِ إِلَى أَن يموتوا وَأخرج عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الْمسند وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما نزلت عشر آيَات من بَرَاءَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ لِيَقْرَأهَا على أهل مَكَّة ثمَّ دَعَاني فَقَالَ لي: أدْرك أَبَا بكر فَحَيْثُمَا لَقيته فَخذ الْكتاب مِنْهُ وَرجع أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله نزل فيّ شَيْء قَالَ: لَا وَلَكِن جِبْرِيل جَاءَنِي فَقَالَ: لن يُؤَدِّي عَنْك إِلَّا أَنْت أَو رجل مِنْك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس

رَضِي الله عَنهُ قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبَرَاءَة مَعَ أبي بكر رَضِي الله عَنهُ ثمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يبلغ هَذَا إِلَّا رجل من أَهلِي فَدَعَا عليا فَأعْطَاهُ إِيَّاه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ بِبَرَاءَة إِلَى أهل مَكَّة ثمَّ بعث عليا رَضِي الله عَنهُ على أَثَره فَأَخذهَا مِنْهُ فَكَأَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ وجد فِي نَفسه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا بكر أَنه لَا يُؤَدِّي عني إِلَّا أَنا أَو رجل مني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عليا رَضِي الله عَنهُ بِأَرْبَع لَا يَطُوفَن بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلَا يجْتَمع الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ بعد عَامهمْ وَمن كَانَ بَينه وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد فَهُوَ إِلَى عَهده وَإِن الله وَرَسُوله بَرِيء من الْمُشْركين وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ حِين بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عليا رَضِي الله عَنهُ بِأَرْبَع لَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلَا يجْتَمع الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ بعد عَامهمْ وَمن كَانَ بَينه وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد فَهُوَ إِلَى عَهده وَإِن الله وَرَسُوله بَرِيء من الْمُشْركين وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ حِين بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أهل مَكَّة بِبَرَاءَة فَكُنَّا ننادي أَنه لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا مُؤمن وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَمن كَانَ بَينه وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد فَإِن أمره أَو أَجله إِلَى أَرْبَعَة أشهر فَإِذا مَضَت الْأَرْبَعَة أشهر فَإِن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله وَلَا يحجّ هَذَا الْبَيْت بعد الْعَام مُشْرك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ أمره أَن يُؤذن بِبَرَاءَة فِي حجَّة أبي بكر فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: ثمَّ اتَّبعنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا رَضِي الله عَنهُ أمره أَن يُؤذن بِبَرَاءَة وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ على الْمَوْسِم كَمَا هُوَ أَو قَالَ: على هَيئته وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتعْمل أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ على الْحَج ثمَّ أرسل عليا رَضِي الله عَنهُ بِبَرَاءَة على أَثَره ثمَّ حج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمقبل ثمَّ خرج فَتوفي فولي أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَاسْتعْمل عمر رَضِي الله عَنهُ على الْحَج ثمَّ حج أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ من قَابل ثمَّ مَاتَ ثمَّ ولي عمر

رَضِي الله عَنهُ فَاسْتعْمل عبد الرَّحْمَن بن عَوْف على الْحَج ثمَّ كَانَ يحجّ بعد ذَلِك هُوَ حَتَّى مَاتَ ثمَّ ولي عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَاسْتعْمل عبد الرَّحْمَن بن عَوْف على الْحَج ثمَّ كَانَ يحجّ حَتَّى قتل وَأخرج ابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ يُؤَدِّي عَنهُ بَرَاءَة فَلَمَّا أرْسلهُ بعث إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا عَليّ إِنَّه لَا يُؤَدِّي عني إِلَّا أَنا أَو أَنْت فَحَمله على نَاقَته العضباء فَسَار حَتَّى لحق بِأبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَأخذ مِنْهُ بَرَاءَة فَأتى أَبُو بكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد دخله من ذَلِك مَخَافَة أَن يكون قد أنزل فِيهِ شَيْء فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ: مَا لي يَا رَسُول الله قَالَ خير أَنْت أخي وصاحبي فِي الْغَار وَأَنت معي على الْحَوْض غير أَنه لَا يبلغ عني غَيْرِي أَو رجل مني وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي رَافع رَضِي الله عَنهُ قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ بِبَرَاءَة إِلَى الْمَوْسِم فَأتى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: إِنَّه لن يُؤَدِّيهَا عَنْك إِلَّا أَنْت أَو رجل مِنْك فَبعث عليا رَضِي الله عَنهُ على أَثَره حَتَّى لحقه بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فَأَخذهَا فقرأها على النَّاس فِي الْمَوْسِم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ بَعَثَنِي أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فِي تِلْكَ الْحجَّة فِي مؤذنين بَعثهمْ يَوْم النَّحْر يُؤذنُونَ بمنى: أَن لَا يحجّ بعد هَذَا الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان ثمَّ أرْدف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَأمره أَن يُؤذن بِبَرَاءَة فَأذن مَعنا عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي أهل منى يَوْم النَّحْر بِبَرَاءَة: أَن لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ وَأمره أَن يُنَادي بهؤلاء الْكَلِمَات ثمَّ أتبعه عليا رَضِي الله عَنهُ وَأمره أَن يُنَادي بهَا فَانْطَلقَا فحجا فَقَامَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي أَيَّام التَّشْرِيق فَنَادَى {أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله فسيحوا فِي الأَرْض أَرْبَعَة أشهر} وَلَا يَحُجَّنَّ بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يَطُوفَن بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا مُؤمن فَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يُنَادي بهَا

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر والنحاس وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن زيد بن تبيع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلنَا عليا رَضِي الله عَنهُ بِأَيّ شَيْء بعثت مَعَ أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فِي الْحَج قَالَ: بعثت بِأَرْبَع لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مُؤمنَة وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلَا يجْتَمع مُؤمن وَكَافِر بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام بعد عَامه هَذَا وَمن كَانَ بَينه وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد فعهده إِلَى مدَّته وَمن لم يكن لَهُ عهد فَأَجله أَرْبَعَة أشهر وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه والدارمي وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي بعث أَبَا بكر على الْحَج ثمَّ أرسل عليا رَضِي الله عَنهُ بِبَرَاءَة فقرأها على النَّاس فِي موقف الْحَج حَتَّى خَتمهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر أَمِيرا على النَّاس سنة تسع وَكتب لَهُ سنَن الْحَج وَبعث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ بآيَات من بَرَاءَة فَأمره أَن يُؤذن بِمَكَّة وبمنى وعرفة والمشاعر كلهَا: بِأَنَّهُ بَرِئت ذمَّة رَسُول من كل مُشْرك حج هَذَا الْعَام أَو طَاف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَأجل من كَانَ بَينه وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد أَرْبَعَة أشهر وَسَار عَليّ رَضِي الله عَنهُ على رَاحِلَته فِي النَّاس كلهم يقْرَأ عَلَيْهِم الْقُرْآن {بَرَاءَة من الله وَرَسُوله} وَقَرَأَ عَلَيْهِم (يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد) (الْأَعْرَاف الْآيَة 31) الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْيمن بِبَرَاءَة فَقلت: يَا رَسُول الله تبعثني وَأَنا غُلَام حَدِيث السن واسأل عَن الْقَضَاء وَلَا أَدْرِي مَا أُجِيب قَالَ: مَا بُد من أَن تذْهب بهَا أَو أذهب بهَا قلت: إِن كَانَ لَا بُد فَأَنا أذهب قَالَ: انْطلق فَأن الله يثبت لسَانك وَيهْدِي قَلْبك ثمَّ قَالَ: انْطلق فاقرأها على النَّاس وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {بَرَاءَة من الله وَرَسُوله} الْآيَة قَالَ: حدَّ الله للَّذين عَاهَدُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة أشهر يسيحون فِيهَا حَيْثُ شاؤوا وحد أجل من لَيْسَ لَهُ عهد انسلاخ الْأَرْبَعَة الْأَشْهر

الْحرم من يَوْم النَّحْر إِلَى انسلاخ الْحرم خمسين لَيْلَة فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم أمره أَن يضع السَّيْف فِيمَن عَاهَدَ إِن لم يدخلُوا فِي الإِسلام وَنقض مَا سمى لَهُم من الْعَهْد والميثاق وَإِن ذهب الشَّرْط الأوّل (إِلَّا الَّذين عاهدتم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام) (التَّوْبَة الْآيَة 4) يَعْنِي أهل مَكَّة وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ لقوم عهود فَأمر الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يؤجلهم أَرْبَعَة أشهر يسيحون فِيهَا وَلَا عهد لَهُم بعْدهَا وأبطل مَا بعْدهَا وَكَانَ قوم لَا عهود لَهُم فأجلهم خمسين يَوْمًا عشْرين من ذِي الْحجَّة وَالْمحرم كُله فَذَلِك قَوْله (فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة 5) قَالَ: وَلم يعاهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذِه الْآيَة أحدا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {بَرَاءَة من الله وَرَسُوله} قَالَ: برِئ إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عهودهم كَمَا ذكر الله عزَّ وجلَّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والنحاس عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ {فسيحوا فِي الأَرْض أَرْبَعَة أشهر} قَالَ: نزلت فِي شوّال فَهِيَ الْأَرْبَعَة أشهر شوّال وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم الْآيَة 3

3

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأذان من الله وَرَسُوله} قَالَ: هُوَ إِعْلَام من الله وَرَسُوله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حَكِيم بن حميد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لي عَليّ بن الْحُسَيْن: أَن لعَلي فِي كتاب الله اسْما وَلَكِن لَا يعرفونه قلت: مَا هُوَ قَالَ: ألم تسمع قَول الله {وأذان من الله وَرَسُوله إِلَى النَّاس يَوْم الْحَج الْأَكْبَر} هُوَ وَالله الْأَذَان

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن يَوْم الْحَج الْأَكْبَر فَقَالَ يَوْم النَّحْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَوْم النَّحْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَربع حفظتهن عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الصَّلَاة الْوُسْطَى الْعَصْر وَإِن الْحَج الْأَكْبَر يَوْم النَّحْر وَإِن أدبار السُّجُود الركعتان بعد الْمغرب وَإِن أدبار النُّجُوم الركعتان قبل صَلَاة الْفجْر وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن الْأَحْوَص رَضِي الله عَنهُ أَنه شهد حجَّة الْوَدَاع مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَذكر وَوعظ قَالَ أَي يَوْم أحرم أَي يَوْم حرم أَي يَوْم حرم فَقَالَ النَّاس: يَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَا رَسُول الله وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن قرط قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعظم الْأَيَّام عِنْد الله أَيَّام النَّحْر يَوْم القر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن قَالَ يَوْم الْأَضْحَى هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر وَأخرج البُخَارِيّ تَعْلِيقا وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف يَوْم النَّحْر بَين الجمرات فِي الْحجَّة الَّتِي حَجهَا فَقَالَ: أَي يَوْم هَذَا قَالُوا: يَوْم النَّحْر قَالَ: هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فِيمَن يُؤذن يَوْم النَّحْر بمنى أَن لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَيَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَوْم النَّحْر وَالْحج الْأَكْبَر الْحَج وَإِنَّمَا قيل الْأَكْبَر من أجل قَول النَّاس الْحَج الْأَصْغَر فنبذ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى النَّاس فِي ذَلِك الْعَام فَلم يحجّ عَام حجَّة الْوَدَاع الَّذِي حج فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُشْرك وَأنزل الله تَعَالَى (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس) (التَّوْبَة الْآيَة 28) الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْحَج الْأَكْبَر يَوْم النَّحْر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة أَنه خطب يَوْم الْأَضْحَى فَقَالَ: الْيَوْم النَّحْر وَالْيَوْم الْحَج الْأَكْبَر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جُحَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْحَج الْأَكْبَر: يَوْم النَّحْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْحجر الْأَكْبَر: يَوْم النَّحْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْحَج الْأَكْبَر: يَوْم النَّحْر يوضع فِيهِ الشّعْر ويراق فِيهِ الدَّم وَتحل فِيهِ الْحرم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَوْم حج أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بِالنَّاسِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَوْم الْحَج الْأَكْبَر} قَالَ: كَانَ عَام حج فِيهِ الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ فِي ثَلَاثَة أَيَّام وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي ثَلَاثَة أَيَّام فاتفق حج الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي سِتَّة أَيَّام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت مُحَمَّد عَن يَوْم الْحَج الْأَكْبَر قَالَ: كَانَ يَوْم وَافق فِيهِ حج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحج أهل الْملَل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ زمن الْفَتْح: إِنَّه عَام الْحَج الْأَكْبَر قَالَ: اجْتمع حج الْمُسلمين وَحج الْمُشْركين فِي ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات فَاجْتمع حج الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين وَالنَّصَارَى وَالْيَهُود فِي ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات وَلم يجْتَمع مُنْذُ خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض كَذَلِك قبل الْعَام وَلَا يجْتَمع بعد الْعَام حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن الْحَج الْأَكْبَر فَقَالَ: مَا لكم وللحج الْأَكْبَر ذَاك عَام حج فِيهِ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ اسْتَخْلَفَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحج بِالنَّاسِ فَاجْتمع فِيهِ الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ فَلذَلِك سمي الْحَج الْأَكْبَر وَوَافَقَ عيد الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْحَج الْأَكْبَر الْيَوْم الثَّانِي من يَوْم النَّحْر ألم تَرَ أَن الإِمام يخْطب فِيهِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مردوية عَن الْمسور بن مخرمَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم عَرَفَة: هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْحَج الْأَكْبَر يَوْم عَرَفَة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الصَّهْبَاء الْبكْرِيّ قَالَ: سَأَلت عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ عَن يَوْم الْحَج الْأَكْبَر فَقَالَ: يَوْم عَرَفَة وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن يَوْم عَرَفَة يَوْم الْحَج الْأَكْبَر يَوْم المباهاة يباهي الله مَلَائكَته فِي السَّمَاء بِأَهْل الأَرْض يَقُول جاؤوني شعثاً غبرا آمنُوا بِي وَلم يروني وَعِزَّتِي لأغفرن لَهُم وَأخرج ابْن جرير عَن معقل بن دَاوُد قَالَ سَمِعت ابْن الزبير يَقُول يَوْم عَرَفَة هَذَا يَوْم الْحَج الْأَكْبَر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ أَنه سُئِلَ هَذَا الْحَج الْأَكْبَر فَمَا الْحَج الْأَصْغَر قَالَ: عمْرَة فِي رَمَضَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت عبد الله بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ عَن الْحَج الْأَكْبَر فَقَالَ: الْحَج الْأَكْبَر يَوْم النَّحْر وَالْحج الْأَصْغَر الْعمرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال: الْعمرَة هِيَ الْحجَّة الصُّغْرَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَبُو خيوة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله} قَالَ: برىء رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْوَقْف والابتداء وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن ابْن أبي مليكَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدم اعرابي فِي زمَان عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: من يُقرئني مَا أنزل الله على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاقرأه رجل فَقَالَ {أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله} بِالْجَرِّ فَقَالَ الْأَعرَابِي: أقد برِئ الله من رَسُوله إِن يكن الله برِئ من رَسُوله فَأَنا أَبْرَأ مِنْهُ فَبلغ عمر مقَالَة الْأَعرَابِي فَدَعَاهُ فَقَالَ: يَا أَعْرَابِي أَتَبرأ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي قدمت الْمَدِينَة

وَلَا علم لي بِالْقُرْآنِ فَسَأَلت من يُقْرِئُنِي فأقرأني هَذَا سُورَة بَرَاءَة فَقَالَ {أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله} فَقلت: إِن يكن الله برِئ من رَسُوله فَأَنا أَبْرَأ مِنْهُ فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: لَيْسَ هَكَذَا يَا أَعْرَابِي قَالَ: فَكيف هِيَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ {أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين ورسولُهُ} فَقَالَ الْأَعرَابِي: وَأَنا وَالله أَبْرَأ مِمَّا مَا برِئ الله وَرَسُوله مِنْهُ فَأمر عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن لَا يقرئ النَّاس إِلَّا عَالم باللغة وَأمر أَبَا الْأسود رَضِي الله عَنهُ فَوضع النَّحْو وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن عباد المهلبي قَالَ: سمع أَبُو الْأسود الدؤَلِي رجلا يقْرَأ {أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله} بِالْجَرِّ فَقَالَ: لَا أظنني يسعني إِلَّا أَن أَن أَضَع شَيْئا يصلح بِهِ لحن هَذَا أَو كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ أما قَوْله تَعَالَى: {وَبشر الَّذين كفرُوا بِعَذَاب أَلِيم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن مسْهر قَالَ: سُئِلَ سُفْيَان بن عَيْنِيَّة عَن الْبشَارَة أتكون فِي الْمَكْرُوه قَالَ: ألم تسمع قَوْله تَعَالَى {وَبشر الَّذين كفرُوا بِعَذَاب أَلِيم} الْآيَة 4

4

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين عاهدتم من الْمُشْركين} قَالَ: هم مشركو قُرَيْش الَّذين عاهدهم نَبِي الله زمن الْحُدَيْبِيَة وَكَانَ بَقِي من مدتهم أَرْبَعَة أشهر بعد يَوْم النَّحْر فَأمر الله نبيه أَن يُوفي لَهُم بعهدهم هَذَا إِلَى مدتهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين عاهدتم من الْمُشْركين} قَالَ: هم بَنو خُزَيْمَة بن عَامر من بني بكر بن كنَانَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ لم ينقصوكم شَيْئا} الْآيَة قَالَ: فَإِن نقض الْمُشْركُونَ عَهدهم وظاهروا عدوّاً فَلَا عهد لَهُم وَإِن أَوْفوا بعهدهم الَّذِي بَينهم وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يظاهروا عَلَيْهِ فقد أَمر أَن يُؤَدِّي إِلَيْهِم عَهدهم ويفي بِهِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَأتمُّوا إِلَيْهِم عَهدهم إِلَى مدتهم} قَالَ: كَانَ لبني مُدْلِج وخزاعة عهد فَهُوَ الَّذِي قَالَ الله {فَأتمُّوا إِلَيْهِم عَهدهم إِلَى مدتهم} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن اسدي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين عاهدتم من الْمُشْركين} قَالَ: هَؤُلَاءِ بَنو ضَمرَة وَبَنُو مُدْلِج حَيَّان من بني كنَانَة كَانُوا حلفاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة الْعسرَة من بني تبيع {ثمَّ لم ينقصوكم شَيْئا} ثمَّ لم ينقضوا عهدكم بغدر {وَلم يظاهروا} عدوّكم عَلَيْكُم {فَأتمُّوا إِلَيْهِم عَهدهم إِلَى مدتهم} يَقُول: أَجلهم الَّذِي شرطتم لَهُم {إِن الله يحب الْمُتَّقِينَ} يَقُول: الَّذين يَتَّقُونَ الله تَعَالَى فِيمَا حرم عَلَيْهِم فيفون بالعهد: قَالَ: فَلم يعاهد النَّبِي بعد هَؤُلَاءِ الْآيَات أحد الْآيَة 5

5

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم} قَالَ: هِيَ الْأَرْبَعَة عشرُون من ذِي الْحجَّة وَالْمحرم وصفر وَشهر ربيع الأول وَعِشْرُونَ من شهر ربيع الآخر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم} قَالَ: عشر من ذِي الْقعدَة وَذي الْحجَّة وَالْمحرم سَبْعُونَ لَيْلَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم} قَالَ: هِيَ الْأَرْبَعَة الَّتِي قَالَ (فسيحوا فِي الأَرْض أَرْبَعَة أشهر) (بَرَاءَة الْآيَة 2) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم} الْآيَة قَالَ: كَانَ عهد بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين قُرَيْش أَرْبَعَة أشهر بعد يَوْم النَّحْر كَانَت تِلْكَ بَقِيَّة مدتهم وَمن لَا عهد لَهُ إِلَى انسلاخ الْمحرم فَأمر الله نبيه

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مضى هَذِه الْأَجَل أَن يقاتلهم فِي الْحل وَالْحرم وَعند الْبَيْت حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل آيَة فِي كتاب الله تَعَالَى فِيهَا مِيثَاق بَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين أحد من الْمُشْركين وكل عهد وَمُدَّة نسخهَا سُورَة بَرَاءَة {وخذوهم واحصروهم واقعدوا لَهُم كل مرصد} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واحصروهم} قَالَ: ضيِّقوا عَلَيْهِم {واقعدوا لَهُم كل مرصد} قَالَ: لَا تتركوهم يضْربُونَ فِي الْبِلَاد وَلَا يخرجُون التِّجَارَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمرَان الْجونِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الرِّبَاط فِي كتاب الله تَعَالَى {واقعدوا لَهُم كل مرصد} وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} ثمَّ نسخ وَاسْتثنى فَقَالَ {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة فَخلوا سبيلهم} وَقَالَ (وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله) (التَّوْبَة الْآيَة 6) أما قَوْله تَعَالَى: {فَإِن تَابُوا} الْآيَة أخرج ابْن ماجة وَمُحَمّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق الرّبيع بن أنس عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فَارق الدُّنْيَا على الإِخلاص لله وعبادته وَحده لَا شريك لَهُ وَأقَام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة فَارقهَا وَالله عَنهُ رَاض قَالَ أنس رَضِي الله عَنهُ: وَهُوَ دين الله الَّذِي جَاءَت بِهِ الرُّسُل وبلغوه عَن رَبهم من قبل هوج الْأَحَادِيث وَاخْتِلَاف الْأَهْوَاء قَالَ أنس: وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله تَعَالَى فِي آخر مَا أنزل {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة فَخلوا سبيلهم} قَالَ: تَوْبَتهمْ خلع الْأَوْثَان وَعبادَة رَبهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} قَالَ: حرمت هَذِه دِمَاء أهل الْقبْلَة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة فَخلوا سبيلهم إِن الله غَفُور رَحِيم} قَالَ: فَإِنَّمَا النَّاس ثَلَاثَة نفر مُسلم عَلَيْهِ الزَّكَاة ومشرك عَلَيْهِ الْجِزْيَة وَصَاحب حَرْب يأتمن بتجارته إِذا أعْطى عشر مَاله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن مُصعب بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: افْتتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة ثمَّ انْصَرف إِلَى الطَّائِف فَحَاصَرَهُمْ ثَمَانِيَة أَو سَبْعَة ثمَّ ارتحل غدْوَة وروحة ثمَّ نزل ثمَّ هجر ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس إِنِّي لكم فرط وَإِنِّي أوصيكم بعترتي خيرا مَوْعدكُمْ الْحَوْض وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتقيمن الصَّلَاة ولتؤتن الزَّكَاة أَو لَأَبْعَثَن عَلَيْكُم رجلا مني أَو كنفسي فليضربن أَعْنَاق مقاتلهم وليسبين ذَرَارِيهمْ فَرَأى النَّاس أَنه يَعْنِي أَبَا بكر أَو عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَأخذ بيد عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: هَذَا وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن الرّبيع الظفري رَضِي الله عَنهُ - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة - قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رجل من أَشْجَع تُؤْخَذ صدقته فَجَاءَهُ الرَّسُول فَرده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اذْهَبْ فَإِن لم يُعْط صدقته فَاضْرب عُنُقه الْآيَات 6 - 7

6

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثمَّ أبلغه مأمنه} قَالَ: إِن لم يُوَافقهُ مَا يقْضِي عَلَيْهِ 7 ويجتريه فأبلغه مأمنه وَلَيْسَ هَذَا بمنسوخ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله} قَالَ: أَمر من أَرَادَ ذَلِك أَن يأمنه فَإِن قبل فَذَاك وَإِلَّا خلى عَنهُ حَتَّى يَأْتِي مأمنه وَأمر أَن ينْفق عَلَيْهِم على حَالهم ذَلِك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حَتَّى يسمع كَلَام الله} أَي كتاب الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثمَّ اسْتثْنى فنسخ مِنْهَا فَقَالَ

{وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله} وَهُوَ كلامك بِالْقُرْآنِ فَأَمنهُ {ثمَّ أبلغه مأمنه} يَقُول: حَتَّى يبلغ مأمنه من بِلَاده وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن أبي عرُوبَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الرجل يَجِيء إِذا سمع كَلَام الله وأقرَّ بِهِ وَأسلم فَذَاك الَّذِي دعِي إِلَيْهِ وَإِن أنكر وَلم يقر بِهِ فَرد إِلَى مأمنه ثمَّ نسخ ذَلِك فَقَالَ (وقاتلوا الْمُشْركين كَافَّة كَمَا يقاتلونكم كَافَّة) (التَّوْبَة الْآيَة 5) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين عاهدتم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام} قَالَ: قُرَيْش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين عاهدتم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام} قَالَ: هَؤُلَاءِ قُرَيْش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد عاهده النَّاس من الْمُشْركين وَعَاهد أَيْضا أُنَاسًا من بني ضَمرَة بن بكر وكنانة خَاصَّة عاهدهم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام وَجعل مدتهم أَرْبَعَة أشهر وهم الَّذين ذكر الله {إِلَّا الَّذين عاهدتم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام فَمَا استقاموا لكم فاستقيموا لَهُم} يَقُول: مَا وفوا لكم بالعهد فوفوا لَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين عاهدتم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام} قَالَ: هم بَنو خُزَيْمَة بن فلَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين عاهدتم عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام} قَالَ: هُوَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة {فَمَا استقاموا لكم فاستقيموا لَهُم} قَالَ: فَلم يستقيموا وَنَقَضُوا عهدكم أعانوا بني بكر حلفاء قُرَيْش على خُزَاعَة حلفاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَة 8

8

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ الأل الله عز وَجل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: الإِل: الله

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ {إلاًّ وَلَا ذمَّة} قَالَ: الإِل الْقَرَابَة والذمة الْعَهْد قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: جزى الله أَلا كَانَ بيني وَبينهمْ جَزَاء ظلوم لَا يُؤَخر عَاجلا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْوَقْف والابتداء عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَخْبرنِي عَن قَول الله تَعَالَى {لَا يرقبون فِي مُؤمن إلاًّ وَلَا ذمَّة} قَالَ: الرَّحِم وَقَالَ فِيهِ حسان بن ثَابت: لعمرك إِن غلك من قُرَيْش كال السقب من رال النعام وَأخرج الن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأَكْثَرهم فَاسِقُونَ} قَالَ: ذمّ الله تَعَالَى أَكثر النَّاس الْآيَات 9 - 10

9

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {اشْتَروا بآيَات الله ثمنا قَلِيلا} قَالَ: أَبُو سُفْيَان بن حَرْب اطعم حلفاءه وَترك حلفاء مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَة 11

11

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة فإخوانكم فِي الدّين} يَقُول: إِن تركُوا اللات والعزى وشهدوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله فاخوانكم فِي الدّين

الْآيَة 12

12

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن نكثوا أَيْمَانهم} قَالَ: عَهدهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِن نكثوا أَيْمَانهم من بعد عَهدهم} يَقُول الله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَإِن نكثوا الْعَهْد الَّذِي بَيْنك وَبينهمْ فقاتلوهم انهم أَئِمَّة الْكفْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَئِمَّة الْكفْر} قَالَ: أَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَأُميَّة بن خلف وَعتبَة بن ربيعَة وَأَبُو جهل بن هِشَام وَسُهيْل بن عَمْرو وهم الَّذين نكثوا عهد الله تَعَالَى وهمّوا باخراج الرَّسُول من مَكَّة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَقَاتلُوا أَئِمَّة الْكفْر} قَالَ: أَبُو سُفْيَان وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَقَاتلُوا أَئِمَّة الْكفْر} قَالَ: رُؤُوس قُرَيْش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَقَاتلُوا أَئِمَّة الْكفْر} قَالَ: أَبُو سُفْيَان بن حَرْب مِنْهُم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {فَقَاتلُوا أَئِمَّة الْكفْر} قَالَ: الديلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ أَنهم ذكرُوا عِنْده هَذِه الْآيَة فَقَالَ: مَا قوتل أهل هَذِه الْآيَة بعد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن وهب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَقَاتلُوا أَئِمَّة الْكفْر} قَالَ: كُنَّا عِنْد حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: مَا بَقِي من أَصْحَاب هَذِه الْآيَة إِلَّا ثَلَاثَة وَلَا من الْمُنَافِقين إِلَّا أَرْبَعَة فَقَالَ أَعْرَابِي: إِنَّكُم

أَصْحَاب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَمَّد تخبروننا بِأُمُور لَا نَدْرِي مَا هِيَ فَمَا بَال هَؤُلَاءِ الَّذين يبقرون بُيُوتنَا وَيَسْرِقُونَ اعلاقنا قَالَ: أُولَئِكَ الْفُسَّاق أجل لم يبْق مِنْهُم إِلَّا أَرْبَعَة أحدهم شيخ كَبِير لَو شرب المَاء الْبَارِد لما وجد برده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ فِي عهد أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فِي النَّاس حِين وجههم إِلَى الشَّام فَقَالَ: إِنَّكُم سَتَجِدُونَ قوما محلوقة رؤوسهم فاضربوا مقاعد الشَّيْطَان مِنْهُم بِالسُّيُوفِ فوَاللَّه لَئِن أقتل رجلا مِنْهُم أحب إِلَيّ من أَن أقتل سبعين من غَيرهم وَذَلِكَ بِأَن الله تَعَالَى يَقُول {فَقَاتلُوا أَئِمَّة الْكفْر} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ {لَا أَيْمَان لَهُم} قَالَ: لَا عهود لَهُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عمار رَضِي الله عَنهُ {لَا أَيْمَان لَهُم} لَا عهود لَهُم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَالله مَا قوتل أهل هَذِه الْآيَة مُنْذُ أنزلت {وَإِن نكثوا أَيْمَانهم من بعد عَهدهم} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن مُصعب بن سعد قَالَ: مرَّ سعد رَضِي الله عَنهُ بِرَجُل من الْخَوَارِج فَقَالَ الْخَارِجِي لسعد: هَذَا من أَئِمَّة الْكفْر فَقَالَ سعد رَضِي الله عَنهُ: كذبت أَنا قَاتَلت أئمته الْآيَات 13 - 15

13

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَلا تقاتلون قوما نكثوا أَيْمَانهم} قَالَ: قتال قُرَيْش حلفاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهمهم باخراج الرَّسُول

زَعَمُوا أَن ذَلِك عَام عمْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعَام السَّابِع للحديبية وَجعلُوا فِي أنفسهم إِذا دخلُوا مَكَّة أَن يخرجوه مِنْهَا فَذَلِك هَمهمْ باخراجه فَلم تتابعهم خُزَاعَة على ذَلِك فَلَمَّا خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة قَالَت قُرَيْش لخزاعة: عميتمونا عَن اخراجه فقاتلوهم فَقتلُوا مِنْهُم رجَالًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت فِي خُزَاعَة {قاتلوهم يعذبهم الله بِأَيْدِيكُمْ ويخزهم وينصركم عَلَيْهِم ويشف صُدُور قوم مُؤمنين} من خُزَاعَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويشف صُدُور قوم مُؤمنين} قَالَ: خُزَاعَة حلفاء رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويشف صُدُور قوم مُؤمنين} قَالَ: هم خُزَاعَة يشفي صُدُورهمْ من بني بكر {وَيذْهب غيظ قُلُوبهم} قَالَ: هَذَا حِين قَتلهمْ بَنو بكر وَأَعَانَهُمْ قُرَيْش وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَيذْهب غيظ قُلُوبهم} قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي خُزَاعَة حِين جعلُوا يقتلُون بني بكر بِمَكَّة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مَرْوَان بن الحكم والمسور بن خرمة قَالَا كَانَ فِي صلح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة بَينه وَبَين قُرَيْش: إِن من شَاءَ أَن يدْخل فِي عقد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَهده دخل فِيهِ وَمن شَاءَ أَن يدْخل فِي عهد قُرَيْش وعقدهم دخل فِيهِ فتواثبت خُزَاعَة فَقَالُوا: ندخل فِي عقد مُحَمَّد وَعَهده وتواثبت بَنو بكر فَقَالُوا: ندخل فِي عقد قُرَيْش وَعَهْدهمْ فَمَكَثُوا فِي تِلْكَ الْهُدْنَة نَحْو السَّبْعَة عشر أَو الثَّمَانِية عشر شهرا ثمَّ إِن بني بكر الَّذِي كَانُوا دخلُوا فِي عقد قُرَيْش وَعَهْدهمْ وَثبُوا على خُزَاعَة الَّذين دخلُوا فِي عقد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَهده لَيْلًا بِمَاء لَهُم يُقَال لَهُ الْوَتِير قريب من مَكَّة فَقَالَت قُرَيْش: مَا يعلم بِنَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا اللَّيْل وَمَا يَرَانَا أحد فاعانوهم عَلَيْهِم بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاح فقاتلوهم مَعَهم لِلضِّغْنِ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَركب عَمْرو بن سَالم عِنْدَمَا كَانَ من أَمر خُزَاعَة وَبني بكر بالْوَتِير حَتَّى قدم الْمَدِينَة على رَسُول الله بِأَبْيَات أنْشدهُ اياها: اللهمَّ إِنِّي نَاشد مُحَمَّدًا خلف أَبينَا وَأَبِيهِ إِلَّا تلدا كُنَّا والداً وَكنت ولدا ثَمَّتَ أسلمنَا وَلم ننزع يدا

فانصر رَسُول الله نصرا عندا وادعُ عباد الله يَأْتُوا مدَدا فيهم رَسُول الله قد تجردا إِن شِئْتُم حسنا فوجهه بدر بدا فِي فيلق كالبحر يجْرِي مزبدا ان قُريْشًا اخلفوك موعدا وَنَقَضُوا مِيثَاقك الْمُؤَكَّدَا وَزَعَمُوا أَن لَيْسَ تَدْعُو احدا فهم أذلّ وَأَقل عددا قد جعلُوا لي بِكدَاء رصدا هم بُيُوتنَا بالهجير هُجَّدا وَقَتَلُونَا ركَّعا وسجَّدا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نصرت يَا عَمْرو بن سَالم فَمَا برح حَتَّى مرت غمامة فِي السَّمَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن هَذِه السحابة لتشهد بنصر بني كَعْب وَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس بِالْجِهَادِ وكتمهم مخرجه وَسَأَلَ الله أَن يعمي على قُرَيْش خَبره حَتَّى يبغتهم فِي بِلَادهمْ الْآيَة 16

16

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أم حسبتم أَن تتركوا ولمَّا يعلم الله الَّذين جاهدوا مِنْكُم} قَالَ: أَبى أَن يدعهم دون التمحيص وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الوليجة: البطانة من غير دينهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وليجة} أَي حنانة الْآيَات 17 - 18

17

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ {مَا كَانَ للْمُشْرِكين أَن يعمروا مَسَاجِد الله} وَقَالَ {إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله من آمن بِاللَّه} فنفي الْمُشْركين من الْمَسْجِد يَقُول: من وحَّد الله وآمن بِمَا أنزل الله {وَأقَام الصَّلَاة} يَعْنِي الصَّلَوَات الْخمس {وَلم يخْش إِلَّا الله} يَقُول: لم يعبد إِلَّا الله {فَعَسَى أُولَئِكَ} يَقُول: أُولَئِكَ هم المهتدون كَقَوْلِه لنَبيه (عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا) (الْإِسْرَاء الْآيَة 79) يَقُول: إِن رَبك سيبعثك مقَاما مَحْمُودًا وَهِي الشَّفَاعَة وكل عَسى فِي الْقُرْآن فَهِيَ وَاجِبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ مَا كَانَ للْمُشْرِكين أَن يعمروا مَسْجِد الله قَالَ: إِنَّمَا هُوَ مَسْجِد وَاحِد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حَمَّاد قَالَ: سَمِعت عبد الله بن كثيِّر يقْرَأ هَذَا الْحُرُوف مَا كَانَ للْمُشْرِكين أَن يعمروا مَسْجِد الله إِنَّمَا يعمر مَسْجِد الله وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رَأَيْتُمْ الرجل يعْتَاد الْمَسْجِد فَاشْهَدُوا لَهُ بالإِيمان قَالَ الله {إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: من سمع النداء بِالصَّلَاةِ ثمَّ لم يجب وَيَأْتِي الْمَسْجِد وَيُصلي فَلَا صَلَاة لَهُ وَقد عصى الله وَرَسُوله قَالَ الله {إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله} الْآيَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله سُبْحَانَهُ يَقُول: إِنِّي لأهمُّ بِأَهْل الأَرْض عذَابا فَإِذا نظرت إِلَى عُمّار بيوتي والمتحابين فيّ والمستغفرين بالأسحار صرفت عَنْهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن معمر عَن رجل من قُرَيْش يرفع الحَدِيث قَالَ: يَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى إِن أحب عبَادي إليّ الَّذين يتحابون فيّ وَالَّذين يعمرون مساجدي وَالَّذين يَسْتَغْفِرُونَ بالأسحار أُولَئِكَ الَّذين إِذا أردْت بخلقي عذَابا ذكرتهم فصرفت عَذَابي عَن خلقي

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار وَحسنه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَنه كتب إِلَى سلمَان: يَا أخي ليكن الْمَسْجِد بَيْتك فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الْمَسْجِد بَيت كل تَقِيّ وَقد ضمن الله لمن كَانَت الْمَسَاجِد بُيُوتهم بِالروحِ والراحة وَالْجَوَاز إِلَى الصِّرَاط إِلَى رضوَان الرب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال: مَا زِيّ الْمُسلم إِلَّا فِي ثَلَاث: فِي مَسْجِد يعمره أَو بَيت يكنه أَو ابْتِغَاء رزق من فضل ربه وَأخرج أَبُو بكر عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن الْفرج الْهَاشِمِي فِي جزئه الْمَشْهُور بنسخة أبي مسْهر عَن أبي ادريس الْخَولَانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمَسَاجِد مجَالِس الْكِرَام وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن للمساجد أوتاد الْمَلَائِكَة جلساؤهم إِن غَابُوا يفتقدونهم وَإِن مرضوا عادوهم وَإِن كَانُوا فِي حَاجَة أَعَانُوهُم ثمَّ قَالَ: جليس الْمَسْجِد على ثَلَاث خِصَال أَخ مُسْتَفَاد أَو كلمة محكمَة أَو رَحْمَة منتظرة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن بيُوت الله فِي الأَرْض الْمَسَاجِد وَإِن حَقًا على الله أَن يكرم الزائر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَمْرو بن مَيْمُون الأودي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أخبرنَا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الْمَسَاجِد بيُوت الله فِي الأَرْض وَأَنه لحق على الله أَن يكرم من زَارَهُ فِيهَا وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عاهة من السَّمَاء أنزلت صرفت عَن عُمار الْمَسَاجِد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن للمساجد أوتاداً هم عُمارها وَإِن لَهُم جلساء من الْمَلَائِكَة تفتقدهم الْمَلَائِكَة إِذا غَابُوا فَإِن كَانُوا مرضى عادوهم وَإِن كَانُوا فِي حَاجَة أَعَانُوهُم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عدي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ألف الْمَسْجِد أَلفه الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحسن بن عَليّ رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت جدي رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من أدمن الِاخْتِلَاف إِلَى الْمَسْجِد أصَاب أَخا مستفاداً فِي الله وعلماً مستظرفاً وَكلمَة تَدعُوهُ إِلَى الْهدى وَكلمَة تصرفه عَن الردى وَيتْرك الذُّنُوب حَيَاء وخشية أَو نعْمَة أَو رَحْمَة منتظرة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من تَوَضَّأ فِي بَيته ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد فَهُوَ زائر الله وَحقّ على المزور أَن يكرم الزائر وَأخرجه ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن سلمَان مَوْقُوفا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي قَالَ بشر الْمَشَّائِينَ فِي ظلم اللَّيَالِي بِالنورِ التَّام يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من مَشى فِي ظلمَة اللَّيْل إِلَى الْمَسَاجِد آتَاهُ الله نورا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بشر المدلجين إِلَى الْمَسَاجِد فِي الظُّلم بمنابر من نور يَوْم الْقِيَامَة يفزع النَّاس وَلَا يفزعون وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الغدوّ والرواح إِلَى الْمَسْجِد من الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن مُغفل رضى الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نتحدث أَن الْمَسْجِد حصن حُصَيْن من الشَّيْطَان وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْمَسَاجِد بيُوت الله فِي الأَرْض تضيء لأهل السَّمَاء كَمَا تضيء نُجُوم السَّمَاء لأهل الأَرْض وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن عُمَيْر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بنى لله مَسْجِدا بنى الله لَهُ بَيْتا أوسع مِنْهُ فِي الْجنَّة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن بشر بن حَيَّان قَالَ: جَاءَ وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَضِي الله عَنهُ وَنحن نَبْنِي مَسْجِدنَا فَوقف علينا فَسلم ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من بنى مَسْجِدا يُصَلِّي فِيهِ بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة أفضل مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من بنى لله مَسْجِدا وَلَو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من بنى مَسْجِدا لَا يُرِيد بِهِ رِيَاء وَلَا سمعة بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بنى بَيْتا يعبد الله فِيهِ من مَال حَلَال بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة من در وَيَاقُوت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من بنى مَسْجِدا وَلَو كمفحص قطاة بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من بنى مَسْجِدا يذكر اسْم الله فِيهِ بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْنُوا الْمَسَاجِد واتخذوها حمى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أمرنَا أَن نَبْنِي الْمَسَاجِد جماً والمدائن شرفاً وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نهينَا أَن نصلي فِي مَسْجِد مشرف وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن شَقِيق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا كَانَت الْمَسَاجِد جماً وَإِنَّمَا شرف النَّاس حَدِيثا من الدَّهْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال: ليلأتين على النَّاس زمَان يبنون الْمَسَاجِد يتباهون بهَا وَلَا يعرفونها إِلَّا قَلِيلا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يزِيد بن الْأَصَم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أمرت بتشييد الْمَسَاجِد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لتزخرفن مَسَاجِدكُمْ كَمَا زخرفت الْيَهُود وَالنَّصَارَى مَسَاجِدهمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا زخرفتم مَسَاجِدكُمْ وحليتم مصاحفكم فالدمار عَلَيْكُم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من علق قِنْدِيلًا فِي مَسْجِد صلى عَلَيْهِ سَبْعُونَ ألف ملك واستغفر لَهُ مَا دَامَ ذَلِك الْقنْدِيل يقد وَأخرج سليم الرَّازِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

من أَسْرج فِي مَسْجِد سِرَاجًا لم تزل الْمَلَائِكَة وَحَملَة الْعَرْش يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ مَا دَامَ فِي ذَلِك الْمَسْجِد ضوؤه وَأخرج أَبُو بكر الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي رباعياته وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي قرصاصة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ابْنُوا الْمَسَاجِد وأخرجوا القمامة مِنْهَا وسمعته يَقُول: اخراج القمامة من الْمَسْجِد مُهُور الْحور الْعين وسمعته يَقُول: من بنى لله مَسْجِدا بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة فَقَالُوا: يَا رَسُول الله وَهَذِه الْمَسَاجِد الَّتِي تبنى فِي الطّرق فَقَالَ: وَهَذِه الْمَسَاجِد الَّتِي تبى فِي الطّرق وَأخرج أَحْمد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَرَرْت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَرِيق من طرق الْمَدِينَة فَرَأى فِيهِ قبَّة من لبن فَقَالَ: لمن هَذِه قلت: لفُلَان فَقَالَ: إِن كلَّ بِنَاء كلَّ على صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا مَا كَانَ من مَسْجِد ثمَّ مر فَلم يرهَا قَالَ: مَا فعلت الْقبَّة قلت: بلغ صَاحبهَا مَا قلت فَهَدمهَا فَقَالَ: رَحْمَة الله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَقُول الله إِنِّي لأهمّ بِعَذَاب أهل الأَرْض فَإِذا نظرت إِلَى جلساء الْقُرْآن وعمار الْمَسَاجِد وولدان الْإِسْلَام سكن غَضَبي الْآيَة 20

19

وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت عِنْد مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نفر من أَصْحَابه فَقَالَ رجل مِنْهُم مَا أُبَالِي ان لَا أعمل لله عملا بعد الإِسلام إِلَّا أَن أَسْقِي الْحَاج وَقَالَ آخر: بل عمَارَة الْمَسْجِد الْحَرَام وَقَالَ آخر: بل الْجِهَاد فِي سَبِيل الله خير مِمَّا قُلْتُمْ فزجرهم عمر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ: لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم عِنْد مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة - وَلَكِن إِذا صليتم الْجُمُعَة

دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأستفتيه فِيمَا اختلفتم فِيهِ فَانْزِل الله {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج} إِلَى قَوْله {وَالله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج} الْآيَة وَذَلِكَ أَن الْمُشْركين قَالُوا: عمَارَة بَيت الله وَقيام على السِّقَايَة خير مِمَّن آمن وجاهد فَكَانُوا يفخرون بِالْحرم ويستكبرون بِهِ من أجل أَنهم أَهله وعماره فَذكر الله استكبارهم واعراضهم فَقَالَ لأهل الْحرم من الْمُشْركين (قد كَانَت آياتي تتلى عَلَيْكُم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين بِهِ سامرا تهجرون) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 67) يَعْنِي أَنهم كَانُوا يَسْتَكْبِرُونَ بِالْحرم وَقَالَ (بِهِ سامراً) كَانُوا بِهِ يسمرون ويهجون بِالْقُرْآنِ وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخير الإِيمان بِاللَّه وَالْجهَاد مَعَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عمرَان الْمُشْركين الْبَيْت وقيامهم على السِّقَايَة وَلم يكن يَنْفَعهُمْ عِنْد الله تَعَالَى مَعَ الشّرك بِهِ وَإِن كَانُوا يعمرون بَيته ويخدمونه قَالَ الله {لَا يستوون عِنْد الله وَالله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} يَعْنِي الَّذين زَعَمُوا أَنهم أهل الْعِمَارَة فسماهم الله ظالمين بشركهم فَلم تغن عَنْهُم الْعِمَارَة شَيْئا وأخرح ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ حِين أسر يَوْم بدر: إِن كُنْتُم سبقتمونا بالإِسلام وَالْهجْرَة وَالْجهَاد لقد كنت نعمر الْمَسْجِد الْحَرَام ونسقي الْحَاج ونفك العاني فَأنْزل الله {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج} الْآيَة يَعْنِي أَن ذَلِك كَانَ فِي الشّرك فَلَا أقبل مَا كَانَ فِي الشّرك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج وَعمارَة الْمَسْجِد الْحَرَام} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب وَالْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج} فِي الْعَبَّاس وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا تكلما فِي ذَلِك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت بَين عَليّ وَالْعَبَّاس

رَضِي الله عَنْهُمَا مُنَازعَة فَقَالَ الْعَبَّاس لعَلي رَضِي الله عَنهُ: أَنا عَم النَّبِي وَأَنت ابْن عَمه وإلي سِقَايَة الْحَاج وَعمارَة الْمَسْجِد الْحَرَام فَأنْزل الله {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن قَالَ: نزلت فِي عَليّ وَالْعَبَّاس وَعُثْمَان وَشَيْبَة تكلمُوا فِي ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ للْعَبَّاس: لَو هَاجَرت إِلَى الْمَدِينَة قَالَ: أوَلست فِي أفضل من الْهِجْرَة أَلَسْت أَسْقِي الْحَاج وَأَعْمر الْمَسْجِد الْحَرَام فَنزلت هَذِه الْآيَة يَعْنِي قَوْله {أعظم دَرَجَة عِنْد الله} قَالَ: فَجعل الله للمدينة فضل دَرَجَة على مَكَّة وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن سِيرِين قَالَ: قدم على بن أبي طالبي رَضِي الله عَنهُ مَكَّة فَقَالَ للْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: أَي عَم الا تهَاجر أَلا تلْحق برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أعمر الْمَسْجِد الْحَرَام وأحجب الْبَيْت فَأنْزل الله {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج وَعمارَة الْمَسْجِد الْحَرَام} الْآيَة وَقَالَ لقوم قد سماهم: أَلا تُهَاجِرُونَ أَلا تَلْحَقُونَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: نُقِيم مَعَ اخواننا وَعَشَائِرنَا ومساكننا فَأنْزل الله تَعَالَى (قل إِن كَانَ آباؤكم) (التَّوْبَة الْآيَة 24) الْآيَة كلهَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: افتخر طَلْحَة بن شيبَة وَالْعَبَّاس وَعلي بن أبي طَالب فَقَالَ طَلْحَة: أَنا صَاحب الْبَيْت معي مفتاحه وَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: أَنا صَاحب السِّقَايَة والقائم عَلَيْهَا: فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: مَا أَدْرِي مَا تَقولُونَ: لقد صليت إِلَى الْقبْلَة قبل النَّاس وَأَنا صَاحب الْجِهَاد فَأنْزل الله {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج} الْآيَة كلهَا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أقبل الْمُسلمُونَ على الْعَبَّاس وَأَصْحَابه الَّذين أَسرُّوا يَوْم بدر يعيرونهم بالشرك فَقَالَ الْعَبَّاس: أما - وَالله - لقد كُنَّا نعمر الْمَسْجِد الْحَرَام ونفك العاني ونحجب الْبَيْت ونسقي الْحَاج فَانْزِل الله {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج} الْآيَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة وَابْن عَسَاكِر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ:

قعد الْعَبَّاس وَشَيْبَة صَاحب الْبَيْت يفتخران فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: أَنا أشرف مِنْك أَنا عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووصي أَبِيه وساقي الحجيج فَقَالَ شيبَة: أَنا أشرف مِنْك أَنا أَمِين الله على بَيته وخازنه أَفلا ائتمنك كَمَا ائتمنني فَاطلع عَلَيْهِمَا عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَأَخْبَرَاهُ بِمَا قَالَا فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: أَنا أشرف مِنْكُمَا أَنا أوّل من آمن وَهَاجَر: فَانْطَلقُوا ثَلَاثَتهمْ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخبروه فَمَا أجابهم بِشَيْء فانصرفوا فَنزل عَلَيْهِ الْوَحْي بعد أَيَّام فَأرْسل إِلَيْهِم فَقَرَأَ عَلَيْهِم {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج} إِلَى آخر الْعشْر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي حَمْزَة السَّعْدِيّ أَنه قَرَأَ {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج وَعمارَة الْمَسْجِد الْحَرَام} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج} قَالَ: أَرَادوا أَن يدعوا السِّقَايَة والحجابة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تدعوها فَإِن لكم فِيهَا خيرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن السَّائِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اشرب من سِقَايَة الْعَبَّاس فَإِنَّهَا من السّنة وَفِي لفظ ابْن أبي شيبَة: فَإِنَّهُ من تَمام الْحَج وَأخرج البُخَارِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ إِلَى السِّقَايَة فَاسْتَسْقَى فَقَالَ للْعَبَّاس: يَا فضل اذْهَبْ إِلَى أمك فَائت رَسُول الله بشراب من عِنْدهَا فَقَالَ: اسْقِنِي فَقَالَ: يَا رَسُول الله انهم يجْعَلُونَ أَيْديهم فِيهِ فَقَالَ: اسْقِنِي فَشرب مِنْهُ ثمَّ أَتَى زَمْزَم وهم يسقون ويعملون فِيهَا فَقَالَ: اعْمَلُوا فَإِنَّكُم على عمل صَالح لَوْلَا أَن تغلبُوا لنزلت حَتَّى أَضَع الْحَبل على هَذِه وَأَشَارَ إِلَى عَاتِقه وَأخرج أَحْمد عَن أبي مَحْذُورَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَذَان لنا ولموالينا والسقاية لنَبِيّ هَاشم والحجابة لبني عبد الدَّار وَأخرج ابْن سعد عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قلت للْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: سل لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا نَأْتِيك بِمَاء لم تمسه الْأَيْدِي قَالَ: بلَى فاسقوني فسقوه ثمَّ أَتَى زَمْزَم فَقَالَ: استقوا لي مِنْهَا دلواً فأخرجوا مِنْهَا دلواً فَمَضْمض مِنْهُ ثمَّ مجه فِيهِ ثمَّ قَالَ: أعيدوه ثمَّ قَالَ: إِنَّكُم على عمل صَالح ثمَّ قَالَ: لَوْلَا أَن تغلبُوا عَلَيْهِ لنزلت فنزعت مَعكُمْ

وَأخرج ابْن سعد عَن جَعْفَر بن تَمام قَالَ: جَاءَ جلّ إِلَى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ: أَرَأَيْت مَا تسقون النَّاس من نَبِيذ هَذَا الزَّبِيب أسنة تَبْغُونَهَا أم تَجِدُونَ هَذَا أَهْون عَلَيْكُم من البن وَالْعَسَل قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى الْعَبَّاس وَهُوَ يسْقِي النَّاس فَقَالَ اسْقِنِي فَدَعَا الْعَبَّاس بعساس من نَبِيذ فَتَنَاول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عساً مِنْهَا فَشرب ثمَّ قَالَ: أَحْسَنْتُم هَكَذَا فَاصْنَعُوا قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَمَا يسرني أَن سقايتها جرت عليَّ لَبَنًا وَعَسَلًا مَكَان قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَحْسَنْتُم هَكَذَا فافعلوا وَأخرج ابْن سعد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اشرب من سِقَايَة آل الْعَبَّاس فَإِنَّهَا من السّنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أجعلتم سِقَايَة الْحَاج} قَالَ: زَمْزَم وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف والأزرقي فِي تَارِيخ مَكَّة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول مَا ذكر من عبد الْمطلب جد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن قُريْشًا خرجت من الْحرم فارّة من أَصْحَاب الْفِيل وَهُوَ غُلَام شَاب فَقَالَ: وَالله لَا أخرج من حرم الله أَبْتَغِي الْعِزّ فِي غَيره فَجَلَسَ عِنْد الْبَيْت وأجلت عَنهُ قُرَيْش فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن الْمَرْء يمْنَع رَحْله فامنع رحالك لَا يغلبن صليبهم وضلالهم عَدو محالك فَلم يزل ثَابتا فِي الْحرم حَتَّى أهلك الله الْفِيل وَأَصْحَابه فَرَجَعت قُرَيْش وَقد عظم فِيهَا لِصَبْرِهِ وتعظيمه محارم الله فَبَيْنَمَا هُوَ فِي ذَلِك وَقد ولد لَهُ أكبر بنيه فَأدْرك - وَهُوَ الْحَارِث بن عبد الْمطلب - فَأتي عبد الْمطلب فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ: احْفِرْ زَمْزَم خبيئة الشَّيْخ الْأَعْظَم فَاسْتَيْقَظَ فَقَالَ: اللهمَّ بيِّن لي فَأتي فِي النام مرّة أُخْرَى فَقيل: احفرتكم بَين الفرث وَالدَّم فِي مَبْحَث الْغُرَاب فِي قَرْيَة النَّمْل مُسْتَقْبل الأنصاب الْحمر فَقَامَ عبد الْمطلب فَمشى حَتَّى جلس فِي الْمَسْجِد الْحَرَام ينْتَظر مَا سمي لَهُ من الْآيَات فنحرت بقرة بالجزورة فانفلتت من جازرها تَحْمِي نَفسهَا حَتَّى غلب عَلَيْهَا الْمَوْت فِي الْمَسْجِد فِي مَوضِع زَمْزَم فجزرت تِلْكَ الْبَقَرَة من مَكَانهَا حَتَّى احْتمل لَحمهَا فَأقبل غراب يهوي حَتَّى وَقع فِي الفرث فبحث عَن قَرْيَة النَّمْل فَقَامَ عبد الْمطلب فحفر هُنَاكَ فَجَاءَتْهُ قُرَيْش فَقَالَت لعبد الْمطلب: مَا هَذَا الصَّنِيع إِنَّمَا لم

نَكُنْ نرميك بِالْجَهْلِ لم تحفر فِي مَسْجِدنَا فَقَالَ عبد الْمطلب: إِنِّي لحافر هَذَا الْبِئْر وَمُجاهد من صدني عَنْهَا فَطَفِقَ هُوَ وَولده الْحَارِث وَلَيْسَ لَهُ ولد يَوْمئِذٍ غَيره فسفه عَلَيْهِمَا يَوْمئِذٍ نَاس من قُرَيْش فنازعوهما وقاتلوهما وتناهى عَنهُ نَاس من قُرَيْش لما يعلمُونَ من عتق نسبه وَصدقه واجتهاده فِي دينهم حَتَّى إِذا أمكن الْحفر وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَذَى نذر أَن وَفِي لَهُ عشرَة من الْولدَان ينْحَر أحدهم ثمَّ حفر حَتَّى أدْرك سيوفاً دفنت فِي زَمْزَم حِين دفنت فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْش أَنه قد أدْرك السيوف قَالُوا: يَا عبد الْمطلب أجدنا مِمَّا وجدت فَقَالَ عبد الْمطلب: هَذِه السيوف لبيت الله فحفر حَتَّى انبط المَاء فِي التُّرَاب وفجرها حَتَّى لَا تنزف وَبنى عَلَيْهَا حوضاً فَطَفِقَ هُوَ وَابْنه ينزعان فيملآن ذَلِك الْحَوْض فيشربه الْحَاج فيكسره أنَاس حسدة من قُرَيْش فَيُصْلِحهُ عبد الْمطلب حِين يصبح فَلَمَّا أَكْثرُوا فَسَاده دَعَا عبد الْمطلب ربه فأريَ فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ: قل اللهمَّ لَا أحلهَا المغتسل وَلَكِن هِيَ للشاربين حل وبل ثمَّ كفيتهم فَقَامَ عبد الْمطلب حِين اخْتلفت قُرَيْش فِي الْمَسْجِد فَنَادَى بِالَّذِي أرى ثمَّ انْصَرف فَلم يكن يفْسد حَوْضه ذَلِك عَلَيْهِ أحد من قُرَيْش إِلَّا رمى فِي جسده بداء حَتَّى تركُوا حَوْضه وسقايته ثمَّ تزوّج عبد الْمطلب النِّسَاء فولد لَهُ عشرَة رَهْط فَقَالَ: اللهمَّ إِنِّي كنت نذرت لَك نحر أحدهم وَإِنِّي أَقرع بَينهم فأصيب بذلك من شِئْت فأقرع بَينهم فطارت الْقرعَة على عبد الله وَكَانَ أحب وَلَده إِلَيْهِ فَقَالَ عبد الْمطلب: اللَّهُمَّ هُوَ أحب إِلَيْك أم مائَة من الابل ثمَّ أَقرع بَينه وَبَين الْمِائَة من الإِبل فطارت الْقرعَة على الْمِائَة من الإِبل فنحرها عبد الْمطلب وَأخرج الْأَزْرَقِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ عبد الْمطلب: إِنِّي لنائم فِي الْحجر إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَالَ: أحفر طيبَة قلت: وَمَا طيبَة فَذهب عني فَلَمَّا كَانَ من الْغَد رجعت إِلَى مضجعي فَنمت بِهِ فَجَاءَنِي فَقَالَ: احْفِرْ زَمْزَم فَقلت: وَمَا زَمْزَم قَالَ: لَا تنزف وَلَا تذم تَسْقِي الحجيج الْأَعْظَم عِنْد قَرْيَة النَّمْل قَالَ: فَلَمَّا أبان لَهُ شَأْنهَا وَدلّ على موضعهَا وَعرف أَن قد صدق غَدا بمعول وَمَعَهُ ابْنه الْحَارِث لَيْسَ لَهُ يَوْمئِذٍ غَيره فحفر فَلَمَّا بدا لعبد الْمطلب الطي كبر فَعرفت قُرَيْش أَنه قد أدْرك حَاجته فَقَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: يَا عبد الْمطلب إِنَّهَا بِئْر إِسْمَعِيل وَإِن لنا فِيهَا حَقًا فأشركنا مَعَك فِيهَا فَقَالَ: مَا أَنا بفاعل إِن هَذَا

الْأَمر خصصت بِهِ دونكم وأعطيته من بَيْنكُم قَالُوا: فأنصفنا فإنَّا غير تاركيك حَتَّى نحاكمك قَالَ: فاجعلوا بيني وَبَيْنكُم من شِئْتُم أحاكمكم قَالُوا: كاهنة من سعد هُذَيْل قَالَ: نعم - وَكَانَت باشراف الشَّام - فَركب عبد الْمطلب وَمَعَهُ نفر من بني عبد منَاف وَركب من كل ركب من قُرَيْش نفر - وَالْأَرْض إِذْ ذَاك مفاوز - فَخَرجُوا حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض المفاوز بَين الْحجاز وَالشَّام فنى مَاء عبد الْمطلب وَأَصْحَابه فظمئوا حَتَّى أيقنوا بالهلكة فاستسقوا مِمَّن مَعَهم من قبائل قُرَيْش فَأَبَوا عَلَيْهِم وَقَالُوا: إِنَّا فِي مفازة نخشى فِيهَا على أَنْفُسنَا مثل مَا أَصَابَكُم فَلَمَّا رأى عبد الْمطلب مَا صنع الْقَوْم وَمَا يتخوف على نَفسه وَأَصْحَابه قَالَ: مَاذَا ترَوْنَ قَالُوا: مَا رَأينَا الا تبع لرأيك فمرنا مَا شِئْت قَالَ: فَإِنِّي أرى أَن يحْفر كل رجل مِنْكُم لنَفسِهِ لما بكم الْآن من الْقُوَّة كلما مَاتَ رجل دَفنه أَصْحَابه فِي حفرته ثمَّ واروه حَتَّى يكون آخركم رجلا فضيعة رجل وَاحِد أيسر من ضَيْعَة ركب جَمِيعًا قَالُوا: سمعنَا مَا أردْت فَقَامَ كل رجل مِنْهُم يحْفر حفرته ثمَّ قعدوا ينتظرون الْمَوْت عطشاً ثمَّ إِن عبد الْمطلب قَالَ لأَصْحَابه: وَالله إِن إلقاءنا بِأَيْدِينَا لعجز مَا نبتغي لأنفسنا حِيلَة عَسى الله أَن يرزقنا مَاء بِبَعْض الْبِلَاد ارحلوا فارتحلوا حَتَّى فرغوا وَمن مَعَهم من قُرَيْش ينظرُونَ إِلَيْهِم وَمَا هم فاعلون فَقَامَ عبد الْمطلب إِلَى رَاحِلَته فركبها فَلَمَّا انبعثت انفجرت من تَحت خفها عين من مَاء عذب فَكبر عبد الْمطلب وَكبر أَصْحَابه ثمَّ نزل فَشرب وَشَرِبُوا واستقوا حَتَّى ملأوا سقيتهم ثمَّ دَعَا الْقَبَائِل الَّتِي مَعَه من قُرَيْش فَقَالَ: هَلُمَّ المَاء قد سقانا الله تَعَالَى فَاشْرَبُوا واستقوا فَقَالَت الْقَبَائِل الَّتِي نازعته: قد - وَالله - قضى الله لَك يَا عبد الْمطلب علينا وَالله لَا نخاصمك فِي زَمْزَم فَارْجِع إِلَى سقايتك راشداً فَرجع وَرَجَعُوا مَعَه وَلم يمضوا إِلَى الكاهنة وخلوا بَينه وَبَين زَمْزَم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن ماجة وَعمر بن شبة والفاكهاني فِي تَارِيخ مَكَّة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر بن عبد الله رضى الله عَنهُ قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ وَأخرج المستغفري فِي الطِّبّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ من شربه لمَرض شفَاه الله أَو جوع أشبعه الله أَو لحَاجَة قَضَاهَا الله

وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن الْحميدِي - وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: كُنَّا عِنْد ابْن عَيْنِيَّة فحدثنا بِحَدِيث مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ فَقَامَ رجل من الْمجْلس ثمَّ عَاد فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّد لَيْسَ الحَدِيث الَّذِي قد حَدَّثتنَا فِي زَمْزَم صَحِيحا فَقَالَ: بلَى فَقَالَ الرجل: فَإِنِّي شربت الْآن دلواً من زَمْزَم على أَن تُحَدِّثنِي بِمِائَة حَدِيث فَقَالَ سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ: اقعد فَقعدَ فحدثه بِمِائَة حَدِيث وَأخرج الْفَاكِهَانِيّ فِي تَارِيخ مَكَّة عَن عباد بن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حج مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ وحججنا مَعَه فَلَمَّا طَاف بِالْبَيْتِ صلى عِنْد الْمقَام رَكْعَتَيْنِ ثمَّ مر بزمزم وَهُوَ خَارج إِلَى الصَّفَا فَقَالَ: يَا غُلَام انْزعْ لي مِنْهَا دلواً فَنزع لَهُ دلواً يشرب وصب على وَجهه وَخرج وَهُوَ يَقُول: مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ وَأخرج الْحَافِظ أَبُو الْوَلِيد بن الدّباغ رَضِي الله عَنهُ فِي فَوَائده وَالْبَيْهَقِيّ والخطيب فِي تَارِيخه عَن سُوَيْد بن سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت ابْن الْمُبَارك رَضِي الله عَنهُ أَتَى زَمْزَم فَمَلَأ إِنَاء ثمَّ اسْتقْبل الْكَعْبَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن ابْن أبي الموَالِي حَدثنَا عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ وَهُوَ ذَا أشْرب هَذَا لعطش يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ شربه واخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ قَالَ الْحَكِيم: وحَدثني أبي قَالَ: دخلت الطّواف فِي لَيْلَة ظلماء فأخذني من الْبَوْل مَا شغلني فَجعلت أعتصر حَتَّى آذَانِي وَخفت إِن خرجت من الْمَسْجِد أم أَطَأ بعض تِلْكَ الأقذار وَذَلِكَ أَيَّام الْحَج فَذكرت هَذَا الحَدِيث فَدخلت زَمْزَم فتضلعت مِنْهُ فَذهب عني إِلَى الصَّباح وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير مَاء على وَجه الأَرْض زَمْزَم فِيهِ طَعَام من الطّعْم وشفاء من السقم وَأخرج ابْن أبي شيبَة والفاكهاني وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَمْزَم خير مَاء يعلم وَطَعَام يطعم وشفاء سقم

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه كَانَت تحمل مَاء زَمْزَم فِي الْقَوَارِير وتذكر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعل ذَلِك وَكَانَ يصب على المرضى ويسقيهم وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن صَفِيَّة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَاء زَمْزَم شِفَاء من كل دَاء وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ فَإِن شربته تشتفي بِهِ شفاك الله وان شربته مستعيذاً أَعَاذَك الله وَإِن شربته ليقطع ظمؤك قطعه الله وَإِن شربته لشبعك أشبعك الله وَهِي عَزِيمَة جِبْرِيل وسقيا إِسْمَعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِذا شرب مَاء زَمْزَم قَالَ: اللهمَّ إِنِّي أَسأَلك علما نَافِعًا وَرِزْقًا وَاسِعًا وشفاء من كل دَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عُثْمَان بن الْأسود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ: من أَيْن جِئْت قَالَ: شربت من زَمْزَم فَقَالَ: اشرب مِنْهَا كَمَا يَنْبَغِي قَالَ: وَكَيف ذَاك يَا أَبَا عَبَّاس قَالَ: إِذا شربت مِنْهَا فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَاذْكُر اسْم الله واشرب وتنفس ثَلَاثًا وتضلع مِنْهَا فَإِذا فرغت فاحمد الله فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ آيَة مَا بَيْننَا وَبَين الْمُنَافِقين أَنهم لَا يتضلعون من زَمْزَم وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صفة زمز فَأمر بِدَلْو انتزع لَهُ من الْبِئْر فوضعها على شفة الْبِئْر ثمَّ وضع يَده من تَحت عراقي الدَّلْو ثمَّ قَالَ: بِسم الله ثمَّ كرع فِيهَا فَأطَال فَرفع رَأسه فَقَالَ: الْحَمد لله ثمَّ دَعَا فَقَالَ: بِسم الله ثمَّ كرع فِيهَا فَأطَال وَهُوَ دون الأول ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ: الْحَمد لله ثمَّ دَعَا فَقَالَ: بِسم الله ثمَّ كرع فِيهَا وَهُوَ دون الثَّانِي ثمَّ رفع فَقَالَ: الْحَمد لله ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَلامَة مَا بَيْننَا وَبَين الْمُنَافِقين لم يشْربُوا مِنْهَا قطّ حَتَّى يتضلعوا وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التضلع من مَاء زَمْزَم بَرَاءَة من النِّفَاق وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن رجل من الْأَنْصَار عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ: عَلامَة مَا بَيْننَا وَبَين الْمُنَافِقين أَن يدلوا دلواً من مَاء زَمْزَم فيتضلعوا مِنْهَا مَا اسْتَطَاعَ مُنَافِق قطّ أَن يتضلع مِنْهَا وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن التضلع من مَاء زَمْزَم بَرَاءَة من النِّفَاق وَأَن ماءها مَذْهَب بالصداع وَأَن الِاطِّلَاع فِيهَا يجلو الْبَصَر وَأَنه سَيَأْتِي عَلَيْهَا زمَان تكون أعذب من النّيل والفرات وَأخرج ابْن أبي شيبَة والأزرقي والفاكهاني عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنِّي لأجد فِي كتاب الله الْمنزل أَن زَمْزَم طَعَام طعم وشفاء سقم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور والأزرقي عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدم علينا وهب بن مُنَبّه مَكَّة فاشتكى فَجِئْنَا نعوده فَإِذا عِنْده من مَاء زَمْزَم فَقُلْنَا: لَو استعذبت فَإِن هَذَا مَاء فِيهِ غلظ قَالَ: مَا أُرِيد أَن أشْرب حَتَّى أخرج مِنْهَا غَيره وَالَّذِي نفس وهب بِيَدِهِ إِنَّهَا لفي كتاب الله مضنونة وَإِنَّهَا لفي كتاب الله طَعَام طعم وشفاء سقم وَالَّذِي نفس وهب بِيَدِهِ لَا يعمد إِلَيْهَا أحد فيشرب مِنْهَا حَتَّى يتضلع إِلَّا نزعت دَاء وأحدثت لَهُ شِفَاء وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: لزمزم إِنَّا نجده مضنونة ضن بهَا لكم وَأول من سقِِي ماءها اسمعيل عَلَيْهِ السَّلَام طَعَام طهم وشفاء سقم وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور والأزرقي والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَاء زَمْزَم لما شرب لَهُ إِن شربته تُرِيدُ الشِّفَاء شفاك الله وَإِن شربته لظمأ رواك الله وَإِن شربته لجوع أشبعك الله وَهِي هزمة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بعقبه وسقيا الله لإسمعيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج بَقِيَّة عَن عَليّ بن أبي طالبي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خير وَاد فِي النَّاس وَادي مَكَّة ووادي الْهِنْد الَّذِي هَبَط بِهِ آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَمِنْه يُؤْتى بِهَذَا الطّيب الَّذِي تطيبون بِهِ وَشر وَاد النَّاس وَاد بالأحقاف ووادي حضر موت يُقَال لَهُ برهوت وَخير بِئْر فِي النَّاس بِئْر زَمْزَم وَشر بِئْر فِي النَّاس بِئْر برهوت وإليها تَجْتَمِع أَرْوَاح الْكفَّار وَأخرج الْأَزْرَقِيّ من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عنمها قَالَ: صلوا فِي مصلى الأخيار وَاشْرَبُوا من شراب الْأَبْرَار قيل لِابْنِ عَبَّاس: مَا مصلى الأخيار قَالَ: تَحت الْمِيزَاب قيل: وَمَا شراب الْأَبْرَار قَالَ: مَاء زَمْزَم

وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن جريج رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت أَنه يُقَال: خير مَاء فِي الأَرْض مَاء زَمْزَم وَشر مَاء فِي الأَرْض مَاء برهوت شعب من شعب حضر موت وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن إيليا وزمزم ليتعارفان وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عِكْرِمَة بن خَالِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَنا لَيْلَة فِي جَوف اللَّيْل عِنْد زَمْزَم جَالس إِذا نفر يطوفون عَلَيْهِم ثِيَاب بيض لم أر بَيَاض ثِيَابهمْ بِشَيْء قطّ فَلَمَّا فرغوا صلوا قَرِيبا منا فَالْتَفت بَعضهم فَقَالَ لأَصْحَابه اذْهَبُوا بِنَا نشرب من شراب الْأَبْرَار فَقَامُوا فَدَخَلُوا زَمْزَم فَقلت: وَالله لَو دخلت على الْقَوْم فسألتهم فَقُمْت فَدخلت فَإِذا لَيْسَ فِيهَا أحد من الْبشر وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تنافس النَّاس فِي زَمْزَم فِي الْجَاهِلِيَّة حَتَّى إِن كَانَ أهل الْعِيَال يَغْدُونَ بعيالهم فيشربون فَيكون صَبُوحًا لَهُم وَقد كُنَّا نعدها عوناً على الْعِيَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة والأزرقي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت زَمْزَم تسمى فِي الْجَاهِلِيَّة شباعه وتزعم أَنَّهَا نعم العون على الْعِيَال وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم والأزرقي وَالْبَزَّار وَأَبُو عوَانَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدمت مَكَّة فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَتى كنت هَهُنَا قلت: أَربع عشرَة وَفِي لفظ: قلت ثَلَاثِينَ من بَين يَوْم وَلَيْلَة قَالَ: من كَانَ يطعمك قلت: مَا كَانَ لي طَعَام وَلَا شراب إِلَّا مَاء زَمْزَم فَمَا أجد على كيدي سحقة جوع وَلَقَد تَكَسَّرَتْ عُكَن بَطْني قَالَ: إِنَّهَا مباركة إِنَّهَا طَعَام طعم زَاد الطَّيَالِسِيّ وشفاء سقم وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن رَبَاح بن الْأسود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت مَعَ أَهلِي بالبادية فابتعت بِمَكَّة فاعتقت فَمَكثت ثَلَاثَة أَيَّام لَا أجد شَيْئا آكله فَكنت أشْرب من مَاء زَمْزَم فَشَرِبت يَوْمًا فَإِذا أَنا بصريف اللَّبن من بَين ثناياي فَقلت: لعَلي ناعس فَانْطَلَقت وَأَنا أجد قُوَّة اللَّبن وشبعه وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد رَضِي الله عَنهُ أَن رَاعيا كَانَ يرْعَى وَكَانَ من الْعباد فَكَانَ إِذا ظمئ وجد فِيهَا لَبَنًا وَإِذا أَرَادَ أَن يتَوَضَّأ وجد فِيهَا مَاء وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله يرفع الْمِيَاه

قبل يَوْم الْقِيَامَة غير زَمْزَم فتغور الْمِيَاه غير زَمْزَم وتلقي الأَرْض مَا فِي بَطنهَا من ذهب وَفِضة وَيَجِيء الرجل بالجراب فِيهِ الذَّهَب وَالْفِضَّة فَيَقُول: من يقبل هَذَا مني فَيَقُول: لَو أتيتني بِهِ أمس قبلته وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن زر بن حُبَيْش قَالَ: رَأَيْت عَبَّاس بن عبد الْمطلب فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَهُوَ يطوف حول زَمْزَم يَقُول: لَا أحلهَا لمغتسل وَهِي لمتوضئ وشارب حلُّ وبلٌّ وَأخرج الْأَزْرَقِيّ عَن ابْن أبي حُسَيْن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث إِلَى سُهَيْل بن عَمْرو يستهديه من مَاء زَمْزَم فَبعث لَهُ براويتين وَأخرج عبد الرَّزَّاق والأزرقي عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي حُسَيْن واسْمه عبد الله بن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ: كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى سُهَيْل بن عَمْرو إِن جَاءَك كتابي لَيْلًا فَلَا تُصبِحَنَّ وَإِن جَاءَك نَهَار فَلَا تُمْسِيَنَّ حَتَّى تبْعَث إليَّ بِمَاء من زَمْزَم فَمَلَأ لَهُ مزادتين وَبعث بهما على بعير وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استهدى سُهَيْل بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ من مَاء زَمْزَم وَأخرج ابْن سعد عَن أم أَيمن رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شكا صَغِيرا وَلَا كَبِيرا جوعا وَلَا عطشاً كَانَ يَغْدُو فيشرب من مَاء زَمْزَم فاعرض عَلَيْهِ الْغَدَاء فَيَقُول: لَا أريده أَنا شبعان وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خمس من الْعِبَادَة: النّظر إِلَى الْمُصحف وَالنَّظَر إِلَى الْكَعْبَة وَالنَّظَر إِلَى الْوَالِدين وَالنَّظَر فِي زَمْزَم وَهِي تحط الْخَطَايَا وَالنَّظَر فِي وَجه الْعَالم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ إِذا شرب من زَمْزَم قَالَ: هِيَ لما شربت لَهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا من رجل يشرب من مَاء زَمْزَم حَتَّى يتضلع إِلَّا حطَّ الله بِهِ دَاء من جَوْفه وَمن شربه لعطش رُوِيَ وَمن شربه لجوع شبع وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَاء زَمْزَم طَعَام طعم وشفاء سقم

وَأخرج الْفَاكِهَانِيّ عَن سعيد بن أبي هِلَال رَضِي الله عَنهُ قَالَ بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عينا لَهُ إِلَى مَكَّة فاقام بهَا ليَالِي يشرب من مَاء زَمْزَم فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ عيشك فَأخْبرهُ أَنه كَانَ يَأْتِي زَمْزَم فيشرب من مَائِهَا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا شِفَاء من سقم وَطَعَام من طعم وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يتحف الرجل بتحفة سقَاهُ من مَاء زَمْزَم وَأخرج الْفَاكِهَانِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِذا نزل بِهِ ضيف أتحفه من مَاء زَمْزَم وَلَا أطْعم قوما طَعَاما إِلَّا سقاهم من مَاء زَمْزَم وَأخرج أَبُو ذَر الْهَرَوِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت أهل مَكَّة لَا يسابقهم أحد إِلَّا سَبَقُوهُ وَلَا يصارعهم أحد إِلَّا صرعوه حَتَّى رَغِبُوا عَن مَاء زَمْزَم وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يستحبون إِذا ودعوا الْبَيْت أَن يَأْتُوا زَمْزَم فيشربوا مِنْهَا وَأخرج السلَفِي فِي الطيوريات عَن ابْن حبيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: زَمْزَم شراب الْأَبْرَار وَالْحجر مصلى الأخيار الْآيَة 21 - 22

21

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن طَلْحَة بن مصرف رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {يبشرهم رَبهم} الْآيَات 23 - 24

23

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أمروا بِالْهِجْرَةِ فَقَالَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب: أَنا أَسْقِي الْحَاج وَقَالَ طَلْحَة أَخُو بني عبد الدَّار أَنا أحجب الْكَعْبَة فَلَا نهاجر فانزلت {لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُم وَإِخْوَانكُمْ أَوْلِيَاء إِن استحبوا الْكفْر على الإِيمان} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: هِيَ فِي الْهِجْرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأموال اقترفتموها} قَالَ: أصبتموها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وتجارة تخشون كسادها} يَقُول: تخشون أَن تكسد فتبيعونها {ومساكن ترضونها} قَالَ: هِيَ الْقُصُور والمنازل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فتربصوا حَتَّى يَأْتِي الله بأَمْره} قَالَ: بِالْفَتْح فِي أمره بِالْهِجْرَةِ هَذَا كُله قبل فتح مَكَّة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ عَن عبد الله بن هِشَام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ آخذ بيد عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: وَالله لأَنْت يَا رَسُول الله أحب إليَّ من كل شَيْء إِلَّا من نَفسِي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من نَفسه وَالله أعلم الْآيَات 25 - 27

25

وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد نصركم الله فِي مَوَاطِن كَثِيرَة} قَالَ: هِيَ أول مَا أنزل الله تَعَالَى من سُورَة بَرَاءَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وسنيد وَابْن حَرْب وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول مَا نزل من بَرَاءَة {لقد نصركم الله فِي مَوَاطِن كَثِيرَة} يعرفهُمْ نَصره ويوطنهم لغزوة تَبُوك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد نصركم الله فِي مَوَاطِن كَثِيرَة} قَالَ: هَذَا مِمَّا يمن الله بِهِ عَلَيْهِم من نَصره إيَّاهُم فِي مَوَاطِن كَثِيرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ {حنين} مَاء بَين مَكَّة والطائف قَاتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هوَازن وَثَقِيف وعَلى هوَازن مَالك بن عَوْف وعَلى ثَقِيف عبد يَا ليل بن عَمْرو الثَّقَفِيّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقَامَ عَام الْفَتْح نصف شهر وَلم يزدْ على ذَلِك حَتَّى جَاءَتْهُ هوَازن وَثَقِيف فنزلوا بحنين وحنين وَاد إِلَى جنب ذِي الْمجَاز وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما اجْتمع أهل مَكَّة وَأهل الْمَدِينَة قَالُوا: الْآن وَالله نُقَاتِل حِين اجْتَمَعنَا فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالُوا وَمَا أعجبهم من كثرتهم فَالْتَقوا فَهَزَمَهُمْ الله حَتَّى مَا يقوم مِنْهُم أحد على أحد حَتَّى جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُنَادي أَحيَاء الْعَرَب إليَّ فوَاللَّه مَا يعرج إِلَيْهِ أحد حَتَّى أعرى مَوْضِعه فَالْتَفت إِلَى الْأَنْصَار وهم نَاحيَة نَاحيَة فناداهم: يَا أنصار الله وأنصار رَسُوله إِلَى عباد الله أَنا رَسُول الله فَعَطَفُوا وَقَالُوا: يَا رَسُول الله وَرب الْكَعْبَة إِلَيْك وَالله فنكسوا رؤوسهم يَبْكُونَ وَقدمُوا أسيافهم يضْربُونَ بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى فتح الله عَلَيْهِم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الرّبيع رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ يَوْم حنين: لن نغلب من قلَّة فشق ذَلِك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله عز وَجل {وَيَوْم حنين إِذْ أَعجبتكُم كثرتكم}

قَالَ الرّبيع: وَكَانُوا اثْنَي عشر ألفا مِنْهُم أَلفَانِ من أهل مَكَّة وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي عبد الرَّحْمَن الفِهري رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حنين فسرنا فِي يَوْم قائظ شَدِيد الْحر فنزلنا تَحت ظلال الشّجر فَلَمَّا زَالَت الشَّمْس لبست لامتي وَركبت فرسي فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته قد حَان الرواح يَا رَسُول الله قَالَ أجل ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا بِلَال فثار من تَحت سَمُرَة كَانَ ظله ظلّ طَائِر فَقَالَ: لبيْك وَسَعْديك وَأَنا فداؤك ثمَّ قَالَ: أَسْرج لي فرسي فَأَتَاهُ بدفتين من لِيف لَيْسَ فيهمَا أشر وَلَا بطر قَالَ: فَركب فرسه ثمَّ سرنا يَوْمنَا فلقينا العدوّ وتشامت الخيلان فقاتلناهم فولى الْمُسلمُونَ مُدبرين كَمَا قَالَ الله عز وَجل فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَا عباد الله أَنا عبد الله وَرَسُوله فاقتحم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن فرسه وحَدثني من كَانَ أقرب إِلَيْهِ مني: أَنه أَخذ حفْنَة من تُرَاب فحثاها فِي وُجُوه الْقَوْم وَقَالَ: شَاهَت الْوُجُوه قَالَ يعلى بن عَطاء رَضِي الله عَنهُ: فَأخْبرنَا أبناؤهم عَن آبَائِهِم أَنهم قَالُوا: مَا بَقِي منا أحد إِلَّا امْتَلَأت عَيناهُ وفمه من التُّرَاب وَسَمعنَا صلصلة من السَّمَاء كمر الْحَدِيد على الطست الْحَدِيد فَهَزَمَهُمْ الله عز وَجل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين فولى النَّاس عَنهُ وَبقيت مَعَه فِي ثَمَانِينَ رجلا من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَكُنَّا على أقدامنا نَحْو من ثَمَانِينَ قدماً وَلم نولهم الدبر وهم الَّذين أنزل الله عَلَيْهِم السكينَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بغلته فَمضى قدماً فَقَالَ ناولني كفا من تُرَاب فناولته فَضرب وُجُوههم فامتلأت أَعينهم تُرَابا وَولى الْمُشْركُونَ أدبارهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن هوَازن جَاءَت يَوْم حنين بِالنسَاء وَالصبيان والإِبل وَالْغنم فجعلوهم صُفُوفا ليكثروا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَالتقى الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ فولى الْمُسلمُونَ مُدبرين كَمَا قَالَ الله عز وَجل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عباد الله أَنا عبد الله وَرَسُوله ثمَّ قَالَ: يَا معشر الْأَنْصَار أَنا عبد الله وَرَسُوله فَهزمَ الله الْمُشْركين وَلم يضْرب بِسيف وَلم يطعن بِرُمْح

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَأحمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين فَلَقَد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا مَعَه إِلَّا أَنا وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَرْث بن عبد الْمطلب فلزمنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم نفارقه وَهُوَ على بلغته الشَّهْبَاء الَّتِي أهداها لَهُ فَرْوَة بن مُعَاوِيَة الجذامي فَلَمَّا التقى الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ ولي الْمُسلمُونَ مُدبرين وطفق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرْكض بغلته قبل الْكفَّار وَأَنا آخذ بِلِجَامِهَا أكفها إِرَادَة أَن لَا تسرع وَهُوَ لَا يألو مَا أسْرع نَحْو الْمُشْركين وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَرْث آخذ بغرز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عَبَّاس نَادِي أَصْحَاب السمرَة يَا أَصْحَاب سُورَة الْبَقَرَة فوَاللَّه لكَأَنِّي عطفتهم حِين سمعُوا صوتي عطفة الْبَقر على أَوْلَادهَا ينادون يَا لبيْك يَا لبيْك فَأقبل الْمُسلمُونَ فَاقْتَتلُوا هم وَالْكفَّار وَارْتَفَعت الْأَصْوَات وهم يَقُولُونَ: يَا معشر الْأَنْصَار يَا معشر الْأَنْصَار ثمَّ قصرت الدعْوَة على بني الْحَرْث بن الْخَزْرَج فتطاول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على بغلته فَقَالَ: هَذَا حِين حمي الْوَطِيس ثمَّ أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَصَيَات فَرمى بِهن وُجُوه الْكفَّار ثمَّ قَالَ: انْهَزمُوا وَرب الْكَعْبَة فَذَهَبت أنظر فَإِذا الْقِتَال على هَيئته فِيمَا أرى فَمَا هُوَ إِلَّا أَن رماهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحصيات فَمَا زلت أرى حَدهمْ كليلاً وَأمرهمْ مُدبرا حَتَّى هَزَمَهُمْ الله عز وَجل وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ندب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين الْأَنْصَار فَقَالَ: يَا معشر الْأَنْصَار فَأَجَابُوهُ لبيْك - بأبينا أَنْت وَأمنا - يَا رَسُول الله قَالَ أَقبلُوا بوجوهكم إِلَى الله وَرَسُوله يدخلكم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار فَأَقْبَلُوا وَلَهُم حنين حَتَّى أَحدقُوا بِهِ كبكبة تحاك مَنَاكِبهمْ يُقَاتلُون حَتَّى هزم الله الْمُشْركين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما اجْتمع يَوْم حنين أهل مَكَّة وَأهل الْمَدِينَة أعجبتهم كثرتهم فَقَالَ الْقَوْم: الْيَوْم وَالله نُقَاتِل فَلَمَّا الْتَقَوْا وَاشْتَدَّ الْقِتَال ولوا مُدبرين فندب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَنْصَار فَقَالَ: يَا معشر الْمُسلمين إِلَى عباد الله أَنا رَسُول الله فَقَالُوا: إِلَيْك - وَالله - جِئْنَا فنكسوا رؤوسهم ثمَّ قَاتلُوا حَتَّى فتح الله عَلَيْهِم وَأخرج الْحَاكِم عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين وبرة من بعير ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّه لَا يحل لي مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكُم قدر

هَذِه إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود عَلَيْكُم فأدوا الْخَيط والمخيط وَإِيَّاكُم والغلول فَإِنَّهُ عَار على أَهله يَوْم الْقِيَامَة وَعَلَيْكُم بِالْجِهَادِ فِي سَبِيل الله فَإِنَّهُ بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة يذهب الله بِهِ الْهم وَالْغَم وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكره الْأَنْفَال وَيَقُول: ليرد قويُّ الْمُؤمنِينَ على ضعيفهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: رَأَيْتنَا يَوْم حنين وَإِن الفئتين لموليتان وَعَن عِكْرِمَة قَالَ: لما كَانَ يَوْم حنين ولى الْمُسلمُونَ وَولى الْمُشْركُونَ وَثَبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَنا مُحَمَّد رَسُول الله ثَلَاث مَرَّات - وَإِلَى جنبه عَمه الْعَبَّاس - فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِعَمِّهِ: يَا عَبَّاس أذن يَا أهل الشَّجَرَة فَأَجَابُوهُ من كل مَكَان لبيْك لبيْك حَتَّى أظلوه برماحهم ثمَّ مضى فوهب الله لَهُ الظفر فَأنْزل الله {وَيَوْم حنين إِذْ أَعجبتكُم كثرتكم} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن عبيد الله بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة آلَاف من الْأَنْصَار وَألف من جُهَيْنَة وَألف من مزينة وَألف من أسلم وَألف من غفار وَألف من أَشْجَع وَألف من الْمُهَاجِرين وَغَيرهم فَكَانَ مَعَه عشرَة آلَاف وَخرج بإثني عشر ألفا وفيهَا قَالَ الله تَعَالَى فِي كِتَابه {وَيَوْم حنين إِذْ أَعجبتكُم كثرتكم فَلم تغن عَنْكُم شَيْئا} وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ أَنه قيل لَهُ: هَل كُنْتُم وليتم يَوْم حنين قَالَ: وَالله مَا ولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن خرج شُبَّان أَصْحَابه وأخفاؤهم حسراً لَيْسَ عَلَيْهِم سلَاح فَلَقوا جمعا رُمَاة هوَازن وَبني النَّضر مَا يكَاد يسْقط لَهُم سهم فرشقوهم رشقاً مَا كَادُوا يخطئون فَأَقْبَلُوا هُنَالك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على بغلته الْبَيْضَاء وَابْن عَمه أَبُو سُفْيَان بن الْحَرْث بن عبد الْمطلب يَقُود بِهِ فَنزل ودعا واستنصر ثمَّ قَالَ: أَنا النَّبِي لَا كذب أَنا ابْن عبد الْمطلب ثمَّ صف أَصْحَابه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأنزل جُنُودا لم تَرَوْهَا وعذب الَّذين كفرُوا} قَالَ: قَتلهمْ بِالسَّيْفِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي يَوْم حنين أمد

الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَمْسَة آلَاف من الْمَلَائِكَة مسوّمين ويومئذ سمى الله تَعَالَى الْأَنْصَار مُؤمنين قَالَ {ثمَّ أنزل الله سكينته على رَسُوله وعَلى الْمُؤمنِينَ} وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت قبل هزيمَة الْقَوْم - وَالنَّاس يقتتلون - مثل البجاد الْأسود أقبل من السَّمَاء حَتَّى سقط بَين الْقَوْم فَنَظَرت فَإِذا نمل أسود مبثوث قد مَلأ الْوَادي لم أَشك أَنَّهَا الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام وَلم يكن إِلَّا هزيمَة الْقَوْم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وعذب الَّذين كفرُوا} قَالَ: بالهزيمة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أَبْزَى رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وعذب الَّذين كفرُوا} قَالَ: بالهزيمة وَالْقَتْل وَفِي قَوْله {ثمَّ يَتُوب الله من بعد ذَلِك على من يَشَاء} قَالَ: على الَّذين انْهَزمُوا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين وَأخرج ابْن سعد وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن عِيَاض بن الْحَرْث عَن أَبِيه قَالَ: إِن رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى هوَازن فِي إثني عشر ألفا فَقتل من الطَّائِف يَوْم حنين مثل قَتْلَى يَوْم بدر وَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفا من حَصْبَاء فَرمى بهَا وُجُوهنَا فَانْهَزَمْنَا وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حنيناً فَلَمَّا وَاجَهنَا الْعَدو وَتَقَدَّمت فأعلو ثنية فاستقبلني رجل من الْعَدو فأرميته بِسَهْم فتوارى عني فَمَا دَريت مَا صنع فَنَظَرت إِلَى الْقَوْم فَإِذا هم قد طلعوا من ثنية أُخْرَى فَالْتَقوا هم وَأَصْحَاب وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا متزر وأرجع مُنْهَزِمًا وعليَّ بردتان متزراً بِأَحَدِهِمَا مرتدياً بِالْأُخْرَى فاستطلق إزَارِي فجمعتهما جَمِيعًا ومررت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْهَزِمًا وَهُوَ على بغلته الشَّهْبَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد رأى ابْن الْأَكْوَع فَزعًا فَلَمَّا غشوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل عَن البغلة ثمَّ قبض قَبْضَة من تُرَاب من الأَرْض ثمَّ اسْتقْبل بِهِ وُجُوههم فَقَالَ: شَاهَت الْوُجُوه فَمَا خلق الله مِنْهُم إنْسَانا إِلَّا مَلأ عَيْنَيْهِ تُرَابا بِتِلْكَ القبضة فَوَلوا مُدبرين فَهَزَمَهُمْ الله تَعَالَى وَقسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غنائمهم بَين الْمُسلمين وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَمْرو بن سُفْيَان الثَّقَفِيّ رَضِي

الله عَنهُ قَالَ قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين قَبْضَة من الْحَصَى فَرمى بهَا فِي وُجُوهنَا فَانْهَزَمْنَا فَمَا خيل إِلَيْنَا إِلَّا أَن كل حجر أَو شجر فَارس يطلبنا وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن يزِيد بن عَامر السوَائِي - وَكَانَ شهد حنيناً مَعَ الْمُشْركين ثمَّ أسلم - قَالَ: أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين قَبْضَة من الأَرْض فَرمى بهَا فِي وُجُوه الْمُشْركين وَقَالَ: ارْجعُوا شَاهَت الْوُجُوه فَمَا أحد يلقاه أَخُوهُ إِلَّا وَهُوَ يشكو قذى فِي عَيْنَيْهِ وَيمْسَح عَيْنَيْهِ وَأخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن مولى أم برثن قَالَ: حَدثنِي رجل كَانَ من الْمُشْركين يَوْم حنين قَالَ: لما الْتَقَيْنَا نَحن وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقومُوا لنا حلب شَاة إِلَّا كفيناهم فَبينا نَحن نسوقهم فِي أدبارهم إِذْ الْتَقَيْنَا إِلَى صَاحب البغلة الْبَيْضَاء فَإِذا هُوَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتلقتنا عِنْده رجال بيض حسان الْوُجُوه قَالُوا لنا: شَاهَت الْوُجُوه ارْجعُوا فرجعنا وركبوا أكتافنا وَكَانَت إِيَّاهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن إِسْحَق حَدثنَا أُميَّة بن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان بن عَفَّان أَنه حدث أَن مَالك بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ بعث عيُونا فَأتوهُ وَقد تقطعت أوصالهم فَقَالَ: وَيْلكُمْ مَا شَأْنكُمْ فَقَالُوا: أَتَانَا رجال بيض على خيل بلق فوَاللَّه مَا تماسكنا أَن أَصَابَنَا مَا ترى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن مُصعب بن شيبَة بن عُثْمَان الحَجبي عَن أَبِيه قَالَ خرجت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين وَالله مَا خرجت إسلاماً وَلَكِن خرجت إتقاء أَن تظهر هوَازن على قُرَيْش فوَاللَّه إِنِّي لواقف مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ قلت: يَا نَبِي الله إِنِّي لأرى خيلا بلقاً قَالَ: يَا شيبَة إِنَّه لَا يَرَاهَا إِلَّا كَافِر فَضرب بِيَدِهِ عِنْد صَدْرِي حَتَّى مَا أجد من خلق الله تَعَالَى أحب إِلَيّ مِنْهُ فَقَالَ: فَالتقى الْمُسلمُونَ فَقتل من قتل ثمَّ أقبل النَّبِي وَعمر رَضِي الله عَنهُ آخذ باللجام وَالْعَبَّاس آخذ بالغرز فَنَادَى الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: أَيْن الْمُهَاجِرُونَ أَيْن أَصْحَاب سُورَة الْبَقَرَة - بِصَوْت عَال - هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأقبل النَّاس وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَنا النَّبِي غير كذب أَنا ابْن عبد الْمطلب فَأقبل الْمُسلمُونَ فاصطكّوا بِالسُّيُوفِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْآن حمي الْوَطِيس

الْآيَة 28

28

وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدْخل الْمَسْجِد الْحَرَام مُشْرك بعد عَامي هَذَا أبدا إِلَّا أهل الْعَهْد وخدمكم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا} إِلَّا أَن يكون عبدا أَو أحدا من أهل الذِّمَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس} أَي أخباث {فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا} وَهُوَ الْعَام الَّذِي حج فِيهِ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ نَادَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ بِالْأَذَانِ وَذَلِكَ لتسْع سِنِين من الْهِجْرَة وَحج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعَام الْمقبل حجَّة الْوَدَاع لم يحجّ قبلهَا وَلَا بعْدهَا مُنْذُ هَاجر فَلَمَّا نفى الله تَعَالَى الْمُشْركين عَن الْمَسْجِد الْحَرَام شقّ ذَلِك على الْمُسلمين فَأنْزل الله {وَإِن خِفْتُمْ عيلة فَسَوف يغنيكم الله من فَضله} فأغناهم الله تَعَالَى بِهَذَا الْخراج: الْجِزْيَة الْجَارِيَة عَلَيْهِم يأخذونها شهرا شهرا وعاماً عَاما فَلَيْسَ لأحد من الْمُشْركين أَن يقرب الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ ذَلِك إِلَّا صَاحب الْجِزْيَة أَو عبد رجل من الْمُسلمين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يجيئون إِلَى الْبَيْت ويجيئون مَعَهم بِالطَّعَامِ يَتَّجِرون فِيهِ فَلَمَّا نهوا عَن أَن يَأْتُوا الْبَيْت قَالَ الْمُسلمُونَ: فَمن أَيْن لنا الطَّعَام فَأنْزل الله {وَإِن خِفْتُمْ عيلة فَسَوف يغنيكم الله من فَضله إِن شَاءَ} قَالَ: فَأنْزل الله عَلَيْهِم الْمَطَر وَكثر خَيرهمْ حِين ذهب الْمُشْركُونَ عَنْهُم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا} شقّ على أَصْحَاب

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالُوا: من يأتينا بِطَعَامِنَا وبالمتاع فَنزلت {وَإِن خِفْتُمْ عيلة} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نفى الله تَعَالَى إِلَى الْمُشْركين عَن الْمَسْجِد الْحَرَام ألْقى الشَّيْطَان فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: من أَيْن تَأْكُلُونَ وَقد نفى الْمُشْركُونَ وانقطعت عَنْكُم العير قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن خِفْتُمْ عيلة فَسَوف يغنيكم الله من فَضله إِن شَاءَ} فَأَمرهمْ بِقِتَال أهل الْكفْر وأغناهم من فَضله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: قد كُنَّا نصيب من متاجر الْمُشْركين فَوَعَدَهُمْ الله تَعَالَى أَن يغنيهم من فَضله عوضا لَهُم بِأَن لَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام فَهَذِهِ الْآيَة من أول بَرَاءَة فِي الْقِرَاءَة وَفِي آخرهَا التَّأْوِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يدْخل الْحرم كُله مُشْرك وتلا هَذِه الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق والنحاس فِي ناسخه عَن عَطاء عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام} قَالَ: يُرِيد الْحرم كُله وَفِي لفظ: لَا يدْخل الْحرم كُله مُشْرك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن خِفْتُمْ عيلة} قَالَ: الْفَاقَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَسَوف يغنيكم الله من فَضله} قَالَ: أغناهم الله تَعَالَى بالجزية الْجَارِيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كتب عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ أَن يمْنَع أَن يدْخل الْيَهُود وَالنَّصَارَى الْمَسَاجِد وأتبع نَهْيه {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس} فَمن صافحهم فَليَتَوَضَّأ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَافح مُشْركًا فَليَتَوَضَّأ أَو ليغسل كفيه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ اسْتقْبل رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَنَاوَلَهُ يَده فَأبى أَن يَتَنَاوَلهَا فَقَالَ: يَا جِبْرِيل مَا مَنعك أَن تَأْخُذ بيَدي فَقَالَ: إِنَّك أخذت بيد يَهُودِيّ فَكرِهت أَن تمس يَدي يدا قد مستها يَد كَافِر فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَاء فَتَوَضَّأ فَنَاوَلَهُ يَده فَتَنَاولهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وسمويه فِي فَوَائده عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مسلمة وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلَا يقرب الْمَسْجِد الْحَرَام مُشْرك بعد عَامهمْ هَذَا وَمن كَانَ بَينه وَبَين رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الله أجل فَأَجله مدَّته وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَام الْفَتْح: لَا يدْخل الْمَسْجِد الْحَرَام مُشْرك وَلَا يُؤَدِّي مُسلم جِزْيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عمر بن الْعَزِيز قَالَ: آخر مَا تكلم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن قَالَ قَاتل الله الْيَهُود وَالنَّصَارَى اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد لَا يبْقى بِأَرْض الْعَرَب دينان وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوصى عِنْد مَوته بِأَن لَا يتْرك يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ بِأَرْض الْحجاز وَأَن يمْضِي جَيش أُسَامَة إِلَى الشَّام وَأوصى بالقبط خيرا فَإِن لَهُم قرَابَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا رَفعه قَالَ: اخْرُجُوا الْمُشْركين من جَزِيرَة الْعَرَب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن آخر كَلَام تكلم بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن قَالَ اخْرُجُوا الْيَهُود من أَرض الْحجاز وَأهل نَجْرَان من جَزِيرَة الْعَرَب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَئِن بقيت لأخْرجَن الْمُشْركين من جَزِيرَة الْعَرَب فَلَمَّا ولي عمر رَضِي الله عَنهُ أخرجهم

الْآيَة 29

29

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل الله تَعَالَى فِي الْعَام الَّذِي نبذ فِيهِ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى الْمُشْركين {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس} فَكَانَ الْمُشْركُونَ يوافون بِالتِّجَارَة فينتفع بهَا الْمُسلمُونَ فَلَمَّا حرم الله تَعَالَى على الْمُشْركين أَن يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام وجد الْمُسلمُونَ فِي أنفسهم مِمَّا قطع عَنْهُم من التِّجَارَة الَّتِي كَانَ الْمُشْركُونَ يوافون بهَا فَأنْزل الله تَعَالَى {وَإِن خِفْتُمْ عيلة فَسَوف يغنيكم الله من فَضله إِن شَاءَ} فأجل فِي الْآيَة الْأُخْرَى الَّتِي تتبعها الْجِزْيَة وَلم تكن تُؤْخَذ قبل ذَلِك فَجَعلهَا عوضا مِمَّا مَنعهم من موافاة الْمُشْركين بتجاراتهم فَقَالَ {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر} إِلَى قَوْله {صاغرون} فَلَمَّا أَحَق ذَلِك للْمُسلمين عرفُوا أَنه قد عوضهم أفضل مَا كَانُوا وجدوا عَلَيْهِ مِمَّا كَانَ الْمُشْركين يوافون بِهِ من التِّجَارَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْقِتَال قتالان: قتال الْمُشْركين حَتَّى يُؤمنُوا أَو يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يدٍ وهم صاغرون وقتال الفئة الباغية حَتَّى تفيء إِلَى أَمر الله فَإِذا فاءت أَعْطَيْت الْعدْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه} الْآيَة قَالَ: نزلت هَذِه حِين أَمر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه بغزوة تَبُوك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزلت فِي كفار قُرَيْش وَالْعرب (وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة وَيكون الدّين لله) (الْبَقَرَة الْآيَة 193) وأنزلت فِي أهل الْكتاب {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر} إِلَى قَوْله {حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة} فَكَانَ أول من أعْطى الْجِزْيَة أهل نَجْرَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجِزْيَة عَن يَد قَالَ جِزْيَة الأَرْض والرقبة جِزْيَة الأَرْض والرقبة وَأخرج النّحاس فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر} قَالَ: نسخ بِهَذَا الْعَفو عَن الْمُشْركين

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي اله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: لما فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتال من يَلِيهِ من الْعَرَب أمره بجهاد أهل الْكتاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه} يَعْنِي الَّذين لَا يصدقون بتوحيد الله {وَلَا يحرمُونَ مَا حرم الله وَرَسُوله} يَعْنِي الْخمر وَالْخِنْزِير {وَلَا يدينون دين الْحق} يَعْنِي دين الإِسلام {من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} يَعْنِي من الْيَهُود وَالنَّصَارَى أُوتُوا الْكتاب من قبل الْمُسلمين أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يدٍ وهم صاغرون} يَعْنِي يذلون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {عَن يَد} قَالَ: عَن قهر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {عَن يَد} قَالَ: من يَده وَلَا يبْعَث بهَا مَعَ غَيره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي سِنَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {عَن يَد} قَالَ: عَن قدرَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {عَن يَد وهم صاغرون} قَالَ: وَلَا يلكزون وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهم صاغرون} قَالَ: غير محمودين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْمُغيرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه بعث إِلَى رستم فَقَالَ لَهُ رستم: إلام تَدْعُو فَقَالَ لَهُ: أَدْعُوك إِلَى الإِسلام فَأن أسلمت فلك مَا لنا وَعَلَيْك مَا علينا قَالَ: فَإِن أَبيت قَالَ: فتعطي الْجِزْيَة عَن يَد وَأَنت صاغر فَقَالَ: لِترْجُمَانِهِ: قل لَهُ أما إِعْطَاء الْجِزْيَة فقد عرفتها فَمَا قَوْلك وَأَنت صاغر قَالَ: تعطيها وَأَنت قَائِم وَأَنا جَالس وَالسَّوْط على رَأسك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لأهل حصن حَاصَرَهُمْ الإِسلام: أَو الْجِزْيَة وَأَنْتُم صاغرون قَالُوا: وَمَا الْجِزْيَة قَالَ: نَأْخُذ مِنْكُم الدَّرَاهِم وَالتُّرَاب على رؤوسكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ أَنه انْتهى إِلَى حصن

فَقَالَ: إِن أسلمتم فلكم مَا لنا وَعَلَيْكُم مَا علينا وَإِن أَنْتُم أَبَيْتُم فأدوا الْجِزْيَة وَأَنْتُم صاغرون فَإِن أَبَيْتُم فأنبذناكم على سَوَاء إِن الله لَا يحب الخائنين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أحب لأهل الذِّمَّة أَن يتعبوا فِي أَدَاء الْجِزْيَة لقَوْل الله تَعَالَى {حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يدٍ وهم صاغرون} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معَاذًا إِلَى الْيمن أمره أَن يَأْخُذ من كل حالم دِينَارا أَو عدله معافر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجِزْيَة من مجوس أهل هجر وَمن يهود الْيمن ونصاراهم من كل حالم دِينَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن بجالة قَالَ: لم يَأْخُذ عمر رَضِي الله عَنهُ الْجِزْيَة من الْمَجُوس حَتَّى شهد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذهَا من مجوس هجر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُم قَالَ كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مجوس هجر يعرض عَلَيْهِم الإِسلام فَمن أسلم قبل مِنْهُ وَمن أَبى ضربت عَلَيْهِم الْجِزْيَة حَتَّى أَن لَا تُؤْكَل لَهُم ذَبِيحَة وَلَا ينْكح مِنْهُم امْرَأَة وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو عبيد فِي كتاب الْأَمْوَال وَابْن أبي شيبَة عَن جَعْفَر عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ اسْتَشَارَ النَّاس فِي الْمَجُوس فِي الْجِزْيَة فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول سنوا بهم سنة أهل الْكتاب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْت أَصْحَابِي أخذُوا من الْمَجُوس مَا أخذت مِنْهُم وتلا {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن أَخذ الْجِزْيَة من الْمَجُوس فَقَالَ: وَالله مَا على الأَرْض أحد أعلم بذلك مني إِن الْمَجُوس كَانُوا أهل كتاب يعرفونه وَعلم يدرسونه فَشرب أَمِيرهمْ الْخمر فَسَكِرَ فَوَقع على أُخْته فَرَآهُ نفر من الْمُسلمين فَلَمَّا أصبح قَالَت أُخْته: إِنَّك قد صنعت بِي كَذَا وَكَذَا وَقد رآك نفر لَا يسترون عَلَيْك فَدَعَا أهل الطمع فَأَعْطَاهُمْ ثمَّ قَالَ لَهُم: قد

علمْتُم أَن آدم عَلَيْهِ السَّلَام قد أنكح بنيه بَنَاته فجَاء أُولَئِكَ الَّذين رَأَوْهُ فَقَالُوا: ويل للأبعد إِن فِي ظهرك حد الله فَقَتلهُمْ أُولَئِكَ الَّذين كَانُوا عِنْده ثمَّ جاءة امْرَأَة فَقَالَت لَهُ: بلَى قد رَأَيْتُك فَقَالَ لَهَا: ويحاً لبغي بني فلَان قَالَت: أجل وَالله لقد كَانَت بغية ثمَّ تابت فَقَتلهَا ثمَّ أسرى على مَا فِي قُلُوبهم وعَلى كتبهمْ فَلم يصبح عِنْدهم شَيْء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَاتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل هَذِه الجزيرة من الْعَرَب على الإِسلام لم يقبل مِنْهُم غَيره وَكَانَ أفضل الْجِهَاد وَكَانَ بعد جِهَاد آخر على هَذِه الْأمة فِي شَأْن أهل الْكتاب {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد رَضِي الله قَالَ: يُقَاتل أهل الْأَوْثَان على الإِسلام وَيُقَاتل أهل الْكتاب على الْجِزْيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: من نسَاء أهل الْكتاب من يحل لنا وَمِنْهُم من لَا يحل لنا وتلا {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر} فَمن أعْطى الْجِزْيَة حل لنا نساؤه وَمن لم يُعْط الْجِزْيَة لم يحل لنا نساؤوه وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه: لَا يحل نِكَاح أهل الْكتاب إِذا كَانُوا حَربًا ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا قَالَ لَهُ: آخذ الأَرْض فأتقبلها أَرضًا خربة فأعمرها وأؤدي خراجها فَنَهَاهُ ثمَّ قَالَ: لَا تعمدوا إِلَى مَا ولاه الله هَذَا الْكَافِر فتخلعه من عُنُقه وتجعله فِي عُنُقك ثمَّ تَلا {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ} إِلَى {صاغرون} الْآيَة 30

30

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن

عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَلام بن مشْكم ونعمان بن أوفى وَأَبُو أنس وشاس بن قيس وَمَالك بن الصَّيف فَقَالُوا: كَيفَ نتبعك وَقد تركت قبلتنا وَأَنت لَا تزْعم أَن عُزَيْرًا ابْن الله وَإِنَّمَا قَالُوا: هُوَ ابْن الله من أجل أَن عُزَيْرًا كَانَ فِي أهل الْكتاب وَكَانَت التَّوْرَاة عِنْدهم يعْملُونَ بهَا مَا شَاءَ الله تَعَالَى أَن يعملوا ثمَّ أضاعوها وَعمِلُوا بِغَيْر الْحق وَكَانَ التابوت فيهم فَلَمَّا رأى الله تَعَالَى أَنهم قد أضاعوا التَّوْرَاة وَعمِلُوا بالأهواء رفع الله عَنْهُم التابوت وأنساهم التَّوْرَاة ونسخها من صُدُورهمْ وَأرْسل عَلَيْهِم مَرضا فاستطلقت بطونهم مِنْهُم حَتَّى جعل الرجل يمشي كبده حَتَّى نسوا التَّوْرَاة وَنسخت من صُدُورهمْ وَفِيهِمْ عُزَيْر كَانَ من عُلَمَائهمْ فَدَعَا عُزَيْر الله عز وَجل وابتهل إِلَيْهِ أَن يرد إِلَيْهِ الَّذِي نسخ من صَدره فَبَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي مبتهلاً إِلَى الله تَعَالَى نزل نور من الله فَدخل جَوْفه فَعَاد إِلَيْهِ الَّذِي كَانَ ذهب من جَوْفه من التَّوْرَاة فَأذن فِي قومه فَقَالَ: يَا قوم قد آتَانِي الله التَّوْرَاة ردهَا إليّ فعلق يعلمهُمْ فَمَكَثُوا مَا شَاءَ الله أَن يمكثوا وَهُوَ يعلمهُمْ ثمَّ إِن التابوت نزل عَلَيْهِم بعد ذَلِك وَبعد ذَهَابه مِنْهُم فَلَمَّا رَأَوْا التابوت عرضوا مَا كَانُوا فِيهِ على الَّذِي كَانَ عُزَيْر يعلمهُمْ فَوَجَدَهُ مثله فَقَالُوا: وَالله مَا أُوتِيَ عُزَيْر هَذَا إِلَّا أَنه ابْن الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي اله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالَت الْيَهُود عُزَيْر ابْن الله} قَالَ: قَالَهَا رجل وَاحِد اسْمه فنحَاص وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كن نسَاء بني إِسْرَائِيل يجتمعن بِاللَّيْلِ فيصلين ويعتزلن ويذكرن مَا فضل الله تَعَالَى بِهِ على بني إِسْرَائِيل وَمَا أَعْطَاهُم ثمَّ سلط عَلَيْهِم شَرّ خلقه بخْتنصر فَحرق التَّوْرَاة وَخرب بَيت الْمُقَدّس وعزير يَوْمئِذٍ غُلَام فَقَالَ عُزَيْر: أَو كَانَ هَذَا فلحق الْجبَال والوحش فَجعل يتعبد فِيهَا وَجعل لَا يخالط النَّاس فَإِذا هُوَ ذَات يَوْم بِامْرَأَة عِنْد قبر وَهِي تبْكي فَقَالَ: يَا أمة الله اتقِي الله واحتسبي واصبري أما تعلمين أَن سَبِيل النَّاس إِلَى الْمَوْت فَقَالَت: يَا عُزَيْر اتنهاني أَن أبْكِي وَأَنت خلفت بني إِسْرَائِيل وَلَحِقت بالجبال والوحش قَالَت: إِنِّي لست بِامْرَأَة وَلَكِنِّي الدُّنْيَا وَأَنه سينبع فِي مصلاك عين وتنبت شَجَرَة فَاشْرَبْ من الْعين وكل من ثَمَرَة الشَّجَرَة فَإِنَّهُ سيأتيك ملكان فاتركهما يصنعان مَا أَرَادَا فَلَمَّا كَانَ من الْغَد نبعت الْعين ونبتت الشَّجَرَة فَشرب من مَاء الْعين وَأكل من ثَمَرَة الشَّجَرَة وَجَاء ملكان ومعهما قَارُورَة فِيهَا نور فأوجراه مَا فِيهَا

فألهمه الله التَّوْرَاة فجَاء فأملاه على النَّاس فَقَالُوا عِنْد ذَلِك: عُزَيْر بن الله تعإلى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دَعَا عُزَيْر ربه عز وَجل أَن يلقِي التَّوْرَاة كَمَا أنزل على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي قلبه فأنزلها الله تَعَالَى عَلَيْهِ فَبعد ذَلِك قَالُوا: عُزَيْر بن الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن حميد الْخَرَّاط رَضِي الله عَنهُ أَن عُزَيْرًا كَانَ يَكْتُبهَا بِعشْرَة أَقْلَام فِي كل أصْبع قلم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عُزَيْر يقْرَأ التَّوْرَاة ظَاهرا وَكَانَ قد أعطي من الْقُوَّة مَا ان كَانَ ينظر فِي شرف السَّحَاب فَعِنْدَ ذَلِك قَالَت الْيَهُود: عُزَيْر بن الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا قَالَت الْيَهُود عُزَيْر بن الله لأَنهم ظَهرت عَلَيْهِم العمالقة فَقَتَلُوهُمْ وَأخذُوا التَّوْرَاة وهرب عُلَمَائهمْ الَّذين بقوا فدفنوا كتب التَّوْرَاة فِي الْجبَال وَكَانَ عُزَيْر يتعبد فِي رُؤُوس الْجبَال لَا ينزل إِلَّا فِي يَوْم عيد فَجعل الْغُلَام يبكي يَقُول: رب تركت بني إِسْرَائِيل بِغَيْر عَالم فَلم يزل يبكيهم حَتَّى سقط أشفار عَيْنَيْهِ فَنزل مرّة إِلَى الْعِيد فَلَمَّا رَجَعَ إِذا هُوَ بِامْرَأَة قد مثلت لَهُ عِنْد قبر من تِلْكَ الْقُبُور تبْكي تَقول: يَا مطعماه يَا كاسياه فَقَالَ لَهَا: وَيحك من كَانَ يطعمك أَو يكسوك أَو يسقيك قبل هَذَا الرجل قَالَت: الله قَالَ: فَإِن الله حَيّ لم يمت قَالَت: يَا عُزَيْر فَمن كَانَ يعلم الْعلمَاء قبل بني إِسْرَائِيل قَالَ: الله قَالَت: فَلم تبْكي عَلَيْهِم فَلَمَّا عرف أَنه قد خصم ولى مُدبرا فدعته فَقَالَت: يَا عُزَيْر إِذا أَصبَحت غَدا فَائت نهر كَذَا وَكَذَا فاغتسل فِيهِ ثمَّ أخرج فصل رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَأْتِيك شيخ فَمَا أَعْطَاك فَخذه فَلَمَّا أصبح انْطلق عُزَيْر إِلَى ذَلِك النَّهر فاغتسل فِيهِ ثمَّ خرج فصلى رَكْعَتَيْنِ فَأَتَاهُ شيخ فَقَالَ: افْتَحْ فمك فَفتح فَمه فألقمه فِيهِ شَيْئا كَهَيئَةِ الْجَمْرَة الْعَظِيمَة مُجْتَمع كَهَيئَةِ الْقَوَارِير ثَلَاث مَرَّات فَرجع عُزَيْر وَهُوَ من أعلم النَّاس بِالتَّوْرَاةِ فَقَالَ: يَا بني إِسْرَائِيل إِنِّي قد جِئتُكُمْ بِالتَّوْرَاةِ فَقَالُوا لَهُ: مَا كنت كذابا فَعمد فَربط على كل أصْبع لَهُ قَلما ثمَّ كتب بأصابعه كلهَا فَكتب التَّوْرَاة فَلَمَّا رَجَعَ الْعلمَاء أخبروا بشأن عُزَيْر واستخرج أُولَئِكَ الْعلمَاء كتبهمْ الَّتِي كَانُوا رفعوها من التَّوْرَاة

فِي الْجبَال وَكَانَت فِي خواب مدفونة فعرضوها بتوراة عَزِيز فوجدوها مثلهَا فَقَالُوا: مَا أَعْطَاك الله إِلَّا وَأَنت ابْنه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث أَشك فِيهِنَّ فَلَا أَدْرِي أَعُزَيْر كَانَ نَبيا أم لَا وَلَا أَدْرِي أَلعن تبعا أم لَا قَالَ: ونسيت الثَّالِثَة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد شج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَجهه وَكسرت رباعيته فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ رَافعا يَدَيْهِ يَقُول إِن الله عز وَجل اشْتَدَّ غَضَبه على الْيَهُود أَن قَالُوا عُزَيْر ابْن الله وَاشْتَدَّ غَضَبه على النَّصَارَى إِن قَالُوا أَن الْمَسِيح ابْن الله وَإِن الله اشْتَدَّ غَضَبه على من أراق دمي وَآذَانِي فِي عِتْرَتِي وَأخرج ابْن النجار عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ عُزَيْر: يَا رب مَا عَلامَة من صافيته من خلقك فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن أقنعه باليسير وأدَّخر لَهُ فِي الْآخِرَة الْكثير وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {يضاهئون قَول الَّذين كفرُوا من قبل} قَالَ: قَالُوا مثل مَا قَالَ أهل الْأَدْيَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يضاهئون قَول الَّذين كفرُوا من قبل} يَقُول: ضاهت النَّصَارَى قَول الْيَهُود قبلهم فَقَالَت النَّصَارَى: الْمَسِيح بن الله كَمَا قَالَت الْيَهُود: عُزَيْر بن الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قَاتلهم الله} قَالَ: لعنهم الله وكل شَيْء فِي الْقُرْآن قتل فَهُوَ لعن وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَاتلهم الله} قَالَ: كلمة من كَلَام الْعَرَب الْآيَة 31

31

أخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عدي بن حَاتِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقْرَأ فِي سُورَة بَرَاءَة {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله} فَقَالَ: أما أَنهم لم يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكنهُمْ كَانُوا إِذا أحلُّوا لَهُم شَيْئا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذا حرمُوا عَلَيْهِم شَيْئا حرمُوهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي البخْترِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَ رجل حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: أَرَأَيْت قَوْله تَعَالَى {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله} أكانوا يَعْبُدُونَهُمْ قَالَ: لَا وَلَكنهُمْ كَانُوا إِذا أحلُّوا لَهُم شَيْئا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذا حرمُوا عَلَيْهِم شَيْئا حرمُوهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ {اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ} قَالَ: أما أَنهم لم يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكنهُمْ أطاعوهم فِي مَعْصِيّة الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {اتَّخذُوا أَحْبَارهم} الْيَهُود {وَرُهْبَانهمْ} النَّصَارَى {وَمَا أمروا} فِي الْكتاب الَّذِي أَتَاهُم وعهد إِلَيْهِم {إِلَّا ليعبدوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَه إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يشركُونَ} سبح نَفسه أَن يُقَال عَلَيْهِ الْبُهْتَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ {أَحْبَارهم} قراؤهم {وَرُهْبَانهمْ} علماؤهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْأَحْبَار من الْيَهُود والرهبان من النَّصَارَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الفضيل بن عِيَاض رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْأَحْبَار الْعلمَاء والرهبان الْعباد الْآيَة 32

32

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يُرِيدُونَ أَن يطفئوا نور الله بأفواههم} قَالَ: الإِسلام بكلامهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يُرِيدُونَ أَن يطفئوا نور الله} يَقُول: يُرِيدُونَ أَن يهْلك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه أَن لَا يعبدوا الله بالإِسلام فِي الأَرْض يَعْنِي بهَا كفار الْعَرَب وَأهل الْكتاب من حَارب مِنْهُم النب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ي وَكفر بآياته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يُرِيدُونَ أَن يطفئوا نور الله بأفواههم} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى الْآيَة 33

33

أخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يذهب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى تعبد اللات والعزى فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: يَا رَسُول الله إِنِّي كنت أَظن حِين أنزل الله {لِيظْهرهُ على الدّين كُله} أَن ذَلِك سَيكون تَاما فَقَالَ: إِنَّه سَيكون من ذَلِك إِن شَاءَ الله ثمَّ يبْعَث الله ريحًا طيبَة فيتوفى من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من خير فَيبقى من لَا خير فِيهِ يرجعُونَ إِلَى دين آبَائِهِم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى} يَعْنِي بِالتَّوْحِيدِ وَالْقُرْآن والإِسلام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ} قَالَ: يظْهر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَمر الدّين كُله فيعطيه إِيَّاه كُله وَلَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ وَكَانَ الْمُشْركُونَ وَالْيَهُود يكْرهُونَ ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: بعث الله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِيظْهرهُ على الدّين كُله فديننا فَوق الْملَل ورجالنا فَوق نِسَائِهِم وَلَا يكونُونَ رِجَالهمْ فَوق نسائنا

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لِيظْهرهُ على الدّين كُله} قَالَ: لَا يكون ذَلِك حَتَّى لَا يبْقى يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ صَاحب مِلَّة إِلَّا الإِسلام حَتَّى تأمن الشَّاة الذِّئْب وَالْبَقَرَة الْأسد والإِنسان الْحَيَّة وَحَتَّى لَا تقْرض فَأْرَة جراباً وَحَتَّى تُوضَع الْجِزْيَة وَيكسر الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير وَذَلِكَ إِذا نزل عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله فِي قَوْله {لِيظْهرهُ على الدّين كُله} قَالَ: الْأَدْيَان سِتَّة الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَالَّذين أشركوا فالأديان كلهَا تدخل فِي دين الإِسلام والإِسلام لَا يدْخل فِي شَيْء مِنْهَا فَإِن الله قضى فِيمَا حكم وَأنزل أَن يظْهر دينه على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لِيظْهرهُ على الدّين كُله} قَالَ: خُرُوج عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الْآيَة 34

34

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن كثيرا من الْأَحْبَار} يَعْنِي عُلَمَاء الْيَهُود {والرهبان} عُلَمَاء النَّصَارَى {ليأكلون أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ} وَالْبَاطِل كتب كتبوها لم ينزلها الله تَعَالَى فَأَكَلُوا بهَا النَّاس وَذَلِكَ قَول الله تَعَالَى (الَّذين يَكْتُبُونَ الْكتاب بِأَيْدِيهِم ثمَّ يَقُولُونَ هُوَ من عِنْد الله وَمَا هُوَ من عِنْد الله) (الْبَقَرَة الْآيَة 79) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أما الْأَحْبَار فَمن الْيَهُود وَأما الرهبان فَمن النَّصَارَى وَأما سَبِيل الله فمحمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الفضيل بن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اتبعُوا عَالم الْآخِرَة واحذروا عَالم الدُّنْيَا لَا يضركم بشكره ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {إِن كثيرا من الْأَحْبَار والرهبان ليأكلون أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ ويصدون عَن سَبِيل الله} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} الْآيَة قَالَ: هم الَّذين لَا يؤدون زَكَاة أَمْوَالهم وكل مَال لَا تُؤَدّى زَكَاته كَانَ على ظهر الأَرْض أَو فِي بَطنهَا فَهُوَ كنز وكل مَال أُدي زَكَاته فَلَيْسَ بكنز كَانَ على ظهر الأَرْض أَو فِي بَطنهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا أُدي زَكَاته فَلَيْسَ بكنز وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا أُدي زَكَاته فَلَيْسَ بكنز وَإِن كَانَ تَحت سبع أَرضين وَمَا لم تُؤَد زَكَاته فَهُوَ كنز وَإِن كَانَ ظَاهرا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا مثله وَأخرج ابْن عدي والخطيب عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي مَال أدّيت زَكَاته فَلَيْسَ كنز وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ مَوْقُوفا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبُخَارِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا كَانَ هَذَا قبل أَن تنزل الزَّكَاة فَلَمَّا أنزلت جعلهَا الله طهرة للأموال ثمَّ قَالَ: مَا أُبَالِي لَو كَانَ عِنْدِي مثل أحد ذَهَبا اعْلَم عدده أزكيه وأعمل فِيهِ بِطَاعَة الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعد بن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا بَاعَ دَارا على عهد عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ لَهُ عمر: احرز ثمنهَا احْفِرْ تَحت فرَاش امْرَأَتك فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَو لَيْسَ كنز قَالَ: لَيْسَ بكنز مَا أُدي زَكَاته وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ام سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله إِن لي أَوْضَاحًا من ذهب أَو فضَّة أفكنز هُوَ قَالَ: كل شَيْء تُؤَدّى زَكَاته فَلَيْسَ بكنز

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن شاهين فِي التَّرْغِيب فِي الذّكر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: لَو علمنَا أَي المَال خير فَنَتَّخِذهُ فَقَالَ أفضله لِسَان ذَاكر وقلب شَاكر وَزَوْجَة مُؤمنَة تعينه على إيمَانه وَفِي لفظ: تعينه على أَمر الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} كبر ذَلِك على الْمُسلمين وَقَالُوا: مَا يَسْتَطِيع أحد منا لوَلَده مَالا يبْقى بعده فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: أَنا أفرج عَنْكُم فَانْطَلق عمر رَضِي الله عَنهُ وَاتبعهُ ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِنَّه قد كبر على أَصْحَابك هَذِه الْآيَة فَقَالَ إِن الله لم يفْرض الزَّكَاة إِلَّا ليطيب بهَا مَا بَقِي من أَمْوَالكُم وَإِنَّمَا فرض الْمَوَارِيث من أَمْوَال تبقى بعدكم فَكبر عمر رَضِي الله عَنهُ ثمَّ قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أخْبرك بِخَير مَا يكنز الْمَرْء الْمَرْأَة الصَّالِحَة الَّتِي إِذا نظر إِلَيْهَا سرته وَإِذا أمرهَا أَطَاعَته وَإِذا غَابَ عَنْهَا حفظته وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الصَّالِحَة الَّتِي إِذا نظر إِلَيْهَا سرته وَإِذا أمرهَا أَطَاعَته وَإِذا غَابَ عَنْهَا حفظته وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} الْآيَة قَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نزل الْيَوْم فِي الْكَنْز مَا نزل فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله مَاذَا نكنز الْيَوْم قَالَ لِسَانا ذَاكِرًا وَقَلْبًا شاكراً وَزَوْجَة صَالِحَة تعين أحدكُم على إيمَانه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا أخرجت صَدَقَة كَنْزك فقد أذهبت شَره وَلَيْسَ بكنز وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} قَالَ: هم أهل الْكتاب وَقَالَ: هِيَ خَاصَّة وَعَامة وَأخرج ابْن الضريس عَن علْبَاء بن أَحْمَر أَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ

قَالَ: لما أَرَادَ أَن يكْتب الْمَصَاحِف أَرَادوا أَن يلغوا الْوَاو الَّتِي فِي بَرَاءَة {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} قَالَ لَهُم أبي رَضِي الله عَنهُ: لتلحقنها أَو لأضعن سَيفي على عَاتِقي فالحقوها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَرْبَعَة آلَاف فَمَا دونهَا نَفَقَة وَمَا فَوْقهَا كنز وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} قَالَ: هَؤُلَاءِ أهل الْقبْلَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عرَاك بن مَالك وَعمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا: فِي قَول الله {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة} قَالَا: نسختها الْآيَة الْأُخْرَى (خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا) (الْآيَة) الْآيَة 35

35

أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من صَاحب ذهب وَلَا فضَّة لَا يُؤَدِّي حَقّهَا إِلَّا جعلت لَهُ يَوْم الْقِيَامَة صَفَائِح ثمَّ أحمي عَلَيْهَا فِي نَار جَهَنَّم ثمَّ يكوى بهَا جَبينه وجبهته وظهره فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة حَتَّى يقْضِي بَين النَّاس فَيرى سَبيله إِمَّا إِلَى الْجنَّة أَو إِلَى النَّار وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يوضع الدِّينَار على الدِّينَار وَلَا الدِّرْهَم على الدِّرْهَم وَلَكِن يُوسع الله جلده {فتكوى بهَا جباههم وجنوبهم وظهورهم هَذَا مَا كنزتم لأنفسكم فَذُوقُوا مَا كُنْتُم تكنزون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَوْم يحمى عَلَيْهَا فِي نَار جَهَنَّم} قَالَ: لَا يعذب رجل بكنز يكنزه فيمس دِرْهَم

درهما وَلَا دِينَار دِينَارا وَلَكِن يُوسع جلده حَتَّى يوضع كل دِينَار وَدِرْهَم على حِدته وَلَا يمس دِرْهَم درهما وَلَا دِينَار دِينَارا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فتكوى بهَا} الْآيَة قَالَ: يُوسع بهَا جلده وَأخرج أَبُو الشَّيْخ رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يَوْم يحمى عَلَيْهَا} الْآيَة قَالَ: حَيَّة تنطوي على جَنْبَيْهِ وجبهته فَتَقول: أَنا مَالك الَّذِي بخلت بِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ثَوْبَان رَضِي الله قَالَ: مَا من رجل يَمُوت وَعِنْده أَحْمَر وأبيض إِلَّا جعل الله لَهُ بِكُل قِيرَاط صفحة من نَار تكوى بهَا قدمه إِلَى ذقنه مغفوراً لَهُ بعد أَو معذباً وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا نَحوه وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بشر أَصْحَاب الْكُنُوز بكي فِي الجباه وَفِي الْجنُوب وَفِي الظُّهُور وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَرَرْت على أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ بالربذة فَقلت: مَا أنزلك بِهَذِهِ الأَرْض قَالَ: كتابا لشام فَقَرَأت {وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل الله فبشرهم بِعَذَاب أَلِيم} فَقَالَ مُعَاوِيَة: مَا هَذَا فِينَا هَذِه فِي أهل الْكتاب قلت أَنا: إِنَّهَا لفينا وَفِيهِمْ وَأخرج مُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْأَحْنَف بن قيس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: بَشِّر الكانزين بكيٍّ من قبل ظُهُورهمْ يخرج من جنُوبهم وكَي من جباهم يخرج من أقفائهم فَقلت: مَاذَا قَالَ: مَا قلت إِلَّا مَا سَمِعت من نَبِيّهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن خليلي عهد إليَّ أَن أَي مَال ذهب أَو فضَّة أوكئ عَلَيْهِ فَهُوَ جمر على صَاحبه حَتَّى يفرغه فِي سَبِيل الله وَكَانَ إِذا أَخذ عطاءه دَعَا خادمه فَسَأَلَهُ عَمَّا يَكْفِيهِ لسنة فَاشْتَرَاهُ ثمَّ اشْترى فُلُوسًا بِمَا بَقِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الإِبل صدقتها وَفِي الْبَقر صدقتها وَفِي الْغنم صدقتها وَفِي الْبَز صدقته فَمن رفع دِينَار أَو درهما أَو تبراً أَو فضَّة لَا يعده لغريمه وَلَا يُنْفِقهُ فِي سَبِيل الله فَهُوَ كنز يكوى بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه قَالَ الدِّينَار كنز وَالدِّرْهَم كنز والقيراط كنز وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ نصل سيف أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ من فضَّة فَقَالَ لَهُ أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ: أما سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من رجل ترك صفراء وَلَا بَيْضَاء إِلَّا كوي بهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من أحد يَمُوت فَيتْرك صفراء أَو بَيْضَاء إِلَّا كوي بهَا يَوْم الْقِيَامَة مغفوراً لَهُ بعد أَو معذباً وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من ذِي كنز لَا يُؤَدِّي حَقه إِلَّا جِيءَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة يكوى بِهِ جَبينه وجبهته وَقيل لَهُ: هَذَا كَنْزك الَّذِي بخلت بِهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو بكر الشَّافِعِي فِي الغيلانيات عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله فرض على أَغْنِيَاء الْمُسلمين فِي أَمْوَالهم الْقدر الَّذِي يسع فقراءهم وَلنْ يجْهد الْفُقَرَاء إِذا جَاعُوا أَو عروا إِلَّا بِمَا يمْنَع أغنياؤهم أَلا وَإِن الله يحاسبهم حسابا شَدِيدا أَو يعذبهم عذَابا أَلِيمًا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَانع الزَّكَاة يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَانع الزَّكَاة لَيْسَ بِمُسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا صَلَاة إِلَّا بِزَكَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ لاوي الصَّدَقَة - يَعْنِي مانعها - مَلْعُون على لِسَان مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن بِلَال قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا بِلَال الق الله فَقِيرا وَلَا تلقه غَنِيا قلت: وَكَيف لي بذلك قَالَ: إِذا رزقت فَلَا تخبا وَإِذا سُئِلت فَلَا تمنع قلت: وَكَيف لي بذلك قَالَ: هُوَ ذَاك وَإِلَّا فَالنَّار وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي بكر بن الْمُنْكَدر قَالَ: بعث حبيب بن سَلمَة إِلَى أبي ذَر وَهُوَ أَمِير الشَّام بثلاثمة دِينَار وَقَالَ: اسْتَعِنْ بهَا على حَاجَتك فَقَالَ أَبُو ذَر: ارْجع بهَا إِلَيْهِ أما وجد أحدا أغر بِاللَّه منا مَا لنا إِلَّا الظل نتوارى بِهِ وَثَلَاثَة من غنم تروح علينا ومولاة لنا تصدق علينا بخدمتها ثمَّ إِنِّي لأَنا أَتَخَوَّف الْفضل وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذُو الدرهمين أَشد حبسا من ذِي الدِّرْهَم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن الْأَحْنَف بن قيس قَالَ: جَلَست إِلَى مَلأ من قُرَيْش فجَاء رجل خشن الشّعْر وَالثيَاب والهيئة حَتَّى قَامَ عَلَيْهِم فَسلم ثمَّ قَالَ: بشر الكانزين برضف يحمي عَلَيْهِ فِي نَار جَهَنَّم ثمَّ يوضع على حلمة ثدي أحدهم حَتَّى يخرج من نغض كتفه وَيُوضَع على نغض كتفه حَتَّى يخرج من حلمة ثديه فيتدلدل ثمَّ ولي وَجلسَ إِلَى سَارِيَة وتبعته وَجَلَست إِلَيْهِ وَأَنا لَا أَدْرِي من هُوَ فَقلت: لَا أرى الْقَوْم إِلَّا قد كَرهُوا مَا قلت قَالَ: إِنَّهُم لَا يعْقلُونَ شَيْئا قَالَ لي خليلي قلت: من خَلِيلك قَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتبصر أحدا قلت: نعم قَالَ: مَا أحب أَن يكون لي مثل أحد ذَهَبا انفقه كُله إِلَّا ثَلَاثَة دَنَانِير وَإِن هَؤُلَاءِ لَا يعْقلُونَ انما يجمعُونَ للدنيا وَالله لَا أسألهم دنيا وَلَا استفتيهم عَن دين حَتَّى ألْقى الله عز وَجل وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: كَانَ أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ يسمع من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَمر فِيهِ الشدَّة ثمَّ يخرج إِلَى باديته ثمَّ يرخص فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك فيحفظ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك الْأَمر الرُّخْصَة فَلَا يسْمعهَا أَبُو ذَر فَيَأْخُذ أَبُو ذَر بِالْأَمر الأول الَّذِي سمع قبل ذَلِك الْآيَة 36

36

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي بكرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب فِي حجَّته فَقَالَ: أَلا إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض السّنة اثْنَا عشر شهرا: مِنْهَا أَرْبَعَة حرم ثَلَاثَة مُتَوَالِيَات ذُو الْعقْدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم وَرَجَب مُضر الَّذِي بَين جُمَادَى وَشَعْبَان وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حرم ثَلَاثَة مُتَوَالِيَات وَرَجَب مُضر بَين جُمَادَى وَشَعْبَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع بمنى فِي أَوسط أَيَّام التَّشْرِيق فَقَالَ أَيهَا النَّاس إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا مِنْهَا أَرْبَعَة حرم أولهنَّ رَجَب مُضر بَين جُمَادَى وَشَعْبَان وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب النَّاس فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حرم ثَلَاث مُتَوَالِيَات رَجَب مُضر حرَام إِلَّا وَإِن النسيء زِيَادَة فِي الْكفْر يضل بِهِ الَّذين كفرُوا وَأخرج أَحْمد والبارودي وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي حَمْزَة الرقاشِي عَن عَمه - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة - قَالَ: كنت آخِذا بزمام نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَوسط أَيَّام التَّشْرِيق أذود النَّاس عَنهُ فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس هَل تَدْرُونَ فِي أَي شهر أَنْتُم وَفِي أَي يَوْم أَنْتُم وَفِي أَي بلد أَنْتُم قَالُوا: فِي يَوْم حرَام وَشهر حرَام وبلد حرَام قَالَ: فَإِن دمائكم وَأَمْوَالكُمْ واعراضكم عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا إِلَى يَوْم تلقونه ثمَّ قَالَ: اسمعوا مني تعيشوا أَلا لَا

تتظالموا أَلا لَا تتظالموا إِنَّه لَا يحل مَال امرىء إِلَّا بِطيب نفس مِنْهُ أَلا أَن كل دم وَمَال ومأثرة كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة تَحت قدمي هَذِه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَإِن أول دم يوضع دم ربيعَة بن الْحَرْث بن عبد الْمطلب كَانَ مسترضعاً فِي بني لَيْث فَقتله هُذَيْل أَلا وَإِن كل رَبًّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع وَإِن الله قضى أَن أول رَبًّا يوضع رَبًّا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب لكم رُؤُوس أَمْوَالكُم لَا تظْلمُونَ وَلَا تظْلمُونَ أَلا إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض أَلا وَإِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا فِي كتاب الله يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حرم ذَلِك الدّين الْقيم فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم أَلا لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض إِلَّا إِن الشَّيْطَان قد آيس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة الْعَرَب وَلكنه فِي التحريش بَينهم وَاتَّقوا الله فِي النِّسَاء فانهن عوان عنْدكُمْ لَا يملكن لأنفسهن شَيْئا وَإِن لَهُنَّ عَلَيْكُم حَقًا وَلكم عَلَيْهِنَّ حَقًا أَن لَا يطئن فرشكم أحدا غَيْركُمْ وَلَا يَأْذَن فِي بُيُوتكُمْ لأحد تكرهونه فَإِن خِفْتُمْ نشوزهن فعظوهن واهجروهن فِي الْمضَاجِع واضربوهن ضربا غير مبرح ولهن رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ وَإِنَّمَا أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله أَلا وَمن كَانَت عِنْده أَمَانَة فليؤدها إِلَى من ائتمنه عَلَيْهَا وَبسط يَدَيْهِ وَقَالَ: اللهمَّ قد بلغت أَلا هَل بلغت ثمَّ قَالَ: ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب فَإِنَّهُ رُبَّ مبلغ أسعد من سامع وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {مِنْهَا أَرْبَعَة حرم} قَالَ: المحرَّم وَرَجَب وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّينَ حُرُماً لِئَلَّا يكون فِيهِنَّ حَرْب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ذَلِك الدّين الْقيم} قَالَ: الْقَضَاء الْقيم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن محببة الْبَاهِلِيّ عَن أَبِيه أَو عَمه أَنه آتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْلَمْ ثمَّ انْطلق فَأَتَاهُ بعد سنة وَقد تَغَيَّرت حَاله وهيئته فَقَالَ: يَا رَسُول الله وَمَا تعرفنِي قَالَ: وَمن أَنْت قَالَ: أَنا الْبَاهِلِيّ الَّذِي جئْتُك عَام الأول قَالَ: فَمَا غيَّرك وَقد كنت حسن الْهَيْئَة قَالَ: مَا أكلت طَعَاما مُنْذُ فارقتك إِلَّا قَلِيل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم عذبت نَفسك ثمَّ قَالَ: صم شهر

الصَّبْر وَيَوْما من كل شهر قَالَ: زِدْنِي فَإِن لي قُوَّة قَالَ: صم يَوْمَيْنِ قَالَ: زِدْنِي قَالَ: صم ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ: زِدْنِي قَالَ: صم من الْحرم واترك صم من الْحرم واترك وَقَالَ بأصابعه الثَّلَاثَة فَضمهَا ثمَّ أرسلها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ من شهر حرَام الْخَمِيس وَالْجُمُعَة والسبت كتب الله لَهُ عبَادَة سنتَيْن وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن عُثْمَان بن حَكِيم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ عَن صِيَام رَجَب فَقَالَ: اخبرني ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَصُوم حَتَّى نقُول لَا يفْطر وَيفْطر حَتَّى نقُول لَا يَصُوم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَامَ يَوْمًا من رَجَب كَانَ كصيام سنة وَمن صَامَ سَبْعَة أَيَّام غلقت عَنهُ سَبْعَة أَبْوَاب جَهَنَّم وَمن صَامَ ثَمَانِيَة أَيَّام فتحت لَهُ ثَمَانِيَة أَبْوَاب الْجنَّة وَمن صَامَ عشرَة أَيَّام لم يسْأَل الله عز وَجل شَيْئا الا أعطَاهُ وَمن صَامَ خَمْسَة عشر يَوْمًا نَادَى مُنَاد من السَّمَاء قد غفرت لَك مَا سلف فاستأنف الْعَمَل قد بدلت سَيِّئَاتكُمْ حَسَنَات من زَاد زَاده الله وَفِي رَجَب حمل نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي السَّفِينَة فصَام نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَأمر من مَعَه أَن يَصُومُوا وَجَرت بهم السَّفِينَة سِتَّة أشهر إِلَى آخر ذَلِك لعشر خلون من الْمحرم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ والأصبهاني عَن أبي قلَابَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي الْجنَّة قصر لصوام رَجَب قَالَ الْبَيْهَقِيّ: مَوْقُوف على أبي قلَابَة وَهُوَ من التَّابِعين فَمثله لَا يَقُول ذَلِك إِلَّا عَن بَلَاغ عَمَّن فَوْقه مِمَّن يَأْتِيهِ الْوَحْي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يصم بعد رَمَضَان إِلَّا رَجَب وَشَعْبَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رَجَب شهر الله ويدعى الْأَصَم وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا دخل رَجَب يعطلون أسلحتهم ويضعونها فَكَانَ النَّاس ينامون ويأمن السَّبِيل وَلَا يخَافُونَ بَعضهم بَعْضًا حَتَّى يَنْقَضِي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قيس بن أبي حَازِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كن نسمي رَجَب الْأَصَم فِي الْجَاهِلِيَّة من شدَّة حرمته فِي أَنْفُسنَا وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي رَجَاء العطاردي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا فِي

الْجَاهِلِيَّة إِذا دخل رَجَب نقُول: جَاءَ منصل الأسِنَّة لَا نَدع حَدِيدَة فِي سهم وَلَا حَدِيدَة فِي رمح إِلَّا انتزعناها فألقيناها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قيس بن أبي حَازِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نسمي رَجَب الْأَصَم فِي الْجَاهِلِيَّة من شدَّة حرمته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَجَب يَوْم وَلَيْلَة من صَامَ ذَلِك الْيَوْم وَقَامَ تِلْكَ اليلة كَانَ كمن صَامَ من الدَّهْر مائَة سنة وَقَامَ مائَة سنة وَهُوَ لثلاث بَقينَ من رَجَب وَفِيه بعث الله مُحَمَّدًا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا فِي رَجَب لَيْلَة يكْتب لِلْعَامِلِ فِيهَا حَسَنَة مائَة سنة وَذَلِكَ لثلاث بَقينَ من رَجَب فَمن صلى فِيهَا اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة يقْرَأ فِي كل رَكْعَة فَاتِحَة الْكتاب وَسورَة من الْقُرْآن يتَشَهَّد فِي كل رَكْعَتَيْنِ وَيسلم فِي آخِرهنَّ ثمَّ يَقُول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر مائَة مرّة ويستغفر الله مائَة مرّة وَيُصلي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة مرّة وَيَدْعُو لنَفسِهِ مَا شَاءَ من أَمر دُنْيَاهُ وآخرته وَيُصْبِح صَائِما فَإِن الله يستجيب دعاءه كُله إِلَّا أَن يَدْعُو فِي الْمعْصِيَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا أَضْعَف من الَّذِي قبله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ: إِنَّه مِنْكُن بِمرَّة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا خيرة الله من الشُّهُور شهر رَجَب وَهُوَ شهر الله من عظم شهر رَجَب فقد عظم أَمر الله وَمن عظم أَمر الله أدخلهُ جنَّات النَّعيم وَأوجب لَهُ رضوانه الْأَكْبَر وَشَعْبَان شَهْري فَمن عظم شهر شعْبَان فقد عظم أَمْرِي وَمن عظم أَمْرِي كنت لَهُ فرطا وذخراً يَوْم الْقِيَامَة وَشهر رَمَضَان شهر أمتِي فَمن عظم شهر رَمَضَان وَعظم حرمته وَلم ينتهكه وَصَامَ نَهَاره وَقَامَ ليله وَحفظ جوارحه خرج من رَمَضَان وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْب يَطْلُبهُ الله بِهِ وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن صَوْم رَجَب كُله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا فِي كتاب الله} قَالَ: يقرب بهَا شَرّ النسىء مَا نقص من السّنة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا فِي كتاب الله} ثمَّ

اخْتصَّ من ذَلِك أَرْبَعَة أشهر فجعلهن حرم وَعظم حرماتهن وَجعل الذَّنب فِيهِنَّ أعظم وَالْعَمَل الصَّالح وَالْأَجْر أعظم {فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم} قَالَ: فِي كُلهنَّ {وقاتلوا الْمُشْركين كَافَّة} يَقُول: جَمِيعًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم} قَالَ: إِن الظُّلم فِي الشَّهْر الْحَرَام أعظم خَطِيئَة ووزراً من الظُّلم فِيمَا سواهُ وَإِن كَانَ الظُّلم على كل حَال عَظِيما وَلَكِن الله يعظم من أمره مَا شَاءَ وَقَالَ: إِن الله اصْطفى صفايا من خلقه اصْطفى من الْمَلَائِكَة رسلًا وَمن النَّاس رسلًا وَاصْطفى من الْكَلَام ذكره وَاصْطفى من الأَرْض الْمَسَاجِد وَاصْطفى من الشُّهُور رَمَضَان وَاصْطفى من الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة وَاصْطفى من اللَّيَالِي لية الْقدر فَعَظمُوا مَا عظم الله فَإِنَّمَا تعظم الْأُمُور لما عظمها الله تَعَالَى بِهِ عِنْد أهل الْفَهم وَالْعقل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم} قَالَ: فِي الشُّهُور كلهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم} قَالَ: الظُّلم الْعَمَل لمعاصي الله وَالتّرْك لطاعته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل فِي قَوْله {وقاتلوا الْمُشْركين كَافَّة} قَالَ: نسخت هَذِه الْآيَة كل آيَة فِيهَا رخصَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن كَعْب قَالَ: اخْتَار الله الْبلدَانِ فَأحب الْبلدَانِ إِلَى الله الْبَلَد الْحَرَام وَاخْتَارَ الله الزَّمَان فاحب الزَّمَان إِلَى الله الْأَشْهر الْحرم واحب الْأَشْهر إِلَى الله ذُو الْحجَّة وَأحب ذُو الْحجَّة إِلَى الله الْعشْر الأول مِنْهُ وَاخْتَارَ الله الْأَيَّام فَأحب الْأَيَّام إِلَى الله يَوْم الْجُمُعَة وَأحب اللَّيَالِي إِلَى الله لَيْلَة الْقدر وَاخْتَارَ الله سَاعَات وَاللَّيْل وَالنَّهَار فَأحب السَّاعَات إِلَى الله سَاعَات الصَّلَوَات المكتوبات وَاخْتَارَ الله الْكَلَام فَأحب الْكَلَام إِلَى الله لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله الْآيَة 37

37

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: كَانَت الْعَرَب يحلونَ عَاما شهرا وعاماً شَهْرَيْن وَلَا يصيبون الْحَج إِلَّا فِي كل سِتَّة وَعشْرين سنة مرّة وَهُوَ النسىء الَّذِي ذكر الله تَعَالَى فِي كِتَابه فَلَمَّا كَانَ عَام الْحَج الْأَكْبَر ثمَّ حج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْعَام الْمقبل فَاسْتقْبل النَّاس الْأَهِلّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر قَالَ وقف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْعقبَةِ فَقَالَ: إِن النسىء من الشَّيْطَان {زِيَادَة فِي الْكفْر يضل بِهِ الَّذين كفرُوا يحلونه عَاما ويحرمونه عَاما} فَكَانُوا يحرمُونَ الْمحرم عَاما ويحرمون صفراً عَاما ويستحلون الْمحرم وَهُوَ النسىء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ جُنَادَة بن عَوْف الْكِنَانِي يُوفي الْمَوْسِم كل عَام وَكَانَ يكنى أَبَا ثمادة فينادي: أَلا أَن أَبَا ثمادة لَا يخَاف وَلَا يعاب أَلا إِن صفر الأول حَلَال وَكَانَ طوائف من الْعَرَب إِذا أَرَادوا أَن يُغيرُوا على بعض عدوهم أَتَوْهُ فَقَالُوا: أحل لنا هَذَا الشَّهْر - يعنون صفر - وَكَانَت الْعَرَب لَا تقَاتل فِي الْأَشْهر الْحرم فيحله لَهُم عَاما ويحرمه عَلَيْهِم فِي الْعَام الآخر وَيحرم الْمحرم فِي قَابل {ليواطئوا عدَّة مَا حرم الله} يَقُول: ليجعلوا الْحرم أَرْبَعَة غير أَنهم جعلُوا صفراً عَاما حَلَالا وعاماً حَرَامًا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت النساة حَيا من بني مَالك من كنَانَة من بني تَمِيم فَكَانَ أخراهم رجلا يُقَال لَهُ القلمس وَهُوَ الَّذِي أنسأ الْمحرم وَكَانَ ملكا كَانَ يحل الْمحرم عَاما ويحرمه عَاما فَإِذا حرمه كَانَت ثَلَاثَة أشهر مُتَوَالِيَة ذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم وَهِي الْعدة الَّتِي حرم الله فِي عهد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا أحله دخل مَكَانَهُ صفر فِي الْمحرم ليواطئ الْعدة يَقُول: قد أكملت الْأَرْبَعَة كَمَا كَانَت لِأَنِّي لم أحل شهرا إِلَّا وَقد حرمت مَكَانَهُ شهرا فَكَانَت على ذَلِك الْعَرَب من يدين للقلمس بِملكه حَتَّى بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأكمل الْحرم ثَلَاثَة أشهر مُتَوَالِيَة وَرَجَب شهر مُضر الَّذِي بَين جُمَادَى وَشَعْبَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي وَائِل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا النسيء زِيَادَة فِي الْكفْر} قَالَ: نزلت فِي رجل من بني كنَانَة يُقَال لَهُ نسيّ كَانَ يَجْعَل الْمحرم صفراً ليستحل فِيهِ الْمَغَانِم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي وَائِل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّاسِي رجلا من كنَانَة ذَا رَأْي يَأْخُذُونَ من رَأْيه رَأْسا فيهم فَكَانَ عَاما يَجْعَل الْمحرم صفراً فيغيرون فِيهِ ويستحلونه فيصيبون فيغنمون وَكَانَ عَاما يحرمه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا النسيء زِيَادَة فِي الْكفْر} الْآيَة قَالَ: عمد أنَاس من أهل الضَّلَالَة فزادوا صفر فِي أشهر الْحرم وَكَانَ يقوم قَائِلهمْ فِي الْمَوْسِم فَيَقُول: إِن آلِهَتكُم قد حرمت صفر فيحرمونه ذَلِك الْعَام وَكَانَ يُقَال لَهما الصفران وَكَانَ أول من نسأ النسىء بَنو مَالك من كنَانَة وَكَانُوا ثَلَاثَة أَبُو ثُمَامَة صَفْوَان بن أُميَّة أحد بني تَمِيم بن الْحَرْث ثمَّ أحد بني كنَانَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا النسيء زِيَادَة فِي الْكفْر} قَالَ: فرض الله الْحَج فِي ذِي الْحجَّة وَكَانَ الْمُشْركُونَ يسمون الْأَشْهر ذِي الْحجَّة وَالْمحرم وصفر وربيع وربيع وجمادى وجمادى وَرَجَب وَشَعْبَان ورمضان وشوال وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة ثمَّ يحجون فِيهِ ثمَّ يسكتون عَن الْمحرم فَلَا يذكرُونَهُ ثمَّ يعودون فيسمون صفر صفر ثمَّ يسمون رَجَب جُمَادَى الآخر ثمَّ يسمون شعْبَان رَمَضَان ورمضان شَوَّال ويسمون ذَا الْقعدَة شَوَّال ثمَّ يسمون ذَا الْحجَّة ذَا الْقعدَة ثمَّ يسمون الْمحرم ذَا الْحجَّة ثمَّ يحجون فِيهِ واسْمه عِنْدهم ذُو الْحجَّة ثمَّ عَادوا مثل هَذِه الْقِصَّة فَكَانُوا يحجون فِي كل شهر عَاما حَتَّى وَافق حجَّة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ الْآخِرَة من الْعَام فِي ذِي الْقعدَة ثمَّ حج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّته الَّتِي حج فِيهَا فَوَافَقَ ذُو الْحجَّة فَذَلِك حِين يَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خطبَته إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْم خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ رجل من بني كنَانَة يُقَال لَهُ جُنَادَة بن عَوْف يكنى أَبَا أُمَامَة ينسئ الشُّهُور وَكَانَت الْعَرَب يشْتَد عَلَيْهِم أَن يمكثوا ثَلَاثَة أشهر لَا يُغيرُوا بَعضهم على بعض فَإِذا أَرَادَ أَن يُغير على أحد قَامَ يَوْمًا بمنى فَخَطب فَقَالَ: إِنِّي قد أحللت الْمحرم وَحرمت صفر مَكَانَهُ فَيُقَاتل النَّاس فِي الْمحرم فَإِذا كَانَ صفر عَمدُوا وَوَضَعُوا الأسنَّة ثمَّ يقوم فِي قَابل فَيَقُول: إِنِّي قد أحللت صفر وَحرمت الْمحرم فيواطئوا أَرْبَعَة أشهر فيحلوا الْمحرم

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يحلونه عَاما ويحرمونه عَاما} قَالَ: هُوَ صفر كَانَت هوَازن وغَطَفَان يحلونه سنة ويحرمونه سنة الْآيَة 38

38

أخرج سنيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا مَا لكم إِذا قيل لكم انفروا} الْآيَة قَالَ: هَذَا حِين أمروا بغزوة تَبُوك بعد الْفَتْح وحنين أَمرهم بالنفير فِي الصَّيف حِين خرقت الأَرْض فطابت الثِّمَار واشتهوا الظلال وشق عَلَيْهِم الْمخْرج فَأنْزل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (انفروا خفافا وثقالا) (التَّوْبَة الْآيَة 41) قَوْله تَعَالَى: {أرضيتم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا من الْآخِرَة فَمَا مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا قَلِيل} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن المستور رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتذاكروا الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا الدُّنْيَا بَلَاغ للآخرة فِيهَا الْعَمَل وفيهَا الصَّلَاة وفيهَا الزَّكَاة وَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم: الْآخِرَة فِيهَا الْجنَّة وَقَالُوا مَا شَاءَ الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا كَمَا يمشي أحدكُم إِلَى اليم فَأدْخل أُصْبُعه فِيهِ فَمَا خرج مِنْهُ فَهِيَ الدُّنْيَا وَأخرجه أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن المستور بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت فِي ركب مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ مر بسخلة ميتَة فَقَالَ أَتَرَوْنَ هَذِه هَانَتْ على أَهلهَا حِين ألقوها قَالُوا: من هوانها ألقوها يَا رَسُول الله قَالَ: فالدنيا أَهْون على الله من هَذِه على أَهلهَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله جعل الدُّنْيَا قَلِيلا وَمَا بَقِي مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيل كالثعلب فِي الغدير شرب صَفوه وَبَقِي كدره

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: دخل عمر رَضِي الله عَنهُ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على حَصِير قد أثر فِي جنبه فَقَالَ: يَا رَسُول الله لَو اتَّخذت فرشاً أوثر من هَذَا فَقَالَ مَا لي وللدنيا وَمَا للدنيا وَمَا لي وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا مثلي وَمثل الدُّنْيَا إِلَّا كراكب سَار فِي يَوْم صَائِف فاستظل تَحت شَجَرَة سَاعَة ثمَّ رَاح وَتركهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَام على حَصِير فَقَامَ وَقد أثر فِي جنبه فَقُلْنَا يَا رَسُول الله: لَو اتخذنا لَك فَقَالَ: مَا لي وللدنيا مَا أَنا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كراكب استظل تَحت ظلّ شَجَرَة ثمَّ رَاح وَتركهَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سهل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذِي الحليفة فَرَأى شَاة شَائِلَة برجلها فَقَالَ أَتَرَوْنَ هَذِه الشَّاة هينة على صَاحبهَا قَالُوا: نعم يَا رَسُول الله قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ للدنيا أَهْون على الله من هَذِه على صَاحبهَا وَلَو كَانَت تعدل عِنْد الله جنَاح بعوضة مَا سقِِي الْكَافِر مِنْهَا شربة مَاء وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أحب دُنْيَاهُ أضرّ بآخرته وَمن أحب آخرته أضرَّ بدنياه فآثروا مَا يبْقى على مَا يفنى وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المنامات وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنَّه لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا مثل الذُّبَاب تمور فِي جوها فَالله الله فِي اخوانكم من أهل الْقُبُور فَإِن أَعمالكُم تعرض عَلَيْهِم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة بن النُّعْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أحب الله عبدا حماه من الدُّنْيَا كَمَا يحمي أحدكُم مريضه المَاء وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: حلوة الدُّنْيَا مرّة الْآخِرَة وَمرَّة الدُّنْيَا حلوة الْآخِرَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: أكلت لَحْمًا كثيرا وثريداً ثمَّ جِئْت فَقَعَدت قبال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعلت أتجشأ فَقَالَ اقصر من جشائك فَإِن أَكثر النَّاس شبعاً فِي الدُّنْيَا أَكْثَرهم جوعا فِي الْآخِرَة

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عَائِشَة إِن أردْت اللحوق بِي فليكفك من الدُّنْيَا كزاد الرَّاكِب وَلَا تستخلفي ثوبا حَتَّى ترقعيه وَإِيَّاك ومجالسة الْأَغْنِيَاء وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن سعد بن طَارق رَضِي الله عَنهُ عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعمت الدَّار الدُّنْيَا لمن تزوّد مِنْهَا لآخرته حَتَّى يُرْضِي ربه وبئست الدَّار لمن صدته عَن آخرته وَقصرت بِهِ عَن رضَا ربه وَإِذا قَالَ العَبْد: قبَّح الله الدُّنْيَا قَالَت الدُّنْيَا: قبح الله أعصانا لرَبه وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعظ فَقَالَ: ازهد الدُّنْيَا يحبك الله وازهد فِيمَا فِي أَيدي النَّاس يحبك النَّاس وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن وسننه فَإِذا خرج من الدُّنْيَا فَارق السجْن وَالسّنة وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أصبح وَالدُّنْيَا أكبر همه فَلَيْسَ من الله فِي شَيْء وَمن لم يهتم للْمُسلمين فَلَيْسَ مِنْهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ عَن أشياخه قَالَ: دخل سعد رَضِي الله عَنهُ على سلمَان يعودهُ فَبكى فَقَالَ سعد: مَا يبكيك يَا أَبَا عبد الله قَالَ: توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ عَنْك رَاض وَترد عَلَيْهِ الْحَوْض وتلقى أَصْحَابك قَالَ: مَا أبْكِي جزعاً من الْمَوْت وَلَا حرصاً على الدُّنْيَا وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد إِلَيْنَا عهدا قَالَ ليكن بلغَة أحدكُم من الدُّنْيَا كزاد الرَّاكِب وحولي هَذِه الأساودة وَإِنَّمَا حوله اجانة وجفنة ومطهرة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي على النَّاس زمَان يَتَحَلَّقُونَ فِي مَسَاجِدهمْ وَلَيْسَ هَمهمْ إِلَّا الدُّنْيَا لَيْسَ لله فيهم حَاجَة فَلَا تُجَالِسُوهُمْ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقْتَرَبت السَّاعَة وَلَا يزْدَاد النَّاس على الدُّنْيَا إِلَّا حرصاً وَلَا يزدادون من الله إِلَّا بعدا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن سُفْيَان قَالَ: كتب عمر إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: لَو كَانَت الدُّنْيَا تزن عِنْد الله جنَاح ذُبَابَة مَا سقى مِنْهَا كَافِرًا شربة مَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن المستور قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا كَمَا يَجْعَل أحدكُم أُصْبُعه فِي اليم ثمَّ يرفعها فَلْينْظر ثمَّ يرجع وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: قلت يَا أَبَا هُرَيْرَة: سَمِعت اخواني بِالْبَصْرَةِ يَزْعمُونَ أَنَّك تَقول: سَمِعت نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله يَجْزِي بِالْحَسَنَة ألف ألف حَسَنَة فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله يَجْزِي بِالْحَسَنَة ألفي ألف حَسَنَة ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {فَمَا مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا قَلِيل} فالدنيا مَا مضى مِنْهَا إِلَى مَا بَقِي مِنْهَا عِنْد الله قَلِيل وَقَالَ (من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ أضعافاً كَثِيرَة) (الْبَقَرَة الْآيَة 245) فَكيف الْكثير عِنْد الله تَعَالَى إِذا كَانَت الدُّنْيَا مَا مضى مِنْهَا وَمَا بَقِي عِنْد الله قَلِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش فِي قَوْله {فَمَا مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا قَلِيل} كزاد الرَّاعِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي حَازِم قَالَ: لما حضرت عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان الْوَفَاة قَالَ: ائْتُونِي بكفني الَّذِي أكفن فِيهِ أنظر إِلَيْهِ فَلَمَّا وضع بَين يَدَيْهِ نظر إِلَيْهِ فَقَالَ: أمالي كثير مَا أخلف من الدُّنْيَا إِلَّا هَذَا ثمَّ ولى ظَهره وَبكى وَقَالَ: أُفٍّ لَك من دَار إِن كَانَ كثيرك الْقَلِيل وَإِن كَانَ قليلك الْكثير وَإِن كُنَّا مِنْك لفي غرور الْآيَة 39

39

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا تنفرُوا يعذبكم عذَابا أَلِيمًا} قَالَ: أَن رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتنْفرَ حَيا من أَحيَاء الْعَرَب فتثاقلوا عَنهُ فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فَأمْسك عَنْهُم الْمَطَر فَكَانَ ذَلِك عَذَابهمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما نزلت {إِلَّا تنفرُوا يعذبكم عذَابا أَلِيمًا} وَقد كَانَ تخلف عَنهُ نَاس فِي البدو يفقهُونَ قَومهمْ فَقَالَ المُنَافِقُونَ: قد بَقِي نَاس فِي الْبَوَادِي وَقَالُوا: هلك أَصْحَاب الْبَوَادِي فَنزلت (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة) (التَّوْبَة الْآيَة 122) وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِلَّا تنفرُوا يعذبكم عذَابا أَلِيمًا} قَالَ: نسختها (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة) الْآيَة 40

40

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا تنصروه فقد نَصره الله} قَالَ: ذكر مَا كَانَ من أول شَأْنه حَتَّى بعث يَقُول الله: فَأَنا فَاعل ذَلِك بِهِ وناصره كَمَا نصرته إِذْ ذَاك وَهُوَ ثَانِي اثْنَيْنِ وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اشْترى أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ من عَازِب رجلا بِثَلَاثَة عشر درهما فَقَالَ لعازب: مر الْبَراء فليحمله إِلَى منزلي فَقَالَ: لَا حَتَّى تحدثنا كَيفَ صنعت حَيْثُ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنت مَعَه فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله

عَنهُ: خرجنَا فأدلجنا فأحثثنا يَوْمًا وَلَيْلَة حَتَّى أظهرنَا وَقَامَ قَائِم الظهيرة فَضربت ببصري هَل أرى ظلاً فآوي إِلَيْهِ فَإِذا أَنا بصخرة فَأَهْوَيْت إِلَيْهَا فَإِذا بَقِيَّة ظلها فسويته لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وفرشت لَهُ فَرْوَة وَقلت اضْطجع يَا رَسُول الله فاضطجع ثمَّ خرجت أنظر هَل أرى أحدا من الطّلب فَإِذا أَنا براعي غنم فَقلت: لمن أَنْت يَا غُلَام فَقَالَ: لرجل من قُرَيْش فَسَماهُ فعرفته فَقلت: هَل فِي غنمك من لبن قَالَ: نعم فَقلت: وَهل أَنْت حالب لي قَالَ: نعم قَالَ: فَأَمَرته فاعتقل لي شَاة مِنْهَا ثمَّ أَمرته فنفض ضرْعهَا من الْغُبَار ثمَّ أَمرته فنفض كفيه وَمَعِي اداوة على فمها خرقَة فَحلبَ لي كثبة من اللَّبن فَصَبَبْت على الْقدح من المَاء حَتَّى برد أَسْفَله ثمَّ أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوافقته قد اسْتَيْقَظَ فَقلت: اشرب يَا رَسُول الله فَشرب حَتَّى رضيت ثمَّ قلت: هَل آن الرحيل قَالَ: فارتحلنا وَالْقَوْم يطلبونا فَلم يدركنا مِنْهُم إِلَّا سراقَة على فرس لَهُ فَقلت: يَا رَسُول الله هَذَا الطّلب قد لحقنا فَقَالَ: لَا تحزن إِن الله مَعنا حَتَّى إِذا دنا فَكَانَ بَيْننَا وَبَينه قدر رمح أَو رُمْحَيْنِ أَو ثَلَاثَة فَقلت: يَا رَسُول الله هَذَا الطّلب قد لحقنا وبكيت قَالَ: لم تبك فَقلت: أما وَالله لَا أبْكِي على نَفسِي وَلَكِنِّي أبْكِي عَلَيْك فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ اللهمَّ اكفناه بِمَا شِئْت فساخت فرسه إِلَى بَطنهَا فِي أَرض صلد ووثب عَنْهَا وَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن هَذَا عَمَلك فَادع الله أَن ينجيني مِمَّا أَنا فِيهِ فوَاللَّه لأعمين على من ورائي من الطّلب وَهَذِه كِنَانَتِي فَخذ مِنْهَا سَهْما فَإنَّك ستمر بإبلي وغنمي فِي مَوضِع كَذَا وَكَذَا فَخذ مِنْهَا حَاجَتك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا حَاجَة لي فِيهَا ودعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأطلق وَرجع إِلَى أَصْحَابه وَمضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مَعَه حَتَّى قدمنَا الْمَدِينَة فَتَلقاهُ النَّاس فَخَرجُوا على الطّرق وعَلى الأجاجير وَاشْتَدَّ الخدم وَالصبيان فِي الطّرق الله أكبر جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُحَمَّد تنَازع الْقَوْم أَيهمْ ينزل عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزل اللَّيْلَة على بني النجار أخوال عبد الْمطلب لأكرمهم بذلك فَلَمَّا أصبح غَدا حَيْثُ أَمر وَأخرج البُخَارِيّ عَن سراقَة بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرجت أطلب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر رَضِي الله عَنهُ حَتَّى إِذا دَنَوْت مِنْهُمَا عثرت بِي فرسي فَقُمْت فركبت حَتَّى إِذا سَمِعت قِرَاءَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ لَا يلْتَفت وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يكثر التلفت ساخت يدا فرسي فِي الأَرْض حَتَّى بلغتا الرُّكْبَتَيْنِ فَخَرَرْت عَنْهَا ثمَّ

زجرتها فَنَهَضت فَلم تكد تخرج يَديهَا فَلَمَّا اسْتَوَت قَائِمَة إِذا لأثر يَديهَا عنان سَاطِع فِي السَّمَاء مثل الدُّخان فناديتهما بالأمان: فوقفا لي وَوَقع فِي نَفسِي حِين لقِيت مَا لقِيت من الْحَبْس عَنْهُمَا أَنه سَيظْهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اللَّيْل لحق بِغَار ثَوْر قَالَ: وَتَبعهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حسَّه خَلفه خَافَ أَن يكون الطّلب فَلَمَّا رأى ذَلِك أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ تنحنح فَلَمَّا سمع ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عرفه فَقَامَ لَهُ حَتَّى تبعه فَأتيَا الْغَار فَأَصْبَحت قُرَيْش فِي طلبه فبعثوا إِلَى رجل من قافة بني مُدْلِج فتبع الْأَثر حَتَّى انْتهى إِلَى الْغَار وعَلى بَابه شَجَرَة فَبَال فِي أَصْلهَا الْقَائِف ثمَّ قَالَ: مَا جَازَ صَاحبكُم الَّذِي تطلبون هَذَا الْمَكَان قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِك حزن أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تحزن إِن الله مَعنا قَالَ: فَمَكثَ هُوَ وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فِي الْغَار ثَلَاثَة أَيَّام يخْتَلف إِلَيْهِم بِالطَّعَامِ عَامر بن فهَيْرَة وَعلي يجهزهم فاشتروا ثَلَاثَة أباعر من إبل الْبَحْرين واستأجر لَهُم دَلِيلا فَلَمَّا كَانَ بعض اللَّيْل من اللَّيْلَة الثَّالِثَة أَتَاهُم عَليّ رَضِي الله عَنهُ بالإِبل وَالدَّلِيل فَركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاحِلَته وَركب أَبُو بكر أُخْرَى فتوجهوا نَحْو الْمَدِينَة وَقد بعثت قُرَيْش فِي طلبه وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس وَعلي وَعَائِشَة بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُم وَعَائِشَة بنت قدامَة وسراقة بن جعْشم دخل حَدِيث بَعضهم فِي بعض قَالُوا: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقَوْم جُلُوس على بَابه فَأخذ حفْنَة من الْبَطْحَاء فَجعل يدرها على رؤوسهم وَيَتْلُو (يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم) (يس الْآيَة 1 - 2) الْآيَات وَمضى فَقَالَ لَهُم قَائِل مَا تنتظرون قَالُوا: مُحَمَّدًا قَالَ: قد - وَالله - مر بكم قَالُوا: وَالله مَا أبصرناه وَقَامُوا يَنْفضونَ التُّرَاب عَن رؤوسهم وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى غَار ثَوْر فدخلاه وَضربت العنكبوت على بَابه بعشاش بَعْضهَا على بعض وطلبته قُرَيْش أَشد الطّلب حَتَّى انْتَهَت إِلَى بَاب الْغَار فَقَالَ بَعضهم: إِن عَلَيْهِ لعنكبوتا قبل مِيلَاد مُحَمَّد

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة بنت قدامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لقد خرجت من الخوخة متنكراً فَكَانَ أول من لَقِيَنِي أَبُو جهل فَعمى الله بَصَره عني وَعَن أبي بكر حَتَّى مضينا وَأخرج أَبُو نعيم عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهَا أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ رأى رجلا مواجه الْغَار فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّه لرائينا قَالَ: كلا إِن الْمَلَائِكَة تستره الْآن بأجنحتها فَلم ينشب الرجل أَن قعد يَبُول مستقبلهما فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا بكر لَو كَانَ يراك مَا فعل هَذَا وَأخرج أَبُو نعيم عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين دخل الْغَار ضربت العنكبوت على بَابه بعشاش بَعْضهَا على بعض فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى فَم الْغَار قَالَ قَائِل مِنْهُم: ادخُلُوا الْغَار فَقَالَ أُميَّة بن خلف: وَمَا أربكم إِلَى الْغَار إِن عَلَيْهِ لعنكبوتا كَانَ قبل مِيلَاد مُحَمَّد فَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل العنكبوت قَالَ: إِنَّهَا جند من جنود الله وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عَطاء بن أبي ميسرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نسجت العنكبوت مرَّتَيْنِ مرّة على دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام حِين كَانَ طالوت يَطْلُبهُ وَمرَّة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْغَار وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ الْتفت أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَإِذا هُوَ بِفَارِس قد لحقهم فَقَالَ: يَا نَبِي الله هَذَا فَارس قد لحقنا فَقَالَ اللهمَّ اصرعه فصرع عَن فرسه فَقَالَ: يَا نَبِي الله مرني بِمَا شِئْت قَالَ: تقف مَكَانك لَا تتركن أحدا يلْحق بِنَا فَكَانَ أول النَّهَار جاهداً على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي آخر النَّهَار مسلحة لَهُ وَفِي ذَلِك يَقُول سراقَة مُخَاطبا لأبي جهل: أَبَا حكم لَو كنت وَالله شَاهدا لأمر جوادي أَن تسيخ قوائمه علمت وَلم تشكك بِأَن مُحَمَّدًا رَسُول ببرهان فَمن ذَا يقاومه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن ضبة بن مُحصن العبري قَالَ: قلت لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: أَنْت خير من أبي بكر فَبكى وَقَالَ: وَالله لَليلة من أبي بكر وَيَوْم خير من عمر هَل لَك أَن أحَدثك بليلته ويومه قَالَ: قلت: نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: أما ليلته فَلَمَّا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَارِبا من أهل مَكَّة

خرج لَيْلًا فَتَبِعَهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَجعل يمشي مرّة أَمَامه وَمرَّة خَلفه وَمرَّة عَن يَمِينه وَمرَّة عَن يسَاره فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هَذَا يَا أَبَا بكر مَا أعرف هَذَا من فعلك قَالَ: يَا رَسُول الله اذكر الرصد فَأَكُون أمامك وَاذْكُر الطّلب فَأَكُون من خَلفك وَمرَّة عَن يَمِينك وَمرَّة عَن يسارك لَا آمن عَلَيْك فَمشى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليلته على أَطْرَاف أَصَابِعه حَتَّى حفيت رِجْلَاهُ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ أَنَّهَا قد حفيت حمله على كَاهِله وَجعل يشد بِهِ حَتَّى أَتَى فَم الْغَار فأنزله ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا تدخله حَتَّى أدخلهُ فَإِن كَانَ فِيهِ شَيْء نزل بِي قبلك فَدخل فَلم ير شَيْئا فَحَمله فَأدْخلهُ وَكَانَ فِي الْغَار خرق فِيهِ حيات وأفاعي فخشي أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ أَن يخرج مِنْهُنَّ شَيْء يُؤْذِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فألقمه قدمه فَجعلْنَ يضربنه وتلسعه الأفاعي والحيات وَجعلت دُمُوعه تتحدر وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَهُ: يَا أَبَا بكر لَا تحزن إِن الله مَعنا فَأنْزل الله سكينته أَي طمأنينته لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَهَذِهِ ليلته وَأما يَوْمه فَلَمَّا توفّي رَسُول الله وارتدت الْعَرَب فَقَالَ بَعضهم: نصلي وَلَا نزكي وَقَالَ بَعضهم: لَا نصلي وَلَا نزكي فَأَتَيْته وَلَا آلوه نصحاً فَقلت: يَا خَليفَة رَسُول الله تألف النَّاس وارفق بهم فَقَالَ: جَبَّار فِي الْجَاهِلِيَّة خوّار فِي الإِسلام بِمَاذَا تألفهم أبشعر مفتعل أَو بِشعر مفتري قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وارتفع الْوَحْي فوَاللَّه لَو مَنَعُونِي عقَالًا مِمَّا كَانُوا يُعْطون لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقاتلتهم عَلَيْهِ قَالَ: فقاتلنا مَعَه فَكَانَ - وَالله - رشيد الْأَمر فَهَذَا يَوْمه وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ وَعُرْوَة رَضِي الله عَنهُ أَنهم ركبُوا فِي كل وَجه يطْلبُونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبعثوا إِلَى أهل الْمِيَاه يأمرونهم ويجعلون لَهُ الْجعل الْعَظِيم وَأتوا على ثَوْر الْجَبَل الَّذِي فِيهِ الْغَار الَّذِي فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى طلعوا فَوْقه وَسمع أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْوَاتهم وأشفق أَبُو بكر وَأَقْبل عَلَيْهِ الْهم وَالْخَوْف فَعِنْدَ ذَلِك يَقُول لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تحزن إِن الله مَعنا ودعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت عَلَيْهِ سكينَة من الله فَأنْزل الله سكينته على رَسُوله وعَلى الْمُؤمنِينَ {وَجعل كلمة الَّذين كفرُوا السُّفْلى وَكلمَة الله هِيَ الْعليا وَالله عَزِيز حَكِيم} وَأخرج ابْن شاهين وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن حبشِي بن جُنَادَة قَالَ: قَالَ

أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله لَو أَن أحدا من الْمُشْركين رفع قدمه لَأَبْصَرنَا قَالَ يَا أَبَا بكر لَا تحزن إِن الله مَعنا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الَّذين طلبوهم صعدوا الْجَبَل فَلم يبْق أَن يدخلُوا فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: أَتَيْنَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تحزن إِن الله مَعنا وَانْقطع الْأَثر فَذَهَبُوا يَمِينا وَشمَالًا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج رَسُول الله وَخرج أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ مَعَه لم يَأْمَن على نَفسه غَيره حَتَّى دخلا الْغَار وَأخرج ابْن شاهين وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر أَنْت صَاحِبي فِي الْغَار وَأَنت معي على الْحَوْض وَأخرج ابْن عَسَاكِر من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن أبي هُرَيْرَة مثله وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لحسان رَضِي الله عَنهُ: هَل قلت فِي أبي بكر شَيْئا قَالَ: نعم قَالَ: قل وَأَنا أسمع فَقَالَ: وَثَانِي اثْنَيْنِ فِي الْغَار المنيف وَقد طَاف العدوّ بِهِ إِذْ صاعد الجبلا وَكَانَ حب رَسُول الله قد علمُوا من الْبَريَّة لم يعدل بِهِ رجلا فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه ثمَّ قَالَ: صدقت يَا حسان هُوَ كَمَا قلت وَأخرج خَيْثَمَة بن سُلَيْمَان الاطرابلسي فِي فَضَائِل الصَّحَابَة وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله ذمّ النَّاس كلهم ومدح أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ {إِلَّا تنصروه فقد نَصره الله إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن إِن الله مَعنا} وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَن قَالَ: مَا دخلني اشفاق من شَيْء وَلَا دخلني فِي الدّين وَحْشَة إِلَى أحد بعد لَيْلَة الْغَار فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين رأى اشفاقي عَلَيْهِ وعَلى الدّين قَالَ لي هوّن عَلَيْك فَإِن الله قد قضى لهَذَا الْأَمر بالنصر والتمام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: عَاتب الله

الْمُسلمين جَمِيعًا فِي نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَحده فَإِنَّهُ خرج من المعاتبة ثمَّ قَرَأَ {إِلَّا تنصروه فقد نَصره الله} الْآيَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد عَاتب الله جَمِيع أهل الأَرْض فَقَالَ {إِلَّا تنصروه فقد نَصره الله إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا ثَانِي اثْنَيْنِ} وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُحَمَّد بن يحيى قَالَ: أَخْبرنِي بعض أَصْحَابنَا قَالَ: قَالَ شَاب من أَبنَاء الصَّحَابَة فِي مجْلِس فِيهِ الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق: وَالله مَا كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من موطن إِلَّا وَأبي فِيهِ مَعَه قَالَ: يَا ابْن أخي لَا تحلف قَالَ: هلمَّ قَالَ: بلَى مَا لَا ترده قَالَ الله {ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار} وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو عوَانَة وَابْن حبَان وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْغَار فَرَأَيْت آثَار الْمُشْركين فَقلت: يَا رَسُول الله لَو أَن أحدهم رفع قدمه لَأَبْصَرنَا تَحت قدمه فَقَالَ: يَا أَبَا بكر مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ انهما لما انتهيا إِلَى الْغَار إِذا جُحر فالقمه أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ رجلَيْهِ قَالَ: يَا رَسُول الله إِن كَانَت لدغة أَو لسعة كَانَت فيَّ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَت لَيْلَة الْغَار قَالَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله دَعْنِي فلأدخل قبلك فَإِن كانْت حَيَّة أَو شَيْء كَانَت فيَّ قبلك قَالَ ادخل فَدخل أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَجعل يلمس بيدَيْهِ فَكلما رأى جحراً قَالَ بِثَوْبِهِ فشقه ثمَّ ألقمه الْجُحر حَتَّى فعل ذَلِك بِثَوْبِهِ أجمع وَبَقِي جُحر فَوضع عَلَيْهِ عقبه وَقَالَ: أَدخل فَلَمَّا أصبح قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَيْنَ ثَوْبك فَأخْبرهُ بِالَّذِي صنع فَرفع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدَيْهِ وَقَالَ: اللهمَّ اجْعَل أَبَا بكر معي فِي درجتي يَوْم الْقِيَامَة فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن الله قد اسْتَجَابَ لَك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جُنْدُب بن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما انْطلق أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْغَار قَالَ لَهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: لَا تدخل يَا رَسُول الله حَتَّى استبرئه فَدخل أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ الْغَار فَأصَاب يَده شَيْء فحعل يمسح الدَّم عَن أُصْبُعه وَهُوَ يَقُول:

هَل أَنْت إِلَّا أصْبع دميت وَفِي سَبِيل الله مَا لقِيت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جعدة بن هُبَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: لَو رَأَيْتنِي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ صعدنا الْغَار فَأَما قدما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتفطرتا دَمًا وَأما قَدَمَايَ فعادتا كَأَنَّهُمَا صَفْوَان قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يتعوّد الحفية وَأخرج ابْن سعد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مُصعب قَالَ: أدْركْت أنس بن مَالك وَزيد بن أَرقم والمغيرة بن شُعْبَة فَسَمِعتهمْ يتحدثون أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْغَار أَمر الله شَجَرَة فَنَبَتَتْ فِي وَجه النَّبِي فَسترته وَأمر الله العنكبوت فَنسجَتْ فِي وَجه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسترته وَأمر الله حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ فوقفتا بِفَم الْغَار وَأَقْبل فتيَان قُرَيْش من كل بطن رجل بِعِصِيِّهِمْ وأسيافهم وهراويهم حَتَّى إِذا كَانُوا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدر أَرْبَعِينَ ذِرَاعا فَنزل بَعضهم فَنظر فِي الْغَار فَرجع إِلَى أَصْحَابه فَقَالُوا: مَا لَك لم تنظر فِي الْغَار فَقَالَ: رَأَيْت حَمَامَتَيْنِ بِفَم الْغَار فَعرفت أَن لَيْسَ فِيهِ أحد فَسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ فَعرف أَن الله دَرأ عَنهُ بهما فَسَمت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِنَّ وَفرض جزاءهن وانحدرن فِي الْحرم فَأخْرج ذَلِك الزَّوْج كل شَيْء فِي الْحرم وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه بسندٍ واهٍ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ أَبُو بكر مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْغَار فعطش فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذْهَبْ إِلَى صدر الْغَار فَاشْرَبْ فَانْطَلق أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى صدر الْغَار فَشرب مِنْهُ مَاء أحلى من الْعَسَل وأبيض من اللَّبن وأزكى رَائِحَة من الْمسك ثمَّ عَاد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله أَمر الْملك الْمُوكل بأنهار الْجنَّة أَن خرق نَهرا من جنَّة الفردوس إِلَى صدر الْغَار لتشرب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَه غَيره لقد عوتب أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نصرته إِلَّا أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ فَإِن الله تَعَالَى {إِلَّا تنصروه فقد نَصره الله إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار} خرج أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَالله من المعتبة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سَالم بن عبيد الله رَضِي الله عَنهُ - وَكَانَ من أهل الصّفة - قَالَ: أَخذ عمر بيد أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ: من لَهُ هَذِه الثَّلَاث (إِذْ يَقُول لصَاحبه) من صَاحبه (إِذْ هما فِي الْغَار) من هما (لَا تحزن إِن الله مَعنا)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن أَبِيه أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَيّكُم يقْرَأ سُورَة التَّوْبَة قَالَ: رجل: أَنا قَالَ: اقْرَأ فَلَمَّا بلغ {إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن} بَكَى وَقَالَ: وَالله أَنا صَاحبه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ صَاحبه أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ والغار جبل بِمَكَّة يُقَال لَهُ ثَوْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو بكر أخي وصاحبي فِي الْغَار فاعرفوا ذَلِك لَهُ فَلَو كنت متخذا خَلِيلًا لَا تخذت أَبَا بكر خَلِيلًا سدوا كل خوخة فِي هَذَا الْمَسْجِد غير خوخة أبي بكر وَأخرج ابْن مردوية عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو اتَّخذت خَلِيلًا غير رَبِّي لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا وَلَكِن أخي وصاحبي فِي الْغَار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ هما فِي الْغَار} قَالَ: الْغَار الَّذِي فِي الْجَبَل الَّذِي يُسمى ثوراً وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: رَأَيْت قوما يصعدون حراء فَقلت: مَا يلْتَمس هَؤُلَاءِ فِي حراء فَقَالُوا: الْغَار الَّذِي اخْتَبَأَ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: مَا اخْتَبَأَ فِي حراء إِنَّمَا اخْتَبَأَ فِي ثَوْر وَمَا كَانَ أحد يعلم مَكَان ذَلِك الْغَار إِلَّا عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر وَأَسْمَاء بنت أبي بكر فَإِنَّهُمَا كَانَا يَخْتَلِفَانِ إِلَيْهِمَا وعامر بن فهَيْرَة مولى أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّهُ كَانَ إِذا سرح غنمه مر بهما فَحلبَ لَهما وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مكث أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْغَار ثَلَاثًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: لم أَعقل أبويَّ قطّ إِلَّا وهما يدينان الدّين وَلم يمر علينا يَوْم إِلَّا يأتينا فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طرفِي النَّهَار بكرَة وَعَشِيَّة وَلما ابْتُلِيَ الْمُسلمُونَ خرج أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ مُهَاجرا قبل أَرض الْحَبَشَة حَتَّى إِذا بلغ برك الغماد لقِيه ابْن الدغنة وَسيد القارة فَقَالَ ابْن الدغنة: أَيْن تُرِيدُ يَا أَبَا بكر فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: أخرجني قومِي فَأُرِيد أَن أسيح فِي الأَرْض فأعبد رَبِّي قَالَ ابْن الدغنة: فَإِن مثلك يَا أَبَا بكر لَا يخرج وَلَا يخرج إِنَّك تكسب الْمَعْدُوم

وَتصل الرَّحِم وَتحمل الْكل وتقري الضَّيْف وَتعين على نَوَائِب الْحق فَأَنا لَك جَار فأنفذت قُرَيْش جوَار ابْن الدغنة وأمنوا أَبَا بكر وَقَالُوا لِابْنِ الدغنة: مر أَبَا بكر فليعبد ربه فِي دَاره وَليصل فِيهَا مَا شَاءَ وليقرأ مَا شَاءَ وَلَا يؤذينا وَلَا يشتغلن بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَة فِي غير دَاره فَفعل ثمَّ بدا لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ فابتنى مَسْجِدا بِفنَاء دَاره فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيقْرَأ فيتقصف عَلَيْهِ نسَاء الْمُشْركين وأبناؤهم يعْجبُونَ مِنْهُ وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَكَانَ أَبُو بكر رَضِي الله رجلا بكاء لَا يملك دمعه حِين يقْرَأ الْقُرْآن فأفزع ذَلِك أَشْرَاف قُرَيْش فأرسلوا إِلَى ابْن الدغنة فَقدم عَلَيْهِم فَقَالُوا: إنَّا أجرنا أَبَا بكر على أَن يعبد ربه فِي دَاره وَإنَّهُ جَاوز ذَلِك فابتنى مَسْجِدا بِفنَاء دَاره وأعلن الصَّلَاة وَالْقِرَاءَة وَإِنَّا خشينا أَن يفتن نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَإِن أحب أَن يقْتَصر أَن يعبد ربه فِي دَاره فعل وَإِن أَبى إِلَّا أَن يعلن ذَلِك فسله أَن يرد إِلَيْك ذِمَّتك فإنَّا قد كرهنا أَن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان فَأتى ابْن الدغنة أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا أَبَا بكر قد علمت الَّذِي عقدت لَك عَلَيْهِ فَأَما أَن تقتصر على ذَلِك وَإِمَّا أَن ترد إِلَيّ ذِمَّتِي فَإِنِّي لَا أحب أَن تسمع الْعَرَب أَنِّي خفرت فِي عقد رجل عقدت لَهُ فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فَإِنِّي أرد إِلَيْك جوارك وأرضى بجوار الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ بِمَكَّة - قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْمُسلمين قد أريت دَار هجرتكم رَأَيْت سبخَة ذَات نخل بَين لابتين وهما حرتان فَهَاجَرَ من هَاجر قبل الْمَدِينَة حِين ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرجع إِلَى الْمَدِينَة بعض من كَانَ هَاجر إِلَى أَرض الْحَبَشَة من الْمُسلمين وتجهز أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ مُهَاجرا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: على رسلك فَإِنِّي أَرْجُو أَن يُؤذن لي فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: وترجو ذَلِك بِأبي أَنْت قَالَ: نعم فحبس أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ نَفسه على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصحبته وعلف راحلتين كَانَتَا عِنْده ورق السمر أَرْبَعَة أشهر فَبَيْنَمَا نَحن جُلُوس فِي بيتنا فِي نحر الظهيرة قَالَ قَائِل لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ: هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُقبلا فِي سَاعَة لم يكن يأتينا فِيهَا فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فدَاه أبي وَأمي إِن جَاءَ بِهِ فِي هَذِه السَّاعَة إِلَّا أَمر فجَاء رَسُول الله فَاسْتَأْذن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأذن لَهُ فَدخل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين دخل لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ أخرج من عنْدك فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّمَا هم أهلك بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:

فَإِنَّهُ قد أذن لي بِالْخرُوجِ فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فالصحابة بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فَخذ بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله إِحْدَى رَاحِلَتي هَاتين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِالثّمن فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: فجهزناهما أحسن الجهاز فصنعنا لَهما سفرة من جراب فَقطعت أَسمَاء بنت أبي بكر من نطاقها فأوكت بِهِ الجراب - فَلذَلِك كَانَت تسمى ذَات النطاقين - وَلحق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر بِغَار فِي جبل يُقَال لَهُ ثَوْر فمكثا فِيهِ ثَلَاث لَيَال يبيت عِنْدهمَا عبد الله بن أبي بكر وَهُوَ غُلَام شَاب لقن ثقف فَيخرج من عِنْدهمَا سحرًا فَيُصْبِح مَعَ قُرَيْش بِمَكَّة كبائت فَلَا يسمع أَمر يكَاد أَن بِهِ إِلَّا وعاه حَتَّى يأتيهما بِخَبَر ذَلِك حِين يخْتَلط الظلام ويرعى عَلَيْهِمَا عَامر بن فهَيْرَة مولى لأبي بكر منيحة من غنم فيريحها عَلَيْهِمَا حِين يذهب بِغَلَس سَاعَة من اللَّيْل فيبيتان فِي رسلهما حَتَّى ينعق بهما عَامر بن فهَيْرَة بِغَلَس يفعل ذَلِك كل لَيْلَة من تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاث واستأجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا من بني الديل ثمَّ من بني عبد بن عدي هاديا خريتا - والخريت الماهر بالهداية - قد غمس يَمِين حلف فِي آل الْعَاصِ بن وَائِل وَهُوَ على دين كفار قُرَيْش فأمناه فدفعا إِلَيْهِ راحلتيهما وواعداه غَار ثَوْر بعد ثَلَاث لَيَال فأتاهما براحلتيهما صَبِيحَة ثَلَاث لَيَال فارتحلا فانطل مَعَهُمَا عَامر بن فهَيْرَة مولى أبي بكر وَالدَّلِيل الديلِي فَأخذ بهم طَرِيقا آخر وَهُوَ طَرِيق السَّاحِل قَالَ الزُّهْرِيّ: أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن مَالك المدلجي وَهُوَ ابْن أخي سراقَة بن حعشم: إِن أَبَاهُ أخبرهُ أَنه سمع سراقَة يَقُول: جاءتنا رسل كفار قُرَيْش يجْعَلُونَ فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر رَضِي الله عَنهُ دِيَة كل وَاحِد مِنْهُمَا لمن قَتلهمَا أَو أسرهما فَبَيْنَمَا أَنا جَالس فِي مجْلِس من مجَالِس قومِي بني مُدْلِج أقبل رجل مِنْهُم حَتَّى قَامَ علينا فَقَالَ: يَا سراقَة إِنِّي رَأَيْت آنِفا أَسْوِدَة بالسَّاحل لَا أَرَاهَا إِلَّا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه قَالَ سراقَة: فَعرفت أَنهم هم فَقلت: إِنَّهُم لَيْسُوا بهم وَلَكِن رَأَيْت فلَانا وَفُلَانًا انْطَلقُوا ثمَّ لَبِثت فِي الْمجْلس حَتَّى قُمْت فَدخلت بَيْتِي وَأمرت جاريتي أَن تخرج لي فرسي وَهِي من وَرَاء أكمة فتحبسها عَليّ وَأخذت رُمْحِي فَخرجت بِهِ من ظهر الْبَيْت فخططت برمحي الأَرْض وخفضت عالية الرمْح حَتَّى أتيت فرسي فركبتها ودفعتها تقرب بِي حَتَّى رَأَيْت أسودتهما فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُم حَيْثُ يسمعهم الصَّوْت

عثرت بِي فرسي فَخَرَرْت عَنْهَا فَقُمْت فَأَهْوَيْت بيَدي إِلَى كِنَانَتِي فاستخرجت مِنْهَا الأزلام فاستقسمت بهَا أضرهم أم لَا فَخرج الَّذِي أكره أَن لَا أضرهم فركبت فرسي وعصيت الأزلام حَتَّى إِذا سَمِعت قِرَاءَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ لَا يلْتَفت وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يكثر الِالْتِفَات ساخت يدا فرسي فِي الأَرْض حَتَّى بلغت الرُّكْبَتَيْنِ فَخَرَرْت عَنْهَا فجررتها فَنَهَضت فَلم تكد تخرج يداها فَلَمَّا اسْتَوَت قَائِمَة إِذا لأثر يَديهَا عثان سَاطِع فِي السَّمَاء من الدُّخان فاستقسمت بالأزلام فَخرج الَّذِي أكره أَن لَا أضرهم فناديتهم بالأمان فَوقف وَركبت فرسي حَتَّى جئتهم وَوَقع فِي نَفسِي حِين لقِيت مَا لقِيت من الْحَبْس عَنْهُم أَنه سَيظْهر أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت لَهُ: إِن قَوْمك قد جعلُوا فِيك الدِّيَة وَأَخْبَرتهمْ من أَخْبَار سفرهم وَمَا يُرِيد النَّاس بهم وَعرضت عَلَيْهِم الزَّاد وَالْمَتَاع فَلم يرزآني شَيْئا وَلم يسألاني إِلَّا أَن أخف عَنَّا فَسَأَلته أَن يكْتب لي كتابا موادعة آمن بِهِ فَأمر عَامر بن فهَيْرَة فَكتب لي فِي رقْعَة من أَدِيم ثمَّ مضى قَالَ الزُّهْرِيّ: وَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير أَنه لَقِي الزبير وركبا من الْمُسلمين كَانُوا تجارًا بِالشَّام قابلين إِلَى مَكَّة فعرفوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر فكساهم ثِيَاب بيض وَسمع الْمُسلمُونَ بِالْمَدِينَةِ بِخُرُوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانُوا يَغْدُونَ كل غَدَاة إِلَى الْحرَّة فينتظرونه حَتَّى يؤذيهم حر الظهيرة فانقلبوا يَوْمًا بَعْدَمَا أطالوا انْتِظَاره فَلَمَّا أووا إِلَى بُيُوتهم أوفى رجل من يهود أطما من آطامهم لأمر ينظر إِلَيْهِ فَبَصر برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه مبيضين يَزُول بهم السراب فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته يَا معشر الْعَرَب هَذَا جدكم الَّذِي تنتظرون فثار الْمُسلمُونَ إِلَى السِّلَاح فتلقوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَوْهُ بِظهْر الْحرَّة فَعدل بهم ذَات الْيَمين حَتَّى نزل فِي بني عَمْرو بن عَوْف بقباء وَذَلِكَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ من شهر ربيع الأول فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يذكر النَّاس وَجلسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صامتا وطفق من جَاءَ من الْأَنْصَار مِمَّن لم يكن رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحسبه أَبَا بكر حَتَّى أَصَابَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشَّمْس فَأقبل أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ حَتَّى ظلل عَلَيْهِ برادئه فَعرف النَّاس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك فَلبث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بني عَمْرو بن عَوْف بضع عشرَة لَيْلَة وابتنى الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى وَصلى فِيهِ ثمَّ ركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاحِلَته فَسَار وَمَشى النَّاس حَتَّى بَركت بِهِ عِنْد مَسْجِد رَسُول الله بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُصَلِّي فِيهِ يَوْمئِذٍ رجال من الْمُسلمين وَكَانَ مربدا للتمر لسهل وَسُهيْل غلامين يتمين أَخَوَيْنِ فِي حجر أبي

أُمَامَة أسعد بن زُرَارَة من بني النجار فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بَركت بِهِ رَاحِلَته هَذَا الْمنزل إِن شَاءَ الله ثمَّ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الغلامين فساومهما بالمربد يَتَّخِذهُ مَسْجِدا فَقَالَا: لَا بل نهبه لَك يَا رَسُول الله فَأبى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقبله مِنْهُمَا حَتَّى ابتاعه مِنْهُمَا وبناه مَسْجِدا وطفق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْقل مَعَهم اللَّبن فِي بنائِهِ وَهُوَ يَقُول: هَذَا الْجمال لَا جمال خَيْبَر هَذَا أبر رَبنَا وأطهر إِن الْأجر أجر الْآخِرَة فَارْحَمْ الْأَنْصَار والمهاجرة ويتمثل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشعر رجل من الْمُسلمين لم يسم لي قَالَ ابْن شهَاب: وَلم يبلغنِي فِي الْأَحَادِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تمثل بِبَيْت من الشّعْر تَاما غير هَؤُلَاءِ الأبيات وَلَكِن يرجزهم لبِنَاء الْمَسْجِد فَلَمَّا قَاتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفار قُرَيْش حَالَتْ الْحَرْب بَين مُهَاجِرِي أَرض الْحَبَشَة وَبَين الْقدوم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى لقوه بِالْمَدِينَةِ زمن الخَنْدَق فَكَانَت أَسمَاء بنت عُمَيْس تحدث: أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كَانَ يعيرهم بالمكث فِي أَرض الْحَبَشَة فَذكرت ذَلِك أَسمَاء لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله: لَسْتُم كَذَلِك وَكَانَت أول آيَة أنزلت فِي الْقِتَال (أُذن للَّذين يُقَاتلُون بِأَنَّهُم ظلمُوا) (الْحَج آيَة 39) حَتَّى بلغ (لقوي عَزِيز) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أقبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة وَهُوَ يردف أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ شيخ يعرف وَالنَّبِيّ لَا يعرف فَكَانُوا يَقُولُونَ: يَا أَبَا بكر من هَذَا الْغُلَام بَين يَديك فَيَقُول: هاد يهديني السَّبِيل قَالَ: فَلَمَّا دنونا من الْمَدِينَة نزلنَا الْحرَّة وَبعث إِلَى الْأَنْصَار فَجَاءُوا قَالَ: فشهدته يَوْم دخل الْمَدِينَة فَمَا رَأَيْت يَوْمًا كَانَ أحسن مِنْهُ وَمَا رَأَيْت يَوْمًا كَانَ أقبح وَلَا أظلم من يَوْم مَاتَ فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج ابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن كثير بن فرقد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين خرج مُهَاجرا إِلَى الْمَدِينَة وَمَعَهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ أَتَى براحلة أبي بكر فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يركب ويردفه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل أَنْت رَاكب وأردفك أَنا فَإِن الرجل أَحَق بصدر دَابَّته فَلَمَّا خرجا لقيا فِي الطَّرِيق سراقَة بن جعْشم - وَكَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لَا يكذب - فَسَأَلَهُ من الرجل قَالَ: بَاغ قَالَ: فَمَا الَّذِي وَرَاءَك قَالَ: هاد قَالَ: أحسست مُحَمَّدًا قَالَ: هُوَ ورائي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَأنْزل الله سكينته عَلَيْهِ} قَالَ: على أبي بكر رَضِي الله عَنهُ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم تزل السكينَة مَعَه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر غَار حراء فَقَالَ أَبُو بكر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أَن أحدهم يبصر موقع قدمه لأبصرني وَإِيَّاك فَقَالَ مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما يَا أَبَا بكر إِن الله أنزل سكينته عَلَيْك وأيدني بِجُنُود لم تَرَوْهَا وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن حبيب بن أبي ثَابت رَضِي الله عَنهُ {فَأنْزل الله سكينته عَلَيْهِ} قَالَ: على أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَأَما النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد كَانَت عَلَيْهِ السكينَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَجعل كلمة الَّذين كفرُوا السُّفْلى} قَالَ: هِيَ الشّرك {وَكلمَة الله هِيَ الْعليا} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج البخاريي وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: الرجل يُقَاتل شجاعة وَيُقَاتل حمية وَيُقَاتل رِيَاء فَأَي ذَلِك فِي سَبِيل الله قَالَ من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا فَهُوَ فِي سَبِيل الله تَعَالَى

الْآيَة 41

41

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الضُّحَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول مَا نزل من بَرَاءَة {انفروا خفافاً وثقالاً} ثمَّ نزل أَولهَا وَآخِرهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول شَيْء نزل من بَرَاءَة {انفروا خفافاً وثقالاً} ثمَّ نزل أَولهَا وَآخِرهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول شَيْء نزل من بَرَاءَة {انفروا خفافاً وثقالاً} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {انفروا خفافاً وثقالاً} قَالَ: نشاطاً وَغير نشاط وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الحكم فِي قَوْله {انفروا خفافاً وثقالاً} قَالَ: مشاغيل وَغير مشاغيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {انفروا خفافاً وثقالاً} قَالَ: فِي الْعسر واليسر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {خفافاً وثقالاً} قَالَ: فتياناً وكهولاً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {خفافاً وثقالاً} قَالَ: شبَابًا وشيوخاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالُوا: إِن فِينَا الثقيل وَذَا الْحَاجة والصنعة والشغل والمنتشر بِهِ أمره فِي ذَلِك فَأنْزل الله {انفروا خفافاً وثقالاً} وأبى أَن يعذرهم دون أَن ينفروا خفافاً وثقالاً وعَلى مَا كَانَ مِنْهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل زَعَمُوا أَنه الْمِقْدَاد وَكَانَ عَظِيما سميناً فَشَكا إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ أَن يَأْذَن لَهُ فَأبى فَنزلت يَوْمئِذٍ فِيهِ {انفروا خفافاً وثقالاً} فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة اشْتَدَّ على النَّاس شَأْنهَا فنسخها الله فَقَالَ (لَيْسَ على الضُّعَفَاء وَلَا على المرضى) (التَّوْبَة آيَة 91) الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي قَالَ: ذكر لنا أَن أُنَاسًا كَانُوا عَسى أَن يكون أحدهم عليلا أَو كَبِير فَيَقُول: إِنِّي لَا آثم فَأنْزل الله {انفروا خفافاً وثقالاً} الْآيَة وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي عمر الْعَدنِي فِي مُسْنده وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك أَنا أَبَا طَلْحَة قَرَأَ سُورَة بَرَاءَة فَأتى على هَذِه الْآيَة {انفروا خفافاً وثقالاً} قَالَ: أرى رَبنَا يستنفرنا شُيُوخًا وشباباً وَفِي لفظ فَقَالَ: مَا أسمع الله عذر أحد أجهزوني قَالَ بنوه: يَرْحَمك الله تَعَالَى قد غزوت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى مَاتَ وغزوت مَعَ أبي بكر حَتَّى مَاتَ وغزوت مَعَ عمر رَضِي الله عَنهُ حَتَّى مَاتَ فَنحْن نغزو عَنْك فَأبى فَركب الْبَحْر فَمَاتَ فَلم يَجدوا لَهُ جَزِيرَة يدفنونه فِيهَا إِلَّا بعد تِسْعَة أَيَّام فَلم يتَغَيَّر فدفنوه فِيهَا وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم عَن ابْن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: شهد أَبُو أَيُّوب رَضِي الله عَنهُ بَدْرًا ثمَّ لم يتَخَلَّف عَن غَزْوَة للْمُسلمين إِلَّا عَاما وَاحِدًا وَكَانَ يَقُول: قَالَ الله {انفروا خفافاً وثقالاً} فَلَا أجدني إِلَّا خَفِيفا وثقيلاً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي رَاشد الحبراني قَالَ: رَأَيْت الْمِقْدَاد فَارس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحمص يُرِيد الْغَزْو فَقلت: لقد أعذر الله تَعَالَى إِلَيْك قَالَ: ابت علينا سُورَة التحوب {انفروا خفافاً وثقالاً} يَعْنِي سُورَة التَّوْبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي يزِيد الْمَدِينِيّ قَالَ: كَانَ أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ والمقداد بن الْأسود يَقُولَانِ: أمرنَا أَن تنفر على كل حَال ويتأوّلان قَوْله تَعَالَى {انفروا خفافاً وثقالاً} الْآيَة 42

42

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لَهُ: الا تغزو بني الْأَصْفَر لَعَلَّك أَن تصيب ابْنة عَظِيم الرّوم فَقَالَ رجلَانِ: قد علمت يَا رَسُول الله أَن النِّسَاء فتْنَة فَلَا تفتنا بِهن فأْذَن لنا فَأذن لَهما فَلَمَّا انْطَلقَا قَالَ أَحدهمَا: إِن هُوَ الأشحمة لأوّل آكل فَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم ينزل عَلَيْهِ فِي ذَلِك شَيْء فَلَمَّا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق نزل عَلَيْهِ وَهُوَ على بعض الْمِيَاه {لَو كَانَ عرضا قَرِيبا وسفراً قَاصِدا لاتبعوك} وَنزل عَلَيْهِ (عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم) (التَّوْبَة 43) وَنزل عَلَيْهِ (لَا يستأذنك الَّذين يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر) (التَّوْبَة 43) وَنزل عَلَيْهِم (إِنَّهُم رِجْس ومأواهم جَهَنَّم جَزَاء بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (التَّوْبَة 95) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {لَو كَانَ عرضا قَرِيبا} قَالَ: غنيمَة قريبَة {وَلَكِن بَعدت عَلَيْهِم الشقة} قَالَ: الْمسير وَأخرجه ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَو كَانَ عرضا قَرِيبا} يَقُول: دنيا يطلبونها {وسفراً قَاصِدا} يَقُول: قَرِيبا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالله يعلم إِنَّهُم لَكَاذِبُونَ} قَالَ: لقد كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ الْخُرُوج وَلَكِن كَانَ تبطئة من عِنْد أنفسهم وزهادة فِي الْجِهَاد الْآيَة 43

43

أخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن جرير عَن عَمْرو بن مَيْمُون الأودي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اثْنَتَانِ فعلهمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُؤمر فيهمَا بِشَيْء إِذْنه لِلْمُنَافِقين وَأَخذه من الْأُسَارَى فَأنْزل الله {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُورق الْعجلِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُمْ بمعاتبة أحسن من هَذَا بَدَأَ بِالْعَفو قبل المعاتبة فَقَالَ {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم}

قَالَ: نَاس قَالُوا: اسْتَأْذنُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن أذن لكم فاقعدوا وَإِن لم يَأْذَن لكم فاقعدوا وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم} الْآيَات الثَّلَاث قَالَ: نسختها (فَإِذا استأذنوك لبَعض شَأْنهمْ فَأذن لمن شِئْت مِنْهُم) (سُورَة النُّور 62) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم} الْآيَة قَالَ: ثمَّ أنزل الله بعد ذَلِك فِي سُورَة النُّور (فَإِذا استأذنوك لبَعض شَأْنهمْ فَأذن لمن شِئْت مِنْهُم) الْآيَات 44 - 45

44

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَا يستأذنك الَّذين يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} الْآيَتَيْنِ قَالَ: هَذَا تَفْسِير لِلْمُنَافِقين حِين اسْتَأْذنُوا فِي الْقعُود عَن الْجِهَاد بِغَيْر عذر وَعذر الله الْمُؤمنِينَ فَقَالَ (فَإِذا استأذنوك لبَعض شَأْنهمْ فَأذن لمن شِئْت مِنْهُم) وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَا يستأذنك الَّذين يُؤمنُونَ بِاللَّه} الْآيَتَيْنِ قَالَ: نسختها الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النُّور (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِي آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله) (سُورَة النُّور 62) إِلَى (إِن الله غَفُور رَحِيم) فَجعل الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَعْلَى النظرين فِي ذَلِك من غزا غزا فِي فَضِيلَة وَمن قعد قعد فِي غير حرج إِن شَاءَ الله

الْآيَات 46 - 48

46

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَكِن كره الله انبعاثهم} قَالَ: خُرُوجهمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَثَبَّطَهُمْ} قَالَ: حَبسهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {لَو خَرجُوا فِيكُم مَا زادوكم إِلَّا خبالاً} قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ فِي غَزْوَة تَبُوك سَأَلَ الله عَنْهَا نبيه وَالْمُؤمنِينَ فَقَالَ: مَا يحزنكم {لَو خَرجُوا فِيكُم مَا زادوكم إِلَّا خبالاً} يَقُول: جمع لكم وَفعل وَفعل يخذلونكم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولأوضعوا خلالكم} قَالَ: لأسرعوا بَيْنكُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ولأوضعوا خلالكم} قَالَ: لارفضوا {يبغونكم الْفِتْنَة} قَالَ: يبطئنكم عبد الله بن نَبْتَل وَعبد الله بن أُبي بن سلول وَرِفَاعَة بن تَابُوت وَأَوْس بن قيظي {وَفِيكُمْ سماعون لَهُم} قَالَ: محدثون بأحاديثهم غير منافقين هم عُيُون لِلْمُنَافِقين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {وَفِيكُمْ سماعون لَهُم} قَالَ: مبلغون وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: كَانَ عبد الله بن أبي وَعبد الله بن نَبْتَل وَرِفَاعَة بن زيد بن تَابُوت من عُظَمَاء الْمُنَافِقين وَكَانُوا مِمَّن يكيد

الإِسلام وَأَهله وَفِيهِمْ أنزل الله تَعَالَى {لقد ابْتَغوا الْفِتْنَة من قبل وقلبوا لَك الْأُمُور} إِلَى آخر الْآيَة الْآيَة 49

49

أخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لما أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يخرج إِلَى غَزْوَة تَبُوك قَالَ لجد بن قيس: مَا تَقول فِي مجاهدة بني الْأَصْفَر فَقَالَ: إِنِّي أخْشَى إِن رَأَيْت نسَاء بني الْأَصْفَر أَن أفتن فائذن لي وَلَا تفتني فَأنْزل الله {وَمِنْهُم من يَقُول ائْذَنْ لي وَلَا تفتني} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لجد بن قيس: يَا جد هَل لَك فِي جلاد بني الْأَصْفَر قَالَ جد: أتأذن لي يَا رَسُول الله فَإِنِّي رجل أحب النِّسَاء وَإِنِّي أخْشَى إِن أَنا رَأَيْت نسَاء بني الْأَصْفَر أَن افْتتن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ معرض عَنهُ: قد أَذِنت لَك فَأنْزل الله {وَمِنْهُم من يَقُول ائْذَنْ لي} الْآيَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اغزوا تغنموا بَنَات بني الْأَصْفَر فَقَالَ نَاس من الْمُنَافِقين: إِنَّه ليفتنكم بِالنسَاء فَأنْزل الله {وَمِنْهُم من يَقُول ائْذَنْ لي وَلَا تفتني} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة {وَمِنْهُم من يَقُول ائْذَنْ لي وَلَا تفتني} قَالَ: نزلت فِي الْجد بن قيس قَالَ: يَا مُحَمَّد ائْذَنْ لي وَلَا تفتني بنساء بني الْأَصْفَر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وأبوالشيخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمِنْهُم من يَقُول ائْذَنْ لي وَلَا تفتني} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اغزوا تَبُوك تغنموا بَنَات الْأَصْفَر نسَاء الرّوم فَقَالُوا: ائْذَنْ لنا وَلَا تفتنا بِالنسَاء وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيقه عَن عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة وَعبد الله بن أبي بكر بن حزم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَلما كَانَ يخرج فِي وَجه من مغازيه إِلَّا أظهر أَنه يُرِيد غَيره غير أَنه فِي غَزْوَة تَبُوك قَالَ: أَيهَا النَّاس إِنِّي أُرِيد الرّوم فاعلمهم وَذَلِكَ فِي زمَان الْبَأْس وَشدَّة من الْحر وجدب الْبِلَاد وَحين

طابت الثِّمَار وَالنَّاس يحبونَ الْمقَام فِي ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص عَنْهَا فَبَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فِي جهازه إِذْ قَالَ للْجدّ بن قيس: يَا جد هَل لَك فِي بَنَات بني الْأَصْفَر قَالَ: يَا رَسُول الله لقد علم قومِي أَنه لَيْسَ أحد أَشد عجبا بِالنسَاء مني وَإِنِّي أَخَاف إِن رَأَيْت نسَاء بني الْأَصْفَر أَن يفتنني فَأْذن لي يَا رَسُول الله فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: قد أَذِنت فَأنْزل الله {وَمِنْهُم من يَقُول ائْذَنْ لي وَلَا تفتني أَلا فِي الْفِتْنَة سقطوا} يَقُول: مَا وَقع فِيهِ من الْفِتْنَة بتخلفه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورغبته بِنَفسِهِ عَن نَفسه أعظم مِمَّا يخَاف من فتْنَة نسَاء بني الْأَصْفَر {وَإِن جَهَنَّم لمحيطة بالكافرين} يَقُول: من وَرَائه وَقَالَ رجل من الْمُنَافِقين (لَا تنفرُوا فِي الْحر) فَأنْزل الله (قل نَار جَهَنَّم أَشد حرا لَو كَانُوا يفقهُونَ) (التَّوْبَة الْآيَة 81) قَالَ: ثمَّ إِن رَسُول الله جدَّ فِي سَفَره وَأمر النَّاس بالجهاز وحض أهل الْغنى على النَّفَقَة والحملان فِي سَبِيل الله فَحمل رجال من أهل الْغنى واحتسبوا وَأنْفق عُثْمَان رَضِي عَنهُ فِي ذَلِك نَفَقَة عَظِيمَة لم ينْفق أحد أعظم مِنْهَا وَحمل على مِائَتي بعير وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة ومُوسَى بن عقبَة قَالَا ثمَّ إِن رَسُول الله تجهز غازياً يُرِيد الشَّام فَأذن فِي النَّاس بِالْخرُوجِ وَأمرهمْ بِهِ وَكَانَ ذَلِك فِي حر شَدِيد ليَالِي الخريف وَالنَّاس فِي نخيلهم خارفون فَأَبْطَأَ عَنهُ نَاس كثير وَقَالُوا: الرّوم لَا طَاقَة بهم فَخرج أهل الْحسب وتخلف المُنَافِقُونَ وَحَدثُوا أنفسهم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يرجع إِلَيْهِم أبدا فَاعْتَلُّوا وثبطوا من أطاعهم وتخلف عَنهُ رجال من الْمُسلمين بِأَمْر كَانَ لَهُم فِيهِ عذر مِنْهُم السقيم والمعسر وَجَاء سِتَّة نفر كلهم مُعسر يستحملونه لَا يحبونَ التَّخَلُّف عَنهُ فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أَن لَا يَجدوا مَا يُنْفقُونَ مِنْهُم من بني سَلمَة عمر بن غنمة وَمن بني مَازِن ابْن النجار أَبُو ليلى عبد الرَّحْمَن بن كَعْب وَمن بني حَارِث علية بن زيد وَمن بني عَمْرو بن عَوْف بن سَالم بن عُمَيْر وهرم بن عبد الله وهم يدعونَ بني الْبكاء وَعبد الله بن عمر وَرجل من بني مزينة فَهَؤُلَاءِ الَّذين بكوا واطلع الله عز وَجل أَنهم يحبونَ الْجِهَاد وَأَنه الْجد من أنفسهم فعذرهم فِي الْقُرْآن فَقَالَ (لَيْسَ على الضُّعَفَاء وَلَا على المرضى وَلَا على الَّذين لَا يَجدونَ مَا يُنْفقُونَ حرج إِذا نصحوا لله وَرَسُوله) (التَّوْبَة الْآيَة 91) الْآيَة والآيتين بعْدهَا

وَأَتَاهُ الْجد بن قيس السّلمِيّ وَهُوَ فِي الْمَسْجِد مَعَه نفر فَقَالَ: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي فِي الْقعُود فَإِنِّي ذُو ضَيْعَة وَعلة فِيهَا عذر لي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تجهز فَإنَّك مُوسر لَعَلَّك ان تحقب بعض بَنَات بني الْأَصْفَر فَقَالَ: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي وَلَا تفتني فَنزلت {وَمِنْهُم من يَقُول ائْذَنْ لي وَلَا تفتني} وَخمْس آيَات مَعهَا يتبع بَعْضهَا بَعْضًا فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمؤمنون مَعَه كَانَ فِيمَن تخلف عَنهُ غنمة بن وَدِيعَة من بني عَمْرو بن عَوْف فَقيل: مَا خَلفك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنت مُسلم فَقَالَ: الْخَوْض واللعب فَأنْزل الله عز وَجل فِيهِ وفيمن تخلف من الْمُنَافِقين (وَلَئِن سَأَلتهمْ ليَقُولن إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب) (التَّوْبَة الْآيَة 65) ثَلَاث آيَات مُتَتَابِعَات وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَغْزُو تَبُوك قَالَ نغزو الرّوم إِن شَاءَ الله وَنصِيب بَنَات بني الْأَصْفَر - كَانَ يذكر من حسنهنَّ ليرغب الْمُسلمُونَ فِي الْجِهَاد - فَقَامَ رجل من الْمُنَافِقين فَقَالَ: يَا رَسُول الله قد علمت حبي للنِّسَاء فائذن لي وَلَا تخرجني فَنزلت الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تفتني} قَالَ: لَا تخرجني {أَلا فِي الْفِتْنَة سقطوا} يَعْنِي فِي الْحَرج وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تفتني} قَالَ: لَا تؤثمني {أَلا فِي الْفِتْنَة} قَالَ: أَلا فِي الْإِثْم سقطوا الْآيَة 50

50

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: جعل المُنَافِقُونَ الَّذين تخلفوا بِالْمَدِينَةِ يخبرون عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبَار السوء يَقُولُونَ: إِن مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه قد جهدوا فِي سفرهم وهلكوا فَبَلغهُمْ تَكْذِيب حَدِيثهمْ وعافية النَّبِي وَأَصْحَابه فساءهم ذَلِك فَأنْزل الله تَعَالَى {إِن تصبك حَسَنَة تسؤهم} الْآيَة وَأخرج سنيد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {إِن تصبك حَسَنَة تسؤهم} يَقُول: إِن تصبك فِي سفرك هَذَا لغزوة تَبُوك {حَسَنَة تسؤهم} قَالَ: الْجد وَأَصْحَابه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن تصبك حَسَنَة تسؤهم} قَالَ: الْعَافِيَة والرخاء وَالْغنيمَة {وَإِن تصبك مُصِيبَة} قَالَ: الْبلَاء والشدة {يَقُولُوا قد أَخذنَا أمرنَا من قبل} قد حذرنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن تصبك حَسَنَة تسؤهم} قَالَ: ان أظفرك الله وردك سالما ساءهم ذَلِك {وَإِن تصبك مُصِيبَة يَقُولُوا قد أَخذنَا أمرنَا} فِي الْقعُود من قبل أَن تصيبهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن تصبك حَسَنَة تسؤهم} قَالَ: إِن كَانَ فتح للْمُسلمين كبر ذَلِك عَلَيْهِم وساءهم الْآيَة 51

51

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {قل لن يصيبنا إِلَّا مَا كتب الله لنا} قَالَ: إِلَّا مَا قضى الله لنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُسلم بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْكَلَام فِي الْقدر واديان عريضان يهْلك النَّاس فيهمَا لَا يدْرك عرضهما فاعمل عمل رجل يعلم أَنه لَا ينجيه إِلَّا عمله وتوكل توكل رجل يعلم أَنه لَا يُصِيبهُ إِلَّا مَا كتب الله لَهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مطرف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ لأحد أَن يصعد فَوق بَيت فيلقي نَفسه ثمَّ يَقُول: قدر لي وَلَكِن نتقي ونحذر فَإِن أَصَابَنَا شَيْء علمنَا أَنه لن يصيبنا إِلَّا مَا كتب الله لنا وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لكل شَيْء حَقِيقَة وَمَا بلغ عبد حَقِيقَة الإِيمان حَتَّى يعلم أَن مَا أَصَابَهُ لم يكن ليخطئه وَمَا أخطأه لم يكن ليصيبه الْآيَة 52

52

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قل هَل تربصون بِنَا إِلَّا إِحْدَى الحسنيين} قَالَ: فتح أَو شَهَادَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا إِحْدَى الحسنيين} قَالَ: إِلَّا فتحا أَو قتلا فِي سَبِيل الله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ من طَرِيق سعد بن اسحق بن كَعْب بن عجْرَة عَن أَبِيه عَن جده بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالرَّوْحَاءِ إِذْ هَبَط عَلَيْهِ أَعْرَابِي من سرب فَقَالَ: من الْقَوْم وَأَيْنَ تُرِيدُونَ قَالَ: قوم بدوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا لي أَرَاكُم بذة هيئتكم قَلِيلا سلاحكم قَالَ: نَنْتَظِر إِحْدَى الحسنيين إِمَّا أَن نقْتل فالجنة وَإِمَّا أَن نغلب فيجمعهما الله تَعَالَى لنا الظفر وَالْجنَّة قَالَ: أَيْن نَبِيكُم قَالُوا: هَا هُوَ ذَا فَقَالَ لَهُ: يَا نَبِي الله لَيست لي مصلحَة آخذ مصلحي ثمَّ الْحق قَالَ اذْهَبْ إِلَى أهلك فَخذ مصلحتك فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر وَخرج الرجل إِلَى أَهله حَتَّى فرغ من حَاجته ثمَّ لحق بهم ببدر فَدخل فِي الصَّفّ مَعَهم فاقتتل النَّاس فَكَانَ فِيمَن اسْتشْهد فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَن انتصر فَمر بَين ظهراني الشُّهَدَاء وَمَعَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: هَا يَا عمر إِنَّك تحب الحَدِيث وَإِن للشهداء سادة وأشرافاً وملوكاً وَإِن هَذَا يَا عمر مِنْهُم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَنحن نتربص بكم أَن يُصِيبكُم الله بِعَذَاب من عِنْده أَو بِأَيْدِينَا} قَالَ: الْقَتْل بِالسُّيُوفِ الْآيَات 53 - 54

53

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ الْجد بن قيس: إِنِّي إِذا رَأَيْت النِّسَاء لم أَصْبِر حَتَّى افْتتن وَلَكِن أعينك بِمَالي قَالَ: فَفِيهِ نزلت {قل أَنْفقُوا طَوْعًا أَو كرها لن يتَقَبَّل مِنْكُم} قَالَ: لقَوْله أعينك بِمَالي

الْآيَة 55

55

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَلَا تعجبك أَمْوَالهم وَلَا أَوْلَادهم إِنَّمَا يُرِيد الله ليعذبهم بهَا} فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا يُرِيد الله ليعذبهم بهَا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: بالمصائب فيهم هِيَ لَهُم عَذَاب وَلِلْمُؤْمنِينَ أجر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَا تعجبك أَمْوَالهم وَلَا أَوْلَادهم} قَالَ: هَذِه من مقاديم الْكَلَام يَقُول: لَا تعجبك أَمْوَالهم وَلَا أَوْلَادهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا إِنَّمَا يُرِيد الله ليعذبهم بهَا فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وتزهق أنفسهم وهم كافرون} قَالَ: تزهق أنفسهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا {وهم كافرون} قَالَ: هَذِه آيَة فِيهَا تَقْدِيم وَتَأْخِير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَا تعجبك} يَقُول: لَا يغررك {وتزهق} قَالَ: تخرج أنفسهم من الدُّنْيَا {وهم كافرون} الْآيَات 56 - 57

56

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويحلفون بِاللَّه إِنَّهُم لمنكم} الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا يحلفُونَ بِاللَّه تقية وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَو يَجدونَ ملْجأ} الْآيَة قَالَ: الملجأ الْحِرْز فِي الْجبَال والغارات الغيران فِي الْجبَال والمدخل السرب

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَو يَجدونَ ملْجأ أَو مغارات أَو مدخلًا} يَقُول: محرزا لَهُم يفرون إِلَيْهِ مِنْكُم {لولوا إِلَيْهِ} قَالَ: لفروا إِلَيْهِ مِنْكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهم يجمحون} قَالَ: يسرعون الْآيَات 58 - 59

58

وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم قسما إِذْ جَاءَهُ ذُو الْخوَيْصِرَة التَّمِيمِي فَقَالَ: اعْدِلْ يَا رَسُول الله فَقَالَ: وَيلك وَمن الْعدْل إِذا لم أعدل فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي فِيهِ فَاضْرب عُنُقه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دَعه فَإِن لَهُ أصحاباً يحقر أحدكُم صلَاته مَعَ صلَاتهم وصيامه مَعَ صِيَامهمْ يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية فَينْظر فِي قذذه فَلَا يُوجد فِيهِ شَيْء ثمَّ ينظر فِي نضيه فَلَا يرى فِيهِ شَيْء ثمَّ ينظر فِي رصافه فَلَا يرى فِيهِ شَيْء ثمَّ ينظر فِي نصله فَلَا يُوجد فِيهِ شَيْء قد سبق الفرث وَالدَّم آيَتهم رجل أسود إِحْدَى يَدَيْهِ - أَو قَالَ ثدييه - مثل ثدي الْمَرْأَة أَو مثل الْبضْعَة تدَرْدر يخرجُون على حِين فرقة من النَّاس قَالَ: فَنزلت فيهم {وَمِنْهُم من يَلْمِزك فِي الصَّدقَات} الْآيَة قَالَ أَبُو سعيد: أشهد أَنِّي سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأشْهد أَن عليا حِين قَتلهمْ وَأَنا مَعَه جِيءَ بِالرجلِ على النَّعْت الَّذِي نعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمِنْهُم من يَلْمِزك فِي الصَّدقَات} قَالَ: يطعن عَلَيْك

وَأخرج سنيد وَابْن جرير عَن دَاوُد بن أبي عَاصِم قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَدقَة فَقَسمهَا هَهُنَا وَهَهُنَا حَتَّى ذهبت وَرَآهُ رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ: مَا هَذَا بِالْعَدْلِ فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إياد بن لَقِيط أَنه قَرَأَ / وَإِن لم يُعْطوا مِنْهَا إِذا هم ساخطون / وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما قسم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَنَائِم حنين سَمِعت رجلا يَقُول: إِن هَذِه قسْمَة مَا أُرِيد بهَا وَجه الله فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت لَهُ ذَلِك فَقَالَ رَحْمَة الله على مُوسَى قد أؤذي بِأَكْثَرَ من هَذَا فَصَبر وَنزل {وَمِنْهُم من يَلْمِزك فِي الصَّدقَات} الْآيَة 60

60

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ وَهُوَ يقسم قسما فَأَعْرض عَنهُ وَجعل يقسم قَالَ: أتعطي رعاء الشَّاء وَالله مَا عدلت فَقَالَ: وَيحك من يعدل إِذا أَنا لم أعدل فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء} الْآيَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَضَعفه عَن زِيَاد بن الْحَارِث الصدائي قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله أَعْطِنِي من الصَّدَقَة فَقَالَ: إِن الله لم يرض بِحكم نَبِي وَلَا غَيره فِي الصَّدقَات حَتَّى حكم هُوَ فِيهَا فجزأها ثَمَانِيَة أَجزَاء فَإِن كنت من تِلْكَ الْأَجْزَاء أَعطيتك حَقك وَأخرج ابْن سعد عَن زِيَاد بن الْحَرْث الصدائي قَالَ: بَينا أَنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ جَاءَ قوم يَشكونَ عاملهم ثمَّ قَالُوا: يَا رَسُول الله آخذنا بِشَيْء كَانَ بَيْننَا وَبَينه فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا خير لِلْمُؤمنِ فِي الإِمارة ثمَّ قَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَعْطِنِي من الصَّدَقَة فَقَالَ: إِن الله لم يكِل قسمهَا إِلَى ملك مقرب وَلَا

نَبِي مُرْسل حَتَّى أجزأها ثَمَانِيَة أَجزَاء فَإِن كنت جزأ مِنْهَا أَعطيتك وَإِن كنت غَنِيا عَنْهَا فَإِنَّمَا هِيَ صداع فِي الرَّأْس وداء فِي الْبَطن وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُوسَى بن يزِيد الْكِنْدِيّ قَالَ: كَانَ ابْن مَسْعُود يقرئ رجلا فَقَرَأَ {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} مُرْسلَة فَقَالَ ابْن مَسْعُود: مَا هَكَذَا أَقْرَأَنيهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: وَكَيف أقرأكها قَالَ: أَقْرَأَنيهَا {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} فَمدَّهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نسخت هَذِه الْآيَة كل صَدَقَة فِي الْقُرْآن قَوْله (وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل) (الْإِسْرَاء الْآيَة 26) وَقَوله (إِن تبدوا الصَّدقَات) (الْبَقَرَة الْآيَة 271) وَقَوله (وَفِي أَمْوَالهم حق للسَّائِل والمحروم) (الذاريات الْآيَة 19) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا هَذَا شَيْء أعلمهُ الله إِيَّاه لَهُم فأيما أَعْطَيْت صنفا مِنْهَا أجزاك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن حُذَيْفَة فِي قَوْله {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء} الْآيَة قَالَ: إِن شِئْت جَعلتهَا فِي صنف وَاحِد من الْأَصْنَاف الثَّمَانِية الَّذين سمى الله أَو صنفين أَو ثَلَاثَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: لَا بَأْس أَن تجعلها فِي صنف وَاحِد مِمَّا قَالَ الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن وَعَطَاء وَإِبْرَاهِيم وَسَعِيد بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر والنحاس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْفُقَرَاء فُقَرَاء الْمُسلمين وَالْمَسَاكِين الطوّافون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: الْفَقِير الَّذِي بِهِ زمانة والمسكين الْمُحْتَاج الَّذِي لَيْسَ بِهِ زمانة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب أَنه مرَّ بِرَجُل من أهل الْكتاب مطروح على بَاب فَقَالَ: استكدوني وَأخذُوا مني الْجِزْيَة حَتَّى كف

بَصرِي فَلَيْسَ أحد يعود عليَّ بِشَيْء فَقَالَ عمر: مَا أنصفنا إِذا ثمَّ قَالَ: هَذَا من الَّذين قَالَ الله {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} ثمَّ أَمر لَهُ أَن يرْزق وَيجْرِي عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر فِي قَوْله {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} قَالَ: هم زَمْنى أهل الْكتاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: لَا يُعْطي الْمُشْركُونَ من الزَّكَاة وَلَا من شَيْء من الْكَفَّارَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: لَيْسَ بفقير من جمع الدِّرْهَم إِلَى الدِّرْهَم وَلَا التمرة إِلَى التمرة إِنَّمَا الْفَقِير من انقى ثَوْبه وَنَفسه لَا يقدر على غنى (يَحْسبهُم الْجَاهِل أَغْنِيَاء من التعفف) (الْبَقَرَة الْآيَة 273) وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر بن زيد قَالَ: الْفُقَرَاء المتعففون وَالْمَسَاكِين الَّذين يسْأَلُون وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الزُّهْرِيّ أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ: الْفُقَرَاء الَّذين فِي بُيُوتهم وَلَا يسْأَلُون وَالْمَسَاكِين الَّذِي يخرجُون فَيسْأَلُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الْفَقِير الرجل يكون فَقِيرا وَهُوَ بَين ظَهْري قومه وعشيرته وَذَوي قرَابَته وَلَيْسَ لَهُ مَال والمسكين الَّذِي لَا عشيرة لَهُ وَلَا قرَابَة وَلَا رحم وَلَيْسَ لَهُ مَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: الْفُقَرَاء الَّذين هَاجرُوا وَالْمَسَاكِين الَّذين لم يهاجروا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: يُعْطي من الزَّكَاة من لَهُ الدَّار وَالْخَادِم وَالْفرس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا لَا يمْنَعُونَ الزَّكَاة من لَهُ الْبَيْت وَالْخَادِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {والعاملين عَلَيْهَا} قَالَ: السعاة أَصْحَاب الصَّدَقَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُعْطي كل عَامل بِقدر عمله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن رَافع بن خديج رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْعَامِل على الصَّدَقَة بِالْحَقِّ كالغازي حَتَّى يرجع إِلَى بَيته وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {والمؤلفة قُلُوبهم} قَالَ: هم قوم كَانُوا يأْتونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أَسْلمُوا وَكَانَ يرْضخ لَهُم من الصَّدقَات فَإِذا أَعْطَاهُم من الصَّدَقَة فَأَصَابُوا مِنْهَا خيرا قَالُوا: هَذَا دين صَالح وَإِن كَانَ غير ذَلِك عابوه وتركوه وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ بعث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ من الْيمن إِلَى النَّبِي بذهيبة فِيهَا تربَتهَا فَقَسمهَا بَين أَرْبَعَة من الْمُؤَلّفَة: الْأَقْرَع بن حايس الْحَنْظَلِي وعلقمة بن علاثة العامري وعينية بن بدر الْفَزارِيّ وَزيد الْخَيل الطَّائِي فَقَالَت قُرَيْش وَالْأَنْصَار: أيقسم بَين صَنَادِيد أهل نجد ويدعنا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا أتالفهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم: من بني هَاشم أَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَمن بني أُميَّة أَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَمن بني مَخْزُوم الْحَارِث بن هِشَام وَعبد الرَّحْمَن بن يَرْبُوع وَمن بني أَسد حَكِيم بن حزَام وَمن بني عَامر سُهَيْل بن عَمْرو وَحُوَيْطِب بن عبد الْعزي وَمن بني جمح صَفْوَان بن أُميَّة وَمن بني سهم عدي بن قيس وَمن ثَقِيف الْعَلَاء بن حَارِثَة أَو حَارِثَة وَمن بني فَزَارَة عَيْنِيَّة بن حصن وَمن بني تَمِيم الْأَقْرَع بن حَابِس وَمن بني نصر مَالك بن عَوْف وَمن بني سليم الْعَبَّاس بن مرداس أعْطى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل رجل مِنْهُم مائَة نَاقَة مائَة نَاقَة إِلَّا عبد الرَّحْمَن بن يَرْبُوع وَحُوَيْطِب بن عبد الْعُزَّى فَإِنَّهُ أعْطى كل وَاحِد مِنْهُمَا خمسين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم الَّذين يدْخلُونَ فِي الإِسلام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم قوم من وُجُوه الْعَرَب يقدمُونَ عَلَيْهِ فينفق عَلَيْهِم مِنْهَا مَا داموا حَتَّى يسلمُوا أَو يرجِعوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جُبَير قَالَ: لَيْسَ الْيَوْم مؤلفة قُلُوبهم

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيست الْيَوْم مؤلفة قُلُوبهم إِنَّمَا كَانَ رجال يتألفهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَن كَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ قطع الرشا فِي الإِسلام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي قَالَ: جَاءَ عَيْنِيَّة بن حصن والأقرع بن حَابِس إِلَى أبي بكر فَقَالَا: يَا خَليفَة رَسُول الله ان عندنَا أَرضًا سبخَة لَيْسَ فِيهَا كلأ وَلَا مَنْفَعَة فَإِن رَأَيْت أَن تعطيناها لَعَلَّنَا نحرثها ونزرعها وَلَعَلَّ الله أَن ينفع بهَا فاقطعهما إِيَّاهَا وَكتب لَهما بذلك كتابا واشهد لَهما فَانْطَلقَا إِلَى عمر ليشهداه على مَا فِيهِ فَلَمَّا قرآ على عمر مَا فِي الْكتاب تنَاوله من أَيْدِيهِمَا فتفل فِيهِ فمجاه فتذمرا وَقَالا لَهُ مقَالَة سَيِّئَة فَقَالَ عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتألفهما والإِسلام يَوْمئِذٍ قَلِيل وَإِن الله قد أعز الإِسلام فاذهبا فاجهد جهدكما لَا أرعى الله عَلَيْكُمَا إِن أرعيتما وَأخرج ابْن سعد عَن أبي وَائِل أَنه قيل لَهُ: مَا أصنع بِنَصِيب الْمُؤَلّفَة قَالَ: زده على الآخرين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {وَفِي الرّقاب} قَالَ: هم المكاتبون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: لَا يعْتق من الزَّكَاة رَقَبَة تَامَّة وَيُعْطى فِي رَقَبَة وَلَا بَأْس بِأَن يعين بِهِ مكَاتبا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: سهم الرّقاب نِصْفَانِ نصف لكل مكَاتب مِمَّن يدَّعي الإِسلام وَالنّصف الْبَاقِي يَشْتَرِي بِهِ رِقَاب مِمَّن صلى وَصَامَ وَقدم إِسْلَامه من ذكر أَو أُنْثَى يعتقون لله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يُعْطي الرجل من زَكَاته فِي الْحَج وَأَن يعْتق مِنْهَا رَقَبَة وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أعتق من زَكَاة مَالك وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن: أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يَشْتَرِي الرجل من زَكَاة مَاله نسمَة فيعتقها وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: يعان فِيهَا الرَّقَبَة وَلَا يعْتق مِنْهَا وَأخرج أَبُو عبيد وابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ

قَالَ: لَا تعْتق من زَكَاة مَالك فَإِنَّهُ يجر الْوَلَاء قَالَ أَبُو عبيد: قَول ابْن عَبَّاس أَعلَى مَا جَاءَنَا فِي هَذَا الْبَاب وَهُوَ أولى بالاتباع وَأعلم بالتأويل وَقد وَافقه عَلَيْهِ كثير من أهل الْعلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الزُّهْرِيّ أَنه سُئِلَ عَن الغارمين قَالَ: أَصْحَاب الدّين وَابْن السَّبِيل وَإِن كَانَ غَنِيا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {والغارمين} قَالَ: من احْتَرَقَ بَيته وَذهب السَّيْل بِمَالِه وادّان على عِيَاله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي جَعْفَر فِي قَوْله {والغارمين} قَالَ: المستدينين فِي غير فَسَاد {وَابْن السَّبِيل} قَالَ: المجتاز من أَرض إِلَى أَرض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {والغارمين} قَالَ: هُوَ الَّذِي يسْأَل فِي دم أَو جَائِحَة تصيبه {وَفِي سَبِيل الله} قَالَ: هم المجاهدون {وَابْن السَّبِيل} قَالَ: الْمُنْقَطع بِهِ يُعْطي قدر مَا يبلغهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَفِي سَبِيل الله} قَالَ: الْغَازِي فِي سَبِيل الله {وَابْن السَّبِيل} قَالَ: الْمُسَافِر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ابْن السَّبِيل هُوَ قَالَ: الْغَازِي فِي سَبِيل الله {وَابْن السَّبِيل} قَالَ: الْمُسَافِر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ابْن السَّبِيل هُوَ الضَّيْف الْفَقِير الَّذِي ينزل بِالْمُسْلِمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك فِي رجل سَافر وَهُوَ غَنِي فنفد مَا مَعَه فِي سَفَره فَاحْتَاجَ قَالَ: يعْطى من الصَّدَقَة فِي سَفَره لِأَنَّهُ ابْن سَبِيل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَفِي سَبِيل الله} قَالَ: حمل الرجل فِي سَبِيل الله من الصَّدَقَة {وَابْن السَّبِيل} قَالَ: هُوَ الضَّيْف وَالْمُسَافر إِذا قطع بِهِ وَلَيْسَ لَهُ شَيْء {فَرِيضَة من الله وَالله عليم حَكِيم} قَالَ: ثَمَانِيَة أسْهم فرضهن الله وأعلمهن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ إِلَّا لخمسة: لعامل عَلَيْهَا أَو

رجل اشْتَرَاهَا بِمَالِه أَو غَارِم أَو غاز فِي سَبِيل الله أَو مِسْكين تصدق عَلَيْهِ فأهدى مِنْهَا الْغَنِيّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة والنحاس فِي ناسخه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَأَلَ وَله مَا يُغْنِيه جَاءَت مَسْأَلته يَوْم الْقِيَامَة خموشاً أَو كدوحاً قَالُوا: يَا رَسُول الله وماذا يُغْنِيه قَالَ: خَمْسُونَ دِرْهَم أَو قيمتهَا من الذَّهَب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن عمر أَنه سُئِلَ عَن مَال الصَّدَقَة فَقَالَ: شَرّ مَال إِنَّمَا هُوَ مَال الكسحان والعرجان والعميان وكل مُنْقَطع بِهِ قيل: فَإِن للعاملين عَلَيْهَا حَقًا وللمجاهدين فِي سَبِيل الله قَالَ: أما الْعَامِلُونَ فَلهم بِقدر عمالتهم وَأما المجاهدون فِي سَبِيل الله فقوم أحل لَهُم أَن الصَّدَقَة لَا تحل لَغَنِيّ وَلَا لذِي مرّة سوى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ فرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّدَقَة فِي ثَمَانِيَة أسْهم فَفرض فِي الذَّهَب وَالْوَرق والإِبل وَالْبَقر وَالْغنم وَالزَّرْع وَالْكَرم وَالنَّخْل ثمَّ تُوضَع فِي ثَمَانِيَة أسْهم فِي أهل هَذِه الْآيَة {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء} الْآيَة كلهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خففوا على الْمُسلمين فِي خرصكم فَإِن فِيهِ الْعَرَايَا وَفِيه الْوَصَايَا فَأَما الْعَرَايَا فالنخلة وَالثَّلَاث والأربع وَأَقل من ذَلِك وَأكْثر يمنحها الرجل أَخَاهُ ثَمَرَتهَا فيأكلها هُوَ وَعِيَاله وَأما الْوَصَايَا فثمانية أسْهم {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} إِلَى قَوْله {وَالله عليم حَكِيم} وَأخرج أَحْمد عَن رجل من بني هِلَال قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ وَلَا ذِي مرّة سوى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عمر عَن النَّبِي قَالَ لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ وَلَا لذِي مرّة سوى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار قَالَ: أَخْبرنِي رجلَانِ أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع وَهُوَ يقسم الصَّدَقَة فَسَأَلَاهُ مِنْهَا فَرفع فِينَا الْبَصَر وخفضه فرآنا جلدين فَقَالَ: إِن شئتما أعطيتكما وَلَا حظَّ فِيهَا لَغَنِيّ وَلَا لقوي مكتسب

الْآيَة 61

61

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ نَبْتَل بن الْحَرْث يَأْتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيجلس إِلَيْهِ فَيسمع مِنْهُ ثمَّ ينْقل حَدِيثه إِلَى الْمُنَافِقين وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُم: إِنَّمَا مُحَمَّد أذن من حَدثهُ شَيْئا صدقه فَأنْزل الله فِيهِ {وَمِنْهُم الَّذين يُؤْذونَ النَّبِي وَيَقُولُونَ هُوَ أذن} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: اجْتمع نَاس من الْمُنَافِقين فيهم جلاس بن سُوَيْد بن صَامت وجحش بن حمير ووديعة بن ثَابت فأرادوا أَن يقعوا فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنهى بَعضهم بَعْضًا وَقَالُوا: أَنا نَخَاف أَن يبلغ مُحَمَّد فَيَقَع بكم وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا مُحَمَّد أذن نحلف لَهُ فيصدقنا فَنزل {وَمِنْهُم الَّذين يُؤْذونَ النَّبِي} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَيَقُولُونَ هُوَ أذن} يَعْنِي أَنه يسمع من كل أحد قَالَ الله عزَّ وَجل {قل أذن خير لكم يُؤمن بِاللَّه ويؤمن للْمُؤْمِنين} يَعْنِي يصدق بِاللَّه وَيصدق الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَيَقُولُونَ هُوَ أذن} أَي يسمع مَا يُقَال لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَيَقُولُونَ هُوَ أذن} يَقُولُونَ: سنقول لَهُ مَا شِئْنَا ثمَّ نحلف لَهُ فيصدقنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْأذن الَّذِي يسمع من كل أحد ويصدقه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يُؤمن بِاللَّه} قَالَ: يصدق الله بِمَا أنزل إِلَيْهِ {ويؤمن للْمُؤْمِنين} يصدق الْمُؤمنِينَ فِيمَا بَينهم فِي شهاداتهم وَإِيمَانهمْ على حُقُوقهم وفروجهم وَأَمْوَالهمْ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُمَيْر بن سعد قَالَ: فيَّ أنزلت هَذِه الْآيَة {وَيَقُولُونَ هُوَ أذن} وَذَلِكَ أَن عُمَيْر بن سعد كَانَ يسمع أَحَادِيث أهل الْمَدِينَة فَيَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيساره حَتَّى كَانُوا يتأذون بعمير بن سعد وكرهوا مُجَالَسَته وَقَالُوا {هُوَ أذن} وَالله أعلم الْآيَة 62

62

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن رجلا من الْمُنَافِقين قَالَ: وَالله إِن هَؤُلَاءِ لخيارنا وَأَشْرَافنَا وَإِن كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًا لَهُم أشر من حمير فَسَمعَهَا رجل من الْمُسلمين فَقَالَ: وَالله مَا يَقُول مُحَمَّد لحق ولأنت أشر من الْحمار فسعى بهَا الرجل إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَأرْسل إِلَى الرجل فَدَعَاهُ فَقَالَ: مَا حملك على الَّذِي قلت فَجعل يلتعن وَيحلف بِاللَّه مَا قَالَ ذَلِك وَجعل الرجل الْمُسلم يَقُول: اللَّهُمَّ صدق الصَّادِق وَكذب الْكَاذِب فَأنْزل الله تَعَالَى فِي ذَلِك {يحلفُونَ بِاللَّه لكم ليرضوكم} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ مثله وسمى الرجل الْمُسلم عَامر بن قيس من الْأَنْصَار الْآيَة 63

63

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {ألم يعلمُوا أَنه من يحادد الله وَرَسُوله} قَالَ: يعادي الله وَرَسُوله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يزِيد بن هرون قَالَ: خطب أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ فِي خطبَته: يُؤْتى بِعَبْد قد أنعم الله عَلَيْهِ وَبسط لَهُ فِي الرزق قد أصح بدنه وَقد كفر نعْمَة ربه فَيُوقف بَين يَدي الله تَعَالَى فَيُقَال لَهُ: مَاذَا عملت ليومك هَذَا وَمَا قدمت لنَفسك فَلَا يجده قدَّم خيرا فيبكي حَتَّى تنفد الدُّمُوع ثمَّ يعيَّر ويخزى

بِمَا ضيع من طَاعَة الله فيبكي الدَّم ثمَّ يعير ويخزى حَتَّى يَأْكُل يَدَيْهِ إِلَى مرفقيه ثمَّ يعير ويخزى بِمَا ضيع من طَاعَة الله فينتحب حَتَّى تسْقط حدقتاه على وجنتيه وكل وَاحِد مِنْهُمَا فَرسَخ فِي فَرسَخ ثمَّ يعير ويخزى حَتَّى يَقُول: يَا رب ابعثني إِلَى النَّار وارحمني من مقَامي هَذَا وَذَلِكَ قَوْله {أَنه من يحادد الله وَرَسُوله فَأن لَهُ نَار جَهَنَّم} إِلَى قَوْله {الْعَظِيم} الْآيَة 64

64

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يحذر المُنَافِقُونَ أَن تنزل عَلَيْهِم سُورَة تنبئهم بِمَا فِي قُلُوبهم} قَالَ: يَقُولُونَ القَوْل فِيمَا بَينهم ثمَّ يَقُولُونَ عَسى الله أَن لَا يفشي علينا هَذَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت هَذِه السُّورَة تسمى الفاضحة فاضحة الْمُنَافِقين وَكَانَ يُقَال لَهَا المثيرة أنبأت بمثالبهم وعوراتهم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْمسيب بن رَافع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا عمل رجل من حَسَنَة فِي سَبْعَة أَبْيَات إِلَّا أظهرها الله وَلَا عمل رجل من سَيِّئَة فِي سَبْعَة أَبْيَات إِلَّا أظهرها الله وتصديق ذَلِك كَلَام الله تَعَالَى {إِن الله مخرج مَا تحذرون} الْآيَات 65 - 66

65

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن شُرَيْح بن عبيد رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ لأبي

الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ: يَا معشر الْقُرَّاء مَا بالكم أجبن منا وأبخل إِذا سئلتم وَأعظم لقماً إِذا أكلْتُم فَأَعْرض عَنهُ أَبُو الدَّرْدَاء وَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا فَأخْبر بذلك عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَانْطَلق عمر إِلَى الرجل الَّذِي قَالَ ذَلِك فقاله بِثَوْبِهِ وخنقه وقاده إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الرجل: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب فَأوحى الله تَعَالَى إِلَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَئِن سَأَلتهمْ ليَقُولن إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر قَالَ قَالَ رجل فِي غَزْوَة تَبُوك فِي مجْلِس يَوْمًا: مَا رَأينَا مثل قرائنا هَؤُلَاءِ لَا أَرغب بطونا وَلَا أكذب أَلْسِنَة وَلَا أجبن عِنْد اللِّقَاء فَقَالَ رجل فِي الْمجْلس: كذبت وَلَكِنَّك مُنَافِق لأخبرن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزل الْقُرْآن قَالَ عبد الله: فَأَنا رَأَيْته مُتَعَلقا يحقب نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْحِجَارَة تنكيه وَهُوَ يَقُول: يَا رَسُول الله إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أبالله وآياته وَرَسُوله كُنْتُم تستهزئون وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والعقيلي فِي الضُّعَفَاء وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي رُوَاة مَالك عَن ابْن عمر قَالَ رَأَيْت عبد الله بن أبي وَهُوَ يشْتَد قُدَّام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والأحجار تنكيه وَهُوَ يَقُول: يَا مُحَمَّد إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أبالله وآياته وَرَسُوله كُنْتُم تستهزئون وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَئِن سَأَلتهمْ ليَقُولن إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب} قَالَ: قَالَ رجل من الْمُنَافِقين يحدثنا مُحَمَّد: أَن نَاقَة فلَان بوادي كَذَا وَكَذَا فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا وَمَا يدريه بِالْغَيْبِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزوته إِلَى تَبُوك وَبَين يَدَيْهِ أنَاس من الْمُنَافِقين فَقَالُوا: يَرْجُو هَذَا الرجل أَن تفتح لَهُ قُصُور الشَّام وحصونها هَيْهَات هَيْهَات فَأطلع الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك فَقَالَ نَبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الله احْبِسُوا عليَّ هَؤُلَاءِ الركب فَأَتَاهُم فَقَالَ: قُلْتُمْ كَذَا قُلْتُمْ كَذَا قَالُوا: يَا نَبِي الله إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب فَأنْزل الله فيهمَا مَا تَسْمَعُونَ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسيره وأناس من الْمُنَافِقين يَسِيرُونَ أَمَامه فَقَالُوا: إِن كَانَ مَا

يَقُول مُحَمَّد حَقًا فلنحن أشر من الْحمير فَأنْزل الله تَعَالَى مَا قَالُوا فَأرْسل إِلَيْهِم مَا كُنْتُم تَقولُونَ فَقَالُوا: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب وَأخرج إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب بن مَالك قَالَ قَالَ محشي بن حمير: لَوَدِدْت أَنِّي أقاضي على أَن يضْرب كل رجل مِنْكُم مائَة على أَن ينجو من أَن ينزل فِينَا قُرْآن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمَّار بن يَاسر أدْرك الْقَوْم فَإِنَّهُم قد احترقوا فسلهم عَمَّا قَالُوا فَإِن هم أَنْكَرُوا وكتموا فَقل بلَى قد قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا فأدركهم فَقَالَ لَهُم فَجَاءُوا يَعْتَذِرُونَ فَأنْزل الله {لَا تعتذروا قد كَفرْتُمْ بعد إيمَانكُمْ إِن نعف عَن طَائِفَة مِنْكُم} الْآيَة فَكَانَ الَّذِي عَفا الله عَنهُ محشي بن حمير فتسمى عبد الرَّحْمَن وَسَأَلَ الله أَن يقتل شَهِيدا لَا يعلم بمقتله فَقتل بِالْيَمَامَةِ لَا يعلم مَقْتَله وَلَا من قَتله وَلَا يرى لَهُ أثر وَلَا عين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رَهْط من الْمُنَافِقين من بني عَمْرو بن عَوْف فيهم وَدِيعَة بن ثَابت وَرجل من أَشْجَع حَلِيف لَهُم يُقَال لَهُ محشي بن حمير كَانَ يَسِيرُونَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ منطلق إِلَى تَبُوك فَقَالَ بَعضهم لبَعض: أتحسبون قتال بني الْأَصْفَر كقتال غَيرهم وَالله لكأنا بكم غَدا تقادون فِي الحبال قَالَ محشي بن حمير: لَوَدِدْت أَنِّي أقاضي فَذكر الحَدِيث مثل الَّذِي قبله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود نَحوه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْكَلْبِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أقبل من غَزْوَة تَبُوك وَبَين يَدَيْهِ ثَلَاثَة رَهْط استهزأوا بِاللَّه وبرسوله وَبِالْقُرْآنِ قَالَ: كَانَ رجل مِنْهُم لم يمالئهم فِي الحَدِيث يسير مجانباً لَهُم يُقَال لَهُ يزِيد بن وَدِيعَة فَنزلت {إِن نعف عَن طَائِفَة مِنْكُم نعذب طَائِفَة} فَسُمي طَائِفَة وَهُوَ وَاحِد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن نعف عَن طَائِفَة مِنْكُم نعذب طَائِفَة} قَالَ: الطَّائِفَة الرجل والنفر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الطَّائِفَة الْوَاحِد إِلَى الْألف وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الطَّائِفَة رجل فَصَاعِدا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك {إِن نعف عَن طَائِفَة مِنْكُم نعذب طَائِفَة}

يَعْنِي إِن عفى بَعضهم فَلَيْسَ بتارك الآخرين أَن يعذبهم {بِأَنَّهُم كَانُوا مجرمين} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ فِيمَن تخلف بِالْمَدِينَةِ من الْمُنَافِقين ودَاعَة بن ثَابت أحد بني عَمْرو بن عَوْف فَقيل لَهُ: مَا خَلفك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: الْخَوْض واللعب فَأنْزل الله فِيهِ وَفِي أَصْحَابه {وَلَئِن سَأَلتهمْ ليَقُولن إِنَّمَا كُنَّا نَخُوض وَنَلْعَب} إِلَى قَوْله {مجرمين} الْآيَات 67 - 70

67

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن حُذَيْفَة أَنه سُئِلَ عَن الْمُنَافِق فَقَالَ: الَّذِي يصف الإِسلام وَلَا يعْمل بِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: النِّفَاق نفاقان نفاق تَكْذِيب بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَاك كفر ونفاق خَطَايَا وذنوب فَذَاك يُرْجَى لصَاحبه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يأمرون بالمنكر} قَالَ: هُوَ التَّكْذِيب قَالَ: وَهُوَ أنكر الْمُنكر {وَينْهَوْنَ عَن الْمَعْرُوف} قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله والإِقرار بِمَا أنزل الله وَهُوَ أعظم الْمَعْرُوف

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كل آيَة ذكرهَا الله تَعَالَى فِي الْقُرْآن فَذكر الْمُنكر عبَادَة الْأَوْثَان والشيطان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ويقبضون أَيْديهم} قَالَ: لَا يبسطونها بِنَفَقَة فِي حق الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ويقبضون أَيْديهم} قَالَ: لَا يبسطونها بِخَير {نسوا الله فنسيهم} قَالَ: نسوا من كل خير وَلم ينسوا من الشَّرّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {نسوا الله فنسيهم} قَالَ: تركُوا الله فتركهم من كرامته وثوابه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك {نسوا الله} قَالَ: تركُوا أَمر الله {فنسيهم} تَركهم من رَحمته أَن يعطيهم إِيمَانًا وَعَملا صَالحا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله لَا ينسى من خلقه وَلَكِن نسيهم من الْخَيْر يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: نسوا فِي الْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كَالَّذِين من قبلكُمْ} قَالَ: صَنِيع الْكفَّار كالكفار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا أشبه اللَّيْلَة بالبارحة {كَالَّذِين من قبلكُمْ كَانُوا أَشد مِنْكُم قُوَّة} إِلَى قَوْله {وخضتم كَالَّذي خَاضُوا} هَؤُلَاءِ بَنو إِسْرَائِيل أشبهناهم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لنتبعنهم حَتَّى لَو دخل رجل جُحْر ضبٍّ لدخلتموه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بخلاقهم} قَالَ: بدينهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: الخلاق الدّين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فاستمتعوا بخلاقهم} قَالَ: بنصيبهم من الدُّنْيَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وخضتم كَالَّذي خَاضُوا} قَالَ: لعبتم كَالَّذي لعبوا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حذركُمْ أَن تحدثُوا حَدثا فِي الإِسلام وَعلم أَنه سيفعل ذَلِك أَقوام من هَذِه الْأمة فَقَالَ الله {فاستمتعوا بخلاقهم} الْآيَة الْآيَات 71 - 72

71

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {والمؤتفكات} قَالَ: قوم لوط ائتفكت بهم أَرضهم فَجعل عَلَيْهَا سافلها وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {والمؤمنون وَالْمُؤْمِنَات بَعضهم أَوْلِيَاء بعض يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر} يدعونَ إِلَى الإِيمان بِاللَّه وَرَسُوله والنفقات فِي سَبِيل الله وَمَا كَانَ من طَاعَة الله {وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر} ينهون عَن الشّرك وَالْكفْر وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فَرِيضَة من فَرَائض الله كتبهَا الله على الْمُؤمنِينَ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {والمؤمنون وَالْمُؤْمِنَات بَعضهم أَوْلِيَاء بعض} قَالَ: اخاؤهم فِي الله يتحابون بِجلَال الله وَالْولَايَة لله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب قَضَاء الْحَوَائِج وَالطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل الْمَعْرُوف فِي الدُّنْيَا أهل الْمَعْرُوف فِي الْآخِرَة وَأهل الْمُنكر فِي الدُّنْيَا أهل الْمُنكر فِي الْآخِرَة وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُثْمَان مُرْسلا

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي مُوسَى أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْمَعْرُوف وَالْمُنكر خليقتان ينصبان يَوْم الْقِيَامَة فَأَما الْمَعْرُوف فيبشر أَهله ويعدهم الْخَيْر وَأما الْمُنكر فَيَقُول لأَصْحَابه: إِلَيْكُم وَمَا تَسْتَطِيعُونَ لَهُ إِلَّا لُزُوما وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأس الْعقل بعد الإِيمان بِاللَّه مداراة النَّاس وَلنْ يهْلك رجل بعد مشورة وَأهل الْمَعْرُوف فِي الدُّنْيَا أهل الْمَعْرُوف فِي الْآخِرَة وَأهل الْمُنكر فِي الدُّنْيَا أهل الْمُنكر فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أهل الْمَعْرُوف فِي الدُّنْيَا هم أهل الْمَعْرُوف فِي الْآخِرَة وَأهل الْمُنكر فِي الدُّنْيَا أهل الْمُنكر فِي الْآخِرَة أَن الله ليَبْعَث الْمَعْرُوف يَوْم القيانة فِي صُورَة الرجل الْمُسَافِر فَيَأْتِي صَاحبه إِذا انْشَقَّ قَبره فيمسح عَن وَجهه التُّرَاب وَيَقُول: اُبْشُرْ يَا ولي الله بِأَمَان الله وكرامته لَا يهولنَّك مَا ترى من أهوال يَوْم الْقِيَامَة فَلَا يزَال يَقُول لَهُ: احذر هَذَا وَاتَّقِ هَذَا يسكن بذلك روعه حَتَّى يُجَاوز بِهِ الصِّرَاط فَإِذا جَاوز بِهِ الصِّرَاط عدل ولي الله إِلَى مَنَازِله فِي الْجنَّة ثمَّ يثنى عَنهُ الْمَعْرُوف فَيتَعَلَّق بِهِ فَيَقُول: يَا عبد الله من أَنْت خذلني الْخَلَائق فِي أهوال الْقِيَامَة غَيْرك فَمن أَنْت فَيَقُول لَهُ: أما تعرفنِي فَيَقُول: لَا فَيَقُول: أَنا الْمَعْرُوف الَّذِي عملته فِي الدُّنْيَا بَعَثَنِي الله خلقا لأجازيك بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اطْلُبُوا الْمَعْرُوف من رحماء أمتِي تعيشوا فِي أَكْنَافهم وَلَا تطلبوه من القاسية قُلُوبهم فَإِن اللَّعْنَة تنزل عَلَيْهِم يَا عَليّ إِن الله خلق الْمَعْرُوف وَخلق لَهُ أَهلا فحببه إِلَيْهِم وحبب إِلَيْهِم فعاله وَوجه إِلَيْهِم طلابه كَمَا وَجه المَاء فِي الأَرْض الجدبة لتحيا بِهِ وَيحيى بِهِ أَهلهَا إِن أهل الْمَعْرُوف فِي الدُّنْيَا هم أهل الْمَعْرُوف فِي الْآخِرَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن عليّ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اطْلُبُوا الْمَعْرُوف من رحماء أمتِي تعيشوا فِي أَكْنَافهم وَأخرج الْحَاكِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صانع الْمَعْرُوف تَقِيّ مصَارِع السوء والآفات والهلكات وَأهل الْمَعْرُوف فِي الدُّنْيَا هم أهل الْمَعْرُوف فِي الْآخِرَة

وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله الأوّلين والآخرين ثمَّ أَمر منادياً يُنَادي: أَلا ليقمْ أهل الْمَعْرُوف فِي الدُّنْيَا فَيقومُونَ حَتَّى يقفوا بَين يَدي الله فَيَقُول الله: أَنْتُم أهل الْمَعْرُوف فِي الدُّنْيَا فَيَقُولُونَ: نعم فَيَقُول: وَأَنْتُم أهل الْمَعْرُوف فِي الْآخِرَة فَقومُوا مَعَ الْأَنْبِيَاء وَالرسل فاشفعوا لمن أَحْبَبْتُم فادخلوه الْجنَّة حَتَّى تدْخلُوا عَلَيْهِم الْمَعْرُوف فِي الْآخِرَة كَمَا أدخلتم عَلَيْهِم الْمَعْرُوف فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب قَضَاء الْحَوَائِج عَن بِلَال قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَعْرُوف صَدَقَة وَالْمَعْرُوف يقي سبعين نوعا من الْبلَاء ويقي ميتَة السوء وَالْمَعْرُوف وَالْمُنكر خلقان منصوبان للنَّاس يَوْم الْقِيَامَة فالمعروف لَازم لأَهله وَالْمُنكر لَازم لأَهله يقودهم ويسوقهم إِلَى النَّار وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أحب عباد الله إِلَى الله عز وَجل من حبَّب إِلَيْهِ الْمَعْرُوف وحبَّب إِلَيْهِ فعاله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله جعل للمعروف وُجُوهًا من خلقه وحبب إِلَيْهِم فعاله وَوجه طلاب الْمَعْرُوف إِلَيْهِم وَيسر عَلَيْهِم إعطاءه كَمَا يسر الْغَيْث إِلَى الأَرْض الجدبة ليحييها ويحيي بِهِ أَهلهَا وَإِن الله جعل للمعروف أَعدَاء من خلقه بغض إِلَيْهِم الْمَعْرُوف وبغض إِلَيْهِم فعاله وحظر عَلَيْهِم اعطاءه كَمَا يحظر الْغَيْث عَن الأَرْض الجدبة ليهلكها وَيهْلك بهَا أَهلهَا وَمَا يعْفُو الله أَكثر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَلَيْكُم باصطناع الْمَعْرُوف فَإِنَّهُ يمْنَع مصَارِع السوء وَعَلَيْكُم بِصَدقَة السِّرّ فَإِنَّهَا تُطْفِئ غضب الله عز وَجل وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَعْرُوف صَدَقَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة والقضاعي والعسكري وَابْن أبي الدُّنْيَا من طَرِيق مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَعْرُوف صَدَقَة وكل مَا أنْفق الرجل على نَفسه وَأَهله كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة وَمَا وقِي بِهِ عرضه كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة وَقد قيل لمُحَمد بن الْمُنْكَدر مَا يَعْنِي مَا وقى بِهِ عرضه قَالَ: الشَّيْء يعْطى الشَّاعِر وَذَا اللِّسَان المتقي

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَعْرُوف صَنعته إِلَى غَنِي أَو فَقير فَهُوَ صَدَقَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل مَعْرُوف يصنعه أحدكُم إِلَى غَنِي فَقير فَهُوَ صَدَقَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَعْرُوف صَدَقَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن جَابر الْجعْفِيّ رَفعه قَالَ: الْمَعْرُوف خلق من خلق الله تَعَالَى كريم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: سَأَلت عمرَان بن حُصَيْن وَأَبا هُرَيْرَة عَن تَفْسِير {ومساكن طيبَة فِي جنَّات عدن} قَالَا: على الْخَبِير سَقَطت سَأَلنَا عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ قصر من لؤلؤة فِي الْجنَّة فِي ذَلِك الْقصر سَبْعُونَ دَارا من ياقوتة حَمْرَاء فِي كل دَار سَبْعُونَ بَيْتا من زمردة خضراء فِي كل بَيت سَبْعُونَ سريراً على كل سَرِير سَبْعُونَ فراشا من كل لون على كل فرَاش امْرَأَة من الْحور الْعين فِي كل بَيت سَبْعُونَ مائدة فِي كل مائدة سَبْعُونَ لوناً من كل طَعَام فِي كل بَيت سَبْعُونَ وصيفاً ووصيفة فَيعْطى الْمُؤمن من الْقُوَّة فِي كل غَدَاة مَا يَأْتِي على ذَلِك كُله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سليم بن عَامر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْجنَّة مائَة دَرَجَة: فأولها من فضَّة أرْضهَا فضَّة ومساكنها فضَّة وآنيتها فضَّة وترابها مسك وَالثَّانيَِة من ذهب أرْضهَا ذهب ومساكنها ذهب وآنيتها ذهب وترابها مسك وَالثَّالِثَة لُؤْلُؤ أرْضهَا لُؤْلُؤ وآنيتها لُؤْلُؤ وترابها مسك وَسبع وَتسْعُونَ بعد ذَلِك مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي حَازِم قَالَ: إِن الله ليعد للْعَبد من عبيده فِي الْجنَّة لؤلؤة مسيرَة أَرْبَعَة برد أَبْوَابهَا وغرفها ومغاليقها لَيْسَ فِيهَا قضم وَلَا قَصم وَالْجنَّة مائَة دَرَجَة: فَثَلَاث مِنْهَا ورق وَذهب ولؤلؤ وَزَبَرْجَد وَيَاقُوت وَسبع وَتسْعُونَ لَا يعلمهما إِلَّا الَّذِي خلقهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة رجل لَهُ ألف قصر مَا بَين كل قَصْرَيْنِ مسيرَة سنة يرى أقصاها كَمَا يرى أدناها فِي كل قصر من الْحور الْعين والرياحين والولدان مَا يَدْعُو شَيْئا إِلَّا أَتَى بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مغيث بن سمي قَالَ: إِن فِي الْجنَّة قصوراً من ذهب وقصوراً من فضَّة وقصوراً من ياقوت وقصوراً من زبرجد جبالها الْمسك وترابها الورس والزعفران وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: إِن فِي الْجنَّة ياقوتة لَيْسَ فِيهَا صدع وَلَا وصل وفيهَا سَبْعُونَ ألف دَار فِي كل دَار سَبْعُونَ ألفا من الْحور الْعين لَا يدخلهَا إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد أَو إِمَام عَادل أَو مُحكم فِي نَفسه قيل لكعب: وَمَا الْمُحكم فِي نَفسه قَالَ: الرجل يَأْخُذهُ العدوّ فيحكمونه بَين أَن يكفر أَو يلْزم الإِسلام فَيقْتل فيختار أَن يلْزم الإِسلام وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {جنَّات عدن} قَالَ: مَعْدن الرجل الَّذِي يكون فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {جنَّات عدن} قَالَ: معدنهم فِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خَالِد بن معدان قَالَ: إِن الله خلق فِي الْجنَّة جنَّة عدن دملج لؤلؤة وغرس فِيهَا قَضِيبًا ثمَّ قَالَ لَهَا: امتدي حَتَّى أرْضى ثمَّ قَالَ لَهَا: أَخْرِجِي مَا فِيك من الْأَنْهَار وَالثِّمَار فَفعلت فَقَالَت (قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ) (الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 1) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {ورضوان من الله أكبر} يَعْنِي إِذا أخبروا أَن الله عَنْهُم رَاض فَهُوَ أكبر عِنْدهم من التحف وَالتَّسْلِيم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة قَالَ الله: هَل تشتهون شَيْئا فأزيدكم قَالُوا: يَا رَبنَا وَهل بَقِي شَيْء إِلَّا قد أنلتناه فَيَقُول: نعم رضائي فَلَا أَسخط عَلَيْكُم أبدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عبد الْملك الْجُهَنِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله لنعيم أهل الْجنَّة برضوان الله عَنْهُم أفضل من نعيمهم بِمَا فِي الْجنان

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن شمر بن عَطِيَّة قَالَ: يَجِيء الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة فِي صُورَة الرجل الشاحب حِين ينشق عَنهُ قَبره فَيَقُول: أبشر بكرامة الله تَعَالَى قَالَ: فَلهُ حلَّة الْكَرَامَة فَيَقُول: يَا رب زِدْنِي فَيَقُول: رِضْوَانِي ورضوان من الله أكبر وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يَقُول لأهل الْجنَّة: يَا أهل الْجنَّة فَيَقُولُونَ: لبيْك يَا رَبنَا وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك فَيَقُول: هَل رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ: رَبنَا وَمَا لنا لَا نرضى وَقد أَعطيتنَا مَا لم تعطه أحدا من خلقك فَيَقُول: أَلا أُعْطِيكُم أفضل من ذَلِك قَالُوا: يَا رب وَأي شَيْء أفضل من ذَلِك قَالَ: أحل عَلَيْكُم رِضْوَانِي فَلَا أَسخط عَلَيْكُم بعده أبدا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَنا أَبَا بكر الصّديق كَانَ يَقُول فِي دُعَائِهِ: اللهمَّ أَسأَلك الَّذِي هُوَ خير فِي عَاقِبَة الْخَيْر اللهمَّ اجْعَل آخر مَا تُعْطِينِي الْخَيْر رضوانك والدرجات العلى فِي جنَّات النَّعيم الْآيَة 73

73

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي جَاهد الْكفَّار} قَالَ: بِالسَّيْفِ

{وَالْمُنَافِقِينَ} قَالَ: بِاللِّسَانِ {وَاغْلُظْ عَلَيْهِم} قَالَ: اذْهَبْ الرِّفْق عَنْهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {جَاهد الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ} قَالَ: بِيَدِهِ فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه فَإِن لم يسْتَطع فبقلبه وليلقه بِوَجْه مكفهر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما نزلت {يَا أَيهَا النَّبِي جَاهد الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ} أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُجَاهد بِيَدِهِ فَإِن لم يسْتَطع فقلبه فَإِن لم يسْتَطع فبلسانه فَإِن لم يسْتَطع فليلقه بِوَجْه مكفهر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {جَاهد الْكفَّار} قَالَ: بِالسَّيْفِ {وَالْمُنَافِقِينَ} بالْقَوْل بِاللِّسَانِ {وَاغْلُظْ عَلَيْهِم} قَالَ: على الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا ثمَّ نسخهَا فَأنْزل بعْدهَا (قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار وليجدوا فِيكُم غلظة) (التَّوْبَة الْآيَة 123) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أَمر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يُجَاهد الْكفَّار بِالسَّيْفِ ويغلظ على الْمُنَافِقين فِي الْحُدُود الْآيَة 74

74

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب بن مَالك قَالَ لما نزل الْقُرْآن فِيهِ ذكر الْمُنَافِقين قَالَ الْجلاس: وَالله لَئِن كَانَ هَذَا الرجل صَادِقا لنَحْنُ شَرّ من الْحمير فَسَمعهُ عُمَيْر بن سعد فَقَالَ: وَالله يَا جلاس إِنَّك لأحب النَّاس إليَّ وَأَحْسَنهمْ عِنْدِي أشراً وأعزهم عَليّ أَن يدْخل عَلَيْهِ شَيْء يكرههُ وَلَقَد قلت مقَالَة لَئِن ذكرتها لتفضحنك وَلَئِن سكت عَنْهَا لتهلكني ولأحدهما أَشد عليَّ من الْأُخْرَى فَمشى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر لَهُ مَا قَالَ فَأتى الْجلاس فَجعل يحلف بِاللَّه مَا قَالَ وَلَقَد كذب على عُمَيْر فَأنْزل الله {يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَقَد قَالُوا كلمة الْكفْر} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الْجلاس بن سُوَيْد بن الصَّامِت مِمَّن تخلف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك وَقَالَ: لَئِن كَانَ هَذَا الرجل صَادِقا لنَحْنُ شَرّ من الْحمير فَرفع عُمَيْر بن سعد مقَالَته إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحلف الْجلاس بِاللَّه لقد كذب عليَّ وَمَا قلت فَأنْزل الله {يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا} الْآيَة فزعموا أَنه تَابَ وَحسنت تَوْبَته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ سمع زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ رجلا من الْمُنَافِقين يَقُول - وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب -: إِن كَانَ هَذَا صَادِقا لنَحْنُ شَرّ من الْحمير فَقَالَ

زيد رَضِي الله عَنهُ: هُوَ - وَالله - صَادِق ولأنت أشر من الْحمار فَرفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجحد الْقَائِل فَأنْزل الله {يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا} الْآيَة فَكَانَت الْآيَة فِي تَصْدِيق زيد وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا فِي ظلّ شَجَرَة فَقَالَ: إِنَّه سَيَأْتِيكُمْ إِنْسَان ينظر إِلَيْكُم بعيني شَيْطَان فَإِذا جَاءَ فَلَا تُكَلِّمُوهُ فَلم يَلْبَثُوا إِلَّا أَن طلع رجل أَزْرَق فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: علام تَشْتمنِي أَنْت وَأَصْحَابك فَانْطَلق الرجل فجَاء بِأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا بِاللَّه مَا قَالُوا حَتَّى تجَاوز عَنْهُم وَأنزل الله {يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ ذكر لنا أَن رجلَيْنِ اقتتلا أَحدهمَا من جُهَيْنَة وَالْآخر من غفار وَكَانَت جُهَيْنَة حلفاء الْأَنْصَار فَظهر الْغِفَارِيّ على الْجُهَنِيّ فَقَالَ عبد الله بن أبي لِلْأَوْسِ: انصروا أَخَاكُم وَالله مَا مثلنَا وَمثل مُحَمَّد إِلَّا كَمَا قَالَ الْقَائِل: سمن كلبك يَأْكُلك وَالله لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل فسعى بهَا رجل من الْمُسلمين إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَجعل يحلف بِاللَّه مَا قَالَه فَأنْزل الله {يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَقَد قَالُوا كلمة الْكفْر} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَقَد قَالُوا كلمة الْكفْر} قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن أبي بن سلول وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عُرْوَة أَن رجلا من الْأَنْصَار يُقَال الْجلاس بن سُوَيْد قَالَ لَيْلَة فِي غَزْوَة تَبُوك وَالله لَئِن كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًا لنَحْنُ شَرّ من الْحمير فَسَمعهُ غُلَام يُقَال لَهُ عُمَيْر بن سعد وَكَانَ ربيبه فَقَالَ لَهُ: أَي عَم تب إِلَى الله وَجَاء الْغُلَام إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ فَجعل يحلف وَيَقُول: وَالله مَا قلت يَا رَسُول الله فَقَالَ الْغُلَام: بلَى وَالله لقد قلته فتب إِلَى الله وَلَوْلَا أَن ينزل الْقُرْآن فيجعلني مَعَك مَا قلته فجَاء الْوَحْي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَكَتُوا فَلَا يتحركون إِذا نزل الْوَحْي فَرفع عَن النَّبِي فَقَالَ {يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَقَد قَالُوا كلمة الْكفْر} إِلَى قَوْله {فَإِن يتوبوا يَك خيرا لَهُم} فَقَالَ: قد قلته وَقد عرض الله عليّ التَّوْبَة فَأَنا أَتُوب فَقبل ذَلِك مِنْهُ وَقتل لَهُ قَتِيل

فِي الإِسلام فوداه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْطَاهُ دِيَته فاستغنى بذلك وَكَانَ همَّ أَن يلْحق بالمشركين وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للغلام: وعت أُذُنك وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزل الْقُرْآن أَخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأذن عُمَيْر فَقَالَ وعت أُذُنك يَا غُلَام وصدقك رَبك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل من الْمُنَافِقين: لَئِن كَانَ مُحَمَّد صَادِقا فِيمَا يَقُول لنَحْنُ شَرّ من الْحمير فَقَالَ لَهُ زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنْهُمَا: إِن مُحَمَّدًا لصَادِق ولأنت شَرّ من الْحمار فَكَانَ فِيمَا بَينهمَا ذَلِك كَلَام فَلَمَّا قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَأَتَاهُ الآخر فَحلف بِاللَّه مَا قَالَ فَنزلت {يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَقَد قَالُوا كلمة الْكفْر} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزيد بن أَرقم وعت أُذُنك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ أحدهم: إِن كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًا لنَحْنُ شَرّ من الْحمير فَقَالَ رجل من الْمُؤمنِينَ: فوَاللَّه إِن مَا يَقُول مُحَمَّد لحق ولأنت شَرّ من الْحمار فهمَّ بقتْله الْمُنَافِق فَذَلِك هَمهمْ بِمَا لم ينالوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا} قَالَ هم الَّذين أَرَادوا أَن يدفعوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْعقبَة وَكَانُوا قد أَجمعُوا أَن يقتلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم مَعَه فِي بعض أَسْفَاره فَجعلُوا يَلْتَمِسُونَ غرته حَتَّى أَخذ فِي عقبَة فَتقدم بَعضهم وَتَأَخر بَعضهم وَذَلِكَ لَيْلًا قَالُوا: إِذا أَخذ فِي الْعقبَة دفعناه عَن رَاحِلَته فِي الْوَادي فَسمع حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يَسُوق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ قائده تِلْكَ اللَّيْلَة عمار وسائقه حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ فَسمع حُذَيْفَة اخفاف الابل فَالْتَفت فَإِذا هُوَ بِقوم مُتَلَثِّمِينَ: فَقَالَ: إِلَيْكُم إِلَيْكُم يَا أَعدَاء الله فأمسكوا وَمضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزل منزله الَّذِي أَرَادَ فَلَمَّا أصبح أرسل إِلَيْهِم كلهم فَقَالَ: أردتم كَذَا وَكَذَا فَحَلَفُوا بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَا أَرَادوا الَّذِي سَأَلَهُمْ عَنهُ فَذَلِك قَوْله {يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَقَد قَالُوا كلمة الْكفْر} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وهموا بِمَا لم ينالوا} قَالَ: همَّ رجل يُقَال لَهُ الْأسود بقتل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَجَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَافِلًا من تَبُوك إِلَى الْمَدِينَة حَتَّى إِذا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق مكر برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَصْحَابه فتآمروا أَن يطرحوه من عقبَة فِي الطَّرِيق فَلَمَّا بلغُوا الْعقبَة أَرَادوا أَن يسلكوها مَعَه فَلَمَّا غشيهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر خبرهم فَقَالَ: من شَاءَ مِنْكُم أَن يَأْخُذ بطن الْوَادي فَإِنَّهُ أوسع لكم وَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعقبَة وَأخذ النَّاس بِبَطن الْوَادي إِلَّا النَّفر الَّذين مكروا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سمعُوا ذَلِك اسْتَعدوا وتلثموا وَقد هموا بِأَمْر عَظِيم وَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ وعمار بن يَاسر رَضِي الله عَنهُ فمشيا مَعَه شَيْئا فَأمر عمار أَن يَأْخُذ بزمام النَّاقة وَأمر حُذَيْفَة بسوقها فَبَيْنَمَا هم يَسِيرُونَ إِذْ سمعُوا وكرة الْقَوْم من ورائهم قد غشوه فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمر حُذَيْفَة أَن يردهم وَأبْصر حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ غضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرجع وَمَعَهُ محجن فَاسْتقْبل وُجُوه رواحلهم فضربها ضربا بالمحجن وَأبْصر الْقَوْم وهم مُتَلَثِّمُونَ لَا يَشْعُرُونَ إِنَّمَا ذَلِك فعل الْمُسَافِر فرعبهم الله حِين أبصروا حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ وظنوا أَن مَكْرهمْ قد ظهر عَلَيْهِ فَأَسْرعُوا حَتَّى خالطوا النَّاس وَأَقْبل حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ حَتَّى أدْرك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أدْركهُ قَالَ: اضْرِب الرَّاحِلَة يَا حُذَيْفَة وامشِ أَنْت يَا عمار فَأَسْرعُوا حَتَّى اسْتَووا بِأَعْلَاهَا فَخَرجُوا من الْعقبَة يتنظرون النَّاس فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِحُذَيْفَة: هَل عرفت يَا حُذَيْفَة من هَؤُلَاءِ الرَّهْط أحدا قَالَ حُذَيْفَة: عرفت رَاحِلَة فلَان وَفُلَان وَقَالَ: كَانَت ظلمَة اللَّيْل وَغَشِيَتْهُمْ وهم مُتَلَثِّمُونَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل علمْتُم مَا كَانَ شَأْنهمْ وَمَا أَرَادوا قَالُوا: لَا وَالله يَا رَسُول الله قَالَ: فَإِنَّهُم مكروا ليسيروا معي حَتَّى إِذا طلعت فِي الْعقبَة طرحوني مِنْهَا قَالُوا: أَفلا تَأمر بهم يَا رَسُول الله فَنَضْرِب أَعْنَاقهم قَالَ: أكره أَن يتحدث النَّاس ويقولوا: إِن مُحَمَّد وضع يَده فِي أَصْحَابه فسماهم لَهما وَقَالَ: اكتماهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن إِسْحَق نَحوه وَزَاد بعد قَوْله لِحُذَيْفَة هَل عرفت من الْقَوْم أحدا فَقَالَ: لَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله قد أَخْبرنِي بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاء آبَائِهِم وسأخبرك بهم إِن شَاءَ الله عِنْد وَجه الصُّبْح فَلَمَّا أصبح سماهم بِهِ: عبد الله بن أبي سعد وَسعد بن أبي سرح وَأَبا حاصر الْأَعرَابِي وعامراً وَأَبا عَامر والجلاس بن سُوَيْد بن صَامت وَمجمع بن حَارِثَة ومليحاً التَّيْمِيّ وحصين بن نمير وطعمة بن أُبَيْرِق وَعبد الله بن عُيَيْنَة وَمرَّة بن ربيع فهم اثْنَا

عشر رجلا حَاربُوا الله وَرَسُوله وَأَرَادُوا قَتله فَأطلع الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك وَذَلِكَ قَوْله عز وَجل {وهموا بِمَا لم ينالوا} وَكَانَ أَبُو عَامر رَأْسهمْ وَله بنوا مَسْجِد الضرار وَهُوَ أَبُو حَنْظَلَة غسيل الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن سعد عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم قَالَ: لم يخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأسماء الْمُنَافِقين الَّذين تحسوه لَيْلَة الْعقبَة بتبوك غير حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ وهم اثْنَا عشر رجلا لَيْسَ فيهم قرشي وَكلهمْ من الْأَنْصَار وَمن حلفائهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت آخِذا بِخِطَام نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقُود بِهِ وعمار يَسُوقهُ أَو أَنا أسوقه وعمار يَقُودهُ حَتَّى إِذا كُنَّا بِالْعقبَةِ فَإِذا أَنا بِاثْنَيْ عشر رَاكِبًا قد اعْترضُوا فِيهَا قَالَ: فَأَنْبَهْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَرَخَ بهم فَوَلوا مُدبرين فَقَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل عَرَفْتُمْ الْقَوْم قُلْنَا لَا يَا رَسُول الله كَانُوا مُتَلَثِّمِينَ وَلَكنَّا قد عرفنَا الركاب قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة هَل تَدْرُونَ مَا أَرَادوا قُلْنَا: لَا قَالَ: أَرَادوا أَن يزحموا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعقبَة فَيُلْقُوهُ مِنْهَا قُلْنَا يَا رَسُول الله أَلا تبْعَث إِلَى عَشَائِرهمْ حَتَّى يبْعَث إِلَيْك كل قوم بِرَأْس صَاحبهمْ قَالَ: لَا إِنِّي أكره أَن تحدث الْعَرَب بَينهَا: أَن مُحَمَّد قَاتل بِقوم حَتَّى إِذا أظهره الله بهم أقبل عَلَيْهِم يقتلهُمْ ثمَّ قَالَ: اللهمَّ اِرْمِهِمْ بِالدُّبَيْلَةِ قُلْنَا يَا رَسُول الله وَمَا الدُّبَيْلَة قَالَ: شهَاب من نَار يوضع على نِيَاط قلب أحدهم فَيهْلك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهموا بِمَا لم ينالوا} قَالَ: أَرَادوا أَن يتوّجوا عبد الله بن أبي وَإِن لم يرض مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح {وهموا بِمَا لم ينالوا} قَالَ: هموا أَن يتوجوا عبد الله بن أبي بتاج وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن مولى لبني عدي بن كَعْب قتل رجلا من الْأَنْصَار فَقضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالدِّيَةِ اثْنَي عشر ألفا وَفِيه نزلت {وَمَا نقموا إِلَّا أَن أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله} وَأخرج ابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قتل رجل على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل

دِيَته اثْنَي عشر ألفا وَذَلِكَ قَوْله {وَمَا نقموا إِلَّا أَن أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله} قَالَ: بأخذهم الدِّيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا نقموا إِلَّا أَن أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله} قَالَ: كَانَت لَهُ دِيَة قد غلب عَلَيْهَا فأخرجها لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة قَالَ: كَانَ جلاس يحمل حمالَة أَو كَانَ عايه دين فَأدى عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك قَوْله {وَمَا نقموا إِلَّا أَن أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك قَالَ: ثمَّ دعاهم إِلَى التَّوْبَة فَقَالَ {فَإِن يتوبوا يَك خيرا لَهُم وَإِن يتولوا يعذبهم الله عذَابا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} فاما عَذَاب الدُّنْيَا فالقتل وَأما عَذَاب الْآخِرَة فَالنَّار وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ان قوما قد هموا بهم سوءا وَأَرَادُوا أمرا فليقوموا فليستغفروا فَلم يقم أحد ثَلَاث مرار فَقَالَ: قُم يَا فلَان قُم يَا فلَان فَقَالُوا: نَسْتَغْفِر الله تَعَالَى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله لانا دعوتكم إِلَى التَّوْبَة وَالله أسْرع إِلَيْكُم بهَا وَأَنا أطيب لكم نفسا بالاستغفار أخرجُوا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك قَالَ: قَالَ لي ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: احفظ عني كل شَيْء فِي الْقُرْآن {وَمَا لَهُم فِي الأَرْض من ولي وَلَا نصير} فَهِيَ للْمُشْرِكين فَأَما الْمُؤْمِنُونَ فَمَا أَكثر شفعاءهم وأنصارهم الْآيَات 75 - 78

75

أخرج الْحسن بن سُفْيَان وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ والعسكري فِي الْأَمْثَال وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مَنْدَه والباوردي وَأَبُو نعيم فِي معرفَة الصَّحَابَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ ثَعْلَبَة بن حَاطِب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا قَالَ: وَيحك يَا ثَعْلَبَة أما ترْضى أَن تكون مثلي فَلَو شِئْت أَن يسير رَبِّي هَذِه الْجبَال معي لَسَارَتْ قَالَ: يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ إِن آتَانِي الله مَالا لَأُعْطيَن كل ذِي حق حَقه قَالَ: وَيحك يَا ثَعْلَبَة قَلِيل تطِيق شكره خير من كثير لَا تطِيق شكره فَقَالَ: يَا رَسُول الله ادْع الله تَعَالَى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللهمَّ ارزقه مَالا فاتَّجَرَ وَاشْترى غنما فبورك لَهُ فِيهَا ونمت كَمَا يَنْمُو الدُّود حَتَّى ضَاقَتْ بِهِ الْمَدِينَة فَتنحّى بهَا - فَكَانَ يشْهد الصَّلَاة بِالنَّهَارِ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يشهدها بِاللَّيْلِ ثمَّ نمت كَمَا يَنْمُو الدُّود فَتنحّى بهَا فَكَانَ لَا يشْهد الصَّلَاة بِالنَّهَارِ وَلَا بِاللَّيْلِ إِلَّا من جُمُعَة إِلَى جُمُعَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ نمت كَمَا يَنْمُو الدُّود فَضَاقَ بِهِ مَكَانَهُ فَتنحّى بِهِ فَكَانَ لَا يشْهد جُمُعَة وَلَا جَنَازَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يتلَقَّى الركْبَان ويسألهم عَن الْأَخْبَار وفقده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَ عَنهُ فأخبروه أَن اشْترى غنما وَأَن الْمَدِينَة ضَاقَتْ بِهِ وَأَخْبرُوهُ بِخَبَرِهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيْح ثَعْلَبَة بن حَاطِب ثمَّ إِن الله تَعَالَى أَمر رَسُوله أَن يَأْخُذ الصَّدقَات وَأنزل الله تَعَالَى (خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة) (التَّوْبَة الْآيَة 103) فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلَيْنِ رجلا من جُهَيْنَة ورجلاً من بني سَلمَة يأخذان الصَّدقَات فَكتب لَهما اسنان الابل وَالْغنم كَيفَ يأخذانها على وَجههَا وَأَمرهمَا أَن يمرا على ثَعْلَبَة بن حَاطِب وبرجل من بني سليم فَخَرَجَا فمرا بِثَعْلَبَة فَسَأَلَاهُ الصَّدَقَة فَقَالَ: ارياني كتابكما فَنظر فِيهِ فَقَالَ: مَا هَذَا إِلَّا جِزْيَة انْطَلقَا حَتَّى تفرغا ثمَّ مرا بِي قَالَ: فَانْطَلقَا وَسمع بهما السليمي فَاسْتَقْبَلَهُمَا بِخِيَار إبِله فَقَالَا: إِنَّمَا عَلَيْك دون هَذَا فَقَالَ: مَا كنت أَتَقَرَّب إِلَى الله إِلَّا بِخَير مَالِي فقبلاه فَلَمَّا فرغا مرا بِثَعْلَبَة فَقَالَ: أرياني كتابكما فَنظر فِيهِ فَقَالَ: مَا هَذَا إِلَّا جِزْيَة انْطَلقَا حَتَّى أرى رَأْيِي فَانْطَلقَا حَتَّى قدما الْمَدِينَة فَلَمَّا رآهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قبل أَن يكلمهما: وَيْح ثَعْلَبَة بن حَاطِب ودعا للسليمي بِالْبركَةِ وَأنزل الله

{وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله لنصدقن} الثَّلَاث آيَات قَالَ: فَسمع بعض من أقَارِب ثَعْلَبَة فَأتى ثَعْلَبَة فَقَالَ: وَيحك يَا ثَعْلَبَة أنزل الله فِيك كَذَا وَكَذَا قَالَ: فَقدم ثَعْلَبَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَذِه صَدَقَة مَالِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الله تَعَالَى قد مَنَعَنِي أَن أقبل مِنْك قَالَ: فَجعل يبكي ويحثي التُّرَاب على رَأسه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا عَمَلك بِنَفْسِك أَمرتك فَلم تُطِعْنِي فَلم يقبل مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى مضى ثمَّ أَتَى أَبَا بكر فَقَالَ: يَا أَبَا بكر اقبل مني صدقتي فقد عرفت منزلتي من الْأَنْصَار فَقَالَ أَبُو بكر: لم يقبلهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأقبلها فَلم يقبلهَا أَبُو بكر ثمَّ ولي عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا أَبَا حَفْص يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اقبل مني صدقتي وتوسل إِلَيْهِ بالمهاجرين وَالْأَنْصَار وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر: لم يقبلهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا أَبُو بكر أقبلها أَنا فَأبى أَن يقبلهَا ثمَّ ولي عُثْمَان فَهَلَك فِي خلَافَة عُثْمَان وَفِيه نزلت (الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات) (التَّوْبَة الْآيَة 79) قَالَ: وَذَلِكَ فِي الصَّدَقَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله لنصدقن ولنكونن من الصَّالِحين} وَذَلِكَ أَن رجلا كَانَ يُقَال لَهُ ثَعْلَبَة من الْأَنْصَار أَتَى مَجْلِسا فاشهدهم فَقَالَ: لَئِن آتَانِي الله من فَضله آتيت كل ذِي حق حَقه وتصدقت مِنْهُ وَجعلت مِنْهُ لِلْقَرَابَةِ فابتلاه الله فَأَتَاهُ من فَضله فأخلف مَا وعده فأغضب الله بِمَا أخلفه مَا وعده نقص الله شَأْنه فِي الْقُرْآن وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: اعتبروا الْمُنَافِق بِثَلَاث: إِذا حدث كذب وَإِذا وعد أخلف وَإِذا عَاهَدَ غدر وَذَلِكَ بِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله لنصدقن} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن عمر قَالَ: ثَلَاث من كن فِيهِ فَهُوَ مُنَافِق إِذا حدث كذب وَإِذا وعد أخلف وَإِذا ائْتمن خَان وتلا هَذِه الْآيَة {وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله} إِلَى آخر الْآيَة

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ آيَة الْمُنَافِق ثَلَاث إِذا حدث كذب وَإِذا وعد أخلف وَإِذا ائْتمن خَان وَأخرج أَبُو الشَّيْخ والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: سَمِعت بِالثلَاثِ الَّتِي تذكر فِي الْمُنَافِق إِذا ائْتمن خَان وَإِذا وعد أخلف وَإِذا حدث كذب فالتمستها فِي الْكتاب زَمَانا طَويلا حَتَّى سَقَطت عَلَيْهَا بعد حِين وجدنَا الله تَعَالَى يذكر فِيهِ {وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله} إِلَى قَوْله {وَبِمَا كَانُوا يكذبُون} و (إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَوَات وَالْأَرْض) (الْأَحْزَاب الْآيَة 72) إِلَى آخر الْآيَة (وَإِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ) (المُنَافِقُونَ الْآيَة 1) إِلَى قَوْله (وَالله يشْهد إِن الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَن رجلا من الْأَنْصَار هُوَ الَّذِي قَالَ هَذَا فَمَاتَ ابْن عَم لَهُ فورث مِنْهُ مَالا فبخل بِهِ وَلم يَفِ الله بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ فأعقبه بذلك نفَاقًا إِلَى أَن يلقاه قَالَ: ذَلِك {بِمَا أخْلفُوا الله مَا وعدوه وَبِمَا كَانُوا يكذبُون} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي قلَابَة قَالَ: مثل أَصْحَاب الْأَهْوَاء مثل الْمُنَافِقين كَلَامهم شَتَّى وجماع أَمرهم النِّفَاق ثمَّ تَلا {وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله} {وَمِنْهُم من يَلْمِزك} التَّوْبَة الْآيَة 58 {وَمِنْهُم الَّذين يُؤْذونَ النَّبِي} التَّوْبَة الْآيَة 61 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بِمَا أخْلفُوا الله مَا وعدوه وَبِمَا كَانُوا يكذبُون} قَالَ: اجتنبوا الْكَذِب فَإِنَّهُ بَاب من النِّفَاق وَعَلَيْكُم بِالصّدقِ فَإِنَّهُ بَاب من الإِيمان وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدث أَن مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لما جَاءَ بِالتَّوْرَاةِ لبني إِسْرَائِيل قَالَت بَنو إِسْرَائِيل: إِن التَّوْرَاة كَثِيرَة وانا لَا نفرغ لَهَا فسل لنا جماعاً من الْأَمر نحافظ عَلَيْهِ ونتفرغ لمعايشنا قَالَ: مهلا مهلا أَي قوم هَذَا كتاب الله وَبَيَان الله وَنور الله وعصمة الله فَردُّوا عَلَيْهِ مثل مقالتهم فعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَقَالَ الرب تبَارك وَتَعَالَى: فَإِنِّي آمُرهُم إِن هم حَافظُوا عَلَيْهِنَّ دخلُوا الْجنَّة بِهن: أَن يتناهوا إِلَى قسْمَة مواريثهم وَلَا يتظالموا فِيهَا وَأَن لَا يدخلُوا أَبْصَارهم الْبيُوت حَتَّى يُؤذن لَهُم وَأَن لَا يطعموا طَعَاما حَتَّى يتوضأوا كوضوء الصَّلَاة فَرجع مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى قومه بِهن فَفَرِحُوا وَرَأَوا أَن سيقومون بِهن فوَاللَّه إِن لبث الْقَوْم إِلَّا قَلِيلا حَتَّى جنحوا فَانْقَطع بهم فَلَمَّا حدث نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا

عَن بني إِسْرَائِيل قَالَ: تكفلوا لي بست أتكفل لكم بِالْجنَّةِ إِذا حدثتم فَلَا تكذبوا وَإِذا وعدتم فَلَا تخلفوا وَإِذا ائتمنتم فَلَا تخونوا وغضوا أبصاركم وَكفوا أَيْدِيكُم وفروجكم قَالَ قَتَادَة: شَدَّاد وَالله إِلَّا من عصم الله الْآيَة 79

79

أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما نزلت آيَة الصَّدَقَة كُنَّا نتحامل على ظُهُورنَا فجَاء رجل فَتصدق بِشَيْء كثير فَقَالُوا مراء وَجَاء أَبُو عقيل بِنصْف صَاع فَقَالَ المُنَافِقُونَ: إِن الله لَغَنِيّ عَن صَدَقَة هَذَا فَنزلت {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ} الْآيَة وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدقوا فَإِنِّي أُرِيد أَن أبْعث بعثاً فجَاء عبد الرَّحْمَن فَقَالَ: يَا رَسُول الله عِنْدِي أَرْبَعَة آلَاف أَلفَيْنِ أقْرضهُمَا رَبِّي وألفين لِعِيَالِي فَقَالَ: بَارك الله لَك فِيمَا أَعْطَيْت وَبَارك لَك فِيمَا أَمْسَكت وَجَاء رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي بت أجر الْحَرِير فَأَصَبْت صَاعَيْنِ من تمر فصاعاً أقْرضهُ رَبِّي وصاعاً لِعِيَالِي فَلَمَزَهُ المُنَافِقُونَ قَالُوا: وَالله مَا أعْطى ابْن عَوْف الَّذِي أعْطى إِلَّا رِيَاء وَقَالُوا: أَو لم يكن الله وَرَسُوله غَنِيَّيْنِ عَن صَاع هَذَا فَأنْزل الله {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّدَقَةِ فجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بِصَدَقَتِهِ وَجَاء المطوعون من الْمُؤمنِينَ وَجَاء أَبُو عقيل بِصَاع فَقَالَ: يَا رَسُول الله بت أجر الْحَرِير فَأَصَبْت صَاعَيْنِ من تمر فجئتك باحدهما وَتركت الآخر لأهلي قوتهم فَقَالَ المُنَافِقُونَ: مَا جَاءَ عبد الرَّحْمَن وَأُولَئِكَ إِلَّا رِيَاء وَإِن الله لَغَنِيّ عَن صَدَقَة أبي عقيل فَأنْزل الله {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين} الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أبي عقيل قَالَ بت أجر الْحَرِير على ظَهْري على صَاعَيْنِ من تمر فَانْقَلَبت بِأَحَدِهِمَا إِلَى أَهلِي يتبلغون بِهِ وَجئْت بِالْآخرِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَقَرَّب بِهِ إِلَى رَبِّي فاخبرته بِالَّذِي كَانَ فَقَالَ: اُنْثُرْهُ فِي الْمَسْجِد فَسخرَ الْقَوْم وَقَالُوا: لقد كَانَ الله غَنِيا عَن صَاع هَذَا الْمِسْكِين فَأنْزل الله {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ} الْآيَتَيْنِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين يَلْمِزُونَ المطوّعين} الْآيَة قَالَ: جَاءَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاء رجل من الْأَنْصَار بِصَاع من طَعَام فَقَالَ بعض الْمُنَافِقين: وَالله مَا جَاءَ عبد الرَّحْمَن بِمَا جَاءَ بِهِ إلاّ رِيَاء وَقَالُوا: إِن كَانَ الله وَرَسُوله لغَنِيَّيْنِ عَن هَذَا الصَّاع وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك قَالَ: الَّذِي تصدق بِصَاع التَّمْر فَلَمَزَهُ المُنَافِقُونَ: أَبُو خَيْثَمَة الْأنْصَارِيّ وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن قَانِع وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن عُثْمَان البلوي عَن جدته ليلى بن عدي أَن أمهَا عميرَة بنت سهل بن رَافع صَاحب الصاعين الَّذِي لمزه المُنَافِقُونَ أخْبرتهَا أَنه خرج بِصَاع من تمر وَابْنَته عميرَة حَتَّى أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصَاع من تمر فَصَبَّهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات} قَالَ: تصدق عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بِشَطْر مَاله ثَمَانِيَة آلَاف دِينَار فَقَالَ نَاس من الْمُنَافِقين: إِن عبد الرَّحْمَن لعَظيم الرِّيَاء فَقَالَ الله عز وَجل {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات} وَكَانَ لرجل من الْأَنْصَار صَاعَانِ من تمر فجَاء بِأَحَدِهِمَا فَقَالَ نَاس من الْمُنَافِقين: إِن كَانَ الله عَن صَاع هَذَا لَغَنِيّ وَكَانَ المُنَافِقُونَ يطعنون عَلَيْهِم ويسخرون مِنْهُم فَقَالَ الله عز وَجل {وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ فيسخرون مِنْهُم} الْآيَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن قَتَادَة قَالَ أقبل رجل من فُقَرَاء الْمُسلمين يُقَال لَهُ الْحجاب أَبُو عقيل قَالَ: يَا نَبِي الله بت أجر الْحَرِير اللَّيْلَة على صَاعَيْنِ من تمر فاما صَاع فأمسكته لأهلي وَأما صَاع فَهُوَ ذَا فَقَالَ المُنَافِقُونَ: إِن كَانَ الله وَرَسُوله لغَنِيَّيْنِ عَن

صَاع هَذَا فَأنْزل الله {الَّذين يَلْمِزُونَ المطوّعين من الْمُؤمنِينَ} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا النَّاس للصدقة فجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بأَرْبعَة آلَاف فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَذِه صَدَقَة فَلَمَزَهُ بعض الْقَوْم فَقَالَ: مَا جَاءَ بِهَذِهِ عبد الرَّحْمَن إِلَّا رِيَاء وَجَاء أَبُو عقيل بِصَاع من تمر فَقَالَ بعض الْقَوْم: مَا كَانَ الله أغْنى عَن صَاع أبي عقيل فَنزلت {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات} إِلَى قَوْله {فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُسلمين أَن يجمعوا صَدَقَاتهمْ وَكَانَ لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف ثَمَانِيَة آلَاف دِينَار فجَاء بأَرْبعَة آلَاف دِينَار صَدَقَة فَقَالَ: هَذَا مَا أفرضه الله وَقد بَقِي مثله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بورك لَك فِيمَا أَعْطَيْت وَفِيمَا أَمْسَكت وَجَاء أَبُو نهيك رجل من الْأَنْصَار بِصَاع تمر نزع عَلَيْهِ ليله كُله لما أصبح جَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رجل من الْمُنَافِقين: إِن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف لعَظيم الرِّيَاء وَقَالَ للْآخر: إِن الله لَغَنِيّ عَن صَاع هَذَا فَأنْزل الله {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات} عبد الرَّحْمَن بن عَوْف {وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ} صَاحب الصَّاع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ: أصَاب النَّاس جهد عَظِيم فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتصدقوا فَقَالَ أَيهَا النَّاس تصدقوا فَجعل أنَاس يتصدقون فجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بأربعمائة أُوقِيَّة من ذهب فَقَالَ: يَا رَسُول الله كَانَ لي ثَمَانمِائَة أُوقِيَّة من ذهب فَجئْت بأربعمائة أُوقِيَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللهمَّ بَارك لَهُ فِيمَا أعْطى وَبَارك فِيمَا أمسك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما كَانَ يَوْم فطر أخرج عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مَالا عَظِيما وَأخرج عَاصِم بن عدي كَذَلِك وَأخرج رجل صَاعَيْنِ وَآخر صَاعا فَقَالَ قَائِل من النَّاس: إِن عبد الرَّحْمَن إِنَّمَا جَاءَ بِمَا جَاءَ بِهِ فخراً ورياء واما صَاحب الصَّاع أَو الصاعين فَإِن الله وَرَسُوله غنيان عَن صَاع وَصَاع فسخروا بهم فَأنْزل الله فيهم هَذِه الْآيَة {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُسلمين أَن يتصدقوا فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: انما ذَلِك مَال وافر فَأخذ نصفه

قَالَ: فَجئْت أحمل مَالا كثيرا فَقَالَ لَهُ رجل من الْمُنَافِقين: أترائي يَا عمر قَالَ: نعم أرائي الله وَرَسُوله فاما غَيرهمَا فَلَا قَالَ: وَجَاء رجل من الْأَنْصَار لم يكن عِنْده شَيْء فأجر نَفسه بجر الْحَرِير على رقبته بصاعين ليلته فَترك صَاعا لِعِيَالِهِ وَجَاء بِصَاع يحملهُ فَقَالَ لَهُ بعض الْمُنَافِقين: إِن الله وَرَسُوله عَن صاعك لَغَنِيَّانِ فَذَلِك قَوْله {الَّذين يَلْمِزُونَ المطوّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {الَّذين يَلْمِزُونَ المطوّعين} أَي يطعنون على الْمُطوِّعين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ} قَالَ: هُوَ رِفَاعَة بن سعد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ} قَالَ: الْجهد فِي الْقُوت والجهد فِي الْعَمَل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان فِي الْآيَة قَالَ: الْجهد جهد الإِنسان والجهد فِي ذَات الْيَد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: كَانَ الَّذِي تصدق بِجهْدِهِ أَبُو عقيل واسْمه سهل بن رَافع أَتَى بِصَاع من تمر فافرغها فِي الصَّدَقَة فَتَضَاحَكُوا بِهِ وَقَالُوا: إِن الله لَغَنِيّ عَن صَدَقَة أبي عقيل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَاما للنَّاس فَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس تصدقوا أشهد لكم بهَا يَوْم الْقِيَامَة أَلا لَعَلَّ أحدكُم أَن يبيت فصاله راو وَابْن عَمه طاو أَلا لَعَلَّ أحدكُم أَن يُثمر مَاله وجاره مِسْكين لَا يقدر على شَيْء الا رجل منح نَاقَة من ابله يَغْدُو برفد وَيروح برفد يَغْدُو بصبوح أهل بَيت وَيروح بغبوقهم أَلا إِن أجرهَا لعَظيم فَقَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله عِنْدِي أَرْبَعَة ذود فَقَامَ آخر قصير الْقَامَة قَبِيح السّنة يَقُود نَاقَة لَهُ حسناء جميلَة فَقَالَ رجل من الْمُنَافِقين كلمة خُفْيَة لَا يرى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَمعهَا: نَاقَته خير مِنْهُ فَسَمعَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: كذبت هُوَ خير مِنْك وَمِنْهَا ثمَّ قَامَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ: يَا رَسُول الله عِنْدِي ثَمَانِيَة آلَاف تركت أَرْبَعَة مِنْهَا لِعِيَالِي وَجئْت بأَرْبعَة أقدمها لله فتكاثر المُنَافِقُونَ مَا جَاءَ بِهِ ثمَّ قَامَ عَاصِم بن عدي الْأنْصَارِيّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله عِنْدِي سَبْعُونَ وسْقا جذاذ الْعَام فتكاثر المُنَافِقُونَ مَا جَاءَ بِهِ وَقَالُوا: جَاءَ هَذَا بأَرْبعَة آلَاف

وَجَاء هَذَا بسبعين وسْقا للرياء والسمعة فَهَلا أخفياها فَهَلا فرقاها ثمَّ قَامَ رجل من الْأَنْصَار اسْمه الْحجاب يكنى أَبَا عقيل فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا لي من مَال غير اني أجرت نَفسِي من بني فلَان أجر الْحَرِير فِي عنقِي على صَاعَيْنِ من تمر فَتركت صَاعا لِعِيَالِي وحئت بِصَاع أقربه إِلَى الله تَعَالَى فَلَمَزَهُ المُنَافِقُونَ وَقَالُوا: جَاءَ أهل الابل بالابل وَجَاء أهل الْفضة بِالْفِضَّةِ وَجَاء هَذَا بتمرات يحملهَا فَأنْزل الله {الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين} الْآيَة وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي السَّلِيل قَالَ: وقف علينا شيخ فِي مَجْلِسنَا فَقَالَ: حَدثنِي أبي أَو عمي أَنه شهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالبَقِيعِ قَالَ من يتَصَدَّق الْيَوْم بِصَدقَة أشهد لَهُ بهَا عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة فجَاء رجل - لَا وَالله مَا البقيع رجل أَشد سَواد وَجه مِنْهُ وَلَا أقصر قامة وَلَا أَذمّ فِي عين مِنْهُ - بِنَاقَة - لَا وَالله مَا بِالبَقِيعِ شَيْء أحسن مِنْهَا - فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذِه صَدَقَة قَالَ: نعم يَا رَسُول الله فَلَمَزَهُ رجل فَقَالَ: يتَصَدَّق بهَا وَالله لهي خير مِنْهُ فَسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَلمته فَقَالَ: كذبت بل هُوَ خير مِنْك وَمِنْهَا كذبت بل هُوَ خير مِنْك وَمِنْهَا ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الا من قَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَهَكَذَا وَقَلِيل مَا هم ثمَّ قَالَ: قد أَفْلح المزهد المجهد قد أَفْلح المزهد المجهد وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله أَي الصَّدَقَة أفضل قَالَ جهد الْمقل وابدأ بِمن تعول الْآيَة 80

80

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة أَن عبد الله بن أبي قَالَ لأَصْحَابه: لَوْلَا أَنكُمْ تنفقون على مُحَمَّد وَأَصْحَابه لانفضوا من حوله وَهُوَ الْقَائِل (ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل) (المُنَافِقُونَ الْآيَة 8) فَأنْزل الله عز وَجل {اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم}

قَالَ النَّبِي لأزيدن على السّبْعين فَأنْزل الله (سَوَاء عَلَيْهِم أَسْتَغْفَرْت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم لن يغْفر الله لَهُم) (المُنَافِقُونَ الْآيَة 6) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: لما نزلت {إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سأزيد على سبعين فَأنْزل الله فِي السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا المُنَافِقُونَ (لن يغْفر الله لَهُم) (المُنَافِقُونَ الْآيَة 6) وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة اسْمَع رَبِّي قد رخص لي فيهم فوَاللَّه لأَسْتَغْفِرَن أَكثر من سبعين مرّة لَعَلَّ الله أَن يغْفر لَهُم فَقَالَ الله من شدَّة غَضَبه عَلَيْهِم (سَوَاء عَلَيْهِم أَسْتَغْفَرْت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم لن يغْفر الله لَهُم إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الْفَاسِقين) (المُنَافِقُونَ الْآيَة 6) وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَمِعت عمر يَقُول: لما توفّي عبد الله بن أبي دعِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للصَّلَاة عَلَيْهِ فَقَامَ عَلَيْهِ فَلَمَّا وقف قلت أَعلَى عدوّ الله عبد الله بن أبي الْقَائِل كَذَا وَكَذَا وَالْقَائِل كَذَا وَكَذَا أعدد أَيَّامه وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتبسم حَتَّى إِذا أكثرت قَالَ يَا عمر أخر عني اني قد خيرت قد قيل لي {اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة} فَلَو أعلم أَنِّي إِن زِدْت على السّبْعين غفر لَهُ لزدت عَلَيْهَا ثمَّ صلى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَشى مَعَه حَتَّى قَامَ على قَبره حَتَّى فرغ مِنْهُ فعجبت لي ولجراءتي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَالله رَسُوله أعلم - فوَاللَّه مَا كَانَ إِلَّا يَسِيرا حَتَّى نزلت هَاتَانِ الْآيَتَانِ (وَلَا تصلِّ على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره) (التَّوْبَة الْآيَة 84) فَمَا صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مُنَافِق بعده حَتَّى قَبضه الله عز وَجل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد أصبت فِي الإِسلام هفوة مَا أصبت مثلهَا قطّ أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُصَلِّي على عبد الله بن أبي فَأخذت بِثَوْبِهِ فَقلت: وَالله مَا أَمرك الله بِهَذَا لقد قَالَ الله {اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد خيرني رَبِّي فَقَالَ {اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم} فَقعدَ رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على شَفير الْقَبْر فَجعل النَّاس يَقُولُونَ لِابْنِهِ: يَا حباب افْعَل كَذَا يَا حباب افْعَل كَذَا: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحباب اسْم شَيْطَان أَنْت عبد الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {اسْتغْفر لَهُم} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي الصَّلَاة على الْمُنَافِقين قَالَ: لما مَاتَ عبد الله بن أُبي بن سلول الْمُنَافِق قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أعلم إِن استغفرت لَهُ إِحْدَى وَسبعين مرّة غفر لَهُ لفَعَلت فصلى عَلَيْهِ الله الصَّلَاة على الْمُنَافِقين وَالْقِيَام على قُبُورهم فَأنْزل الله (وَلَا تصلِّ على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره) (التَّوْبَة الْآيَة 84) وَنزلت العزمة فِي سُورَة الْمُنَافِقين (سَوَاء عَلَيْهِم أَسْتَغْفَرْت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم) (المُنَافِقُونَ الْآيَة 6) الْآيَة الْآيَة 81

81

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُول الله} قَالَ: عَن غَزْوَة تَبُوك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي المتخلفون بِأَن قعدوا خلاف رَسُول الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت تَبُوك آخر غَزْوَة غَزَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي غَزْوَة الْحر قَالُوا: لَا تنفرُوا فِي الْحر وَهِي غَزْوَة الْعسرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر النَّاس أَن ينبعثوا مَعَه وَذَلِكَ فِي الصَّيف فَقَالَ رجال: يَا رَسُول الله الْحر شَدِيد وَلَا نستطيع الْخُرُوج فَلَا تنفرُوا فِي الْحر فَقَالَ الله {قل نَار جَهَنَّم أَشد حرا لَو كَانُوا يفقهُونَ} فَأمره بِالْخرُوجِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تنفرُوا فِي الْحر} قَالَ: قَول الْمُنَافِقين يَوْم غزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبُوك

وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ وَغَيره قَالُوا: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حر شَدِيد إِلَى تَبُوك فَقَالَ رجل من بني سَلمَة: لَا تنفرُوا فِي الْحر فَأنْزل الله {قل نَار جَهَنَّم أَشد حرا} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: اسْتَدَارَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجال من الْمُنَافِقين حِين أذن للْجدّ بن قيس ليستأذنوه ويقولوا: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لنا فَإنَّا لَا نستطيع أَن ننفر فِي الْحر فَأذن لَهُم واعرض عَنْهُم فَأنْزل الله {قل نَار جَهَنَّم أَشد حرا} الْآيَة الْآيَة 82

82

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فليضحكوا قَلِيلا وليبكوا كثيرا} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ وَالْكفَّار الَّذين اتَّخذُوا من دينهم هزوا وَلَعِبًا يَقُول الله تَعَالَى {فليضحكوا قَلِيلا} فِي الدُّنْيَا {وليبكوا كثيرا} فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فليضحكوا قَلِيلا} قَالَ: الدُّنْيَا قَلِيل فليضحكوا فِيهَا مَا شاؤوا فَإِذا انْقَطَعت الدُّنْيَا وصاروا إِلَى الله تَعَالَى استأنفوا بكاء لَا يَنْقَطِع أبدا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي رزين مثله وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ وأسمع مَا لَا تَسْمَعُونَ أطت السَّمَاء وَحقّ لَهَا أَن تئط مَا فِيهَا مَوضِع أَربع أَصَابِع إِلَّا وَملك وَاضع جَبهته لله سَاجِدا وَالله لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا وَمَا تلذذتم بِالنسَاء على الْفرش ولخرجتم إِلَى الصعدات تجارون إِلَى الله لَوَدِدْت أَنِّي كنت شَجَرَة تعضد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى عَن أنس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس ابكوا فَإِن لم تبكوا فتباكوا فَإِن أهل النَّار يَبْكُونَ حَتَّى تسيل

دموعهم فِي وُجُوههم كَأَنَّهَا جداول حَتَّى تَنْقَطِع الدُّمُوع فتسيل فتقرح الْعُيُون فَلَو أَن سفناً أرخيت فِيهَا لجرت وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار عَن زيد بن رفيع رَفعه قَالَ: إِن أهل النَّار إِذا دخلُوا النَّار بكوا الدُّمُوع زَمَانا ثمَّ بكوا الْقَيْح زَمَانا فَتَقول لَهُم الخزنة: يَا معشر الأشقياء تركْتُم الْبكاء فِي الدَّار المرحوم فِيهَا أَهلهَا فِي الدُّنْيَا هَل تَجِدُونَ الْيَوْم من تَسْتَغِيثُونَ بِهِ فيرفعون أَصْوَاتهم: يَا أهل الْجنَّة يَا معشر الْآبَاء والأمهات وَالْأَوْلَاد خرجنَا من الْقُبُور عطاشاً وَكُنَّا طول الْموقف عطاشا وَنحن الْيَوْم عطاشاً فافيضوا علينا من المَاء أَو مِمَّا رزقكم الله فَيدعونَ أَرْبَعِينَ سنة لَا يُجِيبهُمْ ثمَّ يُجِيبهُمْ إِنَّكُم مَاكِثُونَ فييأسون من كل خير وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَنه خطب النَّاس بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس ابكوا فَإِن لم تبكوا فتباكوا فَإِن أهل النَّار يَبْكُونَ الدُّمُوع حَتَّى تَنْقَطِع ثمَّ يَبْكُونَ الدِّمَاء حَتَّى لَو أجري فِيهَا السفن لجرت وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عبد الله بن عمر قَالَ: لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا وَلَو تعلمُونَ حق الْعلم لصرخ أحدكُم حَتَّى يَنْقَطِع صَوته ولسجد حَتَّى يَنْقَطِع صلبه وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا ولخرجتم تَبْكُونَ لَا تَدْرُونَ تنجون أَو لَا تنجون الْآيَة 83

83

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِن رجعك الله إِلَى طَائِفَة مِنْهُم} قَالَ: ذكر لنا أَنهم كَانُوا اثْنَي عشر رجلا من الْمُنَافِقين وَفِيهِمْ قيل مَا قيل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة يَقُول: أَرَأَيْت إِن نفرت فاستأذنوك أَن ينفروا مَعَك فَقل: لن تخْرجُوا معي أبدا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فاقعدوا مَعَ الخالفين} قَالَ: هم الرِّجَال الَّذين تخلفوا عَن النفور الْآيَات 84 - 85

84

أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عمر قَالَ: لما توفّي عبد الله بن أُبي بن سلول أَتَى ابْنه عبد الله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ أَن يُعْطِيهِ قَمِيصه ليكفنه فِيهِ فَأعْطَاهُ ثمَّ سَأَلَهُ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ عمر بن الْخطاب فَأخذ ثَوْبه فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقد نهاك الله أَن تصلي على الْمُنَافِقين فَقَالَ إِن رَبِّي خيَّرني وَقَالَ (اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم) (التَّوْبَة الْآيَة 80) وسأزيد على السّبْعين فَقَالَ: إِنَّه مُنَافِق فصلى عَلَيْهِ فَأنْزل الله تَعَالَى {وَلَا تصلِّ على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره} فَترك الصَّلَاة عَلَيْهِم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَن عبد الله بن عبد الله بن أبي قَالَ لَهُ أَبوهُ: أَي بني اطلب لي ثوبا من ثِيَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَفِّنِّي فِيهِ ومره أَن يُصَلِّي عليَّ قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله قد عرفت شرف عبد الله وَهُوَ يطْلب إِلَيْك ثوبا من ثِيَابك نكفنه فِيهِ وَتصلي عَلَيْهِ فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله قد عرفت عبد الله ونفاقه أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقد نهاك الله أَن تصلي عَلَيْهِ فَقَالَ: وَابْن فَقَالَ (اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم) (التَّوْبَة الْآيَة 80) قَالَ: فَإِنِّي سأزيد على سبعين فَأنْزل الله عز وَجل {وَلَا تصلِّ على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره} الْآيَة قَالَ: فَأرْسل إِلَى عمر فَأخْبرهُ بذلك وَأنزل الله (سَوَاء عَلَيْهِم أَسْتَغْفَرْت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم) (المُنَافِقُونَ الْآيَة 6)

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لما مرض عبد الله بن أُبي بن سلول مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا مَاتَ صلى عَلَيْهِ وَقَامَ على قَبره قَالَ: فوَاللَّه إِن مكثنا إِلَّا ليَالِي حَتَّى نزلت {وَلَا تصلِّ على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا} الْآيَة وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ مَاتَ رَأس الْمُنَافِقين بِالْمَدِينَةِ فأوصى أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَن يُكَفِّنهُ فِي قَمِيصه فجَاء ابْنه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أبي أوصى أَن يُكفن فِي قَمِيصك فصلى عَلَيْهِ وَألبسهُ قَمِيصه وَقَامَ على قَبره فَأنْزل الله {وَلَا تصلِّ على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره} وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يُصَلِّي على عبد الله بن أبي فَأخذ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِثَوْبِهِ وَقَالَ {وَلَا تصلِّ على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: وقف نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عبد الله بن أبي فَدَعَاهُ فَأَغْلَظ لَهُ وَتَنَاول لحية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبُو أَيُّوب: كف يدك عَن لحية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوَاللَّه لَئِن أذن لأضعن فِيك السِّلَاح وَأَنه مرض فَأرْسل إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدعُوهُ فَدَعَا بِقَمِيصِهِ فَقَالَ عمر: وَالله مَا هُوَ بِأَهْل أَن تَأتيه قَالَ: بلَى فَأَتَاهُ فَقَالَ: أهلكتك موادّتك الْيَهُود قَالَ: إِنَّمَا دعوتك لِتَسْتَغْفِر لي وَلم أدعك لِتؤَنِّبنِي قَالَ: أَعْطِنِي قَمِيصك لأكفن فِيهِ فَأعْطَاهُ وَنَفث فِي جلده وَنزل فِي قَبره فَأنْزل الله {وَلَا تصلِّ على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا} الْآيَة قَالَ: فَذكرُوا الْقَمِيص قَالَ: وَمَا يُغني عَنهُ قَمِيصِي وَالله إِنِّي لأرجو أَن يسلم بِهِ أَكثر من ألف من بني الْخَزْرَج فَأنْزل الله {وَلَا تعجبك أَمْوَالهم وَأَوْلَادهمْ} الْآيَة الْآيَة 86

86

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أولُوا الطول} قَالَ: أهل الْغنى

الْآيَات 87 - 89

87

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِف} قَالَ: مَعَ النِّسَاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص أَن عَليّ بن أبي طَالب خرج مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى جَاءَ ثنية الْوَدَاع يُرِيد تَبُوك وَعلي يبكي وَيَقُول: تخلفني مَعَ الْخَوَالِف فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا ترْضى أَن تكون مني بِمَنْزِلَة هرون من مُوسَى إِلَّا النبوّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِف} قَالَ: رَضوا بِأَن يقعدوا كَمَا قعدت النِّسَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِف} أَي النِّسَاء {وطبع على قُلُوبهم} أَي بأعمالهم الْآيَة 90

90

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَجَاء المعذرون من الْأَعْرَاب} يَعْنِي أهل الْعذر مِنْهُم ليؤذن لَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَجَاء المعذرون من الْأَعْرَاب} قَالَ: هم أهل الْأَعْذَار وَكَانَ يقْرؤهَا {وَجَاء المعذرون} خَفِيفَة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {وَجَاء المعذرون من الْأَعْرَاب} وَيَقُول: لعن الله المعذرين

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: من قَرَأَهَا {وَجَاء المعذرون من الْأَعْرَاب} خَفِيفَة قَالَ: بَنو مقرن وَمن قَرَأَهَا {وَجَاء المعذرون} قَالَ: اعتذروا بِشَيْء لَيْسَ لَهُم عذر بِحَق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ {وَجَاء المعذرون} قَالَ: اعتذروا بِشَيْء لَيْسَ لَهُم عذر بِحَق وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن إِسْحَق فِي قَوْله {وَجَاء المعذرون من الْأَعْرَاب} قَالَ: ذكر لي أَنهم نفر من بني غفار جاؤوا فاعتذروا مِنْهُم خفاف بن إِيمَاء من خرصة الْآيَة 91

91

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن ثَابت قَالَ: كنت أكتب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَرَاءَة فَكنت أكتب مَا أنزل الله عَلَيْهِ فَإِنِّي لواضع الْقَلَم على أُذُنِي إِذْ أمرنَا بِالْقِتَالِ فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينظر مَا ينزل عَلَيْهِ إِذْ جَاءَ أعمى فَقَالَ: كَيفَ بِي يَا رَسُول الله وَأَنا أعمى فَنزلت {لَيْسَ على الضُّعَفَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَيْسَ على الضُّعَفَاء} الْآيَة قَالَ نزلت فِي عَائِذ بن عَمْرو وَفِي غَيره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: نزل من عِنْد قَوْله (عَفا الله عَنْك) (التَّوْبَة الْآيَة 43) إِلَى قَوْله {مَا على الْمُحْسِنِينَ من سَبِيل وَالله غَفُور رَحِيم} فِي الْمُنَافِقين أما قَوْله تَعَالَى: {إِذا نصحوا لله وَرَسُوله} أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي ثُمَامَة الصائدي قَالَ: قَالَ الحواريون: يَا روح الله أخبرنَا من

الناصح لله قَالَ: الَّذِي يُؤثر حق الله على حق النَّاس وَإِذا حدث لَهُ أَمْرَانِ أَو بدا لَهُ أَمر الدُّنْيَا وَأمر الْآخِرَة بَدَأَ الَّذِي للآخرة ثمَّ تفرغ للَّذي الدُّنْيَا وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن تَمِيم الدَّارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الدّين النَّصِيحَة قَالُوا: لمن يَا رَسُول الله قَالَ: لله ولكتابه وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسلمين وعامتهم وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الدّين النَّصِيحَة قيل: لمن يَا رَسُول الله قَالَ: لله وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسلمين وعامتهم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن جرير قَالَ بَايَعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على إِقَامَة الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة والنصح لكل مُسلم وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ الله عز وَجل: أحب مَا تعبدني بِهِ عَبدِي إِلَى النصح لي وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب بن مُنَبّه أَن رَاهِبًا قَالَ لرجل: أوصيك بالنصح لله نصح الْكَلْب لأَهله فَإِنَّهُم يجيعونه ويطردونه ويأبى إِلَّا أَن يحوطهم وينصحهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {مَا على الْمُحْسِنِينَ من سَبِيل} قَالَ: مَا على هَؤُلَاءِ من سَبِيل بِأَنَّهُم نصحوا لله وَرَسُوله وَلم يطيقوا الْجِهَاد فعذرهم الله وَجعل لَهُم من الْأجر مَا جعل للمجاهدين ألم تسمع أَن الله يَقُول (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر) (النِّسَاء الْآيَة 95) فَجعل الله للَّذين عذر من الضُّعَفَاء وأولي الضَّرَر وَالَّذين لَا يَجدونَ مَا يُنْفقُونَ من الْأجر مثل مَا جعل للمجاهدين وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قفل من غَزْو تَبُوك فَأَشْرَف على الْمَدِينَة قَالَ: لقد تركْتُم بِالْمَدِينَةِ رجَالًا مَا سِرْتُمْ فِي مسير وَلَا أنفقتم من نَفَقَة وَلَا قطعْتُمْ وَاديا إِلَّا كَانُوا مَعكُمْ فِيهِ قَالُوا: يَا رَسُول الله وَكَيف يكونُونَ مَعنا وهم بِالْمَدِينَةِ قَالَ: حَبسهم الْعذر وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

لقد خَلفْتُمْ بِالْمَدِينَةِ رجَالًا مَا قطعْتُمْ وَاديا وَلَا سلكتم طَرِيقا إِلَّا شَركُوكُمْ فِي الْأجر حَبسهم الْمَرَض وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا على الْمُحْسِنِينَ من سَبِيل} وَالله لأهل الْإِسَاءَة {غَفُور رَحِيم} الْآيَة 92

92

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد خَلفْتُمْ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا أنفقتم من نَفَقَة وَلَا قطعْتُمْ وَاديا وَلَا نلتم من عدوّ نيلاً إِلَّا وَقد شَركُوكُمْ فِي الْأجر ثمَّ قَرَأَ {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينبعثوا غازين فَجَاءَت عِصَابَة من أَصْحَابه فيهم عبد الله بن معقل الْمُزنِيّ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله احْمِلْنَا فَقَالَ وَالله مَا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ فتولوا وَلَهُم بكاء وَعز عَلَيْهِم أَن يحبسوا عَن الْجِهَاد وَلَا يَجدونَ نَفَقَة وَلَا محملًا فَأنْزل الله عذرهمْ {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك} الْآيَة وَأخرج ابْن سعد وَيَعْقُوب بن سُفْيَان فِي تَارِيخه وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن معقل قَالَ: إِنِّي لمن الرَّهْط الَّذين ذكر الله {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: جَاءَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستحملونه فَقَالَ لَا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ فَأنْزل الله {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم} الْآيَة قَالَ: وهم سَبْعَة نفر من بني عمر بن عَوْف سَالم بن عُمَيْر وَمن بني واقن حرميّ بن عَمْرو وَمن بني مَازِن ابْن النجار عبد الرَّحْمَن بن كَعْب يكنى أَبَا ليلى وَمن بني المعلي سلمَان بن صَخْر وَمن بني حَارِثَة عبد الرَّحْمَن بن زيد أَبُو عبلة وَمن بني سَلمَة عَمْرو بن غنمة وَعبد الله بن عَمْرو الْمُزنِيّ

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن مجمع بن حَارِثَة قَالَ: الَّذين استحملوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ سَبْعَة نفر علية بن زيد الْحَارِثِيّ وَعمر بن غنم السَّاعِدِيّ وَعَمْرو بن هرمي الرَّافِعِيّ وَأَبُو ليلى الْمُزنِيّ وَسَالم بن عَمْرو الْعمريّ وَسَلَمَة بن صَخْر الزرقي وَعبد الله بن عَمْرو الْمُزنِيّ وَأخرج عبد الْغَنِيّ بن سعيد فِي تَفْسِيره وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك} الْآيَة قَالَ: مِنْهُم سَالم بن عُمَيْر أحد بني عَمْرو بن عَوْف وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو السّلمِيّ وَحجر بن حجر الكلَاعِي قَالَ: أَتَيْنَا الْعِرْبَاض بن سَارِيَة وَكَانَ من الَّذين أنزل الله فيهم {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم} الْآيَة وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم} قَالَ: هم بَنو مقرن من مزينة وهم سَبْعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: وَالله إِنِّي أحد النَّفر الَّذين أنزل الله فيهم {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم} الْآيَة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الزُّهْرِيّ وَيزِيد بن يسَار وَعبد الله بن أبي بكر وَعَاصِم بن عَمْرو بن قَتَادَة وَغَيرهم أَن رجَالًا من الْمُسلمين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم البكاؤون وهم سَبْعَة نفر من الْأَنْصَار وَغَيرهم من بني عَمْرو بن عَوْف سَالم بن عُمَيْر وَمن بني حَارِثَة عتبَة بن زيد وَمن بني مَازِن بن النجار أَبُو ليلى عبد الرَّحْمَن بن كَعْب وَمن بني سَلمَة عَمْرو بن عَمْرو بن جهام بن الجموح وَمن بني وَاقِف هرمي بن عَمْرو وَمن بني مزينة عبد الله بن معقل وَمن بني فَزَارَة عرباض بن سَارِيَة فاستحملوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانُوا أهل حَاجَة قَالَ: لَا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ معقل بن يسَار من البكائين الَّذِي قَالَ الله {إِذا مَا أتوك لتحملهم} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن وَبكر بن عبد الله الْمُزنِيّ فِي هَذِه الْآيَة {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم}

الْآيَة قَالَا: نزلت فِي عبد الله بن معقل من مزينة أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليحمله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن لَهِيعَة أَن أَبَا شُرَيْح الكعبي كَانَ من الَّذين قَالَ الله {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس بن مَالك فِي قَوْله {لَا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ} قَالَ: المَاء والزاد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن صَالح قَالَ: حَدثنِي مشيخة من جُهَيْنَة قَالُوا: أدركنا الَّذين سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحملان فَقَالُوا: مَا سألناه إِلَّا الحملان على النِّعَال {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم بن أدهم فِي قَوْله {وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم} قَالَ: مَا سَأَلُوهُ الدَّوَابّ مَا سَأَلُوهُ إِلَّا النِّعَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: استحملوه النِّعَال الْآيَات 93 - 96

93

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِنَّمَا السَّبِيل على الَّذين يَسْتَأْذِنُونَك}

قَالَ: هِيَ وَمَا بعْدهَا إِلَى قَوْله {فَإِن الله لَا يرضى عَن الْقَوْم الْفَاسِقين} فِي الْمُنَافِقين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {قد نبأنا الله من أخباركم} قَالَ: أخبرنَا أَنكُمْ لَو خَرجْتُمْ مَا زدتمونا إِلَّا خبالاً وَفِي قَوْله {فأعرضوا عَنْهُم إِنَّهُم رِجْس} قَالَ: لما رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تكلموهم وَلَا تُجَالِسُوهُمْ فأعرضوا عَنْهُم كَمَا أَمر الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {لتعرضوا عَنْهُم} لتتجاوزوا الْآيَة 97

97

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الْأَعْرَاب أَشد كفرا ونفاقاً} ثمَّ اسْتثْنى مِنْهُم فَقَالَ (من الْأَعْرَاب من يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر) (التَّوْبَة الْآيَة 99) الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وأجدر أَلاَّ يعلمُوا حُدُود مَا أنزل الله على رَسُوله} قَالَ: هم أقل علما بالسنن وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانَ زيد بن صوحان يحدث فَقَالَ اعرابي: إِن حَدِيثك ليعجبني وَأَن يدك لتريبني فَقَالَ: أما ترَاهَا الشمَال فَقَالَ الْأَعرَابِي: وَالله مَا أَدْرِي الْيَمين يقطعون أم الشمَال قَالَ زيد: صدق الله {الْأَعْرَاب أَشد كفرا ونفاقاً وأجدر ألاَّ يعلمُوا حُدُود مَا أنزل الله على رَسُوله} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {الْأَعْرَاب أَشد كفرا ونفاقاً} قَالَ: من منافقي الْمَدِينَة {وأجدر أَلا يعلمُوا حُدُود مَا أنزل الله على رَسُوله} يَعْنِي الْفَرَائِض وَمَا أَمر بِهِ من الْجِهَاد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْكَلْبِيّ فِي الْآيَة: أَنَّهَا أنزلت فِي أَسد وغَطَفَان وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن سِيرِين قَالَ: إِذا تَلا أحدكُم هَذِه الْآيَة

{الْأَعْرَاب أَشد كفرا ونفاقاً} فليتل الْآيَة الْأُخْرَى وَلَا يسكت (وَمن الْأَعْرَاب من يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر) (التَّوْبَة الْآيَة 99) وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من سكن الْبَادِيَة جَفا وَمن اتبع الصَّيْد غفل وَمن أَتَى السُّلْطَان افْتتن وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بدا جَفا وَمن اتبع الصَّيْد غفل وَمن أَتَى أَبْوَاب السُّلْطَان افْتتن وَمَا ازْدَادَ من السُّلْطَان قربا إِلَّا ازْدَادَ من الله بعدا الْآيَة 98

98

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك {وَمن الْأَعْرَاب من يتَّخذ مَا ينْفق مغرماً} يَعْنِي أَنه لَا يَرْجُو لَهُ ثَوابًا عِنْد الله وَلَا مجازاة وَإِنَّمَا يُعْطي مَا يُعْطي من صدقَات مَاله كرها {ويتربص بكم الدَّوَائِر} الهلكات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَمن الْأَعْرَاب من يتَّخذ مَا ينْفق مغرماً} قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ من الْأَعْرَاب الَّذين إِنَّمَا يُنْفقُونَ رِيَاء اتقاء على أَن يغزوا ويحاربوا ويقاتلوا ويرون نفقاتهم مغرماً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمن الْأَعْرَاب من يتَّخذ مَا ينْفق مغرماً} يعد مَا ينْفق فِي سَبِيل الله غَرَامَة يغرمها {ويتربص} بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْهَلَاك الْآيَة 99

99

أخرج سنيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {وَمن الْأَعْرَاب من يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} قَالَ: هم بَنو مقرن من مزينة وهم الَّذين قَالَ الله (وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم) (التَّوْبَة الْآيَة 92) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وصلوات الرَّسُول} يَعْنِي اسْتِغْفَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن الْأَعْرَاب من يُؤمن بِاللَّه} قَالَ: هَذِه ثنية الله من الْأَعْرَاب وَفِي قَوْله {وصلوات الرَّسُول} قَالَ: دُعَاء الرَّسُول الْآيَة 100

100

أخرج أَبُو عبيد وسنيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن حبيب الشَّهِيد عَن عَمْرو بن عَامر الْأنْصَارِيّ أَن عمر بن الْخطاب قَرَأَ وَالسَّابِقُونَ الأوّلون من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار الَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان فَرفع الْأَنْصَار وَلم يلْحق الْوَاو فِي الَّذين فَقَالَ لَهُ زيد بن ثَابت: وَالَّذين فَقَالَ عمر: الَّذين فَقَالَ زيد: أَمِير الْمُؤمنِينَ أعلم فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: ائْتُونِي بأُبي بن كَعْب فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ أبي: وَالَّذين فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: فَنعم إِذن فتابع أُبيا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: مر عمر رَضِي الله عَنهُ بِرَجُل يقْرَأ {وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار} فَأخذ عمر بِيَدِهِ فَقَالَ: من أَقْرَأَك هَذَا قَالَ: أبي بن كَعْب قَالَ: لَا تُفَارِقنِي حَتَّى أذهب بك إِلَيْهِ فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ عمر: أَنْت أَقرَأت هَذَا هَذِه الْآيَة هَكَذَا قَالَ: نعم قَالَ: وَسمعتهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم قَالَ: لقد كنت أرى أَنا رفعنَا رفْعَة لَا يبلغهَا أحد بَعدنَا فَقَالَ أبي: تَصْدِيق ذَلِك فِي أول سُورَة الْجُمُعَة (وَآخَرين مِنْهُم لما

يلْحقُوا بهم) (الْجُمُعَة آيَة 3) وَفِي سُورَة الْحَشْر (وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا ولإِخواننا الَّذين سبقُونَا فِي الْإِيمَان) (الْحَشْر آيَة 10) وَفِي الْأَنْفَال (وَالَّذين آمنُوا من بعد وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا مَعكُمْ فَأُولَئِك مِنْكُم) (الْأَنْفَال آيَة 75) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي أُسَامَة وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي قَالَا: مر عمر بن الْخطاب بِرَجُل وَهُوَ يقْرَأ {وَالسَّابِقُونَ الأوّلون من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان} فَوقف عمر فَلَمَّا انْصَرف الرجل قَالَ: من أَقْرَأَك هَذِه قَالَ: أَقْرَأَنيهَا أبي بن كَعْب قَالَ: فَانْطَلق إِلَيْهِ فَانْطَلقَا إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذر أَخْبرنِي هَذَا أَنَّك أَقرَأته هَذِه الْآيَة قَالَ: صدق تلقيتها من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عمر: أَنْت تلقيتها من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فَقَالَ فِي الثَّالِثَة وَهُوَ غَضْبَان: نعم وَالله لقد أنزلهَا الله على جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وأنزلها جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على قلب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يستأمر فِيهَا الْخطاب وَلَا ابْنه فَخرج عمر رَافعا يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُول: الله أكبر الله أكبر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أبي مُوسَى أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَالسَّابِقُونَ الأوّلون} قَالُوا: هم الَّذين صلوا الْقبْلَتَيْنِ جَمِيعًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ} قَالَ: هم الَّذين صلوا الْقبْلَتَيْنِ جَمِيعًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم عَن الْحسن وَمُحَمّد بن سِيرِين فِي قَوْله {وَالسَّابِقُونَ الأوّلون} قَالُوا: هم الَّذين صلوا الْقبْلَتَيْنِ جَمِيعًا وهم أهل بدر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَالسَّابِقُونَ الأوّلون من الْمُهَاجِرين} قَالَ: أَبُو بكر وَعمر وَعلي وسلمان وعمار بن يَاسر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ} قَالَ: من أدْرك بيعَة الرضْوَان وَأول من بَايع بيعَة الرضْوَان سِنَان بن وهب الْأَسدي

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن غيلَان بن جرير قَالَ: قلت لأنس بن مَالك هَذَا الِاسْم الْأَنْصَار أَنْتُم سيتموه أَنفسكُم أَو الله تَعَالَى سَمَّاكُم من السَّمَاء قَالَ: الله تَعَالَى سمانا من السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من أحب الْأَنْصَار أحبه الله وَمن أبْغض الْأَنْصَار أبغضه الله وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيَة الإِيمان حب الْأَنْصَار وَآيَة النِّفَاق بغض الْأَنْصَار وَأخرج أَحْمد عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر للْأَنْصَار ولأبناء الْأَنْصَار ولأزواج الْأَنْصَار ولذراري الْأَنْصَار الْأَنْصَار كرشي وعيبتي وَلَو أَن النَّاس أخذُوا شعبًا وَأخذت الْأَنْصَار شعبًا لأخذت شعب الْأَنْصَار وَلَوْلَا الْهِجْرَة كنت امْرأ من الْأَنْصَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن الْحَارِث بن زِيَاد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أحب الْأَنْصَار أحبه الله حِين يلقاه وَمن أبْغض الْأَنْصَار أبغضه الله حِين يلقاه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قيس بن سعد بن عبَادَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ اللهمَّ صل على الْأَنْصَار وعَلى ذُرِّيَّة الْأَنْصَار وعَلى ذُرِّيَّة ذُرِّيَّة الْأَنْصَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو سلك النَّاس وَاديا وشعباً وسلكتم وَاديا وشعباً لَسَلَكْت واديكم وشعبكم أَنْتُم شعار وَالنَّاس دثار وَلَوْلَا الْهِجْرَة لَكُنْت امْرأ من الْأَنْصَار ثمَّ رفع يَدَيْهِ حَتَّى اني لأرى بَيَاض ابطيه فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر للْأَنْصَار ولأبناء الْأَنْصَار ولأبناء أَبنَاء الْأَنْصَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَنْصَار لَا يُحِبهُمْ إِلَّا مُؤمن وَلَا يبغضهم إِلَّا مُنَافِق وَمن أحبهم أحبه الله وَمن أبْغضهُم أبغضه الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا إِن عيبتي الَّتِي آوي إِلَيْهَا أهل بَيْتِي وَإِن كرشي الْأَنْصَار فاعفوا عَن مسيئهم واقبلوا من محسنهم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد بن عبَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار حبهم إِيمَان وبغضهم نفاق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اللهمَّ اغْفِر للْأَنْصَار ولأبناء الْأَنْصَار ولنساء الْأَنْصَار ولنساء أَبنَاء الْأَنْصَار ولنساء أَبنَاء أَبنَاء الْأَنْصَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يبغض الْأَنْصَار رجل يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ بن رِفَاعَة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللهمَّ اغْفِر للْأَنْصَار ولذراري الْأَنْصَار ولذراري ذَرَارِيهمْ ولمواليهم ولجيرانهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قُرَيْش وَالْأَنْصَار وجهينة وَمُزَيْنَة وَأسلم وغفار موَالِي الله وَرَسُوله لَا مولى لَهُم غَيره وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يبغض الْأَنْصَار رجل يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم الْفَيْء الَّذِي أَفَاء الله بحنين فِي أهل مَكَّة من قُرَيْش وَغَيرهم فَغضِبت الْأَنْصَار فَأَتَاهُم فَقَالَ: يَا معشر الْأَنْصَار قد بَلغنِي من حديثكم فِي هَذِه الْمَغَانِم الَّتِي آثرت بهَا أُنَاسًا أتالفهم على الإِسلام لَعَلَّهُم أَن يشْهدُوا بعد الْيَوْم وَقد أَدخل الله قُلُوبهم الإِسلام يَا معشر الْأَنْصَار ألم يمن الله عَلَيْكُم بالإِيمان وخصكم بالكرامة وسماكم بِأَحْسَن الْأَسْمَاء أنصار الله وأنصار رَسُوله وَلَوْلَا الْهِجْرَة لَكُنْت امْرأ من الْأَنْصَار وَلَو سلك النَّاس وَاديا وسلكتم وَاديا لَسَلَكْت واديكم أَفلا ترْضونَ أَن يذهب النَّاس بِهَذِهِ الْغَنَائِم وَالشَّاء وَالنعَم وَالْبَعِير وَتَذْهَبُونَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: رَضِينَا فَقَالَ: أجيبوني فِيمَا قلت قَالُوا: يَا رَسُول الله وجدتنا فِي ظلمَة فأخرجنا الله بك إِلَى النُّور ووجدتنا على شفا حُفْرَة من النَّار فأنقذنا الله بك ووجدتنا ضلالا فهدانا الله بك فرضينا بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا فَقَالَ: أما وَالله لَو أجبتموني بِغَيْر هَذَا القَوْل لَقلت صَدقْتُمْ لَو قلت ألم تأتنا طريداً فَآوَيْنَاك ومكذباً فَصَدَّقْنَاك ومخذولاً

فَنَصَرْنَاك وَقَبلنَا مَا رد النَّاس عَلَيْك لَو قُلْتُمْ هَذَا لصدقتم قَالُوا: بل لله وَرَسُوله الْمَنّ وَالْفضل علينا وعَلى غَيرنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّاس على ثَلَاث منَازِل الْمُهَاجِرُونَ الْأَولونَ وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ: رَبنَا اغْفِر لنا ولإِخواننا الَّذين سبقُونَا بالإِيمان فَأحْسن مَا يكون أَن يكون بِهَذِهِ الْمنزلَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه أَتَاهُ رجل فَذكر بعض الصَّحَابَة فتنقصه فَقَالَ ابْن عَبَّاس {وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان} وَأخرج عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان} قَالَ: من بَقِي من أهل الإِسلام إِلَى أَن تقوم السَّاعَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عصمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت سُفْيَان عَن التَّابِعين قَالَ: هم الَّذين أدركوا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يدركوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلته عَن الَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان قَالَ: من يَجِيء بعدهمْ قلت: إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: أَرْجُو وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي صَخْر حميد بن زِيَاد قَالَ: قلت لمُحَمد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ: أَخْبرنِي عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا أُرِيد الْفِتَن فَقَالَ: إِن الله قد غفر لحميع أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأوجب لَهُم الْجنَّة فِي كِتَابه محسنهم ومسيئهم قلت لَهُ: وَفِي أَي مَوضِع أوجب الله لَهُم الْجنَّة فِي كِتَابهمْ قَالَ: أَلا تقْرَأ {وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ} الْآيَة أوجب لجَمِيع أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجنَّة والرضوان وَشرط على التَّابِعين شرطا لم يَشْتَرِطه فيهم قلت: وَمَا اشْترط عَلَيْهِم قَالَ: اشْترط عَلَيْهِم أَن يتبعوهم بِإِحْسَان يَقُول: يقتدون بهم فِي أَعْمَالهم الْحَسَنَة وَلَا يقتدون بهم فِي غير ذَلِك قَالَ أَبُو صَخْر: لكَأَنِّي لم أقرأها قبل ذَلِك وَمَا عرفت تَفْسِيرهَا حَتَّى قَرَأَهَا على مُحَمَّد بن كَعْب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ حَدثنِي يحيى بن أبي كثيِّر وَالقَاسِم وَمَكْحُول وَعَبدَة بن أبي لبَابَة وَحسان بن عَطِيَّة أَنهم سمعُوا جمَاعَة من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ لما أنزلت هَذِه الْآيَة {وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ} إِلَى قَوْله {وَرَضوا عَنهُ} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا لأمتي كلهم وَلَيْسَ بعد الرِّضَا سخط

الْآيَة 101

101

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمِمَّنْ حَوْلكُمْ من الْأَعْرَاب مُنَافِقُونَ} الْآيَة قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم جُمُعَة خَطِيبًا فَقَالَ: قُم يَا فلَان فَاخْرُج فَإنَّك مُنَافِق فَأخْرجهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ففضحهم وَلم يكن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ شهد تِلْكَ الْجُمُعَة لحَاجَة كَانَت لَهُ فَلَقِيَهُمْ عمر رَضِي الله عَنهُ وهم يخرجُون من الْمَسْجِد فَاخْتَبَأَ مِنْهُم استحياء أَنه لم يشْهد الْجُمُعَة وَظن النَّاس قد انصرفوا واختبأوا هم من عمر وظنوا أَنه قد علم بأمرهم فَدخل عمر رَضِي الله عَنهُ الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس لم ينصرفوا فَقَالَ لَهُ رجل: أبشر يَا عمر فقد فَضَح الله الْمُنَافِقين الْيَوْم فَهَذَا الْعَذَاب الأول وَالْعَذَاب الثَّانِي عَذَاب الْقَبْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمِمَّنْ حَوْلكُمْ من الْأَعْرَاب} قَالَ: جُهَيْنَة وَمُزَيْنَة وَأَشْجَع وَأسلم وغفار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {مَرَدُوا على النِّفَاق} قَالَ: أَقَامُوا عَلَيْهِ لم يتوبوا كَمَا تَابَ آخَرُونَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {مَرَدُوا على النِّفَاق} قَالَ: مَاتُوا عَلَيْهِ عبد الله بن أبي وَأَبُو عَامر الراهب وَالْجد بن قيس وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {نَحن نعلمهُمْ} يَقُول: نَحن نعرفهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا تعلمهمْ نَحن نعلمهُمْ} قَالَ: فَمَا بَال أَقوام يَتَكَلَّمُونَ على النَّاس يَقُولُونَ: فلَان فِي الْجنَّة وَفُلَان فِي النَّار فَإِذا سَأَلت أحدهم عَن نَفسه قَالَ: لَا أَدْرِي لعمري لأَنْت بِنَفْسِك أعلم مِنْك بأعمال النَّاس وَلَقَد تكلفت شَيْئا مَا تكلفه نَبِي قَالَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام (وَمَا علمي بِمَا كَانُوا يعْملُونَ) (الشُّعَرَاء الْآيَة 112) وَقَالَ شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام

(وَمَا أَنا عَلَيْكُم بحفيظ) (الْأَنْعَام الْآيَة 104) وَقَالَ الله تَعَالَى لمُحَمد {لَا تعلمهمْ نَحن نعلمهُمْ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ} قَالَ: بِالْجُوعِ وَالْقَتْل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ} قَالَ: بِالْجُوعِ وَعَذَاب الْقَبْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ} قَالَ: عَذَاب فِي الْقَبْر وَعَذَاب فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي (عَذَاب الْقَبْر) عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ} قَالَ: عَذَاب فِي الْقَبْر وَعَذَاب فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ} قَالَ: يبتلون فِي الدُّنْيَا وَعَذَاب الْقَبْر {ثمَّ يردون إِلَى عَذَاب عَظِيم} قَالَ: عَذَاب جَهَنَّم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ} قَالَ: عَذَاب فِي الدُّنْيَا بالأموال وَالْأَوْلَاد وَقَرَأَ (فَلَا تعجبك أَمْوَالهم وَلَا أَوْلَادهم إِنَّمَا يُرِيد الله ليعذبهم بهَا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا) (التَّوْبَة الْآيَة 55) بالمصائب فَهِيَ لَهُم عَذَاب وَهِي للْمُؤْمِنين أجر قَالَ: وَعَذَاب الْآخِرَة فِي النَّار {ثمَّ يردون إِلَى عَذَاب عَظِيم} النَّار وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن نَاسا يَقُولُونَ {سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ} يَعْنِي الْقَتْل وَبعد الْقَتْل البرزخ والبرزخ مَا بَين الْمَوْت إِلَى الْبَعْث {ثمَّ يردون إِلَى عَذَاب عَظِيم} يَعْنِي عَذَاب جَهَنَّم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَنُعَذِّبُهُمْ مرَّتَيْنِ} قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعذب الْمُنَافِقين يَوْم الْجُمُعَة بِلِسَانِهِ على الْمِنْبَر وَعَذَاب الْقَبْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد خَطَبنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة مَا شهِدت مثلهَا قطّ فَقَالَ أَيهَا النَّاس إِن مِنْكُم منافقين فَمن سميته فَليقمْ قُم يَا فلَان قُم يَا فلَان حَتَّى قَامَ سِتَّة وَثَلَاثُونَ رجلا ثمَّ قَالَ: إِن مِنْكُم

وَإِن مِنْكُم وَإِن مِنْكُم فَسَلُوا الله الْعَافِيَة فلقي عمر رَضِي الله عَنهُ رجلا كَانَ بَينه وَبَينه إخاء فَقَالَ: مَا شَأْنك فَقَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطَبنَا فَقَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: أبعدك الله سَائِر الْيَوْم الْآيَة 102

102

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا} قَالَ كَانُوا عشرَة رَهْط تخلفوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك فَلَمَّا حضر رُجُوع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوثق سَبْعَة مِنْهُم أنفسهم بِسوَارِي الْمَسْجِد وَكَانَ ممر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رَجَعَ فِي الْمَسْجِد عَلَيْهِم فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: من هَؤُلَاءِ الْمُوثقُونَ أنفسهم قَالُوا: هَذَا أَبُو لبَابَة وَأَصْحَاب لَهُ تخلفوا عَنْك يَا رَسُول الله أوثقُوا أنفسهم وحلفوا أَنهم لَا يُطْلِقهُمْ أحد حَتَّى يُطْلِقهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويعذرهم قَالَ: وَأَنا أقسم بِاللَّه لَا أطلقهُم وَلَا أَعْذرهُم حَتَّى يكون الله تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُطْلِقهُمْ رَغِبُوا عني وتخلفوا عَن الْغَزْو مَعَ الْمُسلمين فَلَمَّا بَلغهُمْ ذَلِك قَالُوا: وَنحن لَا نطلق أَنْفُسنَا حَتَّى يكون الله هُوَ الَّذِي يطلقنا فَأنْزل الله عز وَجل {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا عَسى الله أَن يَتُوب عَلَيْهِم} وَعَسَى من الله وَإنَّهُ هُوَ التوّاب الرَّحِيم فَلَمَّا نزلت أرسل إِلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَطْلَقَهُمْ وَعذرهمْ فجاؤوا بِأَمْوَالِهِمْ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله هَذِه أَمْوَالنَا فَتصدق بهَا عَنَّا واستغفر لنا قَالَ: مَا أمرت أَن آخذ أَمْوَالكُم فَأنْزل الله عز وَجل {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا وصل عَلَيْهِم} يَقُول: اسْتغْفر لَهُم إِن {صَلَاتك سكن لَهُم} يَقُول: رَحْمَة لَهُم فَأخذ مِنْهُم الصَّدَقَة واستغفر لَهُم وَكَانَ ثَلَاثَة نفر مِنْهُم لم يُوثقُوا أنفسهم بِالسَّوَارِي فأرجئوا سنة لَا يَدْرُونَ أيعذبون أَو يُتَاب عَلَيْهِم فَأنْزل الله عز وَجل (لقد تَابَ الله على النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة) (التَّوْبَة الْآيَة 117) إِلَى آخر الْآيَة (وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين

خلفوا) (التَّوْبَة الْآيَة 118) إِلَى (ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم ليتوبوا إِن الله هُوَ التواب الرَّحِيم) يَعْنِي إِن استقاموا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ مثله سَوَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَاعْتَرفُوا بذنبهم} قَالَ: هُوَ أَبُو لبَابَة إِذْ قَالَ لقريظة مَا قَالَ وَأَشَارَ إِلَى حلقه بِأَن مُحَمَّد يذبحكم إِن نزلتم على حكمه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب أَن بني قُرَيْظَة كَانُوا حلفاء لأبي لبَابَة فَاطَّلَعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى حكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا أَبَا لبَابَة أَتَأْمُرُنَا أَن ننزل فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حلقه أَنه الذّبْح فَأخْبر عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسبت أَن الله غفل عَن يدك حِين تُشِير إِلَيْهِم بهَا إِلَى حلقك فَلبث حينا حَتَّى غزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبُوك - وَهِي غَزْوَة الْعسرَة - فَتخلف عَنهُ أَبُو لبَابَة فِيمَن تخلف فَلَمَّا قفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهَا جَاءَهُ أَبُو لبَابَة يسلم عَلَيْهِ فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفَزعَ أَبُو لبَابَة فَارْتَبَطَ بِسَارِيَة التَّوْبَة الَّتِي عِنْد بَاب أم سَلمَة سبعا بَين يَوْم وَلَيْلَة فِي حر شَدِيد لَا يَأْكُل فِيهِنَّ وَلَا يشرب قَطْرَة قَالَ: لَا يزَال هَذَا مَكَاني حَتَّى أُفَارِق الدُّنْيَا أَو يَتُوب الله عليَّ فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى مَا يسمع الصَّوْت من الْجهد وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينظر إِلَيْهِ بكرَة وَعَشِيَّة ثمَّ تَابَ الله عَلَيْهِ فَنُوديَ أَن الله قد تَابَ عَلَيْك فَأرْسل إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليطلق عَنهُ رباطه فَأبى أَن يُطلقهُ أحد إِلَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَطْلقهُ عَنهُ بِيَدِهِ فَقَالَ أَبُو لبَابَة حِين أَفَاق: يَا رَسُول الله إِنِّي أَهجر دَار قومِي الَّتِي أصبت فِيهَا الذَّنب وانتقل إِلَيْك فأساكنك وَإِنِّي أختلع من مَالِي صَدَقَة إِلَى الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَجْزِي عَنْك الثُّلُث فَهجر أَبُو لبَابَة دَار قومه وَسَاكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتصدق بِثلث مَاله ثمَّ تَابَ فَلم ير مِنْهُ فِي الإِسلام بعد ذَلِك إِلَّا خيرا حَتَّى فَارق الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غزا غَزْوَة تَبُوك فَتخلف أَبُو لبَابَة ورجلان مَعَه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ إِن أَبَا لبَابَة وَرجلَيْنِ مَعَه تَفَكَّرُوا وندموا وأيقنوا بالهلكة وَقَالُوا: نَحن فِي الظل والطمأنينة مَعَ النِّسَاء وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمؤمنون مَعَه فِي الْجِهَاد وَالله لنوثقن أَنْفُسنَا بِالسَّوَارِي فَلَا نطلقها حَتَّى يكون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الَّذِي يطلقنا ويعذرنا فَانْطَلق أَبُو لبَابَة فأوثق

نَفسه ورجلان مَعَه بِسوَارِي الْمَسْجِد وَبَقِي ثَلَاثَة لم يُوثقُوا أنفسهم فَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غزوته وَكَانَ طَرِيقه فِي الْمَسْجِد فَمر عَلَيْهِم فَقَالَ: من هَؤُلَاءِ الْمُوثقُونَ أنفسهم بِالسَّوَارِي فَقَالَ رجل: هَذَا أَبُو لبَابَة وصاحبان لَهُ تخلفوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعاهدوا الله لَا يطلقون أنفسهم حَتَّى تكون الَّذِي أَنْت تُطْلِقهُمْ وترضى عَنْهُم وَقد اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله لَا أطلقهُم حَتَّى أُؤْمَر بإطلاقهم وَلَا أَعْذرهُم حَتَّى يكون الله يعذرهم وَقد تخلفوا وَرَغبُوا عَن الْمُسلمين بِأَنْفسِهِم وجهادهم فَأنْزل الله تَعَالَى {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} الْآيَة وَعَسَى من الله وَاجِب فَلَمَّا نزلت الْآيَة أطلقهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعذرهمْ فَانْطَلق أَبُو لبَابَة وصاحباه بِأَمْوَالِهِمْ فَأتوا بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: خُذ من أَمْوَالنَا فَتصدق بهَا عَنَّا وصل علينا يَقُولُونَ: اسْتغْفر لنا وَطَهِّرْنَا فَقَالَ: لَا آخذ مِنْهَا شَيْئا حَتَّى أُؤمر بِهِ فَأنْزل الله خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة الْآيَة قَالَ: وَبَقِي الثَّلَاثَة الَّذين خالفوا أَبَا لبَابَة وَلم يتوبوا وَلم يذكرُوا بِشَيْء وَلم ينزل عذرهمْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ وهم الَّذين قَالَ الله {وَآخَرُونَ مرجون لأمر الله} (التَّوْبَة الْآيَة 106) الْآيَة فَجعل النَّاس يَقُولُونَ: هَلَكُوا إِذا لم ينزل لَهُم عذر وَجعل آخَرُونَ يَقُولُونَ: عَسى الله أَن يَتُوب عَلَيْهِم فصاروا مرجئين لأمر الله حَتَّى نزلت (لقد تَابَ الله على النَّبِي) (التَّوْبَة الْآيَة 117) إِلَى قَوْله (وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا) (التَّوْبَة الْآيَة 118) يَعْنِي المرجئين لأمر الله نزلت عَلَيْهِم التَّوْبَة فعملوا بهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ} قَالَ: هم الثَّمَانِية الَّذين ربطوا أنفسهم بِالسَّوَارِي مِنْهُم كردم ومرداس وَأَبُو لبَابَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا} قَالَ: ذكر لنا أَنهم كَانُوا سَبْعَة رَهْط تخلفوا عَن غَزْوَة تَبُوك مِنْهُم أَرْبَعَة خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا: جد بن قيس وَأَبُو لبَابَة وَحرَام وَأَوْس كلهم من الْأَنْصَار تيب عَلَيْهِم وهم الَّذين قيل {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا} قَالَ: غزوهم مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَآخر سَيِّئًا} قَالَ تخلفهم عَنهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: مَا فِي الْقُرْآن آيَة أَرْجَى عِنْدِي لهَذِهِ الْأمة من قَوْله {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مطرف قَالَ: إِنِّي لاستلقي من اللَّيْل على فِرَاشِي وأتدبر الْقُرْآن فَأَعْرض أعمالي على أَعمال أهل الْجنَّة فَإِذا أَعْمَالهم شَدِيدَة (كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون) (الذاريات الْآيَة 17) (يبيتُونَ لرَبهم سجدا وقياماً) (الْفرْقَان الْآيَة 64) (أَمن هُوَ قَانِت آنَاء اللَّيْل سَاجِدا وَقَائِمًا) (الزمر الْآيَة 9) فَلَا أَرَانِي مِنْهُم فَأَعْرض نَفسِي على هَذِه الْآيَة (مَا سلككم فِي سقر) (قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين) (المدثر الْآيَة 42 - 46) إِلَى قَوْله (نكذب بِيَوْم الدّين) فَأرى الْقَوْم مكذبين فَلَا أَرَانِي مِنْهُم فَأمر بِهَذِهِ الْآيَة {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا} فأرجو أَن أكون أَنا وَأَنْتُم يَا اخوتاه مِنْهُم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد قوي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ مِمَّن تخلف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك سِتَّة: أَبُو لبَابَة وَأَوْس بن جذام وثعلبة بن وَدِيعَة وَكَعب بن مَالك ومرارة بن الرّبيع وهلال بن أُميَّة فجَاء أَبُو لبَابَة وَأَوْس بن جذام وثعلبة فربطوا أنفسهم بِالسَّوَارِي وجاؤوا بِأَمْوَالِهِمْ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله خُذ هَذَا الَّذِي حبسنا عَنْك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أحلّهُم حَتَّى يكون قتال فَنزل الْقرَان {خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا} الْآيَة وَكَانَ مِمَّن أرجئ عَن التَّوْبَة وَخلف كَعْب بن مَالك ومرارة بن الرّبيع وهلال بن أُميَّة فأرجئوا أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَخَرجُوا وضربوا فساطيطهم واعتزلوهم نِسَاؤُهُم وَلم يَتَوَلَّهُمْ الْمُسلمُونَ وَلم يقربُوا مِنْهُم فَنزل فيهم (وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا) (التَّوْبَة الْآيَة 118) إِلَى قَوْله (التواب الرَّحِيم) فَبعثت أم سَلمَة إِلَى كَعْب فبشرته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شَوْذَب قَالَ: قَالَ الْأَحْنَف بن قيس: عرضت نَفسِي على الْقُرْآن فَلم أجدني بِآيَة أشبه مني بِهَذِهِ الْآيَة {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا} الْآيَة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: سَأَلت الْحسن عَن قَول الله {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا} فَقَالَ: يَا مَالك تَابُوا عَسى الله أَن يَتُوب عَلَيْهِم وَعَسَى من الله وَاجِبَة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّن يكثر أَن يَقُول لأَصْحَابه: هَل رأى أحد مِنْكُم رُؤْيا وَإنَّهُ قَالَ لنا ذَات غَدَاة: إِنَّه أَتَانِي اللَّيْلَة آتيان فَقَالَا لي: انْطلق فَانْطَلَقت مَعَهُمَا فاخرجاني إِلَى الأَرْض المقدسة فأتينا على رجل مُضْطَجع وَإِذا آخر قَائِم عَلَيْهِ بصخرة وَإِذا هُوَ يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رَأسه فيتدهده الْحجر هَهُنَا فَيتبع الْحجر فَيَأْخذهُ فَلَا يرجع إِلَيْهِ حَتَّى يَصح رَأسه كَمَا كَانَ ثمَّ يعود إِلَيْهِ فيفعل بِهِ مثل مَا فعل فِي الْمرة الأولى قلت لَهما: سُبْحَانَ الله مَا هَذَانِ قَالَا لي: انْطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رجل مستلق لقفاه وَآخر قَائِم عَلَيْهِ بكلوب من حَدِيد وَإِذا هُوَ يَأْتِي أحد شقي وَجهه فيشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ ومنخره إِلَى قَفاهُ وعينه إِلَى قَفاهُ ثمَّ يتحوّل إِلَى الْجَانِب الآخر فيفعل بِهِ مثل مَا فعل بالجانب الأول فَمَا يفرغ من ذَلِك الْجَانِب حَتَّى يصبح ذَلِك الْجَانِب كَمَا كَانَ ثمَّ يعود عَلَيْهِ فيفعل مثل مَا فعل فِي الْمرة الأولى قلت: سُبْحَانَ الله مَا هَذَانِ قَالَا لي: انْطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على مثل التَّنور فَإِذا فِيهِ لغط وأصوات فاطلعنا فِيهِ فَإِذا فِيهِ رجال وَنسَاء عُرَاة فَإِذا هم يَأْتِيهم لَهب من أَسْفَل مِنْهُم فَإِذا أَتَاهُم ذَلِك اللهب ضوضوا قلت: مَا هَؤُلَاءِ فَقَالَا لي: انْطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على نهر أَحْمَر مثل الدَّم وَإِذا فِي النَّهر رجل سابح يسبح وَإِذا على شاطئ النَّهر رجل عِنْده حِجَارَة كَثِيرَة وَإِذا ذَلِك السابح يسبح مَا يسبح ثمَّ يَأْتِي الَّذِي قد جمع عِنْده الْحِجَارَة فيفغر لَهُ فَاه فيلقمه حجر فَينْطَلق فيسبح ثمَّ يرجع إِلَيْهِ كلما رَجَعَ فغر لَهُ فَاه فألقمه حجرا قلت لَهما: مَا هَذَانِ قَالَا لي: انْطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رجل كريه الْمرْآة كأكره مَا أَنْت رَاء وَإِذا هُوَ عِنْده نَار يحشها وَيسْعَى حولهَا قلت لَهما: مَا هَذَا قَالَا لي: انْطلق فَانْطَلَقْنَا فأتينا على رَوْضَة معتمة فِيهَا من كل نور الرّبيع وَإِذا بَين ظَهْري الرَّوْضَة رجل طَوِيل لَا أكاد أرى رَأسه طولا فِي السَّمَاء وَإِذا حول الرجل من أَكثر ولدان رَأَيْتهمْ قطّ قَالَا لي: انْطلق فَانْطَلَقْنَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَة عَظِيمَة لم أر قطّ رَوْضَة

أعظم مِنْهَا وَلَا أحسن قَالَا لي: ارق فِيهَا فارتقينا فِيهَا فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَة مَبْنِيَّة بِلَبن ذهب وَلبن فضَّة فأتينا بَاب الْمَدِينَة فاستفتحنا فَفتح لنا فدخلناها فتلقانا فِيهَا رجال شطر من خلقهمْ كأحسن مَا أَنْت رَاء وَشطر كأقبح مَا أَنْت رَاء قَالَا لَهُم: اذْهَبُوا فقعوا فِي ذَلِك النَّهر فَإِذا نهر معترض يجْرِي كَأَن مَاءَهُ المخض فِي الْبيَاض فَذَهَبُوا فوقعوا فِيهِ ثمَّ رجعُوا إِلَيْنَا فَذهب السوء عَنْهُم فصاروا فِي أحسن صُورَة قَالَا لي: هَذِه جنَّة عدن وهذاك مَنْزِلك فسما بَصرِي صعداً فَإِذا قصر مثل الربابة الْبَيْضَاء قَالَا لي: هَذَا مَنْزِلك قلت لَهما: بَارك الله فيكما ذراني فَأدْخلهُ قَالَا: أما الْآن فَلَا وَأَنت دَاخله قلت لَهما: فَإِنِّي رَأَيْت مُنْذُ اللَّيْلَة عجبا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْت قَالَا لي: أما الرجل الأول الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يثلغ رَأسه بِالْحجرِ فَإِنَّهُ الرجل يَأْخُذ الْقُرْآن فيرفضه وينام عَن الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة يفعل بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ ومنخراه إِلَى قَفاهُ وعينه إِلَى قَفاهُ فَإِنَّهُ الرجل يَغْدُو من بَيته فيكذب الكذبة تبلغ الْآفَاق فيصنع بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأما الرِّجَال وَالنِّسَاء العراة الَّذين فِي مثل التَّنور فَإِنَّهُم الزناة والزواني وَأما الرجل الَّذِي أتيت عَلَيْهِ يسبح فِي النَّهر ويلقم الْحِجَارَة فَإِنَّهُ آكل الرِّبَا وَأما الرجل الكريه الْمرْآة الَّذِي عِنْده النَّار يحشها فَإِنَّهُ مَالك خَازِن النَّار وَأما الرجل الطَّوِيل الَّذِي فِي الرَّوْضَة فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأما الْولدَان الَّذين حوله فَكل مَوْلُود مَاتَ على الْفطْرَة وَأما الْقَوْم الَّذين كَانُوا شطر مِنْهُم حسن وَشطر مِنْهُم قَبِيح فَإِنَّهُم قوم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا تجَاوز الله عَنْهُم وَأَنا جِبْرِيل وَهَذَا مِيكَائِيل وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن أبي مُوسَى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَأَيْت رجَالًا تقْرض جُلُودهمْ بمقاريض من نَار قلت: مَا هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين يتزينون إِلَى مَا لَا يحل لَهُم وَرَأَيْت خباء خَبِيث الرّيح وَفِيه صباح قلت: مَا هَذَا قَالَ: هن نسَاء يتزين إِلَى مَا لَا يحل لَهُنَّ وَرَأَيْت قوما اغتسلوا من مَاء الجناة قلت: مَا هَؤُلَاءِ قَالَ: هم قوم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا وَأخرج ابْن سعد عَن الْأسود بن قيس الْعَبْدي قَالَ: لَقِي الْحسن بن عَليّ يَوْمًا حبيب بن مسلمة فَقَالَ: يَا حبيب رب ميسر لَك فِي غير طَاعَة الله فَقَالَ: أما ميسري إِلَى أَبِيك فَلَيْسَ من ذَلِك قَالَ: بلَى وَلَكِنَّك أَطَعْت مُعَاوِيَة على دنيا قَليلَة

زائلة فلئن قَامَ بك فِي دنياك لقد قعد بك فِي دينك وَلَو كنت إِذْ فعلت شرا قلت خيرا كَانَ ذَلِك كَمَا قَالَ الله {خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا} وَلَكِنَّك كَمَا قَالَ الله (كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (المطففين الْآيَة 14) الْآيَة 103

103

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا} قَالَ: من ذنوبهم الَّتِي أَصَابُوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وصل عَلَيْهِم} قَالَ: اسْتغْفر لَهُم من ذنوبهم الَّتِي أصابوها {إِن صَلَاتك سكن لَهُم} قَالَ: رَحْمَة لَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وصل عَلَيْهِم} يَقُول: ادْع لَهُم {إِن صَلَاتك سكن لَهُم} قَالَ: استغفارك يسكن قُلُوبهم ويطمن لَهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى بِصَدقَة قَالَ: اللهمَّ صل على آل فلَان فَأَتَاهُ أبي بِصَدقَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ صل على آل أبي أوفي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سكن لَهُم} قَالَ: أَمن لَهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: أَتَانَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت لَهُ امْرَأَتي: يَا رَسُول الله صل عَليّ وعَلى زَوجي فَقَالَ صلى الله عَلَيْك وعَلى زَوجك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن خَارِجَة بن زيد عَن عَمه يزِيد بن ثَابت - وَكَانَ أكبر من زيد - قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا وردنا البقيع إِذا هُوَ بِقَبْر جَدِيد فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا: فُلَانَة فعرفها فَقَالَ أَفلا آذنتموني بهَا قَالُوا: كنت قَائِلا

فكرهنا أَن نؤذيك فَقَالَ: لَا تَفعلُوا مَا مَاتَ مِنْكُم ميت مَا دمت بَين أظْهركُم إِلَّا آذنتموني بِهِ فَإِن صَلَاتي عَلَيْهِ رَحْمَة وَأخرج الباوردي فِي معرفَة الصَّحَابَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن دلسم السدُوسِي قَالَ: قُلْنَا لبشير بن الخصاصية: إِن أَصْحَاب الصَّدَقَة يعتدون علينا أفنكنتم من أَمْوَالنَا بِقدر مَا يعتدون علينا فَقَالَ: إِذا جاؤوكم فاجمعوها ثمَّ مُرُوهُمْ فليصلوا عَلَيْكُم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا وصل عَلَيْهِم} الْآيَة 104

104

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: قَالَ الْآخرُونَ: هَؤُلَاءِ كَانُوا مَعنا بالْأَمْس لَا يكلمون وَلَا يجالسون فَمَا لَهُم فَأنْزل الله {ألم يعلمُوا أَن الله هُوَ يقبل التَّوْبَة عَن عباده} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا تصدق رجل بِصَدقَة إِلَّا وَقعت فِي يَد الله قبل أَن تقع فِي يَد السَّائِل قَالَ: وَهُوَ يَضَعهَا فِي يَد السَّائِل ثمَّ قَرَأَ {ألم يعلمُوا أَن الله هُوَ يقبل التَّوْبَة عَن عباده وَيَأْخُذ الصَّدقَات}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {وَيَأْخُذ الصَّدقَات} قَالَ: إِن الله هُوَ يقبل الصَّدَقَة إِذا كَانَت من طيب ويأخذها بِيَمِينِهِ وَإِن الرجل ليصدق بِمثل اللُّقْمَة فيربيها بِهِ كَمَا يُربي أحدكُم فَصِيله أَو مهره فتربوا فِي كف الله حَتَّى تكون مثل أحد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من عبد يتَصَدَّق بِصَدقَة طيبَة من كسب طيب - وَلَا يقبل الله إِلَّا طيبا وَلَا يصعد إِلَى السَّمَاء إِلَّا طيب - فَيَضَعهَا فِي حق إِلَّا كَانَت كَأَنَّمَا يَضَعهَا فِي يَد الرَّحْمَن فيربيها لَهُ كَمَا يُربي أحدكُم فلوه أَو فَصِيله حَتَّى أَن اللُّقْمَة أَو التمرة لتأتي يَوْم الْقِيَامَة مثل الْجَبَل الْعَظِيم وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله الْعَظِيم {ألم يعلمُوا أَن الله هُوَ يقبل التَّوْبَة عَن عباده وَيَأْخُذ الصَّدقَات} وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدقوا فَإِن أحدكُم يُعْطي اللُّقْمَة أَو الشَّيْء فَتَقَع فِي يَد الله عز وَجل قبل أَن تقع فِي يَد السَّائِل ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {ألم يعلمُوا أَن الله هُوَ يقبل التَّوْبَة عَن عباده وَيَأْخُذ الصَّدقَات} فيربيها كَمَا يُربي أحدكُم مهره أَو فَصِيله فيوفيها إِيَّاه يَوْم الْقِيَامَة الْآيَة 105

105

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقل اعْمَلُوا فسيرى الله عَمَلكُمْ وَرَسُوله} قَالَ: هَذَا وَعِيد من الله عز وَجل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {فسيرى الله عَمَلكُمْ وَرَسُوله والمؤمنون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: مرَّ بِجنَازَة فَأثْنى عَلَيْهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَبت ثمَّ مر بِجنَازَة أُخْرَى فَأثْنى عَلَيْهَا فَقَالَ: وَجَبت فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ: إِن الْمَلَائِكَة شُهَدَاء الله فِي السَّمَاء وَأَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض فَمَا شهدتم عَلَيْهِ من شَيْء وَجب وَذَلِكَ قَول الله {وَقل اعْمَلُوا فسيرى الله عَمَلكُمْ وَرَسُوله والمؤمنون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: مَا احتقرت أَعمال أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نجم الْقُرَّاء الَّذين طعنوا على عُثْمَان فَقَالُوا قولا لَا نحسن مثله وقرأوا قِرَاءَة لَا نَقْرَأ مثلهَا وصلوا صَلَاة لَا نصلي مثلهَا فَلَمَّا تذكرت إِذن وَالله مَا يقاربون عمل أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا أعْجبك حسن قَول إمرئ مِنْهُم {وَقل اعْمَلُوا فسيرى الله عَمَلكُمْ وَرَسُوله والمؤمنون} وَلَا يستخفنك أحد وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الإِخلاص والضياء فِي المختارة عَن أبيّ سعيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو أَن أحدكُم يعْمل فِي صَخْرَة صماء لَيْسَ لَهَا بَاب وَلَا كوَّة لأخرج الله عمله للنَّاس كَائِنا مَا كَانَ وَالله أعلم

الْآيَة 106

106

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَآخَرُونَ مرجون لأمر الله} قَالَ: هم الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَآخَرُونَ مرجون} قَالَ: هِلَال بن أُميَّة ومرارة بن الرّبيع وَكَعب بن مَالك من الْأَوْس والخزرج وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب أَن أَبَا لبَابَة أَشَارَ إِلَى بني قُرَيْظَة باصبعه أَنه الذّبْح فَقَالَ: خُنْت الله وَرَسُوله فَنزلت (لَا تخونوا الله وَالرَّسُول) (الْأَنْفَال الْآيَة 27) وَنزلت {وَآخَرُونَ مرجون لأمر الله} فَكَانَ مِمَّن تَابَ الله عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {إِمَّا يعذبهم} يَقُول: يميتهم على مَعْصِيّة {وَإِمَّا يَتُوب عَلَيْهِم} فأرجأ أَمرهم ثمَّ نسخهَا فَقَالَ (وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا) (التَّوْبَة الْآيَة 118) الْآيَة 107

107

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا} قَالَ: هم أنَاس من الْأَنْصَار ابْتَنَوْا مَسْجِدا فَقَالَ لَهُم أَبُو عَامر: ابْنُوا مَسْجِدكُمْ وَاسْتَمَدُّوا بِمَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَسلَاح فَإِنِّي ذَاهِب إِلَى قَيْصر ملك الرّوم فَآتي بجنده من الرّوم فَأخْرج مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فَلَمَّا فرغوا من مَسْجِدهمْ أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: قد فَرغْنَا من بِنَاء مَسْجِدنَا فَنحب أَن تصلي فِيهِ وَتَدْعُو بِالْبركَةِ فَأنْزل الله {لَا تقم فِيهِ أبدا}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسْجِد قبَاء خرج رجال من الْأَنْصَار مِنْهُم يخدج جد عبد الله بن حنيف ووديعة بن حزَام وَمجمع بن جَارِيَة الْأنْصَارِيّ فبنوا مَسْجِد النِّفَاق فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليخدج وَيلك يَا يخدج مَا أردْت إِلَى مَا أرى قَالَ: يَا رَسُول الله وَالله مَا أردْت إِلَّا الْحسنى - وَهُوَ كَاذِب - فَصدقهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَرَادَ أَن يعذرهُ فَأنْزل الله {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا وَكفرا وَتَفْرِيقًا بَين الْمُؤمنِينَ وَإِرْصَادًا لمن حَارب الله وَرَسُوله} يَعْنِي رجلا يُقَال لَهُ أَبُو عَامر كَانَ مُحَاربًا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ قد انْطلق إِلَى هِرقل وَكَانُوا يرصدون إِذا قدم أَبُو عَامر أَن يُصَلِّي فِيهِ وَكَانَ قد خرج من الْمَدِينَة مُحَاربًا لله وَلِرَسُولِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ ذكر أَن بني عَمْرو بن عَوْف ابْتَنَوْا مَسْجِدا فبعثوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْتِيهم فَيصَلي فِي مَسْجِدهمْ فَأَتَاهُم فصلى فِيهِ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك اخوتهم بَنو غنم بن عَوْف حسدوهم فَقَالُوا: نَبْنِي نَحن أَيْضا مَسْجِدا كَمَا بنى اخواننا فنرسل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيصَلي فِيهِ وَلَعَلَّ أَبَا عَامر أَن يمر بِنَا فَيصَلي فِيهِ فبنوا مَسْجِدا فأرسلوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْتِيهم فَيصَلي فِي مَسْجِدهمْ كَمَا صلى فِي مَسْجِد اخوتهم فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُول قَامَ ليأتيهم أَو همَّ ليأتيهم فَأنْزل الله {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا} إِلَى قَوْله {لَا يزَال بنيانهم الَّذِي بنوا رِيبَة فِي قُلُوبهم} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا} قَالَ: المُنَافِقُونَ وَفِي قَوْله {وَإِرْصَادًا لمن حَارب الله وَرَسُوله} قَالَ: لأبي عَامر الراهب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا} قَالَ: إِن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بنى مَسْجِدا بقباء فعارضه المُنَافِقُونَ بآخر ثمَّ بعثوا إِلَيْهِ ليُصَلِّي فِيهِ فَأطلع الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَالك بن الدخشم فَقَالَ: مَالك لعاصم انظرني حَتَّى أخرج إِلَيْك بِنَار من أَهلِي فَدخل على أَهله فَأخذ سعفات من نَار ثمَّ خَرجُوا يَشْتَدُّونَ حَتَّى دخلُوا الْمَسْجِد وَفِيه أَهله فحرقوه وهدموه وَخرج أَهله فَتَفَرَّقُوا عَنهُ فَأنْزل الله فِي شَأْن الْمَسْجِد {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا وَكفرا} إِلَى قَوْله {عليم حَكِيم}

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي رهم كُلْثُوم بن الْحصين الْغِفَارِيّ - وَكَانَ من الصَّحَابَة الَّذين بَايعُوا تَحت الشَّجَرَة - قَالَ أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزل بِذِي أَوَان بَينه وَبَين الْمَدِينَة سَاعَة من نَهَار وَكَانَ بنى مَسْجِد الضرار فَأتوهُ وَهُوَ يتجهز إِلَى تَبُوك فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا بنينَا مَسْجِدا لذِي الْعلَّة وَالْحَاجة وَاللَّيْلَة الشَّاتِيَة وَاللَّيْلَة الْمَطِيرَة وَإِنَّا نحب أَن تَأْتِينَا فَتُصَلِّي لنا فِيهِ قَالَ: إِنِّي على جنَاح سفر وَلَو قدمنَا إِن شَاءَ الله أَتَيْنَاكُم فصلينا لكم فِيهِ فَلَمَّا نزل بِذِي أَوَان أَتَاهُ خبر الْمَسْجِد فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَالك بن الدخشم أَخا بني سَالم بن عَوْف ومعن بن عدي وأخاه عَاصِم بن عدي أحد بلعجلان فَقَالَ: انْطَلقَا إِلَى هَذَا الْمَسْجِد الظَّالِم أَهله فَاهْدِمَاهُ واحرقاه فَخَرَجَا سريعين حَتَّى أَتَيَا بني سَالم بن عَوْف وهم هط مَالك بن الدخشم فَقَالَ مَالك لِمَعْنٍ: أَنْظرنِي حَتَّى أخرج إِلَيْك فَدخل إِلَى أَهله فَأخذ سَعَفًا من النّخل فاشعل فِيهِ نَارا ثمَّ خرج يَشْتَدَّانِ وَفِيه أَهله فَحَرقَاهُ وَهَدَمَاهُ وَتَفَرَّقُوا عَنهُ وَفِيهِمْ نزل من الْقُرْآن مَا نزل {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا وَكفرا} إِلَى أخر الْقِصَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا} قَالَ: هم نَاس من الْأَنْصَار ابْتَنَوْا مَسْجِدا قَرِيبا من مَسْجِد قبَاء بلغنَا أَنه أول مَسْجِد بُنيَ فِي الإِسلام وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن اسحق قَالَ: كَانَ الَّذين بنوا مَسْجِد الضرار اثْنَي عشر رجلا جذام بن خَالِد بن عبيد بن زيد وثعلبة بن حَاطِب وهزال بن أُميَّة ومعتب بن قُشَيْر وَأَبُو حَبِيبَة بن الأزعر وَعباد بن حنيف وَجَارِيَة بن عَامر وَأَبْنَاء محمع وَزيد ونبتل بن الْحَارِث ويخدج بن عُثْمَان ووديعة بن ثَابت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَالَّذين اتَّخذُوا مَسْجِدا ضِرَارًا} قَالَ: ضاروا أهل قبَاء {وَتَفْرِيقًا بَين الْمُؤمنِينَ} قَالَ: فَإِن أهل قبَاء كَانُوا يصلونَ فِي مَسْجِد قبَاء كلهم فَلَمَّا بني ذَلِك أقصر من مَسْجِد قبَاء من كَانَ يحضرهُ وصلوا فِيهِ {وَلَيَحْلِفُنَّ إِن أردنَا إِلَّا الْحسنى} فَحَلَفُوا مَا أرداوا بِهِ إِلَّا الْخَيْر أما قَوْله تَعَالَى: {لمَسْجِد أسس على التَّقْوَى من أول يَوْم أَحَق أَن تقوم فِيهِ} أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن

الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: اخْتلف رجلَانِ رجل من بني خدرة وَفِي لفظ: تماريت أَنا وَرجل من بني عَمْرو بن عَوْف فِي الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى فَقَالَ الْخُدْرِيّ: هُوَ مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ الْعمريّ: هُوَ مَسْجِد قبَاء فَأتيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَاهُ عَن ذَلِك فَقَالَ هُوَ هَذَا الْمَسْجِد لمَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: فِي ذَلِك خير كثير يَعْنِي مَسْجِد قبَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالزُّبَيْر بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ: اخْتلف رجلَانِ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى فَقَالَ أَحدهمَا: هُوَ مَسْجِد الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ الآخر: هُوَ مَسْجِد قبَاء فَأتيَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَاهُ فَقَالَ هُوَ مَسْجِدي هَذَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب والضياء فِي المختارة عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى فَقَالَ هُوَ مَسْجِدي هَذَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن زيد بن ثَابت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى فَقَالَ هُوَ مَسْجِدي هَذَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عُرْوَة عَن زيد بن ثَابت قَالَ: الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى من أول يَوْم مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عُرْوَة: مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير مِنْهُ إِنَّمَا أنزلت فِي مَسْجِد قبَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الزبير بن بكار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عُثْمَان بن عبيد الله عَن ابْن عمر وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَزيد بن ثَابت قَالُوا: الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى مَسْجِد الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى مَسْجِد الْمَدِينَة الْأَعْظَم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لمَسْجِد أسس على التَّقْوَى} يَعْنِي مَسْجِد قبَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {لمَسْجِد أسس على التَّقْوَى} قَالَ: هُوَ مَسْجِد قبَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن أسيد بن ظهيرة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صَلَاة فِي مسجدة قبَاء كعمرة قَالَ التِّرْمِذِيّ: لَا نَعْرِف لأسيد بن ظهيرة شَيْء يَصح غير هَذَا الحَدِيث وَأخرج ابْن سعد عَن ظهير بن رَافع الْحَارِثِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من صلى فِي قبَاء يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس انْقَلب بِأُجْرَة عمْرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر الِاخْتِلَاف إِلَى قبَاء رَاكِبًا وماشياً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن سهل بن حنيف قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خرج حَتَّى يَأْتِي هَذَا الْمَسْجِد - مَسْجِد قبَاء - فَيصَلي فِيهِ كَانَ كَعدْل عمره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه كَانَ يرى كل مَسْجِد بني بِالْمَدِينَةِ أسس على التَّقْوَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمار الذَّهَبِيّ قَالَ: دخلت مَسْجِد قبَاء أُصَلِّي فِيهِ فأبصرني أَبُو سَلمَة فَقَالَ: أَحْبَبْت أَن تصلي فِي مَسْجِد أسس على التَّقْوَى من أول يَوْم فَأَخْبرنِي أَن مَا بَين الصومعة إِلَى الْقبْلَة زِيَادَة زَادهَا عُثْمَان الْآيَة 108

108

أخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل قبَاء {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} قَالَ: كَانُوا يستنجون بِالْمَاءِ فَنزلت فيهم هَذِه الْآيَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أنزلت هَذِه الْآيَة {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عويم بن سَاعِدَة قَالَ مَا هَذَا الطّهُور الَّذِي اثنى الله عَلَيْكُم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله مَا خرج منا رجل وَلَا امْرَأَة من الْغَائِط إِلَّا غسل فرجه أَو قَالَ: مقعدته فَقَالَ النَّبِي: هُوَ هَذَا وَأخرج أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عويم بن سَاعِدَة الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُم فِي مَسْجِد قبَاء فَقَالَ: إِن الله قد أحسن عَلَيْكُم الثَّنَاء فِي الطّهُور فِي قصَّة مَسْجِدكُمْ فَمَا هَذَا الطّهُور الَّذِي تطهرون بِهِ قَالُوا: وَالله يَا رَسُول الله مَا نعلم شَيْئا إِلَّا أَنه كَانَ لنا جيران من الْيَهُود فَكَانُوا يغسلون أدبارهم من الْغَائِط فغسلنا كَمَا غسلوا وَأخرج ابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْجَارُود فِي الْمُنْتَقى وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن طَلْحَة بن نَافِع قَالَ: حَدثنِي أَبُو أَيُّوب وَجَابِر بن عبد الله وَأنس بن مَالك رَضِي الله عَنْهُم إِن هَذِه الْآيَة لما نزلت {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معشر الْأَنْصَار إِن الله قد أثنى عَلَيْكُم خيرا فِي الطّهُور فَمَا طهوركم هَذَا قَالُوا: نَتَوَضَّأ للصَّلَاة ونغتسل من الْجَنَابَة قَالَ: فَهَل مَعَ ذَلِك غَيره قَالُوا: لَا غير أَن أَحَدنَا إِذا خرج إِلَى الْغَائِط أحب أَن يستنجي بِالْمَاءِ قَالَ: هُوَ ذَاك فعليكموه وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مجمع بن يَعْقُوب بن مجمع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعويم بن سَاعِدَة: مَا هَذَا الطّهُور الَّذِي اثنى الله عَلَيْكُم فَقَالُوا: نغسل الأدبار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن سَلام عَن أَبِيه قَالَ: لما أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد الَّذِي أسس على التَّقْوَى فَقَالَ إِن الله قد أثنى عَلَيْكُم فِي الطّهُور خيرا أَفلا تخبروني يَعْنِي قَوْله {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَالله يحب المطهرين}

فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا لنجد مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاة الِاسْتِنْجَاء بِالْمَاءِ وَنحن نفعله الْيَوْم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأهل قبَاء مَا هَذَا الثَّنَاء الَّذِي أثنى الله عَلَيْكُم قَالُوا: مَا منا أحد إِلَّا وَهُوَ يستنجي بِالْمَاءِ من الْخَلَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَعْفَر عَن أَبِيه أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي أهل قبَاء {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَالله يحب المطهرين} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأهل قبَاء مَا هَذَا الطّهُور الَّذِي خصصتم بِهِ فِي هَذِه الْآيَة {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا منا أحد يخرج من الْغَائِط إِلَّا غسل مقعدته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل قَالَ سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل قبَاء فَقَالَ: إِن الله قد أثنى عَلَيْكُم فَقَالُوا: إِنَّا نستنجي بِالْمَاءِ فَقَالَ: إِنَّكُم قد أثنى عَلَيْكُم فدوموا وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: أحدث قوم الْوضُوء بِالْمَاءِ من أهل قبَاء فأنزلت فيهم {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَالله يحب المطهرين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن خُزَيْمَة بن ثَابت قَالَ: كَانَ رجال منا إِذا خَرجُوا من الْغَائِط يغسلون أثر الْغَائِط فَنزلت فيهم هَذِه الْآيَة {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله من هَؤُلَاءِ الَّذِي قَالَ الله فيهم {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَالله يحب المطهرين} قَالَ: كَانُوا يستنجون بِالْمَاءِ وَكَانُوا لَا ينامون اللَّيْل كُله وهم على الْجَنَابَة وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عُرْوَة بن الزبير أَن عويم بن سَاعِدَة قَالَ: يَا رَسُول الله من الَّذين قَالَ الله فيهم {رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَالله يحب المطهرين} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم الْقَوْم مِنْهُم عويم بن سَاعِدَة وَلم يبلغنَا أَنه سمى رجلا غير عويم

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنفر من الْأَنْصَار إِن الله قد أثنى عَلَيْكُم فِي الطّهُور فَمَا طهوركم قَالُوا: نستنجي بِالْمَاءِ من الْبَوْل وَالْغَائِط: وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر فِي هَذِه الْآيَة {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} الْآيَة قَالَ سَأَلَهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن طهورهم الَّذِي أثنى الله بِهِ عَلَيْهِم قَالُوا: كُنَّا نستنجي بِالْمَاءِ فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا جَاءَ الله بالإِسلام لم ندعه قَالَ: فَلَا تَدعُوهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق يَعْقُوب بن مجمع عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن مجمع بن جَارِيَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي أهل قبَاء {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} وَكَانُوا يغسلون أدبارهم بِالْمَاءِ وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق مُوسَى بن يَعْقُوب عَن السّري بن عبد الرَّحْمَن عَن عباد بن حَمْزَة أَنه سمع جَابر بن عبد الله يخبر: أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول نعم العَبْد من عباد الله وَالرجل من أهل الْجنَّة عويم بن سَاعِدَة قَالَ مُوسَى: وَبَلغنِي أَنه لما نزلت {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَالله يحب المطهرين} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مِنْهُم عويم أول من غسل مقعدته بِالْمَاءِ فِيمَا بَلغنِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يدْخل الْخَلَاء إِلَّا تَوَضَّأ أَو مس مَاء وَأخرج عمر بن شبة فِي أَخْبَار الْمَدِينَة من طَرِيق الْوَلِيد بن سندر الْأَسْلَمِيّ عَن يحيى بن سهل الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي أهل قبَاء كَانُوا يغسلون أدبارهم من الْغَائِط {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لبَعض الْأَنْصَار: مَا هَذَا الطّهُور الَّذِي أثنى الله عَلَيْكُم {فِيهِ رجال يحبونَ أَن يَتَطَهَّرُوا} قَالُوا: نستطيب بِالْمَاءِ إِذا جِئْنَا من الْغَائِط الْآيَة 109

109

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {أَفَمَن أسس بُنْيَانه على تقوى من الله ورضوان خير} قَالَ: هَذَا مَسْجِد قبَاء {أم من أسس بُنْيَانه على شفا جرف هار} قَالَ: هَذَا مَسْجِد الضرار وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك قَالَ: مَسْجِد الرضْوَان أول مَسْجِد بني فِي الْمَدِينَة فِي الإِسلام وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد الَّذِي أسسه على التَّقْوَى كَانَ كلما رفع لبنة قَالَ اللهمَّ إِن الْخَيْر خير الْآخِرَة ثمَّ يناولها أَخَاهُ فَيَقُول مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى تَنْتَهِي اللبنة منتهاه ثمَّ يرفع الْأُخْرَى فَيَقُول: اللهمَّ اغْفِر للْأَنْصَار والمهاجرة ثمَّ يناولها أَخَاهُ فَيَقُول مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى تَنْتَهِي اللبنة مُنْتَهَاهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أم من أسس بُنْيَانه على شفا جرف هار فانهار بِهِ فِي نَار جَهَنَّم}

قَالَ: بنى قَوَاعِده فِي نَار جَهَنَّم وَأخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لقد رَأَيْت الدُّخان يخرج من مَسْجِد الضرار حَيْثُ انهار على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فانهار بِهِ فِي نَار جَهَنَّم} قَالَ: وَالله مَا تناهى أَن وَقع فِي النَّار ذكر لنا أَنه حفرت فِيهِ بقْعَة فرؤي مِنْهَا الدُّخان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فانهار بِهِ فِي نَار جَهَنَّم} قَالَ: مَسْجِد الْمُنَافِقين انهار فَلم يتناه دون أَن وَقع فِي النَّار وَلَقَد ذكر لنا: إِن رجَالًا حفروا فِيهِ فَرَأَوْا الدُّخان يخرج مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فانهار بِهِ فِي نَار جَهَنَّم} قَالَ: فَمضى حِين خسف بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَنه لَا يزَال مِنْهُ دُخان يفور لقَوْله {فانهار بِهِ فِي نَار جَهَنَّم} وَيُقَال: إِنَّه بقْعَة فِي نَار جَهَنَّم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود فانهار بِهِ قَوَاعِده فِي نارجهنم يَقُول: خر من قَوَاعِده فِي نَار جَهَنَّم الْآيَة 110

110

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا يزَال بنيانهم الَّذِي بنوا رِيبَة فِي قُلُوبهم} قَالَ: يَعْنِي الشَّك {إِلَّا أَن تقطع قُلُوبهم} يَعْنِي الْمَوْت وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: قلت لإِبراهيم: أَرَأَيْت قَول الله {لَا يزَال بنيانهم الَّذِي بنوا رِيبَة فِي قُلُوبهم} قَالَ: الشَّك قلت: لَا قَالَ: فَمَا تَقول أَنْت قلت: الْقَوْم بنوا مَسْجِدا ضِرَارًا وهم كفَّارًا حِين بنوا فَلَمَّا دخلُوا فِي الإِسلام جعلُوا لَا يزالون يذكرُونَ فَيَقَع فِي قُلُوبهم مشقة من ذَلِك فتراجعوا لَهُ فَقَالُوا: يَا ليتنا لم نَكُنْ فعلنَا وَكلما ذَكرُوهُ وَقع من ذَلِك فِي قُلُوبهم مشقة وندموا فَقَالَ إِبْرَاهِيم: اسْتغْفر الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن حبيب بن أبي ثَابت فِي قَوْله {رِيبَة فِي قُلُوبهم} قَالَ: غيظاً فِي قُلُوبهم {إِلَّا أَن تقطع قُلُوبهم} قَالَ: إِلَى أَن يموتوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِلَّا أَن تقطع} قَالَ: الْمَوْت أَن يموتوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أَيُّوب قَالَ: كَانَ عِكْرِمَة يَقْرَأها لَا أَن تقطع قُلُوبهم فِي الْقَبْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله {إِلَّا أَن تقطع قُلُوبهم} قَالَ: إِلَّا أَن يتوبوا وَكَانَ أَصْحَاب عبد الله يقرؤونها رِيبَة فِي قُلُوبهم وَلَو تقطعت قُلُوبهم الْآيَة 111

111

أخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ وَغَيره قَالُوا: قَالَ عبد الله بن رَوَاحَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اشْترط لِرَبِّك وَلِنَفْسِك مَا شِئْت قَالَ: أشْتَرط لرَبي أَن تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَأَشْتَرِط لنَفْسي أَن تَمْنَعُونِي مِمَّا تمْنَعُونَ مِنْهُ أَنفسكُم وَأَمْوَالكُمْ قَالُوا فَإِذا فعلنَا ذَلِك فَمَا لنا قَالَ: الْجنَّة قَالَ: ربح البيع لَا نقِيل وَلَا نَسْتَقِيل فَنزلت {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي الْمَسْجِد {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم} الْآيَة فَكبر النَّاس فِي الْمَسْجِد فَأقبل رجل من الْأَنْصَار ثَانِيًا طرفِي رِدَائه على عَاتِقه فَقَالَ: يَا رَسُول الله أنزلت هَذِه الْآيَة قَالَ: نعم فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: بيع ربيح لَا نقبل وَلَا نَسْتَقِيل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سل سَيْفه فِي سَبِيل الله فقد بَايع الله وَأخرج ابْن سعد عَن عباد بن الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت أَن أسعد بن زُرَارَة أَخذ بيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْعقبَة فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس هَل تَدْرُونَ علام تُبَايِعُونَ مُحَمَّدًا إِنَّكُم تبايعونه على أَن تَحَارَبُوا الْعَرَب والعجم وَالْجِنّ والإِنس كَافَّة فَقَالُوا: نَحن حَرْب لمن حَارب وَسلم لمن سَالم فَقَالَ أسعد بن زُرَارَة: يَا رَسُول الله اشْترط عليَّ فَقَالَ: تُبَايِعُونِي على أَن تشهدوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتقيموا الصَّلَاة وتؤتوا الزَّكَاة والسمع وَالطَّاعَة وَلَا تنازعوا الْأَمر أَهله وتمنعوني مِمَّا تمْنَعُونَ مِنْهُ أَنفسكُم وأهليكم قَالُوا: نعم قَالَ قَائِل الْأَنْصَار: نعم هَذَا لَك يَا رَسُول الله فَمَا لنا قَالَ: الْجنَّة والنصر وَأخرج ابْن سعد عَن الشّعبِيّ قَالَ: انْطلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْعَبَّاسِ بن عبد الْمطلب - وَكَانَ ذَا رَأْي - إِلَى السّبْعين من الْأَنْصَار عِنْد الْعقبَة فَقَالَ الْعَبَّاس: ليَتَكَلَّم متكلمكم وَلَا يطلّ الْخطْبَة فَإِن عَلَيْكُم للْمُشْرِكين عينا وَإِن يعلمُوا بكم يفضحوكم فَقَالَ قَائِلهمْ وَهُوَ أَبُو أُمَامَة أسعد: يَا مُحَمَّد سل لِرَبِّك مَا شِئْت ثمَّ سل لنَفسك وَأَصْحَابك مَا شِئْت ثمَّ أخبرنَا مَا لنا من الثَّوَاب على الله وَعَلَيْكُم إِذا فعلنَا ذَلِك فَقَالَ أَسأَلكُم لرَبي أَن تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وأسألكم لنَفْسي وأصحابي أَن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مِمَّا تمْنَعُونَ مِنْهُ أَنفسكُم قَالَ: فَمَا لنا إِذا فعلنَا

ذَلِك قَالَ: الْجنَّة فَكَانَ الشّعبِيّ إِذا حدث هَذَا الحَدِيث قَالَ: مَا سمع الشيب والشبان بِخطْبَة أقصر وَلَا أبلغ مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ} قَالَ: أنفس هُوَ خلقهَا وأموال هُوَ رزقها وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ بِأَن لَهُم الْجنَّة} قَالَ: ثامنهم - وَالله - وَأَعْلَى لَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: مَا على ظهر الأَرْض مُؤمن إِلَّا قد دخل هَذِه الْبيعَة وَفِي لفظ: اسْعوا إِلَى بيعَة بَايع الله بهَا كل مُؤمن {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَيَّاش بن عتبَة الْحَضْرَمِيّ عَن إِسْحَق بن عبد الله الْمدنِي قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ} دخل على رَسُول الله رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ: يَا رَسُول الله نزلت هَذِه الْآيَة فَقَالَ: نعم فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: بيع رابح لَا نقِيل وَلَا نَسْتَقِيل قَالَ عَيَّاش: وحَدثني اسحق أَن الْمُسلمين كلهم قد دخلُوا فِي هَذِه الْآيَة من كَانَ مِنْهُم إِذا احْتِيجَ إِلَيْهِ نفع وأغار وَمن كَانَ مِنْهُم لَا يُغير إِذا احْتِيجَ إِلَيْهِ فقد خرج من هَذِه الْبيعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ بِأَن لَهُم الْجنَّة يُقَاتلُون} يَعْنِي يُقَاتلُون الْمُشْركين {فِي سَبِيل الله} يَعْنِي فِي طَاعَة الله {فيقتلون} الْعَدو {وَيقْتلُونَ} يَعْنِي الْمُؤمنِينَ {وَعدا عَلَيْهِ حَقًا} يَعْنِي ينجز مَا وعدهم من الْجنَّة {فِي التَّوْرَاة والإِنجيل وَالْقُرْآن وَمن أوفى بعهده من الله} فَلَيْسَ أحد أوفى بعهده من الله {فاستبشروا ببيعكم الَّذِي بايعتم بِهِ} الرب تبَارك بإقراركم بالعهد الَّذِي ذكره فِي هَذِه الْآيَة {وَذَلِكَ} الَّذِي ذكر من الثَّوَاب فِي الْجنَّة للْقَاتِل والمقتول {هُوَ الْفَوْز الْعَظِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ بِأَن لَهُم الْجنَّة} قَالَ: ثامنهم - وَالله - فأعلى لَهُم الثّمن {وَعدا عَلَيْهِ حَقًا فِي التَّوْرَاة والإِنجيل وَالْقُرْآن} قَالَ: وعدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل أَنه من قتل فِي سَبِيل الله أدخلهُ الْجنَّة

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن شمر بن عَطِيَّة قَالَ: مَا من مُسلم إِلَّا وَللَّه تَعَالَى فِي عُنُقه بيعَة وفّى بهَا أَو مَاتَ عَلَيْهَا {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله رَضِي الله إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ بِالْجنَّةِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الله اشْترى} الْآيَة قَالَ: نسخهَا (لَيْسَ على الضُّعَفَاء) (التَّوْبَة الْآيَة 91) الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى رَضِي الله عَنهُ: وَجَبت نصْرَة الْمُسلمين على كل مُسلم لدُخُوله فِي الْبيعَة الَّتِي اشْترى الله بهَا من الْمُؤمنِينَ أنفسهم الْآيَة 112

112

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من مَاتَ على هَذِه التسع فَهُوَ فِي سَبِيل الله {التائبون العابدون} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الشَّهِيد من كَانَ فِيهِ التسع خِصَال {التائبون العابدون} إِلَى قَوْله {وَبشر الْمُؤمنِينَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {التائبون} قَالَ: تَابُوا من الشّرك وبرئوا من النِّفَاق وَفِي قَوْله {العابدون} قَالَ: عبدُوا الله فِي أحايينهم كلهَا أما وَالله مَا هُوَ بِشَهْر وَلَا شَهْرَيْن وَلَا سنة وَلَا سنتَيْن وَلَكِن كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح (وأوصاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة مَا دمت حَيا) (مَرْيَم الْآيَة 31) وَفِي قَوْله {الحامدون} قَالَ: يحْمَدُونَ الله على كل حَال فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَفِي قَوْله {الراكعون الساجدون} قَالَ: فِي الصَّلَوَات المفروضات وَفِي قَوْله {الآمرون بِالْمَعْرُوفِ والناهون عَن الْمُنكر} قَالَ: لم يأمروا بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى ائْتَمرُوا

بِهِ وَلم ينهوا النَّاس عَن الْمُنكر حَتَّى انْتَهوا عَنهُ وَفِي قَوْله {والحافظون لحدود الله} قَالَ: القائمون بِأَمْر الله عز وَجل {وَبشر الْمُؤمنِينَ} قَالَ: الَّذين لم يغزوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {التائبون} قَالَ: من الشّرك والذنُوب {العابدون} قَالَ: العابدون لله عزّ وجلّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {التائبون} قَالَ: الَّذين تَابُوا من الشّرك وَلم ينافقوا فِي الإِسلام {العابدون} قَالَ: قوم أخذُوا من أبدانهم فِي ليلهم ونهارهم {الحامدون} قَالَ: قوم يحْمَدُونَ الله على كل حَال {السائحون} قَالَ: قوم أخذُوا من أبدانهم صوما لله عز وَجل {والحافظون لحدود الله} قَالَ: لفرائضه من حَلَاله وَحَرَامه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {العابدون} قَالَ: الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول من يدعى إِلَى الْجنَّة الْحَمَّادُونَ الَّذين يحْمَدُونَ الله على السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: إِن أول من يدعى إِلَى الْجنَّة الَّذين يحْمَدُونَ الله على كل حَال أَو قَالَ: فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَاهُ الْأَمر يسره قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات وَإِذا أَتَاهُ الْأَمر يكرههُ قَالَ: الْحَمد لله على كل حَال وَأخرج ابْن جرير عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السائحين قَالَ هم الصائمون

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كلما ذكر الله فِي الْقُرْآن السياحة هم الصائمون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ {السائحون} الصائمون وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة قَالَت: سياحة هَذِه الْأمة الصّيام وَأخرج الْفرْيَابِيّ ومسدد فِي مُسْنده وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق عبيد بن عُمَيْر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السائحين فَقَالَ هم الصائمون وأ رج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار من طَرِيق أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السائحون: هم الصائمون وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السائحين فَقَالَ: الصائمون وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ {السائحون} الصائمون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {السائحون} قَالَ: هم الصائمون وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الْحسن مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمر والعبدي قَالَ {السائحون} الصائمون الَّذين يديمون الصّيام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: إِنَّمَا سمي الصَّائِم السائح لِأَنَّهُ تَارِك للذات الدُّنْيَا كلهَا من الْمطعم وَالْمشْرَب والمنكح فَهُوَ تَارِك للدنيا بِمَنْزِلَة السائح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي فَاخِتَة مولى جعدة بن هُبَيْرَة أَن عُثْمَان بن مَظْعُون أَرَادَ أَن ينظر أيستطيع السياحة قَالَ: كَانُوا يعدون السياحة قيام اللَّيْل وَصِيَام النَّهَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي أُمَامَة أَن رجلا اسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السياحة قَالَ إِن سياحة أمتِي الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {السائحون} قَالَ: هم الْمُهَاجِرُونَ لَيْسَ فِي أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سياحة إِلَّا الْهِجْرَة وَكَانَت سياحتهم الْهِجْرَة حِين هَاجرُوا إِلَى الْمَدِينَة لَيْسَ فِي أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترهب وَأخرج ابْن جرير عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كَانَت السياحة فِي بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {السائحون} قَالَ: طلبة الْعلم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس الآمرون بِالْمَعْرُوفِ قَالَ: بِلَا إِلَه إِلَّا الله {والناهون عَن الْمُنكر} قَالَ: الشّرك بِاللَّه {وَبشر الْمُؤمنِينَ} قَالَ: الَّذين لم يغزوا

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {والحافظون لحدود الله} قَالَ: لفرائض الله الَّتِي افْترض نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُؤمنِينَ الَّذين لم يغزوا وَالْآيَة الَّتِي قبلهَا فِيمَن غزا {وَبشر الْمُؤمنِينَ} قَالَ: الغازين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: هَذِه قَالَ فِيهَا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قضى على نَفسه فِي التَّوْرَاة والإِنجيل وَالْقُرْآن لهَذِهِ الْأمة أَنه من قتل مِنْهُم على هَذِه الْأَعْمَال كَانَ عِنْد الله شَهِيدا وَمن مَاتَ مِنْهُم عَلَيْهَا فقد وَجب أجره على الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: الشَّهِيد من لَو مَاتَ على فرَاشه دخل الْجنَّة قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس: من مَاتَ وَفِيه تسع فَهُوَ شَهِيد {التائبون العابدون} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ بِأَن لَهُم الْجنَّة} يَعْنِي بِالْجنَّةِ ثمَّ قَالَ: {التائبون} إِلَى قَوْله {والحافظون لحدود الله} يَعْنِي القائمون على طَاعَة الله وَهُوَ شَرط اشْتَرَطَهُ الله على أهل الْجِهَاد إِذا وفوا الله بِشَرْطِهِ وفى لَهُم بشرطهم الْآيَات 113 - 114

113

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سعيد بن الْمسيب عَن أَبِيه قَالَ: لما حضرت أَبَا طَالب الْوَفَاة دخل عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده أَبُو جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي عَم قل لَا إِلَه إِلَّا الله أُحَاج لَك بهَا عِنْد الله فَقَالَ أَبُو جهل وَعبد الله بن أبي أُميَّة: يَا أَبَا طَالب أترغب عَن مِلَّة عبد الْمطلب وَجعل النَّبِي يعرضهَا عَلَيْهِ وَأَبُو جهل وَعبد الله يعاونانه بِتِلْكَ الْمقَالة

فَقَالَ أَبُو طَالب آخر مَا كَلمهمْ: هُوَ على مِلَّة عبد الْمطلب وأبى أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لأَسْتَغْفِرَن لَك مَا لم أَنه عَنْك فَنزلت {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} الْآيَة وَأنزل الله فِي أبي طَالب فَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء) (الْقَصَص الْآيَة 56) وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والضياء فِي المختارة عَن عَليّ قَالَ: سَمِعت رجلا يسْتَغْفر لِأَبَوَيْهِ وهما مُشْرِكَانِ فَقلت: تستغفر لِأَبَوَيْك وهما مُشْرِكَانِ فَقَالَ: أَو لم يسْتَغْفر إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانُوا يَسْتَغْفِرُونَ لَهُم حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة فَلَمَّا نزلت امسكوا عَن الاسْتِغْفَار لأمواتهم وَلم ينهوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للأحياء حَتَّى يموتوا ثمَّ أنزل الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ} الْآيَة يَعْنِي اسْتغْفر لَهُ مَا كَانَ حَيا فَلَمَّا مَاتَ أمسك عَن الاسْتِغْفَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: لما مرض أَبُو طَالب أَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْمُسلمُونَ: هَذَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَغْفر لِعَمِّهِ وَقد اسْتغْفر إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ فاستغفروا لقراباتهم من الْمُشْركين فَأنْزل الله {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} ثمَّ أنزل الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إِلَّا عَن موعدة وعدها إِيَّاه} قَالَ: كَانَ يرجوه فِي حَيَاته {فَلَمَّا تبين لَهُ أَنه عدوّ لله تَبرأ مِنْهُ} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق شبْل عَن عَمْرو بن دِينَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اسْتغْفر إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرك فَلَا أَزَال اسْتغْفر لأبي طَالب حَتَّى ينهاني عَنهُ رَبِّي وَقَالَ أَصْحَابه: لنستغفرن لآبائنا كَمَا اسْتغْفر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِعَمِّهِ فَأنْزل الله {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} إِلَى قَوْله {تَبرأ مِنْهُ}

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: لما حضرت أَبَا طَالب الْوَفَاة أَتَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: أَي عَم إِنَّك أعظم عليَّ حَقًا من وَالِدي فَقل كلمة يجب لَك بهَا الشَّفَاعَة يَوْم الْقِيَامَة قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَذكر نَحْو مَا تقدم وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: يَا نَبِي الله إِن من آبَائِنَا من كَانَ يحسن الْجوَار ويصل الرَّحِم ويفك العاني ويوفي بالذمم أَفلا نَسْتَغْفِر لَهُم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله لأَسْتَغْفِرَن لأبي كَمَا اسْتغْفر إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ فَأنْزل الله {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} الْآيَة ثمَّ عذر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَقَالَ: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إِلَّا عَن موعدة وعدها إِيَّاه} إِلَى قَوْله {تَبرأ مِنْهُ} وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أوحى إليّ كَلِمَات قد دخلن فِي أُذُنِي ووقرن فِي قلبِي أمرت أَن لَا أسْتَغْفر لمن مَاتَ مُشْركًا وَمن أعْطى فضل مَاله فَهُوَ خير لَهُ وَمن أمسك فَهُوَ شَرّ لَهُ وَلَا يلوم الله على كفاف وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ قَالَ أخْبرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَوْت أبي طَالب فَبكى فَقَالَ: اذْهَبْ فَغسله وكفنه وواره غفر الله لَهُ ورحمه فَفعلت وَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَغْفر لَهُ أَيَّامًا وَلَا يخرج من بَيته حَتَّى نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَة {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عمر قَالَ: لما مَاتَ أَبُو طَالب قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَحِمك الله وَغفر لَك لَا أَزَال أسْتَغْفر لَك حَتَّى ينهاني الله فَأخذ الْمُسلمُونَ يَسْتَغْفِرُونَ لموتاهم الَّذين مَاتُوا وهم مشركون فَأنْزل الله {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} الْآيَة فَقَالُوا: قد اسْتغْفر إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ فَنزلت {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إِلَّا عَن موعدة وعدها إِيَّاه} الْآيَة قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ على كفره تبين لَهُ أَنه عَدو الله وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: لما مَاتَ أَبُو طَالب قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن إِبْرَاهِيم اسْتغْفر لِأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرك وَأَنا أسْتَغْفر لِعَمِّي حَتَّى أبلغ فَأنْزل الله {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين وَلَو كَانُوا أولي قربى} يَعْنِي بِهِ أَبَا طَالب فَاشْتَدَّ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الله لنَبيه {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إِلَّا عَن موعدة وعدها إِيَّاه}

يَعْنِي حِين قَالَ (سأستغفر لَك رَبِّي إِنَّه كَانَ بِي حفياً) (مَرْيَم الْآيَة 47) {فَلَمَّا تبين لَهُ أَنه عدوّ لله} يَعْنِي مَاتَ على الشّرك {تَبرأ مِنْهُ} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يسْتَغْفر لِأَبِيهِ فَنَهَاهُ الله عَن ذَلِك قَالَ فَإِن إِبْرَاهِيم قد اسْتغْفر لِأَبِيهِ فَنزلت {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ} الْآيَة قلت إِن هَذَا الْأَثر ضَعِيف مَعْلُول فَإِن عَطِيَّة ضَعِيف وَهُوَ مُخَالف لرِوَايَة عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس السَّابِقَة وَتلك أصح وعَلى ثِقَة جليل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أقبل من غَزْوَة تَبُوك اعْتَمر فَلَمَّا هَبَط من ثنية عسفان أَمر أَصْحَابه أَن يستندوا إِلَى الْعقبَة حَتَّى أرجع إِلَيْكُم فَذهب فَنزل على قبر أمه آمِنَة فناجى ربه طَويلا ثمَّ انه بَكَى فَاشْتَدَّ بكاؤه فَبكى هَؤُلَاءِ لبكائه فَقَالُوا: يَا نَبِي الله بكينا لبكائك قُلْنَا لَعَلَّه أحدث فِي أمتك شَيْء لم يطقه فَقَالَ: لَا وَقد كَانَ بعضه وَلَكِنِّي نزلت على قبر أُمِّي فدعوت الله تَعَالَى ليأذن لي فِي شَفَاعَتهَا يَوْم الْقِيَامَة فَأبى أَن يَأْذَن لي فرحمتها وَهِي أُمِّي فَبَكَيْت ثمَّ جَاءَنِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إِلَّا عَن موعدة وعدها إِيَّاه} الْآيَة فتبرأ أَنْت من أمك كَمَا تَبرأ إِبْرَاهِيم من أَبِيه فرحمتها وَهِي أُمِّي فدعوت رَبِّي أَن يرفع عَن أمتِي أَربع فَرفع عَنْهُم اثْنَتَيْنِ وأبى أَن يرفع عَنْهُم اثْنَتَيْنِ دَعَوْت أَن يرفع عَنْهُم الرَّجْم من السَّمَاء وَالْغَرق من الأَرْض وَأَن لَا يلْبِسهُمْ شيعًا وَأَن لَا يُذِيق بَعضهم بَأْس بعض فَرفع الله عَنْهُم الرَّجْم من السَّمَاء وَالْغَرق من الأَرْض وأبى أَن يرفع عَنْهُم الْقَتْل والهرج قَالَ: وَإِنَّمَا عدل إِلَى قبر أمه لِأَنَّهَا كَانَت مدفونة تَحت كدي وَكَانَت عسفان لَهُم وَبهَا ولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا إِلَى الْمَقَابِر فاتبعناه فجَاء حَتَّى جلس إِلَى قبر مِنْهَا فناجاه طَويلا ثمَّ بَكَى فبكينا لبكائه ثمَّ قَامَ فَقَامَ إِلَيْهِ عمر فَدَعَاهُ ثمَّ دَعَانَا فَقَالَ: مَا أبكاكم قُلْنَا: بكينا لبكائك قَالَ: إِن الْقَبْر الَّذِي جَلَست عِنْده قبر آمِنَة وَإِنِّي اسْتَأْذَنت رَبِّي فِي زيارتها فَأذن لي وَإِنِّي اسْتَأْذَنت رَبِّي فِي الاسْتِغْفَار لَهَا فَلم

يَأْذَن لي وَأنزل عَليّ {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين وَلَو كَانُوا أولي قربى} فأخذني مَا يَأْخُذ الْوَلَد للوالدة من الرقة فَذَلِك الَّذِي أبكاني وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ وقف على عسفان فَنظر يَمِينا وَشمَالًا فأبصر قبر أمه آمِنَة ورد المَاء فَتَوَضَّأ ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ودعا فَلم يفجأنا إِلَّا وَقد علا بكاؤه فعلا بكاؤنا لبكائه ثمَّ انْصَرف إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا الَّذِي أبكاكم قَالُوا: بَكَيْت فبكينا يَا رَسُول الله قَالَ: وَمَا ظننتم قَالُوا: ظننا أَن الْعَذَاب نَازل علينا بِمَا نعمل قَالَ: لم يكن من ذَلِك شَيْء قَالُوا: فظننا أَن أمتك كلفت من الْأَعْمَال مَا لَا يُطِيقُونَ فرحمتها قَالَ: لم يكن من ذَلِك شَيْء وَلَكِن مَرَرْت بِقَبْر أُمِّي آمِنَة فَصليت رَكْعَتَيْنِ فاستأذنت رَبِّي أَن اسْتغْفر لَهَا فنهيت فَبَكَيْت ثمَّ عدت فَصليت رَكْعَتَيْنِ فاستأذنت رَبِّي أَن أسْتَغْفر لَهَا فزجرت زجرا فعلا بُكَائِي ثمَّ دَعَا براحلته فركبها فَمَا سَار إِلَّا هنيَّة حَتَّى قَامَت النَّاقة لثقل الْوَحْي فَأنْزل الله {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} الْآيَتَيْنِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ ابْنا مليكَة - وهما من الْأَنْصَار - فَقَالَا: يَا رَسُول الله إِن أمنا كَانَت تحفظ على البعل وتكرم الضَّيْف وَقد وُئدت فِي الْجَاهِلِيَّة فَأَيْنَ أمنا فَقَالَ: أمكُمَا فِي النَّار فقاما وَقد شقّ ذَلِك عَلَيْهِمَا فدعاهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَجَعَا فَقَالَ: أَلا أَن أُمِّي مَعَ أمكُمَا فَقَالَ مُنَافِق من النَّاس: أما مَا يُغني هَذَا عَن أمه إِلَّا مَا يُغني ابْنا مليكَة عَن أمهما وَنحن نَطَأ عَقِبَيْهِ فَقَالَ شَاب من الْأَنْصَار لم أر رجلا أَكثر سؤالا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُ: يَا رَسُول الله وَأَيْنَ أَبَوَاك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا سألتهما رَبِّي فيطيعني فيهمَا وَفِي لفظ: فيطعمني فيهمَا وَإِنِّي لقائم يَوْمئِذٍ الْمقَام الْمَحْمُود فَقَالَ الْمُنَافِق للشاب الْأنْصَارِيّ: سَله وَمَا الْمقَام الْمَحْمُود قَالَ: يَا رَسُول الله وَمَا الْمقَام الْمَحْمُود قَالَ: ذَاك يَوْم ينزل الله فِيهِ على كرسيه يئط فِيهِ كَمَا يئط الرحل الْجَدِيد من تضايقه وَهُوَ كسعة مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ويجاء بكم حُفَاة عُرَاة غرلًا فَيكون أول من يكسى إِبْرَاهِيم يَقُول الله: اكسوا خليلي فَيُؤتى بريطتين بيضاوين من رياط الْجنَّة ثمَّ اكسى على أَثَره فأقوم عَن يَمِين الله مقَاما يغبطني فِيهِ الأوّلون وَالْآخرُونَ ويشق لي نهر من الْكَوْثَر إِلَى حَوْضِي قَالَ: يَقُول الْمُنَافِق: لم أسمع كَالْيَوْمِ قطّ لقلما جرى نهر قطّ إِلَّا فِي إِحَالَة أَو رَضْرَاض فسله فيمَ يجْرِي النَّهر إِلَيْهِم

قَالَ: فِي إِحَالَة من الْمسك ورضراض قَالَ: يَقُول الْمُنَافِق: لم أسمع كَالْيَوْمِ قطّ وَالله لقلما جرى نهر قطّ إِلَّا كَانَ لَهُ نَبَات فسله هَل لذَلِك النَّهر نَبَات فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: يَا رَسُول الله هَل لذَلِك النَّهر نَبَات قَالَ: نعم قَالَ: مَا هُوَ قَالَ: قضبان الذَّهَب قَالَ: يَقُول الْمُنَافِق: لم أسمع كَالْيَوْمِ قطّ وَالله مَا نَبتَت قضيب إِلَّا كَانَ لَهُ ثَمَر فسله هَل لتِلْك القضبان ثمار فَسَأَلَ الْأنْصَارِيّ قَالَ: يَا رَسُول الله هَل لتِلْك القضبان ثمار قَالَ: نعم اللُّؤْلُؤ والجوهر فَقَالَ الْمُنَافِق: لم أسمع كَالْيَوْمِ قطّ فسله عَن شراب الْحَوْض فَقَالَ الْأنْصَارِيّ: يَا رَسُول الله مَا شراب الْحَوْض قَالَ: أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل من سقَاهُ الله مِنْهُ شربة لم يظمأ بعْدهَا وَمن حرمه لم يرو بعْدهَا وَأخرج ابْن سعد عَن الْكَلْبِيّ وَأبي بكر بن قيس الْجعْفِيّ قَالَا: كَانَت جعفى يحرمُونَ الْقلب فِي الْجَاهِلِيَّة فوفد إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلَانِ مِنْهُم قيس بن سَلمَة وَسَلَمَة بن يزِيد وهما أَخَوان لأُم فاسلما فَقَالَ لَهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَلغنِي أنكما لَا تأكلان الْقلب قَالَا: نعم قَالَ: فَإِنَّهُ لَا يكمل إسلامكما إِلَّا بِأَكْلِهِ ودعا لَهما بقلب فشوي وأطعمه لَهما فَقَالَا: يَا رَسُول الله إِن أمنا مليكَة بنت الحلو كَانَت تفك العاني وَتطعم البائس وترحم الْفَقِير وَإِنَّهَا مَاتَت وَقد وَأَدت بنية لَهَا صَغِيرَة فَمَا حَالهَا فَقَالَ: الوائدة والموءودة فِي النَّار فقاما مغضبين فَقَالَ: إِلَيّ فارجعا فَقَالَ: وَأمي مَعَ أمكُمَا فأبيا ومضيا وهما يَقُولَانِ: وَالله إِن رجلا أطعمنَا الْقلب وَزعم أَن أمنا فِي النَّار لأهل أَن لَا يتبع وذهبا فلقيا رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَه إبل من إبل الصَّدَقَة فَأَوْثَقَاهُ وطردا الإِبل فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلعنهما فِيمَن كَانَ يلعن فِي قَوْله: لعن الله رعلاً وذكوان وَعصيَّة ولحيان وَابْني مليكَة من حَرِيم وحران وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله (وَقضى رَبك أَن لَا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه) (الْإِسْرَاء الْآيَة 23) إِلَى قَوْله (كَمَا ربياني صَغِيرا) قَالَ: ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ {مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين} إِلَى قَوْله {عَن موعدة وعدها إِيَّاه} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَمَّا تبين لَهُ أَنه عدوّ لله} قَالَ: تبين لَهُ حِين مَاتَ وَعلم التَّوْبَة قد انْقَطَعت عَنهُ

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو بكر الشَّافِعِي فِي فَوَائده والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لم يزل إِبْرَاهِيم يسْتَغْفر لِأَبِيهِ حَتَّى مَاتَ فَلَمَّا مَاتَ تبين لَهُ أَنه عدوّ لله فتبرأ مِنْهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس {فَلَمَّا تبين لَهُ أَنه عدوّ لله} يَقُول: لما مَاتَ على كفره أما قَوْله تَعَالَى: {إِن إِبْرَاهِيم لأوّاه حَلِيم} أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رجل يطوف بِالْبَيْتِ وَيَقُول فِي داعئه: أوّه أوّه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه لأواه وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن إِبْرَاهِيم لأوّاه حَلِيم} قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام إِذا ذكر النَّار قَالَ: أوّه من النَّار أوّه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الجوزاء مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا كَانَ يرفع صَوته بِالذكر فَقَالَ رجل: لَو أَن هَذَا خفض صَوته فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعه فَإِنَّهُ أوّاه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل يُقَال لَهُ ذُو البجادين: إِنَّه أوّاه وَذَلِكَ أَنه كَانَ يكثر ذكر الله بِالْقُرْآنِ وَالدُّعَاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَدخل مَيتا الْقَبْر وَقَالَ: رَحِمك الله ان كنت لأوّاهاً تلاء لِلْقُرْآنِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأوّاه: الخاشع المتضرع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الأوّاه: الدُّعَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم قَالَ: الأوّاه الدُّعَاء المستكين إِلَى الله كَهَيئَةِ الْمَرِيض المتأوّه من مَرضه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي

حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي العبيدين قَالَ: سَأَلت عبد الله بن مَسْعُود عَن الأوّاه فَقَالَ: هُوَ الرَّحِيم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأوّاه الْمُؤمن التوّاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأوّاه الْحَلِيم الْمُؤمن الْمُطِيع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أَيُّوب قَالَ: الأوّاه الَّذِي إِذا ذكر خطاياه اسْتغْفر مِنْهَا وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأوّاه الْمُؤمن بالحبشية وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأوّاه الموقن وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأوّاه الموقن بِلِسَان الحبشية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الأوّاه الموقن بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأوّاه الموقن بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الأوّاه الموقن بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: الأوّاه الموقن بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الأوّاه الموقن بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: الأوّاه الموقن وَهِي كلمة حبشية وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن مُجَاهِد قَالَ: الأوّاه الْفَقِيه الموقن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: الأوّاه الشَّيْخ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي ميسرَة قَالَ: الأوّاه الشَّيْخ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ: الأوّاه الرَّحِيم بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل قَالَ: الأوّاه الدُّعَاء بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الأوّاه الْمَسِيح

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن الْحسن قَالَ: الأوّاه الَّذِي قلبه مُعَلّق عِنْد الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيم يُسمى الأوّاه لرقته وَرَحمته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {إِن إِبْرَاهِيم لأوّاه حَلِيم} قَالَ: الْحَلِيم الرَّحِيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن إِبْرَاهِيم لأوّاه حَلِيم} قَالَ: كَانَ من حلمه أَنه كَانَ إِذا أَذَاهُ الرجل من قومه قَالَ لَهُ: هداك الله وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا أنزل شَيْء من الْقُرْآن إِلَّا وَأَنا أعلمهُ إِلَّا أَربع آيَات إِلَّا (الرقيم) (الْكَهْف الْآيَة 9) فَإِنِّي لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَسَأَلت كَعْبًا فَزعم أَنَّهَا الْقرْيَة الَّتِي خَرجُوا مِنْهَا (وَحَنَانًا من لدنا وَزَكَاة) (مَرْيَم الْآيَة 13) قَالَ: لَا أَدْرِي مَا الحنان وَلكنهَا الرَّحْمَة (والغسلين) (الحاقة الْآيَة 36) لَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنِّي أَظُنهُ الزقوم قَالَ الله (إِن شَجَرَة الزقوم طَعَام الأثيم) (الدُّخان الْآيَتَانِ 42 - 43) قَالَ: والأوّاه هُوَ الموقن بالحبشية وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: الأوّاه الْمُؤمن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: الأوّاه الْمُنِيب الْفَقِير وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: الأوّاه الْكثير ذكر الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الله ليضل قوما بعد إِذْ هدَاهُم حَتَّى يبين لَهُم مَا يَتَّقُونَ} قَالَ: بَيَان الله للْمُؤْمِنين فِي الاسْتِغْفَار للْمُشْرِكين خَاصَّة وَفِي بَيَانه طَاعَته ومعصيته عَامَّة مَا فعلوا أَو تركُوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حَتَّى يبين لَهُم مَا يَتَّقُونَ} قَالَ: مَا يأتونه وَمَا ينتهون عَنهُ الْآيَات 115 - 116

115

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يحيى بن عقيل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دفع إِلَى يحيى بن يعمر كتابا قَالَ: هَذِه خطْبَة عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ كَانَ يقوم فيخطب بهَا كل عَشِيَّة خَمِيس على أَصْحَابه ذكر الحَدِيث ثمَّ قَالَ: فَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يَغْدُو عَالما أَو متعلماً فَلْيفْعَل وَلَا يَغْدُو لسوى ذَلِك فَإِن الْعَالم والمتعلم شريكان فِي الْخَيْر أَيهَا النَّاس إِنِّي وَالله مَا أَخَاف عَلَيْكُم أَن تؤخذوا بِمَا لم يبين لكم وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الله ليضل قوما بعد إِذْ هدَاهُم حَتَّى يبين لَهُم مَا يَتَّقُونَ} فقد بَين لكم مَا تَتَّقُون وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الله ليضل قوما بعد إِذْ هدَاهُم حَتَّى يبين لَهُم مَا يَتَّقُونَ} قَالَ: نزلت حِين أخذُوا الْفِدَاء من الْمُشْركين يَوْم الْأُسَارَى قَالَ: لم يكن لكم أَن تأخذوه حَتَّى يُؤذن لكم وَلَكِن مَا كَانَ الله ليعذب قوما بذنب أذنبوه حَتَّى يبين لَهُم مَا يَتَّقُونَ قَالَ: حَتَّى ينهاهم قبل ذَلِك الْآيَة 117

117

أخرج ابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ حَدثنَا من شَأْن سَاعَة الْعسرَة فَقَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى تَبُوك فِي قيظ شَدِيد فنزلنا منزلا فأصابنا فِيهِ عَطش حَتَّى ظننا إِن رقابنا ستقطع حَتَّى إِن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه وَيجْعَل مَا بَقِي على كبده فَقَالَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله إِن الله قد عوّدك فِي الدُّعَاء خيرا فَادع لنا فَرفع يَدَيْهِ فَلم يرجعهما حَتَّى قَالَت السَّمَاء فأهطلت ثمَّ سكبت فملأوا مَا مَعَهم ثمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُر فَلم نجدها جَاوَزت الْعَسْكَر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فِي سَاعَة الْعسرَة} قَالَ: غَزْوَة تَبُوك

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لقد تَابَ الله على النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة} قَالَ: هم الَّذين اتبعُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك قبل الشَّام فِي لهبان الْحر على مَا يعلم الله من الْجهد أَصَابَهُم فِيهَا جهد شَدِيد حَتَّى لقد ذكر لنا أَن الرجلَيْن كَانَ يشقا التمرة بَينهمَا وَكَانَ النَّفر يتداولون التمرة بَينهم يمصها أحدهم ثمَّ يشرب عَلَيْهَا المَاء ثمَّ يمصها الآخر فَتَابَ الله عَلَيْهِم فأقفلهم من غزوتهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عقيل بن أبي طَالب فِي قَوْله {الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة} قَالَ: خَرجُوا فِي غَزْوَة تَبُوك الرّجلَانِ وَالثَّلَاثَة على بعير وَخَرجُوا فِي حر شَدِيد فَأَصَابَهُمْ يَوْمًا عَطش حَتَّى جعلُوا ينحرون إبلهم فيعصرون أكراشها وَيَشْرَبُونَ ماءها فَكَانَ ذَلِك عسرة من المَاء وعسرة من النَّفَقَة وعسرة من الظّهْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر فِي قَوْله {الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة} قَالَ: عسرة الظّهْر وعسرة وعسرة المَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك أَنه قَرَأَ {من بعد مَا كَاد يزِيغ قُلُوب فريق مِنْهُم} الْآيَة 118

118

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مَنْدَه وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} قَالَ: كَعْب بن مَالك وهلال بن أُميَّة ومرارة بن ربيعَة وَكلهمْ من الْأَنْصَار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن مجمع بن جَارِيَة قَالَ: الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا فَتَابَ الله عَلَيْهِم كَعْب بن مَالك وهلال بن أُميَّة ومرارة بن ربعي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن شهَاب قَالَ: إِن الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا كَعْب بن مَالك من بني سَلمَة وهلال بن أُميَّة من بني وَاقِف ومرارة بن ربيع من بني عَمْرو بن عَوْف

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك قَالَ: لما نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِذِي أَوَان خرج عَامَّة الْمُنَافِقين الَّذين كَانُوا تخلفوا عَنهُ يتلقونه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه لَا تكلمن رجلا تخلف عَنَّا وَلَا تجالسوه حَتَّى آذن لكم فَلم يكلموهم فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة أَتَاهُ الَّذين تخلفوا يسلمُونَ عَلَيْهِ فَأَعْرض عَنْهُم وَأعْرض الْمُؤْمِنُونَ عَنْهُم حَتَّى أَن الرجل ليعرض عَنهُ أَخُوهُ وَأَبوهُ وَعَمه فَجعلُوا يأْتونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويعتذرون بالجهد والأسقام فَرَحِمهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبايعهم واستغفر لَهُم وَكَانَ مِمَّن تخلف عَن غير شكّ وَلَا نفاق ثَلَاثَة نفر الَّذين ذكر الله تَعَالَى فِي سُورَة التَّوْبَة كَعْب بن مَالك السّلمِيّ وهلال بن أُميَّة الوَاقِفِي ومرارة بن ربيعَة العامري وَأخرج ابْن مَنْدَه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} قَالَ: كَعْب بن مَالك ومرارة بن الرّبيع وهلال بن أُميَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك أَن عبد الله بن كَعْب بن مَالك وَكَانَ قَائِد كَعْب من بنيه حِين عمي قَالَ: سَمِعت كَعْب بن مَالك يحدث حَدِيثه حِين تخلف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك قَالَ كَعْب: لم أَتَخَلَّف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة غَزَاهَا قطّ إِلَّا فِي غَزْوَة تَبُوك غير أَنِّي تخلفت فِي غَزْوَة بدر وَلم يُعَاتب أحدا تخلف عَنْهَا إِنَّمَا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد عير قُرَيْش حَتَّى جمع الله بَينهم وَبَين عدوهم على غير ميعاد وَلَقَد شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْعقبَة حِين تواثقنا على الْإِسْلَام وَمَا أحب أَن لي بهَا مشْهد بدر وَإِن كَانَت بدر أذكر فِي النَّاس مِنْهَا وَأشهر وَكَانَ من خبري حِين تخلفت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك أَنِّي لم أكن قطّ أقوى وَلَا أيسر مني حِين تخلفت عَنهُ فِي تِلْكَ الْغُزَاة وَالله مَا جمعت قبلهَا راحلتين قطّ حَتَّى جمعتهما فِي تِلْكَ الْغُزَاة وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَلما يُرِيد غزَاة إِلَّا ورى بغَيْرهَا حَتَّى كَانَت تِلْكَ الْغَزْوَة فَغَزَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حر شَدِيد واستقبل سفرا بَعيدا وَمَفَازًا واستقبل عدوا كثيرا فجلا للْمُسلمين أَمرهم لِيَتَأَهَّبُوا أهبة عدوهم فَأخْبرهُم وَجهه الَّذِي يُرِيد والمسلمون مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كثير لَا يجمعهُمْ كتاب حَافظ يُرِيد الدِّيوَان قَالَ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: فَقل رجل يُرِيد أَن يتغيب إِلَى ظن أَن ذَلِك سيخفى مَا لم ينزل فِيهِ وَحي من الله عز وَجل وغزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ الْغُزَاة حِين

طابت الثِّمَار والظل وآن لَهَا أَن تصغر فتجهز إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمؤمنون مَعَه وطفقت أغدو لكَي أتجهز مَعَهم فأرجع وَلَا أَقْْضِي شَيْئا فَأَقُول لنَفْسي: أَنا قَادر على ذَلِك إِن أردْت فَلم يزل ذَلِك يتمادى بِي حَتَّى اسْتمرّ بِالنَّاسِ الْجد فَأصْبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غاديا والمسلمون مَعَه وَلم أقض من جهازي شَيْئا وفلت الجهاز بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ ثمَّ ألحقهُ فَغَدَوْت بعد مَا فصلوا لأتجهز فَرَجَعت وَلم أقض من جهازي شَيْئا ثمَّ غَدَوْت فَرَجَعت وَلم أقض شَيْئا فَلم يزل ذَلِك يتمادى بِي حَتَّى انْتَهوا وتفارط الْغَزْو فهممت أَن أرتحل فأدركهم - وليت أَنِّي أفعل - ثمَّ لم يقدر لي ذَلِك فطفقت إِذْ خرجت فِي النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحزنني أَنِّي لَا أرى إِلَّا رجلا مغموصا عَلَيْهِ من النِّفَاق أَو رجلا مِمَّن عذره الله وَلم يذكرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بلغ تَبُوك فَقَالَ وَهُوَ جَالس فِي الْقَوْم بتبوك مَا فعل كَعْب بن مَالك فَقَالَ رجل من بني سَلمَة: حَبسه يَا رَسُول الله برْدَاهُ وَالنَّظَر فِي عطفيه فَقَالَ لَهُ معَاذ بن جبل: بئْسَمَا قلت وَالله يَا رَسُول الله مَا علمنَا عَلَيْهِ إِلَّا خيرا فَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كَعْب بن مَالك: فَلَمَّا بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد توجه قَافِلًا من تَبُوك حضرني همي فطفقت أَتَذكر الْكَذِب وَأَقُول: بِمَاذَا أخرج من سخطه غَدا وأستعين على ذَلِك بِكُل ذِي رَأْي من أَهلِي فَلَمَّا قيل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أظل قادما رَاح عني الْبَاطِل وَعرفت أَنِّي لم أَنْج مِنْهُ بِشَيْء أبدا فأجمعت صدقه وَأصْبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قادما وَكَانَ إِذا قدم من سفر بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ جلس للنَّاس فَلَمَّا فعل ذَلِك جَاءَهُ المتخلفون فطفقوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ ويحلفون لَهُ وَكَانُوا بضعَة وَثَمَانِينَ رجلا فَقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم علانيتهم واستغفر لَهُم ووكل سرائرهم إِلَى الله حَتَّى جِئْت فَلَمَّا سلمت عَلَيْهِ تَبَسم تَبَسم الْمُغْضب ثمَّ قَالَ لي تعال فَجئْت أَمْشِي حَتَّى جَلَست بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: مَا خَلفك ألم تكن قد اشْتريت ظهرك فَقلت: يَا رَسُول الله لَو جَلَست عِنْد غَيْرك من أهل الدُّنْيَا لرأيت أَن أخرج من سخطه بِعُذْر لقد أَعْطَيْت جدلا وَلكنه - وَالله - لقد علمت لَئِن حدثتك الْيَوْم حَدِيث كذب ترْضى عني بِهِ ليوشكن الله يسخطك عَليّ وَلَئِن حدثتك الصدْق وتجد عَليّ فِيهِ أَنِّي لأرجو قرب عتبي من الله وَالله مَا كَانَ لي عذر وَالله مَا كنت قطّ أفرغ وَلَا أيسر مني حِين تخلفت عَنْك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما هَذَا فقد صدق فَقُمْ حَتَّى يقْضِي الله فِيك

فَقُمْت وبادرني رجال من بني سَلمَة واتبعوني فَقَالُوا لي: وَالله مَا علمناك كنت أذنبت ذَنبا قبل هَذَا وَلَقَد عجزت أَن لَا تكون اعتذرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا اعتذر بِهِ المتخلفون فَلَقَد كَانَ كافيك من ذَنْبك اسْتِغْفَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فوَاللَّه مَا زَالُوا يؤنبوني حَتَّى أردْت أَن أرجع فأكذب نَفسِي ثمَّ قلت لَهُم: هَل لَقِي هَذَا معي أحدا قَالُوا: نعم لقِيه مَعَك رجلَانِ قَالَا مَا قلت وَقيل لَهما مثل مَا قيل لَك فَقلت: من هما قَالُوا: مرَارَة بن الرّبيع وهلال بن أُميَّة الوَاقِفِي فَذكرُوا لي رجلَيْنِ صالحين قد شَهدا بَدْرًا لي فيهمَا أُسْوَة حَسَنَة فمضيت حِين ذكروهما لي قَالَ: وَنهى رَسُول الله النَّاس عَن كلامنا أَيهَا الثَّلَاثَة من بَين من تخلف عَنهُ فَاجْتَنَبَنَا النَّاس وتغيروا لنا حَتَّى تنكرت لي فِي نَفسِي الأَرْض الَّتِي كنت أعرف فلبثنا على ذَلِك خمسين لَيْلَة فَأَما صَاحِبَايَ فاستكانا وقعدا فِي بيوتهما وَأما أَنا فَكنت أَشد الْقَوْم وأجلدهم فَكنت أشهد الصَّلَاة مَعَ الْمُسلمين وأطوف بالأسواق فَلَا يكلمني أحد وَآتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي مَجْلِسه بعد الصَّلَاة فَأسلم وَأَقُول فِي نَفسِي هَل حرك شَفَتَيْه برد السَّلَام أم لَا ثمَّ أُصَلِّي قَرِيبا مِنْهُ وأسارقه النّظر فَإِذا أَقبلت على صَلَاتي نظر إِلَيّ فَإِذا الْتفت نَحوه أعرض عني حَتَّى إِذا طَال عَليّ ذَلِك من هجر الْمُسلمين مشيت حَتَّى تسورت حَائِط أبي قَتَادَة وَهُوَ ابْن عمي وَأحب النَّاس إِلَيّ فَسلمت عَلَيْهِ فوَاللَّه مَا رد السَّلَام عَليّ فَقلت لَهُ: يَا أَبَا قَتَادَة أنْشدك الله تَعَالَى هَل تعلم أَنِّي أحب الله وَرَسُوله قَالَ: فَسكت قَالَ: فعدت فنشدته فَسكت فعدت فنشدته قَالَ: الله وَرَسُوله أعلم فَفَاضَتْ عَيْنَايَ وتوليت حَتَّى تسورت الْجِدَار وَبينا أَنا أَمْشِي بسوق الْمَدِينَة إِذا نبطي من أَنْبَاط الشَّام مِمَّن قدم بِطَعَام يَبِيعهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُول: من يدل على كَعْب بن مَالك فَطَفِقَ النَّاس يشيرون لَهُ إِلَيّ حَتَّى جَاءَ فَدفع إِلَيّ كتابا من ملك غَسَّان - وَكنت كَاتبا - فَإِذا فِيهِ: أما بعد فقد بلغنَا أَن صَاحبك قد جفاك وَلم يجعلك الله بدار هوان وَلَا مضيعة فَالْحق بِنَا نواسك فَقلت حِين قرأتها: وَهَذَا أَيْضا من الْبلَاء فيممت بهَا التَّنور فسجرته فِيهَا حَتَّى إِذا مَضَت أَرْبَعُونَ لَيْلَة من الْخمسين إِذا برَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأتيني فَقَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرك أَن تَعْتَزِل إمرأتك فَقلت: أطلقها أم مَاذَا أفعل قَالَ: بل اعتزلها وَلَا تَقربهَا وَأرْسل إِلَى صَاحِبي مثل ذَلِك فَقلت لإمرأتي: الحقي بأهلك فكوني

عِنْدهم حَتَّى يقْضِي الله فِي هَذَا الْأَمر فَجَاءَت امْرَأَة هِلَال بن أُميَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِن هلالا شيخ ضائع وَلَيْسَ لَهُ خَادِم فَهَل تكره أَن أخدمه قَالَ: لَا وَلَكِن لَا يقربنك فَقَالَت: إِنَّه وَالله مَا بِهِ حَرَكَة إِلَى شَيْء وَالله مَا زَالَ يبكي من لدن إِن كَانَ من أَمرك مَا كَانَ إِلَى يَوْمه هَذَا فَقَالَ لي بعض أَهلِي: لَو اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي امْرَأَتك فقد أذن لامْرَأَة هِلَال أَن تخدمه فَقلت: وَالله لَا اسْتَأْذَنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا أَدْرِي مَا يَقُول إِذا استأذنته وَأَنا رجل شَاب قَالَ: فلبثنا عشر لَيَال فكمل لنا خَمْسُونَ لَيْلَة من حِين نهى عَن كلامنا قَالَ: ثمَّ صليت الْفجْر صباح خمسين لَيْلَة على ظهر بَيت من بُيُوتنَا فَبينا أَنا جَالس على الْحَال الَّتِي ذكر الله عَنَّا قد ضَاقَتْ عَليّ نَفسِي وَضَاقَتْ عَليّ الأَرْض بِمَا رَحبَتْ سَمِعت صَارِخًا أوفى جبل سلع يَقُول بِأَعْلَى صَوته: يَا كَعْب بن مَالك أبشر فَخَرَرْت سَاجِدا وَعرفت أَن قد جَاءَ الْفرج فآذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتوبة الله علينا حِين صلى الْفجْر فَذهب النَّاس يبشروننا وَذهب قبل صَاحِبي مبشرون وركض إِلَيّ رجل فرسا وسعى ساع من أسلم وأوفى على الْجَبَل فَكَانَ الصَّوْت أسْرع من الْفرس فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعت صَوته يبشرني نزعت لَهُ ثوبي فكسوتهما إِيَّاه ببشارته - وَالله مَا أملك غَيرهمَا يَوْمئِذٍ - فاستعرت ثَوْبَيْنِ فلبستهما فَانْطَلَقت أؤم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتلقاني النَّاس فوجا بعد فَوْج يهنئونني بِالتَّوْبَةِ يَقُولُونَ: لِيَهنك تَوْبَة الله عَلَيْك حَتَّى دخلت الْمَسْجِد فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس فِي الْمَسْجِد وَحَوله النَّاس فَقَامَ إِلَيّ طَلْحَة بن عبيد الله يُهَرْوِل حَتَّى صَافَحَنِي وهناني وَالله مَا قَامَ إِلَيّ رجل من الْمُهَاجِرين غَيره قَالَ: فَكَانَ كَعْب رَضِي الله عَنهُ لَا ينساها لطلْحَة قَالَ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: فَلَمَّا سلمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ يَبْرق وَجهه من السرُور أبشر بِخَير يَوْم مر عَلَيْك مُنْذُ وَلدتك أمك قلت: أَمن عنْدك يَا رَسُول الله أم من عِنْد الله قَالَ: لَا بل من عِنْد الله وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سر استنار وَجهه حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَة قمر فَلَمَّا جَلَست بَين يَدَيْهِ قلت يَا رَسُول الله إِن من تَوْبَتِي أَن انخلع من مَالِي صَدَقَة إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أمسك بعض مَالك فَهُوَ خير لَك قلت: إِنِّي أمسك سهمي الَّذِي بِخَيْبَر وَقلت: يَا رَسُول الله إِنَّمَا نجاني الله بِالصّدقِ وَإِن من تَوْبَتِي أَن لَا أحدث إِلَّا صدقا مَا بقيت قَالَ: فوَاللَّه مَا أعلم أحدا من الْمُسلمين أبلاه الله من الصدْق فِي الحَدِيث مُنْذُ ذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسن مِمَّا أبلاني الله تَعَالَى

وَالله مَا تَعَمّدت مُنْذُ قلت ذَلِك إِلَى يومي هَذَا كذبا وَإِنِّي لأرجو أَن يحفظني الله فِيمَا بَقِي وَأنزل الله (لقد تَابَ الله على النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار) (التَّوْبَة الْآيَة 117) إِلَى قَوْله {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} فوَاللَّه مَا أنعم الله عَليّ من نعْمَة قطّ بعد أَن هَدَانِي الله لِلْإِسْلَامِ أعظم فِي نَفسِي من صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ أَن لَا أكون كَذبته فَأهْلك كَمَا هلك الَّذين كذبوه فَإِن الله قَالَ للَّذين كذبوه حِين أنزل الْوَحْي شَرّ مَا قَالَ لأحد فَقَالَ (سيحلفون بِاللَّه لكم إِذا انقلبتم إِلَيْهِم لتعرضوا عَنْهُم فأعرضوا عَنْهُم إِنَّهُم رِجْس) (التَّوْبَة الْآيَة 95) إِلَى قَوْله {الْفَاسِقين} قَالَ: وَكُنَّا خلفنا أَيهَا الثَّلَاثَة عَن أَمر أُولَئِكَ الَّذين قبل مِنْهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين خلفوا فبايعهم واستغفر لَهُم وأرجأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرنَا حَتَّى قضى الله فِيهِ فبذلك قَالَ {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} وَلَيْسَ تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنَا الَّذِي ذكر مِمَّا خلفنا بتخلفنا عَن الْغَزْو وَإِنَّمَا هُوَ حلف لَهُ وَاعْتذر إِلَيْهِ فَقبل مِنْهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت تَوْبَتِي أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقبَّلت يَده وركبتيه وكسوت المبشر ثَوْبَيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} قَالَ: الَّذين أرجأوا فِي وسط بَرَاءَة قَوْله {وَآخَرُونَ مرجون لأمر الله} ) (التَّوْبَة الْآيَة 106) هِلَال بن أُميَّة ومرارة بن ربيعَة وَكَعب بن مَالك وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} مثقلة يَقُول: عَن غَزْوَة تَبُوك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما غزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبُوك تخلف كَعْب بن مَالك وهلال بن أُميَّة ومرارة بن الرّبيع قَالَ: أما أحدهم فَكَانَ لَهُ حَائِط حِين زها قد فَشَتْ فِيهِ الْحمرَة والصفرة فَقَالَ: غزوت وغزوت وغزوت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَو أَقمت الْعَام فِي هَذَا الْحَائِط فَأَصَبْت مِنْهُ فَلَمَّا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه دخل حَائِطه فَقَالَ: مَا خلفني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا استبق الْمُؤْمِنُونَ فِي الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إِلَّا ضن بك أَيهَا الْحَائِط

اللهمَّ إِنِّي أشهدك أَنِّي تَصَدَّقت بِهِ فِي سَبِيلك وَأما الآخر فَكَانَ قد تفرق عَنهُ من أَهله نَاس واجتمعوا لَهُ فَقَالَ: غزوت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وغزوت فَلَو أَنِّي أَقمت الْعَام فِي أَهلِي فَلَمَّا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه قَالَ: مَا خلفني عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا استبق إِلَيْهِ المجاهدون فِي سَبِيل الله إِلَّا ضن بكم أَيهَا الْأَهْل اللَّهُمَّ إِن لَك عليَّ أَن لَا أرجع إِلَى أَهلِي وَمَالِي حَتَّى أعلم مَا تقضي فيَّ وَأما الآخر فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن لَك عليَّ أَن ألحق بالقوم حَتَّى أدركهم أَو أنقطع فَجعل يتتبع الدقع والحزونة حَتَّى لحق بالقوم فَأنْزل الله {لقد تَابَ الله على النَّبِي} إِلَى قَوْله {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا حَتَّى إِذا ضَاقَتْ عَلَيْهِم الأَرْض بِمَا رَحبَتْ} قَالَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ: يَا سُبْحَانَ الله وَالله مَا أكلُوا مَالا حَرَامًا لَا أَصَابُوا دَمًا حَرَامًا وَلَا أفسدوا فِي الأَرْض غير أَنهم أبطأوا عَن شَيْء من الْخَيْر الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَقد - وَالله - جاهدوا وَجَاهدُوا وَجَاهدُوا فَبلغ مِنْهُم مَا سَمِعْتُمْ فَهَكَذَا يبلغ الذَّنب من الْمُؤمن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} يَعْنِي خلفوا عَن التَّوْبَة لم يتب عَلَيْهِم حَتَّى تَابَ الله على أَبُو لبَابَة وَأَصْحَابه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} عَن التَّوْبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة بن خَالِد المَخْزُومِي أَنه كَانَ يقْرؤهَا {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} نصب أَي بعد مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دَعَا الله إِلَى تَوْبَته من قَالَ (أَنا ربكُم الْأَعْلَى) (النازعات الْآيَة 24) وَقَالَ (مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي) (الْقَصَص الْآيَة 38) وَمن آيس الْعباد من التَّوْبَة بعد هَؤُلَاءِ فقد جحد كتاب الله وَلَكِن لَا يقدر العَبْد أَن يَتُوب حَتَّى يَتُوب الله وَهُوَ قَوْله {ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم ليتوبوا} فبدء التَّوْبَة من الله عز وَجل الْآيَة 119

119

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن نَافِع فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} قَالَ: نزلت فِي الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا: قيل لَهُم: كونُوا مَعَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن كَعْب بن مَالك قَالَ: فِينَا نزلت أَيْضا {اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} قَالَ: مَعَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} قَالَ: مَعَ أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ واين عَسَاكِر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} قَالَ: امروا أَن يَكُونُوا مَعَ أبي بكر وَعمر وأصحابهما وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} قَالَ: مَعَ عَليّ بن أبي طَالب وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي حعفر فِي قَوْله {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} قَالَ: مَعَ عَليّ بن أبي طَالب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} قَالَ: كونُوا مَعَ كَعْب بن مَالك ومرارة بن ربيعَة وهلال بن أُميَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: لَا يصلح الْكَذِب فِي جد وَلَا هزل وَلَا أَن يعد أحدكُم صَبِيه شَيْئا ثمَّ لَا يُنجزهُ اقرأوا إِن شِئْتُم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} قَالَ: وَهِي فِي قِرَاءَة عبد الله هَكَذَا قَالَ: فَهَل تَجِدُونَ لأحد رخصَة فِي الْكَذِب وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} وَأخرج أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: عَلَيْكُم بِالصّدقِ فَإِنَّهُ

يهدي إِلَى الْبر وهما فِي الْجنَّة وَإِيَّاكُم وَالْكذب فَإِنَّهُ يهدي إِلَى الْفُجُور وهما فِي النَّار وَلَا يزَال الرجل يصدق حَتَّى يكْتب عِنْد الله صديقا وَلَا يزَال يكذب حَتَّى يكْتب عِنْد الله كذابا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بِالصّدقِ فَأن الصدْق يهدي إِلَى الْبر وَأَن الْبر يهدي إِلَى الْجنَّة وَأَن الرجل ليصدق حَتَّى يكْتب عِنْد الله صديقا وَإِيَّاكُم وَالْكذب فَإِن الْكَذِب يهدي إِلَى الْفُجُور وَإِن الْفُجُور يهدي إِلَى النَّار وَإِن الرجل ليكذب حَتَّى يكْتب عِنْد الله كذابا وَأخرج ابْن عدي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس اجتنبوا الْكَذِب فَإِن الْكَذِب يهدي إِلَى الْفُجُور وَإِن الْفُجُور يهدي إِلَى النَّار وَإنَّهُ يُقَال: صدق وبر وَكذب وفجر وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي مَالك الْجُشَمِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك عَبْدَانِ أَحدهمَا يخونك ويكذبك حَدِيثا وَالْآخر لَا يخونك ويصدقك حَدِيثا أَيهمَا أحب إِلَيْك قَالَ: قلت: الَّذِي لَا يخونني ويصدقني حَدِيثا قَالَ: كَذَلِك أَنْتُم عِنْد ربكُم عز وَجل وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْكَذِب لَا يصلح مِنْهُ جد وَلَا هزل وَلَا يعد الرجل ابْنه ثمَّ لَا ينجز لَهُ إِن الصدْق يهدي إِلَى الْبر وَأَن الْبر يهدي إِلَى الْجنَّة وَإِن الْكَذِب يهدي إِلَى الْفُجُور وَإِن الْفُجُور يهدي إِلَى النَّار إِنَّه يُقَال للصادق صدق وبر وَيُقَال للكاذب كذب وفجر وَإِن الرجل ليصدق حَتَّى يكْتب عِنْد الله صديقا ويكذب حَتَّى يكْتب عِنْد الله كذابا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أَسمَاء بنت يزِيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب فَقَالَ: مَا يحملكم على أَن تتابعوا على الْكَذِب كَمَا يتتابع الْفراش فِي النَّار كل الْكَذِب يكْتب على ابْن آدم

إِلَّا رجل كذب فِي خديعة حَرْب أَو إصْلَاح بَين إثنين أَو رجل يحدث امْرَأَته ليرضيها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن النوّاس بن سمْعَان الْكلابِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَالِي أَرَاكُم تتهافتون فِي الْكَذِب تهافت الْفراش فِي النَّار كل الْكَذِب يكْتب على ابْن آدم إِلَّا رجل كذب فِي خديعة حَرْب أَو إصْلَاح بَين إثنين أَو رجل يحدث امْرَأَته ليرضيها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شهَاب قَالَ: لَيْسَ بِكَذَّابٍ من دَرأ عَن نَفسه وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْكَذِب مُجَانب للإِيمان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن عدي عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إيَّاكُمْ وَالْكذب فَإِن الْكَذِب مُجَانب للإِيمان قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا هُوَ الصَّحِيح مَوْقُوف وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يطبع الْمُؤمن على كل شَيْء إِلَّا الْخِيَانَة وَالْكذب وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يطبع الْمُؤمن على كل خلق لَيْسَ الْخِيَانَة وَالْكذب وَأخرج ابْن عدي عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْمُؤمن ليطبع على خلال شَتَّى من الْجُود وَالْبخل وَحسن الْخلق وَلَا يطبع الْمُؤمن على الْكَذِب وَلَا يكون كذابا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطبع الْمُؤمن على الْخلال كلهَا إِلَّا الْخِيَانَة وَالْكذب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أبي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤمن يطبع على كل خلق إِلَّا الْكَذِب والخيانة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: يبْنى الإِنسان على خِصَال فمهما بني عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يبْنى على الْخِيَانَة وَالْكذب وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن صَفْوَان بن سليم أَنه قيل يَا رَسُول الله أَيكُون الْمُؤمن جَبَانًا قَالَ نعم قيل: أَيكُون الْمُؤمن بَخِيلًا قَالَ: نعم قيل: أَيكُون الْمُؤمن كذابا قَالَ: لَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَأَبُو يعلى وَضَعفه عَن أبي بَرزَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْكَذِب يسوّد الْوَجْه والنميمة عَذَاب الْقَبْر وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت مَا كَانَ خلق

أبْغض إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْكَذِب وَلَقَد كَانَ الرجل يكذب عِنْده الكذبة فَمَا يزَال فِي نَفسه حَتَّى يعلم أَنه قد أحدث مِنْهَا تَوْبَة وَأخرج أَحْمد وهناد بن السّري رَضِي الله عَنهُ فِي الزّهْد وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن النّواس بن سمْعَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَبرت خِيَانَة أَن تحدث أَخَاك حَدِيثا هُوَ لَك مُصدق وَأَنت بِهِ كَاذِب وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَت كنت صَاحِبَة عَائِشَة الَّتِي هيأتها فأدخلتها على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نسْوَة فَمَا وُجدنا عِنْده قرى إِلَّا قدح من لبن فتناوله فَشرب مِنْهُ ثمَّ نَاوَلَهُ عَائِشَة فاستحيت مِنْهُ فَقلت: لَا تردي يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخَذته فَشَربته ثمَّ قَالَ: ناولي صواحبك فَقلت: لَا نشتهيه فَقَالَ: لَا تجمعن كذبا وجوعاً فَقلت: إِن قَالَت إحدانا لشَيْء تشتهيه لَا أشتهي أيعدُّ ذَلِك كذبا فَقَالَ: إِن الْكَذِب يكْتب كذبا حَتَّى الكذيبة تكْتب كذيبة وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة قَالَ: جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيتنا وَأَنا صبي صَغِير فَذَهَبت أَلعَب فَقَالَت أُمِّي لي: يَا عبد الله تعال أُعْطِيك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أردْت أَن تعطيه قَالَت: أردْت أَن أعْطِيه تَمرا قَالَ: إِمَّا أَنَّك لَو لم تفعلي لكتبت عَلَيْك كذبة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ والدارمي وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ والضياء عَن الْحسن بن عَليّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: دع مَا يريبك إِلَى مَا لَا يريبك فَإِن الصدْق طمأنينة وَإِن الْكَذِب رِيبَة وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خطبَته إِن أعظم الْخَطِيئَة عِنْد الله اللِّسَان الْكَاذِب وَأخرج ابْن عدي عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الصدْق أَمَانَة وَالْكذب خِيَانَة وَأخرج ابْن ماجة والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَالْبَيْهَقِيّ عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله من خير النَّاس قَالَ ذُو الْقلب المحموم وَاللِّسَان الصَّادِق قُلْنَا: قد عرفنَا اللِّسَان الصَّادِق فَمَا الْقلب المحموم قَالَ: التقي النقي الَّذِي لَا إِثْم فِيهِ وَلَا بغي وَلَا غل وَلَا حسد قُلْنَا يَا رَسُول الله: فَمن على أَثَره قَالَ: الَّذِي يشنأ الدُّنْيَا وَيُحب الْآخِرَة قُلْنَا مَا نَعْرِف

هَذَا فِينَا إِلَّا رَافعا مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمن على أَثَره قَالَ: مُؤمن فِي حسن خلق قُلْنَا: أما هَذَا ففينا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لَا تَجِد الْمُؤمن كذابا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ لَا تنظروا إِلَى صَلَاة أحد وَلَا إِلَى صِيَامه وَلَكِن انْظُرُوا إِلَى من حدث صدق وَإِذا ائْتمن أدّى وَإِذا أشفى ورع وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: إِن الرجل ليحرم قيام اللَّيْل وَصِيَام النَّهَار بالكذبة يكذبها وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: الْكَلَام أوسع من أَن يكذب ظريف وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مطر الْوراق قَالَ: خصلتان إِذا كَانَتَا فِي عبد كَانَ سَائِر عمله تبعا لَهما حسن الصَّلَاة وَصدق الحَدِيث وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الفضيل قَالَ: لم يتزين النَّاس بِشَيْء أفضل من الصدْق وَطلب الْحَلَال وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد قَالَ: أبرار الدُّنْيَا الْكَذِب وَقلة الْحيَاء من طلب الدُّنْيَا بِغَيْرِهِمَا فقد أَخطَأ الطَّرِيق وَالْمطلب وأبرار الْآخِرَة الْحيَاء والصدق فَمن طلب الْآخِرَة بِغَيْرِهِمَا فقد أَخطَأ الطَّرِيق وَالْمطلب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن يُوسُف بن أَسْبَاط قَالَ: يرْزق العَبْد بِالصّدقِ ثَلَاث خِصَال الْحَلَاوَة والملاحة والمهابة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي روح حَاتِم بن يُوسُف قَالَ: أتيت بَاب الفضيل بن عِيَاض فَسلمت عَلَيْهِ فَقلت: يَا أَبَا عَليّ معي خَمْسَة أَحَادِيث إِن رَأَيْت أَن تَأذن لي فأقرأ فَقَالَ لي: اقْرَأ فَقَرَأت فَإِذا هِيَ سِتَّة فَقَالَ لي: أَن قُم يَا بني تعلم الصدْق ثمَّ اكْتُبْ الحَدِيث وَأخرج ابْن عدي عَن عمرَان بن الْحصين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فِي المعاريض لمندوحة عَن الْكَذِب وَأخرج ابْن عدي عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فِي المعاريض مَا يُغني الرجل الْعَاقِل عَن الْكَذِب

الْآيَات 120 - 121

120

أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَمْرو بن مَالك عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة {مَا كَانَ لأهل الْمَدِينَة وَمن حَولهمْ من الْأَعْرَاب أَن يتخلفوا عَن رَسُول الله} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَوْلَا ضعفاء النَّاس مَا كَانَت سَرِيَّة إِلَّا كنت فِيهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {مَا كَانَ لأهل الْمَدِينَة وَمن حَولهمْ من الْأَعْرَاب أَن يتخلفوا عَن رَسُول الله} قَالَ: هَذَا حِين كَانَ الإِسلام قَلِيلا فَلَمَّا كثر الإِسلام وَفَشَا قَالَ الله تَعَالَى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة) (التَّوْبَة الْآيَة 122) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {لَا يصيبهم ظمأ} قَالَ: الْعَطش {وَلَا نصب} قَالَ: العناء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن رَجَاء بن حَيْوَة وَمَكْحُول: أَنَّهُمَا كَانَا يكرهان التلثم من الْغُبَار فِي سَبِيل الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَوْزَاعِيّ وَعبد الله بن الْمُبَارك وَإِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الغزاري وَعِيسَى بن يُونُس السبيعِي أَنهم قَالُوا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا ينالون من عدوّ نيلاً إِلَّا كتب لَهُم بِهِ عمل صَالح} قَالُوا: هَذِه الْآيَة للْمُسلمين إِلَى أَن تقوم السَّاعَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {مَا كَانَ لأهل الْمَدِينَة} الْآيَة قَالَ: نستخها الْآيَة الَّتِي تَلِيهَا {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة} الْآيَة

وَأخرج الْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة وَخلف جعفراً فِي أَهله فَقَالَ جَعْفَر: وَالله مَا أَتَخَلَّف عَنْك فخلفني فَقلت: يَا رَسُول الله أتخلفني أَي شَيْء تَقول قُرَيْش أَلَيْسَ يَقُولُونَ: مَا أسْرع مَا خذل ابْن عَمه وَجلسَ عَنهُ وَأُخْرَى ابْتغى الْفضل من الله لِأَنِّي سَمِعت الله تَعَالَى يَقُول {وَلَا يطؤون موطئاً يغِيظ الْكفَّار} الْآيَة قَالَ: أما قَوْلك أَن تَقول قُرَيْش: مَا أسْرع مَا خذل ابْن عَمه وَجلسَ عَنهُ فقد قَالُوا: إِنِّي سَاحر وكاهن وَإِنِّي كَذَّاب فلك بِي أُسْوَة أما ترْضى أَن تكون مني بِمَنْزِلَة هرون من مُوسَى غير أَنه لَا نَبِي بعدِي وَأما قَوْلك تبتغي الْفضل من الله فقد جَاءَنَا فلفل من الْيمن فبعه وَأنْفق عَلَيْك وعَلى فَاطِمَة حَتَّى يأتيكما الله مِنْهُ برزق الْآيَة 122

122

أخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نسخ هَؤُلَاءِ الْآيَات (انفروا خفافاً وثقالاً) (التَّوْبَة الْآيَة 41) و (إِلَّا تنفرُوا يعذبكم عذَابا أَلِيمًا) (التَّوْبَة الْآيَة 39) قَوْله {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة} يَقُول: لتنفر طَائِفَة ولتمكث طَائِفَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فالماكثون مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هم الَّذين يتفقهون فِي الدّين وينذرون اخوانهم إِذا رجعُوا إِلَيْهِم من الْغَزْو لَعَلَّهُم يحذرون مَا نزل من بعدهمْ من قَضَاء الله فِي كِتَابه وحدوده وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة} يَعْنِي مَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا جَمِيعًا ويتركوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحده {فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة} يَعْنِي عصبَة يَعْنِي السَّرَايَا

فَلَا يَسِيرُونَ إِلَّا باذنه فَإِذا رجعت السَّرَايَا وَقد نزل قُرْآن تعلمه الْقَاعِدُونَ من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: إِن الله قد أنزل عليَّ نَبِيكُم بَعدنَا قُرْآنًا وَقد تعلمناه فتمكث السَّرَايَا يتعلمون مَا أنزل الله على نَبِيّهم بعدهمْ وَيبْعَث سَرَايَا أخر فَذَلِك قَوْله {ليتفقهوا فِي الدّين} يَقُول يتعلمون مَا أنزل الله على نبيه ويعلمونه السَّرَايَا إِذا رجعت إِلَيْهِم {لَعَلَّهُم يحذرون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة} قَالَ: لَيست هَذِه الْآيَة فِي الْجِهَاد وَلَكِن لما دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مُضر بِالسِّنِينَ أجدبت بِلَادهمْ فَكَانَت الْقَبِيلَة مِنْهُم تقبل بأسرها حَتَّى يحلوا بِالْمَدِينَةِ من الْجهد ويعتلوا بالإِسلام وهم كاذبون فضيقوا على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأجهدوهم فَأنْزل الله تَعَالَى يخبر رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم لَيْسُوا بمؤمنين فردهم إِلَى عَشَائِرهمْ وحذر قَومهمْ أَن يَفْعَلُوا فعلهم فَذَلِك قَوْله {ولينذروا قَومهمْ إِذا رجعُوا إِلَيْهِم لَعَلَّهُم يحذرون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يحرضهم على الْجِهَاد إِذا بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة خَرجُوا فِيهَا وَتركُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ فِي رقة من النَّاس فَأنْزل الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة} أمروا إِذْ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة أَن تخرج طَائِفَة وتقيم طَائِفَة فيحفظ المقيمون على الَّذين خَرجُوا مَا أنزل الله من الْقُرْآن وَمَا يسن من السّنَن فَإِذا رَجَعَ اخوانهم أخبروهم بذلك وعلموهم وَإِذا خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يتَخَلَّف عَنهُ أحد إِلَّا باذن أَو عذر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما نزلت (إِلَّا تنفرُوا يعذبكم عذَابا أَلِيمًا) (التَّوْبَة الْآيَة 39) (وَمَا كَانَ لأهل الْمَدِينَة) (التَّوْبَة الْآيَة 120) الْآيَة قَالَ المُنَافِقُونَ: هلك أهل البدو الَّذين تخلفوا عَن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يغزوا مَعَه وَقد كَانَ نَاس خَرجُوا إِلَى البدو وَإِلَى قَومهمْ يفقهونهم فَأنْزل الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة} الْآيَة وَنزلت (وَالَّذين يحاجون فِي الله من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حجتهم داحضة) (الشورى الْآيَة 16) الْآيَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة} الْآيَة قَالَ: نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرجُوا فِي الْبَوَادِي فاصابوا من النَّاس مَعْرُوفا وَمن الخصب مَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ ودعوا من وجدوا من النَّاس إِلَى الْهدى فَقَالَ لَهُم النَّاس: مَا نَرَاكُمْ إِلَّا قد تركْتُم أصحابكم وجئتونا فوجدوا فِي أنفسهم من ذَلِك تحرجاً واقبلوا من الْبَادِيَة كلهم حَتَّى دخلُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الله تَعَالَى {فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة} خرج بعض وَقعد بعض يَبْتَغُونَ الْخَيْر {ليتفقهوا فِي الدّين} وليسمعوا مَا فِي النَّاس وَمَا أنزل بعدهمْ {ولينذروا قَومهمْ} قَالَ: النَّاس كلهم إِذا رجعُوا إِلَيْهِم {لَعَلَّهُم يحذرون} الْآيَة 123

123

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار} قَالَ: الْأَدْنَى فالأدنى وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الَّذين يلونه من الْكفَّار الْعَرَب فَقَاتلهُمْ حَتَّى فرغ مِنْهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد أَنه سُئِلَ عَن قتال الديلم فَقَالَ: قاتلوهم فَإِنَّهُم من الَّذين قَالَ الله تَعَالَى {قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار} وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن أَنه كَانَ إِذا سُئِلَ عَن قتال الرّوم والديلم تَلا هَذِه الْآيَة {قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار وليجدوا فِيكُم غلظة} قَالَ: شدَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن غَزْو الديلم فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول {قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار} قَالَ: الرّوم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وليجدوا فِيكُم غلظة} قَالَ: شدَّة

124 - 126

124

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمنهمْ من يَقُول أَيّكُم زادته} قَالَ: من الْمُنَافِقين من يَقُول وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَأَما الَّذين آمنُوا فزادتهم إِيمَانًا} قَالَ: كَانَت إِذا أنزلت سُورَة آمنُوا بهَا فَزَادَهُم الله إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا وَكَانُوا بهَا يستبشرون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فزادتهم رجساً إِلَى رجسهم} قَالَ: شكا إِلَى شكهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو لَا يرَوْنَ أَنهم يفتنون} قَالَ: يبتلون وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يفتنون} قَالَ: يبتلون {فِي كل عَام مرّة أَو مرَّتَيْنِ} قَالَ: بِالسنةِ والجوع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {يفتنون فِي كل عَام مرّة أَو مرَّتَيْنِ} قَالَ: يبتلون بالعدوّ فِي كل عَام مرّة أَو مرَّتَيْنِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يفتنون فِي كل عَام} قَالَ: يبتلون بالغزو فِي سَبِيل الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن بكار بن مَالك {أَو لَا يرَوْنَ أَنهم يفتنون فِي كل عَام مرّة أَو مرَّتَيْنِ} قَالَ: يمرضون فِي كل عَام مرّة أَو مرَّتَيْنِ

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْعُتْبِي قَالَ: إِذا مرض العَبْد ثمَّ عوفي فَلم يَزْدَدْ خيرا قَالَت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام هَذَا الَّذِي داويناه فَلم يَنْفَعهُ الدَّوَاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد {أَو لَا يرَوْنَ أَنهم يفتنون فِي كل عَام مرّة أَو مرَّتَيْنِ} قَالَ: كَانَت لَهُم فِي كل عَام كذبة أَو كذبتان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة فِي قَوْله {أَو لَا يرَوْنَ أَنهم يفتنون فِي كل عَام مرّة أَو مرَّتَيْنِ} قَالَ: كُنَّا نسْمع فِي كل عَام كذبة أَو كذبتين فيضل بهَا فِئَام من النَّاس كثير وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله أَولا يرَوْنَ أَنهم يفتنون فِي كل عَام مرّة أَو مرَّتَيْنِ وَمَا يتذكرون الْآيَة 127

127

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذا مَا أنزلت سُورَة نظر بَعضهم إِلَى بعض} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك {وَإِذا مَا أنزلت سُورَة نظر بَعضهم إِلَى بعض هَل يراكم من أحد} كَرَاهِيَة أَن يغصنا بهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَإِذا مَا أنزلت سُورَة نظر بَعضهم إِلَى بعض هَل يراكم من أحد} مِمَّن سمع خبركم رآكم أحد أخبرهُ إِذا نزل شَيْء يخبر عَن كَلَامهم وهم المُنَافِقُونَ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا تَقولُوا انصرفنا من الصَّلَاة فَإِن قوما انصرفوا صرف الله قُلُوبهم وَلَكِن قُولُوا: قضينا الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: لَا يُقَال انصرفنا من الصَّلَاة وَلَكِن قد قضيت الصَّلَاة

الْآيَة 128

128

أخرج عبد بن حميد والْحَارث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده وَابْن الْمُنْذر وَابْن مردوية وَأَبُو نعيم فِي دَلَائِل النبوّة وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} قَالَ: لَيْسَ من الْعَرَب قَبيلَة إِلَّا وَقد ولدت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مضريها وربيعيها ويمانيها وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَأَبُو الشَّيْخ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه فِي قَوْله {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} قَالَ: لم يصبهُ شَيْء من ولادَة الْجَاهِلِيَّة وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرجت من نِكَاح وَلم أخرج من سفاح وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} قَالَ: قد ولدتموه يَا معشر الْعَرَب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله مَا معنى {أَنفسكُم} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا أَنفسكُم نسبا وصهراً وحسباً لَيْسَ فيَّ وَلَا فِي آبَائِي من لدن آدم سفاح كلهَا نِكَاح وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} يَعْنِي من أعظمكم قدرا وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرجت من لدن آدم من نِكَاح غير سفاح وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ولدني من سفاح الْجَاهِلِيَّة شَيْء وَمَا ولدني إِلَّا نِكَاح كَنِكَاح الإِسلام وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرجت من نِكَاح غير سفاح

وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّمَا خرجت من نِكَاح وَلم أخرج من سفاح من لدن آدم لم يُصِبْنِي من سفاح أهل الْجَاهِلِيَّة شَيْء لم أخرج إِلَّا من طهرة وَأخرج ابْن أبي عمر الْعَدنِي فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خرجت من نِكَاح وَلم أخرج من سفاح من لدن آدم إِلَى أَن ولدني أبي وَأمي لم يُصِبْنِي من سفاح الْجَاهِلِيَّة شَيْء وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يلتق أبواي قطّ على سفاح لم يزل الله ينقلني من الإِصلاب الطّيبَة إِلَى الْأَرْحَام الطاهرة مصفى مهذباً لَا تتشعب شعبتان إِلَّا كنت فِي خيرهما وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير الْعَرَب مُضر وَخير مُضر بَنو عبد منَاف وَخير بني عبد منَاف بَنو هَاشم وَخير بَنو هَاشم بَنو عبد الْمطلب وَالله مَا افترق شعبتان مُنْذُ خلق الله آدم إِلَّا كنت فِي خيرهما وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ: خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَنا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب بن فهر بن مَالك بن النَّضر بن كنَانَة بن خُزَيْمَة بن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر بن نزار وَمَا افترق النَّاس فرْقَتَيْن إِلَّا جعلني الله فِي خيرهما فأخرجت من بَين أَبَوي فَلم يُصِبْنِي شَيْء من عهد الْجَاهِلِيَّة وَخرجت من نِكَاح وَلم أخرج من سفاح من لدن آدم حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى أبي وَأمي فَأَنا خَيركُمْ نفسا وخيركم أَبَا وَأخرج ابْن سعد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بعثت من خير قُرُون بني آدم قرنا فقرنا حَتَّى كنت من الْقرن الَّذِي كنت فِيهِ وَأخرج ابْن سعد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله اصْطفى من ولد إِبْرَاهِيم إِسْمَعِيل وَاصْطفى من ولد إِسْمَعِيل بني كنَانَة وَاصْطفى من بني كنَانَة قُريْشًا وَاصْطفى من قُرَيْش بني هَاشم وَاصْطَفَانِي من بني هَاشم

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله حِين خلق الْخلق جعلني من خير خلقه ثمَّ حِين فرقهم جعلني فِي خير الْفَرِيقَيْنِ ثمَّ حِين خلق الْقَبَائِل جعلني من خَيرهمْ قَبيلَة وَحين خلق الْأَنْفس جعلني من خير أنفسهم ثمَّ حِين خلق الْبيُوت جعلني من خير بُيُوتهم فَأَنا خَيرهمْ بَيْتا وَخَيرهمْ نفسا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله خلق الْخلق فَاخْتَارَ من الْخلق بني آدم وَاخْتَارَ من بني آدم الْعَرَب وَاخْتَارَ من الْعَرَب مُضر وَاخْتَارَ من مُضر قُريْشًا وَاخْتَارَ من قُرَيْش بني هَاشم واختارني من بني هَاشم فانا من خِيَار إِلَى خِيَار وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قسم الله الأَرْض نِصْفَيْنِ فجعلني فِي خيرهما ثمَّ قسم النّصْف على ثَلَاثَة فَكنت فِي خير ثلث مِنْهَا ثمَّ اخْتَار الْعَرَب من النَّاس ثمَّ اخْتَار قُريْشًا من الْعَرَب ثمَّ اخْتَار بني هَاشم من قُرَيْش ثمَّ اخْتَار بني عبد الْمطلب من بني هَاشم ثمَّ اختارني من بني عبد الْمطلب وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله اخْتَار الْعَرَب فَاخْتَارَ مِنْهُم كنَانَة ثمَّ اخْتَار مِنْهُم قُريْشًا ثمَّ اخْتَار مِنْهُم بني هَاشم ثمَّ اختارني من بني هَاشم وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله اخْتَار الْعَرَب فَاخْتَارَ كنَانَة من العربواختار قُريْشًا من كنَانَة وَاخْتَارَ بني هَاشم من قُرَيْش واختارني من بني هَاشم وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ولدتني بغي قطّ مذ خرجت من صلب آدم وَلم تزل تتنازعني الْأُمَم كَابِرًا عَن كَابر حَتَّى خرجت من أفضل حيين من الْعَرَب هَاشم وزهرة وَأخرج ابْن أبي عمر الْعَدنِي عَن ابْن عَبَّاس أَن قُريْشًا كَانَت نورا بَين يَدي الله تَعَالَى قبل أَن يخلق الْخلق بألفي عَام يسبح ذَلِك النُّور وتسبح الْمَلَائِكَة بتسبيحه فَلَمَّا خلق الله آدم عَلَيْهِ السَّلَام ألْقى ذَلِك النُّور فِي صلبه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فاهبطني

الله إِلَى الأَرْض فِي صلب آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَجَعَلَنِي فِي صلب نوح وَقذف بِي فِي صلب إِبْرَاهِيم ثمَّ لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الْكَرِيمَة إِلَى الْأَرْحَام الطاهرة حَتَّى أخرجني من بَين أَبَوي لم يلتقيا على سفاح قطّ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ربيعَة بن الْحَرْث بن عبد الْمطلب قَالَ بلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن قوما نالوا مِنْهُ فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس إِن الله خلق خلقه فجعلهم فرْقَتَيْن فجعلني فِي خير الْفرْقَتَيْنِ ثمَّ جلعهم قبائل فجعلني فِي خَيرهمْ قبيلاً ثمَّ جعلهم بُيُوتًا فجعلني فِي خَيرهمْ بَيْتا ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا خَيركُمْ قبيلاً وخيركم بَيْتا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبلغه بعض مَا يَقُول النَّاس فَصَعدَ الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ: من أَنا قَالُوا: أَنْت رَسُول الله قَالَ: أَنا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب إِن الله خلق الْخلق فجعلني فِي خير خلقه وجعلهم فرْقَتَيْن فجعلني فِي خير فرقة وجعلهم قبائل فجعلني فِي خَيرهمْ قَبيلَة وجعلهم بُيُوتًا فجعلني فِي خَيرهمْ بَيْتا فانا خَيركُمْ بَيْتا وخيركم نفسا وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الْمطلب بن ربيعَة بن الْحَرْث بن عبد الْمطلب وَأخرج ابْن سعد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا أَرَادَ الله أَن يبْعَث نَبيا نظر إِلَى خير أهل الأَرْض قَبيلَة فيبعث خَيرهَا رجلا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن حعفر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله عز وَجل بَعَثَنِي فطفت شَرق الأَرْض وغربها وسهلها وجبلها فَلم أجد حَيا خيرا من الْعَرَب ثمَّ أَمرنِي فطفت فِي الْعَرَب فَلم أجد حَيا خيرا من مُضر ثمَّ أَمرنِي فطفت فِي مُضر فَلم أجد حَيا خيرا من كنَانَة ثمَّ أَمرنِي فطفت فِي كنَانَة فَلم أجد حَيا خيرا من قُرَيْش ثمَّ أَمرنِي فطفت فِي قُرَيْش فَلم أجد حَيا خيرا من بني هَاشم ثمَّ أَمرنِي أَن أخْتَار من أنفسهم فَلم أجد فيهم نفسا خيرا من نَفسك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَإِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَابْن منيع فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: آخر آيَة أنزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي لفظ: إِن آخر

مَا نزل من الْقُرْآن {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن أَن أبي بن كَعْب كَانَ يَقُول: إِن أحدث الْقُرْآن عهد بِاللَّه وَفِي لفظ: بالسماء هَاتَانِ الْآيَتَانِ {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن الضريس فِي فضائله وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والخطيب فِي تَلْخِيص الْمُتَشَابه والضياء فِي المختارة من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن أبيّ بن كَعْب أَنهم جمعُوا الْقُرْآن فِي مصحف فِي خلَافَة أبي بكر فَكَانَ رجال يَكْتُبُونَ ويملي عَلَيْهِم أبي بن كَعْب حَتَّى انْتَهوا إِلَى هَذِه الْآيَة من سُورَة بَرَاءَة {ثمَّ انصرفوا صرف الله قُلُوبهم بِأَنَّهُم قوم لَا يفقهُونَ} فظنوا أَن هَذَا آخر مَا نزل من الْقُرْآن فَقَالَ أبيّ بن كَعْب: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أَقْرَأَنِي بعد هَذَا آيَتَيْنِ {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم حَرِيص عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيم فَإِن توَلّوا فَقل حسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم} فَهَذَا آخر مَا نزل من الْقُرْآن قَالَ: فختم الْأَمر بِمَا فتح بِهِ بِلَا إِلَه إِلَّا الله يَقُول الله (وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول إِلَّا يُوحى إِلَيْهِ أَنه لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدون) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة 25) وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن حبَان وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن ثَابت قَالَ: أرسل إليَّ أَبُو بكر مقتل أهل الْيَمَامَة وَعِنْده عمر فَقَالَ أَبُو بكر: إِن عمر أَتَانِي فَقَالَ: إِن الْقَتْل قد استحر يَوْم الْيَمَامَة بِالنَّاسِ واني أخْشَى أَن يستحر الْقَتْل بالقراء فِي المواطن فَيذْهب كثير من الْقُرْآن الا أَن تجمعوه وَإِنِّي أرى أَن تجمع الْقُرْآن قَالَ أَبُو بكر: فَقلت لعمر: كَيفَ أفعل شَيْئا لم يَفْعَله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر: هُوَ - وَالله - خير فَلم يزل عمر يراجعني فِيهِ حَتَّى شرح الله لذَلِك صَدْرِي وَرَأَيْت الَّذِي رأى عمر قَالَ زيد بن ثَابت: وَعمر جَالس عِنْده لَا يتَكَلَّم فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّك رجل شَاب عَاقل وَلَا نتهمك كنت تكْتب الْوَحْي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتتبع الْقُرْآن فاجمعه فوَاللَّه لَو كلفوني نقل جبل من الْجبَال مَا كَانَ أثقل عليَّ مِمَّا أمراني بِهِ من جمع الْقُرْآن قلت: كَيفَ تفعلان شَيْئا لم يَفْعَله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبُو بكر:

هُوَ - وَالله - خير فَلم أزل أراجعه حَتَّى شرح الله صَدْرِي للَّذي شرح لَهُ صدر أبي بكر وَعمر فَقُمْت فتتبعت الْقُرْآن اجمعه من الرّقاع والإِكاف والعسب وصدور الرِّجَال حَتَّى وجدت من سُورَة التَّوْبَة آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَة بن ثَابت الْأنْصَارِيّ لم أجدهما مَعَ أحد غَيره {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم} إِلَى آخرهما وَكَانَت الصُّحُف الَّتِي جمع فِيهَا الْقُرْآن عِنْد أبي بكر حَتَّى توفاه الله ثمَّ عِنْد عمر حَتَّى توفاه الله ثمَّ عِنْد حَفْصَة بنت عمر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: كَانَ عمر لَا يثبت آيَة فِي الْمُصحف حَتَّى يشْهد رجلَانِ فجَاء رجل من الْأَنْصَار بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} إِلَى آخرهَا فَقَالَ عمر: لَا أَسأَلك عَلَيْهَا بَيِّنَة أبدا كَذَلِك كَانَ رَسُول الله وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن عُرْوَة قَالَ: لما استحر الْقَتْل بالقراء يَوْمئِذٍ فرقَّ أَبُو بكر على الْقُرْآن أَن يضيع فَقَالَ لعمر بن الْخطاب ولزيد بن ثَابت: أقعدا على بَاب الْمَسْجِد فَمن جاءكما بِشَاهِدين على شَيْء من كتاب الله فاكتباه وَأخرج ابْن إِسْحَق وَأحمد بن حَنْبَل وَابْن أبي دَاوُد عَن عباد بن عبد الله بن الزبير قَالَ: أَتَى الْحَرْث بن خُزَيْمَة بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ من آخر بَرَاءَة {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} إِلَى قَوْله {وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم} إِلَى عمر فَقَالَ: من مَعَك على هَذَا فَقَالَ: لَا أَدْرِي وَالله إِلَّا أَنِّي أشهد لسمعتها من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووعيتها وحفظتها فَقَالَ عمر: وَأَنا أشهد لسمعتها من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو كَانَت ثَلَاث آيَات لجعلتها سُورَة على حِدة فانظروا من الْقُرْآن فالحقوها فألحقت فِي آخر بَرَاءَة وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب قَالَ: أَرَادَ عمر بن الْخطاب أَن يجمع الْقُرْآن فَقَامَ فِي النَّاس فَقَالَ: من كَانَ تلقى من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا من الْقُرْآن فليأتنا بِهِ وَكَانُوا كتبُوا ذَلِك فِي الصُّحُف والألواح والعسب وَكَانَ لَا يقبل من أحد شَيْئا حَتَّى يشْهد شهيدان فَقتل وَهُوَ يجمع ذَلِك إِلَيْهِ فَقَامَ عُثْمَان بن عَفَّان فَقَالَ: من كَانَ عِنْده شَيْء من كتاب الله فليأتنا بِهِ وَكَانَ لَا يقبل من أحد شَيْئا حَتَّى يشْهد بِهِ شَاهِدَانِ فجَاء خُزَيْمَة بن ثَابت فَقَالَ: إِنِّي رأيتكم تركْتُم آيَتَيْنِ لم تكتبوهما فَقَالُوا: مَا هما قَالَ: تلقيت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم} إِلَى آخر السُّورَة فَقَالَ عُثْمَان:

وَأَنا أشهد بهما من عِنْد الله فَأَيْنَ ترى أَن نجعلهما قَالَ: اختم بهما آخر مَا نزلت من الْقُرْآن فختمت بهما بَرَاءَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} الْآيَة قَالَ: جعله الله من أنفسهم فَلَا يحسدونه على مَا أعطَاهُ الله من النبوّة والكرامة عَزِيز عَلَيْهِ عنت مؤمنهم حَرِيص على ضالهم أَن يهديه الله {بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم} قَالَ: شَدِيد عَلَيْهِ مَا شقّ عَلَيْكُم {حَرِيص عَلَيْكُم} أَن يُؤمن كفاركم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ جِبْرِيل فَقَالَ لي: يَا مُحَمَّد إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام وَهَذَا ملك الْجبَال قد أرْسلهُ الله إِلَيْك وَأمره أَن لَا يفعل شَيْئا إِلَّا بِأَمْرك فَقَالَ لَهُ ملك الْجبَال: إِن الله أَمرنِي أَن لَا أفعل شَيْئا إِلَّا بِأَمْرك إِن شِئْت دمدمت عَلَيْهِم الْجبَال وَإِن شِئْت رميتهم بالحصباء وَإِن شِئْت خسفت بهم الأَرْض قَالَ: يَا ملك الْجبَال فَإِنِّي آتِي بهم لَعَلَّه أَن يخرج مِنْهُم ذُرِّيَّة يَقُولُونَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ ملك الْجبَال عَلَيْهِ السَّلَام: أَنْت كَمَا سمَّاك رَبك رؤوف رَحِيم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي صَالح الْحَنَفِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله رَحِيم وَلَا يضع رَحمته إِلَّا على رَحِيم قُلْنَا: يَا رَسُول الله كلنا نرحم أَمْوَالنَا وَأَوْلَادنَا قَالَ: لَيْسَ بذلك وَلَكِن كَمَا قَالَ الله {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم حَرِيص عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة جَاءَتْهُ جُهَيْنَة فَقَالُوا لَهُ: إِنَّك قد نزلت بَين أظهرنَا فأوثق لنا نأمنك وتأمنا قَالَ: وَلم سَأَلْتُم هَذَا قَالُوا: نطلب الْأَمْن فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم} الْآيَة وَأخرج ابْن سعد عَن أبي صَالح الْحَنَفِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله رَحِيم يحب الرَّحِيم يضع رَحمته على كل رَحِيم قَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا لنرحم أَنْفُسنَا وأموانا وَأَزْوَاجنَا قَالَ: لَيْسَ كَذَلِك وَلَكِن كونُوا كَمَا قَالَ الله: {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم حَرِيص عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيم}

الْآيَة 129

129

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِن توَلّوا فَقل حسبي الله} يَعْنِي الْكفَّار توَلّوا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذِه فِي الْمُؤمنِينَ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: خرجت سَرِيَّة إِلَى أَرض الرّوم فَسقط رجل مِنْهُم فَانْكَسَرت فَخذه فَلم يستطيعوا أَن يحملوه فربطوا فرسه عِنْده وَوَضَعُوا عِنْده شَيْئا من مَاء وَزَاد فَلَمَّا ولوا أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ: مَا لَك هَهُنَا قَالَ: انْكَسَرت فَخذي فتركني أَصْحَابِي فَقَالَ: ضع يدك حَيْثُ تَجِد الْأَلَم فَقل {فَإِن توَلّوا فَقل حسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم} قَالَ: فَوضع يَده فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة فصح مَكَانَهُ وَركب فرسه وَأدْركَ أَصْحَابه وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي الدَّرْدَاء مَوْقُوفا وَابْن السّني عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ حِين يصبح وَحين يُمْسِي {حسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم} سبع مَرَّات كَفاهُ الله مَا أهمه من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن الْحسن قَالَ: من قَالَ حِين يصبح سبع مَرَّات {حسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم} لم يصبهُ ذَلِك الْيَوْم وَلَا تِلْكَ اللَّيْلَة كرب وَلَا سلب وَلَا غرق أما قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سمي الْعَرْش عرشاً لارتفاعه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعد الطَّائِي قَالَ: الْعَرْش ياقوتة حَمْرَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن الله تَعَالَى خلق الْعَرْش والكرسي من نوره فالعرش ملتصق بالكرسي وَالْمَلَائِكَة فِي جَوف الْكُرْسِيّ وَحَوله الْعَرْش أَرْبَعَة أَنهَار نهر من نور يتلألأ ونهر من نَار تتلظى ونهر من ثلج أَبيض تلتمع مِنْهُ الْأَبْصَار ونهر من مَاء وَالْمَلَائِكَة قيام فِي تِلْكَ الْأَنْهَار

يسبحون الله تَعَالَى وللعرش أَلْسِنَة بِعَدَد أَلْسِنَة الْخلق كلهم فَهُوَ يسبح الله تَعَالَى ويذكره بِتِلْكَ الْأَلْسِنَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَرْش ياقوتة حَمْرَاء وَإِن ملكا من الْمَلَائِكَة نظر إِلَيْهِ وَإِلَى عظمه فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي قد جعلت فِيك قوّة سبعين ألف ملك لكل ملك سَبْعُونَ ألف جنَاح فطر فطار الْملك بِمَا فِيهِ من القوّة والأجنحة مَا شَاءَ الله أَن يطير فَوقف فَنظر فَكَأَنَّهُ لم يرم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن حَمَّاد قَالَ: خلق الله الْعَرْش من زمردة خضراء وَخلق لَهُ أَربع قَوَائِم من ياقوتة حَمْرَاء وَخلق لَهُ ألف لِسَان وَخلق فِي الأَرْض ألف أمة كل أمة تسبح الله بِلِسَان من ألسن الْعَرْش وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ: إِن الْعَرْش مطوّق بحية وَالْوَحي ينزل فِي السلَاسِل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن الْعَرْش على الْحرم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا يقدر قدر الْعَرْش إِلَّا الَّذِي خلقه وَإِن السَّمَوَات فِي خلق الْعَرْش مثل قبَّة فِي صحراء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: مَا أخذت السَّمَوَات وَالْأَرْض من الْعَرْش إِلَّا كَمَا تَأْخُذ الْحلقَة من أَرض الفلاة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: إِن السَّمَوَات فِي الْعَرْش كالقنديل مُعَلّقا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن يزِيد الْبَصْرِيّ قَالَ: فِي كتاب مَا تنبأ عَلَيْهِ هرون النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: إِن بحرنا هَذَا خليج من نبطس ونبطس وَرَاءه وَهُوَ مُحِيط بِالْأَرْضِ فالأرض وَمَا فَوْقهَا من الْبحار عِنْد نبطس كعين على سيف الْبَحْر وَخلف نبطس قينس مُحِيط بِالْأَرْضِ فنبطس وَمَا دونه عِنْده كعين على سيف الْبَحْر وَخلف قينس الْأَصَم مُحِيط بِالْأَرْضِ فقينس وَمَا دونه عِنْده كعين على سيف الْبَحْر وَخلف الْأَصَم المظلم مُحِيط بِالْأَرْضِ فالأصم وَمَا دونه عِنْده كعين على سيف الْبَحْر: وَخلف المظلم جبل من الماس مُحِيط بِالْأَرْضِ فالمظلم وَمَا دونه عِنْده كعين على سيف الْبَحْر وَخلف الماس الباكي وَهُوَ مَاء عذب مُحِيط بِالْأَرْضِ أَمر الله نصفه أَن يكون تَحت الْعَرْش فَأَرَادَ أَن يستجمع فزجره فَهُوَ باك

يسْتَغْفر الله فالماس وَمَا دونه عِنْده كعين على سيف الْبَحْر وَالْعرش خلف ذَلِك مُحِيط بِالْأَرْضِ فالباكي وَمَا دونه عِنْده كعين على سيف الْبَحْر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد أسلم عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا السَّمَوَات السَّبع فِي الْكُرْسِيّ إِلَّا كدراهم سَبْعَة القيت فِي ترس قَالَ ابْن زيد: قَالَ أَبُو ذَر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا الْكُرْسِيّ فِي الْعَرْش إِلَّا كحلقة من حَدِيد القيت بَين ظَهْري فلاة من الأَرْض والكرسي مَوضِع الْقَدَمَيْنِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خلق الله الْعَرْش وللعرش سَبْعُونَ ألف سَاق كل سَاق كاستدارة السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَين الْمَلَائِكَة وَبَين الْعَرْش سَبْعُونَ حِجَابا حجاب من نور وحجاب من ظلمَة وحجاب من نور وحجاب من ظلمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول عِنْد الكرب لَا إِلَه إِلَّا الله الْعَظِيم الْحَلِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَوَات وَرب الْأَرْضين وَرب الْعَرْش الْكَرِيم وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن جَعْفَر رَضِي الله قَالَ: عَلمنِي عَليّ رَضِي الله عَنهُ كَلِمَات علمهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاه يقولهن عِنْد الكرب وَالشَّيْء يُصِيبهُ لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم سُبْحَانَ الله وتبارك الله رب الْعَرْش الْعَظِيم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ من طَرِيق إِسْحَق بن عبد الله بن جَعْفَر عَن أَبِيه قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لقنوا مَوْتَاكُم لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم سُبْحَانَ الله رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين قَالُوا: يَا رَسُول الله فَكيف هِيَ للحي قَالَ: أَجود وأجود وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن جَعْفَر أَنه زوّج ابْنَته فَخَلا بهَا فَقَالَ: إِذا نزل بك الْمَوْت أَو أَمر من أُمُور الدُّنْيَا فظيع فاستقبليه بِأَن تقولي لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم سبجان الله رب الْعَرْش الْعَظِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ

أَن حزقيل كَانَ فِي سبا بخْتنصر مَعَ دانيال من بَيت الْمُقَدّس فَزعم حزقيل أَنه كَانَ نَائِما على شأطئ الْفُرَات فَأَتَاهُ ملك وَهُوَ نَائِم فَأخذ بِرَأْسِهِ فاحتمله حَتَّى وَضعه فِي خزانَة بَيت الْمُقَدّس قَالَ: فَرفعت رَأْسِي إِلَى السَّمَاء فَإِذا السَّمَوَات منفرجات دون الْعَرْش قَالَ: فَبَدَا لي الْعَرْش وَمن حوله فَنَظَرت إِلَيْهِم من تِلْكَ الفرجة فَإِذا الْعَرْش - إِذا نظرت إِلَيْهِ - مظل على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِذا نظرت إِلَى السَّمَوَات وَالْأَرْض رأيتهن متعلقات بِبَطن الْعَرْش وَإِذا الحملة أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة لكل ملك مِنْهُم أَرْبَعَة وُجُوه وَجه إِنْسَان وَوجه نسر وَوجه أَسد وَوجه ثَوْر فَلَمَّا أعجبني ذَلِك مِنْهُم نظرت إِلَى أَقْدَامهم فَإِذا هِيَ فِي الأَرْض على عجل تَدور بهَا وَإِذا ملك قَائِم بَين يَدي الْعَرْش لَهُ سِتَّة أَجْنِحَة لَهَا لون كلون فرع لم يزل ذَلِك مقَامه مُنْذُ خلق الله الْخلق إِلَى أَن تقوم السَّاعَة فَإِذا هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَإِذا ملك أَسْفَل من ذَلِك أعظم شَيْء رَأَيْته من الْخلق فَإِذا هُوَ مِيكَائِيل وَهُوَ خَليفَة على مَلَائِكَة السَّمَاء وَإِذا مَلَائِكَة يطوفون بالعرش مُنْذُ خلق الله الْخلق إِلَى أَن تقوم السَّاعَة يَقُولُونَ: قدوس قدوس رَبنَا الله الْقوي مَلَأت عَظمته السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِذا مَلَائِكَة أَسْفَل من ذَلِك لكل ملك مِنْهُم سِتَّة أَجْنِحَة جَنَاحَانِ يستر بهما وَجهه من النُّور وجناحان يُغطي بهما جسده وجناحان يطير بهما وَإِذا هم الْمَلَائِكَة المقربون وَإِذا مَلَائِكَة أَسْفَل من ذَلِك سُجُود مذ خلق الله الْخلق إِلَى أَن ينْفخ فِي الصُّور فَإِذا نفخ فِي الصُّور رفعوا رؤوسهم فَإِذا نظرُوا إِلَى الْعَرْش قَالُوا: سُبْحَانَكَ مَا كُنَّا نقدرك حق قدرتك ثمَّ رَأَيْت الْعَرْش تدلى من تِلْكَ الفرجة فَكَانَ قدرهَا ثمَّ أفْضى إِلَى مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَكَانَ يَلِي مَا بَينهمَا ثمَّ دخل من بَاب الرَّحْمَة فَكَانَ قدره ثمَّ أفْضى إِلَى الْمَسْجِد فَكَانَ قدره ثمَّ وَقع على الصَّخْرَة فَكَانَ قدرهَا ثمَّ قَالَ: يَا ابْن آدم فصعقت وَسمعت صَوتا لم أسمع مثله قطّ فَذَهَبت أقدر ذَلِك الصَّوْت فَإِذا قدره كعسكر اجْتَمعُوا فاجلبوا بِصَوْت وَاحِد أَو كفئة اجْتمعت فتدافعت وأتى بَعْضهَا بَعْضًا أَو أعظم من ذَلِك قَالَ حزقيل: فَلَمَّا صعِقَتْ قَالَ: أنعشوه فَإِنَّهُ ضَعِيف خلق من طين ثمَّ قَالَ: اذْهَبْ إِلَى قَوْمك فَأَنت طليعتي عَلَيْهِم كطليعة الْجَيْش من دَعوته مِنْهُم فأجابك واهتدى بهداك فلك مثل أجره وَمن غفلت عَنهُ حَتَّى يَمُوت ضَالًّا فَعَلَيْك مثل وزره لَا يُخَفف ذَلِك من أوزارهم شَيْئا ثمَّ عرج بالعرش واحتملت حَتَّى رددت إِلَى

شاطئ الْفُرَات فَبَيْنَمَا أَنا نَائِم على شاطئ الْفُرَات إِذْ أَتَانِي ملك فَأخذ برأسي فاحتملني حَتَّى ادخلني جنب بَيت الْمُقَدّس فَإِذا أَنا بحوض مَاء لَا يجوز قدمي ثمَّ افضيت مِنْهُ إِلَى الْجنَّة فَإِذا شَجَرهَا على شطوط أنهارها وَإِذا هُوَ شجر لَا يَتَنَاثَر ورقه وَلَا يفنى عمره فَإِذا فِيهِ الطّلع والقضيب وَالْبيع والقطيف قلت: فَمَا لباسها قَالَ: هُوَ ثِيَاب كثياب الْحور يتفلق على أَي لون شَاءَ صَاحبه قلت: فَمَا ازواجها فعرضن عليَّ فَذَهَبت لأقيس حسن وجوههنفإذا هن لَو جمع الشَّمْس وَالْقَمَر كَانَ وَجه احداهن اضوأ مِنْهُمَا وَإِذا لحم إِحْدَاهُنَّ لايواري عظمها وَإِذا عظمها لَا يواري مخها وَإِذا هِيَ إِذا نَام عَنْهَا صَاحبهَا اسْتَيْقَظَ وَهِي بكر فعجبت من ذَلِك فَقيل لي: لم تعجب من هَذَا فَقلت: وَمَا لي لَا أعجب قَالَ: فَإِنَّهُ من أكل من هَذِه الثِّمَار الَّتِي رَأَيْت خلد وَمن تزوج من هَذِه الْأزْوَاج انْقَطع عَنهُ الْهم والحزن قَالَ: ثمَّ أَخذ برأسي فردني حَيْثُ كنت قَالَ حزقيل: فَبينا أَنا نَائِم على شاطئ الْفُرَات إِذْ أَتَانِي ملك فَأخذ برأسي فاحتملني حَتَّى وضعني بقاع من الأَرْض قد كَانَت معركة وَإِذا فِيهِ عشرَة آلَاف قَتِيل قد بددت الطُّيُور وَالسِّبَاع لحومهم وَفرقت بَين اوصالهم ثمَّ قَالَ لي: إِن قوما يَزْعمُونَ أَنه من مَاتَ مِنْهُم أَو قتل فقد انفلت مني وَذَهَبت عَنهُ قدرتي فادعهم قَالَ حزقيل: فدعوتهم فَإِذا كل عظم قد أقبل إِلَى مفصله الَّذِي مِنْهُ انْقَطع مَا رجل بِصَاحِبِهِ باعرف من الْعظم بمفصله الَّذِي فَارق حَتَّى أمَّ بَعْضهَا بَعْضًا ثمَّ نبت عَلَيْهَا اللَّحْم ثمَّ نَبتَت الْعُرُوق ثمَّ انبسطت الْجُلُود وَأَنا أنظر إِلَى ذَلِك ثمَّ قَالَ: ادْع لي أَرْوَاحهم قَالَ حزقيل: فدعوتها وَإِذا كل روح قد أقبل إِلَى جسده الَّذِي فَارق فَلَمَّا جَلَسُوا سَأَلتهمْ فيمَ كُنْتُم قَالُوا: انَّا لما متْنا وفارقنا الْحَيَاة لَقينَا ملك يُقَال لَهُ مِيكَائِيل قَالَ: هلموا أَعمالكُم وخذوا أجوركم كَذَلِك سُنَّتنا فِيكُم وفيمن كَانَ قبلكُمْ وفيمن هُوَ كَائِن بعدكم فَنظر فِي أَعمالنَا فَوَجَدنَا نعْبد الْأَوْثَان فَسلط الدُّود على أَجْسَادنَا وَجعلت الْأَرْوَاح تألمه وسلط الْغم على أَرْوَاحنَا وَجعلت أَجْسَادنَا تألمه فَلم نزل كَذَلِك نعذب حَتَّى دَعوتنَا قَالَ: ثمَّ احتملني فردني حَيْثُ كنت

مُقَدّمَة سُورَة يُونُس أخرج النّحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة يُونُس بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزلت سُورَة يُونُس بِمَكَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت سُورَة يُونُس تعد السَّابِعَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله أَعْطَانِي الرائيات إِلَى الطواسين مَكَان الْإِنْجِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن الْأَحْنَف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صليت خلف عمر رَضِي الله عَنهُ الْغَدَاة فَقَرَأَ بِيُونُس وَهود وَغَيرهمَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (10) سُورَة يُونُس مَكِّيَّة وآياتها تسع وَمِائَة الْآيَة 1

يونس

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الر} قَالَ: فواتح السُّور أَسمَاء من أَسمَاء الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن النجار فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الر} قَالَ: أَنا الله ارى

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {الر} قَالَ: أَنا الله ارى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {الر} قَالَ: أَنا الله أرى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الر} و (حم) و (ن) قَالَ: اسْم مقطع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الر} و (حم) و (ن) قَالَ: حُرُوف الرَّحْمَن مفرقة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله {الر} قَالَ: ألف وَلَام وَرَاء من الرَّحْمَن أما قَوْله: {تِلْكَ آيَات الْكتاب الْحَكِيم} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى {تِلْكَ} يَعْنِي هَذِه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {تِلْكَ آيَات الْكتاب} قَالَ: الْكتب الَّتِي خلت قبل الْقُرْآن الْآيَة 2

2

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما بعث الله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَسُولا أنْكرت الْعَرَب ذَلِك وَمن أنكر مِنْهُم قَالُوا: الله أعظم من أَن يكون رَسُوله بشرا مثل مُحَمَّد فَأنْزل الله {أَكَانَ للنَّاس عجبا أَن أَوْحَينَا إِلَى رجل مِنْهُم} الْآيَة (مَا أرسلنَا قبلك إِلَّا رجَالًا يُوحى إِلَيْهِم ) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة 7) الْآيَة فَلَمَّا كرر الله عَلَيْهِم الْحجَج قَالُوا: وَإِذا كَانَ بشرا فَغير مُحَمَّد كَانَ أَحَق بالرسالة (فلولا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم) (الزخرف الْآيَة 31) يَقُولُونَ: أشرف من مُحَمَّد يَعْنِي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة من مَكَّة ومسعود بن عمر والثقفي من الطَّائِف فَأنْزل الله ردا عَلَيْهِم (أهم يقسمون رَحْمَة رَبك) (الزخرف الْآيَة 32) الْآيَة وَالله أعلم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَبشر الَّذين آمنُوا أَن لَهُم قدم صدق عِنْد رَبهم} قَالَ: مَا سبق لَهُم من السَّعَادَة فِي الذّكر الأول وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أَن لَهُم قدم صدق عِنْد رَبهم} قَالَ: الْقدَم هُوَ الْعَمَل الَّذِي قدمُوا قَالَ الله (سنكتب مَا قدمُوا وآثارهم) (يسن الْآيَة 12) والْآثَار ممشاهم قَالَ: مَشى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين اسطوانتين من مَسْجِدهمْ ثمَّ قَالَ هَذَا أثر مَكْتُوب وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع فِي قَوْله {قدم صدق} قَالَ: ثَوَاب صدق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قدم صدق} قَالَ: يقدمُونَ عَلَيْهِ عِنْد رَبهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قدم صدق} قَالَ: خير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قدم صدق} قَالَ: سلف صدق وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قدم صدق} أَي سلف صدق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن بكار بن مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قدم صدق عِنْد رَبهم} قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَن لَهُم قدم صدق عِنْد رَبهم} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَفِيع لَهُم يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَن لَهُم قدم صدق عِنْد رَبهم} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَفِيع لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي قَوْله {قدم صدق عِنْد رَبهم} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَفِيع صدق لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي بن كَعْب فِي قَوْله {لَهُم قدم صدق} قَالَ: سلف صدق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {إِن لَهُم قدم صدق عِنْد رَبهم} قَالَ: مصيبتهم فِي نَبِيّهم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {قدم صدق} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما قَوْله تَعَالَى: {قَالَ الْكَافِرُونَ إِن هَذَا لساحر مُبين} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زَائِدَة قَالَ: قَرَأَ سُلَيْمَان فِي يُونُس عِنْد الْآيَتَيْنِ {لساحر مُبين} الْآيَات 3 - 4

3

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يدبر الْأَمر} قَالَ: يَقْضِيه وَحده وَفِي قَوْله {إِنَّه يبْدَأ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ} قَالَ: يحييه ثمَّ يميته ثمَّ يحييه الْآيَة 5

5

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: تكلم رَبنَا بكلمتين فَصَارَت إحدهما شمساً وَالْأُخْرَى قمراً وَكَانَا من النُّور جَمِيعًا ويعودان إِلَى الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {جعل الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نورا} قَالَ: لم يَجْعَل الشَّمْس كَهَيئَةِ الْقَمَر كي يعرف اللَّيْل من النَّهَار وَهُوَ قَوْله (فمحونا آيَة اللَّيْل) (الاسراء الْآيَة 12) الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي جعل الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نورا} قَالَ: وُجُوههمَا إِلَى السَّمَوَات وَأَقْفِيَتهمَا إِلَى الأَرْض وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر قَالَ: الشَّمْس وَالْقَمَر وُجُوههمَا إِلَى الْعَرْش وَأَقْفِيَتهمَا إِلَى الأَرْض وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر أَنه كَانَ بَين يَدَيْهِ نَار إِذْ شهقت فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لتعوذ بِاللَّه من النَّار الْكُبْرَى وَرَأى الْقَمَر حِين جنح للغروب فَقَالَ وَالله إِنَّه ليبكي الْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: لَا تطلع الشَّمْس حَتَّى يصبحها ثَلَاثمِائَة ملك وَسَبْعُونَ ملكا أما سَمِعت أُميَّة بن أبي الصَّلْت يَقُول: لَيست بطالعة لنا فِي رسلنَا إِلَّا معذبة وَإِلَّا تجلد الْآيَة 6

6

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن خَليفَة الْعَبْدي قَالَ: لَو أَن الله تبَارك وَتَعَالَى لم يعبد إِلَّا عَن رُؤْيَة مَا عَبده أحد وَلَكِن الْمُؤمنِينَ تَفَكَّرُوا فِي مَجِيء هَذَا اللَّيْل إِذا جَاءَ فَمَلَأ كل شَيْء وغطى كل شَيْء وَفِي مَجِيء سُلْطَان النَّهَار إِذا جَاءَ فمحا سُلْطَان اللَّيْل وَفِي السَّحَاب المسخر بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَفِي النُّجُوم وَفِي الشتَاء والصيف فوَاللَّه مَا زَالَ الْمُؤْمِنُونَ يتفكرون فِيمَا خلق رَبهم تبَارك وَتَعَالَى حَتَّى أيقنت قُلُوبهم برَبهمْ عز وَجل وكأنما عبدُوا الله عَن رُؤْيَة

الْآيَات 7 - 8

7

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {إِن الَّذين لَا يرجون لقاءنا وَرَضوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ أهل الْكفْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَرَضوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا واطمأنوا بهَا} قَالَ: مثل قَوْله (من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا) (هود الْآيَة 15) الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يُوسُف بن أَسْبَاط قَالَ: الدُّنْيَا دَار نعيم الظَّالِمين قَالَ: وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: الدُّنْيَا جيفة فَمن أرادها فليصبر على مُخَالطَة الْكلاب الْآيَة 9

9

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يهْدِيهم رَبهم بإيمَانهمْ} قَالَ: يكون لَهُم نورا يَمْشُونَ بِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يهْدِيهم رَبهم بإيمَانهمْ} قَالَ: حَدثنَا الْحسن قَالَ: بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمُؤمن إِذا خرج من قَبره صور لَهُ عمله فِي صُورَة حَسَنَة وريح طيبَة فَيَقُول لَهُ: مَا أَنْت فوَاللَّه إِنِّي لأرَاك عين امْرِئ صدق فَيَقُول لَهُ: أَنا عَمَلك فَيكون لَهُ نورا وَقَائِدًا إِلَى الْجنَّة وَأما الْكَافِر فَإِذا خرج من قَبره صور لَهُ عمله فِي صُورَة سَيِّئَة وريح مُنْتِنَة فَيَقُول لَهُ: مَا أَنْت فوَاللَّه إِنِّي لأرَاك عين إمرئ سوء فَيَقُول: أَنا عَمَلك فَينْطَلق بِهِ حَتَّى يدْخلهُ النَّار

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {يهْدِيهم رَبهم بإيمَانهمْ} قَالَ: يمثل لَهُ عمله فِي صُورَة حَسَنَة وريح طيبَة يُعَارض صَاحبه ويبشره بِكُل خير فَيَقُول: من أَنْت فَيَقُول: أَنا عَمَلك الصَّالح فَيجْعَل لَهُ نورا من بَين يَدَيْهِ حَتَّى يدْخلهُ الْجنَّة وَالْكَافِر يمثل لَهُ عمله فِي صُورَة سَيِّئَة وريح مُنْتِنَة فيلازم صَاحبه حَتَّى يقذفه فِي النَّار وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع فِي قَوْله {يهْدِيهم رَبهم بإيمَانهمْ} قَالَ: حَتَّى يدخلهم الْجنَّة فَحدث أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لأَحَدهم يَوْمئِذٍ أعلم بمنزله مِنْكُم الْيَوْم بمنزلنا ثمَّ ذكر عَن الْعلمَاء أَنه أنزلهم الْجنَّة سَبْعَة منَازِل لكل منزل من تِلْكَ الْمنَازل أهل فِي سبع فَضَائِل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْعَى عَلَيْهِم بِمَا سَأَلُوا وَبِمَا خطر على أنفسهم حَتَّى إِذا امتلأوا كَانَ طعامهم ذَلِك جشاء وريح الْمسك لَيْسَ فِيهَا حدث ثمَّ ألهموا الْحَمد وَالتَّسْبِيح كَمَا ألهموا النَّفس ثمَّ يجتني فاكهتها قَائِما وَقَاعِدا ومتكئاً على أَي حَال كَانَ عَلَيْهِ ثمَّ لَا تصل إِلَى فِيهِ حَتَّى تعود كَمَا كَانَت إِنَّهَا بركَة الرَّحْمَن وبركة الرَّحْمَن لَا تفنى وَهِي الخزائن الَّتِي لَا تَنْقَطِع أبدا مَا أَخذ مِنْهَا لم ينقص وَمَا ترك مِنْهَا لم يفْسد الْآيَة 10

10

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَالُوا سُبْحَانَكَ الله أَتَاهُم مَا شتهوا من الْجنَّة من رَبهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع قَالَ: أهل الْجنَّة إِذا اشتهوا شَيْئا قَالُوا: سُبْحَانَكَ اللهمَّ وَبِحَمْدِك فَإِذا هُوَ عِنْدهم فَذَلِك قَوْله {دَعوَاهُم فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهمَّ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن أهل الْجنَّة إِذا دعوا بِالطَّعَامِ قَالُوا: سُبْحَانَكَ اللهمَّ فَيقوم على أحدهم عشرَة آلَاف خَادِم مَعَ كل خَادِم صَحْفَة من ذهب فِيهَا طَعَام لَيْسَ فِي الْأُخْرَى فيأكل مِنْهُنَّ كُلهنَّ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {دَعوَاهُم فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهمَّ} قَالَ: يكون ذَلِك قَوْلهم فِيهَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: أخْبرت أَن قَوْله {سُبْحَانَكَ اللهمَّ} إِذا مر بهم الطَّائِر يشتهونه قَالُوا: سُبْحَانَكَ اللهمَّ ذَلِك دعاؤهم بِهِ فيأتيهم بِمَا اشتهوا فَإِذا جَاءَ الْملك بِمَا يشتهون فَيسلم عَلَيْهِم فيردون عَلَيْهِ فَذَلِك قَوْله {وتحيتهم فِيهَا سَلام} فَإِذا أكلُوا قدر حَاجتهم قَالُوا: الْحَمد لله رب الْعَالمين فَذَلِك قَوْله {وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن أبي الْهُذيْل قَالَ: الْحَمد أول الْكَلَام وَآخر الْكَلَام ثمَّ تَلا {وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين} الْآيَة 11

11

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَو يعجل الله للنَّاس الشَّرّ استعجالهم بِالْخَيرِ} قَالَ: هُوَ قَول إِنْسَان لوَلَده وَمَاله إِذا غضب عَلَيْهِ: اللهمَّ لَا تبَارك فِيهِ والعنه {لقضي إِلَيْهِم أَجلهم} قَالَ: لأهْلك من دَعَا عَلَيْهِ ولأماته وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير {وَلَو يعجل الله للنَّاس الشَّرّ استعجالهم بِالْخَيرِ} قَالَ: قَول الرجل للرجل: اللهمَّ اخزه اللهمَّ العنه قَالَ: وَهُوَ يحب أَن يُسْتَجَاب لَهُ كَمَا يحب اللهمَّ اغْفِر لَهُ اللهمَّ ارحمه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ دُعَاء الرجل على نَفسه وَمَاله بِمَا يكره أَن يُسْتَجَاب لَهُ الْآيَات 12 - 13

12

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {دَعَانَا لجنبه} قَالَ: مُضْطَجعا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {دَعَانَا لجنبه أَو قَاعِدا أَو قَائِما} قَالَ: على كل حَال وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: ادْع الله يَوْم سرائك يستجب لَك يَوْم ضرائك الْآيَة 14

14

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ثمَّ جَعَلْنَاكُمْ خلائف فِي الأَرْض من بعدهمْ لنَنْظُر كَيفَ تَعْمَلُونَ} قَالَ: ذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب قَرَأَ هَذِه الْآيَة فَقَالَ: صدق رَبنَا مَا جعلنَا خلائف فِي الأَرْض إِلَّا لينْظر إِلَى أَعمالنَا فأروا الله خير أَعمالكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار والسر وَالْعَلَانِيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {ثمَّ جَعَلْنَاكُمْ خلائف} لأمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَة 15

15

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا بَيِّنَات} قَالَ: لَا يرجون لقاءنا إيتِ بقرآن غير هَذَا أَو بدِّله قَالَ: هَذَا قَول مُشْركي أهل مَكَّة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل لَو شَاءَ الله مَا تلوته عَلَيْكُم}

الْآيَة 16

16

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا أدراكم بِهِ} يَقُول: أعلمكُم بِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا أدراكم بِهِ} يَقُول: وَلَا أشعركم بِهِ وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَنه قَالَ وَلَا أدرأتكم بِهِ يَعْنِي بِالْهَمْز قَالَ الْفراء: لَا أعلم هَذَا يجوز من دَريت وَلَا أدريت إِلَّا أَن يكون الْحسن همزها على طَبِيعَته فَإِن الْعَرَب رُبمَا غَلطت فهمزت مَا لم يهمز وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ قل لَو شَاءَ الله مَا تلوته عَلَيْكُم وَلَا أَنْذَرْتُكُمْ بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلَا أدراكم بِهِ} قَالَ: مَا حذرتكم بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {فقد لَبِثت فِيكُم عمرا من قبله} قَالَ: لم أتل عَلَيْكُم وَلم أذكر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {فقد لَبِثت فِيكُم عمرا من قبله} قَالَ: لبث أَرْبَعِينَ سنة قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ وَرَأى الرُّؤْيَا سنتَيْن وَأوحى الله إِلَيْهِ عشر سِنِين بِمَكَّة وَعشرا بِالْمَدِينَةِ وَتُوفِّي وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سنة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأربعين سنة فَمَكثَ بِمَكَّة ثَلَاث عشرَة يُوحى إِلَيْهِ ثمَّ أَمر بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عشر سِنِين وَمَات وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ بسن أَي الرِّجَال كَانَ النَّبِي إِذْ بعث قَالَ: كَانَ ابْن أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزلت النُّبُوَّة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ سنة فقرن بنبوته إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام ثَلَاث سِنِين فَكَانَ يُعلمهُ الْحِكْمَة

وَالشَّيْء لم ينزل الْقُرْآن فَلَمَّا مَضَت ثَلَاث سِنِين قرن بنبوته جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَنزل الْقُرْآن على لِسَانه عشْرين عشرا بِمَكَّة وَعشرا بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس بن مَالك قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَأس أَرْبَعِينَ فَأَقَامَ بِمَكَّة عشرا وبالمدينة عشرا وَتُوفِّي على رَأس سِتِّينَ سنة الْآيَات 17 - 18

17

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ النَّضر: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة شفعت لي اللات والعزى فَأنْزل الله {فَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو كذب بآياته إِنَّه لَا يفلح المجرمون ويعبدون من دون الله مَا لَا يضرهم وَلَا يَنْفَعهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شفعاؤنا عِنْد الله} الْآيَة 19

19

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا كَانَ النَّاس إِلَّا أمة وَاحِدَة} قَالَ: على الإِسلام وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَمَا كَانَ النَّاس إِلَّا أمة وَاحِدَة فَاخْتَلَفُوا} فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانُوا على هدى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {وَمَا كَانَ النَّاس إِلَّا أمة وَاحِدَة} قَالَ: آدم عَلَيْهِ السَّلَام {وَاحِدَة فَاخْتَلَفُوا} قَالَ: حِين قتل أحد ابْني آدم أَخَاهُ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمَا كَانَ النَّاس} الْآيَة قَالَ: كَانَ النَّاس أهل دين وَاحِد على دين آدم فَكَفرُوا فلولا أَن رَبك أَجلهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لقضى بَينهم الْآيَة 20

20

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله {فانتظروا إِنِّي مَعكُمْ من المنتظرين} قَالَ: خوفهم عَذَابه وعقوبته الْآيَة 21

21

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذا أذقنا النَّاس رَحْمَة من بعد ضراء مستهم إِذا لَهُم مكر فِي آيَاتنَا} قَالَ: استهزاء وَتَكْذيب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان قَالَ: كل مكر فِي الْقُرْآن فَهُوَ عمل الآيان 22 - 23

22

أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر أَن تميماً الدَّارِيّ سَأَلَ عمر بن الْخطاب عَن ركُوب الْبَحْر فَأمره بتقصير الصَّلَاة قَالَ: يَقُول الله: {هُوَ الَّذِي يسيركم فِي الْبر وَالْبَحْر} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {حَتَّى إِذا كُنْتُم فِي الْفلك وجرين بهم} قَالَ: ذكر هَذَا ثمَّ عد الحَدِيث فِي حَدِيث آخر عَنهُ لغَيرهم قَالَ {وجرين بهم} قَالَ: فعزا الحَدِيث عَنْهُم فأوّل شَيْء كُنْتُم فِي الْفلك وجرين بهؤلاء لَا يَسْتَطِيع يَقُول: جرين بكم وَهُوَ يحدث قوما آخَرين ثمَّ ذكر هَذَا ليجمعهم وَغَيرهم {وجرين بهم} هَؤُلَاءِ وَغَيرهم من الْخلق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وظنوا أَنهم أحيط بهم} قَالَ: أهلكوا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: فر عِكْرِمَة بن أبي جهل يَوْم الْفَتْح فَركب الْبَحْر فَأَخَذته الرّيح فَنَادَى بِاللات والعزى فَقَالَ أَصْحَاب السَّفِينَة: لَا يجوز هَهُنَا أحد أَن يَدْعُو شَيْئا إِلَّا الله وَحده مخلصاً فَقَالَ عِكْرِمَة: وَالله لَئِن كَانَ فِي الْبَحْر وَحده إِنَّه لفي الْبر وَحده فَأسلم وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: لما كَانَ يَوْم الْفَتْح ركب عِكْرِمَة بن أبي جهل الْبَحْر هَارِبا فخب بهم الْبَحْر فَجعلت الصراري أَي الملاح يدعونَ الله ويوحدونه فَقَالَ: مَا هَذَا قَالُوا: هَذَا مَكَان لَا ينفع فِيهِ إِلَّا الله قَالَ: فَهَذَا إِلَه مُحَمَّد الَّذِي يَدْعُونَا إِلَيْهِ فَارْجِعُوا بِنَا فَرجع فَاسْلَمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: لما كَانَ يَوْم فتح مَكَّة أَمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس إِلَّا أَرْبَعَة نفر وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ أقتلوهم وَإِن وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلقين بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة عِكْرِمَة بن أبي جهل وَعبد الله بن خطل وَمقيس بن ضَبَابَة وَعبد الله بن سعد بن أبي سرح فَأَما عبد الله بن خطل فَأدْرك وَهُوَ مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فَاسْتَبق إِلَيْهِ سعيد بن حُرَيْث وعمار فَسبق سعيد عماراً وَكَانَ أشب الرجلَيْن فَقتله وَأما مقيس بن ضبابه فأدركه النَّاس فِي السُّوق فَقَتَلُوهُ وَأما عِكْرِمَة فَركب الْبَحْر فاصابتهم عَاصِفَة فَقَالَ أَصْحَاب السَّفِينَة لأهل السَّفِينَة: اخلصوا فَإِن آلِهَتكُم لَا تغني عَنْكُم شَيْئا فَقَالَ عِكْرِمَة: لَئِن لم يُنجنِي فِي الْبَحْر إِلَّا الاخلاص مَا يُنجنِي فِي الْبر غَيره اللَّهُمَّ إِن لَك عهدا إِن أَنْت

عَافَيْتنِي مِمَّا أَنا فِيهِ إِن أَتَى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَضَع يَدي فِي يَده فلأجدنه عفوّاً كَرِيمًا قَالَ: فجَاء فَأسلم وَأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْد عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِلْبيعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أوقفهُ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله بَايع عبد الله قَالَ: فَرفع رَأسه فَنظر إِلَيْهِ ثَلَاثًا كل ذَلِك يَأْبَى فَبَايعهُ بعد الثَّلَاث ثمَّ أقبل على أَصْحَابه فَقَالَ: أما كَانَ فِيكُم رجل رشيد يقوم إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْت يَدي عَن بيعَته فيقتله قَالُوا: وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُول الله مَا فِي نَفسك أَلا أَوْمَأت إِلَيْنَا بِعَيْنِك قَالَ: أَنه لَا يَنْبَغِي لنَبِيّ أَن تكون لَهُ خَائِنَة أعين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم والخطيب فِي تَارِيخه والديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث هن رواجع على أَهلهَا الْمَكْر والنكث وَالْبَغي ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم} {وَلَا يَحِيق الْمَكْر السيء إِلَّا بأَهْله} فاطر الْآيَة 42 {فَمن نكث فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه} الْفَتْح الْآيَة 10 وَأخرج ابْن مردوية عَن عبد الله بن نفَيْل الْكِنَانِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث قد فرغ الله من الْقَضَاء فِيهِنَّ لَا يبغين أحدكُم فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم} وَلَا يمكرن أحد فَإِن الله تَعَالَى يَقُول (وَلَا يَحِيق الْمَكْر السيء إِلَّا بأَهْله) (النِّسَاء الْآيَة 147) وَلَا ينْكث أحد فَإِن الله يَقُول (وَمن نكث فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه) (الْفرْقَان الْآيَة 77) وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي بكر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَبْغِ وَلَا تكن بَاغِيا فَإِن الله يَقُول {إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تَبْغِ وَلَا تكن بَاغِيا فَإِن الله يَقُول {إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُؤَخر الله عُقُوبَة الْبَغي فَإِن الله قَالَ {إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

مَا من ذَنْب أَجْدَر من أَن يعجل الله لصَاحبه الْعقُوبَة من الْبَغي وَقَطِيعَة الرَّحِم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عِيَاض بن جَابر إِن الله أوحى إليَّ أَن تواضعوا حَتَّى لَا يَبْغِي أحد على أحد وَلَا يفخر أحد على أحد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق بِلَال بن أبي بردة عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يَبْغِي على النَّاس إِلَّا ولد بغي أَو فِيهِ عرق مِنْهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن رَجَاء بن حَيْوَة أَنه سمع قَاصا فِي مَسْجِد مِنى يَقُول: ثَلَاث خلال هن على من عمل بِهن الْبَغي وَالْمَكْر والنكث قَالَ الله {إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم} {وَلَا يَحِيق الْمَكْر السيء إِلَّا بأَهْله} فاطر الْآيَة 43 {فَمن نكث فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه} الْفَتْح الْآيَة 10 ثمَّ قَالَ: ثَلَاث خلال لَا يعذبكم الله مَا عملتم بِهن: الشُّكْر وَالدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار ثمَّ قَرَأَ (مَا يفعل الله بعذابكم إِن شكرتم وآمنتم) (فاطر الْآيَة 43) (قل مَا يعبأ بكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم) (الْفَتْح الْآيَة 10) و (مَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ) (الْأَنْفَال الْآيَة 33) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَكْحُول قَالَ: ثَلَاث من كن فِيهِ كن عَلَيْهِ: الْمَكْر وَالْبَغي والنكث قَالَ الله {إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو بغى جبل على جبل لَدُكَّ الْبَاغِي مِنْهُمَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من عبَادَة أفضل من أَن يسْأَل وَمَا يدْفع الْقَضَاء إِلَّا الدُّعَاء وَإِن أسْرع الْخَيْر ثَوابًا الْبر واسرع الشَّرّ عُقُوبَة الْبَغي وَكفى بِالْمَرْءِ عَيْبا أَن يبصر من النَّاس مَا يعمى عَلَيْهِ من نَفسه وَأَن يَأْمر النَّاس بِمَا لَا يَسْتَطِيع التحوّل عَنهُ وَأَن يُؤْذِي جليسه بِمَا لَا يعنيه الْآيَة 24

24

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فاختلط بِهِ نَبَات الأَرْض} قَالَ: اخْتَلَط فنبت بِالْمَاءِ كل لون {مِمَّا يَأْكُل النَّاس} كالحنطة وَالشعِير وَسَائِر حبوب الأَرْض والبقول وَالثِّمَار وَمَا تَأْكُله الْأَنْعَام والبهائم من الْحَشِيش والمراعي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وازينت} قَالَ: أنبتت وَحسنت وَفِي قَوْله {كَأَن لم تغن بالْأَمْس} قَالَ: كَأَن لم تعش كَأَن لم تنعم وَأخرج ابْن جرير عَن أبي بن كَعْب وَابْن عَبَّاس ومروان بن الحكم أَنهم كَانُوا يقرأون {وازينت وَظن أَهلهَا أَنهم قادرون عَلَيْهَا} وَمَا كَانَ الله ليهلكم إِلَّا بذنوب أَهلهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ فِي قِرَاءَة أبي كَأَن لم تغن بالْأَمْس وَمَا أهلكناها إِلَّا بذنوب أَهلهَا كَذَلِك نفصل الْآيَات لقوم يتفكرون وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَكْتُوب فِي سُورَة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى جنب هَذِه الْآيَة {حَتَّى إِذا أخذت الأَرْض زخرفها} إِلَى {يتفكرون} وَلَو أَن لِابْنِ آدم واديين من مَال لتمنى وَاديا ثَالِثا وَلَا يشْبع نفس ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ فمحيت الْآيَة 25

25

أخرج أَبُو نعيم والدمياطي فِي مُعْجَمه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَالله يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام} يَقُول يَدْعُو إِلَى عمل الْجنَّة وَالله السَّلَام وَالْجنَّة دَاره

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيهْدِي من يَشَاء} قَالَ: يهْدِيهم للمخرج من الشُّبُهَات والفتن والضلالات وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من يَوْم طلعت شمسه إِلَّا وكل بجنبتيها ملكان يناديان نِدَاء يسمعهُ خلق الله كلهم إِلَّا الثقلَيْن: يَا أَيهَا النَّاس هلموا إِلَى ربكُم إِن مَا قل وَكفى خير مِمَّا كثر وألهى وَلَا آبت شمسه إِلَّا وكل بجنبتيها ملكان يناديان نِدَاء يسمعهُ خلق الله كلهم غير الثقلَيْن: اللَّهُمَّ أعْط منفقاً خلفا وَأعْطِ ممسكاً تلفاً فَأنْزل الله فِي ذَلِك كُله قُرْآنًا فِي قَول الْملكَيْنِ: يَا أَيهَا النَّاس هلموا إِلَى ربكُم {وَالله يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام وَيهْدِي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} وَأنزل فِي قَوْلهمَا: اللَّهُمَّ أعْط منفقاً خلفا وَأعْطِ ممسكاً تلفاً (وَاللَّيْل إِذا يغشى وَالنَّهَار إِذا تجلى) (اللَّيْل الْآيَتَانِ 1 - 2 إِلَى قَوْله (للعسرى) وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سعيد بن أبي هِلَال رَضِي الله عَنهُ سَمِعت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وتلا {وَالله يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام وَيهْدِي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} فَقَالَ: حَدثنِي جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَقَالَ إِنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَام كَانَ جِبْرِيل عِنْد رَأْسِي وَمِيكَائِيل عِنْد رجْلي يَقُول أَحدهمَا لصَاحبه: ضرب لَهُ مثلا فَقَالَ: اسْمَع سَمِعت أذناك واعقل عقل قَلْبك إِنَّمَا مثلك وَمثل أمتك كَمثل ملك اتخذ دَارا ثمَّ بنى فِيهَا بَيْتا ثمَّ جعل فِيهَا مأدبة ثمَّ بعث رَسُولا يَدْعُو النَّاس إِلَى طَعَامه فَمنهمْ من أجَاب الرَّسُول وَمِنْهُم فِيهَا مأدبة فَالله هُوَ الْملك وَالدَّار الإِسلام وَالْبَيْت الْجنَّة وَأَنت يَا مُحَمَّد رَسُول فَمن أجابك دخل الإِسلام وَمن دخل الإِسلام دخل الْجنَّة وَمن دخل الْجنَّة أكل مِنْهَا وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ استتبعني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا موضعا لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَوضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه فِي حجري ثمَّ إِن نَفرا أَتَوا عَلَيْهِم ثِيَاب بيض طوال وَقد أغفى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عبد الله رَضِي الله عَنهُ: فارعبت مِنْهُم فَقَالُوا: لقد أعْطى هَذَا العَبْد خيرا إِن عينه نَائِمَة

وَالْقلب يقظان ثمَّ قَالَ بَعضهم لبَعض: اضربوا لَهُ ونَتَأوَّلَ نَحن أَو نضرب نَحن وتَتَأَوَّلون أَنْتُم فَقَالَ بَعضهم: مثله كَمثل سيد اتخذ مأدبة ثمَّ ابتنى بَيْتا حصيناً ثمَّ أرسل إِلَى النَّاس فَمن لم يَأْتِ طَعَامه عذبه عذَابا شَدِيدا قَالَ الْآخرُونَ: أما السَّيِّد فَهُوَ رب الْعَالمين وَأما الْبُنيان فَهُوَ الإِسلام وَالطَّعَام الْجنَّة وَهَذَا الدَّاعِي فَمن اتبعهُ كَانَ فِي الْجنَّة وَمن لم يتبعهُ عذب عذَابا أَلِيمًا ثمَّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَيْقَظَ فَقَالَ: مَا رَأَيْت يَا ابْن أم عبد فَقلت: رَأَيْت كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: أُخفِيَ عَليّ مِمَّا قَالُوا شَيْء وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هم نفر من الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن سيداً بنى دَارا وَاتخذ مأدبة وَبعث دَاعيا فَمن أجَاب الدَّاعِي دخل الدَّار وَأكل من المأدبة وَرَضي عَنهُ السَّيِّد أَلا وَإِن السَّيِّد الله وَالدَّار الإِسلام والمأدبة الْجنَّة والداعي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من لَيْلَة إِلَّا يُنَادي منادياً يَا صَاحب الْخَيْر هَلُمَّ وَيَا صَاحب الشَّرّ اقصر فَقَالَ رجل لِلْحسنِ رَضِي الله عَنهُ: أتجدها فِي كتاب الله قَالَ: نعم {وَالله يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام} قَالَ: ذكر لنا أَن فِي التَّوْرَاة مَكْتُوبًا: يَا باغي الْخَيْر هَلُمَّ وَيَا باغي الشَّرّ انته وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ {وَالله يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام} قَالَ: لبيْك رَبنَا وَسَعْديك الْآيَة 26

26

أخرج الطَّيَالِسِيّ وهناد وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الرُّؤْيَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن صُهَيْب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} قَالَ: إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار نَادَى مُنَاد: يَا أهل الْجنَّة إِن لكم عِنْد الله موعداً يُرِيد أَن ينجزكموه فَيَقُولُونَ: وَمَا هُوَ ألم تثقل موازيننا وتبيض وُجُوهنَا وتدخلنا الْجنَّة وتزحزحنا عَن النَّار

وَقَالَ: فَيكْشف لَهُم الْحجاب فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فوَاللَّه مَا أَعْطَاهُم الله شَيْئا أحب إِلَيْهِم من النّظر إِلَيْهِ وَلَا أقرّ لأعينهم وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن صُهَيْب رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الزِّيَادَة: النّظر إِلَى وَجه الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الرُّؤْيَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة منادياً يُنَادي: يَا أهل الْجنَّة - بِصَوْت يسمعهُ أَوَّلهمْ وَآخرهمْ - إِن الله وَعدكُم الْحسنى وَزِيَادَة فالحسنى الْجنَّة وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الرَّحْمَن وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الرُّؤْيَة عَن كَعْب بن عجْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} قَالَ: الزِّيَادَة: النّظر إِلَى وَجه الرَّحْمَن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الرُّؤْيَة عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله تَعَالَى {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} قَالَ: الَّذين أَحْسنُوا أهل التَّوْحِيد وَالْحُسْنَى الْجنَّة وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} قَالَ أَحْسنُوا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَالْحُسْنَى الْجنَّة وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مندة فِي الرَّد على الْجَهْمِية وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الرُّؤْيَة وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي والخطيب وَابْن النجار عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} فَقَالَ: للَّذين أَحْسنُوا الْعَمَل فِي الدُّنْيَا لَهُم الْحسنى وَهِي الْجنَّة وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الله الْكَرِيم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} قَالَ: ينظرُونَ إِلَى رَبهم بِلَا كَيْفيَّة وَلَا حُدُود وَلَا صفة مَعْلُومَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كبَّر على سيف الْبَحْر تَكْبِيرَة رَافعا بهَا صَوته لَا يلْتَمس بهَا رِيَاء وَلَا سمعة كتب الله لَهُ

رضوانه الْأَكْبَر وَمن كتب لَهُ رضوانه الْأَكْبَر جمع بَينه وَبَين مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام فِي دَاره ينظرُونَ إِلَى رَبهم فِي جنَّة عدن كَمَا ينظر أهل الدُّنْيَا إِلَى الشَّمْس وَالْقَمَر فِي يَوْم لَا غيم فِيهِ وَلَا سَحَابَة وَذَلِكَ قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} فالحسنى لَا إِلَه إِلَّا الله وَالزِّيَادَة الْجنَّة وَالنَّظَر إِلَى الرب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مندة فِي الرَّد على الْجَهْمِية وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي والآجري وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الرُّؤْيَة عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} قَالَ: الْحسنى الْجنَّة وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْحَرْث عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى} قَالَ: يَعْنِي الْجنَّة وَالزِّيَادَة يَعْنِي النّظر إِلَى الله تَعَالَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالدَّارَقُطْنِيّ واللالكائي والآجري وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه رَبهم وَأخرج هناد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالدَّارَقُطْنِيّ واللالكائي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي الْآيَة قَالَ: الْحسنى الْجنَّة وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه ربه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى} قَالَ: قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَالْحُسْنَى الْجنَّة وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجهه الْكَرِيم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {للَّذين أَحْسنُوا} قَالَ: الَّذين شهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله الْحسنى: الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم واللالكائي عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أما الْحسنى فالجنة وَأما الزِّيَادَة فالنظر إِلَى وَجه الله واما القتر فالسواد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الرُّؤْيَة من طَرِيق الحكم بن عتيبة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الزِّيَادَة غرفَة من لؤلؤة وَاحِدَة لَهَا أَرْبَعَة أَبْوَاب غرفها وأبوابها من لؤلؤة وَاحِدَة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {للَّذين أَحْسنُوا} قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله {الْحسنى} قَالَ: الْجنَّة {وَزِيَادَة} قَالَ: النّظر إِلَى وَجه الله وَأخرج ابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} قَالَ: إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة اعطوا مِنْهَا مَا شاؤوا ثمَّ يُقَال لَهُم: إِنَّه قد بَقِي من حقكم شَيْء لم تعطوه فيتجلى الله تَعَالَى لَهُم فيصغر مَا اعطوا عِنْد ذَلِك ثمَّ تَلا {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى} قَالَ: الْجنَّة {وَزِيَادَة} نظرهم إِلَى رَبهم عزّ وجلّ وَأخرج ابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عَامر بن سعد البَجلِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} قَالَ: النّظر إِلَى وَجه الله وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى} قَالَ: الْجنَّة {وَزِيَادَة} قَالَ: النّظر إِلَى وَجه الرب عز وَجل وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الله وَأخرج ابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ: الزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الله عزّ وجلّ وَأخرج ابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي إِسْحَق السبيعِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى} قَالَ: الْجنَّة {وَزِيَادَة} قَالَ: النّظر إِلَى وَجه الرَّحْمَن عزّ وجلّ وَأخرج ابْن جرير وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُنَادي الْمُنَادِي يَوْم الْقِيَامَة أَن الله وعد الْحسنى وَهِي الْجنَّة فَأَما الزِّيَادَة فَهِيَ النّظر إِلَى وَجه الرَّحْمَن قَالَ: فيتجلى لَهُم حَتَّى ينْظرُوا إِلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة} قَالَ: هُوَ مثل قَوْله (ولدينا مزِيد) (ق الْآيَة 35) يَقُول: يجزيهم بعملهم ويزيدهم من فَضله وَقَالَ (من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا) (الْأَنْعَام الْآيَة 160) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله

عَنهُ فِي قَوْله {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى} قَالَ: مثلهَا قَالَ {وَزِيَادَة} قَالَ: مغْفرَة ورضوان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَلْقَمَة بن قيس رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الزِّيَادَة الْعشْر (من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا) (الْأَنْعَام الْآيَة 160) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الزِّيَادَة الْحَسَنَة بِعشْرَة أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الزِّيَادَة مَا أعطالهم فِي الدُّنْيَا لَا يحاسبهم بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الرُّؤْيَة عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ فِي تَفْسِير الْقُرْآن اخْتِلَاف انما هُوَ كَلَام جَامع يُرَاد بِهِ هَذَا وَهَذَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا يرهق وُجُوههم} قَالَ: لَا يَغْشَاهُم {قتر} قَالَ: سَواد الْوُجُوه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: القتر سَواد الْوَجْه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا يرهق وُجُوههم قتر} قَالَ: خزي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن صُهَيْب رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَا يرهق وُجُوههم قتر وَلَا ذلة} قَالَ: بعد نظرهم إِلَى الله عز وَجل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا يرهق وُجُوههم قتر وَلَا ذلة} قَالَ: بعد نظرهم إِلَى رَبهم الْآيَة 27

27

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين كسبوا السَّيِّئَات} قَالَ: الَّذين عمِلُوا الْكَبَائِر {جَزَاء سَيِّئَة بِمِثْلِهَا} قَالَ: النَّار {وترهقهم ذلة} قَالَ: الذل {كَأَنَّمَا أغشيت وُجُوههم قطعا من اللَّيْل مظلماً} وَالْقطع السوَاد نسخهَا الْآيَة فِي الْبَقَرَة (بلَى من كسب سَيِّئَة) (الْبَقَرَة الْآيَة 81) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وترهقهم ذلة} قَالَ: يَغْشَاهُم ذلة وَشدَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ رَضِي الله عَنْهُمَا {مَا لَهُم من الله من عَاصِم} يَقُول: من مَانع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {مَا لَهُم من الله من عَاصِم} قَالَ: من نصير {كَأَنَّمَا أغشيت وُجُوههم قطعا من اللَّيْل} قَالَ: ظلمَة من اللَّيْل الْآيَات 28 - 32

28

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيَوْم نحشرهم} قَالَ: الْحَشْر الْمَوْت

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فزيلنا بَينهم} قَالَ: فرقنا بَينهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَأْتِي على النَّاس يَوْم الْقِيَامَة سَاعَة فِيهَا لين يرى أهل الشّرك أهل التَّوْحِيد يغْفر لَهُم فَيَقُولُونَ (وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين) (الْأَنْعَام الْآيَة 23) قَالَ الله (أنظر كَيفَ كذبُوا على أنفسهم وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون) (الْأَنْعَام الْآيَة 24) ثمَّ يكون من بعد ذَلِك سَاعَة فِيهَا شدَّة تنصب لَهُم الْآلهَة الَّتِي كَانُوا يعْبدُونَ من دون الله فَيَقُول: هَؤُلَاءِ الَّذين كُنْتُم تَعْبدُونَ من دون الله فَيَقُولُونَ: نعم هَؤُلَاءِ الَّذين كُنَّا نعْبد فَتَقول لَهُم الْآلهَة: وَالله مَا كُنَّا نسْمع وَلَا نبصر وَلَا نعقل وَلَا نعلم أَنكُمْ كُنْتُم تعبدوننا فَيَقُولُونَ: بلَى وَالله لإِياكم كُنَّا نعْبد فَتَقول لَهُم الْآلهَة {فَكفى بِاللَّه شَهِيدا بَيْننَا وَبَيْنكُم إِن كُنَّا عَن عبادتكم لغافلين} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمثل لَهُم يَوْم الْقِيَامَة مَا كَانُوا يعْبدُونَ من دون الله فيتبعونهم حَتَّى يوردوهم النَّار ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {هُنَالك تبلو كل نفس مَا أسلفت} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ هُنَالك تتلو بِالتَّاءِ قَالَ: هُنَالك تتبع وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ هُنَالك تتلو يُقَال: تتبع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {هُنَالك تبلو} يَقُول: تختبر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {هُنَالك تبلو كل نفس مَا أسلفت} قَالَ: عملت وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ {هُنَالك تبلو} قَالَ: تعاين {كل نفس مَا أسلفت} قَالَ: عملت {وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون} قَالَ: مَا كَانُوا يدعونَ مَعَه من الأنداد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وردوا إِلَى الله مَوْلَاهُم الْحق}

قَالَ: نسختها قَوْله (مولى الَّذين آمنُوا وَإِن الْكَافرين لَا مولى لَهُم) (مُحَمَّد الْآيَة 11) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حَرْمَلَة بن عبد الْعَزِيز قَالَ: قلت لمَالِك بن أنس رَضِي الله عَنهُ: مَا تَقول فِي رجل أمره يقيني قَالَ: لَيْسَ ذَلِك من الْحق قَالَ الله {فَمَاذَا بعد الْحق إِلَّا الضلال} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَشهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ مَالك عَن شَهَادَة اللعاب بالشطرنج والنرد فَقَالَ: أما من أدمنها فَمَا أرى شَهَادَتهم طائلة يَقُول الله {فَمَاذَا بعد الْحق إِلَّا الضلال} وَالله أعلم الْآيَة 33

33

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {كَذَلِك حقت كلمة رَبك} يَقُول: سبقت كلمة رَبك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {كَذَلِك حقت} يَقُول: صدقت الْآيَات 34 - 40

34

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أم من لَا يهدي إِلَّا أَن يهدى} قَالَ: الْأَوْثَان الله يهدي مِنْهَا وَمن غَيرهَا مَا شَاءَ الْآيَات 41 - 43

41

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن كَذبُوك فَقل لي عَمَلي} الْآيَة قَالَ: أمره بِهَذَا ثمَّ نسخه فَأمره بجهادهم الْآيَة 44

44

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الله لَا يظلم النَّاس شَيْئا وَلَكِن النَّاس أنفسهم يظْلمُونَ} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله: يَا عبَادي إِنِّي حرمت الظُّلم على نَفسِي وَجَعَلته بَيْنكُم محرما فَلَا تظالموا الْآيَة 45

45

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَتَعَارَفُونَ بَينهم} قَالَ: يعرف الرجل صَاحبه إِلَى جنبه فَلَا يَسْتَطِيع أَن يكلمهُ الْآيَات 46 - 56

46

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِمَّا نرينك بعض الَّذِي نعدهم} قَالَ: سوء الْعَذَاب فِي حياتك {أَو نتوفينك} قبل {فإلينا مرجعهم} وَفِي قَوْله {وَلكُل أمة رَسُول فَإِذا جَاءَ رسولهم} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة (لم يتَنَاوَل الْمُؤلف تَفْسِير بَقِيَّة الْآيَات هَكَذَا فِي الأَصْل)

الْآيَة 57

57

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْأَحْوَص قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن أخي يشتكي بَطْنه فوصف لَهُ الْخمر فَقَالَ: سُبْحَانَ الله مَا جعل الله فِي رِجْس شِفَاء إِنَّمَا الشِّفَاء فِي شَيْئَيْنِ: الْقُرْآن وَالْعَسَل فيهمَا شِفَاء لما فِي الصُّدُور وشفاء للنَّاس وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل الْقُرْآن شِفَاء لما فِي الصُّدُور وَلم يَجعله شِفَاء لأمراضكم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَنِّي أشتكي صَدْرِي فَقَالَ: اقْرَأ الْقُرْآن يَقُول الله تَعَالَى: شِفَاء لما فِي الصُّدُور وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن وائلة بن الْأَسْقَع رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا شكا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجع حلقه فَقَالَ: عَلَيْك بِقِرَاءَة الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي الْقُرْآن شفاءان الْقُرْآن وَالْعَسَل فالقرآن شِفَاء لما فِي الصُّدُور وَالْعَسَل شِفَاء من كل دَاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن طَلْحَة بن مصرف كَانَ يُقَال: إِن الْمَرِيض إِذا قرئَ عِنْده الْقُرْآن وجد لَهُ خفَّة فَدخلت على خَيْثَمَة وَهُوَ مَرِيض فَقلت: إِنِّي أَرَاك الْيَوْم صَالحا قَالَ: إِنَّه قرئَ عِنْدِي الْقُرْآن الْآيَة 58

58

أخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْك الْقُرْآن فَقلت: أسماني لَك قَالَ: نعم قيل لأبي رَضِي الله عَنهُ: أفرحت بذلك قَالَ: وَمَا يَمْنعنِي وَالله تَعَالَى يَقُول

قل بِفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هُوَ خير مِمَّا تجمعون هَكَذَا قَرَأَهَا بِالتَّاءِ وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبذلك فلتفرحوا بِالتَّاءِ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ فبذلك فلتفرحوا هُوَ خير مِمَّا تجمعون بِالتَّاءِ وَأخرج ابْن أبي عمر الْعَدنِي وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يقْرَأ فبذلك فلتفرحوا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل بِفضل الله وبرحمته} قَالَ: فضل الله الْقُرْآن وَرَحمته أَن جعلهم من أَهله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قل بِفضل الله وبرحمته} قَالَ: بِكِتَاب الله وبالإِسلام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قل بِفضل الله وبرحمته} قَالَ: فَضله الإِسلام وَرَحمته الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {قل بِفضل الله} الْقُرْآن {وبرحمته} حِين جعلهم من أهل الْقُرْآن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: فضل الله الْعلم وَرَحمته مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله تَعَالَى (وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة 107) وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سَالم رَضِي الله عَنهُ {قل بِفضل الله} قَالَ: الإِسلام {وبرحمته} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جريرعن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {قل بِفضل الله وبرحمته} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فضل الله الْقُرْآن وَرَحمته الإِسلام

وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن هِلَال بن يسَار رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قل بِفضل الله وبرحمته} قَالَ: بالإِسلام الَّذِي هدَاكُمْ وَبِالْقُرْآنِ الَّذِي علمكُم وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن هِلَال بن يسَار رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قل بِفضل الله وبرحمته} قَالَ: فضل الله الإِسلام وَرَحمته الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن وَقَتَادَة مثله وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {قل بِفضل الله} قَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وبرحمته} قَالَ: عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَأخرج أَبُو الْقَاسِم بن بَشرَان فِي أَمَالِيهِ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هداه الله للإِسلام وَعلمه الْقُرْآن ثمَّ شكا الْفَاقَة كتب الله الْفقر بَين عَيْنَيْهِ إِلَى يَوْم يلقاه ثمَّ تَلا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل بِفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هُوَ خير مِمَّا يجمعُونَ} من عرض الدُّنْيَا من الْأَمْوَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: إِذا عملت خيرا حمدت الله عَلَيْهِ فَأَفْرَح فَهُوَ خير مِمَّا يجمعُونَ من الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا خير {مِمَّا يجمعُونَ} قَالَ: من الْأَمْوَال والحرث والأنعام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن أَيفع الكلَاعِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قدم خراج الْعرَاق إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ خرج عمر رَضِي الله عَنهُ وَمولى لَهُ فَجعل يعد الإِبل فَإِذا هُوَ أَكثر من ذَلِك فَجعل عمر رَضِي الله عَنهُ يَقُول: الْحَمد لله وَجعل مَوْلَاهُ يَقُول: هَذَا - وَالله - من فضل الله وَرَحمته فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ كذبت لَيْسَ هَذَا الَّذِي يَقُول {قل بِفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هُوَ خير مِمَّا يجمعُونَ} الْآيَات 59 - 60

59

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قل أَرَأَيْتُم مَا أنزل الله لكم من رزق} الْآيَة قَالَ: هم أهل الشّرك كَانُوا يحلونَ من الْحَرْث والأنعام مَا شاؤوا ويحرمون مَا شاؤوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد مولى أبي أسيد الْأنْصَارِيّ قَالَ: أَتَى وَفد أهل مصر عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فَقَالُوا لَهُ: ادْع بالمصحف وافتتح السَّابِعَة - وَكَانُوا يسمون سُورَة يُونُس السَّابِعَة - فقرأها حَتَّى أَتَى على هَذِه الْآيَة {قل أَرَأَيْتُم مَا أنزل الله لكم من رزق فجعلتم مِنْهُ حَرَامًا وحلالاً} فَقَالُوا لَهُ: قف أَرَأَيْت مَا حميت من الْحمى أَأَلله أذن لَك أم على الله تفتري فَقَالَ: امضه إِنَّمَا نزلت فِي كَذَا وَكَذَا فاما الْحمى فَإِن عمر رَضِي الله عَنهُ حمى الْحمى لإِبل الصَّدَقَة فَلَمَّا وليت وزادت إبل الصَّدَقَة زِدْت فِي الْحمى الْآيَة 61

61

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِذْ تفيضون فِيهِ} قَالَ: إِذْ تَفْعَلُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمَا يعزب} قَالَ: مَا يغيب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَمَا يعزب عَن رَبك من مِثْقَال ذرة} قَالَ: لَا يغيب عَنهُ وزن ذرة {وَلَا أَصْغَر من ذَلِك وَلَا أكبر إِلَّا فِي كتاب مُبين} قَالَ: هُوَ الْكتاب الَّذِي عِنْد الله الْآيَات 62 - 63

62

أخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب قَالَ: قَالَ الحواريون: يَا عِيسَى من أَوْلِيَاء الله الَّذين لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: الَّذين نظرُوا إِلَى بَاطِن الدُّنْيَا حِين نظر النَّاس إِلَى ظَاهرهَا وَالَّذين نظرُوا إِلَى آجل الدُّنْيَا حِين نظر النَّاس إِلَى عاجلها وأماتوا مِنْهَا مَا يَخْشونَ أَن يميتهم وَتركُوا مَا علمُوا أَن سيتركهم فَصَارَ استكثارهم مِنْهَا اسْتِقْلَالا وَذكرهمْ إِيَّاهَا فواتاً وفرحهم بِمَا أَصَابُوا مِنْهَا حزنا وَمَا عارضهم من نائلها رفضوه وَمَا عارضهم من رفعتها بِغَيْر الْحق وضعوه خلقت الدُّنْيَا عِنْدهم فَلَيْسَ يجددونها وَخَربَتْ بَينهم فَلَيْسَ يعمرونها وَمَاتَتْ فِي صُدُورهمْ فَلَيْسَ يحبونها يهدمونها فيبنون بهَا آخرتهم ويبيعونها فيشترون بهَا مَا يبْقى لَهُم ويرفضونها فَكَانُوا برفضها هم الفرحين وباعوها فَكَانُوا بِبَيْعِهَا هم المربحين ونظروا إِلَى أَهلهَا صرعى قد خلت فيهم المثلات فاحبوا ذكر الْمَوْت وَتركُوا ذكر الْحَيَاة يحبونَ الله تَعَالَى ويستضيئون بنوره ويضيئون بِهِ لَهُم خبر عَجِيب وَعِنْدهم الْخَبَر العجيب بهم قَامَ الْكتاب وَبِه قَامُوا وبهم نطق الْكتاب وَبِه نطقوا وبهم علم الْكتاب وَبِه علمُوا وَلَيْسَ يرَوْنَ نائلاً مَعَ مَا نالوا وَلَا أماني دون مَا يرجون وَلَا خوفًا دون مَا يحذرون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} قَالَ: هم الَّذين إِذا رؤوا ذكر الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا وموقوفاً {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} قَالَ هم الَّذين إِذا رُؤُوا يذكر الله لرؤيتهم وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} قَالَ يذكر الله لرؤيتهم وَأخرج ابْن الْمُبَارك والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قيل يَا رَسُول الله من أَوْلِيَاء الله قَالَ الَّذين إِذا رؤوا ذكر الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق مسعر عَن سهل بن الْأسد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَوْلِيَاء الله قَالَ الَّذين إِذا رؤوا ذكر الله

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مسعر بن بكر بن الْأَخْنَس عَن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَوْلِيَاء الله قَالَ الَّذين إِذا رؤوا ذكر الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الضُّحَى رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} قَالَ: هم الَّذين إِذا رؤوا ذكر الله وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت يزِيد رَضِي الله عَنْهَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبركُم بخياركم قَالُوا: بلَى قَالَ: خياركم الَّذين إِذا رُؤُوا ذكر الله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا ان لله عباداً لَيْسُوا بِأَنْبِيَاء وَلَا شُهَدَاء يَغْبِطهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة بقربهم ومجلسهم مِنْهُ فَجَثَا أَعْرَابِي على ركبيته فَقَالَ: يَا رَسُول الله صفهم لنا حلهم لنا قَالَ: قوم من إفناء النَّاس من نزاع الْقَبَائِل تصادقوا فِي الله وتحابوا فِي الله يضع الله لَهُم يَوْم الْقِيَامَة مَنَابِر من نور فيجلسهم يخَاف النَّاس وَلَا يخَافُونَ هم أَوْلِيَاء الله الَّذين لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن عَمْرو بن الجموح رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يحِق للْعَبد حق صَرِيح الإِيمان حَتَّى يحب لله وَيبغض لله تَعَالَى فَإِذا أحب لله وَأبْغض لله فقد اسْتحق الْوَلَاء من الله وَإِن أوليائي من عبَادي وأحبائي من خلقي الَّذين يذكرُونَ بذكري وَاذْكُر بذكرهم وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم رَضِي الله عَنهُ يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خِيَار عباد الله الَّذين إِذا رُؤُوا ذكر الله وَشر عباد الله المشَّاؤون بالنميمة المفرقون بَين الْأَحِبَّة الباغون البرآء الْعَنَت وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خياركم من ذكركُمْ الله رُؤْيَته وَزَاد فِي علمكُم مَنْطِقه ورغبكم فِي الْآخِرَة عمله وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله أَي جلسائنا خير قَالَ: من ذكركُمْ الله رُؤْيَته وَزَاد فِي أَعمالكُم مَنْطِقه وذكركم الْآخِرَة عمله وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله أَيّنَا

أفضل كي نتخذه جَلِيسا معلما قَالَ: الَّذِي إِذا رُئي ذكر الله بِرُؤْيَتِهِ وَأخرج أَبُو دَاوُد وهناد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من عباد الله نَاسا يَغْبِطهُمْ الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء قيل: من هم يَا رَسُول الله قَالَ: قوم تحَابوا فِي الله من غير أَمْوَال وَلَا أَنْسَاب لَا يفزعون إِذا فزع النَّاس وَلَا يَحْزَنُونَ إِذا حزنوا ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من عباد الله عباداً يَغْبِطهُمْ الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة بمكانهم من الله قيل: من هم يَا رَسُول الله قَالَ: قوم تحَابوا فِي الله من غير أَمْوَال وَلَا أَنْسَاب وُجُوههم نور على مَنَابِر من نور لَا يخَافُونَ إِذا خَافَ النَّاس وَلَا يَحْزَنُونَ إِذا حزن النَّاس ثمَّ قَرَأَ {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الاخوان وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان لله عبادا لَيْسُوا بِأَنْبِيَاء وَلَا شُهَدَاء يَغْبِطهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاء على مجَالِسهمْ وقربهم من الله قَالَ أَعْرَابِي يَا رَسُول الله أنعتهم لنا قَالَ: هم أنَاس من أَبنَاء النَّاس ونوازع الْقَبَائِل لم تصل بَينهم أَرْحَام مُتَقَارِبَة تحَابوا فِي الله وتصافوا فِي الله يضع الله لَهُم يَوْم الْقِيَامَة مَنَابِر من نور فَيَجْلِسُونَ عَلَيْهَا يفزع النَّاس وَلَا هم يفزعون وهم أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قَالَ الله تَعَالَى: حقت محبتي للمتحابين فيّ وحقت محبتي للمتزاورين فيّ وحقت محبتي للمتجالسين فيّ الَّذين يعمرون مساجدي بذكري ويعلمون النَّاس الْخَيْر ويدعونهم إِلَى طَاعَتي أُولَئِكَ أوليائي الَّذين أظلهم فِي ظلّ عَرْشِي وأسكنهم فِي جواري وآمنهم من عَذَابي وأدخلهم الْجنَّة قبل النَّاس بِخَمْسِمِائَة عَام يتنعمون فِيهَا وهم فِيهَا خَالدُونَ ثمَّ قَرَأَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله تَعَالَى {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} قَالَ الَّذين يتحابون فِي الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} قَالَ هم الَّذين يتحابون فِي الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند عَن أبي مُسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقِيت معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ بحمص فَقلت: وَالله إِنِّي لَأحبك لله قَالَ: أبشر فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول المتحابون فِي الله فِي ظلّ الْعَرْش يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله يَغْبِطهُمْ لِمَكَانِهِمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاء ثمَّ خرجت فَلَقِيت عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ فَحَدَّثته بِالَّذِي قَالَ معَاذ فَقَالَ عبَادَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يروي عَن ربه عز وَجل أَنه قَالَ: حقت محبتي للمتحابين فيّ وحقت محبتي للمتزاورين فيّ وحقت محبتي للمتباذلين فيّ على مَنَابِر من نور يَغْبِطهُمْ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن للمتحابين فِي الله تَعَالَى عموداً من ياقوتة حَمْرَاء فِي رَأس العمود سَبْعُونَ ألف غرفَة يضيء حسنهم أهل الْجنَّة كَمَا تضيء الشَّمْس أهل الدُّنْيَا يَقُول بَعضهم لبَعض: انْطَلقُوا بِنَا حَتَّى نَنْظُر إِلَى المتحابين فِي الله فَإِذا أشرفوا عَلَيْهَا أَضَاء حسنهم أهل الْجنَّة كَمَا تضيء الشَّمْس لأهل الدُّنْيَا عَلَيْهِم ثِيَاب خضر من سندس مَكْتُوب على جباههم هَؤُلَاءِ المتحابون فِي الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سابط رَضِي الله عَنهُ انبئت أَن عَن يَمِين الرَّحْمَن - وكلتا يَدَيْهِ يَمِين - قوما على مَنَابِر من نور وُجُوههم نور عَلَيْهِم ثِيَاب خضر تغشي أبصار الناظرين رُؤْيَتهمْ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاء وَلَا شُهَدَاء قوم تحَابوا فِي جلال الله حِين عصيَ الله فِي الأَرْض وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْعَلَاء بن زِيَاد رَضِي الله عَنهُ عَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عباد من عباد الله لَيْسُوا بِأَنْبِيَاء وَلَا شُهَدَاء يَغْبِطهُمْ الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء يَوْم الْقِيَامَة يقربهُمْ من الله على مَنَابِر من نور يَقُول الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء: من هَؤُلَاءِ فَيَقُول: هَؤُلَاءِ كَانُوا يتحابون فِي الله على غير أَمْوَال يَتَعَاطونَهَا وَلَا أَرْحَام كَانَت بَينهم

وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن المتحابين لنرى غرفهم فِي الْجنَّة كَالْكَوْكَبِ الطالع الشَّرْقِي أَو الغربي فَيُقَال: من هَؤُلَاءِ فَيُقَال: المتحابون فِي الله تَعَالَى الْآيَة 64

64

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَطاء بن يسَار عَن رجل من أهل مصر قَالَ: سَأَلت أَبَا الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن قَول الله تَعَالَى {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} فَقَالَ: مَا سَأَلَني عَنْهَا أحد مُنْذُ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا سَأَلَني عَنْهَا أحد غَيْرك مُنْذُ أنزلت هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَو ترى لَهُ فَهِيَ بشراه فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وبشراه فِي الْآخِرَة الْجنَّة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة والهيثم بن كُلَيْب الشَّامي والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُؤمن أَو ترى لَهُ وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يبشر بهَا الْمُؤمن وَهِي جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النبوّة فَمن رأى ذَلِك فليخبر بهَا وادّاً وَمن رأى سوى ذَلِك فَإِنَّمَا هُوَ من الشَّيْطَان ليحزنه فلينفث عَن يسَاره ثَلَاثًا وليسكت وَلَا يخبر بهَا أحدا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ هِيَ فِي الدُّنْيَا الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا العَبْد الصَّالح أَو ترى لَهُ وَفِي الْآخِرَة الْجنَّة

وَأخرج ابْن سعد وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن جَابر بن عبد الله بن ربَاب وَلَيْسَ بِالْأَنْصَارِيِّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَو ترى لَهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه فِي كتاب سُؤال الْقَبْر من طَرِيق أبي جَعْفَر عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى رجل من أهل الْبَادِيَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن قَول الله {الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما قَوْله {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} فَهِيَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَة ترى لِلْمُؤمنِ فيبشر بهَا فِي دُنْيَاهُ وَأما قَوْله {وَفِي الْآخِرَة} فَإِنَّهَا بِشَارَة الْمُؤمن عِنْد الْمَوْت إِن الله قد غفر لَك وَلمن حملك إِلَى قبرك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي سُفْيَان عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ مَا سَأَلَني عَنْهَا أحد: هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَو ترى لَهُ وَفِي الْآخِرَة الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُؤمن أَو ترى لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: هِيَ الرُّؤْيَا الْحَسَنَة يَرَاهَا الْمُسلم لنَفسِهِ أَو لبَعض إخوانه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كشف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الستارة فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَالنَّاس صُفُوف خلف أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: إِنَّه لم يبْق من مُبَشِّرَات النبوّة إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُسلم أَو ترى لَهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا نبوّة بعدِي إِلَّا بالمبشرات قيل يَا رَسُول الله: وَمَا الْمُبَشِّرَات قَالَ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ ذهبت النبوّة فَلَا نبوة بعدِي وَبقيت الْمُبَشِّرَات رُؤْيا الْمُسلم الْحَسَنَة يَرَاهَا الْمُسلم أَو ترى لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الرسَالَة والنبوّة قد انقطعتا فَلَا رَسُول بعدِي وَلَا نَبِي وَلَكِن الْمُبَشِّرَات قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا الْمُبَشِّرَات قَالَ: رُؤْيا الْمُسلم هِيَ جُزْء من أَجزَاء النبوّة وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّؤْيَا الصَّالِحَة بشرى من الله وَهِي جُزْء من أَجزَاء النبوّة وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يبْقى بعدِي شَيْء من النُّبُوَّة إِلَّا الْمُبَشِّرَات قَالُوا: يَا رَسُول الله وَمَا الْمُبَشِّرَات قَالَ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الرجل أَو ترى لَهُ وَأخرج ابْن ماجة وَابْن جرير عَن أم كند الْكَعْبِيَّة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ذهبت النبوّة وَبقيت الْمُبَشِّرَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اقْترب الزَّمَان لم تكد رُؤْيا الْمُؤمن تكذب وأصدقهم رُؤْيا أصدقهم حَدِيثا ورؤيا الْمُسلم جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة والرؤيا ثَلَاث فالرؤيا الصَّالِحَة بشرى من الله والرؤيا مِمَّا تحزن الشَّيْطَان والرؤيا مِمَّا يحدث بهَا الرجل نَفسه وَإِذا رأى أحدكُم مَا يكره فَليقمْ وليتفل وَلَا يحدث بِهِ النَّاس وَأحب الْقَيْد فِي النّوم وأكره الغل الْقَيْد ثبات فِي الدّين وَلَفظ ابْن ماجة: فَإِذا رأى أحدكُم رُؤْيا تعجبه فليقصها إِن شَاءَ وَإِن رأى شَيْئا يكرههُ فَلَا يقصه على أحد وليقم يُصَلِّي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رُؤْيا الْمُؤمن جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا رأى أحدكُم الرُّؤْيَا يُحِبهَا فَإِنَّمَا هِيَ من الله فليحمد الله عَلَيْهَا

وليحدث بهَا وَإِذا رأى غَيره مِمَّا يكره فَإِنَّمَا هِيَ من الشَّيْطَان فليستعذ بِاللَّه من شَرها وَلَا يذكرهَا لأحد فَإِنَّهَا لَا تضره وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن ماجة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الرُّؤْيَا الصَّالِحَة جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا وَلَفظ ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة: جُزْء من سبعين جُزْءا من النُّبُوَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رُؤْيا الْمُؤمن جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لم يبْق من النُّبُوَّة إِلَّا الْمُبَشِّرَات قَالُوا: وَمَا الْمُبَشِّرَات قَالَ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّؤْيَا الصَّالِحَة جُزْء من سبعين جُزْءا من النُّبُوَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الرُّؤْيَا من الْمُبَشِّرَات وَهِي جُزْء من سبعين جُزْءا من النُّبُوَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا العَبْد الصَّالح وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُؤمن أَو ترى لَهُ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن حميد بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا سَأَلَ عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ عَن قَوْله {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} فَقَالَ عبَادَة رَضِي الله عَنهُ: سَأَلت عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة يَرَاهَا الْمُؤمن لنَفسِهِ أَو ترى لَهُ وَهُوَ كَلَام يكلم بِهِ رَبك عَبده فِي الْمَنَام وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول: إِذا أصبح من رأى رُؤْيا صَالِحَة فليحدثنا بهَا لِأَن يرى لي رجل مُسلم أَسْبغ وضوءه رُؤْيا صَالِحَة أحب إليَّ من كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن أبي رزين رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رُؤْيا الْمُؤمن جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة وَهِي على رجل طَائِر مَا لم يحدث بهَا فَإِذا حدث بهَا وَقعت

وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الرُّؤْيَا من الله والحلم من الشَّيْطَان فَإِذا رأى أحدكُم شَيْئا يكرههُ فلينفث عَن يسَاره ثَلَاث مَرَّات ثمَّ ليستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان فَإِنَّهَا لَا تضره وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّؤْيَا على ثَلَاثَة تخويف من الشَّيْطَان ليحزن بِهِ ابْن آدم وَمِنْه الْأَمر يحدث بِهِ نَفسه فِي الْيَقَظَة فيراه فِي الْمَنَام وَمِنْه جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا النبوّة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن سمير بن أبي وَاصل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال: إِذا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ خيرا عاتبه فِي نَومه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: هُوَ قَوْله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَبشر الْمُؤمنِينَ بِأَن لَهُم من الله فضلا كَبِيرا) (الْأَحْزَاب الْآيَة 47) وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: آيتان يبشر بهما الْمُؤمن عِنْد مَوته {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} وَقَوله (إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا) (فصلت الْآيَة 30) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه فِي كتاب سُؤال الْقَبْر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: يعلم أَيْن هُوَ قبل أَن يَمُوت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ وَقَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَهُم الْبُشْرَى فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَا: الْبشَارَة عِنْد الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن نَافِع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خطب الْحجَّاج فَقَالَ: إِن ابْن الزبير بدل كتاب الله فَقَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: لَا تَسْتَطِيع ذَلِك أَنْت وَلَا ابْن الزبير {لَا تَبْدِيل لكلمات الله}

الْآيَات 65 - 66

65

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما لم ينتفعوا بِمَا جَاءَهُم من الله وَأَقَامُوا على كفرهم كبر ذَلِك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء من الله فِيمَا يعاتبه {وَلَا يحزنك قَوْلهم إِن الْعِزَّة لله جَمِيعًا هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} يسمع مَا يَقُولُونَ ويعلمه فَلَو شَاءَ بعزته لانتصر عَلَيْهِم الْآيَات 67 - 70

67

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالنَّهَار مبصراً} قَالَ: منيراً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن عنْدكُمْ من سُلْطَان بِهَذَا} يَقُول مَا عنْدكُمْ من سُلْطَان بِهَذَا الْآيَات 71 - 74

71

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْرَج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَأَجْمعُوا أَمركُم وشركاءكم} يَقُول: فاحكموا أَمركُم وَادعوا شركاءكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {فَأَجْمعُوا أَمركُم وشركاءكم} أَي فلتجمعوا أَمرهم مَعكُمْ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثمَّ لَا يكن أَمركُم عَلَيْكُم غمَّة} قَالَ: لَا يكبر عَلَيْكُم أَمركُم ثمَّ اقضوا مَا أَنْتُم قاضون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ اقضوا إليَّ} قَالَ: انهضوا إليَّ {وَلَا تنْظرُون} يَقُول: وَلَا تؤخرون وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {ثمَّ اقضوا إليَّ} قَالَ: مَا فِي أَنفسكُم الْآيَات 75 - 82

75

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لتلفتنا} قَالَ: لتلوينا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {لتلفتنا} قَالَ: لتصدنا عَن آلِهَتنَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَتَكون لَكمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْض} قَالَ: العظمة وَالْملك وَالسُّلْطَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن لَيْث بن أبي سليم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن هَذِه الْآيَات شِفَاء من السحر بِإِذن الله تَعَالَى يقْرَأ فِي إِنَاء فِيهِ مَاء ثمَّ يصب على رَأس المسحور الْآيَة الَّتِي فِي يُونُس {فَلَمَّا ألقوا قَالَ مُوسَى مَا جئْتُمْ بِهِ السحر إِن الله سيبطله} إِلَى قَوْله {وَلَو كره المجرمون} وَقَوله (فَوَقع الْحق وَبَطل مَا كَانُوا يعْملُونَ) (الْأَعْرَاف الْآيَة 118) إِلَى آخر أَربع آيَات وَقَوله (إِنَّمَا صَنَعُوا كيد سَاحر وَلَا يفلح السَّاحر حَيْثُ أَتَى) (طه الْآيَة 69) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن هرون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي حُرُوف أبي بن كَعْب مَا أتيتم بِهِ سحر وَفِي حرف ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ مَا جئْتُمْ بِهِ سحر الْآيَات 83 - 86

83

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَمَا آمن لمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة} قَالَ: الذُّرِّيَّة الْقَلِيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ذُرِّيَّة من قومه} قَالَ: من بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَمَا آمن لمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة من قومه} قَالَ: أَوْلَاد الَّذين أرسل إِلَيْهِم مُوسَى من طول الزَّمَان وَمَات آباؤهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الذُّرِّيَّة الَّتِي آمَنت بمُوسَى من أنَاس بني إِسْرَائِيل من قوم فِرْعَوْن مِنْهُم امْرَأَة فِرْعَوْن وَمُؤمن آل فِرْعَوْن وخازن فِرْعَوْن وَامْرَأَة خازنه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {رَبنَا لَا تجعلنا فتْنَة للْقَوْم الظَّالِمين} قَالَ: لَا تسلطهم علينا فيفتنونا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {رَبنَا لَا تجعلنا فتْنَة للْقَوْم الظَّالِمين} قَالَ: لَا تعذبنا بأيدي قوم فِرْعَوْن وَلَا بِعَذَاب من عنْدك فَيَقُول قوم فِرْعَوْن: لَو كَانُوا على الْحق مَا عذبُوا وَلَا سلطنا عَلَيْهِم فيفتنون بِنَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي قلَابَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَول مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {رَبنَا لَا تجعلنا فتْنَة للْقَوْم الظَّالِمين} قَالَ: سَأَلَ ربه أَن لَا يظْهر علينا عدوّنا فيحسبون أَنهم أولى بِالْعَدْلِ فيفتنون بذلك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مجلز فِي قَوْله {رَبنَا لَا تجعلنا فتْنَة للْقَوْم الظَّالِمين} قَالَ: لَا تظهرهم علينا فيروا أَنهم خير منا

الْآيَة 87

87

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأوحينا إِلَى مُوسَى وأخيه أَن تبوآ لقومكما بِمصْر بُيُوتًا} قَالَ: ذَلِك حِين مَنعهم فِرْعَوْن الصَّلَاة وَأمرُوا أَن يجْعَلُوا مَسَاجِدهمْ فِي بُيُوتهم وَأَن يوجهوها نَحْو الْقبْلَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن تبوآ لقومكما بِمصْر بُيُوتًا} قَالَ: مصر الاسكندرية وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاجْعَلُوا بُيُوتكُمْ قبْلَة} قَالَ: كَانُوا لَا يصلونَ إِلَّا فِي البِيَع حَتَّى خَافُوا من آل فِرْعَوْن فَأمروا أَن يصلوا فِي بُيُوتهم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَاجْعَلُوا بُيُوتكُمْ قبْلَة} قَالَ: أُمِروا أَن يتخذوا فِي بُيُوتهم مَسَاجِد وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانُوا يفرقون من فِرْعَوْن وَقَومه أَن يصلوا فَقَالَ {وَاجْعَلُوا بُيُوتكُمْ قبْلَة} قَالَ: قبل الْكَعْبَة وَذكر أَن آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَمن بعده كَانُوا يصلونَ قبل الْكَعْبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَاجْعَلُوا بُيُوتكُمْ قبْلَة} قَالَ: يُقَابل بَعْضهَا بَعْضًا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي رَافع رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب فَقَالَ: إِن الله أَمر مُوسَى وهرون أَن يتبوآ لقومهما بُيُوتًا وَأَمرهمَا أَن لَا يبيت فِي مسجدهما جنب وَلَا يقربُوا فِيهِ النِّسَاء إِلَّا هرون وَذريته وَلَا يحل لأحد أَن يقرب النِّسَاء فِي مَسْجِدي هَذَا وَلَا يبيت فِيهِ جنب إِلَّا عَليّ وَذريته الْآيَة 88

88

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم} يَقُول: دمر على أَمْوَالهم وأهلكها {وَاشْدُدْ على قُلُوبهم} قَالَ: إطبع {فَلَا يُؤمنُوا حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم} وَهُوَ الْغَرق وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَني عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ عَن قَوْله {رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم} فَأَخْبَرته أَن الله طمس على أَمْوَال فِرْعَوْن وَآل فِرْعَوْن حَتَّى صَارَت حِجَارَة فَقَالَ عمر: كَمَا أَنْت حَتَّى آتِيك فَدَعَا بكيس مختوم ففكه فَإِذا فِيهِ الْفضة مَقْطُوعَة كَأَنَّهَا الْحِجَارَة وَالدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وَأَشْبَاه ذَلِك من الْأَمْوَال حِجَارَة كلهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {اطْمِسْ على أَمْوَالهم} قَالَ: أهلكها {وَاشْدُدْ على قُلُوبهم} قَالَ: بالضلالة {فَلَا يُؤمنُوا} بِاللَّه فِيمَا يرَوْنَ من الْآيَات {حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم} قَالَ: بلغنَا أَن زُرُوعهمْ وَأَمْوَالهمْ تحوّلت حِجَارَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم} قَالَ: صَارَت دنانيرهم ودراهمهم ونحاسهم وحديدهم حِجَارَة منقوشة {وَاشْدُدْ على قُلُوبهم} يَقُول: أهلكهم كفَّارًا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم} قَالَ: صَارَت حِجَارَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {رَبنَا اطْمِسْ على أَمْوَالهم} قَالَ: اجْعَل سكرهم حِجَارَة الْآيَة 89

89

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قد أجيبت دعوتكما قَالَ: فَاسْتَجَاب ربه لَهُ وَحَال بَين فِرْعَوْن وَبَين الإِيمان

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِذا دَعَا أَمن هرون على دُعَائِهِ يَقُول: آمين قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: وَهُوَ اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى فَذَلِك قَوْله {قد أجيبت دعوتكما} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قد أجيبت دعوتكما} قَالَ: دَعَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأمن هرون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَدْعُو ويؤمن هرون عَلَيْهِ السَّلَام فَذَلِك قَوْله {قد أجيبت دعوتكما} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ مُوسَى يَدْعُو وهرون يُؤمن والداعي وَالْمُؤمن شريكان وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: دَعَا مُوسَى وَأمن هرون وَأخرج ابْن جرير عَن أبي صَالح وَأبي الْعَالِيَة وَالربيع مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ هرون عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: آمين فَقَالَ الله {قد أجيبت دعوتكما} فَصَارَ التَّأْمِين دَعْوَة صَار شَرِيكه فِيهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يَزْعمُونَ أَن فِرْعَوْن مكث بعد هَذِه الدعْوَة أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج مثله وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَالَ قد أجيبت دعوتكما} قَالَ: بعد أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ {فاستقيما} فامضيا لأمري وَهِي الاسْتقَامَة الْآيَات 90 - 91

90

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْعَدو والعلو والعتوّ فِي كتاب الله تجبر

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما خرج آخر أَصْحَاب مُوسَى وَدخل آخر أَصْحَاب فِرْعَوْن أوحى إِلَى الْبَحْر أَن أطبق عَلَيْهِم فَخرجت اصبع فِرْعَوْن بِلَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنت بِهِ بَنو إِسْرَائِيل قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: فَعرفت أَن الرب رَحِيم وَخفت أَن تُدْرِكهُ الرَّحْمَة فدمسته بجناحي وَقلت {آلآن وَقد عصيت قبل} فَلَمَّا خرج مُوسَى وَأَصْحَابه قَالَ: من تخلف فِي الْمَدَائِن من قوم فِرْعَوْن مَا غرق فِرْعَوْن وَلَا أَصْحَابه وَلَكنهُمْ فِي جزائر الْبَحْر يتصيدون فَأوحى إِلَى الْبَحْر أَن الْفظ فِرْعَوْن عُريَانا فلفظه عُريَانا أصلع أخنس قَصِيرا فَهُوَ قَوْله {فاليوم ننجيك ببدنك لتَكون لمن خَلفك آيَة} لمن قَالَ: إِن فِرْعَوْن لم يغرق وَكَانَت نجاته عِبْرَة لم تكن نجاة عَافِيَة ثمَّ أوحى إِلَى الْبَحْر أَن الْفظ مَا فِيك فلفظهم على السَّاحِل وَكَانَ الْبَحْر لَا يلفظ غريقاً يبْقى فِي بَطْنه حَتَّى يَأْكُلهُ السّمك فَلَيْسَ يقبل الْبَحْر غريقاً إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أغرق الله عز وَجل فِرْعَوْن {قَالَ آمَنت أَنه لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنت بِهِ بَنو إِسْرَائِيل} قَالَ لي جِبْرِيل: يَا مُحَمَّد لَو رَأَيْتنِي وَأَنا آخذ من حَال الْبَحْر فَأَدُسهُ فِي فِيهِ مَخَافَة أَن تُدْرِكهُ الرَّحْمَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي جِبْرِيل: لَو رَأَيْتنِي وَأَنا آخذ من حَال الْبَحْر فَأَدُسهُ فِي فيِّ فِرْعَوْن مَخَافَة أَن تُدْرِكهُ الرَّحْمَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: لَو رَأَيْتنِي وَأَنا آخذ من حَال الْبَحْر فَأَدُسهُ فِي فِيهِ حَتَّى لَا يُتَابع الدُّعَاء لما أعلم من فضل رَحْمَة الله

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ لي جِبْرِيل: مَا كَانَ على الأَرْض شَيْء أبْغض إليَّ من فِرْعَوْن فَلَمَّا آمن جعلت احشو فَاه حمأة وَأَنا أغطه خشيَة أَن تُدْرِكهُ الرَّحْمَة وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي جِبْرِيل: يَا مُحَمَّد لَو رَأَيْتنِي وَأَنا أغط فِرْعَوْن بِإِحْدَى يَدي وأدس من الْحَال فِي فِيهِ مَخَافَة أَن تُدْرِكهُ الرَّحْمَة فَيغْفر لَهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قَالَ لي جِبْرِيل: مَا غضب رَبك على أحد غَضَبه على فِرْعَوْن إِذْ قَالَ (مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي) (الْقَصَص الْآيَة 38) (وَإِذ قَالَ أَنا ربكُم الْأَعْلَى) (النازعات الْآيَة 24) فَلَمَّا أدْركهُ الْغَرق اسْتَغَاثَ وَأَقْبَلت احشو فَاه مَخَافَة أَن تُدْرِكهُ الرَّحْمَة أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت عِمَامَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم غرق فِرْعَوْن سَوْدَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي جِبْرِيل: مَا أبغضت شَيْئا من خلق الله مَا أبغضت إِبْلِيس يَوْم أمِرَ بِالسُّجُود فَأبى أَن يسْجد وَمَا أبغضت شَيْئا أَشد بغضاً من فِرْعَوْن فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْغَرق خفت أَن يعتصم بِكَلِمَة الاخلاص فينجو فَأخذت قَبْضَة من حمأة فَضربت بهَا فِي فِيهِ فَوجدت الله عَلَيْهِ أَشد غَضبا مني فَأمر مِيكَائِيل فأنبه وَقَالَ {آلآن وَقد عصيت قبل وَكنت من المفسدين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث الله إِلَيْهِ مِيكَائِيل ليعيره فَقَالَ {آلآن وَقد عصيت قبل} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أخْبرت أَن فِرْعَوْن كَانَ أثرم الْآيَة 92

92

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فاليوم ننجيك ببدنك} قَالَ: أنجى الله فِرْعَوْن لبني إِسْرَائِيل من الْبَحْر فنظروا إِلَيْهِ بَعْدَمَا غرق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاليوم ننجيك ببدنك} قَالَ: بجسدك كذب بعض بني إِسْرَائِيل بِمَوْت فِرْعَوْن فألقي على سَاحل الْبَحْر حَتَّى يرَاهُ بَنو إِسْرَائِيل أَحْمَر قَصِيرا كَأَنَّهُ ثَوْر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ {فاليوم ننجيك ببدنك} قَالَ: جسده أَلْقَاهُ الْبَحْر على السَّاحِل وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ {فاليوم ننجيك ببدنك} قَالَ: بدرعك وَكَانَت درعه من لُؤْلُؤ يلاقي فِيهِ الحروب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَخْر رَضِي الله عَنهُ {فاليوم ننجيك ببدنك} قَالَ: الْبدن الدرْع الْحَدِيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي جهيم مُوسَى بن سَالم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاليوم ننجيك ببدنك} قَالَ: كَانَ لفرعون شَيْء يلْبسهُ يُقَال لَهُ الْبدن يتلألأ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي وَأَبُو الشَّيْخ عَن يُونُس بن حبيب النَّحْوِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاليوم ننجيك ببدنك} قَالَ: نجعلك على نجوة من الأَرْض كي ينْظرُوا فيعرفوا أَنَّك قد مت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاليوم ننجيك ببدنك} الْآيَة قَالَ: لما أغرق الله فِرْعَوْن لم تصدق طَائِفَة من النَّاس بذلك فَأخْرجهُ الله ليَكُون عظة وَآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لتَكون لمن خَلفك آيَة} قَالَ: لبني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ فاليوم ننجيك بندائك وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن مُحَمَّد بن السميقع الْيَمَانِيّ وَيزِيد الْبَرْبَرِي أَنَّهُمَا قرآ فاليوم ننحيك ببدنك بحاء غير مُعْجَمه

الْآيَة 93

93

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي وقه {وَلَقَد بوّأنا بني إِسْرَائِيل مبوأ صدق} قَالَ: بؤأهم الله الشَّام وَبَيت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي وَقَوله {مبوّأ صدق} قَالَ: منَازِل صدق مصر وَالشَّام وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَمَا اخْتلفُوا حَتَّى جَاءَهُم الْعلم} قَالَ: الْعلم كتاب الله الَّذِي أنزلهُ وَأمره الَّذِي أَمرهم بِهِ الْآيَات 94 - 95

94

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك فاسأل الَّذين يقرؤون الْكتاب من قبلك} قَالَ: لم يشك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يسْأَل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك فاسأل الَّذين يقرؤون الْكتاب من قبلك} قَالَ: ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا أَشك وَلَا أسأَل وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك فاسأل الَّذين يقرؤون الْكتاب من قبلك} قَالَ: التَّوْرَاة

وَالْإِنْجِيل الَّذين أدركوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الْكتاب فآمنوا بِهِ يَقُول: سلهم إِن كنت فِي شكّ بأنك مَكْتُوب عِنْدهم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سماك الْحَنَفِيّ قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِنِّي أجد فِي نَفسِي مَا لَا أَسْتَطِيع أَن أَتكَلّم بِهِ فَقَالَ: شكّ قلت: نعم قَالَ: مَا نجا من هَذَا أحد حَتَّى نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك} الْآيَة فَإِذا أحسست أَو وجدت من ذَلِك شَيْئا فَقل (هُوَ الأوّل وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم) (الْحَدِيد الْآيَة 3) وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خَمْسَة أحرف فِي الْقُرْآن (وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال) (إِبْرَاهِيم الْآيَة 26) مَعْنَاهُ وَمَا كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال (لَو أردنَا أَن نتَّخذ لهواً لاتخذناه من لدنا إِن كُنَّا فاعلين) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة 17) مَعْنَاهُ مَا كُنَّا فاعلين (قل إِن كَانَ للرحمن ولد) (الزخرف الْآيَة 81) مَعْنَاهُ مَا كَانَ للرحمن ولد (وَلَقَد مكناهم فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ) (الْأَحْقَاف الْآيَة 26) مَعْنَاهُ فِي الَّذين مَا مكناكم فِيهِ {فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا} مَعْنَاهُ فَمَا كنت فِي شكّ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {فاسأل الَّذين يقرؤون الْكتاب من قبلك} قَالَ: سؤالك إيَّاهُم نظرك فِي كتابي كَقَوْلِك: سل عَن آل الْمُهلب دُورهمْ الْآيَات 96 - 97

96

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين حقت عَلَيْهِم كلمة رَبك لَا يُؤمنُونَ} قَالَ: حق عَلَيْهِم سخط الله بِمَا عصوه

الْآيَات 98 - 99

98

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن فِي حرف ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَهَلا كَانَت قَرْيَة آمَنت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فلولا كَانَت قَرْيَة آمَنت} يَقُول: فَمَا كَانَت قَرْيَة آمَنت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل مَا فِي الْقُرْآن فلولا فَهُوَ فَهَلا إِلَّا فِي حرفين فِي يُونُس {فلولا كَانَت قَرْيَة آمَنت} وَالْآخر (فلولا كَانَ من الْقُرُون من قبلكُمْ) (هود الْآيَة 116) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فلولا كَانَت قَرْيَة آمَنت} قَالَ: فَلم تكن قَرْيَة آمَنت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فلولا كَانَت قَرْيَة آمَنت} الْآيَة يَقُول: لم يكن هَذَا فِي الْأُمَم قبل قوم يُونُس لم ينفع قَرْيَة كفرت ثمَّ آمَنت حِين عَايَنت الْعَذَاب إِلَّا قوم يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام فاستثنى الله قوم يُونُس وَذكر لنا أَن قوم يُونُس كَانُوا بنينوى من أَرض الْموصل فَلَمَّا فقدوا نَبِيّهم عَلَيْهِ السَّلَام قذف الله تَعَالَى فِي قُلُوبهم التَّوْبَة فلبسوا المسوح وأخرجوا الْمَوَاشِي وَفرقُوا بَين كل بَهِيمَة وَوَلدهَا فعجوا إِلَى الله أَرْبَعِينَ صباحاً فَلَمَّا عرف الله الصدْق من قُلُوبهم وَالتَّوْبَة والندامة على مَا مضى مِنْهُم كشف عَنْهُم الْعَذَاب بعد مَا تدلى عَلَيْهِم لم يكن بَينهم وَبَين الْعَذَاب إِلَّا ميل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فلولا كَانَت قَرْيَة آمَنت} الْآيَة قَالَ: لم تكن قَرْيَة آمَنت فنفعها الإِيمان إِذا نزل بهَا بَأْس الله إِلَّا قَرْيَة: يُونُس

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي قَوْله {إِلَّا قوم يُونُس لما آمنُوا} قَالَ: لما دعوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم واللالكائي فِي السّنة عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الحذر لَا يرد الْقدر وَإِن الدُّعَاء يرد الْقدر وَذَلِكَ فِي كتاب الله: {إِلَّا قوم يُونُس لما آمنُوا كشفنا عَنْهُم عَذَاب الخزي} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الدُّعَاء ليرد الْقَضَاء وَقد نزل من السَّمَاء اقرأوا إِن شِئْتُم {إِلَّا قوم يُونُس لما آمنُوا كشفنا عَنْهُم} فدعوا صرف عَنْهُم الْعَذَاب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن يُونُس دَعَا قومه فَلَمَّا أَبَوا أَن يُجِيبُوهُ وعدهم الْعَذَاب فَقَالَ: إِنَّه يأتيكم يَوْم كَذَا وَكَذَا ثمَّ خرج عَنْهُم - وَكَانَت الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام إِذا وعدت قَومهَا الْعَذَاب خرجت - فَلَمَّا أظلهم الْعَذَاب خَرجُوا ففرقوا بَين الْمَرْأَة وَوَلدهَا وَبَين السخلة وَأَوْلَادهَا وَخَرجُوا يعْجبُونَ إِلَى الله علم الله مِنْهُم الصدْق فَتَابَ عَلَيْهِم وَصرف عَنْهُم الْعَذَاب وَقعد يُونُس فِي الطَّرِيق يسْأَل عَن الْخَبَر فَمر بِهِ رجل فَقَالَ: مَا فعل قوم يُونُس فحدثه بِمَا صَنَعُوا فَقَالَ: لَا أرجع إِلَى قوم قد كذبتهم وَانْطَلق مغاضباً يَعْنِي مراغماً وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن الْعَذَاب كَانَ هَبَط على قوم يُونُس حَتَّى لم يكن بَينهم وَبَينه إِلَّا قدر ثُلثي ميل فَلَمَّا دعوا كشف الله عَنْهُم وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: غشي قوم يُونُس الْعَذَاب كَمَا يغشى الْقَبْر بِالثَّوْبِ إِذا أَدخل فِيهِ صَاحبه وأمطرت السَّمَاء دَمًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِلَّا قوم يُونُس لما آمنُوا} قَالَ: بلغنَا أَنهم خَرجُوا فنزلوا على تل وَفرقُوا بَين كل بَهِيمَة وَوَلدهَا فدعو الله أَرْبَعِينَ لَيْلَة حَتَّى تَابَ عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تيب على قوم يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم عَاشُورَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى قَرْيَة يُقَال لَهَا نِينَوَى على شاطئ دجلة وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْخلد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما غشي قوم يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام الْعَذَاب مَشوا إِلَى شيخ من بَقِيَّة عُلَمَائهمْ فَقَالُوا لَهُ: مَا ترى قَالَ: قُولُوا يَا حَيّ حِين لَا حَيّ وَيَا حَيّ محيي الْمَوْت وَيَا حَيّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت فَقَالُوا فكشف عَنْهُم الْعَذَاب وَأخرج ابْن النجار عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُنجي حذر من قدر وَأَن الدُّعَاء يدْفع من الْبلَاء وَقد قَالَ الله فِي كِتَابه {إِلَّا قوم يُونُس لما آمنُوا كشفنا عَنْهُم عَذَاب الخزي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ومتعناهم إِلَى حِين} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما دَعَا يُونُس على قومه أوحى الله إِلَيْهِ أَن الْعَذَاب مصبحهم فَقَالُوا: مَا كذب يُونُس وليصبحنا الْعَذَاب فتعالوا حَتَّى نخرج سخال كل شَيْء فنجعلها مَعَ أَوْلَادنَا فَلَعَلَّ الله أَن يرحمهم فأخرجوا النِّسَاء مَعَهُنَّ الْولدَان وأخرجوا الإِبل مَعهَا فصلانها وأخرجوا الْبَقر مَعهَا عجاجيلها وأخرجو الْغنم مَعهَا سخالها فجعلوه أمامهم وَأَقْبل الْعَذَاب فَلَمَّا أَن رَأَوْهُ جأروا إِلَى الله ودعوا وَبكى النِّسَاء والولدان ورغت الإِبل وفصلانها وخارت الْبَقر وعجاجيلها وثغت الْغنم وسخالها فَرَحِمهمْ الله فصرف عَنْهُم الْعَذَاب إِلَى جبال آمد فهم يُعَذبُونَ حَتَّى السَّاعَة الْآيَات 100 - 106

100

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَيجْعَل الرجس} قَالَ: السخط وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَيجْعَل الرجس} قَالَ: الرجس الشَّيْطَان والرجس الْعَذَاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَمَا تغني الْآيَات وَالنّذر عَن قوم} يَقُول: عِنْد قوم لَا يُؤمنُونَ نسخت قَوْله (حِكْمَة بَالِغَة فَمَا تغني النّذر) (الْقَمَر الْآيَة 5) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَهَل ينتظرون إِلَّا مثل أَيَّام الَّذين خلوا من قبلهم} قَالَ: وقائع الله فِي الَّذين خلوا من قبلهم قوم نوح وَعَاد وَثَمُود وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع فِي قَوْله {فَهَل ينتظرون إِلَّا مثل أَيَّام الَّذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إِنِّي مَعكُمْ من المنتظرين} قَالَ: خوّفهم الله عَذَابه ونقمته وعقوبته ثمَّ أخْبرهُم أَنه إِذا وَقع من ذَلِك أَمر نجى الله رسله وَالَّذين آمنُوا فَقَالَ {ثمَّ ننجي رسلنَا وَالَّذين آمنُوا} الْآيَة 107

107

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن يردك بِخَير} يَقُول: بعافية وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثَلَاث آيَات وَجدتهَا فِي كتاب الله تَعَالَى اكتفيت بهَا عَن جَمِيع الْخَلَائق قَوْله {وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يردك بِخَير فَلَا راد لفضله}

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَامر بن قيس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثَلَاث آيَات فِي كتاب الله اكتفيت بِهن عَن جَمِيع الْخَلَائق: أولهنَّ {وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يردك بِخَير فَلَا راد لفضله} وَالثَّانيَِة (مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا وَمَا يمسك فَلَا مُرْسل لَهُ) (فاطر الْآيَة 2) وَالثَّالِثَة (وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها) (هود الْآيَة 6) وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اطْلُبُوا الْخَيْر دهركم وتعرضوا لنفحات رَحْمَة الله تَعَالَى فَإِن لله نفحات من رَحمته يُصِيب بهَا من يَشَاء من عباده وَسَلُوهُ أَن يستر عوراتكم ويؤمن من روعاتكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ مَوْقُوفا مثله سَوَاء الْآيَات 108 - 109

108

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قد جَاءَكُم الْحق من ربكُم} و {وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يردك بِخَير فَلَا راد لفضله} يُونُس الْآيَة 107 هُوَ الْحق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واصبر حَتَّى يحكم الله} قَالَ: هَذَا مَنْسُوخ أمره بجهادهم والغلظة عَلَيْهِم

مُقَدّمَة سُورَة هود أخرج النّحاس فِي تَارِيخه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة هود بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت سُورَة هود بِمَكَّة وَأخرج الدَّارمِيّ وَأَبُو دَاوُد فِي مراسيله وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقرأوا هود يَوْم الْجُمُعَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مَسْرُوق عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله لقد أسْرع إِلَيْك الشيب قَالَ: شيبتني هود والواقعة والمرسلات وَعم يتسألون وَإِذا الشَّمْس كورت وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أنس رَضِي الله عَنهُ عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله عجل إِلَيْك الشيب قَالَ: شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا والواقعة والحاقة وَعم يتسألون وَهل أَتَاك حَدِيث الغاشية وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: مَا شيب رَأسك يَا رَسُول الله قَالَ: هود وأخوانها شيبتني قبل الشيب قَالَ: وَمَا أخواتها قَالَ: إِذا وَقعت الْوَاقِعَة وَعم يتسألون وَإِذا الشَّمْس كورت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد عجل إِلَيْك الشيب قَالَ: شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا من الْمفصل

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق يزِيد الرقاشِي عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله أسْرع إِلَيْك الشيب قَالَ: أجل شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا: الْوَاقِعَة وَالْقَارِعَة والحاقة وَإِذا الشَّمْس كورت وَسَأَلَ سَائل وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن سَمِعت أنسا يَقُول: قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله شبت قَالَ: شيبتني هود والواقعة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله قد شبت قَالَ: شيبتني هود والواقعة والمرسلات وَعم يتسألون وَإِذا الشَّمْس كورت وَأخرجه سعيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي الزّهْد وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة مُرْسلا وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم قَالُوا: يَا رَسُول الله لقد أسْرع إِلَيْك الشيب قَالَ: أجل شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا قَالَ عَطاء رَضِي الله عَنهُ: أخواتها: اقْتَرَبت السَّاعَة والمرسلات وَإِذا الشَّمْس كورت وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله أسْرع إِلَيْك الشيب قَالَ: شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا الْوَاقِعَة وَعم يتسألون وَإِذا الشَّمْس كورت وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله لقد شبت قَالَ: شيبتنش هود والواقعة وَعم يتسألون وَإِذا الشَّمْس كورت وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَا رَسُول الله مَا شيبك قَالَ: هود والواقعة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله قد شبت قَالَ: شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا: الْوَاقِعَة والحاقة وَإِذا الشَّمْس كورت

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد شبت قَالَ: شيبتني هود وَإِذا الشَّمْس كورت وأخواتهما وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي جُحَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله نرَاك قد شبت قَالَ: شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ أَصْحَابه: قد أسْرع إِلَيْك الشيب قَالَ: شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا من الْفَصْل وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا وَمَا فعل بالأمم قبلي وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي عمرَان الْجونِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: شيبتني هود وَأَخَوَاتهَا وَذكر يَوْم الْقِيَامَة وقصص الْأُمَم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي عَليّ السّري رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله رُوِيَ عَنْك أَنَّك قلت: شيبتني هود قَالَ: نعم فَقلت: مَا الَّذِي شيبك مِنْهُ قصَص الْأَنْبِيَاء وهلاك الْأُمَم قَالَ: لَا وَلَكِن قَوْله (فاستقم كَمَا أمرت) (هود الْآيَة 112) بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (11) سُورَة هود مَكِّيَّة وآياتها ثَلَاث وَعِشْرُونَ وَمِائَة الْآيَات 1 - 4

هود

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {الر كتاب أحكمت آيَاته} قَالَ: هِيَ كلهَا مَكِّيَّة محكمَة يَعْنِي سُورَة هود {ثمَّ فصلت} قَالَ: ثمَّ ذكر مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحكم فِيهَا بَينه وَبَين من خَالفه وَقَرَأَ مثل الْفَرِيقَيْنِ الْآيَة كلهَا ثمَّ ذكر قوم نوح ثمَّ قوم هود فَكَانَ هَذَا تَفْصِيل ذَلِك وَكَانَ أَوله محكماً قَالَ: وَكَانَ أبي رَضِي الله عَنهُ يَقُول ذَلِك: يَعْنِي زيد بن أسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كتاب أحكمت آيَاته ثمَّ فصلت} قَالَ: أحكمت بِالْأَمر وَالنَّهْي وفصلت بالوعد والوعيد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثمَّ فصلت} قَالَ: فسرت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كتاب أحكمت آيَاته ثمَّ فصلت} قَالَ: أحكمها الله من الْبَاطِل ثمَّ فصلها بِعِلْمِهِ فَبين حَلَاله وَحَرَامه وطاعته ومعصيته وَفِي قَوْله {من لدن حَكِيم} يَعْنِي من عِنْد حَكِيم وَفِي قَوْله {يمتعكم مَتَاعا حسنا} قَالَ: فَأنْتم فِي ذَلِك الْمَتَاع فَخُذُوهُ بِطَاعَة الله وَمَعْرِفَة حَقه فَإِن الله منعم يحب الشَّاكِرِينَ وَأهل الشُّكْر فِي مزِيد من الله وَذَلِكَ قَضَاؤُهُ الَّذِي قضى وَفِي قَوْله {إِلَى أجل مُسَمّى} يَعْنِي الْمَوْت وَفِي قَوْله {وَيُؤْت كل ذِي فضل فَضله} أَي فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيُؤْت كل ذِي فضل فَضله} قَالَ: مَا احتسب بِهِ من مَاله أَو عمل بيدَيْهِ أَو رجلَيْهِ أَو كَلَامه أَو مَا تطوّل بِهِ من أمره كُله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيُؤْت كل ذِي فضل فَضله} قَالَ: يُؤْت كل ذِي فضل فِي الإِسلام فضل الدَّرَجَات فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيُؤْت كل ذِي فضل فَضله} قَالَ: من عمل سَيِّئَة كتبت عَلَيْهِ سَيِّئَة وَمن عمل حَسَنَة كتبت لَهُ عشر حَسَنَات فَإِن عُوقِبَ بِالسَّيِّئَةِ الَّتِي كَانَ عَملهَا فِي الدُّنْيَا بقيت لَهُ عشر حَسَنَات وَإِن لم يُعَاقب بهَا فِي الدُّنْيَا أخذت من الْحَسَنَات الْعشْر وَاحِدَة وَبقيت لَهُ تسع حَسَنَات ثمَّ يَقُول: هلك من غلب آحاده أعشاره

الْآيَة 5

5

أخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ {أَلا إِنَّهُم يثنون صُدُورهمْ} وَقَالَ أنَاس كَانُوا يستحيون أَن يتخلوا فيفضوا إِلَى السَّمَاء وَأَن يجامعوا نِسَاءَهُمْ فيفضوا إِلَى السَّمَاء فَنزل ذَلِك فيهم وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَلا إِنَّهُم تثنوا فِي صُدُورهمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن أبي مليكَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول أَلا إِنَّهُم تثنوا فِي صُدُورهمْ قَالَ: كَانُوا لَا يأْتونَ النِّسَاء وَلَا الْغَائِط إِلَّا وَقد تغشوا بثيابهم كَرَاهَة أَن يفضوا بفروجهم إِلَى السَّمَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أَلا إِنَّهُم يثنون صُدُورهمْ} قَالَ: الشَّك فِي الله وَعمل السَّيِّئَات وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَلا إِنَّهُم يثنون صُدُورهمْ} قَالَ: كَانَ المُنَافِقُونَ إِذا مر أحدهم بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثنى صَدره وتغشى ثَوْبه لكيلا يرَاهُ فَنزلت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يثنون صُدُورهمْ} قَالَ: تضيق شكا وامتراء فِي الْحق {ليستخفوا مِنْهُ} قَالَ: من الله إِن اسْتَطَاعُوا وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَلا حِين يستغشون ثِيَابهمْ} قَالَ: فِي ظلمَة اللَّيْل فِي أَجْوَاف بُيُوتهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي رزين رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أحدهم يحني ظَهره ويستغشى بِثَوْبِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ

فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا يحنون صُدُورهمْ لكيلا يسمعوا كتاب الله قَالَ تَعَالَى {أَلا حِين يستغشون ثِيَابهمْ يعلم مَا يسرون} وَذَلِكَ أخْفى مَا يكون ابْن آدم إِذا حَنى ظَهره واستغشى بِثَوْبِهِ وأضمر همه فِي نَفسه فَإِن الله لَا يخفى ذَلِك عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أَلا إِنَّهُم يثنون صُدُورهمْ} يَقُول: يكتمون مَا فِي قُلُوبهم {أَلا حِين يستغشون ثِيَابهمْ يعلم} مَا علمُوا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يثنون صُدُورهمْ} يَقُول: يطأطئون رؤوسهم ويحنون ظُهُورهمْ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَلا حِين يستغشون ثِيَابهمْ} قَالَ: فِي ظلمَة وظلمة اللحاف وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَلا إِنَّهُم يثنون صُدُورهمْ} قَالَ: يكبون {أَلا حِين يستغشون ثِيَابهمْ} قَالَ: يغطون رؤوسهم الْآيَة 6

6

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْخَيْر الْبَصْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أوحى الله تَعَالَى إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: تزْعم أَنَّك تحبني وتسيء بِي الظَّن صباحاً وَمَسَاء أما كَانَت لَك عِبْرَة إِن شققت سبع أَرضين فأريتك ذرة فِي فِيهَا برة لم أُنْسُهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} يَعْنِي كل دَابَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} يَعْنِي مَا جاءها من رزق فَمن الله وَرُبمَا لم يرزقها حَتَّى تَمُوت جوعا وَلَكِن مَا كَانَ لَهَا من رزق فَمن الله وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ أَن الْأَشْعَرِيين أَبَا مُوسَى وَأَبا مَالك وَأَبا عَامر فِي نفر مِنْهُم لما هَاجرُوا قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أرملوا من الزَّاد فأرسلوا رجلا مِنْهُم إِلَى رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَله فَلَمَّا انْتهى إِلَى بَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَمعه يقْرَأ هَذِه الْآيَة {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها وَيعلم مستقرها ومستودعها كل فِي كتاب مُبين} فَقَالَ الرجل: مَا الأشعريون بِأَهْوَن الدَّوَابّ على الله فَرجع وَلم يدْخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لأَصْحَابه: أَبْشِرُوا أَتَاكُم الْغَوْث وَلَا يظنون إِلَّا أَنه أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوعده فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ أَتَاهُم رجلَانِ يحْملَانِ قَصْعَة بَينهمَا مملؤة خبْزًا وَلَحْمًا فَأَكَلُوا مِنْهَا مَا شاؤوا ثمَّ قَالَ بَعضهم لبَعض: لَو أَنا رددنا هَذَا الطَّعَام إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليقضي بِهِ حَاجته فَقَالَا للرجلين: اذْهَبَا بِهَذَا الطَّعَام إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإنَّا قضينا حاجتنا ثمَّ إِنَّهُم أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله مَا رَأينَا طَعَاما أَكثر وَلَا أطيب من طَعَام أرْسلت بِهِ قَالَ: مَا أرْسلت إِلَيْكُم طَعَاما فأخبروه أَنهم أرْسلُوا صَاحبهمْ فَسَأَلَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ مَا صنع وَمَا قَالَ لَهُم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذَلِك شَيْء رزقكموه الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَيعلم مستقرها} قَالَ: حَيْثُ تأوي {ومستودعها} قَالَ: حَيْثُ تَمُوت وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: مستقرها بِاللَّيْلِ ومستودعها حَيْثُ تَمُوت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله وَيعلم {مستقرها} قَالَ: يَأْتِيهَا رزقها حَيْثُ كَانَت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيعلم مستقرها ومستودعها} قَالَ: مستقرها فِي الْأَرْحَام ومستودعها حَيْثُ تَمُوت وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا كَانَ أجل أحدكُم بِأَرْض أتيحت لَهُ إِلَيْهَا حَاجَة حَتَّى إِذا بلغ أقْصَى أَثَره مِنْهَا فَيقبض فَتَقول الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة: هَذَا مَا استودعتني

الْآيَة 7

7

أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ أهل الْيمن: يَا رَسُول الله أخبرنَا عَن أول هَذَا الْأَمر كَيفَ كَانَ قَالَ: كَانَ الله قبل كل شَيْء وَكَانَ عَرْشه على المَاء وَكتب فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ ذكر كل شَيْء وَخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَنَادَى مُنَاد: ذهبت نَاقَتك يَا ابْن الْحصين فَانْطَلَقت فَإِذا هِيَ يقطع دونهَا السراب فوَاللَّه لَوَدِدْت أَنِّي كنت تركتهَا وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي رزين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أَيْن كَانَ رَبنَا قبل أَن يخلق خلقه قَالَ: كَانَ فِي عماء مَا تَحْتَهُ هَوَاء وَمَا فَوْقه هَوَاء وَخلق عَرْشه على المَاء قَالَ التِّرْمِذِيّ رَضِي الله عَنهُ: العماء: أَي لَيْسَ مَعَه شَيْء وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قدر مقادير الْخَلَائق قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض بِخَمْسِينَ ألف سنة وَكَانَ عَرْشه على المَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخل قوم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: جِئْنَا نسلم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونتفقه فِي الدّين ونسأله عَن بَدْء هَذَا الْأَمر فَقَالَ: كَانَ الله وَلَا شَيْء غَيره وَكَانَ عَرْشه على المَاء وَكتب فِي الذّكر كل شَيْء ثمَّ خلق سبع سموات ثمَّ أَتَانِي آتٍ فَقَالَ: هَذِه نَاقَتك قد ذهبت فَخرجت والسراب يَنْقَطِع دونهَا فَلَوَدِدْت أَنِّي كنت تركتهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله

عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} على أَي شَيْء كَانَ قَالَ: على متن الرّيح وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} قَالَ: قبل أَن يخلق شَيْئا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عَرْشه على المَاء فَلَمَّا خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض قسم ذَلِك المَاء قسمَيْنِ فَجعل صفاء تَحت الْعَرْش وَهُوَ الْبَحْر الْمَسْجُور فَلَا تقطر مِنْهُ قَطْرَة حَتَّى ينْفخ فِي الصُّور فَينزل مِنْهُ مثل الطل فتنبت مِنْهُ الْأَجْسَام وَجعل النّصْف الآخر تَحت الأَرْض السُّفْلى وَأخرج دَاوُد بن المحبر فِي كتاب الْعقل وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي كتاب التَّارِيخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا} فَقلت: مَا معنى ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عقلا ثمَّ قَالَ: وَأَحْسَنُكُمْ عقلا أورعكم عَن محارم الله وَأعْلمكُمْ بِطَاعَة الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله {ليَبْلُوكُمْ} قَالَ: يَعْنِي الثقلَيْن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ليَبْلُوكُمْ} قَالَ: ليختبركم {أَيّكُم أحسن عملا} قَالَ: أَيّكُم أتم عقلا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ {ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا} قَالَ: أزهد فِي الدُّنْيَا أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَئِن قلت إِنَّكُم مبعوثون من بعد الْمَوْت ليَقُولن الَّذين كفرُوا} الْآيَة أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زَائِدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ سُلَيْمَان بن مُوسَى فِي هود عِنْد سبع آيَات {لساحر مُبين} الْآيَات 8 - 14

8

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزل (اقْترب للنَّاس حسابهم) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة 1) قَالَ نَاس: إِن السَّاعَة قد اقْتَرَبت فتناهوا فتناهى الْقَوْم قَلِيلا ثمَّ عاودا إِلَى أَعْمَالهم أَعمال السوء فَأنْزل الله (أَتَى أَمر الله فَلَا تستعجلوه) (النَّحْل الْآيَة 1) فَقَالَ أنَاس أهل الضَّلَالَة: هَذَا أَمر الله قد أَتَى فتناهى الْقَوْم ثمَّ عَادوا إِلَى مَكْرهمْ مكر السوء فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {وَلَئِن أخرنا عَنْهُم الْعَذَاب إِلَى أمة مَعْدُودَة} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر إِلَى أمة مَعْدُودَة قَالَ: إِلَى أجل مَعْدُود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ليَقُولن مَا يحْبسهُ} قَالَ: للتكذيب بِهِ وَأَنه لَيْسَ بِشَيْء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزؤون} يَقُول: وَقع الْعَذَاب الَّذِي استهزؤا بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَئِن أذقنا الإِنسان منا رَحْمَة} الْآيَة قَالَ: يَا ابْن آدم إِذا كَانَت بك نعْمَة من الله من السعَة والأمن والعافية فكفور لما بك مِنْهَا وَإِذا نزعت مِنْك يَبْتَغِي لَك فراغك فيؤوس

من روح الله قنوط من رَحمته كَذَلِك أَمر الْمُنَافِق وَالْكَافِر وَفِي قَوْله {وَلَئِن أذقناه نعماء} إِلَى قَوْله {ذهب السَّيِّئَات عني} قَالَ: غره بِاللَّه وجرأه عَلَيْهِ أَنه لفرح وَالله لَا يحب الفرحين فخور لما أعْطى لَا يشْكر الله ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ {إِلَّا الَّذين صَبَرُوا} يَقُول: عِنْد الْبلَاء {وَعمِلُوا الصَّالِحَات} عِنْد النِّعْمَة {أُولَئِكَ لَهُم مغْفرَة} لذنوبهم {وَأجر كَبِير} قَالَ: الْجنَّة {فلعلك تَارِك بعض مَا يُوحى إِلَيْك} إِن تفعل فِيهِ مَا أمرت وَتَدْعُو إِلَيْهِ كَمَا أرْسلت {أَن يَقُولُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ كنز} لَا ترى مَعَه مَالا {أَو جَاءَ مَعَه ملك} ينذر مَعَه {إِنَّمَا أَنْت نَذِير} فَبلغ مَا أمرت بِهِ فَإِنَّمَا أَنْت رَسُول {أم يَقُولُونَ افتراه} قد قَالُوهُ {فَأتوا بِعشر سور مثله} مثل الْقُرْآن {وَادعوا شهداءكم} يشْهدُونَ إِنَّهَا مثله وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ} قَالَ لأَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَات 15 - 16

15

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن معبد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَامَ رجل إِلَى عليّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: أخبرنَا عَن هَذِه الْآيَة {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا} إِلَى قَوْله {وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ} قَالَ: وَيحك ذَاك من كَانَ يُرِيد الدُّنْيَا لَا يُرِيد الْآخِرَة وَأخرج النّحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا} أَي ثَوَابهَا {وَزينتهَا} مَالهَا {نوف إِلَيْهِم} نوفر لَهُم ثَوَاب أَعْمَالهم بِالصِّحَّةِ وَالسُّرُور فِي الْأَهْل وَالْمَال وَالْولد {وهم فِيهَا لَا يبخسون} لَا ينقضون ثمَّ نسخهَا (من كَانَ يُرِيد العاجلة عجلنا لَهُ فِيهَا مَا نشَاء) (الإِسراء الْآيَة 18) الْآيَة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: من عمل صَالحا التمَاس الدُّنْيَا صوما أَو صَلَاة أَو تهجداً بِاللَّيْلِ لَا يُعلمهُ إِلَّا لالتماس الدُّنْيَا يَقُول الله: أَو فِيهِ الَّذِي التمس فِي الدُّنْيَا من المثابة وحبط عمله الَّذِي كَانَ يعْمل وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: هُوَ الرجل يعْمل الْعَمَل للدنيا لَا يُرِيد بِهِ الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي أهل الشّرك وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: هم أهل الرِّيَاء وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أول من يدعى يَوْم الْقِيَامَة رجل جمع الْقُرْآن يَقُول الله تَعَالَى لَهُ: ألم أعلمك مَا أنزلت على رَسُولي فَيَقُول: بلَى يَا رب فَيَقُول: فَمَاذَا عملت فِيمَا علمتك فَيَقُول: يَا رب كنت أقوم بِهِ اللَّيْل وَالنَّهَار فَيَقُول الله لَهُ: كذبت وَتقول الْمَلَائِكَة: كذبت بل أردْت أَن يُقَال فلَان قَارِئ فقد قيل اذْهَبْ فَلَيْسَ لَك الْيَوْم عندنَا شَيْء ثمَّ يدعى صَاحب المَال فَيَقُول الله: عَبدِي ألم أنعم عَلَيْك ألم أوسع عَلَيْك فَيَقُول: بلَى يَا رب فَيَقُول: فَمَاذَا عملت فِيمَا آتيتك فَيَقُول: يَا رب كنت أصل الْأَرْحَام وأتصدق وأفعل فَيَقُول الله لَهُ: كذبت بل أردْت أَن يُقَال فلَان جواد فقد قيل ذَلِك اذْهَبْ فَلَيْسَ لَك الْيَوْم عندنَا شَيْء ويدعى الْمَقْتُول فَيَقُول الله لَهُ: عَبدِي فيمَ قتلت فَيَقُول: يَا رب فِيك وَفِي سَبِيلك فَيَقُول الله لَهُ: كذبت وَتقول الْمَلَائِكَة: كذبت بل أردْت أَن يُقَال فلَان جريء فقد قيل ذَلِك اذْهَبْ فَلَيْسَ لَك الْيَوْم عندنَا شَيْء ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أُولَئِكَ الثَّلَاثَة شَرّ خلق الله يسعر بهم النَّار يَوْم الْقِيَامَة فَحدث مُعَاوِيَة بِهَذَا إِلَى قَوْله {وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا

كَانَ يَوْم الْقِيَامَة صَارَت أمتِي ثَلَاثَة فرق فرقة يعْبدُونَ الله خَالِصا: وَفرْقَة يعْبدُونَ الله رِيَاء وَفرْقَة يعْبدُونَ الله يصيبون بِهِ دنيا فَيَقُول للَّذي كَانَ يعبد الله للدنيا: بعزتي وَجَلَالِي مَا أردْت بعبادتي فَيَقُول: الدُّنْيَا فَيَقُول: لَا جرم لَا ينفعك مَا جمعت وَلَا ترجع إِلَيْهِ انْطَلقُوا بِهِ إِلَى النَّار وَيَقُول للَّذي يعبد الله رِيَاء: بعزتي وَجَلَالِي مَا أردْت بعبادتي قَالَ: الرِّيَاء فَيَقُول: إِنَّمَا كَانَت عبادتك الَّتِي كنت ترائي بهَا لَا يصعد إليّ مِنْهَا شَيْء وَلَا ينفعك الْيَوْم انْطَلقُوا بِهِ إِلَى النَّار وَيَقُول للَّذي يعبد الله خَالِصا: بعزتي وَجَلَالِي مَا أردْت بعبادتي فَيَقُول: بعزتك وجلالك لأَنْت أعلم بِهِ مني كنت أعبدك لوجهك ولدارك قَالَ: صدق عَبدِي انْطَلقُوا بِهِ إِلَى الْجنَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عدي بن حَاتِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُؤْتى يَوْم الْقِيَامَة بناس بَين النَّاس إِلَى الْجنَّة حَتَّى إِذا دنوا مِنْهَا استنشقوا رائحتها ونظروا إِلَى قُصُورهَا وَإِلَى مَا أعد الله لأَهْلهَا فِيهَا فَيَقُولُونَ: يَا رَبنَا لَو أدخلتنا النَّار قبل أَن ترينا مَا أريتنا من الثَّوَاب وَمَا أَعدَدْت فِيهَا لأوليائك كَانَ أَهْون قَالَ: ذَاك أردْت بكم كُنْتُم إِذا خلوتم بارزتموني بالعظيم وَإِذا لَقِيتُم النَّاس لقيتموهم مخبتين وَلم تجلوني وتركتم للنَّاس وَلم تتركوا إِلَيّ فاليوم أذيقكم الْعَذَاب الْأَلِيم مَعَ مَا حرمتم من الثَّوَاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا وهم فِيهَا لَا يبخسون} قَالَ: يُؤْتونَ ثَوَاب مَا عمِلُوا فِي الدُّنْيَا وَلَيْسَ لَهُم فِي الْآخِرَة من شَيْء وَقَالَ: هِيَ مثل الْآيَة الَّتِي فِي الرّوم (وَمَا آتيتم من رَبًّا ليربو فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يربوا عِنْد الله) (الرّوم الْآيَة 39) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا} الْآيَة يَقُول: من كَانَت الدُّنْيَا همه وسدمه وطلبته وَنِيَّته وَحَاجته جازاه الله بحسناته فِي الدُّنْيَا ثمَّ يُفْضِي إِلَى الْآخِرَة لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَسَنَة وَأما الْمُؤمن فيجازى بحسناته فِي الدُّنْيَا ويثاب عَلَيْهَا فِي الْآخِرَة {وهم فِيهَا لَا يبخسون} أَي لَا يظْلمُونَ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: من عمل للدنيا لَا يُرِيد بِهِ الله وفاه الله ذَلِك الْعَمَل فِي الدُّنْيَا أجر مَا عمل

فَذَلِك قَوْله {نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا وهم فِيهَا لَا يبخسون} أَي لَا ينقصُونَ أَي يُعْطوا مِنْهَا أجر مَا عمِلُوا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من كَانَ يُرِيد أَن يعلم مَا مَنْزِلَته عِنْد الله فَلْينْظر فِي عمله فَإِنَّهُ قادم على عمله كَائِنا مَا كَانَ وَلَا عمل مُؤمن وَلَا كَافِر من عمل صَالح إِلَّا جَاءَ الله بِهِ فَأَما الْمُؤمن فيجزيه بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بِمَا شَاءَ وَأما الْكَافِر فيجزيه فِي الدُّنْيَا ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم} قَالَ: طَيِّبَاتهمْ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج {نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا} قَالَ: نعجل لَهُم فِيهَا كل طيبَة لَهُم فِيهَا وهم لَا يظْلمُونَ بِمَا لم يعجلوا من طَيِّبَاتهمْ لم يظلمهم لأَنهم لم يعلمُوا إِلَّا الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا} قَالَ: تعجل لمن لَا يقبل مِنْهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وحبط مَا صَنَعُوا فِيهَا} قَالَ: حَبط مَا علمُوا من خير {وَبَطل} فِي الْآخِرَة لَيْسَ لَهُم فِيهَا جَزَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وحبط} يَعْنِي بَطل وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن أبيّ بن كَعْب أَنه قَرَأَ وباطلاً مَا كَانُوا يعْملُونَ الْآيَة 17

17

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من رجل من قُرَيْش إِلَّا نزل فِيهِ طَائِفَة من الْقُرْآن فَقَالَ لَهُ

رجل: مَا نزل فِيك قَالَ: أما تقْرَأ سُورَة هود {أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه ويتلوه شَاهد مِنْهُ} رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بَيِّنَة من ربه وَأَنا شَاهد مِنْهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بَيِّنَة من ربه وَأَنا شَاهد مِنْهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه أَنا ويتلوه شَاهد مِنْهُ قَالَ: عَليّ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه} قَالَ: ذَاك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ {أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قلت لأبي: إِن النَّاس يَزْعمُونَ فِي قَول الله {ويتلوه شَاهد مِنْهُ} أَنَّك أَنْت التَّالِي قَالَ: وددت أَنِّي أَنا هُوَ وَلكنه لِسَان مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحَنَفِيَّة {أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ويتلوه شَاهد مِنْهُ} قَالَ: لِسَانه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ويتلوه شَاهد مِنْهُ} قَالَ: أما الْحسن رَضِي الله عَنهُ فَكَانَ يَقُول: اللِّسَان وَذكر عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَنه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَوَافَقَهُ سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هُوَ جِبْرِيل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ {ويتلوه شَاهد مِنْهُ} قَالَ: هُوَ اللِّسَان وَيُقَال: أَيْضا جِبْرِيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه} قَالَ: مُحَمَّد {ويتلوه شَاهد مِنْهُ} قَالَ: جِبْرِيل فَهُوَ شَاهد من الله بِالَّذِي يَتْلُو من كتاب الله الَّذِي أنزل على مُحَمَّد {وَمن قبله كتاب مُوسَى} قَالَ: وَمن قبله تَلا التَّوْرَاة على لِسَان مُوسَى كَمَا تَلا الْقُرْآن على لِسَان مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ويتلوه شَاهد مِنْهُ} قَالَ: ملك يحفظه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن الْحُسَيْن بن عَليّ فِي قَوْله {ويتلوه شَاهد مِنْهُ} قَالَ: مُحَمَّد هُوَ الشَّاهِد من الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه} قَالَ: الْمُؤمن على بَيِّنَة من ربه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم {وَمن قبله كتاب مُوسَى} قَالَ: وَمن جَاءَ بِالْكتاب إِلَى مُوسَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمن يكفر بِهِ من الْأَحْزَاب} قَالَ: الْكفَّار أحزاب كلهم على الْكفْر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمن يكفر بِهِ من الْأَحْزَاب} قَالَ: من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يسمع بِي أحد من هَذِه الْأمة وَلَا يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ فَلم يُؤمن بِي إِلَّا كَانَ من أهل النَّار قَالَ سعيد: فَقلت مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا هُوَ فِي كتاب الله فَوجدت {وَمن يكفر بِهِ من الْأَحْزَاب فَالنَّار موعده} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من أحد يسمع بِي من هَذِه الْأمة وَلَا يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ وَلَا يُؤمن بِي إِلَّا دخل النَّار فَجعلت أَقُول: أَيْن تصديقها فِي كتاب الله وقلما سَمِعت حَدِيثا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا وجدت تَصْدِيقه فِي الْقُرْآن حَتَّى وجدت هَذِه الْآيَة {وَمن يكفر بِهِ من الْأَحْزَاب فَالنَّار موعده} قَالَ: الْأَحْزَاب الْملَل كلهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا بَلغنِي حَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على وَجهه إِلَّا وجدت مصداقه فِي كتاب الله

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يسمع بِي أحد من هَذِه الْأمة وَلَا يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ وَمَات وَلم يُؤمن بِالَّذِي أرْسلت بِهِ إِلَّا كَانَ من أَصْحَاب النَّار الْآيَة 18

18

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي جريج فِي قَوْله {وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا} قَالَ: الْكَافِر وَالْمُنَافِق {أُولَئِكَ يعرضون على رَبهم} فيسألهم عَن أَعْمَالهم {وَيَقُول الأشهاد} الَّذين كَانُوا يحفظون أَعْمَالهم عَلَيْهِم فِي الدُّنْيَا {هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم} حفظوه شهدُوا بِهِ عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَيَقُول الأشهاد} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الأشهاد} الْمَلَائِكَة يشْهدُونَ على بني آدم بأعمالهم وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله يدني الْمُؤمن حَتَّى يضع عَلَيْهِ كنفه ويستره من النَّاس ويقرره بذنوبه وَيَقُول لَهُ: اتعرف ذَنْب كَذَا أتعرف ذَنْب كَذَا فَيَقُول: أَي رب أعرف حَتَّى إِذا قَرَّرَهُ بذنوبه وَرَأى فِي نَفسه أَنه قد هلك قَالَ: فَإِنِّي قد سترتها عَلَيْك فِي الدُّنْيَا وَأَنا أغفرها لَك الْيَوْم ثمَّ يعْطى كتاب حَسَنَاته وَأما الْكفَّار والمنافقون {وَيَقُول الأشهاد هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم أَلا لعنة الله على الظَّالِمين} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ من وَجه آخر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَأْتِي الله بِالْمُؤمنِ يَوْم الْقِيَامَة فيقربه مِنْهُ حَتَّى يَجعله فِي حجابه من جَمِيع الْخلق فَيَقُول لَهُ: اقرأه فيعرفه ذَنبا ذَنبا فَيَقُول: أتعرف أتعرف فَيَقُول: نعم نعم فيلتفت العَبْد يمنة ويسرة فَيَقُول لَهُ الرب: لَا بَأْس عَلَيْك يَا

عَبدِي أَنْت كنت فِي ستري من جَمِيع خلقي وَلَيْسَ بيني وَبَيْنك الْيَوْم من يطلع على ذنوبك اذْهَبْ فقد غفرتها لَك بِحرف وَاحِد من جَمِيع مَا أتيتني بِهِ فَيَقُول: يَا رب مَا هُوَ قَالَ: كنت لَا ترجو الْعَفو من أحد غَيْرِي فهانت عَليّ ذنوبك وَأما الْكَافِر فَيقْرَأ ذنُوبه على رُؤُوس الأشهاد {هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم أَلا لعنة الله على الظَّالِمين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنه لَا يخزى يَوْمئِذٍ أحد فيخفي خزيه على أحد من الْخَلَائق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هَذَا كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم حِين بَعثه إِلَى الْيمن فَقَالَ: إِن الله كره الظُّلم وَنهى عَنهُ وَقَالَ {أَلا لعنة الله على الظَّالِمين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الرجل ليُصَلِّي ويلعن نَفسه فِي قِرَاءَته فَيَقُول {أَلا لعنة الله على الظَّالِمين} وَأَنه لظَالِم الْآيَة 19

19

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الَّذين يصدون عَن سَبِيل الله} هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدت قُرَيْش عَنهُ النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويبغونها عوجا} يَعْنِي يرجون بِمَكَّة غير الإِسلام دينا الْآيَة 20

20

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أخبر الله سُبْحَانَهُ أَنه حَال بَين أهل الشّرك وَبَين طَاعَته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أما فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ

قَالَ: مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السّمع وَفِي طَاعَته وَمَا كَانُوا يبصرون وَأما فِي الْآخِرَة فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَسْتَطِيعُونَ خاشعة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السّمع وَمَا كَانُوا يبصرون} قَالَ: مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ أَن يسمعوا خيرا فينتفعوا بِهِ وَلَا يبصروا خيرا فيأخذوا بِهِ الْآيَات 21 - 22

21

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {أُولَئِكَ الَّذين خسروا أنفسهم} قَالَ: غبنوا أنفسهم الْآيَة 23

23

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وأخبتوا} قَالَ: خَافُوا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الإِخبات الإِنابة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الإِخبات الْخُشُوع والتواضع وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وأخبتوا إِلَى رَبهم} قَالَ: اطمأنوا إِلَى رَبهم الْآيَة 24

24

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مثل الْفَرِيقَيْنِ كالأعمى والأصم} قَالَ: الْكَافِر {والبصير والسميع} قَالَ: الْمُؤمن الْآيَات 25 - 35

25

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا نرَاك اتبعك إِلَّا الَّذين هم أراذلنا باديَ الرَّأْي} قَالَ: فِيمَا ظهر لنا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ مثله

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي} قَالَ: قد عرفتها وَعرفت بهَا أمره وَأَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ {وآتاني رَحْمَة من عِنْده} قَالَ: الإِسلام وَالْهدى والإِيمان وَالْحكم والنبوة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أنلزمكموها} قَالَ: أما وَالله لَو اسْتَطَاعَ نَبِي الله لألزمها قومه وَلكنه لم يسْتَطع ذَلِك وَلم يملكهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ أنلزمكموها من شطر أَنْفُسنَا وَأَنْتُم لَهَا كَارِهُون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ أنلزمكموها من شطر قُلُوبنَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن أجري} قَالَ: جزائي وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا أَنا بطارد الَّذين آمنُوا} قَالَ: قَالُوا لَهُ: يَا نوح إِن أَحْبَبْت أَن نتبعك فاطردهم وَإِلَّا فَلَنْ نرضى أَن نَكُون نَحن وهم فِي الْأَمر سَوَاء وَفِي قَوْله {إِنَّهُم ملاقوا رَبهم} قَالَ: فيسألهم عَن أَعْمَالهم {وَلَا أَقُول لكم عِنْدِي خَزَائِن الله} الَّتِي لَا يفنيها شَيْء فَأَكُون إِنَّمَا أدعوكم لتتبعوني عَلَيْهَا لأعطيكم مِنْهَا بِملكه أَي عَلَيْهَا {وَلَا أعلم الْغَيْب} لَا أَقُول اتبعوني على علمي بِالْغَيْبِ {وَلَا أَقُول إِنِّي ملك} نزلت من السَّمَاء برسالة {مَا أَنا إِلَّا بشر مثلكُمْ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا أَقُول للَّذين تزدري أعينكُم} قَالَ: حقرتموهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لن يُؤْتِيهم الله خيرا} قَالَ: يَعْنِي إِيمَانًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَالُوا يَا نوح قد جادلتنا} قَالَ: ماريتنا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ {فأتنا بِمَا تعدنا} قَالَ: تَكْذِيبًا بِالْعَذَابِ وَأَنه بَاطِل

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فعليَّ إجرامي} قَالَ: عَمَلي {وَأَنا بَرِيء مِمَّا تجرمون} أَي مِمَّا تَعْمَلُونَ الْآيَات 36 - 37

36

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأوحي إِلَى نوح أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن} وَذَلِكَ حِين دَعَا عَلَيْهِم نوح عَلَيْهِ السَّلَام (قَالَ رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا) (نوح الْآيَة 26) وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن نوحًا لم يدع على قومه حَتَّى نزلت عَلَيْهِ الْآيَة {وأوحي إِلَى نوح أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن} فَانْقَطع عِنْد ذَلِك رجاؤه مِنْهُم فَدَعَا عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما استنقذ الله من أصلاب الرِّجَال وأرحام النِّسَاء كل مُؤمن ومؤمنة قَالَ: يَا نوح {أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن} وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يضْرب ثمَّ يلف فِي لبد فَيلقى فِي بَيته يرَوْنَ أَنه قد مَاتَ ثمَّ يخرج فيدعوهم حَتَّى إِذا أيس من إِيمَان قومه جَاءَهُ رجل وَمَعَهُ ابْنه وَهُوَ يتَوَكَّأ على عَصا فَقَالَ: يَا بني أنظر هَذَا الشَّيْخ لَا يغرنك قَالَ: يَا أَبَت أمكني من الْعَصَا ثمَّ أَخذ الْعَصَا ثمَّ قَالَ: ضعني فِي الأَرْض فَوَضعه فَمشى إِلَيْهِ فَضَربهُ فَشَجَّهُ مُوضحَة فِي رَأسه وسالت الدِّمَاء قَالَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام: رب قد ترى مَا يفعل بِي عِبَادك فَإِن يكن لَك فِي عِبَادك حَاجَة فاهدهم وَإِن يكن غير ذَلِك فصبرني إِلَى أَن تحكم وَأَنت خير الْحَاكِمين فَأوحى الله إِلَيْهِ وآيسه من إِيمَان قومه وَأخْبرهُ أَنه لم يبْق فِي أصلاب الرِّجَال وَلَا فِي أَرْحَام النِّسَاء مُؤمن قَالَ {وأوحي إِلَى نوح أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن فَلَا تبتئس بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}

يَعْنِي لَا تحزن عَلَيْهِم (واصنع الْفلك) (نوح الْآيَة 37) قَالَ: يَا رب وَمَا الْفلك قَالَ: بَيت من خشب يجْرِي على وَجه المَاء فأغرق أهل معصيتي وأطهر أرضي مِنْهُم قَالَ: يَا رب وَأَيْنَ المَاء قَالَ: إِنِّي على مَا أَشَاء قدير وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَلَا تبتئس} قَالَ: فَلَا تحزن وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَن اصْنَع الْفلك} قَالَ: السَّفِينَة {بأعيننا ووحينا} قَالَ: كَمَا نأمرك وَأخرج ابْن أَبُو حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {واصنع الْفلك بأعيننا} قَالَ: بِعَين الله ووحيه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا وصف الله تبَارك بِهِ نَفسه فِي كِتَابه فقراءته تَفْسِيره لَيْسَ لأحد أَن يفسره بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَا بِالْفَارِسِيَّةِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لم يعلم نوح عَلَيْهِ السَّلَام كَيفَ يصنع الْفلك فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن يصنعها على مثل جؤجؤ الطَّائِر وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تخاطبني فِي الَّذين ظلمُوا} يَقُول: لَا تراجعني تقدم إِلَيْهِ لَا يشفع لَهُم عِنْده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: نهى الله نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام أَن يُرَاجِعهُ بعد ذَلِك فِي أحد الْآيَات 38 - 39

38

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام مكث فِي قومه ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما يَدعُوهُم إِلَى الله حَتَّى كَانَ آخر زَمَانه

غرس شَجَرَة فعظمت وَذَهَبت كل مَذْهَب ثمَّ قطعهَا ثمَّ جعل يعملها سفينة ويمرون فيسألونه فَيَقُول: أعملها سفينة فيسخرون مِنْهُ وَيَقُولُونَ: تعْمل سفينة فِي الْبر وَكَيف تجْرِي قَالَ: سَوف تعلمُونَ فَلَمَّا فرغ مِنْهَا وفار التَّنور وَكثر المَاء فِي السكَك خشيت أم الصَّبِي عَلَيْهِ وَكَانَت تحبه حبا شَدِيدا فَخرجت إِلَى الْجَبَل حَتَّى بلغت ثلثه فَلَمَّا بلغَهَا المَاء خرجت حَتَّى اسْتَوَت على الْجَبَل فَلَمَّا بلغ المَاء رقبَتهَا رفعته بَين يَديهَا حَتَّى ذهب بهَا المَاء فَلَو رحم الله مِنْهُم أحدا لرحم أم الصَّبِي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَت سفينة نوح عَلَيْهِ السَّلَام لَهَا أَجْنِحَة وَتَحْت الأجنحة إيوَان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَام أَبُو الْعَرَب وَحَام أَبُو الْحَبَش وَيَافث أَبُو الرّوم وَذكر أَن طول السَّفِينَة كَانَ ثَلَاثمِائَة ذِرَاع وعرضها خَمْسُونَ ذِرَاعا وطولها فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعا وبابها فِي عرضهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ طول سفينة نوح ثلثمِائة ذِرَاع وطولها فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعا وَأخرج إِسْحَق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نوحًا لما أَمر أَن يصنع الْفلك قَالَ: يَا رب وَأَيْنَ الْخشب قَالَ: إغرس الشّجر فغرس الساج عشْرين سنة وكف عَن الدُّعَاء وَكفوا عَن الِاسْتِهْزَاء فَلَمَّا أدْرك الشّجر أمره ربه فقطعها وجففها فَقَالَ: يَا رب كَيفَ اتخذ هَذَا الْبَيْت قَالَ: اجْعَلْهُ على ثَلَاثَة صور رَأسه كرأس الديك وجؤجؤه كجؤجؤ الطير وذنبه كذنب الديك وَاجْعَلْهَا مطبقة وَاجعَل لَهَا أبواباً فِي جنبها وشدها بدسر - يَعْنِي مسامير الْحَدِيد - وَبعث الله جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يُعلمهُ صَنْعَة السَّفِينَة فَكَانُوا يَمرونَ بِهِ ويسخرون مِنْهُ وَيَقُولُونَ: أَلا ترَوْنَ إِلَى هَذَا الْمَجْنُون يتَّخذ بَيْتا ليسير بِهِ على المَاء وَأَيْنَ المَاء وَيضْحَكُونَ وَذَلِكَ قَوْله {وَكلما مر عَلَيْهِ مَلأ من قومه سخروا مِنْهُ} فَجعل السَّفِينَة سِتّمائَة ذِرَاع طولهَا وَسِتِّينَ ذِرَاعا فِي الأَرْض وعرضها ثلثمِائة ذِرَاع وَثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ وَأمر أَن يطليها بالقار وَلم يكن فِي الأَرْض قار ففجر الله لَهُ عين القار حَيْثُ تنحت السَّفِينَة تغلي غلياناً حَتَّى طلاها فَلَمَّا فرغ مِنْهَا جعل لَهَا ثَلَاثَة أَبْوَاب وأطبقها فَحمل فِيهَا السبَاع وَالدَّوَاب فَألْقى الله على الْأسد الْحمى وشغله بِنَفسِهِ عَن

الدَّوَابّ وَجعل الْوَحْش وَالطير فِي الْبَاب الثَّانِي ثمَّ أطبق عَلَيْهَا وَجعل ولد آدم أَرْبَعِينَ رجلا وَأَرْبَعين امْرَأَة فِي الْبَاب الْأَعْلَى ثمَّ أطبق عَلَيْهِم وَجعل الدرة مَعَه فِي الْبَاب الْأَعْلَى لِضعْفِهَا أَن لَا تطأها الدَّوَابّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن طول السَّفِينَة ثَلَاثمِائَة ذِرَاع وعرضها خَمْسُونَ ذِرَاعا وطولها فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعا وبابها فِي عرضهَا وَذكر لنا أَنَّهَا اسْتَقَلت بهم فِي عشر خلون من رَجَب وَكَانَت فِي المَاء خمسين وَمِائَة يَوْم ثمَّ اسْتَقَرَّتْ بهم على الجودي واهبطوا إِلَى الأَرْض فِي عشر لَيَال خلون من الْمحرم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ طول سفينة نوح عَلَيْهِ السَّلَام ألف ذِرَاع ومائتي ذِرَاع وعرضها سِتّمائَة ذِرَاع وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ الحواريون لعيسى بن مَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام لَو بعثت لنا رجلا شهد السَّفِينَة فحدثنا عَنْهَا فَانْطَلق بهم حَتَّى انْتهى إِلَى كثيب من تُرَاب فَأخذ كفا من ذَلِك التُّرَاب قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا هَذَا قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هَذَا كَعْب حام بن نوح فَضرب الْكَثِيب بعصاه قَالَ: قُم بِإِذن الله فَإِذا هُوَ قَائِم ينفض التُّرَاب عَن رَأسه قد شَاب قَالَ لَهُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: هَكَذَا هَلَكت قَالَ: لَا مت وَأَنا شَاب وَلَكِنِّي ظَنَنْت أَنَّهَا السَّاعَة قَامَت فَمن ثمَّ شبت قَالَ: حَدثنَا عَن سفينة نوح قَالَ: كَانَ طولهَا ألف ذِرَاع ومائتي ذِرَاع وعرضها سِتّمائَة ذِرَاع كَانَت ثَلَاث طَبَقَات فطبقة فِيهَا الدَّوَابّ والوحش وطبقة فِيهَا الإِنس وطبقة فِيهَا الطير فَلَمَّا كثر أرواث الدَّوَابّ أوحى الله إِلَى نوح: أَن اغمز ذَنْب الْفِيل فغمز فَوَقع مِنْهُ خِنْزِير وخنزيرة فَأَقْبَلَا على الروث فَلَمَّا وَقع الفار يخرب السَّفِينَة بقرضه أوحى الله إِلَى نوح أَن أضْرب بَين عَيْني الْأسد فَخرج من منخره سنور وسنورة فَأَقْبَلَا على الفار فَقَالَ لَهُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: كَيفَ علم نوح أَن الْبِلَاد قد غرقت قَالَ: بعث الْغُرَاب يَأْتِيهِ بالْخبر فَوجدَ جيفة فَوَقع عَلَيْهَا فَدَعَا عَلَيْهِ بالخوف فَلذَلِك لَا يألف الْبيُوت ثمَّ بعث الْحَمَامَة فَجَاءَت بورق زيتون بمنقارها وطين برجليها فَعلم أَن الْبِلَاد قد غرقت فطوّقها الخضرة الَّتِي فِي عُنُقهَا ودعا لَهَا أَن تكون فِي أنس وأمان فَمن ثمَّ تألف الْبيُوت فَقَالُوا: يَا روح الله أَلا تَنْطَلِق

بِنَا إِلَى أَهَالِينَا فيجلس مَعنا ويحدثنا قَالَ: كَيفَ يتبعكم من لَا رزق لَهُ ثمَّ قَالَ: عد بِإِذن الله فَعَاد تُرَابا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ طول سفينة نوح عَلَيْهِ السَّلَام أَرْبَعمِائَة ذِرَاع وعرضها فِي السَّمَاء ثَلَاثُونَ ذِرَاعا وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان الفرائي عمل نوح عَلَيْهِ السَّلَام السَّفِينَة أَرْبَعمِائَة سنة وَأنْبت الساج أَرْبَعِينَ سنة حَتَّى كَانَ طوله أَرْبَعمِائَة ذِرَاع والذراع إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام مكث يغْرس الشّجر ويقطعها وييبسها ثمَّ مائَة سنة يعملها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام لما أَمر أَن يصنع الْفلك قَالَ: رب لست بنجار قَالَ: بلَى فَإِن ذَلِك بعيني فَخذ القادوم فَجعلت يَده لَا تخطئ فَجعلُوا يَمرونَ بِهِ وَيَقُولُونَ: هَذَا الَّذِي يزْعم أَنه نَبِي قد صَارا نجاراً فعملها أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن ميناء أَن كَعْبًا رَضِي الله عَنهُ قَالَ لعبد الله بن همرو بن الْعَاصِ أَخْبرنِي عَن أول شَجَرَة نَبتَت على الأَرْض قَالَ عبد الله: الساج وَهِي الَّتِي عمل مِنْهَا نوح السَّفِينَة فَقَالَ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: صدقت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {من يَأْتِيهِ عَذَاب يخزيه} قَالَ: هُوَ الْغَرق {وَيحل عَلَيْهِ عَذَاب مُقيم} قَالَ: هُوَ الخلود فِي النَّار الْآيَة 40

40

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وفار التَّنور} نبع المَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وفار التَّنور} قَالَ: إِذا رَأَيْت تنور أهلك يخرج مِنْهُ المَاء فَإِنَّهُ هَلَاك قَوْمك

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ تنوراً من حِجَارَة كَانَ لحوّاء عَلَيْهَا السَّلَام حَتَّى صَار إِلَى نوح عَلَيْهِ السَّلَام فَقيل لَهُ: إِذا رَأَيْت المَاء يفور من التَّنور فاركب أَنْت وَأَصْحَابك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ بَين دَعْوَة نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَبَين هَلَاك قومه ثَلَاثمِائَة سنة وَكَانَ فار التَّنور بِالْهِنْدِ وطافت سفينة نوح عَلَيْهِ السَّلَام بِالْبَيْتِ أسبوعاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وفار التَّنور} قَالَ: الْعين الَّتِي بالجزيرة عين الوردة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فار التَّنور من مَسْجِد الْكُوفَة من قبل أَبْوَاب كِنْدَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن حَبَّة الْعَرَبِيّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: إِنِّي قد اشْتريت رَاحِلَة وفرغت من زادي أُرِيد بَيت الْمُقَدّس لأصلي فِيهِ فَإِنَّهُ قد صلى فِيهِ سَبْعُونَ نَبيا وَمِنْه فار التَّنور يَعْنِي مَسْجِد الْكُوفَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَالَّذِي فلق الْحبَّة وبرأ النَّسمَة أَن مَسْجِدكُمْ هَذَا لرابع أَرْبَعَة من مَسَاجِد الْمُسلمين ولركعتان فِيهِ أحب إليّ من عشر فِيمَا سواهُ إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ وَإِن من جَانِبه الْأَيْمن مُسْتَقْبل الْقبْلَة فار التَّنور وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ بن إِسْمَاعِيل الْهَمدَانِي قَالَ: لقد نجر نوح سفينته فِي وسط هَذَا الْمَسْجِد - يَعْنِي مَسْجِد الْكُوفَة - وفار التَّنور من جَانِبه الْأَيْمن وَإِن الْبَريَّة مِنْهُ لعلى إثني عشر ميلًا من حَيْثُ مَا جنبه ولصلاة فِيهِ أفضل من أَربع فِي غَيره إِلَّا المسجدين مَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الرَّسُول بِالْمَدِينَةِ وَإِن من جَانِبه الْأمين مُسْتَقْبل الْقبْلَة فار التَّنور وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: التَّنور وَجه الأَرْض قيل لَهُ: إِذا رَأَيْت المَاء على وَجه الأَرْض فاركب أَنْت وَمن مَعَك وَالْعرب تسمي وَجه الأَرْض تنور الأَرْض وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وفار التَّنور} قَالَ: وَجه الأَرْض

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: التَّنور أَعلَى الأَرْض وَأَشْرَفهَا وَكَانَ علما فِيمَا بَين نوح وَبَين ربه عز وَجل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن بسطَام بن مُسلم قَالَ: قلت لمعاوية بن قُرَّة إِن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ إِذا أَتَى على هَذِه الْآيَة قَالَ: هِيَ أَعلَى الأَرْض وَأَشْرَفهَا فَقَالَ: الله أعلم أما أَنا فَسمِعت مِنْهُ حديثين فَالله أعلم قَالَ بَعضهم: فار مِنْهُ المَاء وَقَالَ بَعضهم فارت من النَّار وفار التَّنور بِكُل لُغَة التَّنور وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ {وفار التَّنور} قَالَ: طلع الْفجْر قيل لَهُ: إِذا طلع الْفجْر فاركب أَنْت وَأَصْحَابك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ {وفار التَّنور} قَالَ: تنور الصُّبْح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} قَالَ: فِي كَلَام الْعَرَب وَيَقُولُونَ للذّكر وَالْأُنْثَى: زوجان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُسلم بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَمر نوح عَلَيْهِ السَّلَام أَن يحمل مَعَه من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَمَعَهُ ملك فَجعل يقبض زوجا زوجا وَبَقِي الْعِنَب فجَاء إِبْلِيس فَقَالَ: هَذَا كُله لي فَنظر نوح عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الْملك فَقَالَ: إِنَّه لشريكك فَأحْسن شركته فَقَالَ: نعم لي الثُّلُثَانِ ولي الثُّلُث قَالَ: إِنَّه شريكك فاحسن شركته فَقَالَ: لي النّصْف وَله النّصْف فَقَالَ إِبْلِيس: هَذَا كُله لي فَنظر إِلَى الْملك فَقَالَ: إِنَّه شريكك فاحسن شركته قَالَ: نعم لي الثُّلُث وَله الثُّلُثَانِ قَالَ: أَحْسَنت وَأَنِّي محسان أَنْت تَأْكُله عنباً وتأكله زبيباً وتشربه عصيراً ثَلَاثَة أَيَّام قَالَ مُسلم: وَكَانَ يرَوْنَ أَنه إِذا شربه كَذَلِك فَلَيْسَ للشَّيْطَان نصيب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما ركب نوح عَلَيْهِ السَّلَام السَّفِينَة كتب لَهُ تَسْمِيَة مَا حمل مَعَه فِيهَا فَقَالَ: إِنَّكُم قد كتبتم الحبلة وَلَيْسَت هَهُنَا قَالُوا: صدقت أَخذهَا الشَّيْطَان وسنرسل من يَأْتِي بهَا فجيء بهَا وَجَاء الشَّيْطَان مَعهَا فَقيل لنوح: إِن شريكك فاحسن شركته فَذكر مثله وَزَاد بعد قَوْله: تشربه عصيراً وتطبخه فَيذْهب ثُلُثَاهُ خبثاً وحظ الشَّيْطَان مِنْهُ وَيبقى ثلثه فتشربه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما حمل نوح عَلَيْهِ السَّلَام

الْأسد فِي السَّفِينَة قَالَ: يَا رب إِنَّه يسألني الطَّعَام من أَيْن أطْعمهُ قَالَ: إِنِّي سَوف أعقله عَن الطَّعَام فَسلط الله عَلَيْهِ الْحمى فَكَانَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام يَأْتِيهِ بالكبش فَيَقُول: ادر يَا كل فَيَقُول الْأسد: آه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر وَابْن النجار فِي تاريخهما عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مر نوح عَلَيْهِ السَّلَام بالأسد وَهُوَ فِي السَّفِينَة فَضَربهُ بِرجلِهِ فخمشه الْأسد فَبَاتَ ساهراً فَبكى نوح من ذَلِك فَأُوحي إِلَيْهِ إِنَّك ظلمته وَإِنِّي لَا أحب الظُّلم وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر من وَجه آخر عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا مر نوح بأسد رابض فَضَربهُ بِرجلِهِ فَرفع الْأسد رَأسه فخمش سَاقه فَلم يبت ليلته مِمَّا جعلت تضرب عَلَيْهِ وَهُوَ يَقُول: يَا رب كلبك عقرني فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن الله لَا يرضى الظُّلم أَنْت بَدأته قَالَ ابْن عدي: هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الإِسناد بَاطِل وَفِيه جَعْفَر بن أَحْمد الغافقي يضع الحَدِيث وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: استصعبت على نوح الماعزة أَن تدخل السَّفِينَة فَدَفعهَا فِي ذنبها فَمن ثمَّ انْكَسَرَ ذنبها فَصَارَ معقوقاً وبدا حياها وَمَضَت النعجة حَتَّى دخلت فَمسح على ذنبها فَستر حياها وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: أَمر نوح عَلَيْهِ السَّلَام أَن يحمل مَعَه من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ فَحمل مَعَه من الْيمن الْعَجْوَة واللوز وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: لما أَمر نوح عَلَيْهِ السَّلَام أَن يحمل من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ قَالَ: كَيفَ أصنع بالأسد وَالْبَقَرَة وَكَيف أصنع بالعناق وَالذِّئْب وَكَيف أصنع بالحمام والهر قَالَ: من ألْقى بَينهمَا الْعَدَاوَة قَالَ: أَنْت يَا رب قَالَ: فَإِنِّي أؤلف بَينهم حَتَّى لَا يتضارون وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن خَالِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما حمل نوح فِي السَّفِينَة مَا حمل جَاءَت الْعَقْرَب تحجل قَالَت: يَا نَبِي الله أدخلني مَعَك قَالَ: لَا أَنْت تلدغين النَّاس وتؤذينهم قَالَ: لَا احملني مَعَك فلك عَليّ أَن لَا ألدغ من يُصَلِّي عَلَيْك اللَّيْلَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من

قَالَ حِين يُمْسِي: صلى الله على نوح وعَلى نوح السَّلَام لم تلدغه عقرب تِلْكَ اللَّيْلَة وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن عذاء وَالضَّحَّاك أَن إِبْلِيس جَاءَ ليركب السَّفِينَة فَدفعهُ نوح فَقَالَ: يَا نوح إِنِّي منظر وَلَا سَبِيل لَك عَليّ فَعرف أَنه صَادِق فَأمره أَن يجلس على خيزران السَّفِينَة وَكَانَ آدم قد أوصى وَلَده أَن يحملوا جسده فورثهم فِي ذَلِك نوح فتوارث الْوَصِيَّة وَلَده حَتَّى حملهَا نوح فَوضع جَسَد آدم عَلَيْهِ السَّلَام بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر فِي مكايد الشَّيْطَان عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: لما رست السَّفِينَة سفينة نوح عَلَيْهِ السَّلَام إِذا هُوَ بإبليس على كوتل السَّفِينَة فَقَالَ لَهُ نوح عَلَيْهِ السَّلَام: وَيلك قد غرق أهل الأَرْض من أَجلك قَالَ لَهُ إِبْلِيس: فَمَا أصنع قَالَ: تتوب قَالَ: فسل رَبك هَل لي من تَوْبَة فَدَعَا نوح ربه فَأوحى إِلَيْهِ أَن تَوْبَته أَن يسْجد لقبر آدم قَالَ: قد جعلت لَك تَوْبَة قَالَ: وَمَا هِيَ قَالَ: تسْجد لقبر آدم قَالَ: تركته حَيا وأسجد لَهُ مَيتا وَأخرج النَّسَائِيّ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام نازعه الشَّيْطَان فِي عود الْكَرم قَالَ: هَذَا لي وَقَالَ: هَذَا لي فاصطلحا على أَن لنوح ثلثهَا وللشيطان ثلثيها وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام حمل مَعَه فِي السَّفِينَة من جَمِيع الشّجر وَأخرج اسحق بن بشر أخبرنَا رجل من أهل الْعلم أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام حمل فِي السَّفِينَة من الهدهد زَوْجَيْنِ وَجعل أم الهدهد فضلا على زَوْجَيْنِ فَمَاتَتْ فِي السَّفِينَة قبل أَن تظهر الأَرْض فحملها الهدهد فَطَافَ بهَا الدُّنْيَا ليصيب لَهَا مَكَانا ليدفنها فِيهِ فَلم يجد طيناً وَلَا تُرَابا فرحمه ربه فحفر لَهَا فِي قَفاهُ قبراً فدفنها فِيهِ فَذَلِك الريش الناتئ فِي قفا الهدهد مَوضِع الْقَبْر فَذَلِك ثَنَاء اقفية الهداهد وَأخرجه ابْن عَسَاكِر وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر وَمُقَاتِل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: اعطى الله نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام فِي السَّفِينَة خرزتين أَحدهَا بياضها كبياض النَّهَار وَالْأُخْرَى سوادها كسواد اللَّيْل فَإِذا أَمْسوا غلب سَواد هَذِه بَيَاض هَذِه وَإِذا أَصْبحُوا غلب بَيَاض هَذِه سَواد هَذِه على قدر السَّاعَات

الاثْنَي عشر فَأول من قدر السَّاعَات الاثْنَي عشر لَا يزِيد بَعْضهَا على بعض نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي السَّفِينَة ليعرف بهَا مَوَاقِيت الصَّلَاة فسارت السَّفِينَة من مَكَانَهُ حَتَّى أخذت إِلَى الْيَمين فبلغت الْحَبَشَة ثمَّ عدلت حَتَّى رجعت إِلَى جدة ثمَّ أخذت على الرّوم ثمَّ جَاوَزت الرّوم فَأَقْبَلت رَاجِعَة على حِيَال الأَرْض المقدسة وَأوحى الله إِلَى نوح عَلَيْهِ السَّلَام: أَنَّهَا تستوي على رَأس جبل فعلت الْجبَال لذَلِك فتطلعت لذَلِك وأخرجت أُصُولهَا من الأَرْض وَجعل جودي يتواضع لله عز وَجل فَجَاءَت السَّفِينَة حَتَّى جَاوَزت الْجبَال كلهَا فَلَمَّا انْتَهَت إِلَى الجودي اسْتَوَت ورست فشكت الْجبَال إِلَى الله فَقَالَت: يَا رب إِنَّا تطلعنا وأخرجنا أصولنا من الأَرْض لسفينة نوح وخنس جودي فاستوت سفينة نوح عَلَيْهِ فَقَالَ الله: إِنِّي كَذَلِك من تواضع لي رفعته وَمن ترفع لي وَضعته وَيُقَال: إِن الجودي من جبال الْجنَّة فَلَمَّا أَن كَانَ يَوْم عَاشُورَاء اسْتَوَت السَّفِينَة عَلَيْهِ وَقَالَ الله: يَا أَرض ابلعي ماءك بلغَة الْحَبَشَة وَيَا سَمَاء أقلعي أَي أمسكي بلغَة الْحَبَشَة فابتلعت الأَرْض ماءها وارتفع مَاء السَّمَاء حَتَّى بلغ عنان السَّمَاء رَجَاء أَن يعود إِلَى مَكَانَهُ فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن ارْجع فَإنَّك رِجْس وَغَضب فَرجع المَاء فملح وحم وَتردد فَأصَاب النَّاس مِنْهُ الْأَذَى فَأرْسل الله الرّيح فَجَمعه فِي مَوَاضِع الْبحار فَصَارَ زعاماً مالحاً لَا ينْتَفع بِهِ وتطلع نوح فَنظر فَإِذا الشَّمْس قد طلعت وبدا لَهُ الْيَد من السَّمَاء وَكَانَت ذَلِك آيَة مَا بَينه وَبَين ربه عز وَجل أَمَان من الْغَرق وَالْيَد الْقوس الَّذِي يسمونه قَوس قزَح وَنهي أَن يُقَال لَهُ قَوس قزَح لِأَن قزَح شَيْطَان وَهُوَ قَوس الله وَزَعَمُوا أَنه كَانَ يَمْتَد وتروسهم قبل ذَلِك فِي السَّمَاء فَلَمَّا جعله الله تَعَالَى أَمَانًا لأهل الأَرْض من الْغَرق نزع الله الْوتر والسهم فَقَالَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد ذَلِك: رب إِنَّك وَعَدتنِي أَن تنجي معي أَهلِي وغرق ابْني و (إِن ابْني من أَهلِي وَإِن وَعدك الْحق وَأَنت أحكم الْحَاكِمين قَالَ يَا نوح إِنَّه لَيْسَ من أهلك إِنَّه عمل غير صَالح) (هود الْآيَة 46) يَقُول: إِنَّه لَيْسَ من أهل دينك إِن عمله كَانَ غير صَالح قَالَ: اهبط بِسَلام منا فَبعث نوح عَلَيْهِ السَّلَام من يَأْتِيهِ بِخَبَر الأَرْض فجَاء الطير الأهلي وَقَالَ: أَنا فَأَخذهَا وَختم جناحيها فَقَالَ: أَنْت مختومة بخاتمي لَا تطير أبدا ينْتَفع بك ذريتي فَبعث الْغُرَاب فَأصَاب جيفة فَوَقع عَلَيْهَا فاحتبس

فلعنه فَمن ثَمَّ يقتل فِي الْحرم وَبعث الْحَمَامَة وَهِي الْقمرِي فَذَهَبت فَلم تَجِد فِي الأَرْض قراراً فَوَقَعت على شَجَرَة بِأَرْض سبا [سبا] فَحملت ورقة زيتون فَرَجَعت إِلَى نوح فَعلم أَنَّهَا لم تستمكن من الأَرْض ثمَّ بعثها بعد أَيَّام فَخرجت حَتَّى وَقعت بوادي الْحرم فَإِذا المَاء قد نضب وَأول مَا نضب مَوضِع الْكَعْبَة وَكَانَت طينتها حَمْرَاء فخضبت رِجْلَيْهَا ثمَّ جَاءَت إِلَى نوح فَقَالَت: الْبُشْرَى استمكن الأَرْض فَمسح يَده على عُنُقهَا وطوّقها ووهب لَهَا الْحمرَة فِي رِجْلَيْهَا ودعا لَهَا وأسكنها الْحرم وَبَارك عَلَيْهَا فَمن ثمَّ شفق بهَا النَّاس ثمَّ خرج فَنزل بِأَرْض الْموصل وَهِي قَرْيَة الثَّمَانِينَ لِأَنَّهُ نزل فِي ثَمَانِينَ فَوَقع فيهم الوباء فماتوا إِلَّا نوح وسام وحان وَيَافث وَنِسَاؤُهُمْ وطبقت الأَرْض مِنْهُم وَذَلِكَ قَوْله (وَجَعَلنَا ذُريَّته هم البَاقِينَ) وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن خَالِد الزيات قَالَ: بلغنَا أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام ركب السَّفِينَة أول يَوْم من رَجَب وَقَالَ لمن مَعَه من الْجِنّ والإِنس: صُومُوا هَذَا الْيَوْم فَإِنَّهُ من صَامَهُ مِنْكُم بَعدت عَنهُ النَّار مسيرَة سنة وَمن صَامَ مِنْكُم سَبْعَة أَيَّام أغلقت لَهُ أَبْوَاب جَهَنَّم السَّبْعَة وَمن صَامَ مِنْكُم ثَمَانِيَة أَيَّام فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية وَمن صَامَ مِنْكُم عشرَة أَيَّام قَالَ الله لَهُ: سل تعطه وَمن صَامَ مِنْكُم خَمْسَة عشر يَوْمًا قَالَ الله لَهُ: اسْتَأْنف الْعَمَل فد غفرت لَك مَا مضى وَمن زَاد زَاده الله فصَام نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي السَّفِينَة رَجَب وَشَعْبَان ورمضان وشوّالاً وَذَا الْقعدَة وَذَا الْحجَّة وَعشرا من الْمحرم فأرست السَّفِينَة يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام لمن مَعَه من الْجِنّ والإِنس: صُومُوا هَذَا الْيَوْم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ركب نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي السَّفِينَة فِي عشرَة خلون من رَجَب نزل عَنْهَا فِي عشر خلون من الْمحرم فصَام هُوَ وَأَهله من اللَّيْل إِلَى اللَّيْل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما حمل نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي السَّفِينَة من كل شَيْء حمل الْأسد وَكَانَ يُؤْذِي أهل السَّفِينَة فألقيت عَلَيْهِ الْحمى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَمر نوح عَلَيْهِ السَّلَام أَن يحمل فِي السَّفِينَة من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ لم يسْتَطع أَن يحمل الْأسد حَتَّى ألقيت عَلَيْهِ الْحمى فَحَمله فَأدْخلهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق زيد بن أسلم عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ: لما حمل نوح فِي السَّفِينَة من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ قَالَ لَهُ أَصْحَابه: وَكَيف مطمئن ومعنا الْأسد فَسلط الله عَلَيْهِ الْحمى فَكَانَت أول حمى نزلت الأَرْض ثمَّ شكوا الْفَأْرَة فَقَالُوا الفويسقة تفْسد علينا طعامنا ومتاعنا فَأوحى الله إِلَى الْأسد فعطس فَخرجت الْهِرَّة مِنْهُ فتخبأت الْفَأْرَة مِنْهَا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما كَانَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي السَّفِينَة قرض الفأر حبال السَّفِينَة فَشَكا إِلَى الله عز وَجل ذَلِك فَأوحى الله إِلَيْهِ فَمسح جبهة الْأسد فَخرج سنوران وَكَانَ فِي السَّفِينَة عذرة فَشَكا نوح إِلَى الله فَأوحى الله إِلَيْهِ فَمسح ذَنْب الْفِيل فَخرج خنزيران فأكلا الْعذرَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: تأَذى أهل السَّفِينَة بالفأر فعطس الْأسد فَخرج من منخره سنوران ذكر وَأُنْثَى فأكلا الفأر إِلَّا مَا أَرَادَ الله أَن يبْقى مِنْهُ وأوذوا بأذى أهل السَّفِينَة فعطس الْفِيل فَخرج من منخره خنزيران ذكر وَأُنْثَى فأكلا أَذَى أهل السَّفِينَة قَالَ وَلما أَرَادَ أَن يدْخل الْحمار السَّفِينَة أَخذ نوح بأذني الْحمار وَأخذ إِبْلِيس بِذَنبِهِ فَجعل نوح عَلَيْهِ السَّلَام يجذبه وَجعل إِبْلِيس يجذبه فَقَالَ نوح: ادخل شَيْطَان فَدخل الْحمار وَدخل إِبْلِيس مَعَه فَلَمَّا سَارَتْ السَّفِينَة جلس فِي أذنابها يتَغَنَّى فَقَالَ لَهُ نوح عَلَيْهِ السَّلَام: وَيلك من أذن لَك قَالَ: أَنْت قَالَ: مَتى قَالَ: إِن قلت للحمار ادخل يَا شَيْطَان فَدخلت باذنك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أول مَا حمل نوح فِي الْفلك من الدَّوَابّ الدرة وَآخر مَا حمل الْحمار فَلَمَّا دخل الْحمار أَدخل صَدره فَتعلق إِبْلِيس بِذَنبِهِ فَلم تستقل رِجْلَاهُ فَجعل نوح يَقُول: وَيحك ادخل يَا شَيْطَان فينهض فَلَا يَسْتَطِيع حَتَّى قَالَ نوح: وَيحك ادخل وَإِن كَانَ الشَّيْطَان مَعَك - كلمة زلت على لِسَانه - فَلَمَّا قَالَهَا نوح خلى الشَّيْطَان سَبيله فَدخل وَدخل الشَّيْطَان مَعَه فَقَالَ لَهُ نوح: مَا أدْخلك يَا عَدو الله قَالَ: ألم تقل ادخل وَإِن كَانَ الشَّيْطَان مَعَك قَالَ: أخرج عني قَالَ: مَالك بُد من أَن تحملنِي فَكَانَ كَمَا يَزْعمُونَ فِي ظهر الْفلك وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مكث نوح عَلَيْهِ السَّلَام يَدْعُو

قومه ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما يَدعُوهُم إِلَى الله يسره إِلَيْهِم ثمَّ يجْهر بِهِ لَهُم ثمَّ أعلن قَالَ مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ: الاعلان الصياح: فَجعلُوا يأخذونه فيخنقونه حَتَّى يغشى عَلَيْهِ فَيسْقط الأَرْض مغشياً عَلَيْهِ ثمَّ يفِيق فَيَقُول: اللهمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ فَيَقُول الرجل مِنْهُم لِأَبِيهِ: يَا أَبَت مَا لهَذَا الشَّيْخ يَصِيح كل يَوْم لَا يفتر فَيَقُول: اخبرني أبي عَن جدي أَنه لم يزل على هَذَا مُنْذُ كَانَ فَلَمَّا دَعَا على قومه أمره الله أَن يصنع الْفلك فَصنعَ السَّفِينَة فعملها فِي ثَلَاث سِنِين كاما مر عَلَيْهِ مَلأ من قومه سخروا مِنْهُ يعْجبُونَ من نجارته السَّفِينَة فَلَمَّا فرغ مِنْهَا جعل لَهُ ربه آيَة إِذا رَأَيْت التَّنور قد فار فَاجْعَلْ فِي السَّفِينَة من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَكَانَ التَّنور فِيمَا بَلغنِي فِي زَاوِيَة من مَسْجِد الْكُوفَة فَلَمَّا فار التَّنور جعل فِيهَا كل مَا أمره الله قَالَ: يَا رب كَيفَ بالأسد والفيل قَالَ: سألقي عَلَيْهِم الْحمى إِنَّهَا ثَقيلَة فَحمل أَهله وبنيه وَبنَاته وكنائنه ودعا ابْنه فَلَمَّا أَبى عَلَيْهِ وَفرغ من كل شَيْء يدْخلهُ السَّفِينَة طبق السَّفِينَة الْأُخْرَى عَلَيْهِم وَلَوْلَا ذَلِك لم يبْق فِي السَّفِينَة شَيْء إِلَّا هلك لشدَّة وَقع المَاء حِين يَأْتِي من السَّمَاء قَالَ الله تَعَالَى (ففتحنا أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاء منهمر) (الْقَمَر آيَة 11) فَكَانَ قدر كل قَطْرَة مثل مَا يجْرِي من فَم الْقرْبَة فَلم يبْق على ظهر الأَرْض شَيْء إِلَّا هلك يَوْمئِذٍ إِلَّا مَا فِي السَّفِينَة وَلم يدْخل الْحرم مِنْهُ شَيْء وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن زِيَاد بن سمْعَان عَن رجال سماهم أَن الله أعقم رِجَالهمْ قبل الطوفان بِأَرْبَعِينَ عَاما وأعقم نِسَاءَهُمْ فَلم يتوالدوا أَرْبَعِينَ عَاما مُنْذُ يَوْم دَعَا نوح عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى أدْرك الصَّغِير وَأدْركَ الْحِنْث وَصَارَت لله عَلَيْهِم الْحجَّة ثمَّ أرسل الله السَّمَاء عَلَيْهِ بالطوفان وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يزْعم النَّاس أَن من أغرق الله من الْولدَان مَعَ آبَائِهِم وَلَيْسَ كَذَلِك إِنَّمَا الْوَلَد بِمَنْزِلَة الطير وَسَائِر من أغرق الله بِغَيْر ذَنْب وَلَكِن حضرت آجالهم فماتوا لآجالهم والمدركون من الرِّجَال وَالنِّسَاء كَانَ الْغَرق عُقُوبَة لَهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُجَاهِد عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أصَاب قوم نوح الْغَرق قَامَ المَاء على رَأس

كل جبل خَمْسَة عشر ذِرَاعا فَأصَاب الْغَرق امْرَأَة فِيمَن أصَاب مَعهَا صبي لَهَا فَوَضَعته على صدرها فَلَمَّا بلغَهَا المَاء وَضعته على منكبيها فَلَمَّا بلغَهَا المَاء وَضعته على يَديهَا فَقَالَ الله: لَو رحمت أحدا من أهل الأَرْض لرحمتها وَلَكِن حق القَوْل مني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لجاريته: إِذا فار تنورك مَاء فأخبريني فَلَمَّا فرغت من آخر خبزها فار التَّنور فَذَهَبت إِلَى سَيِّدهَا فَأَخْبَرته فَركب هُوَ وَمن مَعَه بِأَعْلَى السَّفِينَة وَفتح الله السَّمَاء بِمَاء منهمر وفجر الأَرْض عيُونا وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيقه أَنا عبد الله الْعمريّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نبع المَاء حول سفينة نوح خرج رجل من تِلْكَ الْأمة إِلَى فِرْعَوْن من فراعنتهم فَقَالَ: هَذَا الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنه مَجْنُون قد أَتَاكُم بِمَا كَانَ يَعدكُم فجَاء يسير فِي موكب لَهُ وَجَمَاعَة من أَصْحَابه حَتَّى وقف من نوح غير بعيد فَقَالَ لنوح: مَا تَقول قَالَ: قد أَتَاكُم مَا كُنْتُم توعدون قَالَ: مَا عَلامَة ذَلِك قَالَ: اعطف بِرَأْس برذونك فعطف برذونه فنبع المَاء من تَحت قوائمه فَخرج يرْكض إِلَى الْجَبَل هَارِبا من المَاء وَأخرج ابْن اسحق وَابْن عَسَاكِر عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فار المَاء من التَّنور من دَار نوح عَلَيْهِ السَّلَام من تنور تختبز فِيهِ ابْنَته وَكَانَ نوح يتَوَقَّع ذَلِك إِذْ جَاءَتْهُ ابْنَته فَقَالَت: يَا أَبَت قد فار المَاء من التَّنور فَآمن بِنوح النجارون إِلَّا نجاراً وَاحِدًا فَقَالَ لَهُ: اعطني أجري قَالَ: أَعطيتك أجرك على أَن تركب مَعنا قَالَ: فَإِن ودا وسواع ويغوث ونسراً سينجوني فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن احْمِلْ فِيهَا من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأهْلك إِلَّا من سبق عَلَيْهِ القَوْل وَكَانَ مِمَّن سبق عَلَيْهِ القَوْل امْرَأَته والقة وكنعان ابْنه فَقَالَ: يَا رب هَؤُلَاءِ قد حملتهم فَكيف لي بالوحش والبهائم وَالسِّبَاع وَالطير قَالَ: أَنا أحشرهم عَلَيْك: فَبعث جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فحشرهم فَجعل يضْرب بيدَيْهِ على الزَّوْجَيْنِ فَجعل يَده الْيُمْنَى على الذّكر واليسرى على الْأُنْثَى فيدخله السَّفِينَة حَتَّى أَدخل عدَّة مَا أمره الله تَعَالَى بِهِ فَلَمَّا جمعهم فِي السَّفِينَة رَأَتْ الْبَهَائِم والوحش وَالسِّبَاع الْعَذَاب فَجعلت تلحس قدم نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَتقول: احْمِلْنَا مَعَك فَيَقُول: إِنَّمَا أمرت من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: إِن الله بعث ريحًا فَحمل إِلَيْهِ من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ من الطير وَالسِّبَاع والوحش والبهائم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} قَالَ: ذكر وَأُنْثَى من كل صنف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: الذّكر زوج وَالْأُنْثَى زوج وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ {إِلَّا من سبق عَلَيْهِ القَوْل} قَالَ: الْعَذَاب هِيَ امْرَأَته كَانَت فِي الغابرين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الحكم {وَمَا آمن مَعَه إِلَّا قَلِيل} قَالَ: نوح وَبَنوهُ ثَلَاثَة وَأَرْبع كنائنه وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: حدثت أَن نوحًا حمل مَعَه بنيه الثَّلَاثَة وَثَلَاث نسْوَة لِبَنِيهِ وَأصَاب حام زَوجته فِي السَّفِينَة فَدَعَا نوح أَن تغير نطفته فجَاء بالسودان وَأخرجه ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن أبي صَالح وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: حمل نوح عَلَيْهِ السَّلَام مَعَه فِي السَّفِينَة ثَمَانِينَ إنْسَانا أحدهم جرهم وَكَانَ لِسَانه عَرَبيا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ مَعَ نوح فِي السَّفِينَة ثَمَانُون رجلا مَعَهم أهلوهم وَكَانُوا فِي السَّفِينَة مائَة وَخمسين يَوْمًا وَإِن الله وَجه السَّفِينَة إِلَى مَكَّة فدارت بِالْبَيْتِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ وَجههَا إِلَى الجودي فاستوت عَلَيْهِ فَبعث نوح عَلَيْهِ السَّلَام الْغُرَاب ليَأْتِيه بالْخبر فَذهب فَوَقع على الْجِيَف فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَبعث الْحَمَامَة فَأَتَتْهُ بورق الزَّيْتُون ولطخت رِجْلَيْهَا بالطين فَعرف نوح عَلَيْهِ السَّلَام أَن المَاء نضب فهبط إِلَى أَسْفَل الجودي فابتنى قَرْيَة وسماها ثَمَانِينَ فَأَصْبحُوا ذَات يَوْم وَقد تبلبلت ألسنتهم على ثَمَانِينَ لُغَة أَحدهَا اللِّسَان الْعَرَبِيّ فَكَانَ لَا يفقه بَعضهم كَلَام بعض وَكَانَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام يعبر عَنْهُم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما ركب نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي السَّفِينَة وَحمل فِيهَا من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ كَمَا

أَمر رأى فِي السَّفِينَة شَيخا لم يعرفهُ فَقَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: إِبْلِيس دخلت لأصيب قُلُوب أَصْحَابك فَتكون قُلُوبهم معي وأبدانهم مَعَك ثمَّ قَالَ: خمس أهلك بِهن النَّاس وسأحدثك مِنْهُنَّ بِثَلَاثَة وَلَا أحَدثك بالثنتين فَأوحى إِلَى نوح: لَا حَاجَة لَك بِالثلَاثِ مرهُ يحدثك بالثنتين قَالَ: الْحَسَد وبالحسد لعنت وَجعلت شَيْطَانا رجيماً والحرص أُبِيح آدم الْجنَّة كلهَا فَأَصَبْت حَاجَتي مِنْهُ بالحرص وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الحكم قَالَ: خرج الْقوس قزَح بعد الطوفان أَمَانًا لأهل الأَرْض أَن يغرقوا جَمِيعًا الْآيَة 41

41

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما ركب نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي السَّفِينَة فجرت بِهِ فخاف فَجعل يُنَادي: إِلَّا هَا اتقن قَالَ يَا ألله أحسن وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} قَالَ: حِين يركبون ويجرون ويرسون وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَ إِذا أَرَادَ أَن ترسي قَالَ: بِسم الله فأرست وَإِذا أَرَادَ أَن تجْرِي قَالَ: بِسم الله فجرت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {مجْراهَا وَمرْسَاهَا} وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني وَابْن عدي وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحُسَيْن بن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَان لأمتي من الْغَرق إِذا ركبُوا فِي السفن أَن يَقُولُوا: بِسم الله الْملك الرَّحْمَن {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا إِن رَبِّي لغَفُور رَحِيم} وَمَا قدرُوا الله حق قدره إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَمَان لأمتي من الْغَرق إِذا ركبُوا فِي السفن أَن يَقُولُوا: بِسم الله (وَمَا قدرُوا الله حق قدره) (سُورَة الْأَنْعَام الْآيَة 91) الْآيَة {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا إِن رَبِّي لغَفُور رَحِيم}

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي الثَّوَاب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا رَفعه مَا من رجل يَقُول إِذا ركب السَّفِينَة: بِسم الله الْملك الرَّحْمَن {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا إِن رَبِّي لغَفُور رَحِيم} {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} سُورَة الْأَنْعَام الْآيَة 91 الْآيَة إِلَّا أعطَاهُ الله أَمَانًا من الْغَرق حَتَّى يخرج مِنْهَا الْآيَات 42 - 43

42

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ اسْم ابْن نوح الَّذِي غرق كنعان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: هُوَ ابْنه غير أَنه خَالفه فِي النِّيَّة وَالْعَمَل وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ونادى نوح ابْنه} قَالَ: هِيَ بلغَة طَيئ لم يكن ابْنه وَكَانَ ابْن امْرَأَته وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ ونادى نوح ابْنهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا عَاصِم الْيَوْم من أَمر الله إِلَّا من رحم} قَالَ: لَا نَاجٍ إِلَّا أهل السَّفِينَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة فِي قَوْله {وَحَال بَينهمَا الموج} قَالَ: بَين ابْن نوح والجبل

وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي ذَر رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مثل أهل بَيْتِي مثل سفينة نوح من ركبهَا نجا وَمن تخلف عَنْهَا غرق وَأخرج عبد بن حميد عَن حميد بن هِلَال قَالَ: جعل نوح لرجل من قومه جعلا على أَن يُعينهُ على عمل السَّفِينَة فَعمل مَعَه حَتَّى إِذا فرغ قَالَ لَهُ نوح: خير أَي ذَلِك شِئْت إِمَّا أَن أوفيك أجرك وَإِمَّا أَن نوقيك من الْقَوْم الظَّالِمين قَالَ: حَتَّى استأمر قومِي فاستأمر قومه فَقَالُوا لَهُ: اذْهَبْ إِلَى أجرك فَخذه فَأَتَاهُ فَقَالَ: أجري فوفاه أجره فَأقبل: فَمَا أَخذ جَاوز ذَلِك الرجل إِلَى حَيْثُ ينظر إِلَيْهِ حَتَّى أَمر الله المَاء بِمَا أمره بِهِ فَأقبل ذَلِك الرجل يَخُوض المَاء فَقَالَ: خُذ الَّذِي جعلت لي قَالَ: لَك مَا رضيت بِهِ فغرق فِيمَن غرق الْآيَة 44

44

أخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ للمك يَوْم ولد نوح اثْنَان وَثَمَانُونَ سنة وَلم يكن أحد فِي ذَلِك الزَّمَان يَنْتَهِي عَن مُنكر فَبعث الله نوحًا إِلَيْهِم وَهُوَ ابْن أَرْبَعمِائَة سنة وَثَمَانِينَ سنة ثمَّ دعاهم فِي نبوّته مائَة وَعشْرين سنة ثمَّ أمره بصنعة السَّفِينَة فصنعها وركبها وَهُوَ ابْن سِتّمائَة سنة وغرق من غرق ثمَّ مكث بعد السَّفِينَة ثَلَاثمِائَة وَخمسين سنة فولد نوح سَام وَفِي وَلَده بَيَاض وأدمة وَحَام وَفِي وَلَده سَواد وَبَيَاض وَيَافث وَفِيهِمْ الشقرة والحمرة وكنعان وَهُوَ الَّذِي غرق وَالْعرب تَسْمِيَة بام وَأم هَؤُلَاءِ وَاحِدَة وبجل فود نجر نوح السَّفِينَة وَمن ثمَّ بدا الطوفان فَركب نوح السَّفِينَة مَعَه بنوه هَؤُلَاءِ وَنسَاء بنيه هَؤُلَاءِ وَثَلَاثَة وَسَبْعُونَ من بني شِيث مِمَّن آمن بِهِ فَكَانُوا ثَمَانِينَ فِي السَّفِينَة وَحمل مَعَه من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَكَانَ طول السَّفِينَة ثَلَاثمِائَة ذِرَاع بِذِرَاع جد أبي نوح وعرضها خمسين ذِرَاعا وطولها فِي السَّمَاء ثَلَاثِينَ ذِرَاعا وَخرج مِنْهَا من المَاء سِتَّة أَذْرع وَكَانَت مطبقة وَجعل لَهَا ثَلَاثَة أَبْوَاب بَعْضهَا أَسْفَل من بعض فَأرْسل الله الْمَطَر أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَأَقْبَلت الْوَحْش حِين أَصَابَهَا الْمَطَر وَالدَّوَاب وَالطير كلهَا إِلَى نوح وسخرت لَهُ فَحمل مِنْهَا كَمَا أمره الله من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَحمل مَعَه جَسَد

آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَجعل حاجزاً بَين النِّسَاء وَالرِّجَال فَرَكبُوا فِيهَا لعشر مضين من رَجَب وَخَرجُوا مِنْهَا يَوْم عَاشُورَاء من الْمحرم فَلذَلِك صَامَ من صَامَ يَوْم عَاشُورَاء وَخرج المَاء مثل ذَلِك نِصْفَيْنِ نصف من السَّمَاء وَنصف من الأَرْض فَذَلِك قَول الله (ففتحنا أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاء منهمر) (سُورَة الْقَمَر آيَة 11) يَقُول: مُنْصَبٍّ (وفجرنا الأَرْض عيُونا) (سُورَة الْقَمَر آيَة 12) يَقُول: شققنا الأَرْض فَالتقى المَاء (على أَمر قد قدر) (سُورَة الْقَمَر 12) وارتفع المَاء على أطول جبل فِي الأَرْض خَمْسَة عشر ذِرَاعا فسارت بهم السَّفِينَة فطافت بهم الأَرْض كلهَا فِي سِتَّة أشهر لَا تَسْتَقِر على شَيْء حَتَّى أَتَت الْحرم فَلم تدخله ودارت بِالْحرم أسبوعاً وَرفع الْبَيْت الَّذِي بناه آدم عَلَيْهِ السَّلَام رفع من الْغَرق وَهُوَ الْبَيْت الْمَعْمُور وَالْحجر الْأسود على أبي قبيس فَلَمَّا دارت بِالْحرم ذهبت فِي الأَرْض تسير بهم حَتَّى انْتَهَت إِلَى الجودي وَهُوَ جبل بالحضين من أَرض الْموصل فاستقرت بعد سِتَّة أشهر لتَمام السّنة فَقيل بعد السِّتَّة أشهر: بعدا للْقَوْم الظَّالِمين فَلَمَّا اسْتَوَت على الجودي قيل: {يَا أَرض ابلعي ماءك وَيَا سَمَاء أقلعي} يَقُول: احبسي ماءك {وغيض المَاء} نشفته الأَرْض فَصَارَ مَا نزل من السَّمَاء هَذِه البخور الَّتِي ترَوْنَ فِي الأَرْض فآخر مَاء بَقِي فِي الأَرْض من الطوفان مَاء يحسى بَقِي فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة بعد الطوفان ثمَّ ذهب فهبط نوح عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى قَرْيَة فَبنى كل رجل مِنْهُم بَيْتا فسميت سوق الثَّمَانِينَ فغرق بَنو قابيل كلهم وَمَا بَين نوح إِلَى آدم من الْآبَاء كَانُوا على الإِسلام ودعا نوح على الْأسد أَن يلقى عَلَيْهِ الْحمى [و] للحمامة بالانس وللغراب بشقاء الْمَعيشَة وتزوّج نوح امْرَأَة من بني قابيل فَولدت لَهُ غُلَاما سَمَّاهُ يوناطن فَلَمَّا ضَاقَتْ بهم سوق الثَّمَانِينَ تحوّلوا إِلَى بابل فبنوها وَهِي بَين الْفُرَات والصراة فَمَكَثُوا بهَا حَتَّى بلغُوا مائَة ألف وهم على الإِسلام وَلما خرج نوح من السَّفِينَة دفن آدم عَلَيْهِ السَّلَام بِبَيْت الْمُقَدّس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث نوح عَلَيْهِ السَّلَام الْحَمَامَة فَجَاءَت بورق الزَّيْتُون فَأعْطيت الطوق الَّذِي فِي عُنُقهَا وخضاب رِجْلَيْهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ خرجت أُرِيد أَن أشْرب مَاء المر قَالَ: لَا تشرب مَاء المر فَإِنَّهُ لما كَانَ زمن الطوفان أَمر الله الأَرْض أَن تبلع ماءها وَأمر السَّمَاء أَن تقلع فاستعصى عَلَيْهِ بعض الْبِقَاع فلعنه فَصَارَ مَاؤُهُ مرا وترابه سبخاً لَا ينْبت شَيْئا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أمرت الأَرْض أَن تغيض المَاء غاضت الأَرْض مَا خلا أَرض الْكُوفَة فلعنت فسائر الأَرْض تكون على نورين وَأَرْض الْكُوفَة على أَربع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {يَا أَرض ابلعي} قَالَ: هُوَ بِالْحَبَشَةِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ {وَقيل يَا أَرض ابلعي ماءك} بالحبشية قَالَ: ازرديه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه فِي قَوْله {يَا أَرض ابلعي ماءك} قَالَ: اشربي بلغَة الْهِنْد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَيَا سَمَاء أقلعي} قَالَ: أمسكي {وغيض المَاء} قَالَ: ذهب وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وغيض المَاء} قَالَ: نغض {وَقضي الْأَمر} قَالَ: هَلَاك قوم نوح أما قَوْله تَعَالَى: {واستوت على الجودي} أخرج أَحْمد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأناس من الْيَهُود وَقد صَامُوا يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ: مَا هَذَا الصَّوْم فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْم الَّذِي أنجى الله فِيهِ مُوسَى وَبني إِسْرَائِيل من الْغَرق وَأغْرقَ فِيهِ فِرْعَوْن وَهَذَا يَوْم اسْتَوَت فِيهِ السَّفِينَة على الجودي فصامه نوح ومُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام شكرا لله فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا أَحَق بمُوسَى وأحق بِصَوْم هَذَا الْيَوْم فصامه وَأمر أَصْحَابه بِالصَّوْمِ وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الغفور عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي أول يَوْم من رَجَب ركب نوح السَّفِينَة فصَام هُوَ وَجَمِيع من مَعَه وَجَرت بهم السَّفِينَة سِتَّة أشهر فَانْتهى ذَلِك إِلَى الْمحرم فأرست السَّفِينَة على الجودي يَوْم عَاشُورَاء فصَام نوح وَأمر جَمِيع من مَعَه من الْوَحْش وَالدَّوَاب فصاموا شكرا لله تَعَالَى

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَوْم عَاشُورَاء الْيَوْم الَّذِي تَابَ الله فِيهِ على آدم وَالْيَوْم الَّذِي اسْتَوَت فِيهِ سفينة نوح على الجودي وَالْيَوْم الَّذِي فرق الله فِيهِ الْبَحْر لبني إِسْرَائِيل وَالْيَوْم الَّذِي ولد فِيهِ عِيسَى صِيَامه يعدل سنة مبرورة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما اسْتَقَرَّتْ السَّفِينَة على الجودي لبث مَا شَاءَ الله ثمَّ إِنَّه أذن لَهُ فهبط على الْجَبَل فَدَعَا الْغُرَاب فَقَالَ: ائْتِنِي بِخَبَر الأَرْض فانحدر الْغُرَاب وفيهَا الغرقى من قوم نوح فابطأ عَلَيْهِ فلعنه ودعا الْحَمَامَة فَوَقع على كف نوح فَقَالَ: اهبطي فائتيني بِخَبَر الأَرْض فانحدر فَلم يلبث إِلَّا قَلِيلا حَتَّى جَاءَ ينفض ريشه فِي منقاره فَقَالَ: اهبط فقد أبينت الأَرْض قَالَ نوح: بَارك الله فِيك وَفِي بَيت يؤويك وحببك إِلَى النَّاس لَوْلَا أَن يَغْلِبك النَّاس على نَفسك لَدَعَوْت الله أَن يَجْعَل رَأسك من ذهب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الجودي جبل بالجزيرة تشامخت الْجبَال يَوْمئِذٍ من الْغَرق وتطاولت وتواضع هُوَ لله تَعَالَى فَلم يغرق وَأرْسلت عَلَيْهِ سفينة نوح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عَطاء قَالَ: بَلغنِي أَن الْجَبَل تشامخ فِي السَّمَاء إِلَّا الجودي فَعرف أَن أَمر الله سيدركه فسكن قَالَ: وَبَلغنِي أَن الله تَعَالَى استخبا أَبَا قبيس الرُّكْن الْأسود وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الجودي جبل بالموصل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أبقاها الله بالجودي من أَرض الجزيرة عِبْرَة وَآيَة حَتَّى رَآهَا أوئل هَذِه الْأمة كم من سفينة قد كَانَت بعْدهَا فَهَلَكت الْآيَة 45

45

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ {ونادى نوح ربه فَقَالَ رب إِن ابْني من أَهلِي} وَإنَّك قد وَعَدتنِي أَن تنجي لي أَهلِي وان ابْني من أَهلِي

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا بَغت امْرَأَة نَبِي قطّ وَقَوله {إِنَّه لَيْسَ من أهلك} يَقُول: إِنَّه لَيْسَ من أهلك الَّذين وعدتك أَن أنجيهم مَعَك الْآيَات 46 - 47

46

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن نسَاء الْأَنْبِيَاء لَا يَزْنِين وَكَانَ يقْرؤهَا {إِنَّه عمل غير صَالح} يَقُول: مسألتك إيَّايَ يَا نوح عمل غير صَالح لَا أرضاه لَك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّه لما نَهَاهُ أَن يرجعه فِي أحد كَانَ الْعَمَل غير صَالح مُرَاجعَة ربه فِي قِرَاءَة عبد الله {فَلَا تسألن مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} وَعَن غير قَتَادَة: كَانَ اسْم ابْن نوح الَّذِي غرق كنعان وَقَالَ قَتَادَة: خَالف نوحًا فِي النِّيَّة وَالْعَمَل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ قَالَ: سَأَلت زيد بن أسلم قلت: كَيفَ تقْرَأ هَذَا الْحَرْف قَالَ: {عمل غير صَالح} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَلْقَمَة قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله {إِنَّه عمل غير صَالح} وَأخرج ابْن جرير {إِنَّه عمل غير صَالح} يُقَال: سؤالك عَمَّا لَيْسَ لَك بِهِ علم وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق شهر بن حَوْشَب عَن أَسمَاء بنت يزِيد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {إِنَّه عمل غير صَالح} وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق شهر بن حَوْشَب عَن أم سَلمَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَهَا {إِنَّه عمل غير صَالح} قَالَ عبد بن حميد: أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا هِيَ أَسمَاء بنت يزِيد كلا الْحَدِيثين عِنْدِي وَاحِد

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب من طرق عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ {إِنَّه عمل غير صَالح} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَ {إِنَّه عمل غير صَالح} وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي بعض الْحُرُوف إِنَّه عمل عملا غير صَالح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {إِنَّه عمل غير صَالح} قَالَ: كَانَ عمله كفرا بِاللَّه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ عمل غير صَالح قَالَ: مَعْصِيّة نَبِي الله وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَا تسألن مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} قَالَ: بَين الله لنوح عَلَيْهِ السَّلَام أَنه لَيْسَ بِابْنِهِ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ {إِنِّي أعظك أَن تكون من الْجَاهِلين} قَالَ: أَن تبلغ بك الْجَهَالَة أَنِّي لَا أَفِي بوعد وعدتك حَتَّى تَسْأَلنِي قَالَ: فَإِنَّهَا خَطِيئَة رب إِنِّي أعوذ بك أَن أَسأَلك الْآيَة وأخرخ أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن الْمُبَارك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو أَن رجلا اتَّقى مائَة شَيْء وَلم يتق شَيْئا وَاحِدًا لم يكن من الْمُتَّقِينَ وَلَو تورع من مائَة شَيْء وَلم يتورع من شَيْء وَاحِدًا لم يكن ورعاً وَمن كَانَ فِيهِ خلة من الْجَهْل كَانَ من الْجَاهِلين أما سَمِعت إِلَى مَا قَالَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام {إِن ابْني من أَهلِي} قَالَ الله {إِنِّي أعظك أَن تكون من الْجَاهِلين} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الفضيل بن عِيَاض رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام لما سَأَلَ ربه فَقَالَ: يَا رب إِن ابْني من أَهلِي فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا نوح ان سؤالك إيَّايَ أَن ابْني من أَهلِي عمل غير صَالح {فَلَا تسألن مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم إِنِّي أعظك أَن تكون من الْجَاهِلين} قَالَ: فبلغني أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام بَكَى على قَول الله {إِنِّي أعظك أَن تكون من الْجَاهِلين} أَرْبَعِينَ عَاما وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهيب بن الْورْد الْحَضْرَمِيّ قَالَ: لما عَاتب الله نوحًا

عَلَيْهِ السَّلَام فِي ابْنه وَأنزل عَلَيْهِ {إِنِّي أعظك أَن تكون من الْجَاهِلين} بَكَى ثَلَاثمِائَة حَتَّى صَارَت تَحت عَيْنَيْهِ مثل الْجَدْوَل من الْبكاء الْآيَة 48

48

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قيل يَا نوح اهبط بِسَلام منا} الْآيَة قَالَ: اهبطوا وَالله عَنْهُم رَاض واهبطوا بِسَلام من الله كَانُوا أهل رَحمته من أهل ذَلِك ثمَّ أخرج مِنْهُم نَسْلًا بعد ذَلِك أمماً مِنْهُم من رحم وَمِنْهُم من عذب وَقَرَأَ {وعَلى أُمَم مِمَّن مَعَك وأمم سنمتعهم} قَالَ: إِنَّمَا افْتَرَقت الْأُمَم من تِلْكَ الْعِصَابَة الَّتِي خرجت من ذَلِك المَاء وسلمت وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {اهبط بِسَلام منا وبركات عَلَيْك وعَلى أُمَم مِمَّن مَعَك} قَالَ: فَمَا زَالَ الله يَأْخُذ لنا بسهمنا وحظنا وَكَذَلِكَ يذكرنَا من حَيْثُ لَا نذْكر أَنْفُسنَا كلما هَلَكت أمة جعلنَا فِي أصلاب من ينجو بِلُطْفِهِ حَتَّى جعلنَا فِي خير أمة أخرجت للنَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن السّني فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أوّل شجر غرس نوح عَلَيْهِ السَّلَام حِين خرج من السَّفِينَة الآس وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عُثْمَان بن أبي العاتكة أَن أوّل شَيْء تكلم بِهِ نوح عَلَيْهِ السَّلَام حِين اسْتَقَرَّتْ بِهِ قدماه على الأَرْض حِين خرج من السَّفِينَة أَن قَالَ: يَا مور اتقن كلمة بالسُّرْيَانيَّة: يَعْنِي يَا ملاي اصلح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: لما أغرق الله قوم نوح أوحى إِلَى نوح عَلَيْهِ السَّلَام أَنِّي خلقت خلقا بيَدي وأمرتهم بطاعتي فعصوني واستأثروا غَضَبي فعذبت من لم يعصني من خَلْفي بذنب من عَصَانِي فَبِي حَلَفت وَأي شَيْء مثلي لَا أعذب بِالْغَرَقِ الْعَامَّة بعد هَذَا وَإِنِّي جعلت قوسي أَمَانًا لعبادي وبلادي من الْغَرق إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَكَانَت الْقوس فِيهَا سهم ووتر فَلَمَّا فرغ الله من هَذَا القَوْل إِلَى نوح نزع الْوتر والسهم من الْقوس وَجعلهَا أَمَانًا لِعِبَادِهِ وبلاده من الْغَرق

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن خصيف قَالَ: لما هَبَط نوح من السَّفِينَة وأشرف من جبل حسماء رأى تل حران بَين نهرين فَأتى حران فخطها ثمَّ أَتَى دمشق فخطها فَكَانَت حران أول مَدِينَة خطت بعد الطوفان ثمَّ دمشق وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول حَائِط وضع على وَجه الأَرْض بعد الطوفان حَائِط حران ودمشق ثمَّ بابل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: دخل فِي ذَلِك السَّلَام والبركات كل مُؤمن ومؤمنة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَدخل فِي ذَلِك الْمَتَاع وَالْعَذَاب الْأَلِيم كل كَافِر وكافرة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وعَلى أُمَم مِمَّن مَعَك} يَعْنِي مِمَّن لم يُولد أوجب الله لَهُم البركات لما سبق لَهُم فِي علم الله من السعاد {وأمم سنمتعهم} يَعْنِي مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا ثمَّ يمسهم منا عَذَاب أَلِيم لما سبق لَهُم فِي علم الله من الشقاوة وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم يزل بعد نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي الأَرْض أَرْبَعَة عشر يدْفع بهم الْعَذَاب الْآيَة 49

49

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ {تِلْكَ} يَعْنِي هَذِه {من أنباء} يَعْنِي أَحَادِيث وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثمَّ رَجَعَ إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: {تِلْكَ من أنباء الْغَيْب نوحيها إِلَيْك مَا كنت تعلمهَا أَنْت وَلَا قَوْمك} يَعْنِي الْعَرَب من قبل هَذَا الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {مَا كنت تعلمهَا أَنْت وَلَا قَوْمك من قبل هَذَا} أَي من قبل الْقُرْآن وَمَا علم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَومه بِمَا صنع نوح وَقَومه لَوْلَا مَا بَين الله عز وَجل لَهُ فِي كِتَابه

الْآيَات 50 - 60

50

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِلَّا على الَّذِي فطرني} أَي خلقني وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أمسك عَن عَاد الْقطر ثَلَاث سِنِين فَقَالَ لَهُم هود {اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدراراً} فَأَبَوا إِلَّا تمادياً وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ:

خرج عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يَسْتَسْقِي فَلم يزدْ على الاسْتِغْفَار حَتَّى يرجع فَقيل لَهُ: مَا رَأَيْنَاك اسْتَسْقَيْت قَالَ: لقد طلبت الْمَطَر بمخاديج السَّمَاء الَّتِي يسْتَنْزل بهَا الْمَطَر ثمَّ قَرَأَ {وَيَا قوم اسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدراراً} و (اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا) (يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدراراً) (سُورَة نوح الْآيَة 10 - 11) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن هرون التَّيْمِيّ فِي قَوْله {يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدراراً} قَالَ: يدر ذَلِك عَلَيْهِم مَطَرا ومطراً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ويزدكم قُوَّة إِلَى قوتكم} قَالَ: ولد الْوَلَد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن نقُول الا اعتراك بعض آلِهَتنَا بِسوء} قَالَ: أصابتك بالجنون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {اعتراك بعض آلِهَتنَا بِسوء} قَالَ: أصابتك الْأَوْثَان بجنون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: مَا يحملك على ذمّ آلِهَتنَا إِلَّا أَنه قد أَصَابَك مِنْهَا سوء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن سعيد قَالَ: مَا من أحد يخَاف لصاً عادياً أَو سبعا ضارياً أَو شَيْطَانا مارداً فيتلو هَذِه الْآيَة {إِنِّي توكلت على الله رَبِّي وربكم مَا من دَابَّة إِلَّا هُوَ آخذ بناصيتها إِن رَبِّي على صِرَاط مُسْتَقِيم} إِلَّا صرفه الله عَنهُ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {إِن رَبِّي على صِرَاط مُسْتَقِيم} قَالَ: الْحق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {عَذَاب غليظ} قَالَ: شَدِيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كل جَبَّار عنيد} الْمُشرك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ {كل جَبَّار عنيد} الْمِيثَاق

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عنيد قَالَ: تمالت عَن الْحق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأُتبعوا فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة} قَالَ: لم يبْعَث نَبِي بعد عَاد إِلَّا لُعِنَتْ عَاد على لِسَانه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وأتبعوا فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة وَيَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: لعنة أُخْرَى وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: تَتَابَعَت عَلَيْهِم لعنتان من الله لعنة فِي الدُّنْيَا ولعنة فِي الْآخِرَة الْآيَات 61 - 68

61

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {هُوَ أنشأكم من الأَرْض} قَالَ: خَلقكُم من الأَرْض

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {واستعمركم فِيهَا} قَالَ: أعمركم فِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ {واستعمركم فِيهَا} قَالَ: استخلفكم فِيهَا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {فَمَا تزيدونني غير تخسير} يَقُول: مَا تزدادون أَنْتُم إِلَّا خساراً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي {فَمَا تزيدونني غير تخسير} قَالَ: مَا تزيدونني بِمَا تَصْنَعُونَ إِلَّا شرا لكم وخسراناً تخسرونه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {ثَلَاثَة أَيَّام} قَالَ: كَانَ بَقِي من أجل قوم صَالح عِنْد عقر النَّاقة ثَلَاثَة أَيَّام فَلم يعذبوا حَتَّى أكملوها وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {نجينا صَالحا وَالَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ: نجاه الله برحمة مِنْهُ ونجاه من خزي يَوْمئِذٍ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَأَصْبحُوا فِي دِيَارهمْ جاثمين} قَالَ: ميتين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {كَأَن لم يغنوا فِيهَا} قَالَ: كَأَن لم يعيشوا فِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {كَأَن لم يغنوا فِيهَا} قَالَ: كَأَن لم يعمروا فِيهَا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء والطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {كَأَن لم يغنوا فِيهَا} قَالَ: كَأَن لم يَكُونُوا فِيهَا يَعْنِي فِي الدُّنْيَا حِين عذبُوا وَلم يعمروا فِيهَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة وَهُوَ يَقُول: وغنيت شَيْئا قبل نحري وَأحسن لَو كَانَ للنَّفس اللجوج خُلُود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كَأَن لم يغنوا فِيهَا} قَالَ: كَأَن لم ينعموا فِيهَا

الْآيَة 69

69

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُثْمَان بن محسن رَضِي الله عَنهُ فِي ضيف إِبْرَاهِيم كَانُوا أَرْبَعَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَمِيكَائِيل وإسرافيل ورفائيل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ قَالُوا سَلاما قَالَ سَلام وكل شَيْء سلمت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة فَقَالُوا سَلاما قَالَ سَلام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {بعجل حنيذ} قَالَ: نضيج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {حنيذ} قَالَ: مشوي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بعجل حنيذ} قَالَ: سميط وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {بعجل حنيذ} قَالَ: الحنيذ النضيج مَا يشوى بِالْحِجَارَةِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: لَهُم رَاح وفار الْمسك فيهم وشاوهم إِذا شاوا حنيذ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بعجل حنيذ} قَالَ: الحنيذ الَّذِي أنضِج بِالْحِجَارَةِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن شمر بن عَطِيَّة قَالَ: الحنيذ الَّذِي شوي وَهُوَ يسيل مِنْهُ المَاء الْآيَات 70 - 73

70

أخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يشرف على سدوم فَيَقُول: وَيلك يَا سدوم يَوْم مَالك ثمَّ قَالَ {وَلَقَد جَاءَت رسلنَا إِبْرَاهِيم بالبشرى قَالُوا سَلاما قَالَ سَلام فَمَا لبث أَن جَاءَ بعجل حنيذ} نضيج وَهُوَ يَحْسبهُم أضيافاً {فَلَمَّا رأى أَيْديهم لَا تصل إِلَيْهِ نكرهم وأوجس مِنْهُم خيفة قَالُوا لَا تخف إِنَّا أُرسلنا إِلَى قوم لوط وَامْرَأَته قَائِمَة فَضَحكت فبشرناها بِإسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب} قَالَ: ولد الْوَلَد {قَالَت يَا ويلتى أألد وَأَنا عَجُوز وَهَذَا بعلي شَيخا إِن هَذَا لشَيْء عَجِيب} فَقَالَ لَهَا جِبْرِيل {أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد} وكلمهم إِبْرَاهِيم فِي أَمر قوم لوط إِذْ كَانَ فيهم إِبْرَاهِيم قَالُوا: (يَا إِبْرَاهِيم أعرض عَن هَذَا) (سُورَة هود الْآيَة 76) إِلَى قَوْله (وَلما جَاءَت رسلنَا لوطاً سيء بهم) (سُورَة هود الْآيَة 77) قَالَ: سَاءَهُ مكانهم لما رأى مِنْهُ من الْجمال {وضاق بهم ذرعاً وَقَالَ هَذَا يَوْم عصيب} قَالَ: يَوْم سوء من قومِي فَذهب بهم إِلَى منزله فَذَهَبت امْرَأَته لِقَوْمِهِ (فَجَاءَهُ قومه يهزعون إِلَيْهِ وَمن قبل كَانُوا يعْملُونَ السَّيِّئَات قَالَ: يَا قوم هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم) (سُورَة هود الْآيَة 78) تزوّجوهن (أَلَيْسَ مِنْكُم رجل رشيد قَالُوا: لقد علمت مَا لنا فِي بناتك من حق وَإنَّك لتعلم مَا نُرِيد) (سُورَة هود الْآيَة 79) وَجعل الأضياف فِي بَيته وَقعد على بَاب الْبَيْت (قَالَ لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد) (سُورَة هود الْآيَة 80) قَالَ: إِلَى عشيرة تمنع فبلغني أَنه لم يبْعَث بعد لوط عَلَيْهِ السَّلَام رَسُول إِلَّا فِي عز من قومه فَلَمَّا رَأَتْ الرُّسُل مَا قد لَقِي لوط فِي سيئتهم {قَالُوا يَا لوط إِنَّا رسل رَبك} إِنَّا مَلَائِكَة {لن يصلوا إِلَيْك فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد إِلَّا امْرَأَتك} إِلَى قَوْله (أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب) (سُورَة هود الْآيَة 81) فَخرج عَلَيْهِم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَضرب وُجُوههم بجناحه ضَرْبَة فطمس أَعينهم والطمس ذهَاب الْأَعْين ثمَّ احْتمل جِبْرِيل وَجه أَرضهم حَتَّى سمع أهل سَمَاء الدُّنْيَا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثمَّ قَلبهَا عَلَيْهِم {وأمطرنا عَلَيْهِم حِجَارَة من سجيل} قَالَ: على أهل بواديهم وعَلى رعاثهم وعَلى مسافرهم فَلم يبْق مِنْهُم أحد

وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما رأى إِبْرَاهِيم أَنه لَا تصل إِلَى الْعجل أَيْديهم نكرهم وخافهم وَإِنَّمَا كَانَ خوف إِبْرَاهِيم أَنهم كَانُوا فِي ذَلِك الزَّمَان إِذا هم أحدهم بِأَمْر سوء لم يَأْكُل عِنْده يَقُول: إِذا أكرمت بطعامه حرم عليّ أَذَاهُ فخاف إِبْرَاهِيم أَن يُرِيدُوا بِهِ سوءا فاضطربت مفاصله وَامْرَأَته سارة قَائِمَة تخدمهم وَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يكرم أضيافه أَقَامَ سارة لتخدمهم فَضَحكت سارة وَإِنَّمَا ضحِكت انها قَالَت: يَا إِبْرَاهِيم وَمَا تخَاف أَنهم ثَلَاثَة نفر وَأَنت وَأهْلك وغلمانك قَالَ لَهَا جِبْرِيل: أيتها الضاحكة أما أَنَّك ستلدين غُلَاما يُقَال لَهُ إِسْحَاق وَمن وَرَائه غُلَام يُقَال لَهُ يَعْقُوب {فَأَقْبَلت امْرَأَته فِي صرة فصكت وَجههَا} فَأَقْبَلت والهة تَقول: واويلتاه وَوضعت يَدهَا على وَجههَا استحياء فَذَلِك قَوْله {فصكت وَجههَا} و {قَالَت يَا ويلتى أألد وَأَنا عَجُوز وَهَذَا بعلي شَيخا} قَالَ: لما بشر إِبْرَاهِيم بقول الله {فَلَمَّا ذهب عَن إِبْرَاهِيم الروع وجاءته الْبُشْرَى} باسحاق {يجادلنا فِي قوم لوط} وَإِنَّمَا كَانَ جداله أَنه قَالَ: يَا جِبْرِيل أَيْن تُرِيدُونَ وَإِلَى من بعثتم قَالَ: إِلَى قوم لوط وَقد أمرنَا بعذابهم فَقَالَ إِبْرَاهِيم (إِن فِيهَا لوطاً قَالُوا نَحن أعلم بِمن فِيهَا لننجينه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته) (العنكبوت الْآيَة 32) وَكَانَت فِيمَا زَعَمُوا تسمى والقة فَقَالَ إِبْرَاهِيم: إِن كَانَ فيهم مائَة مُؤمن تعذبونهم قَالَ جِبْرِيل: لَا قَالَ: فَإِن كَانَ فيهم تسعون مُؤمنُونَ تعذبونهم قَالَ جِبْرِيل: لَا قَالَ: فَإِن كَانَ فيهم ثَمَانُون مُؤمنُونَ تعذبونهم قَالَ جِبْرِيل: لَا حَتَّى انْتهى فِي الْعدَد إِلَى وَاحِد مُؤمن قَالَ جِبْرِيل: لَا فَلَمَّا لم يذكرُوا لإِبراهيم أَن فِيهَا مُؤمنا وَاحِدًا قَالَ: (إِن فِيهَا لوطاً قَالُوا نَحن أعلم بِمن فِيهَا لننجينه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته) (العنكبوت الْآيَة 32) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِين أخرجه قومه بَعْدَمَا ألقوه فِي النَّار خرج بامرأته سارة وَمَعَهُ أَخُوهَا لوط وهما ابْنا أَخِيه فتوجها إِلَى أَرض الشَّام ثمَّ بلغُوا مصر وَكَانَت سارة رَضِي الله عَنْهَا من أجمل النَّاس فَلَمَّا دخلت مصر تحدث النَّاس بجمالها وعجبوا لَهُ حَتَّى بلغ ذَلِك الْملك فَدَعَا ببعلها وَسَأَلَهُ مَا هُوَ مِنْهَا فخاف إِن قَالَ لَهُ زَوجهَا أَن يقْتله فَقَالَ: أَنا أَخُوهَا فَقَالَ: زوجينها فَكَانَ على ذَلِك حَتَّى بَات لَيْلَة فَجَاءَهُ حلم فخنقه

وخوّفه فَكَانَ هُوَ وَأَهله فِي خوف وهول حَتَّى علم أَنه قد أَتَى من قبلهَا فَدَعَا إِبْرَاهِيم فَقَالَ: مَا حملك على أَن تَغُرَّني زعمت أَنَّهَا أختك فَقَالَ: إِنِّي خفت إِن ذكرت أَنَّهَا زَوْجَتي أَن يُصِيبنِي مِنْك مَا أكره فوهب لَهَا هَاجر أم إِسْمَعِيل وَحَملهمْ وجهزهم حَتَّى اسْتَقر قرارهم على جبل إيليا فَكَانُوا بهَا حَتَّى كثرت أَمْوَالهم ومعايشهم فَكَانَ بَين رعاء إِبْرَاهِيم ورعاء لوط جوَار وقتال: فَقَالَ لوط لابراهيم: إِن هَؤُلَاءِ الرعاء قد فسد مَا بَينهم وَكَانَت تضيق فيهم المراعي ونخاف أَن لَا تحملنا هَذِه الأَرْض فَإِن أَحْبَبْت أَن أخف عَنْك خففت قَالَ إِبْرَاهِيم: مَا شِئْت إِن شِئْت فانتقل مِنْهَا وَإِن شِئْت انْتَقَلت مِنْك قَالَ لوط عَلَيْهِ السَّلَام: لَا بل أَنا أَحَق أَن أخف عَنْك ففر بأَهْله وَمَاله إِلَى سهل الْأُرْدُن فَكَانَ بهَا حَتَّى أغار عَلَيْهِ أهل فلسطين فَسبوا أَهله وَمَاله فَبلغ ذَلِك إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَأَغَارَ عَلَيْهِم بِمَا كَانَ عِنْده من أَهله ورقيقه وَكَانَ عَددهمْ زِيَادَة على ثَلَاثمِائَة من كَانَ مَعَ إِبْرَاهِيم فاستنقذ من أهل فلسطين من كَانَ مَعَهم من أهل لوط حَتَّى ردهم إِلَى قرارهم ثمَّ انْصَرف إِبْرَاهِيم إِلَى مَكَانَهُ وَكَانَ أهل سدوم الَّذين فيهم لوط قوم قد استغنوا عَن النِّسَاء بِالرِّجَالِ فَلَمَّا رأى الله كَانَ عِنْد ذَلِك بعث الْمَلَائِكَة ليعذبوهم فَأتوا إِبْرَاهِيم فَلَمَّا رَآهُمْ راعه هيئتهم وجمالهم فَسَلمُوا عَلَيْهِ وجلسوا إِلَيْهِ فَقَامَ ليقرب إِلَيْهِم قِرىً فَقَالُوا: مَكَانك قَالَ: بل دَعونِي آتيكم بِمَا يَنْبَغِي لكم فَإِن لكم حَقًا لم يأتنا أحد أَحَق بالكرامة مِنْكُم فَأمر بعجل سمين فحنذ لَهُ - يَعْنِي شوي لَهُم - فَقرب إِلَيْهِم الطَّعَام {فَلَمَّا رأى أَيْديهم لَا تصل إِلَيْهِ نكرهم وأوجس مِنْهُم خيفة} وَسَارة رَضِي الله عَنْهَا وَرَاء الْبَاب تسمع {قَالُوا لَا تخف وبشروه بِغُلَام عليم} مبارك فبشر بِهِ امْرَأَته سارة فَضَحكت وَعَجِبت كَيفَ يكون لَهُ مني ولد وَأَنا عَجُوز وَهَذَا شيخ كَبِير {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله} فَإِنَّهُ قَادر على مَا يَشَاء وَقد وهبه الله لكم فابشروا بِهِ فَقَامُوا وَقَامَ مَعَهم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَمَشَوْا مَعًا وسألهم قَالَ: أخبروني لم بعثتم وَمَا دخل بكم قَالُوا: إِنَّا أرسلنَا إِلَى أهل سدوم لندمرها فَإِنَّهُم قوم سوء وَقد استغنوا بِالرِّجَالِ عَن النِّسَاء قَالَ إِبْرَاهِيم: إِن فِيهَا قوما صالحين فَكيف يصيبهم من الْعَذَاب مَا يُصِيب أهل عمل السوء قَالُوا: وَكم فِيهَا قَالَ: أَرَأَيْتُم إِن كَانَ فِيهَا خَمْسُونَ رجلا صَالحا قَالُوا: إِذن لَا نعذبهم قَالَ: إِن كَانَ فيهم أَرْبَعُونَ قَالُوا: إِذن لَا

نعذبهم فَلم يزل ينقص حَتَّى بلغ إِلَى عشرَة ثمَّ قَالَ: فَأهل بَيت قَالُوا: فَإِن كَانَ فِيهَا بَيت صَالح قَالَ: فلوط وَأهل بَيته قَالُوا: إِن امْرَأَته هَواهَا مَعَهم فَكيف يصرف عَن أهل قَرْيَة لم يتم فِيهَا أهل بَيت صالحين فَلَمَّا يئس مِنْهُم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام انْصَرف وذهبوا إِلَى أهل سدوم فَدَخَلُوا على لوط عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا رأتهم امْرَأَته أعجبها هيئتهم وجمالهم فَأرْسلت إِلَى أهل الْقرْيَة أَنه قد نزل بِنَا قوم لم ير قطّ أحسن مِنْهُم وَلَا أجمل فتسامعوا بذلك فغشوا دَار لوط من كل نَاحيَة وتسوروا عَلَيْهِم الجدران فَلَقِيَهُمْ لوط عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا قوم لَا تفضحوني فِي بَيْتِي وَأَنا أزوجكم بَنَاتِي فهن أطهر لكم قَالُوا: لَو كُنَّا نُرِيد بناتك لقد عرفنَا مَكَانك وَلَكِن لَا بُد لنا من هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين نزلُوا بك فَخَل بَيْننَا وَبينهمْ واسلم منا فَضَاقَ بِهِ الْأَمر {قَالَ لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} فَوجدَ عَلَيْهِ الرُّسُل فِي هَذِه الْكَلِمَة فَقَالُوا: إِن ركنك لشديد وَإِنَّهُم آتيهم عَذَاب غير مَرْدُود وَمسح أحدهم أَعينهم بجناحه فطمس أَبْصَارهم فَقَالُوا: سحرنَا انْصَرف بِنَا حَتَّى ترجع إِلَيْهِم تغشاهم اللَّيْل فَكَانَ من أَمرهم مَا قصّ الله فِي الْقُرْآن فَأدْخل مِيكَائِيل وَهُوَ صَاحب الْعَذَاب جنَاحه حَتَّى بلغ أَسْفَل الأَرْض ثمَّ حمل قراهم فقلبها عَلَيْهِم وَنزلت حِجَارَة من السَّمَاء فتتبعت من لم يكن مِنْهُم فِي الْقرْيَة حَيْثُ كَانُوا فأهلكهم الله تَعَالَى وَنَجَا لوط وَأَهله إِلَّا امْرَأَته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد الْبَصْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَمَّا رأى أَيْديهم لَا تصل إِلَيْهِ} قَالَ: لم ير لَهُم أيدياً فنكرهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {نكرهم} الْآيَة قَالَ: كَانُوا إِذا نزل بهم ضيف فَلم يَأْكُل من طعامهم ظنُّوا أَنه لم يَأْتِ بِخَير وَإنَّهُ يحدث نَفسه بشر ثمَّ حدثوه عِنْد ذَلِك بِمَا جَاءُوا فِيهِ فَضَحكت امْرَأَته وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما تضيفت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قدم لَهُم الْعجل فَقَالُوا: لَا نأكله إِلَّا بِثمن قَالَ: فَكُلُوا وأدوا ثمنه قَالُوا: وَمَا ثمنه قَالَ: تسمون الله إِذا أكلْتُم وتحمدونه إِذا فَرَغْتُمْ قَالَ: فَنظر بَعضهم إِلَى بعض فَقَالُوا: لهَذَا اتخذك الله خَلِيلًا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: لما بعث الله الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام لتهلك

قوم لوط أَقبلت تمشي فِي صُورَة رجال شباب حَتَّى نزلُوا على إِبْرَاهِيم السَّلَام فضيفوه فَلَمَّا رَآهُمْ أَجلهم فرَاغ إِلَى أَهله فجَاء بعجل سمين فذبحه ثمَّ شواه فِي الرضف فَهُوَ الحنيذ وأتاهم فَقعدَ مَعَهم وَقَامَت سارة رَضِي الله عَنْهَا تخدمهم فَذَلِك حِين يَقُول {وَامْرَأَته قَائِمَة} وَهُوَ جَالس فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود / فَلَمَّا قربه إِلَيْهِم قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ / قَالُوا: يَا إِبْرَاهِيم إِنَّا لَا نَأْكُل طَعَاما إِلَّا بِثمن قَالَ: فَإِن لهَذَا ثمنا قَالُوا: وَمَا ثمنه قَالَ: تذكرُونَ اسْم الله على أوّله وتحمدونه على آخِره فَنظر جِبْرِيل إِلَى مِيكَائِيل فَقَالَ: حق لهَذَا أَن يَتَّخِذهُ ربه خَلِيلًا فَلَمَّا رأى إِبْرَاهِيم أَيْديهم لَا تصل إِلَيْهِ يَقُول: لَا يَأْكُلُون فزع مِنْهُم وأوجس مِنْهُم خيفة فَلَمَّا نظرت إِلَيْهِ سارة أَنه قد أكْرمهم وَقَامَت هِيَ تخدمهم ضحِكت وَقَالَت: عجبا لاضيافنا هَؤُلَاءِ انا نخدمهم بِأَنْفُسِنَا تكرمة لَهُم وهم لَا يَأْكُلُون طعامنا قَالَ لَهَا جِبْرِيل: ابشري بِولد اسْمه إِسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب فَضربت وَجههَا عجبا فَذَلِك قَوْله {قَالَت يَا ويلتى أألد وَأَنا عَجُوز وَهَذَا بعلي شَيخا إِن هَذَا لشَيْء عَجِيب قَالُوا أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد} قَالَ سارة رَضِي الله عَنْهَا: مَا آيَة ذَلِك فَأخذ بِيَدِهِ عوداً يَابسا فلواه بَين أَصَابِعه فاهتز أَخْضَر فَقَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: هُوَ لله إِذن ذبيحاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْمُغيرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي مصحف ابْن مَسْعُود وَامْرَأَته قَائِمَة وَهُوَ جَالس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَامْرَأَته قَائِمَة} قَالَ: فِي خدمَة أضياف إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أوجس إِبْرَاهِيم خيفة فِي نَفسه حدثوه عِنْد ذَلِك بِمَا جَاءُوا فِيهِ فَضَحكت امْرَأَته تَعَجبا مِمَّا فِيهِ قوم لوط من الغفلى وَمِمَّا أَتَاهُم من الْعَذَاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَضَحكت} قَالَ: فَحَاضَت وَهِي بنت ثَمَان وَتِسْعين سنة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَضَحكت} قَالَ: حَاضَت وَكَانَت ابْنة بضع وَتِسْعين سنة وَكَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ابْن مائَة سنة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَضَحكت} قَالَ: حَاضَت قَالَ الشَّاعِر: إِنِّي لآتي الْعرس عِنْد طهورها وأهجرها يَوْمًا إِذا هِيَ ضَاحِك وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ اسْم سارة يسارة فَلَمَّا قَالَ لَهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: يَا سارة قَالَت: إِن اسْمِي يسارة فَكيف تسمينني سارة قَالَ الضَّحَّاك: يسارة العاقر الَّتِي لَا تَلد وَسَارة الطالق الرَّحِم الَّتِي تَلد فَقَالَ لَهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: كنت يسارة لَا تحملين فصرت سارة تحملين الْوَلَد وترضعينه فَقَالَت سارة رَضِي الله عَنْهَا: يَا جِبْرِيل نقصت اسْمِي قَالَ جِبْرِيل: إِن الله قد وَعدك بِأَن يَجْعَل هَذَا الْحَرْف فِي اسْم ولد من ولدك فِي آخر الزَّمَان وَذَلِكَ أَن اسْمه عِنْد الله حَيّ فَسَماهُ يحيى وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ حسن سارة رَضِي الله عَنْهَا حسن حَوَّاء عَلَيْهَا السَّلَام وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَن سارة بنت ملك من الْمُلُوك وَكَانَت قد أُوتيت حسنا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فبشرناها بِإسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب} قَالَ: هُوَ ولد الْوَلَد وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْوَقْف والابتداء عَن حسان بن أبحر قَالَ: كنت عِنْد ابْن عَبَّاس فَجَاءَهُ رجل من هُذَيْل فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: مَا فعل فلَان قَالَ: مَاتَ وَترك أَرْبَعَة من الْوَلَد وَثَلَاثَة من الوراء فَقَالَ ابْن عَبَّاس: {فبشرناها بِإسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب} قَالَ: ولد الْوَلَد وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب} قَالَ: ولد الْوَلَد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ضَمرَة بن حبيب أَن سارة لما بشرها الرُّسُل بإسحق قَالَ: بَينا هِيَ تمشي وتحدثهم حِين أَتَت بالحيضة فَحَاضَت قبل أَن تحمل بإسحق فَكَانَ من قَوْلهَا للرسل حِين بشروها: قد كنت شَابة وَكَانَ إِبْرَاهِيم شَابًّا فَلم أحبل فحين كَبرت وَكبر أألد قَالُوا: أَتَعْجَبِينَ من ذَلِك يَا سارة فَإِن الله قد صنع

بكم مَا هُوَ أعظم من ذَلِك إِن الله قد جعل رَحمته وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أألد وَأَنا عَجُوز وَهَذَا بعلي شَيخا} قَالَ: وَهِي يَوْمئِذٍ ابْنة سبعين وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن تسعين سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بعلي} قَالَ: زَوجي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ضرار بن مرّة عَن شيخ من أهل الْمَسْجِد قَالَ: بشر إِبْرَاهِيم بعد سبع عشرَة وَمِائَة سنة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت سارة رَضِي الله عَنْهَا لما بَشرَتهَا الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام {يَا ويلتى أألد وَأَنا عَجُوز وَهَذَا بعلي شَيخا إِن هَذَا لشَيْء عَجِيب} فَقَالَت الْمَلَائِكَة ترد على سارة {أَتَعْجَبِينَ من أَمر الله رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد} قَالَ: فَهُوَ كَقَوْلِه (وَجعلهَا كلمة بَاقِيَة فِي عقبه) (الزخرف الْآيَة 28) بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله من عقب إِبْرَاهِيم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَطاء بن أبي رَبَاح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد} قَالَ: كنت عِنْد ابْن عَبَّاس إِذْ جَاءَهُ رجل فَسلم عَلَيْهِ فَقلت: وَعَلَيْكُم السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ومغفرته فَقَالَ ابْن عَبَّاس: انته إِلَى مَا انْتَهَيْت إِلَيْهِ الْمَلَائِكَة ثمَّ تَلا {رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن سَائِلًا قَامَ على الْبَاب وَهُوَ عِنْد مَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم أهل الْبَيْت وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وصلواته ومغفرته فَقَالَ ابْن عَبَّاس: انْتَهوا بالتحية إِلَى مَا قَالَ الله {رَحْمَة الله وَبَرَكَاته} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَطاء قَالَ: كنت عِنْد ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فجَاء سَائِلًا فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ومغفرته وصلواته فَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَا هَذَا السَّلَام وَغَضب حَتَّى احْمَرَّتْ وجنتاه إِن

الله حد للسلام حدا ثمَّ انْتهى وَنهى عَمَّا وَرَاء ذَلِك ثمَّ قَرَأَ {رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا قَالَ لَهُ: سَلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ومغفرته فانتهره ابْن عمر وَقَالَ: حَسبك إِذا انْتَهَيْت إِلَى وَبَرَكَاته إِلَى مَا قَالَ الله الْآيَة 74

74

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَمَّا ذهب عَن إِبْرَاهِيم الروع وجاءته الْبُشْرَى} قَالَ: الْغَرق {يجادلنا فِي قوم لوط} قَالَ: يخاصمنا أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَلَمَّا ذهب عَن إِبْرَاهِيم الروع} قَالَ: الْخَوْف {وجاءته الْبُشْرَى} بإسحق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وجاءته الْبُشْرَى} قَالَ: حِين اخبروه أَنهم أرْسلُوا إِلَى قوم لوط وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا إِيَّاه يُرِيدُونَ {يجادلنا فِي قوم لوط} قَالَ: إِنَّه قَالَ لَهُم يَوْمئِذٍ: أَرَأَيْتُم إِن كَانَ فيهم خَمْسُونَ من الْمُسلمين قَالُوا: إِن كَانَ فِيهَا خَمْسُونَ لم نعذبهم قَالَ: أَرْبَعُونَ قَالُوا: وَأَرْبَعُونَ قَالَ: ثَلَاثُونَ قَالُوا: وَثَلَاثُونَ حَتَّى بلغ عشرَة قَالُوا: وَإِن كَانَ فِيهَا عشرَة قَالَ: مَا قوم لَا يكون فيهم عشرَة فيهم خير قَالَ قَتَادَة: إِنَّه كَانَ فِي قَرْيَة لوط أَرْبَعَة آلَاف ألف إِنْسَان أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يجادلنا فِي قوم لوط} قَالَ: لما جَاءَ جِبْرِيل وَمن مَعَه إِلَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخْبرهُ أَنه مهلك قوم لوط قَالَ: أتهلك قَرْيَة فِيهَا أَرْبَعمِائَة مُؤمن قَالَ: لَا قَالَ: ثلثمِائة مُؤمن قَالَ: لَا قَالَ: فمائتا مُؤمن قَالَ: لَا قَالَ: فمائة قَالَ: لَا قَالَ: فخمسون مُؤمنا قَالَ: لَا قَالَ: فأربعون مُؤمنا قَالَ: لَا قَالَ: فَأَرْبَعَة عشر مُؤمنا قَالَ: لَا وَظن إِبْرَاهِيم أَنهم أَرْبَعَة عشر بِامْرَأَة لوط وَكَانَ فِيهَا ثَلَاثَة عشر مُؤمنا وَقد عرف ذَلِك جِبْرِيل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما جَاءَت الْمَلَائِكَة إِلَى إِبْرَاهِيم قَالُوا لإِبراهيم: إِن كَانَ فِيهَا خَمْسَة يصلونَ رفع عَنْهُم الْعَذَاب الْآيَة 75 - 76

75

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْحلم يجمع لصَاحبه شرف الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ألم تسمع الله وصف نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحلم فَقَالَ {إِن إِبْرَاهِيم لحليم أوّاه منيب} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ضَمرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْحلم ارْفَعْ من الْعقل لِأَن الله عز وَجل تسمى بِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن مَيْمُون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأوّاه الرَّحِيم والحليم الشَّيْخ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن إِبْرَاهِيم لحليم أوّاه منيب} قَالَ: كَانَ إِذا قَالَ: قَالَ الله وَإِذا عمل عمل لله وَإِذا نوى نوى لله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْمُنِيب الْمقبل إِلَى طَاعَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمُنِيب إِلَى الله الْمُطِيع لله الَّذِي أناب إِلَى طَاعَة الله وَأمره وَرجع إِلَى الْأُمُور الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قبل ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمُنِيب المخلص فِي عمله لله عز وَجل الْآيَة 77

77

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلما جَاءَت رسلنَا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذرعاً} قَالَ: سَاءَ ظنا بقَوْمه وضاق ذرعاً باضيافه وَقَالَ {هَذَا يَوْم عصيب} يَقُول: شَدِيد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: سَاءَ ظنا بقَوْمه يتخوّفهم على اضيافه وضاق ذرعاً باضيافه مَخَافَة عَلَيْهِم وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء والطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل {يَوْم عصيب} قَالَ: يَوْم شَدِيد قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: هم ضربوا قوانس خيل حجر بِجنب الردء فِي يَوْم عصيب وَقَالَ عدي بن زيد: فَكنت لَو أَنِّي خصمك لم أعوّد وَقد سلكوك فِي يَوْم عصيب الْآيَات 78 - 83

78

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وجاءه قومه يهرعون إِلَيْهِ} قَالَ: يسرعون {وَمن قبل كَانُوا يعْملُونَ السَّيِّئَات} قَالَ: يأْتونَ الرِّجَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وجاءه قومه يهرعون إِلَيْهِ} قَالَ: ويسعون إِلَيْهِ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {يهرعون إِلَيْهِ} قَالَ: يقبلُونَ إِلَيْهِ بِالْغَضَبِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول:

أتونا يهرعون وهم أُسَارَى سيوفهم على رغم الأنوف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن قبل كَانُوا يعْملُونَ السَّيِّئَات} قَالَ: ينْكحُونَ الرِّجَال وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي اله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قَالَ يَا قوم هَؤُلَاءِ بَنَاتِي} قَالَ: مَا عرض لوط عَلَيْهِ السَّلَام بَنَاته على قومه لَا سِفَاحًا وَلَا نِكَاحا إِنَّمَا قَالَ: هَؤُلَاءِ بَنَاتِي نِسَاؤُكُمْ لِأَن النَّبِي إِذا كَانَ بَين ظَهْري قوم فَهُوَ أبوهم قَالَ الله فِي الْقُرْآن وأزواجه أمهاتهم (الْأَحْزَاب الْآيَة 6) وَهُوَ أبوهم فِي قِرَاءَة أبي رَضِي الله عَنهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي} قَالَ: لم تكن بَنَاته وَلَكِن كن من أمته وكل نَبِي أَبُو أمته وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا دعاهم إِلَى نِسَائِهِم وكل نَبِي أَبُو أمته وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن السّديّ فِي قَوْله {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي} قَالَ: عرض عَلَيْهِم نسَاء أمته كل نَبِي فَهُوَ أَبُو أمته وَفِي قِرَاءَة عبد الله النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وَهُوَ أَب لَهُم وأزواجه أمهاتهم (الْأَحْزَاب الْآيَة 6) وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر وَمُقَاتِل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما سَمِعت الفسقة باضياف لوط جَاءَت إِلَى بَاب لوط فاغلق لوط عَلَيْهِم الْبَاب دونهم ثمَّ اطلع عَلَيْهِم فَقَالَ: هَؤُلَاءِ بَنَاتِي فَعرض عَلَيْهِم بَنَاته بِالنِّكَاحِ وَالتَّزْوِيج وَلم يعرضهَا عَلَيْهِم للفاحشة وَكَانُوا كفَّارًا وَبنَاته مسلمات فَلَمَّا رأى الْبلَاء وَخَافَ الفضيحة عرض عَلَيْهِم التَّزْوِيج وَكَانَ اسْم ابْنَتَيْهِ إِحْدَاهمَا رغوثا وَالْأُخْرَى وميثا وَيُقَال: ديونا إِلَى قَوْله {أَلَيْسَ مِنْكُم رجل رشيد} أَي يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر فَلَمَّا لم يتناهوا وَلم يردهم قَوْله وَلم يقبلُوا شَيْئا مِمَّا عرض عَلَيْهِم من أَمر بَنَاته قَالَ {لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} يَعْنِي عشيرة أَو شيعَة تنصرني لحلت بَيْنكُم وَبَين هَذَا فكسروا الْبَاب ودخلوا عَلَيْهِ وتحوّل جِبْرِيل فِي صورته الَّتِي يكون فِيهَا فِي السَّمَاء ثمَّ قَالَ: يَا لوط لَا تخف نَحن الْمَلَائِكَة لن يصلوا إِلَيْك وأمرنا بعذابهم فَقَالَ لوط: يَا جِبْرِيل الْآن تُعَذبهُمْ - وَهُوَ شَدِيد الأسف عَلَيْهِم - قَالَ جِبْرِيل: موعدهم الصُّبْح أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب قَالَ ابْن عَبَّاس

رَضِي الله عَنْهُمَا: إِن الله يعبي الْعَذَاب فِي أوّل اللَّيْل إِذا أَرَادَ أَن يعذب قوما ثمَّ يعذبهم فِي وَجه الصُّبْح قَالَ: فهيئت الْحِجَارَة لقوم لوط فِي أول اللَّيْل لترسل عَلَيْهِم غدْوَة الْحِجَارَة وَكَذَلِكَ عذبت الْأُمَم عَاد وَثَمُود بِالْغَدَاةِ فَلَمَّا كَانَ عِنْد وَجه الصُّبْح عمد جِبْرِيل إِلَى قرى لوط بِمَا فِيهَا من رجالها ونسائها وثمارها وطيرها فحواها وطواها ثمَّ قلعهَا من تخوم الثرى ثمَّ احتملها من تَحت جنَاحه ثمَّ رَفعهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَسمع سكان سَمَاء الدُّنْيَا أصوات الْكلاب وَالطير وَالنِّسَاء وَالرِّجَال من تَحت جنَاح جِبْرِيل ثمَّ أرسلها منكوسة ثمَّ أتبعهَا بِالْحِجَارَةِ وَكَانَت الْحِجَارَة للرعاة والتجار وَمن كَانَ خَارِجا عَن مدائنهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: عرض عَلَيْهِم بَنَاته تزويجاً وَأَرَادَ أَن يقي أضيافه بتزويج بَنَاته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم} قَالَ: أَمرهم هود بتزويج النِّسَاء وَقَالَ: هن أطهر لكم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَلَا تخزونِ فِي ضَيْفِي} يَقُول: وَلَا تفضحوني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ {أَلَيْسَ مِنْكُم رجل رشيد} قَالَ: رجل يَأْمر بِمَعْرُوف وَينْهى عَن الْمُنكر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أَلَيْسَ مِنْكُم رجل رشيد} قَالَ: رجل يَأْمر بِمَعْرُوف وَينْهى عَن الْمُنكر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أَلَيْسَ مِنْكُم رجل رشيد} قَالَ: وَاحِد يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {قَالُوا لقد علمت مَا لنا فِي بناتك من حق وَإنَّك لتعلم مَا نُرِيد} قَالَ: إِنَّمَا نُرِيد الرِّجَال {قَالَ لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} يَقُول: إِلَى جند شَدِيد لقاتلتكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم إِلَى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} قَالَ: عشيرة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} قَالَ: الْعَشِيرَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه خطب فَقَالَ عشيرة الرجل للرجل خير من الرجل لعشيرته أَنه إِن كف يدا وَاحِدَة وَكفوا عَنهُ أيدياً كَثِيرَة مَعَ مَوَدَّتهمْ وحفاظتهم ونصرتهم حَتَّى لربما غضب الرجل للرجل وَمَا يعرفهُ إِلَّا بِحَسبِهِ وسأتلو عَلَيْكُم بذلك آيَات من كتاب الله تَعَالَى فَتلا هَذِه الْآيَة {لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: والركن الشَّديد: الْعَشِيرَة فَلم يكن للوط عَلَيْهِ السَّلَام عشيرة فوالذي لَا إِلَه غَيره مَا بعث الله نَبيا بعد لوط إِلَّا فِي ثروة من قومه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} قَالَ: بَلغنِي أَنه لم يبْعَث نبيّ بعد لوط إِلَّا فِي ثروة من قومه حَتَّى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ إِن هَذِه الْآيَة لما نزلت {لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رحم الله أخي لوطاً لقد كَانَ يأوي إِلَى ركن شَدِيد فلأي شَيْء استكان وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَرَأَ هَذِه الْآيَة قَالَ: رحم الله لوطاً إِن كَانَ ليأوي إِلَى ركن شَدِيد وَذكر لنا إِن الله لم يبْعَث نَبيا بعد لوط إِلَّا فِي ثروة من قومه حَتَّى بعث الله نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثروة من قومه وَأخرج ابْن جرير عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ لوط عَلَيْهِ السَّلَام {لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} فَوجدَ عَلَيْهِ الرُّسُل وَقَالُوا: يَا لوط إِن ركنك لشديد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا بعث الله نَبيا بعد لوط إِلَّا فِي عز من قومه وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رحم الله لوطاً كَانَ يأوي إِلَى ركن شَدِيد - يَعْنِي الله تَعَالَى - فَمَا بعث الله بعده نَبيا إِلَّا فِي ثروة من قومه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْأَعْرَج عَن أبي

هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يغْفر الله للوط إِنَّه كَانَ ليأوي إِلَى ركن شَدِيد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رحم الله لوطاً إِن كَانَ ليأوي إِلَى ركن شَدِيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن بشر الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن النَّاس كَانُوا أنذروا قوم لوط فجاءتهم الْمَلَائِكَة عَشِيَّة فَمروا بناديهم فَقَالَ قوم لوط بَعضهم لبَعض: لَا تنفروهم وَلم يرَوا قوما قطّ أحسن من الْمَلَائِكَة فَلَمَّا دخلُوا على لوط عَلَيْهِ السَّلَام راودوه عَن ضَيفه فَلم يزل بهم حَتَّى عرض عَلَيْهِم بَنَاته فَأَبَوا فَقَالَت الْمَلَائِكَة {إِنَّا رسل رَبك لن يصلوا إِلَيْك} قَالَ: رسل رَبِّي قَالُوا: نعم قَالَ لوط: فَالْآن كَذَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أرْسلت الرُّسُل إِلَى قوم لوط ليهلوكهم قيل لَهُم: لَا تهلكوا قوم لوط حَتَّى يشْهد عَلَيْهِم لوط ثَلَاث مَرَّات وَكَانَ طريقهم على إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن {فَلَمَّا ذهب عَن إِبْرَاهِيم الروع وجاءته الْبُشْرَى يجادلنا فِي قوم لوط} وَكَانَت مجادلته إيَّاهُم قَالَ: أَرَأَيْتُم إِن كَانَ فِيهَا خَمْسُونَ من الْمُؤمنِينَ أتهلكونهم قَالُوا: لَا قَالَ: فأربعون قَالُوا: لَا حَتَّى انْتهى إِلَى عشرَة أَو خَمْسَة قَالَ: فَأتوا لوطاً وَهُوَ فِي أَرض لَهُ يعْمل فِيهَا فحسبهم ضيفاناً فَأقبل حَتَّى أَمْسَى إِلَى أَهله فَمَشَوْا مَعَه فَالْتَفت إِلَيْهِم فَقَالَ: مَا ترَوْنَ مَا يصنع هَؤُلَاءِ قَالُوا: وَمَا يصنعون قَالَ: مَا من النَّاس أحد شَرّ مِنْهُم فَمَشَوْا مَعَه حَتَّى قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَانْتهى بهم إِلَى أَهله فَانْطَلَقت عَجُوز السوء امْرَأَته فَأَتَت قومه فَقَالَت: لقد تضيف لوط اللَّيْلَة قوما مَا رَأَيْت قطّ أحسن وَلَا أطيب ريحًا مِنْهُم فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يهرعون فدافعوه بِالْبَابِ حَتَّى كَادُوا يغلبُونَ عَلَيْهِ فَقَالَ ملك بجناحه فسفقه دونهم وَعلا وعلوا مَعَه فَجعل يَقُول {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم فَاتَّقُوا الله} إِلَى قَوْله {أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} فَقَالُوا {إِنَّا رسل رَبك لن يصلوا إِلَيْك} فَذَلِك حِين علم أَنهم رسل الله وَقَالَ ملك بجناحه فَمَا عشى تِلْكَ اللَّيْلَة أحد بجناحه إِلَّا عمي فَبَاتُوا بشر لَيْلَة عميا ينتظرون الْعَذَاب فَاسْتَأْذن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي هلاكهم فَأذن لَهُ فَاحْتمل الأَرْض الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا وأهوى بهَا حَتَّى سمع أهل سَمَاء الدُّنْيَا صغاء كلابهم وأوقد تَحْتهم نَارا ثمَّ

قَلبهَا بهم فَسمِعت امْرَأَة لوط الوجبة وَهِي مَعَهم فَالْتَفت فأصابها الْعَذَاب وتبعت سفارهم الْحِجَارَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما جَاءَت رسل الله لوطاً عَلَيْهِ السَّلَام ظن أَنهم ضيفان لِقَوْمِهِ فادناهم حَتَّى أقعدهم قَرِيبا وَجَاء ببناته وَهن ثَلَاثَة فأقعدهن بَين ضيفانه وَبَين قومه فَجَاءَهُ قومه يهرعون إِلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ {هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هن أطهر لكم فَاتَّقُوا الله وَلَا تخزونِ فِي ضَيْفِي} قَالُوا {مَا لنا فِي بناتك من حق وَإنَّك لتعلم مَا نُرِيد قَالَ لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} فَالْتَفت إِلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ {إِنَّا رسل رَبك لن يصلوا إِلَيْك} فَلَمَّا دنو طمس أَعينهم فَانْطَلقُوا عميا يركب بَعضهم بَعْضًا حَتَّى إِذا خَرجُوا إِلَى الَّذين بِالْبَابِ قَالُوا: جئناكم من عِنْد أَسحر النَّاس ثمَّ رفعت فِي جَوف اللَّيْل حَتَّى إِنَّهُم يسمعُونَ صَوت الطير فِي جوّ السَّمَاء ثمَّ قلبت عَلَيْهِم فَمن أَصَابَته الائتفاكة أهلكته وَمن خرج مِنْهَا اتبعته حَيْثُ كَانَ حجرا فَقتلته فارتحل ببناته حَتَّى بلغ مَكَان كَذَا من الشَّام مَاتَت ابْنَته الْكُبْرَى فَخرجت عِنْدهَا عين ثمَّ انْطلق حَيْثُ شَاءَ الله أَن يبلغ فَمَاتَتْ الصُّغْرَى فَخرجت عِنْدهَا عين فَمَا بَقِي مِنْهُنَّ إِلَّا الْوُسْطَى وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْعُقُوبَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أغلق لوط على ضَيفه الْبَاب فجاؤا فكسروا الْبَاب فَدَخَلُوا فطمس جِبْرِيل أَعينهم فَذَهَبت أَبْصَارهم قَالُوا: يَا لوط جئتنا بسحرة فتوعدوه فأوجس فِي نَفسه خيفة إِذا قد ذهب هَؤُلَاءِ يؤذونني قَالَ جِبْرِيل {يَا لوط إِنَّا رسل رَبك} إِن موعدهم الصُّبْح قَالَ لوط: السَّاعَة قَالَ جِبْرِيل {أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب} قَالَ: السَّاعَة فَرفعت حَتَّى سمع أهل سَمَاء الدُّنْيَا نُبيح الْكلاب ثمَّ أَقبلت ورموا بِالْحِجَارَةِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَأسر بأهلك} يَقُول: سر بهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بِقطع من اللَّيْل} قَالَ: جَوف اللَّيْل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {بِقطع} قَالَ سَواد من اللَّيْل

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بِقطع من اللَّيْل} قَالَ: بطَائفَة من اللَّيْل وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله {فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل} مَا الْقطع قَالَ: آخر اللَّيْل سحر قَالَ مَالك بن كنَانَة: ونائحة تقوم بِقطع ليل على رجل أهانته شعوب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد} قَالَ: لَا يتَخَلَّف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد} قَالَ: لَا ينظر وَرَاءه أحد {إِلَّا امْرَأَتك} وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير عَن هرون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي حرف ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل إِلَّا امْرَأَتك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا كَانَت مَعَ لوط لما خرج من الطرية فَسمِعت الصَّوْت فَالْتَفت فَأرْسل الله عَلَيْهَا حجرا فأهلكها فَهِيَ مَعْلُوم مَكَانهَا شَاذَّة عَن الْقَوْم وَهِي فِي مصحف عبد الله وَلَقَد وَفينَا إِلَيْهِ أَهله كلهم إِلَّا عجوزاً فِي الغبر قَالَ: وَلما قيل لَهُ إِن موعدهم الصُّبْح قَالَ: إِنِّي أُرِيد أعجل من ذَلِك قَالَ {أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لوط: أهلكوهم السَّاعَة قَالُوا: إِنَّا لن نؤمر إِلَّا بالصبح {أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لَهُ لوط: اهلكوهم السَّاعَة قَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام {إِن موعدهم الصُّبْح أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب} فأنزلت على لوط {أَلَيْسَ الصُّبْح بقريب} قَالَ: فَأمره أَن يسري بأَهْله بِقطع من اللَّيْل وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد إِلَّا امْرَأَته فَسَار فَلَمَّا كَانَت السَّاعَة الَّتِي أهلكوا فِيهَا أَدخل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام جنَاحه فَرَفعهَا حَتَّى سمع أهل السَّمَاء صياح الديكة ونباح الْكلاب فَجعل عاليها سافلها وأمطرنا عَلَيْهَا حِجَارَة من سجيل وَسمعت امْرَأَة لوط الهدة فَقَالَت: واقوماه فأدركها حجر فَقَتلهَا وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الْحلَّة قَالَ: رَأَيْت امْرَأَة لوط قد مسخت حجر تحيض عِنْد كل رَأس شهر

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَمَّا جَاءَ أمرنَا جعلنَا عاليها سافلها} قَالَ: لما أَصْبحُوا عدا جِبْرِيل على قريتهم فنقلها من أَرْكَانهَا ثمَّ أَدخل جنَاحه ثمَّ حملهَا على خوافي جناحيه بِمَا فِيهَا ثمَّ صعد بهَا إِلَى السَّمَاء حَتَّى سمع أهل السَّمَاء نباح كلابهم ثمَّ قَلبهَا فَكَانَ أول مَا سقط مِنْهَا سرادقها فَلم يصب قوما مَا أَصَابَهُم إِن الله طمس على أَعينهم ثمَّ قلب قريتهم وأمطر عَلَيْهِم حِجَارَة من سجيل وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما اصبحوا نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فاقتلع الأَرْض من سبع أَرضين فحملها حَتَّى بلغ السَّمَاء الدُّنْيَا ثمَّ أَهْوى بهَا جِبْرِيل إِلَى الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى قَرْيَة لوط فَأدْخل يَده تَحت الْقرْيَة ثمَّ رَفعهَا حَتَّى سمع أهل السَّمَاء الدُّنْيَا نباح الْكلاب وأصوات الدياك وأمطر الله عَلَيْهِم الكبريت وَالنَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام اجتث مَدِينَة قوم لوط من الأَرْض ثمَّ رَفعهَا بجناحه حَتَّى بلغ بهَا حَيْثُ شَاءَ الله ثمَّ جعل عاليها سافلها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حدثت أَن الله تَعَالَى بعث جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى المؤتفكة مؤتفكة قوم لوط فاحتملها بجناحه ثمَّ صعد بهَا حَتَّى أَن أهل السَّمَاء ليسمعون نباح كلابهم وأصوات دجاجهم ثمَّ اتبعها الله بِالْحِجَارَةِ يَقُول الله تَعَالَى {جعلنَا عاليها سافلها وأمطرنا عَلَيْهَا حِجَارَة من سجيل} فأهلكها الله وَمن حولهَا من الْمُؤْتَفِكَات فَكُن خمْسا صَنْعَة وصغرة وعصرة ودوماً وسدوم وَهِي الْقرْيَة الْعُظْمَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا ثَلَاث قرى فِيهَا من الْعدَد مَا شَاءَ الله أَن يكون من الْكَثْرَة ذكر لنا أَنه كَانَ مِنْهَا أَرْبَعَة آلَاف ألف وَهِي سدوم قَرْيَة بَين الْمَدِينَة وَالشَّام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {حِجَارَة من سجيل} قَالَ: من طين وَفِي قَوْله {مسوّمة} قَالَ: السّوم بَيَاض فِي حمرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس

رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {حِجَارَة من سجيل} قَالَ: هِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ سنك وكل حجر وطين وَفِي قَوْله {مسوّمة} قَالَ: معلمة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حِجَارَة من سجيل} قَالَ: بِالْفَارِسِيَّةِ أوّلها حِجَارَة وَآخِرهَا طين وَفِي قَوْله {مسوّمة} قَالَ: معلمة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {حِجَارَة من سجيل} قَالَ: هِيَ كلمة أَعْجَمِيَّة عربت سنك وكل وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {حِجَارَة من سجيل} قَالَ: حِجَارَة فِيهَا طين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {حِجَارَة من سجيل} قَالَ: من طين {منضود} مصفوفة {مسوّمة} مطوّقة بهَا نصح من حمرَة {وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد} لم يدْرَأ مِنْهَا ظَالِم بعدهمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {منضود} قَالَ: قد نضد بعضه على بعض وَفِي قَوْله {مسوّمة} قَالَ: عَلَيْهَا سِيمَا خطوط صفر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حِجَارَة مسوّمة لَا تشاكل حِجَارَة الأَرْض وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حِجَارَة من سجيل} قَالَ: السَّمَاء الدُّنْيَا وَالسَّمَاء الدُّنْيَا اسْمهَا سجيل وَأخرج ابْن شيبَة عَن ابْن سابط رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حِجَارَة من سجيل} قَالَ: هِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَأخرج إِسْحَق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ هَل بَقِي من قوم لوط أحد قَالَ: لَا إِلَّا رجل بَقِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا كَانَ تَاجِرًا بِمَكَّة فَجَاءَهُ حجر ليصيبه فِي الْحرم فَقَامَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَة الْحرم فَقَالُوا للحجر ارْجع من حَيْثُ جِئْت فَإِن الرجل فِي حرم الله فَرجع الْحجر فَوقف خَارِجا من الْحرم أَرْبَعِينَ يَوْمًا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض حَتَّى قضى الرجل تِجَارَته فَلَمَّا خرج أَصَابَهُ الْحجر خَارِجا من الْحرم يَقُول الله {وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد} يَعْنِي من ظالمي هَذِه الْأمة بِبَعِيد

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد} قَالَ: يرهب بهَا قُريْشًا أَن يصيبهم مَا أصَاب الْقَوْم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد} يَقُول: من ظلمَة الْعَرَب إِن لم يُؤمنُوا أَن يعذبوا بهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: كل ظَالِم فِيمَا سمعنَا قد جعل بحذائه حجر ينْتَظر مَتى يُؤمر أَن يَقع بِهِ فخوف الظلمَة فَقَالَ: وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا هِيَ من الظَّالِمين بِبَعِيد} قَالَ: من ظالمي هَذِه الْأمة ثمَّ يَقُول: وَالله مَا أَجَارَ الله مِنْهَا ظَالِما بعد وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر وَيزِيد بن حَفْصَة وَصَفوَان بن سليم أَن خَالِد بن الْوَلِيد كتب إِلَى أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَنه قد وجد رجلا فِي بعض نواحي الْعَرَب ينْكح كَمَا كَانَت تنْكح الْمَرْأَة وَقَامَت عَلَيْهِ بذلك الْبَيِّنَة فَاسْتَشَارَ أَبُو بكر رَضِي الله أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ: إِن هَذَا ذَنْب لم يعْص الله بِهِ أمة من الْأُمَم إِلَّا أمة وَاحِدَة فَصنعَ الله بهَا مَا قد علمتمأرى أَن تحرقه بالنَّار فَاجْتمع أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن يحرقوه بالنَّار فَكتب أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى خَالِد رَضِي الله عَنهُ أَن احرقه بالنَّار ثمَّ حرقهم ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي إمارته ثمَّ حرقهم هِشَام بن عبد الْملك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن الرَّأْي قَالَ: عذب الله قوم لوط فَرَمَاهُمْ بحجارة من سجيل فَلَا ترفع تِلْكَ الْعقُوبَة عَمَّن عمل عمل قوم لوط الْآيَات 84 - 88

84

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنِّي أَرَاكُم بِخَير} قَالَ: رخص السّعر {وَإِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم مُحِيط} قَالَ: غلاء السّعر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بَقِيَّة الله} قَالَ: رزق الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بَقِيَّة الله خير لكم} يَقُول: حظكم من ربكُم خير لكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بَقِيَّة الله} يَقُول: طَاعَة الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بَقِيَّة الله} قَالَ: وَصِيَّة الله {خير لكم} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بَقِيَّة الله} قَالَ: رزق الله خير لكم من بخسكم النَّاس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أصلاتك تأمرك} قَالَ: أقراءتك وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْأَحْنَف رَضِي الله عَنهُ أَن شعيباً كَانَ أَكثر الْأَنْبِيَاء صَلَاة

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا شُعَيْب أصلاتك تأمرك} الْآيَة قَالَ: نَهَاهُم عَن قطع هَذِه الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم فَقَالُوا: إِنَّمَا هِيَ أَمْوَالنَا نَفْعل فِيهَا مَا نشَاء إِن شِئْنَا قَطعْنَاهَا وَإِن شِئْنَا أحرقناها وَإِن شِئْنَا طرحناها وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: عذب قوم شُعَيْب فِي قطعهم الدَّرَاهِم وَهُوَ قَوْله {أَو أَن نَفْعل فِي أَمْوَالنَا مَا نشَاء} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ {أَو أَن نَفْعل فِي أَمْوَالنَا مَا نشَاء} قَالَ: قرض الدَّرَاهِم وَهُوَ من الْفساد فِي الأَرْض وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَعبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قطع الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير المثاقيل الَّتِي قد جَازَت بَين النَّاس وعرفوها من الْفساد فِي الأَرْض وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ربيعَة بن أبي هِلَال أَن ابْن الزبير عاقب فِي قرض الدِّرْهَم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد} قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّك لست بحليم وَلَا رشيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِنَّك لأَنْت الْحَلِيم الرشيد} استهزاء بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَرَزَقَنِي مِنْهُ رزقا حسنا} قَالَ: الْحَلَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا أُرِيد أَن أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ} يَقُول: لم أك لأنهاكم عَن أَمر واركبه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأَة جَاءَت إِلَى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقَالَت: اتنهى عَن المواصلة قَالَ: نعم قَالَت: فَلَعَلَّهُ فِي بعض نِسَائِك فَقَالَ: مَا حفظت إِذا وَصِيَّة العَبْد الصَّالح {وَمَا أُرِيد أَن أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ}

وَأخرج أَحْمد عَن مُعَاوِيَة الْقشيرِي أَن أَخَاهُ مَالِكًا قَالَ: يَا مُعَاوِيَة إِن مُحَمَّدًا أَخذ جيراني فَانْطَلق إِلَيْهِ فَانْطَلَقت مَعَه إِلَيْهِ فَقَالَ: دع لي جيراني فقد كَانُوا أَسْلمُوا فَأَعْرض عَنهُ فَقَالَ: أَلا وَالله إِن النَّاس يَزْعمُونَ أَنَّك تَأمر بِالْأَمر وتخالف إِلَى غَيره فَقَالَ: أَو قد فَعَلُوهَا لَئِن فعلت ذَلِك لَكَانَ عَليّ وَمَا كَانَ عَلَيْهِم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَمَا أُرِيد أَن أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ} قَالَ: بَلغنِي أَنه يدعى يَوْم الْقِيَامَة بالمذكر الصَّادِق فَيُوضَع على رَأسه تَاج الْملك ثمَّ يُؤمر بِهِ إِلَى الْجنَّة فَيَقُول: إلهي إِن فِي مقَام الْقِيَامَة أَقْوَامًا قد كَانُوا يعينوني فِي الدُّنْيَا على مَا كنت عَلَيْهِ قَالَ: فيفعل بهم مثل مَا فعل بِهِ ثمَّ ينْطَلق يقودهم إِلَى الْجنَّة لكرامته على الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي إِسْحَق الْفَزارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا أردْت أمرا قطّ فتلوت عِنْده هَذِه الْآيَة إِلَّا عزم لي على الرشد {إِن أُرِيد إِلَّا الإِصلاح مَا اسْتَطَعْت وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِلَيْهِ أنيب} قَالَ: إِلَيْهِ أرجع وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عَليّ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أوصني قَالَ قل رَبِّي الله ثمَّ اسْتَقِم قلت: رَبِّي الله وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب قَالَ: لِيَهنك الْعلم أَبَا الْحسن لقد شربت الْعلم شرباً ونهلته نهلاً فِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن يُونُس الكريمي الْآيَات 89 - 97

89

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {لَا يجرمنكم شقاقي} لايحملنكم فراقي وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ {شقاقي} قَالَ: عدواني وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن شعيباً قَالَ لِقَوْمِهِ: يَا قوم اذْكروا قوم نوح وَعَاد وَثَمُود {وَمَا قوم لوط مِنْكُم بِبَعِيد} وَكَانَ قوم لوط أقربهم إِلَى شُعَيْب وَكَانُوا أقربهم عهدا بِالْهَلَاكِ {وَاسْتَغْفرُوا ربكُم ثمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِن رَبِّي رَحِيم} لمن تَابَ إِلَيْهِ من الذَّنب {ودود} يَعْنِي يُحِبهُ ثمَّ يقذف لَهُ الْمحبَّة فِي قُلُوب عباده فَردُّوا عَلَيْهِ {قَالُوا يَا شُعَيْب مَا نفقه كثيرا مِمَّا تَقول وَإِنَّا لنراك فِينَا ضَعِيفا} كَانَ أعمى {وَلَوْلَا رهطك} يَعْنِي عشيرتك الَّتِي أَنْت بَينهم {لرجمناك} يَعْنِي لقتلناك {وَمَا أَنْت علينا بعزيز} {قَالَ يَا قوم أرهطي أعز عَلَيْكُم من الله} قَالُوا: بل الله قَالَ فاتخذتم الله وراءكم {ظهرياً} يَعْنِي تركْتُم أمره وكذبتم نبيه غير أَن علم رَبِّي أحَاط بكم {إِن رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيط} قَالَ ابْن عَبَّاس: وَكَانَ بعد الشّرك أعظم ذنوبهم تطفيف الْمِكْيَال وَالْمِيزَان وبخس النَّاس أشياءهم مَعَ ذنُوب كَثِيرَة كَانُوا يأتونها فَبَدَا شُعَيْب فَدَعَاهُمْ إِلَى عبَادَة الله وكف الظُّلم وَترك مَا سوى ذَلِك

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خلف بن حَوْشَب قَالَ: هلك قوم شُعَيْب من شعيرَة إِلَى شعيرَة كَانُوا يَأْخُذُونَ بالرزينة ويعطون بالخفيفة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيَا قوم لَا يجرمنكم شقاقي} الْآيَة قَالَ: لَا يحملنكم عدواتي على أَن تتمادوا فِي الضلال وَالْكفْر فيصيبكم من الْعَذَاب مَا أَصَابَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا قوم لوط مِنْكُم بِبَعِيد} قَالَ: إِنَّمَا كَانُوا حَدِيثي عهد قريب بعد نوح وَثَمُود وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي ليلى الْكِنْدِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أشرف عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ على النَّاس من دَاره وَقد أحاطوا بِهِ فَقَالَ {وَيَا قوم لَا يجرمنكم شقاقي أَن يُصِيبكُم مثل مَا أصَاب قوم نوح أَو قوم هود أَو قوم صَالح وَمَا قوم لوط مِنْكُم بِبَعِيد} يَا قوم لَا تقتلوني إِنَّكُم إِن قتلتموني كُنْتُم هَكَذَا وَشَبك بَين أَصَابِعه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِنَّا لنراك فِينَا ضَعِيفا} قَالَ: كَانَ أعمى وَإِنَّمَا عمي من بكائه من حب الله عز وَجل وَأخرج الواحدي وَابْن عَسَاكِر عَن شَدَّاد بن أَوْس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَكَى شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام من حب الله حَتَّى عمي فَرد الله عَلَيْهِ بَصَره وَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا شُعَيْب مَا هَذَا الْبكاء أشوقاً إِلَى الْجنَّة أم خوفًا من النَّار فَقَالَ: لَا وَلَكِن اعتقدت حبك بقلبي فَإِذا نظرت إِلَيْك فَمَا أُبَالِي مَا الَّذِي تصنع بِي فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا شُعَيْب إِن يكن ذَلِك حَقًا فهنيأً لَك لقائي يَا شُعَيْب لذَلِك أخدمتك مُوسَى بن عمرَان كليمي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ والخطيب وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِنَّا لنراك فِينَا ضَعِيفا} قَالَ: كَانَ ضَرِير الْبَصَر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان فِي قَوْله {وَإِنَّا لنراك فِينَا ضَعِيفا} قَالَ: كَانَ أعمى وَكَانَ يُقَال لَهُ: خطيب الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {وَإِنَّا لنراك فِينَا ضَعِيفا} قَالَ: إِنَّمَا أَنْت وَاحِد

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَوْلَا رهطك لرجمناك} قَالَ: لَوْلَا أَن نتقي قَوْمك ورهطك لرجمناك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو كَانَ للوط مثل أَصْحَاب شُعَيْب لجاهد بهم قومه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه خطب فَتلا هَذِه الْآيَة فِي شُعَيْب {وَإِنَّا لنراك فِينَا ضَعِيفا} قَالَ: كَانَ مكفوفاً فنسبوه إِلَى الضعْف {وَلَوْلَا رهطك لرجمناك} قَالَ عَليّ: فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه غَيره مَا هابوا جلال رَبهم مَا هابوا إِلَّا الْعَشِيرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واتخذتموه وراءكم ظهرياً} قَالَ: نبذتم أمره وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {واتخذتموه وراءكم ظهرياً} قَالَ: قَضَاء قضى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {واتخذتموه وراءكم ظهرياً} يَقُول: لَا تخافونه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ {واتخذتموه وراءكم ظهرياً} قَالَ: جعلتموه خلف ظهوركم فَلم تطيعوه وَلم تخافوه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك {واتخذتموه وراءكم ظهرياً} قَالَ: تهاونتم بِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ {واتخذتموه وراءكم ظهرياً} قَالَ: الظهري الْفضل مثل الْجمال يحْتَاج مَعَه إِلَى إبل ظَهْري فضل لَا يحمل عَلَيْهَا شَيْئا إِلَّا أَن يحْتَاج إِلَيْهَا فَيَقُول: إِنَّمَا ربكُم عنْدكُمْ هَكَذَا إِن احتجتم إِلَيْهِ فَإِن لم تحتاجوا فَلَيْسَ بِشَيْء الْآيَة 98 - 99

98

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يقدم قومه يَوْم الْقِيَامَة} يَقُول: أضلهم فأوردهم النَّار

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يقدم قومه يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: فِرْعَوْن يمْضِي بَين يَدي قومه حَتَّى يهجم بهم على النَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فأوردهم النَّار} قَالَ الْوُرُود الدُّخُول وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الْوُرُود فِي الْقُرْآن أَرْبَعَة فِي هود {وَبئسَ الْورْد المورود} وَفِي مَرْيَم (وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها) (مَرْيَم الْآيَة 71) وفيهَا أَيْضا (ونسوق الْمُجْرمين إِلَى جَهَنَّم وردا) (مَرْيَم الْآيَة 86) وَفِي الْأَنْبِيَاء (حصب جَهَنَّم أَنْتُم لَهَا وَارِدُونَ) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة 98) قَالَ: كل هَذَا الدُّخُول وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وأتبعوا فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة وَيَوْم الْقِيَامَة} أردفوا وزيدوا بلعنة أُخْرَى فَتلك لعنتان {بئس الرفد المرفود} اللَّعْنَة فِي أثر اللَّعْنَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {بئس الرفد المرفود} قَالَ: لعنة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: لم يبْعَث نَبِي بعد فِرْعَوْن إِلَّا لعن على لِسَانه وَيَوْم الْقِيَامَة يزِيد لعنة أُخْرَى فِي النَّار وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء والطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ {بئس الرفد المرفود} قَالَ: بئس اللَّعْنَة بعد اللَّعْنَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان وَهُوَ يَقُول: لَا تقدمن بِرُكْن لَا كفاء لَهُ وَإِنَّمَا تفك الْأَعْدَاء بالرفد الْآيَة 100

100

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مِنْهَا قَائِم} يَعْنِي بهَا قرى عامرة {وحصيد} يَعْنِي قرى خامدة

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ذَلِك من أنباء الْقرى نَقصه عَلَيْك} قَالَ: قَالَ الله ذَلِك لنَبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قَائِما} يرى مَكَانَهُ {وحصيد} إِلَّا يرى لَهُ أثر وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى (هَل تحس مِنْهُم من أحد أَو تسمع لَهُم ركزا) (مَرْيَم الْآيَة 98) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج {مِنْهَا قَائِم} خاو على عروشه {وحصيد} ملصق بِالْأَرْضِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك {مِنْهَا قَائِم وحصيد} قَالَ: الحصيد الَّذِي قد خرب وَدَمرَ الْآيَة 101

101

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْفضل بن مَرْوَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا ظلمناهم} قَالَ: نَحن أغْنى من أَن نظلم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي عَاصِم رَضِي الله عَنهُ {فَمَا أغنت عَنْهُم آلِهَتهم} قَالَ: مَا نَفَعت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا زادوهم غير تتبيب} يَعْنِي غير تخسير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَمَا زادوهم غير تتبيب} قَالَ: تخسير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا زادوهم غير تتبيب} أَي هلكة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ {وَمَا زادوهم غير تتبيب} قَالَ: وَمَا زادوهم إِلَّا شرا وَقَرَأَ (تبت يدا أبي لَهب وَتب) (المسد الْآيَة 1) وَقَالَ: التب الخسران والتتبيب مَا زادوهم غير خسران وقرأو (لَا يزِيد الْكَافرين كفرهم إِلَّا خساراً) (فاطر 39)

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وَمَا زادوهم غير تتبيب} قَالَ: غير تخسير قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت بشر بن أبي حَازِم الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: هم جدعوا الأنوف فارعبوها وهم تركُوا بني سعد تبابا الْآيَة 102

102

أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله سُبْحَانَهُ ليملي للظالم حَتَّى إِذا أَخَذته لم يفلته ثمَّ قَرَأَ {وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذا أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة إِن أَخذه أَلِيم شَدِيد} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي عمرَان الْجونِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يَغُرنكُمْ طول النَّسِيئَة وَلَا حسن الطّلب فَإِن أَخذه أَلِيم شَدِيد وَأخرج ابْن أبي دَاوُد عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله كَذَلِك أَخذ رَبك بِغَيْر وَاو وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَهَا وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذا أَخذ الْقرى بظُلْم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله تَعَالَى حذر هَذِه الْأمة سطوته بقوله {وَكَذَلِكَ أَخذ رَبك إِذا أَخذ الْقرى وَهِي ظالمة إِن أَخذه أَلِيم شَدِيد} الْآيَات 103 - 104

103

أخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {إِن فِي ذَلِك لآيَة لمن خَافَ عَذَاب الْآخِرَة} يَقُول: انا سَوف نفي لَهُم بِمَا وعدنا فِي الْآخِرَة كَمَا وَفينَا للأنبياء أَنا ننصرهم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ذَلِك يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس وَذَلِكَ يَوْم مشهود} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: ذَاك يَوْم الْقِيَامَة يجْتَمع فِيهِ الْخلق كلهم ويشهده أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض الْآيَة 105

105

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله يَوْم يَأْتِ قَالَ ذَلِك الْيَوْم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَلَام النَّاس يَوْم الْقِيَامَة السريانية وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عمر بن ذَر أَنه قَرَأَ / يَوْم يأْتونَ لَا تكلم مِنْهُم دَابَّة إِلَّا بِإِذْنِهِ / وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {فَمنهمْ شقي وَسَعِيد} قلت: يَا رَسُول الله فعلام نعمل على شَيْء قد فرغ مِنْهُ أَو على شَيْء لم يفرغ مِنْهُ قَالَ بل على شَيْء قد فرغ مِنْهُ وَجَرت بِهِ الأقلام يَا عمر وَلَكِن كل ميسر لما خلق لَهُ الْآيَات 106 - 108

106

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: هَاتَانِ من المخبآت قَول الله {فَمنهمْ شقي وَسَعِيد} وَيَوْم يجمع الله الرُّسُل

فَيَقُول مَاذَا أجبتم قَالُوا لَا علم لنا) (الْمَائِدَة الْآيَة 109) أما قَوْله {فَمنهمْ شقي وَسَعِيد} فهم قوم من أهل الْكَبَائِر من أهل هَذِه الْقبْلَة يعذبهم الله بالنَّار مَا شَاءَ بِذُنُوبِهِمْ ثمَّ يَأْذَن فِي الشَّفَاعَة لَهُم فَيشفع لَهُم الْمُؤْمِنُونَ فيخرجهم من النَّار فيدخلهم الْجنَّة فسماهم أشقياء حِين عذبهم فِي النَّار {فَأَما الَّذين شَقوا فَفِي النَّار لَهُم فِيهَا زفير وشهيق خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} حِين أذن فِي الشَّفَاعَة لَهُم وأخرجهم من النَّار وأدخلهم الحنة وهم هم {وَأما الَّذين سعدوا} يَعْنِي بعد الشَّقَاء الَّذِي كَانُوا فِيهِ {فَفِي الْجنَّة خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} يَعْنِي الَّذين كَانُوا فِي النَّار وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {فَأَما الَّذين شَقوا} فَقَالَ: حَدثنَا أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يخرج قوم من النَّار وَلَا نقُول كَمَا قَالَ أهل حروراء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَأَما الَّذين شَقوا} إِلَى قَوْله {إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن شَاءَ الله أَن يخرج أُنَاسًا من الَّذين شَقوا من النَّار فيدخلهم الْجنَّة فعل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن خَالِد بن معدان فِي قَوْله {إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} قَالَ: إِنَّهَا فِي التَّوْحِيد من أهل الْقبْلَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك {إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} قَالَ: إِلَّا مَا اسْتثْنى من أهل الْقبْلَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي نَضرة عَن جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ أَو عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَو رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {إِلَّا مَا شَاءَ رَبك إِن رَبك فعال لما يُرِيد} قَالَ: هَذِه الْآيَة قاضية على الْقُرْآن كُله يَقُول: حَيْثُ كَانَ فِي الْقُرْآن خَالِدين فِيهَا تَأتي عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي نَضرة قَالَ: يَنْتَهِي الْقُرْآن كُله إِلَى هَذِه الْآيَة {إِن رَبك فعال لما يُرِيد} وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَأما الَّذين سعدوا} الْآيَة قَالَ: هُوَ

فِي الَّذين يخرجُون من النَّار فَيدْخلُونَ الْجنَّة يَقُول: خَالِدين فِي الْجنَّة {مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} يَقُول: إِلَّا مَا مَكَثُوا فِي النَّار حَتَّى أدخلُوا الْجنَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سِنَان قَالَ: اسْتثْنى فِي أهل التَّوْحِيد ثمَّ قَالَ {عَطاء غير مجذوذ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: لكل جنَّة سَمَاء وَأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: سَمَاء الْجنَّة وأرضها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: تبدل سَمَاء غير هَذِه السَّمَاء وَأَرْض غير هَذِه الأَرْض فَمَا دَامَت تِلْكَ السَّمَاء وَتلك الأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أَخذ الله السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع فطهرهن من كل قذر ودنس وفصيرهن أَرضًا بَيْضَاء فضَّة نورا يتلألأ فصيرهن أَرضًا للجنة وَالسَّمَوَات وَالْأَرْض الْيَوْم فِي الْجنَّة كالجنة فِي الدُّنْيَا يصيرهن الله على عرض الْجنَّة وَيَضَع الْجنَّة عَلَيْهَا وَهِي الْيَوْم على أَرض زعفرانية عَن يَمِين الْعَرْش فَأهل الشّرك خَالِدين فِي جَهَنَّم مَا دَامَت أَرضًا للجنة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} قَالَ: فقد شَاءَ رَبك أَن يخلد هَؤُلَاءِ فِي النَّار وَأَن يخلد هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَأَما الَّذين شَقوا} قَالَ: فجَاء بعد ذَلِك من مَشِيئَة الله فنسخها فَأنْزل الله بِالْمَدِينَةِ (إِن الَّذين كفرُوا وظلموا لم يكن الله ليغفر لَهُم وَلَا ليهديهم طَرِيقا) (النِّسَاء الْآيَة 168) إِلَى آخر الْآيَة فَذهب الرَّجَاء لأهل النَّار أَن يخرجُوا مِنْهَا وَأوجب لَهُم خُلُود الْأَبَد وَقَوله {وَأما الَّذين سعدوا} الْآيَة قَالَ: فجَاء بعد ذَلِك من مَشِيئَة الله مَا نسخهَا فَأنْزل بِالْمَدِينَةِ (وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سندخلهم جنَّات) (النِّسَاء الْآيَة 122) إِلَى قَوْله (ظلا ظليلا) فَأوجب لَهُم خُلُود الْأَبَد

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} قَالَ: اسْتثْنى الله أَمر النَّار أَن تأكلهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو لبث أهل النَّار فِي النَّار كَقدْر رمل عالج لَكَانَ لَهُم يَوْم على ذَلِك يخرجُون فِيهِ وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَيَأْتِي على جَهَنَّم يَوْم لَا يبْقى فِيهَا أحد وَقَرَأَ {فَأَما الَّذين شَقوا} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: مَا فِي الْقُرْآن آيَة أَرْجَى لأهل النَّار من هَذِه الْآيَة {خَالِدين فِيهَا مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} قَالَ: وَقَالَ ابْن مَسْعُود ليَأْتِيَن عَلَيْهَا زَمَانا تخفق أَبْوَابهَا وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: حهنم أسْرع الدَّاريْنِ عمراناً وأسرعهما خراباً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا مَا شَاءَ رَبك} قَالَ: الله أعلم بمشيئته على مَا وَقعت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: قد أخبر الله بِالَّذِي شَاءَ لأهل الْجنَّة فَقَالَ {عَطاء غير مجذوذ} وَلم يخبرنا بِالَّذِي يَشَاء لأهل النَّار وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي وَائِل أَنه كَانَ إِذا سُئِلَ عَن الشَّيْء من الْقُرْآن قَالَ: قد أصَاب الله بِهِ الَّذِي أَرَادَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَهُم فِيهَا زفير وشهيق} قَالَ: الزَّفِير الصَّوْت الشَّديد فِي الْحلق والشهيق الصَّوْت الضَّعِيف فِي الصَّدْر وَفِي قَوْله {غير مجذوذ} قَالَ: غير مَقْطُوع وَفِي لفظ: غير مُنْقَطع وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {لَهُم فِيهَا زفير وشهيق} مَا الزَّفِير قَالَ: زفير كزفير الْحمار قَالَ فِيهِ أَوْس بن حجر: وَلَا عذران لاقيت أَسمَاء بعْدهَا فيغشى علينا إِن فعلت وَتعذر فيخبرها أَن رب يَوْم وقفته على هضبات السفح تبْكي وتزفر

الْآيَات 109 - 111

109

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ سلوا الله الْعَافِيَة فَإِنَّهُ لم يُعْط أحد أفضل من معافاة بعد يَقِين وَإِيَّاكُم والريبة فَإِنَّهُ لم يُعْط أحد أشر من رِيبَة بعد كفر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِنَّا لموفوهم نصِيبهم غير مَنْقُوص} قَالَ: مَا قدر لَهُم من خير وَشر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِنَّا لموفوهم نصِيبهم} قَالَ: موفوهم نصِيبهم من الْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ {وَإِنَّا لموفوهم نصِيبهم} قَالَ: من الرزق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يُوفي كل عبد مَا كتب لَهُ من الرزق فاجملوا فِي الْمطلب دعوا مَا حرم وخذوا مَا حل الْآيَات 112 - 113

112

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاستقم كَمَا أمرت} الْآيَة قَالَ: أَمر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَسْتَقِيم على أمره وَلَا يطغى فِي نعْمَته

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاستقم كَمَا أمرت} قَالَ: اسْتَقِم على الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {فاستقم كَمَا أمرت وَمن تَابَ مَعَك} قَالَ: شمروا شمروا فَمَا رُؤِيَ ضَاحِكا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَمن تَابَ مَعَك} قَالَ: آمن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْعَلَاء بن عبد الله بن بدر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تطغوا إِنَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير} قَالَ: لم يرد بِهِ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا على الَّذين يجيئون من بعدهمْ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تطغوا} يَقُول: لَا تظلموا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الطغيان خلاف أمره وركوب مَعْصِيَته وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تركنوا إِلَى الَّذين ظلمُوا} قَالَ: يَعْنِي الركون إِلَى الشّرك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تركنوا} قَالَ: لَا تميلوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تركنوا} قَالَ: لَا تذْهبُوا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَلَا تركنوا إِلَى الَّذين ظلمُوا فتمسكم النَّار} أَن تطيعوهم أَو تودوهم أَو تصطنعوهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَلَا تركنوا إِلَى الَّذين ظلمُوا} قَالَ: لَا ترضوا أَعْمَالهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: خصلتان إِذا صلحتا للْعَبد صلح مَا سواهُمَا من أمره الطغيان فِي النِّعْمَة والركون إِلَى الظُّلم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَلَا تركنوا إِلَى الَّذين ظلمُوا فتمسكم النَّار} الْآيَات 114 - 115

114

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار} قَالَ: صَلَاة الْمغرب والغداة {وَزلفًا من اللَّيْل} قَالَ: صَلَاة الْعَتَمَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار} قَالَ: الْفجْر وَالْعصر {وَزلفًا من اللَّيْل} قَالَ: هما زلفتان صَلَاة الْمغرب وَصَلَاة الْعشَاء قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هما زلفتا اللَّيْل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار} قَالَ: صَلَاة الْفجْر وصلاتي الْعشَاء يَعْنِي الظّهْر وَالْعصر {وَزلفًا من اللَّيْل} قَالَ: الْمغرب وَالْعشَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَزلفًا من اللَّيْل} قَالَ: سَاعَة بعد سَاعَة يَعْنِي صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يسْتَحبّ تَأْخِير الْعشَاء وَيقْرَأ {وَزلفًا من اللَّيْل} وَأخرج ابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس {والباقيات الصَّالِحَات} قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس وَأخرج ابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله إِنِّي لقِيت امْرَأَة فِي الْبُسْتَان فضممتها إِلَيّ وقبلتها وباشرتها وَفعلت بهَا كل شَيْء إِلَّا أَنِّي لم أجامعها فَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات ذَلِك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ} فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقرأها عَلَيْهِ فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله أَله خَاصَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بل للنَّاس كَافَّة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود أَن رجلا أصَاب من

امْرَأَة قبْلَة فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ كَأَنَّهُ يسْأَل عَن كفارتها فأنزلت عَلَيْهِ {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَلِي هَذِه قَالَ: هِيَ لمن عمل بهَا من أمتِي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وهناد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي وجدت امْرَأَة فِي الْبُسْتَان فَفعلت بهَا كل شَيْء غير أَنِّي لم أجامعها قبلتها ولزمتها وَلم أفعل غير ذَلِك فافعل بِي مَا شِئْت فَلم يقل لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فَذهب الرجل فَقَالَ عمر: لقد ستر الله عَلَيْهِ لَو ستر على نَفسه فَأتبعهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَصَره فَقَالَ ردُّوهُ عَلَيْهِ فَردُّوهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار} الْآيَة فَقَالَ معَاذ بن جبل: يَا رَسُول الله أَله وَحده أم للنَّاس كَافَّة فَقَالَ: بل للنَّاس كَافَّة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْيُسْر قَالَ أَتَتْنِي امْرَأَة تبْتَاع تَمرا فَقلت: إِن فِي الْبَيْت تَمرا أطيب مِنْهُ فَدخلت معي الْبَيْت فَأَهْوَيْت إِلَيْهَا فَقَبلتهَا فَأتيت أَبَا بكر فَذكرت ذَلِك لَهُ قَالَ: اسْتُرْ على نَفسك وَتب فَأتيت عمر فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: اسْتُرْ على نَفسك وَتب وَلَا تخبر أحدا فَلم أَصْبِر فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: اخلفت غازياً فِي سَبِيل الله فِي أَهله بِمثل هَذَا حَتَّى تمنى أَنه لم يكن أسلم إِلَّا تِلْكَ السَّاعَة حَتَّى ظن أَنه من أهل النَّار وأطرق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَويلا حَتَّى أوحى الله إِلَيْهِ {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل} إِلَى قَوْله {لِلذَّاكِرِينَ} قَالَ أَبُو الْيُسْر: فَأَتَيْته فقرأها عَليّ فَقَالَ أَصْحَابه: يَا رَسُول الله أَلِهَذَا خَاصَّة قَالَ: بل للنَّاس كَافَّة وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أقِم فِي حد الله مرّة أَو مرَّتَيْنِ فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَمَّا فرغ قَالَ أَيْن الرجل قَالَ: أَنا ذَا قَالَ: أتممت الْوضُوء وَصليت مَعنا آنِفا قَالَ: نعم قَالَ: فَإنَّك من خطيئتك كَمَا وَلدتك أمك فَلَا تعد وَأنزل الله حِينَئِذٍ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار} الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم

وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل قَالَ: رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا ترى فِي رجل لَقِي امْرَأَة لَا يعرفهَا فَلَيْسَ يَأْتِي الرجل من امْرَأَته شَيْئا إِلَّا أَتَى فِيهَا غير أَنه لم يُجَامِعهَا فَأنْزل الله {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار} الْآيَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوَضَّأ وضُوءًا حسنا ثمَّ قُم فصل قَالَ معَاذ: فَقلت يَا رَسُول الله: أَله خَاصَّة أم للْمُؤْمِنين عَامَّة قَالَ: للْمُؤْمِنين عَامَّة وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن امراة جَاءَت تبايعني فأدخلتها فَأَصَبْت مِنْهَا مَا دون الْجِمَاع فَقَالَ: لَعَلَّهَا مغيبة فِي سَبِيل الله قَالَ: أَظن قَالَ: ادخل فَدخل فَنزل الْقُرْآن {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل} الْآيَة فَقَالَ الرجل: أَلِي خَاصَّة أم للْمُؤْمِنين عَامَّة فَضرب عمر فِي صَدره وَقَالَ: لَا وَلَا نعْمَة عين وَلَكِن للْمُؤْمِنين عَامَّة فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: صدق عمر هِيَ للْمُؤْمِنين عَامَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي نلْت من امْرَأَة مَا دون نَفسهَا فَأنْزل الله {وأقم الصَّلَاة} الْآيَة وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا كَانَ يحب امْرَأَة فَاسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَاجَة فَأذن لَهُ فَانْطَلق فِي يَوْم مطير فَإِذا هُوَ بِالْمَرْأَةِ على غَدِير مَاء تَغْتَسِل فَلَمَّا جلس مِنْهَا مجْلِس الرجل من الْمَرْأَة ذهب يُحَرك ذكره فَإِذا هُوَ كَأَنَّهُ هدبة فندم فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صل أَربع رَكْعَات فَأنْزل الله {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة قَالَ جَاءَت امْرَأَة من الْأَنْصَار إِلَى رجل يَبِيع التَّمْر بِالْمَدِينَةِ وَكَانَت امْرَأَة حسناء جميلَة فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا أَعْجَبته وَقَالَ: مَا أرى عِنْدِي مَا أرْضى لَك هَهُنَا وَلَكِن فِي الْبَيْت حَاجَتك فأنطلقت مَعَه حَتَّى إِذا دخلت راودها على نَفسهَا فَأَبت وَجعلت تناشده فَأصَاب مِنْهَا من غير أَن يكون أفْضى إِلَيْهَا فَانْطَلق الرجل وَنَدم على مَا صنع حَتَّى أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخْبرهُ فَقَالَ: مَا حملك على ذَلِك قَالَ: الشَّيْطَان فَقَالَ لَهُ: صل مَعنا وَنزل {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار} يَقُول: صَلَاة الْغَدَاة وَالظّهْر وَالْعصر {وَزلفًا من اللَّيْل} الْمغرب وَالْعشَاء {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} فَقَالَ النَّاس: يَا رَسُول الله لهَذَا خَاصَّة أم للنَّاس عَامَّة قَالَ: بل هِيَ للنَّاس عَامَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: أَقبلت امْرَأَة حَتَّى جَاءَت إنْسَانا يَبِيع الدَّقِيق لتبتاع مِنْهُ فَدخل بهَا الْبَيْت فَلَمَّا خلا بهَا قبلهَا فَسقط فِي يَده فَانْطَلق إِلَى أبي بكر فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ: انْظُر لَا تكون امْرَأَة رجل غاز فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك نزل فِي ذَلِك {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل} قيل لعطاء: الْمَكْتُوبَة هِيَ قَالَ: نعم وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ جَاءَ فلَان بن مقيب رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ: يَا رَسُول الله دخلت على امْرَأَة فنلت مِنْهَا مَا ينَال الرجل من أَهله إِلَّا أَنِّي لم أواقعها فَلم يدر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يجِيبه حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار} فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقرأها عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: ضرب رجل على كفل امْرَأَة ثمَّ أَتَى إِلَى أبي بكر وَعمر فَسَأَلَهُمَا عَن كَفَّارَة ذَلِك فَقَالَ كل مِنْهُمَا: لَا أَدْرِي ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَا أَدْرِي حَتَّى أنزل الله {وأقم الصَّلَاة} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن يزِيد بن رُومَان أَن رجلا من بني تَمِيم دخلت عَلَيْهِ امْرَأَة فقبلها وَوضع يَده على دبرهَا فجَاء إِلَى أبي بكر ثمَّ إِلَى عمر ثمَّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة {وأقم الصَّلَاة} إِلَى قَوْله {ذَلِك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ} فَلم يزل الرجل الَّذِي قبل الْمَرْأَة يذكر فَذَلِك قَوْله {ذكرى لِلذَّاكِرِينَ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن يحيى بن جعدة أَن رجلا أقبل يُرِيد أَن يبشر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالمطر فَوجدَ امْرَأَة جالسة على غَدِير فَدفع صدرها وَجلسَ بَين رِجْلَيْهَا فَصَارَ ذكره مثل الهدبة فَقَامَ ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بِمَا صنع فَقَالَ لَهُ اسْتغْفر رَبك وصل أَربع رَكْعَات وتلا عَلَيْهِ {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار} الْآيَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد والدارمي وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ غصناً يَابسا من شَجَرَة فهزه حَتَّى تحات ورقه ثمَّ قَالَ: إِن الْمُسلم إِذا تَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ صلى الصَّلَوَات الْخمس تحاتت خطاياه كَمَا يتحات هَذَا الْوَرق ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار} الْآيَة إِلَى قَوْله {لِلذَّاكِرِينَ} وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعلت الصَّلَوَات كَفَّارَات لما بَينهُنَّ فَأن الله تَعَالَى قَالَ {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل صَلَاة تحط مَا بَين يَديهَا من خَطِيئَة وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن عُثْمَان قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَوَضَّأ ثمَّ قَالَ من تَوَضَّأ وضوئي هَذَا ثمَّ قَامَ فصلى صَلَاة الظّهْر غفر لَهُ مَا كَانَ بَينه وَبَين صَلَاة الصُّبْح ثمَّ صلى الْعَصْر غفر لَهُ مَا كَانَ بَينه وَبَين صَلَاة الظّهْر ثمَّ صلى الْمغرب غفر لَهُ مَا كَانَ بَينه وَبَين صَلَاة الْعَصْر ثمَّ صلى الْعشَاء غفر لَهُ مَا كَانَ بَينه وَبَين صَلَاة الْمغرب ثمَّ لَعَلَّه يبيت يتمرغ ليلته ثمَّ إِن قَامَ فَتَوَضَّأ وَصلى الصُّبْح غفر لَهُ مَا بَينهَا وَبَين صَلَاة الْعشَاء وَهن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات قَالُوا: هَذِه الْحَسَنَات فَمَا الْبَاقِيَات يَا عُثْمَان قَالَ: هِيَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَرَأَيْتُم لَو أَن بِبَاب أحدكُم نَهرا يغْتَسل فِيهِ كل يَوْم خمس مَرَّات هَل يبْقى من درنه شَيْئا قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله قَالَ: كَذَلِك الصَّلَوَات الْخمس يمحو الله بِهن الذُّنُوب والخطايا وَأخرج أَحْمد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله لَا يمحو السيء بالسيء وَلَكِن السيء بالْحسنِ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لم أر شَيْئا أحسن طلبا وَلَا أحسن إدراكاً من حَسَنَة حَدِيثَة لسيئة قديمَة {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: يَا معَاذ أتبع السَّيئَة الْحَسَنَة تمحها وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي ذَر قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أوصني قَالَ: اتَّقِ الله إِذا عملت سَيِّئَة فأتبعها حَسَنَة تمحها قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أَمن الْحَسَنَات لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ: هِيَ أفضل الْحَسَنَات

وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ عبد لَا إِلَه إِلَّا الله فِي سَاعَة من ليل أَو نَهَار إِلَّا طلست مَا فِي الصَّحِيفَة من السيئآت حَتَّى تسكن إِلَى مثلهَا من الْحَسَنَات وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله: مَا تركت من حَاجَة وَلَا داجة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله قَالَ: نعم قَالَ: فَإِن هَذَا يَأْتِي على ذَلِك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مثل الَّذِي يعْمل الْحَسَنَات على أثر السيئآت كَمثل رجل عَلَيْهِ درع من حَدِيد ضيقَة تكَاد تخنقه فَكلما عمل سَيِّئَة فك حَتَّى يحل عقده كلهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: إِن الصَّلَاة من الْحَسَنَات وَكَفَّارَة مَا بَين الأولى إِلَى الْعَصْر صَلَاة الْعَصْر وَكَفَّارَة مَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى الْمغرب صَلَاة الْمغرب وَكَفَّارَة مَا بَين الْمغرب إِلَى الْعَتَمَة صَلَاة الْعَتَمَة ثمَّ يأوي الْمُسلم إِلَى فرَاشه لَا ذَنْب لَهُ مَا اجْتنبت الْكَبَائِر ثمَّ قَرَأَ {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة قَامَ الرجل فَأَعَادَ القَوْل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلَيْسَ قد صليت مَعنا هَذِه الصَّلَاة وأحسنت لَهَا الطّهُور قَالَ: بلَى قَالَ: فَإِنَّهَا كَفَّارَة ذَلِك وَأخرج مَالك وَابْن حبَان عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَنه قَالَ: لأحدثنكم حَدِيثا لَوْلَا آيَة فِي كتاب الله مَا حَدَّثتكُمُوهُ ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من امْرِئ يتَوَضَّأ فَيحسن الْوضُوء ثمَّ يُصَلِّي الصَّلَاة إِلَّا غفر الله لَهُ مَا بَينه وَبَين الصَّلَاة الْأُخْرَى حَتَّى يُصليهَا قَالَ مَالك: أرَاهُ يُرِيد هَذِه الْآيَة {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} وَأخرج ابْن حبَان عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أصبت حدا فأقمه عَليّ فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَمَّا سلم قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أصبت حدا فأقمه عَليّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل تَوَضَّأ ثمَّ أَقبلت قَالَ: نعم قَالَ: وَصليت مَعنا قَالَ: نعم قَالَ: فَاذْهَبْ فَإِن الله قد غفر لَك وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أصبت حدا فأقمه عليَّ فَلم يسْأَله عَنهُ وَحَضَرت الصَّلَاة فصلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أصبت حدا فأقم عليّ كتاب الله قَالَ أَلَيْسَ قد صليت مَعنا قَالَ: نعم قَالَ: فَإِن الله قد غفر لَك ذَنْبك وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَمُحَمّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مثل الصَّلَوَات الْخمس كَمثل نَهَار جَار عذب غمر على بَاب أحدكُم يغْتَسل مِنْهُ كل يَوْم خمس مَرَّات فَمَاذَا يبْقين من درنه قَالَ: ودرنه إثمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن مثل الصَّلَوَات الْخمس كَمثل نهر جَار على بَاب أحدكُم يغْتَسل فِيهِ كل يَوْم خمس مَرَّات وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا مثل الصَّلَوَات الْخمس كَمثل نهر جَار على بَاب أحدكُم يغْتَسل مِنْهُ كل يَوْم خمس مَرَّات فَمَا يبْقى من درنه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الصَّلَوَات الْخمس نهر جَار على بَاب أحدكُم يغْتَسل مِنْهُ كل يَوْم فَمَاذَا يبْقين من الدَّرن وَأخرج أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد صَحِيح عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: سَمِعت سَعْدا وناساً من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ: كَانَ رجلَانِ أَخَوان على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ أَحدهمَا أفضل من الآخر فَتوفي الَّذِي هُوَ أفضلهما وَعمر الآخر بعده أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ توفّي فَذكر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فضل الأول على الْآخِرَة قَالَ ألم يكن يُصَلِّي قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يدريكم مَا بلغت بِهِ صلَاته ثمَّ قَالَ عِنْد ذَلِك: إِنَّمَا مثل الصَّلَوَات كَمثل نهر جَار بِبَاب أحدكُم غمرٌ عذبٌ يقتحم فِيهِ كل يَوْم خمس مَرَّات فَمَاذَا ترَوْنَ يبْقى من درنه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الصَّلَوَات الْخمس كَمثل نهر عذب يجْرِي عِنْد بَاب أحدكُم يغْتَسل فِيهِ كل يَوْم خمس مَرَّات فَمَاذَا يبْقى عَلَيْهِ من الدَّرن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بَرزَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا صليت صَلَاة إِلَّا وَأَنا أَرْجُو أَن تكون كَفَّارَة لما أمامها

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من امْرِئ تحضر صَلَاة مَكْتُوبَة فَيقوم فيتوضأ فَيحسن الْوضُوء وَيُصلي فَيحسن الصَّلَاة إِلَّا غفر لَهُ مَا بَينهَا وَبَين الصَّلَاة الَّتِي كَانَت قبلهَا من ذنُوبه وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصَّلَوَات الْخمس كَفَّارَة مَا بَينهَا ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرَأَيْت لَو أَن رجلا كَانَ يعتمل وَكَانَ بَين منزله ومعتمله خَمْسَة أَنهَار فَإِذا أَتَى معتمله عمل فِيهِ مَا شَاءَ الله فَأَصَابَهُ الْوَسخ أَو الْعرق فَكلما مر بهر اغْتسل مَا كَانَ يبْقى من درنه فَكَذَلِك الصَّلَاة كلما عمل خَطِيئَة صلى صَلَاة فَدَعَا واستغفر الله غفر الله لَهُ مَا كَانَ قبلهَا وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الصَّلَوَات الْخمس وَالْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة كَفَّارَة لما بَينهُنَّ مَا اجْتنبت الْكَبَائِر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تَعَالَى ملكا يُنَادي عِنْد كل صَلَاة يَا بني آدم قومُوا إِلَى نيرانكم الَّتِي أوقدتموها على أَنفسكُم فاطفئوها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ يبْعَث مُنَاد عِنْد حَضْرَة كل صَلَاة فَيَقُول: يَا بني آدم قومُوا فاطفئوا عَنْكُم مَا أقدتم على أَنفسكُم فَيقومُونَ فيتطهرون وَيصلونَ فَيغْفر لَهُم مَا بَينهمَا فَإِذا حضرت الْعَصْر فَمثل ذَلِك فَإِذا حضرت الْمغرب فَمثل ذَلِك فَإِذا حضرت الْعَتَمَة فَمثل ذَلِك فينامون فَيغْفر لَهُم فمدلج فِي خير ومدلج فِي شَرّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة تكفر مَا قبلهَا إِلَى الصَّلَاة الْأُخْرَى وَالْجُمُعَة تكفر مَا قبلهَا إِلَى الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَشهر رَمَضَان يكفر مَا قبله إِلَى شهر رَمَضَان وَالْحج يكفر مَا قبله إِلَى الْحَج وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي بكرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَوَات الْخمس والحمعة إِلَى الْجُمُعَة كَفَّارَات لما بَينهُنَّ مَا اجْتنبت الْكَبَائِر وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُسلم يُصَلِّي وخطاياه مَرْفُوعَة على رَأسه كلما سجد تحاتت عَنهُ فيفرغ من صلَاته وَقد تحاتت عَنهُ خطاياه

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن العَبْد إِذا قَامَ يُصَلِّي جمعت ذنُوبه على رقبته فَإِذا ركع تَفَرَّقت وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من مُسلم يُذنب ذَنبا فيتوضأ ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أَو أَرْبعا مَفْرُوضَة أَو غير مَفْرُوضَة ثمَّ يسْتَغْفر الله إِلَّا غفر الله لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس كَفَّارَات لما بَينهُنَّ مَا اجْتنبت الْكَبَائِر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَنهُ مَرْفُوعا قَالَ الصَّلَوَات الْحَقَائِق كَفَّارَات لما بَينهُنَّ مَا اجْتنبت الْكَبَائِر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: مثل الصَّلَوَات الْخمس مثل نهر جَار على بَاب أحدكُم يغْتَسل مِنْهُ كل يَوْم خمس مَرَّات فَمَاذَا يبْقين بعد عَلَيْهِ من درنه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الدَّرْدَاء مثل الصَّلَوَات الْخمس مثل رجل على بَابه نهر يغْتَسل مِنْهُ كل يَوْم خمس مَرَّات فَمَاذَا يبقيي ذَلِك من درنه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: تَكْفِير كل لحاء رَكْعَتَانِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يحترقون فَإِذا صلوا الظّهْر غسلت ثمَّ يحترقون فَإِذا صلوا الْعَصْر غسلت ثمَّ يحترقون فَإِذا صلوا الْمغرب غسلت حَتَّى ذكر الصَّلَوَات كُلهنَّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحترقون فَإِذا صليتم الصُّبْح غسلتها ثمَّ تحترقون تحترقون فَإِذا صليتم الظّهْر غسلتها ثمَّ تحترقون تحترقون فَإِذا صليتم الْعَصْر غسلتها ثمَّ تحترقون تحترقون فَإِذا صليتم الْمغرب غسلتها ثمَّ تحترقون تحترقون فَإِذا صليتم الْعشَاء غسلتها ثمَّ تنامون فَلَا يكْتب حَتَّى تستيقظوا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح أَنه قَالَ: بَادرُوا السَّيِّئَات القديمات بِالْحَسَنَاتِ الحديثات فَلَو أَن أحدكُم أَخطَأ مَا بَينه وَبَين السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ عمل حَسَنَة لعلت فَوق سيئاته حَتَّى تقهرهن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: اسْتَعِينُوا على السَّيِّئَات القديمات

بِالْحَسَنَاتِ الحديثات وَإِنَّكُمْ لن تَجدوا شَيْئا اذْهَبْ لسيئة قديمَة من حَسَنَة حَدِيثَة وتصديق ذَلِك فِي كتب الله تَعَالَى {إِن الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {ذَلِك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ} قَالَ: هم الَّذين يذكرُونَ الله فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء والشدة والرخاء والعافية وَالْبَلَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: لما نزع الَّذِي قبل الْمَرْأَة تذكر فَذَلِك قَوْله {ذَلِك ذكرى لِلذَّاكِرِينَ} الْآيَة 116

116

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب قَالَ أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فلولا كَانَ من الْقُرُون من قبلكُمْ أولُوا بَقِيَّة ينهون عَن الْفساد فِي الأَرْض} وَأخرج ابْن أبي مَالك فِي قَوْله {فلولا} قَالَ: فَهَلا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أَي لم يكن من قبلكُمْ من ينْهَى عَن الْفساد فِي الأَرْض إِلَّا قَلِيلا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج {إِلَّا قَلِيلا مِمَّن أنجينا مِنْهُم} يستقلهم الله من كل قوم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {وَاتبع الَّذين ظلمُوا مَا أترفوا فِيهِ} قَالَ: فِي ملكهم وَتَجَبُّرَهُمْ وتركهم الْحق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق ابْن جريج قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس {أترفوا فِيهِ} نظرُوا فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وَاتبع الَّذين ظلمُوا مَا أترفوا فِيهِ} من دنياهم وَأَن هَذِه الدُّنْيَا قد تعقدت أَكثر النَّاس وألهتهم عَن آخرتهم الْآيَة 117

117

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن جرير قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَل عَن تَفْسِيرهَا هَذِه الْآيَة {وَمَا كَانَ رَبك ليهلك الْقرى بظُلْم وَأَهْلهَا مصلحون} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَهْلهَا ينصف بَعضهم بَعْضًا وَأخرجه ابْن أبي حَاتِم والخرائطي فِي مساوي الْأَخْلَاق عَن جرير مَوْقُوفا الْآيَات 118 - 119

118

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَلَو شَاءَ رَبك لجعل النَّاس أمة وَاحِدَة} قَالَ: أهل دين وَاحِد أهل ضَلَالَة أَو أهل هدى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا يزالون مُخْتَلفين} قَالَ: أهل الْحق وَأهل الْبَاطِل {إِلَّا من رحم رَبك} قَالَ: أهل الْحق {وَلذَلِك خلقهمْ} قَالَ: للرحمة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا يزالون مُخْتَلفين إِلَّا من رحم رَبك} قَالَ: إِلَّا أهل رَحمته فَإِنَّهُم لَا يَخْتَلِفُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ {وَلَا يزالون مُخْتَلفين} فِي الْهوى وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح {وَلَا يزالون مُخْتَلفين} أَي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس والحنيفية وهم الَّذين رحم رَبك الحنيفية وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: النَّاس مُخْتَلفُونَ على أَدْيَان شَتَّى إِلَّا من رحم رَبك غير مُخْتَلف {وَلذَلِك خلقهمْ} قَالَ: للِاخْتِلَاف وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {وَلَا يزالون مُخْتَلفين} قَالَ: أهل الْبَاطِل {إِلَّا من رحم رَبك} قَالَ: أهل الْحق {وَلذَلِك خلقهمْ} قَالَ: للرحمة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة {وَلَا يزالون مُخْتَلفين} قَالَ: اخْتِلَاف الْملَل {إِلَّا من رحم رَبك} قَالَ: أهل الْقبْلَة {وَلذَلِك خلقهمْ} قَالَ: للرحمة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أهل رَحْمَة الله أهل الْجَمَاعَة وَإِن تَفَرَّقت دِيَارهمْ وأبدانهم وَأهل مَعْصِيَته أهل فرقة وَإِن اجْتمعت أبدانهم {وَلذَلِك خلقهمْ} للرحمة وَالْعِبَادَة وَلم يخلقهم للِاخْتِلَاف وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن ابْن عَبَّاس {وَلذَلِك خلقهمْ} قَالَ: خلقهمْ فريقين: فريقاً يرحم فَلَا يخْتَلف وفريقاً لَا يرحم يخْتَلف وَكَذَلِكَ قَوْله {فَمنهمْ شقي وَسَعِيد} (هود الْآيَة 105) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قُرَيْش قَالَ: كنت عِنْد عَمْرو بن عبيد فجَاء رجلَانِ فَجَلَسَا فَقَالَا: يَا أَبَا عُثْمَان مَا كَانَ الْحسن يَقُول فِي هَذِه الْآيَة {وَلَا يزالون مُخْتَلفين إِلَّا من رحم رَبك وَلذَلِك خلقهمْ} قَالَ: كَانَ يَقُول (فريق فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير) (الشورى الْآيَة 7) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله {وَلذَلِك خلقهمْ} قَالَ: خلق هَؤُلَاءِ للجنة وَهَؤُلَاء للنار وَخلق هَؤُلَاءِ لِرَحْمَتِهِ وَهَؤُلَاء لعذابه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن أبي نجيح أَن رجلَيْنِ تخاصما إِلَى طَاوس فاختلفا عَلَيْهِ فَقَالَ: اختلفتما عَليّ فَقَالَ أَحدهمَا لذَلِك خلقنَا قَالَ: كذبت قَالَ: أَلَيْسَ الله يَقُول {وَلَا يزالون مُخْتَلفين إِلَّا من رحم رَبك وَلذَلِك خلقهمْ} قَالَ: إِنَّمَا خلقهمْ للرحمة وَالْجَمَاعَة الْآيَة 120

120

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وكلاًّ نقص عَلَيْك من أنباء الرُّسُل مَا نثبت بِهِ فُؤَادك} لتعلم يَا مُحَمَّد مَا لقِيت الرُّسُل من قبلك من أممهم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس {وجاءك فِي هَذِه الْحق} قَالَ: فِي هَذِه السُّورَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ {وجاءك فِي هَذِه الْحق} قَالَ: فِي هَذِه السُّورَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة {وجاءك فِي هَذِه الْحق} قَالَ: فِي هَذِه الدُّنْيَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد قَالَ: كَانَ قَتَادَة يَقُول فِي هَذِه السُّورَة وَقَالَ الْحسن: فِي الدُّنْيَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي رَجَاء عَن الْحسن {وجاءك فِي هَذِه الْحق} قَالَ: فِي هَذِه السُّورَة الْآيَات 121 - 123

121

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {اعْمَلُوا على مكانتكم} أَي مَنَازِلكُمْ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَانْتَظرُوا إِنَّا منتظرون} قَالَ: يَقُول: انتظروا مواعيد الشَّيْطَان إيَّاكُمْ على مَا يزين لكم وَفِي قَوْله {وَإِلَيْهِ يرجع الْأَمر كُله} قَالَ: فَيَقْضِي بَينهم بِحكمِهِ الْعدْل وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فَاتِحَة التَّوْرَاة فَاتِحَة الْأَنْعَام وخاتمة التَّوْرَاة هود {وَللَّه غيب السَّمَاوَات وَالْأَرْض} إِلَى قَوْله {بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (12) سُورَة يُوسُف مَكِّيَّة وآياتها إِحْدَى عشرَة وَمِائَة مُقَدّمَة سُورَة يُوسُف أخرج النّحاس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة يُوسُف بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزلت سُورَة يُوسُف بِمَكَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن رِفَاعَة بن رَافع الزرقي أَنه خرج هُوَ وَابْن خَالَته معَاذ بن عفراء حَتَّى قدما مَكَّة وَهَذَا قبل خُرُوج السِّتَّة من الْأَنْصَار فَأتيَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فَقلت أعرض عَليّ فَعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام وَقَالَ من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال قُلْنَا الله قَالَ: فَمن خَلقكُم قُلْنَا الله قَالَ: فَمن عمل هَذِه الْأَصْنَام الَّتِي تَعْبدُونَ قُلْنَا نَحن قَالَ: فالخالق أَحَق بِالْعبَادَة أم الْمَخْلُوق فَأنْتم أَحَق أَن يعبدوكم وَأَنْتُم عملتموها وَالله أَحَق أَن تَعْبُدُوهُ من شَيْء عملتموه وَأَنا أدعوكم إِلَى عبَادَة الله وَإِلَى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله وصلَة الرَّحِم وَترك الْعدوان وبغض النَّاس قُلْنَا: لَو كَانَ الَّذِي تدعونا إِلَيْهِ بَاطِلا لَكَانَ من معالي الْأُمُور ومحاسن الْأَخْلَاق أمسك راحلتينا حَتَّى نأتي الْبَيْت فَجَلَسَ عِنْده معَاذ بن عفراء قَالَ: فطفت وأخرجت سَبْعَة أقداح فَجعلت لَهُ مِنْهَا قدحا فاستقبلت الْبَيْت فَضربت بهَا وَقلت: اللَّهُمَّ إِن كَانَ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ مُحَمَّد حَقًا فَأخْرجهُ قدحه سبع مَرَّات قَالَ: فَضربت فَخرج سبع مَرَّات فَصحت أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله فَاجْتمع النَّاس عَليّ وَقَالُوا: مَجْنُون رجل صَبأ قلت: بل رجل مُؤمن ثمَّ جِئْت إِلَى أَعلَى مَكَّة فَلَمَّا رَآنِي معَاذ قَالَ: لقد جَاءَ رَافع بِوَجْه مَا ذهب بِمثلِهِ فَجئْت وَآمَنت وَعلمنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة يُوسُف و (اقْرَأ باسم رَبك) (سُورَة العلق الْآيَة 1) ثمَّ رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة

وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة أَن مُصعب بن عُمَيْر لما قدم الْمَدِينَة يعلم النَّاس الْقُرْآن بعث إِلَيْهِم عَمْرو بن الجموح: مَا هَذَا الَّذِي جئتمونا بِهِ فَقَالُوا: إِن شِئْت جئْنَاك فأسمعناك الْقُرْآن قَالَ: نعم فواعدهم يَوْمًا فجَاء فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن {الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا لَعَلَّكُمْ تعقلون} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن حبرًا من الْيَهُود دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوافقه وَهُوَ يقْرَأ سُورَة يُوسُف فَقَالَ يَا مُحَمَّد من علمكها قَالَ: الله علمنيها فَعجب الحبر لما سمع مِنْهُ فَرجع إِلَى الْيَهُود فَقَالَ لَهُم: وَالله إِن مُحَمَّدًا ليقْرَأ الْقُرْآن كَمَا أنزل فِي التَّوْرَاة فَانْطَلق بِنَفر مِنْهُم حَتَّى دخلُوا عَلَيْهِ فعرفوه بِالصّفةِ ونظروا إِلَى خَاتم النُّبُوَّة بَين كَتفيهِ فَجعلُوا يَسْتَمِعُون إِلَى قِرَاءَته بِسُورَة يُوسُف فتعجبوا مِنْهُ وَأَسْلمُوا عِنْد ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة قَالَ: سَمِعت عمر رَضِي الله عَنهُ يقْرَأ فِي الْفجْر بِسُورَة يُوسُف الْآيَة 1

يوسف

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين} قَالَ: أَي وَالله يبين بركته وهداه ورشده وَفِي لفظ يبين الله رشده وهداه وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين} قَالَ: يبين حَلَاله وَحَرَامه وَأخرج ابْن جرير عَن خَالِد بن معدان عَن معَاذ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي قَول الله {الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين} قَالَ: يبين الله الْحُرُوف الَّتِي سَقَطت عَن ألسن الْأَعَاجِم وَهِي سِتَّة أحرف

الْآيَة 2

2

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحب الْعَرَب لثلاث: لِأَنِّي عَرَبِيّ وَالْقُرْآن عَرَبِيّ وَكَلَام أهل الْجنَّة عَرَبِيّ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا عَرَبِيّ وَالْقُرْآن عَرَبِيّ وَكَلَام أهل الْجنَّة عَرَبِيّ وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا {قُرْآنًا عَرَبيا} ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ألهم إِسْمَاعِيل هَذَا اللِّسَان الْعَرَبِيّ إلهاماً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزل الْقُرْآن بِلِسَان قُرَيْش وَهُوَ كَلَامهم الْآيَة 3

3

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله لَو قصصت علينا فَنزلت {نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص} وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن فَتلا عَلَيْهِم زَمَانا فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لَو قصصت علينا فَأنْزل الله {الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين} هَذِه السُّورَة ثمَّ تَلا عَلَيْهِم زَمَانا فَأنْزل الله (ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله) (الْحَدِيد الْآيَة 16) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عون بن عبد الله عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله لَو قصصت علينا فَنزلت {نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص}

وَأخرج ابْن جرير عَن عون بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مل أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِلَّة فَقَالُوا: يَا رَسُول الله حَدثنَا فَأنْزل الله تَعَالَى (الله نزل أحسن الحَدِيث) (الزمر آيَة 23) ثمَّ ملوا مِلَّة أُخْرَى فَقَالُوا: يَا رَسُول الله حَدثنَا فَوق الحَدِيث وَدون الْقُرْآن - يعنون الْقَصَص - فَأنْزل الله {الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين} هَذِه السُّورَة فأرادوا الحَدِيث فدلهم على أحسن الحَدِيث وَأَرَادُوا الْقَصَص فدلهم على أحسن الْقَصَص وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَنصر الْمَقْدِسِي فِي الْحجَّة والضياء فِي المختارة عَن خَالِد بن عرفطة قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد عمر إِذْ أَتَاهُ رجل من عبد الْقَيْس فَقَالَ لَهُ عمر: أَنْت فلَان الْعَبْدي قَالَ نعم فَضَربهُ بقناة مَعَه فَقَالَ الرجل: مَا لي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ اجْلِسْ فَجَلَسَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين} إِلَى قَوْله {لمن الغافلين} فقرأها عَلَيْهِ ثَلَاثًا وضربه ثَلَاثًا فَقَالَ لَهُ الرجل: مَا لي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: أَنْت الَّذِي نسخت كتاب دانيال قَالَ: مرني بِأَمْرك أتبعه قَالَ: انْطلق فامحه بالحميم وَالصُّوف ثمَّ لَا تَقْرَأهُ وَلَا تقرئه أحدا من النَّاس فلئن بَلغنِي عَنْك أَنَّك قرأته أَو أَقرَأته أحدا من النَّاس لأنهكنك عُقُوبَة ثمَّ قَالَ: اجْلِسْ فَجَلَسَ بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: انْطَلَقت أَنا فانتسخت كتابا من أهل الْكتاب ثمَّ جِئْت بِهِ فِي أَدِيم فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا هَذَا فِي يدك يَا عمر فَقلت يَا رَسُول الله كتاب نسخته لنزداد بِهِ علما إِلَى علمنَا فَغَضب رَسُول الله حَتَّى احْمَرَّتْ وجنتاه ثمَّ نُودي بِالصَّلَاةِ جَامِعَة فَقَالَت الْأَنْصَار: أغضب نَبِيكُم السِّلَاح فجاؤوا حَتَّى أَحدقُوا بمنبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي قد أُوتيت جَوَامِع الْكَلم وخواتيمه وَاخْتصرَ لي اختصاراً وَلَقَد أتيتكم بهَا بَيْضَاء نقية فَلَا تتهوّكوا وَلَا يَغُرنكُمْ المتهوّكون قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: فَقُمْت فَقلت: رضيت بِاللَّه ربًّا وبالإِسلام دينا وَبِك رَسُولا ثمَّ نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الضريس عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ بِالْكُوفَةِ رجل يطْلب كتب دانيال وَذَلِكَ الضَّرْب فجَاء فِيهِ كتاب من

عمر بن الْخطاب أَن يدْفع إِلَيْهِ فَلَمَّا قدم على عمر رَضِي الله عَنهُ علاهُ بِالدرةِ ثمَّ جعل يقْرَأ عَلَيْهِ {الر تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين} حَتَّى بلغ {الغافلين} قَالَ: فَعرفت مَا يُرِيد فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ دَعْنِي فوَاللَّه لَا أدع عِنْدِي شَيْئا من تِلْكَ الْكتب إِلَّا حرقته قَالَ فَتَركه وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص} قَالَ: من الْكتب الْمَاضِيَة وَأُمُور الله السالفة فِي الْأُمَم {وَإِن كنت من قبله} أَي من قبل هَذَا الْقُرْآن {لمن الغافلين} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص} قَالَ الْقُرْآن الْآيَة 4

4

أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم: يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنِّي رَأَيْت أحد عشر كوكباً} قَالَ رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والعقيلي وَابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ بستاني يَهُودِيّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أَخْبرنِي عَن الْكَوَاكِب الَّتِي رَآهَا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام سَاجِدَة لَهُ مَا أسماؤها فَسكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يجبهُ بِشَيْء فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَأخْبرهُ بأسمائها فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى البستاني الْيَهُودِيّ فَقَالَ: هَل أَنْت مُؤمن إِن أَخْبَرتك بأسمائها قَالَ: نعم قَالَ: حرثان والطارق

وَالذَّيَّال وَذُو الكفتان وَقَابِس ودثان وهودان وَالْفَيْلَق وَالْمصْبح وَالضَّرُوح والفريخ والضياء والنور رَآهَا فِي أفق السَّمَاء سَاجِدَة لَهُ فَلَمَّا قصّ يُوسُف على يَعْقُوب قَالَ: هَذَا أَمر مشتت يجمعه الله من بعد فَقَالَ الْيَهُودِيّ: أَي وَالله أَنَّهَا لَأَسْمَاؤُهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أحد عشر كوكباً} قَالَ: إخْوَته وَالشَّمْس: قَالَ امهِ وَالْقَمَر: قَالَ أَبوهُ ولأمه راحيل ثلث الْحسن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أحد عشر كوكباً وَالشَّمْس وَالْقَمَر} قَالَ: الْكَوَاكِب إخْوَته وَالشَّمْس وَالْقَمَر أَبَوَاهُ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عنهفي قَوْله {إِنِّي رَأَيْت أحد عشر كوكباً} الْآيَة قَالَ: رأى أَبَاهُ وَإِخْوَته سجوداً لَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ إخْوَته - وَكَانُوا أَنْبيَاء - مَا رَضِي أَن يسْجد لَهُ إخْوَته حَتَّى سجد لَهُ أَبَوَاهُ حِين بَلغهُمْ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مُنَبّه عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت رُؤْيا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لَيْلَة الْقدر الْآيَات 5 - 6

5

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَكَذَلِكَ يجتبيك رَبك} قَالَ يصطفيك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويعلمك من تَأْوِيل الْأَحَادِيث} قَالَ: عبارَة الرُّؤْيَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويعلمك من تَأْوِيل الْأَحَادِيث} قَالَ: تَأْوِيل الْعلم والحلم قَالَ: وَكَانَ يَوْمئِذٍ أعبر النَّاس وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كَمَا أتمهَا على أَبَوَيْك من قبل إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق} قَالَ: فنعمته على إِبْرَاهِيم نجاه من النَّار وعَلى إِسْحَق أَن نجاه من الذّبْح الْآيَة 7

7

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد كَانَ فِي يُوسُف وَإِخْوَته آيَات} قَالَ عِبْرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لقد كَانَ فِي يُوسُف وَإِخْوَته آيَات للسائلين} يَقُول: من سَأَلَ عَن ذَلِك فَهُوَ كَذَا مَا قصّ الله عَلَيْكُم وأنبأكم بِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد كَانَ فِي يُوسُف وَإِخْوَته آيَات للسائلين} قَالَ: من كَانَ سَائِلًا عَن يُوسُف وَإِخْوَته فَهَذَا نبؤهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا قصّ الله على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خبر يُوسُف وبغي إخْوَته عَلَيْهِ وحسدهم إِيَّاه حِين ذكر رُؤْيَاهُ لما رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بغي قومه عَلَيْهِ وحسدهم إِيَّاه حِين أكْرمه الله بنبوّته ليتأسى بِهِ الْآيَات 8 - 9

8

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام نازلاً بِالشَّام وَكَانَ لَيْسَ لَهُ هم إِلَّا يُوسُف وَأَخُوهُ بنيامين فحسده إخْوَته مِمَّا رَأَوْا من حب أَبِيه لَهُ وَرَأى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فِي النّوم رُؤْيا إِن أحد عشر كوكباً وَالشَّمْس وَالْقَمَر ساجدين لَهُ فَحدث أَبَاهُ بهَا فَقَالَ لَهُ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام: {يَا بني لَا تقصص رُؤْيَاك على إخْوَتك فيكيدوا لَك كيداً} فَبلغ إخْوَة يُوسُف

الرُّؤْيَا فحسدوه فَقَالُوا {ليوسف وَأَخُوهُ} بنيامين {أحب إِلَى أَبينَا منا وَنحن عصبَة} - كَانُوا عشرَة - {إِن أَبَانَا لفي ضلال مُبين} قَالُوا: فِي ضلال من أمرنَا {اقْتُلُوا يُوسُف أَو اطرحوه أَرضًا يخل لكم وَجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين} يَقُول: تتوبون مِمَّا صَنَعْتُم بِهِ {قَالَ قَائِل مِنْهُم} وَهُوَ يهوذا {لَا تقتلُوا يُوسُف وألقوه فِي غيابة الْجب يلتقطه بعض السيارة إِن كُنْتُم فاعلين} فَلَمَّا أَجمعُوا أَمرهم على ذَلِك أَتَوا أباهم فَقَالُوا لَهُ {يَا أَبَانَا مَا لَك لَا تأمنا على يُوسُف} قَالَ: لن أرْسلهُ مَعكُمْ إِنِّي {وأخاف أَن يَأْكُلهُ الذِّئْب وَأَنْتُم عَنهُ غافلون قَالُوا لَئِن أكله الذِّئْب وَنحن عصبَة إنَّا إِذا لخاسرون} فَأرْسلهُ مَعَهم فأخرجوه وَبِه عَلَيْهِ كَرَامَة فَلَمَّا برزوا إِلَى الْبَريَّة أظهرُوا لَهُ الْعَدَاوَة فَجعل يضْربهُ أحدهم فيستغيث بِالْآخرِ فيضربه فَجعل لَا يرى مِنْهُم رحِيما فضربوه حَتَّى كَادُوا يقتلونه فَجعل يَصِيح وَيَقُول: يَا أبتاه يَا يَعْقُوب لَو تعلم مَا صنع بابنك بَنو الْإِمَاء فَلَمَّا كَادُوا يقتلونه قَالَ يهوذا: أَلَيْسَ قد أعطيتموني موثقًا أَن لَا تقتلوه فَانْطَلقُوا بِهِ إِلَى الْجب ليطرحوه فِيهِ فَجعلُوا يدلونه فِي الْبِئْر فَيتَعَلَّق بشفير الْبِئْر فربطوا يَدَيْهِ ونزعوا قَمِيصه فَقَالَ: يَا إخوتاه ردوا عليّ قَمِيصِي أتوارى بِهِ فِي الْجب فَقَالُوا لَهُ: ادْع الْأَحَد عشر كوكباً وَالشَّمْس وَالْقَمَر يؤنسوك قَالَ: فَإِنِّي لم أر شَيْئا فدلوه فِي الْبِئْر حَتَّى إِذا بلغ نصفهَا ألقوه إِرَادَة أَن يَمُوت فَكَانَ فِي الْبِئْر مَاء فَسقط فِيهِ فَلم يضرّهُ ثمَّ أَوَى إِلَى صَخْرَة فِي الْبِئْر فَقَامَ عَلَيْهَا فَجعل يبكي فناداه إخْوَته فَظن إِنَّهَا رقة أدركتهم فأجابهم فأرادوا أَن يرضخوه بصخرة فَقَامَ يهوذا فَمَنعهُمْ وَقَالَ: قد أعطيتموني موثقًا أَن لَا تقتلوه فَكَانَ يهوذا يَأْتِيهِ بِالطَّعَامِ ثمَّ إِنَّهُم رجعُوا إِلَى أَبِيهِم فَأخذُوا جدياً من الْغنم فذبحوه ونضحوا دَمه على الْقَمِيص ثمَّ أَقبلُوا إِلَى أَبِيهِم عشَاء يَبْكُونَ فَلَمَّا سمع أَصْوَاتهم فزع وَقَالَ: يَا بني مَا لكم هَل أَصَابَكُم فِي غنمكم شَيْء قَالُوا: لَا قَالَ: فَمَا فعل يُوسُف: {قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِق وَتَركنَا يُوسُف عِنْد متاعنا فَأَكله الذِّئْب وَمَا أَنْت بِمُؤْمِن لنا} يَعْنِي بمصدق لنا {وَلَو كُنَّا صَادِقين} فَبكى الشَّيْخ وَصَاح بِأَعْلَى صَوته ثمَّ قَالَ: أَيْن الْقَمِيص ثمَّ جاؤوا بِقَمِيصِهِ وَعَلِيهِ دم كذب فَأخذ الْقَمِيص وَطَرحه على وَجهه ثمَّ بَكَى حَتَّى خضب وَجهه من دم الْقَمِيص ثمَّ قَالَ: إِن هَذَا الذِّئْب يَا بني لرحيم فَكيف أكل لَحْمه وَلم يخرق قَمِيصه وَجَاءَت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه فَتعلق يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام

بالحبل فَخرج فَلَمَّا رَآهُ صَاحب الدَّلْو دَعَا رجلا من أَصْحَابه يُقَال لَهُ بشراي فَقَالَ: يَا بشراي هَذَا غُلَام فَسمع بِهِ إخْوَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فجاؤوا فَقَالُوا: هَذَا عبد لنا آبق ورطنوا لَهُ بلسانهم فَقَالُوا: لَئِن أنْكرت إِنَّك عبد لنا لنقتلنك أترانا نرْجِع بك إِلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام وَقد أخبرناه إِن الذِّئْب قد أكلك قَالَ: يَا إخوتاه ارْجعُوا بِي إِلَى أبي يَعْقُوب فَأَنا أضمن لكم رِضَاهُ وَلَا أذكر لكم هَذَا أبدا فَأَبَوا فَقَالَ الْغُلَام: أَنا عبد لَهُم فَلَمَّا اشْتَرَاهُ الرّجلَانِ فرقا من الرّفْقَة أَن يَقُولَا اشْتَرَيْنَاهُ فيسألونهما الشّركَة فِيهِ فَقَالَا: نقُول إِن سألونا مَا هَذَا نقُول هَذِه بضَاعَة استبضعناها من الْبِئْر فَذَلِك قَوْله {وأسروه بضَاعَة} {وشروه بِثمن بخس دَرَاهِم مَعْدُودَة} - وَكَانَت عشْرين درهما - وَكَانُوا فِي يُوسُف من الزاهدين فَانْطَلقُوا بِهِ إِلَى مصر فَاشْتَرَاهُ الْعَزِيز - ملك مصر - فَانْطَلق بِهِ إِلَى بَيته فَقَالَ لامْرَأَته {أكرمي مثواه عَسى أَن ينفعنا أَو نتخذه ولدا} فأحبته امْرَأَته فَقَالَت لَهُ: يَا يُوسُف مَا أحسن شعرك قَالَ: هُوَ أوّل مَا يَتَنَاثَر من جَسَدِي قَالَ: يَا يُوسُف مَا أحسن عَيْنَيْك قَالَ: هما أوَّل مَا يسيلان إِلَى الأَرْض من جَسَدِي قَالَت: يَا يُوسُف مَا أحسن وَجهك قَالَ: هُوَ للتراب يَأْكُلهُ {وَقَالَت هيت لَك} قَالَ هَلُمَّ لَك - وَهِي بالقبطية - قَالَ معَاذ الله إِنَّه رَبِّي قَالَ: سَيِّدي أحسن مثواي فَلَا أخونه فِي أَهله فَلم تزل بِهِ حَتَّى أطمعها فهمّت بِهِ وهمّ بهَا فدخلا الْبَيْت {وغلقت الْأَبْوَاب} فَذهب ليحل سراويله فَإِذا هُوَ بِصُورَة يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام قَائِما فِي الْبَيْت قد عض على أُصْبُعه يَقُول: يَا يُوسُف لَا تواقعها فَإِنَّمَا مثلك مثل الطير فِي جوّ السَّمَاء لَا يُطَاق وَمثلك إِذا وَقعت عَلَيْهَا مثله إِذا مَاتَ فَوَقع على الأَرْض لَا يَسْتَطِيع أَن يدْفع عَن نَفسه وَمثلك مثل الثور الصعب الَّذِي لم يعْمل عَلَيْهِ وَمثلك إِذا واقعتها مثله إِذا مَاتَ فَدخل المَاء فِي أصل قرنيه لَا يَسْتَطِيع أَن يدْفع عَن نَفسه فَربط سراويله وَذهب ليخرج فَأَدْرَكته فَأخذت بمؤخر قَمِيصه من خَلفه فخرقته حَتَّى أخرجته مِنْهُ وَسقط وَطَرحه يُوسُف وَاشْتَدَّ نَحْو الْبَاب والفيا سَيِّدهَا جَالِسا عِنْد الْبَاب هُوَ وَابْن عَم الْمَرْأَة فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَة {قَالَت مَا جَزَاء من أَرَادَ بأهلك سوءا إِلَّا أَن يسجن أَو عَذَاب أَلِيم} إِنَّه راودني عَن نَفسِي فَدَفَعته عني فشققت قَمِيصه فَقَالَ يُوسُف: لَا بل هِيَ راودتني عَن نَفسِي فأبيت وفررت مِنْهَا فأدركتني فَأخذت بقميصي فشقته عَليّ فَقَالَ ابْن عَمها: فِي الْقَمِيص تبيان الْأَمر انْظُرُوا

إِن كَانَ الْقَمِيص قدّ من قبل فصدقت وَهُوَ من الْكَاذِبين وَإِن كَانَ قدّ من دُبر فَكَذبت وَهُوَ من الصَّادِقين فَلَمَّا أُتِي بالقميص وجده قد قدّ من دُبر فَقَالَ {إِنَّه من كيدكن إِن كيدكن عَظِيم يُوسُف أعرض عَن هَذَا واستغفري لذنبك} يَقُول: لَا تعودي لذنبك {وَقَالَ نسْوَة فِي الْمَدِينَة امْرَأَة الْعَزِيز تراود فتاها عَن نَفسه قد شغفها حبا} والشغاف جلدَة على الْقلب يُقَال لَهَا لِسَان الْقلب يَقُول دخل الْحبّ الْجلد حَتَّى أصَاب الْقلب - فَلَمَّا سَمِعت بمكرهن - يَقُول بقولهن - أرْسلت إلَيْهِنَّ واعتدت لَهُنَّ متكأً يتكئن عَلَيْهِ وآتت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ سكيناً وأترجاً تَأْكُله وَقَالَت ليوسف: أخرج عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا خرج وَرَأى النسْوَة يُوسُف أعظمنه وجعلن يحززن أَيْدِيهنَّ وهم يَحسبن إنَّهُنَّ يقطعن الأترج وَيَقُلْنَ {حاش لله مَا هَذَا بشرا إِن هَذَا إِلَّا ملك كريم} قَالَت: {فذلكن الَّذِي لمتنني فِيهِ وَلَقَد راودته عَن نَفسه فاستعصم} بَعْدَمَا كَانَ حل سراويله ثمَّ لَا أَدْرِي مَا بدا لَهُ قَالَ يُوسُف {رب السجْن أحب إِلَيّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ} من الزِّنَا ثمَّ إِن الْمَرْأَة قَالَت لزَوجهَا: إِن العَبْد العبراني قد فضحني فِي النَّاس إِنَّه يعْتَذر إِلَيْهِم ويخبرهم أَنِّي راودته عَن نَفسه وَلست أُطِيق أَن أعْتَذر بعذري فإمَّا أَن تَأذن لي فَأخْرج فَاعْتَذر كَمَا يعْتَذر وَإِمَّا أَن تحبسه كَمَا حبستني فَذَلِك قَوْله {ثمَّ بدا لَهُم من بعد مَا رَأَوْا الْآيَات} وَهُوَ شقّ الْقَمِيص وَقطع الْأَيْدِي {ليسجننه حَتَّى حِين وَدخل مَعَه السجْن فتيَان} غضب الْملك على خَبّازه أَنه يُرِيد أَن يسمه فحبسه وَحبس الساقي وَظن أَنه مالأه على السم فَلَمَّا دخل يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام السجْن قَالَ: إِنِّي أعبّر الأحلام قَالَ أحد الفتيين: هَلُمَّ فَلْنُجَرِّب هَذَا العَبْد العبراني فتراءيا من غير أَن يَكُونَا رَأيا شَيْئا ولكنهما خرصا فَعبر لَهما يُوسُف خرصهما فَقَالَ الساقي: رَأَيْتنِي أعصر خمرًا وَقَالَ الخباز: رَأَيْتنِي أحمل فَوق رَأْسِي خبْزًا تَأْكُل الطير مِنْهُ قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: لَا يأتيكما طَعَام ترزقانه فِي النّوم إِلَّا نبأتكما بتأويله فِي الْيَقَظَة ثمَّ قَالَ: {يَا صَاحِبي السجْن أما أَحَدكُمَا فيسقي ربه خمرًا} فيعاد على مَكَانَهُ {وَأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رَأسه} ففزعا وَقَالا: وَالله مَا رَأينَا شَيْئا قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: {قضي الْأَمر الَّذِي فِيهِ تستفتيان} إِن هَذَا كَائِن لَا بُد مِنْهُ وَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام للساقي: {اذْكُرْنِي عِنْد رَبك} ثمَّ أَن الله أرى الْملك رُؤْيا فِي مَنَامه هالته فَرَأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وَسبع سنبلات خضر يأكلهن سبع يابسات

فَجمع السَّحَرَة والكهنة والعافة - وهم الْقَافة - والحاذة - وهم الَّذين يزجرون الطير - فَقَصَّهَا عَلَيْهِم فَقَالُوا: أضعاث أَحْلَام وَمَا نَحن بِتَأْوِيل الأحلام بعالمين {وَقَالَ الَّذِي نجا مِنْهُمَا وادّكر بعد أمة أَنا أنبئكم بتأويله فأرسلون} قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: لم يكن السجْن فِي الْمَدِينَة فَانْطَلق الساقي إِلَى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ {أَفْتِنَا فِي سبع بقرات} إِلَى قَوْله {لعَلي أرجع إِلَى النَّاس لَعَلَّهُم يعلمُونَ} تَأْوِيلهَا {قَالَ تزرعون سبع سِنِين دأباً فَمَا حصدتم فذروه فِي سنبله} قَالَ هُوَ أبقى لَهُ {إِلَّا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ ثمَّ يَأْتِي من بعد ذَلِك سبع شَدَّاد يأكلن مَا قدمتم لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلا مِمَّا تحصنون} قَالَ: مِمَّا ترفعون {ثمَّ يَأْتِي من بعد ذَلِك عَام فِيهِ يغاث النَّاس وَفِيه يعصرون} قَالَ: الْعِنَب فَلَمَّا أَتَى الْملك الرَّسُول وَأخْبرهُ قَالَ: {ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُول} فَأمره أَن يخرج إِلَى الْملك أَبى يُوسُف وَقَالَ: {ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ مَا بَال النسْوَة اللَّاتِي قطعن أَيْدِيهنَّ} قَالَ السّديّ: قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: لَو خرج يُوسُف يَوْمئِذٍ قبل أَن يعلم الْملك بِشَأْنِهِ مَا زَالَت فِي نفس الْعَزِيز مِنْهُ حَاجَة يَقُول هَذَا الَّذِي راود امْرَأَته قَالَ الْملك ائْتُونِي بِهن {قَالَ مَا خطبكن إِذْ راودتُنَّ يُوسُف عَن نَفسه قُلْنَ حاش لله مَا علمنَا عَلَيْهِ من سوء} وَلَكِن امْرَأَة الْعَزِيز أخبرتنا أَنَّهَا راودته عَن نَفسه وَدخل مَعهَا الْبَيْت وَحل سراويله ثمَّ شده بعد ذَلِك وَلَا تَدْرِي مَا بدا لَهُ فَقَالَت امْرَأَة الْعَزِيز {الْآن حصحص الْحق} قَالَ تبين {أَنا راودته عَن نَفسه} قَالَ يُوسُف - وَقد جِيءَ بِهِ - ذَلِك ليعلم الْعَزِيز {أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} فِي أَهله {وَأَن الله لَا يهدي كيد الخائنين} فَقَالَت امْرَأَة الْعَزِيز: يَا يُوسُف وَلَا حِين حللت السَّرَاوِيل قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: {وَمَا أبرئ نَفسِي} فَلَمَّا وجد الْملك لَهُ عذرا قَالَ: {ائْتُونِي بِهِ استخلصه لنَفْسي} فأستعمله على مصر فَكَانَ صَاحب أمرهَا هُوَ الَّذِي يَلِي البيع وَالْأَمر فَأصَاب الأَرْض الْجُوع وَأصَاب بِلَاد يَعْقُوب الَّتِي كَانَ فِيهَا فَبعث بنيه إِلَى مصر وَأمْسك بينامين أَخا يُوسُف فَلَمَّا دخلُوا على يُوسُف {فعرفهم وهم لَهُ منكرون} فَلَمَّا نظر إِلَيْهِم أَخذهم وأدخلهم الدَّار - دَار الْملك - وَقَالَ لَهُم: أخبروني مَا أَمركُم فَإِنِّي أنكر شَأْنكُمْ قَالُوا: نَحن من أَرض الشَّام قَالَ: فَمَا جَاءَ بكم قَالُوا: نمتار طَعَاما قَالَ: كَذبْتُمْ أَنْتُم عُيُون كم أَنْتُم قَالُوا نَحن عشرَة قَالَ أَنْتُم عشرَة آلَاف كل رجل مِنْكُم أَمِير ألف فَأَخْبرُونِي خبركم قَالُوا: إِنَّا إخْوَة بَنو رجل

صديق وَإِنَّا كُنَّا إثني عشر فَكَانَ يحب أَخا لنا وَأَنه ذهب مَعنا إِلَى الْبَريَّة فَهَلَك منا وَكَانَ أحبنا إِلَى أَبينَا قَالَ: فَإلَى من يسكن أبوكم بعده قَالُوا إِلَى أَخ لَهُ أَصْغَر مِنْهُ قَالَ: كَيفَ تحدثوني أَن أَبَاكُم صدّيق وَهُوَ يحب الصَّغِير مِنْكُم دون الْكَبِير ائْتُونِي بأخيكم هَذَا حَتَّى أنظر إِلَيْهِ {فَإِن لم تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كيل لكم عِنْدِي وَلَا تقربون قَالُوا سنراود عَنهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لفاعلون} قَالَ: فَإِنِّي أخْشَى أَن لَا تَأْتُونِي بِهِ فضعوا بَعْضكُم رهينة حَتَّى ترجعوا فارتهن شَمْعُون عِنْده فَقَالَ لفتيته وَهُوَ يَكِيل لَهُم: اجعلوا بضاعتهم فِي رحالهم لَعَلَّهُم يعرفونها إِذا انقلبوا إِلَى أهلهم لَعَلَّهُم يرجعُونَ إليَّ فَلَمَّا رجعٍ الْقَوْم إِلَى أَبِيهِم كَلمُوهُ فَقَالُوا: يَا أَبَانَا إِن ملك مصر أكرمنا كَرَامَة لَو كَانَ رجلا منا من بني يَعْقُوب مَا أكرمنا كرامته وَإنَّهُ ارْتهن شَمْعُون وَقَالَ: ائْتُونِي بأخيكم هَذَا الَّذِي عطف عَلَيْهِ أبوكم بعد أخيكم الَّذِي هلك حَتَّى أنظر إِلَيْهِ فَإِن لم تَأْتُونِي بِهِ فَلَا تقربُوا بلادي أبدا فَقَالَ لَهُم يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام: إِذا أتيتم ملك مصر فاقرؤوه مني السَّلَام وَقُولُوا: إِن أَبَانَا يُصَلِّي عَلَيْك وَيَدْعُو لَك بِمَا أوليتنا وَلما فتحُوا رحالهم وجدوا بضاعتهم ردَّتْ إِلَيْهِم أَتَوا أباهم {قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نبغي هَذِه بضاعتنا ردَّتْ إِلَيْنَا} فَقَالَ أَبوهُ حِين رأى ذَلِك: {لن أرْسلهُ مَعكُمْ حَتَّى تؤتون موثقًا من الله لتأتنني بِهِ إِلَّا أَن يحاط بكم} فَحَلَفُوا لَهُ {فَلَمَّا آتوه موثقهم} قَالَ يَعْقُوب: {الله على مَا نقُول وَكيل} ورهب عَلَيْهِم أَن يصيبهم الْعين إِن دخلُوا مصر فَيُقَال هَؤُلَاءِ لرجل وَاحِد قَالَ: {يَا بني لَا تدْخلُوا من بَاب وَاحِد} - يَقُول من طَرِيق وَاحِد - فَلَمَّا دخلُوا على يُوسُف عرف أَخَاهُ فأنزلهم منزلا وأجرى عَلَيْهِم الطَّعَام وَالشرَاب فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل أَتَاهُم بِمثل قَالَ: لينم كل أَخَوَيْنِ مِنْكُم على مِثَال حَتَّى بَقِي الْغُلَام وَحده فَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: هَذَا ينَام معي على فِرَاشِي فَبَاتَ مَعَ يُوسُف فَجعل يشم رِيحه ويضمه إِلَيْهِ حَتَّى أصبح وَجعل يَقُول روبيل: مَا رَأينَا رجلا مثل هَذَا إِن نَحن نجونا مِنْهُ {فَلَمَّا جهزهم بجهازهم جعل السِّقَايَة فِي رَحل أَخِيه} وَالْأَخ لَا يشْعر فَلَمَّا ارتحلوا {أذن مؤذّن} قبل أَن يرتحل العير: {أيتها العير إِنَّكُم لسارقون} فَانْقَطَعت ظُهُورهمْ {وَأَقْبلُوا عَلَيْهِم} يَقُولُونَ: {مَاذَا تَفْقِدُونَ} إِلَى قَوْله {فَمَا جَزَاؤُهُ} {قَالُوا جَزَاؤُهُ من وجد فِي رَحْله فَهُوَ جَزَاؤُهُ} يَقُول تأخذونه فَهُوَ لكم {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قبل وعَاء أَخِيه} فَلَمَّا بَقِي رَحل أَخِيه الْغُلَام قَالَ: مَا كَانَ هَذَا الْغُلَام ليأخذها قَالُوا وَالله لَا يتْرك حَتَّى

تنظروا فِي رَحْله وَنَذْهَب وَقد طابت نفوسكم فَأدْخل يَده فِي رَحْله فاستخرجها من رَحل أَخِيه يَقُول الله {كَذَلِك كدنا ليوسف} يَقُول صنعنَا ليوسف {مَا كَانَ ليَأْخُذ أَخَاهُ فِي دين الْملك} يَقُول فِي حكم الْملك {إِلَّا أَن يَشَاء الله} وَلَكِن صنعنَا لشأنهم قَالُوا فَهَذَا جَزَاؤُهُ قَالَ: فَلَمَّا استخرجها من رَحل الْغُلَام انْقَطَعت ظُهُورهمْ وهلكوا وَقَالُوا: مَا يزَال لنا مِنْكُم بلَاء يَا بني راحيل حَتَّى أخذت هَذَا الصواع قَالَ بنيامين: بَنو راحيل لَا يزل لنا مِنْكُم بلَاء ذهبتم بأخي فأهلكتموه فِي الْبَريَّة وَمَا وضع هَذَا الصواع فِي رحلي إِلَّا الَّذِي وضع الدَّرَاهِم فِي رحالكُمْ قَالُوا لَا تذكر الدَّرَاهِم فتؤخذ بهَا فوقعوا فِيهِ وشتموه فَلَمَّا أدخلوهم على يُوسُف دَعَا بالصواع ثمَّ نقر فِيهِ ثمَّ أدناه من أُذُنه ثمَّ قَالَ: إِن صواعي هَذَا يُخْبِرنِي أَنكُمْ كُنْتُم إثني عشر أَخا وأنكم انطلقتم بِأَخ لكم فبعتموه فَلَمَّا سَمعهَا بنيامين قَامَ فَسجدَ ليوسف وَقَالَ: أَيهَا الْملك سل صواعك هَذَا أحيّ أخي ذَاك أم لَا فنقرها يُوسُف ثمَّ قَالَ: نعم هُوَ حَيّ وسوف ترَاهُ قَالَ: اصْنَع بِي مَا شِئْت فَإِنَّهُ أعلم بِي فَدخل يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَبكى ثمَّ تَوَضَّأ ثمَّ خرج فَقَالَ بنيامين: أَيهَا الْملك إِنِّي أَرَاك تضرب بصواعك الْحق فسله من صَاحبه فَنقرَ فِيهِ ثمَّ قَالَ: إِن صواعي هَذَا غَضْبَان يَقُول: كَيفَ تَسْأَلنِي من صَاحِبي وَقد رَأَيْت مَعَ من كنت وَكَانَ بَنو يَعْقُوب إِذا غضبوا لم يطاقوا فَغَضب روبيل فَقَامَ فَقَالَ: أَيهَا الْملك وَالله لتتركنا أَو لأصِيحَنَّ صَيْحَة لَا تبقى امْرَأَة حَامِل بِمصْر إِلَّا طرحت مَا فِي بَطنهَا وَقَامَت كل شَعْرَة من جَسَد روبيل فَخرجت من ثِيَابه فَقَالَ يُوسُف لِابْنِهِ مرّة: مر إِلَى جنب روبيل فمسه فمسه فَذهب غَضَبه فَقَالَ روبيل: من هَذَا إِن فِي هَذِه الْبِلَاد لبزراً من بزر يَعْقُوب قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: وَمن يَعْقُوب فَغَضب روبيل فَقَالَ: أَيهَا الْملك لَا تذكرَنَّ يَعْقُوب فَإِنَّهُ بشرى لله ابْن ذبيح الله ابْن خَلِيل الله فَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: أَنْت إِذا كنت صَادِقا فَإِذا أتيتم أَبَاكُم فاقرؤوا عَلَيْهِ مني السَّلَام وَقُولُوا لَهُ: إِن ملك مصر يَدْعُو لَك أَن لَا تَمُوت حَتَّى ترى ابْنك يُوسُف حَتَّى يعلم أبوكم أَن فِي الأَرْض صديقين مثله فَلَمَّا أيسوا مِنْهُ وَأخرج لَهُم شَمْعُون وَكَانَ قد ارْتَهَنَهُ خلوا بَينهم نجياً يتناجون بَينهم قَالَ كَبِيرهمْ - وَهُوَ روبيل وَلم يكن بأكبرهم سنا وَلَكِن كَانَ كَبِيرهمْ فِي الْعلم -: {ألم تعلمُوا أَن أَبَاكُم قد أَخذ عَلَيْكُم موثقًا من الله وَمن قبل مَا فرطتم فِي يُوسُف فَلَنْ أَبْرَح الأَرْض حَتَّى يَأْذَن لي أبي أَو يحكم الله لي وَهُوَ خير الْحَاكِمين}

فَأَقَامَ روبيل بِمصْر وَأَقْبل التِّسْعَة إِلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فأخبروه الْخَبَر فَبكى وَقَالَ: يَا بني مَا تذهبون من مرو إِلَّا نقصتم وَاحِدًا ذهبتم فنقصتم يُوسُف ثمَّ ذهبتم الثَّانِيَة فنقصتم شَمْعُون ثمَّ ذهبتم الثَّالِثَة فنقصتم بنيامين وروبيل {فَصَبر جميل عَسى الله أَن يأتيني بهم جَمِيعًا إِنَّه هُوَ الْعَلِيم الْحَكِيم وَتَوَلَّى عَنْهُم وَقَالَ يَا أسفى على يُوسُف وابيضت عَيناهُ من الْحزن فَهُوَ كظيم} من الغيظ {قَالُوا تالله تفتأ تذكر يُوسُف حَتَّى تكون حرضاً أَو تكون من الهالكين} الميتين {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله وَأعلم من الله مَا لَا تعلمُونَ} قَالَ: أَتَى يُوسُف جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ فِي السجْن فَسلم عَلَيْهِ وجاءه فِي صُورَة رجل حسن الْوَجْه طيب الرّيح نقي الثِّيَاب فَقَالَ لَهُ يُوسُف: أَيهَا الْملك الْحسن الْوَجْه الْكَرِيم على ربه الطّيب رِيحه حَدثنِي كَيفَ يَعْقُوب قَالَ حزن عَلَيْك حزنا شَدِيدا قَالَ فَمَا بلغ من حزنه قَالَ حزن سبعين مثكلة قَالَ فَمَا بلغ من أجره قَالَ أجر سبعين شَهِيدا قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: فَإلَى من أَوَى بعدِي قَالَ إِلَى أَخِيك بينامين قَالَ فتراني أَلْقَاهُ قَالَ نعم فَبكى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لما لَقِي أَبوهُ بعده ثمَّ قَالَ: مَا أُبَالِي بِمَا لقِيت أَن الله أرانيه قَالَ: فَلَمَّا أَخْبرُوهُ بِدُعَاء الْملك أحست نفس يَعْقُوب وَقَالَ: مَا يكون فِي الأَرْض صديق إِلَّا ابْني فطمع وَقَالَ: لَعَلَّه يُوسُف قَالَ: {يَا بني اذْهَبُوا فتحسسوا من يُوسُف وأخيه} بِمصْر {وَلَا تيأسوا من روح الله} قَالَ: من فرج الله أَن يرد يُوسُف فَلَمَّا رجعُوا إِلَيْهِ {قَالُوا يَا أَيهَا الْعَزِيز مسنا وأهلنا الضّر وَجِئْنَا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الْكَيْل} بهَا كَمَا كنت تُعْطِينَا بِالدَّرَاهِمِ الجيدة {وَتصدق علينا} تفضل مَا بَين الْجِيَاد والرديئة قَالَ لَهُم يُوسُف - ورحمهم عِنْد ذَلِك -: {مَا فَعلْتُمْ بِيُوسُف وأخيه إِذْ أَنْتُم جاهلون قَالُوا أئنك لأَنْت يُوسُف قَالَ أَنا يُوسُف وَهَذَا أخي} فاعتذروا إِلَيْهِ {قَالُوا تالله لقد آثرك الله علينا وَإِن كُنَّا لخاطئين قَالَ لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم} لَا أذكر لكم ذنبكم {يغْفر الله لكم} ثمَّ قَالَ مَا فعل أبي بعدِي قَالُوا عمي من الْحزن فَقَالَ {اذْهَبُوا بقميصي هَذَا فألقوه على وَجه أبي يَأْتِ بَصيرًا وأتوني بأهلكم أَجْمَعِينَ} فَقَالَ يهوذا أَنا ذهبت بالقميص إِلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ متلطخ بالدماء وَقلت: أَن يُوسُف قد أكله الذِّئْب وَأَنا أذهب بالقميص وَأخْبرهُ أَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام حَيّ فأفرحه كَمَا أحزنته فَهُوَ كَانَ البشير فَلَمَّا {فصلت العير} من مصر

منطلقة إِلَى الشَّام وجد يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام ريح يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لبني بنيه: {إِنِّي لأجد ريح يُوسُف لَوْلَا أَن تفندون} قَالَ لَهُ بَنو بنيه {تالله إِنَّك لفي ضلالك الْقَدِيم} من شَأْن يُوسُف {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير} وَهُوَ يهوذا ألْقى الْقَمِيص على وَجهه {فَارْتَد بَصيرًا} قَالَ لِبَنِيهِ {ألم أقل لكم إِنِّي أعلم من الله مَا لَا تعلمُونَ} ثمَّ حملُوا أهلهم وعيالهم فَلَمَّا بلغُوا مصر كلم يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام الْملك الَّذِي فَوْقه فَخرج هُوَ وَالْملك يتلقونهم فَلَمَّا لَقِيَهُمْ قَالَ: {ادخُلُوا مصر إِن شَاءَ الله آمِنين} فَلَمَّا دخلُوا على يُوسُف آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ أَبَاهُ وخالته ورفعهما {على الْعَرْش} قَالَ: السرير فَلَمَّا حضر يَعْقُوب الْمَوْت أوصى إِلَى يُوسُف أَن يدفنه عِنْد إِبْرَاهِيم فَمَاتَ فنفح فِيهِ المر ثمَّ حمله إِلَى الشَّام وَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {رب قد آتيتني من الْملك} إِلَى قَوْله {توفني مُسلما وألحقني بالصالحين} قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا هَذَا أول نَبِي سَأَلَ الله الْمَوْت وَأخرجه ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم مفرقاً فِي السُّورَة وَأخرج ابْن جرير ثَنَا وَكِيع ثَنَا عَمْرو بن مُحَمَّد العبقري عَن أَسْبَاط عَن السّديّ وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم حَدثنَا عبد الله بن سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث ثَنَا الْحُسَيْن بن عَليّ ثَنَا عَامر بن الْفُرَات عَن أَسْبَاط عَن السّديّ بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله فِي قَوْله {إِذْ قَالُوا ليوسف وَأَخُوهُ} يَعْنِي بينامين وَهُوَ أَخُو يُوسُف لِأَبِيهِ وَأمه وَفِي قَوْله {وَنحن عصبَة} قَالَ الْعصبَة مَا بَين الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَنحن عصبَة} قَالَ: الْعصبَة الْجَمَاعَة وَفِي قَوْله {إِن أَبَانَا لفي ضلال مُبين} قَالَ: لفي خطأ من رَأْيه الْآيَة 10

10

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَالَ قَائِل مِنْهُم لَا تقتلُوا يُوسُف} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنه روبيل وَهُوَ أكبر إخْوَته وَهُوَ ابْن خَالَة يُوسُف

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَالَ قَائِل مِنْهُم لَا تقتلُوا يُوسُف} قَالَ: هُوَ شَمْعُون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ان عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قَالَ قَائِل مِنْهُم لَا تقتلُوا يُوسُف وألقوه فِي غيابة الْجب} قَالَ: قَالَه كَبِيرهمْ الَّذِي تخلف قَالَ: والجب بِئْر بِالشَّام {يلتقطه بعض السيارة} قَالَ: التقطه نَاس من الْأَعْرَاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وألقوه فِي غيابة الْجب} يَعْنِي الرَّكية وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْجب الْبِئْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وألقوه فِي غيابة الْجب} قَالَ: هِيَ بِئْر بِبَيْت الْمُقَدّس يَقُول فِي بعض نَوَاحِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْجب الَّذِي جعل فِيهِ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام بحذاء طبرية بَينه وَبَينهَا أَمْيَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ تلتقطه بعض السيارة بِالتَّاءِ الْآيَات 11 - 12

11

أخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي قَاسم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ أَبُو رزين مَا لَك لَا تتمنا على يُوسُف قَالَ لَهُ عبيد بن نَضْلَة لحنت قَالَ: مَا لحن من قَرَأَ بلغَة قومه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله أرْسلهُ مَعنا غَدا نرتع وَنَلْعَب قَالَ: نسعى وننشط ونلهو وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن هرون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَبُو عَمْرو يقْرَأ / نرتع وَنَلْعَب / بالنُّون فَقلت لأبي عَمْرو: كَيفَ يَقُولُونَ: نرتع وَنَلْعَب وهم أَنْبيَاء قَالَ: لم يَكُونُوا يَوْمئِذٍ أَنْبيَاء

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {أرْسلهُ مَعنا غَدا يرتع ويلعب} هُوَ يَعْنِي بِالْيَاءِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {يرتع} بِالْيَاءِ وَكسر الْعين قَالَ يرْعَى غنمه ينظر وَيعْقل وَيعرف مَا يعرف الرجل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ / نرتع / بالنُّون وَكسر الْعين قَالَ يحفظ بَعْضنَا بَعْضًا نتكالأ نتحارس وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الحكم بن عمر الرعيني قَالَ: بَعَثَنِي خَالِد الْقَسرِي إِلَى قَتَادَة أسأله عَن قَوْله نرتع وَنَلْعَب فَقَالَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ لَا نرتع وَنَلْعَب بِكَسْر الْعين ثمَّ قَالَ: النَّاس لَا يرتعون إِنَّمَا ترتع الْغنم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل بن حَيَّان رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقرؤوها أرْسلهُ مَعنا غَدا نَلْهُو وَنَلْعَب وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْرَج رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ نرتعي بالنُّون وَالْيَاء {ويلعب} بِالْيَاءِ الْآيَات 13 - 14

13

أخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والسلفي فِي الطيوريات عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تلقنوا النَّاس فيكذبوا فَإِن بني يَعْقُوب لم يعلمُوا أَن الذِّئْب يَأْكُل النَّاس فَلَمَّا لقنهم أبوهم كذبُوا فَقَالُوا أكله الذِّئْب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مجلز رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يلقن ابْنه الشَّرّ فَإِن بني يَعْقُوب لم يدروا أَن الذِّئْب يَأْكُل النَّاس حَتَّى قَالَ لَهُم أبوهم إِنِّي (أَخَاف أَن يَأْكُلهُ الذِّئْب) الْآيَة 15

15

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأوحينا إِلَيْهِ} الْآيَة قَالَ: أوحى إِلَى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ فِي الْجب لتنبئن إخْوَتك بِمَا صَنَعُوا وهم لَا يَشْعُرُونَ بذلك الْوَحْي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأوحينا إِلَيْهِ} الْآيَة قَالَ: أوحى الله إِلَيْهِ وحْياً وَهُوَ فِي الْجب أَن ستنبئهم بِمَا صَنَعُوا وهم - أَي إخْوَته - لَا يَشْعُرُونَ بذلك الْوَحْي فهوّن ذَلِك الْوَحْي عَلَيْهِ مَا صنع بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وهم لَا يَشْعُرُونَ} قَالَ: لَا يَشْعُرُونَ أَنه أُوحِي إِلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهم لَا يَشْعُرُونَ} يَقُول: لَا يَشْعُرُونَ أَنه يُوسُف وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما دخل إخْوَة يُوسُف على يُوسُف فعرفهم وهم لَهُ منكرون جِيءَ بالصواع فَوَضعه على يَده ثمَّ نقره فطن فَقَالَ: إِنَّه ليخبرني هَذَا الْجَام أَنه كَانَ لكم أَخ من أبيكم يُقَال لَهُ يُوسُف يدين دينكُمْ وأنكم انطلقتم بِهِ فألقيتموه فِي غيابة الْجب فأتيتم أَبَاكُم فقلتم أَن الذِّئْب أكله وجئتم على قَمِيصه بِدَم كذب فَقَالَ بَعضهم لبَعض أَن هَذَا الْجَام ليخبره خبركم قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَلَا نرى هَذِه الْآيَة نزلت إِلَّا فِي ذَلِك {لتنبئنهم بأمرهم هَذَا وهم لَا يَشْعُرُونَ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما ألقِي يُوسُف فِي الْجب أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ: يَا غُلَام من أَلْقَاك فِي هَذَا الْجب قَالَ: إخوتي قَالَ: وَلم قَالَ: لمودة أبي إيَّايَ حسدوني قَالَ: تُرِيدُ الْخُرُوج من هَهُنَا قَالَ: ذَاك إِلَى إِلَه يَعْقُوب قَالَ: قل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِاسْمِك المخزون والمكنون يَا بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض يَا ذَا الْجلَال والاكرام أَن تغْفر لي ذَنبي وترحمني وَأَن تجْعَل لي من أَمْرِي فرجا ومخرجاً وَأَن ترزقني من حَيْثُ أحتسب وَمن حَيْثُ لَا أحتسب فَقَالَهَا فَجعل الله لَهُ من أمره فرجا ومخرجاً ورزقه ملك مصر من حَيْثُ لَا يحْتَسب فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلظُّوا بهؤلاء الْكَلِمَات فَإِنَّهُنَّ دُعَاء المصطفين الأخيار

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر بن عَيَّاش رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْجب ثَلَاثَة أَيَّام الْآيَات 16 - 17

16

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى شُرَيْح رَضِي الله عَنهُ تخاصم فِي شَيْء فَجعلت تبْكي فَقَالُوا: يَا أَبَا أُميَّة أما ترَاهَا تبْكي فَقَالَ: قد جَاءَ اخوة يُوسُف أباهم عشَاء يَبْكُونَ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَمَا أَنْت بِمُؤْمِن لنا} قَالَ بمصدق لنا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا أَنْت بِمُؤْمِن لنا وَلَو كُنَّا صَادِقين} قَالَ: نزلت على كَلَام الْعَرَب كَقَوْلِك: لَا تصدق بِالصّدقِ وَلَو كنت صَادِقا الْآيَة 18

18

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وجاؤوا على قَمِيصه بِدَم كذب} قَالَ: كَانَ دم سخلة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بِدَم كذب} قَالَ: كَانَ ذَلِك الدَّم كذبا لم يكن دم يُوسُف كَانَ دم سخلة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أخذُوا ظَبْيًا فذبحوه فلطخوا بِهِ الْقَمِيص فَجعل يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام يقلب الْقَمِيص فَيَقُول: مَا أرى أثر أثر نَاب وَلَا ظفر إِن هَذَا السَّبع رَحِيم فَعرف أَنهم كذبوه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وجاؤوا على قَمِيصه بِدَم كذب} قَالَ: لما أُتِي يَعْقُوب

بقميص يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَلم ير فِيهِ خرقاً قَالَ كَذبْتُمْ لَو كَانَ كَمَا تَقولُونَ أكله الذِّئْب لخرق الْقَمِيص وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما جِيءَ بقميص يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام جعل يقلبه فَيرى أثر الدَّم وَلَا يرى فِيهِ شقاً وَلَا خرقاً فَقَالَ: يَا بني وَالله مَا كنت أَعهد الذِّئْب حَلِيمًا إِذْ أكل ابْني وَأبقى قَمِيصه وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذَبَحُوا جدياً ولطخوه بدمه فَلَمَّا نظر يَعْقُوب إِلَى الْقَمِيص صَحِيحا عرف أَن الْقَوْم كذبوه فَقَالَ لَهُم: ان كَانَ هَذَا الذِّئْب لَحَلِيمًا حَيْثُ رحم الْقَمِيص وَلم يرحم ابْني وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَتَوا نَبِي الله يَعْقُوب بِقَمِيصِهِ قَالَ: مَا أرى أثر سبع وَلَا طعن وَلَا خرق وَأخرج ابو عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْجِرْجَانِيّ فِي أَمَالِيهِ عَن ربيعَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَتَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فَقيل: إِن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام أكله الذِّئْب دَعَا الذِّئْب فَقَالَ: أكلت قُرَّة عَيْني وَثَمَرَة فُؤَادِي قَالَ: لم أفعل قَالَ: فَمن أَيْن جِئْت وَمن أَيْن تُرِيدُ قَالَ: جِئْت من أَرض مصر وَأُرِيد أَرض جرجان قَالَ: فَمَا يَعْنِيك بهَا قَالَ: سَمِعت الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام قبلك يَقُولُونَ: من زار حميماً أَو قَرِيبا كتب الله لَهُ بِكُل خطْوَة ألف حَسَنَة وَحط عَنهُ ألف سَيِّئَة يرفع لَهُ ألف دَرَجَة فَدَعَا بنيه فَقَالَ: اكتبوا هَذَا الحَدِيث فَأبى أَن يُحَدِّثهُمْ فَقَالَ: مَا لَك لَا تحدثهم فَقَالَ: إِنَّهُم عصاة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مبارك قَالَ: سُئِلَ ابْن سِيرِين عَن رجل رأى فِي الْمَنَام أَنه يستاك كلما أخرج السِّوَاك رأى عَلَيْهِ دَمًا قَالَ: اتَّقِ الله وَلَا تكذب وَقَرَأَ {وجاؤوا على قَمِيصه بِدَم كذب} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {بل سوّلت لكم أَنفسكُم أمرا} قَالَ: أَمرتكُم أَنفسكُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بل سوّلت لكم أَنفسكُم أمرا}

يَقُول: بل زينت لكم أَنفسكُم أمرا {فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} أَي على مَا تكذبون وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الصَّبْر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حَيَّان بن أبي حِيلَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله {فَصَبر جميل} قَالَ: لَا شكوى فِيهِ من بَث وَلم يصبر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَصَبر جميل} قَالَ: لَيْسَ فِيهِ جزع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الصَّبْر الْجَمِيل الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شكوى إِلَّا إِلَى الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الثَّوْريّ عَن بعض الصَّحَابَة قَالَ: يُقَال ثَلَاثَة من الصَّبْر: أَن لَا تحدث بِمَا يوجعك وَلَا بمصيبتك وَلَا تزكي نَفسك الْآيَة 19

19

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: جَاءَت سيارة فَنزلت على الْجب فأرسلوا واردهم فاستقى من المَاء فاستخرج يُوسُف فاستبشروا بِأَنَّهُم أَصَابُوا غُلَاما لَا يعلمُونَ علمه وَلَا مَنْزِلَته عِنْد ربه فزهدوا فِيهِ فباعوه وَكَانَ بَيْعه حَرَامًا وباعوه بِدَرَاهِم مَعْدُودَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فأرسلوا واردهم} يَقُول: فأرسلوا رسولهم فأدلى دلوه فتشبث الْغُلَام بالدلو فَلَمَّا خرج قَالَ: يَا بشراي هَذَا غُلَام تباشروا بِهِ حِين استخرجوه: وَهِي بِئْر بِبَيْت الْمُقَدّس مَعْلُوم مَكَانهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي روق فِي قَوْله [يَا بشراي] قَالَ: يَا بِشَارَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي عبيد قَالَ: سَمِعت الْكسَائي يحدث عَن حَمْزَة عَن الْأَعْمَش وَأبي بكر عَن عَاصِم أَنَّهُمَا قرآ {يَا بشرى} بإرسال الْيَاء غير مُضَاف إِلَيْهِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله {يَا بشرى} قَالَ: كَانَ اسْم صَاحبه بشرى قَالَ: يَا بشرى كَمَا تَقول يَا زيد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {يَا بشرى} قَالَ كَانَ اسْمه بشرى وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وأسروه بضَاعَة} يَعْنِي إخْوَة يُوسُف أَسرُّوا شَأْنه وكتموا أَن يكون أَخَاهُم وكتم يُوسُف مَخَافَة أَن يقْتله إخْوَته وَاخْتَارَ البيع فَبَاعَهُ إخْوَته بِثمن بخس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وأسروه بضَاعَة} قَالَ: أَسرُّوا بَيْعه وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وأسروه بضَاعَة} قَالَ: أسره التُّجَّار بَعضهم من بعض وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأسروه بضَاعَة} قَالَ: صَاحب الدَّلْو وَمن مَعَه فَقَالُوا لأصحابهم: إِنَّا استَبْضعناه خُفْيَة أَن يستشركوكم فِيهِ إِن عمِلُوا بِهِ وأتبعهم إخْوَته يَقُولُونَ للمدلي وَأَصْحَابه: استوثقوا مِنْهُ لَا يأبقن حَتَّى وثقوه بِمصْر فَقَالَ: من يبتاعني ويستسر فابتاعه الْملك وَالْملك مُسلم الْآيَة 20

20

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وشروه} قَالَ: إخْوَة يُوسُف باعوه حِين أخرج المدلي دلوه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وشروه} قَالَ: بيع بَينهمَا بِثمن بخس قَالَ: حرَام لم يحل لَهُم بَيْعه وَلَا أكل ثمنه وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {وشروه بِثمن بخس} قَالَ: هم السيارة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وشروه بِثمن بخس} قَالَ: باعوه بِثمن حرَام كَانَ بَيْعه حَرَامًا وشراؤه حَرَامًا

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وشروه بِثمن بخس} قَالَ: البخس هُوَ الظُّلم وَكَانَ بيع يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وثمنه حَرَامًا عَلَيْهِم وَبيع بِعشْرين درهما وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قضى فِي اللَّقِيط أَنه حر {وشروه بِثمن بخس} وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ أَنه كره الشِّرَاء وَالْبيع للبدوي وتلا هَذِه الْآيَة {وشروه بِثمن بخس} وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بِثمن بخس} قَالَ البخس الْقَلِيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: البخس الْقَلِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا اشْترِي يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام بِعشْرين درهما وَكَانَ أَهله حِين أرسل إِلَيْهِم بِمصْر ثلثمِائة وَتِسْعين إنْسَانا رِجَالهمْ أَنْبيَاء وَنِسَاؤُهُمْ صديقات وَالله مَا خَرجُوا مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى بلغُوا سِتّمائَة ألف وَسبعين ألفا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {دَرَاهِم مَعْدُودَة} قَالَ: عشرُون درهما وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {دَرَاهِم مَعْدُودَة} قَالَ: اثْنَان وَعِشْرُونَ درهما لإخوة يُوسُف أحد عشر رجلا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن نوف الشَّامي الْبكالِي مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {دَرَاهِم مَعْدُودَة} قَالَ: عشرُون درهما كَانُوا عشرَة اقتسموا دِرْهَمَيْنِ دِرْهَمَيْنِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن نعيم بن أبي هِنْد {دَرَاهِم مَعْدُودَة} قَالَ: ثَلَاثُونَ درهما وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {بِثمن بخس} قَالَ: البخس الْقَلِيل {دَرَاهِم مَعْدُودَة} قَالَ: أَرْبَعُونَ درهما

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَكَانُوا فِيهِ من الزاهدين} قَالَ: إخْوَته زهدوا فِيهِ لم يعلمُوا بنبوّته وَلَا بِمَنْزِلَتِهِ من الله ومكانه الْآيَة 21

21

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الَّذِي اشْتَرَاهُ ظيفر بن روحب وَكَانَ اسْم امْرَأَته راعيل بنت رعائيل وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما بَاعَ يُوسُف صَاحبه الَّذِي بَاعه من الْعَزِيز - واسْمه مَالك بن ذعر - قَالَ حِين بَاعه: من أَنْت - وَكَانَ مَالك من مَدين - فَذكر لَهُ يُوسُف من هُوَ وَابْن من هُوَ فَعرفهُ فَقَالَ: لَو كنت أَخْبَرتنِي لم أبعك ادْع لي فَدَعَا لَهُ يُوسُف فَقَالَ: بَارك الله لَك فِي أهلك قَالَ: فَحملت امْرَأَته اثْنَي عشر بَطنا فِي كل بطن غلامان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أكرمي مثواه} قَالَ: مَنْزِلَته وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة مثله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَفرس النَّاس ثَلَاثَة: الْعَزِيز حِين تفرس فِي يُوسُف فَقَالَ لامْرَأَته: أكرمي مثواه عَسى أَن ينفعنا أَو نتخذه ولدا وَالْمَرْأَة الَّتِي أَتَت مُوسَى فَقَالَت لأَبِيهَا: يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ وَأَبُو بكر حِين اسْتخْلف عمر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن الْعَزِيز كَانَ يَلِي عملا من أَعمال الْملك وَقَالَ الْكَلْبِيّ: كَانَ خبازه وَصَاحب شرابه وَصَاحب دوائه وَصَاحب السجْن

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولنعلمه من تَأْوِيل الْأَحَادِيث} قَالَ: عبارَة الرُّؤْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَالله غَالب على أمره} قَالَ: فعال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَالله غَالب على أمره} قَالَ: لُغَة عَرَبِيَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَالله غَالب على أمره} قَالَ: لما يُرِيد أَن يبلغ يُوسُف الْآيَة 22

22

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلما بلغ أشده} قَالَ: ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بلغ أشده} قَالَ: خمْسا وَعشْرين سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بلغ أشده} قَالَ: ثَلَاثِينَ سنة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَلما بلغ أشده} قَالَ: عشْرين سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بلغ أشده} قَالَ: عشر سِنِين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ربيعَة فِي قَوْله {بلغ أشده} قَالَ: الْحلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لأشد الْحلم إِذا كتبت لَهُ الْحَسَنَات وكتبت عَلَيْهِ السَّيِّئَات وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {آتيناه حكما وعلماً} قَالَ: هُوَ الْفِقْه وَالْعلم وَالْعقل قبل النُّبُوَّة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَكَذَلِكَ نجزي الْمُحْسِنِينَ} يَقُول: المهتدين

الْآيَة 23

23

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وراودته الَّتِي هُوَ فِي بَيتهَا} قَالَ: هِيَ امْرَأَة الْعَزِيز وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وراودته الَّتِي هُوَ فِي بَيتهَا عَن نَفسه} قَالَ: حِين بلغ مبلغ الرِّجَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي وَائِل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَهَا عبد الله {هيت لَك} بِفَتْح الْهَاء وَالتَّاء فَقُلْنَا لَهُ: إِن نَاسا يقرؤونها {هيت لَك} فَقَالَ: دَعونِي فَإِنِّي أَقرَأ كَمَا اقرئت أحب إليَّ وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {هيت لَك} بِنصب الْهَاء وَالتَّاء وَلَا يهمز وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {هيت لَك} يَعْنِي هَلُمَّ لَك وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ كَمَا يقْرَأ عبد الله {هيت لَك} وَقَالَ: هَلُمَّ لَك تَدعُوهُ إِلَى نَفسهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {هيت لَك} قَالَ: هَلُمَّ لَك وَهِي بالحورانية وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {هيت لَك} قَالَ: هَلُمَّ لَك وَهِي بالقبطية هُنَا وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هيت لَك} قَالَ: تعال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هيت لَك} قَالَ: أَلْقَت نَفسهَا واستلقت لَهُ ودعته إِلَى نَفسهَا وَهِي لُغَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هيت لَك} قَالَ: أَلْقَت بِنَفسِهَا واستلقت لَهُ لُغَة عَرَبِيَّة تَدعُوهُ بهَا إِلَى نَفسهَا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن يحيى بن وثاب أَنه قَرَأَهَا {هيت لَك} يَعْنِي بِكَسْر الْهَاء وَضم التَّاء يَعْنِي تهيأت لَك وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ / هئت لَك / مَكْسُورَة الْهَاء مَضْمُومَة التَّاء مَهْمُوزَة قَالَ: تهيأت لَك وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {هيت لَك} قَالَ: تهيأت لَك قُم فَاقْض حَاجَتك قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أحيحة الْأنْصَارِيّ وَهُوَ يَقُول: بِهِ أحمى الْمُصَاب إِذا دعال إِذا مَا قيل للأبطال هيتا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي وَائِل رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ / هئت لَك / رفع أَي تهيأت لَك وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة عَن زر بن حُبَيْش رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {هيت لَك} نصبا أَي هَلُمَّ لَك وَقَالَ أَبُو عبيد كَذَلِك كَانَ الْكسَائي يحكيها قَالَ: هِيَ لُغَة لأهل نجد وَقعت إِلَى الْحجاز مَعْنَاهَا: تعال وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عَامر الْيحصبِي رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {هيت لَك} بِكَسْر الْهَاء وَفتح التَّاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّه رَبِّي} قَالَ: سَيِّدي يَعْنِي زوج الْمَرْأَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي بكر بن عَيَّاش رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّه رَبِّي} قَالَ: يَعْنِي زَوجهَا الْآيَة 24

24

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما هَمت

بِهِ تزينت ثمَّ استلقت على فراشها وهم بهَا وَجلسَ بَين رِجْلَيْهَا يحل تبانه نُودي من السَّمَاء: يَا بن يَعْقُوب لَا تكن كطائر ينتف ريشه فَبَقيَ لَا ريش لَهُ فَلم يتعظ على النداء شَيْئا حَتَّى رأى برهَان ربه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي صُورَة يَعْقُوب عاضاً على اصبعيه فَفَزعَ فَخرجت شَهْوَته من أنامله فَوَثَبَ إِلَى الْبَاب فَوَجَدَهُ مغلقاً فَرفع يُوسُف رجله فَضرب بهَا الْبَاب الْأَدْنَى فانفرج لَهُ واتبعته فَأَدْرَكته فَوضعت يَديهَا فِي قَمِيصه فشقته حَتَّى بلغت عضلة سَاقه فألفيا سَيِّدهَا لَدَى الْبَاب وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن هم يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام مَا بلغ قَالَ: حل الْهِمْيَان - يَعْنِي السَّرَاوِيل - وَجلسَ مِنْهَا مجْلِس الخاتن فصيح بِهِ يَا يُوسُف لَا تكن كالطير لَهُ ريش فَإِذا زنى قعد لَيْسَ لَهُ ريش وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا} قَالَ: طمعت فِيهِ وطمع فِيهَا وَكَانَ من الطمع أَن هم بِحل التكة فَقَامَتْ إِلَى صنم مكلل بالدر والياقوت فِي نَاحيَة الْبَيْت فَسترته بِثَوْب أَبيض بَينهَا وَبَينه فَقَالَ: أَي شَيْء تصنعين فَقَالَت: استحي من الهي أَن يراني على هَذِه الصُّورَة فَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: تستحين من صنم لَا يَأْكُل وَلَا يشرب وَلَا استحي أَنا من إلهي الَّذِي هُوَ قَائِم على كل نفس بِمَا كسبت ثمَّ قَالَ: لَا تنالينها مني أبدا وَهُوَ الْبُرْهَان الَّذِي رأى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهم بهَا} قَالَ: حل سراويله حَتَّى بلغ ثنته وَجلسَ مِنْهَا مجْلِس الرجل من امْرَأَته فَمثل لَهُ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فَضرب بِيَدِهِ على صَدره فَخرجت شَهْوَته من أنامله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} قَالَ: رأى صُورَة أَبِيه يَعْقُوب فِي وسط الْبَيْت عاضاً على ابهامه فَأَدْبَرَ هَارِبا وَقَالَ: وحقك يَا أَبَت لَا أَعُود ابداً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله {لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} قَالَ: حل السَّرَاوِيل وَجلسَ مِنْهَا مجْلِس الخاتن فَرَأى صُورَة فِيهَا وَجه يَعْقُوب عاضاً على أَصَابِعه فَدفع صَدره فَخرجت الشَّهْوَة من

أنامله فَكل ولد يَعْقُوب قد ولد لَهُ اثْنَا عشر ولدا إِلَّا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُ نقص بِتِلْكَ الشَّهْوَة ولدا وَلم يُولد لَهُ غير أحد عشر ولدا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} قَالَ: تمثل لَهُ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فَضرب فِي صدر يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فطارت شَهْوَته من أَطْرَاف أنامله فولد لكل ولد يَعْقُوب اثْنَا عشر ذكرا غير يُوسُف لم يُولد لَهُ إِلَّا غلامان وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} قَالَ: رأى يَعْقُوب عاضاً على أَصَابِعه يَقُول: يُوسُف يُوسُف وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: رأى آيَة من آيَات ربه حجزه الله بهَا عَن مَعْصِيَته ذكر لنا أَنه مثل لَهُ يَعْقُوب عاضاً على أصبعيه وَهُوَ يَقُول لَهُ: يَا يُوسُف أتهم بِعَمَل السُّفَهَاء وَأَنت مَكْتُوب فِي الْأَنْبِيَاء فَذَلِك الْبُرْهَان فَانْتزع الله كل شَهْوَة كَانَت فِي مفاصله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} قَالَ: مثل لَهُ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام عاضاً على أصبعيه يَقُول: يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن اسْمك فِي الْأَنْبِيَاء وتعمل عمل السُّفَهَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى صُورَة يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْجِدَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: زَعَمُوا أَن سقف الْبَيْت انفرج فَرَأى يَعْقُوب عاضاً على أصبعيه وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} قَالَ: لما هم قيل لَهُ: يُوسُف ارْفَعْ رَأسك فَرفع رَأسه فَإِذا هُوَ بِصُورَة فِي سقف الْبَيْت تَقول: يَا يُوسُف أَنْت مَكْتُوب فِي الْأَنْبِيَاء فعصمه الله عز وَجل وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى صُورَة يَعْقُوب فِي سقف الْبَيْت تَقول: يُوسُف يُوسُف

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الزُّهْرِيّ أَن حميد بن عبد الرَّحْمَن أخبرهُ أَن الْبُرْهَان الَّذِي رأى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ يَعْقُوب وَأخرج ابْن جرير عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة قَالَ: نُودي: يَا ابْن يَعْقُوب لَا تكونن كالطير لَهُ ريش فَإِذا زنى قعد لَيْسَ لَهُ ريش فَلم يعرض للنداء وَقعد فَرفع رَأسه فَرَأى وَجه يَعْقُوب عاضاً على أُصْبُعه فَقَامَ مَرْعُوبًا استحياء من أَبِيه وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن بديمة قَالَ: كَانَ يُولد لكل رجل مِنْهُم اثْنَا عشر اثْنَا عشر إِلَّا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ولد لَهُ أحد عشر من أجل مَا خرج من شَهْوَته وَأخرج ابْن جرير عَن شمر بن عَطِيَّة قَالَ: نظر يُوسُف إِلَى صُورَة يَعْقُوب عاضاً على أُصْبُعه يَقُول: يَا يُوسُف فَذَاك حَيْثُ كف وَقَامَ وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَزْعمُونَ أَنه مثل لَهُ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فاستحيا مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول: فِي قَوْله {لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} قَالَ: رأى آيَة من كتاب الله فنهته مثلت لَهُ فِي جِدَار الْحَائِط وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْبُرْهَان الَّذِي رأى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ثَلَاث آيَات من كتاب الله (وَإِن عَلَيْكُم لحافظون كراماً كاتبين يعلمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) (الإنفطار الْآيَات 10 - 11 - 12) وَقَول الله (وَمَا تكون فِي شَأْن وَمَا تتلو مِنْهُ من قُرْآن وَلَا تعلمُونَ من عمل إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُم شُهُودًا إِذْ تفيضون فِيهِ ) (يُونُس الْآيَة 61 - 62) وَقَول الله (أَفَمَن هُوَ قَائِم على كل نفس بِمَا كسبت ) (الرَّعْد الْآيَة 33) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: رأى فِي الْبَيْت فِي نَاحيَة الْحَائِط مَكْتُوبًا (وَلَا تقربُوا الزِّنَا إِنَّه كَانَ فَاحِشَة وساء سَبِيلا) (الْإِسْرَاء الْآيَة 32)

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما خلا يُوسُف وَامْرَأَة الْعَزِيز خرجت كف بِلَا جَسَد بَينهمَا مَكْتُوب عَلَيْهِ بالعبرانية (أَفَمَن هُوَ قَائِم على كل نفس مَا كسبت ) (الرَّعْد الْآيَة 33) ثمَّ انصرفت الْكَفّ وقاما مقامهما ثمَّ رجعت الْكَفّ بَينهمَا مَكْتُوب عَلَيْهَا بالعبرانية (ان عَلَيْكُم لحافظين كراماً كاتبين يعلمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) (الإنفطار الْآيَات 10 - 11 - 12) ثمَّ انصرفت الْكَفّ وقاما مقامهما فَعَادَت الْكَفّ الثَّالِثَة مَكْتُوب عَلَيْهَا (وَلَا تقربُوا الزِّنَا إِنَّه كَانَ فَاحِشَة وساء سَبِيلا) (الْإِسْرَاء الْآيَة 32) وانصرفت الْكَفّ وقاما مقامهما فَعَادَت الْكَفّ الرَّابِعَة مَكْتُوب عَلَيْهَا بالعبرانية (وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله ثمَّ توفى كل نفس مَا كسبت وهم لَا يظْلمُونَ) (الْبَقَرَة الْآيَة 281) فولى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام هَارِبا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} قَالَ: آيَات ربه رأى تِمْثَال الْملك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما دخل يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام مَعهَا الْبَيْت وَفِي الْبَيْت صنم من ذهب قَالَت: كَمَا أَنْت حَتَّى أغطي الصَّنَم فَإِنِّي أستحي مِنْهُ فَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: هَذِه تَسْتَحي من الصَّنَم أَنا أَحَق أَن أستحي من الله فَكف عَنْهَا وَتركهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كَذَلِك لنصرف عَنهُ السوء والفحشاء} قَالَ: الزِّنَا وَالثنَاء الْقَبِيح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {إِنَّه من عبادنَا المخلصين} قَالَ: الَّذين لَا يعْبدُونَ مَعَ الله شَيْئا الْآيَة 25

25

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واستبقا الْبَاب} قَالَ: استبق هُوَ وَالْمَرْأَة الْبَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله [ووجدا سَيِّدهَا] وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: السَّيِّد الزَّوْج وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وألفيا سَيِّدهَا} قَالَ: زَوجهَا {لَدَى الْبَاب} قَالَ: عِنْد الْبَاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن نوف الشَّامي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا كَانَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام يُرِيد أَن يذكرهُ حَتَّى {قَالَت مَا جَزَاء من أَرَادَ بأهلك سوءا} فَغَضب يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ {هِيَ راودتني عَن نَفسِي} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِلَّا أَن يسجن أَو عَذَاب أَلِيم} قَالَ: الْقَيْد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: عثر يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ثَلَاث عثرات: حِين هم بهَا فسجن وَحين قَالَ: اذْكُرْنِي عِنْد رَبك فَلبث فِي السجْن بضع سِنِين فأنساه الشَّيْطَان ذكر ربه وَحين قَالَ: إِنَّكُم لسارقون قَالُوا إِن يسرق فقد سرق أَخ لَهُ من قبل الْآيَات 26 - 28

26

أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَشهد شَاهد} قَالَ: حكم حَاكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من أَهلهَا} قَالَ: صبي فِي المهد

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَشهد شَاهد من أَهلهَا} قَالَ: صبي أنطقه الله كَانَ فِي الدَّار وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تكلم أَرْبَعَة وهم صغَار: ابْن ماشطة فِرْعَوْن وَشَاهد يُوسُف وَصَاحب جريج وَعِيسَى بن مَرْيَم وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ عِيسَى وَصَاحب يُوسُف وَصَاحب جريج تكلمُوا فِي المهد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جريج وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من أَهلهَا} قَالَ: كَانَ صَبيا فِي المهد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من أَهلهَا} قَالَ: كَانَ رجلا ذَا لحية وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من أَهلهَا} قَالَ: كَانَ من خَاصَّة الْملك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من أَهلهَا} قَالَ: رجل لَهُ عقل وَفهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من أَهلهَا} قَالَ: ابْن عَم لَهَا كَانَ حكيماً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من أَهلهَا} قَالَ: ذكر لنا أَنه رجل حَكِيم من أَهلهَا قَالَ: الْقَمِيص يقْضِي بَينهمَا إِن كَانَ قَمِيصه قدّ إِلَى آخِره وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من أَهلهَا} قَالَ: لَيْسَ بإنسي وَلَا جَان هُوَ خلق من خلق الله وَفِي لفظ قَالَ: قَمِيصه مشقوق من دبر فَتلك الشَّهَادَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ رَضِي الله

عَنهُ قَالَ: كَانَ فِي قَمِيص يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ثَلَاث آيَات: حِين قدّ قَمِيصه من دبر وَحين ألقِي على وَجه أَبِيه فارتدّ بَصيرًا وَحين جاؤوا على قَمِيصه بِدَم كذب عرف أَن الذِّئْب لَو أكله خرق قَمِيصه الْآيَة 29

29

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يُوسُف أعرض عَن هَذَا} قَالَ: عَن هَذَا الْأَمر والْحَدِيث {واستغفري لذنبك} أيتها الْمَرْأَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يُوسُف أعرض عَن هَذَا} قَالَ: لَا تذكره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واستغفري لذنبك إِنَّك كنت من الخاطئين} قَالَ: حلماً الْآيَة 30

30

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قد شغفها حبا} قَالَ غلبها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قد شغفها} قَالَ: قَتلهَا حب يُوسُف الشغف الْحبّ الْقَاتِل والشغف حب دون ذَلِك والشغاف حجاب الْقلب وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {قد شغفها حبا} قَالَ: الشغاف فِي الْقلب فِي النياط قد امْتَلَأَ قَلبهَا من حب

يُوسُف قَالَ وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان وَهُوَ يَقُول: وَفِي الصَّدْر حب دون ذَلِك دَاخل وحول الشغاف غيبته الأضالع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قد شغفها حبا} قَالَ: قد علقها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَقْرَأها {قد شغفها حبا} قَالَ: بَطنهَا حبا قَالَ: وَأهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ بَطنهَا حبا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قد شغفها حبا} قَالَ: الشغوف الْمُحب والمشغوف المحبوب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرؤهَا {قد شغفها حبا} وَيَقُول: الشغف شغف الْحبّ والشغف شغف الدَّابَّة حِين تذْعَر وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ / قد شعفها حبا / بِالْعينِ الْمُهْملَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قد شغفها حبا} قَالَ: هُوَ الْحبّ اللازق بِالْقَلْبِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الشغاف جلدَة رقيقَة تكون على الْقلب بَيْضَاء حبه خرق ذَلِك الْجلد حَتَّى وصل إِلَى الْقلب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد قَالَ: إِن الشعف والشغف يَخْتَلِفَانِ فالشعف فِي البغض والشغف فِي الْحبّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد الْعَبادَانِي قَالَ: قَالَ رجل ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي أحبك فَقَالَ لَهُ يُوسُف: لَا أُرِيد أَن يحبني أحد غير الله من حب أبي ألقيت فِي الْجب وَمن حب امْرَأَة الْعَزِيز ألقيت فِي السجْن وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {قد شغفها حبا} قَالَ: دخل حبه فِي شغافها

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قد شغفها حبا} قَالَ: دخل حبه تَحت الشغاف وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {قد شغفها حبا} يَقُول: هَلَكت عَلَيْهِ حبا وَأخرج ابْن جرير عَن الْأَعْرَج رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ / قد شعفها حبا / بِالْعينِ الْمُهْملَة وَقَالَ {شغفها حبا} يَعْنِي بالغين مُعْجمَة إِذا كَانَ هُوَ يُحِبهَا الْآيَة 31

31

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَلَمَّا سَمِعت بمكرهنَّ} قَالَ: بحديثهن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَمِعت بمكرهن} قَالَ: يعملهن وَقَالَ: كل مكر فِي الْقُرْآن فَهُوَ عمل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأعتدت لَهُنَّ متكأ} قَالَ: هيأت لَهُنَّ مَجْلِسا وَكَانَ سنتهمْ إِذا وضعُوا الْمَائِدَة أعْطوا كل إِنْسَان سكيناً يَأْكُل بهَا فَلَمَّا رأينه قَالَ: فَلَمَّا خرج عَلَيْهِنَّ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {أكبرنه} قَالَ: أعظمنه ونظرن إِلَيْهِ وأقبلن يحززن أَيْدِيهنَّ بالسكاكين وَهن يَحسبن أَنَّهُنَّ يقطعن الطَّعَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وأعتدت لَهُنَّ متكأ} قَالَ: أعطتهن أترنجاً وأعطت كل وَاحِدَة مِنْهُنَّ سكيناً فَلَمَّا رأين يُوسُف أكبرنه وجعلن يقطعن أَيْدِيهنَّ وَهن يَحسبن أَنَّهُنَّ يقطع الأترنج وَأخرج مُسَدّد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: المتكأ الأترنج وَكَانَ يقْرؤهَا خَفِيفَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {متكأ} قَالَ: هُوَ الأترنج وَأخرج أبوعبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من وَجه

ثَالِث عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من قَرَأَ {متكأ} شدها فَهُوَ الطَّعَام وَمن قَرَأَ مَتَكاً خففها فَهُوَ الأترنج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سَلمَة بن تَمام أبي عبد الله الْقَسرِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {متكاً} بِكَلَام الْحَبَش يسمون الأترنج مَتَكاً وَأخرج ابو الشَّيْخ عَن أبان بن تغلب رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرؤهَا {واعتدت لَهُنَّ متكا} مُخَفّفَة قَالَ: الأترنج وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأعتدت لَهُنَّ متكأ} قَالَ: طَعَام وشراب وتكاء وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {متكأ} قَالَ: كل شَيْء يقطع بالسكين وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أعطتهن ترنجاً وَعَسَلًا فَكُن يحززن الترنج بالسكين ويأكلن بالعسل فَلَمَّا قيل لَهُ اخْرُج عَلَيْهِنَّ خرج فَلَمَّا رأينه أعظمنه وتهيمن بِهِ حَتَّى جعلن يحززن أَيْدِيهنَّ بالسكين وفيهَا الترنج وَلَا يعقلن لَا يَحسبن إِلَّا أَنَّهُنَّ يحززن الأترنج قد ذهبت عقولهن مِمَّا رأين وقلن {حاش لله مَا هَذَا بشرا} مَا هَكَذَا يكون الْبشر مَا هَذَا إِلَّا ملك كريم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق دُرَيْد بن مجاشع عَن بعض أشياخه قَالَ: قَالَت للقيم: أدخلهُ عَلَيْهِنَّ وَألبسهُ ثيابًا بيضًا فَإِن الْجَمِيل أحسن مَا يكون فِي الْبيَاض فَأدْخلهُ عَلَيْهِنَّ وَهن يحززن مَا فِي أَيْدِيهنَّ فَلَمَّا رأينه حززن أَيْدِيهنَّ وَهن لَا يشعرن من النّظر إِلَيْهِ فنظرن إِلَيْهِ مُقبلا ثمَّ أَوْمَأت إِلَيْهِ أَن ارْجع فنظرن إِلَيْهِ مُدبرا وَهن يحززن أَيْدِيهنَّ بالسكاكين لَا يشعرن بالوجع من نظرهن إِلَيْهِ فَلَمَّا خرج نظرن إِلَى أَيْدِيهنَّ وَجَاء الوجع فَجعلْنَ يولولن وَقَالَت لَهُنَّ: أنتن من سَاعَة وَاحِدَة هَكَذَا صنعتن فَكيف أصنع أَنا {وقلن حاش لله مَا هَذَا بشرا إِن هَذَا إِلَّا ملك كريم} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عبد الْعَزِيز بن الْوَزير بن الْكُمَيْت بن زيد بن الْكُمَيْت الشاعرقال: حَدثنِي أبي عَن جدي قَالَ: سَمِعت جدي الْكُمَيْت يَقُول فِي قَوْله {فَلَمَّا رأينه أكبرنه} قَالَ: أمنين وَأنْشد فِي ذَلِك:

لما رَأَتْهُ الْخَيل من رَأس شَاهِق صهلن وأكبرن المنيّ المدفقا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الصَّمد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس عَن أَبِيه عَن جده ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَلَمَّا رأينه أكبرنه} قَالَ: لما خرج عَلَيْهِنَّ يُوسُف حضن من الْفَرح وَقَالَ الشَّاعِر: نأتي النِّسَاء لَدَى اطهارهن وَلَا نأتي النِّسَاء إِذا أكبرن أكباراً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَمَّا رأينه أكبرنه} قَالَ: أعظمنه {وقطعن أَيْدِيهنَّ} قَالَ: حزًّا بالسكين حَتَّى ألقينها {وقلن حاش لله} قَالَ: معَاذ الله وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن أسيد بن يزِيد أَن فِي مصحف عُثْمَان {وقلن حاش لله} لَيْسَ فِيهَا ألف وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْحُوَيْرِث الْحَنَفِيّ أَنه قَرَأَهَا {مَا هَذَا بشرا} أَي مَا هَذَا بمشترى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن هَذَا إِلَّا ملك كريم} قَالَ: قُلْنَ ملك من الْمَلَائِكَة من حسنه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن أساس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قررن وَطَابَتْ أَنْفسهنَّ قَالَت لقيمها: آتهن ترنجاً وسكيناً فأتاهن بِهن فَجعلْنَ يقطعن ويأكلن فَقَالَت: هَل لَكِن فِي النّظر إِلَى يُوسُف قُلْنَ: مَا شِئْت فَأمرت قيمها فَأدْخلهُ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رأينه جعلن يقطعن أصابعهن مَعَ الأترنج وَهن لَا يشعرن فَلَا يجدن ألماً مِمَّا رأين من حسنه فَلَمَّا ولى عَنْهُن قَالَت: هَذَا الَّذِي لمتنني فِيهِ فَلَقَد رأيتكن تقطعن أَيْدِيكُنَّ وَمَا تشعرن قَالَ: فنظرن إِلَى أَيْدِيهنَّ فَجعلْنَ يصحن ويبكين قَالَت: فَكيف أصنع فَقُلْنَ: {حاش لله مَا هَذَا بشرا إِن هَذَا إِلَّا ملك كريم} وَمَا نرى عَلَيْك من لوم بعد الَّذِي رَأينَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُنَبّه عَن أَبِيه قَالَ: مَاتَ من النسْوَة اللَّاتِي قطعن أَيْدِيهنَّ تسع عشرَة امْرَأَة كمداً وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أعطي يُوسُف وَأمه شطر الْحسن

وَأخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ أعطي يُوسُف وَأمه ثلث الْحسن وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ وَجه يوف مثل الْبَرْق وَكَانَت الْمَرْأَة إِذا أَتَت لحَاجَة ستر وَجهه مَخَافَة أَن تفتن بِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُوتِيَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَأمه ثلث حسن خلق الْإِنْسَان: فِي الْوَجْه وَالْبَيَاض وَغير ذَلِك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِسْحَق بن عبد الله قَالَ: كَانَ يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِذا سَار فِي أَزِقَّة مصر تلألأ وَجهه على الجدران كَمَا يتلألأ المَاء وَالشَّمْس على الجدران وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أعطي يُوسُف وَأمه ثلث حسن أهل الدُّنْيَا وَأعْطِي النَّاس الثُّلثَيْنِ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قسم الله الْحسن عشرَة أَجزَاء فَجعل مِنْهَا ثَلَاثَة أَجزَاء فِي حَوَّاء وَثَلَاثَة أَجزَاء فِي سارة وَثَلَاثَة أَجزَاء فِي يُوسُف وجزأ فِي سَائِر الْخلق وَكَانَت سارة من أحسن نسَاء الأَرْض وَكَانَت من أَشد النِّسَاء غَيره وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ربيعَة الجرشِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قسم الله الْحسن نِصْفَيْنِ فَجعل ليوسف وَسَارة النّصْف وَقسم النّصْف الآخر بَين سَائِر النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قسم الْحسن ثَلَاثَة أَقسَام فَأعْطِي يُوسُف الثُّلُث وَقسم الثُّلُثَانِ بَين النَّاس وَكَانَ أحسن النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فضل حسن يُوسُف على النَّاس كفضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على نُجُوم السَّمَاء وَأخرج الْحَاكِم عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قسم الله ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام من الْجمال الثُّلثَيْنِ وَقسم بَين عباده الثُّلُث وَكَانَ يشبه آدم عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم خلقه الله

تَعَالَى فَلَمَّا عصى آدم عَلَيْهِ السَّلَام نزع مِنْهُ النُّور والبهاء وَالْحسن ووهب لَهُ ثلث من الْجمال مَعَ التَّوْبَة فَأعْطى الله ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك الثُّلثَيْنِ وَأَعْطَاهُ تَأْوِيل الرُّؤْيَا وَإِذا تَبَسم رَأَيْت النُّور من ضواحكه الْآيَة 32

32

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فاستعصم} قَالَ: امْتنع وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاستعصم} قَالَ: فاستعصى الْآيَة 33

33

أخرج سنيد فِي تَفْسِيره وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عُيَيْنَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا يوفق من الدُّعَاء للمقدر أما ترى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ {رب السجْن أحب إِلَيّ} قَالَ: لما قَالَ اذْكُرْنِي عِنْد رَبك أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فكشف لَهُ عَن الصَّخْرَة فَقَالَ: مَا ترى قَالَ: أرى نملة تقضم قَالَ: يَقُول رَبك انا لم أنس هَذِه أنساك أَنا حبستك أَنْت قلت {رب السجْن أحب إليَّ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِلَّا تصرف عني كيدهن} قَالَ: إِن لَا يكن مِنْك أَنْت القوى والمنعة لَا تكن مني وَلَا عِنْدِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أصب إلَيْهِنَّ} يَقُول: اتبعهن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أصب إلَيْهِنَّ} قَالَ: أطاوعهن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن مرّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من أَتَى ذَنبا عمدا

أَو خطأ فَهُوَ جَاهِل حِين يَأْتِيهِ أَلا ترى إِلَى قَول يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {أصب إلَيْهِنَّ وأكن من الْجَاهِلين} قَالَ: فقد عرف يُوسُف أَن الزِّنَا حرَام وَإِن أَتَاهُ كَانَ جَاهِلا الْآيَة 34

34

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن بكر بن عبيد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخلت امْرَأَة الْعَزِيز على يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا رَأَتْهُ عَرفته وَقَالَت: الْحَمد لله الَّذِي صير العبيد بِطَاعَتِهِ ملوكاً وَجعل الْمُلُوك بمعصيته عبيدا الْآيَة 35

35

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن قَوْله {ثمَّ بدا لَهُم من بعد مَا رَأَوْا الْآيَات} قَالَ: مَا سَأَلَني عَنْهَا أحد قبلك من الْآيَات: قد الْقَمِيص وأثرها فِي جسده وَأثر السكين وَقَالَت امْرَأَة الْعَزِيز: إِن أَنْت لم تسجنه ليصدقنه النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من الْآيَات: شقّ فِي الْقَمِيص وخمش فِي الْوَجْه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثمَّ بدا لَهُم من بعد مَا رَأَوْا الْآيَات} قَالَ: قدَّ الْقَمِيص من دبر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من بعد مَا رَأَوْا الْآيَات} قَالَ: من الْآيَات كَلَام الصَّبِي وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْآيَات جَزَّهن أَيْدِيهنَّ وقدّ الْقَمِيص وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل ذُو رَأْي مِنْهُم للعزيز إِنَّك مَتى تركت هَذَا العَبْد يعْتَذر إِلَى النَّاس ويقص عَلَيْهِم أمره وامرأةٌ فِي بَيتهَا لَا تخرج إِلَى النَّاس عذروه وفضحوا أهلك فَأمر بِهِ فسجن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم

وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: عُوقِبَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ثَلَاث مَرَّات أما أول مرّة فبالحبس لما كَانَ من همه بهَا وَالثَّانيَِة لقَوْله: اذْكُرْنِي عِنْد رَبك فَلبث فِي السجْن بضع سِنِين عُوقِبَ بطول الْحَبْس وَالثَّالِثَة حَيْثُ قَالَ {أيتها العير إِنَّكُم لسارقون} فَاسْتقْبل فِي وَجهه {إِن يسرق فقد سرق أَخ لَهُ من قبل} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ليسجننه حَتَّى حِين} قَالَ: سبع سِنِين وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْوَقْف والابتداء والخطيب فِي تَارِيخه عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن أَبِيه قَالَ: سمع عمر رَضِي الله عَنهُ رجلا يقْرَأ هَذَا الْحَرْف {ليسجننه حَتَّى حِين} فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ: من أَقْرَأَك هَذَا الْحَرْف قَالَ: ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ {ليسجننه حَتَّى حِين} ثمَّ كتب إِلَى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: سَلام عَلَيْك أما بعد فَإِن الله أنزل الْقُرْآن فَجعله قُرْآنًا عَرَبيا مُبينًا وأنزله بلغَة هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش فَإِذا أَتَاك كتابي هَذَا فأقرئ النَّاس بلغَة قُرَيْش وَلَا تقرئهم بلغَة هُذَيْل الْآيَة 36

36

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَدخل مَعَه السجْن فتيَان} قَالَ: أَحدهمَا خَازِن الْملك على طَعَامه وَالْآخر سَاقيه على شرابه وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي قَوْله {وَدخل مَعَه السجْن فتيَان} قَالَ: غلامان كَانَا للْملك الْأَكْبَر الريان بن الْوَلِيد كَانَ أَحدهمَا على شرابه وَالْآخر على بعض أمره فِي سخطَة سخطها عَلَيْهِمَا اسْم أَحدهمَا مجلب وَالْآخر نبوا الَّذِي كَانَ على الشَّرَاب فَلَمَّا رأياه قَالَا: يَا فَتى

وَالله لقد أَحْبَبْنَاك حِين رَأَيْنَاك قَالَ ابْن إِسْحَق: فَحَدثني عبد الله بن أبي نجيح عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَن يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ لَهما حِين قَالَا لَهُ ذَلِك: أنشدكما بِاللَّه أَن لَا تحباني فوَاللَّه مَا أَحبَّنِي أحد قطّ إِلَّا دخل عَليّ من حبه بلَاء قد أحبتني عَمَّتي فَدخل عَليّ من حبها بلَاء ثمَّ أَحبَّنِي أبي فَدخل عَليّ بحبه بلَاء ثمَّ أحبتني زَوْجَة صَاحِبي فَدخل عَليّ بمحبتها إيَّايَ بلَاء فَلَا تحباني بَارك الله فيكما فأبيا إِلَّا حبه وألفه حَيْثُ كَانَ وَجعل يعجبهما مَا يريان من فهمه وعقله وَقد كَانَا رَأيا حِين ادخلا السجْن رُؤْيا فَرَأى مجلب أَنه رأى فَوق رَأسه خبْزًا تَأْكُل الطير مِنْهُ وَرَأى نبوا أَن يعصر خمرًا فاستفتياه فِيهَا وَقَالا لَهُ {نبئنا بتأويله إِنَّا نرَاك من الْمُحْسِنِينَ} إِن فعلت فَقَالَ لَهما {لَا يأتيكما طَعَام ترزقانه} يَقُول فِي نومكما {إِلَّا نبأتكما بتأويله قبل أَن يأتيكما} ثمَّ دعاهما إِلَى الله وَإِلَى الْإِسْلَام فَقَالَ {يَا صَاحِبي السجْن أأرباب متفرقون خير أم الله الْوَاحِد القهار} أَي خير أَن تعبدوا إِلَهًا وَاحِدًا أم آلِهَة مُتَفَرِّقَة لَا تغني عَنْكُم شَيْئا ثمَّ قَالَ لمجلب: أما أَنْت فتصلب فتأكل الطير من رَأسك وَقَالَ لنبوا أما أَنْت فَترد على عَمَلك ويرضى عَنْك صَاحبك {قضي الْأَمر الَّذِي فِيهِ تستفتيان} وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: مَا لَقِي أحد فِي الْحبّ مَا لقِيت أَحبَّنِي أبي فألقيت فِي الْجب وأحبتني امْرَأَة الْعَزِيز فألقيت فِي السجْن وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} قَالَ: عنباً وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ [اني أَرَانِي أعصر عنباً] وَقَالَ: وَالله لقد أَخَذتهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} يَقُول: أعصر عنباً وَهُوَ بلغَة أهل عمان يسمون الْعِنَب خمرًا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {نبئنا بتأويله} قَالَ: عِبَارَته

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} قَالَ: هُوَ بلغَة عمان وَفِي قَوْله {إِنَّا نرَاك من الْمُحْسِنِينَ} قَالَ: كَانَ احسانه فِيمَا ذكر لنا أَنه كَانَ يعزي حزينهم ويداوي مريضهم وَرَأَوا مِنْهُ عبَادَة واجتهاداً فَأَحبُّوهُ بِهِ وَقَالَ لما انْتهى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى السجْن وجد فِيهِ قوما قد انْقَطع رجاؤهم وَاشْتَدَّ بلاؤهم وَطَالَ حزنهمْ فَجعل يَقُول: أَبْشِرُوا اصْبِرُوا تؤجروا إِن لهَذَا أجرا إِن لهَذَا ثَوابًا فَقَالُوا: يَا فَتى بَارك الله فِيك مَا أحسن وَجهك وَأحسن خلقك وَأحسن خلقك لقد بورك لنا فِي جوارك إِنَّا كُنَّا فِي غير هَذَا مُنْذُ حبسنا لما تخبرنا من الْأجر وَالْكَفَّارَة وَالطَّهَارَة فَمن أَنْت يَا فَتى قَالَ: أَنا يُوسُف ابْن صفي الله يَعْقُوب ابْن ذبيح الله إِسْحَق بن خَلِيل الله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَكَانَت عَلَيْهِ محبَّة وَقَالَ لَهُ عَامل السجْن: يَا فَتى وَالله لَو اسْتَطَعْت لخليت سَبِيلك وَلَكِن سأحسن جوارك وَأحسن آثارك فَكُن فِي أَي بيُوت السجْن شِئْت وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: دَعَا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لأهل السجْن فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تعم عَلَيْهِم الْأَخْبَار وهون عَلَيْهِم مر الْأَيَّام وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {إِنَّا نرَاك من الْمُحْسِنِينَ} مَا كَانَ إِحْسَان يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: كَانَ إِذا مرض إِنْسَان فِي السجْن قَامَ عَلَيْهِ وَإِذا ضَاقَ عَلَيْهِ الْمَكَان أوسع لَهُ وَإِذا احْتَاجَ جمع لَهُ الْآيَة 37

37

أخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا يأتيكما طَعَام ترزقانه} قَالَ: كره الْعبارَة كلهَا فاجابهما بِغَيْر جوابهما ليريهما ان عِنْده علما وَكَانَ الْملك إِذا أَرَادَ قتل انسان صنع لَهُ طَعَاما مَعْلُوما فَأرْسل

بِهِ إِلَيْهِ فَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {لَا يأتيكما طَعَام ترزقانه} إِلَى قَوْله {تشكرون} فَلم يَدعه صَاحب الرُّؤْيَا حَتَّى يعبر لَهما فكرة الْعبارَة فَقَالَ {يَا صَاحِبي السجْن أأرباب} إِلَى قَوْله {وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ} قَالَ: فَلم يدعاه فَعبر لَهما الْآيَة 38

38

أخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم ابْن الْكَرِيم يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي الْأَحْوَص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فاخر أَسمَاء بن خَارِجَة الْفَزارِيّ رجلا فَقَالَ: أَنا من الْأَشْيَاخ الْكِرَام فَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: ذَاك يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق ذبيح الله ابْن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله وَأخرج الْحَاكِم عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه اسْتَأْذن عَلَيْهِ رجل فَقَالَ: اسْتَأْذنُوا لِابْنِ الأخيار فَقَالَ عمر: ائذوا لَهُ فَلَمَّا دخل قَالَ: من أَنْت قَالَ: فلَان بن فلَان بن فلَان فعد رجَالًا من أَشْرَاف الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ: أَنْت يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم قَالَ: لَا قَالَ: ذَاك من الأخيار وَأَنت فِي الأشرار إِنَّمَا تَعُدّ لي جبال أهل النَّار وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يَجْعَل الْجد أَبَا وَيَقُول: من شَاءَ لاعناه عِنْد الْحجر مَا ذكر الله جدا وَلَا جدة قَالَ الله إِخْبَارًا عَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {وَاتَّبَعت مِلَّة آبَائِي إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ذَلِك من فضل الله علينا} قَالَ: إِن جعلنَا أَنْبيَاء {وعَلى النَّاس} قَالَ: إِن جعلنَا رسلًا إِلَيْهِم

وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ذَلِك من فضل الله علينا وعَلى النَّاس} قَالَ: إِن الْمُؤمن ليشكر مَا بِهِ من نعْمَة الله ويشكر مَا فِي النَّاس من نعْمَة الله ذكر لنا أَن أَبَا الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ كَانَ يَقُول: يَا ربّ شَاكر نعْمَة غير منعم عَلَيْهِ لَا يدْرِي وَيَا ربّ حَامِل فقه غير فَقِيه الْآيَات 39 - 40

39

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ لما عرف نَبِي الله يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام إِن أَحدهمَا مقتول دعاهما إِلَى حظهما من ربهما وَإِلَى نصيبهما من آخرتهما وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {يَا صَاحِبي السجْن} يُوسُف يَقُوله وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الحكم إِلَّا لله أَمر أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} قَالَ: أسس الدّين على الْإِخْلَاص لله وَحده لَا شريك لَهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ذَلِك الدّين الْقيم} قَالَ: الْعدْل الْآيَة 41

41

أخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَاهُ فَقَالَ: رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم أَنِّي غرست حَبَّة من عِنَب فَنَبَتَتْ فَخرج فِيهِ عناقيد فعصرتهن ثمَّ سقيتهن الْملك فَقَالَ: تمكث فِي السجْن ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ تخرج فتسقيه خمرًا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فيسقي ربه خمرًا} قَالَ: سَيّده وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا رأى صاحبا سجن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام شَيْئا إِنَّمَا تحاكما إِلَيْهِ ليجرّبا علمه فَلَمَّا أوّل رؤياهما قَالَا: إِنَّمَا كُنَّا نلعب وَلم نر شَيْئا فَقَالَ {قضي الْأَمر الَّذِي فِيهِ تستفتيان} يَقُول: وَقعت الْعبارَة فَصَارَ الْأَمر على مَا عبر يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أحد اللَّذين قصا على يُوسُف الرُّؤْيَا كَاذِبًا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قضي الْأَمر الَّذِي فِيهِ تستفتيان} قَالَ عِنْد قَوْلهمَا: مَا رَأينَا رُؤْيا إِنَّمَا كُنَّا نلعب قَالَ: قد وَقعت الرُّؤْيَا على مَا أوّلت وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام للخباز: إِنَّك تصلب فتأكل الطير من رَأسك وَقَالَ لساقيه: أما أَنْت فَترد على عَمَلك فَذكر لنا أَنَّهُمَا قَالَا حِين عبر: لم نر شَيْئا قَالَ {قضي الْأَمر الَّذِي فِيهِ تستفتيان} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {أما أَحَدكُمَا فيسقي ربه خمرًا} الْآيَة 42

42

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن سابط رَضِي الله عَنهُ {وَقَالَ للَّذي ظن أَنه نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْد رَبك} قَالَ: عِنْد ملك الأَرْض وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {اذْكُرْنِي عِنْد رَبك} يَعْنِي بذلك الْملك وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما انْتهى بِهِ إِلَى بَاب

السجْن قَالَ لَهُ: اوصني بحاجتك قَالَ: حَاجَتي أَن تذكرني عِنْد رَبك يَنْوِي الرب الَّذِي ملك يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالَ للَّذي ظن أَنه نَاجٍ} قَالَ إِنَّمَا عبارَة الرُّؤْيَا بِالظَّنِّ فَيُحِقُّ الله مَا يَشَاء وَيبْطل مَا يَشَاء وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتب الْعُقُوبَات وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو لم يقل يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام الْكَلِمَة الَّتِي قَالَهَا: مَا لبث فِي السجْن طول مَا لبث حَيْثُ يَبْتَغِي الْفرج من عِنْد غير الله تَعَالَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا أَنه يَعْنِي يُوسُف قَالَ الْكَلِمَة الَّتِي قَالَ مَا لبث فِي السجْن طول مَا لبث وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رحم الله يُوسُف لَو لم يقل: اذْكُرْنِي عِنْد رَبك مَا لبث فِي السجْن طول مَا لبث وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رحم الله يُوسُف لَوْلَا كَلمته مَا لبث فِي السجْن طول مَا لبث قَوْله اذْكُرْنِي عِنْد رَبك ثمَّ بَكَى الْحسن رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ: نَحن إِذا نزل بِنَا أَمر فزعنا إِلَى النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي اله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَوْلَا أَن يُوسُف استشفع على ربه مَا لبث فِي السجْن طول مَا لبث وَلَكِن إِنَّمَا عُوقِبَ باستشفاعه على ربه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أوحى إِلَى يُوسُف: من استنقذك من الْقَتْل حِين همَّ اخوتك أَن يَقْتُلُوك قَالَ: أَنْت يَا رب قَالَ: فَمن استنقذك من الْجب إِذْ ألقوك فِيهِ قَالَ: أَنْت يَا رب قَالَ: فَمن استنقذك من الْمَرْأَة إِذْ هَمَمْت بهَا قَالَ: أَنْت يَا رب قَالَ: فَمَا لَك نسيتني وَذكرت آدَمِيًّا قَالَ: جزعاً وَكلمَة تكلم بهَا لساني قَالَ: فَوَعِزَّتِي لأخلدنك فِي السجْن بضع سِنِين فَلبث فِي السجْن بضع سِنِين

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام للساقي: اذْكُرْنِي عِنْد رَبك قيل لَهُ يَا يُوسُف اتَّخذت من دوني وَكيلا لأطيلن حَبسك: فَبكى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ: يَا رب تشاغل قلبِي من كَثْرَة الْبلوى فَقلت كلمة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالَ للَّذي ظن أَنه نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْد رَبك} قَالَ يُوسُف للَّذي نجا من صَاحِبي السجْن: اذْكُرْنِي للْملك فَلم يذكرهُ حَتَّى رأى الْملك الرُّؤْيَا وَذَلِكَ أَن يُوسُف أنساه الشَّيْطَان ذكر ربه وَأمره بِذكر الْملك وابتغاء الْفرج من عِنْده فَلبث فِي السجْن بضع سِنِين عُقُوبَة لقَوْله {اذْكُرْنِي عِنْد رَبك} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلبث فِي السجْن بضع سِنِين} قَالَ: بلغنَا أَنه لبث فِي السجْن سبع سِنِين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أصَاب أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام الْبلَاء سبع سِنِين وَترك يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فِي السجْن سبع سِنِين وعذب بخت نصر خون فِي السبَاع سبع سِنِين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَلبث فِي السجْن بضع سِنِين} اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي بكر بن عَيَّاش عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام كلمة وَاحِدَة حبس بهَا سبع سِنِين قَالَ أَبُو بكر: وَحبس قبل ذَلِك خمس سِنِين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس وَالضَّحَّاك فِي قَوْله {فَلبث فِي السجْن بضع سِنِين} قَالَا: أَربع عشرَة سنة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْبضْع مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْبضْع مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْبضْع دون الْعشْرَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: عثر يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ثَلَاث عثرات: قَوْله اذْكُرْنِي عِنْد رَبك وَقَوله لإخوته إِنَّكُم لسارقون وَقَوله ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَلَا حِين هَمَمْت فَقَالَ: وَمَا أبرئ نَفسِي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذهب يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ ابْن سبع عشرَة ولبث فِي الْجب سبعا وَفِي السجْن سبعا وَجمع الطَّعَام فِي سبعا فيرون أَنه التقى هُوَ وَأَبوهُ عِنْد ذَلِك وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الْمليح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دُعَاء يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فِي السجْن اللَّهُمَّ إِن كَانَ خلق وَجْهي عنْدك فَإِنِّي أَتَقَرَّب إِلَيْك بِوَجْه يَعْقُوب أَن تجْعَل لي فرجا ومخرجاً ويسراً وترزقني من حَيْثُ لَا أحتسب وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن عبد الله مُؤذن الطَّائِف قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا يُوسُف اشْتَدَّ عَلَيْك الْحَبْس قَالَ نعم قَالَ: قل اللَّهُمَّ اجْعَل لي من كل مَا أهمني وكربني من أَمر دنياي وَأمر آخرتي فرجا ومخرجاً وارزقني من حَيْثُ لَا أحتسب واغفر لي ذَنبي وَثَبت رجائي واقطعه من سواك حَتَّى لَا أَرْجُو أحدا غَيْرك الْآيَات 43 - 46

43

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام للساقي {اذْكُرْنِي عِنْد رَبك} أَي الْملك الْأَعْظَم ومظلمتي وحبسي فِي غير شَيْء قَالَ: أفعل فَلَمَّا خرج الساقي رد على مَا كَانَ عَلَيْهِ وَرَضي عَنهُ صَاحبه وانساه الشَّيْطَان ذكر الْملك الَّذِي أمره يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام أَن يذكرهُ لَهُ فَلبث يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام بعد ذَلِك فِي السجْن بضع سِنِين ثمَّ إِن الْملك رَيَّان بن الْوَلِيد رأى رُؤْيَاهُ الَّتِي أرِي فِيهَا فهالته وَعرف أَنَّهَا رُؤْيا وَاقعَة وَلم يدر مَا تَأْوِيلهَا فَقَالَ للملأ حوله من أهل مَمْلَكَته {إِنِّي أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وَسبع سنبلات خضر وَأخر يابسات} فَلَمَّا سمع نبوا من الْملك مَا سمع مِنْهُ ومسألته عَن تَأْوِيلهَا ذكر يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَمَا كَانَ عبر لَهُ ولصاحبه وَمَا جَاءَ من ذَلِك على مَا قَالَ من قَوْله فَقَالَ {أَنا أنبئكم بتأويله} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أضغاث أَحْلَام} قَالَ: من الأحلام الكاذبة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أضغاث أَحْلَام} قَالَ: أخلاط أَحْلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وادّكر بعد أمة} قَالَ: بعد حِين وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد وَالْحسن وَعِكْرِمَة وَعبد الله بن كثير وَالسُّديّ - رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم - مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وادّكر بعد أمة} يَقُول: بعد سِنِين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وادّكر بعد أمة} يَقُول: بعد سِنِين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَرَأَ {وادكر بعد أمة} قَالَ: بعد أمة من النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَرَأَ {وادكر بعد أمة} - بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف يَقُول بعد نِسْيَان

وَأخرج ابْن جرير وَعِكْرِمَة وَالْحسن وَقَتَادَة وَمُجاهد وَالضَّحَّاك - رَضِي الله عَنْهُم - أَنهم قرأوا {بعد أمة} أَي بعد نِسْيَان وَأخرج ابْن جرير عَن حميد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَرَأَ مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وادّكر بعد أمة} مجزومة مُخَفّفَة وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هرون - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب / أَنا آتيكم بتأويله / وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يقْرَأ / أَنا آتيكم بتأويله / فَقيل لَهُ: أَنا انبئكم قَالَ: أهوَ كَانَ ينبئهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أَفْتِنَا فِي سبع بقرات} الْآيَة قَالَ: أما السمان فسنون فِيهَا خصب وَأما السَّبع الْعِجَاف فسنون مُجْدِبَة وَسبع سنبلات خضر هِيَ السنون المخاصيب تخرج الأَرْض نباتها وزرعها وثمارها وَأخر يابسات المحول الجدوب لَا تنْبت شَيْئا الْآيَات 47 - 49

47

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد عجبت من يُوسُف وَصَبره وَكَرمه - وَالله يغْفر لَهُ - حِين سُئِلَ عَن الْبَقَرَات الْعِجَاف وَالسمان وَلَو كنت مَكَانَهُ - وَالله يغْفر لَهُ - حِين أَتَاهُ الرَّسُول لبادرتهم الْبَاب وَلكنه أَرَادَ أَن يكون لَهُ الْعذر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لم يرض يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام أَن أفتاهم بالتأويل حَتَّى أَمرهم بالرفق فَقَالَ: {تزرعون سبع سِنِين دأبا فَمَا حصدتم فذروه فِي سنبله} لِأَن الْحبّ إِذا كَانَ فِي سنبله لَا يُؤْكَل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فذروه فِي سنبله} قَالَ: أَرَادَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام الْبَقَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {فذروه فِي سنبله} قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة الأولى: هُوَ أبقى لَهُ لَا يُؤْكَل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم - رَضِي الله عَنهُ - أَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فِي زَمَانه كَانَ يصنع لرجل طَعَام اثْنَيْنِ فيقربه إِلَى الرجل فيأكل نصفه ويدع نصفه حَتَّى إِذا كَانَ يَوْمًا قرَّبهُ لَهُ فَأَكله فَقَالَ لَهُ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: هَذَا أول يَوْم من السَّبع الشداد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ثمَّ يَأْتِي من بعد ذَلِك سبع شَدَّاد} قَالَ: هن السنون المحول الجدوب وَفِي قَوْله {يأكلن مَا قدمتم لَهُنَّ} يَقُول: يأكلن مَا كُنْتُم اتخذتم فِيهِنَّ من الْقُوت {إِلَّا قَلِيلا مِمَّا تحصنون} أَي مِمَّا تدخرون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {مِمَّا تحصنون} يَقُول: تخزنون وَفِي قَوْله {وَفِيه يعصرون} يَقُول: الأعناب والدهن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {عَام فِيهِ يغاث النَّاس} يَقُول: يصيبهم فِيهِ غيث {وَفِيه يعصرون} يَقُول: يعصرون فِيهِ الْعِنَب ويعصرون فِيهِ الزَّيْت ويعصرون من كل الثمرات وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَفِيه يعصرون} يحتلبون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَفِيه يعصرون} يحتلبون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ثمَّ يَأْتِي من بعد ذَلِك عَام فِيهِ يغاث النَّاس} قَالَ: يغاث النَّاس بالمطر {وَفِيه يعصرون} الثِّمَار وَالْأَعْنَاب وَالزَّيْتُون من الخصب وَهَذَا علم آتَاهُ الله علمه لم يكن فِيمَا سُئِلَ عَنهُ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ثمَّ يَأْتِي من بعد ذَلِك عَام} الْآيَة قَالَ: زادهم يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام علم سنة لم يسألوه عَنهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {ثمَّ يَأْتِي من بعد ذَلِك عَام} قَالَ: أخْبرهُم بِشَيْء لم يسألوه عَنهُ وَكَانَ الله تَعَالَى قد علمه إِيَّاه {فِيهِ يغاث النَّاس} بالمطر {وَفِيه يعصرون} السمسم دهناً وَالْعِنَب خمرًا وَالزَّيْتُون زيتاً وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ {فِيهِ يغاث النَّاس} قَالَ: بالمطر {وَفِيه يعصرون} قَالَ: يعصرون أعنابهم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - {فِيهِ يغاث النَّاس} قَالَ: يغاث النَّاس بالمطر {وَفِيه يعصرون} قَالَ: الزَّيْت وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن طَلْحَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - يقْرَأ / وَفِيه تعصرون / بِالتَّاءِ يَعْنِي تحتلبون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عَبْدَانِ الْمروزِي - رَضِي الله عَنهُ - عَن عِيسَى بن عبيد عَن عِيسَى بن عُمَيْر الثَّقَفِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سمعته يقْرَأ / فِيهِ يغاث النَّاس وَفِيه تعصرون / بِالتَّاءِ يَعْنِي الغياث الْمَطَر ثمَّ قَرَأَ {وأنزلنا من المعصرات مَاء ثجاجاً} الْآيَات 50 - 53

50

أخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُول قَالَ ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ مَا بَال النسْوَة اللَّاتِي قطعن أَيْدِيهنَّ} فَقَالَ: لَو كنت أَنا لَأَسْرَعت الاجابة وَمَا ابْتَغَيْت الْعذر وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يرحم الله يُوسُف إِن كَانَ لذا أَنَاة حَلِيمًا لَو كنت أَنا الْمَحْبُوس ثمَّ أرسل إليّ لَخَرَجت سَرِيعا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عجبت لصبر أخي يُوسُف وَكَرمه - وَالله يغْفر لَهُ - حَيْثُ أرسل إِلَيْهِ ليستفتى فِي الرُّؤْيَا وَإِن كنت أَنا لم أفعل حَتَّى أخرج وَعَجِبت من صبره وَكَرمه - وَالله يغْفر لَهُ - أَتَى ليخرج فَلم يخرج حَتَّى أخْبرهُم بِعُذْرِهِ وَلَو كنت أَنا لَبَادَرت الْبَاب وَلكنه أحب أَن يكون لَهُ الْعذر وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رحم الله أخي يُوسُف لَو أَنا أَتَانِي الرَّسُول بعد طول الْحَبْس لَأَسْرَعت الْإِجَابَة حِين قَالَ {ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ مَا بَال النسْوَة} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {مَا بَال النسْوَة اللَّاتِي قطعن أَيْدِيهنَّ} قَالَ: أَرَادَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام الْعذر قبل أَن يخرج من السجْن وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لما جمع الْملك النسْوَة قَالَ لَهُنَّ: انتن راودتن يُوسُف عَن نَفسه {قُلْنَ حاش لله مَا علمنَا عَلَيْهِ من سوء قَالَت امْرَأَة الْعَزِيز الْآن حصحص الْحق أَنا راودته عَن نَفسه وَإنَّهُ لمن الصَّادِقين} قَالَ يُوسُف: {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} فغمزه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: وَلَا حِين هَمَمْت بهَا فَقَالَ {وَمَا أبرئ نَفسِي إِن النَّفس لأمارة بالسوء} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الْآن حصحص الْحق} قَالَ: تبين

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَابْن زيد وَالسُّديّ مثله وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخه وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه الْآيَة {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} قَالَ لما قَالَهَا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: يَا يُوسُف اذكر همك قَالَ {وَمَا أبرئ نَفسِي} وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن أبي الْهُذيْل قَالَ: لما قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} قَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: وَلَا يَوْم هَمَمْت بِمَا هَمَمْت بِهِ فَقَالَ {وَمَا أبرئ نَفسِي إِن النَّفس لأمارة بالسوء} وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} قَالَ الْملك - وَطعن فِي جنبه - يَا يُوسُف وَلَا حِين هَمَمْت قَالَ {وَمَا أبرئ نَفسِي} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن حَكِيم بن جَابر فِي قَوْله {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} قَالَ: قَالَ لَهُ جِبْرِيل: وَلَا حِين حللت السَّرَاوِيل فَقَالَ عِنْد ذَلِك {وَمَا أبرئ نَفسِي إِن النَّفس لأمارة بالسوء} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} قَالَ: هُوَ قَول يُوسُف لمليكه حِين أرَاهُ الله عذره وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: أَرَادَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام الْعذر قبل أَن يخرج من السجْن فَقَالَ {ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ مَا بَال النسْوَة اللَّاتِي قطعن أَيْدِيهنَّ إِن رَبِّي بكيدهن عليم} {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} قَالَ ابْن جريج: وَبَين هَذَا وَبَين ذَلِك مَا بَينه قَالَ: وَهَذَا من تَقْدِيم الْقُرْآن وتأخيره وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} قَالَ يُوسُف - يَقُول - لم أخن سَيِّدي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} قَالَ هَذَا قَول يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لم يخن الْعَزِيز فِي امْرَأَته قَالَ: فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: وَلَا حِين حللت السَّرَاوِيل فَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {وَمَا أبرئ نَفسِي} إِلَى آخر الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} قَالَ: قَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: اذكر همك قَالَ {وَمَا أبرئ نَفسِي إِن النَّفس لأمارة بالسوء} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} فَقَالَ لَهُ الْملك أَو جِبْرِيل: وَلَا حِين هَمَمْت بهَا فَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {وَمَا أبرئ نَفسِي إِن النَّفس لأمارة بالسوء} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} فَقَالَ لَهُ الْملك أَو جِبْرِيل وَلَا حِين ههمت بهَا فَقَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {وَمَا أبرئ نَفسِي إِن النَّفس لأمارة بالسوء} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} قَالَ فَقَالَ لَهُ الْملك: وَلَا حِين ههمت فَقَالَ {وَمَا أبرئ نَفسِي} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: ذكر لنا أَن الْملك الَّذِي كَانَ مَعَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: اذكر مَا هَمَمْت بِهِ قَالَ {وَمَا أبرئ نَفسِي} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ} قَالَ: خشِي نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يكون زكى نَفسه فَقَالَ {وَمَا أبرئ نَفسِي} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا أبرئ نَفسِي} قَالَ: يَعْنِي همته الَّتِي هم بهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الْعَزِيز بن عُمَيْر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: النَّفس أَمارَة بالسوء فَإِذا جَاءَ الْعَزْم من الله كَانَت هِيَ الَّتِي تَدْعُو إِلَى الْخَيْر الْآيَة 54

54

أخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: فَأَتَاهُ الرَّسُول فَقَالَ لَهُ: ألق عَنْك ثِيَاب السجْن والبس ثيابًا جدداً وقم إِلَى الْملك فَدَعَا لَهُ أهل السجْن - وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن ثَلَاثِينَ سنة - فَلَمَّا أَتَاهُ رأى غُلَاما حَدثا فَقَالَ: أيعلم هَذَا رُؤْيَايَ وَلَا يعلمهَا

السَّحَرَة والكهنة وَأَقْعَدَهُ قدامه وَقَالَ لَهُ: لَا تخف وَألبسهُ طوقاً من ذهب وَثيَاب حَرِير وَأَعْطَاهُ دَابَّة مسرجة مزينة كدابة الْملك وَضرب الطبل بِمصْر أَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام خَليفَة الْملك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أستخلصه لنَفْسي} قَالَ: أتخذه لنَفْسي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن زيد الْعَمى - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما رأى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام عَزِيز مصر قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بخيرك من خَيره وَأَعُوذ بعزتك من شَره وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي ميسرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما رأى الْعَزِيز لبق يُوسُف وكيسه وظرفه دَعَاهُ فَكَانَ يتغدى مَعَه ويتعشى دون غلمانه فَلَمَّا كَانَ بَينه وَبَين الْمَرْأَة مَا كَانَ قَالَت: لم تدني هَذَا من بَين غلمانك مره فليتغد مَعَ الغلمان قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فتغد مَعَ الغلمان فَقَالَ لَهُ يُوسُف: أترغب أَن تَأْكُل معي أَنا وَالله يُوسُف بن يَعْقُوب نَبِي الله بن إِسْحَق ذبيح الله بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله وأخؤج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ الْملك ليوسف: إِنِّي أحب أَن تخالطني فِي كل شَيْء إِلَّا فِي أَهلِي وَأَنا آنف أَن تَأْكُل معي فَغَضب يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: أَنا أَحَق أَن آنف أَنا ابْن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله وَأَنا ابْن إِسْحَاق ذبيح الله وَأَنا ابْن يَعْقُوب نَبِي الله وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أسلم الْملك الَّذِي كَانَ مَعَه يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام الْآيَة 55

55

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: استعملني عمر - رَضِي الله عَنهُ - على الْبَحْرين ثمَّ نزعني وغرمني اثْنَي عشر ألفا ثمَّ دَعَاني بعد إِلَى الْعَمَل فأبيت فَقَالَ: وَلم وَقد سَأَلَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام الْعَمَل وَكَانَ خيرا مِنْك فَقلت: إِن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام نَبِي ابْن نَبِي ابْن نَبِي ابْن نَبِي

وَأَنا ابْن أُمَيْمَة وَأَنا أَخَاف أَن أَقُول بِغَيْر حلم وَأَن أُفْتِي بِغَيْر علم وَأَن يضْرب ظَهْري ويشتم عرضي وَيُؤْخَذ مَالِي وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لَا يشْبع فَقيل لَهُ: مَا لَك لَا تشبع وبيدك خَزَائِن الأَرْض قَالَ: إِنِّي إِذا شبعت نسيت الجائع وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قيل ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام: تجوع وخزائن الأَرْض بِيَدِك قَالَ: إِنِّي أَخَاف أَن أشْبع فأنسى الجيعان وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن شيبَة بن نعَامَة الضَّبِّيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {اجْعَلنِي على خَزَائِن الأَرْض} يَقُول: على جَمِيع الطَّعَام إِنِّي حفيظ لما استودعتني عَلَيْهِم بسنين المجاعة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {اجْعَلنِي على خَزَائِن الأَرْض} قَالَ: كَانَ لفرعون خَزَائِن كَثِيرَة غير الطَّعَام فَأسلم سُلْطَانه كُله لَهُ وَجعل الْقَضَاء إِلَيْهِ أمره وقضاؤه نَافِذ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي حفيظ} قَالَ: لما وليت {عليم} بأَمْره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي حفيظ عليم} قَالَ: حفيظ لِلْحسابِ عليم بالألسن وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْأَشْجَعِيّ - رَضِي الله عَنهُ - مثله الْآيَة 56

56

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ مكنا ليوسف فِي الأَرْض} قَالَ: ملكناه فِيمَا يكون فِيهَا {حَيْثُ يَشَاء} من تِلْكَ الدُّنْيَا يصنع - فِيهَا مَا يَشَاء فوّضت إِلَيْهِ قَالَ: لَو شَاءَ أَن يَجْعَل فِرْعَوْن من تَحت يَده ويجعله من فَوق لفعل

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الفضيل بن عِيَاض - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: وقفت امْرَأَة الْعَزِيز على ظهر الطَّرِيق حَتَّى مر يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَت: الْحَمد لله الَّذِي جعل العبيد ملوكاً بِطَاعَتِهِ وَجعل الْمُلُوك عبيدا بمعصيته وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: ذكرُوا أَن أطيفر هلك فِي تِلْكَ اللَّيَالِي وَإِن الْملك الريان زوّج يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام امْرَأَته راعيل فَقَالَ لَهَا حِين أدخلت عَلَيْهِ: أَلَيْسَ هَذَا خيرا مِمَّا كنت تريدين فَقَالَ: أَيهَا الصّديق لَا تلمني فَإِنِّي كنت امْرَأَة كَمَا ترى حسناء جملاء ناعمة فِي ملك وَدُنْيا وَكَانَ صَاحِبي لَا يَأْتِي النِّسَاء وَكنت كَمَا جعلك الله فِي حسنك وهيئتك فغلبتني نَفسِي على مَا رَأَيْت فيزعمون أَنه وجدهَا عذراء فأصابها فَولدت لَهُ رجلَيْنِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الْعَزِيز بن مُنَبّه عَن أَبِيه قَالَ: تعرضت امْرَأَة الْعَزِيز ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام فِي الطَّرِيق حَتَّى مر بهَا فَقَالَت: الْحَمد لله الَّذِي جعل الْمُلُوك بمعصيته عبيدا وَجعل العبيد بِطَاعَتِهِ ملوكاً فعرفها فَتَزَوجهَا فَوَجَدَهَا بكرا وَكَانَ صَاحبهَا من قبل لَا يَأْتِي النِّسَاء وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن وهب بن مُنَبّه - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أَصَابَت امْرَأَة الْعَزِيز حَاجَة لَهَا فَقيل لَهَا لَو أتيت يُوسُف بن يَعْقُوب فَسَأَلته فاستشارت النَّاس فِي ذَلِك فَقَالُوا: لَا تفعلي فَإنَّا نَخَاف عَلَيْك قَالَت: كلا إِنِّي لَا أَخَاف مِمَّن يخَاف الله فَدخلت عَلَيْهِ فرأته فِي ملكه فَقَالَت: الْحَمد لله الَّذِي جعل العبيد ملوكاً بِطَاعَتِهِ ثمَّ نظرت إِلَى نَفسهَا فَقَالَت: الْحَمد لله الَّذِي جعل الْمُلُوك عبيدا بمعصيته فَقضى لَهَا جَمِيع حوائجها ثمَّ تزَوجهَا فَوَجَدَهَا بكر فَقَالَ لَهَا: أَلَيْسَ هَذَا أجمل مِمَّا أردْت قَالَت: يَا نَبِي الله إِنِّي ابْتليت فِيك بِأَرْبَع: كنت أجمل النَّاس كلهم وَكنت أَنا أجمل أهل زماني وَكنت بكر وَكَانَ زَوجي عنيناً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم - رَضِي الله عَنهُ - أَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام تزوج امْرَأَة الْعَزِيز فَوَجَدَهَا بكر وَكَانَ زَوجهَا عنيناً وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْفرج وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:

اطْلُبُوا الْخَيْر دهركم كُله وتعرضوا لنفحات رَحْمَة الله فَإِن لله عز وَجل نفحات من رَحمته يُصِيب بهَا من يَشَاء من عباده واسألوا الله أَن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم الْآيَة 57

57

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مَالك بن دِينَار - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سَأَلت الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فَقلت: يَا أَبَا سعيد قَوْله {ولأجر الْآخِرَة خير للَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} مَا هِيَ قَالَ: يَا مَالك اتَّقوا الْمَحَارِم خمصت بطونهم تركُوا الْمَحَارِم وهم يشتهونها الْآيَة 58

58

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: إِن إخْوَة يُوسُف لما دخلُوا عَلَيْهِ فعرفهم وهم لَهُ منكرون جَاءَ بصواع الْملك الَّذِي كَانَ يشرب فِيهِ فَوَضعه على يَده فَجعل ينقره ويطن وينقره ويطن فَقَالَ: إِن هَذَا الْجَام ليخبرني عَنْكُم خَبرا هَل كَانَ لكم أَخ من أبيكم يُقَال لَهُ يُوسُف وَكَانَ أَبوهُ يُحِبهُ دونكم وَإِنَّكُمْ انطلقتم بِهِ فألقيتموه فِي الْجب وأخبرتم أَبَاكُم أَن الذِّئْب أكله وجئتم على قَمِيصه بِدَم كذب قَالَ: فَجعل بَعضهم ينظر إِلَى بعض ويعجبون إِنَّه هَذَا الْجَام ليخبر خبرهم فَمن أَيْن يعلم هَذَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْجلد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لإخوته: إِن أَمركُم ليريبني كأنكم جواسيس قَالُوا: يَا أَيهَا الْعَزِيز إِن أَبَانَا شيخ صديق وَأَنا قوم صديقون وَإِن الله ليحيي بِكَلَام الْأَنْبِيَاء الْقُلُوب كَمَا يحيي وابل السَّمَاء الأَرْض وَيَقُول لَهُم - وَفِي يَده الإِناء وَهُوَ يقرعه الْقرعَة - كَأَن هَذَا يخبر عَنْكُم بأنكم جواسيس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عون قَالَ: قلت لِلْحسنِ - رَضِي الله عَنهُ - ترى يُوسُف عرف اخوته قَالَ: لَا وَالله مَا عرفهم حَتَّى تعرفوا إِلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {فعرفهم وهم لَهُ منكرون} قَالَ: لَا يعرفونه

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما جعل يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ينقر الصَّاع ويخبرهم قَامَ إِلَيْهِ بعض اخوته فَقَالَ: أنْشدك الله أَن لَا تكشف لنا عَورَة الْآيَات 59 - 66

59

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ائْتُونِي بِأَخ لكم من أبيكم} قَالَ: يَعْنِي بنيامين وَهُوَ أَخُو يُوسُف لِأَبِيهِ وَأمه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَأَنا خير المنزلين} قَالَ: خير من يضيف بِمصْر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَأَنا خير المنزلين} قَالَ: خير المضيفين

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {وَأَنا خير المنزلين} قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: أَنا خير من يضيف بِمصْر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يقْرَأ / وَقَالَ لفتيته / أَي لِغِلْمَانِهِ {اجعلوا بضاعتهم} أَي أوراقهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: كَانَ منزل يَعْقُوب وبنيه فِيمَا ذكر لي بعض أهل الْعلم بالعربات من أَرض فلسطين بغور الشَّام وَبَعض كَانَ يَقُول بالأدلاج من نَاحيَة شعب أَسْفَل من جسمي وَمَا كَانَ صَاحب بادية لَهُ بهَا شَاءَ وإبل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْمُغيرَة عَن أَصْحَاب عبد الله {فَأرْسل مَعنا أخانا نكتل} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - {فَأرْسل مَعنا أخانا} يكتل لَهُ بَعِيرًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُغيرَة عَن أَصْحَاب عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - {فَالله خير حَافِظًا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يقْرَأ {ردَّتْ إِلَيْنَا} بِكَسْر الرَّاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {مَا نبغي هَذِه بضاعتنا ردَّتْ إِلَيْنَا} يَقُول: مَا نبغي هَذِه أوراقنا ردَّتْ إِلَيْنَا وَقد أوفي لنا الْكَيْل {ونزداد كيل بعير} أَي حمل بعير وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ونزداد كيل بعير} قَالَ: حمل حمَار قَالَ: وَهِي لُغَة قَالَ أَبُو عبيد يَعْنِي مُجَاهِد أَن الْحمار يُقَال لَهُ فِي بعض اللُّغَات بعير وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {الا أَن يحاط بكم} قَالَ: إِلَّا أَن تغلبُوا حَتَّى لَا تُطِيقُوا ذَلِك

الْآيَات 67 - 68

67

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَقَالَ يَا بني لَا تدْخلُوا من بَاب وَاحِد} قَالَ: رهب يَعْقُوب عَلَيْهِم الْعين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَا تدْخلُوا من بَاب وَاحِد} قَالَ: خشِي عَلَيْهِم الْعين وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَا تدْخلُوا من بَاب وَاحِد} قَالَ: خشِي يَعْقُوب على وَلَده الْعين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا تدْخلُوا من بَاب وَاحِد} قَالَ: خَافَ عَلَيْهِم الْعين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا تدْخلُوا من بَاب وَاحِد} قَالَ: كَانُوا قد أُوتُوا صوراً وجمالاً فخشي عَلَيْهِم أنفس النَّاس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وادخلوا من أَبْوَاب مُتَفَرِّقَة} قَالَ: أحب يَعْقُوب أَن يلقى يُوسُف أَخَاهُ فِي خلْوَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِلَّا حَاجَة فِي نفس يَعْقُوب قَضَاهَا} قَالَ: خيفة الْعين على بنيه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَإنَّهُ لذُو علم لما علمناه} قَالَ: إِنَّه لعامل بِمَا علم وَمن لَا يعْمل لَا يكون عَالما

الْآيَات 69 - 76

69

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {آوى إِلَيْهِ أَخَاهُ} قَالَ: ضمه إِلَيْهِ وأنزله مَعَه وَفِي قَوْله {فَلَا تبتئس} قَالَ: لَا تحزن وَلَا تيأس وَفِي قَوْله {فَلَمَّا جهزهم بجهازهم} قَالَ: لما قضى حَاجتهم وكال لَهُم طعامهم وَفِي قَوْله {جعل السِّقَايَة} قَالَ: هُوَ إِنَاء الْملك الَّذِي يشرب مِنْهُ {فِي رَحل أَخِيه} قَالَ: فِي مَتَاع أَخِيه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {جعل السِّقَايَة} قَالَ: هُوَ الصواع وكل شَيْء يشرب مِنْهُ فَهُوَ صواع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: السِّقَايَة والصواع شَيْء وَاحِد يشرب مِنْهُ يُوسُف

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: السِّقَايَة هُوَ الصواع وَكَانَ كأساً من ذهب على مَا يذكرُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أيتها العير} قَالَ: كَانَت العير حميراً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مَنْدَه فِي غرائب شُعْبَة وَابْن مرْدَوَيْه والضياء عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {صواع الْملك} قَالَ: شَيْء يشبه المكوك من فضَّة كَانُوا يشربون فِيهِ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء والطستي عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {صواع الْملك} قَالَ: الصواع الكأس الَّذِي يشرب فِيهِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: لَهُ درمك فِي رَأسه ومشارب وَقدر وطباخ وَصَاع وديسق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {صواع الْملك} قَالَ: هُوَ المكوك الَّذِي يلتقي طرفاه كَانَت تشرب فِيهِ الْأَعَاجِم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {صواع الْملك} قَالَ: كَانَ من فضَّة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {صواع الْملك} قَالَ: كَانَ من نُحَاس وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يقْرَأ {نفقد صواع الْملك} بِضَم الصَّاد مَعَ الْألف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْأَنْبَارِي عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يقْرَأ صَاع الْملك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن يحيى بن يعمر أَنه كَانَ يقْرؤهَا صوغ الْملك بالغين الْمُعْجَمَة قَالَ: كَانَ صِيغ من ذهب أَو فضَّة سقايته الَّتِي كَانَ يشرب فِيهَا

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن أُبيّ رَجَاء - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَرَأَ {نفقد صواع الْملك} بِعَين غير مُعْجمَة وصاد مَفْتُوحَة وَأخرج عَن عبد الله بن عون - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يقْرَأ صوع الْملك بصاد مَضْمُومَة وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يقْرَأ صياع الْملك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَلمن جَاءَ بِهِ حمل بعير} قَالَ: حمل حمَار طَعَام وَهِي لُغَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {حمل بعير} وقر بعير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَأَنا بِهِ زعيم} قَالَ كَفِيل وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَأَنا بِهِ زعيم} قَالَ: الزعيم هُوَ الْمُؤَذّن الَّذِي قَالَ {أيتها العير} وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وَإِنَّا بِهِ زعيم} مَا الزعيم قَالَ: الْكَفِيل قَالَ فِيهِ فَرْوَة بن مسيك: اكون زعيمكم فِي كل عَام بِجَيْش جحفل لجب لهام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {مَا جِئْنَا لنفسد فِي الأَرْض} يَقُول: مَا جِئْنَا لنعصي فِي الأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ} قَالَ: عرفُوا الحكم فِي حكمهم فَقَالُوا {جَزَاؤُهُ من وجد فِي رَحْله فَهُوَ جَزَاؤُهُ} وَكَانَ الحكم عِنْد الْأَنْبِيَاء يَعْقُوب وبنيه عَلَيْهِم السَّلَام أَن يُؤْخَذ السَّارِق بسرقته عبدا يسترق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ - رَضِي الله

عَنهُ - قَالَ: أَخْبرُوهُ بِمَا يحكم فِي بِلَادهمْ أَنه من سرق أَخذ عبدا فَقَالُوا {جَزَاؤُهُ من وجد فِي رَحْله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَنه كَانَ كلما فتح مَتَاع رجل اسْتغْفر تأثماً مِمَّا صنع حَتَّى بَقِي مَتَاع الْغُلَام قَالَ: مَا أَظن أَن هَذَا أَخذ شَيْئا قَالُوا: بلَى فاستبره وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {كَذَلِك كدنا ليوسف} قَالَ: كَذَلِك صنعنَا ليوسف {مَا كَانَ ليَأْخُذ أَخَاهُ فِي دين الْملك} يَقُول: فِي سُلْطَان الْملك قَالَ: كَانَ فِي دين ملكهم أَنه من سرق أخذت مِنْهُ السّرقَة وَمثلهَا مَعهَا من مَاله فيعطيه الْمَسْرُوق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {مَا كَانَ ليَأْخُذ أَخَاهُ فِي دين الْملك} يَقُول: فِي سُلْطَان الْملك وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: دين الْملك لَا يُؤْخَذ بِهِ من سرق أصلا وَلَكِن الله تَعَالَى كَاد لِأَخِيهِ حَتَّى تكلمُوا بِمَا تكلمُوا بِهِ فآخذهم بقَوْلهمْ وَلَيْسَ فِي قَضَاء الْملك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا كَانَ ليَأْخُذ أَخَاهُ فِي دين الْملك} قَالَ: لم يكن ذَلِك فِي دين الْملك أَن يَأْخُذ من سرق عبدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ حكم الْملك أَن من سرق ضاعف عَلَيْهِ الْغرم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {إِلَّا أَن يَشَاء الله} قَالَ: إِلَّا بعلة كادها الله ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام فاعتل بهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق مَالك بن أنس - رضى الله عَنهُ - قَالَ: سَمِعت زيد بن أسلم - رَضِي الله عَنهُ - يَقُول فِي هَذِه الْآيَة {نرفع دَرَجَات من نشَاء} قَالَ: بِالْعلمِ يرفع الله بِهِ من يَشَاء فِي الدُّنْيَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {نرفع دَرَجَات من نشَاء} قَالَ: يُوسُف واخوته اوتوا علما فرفعنا يُوسُف فَوْقهم فِي الْعلم دَرَجَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَفَوق كل ذِي علم عليم} قَالَ: يكون هَذَا أعلم من هَذَا وَهَذَا أعلم من هَذَا وَالله فَوق كل عَالم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كُنَّا عِنْد ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَحدث بِحَدِيث فَقَالَ رجل عِنْده {وَفَوق كل ذِي علم عليم} فَقَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - بئس مَا قلت الله الْعَلِيم الْخَبِير هُوَ فَوق كل عَالم وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سَأَلَ رجل عليا - رَضِي الله عَنهُ - عَن مَسْأَلَة فَقَالَ فِيهَا فَقَالَ الرجل: لَيْسَ هَكَذَا وَلَكِن كَذَا وَكَذَا قَالَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -: أَحْسَنت وأخطأت {وَفَوق كل ذِي علم عليم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَفَوق كل ذِي علم عليم} قَالَ: علم الله فَوق كل عَالم وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - {وَفَوق كل ذِي علم عليم} قَالَ: الله أعلم من كل أحد وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: لَيْسَ عَالم إِلَّا فَوْقه عَالم حَتَّى يَنْتَهِي الْعلم إِلَى الله مِنْهُ بدا وَإِلَيْهِ يعود وَفِي قِرَاءَة عبد الله وَفَوق كل عَالم عليم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَفَوق كل ذِي علم عليم} قَالَا: هُوَ ذَلِك أَيْضا يُوسُف واخوته هُوَ فَوْقهم فِي الْعلم

الْآيَات 77 - 79

77

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {قَالُوا إِن يسرق فقد سرق أَخ لَهُ من قبل} قَالَ: يعنون يُوسُف وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ أول مَا دخل على يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام من الْبلَاء فِيمَا بَلغنِي أَن عمته وَكَانَت أكبر ولد إِسْحَق عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَت إِلَيْهَا منْطقَة إِسْحَق فَكَانُوا يتوارثونها بِالْكبرِ وَكَانَ يَعْقُوب حِين ولد لَهُ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قد حضنته عمته فَكَانَ مَعهَا وإليها فَلم يحب أحد شَيْئا من الْأَشْيَاء كحبها إِيَّاه حَتَّى ترعرع وَقعت نفس يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام عَلَيْهِ فَأَتَاهَا فَقَالَ: يَا أخية سلمي إِلَيّ يُوسُف فوَاللَّه مَا أقدر على أَن يغيب عني سَاعَة قَالَت: فوَاللَّه مَا أَنا بتاركته فَدَعْهُ عِنْدِي أَيَّامًا أنظر إِلَيْهِ لَعَلَّ ذَلِك يسليني عَنهُ فَلَمَّا خرج يَعْقُوب من عِنْدهَا عَمَدت إِلَى منْطقَة إِسْحَق عَلَيْهِ السَّلَام فحزمتها على يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام من تَحت ثِيَابه ثمَّ قَالَت: فقدت منْطقَة إِسْحَق فانظروا من أَخذهَا وَمن أَصَابَهَا فَالْتمست ثمَّ قَالَت: اكشفوا أهل الْبَيْت فكشفوهم فوجدوها مَعَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَت: وَالله إِنَّه لسلم لي أصنع فِيهِ مَا شِئْت فَأَتَاهَا يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فَأَخْبَرته الْخَبَر فَقَالَ لَهَا: أَنْت وَذَاكَ إِن كَانَ فعل ذَلِك فَهُوَ سلم لَك مَا أَسْتَطِيع غير ذَلِك فأمسكته فَمَا قدر عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَت عَلَيْهَا السَّلَام فَهُوَ الَّذِي يَقُول إخْوَة يُوسُف عَلَيْهِم السَّلَام حِين صنع بأَخيه مَا صنع: {إِن يسرق فقد سرق أَخ لَهُ من قبل} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: سرق مكحلة لخالته

وَأخرج ابو الشَّيْخ عَن عَطِيَّة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سرق فِي صباه ميلين من ذهب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {إِن يسرق فقد سرق أَخ لَهُ من قبل} قَالَ: سرق يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام صنماً لجده أبي أمه من ذهب وَفِضة فَكَسرهُ وألقاه فِي الطَّرِيق فَعَيَّرَهُ بذلك إخْوَته وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت أم يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام أمرت يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام أَن يسرق صنماً لخاله كَانَ يعبده وَكَانَت مسلمة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سَرقته الَّتِي عابوه بهَا: أَخذ صنماً كَانَ لأبي أمه وَإِنَّمَا أَرَادَ بذلك الْخَيْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام غُلَاما صَغِيرا مَعَ أمه عِنْد خَال لَهُ وَهُوَ يلْعَب مَعَ الغلمان فَدخل كَنِيسَة لَهُم فَوجدَ تمثالاً لَهُم صَغِيرا من ذهب فَأَخذه قَالَ: وَهُوَ الَّذِي عيره إخْوَته بِهِ {إِن يسرق فقد سرق أَخ لَهُ من قبل} وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطِيَّة - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام مَعَهم على الخوان فَأخذ شَيْئا من الطَّعَام فَتصدق بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سُئِلَ: كَيفَ أَخَاف يُوسُف أَخَاهُ بِأخذ الصواع وَقد كَانَ أخبرهُ أَنه أَخُوهُ وَأَنْتُم تَزْعُمُونَ أَنه لم يزل متنكراً لَهُم مكايدهم حَتَّى رجعُوا فَقَالَ: إِنَّه لم يعْتَرف لَهُ بِالنّسَبِ وَلكنه قَالَ: أَنا أَخُوك مَكَان أَخِيك الْهَالِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {فأسرها يُوسُف فِي نَفسه وَلم يبدها لَهُم} قَالَ: أسر فِي نَفسه قَوْله {أَنْتُم شَرّ مَكَانا وَالله أعلم بِمَا تصفون} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {شَرّ مَكَانا} قَالَ يُوسُف: يَقُول {وَالله أعلم بِمَا تصفون} قَالَ: تَقولُونَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن شيبَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما لَقِي

يُوسُف أَخَاهُ قَالَ: هَل تزوجت بعدِي قَالَ: نعم قَالَ: وَمَا شغلك الْحزن عَليّ قَالَ: إِن أَبَاك يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لي: تزوج لَعَلَّ الله أَن يذرأ مِنْك ذُرِّيَّة يثقلون أَو قَالَ يسكنون الأَرْض بتسبيحة الْآيَة 80

80

أخرج ابْن جرير عَن ابْن إِسْحَق - رَضِي الله عَنهُ - {فَلَمَّا استيأسوا مِنْهُ} قَالَ: أيسوا وَرَأَوا شدته فِي الْأَمر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {خلصوا نجياً} قَالَ: وحدهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {قَالَ كَبِيرهمْ} قَالَ: شَمْعُون الَّذِي تخلف أكبرهم عقلا وأكبر مِنْهُ فِي الميلاد روبيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {قَالَ كَبِيرهمْ} هُوَ روبيل وَهُوَ الَّذِي كَانَ نَهَاهُم عَن قَتله وَكَانَ أكبر الْقَوْم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أَو يحكم الله لي} قَالَ: أقَاتل بِالسَّيْفِ حَتَّى أقتل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن شَمْعُون كَانَ أَشد بني يَعْقُوب بَأْسا وَإنَّهُ كَانَ إِذا غضب قَامَ شعره وانتفخ فَلَا يُطْفِئ غَضَبه شَيْء إِلَّا أَن يمسهُ أحد من آل يَعْقُوب وَإنَّهُ كَانَ قد أغار مرّة على أهل قَرْيَة فدمرهم وَإنَّهُ غضب يَوْم أَخذ بَنو يَعْقُوب بالصواع غَضبا شَدِيدا حَتَّى انتفخ فَأمر يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ابْنه أَن يمسهُ فسكن غَضَبه وَبرد وَقَالَ: قد مسني يَد من آل يَعْقُوب

الْآيَات 81 - 83

81

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَرَأَ {إِن ابْنك سرق} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام لِبَنِيهِ: مَا يدْرِي هَذَا الرجل أَن السَّارِق يُؤْخَذ بسرقته إِلَّا بقولكم قَالُوا: مَا شَهِدنَا إِلَّا بِمَا علمنَا لم نشْهد أَن السَّارِق يُؤْخَذ بسرقته إِلَّا وَذَاكَ الَّذِي علمنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كره أَن يكْتب الرجل شَهَادَته فَإِذا اسْتشْهد شهد وَيقْرَأ {وَمَا شَهِدنَا إِلَّا بِمَا علمنَا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا كُنَّا للغيب حافظين} قَالَ: لم نعلم أَنه سيسرق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا كُنَّا للغيب حافظين} قَالَ: مَا كُنَّا نعلم أَن ابْنك يسرق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا كُنَّا للغيب حافظين} قَالَ: يَقُولُونَ مَا كُنَّا نظن أَن ابْنك يسرق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {واسأل الْقرْيَة} قَالَ: مصر وَفِي قَوْله {عَسى الله أَن يأتيني بهم جَمِيعًا} قَالَ: بِيُوسُف وأخيه وروبيل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {عَسى الله أَن يأتيني بهم جَمِيعًا} قَالَ: بِيُوسُف وأخيه وَكَبِيرهمْ الَّذِي تخلف

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي روق - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما حبس يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام أَخَاهُ بِسَبَب السّرقَة كتب إِلَيْهِ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام: من يَعْقُوب ابْن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله إِلَى يُوسُف عَزِيز فِرْعَوْن أما بعد فَإنَّا أهل بَيت مُوكل بِنَا الْبلَاء إِن أبي إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ألقِي فِي النَّار فِي الله فَصَبر فَجَعلهَا الله عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا وَإِن أبي إِسْحَق عَلَيْهِ السَّلَام قرب للذبح فِي الله فَصَبر فَفَدَاهُ الله بِذبح عَظِيم وَإِن الله كَانَ وهب لي قُرَّة عين فسلبنيه فَأذْهب حزنه بَصرِي وأيبس لحمي على عظمي فَلَا ليلِي ليل وَلَا نهاري نَهَار والأسير الَّذِي فِي يَديك بِمَا ادعِي عَلَيْهِ من السرق أَخُوهُ لأمه فَكنت إِذا ذكرت أسفي عَلَيْهِ قربته مني فيسلي عني بعض مَا كنت أجد وَقد بَلغنِي أَنَّك حَبسته بِسَبَب سَرقَة فَخَل سَبيله فَإِنِّي لم أَلد سَارِقا وَلَيْسَ بسارق وَالسَّلَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْجلد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ لَهُ أَخُوهُ: يَا أَيهَا الْعَزِيز لقد ذهب لي أَخ مَا رَأَيْت أحدا أشبه بِهِ مِنْك لكأنه الشَّمْس فَقَالَ لَهُ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: اسْأَل إِلَه يَعْقُوب أَن يرحم صباك وَأَن يرد إِلَيْك أَخَاك الْآيَة 84

84

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يَا أسفى على يُوسُف} قَالَ: يَا حزنا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يَا أسفى على يُوسُف} قَالَ: يَا حزنا على يُوسُف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يَا أسفى على يُوسُف} قَالَ: يَا جزعاً وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن سعيد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن يُونُس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما مَاتَ سعيد بن الْحسن حزن عَلَيْهِ الْحسن حزنا شَدِيدا فَكلم الْحسن فِي ذَلِك فَقَالَ: مَا سَمِعت الله عَابَ على يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام الْحزن

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ مُنْذُ خرج يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام من عِنْد يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى يَوْم رَجَعَ ثَمَانُون سنة لم يُفَارق الْحزن قلبه ودموعه تجْرِي على خديه وَلم يزل يبكي حَتَّى ذهب بَصَره وَالله مَا على وَجه الأَرْض يَوْمئِذٍ خَلِيقَة أكبر على الله من يَعْقُوب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لم يُعْط أحد الاسترجاع غير هَذِه الْأمة وَلَو أعطيها أحد لأعطيها يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام أَلا تستمعون إِلَى قَوْله {يَا أسفى على يُوسُف} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَحْنَف بن قيس - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَن دَاوُد قَالَ: يَا رب إِن بني إِسْرَائِيل يَسْأَلُونَك بإبراهيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب فَاجْعَلْنِي لَهُم رَابِعا فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن إِبْرَاهِيم ألقِي فِي النَّار بسببي فَصَبر وَتلك بلية لم تنلك وَأَن إِسْحَق بذل مهجة دَمه فِي سببي فَصَبر وَتلك بلية لم تنلك وَإِن يَعْقُوب أخذت مِنْهُ حَبِيبه حَتَّى ابْيَضَّتْ عَيناهُ من الْحزن فَصَبر وَتلك بلية لم تَنَلكَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {فَهُوَ كظيم} قَالَ: حَزِين وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {فَهُوَ كظيم} مَا الكظيم قَالَ: المغموم قَالَ فِيهِ قيس بن زُهَيْر: فَإِن أك كاظماً لمصاب شَاس فَإِنِّي الْيَوْم منطلق لساني وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {فَهُوَ كظيم} قَالَ: كظم الْحزن وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {فَهُوَ كظيم} قَالَ: كظم على الْحزن فَلم يقل إِلَّا خيرا أَو فِي لفظ: يردد حزنه فِي جَوْفه وَلم يتَكَلَّم بِسوء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {فَهُوَ كظيم} قَالَ: فَهُوَ مكروب

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {كظيم} قَالَ: مكروب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الكظيم الكمد وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {فَهُوَ كظيم} قَالَ: مكمود وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الكظيم الَّذِي لَا يتَكَلَّم بلغ بِهِ الْحزن حَتَّى كَانَ لَا يكلمهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن لَيْث بن أبي سليم - رَضِي الله عَنهُ - أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام دخل على يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فِي السجْن فَعرفهُ فَقَالَ لَهُ: أَيهَا الْملك الْكَرِيم على ربه هَل لَك علم بِيَعْقُوب قَالَ نعم قَالَ: مَا فعل قَالَ: ابْيَضَّتْ عَيناهُ من الْحزن عَلَيْك قَالَ: فَمَاذَا بلغ من حزنه قَالَ: حزن سبعين مثكلة قَالَ: هَل لَهُ على ذَلِك من أجر قَالَ: نعم أجر مائَة شَهِيد وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق لَيْث عَن ثَابت الْبنانِيّ - رَضِي الله عَنهُ - مثله سَوَاء وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق لَيْث بن أبي سليم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: حدثت أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام دخل على يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ بِمصْر فِي صُورَة رجل فَلَمَّا رَآهُ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام عرفه فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَيهَا الْملك الطّيب رِيحه الطَّاهِر ثِيَابه الْكَرِيم على ربه هَل لَك بِيَعْقُوب من علم قَالَ: نعم قَالَ: فَكيف هُوَ فَقَالَ: ذهب بَصَره قَالَ: وَمَا الَّذِي أذهب بَصَره قَالَ: الْحزن عَلَيْك قَالَ: فَمَا أعطي على ذَلِك قَالَ: أجر سبعين شَهِيدا وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن أبي جَعْفَر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: دخل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فِي السجْن فَقَالَ لَهُ يُوسُف: يَا جِبْرِيل مَا بلغ من حزن أبي قَالَ: حزن سبعين ثَكْلَى قَالَ: فَمَا بلغ أجره من الله قَالَ: أجر مائَة شَهِيد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن خلف بن حَوْشَب مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما أَتَى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يُوسُف عَلَيْهِ

السَّلَام بالبشرى وَهُوَ فِي السجْن قَالَ: هَل تعرفنِي أَيهَا الصّديق قَالَ: أرى صُورَة طَاهِرَة وريحاً طيبَة لَا تشبه أَرْوَاح الخاطئين قَالَ: فَإِنِّي رَسُول رب الْعَالمين وَأَنا الرّوح الْأمين قَالَ: فَمَا الَّذِي أدْخلك إِلَى مدْخل المذنبين وَأَنت أطيب الطيبين وَرَأس المقربين وَأمين رب الْعَالمين قَالَ: ألم تعلم يَا يُوسُف أَن الله يطهر الْبيُوت بمطهر النَّبِيين وَأَن الأَرْض الَّتِي تدخلونها هِيَ أطيب الْأَرْضين وَأَن الله قد طهر بك السجْن وَمَا حوله بِأَطْهَرَ الطاهرين وَابْن المطهرين إِنَّمَا يتَطَهَّر بِفضل طهرك وطهر آبَائِك الصَّالِحين المخلصين قَالَ: كَيفَ تسميني بأسماء الصديقين وتعدني من المخلصين وَقد دخلت مدْخل المذنبين وَسميت بالضالين المفسدين قَالَ: لم يفتن قَلْبك الْحزن وَلم يدنس حريتك الرّقّ وَلم تُطِع سيدتك فِي مَعْصِيّة رَبك فَلذَلِك سماك الله بأسماء الصديقين وعدّك مَعَ المخلصين وألحقك بآبائك الصَّالِحين قَالَ: هَل لَك علم بِيَعْقُوب قَالَ: نعم وهب الله لَهُ الصَّبْر الْجَمِيل وابتلاه بالحزن عَلَيْك فَهُوَ كظيم قَالَ: فَمَا قدر حزنه قَالَ: قدر سبعين ثَكْلَى قَالَ: فَمَاذَا لَهُ من الْأجر قَالَ: قدر مائَة شَهِيد وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أَتَى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ فِي السجْن فَسلم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يُوسُف: أَيهَا الْملك الْكَرِيم على ربه الطّيب رِيحه الطَّاهِر ثِيَابه هَل لَك علم بِيَعْقُوب قَالَ: نعم مَا أَشد حزنه قَالَ: مَاذَا لَهُ من الْأجر قَالَ: أجر سبعين ثَكْلَى قَالَ: أفتراني لاقيه قَالَ: نعم فطابت نفس يُوسُف وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ مَا بلغ وجد يَعْقُوب على ابْنه قَالَ: وجد سبعين ثَكْلَى قيل فَمَا كَانَ لَهُ من الْأجر قَالَ: أجر مائَة شَهِيد وَمَا سَاءَ ظَنّه بِاللَّه سَاعَة من ليل أَو نَهَار وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عَمْرو بن دِينَار أَنه ألقِي على يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام حزن سبعين مثكل وَمكث فِي ذَلِك الْحزن ثَمَانِينَ عَاما

الْآيَات 85 - 86

85

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {تالله تفتأ تذكر يُوسُف} قَالَ: لَا تزَال تذكر يُوسُف {حَتَّى تكون حرضاً} قَالَ: دنفاً من الْمَرَض {تكون من الهالكين} قَالَ الميتين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {قَالُوا تالله تفتأ تذكر يُوسُف} قَالَ: لَا تزَال تذكر يُوسُف لَا تفتر عَن حبه {حَتَّى تكون حرضاً} قَالَ: هرماً {أَو تكون من الهالكين} قَالَ: أَو تَمُوت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - {حَتَّى تكون حرضاً} قَالَ: الحرض الشَّيْء الْبَالِي {أَو تكون من الهالكين} قَالَ الميتين وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي والطستي عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {تفتأ تذكر يُوسُف} قَالَ: لَا تزَال تذكر يُوسُف قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: لعمرك لَا تفتأ تذكر خَالِدا وَقد غاله مَا غال تبع من قبل قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {حَتَّى تكون حرضاً} قَالَ: الحرض المدنف الْهَالِك من شدَّة الوجع قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: أَمن ذكر ليلى أَن نأت قَرْيَة بهَا كَأَنَّك حم للأطباء محرض وَأخرج ابْن جرير عَن طَلْحَة بن مصرف الأيامي قَالَ: ثَلَاثَة لَا تذكرهن واجتنب ذكرهن: لَا تَشْكُ مرضك وَلَا تَشْكُ مصيبتك وَلَا تُزَكِّ نفسكَ قَالَ: وأنبئت أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام دخل عَلَيْهِ جَار لَهُ فَقَالَ: يَا يَعْقُوب مَا لي أَرَاك قد انهشمت وفنيت وَلم تبلغ من السن مَا بلغ أَبوك قَالَ: هشمني وأفناني مَا ابتلاني الله بِهِ من هم يُوسُف وَذكره فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا يَعْقُوب اتشكوني إِلَى خلقي فَقَالَ: يَا رب خَطِيئَة أخطأتها فاغفرها لي قَالَ: فَإِنِّي قد غفرت لَك فَكَانَ بعد ذَلِك إِذا سُئِلَ قَالَ {إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن مُسلم بن يسَار - رَضِي الله عَنهُ - يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من بَث لم يصبر ثمَّ قَرَأَ {إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله} وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَث لم يصبر ثمَّ قَرَأَ {إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله} وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كنوز الْبر إخفاء الصَّدَقَة وكتمان المصائب والأمراض وَمن بَث لم يصبر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث من كنوز الْبر: كتمان الصَّدَقَة وكتمان الْمُصِيبَة وكتمان الْمَرَض وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أصبح حَزينًا على الدُّنْيَا أصبح ساخطاً على ربه وَمن أصبح يشكو مُصِيبَة نزلت بِهِ فَإِنَّمَا يشكو الله وَمن تضعضع لَغَنِيّ لينال من دُنْيَاهُ أحبط الله ثُلثي عمله وَمن أعطي الْقُرْآن فَدخل النَّار فَأَبْعَده الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا مثله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: ثَلَاث من ملاك أَمرك: أَن لَا تَشْكُو مصيبتك وَأَن لَا تحدث بوجعك وَإِن لَا تزكي نَفسك بلسانك وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن وهب بن مُنَبّه - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: وجدت فِي التَّوْرَاة أَرْبَعَة أسطر مُتَوَالِيَة: من شكا مصيبته فَإِنَّمَا يشكو ربه وَمن تضعضع لَغَنِيّ ذهب ثلثا دينه وَمن حزن على مَا فِي يَد غَيره فقد سخط قَضَاء ربه وَمن قَرَأَ كتاب الله فَظن أَن لَا يغْفر لَهُ فَهُوَ من الْمُسْتَهْزِئِينَ بآيَات الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: من ابتلى ببلاء فكتمه ثَلَاثًا لَا يشكو إِلَى أحد أَتَاهُ الله برحمته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن حبيب بن أبي ثَابت: أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ قد سقط

حاجباه على عَيْنَيْهِ من الْكبر فَكَانَ يرفعهما بِخرقَة فَقيل لَهُ: مَا بلغ بك هَذَا قَالَ طول الزَّمَان وَكَثْرَة الأحزان فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا يَعْقُوب اتشكوني قَالَ: يَا رب خَطِيئَة أخطأتها فَاغْفِر لي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن نصر بن عَرَبِيّ قَالَ: بَلغنِي أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام لما طَال حزنه على يُوسُف ذهبت عَيناهُ من الْحزن فَجعل العوّاد يدْخلُونَ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: السَّلَام عَلَيْك يَا نَبِي الله كَيفَ تجدك فَيَقُول: شيخ كَبِير قد ذهب بَصرِي فاوحى الله إِلَيْهِ يَا يَعْقُوب شكوتني إِلَى عوادك قَالَ: أَي رب هَذَا ذَنْب عملته لَا أَعُود إِلَيْهِ فَلم يزل بعد يَقُول {إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّمَا أَشْكُو بثي} قَالَ: همي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أَشْكُو بثي} قَالَ: حَاجَتي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَأعلم من الله مَا لَا تعلمُونَ} يَقُول: أعلم أَن رُؤْيا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام صَادِقَة وَإِنِّي سأسجد لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن شَدَّاد رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت نشيج عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - وَإِنِّي لفي آخر الصُّفُوف فِي صَلَاة الصُّبْح وَهُوَ يقْرَأ {إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَلْقَمَة بن أبي وَقاص - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: صليت خلف عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - الْعشَاء فَقَرَأَ سُورَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا أَتَى على ذكر يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام نشج حَتَّى سَمِعت نَشِيجه وَأَنا فِي مُؤخر الصُّفُوف وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: ذكر لنا أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام وَلم تنزل بِهِ شدَّة بلَاء قطّ إِلَّا أَتَاهُ حسن ظَنّه بِاللَّه من وَرَاء بلائه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الرَّزَّاق - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: بلغنَا أَن يَعْقُوب

عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا رب أذهبت وَلَدي وأذهبت بَصرِي قَالَ: بلَى وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَإِنِّي لأرحمك ولأردنَّ عَلَيْك بَصرك وولدك وَإِنَّمَا ابتليتك بِهَذِهِ البلية لِأَنَّك ذبحت جملا فشويته فَوجدَ جَارك رِيحه فَلم تنله وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي تَفْسِيره وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْفرج بعد الشدَّة وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ ليعقوب عَلَيْهِ السَّلَام أَخ مؤاخ فَقَالَ لَهُ ذَات يَوْم: يَا يَعْقُوب مَا الَّذِي أذهب بَصرك وَمَا الَّذِي قَوس ظهرك قَالَ: أما الَّذِي أذهب بَصرِي فالبكاء على يُوسُف وَأما الَّذِي قَوس ظَهْري فالحزن على بنيامين فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا يَعْقُوب إِن الله عز وَجل يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول لَك: مَا تَسْتَحي تشكوني إِلَى غَيْرِي قَالَ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام {إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله} فَقَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام الله أعلم بِمَا تَشْكُو يَا يَعْقُوب ثمَّ قَالَ يَعْقُوب: أما ترحم الشَّيْخ الْكَبِير أذهبت بَصرِي وقوست ظَهْري فاردد عَليّ ريحانتي أشمه شمة قبل الْمَوْت ثمَّ اصْنَع بِي مَا أردْت فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا يَعْقُوب إِن الله يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول لَك: أبشر وليفرح قَلْبك فَوَعِزَّتِي لَو كَانَا ميتين لنشرتهما لَك فَاصْنَعْ طَعَاما للْمَسَاكِين فَإِن أحب عبَادي إِلَيّ: الْأَنْبِيَاء وَالْمَسَاكِين وَتَدْرِي لم أذهبت بَصرك وقوست ظهرك وصنع إخْوَة يُوسُف بِهِ مَا صَنَعُوا إِنَّكُم ذبحتم شَاة فأتاكم مِسْكين وَهُوَ صَائِم فَلم تطعموه مِنْهَا شَيْئا فَكَانَ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أَرَادَ الْغَدَاء أَمر منادياً يُنَادي أَلا من أَرَادَ الْغَدَاء من الْمَسَاكِين فليتغد مَعَ يَعْقُوب وَإِذا كَانَ صَائِما أَمر منادياً أَلا من كَانَ صَائِما من الْمَسَاكِين فليفطر مَعَ يَعْقُوب الْآيَة 87

87

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن النَّصْر بن عَرَبِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: بَلغنِي أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام مكث أَرْبَعَة وَعشْرين عَاما لَا يدْرِي أَحَي يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام أم

ميت حَتَّى تخَلّل لَهُ ملك الْمَوْت فَقَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: أَنا ملك الْمَوْت قَالَ: فأنشدك بإله يَعْقُوب هَل قبضت روح يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: لَا فَعِنْدَ ذَلِك قَالَ {يَا بني اذْهَبُوا فتحسسوا من يُوسُف وأخيه وَلَا تيأسوا من روح الله} فَخَرجُوا إِلَى مصر فَلم دخلُوا عَلَيْهِ لم يَجدوا كلَاما أرق من كَلَام اسْتَقْبلُوهُ بِهِ {قَالُوا يَا أَيهَا الْعَزِيز مسنا وأهلنا الضّر} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَلَا تيأسوا من روح الله} قَالَ: من رَحْمَة الله وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - مثله وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَلَا تيأسوا من روح الله} قَالَ: من فرج الله يفرج عَنْكُم الْغم الَّذِي أَنْتُم فِيهِ الْآيَة 88

88

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يَا أَيهَا الْعَزِيز مسنا وأهلنا الضّر} أَي الضّر فِي الْمَعيشَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَجِئْنَا ببضاعة} قَالَ: دَرَاهِم {مزجاة} قَالَ: كاسدة غير طائلة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {ببضاعة مزجاة} قَالَ: رثَّة الْمَتَاع خلق الْحَبل والغرارة وَالشَّيْء وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {ببضاعة مزجاة} قَالَ: الْوَرق الردية الزُّيُوف الَّتِي لَا تنْفق حَتَّى يوضع فِيهَا

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ببضاعة مزجاة} قَالَ: قَليلَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ببضاعة مزجاة} قَالَ: دَرَاهِم زيوف وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {ببضاعة مزجاة} قَالَ أَحدهمَا: نَاقِصَة وَقَالَ الآخر: فلوس رَدِيئَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن الْحَارِث - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ببضاعة مزجاة} قَالَ: مَتَاع الإِعراب الصُّوف وَالسمن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ببضاعة مزجاة} قَالَ: حَبَّة الخضراء وصنوبر وقطن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ببضاعة مزجاة} قَالَ: ببعيرات وبقرات عجاف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {مزجاة} قَالَ: كاسدة وَأخرج ابْن النجار عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {ببضاعة مزجاة} قَالَ: سويق الْمقل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن أنس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه سُئِلَ عَن أجر الكيالين: أيؤخذ من المُشْتَرِي قَالَ: الصَّوَاب - وَالَّذِي يَقع فِي قلبِي - أَن يكون على البَائِع وَقد قَالَ إخْوَة يُوسُف عَلَيْهِم السَّلَام: {فأوف لنا الْكَيْل وَتصدق علينا} وَكَانَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الَّذِي يَكِيل وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: فِي مصحف عبد الله ((فأوف لنا الْكَيْل وأوقر رِكَابنَا)) وَأخرج ابْن جرير عَن سُفْيَان بن عيينه - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سُئِلَ: هَل حرمت الصَّدَقَة على أحد الْأَنْبِيَاء قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أم تسمع قَوْله {فأوف لنا الْكَيْل وَتصدق علينا إِن الله يَجْزِي المتصدقين}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام لَا يَأْكُلُون الصَّدَقَة إِنَّمَا كَانَت دَرَاهِم نفاية لَا تجوز بَينهم فَقَالُوا: تجوّز عَنَّا وَلَا تُنْقِصْنا من السّعر لأجل رَدِيء دراهمنا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَتصدق علينا} قَالَ: ارْدُدْ علينا أخانا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز - رَضِي الله عَنهُ - أَن رجلا قَالَ لَهُ: تصدق عليَّ تصدق الله عَلَيْك بِالْجنَّةِ فَقَالَ: وَيحك إِن الله لَا يتَصَدَّق وَلَكِن الله يَجْزِي المتصدقين وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سُئِلَ: أيكره أَن يَقُول الرجل فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ تصدق عَليّ فَقَالَ: نعم إِنَّمَا الصَّدَقَة لمن يَبْتَغِي الثَّوَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ثَابت الْبنانِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قيل لبني يَعْقُوب: إِن بِمصْر رجلا يطعم الْمِسْكِين ويملأ حجر الْيَتِيم قَالُوا: يَنْبَغِي أَن يكون هَذَا منا أهل الْبَيْت فنظروا فَإِذا هُوَ يُوسُف بن يَعْقُوب الْآيَات 89 - 90

89

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْأَعْمَش - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَرَأَ يحيى بن وثاب - رَضِي الله عَنهُ - أَنَّك لأَنْت يُوسُف بِهَمْزَة وَاحِدَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: فِي حرف عبد الله {قَالَ أَنا يُوسُف وَهَذَا أخي} بيني وَبَينه قربى {قد منّ الله علينا} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي قَوْله {إِنَّه من يتق} الزِّنَا {ويصبر} على الْعُزُوبَة فَإِن الله {لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَكْتُوب فِي الْكتاب الأول أَن الْحَاسِد لَا يضر بحسده إِلَّا نَفسه لَيْسَ ضاراً

من حسد وَإِن الْحَاسِد ينقصهُ حسده وَإِن الْمَحْسُود إِذا صَبر نجاه الله بصبره لِأَن الله يَقُول {إِنَّه من يتق ويصبر فَإِن الله لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ} الْآيَة 91

91

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {قَالُوا تالله لقد آثرك الله علينا} وَذَلِكَ بَعْدَمَا عرفهم نَفسه لقوا رجلا حَلِيمًا لم يبث وَلم يثرب عَلَيْهِم أَعْمَالهم الْآيَات 92 - 93

92

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا تَثْرِيب} قَالَ: لَا تعيير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَا تَثْرِيب} قَالَ لَا إباء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: لما استفتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة الْتفت إِلَى النَّاس فَقَالَ: مَاذَا تَقولُونَ وماذا تظنون قَالُوا: ابْن عَم كريم فَقَالَ {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم يغْفر الله لكم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما فتح مَكَّة صعد الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: يَا أهل مَكَّة مَاذَا تظنون مَاذَا تَقولُونَ قَالُوا: نظن خيرا ونقول خيرا: ابْن عَم كريم قد قدرت قَالَ: فَإِنِّي أَقُول كَمَا قَالَ أخي يُوسُف {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم يغْفر الله لكم وَهُوَ أرْحم الرَّاحِمِينَ} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما فتح مَكَّة طَاف بِالْبَيْتِ وَصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أَتَى الْكَعْبَة فَأخذ بِعضَادَتَيْ

الْبَاب فَقَالَ: مَاذَا تَقولُونَ وماذا تظنون قَالُوا: نقُول ابْن أَخ وَابْن عَم حَلِيم رَحِيم فَقَالَ: أَقُول كَمَا قَالَ يُوسُف {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم يغْفر الله لكم وَهُوَ أرْحم الرَّاحِمِينَ} فَخَرجُوا كَأَنَّمَا نشرُوا من الْقُبُور فَدَخَلُوا فِي الإِسلام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: طلب الْحَوَائِج إِلَى الشَّبَاب أسهل مِنْهَا إِلَى الشُّيُوخ ألم تَرَ إِلَى قَول يُوسُف {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم} وَقَالَ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام {سَوف أسْتَغْفر لكم رَبِّي} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمرَان الْجونِي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أما وَالله مَا سمعنَا بِعَفْو قطّ مثل عَفْو يُوسُف وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما كَانَ من أَمر إخْوَة يُوسُف مَا كَانَ كتب يَعْقُوب إِلَى يُوسُف - وَهُوَ لَا يعلم أَنه يُوسُف - بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم إِلَى عَزِيز آل فِرْعَوْن سَلام عَلَيْك فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أما بعد: فَإنَّا أهل بَيت مولع بِنَا أَسبَاب الْبلَاء كَانَ جدي إِبْرَاهِيم خَلِيل الله عَلَيْهِ السَّلَام ألقِي فِي النَّار فِي طَاعَة ربه فَجَعلهَا عَلَيْهِ الله بردا وَسلَامًا وَأمر الله جدي أَن يذبح لَهُ أبي ففاده الله بِمَا فدَاه الله بِهِ وَكَانَ لي ابْن وَكَانَ من أحب النَّاس إِلَيّ فَفَقَدته فَأذْهب حزني عَلَيْهِ نور بَصرِي وَكَانَ لَهُ أَخ من أمه كنت إِذا ذكرته ضممته إِلَى صَدْرِي فَأذْهب عني وَهُوَ الْمَحْبُوس عنْدك فِي السّرقَة وَأَنِّي أخْبرك أَنِّي لم أسرق وَلم أَلد سَارِقا فَلَمَّا قَرَأَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام الْكتاب بَكَى وَصَاح وَقَالَ {اذْهَبُوا بقميصي هَذَا فألقوه على وَجه أبي يَأْتِ بَصيرًا} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي قَوْله {اذْهَبُوا بقميصي هَذَا} إِن نمْرُود لما ألقِي إِبْرَاهِيم فِي النَّار نزل إِلَيْهِ جِبْرِيل بقميص من الْجنَّة وطنفسة من الْجنَّة فألبسه الْقَمِيص وَأَقْعَدَهُ على الطنفسة وَقعد مَعَه يتحدث فَأوحى الله إِلَى النَّار (كوني بردا وَسلَامًا على إِبْرَاهِيم) (سُورَة الْأَنْبِيَاء الْآيَة 69) وَلَوْلَا أَنه قَالَ: وَسلَامًا لأذاه الْبرد ولقتله الْبرد

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رجل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا خير الْبشر فَقَالَ: ذَاك يُوسُف صديق الله ابْن يَعْقُوب إِسْرَائِيل الله ابْن اسحاق ذبيح الله ابْن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله إِن الله كسا إِبْرَاهِيم ثوبا من الْجنَّة فَكَسَاهُ إِبْرَاهِيم إِسْحَاق فَكَسَاهُ اسحاق يَعْقُوب فَأَخذه يَعْقُوب فَجعله فِي قَصَبَة حَدِيد وعلقه فِي عنق يُوسُف وَلَو علم إخْوَته إِذْ ألقوه فِي الْجب لأخذوه فَلَمَّا أَرَادَ الله أَن يرد يُوسُف على يَعْقُوب وَكَانَ بَين رُؤْيَاهُ وتعبيرها أَرْبَعِينَ سنة أَمر البشير أَن يبشره من ثَمَان مراحل فَوجدَ يَعْقُوب رِيحه فَقَالَ {إِنِّي لأجد ريح يُوسُف لَوْلَا أَن تفندون} فَلَمَّا أَلْقَاهُ على وَجهه ارْتَدَّ بَصيرًا وَلَيْسَ يَقع شَيْء من الْجنَّة على عاهة من عاهات الدُّنْيَا إِلَّا أبرأها بِإِذن الله تَعَالَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما ألقِي إِبْرَاهِيم فِي النَّار كَسَاه الله تَعَالَى قَمِيصًا من الْجنَّة فَكَسَاهُ إِبْرَاهِيم إِسْحَاق وكساه اسحاق يَعْقُوب وكساه يَعْقُوب يُوسُف فطواه وَجعله فِي قَصَبَة فضَّة فَجعله فِي عُنُقه وَكَانَ فِي عُنُقه حِين ألقِي فِي الْجب: وَحين سجن وَحين دخل عَلَيْهِ إخْوَته وَأخرج الْقَمِيص من القصبة فَقَالَ {اذْهَبُوا بقميصي هَذَا فألقوه على وَجه أبي يَأْتِ بَصيرًا} فشم يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام ريح الْجنَّة وَهُوَ بِأَرْض كنعان بِأَرْض فلسطين فَقَالَ {إِنِّي لأجد ريح يُوسُف} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ أَهله حِين أرسل إِلَيْهِم فَأتوا مصر ثَلَاثَة وَتِسْعين إنْسَانا رِجَالهمْ أَنْبيَاء وَنِسَاؤُهُمْ صديقات وَالله مَا خَرجُوا مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى بلغُوا سِتّمائَة ألف وَسبعين ألفا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: خرج يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام بِمصْر فِي اثْنَيْنِ وَسبعين من وَلَده وَولد وَلَده فَخَرجُوا مِنْهَا مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وهم سِتّمائَة ألف الْآيَات 94 - 95

94

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَلما فصلت العير} قَالَ: خرجت العير هَاجَتْ ريح فَجَاءَت يَعْقُوب برِيح قَمِيص يُوسُف قَالَ {إِنِّي لأجد ريح يُوسُف لَوْلَا أَن تفندون} تسفهون قَالَ: فَوجدَ رِيحه من مسيرَة ثَمَانِيَة أَيَّام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {إِنِّي لأجد ريح يُوسُف} قَالَ: وجد رِيحه من مسيرَة عشرَة أَيَّام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه سُئِلَ من كم وجد يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام ريح الْقَمِيص قَالَ: وجده من مسيرَة ثَمَانِينَ فرسخاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: وجد ريح يُوسُف من مسيرَة شهر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: وجد يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام ريح يُوسُف من مسيرَة سِتَّة أَيَّام وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: وجد رِيحه من مسيرَة سَبْعَة أَيَّام وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {لَوْلَا أَن تفندون} يَقُول: تجهلون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {لَوْلَا أَن تفندون} قَالَ: تكذبون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَوْلَا أَن تفندون} قَالَ: تهرمون تَقولُونَ قد ذهب عقلك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: المفند الَّذِي لَيْسَ لَهُ عقل يَقُولُونَ: لَا يعقل قَالَ: وَقَالَ الشَّاعِر: مهلا فَإِن من الْعُقُول مفندا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَوْلَا أَن تفندون} قَالَ: لَوْلَا أَن تُحَمِّقون

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما بعث يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام الْقَمِيص إِلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام أَخذه فشمه ثمَّ وَضعه على بَصَره فَرد الله عَلَيْهِ بَصَره ثمَّ حملوه إِلَيْهِ فَلَمَّا دخلُوا وَيَعْقُوب متكئ على ابْن لَهُ يُقَال لَهُ يهودا استقبله يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْجنُود وَالنَّاس فَقَالَ يَعْقُوب: يَا يهودا هَذَا فِرْعَوْن مصر قَالَ: لَا يَا أَبَت وَلَكِن هَذَا ابْنك يُوسُف قيل لَهُ إِنَّك قادم فتلقاك فِي أهل مَمْلَكَته وَالنَّاس فَلَمَّا لقِيه ذهب يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ليبدأه بِالسَّلَامِ فَمنع من ذَلِك ليعلم أَن يَعْقُوب أكْرم على الله مِنْهُ فاعتنقه وقبّله وَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك أَيهَا الذَّاهِب بالأحزان عني وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام لَقِي ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: هَل قبضت نفس يُوسُف فِيمَن قبضت قَالَ: لَا فَعِنْدَ ذَلِك {قَالَ ألم أقل لكم إِنِّي أعلم من الله مَا لَا تعلمُونَ} وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عمر بن يُونُس اليمامي قَالَ: بَلغنِي أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ أحب أهل الأَرْض إِلَى ملك الْمَوْت وَأَن ملك الْمَوْت اسْتَأْذن ربه فِي أَن يَأْتِي يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فَأذن لَهُ فَجَاءَهُ فَقَالَ لَهُ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام: يَا ملك الْمَوْت أَسأَلك بِالَّذِي خلقك: هَل قبضت نفس يُوسُف فِيمَن قبضت من النُّفُوس قَالَ: لَا قَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: يَا يَعْقُوب أَلا أعلمك كَلِمَات لَا تسْأَل الله شَيْئا إِلَّا أَعْطَاك قَالَ: بلَى قَالَ: قل: يَا ذَا الْمَعْرُوف الَّذِي لَا يَنْقَطِع أبدا وَلَا يُحْصِيه غَيْرك فَدَعَا بهَا يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فَلم يطلع الْفجْر حَتَّى طرح الْقَمِيص على وَجهه فَارْتَد بَصيرًا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن حسن أَنه حدث أَن ملكا من مُلُوك العمالق خطب إِلَى يَعْقُوب ابْنَته رقية فَأرْسل إِلَيْهِ يَعْقُوب أَن الْمَرْأَة الْمسلمَة المعزوزة لَا تحل للْكَافِرِ الأغرل فَغَضب ذَلِك الْملك وَقَالَ: لأقتلنه ولأقتلن وَلَده فَبعث إِلَيْهِم جَيْشًا فغزا يَعْقُوب وَمَعَهُ بنوه فَجَلَسَ لَهُم على تل مُرْتَفع ثمَّ قَالَ: أَي بني أَي ذَلِك أحب إِلَيْكُم أَن تَقْتُلُوهُمْ بِأَيْدِيكُمْ قتلا أَو يكفيكموهم الله فَإِنِّي قد سَأَلت الله ذَلِك فأعطانيه قَالُوا نقتلهم بِأَيْدِينَا هُوَ أشفى لأنفسنا قَالَ: أَي بني أَو تقبلون كِفَايَة الله قَالَ: فَدَعَا الله عَلَيْهِم يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فَخسفَ بهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {إِنَّك لفي ضلالك الْقَدِيم} يَقُول: خطئك الْقَدِيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لفي ضلالك الْقَدِيم} يَقُول: جنونك الْقَدِيم وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لفي ضلالك الْقَدِيم} قَالَ: حبك الْقَدِيم الْآيَة 96

96

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير أَلْقَاهُ على وَجهه} قَالَ: الْبَرِيد وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {فَلَمَّا أَن جَاءَ البشير} قَالَ: البشير يهودا بن يَعْقُوب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: البشير هُوَ يهودا قَالَ: وَكَانَ ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - يقْرَأ: [وَجَاء البشير من بَين يَدي العير] وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما جَاءَ البشير إِلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: مَا وجدت عندنَا شَيْئا وَمَا اختبزنا مُنْذُ سَبْعَة أَيَّام وَلَكِن هوّن الله عَلَيْك سكرة الْمَوْت وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن لُقْمَان الْحَنَفِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: بلغنَا أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام لما أَتَاهُ البشير قَالَ لَهُ: مَا أَدْرِي مَا أثيبك الْيَوْم وَلَكِن هوّن الله عَلَيْك سَكَرَات الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما أَن جَاءَ البشير إِلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فَألْقى عَلَيْهِ الْقَمِيص قَالَ: على أَي دين خلفت عَلَيْهِ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: على الإِسلام قَالَ: الْآن تمت النِّعْمَة

الْآيَات 97 - 98

97

أخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله (سأستغفر لكم رَبِّي) قَالَ: إِن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام أخر بنيه إِلَى السَحَر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {سَوف أسْتَغْفر لكم رَبِّي} قَالَ: أخرهم إِلَى السَحَرِ وَكَانَ يُصَلِّي بِالسحرِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ: لم أخر يَعْقُوب بنيه فِي الاسْتِغْفَار قَالَ: أخرهم إِلَى السحر لِأَن دُعَاء السحر مستجاب وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي قصَّة قَول أخي يَعْقُوب لِبَنِيهِ {سَوف أسْتَغْفر لكم رَبِّي} يَقُول: حَتَّى تَأتي لَيْلَة الْجُمُعَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ جَاءَ عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنْهُمَا - إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ بِأبي أَنْت وَأمي تفلت هَذَا الْقُرْآن من صَدْرِي فَمَا أجدني أقدر عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا الْحسن أَفلا أعلمك كَلِمَات ينفعك الله بِهن وينفع الله بِهن من عَلمته وَيثبت مَا تعلمت فِي صدرك قَالَ: أجل يَا رَسُول الله فعلمني قَالَ: إِذا كَانَت لَيْلَة الْجُمُعَة فَإِن اسْتَطَعْت أَن تقوم ثلث اللَّيْل الْأَخير فَإِنَّهُ سَاعَة مَشْهُودَة وَالدُّعَاء فِيهَا مستجاب وَقد قَالَ أخي يَعْقُوب لِبَنِيهِ {سَوف أسْتَغْفر لكم رَبِّي} يَقُول: حَتَّى تَأتي لَيْلَة الْجُمُعَة فَإِن لم تستطع فَقُمْ فِي وَسطهَا فَإِن لم تستطع فَقُمْ فِي أَولهَا فصل أَربع رَكْعَات تقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة يس وَفِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة بِفَاتِحَة الْكتاب وحم الدُّخان وَفِي الرَّكْعَة الثَّالِثَة بِفَاتِحَة الْكتاب والم تَنْزِيل السَّجْدَة وَفِي الرَّكْعَة الرَّابِعَة بِفَاتِحَة الْكتاب وتبارك الْمفصل فَإِذا فرغت من التَّشَهُّد فاحمد الله وَأحسن الثَّنَاء على الله وصلّ عليّ وعَلى سَائِر النَّبِيين واستغفر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات ولإِخوانك الَّذين

سبقوك بالإِيمان ثمَّ قل فِي آخر ذَلِك: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بترك الْمعاصِي أبدا مَا أبقيتني وارحمني أَن أتكلف مَا لَا يعنيني وارزقني حسن النّظر فِيمَا يرضيك عني اللَّهُمَّ بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض ذَا الْجلَال والإِكرام والعزة الَّتِي لَا ترام أَسأَلك يَا الله يَا رَحْمَن بجلالك وَنور وَجهك أَن تلْزم قلبِي حفظ كتابك كَمَا علمتني وارزقني أَن أتلوه على النَّحْو الَّذِي يرضيك عني اللَّهُمَّ بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض ذَا الْجلَال والإِكرام والعزة الَّتِي لَا ترام أَسأَلك يَا الله يَا رَحْمَن بجلالك وَنور وَجهك أَن تنوّر بكتابك بَصرِي وَأَن تطلق بِهِ لساني وَأَن تفرج بِهِ عَن قلبِي وَأَن تشرح بِهِ صَدْرِي وَأَن تغسل بِهِ بدني فَإِنَّهُ لَا يُعِيننِي على الْحق غَيْرك وَلَا يؤتيه إِلَّا أَنْت وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم يَا أَبَا الْحسن تفعل ذَلِك ثَلَاث جمع أَو خمْسا أَو سبعا بإِذن الله تَعَالَى وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أَخطَأ مُؤمنا قطّ قَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فوَاللَّه مَا مكث عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - إِلَّا خمْسا أَو سبعا حَتَّى جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مثل ذَلِك الْمجْلس قَالَ يَا رَسُول الله كنت فِيمَا خلا لَا آخذ الْأَرْبَع آيَات ونحوهن فَإِذا قرأتهن على نَفسِي تفلتن وَأَنا أتعلم الْيَوْم أَرْبَعِينَ آيَة وَنَحْوهَا فَإِذا قرأتها على نَفسِي فَكَأَنَّمَا كتاب الله بَين عَيْني وَلَقَد كنت أسمع الحَدِيث فَإِذا رَددته تفلت وَأَنا الْيَوْم أسمع الْأَحَادِيث فَإِذا تحدثت بهَا لم أخرم مِنْهَا حرفا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك: مُؤمن وَرب الْكَعْبَة أَبَا الْحسن وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن قيس - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {سَوف أسْتَغْفر لكم رَبِّي} قَالَ: فِي صَلَاة اللَّيْل وَأخرج ابْن جرير عَن أنس بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن الله لما جمع ليعقوب عَلَيْهِ السَّلَام شَمله ببنيه وَأقر عينه خلا وَلَده نجيا فَقَالَ بَعضهم لبَعض: ألستم قد علمْتُم مَا صَنَعْتُم وَمَا لَقِي مِنْكُم الشَّيْخ فجلسوا بَين يَدَيْهِ ويوسف إِلَى جنب أَبِيه قَاعد قَالُوا: يَا أَبَانَا أَتَيْنَاك فِي أَمر لم نأتك فِي مثله قطّ وَنزل بِنَا أَمر لم ينزل بِنَا مثله حَتَّى حركوه - والأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام أرْحم الْبَريَّة - فَقَالَ: مَا لكم يَا بني قَالُوا: أَلَسْت قد علمت مَا كَانَ منا إِلَيْك وَمَا كَانَ منا إِلَى أخينا يُوسُف قَالَا: بلَى قَالُوا: أفلستما قد عفوتما قَالَا: بلَى قَالُوا: فَإِن عفوكما لَا يُغني عَنَّا شَيْئا إِن كَانَ الله لم يغن عَنَّا قَالَ: فَمَا تُرِيدُونَ يَا بني قَالُوا: نُرِيد أَن

تَدْعُو الله فَإِذا جَاءَك من عِنْد الله بِأَنَّهُ قد عَفا قرت أَعيننَا واطمأنت قُلُوبنَا وَإِلَّا فَلَا قُرَّة عين فِي الدُّنْيَا لنا أبدا قَالَ: فَقَامَ الشَّيْخ فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَقَامَ يُوسُف خلف أَبِيه وَقَامُوا خلفهمَا أَذِلَّة خاشعين فَدَعَا وَأمن يُوسُف فَلم يجب فيهم عشْرين سنة حَتَّى إِذا كَانَ رَأس الْعشْرين نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: إِن الله بَعَثَنِي أُبَشِّرك بِأَنَّهُ قد أجَاب دعوتك فِي ولدك وَإنَّهُ قد عَفا عَمَّا صَنَعُوا وَإنَّهُ قد اعْتقد مواثيقهم من بعْدك على النبوّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما جمع الله ليعقوب عَلَيْهِ السَّلَام بنيه قَالَ ليوسف: حَدثنِي مَا صنع بك اخوتك قَالَ: فابتدأ يحدثه فَغشيَ عَلَيْهِ جزعاً فَقَالَ: يَا أَبَت إِن هَذَا من أَهْون مَا صَنَعُوا بِي فَقَالَ لَهُم يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام: يَا بني أما لكم موقف بَين يَدي الله تخافون أَن يسألكم عَمَّا صَنَعْتُم قَالُوا يَا أَبَانَا قد كَانَ ذَاك فَاسْتَغْفر لنا وَقَالَ: وَقد كَانَ الله تبَارك وَتَعَالَى عود يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام إِذا سَأَلَهُ حَاجَة أَن يُعْطِيهَا إِيَّاه فِي أول يَوْم أَو فِي الثَّانِي أَو الثَّالِث لَا محَالة - فَقَالَ: إِذا كَانَ السحر فأفيضوا عَلَيْكُم من المَاء ثمَّ البسوا ثيابكم الَّتِي تصونوها ثمَّ هلموا إِلَيّ: فَفَعَلُوا فجاؤوا فَقَامَ يَعْقُوب أمامهم ويوسف عَلَيْهِ السَّلَام خَلفه وهم خلف يُوسُف إِلَى أَن طلعت الشَّمْس لم تنزل عَلَيْهِم التَّوْبَة ثمَّ الْيَوْم الثَّانِي ثمَّ الْيَوْم الثَّالِث فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الرَّابِعَة نَامُوا فَجَاءَهُمْ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا بني تنامون وَالله عَلَيْكُم ساخط فَقومُوا فَقَامَ وَقَامُوا عشْرين سنة يطْلبُونَ إِلَى الله الْحَاجة فَأوحى الله إِلَى يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي قد تبت عَلَيْهِم وَقبلت تَوْبَتهمْ قَالَ: يَا رب النبوّة قَالَ: قد أخذت ميثاقهم فِي النَّبِيين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَائِشَة قَالَ: مَا تيب على ولد يَعْقُوب إِلَّا بعد عشْرين سنة وَكَانَ أبوهم بَين أَيْديهم فَمَا تيب عَلَيْهِم حَتَّى نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَعلمه هَذَا الدُّعَاء: يَا رَجَاء الْمُؤمنِينَ لَا تقطع رجاءنا يَا غياث الْمُؤمنِينَ أغثنا يَا مَانع الْمُؤمنِينَ امنعنا يَا مُجيب التائبين تب علينا قَالَ: فَأَخَّرَهُ إِلَى السحر فَدَعَا بِهِ فتيب عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن اللَّيْث بن سعد أَن يَعْقُوب وإخوة يُوسُف أَقَامُوا عشْرين سنة يطْلبُونَ فِيمَا فعل إخْوَة يُوسُف بِيُوسُف لَا يقبل ذَلِك مِنْهُم حَتَّى لَقِي

جِبْرِيل يَعْقُوب فَعلمه هَذَا الدُّعَاء: يَا رَجَاء الْمُؤمنِينَ لَا تخيب رجائي وَيَا غوث الْمُؤمنِينَ أَغِثْنِي وَيَا عون الْمُؤمنِينَ أَعنِي يَا حبيب التوّابين تب عَليّ فاستجيب لَهُم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {سَوف أسْتَغْفر لكم رَبِّي} إِلَى قَوْله {إِن شَاءَ الله آمِنين} قَالَ يُوسُف: أسْتَغْفر لكم رَبِّي إِن شَاءَ الله وَبَين هَذَا وَبَين ذَاك مَا بَينه قَالَ: وَهَذَا من تَقْدِيم الْقُرْآن وتأخيره قَالَ أَبُو عبيد: ذهب ابْن جريج إِلَى أَن الِاسْتِثْنَاء فِي قَوْله {إِن شَاءَ الله} من كَلَام يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام حِين قَالَ: ادخُلُوا مصر وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عمرَان الْجونِي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا قصّ الله علينا نبأهم يعيرهم بذلك إِنَّهُم أَنْبيَاء من أهل الْجنَّة وَلَكِن قصّ علينا نبأهم لِئَلَّا يقنط عَبده الْآيَات 99 - 100

99

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: دخل يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام مصر فِي ملك يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ ابْن مائَة وَثَمَانِينَ سنة وعاش فِي ملكه ثَلَاثِينَ سنة وَمَات يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين سنة قَالَ أَبُو هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - وَبَلغنِي أَنه كَانَ عمر إِبْرَاهِيم خَلِيل الله مائَة وَخَمْسَة وَتِسْعين سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} قَالَ: أَبوهُ وَأمه ضمهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه - رَضِي الله عَنهُ - فِي

قَوْله {وَرفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش} قَالَ: أَبوهُ وخالته وَكَانَت توفيت أم يُوسُف فِي نِفَاس أَخِيه بنيامين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان بن عَيْنِيَّة {وَرفع أَبَوَيْهِ} قَالَ: كَانَت الْخَالَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَرفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش} قَالَ: السرير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَرفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش} قَالَ: السرير وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَرفع أَبَوَيْهِ على الْعَرْش} قَالَ: مَجْلِسه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عدي بن حَاتِم - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وخروا لَهُ سجدا} قَالَ: كَانَ تَحِيَّة من كَانَ قبلكُمْ السُّجُود بهَا يحيي بَعضهم بَعْضًا وَأعْطى الله هَذِه الْأمة السَّلَام تَحِيَّة أهل الْجنَّة كَرَامَة من الله عجلها لَهُم ونعمة مِنْهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وخروا لَهُ سجدا} قَالَ: ذَلِك السُّجُود تشرفة كَمَا سجدت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام تشرفة لآدَم عَلَيْهِ السَّلَام وَلَيْسَ بسجود عبَادَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وخروا لَهُ سجدا} قَالَ: بلغنَا أَن أَبَوَيْهِ واخوته سجدوا ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام إِيمَاء برؤوسهم كَهَيئَةِ الْأَعَاجِم وَكَانَت تِلْكَ تحيتهم كَمَا يصنع ذَلِك نَاس الْيَوْم وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك وسُفْيَان - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَا: كَانَت تِلْكَ تحيتهم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْعُقُوبَات وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سلمَان الْفَارِسِي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ بَين رُؤْيا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَبَين تَأْوِيلهَا أَرْبَعُونَ سنة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن شَدَّاد -

رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ بَين رُؤْيا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وتأويلها أَرْبَعُونَ سنة وَإِلَيْهِ يَنْتَهِي أقْصَى الرُّؤْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: بَينهمَا خَمْسَة وَثَلَاثُونَ عَاما وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ بَين الرُّؤْيَا والتأويل ثَمَانُون سنة وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الفضيل بن عِيَاض - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ بَين فِرَاق يُوسُف بن يَعْقُوب إِلَى أَن التقيا ثَمَانُون سنة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ بَينهمَا سبع وَسَبْعُونَ سنة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - أَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ألقِي فِي الْجب وَهُوَ ابْن سبع عشرَة سنة وَلَقي أَبَاهُ بعد ثَمَانِينَ سنة وعاش بعد ذَلِك ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وَمَات وَهُوَ ابْن مائَة وَعشْرين سنة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زِيَاد يرفعهُ قَالَ: لبث يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْعُبُودِيَّة بضعَة وَعشْرين سنة وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن حُذَيْفَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ بَين فِرَاق يُوسُف يَعْقُوب عَلَيْهِمَا السَّلَام إِلَى أَن لقِيه سَبْعُونَ سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَجَاء بكم من البدو} قَالَ: كَانَ يَعْقُوب وَبَنوهُ بِأَرْض كنعان أهل مواش وبرية وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَجَاء بكم من البدو} قَالَ: كَانُوا أهل بادية وماشية وبلغنا أَن بَينهم يَوْمئِذٍ ثَمَانِينَ فرسخاً وَقد كَانَ فَارقه قبل ذَلِك ببضع وَسبعين سنة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {إِن رَبِّي لطيف لما يَشَاء}

قَالَ: لطف بِيُوسُف وصنع لَهُ حِين أخرجه من السجْن وَجَاء بأَهْله من البدو وَنزع من قلبه نَزغ الشَّيْطَان وتحريشه على اخوته وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ثَابت الْبنانِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما قدم يَعْقُوب على يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام تَلقاهُ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام على الْعجل وَلبس حلية الْمُلُوك وتلقاه فِرْعَوْن إِكْرَاما ليوسف فَقَالَ يُوسُف لِأَبِيهِ: إِن فِرْعَوْن قد أكرمنا فَقل لَهُ فَقَالَ لَهُ يَعْقُوب: لقد بوركت يَا فِرْعَوْن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما التقى يُوسُف وَيَعْقُوب عانق كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه وَبكى فَقَالَ يُوسُف: يَا أَبَت بَكَيْت عَليّ حَتَّى ذهب بَصرك ألم تعلم أَن الْقِيَامَة تجمعنا قَالَ: بلَى يَا بني وَلَكِن خشيت أَن يسلب دينك فيحال بيني وَبَيْنك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ثَابت الْبنانِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما حضر يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام الْمَوْت قَالَ: ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام إِنِّي أَسأَلك خَصْلَتَيْنِ وَأُعْطِيك خَصْلَتَيْنِ أَسأَلك أَن تَعْفُو عَن اخوتك وَلَا تعاقبهم بِمَا صَنَعُوا بك وَأَسْأَلك إِذا أَنا متّ أَن تحملنِي فتدفنني مَعَ آبَائِي إِبْرَاهِيم واسحق وَأُعْطِيك أَن تغمضني عِنْد الْمَوْت وَأَن ادخل ابْنَيْنِ لَك فِي الأسباط فَمَا وضع يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام يَده على وَجه أَبِيه ليغمضه فتح عَيْنَيْهِ ثمَّ قَالَ: يَا بني إِن هَذَا من الْأَبْنَاء للآباء عِنْد الله عَظِيم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي بكر بن عَيَّاش - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لما مَاتَ يَعْقُوب النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أقيم عَلَيْهِ النوائح أَرْبَعَة أشهر وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مَالك بن دِينَار - رَضِي الله عَنهُ - أَن يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لما ثقل لِابْنِهِ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام: أَدخل يدك تَحت صلبي فاحلف لي بِرَبّ يَعْقُوب لتدفنني مَعَ آبَائِي فَإِنِّي قد اشركتهم فِي الْعَمَل فاشركني مَعَهم فِي قُبُورهم فَلَمَّا توفّي يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام فعل ذَلِك يُوسُف حَتَّى أَتَى بِهِ أَرض كنعان فدفنه مَعَهم الْآيَة 101

101

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْأَعْمَش - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما قَالَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام {رب قد آتيتني من الْملك} إِلَى قَوْله {توفني مُسلما وألحقني بالصالحين} شكر الله لَهُ ذَلِك فزاده فِي عمره ثَمَانِينَ عَاما وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي الْآيَة قَالَ: اشتاق إِلَى لِقَاء الله وَأحب أَن يلْحق بِهِ وبآبائه فَدَعَا الله أَن يتوفاه وَأَن يلْحقهُ بهم قَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَلم يسْأَل نَبِي قطّ الْمَوْت غير يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ {رب قد آتيتني من الْملك} الْآيَة قَالَ ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - وَأَنا أَقُول: فِي بعض الْقُرْآن من الْأَنْبِيَاء من قَالَ توفني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: مَا سَأَلَ نَبِي الْوَفَاة غير يُوسُف وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {توفني مُسلما وألحقني بالصالحين} يَقُول: توفني على طَاعَتك واغفر لي إِذا توفيتني وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وألحقني بالصالحين} قَالَ: يَعْنِي إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {توفني مُسلما وألحقني بالصالحين} قَالَ: يَعْنِي أهل الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما أُوتِيَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام من الْملك مَا أُوتِيَ تاقت نَفسه إِلَى آبَائِهِ قَالَ {رب قد آتيتني من الْملك} إِلَى قَوْله {وألحقني بالصالحين} قَالَ: بآبائه إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: لما قدم على يُوسُف أَبوهُ واخوته وَجمع الله شَمله وَأقر عَيْنَيْهِ - وَهُوَ يَوْمئِذٍ مغموس فِي نعيم من الدُّنْيَا - اشتاق إِلَى آبَائِهِ الصَّالِحين: إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب فَسَأَلَ الله الْقَبْض وَلم يتمن الْمَوْت أحد قطّ نَبِي وَلَا غَيره إِلَّا يُوسُف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز - رَضِي الله عَنهُ - أَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لما حَضرته الْوَفَاة قَالَ: يَا اخوتاه إِنِّي لم انتصر من أحد

ظَلَمَنِي فِي الدُّنْيَا وَإِنِّي كنت أحب أَن أظهر الْحَسَنَة وأخفي السَّيئَة فَذَلِك زادي من الدُّنْيَا يَا اخوتاه إِنِّي أشركت آبَائِي فِي أَعْمَالهم فأشركوني مَعَهم فِي قُبُورهم وَأخذ عَلَيْهِم الْمِيثَاق فَلم يَفْعَلُوا حَتَّى بعث الله مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَسَأَلَ عَن قَبره فَلم يجد أحدا يُخبرهُ إِلَّا امْرَأَة يُقَال لَهَا شارخ بنت شيرا بن يَعْقُوب فَقَالَت: أدلك عَلَيْهِ على أَن أشْتَرط عَلَيْك قَالَ ذَاك لَك قَالَت: أصير شَابة كلما كَبرت قَالَ: ذَلِك لَك قَالَ: وأكون مَعَك فِي درجتك يَوْم الْقِيَامَة فَكَأَنَّهُ امْتنع فَأمر أَن يمْضِي لَهَا ذَلِك فَفعل فدلته عَلَيْهِ فَأخْرجهُ فَكَانَت كلما كَانَت بنت خمسين سنة صَارَت مثل ابْنة ثَلَاثِينَ حَتَّى عمرت عمر نسرين ألف وسِتمِائَة سنة أَو ألف وَأَرْبَعمِائَة حَتَّى أدْركهَا سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَتَزَوجهَا وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن الله حِين أَمر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بالسير ببني إِسْرَائِيل أمره أَن يحْتَمل مَعَه عِظَام يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَأَن لَا يخلفها بِأَرْض مصر وَأَن يسير بهَا حَتَّى يَضَعهَا بِالْأَرْضِ المقدسة فَسَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَمَّن يعرف مَوضِع قَبره فَمَا وجد إِلَّا عجوزاً من بني إِسْرَائِيل فَقَالَت: يَا نَبِي الله إِنِّي أعرف مَكَانَهُ إِن أَنْت أخرجتني مَعَك وَلم تخلفني بِأَرْض مصر دللتك عَلَيْهِ قَالَ: أفعل وَقد كَانَ مُوسَى وعد بني إِسْرَائِيل أَن يسير بهم إِذا طلع الْفجْر فَدَعَا ربه أَن يُؤَخر طلوعه حَتَّى يفرغ من أَمر يُوسُف فَفعل فَخرجت بِهِ الْعَجُوز حَتَّى أرته إِيَّاه فِي نَاحيَة من النّيل فِي المَاء فاستخرجه مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام صندوقاً من مرمر فاحتمله الْآيَات 102 - 106

102

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَمَا كنت لديهم إِذْ أَجمعُوا أَمرهم وهم يمكرون} قَالَ: هم بَنو يَعْقُوب إِذْ يمكرون بِيُوسُف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {وَمَا كنت لديهم} يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول {وَمَا كنت لديهم} وهم يلقونه فِي غيابة الْجب {وهم يمكرون} بِيُوسُف وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - {وكأين من آيَة} - قَالَ: كم من آيَة فِي السَّمَاء يَعْنِي شمسها وقمرها ونجومها وسحابها وَفِي الأَرْض مَا فِيهَا من الْخلق والأنهار وَالْجِبَال والمدائن والقصور وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ فِي مصحف عبد الله [وكأين من آيَة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض يَمْشُونَ عَلَيْهَا] وَالسَّمَاء وَالْأَرْض آيتان عظيمتان وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَمَا يُؤمن أَكْثَرهم بِاللَّه إِلَّا وهم مشركون} قَالَ: سلهم من خلقهمْ وَمن خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَيَقُولُونَ: الله فَذَلِك إِيمَانهم وهم يعْبدُونَ غَيره وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا يُؤمن أَكْثَرهم بِاللَّه إِلَّا وهم مشركون} قَالَ: كَانُوا يعلمُونَ إِن الله رَبهم وَهُوَ خالقهم وَهُوَ رازقهم وَكَانُوا مَعَ ذَلِك يشركُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا يُؤمن أَكْثَرهم بِاللَّه إِلَّا وهم مشركون} قَالَ: إِيمَانهم قَوْلهم: الله خلقنَا وَهُوَ يرزقنا ويميتنا فَهَذَا إِيمَان مَعَ شرك عِبَادَتهم غَيره وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا يُؤمن أَكْثَرهم بِاللَّه إِلَّا وهم مشركون} قَالَ: كَانُوا يشركُونَ بِهِ فِي تلبيتهم يَقُولُونَ: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك لَا شريك لَك إِلَّا شَرِيكا هُوَ لَك تملكه وَمَا ملك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا يُؤمن أَكْثَرهم بِاللَّه إِلَّا وهم مشركون} قَالَ: ذَاك الْمُنَافِق يعْمل بالرياء وَهُوَ مُشْرك بِعَمَلِهِ

الْآيَة 107

107

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {غاشية من عَذَاب الله} قَالَ: تغشاهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {غاشية من عَذَاب الله} قَالَ: وَاقعَة تغشاهم أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {غاشية} قَالَ: عُقُوبَة من عَذَاب الله الْآيَة 108

108

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {قل هَذِه سبيلي} قَالَ: دَعْوَتِي وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس - رَضِي الله عَنهُ - مثله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {قل هَذِه سبيلي} قَالَ: صَلَاتي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {قل هَذِه سبيلي} قَالَ: أَمْرِي وسنتي ومنهاجي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {على بَصِيرَة} أَي على هدى {أَنا وَمن اتبعني} الْآيَة 109

109

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم من أهل الْقرى} أَي لَيْسُوا من أهل السَّمَاء كَمَا قُلْتُمْ وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم} قَالَ: إِنَّهُم قَالُوا (مَا أنزل الله على بشر من شَيْء) (الْأَنْعَام الْآيَة 91) وَقَوله (وَمَا أَكثر النَّاس وَلَو حرصت بمؤمنين) (وَمَا تَسْأَلهُمْ عَلَيْهِ من أجر) وَقَوله (وكأين من آيَة فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض يَمرونَ عَلَيْهَا) وَقَوله (أفأمنوا أَن تأتيهم غاشية من عَذَاب الله) وَقَوله {أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبلهم} قَالَ: كل ذَلِك قَالَ لقريش أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا فِي آثَارهم فيعتبروا ويتفكروا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم من أهل الْقرى} قَالَ: مَا نعلم أَن الله أرسل رَسُولا قطّ إِلَّا من أهل الْقرى لأَنهم كَانُوا أعلم وَأحكم من أهل العمود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبلهم} قَالَ: فينظروا كَيفَ عذب الله قوم نوح وَقوم لوط وَقوم صَالح والأمم الَّتِي عذب الْآيَة 110

110

أخرج أَبُو عبيد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عُرْوَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن قَوْله {حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كذبُوا} قَالَ: قلت: أكذبوا أم كذبُوا قَالَت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - بل (كذّبوا) يَعْنِي بِالتَّشْدِيدِ قلت: وَالله لقد استيقنوا أَن قَومهمْ كذبوهم فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ قَالَت: أجل لعمري لقد استيقنوا بذلك فَقلت لَعَلَّهَا {وظنوا أَنهم قد كذبُوا} مُخَفّفَة قَالَت: معَاذ الله لم تكن الرُّسُل لتظن ذَلِك بربها قلت: فَمَا هَذِه الْآيَة قَالَت: هم اتِّبَاع الرُّسُل الَّذين آمنُوا برَبهمْ

وصدقوهم وَطَالَ عَلَيْهِم الْبلَاء واستأخر عَنْهُم النَّصْر حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل مِمَّن كذبهمْ من قَومهمْ وظنت الرُّسُل أَن أتباعهم قد كذبوهم جَاءَهُم نصر الله عِنْد ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن أبي مليكَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَرَأَهَا عَلَيْهِ {وظنوا أَنهم قد كذبُوا} مُخَفّفَة يَقُولُوا اخلفوا وَقَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَكَانُوا بشرا وتلا (حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَالَّذين آمنُوا مَعَه مَتى نصر الله) (الْبَقَرَة الْآيَة 214) قَالَ ابْن أبي مليكَة: فَذهب ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - إِلَى أَنهم يئسوا وضعفوا فظنوا أَنهم قد أخْلفُوا قَالَ ابْن أبي مليكَة: وَأَخْبرنِي عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا خَالَفت ذَلِك وأبته وَقَالَت: مَا وعد الله رَسُوله من شَيْء إِلَّا علم أَنه سَيكون قبل أَن يَمُوت وَلكنه لم يزل الْبلَاء بالرسل حَتَّى ظنُّوا أَن من مَعَهم من الْمُؤمنِينَ قد كذبوهم وَكَانَت تقرؤها {وظنوا أَنهم قد كذبُوا} مثقلة للتكذيب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {وظنوا أَنهم قد كذبُوا} بِالتَّشْدِيدِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عمْرَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَرَأَ {وظنوا أَنهم قد كذبُوا} مُخَفّفَة وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه كَانَ يقْرَأ {حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كذبُوا} مُخَفّفَة قَالَ: يئس الرُّسُل من قَومهمْ أَن يَسْتَجِيبُوا لَهُم وَظن قَومهمْ أَن الرُّسُل قد كذبوهم فِيمَا جاؤوهم بِهِ {جَاءَهُم نصرنَا} قَالَ: جَاءَ الرُّسُل نصرنَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن تَمِيم بن حرَام قَالَت: قَرَأت على ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - الْقُرْآن فَلم يَأْخُذ عَليّ إِلَّا حرفين (كل أَتَوْهُ داخرين) فَقَالَ: أَتَوْهُ مُخَفّفَة وقرأت عَلَيْهِ {وظنوا أَنهم قد كذبُوا} فَقَالَ: {كذبُوا} مُخَفّفَة قَالَ: {استيأس الرُّسُل} من أَيْمَان قَومهمْ أَن يُؤمنُوا لَهُم وَظن قَومهمْ حِين ابطأ الْأَمر {أَنهم قد كذبُوا}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي الْأَحْوَص عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: حفظت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سُورَة يُوسُف {وظنوا أَنهم قد كذبُوا} خَفِيفَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ربيعَة بن كُلْثُوم قَالَ: حَدثنِي أبي أَن مُسلم بن يسَار - رَضِي الله عَنهُ - سَأَلَ سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الله آيَة قد بلغت مني كل مبلغ {حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كذبُوا} فَهَذَا الْمَوْت إِن نظن الرُّسُل أَنهم قد كذبُوا أَو نظن أَنهم قد كذبُوا مُخَفّفَة فَقَالَ سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - {حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل} من قَومهمْ أَن يَسْتَجِيبُوا لَهُم وَظن قَومهمْ أَن الرُّسُل كذبتهم {جَاءَهُم نصرنَا} فَقَامَ مُسلم إِلَى سعيد فاعتنقه وَقَالَ: فرج الله عَنْك كَمَا فرجت عني وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم عَن أبي حَمْزَة الْجَزرِي قَالَ: صنعت طَعَاما فدعوت نَاسا من أَصْحَابنَا مِنْهُم سعيد بن جُبَير وَالضَّحَّاك بن مُزَاحم فَسَأَلَ فَتى من قُرَيْش سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الله كَيفَ تقْرَأ هَذَا الْحَرْف فَإِنِّي إِذا أتيت عَلَيْهِ تمنيت أَنِّي لَا أَقرَأ هَذِه السُّورَة {حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كذبُوا} قَالَ: نعم {حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل} من قَومهمْ أَن يصدقوهم وَظن الْمُرْسل إِلَيْهِم أَن الرُّسُل {قد كذبُوا} فَقَالَ الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - لَو رحلت فِي هَذِه إِلَى الْيمن لَكَانَ قَلِيلا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَرَأَهَا {كذبُوا} بِفَتْح الْكَاف وَالتَّخْفِيف قَالَ: استيأس الرُّسُل أَن يعذب قَومهمْ وَظن قَومهمْ أَن الرُّسُل قد كذبُوا {جَاءَهُم نصرنَا} قَالَ: جَاءَ الرُّسُل نصرنَا قَالَ مُجَاهِد: قَالَ فِي الْمُؤمن (فَلَمَّا جَاءَتْهُم رسلهم بِالْبَيِّنَاتِ فرحوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم) (غَافِر آيَة 83) قَالَ قَوْلهم: نَحن أعلم مِنْهُم وَلنْ نعذب وَقَوله (وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزئون) (الزمر آيَة 48) قَالَ: حاق بهم مَا جَاءَت بِهِ رسلهم من الْحق وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {فنجي من نشَاء} قَالَ: فننجي الرُّسُل وَمن نشَاء {وَلَا يرد بأسنا عَن الْقَوْم الْمُجْرمين} وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى بعث الرُّسُل يدعونَ قَومهمْ فَأَخْبرُوهُمْ أَنه من أطَاع الله نجا وَمن عَصَاهُ

عذب وغوى وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {جَاءَهُم نصرنَا} قَالَ: الْعَذَاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن نصر بن عَاصِم - أَنه قَرَأَ [فنجا من نشَاء] وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي بكر - أَنه قَرَأَ / فننجي من نشَاء / وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ - {وَلَا يرد بأسنا} قَالَ: عَذَابه الْآيَة 111

111

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لقد كَانَ فِي قصصهم عِبْرَة} قَالَ: يُوسُف واخوته وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {لقد كَانَ فِي قصصهم عِبْرَة} قَالَ: معرفَة {لأولي الْأَلْبَاب} قَالَ: لِذَوي الْعُقُول وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشيخعن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {مَا كَانَ حَدِيثا يفترى} والفرية الْكَذِب {وَلَكِن تَصْدِيق الَّذِي بَين يَدَيْهِ} قَالَ: الْقُرْآن يصدق الْكتب الَّتِي كَانَت قبله من كتب الله الَّتِي أنزلهَا قبله على أنبيائه فالتوراة والإِنجيل وَالزَّبُور يصدق ذَلِك كُله وَيشْهد عَلَيْهِ أَن جَمِيعه حق من عِنْد الله {وتفصيل كل شَيْء} فصل الله بِهِ بَين حرَامه وَحَلَاله وطاعته ومعصيته وَأخرج ابْن السّني والديلمي عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا عسر على الْمَرْأَة وِلَادَتهَا أَخذ اناءٌ نظيفٌ وكُتِبَ عَلَيْهِ (كَأَنَّهُمْ يَوْم يرَوْنَ مَا يوعدون ) (الْأَحْقَاف الْآيَة 35) إِلَى آخر الْآيَة (وَكَأَنَّهُم يَوْم يرونها ) (النازعات الْآيَة 46) إِلَى آخر الْآيَة {لقد كَانَ فِي قصصهم عِبْرَة لأولي الْأَلْبَاب} إِلَى آخر الْآيَة ثمَّ تغسل وتسقى الْمَرْأَة مِنْهُ وينضح على بَطنهَا وفرجها

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (13) سُورَة الرَّعْد مَدَنِيَّة وآياتها ثَلَاث وَأَرْبَعُونَ مُقَدّمَة سُورَة الرَّعْد أخرج النّحاس فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: سُورَة الرَّعْد نزلت بِمَكَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سُورَة الرَّعْد مَكِّيَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: نزلت سُورَة الرَّعْد بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: نزلت الرَّعْد بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سُورَة الرَّعْد مَدَنِيَّة إِلَّا آيَة مَكِّيَّة {وَلَا يزَال الَّذين كفرُوا تصيبهم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَة} وَأخرج ابْن أبي شيبَة والمروزي فِي الْجَنَائِز عَن جَابر بن زيد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ يسْتَحبّ إِذا حضر الْمَيِّت أَن يقْرَأ عِنْده سُورَة الرَّعْد فَإِن ذَلِك يُخَفف عَن الْمَيِّت فَإِنَّهُ أَهْون لقبضه وأيسر لشأنه الْآيَة 1

الرعد

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {المر} قَالَ: أَنا الله أرى

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {تِلْكَ آيَات الْكتاب} قَالَ: التَّوْرَاة والإِنجيل {وَالَّذِي أنزل إِلَيْك من رَبك الْحق} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {تِلْكَ آيَات الْكتاب} قَالَ: الْكتب الَّتِي كَانَت قبل الْقُرْآن {وَالَّذِي أنزل إِلَيْك من رَبك الْحق} أَي هَذَا الْقُرْآن الْآيَات 2 - 3

2

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - إِن فلَان يَقُول: إِنَّهَا على عمد يَعْنِي السَّمَاء فَقَالَ: اقرأها {بِغَيْر عمد ترونها} أَي لَا ترونها وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {رفع السَّمَاوَات بِغَيْر عمد ترونها} قَالَ: وَمَا يدْريك لَعَلَّهَا بعمد لَا ترونها

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {بِغَيْر عمد ترونها} يَقُول: لَهَا عمد وَلَكِن لَا ترونها يَعْنِي الأعماد وَأخرج ابْن جرير عَن اياس بن مُعَاوِيَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {رفع السَّمَاوَات بِغَيْر عمد ترونها} قَالَ: السَّمَاء مقبية على الأَرْض مثل الْقبَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: السَّمَاء على أَرْبَعَة أَمْلَاك كل زَاوِيَة مُوكل بهَا ملك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {بِغَيْر عمد ترونها} قَالَ: هِيَ بعد لَا ترونها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن وَقَتَادَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: خلقهَا بِغَيْر عمد قَالَ لَهَا: قومِي فَقَامَتْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن معَاذ قَالَ: فِي مصحف أبي [بِغَيْر عمد تَرَوْنَهُ] وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وسخر الشَّمْس وَالْقَمَر كل يجْرِي لأجل مُسَمّى} قَالَ: أجل مَعْلُوم وحد لَا يقصر دونه وَلَا يتَعَدَّى وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {كل يجْرِي لأجل مُسَمّى} قَالَ: الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يدبر الْأَمر} قَالَ: يَقْضِيه وَحده وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَعَلَّكُمْ بلقاء ربكُم توقنون} قَالَ: إِن الله إِنَّمَا أنزل كِتَابه وَبعث رسله ليؤمن بوعده ويستيقن بلقائه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن عبد الله مولى غفرة أَن كَعْبًا قَالَ لعمر بن الْخطاب: إِن الله جعل مسيرَة مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب خَمْسمِائَة سنة فمائة سنة فِي الْمشرق لَا يسكنهَا شَيْء من الْحَيَوَان لَا جن وَلَا إنس وَلَا دَابَّة وَلَا شَجَرَة وَمِائَة سنة فِي الْمغرب بِتِلْكَ الْمنزلَة وثلثمائة فِيمَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب يسكنهَا الْحَيَوَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عمر: وَالدُّنْيَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام أَرْبَعمِائَة عَام خراب وَمِائَة عمار فِي أَيدي الْمُسلمين من ذَلِك مسيرَة سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب بن مُنَبّه - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا الْعِمَارَة فِي الدُّنْيَا فِي الخراب إِلَّا كفسطاط فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْجلد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الأَرْض أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف فَرسَخ فالسودان اثْنَا عشر ألفا وَالروم ثَمَانِيَة ولفارس ثَلَاثَة وللعرب ألف

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خَالِد بن مضرب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الأَرْض مسيرَة خَمْسمِائَة سنة ثلثمِائة عمار ومائتان خراب وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حسان بن عَطِيَّة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سَعَة الأَرْض مسيرَة خَمْسمِائَة سنة والبحار ثلثمِائة وَمِائَة خراب وَمِائَة عمرَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: الأَرْض سَبْعَة أَجزَاء: سِتَّة أَجزَاء فِيهَا يَأْجُوج وَمَأْجُوج وجزء فِيهِ سَائِر الْخلق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: ذكر لي أَن الأَرْض أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف فَرسَخ اثْنَا عشر ألفا مِنْهُ أَرض الْهِنْد وَثَمَانِية الصين وَثَلَاثَة آلَاف الْمغرب وَألف الْعَرَب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مغيث بن سمي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الأَرْض ثَلَاثَة أَثلَاث ثلث فِيهِ النَّاس وَالشَّجر وَثلث فِيهِ الْبحار وَثلث هَوَاء أما قَوْله تَعَالَى: {وَجعل فِيهَا رواسي} أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى حِين أَرَادَ أَن يخلق الْخلق خلق الرّيح فنشجت الرّيح فأبدت عَن حَشَفَة فَهِيَ تَحت الأَرْض وَمِنْهَا دُحيت الأَرْض حَيْثُ مَا شَاءَ فِي الْعرض والطول فَكَانَت تميد فَجعل الْجبَال الرواسِي وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لمَّا خلق الله الأَرْض قمصت وَقَالَت: أَي رب تجْعَل عليّ بني آدم يعْملُونَ عليّ الْخَطَايَا ويجعلون عليّ الْخبث فَأرْسل الله فِيهَا من الْجبَال مَا ترَوْنَ وَمَا لَا ترَوْنَ فَكَانَ إِقْرَارهَا كَاللَّحْمِ ترجرج وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أول جبل وضع فِي الأَرْض أَبُو قبيس وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {جعل فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} قَالَ: ذكرا وانثى من كل صنف وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يغشي اللَّيْل النَّهَار} أَي يلبس اللَّيْل النَّهَار

الْآيَة 4

4

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَفِي الأَرْض قطع متجاورات} قَالَ: يُرِيد الأَرْض الطّيبَة العذبة الَّتِي تخرج نباتها بِإِذن رَبهَا تجاورها السبخة القبيحة المالحة الَّتِي لَا تخرج وهما أَرض وَاحِدَة وماؤهما شَيْء ملح وعذب ففضلت احداهما على الْأُخْرَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لَيْسَ فِي الأَرْض مَاء إِلَّا مَا نزل من السَّمَاء وَلَكِن عروق فِي الأَرْض تغيره فَمن أَرَادَ أَن يعود الْملح عذباً فليصعد المَاء من الأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَفِي الأَرْض قطع متجاورات} قَالَ: السبخة والعذبة والمالح وَالطّيب وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {وَفِي الأَرْض قطع متجاورات} قَالَ: قرى متجاورات قريب بَعْضهَا من بعض وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - {وَفِي الأَرْض قطع متجاورات} قَالَ: فَارس والأهواز والكوفة وَالْبَصْرَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَفِي الأَرْض قطع متجاورات} قَالَ: الأَرْض تنْبت حلواً وَالْأَرْض تنْبت حامضاً وَهِي متجاورات تسقى بِمَاء وَاحِد وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشيج عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - {وَفِي الأَرْض قطع متجاورات} قَالَ: الأَرْض الْوَاحِدَة يكون فِيهَا الخوخ والكمثرى وَالْعِنَب الْأَبْيَض وَالْأسود وَبَعضه أكبر حملا من بعض وَبَعضه حُلْو وَبَعضه حامض وَبَعضه أفضل من بعض وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو ا

لشيخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {صنْوَان وَغير صنْوَان} قَالَ: الصنوان مَا كَانَ أَصله وَاحِدًا وَهُوَ متفرق وَغير صنْوَان الَّتِي تنْبت وَحدهَا وَفِي لفظ {صنْوَان} النَّخْلَة فِي النَّخْلَة ملتصقة {وَغير صنْوَان} النّخل المتفرق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {صنْوَان} قَالَ: مُجْتَمع النخيل فِي أصل وَاحِد {وَغير صنْوَان} قَالَ: النّخل المتفرق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَفِي الأَرْض قطع متجاورات} قَالَ: طينها عذبها وخبيثها السباخ وَفِي قَوْله {وجنات من أعناب} قَالَ: جنَّات وَمَا مَعهَا وَفِي قَوْله {صنْوَان} قَالَ: النخلتان وَأكْثر فِي أصل وَاحِد {وَغير صنْوَان} وَحدهَا تسقى {بِمَاء وَاحِد} قَالَ: مَاء السَّمَاء كَمثل صَالح بني آدم وخبيثهم أبوهم وَاحِد وَكَذَلِكَ النَّخْلَة أَصْلهَا وَاحِد وطعامها مُخْتَلف وَهُوَ يشرب بِمَاء وَاحِد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {صنْوَان وَغير صنْوَان} قَالَ: مُجْتَمع وَغير مُجْتَمع {يسقى بِمَاء وَاحِد ونفضل بَعْضهَا على بعض فِي الْأكل} قَالَ: الْعِنَب الْأَبْيَض وَالْأسود والأحمر والتين الْأَبْيَض وَالْأسود وَالنَّخْل الْأَحْمَر والأصفر وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {صنْوَان} قَالَ: ثَلَاث نخلات فِي أصل وَاحِد كَمثل ثَلَاثَة من بني أَب وَأم يتفاضلون فِي الْعَمَل كَمَا يتفاضل ثَمَر هَذِه النخلات الثَّلَاث فِي أصل وَاحِد وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: مثل ضربه الله عز وَجل لقلوب بني آدم كَمَا كَانَت الأَرْض فِي يَد الرَّحْمَن طِينَة وَاحِدَة فسطحها وبطحها فَصَارَت الأَرْض قطعا متجاورة فَينزل عَلَيْهَا المَاء من السَّمَاء فَتخرج هَذِه زهرتها وَثَمَرهَا وشجرها وَتخرج نباتها وتحيي موتاها وَتخرج هَذِه سبخها وملحها وخبثها وكلتاهما {يسقى بِمَاء وَاحِد} فَلَو كَانَ المَاء مالحاً قيل إِنَّمَا استبخت هَذِه من قبل المَاء كَذَلِك النَّاس خلقُوا من آدم فَينزل عَلَيْهِم من السَّمَاء

تذكرة فترق قُلُوب فتخشع وتخضع وتقسو قُلُوب فتلهو وتسهو وتجفو قَالَ الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - وَالله مَا جَالس الْقُرْآن أحد إِلَّا قَامَ من عِنْده بِزِيَادَة أَو نُقْصَان قَالَ الله تَعَالَى (وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين وَلَا يزِيد الظَّالِمين إِلَّا خسارا) (الْإِسْرَاء آيَة 82) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {صنْوَان} قَالَ: الصنوان النَّخْلَة الَّتِي يكون فِيهَا نخلتان أَو ثَلَاث أصلهن وَاحِد قَالَ: وحَدثني رجل أَنه كَانَ بَين عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - وَبَين الْعَبَّاس قَول فأسرع إِلَيْهِ الْعَبَّاس فجَاء عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: يَا نَبِي الله ألم تَرَ عباساً فعل بِي وَفعل فَأَرَدْت أَن أُجِيبهُ فَذكرت مَكَانك مِنْهُ فكففت عَنهُ فَقَالَ: يَرْحَمك الله إِن عَم الرجل صنو أَبِيه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تؤذوني فِي الْعَبَّاس فَإِنَّهُ بَقِيَّة آبَائِي وَإِن عَم الرجل صنو أَبِيه وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء - رَضِي الله عَنهُ - وَابْن أبي مليكَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعمر: يَا عمر أما علمت أَن عَم الرجل صنو أَبِيه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يَا عَليّ النَّاس من شجر شَتَّى وَأَنا وَأَنت يَا عَليّ من شَجَرَة وَاحِدَة ثمَّ قَرَأَ النَّبِي {وجنات من أعناب وَزرع ونخيل صنْوَان وَغير صنْوَان} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَ {ونفضل بَعْضهَا على بعض} بالنُّون وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {ونفضل بَعْضهَا على بعض فِي الْأكل} قَالَ: الدقل والفارسي والحلو والحامض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {ونفضل بَعْضهَا على بعض فِي الْأكل} قَالَ: هَذَا حامض وَهَذَا حُلْو وَهَذَا دقل وَهَذَا فَارسي

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {ونفضل بَعْضهَا على بعض فِي الْأكل} قَالَ: هَذَا حُلْو وَهَذَا مر وَهَذَا حامض كَذَلِك بَنو آدم أبوهم وَاحِد وَمِنْهُم الْمُؤمن وَالْكَافِر الْآيَة 5

5

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَإِن تعجب فَعجب قَوْلهم} قَالَ: إِن تعجب يَا مُحَمَّد من تكذيبهم إياك {فَعجب قَوْلهم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: إِن تعجب من تكذيبهم وهم رَأَوْا من قدرَة الله وَأمره وَمَا ضرب لَهُم من الْأَمْثَال وأراهم حَيَاة الْمَوْتَى وَالْأَرْض الْميتَة فتعجب من قَوْلهم {أئذا كُنَّا تُرَابا أئنا لفي خلق جَدِيد} أَو لَا يرَوْنَ أَنه خلقهمْ من نُطْفَة أَشد من الْخلق من تُرَاب وَعِظَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَإِن تعجب فَعجب قَوْلهم} قَالَ: عجب الرَّحْمَن من تكذيبهم بِالْبَعْثِ وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَأُولَئِكَ الأغلال فِي أَعْنَاقهم} أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم والخطيب عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن الأغلال لم تجْعَل فِي أَعْنَاق أهل النَّار لأَنهم أعجزوا الرب وَلكنهَا جعلت فِي أَعْنَاقهم لكَي إِذا طغا بهم اللهب أرسبتهم فِي النَّار الْآيَة 6

6

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ويستعجلونك بِالسَّيِّئَةِ قبل الْحَسَنَة} قَالَ: بالعقوبة قبل الْعَافِيَة {وَقد خلت من قبلهم المثلات} قَالَ: وقائع الله فِي الْأُمَم فِيمَن خلا قبلهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ {المثلات} مَا أصَاب الْقُرُون الْمَاضِيَة من الْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَقد خلت من قبلهم المثلات} قَالَ: الْأَمْثَال وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَقد خلت من قبلهم المثلات} قَالَ: القردة والخنازير هِيَ المثلات وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {وَإِن رَبك لذُو مغْفرَة للنَّاس على ظلمهم وَإِن رَبك لشديد الْعقَاب} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَوْلَا عَفْو الله وتجاوزه مَا هَنأ لأحد الْعَيْش وَلَوْلَا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد الْآيَة 7

7

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَيَقُول الَّذين كفرُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ آيَة من ربه} قَالَ: هَذَا قَول مُشْركي الْعَرَب {إِنَّمَا أَنْت مُنْذر وَلكُل قوم هاد} لكل قوم دَاع يَدعُوهُم إِلَى الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {وَلكُل قوم هاد} قَالَ: دَاع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {إِنَّمَا أَنْت مُنْذر وَلكُل قوم هاد} قَالَ: الْمُنْذر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلكُل قوم هاد} نَبِي يَدعُوهُم إِلَى الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله

عَنهُ - فِي قَوْله {إِنَّمَا أَنْت مُنْذر وَلكُل قوم هاد} قَالَ: مُحَمَّد الْمُنْذر وَالْهَادِي الله عزّ وجلّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {إِنَّمَا أَنْت مُنْذر وَلكُل قوم هاد} قَالَ: الْمُنْذر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله عز وَجل هادي كل قوم وَفِي لفظ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْمُنْذر وَهُوَ الْهَادِي وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - وَأبي الضُّحَى فِي قَوْله {إِنَّمَا أَنْت مُنْذر وَلكُل قوم هاد} قَالَا: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الْمُنْذر وَهُوَ الْهَادِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة والديلمي وَابْن عَسَاكِر وَابْن النجار قَالَ: لما نزلت {إِنَّمَا أَنْت مُنْذر وَلكُل قوم هاد} وضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على صَدره فَقَالَ أَنا الْمُنْذر وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى منْكب عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: أَنْت الْهَادِي يَا عَليّ بك يَهْتَدِي المهتدون من بعدِي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ - رَضِي الله عَنهُ -: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول {إِنَّمَا أَنْت مُنْذر} وَوضع يَده على صدر نَفسه ثمَّ وَضعهَا على صدر عَليّ وَيَقُول: لكل قوم هاد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي الْآيَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُنْذر أَنا وَالْهَادِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا أَنْت مُنْذر وَلكُل قوم هاد} قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُنْذر وانا الْهَادِي وَفِي لفظ الْهَادِي: رجل من بني هَاشم يَعْنِي نَفسه الْآيَة 8

8

أخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - {الله يعلم مَا تحمل كل أُنْثَى} قَالَ: يعلم ذكر هُوَ أَو أُنْثَى {وَمَا تغيض الْأَرْحَام} قَالَ: هِيَ الْمَرْأَة ترى الدَّم فِي حملهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا تغيض الْأَرْحَام} قَالَ: خُرُوج الدَّم {وَمَا تزداد} قَالَ: استمساكه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَمَا تغيض الْأَرْحَام} قَالَ: أَن ترى الدَّم فِي حملهَا {وَمَا تزداد} قَالَ: فِي التِّسْعَة أشهر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَمَا تغيض الْأَرْحَام وَمَا تزداد} قَالَ: مَا تزداد على التِّسْعَة وَمَا تنقص من التِّسْعَة قَالَ الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - وَضَعتنِي أُمِّي وَقد حَملتنِي فِي بَطنهَا سنتَيْن وولدتني قد خرجت ثنيتي وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَمَا تغيض الْأَرْحَام} قَالَ: مَا دون تِسْعَة أشهر وَمَا تزداد فَوق التِّسْعَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {الله يعلم مَا تحمل كل أُنْثَى وَمَا تغيض الْأَرْحَام} يَعْنِي السقط {وَمَا تزداد} يَقُول: مَا زَادَت فِي الْحمل على مَا غاضت حَتَّى وَلدته تَمامًا وَذَلِكَ أَن من النِّسَاء من تحمل عشرَة أشهر ومنهن من تحمل تِسْعَة أشهر ومنهن من تزيد فِي الْحمل ومنهن من تنقص فَذَلِك الغيض وَالزِّيَادَة الَّتِي ذكر الله تَعَالَى وكل ذَلِك بِعِلْمِهِ تَعَالَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا دون التِّسْعَة أشهر فَهُوَ غيض وَمَا فَوْقهَا فَهُوَ زِيَادَة وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: لَا يكون الْحمل أَكثر من سنتَيْن قدرٌ مَا يتَحَوَّل فلكة مغْزَل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا غاضت الرَّحِم بِالدَّمِ يَوْمًا إِلَّا زَاد فِي الْحمل يَوْمًا حَتَّى تستكمل تِسْعَة أشهر طَاهِرا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا تغيض الْأَرْحَام} قَالَ: السقط

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: إِذا رَأَتْ الدَّم هش الْوَلَد وَإِذا لم تَرَ الدَّم عظم الْوَلَد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَكْحُول - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الْجَنِين فِي بطن أمه لَا يطْلب وَلَا يحزن وَلَا يغتم وَإِنَّمَا يَأْتِيهِ رزقه فِي بطن أمه من دم حَيْضَتهَا فَمن ثمَّ لَا تحيض الْحَامِل فَإِذا وَقع إِلَى الأَرْض اسْتهلّ واستهلاله استنكار لمكانه فَإِذا قطعت سرته حول الله رزقه إِلَى ثدي أمه حَتَّى لَا يطْلب وَلَا يغتم وَلَا يحزن ثمَّ يصير طفْلا يتَنَاوَل الشَّيْء بكفه فيأكله فَإِذا بلغ قَالَ: أَنى لي بالرزق يَا وَيحك غَذَّاكَ وَأَنت فِي بطن أمك وَأَنت طِفْل صَغِير حَتَّى إِذا اشتددت وعقلت قلت: أَنى لي بالرزق ثمَّ قَرَأَ مَكْحُول - رَضِي الله عَنهُ - {يعلم مَا تحمل كل أُنْثَى} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وكل شَيْء عِنْده بِمِقْدَار} أَي بِأَجل حفظ أرزاق خلقه وآجالهم وَجعل لذَلِك أَََجَلًا مَعْلُوما الْآيَات 9 - 10

9

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة} قَالَ: السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {سَوَاء مِنْكُم من أسر القَوْل وَمن جهر بِهِ} قَالَ: من أسره وأعلنه عِنْده سَوَاء {وَمن هُوَ مستخف بِاللَّيْلِ} رَاكب رَأسه فِي الْمعاصِي {وسارب بِالنَّهَارِ} قَالَ: ظَاهر بِالنَّهَارِ بِالْمَعَاصِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {سَوَاء مِنْكُم من أسر القَوْل وَمن جهر بِهِ} قَالَ: كل ذَلِك عِنْده سَوَاء السِّرّ عِنْده عَلَانيَة والظلمة عِنْده ضوء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: يعلم من السِّرّ مَا يعلم من الْعَلَانِيَة وَيعلم من الْعَلَانِيَة مَا يعلم من السِّرّ وَيعلم من اللَّيْل مَا يعلم من النَّهَار وَيعلم من النَّهَار مَا يعلم من اللَّيْل وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وسارب بِالنَّهَارِ} قَالَ: الظَّاهِر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَمن هُوَ مستخف بِاللَّيْلِ وسارب بِالنَّهَارِ} قَالَ: هُوَ صَاحب رِيبَة {مستخف بِاللَّيْلِ} وَإِذا خرج بِالنَّهَارِ أرى النَّاس أَنه بَرِيء من الْإِثْم الْآيَة 11

11

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عَطاء بن يسَار - رَضِي الله عَنهُ - عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن أَرْبَد بن قيس وعامر بن الطُّفَيْل قدما الْمَدِينَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْتَهَيَا إِلَيْهِ وَهُوَ جَالس فَجَلَسَا بَين يَدَيْهِ فَقَالَ عَامر: مَا تجْعَل لي إِن أسلمت قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَك مَا للْمُسلمين وَعَلَيْك مَا عَلَيْهِم قَالَ: أَتجْعَلُ لي إِن أسلمت الْأَمر من بعْدك قَالَ: لَيْسَ لَك وَلَا لقَوْمك وَلَكِن لَك أَعِنَّة الْخَيل قَالَ: فَجعل لي الْوَبر وَلَك الْمدر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا فَلَمَّا قفى من عِنْده قَالَ: لأمَلأَنَّها عَلَيْك خيلاً ورجالاً قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يمنعك الله فَلَمَّا خرج أَرْبَد وعامر قَالَ عَامر: يَا أَرْبَد إِنِّي سألهي مُحَمَّدًا عَنْك بِالْحَدِيثِ فَاضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ فَإِن النَّاس إِذا قتلت مُحَمَّدًا لم يزِيدُوا على أَن يرْضوا بِالدِّيَةِ وَيَكْرَهُوا الْحَرْب فسنعطيهم الدِّيَة فَقَالَ أَرْبَد: أفعل فَأَقْبَلَا رَاجِعين فَقَالَ عَامر: يَا مُحَمَّد قُم معي أُكَلِّمك فَقَامَ مَعَه فخليا إِلَى الْجِدَار ووقف مَعَه عَامر يكلمهُ وسل أَرْبَد السَّيْف فَلَمَّا وضع يَده على سَيْفه يَبِسَتْ على قَائِم السَّيْف فَلَا يَسْتَطِيع سل سَيْفه وَأَبْطَأ أَرْبَد على عَامر بِالضَّرْبِ فَالْتَفت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأى أَرْبَد وَمَا يصنع فَانْصَرف عَنْهُمَا وَقَالَ عَامر

لأربد مَا لَك حشمت قَالَ وضعت يَدي على قَائِم السَّيْف فيبست فَلَمَّا خرج عَامر واربد من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كَانَا بحرة واقم نزلا فَخرج إِلَيْهِمَا سعد بن معَاذ وَأسيد بن حضير فَقَالَ: اُشْخُصَا يَا عدوَّي الله لَعَنَكُمَا الله وَوَقع بهما فَقَالَ عَامر: من هَذَا يَا سعد فَقَالَ سعد: هَذَا أسيد بن حضير الْكَتَائِب قَالَ: اما وَالله ان كَانَ حضير صديقا لي حَتَّى إِذا كَانَا بِالرَّقْمِ أرسل الله على أَرْبَد صَاعِقَة فَقتلته وَخرج عَامر حَتَّى إِذا كَانَ بالخريب أرسل الله عَلَيْهِ قرحَة فأدركه الْمَوْت فِيهَا: فَأنْزل الله {الله يعلم مَا تحمل كل أُنْثَى} إِلَى قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ} قَالَ: المعقبات من أَمر الله يحفظون مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ذكر أَرْبَد وَمَا قَتله فَقَالَ {هُوَ الَّذِي يريكم الْبَرْق} إِلَى قَوْله {وَهُوَ شَدِيد الْمحَال} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه يَحْفَظُونَهُ} قَالَ: هَذِه للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} قَالَ: عَن أَمر الله يَحْفَظُونَهُ من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} قَالَ: ذَلِك الْحِفْظ من أَمر الله بِأَمْر الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات} قَالَ: الْمَلَائِكَة {يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} قَالَ: باذن الله وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات} الْآيَة قَالَ: الْمَلَائِكَة من أَمر الله وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات} قَالَ: الْمَلَائِكَة {يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} قَالَ: حفظهم إِيَّاه بِأَمْر الله وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} قَالَ: بِأَمْر الله قَالَ: وَفِي بعض الْقِرَاءَة [يَحْفَظُونَهُ بِأَمْر الله]

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات} الْآيَة يَعْنِي ولي السُّلْطَان يكون عَلَيْهِ الحراس يَحْفَظُونَهُ من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه يَقُول الله يَحْفَظُونَهُ من أَمْرِي فَإِنِّي إِذا أردْت بِقوم سوء فَلَا مرد لَهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات} الْآيَة قَالَ: الْمُلُوك يتخذون الحرس يَحْفَظُونَهُ من أَمَامه وَمن خَلفه وَعَن يَمِينه وَعَن شِمَاله يَحْفَظُونَهُ من الْقَتْل ألم تسمع أَن الله تَعَالَى يَقُول {وَإِذا أَرَادَ الله بِقوم سوءا} لم يغن الحرس عَنهُ شَيْئا وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات} قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات} قَالَ: هم الْمَلَائِكَة تعقب بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وتكتب على بني آدم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات} قَالَ: الْحفظَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات} قَالَ: الْمَلَائِكَة تعقب اللَّيْل وَالنَّهَار تكْتب على ابْن آدم وَبَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَجْتَمعُونَ فِيكُم عِنْد صَلَاة الصُّبْح وَصَلَاة الْعَصْر من بَين يَدَيْهِ مثله قَوْله (عَن الْيَمين وَعَن الشمَال) (سُورَة ق آيَة 17) الْحَسَنَات من بَين يَدَيْهِ والسيئات من خَلفه الَّذِي على يَمِينه يكْتب الْحَسَنَات وَالَّذِي على يسَاره لَا يكْتب إِلَّا بِشَهَادَة الَّذِي على يَمِينه فَإِذا مَشى كَانَ أَحدهمَا أَمَامه وَالْآخر وَرَاءه وَإِن قعد كَانَ أَحدهمَا على يَمِينه وَالْآخر على يسَاره وَإِن رقد كَانَ أَحدهمَا عِنْد رَأسه وَالْآخر عِنْد رجلَيْهِ {يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} قَالَ: يحفظون عَلَيْهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء - رَضِي الله عَنهُ - {لَهُ مُعَقِّبَات} قَالَ: هم الْكِرَام الكاتبون حفظَة من الله على ابْن آدم أمروا بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} قَالَ: من الْجِنّ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات} قَالَ: مَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه فَإِذا جَاءَ قدره خلوا عَنهُ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا من عبد إِلَّا بِهِ ملك مُوكل يحفظه فِي نَومه ويقظته من الْجِنّ وَالْإِنْس والهوام فَمَا مِنْهَا شَيْء يَأْتِيهِ يُريدهُ إِلَّا قَالَ وَرَاءَك إِلَّا شَيْئا يَأْذَن الله فِيهِ فَيُصِيبهُ وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب الْأَحْبَار - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لَو تجلى لِابْنِ آدم كل سهل وحزن لرَأى على كل شَيْء من ذَلِك شياطين لَوْلَا أَن الله وكل بكم مَلَائِكَة يَذبُّونَ عَنْكُم فِي مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إِذا لَتَخَطَّفَتْكُم وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مجلز - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: جَاءَ رجل من مُرَاد إِلَى عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَ: احترس فَإِن نَاسا من مُرَاد يُرِيدُونَ قَتلك فَقَالَ: إِن مَعَ كل رجل ملكَيْنِ يحفظانه مِمَّا لم يقدر فَإِذا جَاءَ الْقدر خليا بَينه وَبَينه وَأَن الْأَجَل جنَّة حَصِينَة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي أُمَامَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا من آدَمِيّ إِلَّا وَمَعَهُ ملك يذود عَنهُ حَتَّى يُسلمهُ للَّذي قدر لَهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: لَيْسَ من عبد إِلَّا لَهُ مُعَقِّبَات من الْمَلَائِكَة ملكان يكونَانِ مَعَه فِي النَّهَار فَإِذا جَاءَ اللَّيْل صعدا وأعقبهما ملكان فَكَانَا مَعَه ليله حَتَّى يصبح يَحْفَظُونَهُ من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَلَا يُصِيبهُ شَيْء لم يكْتب عَلَيْهِ إِذا غشي من ذَلِك شَيْء دفعاه عَنهُ ألم تره يمر بِالْحَائِطِ فَإِذا جَازَ سقط فَإِذا جَاءَ الْكتاب خلوا بَينه وَبَين مَا كتب لَهُ وهم {من أَمر الله} أَمرهم أَن يحفظوه وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ [لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ ورقيب من خَلفه يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله] وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه كَانَ يقْرَأ [لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ ورقباء من خَلفه من أَمر الله يَحْفَظُونَهُ] وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْجَارُود بن أبي

سُبْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سمعني ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - اقْرَأ {لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه} فَقَالَ: لَيست هُنَاكَ وَلَكِن [لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ ورقيب من خَلفه] وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - {لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} قَالَ: لَيْسَ من عبد إِلَّا وَمَعَهُ مَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ من أَن يَقع عَلَيْهِ حَائِط أَو يتردى فِي بِئْر أَو يَأْكُلهُ سبع أَو غرق أَو حرق فَإِذا جَاءَ الْقدر خلوا بَينه وَبَين الْقدر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَالطَّبَرَانِيّ والصابوني فِي الْمِائَتَيْنِ عَن أبي أُمَامَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكل بِالْمُؤمنِ ثلثمِائة وَسِتُّونَ ملكا يدْفَعُونَ عَنهُ مَا لم يقدر عَلَيْهِ من ذَلِك لبصر سَبْعَة أَمْلَاك يَذبُّونَ عَنهُ كَمَا يذب عَن قَصْعَة الْعَسَل من الذُّبَاب فِي الْيَوْم الصَّائِف وَمَا لَو بدا لكم لرأيتموه على كل سهل وجبل كلهم باسط يَدَيْهِ فاغر فَاه وَمَا لَو وكل العَبْد فِيهِ إِلَى نَفسه طرفَة عين لَاخْتَطَفَتْهُ الشَّيَاطِين وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْقدر وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لكل عبد حفظَة يَحْفَظُونَهُ لَا يخر عَلَيْهِ حَائِط أَو يتردى فِي بِئْر أَو تصيبه دَابَّة حَتَّى إِذا جَاءَ الْقدر الَّذِي قدّر لَهُ خلت عَنهُ الْحفظَة فَأَصَابَهُ مَا شَاءَ الله أَن يُصِيبهُ وَفِي لفظ لأبي دَاوُد: وَلَيْسَ من النَّاس أحد إِلَّا وَقد وكل بِهِ ملك فَلَا تريده دَابَّة وَلَا شَيْء إِلَّا قَالَ اتقه اتقه فَإِذا جَاءَ الْقدر خلى عَنهُ وَأخرج ابْن جرير عَن كنَانَة الْعَدوي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: دخل عُثْمَان بن عَفَّان - رَضِي الله عَنهُ - على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن العَبْد كم مَعَه من ملك فَقَالَ: ملك عَن يَمِينك على حَسَنَاتك وَهُوَ أَمِين على الَّذِي على الشمَال إِذا عملت حَسَنَة كتبت عشرا فَإِذا عملت سَيِّئَة قَالَ الَّذِي على الشمَال للَّذي على الْيَمين: اكْتُبْ قَالَ: لَا لَعَلَّه يسْتَغْفر الله وَيَتُوب فَإِذا قَالَ ثَلَاثًا قَالَ: نعم اكتبه أراحنا الله مِنْهُ فبئس القرين مَا أقل مراقبته لله وَأَقل استحياؤه مِنْهُ يَقُول الله (وَمَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد) (سُورَة ق آيَة 18) وملكان من

بَين يَديك وَمن خَلفك يَقُول الله {لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} وَملك قَابض على ناصيتك فَإِذا تواضعت لله رفعك وَإِذا تجبرت على الله قصمك وملكان على شفتيك لَيْسَ يحفظان عَلَيْك إِلَّا الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَملك قَائِم على فِيك لَا يدع أَن تدخل الْحَيَّة فِي فِيك وملكان على عَيْنَيْك فَهَؤُلَاءِ عشرَة أَمْلَاك على كل بني آدم ينزل مَلَائِكَة اللَّيْل على مَلَائِكَة النَّهَار لِأَن مَلَائِكَة اللَّيْل سوى مَلَائِكَة النَّهَار فَهَؤُلَاءِ عشرُون ملكا على كل آدَمِيّ وإبليس بِالنَّهَارِ وَولده بِاللَّيْلِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {إِن الله لَا يُغير مَا بِقوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم} لَا يُغير مَا بهم من النِّعْمَة حَتَّى يعملوا بِالْمَعَاصِي فيرفع الله عَنْهُم النعم وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي كتاب الْعَرْش وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وارتفاعي فَوق عَرْشِي مَا من أهل قَرْيَة وَلَا أهل بَيت وَلَا رجل ببادية كَانُوا على مَا كرهته من معصيتي ثمَّ تحوّلوا عَنْهَا إِلَى مَا أَحْبَبْت من طَاعَتي إِلَّا تحوّلت لَهُم عَمَّا يكْرهُونَ من عَذَابي إِلَى مَا يحبونَ من رَحْمَتي وَمَا من أهل بَيت وَلَا قَرْيَة وَلَا رجل ببادية كَانُوا على مَا أَحْبَبْت من طَاعَتي ثمَّ تحولوا إِلَى مَا كرهت من معصيتي إِلَّا تحولت لَهُم عَمَّا يحبونَ من رَحْمَتي إِلَى مَا يكْرهُونَ من غَضَبي وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أَتَى عَامر بن الطُّفَيْل وأربد بن ربيعَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ عَامر: مَا تجْعَل لي إِن اتبعتك قَالَ: أَنْت فَارس أُعْطِيك أَعِنَّة الْخَيل قَالَ: فَقَط قَالَ: فَمَا تبغي قَالَ: لي الشرق وَلَك الغرب ولي الْوَبر وَلَك الْمدر قَالَ: لَا قَالَ: لأَمْلَأَنهَا إِذا عَلَيْك خيلاً ورجالاً قَالَ: يمنعك الله ذَلِك وَأَتيا قَبيلَة تدعى الْأَوْس والخزرج فَخَرَجَا فَقَالَ عَامر لأربد: إِن كَانَ الرجل لنا يمكنا لَو قَتَلْنَاهُ مَا انتطحت فِيهِ عنزان ولرضوا بِأَن نعقله لَهُم وأحبوا السّلم وكرهوا الْحَرْب إِذا رَأَوْا أَمر قد وَقع فَقَالَ الآخر: إِن شِئْت فتشاورا وَقَالَ: أرجع أَنا أشغله عَنْك بالمجادلة وَكن وَرَاءه فَاضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَة وَاحِدَة فَكَانَا كَذَلِك وَاحِد وَرَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْآخر قَالَ: أقصص عليّ قصصك قَالَ: مَا تَقول قَالَ: قرأتك فَجعل

يجادله ويستبطئه حَتَّى قَالَ لَهُ مَا لَك أحشمت قَالَ: وضعت يَدي على قَائِم السَّيْف فيبست فَمَا قدرت على أَن أحلي وَلَا أَمْرِي فَجعل يحركها وَلَا تتحرك فَخَرَجَا فَلَمَّا كَانَا بِالْحرَّةِ سمع بذلك سعد بن معَاذ وَأسيد بن حضير فَخَرَجَا إِلَيْهِ على كل وَاحِد مِنْهُمَا لأمته وَرمحه بِيَدِهِ وَهُوَ متقلد سَيْفه فَقَالَ أسيد لعامر بن الطُّفَيْل: يَا أَعور الْخَبيث أَنْت الَّذِي تشْتَرط على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا أَنَّك فِي أَمَان من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا رمت الْمنزل حَتَّى ضربت عُنُقك فَقَالَ: من هَذَا قَالُوا: أسيد بن حضير قَالَ: لَو كَانَ أَبوهُ حَيا لم يفعل بِي هَذَا ثمَّ قَالَ عَامر لأربد: أخرج أَنْت يَا أَرْبَد إِلَى نَاحيَة عذبة وَأخرج أَنا إِلَى مُحَمَّد فأجمع الرِّجَال فنلتقي عَلَيْهِ فَخرج أَرْبَد حَتَّى إِذا كَانَ بِالرَّقْمِ بعث الله سَحَابَة من الصَّيف فِيهَا صَاعِقَة فَأَحْرَقتهُ وَخرج عَامر حَتَّى إِذا كَانَ بوادي الحريد أرسل الله عَلَيْهِ الطَّاعُون فَجعل يَصِيح: يَا آل عَامر اغدة كَغُدَّة الْبَعِير تقتلني وَمَوْت أَيْضا فِي بَيت سَلُولِيَّة وَهِي امْرَأَة من قيس فَذَلِك قَوْله {سَوَاء مِنْكُم من أسر القَوْل وَمن جهر بِهِ} إِلَى قَوْله {لَهُ مُعَقِّبَات من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه يَحْفَظُونَهُ من أَمر الله} هَذَا مقدم ومؤخر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ المعقبات من أَمر الله {إِن الله لَا يُغير مَا بِقوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم} حَتَّى بلغ {وَمَا دُعَاء الْكَافرين إِلَّا فِي ضلال} وَقَالَ لبيد فِي أَخِيه أَرْبَد وَهُوَ يبكيه: أخْشَى على أَرْبَد الحتوف وَلَا أرهب نوء السَّمَاء والأسد فجعتني الرَّعْد وَالصَّوَاعِق بالفا رس [بالفارس] يَوْم الكريهة النجد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {إِن الله لَا يُغير مَا بِقوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم} قَالَ: إِنَّمَا يَجِيء التَّغْيِير من النَّاس والتيسير من الله فَلَا تغيرُوا مَا بكم من نعم الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أوحى الله إِلَى نَبِي من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل أَن قل لقَوْمك أَنه لَيْسَ من أهل قَرْيَة وَلَا أهل بَيت يكونُونَ على طَاعَة الله فيتحوّلون إِلَى مَعْصِيّة الله إِلَّا تحوّل الله مِمَّا يحبونَ إِلَى مَا يكْرهُونَ ثمَّ قَالَ: إِن تَصْدِيق ذَلِك فِي كتاب الله تَعَالَى {إِن الله لَا يُغير مَا بِقوم حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن أبي هِلَال - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: بَلغنِي أَن

نَبيا من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام لما أسْرع قومه فِي الْمعاصِي قَالَ لَهُم: اجْتَمعُوا إِلَيّ لأبلغكم رِسَالَة رَبِّي فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ وَفِي يَده فخارة فَقَالَ: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول لكم إِنَّكُم قد عملتم ذنوباً قد بلغت السَّمَاء وَإِنَّكُمْ لَا تتوبون مِنْهَا وتنزعون عَنْهَا إِلَّا أَن كسرتكم كَمَا تكسر هَذِه فألقاها فَانْكَسَرت فتفرقت ثمَّ قَالَ: وأفرقكم حَتَّى لَا ينْتَفع بكم ثمَّ أبْعث عَلَيْكُم من لَا حَظّ لَهُ فينتقم لي مِنْكُم ثمَّ أكون الَّذِي أنتقم لنَفْسي بعد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن الْحجَّاج عُقُوبَة فَلَا تستقبلوا عُقُوبَة الله بِالسَّيْفِ وَلَكِن استقبلوها بتوبة وتضرع واستكانة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَالك بن دِينَار - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كلما أحدثتم ذَنبا أحدث الله لكم من سلطانكم عُقُوبَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَالك بن دِينَار - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَرَأت فِي بعض الْكتب: إِنِّي أَنا الله مَالك الْمُلُوك قُلُوب الْمُلُوك بيَدي فَلَا تشْغَلُوا قُلُوبكُمْ بسب الْمُلُوك وادعوني أعطفهم عَلَيْكُم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ - رَضِي الله عَنهُ - {وَمَا لَهُم من دونه من وَال} قَالَ: هُوَ الَّذِي تولاهم فينصرهم ويلجئهم إِلَيْهِ الْآيَة 12

12

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي يريكم الْبَرْق خوفًا وَطَمَعًا} قَالَ: خوفًا للْمُسَافِر يخَاف أَذَاهُ ومشقته {وَطَمَعًا} للمقيم يطْمع فِي رزق الله ويرجو بركَة الْمَطَر ومنفعته وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يريكم الْبَرْق خوفًا وَطَمَعًا} قَالَ {خوفًا} لأهل الْبَحْر {وَطَمَعًا} لأهل الْبر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يريكم الْبَرْق خوفًا وَطَمَعًا} قَالَ: الْخَوْف: مَا يخَاف من الصَّوَاعِق والطمع: الْغَيْث وَأخرج ابْن جرير عَن أبي جَهْضَم مُوسَى بن سَالم مولى ابْن عَبَّاس - رَضِي

الله عَنْهُمَا - قَالَ: كتب ابْن عَبَّاس إِلَى أبي الْجلد يسْأَله عَن الْبَرْق فَقَالَ: الْبَرْق: المَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يريكم الْبَرْق} قَالَ شُعَيْب الجياني فِي كتاب الله: الْمَلَائِكَة حَملَة الْعَرْش أَسمَاؤُهُم فِي كتاب الله الْحَيَّات لكل ملك وَجه إِنْسَان واسد ونسر فَإِذا حركوا أجنحتهم فَهُوَ الْبَرْق قَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت: رجل وثور تَحت رجل يَمِينه والنسر لِلْأُخْرَى وَلَيْث مرصد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يريكم الْبَرْق} قَالَ: مَلَائِكَة تمصع بأجنحتها فَذَلِك الْبَرْق زَعَمُوا أَنَّهَا تدعى الْحَيَّات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن مُسلم - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: بلغنَا أَن الْبَرْق لَهُ أَرْبَعَة وُجُوه: وَجه إِنْسَان وَوجه ثَوْر وَوجه نسر وَوجه أَسد فَإِذا مصع بِذَنبِهِ فَذَلِك الْبَرْق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الْبَرْق مصع ملك يَسُوق السَّحَاب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَطَر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: الْبَرْق ملك يترايا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الْبَرْق مخاريق من نَار بأيدي مَلَائِكَة السَّحَاب يزجرون بِهِ السَّحَاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الْبَرْق مخاريق يَسُوق بِهِ الرَّعْد السَّحَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الْبَرْق اصطفاق الْبرد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة عَن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الْبَرْق تصفيق الْملك الْبرد وَلَو ظهر لأهل الأَرْض لصعقوا

وَأخرج الشَّافِعِي عَن عُرْوَة بن الزبير - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِذا رأى أحدكُم الْبَرْق أَو الودق فَلَا يشر إِلَيْهِ وليصف ولينعت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وينشئ السَّحَاب الثقال} قَالَ: الَّذِي فِيهِ المَاء وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَطَر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي ذَر الْغِفَارِيّ - رَضِي الله عَنهُ -: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله ينشئ السَّحَاب فينطق أحسن النُّطْق ويضحك أحسن الضحك قَالَ إِبْرَاهِيم بن سعد: النُّطْق الرَّعْد والضحك الْبَرْق وَأخرج الْعقيلِيّ وَضَعفه وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينشئ الله السَّحَاب ثمَّ ينزل فِيهِ المَاء فَلَا شَيْء أحسن من ضحكه وَلَا شَيْء أحسن من مَنْطِقه ومنطقه الرَّعْد وضحكه الْبَرْق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن بجاد الْأَشْعَرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اسْم السَّحَاب عِنْد الله الْعَنَان والرعد ملك يزْجر السَّحَاب والبرق طرف ملك يُقَال لَهُ روقيل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - أَن خُزَيْمَة بن ثَابت - وَلَيْسَ بِالْأَنْصَارِيِّ - رَضِي الله عَنهُ سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن منشأ السَّحَاب فَقَالَ: إِن ملكا مُوكل بالسحاب يلم القاصية ويلحم الدانية فِي يَده مِخْرَاق فَإِذا رفع برقتْ وَإِذا زجر رعدَتْ وَإِذا ضرب صعِقَتْ الْآيَة 13

13

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: أَقبلت يهود إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا

أَبَا الْقَاسِم إِنَّا نَسْأَلك عَن خَمْسَة أَشْيَاء فَإِن أنبئتانا بِهن عرفنَا أَنَّك نَبِي واتبعناك فَأخذ عَلَيْهِم مَا أَخذ إِسْرَائِيل على بنيه إِذْ قَالَ (وَالله على مَا نقُول وَكيل) (سُورَة الْقَصَص آيَة 28) قَالَ: هاتوا قَالُوا: أخبرنَا عَن عَلامَة النَّبِي قَالَ: تنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه قَالُوا: أخبرنَا كَيفَ تؤنث الْمَرْأَة وَكَيف تذكر قَالَ: يلتقي الماءان فَإِذا علا مَاء الرجل مَاء الْمَرْأَة اذكرت وَإِذا علا مَاء الْمَرْأَة مَاء الرجل أنثت قَالُوا: أخبرنَا عَمَّا حرم إِسْرَائِيل على نَفسه فَقَالَ: كَانَ يشتكي عرق النسا فَلم يجد شَيْئا يلائمه إِلَّا ألبان كَذَا وَكَذَا - يَعْنِي الإِبل - فَحرم لحومها قَالُوا: صدقت قَالُوا: أخبرنَا مَا هَذَا الرَّعْد قَالَ: ملك من مَلَائِكَة الله مُوكل بالسحاب بيدَيْهِ مِخْرَاق من نَار يزْجر بِهِ السَّحَاب يَسُوقهُ حَيْثُ أمره الله قَالُوا: فَمَاذَا الصَّوْت الَّذِي نسْمع قَالَ: صَوته قَالُوا: صدقت إِنَّمَا بقيت وَاحِدَة وَهِي الَّتِي نتابعك إِن أخبرتنا أَنه لَيْسَ من نَبِي إِلَّا لَهُ ملك يَأْتِيهِ بالْخبر فَأخْبرنَا من صَاحبك قَالَ: جِبْرِيل قَالُوا: جِبْرِيل ذَلِك ينزل بِالْحَرْبِ والقتال وَالْعَذَاب عدوّنا لَو قلت مِيكَائِيل الَّذِي ينزل بِالرَّحْمَةِ والنبات والمطر لَكَانَ فَأنْزل الله (قل من كَانَ عدوّاً لجبريل ) (سُورَة الْبَقَرَة آيَة 97) إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَطَر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الرَّعْد ملك والبرق ضربه السَّحَاب بمخراق من حَدِيد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ والخرائطي عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: الرَّعْد ملك يَسُوق السَّحَاب بالتسبيح كَمَا يَسُوق الْحَادِي الإِبل بحدائه وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْمَطَر وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه كَانَ إِذا سمع صَوت الرَّعْد قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سبحت لَهُ وَقَالَ: إِن الرَّعْد ملك ينعق بالغيث كَمَا ينعق الرَّاعِي بغنمه وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ:

الرَّعْد ملك من الْمَلَائِكَة اسْمه الرَّعْد وَهُوَ الَّذِي تَسْمَعُونَ صَوته والبرق سَوط من نور يزْجر بِهِ الْملك السَّحَاب وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الرَّعْد ملك اسْمه الرَّعْد وصوته هَذَا تسبيحه فَإِذا اشْتَدَّ زَجره احتك السَّحَاب واصطدم من خَوفه فَتخرج الصَّوَاعِق من بَينه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: الرَّعْد ملك يزْجر السَّحَاب بالتسبيح وَالتَّكْبِير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا خلق الله شَيْئا أَشد سَوْقاً من السَّحَاب ملك يَسُوقهُ والرعد صَوت الْملك يزْجر بِهِ والمخاريق يَسُوقهُ بهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن عَمْرو أَنه سُئِلَ عَن الرَّعْد فَقَالَ: ملك وَكله الله بسياق السَّحَاب فَإِذا أَرَادَ الله أَن يَسُوقهُ إِلَى بلد أمره فساقه فَإِذا تفرق عَلَيْهِ زَجره بِصَوْتِهِ حَتَّى يجْتَمع كَمَا يرد أحدكُم ركانه ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {ويسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الرَّعْد ملك ينشئ السَّحَاب ودوّيه صَوته وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ويسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ} قَالَ: هُوَ ملك يُسمى الرَّعْد وَذَلِكَ الصَّوْت تسبيحه وَأخرج ابْن جرير والخرائطي وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح - رَضِي الله عَنهُ - {ويسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ} قَالَ: ملك من الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن الرَّعْد ملك من الْمَلَائِكَة وكل بالسحاب يَسُوقهَا كَمَا يَسُوق الرَّاعِي الإِبل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن شهر بن حَوْشَب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن الرَّعْد ملك يزْجر السَّحَاب كَمَا يحث الرَّاعِي الإِبل فَإِذا شذت سَحَابَة ضمهَا فَإِذا اشْتَدَّ غَضَبه طَار من فِيهِ النَّار فَهِيَ الصَّوَاعِق

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد أَن رجلا سَأَلَهُ عَن الرَّعْد فَقَالَ: ملك يسبح بِحَمْدِهِ وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: الرَّعْد الْملك والبرق المَاء وَأخرج الخرائطي عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الرَّعْد ملك يزْجر السَّحَاب بِصَوْتِهِ وَأخرج الخرائطي عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - مثله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن الثِّقَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هَذَا سَحَاب ينشئ الله عز وَجل فَينزل الله مِنْهُ المَاء فَمَا من منطق أحسن من مَنْطِقه وَلَا من ضحك أحسن من ضحكه وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْطِقه الرَّعْد وضحكه الْبَرْق وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن ربكُم يَقُول: لَو أَن عبَادي أطاعوني لأسقيتهم الْمَطَر بِاللَّيْلِ وأطلعت عَلَيْهِ الشَّمْس بِالنَّهَارِ وَلم أسمعهم صَوت الرَّعْد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سمع صَوت الرَّعْد وَالصَّوَاعِق قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلنَا بِغَضَبِك وَلَا تُهْلِكنَا بِعَذَابِك وَعَافنَا قبل ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - يرفع الحَدِيث أَنه كَانَ إِذا سمع الرَّعْد قَالَ: سُبْحَانَ من يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا هبت الرّيح أَو سمع صَوت الرَّعْد تغير لَونه حَتَّى عرف ذَلِك فِي وَجهه ثمَّ يَقُول للرعد: سُبْحَانَ من سبحت لَهُ وَيَقُول للريح: اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَة وَلَا تجعلها عذَابا وَأخرج الشَّافِعِي عَن الْمطلب بن حنْطَب - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا برقتْ السَّمَاء أَو رعدَتْ عرف ذَلِك فِي وَجهه فَإِذا أمْطرت سري عَنهُ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا سَمِعْتُمْ الرَّعْد فاذكروا الله فَإِنَّهُ لَا يُصِيب ذَاكِرًا وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر - رَضِي الله عَنهُ - أَن قوما سمعُوا الرَّعْد فكبروا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا سَمِعْتُمْ الرَّعْد فَسَبحُوا وَلَا تكبروا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه كَانَ إِذا سمع الرَّعْد قَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ إِذا سمع صَوت الرَّعْد قَالَ: سُبْحَانَ من سبحت لَهُ وَأخرج مَالك وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن الْمُنْذر والخرائطي وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عبد الله بن الزبير: أَنه كَانَ إِذا سمع الرَّعْد ترك الحَدِيث وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته ثمَّ يَقُول: إِن هَذَا الْوَعيد لأهل الأَرْض شَدِيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن الْحُسَيْن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا الرَّعْد وَعِيد من الله فَإِذا سمعتموه فأمسكوا عَن الحَدِيث وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: من سمع صَوت الرَّعْد فَقَالَ: سُبْحَانَ من يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته وَهُوَ على كل شَيْء قدير فَإِن أَصَابَته صَاعِقَة فعليّ دِيَته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن أبي زَكَرِيَّا - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: بَلغنِي أَن من سمع صَوت الرَّعْد فَقَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ لم تصبه صَاعِقَة وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن أَحْمد بن دَاوُد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: بَيْنَمَا سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يمشي مَعَ أَبَوَيْهِ وَهُوَ غُلَام إِذا سمع صَوت الرَّعْد فَخر فلصق بفخذ أَبِيه فَقَالَ: يَا بني هَذَا صَوت مُقَدمَات رَحمته فَكيف لَو سَمِعت صَوت مُقَدمَات عضبه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: من قَالَ

حِين يسمع الرَّعْد: سُبْحَانَ من يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة من خيفته ثَلَاثًا عوفي مِمَّا يكون فِي ذَلِك الرَّعْد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسمع الرَّعْد فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا يَقُول فَقُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِنَّهُ يَقُول: موعدك لمدينة كَذَا وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَيْنَمَا رجل فِي فلاة من الأَرْض فَسمع صَوتا فِي سَحَابَة: اسْقِ حديقة فلَان فَتنحّى ذَلِك السَّحَاب فأفرغ مَاءَهُ فِي حرَّة فَإِذا شرجة من تِلْكَ الشراج قد استوعبت ذَلِك المَاء كُله فتتبع المَاء فَإِذا هُوَ رجل قَائِم فِي حديقة يحوّل المَاء بمسحاته فَقَالَ لَهُ: يَا عبد الله مَا اسْمك فَقَالَ: فلَان - للإسم الَّذِي سمع فِي السحابة - فَقَالَ لَهُ: لم سَأَلتنِي عَن اسْمِي قَالَ: سَمِعت فِي السَّحَاب الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ اسْقِ حديقة فلَان لإِسمك بِمَا تصنع فِيهَا قَالَ: أما إِذْ قلت هَذَا فَإِنِّي أنظر إِلَى مَا يخرج مِنْهَا فأتصدق بِثُلثِهِ وآكل أَنا وعيالي ثلثا وأرد فِيهِ ثلثه وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بعث رجلا من أَصْحَابه إِلَى رَأس من رُؤَسَاء الْمُشْركين يَدعُوهُ إِلَى الله فَقَالَ الْمُشرك: هَذَا الإِله الَّذِي تَدعُونِي إِلَيْهِ أَمن ذهب هُوَ أم من فضَّة أم من نُحَاس فتعاظم مقَالَته فَرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: ارْجع إِلَيْهِ فَرجع إِلَيْهِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ القَوْل الأول فَرجع فَأَعَادَهُ الثَّالِثَة فَبَيْنَمَا هما يتراحعان الْكَلَام بَينهمَا إِذْ بعث الله سَحَابَة حِيَال رَأسه فَرعدَت وأبرقت وَوَقعت مِنْهَا صَاعِقَة فَذَهَبت بِقحْفِ رَأسه فَأنْزل الله تَعَالَى

{وَيُرْسل الصَّوَاعِق فَيُصِيب بهَا من يَشَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن عبد الرَّحْمَن بن صحار الْعَبْدي أَنه بلغه أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث إِلَى جَبَّار يَدعُوهُ فَقَالَ: أَرَأَيْتُم ربكُم أذهب هُوَ أم فضَّة هُوَ أم لُؤْلُؤ هُوَ قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ يجادلهم إِذْ بعث الله سَحَابَة فَرعدَت فَأرْسل الله عَلَيْهِ صَاعِقَة فَذَهَبت بِقحْفِ رَأسه فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {وَيُرْسل الصَّوَاعِق فَيُصِيب بهَا من يَشَاء وهم يجادلون فِي الله وَهُوَ شَدِيد الْمحَال} وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَخْبرنِي عَن رَبك من ذهب هُوَ أم من لُؤْلُؤ أم ياقوت فَجَاءَتْهُ الصاعقة فَأَخَذته فَأنْزل الله {وَيُرْسل الصَّوَاعِق فَيُصِيب بهَا من يَشَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد حَدثنِي عَن إلهك هَذَا الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ أياقوت هُوَ أذهب هُوَ أم مَا هُوَ فَنزلت على السَّائِل صَاعِقَة فَأَحْرَقتهُ فَأنْزل الله تَعَالَى {وَيُرْسل الصَّوَاعِق فَيُصِيب بهَا من يَشَاء} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي كَعْب الْمَكِّيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ خَبِيث من خبثاء قُرَيْش: أخبرونا عَن ربكُم من ذهب هُوَ أم من فضَّة أم من نُحَاس فقعقعت السَّمَاء قعقعة فَإِذا قحف رَأسه ساقطٌ بَين يَدَيْهِ فَأنْزل الله تَعَالَى {وَيُرْسل الصَّوَاعِق} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير والخرائطي عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - ذكر لنا أَن رجلا أنكر الْقُرْآن وَكذب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل الله عَلَيْهِ صَاعِقَة فأهلكته فَأنْزل الله تَعَالَى فِيهِ {وهم يجادلون فِي الله} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَيُرْسل الصَّوَاعِق} قَالَ: نزلت فِي عَامر بن الطُّفَيْل وَفِي أَرْبَد بن قيس أقبل عَامر فَقَالَ: إِن لي حَاجَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقْترب فاقترب حَتَّى جثا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسل أَرْبَد بعض سَيْفه فَلَمَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بريقه تعوّذ بِآيَة من الْقُرْآن كَانَ يتعوّذ بهَا فأيبس الله يَد أَرْبَد على السَّيْف وَأرْسل عَلَيْهِ صَاعِقَة فَاحْتَرَقَ فَذَلِك قَول أَخِيه: أخْشَى على أَرْبَد الحتوف وَلَا أرهب نوء السماك والأسد فجعني الْبَرْق وَالصَّوَاعِق بالفا رس [بالفارس] يَوْم الكريهة النجد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والخرائطي وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: إِن بحوراً من النَّار دون الْعَرْش يكون فِيهَا الصَّوَاعِق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: الصَّوَاعِق نَار

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الصَّوَاعِق من نَار السمُوم وَهَذَا صَوت الْحجب الَّتِي بحرها مَا بَيْننَا وَبَينه من الْحجاب يَسُوق السَّحَاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن دِينَار - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لم أسمع أحدا ذهب الْبَرْق ببصره لقَوْل الله تَعَالَى (يكَاد الْبَرْق يخطف أَبْصَارهم) (سُورَة الْبَقَرَة آيَة 20) وَالصَّوَاعِق تحرق لقَوْل الله تَعَالَى {وَيُرْسل الصَّوَاعِق فَيُصِيب بهَا من يَشَاء} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن أبي نجيح - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: رَأَيْت صَاعِقَة أَصَابَت نخلتين بِعَرَفَة فأحرقتهما وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الصاعقة تصيب الْمُؤمن وَالْكَافِر وَلَا تصيب ذَاكر الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن نصر بن عَاصِم الثَّقَفِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: من قَالَ: سُبْحَانَ الله شَدِيد الْمحَال لم تصبه عُقُوبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَهُوَ شَدِيد الْمحَال} قَالَ: شَدِيد الْقُوَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَهُوَ شَدِيد الْمحَال} قَالَ: شَدِيد الْمَكْر شَدِيد القوّة وَأخرج ابْن جريرعن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {وَهُوَ شَدِيد الْمحَال} قَالَ: شَدِيد الْحول وَأخرج ابْن جريرعن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - {وَهُوَ شَدِيد الْمحَال} قَالَ: شَدِيد الْأَخْذ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {وَهُوَ شَدِيد الْمحَال} قَالَ: شَدِيد الانتقام وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - {وَهُوَ شَدِيد الْمحَال} قَالَ: شَدِيد الحقد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {وَهُوَ شَدِيد الْمحَال} قَالَ: شَدِيد القوّة وَالْحِيلَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ - رَضِي الله عَنهُ - {وَهُوَ شَدِيد الْمحَال} قَالَ: شَدِيد الْحول وَالْقُوَّة الْآيَة 14

14

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَهُ دَعْوَة الْحق} قَالَ: التَّوْحِيد لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء من طرق عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {لَهُ دَعْوَة الْحق} قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَهُ دَعْوَة الْحق} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله لَيست تنبغي لأحد غَيره لَا يَنْبَغِي أَن يُقَال فلَان إِلَه بني فلَان وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {الا كباسط كفيه إِلَى المَاء ليبلغ فَاه وَمَا هُوَ ببالغه} قَالَ: كَالرّجلِ العطشان يمد يَده إِلَى الْبِئْر ليرتفع المَاء إِلَيْهِ وَمَا هُوَ ببالغه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {كباسط كفيه إِلَى المَاء} قَالَ: يَدْعُو المَاء بِلِسَانِهِ وَيُشِير إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَلَا يَأْتِيهِ أبدا كَذَلِك لَا يستجيب من هُوَ دونه وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {وَالَّذين يدعونَ من دونه لَا يستجيبون لَهُم بِشَيْء إِلَّا كباسط كفيه إِلَى المَاء ليبلغ فَاه وَمَا هُوَ ببالغه} وَلَيْسَ ببالغه حَتَّى يتمزع عُنُقه وَيهْلك عطشاً قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا دُعَاء الْكَافرين إِلَّا فِي ضلال} فَهَذَا مثل ضربه الله تبَارك وَتَعَالَى إِن هَذَا الَّذِي يدعونَ من دون الله

هَذَا الوثن وَهَذَا الْحجر لَا يستجيب لَهُ بِشَيْء فِي الدُّنْيَا وَلَا يَسُوق إِلَيْهِ خيرا وَلَا يدْفع عَنهُ سوءا حَتَّى يَأْتِيهِ الْمَوْت كَمثل هَذَا الَّذِي يبسط ذِرَاعَيْهِ إِلَى المَاء ليبلغ فَاه وَلَا يبلغ فَاه وَلَا يصل ذَلِك إِلَيْهِ حَتَّى يَمُوت عطشاً وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَالَّذين يدعونَ من دونه} الْآيَة قَالَ: الرجل يقْعد على شفة الْبِئْر فيبسط كفيه إِلَى قَعْر الْبِئْر ليتناول بهما فيده لَا تبلغ المَاء وَالْمَاء لَا ينزو إِلَى يَده فَكَذَلِك لَا يَنْفَعهُمْ مَا كَانُوا يدعونَ من دون الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بكير بن مَعْرُوف - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما قتل قابيل أَخَاهُ جعله الله بناصيته فِي الْبَحْر لَيْسَ بَينه وَبَين المَاء إِلَّا أصْبع وَهُوَ يجد برد المَاء من تَحت قَدَمَيْهِ وَلَا يَنَالهُ وَذَلِكَ قَول الله {إِلَّا كباسط كفيه إِلَى المَاء ليبلغ فَاه وَمَا هُوَ ببالغه} فَإِذا كَانَ الصَّيف ضرب عَلَيْهِ سبع حيطان من سموم وَإِذا كَانَ الشتَاء ضرب عَلَيْهِ سبع حيطان من ثلج وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {كباسط كفيه إِلَى المَاء ليبلغ فَاه} قَالَ: هَذَا مثل الْمُشرك الَّذِي عبد مَعَ الله غَيره فَمثله كَمثل الرجل العطشان الَّذِي ينظر إِلَى خياله فِي المَاء من بعيد هُوَ يُرِيد أَن يتَنَاوَلهُ وَلَا يقدر عَلَيْهِ الْآيَة 15

15

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ الطائع الْمُؤمن والكاره ظلّ الْكَافِر

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {وَللَّه يسْجد من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها وظلالهم بالغدوّ وَالْآصَال} قَالَ: ظلّ الْمُؤمن يسْجد {طَوْعًا} وَهُوَ طائع لله وظل الْكَافِر يسْجد {كرها} وَهُوَ كَارِه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {وَللَّه يسْجد من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها} قَالَ: أما الْمُؤمن فَيسْجد طَائِعا وَأما الْكَافِر فَيسْجد كَارِهًا يسْجد ظله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: الطائع الْمُؤمن والكاره ظلّ الْكَافِر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: يسْجد من فِي السَّمَوَات طَوْعًا وَمن فِي الأَرْض طَوْعًا وَكرها وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: من دخل طَائِعا هَذَا طَوْعًا وَكرها: من لم يدْخل إِلَّا بِالسَّيْفِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُنْذر قَالَ: كَانَ ربيع بن خَيْثَم إِذا سجد فِي سَجْدَة الرَّعْد قَالَ: بل طَوْعًا يَا رَبنَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وظلالهم بالغدوّ وَالْآصَال} يَعْنِي حِين يفِيء ظلّ أحدهم عَن يَمِينه أَو شِمَاله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وظلالهم بالغدوّ وَالْآصَال} قَالَ: ذكر لنا أَن ظلال الْأَشْيَاء كلهَا تسْجد لله وَقَرَأَ (سجدا لله وهم داخرون) (سُورَة النَّحْل آيَة 48) قَالَ: تِلْكَ الظلال تسْجد لله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وظلالهم بالغدوّ وَالْآصَال} قَالَ: ظلّ الْكَافِر يُصَلِّي وَهُوَ لَا يُصَلِّي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: إِذا طلعت الشَّمْس يسْجد ظلّ كل شَيْء نَحْو الْمغرب فَإِذا زَالَت الشَّمْس سجد ظلّ كل شَيْء نَحْو الْمشرق حَتَّى تغيب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وظلالهم} قَالَ: أَلا ترى إِلَى الْكَافِر فَإِن ظلاله جسده كُله أعضاؤه لله مطيعة غير قلبه الْآيَة 16

16

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّا نَكُون عنْدك على حَال فَإِذا فارقناك كُنَّا على غَيره فنخاف أَن يكون ذَلِك النِّفَاق قَالَ: كَيفَ أَنْتُم وربكم قَالُوا: الله رَبنَا فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة قَالَ: كَيفَ أَنْتُم ونبيكم قَالُوا: أَنْت نَبينَا فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة قَالَ: لَيْسَ ذاكم بالنفاق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {هَل يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير} قَالَ: الْمُؤمن وَالْكَافِر وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {قل هَل يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير أم هَل تستوي الظُّلُمَات والنور} قَالَ: أما الْأَعْمَى والبصير فالكافر وَالْمُؤمن وَأما الظُّلُمَات والنور فالهدى والضلال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أم جعلُوا لله شُرَكَاء خلقُوا كخلقه فتشابه الْخلق عَلَيْهِم} قَالَ: {خلقُوا كخلقه} فحملهم ذَلِك على أَن شكوا فِي الْأَوْثَان وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أم جعلُوا لله شُرَكَاء خلقُوا كخلقه} قَالَ: ضربت مثلا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله تَعَالَى {أم جعلُوا لله شُرَكَاء خلقُوا كخلقه} قَالَ: فَأَخْبرنِي لَيْث بن أبي سليم عَن ابْن مُحَمَّد عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان عَن أبي بكر إِمَّا حضر ذَلِك حُذَيْفَة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أبي بكر وَإِمَّا حَدثهُ إِيَّاه أَبُو بكر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الشّرك فِيكُم أخْفى من دَبِيب النَّمْل قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله وَهل الشّرك إِلَّا مَا عُبِدَ من دون الله أَو مَا دعِي مَعَ الله قَالَ: ثكلتك أمك الشّرك فِيكُم أخْفى من دَبِيب النَّمْل أَلا أخْبرك بقول يذهب صغاره وكباره أَو قَالَ: لصغيره وكبيره قَالَ: بلَى قَالَ: تَقول كل يَوْم ثَلَاث مَرَّات اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن أشرك بك وَأَنا أعلم واستغفرك لما لَا أعلم والشرك أَن تَقول أَعْطَانِي الله وَفُلَان والند أَن يَقُول الإِنسان: لَوْلَا فلَان قتلني فلَان

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن معقل بن يسَار - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: انْطَلَقت مَعَ أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَبَا بكر للشرك فِيكُم أخْفى من دَبِيب النَّمْل فَقَالَ أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - وَهل الشّرك إِلَّا من جعل مَعَ الله إِلَهًا آخر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ للشرك فِيكُم أخْفى من دَبِيب النَّمْل أَلا أدلك على شَيْء إِذا قلته ذهب قَلِيله وَكَثِيره قل اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن أشرك بك وَأَنا أعلم واستغفرك لما لَا أعلم الْآيَات 17 - 18

17

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {أنزل من السَّمَاء مَاء} الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله تَعَالَى احتملت مِنْهُ الْقُلُوب على قدر يقينها وشكها فَأَما الشَّك فَمَا ينفع مَعَه الْعَمَل وَأما الْيَقِين فينفع الله بِهِ أَهله وَهُوَ قَوْله {فَأَما الزّبد فَيذْهب جفَاء وَأما مَا ينفع النَّاس فيمكث فِي الأَرْض} وَهُوَ الْيَقِين كَمَا يَجْعَل الْحلِيّ فِي النَّار فَيُؤْخَذ خالصه بِهِ وَيتْرك خبيثه فِي النَّار كَذَلِك يقبل الله تَعَالَى الْيَقِين وَيتْرك الشَّك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} قَالَ: الصَّغِير قدر صغيره وَالْكَبِير قدر كبيره وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي

الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله تَعَالَى بَين الْحق وَالْبَاطِل يَقُول: احْتمل السَّيْل مَا فِي الْوَادي من عود ودمنة وَمِمَّا توقدون عَلَيْهِ فِي النَّار فَهُوَ الذَّهَب وَالْفِضَّة والحلية وَالْمَتَاع النّحاس وَالْحَدِيد وللنحاس وَالْحَدِيد خبث فَجعل الله تَعَالَى مثل خبثه كَمثل زبد المَاء فَأَما مَا ينفع النَّاس فالذهب وَالْفِضَّة وَأما مَا ينفع الأَرْض فَمَا شربت من المَاء فأنبتت فَجعل ذَلِك مثل الْعَمَل الصَّالح الَّذِي يبْقى لأَهله وَالْعَمَل السيء يضمحل من مَحَله فَمَا يذهب هَذَا الزّبد فَذَلِك الْهدى وَالْحق جَاءَ من عِنْد الله تَعَالَى فَمن عمل بِالْحَقِّ كَانَ لَهُ وَمَا بَقِي كَمَا يبْقى مَا ينفع النَّاس فِي الأَرْض وَكَذَلِكَ الْحَدِيد لَا يَسْتَطِيع أَن يعْمل مِنْهُ سكين وَلَا سيف حَتَّى يدْخل النَّار فتأكل خبثه فَيخرج جيده فينتفع بِهِ كَذَلِك يضمحل الْبَاطِل وَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة وأقيم النَّاس وَعرضت الْأَعْمَال فيرفع الْبَاطِل وَيهْلك وَينْتَفع أهل الْحق بِالْحَقِّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح من طَرِيق مرّة عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} الْآيَة قَالَ: فَمر السَّيْل على رَأسه من التُّرَاب والغثاء حَتَّى اسْتَقر فِي الْقَرار وَعَلِيهِ الزّبد فضربته الرّيح فَذهب الزّبد جفَاء إِلَى جوانبه فيبس فَلم ينفع أحدا وَبَقِي المَاء الَّذِي ينْتَفع بِهِ النَّاس فَشَرِبُوا مِنْهُ وَسقوا أنعامهم فَكَمَا ذهب الزّبد فَلم ينفع فَكَذَلِك الْبَاطِل يضمحل يَوْم الْقِيَامَة فَلَا ينفع أَهله وكما نفع المَاء فَكَذَلِك ينفع الْحق أَهله هَذَا مثل ضربه الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أنزل من السَّمَاء مَاء} قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله تَعَالَى لِلْمُؤمنِ وَالْكَافِر {فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} حَتَّى جرى الْوَادي وامتلأ بِقدر مَا يحمل {فَاحْتمل السَّيْل زبداً رابياً} قَالَ: زبد المَاء {وَمِمَّا يوقدون عَلَيْهِ فِي النَّار} قَالَ: زبد مَا توقدون عَلَيْهِ من ذَلِك حلية وَمَا سقط فَهُوَ مثل زبد المَاء وَهُوَ مثل ضرب للحق وَالْبَاطِل فَأَما خبث الْحَدِيد وَالذَّهَب وزبد المَاء فَهُوَ الْبَاطِل وَمَا تصنعوا من الْحِلْية وَالْمَاء وَالْحَدِيد فَمثل الْحق وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: ضرب الله تَعَالَى مثل الْحق وَالْبَاطِل فَضرب مثل الْحق السَّيْل الَّذِي يمْكث فِي الأَرْض فينتفع

النَّاس بِهِ وَمثل الْبَاطِل مثل الزّبد الَّذِي لَا ينفع النَّاس وَمثل الْحق مثل الْحلِيّ الَّذِي يَجْعَل فِي النَّار فَمَا خلص مِنْهُ انْتفع بِهِ أَهله وَمَا خبث مِنْهُ فَهُوَ مثل الْبَاطِل علم أَن لَا ينفع الزّبد وخبث الْحلِيّ أَهله فَكَذَلِك الْبَاطِل لَا ينفع أَهله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أنزل من السَّمَاء مَاء فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} قَالَ: الصَّغِير بصغره وَالْكَبِير بكبره {فَاحْتمل السَّيْل زبداً رابياً} قَالَ: عَالِيا {وَمِمَّا يوقدون} إِلَى قَوْله {فَيذْهب جفَاء} والجفاء مَا يتَعَلَّق بِالشَّجَرِ {وَأما مَا ينفع النَّاس فيمكث فِي الأَرْض} هَذِه ثَلَاثَة أَمْثَال ضربهَا الله تَعَالَى فِي مثل وَاحِد يَقُول: كَمَا اضمحل هَذَا الزّبد فَصَارَ جفَاء لَا ينْتَفع بِهِ وَلَا يُرْجَى بركته كَذَلِك يضمحل الْبَاطِل عَن أَهله وكما مكث هَذَا المَاء فِي الأَرْض فأمرعت وربت بركته وأخرجت نباتها كَذَلِك يبْقى الْحق لأَهله وَقَوله {وَمِمَّا يوقدون عَلَيْهِ فِي النَّار ابْتِغَاء حلية} كَمَا يبْقى خَالص هَذَا الذَّهَب وَالْفِضَّة حِين أَدخل النَّار كَذَلِك فَيذْهب خبثه كَذَلِك يبْقى الْحق لأَهله وكما اضمحل خبث هَذَا الذَّهَب وَالْفِضَّة حِين أَدخل فِي النَّار كَذَلِك يضمحل الْبَاطِل عَن أَهله وَقَوله {أَو مَتَاع زبد مثله} يَقُول: هَذَا الْحَدِيد وَهَذَا الصفر حِين دخل النَّار وَذَهَبت بخبثه كَذَلِك يبْقى الْحق لأَهله كَمَا بَقِي خالصهما وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} قَالَ: الْكَبِير بِقَدرِهِ وَالصَّغِير بِقَدرِهِ {زبداً رابياً} قَالَ: رَبًّا فَوق المَاء الزّبد {وَمِمَّا يوقدون عَلَيْهِ فِي النَّار} قَالَ: هُوَ الذَّهَب إِذا ادخل النَّار بَقِي صَفوه وَذهب مَا كَانَ فِيهِ من كدر وَهَذَا مثل ضربه الله للحق وَالْبَاطِل {فَأَما الزّبد فَيذْهب جفَاء} يتَعَلَّق بِالشَّجَرِ وَلَا يكون شَيْئا هَذَا مثل الْبَاطِل {وَأما مَا ينفع النَّاس فيمكث فِي الأَرْض} هَذَا يخرج النَّبَات وَهَذَا مثل الْحق {أَو مَتَاع زبد مثله} قَالَ: الْمَتَاع الصفر وَالْحَدِيد وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أنزل من السَّمَاء مَاء فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} قَالَ: بملئها مَا أطاقت {فَاحْتمل السَّيْل زبداً رابياً} قَالَ: انْقَضى الْكَلَام ثمَّ اسْتقْبل فَقَالَ {وَمِمَّا يوقدون عَلَيْهِ فِي النَّار ابْتِغَاء حلية أَو مَتَاع زبد مثله} قَالَ: الْمَتَاع الْحَدِيد والنحاس والرصاص وأشباهه {زبد مثله} قَالَ: خبث ذَلِك

الْحَدِيد والحلية مثل زبد السَّيْل {وَأما مَا ينفع النَّاس} من المَاء {فيمكث فِي الأَرْض} وَأما الزّبد {فَيذْهب جفَاء} قَالَ: جموداً فِي الأَرْض قَالَ فَكَذَلِك مثل الْحق وَالْبَاطِل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أنزل من السَّمَاء مَاء} الْآيَة قَالَ: ابْتِغَاء حلية الذَّهَب وَالْفِضَّة أَو مَتَاع الصفر وَالْحَدِيد قَالَ: كَمَا أوقد على الذَّهَب وَالْفِضَّة والصفر وَالْحَدِيد فخلص خالصه كَذَلِك بَقِي الْحق لأَهله فانتفعوا بِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عُيَيْنَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أنزل من السَّمَاء مَاء فسالت أَوديَة بِقَدرِهَا} قَالَ: أنزل من السَّمَاء قُرْآنًا فاحتمله عقول الرِّجَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {للَّذين اسْتَجَابُوا لرَبهم الْحسنى} قَالَ: الْحَيَاة والرزق وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {للَّذين اسْتَجَابُوا لرَبهم الْحسنى} قَالَ: هِيَ الْجنَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن فرقد السبخي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ لي شهر بن حَوْشَب - رَضِي الله عَنهُ - {سوء الْحساب} أَن لَا يتَجَاوَز لَهُ عَن شَيْء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن فرقد السبخي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ لي إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ - رَضِي الله عَنهُ -: يَا فرقد أَتَدْرِي مَا سوء الْحساب قلت: لَا قَالَ: هُوَ أَن يُحَاسب الرجل بِذَنبِهِ كُله لَا يغْفر لَهُ مِنْهُ شَيْء وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: {سوء الْحساب} أَن يُؤْخَذ العَبْد بذنوبه كلهَا وَلَا يغْفر لَهُ مِنْهَا ذَنْب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الجوزاء - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ {سوء الْحساب} المناقشة فِي الْأَعْمَال الْآيَة 19

19

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أَفَمَن يعلم أَنما أنزل إِلَيْك من رَبك الْحق} قَالَ: هَؤُلَاءِ قوم انتفعوا بِمَا سمعُوا من كتاب الله وعقلوه ووعوه {كمن هُوَ أعمى} قَالَ: عَن الْحق فَلَا يبصروه وَلَا يعقله {إِنَّمَا يتَذَكَّر أولُوا الْأَلْبَاب} فَبين من هم فَقَالَ: {الَّذين يُوفونَ بِعَهْد الله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أولُوا الْأَلْبَاب} يَعْنِي من كَانَ لَهُ لب أَو عقل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِنَّمَا عَاتب الله تَعَالَى أولي الْأَلْبَاب لِأَنَّهُ يُحِبهُمْ وَوجدت ذَلِك فِي آيَة من كتاب الله تَعَالَى {إِنَّمَا يتَذَكَّر أولُوا الْأَلْبَاب} الْآيَات 20 - 21

20

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {الَّذين يُوفونَ بِعَهْد الله وَلَا ينقضون الْمِيثَاق} فَعَلَيْكُم بِالْوَفَاءِ بالعهد وَلَا تنقضوا الْمِيثَاق فَإِن الله قد نهى عَنهُ وَقدم فِيهِ أَشد التقدمة وَذكره فِي بضع وَعشْرين آيَة نصيحة لكم وتقدمة إِلَيْكُم وَحجَّة عَلَيْكُم وَإِنَّمَا تعظم الْأُمُور بِمَا عظمها الله عِنْد أهل الْفَهم وَأهل الْعقل وَأهل الْعلم بِاللَّه وَذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي خطبَته لَا إِيمَان لمن لَا أَمَانَة لَهُ وَلَا دين لمن لَا عهد لَهُ وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الْبر وَالصَّبْر ليخففان سوء الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَالَّذين يصلونَ مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل ويخشون رَبهم وَيَخَافُونَ سوء الْحساب} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فِي

قَوْله {وَالَّذين يصلونَ مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل} يَعْنِي من إِيمَان بالنبيين وبالكتب كلهَا {ويخشون رَبهم} يَعْنِي يخَافُونَ فِي قَطْعِيَّة مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل {وَيَخَافُونَ سوء الْحساب} يَعْنِي شدَّة الْحساب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَالَّذين يصلونَ مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: اتَّقوا الله وصلوا الْأَرْحَام فَإِنَّهُ أبقى لكم فِي الدُّنْيَا وَخير لكم فِي الْآخِرَة وَذكر لنا أَن رجلا من خثعم أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِمَكَّة فَقَالَ: أَنْت الَّذِي تزْعم أَنَّك رَسُول الله قَالَ: نعم قَالَ: فَأَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله قَالَ: الايمان بِاللَّه قَالَ: ثمَّ مَاذَا قَالَ: صلَة الرَّحِم وَكَانَ عبد الله بن عَمْرو يَقُول: إِن الْحَلِيم لَيْسَ من ظلم ثمَّ حلم حَتَّى إِذا هيجه قوم اهتاج وَلَكِن الْحَلِيم من قدر ثمَّ عَفا وَإِن الْوُصُول لَيْسَ من وصل ثمَّ وصل فَتلك مجازاة وَلَكِن الْوُصُول من قطع ثمَّ وصل وَعطف على من لَا يصله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله (ويقطعون مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل) قَالَ: بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا لم تمش إِلَى ذِي رَحِمك برجلك وَلم تعطه من مَالك فقد قطعته الْآيَات 22 - 24

22

أخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَالَّذين صَبَرُوا} يَعْنِي على أَمر الله {ابْتِغَاء وَجه رَبهم} يَعْنِي ابْتِغَاء رضَا رَبهم {وَأَقَامُوا الصَّلَاة} يَعْنِي وأتموها {وأنفقوا من مَا رَزَقْنَاهُمْ} يَعْنِي من الْأَمْوَال {سرا وَعَلَانِيَة} يَعْنِي فِي حق الله وطاعته {ويدرؤون} يَعْنِي يدْفَعُونَ {بِالْحَسَنَة السَّيئَة} يَعْنِي يردون مَعْرُوفا على من يسيء إِلَيْهِم {أُولَئِكَ لَهُم عُقبى الدَّار} يَعْنِي دَار الْجنَّة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - {ويدرؤون بِالْحَسَنَة السَّيئَة} قَالَ: يدْفَعُونَ بِالْحَسَنَة السَّيئَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ويدرؤون بِالْحَسَنَة السَّيئَة} قَالَ: يدْفَعُونَ الشَّرّ بِالْخَيرِ لَا يكافئون الشَّرّ بِالشَّرِّ وَلَكِن يدفعونه بِالْخَيرِ أما قَوْله تَعَالَى: {جنَّات عدن} أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة قصراً يُقَال لَهُ عدن حوله البروج والمروج لَهُ خَمْسَة آلَاف بَاب عِنْد كل بَاب خَمْسَة آلَاف حيرة لَا يدْخلهُ أَو لَا يسكنهُ إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد أَو امام عَادل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَرَأَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - على الْمِنْبَر {جنَّات عدن} فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس هَل تَدْرُونَ مَا جنَّات عدن قصر فِي الْجنَّة لَهُ عشرَة آلَاف بَاب على كل بَاب خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألفا من الْحور الْعين لَا يدْخلهُ إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {جنَّات عدن} قَالَ: بطْنَان الْجنَّة يَعْنِي وَسطهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: {جنَّات عدن} وَمَا يدْريك مَا جنَّات عدن قَالَ: قصر من ذهب لَا يدْخلهُ إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد أَو حكم عدل وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {جنَّات عدن} قَالَ: مَدِينَة وسط الْجنَّة فِيهَا الرُّسُل الْأَنْبِيَاء وَالشُّهَدَاء وأئمة الْهدى وَالنَّاس حَولهمْ بعد والجنات حولهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - أَن عمر قَالَ لكعب: مَا عدن قَالَ: هُوَ قصر فِي الْجنَّة لَا يدْخلهُ إِلَّا نَبِي أَو صديق أَو شَهِيد أَو حكم عدل

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جنَّة عدن قضيب غرسه الله بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: كن فَكَانَ أما قَوْله تَعَالَى: {يدْخلُونَهَا وَمن صلح من آبَائِهِم} الْآيَة أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: يدْخل الرجل الْجنَّة فَيَقُول: أَيْن أُمِّي أَيْن وَلَدي أَيْن زَوْجَتي فَيُقَال: لم يعملوا مثل عَمَلك فَيَقُول: كنت أعمل لي وَلَهُم ثمَّ قَرَأَ {جنَّات عدن يدْخلُونَهَا وَمن صلح} يَعْنِي من آمن بِالتَّوْحِيدِ بعد هَؤُلَاءِ {من آبَائِهِم وأزواجهم وذرياتهم} يدْخلُونَ مَعَهم {وَالْمَلَائِكَة يدْخلُونَ عَلَيْهِم من كل بَاب} قَالَ: يدْخلُونَ عَلَيْهِم على مِقْدَار كل يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا ثَلَاث مَرَّات مَعَهم التحف من الله مَا لَيْسَ لَهُم فِي جنَّات عدن يَقُولُونَ لَهُم: {سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ} يَعْنِي على أَمر الله تَعَالَى {فَنعم عُقبى الدَّار} يَعْنِي دَار الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {وَمن صلح من آبَائِهِم} قَالَ: من آمن فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مجلز - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: علم الله تَعَالَى أَن الْمُؤمن يحب أَن يجمع الله تَعَالَى لَهُ أَهله وشمله فِي الدُّنْيَا فَأحب أَن يجمعهُمْ لَهُ فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَرَأَ {جنَّات عدن يدْخلُونَهَا وَمن صلح} حَتَّى ختم الْآيَة قَالَ: إِنَّه لفي خيمة من درة مجوفة لَيْسَ فِيهَا صدع وَلَا وصل طولهَا فِي الْهَوَاء سِتُّونَ ميلًا فِي كل زَاوِيَة مِنْهَا أهل وَمَال لَهَا أَرْبَعَة آلَاف مصراع من ذهب يقوم على كل بَاب مِنْهَا سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة مَعَ كل ملك هَدِيَّة من الرَّحْمَن لَيْسَ مَعَ صَاحبه مثلهَا لَا يصلونَ إِلَيْهِ إِلَّا بِإِذن بَينه وَبينهمْ حجاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: أخس أهل الْجنَّة منزلا يَوْم الْقِيَامَة لَهُ قصر من درة جوفاء فِيهَا سَبْعَة آلَاف غرفَة لكل غرفَة سَبْعُونَ ألف بَاب يدْخل عَلَيْهِ من كل بَاب سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة بالتحية وَالسَّلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي عمرَان

الْجونِي - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ} قَالَ: على دينكُمْ {فَنعم عُقبى الدَّار} قَالَ: فَنعم مَا أعقبكم الله تَعَالَى من الدُّنْيَا الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ} قَالَ: صَبَرُوا على فضول الدُّنْيَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن نصر الْحَارِثِيّ - رَضِي الله عَنهُ - {سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ} قَالَ: على الْفقر فِي الدُّنْيَا وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أول من يدْخل الْجنَّة من خلق الله تَعَالَى فُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين تسد بهم الثغور وتتقى بهم المكاره وَيَمُوت أحدهم وَحَاجته فِي صَدره لَا يَسْتَطِيع لَهَا قَضَاء فَيَقُول الله تَعَالَى لمن يَشَاء من الْمَلَائِكَة: ائتوهم فحيوهم فَتَقول الْمَلَائِكَة: رَبنَا نَحن سكان سمائك وخيرتك من خلقك أفتأمرنا أَن نأتي هَؤُلَاءِ فنسلم عَلَيْهِم قَالَ الله تَعَالَى: إِن هَؤُلَاءِ عبَادي كَانُوا يعبدونني فِي الدُّنْيَا وَلَا يشركُونَ بِي شَيْئا وتسد بهم الثغور وتتقى بهم المكاره وَيَمُوت أحدهم وَحَاجته فِي صَدره لَا يَسْتَطِيع لَهَا قَضَاء فتأتيهم الْمَلَائِكَة عِنْد ذَلِك فَيدْخلُونَ عَلَيْهِم من كل بَاب {سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنعم عُقبى الدَّار} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن الْمُؤمن ليَكُون مُتكئا على أريكته إِذا دخل الْجنَّة وَعِنْده سماطان من خدم وَعند طرف السماطين بَاب مبوّب فَيقبل الْملك فيستأذن فَيَقُول أقْصَى الخدم للَّذي يَلِيهِ: ملك يسْتَأْذن وَيَقُول الَّذِي يَلِيهِ للَّذي يَلِيهِ: ملك يسْتَأْذن حَتَّى يبلغ الْمُؤمن فَيَقُول: ائذنوا لَهُ فَيَقُول أقربهم إِلَى الْمُؤمن: ائذنوا وَيَقُول الَّذِي يَلِيهِ للَّذي يَلِيهِ: ائذنوا حَتَّى تبلغ أَقْصَاهُم الَّذِي عِنْد الْبَاب فَيفتح لَهُ فَيدْخل فَيسلم عَلَيْهِ ثمَّ ينْصَرف وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ -: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْتِي أحدا كل عَام فَإِذا تفوّه الشّعب سلم على قُبُور الشُّهَدَاء فَقَالَ {سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنعم عُقبى الدَّار} وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي قُبُور الشُّهَدَاء على رَأس كل حول فَيَقُول {سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنعم عُقبى الدَّار} وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان الْآيَات 25 - 26

25

أخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَيْمُون بن مهْرَان - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ لي عمر بن عبد الْعَزِيز - رَضِي الله عَنهُ -: لَا تؤاخين قَاطع رحم فَإِنِّي سَمِعت الله لعنهم فِي سورتين: فِي سُورَة الرَّعْد وَسورَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَلَهُم سوء الدَّار} قَالَ: سوء الْعَاقِبَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمَا الْحَيَاة الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا مَتَاع} قَالَ: كَانَ الرجل يخرج فِي الزَّمَان الأول فِي إبِله أَو غنمه فَيَقُول لأَهله: متعوني فيمتعونه فلقلة الْخبز أَو التَّمْر فَهَذَا مثل ضربه الله للدنيا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {إِلَّا مَتَاع} قَالَ: قَلِيل ذَاهِب وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ نَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على حَصِير فَقَامَ وَقد أثر فِي جنبه فَقُلْنَا يَا رَسُول الله لَو اتخذنا لَك فَقَالَ: مَا لي وللدنيا مَا أَنا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كراكب استظل تَحت شَجَرَة ثمَّ رَاح وَتركهَا الْآيَات 27 - 29

27

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَيهْدِي إِلَيْهِ من أناب} أَي من تَابَ وَفِي قَوْله {وتطمئن قُلُوبهم بِذكر الله} قَالَ: هشت إِلَيْهِ واستأنست بِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ - رَضِي الله عَنهُ - {الَّذين آمنُوا وتطمئن قُلُوبهم بِذكر الله} يَقُول: إِذا حلف لَهُم بِاللَّه صدقُوا {أَلا بِذكر الله تطمئِن الْقُلُوب} قَالَ: تسكن الْقُلُوب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أَلا بِذكر الله تطمئِن الْقُلُوب} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه حِين نزلت هَذِه الْآيَة {أَلا بِذكر الله تطمئِن الْقُلُوب} : هَل تَدْرُونَ مَا معنى ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: من أحب الله وَرَسُوله أحب أَصْحَابِي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزلت هَذِه الْآيَة {أَلا بِذكر الله تطمئِن الْقُلُوب} قَالَ: ذَاك من أحب الله وَرَسُوله وَأحب أهل بَيْتِي صَادِقا غير كَاذِب وَأحب الْمُؤمنِينَ شَاهدا وغائباً أَلا بِذكر الله يتحابون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {طُوبَى لَهُم} قَالَ: فَرح وقرة عين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {طُوبَى لَهُم} قَالَ: نعم مَا لَهُم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {طُوبَى لَهُم} قَالَ: غِبْطَة لَهُم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي اللله عَنهُ - فِي قَوْله {طُوبَى لَهُم} قَالَ: حسنى لَهُم وَهِي كلمة من كَلَام الْعَرَب وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {طُوبَى لَهُم} قَالَ: هَذِه كلمة عَرَبِيَّة يَقُول الرجل طُوبَى لَك أَي أَحْبَبْت خيرا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {طُوبَى لَهُم} قَالَ: الْخَيْر والكرامة الَّذِي أَعْطَاهُم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {طُوبَى لَهُم} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {طُوبَى لَهُم} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ طُوبَى اسْم الْجنَّة بالحبشية وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لما خلق الله الْجنَّة وَفرغ مِنْهَا قَالَ {الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات طُوبَى لَهُم وَحسن مآب} وَذَلِكَ حِين أَعْجَبته وَأخرج جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن مسجوح - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ {طُوبَى} اسْم الْجنَّة بالهندية وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ {طُوبَى} اسْم الْجنَّة بالهندية وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: {طُوبَى} اسْم شَجَرَة فِي الْجنَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: {طُوبَى} شَجَرَة فِي الْجنَّة يَقُول الله تَعَالَى لَهَا: تفتقي لعبدي عَمَّا شَاءَ فتنفتق لَهُ عَن الْخَيل بسروجها ولجمها وَعَن الإِبل برحالها وَأَزِمَّتهَا وَعَما شَاءَ من الْكسْوَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق مُعَاوِيَة بن قُرَّة - رَضِي الله عَنهُ - عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: طُوبَى شَجَرَة غرسها الله تَعَالَى بِيَدِهِ وَنفخ فِيهَا من

روحه تنْبت بالحلى وَالْحلَل وَإِن أَغْصَانهَا لترى من وَرَاء سور الْجنَّة وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن عتبَة بن عبد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله فِي الْجنَّة فَاكِهَة قَالَ: نعم فِيهَا شَجَرَة تدعى طُوبَى هِيَ نطاق الفردوس قَالَ: قَالَ أَي شجر أَرْضنَا تشبه قَالَ: لَيْسَ تشبه شَيْئا من شجر أَرْضك وَلَكِن أتيت الشَّام قَالَ: لَا قَالَ: فَإِنَّهَا تشبه شَجَرَة بِالشَّام تدعى الجوزة تنْبت على سَاق وَاحِد ثمَّ ينشر أَعْلَاهَا قَالَ: مَا عظم أَصْلهَا قَالَ: لَو ارتحلت جَذَعَة من إبل أهلك مَا أحطت بأصلها حَتَّى تنكسر ترقوتاها هرماً قَالَ فَهَل فِيهَا عِنَب قَالَ: نعم قَالَ: مَا عظم العنقود مِنْهُ قَالَ: مسيرَة شهر للغراب الأبقع وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تَارِيخه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله طُوبَى لمن رآك وآمن بك قَالَ: {طُوبَى} لمن رَآنِي وآمن وطوبى ثمَّ طُوبَى لمن آمن بِي وَلم يرني قَالَ رجل: وَمَا طُوبَى قَالَ: شَجَرَة فِي الْجنَّة مسيرَة مائَة عَام تخرج من اكمامها وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي صفة الْجنَّة وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مِنْكُم من أحد يدْخل الْجنَّة إِلَّا انْطلق بِهِ إِلَى طُوبَى فتنفتح لَهُ أكمامها فَيَأْخُذ لَهُ من أَي ذَلِك شَاءَ إِن شَاءَ أَبيض وَإِن شَاءَ أَحْمَر وَإِن شَاءَ أَخْضَر وَإِن شَاءَ أصفر وَإِن شَاءَ أسود مثل شقائق النُّعْمَان وأرق وَأحسن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سِيرِين - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: شَجَرَة فِي الْجنَّة أَصْلهَا فِي حجرَة عَليّ وَلَيْسَ فِي الْجنَّة حجرَة إِلَّا وفيهَا غُصْن من أَغْصَانهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي جَعْفَر رجل من أهل الشَّام قَالَ: إِن رَبك أَخذ لؤلؤة فوضعها ثمَّ دملجها ثمَّ فرشها وسط الْجنَّة فَقَالَ لَهَا امتدي حَتَّى تبلغي مرضاتي فَفعلت ثمَّ أَخذ شَجَرَة فغرسها وسط اللؤلؤة ثمَّ قَالَ لَهَا: امتدي فَفعلت فَلَمَّا اسْتَوَت تَفَجَّرَتْ من أُصُولهَا أَنهَار الْجنَّة وَهِي طُوبَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن فرقد السبخي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أوحى الله

إِلَى عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فِي الإِنجيل: يَا عِيسَى جد فِي أَمْرِي وَلَا تهزل واسمع قولي وأطع أَمْرِي يَا ابْن الْبكر البتول إِنِّي خلقتك من غير فَحل وجعلتك وأمك آيَة للْعَالمين فإياي فاعبدْ وَعلي ّفتوكل وَخذ الْكتاب بِقُوَّة قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: أَي رب أَي كتاب آخذ بقوّة قَالَ: خُذ كتاب الإِنجيل بقوّة ففسره لأهل السريانية وَأخْبرهمْ إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا الْحَيّ القيوم البديع الدَّائِم الَّذِي لَا زَوَال لَهُ فآمنوا بِاللَّه وَرَسُوله النَّبِي الْأُمِّي الَّذِي يكون فِي آخر الزَّمَان فصدقوه واتبعوه صَاحب الْجمل والمدرعة والهراوة والتاج الانجل الْعين المقرون الحاجبين صَاحب الكساء الَّذِي إِنَّمَا نَسْله من الْمُبَارَكَة - يَعْنِي خَدِيجَة - يَا عِيسَى لَهَا بَيت من لُؤْلُؤ من قصب موصل بِالذَّهَب لَا يسمع فِيهِ أَذَى وَلَا نصب لَهَا ابْنة - يَعْنِي فَاطِمَة وَلها ابْنَانِ فيستشهدان - يَعْنِي الْحسن وَالْحُسَيْن - طُوبَى لمن سمع كَلَامه وَأدْركَ زَمَانه وَشهد أَيَّامه قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب وَمَا طُوبَى قَالَ: شَجَرَة فِي الْجنَّة أَنا غرستها بيَدي وأسكنتها ملائكتي أَصْلهَا من رضوَان وماؤها من تسنيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ {طُوبَى} فِي الْجنَّة حملهَا مِثَال ثدي النِّسَاء فِيهِ حلل أهل الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء وَابْن أبي حَاتِم عَن خَالِد بن معدان - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يُقَال لَهُ طُوبَى ضروع كلهَا ترْضع صبيان أهل الْجنَّة فَمن مَاتَ من الصّبيان الَّذين يرضعون رضع من طُوبَى وأنّ سقط الْمَرْأَة يكون فِي نهر من أَنهَار الْجنَّة يتقلب فِيهِ حَتَّى تقوم الْقِيَامَة فيبعث ابْن أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ {طُوبَى} شَجَرَة فِي الْجنَّة كل شَجَرَة فِي الْجنَّة مِنْهَا أَغْصَانهَا من وَرَاء سور الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يُقَال لَهَا طُوبَى يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام مَا يقطعهَا زهرها رياط وورقها برود وقضبانها عنبر وبطحاؤها ياقوت وترابها كافور ووحلها مسك يخرج من أَصْلهَا أَنهَار الْخمر وَاللَّبن وَالْعَسَل وَهِي مجْلِس من مجَالِس أهل الْجنَّة ومتحدث بَينهم فَبَيْنَمَا هم فِي مجلسهم إذْ أَتَتْهُم مَلَائِكَة من رَبهم يقودون خيماً مزمومة بسلاسل من ذهب وجوهها كالمصابيح من حسنها

ووبرها كخد المرعزي من لينه عَلَيْهَا رحال ألواحها من ياقوت ودفوفها من ذهب وثيابها من سندس واستبرق فينيخونها وَيَقُولُونَ: رَبنَا أرسلنَا إِلَيْكُم لتزوره فيركبوها فَهِيَ أسْرع من الطَّائِر واوطأ من الْفراش نجباء من غير مهنة يسير الرجل إِلَى جنب أَخِيه وَهُوَ يكلمهُ ويناجيه لَا يُصِيب إِذن رَاحِلَة مِنْهَا إِذن صاحبتها وَلَا تزل رَاحِلَة بزلل صاحبتها حَتَّى أَن الشَّجَرَة لتنحى عَن طرقهم لِئَلَّا يفرق بَين الرجل وأخيه فَيَأْتُونَ إِلَى الرَّحْمَن الرَّحِيم فيسفر لَهُم عَن وَجهه الْكَرِيم حَتَّى ينْظرُوا إِلَيْهِ فَإِذا رَأَوْهُ قَالُوا: اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام وَحقّ لَك الْجلَال وَالْإِكْرَام وَيَقُول عز وَجل عِنْد ذَلِك: أَنا السَّلَام ومني السَّلَام وَعَلَيْكُم حقت رَحْمَتي ومحبتي مرْحَبًا بعبادي الَّذين خشوني بِالْغَيْبِ وأطاعوا أَمْرِي فَيَقُولُونَ: رَبنَا إِنَّا لم نعبدك حق عبادتك وَلم نقدرك حق قدرك فَأذن لنا فِي السُّجُود قدامك فَيَقُول الله عز وَجل: إِنَّهَا لَيست بدار نصب وَلَا عبَادَة وَلكنهَا دَار ملك ونعيم وَإِنِّي قد رفعت عَنْكُم نصب الْعِبَادَة فسلوني مَا شِئْتُم فَإِن لكل رجل مِنْكُم أمْنِيته فيسألونه حَتَّى إِن أقصرهم أُمْنِية ليقول: ربّ تنافس أهل الدُّنْيَا فِي دنياهم فتضايقوا فِيهَا ربّ فائتني كل شَيْء كَانُوا فِيهِ من يَوْم خلقتها إِلَى أَن انْتَهَت الدُّنْيَا فَيَقُول الله عز وَجل: لقد قصرت بك أمنيتك وَلَقَد سَأَلت دون منزلتك هَذَا لَك مني وسأتحفك بمنزلتي لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عطائي نكد وَلَا تصريد ثمَّ يَقُول: اعرضوا على عبَادي مَا لم تبلغ أمانيهم وَلم يخْطر على بَال فيعرضون عَلَيْهِم حَتَّى تقصر بهم أمانيهم الَّتِي فِي أنفسهم فَيكون فِيمَا يعرضون عَلَيْهِم: براذين مقرنة على كل أَرْبَعَة مِنْهُم سَرِير من ياقوتة وَاحِدَة على كل مِنْهَا قبَّة من ذهب مفرغة فِي كل قبَّة مِنْهَا فرش من فرش الْجنَّة مُظَاهرَة فِي كل قبَّة مِنْهَا جاريتان من الْحور الْعين على كل جَارِيَة مِنْهُنَّ ثَوْبَان من ثِيَاب الْجنَّة وَلَيْسَ فِي الْجنَّة ألوان إِلَّا وَهُوَ فيهمَا وَلَا ريح طيبَة إِلَّا وَقد عبقتا بِهِ ينفذ ضوء وُجُوههمَا غلظ الْقبَّة حَتَّى يظنّ من يراهما أَنَّهُمَا من دون الْقبَّة يرى مخهما من فَوق أسرتهمَا كالسلك الْأَبْيَض من ياقوتة حَمْرَاء يريان لَهُ من الْفضل على صاحبته كفضل الشَّمْس على الْحِجَارَة أَو أفضل وَيرى هُوَ لَهما مثل ذَلِك ثمَّ يدْخل إِلَيْهِمَا فيجيئآنه ويقبلانه ويعانقانه ويقولان لَهُ: وَالله مَا ظننا أَن الله يخلق مثل ذَلِك ثمَّ يَأْمر الله تَعَالَى الْمَلَائِكَة فيسيرون بهم صفا فِي الْجنَّة حَتَّى يَنْتَهِي كل رجل مِنْهُم إِلَى منزله الَّذِي أعد لَهُ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن وهب بن مُنَبّه - رَضِي الله عَنهُ - عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن فَاطِمَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يُقَال لَهَا طُوبَى لَو يسير الرَّاكِب الْجَواب فِي ظلها لسار فِيهِ مائَة عَام قبل أَن يقطعهُ وورقها برود خضر وزهرها رياط صفر وأقتادها سندس واستبرق وَثَمَرهَا حلل خضر وصمغها زنجبيل وَعسل وبطحاؤها ياقوت أَحْمَر وزمرد أَخْضَر وترابها مسك وَعَنْبَر وكافور أصفر وحشيشها زعفران منبع والأجوج ناججان فِي غير وقود ينفجر من أَصْلهَا أنهارها السلسبيل والمعين فِي الرَّحِيق وظلها مجْلِس من مجَالِس أهل الْجنَّة يألفونه ومتحدث يجمعهُمْ فَبَيْنَمَا هم يَوْمًا فِي ظلها يتحدثون إِذْ جَاءَتْهُم مَلَائِكَة يقودون نجباً جبلت من الْيَاقُوت ثمَّ نفخ فِيهَا الرّوح مزمومة بسلاسل من ذهب كَأَن وجوهها المصابيح نضارة وبرها خَز أَحْمَر ومرعز أَحْمَر يخترطان لم ينظر الناظرون إِلَى مثله حسنا وبهاء وَلَا من غير مهانة عَلَيْهَا رحال ألواحها من الدّرّ والياقوت مفضضة بِاللُّؤْلُؤِ والمرجان فأناخوا إِلَيْهِم تِلْكَ النجائب ثمَّ قَالُوا لَهُم: ربكُم يقرئكم السَّلَام ويستزيركم لتنظروا إِلَيْهِ وَينظر إِلَيْكُم وتحيونه ويحييكم وتكلمونه ويكلمكم ويزيدكم من فَضله وسعته إِنَّه ذُو رَحْمَة وَاسِعَة وَفضل عَظِيم فتحوّل كل رجل مِنْهُم على رَاحِلَته حَتَّى انْطَلقُوا صفا وَاحِدًا معتدلاً لَا يفوت مِنْهُ شَيْء وَلَا يفوت اذن نَاقَة إِذن صاحبتها وَلَا بركَة نَاقَة بركَة صَاحبهَا وَلَا يَمرونَ بشجرة من أَشجَار الْجنَّة إِلَّا أتحفتهم بثمرها ورجلت لَهُم عَن طريقها كَرَاهِيَة أَن تثلم صفهم أَو تفرق بَين رجل ورفيقه فَلَمَّا دفعُوا إِلَى الْجَبَّار تَعَالَى سفر لَهُم عَن وَجهه الْكَرِيم وتجلى لَهُم فِي عَظمته الْعَظِيم يحييهم بِالسَّلَامِ فَقَالُوا: رَبنَا أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام لَك حق الْجلَال والإِكرام قَالَ لَهُم رَبهم: أَنا السَّلَام ومني السَّلَام ولي حق الْجلَال وَالْإِكْرَام فمرحبا بعبادي الَّذين حفظوا وصيتي ورعوا عهدي وخافوني بِالْغَيْبِ وَكَانُوا مني على كل حَال مشفقين قَالُوا: أما وَعزَّتك وعظمتك وجلالك وعلو مَكَانك مَا قدرناك حق قدرك وَلَا أدينا إِلَيْك كل حَقك فَأذن لنا بِالسُّجُود لَك قَالَ لَهُم رَبهم: إِنِّي قد وضعت عَنْكُم مُؤنَة الْعِبَادَة وأرحت لكم أبدانكم طالما نصبتم لي الْأَبدَان وأعنتم لي الْوُجُوه فَالْآن أَفَضْتُم إِلَى روحي ورحمتي وكرامتي وطولي وَجَلَالِي وعلو مَكَاني وعظمة شأني فَمَا يزالون فِي الْأَمَانِي والعطايا والمواهب حَتَّى أَن المقصر مِنْهُم فِي أمْنِيته ليتمنى مثل

جَمِيع الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْم خلقهَا الله تَعَالَى إِلَى يَوْم يفنيها قَالَ لَهُم رَبهم: لقد قصرتم فِي أمانيكم ورضيتم بِدُونِ مَا يحِق لكم فقد أوجبت لكم مَا سَأَلْتُم وتمنيتم وألحقت بكم وزدتكم مَا قصرت عَنهُ أمانيكم فانظروا إِلَى مواهب ربكُم الَّتِي وهبكم فَإِذا بقباب فِي الرفيق الْأَعْلَى وغرف مَبْنِيَّة من الدّرّ والمرجان أَبْوَابهَا من ذهب وسررها من ياقوت وفرشها من سندس واستبرق ومنابرها من نور يفور من أَبْوَابهَا وأعراصها نور مثل شُعَاع الشَّمْس عِنْده مثل الْكَوْكَب الدُّرِّي فِي النَّهَار المضيء وَإِذا بقصور شامخة فِي أَعلَى عليين من الْيَاقُوت يزهر نورها فلولا أَنه مسخر إِذن لالتمع الْأَبْصَار فَمَا كَانَ من تِلْكَ الْقُصُور من الْيَاقُوت الْأَبْيَض فَهُوَ مفروش بالحرير الْأَبْيَض وَمَا كَانَ مِنْهَا من الْيَاقُوت الْأَحْمَر فَهُوَ مفروش بالعبقري وَمَا كَانَ مِنْهَا من الْيَاقُوت الْأَخْضَر فَهُوَ مفروش بالسندس الْأَخْضَر وَمَا كَانَ مِنْهَا من الْيَاقُوت الْأَصْفَر فَهُوَ مفروش بالأرجوان الْأَصْفَر مبوبة بالزمرد الْأَخْضَر وَالذَّهَب الْأَحْمَر وَالْفِضَّة الْبَيْضَاء قواعدها وأركانها من الْجَوْهَر وشرفها قباب من لُؤْلُؤ وبروجها غرف من المرجان فَلَمَّا انصرفوا إِلَى مَا أَعْطَاهُم رَبهم قربت لَهُم براذين من ياقوت أَبيض منفوخ فِيهَا الرّوح بجنبها الْولدَان المخلدون بيد كل وليد مِنْهُم حِكْمَة برذون من تِلْكَ البراذين ولجمها وأعنتها من فضَّة بَيْضَاء منظومة بالدر والياقوت سُرُوجهَا سرر موضونة مفروشة بالسندس والاستبرق فَانْطَلَقت بهم تِلْكَ البراذين تزف بهم وَتَطَأ رياض الْجنَّة فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى مَنَازِلهمْ وجدوا الْمَلَائِكَة قعُودا على مَنَابِر من نور ينتظرونهم ليزوروهم ويصافحوهم ويهنوهم كَرَامَة رَبهم فَلَمَّا دخلُوا قصورهم وجدوا فِيهَا جَمِيع مَا تطاول بِهِ عَلَيْهِم رَبهم مِمَّا سَأَلُوا وتمنوا وَإِذا على بَاب كل قصر من تِلْكَ الْقُصُور أَرْبَعَة جنان {جنتان} {ذواتا أفنان} وجنتان {مدهامتان} و (فيهمَا عينان نضاختان) (سُورَة الرَّحْمَن آيَة 66) وَفِيهِمَا من كل فَاكِهَة زوجان و (حور مقصورات فِي الْخيام) (سُورَة الرَّحْمَن آيَة 72) فَلَمَّا تبوأوا مَنَازِلهمْ واستقروا قرارهم قَالَ لَهُم رَبهم: هَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا قَالُوا: نعم وربنا قَالَ: هَل رَضِيتُمْ بِثَوَاب ربكُم قَالُوا: رَبنَا رَضِينَا فارض عَنَّا قَالَ: برضاي عَنْكُم حللتم دَاري ونظرتم إِلَى وَجْهي وصافحتم

ملائكتي فهنيئا هَنِيئًا لكم عَطاء غير مجذوذ لَيْسَ فِيهِ تنغيص وَلَا تصريد فَعِنْدَ ذَلِك قَالُوا: الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن وأحلنا دَار المقامة من فَضله لَا يمسنا فِيهَا نصب وَلَا يمسنا فِيهَا لغوب إِن رَبنَا لغَفُور شكور وَأخرج عبد بن حميد عَن زيد مولى بني مَخْزُوم قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - يَقُول: إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا واقرؤوا إِن شِئْتُم (وظل مَمْدُود) فَبلغ ذَلِك كَعْبًا - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: صدق وَالَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى وَالْفرْقَان على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أَن رجلا ركب حقة أَو جَذَعَة ثمَّ دَار بِأَصْل تِلْكَ الشَّجَرَة مَا بلغَهَا حَتَّى يسْقط هرما إِن الله عز وَجل غرسها بِيَدِهِ وَنفخ فِيهَا من روحه وَإِن أفنانها من وَرَاء سور الْجنَّة وَمَا فِي الْجنَّة نهر إِلَّا يخرج من أصل تِلْكَ الشَّجَرَة وَأخرج ابْن جرير عَن مغيث بن سمي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: {طُوبَى} شَجَرَة فِي الْجنَّة لَو أَن رجلا ركب قلوصاً جذعاً أَو جَذَعَة ثمَّ دَار بهَا لم يبلغ الْمَكَان الَّذِي ارتحل مِنْهُ حَتَّى يَمُوت هرماً وَمَا من أهل الْجنَّة منزل إِلَّا غُصْن من تِلْكَ الشَّجَرَة متدل عَلَيْهِم فَإِذا أَرَادوا أَن يَأْكُلُوا من الثَّمَرَة تدلى إِلَيْهِم فَيَأْكُلُونَ مَا شاؤوا وَيَجِيء الطير فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ قديداً وشوياً مَا شاؤوا ثمَّ يطير وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: {طُوبَى} شَجَرَة فِي الْجنَّة لَو أَن رَاكِبًا ركب حقة أَو جَذَعَة فأطاف بهَا مَا بلغ ذَلِك الْموضع الَّذِي ركب فِيهِ حَتَّى يقْتله الْهَرم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: ذكر عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {طُوبَى} فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا بكر هَل بلغك طُوبَى قَالَ: الله تَعَالَى وَرَسُوله أعلم قَالَ: {طُوبَى} شَجَرَة فِي الْجنَّة لَا يعلم طولهَا إِلَّا الله تَعَالَى يسير الرَّاكِب تَحت غُصْن من أَغْصَانهَا سبعين خَرِيفًا وَرقهَا الْحلَل يَقع عَلَيْهَا الطير كأمثال البخت قَالَ أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ -: إِن ذَلِك الطير ناعم قَالَ: أنعم مِنْهُ من يَأْكُلهُ وَأَنت مِنْهُم يَا أَبَا بكر إِن شَاءَ الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: طُوبَى شَجَرَة فِي الْجنَّة غرسها الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيهَا من روحه وَإِن أَغْصَانهَا لترى من وَرَاء سور الْجنَّة تنْبت الحلى وَالثِّمَار منهدلة على أفواهها

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مغيث بن سمي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: {طُوبَى} شَجَرَة فِي الْجنَّة لَيْسَ فِي الْجنَّة دَار إِلَّا يُظِلّهَا غُصْن من أَغْصَانهَا فِيهِ من ألوان الثَّمر وَيَقَع عَلَيْهَا طير أَمْثَال البخت فَإِذا اشْتهى الرجل طيراً دَعَاهُ فَيَقَع على خوانه فيأكل من إِحْدَى جانبيه شواء وَالْآخر قديداً ثمَّ يصير طائراً فيطير فَيذْهب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي العزاء وَابْن أبي حَاتِم عَن خَالِد بن معدان - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يُقَال لَهَا طُوبَى كلهَا ضروع فَمن مَاتَ من الصّبيان الَّذين يرضعون رضع من طُوبَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {طُوبَى لَهُم} قَالَ: غِبْطَة {وَحسن مآب} قَالَ: حسن مرجع وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ - رَضِي الله عَنهُ - {وَحسن مآب} قَالَ: حسن مُنْقَلب وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - مثله الْآيَة 30

30

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وهم يكفرون بالرحمن} قَالَ: ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - زمن الْحُدَيْبِيَة - حِين صَالح قُرَيْش كتب فِي الْكتاب: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَت قُرَيْش: أما الرَّحْمَن فَلَا نعرفه وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَكْتُبُونَ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ فَقَالَ أَصْحَابه: دَعْنَا نقاتلهم قَالَ: لَا وَلَكِن اكتبوا كَمَا يُرِيدُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا لما كَاتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُريْشًا فِي الْحُدَيْبِيَة كتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالُوا: لَا

نكتب الرَّحْمَن وَمَا نَدْرِي مَا الرَّحْمَن وَمَا نكتب إِلَّا بِاسْمِك اللَّهُمَّ فَأنْزل الله تَعَالَى {وهم يكفرون بالرحمن} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {وَإِلَيْهِ متاب} قَالَ: تَوْبَتِي الْآيَات 31 - 34

31

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن كَانَ كَمَا تَقول فأرِنا أشياخنا الَّذين من الْمَوْتَى نكلمهم وافسح لنا هَذِه الْجبَال - جبال مَكَّة - الَّتِي قد ضمتنا فَنزلت {وَلَو أَن قُرْآنًا سيرت بِهِ الْجبَال أَو قطعت بِهِ الأَرْض أَو كلم بِهِ الْمَوْتَى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالُوا لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو سيرت لنا جبال مَكَّة حَتَّى تتسع فَنَحْرُث فِيهَا أَو قطعتْ لنا الأَرْض كَمَا كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يقطع لِقَوْمِهِ بِالرِّيحِ أَو أَحييت لنا الْمَوْتَى كَمَا كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يحيي الْمَوْتَى لِقَوْمِهِ فَأنْزل الله تَعَالَى {وَلَو أَن قُرْآنًا سيرت بِهِ الْجبَال} الْآيَة إِلَى قَوْله {أفلم ييأس الَّذين آمنُوا} قَالَ: أفلم يتَبَيَّن

الَّذين آمنُوا قَالُوا: هَل تروي هَذَا الحَدِيث عَن أحد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ من قُرَيْش لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو وسعت لنا أَوديَة مَكَّة وسيرت جبالها فاحترثناها وأحييت من مَاتَ منا واقطع بِهِ الأَرْض أَو كلم بِهِ الْمَوْتَى فَأنْزل الله {وَلَو أَن قُرْآنًا} وَأخرج أَبُو يعلى وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه عَن الزبير بن العوّام - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما نزلت (وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين) (سُورَة الشُّعَرَاء آيَة 214) صَاح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي قبيس: يَا آل عبد منَاف إِنِّي نَذِير فَجَاءَتْهُ قُرَيْش فَحَذَّرَهُمْ وَأَنْذرهُمْ فَقَالُوا: تزْعم أَنَّك نَبِي يُوحى إِلَيْك وَأَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام سخرت لَهُ الرّيح وَالْجِبَال وَإِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سخر لَهُ الْبَحْر وَإِن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يحيي الْمَوْتَى فَادع الله أَن يسير عَنَّا هَذِه الْجبَال وَيفجر لنا الأَرْض أَنهَارًا فنتخذها مَحَارِث فَنَزْرَع وَنَأْكُل وَإِلَّا فَادع الله أَن يحيي لنا الْمَوْتَى فنكلمهم وَيُكَلِّمُونَا وَإِلَّا فَادع الله أَن يَجْعَل هَذِه الصَّخْرَة الَّتِي تَحْتك ذَهَبا فَنَنْحِت مِنْهَا وَتُغْنِينَا عَن رحْلَة الشتَاء والصيف فَإنَّك تزْعم أَنَّك كَهَيْئَتِهِمْ فَبينا نَحن حوله إِذْ نزل عَلَيْهِ الْوَحْي فَلَمَّا سرى عَنهُ الْوَحْي قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد أَعْطَانِي الله مَا سَأَلْتُم وَلَو شِئْت لَكَانَ وَلكنه خيرني بَين أَن تدْخلُوا بَاب الرَّحْمَة فَيُؤمن مؤمنكم وَبَين أَن يكلكم إِلَى مَا اخترتم لأنفسكم فتضلوا عَن بَاب الرَّحْمَة وَلَا يُؤمن مؤمنكم فاخترت بَاب الرَّحْمَة ويؤمن مؤمنكم وَأَخْبرنِي إِن أَعْطَاكُم ذَلِك ثمَّ كَفرْتُمْ يعذبكم عذَابا لَا يعذبه أحدا من الْعَالمين فَنزلت (وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا ان كذب بهَا الْأَولونَ) (سُورَة الْإِسْرَاء آيَة 59) حَتَّى قَرَأَ ثَلَاث آيَات وَنزلت {وَلَو أَن قُرْآنًا سيرت بِهِ الْجبَال} الْآيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة أَن هَذِه الْآيَة {وَلَو أَن قُرْآنًا سيرت بِهِ الْجبَال أَو قطعت بِهِ الأَرْض أَو كلم بِهِ الْمَوْتَى} مَكِّيَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَلَو أَن قُرْآنًا سيرت بِهِ الْجبَال} الْآيَة قَالَ: قَول كفار قُرَيْش لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سيّر جبالنا تتسع لنا أَرْضنَا فَإِنَّهَا ضيقَة أَو قرب لنا الشَّام فَإنَّا نتجر إِلَيْهَا أَو أخرج لنا آبَاءَنَا من الْقُبُور نكلمهم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالُوا: سير بِالْقُرْآنِ الْجبَال قطع بِالْقُرْآنِ الأَرْض أخرج بِهِ مَوتَانا وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ كفار مَكَّة لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سيّر لنا الْجبَال كَمَا سخرت لداود وَقطع لنا الأَرْض كَمَا قطعت لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فاغدُ بهَا شهرا ورح بهَا شهرا أَو كلم لنا الْمَوْتَى كَمَا كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يكلمهم يَقُول: لم أنزل بِهَذَا كتابا وَلَكِن كَانَ شَيْئا أُعطيته أنبيائي ورسلي وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَت قُرَيْش لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن كنت نَبيا كَمَا تزْعم فباعد عَن مَكَّة اخشبيها هذَيْن مسيرَة أَرْبَعَة أَيَّام أَو خَمْسَة أَيَّام فَإِنَّهَا ضيقَة حَتَّى نَزْرَع فِيهَا أَو نرعى وَابعث لنا آبَائِنَا من الْمَوْتَى حَتَّى يُكَلِّمُونَا وَيُخْبِرُونَا إِنَّك نَبِي أَو احْمِلْنَا إِلَى الشَّام أَو إِلَى الْيمن أَو إِلَى الْحيرَة حَتَّى نَذْهَب وَنَجِيء فِي لَيْلَة كَمَا زعمت إِنَّك فعلته فَأنْزل الله تَعَالَى {وَلَو أَن قُرْآنًا سيرت بِهِ الْجبَال} الْآيَة وَأخرج إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {بل لله الْأَمر جَمِيعًا} لَا يصنع من ذَلِك إِلَّا مَا يَشَاء وَلم يكن ليفعل وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه كَانَ يقْرَأ {أفلم ييأس الَّذين آمنُوا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَرَأَ [أفلم يتَبَيَّن الَّذين آمنُوا] فَقيل لَهُ: إِنَّهَا فِي الْمُصحف {أفلم ييأس} فَقَالَ: أَظن الْكَاتِب كتبهَا وَهُوَ ناعس وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يقْرَأ [أفلم يتَبَيَّن الَّذين آمنُوا] وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {أفلم ييأس} يَقُول: يعلم

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {أفلم ييأس الَّذين آمنُوا} قَالَ: أفلم يعلم بلغَة بني مَالك قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت مَالك بن عَوْف يَقُول: لقد يئس الأقوام أَنِّي أَنا ابْنه وَإِن كنت عَن أَرض الْعَشِيرَة نَائِيا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن أُبيّ صَالح - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: فِي قَوْله {أفلم ييأس الَّذين آمنُوا} قَالَ: أفلم يعلم بلغَة هوَازن وَأنْشد قَول مَالك بن عَوْف النضري: أَقُول لَهُم بِالشعبِ إِذا ييئسونني ألم تعلم أَنِّي ابْن فَارس زَهْدَم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {أفلم ييأس الَّذين آمنُوا} قَالَ: أفلم يعلم الَّذين آمنُوا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {أفلم ييأس الَّذين آمنُوا} قَالَ: ألم يعرف الَّذين آمنُوا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - {أفلم ييأس} قَالَ: أفلم يعلم وَمن النَّاس من يقْرؤهَا ((أفلم يتَبَيَّن)) وَإِنَّمَا هوكالاستنقاء أفلم يعقلوا ليعلموا أَن الله يفعل ذَلِك لم يَيْأَسُوا من ذَلِك وهم يعلمُونَ أَن الله تَعَالَى لَو شَاءَ فعل ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة - رَضِي الله عَنهُ - {أفلم ييأس الَّذين آمنُوا} قَالَ: قد يئس الَّذين آمنُوا أَن يهدوا وَلَو شَاءَ الله {لهدى النَّاس جَمِيعًا} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {تصيبهم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَة} قَالَ: السَّرَايَا وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَلَا يزَال الَّذين كفرُوا تصيبهم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَة} قَالَ: سَرِيَّة {أَو تحل قَرِيبا من دَارهم} قَالَ: أَنْت يَا مُحَمَّد {حَتَّى يَأْتِي وعد الله} قَالَ فتح مَكَّة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {تصيبهم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَة} قَالَ: سَرِيَّة من سَرَايَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَو تحل} يَا مُحَمَّد {قَرِيبا من دَارهم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: {القارعة} السَّرَايَا {أَو تحل قَرِيبا من دَارهم} قَالَ: الْحُدَيْبِيَة {حَتَّى يَأْتِي وعد الله} قَالَ: فتح مَكَّة وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَلَا يزَال الَّذين كفرُوا} الْآيَة قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ فِي سَرَايَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَو تحل} أَنْت يَا مُحَمَّد {قَرِيبا من دَارهم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {تصيبهم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَة} قَالَ: نكبة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {تصيبهم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَة} قَالَ: عَذَاب من السَّمَاء {أَو تحل قَرِيبا من دَارهم} يَعْنِي نزُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهم وقتاله إيَّاهُم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أَو تحل قَرِيبا من دَارهم} قَالَ: أَو تحل القارعة قَرِيبا من دَارهم {حَتَّى يَأْتِي وعد الله} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد استهزئ برسل من قبلك} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَ رجل خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحاكيه ويلمطه فَرَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: كَذَلِك فَكُن فَرجع إِلَى أَهله فلبط بِهِ مغشياً شهرا ثمَّ أَفَاق حِين أَفَاق وَهُوَ كَمَا حاكى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {أَفَمَن هُوَ قَائِم على كل نفس بِمَا كسبت} قَالَ: يَعْنِي بذلك نَفسه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أَفَمَن هُوَ قَائِم على كل نفس بِمَا كسبت} قَالَ: الله تَعَالَى قَائِم بِالْقِسْطِ وَالْعدْل

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {أَفَمَن هُوَ قَائِم على كل نفس بِمَا كسبت} قَالَ: ذَلِكُم ربكُم تبَارك وَتَعَالَى قَائِم على بني آدم بأرزاقهم وآجالهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أَفَمَن هُوَ قَائِم على كل نفس بِمَا كسبت} قَالَ: الله عز وَجل الْقَائِم على كل نفس {بِمَا كسبت} على رزقها وعَلى عَملهَا وَفِي لفظ: قَائِم على كل بر وَفَاجِر يرزقهم ويكلؤهم ثمَّ يُشْرك بِهِ مِنْهُم من أشرك {وَجعلُوا لله شُرَكَاء} يَقُول: آلِهَة مَعَه {قل سموهم} وَلَو سموا آلِهَة لكذبوا وَقَالُوا فِي ذَلِك غير الْحق لِأَن الله تَعَالَى وَاحِد لَا شريك لَهُ {أم تنبئونه بِمَا لَا يعلم فِي الأَرْض} يَقُول: لَا يعلم الله تَعَالَى فِي الأَرْض إِلَهًا غَيره {أم بِظَاهِر من القَوْل} يَقُول: أم بباطل من القَوْل وَكذب وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - {أَفَمَن هُوَ قَائِم على كل نفس بِمَا كسبت} يَعْنِي بذلك نَفسه يَقُول {قَائِم على كل نفس} على كل بر وَفَاجِر {بِمَا كسبت} وعَلى رزقهم وعَلى طعامهم فَأَنا على ذَلِك وهم عَبِيدِي ثمَّ جعلُوا لي شُرَكَاء {قل سموهم} وَلَو سموهم كذبُوا فِي ذَلِك لَا يعلم الله تَعَالَى من إِلَه غير الله فَذَلِك قَوْله {أم تنبئونه بِمَا لَا يعلم فِي الأَرْض} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ربيعَة الجرشِي - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَامَ فِي النَّاس يَوْمًا فَقَالَ: اتَّقوا الله فِي السرائر وَمَا ترخى عَلَيْهِ الستور مَا بَال أحدكُم ينْزع عَن الْخَطِيئَة للنبطي يمر بِهِ وَالْأمة من إمائه وَالله تَعَالَى يَقُول {أَفَمَن هُوَ قَائِم على كل نفس بِمَا كسبت} وَيحكم فأجلوا مقَام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: مَا يُؤمن أحدكُم أَن يمسخه قرداً أَو خنزيراً بمعصيته إِيَّاه فَإِذا هُوَ خزي فِي الدُّنْيَا وعقوبة فِي الْآخِرَة فَقَالَ رجل من الْقَوْم: وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَيَكُونن ذَاك يَا ربيعَة فَنظر الْقَوْم من الْحَالِف فَإِذا هُوَ عبد الرَّحْمَن بن غنم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أم بِظَاهِر من القَوْل} قَالَ: بِظَنّ {بل زين للَّذين كفرُوا مَكْرهمْ} قَالَ: قَوْلهم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أم بِظَاهِر من القَوْل} قَالَ: الظَّاهِر من القَوْل هُوَ الْبَاطِل

الْآيَة 35

35

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {مثل الْجنَّة} قَالَ: نعت الْجنَّة لَيْسَ للجنة مثل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أكلهَا دَائِم} قَالَ: لذتها دائمة فِي أَفْوَاههم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن خَارِجَة بن مُصعب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كفرت الْجَهْمِية بآيَات من الْقُرْآن قَالُوا: إِن الْجنَّة تنفد وَمن قَالَ تنفد فقد كفر بِالْقُرْآنِ قَالَ الله تَعَالَى (إِن هَذَا لرزقنا مَا لَهُ من نفاد) (سُورَة ص آيَة 54) وَقَالَ: (لَا مَقْطُوعَة وَلَا مَمْنُوعَة) (سُورَة الْوَاقِعَة آيَة 33) فَمن قَالَ إِنَّهَا تَنْقَطِع فقد كفر وَقَالَ: عَطاء غير مجذوذ فَمن قَالَ إِنَّهَا تَنْقَطِع فقد كفر وَقَالَ {أكلهَا دَائِم وظلها} فَمن قَالَ إِنَّهَا لَا تدوم فقد كفر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مَالك بن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا من شَيْء من ثمار الدُّنْيَا أشبه بثمار الْجنَّة من الموز لِأَنَّك لَا تطلبه فِي صيف وَلَا شتاء إِلَّا وجدته قَالَ الله تَعَالَى {أكلهَا دَائِم} الْآيَات 36 - 40

36

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَالَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يفرحون بِمَا أنزل إِلَيْك} قَالَ: أُولَئِكَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرحوا بِكِتَاب الله وبرسوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَدقُوا بِهِ {وَمن الْأَحْزَاب من يُنكر بعضه} يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَالَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب يفرحون بِمَا أنزل إِلَيْك} قَالَ: هَذَا من آمن برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الْكتاب يفرحون بذلك وَقَرَأَ (وَمِنْهُم من يُؤمن بِهِ وَمِنْهُم من لَا يُؤمن بِهِ) (سُورَة يُونُس آيَة 40) {وَمن الْأَحْزَاب من يُنكر بعضه} قَالَ: الْأَحْزَاب الْأُمَم الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس مِنْهُم من آمن بِهِ وَمِنْهُم من أنكرهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمن الْأَحْزَاب} قَالَ: من أهل الْكتاب {من يُنكر بعضه} قَالَ: بعض الْقُرْآن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَإِلَيْهِ مآب} قَالَ: إِلَيْهِ مصير كل عبد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {مَا لَك من الله من ولي وَلَا واق} قَالَ: من أحد يمنعك من عَذَاب الله تَعَالَى وَأخرج ابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التبتل وَقَرَأَ قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {وَلَقَد أرسلنَا رسلًا من قبلك وَجَعَلنَا لَهُم أَزْوَاجًا وذرية}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن هِشَام قَالَ: دخلت على عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - فَقلت: إِنِّي أُرِيد أَن أتبتل قَالَت: لَا تفعل أما سَمِعت الله يَقُول {وَلَقَد أرسلنَا رسلًا من قبلك وَجَعَلنَا لَهُم أَزْوَاجًا وذرية} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي أَيُّوب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَربع من سنَن الْمُرْسلين: التعطر وَالنِّكَاح والسواك والختان وَأخرجه عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف بِلَفْظ الْخِتَان والسواك والتعطر وَالنِّكَاح من سنتي وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لكل أجل كتاب} يَقُول: لكل كتاب ينزل من السَّمَاء أجل فَيَمْحُو الله من ذَلِك مَا يَشَاء {وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَت قُرَيْش حِين أنزل {وَمَا كَانَ لرَسُول أَن يَأْتِي بِآيَة إِلَّا بِإِذن الله} مَا نرَاك يَا مُحَمَّد تملك من شَيْء وَلَقَد فرغ من الْأَمر فأنزلت هَذِه الْآيَة تخويفاً لَهُم ووعيداً لَهُم {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} إِنَّا إِن شِئْنَا أحدثنا لَهُ من أمرنَا مَا شِئْنَا وَيحدث الله تَعَالَى فِي كل رَمَضَان فَيَمْحُو الله مَا يَشَاء {وَيثبت} من أرزاق النَّاس ومصائبهم وَمَا يعطيهم وَمَا يقسم لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} قَالَ: ينزل الله تَعَالَى فِي كل شهر رَمَضَان إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا يدبر أَمر السّنة إِلَى السّنة فِي لَيْلَة الْقدر فَيَمْحُو مَا يَشَاء وَيثبت إِلَّا الشقوة والسعادة والحياة وَالْمَمَات وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {يمحو الله مَا يَشَاء} هُوَ الرجل يعْمل الزَّمَان بِطَاعَة الله ثمَّ يعود لمعصية الله تَعَالَى فَيَمُوت على ضلاله فَهُوَ الَّذِي يمحو وَالَّذِي يثبت الرجل الَّذِي يعْمل بِمَعْصِيَة الله تَعَالَى وَقد سبق لَهُ خير حَتَّى يَمُوت وَهُوَ فِي طَاعَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

وَأخرج ابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} قَالَ: من أحد الْكِتَابَيْنِ هما كِتَابَانِ يمحو الله مَا يَشَاء من أَحدهمَا وَيثبت {وَعِنْده أم الْكتاب} أَي جملَة الْكتاب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: إِن لله لوحاً مَحْفُوظًا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام من درة بَيْضَاء لَهُ دفتان من ياقوت والدفتان لوحان لله كل يَوْم ثَلَاث وَسِتُّونَ لَحْظَة يمحو مَا يَشَاء {وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله تَعَالَى ينزل فِي ثَلَاث سَاعَات يبْقين من اللَّيْل فَينْسَخ الذّكر فِي السَّاعَة الأولى مِنْهَا ينظر فِي الذّكر الَّذِي لَا ينظر فِيهِ أحد غَيره فَيَمْحُو مَا يَشَاء وَيثبت ثمَّ ينزل فِي السَّاعَة الثَّانِيَة إِلَى جنَّة عدن وَهِي دَاره الَّتِي لم تَرَهَا عين وَلم تخطر على قلب بشر لَا يسكنهَا من بني آدم غير ثَلَاثَة: النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء ثمَّ يَقُول: طُوبَى لمن نزلك ثمَّ ينزل فِي السَّاعَة الثَّالِثَة إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا بِرُوحِهِ وَمَلَائِكَته فتنتفض فَيَقُول: قومِي بعزتي ثمَّ يطلع إِلَى عباده فَيَقُول: هَل من مُسْتَغْفِر فَأغْفِر لَهُ هَل من دَاع فَأُجِيبَهُ حَتَّى يُصَلِّي الْفجْر وَذَلِكَ قَوْله (إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً) (سُورَة الْإِسْرَاء آيَة 78) يَقُول: يشهده الله وملائكة اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} إِلَّا الشقوة والسعادة والحياة وَالْمَوْت وَأخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْكَلْبِيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: يمحو من الرزق وَيزِيد فِيهِ ويمحو من الْأَجَل وَيزِيد فِيهِ فَقيل لَهُ: من حَدثَك بِهَذَا قَالَ: أَبُو صَالح عَن جَابر بن عبد الله بن ربَاب الْأنْصَارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن

قَوْله {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} قَالَ: ذَلِك كل لَيْلَة الْقدر يرفع ويخفض ويرزق غير الْحَيَاة وَالْمَوْت والشقاوة والسعادة فَإِن ذَلِك لَا يَزُول وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه الْآيَة فَقَالَ لَهُ لأقرن عَيْنَيْك بتفسيرها ولأقرن عين أمتِي بعدِي بتفسيرها الصَّدَقَة على وَجههَا وبر الْوَالِدين واصطناع الْمَعْرُوف يحول الشَّقَاء سَعَادَة وَيزِيد فِي الْعُمر ويقي مصَارِع السوء وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لَا ينفع الحذر من الْقدر وَلَكِن الله يمحو بِالدُّعَاءِ مَا يَشَاء من الْقدر وَأخرج ابْن جرير عَن قيس بن عباد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الْعَاشِر من رَجَب هُوَ يَوْم يمحو الله فِيهِ مَا يَشَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن قيس بن عباد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لله أَمر فِي كل لَيْلَة الْعَاشِر من أشهر الْحرم أما الْعشْر من الْأَضْحَى فَيوم النَّحْر وَأما الْعشْر من الْمحرم فَيوم عَاشُورَاء وَأما الْعشْر من رَجَب فَفِيهِ {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} قَالَ: ونسيت مَا قَالَ فِي ذِي الْقعدَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ: اللَّهُمَّ إِن كنت كتبت عَليّ شقاوة أَو ذَنبا فامحه فَإنَّك تمحو مَا تشَاء وَتثبت وعندك أم الْكتاب فاجعله سَعَادَة ومغفرة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الدُّعَاء عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا دَعَا عبد قطّ بِهَذِهِ الدَّعْوَات إِلَّا وسع الله لَهُ فِي معيشته يَا ذَا الْمَنّ وَلَا يمن عَلَيْهِ يَا ذَا الْجلَال والإِكرام يَا ذَا الطول لَا إِلَه إِلَّا أَنْت ظهر اللاجين وجار المستجيرين ومأمن الْخَائِفِينَ إِن كنت كتبتني فِي أم الْكتاب شقياً فامح عني اسْم الشَّقَاء وأثبتني عنْدك سعيداً وَإِن كنت كتبتني عنْدك فِي أم الْكتاب محروماً مقتراً عليّ رِزْقِي فامح حرماني وَيسر رِزْقِي وأثبتني عنْدك سعيداً موفقاً للخير فَإنَّك تَقول فِي كتابك الَّذِي أنزلت {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن السَّائِب بن ملجان من أهل الشَّام - وَكَانَ قد أدْرك الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم - قَالَ: لما دخل عمر - رَضِي

الله عَنهُ - الشَّام حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَوعظ وَذكر وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وَنهى عَن الْمُنكر ثمَّ قَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ فِينَا خَطِيبًا كقيامي فِيكُم فَأمر بتقوى الله وصلَة الرَّحِم وَصَلَاح ذَات الْبَين وَقَالَ: عَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِن يَد الله على الْجَمَاعَة وَإِن الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد وَهُوَ من الِاثْنَيْنِ أبعد لَا يخلونّ رجل بِامْرَأَة فَإِن الشَّيْطَان ثالثهما وَمن ساءته سيئته وسرته حسنته فَهُوَ أَمارَة الْمُسلم الْمُؤمن وأمارة الْمُنَافِق الَّذِي لَا تسوءه سيئته وَلَا تسرهُ حسنته إِن عمل خيرا لم يرج من الله فِي ذَلِك ثَوابًا وَإِن عمل شرا لم يخف من الله فِي ذَلِك الشَّرّ عُقُوبَة وأجملوا فِي طلب الدُّنْيَا فَإِن الله قد تكفل بأرزاقكم وكلّ سيتم لَهُ عمله الَّذِي كَانَ عَاملا اسْتَعِينُوا الله على أَعمالكُم فَإِنَّهُ يمحو مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب صلى الله على نَبينَا مُحَمَّد وَآله وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله السَّلَام عَلَيْكُم قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَضِي الله عَنهُ -: هَذِه خطْبَة عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - على أهل الشَّام أَثَرهَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَ أَبُو رومي من شَرّ أهل زَمَانه وَكَانَ لَا يدع شَيْئا من الْمَحَارِم إِلَّا ارْتَكَبهُ وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَئِن رَأَيْت أَبَا رومي فِي بعض أَزِقَّة الْمَدِينَة لَأَضرِبَن عُنُقه وَإِن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ ضيف لَهُ فَقَالَ لامْرَأَته: اذهبي إِلَى أبي رومي فَخذي لنا مِنْهُ بدرهم طَعَاما حَتَّى ييسره الله تَعَالَى فَقَالَت لَهُ: إِنَّك تبعثني إِلَى أبي رومي وَهُوَ من أفسق أهل الْمَدِينَة فَقَالَ: اذهبي فَلَيْسَ عَلَيْك مِنْهُ بَأْس إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَانْطَلَقت إِلَيْهِ فَضربت عَلَيْهِ الْبَاب فَقَالَ: من هَذَا قَالَت: فُلَانَة قَالَ: مَا كنت لنا بزوّارة فَفتح لَهَا الْبَاب فَأَخذهَا بِكَلَام رفث ومدّ يَده إِلَيْهَا فَأَخذهَا رعدة شَدِيدَة فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنك قَالَت: إِن هَذَا عمل مَا عملته قطّ قَالَ أَبُو رومي: ثكلت أَبَا رومي أمه هَذَا عمل عمله مُنْذُ هُوَ صَغِير لَا تَأْخُذهُ رعدة وَلَا يُبَالِي على أبي رومي عهد الله إِن عَاد لشَيْء من هَذَا أبدا فَلَمَّا أصبح غَدا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مرْحَبًا بِأبي رومي وَأخذ يُوسع لَهُ بِالْمَكَانِ وَقَالَ لَهُ يَا أَبَا رومي مَا عملت البارحة فَقَالَ: مَا عَسى أَن أعمل يَا نَبِي الله أَنا شَرّ أهل الأَرْض فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قد حول مكتبك إِلَى الْجنَّة فَقَالَ {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت}

وَأخرج يَعْقُوب بن سُفْيَان وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ أَبُو رومي من شَرّ أهل زَمَانه وَكَانَ لَا يدع شَيْئا من الْمَحَارِم إِلَّا ارْتَكَبهُ فَلَمَّا غَد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بعيد قَالَ: مرْحَبًا بِأبي رومي وَأخذ يُوسع لَهُ الْمَكَان فَقَالَ: يَا أَبَا رومي مَا عملت البارحة قَالَ: مَا عَسى أَن أعمل يَا نَبِي الله أَنا شَرّ أهل الأَرْض فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قد حول مكتبك إِلَى الْجنَّة فَقَالَ {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب} وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} قَالَ: إِن الله ينزل كل شَيْء يكون فِي السّنة فِي لَيْلَة الْقدر فَيَمْحُو مَا يَشَاء من الْآجَال والأرزاق والمقادير إِلَّا الشَّقَاء والسعادة فَإِنَّهُمَا ثابتان وَأخرج ابْن جرير عَن مَنْصُور - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سَأَلت مُجَاهدًا - رَضِي الله عَنهُ - فَقلت: أَرَأَيْت دُعَاء أَحَدنَا يَقُول: اللَّهُمَّ إِن كَانَ اسْمِي فِي السُّعَدَاء فأثبته فيهم وَإِن كَانَ فِي الأشقياء فامحه مِنْهُم واجعله فِي السُّعَدَاء فَقَالَ: حسن ثمَّ لَقيته بعد ذَلِك بحول أَو أَكثر من ذَلِك فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة إِنَّا كُنَّا منذرين فِيهَا يفرق كل أم حَكِيم) (سُورَة الدُّخان آيَة 3 و 4) قَالَ: يَعْنِي فِي لَيْلَة الْقدر مَا يكون فِي السّنة من رزق أَو مُصِيبَة ثمَّ يقدم مَا يَشَاء وَيُؤَخر مَا يَشَاء فَأَما كتاب الشَّقَاء والسعادة فَهُوَ ثَابت لَا يُغير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} قَالَ: إِلَّا الْحَيَاة وَالْمَوْت والشقاء والسَّعَادَة فَإِنَّهُمَا لَا يتغيران وَأخرج ابْن جرير عَن شَقِيق بن أبي وَائِل قَالَ: كَانَ مِمَّا يكثر أَن يَدْعُو بهؤلاء الدَّعْوَات: اللَّهُمَّ إِن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء وَإِن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا فَإنَّك تمحو مَا تشَاء وَتثبت وعندك أم الْكتاب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله - أَنه كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِن كنت كتبتني فِي السُّعَدَاء فأثبتني فِي السُّعَدَاء وَإِن كنت كتبتني فِي الأشقياء فامحني من الأشقياء وأثبتني فِي السُّعَدَاء فَإنَّك تمحو مَا تشَاء وَتثبت وعندك أم الْكتاب وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ لعمر - رَضِي الله عَنهُ - يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَوْلَا آيَة فِي كتاب الله لأنبأتك بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: وَمَا هِيَ قَالَ: قَول الله {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت وَعِنْده أم الْكتاب} وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: يَقُول: انسخ مَا شِئْت واصنع فِي الْآجَال مَا شِئْت وَإِن شِئْت زِدْت فِيهَا وَإِن شِئْت نقصت {وَعِنْده أم الْكتاب} قَالَ: جملَة الْكتاب وَعلمه يَعْنِي بذلك مَا ينْسَخ مِنْهُ وَمَا يثبت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} قَالَ: يُبدل الله مَا يَشَاء من الْقُرْآن فينسخه وَيثبت مَا يَشَاء فَلَا يُبدلهُ {وَعِنْده أم الْكتاب} يَقُول: وَجُمْلَة ذَلِك عِنْده فِي أم الْكتاب النَّاسِخ والمنسوخ وَمَا يُبدل وَمَا يثبت كل ذَلِك فِي كتاب الله تَعَالَى وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} قَالَ: هِيَ مثل قَوْله (مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها نأت بِخَير مِنْهَا أَو مثلهَا) (سُورَة الْبَقَرَة آيَة 106) وَقَوله {وَعِنْده أم الْكتاب} أَي جملَة الْكتاب وَأَصله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ {يمحو الله مَا يَشَاء} : مِمَّا ينزل على الْأَنْبِيَاء {وَيثبت} مَا يَشَاء مِمَّا ينزل على الْأَنْبِيَاء {وَعِنْده أم الْكتاب} لَا يُغير وَلَا يُبدل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - {يمحو الله مَا يَشَاء} قَالَ: ينْسَخ {وَعِنْده أم الْكتاب} قَالَ: الذّكر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} قَالَ: يمحو الله الْآيَة بِالْآيَةِ {وَعِنْده أم الْكتاب} قَالَ: أصل الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لكل أجل كتاب} قَالَ: أجل بني آدم فِي كتاب {يمحو الله مَا يَشَاء} قَالَ: من جَاءَ أَجله {وَيثبت} قَالَ: من لم يَجِيء أَجله بعد فَهُوَ يجْرِي إِلَى أَجله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: {يمحو الله} رزق هَذَا الْمَيِّت {وَيثبت} رزق هَذَا الْمَخْلُوق الْحَيّ وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} قَالَ: يثبت فِي الْبَطن الشَّقَاء والسعادة وكل شَيْء هُوَ كَائِن فَيقدم مِنْهُ مَا يَشَاء وَيُؤَخر مَا يَشَاء وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي الدَّرْدَاء - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} مُخَفّفَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {وَعِنْده أم الْكتاب} قَالَ: الذّكر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {وَعِنْده أم الْكتاب} قَالَ: الذّكر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن سيار عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه سَأَلَ كَعْبًا رَضِي الله عَنهُ عَن أم الْكتاب فَقَالَ: علم الله مَا هُوَ خَالق وَمَا خلقه عاملون فَقَالَ لعلمه: كن كتابا فَكَانَ كتابا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ - رَضِي الله عَنهُ - {وَعِنْده أم الْكتاب} يَقُول: عِنْده الَّذِي لَا يُبدل الْآيَات 41 - 42

41

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {ننقصها من أطرافها} قَالَ: ذهَاب الْعلمَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {ننقصها من أطرافها} قَالَ: موت علمائها وفقهائها وَذَهَاب خِيَار أَهلهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ننقصها من أطرافها} قَالَ: موت الْعلمَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أَو لم يرَوا أَنا نأتي الأَرْض ننقصها من أطرافها} قَالَ: كَانَ عِكْرِمَة يَقُول: هُوَ قبض النَّاس وَكَانَ الْحسن يَقُول: هُوَ ظُهُور الْمُسلمين على الْمُشْركين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {أَو لم يرَوا أَنا نأتي الأَرْض ننقصها من أطرافها} قَالَ: أَو لم يرَوا أَنا نفتح لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأَرْض بعد الأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {أَو لم يرَوا أَنا نأتي الأَرْض ننقصها من أطرافها} يَعْنِي بذلك مَا فتح الله على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك نقصانها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {أَو لم يرَوا أَنا نأتي الأَرْض ننقصها من أطرافها} قَالَ: يَعْنِي أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ينتقص لَهُ مَا حوله من الْأَرْضين فَيَنْظُرُونَ إِلَى ذَلِك فَلَا يعتبرون وَقَالَ الله فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام (ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون) (سُورَة الْأَنْبِيَاء آيَة 44) قَالَ: بل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه هم الغالبون وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: نَقصهَا الله من الْمُشْركين للْمُسلمين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ننقصها من أطرافها} قَالَ: نفتحها لَك من أطرافها وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - {أَو لم يرَوا أَنا نأتي الأَرْض ننقصها من أطرافها} قَالَ: أَو لم يرَوا أَنا نفتح لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرضًا بعد أَرض وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ننقصها من أطرافها} يَقُول: نُقْصَان أَهلهَا وبركتها

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا تنقص الْأَنْفس والثمرات وَأما الأَرْض فَلَا تنقص وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: لَو كَانَت الأَرْض تنقص لضاق عَلَيْك حشك وَلَكِن تنقص الْأَنْفس والثمرات وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الْمَوْت لَو كَانَت الأَرْض تنقص لم تَجِد مَكَانا تجْلِس فِيهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله {أَو لم يرَوا أَنا نأتي الأَرْض ننقصها من أطرافها} قَالَ: أَو لم يرَوا إِلَى الْقرْيَة تخرب حَتَّى يكون الْعمرَان فِي نَاحيَة مِنْهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {ننقصها من أطرافها} قَالَ: خرابها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك - رَضِي الله عَنهُ - {ننقصها من أطرافها} قَالَ: الْقرْيَة الَّتِي تخرب نَاحيَة مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - {وَالله يحكم لَا معقب لحكمه} لَيْسَ أحد يتعقب حكمه فَيردهُ كَمَا يتعقب أهل الدُّنْيَا بَعضهم حكم بعض فَيردهُ أما قَوْله تَعَالَى: {فَللَّه الْمَكْر جَمِيعًا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء: رب أَعنِي وَلَا تعن عليّ وَانْصُرْنِي وَلَا تنصر عليّ وامكر لي وَلَا تَمْكُر عليّ واهدني وَيسر الْهدى لي وَانْصُرْنِي على من بغى عليّ الْآيَة 43

43

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَسْقُف من الْيمن فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل تجدني فِي الإِنجيل رَسُولا

قَالَ: لَا فَأنْزل الله {قل كفى بِاللَّه شَهِيدا بيني وَبَيْنكُم وَمن عِنْده علم الْكتاب} يَقُول: عبد الله بن سَلام وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عبد الْملك بن عُمَيْر أَن مُحَمَّد بن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام قَالَ: قَالَ عبد الله بن سَلام: قد أنزل الله فِي الْقُرْآن {قل كفى بِاللَّه شَهِيدا بيني وَبَيْنكُم وَمن عِنْده علم الْكتاب} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عبد الْملك بن عُمَيْر عَن جُنْدُب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: جَاءَ عبد الله بن سَلام - رَضِي الله عَنهُ - حَتَّى أَخذ بِعضَادَتَيْ بَاب الْمَسْجِد ثمَّ قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه أتعلمون أَنِّي أَنا الَّذِي أنزلت فِيهِ {وَمن عِنْده علم الْكتاب} قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عبد الله بن سَلام - رَضِي الله عَنهُ - أَنه لَقِي الَّذين أَرَادوا قتل عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - فناشدهم فِيمَن تعلمُونَ نزل {قل كفى بِاللَّه شَهِيدا بيني وَبَيْنكُم وَمن عِنْده علم الْكتاب} قَالُوا: فِيك وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يقْرَأ {وَمن عِنْده علم الْكتاب} قَالَ: هُوَ عبد الله بن سَلام وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {وَمن عِنْده علم الْكتاب} قَالَ: هم أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ من أهل الْكتاب قوم يشْهدُونَ بِالْحَقِّ ويعرفونه مِنْهُم عبد الله بن سَلام والجارود وَتَمِيم الدَّارِيّ وسلمان الْفَارِسِي وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عدي بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {وَمن عِنْده علم الْكتاب} قَالَ: من عِنْد الله علم الْكتاب وَأخرج تَمام فِي فَوَائده وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {وَمن عِنْده علم الْكتاب} قَالَ: من عِنْد الله علم الْكتاب وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن

عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه كَانَ يقْرَأ {وَمن عِنْده علم الْكتاب} يَقُول: وَمن عِنْد الله علم الْكتاب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي ناسخه عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَمن عِنْده علم الْكتاب} أهوَ عبد الله بن سَلام - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: وَكَيف وَهَذِه السُّورَة مَكِّيَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا نزل فِي عبد الله بن سَلام - رَضِي الله عَنهُ - شَيْء من الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَمن عِنْده علم الْكتاب} قَالَ: جِبْرِيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {وَمن عِنْده علم الْكتاب} قَالَ: هُوَ الله عزَّ وجلَّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - شَدِيدا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلق يَوْمًا حَتَّى دنا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَسَمعهُ وَهُوَ يقْرَأ (وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك إِذا لرتاب المبطلون ) حَتَّى بلغ (الظَّالِمُونَ ) (سُورَة العنكبوت آيَة 48 - 49) وسَمعه وَهُوَ يقْرَأ {وَيَقُول الَّذين كفرُوا لست مُرْسلا} إِلَى قَوْله {علم الْكتاب} فانتظره حَتَّى سلم فأسرع فِي أَثَره فَأسلم 5

مُقَدّمَة سُورَة إِبْرَاهِيم أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ نزلت سُورَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الزبير - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: نزلت سُورَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام بِمَكَّة وَأخرج النّحاس فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: سُورَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام نزلت بِمَكَّة سوى آيَتَيْنِ نزلتا بِالْمَدِينَةِ وهما: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} الْآيَتَيْنِ نزلتا فِي قَتْلَى بدر من الْمُشْركين (14) سُورَة إِبْرَاهِيم مَكِّيَّة وآياتها ثِنْتَانِ وَخَمْسُونَ آيَة 1 - 4

إبراهيم

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لتخرج النَّاس من الظُّلُمَات إِلَى النُّور} قَالَ: من الضَّلَالَة إِلَى الْهدى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {يستحبون} قَالَ: يختارون وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: إِن الله فضل مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أهل السَّمَاء وعَلى الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام قيل: مَا فَضله على أهل السَّمَاء قَالَ: إِن الله قَالَ لأهل السَّمَاء: (وَمن يقل مِنْهُم إِنِّي إِلَه من دونه فَذَلِك نجزيه جَهَنَّم) (سُورَة الْأَنْبِيَاء آيَة 29) وَقَالَ لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (ليغفر لَك الله ماتقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر) (سُورَة الْفَتْح آيَة 2) فَكتب لَهُ بَرَاءَة من النَّار قيل لَهُ: فَمَا فَضله على الْأَنْبِيَاء قَالَ: إِن الله تَعَالَى يَقُول {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه} وَقَالَ لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس) (سُورَة سبأ آيَة 28) فَأرْسلهُ إِلَى الانس وَالْجِنّ وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم يبْعَث الله نَبيا إِلَّا بلغَة قومه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يُوحى إِلَيْهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَينزل هُوَ إِلَى كل نَبِي بِلِسَان قومه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه} قَالَ: بلغَة قومه إِن كَانَ عَرَبيا فعربياً وَإِن كَانَ عجمياً فعجمياً وَإِن كَانَ سريانياً فسريانياً ليبين لَهُم الَّذِي أرسل الله إِلَيْهِم ليتَّخذ بذلك الْحجَّة علهم

وَأخرج الْخَطِيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن ابْن عمر - رَضِي الله - عَنْهُمَا {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه} قَالَ: أرسل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلِسَان قومه عَرَبِيّ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عُثْمَان بن عَفَّان - رَضِي الله عَنهُ - (إِلَّا بِلِسَان قومه) قَالَ: نزل الْقُرْآن بِلِسَان قُرَيْش وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: نزل الْقُرْآن بِلِسَان قُرَيْش وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لم ينزل وَحي إِلَّا بِالْعَرَبِيَّةِ ثمَّ يترجم كل نَبِي لِقَوْمِهِ بلسانهم قَالَ: لِسَان يَوْم الْقِيَامَة السريانية وَمن دخل الْجنَّة تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لَا تَأْكُلُوا ذَبِيحَة الْمَجُوس وَلَا ذَبِيحَة نَصَارَى الْعَرَب أترونهم أهل الْكتاب فَإِنَّهُم لَيْسُوا بِأَهْل كتاب قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَا أرسلنَا من رَسُول إِلَّا بِلِسَان قومه ليبين لَهُم} وَإِنَّمَا أرسل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِلِسَان قومه وَأرْسل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلِسَان قومه عَرَبِيّ فَلَا لِسَان عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أخذُوا وَلَا مَا أنزل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتبعُوا فَلَا تَأْكُلُوا ذَبَائِحهم فَإِنَّهُم لَيْسُوا بِأَهْل كتاب آيَة 5 - 6

5

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد وَعَطَاء وَعبيد بن عُمَيْر فِي قَوْله: {وَلَقَد أرسلنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا} قَالَ: بِالْبَيِّنَاتِ التسع: الطوفان وَالْجَرَاد وَالْقمل والضفادع وَالدَّم والعصا وَيَده والسنين وَنقص من الثمرات وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي

قَوْله: {أَن أخرج قَوْمك من الظُّلُمَات إِلَى النُّور} قَالَ: من الضَّلَالَة إِلَى الْهدى وَأخرج النَّسَائِيّ وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي بن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَذكرهمْ بأيام الله} قَالَ: بنعم الله وآلائه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {وَذكرهمْ بأيام الله} قَالَ: نعم الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما نزلت {وَذكرهمْ بأيام الله} قَالَ: وعظهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عبد الله بن سَلمَة عَن عَليّ أَو الزبير قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَخْطُبنَا فيذكرنا بأيام الله حَتَّى نَعْرِف ذَلِك فِي وَجهه كَأَنَّمَا يذكر قوما يصبحهم الْأَمر غدْوَة أَو عَشِيَّة وَكَانَ إِذا كَانَ حَدِيث عهد بِجِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لم يبتسم ضَاحِكا حَتَّى يرْتَفع عَنهُ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {وَذكرهمْ بأيام الله} قَالَ: بِالنعَم الَّتِي أنعم بهَا عَلَيْهِم أنجاهم من آل فِرْعَوْن وفلق لَهُم الْبَحْر وظلل عَلَيْهِم الْغَمَام وَأنزل عَلَيْهِم الْمَنّ والسلوى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {وَذكرهمْ بأيام الله} قَالَ: بوقائع الله فِي الْقُرُون الأولى وَأخرج عبد بن حميد ابْن جرير وابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور} قَالَ: نعم العَبْد عبد إِذا ابْتُلِيَ صَبر وَإِذا أعطي شكر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريح - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {لكل صبار شكور} قَالَ: وجدنَا أصبرهم أشكرهم وأشكرهم أصبرهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق أبي ظبْيَان عَن عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الصَّبْر نصف الإِيمان وَالْيَقِين الإِيمان كُله قَالَ: فَذكرت هَذَا الحَدِيث للعلاء بن يزِيد - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: أوليس هَذَا فِي الْقُرْآن {إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور} إِن فِي ذَلِك لآيَات للموقنين

آيَة 7 - 8

7

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {وَإِذ تَأذن ربكُم لَئِن شكرتم لأزيدنكم} قَالَ: أخْبرهُم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَن ربه عز وَجل أَنهم إِن شكروا النِّعْمَة زادهم من فَضله وأوسع لَهُم فِي الرزق وأظهرهم على الْعَالمين وَأخرج عبد الله بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {وَإِذ تَأذن ربكُم لَئِن شكرتم لأزيدنكم} قَالَ: حق على الله أَن يُعْطي من سَأَلَهُ وَيزِيد من شكره وَالله منعم يحب الشَّاكِرِينَ فاشكروا لله نَعَمَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: (لَئِن شكرتم لأزيدنكم) قَالَ: من طَاعَتي وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإيمانعن عَليّ بن الصَّالح - رَضِي الله عَنهُ - مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {لَئِن شكرتم لأزيدنكم} قَالَ: لَا تذْهب أَنفسكُم إِلَى الدُّنْيَا فَإِنَّهَا أَهْون على الله من ذَلِك وَلَكِن يَقُول {لَئِن شكرتم} هَذِه النِّعْمَة إِنَّهَا مني {لأزيدنكم} من طَاعَتي وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي زُهَيْر يحيى بن عُطَارِد بن مُصعب عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أعطي أحد أَرْبَعَة فَمنع أَرْبَعَة مَا أعطي أحد الشُّكْر فَمنع الزِّيَادَة لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {لَئِن شكرتم لأزيدنكم} وَمَا أعطي أحد الدُّعَاء فَمنع الإِجابة لِأَن الله يَقُول: (ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم) وَمَا أعطي أحد الاسْتِغْفَار فَمنع الْمَغْفِرَة لِأَن الله يَقُول: (اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا) (سُورَة نوح آيَة 10) وَمَا أعطي أحد التَّوْبَة فَمنع التقبل لِأَن الله يَقُول: (وهوالذي يقبل التَّوْبَة عَن عباده) (سُورَة الشورى آيَة 25)

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَائل فَأمر لَهُ بتمرة فَلم يَأْخُذهَا وَأَتَاهُ آخر فَأمر لَهُ بتمرة فقبلها وَقَالَ: تَمْرَة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لِلْجَارِيَةِ: اذهبي إِلَى أم سَلمَة فَأعْطِيه الْأَرْبَعين درهما الَّتِي عِنْدهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ -: أَن سَائِلًا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْطَاهُ تَمْرَة فَقَالَ الرجل سُبْحَانَ الله نَبِي من الْأَنْبِيَاء يتَصَدَّق بتمرة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما علمت أَن فِيهَا مَثَاقِيل ذَر كَثِيرَة فَأَتَاهُ آخر فَسَأَلَهُ فَأعْطَاهُ فَقَالَ تَمْرَة من نَبِي لَا تُفَارِقنِي هَذِه التمرة مَا بقيت وَلَا أَزَال أَرْجُو بركتها أبدا فَأمر لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَعْرُوف وَمَا لبث الرجل أَن اسْتغنى وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق مَالك بن أنس عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد ابْن عَليّ بن الْحُسَيْن قَالَ - لما قَالَ لَهُ سُفْيَان الثَّوْريّ - رَضِي الله عَنهُ -: لَا أقوم حَتَّى تُحَدِّثنِي - قَالَ جَعْفَر - رَضِي الله عَنهُ -: أما أَنِّي أحَدثك وَمَا كَثْرَة الحَدِيث بِخَير لَك يَا سُفْيَان إِذا أنعم الله عَلَيْك بِنِعْمَة فَأَحْبَبْت بقاءها ودوامها فَأكْثر من الْحَمد وَالشُّكْر عَلَيْهَا فَإِن الله تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابه: {لَئِن شكرتم لأزيدنكم} وَإِذا اسْتَبْطَأَتْ الرزق فَأكْثر من الاسْتِغْفَار فَإِن الله قَالَ فِي كِتَابه: (اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين) (سُورَة نوح الْآيَات 10 - 11 - 12 ) يَعْنِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (وَيجْعَل لكم جنَّات وَيجْعَل لكم أَنهَارًا) (الشورى آيَة 25) ياسفيان إِذا أحزنك أَمر من سُلْطَان أوغيره فَأكْثر من لاحول وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهَا مِفْتَاح الْفرج وكنز من كنوز الْجنَّة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَربع من أعطيهن لم يمْنَع من الله أَرْبعا: من أعطي الدُّعَاء لم يمْنَع الاجابة قَالَ الله: (ادْعُونِي استجب لكم) وَمن أعطي الاسْتِغْفَار لم يمْنَع الْمَغْفِرَة قَالَ الله تَعَالَى: (اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا) وَمن أعطي الشُّكْر لم يمْنَع الزِّيَادَة قَالَ الله: {لَئِن شكرتم لأزيدنكم} وَمن أعطي التَّوْبَة لم يمْنَع الْقبُول قَالَ الله: (وهوالذي يقبل التَّوْبَة عَن عباده وَيَعْفُو عَن السَّيِّئَات)

وَأخرج ابْن مرويه عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من أعطي الشُّكْر لم يحرم الزِّيَادَة لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {لَئِن شكرتم لأزيدنكم} وَمن أعطي التَّوْبَة لم يحرم الْقبُول لِأَن الله يَقُول: (وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده) وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أُلْهِمَ خَمْسَة لم يحرم خَمْسَة من ألهم الدُّعَاء لم يحرم الإِجابة لِأَن الله يَقُول: (ادْعُونِي استجب لكم) وَمن ألهم التَّوْبَة لم يحرم الْقبُول لِأَن الله يَقُول: (وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده) وَمن ألهم الشُّكْر لم يحرم الزِّيَادَة لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {لَئِن شكرتم لأزيدنكم} وَمن ألهم الاسْتِغْفَار لم يحرم الْمَغْفِرَة لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: (اسْتَغْفرُوا ربكُم إِنَّه كَانَ غفارًا) وَمن ألهم النَّفَقَة لم يحرم الْخلف لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: (وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه) (سُورَة سبأ آيَة 29 ) آيَة 9

9

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يقْرؤهَا وعاداً وثموداً وَالَّذين من بعدهمْ لَا يعلمهُمْ إِلَّا الله قَالَ: كذب النسابون وأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن مَيْمُون - رَضِي الله عَنهُ - مثله وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي مجلز - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رجل لعَلي بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ -: أَنا أنسب النَّاس قَالَ: إِنَّك لَا تنْسب النَّاس قَالَ: بلَى فَقَالَ لَهُ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَرَأَيْت قَوْله تَعَالَى: (وعاداً وثمودا

وَأَصْحَاب الرس وقروناً بَين ذَلِك كثيرا) (سُورَة الْفرْقَان آيَة 38 ) قَالَ: أَنا أنسب ذَلِك الْكثير قَالَ: أَرَأَيْت قَوْله: {ألم يأتكم نبأ الَّذين من قبلكُمْ قوم نوح وَعَاد وَثَمُود وَالَّذين من بعدهمْ لَا يعلمهُمْ إِلَّا الله} فَسكت وَأخرج أَبُو عيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا وجدنَا أحدا يعرف مَا وَرَاء معد بن عدنان وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: بَين عدنان وَإِسْمَاعِيل ثَلَاثُونَ أَبَا لَا يعْرفُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي الْآيَة قَالَ: لما سمعُوا كتاب الله عجبوا وَرَجَعُوا بِأَيْدِيهِم إِلَى أَفْوَاههم {وَقَالُوا إِنَّا كفرنا بِمَا أرسلتم بِهِ وَإِنَّا لفي شكّ مِمَّا تدعوننا إِلَيْهِ مريب} يَقُولُونَ: لَا نصدقكم فِيمَا جئْتُمْ بِهِ فَإِن عندنَا فِيهِ شكا قَوِيا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {جَاءَتْهُم رسلهم بِالْبَيِّنَاتِ فَردُّوا أَيْديهم فِي أَفْوَاههم} قَالَ: كذبُوا رسلهم بِمَا جاؤوهم من الْبَينَات فَردُّوهُ عَلَيْهِم بأفواههم وَقَالُوا: {وَإِنَّا لفي شكّ مِمَّا تدعوننا إِلَيْهِ مريب} وكذبوا مَا فِي الله عز وَجل شكّ أَفِي من فطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَأنزل من السَّمَاء مَاء فَأخْرج بِهِ من الثمرات رزقا لكم وَأظْهر لكم من النعم والآلاء الظَّاهِرَة مَا لَا يشك فِي الله عز وَجل وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {فَردُّوا أَيْديهم فِي أَفْوَاههم} قَالَ: ردوا عَلَيْهِم قَوْلهم وكذبوهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَأَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - {فَردُّوا أَيْديهم فِي أَفْوَاههم} قَالَ: عضوا عَلَيْهَا وَفِي لفظ: عضوا على أناملهم غيظاً على رسلهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن يزِيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {فَردُّوا أَيْديهم فِي أَفْوَاههم}

قَالَ: أدخلُوا أَصَابِعهم فِي أَفْوَاههم قَالَ: وَإِذا غضب الْإِنْسَان عض على يَده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {فَردُّوا أَيْديهم فِي أَفْوَاههم} قَالَ: هُوَ التَّكْذِيب آيَة 10 - 12

10

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {ويؤخركم إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: مَا قد خطّ من الْأَجَل فَإِذا جَاءَ الْأَجَل من الله لم يُؤَخر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {ويؤخركم إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: مَا قد خطّ الْأَجَل فَإِذا جَاءَ الْأَجَل من الله لم يُؤَخر وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أبي الد دَاء - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: إِذا آذَاك البرغوث فَخذ قدحاً من مَاء واقرأ عَلَيْهِ سبع مَرَّات {وَمَا لنا أَلا نتوكل على الله}

الْآيَة ثمَّ ترش حول فراشك وَأخرج المستغفري فِي الدَّعْوَات عَن أبي ذَر - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَإِذا آذَاك البرغوث فَخذ قدحاً من مَاء واقرأ عَلَيْهِ سبع مَرَّات {وَمَا لنا أَلا نتوكل على الله} الْآيَة فَإِن كُنْتُم مُؤمنين فكفوا شركم وأذاكم عَنَّا ثمَّ ترشه حول فراشك فَإنَّك تبيت آمنا من شَرها آيَة 13 - 16

13

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الرُّسُل والؤمنون يستضعفهم قَومهمْ ويقهرونهم ويكذبونهم ويدعونهم إِلَى أَن يعودوا فِي ملتهم فَأبى الله لرسله والؤمنين أَن يعودوا فِي مِلَّة الْكفْر وَأمرهمْ أَن يتوكلوا على الله وَأمرهمْ أَن يستفتحوا على الْجَبَابِرَة وَوَعدهمْ أَن يسكنهم الأَرْض من بعدهمْ فأنجز الله لَهُم وعدهم واستَفتحوا كَمَا أَمرهم الله أَن يستفتحوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {ولنسكننكم الأَرْض من بعدهمْ} قَالَ: وعدهم النَّصْر فِي الدُّنْيَا وَالْجنَّة فِي الْآخِرَة فَبين اله تَعَالَى من يسكنهَا من عباده فَقَالَ: (وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان) (سُورَة الرَّحْمَن آيَة 46 ) وَإِن لله مقَاما هُوَ قائمه وَإِن أهل الإِيمان خَافُوا ذَلِك الْمقَام فنصبوا ودأبوا اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لما أنزل الله على نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا) (سُورَة التَّحْرِيم آيَة 6 ) تَلَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَصْحَابه ذَات لَيْلَة فَخر فَتى مغشياً عَلَيْهِ فَوضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على فُؤَاده فَإِذا هُوَ يَتَحَرَّك فَقَالَ: يَا فَتى قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَهَا

فبشره بِالْجنَّةِ فَقَالَ أَصْحَابه: يَا رَسُول الله أَمن بَيْننَا قَالَ: أما سَمِعْتُمْ قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك لمن خَافَ مقَامي وَخَافَ وَعِيد} وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد - رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة (ياأيها الَّذين آمنُوا قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة) (سُورَة التَّحْرِيم آيَة 6 ) وَلَفظ الْحَكِيم لما أنزل الله على نبيه صلى الله علية وَسلم هَذِه الْآيَة تَلَاهَا على أَصْحَابه وَفِيهِمْ شيخ وَلَفظ الْحَكِيم فَتى فَقَالَ: يارسول الله حِجَارَة جَهَنَّم كحجارة الدُّنْيَا فَقَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لصخرة من صَخْر جَهَنَّم أعظم من جبال الدُّنْيَا فَوَقع مغشياً عَلَيْهِ فَوضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على فُؤَاده فَإِذا هُوَ حَيّ فناداه فَقَالَ: قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَهَا فبشره بِالْجنَّةِ: فَقَالَ أَصْحَابه: يَا رَسُول الله أَمن بَيْننَا فَقَالَ: نعم يَقُول الله عز وَجل (وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان) (سُورَة الرَّحْمَن آيَة 46 ) {ذَلِك لمن خَافَ مقَامي وَخَافَ وَعِيد} وَأخرج الْحَاكِم من طَرِيق حَمَّاد بن أبي حميد عَن مَكْحُول عَن عِيَاض بن سُلَيْمَان - رَضِي الله عَنهُ - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خِيَار أمتِي فِيمَا أنبأني الْمَلأ الْأَعْلَى قوم يَضْحَكُونَ جَهرا فِي سَعَة رَحْمَة رَبهم ويبكون سرا من خوف عَذَاب رَبهم يذكرُونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي فِي الْبيُوت الطّيبَة والمساجد ويدعونه بألسنتهم رغباً ورهبا ويسألونه بأيدهم خفضاً ورفعاً ويقبلون بقلوبهم عوداً وبدءاً فمؤنتهم على النَّاس خَفِيفَة وعَلى أنفسهم ثَقيلَة يدبون بِاللَّيْلِ حُفَاة على أَقْدَامهم كدبيب النَّمْل بِلَا روح وَلَا بذخ يقرؤن الْقُرْآن ويقربون القربان وَيلبسُونَ الخلقان عَلَيْهِم من الله تَعَالَى شُهُود حَاضِرَة وَعين حافظة يتوسمون الْعباد ويتفكرون فِي الْبِلَاد أَرْوَاحهم فِي الدُّنْيَا وَقُلُوبهمْ فِي الْآخِرَة لَيْسَ لَهُم هم إِلَّا أمامهم أعدُّوا الْجَوَاز لقبورهم وَالْجَوَاز لسلبهم والاستعداد لمقامهم ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ذَلِك لمن خَافَ مقَامي وَخَافَ وَعِيد} قَالَ الذَّهَبِيّ - رَضِي الله عَنهُ - هَذَا حَدِيث عَجِيب مُنكر وَأَحْسبهُ أَدخل عَليّ بن السماك - رَضِي الله - عَنهُ يَعْنِي

شيخ الْحَاكِم الَّذِي حَدثهُ بِهِ قَالَ: وَلَا وَجه لذكره فِي هَذَا الْكتاب - يَعْنِي الْمُسْتَدْرك - قَالَ وَحَمَّاد ضَعِيف وَلَكِن لَا يحْتَمل مثل هَذَا وَمَكْحُول مُدَلّس وعياض لَا يدْرِي من هُوَ انْتهى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {واستفتحوا} قَالَ للرسل كلهَا يَقُول: استنصروا وَفِي قَوْله: {وخاب كل جَبَّار عنيد} قَالَ: معاند للحق مُجَانب لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {واستفتحوا} قَالَ: استنصرت الرُّسُل على قَومهَا {وخاب كل جَبَّار عنيد} يَقُول: بعيد عَن الْحق معرض عَنهُ أَبى أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {عنيد} قَالَ: هوالناكب عَن الْحق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: يجمع الله الْخلق فِي صَعِيد وَاحِد يَوْم الْقِيَامَة: الْجِنّ والإِنس وَالدَّوَاب والهوام فَيخرج عنق من النَّار فَيَقُول وكلت بالعزيز الْكَرِيم والجبار العنيد الَّذِي جعل مَعَ الله إِلَهًا آخر قَالَ: فيلقطهم كَمَا يلقط الطيرالحب فيحتوي عَلَيْهِم ثمَّ يذهب بهم إِلَى مَدِينَة من النَّار يُقَال لَهَا كَيْت وَكَيْت فيثوون فِيهَا عَام قبل الْقَضَاء وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج عنق من النَّار يَوْم الْقِيَامَة لَهُ عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينْطق فَيَقُول: إِنِّي وكلت بِثَلَاثَة: بِكُل جَبَّار عنيد وَبِكُل من دَعَا مَعَ الله إِلَهًا آخر وبالمصوّرين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج عنق من النَّار يَوْم الْقِيَامَة فيتكلم بِلِسَان طلق ذلق لَهُ عينان يبصر بهما ولسان يتَكَلَّم بِهِ فَيَقُول: إِنِّي أمرت بِكُل جَبَّار عنيد وَمن دَعَا مَعَ الله إِلَهًا آخر وَمن قتل نفسا بِغَيْر نفس فتنضم عَلَيْهِم فتقذفهم فِي النَّار قبل النَّاس بِخَمْسِمِائَة سنة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ: إِن فِي جَهَنَّم وَاديا يُقَال لَهُ: هبهب حق على الله أَن يسكنهُ كل جَبَّار وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {كل جَبَّار عنيد} قَالَ: الْجَبَّار الْعيار والعنيد الَّذِي يعند عَن حق الله تَعَالَى قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: مصر على الْحِنْث لَا تخفى شواكله يَا وَيْح كل مصر الْقلب جَبَّار وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أبي أُمَامَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {ويسقى من مَاء صديد يتجرعه} قَالَ: يقرب إِلَيْهِ فيتكرهه فَإِذا دنا مِنْهُ شوى وَجهه وَوَقعت فَرْوَة رَأسه فَإِذا شربه قطع أمعاءه حَتَّى يخرج من دبره يَقُول الله تَعَالَى: (وَسقوا مَاء حميماً فَقطع أمعاءهم) (سُورَة مُحَمَّد آيَة 15) قَالَ: (وَإِن يستغيثوا يغاثوا بِمَاء كَالْمهْلِ يشوي الْوُجُوه) (سُورَة الْكَهْف آيَة 29) وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {من مَاء صديد} قَالَ: مَا يسيل بَين جلد الْكَافِر ولحمه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {ويسقى من مَاء صديد} قَالَ: الْقَيْح وَالدَّم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {من مَاء صديد} قَالَ: دم وقيح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {ويسقى من مَاء صديد} قَالَ: مَاء يسيل من بَين لَحْمه وَجلده وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ لَو أَن دلواً من صديد جَهَنَّم دُلي من السَّمَاء فَوجدَ أهل الأَرْض رِيحه لأفسد عَلَيْهِم الدُّنْيَا

آيَة - 17

17

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {ويأتيه الْمَوْت من كل مَكَان} قَالَ: أَنْوَاع الْعَذَاب وَلَيْسَ مِنْهَا نوع إِلَّا الْمَوْت يَأْتِيهِ مِنْهُ لَو كَانَ يَمُوت وَلكنه لَا يَمُوت لِأَن الله لَا يقْضِي عَلَيْهِم فيموتوا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {ويأتيه الْمَوْت من كل مَكَان وَمَا هُوَ بميت} قَالَ: تعلق نَفسه عِنْد حنجرته فَلَا تخرج من فِيهِ فَيَمُوت وَلَا ترجع إِلَى مَكَانهَا من جَوْفه فيجد لذَلِك رَاحَة فتنفعه الْحَيَاة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {ويأتيه الْمَوْت من كل مَكَان} قَالَ: من كل عظم وعرق وَعصب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُحَمَّد بن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {ويأتيه الْمَوْت من كل مَكَان} قَالَ: من كل عُضْو ومفصل وَأخرج بن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ - رَضِي الله عَنهُ - {ويأتيه الْمَوْت من كل مَكَان} قَالَ: من كل مَوضِع شَعْرَة فِي جسده {وَمن وَرَائه عَذَاب غليظ} قَالَ: الخلود وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن فُضَيْل بن عِيَاض فِي قَوْله: {وَمن وَرَائه عَذَاب غليظ} قَالَ حبس الأنفاس آيَة 18 - 20

18

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {مثل الَّذين كفرُوا برَبهمْ أَعْمَالهم كرماد} قَالَ: الَّذين كفرُوا برَبهمْ عبدُوا غَيره

فأعمالهم يَوْم الْقِيَامَة كرماد اشتدت بِهِ الرّيح فِي يَوْم عاصف لايقدرون على شَيْء من أَعْمَالهم يَنْفَعهُمْ كَمَا لَا يقدر على الرماد إِذا أرسل فِي يَوْم عاصف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: مثل أَعمال الْكفَّار كرماد ضَربته الرّيح فَلم ير مِنْهُ شَيْء فَكَمَا لم ير ذَلِك الرماد وَلم يقدر مِنْهُ على شَيْء كَذَلِك الْكفَّار لم يقدروا من أَعْمَالهم على شَيْء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {كرماد اشتدت بِهِ الرّيح} قَالَ: حَملته الرّيح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {وَيَأْتِ بِخلق جَدِيد} قَالَ: بِخلق آخر آيَة - 21

21

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {فَقَالَ الضُّعَفَاء} قَالَ: الأتباع {للَّذين استكبروا} قَالَ: للقادة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {سَوَاء علينا أجزعنا أم صَبرنَا} قَالَ: جزعوا مئة سنة وصبروا مئة سنة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: إِن أهل النَّار قَالَ بَعضهم لبَعض: تَعَالَوْا نبك ونتضرع إِلَى الله تَعَالَى فَإِنَّمَا أدْرك أهل الْجنَّة الْجنَّة ببكائهم وتضرعهم إِلَى الله فبكوا فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك لَا يَنْفَعهُمْ قَالُوا: تَعَالَوْا نصبر فَإِنَّمَا أدْرك أهل الْجنَّة الْجنَّة بِالصبرِ فصبروا صبرا لم ير مثله فَلَمَّا يَنْفَعهُمْ ذَلِك فَعِنْدَ ذَلِك قَالُوا: {سَوَاء علينا أجزعنا أم صَبرنَا مَا لنا من محيص} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ - رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا أَحسب فِي قَوْله: {سَوَاء علينا أجزعنا أم صَبرنَا مَا لنا من محيص} قَالَ: يَقُول أهل النَّار: هلموا فلنصبر فيصبرون خَمْسمِائَة عَام فَلَمَّا

رَأَوْا ذَلِك لَا يَنْفَعهُمْ قَالُوا: هلموا فلنجزع فيبكون خَمْسمِائَة عَام فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك لَا يَنْفَعهُمْ قَالُوا: {سَوَاء علينا أجزعنا أم صَبرنَا مَا لنا من محيص} آيَة - 22

22

أخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن عقبَة بن عَامر - رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إذاجمع الله الأوّلين والآخرين وَقضى بَينهم وَفرغ من الْقَضَاء يَقُول الْمُؤْمِنُونَ: قد قضى بَيْننَا رَبنَا وَفرغ من الْقَضَاء فَمن يشفع لنا إِلَى رَبنَا فَيَقُولُونَ: آدم خلقه الله بِيَدِهِ وَكَلمه فيأتونه فَيَقُولُونَ: قد قضى رَبنَا وَفرغ من الْقَضَاء قُم أَنْت فاشفع إِلَى رَبنَا فَيَقُول: ائْتُوا نوحًا فَيَأْتُونَ نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام فيدلهم على إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فيدلهم على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَأْتُونَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فيدلهم على عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَأْتُونَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: أدلكم على الْعَرَبِيّ الْأُمِّي فَيَأْتُوني فَيَأْذَن الله لي أَن أقوم إِلَيْهِ فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قطّ حَتَّى آتِي رَبِّي فيشفعني وَيجْعَل لي نورا من شعر رَأْسِي إِلَى ظفر قدمي وَيَقُول الْكَافِرُونَ عِنْد ذَلِك: قد وجد الْمُؤْمِنُونَ من يشفع لَهُم مَا هُوَ إِلَّا إِبْلِيس فَهُوَ الَّذِي أضلنا فَيَأْتُونَ إِبْلِيس فَيَقُولُونَ: قد وجد الْمُؤْمِنُونَ من يشفع لَهُم قُم أَنْت فاشفع لنا فَإنَّك أَنْت أضللتنا فَيقوم إِبْلِيس فيثور مَجْلِسه من أنتن ريح شمها أحد قطّ ثمَّ يعظم لِجَهَنَّم وَيَقُول عِنْد ذَلِك {إِن الله وَعدكُم وعد الْحق ووعدتكم فأخلفتكم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {وَقَالَ الشَّيْطَان لما قضي الْأَمر} الْآيَة قَالَ إِبْلِيس يخطبهم فَقَالَ: {إِن الله وَعدكُم وعد الْحق ووعدتكم فأخلفتكم} إِلَى قَوْله: {مَا أَنا بمصرخكم}

يَقُول: بمغن عَنْهُم شَيْئا {وَمَا أَنْتُم بمصرخيّ إِنِّي كفرت بِمَا أشركتمون من قبل} قَالَ: فَلَمَّا سمعُوا مقَالَته مقتوا أنفسهم فنودوا (لمقت الله أكبر من مقتكم أَنفسكُم) (سُورَة غَافِر 10) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قَامَ إِبْلِيس خَطِيبًا على مِنْبَر من نَار فَقَالَ: {إِن الله وَعدكُم وعد الْحق} إِلَى قَوْله: {وَمَا أَنْتُم بمصرخي} قَالَ: بناصري {إِنِّي كفرت بِمَا أشركتمون من قبل} قَالَ: بطاعتكم إيَّايَ فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: خطيبان يقومان يَوْم الْقِيَامَة إِبْلِيس وَعِيسَى بن مَرْيَم فاما إِبْلِيس فَيقوم فِي حزبه فَيَقُول هَذَا القَوْل وَأما عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: (مَا قلت لَهُم إِلَّا مَا أَمرتنِي بِهِ أَن اعبدوا الله رَبِّي وربكم وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم فَلَمَّا توفيتني كنت أَنْت الرَّقِيب عَلَيْهِم وَأَنت على كل شَيْء شَهِيد) (سُورَة الْمَائِدَة آيَة 117) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن من النَّاس من يذلله الشَّيْطَان كَمَا يذلل أحدكُم قعوده من الإِبل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي اله عَنهُ - فِي قَوْله: {مَا أَنا بمصرخكم وَمَا أَنْتُم بمصرخيّ} قَالَ: مَا أَنا بنافعكم وَمَا أَنْتُم بنافعي {إِنِّي كفرت بِمَا أشركتمون من قبل} قَالَ: شركَة عِبَادَته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {مَا أَنا بمصرخكم} قَالَ: مَا أَنا بمغيثكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {بمصرخيّ} قَالَ: بمغيثيّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {إِنِّي كفرت بِمَا أشركتمون من قبل} يَقُول: عصيت الله فِيكُم

آيَة - 23

23

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {تحيتهم فِيهَا سَلام} قَالَ: الْمَلَائِكَة يسلمُونَ عَلَيْهِم فِي الْجنَّة آيَة 24 - 26

24

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {ألم تَرَ كَيفَ ضرب الله مثلا كلمة طيبَة} شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَّا الله {كشجرة طيبَة} وهومؤمن {أَصْلهَا ثَابت} يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله {ثَابت} فِي قَول الْمُؤمن {وفرعها فِي السَّمَاء} يَقُول: يرفع بهَا عمل الْمُؤمن إِلَى السَّمَاء {وَمثل كلمة خبيثة} وَهِي الشّرك {كشجرة خبيثة} وَهِي الْكَافِر {اجتثت من فَوق الأَرْض مَا لَهَا من قَرَار} يَقُول الشّرك لَيْسَ لَهُ أصل يَأْخُذ بِهِ الْكَافِر وَلَا برهَان لَهُ وَلَا يقبل الله مَعَ الشّرك عملا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {ألم تَرَ كَيفَ ضرب الله مثلا} الْآيَة قَالَ: يَعْنِي بِالشَّجَرَةِ الطّيبَة الْمُؤمن وَيَعْنِي بِالْأَصْلِ الثَّابِت فِي الأَرْض وبالفرع فِي السَّمَاء يكون الْمُؤمن يعْمل فِي الأَرْض وَيتَكَلَّم فَيبلغ عمله وَقَوله السَّمَاء وَهُوَ فِي الأَرْض {تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا} يَقُول: يذكر الله كل سَاعَة من اللَّيْل وَالنَّهَار وَفِي قَوْله: {وَمثل كلمة خبيثة} قَالَ: ضرب الله مثل الشَّجَرَة الخبيثة كَمثل الْكَافِر يَقُول: إِن الشَّجَرَة الخبيثة {اجتثت} من فَوق الأَرْض {مَا لَهَا من قَرَار} يَعْنِي أَن الْكَافِر لَا يقبل عمله وَلَا يصعد إِلَى الله تَعَالَى فَلَيْسَ لَهُ أصل ثَابت فِي الأَرْض وَلَا فرع فِي السَّمَاء يَقُول: لَيْسَ لَهُ عمل صَالح فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة

وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: {كلمة طيبَة كشجرة طيبَة أَصْلهَا ثَابت} فِي الأَرْض وَكَذَلِكَ كَانَ يقْرؤهَا قَالَ: ذَلِك الْمُؤمن ضرب مثله قَالَ: الإِخلاص لله وَحده وعبادته لَا شريك لَهُ {أَصْلهَا ثَابت} قَالَ: أصل عمله ثَابت فِي الأَرْض {وفرعها فِي السَّمَاء} قَالَ: ذكره فِي السَّمَاء {تؤتي أكلهَا كل حِين} قَالَ: يصعد عمله أوّل النَّهَار وَآخره {وَمثل كلمة خبيثة} قَالَ: هَذَا الْكَافِر لَيْسَ لَهُ عمل فِي الأَرْض وَلَا ذكر فِي السَّمَاء {اجتثت من فَوق الأَرْض مَا لَهَا من قَرَار} قَالَ: أَعْمَالهم يحملون أوزارهم على ظُهُورهمْ وَأخرج ابْن جرير عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله: {ضرب الله مثلا كلمة طيبَة كشجرة طيبَة} قَالَ: ذَلِك مثل الْمُؤمن لَا يزَال يخرج مِنْهُ كَلَام طيب وَعمل صَالح يصعد إِلَيْهِ {وَمثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة} قَالَ: ذَلِك مثل الْكَافِر لَا يصعد لَهُ قَول طيب وَلَا عمل صَالح وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك - رَضِي الله - عَنهُ فِي قَوْله: {كشجرة طيبَة} إِلَى قَوْله: {تؤتي أكلهَا كل حِين} قَالَ: تَجْتَمِع ثَمَرَتهَا كل حِين وَهَذَا مثل الْمُؤمن يعْمل كل حِين وكل سَاعَة من النَّهَار وكل سَاعَة من اللَّيْل وَفِي الشتَاء وَفِي الصَّيف بِطَاعَة الله قَالَ: وَضرب الله مثل الْكَافِر {كشجرة خبيثة اجتثت من فَوق الأَرْض مَا لَهَا من قَرَار} يَقُول: لَيْسَ لَهَا أصل وَلَا فرع وَلَيْسَت لَهَا ثَمَرَة وَلَيْسَت لَهَا مَنْفَعَة كَذَلِك الْكَافِر لَيْسَ يعْمل خيرا وَلَا يَقُوله وَلم يَجْعَل الله تَعَالَى فِيهِ بركَة وَلَا مَنْفَعَة لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن الله جعل طَاعَته نورا ومعصيته ظلمَة إِن الإِيمان فِي الدُّنْيَا هُوَ النُّور يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ إِنَّه لَا خير فِي قَول وَلَا عمل لَيْسَ لَهُ أصل وَلَا فرع وَإنَّهُ قد ضرب مثل الإِيمان فَقَالَ: {ألم تَرَ كَيفَ ضرب الله مثلا كلمة طيبَة} إِلَى قَوْله: {وفرعها فِي السَّمَاء} وَإِنَّمَا هِيَ الْأَمْثَال فِي الإِيمان وَالْكفْر فَذكر أَن العَبْد الْمُؤمن المخلص هُوَ الشَّجَرَة إِنَّمَا ثَبت أَصله فِي الأَرْض وَبلغ فَرعه فِي السَّمَاء إِن الأَصْل الثَّابِت الإِخلاص لله وَحده وعبادته لَا شريك لَهُ ثمَّ إِن الْفَرْع هِيَ الْحَسَنَة ثمَّ يصعد عمله أول النَّهَار وَآخره فَهِيَ {تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا} ثمَّ هِيَ أَرْبَعَة

أَعمال إِذا جمعهَا العَبْد: الإِخلاص لله وَحده وعبادته لَا شريك لَهُ وخشيته وحبه وَذكره إذاجمع ذَلِك فَلَا تضره الْفِتَن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله ذهب أهل الدُّثُور بِالْأُجُورِ فَقَالَ: أَرَأَيْت لَو عمد إِلَى مَتَاع الدُّنْيَا فَركب بَعْضهَا إِلَى بعض أَكَانَ يبلغ السَّمَاء أَفلا أخْبرك بِعَمَل أَصله فِي الأَرْض وفرعه فِي السَّمَاء تَقول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله عشر مَرَّات فِي دبر كل صَلَاة فَذَلِك أَصله فِي الأَرْض وفرعه فِي السَّمَاء أخرج التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبرَاز وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقناع من بسر فَقَالَ: {مثلا كلمة طيبَة كشجرة طيبَة} حَتَّى بلغ {تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا} قَالَ: هِيَ النَّخْلَة {وَمثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة} حَتَّى بلغ {مَا لَهَا من قَرَار} قَالَ: هِيَ الحنظلة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والرامهرمزي فِي الْأَمْثَال عَن شُعَيْب بن الْحجاب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كُنَّا عِنْد أنس فأتينا بطبق عَلَيْهِ رطب فَقَالَ أنس - رَضِي الله عَنهُ لأبي الْعَالِيَة - رَضِي الله عَنهُ - كل يَا أَبَا الْعَالِيَة فَإِن هَذَا من الشَّجَرَة الَّتِي ذكر الله فِي كِتَابه ضرب الله مثلا طيبَة كشجرة طيبَة ثَابت أَصْلهَا قَالَ: هَكَذَا قَرَأَهَا يَوْمئِذٍ أنس قَالَ التِّرْمِذِيّ - رَضِي الله عَنهُ -: هَذَا الْمَوْقُوف أصح وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد جيد عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {كشجرة طيبَة} قَالَ: هِيَ الَّتِي لَا ينقص وَرقهَا هِيَ النَّخْلَة وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جريروابن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اخبروني مثل الرجل الْمُسلم لَا يتحات وَرقهَا وَلَا وَلَا تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا قَالَ عبد الله - رَضِي الله عَنهُ -: فَوَقع فِي نَفسِي أَنَّهَا النَّخْلَة فَأَرَدْت أَن أَقُول: هِيَ النَّخْلَة فَإِذا أَنا أَصْغَر الْقَوْم وَثمّ أَبُو بكر وَعمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَلَمَّا لم يتكلما بِشَيْء قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هِيَ النَّخْلَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لما نزلت هَذِه

الْآيَة {ضرب الله مثلا كلمة طيبَة كشجرة طيبَة} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَدْرُونَ أَي شَجَرَة هَذِه قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هِيَ النَّخْلَة قَالَ عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَقلت وَالَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ لقد وَقع فِي نَفسِي أَنَّهَا النَّخْلَة وَلَكِنِّي كنت أَصْغَر الْقَوْم لم أحب أَن أَتكَلّم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك: لَيْسَ منا من لم يوقر كَبِيرنَا وَيرْحَم صَغِيرنَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا الشَّجَرَة الطّيبَة قَالَ ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: فَأَرَدْت أَن أَقُول هِيَ النَّخْلَة فَمَنَعَنِي مَكَان عمر فَقَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هِيَ النَّخْلَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {كشجرة طيبَة} قَالَ: هِيَ النَّخْلَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {كشجرة طيبَة} قَالَ: هِيَ النَّخْلَة {تؤتي أكلهَا كل حِين} قَالَ بكرَة وَعَشِيَّة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {كشجرة طيبَة} قَالَ: هِيَ النَّخْلَة وَقَوله: {كشجرة خبيثة} قَالَ: هِيَ الحنظلة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والرامهرمزي عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {كشجرة طيبَة} قَالَ: هِيَ النَّخْلَة لَا يزَال فِيهَا شَيْء ينْتَفع بِهِ إِمَّا ثَمَرَة وَإِمَّا حطب قَالَ: وَكَذَلِكَ الْكَلِمَة الطّيبَة تَنْفَع صَاحبهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {تؤتي أكلهَا كل حِين} قَالَ: كل سَاعَة بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار والشتاء والصيف وَذَلِكَ مثل الْمُؤمن يُطِيع ربه بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار والشتاء والصيف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - {تؤتي أكلهَا} قَالَ: يكون أَخْضَر ثمَّ يكون أصفر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {تؤتي أكلهَا كل حِين} قَالَ: جذاذ النّخل

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن رجل حلف أَن لَا يصنع كَذَا وَكَذَا إِلَى حِين فَقَالَ: إِن من الْحِين حينا يدْرك وَمن الْحِين حينا لَا يدْرك فالحين الَّذِي لَا يدْرك قَوْله: (ولتعلمن نبأه بعد حِين) (ص آيَة 88 ) والحين الَّذِي يدْرك {تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا} وَذَلِكَ من حِين تصرم النَّخْلَة إِلَى حِين تطلع وَذَلِكَ سِتَّة أشهر وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِنِّي حَلَفت أَن لَا أكلم أخي حينا فَقَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: أوقتَّ شَيْئا قَالَ: لَا قَالَ: فَإِن الله تَعَالَى يَقُول: {تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا} فالحين سنة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الْحِين سِتَّة أشهر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: الْحِين قد يكون غدْوَة وَعَشِيَّة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه سُئِلَ عَن رجل حلف لَا يكلم أَخَاهُ حينا قَالَ: الْحِين سِتَّة اشهر ثمَّ ذكر النَّخْلَة مَا بَين حملهَا إِلَى صرامها سِتَّة أشهر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - الْحِين حينان: حِين يعرف وَحين لَا يعرف فَأَما الْحِين الَّذِي لَا يعرف فَقَوله: (ولتعلمن نبأه بعد حِين) (ص آيَة 88 ) وَأما الْحِين الَّذِي يعرف فَقَوله: {تؤتي أكلهَا كل حِين} وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {كل حِين} قَالَ: كل سنة وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ أرسل إليّ عمر بن عبد الْعَزِيز فَقَالَ: يامولى ابْن عَبَّاس إِنِّي حَلَفت أَن ل اأفعل كَذَا وَكَذَا حينا فَمَا

الْحِين الَّذِي يعرف بِهِ فَقلت إِن من الْحِين حينا لَا يدْرك فَقَوْل الله: (هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا) (الإِنسان آيَة 1) وَالله مَا نَدْرِي كم أَتَى لَهُ إِلَى أَن خلق وَأما الَّذِي يدْرك فَقَوله: {تؤتي أكلهَا كل حِين} فَهُوَ مابين الْعَام إِلَى الْعَام الْمقبل فَقَالَ: أصبت يَا مولى ابْن عَبَّاس مَا أحسن مَا قلت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد ابْن الْمسيب قَالَ: الْحِين يكون شَهْرَيْن والنخلة إِنَّمَا يكون حملهَا شَهْرَيْن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - {تؤتي أكلهَا كل حِين} قَالَ: تُؤْكَل ثَمَرَتهَا فِي الشتَاء والصيف وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {تؤتي أكلهَا كل حِين} قَالَ: فِي كل سَبْعَة أشهر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {تؤتي أكلهَا كل حِين} قَالَ: هوشجر جوز الْهِنْد لَا يتعطل من ثَمَر يحمل فِي كل شهر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {كشجرة طيبَة} قَالَ: هِيَ شَجَرَة فِي الْجنَّة وَفِي قَوْله: {كشجرة خبيثة} قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله لم يخلق الله هَذِه الشَّجَرَة على وَجه الأَرْض وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ان الله قلب الْعباد ظهرا وبطناً فَكَانَ خير الْعَرَب قُريْشًا وَهِي الشَّجَرَة الْمُبَارَكَة الَّتِي قَالَ الله فِي كِتَابه: {مثلا كلمة طيبَة} يَعْنِي الْقُرْآن {كشجرة طيبَة} يَعْنِي بهَا قُريْشًا {أَصْلهَا ثَابت} يَقُول: أَصْلهَا كَبِير {وفرعها فِي السَّمَاء} يَقُول: الشّرف الَّذِي شرفهم الله بالإِسلام الَّذِي هدَاهُم الله لَهُ وجعلهم من أَهله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق حَيَّان بن شُعْبَة عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كشجرة خبيثة} قَالَ: الشريان قلت لأنس: وَمَا الشريان قَالَ: الحنظل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر حميد بن زِيَاد الْخَرَّاط فِي الْآيَة قَالَ: الشَّجَرَة الخبيثة الَّتِي تجْعَل فِي الْمُسكر

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قعد نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرُوا هَذِه الْآيَة {اجتثت من فَوق الأَرْض مَا لَهَا من قَرَار} فَقَالُوا: يَا رَسُول الله نرَاهُ الكمأة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الكمأة من الْمَنّ وماؤها شِفَاء للعين والعجوة من الْجنَّة وَهِي شِفَاء من السم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {اجتثت من فَوق الأَرْض} قَالَ: استؤصلت من فَوق الأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اعقلوا من الله الْأَمْثَال وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ: أَن رجلا لَقِي رجلا من أهل الْعلم فَقَالَ: مَا تَقول فِي الْكَلِمَة الخبيثة فَقَالَ: مَا أعلم لَهَا فِي الأَرْض مُسْتَقرًّا وَلَا فِي السَّمَاء مصعداً إِلَّا أَن تلْزم صَاحبهَا حَتَّى يوافي بهَا الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ عَن أبي الْعَالِيَة: أَن رجلا خالجت الرّيح رِدَاءَهُ فلعنها فَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تلعنها فَإِنَّهَا مأمورة وَإنَّهُ من لعن شَيْئا لَيْسَ لَهُ بِأَهْل رجعت اللَّعْنَة على صَاحبهَا آيَة - 27

27

أخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمُسلم إِذا سُئِلَ فِي الْقَبْر يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَذَلِك قَوْله سُبْحَانَهُ: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ فِي قَول الله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ: ذَلِك فِي الْقَبْر إِن كَانَ صَالحا وفْق وَإِن كَانَ لَا خير فِيهِ وجد أثلة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد بن حَنْبَل وهناد بن السّري فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه

وَالْحَاكِم فِي صَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْر وَلما يلْحد فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَلَسْنَا حوله - وَكَأن على رؤوسنا الطير - وَفِي يَده عودا ينكت بِهِ الأَرْض فَرفع رَأسه فَقَالَ: استعيذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر - مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: إنَّ العَبْد الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي انْقِطَاع من الدُّنْيَا وإقبال من الْآخِرَة نزل إِلَيْهِ مَلَائِكَة من السَّمَاء بيض الْوُجُوه كأنَّ وُجُوههم الشَّمْس مَعَهم كفن من أكفان الْجنَّة وحنوط من حنوط الْجنَّة حَتَّى يجلسوا مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت ثمَّ يجلس عِنْد رَأسه فَيَقُول: أيتها النَّفس المطمئنة اخْرُجِي إِلَى مغْفرَة من الله ورضوان قَالَ: فَتخرج تسيل كَمَا تسيل القطرة من فِي السقاء وَإِن كُنْتُم ترَوْنَ غير ذَلِك فيأخذها فَإِذا أَخذهَا لم يدعوها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يأخذوها فيجعلوها فِي ذَلِك الْكَفَن وَفِي ذَلِك الحنوط وَيخرج مِنْهَا أطيب نفحة مسك وجدت على وَجه الأَرْض فيصعدون بهَا فَلَا يَمرونَ على ملإٍ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الطّيب فَيَقُولُونَ: فلَان بن فلَان بِأَحْسَن أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يسمونها فِي الدُّنْيَا وَحَتَّى ينْتَهوا بهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فيستفتحون لَهُ فَيفتح لَهُم فيشيعه من كل سَمَاء مقربوها إِلَى السَّمَاء الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى تَنْتَهِي بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَيَقُول الله: اكتبوا كتاب عَبدِي فِي عليين وأعيدوه إِلَى الأَرْض فَإِنِّي مِنْهَا خلقتهمْ وفيهَا أعيدهم وَمِنْهَا أخرجهم تَارَة أُخْرَى فتعاد روحه فِي جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك فَيَقُول: رَبِّي الله فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دينك فَيَقُول: ديني الإِسلام فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول: هُوَ رَسُول الله فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا علمك فَيَقُول: قَرَأت كتاب الله فآمنت بِهِ وصدّقت فينادي مُنَاد من السَّمَاء أَن صدق عَبدِي فافرشوه من الْجنَّة وألبسوه من الْجنَّة وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره ويأتيه رجل حسن الْوَجْه حسن الثِّيَاب طيب الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يَسُرك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد فَيَقُول لَهُ: من أَنْت فوجهك الْوَجْه يَجِيء بِالْخَيرِ فَيَقُول لَهُ: أَنا عَمَلك الصَّالح فَيَقُول: رب أقِم السَّاعَة رب أقِم السَّاعَة حَتَّى أرجع إِلَى أَهلِي وَمَالِي قَالَ: وَإِن العَبْد الْكَافِر إِذا كَانَ فِي انْقِطَاع من الدُّنْيَا وإقبال من الْآخِرَة نزل

إِلَيْهِ من السَّمَاء مَلَائِكَة سوء الْوُجُوه مَعَهم مسوح فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت حَتَّى يجلس عِنْد رَأسه يَقُول: أيتها النَّفس الخبيثة اخْرُجِي إِلَى سخط من الله وَغَضب فَتفرق فِي جسده فينتزعها كَمَا ينتزع السفود من الصُّوف المبلول فيأخذها فَإِذا أَخذهَا لم يدعوها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يجعلوها فِي تِلْكَ المسوح وَيخرج مِنْهَا كأنتن ريح جيفة وجدت على وَجه الأَرْض فيصعدون بهَا فَلَا يَمرونَ بهَا على ملإٍ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الْخَبيث فَيَقُولُونَ فلَان بن فلَان بأقبح أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسمى بهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهِي بهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فيستفتح فَلَا يفتح لَهُ ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء) (الْحَج آيَة 31) فَيَقُول الله عز وَجل اكتبوا كِتَابه فِي سِجِّين فِي الأَرْض السُّفْلى فتطرح روحه طرحاً ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خرّ من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق} (الْحَج آيَة 31) فتعاد روحه فِي جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك فَيَقُول: من رَبك هاه هاه لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دينك فَيَقُول: هاه هاه لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول: هاه هاه لَا أَدْرِي فينادي مُنَاد من السَّمَاء أَن كذب عَبدِي فافرشوه من النَّار وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فيأتيه من حرهَا وسمومها ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه ويأتيه رجل قَبِيح الْوَجْه قَبِيح الثِّيَاب منتن الرّيح فَيَقُول أبشر بِالَّذِي يسوءك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد فَيَقُول: من أَنْت فوجهك الْوَجْه يَجِيء بِالشَّرِّ فَيَقُول: أَنا عَمَلك الْخَبيث فَيَقُول: رب لَا تقم السَّاعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: التثبيت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا إِذا جَاءَ الْملكَانِ إِلَى الرجل والقبر فَقَالَا لَهُ: من رَبك قَالَ: رَبِّي الله قَالَا: وَمَا دينك قَالَ: ديني الإِسلام قَالَا: وَمن نبيك قَالَ: نبيي مُحَمَّد فَذَلِك التثبيت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله

عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي هَذِه الْآيَة {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ: {فِي الْآخِرَة} الْقَبْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ: المخاطبة فِي الْقَبْر: من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ: هَذَا فِي الْقَبْر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِي يفتن أهل الْقُبُور وَفِيه نزلت {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} وَأخرج الْبَزَّار عَن عَائِشَة قَالَت: قلت يارسول الله تبتلى هَذِه الْأمة فِي قبورها فَكيف بِي وَأَنا امْرَأَة ضَعِيفَة قَالَ: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَذكر قبض روح الْمُؤمن: فيأتيه آتٍ فَيَقُول: من رَبك فَيَقُول: الله فَيَقُول: وَمَا دينك فَيَقُول: الإِسلام فَيَقُول: وَمن نبيك فَيَقُول: مُحَمَّد ثمَّ يسْأَل الثَّانِيَة فَيَقُول مثل ذَلِك ثمَّ يسْأَل الثَّالِثَة وَيُؤْخَذ أخذا شَدِيدا فَيَقُول مثل ذَلِك فَذَلِك قَول الله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الْمُؤمن إِذا حَضَره الْمَوْت شهدته الْمَلَائِكَة فَسَلمُوا عَلَيْهِ وبشروه بِالْجنَّةِ فَإِذا مَاتَ مَشوا مَعَه فِي جنَازَته ثمَّ صلوا عَلَيْهِ مَعَ النَّاس فَإِذا دفن أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ: من رَبك فَيَقُول: رَبِّي الله فَيُقَال لَهُ: من رَسُولك فَيَقُول: مُحَمَّد فَيُقَال لَهُ: مَا شهادتك فَيَقُول: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَذَلِك قَوْله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا} الْآيَة فيوسع لَهُ فِي قَبره مد بَصَره وَأما الْكَافِر فتنزل الْمَلَائِكَة فيبسطون أَيْديهم - والبسط هُوَ الضَّرْب - يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم عِنْد الْمَوْت فَإِذا دخل قَبره أقعد فَقيل لَهُ من رَبك فَلم يرجع

إِلَيْهِم شَيْئا فَذَلِك قَوْله: {ويضل الله الظَّالِمين} وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الْمُؤمن إِذا مَاتَ أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ: من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول: رَبِّي الله وديني الإِسلام ونبيي مُحَمَّد فيوسع لَهُ فِي قَبره ويفرج لَهُ فِيهِ ثمَّ قَرَأَ {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} الْآيَة وَإِن الْكَافِر إِذا دخل قَبره أَجْلِس فَقيل لَهُ: من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول لَا أَدْرِي فيضيق عَلَيْهِ قَبره ويعذب فِيهِ ثمَّ قَرَأَ ابْن مَسْعُود (وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا) (طه آيَة 124) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مَنْدَه وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ قَالَ: إِن الْمُؤمن إِذا مَاتَ أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ: من رَبك فَيَقُول: الله فَيُقَال لَهُ: من نبيك فَيَقُول: مُحَمَّد بن عبد الله فَيُقَال لَهُ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى منزلتك لَو زِغْت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ انْظُر إِلَى مَنْزِلك فِي الْجنَّة أَن ثبتّ وأذا مَاتَ الْكَافِر أَجْلِس فِي قبر فَيُقَال: من رَبك من نبيك فَيَقُول: لَا أَدْرِي كنت أسمع النَّاس يَقُولُونَ فَيُقَال لَهُ: لَا دَريت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيُقَال لَهُ انْظُر إِلَى مَنْزِلك لَو ثَبَتّ ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَنْزِلك إِذْ زِغْت فَذَلِك قَوْله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله {وَفِي الْآخِرَة} قَالَ: الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر بِسَنَد صَحِيح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَنَازَة فَقَالَ: ياأ يها النَّاس إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها فَإِذا الإِنسان دفن فَتفرق عَنهُ أَصْحَابه جَاءَهُ ملك فِي يَده مطراق فأقعده قَالَ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل فَإِن كَانَ مُؤمنا قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَيَقُول لَهُ: صدقت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار

فَيَقُول لَهُ: هَذَا كَانَ مَنْزِلك لَو كفرت بِرَبِّك فَأَما إِذا آمَنت فَهَذَا مَنْزِلك فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فيريد أَن ينْهض إِلَيْهِ فَيَقُول لَهُ: اسكن ويفسح لَهُ فِي قَبره وَإِن كَانَ كَافِرًا أَو منافقاً قيل لَهُ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول: لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَيَقُول لَا دَريت وَلَا تليت وَلَا اهتديت ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيَقُول: هَذَا مَنْزِلك لَو آمَنت بِرَبِّك فَأَما إِذْ كفرت بِهِ فَإِن الله أبدلك مِنْهُ هَذَا وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار ثمَّ يقمعه مقمعَة بالمطراق يسْمعهَا خلق الله كلهَا غيرالثقلين فَقَالَ بعض الْقَوْم: يَا رَسُول الله مَا أحد يقوم عَلَيْهِ ملك فِي يَده مطراق إِلَّا هُبل عِنْد ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: شَهِدنَا جَنَازَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا فرغ من دَفنهَا وَانْصَرف النَّاس قَالَ: إِنَّه الْآن يسمع خَفق نعالكم أَتَاهُ مُنكر وَنَكِير عيناهما مثل قدور النّحاس وأنيابهما مثل صياصي الْبَقر وأصواتهما مثل الرَّعْد فيجلسانه فيسألانه مَا كَانَ يعبد وَمن نبيه فَإِن كَانَ مِمَّن يعبد الله قَالَ: كنت أعبد الله ونبيي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهدى فَآمَنا بِهِ واتبعناه فَذَلِك قَوْله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} فَيُقَال لَهُ: على الْيَقِين حييت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة ويُوسع لَهُ فِي حفرته وَإِن كَانَ من أهل الشَّك قَالَ: لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته فَيُقَال لَهُ: على الشَّك حييت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث ثمَّ يفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار ويسلط عَلَيْهِ عقارب وتنانين لَو نفخ أحدهم فِي الدُّنْيَا مَا أنبتت شَيْئا تنهشه وتؤمر الأَرْض فتنضم عَلَيْهِ حَتَّى تخْتَلف أضلاعه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الْمَيِّت إِذا وضع فِي قَبره إِنَّه ليسمع خَفق نعَالهمْ حِين يولون عَنهُ فَإِذا كَانَ مُؤمنا كَانَت الصَّلَاة عِنْد رَأسه وَالزَّكَاة عَن يَمِينه وَالصَّوْم عَن شِمَاله وَفعل الْخيرَات وَالْمَعْرُوف والاحسان إِلَى النَّاس من قبل رجلَيْهِ فَيُؤتى من قبل رَأسه فَتَقول الصَّلَاة: لَيْسَ قبلي مدْخل فَيُؤتى عَن يَمِينه فَتَقول الزَّكَاة: لَيْسَ قبلي مدْخل وَيُؤْتى من قبل شِمَاله فَيَقُول الصَّوْم: لَيْسَ قبلي

مدْخل ثمَّ يُؤْتى من قبل رجلَيْهِ فَيَقُول فعل الْخيرَات وَالْمَعْرُوف والإِحسان إِلَى النَّاس: لَيْسَ قبلي مدْخل فَيُقَال لَهُ: اجْلِسْ فيجلس وَقد مثلت لَهُ الشَّمْس قد قربت للغروب فَيُقَال: أخبرنَا عَمَّا نَسْأَلك فَيَقُول: دَعْنِي حَتَّى أُصَلِّي فَيُقَال: إِنَّك ستفعل فَأخْبرنَا عَمَّا نَسْأَلك فَيَقُول: عَم تَسْأَلُونِي فَيُقَال لَهُ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم - يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَيَقُول: أشهد أَنه رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد رَبنَا فصدقْنا واتبعْنا فَيُقَال لَهُ: صدقت على هَذَا حييت وعَلى هَذَا مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره فَذَلِك قَول الله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} وَيُقَال: افتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فَيُقَال: هَذَا كَانَ مَنْزِلك لَو عصيت الله فَيَزْدَاد غِبْطَة وسرور فيعاد الْجَسَد إِلَى مَا بدا مِنْهُ من التُّرَاب وَيجْعَل روحه فِي النسيم الطّيب وَهِي طير خضر تعلق فِي شجر فِي الْجنَّة وَأما الْكَافِر فَيُؤتى فِي قَبره من قبل رَأسه فَلَا يُوجد شَيْء فَيُؤتى من قبل رجلَيْهِ فَلَا يُوجد شَيْء فيجلس خَائفًا مَرْعُوبًا فَيُقَال لَهُ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم وَمَا تشهد بِهِ فَلَا يَهْتَدِي لاسمه فَيُقَال: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَقلت كَمَا قَالُوا: فَيُقَال لَهُ: صدقت على هَذَا حييت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: (وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكا) (طه آيَة 124) فَيُقَال: افتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة فَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَيُقَال هَذَا مَنْزِلك وَمَا أعد الله لَك لَو كنت أطعته فَيَزْدَاد حسرة وثبوراً ثمَّ يُقَال: افتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فَيفتح لَهُ بابٌ إِلَيْهَا فَيُقَال لَهُ: هَذَا مَنْزِلك وَمَا أعد الله لَك فَيَزْدَاد حسرة وثبوراً وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هر يرة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ: ذَاك إِذا قيل فِي الْقَبْر: من رَبك وَمَا دينك فَيَقُول رَبِّي الله وديني الْإِسْلَام ونبيي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهدى من الله فآمنت بِهِ وصدقت فَيُقَال لَهُ: صدقت على هَذَا عِشْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث

وَأخرج ابْن جرير عَن طَاوس فِي قَوْله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} الْآيَة هِيَ فتْنَة الْقَبْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْمسيب بن رَافع رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي صَاحب الْقَبْر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي الْمَيِّت الَّذِي يسْأَل فِي قَبره عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {يثبت الله الَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الْقَبْر ومخاطبته وَأخرج ابْن جرير وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله {وَفِي الْآخِرَة} قَالَ الْمَسْأَلَة فِي الْقَبْر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ: أما الْحَيَاة الدُّنْيَا فيثبتهم بِالْخَيرِ وَالْعَمَل الصَّالح وَأما قَوْله: {وَفِي الْآخِرَة} فَفِي الْقَبْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى: {يثبت الله الَّذين آمنُوا} قَالَ: هُوَ الْمُؤمن فِي قَبره عِنْد محنته يَأْتِيهِ ممتحناه فَيَقُولَانِ: من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول: الله رَبِّي وديني الإِسلام فَيَقُولَانِ: ثبتك الله لما يحب ويرضى ويفسحان لَهُ فِي قَبره مد الْبَصَر ويفتحان لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة ويقولان: نم قرير الْعين نومَة الشَّاب النَّائِم الآمن فِي خير مقيل وَفِيه نزلت (أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلا) (الْفرْقَان آيَة 24) وَأما الْكَافِر فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ: من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول: لَا أَدْرِي فَيَقُولَانِ: لَا دَريت وَلَا اهتديت فيضربانه بِسَوْط من النَّار يذعر لَهَا كل دَابَّة مَا خلا الْجِنّ والإِنس ثمَّ يفتحان لَهُ بَابا إِلَى النَّار ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى يخرج دماغه من بَين أَظْفَاره ولحمه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا وضع الْمَيِّت فِي قَبره جَاءَهُ ملكان فَسَأَلَاهُ فَقَالَا: كَيفَ تَقول فِي هَذَا الرجل الَّذِي

كَانَ بَين أظْهركُم الَّذِي يُقَال لَهُ مُحَمَّد فلقنه الله الثَّبَات وثبات الْقَبْر خمس: أَن يَقُول العَبْد: رَبِّي الله وديني الإِسلام ونبيي مُحَمَّد أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ثمَّ قَالَا لَهُ: اسْكُتْ فَإنَّك عِشْت مُؤمنا ومت مُؤمنا وتبعث مُؤمنا ثمَّ أرياه منزله من الْجنَّة يتلألأ بِنور عرش الرَّحْمَن وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن العَبْد إِذا وضع فِي قبر وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه: إِنَّه ليسمع قرع نعَالهمْ يَأْتِيهِ ملكان فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل - زَاد ابْن مرْدَوَيْه: - الَّذِي كَانَ بَين أظْهركُم الَّذِي يُقَال لَهُ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فَأَما الْمُؤمن فَيَقُول: اشْهَدْ أَنه عبد الله وَرَسُوله فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَقْعَدك من النَّار قد أبدلك الله بِهِ مقْعدا من الْجنَّة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا قَالَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ: وَذكر لنا أَنه يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا ويملأ عَلَيْهِ خضرًا وَأما الْمُنَافِق وَالْكَافِر فَيُقَال لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول: لَا أَدْرِي كنت أَقُول كَمَا يَقُول النَّاس فَيُقَال لَهُ لَا دَريت وَلَا تليت وَيضْرب بمطراق من حَدِيد ضَرْبَة فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا من يَلِيهِ إِلَّا الثقلَيْن وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها وَإِن الْمُؤمن إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فَسَأَلَهُ: مَا كنت تعبد فَإِن الله هداه قَالَ: كنت أعبد الله فَيُقَال لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول هُوَ عبد الله وَرَسُوله فَمَا يسْأَل عَن شَيْء بعْدهَا فَينْطَلق إِلَى بَيت كَانَ لَهُ فِي النَّار فَيُقَال لَهُ: هَذَا بَيْتك كَانَ لَك فِي النَّار وَلَكِن الله عصمك ورحمك فأبدلك بَيْتا فِي الْجنَّة فَيَقُول: دَعونِي حَتَّى أذهب فابشر أَهلِي فَيُقَال لَهُ: اسكن وَإِن الْكَافِر إِذا وضع فِي قَبره أَتَاهُ ملك فينتهره فَيَقُول لَهُ: ماكنت تعبد فَيَقُول: لَا أَدْرِي فَيَقُول لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول: كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيَضْرِبُونَهُ بمطراق من حَدِيد بَين أُذُنَيْهِ فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا الْخلق إِلَّا الثقلَيْن وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ عَن فتاني الْقَبْر

فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن هَذِه الْأمة تبتلى فِي قبورها فَإِذا أَدخل الْمُؤمن قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه جَاءَهُ ملك شَدِيد الِانْتِهَار فَيَقُول لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول الْمُؤمن: أَقُول أَنه رَسُول الله وَعَبده فَيَقُول الْملك: انْظُر إِلَى مَقْعَدك الَّذِي كَانَ من النَّار قد أنجاك الله مِنْهُ وأبدله بمقعدك الَّذِي ترى من النَّار مَقْعَدك الَّذِي ترى من الْجنَّة فَيَرَاهُمَا كليهمَا فَيَقُول الْمُؤمن: دَعونِي أبشر أَهلِي فَيُقَال لَهُ: اسكن وَأما الْمُنَافِق فيقعد إِذا تولى عَنهُ أَهله فَيُقَال لَهُ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول: لَا أَدْرِي أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيُقَال لَهُ: لَا دَريت هَذَا مَقْعَدك الَّذِي كَانَ لَك من الْجنَّة قد أبدلك الله مَكَانَهُ مَقْعَدك من النَّار قَالَ جَابر رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يبْعَث كل عبد فِي الْقَبْر على مَا مَاتَ الْمُؤمن على ايمانه وَالْمُنَافِق على نفَاقه وَأخرج ابْن أبي عَاصِم فِي السّنة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي سُفْيَان عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا وضع الْمُؤمن فِي قَبره أَتَاهُ ملكان فانتهراه فَقَامَ يهب كَمَا يهب النَّائِم فَيُقَال لَهُ: من رَبك فَيَقُول: الله رَبِّي وَالْإِسْلَام ديني وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نبيي فينادي مُنَاد أَن صدق عَبدِي فافرشوه من الْجنَّة وألبسوه من الْجنَّة فَيَقُول: دَعونِي أخبر أَهلِي فَيُقَال لَهُ: اسكن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ أَنْت ياعمر إِذا انْتهى بك إِلَى الأَرْض فحفر لَك ثَلَاثَة أَذْرع وشبر فِي ذِرَاع وشبر ثمَّ أَتَاك مُنكر وَنَكِير أسودان يجران شعرهما كَأَن أصواتهما الرَّعْد القاصف وَكَأن أعينهما الْبَرْق الخاطف يحفران الأَرْض بأنيابهما فأجلساك فَزعًا فتلتلاك وتوهلاك فَقَالَ: يَا رَسُول الله وَأَنا يَوْمئِذٍ على مَا أَنا عَلَيْهِ قَالَ: نعم قَالَ: أكفيكهما بِإِذن الله يَا رَسُول الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْمَيِّت ليسمع خَفق نعَالهمْ حِين يولون ثمَّ يجلس فَيُقَال لَهُ: من رَبك فَيَقُول الله رَبِّي ثمَّ يُقَال لَهُ: مَا دينك فَيَقُول: الإِسلام ثمَّ يُقَال لَهُ من نبيك فَيَقُول: مُحَمَّد فَيُقَال: وَمَا علمك فَيَقُول: عَرفته وَآمَنت بِهِ وصدقت بِمَا جَاءَ بِهِ من الْكتاب ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره مد الْبَصَر وَيجْعَل روحه مَعَ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: اسْم الْملكَيْنِ اللَّذين يأتيان فِي الْقَبْر مُنكر وَنَكِير وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ والآجري فِي الشَّرِيعَة وَابْن عدي عَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر فتّاني الْقَبْر فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: أترد إِلَيْنَا عقولنا يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم كهيئتكم الْيَوْم فَقَالَ عمر بِفِيهِ الْحجر وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث وَالْحَاكِم فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ أَنْت إِذا كنت فِي أَرْبَعَة أَذْرع فِي ذراعين وَرَأَيْت مُنكر وَنَكِير قلت: يَا رَسُول الله وَمَا مُنكر وَنَكِير قَالَ: فتّانا الْقَبْر يبحثان الأَرْض بأنيابهما ويطآن فِي أشعارهما أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف مَعَهُمَا مرزبة لَو أجتمع عَلَيْهِمَا أهل منى لم يطيقوا رَفعهَا هِيَ أيسر عَلَيْهِمَا من عصاي هَذِه فامتحناك فَإِن تعاييت أَو تلويت ضرباك ضَرْبَة تصير بهَا رَمَادا قلت يَا رَسُول وَأَنا على حَالي هَذِه قَالَ: نعم قلت: إِذا أكفيكهما وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي عَاصِم والآجري وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا قبر الْمَيِّت أَتَاهُ ملكان أسودان أزرقان يُقَال لأَحَدهمَا مُنكر وَالْآخر نَكِير فَيَقُولَانِ: مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول مَا كَانَ يَقُول: هُوَ عبد الله وَرَسُوله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله فَيَقُولَانِ: قد كُنَّا نعلم أَنَّك تَقول هَذَا ثمَّ يفسح لَهُ فِي قَبره سَبْعُونَ ذِرَاعا فِي سبعين ثمَّ ينور لَهُ فِيهِ فَيُقَال لَهُ: نم فَيَقُول: أرجع إِلَى أَهلِي فَأخْبرهُم فَيَقُولُونَ: نم كنومة الْعَرُوس الَّذِي لَا يوقظه إِلَّا أحب أَهله إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك فَإِن كَانَ منافقاً قَالَ: سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ فَقلت مثله لَا أَدْرِي فَيَقُولُونَ: قد كُنَّا نعلم أَنَّك كنت تَقول ذَلِك فَيُقَال للْأَرْض: التئمي عَلَيْهِ فتختلف أضلاعه فَلَا يزَال فِيهَا معذباً حَتَّى يَبْعَثهُ الله من مضجعه ذَلِك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر رَضِي الله عَنهُ: كَيفَ أَنْت إِذا رَأَيْت مُنْكرا ونكيراً قَالَ: وَمَا مُنكر وَنَكِير

قَالَ: فتّانا الْقَبْر أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف يطآن فِي أشعارهما ويحفران بأنيابهما مَعَهُمَا عَصا من حَدِيد لَو اجْتمع عَلَيْهَا أهل منى لم يقلوها وَأخرج البُخَارِيّ عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنَّه قد أُوحِي إِلَيّ أَنكُمْ تفتنون فِي الْقُبُور فَيُقَال مَا علمكُم بِهَذَا الرجل فاما الْمُؤمن أوالموقن فَيَقُول: هُوَ مُحَمَّد رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهدى فأجبنا وَاتَّبَعنَا فَيُقَال لَهُ: قد علمنَا إِن كنت لمؤمناً ثمَّ صَالحا وَأما الْمُنَافِق أَو المرتاب فَيَقُول لَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فَقلت وَأخرج أَحْمد عَن أَسمَاء رَضِي الله عنهاعن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أَدخل الْإِنْسَان قَبره فَإِن كَانَ مُؤمنا أحف بِهِ عمله الصَّلَاة وَالصِّيَام فيأتيه الْملك من نَحْو الصَّلَاة فَتَردهُ وَمن نَحْو الصّيام فَيردهُ فيناديه: اجْلِسْ فيجلس فَيَقُول لَهُ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل - يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ من قَالَ مُحَمَّد قَالَ أشهد أَنه رَسُول الله فَيَقُول: وَمَا يدْريك أَدْرَكته قَالَ: أشهد أَنه رَسُول فَيَقُول: على ذَلِك عِشْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث وَإِن كَانَ فَاجِرًا أَو كَافِرًا جَاءَهُ الْملك وَلَيْسَ بَينه وَبَينه شَيْء يردهُ فأجلسه وَقَالَ: مَا تَقول فِي هَذَا الرجل قَالَ: أَي رجل قَالَ: مُحَمَّد فَيَقُول: وَالله مَا أَدْرِي سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ شَيْئا فقلته فَيَقُول لَهُ الْملك: على ذَلِك عِشْت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث ويسلط عَلَيْهِ دَابَّة فِي قَبره مَعهَا سَوط ثَمَرَته جَمْرَة مثل عرف الْبَعِير يضْربهُ مَا شَاءَ الله لَا تسمع صَوته فترحمه وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: جَاءَت يَهُودِيَّة فاستطعمت على بَابي فَقَالَت: أَطْعمُونِي أعاذكم الله من فتْنَة الدَّجَّال وَمن فتْنَة عَذَاب الْقَبْر فَلم أزل أحسبها حَتَّى آتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يارسول الله مَا تَقول هَذِه الْيَهُودِيَّة قَالَ: وَمَا تَقول قلت: تَقول أعاذكم الله من فتْنَة الدَّجَّال وَمن فتْنَة عَذَاب الْقَبْر فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفع يَدَيْهِ مدّاً يستعيذ بِاللَّه من فتْنَة الدَّجَّال وَمن فتْنَة عَذَاب الْقَبْر ثمَّ قَالَ: أما فتْنَة الدَّجَّال فَإِنَّهُ لم يكن نَبِي إِلَّا قد حذر أمته وسأحذركموه بِحَدِيث لم يحدثه نَبِي أمته إِنَّه أَعور وَالله لَيْسَ بأعور مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن

وَأما فتْنَة الْقَبْر فَبِي تفتنون وعني تُسْألون فَإِذا كَانَ الرجل الصَّالح أَجْلِس فِي قَبره غير فزع وَلَا مشغوف ثمَّ يُقَال لَهُ: فيمَ كنت فَيَقُول: فِي الإِسلام فَيُقَال: مَا هَذَا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم فَيَقُول: مُحَمَّد رَسُول الله جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ من عِنْد الله فَصَدَّقْنَاهُ فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا فَيُقَال لَهُ: انْظُر إِلَى مَا وقاك الله ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة إِلَى الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال: هَذَا مَقْعَدك مِنْهَا وَيُقَال: على الْيَقِين كنت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله وَإِذا كَانَ الرجل السوء جلس فِي قَبره فَزعًا مشغوفاً فَيُقَال لَهُ: فيمَ كنت فَيَقُول: لَا أَدْرِي فَيُقَال: ماهذا الرجل الَّذِي كَانَ فِيكُم فَيَقُول: سَمِعت النَّاس يَقُولُونَ قولا فَقلت كَمَا قَالُوا فيفرج لَهُ فُرْجَة قبل الْجنَّة فَينْظر إِلَى زهرتها وَمَا فِيهَا فَيُقَال: انْظُر إِلَى مَا صرف الله عَنْك ثمَّ يفرج لَهُ فُرْجَة قبل النَّار فَينْظر إِلَيْهَا يحطم بَعْضهَا بَعْضًا وَيُقَال: هَذَا مَقْعَدك مِنْهَا على الشَّك كنت وَعَلِيهِ مت وَعَلِيهِ تبْعَث إِن شَاءَ الله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْمَوْتَى يفتنون فِي قُبُورهم سبعا فَكَانُوا يستحبون أَن يطعم عَنْهُم تِلْكَ الْأَيَّام وَأخرج ابْن جرير فِي مُصَنفه عَن الْحَارِث بن أبي الْحَرْث عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: يفتن رجلَانِ: مُؤمن ومنافق فَأَما الْمُؤمن فيفتن سبعا وَأما الْمُنَافِق فيقتن أَرْبَعِينَ صباحاً وَأخرج ابْن شاهين فِي السّنة عَن رَاشد بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: تعلمُوا حجتكم فَإِنَّكُم مسؤولون حَتَّى إِنَّه كَانَ أهل الْبَيْت من الْأَنْصَار يحضر الرجل مِنْهُم الْمَوْت فيوصونه والغلام إِذا عقل فَيَقُولُونَ لَهُ: إِذا سألوك: من رَبك فَقل: الله رَبِّي وَمَا دينك فَقل الإِسلام ديني وَمن نبيك فَقل مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أبونعيم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف على قبر رجل من أَصْحَابه حِين فرغ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون اللَّهُمَّ نزل بك وَأَنت خير منزول بِهِ جافِ الأَرْض عَن جَنْبَيْهِ وَافْتَحْ أَبْوَاب السَّمَاء لروحه واقبله مِنْك بِقبُول حسن وثبّت عِنْد الْمسَائِل مَنْطِقه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مر

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجنَازَة عِنْد قَبره وَصَاحبه يدْفن فَقَالَ: اسْتَغْفرُوا لأخيكم واسألوا لَهُ التثبيت فَإِنَّهُ الْآن يُسْأل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم على الْقَبْر بَعْدَمَا يسوّى عَلَيْهِ فَيَقُول: اللَّهُمَّ نزل بك صاحبنا وَخلف الدُّنْيَا خلف ظَهره اللَّهُمَّ ثبّت عِنْد الْمَسْأَلَة مَنْطِقه وَلَا تبتله فِي قَبره بِمَا لَا طَاقَة بِهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مَنْدَه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا مَاتَ أحد من اخوانكم فسوّيتم التُّرَاب عَلَيْهِ فَليقمْ أحدكُم على رَأس قَبره ثمَّ ليقل: يَا فلَان بن فُلَانَة فَإِنَّهُ يسمعهُ وَلَا يُجيب ثمَّ يَقُول: يَا فلَان بن فُلَانَة فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدا ثمَّ يَقُول: يَا فلَان بن فُلَانَة فَإِنَّهُ يَقُول: ارشدنا رَحِمك الله وَلَكِن لَا يَشْعُرُونَ فَلْيقل: اذكر مَا خرجت عَلَيْهِ من الدُّنْيَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله رضيت بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبيا وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا فَإِن مُنْكرا ونكيراً يَأْخُذ كل وَاحِد مِنْهُمَا بيد صَاحبه وَيَقُول: انْطلق بِنَا مَا يقعدنا عِنْد من لقن حجَّته فَيكون حجيجه دونهمَا قَالَ رجل: يَا رَسُول الله فَإِن لم يعرف أمه قَالَ: ينْسبهُ إِلَى حَوَّاء يَا فلَان ابْن حَوَّاء وَأخرج ابْن مَنْدَه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا مت فدفنتموني فَليقمْ إِنْسَان عِنْد رَأْسِي فَلْيقل: ياصدي بن عجلَان اذكر مَا كنت عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن رَاشد بن سعد وضمرة بن حبيب وَحَكِيم بن عُمَيْر قَالُوا: إِذا سوّي على الْمَيِّت قَبره وَانْصَرف النَّاس عَنهُ كَانَ يسْتَحبّ أَن يُقَال للْمَيت عِنْد قَبره: يَا فلَان قل لَا إِلَه إِلَّا الله ثَلَاث مَرَّات يَا فلَان قل رَبِّي الله وديني الإِسلام ونبيي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ينْصَرف وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عَمْرو بن مرّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يستحبون إِذا وضع الْمَيِّت فِي اللَّحْد أَن يُقَال: اللَّهُمَّ أعذه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا سُئِلَ الْمَيِّت من رَبك ترايا لَهُ الشَّيْطَان فِي صُورَة فيشير إِلَى نَفسه أَنِّي أَنا رَبك

وَأخرج النَّسَائِيّ عَن رَاشد بن سعد رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله مَا بَال الْمُؤمنِينَ يفتنون فِي قُبُورهم إِلَّا الشَّهِيد فَقَالَ: كفى ببارقة السيوف على رَأسه فتْنَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خدم رَسُول الله رجل من الْأَشْعَرِيين سبع حجج فَقَالَ: إِن لهَذَا علينا حَقًا ادعوهُ فَليرْفَعْ إِلَيْنَا حَاجته فَدَعوهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ارْفَعْ إِلَيْنَا حَاجَتك فَقَالَ: يَا رَسُول الله دَعْنِي حَتَّى أصبح فأستخير الله فَلَمَّا أصبح دَعَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَسأَلك الشَّفَاعَة يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} قَالَ: فأعني على نَفسك بِكَثْرَة السُّجُود وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مَيْمُون بن أبي شبيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أردْت الْجُمُعَة فِي زمَان الْحجَّاج فتهيأت للذهاب وَقلت: أَيْن أذهب أُصَلِّي خلف هَذَا فَقلت مرّة أذهب وَمرَّة لَا أذهب فناداني مُنَاد من جِهَة الْبَيْت (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله) (الْجُمُعَة آيَة 9 ) قَالَ: وَجَلَست مرّة أكتب كتابا فَعرض لي شَيْء إِن أَنا كتبته زين كتابي وَكنت قد كذبت وَإِن أَنا تركته كَانَ فِي كتابي بعض الْقبْح وَكنت قد صدقت فَقلت: مرّة أكتبه وَقلت: مرّة لَا أكتبه فأجمع رَأْيِي على تَركه فتركته فناداني منادٍ من جَانب الْبَيْت {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} الْآيَة آيَة 29 - 34

28

أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} قَالَ: هم كفار أهل مَكَّة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} قَالَ: هما الأفجران من قُرَيْش: بَنو الْمُغيرَة وَبَنُو أُميَّة فَأَما بَنو الْمُغيرَة فكفيتموهم يَوْم بدر وَأما بَنو أُميَّة فمتعوا إِلَى حِين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ لعمر رَضِي الله عَنهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذِه الْآيَة {الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} قَالَ: هم الأفجران من قُرَيْش: أخوالي وأعمامك فَأَما أخوالي فاستأصلهم الله يَوْم بدر وَأما أعمامك فأملى الله لَهُم إِلَى حِين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} قَالَ: هما الأفجران من قُرَيْش بَنو أُميَّة وَبَنُو الْمُغيرَة فَأَما بَنو الْمُغيرَة فَقطع الله دابرهم يَوْم بدر وَأما بَنو أُميَّة فمتعوا إِلَى حِين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي الطُّفَيْل رَضِي الله عَنهُ أَن ابْن الْكواء رَضِي الله عَنهُ سَأَلَ عليا رَضِي الله عَنهُ من {الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} قَالَ: هم الْفجار من قُرَيْش كفيتهم يَوْم بدر قَالَ:

فَمن (الَّذين ضل سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا) (الْكَهْف آيَة 104 ) قَالَ: مِنْهُم أهل حروراء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن {الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} قَالَ: بَنو أُميَّة وَبَنُو مَخْزُوم رَهْط أبي جهل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ارطأة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت عليا رَضِي الله عَنهُ على الْمِنْبَر يَقُول: {الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} النَّاس مِنْهَا بُرَآء غير قُرَيْش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي حُسَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَامَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ أَلا أحد يسألني عَن الْقُرْآن فوَاللَّه لَو أعلم الْيَوْم أحد أعلم بِهِ مني وَإِن كَانَ من وَرَاء البحور لأتيته فَقَامَ عبد الله بن الْكواء رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: مَنْ {الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} قَالَ: هم مشركو قُرَيْش أَتَتْهُم نعْمَة الله الايمان فبدلوا قَومهمْ دَار الْبَوَار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم فِي الكنى عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} قَالَ: هم كفار قُرَيْش الَّذين نحرُوا يَوْم بدر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} قَالَ هم الْمُشْركُونَ من أهل بدر وَأخرج مَالك فِي تَفْسِيره عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} قَالَ: هم كفار قُرَيْش الَّذين قتلوا يَوْم بدر وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الَّذين قتلوا من قُرَيْش يَوْم بدر {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} قَالَ: هم قُرَيْش وَمُحَمّد النِّعْمَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا} الْآيَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنهم أهل مَكَّة أَبُو جهل وَأَصْحَابه الَّذين قَتلهمْ الله يَوْم بدر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا}

قَالَ: هُوَ جبلة بن الْأَيْهَم وَالَّذين اتَّبعُوهُ من الْعَرَب فَلَحقُوا بالروم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَأَحلُّوا قَومهمْ دَار الْبَوَار} قَالَ: أحلُّوا من أطاعهم من قَومهمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {دَار الْبَوَار} قَالَ: النَّار قَالَ: وَقد بَين الله ذَلِك وأخبرك بِهِ فَقَالَ: {جَهَنَّم يصلونها وَبئسَ الْقَرار} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {جَهَنَّم يصلونها} قَالَ: هِيَ دَارهم فِي الْآخِرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَجعلُوا لله أنداداً} قَالَ: أشركوا بِاللَّه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي رزين فِي قَوْله: {قل تمَتَّعُوا فَإِن مصيركم إِلَى النَّار} قَالَ: تمَتَّعُوا إِلَى أجلكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من قبل أَن يَأْتِي يَوْم لَا بيع فِيهِ وَلَا خلال} قَالَ: إِن الله تَعَالَى قد علم أَن فِي الدُّنْيَا بيوعاً وخلالاً يتخالون بهَا فِي الدُّنْيَا فَلْينْظر رجل من يخالل وعلام يصاحب فَإِن كَانَ لله فليداوم وَإِن كَانَ لغير الله فَليعلم أَن كل خلة ستصير على أَهلهَا عَدَاوَة يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا خلة الْمُتَّقِينَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وسخر لكم الْأَنْهَار} قَالَ: بِكُل بَلْدَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وسخر لكم الشَّمْس وَالْقَمَر دائبين} قَالَ: دؤوبهما فِي طَاعَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الشَّمْس بِمَنْزِلَة الساقية تجْرِي بِالنَّهَارِ فِي السَّمَاء فِي فلكها فَإِذا غربت جرت اللَّيْل فِي فلكها تَحت الأَرْض حَتَّى تطلع من مشرقها وَكَذَلِكَ الْقَمَر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وآتاكم من كل مَا سألتموه} قَالَ: من كل شَيْء رغبتم إِلَيْهِ فِيهِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {وآتاكم من كل مَا سألتموه} قَالَ: من كل الَّذِي سَأَلْتُمُونِي تَفْسِيره أَعْطَاكُم أَشْيَاء مَا سألتموها وَلم تلتمسوها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن طلق بن حبيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن حق الله أثقل من أَن يقوم بِهِ الْعباد وَإِن نعم الله أَكثر من أَن تحصيها الْعباد وَلَكِن أَصْبحُوا توّابين وأمسوا توابين وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن بكر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا قَالَ عبد قطّ الْحَمد لله إِلَّا وَجَبت عَلَيْهِ نعْمَة بقول الْحَمد لله فَقيل: فَمَا جَزَاء تِلْكَ النِّعْمَة قَالَ: جزاؤها أَن يَقُول الْحَمد لله فَجَاءَت نعْمَة أُخْرَى فَلَا تنفد نعم الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سُلَيْمَان التَّمِيمِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله أنعم على الْعباد على قدره وكلفهم الشُّكْر على قدرهم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَا ابْن آدم إِذا أردْت أَن تعرف قدر مَا أنعم الله عَلَيْك فغمض عَيْنَيْك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من لم يعرف نعْمَة الله عَلَيْهِ إِلَّا فِي مطعمه ومشربه فقد قل علمه وَحضر عَذَابه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا أنعم الله على الْعباد نعْمَة أعظم من أَن عرّفهم لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن لَا إِلَه إِلَّا الله لَهُم فِي الْآخِرَة كَالْمَاءِ فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن لله على أهل النَّار منَّة فَلَو شَاءَ أَن يعذبهم بأشد من النَّار لعذبهم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن صَالح قَالَ: كَانَ بعض الْعلمَاء إِذا تَلا {وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها} قَالَ: سُبْحَانَ من لم يَجْعَل من معرفَة نعمه إِلَّا الْمعرفَة بالتقصير عَن مَعْرفَتهَا كَمَا لم يَجْعَل فِي أحد من ادراكه أَكثر من الْعلم أَنه لَا يُدْرِكهُ فَجعل معرفَة نعمه بالتقصير عَن مَعْرفَتهَا شكرا كَمَا شكر علم الْعَالمين أَنهم لَا يدركونه فَجعله إِيمَانًا علما مِنْهُ أَن الْعباد لَا يجاوزون ذَلِك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أَيُّوب الْقرشِي مولى بني هَاشم قَالَ:

قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: رب أَخْبرنِي مَا أدنى نِعْمَتك عليّ فَأوحى الله: يَا دَاوُد تنفس فتنفس فَقَالَ: هَذَا أدنى نعمتي عَلَيْك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: عبد الله عَابِد خمسين عَاما فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنِّي قد غفرت لَك قَالَ: يَا رب وَمَا تغْفر لي وَلم أذْنب فَأذن الله تَعَالَى لعرق فِي عُنُقه فَضرب عَلَيْهِ فَلم ينم وَلم يصلِّ ثمَّ سكن فَنَامَ تِلْكَ اللَّيْلَة فَشَكا إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا لقِيت من ضَرْبَان الْعرق قَالَ الْملك: إِن رَبك يَقُول إِن عبادتك خمسين سنة تعدل سُكُون ذَلِك الْعرق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي ظلمي وكفري قَالَ قَائِل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا الظُّلم فَمَا بَال الْكفْر قَالَ: {إِن الْإِنْسَان لظلوم كفار} آيَة 35 - 36

35

أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِذ قَالَ ابراهيم رب اجْعَل هَذَا الْبَلَد آمنا واجنبني وَبني أَن نعْبد الْأَصْنَام} قَالَ: فَاسْتَجَاب الله تَعَالَى لإِبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام دَعوته فِي وَلَده فَلم يعبد أحد من وَلَده صنماً بعد دَعوته وَجعل هَذَا الْبَلَد آمنا ورزق أَهله من الثمرات وَجعله إِمَامًا وَجعل من ذُريَّته من يُقيم الصَّلَاة وَتقبل دعاءه وَأرَاهُ مَنَاسِكه وَتَابَ عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {رب إنَّهُنَّ أضللن كثيرا من النَّاس} قَالَ: الْأَصْنَام {فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم} قَالَ: اسمعوا إِلَى قَول خَلِيل الله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام لَا وَالله مَا كَانُوا لعانين وَلَا طعانين قَالَ: وَكَانَ يُقَال: إِن من أشرار عباد الله كل لعان قَالَ: وَقَالَ نَبِي الله ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام (إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وان تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم) (الْمَائِدَة آيَة 118 )

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي دَعَوْت للْعَرَب فَقلت: اللَّهُمَّ من لقيك مِنْهُم مُؤمنا موقناً بك مُصدقا بلقائك فَاغْفِر لَهُ أَيَّام حَيَاته وَهِي دَعْوَة أَبينَا إِبْرَاهِيم ولواء الْحَمد بيَدي يَوْم الْقِيَامَة وَمن أقرب النَّاس إِلَى لِوَائِي يَوْمئِذٍ الْعَرَب وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عقيل بن أبي طَالب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أتاه السِّتَّة نفر من الْأَنْصَار جلس إِلَيْهِم عِنْد جَمْرَة الْعقبَة فَدَعَاهُمْ إِلَى الله وَإِلَى عِبَادَته والمؤازرة على دينه فَسَأَلُوهُ أَن يعرض عَلَيْهِم مَا أوحيَ إِلَيْهِ فَقَرَأَ من سُورَة إِبْرَاهِيم {وَإِذ قَالَ ابراهيم رب اجْعَل هَذَا الْبَلَد آمنا واجنبني وَبني أَن نعْبد الْأَصْنَام} إِلَى آخر السُّورَة فرق الْقَوْم وأخبتوا حِين سمعُوا مِنْهُ مَا سمعُوا وأجابوه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَالَ: من يَأْمَن الْبلَاء بعد قَول إِبْرَاهِيم {واجنبني وَبني أَن نعْبد الْأَصْنَام} وَأخرج عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: لم يعبد أحد من ولد إِسْمَاعِيل الْأَصْنَام لقَوْله: {واجنبني وَبني أَن نعْبد الْأَصْنَام} قيل: فَكيف لم يدْخل ولد إِسْحَق وَسَائِر ولد إِبْرَاهِيم قَالَ: لِأَنَّهُ دَعَا لأهل هَذَا الْبَلَد أَن لَا يعبدوا الْأَصْنَام ودعا لَهُم بالأمن فَقَالَ: {اجْعَل هَذَا الْبَلَد آمنا} وَلم يدع لجَمِيع الْبلدَانِ بذلك وَقَالَ: {واجنبني وَبني أَن نعْبد الْأَصْنَام} فِيهِ وَقد خص أَهله وَقَالَ: {رَبنَا إِنِّي أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع عِنْد بَيْتك الْمحرم رَبنَا ليقيموا الصَّلَاة} آيَة - 37

37

أخرج الْوَاقِدِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَامر بن سعد عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت سارة عَلَيْهَا السَّلَام تَحت إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَمَكثت مَعَه دهراً لَا ترزق مِنْهُ ولدا فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك وهبت لَهُ هَاجر أمة قبطية فَولدت لَهُ إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام فغارت من ذَلِك سارة رَضِي الله عَنْهَا فَوجدت فِي نَفسهَا وعتبت على هَاجر فَحَلَفت أَن تقطع مِنْهَا ثَلَاثَة أَشْرَاف فَقَالَ لَهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: هَل لَك أَن تبري

يَمِينك فَقَالَت: كَيفَ أصنع قَالَ: اثقبي أذنيها واخفضيها والخفض هُوَ الْخِتَان فَفعلت ذَلِك بهَا فَوضعت هَاجر رَضِي الله عَنْهَا فِي أذنيها قرطين فازدادت بهما بحسنا فَقَالَت سارة رَضِي الله عَنْهَا: أَرَانِي إِنَّمَا زدتها جمالاً فَلم تقاره على كَونه مَعهَا وَوَجَدَ بهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وجدا شَدِيدا فنقلها إِلَى مَكَّة فَكَانَ يزورها فِي كل يَوْم من الشَّام على الْبراق من شغفه بهَا وَقلة صبره عَنْهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {رَبنَا إِنِّي أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع} قَالَ: اسكن إِسْمَاعِيل وَأمه مَكَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم} لَو قَالَ: فَاجْعَلْ أَفْئِدَة النَّاس تهوي إِلَيْهِم لغلبتكم عَلَيْهِ التّرْك وَالروم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم} قَالَ: لَو قَالَ أَفْئِدَة النَّاس تهوي إِلَيْهِم لازدحمت عَلَيْهِ فَارس وَالروم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الحكم قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة وطاوساً وَعَطَاء بن أبي رَبَاح عَن هَذِه الْآيَة فَقَالُوا: الْبَيْت تهوي إِلَيْهِ قُلُوبهم يأتونه وَفِي لفظ قَالُوا: هواهم إِلَى مَكَّة أَن يحجوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم} قَالَ: تنْزع إِلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن مُسلم الطَّائِفِي أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام لما دَعَا للحرم وارزق أَهله من الثمرات نقل الله الطَّائِف من فلسطين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله تَعَالَى نقل قَرْيَة من قرى الشَّام فوضعها بِالطَّائِف لدَعْوَة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {بواد غير ذِي زرع} قَالَ: مَكَّة لم يكن بهَا زرع يَوْمئِذٍ وأحرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {رَبنَا إِنِّي أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع عِنْد بَيْتك الْمحرم} وَأَنه بَيت طهره الله من السوء وَجعله قبْلَة وَجعله حرمه اخْتَارَهُ نَبِي الله إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام لوَلَده وَقد

ذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي خطبَته: إِن هَذَا الْبَيْت أول من وليه نَاس من (طسم) فعصوا فِيهِ واستخفوا بِحقِّهِ وَاسْتَحَلُّوا حرمته فأهلكهم الله ثمَّ وليه نَاس من جرهم فعصوا فِيهِ واستخفوا بِحقِّهِ وَاسْتَحَلُّوا حرمته فأهلكهم الله ثمَّ وليتموه معاشر قُرَيْش فَلَا تعصوا وَلَا تستخفوا بِحقِّهِ وَلَا تستحلوا حرمته وَصَلَاة فِيهِ أفضل من مائَة صَلَاة بِغَيْرِهِ والمعاصي فِيهِ على قدر ذَلِك وَأخرج ابْن ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم} قَالَ: إِن إِبْرَاهِيم سَأَلَ الله أَن يَجْعَل أُنَاسًا من النَّاس يهوون سُكْنى مَكَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم} يَقُول: خُذ بقلوب النَّاس إِلَيْهِم فَإِنَّهُ حَيْثُ يهوي الْقلب يذهب الْجَسَد فَلذَلِك لَيْسَ من مُؤمن إِلَّا وَقَلبه مُعَلّق بحب الْكَعْبَة قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: لَو أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِين دَعَا قَالَ: اجْعَل افئدة النَّاس تهوي إِلَيْهِم لازدحمت عَلَيْهِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلكنه خص حِين قَالَ: {أَفْئِدَة من النَّاس} فَجعل ذَلِك أَفْئِدَة الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو كَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: فَاجْعَلْ أَفْئِدَة النَّاس تهوي إِلَيْهِم لحجه الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالنَّاس كلهم وَلكنه قَالَ: {أَفْئِدَة من النَّاس} فَخص بِهِ الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأهل الْمَدِينَة: اللَّهُمَّ بَارك لَهُم فِي صاعهم ومدهم وَاجعَل أَفْئِدَة النَّاس تهوي إِلَيْهِم آيَة 38 - 43

38

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {رَبنَا إِنَّك تعلم مَا نخفي} من حب إِسْمَاعِيل وَأمه {وَمَا نعلن} قَالَ: وَمَا نظهر من الْجفَاء لَهما وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {الْحَمد لله الَّذِي وهب لي على الْكبر إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق} قَالَ: هَذَا بعد ذَاك بِحِين وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: بشر إِبْرَاهِيم بعد سبع عشرَة وَمِائَة سنة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {رب اجْعَلنِي مُقيم الصَّلَاة وَمن ذريتي} قَالَ: فَلَنْ يزَال من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام نَاس على الْفطْرَة يعْبدُونَ الله تَعَالَى حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا يسرني بنصيبي من دَعْوَة نوح وَإِبْرَاهِيم للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات حمر النعم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تحسبن الله غافلاً عَمَّا يعْمل الظَّالِمُونَ} قَالَ: هِيَ تَعْزِيَة للمظلوم ووعيد للظالم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل عقيم لَا يُولد لَهُ ولد فَكَانَ يخرج فَإِذا رأى غُلَاما من غلْمَان بني إِسْرَائِيل عَلَيْهِ حلى يخدعه حَتَّى يدْخلهُ فيقتله وَيُلْقِيه فِي مطمورة لَهُ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذا لَقِي غلامين أَخَوَيْنِ عَلَيْهِمَا حلى لَهما فأدخلهما فَقَتَلَهُمَا وطرحهما فِي مطمورة لَهُ وَكَانَت لَهُ امْرَأَة مسلمة تنهاه عَن ذَلِك فَتَقول لَهُ: إِنِّي أحذرك النقمَة من الله تَعَالَى وَكَانَ يَقُول: لَو أَن الله آخذني على شَيْء آخذني يَوْم فعلت كَذَا وَكَذَا فَتَقول إِن صاعك لم يمتلئ بعد وَلَو قد امْتَلَأَ صاعك أُخِذْت فَلَمَّا قتل الغلامين

الْأَخَوَيْنِ خرج أَبوهُمَا يطلبهما فَلم يجد أحدا يُخبرهُ عَنْهُمَا فَأتى نَبيا من أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: هَل كَانَت لَهما لعبة يلعبان بهَا قَالَ: نعم كَانَ لَهما جرْوٌ فَأتى بالجرو فَوضع النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام خَاتمه بَين عَيْنَيْهِ ثمَّ خلى سَبيله وَقَالَ لَهُ: أول دَار يدخلهَا من بني إِسْرَائِيل فِيهَا تبيان فَأقبل الجرو يَتَخَلَّل الدّور بِهِ حَتَّى دخل دَارا فَدَخَلُوا خَلفه فوجدوا الغلامين مقتولين مَعَ غُلَام قد قَتله وطرحهم فِي المطمورة فَانْطَلقُوا بِهِ إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَأمر بِهِ أَن يصلب فَلَمَّا وضع على خشبته أَتَتْهُ امْرَأَته فَقَالَت: يَا فلَان قد كنت أحذرك هَذَا الْيَوْم وأخبرك أَن الله تَعَالَى غير تاركك وَأَنت تَقول: لَو أَن الله آخذني على شَيْء آخذني يَوْم فعلت كَذَا وَكَذَا فأخبرتك أَن صاعك بعد لم يمتلئ أَلا وَإِن صاعك هَذَا أَلا وَأَن امْتَلَأَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّمَا يؤخرهم ليَوْم تشخص فِيهِ الْأَبْصَار} قَالَ: شخصت فِيهِ وَالله أَبْصَارهم فَلَا ترتد إِلَيْهِم وَأخرج ابْن جريروابن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {مهطعين} قَالَ: يَعْنِي بالاهطاع النّظر من غير أَن تطرف {مقنعي رؤوسهم} قَالَ: الاقناع رفع رؤوسهم {لَا يرْتَد إِلَيْهِم طرفهم} قَالَ: شاخصة أَبْصَارهم {وأفئدتهم هَوَاء} لَيْسَ فِيهَا شَيْء من الْخَيْر فَهِيَ كالخربة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {مهطعين} قَالَ: مديمي النّظر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {مُهْطِعِين} قَالَ: مُسْرِعين وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {مُهْطِعِين} مَا المهطع قَالَ: النَّاظر قَالَ فِيهِ الشَّاعِر: إِذا دَعَانَا فأهطعنا لدعوته دَاع سميع فلفونا وساقونا قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن قَوْله: {مقنعي رؤوسهم} مَا الْمقنع قَالَ: الرافع رَأسه قَالَ فِيهِ كَعْب بن زُهَيْر:

هجان وحمر مقنعات رؤوسها وأصفر مشمول من الزهر فَاقِع وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن تَمِيم بن حذام رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مهطعين} قَالَ: هُوَ التجميح وَالْعرب تَقول للرجل إِذا قبض مابين عَيْنَيْهِ: لقد جمح وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مقنعي رؤوسهم} قَالَ: رافعي رؤوسهم يجيئون وهم ينظرُونَ {لَا يرْتَد إِلَيْهِم طرفهم وأفئدتهم هَوَاء} تمور فِي أَجْوَافهم إِلَى حُلُوقهمْ لَيْسَ لَهَا مَكَان تَسْتَقِر فِيهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وأفئدتهم هَوَاء} قَالَ: لَيْسَ فِيهَا شَيْء خرجت من صُدُورهمْ فشبت فِي حُلُوقهمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مرّة رَضِي الله عَنهُ {وأفئدتهم هَوَاء} قَالَ: متخرقة لَا تعي شَيْئا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يحْشر النَّاس هَكَذَا وَوضع رَأسه وَأمْسك بِيَمِينِهِ على شِمَاله عِنْد صَدره آيَة 44 - 49

44

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وأنذر النَّاس يَوْم يَأْتِيهم الْعَذَاب} يَقُول: أَنْذرهُمْ فِي الدُّنْيَا من قبل أَن يَأْتِيهم الْعَذَاب وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وأنذر النَّاس يَوْم يَأْتِيهم الْعَذَاب} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {فَيَقُول الَّذين ظلمُوا رَبنَا أخرنا إِلَى أجل قريب} قَالَ: مُدَّة يعْملُونَ فِيهَا من الدُّنْيَا {أولم تَكُونُوا أقسمتم من قبل} لقَوْله: (وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَا يبْعَث الله من يَمُوت) {مَا لكم من زَوَال} قَالَ: الِانْتِقَال من الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن أهل النَّار ينادون {رَبنَا أخرنا إِلَى أجل قريب نجب دعوتك وَنَتبع الرُّسُل} فَرد عَلَيْهِم {أولم تَكُونُوا أقسمتم من قبل مَا لكم من زَوَال} إِلَى قَوْله: {لتزول مِنْهُ الْجبَال} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا لكم من زَوَال} عَمَّا أَنْتُم فِيهِ إِلَى مَا تَقولُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {مَا لكم من زَوَال} قَالَ: بعث بعد الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وسكنتم فِي مسَاكِن الَّذين ظلمُوا أنفسهم} قَالَ: سكن النَّاس فِي مسَاكِن قوم نوح وَعَاد وَثَمُود وقرون بَين ذَلِك كَثِيرَة مِمَّن هلك من الْأُمَم {وَتبين لكم كَيفَ فعلنَا بهم وضربنا لكم الْأَمْثَال} قَالَ: قد وَالله بعث الله رسله وَأنزل كتبه وَضرب لكم الْأَمْثَال فَلَا يصم فِيهَا إِلَّا الأصمّ وَلَا يخيب إِلَّا الخائب فاعقلوا عَن الله أمره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وسكنتم فِي مسَاكِن الَّذين ظلمُوا أنفسهم} قَالَ: عملتم بِمثل أَعْمَالهم وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وضربنا لكم الْأَمْثَال} قَالَ: الْأَشْبَاه

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ} يَقُول: مَا كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَرْبَعَة أحرف فِي الْقُرْآن {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال} مَا كَانَ مَكْرهمْ وَقَوله: (لاتخذناه من لدنا إِن كُنَّا فاعلين) مَا كُنَّا فاعلين وَقَوله: (إِن كَانَ للرحمن ولد) مَا كَانَ للرحمن من ولد وَقَوله: (وَلَقَد مكناهم فِي مَا إِن مكناهم فِيهِ) مَا مكناكم فِيهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ} يَقُول شركهم كَقَوْلِه: (تكَاد السَّمَوَات يتفطرن مِنْهُ) وأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال} قَالَ: هُوَ كَقَوْلِه: (وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا لقد جئْتُمْ شَيْئا إدا تكَاد السَّمَوَات يتفطرن مِنْهُ وتنشق الأَرْض وتخر الْجبَال هدا) وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ أَن الْحسن كَانَ يَقُول: كَانَ أَهْون على الله وأصغر من أَن تَزُول مِنْهُ الْجبَال يصفهم بذلك قَالَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ: وَفِي مصحف عبد الله بن مَسْعُود {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال} وَكَانَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ يَقُول عِنْد ذَلِك (تكَاد السَّمَوَات يتفطرن مِنْهُ وتنشق الأَرْض وتخر الْجبَال هدّا) أَي لكلامهم ذَلِك وَأخرج ابْن حميد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر: كَانَ يقْرَأ {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ} بالنُّون {لتزول} بِرَفْع اللَّام الثَّانِيَة وَفتح الأولى وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول} بِكَسْر اللَّام الأولى وَفتح الثَّانِيَة وَيَقُول: فَإِن مَكْرهمْ أَهْون وأضعف من ذَلِك وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَرَأَ وَإِن كَاد مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال يَعْنِي بِالدَّال

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه كَانَ يقْرَأ {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ} وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن أبِي بن كَعْب أَنه قَرَأَ {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ} وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ وَإِن كَاد مَكْرهمْ قَالَ: وَتَفْسِيره عِنْده (تكَاد السَّمَوَات يتفطرن مِنْهُ وتنشق الأَرْض وتخر الْجبَال) (هَذَا أَن دعوا للرحمن ولدا) وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ {لتزول} بِفَتْح اللَّام الأولى وَرفع الثَّانِيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال} ثمَّ فَسرهَا فَقَالَ: إِن جباراً من الْجَبَابِرَة قَالَ: لَا أَنْتَهِي حَتَّى أنظر إِلَى مَا فِي السَّمَاء فَأمر بفراخ النسور تعلف اللَّحْم حَتَّى شبت وغلظت وَأمر بتابوت فنجر يسع رجلَيْنِ ثمَّ جعل فِي وَسطه خَشَبَة ثمَّ ربط أرجلهن بِأَوْتَادٍ ثمَّ جوَّعهن ثمَّ جعل على رَأس الْخَشَبَة لَحْمًا ثمَّ دخل هُوَ وَصَاحبه فِي التابوت ثمَّ ربطهن إِلَى قَوَائِم التابوت ثمَّ خلى عَنْهُن يردن اللَّحْم فذهبن بِهِ مَا شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ قَالَ لصَاحبه: افْتَحْ فَانْظُر مَاذَا ترى فَفتح فَقَالَ: أنظر إِلَى الْجبَال كَأَنَّهَا الذُّبَاب قَالَ: أغلق فأغلق فطرن بِهِ مَا شَاءَ الله ثمَّ قَالَ: افْتَحْ فَفتح فَقَالَ: انْظُر مَاذَا ترى فَقَالَ: مَا أرى إِلَّا السَّمَاء وَمَا أَرَاهَا تزداد إِلَّا بعدا قَالَ: صوّب الْخَشَبَة فصوّبها فانقضت تُرِيدُ اللَّحْم فَسمع الْجبَال هدتها فَكَادَتْ تَزُول عَن مراتبها وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَخذ الَّذِي حاجَّ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي ربه نسرين صغيرين فربّاهما حَتَّى استغلظا واستعلجا وشبّا فأوثق رجل كل وَاحِد مِنْهُمَا بِوتْر إِلَى تَابُوت وجوّعهما وَقعد هُوَ وَرجل آخر فِي التابوت وَرفع فِي التابوت عَصا على رَأسه اللَّحْم فطَارَا وَجعل يَقُول لصَاحبه: انْظُر مَاذَا ترى قَالَ: أرى كَذَا وَكَذَا حَتَّى قَالَ: أرى الدُّنْيَا كَأَنَّهَا ذُبَاب قَالَ: صوّب الْعَصَا فَصَوَّبَها فهبطا قَالَ: فَهُوَ قَول الله تَعَالَى: {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال}

وَكَذَلِكَ هِيَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَن بخت نصر جوّع نسوراً ثمَّ جعل عَلَيْهِنَّ تابوتاً ثمَّ دخله وَجعل رماحاً فِي أطرافها وَاللَّحم فَوْقهَا فَعَلَتْ تذْهب نَحْو اللَّحْم حَتَّى انْقَطع بَصَره من الأَرْض وَأَهْلهَا فَنُوديَ: أَيهَا الطاغية أَيْن تُرِيدُ فَفرق ثمَّ سمع الصَّوْت فَوْقه فصوب الرماح فقوضت النسور فَفَزِعت الْجبَال من هدّتها وكادت الْجبَال أَن تَزُول من حسّ ذَلِك فَذَلِك قَوْله: {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال} كَذَا قَرَأَهَا مُجَاهِد وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: إِن نمْرُود صَاحب النسور لَعنه الله أَمر بتابوت فَجعل وَجعل مَعَه رجلا ثمَّ أَمر بالنسور فَاحْتمل فَلَمَّا صعد قَالَ لصَاحبه: أَي شَيْء ترى قَالَ: أرى المَاء وجزيرة - يَعْنِي الدُّنْيَا - ثمَّ صعد فَقَالَ لصَاحبه: أَي شَيْء ترى قَالَ: مَا نزداد من السَّمَاء إِلَّا بعدا قَالَ: اهبط وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عُبَيْدَة إِن جبارا من الْجَبَابِرَة قَالَ: لَا أَنْتَهِي حَتَّى أنظر إِلَى من فِي السَّمَاء فَسلط عَلَيْهِ أَضْعَف خلقه فَدخلت بعوضة فِي أَنفه فَأَخذه الْمَوْت فَقَالَ: اضربوا رَأْسِي فضربوه حَتَّى نثروا دماغه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال} قَالَ: انْطلق نَاس وَأخذُوا هَذِه النسور فعلقوا عَلَيْهَا كَهَيئَةِ التوابيت ثمَّ أرسلوها فِي السَّمَاء فرأتها الْجبَال فظنت أَنه شَيْء نزل من السَّمَاء فتحركت لذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: أَمر الَّذِي حاجّ إِبْرَاهِيم فِي ربه بإبراهيم فَأخْرج من مدينته فلقي لوطاً على بَاب الْمَدِينَة وَهُوَ ابْن أَخِيه فَدَعَاهُ فَآمن بِهِ وَقَالَ: إِنِّي مهَاجر إِلَى رَبِّي وَحلف نمْرُود أَن يطْلب إِلَه إِبْرَاهِيم فَأخذ أَرْبَعَة فراخ من فراخ النسور فربّاهن بالخبز وَاللَّحم حَتَّى إِذا كبرن وغلظن واستعلجن قرنهنّ بتابوت وَقعد فِي ذَلِك التابوت ثمَّ رفع رجلا من لحم لَهُنَّ فطرن حَتَّى إِذا دهم فِي السَّمَاء أشرف فَنظر إِلَى الأَرْض وَإِلَى الْجبَال تدب كدبيب النَّمْل ثمَّ رفع لَهُنَّ اللَّحْم ثمَّ نظر فَرَأى الأَرْض محيطاً بهَا بَحر كَأَنَّهَا فلكة فِي مَاء ثمَّ

رفع طَويلا فِي ظلمَة فَلم ير مَا فَوْقه وَلم ير مَا تَحْتَهُ فَألْقى اللَّحْم فَأَتْبَعته منقضات فَلَمَّا نظرت الْجبَال إلَيْهِنَّ قد أقبلن منقضات وسمعن حفيفهن فزعت الْجبَال وكادت أَن تَزُول من أمكنتها وَلم يفعلن فَذَلِك قَوْله: {وَقد مكروا مَكْرهمْ وَعند الله مَكْرهمْ وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال} وَهِي فِي قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود وَإِن كَاد مَكْرهمْ فَكَانَ طيورهن بِهِ من بَيت الْمُقَدّس ووقوعهن فِي جبال الدُّخان فَلَمَّا رأى أَنه لَا يُطيق شَيْئا أَخذ فِي بُنيان الصرح فبناه حَتَّى أسْندهُ إِلَى السَّمَاء ارْتقى فَوْقه ينظر يزْعم إِلَى إِلَه إِبْرَاهِيم فأحدث وَلم يكن يحدث وَأخذ الله بُنْيَانه من الْقَوَاعِد (فَخر عَلَيْهِم السّقف من فَوْقهم وأتاهم الْعَذَاب من حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) (النَّحْل آيَة 26 ) يَقُول: من مأمنهم وَأَخذهم من أساس الصرح فَانْتقضَ بهم سقط فتبلبت أَلْسِنَة النَّاس يَوْمئِذٍ من الْفَزع فتكلموا بِثَلَاثَة وَسبعين لِسَانا فَلذَلِك سميت بابل وَكَانَ قبل ذَلِك بالسُّرْيَانيَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن الله عَزِيز ذُو انتقام} قَالَ: عَزِيز وَالله فِي أمره يملي وكيده متين ثمَّ إِذا انتقم انتقم بِقَدرِهِ وَأخرج مُسلم وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ حبر من الْيَهُود إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَيْن يكون النَّاس يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض فَقَالَ رَسُول الله صاى الله عَلَيْهِ وَسلم: هم فِي الظلمَة دون الجسر وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أَنا أول النَّاس سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه الْآيَة {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} قلت: أَيْن النَّاس يَوْمئِذٍ قَالَ على الصِّرَاط وَأخرج البرَاز وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} قَالَ: أَرض بَيْضَاء كَأَنَّهَا فضَّة لم يسفك فِيهَا دم حرَام وَلم يعْمل فِيهَا خَطِيئَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} قَالَ: تبدل الأَرْض أَرضًا بَيْضَاء كَأَنَّهَا سبيكة فضَّة لم يسفك فِيهَا دم حرَام وَلم يعْمل عَلَيْهَا خَطِيئَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ: الْمَوْقُوف أصح وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن ثَابت قَالَ: أَتَى الْيَهُود النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألونه فَقَالَ: جاؤوني سأخبرهم قبل أَن يَسْأَلُونِي {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} قَالَ: أَرض بَيْضَاء كالفضة فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا: أَرض بَيْضَاء كالنقي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَاوَات} قَالَ: أَرض بَيْضَاء لم يعْمل عَلَيْهَا خَطِيئَة وَلم يسفك عَلَيْهَا دم وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَاوَات} قَالَ: يبدلها الله يَوْم الْقِيَامَة بِأَرْض من فضَّة لم يعْمل عَلَيْهَا الْخَطَايَا ثمَّ ينزل الْجَبَّار عز وَجل عَلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي الْآيَة قَالَ: تبدل الأَرْض من فضَّة وَالسَّمَاء من ذهب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} زعم أَنَّهَا تكون فضَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَاوَات} قَالَ: أَرض كَأَنَّهَا فضَّة وَالسَّمَاوَات كَذَلِك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَاوَات} قَالَ: يُزَاد فِيهَا وَينْقص مِنْهَا وَتذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وَمَا فِيهَا وتمد مدّ الْأَدِيم العكاظي أَرض بَيْضَاء مثل الْفضة لم يسفك فِيهَا دم وَلم يعْمل عَلَيْهَا خَطِيئَة وَالسَّمَوَات تذْهب شمسها وقمرها وننجومها وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة على أَرض بَيْضَاء عفراء كقرصة نقي لَيْسَ فِيهَا معلم لأحد

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تكون الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة خبْزَة وَاحِدَة يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّار بِيَدِهِ كَمَا يَتَكَفَّأ أحدكُم خبزته فِي السفرة نزلا لأهل الْجنَّة قَالَ: فَأَتَاهُ رجل من الْيَهُود فَقَالَ: بَارك الله عَلَيْك أَبَا الْقَاسِم أَلا أخْبرك بِنزل أهل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: تكون الأَرْض خبْزَة وَاحِدَة يَوْم الْقِيَامَة كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فَنظر إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ضحك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه ثمَّ قَالَ: أَلا أخْبرك بِإِدَامِهِمْ قَالَ: بلَى قَالَ: إدَامهمْ ثَوْر قَالُوا: ماهذا قَالَ هَذَا ثَوْر بِالْأُمِّ يَأْكُل من زِيَادَة كَبِدهَا سَبْعُونَ ألفا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَفْلح مولى أبي أَيُّوب رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا من يهود سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} مَا الَّذِي تبدل بِهِ فَقَالَ: خبْزَة فَقَالَ الْيَهُودِيّ: درمكة بِأبي أَنْت قَالَ: فَضَحِك ثمَّ قَالَ: قَاتل الله يهود هَل تَدْرُونَ مَا الدرمكة لباب الْخبز وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} قَالَ: تبدل الأَرْض خبْزَة بَيْضَاء يَأْكُل الْمُؤمن وَمن تَحت قَدَمَيْهِ وَأخرج وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تبدل الأَرْض بَيْضَاء مثل الخبزة يَأْكُل مِنْهَا أهل الإسلا م حَتَّى يفرغوا من الْحساب وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} قَالَ: خبز يَأْكُل مِنْهَا الْمُؤْمِنُونَ من تَحت أَقْدَامهم وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حبر من الْيَهُود وَقَالَ: أَرَأَيْت إِذْ يَقُول الله: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} فَأَيْنَ الْخلق عِنْد ذَلِك قَالَ: أضياف الله لن يعجزهم مَا لَدَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: بلغنَا أَن هَذِه الأَرْض تطوى وَإِلَى جنبها أُخْرَى يحْشر النَّاس مِنْهَا إِلَيْهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب فِي الْآيَة قَالَ: تغير السَّمَوَات جنَانًا وَيصير مَكَان الْبَحْر نَارا وتبدل الأَرْض غَيرهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الأَرْض كلهَا نَار يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض} الْآيَة قَالَ: هَذَا يَوْم الْقِيَامَة خلق سوى الْخلق الأول وأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: أَنَّهَا سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيْن الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: هِيَ رُخَام من الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مُقرنين فِي الأصفاد} قَالَ: الكبول وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مُقرنين فِي الأصفاد} قَالَ: فِي الْقُيُود والاغلال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فِي الأصفاد} قَالَ: فِي السلَاسِل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فِي الأصفاد} يَقُول: فِي وثاق آيَة 50 - 52

50

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {سرابيلهم} قَالَ: قمصهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: السرابيل القمص وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من قطران} قَالَ: قطران الابل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {من قطران} قَالَ: هَذَا القطران يطلى بِهِ حَتَّى يشتعل نَارا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {من قطران} قَالَ: هُوَ النّحاس الْمُذَاب

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: سرابيلهم من قطرآن قَالَ: من نُحَاس آن قَالَ: قد أَنى لَهُم أَن يعذبوا بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ من قطر آن قَالَ: الْقطر الصفر والآن الْحَار وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرؤهَا من قطر قَالَ: من صفر يحمي عَلَيْهِ آن قَالَ: قد انْتهى حره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وتغشى وُجُوههم النَّار} قَالَ تلفحهم فتحرقهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النائحة إِذا لم تتب قبل مَوتهَا تُقَام يَوْم الْقِيَامَة وَعَلَيْهَا سربال من قطران وَدرع من حَرْب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النائحة إِذْ لم تتب قبل مَوتهَا توقف فِي طَرِيق بَين الْجنَّة وَالنَّار سرابيلها من قطران وتغشى وَجههَا النَّار أما قَوْله تَعَالَى: {هَذَا بَلَاغ للنَّاس ولينذروا بِهِ وليعلموا أَنما هُوَ إِلَه وَاحِد وليذكر أولُوا الْأَلْبَاب} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {هَذَا بَلَاغ للنَّاس} قَالَ الْقُرْآن (ولينذروا بِهِ) قَالَ بِالْقُرْآنِ

(15) سُورَة الْحجر مَكِّيَّة وأياتها تسع وَتسْعُونَ مُقَدّمَة سُورَة الْحجر أخرج النّحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الْحجر بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت سُورَة الْحجر بِمَكَّة آيَة 1 - 2

الحجر

أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {الر} و {الم} قَالَ: فواتح يفْتَتح بهَا كَلَامه {تِلْكَ آيَات الْكتاب} قَالَ التَّوْرَاة والإِنجيل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {الر تِلْكَ آيَات الْكتاب} قَالَ: الْكتب الَّتِي كَانَت قبل الْقُرْآن {وَقُرْآن مُبين} قَالَ: مُبين وَالله هداه ورشده وخيره قَوْله تَعَالَى: {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَأبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله: {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} قَالُوا: ودّ الْمُشْركُونَ يَوْم بدر حِين ضربت أَعْنَاقهم حِين عرضوا على النَّار أَنهم كَانُوا مُؤمنين بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس

رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا} قَالَ: ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة يتَمَنَّى الَّذين كفرُوا {لَو كَانُوا مُسلمين} قَالَ: مُوَحِّدين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} قَالَ: هَذَا فِي الجهنميين إِذا رَأَوْهُمْ يخرجُون من النَّار وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وهناد بن السّري فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم فِي صَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا زَالَ الله يشفع وَيدخل الْجنَّة ويشفع وَيرْحَم حَتَّى يَقُول: من كَانَ مُسلما فَلْيدْخلْ الْجنَّة فَذَلِك قَوْله: {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس وَأنس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا تذاكرا هَذِه الْآيَة {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} فَقَالَا: هَذَا حَيْثُ يجمع الله بَين أهل الْخَطَايَا من الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين فِي النَّار فَيَقُول الْمُشْركُونَ: مَا أغْنى عَنْكُم مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فيغضب الله لَهُم فيخرجهم بِفضل رَحمته وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وهناد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} قَالَ: إِذا خرج من النَّار من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صاى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن نَاسا من أمتِي يُعَذبُونَ بِذُنُوبِهِمْ فيكونون فِي النَّار مَا شَاءَ الله أَن يَكُونُوا ثمَّ يعيرهم أهل الشّرك فَيَقُولُونَ: مَا نرى مَا كُنْتُم فِيهِ من تصديقكم نفعكم فَلَا يبْقى موحد إِلَّا أخرجه الله تَعَالَى من النَّار ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} وَأخرج ابْن أبي عَاصِم فِي السّنة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا اجْتمع أهل النَّار فِي النَّار وَمَعَهُمْ من شَاءَ الله من أهل الْقبْلَة قَالَ الْكفَّار للْمُسلمين: ألم تَكُونُوا مُسلمين قَالُوا: بلَى قَالُوا: فَمَا أغْنى عَنْكُم الإِسلام وَقد صرتم مَعنا فِي النَّار قَالُوا: كَانَت لنا ذنُوب فأخذنا بهَا فَسمع الله مَا قَالُوا فَأمر بِكُل من كَانَ فِي النَّار من أهل الْقبْلَة

فأخرجوا فَلَمَّا رأى ذَلِك من بَقِي من الْكفَّار قَالُوا: يَا ليتنا كُنَّا مُسلمين فنخرج كَمَا خَرجُوا ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {الر تِلْكَ آيَات الْكتاب وَقُرْآن مُبين رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} وَأخرج اسحق بن رَاهَوَيْه وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه سُئِلَ: هَل سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذِه الْآيَة شَيْئا {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} قَالَ: نعم سمعته يَقُول: يُخْرج الله أُنَاسًا من الْمُؤمنِينَ من النَّار بَعْدَمَا يَأْخُذ نقمته مِنْهُم لما أدخلهم الله النَّار مَعَ الْمُشْركين قَالَ لَهُم الْمُشْركُونَ: ألستم كُنْتُم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ أَوْلِيَاء الله فِي الدُّنْيَا فَمَا بالكم مَعنا فِي النَّار فَإِذا سمع الله ذَلِك مِنْهُم أذن فِي الشَّفَاعَة لَهُم فَيشفع الْمَلَائِكَة والنبيون والمؤمنون حَتَّى يخرجُوا بِإِذن الله فاذا رأى الْمُشْركُونَ ذَلِك قَالُوا: يَا ليتنا كُنَّا مثلهم فتدركنا الشَّفَاعَة فنخرج مَعَهم فَذَلِك قَول الله: {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} قَالَ: فيسمون فِي الْجنَّة الجهنميين من أجل سَواد فِي وُجُوههم فَيَقُولُونَ: يَا رَبنَا أذهب عَنَّا هَذَا الِاسْم فيأمرهم فيغتسلون فِي نهر الْجنَّة فَيذْهب ذَلِك الِاسْم عَنْهُم وَأخرج هناد بن السّري وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن نَاسا من أهل لَا إِلَه إِلَّا الله يدْخلُونَ النَّار بِذُنُوبِهِمْ فَيَقُول لَهُم أهل اللات والعزى: مَا أغْنى عَنْكُم قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنْتُم مَعنا فِي النَّار فيغضب الله لَهُم فيخرجهم فيلقيهم فِي نهر الْحَيَاة فيبرؤون من حرقهم كَمَا يبرأ الْقَمَر من خسوفه فَيدْخلُونَ الْجنَّة ويسمون فِيهَا الجهنميين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول من يَأْذَن الله عز وَجل لَهُ يَوْم الْقِيَامَة فِي الْكَلَام والشفاعة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيُقَال لَهُ: قلْ تسمعْ وسلْ تُعْطَه قَالَ: فَيَخرُّ سَاجِدا

فيثني على الله ثَنَاء لم يُثْنِ عَلَيْهِ أحدٌ فَيُقَال: ارْفَعْ رَأسك فيرفع رَأسه فَيَقُول: أَي رب أمتِي أمتِي فَيخرج لَهُ ثلث من فِي النَّار من أمته ثمَّ يُقَال: قل تسمع وسل تعط فيخرّ سَاجِدا فيثني على الله ثَنَاء لم يثنه أحد فَيُقَال: ارْفَعْ رَأسك فيرفع رَأسه وَيَقُول: أَي رب أمتِي أمتِي فَيخرج لَهُ ثلث آخر من أمته ثمَّ يُقَال لَهُ: قل تسمع وسل تعط فيخرّ سَاجِدا فيثني على الله ثَنَاء لم يثنه أحد فَيُقَال: ارْفَعْ رَأسك فيرفع رَأسه وَيَقُول: رب أمتِي أمتِي فَيخرج لَهُ الثُّلُث الْبَاقِي فَقيل لِلْحسنِ: أَن أَبَا حَمْزَة يحدث بِكَذَا وَكَذَا فَقَالَ: يرحم الله أَبَا حَمْزَة نسي الرَّابِعَة قيل وَمَا الرَّابِعَة قَالَ: من لَيست لَهُ حَسَنَة إِلَّا لَا إِلَه إِلَّا الله فَيَقُول: رب أمتِي أمتِي فَيُقَال لَهُ: يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ ينجيهم الله برحمته حَتَّى لَا يبْقى أحد مِمَّن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَعِنْدَ ذَلِك يَقُول أهل جَهَنَّم (مَا لنا من شافعين وَلَا صديق حميم فَلَو أَن لنا كرة فنكون من الْمُؤمنِينَ) وَقَوله: {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يقوم نَبِيكُم رَابِع أَرْبَعَة فَيشفع فَلَا يبْقى فِي النَّار إِلَّا مَا شَاءَ الله من الْمُشْركين فَذَلِك قَوْله: {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن شاهين فِي السّنة عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَصْحَاب الْكَبَائِر من موحّدي الْأُمَم كلهَا الَّذين مَاتُوا على كبائرهم غير نادمين وَلَا تَائِبين من دخل مِنْهُم جَهَنَّم لَا تزرقّ أَعينهم وَلَا تسودّ وُجُوههم وَلَا يقرنون بالشياطين وَلَا يغلون بالسلاسل وَلَا يجرعون الْحَمِيم وَلَا يلبسُونَ القطران حرم الله أَجْسَادهم على الخلود من أجل التَّوْحِيد وصورهم على النَّار من أجل السُّجُود فَمنهمْ من تَأْخُذهُ النَّار إِلَى قَدَمَيْهِ وَمِنْهُم من تَأْخُذهُ النَّار إِلَى عَقِبَيْهِ وَمِنْهُم من تَأْخُذهُ النَّار إِلَى فَخذيهِ وَمِنْهُم من تَأْخُذهُ النَّار إِلَى حجزته وَمِنْهُم من تَأْخُذهُ النَّار إِلَى عُنُقه على قدر ذنوبهم وأعمالهم وَمِنْهُم منن يمْكث فِيهَا شهرا ثمَّ يخرج مِنْهَا وَمِنْهُم من يمْكث فِيهَا سنة ثمَّ يخرج مِنْهَا وأطولهم فِيهَا مكثاً بِقدر الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْم خلقت إِلَى أَن تفنى فَإِذا أَرَادَ الله أَن يخرجهم مِنْهَا قَالَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَمن فِي النَّار من أهل الْأَدْيَان والأوثان لمن فِي النَّار من أهل التَّوْحِيد: آمنتم بِاللَّه وَكتبه وَرُسُله فَنحْن وَأَنْتُم الْيَوْم فِي النَّار سَوَاء فيغضب الله لَهُم غَضَباً لم يغضَبْه لشَيْء فِيمَا مضى فيخرجهم إِلَى عين بَين الْجنَّة والصراط فينبتون فِيهَا نَبَات الطراثيث فِي حميل السَّيْل ثمَّ يدْخلُونَ الْجنَّة مَكْتُوب فِي جباههم: هَؤُلَاءِ الجهنميون عُتَقَاء الرَّحْمَن فيمكثون فِي الْجنَّة مَا شَاءَ الله أَن يمكثوا ثمَّ يسْأَلُون الله تَعَالَى أَن يمحو ذَلِك الإِسم عَنْهُم فيبعث الله ملكا فيمحوه ثمَّ يبْعَث الله مَلَائِكَة

مَعَهم مسامير من نَار فيطبقونها على من بَقِي فِيهَا يسمرونها بِتِلْكَ المسامير فينساهم الله على عَرْشه ويشتغل عَنْهُم أهل الْجنَّة بنعيمهم ولذاتهم وَذَلِكَ قَوْله: {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زَكَرِيَّا بن يحيى صَاحب الْقَضِيب قَالَ: سَأَلت أَبَا غَالب رَضِي الله عَنهُ عَن هَذِه الْآيَة {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: انها نزلت فِي الْخَوَارِج حِين رَأَوْا تجَاوز الله عَن الْمُسلمين وَعَن هَذِه الْأمة وَالْجَمَاعَة قَالُوا: يَا ليتنا كُنَّا مُسلمين وَأخرج الْحَاكِم فِي الكنى عَن حَمَّاد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت إِبْرَاهِيم عَن هَذِه الْآيَة {رُبمَا يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} قَالَ: حدثت أَن أهل الشّرك قَالُوا لمن دخل النَّار من أهل الإِسلام: مَا أغْنى عَنْكُم مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فيغضب الله لَهُم فَيَقُول للْمَلَائكَة والنبيين: اشفعوا لَهُم فيشفعون لَهُم فَيخْرجُونَ حَتَّى ان إِبْلِيس ليتطاول رَجَاء أَن يدْخل مَعَهم فَعِنْدَ ذَلِك {يود الَّذين كفرُوا لَو كَانُوا مُسلمين} آيَة - 3

3

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ذرهم يَأْكُلُوا ويتمتعوا} الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ الْكَفَرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ذرهم} قَالَ: خل عَنْهُم وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده لَا أعلمهُ إِلَّا رَفعه قَالَ: صَلَاح أوّل هَذِه الْأمة بالزهد وَالْيَقِين وَيهْلك آخرهَا بالبخل والأمل وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غرس عوداً بَين يَدَيْهِ وَآخر إِلَى جنبه وَآخر بعده قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا هَذَا قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن هَذَا الإِنسان وَهَذَا أَجله وَهَذَا أمله فيتعاطى الأمل فيختلجه الْأَجَل دون ذَلِك

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الأمل وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مُثّل الإِنسان والأمل وَالْأَجَل فمثّل الْأَجَل إِلَى جَانِبه والأمل أَمَامه فَبَيْنَمَا هُوَ يطْلب الأمل إِذْ أَتَاهُ الْأَجَل فاختلجه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطّ خُطُوطًا وَخط خطا مِنْهَا نَاحيَة فَقَالَ: أَتَدْرُونَ ماهذا هَذَا مثل ابْن آدم وَذَاكَ الْخط الأمل فَبَيْنَمَا هُوَ يؤمل إِذْ جَاءَهُ الْمَوْت آيَة 4 - 5

4

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا أهلكنا من قَرْيَة إِلَّا وَلها كتاب مَعْلُوم} قَالَ: أجل مَعْلُوم وَفِي قَوْله: {مَا تسبق من أمة أجلهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ} قَالَ: لَا مستأخر بعده وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مَا تسبق من أمة أجلهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ} قَالَ: نرى أَنه إِذا حضر أَجله فَإِنَّهُ لَا يُؤَخر سَاعَة وَلَا يقدم وَأما مَا لم يحضر أَجله فَإِن الله يُؤَخر مَا شَاءَ وَيقدم مَا شَاءَ آيَة 6 - 9

6

أخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَقَالُوا يَا أَيهَا الَّذِي نزل عَلَيْهِ الذّكر} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {لَو مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} قَالَ: مَا بَين ذَلِك إِلَى قَوْله: {وَلَو فتحنا عَلَيْهِم بَابا من السَّمَاء} قَالَ وَهَذَا من التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير {فظلوا فِيهِ يعرجون} أَي فظلت الْمَلَائِكَة تعرج فنظروا إِلَيْهِ {لقالوا إِنَّمَا سكرت أبصارنا}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {مَا ننزل الْمَلَائِكَة إِلَّا بِالْحَقِّ} قَالَ: بالرسالة وَالْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَمَا كَانُوا إِذا منظرين} قَالَ: وَمَا كَانُوا لَو تنزلت الْمَلَائِكَة بمنظرين من أَن يعذبوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَإِنَّا لَهُ لحافظون} قَالَ: عندنَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون} وَقَالَ فِي آيَة آخرى: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه) (فصلت آيَة 42 ) وَالْبَاطِل إِبْلِيس قَالَ: فأنزله الله ثمَّ حفظه فَلَا يَسْتَطِيع إِبْلِيس أَن يزِيد فِيهِ بَاطِلا وَلَا ينقص مِنْهُ حَقًا حفظه الله من ذَلِك وَالله أعلم بِالصَّوَابِ آيَة 10 - 13

10

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَقَد أرسلنَا من قبلك فِي شيع الْأَوَّلين} قَالَ: أُمَم الْأَوَّلين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس فِي قَوْله: {كَذَلِك نسلكه فِي قُلُوب الْمُجْرمين لَا يُؤمنُونَ بِهِ} قَالَ: الشّرك نسلكه فِي قُلُوب الْمُشْركين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {كَذَلِك نسلكه} قَالَ: الشّرك نسلكه فِي قُلُوبهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {كَذَلِك نسلكه فِي قُلُوب الْمُجْرمين لَا يُؤمنُونَ بِهِ} قَالَ: إِذا كذبُوا سلك الله فِي

قُلُوبهم أَن لَا يُؤمنُوا بِهِ {وَقد خلت سُنّةُ الْأَوَّلين} قَالَ: وقائع الله فِيمَن خلا من الْأُمَم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {كَذَلِك نسلكه} قَالَ: هم كَمَا قَالَ الله: هُوَ أضلهم ومنعهم الْإِيمَان آيَة 14 - 15

14

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَو فتحنا عَلَيْهِم بَابا من السَّمَاء فظلوا فِيهِ يعرجون} يَقُول: وَلَو فتحنا عَلَيْهِم بَابا من السَّمَاء فظلت الْمَلَائِكَة تعرج فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ذَاهِبين وجائين لقَالَ أهل الشّرك: إِنَّمَا أخذت أبصارنا وَشبه علينا وسحرنا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَلَو فتحنا عَلَيْهِم بَابا من السَّمَاء فظلوا فِيهِ يعرجون} قَالَ: رَجَعَ إِلَى قَوْله: {لَو مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} مَا بَين ذَلِك قَالَ ابْن جريج: قَالَ ابْن عَبَّاس: فظلت الْمَلَائِكَة تعرج فنظروا إِلَيْهِم {لقالوا إِنَّمَا سكرت} سدت {أبصارنا} قَالَ: قُرَيْش تَقوله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سكرت أبصارنا} قَالَ: سدت وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ {سكرت أبصارنا} خَفِيفَة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: من قَرَأَ {سكرت} مُشَدّدَة يَعْنِي سدّت وَمن قَرَأَ {سكرت} مُخَفّفَة فَإِنَّهُ يَعْنِي سحرت آيَة 16 - 23

16

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلَقَد جعلنَا فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: كواكب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَلَقَد جعلنَا فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: الْكَوَاكِب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبِي صَالح فِي قَوْله: {وَلَقَد جعلنَا فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: الْكَوَاكِب الْعِظَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة {وَلَقَد جعلنَا فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: قصوراً فِي السَّمَاء فِيهَا الحرس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وحفظناها من كل شَيْطَان رجيم} قَالَ: الرَّجِيم الملعون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِلَّا من اسْترق السّمع} فَأَرَادَ أَن يخطف السّمع كَقَوْلِه: (إِلَّا من خطف الْخَطفَة) (الصافات آيَة 10) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَّا من اسْترق السّمع} قَالَ: هُوَ كَقَوْلِه: (إِلَّا من خطف الْخَطفَة فَأتبعهُ شهَاب مُبين) قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: إِن الشهب لَا تَقْتُل وَلَكِن تحرُق وتخبل وتجرح من غير أَن تقتل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ جرير بن عبد الله حَدثنِي يَا رَسُول الله عَن السَّمَاء الدُّنْيَا وَالْأَرْض السُّفْلى قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما السَّمَاء الدُّنْيَا فَإِن الله خلقهَا من دُخان ثمَّ رَفعهَا وَجعل فِيهَا سِرَاجًا وقمراً منيراً وزينها بمصابيح النُّجُوم وَجعلهَا رجوماً للشياطين وحفظها من كل شَيْطَان رجيم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَالْأَرْض مددناها} قَالَ: قَالَ عز وَجل فِي آيَة أُخْرَى (وَالْأَرْض

بعد ذَلِك دحاها) قَالَ: ذكر لنا أَن أم الْقرى مَكَّة وَمِنْهَا دحيت الأَرْض قَالَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ الْحسن يَقُول: أَخذ طِينَة فَقَالَ لَهَا انبسطي وَفِي قَوْله: {وألقينا فِيهَا رواسي} قَالَ: رواسيها جبالها {وأنبتنا فِيهَا من كل شَيْء مَوْزُون} يَقُول: مَعْلُوم مقسوم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وأنبتنا فِيهَا من كل شَيْء مَوْزُون} قَالَ: مَعْلُوم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {من كل شَيْء مَوْزُون} قَالَ: مُقَدّر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من كل شَيْء مَوْزُون} قَالَ: مُقَدّر بِقدر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {من كل شَيْء مَوْزُون} قَالَ: الْأَشْيَاء الَّتِي توزن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من كل شَيْء مَوْزُون} قَالَ: مَا أنبتت الْجبَال مثل الْكحل وَشبهه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمن لَسْتُم لَهُ برازقين} قَالَ: الدَّوَابّ والأنعام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَنْصُور فِي قَوْله: {وَمن لَسْتُم لَهُ برازقين} قَالَ: الْوَحْش وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه فِي العظمة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خَزَائِن الله الْكَلَام فَإِذا أَرَادَ شَيْئا قَالَ لَهُ كن فَكَانَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِن من شَيْء إِلَّا عندنَا خزائنه} قَالَ: الْمَطَر خاصّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا ننزله إِلَّا بِقدر مَعْلُوم} قَالَ: الْمَطَر

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الحكم بن عتيبة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِن من شَيْء إِلَّا عندنَا خزائنه وَمَا ننزله إِلَّا بِقدر مَعْلُوم} قَالَ: مَا من عَام بِأَكْثَرَ مطر من عَام وَلَا أقل ولكنه يمطر قوم وَيحرم آخَرُونَ وَرُبمَا كَانَ فِي الْبَحْر قَالَ: وبلغنا أَنه ينزل مَعَ الْقطر من الْمَلَائِكَة أَكثر من عدد ولدِ إِبْلِيس وَولد آدم يُحصونَ كل قَطْرَة حَيْثُ تقع وَمَا تنْبت وَمن يرْزق ذَلِك النَّبَات وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا نقص الْمَطَر مُنْذُ أنزلهُ الله وَلَكِن تمطر أَرض أَكثر مِمَّا تمطر الْأُخْرَى ثمَّ قَرَأَ {وَمَا ننزله إِلَّا بِقدر مَعْلُوم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا من عَام بِأَمْطَر من من عَام وَلَكِن الله يصرفهُ حَيْثُ شَاءَ ثمَّ قَرَأَ {وَإِن من شَيْء إِلَّا عندنَا خزائنه وَمَا ننزله إِلَّا بِقدر مَعْلُوم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رصي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ أحد بِأَكْسَبَ من أحد وَلَا عَام بِأَمْطَر من عَام وَلَكِن الله يصرفهُ حَيْثُ شَاءَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من عَام بِأَمْطَر من عَام وَلَكِن الله يصرفهُ حَيْثُ يَشَاء من الْبلدَانِ وَمَا نزلت قَطْرَة من السَّمَاء وَلَا خرجت من ريح إِلَّا بِمِكْيَال أَو بميزان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا نزل قطر إِلَّا بميزان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: ألستم تعلمُونَ أَن كتاب الله حق قَالُوا: بلَى قَالَ: فاقرؤوا هَذِه الْآيَة {وَإِن من شَيْء إِلَّا عندنَا خزائنه وَمَا ننزله إِلَّا بِقدر مَعْلُوم} ألستم تؤمنون بِهَذَا وتعلمون أَنه حق قَالُوا: بلَى قَالَ: فَكيف تَلُومُونَنِي بعد هَذَا فَقَامَ الْأَحْنَف فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَة وَالله مَا نلومك على مَا فِي خَزَائِن الله وَلَكِن إِنَّمَا نلومك على مَا أنزلهُ الله من خزائنه فَجَعَلته أَنْت فِي خزائنك وأغلقت عَلَيْهِ بابك فَسكت مُعَاوِيَة

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب السَّحَاب وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي فِي مُسْند الفردوس بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ريح الْجنُوب من الْجنَّة وَهِي الرّيح اللواقح الَّتِي ذكر الله فِي كِتَابه وفيهَا مَنَافِع للنَّاس وَالشمَال من النَّار تخرج فتمر بِالْجنَّةِ فيصيبها نفحة مِنْهَا فبردها هَذَا من ذَلِك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور والجنوب من الْجنَّة وَهِي الرّيح اللواقح وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِح} قَالَ: يُرْسل الله الرّيح فَتحمل المَاء فتلقح بِهِ السَّحَاب فيدرّ كَمَا تدر اللقحة ثمَّ تمطر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يُرْسل الله الرّيح فَتحمل المَاء من السَّحَاب فتمر بِهِ السَّحَاب فيدرّ كَمَا تدر اللقحة وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِح} قَالَ: تلقح الشّجر وتمري السَّحَاب وَأخرج أبوعبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي رَجَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لِلْحسنِ رَضِي الله عَنهُ {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِح} قَالَ: لَوَاقِح للشجر قلت: أَو للسحاب قَالَ: وللسحاب تمر بِهِ حَتَّى تمطر وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِح} قَالَ: تلقح المَاء فِي السَّحَاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاح لَوَاقِح} قَالَ: الرِّيَاح يبعثها الله على السَّحَاب فتلحقه فيمتلئ مَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: الرِّيَاح اللواقح تخرج من تَحت صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن حبَان وَابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اشتدت الرّيح يَقُول: اللَّهُمَّ لقحاً لَا عقيماً

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: يبْعَث الله المبشرة فتعم الأَرْض بِمَاء ثمَّ يبْعَث المثيرة فتثير السَّحَاب فَيَجْعَلهُ كسفاً ثمَّ يبْعَث الْمُؤَلّفَة فتؤلف بَينه فَيَجْعَلهُ ركاماً ثمَّ يبْعَث اللواقح فتلحقه فتمطر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: الأوراح أَرْبَعَة: ريح تعم وريح تثير تَجْعَلهُ كسفاً وريح تَجْعَلهُ ركاماً وريح تمطر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله: {لَوَاقِح} قَالَ: تلقح السَّحَاب تجمعه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله: {وَمَا أَنْتُم لَهُ بخازنين} قَالَ: بمانعين وَفِي قَوْله: {وَنحن الوارثون} قَالَ: الْوَارِث الْبَاقِي آيَة 24 - 25

24

أخرج الطَّيَالِسِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق أبي الجوزاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت امْرَأَة تصلي خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حسناء من أحسن النَّاس فَكَانَ بعض الْقَوْم يتَقَدَّم حَتَّى يكون فِي الصَّفّ الأول لِئَلَّا يَرَاهَا وَيَسْتَأْخِر بَعضهم حَتَّى يكون فِي الصَّفّ الْمُؤخر فَإِذا ركع نظر من تَحت إبطَيْهِ فَأنْزل الله {وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الجوزاء فِي قَوْله: {وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم} قَالَ: فِي الصُّفُوف فِي الصَّلَاة قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا أشبه أَن يكون أصح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: {الْمُسْتَقْدِمِينَ} الصُّفُوف الْمُتَقَدّمَة والمستأخرين الصُّفُوف المؤخرة وَأخرج ابْن جرير عَن مَرْوَان بن الحكم قَالَ: كَانَ أنَاس يَسْتَأْخِرُونَ فِي الصُّفُوف من أجل النِّسَاء فَأنْزل الله {وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم} الْآيَة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن دَاوُد بن صَالح قَالَ: قَالَ سهل بن حنيف الْأنْصَارِيّ: أَتَدْرُونَ فيمَ أنزلت {وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} قلت: فِي سَبِيل الله قَالَ: لَا وَلكنهَا فِي صُفُوف الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير صُفُوف الرِّجَال أوّلها وَشر صُفُوف الرِّجَال آخرهَا وَخير صُفُوف النِّسَاء آخرهَا وَشر صُفُوف النِّسَاء أوّلها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير صُفُوف الرِّجَال مقدمها وشرها مؤخرها وَخير صُفُوف النِّسَاء آخرهَا وشرها مقدمها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خير صُفُوف الرِّجَال الْمُقدم وشرها الْمُؤخر وَخير صُفُوف النِّسَاء الْمُؤخر وشرها الْمُقدم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الصَّفّ الأول لعلى مثل صف الْمَلَائِكَة وَلَو تعلمُونَ لابْتَدرْتموه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد والدارمي وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على الصَّفّ الأول وَفِي لفظ على الصُّفُوف الأول وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّفّ الْمُقدم رقة فَقَالَ: إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على الصُّفُوف الأول فازدحم النَّاس عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال: إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على الَّذين يصلونَ فِي الصُّفُوف الْمُتَقَدّمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر بن مَسْعُود الْقرشِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو يعلم النَّاس مَا فِي الصَّفّ الأول مَا صفوا إِلَّا بِقرْعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي على الصَّفّ الْمُقدم ثَلَاثًا وعَلى الثَّانِي وَاحِدَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم}

الْآيَة قَالَ: فِي صُفُوف الصَّلَاة والقتال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن شُعَيْب بن عبد الْملك عَن مقَاتل بن سُلَيْمَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم} الْآيَة قَالَ: بلغنَا أَنه فِي الْقِتَال قَالَ مُعْتَمر: فَحدثت أبي فَقَالَ: لقد نزلت هَذِه الْآيَة قبل أَن يفْرض الْقِتَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} قَالَ: المتقدمون فِي طَاعَة الله والمستأخرون فِي مَعْصِيّة الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الْمُتَقَدِّمين فِي الْخَيْر من الْأُمَم والمستأخرين المبطئين فِيهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} قَالَ: يَعْنِي بالمستقدمين من مَاتَ وبالمستأخرين من هُوَ حَيّ لم يمت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: {الْمُسْتَقْدِمِينَ} آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَمن مضى من ذُريَّته و {الْمُسْتَأْخِرِينَ} من فِي أصلاب الرِّجَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: {الْمُسْتَقْدِمِينَ} آدم وَمن مَعَه حِين نزلت هَذِه الْآيَة و {الْمُسْتَأْخِرِينَ} من كَانَ ذُرِّيَّة الْخلق بعد وَهُوَ كل مَخْلُوق كل أُولَئِكَ قد علمهمْ عزّ وجلّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عون بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ عَن هَذِه الْآيَة: أَهِي فِي صُفُوف الصَّلَاة قَالَ: لَا {الْمُسْتَقْدِمِينَ} الْمَيِّت والمقتول و {الْمُسْتَأْخِرِينَ} من يلْحق بهم من بعد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ وَمُجاهد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُم وَلَقَد علمنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ} قَالَا: من مَاتَ وَمن بَقِي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: قدّم خلقا وَأخر خلقا فَعلم مَا قدم وَعلم مَا آخر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: المستقدمون مَا مضى من الْأُمَم والمستأخرون أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِن رَبك هُوَ يحشرهم} قَالَ: الأوّل وَالْآخر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وَإِن رَبك هُوَ يحشرهم} قَالَ: يحْشر هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَإِن رَبك هُوَ يحشرهم} قَالَ: يحْشر الْمُسْتَقْدِمِينَ والمستأخرين وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِن رَبك هُوَ يحشرهم} قَالَ: يجمعهُمْ يَوْم الْقِيَامَة جَمِيعًا آيَة 26

26

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خلق الله الإِنسان من ثَلَاث: من طين لازب وصلصال وحمأ مسنون فالطين اللازب اللَّازِم الْجيد والصلصال المرقق الَّذِي يصنع مِنْهُ الفخار والحمأ الْمسنون الطين فِيهِ الحمأة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {من صلصال} قَالَ: الصلصال المَاء يَقع على الأَرْض الطّيبَة ثمَّ يحسر عَنْهَا فتيبس ثمَّ تصير مثل الخزف الرقَاق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الصلصال هُوَ التُّرَاب الْيَابِس الَّذِي يبل بعد يبسه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الصلصال طين خُلِطَ برمل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الصلصال الَّذِي إِذا ضَربته صلصل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الصلصال التُّرَاب الْيَابِس الَّذِي يسمع لَهُ صلصلة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الصلصال الطين تعصره بِيَدِك فَيخرج المَاء من بَين أصابعك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {من حمإ مسنون} قَالَ: من طين رطب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {من حمإ مسنون} قَالَ: من طين منتن وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله {من حمإ مسنون} قَالَ: الحمأة السَّوْدَاء وَهِي الثاط أَيْضا والمسنون المصور قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَهُوَ يمدح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أغر كَأَن الْبَدْر مُسِنَّة وَجهه جلا الْغَيْم عَنهُ ضوءة فتبددا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خلق آدم من أَدِيم الأَرْض فألقي على الأَرْض حَتَّى صَار طيناً لازباً وَهُوَ الطين الملتزق ثمَّ ترك حَتَّى صَار حمأ مسنوناً وَهُوَ المنتن ثمَّ خلقه الله بِيَدِهِ فَكَانَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مصوراً حَتَّى يبس فَصَارَ صلصالاً كالفخار إِذا ضرب عَلَيْهِ صلصل فَذَلِك الصلصال والفخار مثل ذَلِك وَالله أعلم آيَة 27 - 35

27

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الجان مسيخ الْجِنّ كَمَا القردة والخنازير مسيخ الإِنس

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {والجان خلقناه من قبل} وَهُوَ إِبْلِيس خلق من قبل آدم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ إِبْلِيس من حَيّ من أَحيَاء الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُم الْجِنّ خلقُوا من نَار السمُوم من بَين الْمَلَائِكَة قَالَ: وخلقت الْجِنّ الَّذين ذكرُوا فِي الْقُرْآن من مارج من نَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {والجان خلقناه من قبل من نَار السمُوم} قَالَ: من أحسن النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من نَار السمُوم} الحارة الَّتِي تقتل وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {السمُوم} الَّتِي خلق مِنْهَا الجان جُزْء من سبعين جُزْءا من نَار جَهَنَّم ثمَّ قَرَأَ {والجان خلقناه من قبل من نَار السمُوم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رُؤْيا الْمُؤمن جُزْء من سبعين جُزْءا من النبوّة وَهَذِه النَّار جُزْء من سبعين جُزْءا من نَار السمُوم الَّتِي خلق مِنْهَا الجان وتلا هَذِه الْآيَة {والجان خلقناه من قبل من نَار السمُوم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خلق الجان وَالشَّيَاطِين من نَار الشَّمْس آيَة 36 - 48

36

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {قَالَ رب فأنظرني إِلَى يَوْم يبعثون} قَالَ: أَرَادَ إِبْلِيس أَن لَا يَذُوق الْمَوْت فَقيل: {فَإنَّك من المنظرين إِلَى يَوْم الْوَقْت الْمَعْلُوم} قَالَ: النفخة الأولى يَمُوت فِيهَا إِبْلِيس وَبَين النفخة والنفخة أَرْبَعُونَ سنة قَالَ: فَيَمُوت إِبْلِيس أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قَالَ فَإنَّك من المنظرين} قَالَ: فَلم ينظره إِلَى يَوْم الْبَعْث وَلَكِن أنظرهُ إِلَى الْوَقْت الْمَعْلُوم وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} يَعْنِي الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} قَالَ: هَذِه ثنية الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {هَذَا صِرَاط عليّ مُسْتَقِيم} قَالَ: الْحق يرجع إِلَى الله وَعَلِيهِ طَرِيقه لَا يعرج على شَيْء وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {هَذَا صِرَاط عليّ مُسْتَقِيم} يَقُول: إليّ مُسْتَقِيم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن زِيَاد بن أبي مَرْيَم وَعبد الله بن كثير أَنَّهُمَا قرآ هَذَا صِرَاط مُسْتَقِيم وَقَالا: {عليّ} هِيَ إليّ وبمنزلتها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {هَذَا صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم} أَي رفيع مُسْتَقِيم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين أَنه كَانَ يقْرَأ {هَذَا صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم} يَعْنِي رفيع وَأخرج ابْن جرير عَن قيس بن عباد أَنه قَرَأَ {هَذَا صِرَاط عَليّ مُسْتَقِيم} يَقُول: رفيع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان}

قَالَ: عبَادي الَّذين قضيت لَهُم الْجنَّة {لَيْسَ لَك عَلَيْهِم} أَن يذنبوا ذَنبا إِلَّا أغفره لَهُم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما لعن إِبْلِيس تَغَيَّرت صورته عَن صُورَة الْمَلَائِكَة فجزع لذَلِك فرن رنة فَكل رنة فِي الدُّنْيَا إِلَى يَوْم الْقَامَة مِنْهَا وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن قسيط قَالَ: كَانَت الْأَنْبِيَاء تكون لَهُم مَسَاجِد خَارِجَة من قراها فَإِذا أَرَادَ النَّبِي أَن يستنبئ ربه عَن شَيْء خرج إِلَى مَسْجِد فصلى مَا كتب لَهُ ثمَّ سَأَلَ مَا بدا لَهُ فَبينا نَبِي فِي مَسْجده إِذْ جَاءَ إِبْلِيس حَتَّى جلس بَينه وَبَين الْقبْلَة فَقَالَ النَّبِي: أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم ثَلَاثًا فَقَالَ إِبْلِيس: أَخْبرنِي بِأَيّ شَيْء تنجو مني قَالَ النَّبِي: بل أَخْبرنِي بِأَيّ شَيْء تغلب ابْن آدم فَأخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه فَقَالَ النَّبِي: إِن الله يَقُول: {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان إِلَّا من اتبعك من الغاوين} قَالَ: إِبْلِيس: قد سَمِعت هَذَا قبل أَن تولد قَالَ النَّبِي: وَيَقُول الله (وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ فاستعذ بِاللَّه) (الْأَعْرَاف آيَة 200) وَإِنِّي وَالله مَا أحسست بك قطّ إِلَّا استعذت بِاللَّه مِنْك قَالَ إِبْلِيس صدقت بِهَذَا تنجو مني فَقَالَ النَّبِي: فَأَخْبرنِي بِأَيّ شَيْء تغلب ابْن آدم قَالَ: آخذه عِنْد الْغَضَب وَعند الْهوى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَهَا سَبْعَة أَبْوَاب} قَالَ: جَهَنَّم والسعير ولظى والحطمة وسقر والجحيم والهاوية وَهِي أَسْفَلهَا وَأخرج ابْن الْمُبَارك وهناد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طرق عَن عَليّ قَالَ: أَبْوَاب جَهَنَّم سَبْعَة بَعْضهَا فَوق بعض فتملأ الأوّل ثمَّ الثَّانِي ثمَّ الثَّالِث حَتَّى تملأ كلهَا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن خطاب بن عبد الله قَالَ: قَالَ عَليّ: أَتَدْرُونَ كَيفَ أَبْوَاب جَهَنَّم قُلْنَا: كنحو هَذِه الْأَبْوَاب قَالَ: لَا وَلكنهَا هَكَذَا وَوضع يَده فَوق وَبسط يَده على يَده

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْخَلِيل بن مرّة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ (تبَارك) و (حم) السَّجْدَة وَقَالَ: الحواميم سبع وأبواب جَهَنَّم سبع: جَهَنَّم والحطمة ولظى وسعير وسقر الهاوية والجحيم تَجِيء كل حَامِيم مِنْهَا يَوْم الْقِيَامَة تقف على بَاب من الْأَبْوَاب فَتَقول: اللَّهُمَّ لَا تدخل هَذَا الْبَاب من كَانَ يُؤمن بِي ويقرأني مُرْسل وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لِجَهَنَّم سَبْعَة أَبْوَاب بَاب مِنْهَا لمن سلّ السَّيْف على أمتِي وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: للنار بَاب لَا يدْخلهُ إِلَّا من شفى غيظه بسخط الله وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَطاء الخرساني قَالَ: لِجَهَنَّم سَبْعَة أَبْوَاب أَشدّهَا غمّاً وكرباً وحراً وأنتنها ريحًا للزناة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لِجَهَنَّم بَاب لَا يدْخل مِنْهُ إِلَّا من أخفرني فِي أهل بَيْتِي وأراق دِمَاءَهُمْ من بعدِي وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان والطبري وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عتبَة بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: للجنة ثَمَانِيَة أَبْوَاب وللنار سَبْعَة أبوب وَبَعضهَا أفضل من بعض وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تطلع الشَّمْس من جَهَنَّم بَين قَرْني شَيْطَان فَمَا ترفع من السَّمَاء قَصَبَة إِلَّا فتح لَهَا بَاب من أَبْوَاب النَّار حَتَّى إِذا كَانَت الظهيرة فتحت أَبْوَاب النَّار كلهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَهَا سَبْعَة أَبْوَاب} قَالَ: لَهَا سَبْعَة أطباق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَهَا سَبْعَة أَبْوَاب} قَالَ: أوّلها جَهَنَّم ثمَّ لظى ثمَّ الحطمة ثمَّ السعير ثمَّ سقر ثمَّ الْجَحِيم ثمَّ الهاوية والجحيم فِيهَا أَبُو جهل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَهَا سَبْعَة أَبْوَاب لكل بَاب مِنْهُم جُزْء مقسوم} قَالَ: فَهِيَ وَالله منَازِل بأعمالهم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَسمَاء أَبْوَاب جَهَنَّم: الحطمة والهاوية ولظى وسقر والجحيم والسعير وجهنم وَالنَّار هِيَ جماع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {جُزْء مقسوم} قَالَ: فريق مقسوم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَهَا سَبْعَة أَبْوَاب لكل بَاب مِنْهُم جُزْء مقسوم} قَالَ: بَاب للْيَهُود وَبَاب لِلنَّصَارَى وَبَاب للصائبين وَبَاب للمجوس وَبَاب للَّذين أشركوا - وهم كفار الْعَرَب - وَبَاب لِلْمُنَافِقين وَبَاب لأهل التَّوْحِيد فَأهل التَّوْحِيد يُرْجَى لَهُم وَلَا يُرْجَى للآخرين أبدا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: تطلع الشَّمْس من جَهَنَّم بَين قَرْني شَيْطَان فَمَا تترفع من السَّمَاء قصَّة إِلَّا فتح لَهَا بَاب من أَبْوَاب النَّار حَتَّى إِذا كَانَت الظهيرة فتحت أَبْوَاب النَّار كلهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الصِّرَاط بَين ظَهْري جَهَنَّم دحض مزلة والأنبياء عَلَيْهِ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ سلم سلم والمارُّ كَلمعِ الْبَرْق وكطرف الْعين وكأجاويد الْخَيل وَالْبِغَال والركاب وَشد على الأقدم فناج مُسلم ومخدوش مُرْسل ومطروح فِيهَا و {لَهَا سَبْعَة أَبْوَاب لكل بَاب مِنْهُم جُزْء مقسوم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سَمُرَة بن جُنْدُب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {لكل بَاب مِنْهُم جُزْء مقسوم} قَالَ: إِن من أهل النَّار مَنْ تَأْخُذهُ النَّار إِلَى كَعْبَيه وَإِن مِنْهُم من تَأْخُذهُ النَّار إِلَى حجزته وَمِنْهُم من تَأْخُذهُ إِلَى تراقيه منَازِل بأعمالهم فَذَلِك قَوْله: {لَهَا سَبْعَة أَبْوَاب لكل بَاب مِنْهُم جُزْء مقسوم} قَالَ: على كل بَاب مِنْهَا سَبْعُونَ ألف سرادق من نَار فِي كل سرادق سَبْعُونَ ألف قبَّة من نَار فِي كل قبَّة سَبْعُونَ ألف تنور من نَار لكل تنور مِنْهَا سَبْعُونَ ألف كوّة من نَار فِي كل كوّة سَبْعُونَ ألف صَخْرَة من نَار على كل صَخْرَة مِنْهَا سَبْعُونَ ألف حجر من النَّار فِي كل حجر مِنْهَا سَبْعُونَ ألف عقرب من النَّار لكل عقرب مِنْهَا سَبْعُونَ ألف ذَنْب من نَار لكل ذَنْب مِنْهَا سَبْعُونَ ألف فقارة من نَار فِي كل فقارة مِنْهَا سَبْعُونَ ألف قلَّة من سم وَسَبْعُونَ ألف موقد من نَار يوقدون تِلْكَ النَّار وَقَالَ: إِن أوّل من دخل من

أهل النَّار وجدوا على الْبَاب أَرْبَعمِائَة ألف من خَزَنَة جَهَنَّم وسود وُجُوههم كالحة أنيابهم قد نزع الله الرَّحْمَة من قُلُوبهم لَيْسَ فِي قلب مِنْهُم مِثْقَال ذرة من الرَّحْمَة وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن جَهَنَّم لَتُسَعَّرُ كل يَوْم وتفتح أَبْوَابهَا إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة فَإِنَّهَا لَا تفتح أَبْوَابهَا وَلَا تُسَعَّر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن أَحَق مَا استعيذ من جَهَنَّم فِي السَّاعَة الَّتِي تفتح فِيهَا أَبْوَابهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَهَنَّم سَبْعَة نيران لَيْسَ مِنْهَا نَار إِلَّا وَهِي تنظر إِلَى النَّار الَّتِي تحتهَا تخَاف أَن تأكلها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن فِي النَّار سجناً لَا يدْخلهُ إِلَّا شرّ الأشرار قراره نَار وسقفه نَار وجدرانه نَار وتلفح فِيهِ النَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: للشهيد نور وَلمن قَاتل الحرورية عشرَة أنوار وَكَانَ يَقُول: لِجَهَنَّم سَبْعَة أَبْوَاب بَاب مِنْهَا للحرورية قَالَ: وَلَقَد خَرجُوا فِي زمَان دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تَارِيخه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى: {لكل بَاب مِنْهُم جُزْء مقسوم} قَالَ: جُزْء أشركوا بِاللَّه وجزء شكوا فِي الله وجزء غفلوا عَن الله وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة انجفل النَّاس إِلَيْهِ فَجِئْته لأنظر فِي وَجهه فَلَمَّا رَأَيْت وَجهه عرفت أَن وَجهه لَيْسَ بِوَجْه كَذَّاب فَكَانَ أول شَيْء سَمِعت مِنْهُ أَن قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أطعموا الطَّعَام وأفشوا السَّلَام وصلوا الْأَرْحَام وصلوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام تدْخلُوا الْجنَّة بِسَلام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {آمِنين} قَالَ: أمنُوا الْمَوْت فَلَا يموتون وَلَا يكبرُونَ وَلَا يسقمون وَلَا يعرون وَلَا يجوعون

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق لُقْمَان بن عَامر عَن أبي أُمَامَة قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة أحد حَتَّى ينْزع الله مَا فِي صُدُورهمْ من غل وَحَتَّى أَنه لينزع من صدر الرجل بِمَنْزِلَة السَّبع الضاري وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: يدْخل أهل الْجنَّة الْجنَّة على مَا فِي صُدُورهمْ فِي الدُّنْيَا من الشحناء والضغائن حَتَّى إِذا نزلُوا وتقابلوا على السرر نزع الله مَا فِي صُدُورهمْ فِي الدُّنْيَا من غل وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} قَالَ: الْعَدَاوَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} قَالَ: حَدثنَا أَبُو المتَوَكل النَّاجِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يخلص الْمُؤْمِنُونَ من النَّار فيحبسون على قنطرة بَين الْجنَّة وَالنَّار فيقتص لبَعْضهِم من بعض مظالم كَانَت بَينهم فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذا هُذِّبوا ونقوا أذن لَهُم فِي دُخُول الْجنَّة: فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لأَحَدهم أهْدى لمنزله فِي الْجنَّة من منزله الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا قَالَ قَتَادةُ: وَكَانَ يُقَالُ: مَا يُشَبَّهُ بِهِمْ إِلاَّ أَهْلُ جُمُعَةٍ حِينَ انْصَرَفُوا مِنْ جُمُعَتِهِمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يحبس أهل الْجنَّة بعد مَا يجوزون الصِّرَاط حَتَّى يُؤْخَذ لبَعْضهِم من بعض ظلاماتهم فِي الدُّنْيَا ويدخلون الْجنَّة وَلَيْسَ فِي قُلُوب بَعضهم على بعض غل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الْكَرِيم بن رشيد قَالَ: يَنْتَهِي أهل الْجنَّة إِلَى بَاب الْجنَّة وهم يتلاحظون تلاحظ الغيران فَإِذا دخلوها نزع الله مَا فِي صُدُورهمْ من غل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ: فِينَا وَالله أهل بدر نزلت {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل إخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عبد الله بن مليل عَن عَليّ فِي قَوْله: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} قَالَ: نزلت فِي ثَلَاثَة أَحيَاء من الْعَرَب: فِي بني هَاشم وَبني تيم وَبني عدي وَفِي أبي بكر وَفِي عمر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن كثير النواء قَالَ: قلت لأبي جَعْفَر إِن فلَانا حَدثنِي عَن عَليّ بن الْحُسَيْن أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي أبي بكر وَعمر وَعلي {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} قَالَ: وَالله إِنَّهَا لفيهم أنزلت وفيمن تنزل إِلَّا فيهم قلت: وَأي غل هُوَ قَالَ: غل الْجَاهِلِيَّة إِن بني تيم وَبني عدي وَبني هَاشم كَانَ بَينهم فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا أسلم هَؤُلَاءِ الْقَوْم تحابّوا وَأخذت أَبَا بكر الخاصرة فَجعل عَليّ يسخن يَده فيكوي بهَا خاصرة أبي بكر فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم من طرق عَن عَليّ أَنه قَالَ لِابْنِ طَلْحَة: إِنِّي أَرْجُو أَن أكون أَنا وَأَبُوك من الَّذين قَالَ الله فيهم {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل إخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين} فَقَالَ رجل من هَمدَان: إِن الله أعدل من ذَلِك فصاح عَليّ صَيْحَة تداعى لَهَا الْقصر وَقَالَ: فَمن اذن إِن لم نَكُنْ نَحن أُولَئِكَ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: إِنِّي لأرجو أَن أكون أَنا وَعُثْمَان وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة مِمَّن قَالَ الله: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي عَليّ وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} قَالَ: نزلت فِي عشرَة أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَسعد وَسَعِيد وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَعبد الله بن مَسْعُود وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق النُّعْمَان بن بشير عَن عَليّ {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل} قَالَ: ذَاك عُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَأَنا وَأخرج هنّاد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {على سرر مُتَقَابلين} قَالَ: لَا يرى بَعضهم قفا بعض وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أهل الْجنَّة لَا ينظر بَعضهم فِي قفا بعض ثمَّ قَرَأَ (متكئين عَلَيْهَا مُتَقَابلين)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أبي أوفى قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتلا هَذِه الْآيَة {اخواناً على سرر مُتَقَابلين} المتحابين فِي الله فِي الْجنَّة ينظر بَعضهم إِلَى بعض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {لَا يمسهم فِيهَا نصب} قَالَ: الْمَشَقَّة والأذى الْآيَة 49 - 50

49

أخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اطلع علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْبَاب الَّذِي يدْخل مِنْهُ بَنو شيبَة فَقَالَ: أَلا أَرَاكُم تضحكون ثمَّ أدبر حَتَّى إِذا كَانَ الْحجر رَجَعَ إِلَيْنَا الْقَهْقَرَى فَقَالَ: إِنِّي لمّا خرجت جَاءَ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله يَقُول: لم تقنط عبَادي {نبئ عبَادي أَنِّي أَنا الغفور الرَّحِيم وَأَن عَذَابي هُوَ الْعَذَاب الْأَلِيم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُصعب بن ثَابت قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نَاس من أَصْحَابه يَضْحَكُونَ فَقَالَ: اذْكروا الْجنَّة واذْكُرُوا النَّار فَنزلت {نبئ عبَادي أَنِّي أَنا الغفور الرَّحِيم} وَأخرج البرَاز وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَفر من أَصْحَابه وَقد عرض لَهُم شَيْء يضحكهم فَقَالَ: أتضحكون وَذكر الْجنَّة وَالنَّار بَين أَيْدِيكُم وَنزلت هَذِه الْآيَة {نبئ عبَادي أَنِّي أَنا الغفور الرَّحِيم وَأَن عَذَابي هُوَ الْعَذَاب الْأَلِيم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا فَقَالَ: هَذَا الْملك يُنَادي لَا تقنط عبَادي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {نبئ عبَادي أَنِّي أَنا الغفور الرَّحِيم وَأَن عَذَابي هُوَ الْعَذَاب الْأَلِيم} قَالَ: بلغنَا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو يعلم العَبْد قدر عَفْو الله لما تورّع من حرَام وَلَو يعلم قدر عَذَابه لجمع نَفسه

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله خلق الرَّحْمَة يَوْم خلقهَا مائَة رَحْمَة فَأمْسك عِنْده تِسْعَة وَتِسْعين رَحْمَة وَأرْسل فِي خلقه كلهم رَحْمَة وَاحِدَة فَلَو يعلم الْكَافِر كل الَّذِي عِنْد الله من رَحمته لم ييأس من الرَّحْمَة فَلَو يعلم الْمُؤمن بِكُل الَّذِي عِنْد الله من الْعَذَاب لم يَأْمَن من النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على رَهْط من الصَّحَابَة وهم يتحدثون فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو تعلمُونَ مَا أعلم لَضَحكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكيتُم كثيرا فَلَمَّا انصرفنا أوحى الله إِلَيْهِ أَن يَا مُحَمَّد لم تقنط عبَادي فَرجع إِلَيْهِم فَقَالَ: أَبْشِرُوا وقاربوا وسددوا آيَة 51 - 77

51

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {قَالُوا لَا توجل} قَالُوا لَا تخف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَبِمَ تبشرون} قَالَ: عجب من كبره وَكبر امْرَأَته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {من القانطين} قَالَ: الآيسين وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْأَعْمَش عَن يحيى أَنه قَرَأَهَا فَلَا تكن من القنطين بِغَيْر ألف قَالَ: وَقَرَأَ {وَمن يقنط من رَحْمَة ربه} مَفْتُوحَة النُّون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: من ذهب يقنط النَّاس من رَحْمَة الله أَو يقنط نَفسه قفد أَخطَأ ثمَّ نزع بِهَذِهِ الْآيَة {وَمن يقنط من رَحْمَة ربه إِلَّا الضالون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَمن يقنط من رَحْمَة ربه} قَالَ: من ييأس من رَحْمَة ربه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأحمد فِي الزّهْد عَن مُوسَى بن عَليّ عَن أَبِيه قَالَ: بَلغنِي أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِابْنِهِ سَام: يَا بني لَا تدخلن الْقَبْر وَفِي قَلْبك مِثْقَال ذرة من الشّرك بِاللَّه فَإِنَّهُ من يَأْتِ الله عز وَجل مُشْركًا فَلَا حجَّة لَهُ وَيَا بني لَا تدخل الْقَبْر وَفِي قَلْبك مِثْقَال ذرة من الْكبر فَإِن الْكبر رِدَاء الله فَمن يُنَازع الله رِدَاءَهُ يغْضب الله عَلَيْهِ وَيَا بني لَا تدخلن الْقَبْر وَفِي قَلْبك مِثْقَال ذرة من الْقنُوط فَإِنَّهُ لَا يقنط من رَحْمَة الله إِلَّا ضال وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْفَاجِر الراجي لرحمة الله أقرب من العابد القنط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: بيني وَبَين الْقَدَرِيَّة هَذِه الْآيَة {إِلَّا امْرَأَته قَدرنَا إِنَّهَا لمن الغابرين}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِنَّكُم قوم منكرون} قَالَ: أنكرهم لوط وَفِي قَوْله: {بِمَا كَانُوا فِيهِ يمترون} قَالَ: بِعَذَاب قوم لوط وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {بِمَا كَانُوا فِيهِ يمترون} قَالَ: يَشكونَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَاتبع أدبارهم} قَالَ: أَمر أَن يكون خلف أَهله يتبع أدبارهم فِي آخِرهم إِذا مَشوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وامضوا حَيْثُ تؤمرون} قَالَ: أخرجهم إِلَى الشَّام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {وقضينا إِلَيْهِ ذَلِك الْأَمر} قَالَ: أَوْحَينَا إِلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِن دابر هَؤُلَاءِ مَقْطُوع} يَعْنِي استئصالهم وهلاكهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَجَاء أهل الْمَدِينَة يستبشرون} قَالَ: اسْتَبْشَرُوا بأضياف نَبِي الله لوط حِين نزلُوا بِهِ لما أَرَادوا أَن يَأْتُوا إِلَيْهِم من الْمُنكر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أَو لم ننهك عَن الْعَالمين} قَالَ: يَقُولُونَ أَن تضيف أحدا أَو تؤويه {قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُم فاعلين} قَالَ: أَمرهم لوط بتزويج النِّسَاء وَأَرَادَ أَن يقي أضيافه ببنانه وَالله أعلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة والحرث بن أبي أُسَامَة وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبِي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا خلق الله وَمَا ذَرأ وَمَا برأَ نفسا أكْرم عَلَيْهِ من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا سَمِعت الله أقسم بحياة أحد غَيره قَالَ: {لعمرك إِنَّهُم لفي سكرتهم يعمهون} يَقُول: وحياتك يَا مُحَمَّد وعمرك وبقائك فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لعمرك} قَالَ: لعيشك

وأخرح ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا حلف الله بحياة أحد إِلَّا بحياة مُحَمَّد قَالَ: {لعمرك إِنَّهُم لفي سكرتهم يعمهون} وحياتك يَا مُحَمَّد وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يَقُول الرجل: لعمري يرونه كَقَوْلِه وحياتي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِنَّهُم لفي سكرتهم يعمهون} قَالَ: لفي ضلالهم يَلْعَبُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش أَنه سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُم لفي سكرتهم يعمهون} قَالَ: لفي غفلتهم يَتَرَدَّدُونَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {فَأَخَذتهم الصَّيْحَة} قَالَ: {الصَّيْحَة} مثل الصاعقة كل شَيْء أهلك بِهِ قوم فَهُوَ صَاعِقَة وصيحة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {مشرقين} قَالَ: حِين أشرقت الشَّمْس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِن فِي ذَلِك لآيَات} قَالَ: عَلامَة أما ترى الرجل يُرْسل بِخَاتمِهِ إِلَى أَهله فَيَقُول هاتوا كَذَا وَكَذَا فَإِذا رَأَوْهُ عرفُوا أَنه حق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لآيَات للمتوسمين} قَالَ: للناظرين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لآيَات للمتوسمين} قَالَ: للمعتبرين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لآيَات للمتوسمين} قَالَ: هم المتفرسون وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد فِي قَوْله: {إِن فِي ذَلِك لآيَات للمتوسمين} قَالَ: هم المتفرسون وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن السّني وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الطِّبّ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله ثمَّ قَرَأَ {إِن فِي ذَلِك لآيَات للمتوسمين} قَالَ: المتفرسين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِن الْمُؤمن ينظر بِنور الله وَأخرج ابْن جرير عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احْذَرُوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله وينطق بِتَوْفِيق الله وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَالْبَزَّار وَابْن السّني وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لله عباداً يعْرفُونَ النَّاس بالتوسم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِنَّهَا لبسبيل مُقيم} يَقُول: لبهلاك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَإِنَّهَا لبسبيل مُقيم} يَقُول: لبطريق وَاضح آيَة 78 - 87

78

أخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن مَدين وَأَصْحَاب الأيكة أمتان بعث الله إِلَيْهِمَا شعيباً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن كَانَ أَصْحَاب الأيكة} قَالَ: قوم شُعَيْب و {الأيكة} ذَات آجام وَشَجر كَانُوا فِيهَا

وَأخرج ابْن جرير عَن خصيف فِي قَوْله: {أَصْحَاب الأيكة} قَالَ: الشّجر وَكَانُوا يَأْكُلُون فِي الصَّيف الْفَاكِهَة الرّطبَة وَفِي الشتَاء الْيَابِسَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَإِن كَانَ أَصْحَاب الأيكة لظالمين} ذكر لنا أَنهم كَانُوا أهل غيضة وَكَانَ عَامَّة شجرهم هَذَا الدوم وَكَانَ رسولهم فِيمَا بلغنَا شُعَيْب أرسل إِلَيْهِم وَإِلَى أهل مَدين أرسل إِلَى أمتين من النَّاس وعذبتا بعذابين شَتَّى أما أهل مَدين فَأَخَذتهم الصَّيْحَة وَأما {أَصْحَاب الأيكة} فَكَانُوا أهل شجرٍ متكاوش ذكر لنا أَنه سلط عَلَيْهِم الْحر سَبْعَة أَيَّام لَا يظلهم مِنْهُ ظلّ وَلَا يمنعهُم مِنْهُ شَيْء فَبعث الله عَلَيْهِم سَحَابَة فَجعلُوا يَلْتَمِسُونَ الرّوح مِنْهَا فَجَعلهَا الله عَلَيْهِم عذَابا بعث عَلَيْهِم نَارا فاضطرمت عَلَيْهِم فاكلتهم فَذَلِك (عَذَاب يَوْم الظلة أَنه كَانَ عَذَاب يَوْم عَظِيم) (الشُّعَرَاء آيَة 189) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَصْحَاب الأيكة} قَالَ: الغيضة وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {أَصْحَاب الأيكة} قَالَ: أَصْحَاب غيضة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: {الأيكة} الشّجر الملتف وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {أَصْحَاب الأيكة} أهل مَدين و {الأيكة} الملتفة من الشّجر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {الأيكة} مجمع الشّجر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: إِن أهل مَدين عذبُوا بِثَلَاثَة أَصْنَاف من الْعَذَاب: أخذتهم الرجفة فِي دَارهم حَتَّى خَرجُوا مِنْهَا فَلَمَّا خَرجُوا مِنْهَا أَصَابَهُم فزع شَدِيد ففرقوا أَن يدخلُوا الْبيُوت أَن تسْقط عَلَيْهِم فَأرْسل الله عَلَيْهِم الظلة فَدخل تحتهَا رجل فَقَالَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ ظلاً أطيب وَلَا ابرد

هلموا أَيهَا النَّاس فَدَخَلُوا جَمِيعًا تَحت الظلة فصاح فيهم صَيْحَة وَاحِدَة فماتوا جَمِيعًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وإنهما لبإمام مُبين} يَقُول: على الطَّرِيق وَأخرج ابْن جريرعن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لبإمام مُبين} قَالَ: طَرِيق ظَاهر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وإنهما لبإمام مُبين} قَالَ: بطرِيق معلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لبإمام مُبين} قَالَ: طَرِيق وَاضح وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {لبإمام مُبين} قَالَ: بطرِيق مستبين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أَصْحَاب الْحجر} قَالَ: أَصْحَاب الْوَادي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ {أَصْحَاب الْحجر} ثَمُود قوم صَالح وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَاب الْحجر: لَا تدْخلُوا على هَؤُلَاءِ الْقَوْم إِلَّا أَن تَكُونُوا بَاكِينَ فَإِن لم تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تدْخلُوا عَلَيْهِم أَن يُصِيبكُم مثل مَا أَصَابَهُم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام غَزْوَة تَبُوك بِالْحجرِ عِنْد بيُوت ثَمُود فاستقى النَّاس من مياه الْآبَار الَّتِي كَانَت تشرب مِنْهَا ثَمُود وعجنوا مِنْهَا ونصبوا الْقُدُور بِاللَّحْمِ فَأَمرهمْ بإهراق الْقُدُور وعلفوا الْعَجِين الإِبل ثمَّ ارتحل بهم حَتَّى نزل بهم على الْبِئْر الَّتِي كَانَت تشرب مِنْهَا النَّاقة ونهاهم أَن يدخلُوا على الْقَوْم الَّذين عذبُوا فَقَالَ: إِنِّي أخْشَى أَن يصبكم مثل الَّذِي أَصَابَهُم فَلَا تدْخلُوا عَلَيْهِم

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر: أَن النَّاس لما نزلُوا مَعَ الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْحجر أَرض ثَمُود استقوا من أبيارها وعجنوا بِهِ الْعَجِين فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يهريقوا مَا استقوا ويعلفوا الإِبل الْعَجِين وَأمرهمْ أَن يَسْتَقُوا من الْبِئْر الَّتِي كَانَت ترد النَّاقة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سُبْرَة بن معبد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بِالْحجرِ لأَصْحَابه: من عمل من هَذَا المَاء شَيْئا فليلقه قَالَ: وَمِنْهُم من عجن الْعَجِين وَمِنْهُم من حاس الحيس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله: {فاصفح الصفح الْجَمِيل} قَالَ: الرِّضَا بِغَيْر عتاب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فاصفح الصفح الْجَمِيل} قَالَ: هُوَ الرِّضَا بِغَيْر عتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فاصفح الصفح الْجَمِيل} قَالَ: هَذَا الصفح الْجَمِيل كَانَ قبل الْقِتَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: السَّبع المثاني فَاتِحَة الْكتاب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ: هِيَ فَاتِحَة الْكتاب وَأخرج ابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ: فَاتِحَة الْكتاب {وَالْقُرْآن الْعَظِيم} قَالَ: سَائِر الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس: أَنه سُئِلَ عَن السَّبع المثاني قَالَ: فَاتِحَة الْكتاب استثناها الله لأمة مُحَمَّد فَرَفعهَا فِي أم الْكتاب فدخرها لَهُم حَتَّى أخرجهَا وَلم يُعْطهَا أحدا قبله قيل: فَأَيْنَ الْآيَة السَّابِعَة قَالَ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَأخرج ابْن الضريس عَن سعيد بن جُبَير مثله

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ: دُخرَتْ لنبيكم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم تُدَّخَرَ لنَبِيّ سواهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ: هِيَ أم الْقُرْآن تثنى فِي كل صَلَاة وَأخرج ابْن الضريس وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: السَّبع المثاني فَاتِحَة الْكتاب وَأخرج ابْن جريرعن أبي بن كَعْب قَالَ: السَّبع المثاني الْحَمد لله رب الْعَالمين وَأخرج ابْن الضريس عَن يحيى بن يعمر وَأبي فَاخِتَة فِي قَوْله: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم} قَالَا: فَاتِحَة الْكتاب وَأخرج ابْن الضريس عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سبعا من المثاني} قَالَ: هِيَ أم الْكتاب وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن مثله وَأخرج ابْن الضريس وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ: فَاتِحَة الْكتاب تثنى فِي كل رَكْعَة مَكْتُوبَة وتطوّع وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ: هِيَ فَاتِحَة الْكتاب تثنى فِي كل رَكْعَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق الرّبيع عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ: فَاتِحَة الْكتاب سبع آيَات وَإِنَّمَا سميت {المثاني} لِأَنَّهُ ثنى بهَا كلما قَرَأَ الْقُرْآن قَرَأَهَا قيل للربيع: إِنَّهُم يَقُولُونَ السَّبع الطول قَالَ: لقد أنزلت هَذِه الْآيَة وَمَا نزل من الطول شَيْء وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ: السَّبع الطوَال وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ: هِيَ السَّبع الطول وَلم يُعْطَهُنَّ أحدٌ إِلَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأعْطِي مُوسَى مِنْهُنَّ اثْنَتَيْنِ

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أُوتِيَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {سبعا من المثاني} الطول وأوتي مُوسَى سِتا فَلَمَّا ألْقى الألوح ذهب اثْنَتَانِ وَبَقِي أَرْبَعَة وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أُبيّ بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَاتِحَة الْكتاب هِيَ السَّبع المثاني وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سبعا من المثاني} قَالَ: الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء والمائدة والأنعام والأعرف وَيُونُس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {سبعا من المثاني} قَالَ: السَّبع الطول: الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء والمائدة والأنعام والأعراف وَيُونُس فَقيل لِابْنِ جُبَير: مَا قَوْله: {المثاني} قَالَ: ثنى فِيهَا الْقَضَاء والقصص وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سبعا من المثاني} قَالَ: الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء والمائدة والأنعام والأعراف والكهف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان {المثاني} المئين: الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء والمائدة والأنعام وَبَرَاءَة والأنفال سُورَة وَاحِدَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سبعا من المثاني} قَالَ: السَّبع الطول قلت: لم سميت {المثاني} قَالَ: يتَرَدَّد فِيهِنَّ الْخَبَر والأمثال والعبر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سبعا من المثاني} فَاتِحَة الْكتاب والسبع الطول مِنْهُنَّ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زِيَاد بن أبي مَرْيَم فِي قَوْله: {سبعا من المثاني} قَالَ: أَعطيتك سبعا أخر أُؤمر وَأَنه وَبشر وأنذر وَاضْرِبْ الْأَمْثَال واعدد النعم واتل نبأ الْقُرُون وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك قَالَ: الْقُرْآن كُله مثاني وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سبعا من المثاني} قَالَ: هِيَ السَّبع الطول الأول {وَالْقُرْآن الْعَظِيم} سائره وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {المثاني} مَا ثني من

الْقُرْآن ألم تسمع لقَوْل الله (الله نزل أحسن الحَدِيث كتابا متشابهاً مثاني) (الْوَاقِعَة 16) وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: {المثاني} الْقُرْآن يذكر الله الْقِصَّة الْوَاحِدَة مرَارًا آيَة 88 - 96

88

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا تَمُدَّن عَيْنَيْك} الْآيَة قَالَ: نهى الرجل أَن يتَمَنَّى مَال صَاحبه وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن يحيى بن أبي كثير: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِإِبِل حَيّ يُقَال لَهُم بَنو الملوح أَو بَنو المصطلق قد عنست فِي أبوالها من السّمن فتقنع بِثَوْبِهِ ومرّ وَلم ينظر إِلَيْهَا لقَوْله: {لَا تَمُدَّن عَيْنَيْك} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أَزْوَاجًا مِنْهُم} قَالَ: الْأَغْنِيَاء الْأَمْثَال الْأَشْبَاه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: من أعطي الْقُرْآن فَمد عَيْنَيْهِ إِلَى شَيْء مِنْهَا فقد صغر الْقُرْآن ألم تسمع قَوْله: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} إِلَى قَوْله: {ورزق رَبك خير وَأبقى} قَالَ: يَعْنِي الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {واخفض جناحك} قَالَ: اخضع

وَأخرج البُخَارِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَمَا أنزلنَا على المقتسمين الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين} قَالَ: هم أهل الْكتاب جزأوه أَجزَاء فآمنوا بِبَعْضِه وَكَفرُوا بِبَعْضِه وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {عضين} فرقا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلَ رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَرَأَيْت قَول الله {كَمَا أنزلنَا على المقتسمين} قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَالَ: {الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين} قَالَ: آمنُوا بِبَعْض وَكَفرُوا بِبَعْض وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة اجْتمع إِلَيْهِ نفر من قُرَيْش - وَكَانَ ذَا سنّ فيهم - وَقد حضر الْمَوْسِم فَقَالَ لَهُم: يامعشر قُرَيْش إِنَّه قد حضر هَذَا الْمَوْسِم وَإِن وُفُود الْعَرَب ستقدم عَلَيْكُم فِيهِ وَقد سمعُوا بِأَمْر صَاحبكُم هَذَا فاجمعوا فِيهِ رَأيا وَاحِدًا وَلَا تختلفوا فيُكَذِّب بَعْضكُم بَعْضًا فَقَالُوا أَنْت فَقل وَأتم لنا بِهِ رَأيا نقُول بِهِ قَالَ: لَا بل أَنْتُم قُولُوا لأسْمع قَالُوا نقُول كَاهِن قَالَ: مَا هُوَ بكاهن لقد رَأينَا الْكُهَّان فَمَا هُوَ بزمزمة الْكُهَّان وَلَا بسجعهم قَالُوا فَنَقُول مَجْنُون قَالَ: مَا هُوَ بمجنون لقد رَأينَا الْجُنُون وعرفناه فَمَا هُوَ بخنقه وَلَا بحائحه وَلَا وسوسته قَالُوا: فَنَقُول شَاعِر قَالَ: مَا هُوَ بشاعر لقد عرفنَا الشّعْر كُله رَجَزه وهَزَجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فَمَا هُوَ بالشعر قَالُوا: فَنَقُول سَاحر قَالَ: مَا هُوَ بساحر لقد رَأينَا السحار وسحرهم فَمَا هُوَ بنفثه وَلَا بعقده قَالُوا فَمَاذَا نقُول قَالَ: وَالله إِن لقَوْله حلاوة وَإِن عَلَيْهِ لطلاوة وَإِن أَصله لعذق وَإِن فَرعه لجناء فَمَا أَنْتُم بقائلين من هَذَا شَيْئا إِلَّا عرف أَنه بَاطِل وَإِن أقرب القَوْل أَن تَقولُوا هُوَ سَاحر يفرق بَين الْمَرْء وَأَبِيهِ وَبَين الْمَرْء وأخيه وَبَين الْمَرْء وزوجه وَبَين الْمَرْء وعشيرته فَتَفَرَّقُوا عَنهُ بذلك فَأنْزل الله فِي الْوَلِيد وَذَلِكَ من قَوْله: (ذَرْنِي وَمن خلقت وحيداً ) إِلَى قَوْله (سأصليه سقر ) (المدثر آيَة 11 - 16) وَأنزل الله فِي أُولَئِكَ النَّفر الَّذين كَانُوا مَعَه {الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين} أَي أصنافاً {فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين} قَالَ: هم رَهْط من قُرَيْش عضهوا كتاب الله فَزعم بَعضهم أَنه سحر وَزعم بَعضهم أَنه كهَانَة وَزعم بَعضهم أَنه أساطير الْأَوَّلين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة يَقُول: العضه السحر بِلِسَان قُرَيْش يَقُولُونَ لِلسَّاحِرَةِ: إِنَّهَا العاضهة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ) قَالَ: يسْأَل الْعباد كلهم يَوْم الْقِيَامَة عَن خلتين: عَمَّا كَانُوا يعْبدُونَ وَعَما أجابوا بِهِ الْمُرْسلين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ} وَقَالَ: (فَيَوْمئِذٍ لَا يسْأَل عَن ذَنبه إنس وَلَا جَان) (الرَّحْمَن آيَة 39) قَالَ: لَا يسألهم هَل عَمَلهم كَذَا وَكَذَا لِأَنَّهُ أعلم مِنْهُم بذلك وَلَكِن يَقُول: لم عملتم كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} فامضه وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عُبَيْدَة أَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا زَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستخفياً حَتَّى نزل {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} فَخرج هُوَ وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَأعْرض عَن الْمُشْركين} قَالَ: نسخه قَوْله: (اقْتُلُوا الْمُشْركين) (التَّوْبَة آيَة 5) وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} قَالَ: هَذَا أَمر من الله لنَبيه بتبليغ رسَالَته قومه وَجَمِيع من أرسل إِلَيْهِ وَأخرج ابْن شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} قَالَ: اجهر بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاة وَأخرج عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} قَالَ: بِالْقُرْآنِ الَّذِي أُوحِي إِلَيْهِ أَن يبلغهم إِيَّاه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} قَالَ: أعلن بِمَا تُؤمر وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق السّديّ الصَّغِير عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستخفياً سِنِين لَا يظْهر شَيْئا مِمَّا أنزل الله حَتَّى نزلت {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} يَعْنِي: أظهر أَمرك بِمَكَّة فقد أهلك الله الْمُسْتَهْزِئِينَ بك وَبِالْقُرْآنِ وهم خَمْسَة رَهْط فَأَتَاهُ جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرَاهُم أَحيَاء بعد كلهم فاهلكوا فِي يَوْم وَاحِد وَلَيْلَة مِنْهُم الْعَاصِ ابْن وَائِل السَّهْمِي خرج فِي يَوْمه ذَلِك فِي يَوْم مطير فَخرج على رَاحِلَته يسير وَابْن لَهُ يتنزه ويتغدى فَنزل شعبًا من تِلْكَ الشعاب فَلَمَّا وضع قدمه على الأَرْض قَالَ: لدغت فطلبوا فَلم يَجدوا شَيْئا وَانْتَفَخَتْ رجله حَتَّى صَارَت مثل عنق الْبَعِير فَمَاتَ مَكَانَهُ وَمِنْهُم الْحَارِث بن قيس السَّهْمِي أكل حوتا مالحا فَأَصَابَهُ غَلَبَة عَطش فَلم يزل يشرب عَلَيْهِ من المَاء حَتَّى أنقدّ بَطْنه فَمَاتَ وَهُوَ يَقُول: قتلني رب مُحَمَّد وَمِنْهُم الْأسود بن الْمطلب وَكَانَ لَهُ زَمعَة بِالشَّام وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد دَعَا على الْأَب أَن يعمى بَصَره وَأَن يتكل وَلَده فَأَتَاهُ جِبْرِيل بِوَرَقَة خضراء فَرَمَاهُ بهَا فَذهب بَصَره وَخرج يلاقي ابْنه وَمَعَهُ غُلَام لَهُ فَأَتَاهُ جِبْرِيل وَهُوَ قَاعد فِي أصل شَجَرَة فَجعل يَنْطَح رَأسه وَيضْرب وَجهه بالشوك فاستغاث بغلامه فَقَالَ لَهُ غُلَامه: لَا أرى أحدا يصنع بك شَيْئا غير نَفسك حَتَّى مَاتَ وَهُوَ يَقُول: قتلني رب مُحَمَّد وَمِنْهُم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة مرّ على نبل لرجل من خُزَاعَة قد راشها وجعاها فِي الشَّمْس فربطها فَانْكَسَرت فَتعلق بِهِ سهم مِنْهَا فَأصَاب أكحله فَقتله وَمِنْهُم الْأسود بن عبد يَغُوث خرج من أَهله فَأَصَابَهُ السمُوم فاسودّ حَتَّى عَاد حَبَشِيًّا فَأتى أَهله فَلم يعرفوه فاغلقوا دونه الْبَاب حَتَّى مَاتَ وَهُوَ يَقُول: قتلني رب مُحَمَّد فَقَتلهُمْ الله جَمِيعًا فأظهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره وأعلنه بِمَكَّة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل بِسَنَدَيْنِ ضعيفين عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ} قَالَ: قد سلط عَلَيْهِم جِبْرِيل وأمرته بقيلهم فَعرض للوليد بن الْمُغيرَة فعثر بِهِ فعصره عَن نصل فِي رجله حَتَّى خرج رجيعه من أَنفه وَعرض للأسود بن عبد الْعُزَّى وَهُوَ يشرب مَاء فَنفخ فِي ذَلِك حَتَّى انتفخ جَوْفه فانشق وَاعْترض للعاص بن وَائِل وَهُوَ مُتَوَجّه إِلَى الطَّائِف فنخسه بِشَبْرُقَةٍ فَجرى سمّها إِلَى

رَأسه وَقتل الْحَارِث بن قيس بلكزة فَمَا زَالَ يفوق حَتَّى مَاتَ وَقتل الْأسود بن عبد يَغُوث الزُّهْرِيّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ} قَالَ: المستهزئون الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَالْأسود بن عبد يَغُوث وَالْأسود بن الْمطلب والْحَارث بن عبطل السَّهْمِي وَالْعَاص بن وَائِل فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَشَكَاهُمْ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَرِنِي إيَّاهُم فَأرَاهُ الْوَلِيد فَأَوْمأ جِبْرِيل إِلَى أكحله فَقَالَ: مَا صنعت شَيْئا قَالَ: كفيتكه ثمَّ أرَاهُ الْأسود بن الْمطلب فَأَوْمأ إِلَى عينه فَقَالَ: مَا صنعت شَيْئا قَالَ: كَفَيْتُكَهُ ثمَّ أرَاهُ الْحَرْث فَأَوْمأ إِلَى بَطْنه فَقَالَ: مَا صنعت شَيْئا فَقَالَ: كفيتكه ثمَّ أرَاهُ الْعَاصِ بن وَائِل فَأَوْمأ إِلَى أَخْمُصُهُ فَقَالَ: مَا صنعت شَيْئا فَقَالَ كفيتكه فَأَما الْوَلِيد فَمر بِرَجُل من خُزَاعَة وَهُوَ يريش نبْلًا فَأصَاب أكحله فقطعها وَأما الْأسود بن الْمطلب فَنزل تَحت سَمُرَة فَجعل يَقُول: يَا بنيّ أَلا تدفعون عني قد هَلَكت وَطُعِنْتُ بالشوك فِي عَيْني فَجعلُوا يَقُولُونَ: مَا نرى شَيْئا فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى عتمت عَيناهُ وَأما الْأسود بن عبد يَغُوث فَخرج فِي رَأسه قُرُوح فَمَاتَ مِنْهَا وَأما الْحَارِث فَأَخذه المَاء الْأَصْفَر فِي بَطْنه حَتَّى خرج خرؤه من فِيهِ فَمَاتَ مِنْهُ وَأما الْعَاصِ فَركب إِلَى الطَّائِف فَرَبَضَ على شبْرقَة فَدخل من أَخْمص قدمه شَوْكَة فَقتله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة قَالَ: إِن مُحَمَّدًا كَاهِن يخبر بِمَا يكون قبل أَن يكون وَقَالَ أَبُو جهل: مُحَمَّد سَاحر يفرق بَين الْأَب وَالِابْن وَقَالَ عقبَة بن أبي معيط: مُحَمَّد مَجْنُون يهذي فِي جُنُونه وَقَالَ أبي بن خلف: مُحَمَّد كَذَّاب فَأنْزل الله {انا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ} فهلكوا قبل بدر وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن الْمُسْتَهْزِئِينَ ثَمَانِيَة: الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَالْأسود بن عبد يَغُوث وَالْعَاص بن وَائِل والْحَارث بن عدي بن سهم وَعبد الْعُزَّى بن قصي وَهُوَ أَبُو زَمعَة وَكلهمْ هلك قبل بدر بِمَوْت أَو مرض والْحَارث بن قيس من العياطل

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {الْمُسْتَهْزِئِينَ} مِنْهُم: الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَالْعَاص بن وَائِل والْحَارث بن قيس وَالْأسود بن الْمطلب وَالْأسود بن عبد يَغُوث وَأَبُو هَبَّار بن الْأسود وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ {إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ} قَالَ: خَمْسَة من قُرَيْش كَانُوا يستهزئون برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم الْحَارِث بن عيطلة وَالْعَاص بن وَائِل وَالْأسود بن عبد يَغُوث والوليد بن الْمُغيرَة وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أنَاس بِمَكَّة فَجعلُوا يغمزون فِي قَفاهُ وَيَقُولُونَ: هَذَا الَّذِي يزْعم أَنه نَبِي وَمَعَهُ جِبْرِيل فغمز جِبْرِيل بِأُصْبُعِهِ فَوَقع مثل الظفر فِي أَجْسَادهم فَصَارَت قروحاً نتنة فَلم يسْتَطع أحد أَن يدنوا مِنْهُم وَأنزل الله {إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عِكْرِمَة قَالَ: مكث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة خمس عشرَة سنة مِنْهَا أَربع أَو خمس يدعوا إِلَى الإِسلام سرا وَهُوَ خَائِف حَتَّى بعث الله على الرِّجَال الَّذين أنزل فيهم {انا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ} {الَّذين جعلُوا الْقُرْآن عضين} والعضين بِلِسَان قُرَيْش السحر وَأمر بعدوانهم فَقَالَ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر وَأعْرض عَن الْمُشْركين} ثمَّ أَمر بِالْخرُوجِ إِلَى الْمَدِينَة فَقدم فِي ثَمَان ليالٍ خلون من شهر ربيع الأول ثمَّ كَانَت وقْعَة بدر ففيهم أنزل الله (وَأَن يَعدكُم الله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لكم) (الْأَنْفَال آيَة 5) وَفِيهِمْ نزلت (سَيهْزمُ الْجمع) (الْقَمَر آيَة 45) وَفِيهِمْ نزلت: (حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ) وَفِيهِمْ نزلت (ليقطع طرفا من الَّذين كفرُوا) (آل عمرَان آيَة 127) وَفِيهِمْ نزلت (لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء) أَرَادَ الله الْقَوْم وَأَرَادَ رَسُول الله العير وَفِيهِمْ نزلت (ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا ) (إِبْرَاهِيم آيَة 28) الْآيَة وَفِيهِمْ نزلت (قد كَانَ لكم آيَة فِي فئتين التقتا) (آل عمرَان أَيَّة 13) فِي شَأْن العير (والركب أَسْفَل مِنْكُم) (الْأَنْفَال آيَة 42) أخذُوا أَسْفَل الْوَادي فَهَذَا كُله فِي أهل بدر وَكَانَت قبل بدر بشهرين سَرِيَّة يَوْم قتل ابْن الْحَضْرَمِيّ ثمَّ كَانَت أحد ثمَّ يَوْم الْأَحْزَاب بعد أحد بِسنتَيْنِ ثمَّ كَانَت الْحُدَيْبِيَة - وَهُوَ يَوْم

الشَّجَرَة - فَصَالحهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ على أَن يعْتَمر فِي عَام قَابل فِي هَذَا الشَّهْر فَفِيهَا أنزلت (الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام) (الْبَقَرَة آيَة 149) فشهر الْعَام الأول بِشَهْر الْعَام فَكَانَت (الحرمات قصاص) ثمَّ كَانَ الْفَتْح بعد الْعمرَة فَفِيهَا نزلت (حَتَّى إِذا فتحنا عَلَيْهِم بَابا ذَا عَذَاب شَدِيد ) (الْمُؤْمِنُونَ آيَة 77) الْآيَة وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غزاهم وَلم يَكُونُوا عدوا لَهُ أهبة الْقِتَال وَلَقَد قتل من قُرَيْش يَوْمئِذٍ اربعة رَهْط من حلفائهم وَمن بني بكر خمسين أَو زِيَادَة وَفِيهِمْ نزلت - لما دخلُوا فِي دين الله (هُوَ الَّذِي أنشألكم السّمع والابصار) (الْمُؤْمِنُونَ آيَة 78) ثمَّ خرج إِلَى حنين بعد عشْرين لَيْلَة ثمَّ إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ أَمر أَبَا بكر على الْحَج وَلما رَجَعَ أَبُو بكر من الْحَج غزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبُوك ثمَّ حج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَام الْمقبل ثمَّ ودع النَّاس ثمَّ رَجَعَ فَتوفي لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله: {إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ} قَالَ: هَؤُلَاءِ فِيمَا سمعنَا خَمْسَة رَهْط استهزأوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَرَادَ صَاحب الْيمن أَن يرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة فَزعم أَن مُحَمَّدًا سَاحر وَأَتَاهُ الْعَاصِ بن وَائِل وَأخْبرهُ أَن مُحَمَّدًا يعلم أساطير الْأَوَّلين فَجَاءَهُ آخر فَزعم أَنه كَاهِن وجاءه آخر فَزعم أَنه شَاعِر وَجَاء آخر فَزعم أَنه مَجْنُون فَكفى الله مُحَمَّدًا أُولَئِكَ الرَّهْط فِي لَيْلَة وَاحِدَة فأهلكهم بألوان من الْعَذَاب كل رجل مِنْهُم أَصَابَهُ عَذَاب فَأَما الْوَلِيد فَأتى على رجل من خُزَاعَة وَهُوَ يريش نبْلًا لَهُ فَمر بِهِ وَهُوَ يتبختر فَأَصَابَهُ مِنْهَا سهم فَقطع أكحله فَأَهْلَكَهُ الله وَأما الْعَاصِ بن وَائِل فَإِنَّهُ دخل فِي شعب فَنزل فِي حَاجَة لَهُ فَخرجت إِلَيْهِ حَيَّة مثل العمود فلدغته فَأَهْلَكَهُ الله وَأما الآخر فَكَانَ رجلا أَبيض حسن اللَّوْن خرج عشَاء فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فَأَصَابَهُ سموم شَدِيدَة الْحر فَرجع إِلَى أَهله وَهُوَ مثل حبشِي فَقَالُوا: لست بصاحبنا فَقَالَ: أَنا صَاحبكُم فَقَتَلُوهُ وَأما الآخر فَدخل فِي بِئْر لَهُ فَأَتَاهُ جِبْرِيل فعمه فِيهَا فَقَالَ: إِنِّي قتلت فَأَعِينُونِي: فَقَالُوا: وَالله مَا نرى أحدا فَكَانَ كَذَلِك حَتَّى أهلكه الله وَأما الآخر فَذهب إِلَى إبِله ينظر فِيهَا فَأَتَاهُ جِبْرِيل بشوك القتاد فَضَربهُ فَقَالَ: أعينوني فَإِنِّي قد هَلَكت قَالُوا: وَالله مَا نرى أحدا فَأَهْلَكَهُ الله فَكَانَ لَهُم فِي ذَلِك عِبْرَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحنى ظهر الْأسود بن عبد يَغُوث حَتَّى احقوقف صَدره فَقَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِي خَالِي فَقَالَ جِبْرِيل: دَعه عَنْك فقد كفيته فَهُوَ من الْمُسْتَهْزِئِينَ قَالَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ سُورَة الْبَقَرَة وَسورَة العنكبوت يستهزئون بهَا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن قَتَادَة قَالَ: هَؤُلَاءِ رَهْط من قُرَيْش مِنْهُم الْأسود بن عبد يَغُوث وَالْأسود بن الْمطلب والوليد بن الْمُغيرَة وَالْعَاص بن وَائِل وعدي بن قيس وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو نعيم عَن أبي بكر الْهُذلِيّ قَالَ: قيل لِلزهْرِيِّ إِن سعيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة اخْتلفَا فِي رجل من الْمُسْتَهْزِئِينَ فَقَالَ سعيد: الْحَارِث بن عيطلة وَقَالَ عِكْرِمَة: الْحَارِث بن قيس: فَقَالَ: صدقا جَمِيعًا كَانَت أمه تسمى عيطلة وَكَانَ أَبوهُ قيسا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَأَبُو نعيم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المستهزئون سَبْعَة فَسمى مِنْهُم الْعَاصِ بن وَائِل والوليد بن الْمُغيرَة وَهَبَّار بن الْأسود وَعبد يَغُوث بن وهب والحرث بن عيطلة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم عَن قَتَادَة ومقسم مولى ابْن عَبَّاس {إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ} قَالَ: هم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَالْعَاص بن وَائِل وعدي بن قيس وَالْأسود بن عبد يَغُوث وَالْأسود بن الْمطلب مروا رجلا رجلا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ جِبْرِيل فَإِذا مر بِهِ رجل مِنْهُم قَالَ لَهُ جِبْرِيل: كَيفَ مُحَمَّد هَذَا فَيَقُول: بئس عبد الله فَيَقُول جِبْرِيل: كَفَيْنَاكَهُ فَأَما الْوَلِيد فتردّى فَتعلق سهم بردائه فَذهب يجلس فَقطع أكحله فنزف حَتَّى مَاتَ وَأما الْأسود بن عبد يَغُوث فَأتى بِغُصْن فِيهِ شوك فَضرب بِهِ وَجهه فسالت حدقتاه على وَجهه فَمَاتَ وَأما الْعَاصِ فوطئ على شَوْكَة فتساقط لَحْمه عَن عِظَامه حَتَّى هلك وَأما الْأسود بن الْمطلب وعدي بن قيس فأحدهما قَامَ من اللَّيْل وَهُوَ ظمآن ليشْرب من جرة فَلم يزل يشرب حَتَّى انفتق بَطْنه فَمَاتَ وَأما الآخر فلدغته حَيَّة فَمَاتَ

آيَة 97 - 99

97

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم فِي التارخ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي مُسلم الْخَولَانِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أُوحِي لي أَن أجمع المَال وأكون من التاجرين وَلَكِن أُوحِي إِلَيّ أَن {فسبح بِحَمْد رَبك وَكن من الساجدين واعبد رَبك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أُوحِي إِلَيّ أَن أجمع المَال وأكون من التاجرين وَلَكِن أُوحِي إِلَيّ أَن {فسبح بِحَمْد رَبك وَكن من الساجدين واعبد رَبك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا أُوحِي إليّ أَن أكون تَاجِرًا وَلَا أجمع المَال متكاثران وَلَكِن أُوحِي إِلَيّ أَن {فسبح بِحَمْد رَبك وَكن من الساجدين واعبد رَبك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سَالم بن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ {واعبد رَبك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {واعبد رَبك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {واعبد رَبك حَتَّى يَأْتِيك الْيَقِين} قَالَ: الْمَوْت إِذا جَاءَهُ الْمَوْت جَاءَهُ تَصْدِيق مَا قَالَ الله لَهُ وحدثه من أَمر الْآخِرَة وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير عَن أم الْعَلَاء: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل على عُثْمَان بن مَظْعُون وَقد مَاتَ فَقلت: رَحْمَة الله عَلَيْك أَبَا السَّائِب فشهادتي عَلَيْك لقد أكرمك الله فَقَالَ: وَمَا يدْريك أَن الله أكْرمه أما هُوَ فقد جَاءَهُ الْيَقِين إِنِّي لأرجو لَهُ الْخَيْر

وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير مَا عاين النَّاس لَهُ رجل يمسك بعنان فرسه فالتمس الْقَتْل فِي مظانه وَرجل فِي شعب من هَذِه الشعاب أَو فِي بطن وادٍ من هَذِه الأودية فِي غنيمَة أَن يُقيم الصَّلَاة ويؤتي الزَّكَاة ويعبد الله حَتَّى يَأْتِيهِ الْيَقِين لَيْسَ من النَّاس إِلَّا فِي خير وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من طلب مَا عِنْد الله كَانَت السَّمَاء ظلاله وَالْأَرْض فرَاشه لم يهتم بِشَيْء من أَمر الدُّنْيَا فَهُوَ لَا يزرع الزَّرْع وَهُوَ يَأْكُل الْخبز وَهُوَ لَا يغْرس الشّجر وَيَأْكُل الثِّمَار توكّلاً على الله وَطلب مرضاته فضمن الله السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع رزقه فهم يتعبأون بِهِ ويأتون بِهِ حَلَالا وَاسْتوْفى هُوَ رزقه بِغَيْر حِسَاب عبد الله حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِين وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ لِلْمُؤمنِ رَاحَة دون لِقَاء الله وَمن كَانَت رَاحَته فِي لِقَاء الله فَكَانَ قد كفي وَالله أعلم بِالصَّوَابِ

(16) سُورَة النَّحْل مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان وَعِشْرُونَ وَمِائَة آيَة 1 - 4

النحل

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة النَّحْل بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج النّحاس من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُورَة النَّحْل نزلت بِمَكَّة سوى ثَلَاث آيَات من آخرهَا فانهن نَزَلْنَ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فِي منصرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أحد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {أَتَى أَمر الله} ذعر أَصْحَاب الرَّسُول حَتَّى نزلت {فَلَا تستعجلوه} فسكنوا وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر بن حَفْص قَالَ: لما نزلت {أَتَى أَمر الله} قَامُوا فَنزلت {فَلَا تستعجلوه}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس {أَتَى أَمر الله} قَالَ: خُرُوج مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن أبي بن كَعْب قَالَ: دخلت الْمَسْجِد فَصليت فَقَرَأت سُورَة النَّحْل وَجَاء رجلَانِ فقرآ خلاف قراءتنا فَأخذت بأيدهما فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله استقرئ هذَيْن فَقَرَأَ أَحدهمَا فَقَالَ: أصبت ثمَّ استقرأ الآخر فَقَالَ: أصبت فَدخل قلبِي أشدّ مِمَّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة من الشَّك والتكذيب فَضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَدْرِي فَقَالَ: أَعَاذَك الله من الشَّك والشيطان فتصببت عرقاً قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ: اقْرَأ الْقُرْآن على حرف وَاحِد فَقلت: إِن أمتِي لَا تَسْتَطِيع ذَلِك حَتَّى قَالَ: سبع مَرَّات فَقَالَ لي: اقْرَأ على سَبْعَة أحرف بِكُل ردة رَددتهَا مَسْأَلَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {أَتَى أَمر الله فَلَا تستعجلوه} قَالَ رجال من الْمُنَافِقين بَعضهم لبَعض: إِن هَذَا يزْعم أَن أَمر الله قد أَتَى فأمسكوا عَن بعض مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ حَتَّى تنظروا مَا هُوَ كَائِن فَلَمَّا رَأَوْا أَنه لَا ينزل شَيْء قَالُوا: مَا نرَاهُ نزل فَنزلت {اقْترب للنَّاس حسابهم} الْآيَة فَقَالُوا: إِن هَذَا يزْعم مثلهَا أَيْضا فَلَمَّا رَأَوْا أَنه لَا ينزل شَيْء قَالُوا: مَا نرَاهُ نزل شَيْء فَنزلت (وَلَئِن أخرنا عَنْهُم الْعَذَاب إِلَى أمة مَعْدُودَة ) (هود آيَة 8) الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تطلع عَلَيْكُم قبل السَّاعَة سَحَابَة سَوْدَاء من قبل الْمغرب مثل الترس فَمَا تزَال ترْتَفع فِي السَّمَاء حَتَّى تملأ السَّمَاء ثمَّ يُنَادي مُنَاد: ياأيها النَّاس فَيقبل النَّاس بَعضهم على بعض: هَل سَمِعْتُمْ فَمنهمْ من يَقُول: نعم وَمِنْهُم من يشك ثمَّ يُنَادي الثَّانِيَة: ياأيها النَّاس هَل سَمِعْتُمْ فَيَقُولُونَ: نعم ثمَّ يُنَادي: أَيهَا النَّاس {أَتَى أَمر الله فَلَا تستعجلوه} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الرجلَيْن لينشران الثَّوْب فَمَا يطويانه وَإِن الرجل ليملأ حَوْضه فَمَا يسْقِي فِيهِ شَيْئا وَإِن الرجل ليحلب نَاقَته فَمَا يشربه ويشغل النَّاس

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {أَتَى أَمر الله فَلَا تستعجلوه} قَالَ: الْأَحْكَام وَالْحُدُود والفرائض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ} قَالَ: بِالْوَحْي وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {الرّوح} أَمر من أَمر الله وَخلق من خلق الله وصورهم على صُورَة بني آدم وَمَا ينزل من السَّمَاء ملك إِلَّا وَمَعَهُ وَاحِد من الرّوح ثمَّ تَلا (يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا) (النبأ آيَة 38) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ من أمره} قَالَ: إِنَّه لَا ينزل ملك إِلَّا وَمَعَهُ روح كالحفيظ عَلَيْهِ لَا يتَكَلَّم وَلَا يرَاهُ ملك وَلَا شَيْء مِمَّا خلق الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ من أمره} قَالَ: بِالْوَحْي وَالرَّحْمَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ} قَالَ: بِالنُّبُوَّةِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: {ينزل الْمَلَائِكَة بِالروحِ} قَالَ: كل شَيْء تكلم بِهِ رَبنَا فَهُوَ روح {من أمره} قَالَ: بِالرَّحْمَةِ وَالْوَحي على من يَشَاء من عباده فيصطفي مِنْهُم رسلًا {أَن أنذروا أَنه لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاتقون} قَالَ: بهَا بعث الله الْمُرْسلين أَن يوحد الله وجده ويطاع أمره ويجتنب سخطه وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن يسر بن جحاش قَالَ: بَصق رَسُول الله فِي كَفه ثمَّ قَالَ: يَقُول الله أَنى تعجزني وَقد خلقتك من

مثل هَذِه حَتَّى إِذا سوّيتك فعدلتك مشيت بَين برديك وللأرض مِنْك وئيد فَجمعت ومنعت حَتَّى إِذا بلغت الْحُلْقُوم قلت: أَتصدق وأنى أَوَان الصَّدَقَة آيَة 6 - 8

5

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لكم فِيهَا دفء} قَالَ: الثِّيَاب {وَمَنَافع} قَالَ: مَا تنتفعون بِهِ من الْأَطْعِمَة والأشربة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لكم فِيهَا دفء وَمَنَافع} قَالَ: نسل كل دَابَّة وَأخرج الديلمي عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْبركَة فِي الْغنم وَالْجمال فِي الْإِبِل وَأخرج ابْن ماجة عَن عُرْوَة الْبَارِقي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الابل عزّ لأَهْلهَا وَالْغنم بركَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلكم فِيهَا جمال حِين تريحون} قَالَ: إِذا راحت كأعظم مَا يكون أسنمة وَأحسن مَا تكون ضروعاً {وَحين تسرحون} قَالَ: إِذا سرحت لرعيها قَالَ قَتَادَة: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الإِبل فَقَالَ: هِيَ عز لأَهْلهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَتحمل أثقالكم إِلَى بلد} قَالَ يَعْنِي مَكَّة {لم تَكُونُوا بالغيه إِلَّا بشق الْأَنْفس} قَالَ: لَو تكلفتموه لم تُطِيقُوا إِلَّا بِجهْد شَدِيد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِلَّا بشق الْأَنْفس} قَالَ: مشقة عَلَيْكُم

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إيَّاكُمْ أَن تَتَّخِذُوا ظُهُور دوابكم مَنَابِر فَإِن الله تَعَالَى إِنَّمَا سخرها لكم لتبلغوا إِلَى بلد لم تَكُونُوا بالغيه إِلَّا بشق الْأَنْفس وَجعل لكم الأَرْض فعلَيْهَا فاقضوا حاجاتكم وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن أنس عَن أَبِيه: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على قوم وهم وقُوف على دَوَاب لَهُم ورواحل فَقَالَ لَهُم: اركبوا هَذِه الدَّوَابّ سَالِمَة ودعوها سَالِمَة وَلَا تتخذوها كراسي لأحاديثكم فِي الطّرق والأسواق فَرب مركوبه خير من راكبها وَأكْثر ذكرا لله تَعَالَى مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء بن دِينَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تَتَّخِذُوا ظُهُور الدَّوَابّ كراسي لأحاديثكم فَرب رَاكب مركوبة هِيَ خير من راكبها وَأكْثر ذكرا لله تَعَالَى مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء بن دِينَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تَتَّخِذُوا ظُهُور الدَّوَابّ كراسي لأحاديثكم فَرب رَاكب مركوبة هِيَ خير مِنْهُ وأطوع لله مِنْهُ وَأكْثر ذكرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حبيب قَالَ: كَانَ يكره طول الْوُقُوف على الدَّابَّة وَأَن تضرب وَهِي محسنة وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو غفر لكم مَا تأتون إِلَى الْبَهَائِم لغفر لكم كثير وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لتركبوها وزينة} قَالَ: جعلهَا لتركبوها وَجعلهَا زِينَة لكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة: أَن أَبَا عِيَاض كَانَ يقْرؤهَا {وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها وزينة} يَقُول: جعلهَا زِينَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْخَيل وحشية فذللها الله لإِسماعيل بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: بَلغنِي أَن الله أَرَادَ أَن يخلق الْفرس قَالَ لريح الْجنُوب: إِنِّي خَالق مِنْك خلقا أجعله

عزا لأوليائي ومذلة لأعدائي وَحمى لأهل طَاعَتي فَقبض من الرّيح قَبْضَة فخلق مِنْهَا فرسا فَقَالَ: سميتك فرسا وجعلتك عَرَبيا الْخَيْر مَعْقُود بناصيتك والغنائم محازة على ظهرك والغنى مَعَك حَيْثُ كنت ارعاك لسعة الرزق على غَيْرك من الدَّوَابّ وجعلتك لَهَا سيداً وجعلتك تطير بِلَا جناحين فَأَنت للطلب وَأَنت للهرب وسأحمل عَلَيْك رجَالًا يسبحوني فتسبحني مَعَهم إِذا سبحوا ويهللوني فتهللني مَعَهم إِذا هللوا ويكبروني فتكبرني مَعَهم إِذا كبروا فَلَمَّا صَهل الْفرس قَالَ: باركت عَلَيْك أرهب بصهيلك الْمُشْركين أملأ مِنْهُ آذانهم وأرعب مِنْهُ قُلُوبهم وأذل أَعْنَاقهم فَلَمَّا عرض الْخلق على آدم وَسَمَّاهُمْ قَالَ الله تَعَالَى: يَا آدم اختر من خلقي من أَحْبَبْت فَاخْتَارَ الْفرس فَقَالَ الله: اخْتَرْت عزك وَعز ولدك بَاقٍ فيهم مَا بقوا وينتج مِنْهُ أولادك أَوْلَادًا فبركتي عَلَيْك وَعَلَيْهِم فَمَا من تَسْبِيحَة وَلَا تَهْلِيلَة وَلَا تَكْبِيرَة تكون من رَاكب الْفرس إِلَّا وَالْفرس تسمعها وتجيبه مثل قَوْله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَأَلَ رجل ابْن عَبَّاس عَن أكل لُحُوم الْخَيل فكرهها وَقَرَأَ {وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها وزينة} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يكره لُحُوم الْخَيل وَيَقُول: قَالَ الله: {والأنعام خلقهَا لكم فِيهَا دفء وَمَنَافع وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} فَهَذِهِ للْأَكْل {وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها} فَهَذِهِ للرُّكُوب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد أَنه سُئِلَ عَن لُحُوم الْخَيل فَقَالَ: {وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الحكم فِي قَوْله: {والأنعام خلقهَا لكم فِيهَا دفء وَمَنَافع وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} فَجعل مِنْهُ الْأكل ثمَّ قَرَأَ {وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها وزينة} قَالَ: لم يَجْعَل لكم فِيهَا أكلا وَكَانَ الحكم يَقُول: الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير حرَام فِي كتاب الله وَأخرج أَبُو عبيد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن خَالِد بن الْوَلِيد قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع وَعَن لُحُوم الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير

وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: طعمنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لُحُوم الْخَيل ونهانا عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر بن عبد الله أَنهم ذَبَحُوا يَوْم خَيْبَر الْحمير وَالْبِغَال وَالْخَيْل فنهاهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحمير وَالْبِغَال وَلم ينههم عَن الْخَيل وَأخرج ابْن أبي شبية وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطاء عَن جَابر قَالَ: كُنَّا نَأْكُل لحم الْخَيل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: وَالْبِغَال قَالَ: أما البغال فَلَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر عَن أَسمَاء قَالَت: نحرنا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرسا فأكلناه وَأخرج أَحْمد عَن دحْيَة الْكَلْبِيّ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أحمل لَك حمارا على فرس فينتج لَك بغلاً وتركبها قَالَ: إِنَّمَا يفعل ذَلِك الَّذين لَا يعلمُونَ وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {ويخلق مَا لَا تعلمُونَ} قَالَ البراذين وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ويخلق مَا لَا تعلمُونَ} قَالَ: السوس فِي الثِّيَاب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن مِمَّا خلق الله لأرضاً من لؤلؤة بَيْضَاء مسيرَة ألف عَام عَلَيْهَا جبل من ياقوتة حَمْرَاء محدق بهَا فِي تِلْكَ الأَرْض ملك قد مَلأ شرقها وغربها لَهُ سِتّمائَة رَأس فِي كل رَأس سِتّمائَة وَجه فِي كل وَجه سِتُّونَ ألف فَم فِي كل فَم سِتُّونَ ألف لِسَان يثني على الله ويقدسه ويهلله ويكبره بِكُل لِسَان سِتّمائَة ألف وَسِتِّينَ ألف مرّة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نظر إِلَى عَظمَة الله فَيَقُول: وَعزَّتك مَا عبدتك حق عبادتك فَذَلِك قَوْله: {ويخلق مَا لَا تعلمُونَ} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِن لله عباداً من وَرَاء الأندلس كَمَا بَيْننَا وَبَين الأندلس مَا يرَوْنَ أَن الله عَصَاهُ

مَخْلُوق رضراضهم الدّرّ والياقوت وجبالهم الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يحرثون وَلَا يزرعون وَلَا يعْملُونَ عملا لَهُم شجر على أَبْوَابهم لَهَا ثَمَر هِيَ طعامهم وَشَجر لَهَا أوراق عراض هِيَ لباسهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب أَنه قيل لَهُ: أخبرنَا من أَتَى سعالة الرّيح وانه رأى بهَا أَربع نُجُوم كَأَنَّهَا أَرْبَعَة أقمار فَقَالَ وهب: {ويخلق مَا لَا تعلمُونَ} آيَة 9 - 13

9

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وعَلى الله قصد السَّبِيل} يَقُول الْبَيَان {وَمِنْهَا جَائِر} قَالَ الْأَهْوَاء الْمُخْتَلفَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وعَلى الله قصد السَّبِيل} يَقُول: على الله أَن يبين الْهدى والضلالة {وَمِنْهَا جَائِر} قَالَ السَّبِيل المتفرقة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وعَلى الله قصد السَّبِيل} قَالَ طَرِيق الْحق على الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وعَلى الله قصد السَّبِيل} قَالَ: على الله بَيَان حَلَاله وَحَرَامه وطاعته ومعصيته {وَمِنْهَا جَائِر} قَالَ: على السَّبِيل ناكب عَن الْحق وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود ومنكم جَائِر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَليّ أَنه كَانَ يقْرَأ هَذِه الْآيَة فمنكم جَائِر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {وعَلى الله قصد السَّبِيل} قَالَ: طَرِيق الْهدى {وَمِنْهَا جَائِر} قَالَ: من السبل جَائِر عَن الْحق وَقَرَأَ (وَلَا تتبعوا السبل فتقرق بكم عَن سَبيله) (الْأَنْعَام آيَة 153) {وَلَو شَاءَ لهداكم أَجْمَعِينَ} لقصد السَّبِيل الَّذِي هُوَ الْحق وَقَرَأَ (وَلَو شَاءَ رَبك لأمن من فِي الأَرْض كلهم جَمِيعًا) (يُونُس آيَة 99) وَقَرَأَ (وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها) (السَّجْدَة آيَة 13) وَالله أعلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فِيهِ تسيمون} قَالَ: ترعون فِيهِ أنعامكم وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل: {فِيهِ تسيمون} قَالَ: فِيهِ ترعون قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: وَمَشى الْقَوْم بالعماد إِلَى الدو حاء أعماد المسيم بن المساق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمَا ذَرأ لكم فِي الأَرْض} قَالَ: مَا خلق لكم فِي الأَرْض مُخْتَلفا: من الدَّوَابّ وَالشَّجر وَالثِّمَار نعم من الله متظاهرة فاشكروها لله عز وَجل وَالله أعلم بِالصَّوَابِ آيَة 14

14

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطر أَنه كَانَ لَا يرى بركوب الْبَحْر بَأْسا وَقَالَ: مَا ذكره الله فِي الْقُرْآن إِلَّا بِخَير

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ يكره ركُوب الْبَحْر إِلَّا لثلاث: غازٍ أَو حَاج أَو مُعْتَمر وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَلْقَمَة بن شهَاب الْقرشِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لم يدْرك الْغَزْو معي فليغزو فِي الْبَحْر فَإِن أجر يَوْم فِي الْبَحْر كَأَجر يَوْم فِي الْبر وَإِن الْقَتْل فِي الْبَحْر كالقتلتين فِي الْبر وَإِن المائد فِي السَّفِينَة كالمتشحط فِي دَمه وان خِيَار شُهَدَاء أمتِي أَصْحَاب الْكَفّ قَالُوا: وَمَا أَصْحَاب الْكَفّ يارسول الله قَالَ: قوم تتكفأ بهم مراكبهم فِي سَبِيل الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن كَعْب الْأَحْبَار: إِن الله قَالَ للبحر الغربي حِين خلقه: قد خلقتك فأحسنت خلقك وَأَكْثَرت فِيك من المَاء وَإِنِّي حَامِل فِيك عباداً لي يكبروني ويهللوني ويسبحوني ويحمدوني فَكيف تعْمل بهم قَالَ: أغرقهم قَالَ الله: إِنِّي أحملهم على كفي وَأَجْعَل بأسك فِي نواحيك ثمَّ قَالَ للبحر الشَّرْقِي: قد خلقتك فأحسنت خلقك وَأَكْثَرت فِيك من المَاء وَإِنِّي حَامِل فِيك عباداً لي يكبروني ويهللوني ويسبحوني ويحمدوني فَكيف أَنْت فَاعل بهم قَالَ أكبرك مَعَهم وأحملهم بَين ظَهْري وبطني فَأعْطَاهُ الله الْحِلْية وَالصَّيْد الطّيب وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كلم الله الْبَحْر الغربي وكلم الْبَحْر الشَّرْقِي فَقَالَ للبحرالغربي: إِنِّي حَامِل فِيك عباداً من عبَادي فَمَا أَنْت صانع بهم قَالَ: أغرقهم قَالَ: بأسك فِي نواحيك وَحرمه الْحِلْية وَالصَّيْد وكلم هَذَا الْبَحْر الشَّرْقِي فَقَالَ: إِنِّي حَامِل فِيك عباداً من عبَادي فَمَا أَنْت صانع بهم قَالَ: أحملهم على يَدي وأكون لَهُم كالوالدة لولدها فأثابه الْحِلْية وَالصَّيْد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَهُوَ الَّذِي سخر الْبَحْر لتأكلوا مِنْهُ لَحْمًا طرياً} يَعْنِي حيتان الْبَحْر {وتستخرجوا مِنْهُ حلية تلبسونها} قَالَ: هَذَا اللُّؤْلُؤ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {لتأكلوا مِنْهُ لَحْمًا طرياً} قَالَ: هُوَ السّمك وَمَا فِيهِ من الدَّوَابّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة: إِنَّه سُئِلَ عَن رجل قَالَ لامْرَأَته: إِن أكلت لَحْمًا فَأَنت طَالِق فَأكلت سمكًا قَالَ: هِيَ طَالِق قَالَ الله: {لتأكلوا مِنْهُ لَحْمًا طرياً}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: يَحْنَث قَالَ الله: {لتأكلوا مِنْهُ لَحْمًا طرياً} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جَعْفَر قَالَ: لَيْسَ فِي الْحلِيّ زَكَاة ثمَّ قَرَأَ {وتستخرجوا مِنْهُ حلية تلبسونها} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَترى الْفلك مواخر} قَالَ: جواري وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَترى الْفلك مواخر فِيهِ} قَالَ: تمخر السفن الرِّيَاح وَلَا تمخر الرّيح السفن إِلَّا الْفلك الْعِظَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {وَترى الْفلك مواخر فِيهِ} قَالَ: تشق المَاء بصدرها وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَترى الْفلك مواخر فِيهِ} قَالَ: السفينتان تجريان برِيح وَاحِدَة كل وَاحِدَة مُسْتَقْبلَة الْأُخْرَى وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَترى الْفلك مواخر فِيهِ} قَالَ: تجْرِي برِيح وَاحِدَة مقبلة ومدبرة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {ولتبتغوا من فَضله} قَالَ: هُوَ التِّجَارَة وَالله أعلم بِالصَّوَابِ آيَة 15 - 23

15

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن عَن قيس بن عباد قَالَ: إِن الله لما خلق الأَرْض جَعَلتْ تَمور فَقَالَت الْمَلَائِكَة: مَا هَذِه بمُقِرَّة على ظهرهَا أحد فَأَصْبَحت صبحان وفيهَا رواسيها فَلم يدروا من أَيْن خلقت فَقَالُوا رَبنَا هَل من خلقك شَيْء أَشد من هَذَا قَالَ: نعم الْحَدِيد فَقَالُوا: هَل من خلقك شَيْء أَشد من الْحَدِيد قَالَ: نعم النَّار قَالُوا: رَبنَا هَل من خلقك شَيْء أَشد من النَّار قَالَ: نعم المَاء قَالُوا: رَبنَا هَل من خلقك شَيْء هُوَ أَشد من المَاء قَالَ: نعم الرّيح قَالُوا: رَبنَا هَل من خلقك شَيْء هوأشد من الرّيح قَالَ: نعم الرجل قَالُوا: رَبنَا هَل من خلقك شَيْء هُوَ أَشد من الرجل قَالَ: نعم الْمَرْأَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {رواسي} قَالَ: الْجبَال {أَن تميد بكم} قَالَ: أثبتها بالجبال وَلَوْلَا ذَلِك مَا أقرَّت عَلَيْهَا خلقا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {رواسي أَن تميد بكم} قَالَ: حَتَّى لَا تميد بكم كَانُوا على الأَرْض تمور بهم لَا يسْتَقرّ بهَا فَأَصْبحُوا صبحاً وَقد جعل الله الْجبَال وَهِي الرواسِي أوتاداً فِي الأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِن تميد بكم} قَالَ: أَن تكفأ بكم وَفِي قَوْله: وأنهاراً قَالَ: بِكُل بَلْدَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وسبلاً} قَالَ: السبل هِيَ الطّرق بَين الْجبَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والخطيب فِي كتاب فِي كتاب النُّجُوم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وسبلاً} قَالَ: طرقاً {وعلامات} قَالَ: هِيَ النُّجُوم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وعلامات} قَالَ: أَنهَار الْجبَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ فِي قَوْله: {وعلامات} قَالَ: الْجبَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وعلامات} يَعْنِي معالم الطّرق بِالنَّهَارِ {وبالنجم هم يَهْتَدُونَ} يَعْنِي بِاللَّيْلِ

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن إِبْرَاهِيم {وعلامات} قَالَ: هِيَ الاعلام الَّتِي فِي السَّمَاء {وبالنجم هم يَهْتَدُونَ} قَالَ: يَهْتَدُونَ بِهِ فِي الْبَحْر فِي أسفارهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وعلامات وبالنجم هم يَهْتَدُونَ} قَالَ: مِنْهَا مَا يكون عَلامَة وَمِنْهَا مَا يهتدى بِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يتَعَلَّم الرجل منَازِل الْقَمَر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يتَعَلَّم الرجل من النُّجُوم مَا يَهْتَدِي بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أَفَمَن يخلق كمن لَا يخلق} قَالَ: الله هُوَ الْخَالِق الرازق وَهَذِه الْأَوْثَان الَّتِي تعبد من دون الله تُخْلَقُ وَلَا تخلقُ شَيْئا وَلَا تملك لأَهْلهَا ضراً وَلَا نفعا قَالَ الله: {أَفلا تذكرُونَ} وَفِي قَوْله: {وَالَّذين يدعونَ من دون الله} الْآيَة قَالَ: هَذِه الْأَوْثَان الَّتِي تعبد من دون الله أموات لَا أَرْوَاح فِيهَا وَلَا تملك لأَهْلهَا خيرا وَلَا نفعا {إِلَهكُم إِلَه وَاحِد} قَالَ: الله إلهنا ومولانا وخالقنا ورازقنا وَلَا نعْبد وَلَا نَدْعُو غَيره {فَالَّذِينَ لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة قُلُوبهم مُنكرَة} يَقُول مُنكرَة لهَذَا الحَدِيث {وهم مستكبرون} قَالَ: مستكبرون عَنهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا جرم} يَقُول: بلَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {لَا جرم} يَعْنِي الْحق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم الضَّحَّاك فِي قَوْله: {لَا جرم} قَالَ: لَا كذب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِنَّه لَا يحب المستكبرين} قَالَ: هَذَا قَضَاء الله الَّذِي قضى {إِنَّه لَا يحب المستكبرين} وَذكر لنا أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يانبي الله إِنَّه ليعجبني الْجمال حَتَّى أود أَن علاقَة سَوْطِي وقبالة نَعْلي حسن فَهَل ترهب عليّ الْكبر فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ تَجِد قَلْبك قَالَ: أَجِدهُ عَارِفًا للحق مطمئناً إِلَيْهِ قَالَ: فَلَيْسَ ذَاك

بِالْكبرِ وَلَكِن الْكبر أَن تبطر الْحق وَتَغْمِص النَّاس فَلَا ترى أحدا أفضل مِنْك وَتَغْمِص الْحق فتجاوزه إِلَى غَيره وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحُسَيْن بن عَليّ أَنه كَانَ يجلس إِلَى الْمَسَاكِين ثمَّ يَقُول: {إِنَّه لَا يحب المستكبرين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: ثَلَاث من فعلهن لم يكْتب مستكبراً: من ركب الْحمار وَلم يسنكف وَمن اعتقل الشَّاة واحتلبها وأوسع للمسكين وَأحسن مُجَالَسَته وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عِيَاض بن حمَار الْمُجَاشِعِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي خطبَته إِن الله أوحى إليَّ أَن تواضعوا حَتَّى لَا يفخر أحد على أحد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَقُول الله: من تواضع لي هَكَذَا - وَأَشَارَ بباطن كَفه إِلَى الأَرْض وَأَدْنَاهُ من الأَرْض - رفعته هَكَذَا - وَأَشَارَ بباطن كَفه إِلَى السَّمَاء - ورفعها نَحْو السَّمَاء وَأخرج الْخَطِيب وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر أَنه قَالَ على الْمِنْبَر: يَا أَيهَا النَّاس تواضعوا فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من تواضع لله رَفعه الله وَقَالَ: انْتَعش رفعك الله فَهُوَ فِي نَفسه صَغِير وَفِي أعين النَّاس عَظِيم وَمن تكبر وَضعه الله وَقَالَ: اخْسَأْ خفضك الله فَهُوَ فِي أعين النَّاس صَغِير وَفِي نَفسه كَبِير حَتَّى لَهو أَهْون عَلَيْهِم من كلب أَو خِنْزِير وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من آدَمِيّ إِلَّا وَفِي رَأسه سلسلتان - سلسلة فِي السَّمَاء وسلسلة فِي الأَرْض - وَإِذا تواضع العَبْد رَفعه الْملك الَّذِي بِيَدِهِ السلسلة من السَّمَاء وَإِذا تجبر جذبته السلسلة الَّتِي فِي الأَرْض وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من آدَمِيّ إِلَّا وَفِي رَأسه حِكْمَة - الْحِكْمَة بيد ملك - فَإِن تواضع قيل للْملك: ارْفَعْ حكمته وَإِن ارْتَفع قيل للْملك: ضع حكمته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من تكبر تَعَظُّمًا وَضعه الله وَمن تواضع لله تخشعاً رَفعه الله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يدْخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من كبر وَلَا يدْخل النَّار من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان فَقَالَ رجل: يارسول الله الرجل يحب أَن يكون ثَوْبه حسنا وَنَعله حسنا فَقَالَ: إِن الله جميل يحب الْجمال الْكبر بطر الْحق وَغَمص النَّاس وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي رَيْحَانَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يدْخل شَيْء من الْكبر الْجنَّة قَالَ قَائِل: يَا رَسُول الله إِنِّي أحب أَن أَتَجَمَّل بعلاقة سَوْطِي وَشسع نَعْلي فَقَالَ: إِن ذَلِك لَيْسَ بِالْكبرِ إِن الله جميل يحب الْجمال إِنَّمَا الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس بِعَيْنيهِ وَأخرجه الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ عَن سوار بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ قَالَ: قلت يارسول الله إِنِّي رجل حبب إليّ الْجمال وَأعْطيت مَا ترى فَمَا أحب أَن يَفُوقَنِي أحد فِي شسع افمِنَ الْكبر ذَاك قَالَ: لَا قلت: فَمَا الْكبر يَا رَسُول الله قَالَ: من سفه الْحق وَغَمص النَّاس وَأخرج الْبَغَوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن سوار بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ قَالَ: سَأَلَ رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل حبب إِلَيّ الْجمال حَتَّى إِنِّي لَا أحب أحدا يَفُوقَنِي بِشِرَاك افمن الْكبر ذَاك قَالَ: لَا وَلَكِن الْكبر من غمص النَّاس وبطر الْحق وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر عَن أبي رَيْحَانَة قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي لأحب الْجمال حَتَّى فِي نَعْلي وعلاقة سَوْطِي أَفَمَن الْكبر ذَلِك قَالَ: إِن الله جميل يحب الْجمال وَيُحب أَن يرى أثر نعْمَته على عَبده الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس أَعْمَالهم وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن خريم بن فاتك أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي لأحب الْجمال حَتَّى إِنِّي لَأحبهُ فِي شِرَاك نَعْلي وجلاد سَوْطِي وَإِن قومِي يَزْعمُونَ أَنه من الْكبر فَقَالَ: لَيْسَ الْكبر أَن يحب أحدكُم الْجمال وَلَكِن الْكبر أَن يسفه الْحق ويغمص النَّاس وَأخرج سمويه فِي فَوَائده والباوردي وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ عَن ثَابت بن قيس بن شماس قَالَ: ذكر الْكبر عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن الله لَا يحب من

كَانَ مختالاً فخوراً فَقَالَ رجل من الْقَوْم: وَالله يارسول الله إِن ثِيَابِي لتغسل فَيُعْجِبنِي بياضها ويعجبني علاقَة سَوْطِي وشراك نَعْلي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ ذَاك من الْكبر إِنَّمَا الْكبر: أَن تسفه الْحق وَتَغْمِص النَّاس وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أُسَامَة قَالَ: أقبل رجل من بني عَامر فَقَالَ: يَا رَسُول الله بلغنَا أَنَّك شددت فِي لبس الْحَرِير وَالذَّهَب وَإِنِّي لأحب الْجمال فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله جميل يحب الْجمال إِنَّمَا الْكبر من جهل الْحق وَغَمص النَّاس بِعَيْنِه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي رجل حبب إليَّ الْجمال وَأعْطيت مِنْهُ مَا ترى حَتَّى مَا أحب أَن يقوقني أحد بِشِرَاك أَو شسع أَفَمَن الْكبر هَذَا قَالَ: لَا وَلَكِن الْكبر من بطر الْحق وَغَمص النَّاس وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ مثله وَفِيه: إِن الرجل مَالك الرهاوي وَقَالَ الْبَغي بدل الْكبر وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوصى نوح ابْنه فَقَالَ: إِنِّي مُوصِيك بِوَصِيَّة وقاصرها عَلَيْك حَتَّى لَا تنسى أوصيك بِاثْنَتَيْنِ وأنهاك عَن اثْنَتَيْنِ فَأَما اللَّتَان أوصيك بهما فَإِنِّي رأيتهما يكثران الولوج على الله عز وَجل وَرَأَيْت الله تبَارك وَتَعَالَى يستبشر بهما وَصَالح خلقه قل سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلَاة الْخلق وَبهَا يرْزق الْخلق وَقل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ فَإِن السَّمَوَات وَالْأَرْض لَو كُنَّ حَلقَة لقصمتها وَلَو كُنَّ فِي كفةٍ لرجحت بِهن وَأما اللَّتَان أَنهَاك عَنْهُمَا فالشرك وَالْكبر فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو: يَا رَسُول الله الْكبر أَن يكون لي حلَّة حَسَنَة ألبسها قَالَ: لَا إِن الله جميل يحب الْجمال قَالَ: فالكبر أَن يكون لي دَابَّة صَالِحَة أركبها قَالَ: لَا قَالَ: فالكبر أَن يكون لي أَصْحَاب يتبعوني وأطعمهم قَالَ: لَا قَالَ: فأيما الْكبر يَا رَسُول الله قَالَ: إِن تسفه الْحق وَتَغْمِص النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: لَا يدْخل حَظِيرَة الْقُدس متكبر

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المتكبرون يجْعَلُونَ يَوْم الْقِيَامَة فِي توابيت من نَار فتطبق عَلَيْهِم وَأخرج أَحْمد والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن ثَوْبَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من فَارق الرّوح جسده وَهُوَ بَرِيء من ثَلَاث دخل الْجنَّة الْكبر وَالدّين والغلول قَالَ: ابْن الْجَوْزِيّ: فِي جَامع المسانيد كَذَا وَكَذَا روى لنا الْكبر وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ إِنَّمَا هُوَ الْكَنْز بالنُّون وَالزَّاي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من كبر قَالُوا: يَا رَسُول الله هلكنا وَكَيف لنا أَن نعلم مَا فِي قُلُوبنَا من دأب الْكبر وَأَيْنَ هُوَ فَقَالَ: من لبس الصُّوف أَو حلب الشَّاة أَو أكل مَعَ من ملكت يَمِينه فَلَيْسَ فِي قلبه إِن شَاءَ الله الْكبر وَأخرج تَمام فِي فَوَائده وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لبس الصُّوف وانتعل المخصوف وَركب حِمَاره وحلب شاته وَأكل مَعَ عِيَاله فقد نحى الله عَنهُ الْكبر أَنا عبد ابْن عبد أَجْلِس جلْسَة العَبْد وآكل أَكلَة العَبْد إِنِّي أُوحِي إِلَيّ أَن تواضعوا وَلَا يبغ أحد على أحد أَن يَد الله مبسوطة فِي خلقه فَمن رفع نَفسه وَضعه الله وَمن وضع نَفسه رَفعه الله وَلَا يمشي امْرُؤ على الأَرْض شبْرًا يَبْتَغِي سُلْطَان الله الا أكبه الله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن يزِيد بن ميسرَة قَالَ: قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام: مَا لي لَا أرى فِيكُم أفضل عبَادَة قَالُوا: وَمَا أفضل عبَادَة يَا روح الله قَالَ: التَّوَاضُع لله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: إِنَّكُم لتدعون أفضل الْعِبَادَة: التَّوَاضُع وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: أفضل الْعَمَل الْوَرع وَخير الْعِبَادَة التَّوَاضُع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من كبر كبّه الله على وَجهه فِي النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن للشَّيْطَان مصالي وفخوخاً وَإِن من مصاليه وفخوخه البطر بنعم اللله وَالْفَخْر بعطاء الله وَالْكبر على

عباد الله وَاتِّبَاع الْهوى فِي غير ذَات الله تَعَالَى وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلا أنبئكم بِأَهْل النَّار كل فظ غليظ مستكبر الا أنبئكم بِأَهْل الْجنَّة كل ضَعِيف متضعف ذِي طمرين لَا يؤبه لَهُ لَو أقسم على الله لَأَبَره وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: يَقُولُونَ فِي التيه: وَقد ركبت الْحمار ولبست الشملة وحلبت الشَّاة وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من فعل هَذَا فَلَيْسَ فِيهِ من الْكبر شَيْء وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عبد الله بن شَدَّاد رفع الحَدِيث قَالَ: من لبس الصُّوف واعتقل الشَّاة وَركب الْحمار وَأجَاب دَعْوَة الرجل الدون أَو العَبْد لم يكْتب عَلَيْهِ من الْكبر شَيْء وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن سَلام أَنه رُؤِيَ فِي السُّوق على رَأسه حزمة حطب فَقيل لَهُ: أَلَيْسَ قد أوسع الله عَلَيْك قَالَ: بلَى وَلَكِنِّي أردْت أَن أدفَع الْكبر وَقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يدْخل الْجنَّة من فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من كبر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأقبل رجل فَلَمَّا رَآهُ الْقَوْم أثنوا عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي أرى على وَجهه سفعة من النَّار فَلَمَّا جَاءَ وَجلسَ قَالَ: أنْشدك بِاللَّه أجئت وَأَنت ترى أَنَّك أفضل الْقَوْم قَالَ: نعم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن الْمُبَارك أَنه سُئِلَ عَن التَّوَاضُع فَقَالَ: التكبر على الْأَغْنِيَاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن الْمُبَارك قَالَ: من التَّوَاضُع أَن تضع نَفسك عِنْد من هُوَ دُونك فِي نعْمَة الدُّنْيَا حَتَّى تعلمه أَنه لَيْسَ لَك فضل عَلَيْهِ لدنياك وَأَن ترفع نَفسك عِنْد من هُوَ فَوْقك فِي دُنْيَاهُ حَتَّى تعلمه أَنه لَيْسَ لدنياه فضل عَلَيْك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من خضع لَغَنِيّ وَوضع لَهُ نَفسه اعظاماً لَهُ وَطَمَعًا فِيمَا قبله ذهب ثلثا مروءته وَشطر دينه وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عون بن عبد الله قَالَ: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود: لَا يبلغ عبد حَقِيقَة الإِيمان حَتَّى يحل بذروته وَلَا يحل بذروته حَتَّى يكون الْفقر أحب إِلَيْهِ من الْغنى والتواضع أحب إِلَيْهِ من الشّرف وَحَتَّى يكون حامده وذامّه سَوَاء

قَالَ: فَفَسَّرَهَا أَصْحَاب عبد الله قَالُوا: حَتَّى يكون الْفقر فِي الْحَلَال أحب إِلَيْهِ من الْغَنِيّ فِي الْحَرَام وَحَتَّى يكون التَّوَاضُع فِي طَاعَة الله أحب إِلَيْهِ من الشّرف فِي مَعْصِيّة الله وَحَتَّى يكون يكون حامده وذامّه فِي الْحق سَوَاء الْآيَة 24

24

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: اجْتمعت قُرَيْش فَقَالُوا: إِن مُحَمَّدًا رجل حُلْو اللِّسَان إِذا كَلمه الرجل ذهب بعقله فانظروا أُنَاسًا من أشرافكم الْمَعْدُودين الْمَعْرُوفَة أنسابهم فابعثوهم فِي كل طَرِيق من طرق مَكَّة على رَأس كل لَيْلَة أَو لَيْلَتَيْنِ فَمن جَاءَ يُريدهُ فَردُّوهُ عَنهُ فَخرج نَاس مِنْهُم فِي كل طَرِيق فَكَانَ إِذا أقبل الرجل وافداً لِقَوْمِهِ ينظر مَا يَقُول مُحَمَّد فَينزل بهم قَالُوا لَهُ: أَنا فلَان ابْن فلَان فيعرفه بنسبه وَيَقُول: أَنا أخْبرك عَن مُحَمَّد فَلَا يُرِيد أَن يَعْنِي إِلَيْهِ وَهُوَ رجل كَذَّاب لم يتبعهُ على أمره إِلَّا السُّفَهَاء وَالْعَبِيد وَمن لَا خير فِيهِ وَأما شُيُوخ قومه وخيارهم فمفارقون لَهُ فَيرجع أحدهم فَذَلِك قَوْله: {وَإِذا قيل لَهُم مَاذَا أنزل ربكُم قَالُوا أساطير الأوّلين} فَإِذا كَانَ الْوَافِد مِمَّن عزم الله لَهُ على الرشاد فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فِي مُحَمَّد قَالَ: بئس الْوَافِد انا لقومي إِن كنت جِئْت حَتَّى إِذا بلغت إِلَّا مسيرَة يَوْم رجعت قبل أَن ألْقى هَذَا الرجل وَانْظُر مَا يَقُول: وَآتِي قومِي بِبَيَان أمره فَيدْخل مَكَّة فَيلقى الْمُؤمنِينَ فيسألهم: مَاذَا يَقُول مُحَمَّد فَيَقُولُونَ: (خيرا للَّذين أَحْسنُوا فِي هَذِه الدُّنْيَا حَسَنَة) (سُورَة النَّحْل 30) يَقُول: مَال (ولدار الْآخِرَة خير) (سُورَة النَّحْل 30) وَهِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة إِن أُنَاسًا من مُشْركي الْعَرَب يَقْعُدُونَ بطرِيق من أَتَى نَبِي الله فَإِذا مروا سألوهم فَأَخْبرُوهُمْ بِمَا سمعُوا من النَّبِي فَقَالُوا إِنَّمَا هُوَ أساطير الْأَوَّلين الْآيَة 25

25

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ليحملوا أوزارهم كَامِلَة يَوْم الْقِيَامَة وَمن أوزار الَّذين يضلونهم بِغَيْر علم} يَقُول: يحملون من ذنوبهم ذنُوب الَّذين يضلونهم بِغَيْر علم وَذَلِكَ مثل قَوْله: (وأثقالاً مَعَ أثقالهم) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ليحملوا أوزارهم كَامِلَة يَوْم الْقِيَامَة} الْآيَة قَالَ: حملهمْ ذنُوب أنفسهم وذنوب من اطاعهم وَلَا يُخَفف ذَلِك عَمَّن اطاعهم من الْعَذَاب شَيْئا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: {ليحملوا أوزارهم كَامِلَة} الْآيَة قَالَ: قَالَ النَّبِي: أَيّمَا داعٍ دَعَا إِلَى ضَلَالَة فأتبع كَانَ عَلَيْهِ مثل أوزار من اتبعهُ من غير أَن ينقص من أوزارهم شَيْء وَأَيّمَا دَاع إِلَى هدى فَاتبع فَلهُ مثل أُجُورهم من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْء وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم أَنه بلغه أَنه يتَمَثَّل للْكَافِرِ عمله فِي صُورَة أقبح مَا خلق الله وَجها وأنتنه ريحًا فيجلس إِلَى جنبه كلما أفزعه شَيْء زَاده وَكلما تخوّف شَيْئا زَاده خوفًا فَيَقُول: بئس الصاحب أَنْت وَمن أَنْت فَيَقُول: وَمَا تعرفنِي فَيَقُول: لَا فَيَقُول: أَنا عَمَلك كَانَ قبيحاً فَلذَلِك تراني قبيحاً وَكَانَ منتناً فَلذَلِك تراني منتناً طأطئ إليَّ اركبك فطالما ركبتني فِي الدُّنْيَا فيركبه وَهُوَ قَوْله: {ليحملوا أوزارهم كَامِلَة يَوْم الْقِيَامَة} وَالله أعلم الْآيَة 26 - 29

26

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قد مكر الَّذين من قبلهم} قَالَ: هُوَ نمْرُود بن كنعان حِين بنى الصرح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن زيد بن أسلم قَالَ: أول جَبَّار كَانَ فِي الأَرْض نمْرُود فَبعث الله عَلَيْهِ بعوضة فَدخلت فِي منخره فَمَكثَ أَرْبَعمِائَة سنة يضْرب رَأسه بالمطارق وَارْحَمْ النَّاس بِهِ من جمع يَدَيْهِ فَضرب بهما رَأسه وَكَانَ جباراً أَرْبَعمِائَة سنة فَعَذَّبَهُ الله أَرْبَعمِائَة سنة كملكه ثمَّ أَمَاتَهُ الله وَهُوَ الَّذِي بَنَى صرحاً إِلَى السَّمَاء الَّذِي قَالَ الله: {فَأتى الله بنيانهم من الْقَوَاعِد} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {قد مكر الَّذين من قبلهم} قَالَ: مكر نمْرُود بن كنعان الَّذِي حَاج إِبْرَاهِيم فِي ربه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {قد مكر الَّذين من قبلهم فَأتى الله بنيانهم من الْقَوَاعِد} قَالَ: أَتَاهَا أَمر الله من أَصْلهَا {فَخر عَلَيْهِم السّقف من فَوْقهم} و {السّقف} عالي الْبيُوت فائتكفت بهم بُيُوتهم فأهلكهم الله ودرمرهم {وأتاهم الْعَذَاب من حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تشاقون فيهم} يَقُول: تخالفوني الْآيَة 30 - 31

30

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَقيل للَّذين اتَّقوا} قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنُونَ يُقَال لَهُم: {مَاذَا أنزل ربكُم} فَيَقُولُونَ {خيرا للَّذين أَحْسنُوا} أَي آمنُوا بِاللَّه وَكتبه وَأمرُوا بِطَاعَتِهِ وحثوا عباد الله على الْخَيْر ودعوهم إِلَيْهِ

الْآيَة 32

32

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {الَّذين تتوفاهم الْمَلَائِكَة طيبين} قَالَ: أَحيَاء وأمواتاً قدر الله ذَلِك لَهُم وَأخرج ابْن مَالك وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه فِي كتاب الْأَحْوَال وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: إِذا استقافت نفس العَبْد الْمُؤمن جَاءَهُ الْملك فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا ولي الله الله يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام ثمَّ نزع بِهَذِهِ الْآيَة {الَّذين تتوفاهم الْمَلَائِكَة طيبين يَقُولُونَ سَلام عَلَيْكُم} الْآيَة 33 - 36

33

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن تأتيهم الْمَلَائِكَة} قَالَ: بِالْمَوْتِ وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى (وَلَو ترى

إِذْ يتوفى الَّذين كفرُوا الْمَلَائِكَة) (الْأَنْفَال آيَة 50) وَهُوَ ملك الْمَوْت وَله رسل {أَو يَأْتِي أَمر رَبك} وَذَاكَ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن تأتيهم الْمَلَائِكَة} يَقُول: عِنْد الْمَوْت حِين تتوفاهم {أَو يَأْتِي أَمر رَبك} قَالَ: ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة الْآيَة 37

37

أخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ {فَإِن الله لَا يهدي} بِفَتْح الْيَاء {من يضل} بِضَم الْيَاء وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن الْأَعْمَش قَالَ: قَالَ لي الشّعبِيّ: يَا سُلَيْمَان كَيفَ تقْرَأ هَذَا الْحَرْف قلت: {لَا يهدي من يضل} فَقَالَ: كَذَلِك سَمِعت عَلْقَمَة يقْرؤهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يقْرَأ {لَا يهدي من يضل} وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَرَأَ {لَا يهدي من يضل} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف {فَإِن الله لَا يهدي من يضل} قَالَ: من يضله الله لَا يهديه أحد الْآيَة 38 - 39

38

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَ لرجل من الْمُسلمين على رجل من الْمُشْركين دين فَأَتَاهُ يتقاضاه فَكَانَ فِيمَا تكلم بِهِ وَالَّذِي أرجوه بعد الْمَوْت أَنه لكذا وَكَذَا فَقَالَ لَهُ الْمُشرك: إِنَّك لتزعم أَنَّك تبْعَث من بعد الْمَوْت فأقسم بِاللَّه جهد يَمِينه: لَا يبْعَث الله من يَمُوت فَأنْزل الله: {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَا يبْعَث الله من يَمُوت} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن عَليّ فِي قَوْله: {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَا يبْعَث الله من يَمُوت} قَالَ: نزلت فِي [] وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ الله: سبني ابْن آدم وَلم يكن يَنْبَغِي لَهُ أَن يسبني وَكَذبَنِي وَلم يكن يَنْبَغِي لَهُ أَن يكذبنِي فَأَما تَكْذِيبه إيَّايَ فَقَالَ: {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَا يبْعَث الله من يَمُوت} وَقلت: {بلَى وَعدا عَلَيْهِ حَقًا} وَأما سبه إيَّايَ فَقَالَ: (إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة وَقلت: (هُوَ الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد) (الصَّمد) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ليبين لَهُم الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ} قَالَ: للنَّاس عَامَّة وَالله أعلم الْآيَة 40 - 42

40

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان - وَاللَّفْظ لَهُ - عَن أبي ذَر عَن رَسُول الله قَالَ: يَقُول الله: يَا ابْن آدم كلكُمْ مذنب إِلَّا من عافيت فاستغفروني أَغفر لكم وكلكم فُقَرَاء إِلَّا من أغنيت فسلوني أُعْطِيكُم وكلكم ضال إِلَّا من هديت فسلوني الْهدى أهدكم وَمن استغفرني وَهُوَ يعلم أَنِّي ذُو قدرَة على أَن أَغفر لَهُ غفرت لَهُ وَلَا أُبَالِي

وَلَو أَن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجْتَمعُوا على قلب أَشْقَى وَاحِد مِنْكُم مَا نقص ذَلِك من سلطاني مثل جنَاح بعوضة وَلَو أَن أوّلكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجْتَمعُوا على قلب أتقى وَاحِد مِنْكُم مَا زادوا فِي سلطاني مثل جنَاح بعوضة وَلَو أَن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم سَأَلُونِي حَتَّى تَنْتَهِي مَسْأَلَة كل وَاحِد مِنْكُم فأعطيتهم مَا سَأَلُونِي مَا نقص ذَلِك مِمَّا عِنْدِي كغرز إبرة غمسها أحدكُم فِي الْبَحْر وَذَلِكَ أَنِّي جواد ماجد وَاجِد عطائي كَلَام وعذابي كَلَام إِنَّمَا أَمْرِي لشَيْء إِذا أردته أَن أَقُول لَهُ {كن فَيكون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالَّذين هَاجرُوا فِي الله من بعد مَا ظلمُوا} قَالَ: إِنَّهُم قوم من أهل مَكَّة هَاجرُوا إِلَى رَسُول الله بعد ظلمهم ظَلَمَهُمُ الْمُشْركُونَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن دَاوُد بن أبي هِنْد قَالَ: نزلت {وَالَّذين هَاجرُوا فِي الله من بعد مَا ظلمُوا} إِلَى قَوْله: {وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ} فِي أبي جندل بن سُهَيْل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَالَّذين هَاجرُوا فِي الله من بعد مَا ظلمُوا} قَالَ: هَؤُلَاءِ أَصْحَاب مُحَمَّد ظلمهم أهل مَكَّة فأخرجوهم من دِيَارهمْ حَتَّى لحق طوائف مِنْهُم بِأَرْض الْحَبَشَة ثمَّ بوأهم الله الْمَدِينَة بعد ذَلِك فَجَعلهَا لَهُم دَار هِجْرَة وَجعل لَهُم أنصاراً من الْمُؤمنِينَ {ولأجر الْآخِرَة أكبر} قَالَ: أَي وَالله لما يثيبهم عَلَيْهِ من جنته وَنعمته {أكبر لَو كَانُوا يعلمُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله: {لنبوّئنهم فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} قَالَ: الْمَدِينَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لنبوّئنهم فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} قَالَ: لنرزقنهم فِي الدُّنْيَا رزقا حسنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبان بن تغلب قَالَ: كَانَ الرّبيع بن خَيْثَم يقْرَأ هَذَا الْحَرْف فِي النَّحْل {وَالَّذين هَاجرُوا فِي الله من بعد مَا ظلمُوا لنبوئنهم فِي الدُّنْيَا حَسَنَة}

وَيقْرَأ فِي العنكبوت (لَنَثْويَنَّهُمْ من الْجنَّة غرفا) (العنكبوت آيَة 58) وَيَقُول: التَّنَبُّؤ فِي الدُّنْيَا والثواء فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب: أَنه كَانَ إِذا أعْطى الرجل من الْمُهَاجِرين عَطاء يَقُول: خُذ بَارك الله لَك هَذَا مَا وَعدك الله فِي الدُّنْيَا وَمَا ادّخر لَك فِي الْآخِرَة أكبر لَو كَانُوا يعلمُونَ الْآيَة 43 - 48

43

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بعث الله مُحَمَّدًا رَسُولا أنْكرت الْعَرَب ذَلِك وَمن أنكر مِنْهُم قَالُوا: الله أعظم من أَن يكون رَسُوله بشرا مثل مُحَمَّد فَأنْزل الله: (أَكَانَ للنَّاس عجبا أَن أَوْحَينَا إِلَى رجل مِنْهُم) (يُونُس آيَة 2) وَقَالَ: {وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا نوحي إِلَيْهِم فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} يَعْنِي فاسألوا أهل الذّكر والكتب الْمَاضِيَة: أبشر كَانَت الرُّسُل الَّذين أَتَتْهُم أم مَلَائِكَة فَإِن كَانُوا مَلَائِكَة أتتكم وَإِن كَانُوا بشرا فَلَا تنكروا أَن يكون رَسُولا ثمَّ قَالَ: (وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا يُوحى إِلَيْهِم من أهل الْقرى) (يُوسُف آيَة 109) أَي لَيْسُوا من أهل السَّمَاء كَمَا قُلْتُمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا}

قَالَ: قَالَت الْعَرَب (لَوْلَا أنزل علينا الْمَلَائِكَة) (الْمَائِدَة آيَة 73) قَالَ الله: مَا أرْسلت الرُّسُل إِلَّا بشرا {فاسألوا} يَا معشر الْعَرَب {أهل الذّكر} وهم أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى الَّذين جَاءَتْهُم قبلكُمْ {إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} أَن الرُّسُل الَّذين كَانُوا من قبل مُحَمَّد كَانُوا بشرا مثله فَإِنَّهُم سيخبرونكم أَنهم كَانُوا بشرا مثله وَأخر الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {فاسألوا أهل الذّكر} يَعْنِي مُشْركي قُرَيْش أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فِي التَّوْرَاة والإِنجيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {فاسألوا أهل الذّكر} قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن سَلام وَنَفر من أهل التَّوْرَاة وَكَانُوا أهل كتب يَقُول: فاسألوهم {إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} أَن الرجل ليُصَلِّي ويصوم ويحج ويعتمر وَأَنه لمنافق قيل: يَا رَسُول الله بِمَاذَا دخل عَلَيْهِ النِّفَاق قَالَ: يطعن على إِمَامه وإمامه من قَالَ الله فِي كِتَابه: {فاسألوا أهل الذّكر أَن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله: لَا يَنْبَغِي للْعَالم أَن يسكت عَن علمه وَلَا يَنْبَغِي للجاهل أَن يسكت عَن جَهله وَقد قَالَ الله {فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} فَيَنْبَغِي لِلْمُؤمنِ أَن يعرف عمله على هدى أم على خِلَافه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {بِالْبَيِّنَاتِ} قَالَ: الْآيَات {والزبر} قَالَ: الْكتب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ عَن أَصْحَابه فِي قَوْله: {بِالْبَيِّنَاتِ والزبر} قَالَ: {الْبَينَات} الْحَلَال وَالْحرَام الَّذِي كَانَت تَجِيء بِهِ الْأَنْبِيَاء {والزبر} كتب الْأَنْبِيَاء {وأنزلنا إِلَيْك الذّكر} قَالَ: هُوَ الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم} قَالَ: مَا أحل لَهُم وَمَا حرم عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لتبين للنَّاس مَا نزل إِلَيْهِم} قَالَ: أرْسلهُ الله إِلَيْهِم ليتَّخذ بذلك الْحجَّة عَلَيْهِم

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لَعَلَّهُم يتفكرون} قَالَ: يطيعون وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله مقَاما أخبرنَا بِمَا يكون إِلَى قيام السَّاعَة عقله منا من عقله ونسيه من نَسيَه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أفأمن الَّذين مكروا السَّيِّئَات} قَالَ: نمْرُود بن كنعان وَقَومه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أفأمن الَّذين مكروا السَّيِّئَات} أَي الشّرك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {أفأمن الَّذين مكروا السَّيِّئَات} قَالَ: تكذيبهم الرُّسُل وأعمالهم بِالْمَعَاصِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَو يَأْخُذهُمْ فِي تقلبهم} قَالَ: فِي اخْتلَافهمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَو يَأْخُذهُمْ فِي تقلبهم} قَالَ: إِن شِئْت أَخَذته فِي سَفَره وَفِي قَوْله: {أَو يَأْخُذهُمْ على تخوف} يَقُول: إِن شِئْت أَخَذته على أثر موت صَاحبه وتخوف بذلك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أَو يَأْخُذهُمْ فِي تقلبهم} قَالَ: فِي أسفارهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {أَو يَأْخُذهُمْ فِي تقلبهم} يَعْنِي على أَي حَال كَانُوا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار {أَو يَأْخُذهُمْ على تخوف} يَعْنِي أَن يَأْخُذ بَعْضًا بِالْعَذَابِ وَيتْرك بَعْضًا وَذَلِكَ أَنه كَانَ يعذب الْقرْيَة فيهلكها وَيتْرك الْأُخْرَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَو يَأْخُذهُمْ على تخوف} قَالَ: ينقص من أَعْمَالهم وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَو يَأْخُذهُمْ على تخوف} قَالُوا: مَا نرى إِلَّا أَنه عِنْد تنقص مَا نردده من الْآيَات فَقَالَ عمر: مَا أرى إِلَّا أَنه على مَا تنتقصون من معاصي الله فَخرج رجل مِمَّن كَانَ عِنْد عمر فلقي أَعْرَابِيًا فَقَالَ: يَا فلَان مَا فعل رَبك فَقَالَ: قد تخيفته يَعْنِي تنقصه فَرجع إِلَى عمر فَأخْبرهُ فَقَالَ: قدر الله ذَلِك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أَو يَأْخُذهُمْ على تخوف} قَالَ: يَأْخُذهُمْ بِنَقص بَعضهم بَعْضًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {أَو يَأْخُذهُمْ على تخوف} قَالَ: كَانَ يُقَال: التخوف هُوَ التنقص تنقصهم من الْبَلَد والأطراف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أَو لم يرَوا إِلَى مَا خلق الله من شَيْء يتفيأ ظلاله عَن الْيَمين وَالشَّمَائِل سجدا لله} قَالَ: ظلّ كل شَيْء فِيهِ وظل كل شَيْء سُجُوده {الْيَمين} أول النَّهَار {وَالشَّمَائِل} آخر النَّهَار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {أَو لم يرَوا إِلَى مَا خلق الله من شَيْء يتفيأ ظلاله} قَالَ: إِذا فَاءَ الْفَيءُ توجه كل شَيْء سَاجِدا لله قِبَلَ الْقبْلَة من بَيت أَو شجر قَالَ: فَكَانُوا يستحبون الصَّلَاة عِنْد ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: إِذا فَاء الْفَيْء لم يبْق شَيْء من دَابَّة وَلَا طَائِر إِلَّا خر لله سَاجِدا وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله: أَربع قبل الظّهْر بعد الزَّوَال تحسب بمثلين من صَلَاة السحر قَالَ رَسُول الله: وَلَيْسَ من شَيْء إِلَّا وَهُوَ يسبح الله تِلْكَ السَّاعَة ثمَّ قَرَأَ {يتفيأ ظلاله عَن الْيَمين وَالشَّمَائِل سجدا لله} الْآيَة كلهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم قَالَ: صلوا صَلَاة الآصال حَتَّى يفِيء الْفَيْء قبل النداء بِالظّهْرِ من صلاهَا فَكَأَنَّمَا تهجد بِاللَّيْلِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: فَيْء كل شَيْء ظله وَسُجُود كل شَيْء فِيهِ سُجُود الخيال فِيهَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: إِذا زَالَت الشَّمْس سجد كل شَيْء لله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة فِي قَوْله: {يتفيأ ظلاله عَن الْيَمين وَالشَّمَائِل} قَالَ: الغدو وَالْآصَال إِذا فَاء ظلّ كل شَيْء أما الظل بِالْغَدَاةِ فَعَن الْيَمين وَأما بالْعَشي فَعَن الشَّمَائِل إِذا كَانَ بِالْغَدَاةِ سجدت لله وَإِذا كَانَ بالْعَشي سجدت لَهُ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي غَالب الشَّيْبَانِيّ قَالَ: أمواج الْبَحْر صلَاته وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {داخرون} قَالَ: صاغرون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وهم داخرون} قَالَ: صاغرون الْآيَة 49 - 56

49

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَللَّه يسْجد مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض من دَابَّة} قَالَ: لم يدع شَيْئا من خلقه إِلَّا عَبده لَهُ طَائِعا أَو كَارِهًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: يسْجد من فِي السَّمَوَات طَوْعًا وَمن فِي الأَرْض طَوْعًا وَكرها وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يخَافُونَ رَبهم من فَوْقهم} قَالَ: مَخَافَة الإجلال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: مر النَّبِي بِسَعْد وَهُوَ يَدْعُو بِأُصْبُعَيْهِ فَقَالَ لَهُ: يَا سعد أحد أحد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانُوا إِذا رَأَوْا إنْسَانا يَدْعُو بِأُصْبُعَيْهِ ضربوا إِحْدَاهمَا وَقَالُوا: {إِنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: إِن الله يحب أَن يدعى هَكَذَا وأشارت بأصبع وَاحِدَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْإِخْلَاص يَعْنِي الدُّعَاء بالاصبع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: الدعاءهكذا - وَأَشَارَ بأصبع وَاحِدَة - مقمعَة الشَّيْطَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْإِخْلَاص هَكَذَا وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ وَالدُّعَاء هَكَذَا يَعْنِي ببطون كفيه وللاستخارة هَكَذَا وَرفع يَدَيْهِ وَولى ظهرهما وَجهه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَله الدّين واصباً} قَالَ: {الدّين} الْإِخْلَاص {واصباً} دَائِما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {وَله الدّين واصباً} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَله الدّين واصباً} قَالَ: دَائِما وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَله الدّين واصباً} قَالَ: وَاجِبا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قولهك {وَله الدّين واصباً} مَا الواصب قَالَ: الدَّائِم قَالَ فِيهِ أُميَّة بن أبي الصَّلْت: وَله الدّين واصباً وَله الْملك وَحمد لَهُ على كل حَال وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: إِن هَذَا الدّين دين واصب شغل النَّاس وَحَال بَينهم وَبَين كثير من شهواتهم فَمَا يستطيعه من إِلَّا من عرف فَضله وَرَجا عاقبته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فإليه تجأرون} قَالَ: تتضرعون دُعَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {فإليه تجأرون} يَقُول: تضجون بِالدُّعَاءِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ثمَّ إِذا كشف الضّر عَنْكُم} الْآيَة قَالَ: الْخلق كلهم يُقِرُّونَ لله أَنه رَبهم ثمَّ يشركُونَ بعد ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {فتمتعوا فَسَوف تعلمُونَ} قَالَ: هُوَ وَعِيد وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ويجعلون لما لَا يعلمُونَ نَصِيبا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} قَالَ: يعلمُونَ أَن الله خلقهمْ ويضرهم وينفعهم ثمَّ يجْعَلُونَ لما يعلمُونَ أَنه يضرهم وَلَا يَنْفَعهُمْ نَصِيبا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ويجعلون لما لَا يعلمُونَ نَصِيبا} قَالَ: هم مشركو الْعَرَب جعلُوا لأوثانهم وشياطينهم نَصِيبا مِمَّا رزقهم الله وجزأوا من أَمْوَالهم جُزْءا فجعلوه لأوثانهم وشياطينهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {ويجعلون لما لَا يعلمُونَ نَصِيبا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} هُوَ قَوْلهم هَذَا لله بزعمهم وَهَذَا لشركائنا الْآيَة 57 - 60

57

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ويجعلون لله الْبَنَات} الْآيَات يَقُول: يجْعَلُونَ لَهُ الْبَنَات يرضونهن لَهُ وَلَا يرضونهن لأَنْفُسِهِمْ وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا ولد للرجل مِنْهُم جَارِيَة أمْسكهَا على هون أَو دسّها فِي التُّرَاب وَهِي حَيَّة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَلَهُم مَا يشتهون} قَالَ: يَعْنِي بِهِ الْبَنِينَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَإِذا بشر أحدهم بِالْأُنْثَى ظلّ وَجهه مسوداً وَهُوَ كظيم} قَالَ: هَذَا صَنِيع مُشْركي الْعَرَب أخْبرهُم الله بخبث صنيعهم فَأَما الْمُؤمن فَهُوَ حقيق أَن يرضى بِمَا قسم الله لَهُ وَقَضَاء الله خير من قَضَاء الْمَرْء لنَفسِهِ ولعمري مَا نَدْرِي أَنه لخير لرب جَارِيَة خير لأَهْلهَا من غُلَام وَإِنَّمَا أخْبركُم الله بصنيعهم لتجتنبوه وَتَنْتَهُوا عَنهُ فَكَانَ أحدهم يغذو كَلْبه ويئد ابْنَته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْعَرَب يقتلُون مَا ولد لَهُم من جَارِيَة فيدسونها فِي التُّرَاب وَهِي حَيَّة حَتَّى تَمُوت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {على هون} أَي هوان بلغَة قُرَيْش وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {أم يدسه فِي التُّرَاب} قَالَ: يئد ابْنَته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {أَلا سَاءَ مَا يحكمون} قَالَ: بئس مَا حكمُوا يَقُول: شَيْء لَا يرضونه لأَنْفُسِهِمْ فَكيف يرضونه لي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَللَّه الْمثل الْأَعْلَى} قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَللَّه الْمثل الْأَعْلَى} قَالَ: يَقُول لَيْسَ كمثله شَيْء الْآيَة 61 - 67

61

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَلَو يُؤَاخذ الله النَّاس بظلمهم مَا ترك عَلَيْهَا من دَابَّة} قَالَ: مَا سقاهم الْمَطَر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة يَقُول: إِذا قحط الْمَطَر لم يبْق فِي الأَرْض دَابَّة إِلَّا مَاتَت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلَو يُؤَاخذ الله النَّاس بظلمهم مَا ترك عَلَيْهَا من دَابَّة} قَالَ: قد فعل الله ذَلِك فِي زمَان نوح أهلك الله مَا على ظهر الأَرْض من دَابَّة إِلَّا مَا حملت سفينة نوح وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: ذنُوب ابْن آدم قتلت الْجعل فِي جُحْره ثمَّ قَالَ: أَي وَالله وَمن غرق قوم نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَاد الْجعل أَن يعذب فِي جُحْره بذنب ابْن آدم ثمَّ قَرَأَ / وَلَو يُؤَاخذ الله النَّاس بظلمهم مَا ترك على ظهرهَا من دَابَّة / وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْعُقُوبَات عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَاد الضَّب أَن يَمُوت فِي جُحْره هولاً من ظلم ابْن آدم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع رجلا يَقُول: إِن الظَّالِم لَا يضر إِلَّا نَفسه فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: بلَى وَالله إِن الْحُبَارَى لتَمُوت هزلا وَكرها من ظلم الظَّالِم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله: لَو أَن الله يؤاخذني وَعِيسَى ابْن مَرْيَم بذنونبا وَفِي لفظ: بِمَا جنت هَاتَانِ - الْإِبْهَام وَالَّتِي تَلِيهَا - لعذبنا مَا يظلمنا شَيْئا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {ويجعلون لله مَا يكْرهُونَ} قَالَ: يَقُول: تَجْعَلُونَ لي الْبَنَات وتكرهون ذَلِك لأنفسكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {ويجعلون لله مَا يكْرهُونَ} قَالَ: وَهن الْجَوَارِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وتصف ألسنتهم الْكَذِب أَن لَهُم الْحسنى} قَالَ: قَول كفار قُرَيْش لنا البنون وَللَّه الْبَنَات وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وتصف ألسنتهم الْكَذِب} أَي يَتَكَلَّمُونَ بِأَن {لَهُم الْحسنى} الغلمان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَأَنَّهُمْ مفرطون} قَالَ: مسيئون وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَأَنَّهُمْ مفرطون} قَالَ: متروكون فِي النَّار ينسون فِيهَا أبدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَأَنَّهُمْ مفرطون} قَالَ: قد فرطوا فِي النَّار أَي معجلين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَأَنَّهُمْ مفرطون} قَالَ: معجل بهم إِلَى النَّار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن أبي كَبْشَة عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله قَالَ: مَا شرب أحد لَبَنًا فشرق إِن الله يَقُول: {لَبَنًا خَالِصا سائغاً للشاربين} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سِيرِين إِن ابْن عَبَّاس لَبَنًا فَقَالَ لَهُ مطرف: أَلا تمضمضت فَقَالَ: مَا أباليه بالة اسمح يسمح لَك فَقَالَ قَائِل: إِنَّه يخرج من بَين فرث وَدم فَقَالَ ابْن عَبَّاس: قد قَالَ الله {لَبَنًا خَالِصا سائغاً للشاربين}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا وَرِزْقًا حسنا} قَالَ: السكر مَا حرم من ثَمَرَتهَا والرزق الْحسن مَا حل من ثَمَرَتهَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: السكر الْحَرَام مِنْهُ والرزق الْحسن زبيبه وخله وعنبه ومنافعه وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: السكر النَّبِيذ والرزق الْحسن فنسختها هَذِه الْآيَة (إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر) (الْمَائِدَة آيَة 90) وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن أبي رزين فِي الْآيَة قَالَ: نزل هَذَا وهم يشربون الْخمر قبل أَن ينزل تَحْرِيمهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: السكر الْخلّ والنبيذ وَمَا أشبهه والرزق الْحسن: الثَّمر وَالزَّبِيب وَمَا أشبهه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا وَرِزْقًا حسنا} قَالَ: فَحرم الله بعد ذَلِك السكر مَعَ تَحْرِيم الْخمر لِأَنَّهُ مِنْهُ ثمَّ قَالَ: {وَرِزْقًا حسنا} فَهُوَ الْحَلَال من الْخلّ وَالزَّبِيب والنبيذ وَأَشْبَاه ذَلِك فأقره الله وَجعله حَلَالا للْمُسلمين وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا وَرِزْقًا حسنا} قَالَ: إِن النَّاس يسمون الْخمر سكرا وَكَانُوا يشربونها ثمَّ سَمَّاهَا الله بعد ذَلِك الْخمر حِين حرمت وَكَانَ ابْن عَبَّاس يزْعم أَن الْحَبَشَة يسمون الْخلّ السكر وَقَوله: {وَرِزْقًا حسنا} يَعْنِي بذلك الْحَلَال التَّمْر وَالزَّبِيب وَكَانَ حَلَالا لَا يسكر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: السكر خمر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير وَالْحسن وَالشعْبِيّ وَإِبْرَاهِيم وَأبي رزين مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف والنحاس عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا} قَالَ: خمور الْأَعَاجِم وَنسخت فِي سُورَة الْمَائِدَة وَأخرج النَّسَائِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: السكر الْحَرَام والرزق الْحسن الْحَلَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا} قَالَ: ذكر الله نعْمَته عَلَيْهِم فِي الْخمر قبل أَن يحرمها عَلَيْهِم وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ فِي قَوْله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سكرا} قَالَا: هِيَ مَنْسُوخَة وَأخرج الْخَطِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لكم فِي الْعِنَب أَشْيَاء تأكلونه عنباً وتشربونه عصيراً مَا لم ييبس وتتخذون مِنْهُ زبيباً وَربا وَالله أعلم الْآيَة 68 - 70

68

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل} قَالَ: ألهمها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: النَّحْل دَابَّة أَصْغَر من الجندب ووحيه إِلَيْهَا قذف فِي قلوبها وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل} قَالَ: ألهمها إلهاماً وَلم يُرْسل إِلَيْهَا رَسُولا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأوحى رَبك إِلَى النَّحْل} قَالَ: أمرهَا أَن تَأْكُل من كل الثمرات وأمرها أَن تتبع سبل رَبهَا ذللاً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فاسلكي سبل رَبك ذللاً} قَالَ: طرقاً لَا يتوعر عَلَيْهَا مَكَان سلكته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فاسلكي سبل رَبك ذللاً} قَالَ: مطيعة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الذلول الَّذِي يُقَاد وَيذْهب بِهِ حَيْثُ أَرَادَ صَاحبه قَالَ: فهم يخرجُون بالنحل وينتجعون بهَا ويذهبون وَهِي تتبعهم وَقَرَأَ {أَو لم يرَوا أَنا خلقنَا لَهُم مِمَّا عملت أَيْدِينَا أنعاماً فهم لَهَا مالكون وذللناها لَهُم} يس آيَة 71 - 72 الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فاسلكي سبل رَبك ذللاً} قَالَ: ذليلة لذَلِك وَفِي قَوْله: {يخرج من بطونها شراب مُخْتَلف ألوانه} قَالَ: هَذَا الْعَسَل {فِيهِ شِفَاء للنَّاس} يَقُول: فِيهِ شِفَاء الأوجاع الَّتِي شفاؤها فِيهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يخرج من بطونها شراب مُخْتَلف ألوانه فِيهِ شِفَاء للنَّاس} يَعْنِي الْعَسَل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {شراب مُخْتَلف ألوانه فِيهِ شِفَاء للنَّاس} قَالَ: هُوَ الْعَسَل فِيهِ الشِّفَاء وَفِي الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْعَسَل فِيهِ شِفَاء من كل دَاء وَالْقُرْآن شِفَاء لما فِي الصُّدُور وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: عَلَيْكُم بِالشِّفَاءَيْنِ: الْعَسَل وَالْقُرْآن وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَلَيْكُم بِالشِّفَاءَيْنِ الْعَسَل وَالْقُرْآن

وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي قَالَ: الشِّفَاء فِي ثَلَاثَة فِي شرطة محجم أَو شربة عسل أَو كَيَّة بِنَار وَأَنا أنهِي أمتِي عَن الكي وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن أخي اسْتطْلقَ بَطْنه فَقَالَ: اسْقِهِ عسلاً: فَسَقَاهُ عسلاً ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: مَا زَاده إِلَّا اسْتِطْلَاقًا: قَالَ: اذْهَبْ فاسقه عسلاً فَسَقَاهُ عسلاً ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: مَا زَاده إِلَّا اسْتِطْلَاقًا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صدق الله وَكذب بطن أَخِيك اذْهَبْ فاسقه عسلاً فَذهب فَسَقَاهُ فبرأ وَأخرج ابْن مَاجَه وَابْن السّني وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لعق الْعَسَل ثَلَاث غدوات كل شهر لم يصبهُ عَظِيم من الْبلَاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَامر بن مَالك قَالَ: بعثت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وعك كَانَ بِي ألتمس مِنْهُ دَوَاء وشفاء فَبعث إليّ بعَكَّة من عسل وَأخرج حميد بن زَنْجوَيْه عَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ لَا يشكو قرحَة وَلَا شَيْئا إِلَّا جعل عَلَيْهِ عسلاً حَتَّى الدُّمَّلَ إِذا كَانَ بِهِ طلاه عسلاً فَقُلْنَا لَهُ: تداوي الدُمَّلَّ بالعسل فَقَالَ أَلَيْسَ يَقُول الله: {فِيهِ شِفَاء للنَّاس} وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن مُعَاوِيَة بن خديج قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن كَانَ فِي شَيْء شَاءَ فَفِي شرطة من محجم أَو شربة من عسل أَو كَيَّة بِنَار تصيب ألماً وَمَا أحب أَن أكتوى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حشرم المجمري: أَن ملاعب الأسنة عَامر بن مَالك بعث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَله الدَّوَاء والشفاء من دَاء نزل بِهِ فَبعث إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَسَل أَو بعكة من عسل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر وَقَالَ: مثل الْمُؤمن كَمثل النحلة تَأْكُل طيبا وتضع طيبا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل النَّمْل والنحل

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مثل بلالٍ كَمثل النحلة غَدَتْ تَأْكُل من الحلو والمر ثمَّ هُوَ حُلْو كُله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله لَا يحب الْفَاحِش وَلَا الْمُتَفَحِّش وَسُوء الْجوَار وَقَطِيعَة الرَّحِم ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا مثل الْمُؤمن كَمثل النحلة رتعت فَأكلت طيبا ثمَّ سَقَطت فَلم تؤذ وَلم تكسر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نهى عَن قتل النملة والنحلة والهدهد والصرد والضفدع وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل أَربع من الدَّوَابّ: النملة والنحلة والهدهد والصرد وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عمر الذُّبَاب أَرْبَعُونَ يَوْمًا والذباب كُله فِي النَّار إِلَّا النَّحْل وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف من طَرِيق مُجَاهِد عَن عبيد بن عُمَيْر أَو ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل الذُّبَاب فِي النَّار إِلَّا النَّحْل وَكَانَ ينْهَى عَن قَتلهَا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الذُّبَاب كلهَا فِي النَّار إِلَّا النَّحْل وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ومنكم من يرد إِلَى أرذل الْعُمر} قَالَ: خمس وَسَبْعُونَ سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {ومنكم من يرد إِلَى أرذل الْعُمر} الْآيَة أرذل الْعُمر هُوَ الْخَوْف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن لم يرد إِلَى أرذل الْعُمر ثمَّ قَرَأَ {لكَي لَا يعلم بعد علم شَيْئا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: إِن الْعَالم لَا يخرف وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ: كَانَ يُقَال أَن أبقى النَّاس عقولاً قراء الْقُرْآن

وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو أعوذ بك من الْبُخْل والكسل وأرذل الْعُمر وَعَذَاب الْقَبْر وفتنة الدَّجَّال وفتنة الْمحيا وفتنة الْمَمَات وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ دُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعوذ بِاللَّه من دُعَاء لَا يسمع وَمن قلب لَا يخشع وَمن علم لَا ينفع وَمن نفس لَا تشبع اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْجُوع فَإِنَّهُ بئس الضجيع وَمن الْخِيَانَة فَإِنَّهَا بئست البطانة وَأَعُوذ بك من الكسل والهرم وَالْبخل والجبن وَأَعُوذ بك أَن أرد إِلَى أرذل الْعُمر وَأَعُوذ بك من فتْنَة الدَّجَّال وَعَذَاب الْقَبْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَدْعُو اللهمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْبُخْل وَأَعُوذ بك من الْجُبْن وَأَعُوذ بك أَن أرد إِلَى أرذل الْعُمر وَأَعُوذ بك من فتْنَة الدُّنْيَا وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمَوْلُود حَتَّى يبلغ الْحِنْث مَا يعْمل من حَسَنَة أثبت لوالده أَو لوَالِديهِ وَإِن عمل سَيِّئَة لم تكْتب عَلَيْهِ وَلَا على وَالِديهِ فَإِذا بلغ الْحِنْث وَجرى عَلَيْهِ الْقَلَم أَمر الْملكَانِ اللَّذَان مَعَه فحفظاه وسددا فَإِذا بلغ أَرْبَعِينَ سنة فِي الْإِسْلَام آمنهُ الله من البلايا الثَّلَاثَة: من الْجُنُون والجذام والبرص فَإِذا بلغ الْخمسين ضاعف الله حَسَنَاته فَإِذا بلغ سِتِّينَ رزقه الله الانابة إِلَيْهِ فِيمَا يحب فَإِذا بلغ سبعين أحبه أهل السَّمَاء فَإِذا بلغ تسعين سنة غفر الله مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وشفعه فِي أهل بَيته وَكَانَ اسْمه عِنْده أَسِير الله فِي أرضه فَإِذا بلغ إِلَى أرذل الْعُمر {لكَي لَا يعلم بعد علم شَيْئا} كتب الله لَهُ مثل مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته من الْخَيْر وَإِن عمل سَيِّئَة لم تكْتب عَلَيْهِ الْآيَة 71

71

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالله فضل بَعْضكُم على بعض فِي الرزق} الْآيَة يَقُول: لم يَكُونُوا يشركُونَ عبيدهم فِي أَمْوَالهم وَنِسَائِهِمْ وَكَيف تشركون عَبِيدِي معي فِي سلطاني

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل الْآلهَة الْبَاطِل مَعَ الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَالله فضل بَعْضكُم على بعض فِي الرزق} الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله فَهَل مِنْكُم من أحد يُشَارك مَمْلُوكه فِي زَوجته وَفِي فرَاشه أفتعدلون بِاللَّه خلقه وعباده فَإِن لم ترض لنَفسك هَذَا فَالله أَحَق أَن تبرئه من ذَلِك وَلَا تعدل بِاللَّه أحدا من عباده وخلقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله فِي شَأْن الْآلهَة فَقَالَ كَيفَ تعدلون بِي عبَادي وَلَا تعدلون عبيدكم بِأَنْفُسِكُمْ وتردون مَا فضلْتُمْ بِهِ عَلَيْهِم فتكونون أَنْتُم وهم فِي الرزق سَوَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: كتب عمر بن الْخطاب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ اقنع برزقك فِي الدُّنْيَا فَإِن الرَّحْمَن فضل بعض عباده على بعض فِي الرزق بلَاء يبتلى بِهِ كلا فيبتلي بِهِ من بسط لَهُ كَيفَ شكره فِيهِ وشكره لله أَدَاؤُهُ الْحق الَّذِي افْترض عَلَيْهِ مِمَّا رزقه وخوله الْآيَة 72

72

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَالله جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} قَالَ: خلق آدم ثمَّ خلق زَوجته مِنْهُ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {بَنِينَ وحفدة} قَالَ الحفدة الْأخْتَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الحفدة الأصهار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الحفدة الْوَلَد وَولد الْوَلَد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الحفدة بَنو الْبَنِينَ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل: {وحفدة} قَالَ: ولد الْوَلَد وهم الأعوان قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: حفد الولائد حَوْلهنَّ وَأسْلمت بأكفهن أزمة الاجمال وَأخرج ابْن جرير عَن أبي حَمْزَة قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: {بَنِينَ وحفدة} قَالَ: من أعانك فقد حفدك أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: حفد الولائد حَوْلهنَّ وَأسْلمت بأكفهن أزمة الاجمال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قالك الحفدة بَنو امْرَأَة الرجل لَيْسُوا مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: الحفدة الأعوان وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: الحفدة الخدم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: الحفدة البنون وَبَنُو البنون وَمن أعانك من أهل أَو خَادِم فقد حفدك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أفبالباطل يُؤمنُونَ} قَالَ: الشّرك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {أفبالباطل يُؤمنُونَ} قَالَ: الشَّيْطَان {وبنعمة الله} قَالَ: مُحَمَّد الْآيَة 73 - 77

73

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ويعبدون من دون الله مَا لَا يملك لَهُم رزقا من السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: هَذِه الْأَوْثَان الَّتِي تعبد من دون الله لَا تملك لمن يَعْبُدهَا رزقا وَلَا ضراً وَلَا نفعا وَلَا حَيَاة وَلَا نشوراً {فَلَا تضربوا لله الْأَمْثَال} فَإِنَّهُ أحد صَمد (لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد) (الصمدية: 3 الْآيَة) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَا تضربوا لله الْأَمْثَال} يَعْنِي اتخاذهم الْأَصْنَام يَقُول: لَا تجْعَلُوا معي إِلَهًا غَيْرِي فَإِنَّهُ لَا إِلَه غَيْرِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء} يَعْنِي الْكَافِر إِنَّه لَا يَسْتَطِيع أَن ينْفق نَفَقَة فِي سَبِيل الله {وَمن رزقناه منا رزقا حسنا فَهُوَ ينْفق مِنْهُ سرا وجهراً} يَعْنِي الْمُؤمن وَهُوَ الْمثل فِي النَّفَقَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: (وَضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا) قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله للْكَافِرِ رزقه الله مَالا فَلم يقدم فِيهِ خيرا وَلم يعْمل فِيهِ بِطَاعَة الله {وَمن رزقناه منا رزقا حسنا} قَالَ: هُوَ الْمُؤمن أعطَاهُ الله مَالا رزقا حَلَالا فَعمل فِيهِ بِطَاعَة الله وَأَخذه بشكر وَمَعْرِفَة حق الله فأثابه الله على مَا رزقه الرزق الْمُقِيم الدَّائِم لأَهله فِي الْجنَّة قَالَ الله: {هَل يستويان مثلا} قَالَ: لَا وَالله لَا يستويان

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء وَمن رزقناه منا رزقا حسنا} و {رجلَيْنِ أَحدهمَا أبكم} {وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ} قَالَ: كل هَذَا مثل إِلَه الْحق وَمَا يدعونَ من دونه الْبَاطِل وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء} قَالَ: يَعْنِي بذلك الْآلهَة الَّتِي لَا تملك ضراً وَلَا نفعا وَلَا تقدر على شَيْء ينفعها وَمن رزقنا منا رزقا حسنا فَهُوَ ينْفق مِنْهُ سرا وجهراً قَالَ عَلَانيَة الْمُؤمن الَّذِي ينْفق سرا وجهراً لله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء} قَالَ الصَّنَم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: إِن الله ضرب الْأَمْثَال على حسب الْأَعْمَال فَلَيْسَ عمل صَالح إِلَّا لَهُ الْمثل الصَّالح وَلَيْسَ عمل سوء إِلَّا لَهُ مثل سوء وَقَالَ: إِن مثل الْعَالم المتفهم كطريق بَين شجر وجبل فَهُوَ مُسْتَقِيم لَا يعوّجه شَيْء فَذَلِك مثل العَبْد الْمُؤمن الَّذِي قَرَأَ الْقُرْآن وَعمل بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء} فِي رجل من قُرَيْش وَعَبده فِي هِشَام بن عمر وَهُوَ الَّذِي ينْفق مَاله سرا وجهراً وَفِي عبد أبي الجوزاء الَّذِي كَانَ ينهاه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَيْسَ للْعَبد طَلَاق إِلَّا بِإِذن سَيّده وَقَرَأَ {عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الْمَمْلُوك يتَصَدَّق بِشَيْء قَالَ: {ضرب الله مثلا عبدا مَمْلُوكا لَا يقدر على شَيْء} لَا يتَصَدَّق بِشَيْء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَضرب الله مثلا رجلَيْنِ أَحدهمَا أبكم} إِلَى آخر الْآيَة يَعْنِي بالأبكم الَّذِي {وَهُوَ كل على مَوْلَاهُ} الْكَافِر وَبِقَوْلِهِ: {وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ} الْمُؤمن وَهَذَا الْمثل فِي الْأَعْمَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن

ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَضرب الله مثلا رجلَيْنِ أَحدهمَا أبكم} فِي رجلَيْنِ أَحدهمَا عُثْمَان بن عَفَّان وَمولى لَهُ كَافِر وَهُوَ أسيد بن أبي الْعيص كَانَ يكره الْإِسْلَام وَكَانَ عُثْمَان ينْفق عَلَيْهِ ويكفله ويكفيه الْمُؤْنَة وَكَانَ الآخر ينهاه عَن الصَّدَقَة وَالْمَعْرُوف فَنزلت فيهمَا وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ} قَالَ: عُثْمَان بن عَفَّان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله للآلهة أَيْضا أما الأبكم فالصنم فَإِنَّهُ أبكم لَا ينْطق {وَهُوَ كل على مَوْلَاهُ} يُنْفقُونَ عَلَيْهِ وعَلى من يَأْتِيهِ وَلَا ينْفق عَلَيْهِم وَلَا يرزقهم {هَل يَسْتَوِي هُوَ وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ} وَهُوَ الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أَحدهمَا أبكم} قَالَ: هُوَ الوثن {هَل يَسْتَوِي هُوَ وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ} قَالَ: الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كل} قَالَ: الْكل الْعِيَال كَانُوا إِذا ارتحلوا حملوه على بعير ذَلُول وَجعلُوا مَعَه نَفرا يمسكونه خشيَة أَن يسْقط فَهُوَ عناء وَعَذَاب وعيال عَلَيْهِم {هَل يَسْتَوِي هُوَ وَمن يَأْمر بِالْعَدْلِ وَهُوَ على صِرَاط مُسْتَقِيم} يَعْنِي نَفسه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ خبر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمَا أَمر السَّاعَة إِلَّا كلمح الْبَصَر} هُوَ أَن يَقُول: كن أَو أقرب فالساعة {كلمح الْبَصَر أَو هُوَ أقرب} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {كلمح الْبَصَر} يَقُول: كلمح ببصر الْعين من السرعة أَو {أقرب} من ذَلِك إِذا أردنَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَمَا أَمر السَّاعَة إِلَّا كلمح الْبَصَر أَو هُوَ أقرب} قَالَ: هُوَ أقرب وكل شَيْء فِي الْقُرْآن أَو فَهُوَ هَكَذَا (مائَة ألف أَو يزِيدُونَ) وَالله أعلم

الْآيَة 78

78

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَالله أخرجكم من بطُون أُمَّهَاتكُم} قَالَ: من الرَّحِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تشكرون} قَالَ: كَرَامَة أكْرمكُم الله بهَا فاشكروا نعمه وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن حَبَّة وَسَوَاء ابنَيْ خَالِد أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَهُوَ يعالج بِنَاء فَقَالَ لَهما: هَلُمَّ فعالجا مَعَه فعالجا فَلَمَّا فرغ أَمر لَهُم بِشَيْء وَقَالَ لَهما: لَا تَيْأَسا من الرزق مَا تهزهزت رؤوسكما فَإِنَّهُ لَيْسَ من مَوْلُود يُولد من أمة إِلَّا أَحْمَر لَيْسَ عَلَيْهِ قشرة ثمَّ يرزقه الله الْآيَة 79

79

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فِي جو السَّمَاء} فِي كبد السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {فِي جو السَّمَاء} قَالَ: جَوف السَّمَاء {مَا يمسكهن إِلَّا الله} قَالَ: يمسِكهُ الله على كل ذَلِك وَالله أعلم بِالصَّوَابِ الْآيَة 80

80

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَالله جعل لكم من بُيُوتكُمْ سكناً} قَالَ: تسكنون فِيهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {جعل لكم من بُيُوتكُمْ سكناً} قَالَ: تسكنون وتقرون فِيهَا {وَجعل لكم من جُلُود الْأَنْعَام بُيُوتًا} وَهِي خيام الْأَعْرَاب {تستخفونها} يَقُول فِي الْحمل {ومتاعاً إِلَى حِين} قَالَ: إِلَى الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {تستخفونها يَوْم ظعنكم} قَالَ بعض: بيُوت السيارة فِي سَاعَة وَفِي قَوْله: {وأوبارها} قَالَ: الْإِبِل {وَأَشْعَارهَا} قَالَ: الْغنم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أثاثاً} قَالَ: الأثاث المَال {ومتاعاً إِلَى حِين} يَقُول تنتفعون بِهِ إِلَى حِين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: إِنَّمَا أنزل الْقُرْآن على قدر معرفَة الْعَرَب أَلا ترى إِلَى قَوْله: {وَمن أصوافها وأوبارها} وَمَا جعل الله لَهُم من غير ذَلِك أعظم مِنْهُ وَأكْثر وَلَكنهُمْ كَانُوا أَصْحَاب وبر وَشعر أَلا ترى إِلَى قَوْله: {وَالله جعل لكم مِمَّا خلق ظلالا وَجعل لكم من الْجبَال أكناناً} وَمَا جعل من السهل أعظم وَأكْثر وَلَكنهُمْ كَانُوا أَصْحَاب جبال أَلا ترى إِلَى قَوْله: {وَجعل لكم سرابيل تقيكم الْحر} وَمَا يقي الْبرد أعظم وَأكْثر وَلَكنهُمْ كَانُوا أَصْحَاب حر أَلا ترى إِلَى قَوْله: (من جبال فِيهَا من برد) يعجبهم بذلك وَمَا أنزل من الثَّلج أعظم وَأكْثر وَلَكنهُمْ كَانُوا لَا يعرفونه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ومتاعاً إِلَى حِين} قَالَ: إِلَى أجل وبلغة الْآيَة 81 - 83

81

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَالله جعل لكم مِمَّا خلق ظلالاً} قَالَ: من الشّجر وَمن غَيرهَا

{وَجعل لكم من الْجبَال أكناناً} قَالَ: غارات يسكن فِيهَا {وَجعل لكم سرابيل تقيكم الْحر} من الْقطن والكتان وَالصُّوف {وسرابيل تقيكم بأسكم} من الْحَدِيد {كَذَلِك يتم نعْمَته عَلَيْكُم لَعَلَّكُمْ تسلمون} وَلذَلِك هَذِه السُّورَة تسمى سُورَة النعم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْكسَائي عَن حَمْزَة عَن الْأَعْمَش وَأبي بكر وَعَاصِم أَنهم قرأوا {لَعَلَّكُمْ تسلمون} بِرَفْع التَّاء من أسلمت وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {سرابيل تقيكم الْحر} قَالَ: يَعْنِي الثِّيَاب {وسرابيل تقيكم بأسكم} قَالَ: يَعْنِي الدروع وَالسِّلَاح {كَذَلِك يتم نعْمَته عَلَيْكُم لَعَلَّكُمْ تسلمون} يَعْنِي من الْجِرَاحَات وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا {تسلمون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ: أَن أَعْرَابِيًا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَالله جعل لكم من بُيُوتكُمْ سكناً} قَالَ الْأَعرَابِي: نعم قَالَ: {وَجعل لكم من جُلُود الْأَنْعَام بُيُوتًا تستخفونها} قَالَ الْأَعرَابِي: نعم ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ كل ذَلِك يَقُول نعم حَتَّى بلغ {كَذَلِك يتم نعْمَته عَلَيْكُم لَعَلَّكُمْ تسلمون} فولى الْأَعرَابِي فَأنْزل الله {يعْرفُونَ نعْمَة الله ثمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرهم الْكَافِرُونَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يعْرفُونَ نعْمَة الله ثمَّ يُنْكِرُونَهَا} قَالَ: هِيَ المساكن والأنعام وَمَا ترزقون مِنْهَا وسرابيل من الْحَدِيد وَالثيَاب تعرف هَذَا كفار قُرَيْش ثمَّ تنكره بِأَن تَقول: هَذَا كَانَ لآبائنا فورثونا إِيَّاه وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن كثير فِي الْآيَة قَالَ: يعلمُونَ أَن خلقهمْ وَأَعْطَاهُمْ بَعْدَمَا أَعْطَاهُم يكفرون فَهُوَ معرفهم نعْمَته ثمَّ إنكارهم إِيَّاهَا كفرهم بعد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عون بن عبد الله فِي قَوْله: {يعْرفُونَ نعْمَة الله ثمَّ يُنْكِرُونَهَا} قَالَ: انكارهم إِيَّاهَا أَن يَقُول الرجل: لَوْلَا فلَان أصابني كَذَا وَكَذَا وَلَوْلَا فلَان لم أصب كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي

قَوْله: {يعْرفُونَ نعْمَة الله ثمَّ يُنْكِرُونَهَا} قَالَ مُحَمَّد: وَلَفظ ابْن أبي حَاتِم قَالَ: هَذَا فِي حَدِيث أبي جهل والأخنس حِين سَأَلَ الْأَخْنَس أَبَا جهل عَن مُحَمَّد: فَقَالَ: هُوَ نَبِي الْآيَة 84 - 90

84

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَيَوْم نبعث من كل أمة شَهِيدا} قَالَ: شهيدها نبيها على أَنه قد بلغ رسالات ربه قَالَ الله: {وَجِئْنَا بك شَهِيدا على هَؤُلَاءِ} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَرَأَ هَذِه الْآيَة فاضت عَيناهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَالِيَة فِي قَوْله: {وَإِذا رأى الَّذين ظلمُوا الْعَذَاب فَلَا يُخَفف عَنْهُم وَلَا هم ينظرُونَ} قَالَ: هَذَا كَقَوْلِه: (هَذَا يَوْم لَا ينطقون وَلَا يُؤذن لَهُم فيعتذرون) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَألْقوا إِلَيْهِم القَوْل} قَالَ: حدثوهم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وألقوا إِلَى الله يَوْمئِذٍ السّلم} قَالَ: استسلموا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وألقوا إِلَى الله يَوْمئِذٍ السّلم} يَقُول: ذلوا واستسلموا يَوْمئِذٍ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {زدناهم عذَابا فَوق الْعَذَاب} قَالَ: زيدوا عقارب لَهَا أَنْيَاب كالنخل الطوَال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن الْبَراء أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن قَول الله: {زدناهم عذَابا فَوق الْعَذَاب} قَالَ: عقارب أَمْثَال النّخل الطوَال ينهشونهم فِي جَهَنَّم وَأخرج هناد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أفاعي فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة: إِن أهل النَّار إِذا جزعوا من حرهَا اسْتَغَاثُوا بضحضاح فِي النَّار فَإِذا أَتَوْهُ تلقاهم عقارب كأنهن البغال الدهم وأفاع كأنهن البخاتي فضربنهم فَذَلِك الزِّيَادَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: إِن فِي جَهَنَّم لجبابا فِيهَا حيات أَمْثَال البخت وعقارب أَمْثَال البغال يستغيث أهل النَّار من تِلْكَ الْجبَاب إِلَى السَّاحِل فَتثبت إِلَيْهِم فتأخذ جباههم وشفارهم فكشطت لحومهم إِلَى أَقْدَامهم فسيتغيثون مِنْهَا إِلَى النَّار فتتبعهم حَتَّى تَجِد حرهَا فترجع وَهِي فِي أسراب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن لِجَهَنَّم سواحل فِيهَا حيات وعقارب أعناقها كأعناق البخت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْأَعْمَش عَن مَالك بن الْحَارِث قَالَ: إِذا طرح الرجل فِي النَّار هوى فِيهَا فَإِذا انْتهى إِلَى بعض أَبْوَابهَا قيل: مَكَانك حَتَّى تتحف فيسقى كأساً من سم الأساود والعقارب فيتميز الْجلد على حِدة وَالشعر على حِدة والعصب على حِدة وَالْعُرُوق على حِدة

وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {زدناهم عذَابا فَوق الْعَذَاب} قَالَ: خَمْسَة أَنهَار من نَار صبها الله عَلَيْهِم يُعَذبُونَ بِبَعْضِهَا بِاللَّيْلِ وببعضها بِالنَّهَارِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الزِّيَادَة خَمْسَة أَنهَار تجْرِي من تَحت الْعَرْش على رُؤُوس أهل النَّار ثَلَاثَة أَنهَار على مِقْدَار اللَّيْل ونهران على مِقْدَار النَّهَار فَذَلِك قَوْله: {زدناهم عذَابا فَوق الْعَذَاب بِمَا كَانُوا يفسدون} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: أَتَدْرِي مَا سَعَة جَهَنَّم قلت: لَا قَالَ: إِن مَا بَين شحمة أذن أحدهم وَبَين عَاتِقه مسيرَة سبعين خَرِيفًا تجْرِي أَوديَة الْقَيْح وَالدَّم قلت لَهُ: الْأَنْهَار قَالَ: لَا بل الأودية وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الله أنزل فِي هَذَا الْكتاب تبياناً لكل شَيْء وَلَقَد عَملنَا بَعْضًا مِمَّا بَين لنا فِي الْقُرْآن ثمَّ تَلا {ونزلنا عَلَيْك الْكتاب تبياناً لكل شَيْء} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الله وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من أَرَادَ الْعلم فليتنوّر الْقُرْآن فَإِنَّهُ فِيهِ علم الأوّلين والآخرين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَا تهذوا الْقُرْآن كَهَذا الشّعْر وَلَا تنثروه نثر الدقل وقفُوا عِنْد عجائبه وحركوا بِهِ الْقُلُوب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن هَذَا الْقُرْآن مأدبة الله فَمن دخل فِيهِ فَهُوَ آمن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن هَذِه الْقُلُوب أوعية فأشغلوها بِالْقُرْآنِ وَلَا تشغلوها بِغَيْرِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {تبياناً لكل شَيْء} قَالَ: مِمَّا أمروا بِهِ ونهوا عَنهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ونزلنا عَلَيْك الْكتاب تبياناً لكل شَيْء} قَالَ: بِالسنةِ

وَأخرج أَحْمد عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت عِنْد رَسُول الله جَالِسا إِذْ شخص بَصَره فَقَالَ: أَتَانِي جِبْرِيل فَأمرنِي أَن أَضَع هَذِه الْآيَة بِهَذَا الْموضع من السُّورَة {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ والإِحسان} إِلَى قَوْله: {تذكرُونَ} وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله بِفنَاء بَيته جَالِسا إِذْ مر بِهِ عُثْمَان بن مَظْعُون رَضِي الله عَنهُ فَجَلَسَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَيْنَمَا هُوَ يحدثه إِذْ شخص بَصَره إِلَى السَّمَاء فَنظر سَاعَة إِلَى السَّمَاء فَأخذ يضع بَصَره حَتَّى وَضعه على يَمِينه فِي الأَرْض فتحرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جليسه عُثْمَان إِلَى حَيْثُ وضع رَأسه فَأخذ ينفض رَأسه كَأَنَّهُ يستفقه مَا يُقَال لَهُ فَلَمَّا قضى حَاجته شخص بصر رَسُول الله إِلَى السَّمَاء كَمَا شخص أول مرّة فَاتبعهُ بَصَره حَتَّى توارى فِي السَّمَاء فَأقبل إِلَى عُثْمَان كجلسته الأولى فَسَأَلَهُ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: أَتَانِي جِبْرِيل آنِفا قَالَ: فَمَا قَالَ لَك قَالَ: {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ والإِحسان} إِلَى قَوْله: {تذكرُونَ} قَالَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: فَذَلِك حِين اسْتَقر الْإِيمَان فِي قلبِي وأحببت مُحَمَّدًا وَأخرج الباوردي وَابْن السكن وَابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم فِي معرفَة الصَّحَابَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغ أَكْثَم بن صَيْفِي مخرج رَسُول الله فَأَرَادَ أَن يَأْتِيهِ فَأتى قومه فَانْتدبَ رجلَيْنِ فَأتيَا رَسُول الله فَقَالَا: نَحن رسل أَكْثَم يَسْأَلك من أَنْت وَمَا جِئْت بِهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا مُحَمَّد بن عبد الله عبد الله وَرَسُوله ثمَّ تَلا عَلَيْهِمَا هَذِه الْآيَة {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ والإِحسان} إِلَى قَوْله: {تذكرُونَ} قَالَا: ردد علينا هَذَا القَوْل فردده عَلَيْهِمَا حَتَّى حفظاه فَأتيَا أَكْثَم فَأَخْبَرَاهُ فَلَمَّا سمع الْآيَة قَالَ: إِنِّي أرَاهُ يَأْمر بمكارم الْأَخْلَاق وَينْهى عَن ملائمها فكونوا فِي هَذَا الْأَمر رؤوساء وَلَا تَكُونُوا فِيهِ أذناباً وَرَوَاهُ الْأمَوِي فِي مغازيه وَزَاد فَركب مُتَوَجها إِلَى النَّبِي فَمَاتَ فِي الطَّرِيق: قَالَ: وَيُقَال نزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة (وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت) (النِّسَاء آيَة 100) الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ} قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله {وَالْإِحْسَان} قَالَ: أَدَاء الْفَرَائِض {وإيتاء ذِي الْقُرْبَى} قَالَ: إِعْطَاء ذَوي الرَّحِم الْحق الَّذِي أوجبه الله عَلَيْك بِسَبَب الْقَرَابَة وَالرحم {وَينْهى عَن الْفَحْشَاء} قَالَ: الزِّنَا {وَالْمُنكر} قَالَ: الشّرك {وَالْبَغي} قَالَ: الْكبر وَالظُّلم: {يعظكم} يُوصِيكُم {لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُحَمّد بن نصر فِي الصَّلَاة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أعظم آيَة فِي كتاب الله تَعَالَى {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ القيوم} آل عمرَان 2 وَأجْمع آيَة فِي كتاب الله للخير وَالشَّر - الْآيَة الَّتِي فِي النَّحْل - {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ والإِحسان} وَأكْثر آيَة فِي كتاب الله تفويضاً {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب} الطَّلَاق 2 - 3 وَأَشد آيَة فِي كتاب الله رَجَاء {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} الزمر 53 الْآيَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ والإِحسان} إِلَى آخرهَا ثمَّ قَالَ: إِن الله عزَّ وجلَّ جمع لكم الْخَيْر كُله وَالشَّر كُله فِي آيَة وَاحِدَة فوَاللَّه مَا ترك الْعدْل وَالْإِحْسَان من طَاعَة الله شَيْئا إِلَّا جمعه وَلَا ترك الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَالْبَغي من مَعْصِيّة الله شَيْئا إِلَّا جمعه وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه من طَرِيق العكلي عَن أَبِيه قَالَ: مر عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ بِقوم يتحدثون فَقَالَ: فيمَ أَنْتُم فَقَالُوا: نتذاكر الْمُرُوءَة فَقَالَ: أَو مَا كفاكم الله عز وَجل ذَاك فِي كِتَابه إِذْ يَقُول الله: {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ والإِحسان} فالعدل الانصاف والاحسان التفضل فَمَا بَقِي بعد هَذَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ والإِحسان} الْآيَة قَالَ: لَيْسَ من خلق حسن كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يعْملُونَ بِهِ

ويعظمونه ويخشونه إِلَّا أَمر الله بِهِ وَلَيْسَ من خلق سيء كَانُوا يتعايرونه بَينهم إِلَّا نهى الله عَنهُ وَقدم فِيهِ وَإِنَّمَا نهى عَن سفاسف الْأَخْلَاق ومذامها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: دَعَاني عمر بن عبد الْعَزِيز فَقَالَ: صف لي الْعدْل فَقلت: بخ سَأَلت عَن أَمر جسيم كُنْ لصغير النَّاس أَبَا ولكبيرهم ابْنا وللمثل مِنْهُم أَخا وللنساء كَذَلِك وعاقب النَّاس على قدر ذُنوبهم وعَلى قدر أَجْسَادهم وَلَا تضربن بِغَضَبِك سَوْطًا وَاحِدًا مُتَعَدِّيا فَتكون من العادين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم إِنَّمَا الْإِحْسَان أَن تحسن إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْك وَالله أعلم الْآيَة 91

91

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مزيدة بن جَابر فِي قَوْله: {وأوفوا بِعَهْد الله إِذا عاهدتم} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي بيعَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ من أسلم بَايع على الْإِسْلَام فَقَالَ: {وأوفوا بِعَهْد الله إِذا عاهدتم وَلَا تنقضوا الْأَيْمَان بعد توكيدها} فَلَا تحملنكم قلَّة مُحَمَّد وَأَصْحَابه وَكَثْرَة الْمُشْركين أَن تنقضوا الْبيعَة الَّتِي بايعتم على الإِسلام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلَا تنقضوا الْأَيْمَان بعد توكيدها} قَالَ: تغليظها فِي الْحلف: {وَقد جعلتم الله عَلَيْكُم كَفِيلا} قَالَ: وَكيلا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلَا تنقضوا الْأَيْمَان بعد توكيدها} يَقُول: بعد تشديدها وتغليظها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَلَا تنقضوا الْأَيْمَان بعد توكيدها} يَعْنِي بعد وتغليظها وتشديدها {وَقد جعلتم الله عَلَيْكُم كَفِيلا} يَعْنِي فِي الْعَهْد شَهِيدا وَالله أعلم بِالصَّوَابِ

الْآيَة 92 - 96

92

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر بن حَفْص قَالَ: كَانَت سعيدة الأَسدِية مَجْنُونَة تجمع الشّعْر والليف فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نقضت غزلها} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: قَالَ لي ابْن عَبَّاس: يَا عَطاء أَلا أريك امْرَأَة من أهل الْجنَّة فَأرَانِي حبشية صفراء فَقَالَ: هَذِه أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن بِي هَذِه الموتة - يَعْنِي الْجُنُون - فَادع الله أَن يعافيني فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن شِئْت دَعَوْت الله فعافاك وَإِن شِئْت صبرت واحتسبت وَلَك الْجنَّة فَاخْتَارَتْ الصَّبْر وَالْجنَّة قَالَ: وَهَذِه الْمَجْنُونَة سعيدة الأَسدِية وَكَانَت تجمع الشّعْر والليف فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نقضت غزلها} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن كثير فِي قَوْله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نقضت غزلها} قَالَ: خرقاء كَانَت بِمَكَّة تنقضه بَعْدَمَا تبرمه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نقضت غزلها} قَالَ: كَانَت امْرَأَة بِمَكَّة كَانَت تسمى خرقاء مَكَّة كَانَت تغزل فَإِذا أبرمت غزلها تنقضه

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نقضت غزلها} قَالَ: نقضت حبلها بعد إبرامها إِيَّاه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة: لَو سَمِعْتُمْ بِامْرَأَة نقضت غزلها من بعد إبرامه لقلتم: مَا أَحمَق هَذِه وَهَذَا مثل ضربه الله لمن نكث عَهده وَفِي قَوْله: {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانكُم دخلا بَيْنكُم} قَالَ: خِيَانَة وغدراً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَن تكون أمة هِيَ أربى من أمة} قَالَ: نَاس أَكثر من نَاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أَن تكون أمة هِيَ أربى من أمة} قَالَ: كَانُوا يحالفون الحلفاء فيجدون أَكثر مِنْهُم وأعز فينقضون حلف هَؤُلَاءِ ويحالفون هَؤُلَاءِ الَّذين هم أعز فنهوا عَن ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: وَلَا تَكُونُوا فِي نقض الْعَهْد بِمَنْزِلَة الَّتِي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً يَعْنِي بعد مَا أبرمته {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانكُم} يَعْنِي الْعَهْد {دخلا بَيْنكُم} يَعْنِي بَين أهل الْعَهْد يَعْنِي مكراً أَو خديعة ليدْخل [] الْعلَّة فيستحل بِهِ نقض الْعَهْد {أَن تكون أمة هِيَ أربى من أمة} يَعْنِي أَكثر {إِنَّمَا يبلوكم الله بِهِ} يَعْنِي بِالْكَثْرَةِ {وليبينن لكم يَوْم الْقِيَامَة مَا كُنْتُم فِيهِ تختلفون وَلَو شَاءَ الله لجعلكم أمة وَاحِدَة} يَعْنِي الْمسلمَة والمشركة {أمة وَاحِدَة} يَعْنِي مِلَّة الْإِسْلَام وَحدهَا {وَلَكِن يضل من يَشَاء} يَعْنِي عَن دينه وهم الْمُشْركُونَ {وَيهْدِي من يَشَاء} يَعْنِي الْمُسلمين {ولتسألن} يَوْم الْقِيَامَة {عَمَّا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} ثمَّ ضرب مثلا آخر للناقض الْعَهْد فَقَالَ: {وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانكُم} يَعْنِي الْعَهْد {دخلا بَيْنكُم فتزل قدم بعد ثُبُوتهَا} يَقُول: إِن نَاقض الْعَهْد يزل فِي دينه كَمَا يزل قدم الرجل بعد الاسْتقَامَة {وتذوقوا السوء بِمَا صددتم عَن سَبِيل الله} يَعْنِي الْعقُوبَة {وَلَا تشتروا بِعَهْد الله ثمنا قَلِيلا} يَعْنِي عرضا من الدُّنْيَا يَسِيرا {إِنَّمَا عِنْد الله} يَعْنِي الثَّوَاب {هُوَ خير لكم} يَعْنِي أفضل لكم من العاجل {مَا عنْدكُمْ ينْفد} يَعْنِي مَا عنْدكُمْ من الْأَمْوَال يفنى {وَمَا عِنْد الله بَاقٍ} يَعْنِي وَمَا عِنْد الله فِي الْآخِرَة من الثَّوَاب دَائِم لَا يَزُول عَن أَهله وليجزين {الَّذين صَبَرُوا أجرهم بِأَحْسَن مَا كَانُوا يعْملُونَ} فِي الدُّنْيَا وَيَعْفُو عَن سيئاتهم

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إيَّاكُمْ وأرأيت فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بأرأيت وَلَا تقيسوا الشَّيْء بالشَّيْء {فتزل قدم بعد ثُبُوتهَا} وَإِذا سُئِلَ أحدكُم عَمَّا لَا يعلم فَلْيقل: لَا أعلم فَإِنَّهُ ثلث الْعلم الْآيَة 97

97

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {من عمل صَالحا من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن فلنحيينه حَيَاة طيبَة} قَالَ: الْحَيَاة الطّيبَة الرزق الْحَلَال فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا وَإِذا صَار إِلَى ربه جازاه بِأَحْسَن مَا كَانَ يعْمل وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {فلنحيينه حَيَاة طيبَة} قَالَ: الْحَيَاة الطّيبَة الرزق الْحَلَال فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا وَإِذا صَار إِلَى ربه جازاه بِأَحْسَن مَا كَانَ يعْمل وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فلنحيينه حَيَاة طيبَة} قَالَ: يَأْكُل حَلَالا وَيشْرب حَلَالا ويلبس حَلَالا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {حَيَاة طيبَة} قَالَ: الْكسْب الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {حَيَاة طيبَة} قَالَ: السَّعَادَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فلنحيينه حَيَاة طيبَة} قَالَ: القنوع قَالَ: وَكَانَ رَسُول الله يَدْعُو: اللَّهُمَّ قنعني بِمَا رزقتني وَبَارك لي فِيهِ واخلف عليّ كل غَائِبَة لي بِخَير وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله: {فلنحيينه حَيَاة طيبَة} قَالَ: القناعة

وَأخرج وَكِيع عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله: القناعة مَال لَا ينْفد وَأخرج مُسلم عَن ابْن عَمْرو أَن رَسُول الله قَالَ: قد أَفْلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بِمَا آتَاهُ وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن فضاة بن عبيد أَنه سمع رَسُول الله يَقُول: قد أَفْلح من هدي إِلَى الْإِسْلَام وَكَانَ عيشه كفافاً وقنع بِهِ وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله: القناعة مَال لَا ينْفد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {حَيَاة طيبَة} قَالَ: مَا تطيب الْحَيَاة لأحد إِلَّا فِي الْجنَّة الْآيَة 98

98

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم} قَالَ: هَذَا دَلِيل من الله دلّ عَلَيْهِ عباده وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: الِاسْتِعَاذَة وَاجِبَة لكل قِرَاءَة فِي الصَّلَاة أَو غَيرهَا من أجل قَوْله: {فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جُبَير بن مطعم: أَن النَّبِي لما دخل فِي الصَّلَاة كبر ثمَّ قَالَ أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يتَعَوَّذ يَقُول: أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ: كَانَ رَسُول الله إِذا قَامَ من اللَّيْل فَاسْتَفْتَحَ الصَّلَاة قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه إِلَّا غَيْرك ثمَّ يَقُول: أعوذ بِاللَّه السَّمِيع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي ذكر الْإِفْك قَالَت::

جلس رَسُول الله وكشف عَن وَجهه وَقَالَ: أعوذ بِاللَّه السَّمِيع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم (إِن الَّذين جاؤوا بالإفك عصبَة مِنْكُم ) (النُّور آيَة 11) الْآيَات الْآيَة 99 - 100

99

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي قَوْله: {إِنَّه لَيْسَ لَهُ سُلْطَان على الَّذين آمنُوا} قَالَ: لَيْسَ لَهُ سُلْطَان على أَن يحملهم على ذَنْب لَا يغْفر لَهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِنَّمَا سُلْطَانه على الَّذين يتولونه} قَالَ: حجَّته على الَّذين يتولونه {وَالَّذين هم بِهِ مشركون} قَالَ: يعدلونه بِرَبّ الْعَالمين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّمَا سُلْطَانه على الَّذين يتولونه} يَقُول: سُلْطَان الشَّيْطَان على من تولى الشَّيْطَان وَعمل بِمَعْصِيَة الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ: إِن عَدو الله إِبْلِيس حِين غلبت عَلَيْهِ الشقاوة قَالَ: (لأغوينهم أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين) (ص آيَة 82 - 83) فَهَؤُلَاءِ الَّذين لم يَجْعَل للشَّيْطَان عَلَيْهِم سَبِيل وَإِنَّمَا سُلْطَانه على قوم اتخذوه وليا فأشركوه فِي أَعْمَالهم الْآيَة 101 - 102

101

أخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِذا بدلنا آيَة مَكَان آيَة} وَقَوله: (ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بَعْدَمَا

فتنُوا) (النَّحْل 110) قَالَ: عبد الله بن سعد بن أبي سرح كَانَ يكْتب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأزله الشَّيْطَان فلحق بالكفار وَأمر بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقتل يَوْم الْفَتْح فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأجاره وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَإِذا بدلنا آيَة مَكَان آيَة} قَالَ: هُوَ كَقَوْلِه (مَا ننسخ من آيَة أَو ننسها) (الْبَقَرَة آيَة 106) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَإِذا بدلنا آيَة مَكَان آيَة} قَالَ: هَذَا فِي النَّاسِخ والمنسوخ قَالَ: إِذا نسخنا آيَة وَجِئْنَا بغَيْرهَا قَالُوا مَا بالك قلت: كَذَا وَكَذَا ثمَّ نقضته أَنْت تفتري قَالَ الله: {وَالله أعلم بِمَا ينزل} الْآيَة 103 - 105

103

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلم قينا بِمَكَّة اسْمه بلعام وَكَانَ عجمي اللِّسَان فَكَانَ الْمُشْركُونَ يرَوْنَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل عَلَيْهِ وَيخرج من عِنْده فَقَالُوا: إِنَّمَا يُعلمهُ بلعام فَأنْزل الله {وَلَقَد نعلم أَنهم يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعلمهُ بشر} الْآيَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّمَا يُعلمهُ بشر} قَالَ: قَالُوا إِنَّمَا يعلم مُحَمَّدًا عَبدة بن الْحَضْرَمِيّ - وَهُوَ صَاحب الْكتب - فَقَالَ الله: {لِسَان الَّذِي يلحدون إِلَيْهِ أعجمي وَهَذَا لِسَان عَرَبِيّ مُبين} وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقرئ غُلَاما لبني الْمُغيرَة أعجمياً يُقَال لَهُ مقيس وَأنزل الله {وَلَقَد نعلم أَنهم يَقُولُونَ} الْآيَة وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد {وَلَقَد نعلم أَنهم يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعلمهُ بشر}

قَالَ: قَول قُرَيْش: إِنَّمَا يعلم مُحَمَّدًا بن الْحَضْرَمِيّ وَهُوَ صَاحب كتب {لِسَان الَّذِي يلحدون إِلَيْهِ أعجمي} يتَكَلَّم بالرومية {وَهَذَا لِسَان عَرَبِيّ مُبين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: يَقُولُونَ إِنَّمَا يعلم مُحَمَّدًا عَبدة بن الْحَضْرَمِيّ كَانَ يُسمى مقيس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّمَا يُعلمهُ سلمَان الْفَارِسِي وَأنزل الله {لِسَان الَّذِي يلحدون إِلَيْهِ أعجمي} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب: أَن الَّذِي ذكر الله فِي كِتَابه أَنه قَالَ: {إِنَّمَا يُعلمهُ بشر} إِنَّمَا افْتتن من أَنه كَانَ يكْتب الْوَحْي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ يملي عَلَيْهِ سميع عليم أَو عَزِيز حَكِيم أَو نَحْو ذَلِك من خَوَاتِيم الْآيَة ثمَّ يشْتَغل عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول: يَا رَسُول الله أَعَزِيز حَكِيم أَو سميع عليم فَيَقُول: أَي ذَلِك كتبت فَهُوَ كَذَلِك فَافْتتنَ وَقَالَ: إِن مُحَمَّدًا ليكل ذَلِك إِلَيّ فأكتب مَا شِئْت فَهَذَا الَّذِي ذكر لي سعيد بن الْمسيب من الْحُرُوف السَّبْعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا آذاه أهل مَكَّة دخل على عبد لبني الْحَضْرَمِيّ يُقَال لَهُ: أَبُو يسر كَانَ نَصْرَانِيّا وَكَانَ قد قَرَأَ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل فساءله وحدثه فَلَمَّا رَآهُ الْمُشْركُونَ يدْخل عَلَيْهِ قَالُوا: يُعلمهُ أَبُو الْيُسْر قَالَ الله: {وَهَذَا لِسَان عَرَبِيّ مُبين} ولسان أبي الْيُسْر أعجمي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُعَاوِيَة بن صَالح قَالَ: ذكر الْكَذِب عِنْد أبي أُمَامَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ عفوا أما تَسْمَعُونَ الله يَقُول: {إِنَّمَا يفتري الْكَذِب الَّذين لَا يُؤمنُونَ بآيَات الله وَأُولَئِكَ هم الْكَاذِبُونَ} وَأخرج الخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن عبد الله بن جَراد أَنه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل يَزْنِي الْمُؤمن قَالَ: قد يكون ذَلِك قَالَ: هَل يسرق الْمُؤمن قَالَ: قد يكون ذَلِك قَالَ: هَل يكذب الْمُؤمن قَالَ: لَا ثمَّ أتبعهَا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّمَا يفتري الْكَذِب الَّذين لَا يُؤمنُونَ} وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عبد الله بن جَراد قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء يَا

رَسُول الله هَل يكذب الْمُؤمن قَالَ: لَا يُؤمن بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر من إِذا حدث كذب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم ثَلَاثًا: رجل آتَاهُ الله الْقُرْآن حَتَّى إِذا رأى بهجته وتردى الْإِسْلَام أَعَارَهُ الله مَا شَاءَ اخْتَرَطَ سَيْفه وَضرب جَاره ورماه بالْكفْر قَالُوا: يَا رَسُول الله أَيهمَا أولى بالْكفْر الرَّامِي أَو المرمي بِهِ قَالَ: الرَّامِي وَذُو خَليفَة قبلكُمْ آتَاهُ الله سُلْطَانه فَقَالَ: من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله وَمن عَصَانِي فقد عصى الله وَكذب مَا جعل الله خَليفَة حبه دون الْخَالِق وَرجل استهوته الْأَحَادِيث كلما كذب كذبة وَصلهَا بأطول مِنْهَا فَذَاك الَّذِي يدْرك الدَّجَّال فيتبعه الْآيَة 106 - 110

106

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يُهَاجر إِلَى الْمَدِينَة قَالَ لأَصْحَابه: تفَرقُوا عني فَمن كَانَت بِهِ قُوَّة فليتأخر إِلَى آخر اللَّيْل وَمن لم تكن بِهِ قُوَّة فليذهب فِي أول اللَّيْل فَإِذا سَمِعْتُمْ بِي قد اسْتَقَرَّتْ بِي الأَرْض فالحقوا بِي فَأصْبح بِلَال الْمُؤَذّن وخباب وعمار وَجَارِيَة من قُرَيْش كَانَت أسلمت أَصْبحُوا بِمَكَّة فَأَخذهُم الْمُشْركُونَ وَأَبُو جهل فعرضوا

على بِلَال أَن يكفر فَأبى فَجعلُوا يضعون درعاً من حَدِيد فِي الشَّمْس ثمَّ يلبسونها إِيَّاه فَإِذا ألبسوها إِيَّاه قَالَ: أحد أحد وَأما خباب فيجعلوا يجرونه فِي الشوك وَأما عمار فَقَالَ لَهُم كلمة أعجبتهم تقيةً وَأما الْجَارِيَة فوتد لَهَا أَبُو جهل أَرْبَعَة أوتاد ثمَّ مدها فَأدْخل الحربة فِي قبلهَا حَتَّى قَتلهَا ثمَّ خلوا عَن بِلَال وخباب وعمار فَلَحقُوا برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخبروه بِالَّذِي كَانَ من أَمرهم وَاشْتَدَّ على عمار الَّذِي كَانَ تكلم بِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ كَانَ قَلْبك حِين قلت الَّذِي قلت: أَكَانَ منشرحاً بِالَّذِي قلت أم لَا قَالَ: لَا قَالَ: وَأنزل الله {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق أبي عُبَيْدَة بن مُحَمَّد بن عمار عَن أَبِيه قَالَ: أَخذ الْمُشْركُونَ عمار بن يَاسر فَلم يَتْرُكُوهُ حَتَّى سبّ النَّبِي وَذكر آلِهَتهم بِخَير ثمَّ تَرَكُوهُ فَلَمَّا أَتَى النَّبِي قَالَ: مَا وَرَاءَك شَيْء قَالَ: شَرّ مَا تركت حَتَّى نلْت مِنْك وَذكرت آلِهَتهم بِخَير قَالَ: كَيفَ تَجِد قَلْبك قَالَ: مطمئن بالايمان قَالَ: إِن عَادوا فعد فَنزلت {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين: إِن النَّبِي لَقِي عماراً وَهُوَ يبكي فَجعل يمسح عَن عَيْنَيْهِ وَيَقُول: أخذك الْكفَّار فغطوك فِي المَاء فَقلت كَذَا وَكَذَا فَإِن عَادوا فَقل ذَلِك لَهُم وَأخرج ابْن سعد عَن أبي عُبَيْدَة بن مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر فِي قَوْله: {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} قَالَ: ذَلِك عمار بن يَاسر وَفِي قَوْله: {وَلَكِن من شرح بالْكفْر صَدرا} قَالَ: ذَاك عبد الله بن أبي سرح وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} قَالَ: نزلت فِي عمار بن يَاسر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الحكم {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} قَالَ: نزلت فِي عمار وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ أَن عبد الله بن أبي سرح أسلم ثمَّ ارْتَدَّ فلحق بالمشركين ووشى بِعَمَّار وخباب عِنْد ابْن الْحَضْرَمِيّ أَو ابْن عبد الدَّار فأخذوهما وعذبوهما حَتَّى كفرا فَنزلت {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان}

وَأخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَابْن الْمُنْذر وَابْن مردويهعن أبي المتَوَكل النَّاجِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عمار بن يَاسر إِلَى بِئْر للْمُشْرِكين يَسْتَقِي مِنْهَا وحولها ثَلَاث صُفُوف يحرسونها فاستقى فِي قربَة ثمَّ أقبل فَأَخَذُوهُ فأرادوه على أَن يتَكَلَّم بِكَلِمَة الْكفْر فأنزلت هَذِه الْآيَة فِيهِ {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} وَأخرج ابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} نزلت فِي عمار بن يَاسر أَخذه بَنو الْمُغيرَة فغطوه فِي بِئْر وَقَالُوا: اكفر بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاتبعهم على ذَلِك وَقَلبه كَارِه فَنزلت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {إِلَّا من أكره} فِي عَيَّاش بن أبي ربيعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أنَاس من أهل مَكَّة آمنُوا فَكتب إِلَيْهِم بعض الصَّحَابَة بِالْمَدِينَةِ: أَن هَاجرُوا فَإنَّا لَا نرى أَنكُمْ منا حَتَّى تهاجروا إِلَيْنَا فَخَرجُوا يُرِيدُونَ الْمَدِينَة فأدركتهم قُرَيْش فِي الطَّرِيق ففتنوهم فَكَفرُوا مكرهين ففيهم نزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن سعد عَن عمر بن الحكم قَالَ: كَانَ عمار بن يَاسر يعذب حَتَّى لَا يدْرِي مَا يَقُول وَكَانَ صُهَيْب يعذب حَتَّى لَا يدْرِي مَا يَقُول وَكَانَ أَبُو فكهية يعذب حَتَّى لَا يدْرِي مَا يَقُول وبلال وعامر وَابْن فهَيْرَة وَقوم من الْمُسلمين وَفِيهِمْ نزلت هَذِه الْآيَة {ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بعد مَا فتنُوا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من كفر بِاللَّه} الْآيَة قَالَ: أخبر الله سُبْحَانَهُ أَن {من كفر بِاللَّه من بعد إيمَانه} فَعَلَيهِ غضب من الله وَله عَذَاب عَظِيم فَأَما من أكره فَتكلم بِلِسَانِهِ وَخَالفهُ قلبه بِالْإِيمَان لينجو بذلك من عدوه فَلَا حرج عَلَيْهِ لِأَن الله سُبْحَانَهُ إِنَّمَا يُؤَاخذ الْعباد بِمَا عقدت عَلَيْهِ قُلُوبهم وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ قَالَا فِي سُورَة النَّحْل {من كفر بِاللَّه من بعد إيمَانه إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان وَلَكِن من شرح بالْكفْر صَدرا فَعَلَيْهِم غضب من الله وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} ثمَّ نسخ وَاسْتثنى من ذَلِك فَقَالَ: {ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بعد مَا فتنُوا ثمَّ جاهدوا وصبروا إِن رَبك من بعْدهَا لغَفُور رَحِيم} وَهُوَ عبد الله بن أبي سرح الَّذِي كَانَ يكْتب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأزله الشَّيْطَان

فلحق بالكفار فَأمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقتل يَوْم فتح مَكَّة فَاسْتَجَارَ لَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان بن عَفَّان فأجاره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بعد مَا فتنُوا} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَنه لما أنزل الله أَن أهل مَكَّة لَا يقبل مِنْهُم إِسْلَام حَتَّى يهاجروا كتب بهَا أهل الْمَدِينَة إِلَى أَصْحَابهم من أهل مَكَّة فَخَرجُوا فأدركهم الْمُشْركُونَ فردوهم فَأنْزل الله (آلمَ أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا أَن يَقُولُوا آمنا وهم لَا يفتنون) (العنكبوت 1 - 2) فَكتب بِهَذَا أهل الْمَدِينَة إِلَى أهل مَكَّة فَلَمَّا جَاءَهُم ذَلِك تبايعوا على أَن يخرجُوا فَإِن لحق بهم الْمُشْركُونَ من أهل مَكَّة قاتلوهم حَتَّى ينجوا أَو يلْحقُوا بِاللَّه فَخَرجُوا فأدركهم الْمُشْركُونَ فقاتلوهم فَمنهمْ من قتل وَمِنْهُم من نجا فَأنْزل الله {ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِيمَن كَانَ يفتن من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بعد مَا فتنُوا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ قوم من أهل مَكَّة قد أَسْلمُوا وَكَانُوا يستخفون بِالْإِسْلَامِ فَنزلت فيهم {ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا} الْآيَة فَكَتَبُوا إِلَيْهِم بذلك أَن الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا فأدركهم الْمُشْركُونَ فقاتلوهم حَتَّى نجا من نجا وَقتل من قتل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن عيُونا لمُسَيْلمَة أخذُوا رجلَيْنِ من الْمُسلمين فَأتوهُ بهما فَقَالَ لأَحَدهمَا: أَتَشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالَ: نعم قَالَ: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله فَأَهوى إِلَى أُذُنَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي أَصَمّ فَأمر بِهِ فَقتل وَقَالَ للْآخر: أَتَشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالَ: نعم قَالَ: أَتَشهد أَنِّي رَسُول الله قَالَ: نعم فَأرْسلهُ فَأتى النَّبِي فَأخْبرهُ فَقَالَ: أما صَاحبك فَمضى على إيمَانه وَأما أَنْت فأخِذْتَ الرُّخْصَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بعد مَا فتنُوا} قَالَ: نزلت فِي عَيَّاش بن أبي ربيعَة أحد بني مَخْزُوم وَكَانَ أَخا أبي جهل لأمه وَكَانَ يضْربهُ سَوْطًا وراحلته سَوْطًا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي إِسْحَق فِي قَوْله: {ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بعد مَا فتنُوا} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي عمار بن يَاسر وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة والوليد بن أبي ربيعَة والوليد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنْهُم الْآيَة 111

111

أخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: كنت عِنْد عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: خوفنا يَا كَعْب فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أوليس فِيكُم كتاب الله وَحِكْمَة رَسُوله قَالَ: بلَى وَلَكِن خوفنا قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَو وافيت الْقِيَامَة بِعَمَل سبعين نَبيا لازدريت عَمَلك مِمَّا ترى قَالَ: زِدْنَا قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَو فتح من جَهَنَّم قدر منخر ثَوْر بالمشرق وَرجل بالمغرب لغلا دماغه حَتَّى يسيل من حرّها قَالَ: زِدْنَا قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن جَهَنَّم لتزفر زفرَة يَوْم الْقِيَامَة لَا يبْقى ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل إِلَّا خر جاثيا على ركبيته حَتَّى أَن إِبْرَاهِيم خَلِيله ليخرّ جاثياً على رُكْبَتَيْهِ فَيَقُول: ربّ نَفسِي نَفسِي لَا أَسأَلك الْيَوْم إِلَّا نَفسِي فَأَطْرَقَ عمر مَلِيًّا قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أوليس تَجِدُونَ هَذَا فِي كتاب الله قَالَ: كَيفَ قلت: قَول الله فِي هَذِه الْآيَة {يَوْم تَأتي كل نفس تجَادل عَن نَفسهَا وَتوفى كل نفس مَا عملت وهم لَا يظْلمُونَ} الْآيَة 112 - 114

112

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَضرب الله مثلا قَرْيَة كَانَت آمِنَة} الْآيَة قَالَ: يَعْنِي مَكَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَضرب الله مثلا قَرْيَة} قَالَ: هِيَ مَكَّة أَلا ترى أَنه قَالَ: {وَلَقَد جَاءَهُم رَسُول مِنْهُم فَكَذبُوهُ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قَرْيَة كَانَت آمِنَة} قَالَ: مَكَّة أَلا ترى إِلَى قَوْله: {وَلَقَد جَاءَهُم رَسُول مِنْهُم فَكَذبُوهُ فَأَخذهُم الْعَذَاب} قَالَ: أَخذهم الله بِالْجُوعِ وَالْخَوْف وَالْقَتْل الشَّديد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فأذاقها الله لِبَاس الْجُوع وَالْخَوْف} قَالَ: فَأَخذهُم الله بِالْجُوعِ وَالْخَوْف وَالْقَتْل وَفِي قَوْله: {وَلَقَد جَاءَهُم رَسُول مِنْهُم فَكَذبُوهُ} قَالَ: أَي وَالله يعْرفُونَ نسبه وَأمره وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سليم بن عمر قَالَ: صَحِبت حَفْصَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي خَارِجَة من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة فَأخْبرت أَن عُثْمَان قد قتل فَرَجَعت وَقَالَت: ارْجعُوا بِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا للقرية الَّتِي قَالَ الله: {قَرْيَة كَانَت آمِنَة مطمئنة} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب قَالَ: الْقرْيَة الَّتِي قَالَ الله: {كَانَت آمِنَة مطمئنة} هِيَ يثرب الْآيَة 115

115

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّمَا حرم عَلَيْكُم الْميتَة} قَالَ: إِن الْإِسْلَام دين مطهر طهره الله من كل سوء وَجعل لَك فِيهِ يَا ابْن آدم سَعَة إِذا اضطررت إِلَى شَيْء من ذَلِك

الْآيَة 116 - 117

116

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تَقولُوا لما تصف أَلْسِنَتكُم الْكَذِب هَذَا حَلَال وَهَذَا حرَام} قَالَ: هِيَ الْبحيرَة والسائبة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي نَضرة قَالَ: قَرَأت هَذِه الْآيَة فِي سُورَة النَّحْل {وَلَا تَقولُوا لما تصف أَلْسِنَتكُم الْكَذِب هَذَا حَلَال وَهَذَا حرَام} إِلَى آخر الْآيَة فَلم أزل أَخَاف الْفتيا إِلَى يومي هَذَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: عَسى رجل أَن يَقُول إِن الله أَمر بِكَذَا وَنهى عَن كَذَا فَيَقُول الله عز وَجل لَهُ: كذبت وَيَقُول: إِن الله حرم كَذَا وَأحل كَذَا فَيَقُول الله عز وَجل لَهُ: كذبت الْآيَة 118 - 119

118

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {وعَلى الَّذين هادوا حرمنا مَا قَصَصنَا عَلَيْك من قبل} قَالَ: فِي سُورَة الْأَنْعَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وعَلى الَّذين هادوا حرمنا مَا قَصَصنَا عَلَيْك من قبل} قَالَ: مَا قصّ الله ذكره فِي سُورَة الْأَنْعَام حَيْثُ يَقُول: (وعَلى الَّذين هادوا حرمنا كل ذِي ظفر ) إِلَى قَوْله: (وَإِنَّا لصادقون) (الْأَنْعَام آيَة 146)

الْآيَة 120 - 123

120

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ: مَا الْأمة قَالَ: الَّذِي يعلم النَّاس الْخَيْر قَالُوا: فَمَا القانت قَالَ: الَّذِي يُطِيع الله وَرَسُوله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة قَانِتًا} قَالَ: كَانَ على الْإِسْلَام وَلم يكن فِي زَمَانه من قومه أحد على الْإِسْلَام غَيره فَلذَلِك قَالَ الله: {كَانَ أمة قَانِتًا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة} قَالَ: إِمَامًا فِي الْخَيْر {قَانِتًا} قَالَ: مُطيعًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة} قَالَ: كَانَ مُؤمنا وَحده وَالنَّاس كفار كلهم وَأخرج ابْن جرير عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: بِمَ يبْق فِي الأَرْض إِلَّا وفيهَا أَرْبَعَة عشر يدْفع الله بهم عَن أهل الأَرْض وَيخرج بركتها إِلَّا زمن إِبْرَاهِيم فَإِنَّهُ كَانَ وَحده وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من عبد يشْهد لَهُ أمة إِلَّا قبل الله شَهَادَتهم وَالْأمة الرجل فَمَا فَوْقه إِن الله يَقُول: {إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة قَانِتًا لله حَنِيفا وَلم يَك من الْمُشْركين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة} قَالَ: إِمَام هدى يقْتَدى بِهِ وتتبع سنته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} قَالَ: لِسَان صدق

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} قَالَ: فَلَيْسَ من أهل دين إِلَّا يرضاه ويتولاه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة مَعًا فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو قَالَ: صل إِبْرَاهِيم الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب بِعَرَفَات ثمَّ وقف حَتَّى إِذا غَابَتْ الشَّمْس دفع ثمَّ صلى الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع ثمَّ صلى الْفجْر كأسرع مَا يُصَلِّي أحد من الْمُسلمين ثمَّ وقف بِهِ حَتَّى إِذا كَانَ كأبطأ مَا يُصَلِّي أحد من الْمُسلمين دفع ثمَّ رمى الْجَمْرَة ثمَّ ذبح وَحلق ثمَّ أَفَاضَ بِهِ إِلَى الْبَيْت فَطَافَ بِهِ فَقَالَ الله لنَبيه: {ثمَّ أَوْحَينَا إِلَيْك أَن اتبع مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفا} وَالله تَعَالَى أعلم الْآيَة 124

124

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِنَّمَا جعل السبت على الَّذين اخْتلفُوا فِيهِ} قَالَ: أَرَادَ الْجُمُعَة فَأخذُوا السبت مَكَانَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {إِنَّمَا جعل السبت على الَّذين اخْتلفُوا فِيهِ} قَالَ: إِن الله فرض على الْيَهُود الْجُمُعَة فَأَبَوا وَقَالُوا: يَا مُوسَى إِنَّه لم يخلق يَوْم السبت شَيْئا فَاجْعَلْ لنا السبت فَلَمَّا جعل عَلَيْهِم السبت استحلوا فِيهِ مَا حرم عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله: {إِنَّمَا جعل السبت على الَّذين اخْتلفُوا فِيهِ} قَالَ: بإستحلالهم إِيَّاه رأى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام رجلا يحمل حطباً يَوْم السبت فَضرب عُنُقه وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة بيد أَنهم أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا وأوتيناه من بعدهمْ ثمَّ هَذَا يومهم الَّذِي فرض عَلَيْهِم يَوْم الْجُمُعَة فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فهدانا الله لَهُ فَالنَّاس لنا فِيهِ تبع الْيَهُود غَدا وَالنَّصَارَى بعد غَد وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة وَحُذَيْفَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أضلّ

الله عَن الْجُمُعَة من كَانَ قبلنَا فَكَانَ للْيَهُود يَوْم السبت وَكَانَ لِلنَّصَارَى يَوْم الْأَحَد فجَاء الله بِنَا فهدانا ليَوْم الْجُمُعَة والسبت والأحد وَكَذَلِكَ هم تبع لنا يَوْم الْقِيَامَة نخن الْآخرُونَ من أهل الدُّنْيَا والأولون يَوْم الْقِيَامَة الْمقْضِي لَهُم قبل الْخَلَائق وَالله أعلم الْآيَة 125

125

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ليلى الْأَشْعَرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تمسكوا بِطَاعَة أئمتكم وَلَا تخالفوهم فَإِن طاعتهم طَاعَة الله معصيتهم مَعْصِيّة الله فَإِن الله إِنَّمَا بَعَثَنِي أَدْعُو إِلَى سَبيله بالحكمة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة فَمن خالفني فِي ذَلِك فَهُوَ من الهالكين وَقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله وَمن ولي من أَمركُم شَيْئا فَعمل بِغَيْر ذَلِك فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: أعرض عَن أذاهم إياك الْآيَة 126 - 128

126

أخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد أُصِيب من الْأَنْصَار أَرْبَعَة وَسِتُّونَ رجلا وَمن الْمُهَاجِرين سِتَّة مِنْهُم حَمْزَة فمثلوا بهم فَقَالَت الْأَنْصَار: لَئِن أصبْنَا مِنْهُم يَوْمًا مثل هَذَا لَنُربِيَنَّ عَلَيْهِم فَلَمَّا كَانَ يَوْم فتح مَكَّة أنزل الله: {وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهو خير للصابرين}

فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نصبر وَلَا نعاقب كفوا عَن الْقَوْم إِلَّا أَرْبَعَة وَأخرج ابْن سعد وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف على حَمْزَة حِين اسْتشْهد فَنظر إِلَى منظر لم يَرَ شَيْئا قطّ كَانَ أوجع لِقَلْبِهِ مِنْهُ وَنظر إِلَيْهِ قد مثل بِهِ فَقَالَ: رَحْمَة الله عَلَيْك فَإنَّك كنت مَا علمت وصُولا للرحم فعولًا لِلْخَيْرَاتِ وَلَوْلَا حزن من بعْدك عَلَيْك لسّرني أَن أتركك حَتَّى يحشرك الله من أَرْوَاح شَتَّى أما وَالله لَأُمَثِّلَن بسبعين مِنْهُم مَكَانك فَنزل جِبْرِيل وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاقِف بخواتيم النَّحْل {وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ} الْآيَة فكفّر النَّبِي عَن يَمِينه وَأمْسك عَن الَّذِي أَرَادَ وصبر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم قتل حَمْزَة وَمثل بِهِ: لَئِن ظَفرت بِقُرَيْش لَأُمَثِّلَن بسبعين رجلا مِنْهُم فَأنْزل الله {وَإِن عَاقَبْتُمْ} الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بل نصبر يَا رب: فَصَبر وَنهى عَن الْمثلَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد وَانْصَرف الْمُشْركُونَ فَرَأى الْمُسلمُونَ بإخوانهم مثله جعلُوا يقطعون آذانهم وآنافهم ويشقون بطونهم فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَئِن أنالَنَا الله مِنْهُم لنفعلن ولنفعلن فَأنْزل الله {وَإِن عَاقَبْتُمْ} الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بل نصبر وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: نزلت سُورَة النَّحْل كلهَا بِمَكَّة إِلَّا ثَلَاث آيَات من آخرهَا نزلت بِالْمَدِينَةِ يَوْم أحد حَيْثُ قتل حَمْزَة وَمثل بِهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَئِن ظهرنا عَلَيْهِم لنمثلن بِثَلَاثِينَ رجلا مِنْهُم فَلَمَّا سمع الْمُسلمُونَ ذَلِك قَالُوا: وَالله لَئِن ظهرنا عَلَيْهِم لنمثلن بهم مثلَة لم يمثلها أحد من الْعَرَب بِأحد قطّ فَأنْزل الله {وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} قَالَ: هَذَا حِين أَمر الله نبيه أَن يُقَاتل من قَاتله ثمَّ نزلت بَرَاءَة وانسلاخ الْأَشْهر الْحرم قَالَ: فَهَذَا من الْمَنْسُوخ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: كَانُوا قد أمروا بالصفح عَن الْمُشْركين فَأسلم رجال ذُو منعنة فَقَالُوا: يَا رَسُول الله صلى الله وَسلم لَو أذن الله لنا لانتصرنا من هَؤُلَاءِ الْكلاب فَنزلت هَذِه الْآيَة ثمَّ نسخ ذَلِك بِالْجِهَادِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {إِن الله مَعَ الَّذين اتَّقوا وَالَّذين هم محسنون} قَالَ: اتَّقوا فِيمَا حرم الله عَلَيْهِم وأحسنوا فِيمَا افْترض عَلَيْهِم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن هرم بن حَيَّان أَنه لما أنزل بِهِ الْمَوْت قَالُوا لَهُ: أوص قَالَ: أوصيكم بآخر سُورَة النَّحْل {ادْع إِلَى سَبِيل رَبك بالحكمة} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} قَالَ: لَا تَعْتَدوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين فِي قَوْله: {وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} قَالَ: إِن أَخذ مِنْك رجل شَيْئا فَخذ مِنْهُ مثله

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (17) سُورَة الْإِسْرَاء مَكِّيَّة وآياتها إِحْدَى عشرَة وَمِائَة مُقَدّمَة سُورَة الْإِسْرَاء أخرج النّحاس وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة بني إِسْرَائِيل بِمَكَّة وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ فِي بني إِسْرَائِيل والكهف وَمَرْيَم: أَنَّهُنَّ من الْعتاق الأول وَهن من تلادي وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ كل لَيْلَة بني إِسْرَائِيل وَالزمر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عمر الشَّيْبَانِيّ قَالَ: صلى بِنَا عبد الله الْفجْر فَقَرَأَ بسورتين الْآخِرَة مِنْهُمَا بَنو إِسْرَائِيل الْآيَة 1 - 8

الإسراء

أخرج ابْن جرير عَن حُذَيْفَة أَنه قَرَأَ سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ من اللَّيْل من الْمَسْجِد الرحام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} قَالَ: {سُبْحَانَ} تَنْزِيه الله تَعَالَى {الَّذِي أسرى} بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {من الْمَسْجِد الْحَرَام} إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ رده إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: قلت لَهُ لما علا فخره سُبْحَانَ من عَلْقَمَة الفاخر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ثَابت عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أتيت بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّة أَبيض طَوِيل فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل يضع حَافره عِنْد مُنْتَهى طرفه فركبته حَتَّى أتيت بَيت الْمُقَدّس فربطته بالحلقة الَّتِي ترْبط بهَا الْأَنْبِيَاء ثمَّ دخلت الْمَسْجِد فَصليت رَكْعَتَيْنِ ثمَّ خرجت فَجَاءَنِي جِبْرِيل بِإِنَاء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللَّبن فَقَالَ جِبْرِيل: اخْتَرْت الْفطْرَة ثمَّ عرج بِنَا إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من أَنْت قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ فَفتح لنا فَإِذا أَنا بِآدَم فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من أَنْت قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ فَفتح لنا فَإِذا أَنا بإبني الْخَالَة عِيسَى ابْن مَرْيَم وَيحيى بن زَكَرِيَّا فرحّبا بِي ودعوا إِلَيّ بِخَير

ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من أَنْت قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ فَفتح لنا فَإِذا أَنا بِيُوسُف وَإِذا هُوَ قد أعطي شطر الْحسن فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ فَفتح لنا فَإِذا أَنا بِإِدْرِيس فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ فَفتح لنا فَإِذا أَنا بهَارُون فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ فَفتح لنا فَإِذا أَنا بمُوسَى فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِخَير ثمَّ عرج بِنَا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: قد بعث إِلَيْهِ فَفتح لنا فَإِذا أَنا بإبراهيم مُسْند ظَهره إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور وَإِذا هُوَ يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون إِلَيْهِ ثمَّ ذهب بِي إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَإِذا وَرقهَا فِيهَا كآذان الفيلة وَإِذا ثَمَرهَا كالقلال فَلَمَّا غشيها من أَمر الله مَا غشى تَغَيَّرت فَمَا أحد من خلق الله يَسْتَطِيع أَن ينعتها من حسنها فَأوحى إِلَيّ مَا أوحى وَفرض عليّ خمسين صَلَاة فِي كل يَوْم وَلَيْلَة فَنزلت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: مَا فرض رَبك على أمتك قلت: خمسين صَلَاة قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَإِن أمتك لَا تطِيق ذَلِك فَإِنِّي قد بلوت بني إِسْرَائِيل وخبرتهم فَرَجَعت إِلَى رَبِّي فَقلت: يَا رب خفف عَن أمتِي فحط عني خمْسا فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقلت: حط عني خمْسا فَقَالَ: إِن أمتك لَا يُطِيقُونَ ذَلِك فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف قَالَ: فَلم أزل أرجع بَين رَبِّي ومُوسَى حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّد إنَّهُنَّ خمس صلوَات لكل يَوْم وَلَيْلَة بِكُل صَلَاة عشر فَتلك خَمْسُونَ صَلَاة وَمن هم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة فَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشرا وَمن همّ بسيئة فَلم يعملها لم تكْتب شَيْئا فَإِن عَملهَا كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة فَنزلت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى

مُوسَى فَأَخْبَرته فَقَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَقلت: قد رجعت إِلَى رَبِّي حَتَّى استحيت مِنْهُ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق شريك بن عبد الله بن أبي نمر عَن أنس قَالَ: لَيْلَة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَسْجِد الْكَعْبَة جَاءَهُ ثَلَاثَة نفر قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِم فِي الْمَسْجِد الْحَرَام فَقَالَ أَوَّلهمْ: أَيهمْ هُوَ فَقَالَ أوسطهم: هُوَ خَيرهمْ فَقَالَ أحدهم: خُذُوا فَكَانَت تِلْكَ اللَّيْلَة فَلم يرهم حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَة أُخْرَى فِيمَا يرى قلبه وتنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء تنام أَعينهم وَلَا تنام قُلُوبهم فَلم يكلموه حَتَّى احتملوه فوصعوه عِنْد بِئْر زَمْزَم فتولاه مِنْهُم جِبْرِيل فشق جِبْرِيل مَا بَين نَحره إِلَى لبته حَتَّى فرغ من صَدره وجوفه فَغسله من مَاء زَمْزَم بِيَدِهِ حَتَّى أنقى جَوْفه ثمَّ أَتَى بطست من ذهب محشواً إِيمَانًا وَحِكْمَة فحشا بِهِ صَدره ولغاديده - يَعْنِي عروق حلقه - ثمَّ أطبقه ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَضرب بَابا من أَبْوَابهَا فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم قَالُوا: مرْحَبًا بِهِ وَأهلا وَوجد فِي السَّمَاء الدُّنْيَا آدم فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: هَذَا أَبوك آدم فسلمه عَلَيْهِ فَسلم عَلَيْهِ ورد عَلَيْهِ آدم وَقَالَ: مرْحَبًا وَأهلا بإبني نعم الإبن أَنْت فَإِذا هُوَ فِي السَّمَاء الدُّنْيَا بنهرين يطردان فَقَالَ: مَا هَذَانِ النهرين يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا النّيل والفرات عنصرهما ثمَّ مضى بِهِ فِي السَّمَاء فَإِذا هُوَ بنهر آخر عَلَيْهِ قصر من لُؤْلُؤ وَزَبَرْجَد فَضرب بِيَدِهِ فَإِذا هُوَ مسك أذفر قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي خبأ لَك رَبك ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَقَالَت الْمَلَائِكَة لَهُ مثل مَا قَالَت لَهُ الأولى: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم قَالُوا: مرْحَبًا بِهِ وَأهلا ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَقَالُوا لَهُ مثل مَا قَالَت الأولى وَالثَّانيَِة ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك ثمَّ عرج بِهِ إِلَى الْخَامِسَة فَقَالُوا مثل ذَلِك ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّادِسَة فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك ثمَّ عرج بِهِ إِلَى السَّابِعَة فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك كل سَمَاء فِيهَا أَنْبيَاء قد سماهم مِنْهُم إِدْرِيس فِي الثَّانِيَة وَهَارُون فِي الرَّابِعَة وَآخر فِي الْخَامِسَة وَلم أحفظ اسْمه وَإِبْرَاهِيم فِي السَّادِسَة

ومُوسَى فِي السَّابِعَة بتفضيل كَلَام الله فَقَالَ مُوسَى: رب لم أَظن أَن ترفع عليّ أحدا ثمَّ علا بِهِ فَوق ذَلِك بِمَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله حَتَّى جَاءَ سِدْرَة الْمُنْتَهى ودنا الْجَبَّار رب الْعِزَّة فتدلّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قاب قوسين أَو أدنى فَأوحى الله فِيمَا يوحي إِلَيْهِ خمسين صَلَاة على أمتك كل يَوْم وَلَيْلَة ثمَّ هَبَط حَتَّى بلغ مُوسَى فاحتبسه مُوسَى فَقَالَ: يَا مُحَمَّد مَاذَا عهد إِلَيْك رَبك قَالَ: عهد إِلَيّ خمسين صَلَاة كل يَوْم وَلَيْلَة قَالَ: إِن أمتك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك ارْجع فليخفف عَنْك رَبك وعنهم فَالْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ يستشيره فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيل أَن نعم إِن شِئْت فعلا بِهِ إِلَى الْجَبَّار تبَارك وَتَعَالَى فَقَالَ وَهُوَ مَكَانَهُ: يَا رب خفف عَنَّا فَإِن أمتِي لَا تَسْتَطِيع ذَلِك فَوضع عَنهُ عشرات صلوَات ثمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى واحتبسه قلم يزل يردده مُوسَى إِلَى ربه حَتَّى صَارَت إِلَى خمس صلوَات ثمَّ احتبسه مُوسَى عِنْد الْخمس فَقَالَ: يَا مُحَمَّد وَالله لقد راودت بني إِسْرَائِيل على أدنى من هَذَا فضعفوا وتركوه فأمتك أَضْعَف أجسادا وَقُلُوبًا وأبدانا وأبصارنا وأسماعاً فَارْجِع فليخفف عَنْك رَبك كل ذَلِك يلْتَفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل ليشير عَلَيْهِ وَلَا يكره ذَلِك جِبْرِيل فرفعه عِنْد الْخَامِسَة فَقَالَ: يَا رب إِن أمتِي ضعفاء أَجْسَادهم وَقُلُوبهمْ وأسماعهم وأبدانهم فَخفف عَنَّا فَقَالَ الْجَبَّار: يَا مُحَمَّد قَالَ: لبيْك وَسَعْديك قَالَ: إِنَّه لَا يُبدل القَوْل لدي كَمَا فرضت عَلَيْك فِي أم الْكتاب وكل حَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أم الْكتاب وَهِي خمس عَلَيْك فَرجع إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كَيفَ فعلت فَقَالَ: خفف عَنَّا أَعْطَانَا بِكُل حَسَنَة عشر أَمْثَالهَا فَقَالَ مُوسَى: قد وَالله راودت بني إِسْرَائِيل على أدنى من ذَلِك فَتَرَكُوهُ ارْجع إِلَى رَبك فليخفف عَنْك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا مُوسَى قد وَالله استحييت من رَبِّي مِمَّا اخْتلفت إِلَيْهِ قَالَ: فاهبط بِسم الله واستيقظ وَهُوَ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق يزِيد بن أبي مَالك عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أتيت لَيْلَة أسرى بِي بِدَابَّة فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل خطوها عِنْد مُنْتَهى طرفها كَانَت تسخّر للأنبياء قبلي فركبته معي جِبْرِيل فسرت فَقَالَ: انْزِلْ فَصَلِّ فَفعلت فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن صليت صليت بِطيبَة وإليها المُهَاجر إِن شَاءَ الله ثمَّ قَالَ: انْزِلْ فصل فَفعلت فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن صليت صليت بطور سيناء حَيْثُ كلم الله مُوسَى ثمَّ قَالَ: انْزِلْ فَصلِّ فَصليت

فَقَالَ أَتَدْرِي أَيْن صليت صليت بِبَيْت لحم حَيْثُ ولد عِيسَى ثمَّ دخلت بَيت الْمُقَدّس فَجمع لي الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فقدَّمني جِبْرِيل فَصليت بهم ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَإِذا فِيهَا آدم فَقَالَ لي: سلم عَلَيْهِ فَقَالَ: مرْحَبًا بإبني وَالنَّبِيّ الصَّالح ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَإِذا فِيهَا ابْنا الْخَالَة عِيسَى وَيحيى ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَإِذا فِيهَا يُوسُف ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَإِذا فِيهَا هَارُون ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَإِذا فِيهَا إِدْرِيس ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَإِذا فِيهَا مُوسَى ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَإِذا فِيهَا إِبْرَاهِيم ثمَّ صعد بِي إِلَى فَوق السَّبع سموات وأتيت سِدْرَة الْمُنْتَهى فغشيتني ضَبَابَة فَخَرَرْت سَاجِدا فَقيل لي: إِنِّي يَوْم خلقت السَّمَاوَات وَالْأَرْض فرضت عَلَيْك وعَلى أمتك خمسين صَلَاة فَقُمْ بهَا أَنْت وَأمتك فمررت على إِبْرَاهِيم فَلم يسألني شَيْئا ثمَّ مَرَرْت على مُوسَى فَقَالَ لي: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: خمسين صَلَاة قَالَ: إِنَّك لن تَسْتَطِيع أَن تقوم بهَا أَنْت وَلَا أمتك فاسأل رَبك التَّخْفِيف فَرَجَعت فَأتيت سِدْرَة الْمُنْتَهى فَخَرَرْت سَاجِدا فَقلت: يَا رب فرضت عَليّ وعَلى أمتِي خمسين صَلَاة فَلَنْ أَسْتَطِيع أَن أقوم بهَا أَنا وَلَا أمتِي فَخفف عني عشرا فمررت على مُوسَى فَسَأَلَنِي فَقلت: خفف عني عشرا قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَخفف عني عشرا ثمَّ عشرا حَتَّى قَالَ: هن خمس بِخَمْسِينَ فَقُمْ بهَا أَنْت وَأمتك فَعلمت أَنَّهَا من الله صرى فمررت على مُوسَى فَقَالَ لي: كم فرض عَلَيْك فَقلت: خمس صلوَات فَقَالَ: فرض على بني إِسْرَائِيل صلاتان فَمَا قَامُوا بهما فَقلت: إِنَّهَا من الله فَلم أرجع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن يزِيد بن أبي مَالك عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ لَيْلَة أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِدَابَّة فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل حمله جِبْرِيل عَلَيْهَا يَنْتَهِي خفها حَيْثُ يَنْتَهِي طرفها فَلَمَّا بلغ بَيت الْمُقَدّس أَتَى إِلَى الْحجر الَّذِي ثمَّة فغمزه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بإصبعه فثقبه ثمَّ ربطها ثمَّ صعد فَلَمَّا اسْتَويَا فِي صرحة الْمَسْجِد قَالَ جِبْرِيل: يَا مُحَمَّد هَل سَأَلت رَبك أَن يُرِيك الْحور الْعين قَالَ: نعم قَالَ: فَانْطَلق إِلَى أُولَئِكَ النسْوَة فسلّم عَلَيْهِنَّ وَهن جُلُوس عَن يسَار الصَّخْرَة فأتيتهن فسلَّمت عَلَيْهِنَّ فرددن عليَّ

السَّلَام فَقلت: من أنتن فَقُلْنَ: خيرات حسان نسَاء قوم أبرار نقوا فَلم يدرنوا وَأَقَامُوا فَلم يظعنوا وخلدوا فَلم يموتوا ثمَّ انصرفت فَلم ألبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى اجْتمع نَاس كثير ثمَّ أذن مُؤذن وأقيمت الصَّلَاة فقمنا صُفُوفنَا فانتظرنا من يؤمنا فَأخذ جِبْرِيل بيَدي فقدّمني فَصليت بهم فَلَمَّا انصرفت قَالَ جِبْرِيل: يَا مُحَمَّد أَتَدْرِي من صلَّى خَلفك قلت: لَا قَالَ: صلى خَلفك كل نَبِي بَعثه الله ثمَّ أَخذ بيَدي فَصَعدَ بِي إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا انتهينا إِلَى الْبَاب استفتح قَالُوا: من أَنْت قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم ففتحوا لَهُ وَقَالُوا: مرْحَبًا بك وبمن مَعَك فَلَمَّا اسْتَوَى على ظهرهَا إِذا فِيهَا آدم فَقَالَ لي جِبْرِيل: أَلا تسلِّم على أَبِيك آدم قلت: بلَى فَأَتَيْته فَسلمت عَلَيْهِ فردّ عليّ وَقَالَ لي: مرْحَبًا بِابْني وَالنَّبِيّ الصَّالح ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا عِيسَى وَيحيى ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا يُوسُف ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ قَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا إِدْرِيس ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا هَارُون ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا مُوسَى ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا لَهُ مثل ذَلِك فَإِذا فِيهَا إِبْرَاهِيم ثمَّ انْطلق بِي على ظهر السَّمَاء السَّابِعَة حَتَّى انْتهى بِي إِلَى نهر عَلَيْهِ خيام الْيَاقُوت واللؤلؤ والزبرجد وَعَلِيهِ طير خضر أنعم طير رَأَيْت فَقلت: يَا جِبْرِيل إِن هَذَا الطير لناعم قَالَ: يَا مُحَمَّد آكله انْعمْ مِنْهُ ثمَّ قَالَ: اتدري أَي نهر هَذَا قلت: لَا قَالَ: الْكَوْثَر الَّذِي أَعْطَاك الله إِيَّاه فَإِذا فِيهِ آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة تجْرِي على رَضْرَاض من الْيَاقُوت والزمرّد مَاؤُهُ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن فَأخذت من آنِية فاغترفت من ذَلِك المَاء فَشَرِبت فَإِذا هُوَ أحلى من الْعَسَل وَأَشد رَائِحَة من الْمسك ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى انْتهى إِلَى الشَّجَرَة فغشيتني سَحَابَة فِيهَا من كل لون فرفضني جِبْرِيل وخررت سَاجِدا لله فَقَالَ الله لي: يَا مُحَمَّد إِنِّي يَوْم خلقت السَّمَاوَات وَالْأَرْض فرضت عَلَيْك وعَلى أمتك خمسين صَلَاة فَقُمْ بهَا أَنْت وَأمتك ثمَّ انجلت عني السحابة وَأخذ بيَدي جِبْرِيل فَانْصَرَفت سَرِيعا فَأتيت على إِبْرَاهِيم فَلم يقل لي شَيْئا ثمَّ أتيت على مُوسَى فَقَالَ: مَا صنعت يَا مُحَمَّد قلت:

فرض عليَّ وعَلى أمتِي خمسين صَلَاة قَالَ: فَلَنْ تستطيعها أَنْت وَلَا أمتك فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ أَن يُخَفف عَنْك فَرَجَعت سَرِيعا حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى الشَّجَرَة فغشيتني السحابة وخررت سَاجِدا وَقلت: رَبِّي خفف عنّا قَالَ: قد وضعت عَنْكُم عشرا ثمَّ انجلت عني السحابة فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقلت: وضع عني عشرا قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ أَن يُخَفف عَنْكُم فَوضع عشرا إِلَى أَن قَالَ: هن خمس بِخَمْسِينَ ثمَّ انحدر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل: مَا لي لم آتٍ على أهل سَمَاء إِلَّا رحبوا بِي وَضَحِكُوا إِلَيّ غير رجل وَاحِد سلمت عَلَيْهِ فَرد عَليّ السَّلَام ورحب بِي وَلم يضْحك إِلَيّ قَالَ: ذَاك مَالك خَازِن النَّار لم يضْحك مُنْذُ خلق وَلَو ضحك لأحد لضحك إِلَيْك قَالَ: ثمَّ ركبت منصرفاً فَبَيْنَمَا هُوَ فِي بعض طَرِيقه مرّ بعير من قُرَيْش تحمل طَعَاما مِنْهَا جمل عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ غرارة سَوْدَاء وغرارة بَيْضَاء فَلَمَّا حَاذَى العير نفرت مِنْهُ واستدارت وصرع ذَلِك الْبَعِير وانكسر ثمَّ إِنَّه مضى فَأصْبح فَأخْبر عَمَّا كَانَ فَلَمَّا سمع الْمُشْركُونَ قَوْله أَتَوا أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالُوا: يَا أَبَا بكر هَل لَك فِي صَاحبك يخبر أَنه أَتَى فِي ليلته هَذِه مسيرَة شهر ثمَّ رَجَعَ من ليلته فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: إِن كَانَ قَالَه فقد صدق وَإِنَّا لنصدقنه فِيمَا هُوَ أبعد من هَذَا نصدقه على خبر السَّمَاء فَقَالَ الْمُشْركُونَ لرَسُول الله مَا عَلامَة مَا تَقول قَالَ: مَرَرْت بعير لقريش وَهِي فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فنفرت العير منا واستدارت وفيهَا بعير عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ: غرارة بَيْضَاء وغرارة سَوْدَاء فصرع فانكسر فَلَمَّا قدمت العير سألوهم فَأَخْبرُوهُمْ الْخَبَر على مثل مَا حَدثهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن ذَلِك سمي أَبُو بكر (الصّديق) وسألوه: هَل كَانَ فِيمَن حضر مَعَك مُوسَى وَعِيسَى قَالَ: نعم قَالُوا: فصفهما قَالَ: أما مُوسَى فَرجل آدم كَأَنَّهُ من رجال أزدعمان وَأما عِيسَى فَرجل ربعَة سبط تعلوه حمرَة كَأَنَّهُ يتحادر من لحيته الجمان وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن هَاشم بن عتبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْبُرَاقِ فَكَأَنَّهَا هزت أذنيها فَقَالَ جِبْرِيل: يَا براق فوَاللَّه مَا ركبك مثله وَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ بِعَجُوزٍ على جَانب الطَّرِيق فَقَالَ: مَا هَذِه يَا جِبْرِيل قَالَ: سر يَا مُحَمَّد فَسَار مَا شَاءَ الله أَن يسير فَإِذا شَيْء يَدعُوهُ متنحياً عَن

الطَّرِيق يَقُول: هَلُمَّ يَا مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: سر يَا مُحَمَّد فَسَار مَا شَاءَ الله أَن يسير فَلَقِيَهُ خلق من خلق الله فَقَالُوا: السَّلَام عَلَيْك يَا أول السَّلَام عَلَيْك يَا آخر السَّلَام عَلَيْك يَا حاشر فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: ارْدُدْ السَّلَام فَرد السَّلَام ثمَّ لقِيه الثَّانِيَة فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك ثمَّ الثَّالِثَة كَذَلِك حَتَّى انْتهى إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَعرض عَلَيْهِ المَاء وَالْخمر وَاللَّبن فَتَنَاول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّبن فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: أصبت الْفطْرَة وَلَو شربت المَاء لغرقت أمتك وَلَو شربت الْخمر لغوت أمتك ثمَّ بعث لَهُ آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَمن دونه من الْأَنْبِيَاء فأمّهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ اللَّيْلَة ثمَّ قَالَ جِبْرِيل: أما الْعَجُوز الَّتِي رَأَيْت على جَانب الطَّرِيق فَلم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا مَا بَقِي من عمر تِلْكَ الْعَجُوز وَأما الَّذِي أَرَادَ أَن تميل إِلَيْهِ فَذَاك عَدو الله إِبْلِيس أَرَادَ أَن تميل إِلَيْهِ وَأما الَّذين سلمُوا عَلَيْك فإبراهيم ومُوسَى وَعِيسَى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق كثير بن خُنَيْس عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَيْنَمَا أَنا مُضْطَجع فِي الْمَسْجِد لَيْلَة نَائِما إِذْ رَأَيْت ثَلَاثَة نفر أَقبلُوا نحوي فَقَالَ الأول: هُوَ هُوَ قَالَ الْأَوْسَط: نعم قَالَ الآخر: خُذُوا سيد الْقَوْم فَرَجَعُوا عني ثمَّ رَأَيْتهمْ اللَّيْلَة الثَّانِيَة فَقَالَ الأول: هُوَ هُوَ قَالَ الْأَوْسَط: نعم قَالَ الآخر: خُذُوا سيد الْقَوْم فَرَجَعُوا عني حَتَّى إِذا كَانَت اللَّيْلَة الثَّالِثَة رَأَيْتهمْ فَقَالَ الأول هُوَ هُوَ وَقَالَ الْأَوْسَط: نعم وَقَالَ الآخر: خُذُوا سيد الْقَوْم حَتَّى جاؤوا بِي زَمْزَم فاستلقوني على ظَهْري ثمَّ غسلوا حشْوَة بَطْني ثمَّ قَالَ بَعضهم لبَعض: أنقوا ثمَّ أَتَى بطست من ذهب مَمْلُوءَة حِكْمَة وإيماناً فأفرغ فِي جوفي ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قَالُوا: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم فَفتح فَإِذا آدم إِذا نظر عَن يَمِينه ضحك وَإِذا نظر عَن شِمَاله بَكَى قلت: ياجبريل من هَذَا قَالَ: هَذَا أَبوك آدم إِذا نظر على يَمِينه رأى من فِي الْجنَّة من ذُريَّته ضحك وَإِذا نظر عَن يسَاره رأى من فِي النَّار من ذُريَّته بَكَى ثمَّ قَالَ أنس بن مَالك: يَا ابْن أخي إِنَّه يطول عَليّ الحَدِيث ثمَّ عرج بِي حَتَّى جَاءَ السَّمَاء السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالَ: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قَالَ: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالَ: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم فَفتح فَإِذا مُوسَى ثمَّ

عرج بِي إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ قيل من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالَ: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم فَفتح فَإِذا إِبْرَاهِيم قَالَ مرْحَبًا بالابن وَالرَّسُول ثمَّ مضى حَتَّى جَاءَ الْجنَّة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالَ: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم فَفتح الْبَاب قَالَ: فَدخلت الْجنَّة فأُعْطِيتُ الْكَوْثَر فَإِذا نهر فِي الْجنَّة عضادتاه بيُوت مجوفة من لُؤْلُؤ ثمَّ مضى حَتَّى جَاءَ سِدْرَة الْمُنْتَهى (فَتَدَلَّى فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى) (النَّجْم آيَة 9) فَفرض عليّ وعَلى أمتِي خمسين صَلَاة فَرَجَعت حَتَّى أَمر مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: خمسين صَلَاة قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك فَرَجَعت إِلَيْهِ فَوضع عني عشرا فمررت على مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: أَرْبَعِينَ صَلَاة قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك فَرَجَعت إِلَيْهِ فَوضع عني عشرا فمررت على مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: ثَلَاثِينَ صَلَاة قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك فَرَجَعت إِلَيْهِ فَوضع عني عشرا فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: عشْرين صَلَاة قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك فَرَجَعت فَوضع عني عشرا ثمَّ مَرَرْت على مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: عشر صلوَات قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك فَرَجَعت فَوضع عني خمْسا ثمَّ قَالَ: إِنَّه لَا يُبدل قولي وَلَا ينْسَخ كتابي تخفيفها عَنْكُم كتخفيف خمس صلوَات وَإِنَّهَا لكم كَأَجر خمسين صَلَاة فمررت على مُوسَى فَقَالَ: كم فرض عَلَيْك وعَلى أمتك قلت: خمس صلوَات قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ يُخَفف عَنْك وَعَن أمتك فَإِن بني إِسْرَائِيل قد أُمِرُوا بأيسر من هَذَا فَلم يطيقوه قَالَ: لقد رجعت إِلَى رَبِّي حَتَّى إِنِّي لأَسْتَحي مِنْهُ وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَصَححهُ عَن شَدَّاد بن أَوْس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله كَيفَ أسرِي

بك فَقَالَ: صليت بِأَصْحَابِي الْعَتَمَة بِمَكَّة معتماً فَأَتَانِي جِبْرِيل بِدَابَّة بَيْضَاء فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل وَقَالَ: اركب فاستصعبت عَليّ فأدارها بأذنها ثمَّ حَملَنِي عَلَيْهَا فَانْطَلَقت تهوي بِنَا يَقع حافرها حَيْثُ أدْرك طرفها حَتَّى بلغنَا أَرضًا ذَات نخل فَقَالَ: انْزِلْ فَنزلت فَقَالَ: صل فَصليت ثمَّ ركبنَا فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن صليت قلت: الله أعلم قَالَ: صليت بِيَثْرِب صليت بِطيبَة ثمَّ انْطَلَقت تهوي بِنَا يَقع حافرها حَيْثُ أدْرك طرفها ثمَّ بلغنَا أَرضًا فَقَالَ: انْزِلْ فَنزلت فَقَالَ: صل فَصليت ثمَّ ركبنَا فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن صليت قلت: الله أعلم قَالَ: صليت بمدين صليت عِنْد شَجَرَة مُوسَى ثمَّ انْطَلَقت تهوي بِنَا يَقع حافرها حَيْثُ أدْرك طرفها ثمَّ بلغنَا أَرضًا بَدَت لنا قُصُورهَا فَقَالَ: انْزِلْ فَنزلت ثمَّ قَالَ: صَلِّ فَصليت ثمَّ ركبنَا فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن صليت فَقلت: الله أعلم فَقَالَ: صليت بِبَيْت لحم حَيْثُ ولد عِيسَى الْمَسِيح ابْن مَرْيَم ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى دَخَلنَا الْمَدِينَة من بَابهَا الْيَمَانِيّ فَأتى قبْلَة الْمَسْجِد فَربط فِيهِ الدَّابَّة ودخلنا الْمَسْجِد من بَاب فِيهِ تميل الشَّمْس وَالْقَمَر فَصليت من الْمَسْجِد حَيْثُ شَاءَ الله وأخذني من الْعَطش أَشد مَا أَخَذَنِي فأُتيتُ بإناءين فِي أَحدهمَا لبن وَفِي الآخر عسل أرسل إِلَيّ بهما جمعيا فعدلت بَينهمَا فهداني الله فَأخذت اللَّبن فَشَرِبت حَتَّى فرغت مِنْهُ وَكَانَ إِلَى جَانِبي شيخ يبكي متكئ على منبره فَقَالَ: أَخذ صَاحبك الْفطْرَة وَإنَّهُ لمهدي ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى أَتَيْنَا الْوَادي الَّذِي فِي الْمَدِينَة فَإِذا جَهَنَّم تنكشف عَن مثل الزرابي فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله كَيفَ وَجدتهَا قَالَ: مثل الْحمة السخنة ثمَّ انْصَرف بِي فمررنا بعير قُرَيْش بمَكَان كَذَا وَكَذَا وَقد أَضَلُّوا بعير لَهُم قد جمعه فلَان فسلّمت عَلَيْهِم فَقَالَ بَعضهم: هَذَا صَوت مُحَمَّد ثمَّ أتيت أَصْحَابِي قبل الصُّبْح بِمَكَّة فَأَتَانِي أَبُو بكر فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَيْن كنت اللَّيْلَة قد التمستك فِي مَكَانك فَقلت: أعلمت أَنِّي أتيت بَيت الْمُقَدّس اللَّيْلَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّه مسيرَة شهر فصفه لي قَالَ: فَفتح لي صِرَاط كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ لَا تَسْأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا أنبأتكم عَنهُ فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: أشهد أَنَّك رَسُول الله وَقَالَ الْمُشْركُونَ: انْظُرُوا إِلَى ابْن أبي كَبْشَة زعم أَنه أَتَى بَيت الْمُقَدّس اللَّيْلَة فَقَالَ: إِن من آيَة مَا أَقُول لكم: أَنِّي مَرَرْت بعير لكم بمَكَان كَذَا وَكَذَا وَقد أَضَلُّوا بعير لَهُم فَجَمعه فلَان وَإِن مَسِيرهمْ ينزلون بِكَذَا وَكَذَا ويأتونكم يَوْم كَذَا وَكَذَا ويقدمهم جمل آدم عَلَيْهِ شيخ أسود

وغراراتن سوداوان فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْيَوْم أشرف الْقَوْم ينظرُونَ حَتَّى كَانَ قَرِيبا من نصف النَّهَار قدمت العير يقدمهم ذَلِك الْجمل الَّذِي وَصفه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن مَالك بن صعصعة حَدثهُ أَن رَسُول الله حَدثهمْ عَن لَيْلَة أسرِي بِهِ قَالَ: بَيْنَمَا أَنا فِي الْحطيم - وَرُبمَا قَالَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ - فِي الْحجر مُضْطَجعا إِذْ أَتَانِي آتٍ فَجعل يَقُول لصَاحبه: الْأَوْسَط بَين الثَّلَاثَة فَأَتَانِي فشق مَا بَين هَذِه إِلَى هَذِه - يَعْنِي من ثغر نَحره إِلَى شعرته - فاستخرج قلبِي فأوتيت بطست من ذهب مَمْلُوء إِيمَانًا وَحِكْمَة فَغسل قلبِي بِمَاء زَمْزَم ثمَّ حشى ثمَّ أُعِيد مَكَانَهُ ثمَّ أُوتيت بِدَابَّة أَبيض دون الْبَغْل وَفَوق الْحمار يُقَال لَهُ الْبراق يَقع خطوه عِنْد أقْصَى طرفه فَحملت عَلَيْهِ فَانْطَلق بِي جِبْرِيل حَتَّى أَتَى بِي السَّمَاء فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت فَإِذا فِيهَا آدم فَقلت: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا أَبوك آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَسلم عَلَيْهِ فَسلمت عَلَيْهِ فَرد عليّ السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالابن الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فاستفتحفقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: أَو قد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت إِذا يحيى وَعِيسَى وهما ابْنا الْخَالَة فَقلت: يَا جِبْرِيل من هَذَانِ قَالَ: هَذَانِ يحيى وَعِيسَى فَسلم عَلَيْهِمَا فَسلمت عَلَيْهِمَا فَردا السَّلَام ثمَّ قَالَا: مرْحَبًا بالأخ الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت إِذا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَسلمت عَلَيْهِ فَرد السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالأخ الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ قيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت إِذا إِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام فَسلمت عَلَيْهِ فَرد السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالأخ الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَاسْتَفْتَحَ

فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ فَلَمَّا خلصت إِذا هَارُون فَسلمت عَلَيْهِ فَرد السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالأخ الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت إِذا أَنا بمُوسَى فَسلمت عَلَيْهِ فَرد السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالأخ الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح فَلَمَّا تجاوزت بَكَى قيل لَهُ: مَا يبكيك قَالَ: أبْكِي لِأَن غُلَاما بُعِثَ بعدِي يدْخل الْجنَّة من أمته أَكثر مِمَّا يدخلهَا من أمتِي ثمَّ صعد حَتَّى أَتَى إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قيل: مرْحَبًا بِهِ ولنعم الْمَجِيء جَاءَ فَفتح لنا فَلَمَّا خلصت إِذا إِبْرَاهِيم قلت: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا أَبوك إِبْرَاهِيم فسلّم عَلَيْهِ فَسلمت عَلَيْهِ فَرد السَّلَام ثمَّ قَالَ: مرْحَبًا بالابن الصَّالح وَالنَّبِيّ الصَّالح ثمَّ رفعت إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَإِذا نبقها مثل قلال هجر وَإِذا وَرقهَا مثل آذان الفيلة وَإِذا أَرْبَعَة أَنهَار يخْرجن من أَصْلهَا: نهران باطنان: ونهران ظاهران فَقلت: يَا جِبْرِيل مَا هَذِه الْأَنْهَار فَقَالَ: أما الباطنان فنهران فِي الْجنَّة وَأما الظاهران فالنيل والفرات ثمَّ رفع إليَّ الْبَيْت الْمَعْمُور قلت: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا قَالَ: هَذَا الْبَيْت الْمَعْمُور يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة إِذا خَرجُوا مِنْهُ لم يعودوا فِيهِ آخر مَا عَلَيْهِم ثمَّ أُتِيتُ باناءين أَحدهمَا خمر وَالْآخر لبن فعرضا عليّ فَقيل: خُذ أَيهمَا شِئْت فَأخذت اللَّبن فَقيل لي: أصبت الْفطْرَة أَنْت عَلَيْهَا وَأمتك ثمَّ فرضت عليَّ الصَّلَاة خَمْسُونَ صَلَاة كل يَوْم فَنزلت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: مَا فرض رَبك على أمتك قلت: خمسين صَلَاة كل يَوْم قَالَ: إِن أمتك لَا تَسْتَطِيع ذَلِك وَإِنِّي قد خبرت النَّاس قبلك وعالجت بني إِسْرَائِيل أَشد المعالجة ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك فَرَجَعت إِلَى رَبِّي فحط عني خمْسا فَأَقْبَلت حَتَّى أتيت على مُوسَى فأنبأته بِمَا حط فَقَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك فَإِن أمتك لَا يُطِيقُونَ ذَلِك قَالَ: فَمَا زلت بَين موى وَبَين رَبِّي يحط عني خمْسا خمْسا حَتَّى أَقبلت بِخمْس صلوَات فَأتيت على مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أمرت قلت: بِخمْس صلوَات كل يَوْم

قَالَ: إِن أمتك لَا يُطِيقُونَ ذَلِك إِنِّي بلوت النَّاس قبلك وعالجت بني إِسْرَائِيل أَشد المعالجة ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك فَقلت: لقد رجعت إِلَى رَبِّي حَتَّى لقد استحيت وَلَكِنِّي أرْضى وَأسلم فنوديت أَن يَا مُحَمَّد إِنِّي قد أمضيت فريضتي وخففت عَن عبَادي الْحَسَنَة بِعشْرَة أَمْثَالهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ يحدث أَن رَسُول الله قَالَ: فرج سقف بيني وَأَنا بِمَكَّة فَنزل جِبْرِيل فَفرج عَن صَدْرِي ثمَّ غسله بِمَا زَمْزَم ثمَّ جَاءَ بطست من ذهب ممتلئ حِكْمَة وإيماناً فأفرغه فِي صَدْرِي ثمَّ أطبقه ثمَّ أَخذ بيَدي فعرج بِي إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا جِئْنَا السَّمَاء الدُّنْيَا قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لخازن السَّمَاء: افْتَحْ قَالَ: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قَالَ: هَل مَعَك أحد قَالَ: نعم معي مُحَمَّد قَالَ: أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم فَفتح فَلَمَّا علونا السَّمَاء الدُّنْيَا إِذا رجل قَاعد عَن يَمِينه أَسْوِدَة وعَلى يسَاره أَسْوِدَة فَإِذا نظر قبل يَمِينه تَبَسم وَإِذا نظر قبل شِمَاله بَكَى فَقَالَ: مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالح وَالِابْن الصَّالح قلت لجبريل: من هَذَا قَالَ: هَذَا آدم وَهَذِه الأسودة عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله نسم بنيه فَأهل الْيَمين مِنْهُم أهل الْجنَّة والأسودة الَّتِي عَن شِمَاله أهل النَّار فَإِذا نظر عَن يَمِينه ضحك وَإِذا نظر عَن شِمَاله بَكَى ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَقَالَ لخازنها افْتَحْ فَقَالَ لَهُ خازنها مثل مَا قَالَ الأول فَفتح قَالَ أنس رَضِي الله عَنهُ: فَذكر أَنه وجد فِي السَّمَاوَات آدم وَإِدْرِيس ومُوسَى وَعِيسَى وَإِبْرَاهِيم وَلم يثبت كَيفَ مَنَازِلهمْ قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي ابْن حزم أَن ابْن عَبَّاس وَأَبا حَبَّة الْأنْصَارِيّ كَانَا يَقُولَانِ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثمَّ عرج بِي حَتَّى ظَهرت بمستوى أسمع فِيهِ صريف الأقلام قَالَ ابْن حزم وَأنس: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَفرض الله على أمتِي خمسين صَلَاة فَرَجَعت بذلك حَتَّى مَرَرْت على مُوسَى فَقَالَ: مَا فرض الله على أمتك قلت: فرض خمسين صَلَاة قَالَ: فَارْجِع إِلَى رَبك فَإِن أمتك لَا تطِيق ذَلِك فَرَجَعت فَوضع شطرها فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرته فَقَالَ: رَاجع رَبك فَإِن أمتك لَا تطِيق ذَلِك فراجعت رَبِّي فَقَالَ: هِيَ خمس وَهن خَمْسُونَ لَا يُبدل القَوْل لدي فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: ارْجع إِلَى رَبك قلت: قد

استحيت من رَبِّي ثمَّ انْطلق بِي حَتَّى انْتهى إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فغشيتها ألوان لَا أَدْرِي مَا هِيَ ثمَّ أدخلت الْجنَّة فَإِذا فِيهَا جنابذ اللُّؤْلُؤ وَإِذا ترابها مسك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله بِالْمَدِينَةِ عَن لَيْلَة أسرِي بِهِ من مَكَّة إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى قَالَ: بَينا أَنا نَائِم عشَاء بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام إِذْ أَتَانِي آتٍ فأيقظني فَاسْتَيْقَظت فَلم أر شَيْئا وَإِذا أَنا بكهيئة خيال فَأتبعهُ بَصرِي حَتَّى خرجت من الْمَسْجِد فَإِذا أَنا بِدَابَّة أدنى شُبْهَة بدوابكم هَذِه بغالكم غير أَن مُضْطَرب الْأُذُنَيْنِ يُقَال لَهُ الْبراق وَكَانَت الْأَنْبِيَاء تركبه قبلي يَقع حَافره عِنْد مد بَصَره فركبته فَبينا أَنا أَسِير عَلَيْهِ إِذْ دَعَاني دَاع عَن يَمِيني: يَا مُحَمَّد انظرني أَسأَلك فَلم أجبه ثمَّ دَعَاني دَاع عَن شمَالي يَا مُحَمَّد انظرني أَسأَلك فَلم أجبه فَبينا أَنا سَائِر إِذا بِامْرَأَة حَاسِرَة عَن ذراعيها وَعَلَيْهَا من كل زِينَة خلقهَا الله فَقَالَت: يَا مُحَمَّد أَنْظرنِي أَسأَلك فَلَمَّا ألتفت إِلَيْهَا حَتَّى أتيت بَيت الْمُقَدّس فأوثقت دَابَّتي بالحلقة الَّتِي كَانَت الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام توثقها بهَا ثمَّ أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بإناءين أَحدهمَا خمر وَالْآخر لبن فَشَرِبت اللَّبن وَتركت الْخمر فَقَالَ جِبْرِيل: أصبت الْفطْرَة أما أَنَّك لَو أخذت الْخمر غوت أمتك فَقلت: الله أكبر الله أكبر فَقَالَ جِبْرِيل: مَا رَأَيْت فِي وَجهك هَذَا قلت: بَينا أَنا اسير إِذْ دَعَاني دَاع عَن يَمِيني: يَا مُحَمَّد انظرني أَسأَلك فَلم أجبه قَالَ: ذَاك دَاعِي الْيَهُود أما لَو أَنَّك لَو أَجَبْته لتهودت أمتك قلت: وَبينا أَنا أَسِير إِذْ دَعَاني دَاع عَن يساري: يَا مُحَمَّد انظرني أَسأَلك فَلم أجبه قَالَ: ذَاك دَاعِي النَّصَارَى أما أَنَّك لَو أَجَبْته لتنصرت أمتك فَبَيْنَمَا أَنا أَسِير إِذا أَنا بِامْرَأَة حَاسِرَة عَن ذراعيها عَلَيْهَا من كل زِينَة تَقول: يَا مُحَمَّد انظرني أَسأَلك فَلم أجبها قَالَ: تِلْكَ الدُّنْيَا أما أَنَّك لَو أجبتها لاختارت أمتك الدُّنْيَا على الْآخِرَة ثمَّ دخلت أَنا وَجِبْرِيل بَيت الْمُقَدّس فصلى كل وَاحِد منا رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أتيت بالمعراج الَّذِي تعرج عَلَيْهِ أَرْوَاح بني آدم فَلم تَرَ الْخَلَائق أحسن من الْمِعْرَاج أما رَأَيْت الْمَيِّت حِين رمى بَصَره طامحا إِلَى السَّمَاء عجبه الْمِعْرَاج فَصَعدت أَنا وَجِبْرِيل فَإِذا أَنا بِملك يُقَال لَهُ اسماعيل وَهُوَ صَاحب سَمَاء الدُّنْيَا وَبَين يَدَيْهِ سَبْعُونَ ألف ملك مَعَ كل ملك جنده مائَة ألف فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيل بَاب السَّمَاء قيل: من

هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قيل: قد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم فَإِذا أَنا بِآدَم كَهَيْئَته يَوْم خلقه الله على صورته لم يتَغَيَّر مِنْهُ شَيْء وَإِذا هُوَ تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته الْمُؤمنِينَ فَيَقُول: روح طيبَة وَنَفس طيبَة اجْعَلُوهَا فِي عليين ثمَّ تعرض عَلَيْهِ أَرْوَاح ذُريَّته الْكفَّار الْفجار فَيَقُول: روح خبيثة وَنَفس خبيثة اجْعَلُوهَا فِي سِجِّين فَقلت: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا أَبوك آدم فَسلم عَليّ ورحب بِي فَقَالَ: مرْحَبًا بالابن الصَّالح ثمَّ مصيت هنيهة فَإِذا أَنا بأخونة عَلَيْهَا لحم قد أروح وأنتن عِنْدهَا أنَاس يَأْكُلُون مِنْهَا قلت: يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ من أمتك يتركون الْحَلَال ويأتون الْحَرَام وَفِي لفظ: فَإِذا أَنا بِقوم على مائدة عَلَيْهَا لحم مشوي كأحسن مَا رَأَيْت من اللَّحْم وَإِذا حوله جيف فَجعلُوا يقبلُونَ على الْجِيَف يَأْكُلُون مِنْهَا وَيدعونَ اللَّحْم فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ الزناة عَمدُوا إِلَى مَا حرم الله عَلَيْهِم وَتركُوا مَا أحل الله لَهُم ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِقوم بطونهم أَمْثَال الْبيُوت كلما نَهَضَ أحدهم خر يَقُول: الله لَا تقم السَّاعَة وهم على سابلة آل فِرْعَوْن فتجيء السابلة فتطؤهم فَسَمِعتهمْ يضجون إِلَى الله قلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ من أمتك الَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ إِلَّا كَمَا يقوم الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِأَقْوَام لَهُم مشافر كمشافر الْإِبِل قد وكِّل بهم من يَأْخُذ بمشافرهم ثمَّ يَجْعَل فِي أَفْوَاههم صخرا من نَار ثمَّ يخرج من أسافلهم فَسَمِعتهمْ يضجون إِلَى الله قلت: يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ من أمتك (الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا وسيصلون سعيرا) ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بنساء يعلقن بثديهن وَنسَاء منكسات بأرجلهن فسمعتهن يضججن إِلَى الله قلت يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ النِّسَاء قَالَ: هَؤُلَاءِ اللَّاتِي يَزْنِين ويقتلن أَوْلَادهنَّ ثمَّ مضيت هنيهة فَإِذا أَنا بِأَقْوَام يقطع من جنُوبهم اللَّحْم ثمَّ يدس فِي أَفْوَاههم وَيَقُول: كلوا مِمَّا أكلْتُم فَإِذا أكره مَا خلق الله لَهُم ذَلِك قلت: يَا جِبْرِيل من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ الهمازون من أمتك اللمازون الَّذين يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَإِذا أَنا بِرَجُل أحسن مَا خلق الله قد فضل النَّاس بالْحسنِ كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب قلت: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا أَخُوك يُوسُف وَمَعَهُ نفر من قومه فَسلمت عَلَيْهِ وَسلم عَليّ ورحب بِي ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَإِذا أَنا

بِابْني الْخَالَة يحيى وَعِيسَى ومعهما نفر من قومهما شَبيه أَحدهمَا بِصَاحِبِهِ ثيابهما وشعرهما فَسلمت عَلَيْهِمَا وسلما عَليّ ورحبا بِي ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَإِذا أَنا بِإِدْرِيس قد رَفعه الله مَكَانا عليا فَسلمت عَلَيْهِ وَسلم عَليّ ورحب بِي ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَإِذا أَنا بهَارُون وَنصف لحيته بَيْضَاء وَنِصْفهَا سَوْدَاء تكَاد لحيته تصيب سرته من طولهَا قلت: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا المحبب فِي قومه هَذَا هرون بن عمرَان وَمَعَهُ نفر كثير من قومه فَسلمت عَلَيْهِ وَسلم عَليّ ورحب بِي ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَإِذا أَنا بمُوسَى رجل آدم كثير الشّعْر لَو كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ خرج شعره مِنْهُمَا وَإِذا هُوَ يَقُول: يزْعم النَّاس أَنِّي أكْرم الْخلق على الله وَهَذَا أكْرم على الله مني وَلَو كَانَ وَحده لم أبال وَلَكِن كل نَبِي وَمن تبعه من أمته قلت: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا أَخُوك مُوسَى بن عمرَان وَمَعَهُ نفر من قومه فَسلمت عَلَيْهِ وَسلم عَليّ ورحب بِي ثمَّ صعدنا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَإِذا أَنا بإبراهيم وَإِذا هُوَ جَالس مُسْند ظَهره إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور وَمَعَهُ نفر من قومه فَسلمت عَلَيْهِ وَسلم عَليّ وَقَالَ: مرْحَبًا بالابن الصَّالح فَقيل لي: هَذَا مَكَانك وَمَكَان أمتك ثمَّ تَلا (إِن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ وَهَذَا النَّبِي وَالَّذين آمنُوا وَالله ولي الْمُؤمنِينَ) (آل عمرَان آيَة 68) وَإِذا بأمتي شطرين: شطر عَلَيْهِم ثِيَاب بيض كَأَنَّهَا الْقَرَاطِيس وَشطر عَلَيْهِم ثِيَاب رمد ثمَّ دخلت الْبَيْت الْمَعْمُور وَدخل معي الَّذين عَلَيْهِم الثِّيَاب الْبيض وحجب الْآخرُونَ الَّذين عَلَيْهِم ثِيَاب رمد وهم على خير فَصليت أَنا وَمن معي فِي الْبَيْت الْمَعْمُور ثمَّ خرجت أَنا وَمن معي قَالَ: وَالْبَيْت الْمَعْمُور يُصَلِّي فِيهِ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون فِيهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ رفعت إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَإِذا كل ورقة مِنْهَا تكَاد تغطي هَذِه الْأمة وغذا فِي أَصْلهَا عين تجْرِي يُقَال لَهَا سلسبيل فَيشق مِنْهَا نهران فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل فَقَالَ: أما هَذِه فَهُوَ نهر الرَّحْمَة وَأما هَذَا فَهُوَ نهر الْكَوْثَر الَّذِي أعطاكه الله فاغتسلت فِي نهر الرَّحْمَة فغفر لي من ذَنبي مَا تقدم وَمَا تَأَخّر ثمَّ أخذت على الْكَوْثَر حَتَّى دخلت الْجنَّة فَإِذا فِيهَا مَا لَا عين رَأَتْ وَمَا لَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر وَإِذا أَنا بأنهار من مَاء غير آسن وَأَنَّهَا من لبن لم يتَغَيَّر طعمه وأنهار من خمر لَذَّة

للشاربين وأنهار من عسل مصفى وَإِذا فِيهَا رمان كَأَنَّهُ جُلُود الْإِبِل المقتبة وَإِذا فِيهَا طير كَأَنَّهَا البخت قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله إِن تِلْكَ الطير لناعمة قَالَ: آكلها أنعم مِنْهَا يَا أَبَا بكر وَإِنِّي لأرجو أَن تَأْكُل مِنْهَا قَالَ: وَرَأَيْت فِيهَا جَارِيَة لعساء فسألتها لمن أَنْت فَقَالَت: لزيد بن حَارِثَة فبشر بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيدا ثمَّ عرضت عَليّ النَّار فَإِذا فِيهَا غضب الله وزجره ونقمته وَلَو طرح فِيهَا الْحِجَارَة وَالْحَدِيد لأكلتها ثمَّ غلقت دوني ثمَّ إِنِّي رفعت إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فتغشاها فَكَانَ بيني وَبَينه قاب قوسين أَو أدنى وَنزل على كل ورقة ملك من الْمَلَائِكَة ثمَّ إِن الله أَمرنِي بأَمْره وَفرض عَليّ خمسين صَلَاة وَقَالَ: لَك بِكُل حَسَنَة عشر وَإِذا هَمَمْت بِالْحَسَنَة فَلم تعملها كتبت لَك حَسَنَة فَإِذا عملتها كتبت لَك عشرا وَإِذا هَمَمْت بِالسَّيِّئَةِ فَلم تعملها لم يكْتب عَلَيْك شَيْء فَإِن عملتها كتبت عَلَيْك سَيِّئَة ثمَّ دفعت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أَمرك رَبك قلت: بِخَمْسِينَ صَلَاة قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك فَإِن أمتك لَا يُطِيقُونَ ذَلِك فَرَجَعت إِلَى رَبِّي فَقلت: يَا رب خفف عَن أمتِي فَإِنَّهَا أَضْعَف الْأُمَم فَوضع عني عشرا فَمَا زلت أختلف بَين مُوسَى وَبَين رَبِّي حَتَّى جعلهَا خمْسا فناداني ملك: عِنْدهَا تمت فريضتي وخففت عَن عبَادي فأعطيتهم بِكُل حَسَنَة عشر أَمْثَالهَا ثمَّ رجعت إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَ أمرت قلت: بِخمْس صلوَات: قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك قلت: قد رجعت إِلَى رَبِّي حَتَّى استحييته ثمَّ أصبح بِمَكَّة يُخْبِرهُمْ الْعَجَائِب: إِنِّي رَأَيْت البارحة بَيت الْمُقَدّس وعرج بِي إِلَى السَّمَاء ثمَّ رَأَيْت كَذَا وَكَذَا فَقَالَ أَبُو جهل: أَلا تعْجبُونَ مِمَّا يَقُول مُحَمَّد قَالَ: فَأَخْبَرته بعير لقريش لما كَانَت فِي مصعدي رَأَيْتهَا فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا وَإِنَّهَا نفرت فَلَمَّا رجعت رَأَيْتهَا عِنْد الْعقبَة وَأَخْبَرتهمْ بِكُل رجل وبعيره كَذَا ومتاعه كَذَا فَقَالَ رجل: أَنا أعلم النَّاس بِبَيْت الْمُقَدّس فَكيف بِنَاؤُه وَكَيف هَيئته وَكَيف قربه من الْجَبَل فَرفع لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيت الْمُقَدّس فَنظر إِلَيْهِ فَقَالَ: بِنَاؤُه كَذَا وهيئته كَذَا وقربه من الْجَبَل كَذَا فَقَالَ: صدقت وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى الَّذِي باركنا حوله لنريه من آيَاتنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْبَصِير}

قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى النَّبِي وَمَعَهُ مِيكَائِيل فَقَالَ جِبْرِيل لميكائيل عَلَيْهِمَا السَّلَام: ائْتِنِي بطست من مَاء زَمْزَم كَيْمَا أطهر قلبه وأشرح صَدره فشق عَن بَطْنه فَغسله ثَلَاث مَرَّات وَاخْتلف إِلَيْهِ مِيكَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِثَلَاث طساس من مَاء زَمْزَم فشرح صَدره وَنزع مَا كَانَ فِيهِ من غلّ وملأه حلماً وعلماً وإيماناً ويقيناً وإسلاماً وَختم بَين كَتفيهِ بِخَاتم النبوّة ثمَّ أَتَاهُ بفرس فَحمل عَلَيْهِ كل خطْوَة مِنْهُ مُنْتَهى بَصَره فَسَار وَسَار مَعَه جِبْرِيل فَأتى على قوم يزرعون فِي يَوْم ويحصدون فِي يَوْم كلما حصدوا عَاد كَمَا كَانَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا قَالَ: هَؤُلَاءِ المجاهدون فِي سَبِيل الله يُضَاعف لَهُم الْحَسَنَة بسبعمائة ضعف وَمَا أَنْفقُوا من شَيْء فَهُوَ يخلفه ثمَّ أَتَى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عَادَتْ كَمَا كَانَت وَلَا يفتر عَنْهُم من ذَلِك شَيْء فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين تثتاقل رؤوسهم عَن الصَّلَاة ثمَّ أَتَى على قوم على اقبالهم رقاع وعَلى أدبارهم رقاع يسرحون كَمَا تسرح الْإِبِل وَالْغنم ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جَهَنَّم وحجارتها قَالَ: مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين لَا يؤدون صدقَات أَمْوَالهم وَمَا ظلمهم الله شَيْئا ثمَّ أَتَى على قوم بَين أَيْديهم لحم نضيج فِي قدر وَلحم آخر نيء خَبِيث فَجعلُوا يَأْكُلُون من النيء الْخَبيث ويتركون النضيج الطّيب قلت: مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا الرجل من أمتك تكون عِنْده الْمَرْأَة الْحَلَال فَيَأْتِي امْرَأَة خبيثة فيبيت عِنْدهَا حَتَّى يصبح وَالْمَرْأَة تقوم من عِنْد زَوجهَا حَلَالا طيبا فتأتي رجلا خبيثاً تبيت مَعَه حَتَّى تصبح ثمَّ أَتَى على خَشَبَة على الطَّرِيق لَا يمر بهَا ثوب إِلَّا شقته وَلَا شي إِلَّا خرقته قَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا مثل أوقام من أمتك يَقْعُدُونَ على الطَّرِيق فيقطعونه ثمَّ أَتَى على رجل قد جمع حزمة عَظِيمَة لَا يَسْتَطِيع حملهَا وَهُوَ يزِيد عَلَيْهَا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا الرجل من أمتك يكون عَلَيْهِ أمانات النَّاس لَا يقدر على أَدَائِهَا وَهُوَ يُرِيد أَن يحمل عَلَيْهَا ثمَّ أَتَى على قوم تقْرض ألسنتهم بمقاريض من نَار كلما قرضت عَادَتْ كَمَا كَانَت لَا يفتر عَنْهُم من ذَلِك شَيْء قَالَ: مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ خطباء الْفِتْنَة ثمَّ أَتَى على حجر صَغِير يخرج مِنْهُ ثَوْر عَظِيم فَجعل الثور يُرِيد أَن يرجع من حَيْثُ خرج فَلَا يَسْتَطِيع قَالَ: مَا

هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا الرجل يتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ الْعَظِيمَة ثمَّ ينْدَم عَلَيْهَا فَلَا يَسْتَطِيع أَن يردهَا ثمَّ أَتَى على وَاد فَوجدَ ريحًا طيبَة بَارِدَة وريح مسك وَسمع صَوتا فَقَالَ: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا قَالَ: هَذَا صَوت الْجنَّة تَقول: يَا رب ائْتِنِي بِمَا وَعَدتنِي فقد كثرت غرفي واستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي واكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي وعسلي ومائي ولبني وخمري فائتني مَا وَعَدتنِي فَقَالَ: لَك كل مُسلم ومسلمة وَمُؤمن ومؤمنة قَالَت: رضيت ثمَّ أَتَى على وادٍ فَسمع شكوى وَوجد ريحًا مُنْتِنَة فَقَالَ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا صَوت جَهَنَّم تَقول: رب ائْتِنِي بِمَا وَعَدتنِي فَلَقَد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي وَقد بعد قعري وَاشْتَدَّ حري فائتني مَا وَعَدتنِي قَالَ: لَك كل مُشْرك ومشركة وَكَافِر وكافرة وكل خَبِيث وخبيثة وكل جَبَّار لَا يُؤمن بِيَوْم الْحساب قَالَت: قد رضيت ثمَّ سَار حَتَّى أَتَى بَيت الْمُقَدّس فَنزل فَربط فرسه إِلَى صَخْرَة ثمَّ دخل فصلى مَعَ الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام فَلَمَّا قضيت الصَّلَاة قَالُوا: يَا جِبْرِيل من هَذَا مَعَك قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: وَقد بعث إِلَيْهِ قَالَ: نعم قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَمن خَليفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ ثمَّ لَقِي أَرْوَاح الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام فَأَثْنوا على رَبهم فَقَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: الْحَمد لله الَّذِي اتَّخَذَنِي خَلِيلًا وَأَعْطَانِي ملكا عَظِيما وَجَعَلَنِي أمة قَانِتًا يؤتم بِي وأنقذني من النَّار وَجعلهَا عليّ بردا وَسلَامًا ثمَّ إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أثنى على ربه عز وَجل فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي كلمني تكليماً وَجعل هَلَاك آل فِرْعَوْن وَنَجَاة بني إِسْرَائِيل على يَدي وَجعل من أمتِي (قوما يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ) (الْأَعْرَاف الْآيَة 159 وَنَصّ الْآيَة (وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ) ثمَّ إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أثنى على ربه فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي جعل لي ملك عَظِيما وَعَلمنِي الزبُور وألان لي الْحَدِيد وسخر لي الْجبَال يسبحْنَ وَالطير وَأَعْطَانِي الْحِكْمَة وَفصل الْخطاب ثمَّ إِن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أثنى على ربه فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي سخر لي الرِّيَاح وسخر لي الشَّيَاطِين يعْملُونَ مَا شِئْت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات وَعَلمنِي منطق الطير وآتاني من كل شَيْء فضلا وسخر لي جنود الشَّيَاطِين وَالْإِنْس وَالطير وفضلني على كثير من عباده الْمُؤمنِينَ وآتاني ملكا عَظِيما لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي وَجعل ملكي

ملكا طيبا لَيْسَ فِيهِ حِسَاب ثمَّ إِن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أثنى على ربه فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي جعلني كَلمته وَجعل مثلي مثل آدم خلقه من تُرَاب ثمَّ قَالَ لَهُ: كن فَيكون وَعَلمنِي الْكتاب وَالْحكمَة والتوراة وَالْإِنْجِيل وَجَعَلَنِي أخلق من الطين كَهَيئَةِ الطير فأنفخ فِيهِ فَيكون طيراً بِإِذن الله وَجَعَلَنِي أبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الْمَوْتَى بِإِذن الله ورفعني وطهرني وأعاذني وَأمي من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَلم يكن للشَّيْطَان علينا سَبِيل ثمَّ إِن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أثنى على ربه عز وَجل فَقَالَ: كلكُمْ أثنى على ربه وَإِنِّي مثن على رَبِّي فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أَرْسلنِي رَحْمَة للْعَالمين وكافة للنَّاس بشيراً وَنَذِيرا وَأنزل عَليّ الْفرْقَان فِيهِ تبيان لكل شَيْء وَجعل أمتِي خير أمة أخرجت للنَّاس وَجعل أمتِي أمة وسطا وَجعل أمتِي هم الْأَولونَ وَالْآخرُونَ وَشرح لي صَدْرِي وَوضع عني وزري وَرفع لي ذكري وَجَعَلَنِي فاتحاً وخاتماً فَقَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: بِهَذَا فَضلكُمْ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ: أُتِي بآنية ثَلَاثَة مغطاة أفواهها فَأتي بِإِنَاء مِنْهَا فِيهِ مَاء فَقيل: اشرب فَشرب مِنْهُ يَسِيرا ثمَّ رفع إِلَيْهِ إِنَاء آخر فِيهِ لبن فَقيل: اشرب فَشرب مِنْهُ حَتَّى رُوِيَ ثمَّ رفع إِلَيْهِ إِنَاء آخر فِيهِ خمر فَقيل لَهُ: اشرب فَقَالَ: لَا أريده قد رويت فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: - عَلَيْهِ السَّلَام - أما إِنَّهَا ستحرم على أمتك وَلَو شربت مِنْهَا لم يتبعك من أمتك إِلَّا قَلِيل ثمَّ صعدوا بِي إِلَى السَّمَاء فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَمن خَليفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَدخل فَإِذا هُوَ بِرَجُل تَامّ الْخلق لم ينقص من خلقه شَيْء كَمَا ينقص من خلق النَّاس على يَمِينه بَاب يخرج مِنْهُ ريح طيبَة وَعَن شِمَاله بَاب يخرج مِنْهُ ريح خبيثة إِذا نظر إِلَى الْبَاب الَّذِي عَن يَمِينه فَرح وَضحك وَإِذا نظر إِلَى الْبَاب الَّذِي عَن يسَاره بَكَى وحزن فَقلت يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: هَذَا أَبوك آدم وَهَذَا الْبَاب الَّذِي يَمِينه بَاب الْجنَّة إِذا نظر إِلَى من يدْخلهُ من ذُريَّته ضحك واستبشر وَالْبَاب الَّذِي عَن شِمَاله بَاب جَهَنَّم إِذا نظر من يدْخلهُ بَكَى وحزن ثمَّ صعد بِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَاسْتَفْتَحَ قيل: من هَذَا مَعَك قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَخَلِيفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَإِذا هُوَ بشابين قَالَ: يَا جِبْرِيل من هَذَانِ قَالَ: عِيسَى ابْن مَرْيَم وَيحيى بن

زَكَرِيَّا فَصَعدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَاسْتَفْتَحَ فَقَالُوا: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قَالُوا: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَمن خَليفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَدخل فَإِذا هُوَ بِرَجُل قد فضل على النَّاس كَمَا فضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب قَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا أَخُوك يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ صعد بِي إِلَى السَّمَاء الرَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قَالُوا: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَمن خَليفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَدخل فَإِذا هُوَ بِرَجُل قَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا إِدْرِيس رَفعه الله مَكَان عليا ثمَّ صعد إِلَى السَّمَاء الْخَامِسَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قَالُوا: مرْحَبًا بِهِ حَيَّاهُ الله من أَخ وَخَلِيفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ ثمَّ دخل فَإِذا هُوَ بِرَجُل جَالس وَحَوله قوم يقص عَلَيْهِم قَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل وَمن هَؤُلَاءِ حوله قَالَ: هَذَا هرون المحبب وَهَؤُلَاء بَنو إِسْرَائِيل ثمَّ صعد بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل لَهُ: من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَخَلِيفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَإِذا هُوَ بِرَجُل جَالس فجاوزه فَبكى الرجل قَالَ: يَا جِبْرِيل من هَذَا قَالَ: مُوسَى قَالَ: فَمَا لَهُ يبكي قَالَ: زعم بَنو إِسْرَائِيل أَنِّي أكْرم بني آدم على الله وَهَذَا رجل من بني آدم قد خلفني فِي دنيا وَأَنا فِي أُخْرَى فَلَو أَنه بِنَفسِهِ لم أبال وَلَكِن مَعَ كل نَبِي أمته ثمَّ صعد بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَاسْتَفْتَحَ فَقيل من هَذَا قَالَ: جِبْرِيل قيل: وَمن مَعَك قَالَ: مُحَمَّد قَالُوا: وَقد أرسل إِلَيْهِ قَالَ: نعم قَالُوا: حَيَّاهُ الله من أَخ وَخَلِيفَة فَنعم الْأَخ وَنعم الْخَلِيفَة وَنعم الْمَجِيء جَاءَ فَدخل فَإِذا هُوَ بِرَجُل أشمط جَالس عِنْد بَاب الْجنَّة على كرْسِي وَعِنْده قوم جُلُوس بيض الْوُجُوه أَمْثَال الْقَرَاطِيس وَقوم فِي ألوانهم شَيْء فَقَامَ هَؤُلَاءِ الَّذين فِي ألوانها شَيْء فَدَخَلُوا نَهرا فاغتسلوا فِيهِ فَخَرجُوا وَقد خلص وَلم يكن فِي أبدانهم شَيْء ثمَّ دخلُوا نَهرا آخر فاغتسلوا فِيهِ فَخَرجُوا وَقد خلص من ألوانهم شَيْء ثمَّ دخلُوا نَهرا آخر فاغتسلوا فِيهِ فَخَرجُوا وَقد خلصت ألوانهم فَصَارَت مثل ألوان أَصْحَابهم فجاؤوا فجلسوا إِلَى أَصْحَابهم فَقَالَ:

يَا جِبْرِيل من هَذَا الأشمط وَمن هَؤُلَاءِ بيض الْوُجُوه وَمن هَؤُلَاءِ الَّذين فِي ألوانهم شَيْء وَمَا هَذِه الْأَنْهَار الَّتِي دخلُوا قَالَ: هَذَا أَبوك إِبْرَاهِيم أول من شمط على الأَرْض وَأما هَؤُلَاءِ الْبيض الْوُجُوه فقوم لم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم وَأما هَؤُلَاءِ الَّذين فِي ألوانهم شَيْء فقوم خلطوا عملا صَالحا وَآخر سَيِّئًا فتابوا فَتَابَ الله عَلَيْهِم وَأما الْأَنْهَار فأولها رَحْمَة الله وَالثَّانِي نعْمَة الله وَالثَّالِث سقاهم رَبهم شرابًا طهُورا ثمَّ انْتهى إِلَى السِّدْرَة قيل لَهُ: هَذِه السِّدْرَة يَنْتَهِي إِلَيْهَا كل وَاحِد خلا من أمتك على نسك فَإِذا هِيَ شَجَرَة يخرج من أَصْلهَا أَنهَار من مَاء غير آسن وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه وأنهار من خمرة لَذَّة للشاربين وأنهار من عسل مصفى وَهِي شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها سبعين عَاما لَا يقطعهَا الورقة مِنْهَا مغطية للْأمة كلهَا فغشيها نور الخلاق عز وَجل وغشيتها الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام أَمْثَال الْغرْبَان حِين تقع على الشَّجَرَة فَكَلمهُ الله تَعَالَى عِنْد ذَلِك فَقَالَ لَهُ: سل فَقَالَ: اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وأعطيته ملكا عَظِيما وَكلمت مُوسَى تكليماً وَأعْطيت دَاوُد ملكا عَظِيما وألنت لَهُ الْحَدِيد وسخرت لَهُ الْجبَال وَأعْطيت سُلَيْمَان ملكا عَظِيما وسخرت لَهُ الْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّيَاطِين وسخرت لَهُ الرِّيَاح وأعطيته ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده وَعلمت عِيسَى التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَجَعَلته يُبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الْمَوْتَى بإذنك وَأَعَذْتَهُ وأمَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَلم يكن للشَّيْطَان عَلَيْهِمَا سَبِيل فَقَالَ لَهُ ربه عز وَجل: وَقد اتخذتك خَلِيلًا وَهُوَ مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة حبيب الرَّحْمَن وأرسلتك إِلَى النَّاس كَافَّة بشيراً وَنَذِيرا وشرحت لَك صدرك وَوضعت عَنْك وزرك وَرفعت لَك ذكرك فَلَا أذكر إِلَّا وَذكرت معي وَجعلت أمتك خير أمة أخرجت للنَّاس وَجعلت أمتك لَا تجوز لَهُم خطْبَة حَتَّى يشْهدُوا أَنَّك عَبدِي ورسولي وَجعلت من أمتك أَقْوَامًا قُلُوبهم أَنَاجِيلهمْ وجعلتك أول النَّبِيين خلقا وَآخرهمْ بعثاً وأولهم يقْضى لَهُ وأعطيتك سبعا من المثاني لم أعْطهَا نَبيا قبلك وأعطيتك خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة من كنز تَحت الْعَرْش لم أعْطهَا نَبيا قبلك وأعطيتك الْكَوْثَر وأعطيتك ثَمَانِيَة أسْهم: الْإِسْلَام وَالْهجْرَة وَالْجهَاد وَالصَّلَاة وَالصَّدَََقَة وَصَوْم رَمَضَان وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وجعلتك فاتحاً وخاتماً قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فضلني رَبِّي وأرسلني رَحْمَة للْعَالمين وكافة للنَّاس بشيراً وَنَذِيرا وَألقى فِي قلب عدوي الرعب من مسيرَة شهر وَأحل لي الْغَنَائِم وَلم تحل لأحد قبلي وَجعلت لي

الأَرْض كلهَا مَسْجِدا وَطهُورًا وَأعْطيت فواتح الْكَلَام وخواتمه وجوامعه وَعرضت عَليّ أمتِي فَلم يخف عَليّ التَّابِع والمتبوع ورأيتهم أَتَوا على قوم ينتعلون الشّعْر ورأيتهم أَتَوا على قوم عراض الْوُجُوه صغَار الْأَعْين كَأَنَّمَا خرمت أَعينهم بالمخيط فَلم يخف عليّ مَا هم لاقون من بعدِي وَأمرت بِخَمْسِينَ صَلَاة فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: بِمَ أمرت قَالَ: بِخَمْسِينَ صَلَاة قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَإِن أمتك أَضْعَف الْأُمَم فقد لقِيت من بني إِسْرَائِيل شدَّة فَرجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ربه فَسَأَلَهُ التَّخْفِيف فَوضع عَنهُ عشرا ثمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بكم أمرت قَالَ: بِأَرْبَعِينَ: قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَرجع فَوضع عَنهُ عشرا إِلَى أَن جعلهَا خمْسا ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف قَالَ: قد رجعت إِلَى رَبِّي حَتَّى استحيت مِنْهُ فَمَا أَنا براجع إِلَيْهِ قيل لَهُ: أما إِنَّك كَمَا صبرت نَفسك على خمس صلوَات فَإِنَّهُنَّ يجزين عَنْك خمسين صَلَاة وَإِن كل حَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا فَرضِي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل الرِّضَا قَالَ: وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من أَشَّدهم عَلَيْهِ حِين مر بِهِ وَخَيرهمْ لَهُ حِين رَجَعَ إِلَيْهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أَخِيه عِيسَى عَن أَبِيه عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه أبي ليلى: أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى النَّبِي بِالْبُرَاقِ فَحَمله بَين يَدَيْهِ ثمَّ جعل يسير بِهِ فَإِذا بلغ مَكَانا مطأطئاً طَالَتْ يَدَاهُ وَقصرت رِجْلَاهُ حَتَّى يَسْتَوِي بِهِ ثمَّ عرض لَهُ رجل عَن يَمِين الطَّرِيق فَجعل يُنَادِيه يَا مُحَمَّد إِلَى الطَّرِيق مرَّتَيْنِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: امْضِ وَلَا تكلم أحدا ثمَّ عرض لَهُ رجل عَن يسَار الطَّرِيق فَقَالَ لَهُ إِلَى الطَّرِيق يَا مُحَمَّد فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: امْضِ وَلَا تكلم أحدا ثمَّ عرضت لَهُ امْرَأَة حسناء جميلَة ثمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيل السَّلَام: تَدْرِي من الرجل الَّذِي دعَاك عَن يَمِين الطَّرِيق قَالَ: لَا قَالَ: تِلْكَ الْيَهُود دعتك إِلَى دينهم ثمَّ قَالَ: تَدْرِي من الرجل الَّذِي دعَاك عَن يسَار الطَّرِيق قَالَ: لَا قَالَ: تِلْكَ النَّصَارَى دعتك إِلَى دينهم ثمَّ قَالَ: تَدْرِي من الْمَرْأَة الْحَسْنَاء الجميلة قَالَ: لَا قَالَ: تِلْكَ الدُّنْيَا تدعوك إِلَى نَفسهَا ثمَّ انْطَلقَا حَتَّى أَتَيَا بَيت الْمُقَدّس فَإِذا هم بِنَفر جُلُوس فَقَالُوا مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّي وَإِذا فِي النَّفر

شيخ قَالَ: وَمن هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا أَبوك إِبْرَاهِيم وَهَذَا مُوسَى وَهَذَا عِيسَى ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة فتدافعوا حَتَّى قدمُوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَتَوا بأشربة فَاخْتَارَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّبن فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أصبت الْفطْرَة ثمَّ قيل لَهُ: قُم إِلَى رَبك فَقَامَ فَدخل ثمَّ جَاءَ فَقيل لَهُ: مَاذَا صنعت قَالَ: فرضت على أمتِي خَمْسُونَ صَلَاة فَقَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف لأمتك فَإِن أمتك لَا تطِيق هَذَا فَرجع ثمَّ جَاءَ فَقَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: مَاذَا صنعت فَقَالَ: ردهَا إِلَى خمسين وَعشْرين فَقَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَرجع ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: ردهَا إِلَى اثْنَتَيْ عشرَة فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف فَرجع ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: ردهَا إِلَى خمس فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: ارْجع فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيف قَالَ: قد استحيت من رَبِّي فَمَا أراجعه وَقد قَالَ لي رَبِّي أَن لَك بِكُل ردة رَددتهَا مَسْأَلَة أعْطَيْتُكَها وَأخرج ابْن عَرَفَة فِي جزئه الْمَشْهُور وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه من طَرِيق أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِدَابَّة دون الْبَغْل وَفَوق الْحمار فَحَمَلَنِي عَلَيْهِ ثمَّ انْطلق يهوي بِنَا كلما صعد عقبَة اسْتَوَت رِجْلَاهُ كَذَلِك مَعَ يَدَيْهِ وَإِذا هَبَط اسْتَوَت يَدَاهُ مَعَ رجلَيْهِ حَتَّى مَرَرْنَا بِرَجُل طَوَال سِبْطَ آدم كَأَنَّهُ من رجال شنوأة وَهُوَ يَقُول: وَيرْفَع صَوته أكرمته وفضلته فدفعنا إِلَيْهِ فسلمنا فَرد السَّلَام فَقَالَ: من هَذَا مَعَك يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا أَحْمد قَالَ: مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّي الْعَرَبِيّ الَّذِي بلغ رِسَالَة ربه ونصح لأمته ثمَّ اندفعنا فَقلت: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قلت: وَمن يُعَاتب قَالَ: يُعَاتب ربه فِيك قلت: وَيرْفَع صَوته على ربه قَالَ: إِن الله قد عرف لَهُ حَدِيثه ثمَّ اندفعنا حَتَّى مَرَرْنَا بشجرة كَأَن ثَمَرهَا السراح تحتهَا شيخ وَعِيَاله فَقَالَ لي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: اعمد إِلَى أَبِيك إِبْرَاهِيم فدفعنا إِلَيْهِ فسلمنا عَلَيْهِ فَرد السَّلَام فَقَالَ إِبْرَاهِيم: من مَعَك يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا ابْنك أَحْمد فَقَالَ: مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّي الَّذِي بلغ رِسَالَة ربه ونصح لأمته يَا بني إِنَّك لَاق رَبك اللَّيْلَة وَإِن أمتك آخر الْأُمَم وأضعفها فَإِن اسْتَطَعْت أَن تكون حَاجَتك أَو جلها فِي أمتك فافعل ثمَّ اندفعنا حَتَّى انتهينا إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى فَنزلت

فَربطت الدَّابَّة بالحلقة الَّتِي فِي بَاب الْمَسْجِد الَّتِي كَانَت الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام ترْبط بهَا ثمَّ دخلت الْمَسْجِد فَعرفت النَّبِيين من بَين قَائِم وَرَاكِع وَسَاجِد ثمَّ أتيت بكأسين من عسل وَلبن فَأخذت اللَّبن فَشَرِبت فَضرب جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام مَنْكِبي وَقَالَ أصبت الْفطْرَة ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة فأممتهم ثمَّ انصرفنا فأقبلنا وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَلْقَمَة رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتيت بِالْبُرَاقِ فركبته إِذا أَتَى على جبل ارْتَفَعت رِجْلَاهُ وَإِذا هَبَط ارْتَفَعت يَدَاهُ فَسَار بِنَا فِي أَرض غمَّة مُنْتِنَة ثمَّ أفضينا إِلَى أَرض فيحاء طيبَة فَسَأَلت جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: تِلْكَ أَرض النَّار وَهَذِه أَرض الْجنَّة فَأتيت على رجل قَائِم يُصَلِّي فَقلت: من هَذَا يَا جِبْرِيل فَقَالَ: هَذَا أَخُوك عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فسرنا فسمعنا صَوتا وتذمراً فأتينا على رجل فَقَالَ: من هَذَا مَعَك قَالَ: هَذَا أَخُوك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسلم ودعا بِالْبركَةِ وَقَالَ: سل لأمتك الْيُسْر فَقلت من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا أَخُوك مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قلت على من كَانَ تذمره قَالَ: على ربه عز وَجل قلت: على ربه قَالَ: نعم قد عرف حِدته ثمَّ سرنا فَرَأَيْت مصابيح وضُوءًا فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذِه شَجَرَة أَبِيك إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ادن مِنْهَا فدنوت مِنْهَا فَرَحَّبَ بِي ودعا لي بِالْبركَةِ ثمَّ مضينا حَتَّى أَتَيْنَا بَيت الْمُقَدّس فَربطت الدَّابَّة بالحلقة الَّتِي ترْبط بهَا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام ثمَّ دخلت الْمَسْجِد فنشرت لي الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام من سمى مِنْهُم وَمن لم يسم فَصليت بهم إِلَّا هَؤُلَاءِ الثَّلَاث: إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صليت لَيْلَة أسرِي بِي فِي مقدم الْمَسْجِد ثمَّ دخلت إِلَى الصَّخْرَة فَإِذا ملك قَائِم مَعَه آنِية ثَلَاث فتناولت الْعَسَل فَشَرِبت مِنْهُ قَلِيلا ثمَّ تناولت الآخر فَشَرِبت مِنْهُ حَتَّى رويت فَإِذا هُوَ لبن فَقَالَ اشرب من الآخر فَإِذا هُوَ خمر قلت قد رويت قَالَ: أما أَنَّك لَو شربت من هَذَا لم تَجْتَمِع أمتك على الْفطْرَة أبدا ثمَّ انْطلق بِي إِلَى السَّمَاء فَفرضت عليّ الصَّلَاة ثمَّ رجعت إِلَى خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا وَمَا تحوّلت عَن جَانبهَا الآخر

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: بَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ فِي بَيْتِي فَفَقَدته من اللَّيْل فَامْتنعَ عني النّوم مَخَافَة أَن يكون عرض لَهُ بعض قُرَيْش فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَتَانِي فَأخذ بيَدي فَأَخْرجنِي فَإِذا على الْبَاب دَابَّة دون الْبَغْل وَفَوق الْحمار فَحَمَلَنِي عَلَيْهَا ثمَّ انْطلق حَتَّى أَتَى بِي إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَأرَانِي إِبْرَاهِيم يشبه خلقه خلقي وَيُشبه خلقي خلقه وأرأني مُوسَى آدم طوَالًا سبط الشّعْر أشبهه بِرِجَال ازد شنوأة وَأرَانِي عِيسَى ابْن مَرْيَم ربعَة أَبيض يضْرب إِلَى الْحمرَة شبهته بِعُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَأرَانِي الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين الْيُمْنَى شبهته بِقطن بن عبد الْعُزَّى قَالَ: وَأَنا أُرِيد أَن أخرج إِلَى قُرَيْش فَأخْبرهُم مَا رَأَيْت فَأخذت بِثَوْبِهِ فَقلت إِنِّي أذكرك الله إِنَّك تَأتي قوما يكذبُونَك وَيُنْكِرُونَ مَقَالَتك فَأَخَاف أَن يَسْطُوا بك قَالَت: فَضرب ثَوْبه من يَدي ثمَّ خرج إِلَيْهِم فَأَتَاهُم وهم جُلُوس فَأخْبرهُم فَقَامَ مطعم بن عدي فَقَالَ: يَا مُحَمَّد لَو كنت شَابًّا كَمَا كنت مَا تَكَلَّمت بِمَا تَكَلَّمت بِهِ وَأَنت بَين ظهرانينا فَقَالَ رجل من الْقَوْم: يَا مُحَمَّد هَل مَرَرْت بِإِبِل لنا فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا قَالَ: نعم وَالله وَجَدتهمْ قد أَضَلُّوا بعير لَهُم فهم فِي طلبه قَالَ: هَل مَرَرْت بِإِبِل لبني فلَان قَالَ: نعم وَجَدتهمْ فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا قد انْكَسَرت لَهُم نَاقَة حَمْرَاء فوجدتهم وَعِنْدهم قَصْعَة من مَاء فَشَرِبت مَا فِيهَا قَالُوا: فَأخْبرنَا عَن عدتهَا وَمَا فِيهَا من الرعاء قَالَ: قد كنت عَن عدتهَا مَشْغُولًا فَقَامَ وأتى بِالْإِبِلِ فَعَدهَا وَعلم مَا فِيهَا من الرعاء ثمَّ أَتَى قُريْشًا فَقَالَ لَهُ: سَأَلْتُمُونِي عَن إبل بني فلَان فَهِيَ كَذَا وَكَذَا وفيهَا من الرعاء فلَان وَفُلَان وَسَأَلْتُمُونِي عَن إبل بني فلَان فَهِيَ كَذَا وَكَذَا وفيهَا من الرعاء ابْن أبي قُحَافَة وَفُلَان وَفُلَان وَهِي مُصَبِّحَتكُمْ الْغَدَاة الثَّنية فقعدوا إِلَى الثَّنية ينظرُونَ أصدقهم مَا قَالَ فَاسْتَقْبلُوا الْإِبِل فسألوا هَل ضل لكم بعير قَالُوا: نعم فسألوا الآخر هَل انْكَسَرَ لكم نَاقَة حَمْرَاء قَالُوا: نعم قَالَ: فَهَل كَانَ عنْدكُمْ قَصْعَة من مَاء قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: وَالله أَنا وَضَعتهَا فَمَا شربهَا أحد منا وَلَا أهريقت فِي الأَرْض فَصدقهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وآمن بِهِ فَسُمي يَوْمئِذٍ الصّديق وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر عَن أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا قَالَ: دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِغَلَس وَأَنا على فِرَاشِي فَقَالَ: شَعرت أَنِّي نمت اللَّيْلَة فِي الْمَسْجِد

الْحَرَام فَأَتَانِي جِبْرِيل فَذهب بِي إِلَى بَاب الْمَسْجِد فَإِذا دَابَّة أَبيض فَوق الْحمار وَدون الْبَغْل مُضْطَرب الْأُذُنَيْنِ فركبته فَكَانَ يضع حَافره فِي مد بَصَره إِذا أَخذ بِي فِي هبوط طَالَتْ يَدَاهُ وَقصرت رِجْلَاهُ وَإِذا أَخذ بِي فِي صعُود طَالَتْ رِجْلَاهُ وَقصرت يَدَاهُ وَجِبْرِيل لَا يفوتني حَتَّى انتهينا إِلَى بَيت الْمُقَدّس فأوثقته بالحلقة الَّتِي كَانَت الْأَنْبِيَاء توثق بهَا فنشر لي رَهْط من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام مِنْهُم إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى فَصليت بهم وكلمتهم وأتيت بإناءين أَحْمَر وأبيض فَشَرِبت الْأَبْيَض فَقَالَ لي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: شربت اللَّبن وَتركت الْخمر لَو شربت الْخمر لارتدت أمتك ثمَّ ركبته فَأتيت الْمَسْجِد الْحَرَام فَصليت بِهِ الْغَدَاة فتعلقت بردائه وَقلت: أنْشدك الله يَا ابْن عَم إِن تحدث بهَا قُريْشًا فيكذبك من صدقك فَضربت بيَدي على رِدَائه فانتزعته من يَدي فارتفع عَن بَطْنه فَنَظَرت إِلَى عكنه فَوق ازاره كَأَنَّهَا طي الْقَرَاطِيس وَإِذا نور سَاطِع عِنْد فُؤَاده كَاد أَن يختطف بَصرِي فَخَرَرْت سَاجِدَة فَلَمَّا رفعت رَأْسِي إِذا هُوَ قد خرج فَقلت لجاريتي: وَيحك اتبعيه وانظري مَاذَا يَقُول وماذا يُقَال لَهُ فَلَمَّا رجعت أَخْبَرتنِي أَنه انْتهى إِلَى نفر من قُرَيْش فيهم الْمطعم بن عدي وَعَمْرو بن هِشَام والوليد بن الْمُغيرَة فَقَالَ: إِنِّي صليت اللَّيْلَة الْعشَاء فِي هَذِه الْمَسْجِد وَصليت بِهِ الْغَدَاة وأتيت فِيمَا بَين ذَلِك بِبَيْت الْمُقَدّس فنشر لي رَهْط من الْأَنْبِيَاء فيهم إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى فَصليت بهم وكلمتهم فَقَالَ عَمْرو بن هِشَام - كَالْمُسْتَهْزِئِ -: صفهم لي فَقَالَ: أما عِيسَى ففوق الربعة وَدون الطَّوِيل عريض الصَّدْر جعد الشّعْر يعلوه صهبة كَأَنَّهُ عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَأما مُوسَى فضخم آدم طوال كَأَنَّهُ من رجال شنوأة كثير الشّعْر غائر الْعَينَيْنِ متراكب الْأَسْنَان مقلص الشّفة خَارج اللثة عَابس وَأما إِبْرَاهِيم فوَاللَّه لأَنا أشبه النَّاس بِهِ خلقا فضجوا وأعظموا ذَاك فَقَالَ الْمطعم: كل أَمرك قبل الْيَوْم كَانَ أمماً غير قَوْلك الْيَوْم أَنا أشهد أَنَّك كَاذِب نَحن نضرب أكباد الْإِبِل إِلَى بَيت الْمُقَدّس مصعداً شهرا ومنحدراً شهرا تزْعم أَنَّك أَتَيْته فِي لَيْلَة وَاللات والعزى لَا أصدقك فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا مطعم بئس مَا قلت لِابْنِ أَخِيك جَبهته وكذبته أَنا أشهد أَنه صَادِق فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد صف لنا بَيت الْمُقَدّس قَالَ: دَخلته لَيْلًا وَخرجت مِنْهُ لَيْلًا فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فصوّره فِي جنَاحه فَجعل يَقُول بَاب مِنْهُ كَذَا فِي مَوضِع كَذَا وَبَاب مِنْهُ

كَذَا فِي مَوضِع كَذَا وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يَقُول: صدقت صدقت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ: يَا أَبَا بكر إِن الله قد سماك الصّديق قَالُوا يَا مُحَمَّد أخبرنَا عَن عيرنَا قَالَ: أتيت على عير بني فلَان بِالرَّوْحَاءِ قد أَضَلُّوا نَاقَة لَهُم فَانْطَلقُوا فِي طلبَهَا فانتهيت إِلَى رحالهم لَيْسَ بهَا مِنْهُم أحد وَإِذا قدح مَاء فَشَرِبت مِنْهُ ثمَّ انْتَهَيْت إِلَى عير بني فلَان فنفرت مني الْإِبِل وبرك مِنْهَا جمل أَحْمَر عَلَيْهِ جوالق مخطط ببياض لَا أَدْرِي أكسر الْبَعِير أم لَا ثمَّ انْتَهَيْت إِلَى عير بني فلَان فِي التَّنْعِيم يقدمهَا جمل أَوْرَق وَهَا هِيَ ذه تطلع عَلَيْكُم من الثَّنية فَقَالَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة: سَاحر فَانْطَلقُوا فنظروا فوجدوا كَمَا قَالَ فَرَمَوْهُ بِالسحرِ وَقَالُوا: صدق الْوَلِيد فَأنْزل الله (وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس) (الْإِسْرَاء آيَة 60) وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا أسرِي برَسُول الله إِلَّا وَهُوَ فِي بَيْتِي نَائِم عِنْدِي تِلْكَ اللَّيْلَة فصلى الْعشَاء الْآخِرَة ثمَّ نَام وَنِمْنَا فَلَمَّا كَانَ قبيل الْفجْر أهبنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا صلى الصُّبْح وصلينا مَعَه قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أم هَانِئ لقد صليت مَعكُمْ الْعشَاء الْآخِرَة كَمَا رَأَيْت بِهَذَا الْوَادي ثمَّ جِئْت بَيت الْمُقَدّس فَصليت فِيهِ ثمَّ صليت صَلَاة الْغَدَاة مَعكُمْ الْآن كَمَا تَرين وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عمر وَأم سَلمَة وَعَائِشَة وَأم هَانِئ وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا دخل حَدِيث بَعضهم فِي بعض قَالُوا: أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة سبع عشرَة من شهر ربيع الأول قبل الْهِجْرَة بِسنة من شعب أبي طَالب إِلَى بَيت الْمُقَدّس قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حملت على دَابَّة بَيْضَاء بَين الْحمار وَبَين الْبَغْل فِي فَخذهَا جَنَاحَانِ تحفز بهما رِجْلَيْهَا فَلَمَّا دَنَوْت لأركبها شمست فَوضع جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يَده على مَعْرفَتهَا ثمَّ قَالَ: أَلا تستحتين يَا براق مِمَّا تصنعين وَالله مَا ركبك عبد لله قبل مُحَمَّد أكْرم على الله مِنْهُ فاستحيت حَتَّى ارفضت عرقاً ثمَّ قرت حَتَّى ركبتها فعلت بأذنيها وقبضت الأَرْض حَتَّى كَانَ مُنْتَهى وَقع حافرها طرفها وَكَانَت طَوِيلَة الظّهْر طَوِيلَة الْأُذُنَيْنِ وَخرج معي جِبْرِيل لَا يفوتني وَلَا أفوته حَتَّى أَتَى بَيت الْمُقَدّس فَأتى الْبراق إِلَى موقفه الَّذِي كَانَ يقف فربطه فِيهِ وَكَانَ مربط الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام رَأَيْت الْأَنْبِيَاء جمعُوا لي فَرَأَيْت إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى فَظَنَنْت أَنه لَا بُد أَن يكون لَهُم

إِمَام فَقَدَّمَنِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى صليت بَين أَيْديهم وسألتهم فَقَالُوا: بعثنَا بِالتَّوْحِيدِ وَقَالَ بَعضهم: فقد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ اللَّيْلَة فتفرقت بَنو عبد الْمطلب يطلبونه يلتمسونه وَخرج الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ حَتَّى إِذا بلغ ذَا طوى فَجعل يصْرخ يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَأَجَابَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبيْك لبيْك فَقَالَ: ابْن أخي أعييت قَوْمك مُنْذُ اللَّيْلَة فَأَيْنَ كنت قَالَ: أتيت من بَيت الْمُقَدّس قَالَ: فِي ليلتك قَالَ: نعم قَالَ: هَل أَصَابَك إِلَّا خير قَالَ: مَا أصابني إِلَّا خير وَقَالَت أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا: مَا أسرِي بِهِ إِلَّا من بيتنا بَينا هُوَ نَائِم عندنَا تِلْكَ اللَّيْلَة صلى الْعشَاء ثمَّ نَام فَلَمَّا كَانَ قبل الْفجْر أنبهناه للصبح فَقَامَ فصلى الصُّبْح قَالَ: يَا أم هَانِئ لقد صليت مَعكُمْ الْعشَاء كَمَا رَأَيْت بِهَذَا الْوَادي ثمَّ قد جِئْت بَيت الْمُقَدّس فَصليت بِهِ ثمَّ صليت الْغَدَاة مَعكُمْ ثمَّ قَامَ ليخرج فقت لَا تحدث هَذَا النَّاس فيكذبوك ويؤذوك فَقَالَ: وَالله لأحدثنهم فَأخْبرهُم فتعجبوا وَقَالُوا لم نسْمع بِمثل هَذَا قطّ وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل عَلَيْهِ السَّلَام: يَا جِبْرِيل إِن قومِي لَا يصدقوني قَالَ: يصدقك أَبُو بكر وَهُوَ الصّديق وافتتن نَاس كثير وَضَلُّوا كَانُوا قد أَسْلمُوا وَقمت فِي الْحجر فجلا الله لي بَيت الْمُقَدّس فطفقت أخْبرهُم عَن آيَاته وَأَنا أنظر إِلَيْهِ فَقَالَ بَعضهم: كم لِلْمَسْجِدِ من بَاب - وَلم أكن عددت أبوابه - فَجعلت أنظر إِلَيْهَا وأعدها بَابا وأعلمهم وَأَخْبَرتهمْ عَن عير لَهُم فِي الطَّرِيق وعلامات فِيهَا فوجدوا ذَلِك كَمَا أَخْبَرتهم وَأنزل الله (وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس) قَالَ: كَانَت رُؤْيا عين رَآهَا بِعَيْنِه وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بِالْبُرَاقِ لَيْلَة أسرِي بِهِ مسرجاً مُلجمًا ليركبه فاستصعب عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: أبمحمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تفعل هَذَا فوَاللَّه مَا ركبك خلق أكْرم على الله مِنْهُ قَالَ: فأرفضّ عرقاً وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: أسرِي بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة سبع عشرَة من شهر ربيع الأول قبل الْهِجْرَة بِسنة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بَيت الْمُقَدّس قبل خُرُوجه إِلَى الْمَدِينَة بِسِتَّة عشر شهرا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بَيت الْمُقَدّس قبل مهاجره بِسِتَّة عشر شهرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب حَيَاة الْأَنْبِيَاء عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَرَرْت لَيْلَة أسرِي بِي على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَائِما يُصَلِّي فِي قَبره عِنْد الْكَثِيب الْأَحْمَر وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ مر على مُوسَى وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبره قَالَ: وَذكر لي أَنه حمل على الْبراق قَالَ: فأوثقت الْفرس أَو قَالَ: الدَّابَّة بالحلقة فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ صفها لي يَا رَسُول الله قَالَ: كذه وذه وَكَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ قد رَآهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي إِلَى السَّمَاء رَأَيْت مُوسَى يُصَلِّي فِي قَبره وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على مُوسَى وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي قَبره وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي مَرَرْت بمُوسَى وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي قَبره وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما أسرِي بِالنَّبِيِّ جعل يمر بِالنَّبِيِّ والنبيين مَعَهم الرَّهْط والنبيين مَعَهم الْقَوْم وَالنَّبِيّ والنبيين لَيْسَ مَعَهم أحد حَتَّى مر بسواد عَظِيم فَقلت: من هَؤُلَاءِ فَقيل مُوسَى وَقَومه وَلَكِن ارْفَعْ رَأسك وَانْظُر فَإِذا سَواد عَظِيم قد سد الْأُفق من ذَا الْجَانِب وَذَا الْجَانِب فَقيل لي: هَؤُلَاءِ وَسوى هَؤُلَاءِ من أمتك سَبْعُونَ ألفا يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب قَالَ: فَدخل وَلم يسألوه بِأَنْفسِهِم وَلم يُفَسر لَهُم فَقَالَ قَائِلُونَ: نَحن هم وَقَالَ قَائِلُونَ هم أَبْنَاؤُنَا الَّذين ولدُوا فِي الْإِسْلَام فَخرج فَقَالَ: هم الَّذين لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يسْتَرقونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ فَقَامَ عكاشة بن مُحصن فَقَالَ: أَنا مِنْهُم يَا رَسُول الله فَقَالَ: أَنْت مِنْهُم فَقَامَ رجل آخر فَقَالَ: أَنا مِنْهُم قَالَ: سَبَقَك بهَا عكاشة

وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي مرت بِي رَائِحَة طيبَة فَقلت: يَا جِبْرِيل مَا هَذِه الرَّائِحَة الطّيبَة قَالَ: ماشطة بنت فِرْعَوْن وَأَوْلَادهَا كَانَت تمشطهَا فَسقط الْمشْط من يَدهَا فَقَالَت بِسم الله فَقَالَت ابْنة فِرْعَوْن أبي قَالَت: بل رَبِّي وَرَبك وَرب أَبِيك قَالَت: أولك رب غير أبي قَالَت: أَلَك رب غَيْرِي قَالَ: نعم رَبِّي وَرَبك الله الَّذِي فِي السَّمَاء فَأمر ببقرة من نُحَاس فأحميت ثمَّ أَمر بهَا لتلقي فِيهَا وَأَوْلَادهَا قَالَت: إِن لي إِلَيْك حَاجَة قَالَ: وَمَا هِيَ قَالَت: تجمع عِظَامِي وَعِظَام وَلَدي فتدفنه جَمِيعًا قَالَ: ذَلِك لَك لما لَك علينا من الْحق فَألْقوا وَاحِدًا وَاحِدًا حَتَّى بلغ رضيعاً فيهم قَالَ: أسرعي يَا أمه وَلَا تقاعسي فَإنَّك على الْحق فألقيت هِيَ وَوَلدهَا قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَتكلم أَرْبَعَة وهم صغَار: هَذَا وَشَاهد يُوسُف وَصَاحب جريج وَعِيسَى ابْن مَرْيَم وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْلَة أسرِي بِي وجدت ريحًا طيبَة فَقلت: يَا جِبْرِيل مَا هَذِه قَالَ: هَذِه الماشطة وَزوجهَا وَابْنهَا بَيْنَمَا هِيَ تمشط ابْنة فِرْعَوْن إِذْ سقط الْمشْط من يَدهَا فَقَالَ: تعس فِرْعَوْن فَأخْبرت أَبَاهَا وَكَانَ للْمَرْأَة ابْنَانِ وَزوج فَأرْسل إِلَيْهِم فراود الْمَرْأَة وَزوجهَا أَن يرجعا عَن دينهما فأبيا فَقَالَ: إِنِّي قاتلكما: فَقَالَا إِحْسَان مِنْك إِلَيْنَا إِن قتلتنا أَن تجعلنا فِي بَيت فَفعل فَلَمَّا أسرِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجد ريحة طيبَة فَسَأَلَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَأخْبرهُ وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما عرج بِي مَرَرْت بِقوم لَهُم أظفار من نُحَاس يخمشون فِي وُجُوههم وصدورهم فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس ويقعون فِي أعراضهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْلَة أسرِي بِي مَرَرْت بناس تقْرض شفاههم بمقاريض من نَار كلما قرضت عَادَتْ كَمَا كَانَت فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ خطباء أمتك الَّذين يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة أسرِي بِي رَأَيْت رجلا يسبح فِي نهر يلقم الْحِجَارَة فَسَأَلت من هَذَا فَقيل لي: هَذَا آكل الرِّبَا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما كَانَ لَيْلَة أسرِي بِي أَتَى جِبْرِيل الصَّخْرَة الَّتِي بِبَيْت الْمُقَدّس فَوضع أُصْبُعه فِيهَا فخرقها فَشد بهَا الْبراق وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن صُهَيْب بن سِنَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما عرض على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ المَاء ثمَّ الْخمر ثمَّ اللَّبن أَخذ اللَّبن فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: أصبت الْفطْرَة وَبِه غذيت كل دَابَّة وَلَو أخذت الْخمر غويت وغوت أمتك وَكنت من أهل هَذِه وَأَشَارَ إِلَى الْوَادي الَّذِي يُقَال لَهُ وَادي جَهَنَّم فَنظر إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ نَار تلتهب وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لَيْلَة أسرِي بِي وضعت قدمي حَيْثُ تُوضَع أَقْدَام الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام من بَيت الْمُقَدّس وَعرض عليّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا أقرب النَّاس بِهِ شبها عُرْوَة بن مَسْعُود وَعرض عليّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا رجل جعد ضرب من الرِّجَال وَعرض عليّ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا أقرب النَّاس بِهِ شبها صَاحبكُم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حِين أسرِي بِي لقِيت مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فنعته فَإِذا هُوَ رجل مُضْطَرب رجل الرَّأْس كَأَنَّهُ من رجال شنوأة وَلَقِيت عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فنعته ربعَة أَحْمَر كَأَنَّمَا خرج من ديماس وَرَأَيْت إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنا أشبه وَلَده بِهِ وأتيت بإناءين فِي أَحدهمَا لبن وَفِي الآخر خمر قيل لي خُذ أَيهمَا شِئْت فَأخذت اللَّبن فَشَرِبت قيل لي هديت للفطرة أما لَو أَنَّك لَو أخذت الْخمر غوت أمتك وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد رَأَيْتنِي فِي الْحجر وقريش تَسْأَلنِي عَن مسراي فسألوني عَن أَشْيَاء من بَيت الْمُقَدّس لم أثبتها فكربت كرباً مَا كربت مثله قطّ فرفعه الله لي أنظر إِلَيْهِ مَا سَأَلُونِي عَن شَيْء إِلَّا أنبأتهم بِهِ وَقد رَأَيْتنِي فِي جمَاعَة من الْأَنْبِيَاء

صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم وَإِذا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَائِم وَإِذا رجل ضرب جعد كَأَنَّهُ من رجال شنوأة وَإِذا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَائِم يُصَلِّي أقرب النَّاس بِهِ شبها عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَإِذا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَائِم يُصَلِّي أشبه النَّاس بِهِ صَاحبكُم - يَعْنِي نَفسه - فحانت الصَّلَاة فأممتهم فَلَمَّا فرغت قَالَ قَائِل: يَا مُحَمَّد هَذَا مَالك خَازِن النَّار فَالْتَفت إِلَيْهِ فبدأني بِالسَّلَامِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسريَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى مَالِكًا خَازِن النَّار فَإِذا رجل عَابس يعرف الْغَضَب فِي وَجهه وَأخرج أَحْمد عَن عبيد بن آدم عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كَانَ بالجابية فَذكر فتح بَيت الْمُقَدّس فَقَالَ لكعب رَضِي الله عَنهُ: أَيْن ترى أَن أُصَلِّي قَالَ: خلف الصَّخْرَة قَالَ: لَا وَلَكِن أُصَلِّي حَيْثُ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتقدم إِلَى الْقبْلَة فصلى وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَيْلَة أسرِي بِالنَّبِيِّ دخل الْجنَّة فَسمع فِي جَانبهَا وجساً فَقَالَ: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا فَقَالَ: هَذَا بِلَال الْمُؤَذّن فَقَالَ النَّبِي حِين جَاءَ إِلَى النَّاس: قد أَفْلح بِلَال رَأَيْت لَهُ كَذَا وَكَذَا فَلَقِيَهُ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَرَحَّبَ بِهِ وَقَالَ مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّي قَالَ: وَهُوَ رجل آدم طَوِيل سبط شعره مَعَ أُذُنَيْهِ أَو فَوْقهمَا فَقَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا مُوسَى فَمضى فَلَقِيَهُ رجل فَرَحَّبَ بِهِ قَالَ: من هَذَا قَالَ: هَذَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَمضى فَلَقِيَهُ شيخ جليل مهيب فَرَحَّبَ بِهِ وَسلم عَلَيْهِ وَكلهمْ يسلم عَلَيْهِ قَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: أَبوك إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: وَنظر فِي النَّار فَإِذا قوم يَأْكُلُون الْجِيَف قَالَ: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس وَرَأى رجلا أَحْمَر أَزْرَق جدا قَالَ: من هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا عَاقِر النَّاقة فَلَمَّا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي ثمَّ الْتفت فَإِذا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يصلونَ مَعَه فَلَمَّا انْصَرف جِيءَ بقدحين أَحدهمَا عَن الْيَمين وَالْآخر عَن الشمَال فِي أَحدهمَا لبن وَفِي الْآخِرَة عسل فَأخذ اللَّبن فَشرب مِنْهُ فَقَالَ الَّذِي كَانَ مَعَه الْقدح: أصبت الْفطْرَة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ:

أسرِي بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ جَاءَ من ليلته فَحَدثهُمْ بمسيره وبعلامة بَيت الْمُقَدّس وبعيرهم فَقَالَ نَاس: نَحن لَا نصدق مُحَمَّدًا بِمَا يَقُول: فَارْتَدُّوا كفَّارًا فَضرب الله رقابهم مَعَ أبي جهل وَقَالَ أَبُو جهل: يخوفنا مُحَمَّد بشجرة الزقوم هاتوا تَمرا وزبداً فتزقموا بِهِ وَرَأى الدَّجَّال فِي صورته رُؤْيا عين لَيْسَ برؤيا مَنَام وَعِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيم عَلَيْهِم السَّلَام فَسئلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الدَّجَّال فَقَالَ: رَأَيْته [] قيلمانياً أقمرهجان إِحْدَى عَيْنَيْهِ قَائِمَة كَأَنَّهَا كَوْكَب دري كَأَن شعره أَغْصَان شَجَرَة وَرَأَيْت عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام شَابًّا أَبيض جعد الرَّأْس حَدِيد الْبَصَر مبطن الْخلق وَرَأَيْت مُوسَى أسحم آدم كثير الشّعْر شَدِيد الْخلق وَنظرت إِلَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَلَا أنظر إِلَى أرب مِنْهُ إِلَّا نظرت إِلَيْهِ مني حَتَّى كَأَنَّهُ صَاحبكُم قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام سلم على أَبِيك فَسلمت عَلَيْهِ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق قَتَادَة عَن أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام رجلا طوَالًا جَعدًا كَأَنَّهُ من رجال شنوأة وَرَأَيْت عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام مَرْبُوع الْخلق إِلَى الْحمرَة وَالْبَيَاض سبط الرَّأْس وَرَأَيْت مَالِكًا خَازِن جَهَنَّم والدجال فِي آيَات أراهن الله قَالَ: (فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه) (السَّجْدَة آيَة 73) فَكَانَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ يُفَسِّرهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وسام قد لَقِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لقِيت لَيْلَة أسرِي بِي إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام فتذاكروا أَمر السَّاعَة فَردُّوا أَمرهم إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالَ لَا علم لي بهَا فَردُّوا أَمرهم إِلَى مُوسَى فَقَالَ: لَا علم لي بهَا فَردُّوا أَمرهم إِلَى عِيسَى فَقَالَ: أما وجبتهُّا فَلَا يعلم بهَا أحد إِلَّا الله تَعَالَى وَفِيمَا عهد إليّ رَبِّي أَن الدَّجَّال خَارج وَمَعِي قضيبان فَإِذا رَآنِي ذاب كَمَا يذوب الرصاص فيهلكه الله إِذا رَآنِي حَتَّى أَن الْحجر وَالشَّجر يَقُول: يَا مُسلم إِن تحتي كَافِرًا فتعال

فاقتله فيهلكهم الله ثمَّ يرجع النَّاس إِلَى بِلَادهمْ وأوطانهم فَعِنْدَ ذَلِك يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج وهم من كل حدب يَنْسلونَ فيطأون بِلَادهمْ لَا يأْتونَ على شَيْء إِلَّا أهلكوه لَا يَمرونَ على مَاء إِلَّا شربوه ثمَّ يرجع إِلَيّ فيشكونهم فأدعو الله تَعَالَى عَلَيْهِم فيهلكهم ويميتهم حَتَّى تجيف الأَرْض من نَتن ريحهم فَينزل الله الْمَطَر فيجترف أَجْسَادهم حَتَّى يقذفهم فِي الْبَحْر فَفِيمَا عهد إليَّ رَبِّي إِن كَانَ كَذَلِك أَن السَّاعَة كالحامل المتم لَا يدْرِي أَهلهَا مَتى تفجؤهم بولادتها لَيْلًا أَو نَهَارا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ أَنه حدث عَن لَيْلَة أسرِي بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا زايل الْبراق حَتَّى فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاوَات فَرَأى الْجنَّة وَالنَّار ووعد الْآخِرَة أجمع ثمَّ عَاد وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه فأري مَا فِي السَّمَاوَات وأري مَا فِي الأَرْض قيل لَهُ أَي دَابَّة الْبراق قَالَ: دَابَّة طَوِيل أَبيض خطوه مد الْبَصَر وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة عرج بِي إِلَى السَّمَاء مَا مَرَرْت بسماء إِلَّا وجدت اسْمِي فِيهَا مَكْتُوبًا مُحَمَّد رَسُول الله وَأَبُو بكر الصّديق خَلْفي وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما عرج إِلَى السَّمَاء مَا مَرَرْت بسماء إِلَّا وجدت اسْمِي فِيهَا مَكْتُوبًا مُحَمَّد رَسُول الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَرَرْت لَيْلَة أسرِي بِي على الْمَلأ الْأَعْلَى فَإِذا جِبْرِيل كالحلس الْبَالِي من خشيَة الله وَفِي لفظ لِابْنِ مرْدَوَيْه مَرَرْت على جِبْرِيل فِي السَّمَاء الرَّابِعَة فَإِذا هُوَ كَأَنَّهُ حلْس بَال من خشيَة الله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن عبد الرَّحْمَن بن قرط رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْلَة أسرِي بِي إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى كَانَ بَين الْمقَام وزمزم جِبْرِيل عَن يَمِينه وَمِيكَائِيل عَن يسَاره فطَارَا بِهِ حَتَّى بلغ السَّمَاوَات العلى فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: سَمِعت تسبيحاً فِي السَّمَوَات العلى مَعَ تَسْبِيح كثير سبحت السَّمَاوَات العلى من ذِي المهابة مشفقات من ذِي العلوّ بِمَا علا سُبْحَانَ الْعلي الْأَعْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرى بِي جِبْرِيل سَمِعت تسبيحاً فِي السَّمَاوَات العلى فَرَجَفَ فُؤَادِي فَقَالَ لي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: تقدم يَا مُحَمَّد وَلَا تخف فَإِن اسْمك مَكْتُوب على الْعَرْش لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة ووَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة أسرِي بِي لما نتهينا إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة نظرت فَوق فَإِذا رعد وبرق وصواعق وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فِيهَا الْحَيَّات والعقارب ترى من خَارج بطونهم فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ أَكلَة الرِّبَا فَلَمَّا نزلت إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا نظرت إِلَى أَسْفَل مني فَإِذا أَنا برهج ودخان وأصوات فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذِه الشَّيَاطِين يحومون على أعين بني آدم لَا يتفكرون فِي ملكوت السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَلَوْلَا ذَلِك لرأوا الْعَجَائِب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي مرت بالكوثر فَقَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي أَعْطَاك رَبك فَضربت بيَدي على تربته فَإِذا مسك أذفر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما عرج بِي إِلَى السَّمَاء رَأَيْت نَهرا يطرد عجاجاً مثل السهْم أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل حافتاه قباب من در مجوف فَضربت بيَدي إِلَى جَانِبه فَإِذا مسكة ذفراء فضربيت بيَدي إِلَى رضراضها فَإِذا در قلت: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا النَّهر قَالَ: هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي أَعْطَاك رَبك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت إِبْرَاهِيم لَيْلَة أسرِي بِي وَهُوَ أشبه من رَأَيْت بصاحبكم وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن رمدويه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: عرج بِي إِلَى السَّمَاء فَرَأَيْت إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن فَقَالَ إِبْرَاهِيم: يَا جِبْرِيل من هَذَا الَّذِي مَعَك فَقَالَ جِبْرِيل: هَذَا مُحَمَّد فَرَحَّبَ بِي وَقَالَ: مر أمتك فليكثروا من غراس الْجنَّة فَإِن

تربَتهَا طيبَة وأرضها وَاسِعَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا غراس الْجنَّة قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتيت لَيْلَة أسرِي بِي على إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أخبر أمتك أَن الْجنَّة قيعان وَأَن غراسها سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقِيت إِبْرَاهِيم لَيْلَة أسرِي بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أَقْْرِئ أمتك مني السَّلَام وَأخْبرهمْ أَن الْجنَّة طيبَة التربة عذبة المَاء وَأَنَّهَا قيعان وَأَن غراسها: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي رَأَيْت الْجنَّة من درة بَيْضَاء فَقلت يَا جِبْرِيل إِنَّهُم يَسْأَلُونِي عَن الْجنَّة قَالَ: أخْبرهُم أَن أرْضهَا قيعان وترابها الْمسك وَأخرج و [] الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي مَكْتُوبًا على بَاب الْجنَّة الصَّدَقَة بِعشر أَمْثَالهَا وَالْقَرْض بِثمَانِيَة عشر فَقلت: يَا جِبْرِيل مَا بَال الْقَرْض أفضل من الصَّدَقَة قَالَ: لِأَن السَّائِل يسْأَل وَعِنْده والمستقرض لَا يستقرض إِلَّا من حَاجَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي إِلَى السَّمَاء أدخلت الْجنَّة فَوَقَعت على شَجَرَة من أَشجَار الْجنَّة لم أر فِي الْجنَّة أحسن مِنْهَا وَلَا أَبيض وَرقا وَلَا أطيب ثَمَرَة فتناولت ثَمَرَة من ثمراتها فَأَكَلتهَا فَصَارَت نُطْفَة فِي صلبي فَلَمَّا هَبَطت إِلَى الأَرْض واقعت خَدِيجَة فَحملت بفاطمة رَضِي الله عَنْهَا فَإِذا أَنا اشْتقت إِلَى ريح الْجنَّة شممت ريح فَاطِمَة وَأخرج الْحَاكِم وَضَعفه عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي اله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بسفرجلة فَأَكَلتهَا لَيْلَة أسرِي بِي فعلقت خَدِيجَة بفاطمة فَكنت إِذا اشْتقت إِلَى رَائِحَة الْجنَّة شممت رَقَبَة فَاطِمَة وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو قَاسم الْبَغَوِيّ وَابْن قَانِع كِلَاهُمَا فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَابْن عدي

وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن أسعد بن زُرَارَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة أسرِي بِي انْتَهَيْت إِلَى قصر من لؤلؤة وَلَفظ الْبَغَوِيّ أسرِي بِي فِي قفص من لؤلؤة فرَاشه ذهب يتلألأ نورا وَأعْطيت ثَلَاثًا: إِنَّك سيد الْمُرْسلين وَإِمَام الْمُتَّقِينَ وقأئد الغر المعجلين وَأخرج ابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْحَمْرَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَإِذا على سَاق الْعَرْش الْأَيْمن لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله: لما عرج بِي رَأَيْت على سَاق الْعَرْش مَكْتُوبًا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله أيدته بعلي وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة أسرِي بِي رَأَيْت على الْعَرْش مَكْتُوبًا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله أَبُو بكر الصّديق عمر الْفَارُوق عُثْمَان ذُو النورين وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي فِي الْعَرْش فريدة خضراء فِيهَا مَكْتُوب بِنور أَبيض لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله أَبُو بكر الصّديق عمر الْفَارُوق وَأخرج الْبَزَّار عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَرَادَ الله تَعَالَى أَن يعلم رَسُوله الْأَذَان أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِدَابَّة يُقَال لَهَا الْبراق فَذهب يركبهَا فاستصعبت فَقَالَ لَهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: أسكني فوَاللَّه مَا ركبك عبد أكْرم على الله من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فركبها حَتَّى انْتهى إِلَى الْحجاب الَّذِي يَلِي الرَّحْمَن فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ خرج عَلَيْهِ ملك من الْحجاب فَقَالَ الْملك: الله أكبر الله أكبر فَقيل من وَرَاء الْحجاب: صدق عَبدِي أَنا أكبر أَنا أكبر ثمَّ قَالَ الْملك: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقيل هَل من وَرَاء الْحجاب: صدق عَبدِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فَقَالَ الْملك: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَقيل من وَرَاء الْحجاب: صدق عَبدِي أَنا أرْسلت مُحَمَّدًا فَقَالَ الْملك: حيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح قد قَامَت الصَّلَاة ثمَّ قَالَ: الله أكبر الله أكبر فَقيل من وَرَاء الْحجاب: صدق عَبدِي أَنا أكبر أَنا أكبر ثمَّ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فَقيل من وَرَاء الْحجاب: صدق عَبدِي لَا إِلَه إِلَّا

أَنا ثمَّ أَخذ الْملك بيد مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقدمه فَأم أهل السَّمَوَات فيهم آدم ونوح فَيَوْمئِذٍ أكمل الله لمُحَمد الشّرف على أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء فَانْتهى إِلَى مَكَان من السَّمَاء وقف فِيهِ وَبعث الله ملكا فَقَامَ من السَّمَاء مقَاما مَا قامه قبل ذَلِك فَقيل لَهُ: علمه الْأَذَان فَقَالَ الْملك: الله أكبر الله أكبر فَقَالَ الله: صدق عَبدِي أَنا الله الْأَكْبَر فَقَالَ الْملك: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ الله: صدق عَبدِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فَقَالَ الْملك: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَقَالَ الله: صدق عَبدِي أَنا أَرْسلتهُ وَأَنا اخترته وَأَنا ائتمنته فَقَالَ: حَيّ على الصَّلَاة فَقَالَ الله: صدق عَبدِي ودعا إِلَيّ فريضتي وحقي فَمن أَتَاهَا محتسباً كَانَت كَفَّارَة لكل ذَنْب فَقَالَ الْملك: حَيّ على الْفَلاح فَقَالَ الله: صدق عَبدِي أَنا أَقمت فرائضها وعدتها ومواقيتها ثمَّ قيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تقدم فَتقدم فائتم بِهِ أهل السَّمَوَات فتم لَهُ شرفه على سَائِر الْخَلَائق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي إِلَى السَّمَاء أذن جِبْرِيل فظنت الْمَلَائِكَة أَنه يُصَلِّي بهم فقدّمني فَصليت بِالْمَلَائِكَةِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أسرِي بِهِ إِلَى السَّمَاء أوحى إِلَيْهِ بِالْأَذَانِ فَنزل بِهِ فَعلمه جِبْرِيل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - علم الْأَذَان لَيْلَة أسرِي بِهِ وفرضت عَلَيْهِ الصَّلَاة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرضت عَلَيْهِ الصَّلَاة لَيْلَة أسرِي بِهِ وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: فرض الله على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة خمسين صَلَاة فَسَأَلَ ربه فَجَعلهَا خمس صلوَات وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الصَّلَاة خمسين وَالْغسْل من الْجَنَابَة سبع مَرَّات وَغسل الْبَوْل من الثَّوْب سبع مَرَّات فَلم يزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَل حَتَّى الصَّلَاة خمْسا وَغسل الْجَنَابَة مرّة وَغسل الْبَوْل من الثَّوْب مرّة

وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسريَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْتهى إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى وإليها يَنْتَهِي مَا يصعد بِهِ وَفِي لفظ: يعرج بِهِ من الْأَرْوَاح حَتَّى يقبض مِنْهَا وإليها يَنْتَهِي مَا يهْبط من فَوْقهَا حَتَّى يقبض (إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى) (النَّجْم آيَة 16) قَالَ: غشيها فرَاش من ذهب وَأعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَوَات الْخمس وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة وَغفر لمن لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا من أمته الْمُقْحمَات وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لما أسرِي بِي انْتَهَيْت إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَإِذا نبقها أَمْثَال القلال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ - وَسلم لما انْتهى إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى رأى فراشا من ذهب يلوذ بهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت أبي بكر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَهُوَ يَقُول: يصف سِدْرَة الْمُنْتَهى فَقَالَ: فِيهَا فرَاش من ذهب وَثَمَرهَا كالقلال وأوراقها كآذان الفيلة قلت: يَا رَسُول مَا رَأَيْت عِنْدهَا قَالَ: رَأَيْته عِنْدهَا يَعْنِي ربه عز وَجل وَأخرج و [] ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مَرَرْت لَيْلَة أسرِي بِي بملأ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا لي يَا مُحَمَّد مر أمتك بالحجامة وَأخرج أَحْمد ووَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مَرَرْت بملأ من الْمَلَائِكَة لَيْلَة أسرِي بِي إِلَّا قَالُوا عَلَيْك بالحجامة وَفِي لفظ مر أمتك بالحجامة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مَرَرْت على مَلأ من الْمَلَائِكَة لَيْلَة أسرِي بِي إِلَّا أمروني بالحجامة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَعَثَنِي الله لَيْلَة أسرِي بِي إِلَى يَأْجُوج وَمَأْجُوج أدعوهم إِلَى دين الله وعبادته فَأمروا أَن يجيبوني وهم فِي النَّار مَعَ من يُحْصى من ولد آدم وَولد إِبْلِيس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن

أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما رَجَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ فَكَانَ بِذِي طوى قَالَ: جِبْرِيل إِن قومِي لَا يصدقوني قَالَ يصدقك أَبُو بكر وَهُوَ الصّديق وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لما أسرِي بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى أصبح يحدث النَّاس بذلك فَارْتَد نَاس مِمَّن كَانُوا آمنُوا بِهِ وَصَدقُوهُ وَسعوا بذلك إِلَى أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالُوا: هَل لَك فِي صَاحبك يزْعم أَنه أسرِي بِهِ اللَّيْلَة إِلَى بَيت الْمُقَدّس قَالَ: أَو قَالَ ذَلِك قَالُوا: نعم قَالَ: لَئِن قَالَ ذَلِك لقد صدق قَالُوا: فتصدقه أَنه ذهب اللَّيْلَة إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَجَاء قبل أَن يصبح قَالَ: نعم إِنِّي لَأُصَدِّقهُ بِمَا هُوَ أبعد من ذَلِك أصدقه بِخَبَر السَّمَاء فِي غدْوَة أَو رَوْحَة فَلذَلِك سمي أَبَا بكر الصّديق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما كَانَ لَيْلَة أسرِي بِي فَأَصْبَحت فِي مَكَّة قطعت وَعرفت أَن النَّاس مُكَذِّبِي فَقَعَدت مُعْتَزِلا حَزينًا فَمر بِهِ عدوّ الله أَبُو جهل فجَاء حَتَّى جلس إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ كل كَانَ من شَيْء قَالَ: نعم قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ: قَالَ إِنِّي أسرِي بِي اللَّيْلَة قَالَ: إِلَى أَيْن قَالَ: إِلَى بَيت الْمُقَدّس قَالَ: ثمَّ أَصبَحت بَين ظهرانينا قَالَ: نعم فَلم يرد أَن يكذبهُ مَخَافَة أَن يجحده الحَدِيث إِن دَعَا قومه إِلَيْهِ قَالَ: أَرَأَيْت إِن دَعَوْت قَوْمك أتحدثهم بِمَا حَدَّثتنِي قَالَ: نعم قَالَ: هيا يَا معشر بني كَعْب بن لؤَي فانقضت إِلَيْهِ الْمجَالِس وجاؤوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهَا قَالَ: حدث قَوْمك بِمَا حَدَّثتنِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أسرِي بِي اللَّيْلَة قَالُوا: إِلَى أَيْن قَالَ: إِلَى بَيت الْمُقَدّس قَالُوا إيليا قَالَ: نعم قَالُوا: ثمَّ أَصبَحت بَين ظهرانينا قَالَ: نعم قَالَ: فَمن بَين مُصَفِّق وَمن بَين وَاضع يَده على رَأسه معجبا قَالُوا: وتستطيع أَن تنْعَت الْمَسْجِد وَفِي الْقَوْم من قد سَافر إِلَيْهِ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَذَهَبت أَنعَت فَمَا زلت أَنعَت حَتَّى الْتبس عليّ بعض النَّعْت فجيء بِالْمَسْجِدِ وَأَنا أنظر إِلَيْهِ حَتَّى وضع دون دَار عقيل أَو عقال فنعته وَأَنا أنظر إِلَيْهِ فَقَامَ الْقَوْم أما النَّعْت فوَاللَّه لقد أصَاب

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما كذبتني قُرَيْش لما أسرِي بِي إِلَى بَيت الْمُقَدّس قُمْت فِي الْحجر فجلا الله لي بَيت الْمُقَدّس فطفقت أخْبرهُم عَن آيَاته وَأَنا أنظر إِلَيْهِ وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت قُرَيْش لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أخْبرهُم بمسراه إِلَى بَيت الْمُقَدّس أخبرنَا مَاذَا ضل عَنَّا وائتنا بِآيَة مَا تَقول: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ضلت مِنْكُم نَاقَة وَرْقَاء عَلَيْهَا بر لكم فَلَمَّا قدمت عَلَيْهِم قَالُوا انعت لنا مَا كَانَ عَلَيْهَا وَنشر لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام مَا عَلَيْهَا كُله ينظر إِلَيْهِ فَأخْبرهُم بِمَا كَانَ عَلَيْهَا وهم قيام ينظرُونَ فَزَادَهُم ذَلِك شكا وتكذيباً وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسريَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخْبر قومه بالرفقة والعلامة فِي العير قَالُوا: فَمَتَى تَجِيء قَالَ: يَوْم الْأَرْبَعَاء فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْيَوْم أشرفت قُرَيْش ينظرُونَ وَقد ولى النَّهَار وَلم تجئ فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزيد لَهُ فِي النَّهَار سَاعَة وحبست عَلَيْهِ الشَّمْس فَلم ترد الشَّمْس على أحد إِلَّا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى يُوشَع بن نون عَلَيْهِ السَّلَام حِين قَاتل الجبارين وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير عَن عبد الله بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسرِي بِالنَّبِيِّ أَتَى بِدَابَّة دون الْبَغْل وَفَوق الْحمار يضع حَافره عِنْد مُنْتَهى طرفه يُقَال لَهُ الْبراق وَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعير للْمُشْرِكين فنفرت فَقَالُوا: يَا هَؤُلَاءِ مَا هَذَا فَقَالُوا مَا نرى شَيْئا مَا هَذِه الرَّائِحَة الأريح حَتَّى أَتَى بَيت الْمُقَدّس فَأتى بإناءين: فِي أَحدهمَا خمر وَفِي الآخر لبن فَأخذ اللَّبن فَقَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: هديت وهديت أمتك وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن الْوَاقِدِيّ عَن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سُبْرَة وَغَيره من رِجَاله قَالُوا: كَانَ رَسُول الله يسْأَل ربه أَن يرِيه الْجنَّة وَالنَّار فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة السبت لسبع عشرَة خلت من رَمَضَان قبل الْهِجْرَة بِثمَانِيَة عشر شهرا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَائِم فِي بَيته ظهرا أَتَاهُ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل فَقَالَا: انْطلق إِلَى مَا سَأَلت الله فَانْطَلقَا بِهِ إِلَى السَّمَوَات مَا بَين الْمقَام وزمزم فَأتي بالمعراج فَإِذا هُوَ أحسن شَيْء منْظرًا فعرج بِهِ إِلَى السَّمَوَات سَمَاء سَمَاء فلقي فِيهَا الْأَنْبِيَاء وانْتهى إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى وَرَأى الْجنَّة وَالنَّار قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَلما انْتَهَيْت إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة لم أسمع إِلَّا

صريف الأقلام وفرضت عَلَيْهِ الصَّلَوَات الْخمس وَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فصلى برَسُول الله الصَّلَوَات فِي مواقيتها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ أسرِي بِهِ رِيحه ريح عروس وَأطيب من ريح عروس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جُبَير قَالَ: سَمِعت سُفْيَان الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ سُئِلَ عَن لَيْلَة أسرِي بِهِ فَقَالَ: أسرِي بِبدنِهِ وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دحْيَة الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ إِلَى قَيْصر وَكتب إلبه مَعَه فَلَقِيَهُ بحمص ودعا الترجمان فَإِذا فِي الْكتاب من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى قَيْصر صَاحب الرّوم فَغَضب أَخ لَهُ وَقَالَ: تنظر فِي كتاب رجل بَدَأَ بِنَفسِهِ قبلك وَسماك قَيْصر صَاحب الرّوم وَلم يذكر أَنَّك ملك قَالَ لَهُ قَيْصر: إِنَّك وَالله مَا علمت أَحمَق صَغِيرا مَجْنُونا كَبِيرا: تُرِيدُ أَن تحرق كتاب رجل قبل أَن أنظر فِيهِ فلعمري لَئِن كَانَ رَسُول الله كَمَا يَقُول: فنفسه أَحَق أَن يبْدَأ بهَا مني وَإِن كَانَ سماني صَاحب الرّوم فَلَقَد صدق مَا أَنا إِلَّا صَاحبهمْ وَمَا أملكهم وَلَكِن الله سخرهم لي وَلَو شَاءَ لسلطهم عَليّ ثمَّ قَرَأَ قَيْصر الْكتاب فَقَالَ: يَا معشر الرّوم إِنِّي لأَظُن هَذَا الَّذِي بشر بِهِ عِيسَى ابْن مَرْيَم وَلَو أعلم أَنه هُوَ مشيت إِلَيْهِ حَتَّى أخدمه بنفسي لَا يسْقط وضوءه إِلَّا على يَدي قَالُوا: مَا كَانَ الله ليجعل ذَلِك فِي الإِعراب الْأُمِّيين ويدعنا وَنحن أهل الْكتاب قَالَ: فَأصل الْهدى بيني وَبَيْنكُم الإِنجيل نَدْعُو بِهِ فنفتحه فَإِن كَانَ هُوَ إِيَّاه اتبعناه وَإِلَّا أعدنا عَلَيْهِ خواتمه كَمَا كَانَت إِنَّمَا هِيَ خَوَاتِيم مَكَان خَوَاتِم قَالَ: وعَلى الإِنجيل يَوْمئِذٍ اثْنَا عشر خَاتمًا من ذهب ختم عَلَيْهِ هِرقل فَكَانَ كل ملك يليله بعده ظَاهر عَلَيْهِ بِخَاتم آخلا حَتَّى ألْقى ملك قَيْصر وَعَلِيهِ إثنا عشر خَاتمًا يخبر أوّلهم لآخرهم أَنه لَا يحل لَهُم أَن يفتحوا الْإِنْجِيل فِي دينهم وَإِنَّهُم يَوْم يفتحونه يُغير دينهم وَيهْلك ملكهم فَدَعَا بالإنجيل ففض عَنهُ أحد عشر خَاتمًا حَتَّى بَقِي عَلَيْهِ خَاتم وَاحِد فَقَامَتْ الشمامسة والأساقفة والبطارقة فشقوا ثِيَابهمْ وصكوا وُجُوههم ونتفوا رؤوسهم قَالَ: مَا لكم قَالُوا: الْيَوْم يهْلك ملك بَيْتك وَتغَير دين قَوْمك قَالَ: فَأصل الْهدى عِنْدِي قَالُوا: لَا تعجل حَتَّى نسْأَل عَن هَذَا ونكاتبه وَنَنْظُر فِي أمره قَالَ: فَمن نسْأَل عَنهُ قَالُوا: قوما كثيرا بِالشَّام فَأرْسل

يَبْتَغِي قوما يسألهم فَجمع لَهُ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه فَقَالَ: أَخْبرنِي يَا أَبَا سُفْيَان عَن هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَلم يأل أَن يصغر أمره مَا اسْتَطَاعَ قَالَ: أَيهَا الْملك لَا يكبر عَلَيْك شَأْنه إِنَّا لنقول: هُوَ سَاحر ونقول: هُوَ شَاعِر ونقول: هُوَ كَاهِن قَالَ قَيْصر: كَذَلِك وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ كَانَ يُقَال للأنبياء عَلَيْهِم السَّلَام قبله قَالَ: أَخْبرنِي عَن مَوْضِعه فِيكُم قَالَ: هُوَ أوسطنا قَالَ: كَذَلِك بعث الله كل نَبِي من أَوسط قومه أَخْبرنِي عَن أَصْحَابه قَالَ: غلماننا وأحداث أسنانهم والسفهاء أما رؤساؤنا فَلم يتبعهُ مِنْهُم أحد قَالَ: أُولَئِكَ وَالله تبَاع الرُّسُل أما الْمَلأ والرؤوس فَأَخَذتهم الحمية قَالَ: أَخْبرنِي عَن أَصْحَابه هَل يفارقونه بَعْدَمَا يدْخلُونَ فِي دينه قَالَ: مَا يُفَارِقهُ مِنْهُم أحد قَالَ: فَلَا يزَال دَاخل مِنْكُم فِي دينه قَالَ: نعم قَالَ: مَا تزيدونني عَلَيْهِ إِلَّا بَصِيرَة وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليوشكن أَن يغلب على مَا تَحت قدمي يَا معشر الرّوم هلموا إِلَى أَن نجيب هَذَا الرجل إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ ونسأله الشَّام أَن لَا يطَأ علينا أبدا فَإِنَّهُ لم يكْتب قطّ نَبِي من الْأَنْبِيَاء إِلَى ملك من الْمُلُوك يَدعُوهُ إِلَى الله فَيُجِيبهُ إِلَى مَا دَعَاهُ ثمَّ يسْأَله مَسْأَلَة إِلَّا أعطَاهُ مَسْأَلته مَا كَانَت فأطيعوني قَالُوا: لَا نطاوعك فِي هَذَا أبدا قَالَ أَبُو سُفْيَان: وَالله مَا يَمْنعنِي من أَقُول عَلَيْهِ قولا أسْقطه من عينه إِلَّا أَنِّي أكره أَن أكذب عِنْده كذبة يَأْخُذهَا عَليّ وَلَا يصدقني حَتَّى ذكرت قَوْله لَيْلَة أسرِي بِهِ قلت: أَيهَا الْملك أَنا أخْبرك عَنهُ خَبرا تعرف أَنه قد كذب قَالَ: وَمَا هُوَ قلت: إِنَّه يزْعم لنا أَنه خرج من أَرْضنَا أَرض الْحرم فِي لَيْلَة فجَاء مَسْجِدكُمْ هَذَا مَسْجِد إيليا وَرجع إِلَيْنَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَة قبل الصَّباح قَالَ: وبطريق إيليا عِنْد رَأس قَيْصر قَالَ البطريق: قد علمت تِلْكَ اللَّيْلَة فَنظر إِلَيْهِ قَيْصر فَقَالَ مَا علمك بِهَذَا قَالَ: إِنِّي كنت لَا أَبيت لَيْلَة حَتَّى أغلق أَبْوَاب الْمَسْجِد فَلَمَّا كَانَت تِلْكَ اللَّيْلَة أغلقت الْأَبْوَاب كلهَا غير بَاب وَاحِد غلبني فاستعنت عَلَيْهِ عمالي وَمن يحضرني كلهم فعالجته فَلم نستطع أَن نحركه كَأَنَّمَا نزاول بِهِ جبلا فدعوت الناجرة فنظروا إِلَيْهِ فَقَالُوا هَذَا بَاب سقط عَلَيْهِ [] التجاق والبنيان فَلَا نستطيع أَن نحركه حَتَّى نصبح فَنَنْظُر من ايْنَ أَتَى فَرَجَعت وَتركته مَفْتُوحًا فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت فَإِذا الْحجر الَّذِي من زَاوِيَة الْبَاب مثقوب وَإِذا فِيهِ أثر مربط الدَّابَّة فَقلت لِأَصْحَابِي مَا حبس هَذَا الْبَاب اللَّيْلَة إِلَّا على نَبِي فقد صلى اللَّيْلَة فِي مَسْجِدنَا فَقَالَ قَيْصر: يَا معشر الرّوم أَلَيْسَ تعلمُونَ أَن

بَين عِيسَى وَبَين السَّاعَة نَبِي بشركم بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَهَذَا هُوَ النَّبِي الَّذِي بشر بِهِ عِيسَى فأجيبوه إِلَى مَا دعل إِلَيْهِ فَلَمَّا رأى نفورهم قَالَ: يَا معشر الرّوم دعَاكُمْ ملككم يختبركم كَيفَ صلابتكم فِي دينكُمْ فشتمتموه وسببتموه وَهُوَ بَين أظْهركُم فَخَروا لَهُ سجدا وَأخرج الوَاسِطِيّ فِي فَضَائِل بَيت الْمُقَدّس عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ وقف الْبراق فِي الْموقف الَّذِي كَانَ يقف فِيهِ الْأَنْبِيَاء ثمَّ دخل من بَاب النَّبِي وَجِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَمَامه فأضاء لَهُ ضوء كَمَا تضيء الشَّمْس ثمَّ تقدم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَمَامه حَتَّى كَانَ من شَامي الصَّخْرَة فَأذن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَنزلت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام من السَّمَاء وَحشر الله لَهُم الْمُرْسلين عَلَيْهِم السَّلَام فَأَقَامَ الصَّلَاة ثمَّ تقدم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَلَائِكَةِ وَالْمُرْسلِينَ ثمَّ تقدم قُدَّام ذَلِك إِلَى مَوضِع فَوضع لَهُ مرقاة من ذهب ومرقاة من فضَّة وَهُوَ الْمِعْرَاج حَتَّى عرج جِبْرِيل وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى السَّمَاء وَأخرج الوَاسِطِيّ من طَرِيق أبي حُذَيْفَة مُؤذن بَيت الْمُقَدّس عَن جدته أَنَّهَا رَأَتْ صَفِيَّة زوج النَّبِي رَضِي الله عَنْهَا وكعبا رَضِي الله عَنهُ يَقُول: لَهَا يَا أم الْمُؤمنِينَ صلي هَهُنَا فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بالنبيين عَلَيْهِم السَّلَام حِين أسرِي بِهِ هَهُنَا وَأَوْمَأَ أَبُو حُذَيْفَة بِيَدِهِ على الْقبْلَة القصوى فِي دبر الصَّخْرَة وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن الْوَلِيد بن مُسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي بعض أشياخنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما ظهر على بَيت الْمُقَدّس لَيْلَة أسرِي بِهِ فَإِذا عَن يَمِين الْمَسْجِد وَعَن يسَاره نوران ساطعان فَقلت يَا جِبْرِيل مَا هَذَانِ النوران قَالَ: أما هَذَا الَّذِي عَن يَمِينك فَإِنَّهُ محراب أَخِيك دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَام - وَأما هَذَا الَّذِي عَن يسارك فعلى قبر أختك مَرْيَم وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَينا أَنا نَائِم فِي الْحجر جَاءَنِي جِبْرِيل فهمزني بِرجلِهِ فَجَلَست فَلم أر شَيْئا فعدت لمضجعي فَجَاءَنِي الثَّانِيَة فهمزني بقدمه فَجَلَست فَلم أر شَيْئا فعدت لمضجعي فَجَاءَنِي فهمزني بقدمه فَجَلَست فَأخذ بعضدي فَقُمْت مَعَه فَخرج إِلَى بَاب الْمَسْجِد فَإِذا دَابَّة أَبيض بَين الْحمار والبغل لَهُ فِي فَخذيهِ جناحتن يحفز بهما رجلَيْهِ يضع يَده فِي مُنْتَهى طرفه فَحَمَلَنِي ثمَّ

خرج لَا يفوتني وَلَا أفوته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَأبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَعَن مرّة الْهَمدَانِي عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ} الْآيَة قَالَ: أَتَى جِبْرِيل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَحَمله على الْبراق فَسَار بِهِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَمر بِأبي سُفْيَان فِي بعض الطَّرِيق وَهُوَ يحتلب نَاقَة فنفرت من حس الْبراق فأهرقت اللَّبن فسب أَبُو سُفْيَان من نفرها ونَدَّ جمل لَهُم أَوْرَق فَذهب إِلَى بعض الْمِيَاه فطلبوه فَأَخَذُوهُ وَمر بواد فَنفخ عَلَيْهِ من ريح الْمسك فَسَأَلَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام مَا هَذَا الرّيح فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أهل بَيت من الْمُسلمين حرقوا بالنَّار فِي الله عز وَجل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن حِوَالَة الْأَزْدِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي عمودا أَبيض كَأَنَّهُ لؤلؤة تحمله الْمَلَائِكَة قلت: مَا تحملون قَالُوا: عَمُود الْإِسْلَام أمرنَا أَن نضعه بِالشَّام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ} قَالَ: أسرِي بِهِ من شعب أبي طَالب وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا فقدت جَسَد رَسُول الله وَلَكِن الله أسرى بِرُوحِهِ وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان: أَنه كَانَ إِذا سُئِلَ عَن مسرى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَت رُؤْيا من الله صَادِقَة وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل بِالْبُرَاقِ فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: قد رَأَيْتهَا يَا رَسُول الله قَالَ: صفها لي قَالَ: بَدَنَة قَالَ: صدقت قد رَأَيْتهَا يَا أَبَا بكر وَأخرج الْخَطِيب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي إِلَى السَّمَاء قربني الله تَعَالَى حَتَّى كَانَ بيني وَبَينه كقاب قوسين أَو أدنى لَا بل أدنى وَعَلمنِي المسميات قَالَ: يَا مُحَمَّد قلت: لبيْك يَا رب قَالَ: هَل غمك أَن جعلتك آخر النَّبِيين قلت: يَا رب لَا قَالَ: فَهَل غم أمتك أَن جعلتهم آخر الْأُمَم قلت: يَا رب لَا قَالَ: أبلغ أمتك مني السَّلَام - وَأخْبرهمْ أَنِّي جعلتهم آخر الْأُمَم لأفضح الْأُمَم عِنْدهم وَلَا أفضحهم عِنْد الْأُمَم

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أسرِي بِهِ: إِنِّي أُرِيد أَن أخرج إِلَى قُرَيْش فَأخْبرهُم فَكَذبُوهُ وَصدقه أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ - فَسُمي يَوْمئِذٍ الصّديق وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَخْبرنِي ابْن الْمسيب وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أسرِي بِهِ على الْبراق - وَهِي دَابَّة إِبْرَاهِيم الَّتِي كَانَ يزور عَلَيْهَا الْبَيْت الْحَرَام يَقع حافرها مَوضِع طرفها قَالَ: فمرت بعير من عيرات قُرَيْش - بواد من تِلْكَ الأودية فنفر بعير عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ سَوْدَاء وزرقاء حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيليا فَأتي بقدحين قدح خمر وقدح لبن فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّبن قَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: هديت إِلَى الْفطْرَة لَو أخذت قدح الْخمر غوت أمتك قَالَ ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ: فَأَخْبرنِي ابْن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي هُنَاكَ إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى فنعتهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أما مُوسَى فَضرب رجل الرَّأْس كَأَنَّهُ من رجال شنوأة وَأما عِيسَى فَرجل أَحْمَر كَأَنَّمَا خرج من ديماس فَأشبه من رَأَيْت بِهِ عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَأما إِبْرَاهِيم فَأَنا أشبه وَلَده بِهِ فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول الله حدث قُريْشًا أَنه أسرِي بِهِ فَارْتَد نَاس كثير بَعْدَمَا أَسْلمُوا قَالَ أَبُو سَلمَة: فَأتى أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ - فَقيل لَهُ: هَل لَك فِي صَاحبك يزْعم أَنه أسرِي بِهِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس ثمَّ رَجَعَ فِي لَيْلَة وَاحِدَة قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: أَو قَالَ ذَلِك قَالُوا: نعم قَالَ: فَأشْهد إِن كَانَ قَالَ ذَلِك لقد صدق قَالُوا: أفتشهد أَنه جَاءَ الشَّام فِي لَيْلَة وَاحِدَة قَالَ: إِنِّي أصدقه بأبعد من ذَلِك أصدقه بِخَبَر السَّمَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن جريج قَالَ نَافِع بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ وَغَيره: لما أصبح النَّبِي من اللَّيْلَة الَّتِي أسرِي بِهِ فِيهَا لم يرعه إِلَّا جِبْرِيل عَلَيْهِ الشَّمْس يتدلى حِين زاغت الشَّمْس وَلذَلِك سميت الأولى فَأمر بِلَالًا يَصِيح فِي النَّاس الصَّلَاة جَامِعَة فَاجْتمعُوا فصلى جِبْرِيل بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - للنَّاس طوّل الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين ثمَّ قصروا فِي الْبَاقِيَتَيْنِ ثمَّ سلم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النَّاس ثمَّ فِي الْعَصْر عمل مثل ذَلِك فَفَعَلُوا كَمَا فعلوا فِي الظّهْر ثمَّ نزل فِي أول اللَّيْل فصيح الصلاةُ جَامِعَة فصلى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - للنَّاس طوّل فِي

الأولتين وَقصر فِي الثَّالِثَة ثمَّ سلم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ سلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النَّاس ثمَّ لما ذهب ثلث اللَّيْل نزل فصيح الصَّلَاة جَامِعَة فَاجْتمعُوا فصلى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنَّاس فَقَرَأَ فِي الأولتين فطوّل وجَهَرَ وَقصر فِي الْبَاقِيَتَيْنِ ثمَّ سلم جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النَّاس ثمَّ لما طلع الْفجْر صِيحَ الصَّلَاة جَامِعَة فصلى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنَّاس فَقَرَأَ فيهمَا وجهر وَطول وَرفع صَوته ثمَّ سلم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَسلم النَّبِي على النَّاس وَأخرج أَبُو بكر الوَاسِطِيّ فِي كتاب فَضَائِل بَيت الْمُقَدّس عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت الأَرْض مَاء فَبعث الله تَعَالَى ريحًا فمسحت المَاء مسحا فظهرت الأَرْض زبدة فَقَسمهَا أَربع قطع: خلق من قِطْعَة مَكَّة وَالثَّانيَِة مَكَّة وَالثَّالِثَة بَيت الْمُقَدّس وَالرَّابِعَة الْكُوفَة وَقَالَ الوَاسِطِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَرَادَ أَن يعلم عدد بني إِسْرَائِيل كم هم فَبعث نقباء وعرفاء وَأمرهمْ أَن يرفعوا إِلَيْهِ مَا بلغ عَددهمْ فعتب الله عَلَيْهِ لذَلِك وَقَالَ: قد علمت أَنِّي وعدت إِبْرَاهِيم أَن أبارك فِيهِ وَفِي ذُريَّته حَتَّى أجعلهم كعدد الذَّر وأجعلهم لَا يُحْصى عَددهمْ وَأَرَدْت أَن تعلم عَددهمْ إِنَّه لَا يُحْصى عَددهمْ فَاخْتَارُوا إثنين أَن أبتليكم بِالْجُوعِ ثَلَاث سِنِين أَو أسلط عَلَيْكُم الْعَدو ثَلَاثَة أشهر أَو الْمَوْت ثَلَاثَة أَيَّام فَأَشَارَ بذلك دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام على بني إِسْرَائِيل فَقَالُوا مَا لنا بِالْجُوعِ ثَلَاث سِنِين صَبر وَلَا بالعدوّ ثَلَاثَة أشهر صَبر فَلَيْسَ لَهُم تقية فَإِن كَانَ لَا بُد فالموت بِيَدِهِ لَا بِيَدِهِ غَيره فَمَاتَ مِنْهُم فِي سَاعَة أُلُوف كَثِيرَة مَا يدْرِي عَددهمْ فَلَمَّا رأى ذَلِك دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام شقّ عَلَيْهِ مَا بلغه من كَثْرَة الْمَوْت فَسَأَلَ الله ودعا فَقَالَ: يَا رب أَنا آكل الحامض وَبَنُو إِسْرَائِيل تدرس أَنا طلبت ذَلِك وَأمرت بِهِ بني إِسْرَائِيل فَمَا كَانَ من شَيْء فَبِي وارفع عَن بني إِسْرَائِيل فَاسْتَجَاب لَهُ وَرفع عَنْهُم الْمَوْت فَرَأى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام سالين سيوفهم يغمدونها يرفعون فِي سلم من ذهب من الصَّخْرَة فَقَالَ دَاوُد: هَذَا مَكَان يَنْبَغِي أَن يبْنى فِيهِ لله مَسْجِد أَو تكرمة وَأَرَادَ أَن يَأْخُذ فِي بُنْيَانه فَأوحى الله إِلَيْهِ: هَذَا بَيت الْمُقَدّس وَإنَّك بسطت يدك

فِي الدِّمَاء فلست ببانيه وَلَكِن ابْن لَك اسْمه سُلَيْمَان أسلمه من الدِّمَاء فَلَمَّا ملك سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بناه وشرفه فَلَمَّا أَرَادَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أَن يبنيه قَالَ للشياطين: إِن الله عز وَجل أَمرنِي أَن أبني بَيْتا لَهُ لَا يقطع فِيهِ حجر بحديدة فَقَالَت الشَّيَاطِين: لَا يقدر على هَذَا إِلَّا شَيْطَان فِي الْبَحْر لَهُ مشربَة يردهَا فَانْطَلقُوا إِلَى مشْربَته فأخرجوا ماءها وَجعلُوا مَكَانَهُ خمرًا فجَاء يشرب فَوجدَ ريحًا فَقَالَ شَيْئا وَلم يشرب فَلَمَّا اشْتَدَّ ظمؤه جَاءَ فَشرب فَأخذ فَبَيْنَمَا هم فِي الطَّرِيق إِذا هم بِرَجُل يَبِيع الثوم بالبصل فَضَحِك ثمَّ مر بِامْرَأَة تكهن لقوم فَضَحِك فَلَمَّا انْتهى إِلَى سُلَيْمَان أخبر بضحكه فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مَرَرْت بِرَجُل يَبِيع الدَّوَاء بالداء ومررت بِامْرَأَة تكهن وتحتها كنز لَا تعلم بِهِ فَذكر لَهُ شَأْن الْبناء فَأمر أَن يُؤْتى بِقدر من نُحَاس لَا تقلها الْبَقر فجعلوها على فروخ النسْر فَفَعَلُوا ذَلِك فَأقبل إِلَيْهِ فَلم يصل إِلَى فروخه فعلا فِي جوّ السَّمَاء ثمَّ تدلى فَأقبل بِعُود فِي منقاره فَوَضعه على الْقدر فانفلقت فعمدوا إِلَى ذَلِك الْعود فَأَخَذُوهُ فَعَلمُوا [فعملوا] بِهِ الْحِجَارَة وَأخرج ابْن سعد عَن سَالم أبي النَّضر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كثر الْمُسلمُونَ فِي عهد عمر رَضِي الله عَنهُ ضَاقَ بهم الْمَسْجِد فَاشْترى عمر رَضِي الله عَنهُ مَا حول الْمَسْجِد من الدّور إِلَّا دَار الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَحجر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ للْعَبَّاس: يَا أَبَا الْفضل إِن مَسْجِد الْمُسلمين فِي مَسْجِدهمْ قد ضَاقَ بهم وَقد ابتعت مَا حوله من الْمنَازل نوسع بِهِ على الْمُسلمين فِي مَسْجِدهمْ إِلَّا دَارك وَحجر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ قَالَ عمر: فَأَما حجر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَلَا سَبِيل إِلَيْهَا وَأما دَارك فبعينها بِمَا شِئْت من بَيت مَال الْمُسلمين أوسع بهَا فِي مَسْجِدهمْ فَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: مَا كنت لأَفْعَل فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: اختر مني أحدى ثَلَاث: إِمَّا أَن تبيعنيها بِمَا شِئْت من بَيت مَال الْمُسلمين وَإِمَّا أَن أحطك حَيْثُ شِئْت من الْمَدِينَة وأبنيها لَك من بَيت مَال الْمُسلمين وَإِمَّا أَن تصدق بهَا على الْمُسلمين فيوسع بهَا فِي مَسْجِدهمْ فَقَالَ: لَا وَلَا وَاحِدَة مِنْهَا فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: اجْعَل بيني وَبَيْنك من شِئْت فَقَالَ أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فَانْطَلقَا إِلَى أبي فقصا عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ أبي رَضِي الله عَنهُ: إِن شئتما حدثتكما بِحَدِيث سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَا: حَدثنَا فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله أوحى إِلَى دَاوُد ابْن لي بَيْتا أُذْكَرُ فِيهِ فَخط لَهُ هَذِه

الخطة - خطة بَيت الْمُقَدّس - فَإِذا بربعها زَاوِيَة بَيت من بني إِسْرَائِيل فَسَأَلَ دَاوُد أَن يَبِيعهُ إِيَّاه فَأبى فَحدث دَاوُد نَفسه أَن يَأْخُذهُ مِنْهُ فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن يَا دَاوُد أَمرتك أَن تبني لي بَيْتا أذكر فِيهِ فَأَرَدْت أَن تدخل فِي بَيْتِي الْغَصْب وَلَيْسَ من شأني الْغَصْب وَإِن عُقُوبَتك أَن لَا تبنيه قَالَ: يَا رب فَمن وَلَدي قَالَ: من ولدك قَالَ: فَأخذ عمر رَضِي الله عَنهُ بِمَجَامِع ثِيَاب أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ: جئْتُك بِشَيْء فَجئْت بِمَا هُوَ أَشد مِنْهُ لتخرجنّ مِمَّا قلت فجَاء يَقُودهُ حَتَّى أدخلهُ الْمَسْجِد فأوقفه على حَلقَة من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فيهم أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ أبي رَضِي الله عَنهُ: إِنِّي نشدت الله رجلا سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكر حَدِيث بَيت الْمُقَدّس حَيْثُ أَمر الله تَعَالَى دَاوُد أَن يبنيه إِلَّا ذكره فَقَالَ أَبُو ذَر: أَنا سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ آخر: أَنا سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل أَبَيَا فَأقبل أبي على عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا عمر أتتهمني على حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر: يَا أَبَا الْمُنْذر لَا وَالله مَا اتهمتك عَلَيْهِ وَلَكِنِّي كرهت أَن يكون الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظَاهرا قَالَ: وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ للْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: اذْهَبْ فَلَا أعرض لَك فِي ذَلِك فَقَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: أما إِذْ فعلت هَذَا فَإِنِّي تَصَدَّقت بهَا على الْمُسلمين أوسع بهَا عَلَيْهِم فِي مَسْجِدهمْ فَأَما وَأَنت تخاصمني فَلَا فَخط لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ دَاره الَّتِي هِيَ لَهُ الْيَوْم وبناها من بَيت مَال الْمُسلمين وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت للْعَبَّاس دَار بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: هبها لي أَو بِعَينهَا حَتَّى أدخلها فِي الْمَسْجِد فَأبى قَالَ: اجْعَل بيني وَبَيْنك رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعلَا أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ بَينهمَا فَقضى أبي على عمر فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: مَا من أَصْحَاب رَسُول الله أحد أجرأ عَليّ من أبي قَالَ: إِذْ أنصح لَك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أما علمت قصَّة الْمَرْأَة أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لما بنى بَيت الْمُقَدّس ادخل فِيهِ بَيت امْرَأَة بِغَيْر إِذْنهَا فَلَمَّا بلغ حجر لرجال منع بناءه فَقَالَ: أَي رب إِذْ منعتني فَفِي عَقبي من بعدِي فَلَمَّا كَانَ بعد قَالَ لَهُ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: أَلَيْسَ قد قضيت لي قَالَ: بلَى قَالَ: فَهِيَ لَك قد جَعلتهَا لله وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ:

أَرَادَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن يَأْخُذ دَار الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب ليزِيد بهَا فِي الْمَسْجِد فَأبى الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَن يُعْطِيهَا إِيَّاه فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لآخذنها قَالَ: فَاجْعَلْ بيني وَبَيْنك أبي بن كَعْب قَالَ: نعم فَأتيَا أَبَيَا فذكرا لَهُ فَقَالَ أبي رَضِي الله عَنهُ: أوحى الله إِلَى سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَن يَبْنِي بَيت الْمُقَدّس وَكَانَت أَرض لرجل فَاشْترى مِنْهُ الأَرْض فَلَمَّا أعطَاهُ الثّمن قَالَ: الَّذِي أَعْطَيْتنِي خير أم الَّذِي أخذت مني قَالَ: بل الَّذِي أخذت مِنْك قَالَ: فَإِنِّي لَا أُجِيز ثمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِشَيْء أَكثر من ذَلِك فَصنعَ الرجل مثل ذَلِك مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَاشْترط عَلَيْهِ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: أَنِّي أبتاعها مِنْك على حكمك وَلَا تَسْأَلنِي أَيهمَا خير قَالَ: نعم فاشتراها مِنْهُ بحكمة فاحتكم إثني عشر ألف قِنْطَار ذَهَبا فتعاظم ذَلِك سُلَيْمَان أَن يُعْطِيهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ إِن كنت تعطيه من شَيْء هُوَ لَك فَأَنت أعلم وَإِن كنت تعطيه من رزقنا فأعطه حَتَّى يرضى قَالَ: فَفعل قَالَ: وَإِنِّي أرى أَن عباسا رَضِي الله عَنهُ أَحَق بداره حَتَّى يرضى قَالَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: فَإذْ قضيت فَإِنِّي أجعلها صَدَقَة على الْمُسلمين وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ للْعَبَّاس بن عبد الْمطلب دَار إِلَى جنب مَسْجِد الْمَدِينَة فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ بِعَينهَا وَأَرَادَ عمر أَن يدخلهَا فِي الْمَسْجِد فَأبى الْعَبَّاس أَن يَبِيعهَا إِيَّاه فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: فهبها لي فَأبى فَقَالَ عمر: فوسعها أَنْت فِي الْمَسْجِد فَأبى فَقَالَ عمر: لَا بُد لَك من إِحْدَاهُنَّ فَأبى عَلَيْهِ قَالَ: فَخذ بيني وَبَيْنك رجلا فأخذا أبي بن كَعْب فاختصما إِلَيْهِ فَقَالَ أبي لعمر: مَا أرى أَن تخرجه من دَاره حَتَّى ترضيه: فَقَالَ لَهُ عمر: أَرَأَيْت قضاءك هَذَا فِي كتاب الله أم سنة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أبي: بل سنة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر: وَمَا ذَاك قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله يَقُول: إِن سُلَيْمَان بن دَاوُد لما بنى بَيت الْمُقَدّس جعل كلما بنى حَائِطا أصبح منهدماً فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن لَا تبن فِي حق رجل حَتَّى ترضيه فَتَركه عمر رَضِي الله عَنهُ فوسعها الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ بعد ذَلِك فِي الْمَسْجِد وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَمر الله تَعَالَى دَاوُد أَن يَبْنِي بَيت الْمُقَدّس قَالَ: يَا رب وَأَيْنَ أبنيه قَالَ: حَيْثُ ترى الْملك شاهراً

سَيْفه قَالَ: فَرَآهُ فِي ذَلِك الْمَكَان فَأخذ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَأَسَّسَ قَوَاعِده وَرفع حَائِطه فَلَمَّا ارْتَفع انْهَدم فَقَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب أَمرتنِي أَن أبني لَك بَيْتا فَلَمَّا ارْتَفع هدمته فَقَالَ: يَا دَاوُد إِنَّمَا جعلت خليفتني فِي خلقي لم أَخَذته من صَاحبه بِغَيْر ثمن إِنَّه يبنيه رجل من ولدك فَلَمَّا كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام ساوم صَاحب الأَرْض بهَا فَقَالَ لَهُ: هِيَ بقنطار فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: قد استوجبتها فَقَالَ لَهُ صَاحب الأَرْض: هِيَ خير أم ذَاك قَالَ: لَا بل هِيَ خير قَالَ: فَإِنَّهُ قد بدا لي قَالَ: أَو لَيْسَ قد أوجبتها قَالَ: لَا وَلَكِن البيعان بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا قَالَ ابْن الْمُبَارك رَضِي الله عَنهُ: هَذَا أصل الْخِيَار فَلم يزل يزايده وَيَقُول مثل قَوْله الأول حَتَّى استوجبتها مِنْهُ بِتِسْعَة قناطير فبناه سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى فرغ مِنْهُ وتغلقت أَبْوَابهَا فعالجها سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أَن يفتحها فَلم تنفتح حَتَّى قَالَ فِي دُعَائِهِ: بصلوات أبي دَاوُد إِلَّا تفتحت الْأَبْوَاب فتفتحت الْأَبْوَاب قَالَ: ففرغ لَهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: عشرَة آلَاف من قراء بني إِسْرَائِيل خَمْسَة آلَاف بِاللَّيْلِ وَخَمْسَة آلَاف بِالنَّهَارِ وَلَا تَأتي سَاعَة من ليل وَلَا نَهَار إِلَّا الله عز وَجل يعبد فِيهِ وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن الشَّيْبَانِيّ قَالَ: أوحى الله تبَارك وَتَعَالَى إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: إِنَّك لم تتمّ بِنَاء بَيت الْمُقَدّس قَالَ أَي رب وَلم قَالَ: لِأَنَّك غمرت يدك فِي الدَّم قَالَ: أَي رب وَلم يكن ذَلِك فِي طَاعَتك قَالَ: بلَى وَإِن كَانَ وَأخرج ابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والواسطي عَن رَافع بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قَالَ الله لداود عَلَيْهِ السَّلَام: ابْن لي بَيْتا فِي الأَرْض فَبنى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بَيْتا لنَفسِهِ قبل الْبَيْت الَّذِي أَمر بِهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا دَاوُد قضيت بَيْتك قبل بَيْتِي قَالَ: يَا رب هَكَذَا قلت: من ملك اسْتَأْثر ثمَّ أَخذ فِي بِنَاء الْمَسْجِد فَلَمَّا تمّ السُّور سقط ثلث فَشَكا ذَلِك إِلَى الله فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنَّك لَا تصلح أَن تبني لي بَيْتا قَالَ: وَلم يَا رب قَالَ: لما جرى على يَديك من الدِّمَاء قَالَ: يَا رب أَو لم يكن ذَلِك فِي هَوَاك ومحبتك قَالَ: بلَى وَلَكنهُمْ عبَادي وَأَنا أرحمهم فشق ذَلِك عَلَيْهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ لَا تحزن فَإِنِّي سأقضي بناءه على يَدي ابْنك سُلَيْمَان فَلَمَّا مَاتَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَخذ سُلَيْمَان فِي بنائِهِ فَلَمَّا تمّ قرب القرابين وَذبح الذَّبَائِح وَجمع بني إِسْرَائِيل

فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ: قد أرى سرورك ببنيان بَيْتِي فاسأني أعطك قَالَ: أَسأَلك ثَلَاث خِصَال: حكما يُصَادف حكمك وملكاً لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي وَمن أَتَى هَذَا الْبَيْت لَا يُرِيد إِلَّا الصَّلَاة فِيهِ خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: - أما الاثنتان فقد أعطيهما وَأَنا أَرْجُو أَن يكون قد أعطي الثَّالِثَة وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن كَعْب قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: ابْن لي بَيت الْمُقَدّس: فعارضه بِبِنَاء لَهُ فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا دَاوُد أَمرتك أَن تبني بَيْتا لي فعارضته بِبِنَاء لَك لَيْسَ لَك أَن تبنيه قَالَ: يَا رب فَفِي عَقبي قَالَ: فِي عقبك فَلَمَّا ولي سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أوحى الله إِلَيْهِ أَن ابْن بَيت الْمُقَدّس فبناه فَلَمَّا خر سَاجِدا شاكرا لَهُ تَعَالَى قَالَ: يَا رب من دخله من خَائِف فَأَمنهُ أَو من دَاع فاستجب لَهُ أَو مُسْتَغْفِر فَاغْفِر لَهُ فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنِّي قد خصصت لآل دَاوُد الدُّعَاء قَالَ: فذبح أَرْبَعَة آلَاف بقرة وَسَبْعَة آلَاف شَاة وصنع طَعَاما ودعا بني إِسْرَائِيل وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لما بنى بَيت الْمُقَدّس سَأَلَ ربه ثَلَاثًا فَأعْطَاهُ اثْنَتَيْنِ وَأَنا أَرْجُو أَن يكون أعطَاهُ الثَّالِثَة سَأَلَهُ حكما يُصَادف حكمه فَأعْطَاهُ إِيَّاه وَسَأَلَهُ ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده فَأعْطَاهُ إِيَّاه وَسَأَلَهُ أَيّمَا رجل خرج من بَيته لَا يُرِيد إِلَّا الصَّلَاة فِي هَذَا الْمَسْجِد يَعْنِي بَيت الْمُقَدّس خرج من خطيئته كَيَوْم وَلدته أمه قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَنحن نرجو أَن يكون الله أعطَاهُ ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة والواسطي عَن عبد الله بن عمر قَالَ: إِن الْحرم لَحَرَم فِي السَّمَوَات السَّبع بمقداره من الأَرْض وَإِن بَيت الْمُقَدّس لمقدس فِي السَّمَوَات السَّبع بمقداره من الأَرْض وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: الْمَسْجِد الْحَرَام ومسجدي هَذَا وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي سعيد

الْخُدْرِيّ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: الْمَسْجِد الْحَرَام ومسجدي هَذَا وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما فرغ سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام من بِنَاء بَيت الْمُقَدّس أنبت الله لَهُ شجرتين عِنْد بَاب الرَّحْمَة: إِحْدَاهمَا تنْبت الذَّهَب وَالْأُخْرَى تنْبت الْفضة فَكَانَ فِي كل يَوْم ينتزع من كل وَاحِدَة مِائَتي رَطْل من ذهب وَفِضة ففرش الْمَسْجِد بلاطة ذَهَبا وبلاطة فضَّة فَلَمَّا جَاءَ بخْتنصر خربه وَاحْتمل مِنْهُ ثَمَانِينَ عجلة ذَهَبا وَفِضة فطرحه برومية وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن يحيى بن عَمْرو الشَّيْبَانِيّ قَالَ: لما بنى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس نهى أَن يدْخل الرخام بَيت الْمُقَدّس لِأَنَّهُ الْحجر الملعون فَخر على الْحِجَارَة فلعن وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تَذَاكرنَا وَنحن عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيهمَا أفضل مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صَلَاة فِي مَسْجِدي هَذَا أفضل من أَربع صلوَات فِيهِ ولنعم الْمصلى وليوشكن أَن يكون للرجل مثل بسط فرشه من الأَرْض حَيْثُ يرى مِنْهُ بَيت الْمُقَدّس خير لَهُ من الدُّنْيَا جَمِيعًا أَو قَالَ خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله عزَّ وجلَّ ينظر إِلَى بَيت الْمُقَدّس كل يَوْم مرَّتَيْنِ وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ وَهُوَ بِبَيْت الْمُقَدّس: يَا نَافِع أخرج بِنَا من هَذَا الْبَيْت فَإِن السَّيِّئَات تضَاعف فِيهِ كَمَا تضَاعف الْحَسَنَات وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ: أَن مَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهَا سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بَيت الْمُقَدّس قَالَ: نعم الْمسكن بَيت الْمُقَدّس وَمن صلى فِيهِ صَلَاة بِأَلف صَلَاة فِيمَا سواهُ قَالَت: فَمن لم يطق ذَلِك قَالَ فليهد إِلَيْهِ زيتاً وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من صلى فِي بَيت الْمُقَدّس ظهرا وعصراً ومغرباً وعشاءً وصبحاً ثمَّ صلى الْغَدَاة خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه

وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: شكا بَيت الْمُقَدّس إِلَى الله عز وَجل الخراب فَقيل: هَل يتَكَلَّم الْمَسْجِد فَقَالَ: إِنَّه مَا من مَسْجِد إِلَّا وَله عينان يبصر بهما ولسان يتَكَلَّم بِهِ وَإنَّهُ ليلتوي من البزاق والنجاسة كَمَا تلتوي الدَّابَّة من ضَرْبَة السَّوْط وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن كَعْب فِي بَيت الْمُقَدّس: الْيَوْم فِيهِ كألف يَوْم والشهر فِيهِ كألف شهر وَالسّنة فِيهِ كألف سنة وَمن مَاتَ فِيهِ فَكَأَنَّمَا مَاتَ فِي السَّمَاء الدُّنْيَا وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن الشَّيْبَانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ يعد من الْخُلَفَاء إِلَّا من ملك المسجدين الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد بَيت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {الَّذِي باركنا حوله} قَالَ: أنبتنا حوله الشّجر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وآتينا مُوسَى الْكتاب وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل} قَالَ جعله الله لَهُم هدى يخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور وَجعله رَحْمَة لَهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أَلا تَتَّخِذُوا من دوني وَكيلا} قَالَ: شَرِيكا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ذُرِّيَّة من حملنَا مَعَ نوح} قَالَ: هُوَ على النداء يَا ذُرِّيَّة من حملنَا مَعَ نوح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذُرِّيَّة من حملنَا مَعَ نوح مَا كَانَ مَعَ نوح إِلَّا أَرْبَعَة أَوْلَاد: حام وسام وَيَافث وكوش فَذَاك أَرْبَعَة أَوْلَاد انتسلوا هَذَا الْخلق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي فَاطِمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام لَا يحمل شَيْئا صَغِيرا وَلَا كَبِيرا إِلَّا قَالَ: بِسم الله وَالْحَمْد لله فَسَماهُ الله عبدا شكُورًا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ نوح عَلَيْهِ

السَّلَام إِذا لبس ثوبا أَو طعم طَعَاما قَالَ: الْحَمد لله فَسُمي عبدا شكُورًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ الصَّحَابِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا سمي نوح عَلَيْهِ السَّلَام عبدا شكُورًا لِأَنَّهُ كَانَ إِذا أكل أَو شرب أَو لبس ثوبا حمد الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن نوحًا لم يقم عَن خلاء قطّ إِلَّا قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أذاقني لذته وَأبقى فيّ منفعَته وَأخرج عني أَذَاهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن العوّام قَالَ: حدثت أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَقُول: الْحَمد لله الَّذِي أذاقني لذته وَأبقى فِي منفعَته وأذهب عني أَذَاهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أصبغ بن زيد: إِن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا خرج من الكنيف قَالَ ذَلِك فَسُمي {عبدا شكُورًا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ: إِن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا خرج من الْغَائِط قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أذهب عني الْأَذَى وعافاني وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: شكره أَن يُسَمِّي إِذا أكل ويحمد الله إِذا فرغ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّه كَانَ عبدا شكُورًا} قَالَ: لم يَأْكُل شَيْئا قطّ إِلَّا أَحْمد الله وَلم يشرب شرابًا قطّ إِلَّا حمد الله عَلَيْهِ فَأثْنى عَلَيْهِ {إِنَّه كَانَ عبدا شكُورًا} وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي اله عَنهُ قَالَ: كَانَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أكل قَالَ: الْحَمد لله وَإِذا شرب قَالَ: الْحَمد لله وَإِذا لبس قَالَ: الْحَمد لله وَإِذا ركب قَالَ: الْحَمد لله فَسَماهُ الله {عبدا شكُورًا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا سمى الله نوحًا {عبدا شكُورًا} لِأَنَّهُ كَانَ إِذا أَمْسَى وَأصْبح قَالَ:

سُبْحَانَ الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وعشياً وَحين تظْهرُونَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: حق الطَّعَام أَن يَقُول العَبْد: بِسم الله اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيمَا رزقتنا وشكره أَن يَقُول: الْحَمد لله الَّذِي أطعمنَا وَسَقَانَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن تَمِيم بن سَلمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حدثت أَن الرجل إِذا ذكر اسْم الله على طَعَامه وَحمد الله على آخِره لم يسْأَل عَن نعيم لَذَّة الطَّعَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء عَن حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب أَنه لبس ثوبا جَدِيدا فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي كساني مَا أواري بِهِ عورتي وأتجمل بِهِ فِي حَياتِي ثمَّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من لبس ثوبا جَدِيدا فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي كساني مَا أواري بِهِ عورتي وأتجمل بِهِ فِي حَياتِي ثمَّ عمد إِلَى الثَّوْب الَّذِي خلق فَتصدق بِهِ كَانَ فِي كنف الله وَفِي حفظ الله وَفِي ستر الله حَيا وَمَيتًا قَالَهَا ثَلَاثًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا لبس أحدكُم ثوبا جَدِيدا فَلْيقل الْحَمد لله الَّذِي كساني مَا أواري بِهِ عورتي وأتجمل بِهِ فِي النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عون بن عبد الله قَالَ: لبس رجلا ثوبا جَدِيدا فَحَمدَ الله فَأدْخل الْجنَّة أَو غفر لَهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل} قَالَ: أعلمناهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل} قَالَ: أخبرناهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل} قَالَ: قضينا عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ} قَالَ: هَذَا تَفْسِير الَّذِي قبله

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن طَاوس قَالَ: كنت عِنْد ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ومعنا رجل من الْقَدَرِيَّة فَقلت إِن أُنَاسًا يَقُولُونَ لَا قدر قَالَ: أوفي الْقَوْم أحد مِنْهُم قلت: لَو كَانَ مَا كنت تصنع بِهِ قَالَ: لَو كَانَ فيهم أحد مِنْهُم لأخذت بِرَأْسِهِ ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ ولتعلن علوا كَبِيرا} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله عهد إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي التَّوْرَاة {لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ} فَكَانَ أوّل الْفساد: قتل زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام فَبعث الله عَلَيْهِم ملك النبط فَبعث الْجنُود وَكَانَت أساورته ألف فَارس فهم أولو بَأْس فتحصنت بَنو إِسْرَائِيل وَخرج فيهم بخْتنصر يَتِيما مِسْكينا إِنَّمَا خرج يستطعم وتلطف حَتَّى دخل الْمَدِينَة فَأتى مجَالِسهمْ وهم يَقُولُونَ: لَو يعلم عدوّنا مَا قذف فِي قُلُوبنَا من الرعب بذنوبنا مَا أَرَادوا قتالنا فَخرج بخْتنصر حِين سمع ذَلِك مِنْهُم وَأَشد الْقيام على الْجَيْش فَرَجَعُوا وَذَلِكَ قَول الله: {فَإِذا جَاءَ وعد أولاهما بعثنَا عَلَيْكُم عباداً لنا أولي بَأْس شَدِيد} الْآيَة ثمَّ أَن بني إِسْرَائِيل تجهزوا فغزوا النبط فَأَصَابُوا مِنْهُم فاستنقذوا مَا فِي أَيْديهم فَذَلِك قَوْله: {ثمَّ رددنا لكم الكرة عَلَيْهِم} الْآيَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ} قَالَ: الأولى قتل زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْأُخْرَى قتل يحيى عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ} قَالَ: أفسدوا فِي الْمرة الأولى فَبعث الله عَلَيْهِم جالوت فَقَتلهُمْ وأفسدوا الْمرة الثَّانِيَة فَقتلُوا يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَام فَبعث الله عَلَيْهِم بخْتنصر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: بعث الله عَلَيْهِم فِي الأولى جالوت فجاس خلال دِيَارهمْ وَضرب عَلَيْهِم الْخراج والذل فسألوا الله أَن يبْعَث إِلَيْهِم ملكا يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله فَبعث الله طالوت فَقتل جالوت فنصر بَنو إِسْرَائِيل وَقتل جالوت بيَدي دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَرجع إِلَى بني

إِسْرَائِيل ملكهم فَلَمَّا أفسدوا: بعث الله عَلَيْهِم فِي الْمرة الْآخِرَة بخْتنصر فخرب الْمَسَاجِد وتبر {مَا علوا تتبيراً} قَالَ الله: بعد الأولى وَالْآخِرَة (عَسى ربكُم أَن يَرْحَمكُمْ وَإِن عدتم عدنا) قَالَ: فعادوا فَسلط الله عَلَيْهِم الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي هَاشم الْعَبْدي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ملك مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب أَرْبَعَة: مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ أما الكافران فالفرخان [و] بخْتنصر فَأَنْشَأَ أَبُو هَاشم يحدث قَالَ: كَانَ رجل من أهل الشَّام صَالحا فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل فِي الْكتاب} إِلَى قَوْله: {علوا كَبِيرا} قَالَ: يَا رب أما الأولى فقد فاتتني فأرني الْآخِرَة فَأتى وَهُوَ قَاعد فِي مُصَلَّاهُ قد خَفق بِرَأْسِهِ فَقيل: الَّذِي سَأَلت عَنهُ بِبَابِل واسْمه بخْتنصر فَعرف الرجل أَنه قد اسْتُجِيبَ لَهُ فَاحْتمل جراباً من دَنَانِير فَأقبل حَتَّى انْتهى إِلَى بابل فَدخل على الفرخان فَقَالَ: إِنِّي قد جِئْت بِمَال فأقسمه بَين الْمَسَاكِين فَأمر بِهِ فَأنْزل فجمعوهم لَهُ ثمَّ جعل يعطيهم ويسألهم عَن أسمائهم حَتَّى إِذا فرغ مِمَّن بِحَضْرَتِهِ قيل لَهُ: فَإِنَّهُ قد بقيت مِنْهُم بقايا فِي الرساتيق فَجعل يبْعَث فتاه حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْل رَجَعَ إِلَيْهِ فاقرأه رجلا رجلا فَأتى على ذكر بخْتنصر فَقَالَ: قف كَيفَ قلت قَالَ: بخْتنصر قَالَ: وَمَا بخْتنصر هَذَا قَالَ: هُوَ أَشَّدهم فاقة وَهُوَ مقْعد يَأْتِي عَلَيْهِ السفارون فيلقي أحدهم إِلَيْهِ الكسرة وَيَأْخُذ بِأَنْفِهِ قَالَ: فَإِنِّي مُسلم بِهِ [] لَا بُد قَالَ الآخر: فَإِنَّمَا هُوَ فِي خيمة لَهُ يحدث فِيهَا حَتَّى أذهب فأقلبها وأغسله قَالَ: دُونك هَذِه الدَّنَانِير فَأقبل إِلَيْهِ بِالدَّنَانِيرِ فَأعْطَاهُ إِيَّاهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى صَاحبه فجَاء مَعَه فَدخل الْخَيْمَة فَقَالَ: مَا اسْمك قَالَ: بخْتنصر قَالَ: من سماك بخْتنصر قَالَ: من عَسى أَن يسميني إِلَّا أُمِّي قَالَ: فَهَل لَك أحد قَالَ: لَا وَالله إِنِّي لههنا أَخَاف بِاللَّيْلِ أَن تأكلني الذئاب قَالَ: فَأَي النَّاس أَشد بلَاء قَالَ: أَنا قَالَ: أَفَرَأَيْت إِن ملكت يَوْمًا من دهر أَتجْعَلُ لي أَن لَا تعصيني قَالَ أَي سَيِّدي لَا يَضرك أَن لَا تهزأ بِي قَالَ: أَرَأَيْت إِن ملكت مرّة أَتجْعَلُ لي أَن لَا تعصيني قَالَ: أما هَذِه فَلَا أجعلها لَك وَلَكِن سَوف أكرمك كَرَامَة لَا أكرمها أحدا قَالَ دُونك هَذِه الدَّنَانِير ثمَّ انْطلق فلحق بأرضه فَقَامَ الآخر فَاسْتَوَى على رجلَيْهِ ثمَّ انْطلق فَاشْترى حمارا وأرساناً ثمَّ جعل يستعرض تِلْكَ الْأَعَاجِم فيجزها فيبيعه ثمَّ قَالَ: إِلَى مَتى هَذَا الشَّقَاء فَعمد فَبَاعَ ذَلِك الْحمار وَتلك الأرسان

واكتسى كسْوَة ثمَّ أَتَى بَاب الْملك فَجعل يُشِير عَلَيْهِم بِالرَّأْيِ وترتفع مَنْزِلَته حَتَّى انْتَهوا إِلَى بواب الفرخان الَّذِي يَلِيهِ فَقَالَ لَهُ الفرخان: قد ذكر لي رجل عنْدك فَمَا هُوَ قَالَ: مَا رَأَيْت مثله قطّ قَالَ: ائْتِنِي بِهِ فَكَلمهُ فأعجب بِهِ قَالَ: إِن بَيت الْمُقَدّس وَتلك الْبِلَاد قد استعصوا علينا وانا باعثون عَلَيْهِم بعثاً وَإِنِّي باعث إِلَى الْبِلَاد من يختبرها فَنظر حِينَئِذٍ إِلَى رجال من أهل الأرب والمكيدة فبعثهم جواسيس فَلَمَّا فصلوا إِذا بخْتنصر قد أَتَى بخرجيه على بغلة قَالَ: أَيْن تُرِيدُ قَالَ: مَعَهم قَالَ: أَفلا آذنتني فابعثك عَلَيْهِم قَالَ: لَا حَتَّى إِذا وَقَعُوا بِالْأَرْضِ قَالَ: تفَرقُوا وَسَأَلَ بخْتنصر عَن أفضل أهل الْبَلَد فَدلَّ عَلَيْهِ فَألْقى خرجيه فِي دَاره قَالَ لصَاحب الْمنزل: أَلا تُخبرنِي عَن أهل بلادك قَالَ: على الْخَبِير سَقَطت هم قوم فيهم كتاب فَلَا يقيمونه وأنبياء فَلَا يطيعونهم وهم متفرقون قَالَ بخْتنصر كالمتعجب مِنْهُ: كتاب لَا يقيمونه وأنبياء لَا يطيعونهم وهم متفرقون فكتبهن فِي ورقة وَألقى فِي خرجيه وَقَالَ: ارتحلوا فاقبلوا حَتَّى قدمُوا على الفرخان فَجعل يسْأَل كل رجل مِنْهُم فَجعل الرجل يَقُول: أَتَيْنَا بِلَاد كَذَا وَلها حصن كَذَا وَلها نهر كَذَا قَالَ: يَا بخْتنصر مَا تَقول قَالَ: قدمنَا أَرضًا على قوم لَهُم كتاب لَا يقيمونه وأنبياء لَا يطيعونهم وهم متفرقون فَأمر حِينَئِذٍ فندب النَّاس وَبعث إِلَيْهِم سبعين ألفا وَأمر عَلَيْهِم بخْتنصر فَسَارُوا حَتَّى إِذا علوا فِي الأَرْض أدركهم الْبَرِيد إِن الفرخان قد مَاتَ وَلم يسْتَخْلف أحدا قَالَ للنَّاس: مَكَانكُمْ ثمَّ أقبل على الْبَرِيد حَتَّى قدم على النَّاس وَقَالَ: كَيفَ صَنَعْتُم قَالُوا: كرهنا أَن نقطع أمرا دُونك قَالَ: إِن النَّاس قد بايعوني فَبَايعُوهُ ثمَّ اسْتخْلف عَلَيْهِم وَكتب بَينهم كتابا ثمَّ انْطلق بهم سَرِيعا حَتَّى قدم على أَصْحَابه فَأَرَاهُم الْكتاب فَبَايعُوهُ وَقَالُوا: مَا بِنَا رَغْبَة عَنْك فَسَارُوا فَلَمَّا سمع أهل بَيت الْمُقَدّس تفَرقُوا وطاروا تَحت كل كَوْكَب فشعث مَا هُنَاكَ أَي أفسد وَقتل من قتل وَخرب بَيت الْمُقَدّس واستبى أَبنَاء الْأَنْبِيَاء فيهم دانيال فَسمع بِهِ صَاحب الدَّنَانِير فَأَتَاهُ فَقَالَ: هَل تعرفنِي قَالَ: نعم فأدنى مَجْلِسه وَلم يشفعه فِي شَيْء حَتَّى إِذا نزل بابل لَا ترد لَهُ راية فَكَانَ كَذَلِك مَا شَاءَ الله ثمَّ إِنَّه رأى رُؤْيا فأفظعته فَأصْبح قد نَسِيَهَا قَالَ: عليّ بالسحرة والكهنة قَالَ: أخبروني عَن رُؤْيا رَأَيْتهَا اللَّيْلَة وَالله لتخبرني بهَا أَو لأقتلنكم قَالُوا: مَا هِيَ قَالَ: قد نسيتهَا قَالُوا: مَا عندنَا من هَذَا علم إِلَّا أَن

ترسل إِلَى أَبنَاء الْأَنْبِيَاء فَأرْسل إِلَى أَبنَاء الْأَنْبِيَاء قَالَ: أخبروني عَن رُؤْيا رَأَيْتهَا اللَّيْلَة وَالله لتخبروني بهَا أَو لأقتلنكم قَالُوا: مَا هِيَ قَالَ: قد نسيتهَا قَالُوا غيب وَلَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله تَعَالَى قَالَ وَالله لتخبرني بهَا أَو لَأَضرِبَن أَعْنَاقكُم قَالُوا: فَدَعْنَا حَتَّى نَتَوَضَّأ وَنُصَلِّي وندعو الله تَعَالَى قَالَ: فافعلوا فَانْطَلقُوا فَأحْسنُوا الْوضُوء فَأتوا صَعِيدا طيبا فدعوا الله فَأخْبرُوا بهَا ثمَّ رجعُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: رَأَيْت كَأَن رَأسك من ذهب وصدرك من فخار ووسطك من نُحَاس ورجليك من حَدِيد قَالَ: نعم قَالَ: أخبروني بعبارتها أَو لأقتلنكم قَالُوا: فَدَعْنَا نَدْعُو رَبنَا قَالَ اذْهَبُوا فدعوا رَبهم فَاسْتَجَاب لَهُم فَرَجَعُوا إِلَيْهِ قَالُوا: رَأَيْت كَأَن رَأسك من ذهب ملكك هَذَا يذهب عِنْد رَأس الْحول من هَذِه اللَّيْلَة قَالَ: ثمَّ مَه قَالُوا: ثمَّ يكون بعْدك ملك يفخر على النَّاس ثمَّ يكون ملك يخْشَى النَّاس شدته ثمَّ يكون ملك لَا يقلهُ شَيْء إِنَّمَا هُوَ مثل الْحَدِيد يَعْنِي الْإِسْلَام فَأمر بحصن فَبنِي لَهُ بَينه وَبَين السَّمَاء ثمَّ جعل ينطقه بمقاعد الرِّجَال والاحراس وَقَالَ لَهُم: إِنَّمَا هِيَ هَذِه اللَّيْلَة لَا يجوز عَلَيْكُم أحد وَإِن قَالَ أَنا بخْتنصر إِلَّا قَتَلْتُمُوهُ مَكَانَهُ كَائِنا من كَانَ من النَّاس فَقعدَ كل أنَاس فِي مكانهم الَّذِي وكلوا بِهِ واهتاج بَطْنه من اللَّيْل فكره أَن يرى مَقْعَده هُنَاكَ وَضرب على أسمخة الْقَوْم فاستثقلوا نوماً فَأتى عَلَيْهِم وهم نيام ثمَّ أَتَى عَلَيْهِم فَاسْتَيْقَظَ بَعضهم فَقَالَ: من هَذَا قَالَ: بخْتنصر قَالَ: هَذَا الَّذِي حفي إِلَيْنَا فِيهِ اللَّيْلَة فَضَربهُ فَقتله فَأصْبح الْخَبيث قَتِيلا وَأخرج ابْن جرير نَحوه أخصر مِنْهُ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ وَعَن السّديّ وَعَن وهب بن مُنَبّه وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: ظهر بخْتنصر على الشَّام فخرب بَيت الْمُقَدّس وقتلهم ثمَّ أَتَى دمشق فَوجدَ بهَا دَمًا يغلي على كباء فَسَأَلَهُمْ مَا هَذَا الدَّم قَالُوا: أدركنا آبَائِنَا على هَذَا وَكلما [] ظهر عَلَيْهِم الْبكاء ظهر فَقتل على ذَلِك الدَّم سبعين ألفا من الْمُسلمين وَغَيرهم فسكن وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ: أَن بخْتنصر لما قتل بني إِسْرَائِيل وَهدم بَيت الْمُقَدّس وَسَار بسبايا بني إِسْرَائِيل إِلَى أَرض بابل فسامهم سوء الْعَذَاب أَرَادَ أَن يتَنَاوَل السَّمَاء فَطلب حِيلَة يصعد بهَا فَسلط الله عَلَيْهِ

بعوضة فَدخلت منخره فوقفت فِي دماغه فَلم تزل تَأْكُل دماغه وَهُوَ يضْرب رَأسه بِالْحجرِ حَتَّى مَاتَ وَأخرج ابْن جرير عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن بني إِسْرَائِيل لما اعتدوا فِي السبت وعلوا وَقتلُوا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام بعث الله عَلَيْهِم ملك فَارس بخْتنصر وَكَانَ الله ملكه سَبْعمِائة سنة فَسَار إِلَيْهِم حَتَّى دخل بَيت الْمُقَدّس فحاصرها وَفتحهَا وَقتل على دم زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام سبعين ألفا ثمَّ سبى أَهلهَا وَبني الْأَنْبِيَاء وسلب حلى بَيت الْمُقَدّس واستخرج مِنْهَا سبعين ألفا وَمِائَة ألف عجلة من حلى حَتَّى أوردهُ بابل قَالَ حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ: فَقلت: يَا رَسُول الله لقد كَانَ بَيت الْمُقَدّس عَظِيما عِنْد الله قَالَ: أجل فبناه سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام من ذهباودر وَيَاقُوت وَزَبَرْجَد وَكَانَ بلاطة ذَهَبا وبلاطة فضَّة وعمده ذَهَبا أعطَاهُ الله ذَلِك وسخر لَهُ الشَّيَاطِين يأتونه بِهَذِهِ الْأَشْيَاء فِي طرفَة عين فَسَار بخْتنصر بِهَذِهِ الْأَشْيَاء حَتَّى نزل بهَا بابل فَأَقَامَ بَنو إِسْرَائِيل مائَة سنة يعذبهم الْمَجُوس وَأَبْنَاء الْمَجُوس فيهم الْأَنْبِيَاء وَأَبْنَاء الْأَنْبِيَاء ثمَّ إِن الله رَحِمهم فَأوحى إِلَى ملك من مُلُوك فَارس يُقَال لَهُ كورس - وَكَانَ مُؤمنا -: أَن سر إِلَى بقايا بني إِسْرَائِيل حَتَّى تستنقذهم فَسَار كورس ببني إِسْرَائِيل وَدخل بَيت الْمُقَدّس حَتَّى رده إِلَيْهِ فَأَقَامَ بَنو إِسْرَائِيل مُطِيعِينَ لله مائَة سنة ثمَّ إِنَّهُم عَادوا فِي الْمعاصِي فَسلط عَلَيْهِم ابطنانحوس فغزا ثَانِيًا بِمن غزا مَعَ بخْتنصر فغزا بني إِسْرَائِيل حَتَّى أَتَاهُم بَيت الْمُقَدّس فسبى أَهلهَا وأحرق بَيت الْمُقَدّس وَقَالَ لَهُم: يَا بني إِسْرَائِيل إِن عدتم فِي الْمعاصِي عدنا عَلَيْكُم فِي السباء فعادوا فِي الْمعاصِي فسير الله علبهم السباء الثَّالِث: ملك رُومِية يُقَال لَهُ فاقس بن اسبايوس فغزاهم فِي الْبر وَالْبَحْر فسباهم وسيَّر حلى بَيت الْمُقَدّس وأحرق بَيت الْمُقَدّس بالنيران فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَهَذَا من صفة حلى بَيت الْمُقَدّس وَيَردهُ الْمهْدي إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَهُوَ ألف سفينة وَسَبْعمائة سفينة يرسى بهَا على يافا حَتَّى تنْتَقل إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَبهَا يجْتَمع إِلَيْهِ الأوّلون وَالْآخرُونَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ إفسادهم الَّذِي يفسدون فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ: قتل زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام وَيحيى بن زَكَرِيَّا فَسلط عَلَيْهِم سَابُور ذَا الأكتاف ملكا من مُلُوك فَارس من قبل زَكَرِيَّا وسلط عَلَيْهِم بخْتنصر من قبل يحيى

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَإِذا جَاءَ وعد أولاهما} قَالَ: إِذا جَاءَ وعد أولى تينك الْمَرَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ قضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل {لتفسدن فِي الأَرْض مرَّتَيْنِ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {بعثنَا عَلَيْكُم عباداً لنا أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ جند أَتَوا من فَارس يتجسسون من أخبارهم ويسمعون حَدِيثهمْ مَعَهم بخْتنصر فوعى حَدِيثهمْ من بَين أَصْحَابه ثمَّ رجعت فَارس وَلم يكثر قتال ونصرت عَلَيْهِم بَنو إِسْرَائِيل فَهَذَا وعد الأولى {فَإِذا جَاءَ وعد الْآخِرَة} بعث ملك فَارس بِبَابِل جَيْشًا وَأمر عَلَيْهِم بخْتنصر فدمروهم فَهَذَا وعد الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فجاسوا} قَالَ فَمَشَوْا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أما الْمرة الأولى فَسلط عَلَيْهِم جالوت حَتَّى بعث طالوت وَمَعَهُ دَاوُد فَقتله دَاوُد ثمَّ رد الكرة لبني إِسْرَائِيل {وجعلناكم أَكثر نفيراً} أَي عددا وَذَلِكَ فِي زمَان دَاوُد {فَإِذا جَاءَ وعد الْآخِرَة} آخر العقوبتين {ليسوؤوا وُجُوهكُم} قَالَ ليقبحوا وُجُوهكُم {وليدخلوا الْمَسْجِد كَمَا دَخَلُوهُ أول مرّة} قَالَ: كَمَا دخل عدوهم قبل ذَلِك {وليتبروا مَا علوا تتبيرا} قَالَ: يدمروا مَا علوا تدميراً فَبعث الله عَلَيْهِم فِي الْآخِرَة بخْتنصر البابلي الْمَجُوسِيّ أبْغض خلق الله إِلَيْهِ فسبى وَقتل وَخرب بَيت الْمُقَدّس وسامهم سوء الْعَذَاب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت الْآخِرَة أَشد من الأولى بِكَثِير فَإِن الأولى كَانَت هزيمَة فَقَط وَالْآخِرَة كَانَت تدميراً وَحرق بخْتنصر التَّوْرَاة حَتَّى لم يتْرك فِيهَا حرفا وَاحِدًا وَخرب بَيت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {تتبيراً} قَالَ: تدميراً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {تبرنا} دمرنا بالنبطية

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عَسى ربكُم أَن يَرْحَمكُمْ} قَالَ: كَانَت الرَّحْمَة الَّتِي وعدهم: بعث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِن عدتم عدنا} قَالَ: فعادوا فَبعث الله عَلَيْهِم مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فهم يُعْطون (الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون) (التَّوْبَة آيَة - 29) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا جَهَنَّم للْكَافِرِينَ حَصِيرا} قَالَ: سجناً وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أبي عمرَان الْجونِي فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا جَهَنَّم للْكَافِرِينَ حَصِيرا} يَقُول: جعل الله مأواهم فِيهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {حَصِيرا} قَالَ: يحصرون فِيهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {حَصِيرا} قَالَ: فراشا ومهادا الْآيَة 9 - 10

9

أخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {إِن هَذَا الْقُرْآن يهدي للَّتِي هِيَ أقوم} قَالَ: للَّتِي هِيَ أصوب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: إِن الْقُرْآن يدلكم على دائكم ودوائكم فَأَما دائكم فالذنوب والخطايا وَأما دواؤكم فالاستغفار وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَتْلُو كثيرا {إِن هَذَا الْقُرْآن يهدي للَّتِي هِيَ أقوم} خَفِيف

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أَن لَهُم أجرا كَبِيرا} قَالَ: الْجنَّة وكل شَيْء فِي الْقُرْآن أجر كَبِير ورزق كَبِير ورزق كريم فَهُوَ الْجنَّة الْآيَة 11

11

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ويدع الْإِنْسَان بِالشَّرِّ دعاءه بِالْخَيرِ} يَعْنِي قَول الْإِنْسَان: اللَّهُمَّ إلعنه واغضب عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ويدع الْإِنْسَان بِالشَّرِّ دعاءه بِالْخَيرِ} قَالَ: ذَلِك دُعَاء الْإِنْسَان بِالشَّرِّ على وَلَده وعَلى امْرَأَته يغْضب أحدهم فيدعو عَلَيْهِ فيسب نَفسه ويسب زَوجته وَمَاله وَولده فَإِن أعطَاهُ الله ذَلِك شقّ عَلَيْهِ فيمنعه ذَلِك ثمَّ يَدْعُو بِالْخَيرِ فيعطيه وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ: فِي قَوْله: {ويدع الْإِنْسَان بِالشَّرِّ دعاءه بِالْخَيرِ} قَالَ: ذَلِك دُعَاء الْإِنْسَان بِالشَّرِّ على وَلَده وعَلى امْرَأَته يعجل فِيهِ فيدعو عَلَيْهِ لَا يحب أَن يُصِيبهُ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَزَّار عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تدعوا على أَنفسكُم لَا تدعوا على أَوْلَادكُم لَا تدعوا على أَمْوَالكُم لَا توافقوا من الله سَاعَة فِيهَا إِجَابَة فيستجيب لكم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَكَانَ الْإِنْسَان عجولاً} قَالَ: ضجراً لَا صَبر لَهُ على سراء وَلَا ضراء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول مَا خلق الله من آدم عَلَيْهِ السَّلَام رَأسه فَجعل ينظر وَهُوَ يخلق وَبقيت رِجْلَاهُ فَلَمَّا كَانَ بعد الْعَصْر قَالَ: يَا رب اعجل قبل اللَّيْل فَذَلِك قَوْله: {وَكَانَ الْإِنْسَان عجولاً} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: لما خلق الله آدم خلق عَيْنَيْهِ قبل بَقِيَّة جسده فَقَالَ: أَي رب أتم بَقِيَّة خلقي قبل غيبوبة الشَّمْس فَأنْزل الله {وَكَانَ الْإِنْسَان عجولا}

الْآيَة 12 - 14

12

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بسندٍ واهٍ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله خلق شمسين من نور عَرْشه فاما مَا كَانَ فِي سَابق علمه أَنه يَدعهَا شمساً فَإِنَّهُ خلقهَا مثل الدُّنْيَا على قدرهَا مَا بَين مشارقها وَمَغَارِبهَا وَأما مَا كَانَ فِي سَابق علمه أَنه يطمسها ويجعلها قمراً فَإِنَّهُ خلقهَا دون الشَّمْس فِي الْعظم وَلَكِن إِنَّمَا يرى صغرها لشدَّة ارْتِفَاع السَّمَاء وَبعدهَا من الأَرْض فَلَو ترك الشَّمْس كَمَا كَانَ خلقهَا أول مرّة لم يعرف اللَّيْل من النَّهَار وَلَا النَّهَار من اللَّيْل وَلم يدر الصَّائِم إِلَى مَتى يَصُوم وَمَتى يفْطر وَلم يدر الْمُسلمُونَ مَتى وَقت حجهم وَكَيف عدد الْأَيَّام والشهور والسنين والحساب فَأرْسل جِبْرِيل فَأمر جنَاحه عَن وَجه الْقَمَر - وَهُوَ يَوْمئِذٍ شمس - ثَلَاث مَرَّات فطمس عَنهُ الضَّوْء وَبَقِي فِيهِ النُّور فَذَلِك قَوْله: {وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ} الْآيَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد المَقْبُري: أَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر فَقَالَ: كَانَا شمسين فَقَالَ: قَالَ الله: {وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ فمحونا آيَة اللَّيْل} فالسواد الَّذِي رَأَيْت من المحو وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فمحونا آيَة اللَّيْل} قَالَ: هُوَ السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ اللَّيْل وَالنَّهَار سَوَاء فمحا الله آيَة اللَّيْل فَجَعلهَا مظْلمَة وَترك آيَة النَّهَار كَمَا هِيَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فمحونا آيَة اللَّيْل} قَالَ: هُوَ السوَاد بِاللَّيْلِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ} قَالَ: كَانَ الْقَمَر يضيء كَمَا تضيء الشَّمْس وَالْقَمَر آيَة اللَّيْل وَالشَّمْس آيَة النَّهَار {فمحونا آيَة اللَّيْل} قَالَ: السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كتب هِرقل إِلَى مُعَاوِيَة يسْأَله عَن ثَلَاثَة أَشْيَاء: أَي مَكَان إِذا صليت فِيهِ ظَنَنْت أَنَّك لم تصل إِلَى قبْلَة وَأي مَكَان طلعت فِيهِ الشَّمْس مرّة لم تطلع فِيهِ قبل وَلَا بعد وَعَن السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر فَسَأَلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَكتب إِلَيْهِ أما الْمَكَان الأول: فَهُوَ ظهر الْكَعْبَة وَأما الثَّانِي: فالبحر حِين فرقه الله لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأما السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر: فَهُوَ المحو وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: خلق الله نور الشَّمْس سبعين جُزْءا أَو نور الْقَمَر سبعين جُزْءا فمحا من نور الْقَمَر تِسْعَة وَسِتِّينَ جُزْءا فَجعله مَعَ نور الشَّمْس فالشمس على مائَة وَتِسْعَة وَثَلَاثِينَ جُزْءا وَالْقَمَر على جُزْء وَاحِد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت شمس بِاللَّيْلِ وشمس بِالنَّهَارِ فمحا الله شمس اللَّيْل فَهُوَ المحو الَّذِي فِي الْقَمَر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {فمحونا آيَة اللَّيْل} قَالَ: انْظُر إِلَى الْهلَال لَيْلَة ثَلَاث عشرَة أَو أَربع عشرَة فَإنَّك ترى فِيهِ كَهَيئَةِ الرجل آخِذا بِرَأْس رجل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فمحونا آيَة اللَّيْل وَجَعَلنَا آيَة النَّهَار مبصرة} قَالَ: ظلمَة اللَّيْل وسدف النَّهَار {لتبتغوا فضلا من ربكُم} قَالَ: جعل لكم (سبحا طَويلا) (المزمل آيَة 7) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فصلناه} يَقُول: بَيناهُ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء بن السَّائِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَخْبرنِي غير وَاحِد أَن قَاضِيا من قُضَاة الشَّام أَتَى عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رَأَيْت رُؤْيا أفظعتني قَالَ: وَمَا رَأَيْت قَالَ: رَأَيْت الشَّمْس وَالْقَمَر يقتتلان والنجوم مَعَهُمَا نِصْفَيْنِ قَالَ: فَمَعَ أَيهمَا كنت قَالَ: مَعَ الْقَمَر على الشَّمْس قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: {وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ فمحونا آيَة اللَّيْل وَجَعَلنَا آيَة النَّهَار مبصرة} فَانْطَلق فوَاللَّه لَا تعْمل لي عملا أبدا قَالَ عَطاء رَضِي الله عَنهُ: فبلغني أَنه قتل مَعَ مُعَاوِيَة يَوْم صفّين وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَ ابْن الْكواء عليا رَضِي الله عَنهُ عَن السوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر قَالَ: هُوَ قَول الله تَعَالَى: {فمحونا آيَة اللَّيْل} وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير بِسَنَد حسن عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: طَائِر كل إِنْسَان فِي عُنُقه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة بن أسيد رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن النُّطْفَة الَّتِي يخلق مِنْهَا النَّسمَة تطير فِي الْمَرْأَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعين لَيْلَة فَلَا يبْقى مِنْهَا شعر وَلَا بشر وَلَا عرق وَلَا عظم إِلَّا دخله حَتَّى أَنَّهَا لتدخل بَين الظفر وَاللَّحم فَإِذا مضى لَهَا أَرْبَعُونَ لَيْلَة وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا أهبطه الله إِلَى الرَّحِم فَكَانَ علقَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعين لَيْلَة ثمَّ يكون مُضْغَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعين لَيْلَة فَإِذا تمت لَهَا أَرْبَعَة أشهر بعث الله إِلَيْهَا ملك الْأَرْحَام فيخلق على يَده لَحمهَا ودمها وشعرها وبشرها ثمَّ يَقُول: صوّر فَيَقُول: يَا رب مَا أصور أزائد أم نَاقص أذكر أم أُنْثَى أجميل أم ذميم أَجْعَد أم سبط أقصير أم طَوِيل أَبيض أم آدم أسويّ أم غير سويّ فَيكْتب من ذَلِك مَا يَأْمر بِهِ ثمَّ يَقُول الْملك: يَا رب أشقيّ أم سعيد فَإِن كَانَ سعيداً نفخ فِيهِ بالسعادة فِي آخر أَجله وَإِن كَانَ شقياً: نفخ فِيهِ الشقاوة فِي آخر أَجله ثمَّ يَقُول: اكْتُبْ أَثَرهَا وَرِزْقهَا ومصيبتها وعملها بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَة فَيكْتب من ذَلِك مَا يَأْمُرهُ الله بِهِ ثمَّ يَقُول الْملك: يَا رب مَا أصنع بِهَذَا الْكتاب فَيَقُول: علقه فِي عُنُقه إِلَى قضائي عَلَيْهِ فَذَلِك قَوْله: {وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي

قَوْله: {ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه} قَالَ: سعادته وشقاوته وَمَا قدره الله لَهُ وَعَلِيهِ فَهُوَ لَازمه أَيْنَمَا كَانَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق جوبير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {طَائِره فِي عُنُقه} قَالَ: قَالَ عبد الله رَضِي الله عَنهُ الشَّقَاء والسعادة والرزق وَالْأَجَل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {طَائِره فِي عُنُقه} قَالَ: كِتَابه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه} أَي عمله وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي كتاب الْقدر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه} قَالَ: مَا من مَوْلُود يُولد إِلَّا وَفِي عُنُقه ورقة مَكْتُوب فِيهَا شقي أَو سعيد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ألزمناه طَائِره} قَالَ: عمله {وَنخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتابا يلقاه منشوراً} قَالَ: هُوَ عمله الَّذِي عمل أحصي عَلَيْهِ فَأخْرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة مَا كتب عَلَيْهِ من الْعَمَل فقرأه منشوراً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الْكَافِر يخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتاب فَيَقُول: رب إِنَّك قد قضيت إِنَّك لست بظلام للعبيد فَاجْعَلْنِي أحاسب نَفسِي فَيُقَال لَهُ: {اقْرَأ كتابك كفى بِنَفْسِك الْيَوْم عَلَيْك حسيباً} وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هرون قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ {وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه} يَقْرَؤُهُ يَوْم الْقِيَامَة {كتابا يلقاه منشوراً} وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ وَيخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتابا بِفَتْح الْيَاء يَعْنِي يخرج الطَّائِر كتابا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {اقْرَأ كتابك} قَالَ: سيقرأ يَوْمئِذٍ من لم يكن قَارِئًا فِي الدُّنْيَا

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَا ابْن آدم بسطت لَك صحيفَة ووكل بك ملكان كريمان أَحدهمَا عَن يَمِينك وَالْآخر عَن يسارك حَتَّى إِذا مت طويت صحيفتك فَجعلت فِي عُنُقك مَعَك فِي قبرك حَتَّى تخرج يَوْم الْقِيَامَة فَعِنْدَ ذَلِك يَقُول: {وكل إِنْسَان ألزمناه طَائِره فِي عُنُقه} حَتَّى بلغ عَلَيْك {حسيباً} وَأخرج ابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد بِسَنَد ضَعِيف عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَ: سَالَتْ خَدِيجَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَوْلَاد الْمُشْركين فَقَالَ: هم مَعَ آبَائِهِم ثمَّ سَأَلته بعد ذَلِك فَقَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين ثمَّ سَأَلته بعد مَا استحكم الْإِسْلَام فَنزلت {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} فَقَالَ: هم على الْفطْرَة أَو قَالَ: فِي الْجنَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: حَدثنِي الصعب بن جثامة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله إِنِّي قضيت فِي الْبَنَات من ذَرَارِي الْمُشْركين قَالَ: هم مِنْهُم وَأخرج ابْن سعد وقاسم بن أصبغ وَابْن عبد الْبر عَن خنساء بنت مُعَاوِيَة الضمرية عَن عَمها قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: النَّبِي فِي الْجنَّة والشهيد فِي الْجنَّة والمولود فِي الْجنَّة والوئيد وَأخرج قَاسم بن أصبغ وَابْن عبد الْبر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَوْلَاد الْمُشْركين قَالَ: هم خدم أهل الْجنَّة وَأخرج عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَطْفَال الْمُشْركين خدم أهل الْجنَّة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن عبد الْبر وَضَعفه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَوْلَاد الْمُسلمين أَيْن هم قَالَ: فِي الْجنَّة وَسَأَلته عَن ولدان الْمُشْركين أَيْن هم قَالَ: فِي النَّار قلت: يَا رَسُول الله لم يدركوا الْأَعْمَال وَلم تجر عَلَيْهِم القلام قَالَ: رَبك أعلم بِمَا كَانُوا عاملين وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَئِن شِئْت أسمعتك تضاغيهم فِي النَّار وَأخرج قَاسم بن أصبغ وَابْن عبد الْبر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا

قَالَ: كنت أَقُول فِي أَطْفَال الْمُشْركين هم مَعَ آبَائِهِم حَتَّى حَدثنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَنْهُم فَقَالَ: رَبهم أعلم بهم وَبِمَا كَانُوا عاملين فَأَمْسَكت عَن قولي وَأخرج قَاسم بن أصبغ وَابْن عبد الْبر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن أَوْلَاد الْمُشْركين فَقَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين وَالله أعلم الْآيَة 15 - 17

15

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله أهل الفترة: الْمَعْتُوه والأصم والأبكم والشيوخ الَّذين لم يدركوا الْإِسْلَام ثمَّ أرسل إِلَيْهِم رَسُولا أَن ادخُلُوا النَّار فَيَقُولُونَ كَيفَ وَلم تأتنا رسل قَالَ: وَايْم الله لَو دخلوها لكَانَتْ عَلَيْهِم بردا وَسلَامًا ثمَّ يُرْسل إِلَيْهِم فيطيعه من كَانَ يُرِيد أَن يطيعه قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: اقرأوا إِن شِئْتُم {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} وَأخرج اسحق بن رَاهَوَيْه وَأحمد وَابْن حبَان وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الِاعْتِقَاد عَن الْأسود بن سريع رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرْبَعَة يحتجون يَوْم الْقِيَامَة: رجل أَصمّ لَا يسمع شَيْئا وَرجل أَحمَق وَرجل هرم وَرجل مَاتَ فِي الْفطْرَة فَأَما الْأَصَم فَيَقُول: رب لقد جَاءَ الْإِسْلَام وَمَا أسمع شَيْئا وَأما الأحمق فَيَقُول: رب جَاءَ الْإِسْلَام وَالصبيان يحذفونني بالبعر وَأما الْهَرم فَيَقُول: رب لقد جَاءَ الْإِسْلَام وَمَا أَعقل شَيْئا وَأما الَّذِي مَاتَ فِي الْفطْرَة فَيَقُول: رب مَا آتَانِي لَك رَسُول فَيَأْخُذ مواثيقهم وَيُرْسل إِلَيْهِم رَسُولا أَن ادخُلُوا النَّار قَالَ: فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو دخلوها كَانَت عَلَيْهِم بردا وَسلَامًا وَمن لم يدخلهَا سحب إِلَيْهَا

وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مثله غير أَنه قَالَ فِي آخِره: فَمن دَخلهَا كَانَت عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا وَمن لم يدخلهَا سحب إِلَيْهَا وَأخرج قَاسم بن أصبغ وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُؤْتى يَوْم الْقِيَامَة بأَرْبعَة: بالمولود وَالْمَعْتُوه وَمن مَاتَ فِي الفترة وَالشَّيْخ الْهَرم الفاني كلهم يتَكَلَّم بحجته فَيَقُول الرب تبَارك وَتَعَالَى: لعنق من جَهَنَّم أبرزي وَيَقُول لكم: غَنِي كنت أبْعث إِلَى عبَادي رسلًا من أنفسهم وَإِنِّي رَسُول نَفسِي إِلَيْكُم فَيَقُول لَهُم: ادخُلُوا هَذِه فَيَقُول: من كتب عَلَيْهِ الشَّقَاء يَا رب أندخلها وَمِنْهَا كُنَّا نفر قَالَ: وَأما من كتب لَهُ السَّعَادَة فيمضي فِيهَا فَيَقُول الرب: قد عاينتموني فعصيتموني فَأنْتم لرسلي أَشد تَكْذِيبًا ومعصية فَيدْخل هَؤُلَاءِ الْجنَّة وَهَؤُلَاء النَّار وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُؤْتى يَوْم الْقِيَامَة بالممسوخ عقلا وبالهالك فِي الفترة وبالهالك صَغِيرا فَيَقُول الممسوخ عقلا: يَا رب لَو آتيتني عقلا مَا كَانَ من آتيته عقلا بِأَسْعَد بعقله مني وَيَقُول الْهَالِك فِي الفترة رب لَو أَتَانِي مِنْك عهد مَا كَانَ من أَتَاهُ مِنْك عهد بِأَسْعَد بعهدك مني وَيَقُول الْهَالِك صَغِيرا: يَا رب لَو آتيتني عمرا مَا كَانَ من أَتَيْته عمرا بِأَسْعَد بعمره مني فَيَقُول الرب تبَارك وَتَعَالَى: فَإِنِّي آمركُم بِأَمْر تطيعوني فَيَقُولُونَ: نعم وَعزَّتك فَيَقُول لَهُم: اذْهَبُوا فادخلوا جَهَنَّم وَلَو دخلوها مَا ضرتهم شَيْئا فَخرج عَلَيْهِم قوابص من نَار يظنون أَنَّهَا قد أهلكت مَا خلق الله من شَيْء فيرجعون سرَاعًا وَيَقُولُونَ: يَا رَبنَا خرجنَا وَعزَّتك نُرِيد دُخُولهَا فَخرجت علينا قوابص من نَار ظننا أَن قد أهلكت مَا خلق الله من شَيْء ثمَّ يَأْمُرهُم ثَانِيَة فيرجعون كَذَلِك وَيَقُولُونَ: كَذَلِك فَيَقُول الرب: خلقتكم على علمي وَإِلَى علمي تصيرون ضميهم فتأخذهم النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُحَاسب يَوْم الْقِيَامَة الَّذين أرسل إِلَيْهِم الرُّسُل فَيدْخل الله الْجنَّة من أطاعه وَيدخل النَّار من عَصَاهُ وَيبقى قوم من الْولدَان وَالَّذين هَلَكُوا فِي الفترة فَيَقُول: وَإِنِّي آمركُم أَن

تدْخلُوا هَذِه النَّار فَيخرج لَهُم عنق مِنْهَا فَمن دَخلهَا كَانَت نجاته وَمن نكص فَلم يدخلهَا كَانَت هَلَكته وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عبد الله بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ رجل فَسَأَلَهُ عَن ذَرَارِي الْمُشْركين الَّذين هَلَكُوا صغَارًا فَوضع رَأسه سَاعَة ثمَّ قَالَ: أَيْن السَّائِل فَقَالَ: هَا أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى إِذا قضى بَين أهل الْجنَّة وَالنَّار لم يبْق غَيرهم عجّوا فَقَالُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لم تأتنا رسلك وَلم نعلم شَيْئا فَأرْسل إِلَيْهِم ملكا وَالله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين فَقَالَ: إِنِّي رَسُول ربكُم إِلَيْكُم فَانْطَلقُوا فاتبعوا حَتَّى أَتَوا النَّار فَقَالَ: إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تقتحوا فِيهَا فَاقْتَحَمت طَائِفَة مِنْهُم ثمَّ أخرجُوا من حَيْثُ لَا يشْعر أَصْحَابهم فَجعلُوا فِي السَّابِقين المقربين ثمَّ جَاءَهُم الرَّسُول فَقَالَ: إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تقتحموا فِي النَّار فَاقْتَحَمت طَائِفَة أُخْرَى ثمَّ خَرجُوا من حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ فَجعلُوا فِي أَصْحَاب الْيَمين ثمَّ جَاءَ الرَّسُول فَقَالَ: إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تقتحموا فِي النَّار فَقَالُوا: رَبنَا لَا طَاقَة لنا بِعَذَابِك فَأمر بهم فَجمعت نواصيهم وأقدامهم ثمَّ ألقوا فِي النَّار وَالله أعلم وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أمرنَا مُتْرَفِيهَا} قَالَ أمروا بِالطَّاعَةِ فعصوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول فِي قَوْله: {وَإِذا أردنَا أَن نهلك قَرْيَة} الْآيَة قَالَ: {أمرنَا مُتْرَفِيهَا} بِحَق فخالفوه فَحق عَلَيْهِم بذلك التدمير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَإِذا أردنَا أَن نهلك قَرْيَة أمرنَا مُتْرَفِيهَا} قَالَ: سلطنا شِرَارهَا فعصوا فِيهَا فَإِذا فعلوا ذَلِك أهلكناهم بِالْعَذَابِ وَهُوَ قَوْله: {وَكَذَلِكَ جعلنَا فِي كل قَرْيَة أكَابِر مجرميها ليمكروا فِيهَا} الْأَنْعَام آيَة 123 وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله وَجل: {أمرنَا مُتْرَفِيهَا} قَالَ: سلطنا عَلَيْهِم الْجَبَابِرَة فساموهم

سوء الْعَذَاب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة وَهُوَ يَقُول: إِن يعطبوا يبرموا وَإِن أمروا يَوْمًا يصيروا للهلك والفقد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ كَانَ يقْرَأ {أمرنَا مُتْرَفِيهَا} مثقلة يَقُول: أمرنَا عَلَيْهِم أُمَرَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَرَأَ آمرنا مُتْرَفِيهَا يَعْنِي بِالْمدِّ قَالَ: أكثرنا فساقها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {أمرنَا مُتْرَفِيهَا} قَالَ: أكثرناهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ {أمرنَا مُتْرَفِيهَا} قَالَ: أكثرنا وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نقُول للحي إِذا كَثُرُوا فِي الْجَاهِلِيَّة قد أمروا بني فلَان الْآيَة 18 - 21

18

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من كَانَ يُرِيد العاجلة} قَالَ: من كَانَ يُرِيد بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا {عجلنا لَهُ فِيهَا مَا نشَاء لمن نُرِيد} ذَاك بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من كَانَ يُرِيد العاجلة} قَالَ: من كَانَت همه ورغبته وطلبته وَنِيَّته عجل الله لَهُ فِيهَا مَا يَشَاء ثمَّ اضطره إِلَى جَهَنَّم {يصلاها مذموماً} فِي نقمة الله {مَدْحُورًا} فِي

عَذَاب الله وَفِي قَوْله: {وَمن أَرَادَ الْآخِرَة وسعى لَهَا سعيها وَهُوَ مُؤمن فَأُولَئِك كَانَ سَعْيهمْ مشكوراً} قَالَ: شكر الله لَهُ الْيَسِير وَتجَاوز عَنهُ الْكثير وَفِي قَوْله: {كلا نمد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء من عَطاء رَبك} أَي: أَن الله قسم الدُّنْيَا بَين الْبر والفاجر وَالْآخِرَة: خُصُوصا عِنْد رَبك لِلْمُتقين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كلا نمد} الْآيَة قَالَ: كلا نرْزق فِي الدُّنْيَا الْبر والفاجر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كلا نمد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء} يَقُول: نمد الْكفَّار وَالْمُؤمنِينَ {من عَطاء رَبك} يَقُول: من الرزق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كلا نمد} الْآيَة قَالَ: نرْزق من أَرَادَ الدُّنْيَا ونرزق من أَرَادَ الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كلا نمد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء} قَالَ: هَؤُلَاءِ أَصْحَاب الدُّنْيَا وَهَؤُلَاء أَصْحَاب الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كلا نمد هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء} هَؤُلَاءِ أهل الدُّنْيَا وَهَؤُلَاء أهل الْآخِرَة {وَمَا كَانَ عَطاء رَبك مَحْظُورًا} قَالَ مَمْنُوعًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مَحْظُورًا} قَالَ مَمْنُوعًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {انْظُر كَيفَ فضلنَا بَعضهم على بعض} أَي فِي الدُّنْيَا: {وللآخرة أكبر دَرَجَات وأكبر تَفْضِيلًا} وَإِن للْمُؤْمِنين فِي الْجنَّة منَازِل وَإِن لَهُم فَضَائِل بأعمالهم وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَين أَعلَى أهل الْجنَّة وأسفلهم دَرَجَة كالنجم يرى فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وللآخرة أكبر دَرَجَات وأكبر تَفْضِيلًا} قَالَ: إِن أهل الْجنَّة بَعضهم فَوق بعض دَرَجَات الْأَعْلَى يرى فَضله على من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ والأسفل لَا يرى أَن فَوْقه أحدا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سلمَان رَضِي الله

عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: مَا من عبد يُرِيد أَن يرْتَفع فِي الدُّنْيَا دَرَجَة فارتفع إِلَّا وَضعه الله فِي الْآخِرَة دَرَجَة أكبر مِنْهَا وأطول ثمَّ قَرَأَ {وللآخرة أكبر دَرَجَات وأكبر تَفْضِيلًا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وهناد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا يُصِيب عبد من الدُّنْيَا شَيْئا إِلَّا نقص من درجاته عِنْد الله وَإِن كَانَ على الله كَرِيمًا الْآيَة 22

22

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مذموماً} يَقُول ملوماً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فتقعد مذموماً} يَقُول: فِي نقمة الله {مخذولاً} فِي عَذَاب الله الْآيَة 23 - 25

23

أخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَقضى رَبك أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} قَالَ: التزقت الْوَاو بالصَّاد وَأَنْتُم تقرؤونها {وَقضى رَبك} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن منيع وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مَيْمُون بن

مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزل الله هَذَا الْحَرْف على لِسَان نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووصى رَبك أَن لَا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه فالتصقت إِحْدَى الواوين بالصاْد فَقَرَأَ النَّاس {وَقضى رَبك} وَلَو نزلت على الْقَضَاء مَا أشرك بِهِ أحد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ يقْرَأ ووصى رَبك أَن لَا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه وَأخرج ابْن جرير عَن حبيب بن أبي ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَعْطَانِي ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مُصحفا فَقَالَ: هَذَا على قِرَاءَة أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فَرَأَيْت فِيهِ ووصى رَبك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: فِي حرف ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ ووصى رَبك أَن لَا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَهَا ووصى رَبك قَالَ: إِنَّهُم ألصقوا إِحْدَى الواوين بالصَّاد فَصَارَت قافاً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَقضى رَبك} قَالَ: أَمر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقضى رَبك أَلا تعبدوا إِلَّا إِيَّاه} قَالَ: عهد رَبك أَن لَا تعبدوا إِلَّا اياه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وبالوالدين إحساناً} يَقُول: برا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِمَّا يبلغن عنْدك الْكبر أَحدهمَا أَو كِلَاهُمَا فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} فِيمَا تميط عَنْهُمَا من الْأَذَى الْخَلَاء وَالْبَوْل كَمَا كَانَا لَا يقولانه فِيمَا كَانَا يميطان عَنْك من الْخَلَاء وَالْبَوْل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: {فَلَا تقل لَهما أُفٍّ} فَمَا سواهُ وَأخرج الديلمي عَن الْحسن بن عَليّ - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا لَو علم الله شَيْئا من العقوق أدنى من {أُفٍّ} لَحَرَّمَهُ

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقل لَهما قولا كَرِيمًا} قَالَ: لَا تمنعهما شَيْئا أَرَادَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ مَا برّ الْوَالِدين قَالَ: أَن تبذل لَهما مَا ملكت وَأَن تطيعهما فِيمَا أمراك بِهِ إِلَّا أَن يكون مَعْصِيّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قيل لَهُ: إلام يَنْتَهِي العقوق قَالَ: أَن يحرمهما ويهجرهما وَيحد النّظر إِلَى وجههما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَقل لَهما قولا كَرِيمًا} قَالَ: يَقُول: يَا أَبَت يَا أمه وَلَا يسميهما بأسمائهما وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أَتَى رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ شيخ فَقَالَ: من هَذَا مَعَك قَالَ: أبي قَالَ: لَا تمشين أَمَامه وَلَا تقعدن قبله وَلَا تَدعه باسمه وَلَا تستب لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقل لَهما قولا كَرِيمًا} قَالَ: إِذا دعواك فَقل لَهما لبيكما وسعديكما وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقل لَهما قولا كَرِيمًا} قَالَ: قولا لينًا سهلاً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الهداج التجِيبِي قَالَ: قلت لسَعِيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ كل مَا ذكر الله فِي الْقُرْآن من بر الْوَالِدين فقد عَرفته إِلَّا قَوْله: {وَقل لَهما قولا كَرِيمًا} مَا هَذَا القَوْل الْكَرِيم قَالَ ابْن الْمسيب: قَول العَبْد المذنب للسَّيِّد الْفظ وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة فِي قَوْله: {واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة} قَالَ: تلين لَهما حَتَّى لَا يمتنعا من شَيْء أحباه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة} يَقُول اخضع لوالديك كَمَا يخضع العَبْد للسَّيِّد الْفظ الغليظ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح رَضِي

الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة} قَالَ: لَا ترفع يَديك عَلَيْهِمَا إِذا كلمتهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة} قَالَ: إِن أغضباك فَلَا تنظر إِلَيْهِمَا شزراً فَإِنَّهُ أوّل مَا يعرف غضب الْمَرْء بِشدَّة نظره إِلَى من غضب عَلَيْهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا برَّ أَبَاهُ من حدّ إِلَيْهِ الطّرف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {واخفض لَهما جنَاح الذل من الرَّحْمَة} قَالَ: إِن سباك أَو لعناك فَقل رحمكما الله غفر الله لَكمَا وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {واخفض لَهما جنَاح الذل} بِكَسْر الذَّال وَأخرج عَن عَاصِم الجحدري رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي مرّة مولى عقيل: أَن أَبَا هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - كَانَت أمه فِي بَيت وَهُوَ فِي آخر فَكَانَ يقف على بَابهَا وَيَقُول: السَّلَام عَلَيْك يَا أمتاه وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَتَقول: وَعَلَيْك يَا بني فَيَقُول: رَحِمك الله كَمَا ربيتني صَغِيرا فَتَقول: رَحِمك الله كَمَا بررتني كَبِيرا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَقل رب ارحمهما كَمَا ربياني صَغِيرا} ثمَّ أنزل الله بعد هَذَا (مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين وَلَو كَانُوا أولي قربى) (التَّوْبَة آيَة 113) وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِمَّا يبلغن عنْدك الْكبر} إِلَى قَوْله: {كَمَا ربياني صَغِيرا} قد نسختها الْآيَة الَّتِي فِي بَرَاءَة (مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين) (التَّوْبَة آيَة 113) الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر والنحاس وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن قَتَادَة رَضِي الله

عَنهُ قَالَ: نسخ من هَذِه الْآيَة حرف وَاحِد لَا يَنْبَغِي لأحد من الْمُسلمين أَن يسْتَغْفر لوَالِديهِ إِذا كَانُوا مُشْرِكين وَلم يقل {رب ارحمهما كَمَا ربياني صَغِيرا} وَلَكِن ليخفض لَهما جنَاح الَّذِي من الرَّحْمَة وَليقل لَهما قولا مَعْرُوفا قَالَ الله تَعَالَى: (مَا كَانَ للنَّبِي وَالَّذين آمنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا للْمُشْرِكين) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ربكُم أعلم بِمَا فِي نفوسكم} قَالَ: تكون البادرة من الْوَلَد إِلَى الْوَالِد فَقَالَ الله: {إِن تَكُونُوا صالحين} أَي تكون النِّيَّة صَادِقَة ببرهما {فَإِنَّهُ كَانَ للأوّابين غَفُورًا} للبادرة الَّتِي بدرت مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَإِنَّهُ كَانَ للأوّابين} قَالَ: الرجاعين من الذَّنب إِلَى التَّوْبَة وَمن السَّيِّئَات إِلَى الْحَسَنَات وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {للأوّابين} قَالَ: للمطيعين الْمُحْسِنِينَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {للأوّابين} قَالَ: للتوّابين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأوّاب التوّاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْعَمَل أحب إِلَى الله قَالَ: الصَّلَاة على وَقتهَا قلت: ثمَّ أَي قَالَ: ثمَّ بر الْوَالِدين قلت: ثمَّ أَي قَالَ: ثمَّ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: رضَا الله فِي رضَا الْوَالِد وَسخط الله فِي سخط الْوَالِد وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ:

قلت يَا رَسُول الله من أبر قَالَ: أمك قلت: من أبر قَالَ: أمك قلت: من أبر قَالَ: أمك قلت: من أبر قَالَ: أَبَاك ثمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه أَتَاهُ رجل فَقَالَ: إِنِّي خطبت امْرَأَة فَأَبت أَن تنكحني وخطبها غَيْرِي فأحبت أَن تنكحه فغرت عَلَيْهَا فقتلتها فَهَل لي من تَوْبَة قَالَ: أمك حَيَّة قَالَ: لَا قَالَ: تب إِلَى الله وتقرب إِلَيْهِ مَا اسْتَطَعْت فَذَهَبت فَسَأَلت ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - لم سَأَلت عَن حَيَاة أمه فَقَالَ: إِنِّي لَا أعلم عملا أقرب إِلَى الله من بر الوالدة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى رجل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا تَأْمُرنِي قَالَ: بر أمك ثمَّ عَاد فَقَالَ: بر أمك ثمَّ عَاد فَقَالَ: بر أمك ثمَّ عَاد الرَّابِعَة فَقَالَ: بر أَبَاك وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا من مُسلم لَهُ والدان يصبح إِلَيْهِمَا محسناً إِلَّا فتح الله لَهُ بَابَيْنِ - يَعْنِي من الْجنَّة - وَإِن كَانَ وَاحِد فواحد وَإِن أغضب أَحدهمَا لم يرض الله عَنهُ حَتَّى يرضى عَنهُ قيل: وَإِن ظلماه قَالَ: وَإِن ظلماه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: لَا يَجْزِي ولد وَالِده إِلَّا أَن يجده مَمْلُوكا فيشتريه قيعتقه وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبايعه على الْهِجْرَة وَترك أَبَوَيْهِ يَبْكِيَانِ قَالَ: فَارْجِع إِلَيْهِمَا وأضحكهما كَمَا أبكيتهما وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد الْجِهَاد فَقَالَ: أَلَك والدان قَالَ: نعم قَالَ: ففيهما فَجَاهد وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله

عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رغم أَنفه رغم أَنفه رغم أَنفه قَالُوا يَا رَسُول الله: من قَالَ: من أدْرك وَالِديهِ عِنْد الْكبر أَو أَحدهمَا فَدخل النَّار وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن معَاذ بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بر وَالِديهِ طُوبَى لَهُ زَاد الله فِي عمره وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَنه أبْصر رجلَيْنِ فَقَالَ: لأَحَدهمَا مَا هَذَا مِنْك فَقَالَ أبي فقا: لَا تسمه وَفِي لفظ لَا تَدعه باسمه وَلَا تمش أَمَامه وَلَا تجْلِس قبله حَتَّى يجلس وَلَا تستب لَهُ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رضَا الله فِي رضَا الْوَالِدين وَسخط الله فِي سخط الْوَالِدين وَأخرج سعيد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُعَاوِيَة بن جَابر عَن أَبِيه قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَسْتَشِيرهُ فِي الْجِهَاد فَقَالَ: أَلَك وَالِدَة قَالَ نعم قَالَ: اذْهَبْ فالزمها فَإِن الْجنَّة قد عِنْد رِجْلَيْهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد الْغَزْو وَقد جِئْت إِلَيْك أستشيرك فَقَالَ: هَل لَك من أم قَالَ: نعم قَالَ: فالزمها فَإِن الْجنَّة عِنْد رِجْلَيْهَا ثمَّ الثَّانِيَة ثمَّ الثَّالِثَة كَمثل ذَلِك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَتَى رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي أشتهي الْجِهَاد وَلَا أقدر عَلَيْهِ فَقَالَ: هَل بَقِي أحد من والديك قَالَ: أُمِّي قَالَ: فتق الله فِيهَا فَإِذا فعلت ذَلِك فَأَنت حَاج ومعتمر وَمُجاهد فَإِذا دعتك أمك فَاتق الله وبرّها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنومك على السرير بَين والديك تضحكهما ويضحكانك أفضل من جهادك بِالسَّيْفِ فِي سَبِيل الله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن خِدَاش بن سَلامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوصِي امْرأ بِأُمِّهِ ثَلَاث مرار وأوصي امْرأ بِأَبِيهِ مرَّتَيْنِ وأوصي امْرأ بمولاه الَّذِي يَلِيهِ وَإِن كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ أَذَى يُؤْذِيه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْوَالِد وسط أَبْوَاب الْجنَّة فاحفظ ذَلِك الْبَاب أَو ضَيِّعْهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أَرَانِي فِي الْجنَّة فَبينا أَنا فِيهَا إِذْ سَمِعت صَوت رجل بِالْقُرْآنِ فَقلت: من هَذَا قَالُوا: حَارِثَة بن النُّعْمَان كَذَلِك الْبر كَذَلِك الْبر وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نمت فرأيتني فِي الْجنَّة فَسمِعت قَارِئًا يقْرَأ فَقلت من هَذَا قَالُوا: حَارِثَة بن النُّعْمَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَذَلِك الْبر كَذَلِك الْبر كَذَلِك الْبر قَالَ: وَكَانَ أبر النَّاس بِأُمِّهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مر رجل لَهُ جسم - يَعْنِي خلقا - فَقَالُوا: لَو كَانَ هَذَا فِي سَبِيل الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَعَلَّه يكد على أبوين شيخين كبيرين فَهُوَ فِي سَبِيل الله لَعَلَّه يكد على صبية صغَار فَهُوَ فِي سَبِيل الله لَعَلَّه يكد على نَفسه ليغنيها عَن النَّاس فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أحب أَن يمد الله فِي عمره وَيزِيد فِي رزقه فليبر وَالِديهِ وَليصل رَحمَه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: مَا من ولد بار ينظر إِلَى وَالِديهِ نظرة رَحْمَة إِلَّا كتب الله لَهُ بِكُل نظرة حجَّة مبرورة قَالُوا: وَإِن نظر كل يَوْم مائَة مرّة قَالَ: نعم الله أكبر وَأطيب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نظر الْوَلَد إِلَى وَالِده - يَعْنِي - فسرّ بِهِ كَانَ للْوَلَد عتق نسمَة قيل: يَا رَسُول الله وَإِن نظر ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ نظرة قَالَ: الله أكبر من ذَلِك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: النّظر إِلَى الْوَالِد عبَادَة

وَالنَّظَر إِلَى الْكَعْبَة عبَادَة وَالنَّظَر إِلَى الْمُصحف عبَادَة وَالنَّظَر إِلَى أَخِيك حبا لَهُ فِي الله عبَادَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قبل بَين عَيْني أمه كَانَ لَهُ سترا من النَّار وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أذنبت ذَنبا عَظِيما فَهَل لي من تَوْبَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلَك والدان قَالَ: لَا قَالَ: أَلَك خَالَة قَالَ: نعم قَالَ: فبرها إِذن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أم أَيمن رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوصى بعض أهل بَيته فَقَالَ: لَا تشرك بِاللَّه وَإِن عذبت وَإِن حرقت وأطع رَبك ووالديك وَإِن أمراك أَن تخرج من كل شَيْء فَاخْرُج وَلَا تتْرك الصَّلَاة مُتَعَمدا فَإِنَّهُ من ترك الصَّلَاة مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله إياك وَالْخمر فَإِنَّهَا مِفْتَاح كل شَرّ وَإِيَّاك وَالْمَعْصِيَة فَإِنَّهَا تسخط الله لَا تنازِعَنَّ الْأَمر أَهله وَإِن رَأَيْت أَنه لَك لَا تَفِر من الزَّحْف وَإِن أصَاب النَّاس موت وَأَنت فيهم فَأثْبت أنْفق على أهلك من طولك وَلَا ترفع عصاك عَنْهُم وأخفهم فِي الله عز وَجل وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أسيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله هَل بَقِي عَليّ من بر أَبَوي شَيْء بعد مَوْتهمَا أبرهما بِهِ قَالَ: نعم خِصَال أَربع: الدُّعَاء لَهما وَالِاسْتِغْفَار لَهما وانفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلَة الرَّحِم الَّتِي لَا رحم لَك إِلَّا من قبلهمَا وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أبر الْبر أَن يصل الرجل أهل ودّ أَبِيه بعد أَن يولي الْأَب وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن عبد الله بن سَلام - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: وَالَّذِي بعث مُحَمَّد بِالْحَقِّ إِنَّه لفي كتاب الله لَا تقطع من كَانَ يصل أَبَاك فتطفئ بذلك نورك وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي

بكر الصّديق: أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ لرجل من الْعَرَب كَانَ يَصْحَبهُ - يُقَال لَهُ عفير - يَا عفير كَيفَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي الودّ قَالَ سمعته يَقُول: الودّ يتوارث والعداوة كَذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يدْخل الْجنَّة عَاق وَلَا ولد زنا وَلَا مدمن خمر وَلَا منان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة عَاق وَالِديهِ وَلَا منان وَلَا ولد زنية وَلَا مدمن خمر وَلَا قَاطع رحم وَلَا من أَتَى ذَات رحم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن طلق بن عليّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَو أدْركْت وَالِدي أَو أَحدهمَا وَأَنا فِي صَلَاة الْعشَاء وَقد قَرَأت فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب فَنَادَى يَا مُحَمَّد لأجبتهما لبيْك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه من طَرِيق اللَّيْث بن سعد حَدثنِي يزِيد بن حَوْشَب الفِهري عَن أَبِيه: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَو كَانَ جريج الراهب فَقِيها عَالما لعلم أَن إجَابَته أمه أفضل من عِبَادَته ربه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مَكْحُول قَالَ: إِذا دعتك والدتك وَأَنت فِي الصَّلَاة فأجبها وَإِذا دعَاك أَبوك فَلَا تجبه حَتَّى تفرغ من صَلَاتك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا دعتك أمك فِي الصَّلَاة فأجبها وَإِذا دعَاك أَبوك فَلَا تجبه وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أدْرك وَالِديهِ أَو أَحدهمَا ثمَّ دخل النَّار من بعد ذَلِك فَأَبْعَده الله وأسحقه وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سهل بن معَاذ عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من الْعباد عباد لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا ينظر إِلَيْهِم وَلَا يزكيهم وَلَا يطهرهم قيل: من أُولَئِكَ يَا رَسُول الله قَالَ: المتبرئ من وَالِديهِ رَغْبَة عَنْهُمَا والمتبرئ من وَلَده وَرجل أنعم عَلَيْهِ قوم فَكفر نعمتهم وتبرأ مِنْهُم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن

أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة من قتل نَبيا أَو قَتله نَبِي أَو قتل أحد وَالِديهِ والمصوّرون وعالم لم ينْتَفع بِعِلْمِهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَالطَّبَرَانِيّ والخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق من طَرِيق بكار بن عبد الْعَزِيز بن أبي بكرَة عَن أَبِيه عَن جده أبي بكرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل الذُّنُوب يُؤَخر الله مِنْهَا مَا شَاءَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا عقوق الْوَالِدين فَإِنَّهُ يعجله لصَاحبه فِي الْحَيَاة قبل الْمَمَات وَمن رايا رايا الله بِهِ وَمن سمع سمع الله بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن من السّنة أَن توقر أَرْبَعَة: الْعَالم وَذُو الشيبة وَالسُّلْطَان وَالْوَالِد قَالَ: وَيُقَال أَن من الْجفَاء: أَن يَدْعُو الرجل وَالِده باسمه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن العقوق مَا تجدونه فِي كتاب الله عقوق الْوَالِدين قَالَ: إِذا أقسم عَلَيْهِ لم يبره وَإِذا سَأَلَهُ لم يُعْطه وَإِذا ائتمنه خَان فَذَلِك العقوق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاث دعوات مستجابات: دُعَاء الْوَالِد على وَلَده ودعوة الْمَظْلُوم ودعوة الْمُسَافِر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن النُّعْمَان يرفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من زار قبر أَبَوَيْهِ أَو أَحدهمَا فِي كل جُمُعَة غفر لَهُ وَكتب برّاً وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرجل ليَمُوت والداه وَهُوَ عَاق لَهما فيدعو لَهما من بعدهمَا فيكتبه الله من البارين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن العَبْد يَمُوت والداه أَو أَحدهمَا وَإنَّهُ لَهما عَاق فَلَا يزَال يَدْعُو لَهما ويستغفر لَهما حَتَّى يَكْتُبهُ الله بارّاً وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن من عق وَالِديهِ فِي حياتهما ثمَّ قضى دينا إِن كَانَ عَلَيْهِمَا واسْتغْفر لَهما وَلم يستسب لَهما كتب بارّاً وَمن بر وَالِديهِ فِي حياتهما ثمَّ لم يقْض دينا إِن كَانَ عَلَيْهِمَا وَلم يسْتَغْفر لَهما واستسب لَهما كتب عاقاً

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أصبح مُطيعًا لله فِي وَالِديهِ أصبح لَهُ بَابَانِ مفتوحان من الْجنَّة وَإِن كَانَ وَاحِدًا فواحداً وَمن أَمْسَى عَاصِيا لله فِي وَالِديهِ أصبح لَهُ بَابَانِ مفتوحان من النَّار وَإِن كَانَ وَاحِدًا فواحدا فَقَالَ رجل: وَإِن ظلماه قَالَ: وَإِن ظلماه وَإِن ظلماه وَإِن ظلماه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْمُنْكَدر بن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أبي يبيت على السَّطْح يروح على أمه وَعمي يُصَلِّي إِلَى الصَّباح فَقَالَ لَهُ أبي مَا يسرني أَن لَيْلَتي بليلتك وَأخرج ابْن سعد وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر بَات عمر أخي يُصَلِّي وَبت أغمز رجل أُمِّي وَمَا أحب أَن لَيْلَتي بليلته وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر: أَنه كَانَ يضع خَدّه على الأَرْض ثمَّ يَقُول لأمه: يَا أمه قومِي فضعي قدمك على خدي وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس قَالَ: كَانَ رجل لَهُ أَرْبَعَة بَنِينَ فَمَرض فَقَالَ أحدهم: إِمَّا أَن تمرضوه وَلَيْسَ لكم من مِيرَاثه شَيْء وَأما أَن أمرضه وَلَيْسَ لي من مِيرَاثه شَيْء قَالُوا: بل مَرضه وَلَيْسَ لَك من مِيرَاثه شَيْء فمرضه فَمَاتَ وَلم يَأْخُذ من مَاله شَيْئا فَأتي فِي النّوم فَقيل لَهُ: ائْتِ مَكَان كَذَا وَكَذَا فَخذ مِنْهُ مائَة دِينَار فَقَالَ فِي نَومه أفيها بركَة قَالُوا: لَا فَأصْبح فَذكر ذَلِك لامْرَأَته فَقَالَت لَهُ خُذْهَا فَإِن من بركتها: أَن تكتسي مِنْهَا وتعيش بهَا فَأبى فَلَمَّا أَمْسَى أُتِي فِي النّوم فَقيل لَهُ: ائْتِ مَكَان كَذَا وَكَذَا فَخذ مِنْهُ عشرَة دَنَانِير فَقَالَ: فِيهَا بركَة قَالُوا: لَا فَأصْبح فَذكر ذَلِك لامْرَأَته فَقَالَت لَهُ مثل ذَلِك فَأبى أَن يَأْخُذهَا فَأتي فِي النّوم فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة: أَن ائْتِ مَكَان كَذَا وَكَذَا فَخذ مِنْهُ دِينَارا فَقَالَ: أفيه بركَة قَالُوا: نعم فَذهب فَأخذ الدِّينَار ثمَّ خرج بِهِ إِلَى السُّوق فَإِذا هُوَ بِرَجُل يحمل حوتين فَقَالَ بكم هَذَانِ فَقَالَ بِدِينَار فَأَخذهُمَا مِنْهُ بالدينار ثمَّ انْطلق فَلَمَّا دخل بَيته شقّ الحوتين فَوجدَ فِي بطن كل وَاحِد مِنْهُمَا درة لم ير النَّاس مثلهَا فَبعث الْملك بدرة ليشتريها فَلم تُوجد إِلَّا عِنْده فَبَاعَهَا بوقر ثَلَاثِينَ بغلاً ذَهَبا فَلَمَّا رَآهَا الْملك قَالَ: مَا تصلح هَذِه إِلَّا

بأخت فَاطْلُبُوا مثلهَا وَإِن أضعفتم قَالَ: فجاؤوا فَقَالُوا: عنْدك أُخْتهَا نعطيك ضعف مَا أعطيناك قَالَ: أَو تَفْعَلُونَ قَالُوا: نعم فَأَعْطَاهُمْ أُخْتهَا بِضعْف مَا أخذُوا الأولى وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قدم أَبُو مُوسَى وَأَبُو عَامر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَايعُوهُ وَأَسْلمُوا قَالَ: مَا فعلت امْرَأَة مِنْكُم تدعى كَذَا وَكَذَا قَالُوا تركناها فِي أَهلهَا قَالَ: فَإِنَّهَا قد غفر لَهَا قَالُوا: بِمَ يَا رَسُول الله قَالَ: ببرها والدتها قَالَ: كَانَت لَهَا أم عَجُوز كَبِيرَة فَجَاءَهُمْ النذير: إِن الْعَدو يُرِيد أَن يُغير عَلَيْكُم اللَّيْلَة فارتحلوا ليلحقوا بعظيم قَومهمْ وَلم يكن مَعهَا مَا تحْتَمل عَلَيْهِ فعمدت إِلَى أمهَا فَجعلت تحملهَا على ظهرهَا فَإِذا أعيت وَضَعتهَا ثمَّ ألصقت بَطنهَا بِبَطن أمهَا وَجعلت رِجْلَيْهَا تَحت رجْلي أمهَا من الرمضاء حَتَّى نجت وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ طلع شَاب فَقُلْنَا: لَو كَانَ هَذَا الشَّاب جعل شبابه ونشاطه وقوته فِي سَبِيل الله فَسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقالتنا فَقَالَ: وَمَا فِي سَبِيل الله إِلَّا من قتل وَمن سعى على وَالِديهِ فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَمن سعى على عِيَاله فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَمن سعى على نَفسه يغنيها فَهُوَ فِي سَبِيل الله تَعَالَى وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قلت يَا رَسُول الله أَي النَّاس أعظم حَقًا على الْمَرْأَة قَالَ: زَوجهَا قلت: فَأَي النَّاس أعظم حَقًا على الرجل قَالَ: أمه وَأخرج الْحَاكِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله يَقُول: لعن الله من ذبح لغير الله ثمَّ تولى غير مَوْلَاهُ وَلعن الله الْعَاق لوَالِديهِ وَلعن الله من نقض منار الأَرْض وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا عفوا عَن نسَاء النَّاس تعف نِسَاؤُكُمْ وبروا آبائكم تبركم أبناؤكم وَمن أَتَاهُ أَخُوهُ متنصلاً فليقبل ذَلِك مِنْهُ محقاً كَانَ أَو مُبْطلًا فَإِن لم يفعل لم يرد على الْحَوْض وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا بروا آبَاءَكُم

وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ: إِن رجلا هَاجر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْيمن فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد هَاجَرت من الشّرك - وَلكنه الْجِهَاد - هَل لَك أحد بِالْيمن قَالَ: أبواي قَالَ: أذنا لَك قَالَ: لَا قَالَ: فَارْجِع فاستأذنهما فَإِن أذنا لَك مُجَاهِد وإلاّ فبرّهما وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ أَن مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سَأَلَ ربه عز وَجل فَقَالَ: يَا رب بِمَ تَأْمُرنِي قَالَ: بِأَن لَا تشرك بِي شَيْئا قَالَ: وَبِمَ قَالَ: وتبر والدتك قَالَ: وَبِمَ قَالَ: وبوالدتك قَالَ: وَبِمَ قَالَ: وبوالدتك قَالَ وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ: إِن الْبر بالوالدين يزِيد فِي الْعُمر وَالْبر بالوالدة ينْبت الأَصْل وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عَمْرو بن مَيْمُون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام رجلا عِنْد الْعَرْش فغبطه بمكانه فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا: نخبرك بِعَمَلِهِ لَا يحْسد النَّاس على مَا آتَاهُم الله من فَضله وَلَا يمشي بالنميمة وَلَا يعق وَالِديهِ قَالَ: أَي رب وَمن يعق وَالِديهِ قَالَ: يستسب لَهما حَتَّى يسبا وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ: أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: إِن امْرَأَتي بنت عمي وَإِنِّي أحبها وَإِن والدتي تَأْمُرنِي أَن أطلقها فَقَالَ: لَا آمُرك أَن تطلقها وَلَا آمُرك أَن تَعْصِي والدتك وَلَكِن أحَدثك حَدِيثا سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمعته يَقُول: إِن الوالدة أَوسط بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة فَإِن شِئْت فَأمْسك وَإِن شِئْت فدع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: للْأُم ثلثا الْبر وَللْأَب الثُّلُث وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة عَاق وَلَا مدمن خمر وَلَا مكذب بِقدر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بر الْوَالِدين يُجزئ من الْجِهَاد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ أَنه قيل لَهُ: مَا حق الْوَالِد على الْوَلَد قَالَ: لَو خرجت من أهلك وَمَالك مَا أدّيت حَقّهمَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِذا مَالَتْ

الأفياء وراحت الْأَرْوَاح فَاطْلُبُوا الْحَوَائِج إِلَى الله فَإِنَّهَا سَاعَة الأوّابين وَقَرَأَ {فَإِنَّهُ كَانَ للأوّابين غَفُورًا} وَأخرج هناد عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَإِنَّهُ كَانَ للأوّابين غَفُورًا} قَالَ: الأواب الَّذِي يُذنب ثمَّ يسْتَغْفر ثمَّ يُذنب ثمَّ يسْتَغْفر ثمَّ يُذنب ثمَّ يسْتَغْفر وَأخرج هناد عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَإِنَّهُ كَانَ للأوّابين غَفُورًا} قَالَ: الأوّاب الَّذِي يتَذَكَّر ذنُوبه فِي الْخَلَاء فيستغفر مِنْهَا الْآيَة 26 - 28

26

أخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه} قَالَ: أمره بِأَحَق الْحُقُوق وَعلمه كَيفَ يصنع إِذا كَانَ عِنْده وَكَيف يصنع إِذا لم يكن فَقَالَ: {وَإِمَّا تعرضن عَنْهُم إبتغاء رَحْمَة من رَبك} قَالَ: إِذا سألوك وَلَيْسَ عنْدك شَيْء انتظرت رزقا من الله {فَقل لَهُم قولا ميسوراً} يَقُول: إِن شَاءَ الله يكون شبه الْعدة قَالَ: سُفْيَان رَحمَه الله وَالْعدة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه} الْآيَة قَالَ: هُوَ أَن تصل ذَا الْقَرَابَة وَتطعم الْمِسْكِين وتحسن إِلَى ابْن السَّبِيل وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لرجل من أهل الشَّام: أَقرَأت الْقُرْآن قَالَ: نعم قَالَ: أفما قَرَأت فِي بني إِسْرَائِيل {وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه} قَالَ: وَإِنَّكُمْ لِلْقَرَابَةِ الَّذِي أَمر الله أَن يُؤْتى حَقه قَالَ: نعم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ نَاس من بني عبد الْمطلب يأْتونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألونه فَإِذا صادفوا عِنْده شَيْئا أَعْطَاهُم

وَإِن لم يصادفوا عِنْده شَيْئا سكت لم يقل لَهُم نعم وَلَا لَا والقربى قربى بني عبد الْمطلب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل} قَالَ: هُوَ أَن وتوفيهم حَقهم إِن كَانَ يَسِيرا وَإِن لم يكن عنْدك {فَقل لَهُم قولا ميسوراً} وَقل لَهُم الْخَيْر وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه} الْآيَة قَالَ: بَدَأَ فَأمره بأوجب الْحُقُوق ودله على أفضل الْأَعْمَال إِذا كَانَ عِنْده شَيْء فَقَالَ: {وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل} وَعلمه إِذا لم يكن عِنْده شَيْء كَيفَ يَقُول فَقَالَ: {وَإِمَّا تعرضن عَنْهُم إبتغاء رَحْمَة من رَبك ترجوها فَقل لَهُم قولا ميسوراً} عدَّة حَسَنَة كأته قد كَانَ وَلَعَلَّه أَن يكون إِن شَاءَ الله {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك} لَا تُعْطِي شَيْئا {وَلَا تبسطها كل الْبسط} تُعْطِي مَا عنْدك {فتقعد ملوماً} يلومك من يَأْتِيك بعد وَلَا يجد عنْدك شَيْئا {محسوراً} قَالَ: قد حسرك من قد أَعْطيته وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن كُلَيْب بن مَنْفَعَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ جدي يَا رَسُول الله من أبر قَالَ: أمك وأباك وأختك وأخاك ومولاك الَّذِي يَلِي ذَاك حق وَاجِب ورحم مَوْصُولَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْمِقْدَام بن معد يكرب - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله يُوصِيكُم بِأُمَّهَاتِكُمْ ثمَّ يُوصِيكُم بِآبَائِكُمْ ثمَّ يُوصِيكُم بالأقرب فَالْأَقْرَب وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا أنْفق الرجل نَفَقَة على نَفسه وَأَهله يحتسبها إِلَّا آجره الله فِيهَا وابدأ بِمن تعول فَإِن كَانَ فضل فَالْأَقْرَب الْأَقْرَب وَإِن كَانَ فضل فناول وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَاللَّفْظ لَهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: احْفَظُوا أنسابكم تصلوا أَرْحَامكُم فَإِنَّهُ لَا بعد للرحم إِذا قربت وَإِن كَانَت بعيدَة وَلَا قرب لَهَا إِذا بَعدت وَإِن كَانَت

قريبَة وكل رحم آتِيَة يَوْم الْقِيَامَة امام صَاحبهَا تشهد لَهُ بصلته إِن كَانَ وَصلهَا وَعَلِيهِ بقطيعته إِن كَانَ قطعهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن أَعْرَابِيًا قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل مُوسر وَإِن لي أما وَأَبا وأختاً وأخاً وَعَما وعمة وخالاً وَخَالَة فَأَيهمْ أولى بصلتي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك أدناك وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي رمثة التَّيْمِيّ تيم الربَاب قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يخْطب وَيَقُول: يَد الْمُعْطِي الْعليا أمك وأباك وأختك وأخاك ثمَّ أدناك أدناك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم والشيرازي فِي الألقاب وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله عز وَجل ليَعْمر للْقَوْم الديار ويُكثر لَهُم الْأَمْوَال وَمَا نظر إِلَيْهِم مُنْذُ خلقهمْ بغضاً قيل يَا رَسُول الله وَبِمَ ذَلِك: قَالَ: بصلتهم أرحامهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عدي وَابْن لال فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أهل الْبَيْت إِذا تواصلوا أجْرى الله عَلَيْهِم الرزق وَكَانُوا فِي كنف الرَّحْمَن عز وَجل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن جرير والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أعجل الطَّاعَة ثَوابًا صلَة الرَّحِم حَتَّى إِن أهل الْبَيْت ليكونون فجاراً فتنمو أَمْوَالهم وَيكثر عَددهمْ إِذا وصلوا الرَّحِم وَإِن أعجل الْمعْصِيَة عقَابا الْبَغي وَالْيَمِين الْفَاجِرَة تذْهب المَال وتعقم الرَّحِم وَتَدَع الديار بَلَاقِع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ثَعْلَبَة بن زَهْدَم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَهُوَ يخْطب - يَد الْمُعْطِي الْعليا وَيَد السَّائِل السُّفْلى وابدأ بِمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه} دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة فَأَعْطَاهَا فدك

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه} أقطع رَسُول الله فَاطِمَة فدكا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يُعْطي وَكَيف يُعْطي وبمن يبْدَأ فَأنْزل الله {وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل} فَأمر الله أَن يبْدَأ بِذِي الْقُرْبَى ثمَّ بالمسكين وَابْن السَّبِيل وَمن بعدهمْ قَالَ: {وَلَا تبذر تبذيراً} يَقُول الله عز وَجل: وَلَا تعط مَالك كُله فتقعد بِغَيْر شَيْء قَالَ: {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك} فتمنع مَا عنْدك فَلَا تُعْطِي أحدا {وَلَا تبسطها كل الْبسط} فَنَهَاهُ أَن يُعْطي إِلَّا مَا بَين لَهُ وَقَالَ لَهُ: {وَأما تعرضن عَنْهُم} يَقُول: تمسك عَن عطائهم {فَقل لَهُم قولا ميسوراً} يَعْنِي قولا مَعْرُوفا لَعَلَّه أَن يكون عَسى أَن يكون وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي ذُو مَال كثير وَذُو أهل وَولد وحاضرة فَأَخْبرنِي كَيفَ أنْفق وَكَيف أصنع قَالَ: تخرج الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة فَإِنَّهَا مطهرة تطهرك وَتصل أقاربك وتعرف حق السَّائِل وَالْجَار الْمِسْكِين فَقَالَ: يَا رَسُول الله أقلل لي قَالَ: {وَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل وَلَا تبذر تبذيراً} قَالَ: حسبي رَسُول الله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تبذر تبذيراً} قَالَ: التبذير إِنْفَاق المَال فِي غير حَقه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد نتحدث أَن التبذير النَّفَقَة فِي غير حَقه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن المبذرين} قَالَ: هم الَّذين يُنْفقُونَ المَال فِي غير حَقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تبذر تبذيراً} يَقُول: لَا تعط مَالك كُله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من السَّرف

أَن يكتسي الإِنسان وَيَأْكُل وَيشْرب مِمَّا لَيْسَ عِنْده وَمَا جَاوز الكفاف فَهُوَ لتبذير وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا أنفقت على نَفسك وَأهل بَيْتك فِي غير سرف وَلَا تبذير وَمَا تَصَدَّقت فلك وَمَا أنفقت رِيَاء وَسُمْعَة فَذَلِك حَظّ الشَّيْطَان وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ نَاس من مزينة يستحملون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ (توَلّوا وأعينهم تفيض من الدمع) (التَّوْبَة آيَة 92) حزنا ظنُّوا ذَلِك من غضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {وَإِمَّا تعرضن عَنْهُم إبتغاء رَحْمَة من رَبك} الْآيَة قَالَ: الرَّحْمَة الْفَيْء وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إبتغاء رَحْمَة} قَالَ: رزق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِمَّا تعرضن عَنْهُم إبتغاء رَحْمَة من رَبك ترجوها} قَالَ: انْتِظَار رزق الله وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِمَّا تعرضن عَنْهُم} يَقُول: لَا تَجِد شَيْئا تعطيهم {ابْتِغَاء رَحْمَة من رَبك} يَقُول: انْتِظَار رزق الله من رَبك نزلت فِيمَن كَانَ يسْأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمَسَاكِين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَقل لَهُم قولا ميسوراً} قَالَ: لينًا سهلاً سَيكون إِن شَاءَ الله تَعَالَى فأفعل سنصيب إِن شَاءَ الله فأفعل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَقل لَهُم قولا ميسوراً} يَقُول: قل لَهُم نعم وكرامة وَلَيْسَ عندنَا الْيَوْم فَإِن يأتنا شَيْء نَعْرِف حقكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قولا ميسوراً} قَالَ: قولا جميلاً رزقنا الله وَإِيَّاك بَارك الله فِيك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله:

{فَقل لَهُم قولا ميسوراً} قَالَ: الْعدة قَالَ سُفْيَان: وَالْعدة من رَسُول الله دين وَالله أعلم الْآيَة 29 - 30

29

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن يسَار بن الحكم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى رَسُول الله بِزَمن الْعرَاق وَكَانَ معطاء كَرِيمًا فَقَسمهُ بَين النَّاس فَبلغ ذَلِك قوما من الْعَرَب فَقَالُوا: أنأتي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنسأله فوجدوه قد فرغ مِنْهُ فَأنْزل الله {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك} قَالَ: محبوسة {وَلَا تبسطها كل الْبسط فتقعد ملوماً} يلومك النَّاس {محسوراً} لَيْسَ بِيَدِك شَيْء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْمنْهَال بن عمر وَقَالَ: بعثت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بابنها فَقَالَت: قل لَهُ اكسني ثوبا فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَيْء فَقَالَ: ارْجع إِلَيْهِ فَقل لَهُ اكسني قَمِيصك فَرجع إِلَيْهِ فَنزع قَمِيصه فَأعْطَاهُ إِيَّاه فَنزلت {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ غُلَام إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن أُمِّي تسألك كَذَا وَكَذَا فَقَالَ: مَا عندنَا الْيَوْم شَيْء قَالَ: فَتَقول لَك اكسني قَمِيصك فَخلع قَمِيصه فَدفع إِلَيْهِ فَجَلَسَ فِي الْبَيْت حاسراً فَأنْزل الله {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة: وَضرب بِيَدِهِ أنفقي مَا ظهر [] كفى قَالَت: إِذا لَا يبْقى شَيْء قَالَ ذَلِك: ثَلَاث مَرَّات فَأنْزل الله تَعَالَى: {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة} قَالَ: يَعْنِي بذلك الْبُخْل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك}

قَالَ: هَذَا فِي النَّفَقَة يَقُول: لَا تجعلها مغلولة لَا تبسطها بِخَير {وَلَا تبسطها كل الْبسط} يَعْنِي التبذير {فتقعد ملوماً} يلوم نَفسه على مَا فَاتَهُ من مَاله {محسوراً} ذهب مَاله كُله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك وَلَا تبسطها كل الْبسط} قَالَ نَهَاهُ عَن السَّرف وَالْبخل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فتقعد ملوماً محسوراً} قَالَ: ملوماً عِنْد النَّاس محسوراً من المَال وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {ملوماً محسوراً} قَالَ مستحياً خجلاً قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: مَا فاد من مني يَمُوت جوادهم إِلَّا تركت جوادهم محسوراً وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرِّفْق فِي الْمَعيشَة خير من نض التِّجَارَة وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من فقه الرجل أَن يصلح معيشته قَالَ: وَلَيْسَ من حبك الدُّنْيَا طلب مَا يصلحك وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فقهك رفقك فِي معيشتك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الإقتصاد فِي التفقه نصف الْمَعيشَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا عَال من اقتصد وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا عَال مقتصد قطّ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن شبيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُقَال حسن التَّدْبِير مَعَ العفاف خير من الْغنى مَعَ الْإِسْرَاف وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مطرف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خير الْأُمُور أوسطها

وَأخرج الديلمي عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّدْبِير نصف الْمَعيشَة والتودّد نصف الْعقل والهم نصف الْهَرم وَقلة الْعِيَال أحد اليسارين وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن يُونُس بن عبيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال: التودّد إِلَى النَّاس نصف الْعقل وَحسن الْمَسْأَلَة نصف الْعلم والاقتصاد فِي الْمَعيشَة يلقِي عَنْك نصف الْمُؤْنَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثمَّ أخبرنَا كَيفَ يصنع بِنَا فَقَالَ: {إِن رَبك يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر} ثمَّ أخبر عباده أَنه لَا يرزؤه وَلَا يؤدوه أَن لَو بسط الرزق عَلَيْهِم وَلَكِن نظرا لَهُم مِنْهُ فَقَالَ تبَارك وَتَعَالَى {وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ لبغوا فِي الأَرْض وَلَكِن ينزل بِقدر مَا يَشَاء إِنَّه بعباده خَبِير بَصِير} قَالَ: وَالْعرب إِذا كَانَ الخصب وَبسط عَلَيْهِم أَسرُّوا وَقتل بَعضهم بَعْضًا وَجَاء الْفساد وَإِذا كَانَ السّنة شغلوا عَن ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن رَبك يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر} قَالَ: ينظر لَهُ فَإِن كَانَ الْغنى خيرا لَهُ اغناه وَإِن كَانَ الْفقر خيرا لَهُ أفقره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن رَبك يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر} قَالَ: يبسط لهَذَا مكراً بِهِ وَيقدر لهَذَا نظرا لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن يقدر فَمَعْنَاه يقلل الْآيَة 31

31

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تقتلُوا أَوْلَادكُم خشيَة إملاق} أَي خشيَة الْفَاقَة وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يقتلُون الْبَنَات خشيَة الْفَاقَة فوعظهم الله فِي ذَلِك وَأخْبرهمْ أَن رزقهم ورزق أَوْلَادهم على الله فَقَالَ: {نَحن نرزقهم وَإِيَّاكُم إِن قَتلهمْ كَانَ خطأ كَبِيرا} أَي إِثْمًا كَبِيرا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {خشيَة إملاق} قَالَ: مَخَافَة الْفَاقَة والفقر وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {خشيَة إملاق} قَالَ: مَخَافَة الْفقر قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وَإِنِّي على الاملاق يَا قوم ماجد اعدّ لأضيافي الشواء المطهيا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {خطأ} قَالَ: خَطِيئَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {خطأ كَبِيرا} مَهْمُوزَة من قبل الخطا وَالصَّوَاب وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَت لَهُ ثَلَاث بَنَات أَو ثَلَاث أَخَوَات اتَّقى الله وَقَامَ عَلَيْهِنَّ كَانَ معي فِي الْجنَّة هَكَذَا وَأَشَارَ بأصابعه الْأَرْبَع وَأخرج أَحْمد وَابْن منيع عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كن لَهُ ثَلَاث بَنَات يمونهن ويرحمهن ويكفلهن وَجَبت لَهُ الْجنَّة أَلْبَتَّة قيل: يَا رَسُول الله فَإِن كن اثْنَتَيْنِ قَالَ: وَإِن كن اثْنَتَيْنِ وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يكون لأحد ثَلَاث بَنَات أَو ثَلَاث أَخَوَات أَو بنتان أَو أختَان فيتقي الله فِيهِنَّ وَيحسن إلَيْهِنَّ إِلَّا دخل الْجنَّة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن سراقَة بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: يَا سراقَة أَلا أدلك على أعظم الصَّدَقَة قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: إِن ابْنَتك مَرْدُودَة إِلَيْك لَيْسَ لَهَا كاسب غَيْرك الْآيَة 32

32

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تقربُوا الزِّنَى} قَالَ: يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة لم تكن حُدُود فَجَاءَت بعد ذَلِك الْحُدُود فِي سُورَة النُّور

وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ وَلَا تقربُوا الزِّنَا إِنَّه كَانَ فَاحِشَة ومقتاً وساء سَبِيلا إِلَّا من تَابَ فَإِن الله كَانَ غفارًا رحِيما فَذكر لعمر رَضِي الله عَنهُ فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أَخَذتهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ لَك عمل إِلَّا الصفق بِالبَقِيعِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تقربُوا الزِّنَى إِنَّه كَانَ فَاحِشَة} قَالَ قَتَادَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: لَا يَزْنِي العَبْد حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا ينتهب حِين ينتهب وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن وَلَا يغل حِين يغل وَهُوَ مُؤمن قيل: يَا رَسُول الله وَالله إِن كُنَّا لنرى أَنه يَأْتِي ذَلِك وَهُوَ مُؤمن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا فعل شَيْئا من ذَلِك نزع الْإِيمَان من قلبه فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر حِين يشْربهَا وَهُوَ مُؤمن وَلَا ينتهب نهبة ذَات شرف يرفع الْمُؤْمِنُونَ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارهم وَهُوَ مُؤمن وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ: إِذا زنى الْمُؤمن خرج مِنْهُ الْإِيمَان فَكَانَ عَلَيْهِ كالظلة فَإِذا انقلع مِنْهَا رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْإِيمَان نور فَمن زنى فَارقه الْإِيمَان فَمن لَام نَفسه فراجع رَاجعه الْإِيمَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْإِيمَان سربال يسربله الله من يَشَاء فَإِذا زنى العَبْد نزع مِنْهُ سربال الْإِيمَان فَإِن تَابَ رد عَلَيْهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَسَأَلَهُ عَن قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن فَأَيْنَ يكون الْإِيمَان مِنْهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: يكون هَكَذَا عَلَيْهِ وَقَالَ: بكفه فَوق رَأسه فَإِن تَابَ وَنزع رَجَعَ إِلَيْهِ

وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يُسَمِّي عبيده بأسماء الْعَرَب: عِكْرِمَة وَسميع وكريب وَقَالَ لَهُم: تزوّجوا فَإِن العَبْد إِذا زنى نزع مِنْهُ نور الْإِيمَان رد الله عَلَيْهِ بعد أَو أمْسكهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا شباب قُرَيْش احْفَظُوا فروجكم لَا تَزْنُوا أَلا من حفظ الله لَهُ فرجه دخل الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا ظهر الزِّنَا والربا فِي قَرْيَة فقد أحلُّوا بِأَنْفسِهِم كتاب الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الزِّنَا يُورث الْفقر وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا نقض قوم الْعَهْد إِلَّا كَانَ الْقَتْل بَينهم وَلَا ظَهرت فَاحِشَة فِي قوم قطّ إِلَّا سلط الله عَلَيْهِم الْمَوْت وَلَا منع قوم الزَّكَاة إِلَّا حبس الله عَنْهُم الْقطر وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْهَيْثَم بن مَالك الطَّائِي رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من ذَنْب بعد الشّرك أعظم عِنْد الله من نُطْفَة وَضعهَا رجل فِي رحم لَا يحل لَهُ وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من قوم يظْهر فيهم الزِّنَا إِلَّا أخذُوا بِالسنةِ وَمَا من قوم يظْهر فيهم الرشا إِلَّا أُخذوا بِالرُّعْبِ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لم يزن عبد قطّ إِلَّا نزع الله نور الْإِيمَان مِنْهُ: إِن شَاءَ رده وَإِن شَاءَ مَنعه وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب الْخمر حِين يشرب وَهُوَ مُؤمن وَلَا يقتل وَهُوَ مُؤمن فَإِذا فعل ذَلِك نزع مِنْهُ نور الْإِيمَان كَمَا ينْزع مِنْهُ قَمِيصه فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَا ينظر إِلَيْهِم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم: شيخ زَان وَملك كَذَّاب وعائل مستكبر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤمن وَلَا يسرق السَّارِق حِين يسرق وَهُوَ مُؤمن وَلَا يشرب حِين يشرب وَهُوَ مُؤمن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أُسَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا تركت على أمتِي بعدِي فتْنَة أضرّ على الرِّجَال من النِّسَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لم يكن كفر من مضى إِلَّا من قبل النِّسَاء وَهُوَ كَائِن كفر من بَقِي من قبل النِّسَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبان بن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تعرف الزناة بنتن فروجهن يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن أَكثر ذنُوب أهل النَّار النِّسَاء الْآيَة 33 - 34

33

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ} الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا بِمَكَّة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهَا وَهُوَ أول شَيْء نزل من الْقُرْآن فِي شَأْن الْقَتْل كَانَ الْمُشْركين من أهل مَكَّة يغتالون أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: من قتلكم من الْمُشْركين فَلَا يحملنكم قَتله غياكم على أَن تقتلُوا لَهُ أَبَا أَو وأخا وأحداً من عشيرته وَإِن كَانُوا مُشْرِكين فَلَا تقتلُوا إِلَّا قاتلكم وَهَذَا قبل أَن تنزل بَرَاءَة وَقبل أَن يؤمروا بِقِتَال الْمُشْركين فَذَلِك قَوْله: {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} يَقُول: لَا تقتل غير قَاتلك وَهِي الْيَوْم على ذَلِك الْموضع من الْمُسلمين لَا يحل لَهُم أَن يقتلُوا إِلَّا قَاتلهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّاس فِي الْجَاهِلِيَّة كَانُوا إِذا قتل الرجل من الْقَوْم رجلا لم يرْضوا حَتَّى يقتلُوا بِهِ رجلا شريفاً إِذا كَانَ

قَاتلهم غير شرِيف لم يقتلُوا قَاتلهم وَقتلُوا غَيره فوعظوا فِي ذَلِك بقول الله: {وَلَا تقتلُوا النَّفس} إِلَى قَوْله {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَمن قتل مَظْلُوما فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا} قَالَ: بَيِّنَة من الله أنزلهَا يطْلبهَا ولي الْمَقْتُول الْقود أَو الْعقل وَذَلِكَ السُّلْطَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} قَالَ: لَا يكثر من الْقَتْل وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} قَالَ: لَا يقتل إِلَّا قَاتل رَحمَه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن طلق بن حبيب فِي قَوْله: {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} قَالَ: لَا يقتل غير قَاتله وَلَا يمثل بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} قَالَ: لَا يقتل اثْنَيْنِ بِوَاحِد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} قَالَ: لَا يقتل غير قَاتله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} قَالَ: من قَتَلَ بحديدة قُتِلَ بحديدة وَمن قَتَلَ بخشبة قُتِلَ بخشبة وَمن قَتَلَ بِحجر قُتِلَ بِحجر وَلَا يقتل غير قَاتله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن شَدَّاد بن أَوْس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله كتب الْإِحْسَان على كل شَيْء فَإِذا قتلتم فَأحْسنُوا القتلة وَإِذا ذبحتم فَأحْسنُوا الذبْحَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعق النَّاس قتلة أهل الْإِيمَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد عَن سَمُرَة بن جُنْدُب وَعمْرَان بن حُصَيْن قَالَا: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمثلَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يعلى بن مرّة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله: لَا تمثلوا بعبادي وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَلَا يسرف فِي الْقَتْل إِنَّه كَانَ منصوراً} يَقُول: ينصره السُّلْطَان حَتَّى ينصفه من ظالمه وَمن انتصر لنَفسِهِ دون السُّلْطَان فَهُوَ عَاص مُسْرِف قد عمل بحمية أهل الْجَاهِلِيَّة وَلم يرض بِحكم الله تَعَالَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّه كَانَ منصوراً} قَالَ: إِن الْمَقْتُول كَانَ منصوراً وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن الْكسَائي قَالَ: هِيَ قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب فَلَا تسرفوا فِي الْقَتْل ان وليه كَانَ منصوراً وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّه لما كَانَ من أَمر هَذَا الرجل مَا كَانَ يَعْنِي عُثْمَان قلت لعَلي رَضِي الله عَنهُ اعتزل فَلَو كنت جُحر طلبت حَتَّى تستخرج فعصاني وَايْم الله ليتأمرن عَلَيْكُم مُعَاوِيَة وَذكر أَن الله تَعَالَى يَقُول: {وَمن قتل مَظْلُوما فقد جعلنَا لوَلِيِّه سُلْطَانا فَلَا يسرف فِي الْقَتْل إِنَّه كَانَ منصوراً} وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تقربُوا مَال الْيَتِيم إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: كَانُوا لَا يخالطونهم فِي مَال وَلَا مأكل وَلَا مركب حَتَّى نزلت (وَإِن تخالطوهم فإخوانكم) (الْبَقَرَة آيَة 220) الْآيَة 35

35

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وأوفوا بالعهد إِن الْعَهْد كَانَ مسؤولاً} قَالَ: يَوْم أنزلت هَذِه كَانَ إِنَّمَا يسْأَل عَنهُ ثمَّ يدْخل الْجنَّة فَنزلت (إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا أُولَئِكَ لَا خلاق لَهُم فِي الْآخِرَة) (آل عمرَان آيَة 77)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن الْعَهْد كَانَ مسؤولاً} قَالَ: يسْأَل الله نَاقض الْعَهْد عَن نقضه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن الْعَهْد كَانَ مسؤولاً} قَالَ: لَا يسْأَل عَهده من أعطَاهُ اياه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثَلَاث تُؤدى إِلَى الْبر والفاجر الْعَهْد يُوفى إِلَى الْبر والفاجر وَقَرَأَ {وأوفوا بالعهد إِن الْعَهْد كَانَ مسؤولاً} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من نكث بيعَة كَانَت سترا بَينه وَبَين الْجنَّة قَالَ: وَإِنَّمَا تهْلك هَذِه الْأمة بنكثها عهودها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وأوفوا الْكَيْل إِذا كلتم} يَعْنِي لغيركم {وزنوا بالقسطاس الْمُسْتَقيم} يَعْنِي الْمِيزَان وبلغة الرّوم الْمِيزَان القسطاس {ذَلِك خير} يَعْنِي وَفَاء الْكَيْل وَالْمِيزَان خير من النُّقْصَان {وَأحسن تَأْوِيلا} عَاقِبَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ذَلِك خير وَأحسن تَأْوِيلا} أَي خير ثَوابًا وعاقبة وَأخْبرنَا إِن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يَقُول: يَا معشر الموَالِي إِنَّكُم وليتم أَمريْن: بهما هلك النَّاس قبلكُمْ هَذَا الْمِكْيَال وَهَذَا الْمِيزَان قَالَ: وَذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: لَا يقدر رجل على حرَام ثمَّ يَدعه لَيْسَ بِهِ إِلَّا مَخَافَة الله إِلَّا أبدله الله فِي عَاجل الدُّنْيَا قبل الْآخِرَة مَا هُوَ خير لَهُ من ذَلِك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {بالقسطاس} الْعدْل بالرومية وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وزنوا بالقسطاس} قَالَ: الْعدْل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وزنوا بالقسطاس} قَالَ: القبان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وزنوا بالقسطاس} قَالَ: بالحديد وَالله أعلم الْآيَة 36

36

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا تقْفُ} قَالَ: لَا تقل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} يَقُول: لَا ترم أحدا بِمَا لَيْسَ لَك بِهِ علم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن الْحَنَفِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} قَالَ: شَهَادَة الزُّور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} قَالَ: هَذَا فِي الْفِرْيَة يَوْم نزلت الْآيَة لم يكن فِيهَا حد إِنَّمَا كَانَ يسْأَل عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ يغْفر لَهُ حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة آيَة الْفِرْيَة جلد ثَمَانِينَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن السّمع وَالْبَصَر والفؤاد كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولاً} يَقُول: سَمعه وبصره يشْهد عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} قَالَ: لَا تقل سَمِعت وَلم تسمع وَلَا تقل: رَأَيْت وَلم تَرَ فَإِن الله سَائِلك عَن ذَلِك كُله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن قيس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولاً} قَالَ: يُقَال للأذن يَوْم الْقِيَامَة هَل سَمِعت وَيُقَال للعين: هَل رَأَيْت وَيُقَال للفؤاد: مثل ذَلِك وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولاً} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة يُقَال أكذاك كَانَ أم لَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيّمَا رجل شاع على رجل مُسلم بِكَلِمَة وَهُوَ مِنْهَا بَرِيء كَانَ حَقًا على الله أَن يذيبه يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار حَتَّى يَأْتِي بنفاذ مَا قَالَ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصمت عَن معَاذ بن أنس رَضِي الله

عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من حمى مُؤمنا من مُنَافِق بعث الله ملكا يحمي لَحْمه يَوْم الْقِيَامَة من نَار جَهَنَّم وَمن قفا مُؤمنا بِشَيْء يُرِيد شينه حَبسه الله على جسر جَهَنَّم حَتَّى يخرج مِمَّا قَالَ الْآيَة 37

37

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تمش فِي الآرض مرحاً} قَالَ: لَا تمش فخراً وكبراً فَإِن ذَلِك لَا يبلغ بك الْجبَال وَلَا أَن تخرق الأَرْض بفخرك وكبرك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّوَاضُع عَن [] محبس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا مشيت أمتِي المطيطا وَخدمَتهمْ فَارس وَالروم سلط بَعضهم على بعض وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رأى رجلا يخْطر فِي مَشْيه فَقَالَ: إِن للشَّيْطَان إخْوَانًا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن خَالِد بن معدان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إيَّاكُمْ والخطر فَإِن الرجل قد تُنَافِق يَده من دون سَائِر جسده الْآيَة 38

38

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن كثير رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ كل ذَلِك كَانَ سَيِّئَة عِنْد رَبك مَكْرُوها على وَاحِد يَقُول: هَذِه الْأَشْيَاء الَّتِي نهيت عَنْهَا كل سَيِّئَة الْآيَة 39

39

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن التَّوْرَاة كلهَا فِي خمس عشرَة آيَة من بني إِسْرَائِيل ثمَّ تَلا {وَلَا تجْعَل مَعَ الله إِلَهًا آخر}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مَدْحُورًا} قَالَ مطروداً الْآيَة 40 - 48

40

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَاتخذ من الْمَلَائِكَة إِنَاثًا} قَالَت الْيَهُود: الْمَلَائِكَة بَنَات الْحق وَفِي قَوْله: {قل لَو كَانَ مَعَه آلِهَة} الْآيَة يَقُول: {لَو كَانَ مَعَه آلِهَة} إِذا لعرفوا فَضله ومزيته عَلَيْهِم فابتغوا مَا يقربهُمْ إِلَيْهِ إِنَّهُم لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِذا لابتغوا إِلَى ذِي الْعَرْش سَبِيلا} قَالَ: على أَيْن ينزلُوا ملكه قَوْله تَعَالَى: {تسبح لَهُ السَّمَاوَات السَّبع وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الرَّحْمَن بن قرط رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة

أسرِي بِهِ إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى كَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام عَن يَمِينه ومكائيل عَلَيْهِ السَّلَام عَن يسَاره فطَارَا بِهِ حَتَّى بلغ السَّمَوَات العلى فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: سَمِعت تسبيحاً فِي السَّمَوَات العلى مَعَ تَسْبِيح كثير سبحت السَّمَوَات العلى من ذِي المهابة مشفقات لذِي الْعُلُوّ بِمَا علا سُبْحَانَ الْعلي الْأَعْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن لوط بن أبي لوط قَالَ: بَلغنِي أَن تَسْبِيح سَمَاء الدُّنْيَا سُبْحَانَ رَبنَا الْأَعْلَى وَالثَّانيَِة سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالثَّالِثَة سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ وَالرَّابِعَة سُبْحَانَهُ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِهِ وَالْخَامِسَة سُبْحَانَ محيي الْمَوْتَى وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَالسَّادِسَة سُبْحَانَ الْملك القدوس وَالسَّابِعَة سُبْحَانَ الَّذِي مَلأ السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع عزة ووقاراً وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَهُوَ جَالس مَعَ أَصْحَابه إِذْ سمع هزة فَقَالَ: اطت السَّمَاء وَحقّ لَهَا أَن تئط قَالُوا: وَمَا الأطيط قَالَ: تناقضت السَّمَاء ويحقها أَن تنقض وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا فِيهَا مَوضِع شبر إِلَّا فِيهِ جبهة ملك ساجد يسبح الله بِحَمْدِهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {تسبح لَهُ السَّمَاوَات السَّبع وَالْأَرْض} بِالتَّاءِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَا تفقهون تسبيحهم} أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبركُم بِشَيْء أَمر بِهِ نوح ابْنه إِن نوحًا قَالَ لِابْنِهِ يَا بني آمُرك أَن تَقول: سُبْحَانَ الله فَإِنَّهَا صَلَاة الْخلق وتسبيح الْخلق وَبهَا يرْزق الْخلق قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي اله عَنْهُمَا: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن نوحًا لما حَضرته الْوَفَاة قَالَ لابْنَيْهِ: آمركما بسبحان الله وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلَاة كل شَيْء وَبهَا يرْزق كل شَيْء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي فَضَائِل الذّكر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صَوت الديك صلَاته وضربه بجناحيه سُجُوده وركوعه ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة: {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَا تفقهون تسبيحهم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يُنَادي مُنَاد من

السَّمَاء اذْكروا الله يذكركم فَلَا يسْمعهَا أول من الديك فَيَصِيح فَذَلِك تسبيحه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تضربوا وُجُوه الدَّوَابّ فَإِن كل شَيْء يسبح بِحَمْدِهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تلطموا وُجُوه الدَّوَابّ فَإِن كل شَيْء يسبح بِحَمْدِهِ وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه مر على قوم وهم وقُوف على دَوَاب لَهُم ورواحل فَقَالَ لَهُم: اركبوها سَالِمَة ودوعها سَالِمَة وَلَا تتخذوها كراسي لأحاديثكم فِي الطّرق والأسواق فَرب مركوبه خير من راكبها وَأكْثر ذكرا للهِ مِنْهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن عبسة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا تستقل الشَّمْس فَيبقى من خلق الله تَعَالَى إِلَّا سبح الله بِحَمْدِهِ إِلَّا مَا كَانَ من الشَّيْطَان وأغنياء بني آدم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من عبد يسبح الله تَسْبِيحَة إِلَّا سبح مَا خلق الله من شَيْء قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن النَّمْل يسبحْنَ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قرصت نملة نَبيا من الْأَنْبِيَاء فَأمر بقرية النَّمْل فأحرقت فَأوحى الله إِلَيْهِ من أجل نملة وَاحِدَة أحرقت أمة من الْأُمَم تسبح وَأخرج النَّسَائِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل الضفدع وَقَالَ: نعيقها تَسْبِيح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} قَالَ: الزَّرْع يسبح بِحَمْدِهِ وأجره لصَاحبه وَالثَّوْب يسبح وَيَقُول الْوَسخ: إِن كنت مُؤمنا فاغسلني إِذا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي قبيل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الزَّرْع يسبح وثوابه للَّذي زرع وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كل شَيْء يسبح بِحَمْدِهِ إِلَّا الْحمار وَالْكَلب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} قَالَ: الاسطوانة تسبح والشجرة تسبح وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يعيبن أحدكُم دَابَّته وَلَا ثَوْبه فَإِن كل شَيْء يسبح بِحَمْدِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ والخطيب عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن صرير الْبَاب تسبيحه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي غَالب الشَّيْبَانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صَوت الْبَحْر تسبيحه وأمواجه صلَاته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الطَّعَام تَسْبِيح وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُتِي أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ بغراب وافر الجناحين فَجعل ينشر جنَاحه وَيَقُول: مَا صيد من صيد وَلَا عضدت من شَجَرَة إِلَّا بِمَا ضيعت من التَّسْبِيح وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده من طَرِيق الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُتِي أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ بغراب وافر الجناحين فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ سلم يَقُول: مَا صيد من صيد وَلَا عضدت عضاة وَلَا قطعت وشيجة إِلَّا بقلة التَّسْبِيح وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا صيد من صيد وَلَا وشج من وشج إِلَّا بتضييعه التَّسْبِيح وَأخرج عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا صيد من طير فِي السَّمَاء وَلَا سمك فِي المَاء حَتَّى يدع مَا افْترض الله عَلَيْهِ من التَّسْبِيح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أَخذ طَائِر وَلَا حوت إِلَّا بتضييع التَّسْبِيح

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مرْثَد بن أبي مرْثَد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يصطاد شَيْء من الطير وَالْحِيتَان إِلَّا بِمَا يضيع من تَسْبِيح الله وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق يزِيد بن مرْثَد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا اصطيد طير فِي بر وَلَا بَحر إِلَّا بتضييعه التَّسْبِيح وَأخرج الْعقيلِيّ فِي الضُّعَفَاء وَأَبُو الشَّيْخ والديلمي عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آجال الْبَهَائِم كلهَا وخشاش الأَرْض والنمل والبراغيث وَالْجَرَاد وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالدَّوَاب كلهَا وَغير ذَلِك آجالها فِي التَّسْبِيح فَإِذا انْقَضى تسبيحها قبض الله أرواحها وَلَيْسَ إِلَى ملك الْمَوْت مِنْهَا شَيْء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَأَن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} قَالَ: مَا من شَيْء فِي أَصله الأول لن يَمُوت إِلَّا وَهُوَ يسبح بِحَمْدِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} قَالَ: مَا من شَيْء فِي أَصله الأول لن يَمُوت إِلَّا وَهُوَ يسبح بِحَمْدِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شَوْذَب قَالَ: جلس الْحسن مَعَ أَصْحَابه على مائدة فَقَالَ بَعضهم: هَذِه الْمَائِدَة تسبح الْآن فَقَالَ الْحسن: كلا إِنَّمَا ذَاك كل شَيْء على أَصله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم قَالَ الطَّعَام تَسْبِيح وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: لَا تقتلُوا الضفادع فَإِن أصواتها تَسْبِيح وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ظن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَن أحدا لم يمدح خالقه أفضل مِمَّا مدحه وَأَن ملكا نزل وَهُوَ قَاعد فِي الْمِحْرَاب وَالْبركَة إِلَى جَانِبه فَقَالَ: يَا دَاوُد افهم إِلَى مَا تصوّت بِهِ الضفدع فأنصت دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا الضفدع يمدحه بمدحة لم يمدحه بهَا دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ الْملك: كَيفَ ترَاهُ يَا دَاوُد قَالَ: أفهمت مَا قَالَت قَالَ: نعم قَالَ: مَاذَا قَالَت قَالَ: قَالَت: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك منهتى علملك يَا رب قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: وَالَّذِي جعلني نبيه إِنِّي لم أمدحه بِهَذَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن صَدَقَة بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فِي محرابه فأبصر درة صَغِيرَة ففكر فِي خلقهَا وَقَالَ: مَا يعبأ الله بِخلق هَذِه فأنطقها الله فَقَالَت: يَا دَاوُد أتعجبك نَفسك لأَنا على قدر مَا آتَانِي الله أذكر لله وأشكر لَهُ مِنْك على مَا آتاك الله قَالَ الله: {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هَذِه الْآيَة فِي التَّوْرَاة كَقدْر ألف آيَة {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} قَالَ فِي التَّوْرَاة: تسبح لَهُ الْجبَال ويسبح لَهُ الشّجر ويسبح لَهُ كَذَا ويسبح لَهُ كَذَا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن شهر بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يسمَّى النوّاح فِي كتاب الله عز وَجل وانه انْطلق حَتَّى أَتَى الْبَحْر فَقَالَ: أَيهَا الْبَحْر إِنِّي هارب قَالَ: من الطَّالِب الَّذِي لَا ينأى طلبه قَالَ: فَاجْعَلْنِي قَطْرَة من مائك أَو دَابَّة مِمَّا فِيك أَو تربة من تربتك أَو صَخْرَة من صخرك قَالَ: أَيهَا العَبْد الهارب الفار من الطَّالِب الَّذِي لَا ينأى طلبه ارْجع من حَيْثُ جِئْت فَإِنَّهُ لَيْسَ مني شَيْء إِلَّا بارز ينظر الله عز وَجل إِلَيْهِ قد أَحْصَاهُ وعده عدا فلست أَسْتَطِيع ذَلِك ثمَّ انْطلق حَتَّى أَتَى الْجَبَل فَقَالَ: أَيهَا الْجَبَل اجْعَلنِي حجر من حجارتك أَو تربة من تربتك أَو صَخْرَة من صخرك أَو شَيْئا مِمَّا فِي جوفك فَقَالَ: أَيهَا العَبْد الهارب الفار من الطَّالِب الَّذِي لَا ينأى طلبه إِنَّه لَيْسَ مني شَيْء إِلَّا يرَاهُ الله وَينظر إِلَيْهِ وَقد أَحْصَاهُ وعده عدا فلست أَسْتَطِيع ذَلِك ثمَّ انْطلق حَتَّى أَتَى على الأَرْض يَعْنِي الرمل فَقَالَ: أَيهَا الرمل اجْعَلنِي تربة من تربك أَو صَخْرَة من صخرك أَو شَيْئا مِمَّا فِي جوفك فَأوحى الله إِلَيْهِ أجبه فَقَالَ: أَيهَا العَبْد الفار من الطَّالِب الَّذِي لَا ينأى طلبه ارْجع من حَيْثُ جِئْت فَاجْعَلْ عَمَلك لقمسين: لرغبة أَو لرهبة فعلى أَيهمَا أخذك رَبك لم تبال وَخرج فَأتى الْبَحْر فِي سَاعَة فصلى فِيهِ فنادته ضفدعة فَقَالَت: يَا دَاوُد إِنَّك حدثت نَفسك أَنَّك قد سبحت فِي سَاعَة لَيْسَ يذكر الله فِيهَا غَيْرك وَإِنِّي فِي سبعين ألف ضفدعة كلهَا قَائِمَة على رجل تسبح الله تَعَالَى وتقدسه وَأخرج أَحْمد وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: صلى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لَيْلَة حَتَّى أصبح فَلَمَّا أَن أصبح وجد فِي نَفسه غرُورًا فنادته ضفدعة

يَا دَاوُد كنت أدأب مِنْك قد أغفيت إغْفَاءَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَنه لَيْسَ شَيْء أَكثر تسبيحاً من هَذِه الدودة الْحَمْرَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: التُّرَاب يسبح فَإِذا بني فِيهِ الْحَائِط سبح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا سَمِعت تغيضاً من الْبَيْت أَو من الْخشب والجدر فَهُوَ تَسْبِيح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن خَيْثَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يطْبخ قدرا فَوَقَعت على وَجههَا فعلت تسبح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة قَالَ: كَانَ مطرف رَضِي الله عَنهُ إِذا دخل بَيته فسبح سبحت مَعَه آنِية بَيته وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَوْلَا مَا غمي عَلَيْكُم من تَسْبِيح مَا مَعكُمْ فِي الْبيُوت مَا تقاررتم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مسعر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَوْلَا مَا غمي عَلَيْكُم من تَسْبِيح خلقه مَا تقاررتم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} قَالَ: كل شَيْء فِيهِ الرّوح يسبح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ} قَالَ: صَلَاة الْخلق تسبيحهم سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعد الْآيَات بركَة وَأَنْتُم تعدونها تخويا بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ مَعنا مَاء فَقَالَ لنا: اطْلُبُوا من مَعَه فضل مَاء فَأتي بِمَاء فَوَضعه فِي إِنَاء ثمَّ وضع يَده فِيهِ فَجعل المَاء يخرج من بَين أَصَابِعه ثمَّ قَالَ: حَيّ على الطّهُور الْمُبَارك وَالْبركَة من الله فشربنا مِنْهُ قَالَ عبد الله: كُنَّا نسْمع صَوت المَاء وتسبيحه وَهُوَ يشرب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نَأْكُل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنسمع تَسْبِيح الطَّعَام وَهُوَ يُؤْكَل

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أنس قَالَ: آتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِطَعَام ثريد فَقَالَ: إِن هَذَا الطَّعَام يسبح قَالُوا: يَا رَسُول الله وتفقه تسبيحه قَالَ: نعم ثمَّ قَالَ لرجل: أدن هَذِه الْقَصعَة من هَذَا الرجل فأدناها مِنْهُ فَقَالَ: نعم يَا رَسُول الله هَذَا الطَّعَام يسبح فَقَالَ: أدْنِها من آخر وَأَدْنَاهَا مِنْهُ فَقَالَ: هَذَا الطَّعَام يسبح ثمَّ قَالَ: ردهَا فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله لَو أمرت على الْقَوْم جَمِيعًا فَقَالَ: لَا إِنَّهَا لَو سكتت عِنْد رجل لقالوا من ذَنْب ردهَا فَردهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي حَمْزَة الثمالِي قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ وَسمع عصافير يصحن قَالَ: تَدْرِي مَا يقلن قلت: لَا قَالَ: يسبحْنَ ربهن عز وَجل ويسألن قوت يومهن وَأخرج الْخَطِيب عَن أبي حَمْزَة قَالَ: كُنَّا مَعَ عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فَمر بِنَا عصافير يصحن فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا تَقول هَذِه العصافير فَقُلْنَا: لَا قَالَ: أما إِنِّي مَا أَقُول إِنَّا نعلم الْغَيْب وَلَكِنِّي سَمِعت أبي يَقُول: سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب أَمِير الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنهُ يَقُول: إِن الطير إِذا أَصبَحت سبحت رَبهَا وَسَأَلته قوت يَوْمهَا وَإِن هَذِه تسبح رَبهَا وتسأله قوت يَوْمهَا وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة قَالَت: دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لي: يَا عَائِشَة اغسلي هذَيْن البردين فَقلت: يَا رَسُول الله بالْأَمْس غسلتهما فَقَالَ لي: أما علمت أَن الثَّوْب يسبح فَإِذا اتسخ انْقَطع تسبيحه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّه كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} قَالَ: حَلِيمًا عَن خلقه فَلَا يعجل كعجلة بَعضهم على بعض غَفُورًا لَهُم إِذا ثابوا وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَت: لما نزلت (تبت يدا أبي لَهب) (المسد آيَة 1) أَقبلت العوراء أم جميل وَلها ولولة وَفِي يَدهَا فهر وَهِي تَقول: مذمماً أَبينَا وَدينه قلينا وَأمره عصينا

وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى جنبه فَقَالَ أَبُو بكر: لقد أَقبلت هَذِه وَأَنا أَخَاف أَن تراك فَقَالَ: إِنَّهَا لن تراني وَقَرَأَ قُرْآنًا اعْتصمَ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن جعلنَا بَيْنك وَبَين الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة حِجَابا مَسْتُورا} فَجَاءَت حَتَّى قَامَت على أبي بكر رَضِي الله عَنهُ: فَلم تَرَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا أَبَا بكر بَلغنِي أَن صَاحبك هجاني فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: لَا وَرب هَذَا الْبَيْت مَا هجاك فَانْصَرَفت وَهِي تَقول: قد علمت قُرَيْش أَنِّي بنت سَيِّدهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من وَجه آخر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن أم جميل دخلت على أبي بكر وَعِنْده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا ابْن أبي قُحَافَة مَا شَأْن صَاحبك ينشد فِي الشّعْر فَقَالَ: وَالله مَا صَاحِبي بشاعر وَمَا يدْرِي مَا الشّعْر فَقَالَت: أَلَيْسَ قد قَالَ: (فِي جيدها حَبل من مسد) (المسد آيَة 5) فَمَا يدريه مَا فِي جيدي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قل لَهَا: هَل تَرين عِنْدِي أحدا فَإِنَّهَا لن تراني جعل بيني وَبَينهَا حجاب فَقَالَ لَهَا أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فَقَالَت: أتهزأ بِي وَالله مَا أرى عنْدك أحدا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد الْمقَام وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ظلّ الْكَعْبَة بَين يَدي إِذْ جَاءَت أم جميل بنت حَرْب بن أُميَّة زَوْجَة أبي لَهب وَمَعَهَا فهران فَقَالَت: أَيْن الَّذِي هجاني وهجا زَوجي وَالله لَئِن رَأَيْته لارضن أنثييه بِهَذَيْنِ الفهرين وَذَلِكَ عِنْد نزُول (تبت يدا أبي لَهب) قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فَقلت لَهُ: يَا أم جميل مَا هجاك وَلَا هجا زَوجك قَالَت: وَالله مَا أَنْت بِكَذَّابٍ وَإِن النَّاس ليقولون ذَلِك ثمَّ ولت ذَاهِبَة فَقلت: يَا رَسُول الله إِنَّهَا لم ترك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حَال بيني وَبَينهَا جِبْرِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت (تبت يدا أبي لَهب) جَاءَت امْرَأَة أبي لَهب فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله لَو تنحيت عَنْهَا فَإِنَّهَا امْرَأَة بذية فَقَالَ: إِنَّه سيحال بيني وَبَينهَا فَلَا تراني فَقَالَ: يَا أَبَا بكر هجانا صَاحبك

قَالَ: وَالله مَا ينْطق بالشعر وَلَا يَقُوله فَقَالَ: إِنَّك لمصدق فاندفعت رَاجِعَة فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله مَا رأتك قَالَ: كَانَ بيني وَبَينهَا ملك يسترني بجناحه حَتَّى ذهبت وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَلا الْقُرْآن على مُشْركي قُرَيْش ودعاهم إِلَى الله قَالُوا: يهزؤون بِهِ (قُلُوبنَا فِي أكنة بِمَا تدعونا إِلَيْهِ وَفِي آذاننا وقر وَمن بَيْننَا وَبَيْنك حجاب) (السَّجْدَة آيَة 5) فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْلهم {وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن} الْآيَات وَأخرج ابْن عَسَاكِر وَولده الْقَاسِم فِي كتاب آيَات الْحِرْز عَن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد الْمنْقري رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدم حُسَيْن بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ الْمَدِينَة حاجّاً فاحتجنا إِلَى أَن نوجه رَسُولا وَكَانَ فِي الْخَوْف فَأبى الرَّسُول أَن يخرج وَخَافَ على نَفسه من الطَّرِيق فَقَالَ الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ: أَنا أكتب لَك رقْعَة فِيهَا حرز لن يَضرك شَيْء إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَكتب لَهُ رقْعَة وَجعلهَا الرَّسُول فِي صورته فَذهب الرَّسُول فَلم يلبث أَن جَاءَ سالما فَقَالَ: مَرَرْت بالأعراب يَمِينا وَشمَالًا فَمَا هيجني مِنْهُم أحد والحرز عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ بن أبي طَالب وَإِن هَذَا الْحِرْز كَانَ الْأَنْبِيَاء يتحرزون بِهِ من الفراعنة: (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) (قَالَ اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون) (الْمُؤْمِنُونَ آيَة 109) (إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقيا) (مَرْيَم آيَة 18) أخذت بسمع الله وبصره وقوّته على أسماعكم وأبصاركم وقوتكم يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّيَاطِين والأعراب وَالسِّبَاع والهوام واللصوص مِمَّا يخَاف ويحذر فلَان بن فلَان سترت بَينه وَبَيْنكُم بستر النبوّة الَّتِي استتروا بهَا من سطوات الفراعنة جِبْرِيل عَن أَيْمَانكُم وَمِيكَائِيل عَن شمائاكم وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمامكم وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من فَوْقكُم يمنعكم من فلَان بن فلَان فِي نَفسه وَولده وَأَهله وشعره وبشره وَمَاله وَمَا عَلَيْهِ وَمَا مَعَه وَمَا تَحْتَهُ وَمَا فَوْقه {وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن جعلنَا بَيْنك وَبَين الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة حِجَابا مَسْتُورا}

{وَجَعَلنَا على قُلُوبهم أكنة} إِلَى قَوْله {نفوراً} وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن جعلنَا بَيْنك وَبَين الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة حِجَابا مَسْتُورا} قَالَ: الْحجاب المستور أكنة على قُلُوبهم أَن يفقهوه وَأَن ينتفعوا بِهِ أطاعوا الشَّيْطَان فاستحوذ عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن الْآيَة قَالَ: ذَاك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ الْقُرْآن على الْمُشْركين بِمَكَّة سمعُوا صَوته وَلَا يرونه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِذا ذكرت رَبك فِي الْقُرْآن وَحده ولوا على أدبارهم نفوراً} قَالَ: بغضاً لما تَتَكَلَّم بِهِ لِئَلَّا يسمعوه كَمَا كَانَ قوم نوح يجْعَلُونَ أَصَابِعهم فِي آذانهم لِئَلَّا يسمعوا مَا يَأْمُرهُم بِهِ من الاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَإِذا ذكرت رَبك فِي الْقُرْآن وَحده ولوا على أدبارهم نفوراً} قَالَ: الشَّيَاطِين وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ عَليّ أَنه قَالَ: لم كتمتم (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) فَنعم الِاسْم وَالله كتموا فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا دخل منزله اجْتمعت عَلَيْهِ قُرَيْش فيجهر (بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) وَيرْفَع صَوته بهَا فتولي قُرَيْش فِرَارًا فَأنْزل الله {وَإِذا ذكرت رَبك فِي الْقُرْآن وَحده ولوا على أدبارهم نفوراً} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِذْ يَسْتَمِعُون إِلَيْك} قَالَ: عتبَة وَشَيْبَة ابْنا ربيعَة والوليد بن الْمُغيرَة وَالْعَاص بن وَائِل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِذْ يَسْتَمِعُون إِلَيْك} قَالَ: هِيَ فِي مثل الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَمن مَعَه فِي دَار الندوة وَفِي قَوْله: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا} قَالَ: مخرجا يخرجهم من الْأَمْثَال الَّتِي ضربوا لَك الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن إِسْحَق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ:

حدثت أَن أَبَا جهل وَأَبا سُفْيَان والأخنس بن شريق خَرجُوا لَيْلَة يَسْتَمِعُون من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فِي بَيته فَأخذ كل رجل مِنْهُم مَجْلِسا يستمع فِيهِ وكل لَا يعلم بمَكَان صَاحبه فَبَاتُوا يَسْتَمِعُون لَهُ حَتَّى إِذا طلع الْفجْر تفَرقُوا فَجمعتهمْ الطَّرِيق فتلاوموا فَقَالَ بَعضهم لبَعض: لَا تعودوا فَلَو رآكم بعض سفائكم لأوقعتم فِي نَفسه شَيْئا ثمَّ انصرفوا حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْلَة الثَّانِيَة عَاد كل رجل مِنْهُم إِلَى مَجْلِسه فَبَاتُوا يَسْتَمِعُون لَهُ حَتَّى طلع الْفجْر تفَرقُوا فَجمعتهمْ الطَّرِيق فَقَالَ بَعضهم لبَعض: مثل مَا قَالُوا أول مرّة ثمَّ انصرفوا حَتَّى إِذا كَانَت اللَّيْلَة الثَّالِثَة أَخذ كل وَاحِد مِنْهُم مَجْلِسه فَبَاتُوا يَسْتَمِعُون لَهُ حَتَّى إِذا طلع الْفجْر تفَرقُوا فَجمعتهمْ الطَّرِيق فَقَالَ بَعضهم لبَعض: لَا نَبْرَح حَتَّى نتعاهد لَا نعود فتعاهدوا على ذَلِك ثمَّ تفَرقُوا فَلَمَّا أصبح الْأَخْنَس أَتَى أَبَا سُفْيَان فِي بَيته فَقَالَ: أَخْبرنِي عَن رَأْيك فِيمَا سَمِعت من مُحَمَّد قَالَ: وَالله لقد سَمِعت أَشْيَاء أعرفهَا وَأعرف مَا يُرَاد بهَا وَسمعت أَشْيَاء مَا عرفت مَعْنَاهَا وَلَا مَا يُرَاد بهَا قَالَ الْأَخْنَس: وَأَنا وَالَّذِي حَلَفت بِهِ ثمَّ خرج من عِنْده حَتَّى أَتَى أَبَا جهل فَقَالَ: مَا رَأْيك فِيمَا سَمِعت من مُحَمَّد قَالَ: مَاذَا سَمِعت تنازعنا نَحن وَبَنُو عبد منَاف فِي الشّرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حَتَّى إِذا تجاثينا على الركب وَكُنَّا كفرسي رهان قَالُوا: منا نَبِي يَأْتِيهِ الْوَحْي من السَّمَاء فَمَتَى ندرك هَذِه وَالله لَا نؤمن بِهِ أبدا وَلَا نصدقه فَقَامَ عَنهُ الْأَخْنَس وَتَركه وَالله أعلم الْآيَة 49 - 51

49

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ورفاتاً} قَالَ غباراً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي

الله عَنهُ فِي قَوْله: {ورفاتاً} قَالَ: تُرَابا وَفِي قَوْله: {قل كونُوا حِجَارَة أَو حديداً} قَالَ: مَا شِئْتُم فكونوا فسيعيدكم الله كَمَا أَنْتُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم} قَالَ: الْمَوْت قَالَ: لَو كُنْتُم موتى لأحييتكم وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أَو خلقا مِمَّا يكبر فِي صدوركم} قَالَ: هُوَ الْمَوْت لَيْسَ شَيْء أكبر فِي نفس ابْن آدم من الْمَوْت فكونوا الْمَوْت ان اسْتَطَعْتُم فَإِن الْمَوْت سيموت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فسينغضون إِلَيْك رؤوسهم} قَالَ: يحركون رؤوسهم استهزاء برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى: {فسينغضون إِلَيْك رؤوسهم} قَالَ: يحركون رؤوسهم استهزاء برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: اتنغض لي بوم الفخار وَقد ترى خيولاً عَلَيْهَا كالأسود ضواريا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ} قَالَ: الْإِعَادَة وَالله تَعَالَى أعلم الْآيَة 53

52

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فتستجيبون بِحَمْدِهِ} قَالَ بأَمْره

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فتستجيبون بِحَمْدِهِ} قَالَ: يخرجُون من قُبُورهم وهم يَقُولُونَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَوْم يدعوكم فتستجيبون بِحَمْدِهِ} أَي بمعرفته وطاعته {وتظنون إِن لبثتم إِلَّا قَلِيلا} أَي فِي الدُّنْيَا تحاقرت الْأَعْمَار فِي أنفسهم وَقلت حِين عاينوا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ على أهل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحْشَة فِي قُبُورهم وَلَا فِي منشرهم وَكَأَنِّي بِأَهْل لَا إِلَه إِلَّا الله يَنْفضونَ التُّرَاب عَن رؤوسهم وَيَقُولُونَ الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا عَنَّا الْحزن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْسَ على أهل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحْشَة عِنْد الْمَوْت وَلَا فِي الْقُبُور وَلَا فِي الْحَشْر كَأَنِّي بِأَهْل لَا إِلَه إِلَّا الله قد خَرجُوا من قُبُورهم يَنْفضونَ رؤوسهم من التُّرَاب يَقُولُونَ الْحَمد الله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن وَأخرج الْخَطِيب فِي التَّارِيخ عَن مُوسَى بن هرون الْحمال قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم فَقلت: يَا رَسُول الله إِن يحيى الْحمانِي حَدثنَا عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن ابْن عمر عَنْك صلى الله عَلَيْك أَنَّك قلت لَيْسَ على أهل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحْشَة فِي قُبُورهم وَلَا فِي منشرهم وَكَأَنِّي بلأهل لَا إِلَه إِلَّا الله يَنْفضونَ التُّرَاب عَن رؤوسهم وَيَقُولُونَ الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن فَقَالَ: صدق الْحمانِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقل لعبادي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقل لعبادي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: يعفوا عَن السَّيئَة وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَقل لعبادي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: لَا يَقُول لَهُ مثل مَا يَقُول بل يَقُول لَهُ: يَرْحَمك الله يغْفر الله لَك

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نَزغ الشَّيْطَان تحريشه وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يشيرن أحدكُم إِلَى أَخِيه بِالسِّلَاحِ فَإِنَّهُ لَا يدْرِي أحدكُم لَعَلَّ الشَّيْطَان ينزغ فِي يَده فَيَقَع فِي حُفْرَة من نَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِن الشَّيْطَان كَانَ للْإنْسَان عدوّاً مُبينًا} قَالَ: عادوه فَإِنَّهُ يحِق على كل مُسلم عداوته وعداوته أَن تعاديه بِطَاعَة الله الْآيَة 54

54

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ربكُم أعلم بكم إِن يَشَأْ يَرْحَمكُمْ} قَالَ: فتؤمنوا وَإِن يَشَأْ يعذبكم فتموتوا على الشّرك كَمَا أَنْتُم الْآيَة 55

55

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلَقَد فضلنَا بعض النَّبِيين على بعض} قَالَ: اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وكلم مُوسَى تكليماً وَجعل عِيسَى كَمثل آدم خلقه من تُرَاب ثمَّ قَالَ لَهُ كن فَكَانَ وَهُوَ عبد الله وَرَسُوله من كلمة الله وروحه وَآتى سُلَيْمَان ملكا عَظِيما لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده وَآتى دَاوُد زبورا وَغفر لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَقَد فضلنَا بعض النَّبِيين على بعض} قَالَ: كلم الله مُوسَى وَأرْسل مُحَمَّدًا إِلَى النَّاس كَافَّة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وآتينا دَاوُد زبوراً} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنه دُعَاء علمه دَاوُد وتحميد أَو تمجيد الله عز وَجل لَيْسَ فِيهِ حَلَال وَلَا حرَام وَلَا فَرَائض وَلَا حُدُود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الزبُور ثَنَاء على الله وَدُعَاء وتسبيح وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عبد الرَّحْمَن بن مرْدَوَيْه قَالَ: فِي زبور آل دَاوُد ثَلَاثَة أحرف: طُوبَى لرجل لَا يسْلك سَبِيل الْخَطَّائِينَ وطوبى لمن لم يأتمر بِأَمْر الظَّالِمين وطوبى من لم يُجَالس البطالين وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي أول شَيْء من مَزَامِير دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: طُوبَى لرجل لَا يسْلك طَرِيق الْخَطَّائِينَ وَلم يُجَالس البطالين ويستقيم على عبَادَة ربه عز وَجل فَمثله كَمثل شَجَرَة نابتة على ساقية لَا يزَال فِيهَا المَاء يفضل ثَمَرهَا فِي زمَان الثِّمَار وَلَا تزَال خضراء فِي غير زمَان الثِّمَار وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت فِي بعض زبور دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام تساقطت الْقرى وأبطل ذكرهم وَأَنا دَائِم الدَّهْر مقْعد كرْسِي للْقَضَاء وَأخرج أَحْمد عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وجدت فِي كتاب دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول: بعزتي وَجَلَالِي إِنَّه من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وَمَا ترددت عَن شَيْء أُرِيد ترددي عَن موت الْمُؤمن قد علمت أَنه يكره الْمَوْت وَلَا بُد لَهُ مِنْهُ وَأَنا أكره أَن أسوءه قَالَ: وقرأت فِي كتاب آخر: ان الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول: كفاني لعبدي مَالا إِذا كَانَ عَبدِي فِي طَاعَتي أَعْطيته قبل أَن يسألني واستجبت لَهُ من قبل أَن يدعوني فَإِنِّي أعلم بحاجته الَّتِي ترفق بِهِ من نَفسه قَالَ: وقرأت فِي كتاب آخر: إِن الله عز وَجل يَقُول: بعزتي إِنَّه من اعْتصمَ بِي وَإِن كادته السَّمَوَات بِمن فِيهِنَّ والأرضون بِمن فِيهِنَّ فَإِنِّي أجعَل لَهُ من بَين ذَلِك مخرجا وَمن لم يعتصمني بِي فَإِنِّي أقطع يَدَيْهِ من أَسبَاب السَّمَاء وأخسف بِهِ من تَحت قَدَمَيْهِ الأَرْض فأجعله فِي الْهَوَاء ثمَّ أكله إِلَى نَفسه وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي حِكْمَة آل دَاوُد وَحقّ على الْعَاقِل أَن لَا يشْتَغل عَن أَربع سَاعَات: سَاعَة يُنَاجِي ربه وَسَاعَة يُحَاسب

فِيهَا نَفسه وَسَاعَة يُفْضِي فِيهَا إِلَى اخوانه الَّذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عَن نَفسه وَسَاعَة يخلي بَين نَفسه وَبَين لذاتها فِيمَا يحل ويجمل فَإِنَّهُ هَذِه السَّاعَات: عون على هَذِه السَّاعَات وَإِجْمَاع للقلوب وَحقّ على الْعَاقِل أَن يكون عَارِفًا بِزَمَانِهِ حَافِظًا لِلِسَانِهِ مُقبلا على شَأْنه وَحقّ على الْعَاقِل أَن لَا يظعن إِلَّا فِي احدى ثَلَاث: زَاد لِمَعَاد أَو مرمة لِمَعَاش أَو لَذَّة فِي غير محرم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن خَالِد الربعِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وجدت فَاتِحَة الزبُور الَّذِي يُقَال لَهُ: زبور دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَن رَأس الْحِكْمَة خشيَة الله تَعَالَى وَأخرج أَحْمد عَن أَيُّوب الفلسطيني رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَكْتُوب فِي مَزَامِير دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَام - أَتَدْرِي لمن أَغفر قَالَ: لمن يَا رب قَالَ: للَّذي إِذا أذْنب ذَنبا ارتعدت لذَلِك مفاصله فَذَلِك الَّذِي آمُر ملائكتي أَن لَا يكتبوا عَلَيْهِ ذَلِك الذَّنب وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَكْتُوب فِي الزبُور بطلت الامانة وَالرجل مَعَ صَاحبه بشفتين مختلفتين يهْلك الله عز وَجل كل ذِي شفين مختلفتين قَالَ: ومكتوب فِي الزبُور بِنَار الْمُنَافِق تحترق الْمَدِينَة وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَكْتُوب فِي الزبُور - وَهُوَ أول الزبُور - طُوبَى لمن لم يسْلك سَبِيل الْأَئِمَّة وَلم يُجَالس الْخَطَّائِينَ وَلم يفِيء فِي هم الْمُسْتَهْزِئِينَ وَلَكِن همه سنة الله عز وَجل وَإِيَّاهَا يتَعَلَّم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار مثله مثل شَجَرَة تنْبت على شط تؤتي ثَمَرَتهَا فِي حينها وَلَا يَتَنَاثَر من وَرقهَا شَيْء وكل عمل بأَمْري لَيْسَ ذَلِك مثل عمل الْمُنَافِقين وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت فِي الزبُور بكبر الْمُنَافِق يَحْتَرِق الْمِسْكِين وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت فِي آخر زبور دَاوُد - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام - ثَلَاثِينَ سطراً يَا دَاوُد هَل تَدْرِي أَي الْمُؤمنِينَ أحب إِلَيّ أَن أطيل حَيَاته الَّذِي قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله أقشعر جلده وَإِنِّي أكره لذَلِك الْمَوْت كَمَا تكره الوالدة لولدها وَلَا بُد لَهُ مِنْهُ إِنِّي أُرِيد

أَن أسره فِي دَار سوى هَذِه الدَّار فَإِن نعيمها بلَاء ورخاءها شدَّة فِيهَا عَدو لَا يألوهم خبالاً يجْرِي مِنْهُ مجْرى الدَّم من أجل ذَلِك عجلت أوليائي إِلَى الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَالك بن المغول قَالَ: فِي زبور دَاوُد مَكْتُوب إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا ملك الْمُلُوك قُلُوب الْمُلُوك بيَدي فأيما قوم كَانُوا على طَاعَة جعلت الْمُلُوك عَلَيْهِم رَحْمَة وَأَيّمَا قوم كَانُوا على مَعْصِيّة جعلت الْمُلُوك عَلَيْهِم نقمة لَا تشْغَلُوا أَنفسكُم بِسَبَب الْمُلُوك وَلَا تتوبوا إِلَيْهِم تُوبُوا إليَّ أعطف قُلُوبكُمْ عَلَيْكُم الْآيَة 56 - 57

56

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قل ادعوا الَّذين زعمتم من دونه فَلَا يملكُونَ كشف الضّر عَنْكُم وَلَا تحويلاً} قَالَ: كَانَ نفر من الْإِنْس يعْبدُونَ نَفرا من الْجِنّ فَأسلم النَّفر من الْجِنّ وَتمسك الإنسيون بعبادتهم فَأنْزل الله {أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة} كِلَاهُمَا بِالْيَاءِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي نفر من الْعَرَب كَانُوا يعْبدُونَ نَفرا من الْجِنّ فَأسلم الجنيون والنفر من الْعَرَب لَا يَشْعُرُونَ بذلك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت قبائل من الْعَرَب يعْبدُونَ صنفا من الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُم الْجِنّ وَيَقُولُونَ هم بَنَات الله فَأنْزل الله {أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أهل الشّرك يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة والمسيح وعزيراً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن

ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَلَا يملكُونَ كشف الضّر عَنْكُم} قَالَ: عِيسَى وَأمه وعزير وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ} قَالَ: هم عِيسَى وعزير وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَاللَّفْظ لَهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلوا الله لي الْوَسِيلَة قَالُوا: وَمَا الْوَسِيلَة قَالَ: الْقرب من الله ثمَّ قَرَأَ {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة أَيهمْ أقرب} الْآيَة 58

58

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِن من قَرْيَة إِلَّا نَحن مهلكوها قبل يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: مبيدوها أَو معذبوها قَالَ: بِالْقَتْلِ وَالْبَلَاء كل قَرْيَة فِي الأَرْض سيصيبها بعض هَذَا وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سماك بن حَرْب عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا ظهر الزِّنَا والربا فِي قَرْيَة أذن الله فِي هلاكها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ فِي قَوْله: {كَانَ ذَلِك فِي الْكتاب مسطوراً} قَالَ: فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ الْآيَة 59 - 60

59

أخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله

عَنْهُمَا قَالَ: سَأَلَ أهل مَكَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَجْعَل لَهُم الصَّفَا ذَهَبا وَأَن ينحي عَنْهُم الْجبَال فيزرعون فَقيل لَهُ: إِن شِئْت أَن تتأنى بهم وَإِن شِئْت أَن نؤتيهم الَّذِي سَأَلُوا فَإِن كفرُوا أهلكوا كَمَا أهلكت من قبلهم من الْأُمَم قَالَ لَا: بل أستأني بهم فَأنْزل الله {وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا ان كذب بهَا الْأَولونَ} وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَت قُرَيْش للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادْع لنا رَبك أَن يَجْعَل لنا الصَّفَا ذَهَبا ونؤمن لَك قَالَ: وتفعلون قَالُوا: نعم فَدَعَا فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول لَك إِن شِئْت أصبح الصَّفَا لَهُم ذَهَبا فَمن كفر مِنْهُم بعد ذَلِك عَذبته عذَابا لَا أعذبه أحدا من الْعَالمين وَإِن شِئْت فتحت لَهُم بَاب التَّوْبَة وَالرَّحْمَة قَالَ: بَاب التَّوْبَة وَالرَّحْمَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّاس لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو جئتنا بِآيَة كَمَا جَاءَ بهَا صَالح والنبيون فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن شِئْتُم دَعَوْت الله فأنزلها عَلَيْكُم وَإِن عصيتم هلكتم فَقَالُوا: لَا نريدها وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ أهل مَكَّة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن كَانَ مَا تَقول حَقًا ويسرك أَن نؤمن فحوّل لنا الصَّفَا ذَهَبا فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: إِن شِئْت كَانَ الَّذِي سَأَلَك قَوْمك وَلكنه إِن كَانَ ثمَّ لم يُؤمنُوا لم ينْظرُوا وَإِن شِئْت اسْتَأْنَيْت بقومك قَالَ: بل أستأني بقومي فَأنْزل الله: {وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كذب بهَا الْأَولونَ} وَأنزل الله (وَمَا آمَنت قبلهم من قَرْيَة أهلكناها أفهم يُؤمنُونَ) (الْأَنْبِيَاء آيَة 6) وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا منعنَا أَن نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا ان كذب بهَا الْأَولونَ} قَالَ: رَحْمَة لكم أيتها الْأمة قَالَ: إِنَّا لَو أرسلنَا بِالْآيَاتِ فَكَذَّبْتُمْ بهَا أَصَابَكُم مَا أصَاب من قبلكُمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: لم تؤت قَرْيَة بِآيَة فكذبوا بهَا إِلَّا عذبُوا وَفِي قَوْله: {وآتينا ثَمُود النَّاقة مبصرة} قَالَ: آيَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَمَا نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا تخويفاً} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا تخويفاً} قَالَ: الْمَوْت الذريع وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْبَعْث عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا تخويفاً} قَالَ: الْمَوْت من ذَلِك وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا نرسل بِالْآيَاتِ إِلَّا تخويفاً} قَالَ: إِن الله يخوّف النَّاس بِمَا شَاءَ من آيَاته لَعَلَّهُم يعتبون أَو يذكرُونَ أَو يرجعُونَ ذكر لنا أَن الْكُوفَة رجفت على عهد ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن ربكُم يستعتبكم فاعتبوه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِذ قُلْنَا لَك أَن رَبك أحَاط بِالنَّاسِ} قَالَ: عصمك من النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن رَبك أحَاط بِالنَّاسِ} قَالَ: فهم فِي قَبضته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن رَبك أحَاط بِالنَّاسِ} قَالَ: أحَاط بهم فَهُوَ مانعك مِنْهُم وعاصمك حَتَّى تبلغ رسَالَته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} قَالَ: هِيَ رُؤْيا عين أريها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَلَيْسَت برؤيا مَنَام {والشجرة الملعونة فِي الْقُرْآن} قَالَ: هِيَ شَجَرَة الزقوم

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك} قَالَ: مَا أرِي فِي طَرِيقه إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر عَن أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أسرِي بِهِ أصبح يحدث نَفرا من قُرَيْش وهم يستهزئون بِهِ فطلبوا مِنْهُ آيَة فوصف لَهُم بَيت الْمُقَدّس وَذكر لَهُم قصَّة العير فَقَالَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة: هَذَا سَاحر فَأنْزل الله تَعَالَى: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصبح يحدث بذلك فكذب بِهِ أنَاس فَأنْزل الله فِيمَن ارْتَدَّ: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ مَا رأى فِي بَيت الْمُقَدّس لَيْلَة أسرِي بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} يَقُول: أرَاهُ من الْآيَات والعبر فِي مسيره إِلَى بَيت الْمُقَدّس ذكر لنا أَن نَاسا ارْتَدُّوا بعد إسْلَامهمْ حِين حَدثهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمسيره أَنْكَرُوا ذَلِك وكذبوا بِهِ وعجبوا مِنْهُ وَقَالُوا أتحدثنا أَنَّك سرت مسيرَة شَهْرَيْن فِي لَيْلَة وَاحِدَة وَأخرج ابْن جرير عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني فلَان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذَلِك فَمَا استجمع ضَاحِكا حَتَّى كات وَأنزل الله {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَأَيْت ولد الحكم بن أبي الْعَاصِ على المنابر كَأَنَّهُمْ القردة وَأنزل الله فِي ذَلِك {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس والشجرة الملعونة} يَعْنِي الحكم وَولده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يعلى بن مرّة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أريت بني أُميَّة على مَنَابِر الأَرْض وسيتملكونكم فتجدونهم أَرْبَاب سوء واهتم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك: فَأنْزل الله {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أصبح وَهُوَ مهموم فَقيل: مَالك يَا رَسُول الله فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن بني أُميَّة يتعاورون منبري هَذَا فَقيل: يَا رَسُول الله لَا تهتهم فَإِنَّهَا دنيا تنالهم فَأنْزل الله: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني أُميَّة على المنابر فساءه ذَلِك فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنَّمَا هِيَ دنيا أعطوها فقرت عينه وَهِي قَوْله: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} يَعْنِي بلَاء للنَّاس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت لمروان بن الحكم: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لأَبِيك وَجدك إِنَّكُم الشَّجَرَة الملعونة فِي الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك} الْآيَة قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرِي أَنه دخل مَكَّة هُوَ وَأَصْحَابه وَهُوَ يَوْمئِذٍ بِالْمَدِينَةِ فَسَار إِلَى مَكَّة قبل الْأَجَل فَرده الْمُشْركُونَ فَقَالَ أنَاس قدْ رُدَّ وَكَانَ حَدثنَا أَنه سيدخلها فَكَانَت رجعته فتنتهم وَأخرج ابْن اسحق وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ أَبُو جهل لما ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - شَجَرَة الزقوم تخويفاً لَهُم يَا معشر قُرَيْش هَل تَدْرُونَ مَا شَجَرَة الزقوم الَّتِي يخوّفكم بهَا مُحَمَّد قَالُوا: لَا قَالَ: عَجْوَة يثرب بالزبد - وَالله لَئِن استمكنا مِنْهَا لنتزقمها تزقما فَأنْزل الله: (إِن شَجَرَة الزقوم طَعَام الأثيم) (الدُّخان الْآيَتَانِ 43 44) وَأنزل الله {والشجرة الملعونة فِي الْقُرْآن} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {والشجرة الملعونة فِي الْقُرْآن} قَالَ: هِيَ شَجَرَة الزقوم خوفوا بهَا قَالَ أَبُو جهل: أيخوفني ابْن أبي كَبْشَة بشجرة الزقوم ثمَّ دَعَا بِتَمْر وزبد فَجعل يَقُول: زقموني فَأنْزل الله تَعَالَى: (طلعها كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين) (الصافات آيَة 65) وَأنزل الله {ونخوفهم فَمَا يزيدهم إِلَّا طغياناً كَبِيرا}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {والشجرة الملعونة} قَالَ: ملعونة لِأَن (طلعها كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين) (الصافات آيَة 65) وهم ملعونون وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ونخوفهم} قَالَ: أَبُو جهل بشجرة الزقوم {فَمَا يزيدهم} قَالَ: مَا يزِيد أَبَا جهل {إِلَّا طغيانا كَبِيرا} الْآيَة 61 - 65

61

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: حسد إِبْلِيس آدم عَلَيْهِ السَّلَام على مَا أعطَاهُ الله من كَرَامَة وَقَالَ: أَنا ناريٌّ وَهَذَا طينيٌّ فَكَانَ بَدْء الذُّنُوب الْكبر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ إِبْلِيس: إِن آدم خلق من تُرَاب وَمن طين خلق ضَعِيفا وَإِنِّي خلقت من نَار وَالنَّار تحرق كل شَيْء {لأحتنكن ذُريَّته إِلَّا قَلِيلا} فَصدق ظَنّه عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {لأحتنكن} قَالَ: لأستولين

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لأحتنكن ذُريَّته} قَالَ: لأحتوينهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لأحتنكن ذُريَّته} قَالَ: لأضلنهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {جَزَاء موفوراً} قَالَ: وافراً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَإِن جَهَنَّم جزاؤكم جَزَاء موفوراً} يَقُول: يوفر عَذَابهَا للْكَافِرِ فَلَا يدّخر عَنْهُم مِنْهَا شَيْء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {واستفزز من اسْتَطَعْت مِنْهُم بصوتك} قَالَ: صَوته كل دَاع دَعَا إِلَى مَعْصِيّة الله {وأجلب عَلَيْهِم بخيلك} قَالَ: كل رَاكب فِي مَعْصِيّة الله {وشاركهم فِي الْأَمْوَال} قَالَ: كل مَال فِي مَعْصِيّة الله {وَالْأَوْلَاد} قَالَ: مَا قتلوا من أَوْلَادهم وَأتوا فيهم الْحَرَام وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وأجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد} قَالَ: كل خيل تسير فِي مَعْصِيّة الله وكل رجل يمشي فِي مَعْصِيّة الله وكل مَال أَخذ بِغَيْر حَقه وكل ولد زنا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {واستفزز من اسْتَطَعْت مِنْهُم بصوتك} قَالَ: استنزل من اسْتَطَعْت مِنْهُم بِالْغنَاءِ والمزامير وَاللَّهْو وَالْبَاطِل {وأجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك} قَالَ كل رَاكب وماش فِي معاصي الله {وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد} قَالَ: كل مَال أَخذ بِغَيْر طَاعَة الله تَعَالَى وَأنْفق فِي غير حَقه وَالْأَوْلَاد أَوْلَاد الزِّنَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد} قَالَ: الْأَمْوَال مَا كَانُوا يحرمُونَ من أنعامهم وَالْأَوْلَاد أَوْلَاد الزِّنَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: مشاركته فِي الْأَمْوَال ان جعلُوا الْبحيرَة والسائبة والوصيلة لغير الله ومشاركته إيَّاهُم فِي الْأَوْلَاد سمو عبد الْحَارِث وَعبد شمس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ رَفعه قَالَ: قَالَ إِبْلِيس يَا رب إِنَّك لعنتني واخرجتني من الْجنَّة من أجل آدم وَإِنِّي لَا أستطيعه إِلَّا بك قَالَ: فَأَنت الْمُسَلط قَالَ: أَي رب زِدْنِي قَالَ: {وأجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا إِن إِبْلِيس قَالَ: يَا رب إِنَّك خلقت آدم وَجعلت بيني وَبَينه عَدَاوَة فسلطني قَالَ: صُدُورهمْ مسَاكِن لَك قَالَ: رب زِدْنِي قَالَ: لَا يُولد لآدَم ولد إِلَّا ولد لَك عشرَة قَالَ: رب زِدْنِي قَالَ: تجْرِي مِنْهُم مجْرى الدَّم قَالَ: رب زِدْنِي قَالَ: {وأجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد} فَشَكا آدم - عَلَيْهِ السَّلَام - إِبْلِيس إِلَى ربه قَالَ: يَا رب إِنَّك خلقت إِبْلِيس وَجعلت بيني وَبَينه عَدَاوَة وبغضا وسلطته عَليّ وَأَنا لَا أُطِيقهُ إِلَّا بك قَالَ: لَا يُولد لَك ولد إِلَّا وكلت بِهِ ملكَيْنِ يحفظانه من قرناء السوء قَالَ: رب زِدْنِي قَالَ: الْحَسَنَة بِعشْرَة أَمْثَالهَا قَالَ: رب زِدْنِي قَالَ: لَا أحجب عَن أحد من ولدك التَّوْبَة مَا لم يُغَرْغر وَالله أعلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان} قَالَ: عبَادي الَّذين قضيت لَهُم بِالْجنَّةِ لَيْسَ لَك عَلَيْهِم أَن يذنبوا ذَنبا إِلَّا أَغفر لَهُم الْآيَة 66 - 69

66

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يزجي} قَالَ: يجْرِي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يزجي لكم الْفلك} قَالَ: يسيرها فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {الْفلك} قَالَ: السفن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّه كَانَ بكم رحِيما} قَالَ: نزلت فِي الْمُشْركين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَو يُرْسل عَلَيْكُم حاصباً} قَالَ: مطر الْحِجَارَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَو يُرْسل عَلَيْكُم حاصباً} قَالَ: حِجَارَة من السَّمَاء {ثمَّ لَا تَجدوا لكم وَكيلا} أَي مَنْعَة وَلَا ناصراً {أم أمنتم أَن يعيدكم فِيهِ تَارَة أُخْرَى} أَي مرّة أُخْرَى فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَيُرْسل عَلَيْكُم قاصفاً من الرّيح} قَالَ: الَّتِي تغرق وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: القاصف والعاصف فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {قاصفاً} قَالَ: عاصفاً وَفِي قَوْله: {ثمَّ لَا تَجدوا لكم علينا بِهِ تبيعاً} قَالَ: نَصِيرًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {تبيعاً} قَالَ: ثائراً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ثمَّ لَا تَجدوا لكم علينا بِهِ تبيعاً} قَالَ: لَا يتبعنا أحد بِشَيْء من ذَلِك

الْآيَة 70 - 72

70

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والخطيب فِي تَارِيخه عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من شَيْء أكْرم على الله من بني آدم يَوْم الْقِيَامَة قيل: يَا رَسُول الله وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون قَالَ: وَلَا الْمَلَائِكَة الْمَلَائِكَة مَجْبُورُونَ بِمَنْزِلَة الشَّمْس وَالْقَمَر وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَوْقُوفا وَقَالَ: هُوَ الصَّحِيح وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمُؤمن أكْرم على الله من مَلَائكَته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْمَلَائِكَة قَالَت: يَا رب أَعْطَيْت بني آدم الدُّنْيَا يَأْكُلُون فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَيلبسُونَ وَنحن نُسَبِّح بحَمْدك وَلَا نَأْكُل وَلَا نشرب وَلَا نَلْهُو فَكَمَا جعلت لَهُم الدُّنْيَا فَاجْعَلْ لنا الْآخِرَة قَالَ: لَا أجعَل صَالح ذُرِّيَّة من خلقت بيَدي كمن قلت لَهُ كن فَكَانَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم مثله وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق عُرْوَة بن رُوَيْم قَالَ: حَدثنِي أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْمَلَائِكَة قَالُوا: رَبنَا خلقتنا وخلقت بني آدم فجعلتهم يَأْكُلُون الطَّعَام وَيَشْرَبُونَ الشَّرَاب وَيلبسُونَ الثِّيَاب ويأتون النِّسَاء ويركبون الدَّوَابّ وينامون ويستريحون وَلم تجْعَل لنا من ذَلِك شَيْئا فَاجْعَلْ لَهُم الدُّنْيَا وَلنَا الْآخِرَة فَقَالَ الله: لَا أجعَل من خلقته بيَدي ونفخت فِيهِ من روحي كمن قلت لَهُ كن فَكَانَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عُرْوَة بن رُوَيْم مُرْسلا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عُرْوَة بن رُوَيْم الْأنْصَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما خلق الله آدم وَذريته قَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رب خلقتهمْ يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ وَيَنْكِحُونَ ويركبون فَاجْعَلْ لَهُم الدُّنْيَا وَلنَا الْآخِرَة فَقَالَ الله تَعَالَى: لَا أجعَل من خلقته بيَدي ونفخت فِيهِ من روحي كمن قلت لَهُ كن فَكَانَ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من وَجه آخر عَن عُرْوَة بن رُوَيْم اللَّخْمِيّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر نَحوه إِلَّا أَنه قَالَ: ويركبون الْخَيل وَلم يذكر ونفخت فِيهِ من روحي وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَقَد كرمنا بني آدم} قَالَ: جعلناهم يَأْكُلُون بِأَيْدِيهِم وَسَائِر الْخلق يَأْكُلُون بأفواههم وَأخرج الْحَاكِم فِي التَّارِيخ والديلمي عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَلَقَد كرمنا بني آدم} قَالَ: الْكَرَامَة الْأكل بالأصابع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من رجل يرى مبتلى فَيَقُول: الْحَمد لله الَّذِي عافاني مِمَّا ابتلاك بِهِ وفضلني عَلَيْك وعَلى كثير من خلقه تَفْضِيلًا إِلَّا عافاه الله من ذَلِك الْبلَاء كَائِنا مَا كَانَ وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله خلق السَّمَوَات سبعا فَاخْتَارَ الْعليا مِنْهَا فأسكنها مَا شَاءَ من خلقه ثمَّ خلق الْخلق فَاخْتَارَ من الْخلق بني آدم وَاخْتَارَ من بني آدم الْعَرَب وَاخْتَارَ من الْعَرَب مُضر وَاخْتَارَ من مُضر قُريْشًا وَاخْتَارَ من قُرَيْش بني هَاشم واختارني من بني هَاشم فانا من خِيَار الأخيار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَوْم ندعوا كل أُناس بإمامهم} قَالَ: إِمَام هدى وَإِمَام ضَلَالَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تَارِيخه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَوْم ندعوا كل أنَاس بإمامهم} قَالَ: بِنَبِيِّهِمْ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَوْم ندعوا كل أنَاس بإمامهم} قَالَ: بِكِتَاب أَعْمَالهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {يَوْم ندعوا كل أنَاس بإمامهم} قَالَ: يدعى كل قوم بِإِمَام زمانهم وَكتاب رَبهم وَسنة نَبِيّهم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {يَوْم ندعوا كل أنَاس بإمامهم} قَالَ: يدعى أحدهم فَيعْطى كِتَابه بِيَمِينِهِ ويُمَدّ لَهُ فِي جِسْمه سِتِّينَ ذِرَاعا ويبيض وَجهه وَيجْعَل على رَأسه تَاج من نور يتلألأ فَينْطَلق إِلَى أَصْحَابه فيرونه من بعيد فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ائتنا بِهَذَا وَبَارك لنا فِي هَذَا حَتَّى يَأْتِيهم فَيَقُول: أَبْشِرُوا لكل رجل مِنْكُم مثل هَذَا وَأما الْكَافِر فيسوّد لَهُ وَجهه ويُمَدّ لَهُ فِي جِسْمه سِتِّينَ ذِرَاعا على صُورَة آدم ويلبس تاجا من نَارا فيراه أَصْحَابه فَيَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه من شَرّ هَذَا اللَّهُمَّ لَا تأتنا بِهَذَا قَالَ فيأتيهم فَيَقُول: رَبنَا أخّرْه فَيَقُول: ابعدكم الله فَإِن لكل رجل مِنْكُم مثل هَذَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: جَاءَ نفر من أهل الْيمن إِلَى ابْن عَبَّاس فَسَأَلَهُ رجل: أَرَأَيْت قَوْله تَعَالَى: {وَمن كَانَ فِي هَذِه أعمى فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى} فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: لم تصب الْمَسْأَلَة اقْرَأ مَا قبلهَا {ربكُم الَّذِي يزجي لكم الْفلك فِي الْبَحْر} حَتَّى بلغ {وفضلناهم على كثير مِمَّن خلقنَا تَفْضِيلًا} فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَمن كَانَ أعمى عَن هَذَا النَّعيم الَّذِي قَدْ رَأَى وعايَنَ فَهُوَ فِي أَمر الْآخِرَة الَّتِي لم تُرَ ولَمْ تعاين {أعمى وأضل سَبِيلا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمن كَانَ} فِي الدُّنْيَا {أعمى} عَمَّا يرى من قدرتي من خلق السَّمَاء وَالْأَرْض وَالْجِبَال والبحار وَالنَّاس وَالدَّوَاب وَأَشْبَاه هَذَا {فَهُوَ} عَمَّا وصفت لَهُ فِي الْآخِرَة وَلم يره {أعمى وأضل سَبِيلا} يَقُول: أبعد حجَّة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس: من عمي عَن قدرَة الله فِي الدُّنْيَا فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: من عمي عَمَّا يرَاهُ من الشَّمْس وَالْقَمَر وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَمَا يرى من الْآيَات وَلم يصدق بهَا فَهُوَ عَمَّا غَابَ عَنهُ من آيَات الله أعمى وأضل سَبِيلا الْآيَة 73 - 75

73

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أُميَّة بن خلف وَأَبا جهل بن هِشَام ورجالاً من قُرَيْش أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: تعال فاستلم آلِهَتنَا وندخل مَعَك فِي دينك وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشْتَد عَلَيْهِ فِرَاق قومه وَيُحب إسْلَامهمْ فرقّ لَهُم فَأنْزل الله {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك} إِلَى قَوْله {نَصِيرًا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن باذان عَن جَابر بن عبد الله مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَلم الْحجر فَقَالُوا: لَا نَدعك تستلمه حَتَّى تستلم آلِهَتنَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا عليّ لَو فعلت وَالله يعلم مني خِلَافه فَأنْزل الله {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك} إِلَى قَوْله {نَصِيرًا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا طَاف يَقُول لَهُ الْمُشْركُونَ: اسْتَلم آلِهَتنَا كي لَا تَضُرك فكاد يفعل فَأنْزل الله {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جُبَير بن نفير رَضِي الله عَنهُ أَن قُريْشًا أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لَهُ: إِن كنت أرست إِلَيْنَا فاطرد الَّذين اتبعوك من سقاط النَّاس ومواليهم

لنكون نَحن أَصْحَابك فركن إِلَيْهِم فَأوحى الله إِلَيْهِ {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل الله (والنجم إِذا هوى) (النَّجْم آيَة 1) فَقَرَأَ عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة (أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى) (النَّجْم آيَة 19) فَألْقى عَلَيْهِ الشَّيْطَان كَلِمَتَيْنِ تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى فَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بَقِي من السُّورَة وَسجد فَأنْزل الله {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك عَن الَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك} الْآيَة فَمَا زَالَ مغموماً مهموماً حَتَّى أنزل الله تَعَالَى {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي} الْحَج آيَة 52 الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن ثقيفا قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أجّلْنا سنة حَتَّى نهدي لِآلِهَتِنَا فَإِذا قبضنا الَّذِي يهدى للآلهة أحرزناه ثمَّ أسلمنَا وكسرنا الْآلهَة فهم أَن يؤجلهم فَنزلت {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَات} يَعْنِي ضعف عَذَاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ضعف الْحَيَاة} قَالَ: هُوَ عَذَاب الْقَبْر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَضعف الْمَمَات} قَالَ: عَذَاب الْقَبْر الْآيَة 76 - 79

76

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَت الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام يسكنون الشَّام فمالك وَالْمَدينَة فَهَمَّ أَن يشخص فَأنْزل الله تَعَالَى {وَإِن كَادُوا ليستفزونك من الأَرْض} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي رَضِي الله عَنهُ أَنه بلغ أَن بعض الْيَهُود قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَرض الْأَنْبِيَاء أَرض الشَّام وَإِن هَذِه لَيست بِأَرْض الْأَنْبِيَاء فَأنْزل الله تَعَالَى {وَإِن كَادُوا ليستفزونك} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم رَضِي الله عَنهُ: أَن الْيَهُود أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: إِن كنت نَبيا فالْحَقْ بِالشَّام فَإِن الشَّام أَرض الْمَحْشَر وَأَرْض الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام فَصدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالُوا فغزا تَبُوك لَا يُرِيد إِلَّا الشَّام فَلَمَّا بلغ تَبُوك أنزل الله عَلَيْهِ آيَات من سُورَة بني إِسْرَائِيل بعد مَا ختمت السُّورَة {وَإِن كَادُوا ليستفزونك من الأَرْض} الْآيَة إِلَى قَوْله: {تحويلاً} فَأمره بِالرُّجُوعِ إِلَى الْمَدِينَة وَقَالَ: فِيهَا محياك وفيهَا مماتك وفيهَا تبْعَث وَقَالَ لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: سل رَبك فَإِن لكل نَبِي مَسْأَلَة فَقَالَ: مَا تَأْمُرنِي أَن أسأَل قَالَ: (قل رب أدخلني مدْخل صدق وأخرجني مخرج صدق وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا) فَهَؤُلَاءِ نَزَلْنَ عَلَيْهِ فِي رجعته من تَبُوك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِن كَادُوا ليستفزونك من الأَرْض} قَالَ: همّ أهل مَكَّة بِإِخْرَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة وَقد فعلوا بعد ذَلِك فأهلكهم الله تَعَالَى يَوْم بدر وَلم يَلْبَثُوا بعده إِلَّا قَلِيلا حَتَّى أهلكهم الله يَوْم بدر وَكَذَلِكَ كَانَت سنة الله تَعَالَى فِي الرُّسُل عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام إِذا فعل بهم قَومهمْ مثل ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَإِذا لَا يلبثُونَ خلافَكَ إِلَّا قَلِيلا} قَالَ: يَعْنِي بِالْقَلِيلِ يَوْم أَخذهم ببدر فَكَانَ ذَلِك هُوَ الْقَلِيل الَّذِي كَانَ كثيرا بعده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: الْقَلِيل ثَمَانِيَة عشر شهرا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دلوك الشَّمْس: غُرُوبهَا تَقول الْعَرَب: إِذا غربت الشَّمْس: دلكت الشَّمْس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دلوكها غُرُوبهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} قَالَ: لزوَال الشَّمْس وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: {لدلوك الشَّمْس} زَوَالهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: {لدلوك الشَّمْس} زياغها بعد نصف النَّهَار وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: دلوكها زَوَالهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {لدلوك الشَّمْس} قَالَ: إِذا فَاء الْفَيْء وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لدلوك الشَّمْس حِين زَالَت فصلى بِي الظّهْر وَأخرج ابْن جرير عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الظّهْر إِذا زَالَت الشَّمْس ثمَّ تَلا {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت أَقُود مولَايَ قيس بن السَّائِب فَيَقُول لي: أدلكت الشَّمْس فَإِذا قلت نعم صلى الظّهْر أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الظّهْر عِنْد دلوك الشَّمْس وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَى غسق اللَّيْل} قَالَ: الْعشَاء الْآخِرَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: {غسق اللَّيْل} اجْتِمَاع اللَّيْل وظلمته وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {غسق اللَّيْل} بَدو اللَّيْل وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {إِلَى غسق اللَّيْل} قَالَ: مَا الغسق قَالَ: دُخُول اللَّيْل بظلمته قَالَ فِيهِ زُهَيْر بن أبي سلمى: ظلتا تجوب يداها وَهِي لاهبة حَتَّى إِذا جنح الإظلام فِي الغسق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {لدلوك الشَّمْس} حِين تزِيغ و {غسق اللَّيْل} غرُوب الشَّمْس وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {لدلوك الشَّمْس} إِذا زَالَت عَن بطن السَّمَاء و {غسق اللَّيْل} غرُوب الشَّمْس وَالله سُبْحَانَهُ أعلم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَقُرْآن الْفجْر} قَالَ: صَلَاة الصُّبْح وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَقُرْآن الْفجْر} قَالَ: صَلَاة الْفجْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً} قَالَ: تشهده الْمَلَائِكَة وَالْجِنّ وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقُرْآن الْفجْر إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً} قَالَ: تشهده مَلَائِكَة اللَّيْل وملائكة النَّهَار تَجْتَمِع فِيهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تَجْتَمِع مَلَائِكَة اللَّيْل وملائكة النَّهَار فِي صَلَاة الْفجْر ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: اقرؤوا إِن شِئْتُم {وَقُرْآن الْفجْر إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يتدارك الحرسان من مَلَائِكَة الله تَعَالَى حارس اللَّيْل وحارس النَّهَار عِنْد صَلَاة الصُّبْح اقرؤوا إِن شِئْتُم {وَقُرْآن الْفجْر إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً} ثمَّ قَالَ: تنزل مَلَائِكَة اللَّيْل وملائكة النَّهَار وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً} قَالَ: يشهده الله وملائكة اللَّيْل وملائكة النَّهَار وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهوداً} قَالَ: تشهده مَلَائِكَة اللَّيْل وملائكة النَّهَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْقَاسِم عَن أَبِيه قَالَ: دخل عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ الْمَسْجِد لصَلَاة الْفجْر فَإِذا قوم قد أسندوا ظُهُورهمْ إِلَى الْقبْلَة فَقَالَ: نحّوا عَن الْقبْلَة لَا تحولوا بَين الْمَلَائِكَة وصلاتها فَإِن هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ صَلَاة الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن عَلْقَمَة وَالْأسود رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: التَّهَجُّد بعد نومَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: نسخ قيام اللَّيْل إِلَّا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {نَافِلَة لَك} يَعْنِي خَاصَّة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِقِيَام اللَّيْل وَكتب عَلَيْهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث هن عليّ فَرَائض وَهن لكم سنة: الْوتر والسواك وَقيام اللَّيْل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {نَافِلَة لَك} قَالَ: لم تكن النَّافِلَة لأحد إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة من أجل أَنه قد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر فَمَا عمل من عمل مَعَ الْمَكْتُوب فَهُوَ نَافِلَة لَهُ سوى الْمَكْتُوب من أجل أَنه لَا يعْمل ذَلِك فِي كَفَّارَة الذُّنُوب

فَهِيَ نواقل لَهُ وَزِيَادَة وَالنَّاس يعْملُونَ مَا سوى الْمَكْتُوب فِي كَفَّارَة ذنوبهم فَلَيْسَ للنَّاس نوافل إِنَّمَا هِيَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمن اللَّيْل فتهجد بِهِ نَافِلَة لَك} قَالَ: لَا تكون نَافِلَة اللَّيْل إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَمُحَمّد بن نصر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {نَافِلَة لَك} قَالَ: تطوّعاً وفضيلة لَك وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {نَافِلَة لَك} قَالَ: كَانَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَافِلَة وَلكم فَضِيلَة وَفِي لفظ إِنَّمَا كَانَت النَّافِلَة خَاصَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن نصر وَالطَّبَرَانِيّ ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان والخطيب فِي تَارِيخه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: إِذا تَوَضَّأ الرجل الْمُسلم فَأحْسن الْوضُوء فَإِن قعد - قعد مغفوراً لَهُ وَإِن قَامَ يُصَلِّي كَانَت لَهُ فَضِيلَة قيل لَهُ: نَافِلَة قَالَ: إِنَّمَا النَّافِلَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ يكون لَهُ نَافِلَة وَهُوَ يسْعَى فِي الْخَطَايَا والذنُوب وَلَكِن فَضِيلَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن النَّاس يصيرون يَوْم الْقِيَامَة جثاء كل أمة تتبع نبيها يَقُولُونَ: يَا فلَان اشفع لنا حَتَّى تَنْتَهِي الشَّفَاعَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك يَوْم يَبْعَثهُ الله الْمقَام الْمَحْمُود وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} وَسُئِلَ عَنهُ قَالَ: هُوَ الْمقَام الَّذِي أشفع فِيهِ لأمتي وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمقَام الْمَحْمُود الشَّفَاعَة وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} قَالَ: مقَام الشَّفَاعَة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمقَام الْمَحْمُود فَقَالَ: هُوَ الشَّفَاعَة وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يبْعَث النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَأَكُون أَنا وَأمتِي على تَلٍّ وَيَكْسُونِي رَبِّي حلَّة خضراء ثمَّ يُؤذن لي أَن أَقُول مَا شَاءَ الله أَن أَقُول فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق عَليّ بن حُسَيْن قَالَ: أَخْبرنِي رجل من أهل الْعلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تمد الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة مدّ الْأَدِيم وَلَا يكون لبشر من بني آدم فِيهَا إِلَّا مَوضِع قدمه ثمَّ أدعى أول النَّاس فَأخر سَاجِدا ثمَّ يُؤذن لي فَأَقُول: يَا رب أَخْبرنِي هَذَا لجبريل وَجِبْرِيل عَن يَمِين الرَّحْمَن وَالله مَا رَآهُ جِبْرِيل قطّ قبلهَا أَنَّك أَرْسلتهُ إِلَيّ وَجِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام سَاكِت لَا يتَكَلَّم حَتَّى يَقُول الرب: صدقت ثمَّ يُؤذن لي فِي الشَّفَاعَة فَأَقُول: أَي رب عِبَادك عَبَدُوك فِي أَطْرَاف الأَرْض فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يجمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد يسمعهم الدَّاعِي وَينْفذهُمْ الْبَصَر حُفَاة عُرَاة كَمَا خلقُوا قيَاما لَا تكلم نفس إِلَّا بِإِذْنِهِ يُنَادي: يَا مُحَمَّد فَيَقُول: لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك والشرّ لَيْسَ إِلَيْك وَالْمهْدِي من هديت وَعَبْدك بَين يَديك وَبِك وَإِلَيْك لَا ملْجأ وَلَا منجى مِنْك إِلَّا إِلَيْك تَبَارَكت وَتَعَالَيْت سُبْحَانَكَ رب الْبَيْت فَهَذَا الْمقَام الْمَحْمُود وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الشَّمْس لَتَدْنُو حَتَّى يبلغ الْعرق نصف الْأذن فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك اسْتَغَاثُوا بِآدَم عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: لَسْتُ بِصَاحِب ذَلِك ثمَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: كَذَلِك ثمَّ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيشفع فَيَقْضِي الله بَين الْخَلَائق فَيَمْشِي حَتَّى يَأْخُذ بِحَلقَة بَاب الْجنَّة فَيَوْمئِذٍ يَبْعَثهُ الله مقَاما مَحْمُودًا يحمده أهل الْجمع كلهم

وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنِّي لأَقوم الْمقَام الْمَحْمُود قيل: وَمَا الْمقَام الْمَحْمُود قَالَ: ذَلِك إِذا جِيءَ بكم حُفَاة عُرَاة غرلًا فَيكون أول من يكسى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: اكسوا خليلي فَيُؤتى بريطتين بيضاوين فيلبسهما ثمَّ يقْعد مُسْتَقْبل الْعَرْش ثمَّ أوتَى بكسوة فألبسها فأقوم عَن يَمِينه مقَاما لَا يقومه أحد فيغبطني بِهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ ثمَّ يفتح نهر من الْكَوْثَر إِلَى الْحَوْض وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ: مَا الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي ذكر لَك رَبك قَالَ: يحْشر الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة عُرَاة غرلًا كهيئتكم يَوْم ولدتم هالهم الْفَزع الْأَكْبَر وكظمهم الكرب الْعَظِيم وَبلغ الرشح أَفْوَاههم وَبلغ بهم الْجهد والشدة فَأَكُون أول مدعى وَأول معطى ثمَّ يدعى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قد كسي ثَوْبَيْنِ أبيضين من ثِيَاب الْجنَّة ثمَّ يُؤمر فيجلس فِي قبل الْكُرْسِيّ ثمَّ أقوم عَن يَمِين الْعَرْش فَمَا من الْخَلَائق قَائِم غَيْرِي فأتكلم فيسمعون وَأشْهد فيصدقون وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} قَالَ: يجلسه على السرير وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا فَخر وَبِيَدِي لِوَاء الْحَمد وَلَا فَخر وَمَا من نَبِي يَوْمئِذٍ - آدم فَمن سواهُ - إِلَّا تَحت لِوَائِي وَأَنا أول من تَنْشَقُّ عَنهُ الأَرْض وَلَا فَخر فَيفزع النَّاس ثَلَاث فَزعَات فَيَأْتُونَ آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُولُونَ: أَنْت أَبونَا فاشفع لنا إِلَى رَبك فَيَقُول: إِنِّي أذنبت ذَنبا أهبطت مِنْهُ إِلَى الأَرْض وَلَكِن ائْتُوا نوحًا فَيَأْتُونَ نوحًا فَيَقُول: إِنِّي دَعَوْت على أهل الأَرْض دَعْوَة فأهلكوا وَلَكِن اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيم فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُول: ائْتُوا مُوسَى فَيَأْتُونَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَيَقُول: إِنِّي قتلت نفسا وَلَكِن ائْتُوا عِيسَى فَيَأْتُونَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: إِنِّي عُبِدْتُ من دون الله وَلَكِن ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَأْتُوني فأنطلق مَعَهم فآخذ بِحَلقَة بَاب الْجنَّة فأقعقعها فَيُقَال: من هَذَا فَأَقُول: مُحَمَّد فيفتحون لي وَيَقُولُونَ: مرْحَبًا فأخرّ سَاجِدا فيلهمني الله عز وَجل من الثَّنَاء وَالْحَمْد وَالْمجد فَيُقَال: ارْفَعْ رَأسك سل تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفّعْ

وَقل يسمع لِقَوْلِك فَهُوَ الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي قَالَ الله: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} قَالَ: يخرج الله قوما من النَّار من أهل الْإِيمَان والقبلة بشفاعة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَنه ذكر حَدِيث الجهنّميّين فَقيل لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي تحدث وَالله تَعَالَى يَقُول: (إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته) (آل عمرَان آيَة 192) (وَكلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا) (السَّجْدَة آيَة 20) فَقَالَ: هَل تقْرَأ الْقُرْآن قَالَ: نعم قَالَ: فَهَل سَمِعت فِيهِ بالْمقَام الْمَحْمُود قَالَ: نعم قَالَ: فَإِنَّهُ مقَام مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي يخرج الله بِهِ من يخرج وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَأْذَن الله تَعَالَى فِي الشَّفَاعَة فَيقوم روح الْقُدس جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ يقوم إِبْرَاهِيم خَلِيل الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثمَّ يقوم عِيسَى أَو مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام ثمَّ يقوم نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاقِفًا ليشفع لَا يشفع أحد بعده أَكثر مِمَّا شفع وَهُوَ الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي قَالَ الله: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ أَن يَبْعَثنِي الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي وَعَدَني وَأخرج البُخَارِيّ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَالَ حِين يسمع النداء: الله رب هَذِه الدعْوَة التَّامَّة وَالصَّلَاة الْقَائِمَة آتٍ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَة والفضيلة وابعثه مقَاما مَحْمُودًا الَّذِي وعدته حَلّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُقَال لَهُ: سل تعطه - يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَاشْفَعْ تشفع وادع تجب فيرفع رَأسه فَيَقُول: أمتِي مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَقَالَ سلمَان رَضِي الله عَنهُ: يشفع فِي كل من فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة حِنْطَة من إِيمَان أَو مِثْقَال شعيرَة من إِيمَان أَو مِثْقَال حَبَّة خَرْدَل من إِيمَان قَالَ سلمَان رَضِي الله عَنهُ: فذلكم الْمقَام الْمَحْمُود

وَأخرج الديلمي عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله مَا الْمقَام الْمَحْمُود قَالَ: ذَلِك يَوْم ينزل الله تَعَالَى عَن عَرْشه فيئط كَمَا يئط الرحل الْجَدِيد من تضايقه أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي اله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} قَالَ: يجلسه بَينه وَبَين جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام ويشفع لأمته فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود وَأخرج الديلمي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} قَالَ: يجلسني مَعَه على السرير وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خيِّر بَين أَن يكون عبدا نَبيا أَو ملكا نَبيا فَأَوْمأ إِلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام أَن تواضع فَاخْتَارَ أَن يكون عبدا نَبيا فَأعْطِي بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثِنْتَيْنِ: أَنه أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض وَأول شَافِع فَكَانَ أهل الْعلم يرَوْنَ أَنه الْمقَام الْمَحْمُود وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا} قَالَ: يجلسه مَعَه على عَرْشه الْآيَة 80

80

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وصحه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة ثمَّ أَمر بِالْهِجْرَةِ فَأنْزل الله تَعَالَى {وَقل رب أدخلني مدْخل صدق وأخرجني مخرج صدق وَاجعَل لي من لَدُنْك سُلْطَانا نَصِيرًا} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقل رب أدخلني مدْخل صدق} الْآيَة قَالَ: أخرجه الله من مَكَّة {مخرج صدق} وَأدْخلهُ الْمَدِينَة {مدْخل صدق} قَالَ: وَعلم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَا طَاقَة لَهُ

بِهَذَا الْأَمر إِلَّا بسُلْطَان فَسَأَلَ سُلْطَانا نَصِيرًا لكتاب الله تَعَالَى وحدوده وفرائضه وَإِقَامَة كتاب الله تَعَالَى فَإِن السُّلْطَان عزة من الله تَعَالَى جعلهَا بَين عباده وَلَوْلَا ذَلِك لغَار بَعضهم على بعض وَأكل شديدهم ضعيفهم وَأخرج الْخَطِيب عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَالله لما يَزع الله بالسلطان أعظم مِمَّا يَزع بِالْقُرْآنِ وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: جعل الله {مدْخل صدق} الْمَدِينَة {مخرج صدق} مَكَّة و {سُلْطَانا نَصِيرًا} الْأَنْصَار وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ أدخلني مَدْخَلَ صدق وأخرجني مَخْرَجَ صدق بِفَتْح الْمِيم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أدخلني مدْخل صدق} يَعْنِي الْمَوْت {وأخرجني مخرج صدق} يَعْنِي الْحَيَاة بعد الْمَوْت الْآيَة 81 - 82

81

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة وحول الْبَيْت سِتُّونَ وثلثمائة نصب فَجعل يطعنها بِعُود فِي يَده وَيَقُول: {جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقاً} وَجَاء الْحق وَمَا يبدئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد {سبأ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دَخَلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة وحول الْبَيْت ثلثمِائة وَسِتُّونَ صنماً فَأمر بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأكبت لوجهها وَقَالَ: {جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقاً} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة يَوْم الْفَتْح وعَلى الْكَعْبَة ثلثمِائة وَسِتُّونَ

صنماً فَشد لَهُم إِبْلِيس أَقْدَامهَا بالرصاص فجَاء مَعَه وقضيب فَجعل يهوي بِهِ إِلَى كل صنم مِنْهَا فيخرّ لوجهه فَيَقُول: {جَاءَ الْحق وزهق الْبَاطِل إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقاً} حَتَّى مر عَلَيْهَا كلهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن الْبَاطِل كَانَ زهوقاً} قَالَ: ذَاهِبًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقل جَاءَ الْحق} قَالَ: الْقُرْآن {وزهق الْبَاطِل} قَالَ: هلك وَهُوَ الشَّيْطَان وَفِي قَوْله: {وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة} قَالَ الله تَعَالَى جعل هَذَا الْقُرْآن {شِفَاء وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين} إِذا سَمعه الْمُؤمن انْتفع بِهِ وَحفظه ووعاه {وَلَا يزِيد الظَّالِمين إِلَّا خساراً} لَا ينْتَفع بِهِ وَلَا يحفظه وَلَا يعيه وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أويس الْقَرنِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم يُجَالس هَذَا الْقُرْآن أحد إِلَّا قَامَ عَنهُ بِزِيَادَة أَو نُقْصَان قَضَاء من الله الَّذِي قضى {شِفَاء وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين وَلَا يزِيد الظَّالِمين إِلَّا خسارا} الْآيَة 83 - 84

83

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ونأى بجانبه} قَالَ: تبَاعد منا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كَانَ يؤوساً} قَالَ: قنوطاً وَفِي قَوْله: {قل كل يعْمل على شاكلته} قَالَ: على ناحيته وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {على شاكلته} قَالَ: على نِيَّته

الْآيَة 85

85

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ويسألونك عَن الرّوح} قَالَ: يهود يسألونه وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت أَمْشِي مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خرب الْمَدِينَة وَهُوَ متكئ على عسيب فَمر بِقوم من الْيَهُود فَقَالَ بَعضهم لبَعض: سلوه عَن الرّوح وَقَالَ بَعضهم: لَا تسألوه فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد مَا الرّوح فَمَا زَالَ يتَوَكَّأ على العسيب وظننت أَنه يُوحى إِلَيْهِ فَأنْزل الله {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَت قُرَيْش للْيَهُود: أعطونا شَيْئا نسْأَل هَذَا الرجل فَقَالُوا: سلوه عَن الرّوح فَسَأَلُوهُ فَنزلت {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} قَالُوا: أوتينا علما كثيرا: أوتينا التَّوْرَاة وَمن أُوتِيَ التَّوْرَاة فقد أُوتِيَ خيرا كثيرا فَأنْزل الله تَعَالَى (قل لَو كَانَ الْبَحْر مداداًَ لكلمات رَبِّي لنفد الْبَحْر قبل أَن تنفد كَلِمَات رَبِّي وَلَو جِئْنَا بِمثلِهِ مدَدا) (الْكَهْف آيَة 109) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِن الْيَهُود قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أخبرنَا مَا الرّوح وَكَيف تعذب الرّوح الَّتِي فِي الْجَسَد وَإِنَّمَا الرّوح من الله وَلم يكن نزل عَلَيْهِ فِيهِ شَيْء فَلم يجر إِلَيْهِم شَيْئا فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ: {قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} فَأخْبرهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَقَالُوا: من جَاءَك بِهَذَا قَالَ: جِبْرِيل قَالُوا: وَالله مَا قَالَه لَك إِلَّا عدوّ لنا فَأنْزل الله تَعَالَى (قل من كَانَ عدوّاً لجبريل ) (الْبَقَرَة آيَة 97) الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ويسألونك عَن الرّوح} قَالَ: هُوَ ملك من الْمَلَائِكَة لَهُ سَبْعُونَ

ألف وَجه لكل وَجه مِنْهَا سَبْعُونَ ألف لِسَان لكل لِسَان مِنْهَا سَبْعُونَ ألف لُغَة يسبح الله تَعَالَى بِتِلْكَ اللُّغَات يخلق الله تَعَالَى من كل تَسْبِيحَة ملكا يطير مَعَ الْمَلَائِكَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ويسألونك عَن الرّوح} قَالَ: هُوَ ملك وَاحِد لَهُ عشرَة آلَاف جنَاح جَنَاحَانِ مِنْهُمَا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب لَهُ ألف وَجه لكل وَجه لِسَان وعينان وشفتان يسبحان الله تَعَالَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الرّوح أَمر من أَمر الله وَخلق من خلق الله وصورهم على صور بني آدم وَمَا ينزل من السَّمَاء من ملك إِلَّا وَمَعَهُ وَاحِد من الرّوح ثمَّ تَلا (يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا) (النبأ آيَة 38) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي} لَا تنَال هَذِه الْمنزلَة فَلَا تَزِيدُوا عَلَيْهَا قُولُوا كَمَا قَالَ الله وَعلم نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا يعلم الرّوح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن زِيَاد أَنه بلغه أَن رجلَيْنِ اخْتلفَا فِي هَذِه الْآيَة {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} فَقَالَ أَحدهمَا: إِنَّمَا أُرِيد بهَا أهل الْكتاب وَقَالَ الآخر: بل إِنَّه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلق أَحدهمَا إِلَى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أَلَسْت تقْرَأ سُورَة الْبَقَرَة فَقَالَ: بلَى فَقَالَ: وَأي الْعلم لَيْسَ فِي سُورَة الْبَقَرَة إِنَّمَا أُرِيد بهَا أهل الْكتاب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ويسألونك عَن الرّوح} قَالَ: {الرّوح} ملك وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أم الحكم الثَّقَفِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض سِكَك الْمَدِينَة إِذْ عرض لَهُ الْيَهُود فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد

مَا الرّوح وَبِيَدِهِ عسيب نخل فاعتمد عَلَيْهِ - وَرفع راسه إِلَى السَّمَاء ثمَّ قَالَ: {ويسألونك عَن الرّوح} إِلَى قَوْله: {قَلِيلا} قَالَ ابْن عَسَاكِر: عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أم الحكم الثَّقَفِيّ قيل إِن لَهُ صُحْبَة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {الرّوح} خلق مَعَ الْمَلَائِكَة لَا يراهم الْمَلَائِكَة كَمَا لَا ترَوْنَ أَنْتُم الْمَلَائِكَة و {الرّوح} حرف اسْتَأْثر الله تَعَالَى بِعِلْمِهِ وَلم يطلع عَلَيْهِ أحدا من خلقه وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْإِنْس وَالْجِنّ عشرَة أَجزَاء: فالانس جُزْء وَالْجِنّ تِسْعَة أَجزَاء وَالْمَلَائِكَة وَالْجِنّ عشرَة أَجزَاء: فالجن من ذَلِك جُزْء وَالْمَلَائِكَة تِسْعَة وَالْمَلَائِكَة وَالروح عشرَة أَجزَاء: فالملائكة من ذَلِك جُزْء وَالروح تِسْعَة أَجزَاء وَالروح والكروبيون عشرَة أَجزَاء: فالروح من ذَلِك جُزْء والكروبيون تِسْعَة أَجزَاء وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: نزلت بِمَكَّة {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} فَلَمَّا هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة أَتَاهُ أَحْبَار الْيَهُود فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد ألم يبلغنَا أَنَّك تَقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} أفعنيتنا أم قَوْمك قَالَ: كلاًّ قد عنيت قَالُوا: فَإنَّك تتلو أَنا أوتينا التَّوْرَاة وفيهَا تبيان كل شَيْء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هِيَ فِي علم الله قَلِيل وَقد آتَاكُم الله مَا عملتم بِهِ انتفعتم فَأنْزل الله (وَلَو أَن مَا فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام ) إِلَى قَوْله: (إِن الله سميع بَصِير) (لُقْمَان آيَة 27 - 28) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير فِي قَوْله: {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم} قَالَ: يَا مُحَمَّد وَالنَّاس أَجْمَعُونَ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} يَعْنِي الْيَهُود الْآيَة 86 - 87

86

أخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما قدم وَفد الْيمن على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: أَبيت اللَّعْن: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُبْحَانَ الله إِنَّمَا يُقَال هَذَا للْملك وَلست ملكا أَنا مُحَمَّد بن عبد الله فَقَالُوا: إِنَّا لَا ندعوك بِاسْمِك قَالَ: فَأَنا أَبُو الْقَاسِم فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم انا قد خبأنا لَك خبيئاً فَقَالَ: سُبْحَانَ الله إِنَّمَا يفعل هَذَا بالكاهن والكاهن والمتكهن وَالْكهَانَة فِي النَّار فَقَالَ لَهُ أحدهم: فَمن يشْهد لَك أَنَّك رَسُول الله فَضرب بِيَدِهِ إِلَى حفْنَة حصا فَأَخذهَا فَقَالَ: هَذَا يشْهد أَنِّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسبّحْنَ فِي يَده فَقُلْنَ: نشْهد أَنَّك رَسُول الله فَقَالُوا لَهُ: أسمعنا بعض مَا أنزل عَلَيْك فَقَرَأَ (وَالصَّافَّات صفا) حَتَّى انْتهى إِلَى قَوْله: (فَأتبعهُ شهَاب ثاقب) (الصافات الْآيَة 1 - 10) فَإِنَّهُ لساكن مَا ينبض مِنْهُ عرق وَإِن دُمُوعه لتسبقه إِلَى لحيته فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا نرَاك تبْكي أَمن خوف الَّذِي بَعثك تبْكي قَالَ: بل من خوف الَّذِي بَعَثَنِي أبْكِي إِنَّه بَعَثَنِي على طَرِيق مثل حد السَّيْف إِن زِغْت عَنهُ هَلَكت ثمَّ قَرَأَ {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك ثمَّ لَا تَجِد لَك بِهِ علينا وَكيلا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن هَذَا الْقُرْآن سيرفع قيل: كَيفَ يرفع وَقد أثْبته الله فِي قُلُوبنَا وَأَثْبَتْنَاهُ فِي الْمَصَاحِف قَالَ: يسرى عَلَيْهِ فِي لَيْلَة وَاحِدَة فَلَا يتْرك مِنْهُ آيَة فِي قلب وَلَا مصحف إِلَّا رفعت فتصبحون وَلَيْسَ فِيكُم مِنْهُ شَيْء ثمَّ قَرَأَ {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك} وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ليسريَنَّ على الْقُرْآن فِي لَيْلَة فَلَا يتْرك آيَة فِي مصحف أحد إِلَّا رفعت وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يسر ى على الْقُرْآن لَيْلًا فَيذْهب بِهِ من أَجْوَاف الرِّجَال فَلَا يبْقى فِي الأَرْض مِنْهُ شَيْء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اقرؤوا الْقُرْآن قبل أَن يرفع فَإِنَّهُ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يرفع قَالُوا: هَذِه الْمَصَاحِف ترفع

فَكيف بِمَا فِي صُدُور النَّاس قَالَ: يعدى لَيْلًا فيرفع من صُدُورهمْ فيصبحون فَيَقُولُونَ: لكأنا كُنَّا نعلم شَيْئا ثمَّ يقعون فِي الشّعْر وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يدرس الْإِسْلَام كَمَا يدرس وشي الثَّوْب حَتَّى لَا يدرى مَا صِيَام وَلَا صَدَقَة وَلَا نسك ويسرى على كتاب الله فِي لَيْلَة فَلَا يبْقى فِي الأَرْض مِنْهُ آيَة وَيبقى الشَّيْخ الْكَبِير والعجوز يَقُولُونَ: أدركنا آبَائِنَا على هَذِه الْكَلِمَة لَا إِلَه إِلَّا الله فَنحْن نقولها وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُوشك أَن يدرس الْإِسْلَام كَمَا يدرس وَشْي الثَّوْب وَيقْرَأ النَّاس الْقُرْآن لَا يَجدونَ لَهُ حلاوة فيبيتون لَيْلَة فيصبحون وَقد أسرِي بِالْقُرْآنِ وَمَا قبله من كتاب حَتَّى ينتزع من قلب شيخ كَبِير وعجوز كَبِير فَلَا يعْرفُونَ وَقت صَلَاة وَلَا صِيَام وَلَا نسك حَتَّى يَقُول الْقَائِل مِنْهُم: إِنَّا سمعنَا النَّاس يَقُولُونَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فَنحْن نقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن أبي دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم عَن شمر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يسرى على الْقرَان فِي لَيْلَة فَيقوم المتهجدون فِي ساعاتهم فَلَا يقدرُونَ على شَيْء فيفزعون إِلَى مصاحفهم فَلَا يقدرُونَ عَلَيْهَا فَيخرج بَعضهم إِلَى بعض فيلتقون فيخبر بَعضهم بَعْضًا بِمَا قد لقوا وَأخرج ابْن عدي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَأْتِي النَّاس زمَان يُرْسَلُ إِلَى الْقُرْآن وَيرْفَع من الأَرْض وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يرفع الْقُرْآن من حَيْثُ نزل لَهُ دوِي حول الْعَرْش كَدَوِيِّ النَّحْل يَقُول: أُتْلَى وَلَا يُعْمَلُ بِي وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن اللَّيْث بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا يرفع الْقُرْآن حِين يقبل النَّاس على الْكتب ويكبّون عَلَيْهَا ويتركون الْقُرْآن وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَطِيعُونِي مَا دمت بَين أظْهركُم فَإِن ذهبت فَعَلَيْكُم بِكِتَاب الله أحلُّوا حَلَاله وحرِّموا حرَامه فَإِنَّهُ سَيَأْتِي على النَّاس زمَان يسرى على الْقُرْآن فِي لَيْلَة فَيُنْسَخُ من الْقُلُوب والمصاحف

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يسرى على كتاب الله فيرفع إِلَى السَّمَاء فَلَا يبْقى على الأَرْض من الْقُرْآن وَلَا من التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور فينزع من قُلُوب الرِّجَال فيصبحون فِي الصَّلَاة لَا يَدْرُونَ مَا هم فِيهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن حُذَيْفَة وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يسرى على كتاب الله لَيْلًا فَيُصْبِح النَّاس لَيْسَ فِي الأَرْض وَلَا فِي جَوف مُسلم مِنْهُ آيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يرفع الذِكْرُ وَالْقُرْآن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهَا قَالَا: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس مَا هَذِه الْكتب الَّتِي بَلغنِي أَنكُمْ تكتبونها مَعَ كتاب الله يُوشك أَن يغْضب الله لكتابه فَيُسْرَى عَلَيْهِ لَيْلًا لَا يتْرك فِي قلب وَلَا ورق مِنْهُ حرفا إِلَّا ذهب بِهِ فَقيل: يَا رَسُول الله فَكيف بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات قَالَ: من أَرَادَ الله بِهِ خيرا أبقى فِي قلبه لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: يسرى على الْقُرْآن فِي جَوف اللَّيْل يَجِيء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَيذْهب بِهِ ثمَّ قَرَأَ {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ} الْآيَة الْآيَة 88 - 89

88

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَحْمُود بن سيحان ونعيمان بن أُصَي ومجزئ بن عمر وَسَلام بن مشْكم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد هَذَا الَّذِي جِئْت بِهِ حق من عِنْد الله فانا لَا نرَاهُ متناسقاً كَمَا تتناسق التَّوْرَاة فَقَالَ لَهُم: أما وَالله إِنَّكُم لتعرفون أَنه من عِنْد الله

قَالُوا: انا نجيئك بِمثل مَا أُتِي بِهِ فَأنْزل الله {قل لَئِن اجْتمعت الْإِنْس وَالْجِنّ} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قل لَئِن اجْتمعت الْإِنْس وَالْجِنّ} الْآيَة قَالَ: يَقُول: لَو برزت الْجِنّ وَأَعَانَهُمْ الْإِنْس فتظاهروا لم يَأْتُوا هَذَا الْقُرْآن الْآيَة 90 - 96

90

أخرج ابْن جرير وَابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عتبَة وَشَيْبَة ابْني ربيعَة وَأَبا سُفْيَان بن حَرْب ورجلا من بني عبد الدَّار وَأَبا البخْترِي - أَخا بني أَسد - وَالْأسود بن الْمطلب وَزَمعَة بن الْأسود والوليد بن الْمُغيرَة وَأَبا جهل بن هِشَام وَعبد الله بن أبي أُميَّة وَأُميَّة بن خلف وَالْعَاص بن وَائِل ونبيهاً ومنبهاً ابْني الْحجَّاج السهميين اجْتَمعُوا بعد غرُوب الشَّمْس عِنْد ظهر الْكَعْبَة فَقَالَ بَعضهم لبَعض: ابْعَثُوا إِلَى مُحَمَّد وكلموه وخاصموه حَتَّى تعذروا فِيهِ فبعثوا إِلَيْهِ أَن أَشْرَاف قَوْمك قد اجْتَمعُوا إِلَيْك ليكلموك فَجَاءَهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيعا وَهُوَ يظنّ أَنهم قد بدا لَهُم فِي أمره بَدْء وَكَانَ عَلَيْهِم حَرِيصًا يحب رشدهم ويعز عَلَيْهِ عنتهمْ حَتَّى جلس إِلَيْهِم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد إِنَّا قد بعثنَا إِلَيْك لنعذرك وَإِنَّا

وَالله مَا نعلم رجلا من الْعَرَب أَدخل على قومه مَا أدخلت على قَوْمك لقد شتمت الْآبَاء وعبت الدّين وسفهت الأحلام وشتمت الْآلهَة وَفرقت الْجَمَاعَة فَمَا بَقِي من قَبِيح إِلَّا وَقد جِئْته فِيمَا بَيْننَا وَبَيْنك فَإِن كنت إِنَّمَا جِئْت بِهَذَا الحَدِيث تطلب مَالا جَمعنَا لَك من أَمْوَالنَا حَتَّى تكون أكثرنا مَالا وَإِن كنت إِنَّمَا تطلب الشّرف فِينَا سوّدناك علينا وَإِن كنت تُرِيدُ ملكا ملكناك علينا وَإِن كَانَ هَذَا الَّذِي يَأْتِيك بِمَا يَأْتِيك رئيا ترَاهُ قد غلب عَلَيْك - وَكَانُوا يسمون التَّابِع من الْجِنّ الرئي - فَرُبمَا كَانَ ذَلِك بذلنا أَمْوَالنَا فِي طلب الطِّبّ حَتَّى نبرئك مِنْهُ أَو نعذر فِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بِي مَا تَقولُونَ مَا جِئتُكُمْ بِمَا جِئتُكُمْ بِهِ أطلب أَمْوَالكُم وَلَا فيئكم وَلَا الْملك عَلَيْكُم وَلَكِن الله بَعَثَنِي إِلَيْكُم رَسُولا وَأنزل عليَّ كتابا وَأَمرَنِي أَن أكون لكم بشيراً وَنَذِيرا فبلغتكم رِسَالَة رَبِّي وَنَصَحْت لكم فَإِن تقبلُوا مني مَا جِئتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حظكم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِن تردوه عَليّ أَصْبِر لأمر الله حَتَّى يحكم الله بيني وَبَيْنكُم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد فَإِن كنت غير قَابل منّا مَا عرضنَا عَلَيْك فقد علمت أَنه لَيْسَ أحد من النَّاس أضيق بلاداً وَلَا أقل مَالا وَلَا أَشد عَيْشًا منا فاسأل رَبك الَّذِي بَعثك بِمَا بَعثك بِهِ فليسير عَنَّا هَذِه الْجبَال الَّتِي قد ضيقت علينا وليبسط لنا بِلَادنَا وليجر فِيهَا أَنهَارًا كأنهار الشَّام وَالْعراق وليبعث لنا من قد مضى من آبَائِنَا وَليكن فِيمَن يبْعَث لنا مِنْهُم قصي بن كلاب فَإِنَّهُ كَانَ شَيخا صَدُوقًا فنسألهم عَمَّا تَقول حق هُوَ أم بَاطِل فَإِن صنعت مَا سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا بِهِ منزلتك من عِنْد الله وَإنَّهُ بَعثك رَسُولا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بِهَذَا بعثت إِنَّمَا جِئتُكُمْ من عِنْد الله بِمَا بَعَثَنِي بِهِ فقد بلغتكم مَا أرْسلت بِهِ إِلَيْكُم فَإِن تقبلوه فَهُوَ حظكم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِن تردوه عَليّ أَصْبِر لأمر الله حَتَّى يحكم الله بيني وَبَيْنكُم قَالُوا: فَإِن لم تفعل لنا فَخر لنَفسك فاسأل رَبك أَن يبْعَث ملكا يصدقك بِمَا تَقول ويراجعنا عَنْك وتسأله أَن يَجْعَل لَك جنَانًا وكنوزاً وقصوراً من ذهب وَفِضة ويغنيك عَمَّا نرَاك تبتغي - فَإنَّك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كَمَا نلتمسه - حَتَّى نَعْرِف منزلتك من رَبك إِن كنت رَسُولا كَمَا تزْعم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أَنا بفاعل مَا أَنا بِالَّذِي يسْأَل ربه هَذَا وَمَا بُعثتُ إِلَيْكُم بِهَذَا وَلَكِن الله بَعَثَنِي بشيراً وَنَذِيرا فَإِن تقبلُوا مَا جِئتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حظكم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِن تردوه عَليّ أَصْبِر لأمر الله حَتَّى يحكم الله بيني وَبَيْنكُم قَالُوا:

فأسقط السَّمَاء كَمَا زعمت أَن رَبك إِن شَاءَ فعل فانا لن نؤمن لَك إِلَّا أَن تفعل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذَلِك إِلَى الله إِن شَاءَ فعل بكم ذَلِك قَالُوا: يَا مُحَمَّد قد علم رَبك أَنا سنجلس مَعَك ونسألك عَمَّا سألناك ونطلب مِنْك مَا نطلب فيتقدم إِلَيْك ويعلمك مَا تراجعنا بِهِ ويخبرك بِمَا صانع فِي ذَلِك بِنَا إِذا لم نقبل مِنْك مَا جئتنا بِهِ فقد بلغنَا أَنه إِنَّمَا يعلمك هَذَا رجل بِالْيَمَامَةِ يُقَال لَهُ الرَّحْمَن وَإِنَّا وَالله لَا نؤمن بالرحمن أبدا فقد أعذرنا إِلَيْك يَا مُحَمَّد أما وَالله لَا نَتْرُكك وَمَا فعلت بِنَا حَتَّى نهلكك أَو تُهْلِكنَا وَقَالَ قَائِلهمْ: لن نؤمن لَك حَتَّى تَأتي بِاللَّه وَالْمَلَائِكَة قبيلاً فَلَمَّا قَالُوا ذَلِك قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُم وَقَامَ مَعَه عبد الله بن أبي أُميَّة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد عرض عَلَيْك قَوْمك مَا عرضوا فَلم تقبله مِنْهُم ثمَّ سألوك لأَنْفُسِهِمْ أموراً ليعرفوا بهَا منزلتك عِنْد الله فَلم تفعل ذَلِك ثمَّ سألوك أَن تعجل مَا تخوفهم بِهِ من الْعَذَاب فوَاللَّه مَا أُؤْمِن لَك أبدا حَتَّى تتَّخذ إِلَى السَّمَاء سلما ثمَّ ترقى فِيهِ وَأَنا أنظر حَتَّى تأتيها وَتَأْتِي مَعَك بنسخة منشورة مَعَك أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة يشْهدُونَ لَك أَنَّك كَمَا تَقول وَايْم الله لَو فعلت ذَلِك لظَنَنْت أَنِّي لَا أصدقك ثمَّ انْصَرف عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَانْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَهله حَزينًا أسفا لما فَاتَهُ مِمَّا كَانَ طمع فِيهِ من قومه حِين دَعوه وَلما رأى من متابعتهم إِيَّاه وَأنزل عَلَيْهِ فِيمَا قَالَ لَهُ عبد الله بن أبي أُميَّة: {وَقَالُوا لن نؤمن لَك} إِلَى قَوْله: {بشرا رَسُولا} وَأنزل عَلَيْهِ فِي قَوْلهم لن نؤمن بالرحمن (كَذَلِك أرسناك فِي أمة قد خلت ) (الرَّعْد آيَة 30) الْآيَة وَأنزل عَلَيْهِ فِيمَا سَأَلَهُ قومه لأَنْفُسِهِمْ من تسيير الْجبَال وتقطيع الْجبَال وَبعث من مضى من آبَائِهِم الْمَوْتَى (وَلَو أَن قُرْآنًا سيرت بِهِ الْجبَال ) (الرَّعْد آيَة 31) الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقَالُوا لن نؤمن لَك} قَالَ: نزلت فِي أخي أم سَلمَة عبد الله بن أبي أُميَّة وأخرح ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {حَتَّى تفجر لنا} خَفِيفَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {حَتَّى تفجر لنا من الأَرْض ينبوعاً} أَي ببلدنا هَذَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ينبوعاً} قَالَ: عيُونا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الينبوع هُوَ الَّذِي يجْرِي من الْعين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَو تكون لَك جنَّة من نخيل وعنب} يَقُول: ضَيْعَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَو تسْقط السَّمَاء كَمَا زعمت علينا كسفاً} قَالَ: قطعا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَو تَأتي بِاللَّه وَالْمَلَائِكَة قبيلاً} قَالَ: عيَانًا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَو يكون لَك بَيت من زخرف} قَالَ: من ذهب وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم أكن أحسن مَا الزخرف حَتَّى سَمعتهَا فِي قِرَاءَة عبد الله {أَو يكون لَك بَيت من زخرف} قَالَ: من ذهب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الزخرف الذَّهَب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {حَتَّى تنزل علينا كتابا نقرؤه} قَالَ: من عِنْد رب الْعَالمين إِلَى فلَان بن فلَان يصبح عِنْد كل رجل منا صحيفَة عِنْد رَأسه مَوْضُوعَة يقْرؤهَا الْآيَة 97 - 99

97

أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله كَيفَ يحْشر النَّاس على وُجُوههم قَالَ: الَّذِي أَمْشَاهُم على أَرجُلهم قَادر أَن يُمشيهمْ على وُجُوههم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة (الَّذين يحشرون على وُجُوههم) (الْفرْقَان آيَة 34) الْآيَة فَقَالُوا: يَا نَبِي الله وكيق يَمْشُونَ على وُجُوههم قَالَ: أَرَأَيْت الَّذِي أَمْشَاهُم على أَقْدَامهم أَلَيْسَ قَادِرًا على أَن يُمشيهمْ على وُجُوههم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة على ثَلَاثَة أَصْنَاف: صنف مشَاة وصنف ركبان وصنف على وُجُوههم قيل: يَا رَسُول الله وَكَيف يَمْشُونَ على وُجُوههم قَالَ: إِن الَّذِي أَمْشَاهُم على أَقْدَامهم قَادر أَن يُمشيهمْ على وُجُوههم أما إِنَّهُم يَتَّقُونَ بِوُجُوهِهِمْ كل حدب وَشَوْك وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ أَنه تَلا هَذِه الاية {ونحشرهم يَوْم الْقِيَامَة على وُجُوههم عميا وبكماً وصماً} فَقَالَ: حَدثنِي الصَّادِق المصدوق صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن النَّاس يحشرون يَوْم الْقِيَامَة على ثلاة أَفْوَاج: فَوْج طاعمين كاسين راكبين وقوج يَمْشُونَ ويسعون وفوج تسحبهم الْمَلَائِكَة على وُجُوههم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم عَن مُعَاوِيَة بن حيدة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّكُم تحشرون رجَالًا وركباناً وَتجرونَ على وُجُوهكُم هَهُنَا ونحى بِيَدِهِ نَحْو الشَّام

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {عميا} قَالَ: لَا يرَوْنَ شَيْئا يسرهم {وبكماً} قَالَ: لَا ينطقون بِحجَّة {وصماً} قَالَ: لَا يسمعُونَ شَيْئا يسرهم وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تغبطن فَاجِرًا بِنِعْمَة فَإِن من وَرَائه طَالبا حثيثاً وَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {مأواهم جَهَنَّم كلما خبت زدناهم سعيرا} وَأخر الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الدُّنْيَا خضرَة حلوة من اكْتسب فِيهَا مَالا من غير حلّه وأنفقه فِي غير حلّه أحلّه دَار الهوان ورُبَّ متخوض فِي مَال الله وَرَسُوله لَهُ النَّار يَوْم الْقِيَامَة يَقُول الله: {كلما خبت زدناهم سعيراً} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {مأواهم جَهَنَّم} يَعْنِي أَنهم وقودها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كلما خبت} قَالَ: سكنت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كلما خبت زدناهم سعيراً} قَالَ: كلما طفئت أسعرت وَأوقدت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الأنباربي فِي كتاب الأضداد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كلما خبت زدناهم سعيراً} قَالَ: كلما أحرقتهم سعر بهم حطباً فَإِذا أحرقتهم فَلم يبْق مِنْهُم شَيْء صَارَت حَمْرَاء تتوهج فَذَلِك خبؤها فَإِذا بدلُوا خلقا جَدِيدا عاوتهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كلما خبت زدناهم سعيراً} يَقُول: كلما احترقت جُلُودهمْ بدلُوا جُلُودًا غَيرهَا ليذوقا الْعَذَاب وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {كلما خبت} قَالَ: الخبء الَّذِي يطفأ مرّة ويشعل أُخْرَى قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وتخبو النَّار عَن أدنى أذاهم وأضرمها إِذا ابتردوا سعيراً

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن أُبيّ صَالح فِي قَوْله: {كلما خبت} قَالَ: مَعْنَاهُ كلما حميت الْآيَة 100

100

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله: {خَزَائِن رَحْمَة رَبِّي} قَالَ: الرزق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِذا لأمسكتم خشيَة الْإِنْفَاق} قَالَ: إِذن مَا أطعمْتُم أحدا شَيْئا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {خشيَة الْإِنْفَاق} قَالَ: الْفقر وَفِي قَوْله: {وَكَانَ الْإِنْسَان قتوراً} قَالَ: بَخِيلًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {خشيَة الْإِنْفَاق} قَالَ: خشيَة الْفَاقَة {وَكَانَ الْإِنْسَان قتوراً} قَالَ: بَخِيلًا ممسكا الْآيَة 101 - 105

101

أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى تسع آيَات بَيِّنَات} قَالَ: الْيَد والعصا والطوفان وَالْجَرَاد وَالْقمل والضفادع وَالدَّم والسنين وَنقص من الثمرات

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {تسع آيَات بَيِّنَات} قَالَ: يَده وَعَصَاهُ وَلسَانه وَالْبَحْر والطوفان وَالْجَرَاد وَالْقمل والضفادع وَالدَّم وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن قَانِع وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن صَفْوَان بن عَسَّال: أَن يهوديين قَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: انْطلق بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِي نَسْأَلهُ فَأتيَاهُ فَسَأَلَاهُ عَن قَول الله: {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى تسع آيَات بَيِّنَات} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا وَلَا تنزنوا وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تسحرُوا وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَان فيقتله وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا وَلَا تَقْذِفُوا مُحصنَة أَو قَالَ: وَلَا تَفِرُّوا من الزَّحْف شكّ شُعْبَة وَعَلَيْكُم يَا يهود خَاصَّة أَن لَا تَعْتَدوا فِي السبت فَقبلا يَدَيْهِ وَقَالا: نشْهد أَنَّك نَبِي قَالَ: فَمَا يَمْنَعكُمَا أَن تسلما قَالَا: إِن دَاوُد دَعَا أَن لَا يزَال فِي ذُريَّته نَبِي وَإِنَّا نَخَاف إِن أسلمنَا أَن تَقْتُلنَا الْيَهُود وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَضَب عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَول الله تَعَالَى: {وَإِنِّي لأظنك يَا فِرْعَوْن مثبوراً} قَالَ: مُخَالفا وَقَالَ: الْأَنْبِيَاء أكْرم من أَن تُلعَنَ أَو تُسَبّ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ {فاسأل بني إِسْرَائِيل} يَقُول: سَأَلَ مُوسَى فِرْعَوْن بني إِسْرَائِيل أَن أرسلهم معي قَالَ مَالك بن دِينَار: وَإِنَّمَا كتبُوا فسل بِلَا ألف كَمَا كتبُوا قَالَ: قَلَ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {لقد علمت} يَعْنِي بِالرَّفْع قَالَ عَليّ: وَالله مَا علم عدوّ الله وَلَكِن مُوسَى هُوَ الَّذِي علم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ {لقد علمت} بِالنّصب - يَعْنِي فِرْعَوْن - ثمَّ تَلا (وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم) (النَّمْل آيَة 14)

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {مثبوراً} قَالَ: ملعوناً وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مثله وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مَيْمُون بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {مثبوراً} قَالَ: قَلِيل الْعقل وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {مثبوراً} قَالَ: ملعوناً مَحْبُوسًا عَن الْخَيْر قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عبد الله بن الزِّبَعْرَى يَقُول: إِذْ أَتَانِي الشَّيْطَان فِي سنة النو م وَمن مَال مَيْلَة مثبوراً وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {لفيفا} قَالَ: جَمِيعًا الْآيَة 106 - 109

106

أخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن قَرَأَ {وقرآناً فرقناه} مثقلة قَالَ: نزل الْقُرْآن إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فِي لَيْلَة الْقدر من رَمَضَان جملَة وَاحِدَة فَكَانَ الْمُشْركُونَ إِذا أَحْدَثُوا شَيْئا أحدث الله لَهُم جَوَابا ففرقه الله فِي عشْرين سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزل الْقُرْآن جملَة وَاحِد من عِنْد الله من اللَّوْح الْمَحْفُوظ إِلَى السفرة الْكِرَام الْكَاتِبين فِي السَّمَاء الدُّنْيَا فنجمته السفرة على جِبْرِيل عشْرين لَيْلَة ونجمه جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشْرين سنة فَقَالَ الْمُشْركُونَ: لَوْلَا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِد فَقَالَ الله (كَذَلِك لنثبت بِهِ

فُؤَادك) (الْفرْقَان آيَة 32) أَي نزلناه عَلَيْك مُتَفَرقًا ليَكُون عنْدك جَوَاب مَا يَسْأَلُونَك عَنهُ وَلَو أَنزَلْنَاهُ عَلَيْك جملَة وَاحِدَة ثمَّ سألوك لم يكن عنْدك جَوَاب مَا يسْأَلُون عَنهُ وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزل الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة حَتَّى وضع فِي بَيت الْعِزَّة فِي السَّمَاء الدُّنْيَا ونزله جِبْرِيل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِجَوَاب كَلَام الْعباد وأعمالهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا مثقلة يَقُول: أنزل آيَة آيَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تعلمُوا الْقُرْآن خمس آيَات خمس آيَات فَإِن جِبْرِيل كَانَ ينزل بِالْقُرْآنِ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمْسا خمْسا وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي نَضرة قَالَ: كَانَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ يعلمنَا الْقُرْآن خمس آيَات بِالْغَدَاةِ وَخمْس آيَات بالْعَشي ويخبر أَن جِبْرِيل نزل بِالْقُرْآنِ خمس آيَات خمس آيَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {وقرآناً فرقناه} مخففاً يَعْنِي بيّناه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وقرآناً فرقناه} قَالَ: فصلناه {على مكث} بأمد {يخرون للأذقان} يَقُول: للوجوه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {على مكث} فِي ترسل وَأخرج ابْن الضريس عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وقرآناً فرقناه} الْآيَة قَالَ: لم ينزل فِي لَيْلَة وَلَا لَيْلَتَيْنِ وَلَا شهر وَلَا شَهْرَيْن وَلَا سنة وَلَا سنتَيْن وَكَانَ بَين أَوله وَآخره عشرُون سنة أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك وَأخرج ابْن الضريس من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال: أنزل الْقُرْآن على نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَمَان سِنِين بِمَكَّة وَعشرا بَعْدَمَا هَاجر وَكَانَ قَتَادَة يَقُول: عشر بِمَكَّة وَعشر بِالْمَدِينَةِ

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {إِن الَّذين أُوتُوا الْعلم من قبله} هم نَاس من أهل الْكتاب حِين سمعُوا مَا أنزل الله على مُحَمَّد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من قبله} من قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِذا يُتْلَى} مَا أنزل عَلَيْهِم من عِنْد الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِذا يُتْلَى عَلَيْهِم} قَالَ: كِتَابهمْ وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الْأَعْلَى التَّيْمِيّ قَالَ: إِن من أُوتِيَ من الْعلم مَا لَا يبكيه لخليق أَن قد أُوتِيَ من الْعلم مَا لَا يَنْفَعهُ لِأَن الله نعت أهل الْعلم فَقَالَ: {ويخرون للأذقان يَبْكُونَ} وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الْجراح عَن أبي حَازِم: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل وَعِنْده رجل يبكي فَقَالَ: من هَذَا قَالَ: فلَان قَالَ جِبْرِيل: إِنَّا نزن أَعمال بني آدم كلهَا إِلَّا الْبكاء فَإِن الله يُطْفِئ بالدمعة نهوراً من نيران جَهَنَّم وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن النَّضر بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أَن عبدا بَكَى فِي أمة من الْأُمَم لأنجى الله تِلْكَ الْأمة من النَّار ببكاء ذَلِك العَبْد وَمَا من عمل إِلَّا لَهُ وزن وثواب إِلَّا الدمعة فَإِنَّهَا تُطْفِئ بحوراً من النَّار وَمَا اغرورقت عين بِمَائِهَا من خشيَة الله إِلَّا حرم الله جَسدهَا على النَّار وَإِن فاضت على خَدّه لم يرهق وَجهه قتر وَلَا ذلة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْجَعْد أبي عُثْمَان قَالَ: بلغنَا أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: إلهي مَا جَزَاء من فاضت عَيناهُ من خشيتك قَالَ: جَزَاؤُهُ أَن أؤمنه يَوْم الْفَزع الْأَكْبَر الْآيَة 110

110

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجْهر بِالدُّعَاءِ فَجعل يَقُول: يَا الله يَا رَحْمَن فَسَمعهُ أهل مَكَّة فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ فَأنْزل الله {قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة ذَات يَوْم فَدَعَا ربه فَقَالَ فِي دُعَائِهِ: يَا الله يَا رَحْمَن فَقَالَ الْمُشْركُونَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الضابئ ينهانا أَن نَدْعُو إِلَهَيْنِ وَهُوَ يَدْعُو إِلَهَيْنِ فَأنْزل الله {قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فِي حرث فِي يَده جَرِيدَة فَسَأَلَهُ الْيَهُود عَن الرَّحْمَن - وَكَانَ لَهُم كَاهِن بِالْيَمَامَةِ يسمونه الرَّحْمَن - فأنزلت {قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مَكْحُول: أَن النَّبِي كَانَ يتهجد بِمَكَّة ذَات لَيْلَة يَقُول فِي سُجُوده: يَا رَحْمَن يَا رَحِيم فَسَمعهُ رجل من الْمُشْركين فَلَمَّا أصبح قَالَ لأَصْحَابه: انْظُرُوا مَا قَالَ ابْن أبي كَبْشَة يزْعم اللَّيْلَة الرَّحْمَن الَّذِي بِالْيمن - وَكَانَ بِالْيمن رجل يُقَال لَهُ رَحْمَن - فَنزلت {قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن} الْآيَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق نهشل بن سعيد عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله: {قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن أياً مَا تدعوا فَلهُ الْأَسْمَاء الْحسنى} إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هُوَ أَمَان من السرق وَإِن رجلا من الهاجرين من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلَاهَا حَيْثُ أَخذ مضجعه فَدخل عَلَيْهِ سَارِق فَجمع مَا فِي الْبَيْت وَحمله - وَالرجل لَيْسَ بنائم - حَتَّى انْتهى إِلَى الْبَاب فَوجدَ الْبَاب مردوداً فَوضع الكارة فَفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَضَحِك صَاحب الْبَيْت ثمَّ قَالَ: إِنِّي أحصنت بَيْتِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {أياً مَا تدعوا} قَالَ: باسم من أَسْمَائِهِ وَالله أعلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا تجْهر بصلاتك} الْآيَة قَالَ: نزلت وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة متوار فَكَانَ إِذا صلى بِأَصْحَابِهِ رفع صَوته بِالْقُرْآنِ فَإِذا سمع ذَلِك الْمُشْركُونَ سبّوا الْقُرْآن وَمن أنزلهُ وَمن جَاءَ بِهِ فَقَالَ الله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَا تجْهر بصلاتك}

أَي بِقِرَاءَتِك فَيسمع الْمُشْركُونَ فيسبوا الْقُرْآن {وَلَا تخَافت بهَا} عَن أَصْحَابك فَلَا تسمعهم الْقُرْآن حَتَّى يأخذوه عَنْك {وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا} يَقُول: بَين الْجَهْر والمخافتة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جهر بِالْقُرْآنِ وَهُوَ يُصَلِّي تفَرقُوا عَنهُ وأبوا أَن يستمعوا مِنْهُ فَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ أَن يسمع من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض مَا يَتْلُو وَهُوَ يُصَلِّي اسْترق السّمع دونهم فرقا مِنْهُم فَإِن رأى أَنهم قد عرفُوا أَنه يستمع ذهب خشيَة أذاهم فَلم يستمع فَإِن خفض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يستمع الَّذين يَسْتَمِعُون من قِرَاءَته شَيْئا فَأنْزل الله {وَلَا تجْهر بصلاتك} فيتفرقوا عَنْك {وَلَا تخَافت بهَا} فَلَا تسمع من أَرَادَ أَن يسْمعهَا مِمَّن يسترق ذَلِك لَعَلَّه يرعوي إِلَى بعض مَا يستمع فينتفع بِهِ {وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجْهر بِالْقِرَاءَةِ بِمَكَّة فيؤذي فَأنْزل الله {وَلَا تجْهر بصلاتك} وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي الصِّنْف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى عِنْد الْبَيْت جهر بقرَاءَته فَكَانَ الْمُشْركُونَ يؤذونه فَنزلت {وَلَا تجْهر بصلاتك} الْآيَة وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى يجْهر بِصَلَاتِهِ فآذى ذَلِك الْمُشْركين فأخفى صلَاته هُوَ وَأَصْحَابه فلذك قَالَ الله: {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} وَقَالَ: فِي الْأَعْرَاف (وَاذْكُر رَبك فِي نَفسك) (الْأَعْرَاف آيَة 205) الْآيَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} قَالَ: كَانَ الرجل إِذا دَعَا فِي الصَّلَاة رفع صَوته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ مُسَيْلمَة الْكذَّاب قد تسمى الرَّحْمَن فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى فجهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحْمَن قَالَ الْمُشْركُونَ: يذكر إِلَه الْيَمَامَة فَأنْزل الله {وَلَا تجْهر بصلاتك}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرفع صَوته بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَكَانَ مُسَيْلمَة قد تسمّى الرَّحْمَن فَكَانَ الْمُشْركُونَ إِذا سمعُوا ذَلِك من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: قد ذكر مُسَيْلمَة إِلَه الْيَمَامَة ثمَّ عارضوه بالمكاء والتصدية والصفير فَأنْزل الله {وَلَا تجْهر بصلاتك} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جهر بِالْقُرْآنِ شقّ ذَلِك على الْمُشْركين فيؤذون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالشتم - وَذَلِكَ بِمَكَّة - فَأنْزل الله: يَا مُحَمَّد {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} لَا تخْفض صَوْتك حَتَّى لَا تسمع اذنيك {وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا} يَقُول: اطلب الاعلان والجهر وَبَين التخافت والجهر طَرِيقا لَا جَهرا شَدِيدا وَلَا خفضاً حَتَّى لَا تسمع أذنيك فَلَمَّا هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة ترك هَذَا كُله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: نبئت أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ كَانَ إِذا قَرَأَ خفض وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ إِذا قَرَأَ جهر فَقيل لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ: لم تصنع هَذَا قَالَ: أُنَاجِي رَبِّي وَقد علم حَاجَتي وَقيل لعمر رَضِي الله عَنهُ: لم تصنع هَذَا قَالَ: اطرد الشَّيْطَان وَأُوقِظ الْوَسْنَان فَلَمَّا نزلت {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} قيل لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ: ارْفَعْ شَيْئا وَقيل لعمر رَضِي الله عَنهُ: اخْفِضْ شَيْئا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِذا صلى من اللَّيْل خفض صَوته جدا وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ إِذا صلى رفع صَوته جدا فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: يَا أَبَا بكر لَو رفعت من صَوْتك شَيْئا وَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا عمر لَو خفضت من صَوْتك شَيْئا فَأتيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرَاهُ بأمرهما فَأنْزل الله {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} الْآيَة فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِمَا فَقَالَ: يَا أَبَا بكر ارْفَعْ من صَوْتك شَيْئا وَقَالَ لعمر رَضِي الله عَنهُ: اخْفِضْ من صَوْتك شَيْئا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد فِي النَّاسِخ وَالْبَزَّار والنحاس وَابْن نصر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: إِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} فِي الدُّعَاء

وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: نزلت هَذِه الْآيَة فِي التَّشَهُّد {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي قَوْله: {وَلَا تجْهر بصلاتك} قَالَ: نزلت فِي الْمَسْأَلَة وَالدُّعَاء وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى عِنْد الْبَيْت رفع صَوته بِالدُّعَاءِ وآذاه الْمُشْركُونَ فَنزل {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن دراج أبي السَّمْح: أَن شَيخا من الْأَنْصَار من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} إِنَّمَا نزلت فِي الدُّعَاء لَا ترفع صَوْتك فِي دعائك فَتذكر ذنوبك فَتسمع مِنْك فتعير بهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا تجْهر بصلاتك} قَالَ: نزلت فِي الدُّعَاء كَانُوا يجهرون بِالدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي فَلَمَّا نزلت أمروا أَنى لَا يخافتوا وَلَا يجهروا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَعْرَاب من بني تَمِيم إِذا سلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: اللَّهُمَّ ارزقنا إبِلا وَولدا فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تجْهر بصلاتك} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تجْهر بصلاتك} قَالَ: ذَلِك فِي الدُّعَاء وَالْمَسْأَلَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا تجْهر بصلاتك} وَلَا تصلِّ مراياة النَّاس {وَلَا تخَافت بهَا} قَالَ: لَا تدعها مَخَافَة النَّاس وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} قَالَ: لَا تُصلِّها رِيَاء وَلَا تدعها حَيَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا تجْهر بصلاتك} لَا تجعلها كلهَا جَهرا {وَلَا تخَافت بهَا} قَالَ: لَا تجْعَل كلهَا سرا

وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن أبي رزين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله بن عمر {وَلَا تخَافت} بصوتك وَلَا تعال بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لم يُخَافت من أسمع أُذُنَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير قَالَ: الْعلم خير من الْعَمَل وَخير الْأُمُور أوسطها والحسنة بَين تِلْكَ السيئتين وَذَلِكَ لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي قلَابَة قَالَ: خير الْأُمُور أوسطها الْآيَة 111

111

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى قَالُوا (اتخذا الله ولدا) (الْبَقَرَة آيَة 116) وَقَالَت الْعَرَب: لبيْك لَا شريك لَك إِلَّا شَرِيكا هُوَ لَك تملكه وَمَا ملك وَقَالَ الصابئون وَالْمَجُوس: لَوْلَا أَوْلِيَاء الله لذل فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {وَقل الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلم يكن لَهُ ولي من الذل} قَالَ: لم يخف أحدا وَلم يبتغ نصر أحد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: {وَكبره تَكْبِيرا} قَالَ: كبره أَنْت يَا مُحَمَّد على مَا يَقُولُونَ تَكْبِيرا وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آيَة الْعِزّ: {وَقل الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا} الْآيَة كلهَا وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن السّني عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرجت أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويدي فِي يَده فَأتى على رجل رث الْهَيْئَة فَقَالَ: أَي فلَان مَا بلغ بك مَا أرى قَالَ: السقم والضر قَالَ: أَلا أعلمك كَلِمَات تذْهب عَنْك السقم والضر قل: توكلت على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت و {الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَلم يكن لَهُ ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا}

فَأتى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد حسنت حَالَته فَقَالَ: مَهيم فَقَالَ: لم أزل أَقُول الْكَلِمَات الَّتِي علمتني وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْفرج وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك رَضِي اله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا كربني أَمر إِلَّا تمثل لي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا مُحَمَّد قل توكلت على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت و {الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يعلم أَهله هَذِه الْآيَة {الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا} إِلَى آخرهَا الصَّغِير من أَهله وَالْكَبِير وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبد الْكَرِيم بن أبي أُميَّة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلم الْغُلَام من بني هَاشم إِذا أفْصح سبع سنوات {الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَلم يكن لَهُ ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عبد الْكَرِيم عَن عَمْرو بن شُعَيْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْغُلَام إِذا أفْصح من بني عبد الْمطلب علمه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة سبع مَرَّات {الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا} الْآيَة وَأخرجه ابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده وَأخرج ابْن السّني والديلمي عَن فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَضِي الله عَنْهَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: إِذا أخذت مضجعك فَقولِي: الْحَمد لله الْكَافِي سُبْحَانَ الله الْأَعْلَى حسبي الله وَكفى مَا شَاءَ الله قضى سمع الله لمن دَعَا لَيْسَ من الله ملْجأ وَلَا وَرَاء الله ملتجأ توكلت على رَبِّي وربكم مَا من دَابَّة إِلَّا هُوَ آخذ بناصيتها إِن رَبِّي على صِرَاط مُسْتَقِيم {الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَلم يكن لَهُ ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا} من يَقُولهَا عِنْد مَنَامه ثمَّ ينَام وسط الشَّيَاطِين والهوام فَلَا تضره وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الوراة كلهَا فِي خمس عشرَة آيَة من بني إِسْرَائِيل ثمَّ تَلا {وَلَا تجْعَل مَعَ الله إِلَهًا آخر} وَالله أعلم

(18) سُورَة الْكَهْف مَكِّيَّة وآياتها عشر وَمِائَة مُقَدّمَة سُورَة الْكَهْف أخرج النّحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سور الْكَهْف بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت سُورَة الْكَهْف بِمَكَّة وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من حفظ عشر آيَات من أول سُورَة الْكَهْف عصم من فتْنَة الدَّجَّال وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو عبيد فِي فضائله عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ الْعشْر الْأَوَاخِر من سُورَة الْكَهْف عصم من فتْنَة الدَّجَّال وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من حفظ عشرَة آيَات من أول سُورَة الْكَهْف ثمَّ أدْركهُ الدَّجَّال لم يضرّهُ وَمن حفظ خَوَاتِيم سُورَة الْكَهْف كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الضريس وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: قَرَأَ رجل سُورَة الْكَهْف وَفِي الدَّار دَابَّة فَجعلت تنفر فَينْظر فَإِذا ضَبَابَة أَو سَحَابَة قد غَشيته فَذكر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أقرا فلَان فَإِنَّهَا السكينَة نزلت لِلْقُرْآنِ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أسيد بن حضير أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي كنت أَقرَأ البارحة سُورَة الْكَهْف فجَاء شَيْء حَتَّى غطى فمي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَه تِلْكَ السكينَة جَاءَت حِين تَلَوت الْقُرْآن وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبي االدرداء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ ثَلَاث آيَات من أول الْكَهْف عصم من فتْنَة الدَّجَّال وَأخرج ابْن الضريس وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَالرُّويَانِيّ عَن ثَوْبَان عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ الْعشْر الْأَوَاخِر من سُورَة الْكَهْف فَإِنَّهُ عصمَة لَهُ من الدَّجَّال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ من سُورَة الْكَهْف عشر آيَات عِنْد مَنَامه عصم من فتْنَة الدَّجَّال وَمن قَرَأَ خاتمتها عِنْد رقاده كَانَ لَهُ نورا من لدن قرنه إِلَى قدمه يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن عليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ الْكَهْف يَوْم الْجُمُعَة فَهُوَ مَعْصُوم إِلَى ثَمَانِيَة أَيَّام من كل فتْنَة تكون وَإِن خرج الدَّجَّال عصم مِنْهُ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه والضياء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف كَانَت لَهُ نورا من مقَامه إِلَى مَكَّة وَمن قَرَأَ عشر آيَات من آخرهَا ثمَّ خرج الدَّجَّال لم يضرّهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي سعيد لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف كَمَا أنزلت كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف فِي يَوْم الْجُمُعَة أَضَاء لَهُ من النُّور مَا بَين الجمعتين وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور والدارمي وَابْن الضريس وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف فِي يَوْم الْجُمُعَة أَضَاء لَهُ من النُّور مَا بَينه وَبَين الْبَيْت الْعَتِيق وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف كَمَا أنزلت ثمَّ خرج الدَّجَّال لم يُسَلط وَلم يكن لَهُ عَلَيْهِ سَبِيل

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَهَا كلهَا كَانَت لَهُ نورا مَا بَين الأَرْض إِلَى السَّمَاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف فِي يَوْم الْجُمُعَة سَطَعَ لَهُ نور من تَحت قدمه إِلَى عنان السَّمَاء يضيء لَهُ يَوْم الْقِيَامَة وَغفر لَهُ مَا بَين الجمعتين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أخْبركُم بِسُورَة مَلأ عظمتها مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ولكاتبها من الْأجر مثل ذَلِك وَمن قَرَأَهَا يَوْم الْجُمُعَة غفر لَهُ مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام وَمن قَرَأَ الْعشْر الْأَوَاخِر مِنْهَا عِنْد نَومه بَعثه الله أَي اللَّيْل شَاءَ قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: سُورَة أَصْحَاب الْكَهْف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن خَالِد بن معدان قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف فِي كل يَوْم جُمُعَة قبل أَن يخرج الإِمَام كَانَت لَهُ كَفَّارَة مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة وَبلغ نورها الْبَيْت الْعَتِيق وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي الْمُهلب قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الْكَهْف فِي يَوْم الْجُمُعَة كَانَت لَهُ كَفَّارَة إِلَى الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سُورَة الْكَهْف تدعى فِي التَّوْرَاة الحائلة تحول بَين قَارِئهَا وَبَين النَّار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْبَيْت الَّذِي تقْرَأ فِيهِ سُورَة الْكَهْف لَا يدْخلهُ شَيْطَان تِلْكَ اللَّيْلَة وَأخرج أَبُو عبيد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أم مُوسَى قَالَت: كَانَ الْحسن بن عَليّ يقْرَأ سُورَة الْكَهْف كل لَيْلَة وَكَانَت مَكْتُوبَة لَهُ فِي لوح يدار بلوحه حَيْثُمَا دَار فِي نِسَائِهِ فِي كل لَيْلَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن وهب أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَرَأَ فِي الْفجْر بالكهف وَأخرج ابْن سعد عَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد أَنَّهَا سَمِعت عمر بن الْخطاب يقْرَأ فِي صَلَاة الْفجْر بِسُورَة أَصْحَاب الْكَهْف

وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نزلت سُورَة الْكَهْف جملَة مَعهَا سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعثت قُرَيْش النَّضر بن الْحَارِث وَعقبَة بن أبي معيط إِلَى أَحْبَار يهود بِالْمَدِينَةِ فَقَالُوا: سلوهم عَن مُحَمَّد وصفوا لَهُم صفته وأخبروهم بقوله فَإِنَّهُم أهل الْكتاب الأول وَعِنْدهم علم مَا لَيْسَ عندنَا من علم الْأَنْبِيَاء فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَا الْمَدِينَة فسألا أَحْبَار يهود عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووصفا لَهُم أمره وَبَعض قَوْله وَقَالا: إِنَّكُم أهل التَّوْرَاة وَقد جئناكم لتخبرونا عَن صاحبنا هَذَا فَقَالُوا لَهما: سلوه عَن ثَلَاث فَإِن أخْبركُم بِهن فَهُوَ نَبِي مُرْسل وَإِن لم يفعل فالرجل متقول فروا فِيهِ رَأْيكُمْ سلوه عَن فتية ذَهَبُوا فِي الدَّهْر الأول مَا كَانَ من أَمرهم فَإِنَّهُ قد كَانَ لَهُم حَدِيث عَجِيب وَسَلُوهُ عَن رجل طواف بلغ مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا مَا كَانَ نبؤه وَسَلُوهُ عَن الرّوح مَا هُوَ فَإِن أخْبركُم بذلك فَإِنَّهُ نَبِي فَاتَّبعُوهُ وَإِلَّا فَهُوَ متقول فَأقبل النَّضر وَعقبَة حَتَّى قدما قُرَيْش فَقَالَا: يَا معشر قُرَيْش قد جئناكم بفصل مَا بَيْنكُم وَبَين مُحَمَّد قد أمرنَا أَحْبَار يهود أَن نَسْأَلهُ عَن أُمُور - فأخبراهم بهَا - فجاؤوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أخبرنَا - فَسَأَلُوهُ عَمَّا أمروهم بِهِ - فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أخْبركُم غَدا بِمَا سَأَلْتُم عَنهُ - وَلم يسْتَثْن - فانصرفوا عَنهُ وَمكث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمس عشرَة لَيْلَة لَا يحدث الله إِلَيْهِ فِي ذَلِك وَحيا وَلَا يَأْتِيهِ جِبْرِيل حَتَّى أرجف أهل مَكَّة وأحزن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكث الْوَحْي عَنهُ وشق عَلَيْهِ مَا يتَكَلَّم بِهِ أهل مَكَّة ثمَّ جَاءَ جِبْرِيل من الله عز وَجل بِسُورَة أَصْحَاب الْكَهْف فِيهَا مُعَاتَبَته إِيَّاه على حزنه عَلَيْهِم وَخبر مَا سَأَلُوهُ عَنهُ من أَمر الْفتية وَالرجل الطّواف وَقَول الله: (ويسألونك عَن الرّوح ) (الْإِسْرَاء الْآيَة 85) الْآيَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق السّديّ الصَّغِير عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس: أَن قُريْشًا بعثوا خَمْسَة رَهْط - مِنْهُم عقبَة بن أبي معيط وَالنضْر بن الْحَارِث - يسْأَلُون الْيَهُود عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووصفوا لَهُم صفته فَقَالُوا لَهُم: نجد نَعته وَصفته ومبعثه فِي التَّوْرَاة فَإِن كَانَ كَمَا وصفتم لنا فَهُوَ نَبِي مُرْسل وَأمره حق فَاتبعهُ وَلَكِن سلوه عَن ثَلَاث خِصَال فَإِنَّهُ يُخْبِركُمْ

بخصلتين وَلَا يُخْبِركُمْ بالثالثة ان كَانَ نَبيا فَإنَّا قد سَأَلنَا مُسَيْلمَة الْكذَّاب عَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاث فَلم يدر مَا هِيَ فَرَجَعت الرُّسُل إِلَى قُرَيْش بِهَذَا الْخَبَر من الْيَهُود فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أخبرنَا عَن ذِي القرنين الَّذِي بلغ الْمشرق وَالْمغْرب وَأخْبرنَا عَن الرّوح وَأخْبرنَا عَن أَصْحَاب الْكَهْف فَقَالَ: أخْبركُم بذلك غَدا وَلم يقل إِن شَاءَ الله فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيل خَمْسَة عشر يَوْمًا فَلم يَأْته لترك الِاسْتِثْنَاء فشق ذَلِك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِمَا سَأَلُوهُ فَقَالَ: يَا جِبْرِيل أَبْطَأت عَليّ فَقَالَ: بتركك الِاسْتِثْنَاء أَلا تَقول: إِن شَاءَ الله قَالَ: (وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله) (الْكَهْف آيَة 23) ثمَّ أخبرهُ عَن حَدِيث ذِي القرنين وَخبر الرّوح وَأَصْحَاب الْكَهْف ثمَّ أرسل إِلَى قُرَيْش فَأتوهُ فَأخْبرهُم عَن حَدِيث ذِي القرنين وَقَالَ لَهُم: الرّوح من أَمر رَبِّي يَقُول: من علم رَبِّي لَا علم لي بِهِ فَلَمَّا وَافق قَول الْيَهُود أَنه لَا يُخْبِركُمْ بالثالث (قَالُوا: سحران تظاهرا) (الْقَصَص آيَة 48) تعاونا - يَعْنِي التَّوْرَاة وَالْفرْقَان - (وَقَالُوا: إِنَّا بِكُل كافرون) (الْقَصَص آيَة 48) وَحَدَّثَهُمْ بِحَدِيث أَصْحَاب الْكَهْف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَكَانَ أَكثر خطبَته ذكر الدَّجَّال فَكَانَ فِيمَا قَالَ لنا يَوْمئِذٍ: إِن الله عز وَجل لم يبْعَث نَبيا إِلَّا حذر أمته وَإِنِّي آخر الْأَنْبِيَاء وَأَنْتُم آخر الْأُمَم وَهُوَ خَارج فِيكُم لَا محَالة فَإِن يخرج وَأَنا بَين أظْهركُم فَأَنا حجيج كل مُسلم وَإِن يخرج فِيكُم بعدِي فَلِكُل امْرِئ حجيج نَفسه وَالله خليفتي على كل مُسلم وَإِن يخرج من خلة بَين الْعرَاق وَالشَّام وعاث يَمِينا وعاث شمالا يَا عباد الله اثبتوا فإنع يبْدَأ يَقُول: أَنا نَبِي وَلَا نَبِي بعدِي وَإنَّهُ مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يَقْرَؤُهُ كل مُؤمن فَمن لقية مِنْكُم فليتفل فِي وَجهه وليقرأ بقوارع سُورَة أَصْحَاب الْكَهْف وَإنَّهُ يُسَلط على نفس من بني آدم فيقتلها ثمَّ يُحْيِيهَا وَإنَّهُ لَا يعدو ذَلِك وَلَا يُسَلط على نفس غَيرهَا وَإِن من فتنته: أَن مَعَه جنَّة وَنَارًا فناره جنَّة وجنته نَارا فَمن ابْتُلِيَ بناره فليغمض عَيْنَيْهِ وليستعن بِاللَّه تكون عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا كَمَا كَانَت النَّار بردا وَسلَامًا على إِبْرَاهِيم وَإِن أَيَّامه أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْم كَسنة وَيَوْم كشهر وَيَوْم كجمعة وَيَوْم كالأيام وَآخر أَيَّامه كالسراب يصبح الرجل

عِنْد بَاب الْمَدِينَة فيمسي قبل أَن يبلغ بَابهَا الآخر قَالُوا: وَكَيف نصلي يَا رَسُول الله فِي تِلْكَ الْأَيَّام الْقصار قَالَ: تقدرون فِيهَا كَمَا تقدرون فِي الْأَيَّام الطوَال وَالله وَأعلم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 5

الكهف

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {الْحَمد لله الَّذِي أنزل على عَبده الْكتاب وَلم يَجْعَل لَهُ عوجا قيمًا} قَالَ: أنزل الْكتاب عدلا قيمًا وَلم يجل لَهُ عوجا ملتبساً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أنزل على عَبده الْكتاب وَلم يَجْعَل لَهُ عوجا} قَالَ: هَذَا من التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير أنزل على عَبده الْكتاب قيمًا وَلم يَجْعَل لَهُ عوجا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {قيمًا} قَالَ: مُسْتَقِيمًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {لينذر بَأْسا شَدِيدا} قَالَ: عذَابا شَدِيدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {من لَدنه} أَي من عِنْده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {ويبشر الْمُؤمنِينَ الَّذين يعْملُونَ الصَّالِحَات أَن لَهُم أجرا حسنا} يَعْنِي الْجنَّة وَفِي قَوْله: {وينذر الَّذين قَالُوا اتخذ الله ولدا} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى الْآيَة 6

6

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اجْتمع عتبَة بن ربيعَة وَشَيْبَة بن ربيعَة وَأَبُو جهل بن هِشَام وَالنضْر بن الْحَارِث وَأُميَّة بن خلف وَالْعَاص بن وَائِل وَالْأسود بن الْمطلب وَأَبُو البخْترِي فِي نفر من قُرَيْش وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد كبر عَلَيْهِ مَا يرى من خلاف قومه إِيَّاه وإنكارهم مَا جَاءَ بِهِ من النَّصِيحَة فأحزنه حزنا شَدِيدا فَأنْزل الله {فلعلك باخع نَفسك} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فلعلك باخع نَفسك} قَالَ: قَاتل نَفسك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {فلعلك باخع نَفسك} قَالَ: قَاتل نَفسك وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {فلعلك باخع نَفسك} قَالَ: قَاتل نَفسك {إِن لم يُؤمنُوا بِهَذَا الحَدِيث} قَالَ: الْقُرْآن: {أسفا} قَالَ: حزنا إِن لم يُؤمنُوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أسفا} قَالَ: جزعا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فلعلك باخع نَفسك على آثَارهم إِن لم يُؤمنُوا بِهَذَا الحَدِيث أسفا} قَالَ: حزنا عَلَيْهِم نهى الله نبيه أَن يأسف على النَّاس فِي ذنوبهم وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {فلعلك باخع نَفسك} مَا الباخع فَقَالَ: يَقُول: قَاتل نَفسك قَالَ فِيهِ لبيد بن ربيعَة: لَعَلَّك يَوْمًا ان فقدت مزارها على بعده يَوْمًا لنَفسك باخع الْآيَة 7 - 8

7

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا} قَالَ: مَا عَلَيْهَا من شَيْء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا} قَالَ: الرِّجَال وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا} قَالَ: الرِّجَال وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الْإِبَانَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا} قَالَ: الْعلمَاء زِينَة الأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {إِنَّا جعلنَا مَا على الأَرْض زِينَة لَهَا} قَالَ: هم الرِّجَال الْعباد الْعمَّال لله بِالطَّاعَةِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم فِي التَّارِيخ عَن بن عمر قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {لنبلوهم أَيهمْ أحسن عملا} فَقلت: مَا معنى ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عقلا وَأَوْرَع عَن محارم الله وأسرعكم فِي طَاعَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لنبلوهم} قَالَ: لنختبرهم {أَيهمْ أحسن عملا} قَالَ: أَيهمْ أتم عقلا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {لنبلوهم أَيهمْ أحسن عملا} قَالَ: أَشَّدهم للدنيا تركا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي قَوْله: {لنبلوهم أَيهمْ أحسن عملا} قَالَ: أزهدهم فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِنَّا لجاعلون مَا عَلَيْهَا صَعِيدا جرزاً} قَالَ: يهْلك كل شَيْء عَلَيْهَا ويبيد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {صَعِيدا جرزاً} قَالَ: الصَّعِيد التُّرَاب والجزر الَّتِي لَيْسَ فِيهَا فروع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {جرزاً} قَالَ: يَعْنِي بالجزر الخراب وَالله أعلم الْآيَة 10 - 12

9

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: {الْكَهْف} هُوَ غَار فِي الْوَادي وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {والرقيم} الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {والرقيم} وادٍ دون فلسطين قريب من أَيْلَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي مَا الرقيم لكتاب أم بُنيان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: {والرقيم} مِنْهُم من يَقُول كتاب قصصهم وَمِنْهُم من يَقُول الْوَادي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح قَالَ: {والرقيم} لوح مَكْتُوب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: {والرقيم} لوح من حِجَارَة كتبُوا فِيهِ قصَّة أَصْحَاب الْكَهْف وأمْرهم ثمَّ وضع على بَاب الْكَهْف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: {والرقيم} حِين رقمت أَسمَاؤُهُم فِي الصَّخْرَة كتب الْملك فِيهَا أَسمَاؤُهُم وَكتب أَنهم هَلَكُوا فِي زمَان كَذَا وَكَذَا فِي ملك ريبوس ثمَّ ضربهَا فِي سور الْمَدِينَة على الْبَاب فَكَانَ من دخل أَو خرج قَرَأَهَا فَذَلِك قَوْله: {أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والزجاجي فِي أَمَالِيهِ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا أَدْرِي مَا الرقيم وَسَأَلت كَعْبًا فَقَالَ: اسْم الْقرْيَة الَّتِي خَرجُوا مِنْهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل الْقُرْآن أعلمهُ إِلَّا أَرْبعا: غسلين وَحَنَانًا والأواه والرقيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس بن مَالك قَالَ: {والرقيم} الْكَلْب

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم كَانُوا من آيَاتنَا} يَقُول: الَّذِي آتيتك من الْعلم وَالسّنة وَالْكتاب أفضل من شَأْن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم كَانُوا من آيَاتنَا عجبا} كَانُوا بقَوْلهمْ أعجب آيَاتنَا لَيْسُوا بِأَعْجَب آيَاتنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم كَانُوا من آيَاتنَا عجبا} قَالَ: لَيْسُوا بِأَعْجَب آيَاتنَا كَانُوا من أَبنَاء الْمُلُوك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر قَالَ: كَانَ أَصْحَاب الْكَهْف صيارفة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن بشير أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحدث عَن أَصْحَاب الرقيم: أَن ثَلَاثَة نفر دخلُوا إِلَى الْكَهْف فَوَقع من الْجَبَل حجر على الْكَهْف فأوصد عَلَيْهِم فَقَالَ قَائِل مِنْهُم: تَذكرُوا أَيّكُم عمل حَسَنَة لَعَلَّ الله أَن يَرْحَمنَا فَقَالَ أحدهم: نعم قد عملت حَسَنَة مرّة إِنَّه كَانَ لي عُمَّال استأجرتهم فِي عمل لي كل رجل مِنْهُم بِأَجْر مَعْلُوم فَجَاءَنِي رجل ذَات يَوْم وَذَلِكَ فِي شطر النَّهَار فاستأجرته بِقدر مَا بَقِي من النَّهَار بِشَطْر أَصْحَابه الَّذين يعْملُونَ بَقِيَّة نهارهم ذَلِك كل رجل مِنْهُم نَهَاره كُله فَرَأَيْت من الْحق أَن لَا أنقصه شَيْئا مِمَّا اسْتَأْجَرت عَلَيْهِ أَصْحَابه فَقَالَ رجل مِنْهُم: يُعْطي هَذَا مثل مَا يعطيني وَلم يعْمل إِلَّا نصف نَهَاره فَقلت لَهُ: إِنِّي لَا أبخسك شَيْئا من شرطك وَإِنَّمَا هُوَ مَالِي أحكم فِيهِ بِمَا شِئْت فَغَضب وَترك أجره فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك عزلت حَقه فِي جَانب الْبَيْت مَا شَاءَ الله ثمَّ مر بِي بعد ذَلِك بقر فاشتريت لَهُ فصيلاً من الْبَقر حَتَّى بلغ مَا شَاءَ الله ثمَّ مر بِي الرجل بعد حِين وَهُوَ شيخ ضَعِيف وَأَنا لَا أعرفهُ فَقَالَ لي: إِن لي عنْدك حَقًا فَلم أذكرهُ حَتَّى عرّفني ذَلِك فَقلت لَهُ: نعم إياك أبغي فعرضت عَلَيْهِ مَا قد أخرج الله لَهُ من ذَلِك الفصيل من الْبَقر فَقلت لَهُ: هَذَا حَقك من الْبَقر فَقَالَ لي: يَا عبد الله لَا تسخر بِي إِن لَا تَتَصَدَّق عَليّ أَعْطِنِي حَقي فَقلت: وَالله مَا أسخر مِنْك: إِن هَذَا لحقك فَدَفَعته إِلَيْهِ اللَّهُمَّ فَإِن كنت تعلم أَنِّي قد كنت صَادِقا وَأَنِّي فعلت ذَلِك لوجهك فأفرج عَنَّا

هَذَا الْحجر فانصدع حَتَّى رَأَوْا الضوؤ وأبصروا وَقَالَ الآخر: قد عملت حَسَنَة مرّة وَذَلِكَ أَنه كَانَ عِنْدِي فضل فَأصَاب النَّاس شدَّة فجاءتني امْرَأَة فطلبت مني مَعْرُوفا فَقلت: لَا وَالله مَا هُوَ دون نَفسك فَأَبت عَليّ ثمَّ رجعت فذكرتني بِاللَّه فأبيت عَلَيْهَا وَقلت: لَا وَالله مَا هُوَ دون نَفسك فَأَبت عَليّ ثمَّ رجعت فذكرتني بِاللَّه فأبيت عَلَيْهَا وَقلت: لَا وَالله مَا هُوَ دون نَفسك فَأَبت عليّ فذكَرَتْ ذَلِك لزَوجهَا فَقَالَ: أعْطِيه نَفسك وَأغْنِي عِيَالك فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك سمحت بِنَفسِهَا فَلَمَّا هَمَمْت بهَا قَالَت: إِنِّي أَخَاف الله رب الْعَالمين فَقلت لَهَا: تَخَافِينَ الله فِي الشدّة وَلم أخفه فِي الرخَاء فأعطيتها مَا استغنت هِيَ وعيالها اللَّهُمَّ فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك لوجهك فأفرج عَنَّا هَذَا الْحجر فانصدع الْحجر حَتَّى رَأَوْا الضَّوْء وأيقنوا الْفرج ثمَّ قَالَ الثَّالِث: قد عملت حَسَنَة مرّة كَانَ لي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كبيران قد بلغما الْكبر وَكَانَت لي غنم فَكنت أرعاها وأختلف فِيمَا بَين غنمي وَبَين أَبَوي أطعمهما وأشبعهما وأرجع إِلَى غنمي فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم أصابني غيث شَدِيد فحبسني فَلم أرجع إِلَّا مُؤَخرا فَأتيت أَهلِي فَلم أَدخل منزلي حَتَّى حلبت غنمي ثمَّ مضيت إِلَى أَبَوي أسقيهما فوجدتهما قد نَامَا فشق عليّ أَن أوقظهما وشق عَليّ عليّ أَن أترك غنمي فَلم أَبْرَح جَالِسا ومحلبي على يَدي حَتَّى أيقظهما الصُّبْح فسقيتهما الله إِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك لوجهك فأفرج عَنَّا هَذَا الْحجر ففرّج الله عَنْهُم وَخَرجُوا إِلَى أَهْليهمْ رَاجِعين وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن ثَلَاثَة نفر فِيمَا سلف من النَّاس انْطَلقُوا يرتادون لأهليهم فَأَخَذتهم السَّمَاء فَدَخَلُوا غاراً فَسقط عَلَيْهِم حجر فجافّ حَتَّى مَا يرَوْنَ مِنْهُ خصَاصَة فَقَالَ بَعضهم لبَعض: قد وَقع الْحجر وَعَفا الْأَثر وَلَا يعلم مَكَانكُمْ إِلَّا الله فَادعوا الله عز وَجل بأوثق أَعمالكُم فَقَالَ رجل مِنْهُم: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنه كَانَ لي والدان فَكنت أحلب لَهما فِي إنائهما فآتيهما فَإِذا وجدتهما راقدين قُمْت على رأسيهما كَرَاهَة أَن أرد سنتهما فِي رأسيهما حَتَّى يستيقظا مَتى استيقظا اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي إِنَّمَا فعلت ذَلِك رَجَاء رحمتك ومخافة عذابك فَفرج عَنَّا فَزَالَ ثلث الْحجر

وَقَالَ الثَّانِي: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي اسْتَأْجَرت أَجِيرا على عمل يعمله فَأَتَانِي يطْلب أجره وَأَنا غَضْبَان فزبرته فَانْطَلق وَترك أجره فجمعته وثمرته حَتَّى كَانَ مِنْهُ كل المَال فَأَتَانِي يطْلب أجره فَدفعت إِلَيْهِ ذَلِك كُله وَلَو شِئْت لم أعْطه إِلَّا أجره الأوّل اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي إِنَّمَا فعلت ذَلِك رَجَاء رحمتك ومخافة عذابك فافرج عَنَّا فَزَالَ ثلث الْحجر وَقَالَ الثَّالِث: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنه أَعْجَبته امْرَأَة فَجعل لَهَا جعلا فَلَمَّا قدر عَلَيْهَا وفر لَهَا نَفسهَا وسلّم لَهَا جَعْلَها اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي إِنَّمَا فعلت ذَلِك رَجَاء رحمتك ومخافة عذابك فَفرج عَنَّا فَزَالَ الْحجر وَخَرجُوا معاتيق يَمْشُونَ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَيْنَمَا ثَلَاثَة نفر مِمَّن كَانَ قبلكُمْ يَمْشُونَ إِذْ أَصَابَهُم مطر فأووا إِلَى غَار فانطبق عَلَيْهِم فَقَالَ بَعضهم لبَعض: إِنَّه وَالله يَا هَؤُلَاءِ لَا ينجيكم إِلَّا الصّدْق فَليدع كل رجل مِنْكُم بِمَا يعلم أَنه قد صدق فِيهِ فَقَالَ وَاحِد مِنْهُم: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنه كَانَ لي أجِير يعلم على فرق من أرز فَذهب وَتَركه وَإِنِّي عَمَدت إِلَى ذَلِك الْفرق فزرعته فَصَارَ من أمره أَنِّي اشْتريت مِنْهُ بقرًا وَأَنه أَتَانِي يطْلب أجره فَقلت لَهُ: اعمد إِلَى تِلْكَ الْبَقر فسقْها فَقَالَ لي: إِنَّمَا لي عنْدك فرق من أرز فَقلت لَهُ: اعمد إِلَى تِلْكَ الْبَقر فَإِنَّهَا من ذَلِك الْفرق فساقها فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك من خشيتك فَفرج عَنَّا فانساخت عَنْهُم الصَّخْرَة فَقَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنه كَانَ لي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كبيران فَكنت آتيهما كل لية بِلَبن غنم لي فأبطأت عَلَيْهِمَا لَيْلَة فَجئْت وَقد رقدا وعيالي يتضاغون من الْجُوع فَكنت لَا أسقيهم حَتَّى يشرب أَبَوي فَكرِهت أَن أوقظهما وكرهت أَن أدعهما فيستكنا بشربتهما فَلم أزل أنْتَظر حَتَّى طلع الْفجْر فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك من خشيتك فَفرج عَنَّا فانساخت عَنْهُم الصَّخْرَة حَتَّى نظرُوا إِلَى السَّمَاء فَقَالَ الآخر: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنه كَانَ لي ابْنة عَم من أحب النَّاس إليّ وَإِنِّي راودتها عَن نَفسهَا فَأَبت إِلَّا أَن آتيها بِمِائَة دِينَار فطلبتها حَتَّى قَدِرْتُ فأتيتها بهَا فدفعْتها إِلَيْهَا فأمكنتني من نَفسهَا فَلَمَّا قعدت بَين رِجْلَيْهَا قَالَ: اتَّقِ الله وَلَا تفض الْخَاتم إِلَّا بِحقِّهِ فَقُمْت وَتركت الْمِائَة دِينَار فَإِن كنت تعلم أَنِّي فعلت ذَلِك من خشيتك فَفرج عنّا فَفرج الله عَنْهُم فَخَرجُوا

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه من حَدِيث ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: غزونا مَعَ مُعَاوِيَة غَزْوَة الْمضيق نَحْو الرّوم فمررنا بالكهف الَّذِي فِيهِ أَصْحَاب الْكَهْف الَّذِي ذكر الله فِي الْقُرْآن فَقَالَ مُعَاوِيَة: لَو كشف لنا عَن هَؤُلَاءِ فَنَظَرْنَا إِلَيْهِم فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: لَيْسَ ذَلِك لَك قد منع الله ذَلِك عَمَّن هُوَ خير مِنْك فَقَالَ: {لَو اطَّلَعت عَلَيْهِم لَوَلَّيْت مِنْهُم فِرَارًا ولَمُلِئْتَ مِنْهُم رعْبًا} فَقَالَ مُعَاوِيَة: لَا أَنْتَهِي حَتَّى أعلم علمهمْ فَبعث رجَالًا فَقَالَ: اذْهَبُوا فادخلوا الْكَهْف فانظروا فَذَهَبُوا فَلَمَّا دخلُوا الْكَهْف بعث الله عَلَيْهِم ريحًا فأخرجتهم فَبلغ ذَلِك ابْن عَبَّاس فَأَنْشَأَ يحدث عَنْهُم فَقَالَ: إِنَّهُم كَانُوا فِي مملكة ملك من الْجَبَابِرَة يعبد الْأَوْثَان وَقد أجبر النَّاس على عبادتها وَكَانَ وَهَؤُلَاء الْفتية فِي الْمَدِينَة فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك خَرجُوا من تِلْكَ الْمَدِينَة فَجَمعهُمْ الله على غير ميعاد فَجعل بَعضهم يَقُول لبَعض: أَيْن تُرِيدُونَ أَيْن تذهبون فَجعل بَعضهم يخفي على بعض لِأَنَّهُ لَا يدْرِي هَذَا على مَا خرج هَذَا وَلَا يدْرِي هَذَا فَأخذُوا العهود والمواثيق أَن يخبر بَعضهم بَعْضًا فَإِن اجْتَمعُوا على شَيْء وَإِلَّا كتم بَعضهم بَعْضًا فَاجْتمعُوا على كلمة وَاحِدَة {فَقَالُوا رَبنَا رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض} إِلَى قَوْله: {مرفقاً} قَالَ: فقعدوا فجَاء أهلهم يطلبونهم لَا يَدْرُونَ أَيْن ذَهَبُوا فَرفع أَمرهم إِلَى الْملك فَقَالَ: لَيَكُونن لهَؤُلَاء الْقَوْم بعد الْيَوْم شَأْن نَاس خَرجُوا لَا يدْرِي أَيْن ذَهَبُوا فِي غير خِيَانَة وَلَا شَيْء يعرف فَدَعَا بلوح من رصاص فَكتب فِيهِ أَسمَاؤُهُم ثمَّ طرح فِي خزانته فَذَلِك قَول الله: {أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم} والرقيم هُوَ اللَّوْح الَّذِي كتبُوا فَانْطَلقُوا حَتَّى دخلُوا الْكَهْف فَضرب الله على آذانهم فَقَامُوا فَلَو أَن الشَّمْس تطلع عَلَيْهِم لأحرقتهم وَلَوْلَا أَنهم يقلبون لأكلتهم الأَرْض ذَلِك قَول الله: {وَترى الشَّمْس} الْآيَة قَالَ: ثمَّ إِن ذَلِك الْملك ذهب وَجَاء ملك آخر فعبد الله وَترك تِلْكَ الْأَوْثَان وَعدل بَين النَّاس فبعثهم الله لما يُرِيد {قَالَ قَائِل مِنْهُم كم لبثتم} فَقَالَ بَعضهم: يَوْمًا وَقَالَ بَعضهم يَوْمَيْنِ وَقَالَ بَعضهم أَكثر من ذَلِك فَقَالَ كَبِيرهمْ: لَا تختلفوا فَإِنَّهُ لم

يخْتَلف قوم قطّ إِلَّا هَلَكُوا فَابْعَثُوا أحدكُم بورقكم هَذِه إِلَى الْمَدِينَة فَرَأى شارة أنكرها وَرَأى بنياناً أنكرهُ ثمَّ دنا إِلَى خباز فَرمى إِلَيْهِ بدرهم وَكَانَت دراهمهم كخفاف الرّبع - يَعْنِي ولد النَّاقة - فَأنْكر الخباز الدِّرْهَم فَقَالَ: من أَيْن لَك الدِّرْهَم لقد وجدت كنزاً لتدلّني عَلَيْهِ أَو لأرفعنك إِلَى الْأَمِير فَقَالَ: أَوَ تخوّفني بالأمير وأتى الدهْقَان الْأَمِير قَالَ: من أَبوك قَالَ: فلَان فَلم يعرفهُ قَالَ: فَمن الْملك قَالَ: فلَان فَلم يعرفهُ فَاجْتمع عَلَيْهِم النَّاس فَرفع إِلَى عالمهم فَسَأَلَهُ فَأخْبرهُ فَقَالَ: عليّ باللوح فجيء بِهِ فَسمى أَصْحَابه فلَانا وَفُلَانًا وهم مكتوبون فِي اللَّوْح فَقَالَ للنَّاس: إِن الله قد دلكم على إخْوَانكُمْ وَانْطَلَقُوا وركبوا حَتَّى أَتَوا إِلَى الْكَهْف فَلَمَّا دنوا من الْكَهْف قَالَ الْفَتى: مَكَانكُمْ أَنْتُم حَتَّى أَدخل أَنا على أَصْحَابِي وَلَا تهجموا فيفزعون مِنْكُم وهم لَا يعلمُونَ أَن الله قد أقبل بكم وَتَابَ عَلَيْكُم فَقَالُوا لتخْرجن علينا فَقَالَ: نعم إِن شَاءَ الله فَدخل فَلم يدروا أَيْن ذهب وَعمي عَلَيْهِم فطلبوا وحرضوا فَلم يقدروا على الدُّخُول عَلَيْهِم فَقَالُوا {لنتخذن عَلَيْهِم مَسْجِدا} فاتخذوا عَلَيْهِم مَسْجِدا يصلونَ عَلَيْهِم وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب الْكَهْف أَبنَاء مُلُوك رزقهم الله الْإِسْلَام فتعوذوا بدينهم واعتزلوا قَومهمْ حَتَّى انْتَهوا إِلَى الْكَهْف فَضرب الله على صماخاتهم فلبثوا دهراً طَويلا حَتَّى هَلَكت أمتهم وَجَاءَت أمة مسلمة وَكَانَ ملكهم مُسلما وَاخْتلفُوا فِي الرّوح والجسد فَقَالَ قَائِل: يبْعَث الرّوح والجسد جَمِيعًا وَقَالَ قَائِل: يبْعَث الرّوح وَأما الْجَسَد فتأكله الأَرْض فَلَا يكون شَيْئا فشق على ملكهم إختلافهم فَانْطَلق فَلبس المسوح وَجلسَ على الرماد ثمَّ دَعَا الله فَقَالَ: أَي رب قد ترى إختلاف هَؤُلَاءِ فَابْعَثْ لَهُم آيَة تبين لَهُم فَبعث الله أَصْحَاب الْكَهْف فبعثوا أحدهم ليَشْتَرِي لَهُم طَعَاما فَدخل السُّوق فَلَمَّا نظر جعل يُنكر الْوُجُوه وَيعرف الطّرق وَرَأى الْإِيمَان ظَاهرا بِالْمَدِينَةِ فَانْطَلق وَهُوَ مستخف حَتَّى أَتَى رجلا يَشْتَرِي مِنْهُ طَعَاما فَلَمَّا نظر الرجل إِلَى الْوَرق أنكرها حسبت أَنه قَالَ: كَأَنَّهَا أَخْفَاف الرّبيع - يَعْنِي الْإِبِل الصغار - فَقَالَ الْفَتى: أَلَيْسَ ملككم فلَان قَالَ الرجل: بل ملكنا فلَان فَلم يزل ذَلِك بَينهمَا حَتَّى رَفعه إِلَى الْملك فَنَادَى فِي النَّاس فَجَمعهُمْ فَقَالَ: إِنَّكُم اختلفتم فِي الرّوح والجسد وَإِن الله قد بعث لكم آيَة فَهَذَا رجل من قوم فلَان - يَعْنِي ملكهم الَّذِي

قبله - فَقَالَ الْفَتى: انْطلق بِي إِلَى أَصْحَابِي فَركب الْملك وَركب مَعَه النَّاس حَتَّى انْتهى إِلَى الْكَهْف فَقَالَ الْفَتى: دَعونِي أَدخل إِلَى أَصْحَابِي فَلَمَّا أبصروه وأبصرهم ضرب على آذانهم فَلَمَّا استبطؤوه دخل الْملك وَدخل النَّاس مَعَه فَإِذا أجساد لَا يبْلى مِنْهَا شَيْء غير أَنَّهَا لَا أَرْوَاح فِيهَا فَقَالَ الْملك: هَذِه آيَة بعثها الله لكم فغزا ابْن عَبَّاس مَعَ حبيب بن مسلمة فَمروا بالكهف فَإِذا فِيهِ عِظَام فَقَالَ رجل: هَذِه عِظَام أهل الْكَهْف فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ذهبت عظامهم أَكثر من ثلثمِائة سنة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب الْكَهْف أَبنَاء عُظَمَاء أهل مدينتهم وَأهل شرفهم خَرجُوا فَاجْتمعُوا وَرَاء الْمَدِينَة على غير ميعاد فَقَالَ رجل مِنْهُم - هُوَ أشبههم -: إِنِّي لأجد فِي نَفسِي شَيْئا مَا أَظن أحدا يجده قَالُوا: مَا تَجِد قَالَ: أجد فِي نَفسِي أَن رَبِّي رب السَّمَوَات وَالْأَرْض فَقَامُوا جَمِيعًا فَقَالُوا: {رَبنَا رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض لن ندعوا من دونه إِلَهًا لقد قُلْنَا إِذا شططاً} وَكَانَ مَعَ ذَلِك من حَدِيثهمْ وَأمرهمْ مَا قد ذكر الله فِي الْقُرْآن فَأَجْمعُوا أَن يدخلُوا الْكَهْف وعَلى مدينتهم إِذْ ذَاك جَبَّار يُقَال لَهُ (دقيوس) فلبثوا فِي الْكَهْف مَا شَاءَ الله رقوداً ثمَّ بَعثهمْ الله فبعثوا أحدهم ليبتاع لَهُم طَعَاما فَلَمَّا خرج إِذا هم بحظيرة على بَاب الْكَهْف فَقَالَ: مَا كَانَت هَذِه هَهُنَا عَشِيَّة أمس فَسمع كلَاما من كَلَام الْمُسلمين بِذكر الله - وَكَانَ النَّاس قد أَسْلمُوا بعدهمْ وَملك عَلَيْهِم رجل صَالح - فَظن أَنه أَخطَأ الطَّرِيق فَجعل ينظر إِلَى مدينته الَّتِي خرج مِنْهَا وَإِلَى مدينتين وجاهها أسماؤهن: اقسوس وايديوس وشاموس فَيَقُول: مَا أَخْطَأت الطَّرِيق - هَذِه اقسوس وايديوس وشاموس فَعمد إِلَى مدينته الَّتِي خرج مِنْهَا ثمَّ عمد حَتَّى جَاءَ السُّوق فَوضع ورقة فِي يَد رجل فَنظر فَإِذا ورق لَيست بورق النَّاس فَانْطَلق بِهِ إِلَى الْملك وَهُوَ خَائِف فَسَأَلَهُ وَقَالَ: لَعَلَّ هَذَا من الْفتية الَّذين خَرجُوا على عهد دقيوس فَإِنِّي قد كنت أَدْعُو الله أَن يرينيهم وَأَن يعلمني مكانهم ودعا مشيخة أهل الْقرْيَة - وَكَانَ رجل مِنْهُم قد كَانَ عِنْده أَسمَاؤُهُم وأنسابهم - فَسَأَلَهُمْ فأخبروه فَسَأَلَ الْفَتى فَقَالَ: صدق وَانْطَلق الْملك وَأهل الْمَدِينَة مَعَه لِأَن يدلهم على أَصْحَابه حَتَّى إِذا دنوا من الْكَهْف سمع الْفتية حسّ النَّاس فَقَالُوا: أتيتم ظهر على صَاحبكُم فاعتنق بَعضهم بَعْضًا وَجعل يُوصي بَعضهم بَعْضًا بدينهم فَلَمَّا دنا الْفَتى مِنْهُم أَرْسلُوهُ فَلَمَّا قدم إِلَى أَصْحَابه مَاتُوا عِنْد

ذَلِك ميتَة الْحق فَلَمَّا نظر إِلَيْهِم الْملك شقّ عَلَيْهِ أَن لم يقدر عَلَيْهِم أَحيَاء وَقَالَ: لَا أدفنهم إِذا فائتوني بصندوق من ذهب فَأَتَاهُ آتٍ مِنْهُم فِي الْمَنَام فَقَالَ: أردْت أَن تجعلنا فِي صندوق من ذهب فَلَا تفعل وَدعنَا فِي كهفنا فَمن التُّرَاب خلقنَا وَإِلَيْهِ نعود فتركهم فِي كهفهم وَبنى على كهفهم مَسْجِدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل من حواريي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى مَدِينَة أَصْحَاب الْكَهْف فَأَرَادَ أَن يدخلهَا فَقيل: على بَابهَا صنم لَا يدخلهَا أحد إِلَّا سجد لَهُ فكره أَن يدْخل فَأتى حَماما فَكَانَ فِيهِ قَرِيبا من تِلْكَ الْمَدِينَة وَكَانَ يعْمل فِيهِ يُؤَاجر نَفسه من صَاحب الْحمام وَرَأى صَاحب الْحمام فِي حمامه الْبركَة والرزق وَجعل يسترسل إِلَيْهِ وعلقه فتية من أهل الْمَدِينَة فَجعل يُخْبِرهُمْ عَن خبر السَّمَاء وَالْأَرْض وَخبر الْآخِرَة حَتَّى آمنُوا بِهِ وَصَدقُوهُ وَكَانُوا على مثل حَاله فِي حسن الْهَيْئَة وَكَانَ يشْتَرط على صَاحب الْحمام: أَن اللَّيْل لي وَلَا تحول بيني وَبَين الصَّلَاة إِذا حضرت حَتَّى أَتَى ابْن الْملك بِامْرَأَة يدْخل بهَا الْحمام فَعَيَّرَهُ الْحوَاري فَقَالَ: أَنْت ابْن الْملك وَتدْخل مَعَ هَذِه الكداء فاستحيا فَذهب فَرجع مرّة أُخْرَى فَسَبهُ وانتهره فَلم يلْتَفت حَتَّى دخل - وَدخلت مَعَه الْمَرْأَة فباتا فِي الْحمام جَمِيعًا فماتا فِيهِ فَأتى الْملك فَقيل لَهُ: قتل ابْنك صَاحب الْحمام فالتمس فَلم يقدر عَلَيْهِ وهرب من كَانَ يَصْحَبهُ فسموا الْفتية فالتمسوا فَخَرجُوا من الْمَدِينَة فَمروا بِصَاحِب لَهُم فِي زرع لَهُ وَهُوَ على مثل أَمرهم فَذكرُوا لَهُ أَنهم التمسوا فَانْطَلق مَعَه وَمَعَهُ كلب حَتَّى آواهم اللَّيْل إِلَى الْكَهْف فَدَخَلُوا فِيهِ فَقَالُوا: نبيت هَهُنَا اللَّيْلَة حَتَّى نصبح إِن شَاءَ الله ثمَّ تروا رَأْيكُمْ فَضرب على آذانهم فَخرج الْملك لأَصْحَابه يبتغونهم حَتَّى وجدوهم قد دخلُوا الْكَهْف فَكلما أَرَادَ الرجل مِنْهُم أَن يدْخل أرعب فَلم يطق أحد أَن يدْخلهُ فَقَالَ لَهُ قَائِل: أَلَسْت قلت: لَو قدرت عَلَيْهِم قَتلتهمْ قَالَ: بلَى قَالَ: فَابْن عَلَيْهِم بَاب الْكَهْف ودعهم يموتوا عطشاً وجوعاً فَفعل ثمَّ صَبَرُوا زَمَانا ثمَّ إِن راعي غنم أدْركهُ الْمَطَر عِنْد الْكَهْف فَقَالَ: لَو فتحت هَذَا الْكَهْف وأدخلت غنمي من الْمَطَر فَلم يزل يعالجه حَتَّى فتح لغنمه فادخلها فِيهِ ورد الله أَرْوَاحهم فِي أَجْسَادهم من الْغَد حِين أَصْبحُوا فبعثوا أحدهم بورق ليَشْتَرِي لَهُم طَعَاما فَكلما أَتَى بَاب مدينتهم لَا يرى أحد من ورقهم شَيْئا إِلَّا استنكرها حَتَّى جَاءَ رجلا فَقَالَ: بِعني

بِهَذِهِ الدَّرَاهِم طَعَاما فَقَالَ: وَمن أَيْن لَك هَذِه الدَّرَاهِم قَالَ: إِنِّي رحت وأصحابي أمس فَأتى اللَّيْل ثمَّ أَصْبَحْنَا فأرسلوني قَالَ: فَهَذِهِ الدَّرَاهِم كَانَت على عهد ملك فلَان فَأنى لَك هَذِه الدَّرَاهِم فرفعه إِلَى الْملك 0 وَكَانَ رجلا صَالحا - فَقَالَ: وَمن أَيْن لَك هَذَا الْوَرق قَالَ: خرجت أَنا وأصحابي أمس حَتَّى إِذا أدركنا اللَّيْل فِي كَهْف كَذَا وَكَذَا ثمَّ أمروني أَن اشْترِي لَهُم طَعَاما قَالَ: وَأَيْنَ أَصْحَابك قَالَ: فِي الْكَهْف فَانْطَلق مَعَه حَتَّى أَتَوا بَاب الْكَهْف فَقَالَ: دَعونِي أَدخل على أَصْحَابِي قبلكُمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ ودنا مِنْهُم ضرب على أُذُنه وآذانهم فأرادوا أَن يدخلُوا فَجعل كلما دخل رجل مِنْهُم رعب فَلم يقدروا أَن يدخلُوا إِلَيْهِم فبنوا عِنْدهم مَسْجِدا يصلونَ فِيهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَصْحَاب الْكَهْف أعوان الْمهْدي وَأخرج الزجاجي فِي أَمَالِيهِ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أم حسبت أَن أَصْحَاب الْكَهْف والرقيم} قَالَ: إِن الْفتية لما هربوا من أَهْليهمْ خوفًا على دينهم فقدوهم فخبروا الْملك خبرهم فَأمر بلوح من رصاص فَكتب فِيهِ أَسْمَاءَهُم وألقاه فِي خزانته وَقَالَ: إِنَّه سَيكون لَهُم شَأْن وَذَلِكَ اللَّوْح هُوَ الرقيم وَالله أعلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {فضربنا على آذانهم} يَقُول: أرقدناهم {ثمَّ بعثناهم لنعلم أَي الحزبين} من قوم الْفتية أهل الْهدى وَأهل الضَّلَالَة {أحصى لما لَبِثُوا} أَنهم كتبُوا الْيَوْم الَّذِي خَرجُوا فِيهِ والشهر وَالسّنة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أَي الحزبين} قَالَ: من قوم الْفتية {أحصى لما لَبِثُوا أمداً} قَالَ: عددا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لنعلم أَي الحزبين أحصى لما لَبِثُوا أمداً} يَقُول: مَا كَانَ لوَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ علم لَا لكفارهم وَلَا لمؤمنيهم الْآيَة 13 - 15

13

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: مَا بعث الله نَبيا إِلَّا وَهُوَ شَاب وَلَا أُوتِيَ الْعلم عَالما إِلَّا وَهُوَ شَاب وَقَرَأَ: (قَالُوا سمعنَا فَتى يذكرهم يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم) (وَإِذا قَالَ مُوسَى لفتاه) و {إِنَّهُم فتية آمنُوا برَبهمْ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: {وزدناهم هدى} قَالَ: إخلاصاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وربطنا على قُلُوبهم} قَالَ: بِالْإِيمَان وَفِي قَوْله: {لقد قُلْنَا إِذا شططا} قَالَ: كذبا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {لقد قُلْنَا إِذا شططا} قَالَ: جوراً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الشطط الْخَطَأ من القَوْل الْآيَة 16

16

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله: {وَإِذ اعتزلتموهم وَمَا يعْبدُونَ إِلَّا الله} قَالَ: كَانَ قوم الْفتية يعْبدُونَ الله ويعبدون مَعَه آلِهَة شَتَّى فاعتزلت الْفتية عبَادَة تِلْكَ الْآلهَة وَلم تَعْتَزِل عبَادَة الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَإِذ اعتزلتموهم وَمَا يعْبدُونَ إِلَّا الله} قَالَ: هِيَ فِي مصحف ابْن مَسْعُود: وَمَا يعْبدُونَ من دون الله فَهَذَا تَفْسِيرهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فأووا إِلَى الْكَهْف} قَالَ: كَانَ كهفهم بَين جبلين

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {ويهيئ لكم من أَمركُم مرفقاً} يَقُول: عذاء الْآيَة 17 - 20

17

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تزاور} قَالَ: تميل وَفِي قَوْله: {تقرضهم} قَالَ: تذرهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {تقرضهم} قَالَ: تتركهم {وهم فِي فجوة مِنْهُ} قَالَ: الْمَكَان الدَّاخِل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وهم فِي فجوة مِنْهُ} قَالَ: يَعْنِي بالفجوة الْخلْوَة من الأَرْض وَيَعْنِي بالخلوة النَّاحِيَة من الأَرْض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {وهم فِي فجوة مِنْهُ} قَالَ: فِي نَاحيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وتحسبهم} يَا مُحَمَّد {أيقاظاً وهم رقود}

يَقُول: فِي رقدتهم الأولى {ونقلبهم ذَات الْيَمين وَذَات الشمَال} قَالَ: وَهَذَا التقليب فِي رقدتهم الأولى كَانُوا يقلبون فِي كل عَام مرّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ونقلبهم ذَات الْيَمين وَذَات الشمَال} قَالَ: سِتَّة أشهر على ذِي الْجنب وَسِتَّة أشهر على ذِي الْجنب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عِيَاض فِي قَوْله: {ونقلبهم ذَات الْيَمين وَذَات الشمَال} قَالَ: فِي كل عَام مرَّتَيْنِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ونقلبهم} قَالَ: فِي التسع سِنِين لَيْسَ فِيمَا سواهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {ونقلبهم ذَات الْيَمين وَذَات الشمَال} قَالَ: كي لَا تَأْكُل الأَرْض لحومهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وكلبهم} قَالَ: اسْم كلبهم قطمور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: اسْم كلب أَصْحَاب الْكَهْف قطمير وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لرجل من أهل الْعلم: زَعَمُوا أَن كلبهم كَانَ أسداً قَالَ: لعمر الله مَا كَانَ أسداً وَلكنه كَانَ كَلْبا أَحْمَر خَرجُوا بِهِ من بُيُوتهم يُقَال لَهُ قطمور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كثير النواء قَالَ: كَانَ كلب أَصْحَاب الْكَهْف أصفر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سُفْيَان قَالَ: قَالَ رجل بِالْكُوفَةِ يُقَال لَهُ: عبيد وَكَانَ لَا يتهم بكذب قَالَ: رَأَيْت كلب أَصْحَاب الْكَهْف أَحْمَر كَأَنَّهُ كسَاء انبجاني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق جُوَيْبِر عَن عبيد السواق قَالَ: رَأَيْت كلب أَصْحَاب الْكَهْف صَغِيرا باسطاً ذِرَاعَيْهِ بِفنَاء بَاب الْكَهْف وَهُوَ يَقُول: هَكَذَا يضْرب بأذنيه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن حميد الْمَكِّيّ فِي قَوْله: {وكلبهم باسط ذِرَاعَيْهِ بالوصيد} قَالَ: جعل رزقه فِي لحس ذِرَاعَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {بالوصيد} قَالَ: بالفناء

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {بالوصيد} قَالَ: بِالْبَابِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة فِي قَوْله: {بالوصيد} قَالَ: بِفنَاء بَاب الْكَهْف وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {بالوصيد} قَالَ: بالصعيد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وكلبهم باسط ذِرَاعَيْهِ بالوصيد} قَالَ: مُمْسك عَلَيْهِم بَاب الْكَهْف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ لي صَاحب شَدِيد النَّفس فَمر بِجَانِب كهفهم فَقَالَ: لَا أَنْتَهِي حَتَّى أنظر إِلَيْهِم فَقيل لَهُ: لَا تفعل أما تقْرَأ {لَو اطَّلَعت عَلَيْهِم لَوَلَّيْت مِنْهُم فِرَارًا وَلَمُلئت مِنْهُم رعْبًا} فَأبى إِلَّا أَن ينظر فَأَشْرَف عَلَيْهِم فابيضت عَيناهُ وَتغَير شعره وَكَانَ يخبر النَّاس بعد يَقُول: عدتهمْ سَبْعَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أزكى طَعَاما} قَالَ: أحل ذَبِيحَة وَكَانُوا يذبحون للطواغيت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أزكى طَعَاما} يَعْنِي أطهر لأَنهم كَانُوا يذبحون الْخَنَازِير الْآيَة 21

21

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَكَذَلِكَ أعثرنا عَلَيْهِم} قَالَ: أطْلعنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: دَعَا الْملك شُيُوخًا من قومه فَسَأَلَهُمْ عَن أَمرهم فَقَالُوا: كَانَ ملك يدعى دقيوس وَإِن فتية فُقِدُوا فِي زَمَانه وَأَنه كتب أَسْمَاءَهُم فِي

الصَّخْرَة الَّتِي كَانَت عِنْد بَاب بِالْمَدِينَةِ فَدَعَا بالصخرة فقرأها فَإِذا فِيهَا أَسْمَاءَهُم ففرح الْملك فَرحا شَدِيدا وَقَالَ: هَؤُلَاءِ قوم كَانُوا قد مَاتُوا فبعثوا فَفَشَا فيهم أَن الله يبْعَث الْمَوْتَى فَذَلِك قَوْله: {وَكَذَلِكَ أعثرنا عَلَيْهِم ليعلموا أَن وعد الله حق وَأَن السَّاعَة لَا ريب فِيهَا} فَقَالَ الْملك: لأتخذن عِنْد هَؤُلَاءِ الْقَوْم الصَّالِحين مَسْجِدا فلأعبدن الله فِيهِ حَتَّى أَمُوت فَذَلِك قَوْله: {قَالَ الَّذين غلبوا على أَمرهم لنتخذن عَلَيْهِم مَسْجِدا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {قَالَ الَّذين غلبوا على أَمرهم} قَالَ: هم الْأُمَرَاء أَو قَالَ: السلاطين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: بنى عَلَيْهِم الْملك بيعَة فَكتب فِي أَعْلَاهَا أَبنَاء الأراكنة أَبنَاء الدهاقين الْآيَة 22

22

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {سيقولون ثَلَاثَة} قَالَ: الْيَهُود {وَيَقُولُونَ خَمْسَة} قَالَ: النَّصَارَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَعبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {رجما بِالْغَيْبِ} قَالَ: قذفا بِالظَّنِّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا يعلمهُمْ إِلَّا قَلِيل} قَالَ: إِنَّا من الْقَلِيل كَانُوا سَبْعَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن سعد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي

قَوْله: {مَا يعلمهُمْ إِلَّا قَلِيل} قَالَ: إِنَّا من الْقَلِيل كَانُوا سَبْعَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {مَا يعلمهُمْ إِلَّا قَلِيل} قَالَ: أَنا من الْقَلِيل مكسلمينا وتمليخا وَهُوَ الْمَبْعُوث بالورق إِلَى الْمَدِينَة ومرطوس ونينونس ودردوتس وكفاشطهواس ومنطفواسيسوس وَهُوَ الرَّاعِي وَالْكَلب اسْمه قطمير دون الْكرْدِي وَفَوق القبطي الألطم فَوق القبطي قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: بَلغنِي أَن من كتب هَذِه الْأَسْمَاء فِي شَيْء وَطَرحه فِي حريق سكن الْحَرِيق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كل شي فِي الْقُرْآن قَلِيل وَإِلَّا قَلِيل فَهُوَ دون الْعشْرَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَا تمار فيهم} يَقُول: حَسبك مَا قصصت عَلَيْك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَلَا تمار فيهم إِلَّا مراء ظَاهرا} قَالَ: يَقُول: إِلَّا مَا أظهرنَا لَك من أَمرهم {وَلَا تستفت فيهم مِنْهُم أحدا} قَالَ: يَقُول لَا تسْأَل الْيَهُود عَن أَصْحَاب الْكَهْف إِلَّا مَا قد أخبرناك من أَمرهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَلَا تمار فيهم} الْآيَة قَالَ: حَسبك مَا قَصَصنَا عَلَيْك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا تستفت فيهم مِنْهُم أحدا} قَالَ: الْيَهُود وَالله أعلم الْآيَة 23 - 24

23

أخرج ابْن المنذرعن مُجَاهِد أَن قُريْشًا اجْتمعت فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد قد رغبت عَن ديننَا وَدين آبَائِنَا فَمَا هَذَا الدّين الَّذِي جِئْت بِهِ قَالَ: هَذَا دين جِئْت بِهِ من الرَّحْمَن فَقَالُوا: إِنَّا لَا نَعْرِف الرَّحْمَن إِلَّا رَحْمَن الْيَمَامَة - يعنون مُسَيْلمَة الْكذَّاب - ثمَّ كاتبوا الْيَهُود فَقَالُوا: قد نبغ فِينَا رجل يزْعم أَنه نَبِي وَقد رغب عَن ديننَا وَدين آبَائِنَا وَيَزْعُم أَن الَّذِي جَاءَ بِهِ من الرَّحْمَن قُلْنَا: لَا نَعْرِف الرَّحْمَن إِلَّا رَحْمَن الْيَمَامَة وَهُوَ أَمِين لَا يخون وفيّ لَا يغدر صَدُوق لَا يكذب وَهُوَ فِي

حسب وثروة من قومه فَاكْتُبُوا إِلَيْنَا بأَشْيَاء نَسْأَلهُ عَنْهَا فاجتمعت يهود فَقَالُوا: إِن هَذَا لوصفه وزمانه الَّذِي يخرج فِيهِ فَكَتَبُوا إِلَى قُرَيْش: أَن سلوه عَن أَمر أَصْحَاب الْكَهْف وَعَن ذِي القرنين وَعَن الرّوح فَإِن يكن الَّذِي أَتَاكُم بِهِ من الرَّحْمَن فَإِن الرَّحْمَن هُوَ الله عز وَجل وَإِن يكن من رَحْمَن الْيَمَامَة فَيَنْقَطِع فَلَمَّا أَتَى ذَلِك قُريْشًا أَتَى الظفر فِي أَنْفسهَا فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد قد رغبت عَن ديننَا وَدين آبَائِنَا فحدثنا عَن أَمر أَصْحَاب الْكَهْف وَذي القرنين وَالروح قَالَ: ائْتُونِي غَدا وَلم يسْتَثْن فَمَكثَ جِبْرِيل عَنهُ مَا شَاءَ الله لَا يَأْتِيهِ ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: سَأَلُونِي عَن أَشْيَاء لم يكن عِنْدِي بهَا علم فَأُجِيب حَتَّى شقّ ذَلِك عليّ قَالَ: ألم ترنا لَا ندخل بَيْتا فِيهِ كلب وَلَا صُورَة - وَكَانَ فِي الْبَيْت جرو كلب - وَنزلت {وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت وَقل عَسى أَن يهدين رَبِّي لأَقْرَب من هَذَا رشدا} من علم الَّذِي سَأَلْتُمُونِي عَنهُ أَن يَأْتِي قبل غَد وَنزل مَا ذكر من أَصْحَاب الْكَهْف وَنزل (ويسألونك عَن الرّوح ) (الْإِسْرَاء 85) الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلف على يَمِين فَمضى لَهُ أَرْبَعُونَ لَيْلَة فَأنْزل الله {وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله} وَاسْتثنى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يرى الِاسْتِثْنَاء وَلَو بعد سنة ثمَّ قَرَأَ {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت} قَالَ: إِذا ذكرت وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: إِذا نسيت أَن تَقول لشَيْء إِنِّي أَفعلهُ فنسيت أَن تَقول إِن شَاءَ الله فَقل إِذا ذكرت: إِن شَاءَ الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت} قَالَ: تستثني إِذا ذكرت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي رجل حلف وَنسي أَن يَسْتَثْنِي قَالَ لَهُ: ثنياه إِلَى شهر وَقَرَأَ {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء أَنه قَالَ: من حلف على يَمِين فَلهُ الثنيا حلب نَاقَة وَكَانَ طَاوس يَقُول: مَا دَامَ فِي مَجْلِسه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: يَسْتَثْنِي مادام فِي كَلَامه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت} قَالَ: إِذا نسيت الِاسْتِثْنَاء فَاسْتَثْنِ إِذا ذكرت قَالَ: هِيَ خَاصَّة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ لِأَحَدِنَا أَن يَسْتَثْنِي إِلَّا فِي صلَة يَمِينه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عمر قَالَ: كل اسْتثِْنَاء مَوْصُول فَلَا حنث على صَاحبه وَإِذا كَانَ غير مَوْصُول فَهُوَ حانث وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من حلف فَقَالَ: إِن شَاءَ الله فَإِن شَاءَ مضى وَإِن شَاءَ رَجَعَ غير حانث وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام: لأطوقن اللَّيْلَة على تسعين امْرَأَة تَلد كل امْرَأَة مِنْهُنَّ غُلَاما يُقَاتل فِي سَبِيل الله فَقَالَ لَهُ الْملك: قل إِن شَاءَ الله فَلم يقل فَطَافَ فَلم تَلد مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة نصف إنسأن قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قَالَ إِن شَاءَ الله لم يَحْنَث وَكَانَ دركاً لِحَاجَتِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت} قَالَ: إِذا غضِبت وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت} قَالَ: إِذا لم تقل إِن شَاءَ الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان قَالَ: سَمِعت أَبَا الْحَارِث عَن رجل من أهل الْكُوفَة كَانَ يقْرَأ الْقُرْآن فِي الْآيَة قَالَ: إِذا نسي الْإِنْسَان أَن يَقُول إِن شَاءَ الله فتوبته من ذَلِك أَن يَقُول: {عَسى أَن يهدين رَبِّي لأَقْرَب من هَذَا رشدا}

الْآيَة 25 - 26

25

أخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن حَكِيم بن عقال قَالَ: سَمِعت عُثْمَان بن عَفَّان يقْرَأ: {وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاث مائَة سِنِين} منوّنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الرجل ليفسر الْآيَة يرى أَنَّهَا كَذَلِك فَيهْوِي أبعد مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ تَلا {وَلَبِثُوا فِي كهفهم} الْآيَة ثمَّ قَالَ: كم لبث الْقَوْم قَالُوا: ثَلَاثمِائَة وتسع سِنِين قَالَ: لَو كَانُوا لَبِثُوا كَذَلِك لم يقل الله: {قل الله أعلم بِمَا لَبِثُوا} وَلكنه حكى مقَالَة الْقَوْم فَقَالَ: {سيقولون ثَلاَثَة} إِلَى قَوْله: {رجماً بِالْغَيْبِ} وَأخْبر أَنهم لَا يعلمُونَ قَالَ: سيقولون {وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاث مائَة سِنِين وازدادوا تسعا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي حرف ابْن مَسْعُود وَقَالُوا لَبِثُوا فِي كهفهم الْآيَة يَعْنِي إِنَّمَا قَالَه النَّاس أَلا ترى أَنه قَالَ: {قل الله أعلم بِمَا لَبِثُوا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاث مائَة سِنِين وازدادوا تسعا} قَالَ: هَذَا قَول أهل الْكتاب فَرد الله عَلَيْهِم {قل الله أعلم بِمَا لَبِثُوا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {فِي كهفهم ثَلَاث مائَة} قيل: يَا رَسُول الله أَيَّامًا أم شهوراً أم سِنِين فَأنْزل الله {سِنِين وازدادوا تسعا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس مَوْصُولا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ثَلَاث مائَة سِنِين وازدادوا تسعا} يَقُول: عدد مَا لَبِثُوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أبْصر بِهِ وأسمع} قَالَ: الله يَقُوله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أبْصر بِهِ وأسمع} قَالَ: لَا أحد أبْصر من الله وَلَا أسمع تبَارك وَتَعَالَى وَالله أعلم بِالصَّوَابِ وَالْحَمْد لله وَحده

الْآيَة 27 - 29

27

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ملتحداً} قَالَ: ملْجأ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {وَلنْ تَجِد من دونه ملتحداً} مَا الملتحد قَالَ: الْمدْخل فِي الأَرْض قَالَ فِيهِ خصيب الضمرِي: يَا لهف نَفسِي ولهف غير محدثه عليّ وَمَا عَن قَضَاء الله ملتحد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن سلمَان قَالَ: جَاءَت الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عُيَيْنَة بن بدر والأقرع بن حَابِس فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لَو جَلَست فِي صدر الْمجْلس وتغيبت عَن هَؤُلَاءِ وأرواح جِبَابهمْ - يعنون سلمَان وَأَبا ذَر وفقراء الْمُسلمين وَكَانَت عَلَيْهِم جباب الصُّفُوف - جالسناك أَو حادثناك وأخذنا عَنْك فَأنْزل الله {واتل مَا أُوحِي إِلَيْك من كتاب رَبك} إِلَى قَوْله: {أَعْتَدْنَا للظالمين نَارا} يهددهم بالنَّار وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سلمَان قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلتمسهم حَتَّى أَصَابَهُم فِي مُؤخر الْمَسْجِد يذكرُونَ الله فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي لم يُمِتْنِي حَتَّى أَمرنِي أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَ رجال من أمتِي مَعكُمْ الْمحيا وَالْمَمَات وَأخرج عبد بن حميد عَن سلمَان قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي وَفِي رجل دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَمَعِي شن خوص - فَوضع مرفقه فِي صَدْرِي فَقَالَ: تَنَحَّ حَتَّى ألقاني على الْبسَاط ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد إِنَّا ليمنعنا كثيرا من أَمرك هَذَا وضرباؤه أَن ترى

لي قدماً وسواداً فَلَو نَحّيْتَهُمْ إِذا دَخَلنَا عَلَيْك فَإِذا خرجنَا أَذِنت لَهُم إِذا شِئْت فَلَمَّا خرج أنزل الله {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم} إِلَى قَوْله: {وَكَانَ أمره فرطا} وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن سهل بن حنيف قَالَ: نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي بعض أبياته {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} فَخرج يلتمسهم فَوجدَ قوما يذكرُونَ الله فيهم ثَائِر الرَّأْس وجاف الْجلد وَذُو الثَّوْب الْوَاحِد فَلَمَّا رَآهُمْ جلس مَعَهم وَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي أمتِي من أَمْرِي أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم وَأخرج الْبَزَّار عَن بِي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَا: جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل يقْرَأ سُورَة الْحجر وَسورَة الْكَهْف فَسكت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا الْمجْلس الَّذِي أمرت أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عمر بن ذَر عَن أَبِيه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى إِلَى نفر من أَصْحَابه - مِنْهُم عبد الله بن رَوَاحَة - يذكرهم بِاللَّه فَلَمَّا رَآهُ عبد الله سكت فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذكّر أَصْحَابك فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَنْت أَحَق فَقَالَ: أما إِنَّكُم الْمَلأ الَّذين أَمرنِي أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم ثمَّ تَلا {واصبر نَفسك} الْآيَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عمر بن ذَر: حَدثنِي مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَبْد الله بن رَوَاحَة وَهُوَ يذكر أَصْحَابه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما إِنَّكُم للملأ الَّذين أَمرنِي الله أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم ثمَّ تَلا {واصبر نَفسك} الْآيَة قَالَ: إِنَّه مَا جلس عدتكم إِلَّا جلس مَعَه عدتهمْ جليسهم من الْمَلَائِكَة إِن سبّحوا الله سبحوه وَإِن حَمَدوا الله حمدوه وَإِن كبّروا الله كبروه يصعدون إِلَى الرب وَهُوَ أعلم فَيَقُولُونَ: رَبنَا إِن عِبَادك سبحوك فسبحنا وكبروك فكبرنا وحمدوك فحمدنا فَيَقُول رَبنَا: يَا ملائكتي أشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم فَيَقُولُونَ: فيهم فلَان الخطاء فَيَقُول: هم الْقَوْم لَا يشقى بهم جليسهم وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قاصّ يقص

فَأمْسك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قصّ فَلِأَن أقعد غدْوَة إِلَى أَن تشرق الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أعتق أَربع رِقَاب وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن أبي سعيد قَالَ: أَتَى علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن نَاس من ضعفة الْمُسلمين وَرجل يقْرَأ علينا الْقُرْآن وَيَدْعُو لنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي أمتِي من أمرت أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم ثمَّ قَالَ: بشر فُقَرَاء الْمُسلمين بِالنورِ التَّام يَوْم الْقِيَامَة يدْخلُونَ الْجنَّة قبل الْأَغْنِيَاء بِنصْف يَوْم مِقْدَار خَمْسمِائَة عَام هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة ينتعمون وَهَؤُلَاء يحاسبون وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ثَابت قَالَ: كَانَ سلمَان فِي عِصَابَة يذكرُونَ الله فَمر النَّبِي فكفوا فَقَالَ: مَا كُنْتُم تَقولُونَ قُلْنَا: نذْكر الله قَالَ: فَإِنِّي رَأَيْت الرَّحْمَة تنزل عَلَيْكُم فَأَحْبَبْت أَن أشارككم فِيهَا ثمَّ قَالَ الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي أمتِي من أمرت أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم وَأخرج أَحْمد عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من قوم اجْتَمعُوا يذكرُونَ الله لَا يُرِيدُونَ بذلك إِلَّا وَجهه إِلَّا ناداهم منادٍ من السَّمَاء أَن: قومُوا مغفوراً لكم قد بدلت سَيِّئَاتكُمْ حَسَنَات وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن نَافِع قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن عمر فِي هَذِه الْآيَة {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم} أَنهم الَّذين يشْهدُونَ الصَّلَوَات الْمَكْتُوبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده فِي قَوْله: {واصبر نفسَكَ} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي صَلَاة الصُّبْح وَصَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: هم الَّذين يقرأون الْقُرْآن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه عَن ذكرنَا} قَالَ: نزلت فِي أُميَّة بن خلف وَذَلِكَ أَنه دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَمر كرهه الله من طرد الْفُقَرَاء عَنهُ وتقريب صَنَادِيد أهل مَكَّة

فَأنْزل الله {وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه عَن ذكرنَا} يَعْنِي من ختمنا على قلبه يَعْنِي التَّوْحِيد {وَاتبع هَوَاهُ} يَعْنِي الشّرك {وَكَانَ أمره فرطا} يَعْنِي فرطا فِي أَمر الله وجهالة بِاللَّه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن بُرَيْدَة قَالَ: دخل عُيَيْنَة بن حصن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم حَار وَعِنْده سلمَان عَلَيْهِ جُبَّة من صوف فثار مِنْهُ ريح الْعرق فِي الصُّوف فَقَالَ عُيَيْنَة: يَا مُحَمَّد إِذا نَحن أَتَيْنَاك فَأخْرج هَذَا وضرباءه من عنْدك لَا يؤذونا فَإِذا خرجنَا فَأَنت وهم أعلم فَأنْزل الله {وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع قَالَ: حَدثنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدى لأمية بن خلف وَهُوَ ساه غافل عَمَّا يُقَال لَهُ فَأنْزل الله {وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قَلبَه} الْآيَة فَرجع إِلَى أَصْحَابه وخلى عَن أُميَّة فَوجدَ سلمَان يذكرهم فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي لم أُفَارِق الدُّنْيَا حَتَّى أَرَانِي أَقْوَامًا من أمتِي أَمرنِي أَن أَصْبِر نَفسِي مَعَهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله: {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} قَالَ: هم أهل الذّكر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله: {واصبر نفسَكَ} الْآيَة قَالَ: لَا تطردهم عَن الذّكر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر فِي الْآيَة قَالَ: أَمر أَن يصبر نَفسه مَعَ أَصْحَابه يعلمهُمْ الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم} قَالَ: يعْبدُونَ رَبهم قَوْله: {وَلَا تعد عَيْنَاك عَنْهُم} يَقُول: لَا تتعداهم إِلَى غَيرهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هَاشم فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا يتفاضلون فِي الْحَلَال وَالْحرَام وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} قَالَ: المفاضلة فِي الْحَلَال وَالْحرَام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن إِبْرَاهِيم وَمُجاهد {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي} قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: نزلت {وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه عَن ذكرنَا} فِي عُيَيْنَة بن حصن قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد آذَانِي ريح سلمَان الْفَارِسِي فَاجْعَلْ لنا مَجْلِسا مَعَك لَا يجامعنا فِيهِ وَاجعَل لَهُم مَجْلِسا مِنْك لَا نجامعهم فِيهِ فَنزلت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَكَانَ أمره فرطا} قَالَ: ضيَاعًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَقل الْحق من ربكُم} قَالَ: الْحق هُوَ الْقُرْآن وَأخرج حنيش فِي الاسْتقَامَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر} يَقُول: من شَاءَ الله لَهُ الْإِيمَان آمن وَمن شَاءَ الله لَهُ الْكفْر كفر وَهُوَ قَوْله: {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين} التكوير آيَة 29 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر} قَالَ: هَذَا تهديد ووعيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن رَبَاح بن زِيَاد قَالَ: سَأَلت عمر بن حبيب عَن قَوْله: {فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر} قَالَ: حَدثنِي دَاوُد بن نَافِع أَن مُجَاهدًا كَانَ يَقُول: فَلَيْسَ بمعجزي وَعِيد من الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أحَاط بهم سرادقها} قَالَ: حَائِط من نَار وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار وَابْن جرير وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: السرادق النَّار أَرْبَعَة جدر كَافَّة كل جِدَار مِنْهَا أَرْبَعُونَ سنة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم

وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الْبَحْر من جَهَنَّم ثمَّ تَلا {نَارا أحَاط بهم سرادقها} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن قَتَادَة أَن الْأَحْنَف بن قيس كَانَ لَا ينَام فِي السرادق وَيَقُول: لم يذكر السرادق إِلَّا لأهل النَّار وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {بِمَاء كَالْمهْلِ} قَالَ: كَعَكرِ الزَّيْت فَإِذا أقرب إِلَيْهِ سَقَطت فَرْوَة وَجهه فِيهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَالْمهْلِ} يَقُول: أسود كَعَكرِ الزَّيْت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الْمهل قَالَ: مَاء غليظ كدردي الزَّيْت وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {كَالْمهْلِ} قَالَ: كدردي الزَّيْت وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمهل دردي الزَّيْت وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {كَالْمهْلِ} قَالَ: الْمهل دردي الزَّيْت وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ عَن الْمهل فَدَعَا بهذب وَفِضة فَإِذا بِهِ قَلما ذاب قَالَ: هَذَا أشبه شَيْء بالمهل الَّذِي هُوَ شراب أهل النَّار ولونه لون السَّمَاء غير أَن شراب أهل النَّار أشدا حرا من هَذَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {كَالْمهْلِ} قَالَ: الْقَيْح وَالدَّم أسود كَعَكرِ الزَّيْت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {كَالْمهْلِ} قَالَ: أسود وَهِي سَوْدَاء وَأَهْلهَا سود

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن خصيف قَالَ: الْمهل النّحاس إِذا أذيب فَهُوَ أَشد حرا من النَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن الحكم فِي قَوْله: {كَالْمهْلِ} قَالَ: مثل الْفضة إِذا أذيبت وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {كَالْمهْلِ} قَالَ: أَشد مَا يكون حرا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا الْمهل مهل الزَّيْت: يَعْنِي آخِره وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَسَاءَتْ مرتفقاً} قَالَ: مجتمعاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَسَاءَتْ مرتفقاً} قَالَ: منزلا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَسَاءَتْ مرتفقاً} قَالَ: عَلَيْهَا مرتفقون على الْحَمِيم حِين يشربون والإرتفاق هُوَ المتكأ الْآيَة 31

30

أخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي حَاتِم عَن المَقْبُري قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى ابْن مَرْيَم كَانَ يَقُول: يَا ابْن آدم إِذا عملت الْحَسَنَة فاله عَنْهَا فَإِنَّهَا عِنْد من لَا يضيعها ثمَّ تل ا {إِنَّا لَا نضيع أجر من أحسن عملا} وَإِذا عملت سَيِّئَة فاجعلها نصب عَيْنَيْك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن رجلا من أهل الْجنَّة اطلع فبدت أساوره لطمس ضوءه ضوء الشَّمْس كَمَا يطمس ضوء النُّجُوم

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن أدنى أهل الْجنَّة حلية عدلت حليته بحلية أهل الدُّنْيَا جَمِيعًا لَكَانَ مَا يحليه الله بِهِ فِي الْآخِرَة أفضل من حلية أهل الدُّنْيَا جَمِيعًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: إِن لله ملكا - وَفِي لفظ -: فِي الْجنَّة ملك لَو شِئْت أَن أُسَمِّيهِ لَسَمَّيْته يصوغ حلى أهل الْجنَّة من يَوْم خلق إِلَى أَن تقوم السَّاعَة وَلَو أَن حليا مِنْهَا أخرج لرد شُعَاع الشَّمْس وَإِن لأهل الْجنَّة أكاليل من در لَو أَن إكليلاً مِنْهَا دُلي من السَّمَاء الدُّنْيَا لذهب بضوء الشَّمْس كَمَا تذْهب الشَّمْس بضوء الْقَمَر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن أهل الْجنَّة يحلونَ أسورة من ذهب ولؤلؤ وَفِضة هِيَ أخف عَلَيْهِم من كل شَيْء إِنَّمَا هِيَ نور وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أساور من ذهب} قَالَ: الأساور الْمسك وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تبلغ الْحِلْية من الْمُؤمن حَيْثُ يبلغ الْوضُوء وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم عَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمْنَع أَهله الْحِلْية وَالْحَرِير وَيَقُول: إِن كُنْتُم تحبون حلية الْجنَّة وحريرها فَلَا تلبسوهما فِي الدُّنْيَا وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَمْرو قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله أخبرنَا عَن ثِيَاب أهل الْجنَّة أخلقاً تخلق أم نسجاً تنسج قَالَ: بل يشقق عَنْهَا ثَمَر الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث جَابر نَحوه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْخَيْر مرْثَد بن عبد الله قَالَ: فِي الْجنَّة شَجَرَة تنْبت السندس مِنْهُ يكون ثِيَاب أهل الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: الاستبرق الديباج الغليظ وَهُوَ بلغَة الْعَجم استبره وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: الاستبرق الديباج الغليظ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: الاستبرق الغليظ من الديباج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ: يبْعَث الله إِلَى العَبْد من أهل الْجنَّة بالكسوة فتعجبه فَيَقُول: لقد رَأَيْت الْجنان فَمَا رَأَيْت مثل هَذِه الْكسْوَة قطّ فَيَقُول الرَّسُول الَّذِي جَاءَ بالكسوة: إِن رَبك يَأْمر أَن تهيئ لهَذَا العَبْد مثل هَذِه الْكسْوَة مَا شَاءَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: لَو أَن ثوبا من ثِيَاب أهل الْجنَّة نشر الْيَوْم فِي الدُّنْيَا لصعق من ينظر إِلَيْهِ وَمَا حَملته أَبْصَارهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سليم بن عَامر قَالَ: إِن الرجل من أهل الْجنَّة يلبس الْحلَّة من حلل أهل الْجنَّة فَيَضَعهَا بَين أصبعيه فَمَا يرى مِنْهَا شَيْء وَإنَّهُ يلبسهَا فيتعفر حَتَّى تغطي قَدَمَيْهِ يكسى فِي السَّاعَة الْوَاحِدَة سبعين ثوبا إِن أدناها مثل شَقِيق النُّعْمَان وَإنَّهُ يلبس سبعين ثوبا يكَاد أَن يتَوَارَى وَمَا يَسْتَطِيع أحد فِي الدُّنْيَا أَن يلبس سَبْعَة أَثوَاب مَا يَسعهُ عُنُقه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي رَافع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كفن مَيتا كَسَاه الله من سندس واستبرق الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْهَيْثَم بن مَالك الطَّائِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الرجل ليتكئ المتكأ مِقْدَار أَرْبَعِينَ سنة مَا يتحوّل عَنهُ وَلَا يمله يَأْتِيهِ مَا اشتهت نَفسه ولذت عينه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ثَابت قَالَ: بلغنَا أَن الرجل يتكئ فِي الْجنَّة سبعين سنة عِنْده من أَزوَاجه وخدمه وَمَا أعطَاهُ الله من الْكَرَامَة وَالنَّعِيم فَإِذا حانت مِنْهُ نظرة فَإِذا أَزوَاج لَهُ لم يكن يراهن من قبل ذَلِك فيقلن: قد آن لَك أَن تجْعَل لنا مِنْك نَصِيبا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الأرائك السرر فِي جَوف الحجال عَلَيْهَا الْفرش منضود فِي السَّمَاء فَرسَخ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا تكون أريكة

حَتَّى يكون السرير فِي الحجلة فَإِن كَانَ بِغَيْر حجلة لم يكن أريكة وَإِن كَانَت حجلة بِغَيْر سَرِير لم تكن أريكة فَإِذا اجتمعتا كَانَت أريكة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {على الأرائك} قَالَ: السرر عَلَيْهَا الحجال وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأرائك من لُؤْلُؤ وَيَاقُوت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم نَكُنْ نَدْرِي مَا الأرائك حَتَّى لَقينَا رجلا من أهل الْيمن فَأخْبرنَا أَن الأريكة عِنْدهم الحجلة إِذا كَانَ فِيهَا سَرِير وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي رَجَاء قَالَ: سُئِلَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ عَن الأرائك فَقَالَ: هِيَ الحجال أهل الْيمن يَقُولُونَ أريكة فلَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن سُئِلَ عَن الأرائك فَقَالَ: هِيَ الحجال على السرر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأرائك الحجال فِيهَا السرر الْآيَة 32 - 37

32

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {جعلنَا لأَحَدهمَا جنتين من أعناب} قَالَ: إِن الْجنَّة هِيَ الْبُسْتَان فَكَانَ لَهُ بُسْتَان وَاحِد وجدار وَاحِد وَكَانَ بَينهمَا نهر وَذَلِكَ كَانَ جنتين فَلذَلِك سَمَّاهُ جنَّة من قبل الْجِدَار الَّذِي يَليهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ قَالَ: نهر أبي فرطس نهر الجنتين قَالَ ابْن أبي حَاتِم: وَهُوَ نهر مَشْهُور بالرملة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {آتت أكلهَا وَلم تظلم مِنْهُ شَيْئا} قَالَ: لم تنقص كل شجر الْجنَّة أطْعم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وفجرنا خلالهما نَهرا} يَقُول: وسطهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَكَانَ لَهُ ثَمَر} يَقُول: مَال وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس {وَكَانَ لَهُ ثَمَر} بِالضَّمِّ يَعْنِي أَنْوَاع المَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَكَانَ لَهُ ثَمَر} قَالَ: ذهب وَفِضة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بشير بن عبيد أَنه كَانَ قَرَأَ {وَكَانَ لَهُ ثَمَر} بِرَفْع الثَّاء وَقَالَ: الثَّمر المَال والولدان وَالرَّقِيق وَالثَّمَر: الْفَاكِهَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي يزِيد الْمدنِي أَنه كَانَ يقْرؤهَا {وَكَانَ لَهُ ثَمَر} قَالَ: الأَصْل وَالثَّمَر الثَّمَرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَدخل جنته وَهُوَ ظَالِم لنَفسِهِ} يَقُول كفور لنعمة ربه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قَالَ مَا أَظن أَن تبيد هَذِه أبدا} يَقُول: تهْلك {وَمَا أَظن السَّاعَة قَائِمَة وَلَئِن} كَانَت قَائِمَة ثمَّ {رددت إِلَى رَبِّي لأجدن خيرا مِنْهَا منقلبا} الْآيَة 38 - 39

38

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَت: عَلمنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَلِمَات أقولهن عِنْد الكرب: الله الله رَبِّي لَا أشرك بِهِ شَيْئا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عُرْوَة أَنه كَانَ إِذا رأى من مَاله شَيْئا يُعجبهُ أَو دخل حَائِطا من حيطانه قَالَ: {مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه} ويتأول قَول الله: {وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زِيَاد بن سعد قَالَ: كَانَ ابْن شهَاب إِذا دخل أَمْوَاله قَالَ: {مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه} ويتأول قَوْله: {وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطرف قَالَ: كَانَ مَالك إِذا دخل بَيته قَالَ: {مَا شَاءَ الله} قلت لمَالِك لم تَقول هَذَا قَالَ: أَلا تسمع الله يَقُول: {وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم حَفْص بن ميسرَة قَالَ: رَأَيْت على بَاب وهب بن مُنَبّه مَكْتُوبًا {مَا شَاءَ الله} وَذَلِكَ قَول الله: {وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن مرّة قَالَ: إِن من أفضل الدُّعَاء قَول الرجل: {مَا شَاءَ الله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم بن أدهم قَالَ: مَا سَأَلَ رجل مَسْأَلَة أنجح من أَن يَقُول: {مَا شَاءَ الله} وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن يحيى بن سليم الطَّائِفِي عَمَّن ذكره قَالَ: طلب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من ربه حَاجَة فأبطأت عَلَيْهِ فَقَالَ: {مَا شَاءَ الله} فَإِذا حَاجته بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: يَا رب أَنا أطلب حَاجَتي مُنْذُ كَذَا وَكَذَا أعطيتنيها الْآن فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا مُوسَى أما علمت أَن قَوْلك: {مَا شَاءَ الله} أنجح مَا طلبت بِهِ الْحَوَائِج وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ عَن معَاذ بن جبل: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلا أدلك على بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة قَالَ: مَا هُوَ قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ عَن قيس بن سعد بن عبَادَة أَن أَبَاهُ دَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَخْدمه قَالَ: فَخرج عليَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَقد صليت رَكْعَتَيْنِ واضطجعت فضربني بِرجلِهِ وَقَالَ: أَلا أدلك على بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة قلت: بلَى قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي ذَر: يَا أَبَا ذَر أَلا أعلمك كلمة من كنز الْجنَّة قَالَ: بلَى قَالَ: قل لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أدلك على كنز من كنوز الْجنَّة لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن أَكثر من قَول لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهُ كنز من كنوز الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن ثَابت: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: أَلا أدلكم على كنز من كنوز الْجنَّة تكثرون من لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه كنز من كنوز الْجنَّة وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أنعم الله على عبد نعْمَة فِي أهل أَو مَال أَو ولد فَيَقُول مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه إِلَّا دفع الله عَنهُ كل آفَة حَتَّى تَأتيه منيته وَقَرَأَ {وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من رأى شَيْئا من مَاله فأعجبه فَقَالَ: {مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه} لم يصب ذَلِك المَال آفَة أبدا وَقَرَأَ {وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك} الْآيَة وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أنعم الله عَلَيْهِ نعْمَة فَأَرَادَ بقاءها فليكثر من لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه} وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أدلك على كنز من كنوز الْجنَّة تَحت الْعَرْش قلت: نعم قَالَ: أَن تَقول: {لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه}

قَالَ عَمْرو بن مَيْمُون: قلت لأبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَقَالَ: لَا إِنَّهَا فِي سُورَة الْكَهْف {وَلَوْلَا إِذْ دخلت جنتك قلت مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه} وَأخرج ابْن مَنْدَه فِي الصَّحَابَة من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن سماك عَن جرير قَالَ: خرجت إِلَى فَارس فَقلت: {مَا شَاءَ الله لَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه} فسمعني رجل فَقَالَ: مَا هَذَا الْكَلَام الَّذِي لم أسمعهُ من أحد مُنْذُ سمعته من السَّمَاء فَقلت: مَا أَنْت وَخبر السَّمَاء قَالَ: إِنِّي كنت مَعَ كسْرَى فأرسلني فِي بعض أُمُوره فَخرجت ثمَّ قدمت فَإِذا شَيْطَان خلفني فِي أَهلِي عي صُورَتي فَبَدَأَ لي فَقَالَ: شارطني على أَن يكون لي يَوْم وَلَك يَوْم وَإِلَّا أهلكتك فرضيت بذلك فَصَارَ جليسي يحادثني وأحادثه فَقَالَ لي ذَات يَوْم: إِنِّي مِمَّا يسترق السّمع وَاللَّيْلَة نوبتي قلت: فَهَل لَك أَن أختبئ مَعَك قَالَ: نعم فتهيأ ثمَّ أَتَانِي فَقَالَ: خُذ بمعرفتي وَإِيَّاك أَن تتركها فتهلك فَأخذت بمعرفته فعرج بِي حَتَّى لمست السَّمَاء فَإِذا قَائِل يَقُول: مَا شَاءَ الله لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فسقطوا على وُجُوههم وَسَقَطت فَرَجَعت إِلَى أَهلِي فَإِذا أَنا بِهِ يدْخل بعد أَيَّام فَجعلت أَقُول: مَا شَاءَ الله لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ: فيذوب لذَلِك حَتَّى يصير مثل الذُّبَاب ثمَّ قَالَ لي: قد حفظته فَانْقَطع عَنَّا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن يحيى بن سليم الثَّقَفِيّ عَن شيخ لَهُ قَالَ: الْكَلِمَة الَّتِي تزجر بهَا الْمَلَائِكَة الشَّيَاطِين حَتَّى يسْتَرقونَ السّمع {مَا شَاءَ الله} وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ: مَا نَهَضَ ملك من الأَرْض حَتَّى يَقُول: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه دَوَاء من تِسْعَة وَتِسْعين دَاء أيسرها الْهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب والديلمي من طرق عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَخْبرنِي جِبْرِيل أَن تَفْسِير لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه أَنه لَا حول عَن مَعْصِيّة الله إِلَّا بِقُوَّة الله وَلَا قُوَّة على طَاعَة الله إِلَّا بعون الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهَا فِي لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ: لَا حول بِنَا على الْعَمَل بِالطَّاعَةِ إِلَّا بِاللَّه وَلَا قُوَّة لنا على ترك الْمعْصِيَة إِلَّا بِاللَّه

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد أَنه سُئِلَ عَن تَفْسِير لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ: لَا تَأْخُذ مَا تحب إِلَّا بِاللَّه وَلَا تمْتَنع مِمَّا تكره إِلَّا بعون الله الْآيَة 40 - 45

40

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الحسبان الْعَذَاب وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {حسباناً من السَّمَاء} قَالَ: نَارا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت حسان بن ثَابت وَهُوَ يَقُول: بَقِيَّة معشر صبَّتْ عَلَيْهِم شآبيب من الحسبان شهب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {حسباناً من السَّمَاء} قَالَ: نَارا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَتُصْبِح صَعِيدا زلقاً} قَالَ: مثل الجزر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {حسباناً من السَّمَاء} قَالَ: عذَابا {فَتُصْبِح صَعِيدا زلقاً} أَي قد حصد مَا فِيهَا فَلم يتْرك فِيهَا شَيْء {أَو يصبح مَاؤُهَا غوراً} أَي ذَاهِبًا قد غَار فِي الأَرْض

{وأحيط بثمره فَأصْبح يقلب كفيه} قَالَ يصفق {على مَا أنْفق فِيهَا} متلهفاً على مَا فَاتَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {صَعِيدا زلقاً} قَالَ: الصَّعِيد الأملس والزلق الَّتِي لَيْسَ فِيهَا نَبَات {وأحيط بثمره} قَالَ: بثمر الجنتين فأهلكت {فَأصْبح يقلب كفيه} يَقُول: ندامة عَلَيْهَا {وَهِي خاوية على عروشها} قَالَ: قلب أَسْفَلهَا أَعْلَاهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وأحيط بثمره} قَالَ: أحَاط بِهِ أَمر الله فَهَلَك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلم تكن لَهُ فِئَة} قَالَ: عشيرة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلم تكن لَهُ فِئَة} قَالَ: عشيرة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلم تكن لَهُ فِئَة} أَي جند يعينونه {من دون الله وَمَا كَانَ منتصراً} أَي مُمْتَنعا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُبشر بن عبيد قَالَ: {الْولَايَة} الدّين وَالْولَايَة مَا أتولى وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن صُهَيْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم ير قَرْيَة يُرِيد دُخُولهَا إِلَّا قَالَ حِين يَرَاهَا: اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَمَا أظللن وَرب الْأَرْضين السَّبع وَمَا أقللن وَرب الشَّيَاطِين وَمَا أضللن وَرب الرِّيَاح وَمَا ذرين فَإنَّا نَسْأَلك خير هَذِه الْقرْيَة وَخير أَهلهَا ونعوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا الْآيَة 46 - 48

46

أخرج ابْن أبي حَاتِم والخطيب عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: كَانَ يُقَال إِنَّمَا سمي المَال لِأَنَّهُ يمِيل بِالنَّاسِ وَإِنَّمَا سميت الدُّنْيَا لِأَنَّهَا دنت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِيَاض بن عقبَة أَنه مَاتَ لَهُ ابْن يُقَال لَهُ يحيى فَلَمَّا نزل فِي قَبره قَالَ لَهُ رجل: وَالله إِن كَانَ لسَيِّد الْجَيْش فاحتسبه فَقَالَ: وَمَا يَمْنعنِي أَن أحتسبه وَكَانَ أمس من زِينَة الدُّنْيَا وَهُوَ الْيَوْم من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: {المَال والبنون} حرث الدُّنْيَا وَالْعَمَل الصَّالح حرث الْآخِرَة وَقد يجمعهما الله لأقوام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {والباقيات الصَّالِحَات} قَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: استكثروا من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات قيل: وَمَا هن يَا رَسُول الله قَالَ: التَّكْبِير والتهليل وَالتَّسْبِيح والتحميد وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن بشير: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلا وَأَن سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خُذُوا جنتكم قيل: يَا رَسُول الله أَمن عدوّ قد حضر قَالَ: لَا بل جنتكم من النَّار قَول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَإِنَّهُنَّ يَأْتِين يَوْم الْقِيَامَة مُقَدمَات مُعَقِّبَات محسنات وَهن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن شاهين فِي التَّرْغِيب فِي الذّكر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه هن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَهن يحططن الْخَطَايَا كَمَا تحط الشَّجَرَة وَرقهَا وَهن من كنوز الْجنَّة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشجرة يابسة فَتَنَاول عوداً من أعوادها فَتَنَاثَرَ كل ورق عَلَيْهَا فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن قَائِلا يَقُول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر لتتناثر الذُّنُوب عَن قَائِلهَا كَمَا يَتَنَاثَر الْوَرق عَن هَذِه الشَّجَرَة قَالَ الله فِي كِتَابه: هن {والباقيات الصَّالِحَات} وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر تنفض الْخَطَايَا كَمَا تنفض الشَّجَرَة وَرقهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سَمُرَة بن جُنْدُب: مَا من الْكَلَام شَيْء أحب إِلَى الله من الْحَمد لله وَسُبْحَان الله وَلَا إلَه إِلَّا الله وَالله أكبر هن أَربع فَلَا تكْثر عَليّ لَا يَضرك بأيهن بدأت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن عجزتم عَن اللَّيْل أَن تكابدوه والعدوّ أَن تجاهدوه فَلَا تعجزوا عَن قَول: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَإِنَّهُنَّ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خُذُوا جنتكم من النَّار قُولُوا سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهُنَّ الْمُقدمَات وإنهن المؤخرات وَهن المنجيات وَهن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَات يَوْم لأَصْحَابه خُذُوا جنتكم مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا قَالُوا: من عدوّ حضر قَالَ: بل من النَّار قُولُوا سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهُنَّ يجئن يَوْم الْقِيَامَة مُقَدمَات ومحسنات ومعقبات وَهن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْبَاقِيَات الصَّالِحَات من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن يثبطكم اللَّيْل فَلم تقوموه وعجزتم عَن النَّهَار فَلم تصوموه وبخلتم بِالْمَالِ فَلم تعطوه وجبنتم عَن العدوّ فَلم تقاتلوه فَأَكْثرُوا من سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَإِنَّهُنَّ الْبَاقِيَات الصَّالِحَات

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن جُنَادَة قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسْلمت وَعَلمنِي (قل هُوَ الله أحد) و (وَإِذا زلزلت) و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) وَعَلمنِي هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَقَالَ: هن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَنه سُئِلَ عَن {والباقيات الصَّالِحَات} قَالَ: هِيَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن {والباقيات الصَّالِحَات} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {والباقيات الصَّالِحَات} قَالَ: هِيَ ذكر الله لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله وتبارك الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأَسْتَغْفِر الله وَصلى الله على مُحَمَّد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْحج وَالصَّدَََقَة وَالْعِتْق وَالْجهَاد والصلة وَجَمِيع أَعمال الْحَسَنَات وَهن الْبَاقِيَات الصَّالِحَات الَّتِي تبقى لأَهْلهَا فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كُنَّا عِنْد سعد بن أبي وَقاص فَسكت سكتة فَقَالَ: لقد قلت فِي سكتتي هَذِه خيرا مِمَّا سقى النّيل والفرات قُلْنَا لَهُ: وَمَا قلت قَالَ: قلت: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {والباقيات الصَّالِحَات} قَالَ: الْكَلَام الطّيب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الَّذين يذكرُونَ من جلال الله من تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله يتعاطفن حول الْعَرْش لَهُنَّ دوِي كَدَوِيِّ النَّحْل يذكرن بصاحبهن أَو لَا يحب أحدكُم أَن لَا يزَال عِنْد الرَّحْمَن شَيْء يذكر بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ: أَتَى رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يَأْخُذ من الْقُرْآن شَيْئا وَسَأَلَهُ شَيْئا يُجزئ من الْقُرْآن فَقَالَ لَهُ: قل سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن مُوسَى بن طَلْحَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَلِمَات إِذا قالهن العَبْد وضعهن ملك فِي ناحيه ثمَّ عرج بِهن فَلَا يمر على ملإٍ من الْمَلَائِكَة إِلَّا صلوا عَلَيْهِنَّ وعَلى قائلهن حَتَّى يوضعن بَين يَدي الرَّحْمَن سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَسُبْحَان الله أبرئه عَن السوء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: رأى رجل فِي الْمَنَام أَن منادياً نَادَى فِي السَّمَاء أَيهَا النَّاس خُذُوا سلَاح فزعكم فَعمد النَّاس وَأخذُوا السِّلَاح حَتَّى أَن الرجل وَمَا مَعَه عَصا فَنَادَى مُنَاد من السَّمَاء لَيْسَ هَذَا سلَاح فزعكم فَقَالَ رجل من الأَرْض مَا سلَاح فزعنا فَقَالَ: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لِأَن أَقُول سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر أحب إليّ من أَتصدق بعددها دَنَانِير وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: لِأَن أَقُول سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر أحب إليّ من أَن أحمل على عدتهَا من خيل بأرسانها وَأخرج عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: من قَالَ من قبل نَفسه الْحَمد لله رب الْعَالمين كتب الله لَهُ ثَلَاثِينَ حَسَنَة ومحا عَنهُ ثَلَاثِينَ سَيِّئَة وَمن قَالَ: الله أكبر كتب الله لَهُ بهَا عشْرين حَسَنَة ومحا عَنهُ بهَا عشْرين سَيِّئَة وَمن قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله كتب الله لَهُ عشْرين حَسَنَة ومحا عَنهُ بهَا عشْرين سَيِّئَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: فِي قَوْله: {والباقيات الصَّالِحَات} {الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات} الصَّلَوَات الْخمس وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {والباقيات الصَّالِحَات} قَالَ: كل شَيْء من طَاعَة الله فَهُوَ من الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة أَنه سُئِلَ عَن {والباقيات الصَّالِحَات} فَقَالَ: كل مَا أُرِيد بِهِ وَجه الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {خير عِنْد رَبك ثَوابًا} قَالَ: خير جَزَاء من جَزَاء الْمُشْركين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَخير أملاً} قَالَ: إِن لكل عَامل أملاً يؤمله وَإِن الْمُؤمن من خير النَّاس أملاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَترى الأَرْض بارزة} قَالَ: لَا عمرَان فِيهَا وَلَا عَلامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَترى الأَرْض بارزة} قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهَا بِنَاء وَلَا شَجَرَة وَأخرج ابْن مَنْدَه فِي التَّوْحِيد عَن معَاذ بن جبل: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يُنَادي يَوْم الْقِيَامَة يَا عبَادي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا أرْحم الرَّاحِمِينَ وَأحكم الْحَاكِمين وأسرع الحاسبين أحضروا حجتكم ويسروا جَوَابا فَإِنَّكُم مسؤولون مُحَاسَبُون يَا ملائكتي أقِيمُوا عبَادي صُفُوفا على أَطْرَاف أنامل أَقْدَامهم لِلْحسابِ الْآيَة 49

49

أخرج الْبَزَّار عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يخرج لِابْنِ آدم يَوْم الْقِيَامَة ثَلَاثَة دواوين: ديوَان الْعَمَل الصَّالح وديوان فِيهِ ذنُوبه وديوان فِيهِ النعم من الله عَلَيْهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن جُنَادَة قَالَ: لما فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَزْو حنين نزلنَا قفرا من الأَرْض لَيْسَ فِيهِ شَيْء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجْمَعُوا من وجد عوداً فليأت وَمن وجد عظما أَو شَيْئا فليأت بِهِ قَالَ: فَمَا كَانَ إِلَّا سَاعَة حَتَّى جَعَلْنَاهُ ركاماً فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَرَوْنَ هَذَا فَكَذَلِك تَجْتَمِع الذُّنُوب على الرجل مِنْكُم كَمَا جمعتم هَذَا فليتق الله رجل لَا يُذنب صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة فَإِنَّهَا محصاة عَلَيْهِ

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إياك ومحقرات الذُّنُوب فَإِن لَهَا من الله طَالبا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة} قَالَ: الصَّغِيرَة التبسم والكبيرة الضحك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: الصَّغِيرَة التبسم بالاستهزاء بِالْمُؤْمِنِينَ والكبيرة القهقهة بذلك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَيَقُولُونَ يَا ويلتنا} الْآيَة قَالَ: يشتكي الْقَوْم كَمَا تَسْمَعُونَ الإحصاء وَلم يشتك أحد ظلما فإياكم والمحقرات من الذُّنُوب فَإِنَّهَا تَجْتَمِع على صَاحبهَا حَتَّى تهلكه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي الْآيَة قَالَ: سئلوا حَتَّى عَن التبسم فَقيل فيمَ تبسمت يَوْم كَذَا وَكَذَا الْآيَة 50

50

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن من الْمَلَائِكَة قَبيلَة يُقَال لَهُم الْجِنّ فَكَانَ إِبْلِيس مِنْهُم وَكَانَ يوسوس مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فعصى فسخط الله عَلَيْهِ فمسخه الله شَيْطَانا رجيماً وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِلَّا إِبْلِيس كَانَ من الْجِنّ} قَالَ: كَانَ خَازِن الْجنان فَسُمي بالجن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الضَّحَّاك قَالَ: اخْتلف ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود فِي إِبْلِيس فَقَالَ أَحدهمَا: كَانَ من سبط من الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُم الْجِنّ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن إِبْلِيس كَانَ من أشرف الْمَلَائِكَة وَأكْرمهمْ قَبيلَة وَكَانَ خَازِنًا على الْجنان وَكَانَ لَهُ سُلْطَان السَّمَاء الدُّنْيَا وَكَانَ لَهُ مجمع الْبَحْرين بَحر الرّوم وَفَارِس أَحدهمَا قبل الْمشرق وَالْآخر قبل الْمغرب وسلطان الأَرْض وَكَانَ مِمَّا سَوَّلت نَفسه مَعَ قَضَاء الله أَنه يرى أَن لَهُ بذلك عَظمَة وشرفاً على أهل السَّمَاء فَوَقع فِي نَفسه من ذَلِك كبر لم يعلم ذَلِك أحد إِلَّا الله فَلَمَّا كَانَ السُّجُود لآدَم حِين أمره الله أَن يسْجد لآدَم استخرج الله كبره عِنْد السُّجُود فلعنه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة {كَانَ من الْجِنّ} قَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّمَا سمي بالجنان لِأَنَّهُ كَانَ خَازِنًا عَلَيْهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِلَّا إِبْلِيس كَانَ من الْجِنّ} قَالَ: كَانَ من قبيل من الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُم الْجِنّ وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: لَو لم يكن من الْمَلَائِكَة لم يُؤمر بِالسُّجُود وَكَانَ على خزانَة السَّمَاء الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن قَالَ: مَا كَانَ إِبْلِيس من الْمَلَائِكَة طرفَة عين وَإنَّهُ لأصل الْجِنّ كَمَا أَن آدم أصل الإِنس وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: قَاتل الله أَقْوَامًا يَزْعمُونَ أَن إِبْلِيس كَانَ من مَلَائِكَة الله وَالله تَعَالَى يَقُول: {كَانَ من الْجِنّ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {كَانَ من الْجِنّ} قَالَ: من خَزَنَة الْجنان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الأضداد من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {كَانَ من الْجِنّ} قَالَ: هم حَيّ من الْمَلَائِكَة لم يزَالُوا يصوغون حلي أهل الْجنَّة حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {كَانَ من الْجِنّ} قَالَ: من الجنانين الَّذين يعْملُونَ فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله: {إِلَّا إِبْلِيس كَانَ من الْجِنّ} قَالَ: إِبْلِيس أَبُو الْجِنّ كَمَا أَن آدم أَبُو الْإِنْس وآدَم من

الْإِنْس وَهُوَ أبوهم وإبليس من الْجِنّ وَهُوَ أبوهم وَقد تبين للنَّاس ذَلِك حِين قَالَ الله: {أفتتخذونه وَذريته أَوْلِيَاء من دوني} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ إِبْلِيس رَئِيسا من الْمَلَائِكَة فِي سَمَاء الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن مَنْصُور قَالَ: كَانَت الْمَلَائِكَة تقَاتل الْجِنّ فسبي إِبْلِيس وَكَانَ صَغِيرا فَكَانَ مَعَ الْمَلَائِكَة فتعبد مَعهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: كَانَ إِبْلِيس من الْجِنّ الَّذين طردتهم الْمَلَائِكَة فَأسرهُ بعض الْمَلَائِكَة فَذهب بِهِ إِلَى السَّمَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِلَّا إِبْلِيس كَانَ من الْجِنّ} قَالَ: أجن من طَاعَة الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما لعن إِبْلِيس تَغَيَّرت صورته عَن صُورَة الْمَلَائِكَة فجزع لذَلِك فرن رنة فَكل رنة فِي الدُّنْيَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة من رنته وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن نوف قَالَ كَانَ إِبْلِيس رَئِيس سَمَاء الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ففسق عَن أَمر ربه} قَالَ: فِي السُّجُود لآدَم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ أَنه سُئِلَ عَن إِبْلِيس هَل لَهُ زَوْجَة فَقَالَ: إِن ذَلِك الْعرس مَا سَمِعت بِهِ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أفتتخذونه وَذريته} قَالَ: ولد إِبْلِيس خَمْسَة: ثبر والأعور وزلنبور ومسوط وداسم فمسوط صَاحب الصخب والأعور وداسم لَا أَدْرِي مَا يفْعَلَانِ والثبر صَاحب المصائب وزلنبور الَّذِي يفرق بَين النَّاس ويبصر الرجل عُيُوب أَهله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أفتتخذونه وَذريته} قَالَ: باض إِبْلِيس خمس بيضات: زلنبور وداسم وثبر ومسوط والأعور فَأَما الْأَعْوَر فَصَاحب الزِّنَا وَأما ثبر فَصَاحب المصائب وَأما مسوط فَصَاحب أَخْبَار الْكَذِب يلقيها على أَفْوَاه النَّاس وَلَا يَجدونَ لَهَا أصلا وَأما داسم فَهُوَ صَاحب الْبيُوت إِذا دخل بَيته وَلم يسلم دخل مَعَه وَإِذا أكل مَعَه ويريه من

مَتَاع الْبَيْت مَا لَا يُحْصى مَوْضِعه وَأما زلنبور فَهُوَ صَاحب الْأَسْوَاق وَيَضَع رَأسه فِي كل سوق بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أفتتخذونه وَذريته} قَالَ: هم أَوْلَاده يتوالدون كَمَا يتوالد بَنو آدم وهم أَكثر عددا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان قَالَ: باض إِبْلِيس خمس بيضات: وَذريته من ذَلِك قَالَ: وَبَلغنِي أَنه يجْتَمع على مُؤمن وَاحِد أَكثر من ربيعَة وَمُضر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {بئس للظالمين بَدَلا} قَالَ بئْسَمَا استبدلوا بِعبَادة رَبهم إِذْ أطاعوا إِبْلِيس لَعنه الله تَعَالَى الْآيَة 51 - 52

51

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {مَا أشهدتهم خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَلَا خلق أنفسهم} قَالَ: يَقُول مَا أشهدت الشَّيَاطِين الَّذين اتخذتم معي هَذَا {وَمَا كنت متخذ المضلين} قَالَ: الشَّيَاطِين {عضداً} قَالَ: وَلَا اتخذتهم عضداً على شَيْء عضدوني عَلَيْهِ فأعانوني وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمَا كنت متخذ المضلين عضداً} قَالَ: أعواناً وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَمَا كنت متخذ المضلين عضداً} قَالَ: أعواناً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا بَينهم موبقاً} يَقُول: مهْلكا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {موبقاً} يَقُول: مهْلكا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {موبقاً} قَالَ: وَاد فِي جَهَنَّم وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا بَينهم موبقاً} قَالَ: وَاد فِي جَهَنَّم من قيح وَدم وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا بَينهم موبقاً} قَالَ: هُوَ وَاد عميق فِي النَّار فرق الله بِهِ يَوْم الْقِيَامَة بَين أهل الْهدى والضلالة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو الْبكالِي قَالَ: الموبق الَّذِي ذكر الله وَاد فِي النَّار بعيد القعر يفرق بِهِ يَوْم الْقِيَامَة بَين أهل الْإِسْلَام وَبَين من سواهُم من النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {موبقاً} قَالَ: هُوَ نهر فِي النَّار يسيل نَارا على حافتيه حيات أَمْثَال البغال الدهم فَإِذا ثارت إِلَيْهِم لتأخذهم اسْتَغَاثُوا بالإقتحام فِي النَّار مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: إِن فِي النَّار أَرْبَعَة أَوديَة يعذب الله بهَا أَهلهَا: غليظ وموبق وأثام وغي الْآيَة 53 - 54

53

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فظنوا أَنهم مواقعوها} قَالَ: علمُوا وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصلى الله عَلَيْهِ وسلمححه وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ينصب الْكَافِر يَوْم الْقِيَامَة مِقْدَار خمسين ألف سنة كَمَا لم يعْمل فِي الدُّنْيَا وَأَن الْكَافِر ليرى جَهَنَّم ويظن أَنَّهَا مواقعته من مسيرَة أَرْبَعِينَ سنة وَالله أعلم

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طرقه وَفَاطِمَة لَيْلًا فَقَالَ: أَلا تصليان فَقلت: يَا رَسُول الله إِنَّمَا أَنْفُسنَا بيد الله إِن شَاءَ أَن يبعثنا بعثنَا وَانْصَرف حِين قلت ذَلِك وَلم يرجع إِلَيّ شَيْئا ثمَّ سمعته بِضَرْب فَخذه وَيَقُول: {وَكَانَ الْإِنْسَان أَكثر شَيْء جدلاً} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {وَكَانَ الْإِنْسَان أَكثر شَيْء جدلاً} قَالَ: الجدل الْخُصُومَة خُصُومَة الْقَوْم لآنبيائهم وردهم عَلَيْهِم مَا جاؤوا بِهِ وكل شَيْء فِي الْقُرْآن من ذكر الجدل فَهُوَ من ذَلِك الْوَجْه فِيمَا يخاصمونهم من دينهم يردون عَلَيْهِم مَا جاؤوا بِهِ وَالله أعلم الْآيَة 55 - 59

55

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِلَّا أَن تأتيهم سنة الأوّلين} قَالَ: عُقُوبَة الْأَوَّلين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ {أَو يَأْتِيهم الْعَذَاب قبلا} قَالَ: قبائل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أَو يَأْتِيهم الْعَذَاب قبلا} قَالَ: فَجْأَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَنه قَرَأَ {أَو يَأْتِيهم الْعَذَاب قبلا} أَي عيَانًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش فِي قَوْله: {قبلا} قَالَ: جهاراً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {أَو يَأْتِيهم الْعَذَاب قبلا} قَالَ: مقابلهم فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَنسي مَا قدمت يَدَاهُ} أَي نسي مَا سلف من الذُّنُوب الْكَثِيرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {بِمَا كسبوا} يَقُول: بِمَا علمُوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {بل لَهُم موعد} قَالَ: الْموعد يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لن يَجدوا من دونه موئلاً} قَالَ: ملْجأ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لن يَجدوا من دونه موئلاً} قَالَ: مجوزاً وَفِي قَوْله: {وَجَعَلنَا لمهلكهم موعداً} قَالَ: أَََجَلًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَبَّاس بن عزوان أسْندهُ فِي قَوْله: {وَتلك الْقرى أهلكناهم لما ظلمُوا وَجَعَلنَا لمهلكهم موعداً} قَالَ: قضى الله الْعقُوبَة حِين عصي ثمَّ أَخّرهَا حَتَّى جَاءَ أجلهَا ثمَّ أرسلها

الْآيَة 60 - 82

60

أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق ابْن سمْعَان عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول فِي هَذِه الْآيَة {وَإِذ قَالَ مُوسَى لفتاه لَا أَبْرَح} يَقُول: لَا أَنْفك وَلَا أَزَال {حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين} يَقُول: ملتقى الْبَحْرين {أَو أمضي حقباً} يَقُول: أَو أمضي سبعين خَرِيفًا {فَلَمَّا بلغا مجمع بَينهمَا} يَقُول: بَين الْبَحْرين {نسيا حوتهما} يَقُول: ذهب مِنْهُمَا وأخطأهما وَكَانَ حوتاً مليحاً مَعَهُمَا يحملانه فَوَثَبَ من المكتل إِلَى المَاء فَكَانَ {سَبيله فِي الْبَحْر سرباً} فأنسى الشَّيْطَان فَتى مُوسَى أَن يذكرهُ وَكَانَ فَتى مُوسَى يُوشَع بن نون {وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا} يَقُول: مُوسَى عجب من أثر الْحُوت ودوراته الَّتِي غَار فِيهَا {قَالَ ذَلِك مَا كُنَّا نبغ} قَول مُوسَى: فَذَاك حَيْثُ أخْبرت أَنِّي أجد الْخضر حَيْثُ يفارقني الْحُوت {فارتدا على آثارهما قصصاً} يَقُول: اتبع مُوسَى ويوشع أثر الْحُوت فِي الْبَحْر وهم راجعان على سَاحل الْبَحْر {فوجدا عبدا من عبادنَا} يَقُول: فوجدا خضرًا {آتيناه رَحْمَة من عندنَا وعلمناه من لدنا علما} قَالَ الله تَعَالَى: (وَفَوق كل ذِي علم عليم) (يُوسُف آيَة 76) فصحب مُوسَى الْخضر وَكَانَ من شَأْنهمَا مَا قصّ الله فِي كِتَابه وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس أَن نَوْفًا الْبكالِي يزْعم أَن مُوسَى صَاحب الْخضر لَيْسَ مُوسَى صَاحب بني إِسْرَائِيل: قَالَ ابْن عَبَّاس: كذب عدوّ الله حَدثنَا أبي بن كَعْب أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بني إِسْرَائِيل فَسئلَ: أَي النَّاس أعلم فَقَالَ: أَنا فعتب الله عَلَيْهِ إِذْ لم يرد الْعلم إِلَيْهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن لي عبدا بمجمع الْبَحْرين وَهُوَ أعلم مِنْك قَالَ مُوسَى: يَا رب كَيفَ لي بِهِ قَالَ: تَأْخُذ مَعَك حوتاً تَجْعَلهُ فِي مكتل فَحَيْثُمَا فقدت الْحُوت فَهُوَ ثَم فَأخذ حوتاً فَجعله فِي مكتل ثمَّ انْطلق وَانْطَلق مَعَه فتاه يُوشَع بن نون حَتَّى إِذا أَتَيَا الصَّخْرَة وضعا رأسيهما فَنَامَا واضطرب الْحُوت فِي المكتل فَخرج مِنْهُ فَسقط فِي الْبَحْر {فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً} وَأمْسك الله عَن الْحُوت جرية المَاء فَصَارَ عَلَيْهِ مثل الطاق فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نسي صَاحبه أَن يخبرهه بالحوت فَانْطَلقَا بَقِيَّة يومهما وليلتهما حَتَّى إِذا كَانَ من الْغَد

قَالَ مُوسَى {لفتاه آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} قَالَ: وَلم يجد مُوسَى النصب حَتَّى جَاوز الْمَكَان الَّذِي أمره الله بِهِ فَقَالَ لَهُ فتاه: {أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا} قَالَ: فَكَانَ للحوت سرباً ولموسى ولفتاه عجبا فَقَالَ مُوسَى {ذَلِك مَا كُنَّا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا} قَالَ سُفْيَان: يزْعم نَاس أَن تِلْكَ الصَّخْرَة عِنْدهَا عين الْحَيَاة وَلَا يُصِيب مَاؤُهَا مَيتا إِلَّا عَاشَ قَالَ: وَكَانَ الْحُوت قد أكل مِنْهُ فَلَمَّا قطر عَلَيْهِ المَاء عَاشَ قَالَ: فَرَجَعَا يقصان آثارهما حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَة فَإِذا رجل مسجى بِثَوْب فَسلم عَلَيْهِ مُوسَى فَقَالَ الْخضر: وأنى بأرضك السَّلَام قَالَ: أَنا مُوسَى قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل قَالَ: نعم أَتَيْتُك لتعلمني مِمَّا علمت رشدا {قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} يَا مُوسَى إِنِّي على علم من علم الله علمنيه لَا تعلَمُهُ أَنْت وَأَنت على علم من علم الله علمك الله لَا أعلمهُ فَقَالَ مُوسَى {ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا} فَقَالَ لَهُ الْخضر {فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا فَانْطَلقَا} يمشيان على سَاحل الْبَحْر فمرت بهم سفينة فَكَلمُوهُمْ أَن يحملوهم فعرفوا الْخضر فَحَمَلُوهُ بِغَيْر نول فَلَمَّا ركبُوا فِي السَّفِينَة فَلم يفجأه إِلَّا وَالْخضر قد قلع لوحاً من أَلْوَاح السَّفِينَة بالقدوم فَقَالَ لَهُ مُوسَى: قوم حملونا بِغَيْر نول عَمَدت إِلَى سفينتهم فخرقتها لتغرق أَهلهَا {لقد جِئْت شَيْئا إمرا} فَقَالَ: {ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا قَالَ لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَت الأولى من مُوسَى نِسْيَانا قَالَ: وَجَاء عُصْفُور فَوَقع على حرف السَّفِينَة فَنقرَ فِي الْبَحْر نقرة فَقَالَ لَهُ الْخضر: مَا عَلمنِي وَمَا علمك من علم الله إِلَّا مثل مَا نقص هَذَا العصفور من هَذَا الْبَحْر ثمَّ خرجا من السَّفِينَة فَبَيْنَمَا هما يمشيان على السَّاحِل إِذْ أبْصر الْخضر غُلَاما يلْعَب مَعَ الغلمان فَأخذ الْخضر رَأسه بِيَدِهِ فاقتلعه فَقتله فَقَالَ لَهُ مُوسَى: {أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس لقد جِئْت شَيْئا نكراً قَالَ ألم أقل لَك إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} قَالَ: وَهَذِه أَشد من الأولى {قَالَ إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من لدني عذرا فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة استطعما أَهلهَا فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض} قَالَ: مائل فَأخذ الْخضر بِيَدِهِ هَكَذَا فأقامه فَقَالَ مُوسَى: قوم

أتيناهم فَلم يطعمونا وَلم يضيفونا {لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} فَقَالَ: {هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك سأنبئك بِتَأْوِيل مَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَدِدْنَا أَن مُوسَى كَانَ صَبر حَتَّى يقص الله علينا من خبرهما قَالَ سعيد بن جُبَير: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ وَكَانَ أمامهم ملك يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا وَكَانَ يقْرَأ وَأما الْغُلَام فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق آخر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: إِنَّا لعِنْد ابْن عَبَّاس فِي بَيته إِذْ قَالَ: سلوني قلت: أَي أَبَا عَبَّاس جعلني الله فداءك بِالْكُوفَةِ رجل قاص يُقَال لَهُ نوف يزْعم أَنه [] لَيْسَ بمُوسَى بني إِسْرَائِيل قَالَ: كذب عدوّ الله حَدثنِي أبيّ بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ذكر النَّاس يَوْمًا حَتَّى إِذا فاضت الْعُيُون ورقت الْقُلُوب ولّى فأدركه رجل فَقَالَ: أَي رَسُول الله هَل فِي الأَرْض أحد أعلم مِنْك قَالَ: لَا فعتب الله عَلَيْهِ إِذْ لم يرد الْعلم إِلَى الله تَعَالَى قيل: بلَى قَالَ: أَي رب فَأَيْنَ قَالَ: بمجمع الْبَحْرين قَالَ: أَي رب اجْعَل لي علما أعلم بِهِ ذَلِك قَالَ: خُذ حوتاً مَيتا حَيْثُ ينْفخ فِيهِ الرّوح فَأخذ حوتاً فَجعله فِي مكتل فَقَالَ لفتاه: لَا أكلفك إِلَّا أَن تُخبرنِي بِحَيْثُ يفارقك الْحُوت قَالَ: مَا كلفت كثيرا قَالَ: فَبينا هُوَ فِي ظلّ صَخْرَة فِي مَكَان سريان [] أَن تضرب الْحُوت ومُوسَى نَائِم فَقَالَ فتاه: لَا أوقظه حَتَّى إِذا اسْتَيْقَظَ نسي أَن يُخبرهُ وتضرب الْحُوت حَتَّى دخل الْبَحْر فَأمْسك الله عَنهُ جرية الْبَحْر حَتَّى كَانَ أَثَره فِي حجر قَالَ مُوسَى {لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} قَالَ: قد قطع الله عَنْك النصب فَرَجَعَا فوجدا خضرًا على طنفسة خضراء على كبد الْبَحْر مسجى ثَوْبه قد جعل طرفه تَحت رجلَيْهِ وطرفه تَحت رَأسه فَسلم عَلَيْهِ مُوسَى فكسف عَن وَجهه وَقَالَ: هَل بِأَرْض من سَلام من أَنْت قَالَ: أَنا مُوسَى قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل قَالَ: نعم قَالَ: فَمَا شَأْنك قَالَ: جِئْت لتعلمني مِمَّا علمت رشدا قَالَ: أما يَكْفِيك أَن التَّوْرَاة بيديك وَأَن الْوَحْي يَأْتِيك يَا مُوسَى إِن لي علما لَا يَنْبَغِي أَن تعلمه وَإِن لَك علما لَا يَنْبَغِي لي أعلمهُ فَأخذ طَائِر بمنقاره من الْبَحْر فَقَالَ: وَالله مَا علمي وعلمك فِي جنب علم الله إِلَّا كَمَا أَخذ الطير منقاره من

الْبَحْر حَتَّى إِذا ركبا فِي السَّفِينَة وجدا معابر صغَارًا تحمل أهل السَّاحِل إِلَى أهل هَذَا السَّاحِل الآخر فعرفوه فَقَالُوا: عبد الله الصَّالح لَا نحمله بِأَجْر فخرقها ووتد فِيهَا وتداً قَالَ مُوسَى {أخرقتها لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمرا قَالَ ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} كَانَت الأولى نِسْيَانا والوسطة وَالثَّالِثَة عمدا {لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا لقيا غُلَاما فَقتله} وَوجد غلماناً يَلْعَبُونَ فَأخذ غُلَاما كَافِرًا ظريفاً فأضجعه ثمَّ ذبحه بالسكين فَقَالَ: {أقتلت نفسا زكية} لم تعْمل الْحِنْث قَالَ ابْن عَبَّاس قَرَأَهَا: {زكية} زاكية مسلمة كَقَوْلِك: غُلَاما زكياً {فَانْطَلقَا} {فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض فأقامه} قَالَ: بِيَدِهِ هَكَذَا وَرفع يَده فاستقام {قَالَ لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} قَالَ: أجر تَأْكُله {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك} قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس وَكَانَ أمامهم ملك يَزْعمُونَ مدد بن ندد والغلام الْمَقْتُول اسْمه يَزْعمُونَ جيسور {ملك يَأْخُذ كل سفينة} صَالِحَة {غصبا} فَأَرَدْت إِذا هِيَ مرت بِهِ أَن يَدعهَا لعيبها فَإِذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بهَا وَمِنْهُم من يَقُول سدوها بالقار (فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين) وَكَانَ كَافِرًا {فَخَشِينَا أَن يرهقهما طغياناً وَكفرا} أَي يحملهما حبه على أَن يتابعاه على دينه {فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما} هما بِهِ أرْحم مِنْهُمَا بِالْأولِ الَّذِي قَتله خضر وَزعم غير سعيد أَنَّهُمَا أُبْدِلا جَارِيَة وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس وَكُنَّا عِنْده فَقَالَ الْقَوْم: إِن نَوْفًا الشَّامي يزْعم أَن الَّذِي ذهب يطْلب الْعلم لَيْسَ بمُوسَى بني إِسْرَائِيل فَكَانَ ابْن عَبَّاس مُتكئا فَاسْتَوَى جَالِسا فَقَالَ: كذب نوف حَدثنِي أبي بن كَعْب أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: رَحْمَة الله علينا وعَلى مُوسَى لَوْلَا أَنه عجل واستحيا وأخذته دمامة من صَاحبه فَقَالَ لَهُ: إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي لرَأى من صَاحبه عجبا قَالَ: وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذكر نَبيا من الْأَنْبِيَاء بَدَأَ بِنَفسِهِ فَقَالَ: رَحْمَة الله علينا وعَلى صَالح وَرَحْمَة الله علينا وعَلى أخي عَاد ثمَّ قَالَ: إِن مُوسَى بَينا هُوَ يخْطب قومه ذَات يَوْم إِذْ قَالَ لَهُم: مَا فِي الأَرْض أحد أعلم مني فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن فِي الأَرْض من هُوَ أعلم مِنْك وَآيَة ذَلِك أَن تزوّد حوتاً مالحاً فَإِذا فقدته فَهُوَ حيت تفقده فتزوّد حوتاً مالحاً فَانْطَلق هُوَ وفتاه حَتَّى إِذا بلغا الْمَكَان الَّذِي أمروا بِهِ

فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى الصَّخْرَة انْطلق مُوسَى يطْلب وَوضع فتاه الْحُوت على الصَّخْرَة فاضطرب {فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً} قَالَ فتاه: إِذا جَاءَ نَبِي الله حدثته فأنساه الشَّيْطَان فَانْطَلقَا فَأَصَابَهُ مَا يُصِيب الْمُسَافِر من النصب والكلال حِين جَاوز مَا أَمر بِهِ فَقَالَ مُوسَى: {لفتاه آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} قَالَ فتاه: يَا نَبِي الله {أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت} أَن أحَدثك {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَان} {فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً} {قَالَ ذَلِك مَا كُنَّا نبغ} [نبغي] فَرَجَعَا {على آثارهما قصصاً} يقصان الْأَثر حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَة فأطاف فَإِذا هُوَ بِرَجُل مسجى بِثَوْب فَسلم عَلَيْهِ فَرفع رَأسه فَقَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: مُوسَى قَالَ: من مُوسَى قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل قَالَ: فَمَا لَك قَالَ: أخْبرت أَن عنْدك علما فَأَرَدْت أَن أصحبك {قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} {قَالَ ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا} قَالَ: {وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا} قَالَ: قد أمرت أَن أَفعلهُ {قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا ركبا فِي السَّفِينَة} فَخرج من كَانَ فِيهَا وتخلف ليخرقها فَقَالَ لَهُ مُوسَى: تخرقها {لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمرا قَالَ ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا قَالَ لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً} فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَوا على غلْمَان يَلْعَبُونَ على سَاحل الْبَحْر وَفِيهِمْ غُلَام لَيْسَ فِي الغلمان أحسن وَلَا ألطف مِنْهُ فَأَخذه فَقتله فنفر مُوسَى عِنْد ذَلِك وَقَالَ {أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس لقد جِئْت شَيْئا نكراً قَالَ ألم أقل لَك إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} قَالَ: فَأَخَذته دمامة من صَاحبه واستحيا فَقَالَ {إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من لدني عذرا فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة} وَقد أصَاب مُوسَى جهد شَدِيد فَلم يُضَيِّفُوهُمَا {فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض فأقامه} قَالَ لَهُ مُوسَى مِمَّا نزل بِهِ من الْجهد: {لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا قَالَ هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك سأنبئك بِتَأْوِيل مَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا} فَأخذ مُوسَى بِطرف ثَوْبه فَقَالَ حَدثنِي {أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر} {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة غصبا} فَإِذا مر عَلَيْهَا فرآها منخرقة تَركهَا ورقعها أَهلهَا بِقِطْعَة من خشب فانتفعوا بهَا

وَأما الْغُلَام فَإِنَّهُ كَانَ طبع يَوْم طبع كَافِرًا وَكَانَ قد ألقِي عَلَيْهِ محبَّة من أَبَوَيْهِ وَلَو عصياه شَيْئا لأرهقهما طغياناً وَكفرا فَأَرَادَ رَبك أَن يبدلهما {خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما} فَوَقع أَبوهُ على أمه فعلقت خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما وَأخرج من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَلَست عِنْد ابْن عَبَّاس - وَعِنْده نفر من أهل الْكتاب - فَقَالَ بَعضهم: إِن نَوْفًا يزْعم عَن أبي بن كَعْب إِن مُوسَى النَّبِي الَّذِي طلب الْعلم إِنَّمَا هُوَ مُوسَى بن مِيشَا فَقَالَ ابْن عَبَّاس: كذب نوف حَدثنِي أبي بن كَعْب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن مُوسَى بني إِسْرَائِيل سَأَلَ ربه فَقَالَ: أَي رب إِن كَانَ فِي عِبَادك أحد أعلم مني فدلني قَالَ: نعم فِي عبَادي من هُوَ أعلم مِنْك فنعت لَهُ مَكَانَهُ فَأذن لَهُ فِي لقِيه فَخرج مُوسَى وَمَعَهُ فتاه وَمَعَهُ حوت مليح قد قيل: إِذا حييّ هَذَا الْحُوت فِي مَكَان فصاحبك هُنَالك وَقد أدْركْت حَاجَتك فَخرج مُوسَى وَمَعَهُ فتاه وَمَعَهُ ذَلِك الْحُوت يحملانه فَسَار حَتَّى جهده السّير وانْتهى إِلَى الصَّخْرَة وَإِلَى ذَلِك المَاء مَاء الْحَيَاة من شرب مِنْهُ خلد وَلَا يُقَارِبه شَيْء ميت إِلَّا حييّ فَلَمَّا نزلا وَمَسّ الْحُوت المَاء حييّ {فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً} فَانْطَلقَا {فَلَمَّا جاوزا قَالَ} مُوسَى {لفتاه آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} قَالَ الْفَتى وَذكر {أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا} قَالَ ابْن عَبَّاس: فَظهر مُوسَى على الصَّخْرَة حِين انتهيا إِلَيْهَا فَإِذا رجل ملتف فِي كسائه فَسلم مُوسَى عَلَيْهِ فَرد عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ لَهُ: مَا جَاءَ بك إِن كَانَ لَك فِي قَوْمك لشغل قَالَ لَهُ مُوسَى: جئْتُك لتعلمني مِمَّا علمت رشدا {قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} وَكَانَ رجلا يعلم علم الْغَيْب قد علم ذَلِك فَقَالَ مُوسَى: بلَى قَالَ: {وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا} أَي أَن مَا تعرف ظَاهرا مَا ترى من الْعدْل وَلم تحط من علم الْغَيْب بِمَا أعلم {قَالَ ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا} وَإِن رَأَيْت مَا يخالفني {قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا} فَانْطَلقَا يمشيان على سَاحل الْبَحْر يتعرضان النَّاس يلتمسان من يحملهما حَتَّى مرت بهما سفينة جَدِيدَة وَثِيقَة لم يمر بهما من السفن شَيْء أحسن مِنْهَا وَلَا أجمل وَلَا أوثق مِنْهَا فسألا أَهلهَا أَن يحملوهما فحملوهما فَلَمَّا اطمأنا فِيهَا ولجت بهما مَعَ أَهلهَا أخرج منقاراً لَهُ ومطرقة ثمَّ عمد إِلَى نَاحيَة مِنْهَا فَضرب فِيهَا بالمنقار حَتَّى

خرقها ثمَّ أَخذ لوحاً فطبقه عَلَيْهَا ثمَّ جلس عَلَيْهَا يرقعها فَقَالَ لَهُ مُوسَى - وَرَأى أمرا أفظع بِهِ - {أخرقتها لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمرا قَالَ ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا قَالَ لَا تؤاخذني بِمَا نسيت} أَي بِمَا تركت من عَهْدك {وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً} ثمَّ خرجا من السَّفِينَة فَانْطَلقَا حَتَّى أَتَيَا قَرْيَة فَإِذا غلْمَان يَلْعَبُونَ فيهم غُلَام لَيْسَ فِي الغلمان غُلَام أظرف مِنْهُ وَلَا أوضأ مِنْهُ فَأخذ بِيَدِهِ وَأخذ حجرا فَضرب بِهِ رَأسه حَتَّى دمغه فَقتله فرآى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أمرا فظيعاً لَا صَبر عَلَيْهِ صبي صَغِير قَتله لَا ذَنْب لَهُ {قَالَ أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس} أَي صَغِيرَة {لقد جِئْت شَيْئا نكراً قَالَ ألم أقل لَك إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا قَالَ إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من لدني عذرا} أَي قد عذرت فِي شأني {فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة استطعما أَهلهَا فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض} فهدمه ثمَّ قعد يبنيه فضجر مُوسَى مِمَّا يرَاهُ يصنع من التَّكْلِيف وَمَا لَيْسَ عَلَيْهِ صَبر فَقَالَ {لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} أَي قد استطعمناهم فَلم يطعمونا واستضفناهم فَلم يُضَيِّفُوهُمَا ثمَّ قعدت تعْمل فِي غير صَنِيعَة وَلَو شِئْت لأعطيت عَلَيْهِ أجرا فِي عَمَلك {قَالَ هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك سأنبئك بِتَأْوِيل مَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر فَأَرَدْت أَن أعيبها وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة} صَالِحَة {غصبا} - فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب كل سفينة صَالِحَة وَإِنَّمَا عيبها لطرده عَنْهَا فَسَلِمَتْ مِنْهُ حِين رأى الْعَيْب الَّذِي صنعت بهَا {وَأما الْغُلَام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين فَخَشِينَا أَن يرهقهما طغياناً وَكفرا فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما وَأما الْجِدَار فَكَانَ لغلامين يتيمين فِي الْمَدِينَة وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا فَأَرَادَ رَبك أَن يبلغَا أشدهما ويستخرجا كنزهما رَحْمَة من رَبك وَمَا فعلته عَن أَمْرِي} أَي مَا فعلته عَن نَفسِي {ذَلِك تَأْوِيل مَا لم تسطع عَلَيْهِ صبرا} فَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: مَا كَانَ الْكَنْز إِلَّا علما وَأخرج ابْن عَسَاكِر من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَامَ مُوسَى خَطِيبًا لنَبِيّ إِسْرَائِيل فأبلغ فِي الْخطْبَة وَعرض فِي نَفسه أَن أحدا لم يُؤْت من الْعلم مَا أُوتِيَ وعَلِمَ الله الَّذِي حدث نَفسه من ذَلِك فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى إِن من عبَادي من قد آتيته من الْعلم مَا لم أوتك قَالَ: فادللني عَلَيْهِ

حَتَّى أتعلم مِنْهُ قَالَ: يدلك عَلَيْهِ بعض زادك فَقَالَ لفتاه يُوشَع {لَا أَبْرَح حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين أَو أمضي حقباً} قَالَ: فَكَانَ فِيمَا تزوداه حوت مملوح وَكَانَا يصيبان مِنْهُ عِنْد الْعشَاء والغداء فَلَمَّا انتهيا إِلَى الصَّخْرَة على سَاحل الْبَحْر وضع فتاه المكتل على سَاحل الْبَحْر فَأصَاب الْحُوت ندى المَاء فَتحَرك فِي المكتل فَقلب المكتل وأسرب فِي الْبَحْر فَلَمَّا جَاوز أحضر الْغَدَاء فَقَالَ: {آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} فَذكر الْفَتى {قَالَ أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا} فَذكر مُوسَى مَا كَانَ عهد إِلَيْهِ إِنَّه يدلك عَلَيْهِ بعض زادك {قَالَ ذَلِك مَا كُنَّا نبغ} أَي هَذِه حاجتنا {فارتدا على آثارهما قصصاً} يقصان آثارهما حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَة الَّتِي فعل فِيهَا الْحُوت مَا فعل فأبصر مُوسَى أثر الْحُوت فأخذا أثر الْحُوت يمشيان على المَاء حَتَّى انتهيا إِلَى جَزِيرَة من جزائر الْعَرَب {فوجدا عبدا من عبادنَا آتيناه رَحْمَة من عندنَا وعلمناه من لدنا علما قَالَ لَهُ مُوسَى هَل أتبعك على أَن تعلمن مِمَّا عُلِّمت رشدا} فَأقر لَهُ بِالْعلمِ {قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا قَالَ ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا} يَقُول: حَتَّى أكون أَنا أحدث ذَلِك لَك {فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا ركبا فِي السَّفِينَة خرقها قَالَ أخرقتها لتغرق أهلَهَا} إِلَى قَوْله: {فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا لقيا غُلَاما} على سَاحل الْبَحْر فِي غلْمَان يَلْعَبُونَ فعهد إِلَى أجودهم وأصبحهم {فَقتله قَالَ أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس لقد جِئْت شَيْئا نكراً قَالَ ألم أقل لَك إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} قَالَ ابْن عَبَّاس: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فاستحى نَبِي الله مُوسَى عِنْد ذَلِك فَقَالَ: {إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي قد بلغت من لدني عذرا فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة استطعما أهلَهَا} إِلَى قَوْله: {سأنبئك بِتَأْوِيل مَا لم تستطع عَلَيْهِ صبرا أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر فَأَرَدْت أَن أعيبها وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة غصبا} قَالَ: وَهِي فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا فَأَرَدْت أَن أعيبها حَتَّى لَا يَأْخُذهَا الْملك فَإِذا جاوزوا الْملك رقعوها فانتفعوا بهَا وَبقيت لَهُم {وَأما الْغُلَام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين} إِلَى قَوْله: {ذَلِك تَأْوِيل مَا لم تسطع عَلَيْهِ صبرا} قَالَ: فجَاء طَائِر هَذِه الْحمرَة فَبلغ فَجعل بغمس منقاره فِي

الْبَحْر فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى مَا يُوقَ هَذَا الطَّائِر قَالَ: لَا أَدْرِي قَالَ: هَذَا يَقُول: مَا علمكما الَّذِي تعلمان فِي علم الله إِلَّا كَمَا أنقص بمنقاري من جَمِيع مَا فِي هَذَا الْبَحْر وَأخرج الرَّوْيَانِيّ وَابْن عَسَاكِر من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَيْنَمَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يذكر بني إِسْرَائِيل إِذْ حدث نَفسه أَنه لَيْسَ أحد من النَّاس أعلم مِنْهُ فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي قد علمت مَا حدثت بِهِ نَفسك فَإِن من عبَادي رجلا أعلم مِنْك يكون على سَاحل الْبَحْر فأته فتعلم مِنْهُ وَاعْلَم أَن الْآيَة الدَّالَّة لَك على مَكَانَهُ زادك الَّذِي تزوّد بِهِ فأينما فقدته فهناك مَكَانَهُ ثمَّ خرج مُوسَى وفتاه قد حملا حوتاً مالحاً فِي مكتل وخرجا يمشيان لَا يجدان لغوبا وَلَا عنتاً حَتَّى انتهيا إِلَى الْعين الَّتِي كَانَ يشرب مِنْهَا الْخضر فَمضى مُوسَى وَجلسَ فتاه فَشرب مِنْهَا فَوَثَبَ الْحُوت من المكتل حَتَّى وَقع فِي الطين ثمَّ جرى حَتَّى وَقع فِي الْبَحْر فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: {فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً} فَانْطَلق حَتَّى لحق مُوسَى فَلَمَّا لحقه أدْركهُ العياء فَجَلَسَ وَقَالَ لفتاه {آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} قَالَ: ففقد الْحُوت فَقَالَ: {فَإِنِّي نسيت الْحُوت} الْآيَة يَعْنِي فَتى مُوسَى {وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا قَالَ ذَلِك مَا كُنَّا نبغ} إِلَى {قصَصَا} فَانْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَة فأطاف بهَا مُوسَى فَلم ير شَيْئا ثمَّ صعد فَإِذا على ظهرهَا رجل متلفف بكسائه نَائِم فَسلم عَلَيْهِ مُوسَى فَرفع رَأسه فَقَالَ: أَنى السَّلَام بِهَذَا الْمَكَان من أَنْت قَالَ: مُوسَى بني إِسْرَائِيل قَالَ: فَمَا كَانَ لَك فِي قَوْمك شغل عني قَالَ: إِنِّي أمرت بك فَقَالَ الْخضر: {إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} {قَالَ ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا} الْآيَة {قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا} فَخَرَجَا يمشيان حَتَّى انتهيا إِلَى سَاحل الْبَحْر فَإِذا قوم قد ركبُوا فِي سفينة يُرِيدُونَ أَن يقطعوا الْبَحْر ركبُوا مَعَهم فَلَمَّا كَانُوا فِي نَاحيَة الْبَحْر أَخذ الْخضر حَدِيدَة كَانَت مَعَه فخرق بهَا السَّفِينَة {قَالَ أخرقتها لتغرق أَهْلَهَا} الْآيَة {قَالَ ألم أقل} الْآيَة {قَالَ لَا تؤاخذني} الْآيَة {فَانْطَلقَا حَتَّى إِذا أَتَيَا أهل قَرْيَة} فوجدا صبياناً يَلْعَبُونَ يُرِيدُونَ الْقرْيَة فَأخذ الْخضر غُلَاما مِنْهُم وَهُوَ أحْسنهم وألطفهم فَقتله قَالَ لَهُ مُوسَى: {أقتلت نفسا زكية} الْآيَة {قَالَ ألم أقل لَكَ} الْآيَة {قَالَ إِن سَأَلتك} الْآيَة فَانْطَلقَا حَتَّى انتهيا إِلَى قَرْيَة لئام

وَبِهِمَا جهد فاستطعموهم فَلم يطعموهم فَرَأى الْجِدَار مائلاً فمسحه الْخضر بِيَدِهِ فَاسْتَوَى فَقَالَ: {لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} قَالَ لَهُ مُوسَى: قد ترى جهدنا وحاجتنا لَو سَأَلتهمْ عَلَيْهِ أجرا أعطوك فنتعشى بِهِ {قَالَ هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك} قَالَ: فَأخذ مُوسَى بِثَوْبِهِ فَقَالَ: أنْشدك الصُّحْبَة إِلَّا أَخْبَرتنِي عَن تَأْوِيل مَا رَأَيْت قَالَ: {أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر} الْآيَة خرقتها لأعيبها فَلم تُؤْخَذ فأصلحها أَهلهَا فامتنعوا بهَا وَأما الْغُلَام فَإِن الله جعله كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين فَلَو عَاشَ لأرهقهما {طغياناً وَكفرا فأردنا أَن يبدلهما ربهما خيرا مِنْهُ زَكَاة وَأقرب رحما وَأما الْجِدَار فَكَانَ لغلامين يتيمين فِي الْمَدِينَة} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما ظهر مُوسَى وَقَومه على مصر أنزل قومه بِمصْر فَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ بهم الدَّار أنزل الله (وَذكرهمْ بأيام الله) (إِبْرَاهِيم آيَة 5) فَخَطب قومه فَذكر مَا آتَاهُم الله من الْخَيْر وَالنَّعِيم وَذكرهمْ إِذْ نجاهم الله من آل فِرْعَوْن وَذكرهمْ هَلَاك عدوهم وَمَا استخلفهم الله فِي الأَرْض وَقَالَ كلم الله مُوسَى نَبِيكُم تكليماً وَاصْطَفَانِي لنَفسِهِ وَأنزل عليّ محبَّة مِنْهُ وآتاكم من كل شَيْء سألتموه فنبيكم أفضل أهل الأَرْض وَأَنْتُم تقرون الْيَوْم فَلم يتْرك نعْمَة أنعمها الله عَلَيْهِم إِلَّا عرفهم إِيَّاهَا فَقَالَ لَهُ رجل من بني إِسْرَائِيل: فَهَل على الأَرْض أعلم مِنْك يَا نَبِي الله قَالَ: لَا فَبعث الله جِبْرِيل إِلَى مُوسَى فَقَالَ: إِن الله يَقُول: وَمَا يدْريك أَيْن أَضَع علمي بلَى على سَاحل الْبَحْر رجل أعلم قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ الْخضر فَسَأَلَ مُوسَى ربه أَن يرِيه إِيَّاه فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن ائْتِ الْبَحْر فَإنَّك تَجِد على سَاحل الْبَحْر حوتاً مَيتا فَخذه فادفعه إِلَى فتاك ثمَّ الزم شط الْبَحْر فَإِذا نسيت الْحُوت وَذهب مِنْك فثم تَجِد العَبْد الصَّالح الَّذِي تطلب فَلَمَّا طَال صعُود مُوسَى وَنصب فِيهِ سَأَلَ فتاه عَن الْحُوت: {قَالَ أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ} لَك قَالَ الْفَتى لقد رَأَيْت الْحُوت حِين اتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سربا فأعجب ذَلِك فَرجع حَتَّى أَتَى الصَّخْرَة فَوجدَ الْحُوت فَجعل الْحُوت يضْرب فِي الْبَحْر ويتبعه مُوسَى يقدم

عَصَاهُ يفرج بهَا عَنهُ المَاء وَيتبع الْحُوت وَجعل الْحُوت لَا يمس شَيْئا من الْبَحْر إِلَّا يبس حَتَّى يكون صَخْرَة فَجعل نَبِي الله يعجب من ذَلِك حَتَّى انْتهى الْحُوت إِلَى جَزِيرَة من جزائر الْبَحْر فلقي الْخضر بهَا فسلّم عَلَيْهِ فَقَالَ الْخضر: وَعَلَيْك السَّلَام وأنى يكون هَذَا السَّلَام بِهَذَا الأَرْض وَمن أَنْت قَالَ: أَنا مُوسَى فَقَالَ لَهُ الْخضر: أصَاحب بني إِسْرَائِيل فَرَحَّبَ بِهِ وَقَالَ: مَا جَاءَ بك قَالَ: جئْتُك {على أَن تعلمن مِمَّا علمت رشدا قَالَ إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} يَقُول: لَا تطِيق ذَلِك قَالَ مُوسَى: {ستجدني إِن شَاءَ الله صَابِرًا وَلَا أعصي لَك أمرا} فَانْطَلق بِهِ وَقَالَ لَهُ: لَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء أصنعه حَتَّى أبين لَك شَأْنه فَذَلِك قَوْله: {حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والخطيب وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق هرون بن عنترة عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلَ مُوسَى ربه فَقَالَ: رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك قَالَ: الَّذِي يذكرنِي وَلَا ينساني قَالَ: فَأَي عِبَادك أقضى قَالَ: الَّذِي يقْضِي بِالْحَقِّ وَلَا يتبع الْهوى قَالَ: فأيّ عِبَادك أعلم قَالَ: الَّذِي يَبْتَغِي علم النَّاس إِلَى علمه عَسى أَن يُصِيب كلمة تهديه إِلَى هدى أَو ترده عَن ردى قَالَ: وَقد كَانَ حدث مُوسَى نَفسه أَنه لَيْسَ أحد أعلم مِنْهُ قَالَ: رب فَهَل أحد أعلم مني قَالَ: نعم قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ قيل لَهُ: عِنْد الصَّخْرَة الَّتِي عِنْدهَا الْعين فَخرج مُوسَى يَطْلُبهُ حَتَّى كَانَ مَا ذكر الله وانْتهى مُوسَى إِلَيْهِ عِنْد الصَّخْرَة فَسلم كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه فَقَالَ لَهُ مُوسَى: إِنِّي أُرِيد أَن تصحبني قَالَ: إِنَّك لن تطِيق صحبتي قَالَ: بلَى قَالَ: فَإِن صحبتني {فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا} فَسَار بِهِ فِي الْبَحْر حَتَّى انْتهى إِلَى محمع الْبَحْرين وَلَيْسَ فِي الْبَحْر مَكَان أَكثر مَاء مِنْهُ قَالَ: وَبعث الله الخطاف فَجعل يَسْتَقِي مِنْهُ بمنقاره فَقَالَ لمُوسَى: كم ترى هَذَا الخطاف رزأ بمنقاره من المَاء قَالَ: مَا أقل مَا رزأ قَالَ: فَإِن علمي وعلمك فِي علم الله كَقدْر مَا استقى هَذَا الخطاف من هَذَا المَاء وَذكر تَمام الحَدِيث فِي خرق السَّفِينَة وَقتل الْغُلَام وَإِصْلَاح الْجِدَار فَكَانَ قَول مُوسَى فِي الْجِدَار لنَفسِهِ شَيْئا من الدُّنْيَا وَكَانَ قَوْله فِي السَّفِينَة وَفِي الْغُلَام لله عز وَجل وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مقَاتل بن سُلَيْمَان عَن

الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْخضر ابْن آدم لصلبه ونسئ لَهُ فِي أَجله حَتَّى يكذب الدَّجَّال وَأخرج البُخَارِيّ وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا سمي الْخضر لِأَنَّهُ جلس على فَرْوَة بَيْضَاء فَإِذا هِيَ تهتز من خَلفه خضراء وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا سمي الْخضر خضرًا لِأَنَّهُ صلى على فَرْوَة بَيْضَاء فاهتزت خضراء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: إِنَّمَا سمي الْخضر لِأَنَّهُ إِذا صلى اخضر مَا حوله وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: حَدثنَا أَصْحَابنَا إِن آدم عَلَيْهِ السَّلَام لما حَضَره الْمَوْت جمع بنيه فَقَالَ: يَا بني إِن الله سينزل على أهل الأَرْض عذَابا فَلْيَكُن جَسَدِي مَعكُمْ فِي المغارة حَتَّى إِذا هبطتم فابعثوني وادفنوني بِأَرْض الشَّام فَكَانَ جسده مَعَهم فَلَمَّا بعث الله نوحًا ضم ذَلِك الْجَسَد وَأرْسل الله الطوفان على الأَرْض فغرقت الأَرْض زَمَانا فجَاء نوح حَتَّى نزل بابل وَأوصى بنيه الثَّلَاثَة - وهم سَام وَحَام وَيَافث - أَن يذهبوا بجسده إِلَى الْغَار الَّذِي أَمرهم أَن يدفنوه بِهِ فَقَالُوا: الأَرْض وحشية لَا أنيس بهَا وَلَا نهتدي لطريق وَلَكِن كفّ حَتَّى يعظم النَّاس ويكثروا فَقَالَ لَهُم نوح: إِن آدم قد دَعَا الله أَن يُطِيل عمر الَّذِي يدفنه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَلم يزل جَسَد آدم حَتَّى جَاءَ الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الَّذِي تولى دَفنه فأنجز الله لَهُ مَا وعده فَهُوَ يحيا مَا شَاءَ الله أَن يحيا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن الْمسيب: أَن الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام أمه رُومِية وَأَبوهُ فَارسي وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما لَقِي مُوسَى الْخضر جَاءَ طير فَألْقى منقاره فِي المَاء فَقَالَ الْخضر لمُوسَى: تَدْرِي مَا يَقُول هَذَا الطَّائِر قَالَ: وَمَا يَقُول قَالَ: يَقُول: مَا علمك وَعلم مُوسَى فِي علم الله إِلَّا كَمَا أَخذ منقاري من المَاء وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَزَّار وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الدَّرْدَاء فِي قَوْله: {وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما}

قَالَ: أحلّت لَهُم الْكُنُوز وَحرمت عَلَيْهِم الْغَنَائِم وَأحلت لنا الْغَنَائِم وَحرمت علينا الْكُنُوز وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَزَّار عَن أبي ذَر رَفعه قَالَ: إِن الْكَنْز الَّذِي ذكره الله فِي كِتَابه لوح من ذهب مضمن عجبت لمن أَيقَن بِالْقدرِ ثمَّ نصب وَعَجِبت لمن ذكر النَّار ثمَّ ضحك وَعَجِبت لمن ذكر الْمَوْت ثمَّ غفل لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ اللَّوْح الَّذِي ذكر الله تَعَالَى فِي كِتَابه {وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما} حجر منقوراً فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم عجبا لمن يعلم أَن الْقدر حق كَيفَ يحزن وعجباً لمن يعلم أَن الْمَوْت حق كَيفَ يفرح وعجباً لمن يرى الدُّنْيَا وغرورها وَتَقَلُّبهَا بِأَهْلِهَا كَيفَ يطمئن إِلَيْهَا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله وَأخرج الخرائطي فِي قمع الْحِرْص وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي حَازِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما} قَالَ: لوح من ذهب مَكْتُوب فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم عجبا لمن يعرف الْمَوْت كَيفَ يفرح وعجباً لمن يعرف النَّار كَيفَ يضْحك وعجباً لمن يعرف الدُّنْيَا وَتَقَلُّبهَا بِأَهْلِهَا كَيفَ يطمئن إِلَيْهَا وعجباً لمن أَيقَن بِالْقضَاءِ وَالْقدر كَيفَ ينصب فِي طلب الرزق وعجباً لمن يُؤمن بِالْحِسَابِ كَيفَ يعْمل الْخَطَايَا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما} قَالَ: لوح من ذهب مَكْتُوب فِيهِ: شهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا الله شهِدت أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله عجبت لمن يُؤمن بِالْقدرِ كَيفَ يحزن عجبت لمن يُؤمن بِالْمَوْتِ كَيفَ يفرح عجبت لمن تفكر فِي تقلب اللَّيْل وَالنَّهَار ويأمن فجأتهما حَالا فحالاً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما} قَالَ: مَا كَانَ ذَهَبا وَلَا فضَّة كَانَ صحفاً عَلَيْهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَول الله عز وَجل: {وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما} قَالَ: كَانَ لوح من ذهب مَكْتُوب فِيهِ: لَا إِلَه الله إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله عجبا لمن يذكر الْمَوْت حق كَيفَ يفرح وعجباً لمن يذكر أَن

النَّار حق كَيفَ يضْحك وعجباً لمن يذكر أَن الْقدر حق كَيفَ يحزن وعجباً لمن يرى الدُّنْيَا وتصرفها بِأَهْلِهَا حَالا بعد حَال كَيفَ يطمئن إِلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا} قَالَ: كَانَ يُؤَدِّي الْأَمَانَات والودائع إِلَى أَهلهَا وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا} قَالَ: حفظ الصّلاح لأبيهما وَمَا ذكر عَنْهُمَا صلاحاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله يصلح بصلاح الرجل وَلَده وَولد وَلَده ويحفظه فِي ذُريَّته وَالدُّوَيْرَاتِ حوله فَمَا يزالون فِي ستر من الله وعافية وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يصلح بصلاح الرجل الصَّالح وَلَده وَولد وَلَده وَأهل دويرات حوله فَمَا يزالون فِي حفظ الله مَا دَامَ فيهم وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر مَوْقُوفا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن كَعْب قَالَ: إِن الله يخلف العَبْد الْمُؤمن فِي وَلَده ثَمَانِينَ عَاما وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَيْنَمَا مُوسَى يُخَاطب الْخضر يَقُول: أَلَسْت نَبِي بني إِسْرَائِيل فقد أُوتيت من الْعلم مَا تكتفي بِهِ ومُوسَى يَقُول لَهُ: إِنِّي قد أمرت باتباعك وَالْخضر يَقُول: {إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} فَبَيْنَمَا هُوَ يخاطبه إِذْ جَاءَ عُصْفُور فَوَقع على شاطئ الْبَحْر فَنقرَ مِنْهُ نقرة ثمَّ طَار فَذهب فَقَالَ الْخضر لمُوسَى: يَا مُوسَى هَل رَأَيْت الطير أصَاب من الْبَحْر قَالَ: نعم قَالَ: مَا أصبتُ أَنا وَأَنت من الْعلم فِي علم الله إِلَّا بِمَنْزِلَة مَا أصَاب هَذَا الطير من هَذَا الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {لَا أَبْرَح حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين} قَالَ: حَتَّى إنتهي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {مجمع الْبَحْرين} قَالَ: بَحر فَارس وَالروم هما بَحر الْمشرق وَالْمغْرب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس مثله

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله: {مجمع الْبَحْرين} قَالَ: أفريقية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: {مجمع الْبَحْرين} قَالَ: طنجة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {مجمع الْبَحْرين} قَالَ: الْكر والرس حَيْثُ يصبَّانِ فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَو أمضي حقباً} قَالَ: دهراً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أَو أمضي حقباً} قَالَ: سبعين خَرِيفًا وَفِي قَوْله: {فَلَمَّا بلغا مجمع بَينهمَا} قَالَ: بَين الْبَحْرين {نسيا حوتهما} قَالَ: أضلاه فِي الْبَحْر {وَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر عجبا} قَالَ: مُوسَى يعجب من أثر الْحُوت ودوراته الَّتِي غَابَ فِيهَا {فارتدا على آثارهما قصصا} قَالَ: اتِّبَاع مُوسَى وفتاه أثر الْحُوت حَيْثُ يشق الْبَحْر رَاجِعين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {نسيا حوتهما} قَالَ: كَانَ مملوحاً مشقوق الْبَطن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً} قَالَ: أَثَره يَابِس فِي الْبَحْر كَأَنَّهُ حجر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا انجاب مَاء مُنْذُ كَانَ النَّاس غير بَيت مَاء الْحُوت دخل مِنْهُ صَار منجاباً كالكرة حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ مُوسَى فَرَأى إِمْسَاكه قَالَ: {ذَلِك مَا كُنَّا نبغ فارتدا على آثارهما قصصاً} أَي يقصان آثارهما حَتَّى انتهيا إِلَى مدْخل الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً} قَالَ: جَاءَ فَرَأى جناحيه فِي الطين حِين وَقع فِي المَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {فَاتخذ سَبيله فِي الْبَحْر سرباً} قَالَ: دخل الْحُوت فِي الْبَطْحَاء بعد مَوته حِين أَحْيَاهُ الله ثمَّ اتخذ فِيهَا سرباً حَتَّى وصل إِلَى الْبَحْر والسرب طَرِيق حَتَّى وصل إِلَى المَاء وَهِي بطحاء يابسة فِي الْبر بَعْدَمَا أكل مِنْهُ دهراً طَويلا وَهُوَ زَاده ثمَّ أَحْيَاهُ الله

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام شقّ الْحُوت وملحه وتغدى مِنْهُ وتعشى فَلَمَّا كَانَ من الْغَد {قَالَ لفتاه آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ فِي قِرَاءَة أُبي وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكر لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: أَتَى الْحُوت على عين فِي الْبَحْر يُقَال لَهَا عين الْحَيَاة فَلَمَّا أصَاب تِلْكَ الْعين ردّ الله إِلَيْهِ روحه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فارتدا على آثارهما قصصاً} قَالَ: عودهما على بدئهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فوجدا عبدا من عبادنَا} قَالَ: لقيا رجلا عَالما يُقَال لَهُ خضر وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي بن كَعْب: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: شممت لَيْلَة أسرِي بِي رَائِحَة طيبَة فَقلت: يَا جِبْرِيل مَا هَذِه الرَّائِحَة الطّيبَة قَالَ: ريح قبر الماشطة وابنيها وَزوجهَا وَكَانَ بَدْء ذَلِك أَن الْخضر كَانَ من أَشْرَاف بني إِسْرَائِيل وَكَانَ مَمَره براهب فِي صومعته فَيطلع عَلَيْهِ الراهب فيعلمه الْإِسْلَام وَأخذ عَلَيْهِ أَن لَا يُعلمهُ أحدا ثمَّ إِن أَبَاهُ زوجه امْرَأَة فعلمها الْإِسْلَام وَأخذ عَلَيْهَا أَن لَا تعلمه أحدا وَكَانَ لَا يقرب النِّسَاء ثمَّ زوجه أُخْرَى فعلمها الْإِسْلَام وَأخذ عَلَيْهَا أَن لَا تعلمه أحدا ثمَّ طَلقهَا فأفشت عَلَيْهِ إِحْدَاهمَا وكتمت الْأُخْرَى فَخرج هَارِبا حَتَّى أَتَى جَزِيرَة فِي الْبَحْر فَرَآهُ رجلَانِ فأفشى عَلَيْهِ أَحدهمَا وكتم الآخر فَقيل لَهُ: وَمن رَآهُ مَعَك قَالَ: فلَان وَكَانَ فِي دينهم أَن من كذب قتل فَسئلَ فكتم فَقتل الَّذِي أفشى عَلَيْهِ ثمَّ تزوج الكاتم عَلَيْهِ الْمَرْأَة الماشطة فَبَيْنَمَا هِيَ تمشط ابْنة فِرْعَوْن إِذْ سقط الْمشْط من يَدهَا فَقَالَت: تعس فِرْعَوْن فَأخْبرت الْجَارِيَة أَبَاهَا فَأرْسل إِلَى الْمَرْأَة وابنيها وَزوجهَا فأرادهم أَن يرجِعوا عَن دينهم فَأَبَوا فَقَالَ: إِنِّي قاتلكم قَالَ: أحببنا مِنْك إِن أَنْت قتلتنا أَن تجعلنا فِي قبر وَاحِد فَقَتلهُمْ وجعلهم فِي قبر وَاحِد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا شممت رَائِحَة أطيب مِنْهَا وَقد دخلت الْجنَّة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِنَّمَا سمي الْخضر لِأَنَّهُ كَانَ إِذا جلس فِي مَكَان اخْضَرّ مَا حوله وَكَانَت ثِيَابه خضرًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {آتيناه رَحْمَة من عندنَا} قَالَ: أعطيناه الْهدى والنبوة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: إِنَّمَا سمي الْخضر لِأَنَّهُ إِذا قَامَ فِي مَكَان نبت العشب تَحت رجلَيْهِ حَتَّى يُغطي قَدَمَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {ركبا فِي السَّفِينَة} قَالَ: إِنَّمَا كَانَت معبراً فِي مَاء الْكر فَرسَخ فِي فَرسَخ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ليغرق أَهلهَا بِالْيَاءِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لقد جِئْت شَيْئا إمراً} يَقُول: مُنْكرا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {شَيْئا إمراً} يَقُول: مُنْكرا وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {شَيْئا إمراً} قَالَ: عجبا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر فِي قَوْله: {شَيْئا إمراً} قَالَ: عَظِيما وَأخرج ابْن جرير عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله: {لَا تؤاخذني بِمَا نسيت} قَالَ: لم ينس وَلكنهَا من معاريض الْكَلَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة وَمن طَرِيق حَمَّاد بن يزِيد عَن شُعَيْب بن الْحجاب قَالَا: كَانَ الْخضر عبدا لَا ترَاهُ الْأَعْين إِلَّا من أَرَادَ الله أَن يرِيه إِيَّاه فَلم يرِيه من الْقَوْم إِلَّا مُوسَى وَلَو رَآهُ الْقَوْم لحالوا بَينه وَبَين خرق السَّفِينَة وَبَين قتل الْغُلَام قَالَ حَمَّاد: وَكَانُوا يرَوْنَ أَن موت الْفجأَة من ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز فِي قَوْله: {لقيا غُلَاما} قَالَ: كَانَ غُلَاما ابْن عشْرين سنة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أُبي بن كَعْب قَالَ: لما قتل الْخضر الْغُلَام ذعر مُوسَى ذعرة مُنكرَة

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {نفسا زكية} قَالَ: تائبة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ [قتلت نفسا زكية] قَالَ سعيد: زكية مسلمة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {نفسا زكية} قَالَ: لم تبلغ الْخَطَايَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة أَنه كَانَ يقْرَأ {زكية} يَقُول: تائبة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {نفسا زكية} قَالَ: تائبة يَعْنِي صَبيا لم يبلغ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لقد جِئْت شَيْئا نكراً} قَالَ: النكر أنكر من الْعجب وَأخرج أَحْمد عَن عَطاء قَالَ: كتب نجدة الحروري إِلَى ابْن عَبَّاس يسْأَله عَن قتل الصّبيان فَكتب إِلَيْهِ: إِن كنت الْخضر تعرف الْكَافِر من الْمُؤمن فاقتلهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يزِيد بن جرير قَالَ: كتب نجدة إِلَى ابْن عَبَّاس يسْأَله عَن قتل الْولدَان وَيَقُول فِي كِتَابه: إِن الْعَالم صَاحب مُوسَى قد قتل الْوَلِيد قَالَ يزِيد: أَنا كتبت كتاب ابْن عَبَّاس بيَدي إِلَى نجدة أَنَّك كتبت تسْأَل عَن قتل الْولدَان وَتقول فِي كتابك إِن الْعَالم صَاحب مُوسَى قد قتل الْوَلِيد وَلَو كنت تعلم من الْولدَان مَا علم ذَلِك الْعَالم من ذَلِك الْوَلِيد قتلته وَلَكِنَّك لَا تعلم قد نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَتلهمْ فاعتزلهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الْولدَان فِي الْجنَّة قَالَ: حَسبك مَا اخْتصم فِيهِ مُوسَى وَالْخضر وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن مرْدَوَيْه عَن أُبيّ بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر طبع يَوْم طبع كَافِرًا وَلَو أدْرك لأرهق أَبَوَيْهِ طغياناً وَكفرا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر طبع كَافِرًا وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر طبع كَافِرًا وَلَو عَاشَ لأرهق أَبَوَيْهِ طغياناً وَكفرا

وَأخرج ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا} مهموزتين وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَعبد الله بن أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {من لدني عذرا} مثقلة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن السّديّ فِي قَوْله: {أَتَيَا أهل قَرْيَة} قَالَ: كَانَت الْقرْيَة تسمى باجروان كَانَ أَهلهَا لِئَامًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: أَتَيَا الإبلة وَهِي أبعد أَرض الله من السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق قَتَادَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَتَيَا أهل قَرْيَة} : قَالَ: هِيَ أبرة قَالَ: وحَدثني رجل أَنَّهَا انطاكية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَيُّوب بن مُوسَى قَالَ: بَلغنِي أَن الْمَسْأَلَة للمحتاج حَسَنَة أَلا تسمع أَن مُوسَى وَصَاحبه استطعما أَهلهَا وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا} مُشَدّدَة وَأخرج الديلمي عَن أبي بن كَعْب رَفعه فِي قَوْله: {فَأَبَوا أَن يُضَيِّفُوهُمَا} قَالَ: كَانُوا أهل قَرْيَة لِئَامًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {يُرِيد أَن ينْقض} قَالَ: يسْقط وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أبي بن كَعْب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه قَرَأَ {فوجدا فِيهَا جداراً يُرِيد أَن ينْقض} فهدمه ثمَّ قعد يبنيه وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {فأقامه} قَالَ: رفع الْجِدَار بِيَدِهِ فاستقام وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هرون قَالَ: فِي حُرُوف عبد الله لَو شِئْت لتخذت عَلَيْهِ أجرا وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ لَو شِئْت لتخذت عَلَيْهِ أجرا مُخَفّفَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: قَالَ عمر بن

الْخطاب وَرَسُول الله يُحَدِّثهُمْ بِهَذَا الحَدِيث حَتَّى فرغ من الْقِصَّة: يرحم الله مُوسَى وَدِدْنَا أَنه لَو صَبر حَتَّى يقص علينا من حَدِيثهمَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَحْمَة الله علينا وعَلى مُوسَى - فَبَدَأَ بِنَفسِهِ - لَو كَانَ صَبر لقص علينا من خَبره وَلَكِن قَالَ: {إِن سَأَلتك عَن شَيْء بعْدهَا فَلَا تُصَاحِبنِي} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَأَرَدْت أَن أعيبها} قَالَ: أخرقها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ: وَكَانَ أمامهم ملك يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن أُبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت تقْرَأ فِي الْحَرْف الأول كل سفينة صَالِحَة غصبا قَالَ: وَكَانَ لَا يَأْخُذ إِلَّا خِيَار السفن وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الزَّاهِرِيَّة قَالَ: كتب عُثْمَان وَكَانَ وَرَاءَهُمْ ملك يَأْخُذ كل سفينة صَالِحَة غصبا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شُعَيْب الجبائي قَالَ: كَانَ اسْم الْغُلَام الَّذِي قَتله الْخضر جيسور وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ وَأما الْغُلَام فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: فِي حرف أبي وَأما الْغُلَام فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {فَخَشِينَا} قَالَ: فأشفقنا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: هِيَ فِي مصحف عبد الله فخاف رَبك أَن يرهقهما طغياناً وَكفرا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {فَخَشِينَا أَن يرهقهما طغياناً وَكفرا} قَالَ: خشينا أَن يحملهما حبه على أَن يتابعاه على دينه

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطر فِي الْآيَة قَالَ: لَو بَقِي كَانَ فِيهِ بوارهما واستئصالهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ مطرف بن الشخير: إِنَّا لنعلم أَنَّهُمَا قد فَرحا بِهِ يَوْم ولد وحزنا عَلَيْهِ يَوْم قتل وَلَو عَاشَ لَكَانَ فِيهِ هلاكهما فَرضِي رجل بِمَا قسم الله لَهُ فَإِن قَضَاء الله لِلْمُؤمنِ خير من قَضَائِهِ لنَفسِهِ وَقَضَاء الله لَك فِيمَا تكره خير من قَضَائِهِ لَك فِيمَا تحب وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {خيرا مِنْهُ زَكَاة} قَالَ: إسلاماً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة فِي قَوْله: {خيرا مِنْهُ زَكَاة} قَالَ: دينا {وَأقرب رحما} قَالَ: مَوَدَّة فأبدلا جَارِيَة ولدت نَبيا وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق بسطَام بن جميل عَن عمر بن يُوسُف فِي الْآيَة قَالَ: أبدلهما جَارِيَة مَكَان الْغُلَام ولدت نبيين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما} قَالَ: كَانَ الْكَنْز لمن قبلنَا وَحرم علينا وَحرمت الْغَنِيمَة على مَا كَانَ قبلنَا وَأحلت لنا فَلَا تعجبن للرجل يَقُول: مَا شَأْن الْكَنْز أحل لمن قبلنَا وَحرم علينا فَإِن الله يحل من أمره مَا يَشَاء وَيحرم مَا يَشَاء وَهِي السّنَن والفرائض تحل لأمة وَتحرم على أُخْرَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن خَيْثَمَة قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام: طُوبَى لذرية مُؤمن ثمَّ طُوبَى لَهُم كَيفَ يحفظون من بعده وتلا خَيْثَمَة {وَكَانَ أَبوهُمَا صَالحا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن وهب قَالَ: إِن الله يصلح بِالْعَبدِ الصَّالح الْقَبِيل من النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق شيبَة عَن سُلَيْمَان بن سليم بن سَلمَة قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة إِن الله ليحفظ الْقرن إِلَى الْقرن إِلَى سَبْعَة قُرُون وَإِن الله يهْلك الْقرن إِلَى الْقرن إِلَى سَبْعَة قُرُون وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب قَالَ: إِن الرب تبَارك وَتَعَالَى قَالَ فِي بعض مَا

يَقُول لنَبِيّ إِسْرَائِيل: إِنِّي إِذا أَطَعْت رضيت وَإِذا رضيت باركت وَلَيْسَ لبركتي ناهية وَإِذا عصيت غضِبت ولعنت ولعنتي تبلغ السَّابِع من الْوَلَد وَأخرج أَحْمد عَن وهب قَالَ: يَقُول الله: اتَّقوا غَضَبي فَإِن غَضَبي يدْرك إِلَى ثَلَاثَة آبَاء وأحبوا رضاي فَإِن رضاي يدْرك فِي الْأمة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمَا فعلته عَن أَمْرِي} قَالَ: كَانَ عبدا مَأْمُورا مضى لأمر الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: قَالَ مُوسَى لفتاه يُوشَع بن نون {لَا أَبْرَح حَتَّى أبلغ مجمع الْبَحْرين} فاصطادا حوتاً فاتخذاه زاداً وسارا حَتَّى انتهيا إِلَى الصَّخْرَة الَّتِي أرادها فهاجت ريح فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْمَكَان ونسيا عَلَيْهِ الْحُوت ثمَّ ذَهَبا فسارا حَتَّى اشتهيا الطَّعَام فَقَالَ لفتاه: {آتنا غداءنا لقد لَقينَا من سفرنا هَذَا نصبا} يَعْنِي جهداً فِي السّير فَقَالَ الْفَتى لمُوسَى: {أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَى الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ} قَالَ: فسمعنا عَن ابْن عَبَّاس أَنه حدث عَن رجال من عُلَمَاء أهل الْكتاب أَن مُوسَى دَعَا ربه على أَثَره وَمَعَهُ مَاء عذب فِي سقاء فصب من ذَلِك المَاء فِي الْبَحْر وانصب على أَثَره فَصَارَ حجرا أَبيض أجوف فَأخذ فِيهِ حَتَّى انْتهى إِلَى الصَّخْرَة الَّتِي أَرَادَ فصعدها وَهُوَ متشوف: هَل يرى ذَلِك الرجل حَتَّى كَاد يسيء الظَّن ثمَّ رَآهُ فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا خضر قَالَ: عَلَيْك السَّلَام يَا مُوسَى قَالَ: من حَدثَك أَنِّي أَنا مُوسَى قَالَ: حَدثنِي الَّذِي حَدثَك أَنِّي أَنا الْخضر قَالَ: إِنِّي أُرِيد أَن أصحبك {على أَن تعلمن مِمَّا علمت رشدا} وَأَنه تقدم إِلَيْهِ فنصحه فَقَالَ: {إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا وَكَيف تصبر على مَا لم تحط بِهِ خَبرا} وَذَلِكَ بِأَن أحدهم لَو رأى شَيْئا لم يكن رَآهُ قطّ وَلم يكن شهده مَا كَانَ يصبر حَتَّى يسْأَل مَا هَذَا فَلَمَّا أَبى عَلَيْهِ مُوسَى إِلَّا أَن يَصْحَبهُ {قَالَ فَإِن اتبعتني فَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء حَتَّى أحدث لَك مِنْهُ ذكرا} إِن عجلت عليّ فِي ثَلَاث فَذَلِك حِين أُفَارِقك فهم قيام ينظرُونَ إِذْ مرت سفينة ذَاهِبَة إِلَى أبلة فناداهم خضر: يَا أَصْحَاب السَّفِينَة هَلُمَّ إِلَيْنَا فاحملونا فِي سفينتكم وَإِن أَصْحَاب السَّفِينَة قَالُوا لصَاحِبِهِمْ: إِنَّا نرى رجَالًا فِي مَكَان مخوف إِنَّمَا يكون هَؤُلَاءِ لصوصاً فَلَا تحملهم فَقَالَ صَاحب السَّفِينَة: إِنِّي أرى رجَالًا على وُجُوههم النُّور لأحملنهم فَقَالَ الْخضر: بكم

حملت هَؤُلَاءِ كل رجل حملت فِي سفينتك فلك لكل رجل منا الضعْف فحملهم فَسَارُوا حَتَّى إِذا شارفوا على الأَرْض - وَقد أَمر صَاحب الْقرْيَة: إِن أبصرتم كل سفينة صَالِحَة لَيْسَ فِيهَا عيب فائتوني بهَا - وَإِن الْخضر أَمر أَن يَجْعَل فِيهَا عَيْبا لكَي لَا يسخروها فخرقها فنبع فِيهَا المَاء وَإِن مُوسَى امْتَلَأَ غَضبا {قَالَ أخرقتها لتغرق أَهلهَا لقد جِئْت شَيْئا إمراً} وَإِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام شدّ عَلَيْهِ ثِيَابه وَأَرَادَ أَن يقذف الْخضر فِي الْبَحْر فَقَالَ: أردْت هلاكهم فتعلّم أَنَّك أول هَالك: فَجعل مُوسَى كلما ازْدَادَ غَضبا اسْتَقر الْبَحْر وَكلما سكن كَانَ الْبَحْر كالدهر وَإِن يُوشَع بن نون قَالَ لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: أَلا تذكر الْعَهْد والميثاق الَّذِي جعلت على نَفسك وَإِن الْخضر أقبل عَلَيْهِ {قَالَ ألم أقل إِنَّك لن تَسْتَطِيع معي صبرا} وَإِن مُوسَى أدْركهُ عِنْد ذَلِك الْحلم فَقَالَ: {لَا تؤاخذني بِمَا نسيت وَلَا ترهقني من أَمْرِي عسراً} فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى الْقرْيَة قَالَ خضر: مَا خلصوا إِلَيْكُم حَتَّى خَشوا الْغَرق وَأَن الْخضر أقبل على صَاحب السَّفِينَة فَقَالَ: إِنَّمَا أردْت الَّذِي هُوَ خير لَك فحمدوا رَأْيه فِي آخر الحَدِيث وَأَصْلَحهَا الله كَمَا كَانَت ثمَّ إِنَّهُم خَرجُوا حَتَّى انْتَهوا إِلَى غُلَام شَاب عهد إِلَى الْخضر أَن أَقتلهُ فَقتله {قَالَ أقتلت نفسا زكية بِغَيْر نفس} إِلَى قَوْله: {قَالَ لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} وَإِن خضرًا أقبل عَلَيْهِ فَقَالَ: قد وفيت لَك بِمَا جعلت على نَفسِي {هَذَا فِرَاق بيني وَبَيْنك} {وَأما الْغُلَام فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمنين} فَكَانَ لَا يغْضب أحدا إِلَّا دَعَا عَلَيْهِ وعَلى أَبَوَيْهِ فطهر الله أَبَوَيْهِ أَن يَدْعُو عَلَيْهِمَا أحد وأيد لَهما مَكَان الْغُلَام آخر خيرا مِنْهُ وأبرّ بِوَالِديهِ {وَأقرب رحما} {وَأما الْجِدَار فَكَانَ لغلامين يتيمين فِي الْمَدِينَة وَكَانَ تَحْتَهُ كنز لَهما} فسمعنا أَن ذَلِك الْكَنْز كَانَ علما فورثا ذَلِك الْعلم وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْحسن بن عمَارَة عَن أَبِيه قَالَ: قيل لِابْنِ عَبَّاس: لم نسْمع - يَعْنِي مُوسَى - يذكر من حَدِيث فتاه وَقد كَانَ مَعَه فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فِيمَا يذكر من حَدِيث الْفَتى قَالَ: شرب الْفَتى من المَاء فخلد فَأَخذه الْعَالم فطابق بِهِ سفينة ثمَّ أرْسلهُ فِي الْبَحْر فَإِنَّهَا لتموج بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ أَنه لم يكن لَهُ أَن يشرب مِنْهُ قَالَ ابْن كثير الْحسن مَتْرُوك وَأَبوهُ غير مَعْرُوف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن يُوسُف بن أَسْبَاط قَالَ: بَلغنِي أَن الْخضر

قَالَ لمُوسَى لما أَرَادَ أَن يُفَارِقهُ: يَا مُوسَى تعلم الْعلم لتعمل بِهِ وَلَا تعلمه لتحدث بِهِ وَبَلغنِي أَن مُوسَى قَالَ للخضر: ادْع لي فَقَالَ الْخضر: يسر الله عَلَيْك طَاعَته وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب قَالَ: قَالَ الْخضر لمُوسَى حِين لقِيه: يَا مُوسَى انْزعْ عَن اللجاجة وَلَا تمش فِي غير حَاجَة وَلَا تضحك من غير عجب والزم بَيْتك وابك على خطيئتك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أبي عبد الله - أَظُنهُ الْمَلْطِي - قَالَ: أَرَادَ مُوسَى أَن يُفَارق الْخضر فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أوصني قَالَ: كن نفّاعاً وَلَا تكن ضِرَارًا كن بشاشاً وَلَا تكن غضباناً ارْجع عَن اللجاجة وَلَا تمش فِي غير حَاجَة وَلَا تُعَيِّرُ امْرأ بخطيئته وابك على خطيئتك يَا ابْن عمرَان وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب أَن الْخضر قَالَ لمُوسَى: يَا مُوسَى إِن النَّاس يُعَذبُونَ فِي الدُّنْيَا على قدر همومهم بهَا وَأخرج الْعقيلِيّ عَن كَعْب قَالَ: الْخضر على مِنْبَر بَين الْبَحْر الْأَعْلَى وَالْبَحْر الْأَسْفَل وَقد أمرت دَوَاب الْبَحْر أَن تسمع لَهُ وتطيع وَتعرض عَلَيْهِ الْأَرْوَاح غدْوَة وَعَشِيَّة وَأخرج ابْن شاهين عَن خصيف قَالَ: أَرْبَعَة من الْأَنْبِيَاء أَحيَاء: اثْنَان فِي السَّمَاء عِيسَى وَإِدْرِيس وإثنان فِي الأَرْض الْخضر وإلياس فَأَما الْخضر فَإِنَّهُ فِي الْبَحْر وَأما صَاحبه فَإِنَّهُ فِي الْبر وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: بَينا أَنا أَطُوف إِذا أَنا بِرَجُل مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة وَهُوَ يَقُول: يَا من لَا يشْغلهُ سمع عَن سمع وَيَا مَنْ لَا تغلطه الْمسَائِل وَيَا من لَا يتبرم بإلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك قلت: يَا عبد الله أعد الْكَلَام قَالَ: وسمعته قلت: نعم قَالَ: وَالَّذِي نفس الْخضر بِيَدِهِ: - وَكَانَ هُوَ الْخضر - لَا يقولهن عبد دبر الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة إِلَّا غفرت ذنُوبه وَإِن كَانَت مثل رمل عالج وَعدد الْمَطَر وورق الشّجر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: إِن الْخضر بن عاميل ركب فِي نفر من أَصْحَابه حَتَّى بلغ الْهِنْد - وَهُوَ بَحر الصين -

فَقَالَ لأَصْحَابه: يَا أَصْحَابِي أدلوني فدلوه فِي الْبَحْر أَيَّامًا وليالي ثمَّ صعد فَقَالُوا لَهُ: يَا خضر مَا رَأَيْت فَلَقَد أكرمك الله وَحفظ لَك نَفسك فِي لجة هَذَا الْبَحْر فَقَالَ: استقبلني ملك من الْمَلَائِكَة فَقَالَ لي: أَيهَا الْآدَمِيّ الخطاء إِلَى أَيْن وَمن أَيْن فَقلت: إِنِّي أردْت أَن أنظر عمق هَذَا الْبَحْر فَقَالَ لي: كَيفَ وَقد أَهْوى رجل من زمَان دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لم يبلغ ثلث قَعْره حَتَّى السَّاعَة وَذَلِكَ مُنْذُ ثلثمِائة سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بَقِيَّة قَالَ: حَدثنِي أَبُو سعيد قَالَ: سَمِعت أَن آخر كلمة أوصى بهَا الْخضر مُوسَى حِين فَارقه: إياك أَن تعير مسيئا بإساءته فتبتلى أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي أُسَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه: أَلا أحدثكُم عَن الْخضر قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم يمشي فِي سوق بني إِسْرَائِيل أبصره رجل مكَاتب فَقَالَ: تصدق عليّ بَارك الله فِيك فَقَالَ الْخضر: آمَنت بِاللَّه مَا شَاءَ الله من أَمر يكون مَا عِنْدِي شَيْء أعطيكه فَقَالَ الْمِسْكِين: أَسأَلك بِوَجْه الله لما تَصَدَّقت عَليّ فَإِنِّي نظرت السماحة فِي وَجهك وَوجدت الْبركَة عنْدك فَقَالَ الْخضر: آمَنت بِاللَّه مَا عِنْدِي شَيْء أعطيكه إِلَّا أَن تأخذني فتبيعني فَقَالَ الْمِسْكِين: وَهل يَسْتَقِيم هَذَا قَالَ: نعم الْحق أَقُول لقد سَأَلتنِي بِأَمْر عَظِيم: أما أَنِّي لَا أخيبك بِوَجْه رَبِّي تَعَالَى فقدّمه إِلَى السُّوق فَبَاعَهُ بأربعمائة دِرْهَم فَمَكثَ عِنْد المُشْتَرِي زَمَانا لَا يَسْتَعْمِلهُ فِي شَيْء فَقَالَ لَهُ: إِنَّك إِنَّمَا ابتعتني التمَاس خير عِنْدِي فأوصني أعمل بِعَمَل قَالَ: أكره أَن أشق عَلَيْك إِنَّك شيخ كَبِير ضَعِيف قَالَ: لَيْسَ يشق عليّ قَالَ: فَقُمْ فانقل هَذِه الْحِجَارَة وَكَانَ لَا ينقلها دون سِتَّة نفر فِي يَوْم فَخرج الرجل لبَعض حَاجته ثمَّ انْصَرف وَقد نقل الْحِجَارَة فِي سَاعَة فَقَالَ: أَحْسَنت وأجملت وأطقت مَا لم أرك تُطِيقهُ ثمَّ عرض للرجل سفرة فَقَالَ: إِنِّي احتسبتك أَمينا فَاخْلُفْنِي فِي أَهلِي خلَافَة حَسَنَة قَالَ: فأوصني بِعَمَل قَالَ: إِنِّي أكره أَن أشق عَلَيْك قَالَ: لَيْسَ يشق عليّ قَالَ: فَاضْرب من اللَّبن لنبني حَتَّى أقدم عَلَيْك فَمر الرجل لسفره فَرجع وَقد شيد بِنَاؤُه فَقَالَ: أَسأَلك بِوَجْه الله مَا سَبِيلك وَمَا أَمرك فَقَالَ: سَأَلتنِي بِوَجْه الله وَوجه الله أوقعني فِي الْعُبُودِيَّة أَنا الْخضر الَّذِي سَمِعت بِهِ سَأَلَني مِسْكين صَدَقَة وَلم يكن عِنْدِي شَيْء أعْطِيه فَسَأَلَنِي بِوَجْه الله فأمكنته من نَفسِي فباعني فأخبرك

أَنه من سُئِلَ بِوَجْه الله فَرد سائله وَهُوَ يقدر وقف يَوْم الْقِيَامَة جلدَة وَلَا لحم لَهُ وَلَا عظم ليتقصع فَقَالَ الرجل: آمَنت بِاللَّه شققت عَلَيْك يَا نَبِي الله وَلم أعلم فَقَالَ: لَا بَأْس أَحْسَنت وأتقنت فَقَالَ الرجل: بِأبي أَنْت وَأمي يَا نَبِي الله احكم فِي أَهلِي وَمَالِي بِمَا أَرَاك الله أَو أخيّرك فأخلي سَبِيلك فَقَالَ: أحب أَن تخلي سبيلي أعبد رَبِّي فخلّى سَبيله فَقَالَ الْخضر: الْحَمد لله الَّذِي أوقعني فِي الْعُبُودِيَّة ثمَّ نجاني مِنْهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحجَّاج بن فرافصة أَن رجلَيْنِ كَانَا يتبايعان عِنْد عبد الله بن عمر فَكَانَ أَحدهمَا يكثر الْحلف فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ مرّ عَلَيْهِمَا رجل فَقَامَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ للَّذي يكثر الْحلف: مَه يَا عبد الله اتَّقِ الله وَلَا تكْثر الْحلف فَإِنَّهُ لَا يزِيد فِي رزقك وَلَا ينقص من رزقك إِن لم تحلف قَالَ: امْضِ لما يَعْنِيك قَالَ: ذَا مِمَّا يعنيني - قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات وردّ عَلَيْهِ قَوْله - فَلَمَّا أَرَادَ أَن ينْصَرف قَالَ: اعْلَم أَن من آيَة الْإِيمَان أَن تُؤثر الصدْق حَيْثُ يَضرك على الْكَذِب حَيْثُ ينفعك وَلَا يكن فِي قَوْلك فضل على فضلك ثمَّ انْصَرف فَقَالَ عبد الله بن عمر: الْحَقْهُ فاستكتبه هَذِه الْكَلِمَات فَقَالَ: يَا عبد الله اكتبني هَذِه الْكَلِمَات يَرْحَمك الله فَقَالَ الرجل: مَا يقدر الله من أَمر يكن فأعادهن عَلَيْهِ حَتَّى حفظهن ثمَّ شهده حَتَّى وضع إِحْدَى رجلَيْهِ فِي الْمَسْجِد فَمَا أَدْرِي أَرض لفظته أَو سَمَاء اقتلعته قَالَ: كَأَنَّهُمْ يرونه الْخضر أَو إلْيَاس عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده بسندٍ واهٍ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْخضر فِي الْبَحْر وَالْيَسع فِي الْبر يَجْتَمِعَانِ كل لَيْلَة عِنْد الرَّدْم الَّذِي بناه ذُو القرنين بَين النَّاس وَبَين يَأْجُوج وَمَأْجُوج ويحجان ويعتمران كل عَام ويشربان من زَمْزَم شربة تكفيهما إِلَى قَابل وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن أبي رواد قَالَ: إلْيَاس وَالْخضر يصومان شهر رَمَضَان فِي بَيت الْمُقَدّس ويحجان فِي كل سنة ويشربان من زَمْزَم شربة تكفيهما إِلَى مثلهَا من قَابل وَأخرج الْعقيلِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يلتقي الْخضر وإلياس كل عَام فِي الْمَوْسِم فيحلق كل وَاحِد مِنْهُمَا رَأس صَاحبه ويتفرقان عَن هؤلاك الْكَلِمَات: بِسم الله مَا شَاءَ الله لَا يَسُوق الْخَيْر إِلَّا الله

مَا شَاءَ الله لَا يصرف السوء إِلَّا الله مَا شَاءَ الله مَا كَانَ من نعْمَة فَمن الله مَا شَاءَ الله لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ ابْن عَبَّاس: من قالهن حِين يصبح وَحين يُمْسِي ثَلَاث مَرَّات أَمنه الله من الْغَرق والحرق والسرق وَمن الشَّيَاطِين وَالسُّلْطَان والحية وَالْعَقْرَب الْآيَة 83

83

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالَت الْيَهُود للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا مُحَمَّد إِنَّمَا تذكر إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى والنبيين أَنَّك سَمِعت ذكرهم منّا فَأخْبرنَا عَن نَبِي لم يذكرهُ الله فِي التَّوْرَاة إِلَّا فِي مَكَان وَاحِد قَالَ: وَمن هُوَ قَالُوا: ذُو القرنين قَالَ: مَا بَلغنِي عَنهُ شَيْء فَخَرجُوا فرحين وَقد غلبوا فِي أنفسهم فَلم يبلغُوا بَاب الْبَيْت حَتَّى نزل جِبْرِيل بهؤلاء الْآيَات {ويسألونك عَن ذِي القرنين قل سأتلو عَلَيْكُم مِنْهُ ذكرا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر مولى غفرة قَالَ: دخل بعض أهل الْكتاب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم كَيفَ تَقول فِي رجل كَانَ يسيح فِي الأَرْض قَالَ: لَا علم لي بِهِ فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذْ سمعُوا نقيضاً فب السّقف وَوجد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غمَّة الْوَحْي ثمَّ سري عَنهُ فَتلا {ويسألونك عَن ذِي القرنين} الْآيَة فَلَمَّا ذكر السد قَالُوا: أَتَاك خَبره يَا أَبَا الْقَاسِم حَسبك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أَدْرِي أتبع كَانَ لعيناً أم لَا وَمَا أَدْرِي أذو القرنين كَانَ نَبيا أم لَا وَمَا أَدْرِي الْحُدُود كَفَّارَات لأَهْلهَا أم لَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: سُئِلَ عَليّ عَن ذِي القرنين: أَنَبِي هُوَ فَقَالَ: سَمِعت نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هُوَ عبد نَاصح الله فنصحه وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي الطُّفَيْل أَن ابْن الْكواء سَأَلَ عليّ بن أبي طَالب عَن ذِي القرنين: أَنَبِيًّا كَانَ أم ملكا قَالَ: لم يكن نَبيا وَلَا ملكا وَلَكِن

كَانَ عبدا صَالحا أحب الله فَأَحبهُ ونصح لله فنصحه بَعثه الله إِلَى قومه فضربوه على قرنه فَمَاتَ ثمَّ أَحْيَاهُ الله لجهادهم ثمَّ بَعثه إِلَى قومه فضربوه على قرنه الآخر فَمَاتَ فأحياه الله لجهادهم فَلذَلِك سمي ذَا القرنين وَإِن فِيكُم مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ذُو القرنين نَبِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَحْوَص بن حَكِيم عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُئِلَ عَن ذِي القرنين فَقَالَ: هُوَ ملك مسح الأَرْض بِالْإِحْسَانِ وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن خَالِد بن معدان الكلَاعِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن ذِي القرنين فَقَالَ: ملك مسح الأَرْض من تحتهَا بالأسباب وَأخرج ابْن عبد الحكم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عمر أَنه سمع رجلا يُنَادي بمنى: يَا ذَا القرنين فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ: هَا أَنْتُم قد سميتم بأسماء الْأَنْبِيَاء فَمَا بالكم وَأَسْمَاء الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جُبَير بن نفير أَن ذَا القرنين ملك من الْمَلَائِكَة أهبطه الله إِلَى الأَرْض وآتاه من كل شَيْء سَببا وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن جُبَير بن نفير أَن أحباراً من الْيَهُود قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حَدثنَا عَن ذِي القرنين إِن كنت نَبيا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هُوَ ملك مسح الأَرْض بالأسباب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ نَذِير وَاحِد بلغ مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب ذُو القرنين بلغ السدين وَكَانَ نذيراً وَلم أسمع بِحَق أَنه كَانَ نَبيا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي الورقاء قَالَ: قلت لعَلي بن أبي طَالب: ذُو القرنين مَا كَانَ قرناه قَالَ: لَعَلَّك تحسب أَن قرنيه ذهب أَو فضَّة كَانَ نَبيا فَبَعثه الله إِلَى أنَاس فَدَعَاهُمْ إِلَى الله تَعَالَى فَقَامَ رجل فَضرب قرنه الْأَيْسَر فَمَاتَ ثمَّ بَعثه الله فأحياه ثمَّ بَعثه إِلَى نَاس فَقَامَ رجل فَضرب قرنه الْأَيْمن فَمَاتَ فَسَماهُ الله ذَا القرنين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم بن عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر قَالَ: إِنَّمَا سمي ذُو القرنين ذَا القرنين لشجتين شجهما على قرنيه فِي الله وَكَانَ أسود وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه أَن ذَا القرنين أول من لبس الْعِمَامَة

وَذَاكَ أَنه كَانَ فِي رَأسه قرنان كالظلفين متحركان فَلبس الْعِمَامَة من أجل ذَلِك وَأَنه دخل الْحمام وَدخل كَاتبه مَعَه فَوضع ذُو القرنين الْعِمَامَة فَقَالَ لكَاتبه: هَذَا أَمر لم يطلع عَلَيْهِ خلق غَيْرك فَإِن سَمِعت بِهِ من أحد قتلتك فَخرج الْكَاتِب من الْحمام فَأَخذه كَهَيئَةِ الْمَوْت فَأتى الصَّحرَاء فَوضع فَمه بِالْأَرْضِ ثمَّ نَادَى: أَلا إِن للْملك قرنين فأنبت الله من كَلمته قصبتين فَمر بهما رَاع فأعجب بهما فقطعهما واتخذهما مِزْمَارًا فَكَانَ إِذا زمر خرج من القصبتين: أَلا إِن للْملك قرنين فانتشر ذَلِك فِي الْمَدِينَة فَأرْسل ذُو القرنين إِلَى الْكَاتِب فَقَالَ: لتصدقني أَو لأقْتُلَنّكَ فَقص عَلَيْهِ الْكَاتِب الْقِصَّة فَقَالَ ذُو القرنين: هَذَا أَمر أرد الله أَن يبديه فَوضع الْعِمَامَة عَن رَأسه وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ قَالَ: كنت أخدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرجت ذَات يَوْم فَإِذا أَنا بِرِجَال من أهل الْكتاب بِالْبَابِ مَعَهم مصاحف فَقَالُوا: من يسْتَأْذن لنا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: مَا لي وَلَهُم سَأَلُونِي عَمَّا لَا أَدْرِي إِنَّمَا أَنا عبد لَا أعلم إِلَّا مَا أعلمني رَبِّي عز وَجل ثمَّ قَالَ: ابغني وضُوءًا فَأَتَيْته بِوضُوء فَتَوَضَّأ ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرف فَقَالَ - وَأَنا أرى السرُور والبشر فِي وَجهه - أَدخل الْقَوْم عليَّ وَمن كَانَ من أَصْحَابِي فَأدْخلهُ أَيْضا عليّ فَأَذنت لَهُم فَدَخَلُوا فَقَالَ: إِن شِئْتُم أَخْبَرتكُم بِمَا جئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَنهُ من قبل أَن تكلمُوا وَإِن شِئْتُم فتكلموا قبل أَن أَقُول قَالُوا: بل فَأخْبرنَا قَالَ: جئْتُمْ تَسْأَلُونِي عَن ذِي القرنين إِن أول أمره أَنه كَانَ غُلَاما من الرّوم أعطي ملكا فَسَار حَتَّى أَتَى سَاحل أَرض مصر فابتنى مَدِينَة يُقَال لَهَا اسكندرية فَلَمَّا فرغ من شَأْنهَا بعث الله عز وَجل إِلَيْهِ ملكا فعرج بِهِ فاستعلى بَين السَّمَاء ثمَّ قَالَ لَهُ: انْظُر مَا تَحْتك فَقَالَ: أرى مدينتي وَأرى مَدَائِن مَعهَا ثمَّ عرج بِهِ فَقَالَ: انْظُر فَقَالَ: قد اخْتلطت مَعَ الْمَدَائِن فَلَا أعرفهَا ثمَّ زَاد فَقَالَ انْظُر: قَالَ: أرى مدينتي وَحدهَا وَلَا أرى غَيرهَا قَالَ لَهُ الْملك: إِنَّهَا تِلْكَ الأَرْض كلهَا وَالَّذِي ترى يُحِيط بهَا هُوَ الْبَحْر وَإِنَّمَا أَرَادَ ربّك أَن يُرِيك الأَرْض وَقد جعل لَك سُلْطَانا فِيهَا فسر فِيهَا فَعلم الْجَاهِل وَثَبت الْعَالم فَسَار حَتَّى بلغ مغرب الشَّمْس ثمَّ سَار حَتَّى بلغ مطلع الشَّمْس ثمَّ أَتَى السدين وهما جبلان لينان يزلق عَنْهُمَا كل شَيْء فَبنى السد ثمَّ اجتاز يَأْجُوج وَمَأْجُوج فَوجدَ قوما وُجُوههم وُجُوه الْكلاب يُقَاتلُون يَأْجُوج

وَمَأْجُوج ثمَّ قطعهم فَوجدَ أمة قصاراً يُقَاتلُون الْقَوْم الَّذين وُجُوههم وُجُوه الْكلاب وَوجد أمة من الغرانيق يُقَاتلُون الْقَوْم الْقصار ثمَّ مضى فَوجدَ أمة من الْحَيَّات تلتقم الْحَيَّة مِنْهَا الصَّخْرَة الْعَظِيمَة ثمَّ مضى إِلَى الْبَحْر الدائر بِالْأَرْضِ فَقَالُوا: نشْهد أَن أمره هَكَذَا كَمَا ذكرت وَإِنَّا نجده هَكَذَا فِي كتَابنَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سُلَيْمَان بن الْأَشَج صَاحب كَعْب الْأَحْبَار أَن ذَا القرنين كَانَ رجلا طَوافا صَالحا فَلَمَّا وقف على جبل آدم الَّذِي هَبَط عَلَيْهِ وَنظر إِلَى أَثَره هاله فَقَالَ لَهُ الْخضر: - وَكَانَ صَاحب لوائه الْأَكْبَر - مَالك أَيهَا الْملك قَالَ: هَذَا أثر الْآدَمِيّين أرى مَوضِع الْكَفَّيْنِ والقدمين وَهَذِه القرحة وَأرى هَذِه الْأَشْجَار حوله قَائِمَة يابسة يسيل مِنْهَا مَاء أَحْمَر إِن لَهَا لشأناً فَقَالَ لَهُ الْخضر: - وَكَانَ قد أعطي الْعلم والفهم - أَيهَا الْملك أَلا ترى الورقة الْمُعَلقَة من النَّخْلَة الْكَبِيرَة قَالَ: بلَى قَالَ: فَهِيَ تخبرك بشأن هَذَا الْموضع - وَكَانَ الْخضر يقْرَأ كل كتاب - فَقَالَ: أَيهَا الْملك أرى كتابا فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا كتاب من آدم أبي الْبشر أوصيكم ذريتي وبناتي أَن تحذروا عدوي وَعَدُوكُمْ إِبْلِيس الَّذِي كَانَ يلين كَلَامه وفجور أمْنِيته أنزلني من الفردوس إِلَى تربة الدُّنْيَا وألقيت على موضعي هَذَا لَا يلْتَفت إليّ مِائَتي سنة بخطيئة وَاحِدَة حَتَّى درست فِي الأَرْض وَهَذَا أثري وَهَذِه الْأَشْجَار من دموع عَيْني فعلي فِي هَذِه التربة أنزلت التَّوْبَة فتوبوا من قبل أَن تندموا وباردوا من قبل أَن يُبَادر بكم وَقدمُوا من قبل أَن يقدم بكم فَنزل ذُو القرنين فَمسح مَوضِع جُلُوس آدم فَإِذا هُوَ ثَمَانُون وَمِائَة ميل ثمَّ أحصى الْأَشْجَار فَإِذا هِيَ تِسْعمائَة شَجَرَة كلهَا من دموع آدم نَبتَت فَلَمَّا قتل قابيل هابيل تحولت يابسة وَهِي تبْكي دَمًا أَحْمَر فَقَالَ ذُو القرنين للخضر: ارْجع بِنَا فَلَا طلبت الدُّنْيَا بعْدهَا وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر عَن السّديّ قَالَ: كَانَ أنف الْإِسْكَنْدَر ثَلَاثَة أَذْرع وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن الْحسن قَالَ: كَانَ أنف الْإِسْكَنْدَر ثَلَاثَة أَذْرع وَأخرج ابْن عبد الحكم وَابْن أبي حَاتِم والشيرازي فِي الألقاب عَن عبيد بن يعلى قَالَ: إِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ قرنان صغيران تواريهما الْعِمَامَة وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن

وهب بن مُنَبّه أَنه سُئِلَ عَن ذِي القرنين فَقَالَ: لم يُوح إِلَيْهِ وَكَانَ ملكا قيل: فَلم سمي ذَا القرنين فَقَالَ: اخْتلف فِيهِ أهل الْكتاب فَقَالَ بَعضهم: ملك الرّوم وَفَارِس وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه كَانَ فِي رَأسه شبه القرنين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بكر بن مُضر أَن هِشَام بن عبد الْملك سَأَلَهُ عَن ذِي القرنين: أَكَانَ نَبيا فَقَالَ: لَا وَلكنه إِنَّمَا أعطي مَا أعطي بِأَرْبَع خِصَال كَانَ فِيهِ: كَانَ إِذا قدر عَفا وَإِذا وعد وفى وَإِذا حدث صدق وَلَا يجمع الْيَوْم لغد وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن يُونُس بن عبيد قَالَ: إِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ غديرتان من رَأسه من شعر يطَأ فيهمَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: إِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَنَّهُ قرن مَا بَين مطلع الشَّمْس وَمَغْرِبهَا وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر عَن ابْن شهَاب قَالَ: إِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَنَّهُ بلغ قرن الشَّمْس من مغْرِبهَا وَقرن الشَّمْس من مطْلعهَا وَأخرج عَن قَتَادَة قَالَ: الْإِسْكَنْدَر هُوَ ذُو القرنين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق ابْن إِسْحَق عَمَّن يَسُوق أَحَادِيث الْأَعَاجِم من أهل الْكتاب مِمَّن قد أسلم فِيمَا توارثوا من علمه أَن ذَا القرنين كَانَ رجلا صَالحا من أهل مصر اسْمه مرزيا بن مرزية اليوناني من ولد يونن بن يافث بن نوح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبيد بن عُمَيْر أَن ذَا القرنين حج مَاشِيا فَسمع بِهِ إِبْرَاهِيم فَتَلقاهُ وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن قَتَادَة قَالَ: إِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ عقيصتان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَن ذَا القرنين كَانَ من سوّاس الرّوم يسوس أَمرهم فخيّر بَين ذلال السَّحَاب وصعابها فَاخْتَارَ ذلالها فَكَانَ يركب عَلَيْهَا وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والشيرازي فِي الألقاب وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه الْيَمَانِيّ - وَكَانَ لَهُ علم الْأَحَادِيث الأولى - أَنه كَانَ يَقُول: كَانَ ذُو القرنين رجلا من الرّوم ابْن عَجُوز من عجائزهم لَيْسَ لَهَا ولد غَيره وَكَانَ اسْمه الْإِسْكَنْدَر وَإِنَّمَا سمي ذَا القرنين لِأَن صفحتي رَأسه كَانَتَا من نُحَاس فَلَمَّا

بلغ وَكَانَ عبدا صَالحا قَالَ الله لَهُ: يَا ذَا القرنين إِنِّي باعثك إِلَى أُمَم الأَرْض مِنْهُم أمتان بَينهمَا طول الأَرْض كلهَا وَمِنْهُم أمتان بَينهمَا عرض الأَرْض كلهَا فِي وسط الأَرْض مِنْهُم الْإِنْس وَالْجِنّ ويأجوج وَمَأْجُوج فَأَما اللَّتَان بَينهمَا طول الأَرْض فأمة عِنْد مغرب الشَّمْس يُقَال لَهَا ناسك وَأما الْأُخْرَى فَعِنْدَ مطْلعهَا يُقَال لَهَا منسك وَأما اللَّتَان بَينهمَا عرض الأَرْض فأمة فِي قطر الأَرْض الْأَيْمن يُقَال لَهَا هاويل وَأما الْأُخْرَى الَّتِي فِي قطر الأَرْض الْأَيْسَر فأمة يُقَال لَهَا تَأْوِيل فَلَمَّا قَالَ الله لَهُ ذَلِك قَالَ لَهُ ذُو القرنين: يَا إلهي أَنْت قد ندبتني لأمر عَظِيم لَا يقدر قدره إِلَّا أَنْت فَأَخْبرنِي عَن هَذِه الْأُمَم الَّتِي تبعثني إِلَيْهَا بِأَيّ قُوَّة أكابرهم وَبِأَيِّ جمع أكاثرهم وَبِأَيِّ حِيلَة أكايدهم وَبِأَيِّ لِسَان أناطقهم وَكَيف لي بِأَن أحاربهم وَبِأَيِّ سمع أعي قَوْلهم وَبِأَيِّ بصر أنفذهم وَبِأَيِّ حجَّة أخاصمهم وَبِأَيِّ قلب أَعقل عَنْهُم وَبِأَيِّ حِكْمَة أدبر أَمرهم وَبِأَيِّ قسط أعدل بَينهم وَبِأَيِّ حلم أصابرهم وَبِأَيِّ معرفَة أفصل بَينهم وَبِأَيِّ علم أتقن أَمرهم وَبِأَيِّ يَد أسطو عَلَيْهِم وَبِأَيِّ رجل أطؤهم وَبِأَيِّ طَاقَة أخصمهم وَبِأَيِّ جند أقاتلهم وَبِأَيِّ رفق أستألفهم وَإنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي يَا إلهي شَيْء مِمَّا ذكرت يقرن لَهُم وَلَا يقوى عَلَيْهِم وَلَا يطيقهم وَأَنت الرب الرَّحِيم الَّذِي لَا يُكَلف نفسا وَلَا يحملهَا إِلَّا طاقتها وَلَا يعنتها وَلَا يفدحها بل يرأفها ويرحمها فَقَالَ لَهُ الله عز وَجل: إِنِّي سأطوقك مَا حَملتك أشرح لَك صدرك فيتسع لكل شَيْء وأشرح لَك فهمك فتفقه كل شَيْء وأبسط لَك لسَانك فَتَنْطِق بِكُل شَيْء وأفتح لَك سَمعك فتعي كل شَيْء وأمد لَك بَصرك فتنفذ كل شَيْء وَأدبر لَك أَمرك فتتقن كل شَيْء وأحصر لَك فَلَا يفوتك شَيْء وأحفظ عَلَيْك فَلَا يغرب عَنْك شَيْء وَأَشد ظهرك فَلَا يهدك شَيْء وَأَشد لَك ركبك فَلَا يَغْلِبك شَيْء وَأَشد لَك قَلْبك فَلَا يروعك شَيْء وَأَشد لَك عقلك فَلَا يهولك شَيْء وأبسط لَك يَديك فيسطوان فَوق كل شَيْء وألبسك الهيبة فَلَا يروعك شَيْء وأسخر لَك النُّور والظلمة فأجعلهما جنداً من جنودك يهديك النُّور من أمامك وتحوطك الظلمَة من ورائك فَلَمَّا قيل لَهُ ذَلِك انْطلق يؤم الْأمة الَّتِي عِنْد مغرب الشَّمْس فَلَمَّا بَلغهُمْ وجد جمعا وعدداً لَا يُحْصِيه إِلَّا الله تَعَالَى وَقُوَّة وبأساً لَا يطيقه إِلَّا الله وألسنة مُخْتَلفَة وأموراً مشتبهة وَأَهْوَاء مشتتة وَقُلُوبًا مُتَفَرِّقَة فَلَمَّا رأى ذَلِك كابرهم بالظلمة وَضرب

حَولهمْ ثَلَاثَة عَسَاكِر مِنْهَا وأحاطت بهم من كل جَانب وحاشدهم حَتَّى جمعهم فِي مَكَان وَاحِد ثمَّ دخل عَلَيْهِم بِالنورِ فَدَعَاهُمْ إِلَى الله وعبادته فَمنهمْ من آمن وَمِنْهُم من صدّ عَنهُ فَعمد إِلَى الَّذين توَلّوا عَنهُ فَأدْخل عَلَيْهِم الظلمَة فَدخلت فِي أَفْوَاههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم وَدخلت فِي بُيُوتهم ودورهم وَغَشِيَتْهُمْ من فَوْقهم وَمن تَحْتهم وَمن كل جَانب مِنْهُم فماجوا فِيهَا وتحيروا فَلَمَّا أشفقوا أَن يهْلكُوا فِيهَا عجوا إِلَيْهِ بِصَوْت وَاحِد فكشف عَنْهُم وَأَخذهم عنْوَة فَدَخَلُوا فِي دَعوته فجند من أهل الْمغرب أمماً عَظِيمَة فجعلهم جنداً وَاحِدًا ثمَّ انْطلق بهم يقودهم والظلمة تسوقهم من خَلفهم وتحرسهم من حَولهمْ والنور من أَمَامه يَقُودهُ ويدله وَهُوَ يسير فِي نَاحيَة الأَرْض الْيُمْنَى وَهُوَ يُرِيد الْأمة الَّتِي فِي قطر الأَرْض الْأَيْمن الَّتِي يُقَال لَهَا هاويل وسخر الله يَده وَقَلبه ورأيه وَنَظره وائتماره فَلَا يُخطئ إِذا ائتمر وَإِذا عمل عملا أتقنه فَانْطَلق يَقُود تِلْكَ الْأُمَم وَهِي تتبعه فَإِذا انْتهى إِلَى بَحر أَو مخاضة بنى سفناً من أَلْوَاح صغَار أَمْثَال البغال فنظمها فِي سَاعَة وَاحِدَة ثمَّ حمل فِيهَا جَمِيع من مَعَه من تِلْكَ الْأُمَم وَتلك الْجنُود فَإِذا قطع الْأَنْهَار والبحار فتقها ثمَّ دفع إِلَى كل إِنْسَان لوحاً فَلَا يكربه حمله فَلم يزل ذَلِك دأبه حَتَّى انْتهى إِلَى هاويل فَعمل فيهم كعمله فِي ناسك فَلَمَّا فرغ مِنْهُم مضى على وَجهه فِي نَاحيَة الأَرْض الْيُمْنَى حَتَّى انْتهى إِلَى منسك عِنْد مطلع الشَّمْس فَعمل فِيهَا وجند مِنْهَا جُنُودا كَفِعْلِهِ فِي الأمتين اللَّتَيْنِ قبلهمَا ثمَّ كرّ مُقبلا فِي نَاحيَة الأَرْض الْيُسْرَى وَهُوَ يُرِيد تاويل - وَهِي الْأمة اللتي بحيال هاويل وهما متقابلتان بَينهمَا عرض الأَرْض كلهَا - فَلَمَّا بلغَهَا عمل فِيهَا وجند مِنْهَا كَفِعْلِهِ فِيمَا قبلهَا فَلَمَّا فرغ مِنْهَا عطف مِنْهَا إِلَى الْأُمَم الَّتِي فِي وسط الأَرْض من الْجِنّ وَسَائِر الْإِنْس ويأجوج وَمَأْجُوج فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق مِمَّا يَلِي مُنْقَطع أَرض التّرْك نَحْو الْمشرق قَالَ لَهُ أمة من الْإِنْس صَالِحَة: يَا ذَا القرنين إِن بَين هذَيْن الجبلين خلقا من خلق الله كثيرا فيهم مشابهة من الْإِنْس وهم أشباه الْبَهَائِم وهم يَأْكُلُون العشب ويفترسون الدَّوَابّ والوحش كَمَا يفترسها السبَاع ويأكلون خشَاش الأَرْض كلهَا من الْحَيَّات والعقارب وكل ذِي روح مِمَّا خلق الله فِي الأَرْض وَلَيْسَ لله خلق يَنْمُو نماءهم فِي الْعَام الْوَاحِد وَلَا يزْدَاد كزيادتهم وَلَا يكثر ككثرتهم فَإِن كَانَت لَهُم كَثْرَة على مَا يرى من نمائهم وزيادتهم فَلَا شكّ أَنهم سيملأون الأَرْض ويجلون أَهلهَا ويظهرون عَلَيْهَا فيفسدون فِيهَا وَلَيْسَت تمر بِنَا سنة مُنْذُ جاورناهم ورأيناهم إِلَّا وَنحن

نتوقعهم وَنَنْظُر أَن يطلع علينا أوائلهم من هذَيْن الجبلين فَهَل نجْعَل لَك خرجا على أَن تجْعَل بَيْننَا وَبينهمْ سداً قَالَ: مَا مكني فِيهِ رَبِّي خير فَأَعِينُونِي بقوّة أجعَل بَيْنكُم وَبينهمْ ردماً اغدو إِلَى الصخور وَالْحَدِيد والنحاس حَتَّى أرتاد بِلَادهمْ وَأعلم علمهمْ وأقيس مَا بَين جبليهم ثمَّ انْطلق يؤمهم حَتَّى دفع إِلَيْهِم وتوسط بِلَادهمْ فَإِذا هم على مِقْدَار وَاحِد أنثاهم وَذكرهمْ مبلغ طول الْوَاحِد مِنْهُم مثل نصف الرجل المربوع منا لَهُم مخاليب فِي مَوَاضِع الْأَظْفَار من أَيْدِينَا وَلَهُم أَنْيَاب وأضراس كأضراس السبَاع وأنيابها وأحناك كأحناك الْإِبِل قُوَّة يسمع لَهُ حَرَكَة إِذا أكل كحركة الجرة من الْإِبِل أَو كقضم الْفَحْل المسن أَو الْفرس الْقوي وهم صلب عَلَيْهِم من الشّعْر فِي أَجْسَادهم مَا يواريهم وَمَا يَتَّقُونَ بِهِ من الْحر وَالْبرد إِذا أَصَابَهُم وَلكُل وَاحِد مِنْهُم أذنان عظيمتان إِحْدَاهمَا وبرة ظهرهَا وبطنها وَالْأُخْرَى زغبة ظهرهَا وبطنها تسعانه إِذا لبسهما يلبس إِحْدَاهمَا ويفترش الْأُخْرَى ويصيف فِي إِحْدَاهمَا ويشتو فِي الْأُخْرَى وَلَيْسَ مِنْهُم ذكر وَلَا أُنْثَى إِلَّا وَقد عرف أَجله الَّذِي يَمُوت فِيهِ ومنقطع عمره وَذَلِكَ أَنه لَا يَمُوت ميت من ذكورهم حَتَّى يخرج من صلبه ألف ولد وَلَا تَمُوت الْأُنْثَى حَتَّى يخرج من رَحمهَا ألف ولد فَإِذا كَانَ ذَلِك أَيقَن بِالْمَوْتِ وتهيأ لَهُ وهم يرْزقُونَ التنين فِي زمَان الرّبيع ويستمطرونه إِذا تحينوه كَمَا يستمطر الْغَيْث لحينه فيقذفون مِنْهُ كل سنة بِوَاحِد فيأكلونه عَامهمْ كُله إِلَى مثلهَا من قَابل فيعينهم على كثرتهم وَمَا هم فِيهِ فَإِذا أمطروا أخصبوا وعاشوا وسهئوا ورؤي أَثَره عَلَيْهِم فَدرت عَلَيْهِم الْإِنَاث وشبقت مِنْهُم الذُّكُور وَإِذا أخطأهم هزلوا وأحدثوا وجفلت مِنْهُم الذُّكُور وأحالت الْإِنَاث وَتبين أثر ذَلِك عَلَيْهِم وهم يتداعون تداعي الْحمام ويعوون عوي الذئاب ويتسافدون حَيْثُمَا الْتَقَوْا تسافد الْبَهَائِم ثمَّ لما عاين ذَلِك مِنْهُم ذُو القرنين انْصَرف إِلَى مَا بَين الصدفين فقاس مَا بَينهمَا - وَهِي فِي مُنْقَطع أَرض التّرْك مِمَّا يَلِي الشَّمْس - فَوجدَ بعد مَا بَينهمَا مائَة فَرسَخ فَلَمَّا أنشأ فِي عمله حفر لَهُ أساساً حَتَّى بلغ المَاء ثمَّ جعل عرضه خمسين فرسخاً وَجعل حشوه الصخور وطينه النّحاس يذاب ثمَّ يصب عَلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ عرق من جبل تَحت الأَرْض ثمَّ علا وشرفه بزبر الْحَدِيد والنحاس الْمُذَاب وَجعل خلاله عرقاً من نُحَاس أصفر فَصَارَ كَأَنَّهُ محبر من صفرَة النّحاس وحمرته وَسَوَاد

الْحَدِيد فَلَمَّا فرغ مِنْهُ وَأحكم انْطلق عَامِدًا إِلَى جمَاعَة الْإِنْس وَالْجِنّ فَبَيْنَمَا هُوَ يسير إِذْ رفع إِلَى أمة صَالِحَة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ فَوجدَ أمة مقسطة يقتسمون بِالسَّوِيَّةِ ويحكمون بِالْعَدْلِ ويتأسون ويتراحمون حَالهم وَاحِدَة وكلمتهم وَاحِدَة وأخلاقهم مشتبهة وطريقتهم مُسْتَقِيمَة وَقُلُوبهمْ مؤتلفة وسيرتهم مستوية وقبورهم بِأَبْوَاب بُيُوتهم وَلَيْسَ على بُيُوتهم أَبْوَاب وَلَيْسَ عَلَيْهِم أُمَرَاء وَلَيْسَ بَينهم قُضَاة وَلَيْسَ فيهم أَغْنِيَاء وَلَا مُلُوك وَلَا أَشْرَاف وَلَا يتفاوتون وَلَا يتفاضلون وَلَا يتنازعون وَلَا يستّبون وَلَا يقتتلون وَلَا يقحطون وَلَا يحردون وَلَا تصيبهم الْآفَات الَّتِي تصيب النَّاس وهم أطول النَّاس أعماراً وَلَيْسَ فيهم مِسْكين وَلَا فَقير وَلَا فظ وَلَا غليظ فَلَمَّا رأى ذَلِك ذُو القرنين من أَمرهم أعجب مِنْهُم وَقَالَ لَهُم: أخبروني أَيهَا الْقَوْم خبركم فَإِنِّي قد أحصيت الأَرْض كلهَا برهَا وبحرها وشرقها وغربها ونورها وظلمتها فَلم أجد فِيهَا أحدا مثلكُمْ فَأَخْبرُونِي خبركم قَالُوا: نعم سلنا عَمَّا تُرِيدُ قَالَ: أخبروني مَا بَال قبوركم على أَبْوَاب بُيُوتكُمْ قَالَ: عمدا فعلنَا ذَلِك لِئَلَّا ننسى الْمَوْت وَلَا يخرج ذكره من قُلُوبنَا قَالَ: فَمَا بَال بُيُوتكُمْ لَيْسَ عَلَيْهَا أَبْوَاب قَالُوا: لَيْسَ فِينَا متّهم وَلَيْسَ فِينَا إِلَّا أَمِين مؤتمن قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ عَلَيْكُم أُمَرَاء قَالُوا: لَيْسَ فِينَا مظالم قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ بَيْنكُم حكام قَالُوا: لَا نَخْتَصِم قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ فِيكُم أَغْنِيَاء قَالَ: لَا نتكاثر قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ فِيكُم أَشْرَاف قَالُوا: لَا نتنافس قَالَ: فَمَا بالكم لَا تتفاوتون وَلَا تتفاضلون قَالُوا: من قبل أَنا متواصلون متراحمون قَالَ: فَمَا بالكم لَا تتنازعون وَلَا تختلفون قَالُوا: من قبل ألفة قُلُوبنَا وَصَلَاح ذَات بَيْننَا قَالَ: فَمَا بالكم لَا تقتتلون وَلَا تستّبون قَالُوا: من قبل أَنا غلبنا طبائعنا بالعزم وسُسْنا أَنْفُسنَا بالحلم قَالَ: فَمَا بَال كلمتكم وَاحِدَة وطريقتكم مُسْتَقِيمَة قَالُوا: من قبل أَنا لَا نتكاذب وَلَا نتخادع فَلَا يغتاب بَعْضنَا بَعْضًا قَالَ: فَأَخْبرُونِي من أيي [] تشابهت قُلُوبكُمْ واعتدلت سيرتكم قَالُوا: صحت صدورنا فَنزع الله بذلك الغل والحسد من قُلُوبنَا قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ فِيكُم مِسْكين وَلَا فَقير قَالُوا: من قبل أَنا نقسم بِالسَّوِيَّةِ قَالَ: فَمَا بالكم لَيْسَ فِيكُم فظ وَلَا غليظ قَالُوا: من قبل الذل والتواضع قَالَ: فَمَا بالكم جُعِلْتُم أطول النَّاس أعماراً قَالُوا: من قبل أَنا نتعاطى الْحق ونحكم بِالْعَدْلِ قَالَ: فَمَا بالكم لَا تقحطون قَالُوا: لَا نغفل عَن الاسْتِغْفَار

قَالَ: فَمَا بالكم لَا تحردون قَالُوا: من قبل أَنا وطّنا أَنْفُسنَا للبلاء مُنْذُ كُنَّا وأحببناه وحرصنا عَلَيْهِ فعرينا مِنْهُ قَالَ: فَمَا بالكم لَا تصيبكم الْآفَات كَمَا تصيب النَّاس قَالُوا: لَا نتوكل على غير الله وَلَا نعمل بأنواء النُّجُوم قَالَ: حَدثُونِي أهكذا وجدْتُم آبائكم يَفْعَلُونَ قَالُوا: نعم وجدنَا آبَائِنَا يرحمون مساكينهم ويواسون فقراءهم ويعفون عَمَّن ظلمهم ويحسنون إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْهِم ويحلمون على من جهل عَلَيْهِم وَيَسْتَغْفِرُونَ لم سبهم وَيصلونَ أرحامهم ويردون أماناتهم ويحفظون وقتهم لصلاتهم ويوفون بعهودهم ويصدقون فِي مواعيدهم وَلَا يرغبون عَن أكفائهم وَلَا يستنكفون عَن أقاربهم فَأصْلح الله بذلك أَمرهم وحفظهم بِهِ مَا كَانُوا أَحيَاء وَكَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَن يخلفهم فِي تَركتهم فَقَالَ لَهُم ذُو القرنين: لَو كنتُ مُقيما لأقمت فِيكُم وَلَكِنِّي لم أُؤمر بِالْإِقَامَةِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: كَانَ لذِي القرنين صديق من الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُ زرافيل وَكَانَ لَا يزَال يتعاهده بِالسَّلَامِ فَقَالَ لَهُ ذُو القرنين: يَا زرافيل هَل تعلم شَيْئا يزِيد فِي طول الْعُمر لنزداد شكرا وَعبادَة قَالَ: مَا لي بذلك علم وَلَكِن سأسأل لَك عَن ذَلِك فِي السَّمَاء فعرج زرافيل إِلَى السَّمَاء فَلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث ثمَّ هَبَط فَقَالَ: إِنِّي سَأَلت عَمَّا سَأَلتنِي عَنهُ فَأخْبرت أَن لله عينا فِي ظلمَة هِيَ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الشهد من شرب مِنْهَا شربة لم يمت حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يسْأَل الله الْمَوْت قَالَ: فَجمع ذُو القرنين عُلَمَاء الأَرْض إِلَيْهِ فَقَالَ: هَل تعلمُونَ أَن لله عينا فِي ظلمَة فَقَالُوا: مَا نعلم ذَلِك فَقَامَ إِلَيْهِ رجل شَاب فَقَالَ: وَمَا حَاجَتك إِلَيْهَا أَيهَا الْملك قَالَ: لي بهَا حَاجَة قَالَ: فَإِنِّي أعلم مَكَانهَا قَالَ: وَمن أَيْن علمت مَكَانهَا قَالَ: قَرَأت وَصِيَّة آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَوجدت فِيهَا: إِن لله عينا خلف مطلع الشَّمْس فِي ظلمَة مَاؤُهَا أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الشهد من شرب مِنْهَا شربة لم يمت حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يسْأَل الله الْمَوْت فَسَار ذُو القرنين من مَوْضِعه الَّذِي كَانَ فِيهِ اثْنَتَيْ عشرَة سنة حَتَّى انْتهى إِلَى مطلع الشَّمْس عَسْكَر وَجمع الْعلمَاء فَقَالَ: إِنِّي أُرِيد أَن أسلك هَذِه الظلمَة بكم فَقَالُوا: إِنَّا نعيذك بِاللَّه أَن تسلك مسلكاً لم يسلكه أحدا من بني آدم قطّ قبلك قَالَ: لَا بُد أَن أسلكها قَالُوا: إِنَّا نعيذك أَن تسلك بِنَا هَذِه الظلمَة فَإنَّا لَا

نَأْمَن أَن ينفتق علينا بهَا أَمر يكون فِيهِ فَسَاد الأَرْض قَالَ: لَا بُد أَن أسلكها قَالُوا: فشأنك فَسَأَلَهُمْ أَي الدَّوَابّ أبْصر قَالُوا: الْخَيل قَالَ: فَأَي الْخَيل أبْصر قَالُوا: الْإِنَاث قَالَ: فَأَي الْإِنَاث أبْصر قَالُوا: الْأَبْكَار فانتقى سِتَّة آلَاف فرس أُنْثَى بكر ثمَّ انتخب من عسكره ستى آلَاف رجل فَدفع إِلَى كل رجل مِنْهُم فرسا وَولى الْخضر مِنْهَا على ألفي فَارس ثمَّ جعله على مقدمته ثمَّ قَالَ: سرْ أَمَامِي فَقَالَ لَهُ الْخضر: أَيهَا الْملك إِنِّي لست آمن هَذِه الْأمة الضلال فَيَتَفَرَّق النَّاس مني فَدفع إِلَيْهِ خرزة حَمْرَاء فَقَالَ: إِذا تفرق النَّاس فارم هَذِه الخرزة فَإِنَّهَا ستضيء لَك وتصوت حَتَّى تجمع إِلَيْك أهل الضلال واستخلف على النَّاس خَليفَة وَأمره أَن يُقيم فِي عسكره اثْنَتَيْ عشرَة سنة فَإِن هُوَ رَجَعَ إِلَى ذَلِك وَإِلَّا أَمر النَّاس أَن يتفرقوا فِي بلدانهم ثمَّ أَمر الْخضر فَسَار أَمَامه فَكَانَ الْخضر إِذا أَتَاهُ ذُو القرنين رَحل من منزله وَنزل ذُو القرنين فِي منزل الْخضر الَّذِي كَانَ فِيهِ فَبينا الْخضر يسير فِي تِلْكَ الظلمَة إِذْ تفرق النَّاس عَنهُ فَطرح الخرزة من يَده فَإِذا هِيَ على شَفير الْعين وَالْعين فِي وادٍ فأضاء لَهُ مَا حول الْبِئْر فَنزل الْخضر وَنزع ثِيَابه وَدخل الْعين فَشرب مِنْهَا واغتسل ثمَّ خرج فَجمع عَلَيْهِ ثِيَابه ثمَّ أَخذ الخرزة وَركب وَخَالفهُ ذُو القرنين فِي غير الطَّرِيق الَّذِي أَخذ فِيهِ الخضرز فَسَارُوا فِي تِلْكَ الظلمَة فِي مِقْدَار سِتّ لَيَال وأيامهن وَلم تكن ظلمَة كظلمة اللَّيْل إِنَّمَا كَانَت ظلمَة كَهَيئَةِ ضباب حَتَّى خَرجُوا إِلَى أَرض ذَات نور لَيْسَ فِيهَا شمس وَلَا قمر وَلَا نجم فَعَسْكَرَ ثمَّ نزل النَّاس ثمَّ ركب ذُو القرنين وَحده فَسَار حَتَّى انْتهى إِلَى قصر طوله فَرسَخ فِي فَرسَخ فَدخل الْقصر فَإِذا هُوَ بعمود على حافتي الْقصر وَإِذا طَائِر مَذْمُوم بِأَنْفِهِ سلسلة معلقَة فِي ذَلِك الْعود شبه الخطاف أَو قريب من الخطاف فَقَالَ لَهُ الطير: من أَنْت قَالَ أَنا ذُو القرنين قَالَ لَهُ الطير: يَا ذَا القرنين أما كَفاك مَا وَرَاءَك حَتَّى تناولت الظلمَة أنبئني يَا ذَا القرنين قَالَ: سل قَالَ: هَل كثر بُنيان من الجص والآجر فِي النَّاس قَالَ: نعم فانتفخ الطير حَتَّى سد ثلث مَا بَين الحائطين ثمَّ قَالَ: يَا ذَا القرنين أنبئني قَالَ: سل قَالَ: هَل كثرت المعازف فِي النَّاس قَالَ: نعم فانتفخ حَتَّى سد ثُلثي مَا بَين الحائطين ثمَّ قَالَ: يَا ذَا القرنين أنبئني قَالَ: سل قَالَ: هَل كثرت شَهَادَة الزُّور فِي النَّاس قَالَ: نعم فانتفخ حَتَّى سد مَا بَين الحائطين واجث ذُو القرنين مِنْهُ فرقا قَالَ لَهُ الطير: يَا ذَا القرنين لَا تخف أنبئني قَالَ: سل

قَالَ: هَل ترك النَّاس شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ: لَا قَالَ: هَل ترك النَّاس الْغسْل من الْجَنَابَة قَالَ: لَا قَالَ: فانضم ثُلُثَاهُ قَالَ: يَا ذَا القرنين أنبئني قَالَ: سل قَالَ: هَل ترك النَّاس الْمَكْتُوبَة قَالَ: لَا فانضم الطير حَتَّى عَاد كَمَا كَانَ ثمَّ قَالَ: يَا ذَا القرنين انْطلق إِلَى تِلْكَ الدرجَة فاصعدها فَإنَّك ستلقى من تسأله ويخبرك فَسَار حَتَّى انْتهى إِلَى دَرَجَة مدرجة فَصَعدَ عَلَيْهَا فَإِذا هُوَ بسطح مَمْدُود لَا يرى طرفاه وَإِذا رجل شَاب قَائِم شاخص ببصره إِلَى السَّمَاء وَاضع يَده على فَمه قد قدم رجلا وَأخر أُخْرَى فَسلم عَلَيْهِ ذُو القرنين فَرد عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ قَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: أَنا ذُو القرنين قَالَ: يَا ذَا القرنين أما كَفاك مَا وَرَاءَك حَتَّى قطعت الظلمَة ووصلت إِلَيّ قَالَ: وَمن أَنْت قَالَ: أَنا صَاحب الصُّور قد قدمت رجلا وأخرت أُخْرَى وَوضعت الصُّور على فمي وَأَنا شاخص ببصري إِلَى السَّمَاء أنْتَظر أَمر رَبِّي ثمَّ تنَاول حجرا فَدفعهُ فَقَالَ: انْصَرف فَإِن هَذَا الْحجر سيخبرك بِتَأْوِيل مَا أردْت فتصرف [فَانْصَرف] ذُو القرنين حَتَّى أَتَى عسكره فَنزل وَجمع إِلَه الْعلمَاء فَحَدثهُمْ بِحَدِيث الْقصر وَحَدِيث العمود وَالطير وَمَا قَالَ لَهُ وَمَا رد عَلَيْهِ حَدِيث صَاحب الصُّور وَأَنه قد دفع إِلَيْهِ هَذَا الْحجر وَقَالَ: إِنَّه سيخبرني بِتَأْوِيل مَا جِئْت بِهِ فَأَخْبرُونِي عَن هَذَا الْحجر مَا هُوَ وَأي شَيْء أَرَادَ بِهَذَا قَالَ: فدعوا بميزان وَوضع حجر صَاحب الصُّور فِي إِحْدَى الكفتين وَوضع حجر مثله فِي الكفة الْأُخْرَى فرجح بِهِ ثمَّ وضع مَعَه حجر آخر رجح بِهِ ثمَّ وضع مائَة حجر فرجح بهَا حَتَّى وضع ألف حجر فرجح بهَا فَقَالَ ذُو القرنين: هَل عِنْد أحد مِنْكُم فِي هَذَا الْحجر من علم قَالَ - وَالْخضر قَاعد بِحَالهِ لَا يتَكَلَّم - فَقَالَ لَهُ: يَا خضر هَل عنْدك فِي هَذَا الْحجر من علم قَالَ: نعم قَالَ: وَمَا هُوَ قَالَ الْخضر: أَيهَا الْملك إِن الله ابتلى الْعَالم بالعالم وابتلى النَّاس بَعضهم بِبَعْض وَإِن الله ابتلاك بِي وابتلاني بك فَقَالَ لَهُ ذُو القرنين: مَا أَرَاك إِلَّا قد ظَفرت بِالْأَمر الَّذِي جِئْت أطلبه قَالَ لَهُ الْخضر: قد كَانَ ذَلِك قَالَ: فائتني فَأخذ الْمِيزَان وَوضع حجر صَاحب الصُّور فِي إِحْدَى الكفتين وَوضع فِي الكفة الْأُخْرَى حجرا وَأخذ قَبْضَة من تُرَاب فوضعها مَعَ الْحجر ثمَّ رفع الْمِيزَان فرجح الْحجر الَّذِي مَعَه التُّرَاب على حجر صَاحب الصُّور فَقَالَت الْعلمَاء: سُبْحَانَ الله رَبنَا وَضعنَا مَعَ ألف حجر فَمَال لَهَا وَوضع الْخضر مَعَه حجرا وَاحِدًا وقبضة من تُرَاب فَمَال لَهُ فَقَالَ لَهُ ذُو القرنين:

أَخْبرنِي بِتَأْوِيل هَذَا قَالَ: أخْبرك إِنَّك مكنت من مشرق الأَرْض وَمَغْرِبهَا فَلم يكفك ذَلِك حَتَّى تناولت الظلمَة حَتَّى وصلت إِلَى صَاحب الصُّور وَإنَّهُ لَا يمْلَأ عَيْنك إِلَّا التُّرَاب قَالَ: صدقت ورحل ذُو القرنين فَرجع فِي الظلمَة رَاجعا فَجعلُوا يسمعُونَ خشخشة تَحت سنابك خيلهم فَقَالُوا: أَيهَا الْملك مَا هَذِه الخشخشة الَّتِي نسْمع تَحت سنابك خَيْلنَا قَالَ: من أَخذ مِنْهُ نَدم وَمن تَركه نَدم فَأخذت مِنْهُ طَائِفَة وَتركت طَائِفَة فَلَمَّا برزوا بِهِ إِلَى الضَّوْء نظرُوا فَإِذا هُوَ بالزبرجد فندم الْآخِذ أَن لَا يكون ازْدَادَ وَنَدم التارك أَن لَا يكون أَخذ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رحم الله أخي ذَا القرنين دخل الظلمَة وَخرج مِنْهَا زاهداً أما إِنَّه لَو خرج مِنْهَا رَاغِبًا لما ترك مِنْهَا حجرا إِلَّا أخرجه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَقَامَ بدومة الجندل فعبد الله فِيهَا حَتَّى مَاتَ وَلَفظ أبي الشَّيْخ: قَالَ أَبُو جَعْفَر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رحم الله أخي ذَا القرنين لَو ظفر بالزبرجد فِي مبداه مَا ترك مِنْهُ شَيْئا حَتَّى يُخرجهُ إِلَى النَّاس لِأَنَّهُ كَانَ رَاغِبًا فِي الدُّنْيَا وَلكنه ظفر بِهِ وَهُوَ زاهد فِي الدُّنْيَا لَا حَاجَة لَهُ فِيهَا وَأخرج ابْن إِسْحَق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَن سُئِلَ عَن ذِي القرنين فَقَالَ: كَانَ عبدا أحب الله فَأَحبهُ وناصح الله فناصحه فَبَعثه إِلَى قوم يَدعُوهُم إِلَى الله فَدَعَاهُمْ إِلَى الله وَإِلَى الْإِسْلَام فضربوه على قرنه الْأَيْمن فَمَاتَ فأمسكه الله مَا شَاءَ ثمَّ بَعثه فَأرْسلهُ إِلَى أمة أُخْرَى يَدعُوهُم إِلَى الله وَإِلَى الْإِسْلَام فضربوه على قرنه الْأَيْسَر فَمَاتَ فأمسكه الله مَا شَاءَ ثمَّ بَعثه فَسخرَ لَهُ السَّحَاب وخيّره فِيهِ فَاخْتَارَ صعبه على ذلوله - وصعبه الَّذِي لَا يمطر - وَبسط لَهُ النُّور ومدّ لَهُ الْأَسْبَاب وَجعل اللَّيْل وَالنَّهَار عَلَيْهِ سَوَاء فبذلك بلغ مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن ذَا القرنين لما بلغ الْجَبَل الَّذِي يُقَال لَهُ قَاف ناداه ملك من الْجَبَل: أَيهَا الخاطئ ابْن الخاطئ جِئْت حَيْثُ لم يجِئ أحد من قبلك وَلَا يَجِيء أحد بعْدك فَأَجَابَهُ ذُو القرنين: وَأَيْنَ أَنا قَالَ لَهُ الْملك: أَنْت فِي الأَرْض السَّابِعَة فَقَالَ ذُو القرنين: مَا ينجيني فَقَالَ: ينجيك الْيَقِين فَقَالَ ذُو القرنين: اللَّهُمَّ ارزقني يَقِينا فأنجاه الله قَالَ لَهُ الْملك: إِنَّه ستأتي إِلَى قوم فتبني لَهُم سداً فَإِذا أَنْت بنيته وفرغت مِنْهُ فَلَا تحدث نَفسك أَنَّك

بنيته بحول مِنْك أَو قُوَّة فيسلط الله على بنيانك أَضْعَف خلقه فيهدمه ثمَّ قَالَ لَهُ ذُو القرنين: مَا هَذَا الْجَبَل قَالَ: هَذَا الْجَبَل الَّذِي يُقَال لَهُ قَاف وَهُوَ أَخْضَر وَالسَّمَاء بَيْضَاء وَإِنَّمَا خضرتها من هَذَا الْجَبَل وَهَذَا الْجَبَل أم الْجبَال وَالْجِبَال كلهَا من عروقه فَإِذا أَرَادَ الله أَن يزلزل قَرْيَة حرك مِنْهُ عرقاً ثمَّ إِن الْملك نَاوَلَهُ عنقوداً من عِنَب وَقَالَ لَهُ: حَبَّة ترويك وحبة تشبعك وَكلما أخذت مِنْهُ حَبَّة عَادَتْ مَكَانهَا حَبَّة ثمَّ خرج من عِنْده فجَاء الْبُنيان الَّذِي أَرَادَ الله فَقَالُوا اه: {يَا ذَا القرنين إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج مفسدون فِي الأَرْض} إِلَى قَوْله: {أجعَل بَيْنكُم وَبينهمْ ردماً} قَالَ عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ: هم منسك وناسك وَتَأْويل وراحيل وَقَالَ أَبُو سعيد رَضِي الله عَنهُ: هم خَمْسَة وَعِشْرُونَ قَبيلَة من وَرَاء يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَأخرج الْحَاكِم عَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ملك الأَرْض أَرْبَعَة: سُلَيْمَان وَذُو القرنين وَرجل من أهل حلوان وَرجل آخر فَقيل لَهُ: الْخضر قَالَ: لَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن ذَا القرنين ملك الأَرْض كلهَا إِلَّا بلقيس صَاحِبَة مأرب فَإِذا ذَا القرنين كلن يلبس ثِيَاب الْمَسَاكِين ثمَّ يدْخل الْمَدَائِن فَينْظر من عورتها قبل أَن يقتل أَهلهَا فَأخْبرت بذلك بلقيس فَبعثت رَسُولا ينظر إِلَيْهِ فيصوّر لَهَا صورته فِي ملكه حِين يقْعد وَصورته فِي ثِيَاب الْمَسَاكِين ثمَّ جعلت كل يَوْم تطعم الْمَسَاكِين وتجمعهم فَجَاءَهَا رسولها فِي صورته فَجعلت إِحْدَى صورتيه تَلِيهَا وَالْأُخْرَى على بَاب الأسطوانة فَكَانَت تطعم الْمَسَاكِين كل يَوْم فَإِذا فرغوا عرضتهم وَاحِدًا وَاحِدًا فَيخْرجُونَ حَتَّى جَاءَ ذُو القرنين فِي ثِيَاب الْمَسَاكِين فَدخل مدينتها ثمَّ جلس مَعَ الْمَسَاكِين إِلَى طعامها فقربت إِلَيْهِم الطَّعَام فَلَمَّا فرغوا أخرجتهم وَاحِدًا وَاحِدًا وَهِي تنظر إِلَى صورته فِي ثِيَاب الْمَسَاكِين حَتَّى مر ذُو القرنين فَنَظَرت إِلَى صورته فَقَالَت: أجلسوا هَذَا وأخرجوا من بَقِي من الْمَسَاكِين فَقَالَ لَهَا: لم أجلستني وَإِنَّمَا أَنا مِسْكين قَالَت: لَا أَنْت ذُو القرنين هَذِه صُورَتك فِي ثِيَاب الْمَسَاكِين وَالله لَا تُفَارِقنِي حَتَّى تكْتب لي أَمَانًا بملكي أَو أضْرب عُنُقك فَلَمَّا رأى ذَلِك كتب لَهَا أَمَانًا فَلم ينج أحد مِنْهُ غَيرهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ملك ذُو القرنين اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشيخفي العظمة عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر

رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ ذُو القرنين فِي بعض مسيره فَمر بِقوم قُبُورهم على أَبْوَاب بُيُوتهم وَإِذا ثِيَابهمْ لون وَاحِد وَإِذا هم رجال كلهم لَيْسَ فيهم امْرَأَة فتوسم رجلا مِنْهُم فَقَالَ لَهُ: لقد رَأَيْت شَيْئا مَا رَأَيْت فِي شَيْء من مسري قَالَ: وَمَا هُوَ فوصف لَهُ مَا رأى مِنْهُم قَالُوا: أما هَذِه الْقُبُور على أبوابنا فَإنَّا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب أَحَدنَا فَيخرج فَيرى الْقُبُور وَيرجع إِلَى نَفسه فَيَقُول: إِلَى هَذَا الْمصير وإليها صَار من كَانَ قبلي وَأما هَذِه الثِّيَاب فَإِنَّهُ لَا يكَاد الرجل منا يلبس ثيابًا أحسن من صَاحبه إِلَّا رأى لَهُ بذلك فضلا على جليسه وَأما قَوْلك: رجال كلكُمْ لَيْسَ مَعكُمْ نسَاء فلعمري لقد خلقنَا من ذكر وَأُنْثَى وَلَكِن هَذَا الْقلب لَا يشغل بِشَيْء إِلَّا شغل بِهِ فَجعلنَا نسائنا وَذُرِّيَّتنَا فِي قَرْيَة قريبَة وَإِذا أَرَادَ الرجل من أَهله مَا يُرِيد الرجل أَتَاهَا فَكَانَ مَعهَا اللَّيْلَة والليلتين ثمَّ يرجع إِلَى مَا هَهُنَا لأَنا خلونا هَهُنَا لِلْعِبَادَةِ فَقَالَ: مَا كنت لأعظكم بِشَيْء أفضل مِمَّا وعظتم بِهِ أَنفسكُم سلني مَا شِئْت قَالَ: من أَنْت قَالَ أَنا ذُو القرنين قَالَ: مَا أَسأَلك وَأَنت لَا تملك لي شَيْئا قَالَ: وَكَيف وَقد آتَانِي الله من كل شَيْء سَببا قَالَ: أتقدر على أَن تَأتِينِي بِمَا لم يقدر لي وَلَا تصرف عني مَا قدر لي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما بلغ ذُو القرنين مطلع الشَّمْس قَالَ لَهُ ملكهَا: يَا ذَا القرنين صف لي النَّاس قَالَ: إِن محادثتك من لَا يعقل بِمَنْزِلَة من يضع الموائد لأهل الْقُبُور ومحادثتك من يعقل بِمَنْزِلَة من يبلّ الصَّخْرَة حَتَّى تبتل أَو يطْبخ الْحَدِيد يلْتَمس أدمه وَنقل الْحِجَارَة من رُؤُوس الْجبَال أيسر من محادثتك من لَا يعقل الْآيَة 84 - 85

84

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ من كل شَيْء سَببا} قَالَ: علما وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فأتبع سَببا} قَالَ: الْمنزل

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ من كل شَيْء سَببا} قَالَ: علما من ذَلِك تَعْلِيم الْأَلْسِنَة كَانَ لَا يعرف قوما إِلَّا كَلمهمْ بلسانهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن أبي هِلَال رَضِي الله عَنهُ أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ لكعب الْأَحْبَار: تَقول أَن ذَا القرنين كَانَ يرْبط خيله بالثنايا قَالَ لَهُ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: إِن كنت قلت ذَاك فَإِن الله قَالَ: {وَآتَيْنَاهُ من كل شَيْء سَببا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ من كل شَيْء سَببا} قَالَ: منَازِل الأَرْض وأعلامها وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فأتبع سَببا} قَالَ: منزلا وطرفاً من الْمشرق إِلَى الْمغرب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فأتبع سَببا} قَالَ: هَذِه لِأَن الطَّرِيق كَمَا قَالَ فِرْعَوْن لهامان (ابْن لي صرحاً لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب) (غَافِر آيَة 36) أَسبَاب السَّمَوَات طَرِيق السَّمَوَات قَالَ: وَالشَّيْء يكون اسْمه وَاحِدًا وَهُوَ متفرق فِي الْمَعْنى وَقَرَأَ (وتقطعت بهم الْأَسْبَاب) (الْبَقَرَة آيَة 166) قَالَ: أَسبَاب الْأَعْمَال الْآيَة 86

86

أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عُثْمَان بن أبي حَاضر أَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ذكر لَهُ أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَرَأَ الْآيَة فِي سُورَة الْكَهْف تغرب فِي عين حامية قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَقلت لمعاوية رَضِي الله عَنهُ: مَا نقرؤها إِلَّا {حمئة} فَسَأَلَ مُعَاوِيَة عبد الله بن عَمْرو: كَيفَ تقرؤها فَقَالَ عبد الله: كَمَا قرأتها قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَقلت لمعاوية: فِي بَيْتِي نزل الْقُرْآن فَأرْسل إِلَى كَعْب فَقَالَ لَهُ:

أَيْن تَجِد الشَّمْس تغرب فِي التَّوْرَاة فَقَالَ لَهُ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: سل أهل الْعَرَبيَّة فَإِنَّهُم أعلم بهَا وَأما أَنا فَإِنِّي أجد الشَّمْس تغرب فِي التَّوْرَاة فِي مَاء وطين - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمغرب - قَالَ ابْن أبي حَاضر رَضِي الله عَنهُ: لَو أَنِّي عندكما أيدتك بِكَلَام وتزداد بِهِ بَصِيرَة فِي {حمئة} قَالَ ابْن عَبَّاس: وَمَا هُوَ قلت: فِيمَا نأثر قَول تبع فِيمَا ذكر بِهِ ذَا القرنين فِي كلفه بِالْعلمِ وإتباعه إِيَّاه: قد كَانَ ذُو القرنين عَمْرو مُسلما ملكا تدين لَهُ الْمُلُوك وتحسد فَأتى الْمَشَارِق والمغارب يَبْتَغِي أَسبَاب ملك من حَكِيم مرشد فَرَأى مغيب الشَّمْس عِنْد غُرُوبهَا فِي عين ذِي خلب وثاط حرمد فَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَا الخلب قلت: الطين بكلامهم قَالَ: فَمَا الثاط قلت: الحمأة قَالَ: فَمَا الحرمد قلت: الْأسود فَدَعَا ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا غُلَاما فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ مَا يَقُول هَذَا الرجل وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {فِي عين حمئة} وَأخرج الْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ {فِي عين حمئة} وَأخرج الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ بن سعيد رَضِي الله عَنهُ فِي إِيضَاح الْإِشْكَال من طَرِيق مصداع بن يحيى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أَقْرَأَنِيهِ أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ كَمَا أقرأه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {تغرب فِي عين حمئة} مُخَفّفَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الأعوج قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يقْرؤهَا {فِي عين حمئة} ثمَّ قَرَأَهَا / ذَات حمئة / وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ {فِي عين حمئة} قَالَ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: مَا سَمِعت أحدا يقْرؤهَا كَمَا هِيَ فِي كتاب الله غير ابْن عَبَّاس فَإنَّا نجدها فِي التَّوْرَاة تغرب فِي حمئة سَوْدَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خَالَفت عَمْرو بن الْعَاصِ عِنْد مُعَاوِيَة فِي {حمئة} وحامية قرأتها

{فِي عين حمئة} فَقَالَ عَمْرو: حامية فسألنا كَعْبًا فَقَالَ: إِنَّهَا فِي كتاب الله الْمنزل تغرب فِي طِينَة سَوْدَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن حَاضر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كُنَّا عِنْد مُعَاوِيَة فَقَرَأَ تغرب فِي عين حامية فَقلت لَهُ: مَا نقرؤها إِلَّا {فِي عين حمئة} فَأرْسل مُعَاوِيَة إِلَى كَعْب فَقَالَ: أَيْن تَجِد الشَّمْس فِي التَّوْرَاة تغرب قَالَ: أما الْعَرَبيَّة فَلَا علم لي بهَا وَأما أَنا فأجد الشَّمْس فِي التَّوْرَاة تغرب فِي مَاء وطين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن طَلْحَة بن عبيد الله أَنه كَانَ يقْرَأ فِي عين حامية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي عين حامية يَقُول: حارة وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: نظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الشَّمْس حِين غَابَتْ فَقَالَ: نَار الله الحامية لَو مَا يزعها من أَمر الله لأحرقت مَا على الأَرْض وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر قَالَ: كنت ردف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على حمَار فَرَأى الشَّمْس حِين غربت فَقَالَ: أَتَدْرِي أَيْن تغرب قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِنَّهَا تغرب فِي عين حامية غير مَهْمُوزَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: بَلغنِي أَن الشَّمْس تغرب فِي عين تقذفها الْعين إِلَى الْمشرق وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مردوية عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَوجد عِنْدهَا قوما} قَالَ: مَدِينَة لَهَا اثْنَا عشر ألفا بَاب لَوْلَا أصوات أَهلهَا لسمع النَّاس دوِي الشَّمْس حِين تجب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعد بن أبي صَالح قَالَ: كَانَ يُقَال: لَوْلَا لغط أهل الرومية سمع النَّاس وجبة الشَّمْس حِين تقع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: لَوْلَا أصوات الصنافر لسمع وجبة الشَّمْس حِين تقع عِنْد غُرُوبهَا

الْآيَة 87 - 100

87

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله: {قَالَ أما من ظلم} قَالَ: من أشرك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَسَوف نعذبه} قَالَ: الْقَتْل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ عَذَابه أَن يجعلهم فِي بقر من صفر ثمَّ توقد تَحْتهم النَّار حَتَّى يتقطعوا فِيهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلهُ جَزَاء الْحسنى} قَالَ: الْحسنى لَهُ جَزَاء

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وسنقول لَهُ من أمرنَا يسرا} قَالَ: مَعْرُوفا وَالله تَعَالَى أعلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {حَتَّى إِذا بلغ مطلع الشَّمْس} الْآيَة قَالَ: حدثت عَن الْحسن عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {لم نجْعَل لَهُم من دونهَا سترا} أَنَّهَا لم يبن فِيهَا بِنَاء قطّ كَانُوا إِذا طلعت الشَّمْس دخلُوا أسراباً لَهُم حَتَّى تَزُول الشَّمْس وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَزَّار فِي أَمَالِيهِ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله: {تطلع على قوم لم نجْعَل لَهُم من دونهَا سترا} قَالَ: أَرضهم لَا تحْتَمل الْبناء فَإِذا طلعت الشَّمْس تغور فِي الْمِيَاه فَإِذا غَابَتْ خَرجُوا يتراعون كَمَا ترعى الْبَهَائِم ثمَّ قَالَ الْحسن: هَذَا حَدِيث سَمُرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَنهم بِأَرْض لَا يثبت لَهُم فِيهَا شَيْء فهم إِذا طلعت دخلُوا فِي أسراب حَتَّى إِذا زَالَت الشَّمْس خَرجُوا إِلَى حروثهم ومعايشهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سَلمَة بن كهيل فِي الْآيَة قَالَ: لَيست لَهُم أكناف إِذا طلعت الشَّمْس طلعت عَلَيْهِم لأَحَدهم أذنان يفترش وَاحِدَة ويلبس الْأُخْرَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وجدهَا تطلع على قوم} الْآيَة قَالَ: يُقَال لَهُم الزنج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: تطلع على قوم حمر قصار مساكنهم الغيران فَيلقى لَهُم سمك أَكثر معيشتهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {بِمَا لَدَيْهِ خَبرا} قَالَ: علما وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {حَتَّى إِذا بلغ بَين السدين} قَالَ: الجبلين أرمينية وأذربيجان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {قوما لَا يكادون يفقهُونَ قولا} قَالَ: التّرْك

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن تَمِيم بن جذيم أَنه كَانَ يقْرَأ {لَا يكادون يفقهُونَ قولا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: أَتَيْنَا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا وَهُوَ فِي قبَّة آدم لَهُ فَخرج إِلَيْنَا فَحَمدَ الله ثمَّ قَالَ: أبشركم أَنكُمْ ربع أهل الْجنَّة فَقُلْنَا: نعم يَا رَسُول الله فَقَالَ: أبشركم أَنكُمْ ثلث أهل الْجنَّة فَقُلْنَا: نعم يَا نَبِي الله قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا نصف أهل الْجنَّة إِن مثلكُمْ فِي سَائِر الْأُمَم كَمثل شَعْرَة بَيْضَاء فِي جنب ثَوْر أسود أَو شَعْرَة سَوْدَاء فِي جنب ثَوْر أَبيض إِن بعدكم يَأْجُوج وَمَأْجُوج إِن الرجل مِنْهُم ليترك بعده من الذُّرِّيَّة ألفا فَمَا زَاد وَإِن وراءكم ثَلَاث أُمَم: منسك وتاويل وتاريس لَا يعلم عدتهمْ إِلَّا الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق الْبكالِي عَن عبد الله بن عمر قَالَ: إِن الله جزأ الْمَلَائِكَة وَالْإِنْس وَالْجِنّ عشرَة أَجزَاء تِسْعَة أَجزَاء مِنْهُم الْمَلَائِكَة وجزء وَاحِد الْجِنّ وَالْإِنْس وجزأ الْمَلَائِكَة عشرَة أَجزَاء تِسْعَة مِنْهُم الكروبيون الَّذِي يسبحون اللَّيْل وَالنَّهَار لَا يفترون وجزء وَاحِد لرسالاته ولخزائنه وَمَا يَشَاء من أمره وجزأ الْإِنْس وَالْجِنّ عشرَة أَجزَاء فتسعة مِنْهُم الْجِنّ وَالْإِنْس جُزْء وَاحِد فَلَا يُولد من الْإِنْس ولد إِلَّا ولد من الْجِنّ تِسْعَة وجزأ الْإِنْس عشرَة أَجزَاء تِسْعَة مِنْهُم يَأْجُوج وَمَأْجُوج وجزء سَائِر النَّاس وَالسَّمَاء ذَات الحبك قَالَ: السَّمَاء السَّابِعَة وَالْحرم بحيالة الْعَرْش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة أَن يَأْجُوج وَمَأْجُوج يزِيدُونَ على الْإِنْس الضعفين وَأَن الْجِنّ يزِيدُونَ على الْإِنْس الضعفين وَأَن يَأْجُوج وَمَأْجُوج رجلَانِ اسْمهَا يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَأخرج عبد الرَّزَّاق ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: إِن الله جزأ الْإِنْس عشرَة أَجزَاء تِسْعَة مِنْهُم يَأْجُوج وَمَأْجُوج وجزء سَائِر النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: صوّرت الدُّنْيَا على خمس صور على صُورَة الطير بِرَأْسِهِ والصدر والجناحين والذنب فالمدينة وَمَكَّة واليمن الرَّأْس والصدر مصر وَالْعراق والجناح الْأَيْمن الْعرَاق وَخلف الْعرَاق أمة يُقَال لَهَا واق وَخلف واق أمة يُقَال وقواق وَخلف

ذَلِك من الْأُمَم مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى والجناح الْأَيْسَر السَّنَد وَخلف السَّنَد الْهِنْد وَخلف الْهِنْد أمة يُقَال لَهَا ناسك وَخلف ذَلِك أمة يُقَال لَهَا منسك وَخلف ذَلِك من الْأُمَم مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى والذنب من ذَات الْحمام إِلَى مغرب الشَّمْس وَشر مَا فِي الطير الذَّنب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عَبدة بن أبي لبَابَة أَن الدُّنْيَا سَبْعَة أقاليم: فيأجوج وَمَأْجُوج فِي سِتَّة أقاليم وَسَائِر النَّاس فِي إقليم وَاحِد وَأخرج ابْن جرير عَن وهب بن جَابر الحيواني قَالَ: سَأَلت عبد الله بن عَمْرو عَن يَأْجُوج وَمَأْجُوج: أَمن آدم هم قَالَ: نعم وَمن بعدهمْ ثَلَاث أُمَم لَا يعلم عَددهمْ إِلَّا الله تاويل وتاريس ومنسك وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: يَأْجُوج وَمَأْجُوج لَهُم أَنهَار يلقون مَا شاؤوا وَنسَاء يُجَامِعُونَ مَا شاؤوا وَشَجر يُلَقِّحُونَ مَا شاؤوا وَلَا يَمُوت رجل إِلَّا ترك من ذُريَّته ألفا فَصَاعِدا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: يَأْجُوج وَمَأْجُوج أمتان فِي كل أمة أَرْبَعمِائَة أمة لَا تشبه وَاحِدَة مِنْهُم الْأُخْرَى وَلَا يَمُوت الرجل مِنْهُم حَتَّى ينظر فِي مائَة عين من وَلَده وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: خلق يَأْجُوج وَمَأْجُوج ثَلَاث أَصْنَاف صنف أجسامهم كالأرز وصنف أَرْبَعَة أَذْرع طول وَأَرْبَعَة أَذْرع عرض وضنف يفترشون آذانهم ويلتحفون بِالْأُخْرَى يَأْكُلُون مشائم نِسَائِهِم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن خَالِد الْأَشَج قَالَ: إِن بني آدم وَبني إِبْلِيس ثَلَاثَة أَثلَاث: فثلثان بَنو إِبْلِيس وَثلث بَنو آدم وَبَنُو آدم ثَلَاثَة أَثلَاث: ثلثان يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَثلث سَائِر النَّاس وَالنَّاس بعد ثَلَاث أَثلَاث: ثلث الأندلس وَثلث الْحَبَشَة وَثلث سَائِر النَّاس الْعَرَب والعجم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: يَأْجُوج وَمَأْجُوج ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ قَبيلَة فسد ذُو القرنين على إِحْدَى وَعشْرين قَبيلَة وَترك قَبيلَة وهم الأتراك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه سُئِلَ عَن التّرْك فَقَالَ: هم سيارة لَيْسَ لَهُم أصل هم من يَأْجُوج وَمَأْجُوج لكِنهمْ خَرجُوا يغيرون على النَّاس فجَاء ذُو القرنين فسدّ بَينهم وَبَين قَومهمْ فَذَهَبُوا سيارة فِي الأَرْض

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج خمس وَعِشْرُونَ أمة لَيْسَ مِنْهَا أمة تشبه الْأُخْرَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْمثنى الأملوكي قَالَ: إِن الله ذَرأ لِجَهَنَّم يَأْجُوج وَمَأْجُوج لم يكن فيهم صديق قطّ وَلَا يكون ابداً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: مَا مَاتَ رجل من يَأْجُوج وَمَأْجُوج إِلَّا ترك ألف ذُرِّيَّة لصلبه فَصَاعِدا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج شبر وشبران وأطوالهم ثَلَاثَة أشبار وهم من ولد آدم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج من ولد آدم وَلَو أرْسلُوا لأفسدوا على النَّاس مَعَايشهمْ وَلَا يَمُوت رجل مِنْهُم إِلَّا ترك من ذُريَّته ألفا فَصَاعِدا وَإِن من وَرَاءَهُمْ ثَلَاث أُمَم: تاويل وتاريس ومنسك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: الْجِنّ وَالْإِنْس عشرَة أَجزَاء فتسعة أَجزَاء يَأْجُوج وَمَأْجُوج وجزء وَاحِد سَائِر النَّاس وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَمْرو بن أَوْس عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج لَهُم نسَاء يُجَامِعُونَ مَا شاؤوا وَشَجر يُلَقِّحُونَ مَا شاؤوا وَلَا يَمُوت رجل مِنْهُم إِلَّا ترك من ذُريَّته ألفا فَصَاعِدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عدي وَابْن عَسَاكِر وَابْن النجار عَن حُذَيْفَة قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن يَأْجُوج وَمَأْجُوج فَقَالَ: يَأْجُوج أمة وَمَأْجُوج أمة كل أمة بأربعمائة أمة لَا يَمُوت أحدهم حَتَّى ينظر إِلَى ألف رجل من صلبه كل قد حمل السِّلَاح قلت: يَا رَسُول الله صفهم لنا قَالَ: هم ثَلَاثَة أَصْنَاف صنف مِنْهُم أَمْثَال الْأرز قلت: وَمَا الْأرز قَالَ: شجر بِالشَّام طول الشَّجَرَة عشرُون وَمِائَة ذِرَاع فِي السَّمَاء قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَؤُلَاءِ الَّذين لَا يقوم لَهُم وَلَا حَدِيد وصنف مِنْهُم

يفترش إِحْدَى أُذُنَيْهِ ويلتحف بِالْأُخْرَى لَا يَمرونَ بفيل وَلَا وَحش وَلَا جمل وَلَا خِنْزِير إِلَّا أكلوه وَمن مَاتَ مِنْهُم أكلوه مقدمتهم بِالشَّام وساقتهم يشربون أَنهَار الْمشرق وبحيرة طبرية وَأخرج نعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَابْن مرْدَوَيْه بسندٍ واهٍ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَعَثَنِي الله لَيْلَة أسرِي بِي إِلَى يَأْجُوج وَمَأْجُوج فدعوتهم إِلَى دين الله وعبادته فَأَبَوا أَن يجيبوني فهم فِي النَّار مَعَ من عصى من ولد آدم وَولد إِبْلِيس وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر النَّسَفِيّ أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله قد رَأَيْت سد يَأْجُوج وَمَأْجُوج قَالَ: انْعَتْهُ لي قَالَ: كَالْبردِ المحبر طَريقَة سَوْدَاء وَطَرِيقَة سَوْدَاء قَالَ: قد رَأَيْته وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج يحفرون السد كل يَوْم حَتَّى إِذا كَادُوا يرَوْنَ شُعَاع الشَّمْس قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا فستفتحونه غَدا وَلَا يَسْتَثْنِي فَإِذا أَصْبحُوا وجدوه قد رَجَعَ كَمَا كَانَ فَإِذا أَرَادَ الله بخروجهم على النَّاس قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا فستفتحونه إِن شَاءَ الله - ويستثني - فيعودون إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَته حِين تَرَكُوهُ فيحفرونه وَيخرجُونَ على النَّاس فيستقون الْمِيَاه ويتحصن النَّاس مِنْهُم فِي حصونهم فيرمون بسهامهم إِلَى السَّمَاء فترجع مخضبة بالدماء فَيَقُولُونَ: قهرنا من فِي الأَرْض وعلونا من السَّمَاء قسوة وعلوا فيبعث الله عَلَيْهِم نغفاً فِي أَعْنَاقهم فيهلكون قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِن دَوَاب الأَرْض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن زَيْنَب بنت جحش قَالَت: اسْتَيْقَظَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نَومه وَهُوَ محمر وَجهه وَهُوَ يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله ويل للْعَرَب من شَرّ قد اقْترب فتح الْيَوْم من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذِه - وَحلق - قلت: يَا رَسُول الله أنهلك وَفينَا الصالحون قَالَ: نعم إِذا كثر الْخبث وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فتح الْيَوْم من ردم يَأْجُوج وَمَأْجُوج مثل هَذِه - وَعقد بِيَدِهِ تسعين

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حبيب الأرجاني فِي قَوْله: {إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج مفسدون فِي الأَرْض} قَالَ: كَانَ فسادهم أَنهم كَانُوا يَأْكُلُون النَّاس وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَهَل نجْعَل لَك خرجا} قَالَ: أجرا عَظِيما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: مَا صنع الله فَهُوَ السد وَمَا صنع السد النَّاس فَهُوَ السد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {مَا مكني فِيهِ رَبِّي خير} قَالَ: الَّذِي أَعْطَانِي رَبِّي هُوَ خير من الَّذِي تبذلون لي من الْخراج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أجعَل بَيْنكُم وَبينهمْ ردماً} قَالَ: هُوَ كأشد الْحجاب وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {زبر الْحَدِيد} قَالَ: قطع الْحَدِيد وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {زبر الْحَدِيد} قَالَ: قطع الْحَدِيد قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يَقُول: تلظى عَلَيْهِم حِين شدّ حميمها بزبر الْحَدِيد وَالْحِجَارَة شَاجر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {بَين الصدفين} قَالَ: الجبلين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ {بَين الصدفين} بِفتْحَتَيْنِ قَالَ: يَعْنِي بَين الجبلين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ {بَين الصدفين} بِضَمَّتَيْنِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {بَين الصدفين} قَالَ: رَأس الجبلين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قطراً} قَالَ: النّحاس

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {قطرا} قَالَ: نُحَاسا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {آتوني أفرغ عَلَيْهِ قطراً} قَالَ: نُحَاسا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {آتوني أفرغ عَلَيْهِ قطراً} قَالَ: نُحَاسا ليلزم بعضه بَعْضًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه} قَالَ: مَا اسْتَطَاعُوا أَن يرتقوه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه} يَقُول: أَن يعلوه {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نقباً} قَالَ: من أَسْفَله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه} قَالَ: من فَوْقه {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نقباً} قَالَ: من أَسْفَله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {فَإِذا جَاءَ وعد رَبِّي جعله دكاء} قَالَ: جعله طَرِيقا كَمَا كَانَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَإِذا جَاءَ وعد رَبِّي جعله دكاء} قَالَ: لَا أَدْرِي الجبلين يَعْنِي بِهِ أم مَا بَينهمَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الرّبيع بن خَيْثَم أَنه كَانَ يقْرَأ {جعله دكاء} ممدوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج خلف السد لَا يَمُوت الرجل مِنْهُم حَتَّى يُولد لَهُ ألف لصلبه وهم يَغْدُونَ كل يَوْم على السد فيلحسونه وَقد جَعَلُوهُ مثل قشر الْبيض فَيَقُولُونَ: نرْجِع غَدا ونفتحه فيصبحون وَقد عَاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل أَن يلحس فَلَا يزالون كَذَلِك حَتَّى يُولد فيهم مَوْلُود مُسلم فَإِذا غدوا يلحسون قَالَ لَهُم: قُولُوا بِسم الله فَإِذا قَالُوا بِسم الله فأرادوا أَن يرجِعوا حِين يمسون فَيَقُولُونَ: نرْجِع غَدا فنفتحه فيصبحون وَقد عَاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَيَقُول: قُولُوا إِن شَاءَ الله فَيَقُولُونَ: إِن شَاءَ الله فيصبحون وَهُوَ مثل قشر الْبيض فينقبونه فَيخْرجُونَ مِنْهُ على النَّاس فَيخرج أول من

يخرج مِنْهُم سَبْعُونَ ألفا عَلَيْهِم التيجان ثمَّ يخرجُون من بعد ذَلِك أَفْوَاجًا فَيَأْتُونَ على النَّهر مثل نهركم هَذَا - يَعْنِي الْفُرَات - فيشربونه حَتَّى لَا يبْقى مِنْهُ شَيْء ثمَّ يَجِيء الفوج مِنْهُم حَتَّى ينْتَهوا إِلَيْهِ فَيَقُولُونَ: لقد كَانَ هَهُنَا مَاء مرّة وَذَلِكَ قَول الله: {فَإِذا جَاءَ وعد رَبِّي جعله دكاء} والدكّ التُّرَاب {وَكَانَ وعد رَبِّي حَقًا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: إِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج ينقرون السد بمناقرهم حَتَّى إِذا كَادُوا أَن يخرقوه قَالُوا: نرْجِع إِلَيْهِ غَدا فنفرغ مِنْهُ فيرجعون إِلَيْهِ وَقد عَاد كَمَا كَانَ فيرجعون فهم كَذَلِك وَإِذا بلغ الْأَمر ألقِي على بعض ألسنتهم يَقُولُونَ: نأتي إِن شَاءَ الله غَدا فنفرغ مِنْهُ فيأتونه وَهُوَ كَمَا هُوَ فيخرقونه فَيخْرجُونَ فَيَأْتِي أَوَّلهمْ على الْبحيرَة فيشربون مَا كَانَ فِيهَا من مَاء وَيَأْتِي أوسطهم عَلَيْهَا فيلحسون مَا كَانَ فِيهَا من الطين وَيَأْتِي آخِرهم عَلَيْهَا فَيَقُولُونَ: قد كَانَ هَهُنَا مرّة مَاء فيرمون بسهامهم نَحْو السَّمَاء فترجع مخضبة بالدماء فَيَقُولُونَ: قهرنا من فِي الأَرْض وظهرنا على من فِي السَّمَاء فيدعو عَلَيْهِم عِيسَى ابْن مَرْيَم فَيَقُول: اللَّهُمَّ لَا طَاقَة لنا بهم وَلَا يَد فاكفناهم بِمَا شِئْت فاكفناهم بِمَا شِئْت فيبعث الله عَلَيْهِم دوداً يُقَال لَهُ النغف فيأخذهم فِي أقفائهم فيقتلهم حَتَّى تنتن الأَرْض من ريحهم ثمَّ يبْعَث الله عَلَيْهِم طيراً فتنقل أبدانهم إِلَى الْبَحْر وَيُرْسل الله إِلَيْهِم السَّمَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا فينبت الأَرْض حَتَّى أَن الرمانة لتشبع أهل الْبَيْت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن كَعْب قَالَ: عرض أُسْكُفَّة يَأْجُوج وَمَأْجُوج الَّتِي تفتح لَهُم أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ذِرَاعا تحفيها حوافر خيلهم والعليا اثْنَا عشر ذِرَاعا تحفيها أسنة رماحهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِذا خرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج كَانَ عِيسَى ابْن مَرْيَم فِي ثلثمِائة من الْمُسلمين فِي قصر بِالشَّام يشْتَد عَلَيْهِم أَمرهم فَيدعونَ الله أَن يُهْلِكهُمْ فيسلط عَلَيْهِم النغف فتنتن الأَرْض مِنْهُم فَيدعونَ الله أَن يطهر الأَرْض مِنْهُم فَيُرْسل الله مَطَرا فيسيل مِنْهُم إِلَى الْبَحْر ثمَّ يخصب النَّاس حَتَّى أَن العنقود يشْبع مِنْهُ أهل الْبَيْت وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: يَأْجُوج وَمَأْجُوج يمر أَوَّلهمْ بنهر مثل دجلة ويمر آخِرهم فَيَقُول: قد كَانَ فِي هَذَا النَّهر مرّة

مَاء وَلَا يَمُوت رجل إِلَّا ترك ألفا من ذُريَّته فَصَاعِدا وَمن بعدهمْ ثَلَاثَة أُمَم مَا يعلم عدتهمْ إِلَّا الله: تاريس وتاويل وناسك أَو منسك وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي السد قَالَ: يحفرونه كل يَوْم حَتَّى إِذا كَادُوا يخرقونه قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا فستخرقونه غَدا قَالَ: فيعيده الله كأشد مَا كَانَ حَتَّى إِذا بلغُوا مدتهم وَأَرَادَ الله قَالَ الَّذِي عَلَيْهِم: ارْجعُوا فستخرقونه غَدا إِن شَاءَ الله - وَاسْتثنى - فيرجعون وَهُوَ كَهَيْئَته حِين تَرَكُوهُ فيخرقونه وَيخرجُونَ على النَّاس فيسقون الْمِيَاه وينفر النَّاس مِنْهُم فيرمون سِهَامهمْ فِي السَّمَاء فترجع مخضبة بالدماء فَيَقُولُونَ: قهرنا أهل الأَرْض وغلبنا فِي السَّمَاء قسوة وعلوا فيبعث الله عَلَيْهِم نغفاً فِي أقفائهم فيهلكهم قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن دَوَاب الأَرْض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم وَأخرج الْحَاكِم وصحه عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا أعلم بِمَا مَعَ الدَّجَّال مِنْهُ مَعَه نهران أَحدهمَا نَار تأجج فِي عين من رَآهُ وَالْآخر مَاء أَبيض فَإِن أدْركهُ أحد مِنْكُم فليغمض وَيشْرب من الَّذِي يرَاهُ نَارا فَإِنَّهُ مَاء بَارِد وَإِيَّاكُم وَالْآخر فَإِنَّهُ الْفِتْنَة وَاعْلَمُوا أَنه مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يَقْرَؤُهُ من يكْتب وَمن لَا يكْتب وَإِن إِحْدَى عَيْنَيْهِ ممسوحة عَلَيْهَا ظفرة إِنَّه يطلع من آخر أمره على بطن الْأُرْدُن على ثنية أفِيق وكل أحد يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر بِبَطن الْأُرْدُن وَأَنه يقتل من الْمُسلمين ثلثا ويهزم ثلثا وَيبقى ثلث ويجن عَلَيْهِم اللَّيْل فَيَقُول بعض الْمُؤمنِينَ لبَعض: مَا تنتظرون أَن تلحقوا إخْوَانكُمْ فِي مرضاة ربكُم من كَانَ عِنْده فضل طَعَام فليغدُ بِهِ على أَخِيه وصلّوا حَتَّى ينفجر الْفجْر وعجلوا الصَّلَاة ثمَّ أَقبلُوا على عَدوكُمْ فَلَمَّا قَامُوا يصلونَ نزل عِيسَى ابْن مَرْيَم أمامهم فصلى بهم فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: هَكَذَا فرّجوا بيني وَبَين عَدو الله فيذوب وسلط الله عَلَيْهِم من الْمُسلمين فيقتلونهم حَتَّى أَن الشّجر وَالْحجر لينادي: يَا عبد الله يَا عبد الرَّحْمَن يَا مُسلم هَذَا يَهُودِيّ فاقتله فيقتلهم الله ويُنْصر الْمُسلمُونَ فيكسرون الصَّلِيب وَيقْتلُونَ الْخِنْزِير ويضعون الْجِزْيَة فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك أخرج الله يَأْجُوج وَمَأْجُوج فيشرب أَوَّلهمْ الْبحيرَة وَيَجِيء آخِرهم وَقد انتشفوه وَلم يدعوا فِيهِ قَطْرَة فَيَقُولُونَ: ظهرنا على

أَعْدَائِنَا قد كَانَ هَهُنَا أثر مَاء فَيَجِيء نَبِي الله وَأَصْحَابه وَرَاءه حَتَّى يدخلُوا مَدِينَة من مَدَائِن فلسطين يُقَال لَهَا لد فَيَقُولُونَ: ظهرنا على من فِي الأَرْض فتعالوا نُقَاتِل من فِي السَّمَاء فيدعو الله نبيه عِنْد ذَلِك فيبعث الله عَلَيْهِم قرحَة فِي حُلُوقهمْ فَلَا يبْقى مِنْهُم بشر فيؤذي ريحهم الْمُسلمين فيدعو عِيسَى فَيُرْسل الله عَلَيْهِم ريحًا فتقذفهم فِي الْبَحْر أَجْمَعِينَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الزَّاهِرِيَّة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مقفل الْمُسلمين من الْمَلَاحِم دمشق ومقفلهم من الدَّجَّال بَيت الْمُقَدّس ومقفلهم من يَأْجُوج وَمَأْجُوج بَيت الطّور وَالله أعلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَتَركنَا بَعضهم يَوْمئِذٍ يموج فِي بعض} قَالَ: ذَلِك حِين يخرجُون على النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {وَتَركنَا بَعضهم يَوْمئِذٍ يموج فِي بعض} قَالَ: هَذَا أول يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ ينْفخ فِي الصُّور على أثر ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق هَارُون بن عنترة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَتَركنَا بَعضهم يَوْمئِذٍ يموج فِي بعض} قَالَ: الْجِنّ وَالْإِنْس يموج بَعضهم فِي بعض وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن هرون بن عنترة عَن شيخ من بني فَزَارَة فِي قَوْله: {وَتَركنَا بَعضهم يَوْمئِذٍ يموج فِي بعض} قَالَ: إِذا ماج الْجِنّ وَالْإِنْس بَعضهم فِي بعض قَالَ إِبْلِيس: أَنا أعلم لكم علم هَذَا الْأَمر فيظعن إِلَى الْمشرق فيجد الْمَلَائِكَة قد نطقوا الأَرْض ثمَّ يظعن إِلَى الْمغرب فيجد الْمَلَائِكَة قد نطقوا الأَرْض ثمَّ يظعن يَمِينا وَشمَالًا حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى أقْصَى الأَرْض فيجد الْمَلَائِكَة قد نطقوا الأَرْض فَيَقُول: مَا من محيص فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ عرض لَهُ طَرِيق كَأَنَّهُ شواظ فَأخذ عَلَيْهِ هُوَ وَذريته فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ هجم على النَّار فَخرج إِلَيْهِ خَازِن من خزان النَّار فَقَالَ: يَا إِبْلِيس ألم تكن لَك الْمنزلَة عِنْد رَبك ألم تكن فِي الْجنان فَيَقُول: لَيْسَ هَذَا يَوْم عتاب لَو أَن الله افْترض عليّ عبَادَة لعبدتُه عبَادَة لم يعبده أحد من خلقه فَيَقُول: إِن الله قد فرض عَلَيْك فَرِيضَة فَيَقُول: مَا هِيَ

فَيَقُول: يَأْمُرك أَن تدخل النَّار فيتلكأ عَلَيْهِ فَيَقُول بِهِ وبذريته بجناحه فيقذفهم فِي النَّار فتزفر جَهَنَّم زفرَة لَا يبْقى ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل إِلَّا جثا لِرُكْبَتَيْهِ الْآيَة 101

101

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {الَّذين كَانَت أَعينهم فِي غطاء عَن ذكري وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سمعا} قَالَ: كَانُوا عميا عَن الْحق فَلَا يبصرونه صمًّا عَنهُ فَلَا يسمعونه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لَا يَسْتَطِيعُونَ سمعا} قَالَ: لَا يعْقلُونَ سمعا وَالله أعلم الْآيَة 102

102

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أفحسب الَّذين كفرُوا أَن يتخذوا عبَادي من دوني أَوْلِيَاء} قَالَ: ظن كفرة بني آدم أَن يتخذوا الْمَلَائِكَة من دونه أَوْلِيَاء وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عليّ بن أبي طَالب أَنه قَرَأَ {أفحسب الَّذين كفرُوا أَن يتخذوا عبَادي من دوني أَوْلِيَاء} قَالَ أَبُو عبيد: بجزم السِّين وَضم الْبَاء وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة أَنه قَرَأَ {أفحسب الَّذين كفرُوا} يَقُول: أفحسبهم ذَلِك الْآيَة 103 - 108

103

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُصعب بن سعد قَالَ: سَأَلت أبي {قل هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً} أهم الحرورية قَالَ: لَا هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى أما الْيَهُود فكذبوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما النَّصَارَى فكذبوا بِالْجنَّةِ وَقَالُوا: لَا طَعَام فِيهَا وَلَا شراب والحرورية الَّذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه وَكَانَ سعد يسميهم الْفَاسِقين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُصعب قَالَ: قلت لأبي {قل هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً} الحرورية هم قَالَ: لَا وَلَكِن أَصْحَاب الصوامع والحرورية قوم زاغوا فأزاغ الله قُلُوبهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي خميصة عبد الله بن قيس قَالَ: سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب يَقُول فِي هَذِه الْآيَة {قل هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً} إِنَّهُم الرهبان الَّذين حبسوا أنفسهم فِي السَّوَارِي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب وَسَأَلَهُ ابْن الْكواء فَقَالَ: مَنْ {هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً} قَالَ: فجرة قُرَيْش وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق [] عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {قل هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً} قَالَ: لَا أَظن إِلَّا أَن الْخَوَارِج مِنْهُم وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّه ليَأْتِي الرجل الْعَظِيم السمين يَوْم الْقِيَامَة لَا يزن عِنْد الله جنَاح بعوضة وَقَالَ: اقرأوا إِن شِئْتُم {فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا}

وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليؤتين يَوْم الْقِيَامَة بالعظيم الطَّوِيل الأكول الشروب فَلَا يزن عِنْد الله تبَارك تَعَالَى جنَاح بعوضة اقرؤوا إِن شِئْتُم {فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن كَعْب قَالَ: يمثل الْقُرْآن لمن كَانَ يعْمل بِهِ فِي الدُّنْيَا يَوْم الْقِيَامَة كأحسن صُورَة رَآهَا وَجها أحْسنه وأطيبه ريحًا فَيقوم بِجنب صَاحبه فَكلما جَاءَهُ روع هدأ روعه وسكنه وَبسط لَهُ أمله فَيَقُول لَهُ: جَزَاك الله خيرا من صَاحب فَمَا أحسن صُورَتك وَأطيب رِيحك فَيَقُول لَهُ: أما تعرفنِي تعال فاركبني فطالما ركبتك فِي الدُّنْيَا أَنا عَمَلك إِن عَمَلك كَانَ حسنا فترى صُورَتي حَسَنَة وَكَانَ طيبا فترى ريحي طيبَة فيحمله فيوافي بِهِ الرب تبَارك وَتَعَالَى فَيَقُول: يَا رب هَذَا فلَان - وَهُوَ أعرف بِهِ مِنْهُ - قد شغلته فِي أَيَّام حَيَاته فِي الدُّنْيَا طالما اظمأت نَهَاره وأسهرت ليله فشفعني فِيهِ فَيُوضَع تَاج الْملك على رَأسه ويكسى حلَّة الْملك فَيَقُول: يَا رب قد كنت أَرغب لَهُ عَن هَذَا وَأَرْجُو لَهُ مِنْك أفضل من هَذَا فَيعْطى الْخلد بِيَمِينِهِ وَالنعْمَة بِشمَالِهِ فَيَقُول: يَا رب إِن كل تَاجر قد دخل على أَهله من تِجَارَته فَيشفع فِي أَقَاربه وَإِذا كَانَ كَافِرًا مثل لَهُ عمله فِي أقبح صُورَة رَآهَا وأنتنه فَكلما جَاءَهُ روع زَاده روعاً فَيَقُول: قبحك الله من صَاحب فَمَا أقبح صُورَتك وَمَا أنتن رِيحك فَيَقُول: من أَنْت قَالَ: أما تعرفنِي أَنا عَمَلك إِن عَمَلك كَانَ قبيحاً فترى صُورَتي قبيحة وَكَانَ منتناً فترى ريحي مُنْتِنَة فَيَقُول: تعال حَتَّى اركبك فطالما ركبتني فِي الدُّنْيَا فيركبه فيوافي بِهِ الله فَلَا يُقيم لَهُ وزنا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عُمَيْر قَالَ: يُؤْتى بِالرجلِ الْعَظِيم الطَّوِيل يَوْم الْقِيَامَة فَيُوضَع فِي الْمِيزَان فَلَا يزن عِنْد الله جنَاح بعوضة ثمَّ تَلا {فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا} وَأخرج هناد عَن كَعْب بن عجْرَة فِي قَوْله: {فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا} قَالَ: يجاء بِالرجلِ يَوْم الْقِيَامَة فيوزن فَلَا يزن حَبَّة حِنْطَة ثمَّ يُوزن فَلَا يزن شعيرَة ثمَّ يُوزن فَلَا يزن جنَاح بعوضة ثمَّ قَرَأَ {فَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا} يَقُول: لَيْسَ لَهُم وزن

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلوا الله الفردوس فَإِنَّهَا سرة الْجنَّة وَإِن أهل الفردوس يسمعُونَ أطيط الْعَرْش وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ الفردوس فَإِنَّهُ وسط الْجنَّة وَأَعْلَى الْجنَّة وفوقه عرش الرَّحْمَن وَمِنْه تفجر أَنهَار الْجنَّة وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فِي الْجنَّة مائَة دَرَجَة بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض والفردوس أَعْلَاهَا دَرَجَة وَمن فَوْقهَا يكون الْعَرْش وَمِنْهَا تفجر أَنهَار الْجنَّة الْأَرْبَعَة فَإِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ الفردوس وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن معَاذ بن جبل: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الْجنَّة مائَة دَرَجَة كل مِنْهَا مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وأعلاها الفردوس وَعَلَيْهَا يكون الْعَرْش وَهِي أَوسط شَيْء فِي الْجنَّة وَمِنْهَا تفجر أَنهَار الْجنَّة فَإِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ الفردوس وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جنَّة الفردوس هِيَ ربوة الْجنَّة الْعليا الَّتِي هِيَ أوسطها وأحسنها وَأخرج الْبَزَّار عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة: إِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ الفردوس فَإِنَّهُ أَعلَى الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الفردوس أَعلَى دَرَجَة فِي الْجنَّة وفيهَا يكون عرش الرَّحْمَن وَمِنْهَا تفجر أَنهَار الْجنَّة الْأَرْبَعَة وجنة عدن قَصَبَة الْجنَّة وفيهَا مَقْصُورَة الرَّحْمَن وَمِنْهَا يسمع أطيط الْعَرْش فَإِذا سَأَلْتُم الله فَاسْأَلُوهُ الفردوس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الفردوس مَقْصُورَة الرَّحْمَن فِيهَا خِيَار الْأَنْهَار والأثمار

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الفردوس بُسْتَان بالرومية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: الفردوس هُوَ الْكَرم بالنبطية وَأَصله فرداساً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن الْحَارِث أَن ابْن عَبَّاس سَأَلَ كَعْبًا عَن الفردوس قَالَ: هِيَ جنَّات الأعناب بالسُّرْيَانيَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير: الفردوس يَعْنِي الْجنَّة قَالَ: وَالْجنَّة بِلِسَان الرومية الفردوس وَأخرج النجاد فِي جُزْء التزاحم عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْجنَّة مائَة دَرَجَة مَا بَين كل دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض والفردوس أَعلَى الْجنَّة فَإِذا سَأَلْتُم الله عز وَجل فسلوه الفردوس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حولا} قَالَ: متحولا الْآيَة 109

109

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {قل لَو كَانَ الْبَحْر مداداًَ لكلمات رَبِّي} يَقُول: علم رَبِّي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {قل لَو كَانَ الْبَحْر مداداًَ لكلمات رَبِّي لنفد الْبَحْر قبل أَن تنفد كَلِمَات رَبِّي} يَقُول: ينْفد مَاء الْبَحْر قبل أَن ينْفد كَلَام الله وحكمته وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي البخْترِي قَالَ: صحب سلمَان رجل ليتعلم مِنْهُ فَانْتهى إِلَى دجلة وَهِي تطفح فَقَالَ لَهُ سلمَان: أنزل فَاشْرَبْ فَشرب قَالَ لَهُ: ازدد فازداد قَالَ: كم نقصت مِنْهَا قَالَ: مَا عَسى أَن أنقص من هَذِه قَالَ سلمَان: فَكَذَلِك الْعلم تَأْخُذ مِنْهُ وَلَا تنقصه

الْآيَة 110

110

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي الْمُشْركين الَّذين عبدُوا مَعَ الله إِلَهًا غَيره وَلَيْسَت هَذِه فِي الْمُؤمنِينَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْإِخْلَاص وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن طَاوس قَالَ: قَالَ رجل: يَا نَبِي الله إِنِّي أَقف مَوَاقِف أَبْتَغِي وَجه الله وَأحب أَن يرى موطني فَلم يردّ عَلَيْهِ شَيْئا حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ مَوْصُولا عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ من الْمُسلمين من يُقَاتل وَهُوَ يحب أَن يرى مَكَانَهُ فَأنْزل الله {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه} الْآيَة وَأخرج ابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم فِي الصَّحَابَة وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق السّديّ الصَّغِير عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ جُنْدُب بن زُهَيْر إِذا صلى أَو صَامَ أَو تصدق فَذكر بِخَير ارْتَاحَ فَزَاد فِي ذَلِك لمقالة النَّاس فلامه الله فَنزل فِي ذَلِك {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا} وَأخرج هناد فِي الزّهْد عَن مُجَاهِد قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَتصدق بِالصَّدَقَةِ وألتمس بهَا مَا عِنْد الله وَأحب أَن يُقَال لي خيرا: فَنزلت {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه} الْآيَة وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد فِي قَوْله: {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه} قَالَ: ثَوَاب ربه {فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك} قَالَ: لَا يرائي {بِعبَادة ربه أحدا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه} قَالَ: من كَانَ يخْشَى الْبَعْث فِي الْآخِرَة {فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا} من خلقه

قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن ربكُم يَقُول: أَنا خير شريك فَمن أشرك معي فِي عمله أحدا من خلقي تركت الْعَمَل كُله لَهُ وَلم أقبل إِلَّا مَا كَانَ لي خَالِصا ثمَّ قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كثير بن زِيَاد قَالَ: قلت لِلْحسنِ قَول الله: {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا} قَالَ: فِي الْمُؤمن نزلت قلت: أشرك بِاللَّه قَالَ: لَا وَلَكِن أشرك بذلك الْعَمَل عملا يُرِيد الله بِهِ وَالنَّاس فَذَلِك يرد عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الْوَاحِد بن زيد قَالَ: قلت لِلْحسنِ: أَخْبرنِي عَن الرِّيَاء أشرك هُوَ قَالَ: نعم يَا بني وَمَا تقْرَأ {فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا جمع الله الْأَوَّلين والآخريين ببقيع وَاحِد ينفدهم الْبَصَر وَيسْمعهُمْ الدَّاعِي قَالَ: أَنا خير شريك كل عَمل عُمل لي فِي دَار الدُّنْيَا كَانَ لي فِيهِ شريك فَأَنا أَدَعهُ الْيَوْم وَلَا أقبل الْيَوْم إِلَّا خَالِصا ثمَّ قَرَأَ (إِلَّا عباد الله المخلصين) (الصافات آيَة 40) {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا} وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعد بن أبي فضَالة الْأنْصَارِيّ - وَكَانَ من الصَّحَابَة -: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا جمع الله الْأَوَّلين والآخرين ليَوْم لَا ريب فِيهِ نَادَى منادٍ: من كَانَ أشرك فِي عمل عمله لله أحدا فليطلب ثَوَابه من عِنْد غير الله فَإِن الله أغْنى الشُّرَكَاء عَن الشّرك وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله الرجل يُجَاهد فِي سَبِيل الله وَهُوَ يَبْتَغِي عرضا من الدُّنْيَا قَالَ: لَا أجر لَهُ فأعظم النَّاس هَذِه فَعَاد الرجل فَقَالَ: لَا أجر لَهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْإِخْلَاص وَابْن مرْدَوَيْه والحالكم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: كُنَّا نعد الرِّيَاء على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشّرك الْأَصْغَر

وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من صلى يرائي فقد أشرك وَمن صَامَ يرائي فقد أشرك وَمن تصدق يرائي فقد أشرك ثمَّ قَرَأَ {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه} الْآيَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن شَدَّاد بن أَوْس رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَنا خير قسيم لمن أشرك بِي من أشرك بِي شَيْئا فَإِن عمله قَلِيله وَكَثِيره لشَرِيكه الَّذِي أشرك بِهِ أَنا عَنهُ غَنِي وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مَنْدَه وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم أَنه قيل لَهُ: أسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من صَامَ رِيَاء فقد أشرك وَمن صلى رِيَاء فقد أشرك وَمن تصدق رِيَاء فقد أشرك فَقَالَ: بلَى وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه} فشق ذَلِك على الْقَوْم وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم فَقَالَ: أَلا أفرجها عَنْكُم قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله فَقَالَ: هِيَ مثل الْآيَة فِي الرّوم (وَمَا آتيتم من رَبًّا ليربو فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد الله) (الرّوم آيَة 39) فَمن عمل رِيَاء لم يُكْتَبْ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الشّرك الْخَفي أَن يقوم الرجل يُصَلِّي لمَكَان رجل وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَخَاف على أمتِي الشّرك والشهوة الْخفية قلت: أتشرك أمتك من بعْدك قَالَ: نعم أما إِنَّهُم لَا يعْبدُونَ شمساً وَلَا قمرا وَلَا حجر وَلَا وثناً وَلَكِن يراؤون النَّاس بأعمالهم قلت: يَا رَسُول الله فالشهوة الْخفية قَالَ: يصبح أحدهم صَائِما فتعرض لَهُ شَهْوَة من شهواته فَيتْرك صَوْمه ويواقع شَهْوَته وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مدرويه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرويهِ عَن ربه قَالَ: أَنا خير الشُّرَكَاء فَمن عمل عملا أشرك فِيهِ غَيْرِي فَأَنا بَرِيء مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي أشرك

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مَحْمُود بن لبيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ان أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم الشّرك الْأَصْغَر قَالُوا: وَمَا الشّرك الْأَصْغَر يَا رَسُول الله قَالَ: الرِّيَاء يَقُول الله يَوْم الْقِيَامَة: إِذا جزي النَّاس بأعمالهم: اذْهَبُوا إِلَى الَّذين كُنْتُم تراؤون فِي الدُّنْيَا فانظروا هَل تَجِدُونَ عِنْدهم جَزَاء وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعرض أَعمال بني آدم بَين يَدي الله عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة فِي صحف مختتمة فَيَقُول الله: ألقوا هَذَا واقبلوا هَذَا فَتَقول الْمَلَائِكَة: يَا رب وَالله مَا رَأينَا مِنْهُ إِلَّا خيرا فَيَقُول: إِن عمله كَانَ لغير وَجْهي وَلَا أقبل الْيَوْم من الْعَمَل إِلَّا مَا أُرِيد بِهِ وَجْهي وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن الضَّحَّاك بن قيس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله: أَنا خير شريك فَمن أشرك معي أحدا فَهُوَ لشريكي يَا أَيهَا النَّاس أَخْلصُوا الْأَعْمَال لله فَإِن الله لَا يقبل من الْأَعْمَال إِلَّا مَا خلص لَهُ وَلَا تَقولُوا هَذَا لله وللرحم فَإِنَّهُ للرحم وَلَيْسَ لله مِنْهُ شَيْء وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن الْجِهَاد والغزو قَالَ: يَا عبد الله: إِن قَاتَلت صَابِرًا محتسباً بَعثك الله صَابِرًا محتسباً وَإِن قَاتَلت مرائياً مكاثراً على أَي حَال قَاتَلت أَو قتلت بَعثك الله على تِلْكَ الْحَال وَأخرج أَحْمد والدارمي وَالنَّسَائِيّ وَالرُّويَانِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن يحيى بن الْوَلِيد بن عبَادَة عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من غزا وَهُوَ لَا يَنْوِي فِي غزاته إِلَّا عقَالًا فَلهُ مَا نوى وَأخرج الْحَاكِم عَن يعلى بن مُنَبّه قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَبْعَثنِي فِي سراياه فَبَعَثَنِي ذَات يَوْم وَكَانَ رجل يركب فَقلت لَهُ: إرحل قَالَ: مَا أَنا بِخَارِج مَعَك قلت: لم قَالَ: حَتَّى تجْعَل لي ثَلَاثَة دَنَانِير قلت: الْآن حِين ودعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أَنا براجع إِلَيْهِ إرحل وَلَك ثَلَاثَة دَنَانِير فَلَمَّا رجعت من غزاتي ذكرت ذَلِك للنَّبِي فَقَالَ: أعْطهَا إِيَّاه فَإِنَّهَا حَظه من غزاته وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن أبي أُمَامَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَرَأَيْت رجلا غزا يلْتَمس الْأجر وَالذكر مَا لَهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا شَيْء لَهُ فَأَعَادَهَا ثَلَاث مَرَّات يَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:

لَا شَيْء لَهُ ثمَّ قَالَ: إِن الله لَا يقبل من الْعَمَل إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصا وابتغي بِهِ وَجهه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الدُّنْيَا ملعونة مَلْعُون مَا فِيهَا إِلَّا مَا ابْتغى بِهِ وَجه الله عز وَجل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يسمع يسمع الله بِهِ وَمن يرائي يرائي الله بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عبد الله بن عمر: وَسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قَامَ بِخطْبَة لَا يلْتَمس بهَا إِلَّا رِيَاء وَسُمْعَة أوقفهُ الله عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة فِي موقف رِيَاء وَسُمْعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من يرائي يرائي الله بِهِ وَمن يسمع يسمع الله بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إيَّاكُمْ وشرك السرائر قَالُوا: وَمَا شرك السرائر قَالَ: أَن يقوم أحدكُم يُرِيد صلَاته جاهداً لينْظر النَّاس إِلَيْهِ فَذَلِك شرك السرائر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من صلى صَلَاة وَالنَّاس يرونه فَليصل إِذا خلا مثلهَا وَإِلَّا فَإِنَّمَا هِيَ استهانة يستهين بهَا ربه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جِيءَ بالدنيا فيميز مِنْهَا مَا كَانَ لله وَمَا كَانَ لغير الله رمي بِهِ فِي نَار جَهَنَّم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَقَالَ: أَيهَا النَّاس اتَّقوا الشّرك فَإِنَّهُ أخْفى من دَبِيب النَّمْل فَقَالُوا: وَكَيف نتقيه وَهُوَ أخْفى من دَبِيب النَّمْل يَا رَسُول الله قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذ بك أَن نشْرك بك شَيْئا نعلمهُ ونستغفر لما لَا نعلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: يجاء بالدنيا يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال: ميزوا مَا كَانَ لله فيميز ثمَّ يَقُول: ألقوا سائرها فِي النَّار

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن معَاذ بن جبل: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن يَسِيرا من الرِّيَاء شرك وَإِن من عادى أَوْلِيَاء الله فقد بارز الله بالمحاربة وَإِن الله يحب الْأَبْرَار الأخفياء الأتقياء الَّذين إِن غَابُوا لم يفتقدوا وَإِن حَضَرُوا لم يدعوا وَلم يعرفوا قُلُوبهم مصابيح الدجى يخرجُون من كل غبراء مظْلمَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أبي الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الإتقاء على الْعَمَل أَشد من الْعَمَل إِن الرجل ليعْمَل فَيكْتب لَهُ عمل صَالح مَعْمُول بِهِ فِي السِّرّ يضعف أجره سبعين ضعفا فَلَا يزَال بِهِ الشَّيْطَان حَتَّى يذكرهُ للنَّاس فَيكْتب عَلَانيَة ويمحى تَضْعِيف أجره كُله ثمَّ لَا يزَال بِهِ الشَّيْطَان حَتَّى يذكرهُ للنَّاس ثَانِيَة وَيُحب أَن يذكر ويحمد عَلَيْهِ فيمحى من الْعَلَانِيَة وَيكْتب رِيَاء فاتقى الله امْرُؤ صان دينه فَإِن الرِّيَاء شرك وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أحسن أوليائي عِنْدِي منزلَة رجل ذُو حَظّ من صَلَاة أحسن عبَادَة ربه فِي السِّرّ وَكَانَ غامضاً فِي النَّاس لَا يشار إِلَيْهِ بالأصابع عجلت منيته وَقل تراثه وَقلت بوَاكِيهِ وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هِنْد الدَّارِيّ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قَامَ مقَام رِيَاء أَو سمعة رايا الله بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَسمع بِهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن النَّضر قَالَ: بَلغنِي أَن فِي جَهَنَّم وَاديا تعوّذ مِنْهُ جَهَنَّم كل يَوْم أَرْبَعمِائَة مرةٍ أعد ذَلِك للمرائين من الْقُرَّاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: تعوّذ بِاللَّه من جب الْحزن قيل من يسكنهُ قَالَ: المراؤون بأعمالهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله عز وَجل: كل من عمل عملا أَرَادَ بِهِ غَيْرِي فَأَنا مِنْهُ بَرِيء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقوا الشّرك الْأَصْغَر قَالُوا: وَمَا الشّرك الْأَصْغَر قَالَ: الرِّيَاء يَوْم يجازي الله الْعباد بأعمالهم يَقُول: اذْهَبُوا إِلَى الَّذين كُنْتُم تراؤون فِي الدُّنْيَا انْظُرُوا هَل تصيبون عِنْدهم جَزَاء وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ: كل مَا لَا يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله يضمحل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: قَالَ لي أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا الْعَالِيَة لَا تعْمل لغير الله فيكلك الله عز وَجل إِلَى عملت لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ربيع بن خُثيم قَالَ: مَا لم يرد بِهِ وَجه الله عز وَجل يضمحل وَأخرج ابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن إِسْمَاعِيل بن أبي رَافع قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلا أخْبركُم بِسُورَة مَلأ عظمتها مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض شيعها سَبْعُونَ ألف ملك سُورَة الْكَهْف من قَرَأَهَا يَوْم الْجُمُعَة غفر الله لَهُ بهَا إِلَى الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام من بعْدهَا وَأعْطى نورا يبلغ السَّمَاء وَوُقِيَ من فتْنَة الدَّجَّال وَمن قَرَأَ الْخمس آيَات من خاتمتها حِين يَأْخُذ مضجعه من فرَاشه حفظ وَبعث من أَي اللَّيْل شَاءَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه} الْآيَة قَالَ: إِنَّهَا آخر آيَة نزلت من الْقُرْآن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي حَكِيم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو لم ينزل على أمتِي إِلَّا خَاتِمَة سُورَة الْكَهْف لكفتهم وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ والشيرازي فِي الألقاب عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ فِي لَيْلَة {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه} الْآيَة كَانَ لَهُ نور من عدن أبين إِلَى مَكَّة حشوه الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: من حفظ خَاتِمَة الْكَهْف كَانَ لَهُ نور يَوْم الْقِيَامَة من لدن قرنه إِلَى قدمه وَالله أعلم بِالصَّوَابِ

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 19 - سُورَة مَرْيَم مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان وَتسْعُونَ مُقَدّمَة سُورَة مَرْيَم أخرج النّحاس وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: نزلت سُورَة مَرْيَم بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت سُورَة مَرْيَم بِمَكَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم والديلمي من طَرِيق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مَرْيَم الغساني عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: ولدت لي اللَّيْلَة جَارِيَة فَقَالَ: وَاللَّيْلَة أنزلت عَليّ سُورَة مَرْيَم سمها مَرْيَم وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أم سَلمَة: أَن النَّجَاشِيّ قَالَ لجَعْفَر بن أبي طَالب: هَل مَعَك مِمَّا جَاءَ بِهِ - يَعْنِي رَسُول الله - من الله من شَيْء قَالَ: نعم فَقَرَأَ عَلَيْهِ صَدرا من {كهيعص} فَبكى النَّجَاشِيّ حَتَّى أخضل لحيته وبكت أساقفته حَتَّى أخضلوا مصاحفهم حِين سمعُوا مَا تلِي عَلَيْهِم ثمَّ قَالَ النَّجَاشِيّ: إِن هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى ليخرج من مشكاة وَاحِدَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُورق الْعجلِيّ قَالَ: صليت خلف ابْن عمر الظّهْر فَقَرَأَ بِسُورَة مَرْيَم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عمر يقْرَأ فِي الظّهْر بكهيعص وَأخرج ابْن سعد عَن هَاشم بن عَاصِم الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: لما هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مكه إِلَى الْمَدِينَة فَانْتهى إِلَى الغميم أَتَاهُ بُرَيْدَة بن الخصيب فَأسلم

قَالَ هَاشم: فَحَدثني الْمُنْذر بن جَهْضَم قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد علم بُرَيْدَة ليلتئذ صَدرا من سُورَة مَرْيَم وَأخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قدمت الْمَدِينَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَيْبَر فَوجدت رجلا من غفار يؤم النَّاس فِي صَلَاة الْفجْر فَسَمعته يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى سُورَة مَرْيَم وَفِي الثَّانِيَة ويل لِلْمُطَفِّفِينَ الْآيَة 1 - 11

مريم

أخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كهيعص} قَالَ: كَبِير هاد أَمِين عَزِيز صَادِق وَفِي لفظ: كَاف بدل كَبِير

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وآدَم بن أبي إِيَاس وَعُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي التَّوْحِيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس {كهيعص} قَالَ: كَاف من كريم وهاء من هاد وياء من حَكِيم وَعين من عليم وصاد من صَادِق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة {كهيعص} هُوَ الهجاء المقطع الْكَاف من الْملك وَالْهَاء من الله وَالْيَاء وَالْعين من الْعَزِيز وَالصَّاد من المصوّر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْكَلْبِيّ أَنه سُئِلَ عَن {كهيعص} فَحدث عَن أبي صَالح عَن أم هَانِئ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَاف هاد عَالم صَادِق وَأخرج عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير عَن فَاطِمَة بنت عَليّ قَالَت: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول فِي {كهيعص} و (حم) و (يس) وَأَشْبَاه هَذَا هُوَ اسْم الله الْأَعْظَم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كهيعص} قسم أقسم الله بِهِ وَهُوَ من أَسمَاء الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {كهيعص} قَالَ: يَقُول: أَنا الْكَبِير الْهَادِي عليّ أَمِين صَادِق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: {كهيعص} قَالَ: الْكَاف من الْملك وَالْهَاء من الله وَالْعين من الْعَزِيز وَالصَّاد من الصَّمد وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: {كهيعص} قَالَ: الْكَاف مِفْتَاح اسْمه كَافِي وَالْهَاء مِفْتَاح اسْمه هادي وَالْعين مِفْتَاح اسْمه عَالم وَالصَّاد مِفْتَاح اسْمه صَادِق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: {كهيعص} قَالَ: يَا من يجير وَلَا يجار عَلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {كهيعص} قَالَ: اسْم من أَسمَاء الْقُرْآن وَالله أعلم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن يعمر أَنه كَانَ يقْرَأ {ذكر رَحْمَة رَبك عَبده زَكَرِيَّا} بِنَقْل يَقُول: لما دخل عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَاب وجد عِنْدهَا فَاكِهَة الشتَاء فِي الصَّيف وَفَاكِهَة الصَّيف فِي الشتَاء فَقَالَ: {ذكر رَحْمَة رَبك} وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ زَكَرِيَّا نجاراً وَأخرج إِسْحَق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن زَكَرِيَّا بن دَان أَبَا يحيى كَانَ من أَبنَاء الْأَنْبِيَاء الَّذين كَانُوا يَكْتُبُونَ الْوَحْي بِبَيْت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {إِذْ نَادَى ربه نِدَاء خفِيا} قَالَ: لَا يُرِيد رِيَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِذْ نَادَى ربه نِدَاء خفِيا} أَي بِقَلْبِه سرا قَالَ قَتَادَة: إِن الله يحب الصَّوْت الْخَفي وَالْقلب النقي وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ آخر أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل زَكَرِيَّا بن إِدْرِيس من ذُرِّيَّة يَعْقُوب دَعَا ربه سرا قَالَ: {رب إِنِّي وَهن الْعظم مني} إِلَى قَوْله: {خفت الموَالِي من ورائي} وهم الْعصبَة {يَرِثنِي وَيَرِث} نبوة (آل يَعْقُوب {فنادته الْمَلَائِكَة} وَهُوَ جِبْرِيل {إِنَّا نبشرك بِغُلَام اسْمه يحيى} فَلَمَّا سمع النداء جَاءَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: يَا زَكَرِيَّا إِن الصَّوْت الَّذِي سَمِعت لَيْسَ من الله إِنَّمَا هُوَ من الشَّيْطَان يسخر بك فَشك وَقَالَ: {أَنى يكون لي غُلَام} يَقُول: من أَيْن يكون {وَقد بَلغنِي الْكبر وامرأتي عَاقِر} قَالَ الله: {وَقد خلقتك من قبل وَلم تَكُ شَيْئا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَهن الْعظم مني} يَقُول: ضعف وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَهن الْعظم مني} قَالَ: نحول الْعظم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلم أكن بدعائك رب شقياً} قَالَ: قد كنت تُعَودني الْإِجَابَة فِيمَا مضى

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عُيَيْنَة فِي قَوْله: {وَلم أكن بدعائك رب شقياً} يَقُول: سعدت بدعائك وَإِن لم تعطني وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْعَاصِ قَالَ: أمْلى عليّ عُثْمَان بن عَفَّان من فِيهِ {وَإِنِّي خفت الموَالِي} بنقلها يَعْنِي بِنصب الْخَاء وَالْفَاء وَكسر التَّاء يَقُول قلت: {الموَالِي} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي} قَالَ: الْوَرَثَة وهم عصبَة الرجل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي} قَالَ: الْعصبَة من آل يَعْقُوب وَكَانَ من وَرَائه غُلَام وَكَانَ زَكَرِيَّا من ذُرِّيَّة يَعْقُوب وَفِي لفظ: أَيُّوب وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ زَكَرِيَّا لَا يُولد لَهُ فَسَأَلَ ربه فَقَالَ: {فَهَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب} قَالَ: يَرِثنِي مَالِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب النُّبُوَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب} قَالَ: نبوته وَعلمه وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يرحم الله أخي زَكَرِيَّا مَا كَانَ عَلَيْهِ من وَرَثَة وَيرْحَم الله لوطاً إِن كَانَ ليأوي إِلَى ركن شَدِيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب} فَيَقُول: يَرث نبوتي ونبوة آل يَعْقُوب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن صَالح فِي قَوْله: {وَيَرِث من آل يَعْقُوب} قَالَ: السّنة وَالْعلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن يحيى بن يعمر أَنه قَرَأَهَا: {وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي} مُشَدّدَة بِنصب الْخَاء وَكسر التَّاء وَقرأَهَا: {يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب}

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {يَرِثنِي} مثقل مَرْفُوع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب هَب لي ابْنا فولد لَهُ ابْن خرج عَلَيْهِ فَبعث إِلَيْهِ دَاوُد جَيْشًا فَقَالَ: إِن أخذتموه سليما فَابْعَثُوا إِلَيّ رجلا أعرف السرُور فِي وَجهه وَإِن قَتَلْتُمُوهُ فَابْعَثُوا إِلَيّ رجلا أعرف الشرّ فِي وَجهه فَقَتَلُوهُ فبعثوا إِلَيْهِ رجلا أسود فَلَمَّا رَآهُ علم أَنه قتل فَقَالَ: رب سَأَلت أَن تهب لي ابْنا فَخرج عَليّ فَقَالَ: إِنَّك لم تستثن قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب: لم يقل كَمَا قَالَ زَكَرِيَّا: {واجعله رب رَضِيا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: لما دَعَا زَكَرِيَّا ربه أَن يهب لَهُ غُلَاما هَبَط جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام - فبشره بِيَحْيَى فَقَالَ زَكَرِيَّا عِنْدهَا: {أَنى يكون لي غُلَام} وَأخْبر بكبر سنه وَعلة زَوجته فَأخذ جِبْرِيل عوداً يَابسا فَجعله بَين كفي زَكَرِيَّا فَقَالَ: ادرجه بَين كفيك فَفعل فَإِذا فِي رَأسه عود بَين ورقتين يقطر مِنْهُمَا المَاء فَقَالَ جِبْرِيل: إِن الَّذِي أخرج هَذَا الْوَرق من هَذَا العمود قَادر أَن يخرج من صلبك وَمن امْرَأَتك العاقر غُلَاما وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا} قَالَ: لم يسم أحد يحيى قبله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا} قَالَ: لم يسم أحد يحيى قبله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا} قَالَ: لم تَلد العواقر مثله ولدا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا} قَالَ: مثلا

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا} قَالَ: شَبِيها وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء مثله وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن يحيى بن خَلاد الزرقي أَنه لما ولد أَتَى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحنكه وَقَالَ: لأسمينه اسْما لم يسم بعد يحيى بن زَكَرِيَّا فَسَماهُ يحيى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا أَدْرِي كَيفَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ هَذَا الْحَرْف {عتياً} أَو عييا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَالْحَاكِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَ ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أَخْبرنِي عَن قَول الله: {وَقد بلغت من الْكبر عتيا} مَا العتي قَالَ: الْبُؤْس من الْكبر قَالَ الشَّاعِر: إِنَّمَا يعْذر الْوَلِيد وَلَا يعْذر من كَانَ فِي الزَّمَان عتيا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَقد بلغت من الْكبر عتيا} قَالَ: نحول الْعظم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَقد بلغت من الْكبر عتيا} يَقُول: هرماً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {وَقد بلغت من الْكبر عتيا} قَالَ: العتي الَّذِي عتا من الْوَلَد فِيمَا يرى فِي نَفسه لَا ولادَة فِيهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن الثَّوْريّ قَالَ: بَلغنِي أَن زَكَرِيَّا كَانَ ابْن سبعين سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن الْمُبَارك {وَقد بلغت من الْكبر عتيا} قَالَ: سِتِّينَ سنة وَأخرج الرامَهُرْمُزِي فِي الْإِسْنَاد عَن وهب بن مُنَبّه {وَقد بلغت من الْكبر عتيا} قَالَ: هَذِه الْمقَالة وَهُوَ ابْن سِتِّينَ أَو خمس وَسِتِّينَ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ عتيا بِرَفْع الْعين وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن وثاب أَنه قَرَأَهَا {عتيا} وصليا بِكَسْر الْعين وَالصَّاد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عقيل أَنه قَرَأَ وَقد بلغت من الْكبر عسيا بِالسِّين وَرفع الْعين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن نوف فِي قَوْله: {قَالَ رب اجْعَل لي آيَة} قَالَ: أَعْطِنِي آيَة أَنَّك قد استجبت لي فَقَالَ: {آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال سوياً} قَالَ ختم على لِسَانه وَهُوَ صَحِيح سوي لَيْسَ بِهِ من مرض فَلم يتَكَلَّم ثَلَاثَة أَيَّام وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال سوياً} قَالَ: اعتقل لِسَانه من غير مرض وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ثَلَاث لَيَال سويا} قَالَ: من غير خرس وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ثَلَاث لَيَال سويا} قَالَ: صَحِيحا لَا يمنعك الْكَلَام مرض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: حبس لِسَانه فَكَانَ لَا يَسْتَطِيع أَن يكلم أحدا وَهُوَ فِي ذَلِك يسبح وَيقْرَأ التَّوْرَاة فَإِذا أَرَادَ كَلَام النَّاس لم يسْتَطع أَن يكلمهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {فَخرج على قومه من الْمِحْرَاب} قَالَ: الْمِحْرَاب مُصَلَّاهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَأوحى إِلَيْهِم} قَالَ: كتب لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الحكم {فَأوحى إِلَيْهِم} قَالَ: كتب لَهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَأوحى إِلَيْهِم} قَالَ فَأَشَارَ زَكَرِيَّا أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب {فَأوحى إِلَيْهِم أَن سبحوا} قَالَ: أَشَارَ إِلَيْهِم إِشَارَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير {فَأوحى إِلَيْهِم} قَالَ: أَوْمَأ إِلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَأوحى إِلَيْهِم أَن سبحوا} قَالَ: صلوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: {بكرَة وعشيا} قَالَ: أَمرهم بِالصَّلَاةِ بكرَة وعشيا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {فَأوحى إِلَيْهِم أَن سبحوا بكرَة وعشيا} قَالَ: البكرة صَلَاة الْفجْر وعشيا صَلَاة الْعَصْر الْآيَة 12 - 15

12

أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يَا يحيى خُذ الْكتاب بِقُوَّة} قَالَ: بجد {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا} قَالَ: الْفَهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {خُذ الْكتاب بِقُوَّة} يَقُول: اعْمَلْ بِمَا فِيهِ من فَرَائِضه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: سَأَلنَا عِكْرِمَة عَن قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا} قَالَ: اللب وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا} قَالَ: أعطي الْفَهم وَالْعِبَادَة وَهُوَ ابْن سبع سِنِين وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا} قَالَ: وَهُوَ ابْن ثَلَاث سِنِين وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والخرائطي وَابْن عَسَاكِر عَن معمر بن رَاشد فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا} قَالَ: بَلغنِي أَن الصّبيان قَالُوا

ليحيى بن زَكَرِيَّا: اذْهَبْ بِنَا نلعب قَالَ: مَا للعب خلقت فَهُوَ قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة قَالَ: جَاءَ الغلمان إِلَى يحيى بن زَكَرِيَّا فَقَالَ: مَا للعب خلقت قَالَ: فَأنْزل الله {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا} وَأخرجه ابْن عَسَاكِر عَن معَاذ بن جبل مَرْفُوعا وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخه من طَرِيق سهل بن سعيد عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ الغلمان ليحيى بن زَكَرِيَّا: اذْهَبْ بِنَا نلعب فَقَالَ يحيى: مَا للعب خلقنَا اذْهَبُوا نصلي فَهُوَ قَول الله: {وَآتَيْنَاهُ الحكم صَبيا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ الْقُرْآن قبل أَن يَحْتَلِم فقد أُوتِيَ الحكم صَبيا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والزجاجي فِي أَمَالِيهِ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَحَنَانًا} قَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ إِلَّا أَنِّي أَظُنهُ تعطف الله على خلقه بِالرَّحْمَةِ وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: {وَحَنَانًا} فَلم يجر فِيهَا شَيْئا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَحَنَانًا من لدنا} قَالَ: رَحْمَة من عندنَا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله: {وَحَنَانًا من لدنا} قَالَ: رَحْمَة من عندنَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت طرفَة بن العَبْد الْبكْرِيّ وَهُوَ يَقُول: أَبَا مُنْذر أفنيت فَاسْتَبق بَعْضنَا حنانيك بعض لشر أَهْون من بعض وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَحَنَانًا من لدنا} قَالَ: تعطفاً من ربه عَلَيْهِ

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {وَحَنَانًا من لدنا} قَالَ: الرَّحْمَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع {وَحَنَانًا من لدنا} قَالَ: {رَحْمَة من عندنَا} لَا يملك عطاءها أحد غَيرنَا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن سعيد الْجُهَنِيّ فِي قَوْله: {وَحَنَانًا من لدنا} قَالَ: الحنان المحبب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَحَنَانًا من لدنا} قَالَ: رَحْمَة من عندنَا {وَزَكَاة} قَالَ صَدَقَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَزَكَاة} قَالَ: بركَة وَفِي قَوْله: {وَكَانَ تقياً} قَالَ: طهر فَلم يعْمل بذنب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {وَكَانَ تقياً} قَالَ: لم يَعْصِهِ وَلم يهم بهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلم يكن جباراً عصياً} قَالَ: كَانَ سعيد بن الْمسيب يَقُول: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من أحد يلقى الله يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا ذَا ذَنْب إِلَّا يحيى بن زَكَرِيَّا قَالَ قَتَادَة: وَقَالَ الْحسن: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أذْنب يحيى بن زَكَرِيَّا قطّ وَلَا هم بِامْرَأَة وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ذكر رَحْمَة رَبك عَبده زَكَرِيَّا} قَالَ: ذكره الله برحمته مِنْهُ حَيْثُ دَعَاهُ {إِذْ نَادَى ربه نِدَاء خفِيا} يَعْنِي دَعَا ربه دُعَاء خفِيا فِي اللَّيْل لَا يسمع أحدا أَو يسمع أُذُنَيْهِ فَقَالَ: {رب إِنِّي وَهن الْعظم مني} يَعْنِي ضعف الْعظم مني {واشتعل الرَّأْس شيباً} يَعْنِي غلب الْبيَاض السوَاد {وَلم أكن بدعائك رب شقياً} أَي لم أدعك قطّ فخيبتني فِيمَا مضى فتخيبني فِيمَا بَقِي فَكَمَا لم أشق بدعائي فِيمَا مضى فَكَذَلِك لَا أَشْقَى فِيمَا بَقِي عوّدتني الْإِجَابَة من نَفسك {وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي} فَلم يبْق لي وَارِث وَخفت الْعصبَة أَن ترثني {فَهَب لي من لَدُنْك وليا} يَعْنِي من عنْدك وليا {يَرِثنِي} يَعْنِي يَرث محرابي وعصاي وبرنس العربان وقلمي الَّذِي أكتب بِهِ الْوَحْي {وَيَرِث من آل يَعْقُوب} النبوّة {واجعله رب رَضِيا} يَعْنِي مرضياً عنْدك زاكياً بِالْعَمَلِ فَاسْتَجَاب الله لَهُ فَكَانَ قد دخل فِي

السن هُوَ وَامْرَأَته فَبينا هُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي الْمِحْرَاب حَيْثُ يذبح القربان إِذا هُوَ بِرَجُل عَلَيْهِ الْبيَاض حياله وَهُوَ جِبْرِيل فَقَالَ: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نبشرك بِغُلَام اسْمه يحيى} هُوَ اسْم من أَسمَاء الله اشتق من حَيّ سَمَّاهُ الله فَوق عَرْشه {لم نجْعَل لَهُ من قبل سميا} لم يَجْعَل لزكريا من قبل يحيى ولد لَهُ {هَل تعلم لَهُ سميا} يَعْنِي هَل تعلم لَهُ ولدا وَلم يكن لزكريا قبله ولد وَلم يكن قبل يحيى أحد يُسمى يحيى قَالَ: وَكَانَ اسْمه حَيا فَلَمَّا وهب الله لسارة إِسْحَق فَكَانَ اسْمهَا يسارة ويسارة من النِّسَاء الَّتِي لَا تَلد وَسَارة من النِّسَاء: الطالقة الرَّحِم الَّتِي تَلد فسماها الله سارة وحول الْيَاء من سارة إِلَى حَيّ فَسَماهُ يحيى فَقَالَ: {رب أَنى يكون لي غُلَام وَكَانَت امْرَأَتي عاقراً} خَافَ أَنَّهَا لَا تَلد قَالَ: {كَذَلِك قَالَ رَبك} يَا زَكَرِيَّا {هُوَ عليّ هَين وَقد خلقتك من قبل} أَن أهب لَك يحيى {وَلم تَكُ شَيْئا} وَكَذَلِكَ أقدر على أَن أخلق من الْكَبِير والعاقر وَذَلِكَ أَن إِبْلِيس أَتَاهُ فَقَالَ: يَا زَكَرِيَّا دعاؤك كَانَ خفِيا فأجبت بِصَوْت رفيع وبشرت بِصَوْت عَال ذَلِك صَوت من الشَّيْطَان لَيْسَ من جِبْرِيل وَلَا من رَبك {قَالَ رب اجْعَل لي آيَة} حَتَّى أعرف أَن هَذِه الْبُشْرَى مِنْك {قَالَ آيتك أَلا تكلم النَّاس ثَلَاث لَيَال} يَعْنِي صَحِيحا من غير خرس فَحَاضَت زَوجته فَلَمَّا طهرت طَاف عَلَيْهَا فاستحملت فَأصْبح لَا يتَكَلَّم وَكَانَ إِذا أَرَادَ التَّسْبِيح وَالصَّلَاة أطلق الله لِسَانه فَإِذا أَرَادَ أَن يكلم النَّاس اعتقل لِسَانه فَلَا يَسْتَطِيع أَن يتَكَلَّم وَكَانَت عُقُوبَة لَهُ لِأَنَّهُ بشر بِالْوَلَدِ فَقَالَ: {أَنى يكون لي غُلَام} فخاف أَن يكون الصَّوْت من غير الله {فَخرج على قومه من الْمِحْرَاب} يَعْنِي من مُصَلَّاهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ فَأوحى إِلَيْهِم بِكِتَاب كتبه بِيَدِهِ {أَن سبحوا بكرَة وعشياً} يَعْنِي صلوا صَلَاة الْغَدَاة وَالْعصر فولد لَهُ يحيى على مَا بشره الله نَبيا تقياً صَالحا {يَا يحيى خُذ الْكتاب بِقُوَّة} يَعْنِي بجد وَطَاعَة واجتهاد وشكر وبالعمل بِمَا فِيهِ {وَآتَيْنَاهُ الحكم} يَعْنِي الْفَهم {صَبيا} صَغِيرا وَذَلِكَ أَنه مر على صبية أتراب لَهُ يَلْعَبُونَ على شاطئ نهر بطين وبماء فَقَالُوا: يَا يحيى تعالَ حَتَّى نلعب فَقَالَ: سُبْحَانَ الله أَو للعب خلقنَا {وَحَنَانًا} يَعْنِي وَرَحْمَة {منا} وعطفاً {وَزَكَاة} يَعْنِي وَصدقَة على زَكَرِيَّا {وَكَانَ تقياً} يَعْنِي مطهراً مُطيعًا لله {وَبرا بِوَالِديهِ} كَانَ لَا يَعْصِيهمَا {وَلم يكن جباراً} يَعْنِي قتال النَّفس الَّتِي حرم الله قَتلهَا {عصياً} يَعْنِي عَاصِيا لرَبه {وَسَلام عَلَيْهِ} يَعْنِي حِين سلم الله عَلَيْهِ {يَوْم ولد وَيَوْم يَمُوت وَيَوْم يبْعَث حَيا}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم قَالَ: قَالَ مَالك: بَلغنِي أَن عِيسَى ابْن مَرْيَم وَيحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَام ابْنا خَالَة وَكَانَ حملهما جَمِيعًا مَعًا فبلغني أَن أم يحيى قَالَت لِمَرْيَم: إِنِّي أرى مَا فِي بَطْني يسْجد لما فِي بَطْنك قَالَ مَالك: أرى ذَلِك لتفضيل الله عِيسَى لِأَن الله جعله يحيي الْمَوْتَى وَيُبرئ الأكمه والأبرص وَلم يكن ليحيى إِلَّا عشب الأَرْض وَإِن كَانَ ليبكي من خشيَة الله حَتَّى لَو كَانَ على خُذْهُ القار لأذابه وَلَقَد كَانَ الدمع اتخذ فِي وَجهه مجْرى وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن خُزَيْمَة وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كُنَّا فِي حَلقَة فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نتذاكر فَضَائِل الْأَنْبِيَاء فَذَكرنَا نوحًا وَطول عِبَادَته وَذكرنَا إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى فَخرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا تذاكرون بَيْنكُم فَذَكرنَا لَهُ فَقَالَ: أما إِنَّه لَا يَنْبَغِي أَن يكون أحد خيرا من يحيى بن زَكَرِيَّا أما سَمِعْتُمْ الله كَيفَ وَصفه فِي الْقُرْآن {يَا يحيى خُذ الْكتاب بِقُوَّة} إِلَى قَوْله: {وَكَانَ تقياً} لم يعْمل سَيِّئَة قطّ وَلم يهم بهَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن شهَاب: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على أَصْحَابه يَوْمًا وهم يتذاكرون فضل الْأَنْبِيَاء فَقَالَ قَائِل: مُوسَى كَلمه الله تكليماً وَقَالَ قَائِل: عِيسَى روح الله وكلمته وَقَالَ قَائِل: إِبْرَاهِيم خَلِيل الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَأَيْنَ الشَّهِيد ابْن الشَّهِيد يلبس الْوَبر وَيَأْكُل الشّجر مَخَافَة الذَّنب يحيى بن زَكَرِيَّا وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من أحد من ولد آدم إِلَّا وَقد أَخطَأ أَو هم بخطيئة إِلَّا يحيى بن زَكَرِيَّا لم يهم بخطيئة وَلم يعملها وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل بني آدم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة وَله ذَنْب إِلَّا مَا كَانَ من يحيى بن زَكَرِيَّا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن عَسَاكِر عَن يحيى بن جعدة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَقُول: أَنا خير من يحيى بن زَكَرِيَّا مَا هم بخطيئة وَلَا حاكت فِي صَدره امْرَأَة

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ضَمرَة بن حبيب قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بعلت النِّسَاء عَن ولد يَنْبَغِي لَهُ أَن يَقُول: أَنا أفضل من يحيى بن زَكَرِيَّا لم يحك فِي صَدره خَطِيئَة وَلم يهم بهَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة رَفعه قَالَ: مَا ارتكض فِي النِّسَاء من جَنِين يَنْبَغِي لَهُ أَن يَقُول: أَنا أفضل من يحيى بن زَكَرِيَّا لِأَنَّهُ لم يحك فِي صَدره خَطِيئَة وَلم يهم بهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: إِن عِيسَى وَيحيى التقيا فَقَالَ يحيى لعيسى: اسْتغْفر لي أَنْت خير مني فَقَالَ لَهُ عِيسَى: بل أَنْت خير مني سلم الله عَلَيْك وسلمت أَنا على نَفسِي فَعرف وَالله فَضلهَا وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم والضياء عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْحسن وَالْحُسَيْن سيداً شباب أهل الْجنَّة - إِلَّا ابْني الْخَالَة - عِيسَى ابْن مَرْيَم وَيحيى بن زَكَرِيَّا وَأخرج الْحَاكِم من طَرِيق سَمُرَة عَن كَعْب قَالَ: كَانَ يحيى لَا يقرب النِّسَاء وَلَا يشتهين وَكَانَ شَابًّا حسن الْوَجْه لين الْجنَاح قَلِيل الشّعْر قصير الْأَصَابِع طَوِيل الْأنف أقرن الحاجبين رَقِيق الصَّوْت كثير الْعِبَادَة قَوِيا فِي الطَّاعَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي بن كَعْب: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن من هوان الدُّنْيَا على الله أَن يحيى بن زَكَرِيَّا قتلته امْرَأَة وَأخرج الْحَاكِم عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: من أنكر الْبلَاء فَإِنِّي لَا أنكرهُ لقد ذكر لي أَنما قتل يحيى بن زَكَرِيَّا فِي زَانِيَة وَأخرج إِسْحَق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيقه: أَنا يَعْقُوب الْكُوفِي عَن عَمْرو بن مَيْمُون عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ رأى زَكَرِيَّا فِي السَّمَاء فَسلم عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا يحيى خبرني عَن قَتلك كَيفَ كَانَ وَلم قَتلك بَنو إِسْرَائِيل قَالَ: يَا مُحَمَّد إِن يحيى كَانَ خير أهل زَمَانه وأجملهم وأصبحهم وَجها وَكَانَ كَمَا قَالَ الله: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} وَكَانَ لَا يحْتَاج إِلَى النِّسَاء فهويته امْرَأَة ملك بني إِسْرَائِيل وَكَانَت بغية فَأرْسلت إِلَيْهِ وَعَصَمَهُ الله وَامْتنع يحيى وأبى عَلَيْهَا وأجمعت على قتل يحيى وَلَهُم عيد يَجْتَمعُونَ فِي كل عَام وَكَانَت

سنة الْملك أَن يوعد وَلَا يخلف وَلَا يكذب فَخرج الْملك للعيد فَقَامَتْ امْرَأَته فشيعته وَكَانَ بهَا معجباً وَلم تكن تسأله فِيمَا مضى فَلَمَّا أَن شيعته قَالَ الْملك: سليني فَمَا تسأليني شَيْئا إِلَّا أَعطيتك قَالَت: أُرِيد دم يحيى بن زَكَرِيَّا قَالَ لَهَا: سليني غَيره قَالَت: هُوَ ذَاك قَالَ: هُوَ لَك فَبعث جلاوزتها إِلَى يحيى وَهُوَ فِي محرابه يُصَلِّي وَأَنا إِلَى جَانِبه أُصَلِّي فذبح فِي طست وَحمل رَأسه وَدَمه إِلَيْهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَمَا بلغ من صبرك قَالَ: مَا انفتلت من صَلَاتي فَلَمَّا حمل رَأسه إِلَيْهَا وَوضع بَين يَديهَا - فَلَمَّا أَمْسوا - خسف الله بِالْملكِ وَأهل بَيته وحشمه فَلَمَّا أَصْبحُوا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل: لقد غضب إِلَه زَكَرِيَّا لزكريا فتعالوا حَتَّى نغضب لملكنا فنقتل زَكَرِيَّا فَخَرجُوا فِي طلبي ليقتلوني فَجَاءَنِي النذير فهربت مِنْهُم وإبليس أمامهم يدلهم عَليّ: فَلَمَّا أَن تخوفت أَن لَا أعجزهم عرضت لي شَجَرَة فنادتني فَقَالَت: إِلَيّ إِلَيّ وانصدعت لي فَدخلت فِيهَا وَجَاء إِبْلِيس حَتَّى أَخذ بِطرف رِدَائي والتأمت الشَّجَرَة وَبَقِي طرف رِدَائي خَارِجا من الشَّجَرَة وَجَاء بَنو إِسْرَائِيل فَقَالَ إِبْلِيس: أما رَأَيْتُمُوهُ دخل هَذِه الشَّجَرَة هَذَا طرف رِدَائه دخل بِهِ الشَّجَرَة فَقَالُوا: نحرق هَذِه الشَّجَرَة فَقَالَ إِبْلِيس: شقوه بِالْمِنْشَارِ شقاً قَالَ: فشققت مَعَ الشَّجَرَة بِالْمِنْشَارِ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا زَكَرِيَّا هَل وجدت لَهُ مساً أَو وَجعاً قَالَ: لَا إِنَّمَا وجدت تِلْكَ الشَّجَرَة جعل الله روحي فِيهَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه أَن زَكَرِيَّا هرب وَدخل جَوف شَجَرَة فَوضع على الشَّجَرَة الْمِنْشَار وَقطع بنصفين فَلَمَّا وَقع الْمِنْشَار على ظَهره أنَّ فَأوحى الله يَا زَكَرِيَّا إِمَّا أَن تكف عَن أنينك أَو أقلب الأَرْض وَمن عَلَيْهَا فَسكت حَتَّى قطع نِصْفَيْنِ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن عَسَاكِر عَن يزِيد بن ميسرَة قَالَ: كَانَ طَعَام يحيى بن زَكَرِيَّا الْجَرَاد وَقُلُوب الشّجر وَكَانَ يَقُول: من أنعم مِنْك يَا يحيى طَعَامك الْجَرَاد وَقُلُوب الشّجر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن عَسَاكِر عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ وَابْن الْمُبَارك وَأحمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ طعم يحيى بن زَكَرِيَّا العشب وَإِن كَانَ ليبكي من خشيَة الله حَتَّى لَو كَانَ القار على عينه لأحرقه وَلَقَد كَانَت الدُّمُوع اتَّخذت مجْرى فِي وَجهه

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن يُونُس بن ميسرَة قَالَ: مر يحيى بن زَكَرِيَّا على دِينَار فَقَالَ: قبح هَذَا الْوَجْه يَا دِينَار يَا عبد العبيد ومعبد الْأَحْرَار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: سَأَلَ يحيى بن زَكَرِيَّا ربه قَالَ: رب اجْعَلنِي أسلم على أَلْسِنَة النَّاس وَلَا يَقُولُونَ فيّ إِلَّا خيرا فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا يحيى لم أجعَل هَذَا لي فَكيف أجعله لَك وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: بلغنَا أَن إِبْلِيس ظهر ليحيى بن زَكَرِيَّا فَرَأى عَلَيْهِ معاليق من كل شَيْء فَقَالَ لَهُ يحيى: مَا هَذِه قَالَ: هَذِه الشَّهَوَات الَّتِي أُصِيب بهَا بَنو آدم قَالَ لَهُ يحيى: هَل لي فِيهَا شَيْء قَالَ: لَا قَالَ: فَهَل تصيب مني شَيْئا قَالَ: رُبمَا شبعت فثقلناك عَن الصَّلَاة وَالذكر قَالَ: هَل غَيره قَالَ: لَا قَالَ: لَا جرم لَا أشْبع أبدا وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَليّ بن زيد بن جدعَان عَن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن الْحُسَيْن بن عَليّ قَالَ: كَانَ ملك مَاتَ وَترك امْرَأَته وَابْنَته فورث ملكه أَخُوهُ فَأَرَادَ أَن يتَزَوَّج امْرَأَة أَخِيه فَاسْتَشَارَ يحيى بن زَكَرِيَّا فِي ذَلِك وَكَانَت الْمُلُوك فِي ذَلِك الزَّمَان يعلمُونَ بِأَمْر الْأَنْبِيَاء فَقَالَ لَهُ: لَا تتزوّجها فَإِنَّهَا بغي فَبلغ الْمَرْأَة ذَلِك فَقَالَت: ليقْتلن يحيى أَو ليخرجن من ملكه فعمدت إِلَى ابْنَتهَا فصيغتها ثمَّ قَالَت اذهبي إِلَى عمك عِنْد الْمَلأ فَإِنَّهُ إِذا رآك سيدعوك ويجلسك فِي حجره وَيَقُول: سليني مَا شِئْت فَإنَّك لن تسأليني شَيْئا إِلَّا أَعطيتك فَإِذا قَالَ لَك قولي: فَقولِي لَا أَسأَلك شَيْئا إِلَّا رَأس يحيى وَكَانَت الْمُلُوك إِذا تكلم أحدهم بِشَيْء على رُؤُوس الْمَلأ ثمَّ لم يمض لَهُ نزع من ملكه فَفعلت ذَلِك فَجعل يَأْتِيهِ الْمَوْت من قَتله يحيى وَجعل يَأْتِيهِ الْمَوْت من خُرُوجه من ملكه فَاخْتَارَ ملكه فَقتله فساخت بأمها الأَرْض قَالَ ابْن جدعَان: فَحدثت بِهَذَا الحَدِيث ابْن الْمسيب فَقَالَ: أما أخْبرك كَيفَ كَانَ قتل زَكَرِيَّا قلت: لَا قَالَ: إِن زَكَرِيَّا حَيْثُ قتل ابْنه انْطلق هَارِبا مِنْهُم واتبعوه حَتَّى أَتَى على شَجَرَة ذَات سَاق فدعته إِلَيْهَا فانطوت عَلَيْهِ وَبقيت من ثَوْبه هدبة تلعبها الرّيح فَانْطَلقُوا إِلَى الشَّجَرَة فَلم يَجدوا أَثَره عِنْدهَا فنظروا تِلْكَ الهدبة فدعوا الْمِنْشَار فَقطعُوا الشَّجَرَة فقطعوه فِيهَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: الَّتِي قتلت يحيى بن زَكَرِيَّا امْرَأَة

ورثت الْملك عَن آبائها فَأتيت بِرَأْس يحيى وَهِي على سريرها فَقَالَ للْأَرْض خذيها فأخذتها وسريرها فَذهب بهَا وَأخرج إِسْحَق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن الزبير: أَن ملكا أَرَادَ أَن يتَزَوَّج ابْنة أَخِيه فاستفتى يحيى بن زَكَرِيَّا قَالَ: لَا تحل لَك فَسَأَلت قَتله فَبعث إِلَيْهِ - وَهُوَ فِي محرابه يُصَلِّي - فذبحوه ثمَّ حزوا رَأسه وَأتوا بِهِ الْملك فَجعل الرَّأْس يَقُول: لَا يحل لَك مَا تُرِيدُ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن شَوْذَب قَالَ: قَالَ يحيى بن زَكَرِيَّا للَّذي جَاءَ يحز رَأسه: أما تعلم أَنِّي نَبِي قَالَ: بلَى وَلَكِنِّي مَأْمُور وَأخرج الْحَاكِم وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أوحى الله إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي قتلت بِيَحْيَى بن زَكَرِيَّا سبعين ألفا وَإِنِّي قَاتل بِابْن ابْنَتك سبيعن ألفا وَسبعين ألفا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن شمر بن عَطِيَّة قَالَ: قتل على الصَّخْرَة الَّتِي فِي بَيت الْمُقَدّس سَبْعُونَ نَبيا مِنْهُم يحيى بن زَكَرِيَّا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قُرَّة قَالَ: مَا بَكت السَّمَاء على أحد إِلَّا على يحيى بن زَكَرِيَّا وَالْحُسَيْن بن عَليّ وحمرتها بكاؤها وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن خَالِد بن ثَابت الربعِي قَالَ: لما قتل فجرة بني إِسْرَائِيل - يحيى بن زَكَرِيَّا أوحى الله إِلَى نَبِي من أَنْبِيَائهمْ: أَن قل لبني إِسْرَائِيل إِلَى مَتى تجترئون على أَن تعصوا أَمْرِي وتقتلوا رُسُلِي وَحَتَّى مَتى أضمكم فِي كنفي كَمَا تضم الدَّجَاجَة أَوْلَادهَا فِي كنفها فتجترئون عَليّ اتَّقوا لَا أؤخذاكم بِكُل دم كَانَ بَين ابْني آدم وَيحيى بن زَكَرِيَّا وَاتَّقوا أَن أصرف عَنْكُم وَجْهي فَإِنِّي إِن صرفت عَنْكُم وَجْهي لَا أقبل عَلَيْكُم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما قتل يحيى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: بعض أَصْحَابه لصَاحب لَهُ: ابْعَثْ إِلَيّ بقميص نَبِي الله يحيى أشمه فَبعث بِهِ إِلَيْهِ فَإِذا سداه وَلحمَته لِيف وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن يُونُس بن عبيد قَالَ: بلغنَا أَنه كَانَ رجل يجور على مَمْلَكَته ويعدي عَلَيْهِم فائتمروا بقتْله فَقَالُوا: نَبِي الله زَكَرِيَّا بَين أظهرنَا فَلَو أتيناه فَأتوا منزله فَإِذا فتاة جميلَة رائعة قد أشرق لَهَا الْبَيْت حسنا

فَقَالُوا: من أنتِ قَالَت: امْرَأَة زَكَرِيَّا فَقَالُوا فِيمَا بَينهم: كُنَّا نرى نَبِي الله لَا يُرِيد الدُّنْيَا فَإِذا هُوَ عِنْده امْرَأَة من أجمل النِّسَاء ثمَّ إِنَّهُم رَأَوْهُ فِي عمل عِنْد قوم وَيعْمل لَهُم حَتَّى إِذا حضر غداؤه قرب رغيفين فَأكل وَلم يدعهم ثمَّ قَامَ فَعمل بَقِيَّة عمله ثمَّ علق خفيه على عُنُقه والمسحاة والكساء قَالَ: مَا حَاجَتكُمْ قَالُوا: قد جِئْنَا لأمر وَلَقَد كَاد يغلبنا مَا رَأينَا على مَا جِئْنَا لَهُ قَالَ: فهاتوا قَالُوا: أَتَيْنَا مَنْزِلك فَإِذا امْرَأَة جميلَة رائعة وَكُنَّا نرى نَبِي الله لَا يُرِيد الدُّنْيَا فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا تزوجت امْرَأَة جميلَة رائعة لأكف بهَا بَصرِي وأحفظ بهَا فَرجي فَخرج نَبِي الله مِمَّا قَالُوا قَالُوا: ورأيناك قدمت رغيفين فَأكلت وَلم تدعنا قَالَ: إِن الْقَوْم استأجروني على عمل فَخَشِيت أَن أَضْعَف عَن عَمَلهم وَلَو أكلْتُم معي لم يكفني وَلم يكفكم فَخرج نَبِي الله مِمَّا قَالُوا قَالُوا: ورأيناك وضعت خفيك على عُنُقك والمسحاة والكساء فَقَالَ: إِن هَذِه الأَرْض جَدِيدَة وكرهت أَن أنقل تُرَاب هَذِه فِي هَذِه فَخرج نَبِي الله مِمَّا قَالُوا قَالُوا: إِن هَذَا الْملك يجور علينا ويظلمنا وَقد ائتمرنا لقتاله قَالَ: أَي قوم لَا تَفعلُوا فَإِن إِزَالَة جبل من أَصله أَهْون من إِزَالَة ملك مُؤَجل وَالله أعلم الْآيَة 16 - 24

16

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِذْ انتبذت} أَي انْفَرَدت {من أَهلهَا مَكَانا شرقياً} قَالَ: قبل الْمشرق شاسعاً متنحياً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {انتبذت من أَهلهَا مَكَانا شرقياً} قَالَ: مَكَانا أظلتها الشَّمْس أَن يَرَاهَا أحد مِنْهُم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا اتَّخذت النَّصَارَى الْمشرق قبْلَة لِأَن مَرْيَم اتَّخذت من أَهلهَا مَكَانا شرقيا فاتخذا ميلاده قبْلَة وَإِنَّمَا سجدت الْيَهُود على حرف حِين نتق فَوْقهم الْجَبَل فَجعلُوا يتخوفون وهم ينظرُونَ إِلَيْهِ يتخوفون أَن يَقع عَلَيْهِم فسجدوا سَجْدَة رضيها الله فاتخذوها سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أهل الْكتاب كتب عَلَيْهِم الصَّلَاة إِلَى الْبَيْت وَالْحج إِلَيْهِ وَمَا صرفهم عَنهُ إِلَّا قَول رَبك: {إِذْ انتبذت من أَهلهَا مَكَانا شرقياً} قَالَ: خرجت مِنْهُم مَكَانا شرقياً فصلوا قبل مطلع الشَّمْس وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق دَاوُد بن أبي هِنْد عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بلغت مَرْيَم فَإِذا هِيَ فِي بَيتهَا مُنْفَصِلَة إِذْ دخل عَلَيْهَا رجل بِغَيْر إِذن فَخَشِيت أَن يكون دخل عَلَيْهَا ليغتالها فَقَالَت: {إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً} قَالَ: {إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكياً} قَالَت: {أَنى يكون لي غُلَام وَلم يمسسني بشر وَلم أك بغياً} قَالَ: {كَذَلِك قَالَ رَبك} فَجعل جِبْرِيل يردد ذَلِك عَلَيْهَا وَتقول: {أَنى يكون لي غُلَام} وتغفلها جِبْرِيل فَنفخ فِي جيب درعها ونهض عَنْهَا وَاسْتمرّ بهَا حملهَا فَقَالَت: إِن خرجت نَحْو الْمغرب فالقوم يصلونَ نَحْو الْمغرب وَلَكِن أخرج نَحْو الْمشرق حَيْثُ لَا يراني أحد فَخرجت نَحْو الْمشرق فَبَيْنَمَا هِيَ تمشي إِذْ جاءها الْمَخَاض فَنَظَرت هَل تَجِد شَيْئا تستر بِهِ فَلم تَرَ إِلَّا جذع النَّخْلَة فَقَالَ: أستتر بِهَذَا الْجذع من النَّاس وَكَانَ تَحت الْجذع نهر يجْرِي فانضمت إِلَى النَّخْلَة فَلَمَّا وَضعته خر كل شَيْء يعبد من دون الله فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا سَاجِدا لوجهه وفزع إِبْلِيس فَخرج فَصَعدَ فَلم ير شَيْئا يُنكره وأتى الْمشرق فَلم ير شَيْئا يُنكره وَجعل لَا يصبر فَأتى الْمغرب لينْظر فَلم ير شَيْئا يُنكره فَبينا هُوَ يطوف إِذْ مر بالنخلة فَإِذا هُوَ بِامْرَأَة مَعهَا

غُلَام قد وَلدته وَإِذا بِالْمَلَائِكَةِ قد أَحدقُوا بهَا وبابنها وبالنخلة فَقَالَ: هَهُنَا حدث الْأَمر فَمَال إِلَيْهِم فَقَالَ: أَي شَيْء هَذَا الَّذِي حدث فكلمته الْمَلَائِكَة فَقَالُوا: نَبِي ولد بِغَيْر ذكر قَالَ: أما وَالله لأضِلَّنَ بِهِ أَكثر الْعَالمين أضلّ الْيَهُود فَكَفرُوا بِهِ وأضل النَّصَارَى فَقَالُوا: هُوَ ابْن الله قَالَ: وناداها ملك من تحتهَا {قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} قَالَ إِبْلِيس: مَا حملت أُنْثَى إِلَّا بعلمي وَلَا وَضعته إِلَّا على كفي لَيْسَ هَذَا الْغُلَام لم أعلم بِهِ حِين حَملته أمه وَلم أعلم بِهِ حِين وَضعته وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَا: خرجت مَرْيَم إِلَى جَانب الْمِحْرَاب لحيض أَصَابَهَا فَلَمَّا طهرت إِذْ هِيَ بِرَجُل مَعهَا {فتمثل لَهَا بشرا} فَفَزِعت وَقَالَ: {إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً} فَخرجت وَعَلَيْهَا جلبابها فَأخذ بكمها فَنفخ فِي جيب درعها - وَكَانَ مشقوقاً من قدامها - فَدخلت النفخة صدرها فَحملت فأتتها أُخْتهَا امْرَأَة لَيْلَة تزورها فَلَمَّا فتحت لَهَا الْبَاب التزمتها فَقَالَت امْرَأَة زَكَرِيَّا: يَا مَرْيَم أشعرت أَنِّي حُبْلَى قَالَت مَرْيَم: أشعرت أَيْضا أَنِّي حُبْلَى فَقَالَت امْرَأَة زَكَرِيَّا: فَإِنِّي وجدت مَا فِي بَطْني يسْجد للَّذي فِي بَطْنك فَذَاك قَوْله: {مُصدقا بِكَلِمَة من الله} فَولدت امْرَأَة زَكَرِيَّا يحيى وَلما بلغ أَن تضع مَرْيَم خرجت إِلَى جَانب الْمِحْرَاب {فأجاءها الْمَخَاض إِلَى جذع النَّخْلَة قَالَت يَا لَيْتَني مت قبل هَذَا} الْآيَة {فناداها} جِبْرِيل {من تحتهَا ألاَّ تحزني} فَلَمَّا وَلدته ذهب الشَّيْطَان فَأخْبر بني إِسْرَائِيل: إِن مَرْيَم ولدت فَلَمَّا أرادوها على الْكَلَام أشارت إِلَى عِيسَى فَتكلم فَقَالَ: {إِنِّي عبد الله آتَانِي الْكتاب} الْآيَات فَلَمَّا ولد لم يبْق فِي الأَرْض صنم إِلَّا خرَّ لوجهه وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم} يَقُول: قصّ ذكرهَا على الْيَهُود وَالنَّصَارَى ومشركي الْعَرَب {إِذْ انتبذت} يَعْنِي خرجت {من أَهلهَا مَكَانا شرقياً} قَالَ: كَانَت خرجت من بَيت الْمُقَدّس مِمَّا يَلِي الْمشرق {فاتخذت من دونهم حِجَابا} وَذَلِكَ أَن الله لما أَرَادَ أَن يبتدئها بالكرامة

ويبشرها بِعِيسَى وَكَانَت قد اغْتَسَلت من الْمَحِيض فتشرفت وَجعلت بَينهَا وَبَين قَومهَا {حِجَابا} يَعْنِي جبلا فَكَانَ الْجَبَل بَين مجلسها وَبَين بَيت الْمُقَدّس {فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا} يَعْنِي جِبْرِيل {فتمثل لَهَا بشرا} فِي صُورَة الْآدَمِيّين {سوياً} يَعْنِي معتدلاً شَابًّا أَبيض الْوَجْه جَعدًا قططاً حِين اخضر شَاربه فَلَمَّا نظرت إِلَيْهِ قَائِما بَين يَديهَا {قَالَت إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً} وَذَلِكَ أَنَّهَا شبهته بشاب كَانَ يَرَاهَا وَيَمْشي مَعهَا يُقَال لَهُ يُوسُف من بني إِسْرَائِيل وَكَانَ من خدم بَيت الْمُقَدّس فخافت أَن يكون الشَّيْطَان قد استزه فَمن ثمَّ قَالَت: {إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً} يَعْنِي إِن كنت تخَاف الله قَالَ جِبْرِيل: وَتَبَسم {إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكياً} يَعْنِي لله مُطيعًا من غير بشر {قَالَت أَنى يكون لي غُلَام وَلم يمسسني بشر} يَعْنِي زوجا {وَلم أك بغياً} أَي مومسة قَالَ جِبْرِيل: {كَذَلِك} يَعْنِي هَكَذَا {قَالَ رَبك هُوَ على هَين} يَعْنِي خلقه من غير بشر {ولنجعله آيَة للنَّاس} يَعْنِي عِبْرَة وَالنَّاس هُنَا للْمُؤْمِنين خَاصَّة وَرَحْمَة لكمن صدق بِأَنَّهُ رَسُول الله {وَكَانَ أمرا مقضياً} يَعْنِي كَائِنا أَن يكون من غير بشر فَدَنَا جِبْرِيل فَنفخ فِي جيبها فَدخلت النفخة جوفها فاحتملت كَمَا تحمل النِّسَاء فِي الرَّحِم والمشيمة وَوَضَعته كَمَا تضع النِّسَاء فأصابها الْعَطش فَأجرى الله لَهَا جدولاً من الْأُرْدُن فَذَلِك قَوْله: {قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} وَالسري الْجَدْوَل وَحمل الْجذع من سَاعَته {رطبا جنياً} فناداها من تحتهَا جِبْرِيل {وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة} لم يكن على رَأسهَا سقف وَكَانَت قد يَبِسَتْ مُنْذُ دهر طَوِيل فأحياها الله لَهَا وحملت فَذَلِك قَوْله: {تساقط عَلَيْك رطبا جنياً} يَعْنِي طرياً بغباره {فكلي} من الرطب {واشربي} من الْجَدْوَل {وقري عينا} بولدك فَقَالَ: فَكيف بِي إِذا سَأَلُونِي من أَيْن هَذَا قَالَ لَهَا جِبْرِيل: {فإمَّا تَرين} يَعْنِي فَإِذا رَأَيْت {من الْبشر أحدا} فأعنتك فِي أَمرك {فَقولِي إِنِّي نذرت للرحمن صوما} يَعْنِي صمتا فِي أَمر عِيسَى {فَلَنْ أكلم الْيَوْم إنسياً} فِي أمره حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يعبر عني وَعَن نَفسه قَالَ: ففقدوا مَرْيَم من مِحْرَابهَا فسألوا يُوسُف فَقَالَ: لَا علم لي بهَا وَأَن مِفْتَاح مِحْرَابهَا مَعَ زَكَرِيَّا فطلبوا زَكَرِيَّا وفتحوا الْبَاب وَلَيْسَت فِيهِ فاتهموه فَأَخَذُوهُ ووبخوه فَقَالَ رجل: إِنِّي رَأَيْتهَا فِي مَوضِع كَذَا فَخَرجُوا فِي طلبَهَا فَسَمِعُوا صَوت عقيق فِي رَأس الْجذع الَّذِي مَرْيَم من تَحْتَهُ فَانْطَلقُوا إِلَيْهِ فَذَلِك قَول

الله: {فَأَتَت بِهِ قَومهَا تحمله} قَالَ ابْن عَبَّاس: لما رَأَتْ بِأَن قَومهَا قد أَقبلُوا إِلَيْهَا احتملت الْوَلَد إِلَيْهِم حَتَّى تلقتهم بِهِ فَذَلِك قَوْله: {فَأَتَت بِهِ قَومهَا تحمله} أَي لَا تخَاف رِيبَة وَلَا تُهْمَة فَلَمَّا نظرُوا إِلَيْهَا شقّ أَبوهَا مدرعته وَجعل التُّرَاب على رَأسه وإخوتها وَآل زَكَرِيَّا {قَالُوا يَا مَرْيَم لقد جِئْت شَيْئا فرياً} يَعْنِي عَظِيما {يَا أُخْت هَارُون مَا كَانَ أَبوك امْرأ سوء وَمَا كَانَت أمك بغياً} يَعْنِي زَانِيَة فأنَّى أتيت هَذَا الْأَمر مَعَ هَذَا الْأَخ الصَّالح وَالْأَب الصَّالح وَالأُم الصَّالح {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} تَقول لَهُم: أَن كَلمُوهُ فَإِنَّهُ سيخبركم {إِنِّي نذرت للرحمن صوما} أَن لَا أكلمكم فِي أمره فَإِنَّهُ سيعبر عني فَيكون لكم آيَة وعبرة {قَالُوا كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا} يَعْنِي من هُوَ فِي الْخرق طفْلا لَا ينْطق فأنطقه الله فَعبر عَن أمه وَكَانَ عِبْرَة لَهُم فَقَالَ: {إِنِّي عبد الله} فَلَمَّا أَن قَالَهَا ابْتَدَأَ يحيى وَهُوَ ابْن ثَلَاث سِنِين فَكَانَ أول من صدق بِهِ فَقَالَ: إِنِّي أشهد أَنَّك عبد الله وَرَسُوله لتصديق قَول الله: {مُصدقا بِكَلِمَة من الله} فَقَالَ عِيسَى: {آتَانِي الْكتاب وَجَعَلَنِي نَبيا} إِلَيْكُم {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت} قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْبركَة الَّتِي جعلهَا الله لعيسى أَنه كَانَ معلما مؤدباً حَيْثُمَا توجه {وأوصاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة} يَعْنِي وَأَمرَنِي {وَبرا بوالدتي} فَلَا أعقها قَالَ ابْن عَبَّاس حِين قَالَ: {وَبرا بوالدتي} قَالَ: زَكَرِيَّا: الله أكبر فَأَخذه فضمه إِلَى صَدره فَعَلمُوا أَنه خلق من غير بشر {وَلم يَجْعَلنِي جباراً شقياً} يَعْنِي متعظماً سفاكاً للدم {وَالسَّلَام عليّ يَوْم ولدت وَيَوْم أَمُوت وَيَوْم أبْعث حَيا} يَقُول الله: {ذَلِك عِيسَى ابْن مَرْيَم قَول الْحق الَّذِي فِيهِ يمترون} يَعْنِي يَشكونَ بقوله للْيَهُود ثمَّ أمسك عِيسَى عَن الْكَلَام حَتَّى بلغ مبلغ النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت مَرْيَم: كنت إِذا خلوت حَدثنِي عِيسَى وكلمني وَهُوَ فِي بَطْني وَإِذا كنت مَعَ النَّاس سبح فِي بَطْني وَكبر وَأَنا أسمع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: حِين حملت وضعت وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن مَرْيَم حملت لسبع أَو تسع سَاعَات وَوَضَعته من يَوْمهَا

وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وضعت مَرْيَم لثمانية أشهر وَلذَلِك لَا يُولد مَوْلُود لثمانية أشهر إِلَّا مَاتَ لِئَلَّا تسب مَرْيَم بِعِيسَى وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد الْعَمى قَالَ: ولد عِيسَى يَوْمًا عَاشُورَاء وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن نوف قَالَ: كَانَت مَرْيَم عَلَيْهَا السَّلَام فتاة بتولاً وَكَانَ زَكَرِيَّا زوج أُخْتهَا كفلها فَكَانَت مَعَه فَكَانَ يدْخل عَلَيْهِ يسلم عَلَيْهَا فتقرب إِلَيْهِ فَاكِهَة الشتَاء فِي الصَّيف وَفَاكِهَة الصَّيف فِي الشتَاء فَدخل عَلَيْهَا زَكَرِيَّا مرّة فقربت إِلَيْهِ بعض مَا كَانَت تقرب (قَالَ يَا مَرْيَم أَنى لَك هَذَا قَالَت هُوَ من عِنْد الله إِن الله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب هُنَالك دَعَا زَكَرِيَّا ربه) (آل عمرَان آيَة 38 - 39) إِلَى قَوْله: (آيتك أَن لَا تكلم النَّاس ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا زمرا) (آل عمرَان آيَة 42) {سوياً} صَحِيحا {فَخرج على قومه من الْمِحْرَاب فَأوحى إِلَيْهِم} كتب لَهُم {أَن سبحوا بكرَة وعشياً} قَالَ: فَبَيْنَمَا هِيَ جالسة فِي منزلهَا إِذا رجل قَائِم بَين يَديهَا قد هتك الْحجب فَلَمَّا أَن رَأَتْهُ قَالَت: {إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً} قَالَ فَلَمَّا ذكرت الرَّحْمَن فزع جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: {إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكياً} إِلَى قَوْله: {وَكَانَ أمرا مقضياً} فَنفخ فِي جيبها جِبْرِيل فَحملت حَتَّى إِذا أثقلت وجعت مَا يجع النِّسَاء وَكَانَت فِي بَيت النُّبُوَّة فاستحيت وهربت حَيَاء من قَومهَا فَأخذت نَحْو الْمشرق وَأخذ قَومهَا فِي طلبَهَا فَجعلُوا يسْأَلُون رَأَيْتُمْ فتاة كَذَا وَكَذَا فَلَا يُخْبِرهُمْ أحد وَأَخذهَا {الْمَخَاض إِلَى جذع النَّخْلَة} فتساندت إِلَى النَّخْلَة قَالَت: {يَا لَيْتَني مت قبل هَذَا وَكنت نسياً منسياً} قَالَ: حَيْضَة من حَيْضَة {فناداها من تحتهَا} قَالَ: جِبْرِيل من أقْصَى الْوَادي {أَلا تحزني قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} قَالَ: جدولاً {وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة تساقط عَلَيْك رطبا جنياً} فَلَمَّا قَالَ لَهَا جِبْرِيل: اشْتَدَّ ظهرهَا وَطَابَتْ نَفسهَا فَقطعت سرته ولفته فِي خرقَة وَحَمَلته فلقي قَومهَا راعي بقر وهم فِي طلبَهَا قَالُوا: يَا راعي هَل رَأَيْت فتاة كَذَا وَكَذَا قَالَ: لَا وَكن رَأَيْت اللَّيْلَة من بقري شَيْئا لم أره مِنْهَا قطّ فِيمَا خلا قَالَ: رَأَيْتهَا باتت سجدا نَحْو هَذَا الْوَادي فَانْطَلقُوا حَيْثُ

وصف لَهُم فَلَمَّا رأتهم مَرْيَم جَلَست وَجعلت ترْضع عِيسَى فجاؤوا حَتَّى وقفُوا عَلَيْهَا {قَالُوا يَا مَرْيَم لقد جِئْت شَيْئا فرياً} قَالَ: أمرا عَظِيما: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} أَن كَلمُوهُ فعجبوا مِنْهَا: قَالُوا: {كَيفَ نُكَلِّم من كَانَ فِي المهد صَبيا} {قَالَ إِنِّي عبد الله آتَانِي الْكتاب} والمهد حجرها فَلَمَّا قَالُوا ذَلِك: ترك عِيسَى ثديها واتكأ على يسَاره ثمَّ تكلم {قَالَ إِنِّي عبد الله آتَانِي الْكتاب وَجَعَلَنِي نَبيا} {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت وأوصاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة مَا دمت حَيا وَبرا بوالدتي وَلم يَجْعَلنِي جباراً شقياً وَالسَّلَام عليّ يَوْم ولدت وَيَوْم أَمُوت وَيَوْم أبْعث حَيا} قَالَ: وَاخْتلف النَّاس فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ لعمر بن الْخطاب لم أستحب النَّصَارَى الْحجب على مذابحهم قَالَ: إِنَّمَا يسْتَحبّ النَّصَارَى الْحجب على مذابحهم ومناسكهم لقَوْل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فاتخذت من دونهم حِجَابا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا} قَالَ: بعث الله إِلَيْهَا ملكا فَنفخ فِي جيبها فَدخل فِي الْفرج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا} قَالَ: جِبْرِيل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا} الْآيَة قَالَ: نفخ جِبْرِيل فِي درعها فبلغت حَيْثُ شَاءَ الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن يسَار: أَن جِبْرِيل أَتَاهَا فِي صُورَة رجل فكشف الْحجاب فَلَمَّا رَأَتْهُ تعوذت مِنْهُ فَنفخ فِي جيب درعها فبلغت فَذكر ذَلِك فِي الْمَدِينَة فَهجر زَكَرِيَّا وَترك وَكَانَ قبل ذَلِك يستفتى ويأتيه النَّاس حَتَّى إِن كَانَ ليسلم على الرجل فَمَا يكلمهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله: {فتمثل لَهَا بشرا سوياً} قَالَ: تمثل لَهَا روح عِيسَى فِي صُورَة بشر فَحَملته قَالَ: حملت الَّذِي خاطبها دخل فِي فِيهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي وَائِل فِي قَوْله: {قَالَت إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً} قَالَ: لقد علمت مَرْيَم أَن التقي ذُو نهية وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {قَالَت إِنِّي أعوذ بالرحمن مِنْك إِن كنت تقياً} قَالَ: إِنَّمَا خشيت أَن يكون إِنَّمَا يريدها عَن نَفسه {قَالَ إِنَّمَا أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكياً} زَعَمُوا أَنه نفخ فِي جيب درعها وكمها وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لأهب لَك} مَهْمُوزَة بِالْألف وَفِي قِرَاءَة عبد الله ليهب لَك بِالْيَاءِ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {غُلَاما زكياً} قَالَ: صَالحا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَلم أك بغياً} قَالَ زَانِيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَكَانا قصياً} قَالَ نَائِيا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {مَكَانا قصياً} قَالَ: قاصياً وَفِي قَوْله: {فأجاءها الْمَخَاض} قَالَ: ألجأها وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ: {فأجاءها الْمَخَاض} قَالَ: ألجأها قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت حسان بن ثَابت وَهُوَ يَقُول: إِذا شددنا شدَّة صَادِقَة فأجأناكم إِلَى سفح الْجَبَل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فأجاءها الْمَخَاض} قَالَ: اضطرها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {فأجاءها الْمَخَاض} قَالَ فأداها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فأجاءها الْمَخَاض إِلَى جذع النَّخْلَة} قَالَ: كَانَ جذعاً يَابسا وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق هِلَال بن خباب عَن أبي عبيد الله

{فأجاءها الْمَخَاض إِلَى جذع} نَخْلَة يابسة قد جِيءَ بِهِ ليبنى بِهِ بَيت يُقَال لَهُ بَيت لحم فحركته فَإِذا هُوَ نَخْلَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي قدامَة قَالَ: أنبت لِمَرْيَم نَخْلَة تعلق بهَا كَمَا تعلق الْمَرْأَة بِالْمَرْأَةِ عِنْد الْولادَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَكنت نسياً منسياً} قَالَ: لم أخلق وَلم أك شَيْئا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وَكنت نسياً منسياً} قَالَ: حَيْضَة ملقاة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَكنت نسياً منسياً} قَالَ: حَيْضَة وَأخرج عبد بن حميد عَن نوف الْبكالِي عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَكنت نسياً منسياً} قَالَ حَيْضَة ملقاة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَكنت نسياً منسياً} قَالَ: تَقول لَا أعرف وَلَا أَدْرِي من أَنا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَكنت نسياً منسياً} قَالَ: هُوَ السقط وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ وَأخرج أَبُو عبيد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَلْقَمَة أَنه قَرَأَ فخاطبها من تحتهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فناداها من تحتهَا} قَالَ: جِبْرِيل وَلم يتَكَلَّم عِيسَى حَتَّى أَتَت بِهِ قَومهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ الَّذِي ناداها هُوَ جِبْرِيل وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك وَعَمْرو بن مَيْمُون مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء {فناداها من تحتهَا} قَالَ: ملك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {فناداها من تحتهَا} قَالَ: جِبْرِيل من أَسْفَل الْوَادي

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فناداها من تحتهَا} قَالَ: عِيسَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فناداها من تحتهَا} قَالَ: هُوَ عِيسَى وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي بن كَعْب قَالَ الَّذِي خاطبها: هُوَ الَّذِي حَملته فِي جوفها دخل من فِيهَا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن زر بن حُبَيْش أَنه قَرَأَ {فناداها من تحتهَا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فناداها من تحتهَا} أَي الْملك من تَحت النَّخْلَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: من قَرَأَ من تحتهَا فَهُوَ جِبْرِيل وَمن قَرَأَ من تحتهَا فَهُوَ عِيسَى وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي بكر بن عَيَّاش قَالَ: قَرَأَ عَاصِم بن أبي النجُود {فناداها من تحتهَا} بِالنّصب قَالَ: وَقَالَ عَاصِم: من قَرَأَ بِالنّصب فَهُوَ عِيسَى وَمن قَرَأَهَا بالخفض فَهُوَ جِبْرِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {جعل رَبك تَحْتك سرياً} قَالَ: نَبيا وَهُوَ عِيسَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن جرير بن حَازِم قَالَ: سَأَلَني مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر مَا يَقُول أصحابكم فِي قَوْله {قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} قَالَ: فَقلت لَهُ: سَمِعت قَتَادَة يَقُول: الْجَدْوَل قَالَ: فَأخْبر قَتَادَة عني فَإِنَّمَا نزل الْقُرْآن بلغتنا إِنَّه الرجل السّري وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} يُرِيد نَفسه أَي سرى أسرى مِنْهُ قيل فَالَّذِينَ يَقُولُونَ السّري الْبَحْر قَالَ: لَيْسَ كَذَلِك لَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ يكون إِلَى جنبها وَلَا يكون النَّهر تحتهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن السّري الَّذِي قَالَ الله لِمَرْيَم: {قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} نهر أخرجه الله لَهَا لتشرب مِنْهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

فِي قَوْله: {قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} قَالَ: النَّهر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء فِي قَوْله: {قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} قَالَ: هُوَ الْجَدْوَل وَهُوَ النَّهر الصَّغِير وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} قَالَ: نهر عِيسَى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عُثْمَان بن مُحصن قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: {سرياً} قَالَ: الْجَدْوَل أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: سلم تَرَ الدالي مِنْهُ أزورا إِذا يعج فِي السّري هرهرا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والطستي عَن ابْن عَبَّاس: إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ: {تَحْتك سرياً} قَالَ: السّري النَّهر الصَّغِير وَهُوَ الْجَدْوَل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: سهل الخليقة ماجد ذُو نائل مثل السريّ تمده الْأَنْهَار وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {سريا} قَالَ: الْجَدْوَل وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن مَيْمُون وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة أَن الْحسن تَلا هَذِه الْآيَة وَإِلَى جنبه حميد بن عبد الرَّحْمَن الْحِمْيَرِي {قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} قَالَ: إِن كَانَ لسريا وَإِن كَانَ لكريماً فَقَالَ حميد: يَا أَبَا سعيد إِنَّه الْجَدْوَل فَقَالَ لَهُ: لم تزل تعجبنا مجالستك وَلَكِن غلبتنا عَلَيْك الْأُمَرَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: السّري المَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سرياً} قَالَ: نَهرا بالسُّرْيَانيَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {سرياً} قَالَ نَهرا بالقبطية وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سُفْيَان بن حُسَيْن فِي قَوْله: {قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} قَالَ: تَلَاهَا الْحسن فَقَالَ: كَانَ وَالله {سرياً} يَعْنِي عِيسَى عَلَيْهِ

السَّلَام فَقَالَ لَهُ خَالِد بن صَفْوَان: يَا أَبَا سعيد إِن الْعَرَب تسمي الْجَدْوَل السّري فَقَالَ: صدقت الْآيَة 25

25

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة} قَالَ: حركيها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن مُجَاهِد {وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة} قَالَ: كَانَت عَجْوَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْبَراء أَنه قَرَأَ يساقط عَلَيْك بِالْيَاءِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه قَرَأَ يساقط عَلَيْك بِالْيَاءِ يَعْنِي الْجذع وَأخرج عبد بن حميد عَن مَسْرُوق أَنه قَرَأَ {تساقط عَلَيْك رطبا جنياً} بِالتَّاءِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {تساقط} مثقلة بِالتَّاءِ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن طَلْحَة الإيابي أَنه قَرَأَ {تساقط عَلَيْك رطبا} مثقلة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي نهيك أَنه قَرَأَ تسْقط عَلَيْك رطبا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {رطبا جنياً} قَالَ: طرياً وَأخرج الْخَطِيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تساقط عَلَيْك رطبا جنياً} قَالَ: بغباره وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي والخطيب عَن أبي حباب مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي روق قَالَ: انْتَهَت مَرْيَم إِلَى جذع لَيْسَ لَهُ رَأس فأنبت الله لَهُ رَأْسا وَأنْبت فِيهِ رطبا وبسراً ومدبباً وموزاً فَلَمَّا هزت النَّخْلَة سقط عَلَيْهَا من جَمِيع مَا فِيهَا وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي قُدَّام قَالَ: أنبتت لِمَرْيَم نَخْلَة تعلق بهَا كَمَا تعلق الْمَرْأَة عِنْد الْولادَة وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن السّني وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ والعقيلي وَابْن عديّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أكْرمُوا

عمتكم النَّخْلَة فَإِنَّهَا خلقت من الطين الَّذِي خلق مِنْهُ آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَلَيْسَ من الشّجر شَجَرَة تلقح غَيرهَا وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أطعموا نساءكم الولَّد الرطب فَإِن لم يكن رطب فتمر فَلَيْسَ من الشّجر شَجَرَة أكْرم من شَجَرَة نزلت تحتهَا مَرْيَم بنت عمرَان وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مماذا خلقت النَّخْلَة قَالَ: خلقت النَّخْلَة وَالرُّمَّان وَالْعِنَب من فضل طِينَة آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سَلمَة بن قيس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أطعموا نساءكم فِي نفاسهن التَّمْر فَإِنَّهُ من كَانَ طعامها فِي نفَاسهَا التَّمْر: خرج وَلَدهَا ولدا حَلِيمًا فَإِنَّهُ كَانَ طَعَام مَرْيَم حَيْثُ ولدت عِيسَى وَلَو علم الله طَعَاما هُوَ خير لَهَا من التَّمْر لأطعمها إِيَّاه وَأخرج عبد بن حميد عَن شَقِيق قَالَ: لَو علم الله أَن شَيْئا للنفساء خير من الرطب لأمر مَرْيَم بِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ لَيْسَ للنفساء خير من الرطب أَو التَّمْر وَقَالَ: إِن الله قَالَ: {وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة تساقط عَلَيْك رطبا جنياً} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن خَيْثَم قَالَ: لَيْسَ للنفساء عِنْدِي دَوَاء مثل الرطب وَلَا للْمَرِيض مثل الْعَسَل وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الشّعبِيّ قَالَ: كتب قَيْصر إِلَى عمر بن الْخطاب أَن رسلًا أَتَتْنِي من قبلك فَزَعَمت أَن قبلكُمْ شَجَرَة لَيست بخليقة لشَيْء من الْخَيْر تخرج مثل أَذَان الْحمير ثمَّ تشقق عَن مثل اللُّؤْلُؤ الْأَبْيَض ثمَّ تصير مثل الزمرد الْأَخْضَر ثمَّ تصير مثل الْيَاقُوت الْأَحْمَر ثمَّ تينع وتنضج فَتكون كأطيب فالوذج أكل ثمَّ تيبس فَتكون عصمَة للمقيم وَزَادا للْمُسَافِر فَإِن لم تكن رُسُلِي صدقتني فَلَا أرى هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا من شجر الْجنَّة فَكتب إِلَيْهِ عمر أَن رسلك قد صدقتك هَذِه الشَّجَرَة عندنَا: وَهِي الَّتِي أنبتها الله على مَرْيَم حِين نفست بِعِيسَى الْآيَة 26

26

أخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنِّي نذرت للرحمن صوما} قَالَ: صمتا وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ مثله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك أَنه كَانَ يقْرَأ {إِنِّي نذرت للرحمن صوما} صمتا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَهَا {إِنِّي نذرت للرحمن صوما} صمتا وَقَالَ: لَيْسَ إِلَّا أَن حملت فَوضعت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {إِنِّي نذرت للرحمن صوما} قَالَ: كَانَ من بني إِسْرَائِيل من إِذا اجْتهد صَامَ من الْكَلَام كَمَا يَصُوم من الطَّعَام إِلَّا من ذكر الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حَارِثَة بن مضرب قَالَ: كنت عِنْد ابْن مَسْعُود فجَاء رجلَانِ فَسلم أَحدهمَا وَلم يسلم الآخر ثمَّ جلسا فَقَالَ الْقَوْم: مَا لصاحبك لم يسلم قَالَ: إِنَّه نذر صوما لَا يكلم الْيَوْم إنسياً فَقَالَ عبد الله: بئس مَا قلت إِنَّمَا كَانَت تِلْكَ الْمَرْأَة فَقَالَت ذَلِك ليَكُون عذرا لَهَا إِذا سُئِلت - وَكَانُوا يُنكرُونَ أَن يكون ولد من غير زوج إِلَّا زنا - فَتكلم وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وانه عَن الْمُنكر فَإِنَّهُ خير لَك وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الشّعبِيّ قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب {إِنِّي نذرت للرحمن صوما} صمتا الْآيَة 27 - 28

27

أخرج سعيد ين مَنْصُور وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَأَتَت بِهِ قَومهَا تحمله} قَالَ: بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا بعد مَا تعافت من نفَاسهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لقد جِئْت شَيْئا فرياً} قَالَ: عَظِيما

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لقد جِئْت شَيْئا فرياً} قَالَ: عَظِيما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز قَالَ: كَانَ فِي زمَان بني إِسْرَائِيل فِي بَيت الْمُقَدّس عِنْد عين سلوان عين فَكَانَت الْمَرْأَة إِذا قارفت أتوها بهَا فَشَرِبت مِنْهَا فَإِن كَانَت بريئة لم تضرها وَإِلَّا مَاتَت فَلَمَّا حملت مَرْيَم أتوها بهَا على بغلة فَعَثَرَتْ بهَا فدعَتْ الله أَن يعقم رَحمهَا فعقم من يَوْمئِذٍ فَلَمَّا أتتها شربت مِنْهَا فَلم تَزْدَدْ إِلَّا خيرا ثمَّ دعت الله أَن لَا يفضح بهَا امْرَأَة مُؤمنَة فغارت الْعين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أهل نَجْرَان فَقَالُوا: أَرَأَيْت مَا تقرأون يَا أُخْت هَارُون ومُوسَى قبل عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا: قَالَ: فَرَجَعت فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَلا أَخْبَرتهم أَنهم كَانُوا يسمون بالأنبياء وَالصَّالِحِينَ قبلهم وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يَا أُخْت هَارُون} الْآيَة قَالَ: كَانَت من أهل بَيت يعْرفُونَ بالصلاح وَلَا يعْرفُونَ بِالْفَسَادِ فِي النَّاس وَفِي النَّاس من يعرف بالصلاح ويتوالدون بِهِ وَآخَرُونَ يعْرفُونَ بِالْفَسَادِ ويتوالدون بِهِ وَكَانَ هَارُون مصلحاً محبباً فِي عشيرته وَلَيْسَ بهرون أخي مُوسَى وَلَكِن هرون آخر ذكر لنا أَنه تبع جنَازَته يَوْم مَاتَ أَرْبَعُونَ ألفا من بني إِسْرَائِيل كلهم يسمون هرون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله: {يَا أُخْت هَارُون} قَالَ: سمعنَا أَنه اسْم وَافق اسْما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سِيرِين قَالَ: نبئت أَن كَعْبًا قَالَ: إِن قَوْله: {يَا أُخْت هَارُون} لَيْسَ بهرون أخي مُوسَى فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: كذبت فَقَالَ: يَا أم الْمُؤمنِينَ إِن كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه: فَهُوَ أعلم وَأخْبر وَإِلَّا فَإِنِّي أجد بَينهمَا سِتّمائَة سنة فَسَكَتَتْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة فِي قَوْله: {يَا أُخْت هَارُون}

قَالَ: نسبت إِلَى هرون بن عمرَان لِأَنَّهَا كَانَت من سبطه كَقَوْلِك يَا أَخا الْأَنْصَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَت من سبط هرون فَقيل لَهَا: {يَا أُخْت هَارُون} فَدُعِيت إِلَى سبطه كَالرّجلِ يَقُول للرجل: يَا أَخا بني لَيْث يَا أَخا بني فلَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {يَا أُخْت هَارُون} قَالَ: كَانَ هرون من قوم سوء زناة فنسبوها إِلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر بن عَيْش قَالَ: فِي قِرَاءَة أبي قَالُوا: يَا ذَا المهد الْآيَة 29

29

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} أَن كَلمُوهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} قَالَ: أَمرتهم بِكَلَامِهِ وَفِي قَوْله: {فِي المهد} قَالَ فِي الْحجر وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: إِن مَرْيَم لما ولدت أَتَت بِهِ قَومهَا فَأخذُوا لَهَا الْحِجَارَة ليرموها فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ فَتكلم فَتَرَكُوهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: {المهد} المرباة قَالَ إِبْرَاهِيم: المرباة المرجحة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن هِلَال بن يسَاف قَالَ: لم يتَكَلَّم فِي المهد إِلَّا ثَلَاثَة: صَاحب جريج وَعِيسَى وَصَاحب الحبشية وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: تكلم فِي المهد أَرْبَعَة عِيسَى وَصَاحب يُوسُف وَصَاحب جريج وَابْن ماشطة ابْنة فِرْعَوْن الْآيَة 30 - 33

30

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {قَالَ إِنِّي عبد الله آتَانِي الْكتاب} الْآيَة قَالَ: قضى فِيمَا قضى أَن أكون كَذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: كَانَ عِيسَى قد درس الْإِنْجِيل وأحكمه فِي بطن أمه فَذَلِك قَوْله: {إِنِّي عبد الله آتَانِي الْكتاب} وَأخرج الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي مُعْجَمه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن لال فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت} قَالَ: جعلني نَفَّاعًا للنَّاس أَيْن اتجهت وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت} قَالَ: معلما ومؤدباً وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْن مَا كنت} قَالَ: معلما للخير وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الَّذِي يعلم النَّاس الْخَيْر يسْتَغْفر لَهُ كل دَابَّة حَتَّى الْحُوت فِي الْبَحْر وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا} قَالَ: هادياً مهدياً وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا} قَالَ: نَفَّاعًا للنَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن نوف (وَبرا بوالدتي) أَي لَيْسَ لي أَب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلم يَجْعَلنِي جباراً شقياً} يَقُول: عصياً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان قَالَ: الْجَبَّار الشقي الَّذِي يُقبلُ على الْغَضَب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَوام بن حَوْشَب قَالَ: إِنَّك لَا تكَاد تَجِد عاقاً إِلَّا تَجدهُ جباراً ثمَّ قَرَأَ {وَبرا بوالدتي وَلم يَجْعَلنِي جباراً شقياً} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: فقرات ابْن آدم ثَلَاث: يَوْم ولد وَيَوْم يَمُوت وَيَوْم يبْعَث وَهِي الَّتِي ذكر عِيسَى فِي قَوْله: {وَالسَّلَام عليّ} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن

عَبَّاس قَالَ: مَا تكلم عِيسَى بعد الْآيَات الَّتِي تكلم بهَا حَتَّى بلغ مبلغ الصّبيان وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأبي هُرَيْرَة أَن الله أطلق لِسَان عِيسَى مرّة أُخْرَى فِي صباه فَتكلم ثَلَاث مَرَّات حَتَّى بلغ مَا بلغ الصّبيان يَتَكَلَّمُونَ فَتكلم مُحَمَّدًا بتحميد لم تسمع الآذان مثله حَيْثُ أنطقه طفْلا فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت الْقَرِيب فِي علوك المتعالي فِي دنوك الرفيع على كل شَيْء من خلقك أَنْت الَّذِي نفذ بَصرك فِي خلقك وحارت الْأَبْصَار دون النّظر إِلَيْك أَنْت الَّذِي أشرقت بضوء نورك دجى الظلام وتلألأت بعظمتك أَرْكَان الْعَرْش نورا فَلم يبلغ أحد بِصفتِهِ صِفَتك فتباركت اللَّهُمَّ خَالق الْخلق بعزتك مُقَدّر الْأُمُور بحكمتك مبتدئ الْخلق بعظمتك ثمَّ أمسك الله لِسَانه حَتَّى بلغ الْآيَة 34 - 37

34

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ذَلِك عِيسَى ابْن مَرْيَم قَول الْحق} قَالَ: الله عز وَجل الْحق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {الَّذِي فِيهِ يمترون} قَالَ: اجْتمع بَنو إِسْرَائِيل فأخرجوا مِنْهُم أَرْبَعَة نفر أخرج من كل قوم عالمهم فتشاوروا فِي عِيسَى حِين رُفِعَ فَقَالَ أحدهم: هُوَ الله هَبَط إِلَى الأَرْض فأحيى من أحيى وأمات من أمات ثمَّ صعد إِلَى السَّمَاء وهم اليعقوبية فَقَالَت الثَّلَاثَة: كذبت ثمَّ قَالَ اثْنَان مِنْهُم للثَّالِث: قل فِيهِ فَقَالَ: هُوَ ابْن الله وهم النسطورية فَقَالَ اثْنَان: كذبت ثمَّ قَالَ أحد الْإِثْنَيْنِ للْآخر: قل فِيهِ قَالَ: هُوَ ثَالِث ثَلَاثَة: الله إِلَه وَعِيسَى إِلَه وَأمه إِلَه وهم الإسرائيلية وهم مُلُوك النَّصَارَى فَقَالَ الرَّابِع: كذبت هُوَ عبد الله وَرَسُوله وروحه من كَلمته وهم الْمُسلمُونَ فَكَانَ لكل رجل مِنْهُم أَتبَاع على مَا قَالَ فَاقْتَتلُوا فَظهر على الْمُسلمين فَذَلِك قَول الله:

(وَيقْتلُونَ الَّذين يأمرون بِالْقِسْطِ بَين النَّاس) (آل عمرَان آيَة 21) قَالَ قَتَادَة: وهم الَّذين قَالَ الله: {فَاخْتلف الْأَحْزَاب من بَينهم} قَالَ: اخْتلفُوا فِيهِ فصاروا أحزاباً فَاخْتلف الْقَوْم فَقَالَ المر يسلم: أنْشدكُمْ هَل تعلمُونَ أَن عِيسَى كَانَ يطعم الطَّعَام وَأَن الله لَا يطعم الطَّعَام قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم قَالَ: فَهَل تعلمُونَ أَن عِيسَى كَانَ ينَام وَأَن الله لَا ينَام قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم فخصمهم الْمُسلمُونَ فانسل الْقَوْم فَذكر لنا أَن اليعقوبية ظَهرت يَوْمئِذٍ وَأُصِيب الْمُسلمُونَ فَأنْزل الله فِي ذَلِك الْقُرْآن (فويل للَّذين كفرُوا من مشْهد يَوْم عَظِيم) (آل عمرَان آيَة 21) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَاخْتلف الْأَحْزَاب من بَينهم} قَالَ: هم أهل الْكتاب الْآيَة 38 - 40

38

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أسمع بهم وَأبْصر} يَقُول الْكفَّار يَوْمئِذٍ: أسمع شَيْء وأبصره وهم الْيَوْم لَا يسمعُونَ وَلَا يبصرون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أسمع بهم وَأبْصر} قَالَ: اسْمَع قوم وَأبْصر قوم {يَوْم يأتوننا} قَالَ: ذَلِك وَالله يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله: {أسمع بهم وَأبْصر يَوْم يأتوننا} قَالَ: وَالله ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة سمعُوا حِين لم يَنْفَعهُمْ السّمع وأبصروا حِين لم يَنْفَعهُمْ الْبَصَر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل

النَّار النَّار يجاء بِالْمَوْتِ كَأَنَّهُ كَبْش أَمْلَح فَيُوقف بَين الْجنَّة وَالنَّار فَيُقَال: يَا أهل الْجنَّة هَل تعرفُون هَذَا فيشرفون وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نعم هَذَا الْمَوْت وَكلهمْ قد رَآهُ ثمَّ يُقَال: يَا أهل النَّار هَل تعرفُون هَذَا فيشرفون وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نعم هَذَا الْمَوْت وَكلهمْ قد رَآهُ فَيُؤْمَر بِهِ فَيذْبَح فَيُقَال: يَا أهل الْجنَّة خُلُود بِلَا موت وَيَا أهل النَّار خُلُود بِلَا موت ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قضي الْأَمر وهم فِي غَفلَة} وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَقَالَ: أهل الدُّنْيَا فِي غَفلَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة} قَالَ: يُنَادى يَا أهل الْجنَّة فيشرفون وينادى يَا أهل النَّار فيشرفون وَيَنْظُرُونَ فَيُقَال: مَا تعرفُون هَذَا فَيَقُولُونَ: نعم فيجاء بِالْمَوْتِ فِي صُورَة كَبْش أَمْلَح فَيُقَال: هَذَا الْمَوْت فَيقرب ويذبح ثمَّ يُقَال: يَا أهل الْجنَّة خُلُود لَا موت وَيَا أهل النَّار خُلُود وَلَا موت ثمَّ قَرَأَ {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قضي الْأَمر} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة} قَالَ: يصوّر الله الْمَوْت فِي صُورَة كَبْش أَمْلَح فَيذْبَح فييأس أهل النَّار من الْمَوْت فِيمَا يرجونه فتأخذهم الْحَسْرَة من أجل الخلود فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قضي الْأَمر} قَالَ: إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار يَأْتِي الْمَوْت بِصُورَة كَبْش أَمْلَح حَتَّى يُوقف بَين الْجنَّة وَالنَّار ثمَّ يُنَادي مُنَاد يَا أهل الْجنَّة هَذَا الْمَوْت الَّذِي كَانَ يُمِيت النَّاس فِي الدُّنْيَا وَلَا يبْقى أحد فِي عليين وَلَا فِي أَسْفَل دَرَجَة من الْجنَّة إِلَّا نظر إِلَيْهِ ثمَّ يُنَادي يَا أهل النَّار هَذَا الْمَوْت الَّذِي كَانَ يُمِيت النَّاس فِي الدُّنْيَا فَلَا يبْقى أحد فِي ضحضاح من النَّار وَلَا أَسْفَل دَرك من جَهَنَّم إِلَّا نظر إِلَيْهِ ثمَّ يذبح بَين الْجنَّة وَالنَّار ثمَّ يُنَادي يَا أهل الْجنَّة هُوَ الخلود أَبَد الآبدين وَيَا أهل النَّار هُوَ الخلود أَبَد الآبدين فيفرح أهل الْجنَّة فرحة لَو كَانَ أحد مَيتا من فرحة مَاتُوا ويشهق أهل النَّار شهقة لَو كَانَ أحدا مَيتا من شهقة مَاتُوا فَذَلِك قَوْله: {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قضي الْأَمر} يَقُول: إِذا ذبح الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس يَوْم الْحَسْرَة هُوَ من أَسمَاء

يَوْم الْقِيَامَة وَقَرَأَ (أَن تَقول نفس يَا حسرتا على مَا فرطت فِي جنب الله) (الزمر آيَة 56) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز: أَنه كتب إِلَى عَامله بِالْكُوفَةِ أما بعد: فَإِن الله كتب على خلقه حِين خلقهمْ الْمَوْت فَجعل مصيرهم إِلَيْهِ فَقَالَ: فِيمَا أنزل فِي كِتَابه الصَّادِق الَّذِي أنزلهُ بِعِلْمِهِ وَأشْهد مَلَائكَته على خلقه أَنه يَرث الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَإِلَيْهِ يرجعُونَ الْآيَة 41 - 50

41

أخرج أَبُو نعيم والديلمي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حق الْوَالِد على وَلَده أَن لَا يُسَمِّيه إِلَّا بِمَا سمى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ يَا أَبَت وَلَا يُسَمِّيه باسمه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لأرجمنك} قَالَ: لأشتمنك {واهجرني مَلِيًّا} قَالَ: حينا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {واهجرني مَلِيًّا} قَالَ: اجتنبني سالما قبل أَن يصيبك مني عُقُوبَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {واهجرني مَلِيًّا} قَالَ: سالما وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {واهجرني مَلِيًّا} قَالَ: حينا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {واهجرني مَلِيًّا} مَا الملي قَالَ: طَويلا قَالَ فِيهِ المهلهل: وتصدعت شم الْجبَال لمَوْته وبكت عَلَيْهِ المرملات مَلِيًّا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّه كَانَ بِي حفيا} قَالَ: لطفيا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِنَّه كَانَ بِي حفياً} قَالَ: عوده الْإِجَابَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب} قَالَ: يَقُول وهبنا لَهُ إِسْحَق ولدا وَيَعْقُوب ابْن ابْنه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا لَهُم لِسَان صدق عليا} قَالَ الثَّنَاء الْحسن الْآيَة 51 - 53

51

أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {إِنَّه كَانَ مخلصاً} بِنصب اللَّام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَكَانَ رَسُولا نَبيا} قَالَ: النَّبِي وَحده الَّذِي تكلم وَينزل عَلَيْهِ وَلَا يُرْسل وَلَفظ ابْن

أبي حَاتِم الْأَنْبِيَاء الَّذين لَيْسُوا برسل يُوحى إِلَى أحدهم وَلَا يُرْسل إِلَى أحدهم وَالرسل الْأَنْبِيَاء الَّذين يُوحى إِلَيْهِم ويرسلون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {جَانب الطّور الْأَيْمن} قَالَ: جَانب الْجَبَل الْأَيْمن {وقربناه نجيا} قَالَ: نجا بصدقه وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: {وقربناه نجياً} قَالَ: قربه حَتَّى سمع صرير الْقَلَم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ميسرَة {وقربناه نجياً} قَالَ: أدني حَتَّى سمع صرير الْقَلَم فِي الألواح وَهُوَ يكْتب التَّوْرَاة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وقربناه نجياً} قَالَ: أردفه جِبْرِيل حَتَّى سمع صرير الْقَلَم والتوراة تكْتب لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وقربناه نجياً} قَالَ: ادخل فِي السَّمَاء فَكلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وقربناه نجياً} قَالَ بَين السَّمَاء السَّابِعَة وَبَين الْعَرْش سَبْعُونَ ألف حجاب حجاب نور وحجاب ظلمَة حجاب نور وحجاب ظلمَة حجاب نور وحجاب ظلمَة فَمَا زَالَ مُوسَى يقرب حَتَّى كَانَ بَينه وَبَينه حجاب فَلَمَّا رأى مَكَانَهُ وَسمع صريف الْقَلَم (قَالَ: رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك) (الْأَعْرَاف الْآيَة 143) وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وهناد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس {وقربناه نجياً} حَتَّى سمع صريف الْقَلَم يكْتب فِي اللَّوْح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن معد يكرب قَالَ: لما قرب الله مُوسَى نجياً بطور سينا قَالَ: يَا مُوسَى إِذا خلقت لَك قلباً شاكراً وَلِسَانًا ذَاكِرًا وَزَوْجَة تعين على الْخَيْر فَلم أخزن عَنْك من الْخَيْر شَيْئا وَمن أخزن عَنهُ هَذَا فَلم أفتح لَهُ من الْخَيْر شَيْئا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَوَهَبْنَا لَهُ من رَحْمَتنَا أَخَاهُ هَارُون نَبيا} قَالَ: كَانَ هرون أكبر من مُوسَى وَلَكِن إِنَّمَا وهب لَهُ نبوّته

الْآيَة 54 - 55

54

أخرج الْحَاكِم من طَرِيق سَمُرَة عَن كَعْب قَالَ: كَانَ إِسْمَاعِيل نَبِي الله الَّذِي سَمَّاهُ صَادِق الْوَعْد وَكَانَ رجلا فِيهِ حِدة مُجَاهدًا أَعدَاء الله وَيُعْطِيه الله النَّصْر عَلَيْهِم وَالظفر وَكَانَ شَدِيد الْحَرْب على الْكفَّار لَا يخَاف فِي الله لومة لائم صَغِير الرَّأْس غليظ الْعُنُق طَوِيل الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ يضْرب بيدَيْهِ رُكْبَتَيْهِ وَهُوَ قَائِم صَغِير الْعَينَيْنِ طَوِيل الْأنف عريض الْكَتف طَوِيل الْأَصَابِع بارز الْخلق قوي شَدِيد عنيف على الْكفَّار وَكَانَ يَأْمر أَهله بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَكَانَت زَكَاته القربات إِلَى الله من أَمْوَالهم وَكَانَ لَا يعد أحدا شَيْئا إِلَّا أنجزه فَسَماهُ الله (صَادِق الْوَعْد) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {إِنَّه كَانَ صَادِق الْوَعْد} قَالَ: لم يعد ربه عدَّة قطّ إِلَّا أنفذها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: بَلغنِي أَن إِسْمَاعِيل وصاحباً لَهُ أَتَيَا قَرْيَة فَقَالَ لَهُ صَاحبه: إِمَّا أَن أَجْلِس وَتدْخل فتشتري طَعَاما زادنا وَإِمَّا أَن أَدخل فاكفيك ذَلِك فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيل: بل ادخل أَنْت وَأَنا أَجْلِس أنتظرك فَدخل ثمَّ نسي فَخرج فَأَقَامَ مَكَانَهُ حَتَّى كَانَ الْحول من ذَلِك الْيَوْم فَمر بِهِ الرجل فَقَالَ لَهُ: أَنْت هَهُنَا حَتَّى السَّاعَة قَالَ: قلت لَك لَا أَبْرَح حَتَّى تَجِيء فَقَالَ تَعَالَى: {وَاذْكُر فِي الْكتاب إِسْمَاعِيل إِنَّه كَانَ صَادِق الْوَعْد} وَأخرج ابْن جرير عَن سهل بن سعد قَالَ: أَن إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام وعد رجلا أَن يَأْتِيهِ فجَاء وَنسي الرجل فظل بِهِ إِسْمَاعِيل وَبَات حَتَّى جَاءَ الرجل من الْغَد فَقَالَ: مَا بَرحت من هَهُنَا قَالَ: لَا قَالَ: إِنِّي نسيت قَالَ: لم أكن لأبرح حَتَّى تَأتِينِي وَلذَلِك {كَانَ صَادِق الْوَعْد} وَأخرج مُسلم عَن وَاثِلَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله اصْطفى من ولد إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل وَاصْطفى من ولد إِسْمَاعِيل كنَانَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا سيد الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة فِي اثْنَي عشر نَبيا مِنْهُم إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب

وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول من نطق بِالْعَرَبِيَّةِ وَوضع الْكتاب على لَفظه ومنطقه ثمَّ جعله كتابا وَاحِدًا - مثل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم - الْوُصُول - حَتَّى فرق بَينه وَلَده إِسْمَاعِيل وَأخرج ابْن سعد عَن عقبَة بن بشير أَنه سَأَلَ مُحَمَّد بن عَليّ من أول من تكلم بِالْعَرَبِيَّةِ قَالَ: إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم وَهُوَ ابْن ثَلَاث عشرَة سنة قلت: فَمَا كَانَ كَلَام النَّاس قبل ذَلِك قَالَ العبرانية وَأخرج ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ عَن غير وَاحِد من أهل الْعلم أَن إِسْمَاعِيل ألهم من يَوْم ولد لِسَان الْعَرَب وَولد إِبْرَاهِيم أَجْمَعُونَ على لِسَان إِبْرَاهِيم وَأخرج ابْن سعد عَن عَليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل الْعَرَب من ولد إِسْمَاعِيل وَأخرج ابْن سعد عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة قَالَ: قبر أم إِسْمَاعِيل تَحت الْمِيزَاب بَين الرُّكْن وَالْبَيْت الْآيَة 57 - 56

56

أخرج الحكم عَن سَمُرَة قَالَ: كَانَ إِدْرِيس أَبيض طَويلا ضخم الْبَطن عريض الصَّدْر قَلِيل شعر الْجَسَد كثير شعر الرَّأْس وَكَانَت إِحْدَى عَيْنَيْهِ أعظم من الْأُخْرَى وَكَانَت فِي صَدره نُكْتَة بَيْضَاء من غير برص فَلَمَّا رأى الله من أهل الأَرْض مَا رأى من جَوْرهمْ واعتدائهم فِي أَمر الله رَفعه الله إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَهُوَ حَيْثُ يَقُول {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: أَن إِدْرِيس أقدم من نوح بَعثه الله إِلَى قومه فَأَمرهمْ الله أَن يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله ويعملوا بِمَا شَاءَ فَأَبَوا فأهلكهم الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا} قَالَ: كَانَ إِدْرِيس خياطاً وَكَانَ لَا يغرز إِلَّا قَالَ: سُبْحَانَ الله فَكَانَ يُمْسِي حِين يُمْسِي وَلَيْسَ فِي الأَرْض أحد أفضل مِنْهُ عملا فَاسْتَأْذن ملك من الْمَلَائِكَة ربه فَقَالَ يَا رب ائْذَنْ لي فاهبط إِلَى إِدْرِيس فَأذن لَهُ فَأتى إِدْرِيس فَسلم عَلَيْهِ وَقَالَ: إِنِّي جئْتُك لأحدثك فَقَالَ: كَيفَ تُحَدِّثنِي وَأَنت ملك وَأَنا إِنْسَان ثمَّ قَالَ إِدْرِيس

هَل بَيْنك وَبَين ملك الْمَوْت شَيْء قَالَ الْملك: ذَاك أخي من الْمَلَائِكَة فَقَالَ: هَل يَسْتَطِيع أَن ينسئني عِنْد الْمَوْت قَالَ: أما أَن يُؤَخر شَيْئا أَو يُقّدِّمَهُ فَلَا وَلَكِن سأكلمه لَك فيرفق بك عِنْد الْمَوْت فَقَالَ: اركب على جناحي فَركب إِدْرِيس فَصَعدَ إِلَى السَّمَاء الْعليا فلقي ملك الْمَوْت إِدْرِيس بَين جناحيه فَقَالَ لَهُ الْملك إِن لي إِلَيْك حَاجَة قَالَ: علمت حَاجَتك تكلمني فِي إِدْرِيس وَقد مُحي اسْمه من الصَّحِيفَة وَلم يبْق من أَجله إِلَّا نصف طرفَة عين فَمَاتَ إِدْرِيس بَين جناحي الْملك وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلت كَعْبًا عَن رفع إِدْرِيس {مَكَانا عليا} فَقَالَ: كَانَ عبدا تقياً رفع لَهُ من الْعَمَل الصَّالح مَا رفع لأهل الأَرْض فِي زَمَانه فَعجب الْملك الَّذِي كَانَ يصعد عَلَيْهِ عمله فَاسْتَأْذن ربه قَالَ: رب ائْذَنْ لي آتِي عَبدك هَذَا فأزوره فَأذن لَهُ فَنزل قَالَ: يَا إِدْرِيس أبشرْ فَإِنَّهُ رفع لَك من الْعَمَل الصَّالح مَا لَا رفع لأهل الأَرْض قَالَ: وَمَا علمك قَالَ إِنِّي ملك قَالَ: وَإِن كنت ملكا قَالَ: فَإِنِّي على الْبَاب الَّذِي يصعد عَلَيْهِ عَمَلك قَالَ: أَفلا تشفع إِلَى ملك الْمَوْت فيؤخر من أَجلي لِأَزْدَادَ شكرا وَعبادَة قَالَ الْملك: (لن يُؤَخر الله نفسا غذا جَاءَ أجلهَا) (المُنَافِقُونَ آيَة 11) قَالَ: قد علمت وَلكنه أطيب لنَفْسي فَحَمله الْملك على جناحيه فَصَعدَ بِهِ إِلَى السَّمَاء فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت هَذَا عبد تَقِيّ نَبِي رفع لَهُ من الْعَمَل الصَّالح مَا لَا يرفع لأهل الأَرْض وَإِنِّي أعجبني ذَلِك فاستأذنت رَبِّي عَلَيْهِ فَلَمَّا بَشرته بذلك سَأَلَني لأشفع لَهُ إِلَيْك لتؤخر لَهُ من أَجله لِيَزْدَادَ شكرا وَعبادَة قَالَ: وَمن هَذَا قَالَ: إِدْرِيس فَنظر فِي كتاب مَعَه حَتَّى مر باسمه فَقَالَ: وَالله مَا بَقِي من أجل إِدْرِيس شَيْء فمحاه فَمَاتَ مَكَانَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا} قَالَ: رفع إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَمَاتَ فِيهَا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا} قَالَ: حَدثنَا أنس بن مَالك أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما عرج بِي رَأَيْت إِدْرِيس فِي السَّمَاء الرَّابِعَة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا} قَالَ: فِي السَّمَاء الرَّابِعَة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ وَالربيع مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: رفع إِدْرِيس كَمَا رفع عِيسَى وَلم يمت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم بِسَنَد حسن عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِدْرِيس هُوَ إلْيَاس وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عمر مولى غفرة يرفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن إِدْرِيس كَانَ نَبيا تقياً زكياً وَكَانَ يقسم دهره على نِصْفَيْنِ: ثَلَاثَة أَيَّام يعلم النَّاس الْخَيْر وَأَرْبَعَة أَيَّام يسيح فِي الأَرْض ويعبد الله مُجْتَهدا وَكَانَ يصعد من عمله وَحده إِلَى السَّمَاء من الْخَيْر مثل مَا يصعد من جَمِيع أَعمال بني آدم وَإِن ملك الْمَوْت أحبه فِي الله فَأَتَاهُ حِين خرج للسياحة فَقَالَ لَهُ: يَا نَبِي الله إِنِّي أُرِيد أَن تَأذن لي فِي صحبتك فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس - وَهُوَ لَا يعرفهُ -: إِنَّك لن تقوى على صحبتي قَالَ: بلَى إِنِّي أَرْجُو أَن يقويني الله على ذَلِك فَخرج مَعَه يَوْمه ذَلِك حَتَّى إِذا كَانَ من آخر النَّهَار مر براعي غنم فَقَالَ ملك الْمَوْت لإدريس: يَا نَبِي الله إِنَّا لَا نَدْرِي حَيْثُ نمسي فَلَو أَخذنَا جفرة من هَذِه الْغنم فأفطرنا عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس: لَا تعد إِلَى مثل هَذَا تَدعُونِي إِلَى أَخذ مَا لَيْسَ لنا من حَيْثُ نمسي يَأْتِي الله برزق فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ الله بالرزق الَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ فَقَالَ لملك الْمَوْت: تقدم فَكل فَقَالَ ملك الْمَوْت: لَا وَالَّذِي أكرمك بِالنُّبُوَّةِ مَا أشتهي فَأكل إِدْرِيس وقاما جَمِيعًا إِلَى الصَّلَاة ففتر إِدْرِيس وكل ومل ونعس وَملك الْمَوْت لَا يفتر وَلَا يمل وَلَا يَنْعس فَعجب مِنْهُ وَقَالَ: قد كنت أَظن أَنِّي أقوى النَّاس على الْعِبَادَة فَهَذَا أقوى مني فصغرت عِنْده عِبَادَته عِنْدَمَا رأى مِنْهُ ثمَّ أصبحا فساحاً فَلَمَّا كَانَ آخر النَّهَار مرا بحديقة عِنَب فَقَالَ ملك الْمَوْت لإدريس: يَا نَبِي الله لَو أَخذنَا قطفاً من هَذَا الْعِنَب لأَنا لَا نَدْرِي حَيْثُ نمسي فَقَالَ إِدْرِيس: ألم أَنْهَك عَن هَذَا وَأَنت حَيْثُ تمسي يأتينا الله برزق فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ الله الرزق الَّذِي كَانَ يَأْتِيهِ فَأكل إِدْرِيس فَقَالَ لملك الْمَوْت هَلُمَّ فَكل فَقَالَ: لَا وَالَّذِي أكرمك بِالنُّبُوَّةِ يَا نَبِي الله لَا أشتهي فَعجب ثمَّ قاما إِلَى الصَّلَاة ففتر

إِدْرِيس أَيْضا وكل ومل وَملك الْمَوْت لَا يكلّ وَلَا يفتر وَلَا يَنْعس فَقَالَ لَهُ عِنْد ذَلِك إِدْرِيس: لَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أَنْت من بني آدم فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت عِنْده ذَلِك: أجل لست من بني آدم فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس: فَمن أَنْت قَالَ: أَنا ملك الْمَوْت فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس: أمرتَ فيَّ بِأَمْر فَقَالَ لَهُ: لَو أمرت فِيك بِأَمْر مَا ناظرتك [نظرتك] وَلَكِنِّي أحبك فِي الله وصحبتك لَهُ فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس: يَا ملك الْمَوْت إِنَّك معي ثَلَاثَة أَيَّام بلياليها لم تقبض روح أحد من الْخلق قَالَ: بلَى وَالَّذِي أكرمك بِالنُّبُوَّةِ يَا نَبِي الله إِنِّي مَعَك من حِين رَأَيْت وَإِنِّي أَقبض نفس من أمرت بِقَبض نَفسه فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا وَمَا الدُّنْيَا عِنْدِي إِلَّا بِمَنْزِلَة الْمَائِدَة بَين يَدي الرجل يمد يَده ليتناول مِنْهَا مَا شَاءَ فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس: يَا ملك الْمَوْت أَسأَلك بِالَّذِي أحببتني لَهُ وَفِيه أَلا [أَلا] قضيت لي حَاجَة أسألكها فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: سلني مَا أَحْبَبْت يَا نَبِي الله فَقَالَ: أحب أَن تذيقني الْمَوْت وتفرق بَين روحي وجسدي حَتَّى أجد طعم الْمَوْت ثمَّ ترد إِلَيّ روحي فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت - عَلَيْهِ السَّلَام -: مَا أقدر على ذَلِك إِلَّا أَن اسْتَأْذن فِيهِ رَبِّي فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام: فاستأذنه فِي ذَلِك فعرج ملك الْمَوْت إِلَى ربه فَأذن لَهُ فَقبض نَفسه وَفرق بَين روحه وَجَسَده فَلَمَّا سقط إِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام مَيتا رد إِلَيْهِ روحه وطفق يمسح وَجهه وَهُوَ يَقُول: يَا نَبِي الله مَا كنت أُرِيد أَن يكون هَذَا حظك من صحبتي فَلَمَّا أَفَاق قَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: يَا نَبِي الله كَيفَ وجدت قَالَ: يَا ملك الْمَوْت قد كنت أحدث وأسمع فَإِذا هُوَ أعظم مِمَّا كنت أحدث وأسمع ثمَّ قَالَ: يَا ملك الْمَوْت أُرِيد مِنْك حَاجَة أُخْرَى قَالَ: وَمَا هِيَ قَالَ: تريني النَّار حَتَّى أنظر إِلَى لمحة مِنْهَا فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: وَمَا لَك وَالنَّار إِنِّي لأرجو أَن لَا ترَاهَا وَلَا تكون من أَهلهَا قَالَ: بلَى أُرِيد ذَلِك ليَكُون أَشد لرهبتني وخوفي مِنْهَا فَانْطَلق إِلَى بَاب من أَبْوَاب جَهَنَّم فَنَادَى بعض خزنتها فَأَجَابُوهُ وَقَالُوا: من هَذَا قَالَ: أَنا ملك الْمَوْت فارتعدت فرائصهم - قَالُوا: أمرت فِينَا بِأَمْر فَقَالَ: لَو أمرت فِيكُم بِأَمْر مَا ناظرتكم وَلَكِن نَبِي الله إِدْرِيس - عَلَيْهِ السَّلَام - سَأَلَني أَن تروه لمحة من النَّار ففتحوا لَهُ قدر ثقب الْمخيط فَأَصَابَهُ من حرهَا ولهبها وزفيرها مَا صعق [هـ] فَقَالَ ملك الْمَوْت: أغلقوا فأغلقوا فَمسح ملك الْمَوْت وَجهه وَهُوَ يَقُول: يَا نَبِي الله مَا كنت أحب أَن يكون هَذَا حظك من صحبتي فَلَمَّا أَفَاق

قَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: يَا نَبِي الله كَيفَ رَأَيْت قَالَ: يَا ملك الْمَوْت كنت أحدث وأسمع فَإِذا هُوَ أعظم مِمَّا كنت أحدث وأسمع فَقَالَ لَهُ: يَا ملك الْمَوْت قد بقيت لي حَاجَة أُخْرَى لم يبْق غَيرهَا قَالَ: وَمَا هِيَ قَالَ: تريني لمحة من الْجنَّة قَالَ لَهُ ملك الْمَوْت - عَلَيْهِ السَّلَام: يَا نَبِي الله أبشر فَإنَّك إِن شَاءَ الله من خِيَار أَهلهَا وَأَنَّهَا إِن شَاءَ الله مقيلك ومصيرك فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت إِنِّي أحب أَن أنظر إِلَيْهَا وَلَعَلَّ ذَلِك أَن يكون أَشد لشوقي وحرصي وطلبي فَذهب بِهِ إِلَى بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة فَنَادَى بعض خزنتها فَأَجَابُوهُ فَقَالُوا: من هَذَا قَالَ: ملك الْمَوْت فارتعدت فرائصهم وَقَالُوا: أمرت فِينَا بِشَيْء فَقَالَ: لَو أمرت فِيكُم بِشَيْء مَا ناظرتكم وَلَكِن نَبِي الله إِدْرِيس - عَلَيْهِ السَّلَام - سَأَلَ أَن ينظر إِلَى لمحة من الْجنَّة فافتحوا فَلَمَّا فتح أَصَابَهُ من بردهَا وطيبها وريحانها مَا أَخذ بِقَلْبِه فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت إِنِّي أحب أَن أَدخل الْجنَّة فَآكل أَكلَة من ثمارها وأشرب شربة من مَائِهَا فَلَعَلَّ ذَلِك أَن يكون أَشد لطلبتي ورغبتي وحرصي فَقَالَ: ادخل فَدخل فَأكل من ثمارها وَشرب من مَائِهَا فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: اخْرُج يَا نَبِي الله قد أصبت حَاجَتك حَتَّى يردك الله مَعَ الْأَنْبِيَاء يَوْم الْقِيَامَة فاحتضن بساق شَجَرَة من شجر الْجنَّة وَقَالَ: مَا أَنا بِخَارِج مِنْهَا وَإِن شِئْت أَن أخاصمك خاصمتك فَأوحى الله إِلَى ملك الْمَوْت: قاضه الْخُصُومَة فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: مَا الَّذِي تخاصمني بِهِ يَا نَبِي الله فَقَالَ إِدْرِيس: قَالَ الله تَعَالَى (كل نفس ذائقة الْمَوْت) (آل عمرَان الْآيَة 185) فقد ذقت الْمَوْت الَّذِي كتبه الله على خلقه مرّة وَاحِدَة وَقَالَ الله: {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها كَانَ على رَبك حتما مقضيا} (مَرْيَم آيَة 76) وَقد وردتها أفأردها مرّة بعد مرّة وَإِنَّمَا كتب الله وُرُودهَا على خلقه مرّة وَاحِدَة وَقَالَ لأهل الْجنَّة: (وَمَا هم مِنْهَا بمخرجين) (الْحجر آيَة 48) أفأخرج من شَيْء سَاقه الله إليّ فَأوحى الله إِلَى ملك الْمَوْت: خصمك عَبدِي إِدْرِيس وَعِزَّتِي وَجَلَالِي: إِن فِي سَابق علمي قبل أَن أخلقه أَنه لَا موت عَلَيْهِ إِلَّا الموتة الَّتِي ماتها وَأَنه لَا يرى جَهَنَّم غلا [خلا] الْورْد الَّذِي وردهَا وَأَنه يدْخل الْجنَّة فِي السَّاعَة الَّتِي دَخلهَا وَأَنه لَيْسَ بِخَارِج مِنْهَا فَدَعْهُ يَا ملك الْمَوْت

فقد خصمك وَإنَّهُ احْتج عَلَيْك بِحجَّة قَوِيَّة فَلَمَّا قر قَرَار إِدْرِيس فِي الْجنَّة وألزمه الله دُخُولهَا قبل الْخَلَائق عجت الْمَلَائِكَة إِلَى رَبهم فَقَالُوا: رَبنَا خلقت [خلقتنا قبل] إِدْرِيس بِكَذَا وَكَذَا ألف سنة - وَلم نعصك طرفَة عين وَإِنَّمَا خلقت إِدْرِيس مُنْذُ أَيَّام قَلَائِل فأدخلته الْجنَّة قبلنَا فَأوحى الله إِلَيْهِم: يَا ملائكتي إِنَّمَا خلقتكم لعبادتي وتسبيحي وذكري وَجعلت فِيهَا لذتكم وَلم أجعَل لكم لَذَّة فِي مطعم وَلَا مشرب وَلَا فِي شَيْء سواهَا وقوّيتكم عَلَيْهَا وَجعلت فِي الأَرْض الزِّينَة والشهوات وَاللَّذَّات والمعاصي والمحارم وَإنَّهُ اجْتنب ذَلِك كُله من أَجلي وآثر هواي على هَوَاهُ ورضاي ومحبتي على رِضَاهُ ومحبته فَمن أَرَادَ مِنْكُم أَن يدْخل مدْخل إِدْرِيس فليهبط إِلَى الأَرْض فليعبدني بِعبَادة إِدْرِيس وَيعْمل بِعَمَل إِدْرِيس فَإِن عمل مثل إِدْرِيس أدخلهُ مدْخل إِدْرِيس وَإِن غير أَو بدل اسْتوْجبَ مدْخل الظَّالِمين فَقَالَت الْمَلَائِكَة: رَبنَا لَا نطلب ثَوابًا وَلَا تصيبنا بعقاب رَضِينَا بمكاننا مِنْك يَا رب وفضيلتك إيانا وانتدب ثَلَاثَة من الْمَلَائِكَة: هاروت وماروت وَملك آخر رَضوا بِهِ فَأوحى الله إِلَيْهِم: أما إِذا اجْتَمَعْتُمْ على هَذَا فاحذروا إِن نفعكم الحذر فَإِنِّي أنذركم اعلموا أَن أكبر الْكَبَائِر عِنْدِي أَربع: - فَمَا عملتم سواهَا غفرته لكم وَإِن عملتموها لم أَغفر لكم قَالُوا وَمَا هِيَ قَالَ: أَن لَا تعبدوا صنماً وَلَا تسفكوا دَمًا وَلَا تشْربُوا خمرًا وَلَا تطؤوا محرما فهبطوا إِلَى الأَرْض على ذَلِك فَكَانُوا فِي الأَرْض على مثل مَا كَانَ عَلَيْهِ إِدْرِيس: يُقِيمُونَ أَرْبَعَة أَيَّام فِي سياحتهم وَثَلَاثَة أَيَّام يعلمُونَ النَّاس الْخَيْر ويدعونهم إِلَى عبَادَة الله تَعَالَى وطاعته حَتَّى ابْتَلَاهُم الله بالزهرة وَكَانَت من أجمل النِّسَاء فَلَمَّا نظرُوا إِلَيْهَا افتتنوا بهَا -[لما] أَرَادَ الله وَلما سبق عَلَيْهِم فِي علمه مَعَ خذلان الله إيَّاهُم - فنسوا مَا تقدم إِلَيْهِم فَسَأَلُوهَا نَفسهَا قَالَت لَهُم: نعم وَلَكِن لي زوج لَا أقدر على مَا تُرِيدُونَ مني إِلَّا أَن تقتلوه وأكون لكم فَقَالَ بَعضهم لبَعض: إِنَّا قد أمرنَا أَن لَا نسفك دَمًا وَلَا نَطَأ محرما وَلَكِن نَفْعل هَذَا مَعَ هَذَا ثمَّ نتوب من هَذَا كُله فَلَمَّا أحس الثَّالِث بالفتنة عصمه الله من ذَلِك كُله بالسماء فَدَخلَهَا فنجا وَأقَام هاروت وماروت لما كتب عَلَيْهِمَا فنشدا على زَوجهَا فقتلاه فَلَمَّا أراداها قَالَ [قَالَت] : لي صنم أعبده وَأَنا أكره مَعْصِيَته وخلافه فَإِن أردتما فاسجدا لَهُ سَجْدَة وَاحِدَة فدعتهما الْفِتْنَة إِلَى ذَلِك فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: إِنَّا قد أمرنَا أَن لَا نسفك دَمًا وَلَا نَطَأ حرما وَلَكنَّا نفعله ثمَّ نتوب من

جَمِيعه فسجدوا لذَلِك الصَّنَم فَلَمَّا أراداها قَالَت لَهما: قد بقيت لي حَاجَة أُخْرَى قَالَا: وَمَا هِيَ قَالَت: لي شراب لَا يطيب لي من الْعَيْش إِلَّا بِهِ قَالَا: وَمَا هُوَ قَالَت: الْخمر فدعتهما الْفِتْنَة إِلَى ذَلِك فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: إِنَّا قد أمرنَا أَن لَا نشرب خمرًا فَقَالَ الآخر: إِنَّا قد أمرنَا أَن لَا نسفك دَمًا وَلَا نَطَأ محرما وَلَكنَّا نفعله ثمَّ نتوب من جَمِيعه فشربا الْخمر فَلَمَّا أراداها قَالَت: قد بقيت لي حَاجَة أُخْرَى قَالَا: وَمَا هِيَ قَالَت: تعلماني الْكَلَام الَّذِي تعرجان بِهِ إِلَى السَّمَاء فعلماها إِيَّاه فَلَمَّا تَكَلَّمت بِهِ عرجت إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا انْتَهَت إِلَى السَّمَاء مسخت نجماً فَلَمَّا ابتليا بِمَا ابتليا بِهِ عرجا إِلَى السَّمَاء فغلقت أَبْوَاب السَّمَاء دونهمَا وَقيل لَهما أَن السَّمَاء لَا يدخلهَا خطاء فَلَمَّا منعا من دُخُول السَّمَاء وعلما أَنَّهُمَا قد افتتنا وابتليا عجا إِلَى الله بِالدُّعَاءِ والتضرع والإبتهال فَأوحى الله إِلَيْهِمَا: حل عَلَيْكُمَا سخطي وَوَجَبَت فِيمَا تعرضتما واستوجبتما وَقد كنتما مَعَ ملائكتي فِي طَاعَتي وعبادتي حَتَّى عصيتما فصرتما بذلك إِلَى مَا صرتما إِلَيْهِ من معصيتي وَخلاف أَمْرِي فاختارا إِن شئتما عَذَاب الدُّنْيَا وَإِن شئتما عَذَاب الْآخِرَة فعلما أَن عَذَاب الدُّنْيَا وَإِن طَال فمصيره إِلَى زَوَال وَأَن عَذَاب الْآخِرَة لَيْسَ لَهُ زَوَال وَلَا انْقِطَاع فاختارا عَذَاب الدُّنْيَا فهما بِبَابِل معلقين منكوسين مُقرنين إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق دَاوُد بن أبي هِنْد عَن بعض أَصْحَابه قَالَ: كَانَ ملك الْمَوْت صديقا لإدريس عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ إِدْرِيس يَوْمًا: يَا ملك الْمَوْت قَالَ: لبيْك قَالَ: أمتني فأرني كَيفَ الْمَوْت قَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: سُبْحَانَ الله يَا إِدْرِيس إِنَّمَا يفر أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض من الْمَوْت وتسألني أَن أريك كَيفَ الْمَوْت قَالَ: إِنِّي أحب أَن أرَاهُ فَلَمَّا ألح عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: يَا إِدْرِيس أَنا عبد مَمْلُوك مثلك وَلَيْسَ إليّ من الْأَمر شَيْء قَالَ: فَصَعدَ ملك الْمَوْت فَقَالَ: رب إِن عَبدك سَأَلَني أَن أريه الْمَوْت كَيفَ هُوَ قَالَ الله لَهُ: فأمته فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: يَا إِدْرِيس إِنَّمَا يفر الْخلق من الْمَوْت قَالَ: فأرني فَلَمَّا مَاتَ بَقِي ملك الْمَوْت لَا يَسْتَطِيع أَن يرد نَفسه إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا رب قد ترى مَا إِدْرِيس فِيهِ فَرد الله إِلَيْهِ روحه فَمَكثَ مَا شَاءَ حَيا ثمَّ قَالَ يَا ملك الْمَوْت: أدخلني الْجنَّة فَأنْظر إِلَيْهَا قَالَ لَهُ: يَا إِدْرِيس إِنَّمَا أَنا عبد مَمْلُوك مثلك لَيْسَ إليّ من الْأَمر شَيْء فألح عَلَيْهِ فَقَالَ ملك الْمَوْت: يَا رب إِن عبد إِدْرِيس قد ألح عليّ فَسَأَلَنِي أَن

أدخلهُ الْجنَّة فيراها وَقد قلت لَهُ: إِنَّمَا أَنا عبد مثلك وَلَيْسَ إليّ من الْأَمر شَيْء قَالَ الله: فَأدْخلهُ الْجنَّة قَالَ: إِن الله علم من إِدْرِيس مَا لَا أعلم أَنا فاحتمله ملك الْمَوْت فَأدْخلهُ الْجنَّة فَكَانَ فِيهَا مَا شَاءَ الله فَقَالَ لَهُ ملك الْمَوْت: اخْرُج بِنَا قَالَ: لَا قَالَ الله: (أفما نَحن بميتين إِلَّا موتنا الأولى) (الصافات آيَة 58) وَقَالَ الله: (وَمَا هم مِنْهَا بمخرجين) (الحجرات آيَة 48) وَمَا أَنا بِخَارِج مِنْهَا قَالَ ملك الْمَوْت: يَا رب قد تسمع مَا يَقُول عَبدك إِدْرِيس قَالَ الله لَهُ: صدق عَبدِي هُوَ أعلم مِنْك فَاخْرُج مِنْهَا ودعه فِيهَا فَقَالَ الله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَاذْكُر فِي الْكتاب إِدْرِيس إِنَّه كَانَ صديقا نَبيا وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا} مَرْيَم آيَة 57 - 58 قَالَ: كَانَ إِدْرِيس أول نَبِي بَعثه الله فِي الأَرْض وَإنَّهُ كَانَ يعْمل فيرفع عمله مثل نصف أَعمال النَّاس ثمَّ إِن ملكا من الْمَلَائِكَة أحبه فَسَأَلَ الله أَن يَأْذَن لَهُ فيأتيه فَأذن لَهُ فَأَتَاهُ فَحَدَّثته بكرامته على الله فَقَالَ: يَا أَيهَا الْملك أَخْبرنِي كم بَقِي من أَجلي لعَلي أجتهد لله فِي الْعَمَل قَالَ: يَا إِدْرِيس لَا يعلم هَذَا إِلَّا الله قَالَ: فَهَل تَسْتَطِيع أَن تصعد بِي إِلَى السَّمَاء فَأنْظر فِي ملك الله فأجتهد لله فِي الْعَمَل قَالَ: لَا إِلَّا أَن تشفع فتشفع فَأمر بِهِ فَحَمله تَحت جناحيه فَصَعدَ بِهِ حَتَّى إِذا بلغ السَّمَاء السَّادِسَة اسْتقْبل ملك الْمَوْت نازلاً من عِنْد الله فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت أَيْن تُرِيدُ قَالَ: أَقبض نفس إِدْرِيس قَالَ: وَأَيْنَ أمرت أَن تقبض نَفسه قَالَ: فِي السَّمَاء السَّادِسَة فَذهب الْملك ينظر إِلَى إِدْرِيس فَإِذا هُوَ برجليه يخفقان قد مَاتَ فَوَضعه فِي السَّمَاء السَّادِسَة الْآيَة 58

58

أخرج ابْن أبي حتم عَن السّديّ فِي قَوْله: {فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين} قَالَ: هَذِه تَسْمِيَة الْأَنْبِيَاء الَّذين ذكرهم أما من ذُرِّيَّة آدم: فإدريس ونوح وَأما من حمل مَعَ نوح: فإبراهيم - وَأما ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم: فإسماعيل وَإِسْحَق وَيَعْقُوب وَأما بني اسرئيل: فموسى هَارُون وزَكَرِيا وَيحيى وَعِيسَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {واجتبينا} قَالَ خلصنا وَأخرج عبد بن حميد عَن قيس بن سعد قَالَ: جَاءَ ابْن عَبَّاس حَتَّى قَامَ على عبيد بن عُمَيْر وَهُوَ يقص فَقَالَ: {وَاذْكُر فِي الْكتاب إِبْرَاهِيم إِنَّه كَانَ صديقا نَبيا} مَرْيَم آيَة 42 {وَاذْكُر فِي الْكتاب إِسْمَاعِيل} مَرْيَم آيَة 54 {وَاذْكُر فِي الْكتاب إِدْرِيس} الْآيَة حَتَّى بلغ {أُولَئِكَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين} قَالَ ابْن عَبَّاس: (ذكرهم بأيام الله) (إِبْرَاهِيم آيَة 6) وأثن على من أثنى الله عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْبكاء وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب: أَنه قَرَأَ سُورَة مَرْيَم فَسجدَ ثمَّ قَالَ: هَذَا السُّجُود فَأَيْنَ الْبكاء الْآيَة 59 - 65

59

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {فخلف من بعدهمْ خلف} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {فخلف من بعدهمْ خلف} قَالَ: من هَذِه الْأمة يتراكبون فِي الطّرق كَمَا تراكب الْأَنْعَام لَا يستحيون من النَّاس وَلَا يخَافُونَ من الله فِي السَّمَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة} قَالَ: عِنْد قيام السَّاعَة - ذهَاب صَالح أمة مُحَمَّد - ينزو بَعضهم إِلَى بعض فِي الآزقة زناة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله: {أضاعوا الصَّلَاة} يَقُول: تركُوا الصَّلَاة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة} قَالَ: لَيْسَ إضاعتها تَركهَا قد يضيع الْإِنْسَان الشَّيْء وَلَا يتْركهُ وَلَكِن إضاعتها إِذا لم يصلها لوَقْتهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله: {أضاعوا الصَّلَاة} قَالَ: صلوها لغير وَقتهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن مخيمرة فِي قَوْله: {أضاعوا الصَّلَاة} قَالَ: أخروا الصَّلَاة عَن ميقاتها وَلَو تركوها كفرُوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن عمر بن عبد الْعَزِيز فِي قَوْله: {أضاعوا الصَّلَاة} قَالَ: لم يكن إضاعتها تَركهَا وَلَكِن أضاعوا الْمَوَاقِيت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: وَالله إِنِّي لأجد صفة الْمُنَافِقين فِي التَّوْرَاة: شرابين للقهوات: تباعين للشهوات لعانين للكعبات رقادين عَن العتمات مفرطين فِي الغدوات تراكين للصلوات تراكين للجمعات ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة وَاتبعُوا الشَّهَوَات} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن الْأَشْعَث قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: أَن الْقُلُوب الْمُعَلقَة بشهوات الدُّنْيَا عني محجوبة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة قَالَ: اغْتَسَلت أَنا وَآخر فرآنا عمر بن الْخطاب وأحدنا ينظر إِلَى صَاحبه فَقَالَ: إِنِّي لأخشى

أَن تَكُونَا من الْخلف الَّذين قَالَ الله فيهم: {فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة وَاتبعُوا الشَّهَوَات فَسَوف يلقون غياً} وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتلا هَذِه الْآيَة {فخلف من بعدهمْ خلف} فَقَالَ: يكون خلف من عبد سِتِّينَ سنة {أضاعوا الصَّلَاة وَاتبعُوا الشَّهَوَات فَسَوف يلقون غيا} ثمَّ يكون خَلَفٌ: يقرؤون الْقُرْآن لَا يعدو تراقيهم وَيقْرَأ الْقُرْآن ثَلَاثَة: مُؤمن ومنافق وَفَاجِر وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عقبَة بن عَامر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: سيهلك من أمتِي أهل الْكتاب وَأهل اللين قلت يَا رَسُول الله: مَا أهل الْكتاب قَالَ: قوم يتعلمون الْكتاب يجادلون بِهِ الَّذين آمنُوا فَقلت: مَا أهل اللين قَالَ: قوم يتبعُون الشَّهَوَات ويضيعون الصَّلَوَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحكم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت ترسل بِالصَّدَقَةِ لأهل الصَّدَقَة وَتقول: لَا تعطوا مِنْهَا بربرياً وَلَا بربرية فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هم الْخلف الَّذين قَالَ الله: {فخلف من بعدهمْ خلف} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون فِي أمتِي من يقتل على الْغَضَب ويرتشي فِي الحكم ويضيع الصَّلَوَات وَيتبع الشَّهَوَات وَلَا تردّ لَهُ راية قيل: يَا رَسُول الله أَمُؤْمِنُونَ هم قَالَ: بِالْإِيمَان يقرؤون وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَسَوف يلقون غياً} قَالَ: خسراً وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طرق عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {فَسَوف يلقون غياً} قَالَ: الغي نهر أَو وَاد من جَهَنَّم من قيح بعيد القعر خَبِيث الطّعْم يقذف فِيهِ الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْبَراء بن عَازِب فِي الْآيَة قَالَ: الغي وَاد فِي جَهَنَّم بعيد القعر منتن الرّيح وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي أُمَامَة

قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أَن صَخْرَة زنة عشرَة أَوَاقٍ قذف بهَا من شَفير جَهَنَّم مَا بلغت قعرها سبعين خَرِيفًا ثمَّ تَنْتَهِي إِلَى غي وأثام قلت: مَا غي وأثام قَالَ: نهران فِي أَسْفَل جَهَنَّم يسيل فِيهَا صديد أهل النَّار وهم اللَّذَان ذكر الله فِي كِتَابه {فَسَوف يلقون غياً} {وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاماً} الْفرْقَان آيَة 68 وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق نهشل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الغي وَاد فِي جَهَنَّم وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة فِي قَوْله: {غياً} قَالَت: نهر فِي جَهَنَّم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن شقي بن ماتع قَالَ: إِن فِي جَهَنَّم وَاديا يُسمى {غياً} يسيل دَمًا وقيحاً فَهُوَ لمن خلق لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يلقون غياً} قَالَ: سوءا {إِلَّا من تَابَ} قَالَ: من ذَنبه {وآمن} قَالَ: بربه {وَعمل صَالحا} قَالَ: بَينه وَبَين الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا} قَالَ بَاطِلا وَأخرج عبد بن حميد وهناد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا} قَالَ: لَا يستبون وَفِي قَوْله: {وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشياً} قَالَ: لَيْسَ فِيهَا بكرَة وَلَا عشي يُؤْتونَ بِهِ على النَّحْو الَّذِي يحبونَ من البكرة والعشي وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشياً} قَالَ: يُؤْتونَ بِهِ فِي الْآخِرَة على مِقْدَار مَا كَانُوا يُؤْتونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ: سَأَلت زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن قَوْله: {وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا} قَالَ: لَيْسَ فِي الْجنَّة ليل وَلَا شمس وَلَا قمر هم فِي نور أبدا وَلَهُم مِقْدَار اللَّيْل وَالنَّهَار يعْرفُونَ مِقْدَار

اللَّيْل بإرخاء الْحجب وإغلاق الْأَبْوَاب ويعرفون مِقْدَار النَّهَار بِرَفْع الْحجب وَفتح الْأَبْوَاب وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول من طَرِيق أبان عَن الْحسن وَأبي قلَابَة قَالَا: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله هَل فِي الْجنَّة من ليل قَالَ: وَمَا هيجك على هَذَا قَالَ: سَمِعت الله يذكر فِي الْكتاب {وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشياً} فَقلت اللَّيْل من البكرة والعشي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ هُنَاكَ ليل وَإِنَّمَا هُوَ ضوء نور يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدوّ وتأتيهم طرف الْهَدَايَا من الله لمواقيت الصَّلَوَات الَّتِي كَانُوا يصلونَ فِيهَا فِي الدُّنْيَا وتسلم عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: كَانَت الْعَرَب فِي زمانها إِنَّمَا لَهَا أَكلَة وَاحِدَة فَمن أصَاب اثْنَتَيْنِ سمي فلَانا الناعم فَأنْزل الله تَعَالَى يرغب عباده فِيمَا عِنْده {وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: كَانُوا يعدون النَّعيم أَن يتغدى الرجل ثمَّ يتعشى قَالَ الله لأهل الْجنَّة: {وَلَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشيا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من غَدَاة من غدوات الْجنَّة كل الْجنَّة غدوات إِلَّا أَن يزف إِلَى وليّ الله تَعَالَى فِيهَا زَوْجَة من الْحور الْعين أدناهن الَّتِي خلقت من زعفران وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {تِلْكَ الْجنَّة الَّتِي نورث} بالنُّون مُخَفّفَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شودب فِي قَوْله: {تِلْكَ الْجنَّة الَّتِي نورث من عبادنَا} قَالَ: لَيْسَ من أحد إِلَّا وَله فِي الْجنَّة منزل وَأَزْوَاج فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة ورث الله الْمُؤمن كَذَا وَكَذَا منزلا من منَازِل الْكفَّار فَذَلِك قَوْله: {من عبادنَا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن دَاوُد بن أبي هِنْد فِي قَوْله: {من كَانَ تقياً} قَالَ: موحداً وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس

قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل: مَا يمنعك أَن تَزُورنَا أَكثر مِمَّا تَزُورنَا فنزات: {وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك} إِلَى آخر الْآيَة زَاد ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم فَكَانَ ذَلِك الْجَواب لمُحَمد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَي الْبِقَاع أحب إِلَى الله وأيها أبغضها إِلَى الله قَالَ: مَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل جِبْرِيل وَكَانَ قد أَبْطَأَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لقد أَبْطَأت عليّ حَتَّى ظَنَنْت أَن بربي عليّ موجدة فَقَالَ: {وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: أَبْطَأَ جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ نزل فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليهه وَسلم: مَا نزلت حَتَّى اشْتقت إِلَيْك فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: أَنا كنت إِلَيْك أشوق وَلَكِنِّي مَأْمُور فَأوحى الله إِلَى جِبْرِيل أَن قل لَهُ: {وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: احْتبسَ جِبْرِيل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة حَتَّى حزن وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَشَكا إِلَى خَدِيجَة فَقَالَت خَدِيجَة: لَعَلَّ رَبك قد وَدعك أَو قلاك فَنزل جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة: (مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى) (الضُّحَى آيَة 2) قَالَ: يَا جِبْرِيل احْتبست عني حَتَّى سَاءَ ظَنِّي فَقَالَ جِبْرِيل: {وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك} وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: لبث جِبْرِيل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ: لقد رثت حَتَّى ظن الْمُشْركُونَ كل ظن فَنزلت الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: أَبْطَأت الرُّسُل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ أَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: مَا حَبسك عني قَالَ: كَيفَ نأتيكم وَأَنْتُم لَا تقصون أظفاركم وَلَا تنقون براجمكم وَلَا تأخذون شواربكم وَلَا تستاكون وَقَرَأَ {وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: احْتبسَ جِبْرِيل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك وحزن فَأَتَاهُ جِبْرِيل وَقَالَ: يَا مُحَمَّد: {وَمَا نَتَنَزَّل إِلَّا بِأَمْر رَبك لَهُ مَا بَين أَيْدِينَا} يَعْنِي من الدُّنْيَا {وَمَا خلفنا} يَعْنِي من الْآخِرَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {لَهُ مَا بَين أَيْدِينَا} قَالَ: الدُّنْيَا {وَمَا خلفنا} قَالَ: الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {لَهُ مَا بَين أَيْدِينَا} قَالَ: من أَمر الْآخِرَة {وَمَا خلفنا} من أَمر الدُّنْيَا {وَمَا بَين ذَلِك} مَا بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا بَين ذَلِك} قَالَ: مَا بَين النفختين وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة {وَمَا بَين ذَلِك} قَالَ: مَا بَين النفختين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَمَا كَانَ رَبك نسيا} قَالَ: {وَمَا كَانَ رَبك} لينساك يَا مُحَمَّد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الدَّرْدَاء رفع الحَدِيث قَالَ: مَا أحل الله فِي كِتَابه فَهُوَ حَلَال وَمَا حرم فَهُوَ حرَام وَمَا سكت عَنهُ فَهُوَ عَافِيَة فاقبلوا من الله عافيته فَإِن الله لم يكن لينسى شَيْئا ثمَّ تَلا {وَمَا كَانَ رَبك نسيا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث جَابر مثله وَأخرج الْحَاكِم عَن سلمَان سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السّمن والجبن [] وَالْفراء فَقَالَ: الْحَلَال مَا أحل الله فِي كِتَابه وَالْحرَام مَا حرم الله فِي كِتَابه وَمَا سكت عَنهُ فَهُوَ مِمَّا عَفا عَنهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {هَل تعلم لَهُ سميا} قَالَ: هَل تعلم للرب مثلا أَو شبها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {هَل تعلم لَهُ سميا} قَالَ: لَيْسَ أحد يُسمى الرَّحْمَن غَيره وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {هَل تعلم لَهُ سميا} يَا مُحَمَّد هَل تعلم لإلهك من ولد

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {هَل تعلم لَهُ سميا} قَالَ: هَل تعلم لَهُ ولد قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: أما السمي فَأَنت مِنْهُ مكثر وَالْمَال مَال يغتدي وَيروح الْآيَة 66 - 79

66

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَيَقُول الْإِنْسَان} الْآيَة قَالَ: قَالَهَا العَاصِي بن وَائِل

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لسوف أخرج} بِرَفْع الْألف {أَولا يذكر الْإِنْسَان} خَفِيفَة بِنصب الْيَاء وَرفع الْكَاف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {جثياً} قَالَ: قعُودا وَفِي قَوْله {عتياً} قَالَ: مَعْصِيّة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {عتيا} قَالَ: عصيا وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا أَدْرِي كَيفَ قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {عتياً} أَو {جثياً} فَإِنَّهُمَا جَمِيعًا بِالضَّمِّ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن باباه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَأَنِّي أَرَاكُم بالكوم دون جَهَنَّم جاثين وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {جثياً} بِرَفْع الْجِيم و {عتيا} بِرَفْع الْعين وصليا بِرَفْع الصَّاد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {حول جَهَنَّم جثياً} قَالَ: قيَاما وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {ثمَّ لننزعن} قَالَ لنبدأن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ثمَّ لننزعن} الْآيَة: قَالَ: {لننزعن من كل} أهل دين قادتهم ورؤوسهم فِي الشَّرّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {أَيهمْ أَشد على الرَّحْمَن عتياً} قَالَ: فِي الدُّنْيَا وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْأَحْوَص {ثمَّ لننزعن من كل شيعَة} الْآيَة قَالَ: يبْدَأ بالأكابر فالأكابر جرما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يحْشر الأوّل على الآخر حَتَّى إِذا تكاملت الْعدة أثارهم جَمِيعًا ثمَّ بَدَأَ بالأكابر فالأكابر جرما ثمَّ قَرَأَ {فوربك لنحشرنهم} إِلَى قَوْله: {عتياً} وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لننزعن من كل شيعَة} قَالَ: من كل أمة أَشد على الرَّحْمَن {عتياً} قَالَ: كفرا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ثمَّ لنَحْنُ أعلم بالذين هم أولى بهَا صلياً} يَقُول: إِنَّهُم أولى بالخلود فِي جَهَنَّم وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة وَابْن جرير بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة مدت الأَرْض مد الْأَدِيم وَزيد فِي سعتها كَذَا وَكَذَا وَجمع الْخَلَائق بصعيد وَاحِد جنهم وإنسهم فَإِذا كَانَ ذَلِك الْيَوْم قيضت هَذِه السَّمَاء الدُّنْيَا عَن أَهلهَا على وَجه الأَرْض وَلأَهل السَّمَاء وحدهم أَكثر من أهل الأَرْض جنهم وإنسهم بِضعْف فَإِذا نثروا على وَجه الأَرْض فزعوا إِلَيْهِم فَيَقُولُونَ: أفيكم رَبنَا فيفزعون من قَوْلهم وَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ رَبنَا لَيْسَ فِينَا وَهُوَ آتٍ ثمَّ تقاض السَّمَاء الثَّانِيَة وَلأَهل السَّمَاء الثَّانِيَة وحدهم أَكثر من أهل السَّمَاء الدُّنْيَا وَمن جَمِيع أهل الأَرْض بِضعْف جنهم وإنسهم فَإِذا نثروا على وَجه الأَرْض فزع إِلَيْهِم أهل الأَرْض فَيَقُولُونَ: أفيكم رَبنَا فيفزعون من قَوْلهم وَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ رَبنَا لَيْسَ فِينَا وَهُوَ آتٍ ثمَّ تقاض السَّمَوَات: سَمَاء سَمَاء كلما قيضت سَمَاء عَن أَهلهَا كَانَت أَكثر من أهل السَّمَوَات الَّتِي تحتهَا وَمن جَمِيع أهل الأَرْض بِضعْف فَإِذا نثروا على أهل الأَرْض يفزع إِلَيْهِم أهل الأَرْض فَيَقُولُونَ لَهُم مثل ذَلِك فيرجعون إِلَيْهِم مثل ذَلِك حَتَّى تقاض السَّمَاء السَّابِعَة فلأهل السَّمَاء السَّابِعَة أَكثر من أهل سِتّ سموات وَمن جَمِيع أهل الأَرْض بِضعْف فَيَجِيء الله فيهم والأمم جثيّ صُفُوف فينادي مُنَاد: ستعلمون الْيَوْم من أَصْحَاب الْكَرم ليقمْ الْحَمَّادُونَ لله على كل حَال فَيقومُونَ فَيسرحُونَ إِلَى الْجنَّة ثمَّ يُنَادي الثَّانِيَة: ستعلمون الْيَوْم من أَصْحَاب الْكَرم أَيْن الَّذين كَانَت (تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ) (السَّجْدَة آيَة 16) فَيقومُونَ فَيسرحُونَ إِلَى الْجنَّة ثمَّ يُنَادي الثَّالِثَة ستعلمون الْيَوْم من أَصْحَاب الْكَرم أَيْن الَّذين (لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة يخَافُونَ يَوْمًا تتقلب فِيهِ الْقُلُوب والأبصار) (النُّور آيَة 37) فَيقومُونَ فَيسرحُونَ إِلَى الْجنَّة فَإِذا أَخذ كل من هَؤُلَاءِ ثَلَاثَة خرج عنق من النَّار فَأَشْرَف

عَليّ الْخَلَائق لَهُ عينان تبصران ولسان فصيح فَيَقُول: إِنِّي وكلت مِنْكُم بِثَلَاثَة: بِكُل جَبَّار عنيد فتلتقطهم من الصُّفُوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم فِي جَهَنَّم ثمَّ تخرج ثَانِيَة فَتَقول: إِنِّي وكلت مِنْكُم بِمن آذَى الله تَعَالَى وَرَسُوله فتلتقطهم من الصُّفُوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم فِي جَهَنَّم ثمَّ تخرج ثَالِثَة فَتَقول: إِنِّي وكلت بأصحاب التصاوير فتلقطهم من الصُّفُوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم فِي جَهَنَّم فَإِذا أَخذ من هَؤُلَاءِ ثَلَاثَة وَمن هَؤُلَاءِ ثَلَاثَة: نشرت الصُّحُف وَوضعت الموازين ودعي الْخَلَائق لِلْحسابِ وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سميَّة قَالَ: اخْتَلَفْنَا فِي الْوُرُود فَقَالَ بَعْضنَا: لَا يدخلهَا مُؤمن وَقَالَ بَعضهم: يدْخلُونَهَا جَمِيعًا {ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا} فَلَقِيت جَابر بن عبد الله فَذكرت لَهُ فَقَالَ: وأهوى بِأُصْبُعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ صمتا إِن لم أكن سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يبْقى بر وَلَا فَاجر إِلَّا دَخلهَا فَتكون على الْمُؤمن بردا وَسلَامًا كَمَا كَانَت على إِبْرَاهِيم حَتَّى أَن للنار ضَجِيجًا من بردهمْ {ثمَّ ننجي الَّذين اتَّقوا وَنذر الظَّالِمين فِيهَا جثياً} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن مُجَاهِد قَالَ: خَاصم نَافِع بن الْأَزْرَق ابْن عَبَّاس فَقَالَ ابْن عَبَّاس: الْوُرُود الدُّخُول: وَقَالَ نَافِع: لَا فَقَرَأَ ابْن عَبَّاس (إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله حصب جَهَنَّم أَنْتُم لَهَا وَارِدُونَ) (الْأَنْبِيَاء آيَة 98) وَقَالَ: وردوا أم لَا وَقَرَأَ (يقدم قومه يَوْم الْقِيَامَة فأوردهم النَّار) (هود آيَة 98) أوردوا أم لَا أما أَنا وَأَنت فسندخلها فَانْظُر هَل نخرج مِنْهَا أم لَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها} قَالَ: يردُهَا البَرّ والفاجر ألم تسمع قَوْله: (فأوردهم النَّار وَبئسَ الْورْد المورود) (هود آيَة 98) وَقَوله: {ونسوق الْمُجْرمين إِلَى جَهَنَّم وردا} مَرْيَم آيَة 86

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس: أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يطْلبُونَ الْعَاصِ بن وَائِل بدين فَأتوهُ يقايضونه فَقَالَ: ألستم تَزْعُمُونَ أَن فِي الْجنَّة ذَهَبا وَفِضة وَحَرِيرًا وَمن كل الثمرات قَالُوا: بلَى قَالَ: فَإِن مَوْعدكُمْ الْآخِرَة وَالله لَأُوتَيَنَّ مَالا وَولدا ولأوتين مثل كتابكُمْ الَّذِي جئْتُمْ بِهِ فَقَالَ الله: {أَفَرَأَيْت الَّذِي كفر بِآيَاتِنَا} الْآيَات وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن قَالَ: كَانَ لرجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دين على رجل من الْمُشْركين فَأَتَاهُ يتقاضاه فَقَالَ أَلَسْت مَعَ هَذَا الرجل قَالَ: نعم قَالَ أَلَيْسَ يزْعم أَن لكم جنَّة وَنَارًا وأموالاً وبنين قَالَ: بلَى قَالَ: اذْهَبْ فلست بقاضيك إِلَّا ثمَّة فأنزلت {أَفَرَأَيْت الَّذِي كفر بِآيَاتِنَا} إِلَى قَوْله: {ويأتينا فَردا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي اله عَنهُ فِي قَوْله: {أطلع الْغَيْب} يَقُول: أطلعه الله الْغَيْب يَقُول: مَاله فِيهِ {أم اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا} بِعَمَل صَالح قدمه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أم اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله يَرْجُو بهَا وَالله أعلم الْآيَة 80 - 82

80

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ونرثه مَا يَقُول} قَالَ: مَاله وَولده وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ونرثه مَا يَقُول} قَالَ: مَاله وَولده وَذَاكَ الَّذِي قَالَ الْعَاصِ بن وَائِل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ونرثه مَا يَقُول} قَالَ: مَا عِنْده وَهُوَ قَوْله: {لَأُوتَيَنَّ مَالا وَولدا} فِي حرف ابْن مَسْعُود / ونرثه مَا عِنْده ويأتينا فَردا / لَا مَال لَهُ وَلَا ولد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي نهيك أَنه قَرَأَ {كلا سيكفرون بعبادتهم} بِرَفْع الْكَاف قَالَ: يَعْنِي الْآلهَة كلهَا إِنَّهُم {سيكفرون بعبادتهم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً} قَالَ: أعواناً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً} قَالَ: أوثانهم يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار تكون عَلَيْهِم عوناً يَعْنِي أوثانهم تخاصمهم وتكذبهم يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً} قَالَ: حسرة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً} قَالَ: قرناء فِي النَّار يلعن بَعضهم بَعْضًا ويتبرأ بَعضهم من بعض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً} قَالَ: أَعدَاء وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِم ضداً} مَا الضِّدّ قَالَ: قَالَ فِيهِ حَمْزَة بن عبد الْمطلب: وان تَكُونُوا لَهُم ضداً نَكُنْ لكم ضدا بغلباء مثل اللَّيْل مَكْتُوم الْآيَة 83 - 87

83

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّا أرسلنَا الشَّيَاطِين على الْكَافرين تؤزهم أزاً} قَالَ: تغويهم إغواء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {تؤزهم} قَالَ: تحرض الْمُشْركين على مُحَمَّد وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {تؤزهم أزاً} تشليهم أشلاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {تؤزهم أزاً} قَالَ: تزعجهم إزعاجاً إِلَى معاصي الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {ألم تَرَ أنَّا أرسلنَا الشَّيَاطِين على الْكَافرين تؤزهم أزاً} قَالَ: كَقَوْلِه: (وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا) (الزخرف آيَة 36) وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس: إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {تؤزهم أزاً} قَالَ: توقدهم وقوداً قَالَ فِيهِ الشَّاعِر: حَكِيم أَمِين لَا يُبَالِي بخلبة إِذا أزه الأقوام لم يترمرم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّمَا نعد لَهُم عدا} يَقُول: أنفاسهم الَّتِي يتنفسون فِي الدُّنْيَا فَهِيَ مَعْدُودَة كسنهم وآجالهم وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ فِي قَوْله: {إِنَّمَا نعد لَهُم عدا} قَالَ: كل شَيْء حَتَّى النَّفس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} قَالَ: ركباناً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} قَالَ: على الإِبل وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} قَالَ: على نَجَائِب رواحلها من زمرد وَيَاقُوت وَمن أَي لون شَاءَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} قَالَ: إِلَى الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} قَالَ: يفدون إِلَى رَبهم فيكرمون ويعطون ويحيون ويشفعون وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة على ثَلَاث طرائق: راغبين وراهبين وَاثْنَانِ على بعير وَثَلَاثَة على بعير وَأَرْبَعَة على بعير وَعشرَة على بعير وتحشر بَقِيَّتهمْ النَّار تقيل مَعَهم حَيْثُ قَالُوا وتبيت مَعَهم حَيْثُ باتوا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} قَالَ: أما وَالله مَا يحشرون على أَقْدَامهم وَلَا يساقون سوقاً وَلَكنهُمْ يُؤْتونَ من الْجنَّة لم تنظر الْخَلَائق إِلَى مثلهَا: رِحَالهَا الذَّهَب وَأَزِمَّتهَا الزبرجد فيقعدون عَلَيْهَا حَتَّى يقرعُوا بَاب الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد وَفِي زَوَائِد الْمسند وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} فَقَالَ: أما وَالله مَا يحْشر الْوَفْد على أَرجُلهم وَلَا يساقون سوقاً وَلَكنهُمْ يُؤْتونَ بِنُوق من نُوق الْجنَّة لم تنظر الْخَلَائق إِلَى مثلهَا عَلَيْهَا رحال الذَّهَب وَأَزِمَّتهَا الزبرجد فيركبون عَلَيْهَا حَتَّى يطرقوا بَاب الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن عَليّ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه الْآيَة {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَن وَفْدًا} قلت: يَا رَسُول الله هَل الْوَفْد إِلَّا الركب قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم إِذا خَرجُوا من قُبُورهم استقبلوا بِنُوق بيض لَهَا أَجْنِحَة وَعَلَيْهَا رحال الذَّهَب شرك نعَالهمْ نور يتلألأ كل خطْوَة مِنْهَا مثل مد الْبَصَر وينتهون إِلَى بَاب الْجنَّة فَإِذا حَلقَة من ياقوتة حَمْرَاء على صَفَائِح الذَّهَب وَإِذا شَجَرَة على بَاب الْجنَّة يَنْبع من أَصْلهَا عينان فَإِذا شربوا من إِحْدَى الْعَينَيْنِ فتغسل مَا فِي بطونهم من دنس ويغتسلون من الْأُخْرَى فَلَا تشعث أبشارهم وَلَا أشعراهم بعْدهَا أبدا فيضربون بالحلقة على الصفيحة فَلَو سَمِعت طنين الْحلقَة يَا عَليّ فَيبلغ كل حوراء أَن زَوجهَا قد أقبل فتستخفها العجلة فتبعث قيمها فَيفتح لَهُ الْبَاب فَإِذا رَآهُ خر لَهُ سَاجِدا فَيَقُول: ارْفَعْ رَأسك فَإِنَّمَا أَنا قَيِّمُكَ وُكِّلْتُ بِأَمْرك فيتبعه ويقفو أَثَره فتستخف الْحَوْرَاء العجلة فَتخرج من خيام الدّرّ والياقوت حَتَّى تعتنقه ثمَّ تَقول: أَنْت حبي وَأَنا حبك وَأَنا الراضية فَلَا أَسخط أبدا وَأَنا الناعمة فَلَا أبأس أبدا وَأَنا الخالدة فَلَا أَمُوت أبدا وَأَنا المقيمة فَلَا أظعن أبدا فَيدْخل بَيْتا

من أساسه إِلَى سقفه مائَة ألف ذِرَاع بني على جندل اللُّؤْلُؤ والياقوت طرائق حمر وطرائق خضر وطرائق صفر مَا مِنْهَا طَريقَة تشاكل صاحبتها وَفِي الْبَيْت سَبْعُونَ سريراً على كل سَرِير سَبْعُونَ فراشا عَلَيْهَا سَبْعُونَ زَوْجَة على كل زَوْجَة سَبْعُونَ حلةٍ يُرَى مخ سَاقهَا من وَرَاء الْحلَل يقْضِي جماعهن فِي مِقْدَار لَيْلَة من لياليكم هَذِه تجْرِي من تَحْتهم الْأَنْهَار أَنهَار مطردَة (أَنهَار من مَاء غير آسن) (مُحَمَّد آيَة 15) صَاف لَيْسَ فِيهِ كدور (وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه) (مُحَمَّد آيَة 15) وَلم يخرج من ضروع الْمَاشِيَة (وأنهار من خمر لَذَّة للشاربين) (مُحَمَّد آيَة 15) لم يعصرها الرِّجَال بأقدامها (وأنهار من عسل مصفى) (مُحَمَّد آيَة 15) لم يخرج من بطُون النَّحْل فيستحلي الثِّمَار فَإِن شَاءَ أكل قَائِما وَإِن شَاءَ أكل قَاعِدا وَإِن شَاءَ أكل مُتكئا فيشتهي الطَّعَام فيأتيه طير بيض أَجْنِحَتهَا فيأكل من جنوبها أَي لون شَاءَ ثمَّ تطير فتذهب فَيدْخل الْملك فَيَقُول: (سَلام عَلَيْكُم) (الزمر آيَة 73) (تلكم الْجنَّة الَّتِي أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ) (الْأَعْرَاف آيَة 43) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُسلم بن جَعْفَر البَجلِيّ قَالَ: سَمِعت أَبَا معَاذ الْبَصْرِيّ: أَن عليا قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهُم إِذا خَرجُوا من قُبُورهم يستقبلون بِنُوق لَهَا أَجْنِحَة عَلَيْهَا رحال الذَّهَب شرك نعَالهمْ نور تلألأ كل خطْوَة مِنْهَا مد الْبَصَر فينتهون إِلَى شَجَرَة يَنْبع من أَصْلهَا عينان فيشربون من احداهما فَيغسل مَا فِي بطونهم من دنس ويغتسلون من الْأُخْرَى فَلَا تشعث أبشارهم وَلَا أشعارهم بعْدهَا أبدا وتحري عَلَيْهِم نَضرة النَّعيم فَيَأْتُونَ بَاب الْجنَّة فَإِذا حَلقَة من ياقوتة حَمْرَاء على صَفَائِح الذَّهَب فيضربون بالحلقة على الصفحة فَيسمع لَهَا طنين فَيبلغ كل حوراء: أَن زَوجهَا قد أقبل فتبعث قَيِّمَهَا فَيفتح لَهُ فَإِذا رَآهُ خر لَهُ سَاجِدا فَيَقُول: ارْفَعْ رَأسك إِنَّمَا أَنا قَيِّمُكَ وُكِّلْتُ بِأَمْرك فيتبعه ويقفو أَثَره فتستخف الْحَوْرَاء العجلة فَتخرج من خيام الدّرّ والياقوت حَتَّى تعتنقه ثمَّ تَقول: أَنْت حبي وَأَنا حبك وَأَنا الخالدة الَّتِي لَا أَمُوت وَأَنا الناعمة الَّتِي لَا أبأس وَأَنا الراضية الَّتِي لَا أَسخط وَأَنا المقيمة الَّتِي لَا أظعن فَيدْخل بَيْتا من أسه إِلَى سقفه مائَة ألف ذِرَاع بِنَاؤُه على جندل اللُّؤْلُؤ طرائق: أصفر وأحمر

وأخضر لَيْسَ مِنْهَا طَريقَة تشاكل صاحبتها فِي الْبَيْت سَبْعُونَ سريراً على كل سَرِير سَبْعُونَ حشية على كل حشية سَبْعُونَ زَوْجَة على كل زَوْجَة سَبْعُونَ حلةٍ يُرَى مخ سَاقهَا من بَاطِن الْحلَل يقْضِي جِمَاعهَا فِي مِقْدَار لَيْلَة من لياليكم هَذِه الْأَنْهَار من تَحْتهم تطرد: (أَنهَار من مَاء غير آسن) (مُحَمَّد آيَة 15) قَالَ: صَاف لَا كدر فِيهِ (وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه) (مُحَمَّد آيَة 15) قَالَ: لم يخرج من ضروع الْمَاشِيَة (وأنهار من خمر لَذَّة للشاربين) (مُحَمَّد آيَة 15) قَالَ: لم تعصرها الرِّجَال بأقدامها (وأنهار من عسل مصفى) (مُحَمَّد آيَة 15) قَالَ: لم يخرج من بطُون النَّحْل فيستحلي الثِّمَار فَإِن شَاءَ أكل قَائِما وَإِن شَاءَ أكل قَاعِدا وَإِن شَاءَ أكل مُتكئا ثمَّ تَلا (ودانية عَلَيْهِم ظلالها) (مُحَمَّد آيَة 15) الْآيَة فيشتهي الطَّعَام فيأتيه طير أَبيض وَرُبمَا قَالَ: أَخْضَر فَترفع أَجْنِحَتهَا فيأكل من جنوبها أَي الألوان شَاءَ ثمَّ يطير فَيذْهب فَيدْخل الْملك فَيَقُول: (سَلام عَلَيْكُم) (تلكم الْجنَّة الَّتِي أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ونسوق الْمُجْرمين إِلَى جَهَنَّم وردا} قَالَ: عطاشاً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ونسوق الْمُجْرمين إِلَى جَهَنَّم وردا} قَالَ: ظماء إِلَى النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد: {ونسوق الْمُجْرمين إِلَى جَهَنَّم وردا} قَالَ: متقطعة أَعْنَاقهم من الْعَطش وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة: {ونسوق الْمُجْرمين إِلَى جَهَنَّم وردا} قَالَ: عطاشاً وَأخرج هناد عَن الْحسن مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا} قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وتبرأ من الْحول والقوّة وَلَا يَرْجُو إِلَّا الله

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا} قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ يَوْمئِذٍ بَعضهم لبَعض شُفَعَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مقَاتل بن حَيَّان {إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا} قَالَ: الْعَهْد الصّلاح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا} قَالَ: من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَدخل على مُؤمن سُرُورًا فقد سرني وَمن سرني فقد اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا وَمن اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا فَلَا تمسه النَّار إِن الله لَا يخلف الميعاد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ {إِلَّا من اتخذ عِنْد الرَّحْمَن عهدا} قَالَ: إِن الله يَقُول يَوْم الْقِيَامَة: من كَانَ لَهُ عِنْدِي عهد فَليقمْ فَلَا يقوم إِلَّا من قَالَ هَذَا فِي الدُّنْيَا قُولُوا اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة إِنِّي أَعهد إِلَيْك فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا أَنَّك أَن تَكِلنِي إِلَى نَفسِي تقربني

من الشَّرّ وَتُبَاعِدنِي من الْخَيْر وَإِنِّي لَا أَثِق إِلَّا بِرَحْمَتك فاجعله لي عنْدك عهدا تُؤَدِّيه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إنكى لَا تخلف الميعاد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من جَاءَ بالصلوات الْخمس يَوْم الْقِيَامَة - قد حَافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها لم ينقص مِنْهَا شَيْئا - جَاءَ لَهُ عِنْد الله عهد إِن لَا يعذبه وَمن جَاءَ قد انْتقصَ مِنْهُنَّ شَيْئا فَلَيْسَ لَهُ عِنْد الله عهد إِن شَاءَ رَحمَه وَإِن شَاءَ عذبه وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ فِي دبر كل صَلَاة - بَعْدَمَا سلم - هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات: كتبه ملك فِي رق فختم بِخَاتم ثمَّ دَفعهَا إليّ يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا بعث الله العَبْد من قَبره جَاءَهُ الْملك وَمَعَهُ الْكتاب يُنَادي: أَيْن أهل العهود حَتَّى تدفع إِلَيْهِم والكلمات أَن تَقول: اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الرَّحْمَن الرَّحِيم - إِنِّي أَعهد إِلَيْك فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا بأنك أَنْت الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك وَأَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك فَلَا تَكِلنِي إِلَى نَفسِي فَإنَّك إِن تَكِلنِي إِلَى نَفسِي تقربني من الشَّرّ وَتُبَاعِدنِي من الْخَيْر وَإِنِّي لَا أَثِق إِلَّا بِرَحْمَتك فَاجْعَلْ رحمتك لي عهدا عنْدك تُؤَدِّيه إِلَيّ يَوْم الْقِيَامَة: إِنَّك لَا تخلف الميعاد وَعَن طَاوس: أَنه أَمر بِهَذِهِ الْكَلِمَات فَكتبت فِي كَفنه الْآيَة 88 - 97

88

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لقد جئْتُمْ شَيْئا إدّاً} قَالَ: قولا عَظِيما وَفِي قَوْله: {تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن مِنْهُ} الْآيَة قَالَ: إِن الشّرك فزعت مِنْهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال وَجَمِيع الْخَلَائق إِلَّا الثقلَيْن وكادت تَزُول مِنْهُ لِعَظَمَة الله: وكما لَا ينفع مَعَ الشّرك إِحْسَان الْمُشرك كَذَلِك نرجو أَن يغْفر الله ذنُوب الْمُوَحِّدين وَفِي قَوْله: {وتخر الْجبَال هدّاً} قَالَ: هدماً وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق عون عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الْجَبَل لينادي الْجَبَل باسمه يَا فلَان هَل مر بك الْيَوْم أحد ذكر الله فَإِذا قَالَ نعم استبشر قَالَ عون: أفيسمعن الزُّور إِذا قيل وَلَا يسمعن الْخَيْر هِيَ للخير اسْمَع وَقَرَأَ {وَقَالُوا اتخذ الرَّحْمَن ولدا} الْآيَات وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: بَلغنِي أَن الجبلين إِذا

أصبحا نَادَى أَحدهمَا صَاحبه يُنَادِيه باسمه فَيَقُول: أَي فلَان هَل مر بك ذَاكر لله فَيَقُول: نعم فَيَقُول: لقد أقرّ الله عَيْنك وَلَكِن مَا مر بِي ذَاكر لله عز وَجل الْيَوْم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ تكَاد السَّمَوَات ينفطرن بِالْيَاءِ وَالنُّون {وتخر الْجبَال} بِالتَّاءِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يتفطرن مِنْهُ} قَالَ: الإنقطار الانشقاق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن مِنْهُ} قَالَ: يتشققن من عَظمَة الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن هرون قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود / تكَاد السَّمَوَات ينفطرن / بِالْيَاءِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَوْف: إِنَّه لما هَاجر إِلَى الْمَدِينَة - وجد فِي نَفسه على فِرَاق أَصْحَابه بِمَكَّة مِنْهُم: شيبَة بن ربيعَة وَعتبَة بن ربيعَة وأميه بن خلف فَأنْزل الله {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن الْبَراء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعليّ: قل: اللَّهُمَّ اجْعَل لي عنْدك عهدا وَاجعَل لي عنْدك ودّاً وَاجعَل لي فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ مَوَدَّة فَأنْزل الله {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} قَالَ: فَنزلت فِي عَليّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} قَالَ: محبَّة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله: {سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} مَا هُوَ قَالَ: الْمحبَّة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ وَالْمَلَائِكَة المقربين يَا عَليّ إِن الله أعْطى الْمُؤمن ثَلَاثًا الْمِنَّة والمحبة والحلاوة والمهابة فِي صُدُور الصَّالِحين

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} قَالَ: محبَّة فِي النَّاس فِي الدُّنْيَا وَأخرج هناد عَن الضَّحَّاك {سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} قَالَ: محبَّة فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وهناد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} قَالَ: يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أحب الله عبدا نَادَى جِبْرِيل: إِنِّي قد أَحْبَبْت فلَانا فَأَحبهُ فينادي فِي السَّمَاء ثمَّ تنزل لَهُ الْمحبَّة فِي أهل الأَرْض فَذَلِك قَول الله: {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} وَإِذا أبْغض الله عبدا نَادَى جِبْرِيل: إِنِّي قد أبغضت فلَانا فينادي فِي أهل السَّمَاء ثمَّ تنزل لَهُ الْبغضَاء فِي أهل الأَرْض وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ثَوْبَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن العَبْد ليلتمس مرضاة الله فَلَا يزَال كَذَلِك فَيَقُول الله لجبريل: إِن عَبدِي فلَانا يلْتَمس أَن يرضيني فرضائي عَلَيْهِ فَيَقُول جِبْرِيل: رَحْمَة الله على فلَان ويقوله حَملَة الْعَرْش ويقوله الَّذين يَلُونَهُمْ حَتَّى يَقُوله أهل السَّمَوَات السَّبع ثمَّ يهْبط إِلَى الأَرْض قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي الْآيَة الَّتِي أنزل الله فِي كِتَابه {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} وَإِن العَبْد ليلتمس سخط الله فَيَقُول الله: يَا جِبْرِيل إِن فلَانا يسخطني أَلا وَإِن غَضَبي عَلَيْهِ فَيَقُول جِبْرِيل: غضب الله على فلَان ويقوله حَملَة الْعَرْش ويقوله من دونهم حَتَّى يَقُوله أهل السَّمَوَات السَّبع ثمَّ يهبد إِلَى الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد عَن كَعْب قَالَ: أجد فِي التَّوْرَاة: أَنه لم تكن محبَّة لأحد من أهل الأَرْض حَتَّى تكون بدؤها من الله تَعَالَى - ينزلها على أهل الأَرْض ثمَّ قَرَأت الْقُرْآن فَوجدت فِيهِ {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} وَأخرج الحيكم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس بِسَنَد ضَعِيف: أَن

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله أعْطى الْمُؤمن ثَلَاثَة: المقة والملاحة والمودة والمحبة فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَيجْعَلُ لَهُم الرَّحْمَن ودا} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: كتب أَبُو الدَّرْدَاء إِلَى مسلمة بن مخلد سَلام عَلَيْك أما بعد: فَإِن العَبْد إِذا عمل بِطَاعَة الله أحبه الله فَإِذا أحبه الله حببه إِلَى عباده وَإِن العَبْد إِذا عمل بِمَعْصِيَة الله أبغضه الله فَإِذا أبغضه الله بغضه إِلَى عباده وَأخرج الحيكم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لكل عبد صيت فَإِن كَانَ صَالحا وضع فِي الأَرْض وَإِن كَانَ شَيْئا وضع فِي الأَرْض وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن المقة من الله والصيت من السَّمَاء فَإِذا أحب الله عبدا قَالَ لجبريل: إِنِّي أحب فلَانا فينادي جِبْرِيل: إِن ربكُم يحب فلَانا فَأَحبُّوهُ فتنزل لَهُ الْمحبَّة فِي الأَرْض وَإِذا أبْغض عبدا قَالَ لجبريل: إِنِّي أبْغض فلَانا فَأَبْغضهُ فينادي جِبْرِيل: إِن ربكُم يبغض فلَانا فابغضوه فَيجْرِي لَهُ البغض فِي الأَرْض وأخرح ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وتنذر بِهِ قوما لداً} قَالَ: فجاراً وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {لداً} قَالَ: صمًّا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {لداً} قَالَ: خصماء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {قوما لداً} قَالَ: جدلاً بِالْبَاطِلِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {قوما لداً} قَالَ: هم قُرَيْش وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {لداً} قَالَ: لَا يستقيمون الْآيَة 98

98

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {هَل تحس مِنْهُم من أحد} قَالَ: هَل ترى مِنْهُم من أحد وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {هَل تحس مِنْهُم} بِرَفْع التَّاء وَكسر الْحَاء وَرفع السِّين وَلَا يدغمها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: {هَل تحس مِنْهُم من أحد أَو تسمع لَهُم ركزاً} قَالَ: هَل ترى عينا أَو تسمع صَوتا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: ذهب الْقَوْم فَلَا صَوت وَلَا عين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ركزاً} قَالَ: صَوتا وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {ركزاً} فَقَالَ: حسا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: وَقد توجس ركزاً متفقد ندس بنية الصَّوْت مَا فِي سَمعه كذب

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 20 سُورَة طه مَكِّيَّة وآياتها خمس وَثَلَاثُونَ وَمِائَة مُقَدّمَة سُورَة طه أخرج النّحاس وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة طه بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: نزلت سُورَة طه بِمَكَّة وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد والعقيلي فِي الضُّعَفَاء وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى قَرَأَ طه وَيس قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض بألفي عَام فَلَمَّا سَمِعت الْمَلَائِكَة الْقُرْآن قَالَت: طُوبَى لأمة ينزل عَلَيْهَا هَذَا وطوبى لأجواف تحمل هَذَا وطوبى لألسنة تَتَكَلَّم بِهَذَا وَأخرج الديلمي عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَعْطَيْت السُّورَة الَّتِي ذكرت فِيهَا الْأَنْعَام من الذّكر الأول وَأعْطيت طه والطواسيم من أَلْوَاح مُوسَى وَأعْطيت فواتح الْقُرْآن وخواتيم الْبَقَرَة من تَحت الْعَرْش وَأعْطيت الْمفصل نَافِلَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل قُرْآن يوضع على أهل الْجنَّة فَلَا يقرؤون مِنْهُ شَيْئا إِلَّا طه وَيس فَإِنَّهُم يقرؤون بهما فِي الْجنَّة الْآيَة 1 - 11

طه

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا أنزل عَلَيْهِ الْوَحْي كَانَ يقوم على صُدُور قَدَمَيْهِ إِذا صلى فَأنْزل الله: {طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالُوا لقد شقي هَذَا الرجل بربه فَأنْزل الله: {طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ من اللَّيْل يرْبط نَفسه بِحَبل كي لَا ينَام فَأنْزل الله عَلَيْهِ {طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرْبط نَفسه وَيَضَع إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى فَنزلت: {طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا) (سُورَة المزمل آيَة 1) قَامَ اللَّيْل كُله حَتَّى تورمت قدماه فَجعل يرفع رجلا وَيَضَع رجلا فهبط عَلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ: {طه} يَعْنِي: الأَرْض بقدميك يَا مُحَمَّد {مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} وَأنزل (فاقرؤوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن) وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد حسن عَن عَليّ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يراوح بَين قَدَمَيْهِ يقوم على كل رجل حَتَّى نزلت {مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

إِذا صلى قَامَ على رجل وَرفع الْأُخْرَى فَأنْزل الله {طه} يَعْنِي طأ الأَرْض يَا مُحَمَّد {مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن بَان عَبَّاس فِي قَوْله: {طه} قَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُبمَا قَرَأَ الْقُرْآن إِذا صلى قَامَ على رجل وَاحِدَة فَأنْزل الله {طه} بِرِجْلَيْك {مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما أنزل الله الْقُرْآن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ بِهِ وَأَصْحَابه فَقَالَ لَهُ كفار قُرَيْش: مَا أنزل الله هَذَا الْقُرْآن على مُحَمَّد إِلَّا ليشقى بِهِ فَأنْزل الله {طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {طه} قَالَ: يَا رجل وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {طه} بالنبطية أَي طا يَا رجل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {طه} بالنبطية أَي طا يَا رجل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {طه} قَالَ: هُوَ كَقَوْلِك يَا رجل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة قَالَ: {طه} يَا رجل بالنبطية وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {طه} بالنبطية يَا رجل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك قَالَ: {طه} يَا رجل بالنبطية وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {طه} يَا رجل بالسُّرْيَانيَّة وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {طه} قَالَ: هُوَ كَقَوْلِك يَا مُحَمَّد بِلِسَان الْحَبَش وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {طه} قَالَ: هُوَ كَقَوْلِك يَا رجل: بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {طه} قَالَ: كلمة عربت وَأخرج عَن مُجَاهِد قَالَ: {طه} فواتح السُّور

وَأخرج عَن مُحَمَّد بن كَعْب {طه} قَالَ: الطَّاء من ذِي الطول وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لي عشرَة أَسمَاء عِنْد رَبِّي قَالَ أَبُو الطُّفَيْل: حفظت مِنْهَا ثَمَانِيَة: مُحَمَّد وَأحمد وَأَبُو الْقَاسِم والفاتح والخاتم والماحي وَالْعَاقِب والحاشر وَزعم سيف أَن أَبَا جَعْفَر قَالَ: الاسمان الباقيان {طه} وَيس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن زر قَالَ: قَرَأَ رجل على ابْن مَسْعُود {طه} مَفْتُوحَة فَأَخذهَا عَلَيْهِ عبد الله {طه} مَكْسُورَة فَقَالَ لَهُ الرجل: إِنَّهَا بِمَعْنى ضع رجلك فَقَالَ عبد الله: هَكَذَا قَرَأَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَكَذَا أنزلهَا جِبْرِيل وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَ: أول سُورَة تعلمتها من الْقُرْآن {طه} وَكنت إِذا قَرَأت {طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا شقيت يَا عائش وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {طه مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} وَكَانَ يقوم اللَّيْل على رجلَيْهِ فَهِيَ بلغَة لعك إِن قلت لعكي يَا رجل لم يلْتَفت وَإِذا قلت {طه} الْتفت إِلَيْك وَأخرج عبد بن حميد عَن عُرْوَة بن خَالِد رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت الضَّحَّاك وَقَالَ رجل من بني مَازِن بن مَالك: مَا يخفى عَليّ شَيْء من الْقُرْآن وَكَانَ قَارِئًا لِلْقُرْآنِ شَاعِرًا فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاك: أَنْت تَقول ذَلِك أَخْبرنِي مَا {طه} قَالَ: هِيَ من أَسمَاء الله الْحسنى نَحْو: طسم وحم فَقَالَ الضَّحَّاك: إِنَّمَا هِيَ بالنبطية يَا رجل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مَسْعُود عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {طه} قسم أقسمه الله وَهُوَ من أَسمَاء الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} يَقُول: فِي الصَّلَاة هِيَ مثل قَوْله: (فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ) (المزمل آيَة 20) قَالَ: وَكَانُوا يعلقون الحبال بصدروهم فِي الصَّلَاة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} يَا رجل {مَا أنزلنَا عَلَيْك الْقُرْآن لتشقى} لَا وَالله مَا جعله الله شقياً وَلَكِن جعله الله رَحْمَة ونوراً ودليلاً إِلَى الْجنَّة {إِلَّا تذكرة لمن يخْشَى} قَالَ: إِن الله أنزل كِتَابه وَبعث رسله رَحْمَة رحم بهَا الْعباد لِيذْكُر ذَاكر وَينْتَفع رجل بِمَا سمع من كتاب الله وَهُوَ ذكر أنزلهُ الله فِيهِ حَلَاله وَحرمه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب {وَمَا تَحت الثرى} مَا تَحت سبع أَرضين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ثتادة قَالَ: {الثرى} كل شَيْء مبتل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ: {وَمَا تَحت الثرى} قَالَ: هِيَ الصَّخْرَة الَّتِي تَحت الأَرْض السَّابِعَة وَهِي صَخْرَة خضراء وَهُوَ سِجِّين الَّذِي فِيهِ كتاب الْكفَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: الثرى مَا حفر من التُّرَاب مبتلاً وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر بن عبد الله: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ مَا تَحت هَذِه الأَرْض قَالَ: المَاء قيل: فَمَا تَحت المَاء قَالَ: ظلمَة قيل: فَمَا تَحت الظلمَة قَالَ: الْهَوَاء قيل: فَمَا تَحت الْهَوَاء قَالَ: الثرى قيل: فَمَا تَحت الثرى قَالَ: انْقَطع علم المخلوقين عِنْد علم الْخَالِق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد اللله قَالَ: كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك إِذْ عَارَضنَا رجل مترجب - يَعْنِي طَويلا فَدَنَا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ بِخِطَام رَاحِلَته فَقَالَ: أَنْت مُحَمَّد قَالَ: نعم قَالَ: إِنِّي أُرِيد أَن أَسأَلك عَن خِصَال لَا يعلمهَا أحد من أهل الأَرْض إِلَّا رجل أَو رجلَانِ فَقَالَ: سل عَمَّا شِئْت قَالَ: يَا مُحَمَّد مَا تَحت هَذِه - يَعْنِي الأَرْض - قَالَ: خلق قَالَ: فَمَا تَحْتهم قَالَ: أَرض قَالَ: فَمَا تحتهَا قَالَ: خلق قَالَ: فَمَا تَحْتهم قَالَ: أَرض حَتَّى انْتهى إِلَى السَّابِعَة قَالَ: فَمَا تَحت السَّابِعَة قَالَ: صَخْرَة قَالَ: فَمَا تَحت الصَّخْرَة قَالَ: الْحُوت قَالَ: فَمَا تَحت الْحُوت قَالَ: المَاء قَالَ: فَمَا تَحت المَاء قَالَ: الظلمَة قَالَ: فَمَا تَحت الظلمَة قَالَ: الْهَوَاء قَالَ: فَمَا تَحت الْهَوَاء قَالَ: الثرى قَالَ: فَمَا تَحت الثرى فَفَاضَتْ عينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالبكاء فَقَالَ: انْقَطع علم المخلوقين

عِنْد علم الْخَالِق أَيهَا السَّائِل مَا المسؤول بِأَعْلَم من السَّائِل قَالَ: صدقت أشهد أَنَّك رَسُول الله يَا مُحَمَّد أما إِنَّك لَو ادعيت تَحت الثرى شَيْئا لعَلِمت أَنَّك سَاحر كَذَّاب أشهد أَنَّك رَسُول الله ثمَّ ولى الرجل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَيهَا النَّاس هَل تَدْرُونَ مَا هَذَا قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هَذَا جِبْرِيل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يعلم السِّرّ وأخفى} قَالَ: السِّرّ مَا أسره ابْن آدم فِي نَفسه {وأخفى} مَا خَفِي ابْن آدم مِمَّا هُوَ فاعلة قبل أَن يُعلمهُ فَإِنَّهُ يعلم ذَلِك كُله فَعلمه فِيمَا مضى من ذَلِك وَمَا بَقِي علم وَاحِد وَجَمِيع الْخَلَائق عِنْده فِي ذَلِك كَنَفس وَاحِدَة وَهُوَ كَقَوْلِه: (مَا خَلقكُم وَلَا بعثكم إِلَّا كَنَفس وَاحِدَة) (لُقْمَان آيَة 28) وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يعلم السِّرّ وأخفى} قَالَ: السِّرّ مَا عَلمته أَنْت وأخفى مَا قذف الله فِي قَلْبك مِمَّا لم تعلمه وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ بِلَفْظ: يعلم مَا تسر فِي نَفسك وَيعلم مَا تعْمل غَدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يعلم السِّرّ وأخفى} قَالَ: أخْفى من السِّرّ مَا حدثت بِهِ نَفسك وَمَا لم تحدث بِهِ نَفسك أَيْضا مِمَّا هُوَ كَائِن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يعلم السِّرّ وأخفى} قَالَ: الوسوسة والسر الْعَمَل الَّذِي تسرون من النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: السِّرّ مَا أسر الرجل إِلَى غَيره وأخفى من ذَلِك مَا أسر فِي نَفسه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: السِّرّ مَا تسر فِي نَفسك وأخفى من السِّرّ مَا لم يكن بعد وَهُوَ كَائِن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: السِّرّ مَا حدث بِهِ الرجل أَهله وأخفى مَا تَكَلَّمت بِهِ فِي نَفسك وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {يعلم السِّرّ وأخفى} قَالَ: السِّرّ مَا أسررت فِي نَفسك {وأخفى} مَا لم تحدث بِهِ نَفسك

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله: {يعلم السِّرّ وأخفى} قَالَ: يعلم أسرار الْعباد {وأخفى} سره فَلَا نعلمهُ وَالله أعلم وأخرح عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِنِّي آنست نَارا} أَي أحسست نَارا {أَو أجد على النَّار هدى} قَالَ: من يهديني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {أَو أجد على النَّار هدى} قَالَ: من يهديني إِلَى الطَّرِيق وَكَانُوا شَاتين فضلوا الطَّرِيق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَو أجد على النَّار هدى} يَقُول: من يدل على الطَّرِيق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أَو أجد على النَّار هدى} قَالَ: يهديه الطَّرِيق وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {أَو أجد على النَّار هدى} قَالَ: هادٍ يهديني إِلَى المَاء وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: لما رأى مُوسَى النَّار انْطلق يسير حَتَّى وقف مِنْهَا قَرِيبا فَإِذا هُوَ بِنَار عَظِيمَة: تَفُور من ورق الشّجر خضراء شَدِيدَة الخضرة يُقَال لَهَا العليق لَا تزداد النَّار فِيمَا يرى إِلَّا عظما وتضرماً وَلَا تزداد الشَّجَرَة على شدَّة الْحَرِيق إِلَّا خضرَة وحسناً فَوقف ينظر لَا يدْرِي مَا يصنع إِلَّا أَنه قد ظن أَنَّهَا شَجَرَة تحترق وأوقد إِلَيْهَا موقد فنالها فاحترقت وَإنَّهُ إِنَّمَا يمْنَع النَّار شدَّة خضرتها وَكَثْرَة مَائِهَا وكثافة وَرقهَا وَعظم جذعها فَوضع أمرهَا على هَذَا فَوقف وَهُوَ يطْمع أَن يسْقط مِنْهَا شَيْء فيقتبسه فَلَمَّا طَال عَلَيْهِ ذَلِك أَهْوى إِلَيْهَا بضغث فِي يَده وَهُوَ يُرِيد أَن يقتبس من لهبها فَلَمَّا فعل ذَلِك مُوسَى مَالَتْ نَحوه كَأَنَّهَا تريده فاستأخر عَنْهَا وهاب ثمَّ عَاد فَطَافَ بهَا وَلم تزل تطمعه ويطمع بهَا ثمَّ لم يكن شَيْء بأوشك من خمودها فَاشْتَدَّ عِنْد ذَلِك عجبه وفكر مُوسَى فِي أمرهَا فَقَالَ: هِيَ نَار ممتنعة لَا يقتبس مِنْهَا وَلكنهَا تتضرم فِي جَوف شَجَرَة فَلَا تحرقها ثمَّ خمودها على قدر عظمها فِي أوشك من طرفَة عين فَلَمَّا رأى ذَلِك مُوسَى قَالَ: إِن لهَذِهِ شَأْنًا ثمَّ وضع أمرهَا على أَنَّهَا مأمورة أَو مصنوعة لَا يدْرِي من أمرهَا وَلَا بِمَا أمرت وَلَا من صنعها وَلَا لم صنعت فَوقف متحيراً لَا يدْرِي أيرجع أم يُقيم فَبينا هُوَ على ذَلِك

إِذْ رمى بطرفه نَحْو فرعها فَإِذا هُوَ أَشد مِمَّا كَانَ خضرَة ساطعة فِي السَّمَاء ينظر إِلَيْهَا يغشى الظلام ثمَّ لم تزل الخضرة تنوّر وَتَصْفَر وتبيض حَتَّى صَارَت نورا ساطعاً عموداً بَين السَّمَاء وَالْأَرْض عَلَيْهِ مثل شُعَاع الشَّمْس تكل دونه الْأَبْصَار كلما نظر إِلَيْهِ يكَاد يخطف بَصَره فَعِنْدَ ذَلِك اشْتَدَّ خَوفه وحزنه فَرد يَده على عَيْنَيْهِ ولصق بِالْأَرْضِ وَسمع الحنين والوجس إِلَّا أَنه سمع حِينَئِذٍ شَيْئا لم يسمع السامعون بِمثلِهِ عظما فَلَمَّا بلغ مُوسَى الكرب وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الهول نُودي من الشَّجَرَة فَقيل: يَا مُوسَى فَأجَاب سَرِيعا وَمَا يدْرِي من دَعَاهُ وَمَا كَانَ سرعَة إجَابَته إِلَّا استئناساً بالإنس فَقَالَ لبيْك مرَارًا إِنِّي لأسْمع صَوْتك وأحس حسك وَلَا أرى مَكَانك فَأَيْنَ أَنْت قَالَ: أَنا فَوْقك ومعك وخلفك وَأقرب إِلَيْك من نَفسك فَلَمَّا سمع هَذَا مُوسَى علم أَنه لَا يَنْبَغِي هَذَا إِلَّا لرَبه فأيقن بِهِ فَقَالَ: كَذَلِك أَنْت يَا إلهي فكلامك اسْمَع أم رَسُولك قَالَ: بل أَنا الَّذِي أُكَلِّمك فادن مني فَجمع مُوسَى يَدَيْهِ فِي الْعَصَا ثمَّ تحامل حَتَّى اسْتَقل قَائِما فَرعدَت فرائصه حَتَّى اخْتلفت واضطربت رِجْلَاهُ وَانْقطع لِسَانه وانكسر قلبه وَلم يبْق مِنْهُ عظم يحمل آخر فَهُوَ بِمَنْزِلَة الْمَيِّت إِلَّا أَن روح الْحَيَاة تجْرِي فِيهِ ثمَّ زحف على ذَلِك وَهُوَ مرعوب حَتَّى وقف قَرِيبا من الشَّجَرَة الَّتِي نُودي مِنْهَا فَقَالَ لَهُ الرب تبَارك وَتَعَالَى: {وَمَا تِلْكَ بيمينك يَا مُوسَى} قَالَ: هِيَ عصاي قَالَ: مَا تصنع بهَا - وَلَا أحد أعلم مِنْهُ بذلك - قَالَ مُوسَى: {أتوكأ عَلَيْهَا وأهش بهَا على غنمي ولي فِيهَا مآرب أُخْرَى} قد علمتها وَكَانَ لمُوسَى فِي الْعَصَا مآرب كَانَ لَهَا شعبتان ومحجن تَحت الشعبتين فَإِذا طَال الْغُصْن حناه بالمحجن وَإِذا أَرَادَ كَسره لواه بالشعبتين وَكَانَ يتَوَكَّأ عَلَيْهَا ويهش بهَا وَكَانَ إِذا شَاءَ أَلْقَاهَا على عَاتِقه فعلق بهَا قوسه وكنانته ومرجامه ومخلاته وثوبه وَزَادا إِن كَانَ مَعَه وَكَانَ إِذا ارتع فِي الْبَريَّة حَيْثُ لَا ظلّ لَهُ ركزها ثمَّ عرض بالوتد بَين شعبتيها وَألقى فَوْقهَا كساءه فاستظل بهَا مَا كَانَ مرتعاً وَكَانَ إِذا ورد مَاء يقصر عَنهُ رشاؤه وصل بهَا وَكَانَ يُقَاتل بهَا السبَاع عَن غنمه قَالَ لَهُ الرب {ألقها يَا مُوسَى} فَظن مُوسَى أَنه يَقُول: ارفضها فألقاها على وَجه الرَّفْض ثمَّ حانت مِنْهُ نظرة فَإِذا بأعظم ثعبان نظر إِلَيْهِ الناظرون يرى يلْتَمس كَأَنَّهُ يَبْتَغِي شَيْئا يُرِيد أَخذه يمر بالصخرة مثل الخلفة من الْإِبِل فيلتقمها ويطعن بالناب من أنيابه فِي أصل الشَّجَرَة الْعَظِيمَة فيجتثها عينان توقدان نَارا وَقد عَاد المحجن عرقاً فِيهِ

شعر مثل النيازك وَعَاد الشعبتان فهما مثل القليب الْوَاسِع فِيهِ أضراس وأنياب لَهَا صريف فَلَمَّا عاين ذَلِك مُوسَى (ولى مُدبرا وَلم يعقل) (النَّمْل آيَة 10) فَذهب حَتَّى أمعن وَرَأى أَنه قد أعجز الْحَيَّة ثمَّ ذكر ربه فَوقف استحياء مِنْهُ ثمَّ {نُودي يَا مُوسَى} أَن ارْجع حَيْثُ كنت فَرجع وَهُوَ شَدِيد الْخَوْف فَقَالَ: خُذْهَا بيمينك وَلَا تخف سنعيدها سيرتها الأولى قَالَ: وَكَانَ على مُوسَى حِينَئِذٍ مدرعة فَجَعلهَا فِي يَده فَقَالَ لَهُ ملك: أَرَأَيْت يَا مُوسَى لَو أذن الله بِمَا تحاذر أَكَانَت المدرعة تغني عَنْك شَيْئا قَالَ: لَا وَلَكِنِّي ضَعِيف وَمن ضعف خلقت فكشف عَن يَده ثمَّ وَضعهَا على فَم الْحَيَّة ثمَّ سمع حس الأضراس والأنياب ثمَّ قبض فَإِذا هِيَ عَصَاهُ الَّتِي عهدها وَإِذا يَده فِي موضعهَا الَّذِي كَانَ يَضَعهَا إِذا تؤكأ بَين الشعبتين قَالَ لَهُ ربه: ادن فَلم يزل يدينه - حَتَّى شدّ ظَهره بجذع الشَّجَرَة فاستقر وَذَهَبت عَنهُ الرعدة وَجمع يَدَيْهِ فِي الْعَصَا وخضع بِرَأْسِهِ وعنقه ثمَّ قَالَ لَهُ: إِنِّي قد أقمتك الْيَوْم فِي مقَام لَا يَنْبَغِي لبشر بعْدك أَن يقوم مقامك إِذْ أدنيتك وقربتك حَتَّى سَمِعت كَلَامي وَكنت بأقرب الْأَمْكِنَة مني فَانْطَلق برسالتي فَإنَّك بعيني وسمعي وَإِن مَعَك يَدي وبصري وَإِنِّي قد ألبستك جُبَّة من سلطاني لتكمل بهَا القوّة فِي أَمْرِي فَأَنت جند عَظِيم من جنودي بَعَثْتُك إِلَى خلق ضَعِيف من خلقي بطر من نعمتي وَأمن مكري وغرته الدُّنْيَا حَتَّى جحد حَقي وَأنكر ربوبيتي وعد من دوني وَزعم أَنه لَا يعرفنِي وَإِنِّي لأقسم بعزتي: لَوْلَا الْعذر وَالْحجّة الَّتِي وضعت بيني وَبَين خلقي لبطشت بِهِ بطشة جَبَّار - يغْضب لغضبه السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال والبحار - فَإِن أمرت السَّمَاء حصبته وَإِن أمرت الأَرْض ابتلعته وَإِن أمرت الْبحار غرقته وَإِن أمرت الْجبَال دمرته وَلكنه هان عليّ وَسقط من عَيْني وَسعَهُ حلمي واستغنيت بِمَا عِنْدِي وَحقّ لي أَنِّي أَنا الْغَنِيّ لَا غَنِي غَيْرِي فَبَلغهُ رسالتي وادعه إِلَى عبادتي وتوحيدي وإخلاص اسْمِي وَذكره بآياتي وحذره نقمتي وبأسي وَأخْبرهُ أَنه لَا يقوم شَيْء لغضبي وَقل لَهُ فِيمَا بَين ذَلِك: {قولا لينًا لَعَلَّه يتَذَكَّر أَو يخْشَى} وَأخْبرهُ أَنِّي أَنا الْعَفو وَالْمَغْفِرَة أسْرع مني إِلَى الْغَضَب والعقوبة وَلَا يروعنك مَا ألبسته من لِبَاس الدُّنْيَا فَإِن ناصيته بيَدي لَيْسَ يطرف وَلَا ينْطق وَلَا يتنفس إِلَّا بإذني

وَقل لَهُ: أجب رَبك فَإِنَّهُ وَاسع الْمَغْفِرَة فَإِنَّهُ قد أمهلك أَرْبَعمِائَة سنة - فِي كلهَا أَنْت مبارزه بالمحاربة تتشبه وتتمثل بِهِ وتصد عباده عَن سَبيله وَهُوَ يمطر عَلَيْك السَّمَاء وينبت لَك الأَرْض لم تسقم وَلم تهرم وَلم تفْتَقر وَلم تغلب وَلَو شَاءَ أَن يَجْعَل لَك ذَلِك أَو يسلبكه فعل وَلكنه ذُو أَنَاة وحلم عَظِيم وجاهده بِنَفْسِك وأخيك وأنتما محتسبان بجهاده فَإِنِّي لَو شِئْت أَن آتيه بِجُنُود لَا قبل لَهُ بهَا فعلت وَلَكِن ليعلم هَذَا العَبْد الضَّعِيف الَّذِي قد أَعْجَبته نَفسه وجموعه: أَن الفئة القليلة وَلَا قَلِيل مني تغلب الفئة الْكَبِيرَة بإذني وَلَا يعجبنكما زينته وَلَا مَا متع بِهِ وَلَا تمدا إِلَى ذَلِك أعينكما فَإِنَّهَا زهرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وزينة المترفين وَإِنِّي لَو شِئْت أَن أزينكما من الدُّنْيَا بزينة يعلم فِرْعَوْن - حِين ينظر إِلَيْهَا - أَن مقدرته تعجز عَن مثل مَا أوتيتما فعلت وَلَكِن أَرغب بكما عَن ذَلِك وأزويه عنكما وَكَذَلِكَ أفعل بأوليائي وَقد نما مَا حويت لَهُم من ذَلِك فَإِنِّي لأذودهم عَن نعيمها ورخائها كَمَا يذود الرَّاعِي الشفيق غنمه من مواقع الهلكة وَإِنِّي لأجنبهم شكوها وغنمها كَمَا يجنب الرَّاعِي الشفيق إبِله عَن مبارك الْغرَّة وَمَا ذَاك لهوَانِهم عليّ وَلَكِن ليستكملوا نصِيبهم من كَرَامَتِي سالما موفراً لم تكَلمه الدُّنْيَا وَلم يطغه الْهوى وَاعْلَم أَنه لم يتزين إليّ الْعباد بزينة هِيَ أبلغ فِيمَا عِنْدِي من الزّهْد فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ زِينَة الْمُتَّقِينَ عَلَيْهِم مِنْهُ: لِبَاس يعْرفُونَ بِهِ من السكينَة والخشوع (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود) (الْفَتْح آيَة 29) أُولَئِكَ هم أوليائي حَقًا فَإِذا لقيتهم فاخفض لَهُم جناحك وذلل لَهُم قَلْبك وَلِسَانك وَاعْلَم أَنه من أهان لي وليا أَو أخافه فقد بارزني بالمحاربة وبادأني وَعرض لي نَفسه وَدَعَانِي إِلَيْهَا وَأَنا أسْرع شَيْء إِلَى نصْرَة أوليائي فيظن الَّذِي يحاربني أَو يعاديني أَن يعجزني أَو يظنّ الَّذِي يبارزني أَن يسبقني أَو يفوتني وَكَيف وَأَنا الثائر لَهُم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَا أكل نصرتهم إِلَى غَيْرِي قَالَ: فَأقبل مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن فِي مَدِينَة قد جعل حولهَا الْأسد فِي غيضة قد غرسها والأسد فِيهَا مَعَ ساستها إِذا أرسلها على أحد أَكلته وللمدينة أَرْبَعَة أَبْوَاب فِي الغيضة فَأقبل مُوسَى من الطَّرِيق الْأَعْظَم الَّذِي يرَاهُ فِرْعَوْن فَلَمَّا رَأَتْهُ الْأسد صاحت صياح الثعالب فَأنْكر ذَلِك الساسة وَفرقُوا من فِرْعَوْن فَأقبل مُوسَى حَتَّى انْتهى إِلَى الْبَاب الَّذِي فِيهِ فِرْعَوْن فقرعه بعصاه وَعَلِيهِ جُبَّة من صوف وَسَرَاويل فَلَمَّا رَآهُ البوّاب عجب من جراءته فَتَركه وَلم يَأْذَن لَهُ فَقَالَ:

هَل تَدْرِي بَاب من أَنْت تضرب إِنَّمَا أَنْت تضرب بَاب سيدك قَالَ: أَنْت وَأَنا وَفرْعَوْن عبيد لرَبي فَأَنا ناصره فَأخْبر البوّاب الَّذِي يَلِيهِ من البوابين حَتَّى بلغ ذَلِك أَدْنَاهُم ودونه سَبْعُونَ حِجَابا كل حَاجِب مِنْهُم تَحت يَده من الْجنُود مَا شَاءَ الله حَتَّى خلص الْخَبَر إِلَى فِرْعَوْن فَقَالَ: أدخلوه عليّ فَأدْخل فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ فِرْعَوْن: أعرفك قَالَ: نعم قَالَ: {ألم نربك فِينَا وليدا} الشُّعَرَاء آيَة 18 قَالَ: فَرد إِلَيْهِ مُوسَى الَّذِي رد قَالَ: فِرْعَوْن خذوه فبادر مُوسَى (فَألْقى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين) (الشُّعَرَاء آيَة 32) فَحملت على النَّاس فَانْهَزَمُوا مِنْهَا فَمَاتَ مِنْهُم خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألفا قتل بَعضهم بَعْضًا وَقَامَ فِرْعَوْن مُنْهَزِمًا حَتَّى دخل الْبَيْت فَقَالَ لمُوسَى: {فَاجْعَلْ بَيْننَا وَبَيْنك موعداً} نَنْظُر فِيهِ قَالَ: مُوسَى: لم أُؤمر بذلك إِنَّمَا أمرت بمناجزتك وَإِن أَنْت لم تخرج إليّ دخلت عَلَيْك فَأوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن اجْعَل بَيْنك وَبَينه أَََجَلًا وَقل لَهُ: أَن يَجعله هُوَ قَالَ فِرْعَوْن: اجْعَلْهُ إِلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَفعل قَالَ: وَكَانَ فِرْعَوْن لَا يَأْتِي الْخَلَاء إِلَّا فِي كل أَرْبَعِينَ يَوْمًا مرّة فَاخْتلف ذَلِك الْيَوْم أَرْبَعِينَ مرّة قَالَ: وَخرج مُوسَى من الْمَدِينَة فَلَمَّا مر بالأسد خضعت لَهُ بأذنابها وسارت مَعَ مُوسَى تشعيه وَلَا تهيجه وَلَا أحدا من بني إِسْرَائِيل الْآيَة 12 - 14

12

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فاخلع نعليك} قَالَ: كَانَتَا من جلد حمَار ميت فَقيل لَهُ اخعلهما وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا بَال خلع النَّعْلَيْنِ فِي الصَّلَاة إِنَّمَا أَمر مُوسَى بخلع نَعْلَيْه إنَّهُمَا كَانَتَا من جلد حمَار ميت

وَأخرج عبد بن حميد عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فاخلع نعليك} قَالَ: كَانَ نعلا مُوسَى من جلد حمَار ميت فَأَرَادَ رَبك أَن يمسهُ الْقُدس كُله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: {فاخلع نعليك} قَالَ: كَانَتَا من جلد حمَار أَهلِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت نعلا مُوسَى الَّتِي قيل لَهُ اخعلهما: من جلد خِنْزِير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فاخلع نعليك} قَالَ كي تمس رَاحَة قَدَمَيْك الأَرْض الطّيبَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عَلْقَمَة أَن ابْن مَسْعُود أَتَى أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ منزله فَحَضَرت الصَّلَاة فَقَالَ أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ: - تقدم يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن فَإنَّك أقدم سنا وَأعلم قَالَ: لَا بل تقدم أَنْت فَإِنَّمَا أَتَيْنَاك فِي مَنْزِلك فَتقدم أَبُو مُوسَى رَضِي الله عَنهُ فَخلع نَعْلَيْه فَلَمَّا صلى قَالَ لَهُ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: - لم خلعت نعليك أبالواد الْمُقَدّس أَنْت لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي الْخُفَّيْنِ والنعلين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِنَّك بالواد الْمُقَدّس} قَالَ: الْمُبَارك {طوى} قَالَ: اسْم الْوَادي

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {بالواد الْمُقَدّس} قَالَ: الطَّاهِر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {بالواد الْمُقَدّس} قَالَ: وَاد بلفلسطين قدس مرَّتَيْنِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {بالواد الْمُقَدّس طوى} يَعْنِي الأَرْض المقدسى وَذَلِكَ أَنه مر بواديها لَيْلًا فطوي يُقَال: طويت وَادي كَذَا وَكَذَا والطاوي من اللَّيْل وارتفع إِلَى أَعلَى الْوَادي وَذَلِكَ نَبِي الله مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّك بالواد الْمُقَدّس} قَالَ: الْمُبَارك: {طوى} قَالَ: اسْم الْوَادي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُبشر بن عبيد {طوى} بِغَيْر نون وادٍ بإيلة زعم أَنه طوي بِالْبركَةِ مرَّتَيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {طوى} قَالَ: طا الْوَادي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي نجيح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {طوى} قَالَ طا الأَرْض حافياً كَمَا تدخل الْكَعْبَة حافياً يَقُول: من بركَة الْوَادي هَذَا قَول سعيد بن جُبَير قَالَ: وَكَانَ مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ يَقُول: {طوى} اسْم الْوَادي وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {بالواد الْمُقَدّس طوى} قَالَ: وَاد قدس مرَّتَيْنِ واسْمه {طوى} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {طوى} بِرَفْع الطَّاء وبنون فِيهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَكْتُوب على بَاب الْجنَّة: إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا لَا أعذب من قَالَهَا وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج عمر مُتَقَلِّدًا بِالسَّيْفِ فاقيه رجل من بني زهرَة فَقَالَ لَهُ: أَيْن تَغْدُو يَا عمر قَالَ: أُرِيد أَن أقتل مُحَمَّدًا قَالَ: وَكَيف تأمن بني هَاشم وَبني زهرَة فَقَالَ لَهُ عمر: مَا أَرَاك إِلَّا قد صَبَأت وَتركت دينك قَالَ: أَفلا أدلك على الْعجب إِن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك فَمشى عمرا زَائِرًا حَتَّى أتاهما وَعِنْدَهُمَا خباب فَلَمَّا سمع خباب بحس عمر توارى فِي الْبَيْت فَدخل عَلَيْهِمَا فَقَالَ: مَا هَذِه الهينمة الَّتِي سَمعتهَا عنْدكُمْ وَكَانُوا يقرأون {طه} فَقَالَا: مَا عدا حَدِيثا تحدثنا بِهِ قَالَ: فلعلكما قد صبأتما فَقَالَ لَهُ خنته: يَا عمر إِن كَانَ الْحق فِي غير دينك فَوَثَبَ عمر على خنته فوطئه وطأ شَدِيدا: فَجَاءَت أُخْته لتدفعه عَن زَوجهَا فنفخها نفخة بِيَدِهِ فدمى وَجههَا فَقَالَ عمر: أعطوني الْكتاب الَّذِي هُوَ عنْدكُمْ فَأَقْرَأهُ فَقَالَت أُخْته: إِنَّك رِجْس وَإنَّهُ (لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ) (الْوَاقِعَة آيَة 79) فَقُمْ فَتَوَضَّأ فَقَامَ فَتَوَضَّأ ثمَّ أَخذ الْكتاب فَقَرَأَ {طه} حَتَّى انْتهى إِلَى {إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني وأقم الصَّلَاة لذكري}

فَقَالَ عمر: دلوني على مُحَمَّد فَلَمَّا سمع خباب قَول عمر خرج من الْبَيْت فَقَالَ: أبشر يَا عمر فَإِنِّي أَرْجُو أَن تكون دَعْوَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَك - لَيْلَة الْخَمِيس - اللَّهُمَّ أعز الإِسلام بعمر بن الْخطاب أَو بعمر بن هِشَام فَخرج حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: قَالَ الله عز وَجل {إِنَّنِي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدني} من جَاءَنِي مِنْكُم بِشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله بالإخلاص دخل حصني وَمن دخل حصني أَمن عَذَابي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وأقم الصَّلَاة لذكري} قَالَ: إِذا صلى عبد ذكر ربه وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله: {وأقم الصَّلَاة لذكري} قَالَ: حِين تذكر وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا رقد أحدكُم عَن الصَّلَاة أَو غفل عَنْهَا فليصلها إِذا ذكرهَا فَإِن الله قَالَ أقِم الصَّلَاة لذكري وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قفل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَيْبَر أسرِي لَيْلَة حَتَّى أدْركهُ الْكرَى أَنَاخَ فعرس ثمَّ قَالَ: يَا بِلَال أكلأنا اللَّيْلَة قَالَ: فصلى بِلَال ثمَّ تساند إِلَى رَاحِلَته مُسْتَقْبل الْفجْر فغلبته عَيناهُ فَنَامَ فَلم يَسْتَيْقِظ أحد مِنْهُم حَتَّى ضربتهم الشَّمْس وَكَانَ أَوَّلهمْ استيقاظا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَي بِلَال فَقَالَ بِلَال: بِأبي أَنْت يَا رَسُول الله أَخذ بنفسي الَّذِي أَخذ بِنَفْسِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقتادوا ثمَّ أَنَاخَ فَتَوَضَّأ وَأقَام الصَّلَاة ثمَّ صلى مثل صلَاته للْوَقْت فِي تمكث ثمَّ قَالَ: من نسي صَلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا فَإِن الله قَالَ: {وأقم الصَّلَاة لذكري} وَكَانَ ابْن شهَاب يقْرؤهَا للذِّكْرَى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رجل غفل عَن الصَّلَاة حَتَّى طلعت الشَّمْس أَو غربت مَا

كفارتها قَالَ: يتَقرَّب إِلَى الله وَيحسن وضوءه وَيُصلي الصَّلَاة ويستغفر الله فَلَا كَفَّارَة لَهَا إِلَّا ذَلِك إِن الله يَقُول: {وأقم الصَّلَاة لذكري} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سَمُرَة بن يحيى قَالَ: نسيت صَلَاة الْعَتَمَة حَتَّى أَصبَحت فَغَدَوْت إِلَى ابْن عَبَّاس فَأَخْبَرته فَقَالَ: قُم فصلها ثمَّ قَرَأَ {وأقم الصَّلَاة لذكري} وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِذا نسيت صَلَاة فاقضها مَتى ذكرت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ وَإِبْرَاهِيم فِي قَوْله: {وأقم الصَّلَاة لذكري} قَالَا: صلِّها إِذا ذكرتها وَقد نسيتهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا يُصَلِّي مَتى ذكرهَا عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا ثمَّ قَرَأَ {وأقم الصَّلَاة لذكري} قَالَ: إِذا ذكرتها فصلها فِي أَي سَاعَة كنت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحُدَيْبِيَة فنزلنا دهاساً من الأَرْض - والدهاس الرمل - فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يكلؤنا قَالَ بِلَال: أَنا فَنَامُوا حَتَّى طلعت عَلَيْهِم الشَّمْس فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: افعلوا كَمَا كُنْتُم تَفْعَلُونَ كَذَلِك لمن نَام أَو نسي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَره الَّذِي نَامُوا فِيهِ حَتَّى طلعت الشَّمْس ثمَّ قَالَ: إِنَّكُم كُنْتُم أَمْوَاتًا فَرد الله إِلَيْكُم أرواحكم فَمن نَام عَن الصَّلَاة أَو نسي صَلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا وَإِذا اسْتَيْقَظَ الْآيَة 15 - 24

15

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن السَّاعَة آتِيَة أكاد أخفيها} يَقُول: لَا أظهر عَلَيْهَا أحدا غَيْرِي وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن السَّاعَة آتِيَة أكاد أخفيها} قَالَ: أكاد أخفيها من نَفسِي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أكاد أخفيها} قَالَ: من نَفسِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَنه قَرَأَ أكاد أخفيها من نَفسِي يَقُول: لِأَنَّهَا لَا تخفى من نفس الله أبدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ من أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض أحد إِلَّا وَقد أخْفى الله عَنهُ علم السَّاعَة وَهِي فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود أكاد أخفيها عَن نَفسِي يَقُول: أكتمها من الْخَلَائق حَتَّى لَو اسْتَطَعْت أَن أكتمها من نَفسِي فعلت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة أكاد أخفيها عَن نَفسِي قَالَ: لعمري لقد أخفاها الله من الْمَلَائِكَة المقربين وَمن الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {أكاد أخفيها} قَالَ: يخفيها من نَفسه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن وَرْقَاء قَالَ: أَقْرَأَنيهَا سعيد بن جُبَير {أكاد أخفيها} يَعْنِي بِنصب الْألف وخفض الْفَاء يَقُول: أظهرها ثمَّ قَالَ أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: دأت شَهْرَيْن ثمَّ شهرا دميكاً مَا دميكين يخفيان عُمَيْرًا

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْفراء قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أكاد أخفيها من نَفسِي فَكيف أطْلعكُم عَلَيْهَا وَأخرج عبد بن جميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لتجزى كل نفس بِمَا تسْعَى} قَالَ: لتعطى ثَوَاب مَا تعْمل أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ وَابْن شبْرمَة قَالَ: إِنَّمَا سمي هوى لِأَنَّهُ يهوي بِصَاحِبِهِ إِلَى النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس: عَصا مُوسَى - قَالَ -: أعطَاهُ إِيَّاهَا ملك من الْمَلَائِكَة إِذْ توجه إِلَى مَدين فَكَانَت تضيء لَهُ بِاللَّيْلِ وَيضْرب بهَا الأَرْض فَيخرج لَهُ النَّبَات ويهش بهَا على غنمه ورق الشّجر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {هِيَ عصاي أتوكأ عَلَيْهَا} قَالَ: إِذا مَشى مَعَ غنمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وأهش بهَا على غنمي} قَالَ: أضْرب بهَا الشّجر فيتساقط مِنْهُ الْوَرق على غنمي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن مَيْمُون فِي قَوْله: {وأهش بهَا على غنمي} قَالَ: الهش أَن يخبط الرجل بعصاه الشّجر فيتساقط الْوَرق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: الهش الْعَصَا بَين الشعبتين ثمَّ يحركها حَتَّى يسْقط الْوَرق والخبط أَن يخبط حَتَّى يسْقط الْوَرق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن أنس قَالَ: الهش أَن يضع الرجل المحجن فِي الْغُصْن ثمَّ يحركه حَتَّى يسْقط ورقه وثمره وَلَا يكسر الْعود فَهَذَا الهش وَلَا يخبط وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وأهش بهَا على غنمي} قَالَ: أخبط بهَا الشّجر {ولي فِيهَا مآرب أُخْرَى} قَالَ: حاجات أُخْرَى وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ولي فِيهَا مآرب أُخْرَى} قَالَ: حوائج

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مآرب أُخْرَى} قَالَ: حاجات وَمَنَافع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مآرب أُخْرَى} يَقُول: حوائج أُخْرَى أحمل عَلَيْهَا المزود والسقاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ولي فِيهَا مآرب أُخْرَى} قَالَ: كَانَت تضيء لَهُ بِاللَّيْلِ وَكَانَت عَصا آدم عَلَيْهِ السَّلَام وأخلاج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس: {فألقاها فَإِذا هِيَ حَيَّة تسْعَى} وَلم تكن قبل ذَلِك حَيَّة فمرت بشجرة فَأَكَلتهَا وَمَرَّتْ بصخرة فابتلعتها فَجعل مُوسَى يسمع وَقع الصَّخْرَة فِي جوفها ف (ولى مُدبرا) (النَّمْل آيَة 10 والقصص 31) فَنُوديَ أَن يَا مُوسَى خُذْهَا فَلم يَأْخُذهَا ثمَّ نُودي الثَّانِيَة أَن {خُذْهَا وَلَا تخف} فَقيل لَهُ فِي الثَّالِثَة: (إِنَّك من الْآمنينَ) (الْقَصَص آيَة 31) فَأَخذهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {سنعيدها سيرتها الأولى} قَالَ: حالتها الأولى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سنعيدها سيرتها الأولى} قَالَ: هيئتها الأولى: {واضمم يدك إِلَى جناحك} قَالَ: أَدخل كفك تَحت عضدك {تخرج بَيْضَاء من غير سوء} قَالَ: من غير برص وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {من غير سوء} قَالَ: من غير برص وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أخرجهَا كَأَنَّهَا مِصْبَاح فَعلم مُوسَى أَنه قد لَقِي ربه وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {لنريك من آيَاتنَا الْكُبْرَى}

الْآيَة 25 - 47

25

أخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِإِزَاءِ ثبير وَهُوَ يَقُول: أشرق ثبير أشرق ثبير اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِمَا سَأَلَك أخي مُوسَى أَن تشرح لي صَدْرِي وَأَن تيَسّر لي أَمْرِي وَأَن تحل عقدَة من لساني {يفقهوا قولي وَاجعَل لي وزيراً من أَهلِي هَارُون أخي اشْدُد بِهِ أزري وأشركه فِي أَمْرِي كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إِنَّك كنت بِنَا بَصيرًا} وَأخرج السلَفِي فِي الطيوريات بِسَنَد واه عَن أبي حعفر مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: لما نزلت {وَاجعَل لي وزيراً من أَهلِي هَارُون أخي اشْدُد بِهِ أزري} كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على جبل ثمَّ دَعَا ربه وَقَالَ اللَّهُمَّ اشْدُد أزري بأخي عَليّ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله

عَنهُ فِي قَوْله: {واحلل عقدَة من لساني} قَالَ: عجمة بجمرة نَار أدخلها فِي فِيهِ عَن أَمر امْرَأَة فِرْعَوْن تدرأ بِهِ عَنهُ عُقُوبَة فِرْعَوْن حِين أَخذ مُوسَى بلحيته وَهُوَ لَا يعقل قَالَ: هَذَا عدوّ لي فَقَالَت امْرَأَته: إِنَّه لَا يعقل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَاجعَل لي وزيراً من أَهلِي هَارُون أخي} قَالَ: كَانَ أكبر من مُوسَى وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة فِي قَوْله: {اشْدُد بِهِ أزري} قَالَ ظَهْري وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {اشْدُد بِهِ أزري} يَقُول: اشْدُد بِهِ أَمْرِي وقوّني بِهِ فَإِن لي بِهِ قوّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وأشركه فِي أَمْرِي} قَالَ: نُبِئَ هرون ساعتئذ حِين نبئ مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة أَن عَائِشَة سَمِعت رجلا يَقُول: إِنِّي لأدري أَي أَخ فِي الدُّنْيَا كَانَ أَنْفَع لِأَخِيهِ: مُوسَى حِين سَأَلَ لِأَخِيهِ النبوّة فَقَالَت: صدق وَالله وَأخرج الْحَاكِم عَن وهب قَالَ: كَانَ هرون فصيحاً بَين النُّطْق يتَكَلَّم فِي تؤدة وَيَقُول بِعلم وحلم وَكَانَ أطول من مُوسَى طولا وأكبرهما فِي السن وأكثرهما لَحْمًا وأبيضهما جسماً وأعظمهما ألواحاً وَكَانَ مُوسَى جَعدًا آدم طوَالًا كَأَنَّهُ من رجال شنؤاة وَلم يبْعَث الله نَبيا إِلَّا وَقد كَانَت عَلَيْهِ شامة النبوّة فِي يَده الْيُمْنَى إِلَّا أَن يكون نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن شامة النبوّة كَانَت بَين كَتفيهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم بن أبي النجُود أَنه قَرَأَ {كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إِنَّك كنت بِنَا بَصيرًا} بِنصب الْكَاف الأولى فِي كُلهنَّ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش: أَنه كَانَ يجْزم هَذِه الكافات كلهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فاقذفيه فِي اليم} قَالَ هُوَ النّيل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وألقيت عَلَيْك محبَّة مني} قَالَ: كَانَ كل من رَآهُ ألقيت عَلَيْهِ مِنْهُ محبَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سَلمَة بن كهيل - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {وألقيت عَلَيْك محبَّة مني} قَالَ: حببتك إِلَى عبَادي

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وألقيت عَلَيْك محبَّة مني} قَالَ: حَيْثُ نظرت آسِيَة وَجه مُوسَى فرأت حسنا وملاحة فَعندهَا قَالَت لفرعون: (قُرَّة عين لي وَلَك لَا تقتلوه) (الْقَصَص آيَة 9) وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي رَجَاء فِي قَوْله: {وألقيت عَلَيْك محبَّة مني} قَالَ: الملاحة والحلاوة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وألقيت عَلَيْك محبَّة مني} قَالَ: حلاوة فِي عَيْني مُوسَى لم ينظر إِلَيْهِ خلق إِلَّا أحبه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كنت مَعَ عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَتَلقاهُ النَّاس يسلمُونَ عَلَيْهِ ويحيونه ويثنون عَلَيْهِ وَيدعونَ لَهُ - فيضحك ابْن عمر - فَإِذا انصرفوا عَنهُ أقبل عَليّ فَقَالَ: إِن النَّاس ليجيئون حَتَّى لَو كنت أعطيهم الذَّهَب وَالْفِضَّة مَا زادوا عَلَيْهِ ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وألقيت عَلَيْك محبَّة مني} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي نهيك - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {ولتصنع على عَيْني} قَالَ: ولتعمل على عَيْني وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمرَان الْجونِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ولتصنع على عَيْني} قَالَ: تربى بِعَين الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ولتصنع على عَيْني} قَالَ: ولتغذى على عَيْني وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة يَقُول: أَنْت بعيني إِذْ جعلتك أمك فِي التابوت ثمَّ فِي الْبَحْر {إِذْ تمشي أختك} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنَّمَا قتل مُوسَى الَّذِي قتل من آل فِرْعَوْن خطأ يَقُول الله: {وَقتلت نفسا فنجيناك من الْغم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فنجيناك من الْغم} قَالَ: من قتل النَّفس {وَفَتَنَّاك فُتُونًا} قَالَ: أخلصناك إخلاصاً

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَفَتَنَّاك فُتُونًا} قَالَ: ابتليناك إبتلاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَفَتَنَّاك فُتُونًا} قَالَ: ابتليناك ببلاء نعْمَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَفَتَنَّاك فُتُونًا} قَالَ: اختبرناك اختباراً وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَفَتَنَّاك فُتُونًا} قَالَ: بلَاء إلقاؤه فِي التابوت ثمَّ فِي اليم ثمَّ الْتِقَاط آل فِرْعَوْن إِيَّاه ثمَّ خُرُوجه خَائفًا يترقب وَأخرج ابْن أبي عمر الْعَدنِي فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَول الله تَعَالَى لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: {وَفَتَنَّاك فُتُونًا} فَسَأَلت عَن الْفُتُون مَا هُوَ فَقَالَ: اسْتَأْنف النَّهَار يَا ابْن جُبَير فَإِن لَهَا حَدِيثا طَويلا فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت على ابْن عَبَّاس لأتنجز مَا وَعَدَني من حَدِيث الْفُتُون فَقَالَ: تَذَاكر فِرْعَوْن وجلساؤه مَا كَانَ الله عز وَجل - وعد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام - من أَن يَجْعَل فِي ذُريَّته أَنْبيَاء وملوكاً فَقَالَ بَعضهم: إِن بني إِسْرَائِيل ينتظرون ذَلِك مَا يَشكونَ فِيهِ وَلَقَد كَانُوا يظنون أَنه يُوسُف بن يَعْقُوب فَلَمَّا هلك قَالُوا: لَيْسَ هَذَا كَانَ وعد الله إِبْرَاهِيم قَالَ فِرْعَوْن: فَكيف ترَوْنَ فائتمروا وَأَجْمعُوا أَمرهم على أَن يبْعَث رجَالًا - مَعَه الشفار - يطوفون فِي بني إِسْرَائِيل: فَلَا يَجدونَ مولوداً إِلَّا ذبحوه فَفَعَلُوا فَلَمَّا رَأَوْا أَن الْكِبَار يموتون بآجالهم وَإِن الصغار يذبحون قَالُوا: يُوشك أَن يفني بَنو إِسْرَائِيل فتصيروا تباشروا الْأَعْمَال والخدمة الَّتِي كَانُوا يكفونكم فَاقْتُلُوا عَاما كل مَوْلُود ذكر فتقل أبناؤهم ودعوا عَاما لَا تقتلُوا مِنْهُم أحدا فيشب الصغار مَكَان من يَمُوت من الْكِبَار فَإِنَّهُم لن يكثروا فتخافون مكاثرتهم إيَّاكُمْ وَلنْ يفنوا بِمن تقتلون فتحتاجون إِلَيْهِم فاجمعوا أَمرهم على ذَلِك فَحملت أم مُوسَى بهرون فِي الْعَام الَّذِي لَا يذبح فِيهِ الغلمان فَولدت عَلَانيَة آمِنَة حَتَّى إِذا كَانَ فِي قَابل حملت بمُوسَى فَوَقع فِي قَلبهَا الْهم والحزن فَذَلِك من الْفُتُون يَا ابْن جُبَير لما دخل عَلَيْهِ فِي بطن أمه مَا يُرَاد بِهِ فَأوحى الله إِلَيْهَا أَن: (لَا تخافي وَلَا تحزني إِنَّا

رادوه إِلَيْك وجاعلوه من الْمُرْسلين) (الْقَصَص آيَة 7) وأمرها إِذا وَلدته أَن تَجْعَلهُ فِي تَابُوت ثمَّ تلقيه فِي اليم فَلَمَّا ولدت فعلت مَا أمرت بِهِ حَتَّى إِذا توارى عَنْهَا ابْنهَا - أَتَاهَا الشَّيْطَان - وَقَالَت فِي نَفسهَا: مَا فعلت بِابْني لَو ذبح عِنْدِي فواريته وكفنته كَانَ أحب إليّ من أَن ألقيه إِلَى دَوَاب الْبَحْر وحيتانه فَانْطَلق بِهِ المَاء حَتَّى أوفى بِهِ عِنْد مستقى جواري امْرَأَة فِرْعَوْن فرأينه فأخذنه فهممن أَن يفتحن الْبَاب فَقَالَ بَعضهنَّ لبَعض: إِن فِي هَذَا لمالاً وَإِنَّا إِن فتحناه لم تصدقنا امْرَأَة الْملك بِمَا وجدنَا فِيهِ فحملنه بهيئته لم يحركن مِنْهُ شَيْئا حَتَّى دفعنه إِلَيْهَا فَلَمَّا فَتحته رَأَتْ فِيهِ الْغُلَام فألقي عَلَيْهَا محبَّة لم تلق مِنْهَا على أحد من الْبشر قطّ (وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا) (الْقَصَص آيَة 10) من ذكر كل شَيْء إِلَّا من ذكر مُوسَى فَلَمَّا سمع الذَّبَّاحُونَ بأَمْره أَقبلُوا إِلَى امْرَأَة فِرْعَوْن بشفَارهمْ يُرِيدُونَ أَن يذبحوه وَذَلِكَ من الْفُتُون يَا ابْن جُبَير فَقَالَت للذباحين: إِن هَذَا الْوَاحِد لَا يزِيد فِي بني إِسْرَائِيل وَإِنِّي آتِي فِرْعَوْن فَأَسْتَوْهبهُ مِنْهُ فَإِن وهبه لي فقد أَحْسَنْتُم وَأَجْمَلْتُمْ وَإِن أَمر بذَبْحه لم أَلمكُم فَلَمَّا أَتَت بِهِ فِرْعَوْن قَالَت: (قُرَّة عين لي وَلَك لَا تقتلوه) (الْقَصَص آيَة 9) قَالَ فِرْعَوْن: يكون لَك وأمَّا لي فَلَا حَاجَة لي فِيهِ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي يحلف بِهِ لَو أقرّ فِرْعَوْن بِأَن يكون قُرَّة عين لَهُ كَمَا قَالَت امْرَأَته لهداه الله بِهِ كَمَا هدى بِهِ امْرَأَته وَلَكِن الله عز وَجل - حرمه ذَلِك فَأرْسلت إِلَى من حولهَا من كل امْرَأَة لَهَا لبن لتختار لَهُ ظِئْرًا فَكلما أَخَذته امْرَأَة مِنْهُنَّ لترضعه لم يقبل ثديها حَتَّى أشفقت امْرَأَة فِرْعَوْن أَن يمنتع من اللَّبن فَيَمُوت فأحزنها ذَلِك فَأمرت بِهِ فَأخْرج إِلَى السُّوق وَمجمع النَّاس ترجو أَن تَجِد لَهُ ظِئْرًا يَأْخُذ مِنْهَا فَلم يفعل وأصبحت أم مُوسَى والهاً فَقَالَت لأخته: قصي أَثَره واطلبيه هَل تسمعين لَهُ ذكرا أَحَي أم قد أَكلته الدَّوَابّ ونسيت الَّذِي كَانَ وعد الله (فبصرت بِهِ أُخْته عَن جنب وهم لَا يَشْعُرُونَ) وَالْجنب أَن يسمو بصر الْإِنْسَان إِلَى شَيْء بعيد وَهُوَ إِلَى جنبه وَهُوَ لَا يشْعر بِهِ (فَقَالَت) - من الْفَرح حِين أعياهم الظوائر - (هَل أدلكم على أهل بَيت يكفلونه لكم وهم لَهُ ناصحون) فَأَخَذُوهَا فَقَالُوا: وَمَا يدْريك مَا نصحهمْ لَهُ هَل يعرفونه

حَتَّى شكوا فِي ذَلِك وَذَلِكَ من الْفُتُون يَا ابْن جُبَير فَقَالَت: نصحهمْ لَهُ وشفقتهم عَلَيْهِ رغبتهم فِي جَانب الْملك رَجَاء شفقته فتركوها فَانْطَلَقت إِلَى أمه فَأَخْبَرتهَا الْخَبَر فَجَاءَت فَلَمَّا وَضعته فِي حجرها نزا إِلَى ثديها فمصه حَتَّى امْتَلَأَ جنباه ريا وَانْطَلق الْبُشْرَى إِلَى امْرَأَة فِرْعَوْن يبشرونها: إِنَّا قد وجدنَا لابنك ظِئْرًا فَأرْسلت إِلَيْهَا فَأتيت بهَا وَبِه فَلَمَّا رَأَتْ مَا يصنع قَالَت لَهَا: امكثي عِنْدِي أرضعني [أرضعي] ابْني هَذَا - فَإِنِّي لم أحب حب شَيْئا قطّ - قَالَت: لَا أَسْتَطِيع أَن أدع بَيْتِي وَوَلَدي فيضيع فَإِن طابت نَفسك أَن تعطينيه فَأذْهب بِهِ إِلَى بَيْتِي فَيكون معي لَا آلوه خيرا فعلت وَإِلَّا فَإِنِّي غير تاركة بَيْتِي وَوَلَدي فَذكرت أم مُوسَى مَا كَانَ الله عز وَجل وعدها فتعاسرت على امْرَأَة فِرْعَوْن لذَلِك وأيقنت أَن الله عز وَجل منجز وعده فَرَجَعت بابنها من يَوْمهَا فأنبته الله نباتاً حسنا وَحفظه لما قد قضى فِيهِ فَلم يزل بَنو إِسْرَائِيل - وهم يَجْتَمعُونَ فِي نَاحيَة الْقرْيَة - يمتنعون بِهِ من الظُّلم والسخرة مُنْذُ كَانَ فيهم فَلَمَّا ترعرع قَالَت امْرَأَة فِرْعَوْن لأم مُوسَى: أُرِيد أَن تريني ابْني فوعدتها يَوْمًا تزورها فِيهِ بِهِ فَقَالَت لخزانها وجواريها وقهارمتها: لَا يبْقى مِنْكُم الْيَوْم وَاحِد إِلَّا اسْتقْبل ابْني بهدية وكرامة أرى ذَلِك فِيهِ وَأَنا باعثة أَمينا يحضر مَا صنع كل إِنْسَان مِنْكُم فَلم تزل الْهَدَايَا والنحل والكرامة تستقبله من حِين خرج من بَيت أمه إِلَى أَن دخل عَلَيْهَا فَلَمَّا دخل عَلَيْهَا أكرمته ونحلته وفرحت بِهِ وأعجبها ونحلت أمه لحسن أَثَرهَا عَلَيْهِ ثمَّ قَالَت لأنطلقن بِهِ إِلَى فِرْعَوْن فلينحله وليكرمنه فَلَمَّا دخلت بِهِ عَلَيْهِ وَجَعَلته فِي حجره فَتَنَاول مُوسَى لحية فِرْعَوْن فَمدَّهَا إِلَى الأَرْض فَقَالَت لَهُ الغواة - من أَعدَاء الله -: أَلا ترى إِلَى مَا وعد الله إِبْرَاهِيم إِنَّه يرثك ويصرعك ويعلوك فَأرْسل إِلَى الذباحين ليَذْبَحُوهُ وَذَلِكَ من الْفُتُون يَا ابْن جُبَير بعد كل بلَاء ابْتُلِيَ بِهِ وَأُرِيد بِهِ فُتُونًا فَجَاءَت امْرَأَة فِرْعَوْن تسْعَى إِلَى فِرْعَوْن فَقَالَت: مَا بدا لَك فِي هَذَا الصَّبِي الَّذِي وهبته لي قَالَ: أَلا ترينه يزْعم أَنه سيصرعني ويعلوني قَالَت لَهُ: اجْعَل بيني وَبَيْنك أمرا تعرف فِيهِ الْحق ائْتِ بجَمْرَتَيْن وَلُؤْلُؤَتَيْن فَقَربهُنَّ إِلَيْهِ فَإِن بَطش بالؤلؤتين واجتنب الْجَمْرَتَيْن علمت أَن يعقل وَإِن هُوَ تنَاول الْجَمْرَتَيْن وَلم يرد اللُّؤْلُؤَتَيْن فَاعْلَم أَن أحد لَا يُؤثر الْجَمْرَتَيْن على اللُّؤْلُؤَتَيْن وَهُوَ يعقل فَلَمَّا قرب إِلَيْهِ الْجَمْرَتَيْن واللؤلؤتين أَخذ الْجَمْرَتَيْن فانتزعهما مِنْهُ مَخَافَة أَن يحرقا بدنه فَقَالَ للْمَرْأَة: لَا يذبح وَصَرفه الله عَنهُ بعد أَن كَانَ هم بِهِ وَكَانَ الله بَالغ أمره

فِيهِ فَلَمَّا بلغ أشده - وَكَانَ من الرِّجَال - لم يكن أحد من آل فِرْعَوْن يخلص إِلَى أحد من بني إِسْرَائِيل مَعَه بظُلْم وَلَا بسخرة حَتَّى امْتَنعُوا كل الإمتناع فَبَيْنَمَا هُوَ يمشي فِي نَاحيَة الْمَدِينَة إِذا هُوَ برجلَيْن يقتتلان - أَحدهمَا من بني إِسْرَائِيل وَالْآخر من آل فِرْعَوْن - فاستغاثة الإسرائيلي على الفرعوني فَغَضب مُوسَى وَاشْتَدَّ غَضَبه لِأَنَّهُ تنَاوله وَهُوَ يعلم منزلَة مُوسَى من بني إِسْرَائِيل وَحفظه لَهُم: لَا يعلم إِلَّا أَن ذَلِك من الرَّضَاع من أم مُوسَى إِلَّا أَن يكون الله تَعَالَى أطلع مُوسَى من ذَلِك على مَا لم يطلع غَيره عَلَيْهِ فَوَكَزَ مُوسَى الفرعوني فَقتله وَلَيْسَ يراهما أحد إِلَّا الله ومُوسَى والإسرائيلي (فَقَالَ) مُوسَى: حِين قتل الرجل (هَذَا من عمل الشَّيْطَان إِنَّه عَدو مضل مُبين) (الْقَصَص آيَة 15) ثمَّ (قَالَ رَبِّي إِنِّي ظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي فغفر لَهُ وَأصْبح فِي الْمَدِينَة خَائفًا يترقب) (الْقَصَص آيَة 17) الْأَخْبَار فَأتى فِرْعَوْن فَقيل لَهُ: إِن بني إسرئيل قتلوا رجلا من آل فِرْعَوْن فَخذ لنا بحقنا وَلَا ترخص لَهُم فَقَالَ ائْتُونِي بِهِ وَمن شهد عَلَيْهِ فَإِن الْملك - وَإِن كَانَ صَفوه مَعَ قومه لَا يَسْتَقِيم لَهُ أَن يُقيد بِغَيْر بَيِّنَة وَلَا ثَبت فَاطْلُبُوا علم ذَلِك آخذ لكم بحقكمز فَبَيْنَمَا هم يطوفون فَلَا يَجدونَ بَيِّنَة وَلَا ثبتاً إِذا مُوسَى من الْغَد قد رأى ذَلِك الإسرائيلي يُقَاتل فرعونياً آخر فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فصادف مُوسَى قد نَدم على مَا كَانَ من وكزه الَّذِي رأى فَغَضب من الإسرائيلي لما فعل بالْأَمْس وَالْيَوْم وَقَالَ: (إِنَّك لغَوِيّ مُبين) (الْقَصَص آيَة 18) فَنظر الإسرائيلي إِلَى مُوسَى حِين قَالَ لَهُ مَا قَالَ - فَإِذا هُوَ غَضْبَان كغضبه بالْأَمْس - فخاف بَعْدَمَا قَالَ لَهُ: (إِنَّك لغَوِيّ مُبين) أَن يكون إِيَّاه أَرَادَ وَإِنَّمَا أَرَادَ الفرعوني (فَقَالَ: يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تقتلني كَمَا قتلت نفسا بالْأَمْس) (الْقَصَص آيَة 19) وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك مَخَافَة أَن يكون إِيَّاه أَرَادَ مُوسَى ليَقْتُلهُ فيتداركا فَانْطَلق الفرعوني إِلَى قومه فَأخْبرهُم بِمَا سمع من الإسرائيلي حِين يَقُول: (أَتُرِيدُ أَن تقتلني كَمَا قتلت نفسا بالْأَمْس) (الْقَصَص آيَة 19) فَأرْسل فِرْعَوْن الذباحين ليقتلوا مُوسَى فَأخذ رسل فِرْعَوْن فِي الطَّرِيق الْأَعْظَم يَمْشُونَ على هينتهم يطْلبُونَ مُوسَى وهم لَا يخَافُونَ أَن يفوتهُمْ (وَجَاء رجل) من شيعَة مُوسَى (من أقْصَى الْمَدِينَة) (الْقَصَص آيَة 20) فاختصر طَرِيقا قَرِيبا حَتَّى سبقهمْ إِلَى مُوسَى فَأخْبرهُ الْخَبَر وَذَلِكَ من الْفُتُون يَا ابْن جُبَير

فَخرج مُوسَى مُتَوَجها نَحْو مَدين لم يلق بلَاء مثل ذَلِك وَلَيْسَ لَهُ بِالطَّرِيقِ علم الْأَحْسَن ظَنّه بربه فَإِنَّهُ (قَالَ عَسى رَبِّي أَن يهديني سَوَاء السَّبِيل) (الْقَصَص آيَة 22) (وَلما ورد مَاء مَدين وجد عَلَيْهِ أمة من النَّاس يسقون وَوجد من دونهم امْرَأتَيْنِ تذودان) (الْقَصَص آيَة 23) يَعْنِي فَلم تسقيا غنمهما قَالَ: (مَا خطبكما) (الْقَصَص آيَة 23) معتزلتين لَا تسقيان مَعَ النَّاس قَالَتَا: لَيست لنا قُوَّة نزاحم الْقَوْم وَإِنَّمَا نَنْتَظِر فضول حياضهم (فسقى لَهما) (الْقَصَص آيَة 24) فَجعل يغْرف فِي الدَّلْو مَاء كثيرا حَتَّى كَانَتَا أول الرُّعَاة فراغاً - فانصرفتا إِلَى أَبِيهِمَا بغنمهما وَانْصَرف مُوسَى إِلَى شَجَرَة فاستظل بهَا (فَقَالَ رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير) ز فاستنكر أَبُو الجاريتين سرعَة صدورهما بغنمهما حفلاً بطاناً وَقَالَ: إِن لَكمَا الْيَوْم لشأناً: فحدثتاه بِمَا صنع مُوسَى فَأمر إِحْدَاهمَا أَن تَدعُوهُ لَهُ فَأَتَتْهُ فدعته فَلَمَّا كَلمه (قَالَ لَا تخف نجوت من الْقَوْم الظَّالِمين) (الْقَصَص آيَة 25) لَيْسَ لفرعون وَلَا لِقَوْمِهِ علينا سُلْطَانا ولسنا فِي مَمْلَكَته قَالَت ابْنَته: (يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ إِن خير من اسْتَأْجَرت الْقوي الْأمين) (الْقَصَص آيَة 26) فَحَملته الْغيرَة أَن قَالَ: وَمَا يدْريك مَا قوته وَمَا أَمَانَته قَالَت: أما قوته: فَمَا رَأَيْت مِنْهُ حِين سقى لنا لم أر رجلا قطّ أقوى فِي ذَلِك السَّقْي مِنْهُ حِين سقى لنا: وأمانته: فَإِنَّهُ نظر حِين أَقبلت إِلَيْهِ وشخصت لَهُ فَلَمَّا علم أَنِّي امْرَأَة صوب رَأسه وَلم يرفعهُ وَلم ينظر إليّ حِين أَقبلت إِلَيْهِ حَتَّى بلغته رِسَالَتك فَقَالَ لي: امشي خَلْفي وانعتي لي الطَّرِيق فَلم يقل هَذَا إِلَّا وَهُوَ أَمِين فَسرِّي عَن أَبِيهَا وصدقها وَظن بِهِ الَّذِي قَالَت فَقَالَ: هَل لَك (أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج فَإِن أتممت عشرا فَمن عنْدك وَمَا أُرِيد أَن أشق عَلَيْك) (الْقَصَص آيَة 27) فَفعل وَكَانَت على مُوسَى ثَمَانِي حجج وَاجِبَة وَكَانَت سنتَانِ عدَّة مِنْهُ فَقضى الله عدته فأتمها عشرا قَالَ سعيد: فَسَأَلَنِي رجل من أهل النَّصْرَانِيَّة من عُلَمَائهمْ: هَل تَدْرِي أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قلت: لَا وَأَنا يَوْمئِذٍ لَا أعلم فَلَقِيت ابْن عَبَّاس فَذكرت لَهُ الَّذِي قَالَ النَّصْرَانِي فَقَالَ: أما كنت تعلم أَن ثمانياً وَاجِبَة لم يكن مُوسَى لينتقص مِنْهَا وَتعلم أَن الله تَعَالَى كَانَ قَاضِيا عَن مُوسَى عدته

الَّتِي وعد فَإِنَّهُ قضى عشرا فَأخْبرت النَّصْرَانِي فَقَالَ: الَّذِي أخْبرك بِهَذَا هُوَ أعلم مِنْك قلت: أجل وَأولى (سَار مُوسَى بأَهْله) وَرَأى من أَمر النَّار مَا قصّ الله عَلَيْك فِي الْقُرْآن وَأمر الْعَصَا وَيَده فَشَكا إِلَى ربه مَا يتخوف من آل فِرْعَوْن فِي الْقَتِيل وعقدة لِسَانه - فَإِنَّهُ كَانَ فِي لِسَانه عقدَة تَمنعهُ من كثير من الْكَلَام - فَسَأَلَ ربه أَن يُعينهُ بأَخيه هَارُون ليَكُون لَهُ ردْءًا وَيتَكَلَّم عَنهُ بِكَثِير مِمَّا لَا يفصح بِهِ فَأَتَاهُ الله سؤله فَحل عقدَة من لِسَانه وَأوحى إِلَى هَارُون وَأمره أَن يلقى مُوسَى فَانْدفع مُوسَى بالعصا وَلَقي هَارُون فَانْطَلقَا جَمِيعًا إِلَى فِرْعَوْن فأقاما بِبَابِهِ حينا لَا يُؤذن لَهما ثمَّ أذن لَهما بعد حجاب شَدِيد فَقَالَا: {إِنَّا رَسُولا رَبك} فَقَالَ: {فَمن رَبكُمَا يَا مُوسَى} فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي قصّ الله فِي الْقُرْآن قَالَ: فَمَا تريدان وَذكره بالقتيل فَاعْتَذر بِمَا قد سَمِعت قَالَ: أُرِيد أَن تؤمن بِاللَّه وَترسل معي بني إِسْرَائِيل فَأبى عَلَيْهِ ذَلِك وَقَالَ: ائْتِ بِآيَة إِن كنت من الصَّادِقين فَألْقى بعصاه فتحوّلت حَيَّة عَظِيمَة فاغرة فاها مسرعة إِلَى فِرْعَوْن - فَلَمَّا رأى فِرْعَوْن أَنَّهَا قاصدة إِلَيْهِ - خافها فاقتحم عَن سَرِيره واستغاث بمُوسَى: أَن يكفها عَنهُ فَفعل وَأخرج يَده من جيبه بَيْضَاء من غير سوء) يَعْنِي برص ثمَّ أَعَادَهَا إِلَى كمه فَصَارَت إِلَى لَوْنهَا الأول فَاسْتَشَارَ الْمَلأ فِيمَا رأى فَقَالُوا لَهُ: {هَذَانِ لساحران يُريدَان أَن يخرجاكم من أَرْضكُم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى} يعنون ملكهم الَّذِي هم فِيهِ والعيش فَأَبَوا على مُوسَى أَن يعطوه شَيْئا مِمَّا طلب وَقَالُوا لَهُ: اجْمَعْ لَهُم السَّحَرَة - فَإِنَّهُم بأرضنا كثير - حَتَّى تغلب بسحرهم سحرهما (فَأرْسل فِرْعَوْن فِي الْمَدَائِن حاشرين) (الشُّعَرَاء آيَة 54) فحشر لَهُ كل سَاحر متعالم فَلَمَّا أَتَوا فِرْعَوْن قَالُوا: بِمَ يعْمل هَذَا السَّاحر قَالُوا: يعْمل بالحيات والحبال قَالَ: فَلَا وَالله مَا فِي الأَرْض قوم يعْملُونَ بالحيات والحبال والعصي بِالسحرِ مَا نعمل بِهِ فَمَا أجرنا إِن غلبناه قَالَ لَهُم: أَنْتُم أقاربي وخاصتي وَأَنا صانع بكم كل شَيْء أَحْبَبْتُم فتواعدوا ليَوْم الزِّينَة {وَأَن يحْشر النَّاس ضحى} قَالَ سعيد: فَحَدثني ابْن عَبَّاس: أَن يَوْم الزِّينَة - الْيَوْم الَّذِي أظهر الله فِيهِ مُوسَى على فِرْعَوْن والسحرة - وَهُوَ يَوْم عَاشُورَاء فَلَمَّا اجْتَمعُوا فِي صَعِيد وَاحِد قَالَ النَّاس لبَعْضهِم لبَعض: اذْهَبُوا بِنَا فلنحضر هَذَا الْأَمر و (نتبع السَّحَرَة

إِن كَانُوا هم الغالبين) (الشُّعَرَاء آيَة 40) - يعنون بذلك مُوسَى وَهَارُون استهزاء بهما - فَقَالُوا: يَا مُوسَى - لقدرتهم بسحرهم - (إِمَّا أَن تلقي وَإِمَّا أَن نَكُون نَحن الملقين) (الْأَعْرَاف آيَة 115) قَالَ: ألقوا {فَألْقوا حبالهم وعصيهم وَقَالُوا بعزة فِرْعَوْن إِنَّا لنَحْنُ الغالبون} ) (الْأَعْرَاف آيَة 44) فَرَأى مُوسَى من سحرهم مَا أوجس مِنْهُ خيفة فَأوحى الله إِلَيْهِ (أَن ألق عصاك) (الْقَصَص آيَة 31) فَلَمَّا أَلْقَاهَا صَارَت ثعباناً عَظِيما فاغرة فاها فَجعل الْعَصَا بدعوة مُوسَى تَلْتَبِس بالحبال حَتَّى صَارَت [] جردا إِلَى الثعبان حَتَّى تدخل فِيهِ حَتَّى مَا أبقت عَصا وَلَا حبلاً إِلَّا ابتلعته فَلَمَّا عاين السَّحَرَة ذَلِك قَالُوا: لَو كَانَ هَذَا سحرًا لم تبتلع من سحرنَا كل هَذَا وَلَكِن هَذَا من أَمر الله عز وَجل فَآمَنا بِاللَّه وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُوسَى ونتوب إِلَى الله عز وَجل مِمَّا كُنَّا فِيهِ فَكسر الله ظهر فِرْعَوْن فِي ذَلِك الموطن وأشياعه فَظهر الْحق وَبَطل مَا كَانُوا يعْملُونَ (فغلبوا هُنَالك وانقلبوا صاغرين) (الْأَعْرَاف الْآيَة 119) وَامْرَأَة فِرْعَوْن بارزة مبتذلة - تَدْعُو الله بالنصر لمُوسَى على فِرْعَوْن - فَمن رَآهَا - من آل فِرْعَوْن ظن أَنَّهَا تبذلت شَفَقَة على فِرْعَوْن وأشياعه وَإِنَّمَا كَانَ حزنها وهمها لمُوسَى فَلَمَّا طَال مكث مُوسَى لمواعد فِرْعَوْن الكاذبة كلما جَاءَ بِآيَة وعد عِنْدهَا أَن يُرْسل مَعَه بني إِسْرَائِيل فَإِذا كشف ذَلِك عَنهُ نكث عَهده وَاخْتلف وعده حَتَّى أَمر مُوسَى بقَوْمه فَخرج بهم لَيْلًا فَلَمَّا أصبح فِرْعَوْن وَرَأى أَنهم قد مضوا بعث فِي الْمَدِينَة وحولها حاشرين فتبعتهم جنود عَظِيمَة كَثِيرَة وَأوحى الله إِلَى الْبَحْر: إِذا ضربك عَبدِي مُوسَى فانفرق لَهُ اثْنَي عشر فرقا حَتَّى يجوز مُوسَى وَمن مَعَه ثمَّ التق بعد على من بَقِي من قوم فِرْعَوْن وأشياعه فنسي مُوسَى أَن يضْرب بعصاه فَدفع إِلَى الْبَحْر وَله قصيف مَخَافَة أَن يضْربهُ بعصاه وَهُوَ غافل فَيصير عَاصِيا (فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ) وتقاربا (قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لمدركون) (الشُّعَرَاء الْآيَة 61) فافعل مَا أَمرك بِهِ رَبك فَإنَّك لم تكذب وَلم تكذب قَالَ: وَعَدَني رَبِّي إِذا انْتَهَيْت إِلَى الْبَحْر أَن ينفرق لي حَتَّى أجوز ثمَّ ذكر بعد ذَلِك الْعَصَا فَضرب الْبَحْر - حِين دنا أَوَائِل جند فِرْعَوْن - من أَوَاخِر جند مُوسَى فانفرق الْبَحْر - كَمَا أمره الله وكما وعد مُوسَى فَلَمَّا جَازَ أَصْحَاب مُوسَى كلهم وَدخل أَصْحَاب فِرْعَوْن كلهم التقى الْبَحْر عَلَيْهِم كَمَا

أمره الله عز وَجل فَمَا أَن جَاوز الْبَحْر (قَالَ أَصْحَاب مُوسَى: إِنَّا لمدركون) (الشُّعَرَاء الْآيَة 61) إِنَّا نَخَاف أَن لَا يكون فِرْعَوْن غرق وَلَا نَأْمَن هَلَاكه فَدَعَا ربه فَأخْرجهُ لَهُ بِبدنِهِ من الْبَحْر حَتَّى استيقنوا ثمَّ مروا بعد ذَلِك (على قوم يعكفون على أصنام لَهُم قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة قَالَ إِنَّكُم قوم تجهلون إِن هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هم فِيهِ وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ) (الْأَعْرَاف آيَة 138) قد رَأَيْتُمْ من العبر مَا يكفيكم وسمعتم بِهِ فَمضى حَتَّى أنزلهم منزلا ثمَّ قَالَ لَهُم: أطِيعُوا هَارُون فَإِنِّي قد استخلفته عَلَيْكُم وَإِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي وأجلهم ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَن يرجع إِلَيْهِم فِيهَا فَلَمَّا أَتَى ربه وَأَرَادَ أَن يكلمهُ فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا - فصامهن ليلهن ونهارهن - كره أَن يكلم ربه وريح فَمه ريح فَم الصَّائِم فَتَنَاول مُوسَى من نَبَات الأَرْض شَيْئا فمضغه فَقَالَ لَهُ ربه: - حِين أَتَاهُ - لم أفطرت وَهُوَ أعلم بِالَّذِي كَانَ قَالَ: يَا رب إِنِّي كرهت أَن أُكَلِّمك إِلَّا فمي طيب الرّيح قَالَ: وَمَا علمت يَا مُوسَى أَن ريح فَم الصَّائِم أطيب عِنْدِي من ريح الْمسك ارْجع حَتَّى تَصُوم عشرَة أَيَّام ثمَّ ائْتِنِي فَفعل مُوسَى الَّذِي أمره الله بِهِ فَلَمَّا رأى قوم مُوسَى أَنه لم يَأْتهمْ للأجل ساءهم ذَلِك وَقد كَانَ هَارُون خطبهم وَقَالَ لَهُم: إِنَّكُم خَرجْتُمْ من مصر وعندكم ودائع لقوم فِرْعَوْن وعوار وَلكم فيهم مثل ذَلِك وَأَنا أرى أَن تحتسبوا مَا كَانَ لكم عِنْدهم وَلَا أحل لكم وَدِيعَة استودعتموها أَو عَارِية ولسنا نرى أَدَاء شَيْء من ذَلِك إِلَيْهِم وَلَا مُمْسِكيه فحفر حُفْرَة وَأمر كل قوم عِنْدهم شَيْء من ذَلِك من مَتَاع أَو حلية بِأَن يدفنوه فِي الحفرة ثمَّ أوقد عَلَيْهِ النَّار فأحرقه وَقَالَ: لَا يكون لنا وَلَا لَهُم وَكَانَ السامري رجلا من قوم يعْبدُونَ الْبَقر لَيْسَ من بني إِسْرَائِيل جَار لَهُم فَاحْتمل مَعَ بني إسرئيل حِين احتملوا فَقضى لَهُ أَن رأى أثر الْفرس فَقبض مِنْهُ قَبْضَة فَمر بهَارُون فَقَالَ لَهُ هَارُون: يَا سامري أَلا تلقي مَا فِي يَديك - وَهُوَ قَابض عَلَيْهِ لَا يرَاهُ أحد [] طوال ذَلِك - فَقَالَ: هَذِه بضة [قَبْضَة] من أثر الرَّسُول الَّذِي جَاوز بكم الْبَحْر فَلَا ألقيها لشَيْء إِلَّا أَن تَدْعُو الله إِذا ألقيتها أَن يكون مَا أُرِيد قَالَ: فألقاها ودعا لَهُ هَارُون قَالَ: أُرِيد أَن يكون عجلاً فَاجْتمع مَا كَانَ فِي الحفرة من مَتَاع: نُحَاس أَو حَدِيد أَو حلى فَصَارَ عجلاً أجوف لَيْسَ فِيهِ روح لَهُ خوار فَقَالَ ابْن عَبَّاس:

وَالله مَا كَانَ لَهُ صَوت وَلَكِن الرّيح كَانَت تدخل فِي دبره وَتخرج من فِيهِ فَكَانَ ذَلِك الصَّوْت من ذَلِك فَتفرق بَنو إِسْرَائِيل فَقَالَت فرقة: يَا سامري مَا هَذَا فَإنَّك أَنْت أعلم بِهِ فَقَالَ: هَذَا ربكُم وَلَكِن مُوسَى أَخطَأ الطَّرِيق فَقَالُوا: لَا نكذب بِهَذَا {حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى} طه آيَة 91 فَإِن يَك رَبنَا لم يكن ضيعنا وعجزنا حِين رَأَيْنَاهُ وَإِن لم يكن رَبنَا فإننا نتبع قَول مُوسَى وَقَالَ فرقة: هَذَا من عمل الشَّيْطَان وَلَيْسَ رَبنَا وَلَا نصدق بِهِ وَلَا نؤمن بِهِ وأشرب فرقة فِي قُلُوبهم التَّصْدِيق بِمَا قَالَ السامري فِي الْعجل: وأعلنوا التَّكْذِيب و {قَالَ لَهُم هَارُون من قبل يَا قوم إِنَّمَا فتنتم بِهِ وَإِن ربكُم الرَّحْمَن} وَلَيْسَ بهكذا قَالُوا: فَمَا بَال مُوسَى وعدنا ثَلَاثِينَ لَيْلَة ثمَّ أخلفنا فَهَذِهِ أَرْبَعُونَ لَيْلَة: فَقَالَ سفهاؤهم: أَخطَأ ربه فَهُوَ يَطْلُبهُ ويتبعه فَلَمَّا كلم الله مُوسَى وَقَالَ مَا قَالَ لَهُ وَأخْبرهُ بِمَا لَقِي قومه من بعده (فَرجع مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا) فَقَالَ لَهُم مَا سَمِعْتُمْ فِي الْقُرْآن (وَألقى الألواح وَأخذ بِرَأْس أَخِيه يجره إِلَيْهِ) (الْأَعْرَاف آيَة 150) من الْغَضَب غير أَنه عذر أَخَاهُ واستغفر ربه ثمَّ انْصَرف إِلَى السامري فَقَالَ لَهُ: مَا حملك على مَا صنعت فَقَالَ: {فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول} وفطنت وعميت عَلَيْكُم {فنبذتها وَكَذَلِكَ سَوَّلت لي نَفسِي} {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِن لَك فِي الْحَيَاة أَن تَقول لَا مساس} إِلَى قَوْله: {فِي اليم نسفاً} وَلَو كَانَ إِلَهًا لم يخلص إِلَى ذَلِك فاستيقن بَنو إِسْرَائِيل بالفتنة واغتبط الَّذين كَانَ رَأْيهمْ رَأْي هَارُون فَقَالُوا: يَا مُوسَى سل رَبك أَن يفتح لنا بَاب تَوْبَة نعملها ونكفر عَنَّا مَا عَملنَا (فَاخْتَارَ مُوسَى من قومه سبعين رجلا) (الْأَعْرَاف آيَة 155) لذَلِك لَا يألوا لخير خِيَار بني إِسْرَائِيل وَمن لم يُشْرك فِي الْعجل فَانْطَلق بهم ليسأل رَبهم التَّوْبَة فرجفت الأَرْض بهم فاستحيا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من قومه ووفده حِين فعل بهم ذَلِك فَقَالَ: ( {رب لَو شِئْت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء} الْأَعْرَاف آيَة 155 الْآيَة وَمِنْهُم من قد اطلع الله مِنْهُ على مَا أشْرب قلبه الْعجل وَالْإِيمَان بِهِ فَلذَلِك رجفت بهم الأَرْض فَقَالَ: (رَحْمَتي وسعت كل شَيْء فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ) إِلَى قَوْله: (وَالْإِنْجِيل) (الْأَعْرَاف آيَة 156) فَقَالَ: رب سَأَلتك التَّوْبَة لقومي فَقلت: إِن رحمت [رحمتك] كتبتها لقوم غير قومِي فليتك أخرتني حَتَّى أخرج فِي أمة ذَلِك الرجل المرحومة قَالَ الله عز

وَجل: فَإِن تَوْبَتهمْ أَن يقتل كل رجل مِنْهُم كل من لَقِي من وَالِد أَو ولد فيقتله بِالسَّيْفِ وَلَا يُبَالِي من قبل ذَلِك الموطن فَتَابَ أُولَئِكَ الَّذين كَانَ خَفِي على مُوسَى وَهَارُون وَمَا طلع الله عابهم من ذنوبهم فَاعْتَرفُوا بهَا وفعلوا مَا أمروا بِهِ فغفر الله للْقَاتِل والمقتول ثمَّ سَار بهم مُوسَى مُتَوَجها نَحْو الأَرْض المقدسة فَأخذ الألواح بعد مَا سكت عَنهُ الْغَضَب وَأمرهمْ بِالَّذِي أمره الله أَن يبلغهم من الْوَظَائِف فَثقلَتْ عَلَيْهِم وأبوا أَن يقرُّوا بهَا حَتَّى نتق الله عَلَيْهِم الْجَبَل كَأَنَّهُ ظلة ودنا مِنْهُم حَتَّى خَافُوا أَن يَقع عَلَيْهِم فَأخذُوا الْكتاب بأيمانهم وهم مصغون ينظرُونَ الأَرْض وَالْكتاب الَّذِي أَخَذُوهُ بِأَيْدِيهِم وهم ينظرُونَ إِلَى الْجَبَل مَخَافَة أَن يَقع عَلَيْهِم ثمَّ مضوا حَتَّى أَتَوا الأَرْض المقدسة فوجدوا فِيهَا مَدِينَة جبارين خلقهمْ خلق مُنكر وَذكروا من ثمارهم أمرا عجيباً من عظمها فَقَالُوا: يَا مُوسَى (إِن فِيهَا قوم جبارين) (الْمَائِدَة آيَة 22) لَا طَاقَة لنا الْيَوْم بهم وَلَا ندْخلهَا مَا داموا فِيهَا (فَإِن يخرجُوا مِنْهَا فَإنَّا داخلون) قَالَ رجلَانِ من الجبارين: آمنا بمُوسَى فَخَرَجَا إِلَيْهِ فَقَالَا: نَحن أعلم بقومنا إِن كُنْتُم تخافون مَا رَأَيْتُمْ من أجسامهم وعددهم فَإِنَّهُم لَيْسَ لَهُم قُلُوب وَلَا مَنْعَة عِنْدهم (فادخلوا عَلَيْهِم الْبَاب فَإِذا دخلتموه فَإِنَّكُم غالبون) (الْمَائِدَة آيَة 23) وَيَقُول أنَاس إنَّهُمَا من قوم مُوسَى وَزعم سعيد أَنَّهُمَا من الجبارين آمنا بمُوسَى يَقُول: (من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا) (الْمَائِدَة آيَة 33) وَإِنَّمَا يَعْنِي بذلك الَّذين يخافهم بَنو إِسْرَائِيل فَقَالُوا: (يَا مُوسَى إِنَّا لن ندْخلهَا أبدا مَا داموا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة آيَة 24) فأغضبوا مُوسَى فَدَعَا عَلَيْهِم فسماهم فاسقين وَلم يدع عَلَيْهِم قبل ذَلِك لما رأى فيهم من الْمعْصِيَة وإساءتهم - حَتَّى كَانَ يَوْمئِذٍ - فَدَعَا عَلَيْهِم فَاسْتَجَاب الله لَهُ وَسَمَّاهُمْ كَمَا سماهم مُوسَى فاسقين (فَحَرمهَا عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ يتيهون فِي الأَرْض) (الْمَائِدَة آيَة 26) يُصْبِحُونَ كل يَوْم فيسيرون لَيْسَ لَهُم قَرَار ثمَّ ظلل عَلَيْهِم فِي التيه بالغمام وَأنزل عَلَيْهِم الْمَنّ والسلوى وَجعل لَهُم ثيابًا لَا تبلى وَلَا تتسخ وَجعل بَين ظهرانيهم حجرا مربعًا وَأمر مُوسَى فَضَربهُ بعصاه (فانفجرت مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا) (الْبَقَرَة آيَة 60) فِي كل نَاحيَة ثَلَاث عُيُون وَأعلم كل سبط عينهم الَّتِي يشربون مِنْهَا لَا

يرتحلون بهَا من مرحلة إِلَّا وجدوا ذَلِك الْحجر مِنْهُم بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ مِنْهُم بالمنزل الأوّل رفع الحَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَصدق ذَلِك عِنْدِي: أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان سمع من ابْن عَبَّاس هَذَا الحَدِيث فَأنْكر عَلَيْهِ أَن يكون الفرعوني هُوَ الَّذِي أفشى على مُوسَى أَمر الْقَتِيل وَقَالَ: إِنَّمَا أفشى عَلَيْهِ الإسرائيلي فَأخذ ابْن عَبَّاس بِيَدِهِ فَانْطَلق إِلَى سعد بن مَالك الزُّهْرِيّ فَقَالَ: أَرَأَيْت يَوْم حَدثنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - عَن قَتِيل مُوسَى من آل فِرْعَوْن من أفشى عَلَيْهِ الإسرائيلي أَو الفرعوني قَالَ: أفشى عَلَيْهِ الفرعوني بِمَا سمع من الإسرائيلي الَّذِي شهد ذَلِك وحضره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَبثت سِنِين فِي أهل مَدين} قَالَ: عشر سِنِين {ثمَّ جِئْت على قدر يَا مُوسَى} طه آيَة 40 قَالَ على موعد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ثمَّ جِئْت على قدر} قَالَ: الْمِيقَات وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ثمَّ جِئْت على قدر} قَالَ: على موعد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تنيا فِي ذكري} قَالَ لَا تضعفا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ - مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ - مثله وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس: إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله - عزَّ وَجل - {وَلَا تنيا فِي ذكري} قَالَ: وَلَا تضعفا عَن أَمْرِي قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: إِنِّي وَجدك مل ونيت وإنني أبغي الفكاك لَهُ بِكُل سَبِيل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تنيا} قَالَ: لَا تبطئا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فقولا لَهُ قولا لينًا} قَالَ: كنه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فقولا لَهُ قولا لينًا} قَالَ: كنياه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ: {فقولا لَهُ قولا لينًا} قَالَ: كنياه يَا أَبَا مرّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فقولا لَهُ قولا لينًا} قَالَ اعذرا إِلَيْهِ وقولا لَهُ: إِن لَك رَبًّا وَلَك معاداً وَإِن بَين يَديك جنَّة وَنَارًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْفضل بن عِيسَى الرقاشِي أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {فقولا لَهُ قولا لينًا} فَقَالَ: يَا من يتحبب إِلَى من يعاديه فَكيف بِمن يتَوَلَّى ويناديه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَعَلَّه يتَذَكَّر} قَالَ: هَل يتَذَكَّر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إننا نَخَاف أَن يفرط علينا} قَالَ: يعجل {أَو أَن يطغى} قَالَ: يعتدي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إننا نَخَاف أَن يفرط علينا أَو أَن يطغى} قَالَ: عُقُوبَة مِنْهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {قَالَ لَا تخافا إِنَّنِي مَعَكُمَا أسمع وَأرى} قَالَ: أسمع مَا يَقُول {وَأرى} مَا يجاوبكما فَأُوحي إلَيْكُمَا فتجاوباه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد جيد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما بعث الله مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن قَالَ: رب أَي شَيْء أَقُول قَالَ: قل أهيا شرا هيا قَالَ الْأَعْمَش: تَفْسِير ذَلِك الْحَيّ قبل كل شَيْء والحي بعد كل شَيْء وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بعث الله مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن قَالَ: لَا يغرنكما لِبَاسه الَّذِي ألبسته فَإِن ناصيته بيَدي فَلَا ينْطق وَلَا يطرف إِلَّا بإذني وَلَا يغرنكما مَا متع بِهِ من زهرَة الدُّنْيَا وزينة المترفين فَلَو شِئْت أَن أزينكما من زِينَة الدُّنْيَا بِشَيْء يعرف فِرْعَوْن أَن قدرته تعجز عَن ذَلِك لفَعَلت وَلَيْسَ ذَلِك لهوانكما عَليّ وَلَكِنِّي ألبستكما نصيبكما من الْكَرَامَة على: أَن لَا تنقصكما الدُّنْيَا

شَيْئا وَإِنِّي لأذود أوليائي عَن الدُّنْيَا كَمَا يذود الرَّاعِي إبِله عَن مبارك 7 الْغيرَة وَإِنِّي لأجنبهم كَمَا يجنب الرَّاعِي إبِله عَن مراتع الهلكة أُرِيد أَن أنور بذلك صُدُورهمْ وأطهر بذلك قُلُوبهم فيَّ سِيمَاهُمْ الَّذين يعْرفُونَ وَأمرهمْ الَّذِي يفتخرون بِهِ وَأعلم: أَنه من أَخَاف لي وليا فقد بارزني وَأَنا الثائر لأوليائي يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن عَبَّاس عَن أبي سُفْيَان بن حَرْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى هِرقل من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى هِرقل عَظِيم الرّوم سَلام على من اتبع الْهدى وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن قَتَادَة قَالَ: التَّسْلِيم على أهل الْكتاب إِذا دخلت عَلَيْهِم بُيُوتهم أَن تَقول: السَّلَام على من اتبع الْهدى الْآيَة 48 - 52

48

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِنَّا قد أُوحِي إِلَيْنَا أَن الْعَذَاب على من كذب وَتَوَلَّى} قَالَ: من كذب بِكِتَاب الله وَتَوَلَّى عَن طَاعَة الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {الَّذِي أعْطى كل شَيْء خلقه} قَالَ: خلق لكل شَيْء روحه ثمَّ {هدى} قَالَ: هداه لمنكحه ومطعمه ومشربه ومسكنه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أعْطى كل شَيْء خلقه} يَقُول: مثله أعْطى الْإِنْسَان انسانة وَالْحمار حمارة وَالشَّاة شاته: {ثمَّ هدى} إِلَى الْجِمَاع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى} قَالَ: أعْطى كل شَيْء مَا يصلحه ثمَّ هداه لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله

عَنهُ - فِي قَوْله: {أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى} قَالَ: سوى خلق كل دَابَّة ثمَّ هداها لما يصلحها وَعلمهَا إِيَّاه لم يَجْعَل خلق النَّاس كخلق الْبَهَائِم وَلَا خلق الْبَهَائِم كخلق النَّاس وَلَكِن (خلق كل شَيْء فقدره تَقْديرا) (الْفرْقَان آيَة 2) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أعْطى كل شَيْء خلقه} قَالَ: أعْطى كل ذِي خلق مَا يصلحه وَلم يَجْعَل الْإِنْسَان فِي خلق الدَّابَّة وَلَا الدَّابَّة فِي خلق الْكَلْب وَلَا الْكَلْب فِي خلق الشَّاة وَأعْطى كل شَيْء مَا يَنْبَغِي لَهُ من النِّكَاح وهيأ كل شَيْء على ذَلِك لَيْسَ مِنْهَا شَيْء يملك شَيْئا فِي فعاله فِي الْخلق والرزق وَالنِّكَاح {ثمَّ هدى} قَالَ: هدى كل شَيْء إِلَى رزقه وَإِلَى زَوجته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أعْطى كل شَيْء خلقه} قَالَ: أعْطى كل شَيْء صورته {ثمَّ هدى} قَالَ: لمعيشته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى} قَالَ: ألم تَرَ إِلَى الْبَعِير كَيفَ يقوم لصَاحبه ينتظره حَتَّى يَجِيء هَذَا مِنْهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ثمَّ هدى} قَالَ: كَيفَ يَأْتِي الذّكر الْأُنْثَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سابط قَالَ: مَا أبهت الْبَهَائِم فَلم تبهم عَن أَربع: تعلم أَن الله رَبهَا وَيَأْتِي الذّكر الْأُنْثَى وتهتدي لمعايشها وَتخَاف الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قَالَ فَمَا بَال الْقُرُون الأولى} يَقُول: فَمَا حَال الْقُرُون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {لَا يضل رَبِّي} قَالَ: لَا يُخطئ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَا يضل رَبِّي وَلَا ينسى} قَالَ: هما شَيْء وَاحِد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَا يضل رَبِّي وَلَا ينسى} قَالَ: {لَا يضل رَبِّي} الْكتاب {وَلَا ينسى} مَا فِيهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْمليح قَالَ: النَّاس يعيبون علينا الْكتاب وَقَالَ الله تَعَالَى: {علمهَا عِنْد رَبِّي فِي كتاب} وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هِلَال قَالَ: كُنَّا عِنْد قَتَادَة فَذكرُوا الْكتاب وسألوه عَن ذَلِك فَقَالَ: وَمَا بَأْس بذلك أَلَيْسَ الله الْخَبِير يخبر قَالَ: {فَمَا بَال الْقُرُون الأولى قَالَ علمهَا عِنْد رَبِّي فِي كتاب} الْآيَة 53 - 54

53

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فأخرجنا بِهِ أَزْوَاجًا} يَقُول: أصنافاً فَكل صنف من نَبَات الأَرْض أَزوَاج النّخل زوج صنف وَالْأَعْنَاب زوج صنف وكل شَيْء تنبته الأَرْض أَزوَاج وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {من نَبَات شَتَّى} قَالَ: مُخْتَلف وَفِي قَوْله: {لأولي النهى} قَالَ: لأولي التقى وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {لأولي النهى} قَالَ: لِذَوي الحجا والعقول وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لأولي النهى} قَالَ: لأولي الْوَرع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لأولي النهى} قَالَ: الَّذين ينتهون عَمَّا نهوا عَنهُ الْآيَة 55 - 58

55

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: إِن الْملك ينْطَلق فَيَأْخُذ من تُرَاب الْمَكَان الَّذِي يدْفن فِيهِ فيذره على النُّطْفَة فيخلق من التُّرَاب وَمن النُّطْفَة وَذَلِكَ قَوْله مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن أبي أُمَامَة قَالَ: لما وضعت أم كُلْثُوم بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقَبْر قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم وَمِنْهَا نخرجكم تَارَة أُخْرَى} بِسم الله وَفِي سَبِيل الله وعَلى مِلَّة رَسُول الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {تَارَة أُخْرَى} قَالَ مرّة أُخْرَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم ن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مَكَانا سوى} قَالَ: منصفاً بَينهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مَكَانا سوى} قَالَ: نصفا بيني وَبَيْنك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مَكَانا سوى} قَالَ: عدلا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مَكَانا سوى} قَالَ: مَكَانا مستوياً يتَبَيَّن النَّاس سَوَاء فِيهِ لَا يكون صَوت وَلَا شَيْء يتغيب بعض ذَلِك عَن بعض مستو حِين يرى الْآيَة 59 - 60

59

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة} قَالَ: يَوْم عَاشُورَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من

صَامَ يَوْم الزِّينَة أدْرك مَا فَاتَهُ من صِيَام تِلْكَ السّنة وَمن تصدق يَوْمئِذٍ بِصَدقَة أدْرك مَا فَاتَهُ من صَدَقَة تِلْكَ السّنة يَعْنِي يَوْم عَاشُورَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قَالَ مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة} قَالَ: هُوَ يَوْم عيد كَانَ لَهُم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قَالَ مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة} قَالَ: هُوَ عيدهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة} قَالَ: يَوْم السُّوق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {مَوْعدكُمْ يَوْم الزِّينَة} قَالَ: يَوْم الْعِيد يَوْم يتفرغ النَّاس من الْأَعْمَال وَيشْهدُونَ ويحضرون ويرون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَأَن يحْشر النَّاس ضحى} قَالَ: يَجْتَمعُونَ لذَلِك الميعاد الَّذِي واعدوه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي نهيك أَنه قَرَأَ وَأَن تحْشر النَّاس ضحى بِالتَّاءِ وَأَن تشحر النَّاس أَنْت قَالَ: فِرْعَوْن يحْشر قومه الْآيَة 61 - 71

61

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ويذهبا بطريقتكم المثلى} قَالَ: أولو الْعقل والشرف والأسنان وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم ووكيع فِي الْغرُور عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ويذهبا بطريقتكم المثلى} قَالَ باشرافكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ويذهبا بطريقتكم المثلى} قَالَ: يذهبا بِالَّذِي أَنْتُم عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقد أَفْلح الْيَوْم من استعلى} قَالَ: من غلب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {تلقف مَا صَنَعُوا} قَالَ: أَلْقَاهَا مُوسَى فتحوّلت حَيَّة تَأْكُل حبالهم وَمَا صَنَعُوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ رضّي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أَخَذْتُم السَّاحر فَاقْتُلُوهُ ثمَّ قَرَأَ {وَلَا يفلح السَّاحر حَيْثُ أَتَى} قَالَ: لَا يَأْمَن حَيْثُ وجد الْآيَة 72 - 76

72

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة: أَن سحرة فِرْعَوْن كَانُوا تِسْعمائَة فَقَالُوا لفرعون: إِن يَكُونَا هَذَانِ ساحران فَإنَّا نغلبهم فَإِنَّهُ لَا

أَسحر منا وَإِن كَانَ من رب الْعَالمين فَلَمَّا كَانَ من أَمرهم {خروا سجدا} أَرَاهُم الله فِي سجودهم مَنَازِلهمْ الَّتِي إِلَيْهَا يصيرون فَعندهَا قَالُوا: {لن نؤثرك على مَا جَاءَنَا من الْبَينَات} إِلَى قَوْله: {وَالله خير وَأبقى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة قَالَ: لما وَقَعُوا سجدا رَأَوْا أهل النَّار وَأهل الْجنَّة وثواب أهليهما فَقَالُوا: {لن نؤثرك على مَا جَاءَنَا من الْبَينَات} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمَا أكرهتنا عَلَيْهِ من السحر} قَالَ: أَخذ فِرْعَوْن أَرْبَعِينَ غُلَاما من بني إِسْرَائِيل فَأمر أَن يعلمُوا السحر بالعوماء وَقَالَ: علموهم تَعْلِيما لَا يَغْلِبهُمْ أحد فِي الأَرْض قَالَ ابْن عَبَّاس: فهم من الَّذين قَالُوا: {إِنَّا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وَمَا أكرهتنا عَلَيْهِ من السَحَر} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله: {وَالله خير وَأبقى} قَالَ: خير مِنْك أَن أطيع وَأبقى مِنْك عذَابا إِن عصي وَأخرج مُسلم وَأحمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب فَأتى على هَذِه الْآيَة {إِنَّه من يَأْتِ ربه مجرماً فَإِن لَهُ جَهَنَّم لَا يَمُوت فِيهَا وَلَا يحيى} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما أَهلهَا الَّذين هم أَهلهَا فَإِنَّهُم لَا يموتون فِيهَا وَلَا يحيون وَأما الَّذين لَيْسُوا بِأَهْلِهَا فَإِن النَّار تميتهم إماتة ثمَّ يقوم الشفعاء فيشفعون فَيُؤتى بهم ضبائر على نهر يُقَال لَهُ الْحَيَاة أَو الْحَيَوَان فينبتون كَمَا ينْبت القثاء فِي حميل السَّيْل وَالله أعلم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث من كن فِيهِ لم ينل الدَّرَجَات العلى: من تكهَّن أَو استقسم أَو رده من سَفَره طيرة وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أبي الدَّرْدَاء سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من كَانَ وصلَة لِأَخِيهِ إِلَى سُلْطَان فِي مبلغ بر أَو مدفع مَكْرُوه رَفعه الله فِي الدَّرَجَات وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عون بن عبد الله قَالَ: إِن الله ليدْخل خلقا الْجنَّة فيعطيهم حَتَّى يملوا وفوقهم نَاس فِي {الدَّرَجَات العلى} فَإِذا نظرُوا إِلَيْهِم عرفوهم فَيَقُول: يَا رَبنَا إِخْوَاننَا كُنَّا مَعَهم فَبِمَ فضلتهم علينا فَيُقَال: هَيْهَات إِنَّهُم كَانُوا يجوعون حِين تشبعون ويظمؤون حِين تروون ويقومون حِين تنامون ويستحصون حِين تختصون

فِيهِ قَالَ: {يَا قوم إِنَّمَا فتنتم بِهِ وَإِن ربكُم الرَّحْمَن فَاتبعُوني وَأَطيعُوا أَمْرِي قَالُوا لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى} فَأَقَامَ هرون فِيمَن مَعَه من الْمُسلمين مَخَافَة أَن يَقُول لَهُ مُوسَى: {فرقت بَين بني إِسْرَائِيل وَلم ترقب قولي} وَكَانَ لَهُ سَامِعًا مُطيعًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن هرون مر بالسامري وَهُوَ يتنحت الْعجب فَقَالَ لَهُ: مَا تصنع قَالَ: اصْنَع مَا لَا يضر وَلَا ينفع فَقَالَ هرون: اللَّهُمَّ أعْطه مَا سَأَلَ على نَفسه وَمضى هرون فَقَالَ السامري: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك أَن يخور فخار فَكَانَ إِذا خار سجدوا لَهُ وَإِذا خار رفعوا رؤوسهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل استعاروا حليا من القبط فَخَرجُوا بِهِ مَعَهم فَقَالَ لَهُم هَارُون: قد ذهب مُوسَى إِلَى السَّمَاء اجْمَعُوا هَذِه الْحلِيّ حَتَّى يَجِيء مُوسَى فَيَقْضِي فِيهِ مَا قضى فَجمع ثمَّ أذيب فَلَمَّا ألْقى السامري القبضة تحول {عجلاً جسداً لَهُ خوار} فَقَالَ: {هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى فنسي} قَالَ: إِن مُوسَى ذهب يطْلب ربه فضل فَلم يعلم مَكَانَهُ وَهُوَ هَذَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن جِبْرِيل لما نزل فَصَعدَ بمُوسَى إِلَى السَّمَاء بصر بِهِ السامري من بَين النَّاس فَقبض قَبْضَة من أثر الْفرس وَحمل جِبْرِيل مُوسَى خَلفه حَتَّى إِذا دنا من بَاب السَّمَاء صعد وَكتب الله الألواح وَهُوَ يسمع صرير الأقلام فِي الألواح فَلَمَّا أخبرهُ أَن قومه قد فتنُوا من بعده نزل مُوسَى فَأخذ الْعجل فأحرقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ السامري من أهل كرمان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ انْطلق مُوسَى إِلَى ربه فَكَلمهُ فَلَمَّا كَلمه قَالَ لَهُ: {وَمَا أعجلك عَن قَوْمك يَا مُوسَى} {قَالَ هم أولاء على أثري وعجلت إِلَيْك رب لترضى} قَالَ: {فَإنَّا قد فتنا قَوْمك من بعْدك وأضلهم السامري} فَلَمَّا خَبره خبرهم قَالَ: يَا رب هَذَا السامري أَمرهم أَن يتخذوا الْعجل أَرَأَيْت الرّوح من نفخها فِيهِ قَالَ الرب: أَنا قَالَ: يَا رب فَأَنت إِذا أضللتهم ثمَّ رَجَعَ {مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا} قَالَ: حَزينًا {قَالَ يَا قوم ألم}

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن عُمَيْر قَالَ: إِن الرجل وَعَبده يدخلَانِ الْجنَّة فَيكون عَبده أرفع دَرَجَة مِنْهُ فَيَقُول: يَا رب هَذَا كَانَ عَبدِي فِي الدُّنْيَا فَيُقَال: إِنَّه كَانَ أَكثر ذكرا لله تَعَالَى مِنْك وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أهل الدَّرَجَات العلى ليراهم من تَحْتهم كَمَا ترَوْنَ الْكَوْكَب الذري فِي أفق السَّمَاء وَأَن أَبَا بكر وَعمر مِنْهُم وانعما الْآيَة 77 - 97

77

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: {فَاضْرب لَهُم طَرِيقا فِي الْبَحْر يبساً} قَالَ: يَابسا لَيْسَ فِيهِ مَاء وَلَا طين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {طَرِيقا فِي الْبَحْر يبساً} قَالَ: يَابسا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ أَصْحَاب مُوسَى: هَذَا فِرْعَوْن قد أدركنا وَهَذَا الْبَحْر قد عمنَا فَأنْزل الله (وَلَا تخَاف دركاً وَلَا تخشى) من الْبَحْر غرقاً وَلَا وحلاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا تخَاف دركاً} قَالَ: من آل فِرْعَوْن {وَلَا تخشى} من الْبَحْر غرقاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {فغشيهم من اليم} قَالَ الْبَحْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا تطغوا فِيهِ} قَالَ: الطغيان فِيهِ أَن يَأْخُذهُ بِغَيْر حلّه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله: {فَيحل عَلَيْكُم غَضَبي} قَالَ: فَينزل عَلَيْكُم غَضَبي

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ {وَمن يحلل عَلَيْهِ غَضَبي} بِكَسْر اللَّام على تَفْسِير من يجب عَلَيْهِ غَضَبي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مجلز فِي قَوْله: {وَمن يحلل عَلَيْهِ غَضَبي} قَالَ: إِن غَضَبه خلق من خلقه يَدعُوهُ فيكلمه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فقد هوى} قَالَ: شقي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سقِِي بن ماتع: أَن فِي جَهَنَّم قصراً يرْمى الْكَافِر من أَعْلَاهُ فَيهْوِي فِي جَهَنَّم أَرْبَعِينَ قبل أَن يبلغ الصلصال فَذَلِك قَوْله: {وَمن يحلل عَلَيْهِ غَضَبي فقد هوى} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَإِنِّي لغفار لمن تَابَ} قَالَ: من الشّرك {آمن} قَالَ: وحد الله {وَعمل صَالحا} قَالَ: أدّى الْفَرَائِض {ثمَّ اهْتَدَى} قَالَ: لم يشك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِنِّي لغفار} الْآيَة قَالَ: تَابَ من الذَّنب وآمن من الشّرك وَعَملا صَالحا فِيمَا بَينه وَبَين ربه {ثمَّ اهْتَدَى} علم أَن لعمله ثَوابًا يجزى عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {ثمَّ اهْتَدَى} قَالَ: ثمَّ استقام لفرقة السّنة وَالْجَمَاعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق عَمْرو بن مَيْمُون عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فَعجل مُوسَى إِلَى ربه فَقَالَ الله: {وَمَا أعجلك عَن قَوْمك يَا مُوسَى قَالَ هم أولاء على أثري وعجلت إِلَيْك رب لترضى} قَالَ: فَرَأى فِي ظلّ الْعَرْش رجلا فَعجب لَهُ فَقَالَ: من هَذَا يَا رب قَالَ: لَا أحَدثك حَدِيثه لَكِن سأحدثك بِثَلَاث فِيهِ: كَانَ لَا يسحد النَّاس على مَا آتَاهُم الله من فَضله وَلَا يعق وَالِديهِ وَلَا يمشي بالنميمة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن وهب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله لما وعد مُوسَى أَن يكلمهُ خرج للْوَقْت الَّذِي وعده فَبَيْنَمَا هُوَ يُنَاجِي ربه إِذْ سمع خَلفه صَوتا فَقَالَ إلهي إِنِّي أسمع خَلْفي صَوتا قَالَ: لَعَلَّ قَوْمك ضلوا قَالَ: إلهي من أضلهم قَالَ: السامري قَالَ: كَيفَ أضلهم قَالَ:

صاغ لَهُم {عجلاً جسداً لَهُ خوار} قَالَ: إلهي هَذَا السامري صاغ لَهُم الْعجل: فَمن نفخ فِيهِ الرّوح حَتَّى صَار لَهُ خوار قَالَ: أَنا يَا مُوسَى قَالَ: فبعزتك مَا أَضَلَّ قومِي أحد غَيْرك قَالَ: صدقت قَالَ: يَا حَكِيم الْحُكَمَاء لَا يَنْبَغِي حَكِيم أَن يكون أحكم مِنْك وَأخرج ابْن جرير فِي تهذيبه عَن رَاشد بن سعد قَالَ: إِن مُوسَى لما قدم على ربه - وَاعد قومه أَرْبَعِينَ لَيْلَة - قَالَ: يَا مُوسَى إِن قَوْمك قد افتتنوا من بعْدك قَالَ: يَا رب كَيفَ يفتنون وَقد نجيتهم من فِرْعَوْن ونجيتهم من الْبَحْر وأنعمت عَلَيْهِم وَفعلت بهم قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّهُم اتَّخذُوا من بعْدك عجلاً لَهُ خوار قَالَ: يَا رب فَمن جعل فِيهِ الرّوح قَالَ: أَنا قَالَ: فَأَنت يَا رب أضللتهم قَالَ: يَا مُوسَى يَا رَأس النَّبِيين وَيَا أَبَا الْحُكَّام إِنِّي رَأَيْت ذَلِك فِي قُلُوبهم فيسرته لَهُم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما تعجل مُوسَى إِلَى ربه عمد السامري فَجمع مَا قدر عَلَيْهِ من حلي بني إِسْرَائِيل فَضَربهُ عجلاً ثمَّ ألْقى القبضة فِي جَوْفه فَإِذا هُوَ عجل جَسَد لَهُ خوار فَقَالَ لَهُم السامري: {هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى} فَقَالَ لَهُم هرون: {يَا قوم ألم يَعدكُم ربكُم وَعدا حسنا} فَلَمَّا أَن رَجَعَ مُوسَى أَخذ رَأسه أَخِيه فَقَالَ لَهُ هرون مَا قَالَ فَقَالَ مُوسَى للسامري: {فَمَا خَطبك} فَقَالَ: {فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول فنبذتها وَكَذَلِكَ سَوَّلت لي نَفسِي} فَعمد مُوسَى إِلَى الْعجل فَوضع عَلَيْهِ المبارد فبرده وَهُوَ على شطر نهر فَمَا شرب أحد من ذَلِك المَاء - مِمَّن كَانَ يعبد ذَلِك الْعجل - إِلَّا اصفر وَجهه مثل الذَّهَب فَقَالُوا: يَا مُوسَى مَا تَوْبَتنَا قَالَ: يقتل بَعْضكُم بَعْضًا فَأخذُوا السكاكين فَجعل الرجل يقتل أَبَاهُ وأخاه وَابْنه لَا يُبَالِي من قتل حَتَّى قتل مِنْهُم سَبْعُونَ ألفا فَأوحى الله إِلَى مُوسَى: مرهم فَلْيَرْفَعُوا أَيْديهم فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بَقِي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لما هجم فِرْعَوْن على الْبَحْر وَأَصْحَابه - وَكَانَ فِرْعَوْن على فرس أدهم حصان هاب الحصان أَن يقتحم الْبَحْر فَمثل لَهُ جِبْرِيل على فرس لأنثى فَلَمَّا رَآهَا الحصان هجم خلفهَا

وَعرف السامري جِبْرِيل - لِأَن أمه حِين خَافت أَن يذبح خلفته فِي غَار وأطبقت عَلَيْهِ - فَكَانَ جِبْرِيل يَأْتِيهِ فيغذوه بأصابعه فِي وَاحِدَة لَبَنًا وَفِي الْأُخْرَى عسلاً وَفِي الْأُخْرَى سمناً فَلم يزل يغذوه حَتَّى نَشأ فَلَمَّا عاينه فِي الْبَحْر عرفه فَقبض قَبْضَة من أثر فرسه قَالَ أَخذ من تَحت الْحَافِر قَبْضَة وَألقى فِي روع السامري: إِنَّك لَا تلقيها على شَيْء فَتَقول: كن كَذَا إِلَّا كَانَ فَلم تزل القبضة مَعَه فِي يَده حَتَّى جَاوز الْبَحْر فَلَمَّا جَاوز مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيل الْبَحْر أغرق الله آل فِرْعَوْن قَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هرون (اخلفني فِي قومِي وَأصْلح وَلَا تتبع سَبِيل المفسدين) وَمضى مُوسَى لموعد ربه وَكَانَ مَعَ بني إِسْرَائِيل حلي من حلي آل فِرْعَوْن فكأنهم تأثموا مِنْهُ فأخرجوه لتنزل النَّار فتأكله فَلَمَّا جَمَعُوهُ قَالَ السامري: بالقبضة هَكَذَا فقذفها فِيهِ وَقَالَ: كن عجلاً جسداً لَهُ خوار فَصَارَ {عجلاً جسداً لَهُ خوار} فَكَانَ يدْخل الرّيح من دبره وَيخرج من فِيهِ يسمع لَهُ صَوت فَقَالَ {هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى} فعكفوا على الْعجل يعبدونه فَقَالَ هَارُون: {يَا قوم إِنَّمَا فتنتم بِهِ وَإِن ربكُم الرَّحْمَن فَاتبعُوني وَأَطيعُوا أَمْرِي} {قَالُوا لن نَبْرَح عَلَيْهِ عاكفين حَتَّى يرجع إِلَيْنَا مُوسَى} وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَ السامري رجلا من أهل ماجرما وَكَانَ من قوم يعْبدُونَ الْبَقر فَكَانَ يحب عبَادَة الْبَقر فِي نَفسه وَكَانَ قد أظهر الْإِسْلَام فِي بني إِسْرَائِيل فَلَمَّا فصل مُوسَى إِلَى ربه قَالَ لَهُم هرون: إِنَّكُم قد حملتم {أوزاراً من زِينَة الْقَوْم} آل فِرْعَوْن ومتاعاً وحلياً فتطهروا مِنْهَا فَإِنَّهَا رِجْس وأوقد لَهُم نَارا فَقَالَ: اقذفوا مَا مَعكُمْ من ذَلِك فِيهَا فَجعلُوا يأْتونَ بِمَا مَعَهم فيقذفون فِيهَا وَرَأى السامري أثر فرس جِبْرِيل فَأخذ تُرَابا من أثر حَافره ثمَّ أقبل إِلَى النَّار فَقَالَ لهرون يَا نَبِي الله ألقِي مَا فِي يَدي قَالَ: نعم وَلَا يظنّ هرون إِلَّا أَنه كبعض مَا جَاءَ بِهِ غَيره من ذَلِك الْحلِيّ والأمتعة فقذفه فِيهَا فَقَالَ: كن {عجلاً جسداً لَهُ خوار} فَكَانَ للبلاء والفتنة فَقَالَ: {هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى} فعكفوا عَلَيْهِ وأحبوه حبا لم يُحِبُّوا مثله شَيْئا قطّ: يَقُول الله: {فنسي} أَي ترك مَا كَانَ عَلَيْهِ من الْإِسْلَام يَعْنِي السامري {أَفلا يرَوْنَ أَلاَّ يرجع إِلَيْهِم قولا وَلَا يملك لَهُم ضراً وَلَا نفعا} وَكَانَ اسْم السامري: مُوسَى بن ظفروقع فِي أَرض مصر فَدخل فِي بني إِسْرَائِيل فَلَمَّا رأى هرون مَا وَقَعُوا

{يَعِدَكُم ربكُم وَعدا حسنا} إِلَى قَوْله: {مَا أخلفنا موعدك بملكنا} يَقُول: بطاقتنا {وَلَكنَّا حملنَا أوزاراً من زِينَة الْقَوْم} يَقُول: من حلي القبط: {فقذفناها فَكَذَلِك ألْقى السامري فَأخْرج لَهُم عجلاً جسداً لَهُ خوار} فعكفوا عَلَيْهِ يعبدونه وَكَانَ يخور وَيَمْشي فَقَالَ لَهُم هرون: {يَا قوم إِنَّمَا فتنتم بِهِ} يَقُول ابتليتم بالعجل قَالَ: {فَمَا خَطبك يَا سامري} مَا بالك إِلَى قَوْله: {وَانْظُر إِلَى إلهك الَّذِي ظلت عَلَيْهِ عاكفاً لنحرقنه} قَالَ: فَأَخذه فذبحه ثمَّ خرقه بالمبرد يَعْنِي سحكه ثمَّ ذراه فِي اليم فَلم يبْق نهر يجْرِي يَوْمئِذٍ إِلَّا وَقع فِيهِ مِنْهُ شَيْء ثمَّ قَالَ لَهُم مُوسَى: اشربوا مِنْهُ فَشَرِبُوا فَمن كَانَ يُحِبهُ خرج على شاربيه الذَّهَب فَذَلِك حِين يَقُول: {وأشربوا فِي قُلُوبهم الْعجل بكفرهم} قَالَ: فَلَمَّا سقط فِي أَيدي بني إِسْرَائِيل حِين جَاءَ مُوسَى {وَرَأَوا أَنهم قد ضلوا قَالُوا لَئِن لم يَرْحَمنَا رَبنَا وَيغْفر لنا لنكونن من الخاسرين} فَأبى الله أَن يقبل تَوْبَة بني إِسْرَائِيل إِلَّا بِالْحَال الَّتِي كَرهُوا أَنهم كَرهُوا أَن يقاتلوهم حِين عبدُوا الْعجل {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قوم إِنَّكُم ظلمتم أَنفسكُم باتخاذكم الْعجل فتوبوا إِلَى بارئكم فَاقْتُلُوا أَنفسكُم} فاجتلد الَّذين عبدوه وَالَّذين لم يعبدوا بِالسُّيُوفِ فَكَانَ من قتل من الْفَرِيقَيْنِ شَهِيدا حَتَّى كثر الْقَتْل حَتَّى كَادُوا أَن يهْلكُوا حَتَّى قتل مِنْهُم سَبْعُونَ ألفا وَحَتَّى دَعَا مُوسَى وهرون: رَبنَا هَلَكت بَنو إِسْرَائِيل رَبنَا الْبَقِيَّة الْبَقِيَّة فَأَمرهمْ أَن يضعوا السِّلَاح وَتَابَ عَلَيْهِم فَكَانَ من قتل مِنْهُم كَانَ شَهِيدا وَمن بَقِي كَانَ مكفراً عَنهُ فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: {فَتَابَ عَلَيْكُم إِنَّه هُوَ التواب الرَّحِيم} ثمَّ إِن الله تَعَالَى أَمر مُوسَى أَن يَأْتِيهِ فِي نَاس من بني إِسْرَائِيل يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ من عبَادَة الْعجل فَوَعَدَهُمْ موعدا {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا} ثمَّ ذهب ليعتذروا من عبَادَة الْعجل فَلَمَّا أَتَوا ذَلِك قَالُوا: {لن نؤمن لَك حَتَّى نرى الله جهرة} فَإنَّك قد كَلمته فأرناه {فَأَخَذتهم الصاعقة} فماتوا فَقَامَ مُوسَى يبكي وَيَدْعُو الله وَيَقُول: رب مَاذَا أَقُول لنَبِيّ إِسْرَائِيل إِذا أتيتهم وَقد أهلكت خيارهم {رب لَو شِئْت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا} فَأوحى الله إِلَى مُوسَى أَن هَؤُلَاءِ السّبْعين مِمَّن اتَّخذُوا الْعجل فَذَلِك حِين يَقُول مُوسَى: {إِن هِيَ إِلَّا فتنتك تضل بهَا من تشَاء} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أفطال عَلَيْكُم الْعَهْد} يَقُول: الْوَعْد وَفِي قَوْله: {فأخلفتم موعدي}

يَقُول: عهدي وَفِي قَوْله: {مَا أخلفنا موعدك بملكنا} بِأَمْر ملكنا {وَلَكنَّا حملنَا أوزاراً} قَالَ: أثقالاً من زِينَة الْقَوْم وَهِي الْحلِيّ الَّذِي استعاروه من آل فِرْعَوْن {فقذفناها} قَالَ: فألقيناها {فَكَذَلِك ألْقى السامري} قَالَ: كَذَلِك صنع {فَأخْرج لَهُم عجلاً جسداً لَهُ خوار} قَالَ: حفيف الرّيح فِيهِ فَهُوَ خواره والعجل ولد الْبَقَرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {بملكنا} قَالَ: بأمرنا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مَا أخلفنا موعدك بملكنا} قَالَ: بطاقتنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {بملكنا} قَالَ: بسلطاننا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن يحيى أَنه قَرَأَ {بملكنا} وملكنا وَاحِد وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله: {هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى فنسي} قَالَ: نسي مُوسَى أَن يذكر لكم: إِن هَذَا إلهه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فنسي} قَالَ هم يَقُولُونَهُ قومه: أَخطَأ الرب الْعجل {أَفلا يرَوْنَ أَلاَّ يرجع إِلَيْهِم قولا} قَالَ: الْعجل {وَلَا يملك لَهُم ضراً} قَالَ: ضَلَالَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {قَالَ يَا هَارُون مَا مَنعك إِذْ رَأَيْتهمْ ضلوا أَلا تتبعن} قَالَ: تَدعهُمْ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: أمره مُوسَى أَن يصلح وَلَا يتبع سَبِيل المفسدين فَكَانَ من إِصْلَاحه أَن يُنكر الْعجل فَذَلِك قَوْله: {إِلَّا تتبعن أفعصيت أَمْرِي} كَذَلِك أَيْضا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {إِنِّي خشيت أَن تَقول فرقت بَين بني إِسْرَائِيل} قَالَ: خشيت أَن يَتبعني بَعضهم ويتخلف بَعضهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي اله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنِّي خشيت أَن تَقول فرقت بَين بني إِسْرَائِيل} قَالَ: قد كره الصالحون الْفرْقَة قبلكُمْ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَلم ترقب قولي} قَالَ: لم تنْتَظر قولي وَمَا أَنا صانع وَقَائِل قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلم ترقب قولي} لم تحفظ قولي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قَالَ فَمَا خَطبك يَا سامري} قَالَ: لم يكن اسْمه وَلكنه كَانَ من قَرْيَة اسْمهَا سامرة {قَالَ بصرت بِمَا لم يبصروا بِهِ} يَعْنِي فرس جِبْرِيل وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {بِمَا لم يبصروا بِهِ} بِالْيَاءِ وَرفع الصَّاد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول} قَالَ: من تَحت حافر فرس جِبْرِيل {فنبذتها} قَالَ: نبذ السامري على حلية بني إِسْرَائِيل فَانْقَلَبت عجلاً وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فقبضت قَبْضَة من أثر الرَّسُول} قَالَ: قبض السامري قَبْضَة من أثر الْفرس فصره فِي ثَوْبه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرؤهَا فقنصت بالصَّاد قَالَ: والقبص بأطراف الْأَصَابِع وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْأَشْهب قَالَ: كَانَ الْحسن يقْرؤهَا فقبصت قبصة بالصَّاد يَعْنِي بأطراف أَصَابِعه وَكَانَ أَبُو رَجَاء يقْرؤهَا فقبصت قبصة بالصَّاد هَكَذَا بِجَمِيعِ كفيه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: القبضة ملْء الْكَفّ والقبصة بأطراف الْأَصَابِع وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {فقبضت قَبْضَة} بالضاد على معنى الْقَبْض وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَإِن لَك فِي الْحَيَاة أَن تَقول لَا مساس} قَالَ: عُقُوبَة لَهُ {وَإِن لَك موعداً لن تخلفه} قَالَ: لن تغيب عَنهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَانْظُر إِلَى إلهك الَّذِي ظلت عَلَيْهِ عاكفاً}

قَالَ: أَقمت {لنحرقنه} قَالَ: بالنَّار {ثمَّ لننسفنه فِي اليم نسفاً} قَالَ: لنذرينه فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {لنحرقنه} خَفِيفَة يَقُول: إِن الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يحرقان بالنَّار يسحل بالمبرد ثمَّ يلقى على النَّار فَيصير رَمَادا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة لنذبحنه ثمَّ لنحرقنه خَفِيفَة قَالَ قَتَادَة: وَكَانَ لَهُ لحم وَدم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي نهيك الْأَزْدِيّ أَنه قَرَأَ {لنحرقنه} بِنصب النُّون وخفض الرَّاء وخففها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اليم الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: اليم النَّهر الْآيَة 98 - 110

98

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وسع كل شَيْء علما} يَقُول: مَلأ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي زيد فِي قَوْله: {وَقد آتيناك من لدنا ذكرا} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يحمل يَوْم الْقِيَامَة وزراً} قَالَ: إِثْمًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وساء لَهُم يَوْم الْقِيَامَة حملا} يَقُول: بئس مَا حملُوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {وساء لَهُم يَوْم الْقِيَامَة حملا} قَالَ: لَيْسَ هِيَ وسألهم مَوْصُولَة يَنْبَغِي أَن يقطع فَإنَّك إِن وصلت لم تفهم وَلَيْسَ بهَا خَفَاء ساءلهم حملا {خَالِدين فِيهِ وساء لَهُم يَوْم الْقِيَامَة حملا} قَالَ: حمل السوء وبوئ صَاحبه النَّار قَالَ: وَإِنَّمَا هِيَ {وساء لَهُم} مَقْطُوعَة وساء بعْدهَا لَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: أَرَأَيْت قَوْله: {ونحشر الْمُجْرمين يَوْمئِذٍ زرقاً} وَأُخْرَى عميا قَالَ: إِن يَوْم الْقِيَامَة فِيهِ حالات: يكونُونَ فِي حَال زرقاً وَفِي حَال عميا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يتخافتون بَينهم} قَالَ: يتسارّون وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {إِذْ يَقُول أمثلهم طَريقَة} قَالَ: أعلمهم فِي نَفسه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِذْ يَقُول أمثلهم طَريقَة} قَالَ: أعدلهم من الْكفَّار {إِن لبثتم} أَي فِي الدُّنْيَا {إِلَّا يَوْمًا} لما تقاصرت فِي أنفسهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَت قُرَيْش: يَا مُحَمَّد كَيفَ يفعل رَبك بِهَذِهِ الْجبَال يَوْم الْقِيَامَة فَنزلت {ويسألونك عَن الْجبَال} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فيذرها قاعاً} قَالَ: مستوياً {صفصفاً} قَالَ: لَا نَبَات فِيهِ {لَا ترى فِيهَا عوجا} قَالَ: وَاديا {وَلَا أمتاً} قَالَ: رابية وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزوجل: {فيذرها قاعاً صفصفاً} قَالَ: القاع الأملس والصفصف المستوي قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول:

ملمومة شهباء لَو قذفوا بهَا شماريخ من رضوى إِذا عَاد صفصفا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {قاعاً صفصفاً لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتاً} قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: هِيَ الأَرْض الملساء الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رابية مُرْتَفعَة وَلَا انخفاض وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {قاعاً صفصفاً} قَالَ: مستوياً {لَا ترى فِيهَا عوجا} قَالَ: خفضاً {وَلَا أمتاً} قَالَ: إرتفاعاً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {صفصفاً} قَالَ: القاع: الأَرْض والصفصف: المستوية {لَا ترى فِيهَا عوجا} قَالَ: صدعاً {وَلَا أمتاً} قَالَ: أكمة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا ترى فِيهَا عوجا} قَالَ: ميلًا {وَلَا أمتاً} قَالَ: الأمت الْأَثر مثل الشرَاك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: العوج الإرتفاع والأمت الْمَبْسُوط وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي بالأمت حفراً وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى: {لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتاً} مَا الأمت قَالَ: الشي الشاخص من الأَرْض قَالَ فِيهِ كَعْب بن زُهَيْر: فَأَبْصَرت لمحة من رَأس عكرشة فِي كَافِر مَا بِهِ أمت وَلَا شرف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: يحْشر الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي ظلمَة تطوى السَّمَاء وتتناثر النُّجُوم وَتذهب الشَّمْس وَالْقَمَر وينادي مُنَاد فَيسمع النَّاس الصَّوْت يأتونه فَذَلِك قَول الله: {يَوْمئِذٍ يتبعُون الدَّاعِي لَا عوج لَهُ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {يتبعُون الدَّاعِي لَا عوج لَهُ} قَالَ: لَا عوج عَنهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لَا عوج لَهُ} لَا يميلون عَنهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَا تسمع إِلَّا همساً} قَالَ: الصَّوْت الْخَفي

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَا تسمع إِلَّا همساً} قَالَ: صَوت وَطْء الْأَقْدَام وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {فَلَا تسمع إِلَّا همساً} قَالَ: أصوات أَقْدَامهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَسَعِيد فِي قَوْله: {فَلَا تسمع إِلَّا همساً} قَالَ: وَطْء الْأَقْدَام وَأخرج عبد بن حميد عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: كنت قَاعِدا عِنْد الشّعبِيّ فمرت علينا إبل قد كَانَ عَلَيْهَا جص فَطَرَحته فَسمِعت صَوت أخفافها فَقَالَ: هَذَا الهمس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا تسمع إِلَّا همساً} قَالَ: هُوَ خفض الصَّوْت بالْكلَام يُحَرك لِسَانه وشفتيه وَلَا يسمع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَّا همساً} قَالَ: سر الحَدِيث وَصَوت الْأَقْدَام وَالله أعلم الْآيَة 111 - 114

111

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وعنت الْوُجُوه} قَالَ: ذلت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وعنت الْوُجُوه} قَالَ: خَشَعت

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وعنت الْوُجُوه} قَالَ: استأسرت صَارُوا أُسَارَى كلهم وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة {وعنت الْوُجُوه} قَالَ: خضعت وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل: {وعنت الْوُجُوه للحي القيوم} قَالَ: استسلمت وخضعت يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: ليبك عَلَيْك كل عان بكربه وَآل قصيّ من مقل وَذي وفر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي اله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وعنت الْوُجُوه} قَالَ: الرُّكُوع وَالسُّجُود وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طلق بن حبيب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وعنت الْوُجُوه للحي القيوم} قَالَ: هُوَ وضعك جبهتك وكفيك وركبتيك وأطراف قَدَمَيْك فِي السُّجُود وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقد خَابَ من حمل ظلما} قَالَ: شركا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَول: {وَقد خَابَ من حمل ظلما} قَالَ: شركا وَفِي قَوْله: {فَلَا يخَاف ظلما وَلَا هضماً} قَالَ: {ظلما} أَن يُزَاد فِي سيئاته {وَلَا هضماً} قَالَ: لَا ينقص من حَسَنَاته وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا يخَاف ظلما وَلَا هضماً} قَالَ: لَا يخَاف أَن يظلم فيزاد فِي سيئاته وَلَا يهضم من حَسَنَاته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا يخَاف ظلما} قَالَ: أَن يُزَاد عَلَيْهِ أَكثر من ذنُوبه {وَلَا هضماً} قَالَ: أَن ينتقص من حَسَنَاته شَيْئا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا هضماً} قَالَ: غصبا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أَو يحدث لَهُم ذكرا} قَالَ: الْقُرْآن {ذكرا} قَالَ: جدا وورعاً

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أنزل عَلَيْهِ جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ أتعب نَفسه فِي حفظه حَتَّى يشق على نَفسه يتخوف أَن يصعد جِبْرِيل وَلم يحفظه فينسى مَا علمه فَقَالَ الله: {وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه} وَقَالَ: (لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ) (الْقِيَامَة آيَة 16) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه} يَقُول: لَا تعجل حَتَّى نبينه لَك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: لطم رجل امْرَأَته فَجَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تطلب قصاصا فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا الْقصاص فَأنْزل الله {وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه وَقل رب زِدْنِي علما} فَوقف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزلت (الرِّجَال قوّامون على النِّسَاء) (النِّسَاء آيَة 34) الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن الْحسن أَنه قَرَأَ {من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ} قَالَ: لَا تمله على أحد حَتَّى نتمه لَك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه} قَالَ: تبيانه وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اللَّهُمَّ انفعني بِمَا علمتني وَعَلمنِي مَا يَنْفَعنِي وزدني علما وَالْحَمْد لله على كل حَال وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود: أَنه كَانَ يَدْعُو: اللَّهُمَّ زِدْنِي إِيمَانًا وفقها ويقينا وعلما الْآيَة 115

115

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَابْن مَنْدَه فِي التَّوْحِيد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّمَا سمي الْإِنْسَان: لِأَنَّهُ عهد إِلَيْهِ فنسي وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: لَو أَن أَحْلَام بني آدم جمعت مُنْذُ يَوْم خلق آدم إِلَى أَن تقوم السَّاعَة فَوضعت فِي كفة وحلم آدم فِي كفة لرجح حلمه بأحلامهم ثمَّ قَالَ الله: {وَلم نجد لَهُ عزماً} قَالَ: حفظا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن قَالَ: كَانَ عقل آدم مثل عقل جَمِيع وَلَده قَالَ الله: {فنسي وَلم نجد لَهُ عزماً} وَأخرج عبد الْغَنِيّ بن سعيد فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلَقَد عهدنا إِلَى آدم} قَالَ: أَن لَا يقرب الشَّجَرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مَنْدَه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلم نجد لَهُ عزماً} قَالَ: حفظا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فنسي} قَالَ: فَترك {وَلم نجد لَهُ عزماً} يَقُول: لم نجْعَل لَهُ عزماً وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سَأَلت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن قَول الله: (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء أَن تبد لكم تَسؤْكُم) (الْمَائِدَة آيَة 101) قَالَ: كَانَ رجال من الْمُهَاجِرين فِي أنسابهم شَيْء فَقَالُوا يَوْمًا: وَالله لَوَدِدْنَا أَن الله أنزل قُرْآنًا فِي نسبنا فَأنْزل الله مَا قَرَأت ثمَّ قَالَ لي: إِن صَاحبكُم هَذَا - يَعْنِي عَليّ بن أبي طَالب - أَن ولِّي زهد وَلَكِنِّي أخْشَى عجب نَفسه أَن يذهب بِهِ قلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن صاحبنا من قد علمت وَالله مَا نقُول أَنه غير وَلَا عدل وَلَا أَسخط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّام صحبته فَقَالَ: وَلَا فِي بنت أبي جهل وَهُوَ يُرِيد أَن يخطبها على فَاطِمَة قلت: قَالَ الله فِي مَعْصِيّة آدم عَلَيْهِ السَّلَام {وَلم نجد لَهُ عزماً} وصاحبنا لم يعزم على إسخاط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن الخواطر الَّتِي لم يقدر على دَفعهَا عَن نَفسه وَرُبمَا كَانَت من

الْفَقِيه فِي دين الله الْعَالم بِأَمْر الله فَإِذا نبه عَلَيْهَا رَجَعَ وأناب فَقَالَ: يَا ابْن عَبَّاس منْ ظَنّ أَنه يرد بحوركم فيغوص فِيهَا حَتَّى يبلغ قعرها فقد ظن عَجزا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لعمر بن الْخطاب: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم يذكر الرجل وَلم ينس فَقَالَ: إِن على الْقلب طخاة كطخاة الْقَمَر فَإِذا تغشت الْقلب نسي ابْن آدم مَا كَانَ يذكر فَإِذا انجلت ذكر مَا نسي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تَأْكُلُوا بشمائلكم وَلَا تشْربُوا بشمائلكم فَإِن آدم أكل بِشمَالِهِ فنسي فأورث ذَلِك النسْيَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة {وَلم نجد لَهُ عزما} قَالَ: حفظا لما أَمر بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلم نجد لَهُ عزماً} قَالَ: صبرا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: لَو وزن حلم آدم بحلم الْعَالمين لوزنه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: لم يكن آدم من أولي الْعَزْم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فنسي} قَالَ: ترك مَا قدم إِلَيْهِ وَلَو كَانَ مِنْهُ نِسْيَان مَا كَانَ عَلَيْهِ شَيْء لِأَن الله قد وضع عَن الْمُؤمنِينَ النسْيَان وَالْخَطَأ وَلَكِن آدم ترك مَا قدم إِلَيْهِ من أكل الشَّجَرَة الْآيَة 116 - 122

116

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا يخرجنكما من الْجنَّة فتشقى} قَالَ: عَنى بِهِ شقاء الدُّنْيَا فَلَا تلقى ابْن آدم إِلَّا شقياً ناصباً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عَيْنِيَّة قَالَ: لم يقل فتشقيان لِأَنَّهَا دخلت مَعَه فَوَقع الْمَعْنى عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وعَلى أولادهما كَقَوْلِه: (يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم) (الطَّلَاق آيَة 1) و (يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم) (التَّحْرِيم آيَة 1) فَدَخَلُوا فِي الْمَعْنى مَعَه وَإِنَّمَا كلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحده وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن آدم عَلَيْهِ السَّلَام لما أهبط إِلَى الأَرْض استقبله ثَوْر أبلق فَقيل لَهُ: اعْمَلْ عَلَيْهِ فَجعل يمسح الْعرق عَن جَبينه وَيَقُول: هَذَا مَا وَعَدَني رَبِّي {فَلَا يخرجنكما من الْجنَّة فتشقى} ثمَّ نَادَى حَوَّاء: أحواء أَنْت عملت فِي هَذَا فَلَيْسَ أحد من بني آدم يعْمل على ثَوْر إِلَّا قَالَ: حوّاء دخلت عَلَيْهِم من قبل آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَأَنَّك لَا تظمأ فِيهَا وَلَا تضحى} قَالَ: لَا يصيبك فِيهَا عَطش وَلَا حر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَا تظمأ} قَالَ: لَا تعطش {وَلَا تضحى} قَالَ: لَا يصيبك فِيهَا حر وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس: إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {وَأَنَّك لَا تظمأ فِيهَا وَلَا تضحى} قَالَ: لَا تعرق فِيهَا من شدَّة الشَّمْس قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: رَأَتْ رجلا أما إِذا الشَّمْس عارضت فيضحى وَأما بالْعَشي فيخضر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تضحى} قَالَ: لَا يصيبك حر الشَّمْس وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا وَهِي شَجَرَة الْخلد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسكن الله آدم الْجنَّة وَزَوجته وَنَهَاهُ عَن الشَّجَرَة رأى غصونها متشعبة بَعْضهَا على بعض وَكَانَ لَهَا ثَمَر تَأْكُله الْمَلَائِكَة لخلدهم وَهِي الثَّمَرَة الَّتِي نهى الله آدم عَنْهَا وَزَوجته فَلَمَّا أَرَادَ إِبْلِيس أَن يستزلهما دخل الْحَيَّة وَكَانَت الْحَيَّة لَهَا أَربع قَوَائِم كَأَنَّهَا بُخْتِيَّة من أحسن دَابَّة خلقهَا الله فَلَمَّا دخلت الْحَيَّة الْجنَّة خرج من جوفها إِبْلِيس فَأخذ من الشَّجَرَة الَّتِي نهى الله آدم وَزَوجته عَنْهَا فجَاء بهَا إِلَى حَوَّاء فَقَالَ: انظري إِلَى هَذِه الشَّجَرَة مَا أطيب رِيحهَا وَأطيب طعمها وَأحسن لَوْنهَا فأخذتها حَوَّاء فَأَكَلتهَا ثمَّ ذهبت بهَا إِلَى آدم فَقَالَت: انْظُر إِلَى هَذِه الشَّجَرَة مَا أطيب رِيحهَا وَأطيب طعمها وَأحسن لَوْنهَا فَأكل مِنْهَا آدم {فبدت لَهما سوآتهما} فَدخل آدم فِي جَوف الشَّجَرَة فناداه ربه: أَيْن أَنْت قَالَ: هَا أناذا يَا رب قَالَ: أَلا تخرج قَالَ: أستحي مِنْك يَا رب قَالَ: اهبط إِلَى الأَرْض ثمَّ قَالَ: يَا حَوَّاء غررت عَبدِي فَإنَّك لَا تحملين حملا إِلَّا كرْهاً فَإِذا أردْت أَن تَضَعِي مَا فِي بَطْنك أشرفت على الْمَوْت مرَارًا وَقَالَ للحية: أَنْت الَّتِي دخل الملعون فِي جوفك حَتَّى غرّ عَبدِي أَنْت ملعونة لعنة تتحوّل قوائمك فِي بَطْنك وَلَا يكون لَك رزق إِلَّا التُّرَاب أَنْت عَدو بني آدم وهم أعداؤك أَيْنَمَا لقِيت أحد مِنْهُم أخذت بعقبيه وَحَيْثُ مَا لقيك أحد مِنْهُم شرخ رَأسك قيل لوهب: وَهل كَانَت الْمَلَائِكَة تَأْكُل قَالَ: يفعل الله مَا يَشَاء وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عَلْقَمَة قَالَ: اقْتُلُوا الْحَيَّات كلهَا إِلَى الجان الَّذِي كَأَنَّهُ ميل فَإِنَّهُ جنها وَلَا يضر أحدكُم كَافِرًا قتل أَو مُسلما وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي عبد الله المغربي قَالَ: تفكر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي شَأْن آدم قَالَ: يَا رب خلقته بِيَدِك ونفخت فِيهِ من روحك وأسجدت لَهُ ملائكتك ثمَّ بذنب وَاحِد مَلَأت أَفْوَاه النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: (وَعصى آدم ربه فغوى) فَأوحى اله إِلَيْهِ: يَا إِبْرَاهِيم أما علمت أَن مُخَالفَة الحبيب على الحبيب شَدِيدَة

الْآيَة 123 - 126

123

أخرج الطَّبَرَانِيّ والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الطُّفَيْل أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ: {فَمن اتبع هُدَايَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اتبع كتاب الله هداه الله من الضَّلَالَة فِي الدُّنْيَا ووقاه سوء الْحساب يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ أَن الله يَقُول: {فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا يضل وَلَا يشقى} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَجَارَ الله تَابع الْقُرْآن من أَن يضل فِي الدُّنْيَا أَو يشقى فِي الْآخِرَة ثمَّ قَرَأَ: {فَمن اتبع هُدَايَ فَلَا يضل وَلَا يشقى} قَالَ: لَا يضل فِي الدُّنْيَا وَلَا يشقى فِي الْآخِرَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور ومسدد فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ مَرْفُوعا فِي قَوْله: {معيشة ضنكا} قَالَ: عَذَاب الْقَبْر وَفِي لفظ عبد الرَّزَّاق قَالَ: يضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه وَفِي لفظ ابْن أبي حَاتِم عَن ضمة الْقَبْر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: إِن الْمَعيشَة الضنك: أَن يُسَلط عَلَيْهِ تِسْعَة وَتسْعُونَ تنيناً تنهشه فِي الْقَبْر وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً} قَالَ: الْمَعيشَة الضنك الَّتِي قَالَ الله: إِنَّه يُسَلط عَلَيْهِ تِسْعَة وَتسْعُونَ حَيَّة تنهش لَحْمه حَتَّى تقوم السَّاعَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم من وَجه آخر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً} قَالَ: عَذَاب الْقَبْر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت والحكيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمُؤمن فِي قَبره فِي رَوْضَة خضراءويرحب لَهُ قَبره سبعين ذراعاويضيءحتى يكون كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر هَل تَدْرُونَ فِيمَا أنزلت {فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً} قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: عَذَاب الْكَافِر فِي قَبره يُسَلط عَلَيْهِ تِسْعَة وَتسْعُونَ تنيناً هَل تَدْرُونَ مَا التنين تِسْعَة وَتسْعُونَ حَيَّة لكل حَيَّة سَبْعَة رُؤُوس يخدشونه ويلسعونه وينفخون فِي جمسه إِلَى يَوْم يبعثون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا حدثتكم بِحَدِيث أنبأتكم بِتَصْدِيق ذَلِك من كتاب الله إِن الْمُؤمن إِذا وضع فِي قَبره أَجْلِس فِيهِ فَيُقَال لَهُ: من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فيثبته الله فَيَقُول: رَبِّي الله وديني الإِسلام ونبيي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيوسع لَهُ فِي قَبره ويروّح لَهُ فِيهِ ثمَّ قَرَأَ عبد الله {يثبت الله الَّذين آمنُوا بالْقَوْل الثَّابِت فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة} فَإِذا مَاتَ الْكَافِر أَجْلِس فِي قَبره فَيُقَال لَهُ: من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول: لَا أَدْرِي قَالَ: فيضيق عَلَيْهِ قَبره ويعذب فِيهِ ثمَّ قَرَأَ: {وَمن أعرض عَن ذكري فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {معيشة ضنكاً} قَالَ: الشَّقَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {معيشة ضنكاً} قَالَ: شدَّة عَلَيْهِ فِي النَّار وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {معيشة ضنكاً} قَالَ: الضنك الشَّديد من كل وَجه قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وَالْخَيْل قد لحق بِنَا فِي مارق ضنك نواحيه شَدِيد الْمُقدم

وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً} قَالَ: عَذَاب الْقَبْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود مثله وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي صَالح وَالربيع مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: الْمَعيشَة الضنك خصم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {معيشة ضنكاً} قَالَ: يَقُول: كل مَال أَعْطيته عبدا من عبَادي قلّ أَو كثر لَا يطيعني فِيهِ فَلَا خير فِيهِ وَهُوَ الضنك فِي الْمَعيشَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {معيشة ضنكا} قَالَ: ضيقَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {معيشة ضنكاً} قَالَ: الضنك من الْمَعيشَة إِذا وسع الله على عَبده أَن يَجْعَل معيشته من الْحَرَام فَيَجْعَلهُ الله عَلَيْهِ ضيقا فِي نَار جَهَنَّم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن دِينَار فِي قَوْله: {معيشة ضنكا} قَالَ: يحول الله رزقه فِي الْحَرَام فَلَا يطعمهُ إِلَّا رانا حَتَّى يَمُوت فيعذبه عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {معيشة ضنكاً} قَالَ: الْعَمَل السيء والرزق الْخَبيث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {معيشة ضنكاً} قَالَ: فِي النَّار شوك وزقوم وغسلين والضريع وَلَيْسَ فِي الْقَبْر وَلَا فِي الدُّنْيَا معيشة مَا الْمَعيشَة والحياة إِلَّا فِي الْآخِرَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد {معيشة ضنكاً} ضيقَة يضيق عَلَيْهِ قَبره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَإِن لَهُ معيشة ضنكاً} قَالَ: رزقا {ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى} قَالَ: عَن الْحجَّة {قَالَ رب لم حشرتني أعمى وَقد كنت بَصيرًا} قَالَ: فِي الدُّنْيَا {قَالَ كَذَلِك أتتك آيَاتنَا فنسيتها وَكَذَلِكَ الْيَوْم تنسى} قَالَ: تتْرك فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى} قَالَ: لَيْسَ لَهُ حجَّة وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله:

{ونحشره يَوْم الْقِيَامَة أعمى} قَالَ: عمي عَلَيْهِ كل شَيْء إِلَّا جَهَنَّم وَفِي لفظ قَالَ: لَا يبصر إِلَّا النَّار وَأخرج هناد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لم حشرتني أعمى} قَالَ: لَا حجَّة لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {أتتك آيَاتنَا فنسيتها} يَقُول: تركتهَا أَن تعْمل بهَا {وَكَذَلِكَ الْيَوْم تنسى} قَالَ: فِي النَّار وَالله أعلم الْآيَة 127 - 131

127

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله: {وَكَذَلِكَ نجزي من أسرف} قَالَ: من أشرك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أفلم يهد لَهُم} قَالَ: ألم نبين لَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أفلم يهد لَهُم} قَالَ: أفلم نبين لَهُم {كم أهلكنا قبلهم من الْقُرُون يَمْشُونَ فِي مساكنهم} نَحْو عَاد وَثَمُود وَمن أهلك من الْأُمَم وَفِي قَوْله: {وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك لَكَانَ لزاماً وَأجل مُسَمّى} قَالَ: هَذَا من مقاديم الْكَلَام يَقُول: لَوْلَا كلمة من رَبك وَأجل مُسَمّى لَكَانَ لزاماً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك لَكَانَ لزاماً} قَالَ: لَكَانَ أخذا وَلَكنَّا أخرناهم إِلَى يَوْم بدر وَهُوَ اللُّزُوم وتفسيرها {وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك لَكَانَ لزاماً وَأجل مُسَمّى} لَكَانَ لزاماً وَلكنه تَقْدِيم وَتَأْخِير فِي الْكَلَام

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: الْأَجَل الْمُسَمّى الْكَلِمَة الَّتِي سبقت من رَبك {لَكَانَ لزاماً وَأجل مُسَمّى} قَالَ: أجل مُسَمّى الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَكَانَ لزاماً} قَالَ: موتا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا} قَالَ: هِيَ الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس} قَالَ: هِيَ صَلَاة الْفجْر {وَقبل غُرُوبهَا} قَالَ: صَلَاة الْعَصْر {وَمن آنَاء اللَّيْل} قَالَ: صَلَاة الْمغرب وَالْعشَاء {وأطراف النَّهَار} قَالَ: صَلَاة الظّهْر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن جرير عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا} قَالَ: {قبل طُلُوع الشَّمْس} صَلَاة الصُّبْح {وَقبل غُرُوبهَا} صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا} قَالَ: كَانَ هَذَا قبل أَن تفرض الصَّلَاة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن جرير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم كَمَا ترَوْنَ هَذَا الْقَمَر لَا تضَامون فِي رُؤْيَته فَإِن اسْتَطَعْتُم أَن لَا تغلبُوا على صَلَاة قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا فافعلوا ثمَّ قَرَأَ: {وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عمَارَة بن رُومِية: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لن يلج النَّار أحد صلى قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا وَأخرج الْحَاكِم عَن فضَالة بن وهب اللَّيْثِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: حَافظ على العصرين قلت: وَمَا العصران قَالَ: صَلَاة قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل غُرُوبهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وَمن آنَاء اللَّيْل فسبح وأطراف النَّهَار} قَالَ: بعد الصُّبْح وَعند غرُوب الشَّمْس

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {لَعَلَّك ترْضى} قَالَ: الثَّوَاب فِيمَا يزيدك الله على ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عبد الرَّحْمَن أَنه قَرَأَ {لَعَلَّك ترْضى} بِرَفْع التَّاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن زاهويه وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أبي رَافع قَالَ: أضَاف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضيفاً وَلم يكن عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يصلحه فأرسلني إِلَى رجل من الْيَهُود أَن بعنا أَو أسلِفْنا دَقِيقًا إِلَى هِلَال رَجَب فَقَالَ: لَا إِلَّا برهن فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: أما وَالله إِنِّي لأمين فِي السَّمَاء أَمِين فِي الأَرْض وَلَو أَسْلفنِي أَو بَاعَنِي لَأَدَّيْت إِلَيْهِ اذْهَبْ بِدِرْعِي الْحَدِيد فَلَمَّا أخرج من عِنْده حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم} كَأَنَّهُ يعزيه عَن الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله: {وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك} الْآيَة قَالَ: تَعْزِيَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن مَا أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم مَا يفتح الله لكم من زهرَة الدُّنْيَا قَالُوا: وَمَا زهرَة الدُّنْيَا يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَرَكَات الأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {زهرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا {لنفتنهم فِيهِ} قَالَ: لنبتليهم فِيهِ {ورزق رَبك خير وَأبقى} قَالَ: مِمَّا متع بِهِ هَؤُلَاءِ من زهرَة الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {ورزق رَبك خير وَأبقى} يَقُول: رزق الْجنَّة وَأخرج المرهبي فِي فضل الْعلم عَن زِيَاد الصدعي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من طلب الْعلم تكفل الله برزقه وَأخرج المرهبي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من غَدا فِي طلب الْعلم أظلت عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة وبورك لَهُ فِي معيشته وَلم ينقص من رزقه وَكَانَ عَلَيْهِ مُبَارَكًا

الْآيَة 132

132

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَأمر أهلك بِالصَّلَاةِ} قَالَ: قَوْمك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي قَوْله: {لَا نَسْأَلك رزقا} قَالَ: لَا نكلفك بِالطَّلَبِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة أَنه كَانَ إِذا دخل على أهل الدُّنْيَا فَرَأى من دنياهم طرفا فَإِذا رَجَعَ إِلَى أَهله فَدخل الدَّار قَرَأَ {وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك} إِلَى قَوْله: {نَحن نرزقك} ثمَّ يَقُول: الصَّلَاة الصَّلَاة رحمكم الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر وَابْن النجار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: لما نزلت {وَأمر أهلك بِالصَّلَاةِ} كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَجِيء إِلَى بَاب عليّ صَلَاة الْغَدَاة ثَمَانِيَة أشهر يَقُول: الصَّلَاة رحمكم الله (إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا) (الْأَحْزَاب آيَة 33) وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ثَابت قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَصَابَت أَهله خصَاصَة نَادَى أَهله بِالصَّلَاةِ: صلوا صلوا قَالَ ثَابت: وَكَانَت الْأَنْبِيَاء إِذا نزل بهم أَمر فزعوا إِلَى الصَّلَاة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد عَن معمر عَن رجل من قُرَيْش قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل على أَهله بعض الضّيق فِي الرزق أَمر أَهله بِالصَّلَاةِ ثمَّ قَرَأَ {وَأمر أهلك بِالصَّلَاةِ} الْآيَة وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد صَحِيح عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزلت بأَهْله شدَّة أَو ضيق أَمرهم بِالصَّلَاةِ وتلا {وَأمر أهلك بِالصَّلَاةِ} الْآيَة وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن أسلم قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب يُصَلِّي من اللَّيْل مَا

شَاءَ الله أَن يُصَلِّي حَتَّى إِذا كَانَ آخر اللَّيْل أيقظ أَهله للصَّلَاة وَيَقُول لَهُم: الصَّلَاة الصَّلَاة وَيَتْلُو هَذِه الْآيَة: {وَأمر أهلك بِالصَّلَاةِ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن هِشَام بن عُرْوَة قَالَ: قَالَ لنا أبي: إِذا رأى أحدكُم شَيْئا من زِينَة الدُّنْيَا وزهرتها فليأت أَهله وليأمر أَهله بِالصَّلَاةِ وليصطبر عَلَيْهَا فَإِن الله قَالَ لنَبيه: {وَلَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم} وَقَرَأَ إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي وَله {وَالْعَاقبَة للتقوى} قَالَ: هِيَ الْجنَّة وَالله أعلم الْآيَة 133 - 135

133

أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أَو لم تأتهم بَيِّنَة مَا فِي الصُّحُف الأولى} قَالَ: التَّوْرَاة والإِنجيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة قَالَ: الْهَالِك فِي الفترة وَالْمَعْتُوه والمولود يَقُول: رب لم يأتني كتاب وَلَا رَسُول وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَلَو أَنا أهلكناهم بِعَذَاب من قبله لقالوا رَبنَا لَوْلَا أرْسلت إِلَيْنَا رَسُولا} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {أَصْحَاب الصِّرَاط السوي} قَالَ: الْعدْل

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 21 سُورَة الْأَنْبِيَاء مَكِّيَّة وآياتها اثْنَتَا عشرَة وَمِائَة مُقَدّمَة سُورَة الْأَنْبِيَاء أخرج النّحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْبِيَاء بِمَكَّة وَأخر البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْبِيَاء بِمَكَّة وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الضريس عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: بَنو إِسْرَائِيل والكهف وَمَرْيَم وطه والأنبياء هن من الْعتاق الأول وَهن من تلادي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن عَامر بن ربيعَة أَنه نزل بِهِ رجل من الْعَرَب وَأكْرم عَامر مثواه وكلم فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء الرجل فَقَالَ: إِنِّي استقطعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاديا مَا فِي الْعَرَب أفضل مِنْهُ وَقد أردْت أَن أقطع لَك مِنْهُ قِطْعَة تكون لَك ولعقبك فَقَالَ عَامر: لَا حَاجَة لي فِي قطيعتك نزلت الْيَوْم سُورَة أذهلتنا عَن الدُّنْيَا {اقْترب للنَّاس حسابهم وهم فِي غَفلَة معرضون} الْآيَة 1 - 15

الأنبياء

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {اقْترب للنَّاس حسابهم وهم فِي غَفلَة معرضون} قَالَ: من أَمر الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {اقْترب للنَّاس حسابهم} قَالَ: مَا يوعدون وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {مَا يَأْتِيهم من ذكر من رَبهم} يَقُول: مَا ينزل عَلَيْهِم شَيْء من الْقُرْآن وَفِي قَوْله: {لاهية قُلُوبهم} قَالَ: غافلة وَفِي قَوْله: {وأسروا النَّجْوَى الَّذين ظلمُوا} يَقُول: أَسرُّوا الَّذين ظلمُوا النَّجْوَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وأسروا النَّجْوَى} قَالَ: أَسرُّوا نَجوَاهُمْ بَينهم {هَل هَذَا إِلَّا بشر مثلكُمْ} يعنون مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أفتأتون السحر} يَقُولُونَ: إِن مُتَابعَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُتَابعَة السحر وَفِي قَوْله: {قَالَ رَبِّي يعلم القَوْل} قَالَ: الْغَيْب وَفِي قَوْله: {بل قَالُوا أضغاث أَحْلَام} قَالَ: أباطيل أَحْلَام وَأخرج ابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن عدي عَن جُنْدُب البَجلِيّ أَنه قتل ساحراً كَانَ عِنْد الْوَلِيد بن عقبَة ثمَّ قَالَ: {أفتأتون السحر وَأَنْتُم تبصرون}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {بل قَالُوا أضغاث أَحْلَام} أَي فعل الأحلام إِنَّمَا هِيَ رُؤْيا رَآهَا {بل افتراه بل هُوَ شَاعِر} كل هَذَا قد كَانَ مِنْهُ {فليأتنا بِآيَة كَمَا أرسل الأوّلون} كَمَا جَاءَ مُوسَى وَعِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ وَالرسل {مَا آمَنت قبلهم من قَرْيَة أهلكناها} أَي أَن الرُّسُل كَانُوا إِذا جاؤوا قَومهمْ بِالْآيَاتِ فَلم يُؤمنُوا لم ينْظرُوا وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ أهل مَكَّة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن كَانَ مَا تَقول حَقًا ويسرك أَن نؤمن فحوّل لنا الصَّفَا ذَهَبا فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: إِن شِئْت كَانَ الَّذِي سَأَلَك قَوْمك وَلكنه إِن كَانَ ثمَّ لم يُؤمنُوا لم ينْظرُوا وَإِن شِئْت اسْتَأْنَيْت بقومك قَالَ: بل أستأني بقومي فَأنْزل الله {مَا آمَنت قبلهم من قَرْيَة أهلكناها أفهم يُؤمنُونَ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أفهم يُؤمنُونَ} قَالَ: يصدقون بذلك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمَا جعلناهم جسداً لَا يَأْكُلُون الطَّعَام} يَقُول: لم نجعلهم جسداً لَيْسَ يَأْكُلُون الطَّعَام إِنَّمَا جعلناهم جسداً يَأْكُلُون الطَّعَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمَا كَانُوا خَالِدين} قَالَ: لَا بُد لَهُم من الْمَوْت أَن يموتوا وَفِي قَوْله: {ثمَّ صدقناهم الْوَعْد} إِلَى قَوْله: {وأهلكنا المسرفين} قَالَ: هم الْمُشْركُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لقد أنزلنَا إِلَيْكُم كتابا فِيهِ ذكركُمْ} قَالَ: فِيهِ شرفكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {كتابا فِيهِ ذكركُمْ} قَالَ: فِيهِ حديثكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {كتابا فِيهِ ذكركُمْ} قَالَ: فِيهِ دينكُمْ أمسك عَلَيْكُم دينكُمْ بِكِتَابِكُمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {كتابا فِيهِ ذكركُمْ} يَقُول: فِيهِ ذكر مَا تعنون بِهِ وَأمر آخرتكم ودنياكم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث الله نَبيا من

حمير يُقَال لَهُ شُعَيْب فَوَثَبَ إِلَيْهِ عبد بعصا فَسَار إِلَيْهِم بخْتنصر فَقَاتلهُمْ فَقَتلهُمْ حَتَّى لم يبْق مِنْهُم شَيْء وَفِيهِمْ أنزل الله {وَكم قصمنا من قَرْيَة كَانَت ظالمة} إِلَى قَوْله: {خامدين} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ {وَكم قصمنا من قَرْيَة} قَالَ: هِيَ حصون بني أَزْد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَكم قصمنا من قَرْيَة} قَالَ: أهلكناها وَفِي قَوْله: {لَا تركضوا} قَالَ: لَا تَفِرُّوا وَفِي قَوْله: {لَعَلَّكُمْ تسْأَلُون} قَالَ: تتفهمون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا إِذا أحسوا بِالْعَذَابِ وَذَهَبت عَنْهُم الرُّسُل من بعد مَا أنذروهم فكذبوهم فَلَمَّا فقدوا الرُّسُل وأحسوا بِالْعَذَابِ أَرَادوا الرّجْعَة إِلَى الْإِيمَان وركضوا هاربين من الْعَذَاب فَقيل لَهُم: لَا تركضوا فعرفوا أَنه لَا محيص لَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {إِذا هم مِنْهَا يركضون} قَالَ: يفرون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَارْجِعُوا إِلَى مَا أترفتم فِيهِ} يَقُول: ارْجعُوا إِلَى دنياكم الَّتِي أترفتم فِيهَا {لَعَلَّكُمْ تسْأَلُون} من دنياكم شَيْئا استهزاء بهم وَفِي قَوْله: {فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعوَاهُم} قَالَ: لما رَأَوْا الْعَذَاب وعاينوه لم يكن لَهُم هجيري إِلَّا قَوْلهم: {إِنَّا كُنَّا ظالمين} حَتَّى دمر الله عَلَيْهِم وأهلكهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَارْجِعُوا إِلَى مَا أترفتم فِيهِ} قَالَ: ارْجعُوا إِلَى دُوركُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعوَاهُم} قَالَ: هم أهل حصون كَانُوا قتلوا نَبِيّهم فَأرْسل الله عَلَيْهِم بخْتنصر فَقَتلهُمْ وَفِي قَوْله: {حَتَّى جعلناهم حصيداً خامدين} قَالَ: بِالسَّيْفِ ضربت الْمَلَائِكَة وُجُوههم حَتَّى رجعُوا إِلَى مساكنهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب قَالَ: حَدثنِي رجل من المحررين قَالَ: كَانَ بِالْيمن قَرْيَتَانِ يُقَال لإحداهما حُضُور وَالْأُخْرَى فُلَانَة فبطروا وأترفوا حَتَّى كَانُوا

يغلقون أَبْوَابهم فَلَمَّا أترفوا بعث الله إِلَيْهِم نَبيا فَدَعَاهُمْ فَقَتَلُوهُ فَألْقى الله فِي قلب بخْتنصر أَن يغزوهم فَجهز إِلَيْهِم جَيْشًا فقاتلوهم فهزموا جَيْشه ثمَّ رجعُوا منهزمين إِلَيْهِ فَجهز إِلَيْهِم جَيْشًا آخر أكثف من الأول فهزموهم أَيْضا فَلَمَّا رأى بخْتنصر ذَلِك غزاهم هُوَ بِنَفسِهِ فقاتلوه فَهَزَمَهُمْ حَتَّى خَرجُوا مِنْهَا يركضون فَسَمِعُوا منادياً يَقُول: (لَا تركضوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أترفتم فِيهِ ومساكنكم) فَرَجَعُوا فَسَمِعُوا منادياً يَقُول: يَا لثارات النَّبِي فَقتلُوا بِالسَّيْفِ فَهِيَ الَّتِي قَالَ الله: {وَكم قصمنا من قَرْيَة} إِلَى قَوْله: {خامدين} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {حَتَّى جعلناهم حصيداً} قَالَ: الْحَصاد {خامدين} قَالَ: كخمود النَّار إِذا طفئت وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {خامدين} قَالَ: ميتين قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة وَهُوَ يَقُول: خلوا ثيابهن على عَوْرَاتهمْ فهم بأفنية الْبيُوت خمود الْآيَة 16

16

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمَا خلقنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا لاعبين} يَقُول: مَا خلقناهما عَبَثا وَلَا بَاطِلا الْآيَة 17 - 20

17

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {لَو أردنَا أَن نتَّخذ لهواً} قَالَ: اللَّهْو الْوَلَد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {لَو أردنَا أَن نتَّخذ لهواً} الْآيَة يَقُول: لَو أردْت أَن أَتَّخِذ ولدا لأتخذت من الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {لَو أردنَا أَن نتَّخذ لهواً} قَالَ: النِّسَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: اللَّهْو بِلِسَان الْيمن الْمَرْأَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لَو أردنَا أَن نتَّخذ لهواً} قَالَ: اللَّهْو بلغَة أهل الْيمن الْمَرْأَة وَفِي قَوْله: {إِن كُنَّا فاعلين} أَي إِن ذَلِك لَا يكون وَلَا يَنْبَغِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله: {لَو أردنَا أَن نتَّخذ لهواً} قَالَ: نسَاء {لاتخذناه من لدنا} قَالَ: من الْحور الْعين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَو أردنَا أَن نتَّخذ لهواً} قَالَ: لعباً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لاتخذناه من لدنا} قَالَ: من عندنَا {إِن كُنَّا فاعلين} أَي مَا كُنَّا فاعلين يَقُول: وَمَا خلقنَا جنَّة وَلَا نَارا وَلَا موتا وَلَا بعثاً وَلَا حسابا وكل شَيْء فِي الْقُرْآن {إِن} فَهُوَ إِنْكَار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {بل نقذف بِالْحَقِّ} قَالَ: الْقُرْآن {على الْبَاطِل} قَالَ: اللّبْس {فَإِذا هُوَ زاهق} قَالَ: هَالك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلكم الويل مِمَّا تصفون} قَالَ: هِيَ وَالله لكل واصف كذب إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمن عِنْده} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي اله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا يستحسرون} يَقُول: لَا يرجعُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَول: {وَلَا يستحسرون} قَالَ: لَا يحسرون

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا يستحسرون} قَالَ: لَا يعيون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَلَا يستحسرون} قَالَ: لَا ينقطعون من الْعِبَادَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ كَعْبًا عَن قَوْله: {يسبحون اللَّيْل وَالنَّهَار لَا يفترون} أما شغلهمْ رِسَالَة أما شغلهمْ عمل فَقَالَ: جعل لَهُم التَّسْبِيح كَمَا جعل لكم النَّفس أَلَسْت تَأْكُل وتشرب وتجيء وَتذهب وتتكلم وَأَنت تتنفس فَكَذَلِك جعل لَهُم التَّسْبِيح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يسبحون اللَّيْل وَالنَّهَار لَا يفترون} قَالَ: جعلت أنفاسهم تسبيحاً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: خلق الله الْمَلَائِكَة صمداً لَيْسَ لَهُم أَجْوَاف الْآيَة 21 - 23

21

أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أم اتَّخذُوا آلِهَة من الأَرْض هم ينشرون} قَالَ: يحيون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {أم اتَّخذُوا آلِهَة من الأَرْض هم ينشرون} قيقول: ينشرون الْمَوْتَى من الأَرْض يَقُول: يحيونهم من قُبُورهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أم اتَّخذُوا آلِهَة من الأَرْض} يَعْنِي مِمَّا اتَّخذُوا من الْحِجَارَة والخشب وَفِي قَوْله: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله} قَالَ: لَو كَانَ مَعَهُمَا آلِهَة إِلَّا الله {لفسدتا فسبحان الله رب الْعَرْش} يسبح نَفسه تبَارك وَتَعَالَى إِذا قيل عَلَيْهِ الْبُهْتَان

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل} قَالَ: بعباده {وهم يسْأَلُون} قَالَ: عَن أَعْمَالهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون} قَالَ: لَا يسْأَل الْخَالِق عَمَّا يقْضِي فِي خلقه والخلق مسؤولون عَن أَعْمَالهم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا فِي الأَرْض قوم أبْغض إليّ من الْقَدَرِيَّة وَمَا ذَلِك إِلَّا لأَنهم لَا يعلمُونَ قدرَة الله تَعَالَى قَالَ الله: {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي بعض مَا أنزل الله فِي الْكتب: إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا قدرت الْخَيْر وَالشَّر فطوبى لمن قدرت على يَده الْخَيْر ويسّرْتُه لَهُ وويل لمن قدرت على يَده الشَّرّ ويسرته لَهُ إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا لَا أُسْأَل عَمَّا أفعل وهم يسْأَلُون فويل لمن قَالَ وَكَيف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: لما بعث الله موى وَكَلمه وَأنزل عَلَيْهِ التَّوْرَاة قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك رب عَظِيم لَو شِئْت أَن تطاع لأطعت وَلَو شِئْت أَن لَا تعصى مَا عصيت وَأَنت تحب أَن تطاع وَأَنت فِي ذَلِك تعصى فَكيف يَا رب فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي لَا أسأَل عَمَّا أفعل وهم يسْأَلُون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن نوف الْبكالِي قَالَ: قَالَ عُزَيْر فِيمَا يُنَاجِي ربه: يَا رب تخلق خلقا (تضل بهَا من تشَاء وتهدي من تشَاء) (الْأَعْرَاف آيَة 155) فَقَالَ لَهُ: يَا عُزَيْر أعرض عَن هَذَا فَأَعَادَ فَقيل لَهُ: لتعرضن عَن هَذَا وَإِلَّا محوتك من النبوّة إِنِّي لَا أسأَل عَمَّا أفعل وهم يسْأَلُون وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن دَاوُد بن أبي هِنْد أَن عُزَيْرًا سَأَلَ ربه عَن الْقدر فَقَالَ: سَأَلتنِي عَن علمي عُقُوبَتك أَن لَا أسميك فِي الْأَنْبِيَاء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق مَيْمُون بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بعث الله مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأنزل عَلَيْهِ التَّوْرَاة قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك رب عَظِيم وَلَو شِئْت أَن تطاع لأطعت وَلَو شِئْت أَن لَا تعصى مَا عصيت وَأَنت تحب أَن تطاع وَأَنت فِي ذَلِك

تعصى فَكيف يَا رب فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي لَا أسأَل عَمَّا أفعل وهم يسْأَلُون فَانْتهى مُوسَى فَلَمَّا بعث الله عُزَيْرًا وَأنزل عَلَيْهِ التَّوْرَاة بعد مَا كَانَ رَفعهَا عَن بني إِسْرَائِيل حَتَّى قَالَ: من قَالَ: إِنَّه ابْن الله قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك رب عَظِيم وَلَو شِئْت أَن تطاع لأطعت وَلَو شِئْت أَن لَا تعصى مَا عصيت وَأَنت تحب أَن تطاع وَأَنت فِي ذَلِك تعصى فَكيف يَا رب فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنِّي لَا أسأَل عَمَّا أفعل وهم يسْأَلُون فَأَبت نَفسه حَتَّى سَأَلَ أَيْضا فَقَالَ: أتستطيع أَن تصرّ صرة من الشَّمْس قَالَ: لَا قَالَ: أفتستطيع أَن تَجِيء بِمِكْيَال من ريح قَالَ: لَا قَالَ: أفتستطيع أَن تَجِيء بِمِكْيَال من ريح قَالَ: لَا قَالَ: أفتستطيع أَن تَجِيء بمثقال من نور قَالَ: لَا قَالَ: أفتستطيع أَن تَجِيء بقيراط من نور قَالَ: لَا قَالَ: فَهَكَذَا إِن لَا تقدر على الَّذِي سَأَلت إِنِّي لَا أسأَل عَمَّا أفعل وهم يسْأَلُون أما أَنِّي لَا أجعَل عُقُوبَتك إِلَّا أَن أمحو اسْمك من الْأَنْبِيَاء فَلَا تذكر فيهم فمحي اسْمه من الْأَنْبِيَاء فَلَيْسَ يذكر فيهم وَهُوَ نَبِي فَلَمَّا بعث الله عِيسَى وَرَأى مَنْزِلَته من ربه وَعلمه الْكتاب وَالْحكمَة والتوراة وَالْإِنْجِيل وَيُبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الْمَوْتَى قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك رب عَظِيم لَو شِئْت أَن تطاع لأطعت وَلَو شِئْت أَن لَا تعصى مَا عصيت وَأَنت تحب أَن تطاع وَأَنت فِي ذَلِك تعصى فَكيف يَا رب فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي لَا أسأَل عَمَّا أفعل وهم يسْأَلُون وَأَنت عَبدِي ورسولي وكلمتي ألقيتك إِلَى مَرْيَم وروح مني خلقتك من تُرَاب ثمَّ قلت لَك كن فَكنت لَئِن لم تَنْتَهِ لَأَفْعَلَنَّ بك كَمَا فعلت بصاحبك بَين يَديك إِنِّي لَا أسَال عَمَّا أفعل وهم يسْأَلُون فَجمع عِيسَى من تيعه وَقَالَ: الْقدر سرّ الله فَلَا تكلفوه الْآيَة 24 - 25

24

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أم اتَّخذُوا من دونه آلِهَة قل هاتوا برهانكم} يَقُول: هاتوا بينتكم على مَا تَقولُونَ {هَذَا ذكر من معي}

يَقُول: هَذَا الْقُرْآن فِيهِ ذكر الْحَلَال وَالْحرَام {وَذكر من قبلي} يَقُول: فِيهِ ذكر أَعمال الْأُمَم السالفة وَمَا صنع الله بهم وَإِلَى مَا صَارُوا {بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ الْحق فهم معرضون} عَن كتاب الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول إِلَّا نوحي إِلَيْهِ أَنه لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدون} قَالَ: أرْسلت الرُّسُل بالإخلاص والتوحيد لله لَا يقبل مِنْهُم حَتَّى يقولوه ويقروا بِهِ والشرائع تخْتَلف فِي التَّوْرَاة شَرِيعَة وَفِي الْإِنْجِيل شَرِيعَة وَفِي الْقُرْآن شَرِيعَة حَلَال وَحرَام فَهَذَا كُله فِي الْإِخْلَاص لله وتوحيد الله الْآيَة 27 - 30

26

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت الْيَهُود: إِن الله عز وَجل صاهر الْجِنّ فَكَانَت بَينهم الْمَلَائِكَة فَقَالَ الله تَكْذِيبًا لَهُم {بل عباد مكرمون} أَي الْمَلَائِكَة لَيْسَ كَا قَالُوا بل هم عباد أكْرمهم الله بِعِبَادَتِهِ {لَا يسبقونه بالْقَوْل} يثني عَلَيْهِم {وَلَا يشفعون} قَالَ: لَا تشفع الْمَلَائِكَة يَوْم الْقِيَامَة {إِلَّا لمن ارتضى} قَالَ: لأهل التَّوْحِيد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَّا لمن ارتضى} قَالَ: لمن رَضِي عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَّا لمن ارتضى} قَالَ: قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِلَّا لمن ارتضى} قَالَ: الَّذين ارتضاهم لشهادة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا قَول الله {وَلَا يشفعون إِلَّا لمن ارتضى} فَقَالَ: إِن شَفَاعَتِي لأهل الْكَبَائِر من أمتِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة أسرِي بِي مَرَرْت بِجِبْرِيل وَهُوَ باملأ الْأَعْلَى ملقى كالحلس الْبَالِي من خشيَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمن يقل مِنْهُم} يَعْنِي من الْمَلَائِكَة {إِنِّي إِلَه من دونه} قَالَ: وَلم يقل ذَلِك أحد من الْمَلَائِكَة إِلَّا إِبْلِيس دَعَا إِلَى عبَادَة نَفسه وَشرع الْكفْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمن يقل مِنْهُم إِنِّي إِلَه من دونه} الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا كَانَت هَذِه خَاصَّة لإبليس وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كَانَتَا رتقاً ففتقناهما} قَالَ: فتقت السَّمَاء بالغيث وفتقت الأَرْض بالنبات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كَانَتَا رتقاً} قَالَ: لَا يخرج مِنْهَا شَيْء {ففتقناهما} قَالَ: فتقت السَّمَاء بالمطر وفتقت الأَرْض بالنبات وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن رجلا أَتَاهُ فَسَأَلَهُ عَن {السَّمَاوَات وَالْأَرْض كَانَتَا رتقا ففتقناهما} قَالَ: اذْهَبْ إِلَى ذَلِك الشَّيْخ فَاسْأَلْهُ ثمَّ تعالَ فَأَخْبرنِي مَا قَالَ فَذهب إِلَى ابْن عَبَّاس فَسَأَلَهُ قَالَ: نعم كَانَت السَّمَاء رتقاء لَا تمطر وَكَانَت الأَرْض رتقاء لَا تنْبت فَلَمَّا خلق الله الأَرْض فتق هَذِه بالمطر وفتق هَذِه بالنبات فَرجع الرجل على ابْن عمر فَأخْبرهُ فَقَالَ ابْن عمر: الْآن علمت أَن ابْن عَبَّاس قد أُوتِيَ فِي الْقُرْآن علما صدق ابْن عَبَّاس هَكَذَا كَانَت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كَانَتَا رتقاً} قَالَ: ملتصقتين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن اللَّيْل كَانَ قبل أم النَّهَار قَالَ: اللَّيْل ثمَّ قَرَأَ

{إِن السَّمَاوَات وَالْأَرْض كَانَتَا رتقاً ففتقناهما} فَهَل تعلمُونَ كَانَ بَينهمَا إِلَّا ظلمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كَانَتَا رتقاً ففتقناهما} قَالَ: فتق من الأَرْض سِتّ أَرضين مَعهَا فَتلك سبع أَرضين بَعضهنَّ تَحت بعض وَمن السَّمَاء سبع سموات مِنْهَا مَعهَا فَتلك سبع سموات بَعضهنَّ فَوق بعض وَلم تكن الأَرْض وَالسَّمَاء مماستين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كَانَتَا رتقاً ففتقناهما} قَالَ: كَانَت السَّمَاء وَاحِدَة ففتق مِنْهَا سبع سموات وَكَانَت الأَرْض وَاحِدَة ففتق مِنْهَا سبع أَرضين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن وَقَتَادَة فِي قَوْله: {كَانَتَا رتقاً ففتقناهما} قَالَ: كَانَتَا جمعا ففصل الله بَينهمَا بِهَذَا الْهَوَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت السَّمَوَات والأرضون ملتزقتين فَلَمَّا رفع الله السَّمَاء وابتزها من الأَرْض فَكَانَ فتقها الَّذِي ذكر الله وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله إِنِّي إِذا رَأَيْتُك طابت نَفسِي وقرت عَيْني فأنبئني عَن كل شَيْء قَالَ: كل شَيْء خلق من المَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ} قَالَ: نُطْفَة الرجل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي اله عَنهُ فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ} قَالَ: خلق كل شَيْء من المَاء وَهُوَ حَيَاة كل شَيْء الْآيَة 31 - 33

31

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا فِيهَا فجاجاً سبلاً} قَالَ: بَين الْجبَال وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فجاجاً} أَي أعلاماً {سبلاً} أَي طرقاً وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا السَّمَاء سقفاً مَحْفُوظًا} قَالَ: مَرْفُوعا {وهم عَن آياتها معرضون} قَالَ: الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم من آيَات السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة أَن الْيَهُود قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يَوْم الْجُمُعَة قَالَ: خلق الله فِي ساعتين مِنْهُ اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كل فِي فلك} قَالَ: دوران {يسبحون} قَالَ: يجرونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كل فِي فلك} قَالَ: فلكة كفلكة المغزل {يسبحون} قَالَ: يدورون فِي أَبْوَاب السَّمَاء مَا تَدور الفلكة فِي المغزل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كل فِي فلك} قَالَ: هُوَ فلك السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم مسخرة فِي فلك بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كل فِي فلك} قَالَ: الْفلك الَّذِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض من مجاري النُّجُوم وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَفِي قَوْله: {يسبحون} قَالَ: يجرونَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل شَيْء يَدُور فَهُوَ فلك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كل فِي فلك يسبحون}

النُّجُوم وَالشَّمْس وَالْقَمَر قَالَ: كفلكة المغزل قَالَ: هُوَ مثل حسبان قَالَ: فَلَا يَدُور الْغَزل إِلَّا بالفلكة وَلَا تَدور الفلكة إِلَّا بالمغزل وَلَا يَدُور الرَّحَى إِلَّا بالحسبان وَلَا يَدُور الحسبان إِلَّا بالرحى كَذَلِك النُّجُوم وَالشَّمْس وَالْقَمَر لَا يدرن إِلَّا بِهِ وَلَا يَدُور إِلَّا بِهن قَالَ: والحسبان والفلك يصيران إِلَى شَيْء وَاحِد غير أَن الحسبان فِي الرَّحَى كالفلكة فِي المغزل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كل فِي فلك} قَالَ: الْفلك كَهَيئَةِ حَدِيدَة الرَّحَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {كل فِي فلك يسبحون} قَالَ: يجرونَ فِي فلك السَّمَاء كَمَا رَأَيْت وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {كل فِي فلك يسبحون} قَالَ: هُوَ الدوران وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {كل فِي فلك يسبحون} قَالَ: المغزل قَالَ كَمَا تَدور الفلكة فِي المغزل وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {كل فِي فلك يسبحون} قَالَ: وَكَانَ عبد الله يقْرَأ كل فِي فلك يعْملُونَ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كل فِي فلك يسبحون} قَالَ: يجرونَ الْآيَة 34

34

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن جريج قَالَ: لما نعى جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفسه قَالَ: يَا رب فَمن لأمتي فَنزلت {وَمَا جعلنَا لبشر من قبلك الْخلد} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فِي نَاحيَة الْمَدِينَة فجَاء فَدخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مسجى فَوضع فَاه على جبين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجعل يقبله ويبكي وَيَقُول: بِأبي وَأمي طبت حَيا وطبت مَيتا فَلَمَّا خرج مرّ بعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ

يَقُول: مَا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يَمُوت حَتَّى يقتل الله الْمُنَافِقين وَحَتَّى يخزي الله الْمُنَافِقين قَالَ: وَكَانُوا قد اسْتَبْشَرُوا بِمَوْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفعُوا رؤوسهم فَقَالَ: أَيهَا الرجل أَربع على نَفسك فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد مَاتَ ألم تسمع الله يَقُول: (إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون) (الزمر آيَة 30) وَقَالَ: {وَمَا جعلنَا لبشر من قبلك الْخلد أَفَإِن مت فهم الخالدون} قَالَ: ثمَّ أَتَى الْمِنْبَر فصعده فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس إِن كَانَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَهكُم الَّذِي تَعْبدُونَ فَإِن مُحَمَّدًا قد مَاتَ وَإِن كَانَ إِلَهكُم الَّذِي فِي السَّمَاء فَإِن إِلَهكُم لم يمت ثمَّ تَلا (وَمَا مُحَمَّد إِلَّا رَسُول قد خلت من قبله الرُّسُل أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم على أعقابكم) (آل عمرَان آيَة 144) حَتَّى ختم الْآيَة ثمَّ نزل وَقد استبشر الْمُسلمُونَ بذلك وَاشْتَدَّ فَرَحهمْ وَأخذت الْمُنَافِقين الكآبة قَالَ عبد الله بن عمر: فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لكَأَنَّمَا كَانَت على وُجُوهنَا أغطية فَكشفت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة قَالَت: دخل أَبُو بكر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد مَاتَ فَقبله وَقَالَ: وانبياه واخليلاه واصفياه ثمَّ تَلا {وَمَا جعلنَا لبشر من قبلك الْخلد} الْآيَة وَقَوله: (إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون) الْآيَة 35

35

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ونبلوكم بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فتْنَة} قَالَ: نبتليكم بالشدة والرخاء وَالصِّحَّة والسقم والغنى والفقر والحلال وَالْحرَام وَالطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة وَالْهدى والضلالة وَالله أعلم الْآيَة 36

36

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أبي سُفْيَان وَأبي جهل وهما يتحدثان فَلَمَّا رَآهُ أَبُو جهل ضحك وَقَالَ لأبي سُفْيَان: هَذَا نَبِي بني عبد منَاف فَغَضب أَبُو سُفْيَان فَقَالَ: مَا تنكرون أَن يكون لبني عبد منَاف نَبِي فَسَمعَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرجع إِلَى أبي جهل فَوَقع بِهِ وخوّفه وَقَالَ: مَا أَرَاك منتهياً حَتَّى يصيبك مَا أصَاب عمك وَقَالَ لأبي سُفْيَان: أما إِنَّك لم تقل مَا قلت إِلَّا حمية فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَإِذا رآك الَّذين كفرُوا إِن يتخذونك إِلَّا هزوا} الْآيَة الْآيَة 37 - 38

37

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما نفخ فِي آدم الرّوح ماد فِي رَأسه فعطس فَقَالَ: الْحَمد لله فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَرْحَمك الله فَذهب لينهض قبل أَن تمور فِي رجلَيْهِ فَوَقع فَقَالَ الله: {خلق الإِنسان من عجل} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: أول مَا نفخ فِيهِ الرّوح نفخ فِي رَأسه ثمَّ فِي رُكْبَتَيْهِ فَذهب ليقوم قَالَ: {خلق الإِنسان من عجل} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {خلق الْإِنْسَان من عجل} قَالَ: آدم حِين خلق بعد كل شَيْء آخر النَّهَار من يَوْم خلق الْخلق فَلَمَّا أجْرى الرّوح فِي عَيْنَيْهِ وَلسَانه وَرَأسه وَلم يبغ أَسْفَله قَالَ: يَا رب استعجل بخلقي قبل غرُوب الشَّمْس وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: نفخ الرب تبَارك وتعإلى الرّوح فِي نافوخ آدم فأبصر وَلم يعقل حَتَّى إِذا بلغ الرّوح قلبه وَنظر فَرَأى الْجنَّة ففعرف أَنه إِن قَامَ دَخلهَا وَلم يبلغ الرّوح أَسْفَله فَتحَرك فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: {خلق الإِنسان من عجل}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {خلق الْإِنْسَان من عجل} قَالَ: خلق عجولاً وَالله أعلم الْآيَة 39 - 41

39

أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عدي بن حَاتِم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا مِنْكُم أحد إِلَّا سيكلمه الله يَوْم الْقِيَامَة لَيْسَ بَينه وَبَينه حجاب يَحْجُبهُ وَلَا ترجمان يترجم لَهُ فَيَقُول: ألم أوتك مَالا فَيَقُول: بلَى فَيَقُول: ألم أرسل إِلَيْك رَسُولا فَيَقُول: بلَى فَينْظر عَن يَمِينه فَلَا يرى إِلَّا النَّار وَينظر عَن يسَاره فَلَا يرى إِلَّا النَّار وَينظر بَين يَدَيْهِ فَلَا يرى إِلَّا النَّار فليتق أحدكُم النَّار وَلَو بشق تَمْرَة فَإِن لم يجد فبكلمة طيبَة الْآيَة 42 - 46

42

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قل من يكلؤكم} قَالَ: يحرسكم وَفِي قَوْله: {وَلَا هم منا يصحبون} قَالَ: لَا ينْصرُونَ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا هم منا يصحبون} قَالَ: لَا ينْصرُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {قل من يكلؤكم} قَالَ: يحفظكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا هم منا يصحبون} قَالَ: لَا يجارون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا هم منا يصحبون} قَالَ: لَا يمْنَعُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أم لَهُم آلِهَة تمنعهم من دُوننَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نصر أنفسهم} يَعْنِي الْآلهَة {وَلَا هم منا يصحبون} يَقُول: لَا يصحبون من الله بِخَير وَفِي قَوْله: {أَفلا يرَوْنَ أَنا نأتي الأَرْض ننقصها من أطرافها} قَالَ: كَانَ الْحسن يَقُول: ظُهُور النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على من قَاتله أَرضًا أَرضًا وقوما وقوما وَقَوله: {أفهم الغالبون} أَي لَيْسُوا بغالبين وَلَكِن الرَّسُول هُوَ الْغَالِب وَفِي قَوْله: {قل إِنَّمَا أنذركم بِالْوَحْي} أَي بِهَذَا الْقُرْآن {وَلَا يسمع الصم الدُّعَاء إِذا مَا ينذرون} يَقُول: إِن الْكَافِر أَصمّ عَن كتاب الله لَا يسمعهُ وَلَا ينْتَفع بِهِ وَلَا يعقله كَمَا يسمعهُ أهل الْإِيمَان وَفِي قَوْله: {وَلَئِن مستهم نفحة} يَقُول: لَئِن أَصَابَتْهُم عُقُوبَة الْآيَة 47

47

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير فِي تهذيبه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَائِشَة أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأضربهم وأشتمهم فَكيف أَنا مِنْهُم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يحْسب مَا خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إيَّاهُم فَإِن كَانَ عقابك إيَّاهُم دون ذنوبهم كَانَ فضلا لَك وَإِن كَانَ عقابك إيَّاهُم بِقدر ذنوبهم كَانَ كفافاً لَا لَك وَلَا عَلَيْك وَإِن عقابك إياك فَوق ذنوبهم اقْتصّ لَهُم مِنْك

الْفضل فَجعل الرجل يبكي ويهتف فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما تقْرَأ كتاب الله {وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة فَلَا تظلم نفس شَيْئا وَإِن كَانَ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل أَتَيْنَا بهَا وَكفى بِنَا حاسبين} فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله مَا أجد لي وَلَهُم شَيْئا خيرا من مفارقتهم أشهدك أَنهم أَحْرَار وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ ي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم عَن رِفَاعَة بن رَافع الزرقي قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله كَيفَ ترى فِي رقيقنا نضربهم فَقَالَ: توزن ذنوبهم وعقوبتكم إيَّاهُم فَإِن كَانَت عقوبتكم أَكثر من ذنوبهم أخذُوا مِنْكُم قَالَ: أَفَرَأَيْت سبّنا إيَّاهُم قَالَ: توزن ذنوبهم وأذاكم إيَّاهُم فَإِن كَانَ أذاكم إيَّاهُم أَكثر أعْطوا مِنْكُم قَالَ: أَرَأَيْت يَا رَسُول الله وَلَدي أضربهم قَالَ: إِنَّك لَا تتهم فِي ولدك وَلَا تطيب نَفسك تشبع ويجوعون وتكسى ويعرون وَأخرج الْحَكِيم عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله مَا تَقول فِي ضرب المماليك قَالَ: إِن كَانَ ذَلِك فِي كنهه وَإِلَّا أقيد مِنْكُم يَوْم الْقِيَامَة قيل: يَا رَسُول الله مَا تَقول فِي سبهم قَالَ: مثل ذَلِك قَالَ: يَا رَسُول الله فَإنَّا نعاقب أَوْلَادنَا ونسبهم قَالَ: إِنَّهُم لَيْسُوا أَوْلَادكُم لأنكم لَا تتهمون على أَوْلَادكُم وَأخرج الْحَكِيم عَن زِيَاد بن أبي زِيَاد قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لي مَالا وَإِن لي خدماً وَإِنِّي أغضب فأعرم وأشتم وأضرب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: توزن ذنُوبه بعقوبتك فَإِن كَانَت سَوَاء فَلَا لَك وَلَا عَلَيْك وَإِن كَانَت الْعقُوبَة أَكثر فَإِنَّمَا هُوَ شَيْء يُؤْخَذ من حَسَنَاتك يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ الرجل: أوه أوه يُؤْخَذ من حسناتي أشهدك يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن مماليكي أَحْرَار أَنا لَا أمسك شَيْئا يُؤْخَذ من حسناتي لَهُ قَالَ: فحسبت مَاذَا ألم تسمع إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَنَضَع الموازين الْقسْط} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يجاء بِالنَّاسِ يَوْم الْقِيَامَة إِلَى الْمِيزَان فيتجادلون عِنْده أَشد الْجِدَال وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَنَضَع الموازين الْقسْط} الْآيَة قَالَ: هُوَ كَقَوْلِه: (وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ الْحق) (الْأَعْرَاف آيَة 8)

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ وَإِن كَانَ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل آتَيْنَا بهَا بِمد الْألف قَالَ: جازينا بهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَاصِم بن أبي النجُود أَنه كَانَ يقْرَأ {وَإِن كَانَ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل أَتَيْنَا بهَا} على معنى جِئْنَا بهَا لَا يمد أَتَيْنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَإِن كَانَ مِثْقَال حَبَّة} قَالَ: وزن حَبَّة وَفِي قَوْله: {وَكفى بِنَا حاسبين} قَالَ: محصين الْآيَة 48 - 50

48

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُون الْفرْقَان وضياء} وَيَقُول: خُذُوا هَذِه الْوَاو واجعلوها هَهُنَا (وَالَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِن النَّاس قد جمعُوا لكم ) الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُون الْفرْقَان وضياء} قَالَ: انزعوا هَذِه الْوَاو واجعلوها فِي (الَّذين يحملون الْعَرْش من حوله) (غَافِر آيَة 7) وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُون الْفرْقَان} قَالَ: التَّوْرَاة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُون الْفرْقَان} قَالَ: الْفرْقَان التَّوْرَاة حلالها وحرامها مِمَّا فرق الله بَين الْحق وَالْبَاطِل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُون الْفرْقَان} قَالَ: الْفرْقَان الْحق آتَاهُ الله مُوسَى وَهَارُون فرق بَينهمَا وَبَين فِرْعَوْن فصل بَينهم بِالْحَقِّ وَقَرَأَ (وَمَا أنزلنَا على عَبدنَا يَوْم الْفرْقَان) (الْأَنْفَال آيَة 41) قَالَ: يَوْم بدر

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن الْحسن عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: وَعِزَّتِي لأجمع على عَبدِي خوفين وَلَا أجمع لَهُ أمنين فَمن خافني فِي الدُّنْيَا أمنته فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَهَذَا ذكر مبارك أَنزَلْنَاهُ} أَي هَذَا الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: خصلتان فيهمَا الْبركَة: الْقُرْآن والمطر وتلا (وأنزلنا من السَّمَاء مَاء) {وَهَذَا ذكر مبارك} وَالله أعلم الْآيَة 51 - 56

51

أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلَقَد آتَيْنَا إِبْرَاهِيم رشده} قَالَ: هديناه صَغِيرا وَفِي قَوْله: {مَا هَذِه التماثيل} قَالَ: الْأَصْنَام وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلَقَد آتَيْنَا إِبْرَاهِيم رشده} يَقُول: آتيناه هداه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {الَّتِي أَنْتُم لَهَا عاكفون} قَالَ: عَابِدُونَ وَفِي قَوْله: {قَالُوا وجدنَا آبَاءَنَا لَهَا عابدين} أَي على دين وانا متبعوهم على ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه مر على قوم

يَلْعَبُونَ بالشطرنج فَقَالَ: مَا هَذِه التماثيل الَّتِي أَنْتُم لَهَا عاكفون لِأَن يمس أحدكُم جمراً حَتَّى يطفأ خير لَهُ من أَن يَمَسهَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ قَالَ: لَا يسلم على أَصْحَاب النردشير وَالشطْرَنْج الْآيَة 57 - 67

57

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما خرج قوم إِبْرَاهِيم إِلَى عيدهم مروا عَلَيْهِ فَقَالُوا: يَا إِبْرَاهِيم أَلا تخرج مَعنا قَالَ: إِنِّي سقيم وَقد كَانَ بالْأَمْس قَالَ: {وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أَن توَلّوا مُدبرين} فَسَمعهُ نَاس مِنْهُم فَلَمَّا خَرجُوا انْطلق إِلَى أَهله فَأخذ طَعَاما ثمَّ انْطلق إِلَى آلِهَتهم فقرّبه إِلَيْهِم فَقَالَ: أَلا تَأْكُلُونَ فَكَسرهَا إِلَّا كَبِيرهمْ ثمَّ ربط فِي يَده الَّذِي كسر بِهِ آلِهَتهم فَلَمَّا رَجَعَ الْقَوْم من عيدهم دخلُوا فَإِذا هم بآلهتهم قد كسرت وَإِذا كَبِيرهمْ فِي يَده الَّذِي كسر بِهِ الْأَصْنَام قَالُوا: من فعل هَذَا بآلهتنا فَقَالَ الَّذين سمعُوا إِبْرَاهِيم قَالَ: {وتالله لأكيدن أصنامكم} سمعنَا فَتى يذكرهم فجادلهم عِنْد ذَاك إِبْرَاهِيم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وتالله لأكيدن أصنامكم} قَالَ: قَول إِبْرَاهِيم حِين استتبعه قومه إِلَى عيدهم فَأبى وَقَالَ: إِنِّي سقيم فَسمع مِنْهُ وعيده أصنامهم رجل مِنْهُم اسْتَأْخَرَ وَهُوَ الَّذِي

قَالَ: {سمعنَا فَتى يذكرهم يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم} وَجعل إِبْرَاهِيم الفأس الَّتِي أهلك بهَا أصنامهم مُسندَة إِلَى صدر كَبِيرهمْ الَّذِي تُرِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة أَن أَبَا إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن كَانَ يعْمل هَذِه الْأَصْنَام ثمَّ يشكها فِي حَبل وَيحمل إِبْرَاهِيم على عُنُقه وَيدْفَع إِلَيْهِ الْمَشْكُوك يدرو يَبِيعهَا فجَاء رجل يَشْتَرِي فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: مَا تصنع بِهَذَا حِين تشتريه قَالَ: أَسجد لَهُ قَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم: أَنْت شيخ تسْجد لهَذَا الصَّغِير إِنَّمَا يَنْبَغِي للصَّغِير أَن يسْجد للكبير فَعندهَا {قَالُوا سمعنَا فَتى يذكرهم يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وتالله لأكيدن أصنامكم} قَالَ: ترى أَنه قَالَ ذَلِك من حَيْثُ لَا يسمعُونَ {فجعلهم جذاذاً} قَالَ: قطعا {إِلَّا كَبِيرا لَهُم} يَقُول: إِلَّا كَبِير آلِهَتهم وأنفسها وَأَعْظَمهَا فِي أنفسهم {لَعَلَّهُم إِلَيْهِ يرجعُونَ} قَالَ: كايدهم بذلك لَعَلَّهُم يتذكرون أَو يبصرون وَفِي قَوْله: {قَالُوا فَأتوا بِهِ على أعين النَّاس لَعَلَّهُم يشْهدُونَ} قَالَ: كَرهُوا أَن يأخذوه بِغَيْر بَيِّنَة وَفِي قَوْله: {أَأَنْت فعلت هَذَا بآلهتنا يَا إِبْرَاهِيم} إِلَى قَوْله: {أَنْتُم الظَّالِمُونَ} قَالَ: وَهَذِه هِيَ الْخصْلَة الَّتِي كايدهم بهَا {ثمَّ نكسوا على رؤوسهم} قَالَ: أدْركْت الْقَوْم غيرَة سوء فَقَالُوا: {لقد علمت مَا هَؤُلَاءِ ينطقون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {جذاذاً} قَالَ: حطاماً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {جذاذاً} قَالَ: فتاتاً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا} قَالَ: عَظِيم آلِهَتهم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لم يكذب إِبْرَاهِيم فِي شَيْء قطّ إِلَّا فِي ثَلَاث كُلهنَّ فِي الله: قَوْله إِنِّي سقيم وَلم يكن سقيماً وَقَوله لسارة أُخْتِي وَقَوله: {بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا} وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَأْتِي النَّاس إِبْرَاهِيم فَيَقُولُونَ لَهُ: اشفع لنا إِلَى رَبك فَيَقُول: إِنِّي كذبت ثَلَاث كذبات فَقَالَ النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مِنْهَا كذبة إِلَّا مَا حل بهَا عَن دين الله قَوْله: (إِنِّي سقيم) (الصافات آيَة 89) وَقَوله: {بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا} وَقَوله لسارة إِنَّهَا أُخْتِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {فَرَجَعُوا إِلَى أنفسهم} قَالَ: نظر بَعضهم إِلَى بعض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {ثمَّ نكسوا على رؤوسهم} قَالَ: فِي الرَّأْي أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {أُفٍّ} يَعْنِي الرَّدِيء من الْكَلَام الْآيَة 68 - 73

68

أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: تَلَوت هَذِه الْآيَة على عبد الله بن عمر فَقَالَ: أَتَدْرِي يَا مُجَاهِد من الَّذِي أَشَارَ بتحريق إِبْرَاهِيم بالنَّار قلت: لَا قَالَ: رجل من أَعْرَاب فَارس يَعْنِي الأكراد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما جمع لإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام مَا جمع وَأُلْقِي فِي النَّار جعل خَازِن الْمَطَر يَقُول: مَتى أومر بالمطر فَأرْسلهُ فَكَانَ أَمر الله أسْرع قَالَ الله: {كوني بردا وَسلَامًا} فَلم يبْق فِي الأَرْض نَار إِلَّا طفئت وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار لم تكن فِي الأَرْض دَابَّة إِلَّا تُطْفِئ عَنهُ النَّار غير الوزغ فَإِنَّهُ كَانَ ينْفخ على إِبْرَاهِيم فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقتْله

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أم شريك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بقتل الأوزاغ وَقَالَ: كَانَت تنفخ على إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف أخبرنَا معمر عَن قَتَادَة عَن بَعضهم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَت الضفدع تُطْفِئ النَّار عَن إِبْرَاهِيم وَكَانَت الوزغ تنفخ عَلَيْهِ وَنهى عَن قتل هَذَا وَأمر بقتل هَذَا وَأخرجه ابْن الْمُنْذر فَقَالَ: أخبرنَا أَبُو سعيد الشَّامي عَن أبان عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تسبوا الضفدع فَإِنَّهُ صَوته تَسْبِيح وتقديس وتكبير إِن الْبَهَائِم اسْتَأْذَنت رَبهَا فِي أَن تُطْفِئ النَّار عَن إِبْرَاهِيم فَأذن للضفادع فتراكبت عَلَيْهِ فأبدلها الله بَحر النَّار برد المَاء وَأخرج أَبُو يعلى وَأَبُو نعيم وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما ألقِي إِبْرَاهِيم فِي النَّار قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك فِي السَّمَاء وَاحِد وَأَنا فِي الأَرْض وَاحِد أعبدك وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَمْرو قَالَ: أول كلمة قَالَهَا إِبْرَاهِيم حِين ألقِي فِي النَّار حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن كَعْب قَالَ: مَا أحرقت النَّار من إِبْرَاهِيم إِلَّا وثَاقه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْمنْهَال بن عَمْرو قَالَ: أخْبرت أَن إِبْرَاهِيم ألقِي فِي النَّار فَكَانَ فِيهَا إِمَّا خمسين وَإِمَّا أَرْبَعِينَ قَالَ: مَا كنت أَيَّامًا وليالي قطّ أطيب عَيْشًا إِذْ كنت فِيهَا وددت أَن عيشي وحياتي كلهَا مثل عيشي إِذْ كنت فِيهَا وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما ألقِي إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن فِي النَّار قَالَ الْملك خَازِن الْمَطَر: يَا رب إِن خَلِيلك إِبْرَاهِيم رجا أَن يُؤذن لَهُ فَيُرْسل الْمَطَر فَكَانَ أَمر الله أسْرع من ذَلِك فَقَالَ: {يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا على إِبْرَاهِيم} فَلم يبْق فِي الأَرْض نَار إِلَّا طفئت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شُعَيْب الجبائي قَالَ: الَّذِي قَالَ حرقوه هبون فَخسفَ الله بِهِ الأَرْض فَهُوَ يتجلجل فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {قُلْنَا يَا نَار} قَالَ: كَانَ جِبْرِيل هُوَ الَّذِي قَالَهَا

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو لم يتبع بردهَا {سَلاما} لمات إِبْرَاهِيم من بردهَا فَلم يبْق فِي الأَرْض يَوْمئِذٍ نَار إِلَّا طفئت ظَنَنْت أَنَّهَا هِيَ تعنى وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عليّ فِي قَوْله: {قُلْنَا يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا} قَالَ: لَوْلَا أَنه قَالَ: {وَسلَامًا} لقَتله بردهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شمر بن عَطِيَّة قَالَ: لما أَرَادوا أَن يلْقوا إِبْرَاهِيم فِي النَّار نَادَى الْملك الَّذِي يُرْسل الْمَطَر: رب خَلِيلك رجا أَن يُؤذن لَهُ فَيُرْسل الْمَطَر فَقَالَ الله: {يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا على إِبْرَاهِيم} فَلم يبْق فِي الأَرْض يَوْمئِذٍ نَار إِلَّا بردت وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد من طَرِيق أبي هِلَال عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: لما أَرَادوا أَن يلْقوا إِبْرَاهِيم فِي النَّار جَاءَت عَامَّة الخليقة فَقَالَت: يَا رب خَلِيلك يلقى فِي النَّار فائذن لنا نطفئ عَنهُ قَالَ: هُوَ خليلي لَيْسَ لي فِي الأَرْض خَلِيل غَيره وَأَنا آلهه لَيْسَ لَهُ إِلَه غَيْرِي فَإِن استغاثكم فأغيثوه وَإِلَّا فَدَعوهُ قَالَ: وَجَاء ملك الْقطر قَالَ: يَا رب خَلِيلك يلقى فِي النَّار فائذن لي أَن أطفئ عَنهُ بالقطر قَالَ: هُوَ خليلي لَيْسَ لي فِي الأَرْض خَلِيل غَيره وَأَنا آلهه لَيْسَ لَهُ إِلَه غَيْرِي فَإِن اسْتَعَانَ بك فأعنه وَإِلَّا فَدَعْهُ قَالَ: فَلَمَّا ألقِي فِي النَّار دَعَا بِدُعَاء نَسيَه أَبُو هِلَال فَقَالَ الله عز وَجل: {يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا على إِبْرَاهِيم} قَالَ: فبردت فِي الْمشرق وَالْمغْرب فَمَا أنضجت يَوْمئِذٍ كُرَاعًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ كَعْب: مَا انْتفع أحد من أهل الأَرْض يَوْمئِذٍ بِنَار وَلَا أحرقت النَّار يَوْمئِذٍ شَيْئا إِلَّا وثاق إِبْرَاهِيم وَقَالَ قَتَادَة: لم تأت دَابَّة يَوْمئِذٍ إِلَّا أطفأت عَنهُ النَّار إِلَّا الوزغ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: يذكرُونَ أَن جِبْرِيل كَانَ مَعَ إِبْرَاهِيم فِي النَّار يمسح عَنهُ الْعرق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة قَالَ: لما ألقِي إِبْرَاهِيم فِي النَّار قعد فِيهَا

فأرسلوا إِلَى ملكهم فجَاء ينظر مُتَعَجِّبا فطارت مِنْهُ شرارة فَوَقَعت على إِبْهَام رجله فاشتعل كَمَا تشتعل الصوفة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: خرج إِبْرَاهِيم من النَّار يعرق لم تحرق النَّار إِلَّا وثَاقه فَأخذُوا شَيخا مِنْهُم فجعلوه على نَار كَذَلِك فَاحْتَرَقَ وَأخرج عبد بن حميد عَن سُلَيْمَان بن صرد وَكَانَ قد أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن إِبْرَاهِيم لما أَرَادوا أَن يلقوه فِي النَّار جعلُوا يجمعُونَ لَهُ الْحَطب فَجعلت الْمَرْأَة الْعَجُوز تحمل على ظهرهَا فَيُقَال لَهَا: أَيْن تريدين فَتَقول: أذهب إِلَى هَذَا الَّذِي يذكر آلِهَتنَا فَلَمَّا ذهب بِهِ لِيطْرَح فِي النَّار (قَالَ: إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي سيهدين) (الصافات آيَة 99) فَلَمَّا طرح فِي النَّار قَالَ: حسبي الله وَنعم الْوَكِيل فَقَالَ الله: {يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا على إِبْرَاهِيم} فَقَالَ أَبُو لوط - وَكَانَ عَمه - إِن النَّار لم تحرقه من أجل قرَابَته مني فَأرْسل الله عنقًا من النَّار فَأَحْرَقتهُ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله: {قُلْنَا يَا نَار كوني بردا} قَالَ: بردت عَلَيْهِ حَتَّى كَانَت تؤذيه حَتَّى قيل: {وَسلَامًا} قَالَ: لَا تؤذيه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو لم يقل: {وَسلَامًا} لقَتله الْبرد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن أحسن شَيْء قَالَه أَبُو إِبْرَاهِيم لما رفع عَنهُ الطَّبَق وَهُوَ فِي النَّار وجده يرشح جَبينه فَقَالَ عِنْد ذَلِك: نعم الرب رَبك يَا ابراهيم وَأخرج ابْن جرير عَن شُعَيْب الجبائي قَالَ: ألقِي إِبْرَاهِيم فِي النَّار وَهُوَ ابْن سِتّ عشرَة سنة وَذبح إِسْحَق وَهُوَ ابْن سبع سِنِين وَأخرج ابْن جرير عَن مُعْتَمر بن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن بعض أَصْحَابه قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل إِلَى إِبْرَاهِيم وَهُوَ يوثق ليلقى فِي النَّار قَالَ: يَا إِبْرَاهِيم أَلَك حَاجَة قَالَ: أما إِلَيْك فَلَا وَأخرج ابْن جرير عَن أَرقم أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: حِين جعلُوا يوثقونه

ليلقوه فِي النَّار: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ رب الْعَالمين لَك الْحَمد وَلَك الْملك لَا شريك لَك وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: {قُلْنَا يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا} قَالَ: السَّلَام لَا يُؤْذِيه بردهَا وَلَوْلَا أَنه قَالَ: {سَلاما} لَكَانَ الْبرد أَشد عَلَيْهِ من الْحر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَأَرَادُوا بِهِ كيداً فجعلناهم الأخسرين} قَالَ: ألقوا شَيخا فِي النَّار مِنْهُم لِأَن يُصِيبُوا نجاته كَمَا نجا إِبْرَاهِيم فَاحْتَرَقَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {إِلَى الأَرْض الَّتِي باركنا فِيهَا للْعَالمين} قَالَ: الشَّام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله: {إِلَى الأَرْض الَّتِي باركنا فِيهَا للْعَالمين} قَالَ: الشَّام وَمَا من مَاء عذب إِلَّا يخرج من تِلْكَ الصَّخْرَة الَّتِي بِبَيْت الْمُقَدّس يهْبط من السَّمَاء إِلَى الصَّخْرَة ثمَّ يتفرق فِي الأَرْض وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: بِالشَّام من قُبُور الْأَنْبِيَاء ألفا قبر وَسَبْعمائة قبر وَإِن دمشق معقل النَّاس فِي آخر الزَّمَان من الْمَلَاحِم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لوط: كَانَ ابْن أخي إِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما هرب إِبْرَاهِيم من كوثي وَخرج من النَّار وَلسَانه يَوْمئِذٍ سرياني فَلَمَّا عبر الْفُرَات من حران غيّر الله لِسَانه فَقلب عبرانياً حَيْثُ عبر الْفُرَات وَبعث ثمرود فِي نَحْو أَثَره وَقَالَ: لَا تدعوا أحدا يتَكَلَّم بالسُّرْيَانيَّة إِلَّا جئتموني بِهِ فَلَقوا إِبْرَاهِيم يتَكَلَّم بالعبرانية فَتَرَكُوهُ وَلم يعرفوا لغته وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: أغار ملك نبط على لوط عَلَيْهِ السَّلَام فسباه وَأَهله فَبلغ ذَلِك إِبْرَاهِيم فَأقبل فِي طلبه فِي عدَّة أهل بدر ثَلَاثمِائَة وَثَلَاثَة عشر فَالتقى هُوَ وَتلك النبط فِي صحراء معفور فعبى إِبْرَاهِيم ميمنة وميسرة وَقَلْبًا وَكَانَ أول من عبى الْحَرْب هَكَذَا فَاقْتَتلُوا فَهَزَمَهُمْ إِبْرَاهِيم واستنقذ لوطاً وَأَهله وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة {ونجيناه} يَعْنِي إِبْرَاهِيم {ولوطاً إِلَى الأَرْض الَّتِي باركنا فِيهَا للْعَالمين}

قَالَ: هِيَ الأَرْض المقدسة الَّتِي بَارك الله فِيهَا للْعَالمين لِأَن كل مَاء عذب فِي الأَرْض مِنْهَا يخرج يَعْنِي من أصل الصَّخْرَة الَّتِي فِي بَيت الْمُقَدّس يهْبط من السَّمَاء إِلَى الصَّخْرَة ثمَّ يتفرق فِي الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ونجيناه ولوطاً} قَالَ: كَانَا بِأَرْض الْعرَاق فانجيا إِلَى أَرض الشَّام وَكَانَ يُقَال: الشَّام عماد دَار الْهِجْرَة وَمَا نقص من الأَرْض زيد فِي الشَّام وَمَا نقص من الشَّام زيد فِي فلسطين وَكَانَ يُقَال: هِيَ أَرض الْمَحْشَر والمنشر وفيهَا ينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام وَبهَا يهْلك الله شيخ الضَّلَالَة الدَّجَّال وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَى الأَرْض الَّتِي باركنا فِيهَا} قَالَ: الشَّام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَى الأَرْض الَّتِي باركنا فِيهَا} قَالَ: إِلَى حران وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق} قَالَ: ولدا {وَيَعْقُوب نَافِلَة} قَالَ: ابْن ابْن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق} قَالَ: أعطَاهُ {وَيَعْقُوب نَافِلَة} قَالَ: عَطِيَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ فِي الْآيَة قَالَ: دَعَا بِالْحَقِّ فاستجيب لَهُ وَزيد يَعْقُوب وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الحكم قَالَ: النَّافِلَة ابْن الابْن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وجعلناهم أَئِمَّة يهْدُونَ} الْآيَة قَالَ: جعلهم الله أَئِمَّة يقْتَدى بهم فِي أَمر الله الْآيَة 74 - 77

74

أخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: كَانَ فِي قوم لوط عشر خِصَال يعْرفُونَ بهَا: لعب الْحمام وَرمي البندق والمكاء والخذف فِي الأنداء وتسبيط الشّعْر وفرقعة العلك واسبال الْإِزَار وَحبس الأقبية وإتيان الرِّجَال والمنادمة على الشَّرَاب وستزيد هَذِه الْأمة عَلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سِتَّة من أَخْلَاق قوم لوط فِي هَذِه الْأمة: الجلاهق والصفر والبندق والخذف وَحل إِزَار القباء ومضغ العلك واخرج اسحق بن بشر والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عشر خِصَال عملتها قوم لوط بهَا اهلكوا وتزيدها أمتِي بخلة: إتْيَان الرِّجَال بَعضهم بَعْضًا ورميهم بالجلاهق ولعبهم الْحمام وَضرب الدفوف وَشرب الْخُمُور وقص اللِّحْيَة وَطول الشَّارِب والصفر والتصفيق ولباس الْحَرِير وتزيدها أمتِي بخلة: إتْيَان النِّسَاء بَعضهنَّ بَعْضًا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل سنَن قوم لوط قد فقدت إِلَّا ثَلَاثًا: جر نعال السيوف وقصف الْأَظْفَار وكشف الْعَوْرَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتنَا} قَالَ: فِي الْإِسْلَام الْآيَة 78 - 82

78

أخرج الْحَاكِم عَن وهب قَالَ: دَاوُد بن إيشا بن عُوَيْد بن عَابِر من ولد يهوذا بن يَعْقُوب وَكَانَ قَصِيرا أَزْرَق قَلِيل الشّعْر طَاهِر الْقلب وَأخرج ابْن جرير عَن مرّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِذْ يحكمان فِي الْحَرْث} قَالَ: كَانَ الْحَرْث نبتاً فنفشت فِيهِ لَيْلًا فاختصموا فِيهِ إِلَى دَاوُد فَقضى بالغنم لأَصْحَاب الْحَرْث فَمروا على سُلَيْمَان فَذكرُوا ذَلِك لَهُ فَقَالَ: لَا تدفع الْغنم فيصيبون مِنْهَا وَيقوم هَؤُلَاءِ على حرثهم فَإِذا عَاد كَمَا كَانَ ردوا عَلَيْهِم فَنزلت {ففهمناها سُلَيْمَان} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم والْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَدَاوُد وَسليمَان إِذْ يحكمان فِي الْحَرْث إِذْ نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم} قَالَ: كرم قد أنبتت عناقيده فأفسدته الْغنم فَقضى دَاوُد بالغنم لصَاحب الْكَرم فَقَالَ سُلَيْمَان: أغير هَذَا يَا نَبِي الله قَالَ: وَمَا ذَاك قَالَ: تدفع الْكَرم إِلَى صَاحب الْغنم فَيقوم عَلَيْهِ حَتَّى يعود كَمَا كَانَ وتدفع الْغنم إِلَى صَاحب الْكَرم فَيُصِيب مِنْهَا حَتَّى إِذا عَاد الْكَرم كَمَا كَانَ دفعت الْكَرم لصَاحبه وَدفعت الْغنم إِلَى صَاحبهَا فَذَلِك قَوْله: {ففهمناها سُلَيْمَان} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق قَالَ: الْحَرْث الَّذِي {نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم} إِنَّمَا كَانَ كرماً نفشت فِيهِ غنم الْقَوْم فَلم تدع فِيهِ ورقة وَلَا عنقوداً من عِنَب إِلَّا أَكلته فَأتوا دَاوُد فَأَعْطَاهُمْ رقابها فَقَالَ سُلَيْمَان: إِن صَاحب الْكَرم قد بَقِي لَهُ أصل كرمه وأصل أرضه بل تُؤْخَذ الْغنم فيعطاها أهل الْكَرم فَيكون لَهُم لَبنهَا وصوفها ونفعها وَيُعْطى أهل الْغنم الْكَرم فيعمرونه ويصلحونه حَتَّى يعود كَالَّذي كَانَ لَيْلَة نفشت فِيهِ الْغنم ثمَّ يعْطى أهل الْغنم غَنمهمْ وَأهل الْكَرم كرمهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَدَاوُد وَسليمَان} إِلَى

قَوْله: {وَكُنَّا لحكمهم شَاهِدين} يَقُول: كُنَّا لما حكما شَاهِدين وَذَلِكَ أَن رجلَيْنِ دخلا على دَاوُد: أَحدهمَا صَاحب حرث وَالْآخر صَاحب غنم فَقَالَ صَاحب الْحَرْث: إِن هَذَا أرسل غنمه فِي حرثي فَلم تبْق من حرثي شَيْئا فَقَالَ لَهُ دَاوُد: اذْهَبْ فَإِن الْغنم كلهَا لَك فَقضى بذلك دَاوُد وَمر صَاحب الْغنم بِسُلَيْمَان فَأخْبرهُ بِالَّذِي قضى بِهِ دَاوُد فَدخل سُلَيْمَان على دَاوُد فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِن الْقَضَاء سوى الَّذِي قضيت فَقَالَ: كَيفَ قَالَ سُلَيْمَان: إِن الْحَرْث لَا يخفى على صَاحبه مَا يخرج مِنْهُ فِي كل عَام فَلهُ من صَاحب الْغنم أَن ينْتَفع من أَوْلَادهَا وأصوافها وَأَشْعَارهَا حَتَّى يَسْتَوْفِي ثمن الْحَرْث فَإِن الْغنم لَهَا نسل كل عَام فَقَالَ دَاوُد: قد أصبت الْقَضَاء كَمَا قضيت ففهمها الله سُلَيْمَان وَأخرج ابْن جرير وَعبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: أَعْطَاهُم دَاوُد رِقَاب الْغنم بالحرث وَحكم سُلَيْمَان بجزة الْغنم وَأَلْبَانهَا لأهل الْحَرْث وَعَلَيْهِم رعاؤها ويحرث لَهُم أهل الْغنم حَتَّى يكون الْحَرْث كَهَيْئَته يَوْم أكل ثمَّ يدفعونه إِلَى أَهله وَيَأْخُذُونَ غَنمهمْ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: النفش بِاللَّيْلِ والهمل بِالنَّهَارِ ذكر لنا أَن غنم الْقَوْم وَقعت فِي زرع لَيْلًا فَرفع ذَلِك إِلَى دَاوُد فَقضى بالغنم لأَصْحَاب الزَّرْع فَقَالَ سُلَيْمَان: لَيْسَ كَذَلِك وَلَكِن لَهُ نسلها ورسلها وعوارضها وجزازها حَتَّى إِذا كَانَ من الْعَام الْمقبل كَهَيْئَته يَوْم أكل دفعت الْغنم إِلَى أَرْبَابهَا وَقبض صَاحب الزَّرْع زرعه قَالَ الله: {ففهمناها سُلَيْمَان} وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة وَالزهْرِيّ فِي الْآيَة قَالَ: نفشت غنم فِي حرث قوم فَقضى دَاوُد أَن يَأْخُذُوا الْغنم ففهمها الله سُلَيْمَان فَلَمَّا أخبر بِقَضَاء دَاوُد قَالَ: لَا وَلَكِن خُذُوا الْغنم وَلكم مَا خرج من رسلها وَأَوْلَادهَا وأصوافها إِلَى الْحول وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت امْرَأَة عابدة من بني إِسْرَائِيل وَكَانَت تبتلت الْمَرْأَة وَكَانَ لَهَا جاريتان جميلتان وَقد تبتلت الْمَرْأَة لَا تُرِيدُ الرِّجَال فَقَالَت إِحْدَى الجاريتين لِلْأُخْرَى: قد طَال علينا هَذَا الْبلَاء أما هَذِه فَلَا تُرِيدُ الرِّجَال وَلَا نزال بشر مَا كُنَّا لَهَا فَلَو أَنا فضحناها فرجمت فصرنا إِلَى الرِّجَال فَأتيَا مَاء الْبيض فأتياها وَهِي سَاجِدَة فكشفتا عَن ثوبها ونضحتا فِي دبرهَا مَاء الْبيض وصرختا: إِنَّهَا قد

بَغت وَكَانَ من زنى فيهم حدّه الرَّجْم فَرفعت إِلَى دَاوُد وَمَاء الْبيض فِي ثِيَابهَا فَأَرَادَ رَجمهَا فَقَالَ سُلَيْمَان: ائْتُوا بِنَار فَإِنَّهُ إِن كَانَ مَاء الرِّجَال تفرق وَإِن كَانَ مَاء الْبيض اجْتمع فَأتي بِنَار فوضعها عَلَيْهِ فَاجْتمع فدرأ عَنْهَا الرَّجْم فعطف دَاوُد على سُلَيْمَان فَأَحبهُ ثمَّ كَانَ بعد ذَلِك أَصْحَاب الْحَرْث وَأَصْحَاب الشياه فَقضى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بالغنم لأَصْحَاب الْحَرْث فَخَرجُوا وَخرجت الرُّعَاة مَعَهم الْكلاب فَقَالَ سُلَيْمَان: كَيفَ قضى بَيْنكُم فأخبروه فَقَالَ: لَو وليت أَمرهم لقضيت بِغَيْر هَذَا الْقَضَاء فَقيل لداود عَلَيْهِ السَّلَام: إِن سُلَيْمَان يَقُول كَذَا وَكَذَا فَدَعَاهُ فَقَالَ: كَيفَ تقضي بَينهم فَقَالَ: أدفَع الْغنم إِلَى أَصْحَاب الْحَرْث هَذَا الْعَام فَيكون لَهُم أَوْلَادهَا وسلالها وَأَلْبَانهَا ومنافعها ويذر أَصْحَاب الْحَرْث الْحَرْث هَذَا الْعَام فَإِذا بلغ الْحَرْث الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَخذ هَؤُلَاءِ الْحَرْث ودفعوا إِلَى هَؤُلَاءِ الْغنم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {نفشت} قَالَ: رعت وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {نفشت} قَالَ: النفش الرَّعْي بِاللَّيْلِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول لبيد: بدلن بعد النفش الوجيفا وَبعد ول الْحزن الصريفا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن حرَام بن محيصة أَن نَاقَة الْبَراء بن عَازِب دخلت حَائِطا فأفسدت فِيهِ فَقضى فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: على أَن على أهل الحوائط حفظهَا بِالنَّهَارِ وَإِن مَا أفسدت الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِن على أَهلهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن نَاقَة الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ دخلت حَائِطا لقوم فأفسدت عَلَيْهِم فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: على أهل الْحَائِط حفظ حائطهم بِالنَّهَارِ وعَلى أهل الْمَوَاشِي حفظ مَوَاشِيهمْ بِاللَّيْلِ ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَدَاوُد وَسليمَان} الْآيَة ثمَّ قَالَ: نفشت لَيْلًا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ فافهمناها سُلَيْمَان وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الحكم بِمَا قضى بِهِ سُلَيْمَان وَلم يعب دَاوُد فِي حكمه وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَهْون أهل النَّار عذَابا رجل يطَأ جَمْرَة يغلي مِنْهَا دماغه فَقَالَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ: وَمَا جرمه يَا رَسُول الله قَالَ: كَانَت لَهُ مَاشِيَة يغشى بهَا الزَّرْع ويؤذيه وَحرم الله الرزع وَمَا حوله غلوة سهم فاحذروا أَن لَا [] يسْتَحبّ الرجل مَا لَهُ فِي الدُّنْيَا وَيهْلك نَفسه فِي الْآخِرَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَانِ لَهما جَاءَ الذِّئْب فَأخذ أحد الِابْنَيْنِ فتحاكما إِلَى دَاوُد فَقضى لَهُ للكبرى فخرجتا فدعاهما سُلَيْمَان فَقَالَ: هاتوا السكين أشقه بَينهمَا فَقَالَت الصُّغْرَى: يَرْحَمك الله هُوَ ابْنهَا لَا تشقه فَقضى بِهِ للصغرى وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن امْرَأَة حسناء من بني إِسْرَائِيل راودها عَن نَفسهَا أَرْبَعَة من رُؤَسَائِهِمْ فامتنعت على كل وَاحِد مِنْهُم فاتفقوا فِيمَا بَينهم عَلَيْهَا فَشَهِدُوا عَلَيْهَا عِنْد دَاوُد أَنَّهَا مكنت من نَفسهَا كَلْبا لَهَا قد عوّدته ذَلِك مِنْهَا فَأمر برجمها فَلَمَّا كَانَ عَشِيَّة ذَلِك الْيَوْم جلس سُلَيْمَان وَاجْتمعَ مَعَه ولدان مثله فانتصب حَاكما وتزيا أَرْبَعَة مِنْهُم بزِي أُولَئِكَ وَآخر بزِي الْمَرْأَة وشهدوا عَلَيْهَا بِأَنَّهَا مكنت من نَفسهَا كلبها فَقَالَ سُلَيْمَان: فرقوا بَينهم فَسَأَلَ أَوَّلهمْ: مَا كَانَ لون الْكَلْب فَقَالَ: أسود فَعَزله واستدعى الآخر فَسَأَلَهُ عَن لَونه فَقَالَ: أَحْمَر وَقَالَ الآخر أغبش وَقَالَ الآخر أَبيض فَأمر عِنْد ذَلِك بِقَتْلِهِم فحكي ذَلِك لداود فاستدعى من فوره أُولَئِكَ الْأَرْبَعَة فَسَأَلَهُمْ مُتَفَرّقين عَن لون ذَلِك الْكَلْب فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَأمر بِقَتْلِهِم وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن أبي نجيح قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: أوتينا مَا أُوتِيَ النَّاس وَلم يؤتوا وَعلمنَا مَا علم النَّاس وَلم يعلمُوا فَلم يجد شَيْئا أفضل من ثَلَاث كَلِمَات: الْحلم فِي الْغَضَب وَالرِّضَا وَالْقَصْد فِي الْفقر والغنى وخشية الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة

وَأخرج أَحْمد عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني إياك وَغَضب الْملك الظلوم فَإِن غَضَبه كغضب ملك الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن خَيْثَمَة قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: جربنَا الْعَيْش لينه وشديده فوجدناه يَكْفِي مِنْهُ أدناه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وأمد عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان لِابْنِهِ: يَا بني لَا تكْثر الْغيرَة على أهلك فترمى بالسوء من أَجلك وَإِن كَانَت بريئة يَا بني إِن من الْحيَاء صمتا وَمِنْه وقاراً يَا بني إِن أَحْبَبْت أَن تغيظ عَدوك فَلَا ترفع الْعَصَا عَن ابْنك يَا بني كَمَا يدْخل الوتد بَين الحجرين وكما تدخل الْحَيَّة بَين الحجرين كَذَلِك تدخل الْخَطِيئَة بَين البيعين وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: بلغنَا أَن سُلَيْمَان قَالَ لِابْنِهِ: امش وَرَاء الْأسد وَلَا تمش وَرَاء امْرَأَة وَأخرج أَحْمد عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان لِابْنِهِ: يَا بني إِن من سوء الْعَيْش نقلا من بَيت إِلَى بَيت وَقَالَ لِابْنِهِ: عَلَيْك بخشية الله فَإِنَّهَا غلبت كل شَيْء وَأخرج أَحْمد عَن بكر بن عبد الله أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِابْنِهِ سُلَيْمَان: أَي شَيْء أبرد وَأي شَيْء أحلى وَأي شَيْء أقرب وَأي شَيْء أقل وَأي شَيْء أَكثر وَأي شَيْء آنس وَأي شَيْء أوحش قَالَ: أحلى شَيْء روح الله من عباده وأبرد شَيْء عَفْو الله عَن عباده وعفو الْعباد بَعضهم عَن بعض وآنس شَيْء الرّوح تكون فِي الْجَسَد وأوحش شَيْء الْجَسَد تنْزع مِنْهُ الرّوح وَأَقل شَيْء الْيَقِين وَأكْثر شَيْء الشَّك وَأقرب شَيْء الْآخِرَة من الدُّنْيَا وَأبْعد شَيْء الدُّنْيَا من الْآخِرَة وَأخرج أَحْمد عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان لِابْنِهِ: لَا تقطعن أمرا حَتَّى تؤامر مرشداً فَإِذا فعلت ذَلِك فَلَا تحزن عَلَيْهِ وَقَالَ: يَا بني مَا أقبح الْخَطِيئَة مَعَ المسكنة وأقبح الضَّلَالَة بعد الْهدى وأقبح من ذَلِك رجل كَانَ عابداً فَترك عبَادَة ربه وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: عجبا للتاجر: كَيفَ يخلص يحلف بِالنَّهَارِ وينام بِاللَّيْلِ

وَأخرج أَحْمد عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان لِابْنِهِ: يَا بني إياك والنميمة فَإِنَّهَا كَحَد السَّيْف وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن حميد الطَّوِيل: أَن إِيَاس بن مُعَاوِيَة لما استقضى آتَاهُ الْحسن فَرَآهُ حَزينًا فَبكى إِيَاس فَقَالَ: مَا يبكيك فَقَالَ: يَا أَبَا سعيد بَلغنِي أَن الْقُضَاة ثَلَاثَة: رجل اجْتهد فَأَخْطَأَ فَهُوَ فِي النَّار وَرجل مَال بِهِ الْهوى فَهُوَ فِي النَّار وَرجل اجْتهد فَأصَاب فَهُوَ فِي الْجنَّة فَقَالَ الْحسن: إِن فِيمَا قصّ الله من نبأ دَاوُد مَا يرد ذَلِك ثمَّ قَرَأَ {وَدَاوُد وَسليمَان إِذْ يحكمان فِي الْحَرْث} حَتَّى بلغ {وكلا آتَيْنَا حكما وعلماً} فَأثْنى على سُلَيْمَان وَلم يذم دَاوُد ثمَّ قَالَ: أَخذ الله على الْحُكَّام ثَلَاثَة: أَن لَا يشتروا بآياته ثمنا قَلِيلا وَلَا يتبعوا الْهوى وَلَا يخشوا النَّاس ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة (يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض) (ص آيَة 26) الْآيَة وَقَالَ (فَلَا تخشوا النَّاس واخشون) (الْمَائِدَة آيَة 44) وَقَالَ (وَلَا تشتروا بآياتي ثمنا قَلِيلا) (الْمَائِدَة آيَة 44) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وسخرنا مَعَ دَاوُد الْجبَال يسبحْنَ وَالطير} قَالَ: يصلين مَعَ دَاوُد إِذا صلى {وعلمناه صَنْعَة لبوس لكم} قَالَ: كَانَت صَفَائِح فَأول من مدها وحلقها دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج السّديّ فِي قَوْله: {وعلمناه صَنْعَة لبوس لكم} قَالَ: هِيَ دروع الْحَدِيد {لتحصنكم من بأسكم} قَالَ: من رتع السِّلَاح فِيكُم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ لنحصنكم بالنُّون وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن سُلَيْمَان بن حَيَّان قَالَ: كَانَ دَاوُد إِذا وجد فَتْرَة أَمر الْجبَال فسبحت حَتَّى يشتاق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ عمر آدم ألف سنة وَكَانَ عمر دَاوُد سِتِّينَ سنة فَقَالَ آدم: أَي رب زده من عمري أَرْبَعِينَ سنة فأكمل لآدَم ألف سنة وأكمل لداود مائَة سنة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَاتَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم السِّت فَجْأَة فعكفت الطير عَلَيْهِ تظله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يوضع لَهُ سِتّمائَة ألف كرْسِي ثمَّ يَجِيء أَشْرَاف النَّاس فَيَجْلِسُونَ مِمَّا يَلِيهِ ثمَّ يَجِيء أَشْرَاف الْجِنّ فَيَجْلِسُونَ مِمَّا يَلِي أَشْرَاف الْإِنْس ثمَّ يَدْعُو الطير فتظلهم ثمَّ يَدْعُو الرّيح فتحملهم فيسير مسيرَة شهر فِي الْغَدَاة الْوَاحِدَة وَأخرج الْحَاكِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: بلغنَا أَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ عسكره مائَة فَرسَخ خَمْسَة وَعِشْرُونَ مِنْهَا للإنس وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ للجن وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ للوحش وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ للطير وَكَانَ لَهُ ألف بَيت من قَوَارِير على الْخشب فِيهَا ثلثمِائة حرَّة وَسَبْعمائة سَرِيَّة فَأمر الرّيح العاصف فَرَفَعته فَأمر الرّيح فسارت بِهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ أَنِّي أَزِيد فِي ملكك أَن لَا يتَكَلَّم أحد بِشَيْء إِلَّا جَاءَت الرّيح فأخبرتك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان يَأْمر الرّيح فتجتمع كالطود الْعَظِيم ثمَّ يَأْمر بفراشه فَيُوضَع على أَعلَى مَكَان مِنْهَا ثمَّ يَدْعُو بفرس من ذَوَات الأجنحة فترتفع حَتَّى تصعد على فرَاشه ثمَّ يَأْمر الرّيح فترتفع بِهِ كل شرف دون السَّمَاء فَهُوَ يُطَأْطِئ رَأسه مَا يلْتَفت يَمِينا وَلَا شمالاً تَعْظِيمًا لله وشكراً لما يعلم من صغر مَا هُوَ فِيهِ فِي ملك الله يَضَعهُ الرّيح حَيْثُ يَشَاء أَن يَضَعهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ لِسُلَيْمَان مركب من خشب وَكَانَ فِيهِ ألف ركن فِي كل ركن ألف بَيت يركب مَعَه فِيهِ الْجِنّ وَالْإِنْس تَحت كل ركن ألف شَيْطَان يرفعون ذَلِك الْمركب فَإِذا ارْتَفع جَاءَت الرّيح الرخَاء فسارت بِهِ وَسَارُوا مَعَه فَلَا يدْرِي الْقَوْم إِلَّا قد أظلهم من الجيوش والجنود وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن السّديّ فِي قَوْله: {ولسليمان الرّيح عَاصِفَة} قَالَ: الرّيح الشَّدِيدَة {تجْرِي بأَمْره إِلَى الأَرْض الَّتِي باركنا فِيهَا} قَالَ: أَرض الشَّام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ولسليمان الرّيح} الْآيَة قَالَ: ورث الله لِسُلَيْمَان دَاوُد فورثه نبوته وَملكه وزاده على ذَلِك أَنه سخر لَهُ الرِّيَاح وَالشَّيَاطِين

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر أَنه قَرَأَ {ولسليمان الرّيح} يَقُول: سخرنا لَهُ الرّيح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَمن الشَّيَاطِين من يغوصون لَهُ} قَالَ: يغوصون فِي المَاء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والديلمي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: ذكر عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رقية الْحَيَّة فَقَالَ: اعرضها عَليّ فعرضها عَلَيْهِ بِسم الله شجنية قرنية ملحة بَحر قفطا فَقَالَ: هَذِه مواثيق أَخذهَا سُلَيْمَان على الْهَوَام وَلَا أرى بهَا بَأْسا وَأخرج الْحَاكِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: أرخ بَنو اسحق من مبعث مُوسَى إِلَى ملك سُلَيْمَان الْآيَة 83 - 86

83

أخرج الْحَاكِم من طَرِيق سَمُرَة عَن كَعْب قَالَ: كَانَ أَيُّوب بن أموص نَبِي الله الصابر طَويلا جعد الشّعْر وَاسع الْعَينَيْنِ حسن الْخلق وَكَانَ على جَبينه مَكْتُوب: الْمُبْتَلى الصابر وَكَانَ قصير الْعُنُق عريض الصَّدْر غليظ السَّاقَيْن والساعدين كَانَ يُعْطي الأرامل ويكسوهم جاهداً ناصحاً لله وَأخرج الْحَاكِم عَن وهب قَالَ: أَيُّوب بن أموص بن رزاح بن عيص بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل وَأخرج ابْن سعد عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: أول نَبِي بعث إِدْرِيس ثمَّ نوح ثمَّ إِبْرَاهِيم ثمَّ إِسْمَاعِيل وَإِسْحَق ثمَّ يَعْقُوب ثمَّ يُوسُف ثمَّ لوط ثمَّ هود ثمَّ صَالح ثمَّ شُعَيْب ثمَّ مُوسَى وَهَارُون ثمَّ إلْيَاس ثمَّ اليسع ثمَّ يُونُس ثمَّ أَيُّوب وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: كَانَ أَيُّوب أعبد أهل زَمَانه وَأَكْثَرهم مَالا

فَكَانَ لَا يشْبع حَتَّى يشْبع الجائع وَكَانَ لَا يكتسي حَتَّى يكسي العاري وَكَانَ إِبْلِيس قد أعياه أَمر أَيُّوب لقُوته فَلَا يقدر عَلَيْهِ وَكَانَ عبدا مَعْصُوما وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن عَسَاكِر عَن وهب أَنه سُئِلَ: مَا كَانَت شَرِيعَة قوم أَيُّوب قَالَ: التَّوْحِيد وَإِصْلَاح ذَات الْبَين وَإِذا كَانَت لأحد مِنْهُم حَاجَة خر لله سَاجِدا ثمَّ طلب حَاجته قيل: فَمَا كَانَ مَاله قَالَ: كَانَ لَهُ ثَلَاثَة آلَاف فدان مَعَ كل فدان عبد مَعَ كل عبد وليدة وَمَعَ كل وليد أتان وَأَرْبَعَة عشرَة ألف شَاة وَلم يبت لَيْلَة لَهُ إِلَّا وضيف وَرَاء بَابه وَلم يَأْكُل طَعَامه إِلَّا وَمَعَهُ مِسْكين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: مَا أصَاب إِبْلِيس من أَيُّوب فِي مَرضه إِلَّا الأنين وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله لأيوب: تَدْرِي مَا جرمك إليّ حَتَّى ابتليتك فَقَالَ: لَا يَا رب قَالَ: لِأَنَّك دخلت على فِرْعَوْن فداهنت عِنْده فِي كَلِمَتَيْنِ وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَنْب أَيُّوب أَنه اسْتَعَانَ بِهِ مِسْكين على ظلم يدرؤه عَنهُ فَلم يعنه وَلم يَأْمر بِمَعْرُوف وينه الظَّالِم عَن ظلمه الْمِسْكِين فابتلاه الله وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن اللَّيْث بن سعد قَالَ: كَانَ السَّبَب الَّذِي ابْتُلِيَ فِيهِ أَيُّوب أَنه دخل أهل قريته على ملكهم - وَهُوَ جَبَّار من الْجَبَابِرَة - وَذكر بعض مَا كَانَ ظلمه النَّاس فكلموه فأبلغوا فِي كَلَامه ورفق أَيُّوب فِي كَلَامه لَهُ مَخَافَة مِنْهُ لزرعه فَقَالَ الله: اتَّقَيْت عبدا من عبَادي من أجل زرعك فَأنْزل الله بِهِ مَا أنزل من الْبلَاء وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ قَالَ: أجدب الشَّام فَكتب فِرْعَوْن إِلَى أَيُّوب: أَن هَلُمَّ إِلَيْنَا فَإِن لَك عندنَا سَعَة فَأقبل بخيله وماشيته وبنيه فأقطعهم فَدخل شُعَيْب فَقَالَ فِرْعَوْن: أما تخَاف أَن يغْضب غضبة فيغضب لغضبه أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال والبحار فَسكت أَيُّوب فَلَمَّا خرجا من عِنْده أوحى الله إِلَى أَيُّوب: أوسكت عَن فِرْعَوْن لذهابك إِلَى أرضه استعد للبلاء قَالَ: فديني قَالَ: أسلمه لَك قَالَ: لَا أُبَالِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن يزِيد بن ميسرَة قَالَ: لما

ابتلى الله أَيُّوب بذهاب المَال والأهل وَالْولد فَلم يبْق لَهُ شَيْء أحسن الذّكر وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين ثمَّ قَالَ: أحمدك رب الَّذِي أَحْسَنت إليّ قد أَعْطَيْتنِي المَال وَالْولد لم يبْق من قلبِي شُعْبَة إِلَّا قد دَخلهَا ذَلِك فَأخذت ذَلِك كُله مني وفزعت قلبِي فَلَيْسَ يحول بيني وَبَيْنك شَيْء لَا يعلم عدوي إِبْلِيس الَّذِي وصفت إِلَّا حسدني فلقي إِبْلِيس من ذها شَيْئا مُنْكرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: كَانَ لأيوب أَخَوان فجاءا يَوْمًا فَلم يستطيعا أَن يدنوا مِنْهُ من رِيحه فقاما من بعيد فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر: لَو كَانَ الله علم من أَيُّوب خيرا مَا ابتلاه بِهَذَا فجزع أَيُّوب من قَوْلهمَا جزعاً لم يجزع من شَيْء قطّ مثله قَالَ: اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَنِّي لم أَبَت لَيْلَة قطّ شبعاً وَأَنا أعلم مَكَان جَائِع فصدقني فصدّق من فِي السَّمَاء وهما يسمعان ثمَّ خر سَاجِدا وَقَالَ: اللَّهُمَّ بعزتك لَا أرفع رَأْسِي حَتَّى تكشف عني فَمَا رفع رَأسه حَتَّى كشف الله عَنهُ وأخرح ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: ضرب أَيُّوب بالبلاء ثمَّ بالبلاء بعد الْبلَاء بذهاب الْأَهْل وَالْمَال ثمَّ ابْتُلِيَ فِي بدنه ثمَّ ابْتُلِيَ حَتَّى قذف فِي بعض مزابل بني إِسْرَائِيل فَمَا يعلم أَيُّوب دَعَا الله يَوْمًا أَن يكْشف مَا بِهِ لَيْسَ إِلَّا صبرا وإحتساباً حَتَّى مر بِهِ رجلَانِ فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: لَو كَانَ لله فِي هَذَا حَاجَة مَا بلغ بِهِ هَذَا كُله فَسمع أَيُّوب فشق عَلَيْهِ فَقَالَ: رب {مسني الضّر} ثمَّ رد ذَلِك إِلَى ربه فَقَالَ: {وَأَنت أرْحم الرَّاحِمِينَ فاستجبنا لَهُ فكشفنا مَا بِهِ من ضرّ وَآتَيْنَاهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} قَالَ: {وَآتَيْنَاهُ أَهله} فِي الدُّنْيَا {وَمثلهمْ مَعَهم} فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} قَالَ: قيل لَهُ: يَا أَيُّوب إِن أهلك لَك فِي الْجنَّة فَإِن شِئْت آتيناك بهم وَإِن شِئْت تركناهم لَك فِي الْجنَّة وعوّضناك مثلهم قَالَ: لَا بل اتركهم لي فِي الْجنَّة فتركوا لَهُ فِي الْجنَّة وعوّض مثلهم فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن نوف الْبكالِي فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} قَالَ: إِنِّي أدخرهم فِي الْآخِرَة وَأعْطِي مثلهم فِي الدُّنْيَا فَحدث بذلك مطرف فَقَالَ: مَا عرفت وَجههَا قبل الْيَوْم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن الضَّحَّاك قَالَ: بلغ

ابْن مَسْعُود أَن مَرْوَان قَالَ فِي هَذِه الْآيَة: {وَآتَيْنَاهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} قَالَ: أُوتِيَ بِأَهْل غير أَهله فَقَالَ ابْن مَسْعُود: بل أُوتِيَ بأعيانهم وَمثلهمْ مَعَهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} قَالَ: لم يَكُونُوا مَاتُوا ولكنعم غَيَّبُوا عَنهُ فَأَتَاهُ أَهله {وَمثلهمْ مَعَهم} فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} قَالَ: أحياهم بأعيانهم وَزَاد إِلَيْهِم مثلهم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن وَقَتَادَة فِي قَوْله: {وَآتَيْنَاهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} قَالَ: أَحْيَا الله لَهُ أَهله بأعيانهم وزاده الله مثلهم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {وَمثلهمْ مَعَهم} قَالَ: من نسلهم وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن قَالَ: مَا كَانَ بَقِي من أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام إِلَّا عَيناهُ وَقَلبه وَلسَانه فَكَانَت الدَّوَابّ تخْتَلف فِي جسده وَمكث فِي الكناسة سبع سِنِين وأياماً وَأخرج أَحْمد عَن نوف الْبكالِي قَالَ: مر نفر من بني إِسْرَائِيل بِأَيُّوب فَقَالُوا: مَا أَصَابَهُ مَا أَصَابَهُ إِلَّا بذنب عَظِيم أَصَابَهُ فَسَمعَهَا أَيُّوب فَعِنْدَ ذَلِك قَالَ: {مسني الضّر وَأَنت أرْحم الرَّاحِمِينَ} وَكَانَ قبل ذَلِك لَا يَدْعُو وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: لقد مكث أَيُّوب مطروحاً على كناسَة سبع سِنِين وأشهراً مَا يسْأَل الله أَن يكْشف مَا بِهِ وَمَا على وَجه الأَرْض خلق أكْرم من أَيُّوب فيزعمون أَن بعض النَّاس قَالَ: لَو كَانَ لرب هَذَا فِيهِ حَاجَة مَا صنع بِهِ هَذَا فَعِنْدَ ذَلِك دَعَا وَأخرج ابْن جريرعن وهب بن مُنَبّه قَالَ: لم يكن بِأَيُّوب الْأكلَة إِنَّمَا يخرج مِنْهُ مثل ثدي النِّسَاء ثمَّ يتفقأ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَنِّي مسني الضّر وَأَنت أرْحم الرَّاحِمِينَ} قَالَ: إِنَّه لما مَسّه الضّر أنساه الله الدُّعَاء أَن يَدعُوهُ فَيكْشف مَا بِهِ من ضرّ غير أَنه كَانَ يذكر الله كثيرا وَلَا يزِيدهُ الْبلَاء فِي الله إِلَّا رَغْبَة وَحسن إيقان فَلَمَّا انْتهى الْأَجَل وَقضى الله أَنه كاشف مَا بِهِ من ضرّ أذن لَهُ فِي الدُّعَاء ويسرّه لَهُ كَانَ قبل ذَلِك يَقُول تبَارك وَتَعَالَى: لَا يَنْبَغِي لعبدي أَيُّوب أَن يدعوني ثمَّ لَا أستجيب لَهُ فَلَمَّا دَعَا

اسْتَجَابَ لَهُ وأبدله بِكُل شَيْء ذهب لَهُ ضعفين رد أَهله وَمثلهمْ مَعَهم وَأثْنى عَلَيْهِ فَقَالَ: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نعم العَبْد إِنَّه أوّاب) وَأخرج ابْن جرير عَن لَيْث قَالَ: أرسل مُجَاهِد رجلا يُقَال لَهُ قَاسم إِلَى عِكْرِمَة يسْأَله عَن قَول الله لأيوب {وَآتَيْنَاهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} فَقَالَ: قيل لَهُ: إِن أهلك لَك فِي الْآخِرَة فَإِن شِئْت عجلناهم لَك فِي الدُّنْيَا وَإِن شِئْت كَانُوا لَك فِي الْآخِرَة وآتيناك مثلهم فِي الدُّنْيَا فَقَالَ: يكونُونَ فِي الْآخِرَة وأوتى مثلهم فِي الدُّنْيَا فَرجع إِلَى مُجَاهِد فَقَالَ: أصَاب وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله: {رَحْمَة من عندنَا وذكرى للعابدين} وَقَوله: (رَحْمَة منا وذكرى لأولي الْأَلْبَاب) (ص آيَة 43) قَالَ: إِنَّمَا هُوَ من أَصَابَهُ بلَاء فَذكر مَا أصَاب أَيُّوب فَلْيقل: إِنَّه قد أصَاب من هُوَ خير مني نَبِي من الْأَنْبِيَاء وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: بَقِي أَيُّوب على كناسَة لنَبِيّ إِسْرَائِيل سبع سِنِين وأشهراً تخْتَلف فِيهِ الدَّوَابّ وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: إِن أَيُّوب آتَاهُ الله تَعَالَى مَالا وَولدا وأوسع عَلَيْهِ فَلهُ من الشياه وَالْبَقر وَالْغنم وَالْإِبِل وَإِن عَدو الله إِبْلِيس قيل لَهُ: هَل تقدر أَن تفتن أَيُّوب قَالَ: رب إِن أَيُّوب أصبح فِي دنيا من مَال وَولد فَلَا يَسْتَطِيع إِلَّا شكرك فسلطني على مَاله وَولده فسترى كَيفَ يطيعني ويعصيك فَسلط على مَاله وَولده فَكَانَ يَأْتِي الْمَاشِيَة من مَاله من الْغنم فيحرقها بالنيران ثمَّ يَأْتِي أَيُّوب وَهُوَ يُصَلِّي متشبهاً براعي الْغنم فَيَقُول: يَا أَيُّوب تصلي لرب مَا ترك الله لَك من ماشيتك شَيْئا من الْغنم إِلَّا أحرقها بالنيران وَكنت نَاحيَة فَجئْت لأخبرك فَيَقُول أَيُّوب: اللَّهُمَّ أَنْت أَعْطَيْت وَأَنت أخذت مهما يبْق شَيْء أحمدك على حسن بلائك فَلَا يقدر مِنْهُ على شَيْء مِمَّا يُرِيد ثمَّ يَأْتِي مَاشِيَته من الْبَقر فيحرقها بالنيران ثمَّ يَأْتِي أَيُّوب فَيَقُول لَهُ ذَلِك وَيرد عَلَيْهِ أَيُّوب مثل ذَلِك وَكَذَلِكَ فعل بِالْإِبِلِ حَتَّى مَا ترك لَهُ مَاشِيَة حَتَّى هدم الْبَيْت على وَلَده فَقَالَ: يَا أَيُّوب أرسل الله على ولدك من هدم عَلَيْهِم الْبيُوت حَتَّى يهْلكُوا فَيَقُول أَيُّوب مثل ذَلِك وَقَالَ: رب هَذَا حِين أَحْسَنت إِلَيّ الْإِحْسَان كُله قد كنت قبل الْيَوْم يشغلني حب المَال بِالنَّهَارِ ويشغلني حب الْوَلَد بِاللَّيْلِ

شَفَقَة عَلَيْهِم فَالْآن أفرغ سَمْعِي لَك وبصري وليلي ونهاري بِالذكر وَالْحَمْد وَالتَّقْدِيس والتهليل فَيَنْصَرِف عَدو الله من عِنْده وَلم يصب مِنْهُ شَيْئا مِمَّا يُرِيد ثمَّ إِن الله تَعَالَى قَالَ: كَيفَ رَأَيْت أَيُّوب قَالَ إِبْلِيس: إِن أَيُّوب قد علم أَنَّك سترد عَلَيْهِ مَاله وَولده وَلَكِن سَلطنِي على جسده فَإِن أَصَابَهُ الضّر فِيهِ أَطَاعَنِي وعصاك فَسلط على جسده فَأَتَاهُ فَنفخ فِيهِ نفخة أقرح من لدن قرنه إِلَى قدمه فَأَصَابَهُ الْبلَاء بعد الْبلَاء حَتَّى حمل فَوضع على مزبلة كناسَة لبني إِسْرَائِيل فَلم يبْق لَهُ مَال وَلَا ولد وَلَا صديق وَلَا أحد يقربهُ غير رَحْمَة صبرت عَلَيْهِ تصدق عَلَيْهِ وتأتيه بِطَعَام وتحمد الله مَعَه إِذا حَمده وَأَيوب على ذَلِك لَا يفر من ذكر الله والتحميد وَالثنَاء على الله وَالصَّبْر على مَا ابتلاه الله فَصَرَخَ إِبْلِيس صرخة جمع فِيهَا جُنُوده من أقطاء الْأَرْضين جزعاً من صَبر أَيُّوب فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا لَهُ: اجْتَمَعنَا إِلَيْك مَا أحزنك مَا أعياك قَالَ: أعياني هَذَا العَبْد الَّذِي سَأَلت رَبِّي أَن يسلطني على مَاله وَولده فَلم أدع لَهُ مَالا وَلَا ولدا فَلم يَزْدَدْ بذلك إِلَّا صبرا وثناء على الله تَعَالَى وتحميداً لَهُ ثمَّ سلطت على جسده فتركته قرحَة ملقاة على كناسَة بني إِسْرَائِيل لَا تقربه إِلَّا امْرَأَته فقد افتضحت بربي فاستعنت بكم لتعينوني عَلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ: أَيْن مكرك أَيْن علمك الَّذِي أهلكت بِهِ من مضى قَالَ: بَطل ذَلِك كُله فِي أَيُّوب فأشيروا عَليّ قَالُوا: نشِير عَلَيْك أَرَأَيْت آدم حِين أخرجته من الْجنَّة من [] أَتَيْته قَالَ: من قبل امْرَأَته قَالُوا: فشأنك بِأَيُّوب من قبل امْرَأَته فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَن يعصيها وَلَيْسَ أحد يقربهُ غَيرهَا قَالَ: أصبْتُم فَانْطَلق حَتَّى أَتَى امْرَأَته وَهِي تصدق فتمثل لَهَا فِي صُورَة رجل فَقَالَ: أَيْن بعلك يَا أمة الله قَالَت: هَا هُوَ ذَاك يحك قروه ويتردد الدُّود فِي جسده فَلَمَّا سَمعهَا طمع أَن تكون كلمة جزع فَوضع فِي صدرها فوسوس إِلَيْهَا فَذكرهَا مَا كَانَت فِيهِ من النعم وَالْمَال وَالدَّوَاب وَذكرهَا جمال أَيُّوب وشبابه وَمَا هُوَ فِيهِ من الضّر وَإِن ذَلِك لَا يَنْقَطِع عَنْهُم أبدا فصرخت فَلَمَّا صرخت علم أَن قد جزعت فَأَتَاهُ بسخلة فَقَالَ: ليذبح هَذَا إِلَى أَيُّوب وَيبرأ فَجَاءَت تصرخ: يَا أَيُّوب يَا أَيُّوب حَتَّى مَتى يعذبك رَبك أَلا يَرْحَمك أَيْن المَال أَيْن الشَّبَاب أَيْن الْوَلَد أَيْن الصّديق أَيْن لونك الْحسن الَّذِي بلي وتلدد فِيهِ الدَّوَابّ اذْبَحْ هَذِه السخلة واسترح قَالَ: أَيُّوب: أتاكِ عَدو الله فَنفخ فِيك فَوجدَ فِيك رفقا فأجبِتِه ويلكِ أرأيتِ مَا تبكين عَلَيْهِ مِمَّا تذكرين مِمَّا كُنَّا فِيهِ من

المَال وَالْولد وَالصِّحَّة والشباب من أعطانيه قَالَ [قَالَت] : الله قَالَ: فكم متعنَا قَالَ [قَالَت] : ثَمَانِينَ سنة قَالَ: فمذ كم ابتلانا الله بِهَذَا الْبلَاء الَّذِي ابتلانا بِهِ قَالَت: سبع سِنِين وأشهراً قَالَ: ويلكِ وَالله مَا عدلت وَلَا أنصفت رَبك إِلَّا صبرت حَتَّى نَكُون فِي هَذَا الْبلَاء الَّذِي ابتلانا رَبنَا ثَمَانِينَ سنة كَمَا كُنَّا فِي الرخَاء ثَمَانِينَ سنة وَالله لَئِن شفاني الله لأجلدنك مائَة جلدَة حيت أَمرتنِي أَن أذبح لغير الله طَعَامك وشرابك الَّذِي أتيتني بِهِ عليّ حرَام أَن أَذُوق شَيْئا مِمَّا تَأتي بِهِ بعد إِذْ قلت لي هَذَا فاغربي عني فَلَا أراكِ فَطُرِدَتْ فَذَهَبت فَقَالَ الشَّيْطَان: هَذَا قد وطّن نَفسه ثَمَانِينَ سنة على هَذَا الْبلَاء الَّذِي هُوَ فِيهِ فباء بالغلبة ورفضه وَنظر إِلَى أَيُّوب قد طرد امْرَأَته وَلَيْسَ عِنْده طَعَام وَلَا شراب وَلَا صديق ومرّ بِهِ رجلَانِ وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال وَلَا وَالله مَا على ظهر الأَرْض يَوْمئِذٍ أكْرم على الله من أَيُّوب فَقَالَ أحد الرجلَيْن لصَاحبه: لَو كَانَ لله فِي هَذَا حَاجَة مَا بلغ بِهِ هَذَا فَلم يسمع أَيُّوب شَيْئا كَانَ أَشد عَلَيْهِ من هَذِه الْكَلِمَة فَقَالَ: رب {مسني الضّر} ثمَّ رد ذَلِك إِلَى الله فَقَالَ: {وَأَنت أرْحم الرَّاحِمِينَ} فَقيل لَهُ: (اركض برجلك هَذَا مغتسل بَارِد) (ص آيَة 42) فركض بِرجلِهِ فنبعت عين مَاء فاغتسل مِنْهَا فَلم يبْق من دائه شَيْء ظَاهر إِلَّا سقط فَأذْهب الله عَنهُ كل ألم وكل سقم وَعَاد إِلَيْهِ شبابه وجماله أحسن مَا كَانَ ثمَّ ضرب بِرجلِهِ فنبعت عين أُخْرَى فَشرب مِنْهَا فَلم يبْق فِي جَوْفه دَاء إِلَّا خرج فَقَامَ صَحِيحا وكسي حلَّة فَجعل يلْتَفت فَلَا يرى شَيْئا مِمَّا كَانَ لَهُ من أهل وَمَال إِلَّا وَقد أضعفه الله لَهُ حَتَّى ذكر لنا أَن المَاء الَّذِي اغْتسل بِهِ تطاير على صَدره جَراد من ذهب فَجعل يضمه بِيَدِهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا أَيُّوب ألم أغنك عَن هَذَا قَالَ: بلَى وَلكنهَا بركتك فَمن يشْبع مِنْهَا فَخرج حَتَّى جلس على مَكَان مشرف ثمَّ إِن امْرَأَته قَالَت: أَرَأَيْت إِن كَانَ طردي إِلَى من أكله أَدَعهُ يَمُوت جوعا أَو يضيع فتأكله السبَاع لأرجعن إِلَيْهِ فَرَجَعت فَلَا كناسَة ترى وَلَا تِلْكَ الْحَال الَّتِي كَانَت وَإِذا الْأُمُور قد تَغَيَّرت فَجعلت تَطوف حَيْثُ الكناسة وتبكي وَذَلِكَ بِعَين أَيُّوب وهابت صَاحب الْحلَّة أَن تَأتيه فتسأل عَنهُ فَأرْسل إِلَيْهَا أَيُّوب فَدَعَاهَا فَقَالَ: مَا تريدين يَا أمة الله فَبَكَتْ وَقَالَت: أُرِيد ذَلِك الْمُبْتَلى الَّذِي كَانَ ملقى على الكناسة لَا أَدْرِي أضاع أم مَا فعل قَالَ لَهُ [لَهَا] أَيُّوب: مَا كَانَ منكِ فَبَكَتْ وَقَالَ: بعلي فَهَل

رَأَيْته فَقَالَ: وَهل تعرفيته إِذا رَأَيْته قَالَت: وَهل يخفى على أحد رَآهُ ثمَّ جعلت تنظر إِلَيْهِ ويعرّفها بِهِ ثمَّ قَالَت: أما إِنَّه كَانَ أشبه خلق الله بك إِذْ كَانَ صَحِيحا قَالَ: فَإِنِّي أَيُّوب الَّذِي أَمرتنِي أَن أذبح للشَّيْطَان وَإِنِّي أَطَعْت الله وعصيت الشَّيْطَان ودعوت الله فرّد عَليّ مَا تَرين ثمَّ إِن الله رَحمهَا لصبرها مَعَه على الْبلَاء فَأمره تَخْفِيفًا عَنْهَا أَن يَأْخُذ جمَاعَة من الشّجر فيضربها ضَرْبَة وَاحِدَة تَخْفِيفًا عَنْهَا بصبرها مَعَه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: لم يكن الَّذِي أصَاب أَيُّوب الجذام وَلكنه أَصَابَهُ أَشد من ذَلِك كَانَ يخرج فِي جسده مثل ثدي الْمَرْأَة ثمَّ يتفقأ وَأخرج أَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: إِن كَانَت الدودة لتقع من جَسَد أَيُّوب فيأخذها إِلَى مَكَانهَا وَيَقُول: كلي من رزق الله وَأخرج الحلكم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس أَن امْرَأَة أَيُّوب قَالَت لَهُ: وَالله قد نزل بِي من الْجهد والفاقة مَا إِن بِعْت قَرْني برغيف فأطعمتك وَإنَّك رجل مجاب الدعْوَة فَادع الله أَن يشفيك فَقَالَ: وَيحك كُنَّا فِي النعماء سبعين سنة فَنحْن فِي الْبلَاء سبع سِنِين وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن عَسَاكِر عَن طَلْحَة بن مطرف قَالَ: قَالَ إِبْلِيس: مَا أصبت من أَيُّوب شَيْئا قطّ أفرح بِهِ إِلَّا أَنِّي كنت إِذا سَمِعت أنينه علمت أَنِّي أوجعته وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: أَن أول من أَصَابَهُ الجدري أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أَيُّوب لبث بِهِ بلاؤه ثَمَانِي عشرَة سنة فرفضه الْقَرِيب والبعيد إِلَّا رجلَيْنِ من إخوانه كَانَا من أخص إخوانه كَانَا يغدوان إِلَيْهِ ويروحان فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه ذَات يَوْم: تعلم وَالله لقد أذْنب أَيُّوب ذَنبا مَا أذنبه أحد قَالَ: وَمَا ذَاك قَالَ: مُنْذُ ثَمَانِي عشرَة سنة لم يرحمه الله فَيكْشف عَنهُ مَا بِهِ فَلَمَّا جَاءَ إِلَى أَيُّوب لم يصبر الرجل حَتَّى ذكر لَهُ ذَلِك فَقَالَ أَيُّوب: لَا أَدْرِي مَا تَقول غير أَن الله يعلم أَنِّي

كنت أَمر بِالرجلَيْنِ يتباعدان يذكران الله فأرجع إِلَى بَيْتِي فأولف بَينهمَا كَرَاهَة أَن يذكر الله لَا فِي حق وَكَانَ يخرج لِحَاجَتِهِ فَإِذا قضى حَاجته أَمْسَكت امْرَأَته بِيَدِهِ حَتَّى يبلغ فَلَمَّا كَانَ ذَات يَوْم أَبْطَأَ عَلَيْهَا فَأوحى الله إِلَى أَيُّوب فِي مَكَانَهُ أَن (اركض برجلك هَذَا مغتسل بَارِد وشراب) (ص آيَة 42) فاستبطأته فَأَتَتْهُ فَأقبل عَلَيْهَا قد أذهب الله مَا بِهِ من الْبلَاء وَهُوَ أحسن مَا كَانَ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَت: أَي بَارك الله فِيك هَل رَأَيْت نَبِي الله الْمُبْتَلى وَالله على ذَاك مَا رَأَيْت رجلا أشبه بِهِ مِنْك إِذْ كَانَ صَحِيحا قَالَ: فَإِنِّي أَنا هُوَ قَالَ: وَكَانَ لَهُ أندران [الأندر هُوَ البيدر كَمَا فِي النِّهَايَة] اندر للقمح وأندر للشعير فَبعث الله سحابتين فَلَمَّا كَانَت إِحْدَاهمَا على أندر الْقَمْح أفرغت فِيهِ الذَّهَب حَتَّى فاض وأفرغت الْأُخْرَى فِي أندر الشّعير الْوَرق حَتَّى فاض وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله: {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} قَالَ: رد الله امْرَأَته وَزَاد فِي شبابها حَتَّى ولدت لَهُ سِتَّة وَعشْرين ذكرا وأهبط الله إِلَيْهِ ملكا فَقَالَ: يَا أَيُّوب رَبك يُقْرِئك السَّلَام بصبرك على الْبلَاء فَاخْرُج إِلَى أندرك [الأندر هُوَ البيدر كَمَا فِي النِّهَايَة] فَبعث الله سَحَابَة حَمْرَاء فَهَبَطت عَلَيْهِ بجراد الذَّهَب وَالْملك قَائِم يجمعه فَكَانَت الْجَرَاد تذْهب فيتبعها حَتَّى يردهَا فِي أندره قَالَ الْملك: يَا أَيُّوب أَو مَا تشبع من الدَّاخِل حَتَّى تتبع الْخَارِج فَقَالَ: إِن هَذِه بركَة من بَرَكَات رَبِّي وَلست أشْبع مِنْهَا وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَينا أَيُّوب يغْتَسل عُريَانا خر عَلَيْهِ جَراد من ذهب فَجعل أَيُّوب يحثي فِي ثَوْبه فناداه ربه: يَا أَيُّوب ألم أكن أغنيتك عَمَّا ترى قَالَ: بلَى وَعزَّتك وَلَكِن لَا غنى لي عَن بركتك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما عافى الله أَيُّوب أمطر عَلَيْهِ جَرَادًا من ذهب فَجعل يَأْخُذهُ بِيَدِهِ ويجعله فِي ثَوْبه فَقيل لَهُ: يَا أَيُّوب أما تشبع قَالَ: وَمن يشْبع من فضلك ورحمتك

وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَن أَيُّوب عَاشَ بعد ذَلِك سبعين سنة بِأَرْض الرّوم على دين الحنيفية وعَلى ذَلِك مَاتَ وتغيروا بعد ذَلِك وغيروا دين إِبْرَاهِيم كَمَا غَيره من كَانَ قبلهم وَأخرج الْحَاكِم عَن وهب قَالَ: عَاشَ أَيُّوب ثَلَاثًا وَتِسْعين سنة وَأوصى عِنْد مَوته إِلَى ابْنه حرمل وَقد بعث الله بعده بشر بن أَيُّوب نَبيا وَسَماهُ ذَا الكفل وَكَانَ مُقيما بِالشَّام عمره حَتَّى مَاتَ ابْن خمس وَسبعين سنة وَأَن بشرا أوصى إِلَى ابْنه عَبْدَانِ ثمَّ بعث الله بعدهمْ شعيباً وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي عبد الله الجدلي قَالَ: كَانَ أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جَار عينه تراني وَقَلبه يرعاني إِن رأى حَسَنَة أطفأها وَإِن رأى سَيِّئَة أذاعها وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد قَالَ: يُؤْتى بِثَلَاثَة يَوْم الْقِيَامَة: بالغني وَالْمَرِيض وَالْعَبْد الْمَمْلُوك فَيُقَال للغني: مَا مَنعك من عبادتي فَيَقُول: يَا رب أكثرت لي من المَال فطغيت فَيُؤتى بِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فِي ملكه فَيَقُول: أَنْت كنت أَشد شغلاً من هَذَا فَيَقُول: لَا بل هَذَا قَالَ: فَإِن هَذَا لم يمنعهُ ذَلِك أَن عبدني ثمَّ يُؤْتى بالمريض فَيَقُول: مَا مَنعك من عبادتي فَيَقُول: شغلت على جَسَدِي فَيُؤتى بِأَيُّوب فِي ضره فَيَقُول: أَنْت كنت أشدا ضراً من هَذَا قَالَ: لَا بل هَذَا قَالَ: فَإِن هَذَا لم يمنعهُ ذَلِك أَن عبدني ثمَّ يُؤْتى بالمملوك فَيَقُول: مَا مَنعك من عبادتي فَيَقُول: يَا رب جعلت عَليّ أَرْبَابًا يملكونني فَيُؤتى بِيُوسُف فِي عبوديته فَيَقُول: أَنْت كنت أَشد عبودية أم هَذَا قَالَ: لَا بل هَذَا قَالَ: فَإِن هَذَا لم يمنعهُ أَن عبدني وَالله أعلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَذَا الكفل} قَالَ: رجل صَالح غير نَبِي تكفل لنَبِيّ قومه أَن يَكْفِيهِ أَمر قومه ويقيمهم لَهُ وَيَقْضِي بَينهم بِالْعَدْلِ فَفعل ذَلِك فَسُمي {وَذَا الكفل} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: لما كبر اليسع قَالَ: لَو أَنِّي اسْتخْلفت رجلا على النَّاس يعْمل عَلَيْهِم فِي حَياتِي حَتَّى أنظر كَيفَ يعْمل فَجمع

النَّاس فَقَالَ: من يتكفل لي بِثَلَاث: أستخلفه يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل وَلَا يغْضب قَالَ: فَقَامَ رجل تزدريه الْعين فَقَالَ: أَنا فَقَالَ: أَنْت تَصُوم النَّهَار وَتقوم اللَّيْل وَلَا تغْضب قَالَ: نعم قَالَ: فردّه من ذَلِك الْيَوْم وَقَالَ مثلهَا فِي الْيَوْم الآخر فَسكت النَّاس وَقَامَ ذَلِك الرجل فَقَالَ: أَنا فاستخلفه قَالَ: فَجعل إِبْلِيس يَقُول للشياطين: عَلَيْكُم بفلان فأعياهم ذَلِك فَقَالَ: دَعونِي وإياه فَأَتَاهُ فِي صُورَة شيخ كَبِير فَقير فَأَتَاهُ حِين أَخذ مضجعه للقائلة - وَكَانَ لَا ينَام من اللَّيْل وَالنَّهَار إِلَّا تِلْكَ النومة - فدق الْبَاب فَقَالَ: من هَذَا قَالَ: شيخ كَبِير مظلزم قَالَ: فَقَامَ فَفتح الْبَاب فَجعل يكثر عَلَيْهِ فَقَالَ: إِن بيني وَبَين قومِي خُصُومَة وَإِنَّهُم ظلموني وفعلوا بِي وفعلوا وَجعل يطول عَلَيْهِ حَتَّى حَضَره وَقت الرواح وَذَهَبت القائلة وَقَالَ: إِذا رحت فائتني آخذ لَك بحقك فَانْطَلق وَرَاح وَكَانَ فِي مَجْلِسه فَجعل ينظر هَل يرى الشَّيْخ الْكَبِير الْمَظْلُوم فَلم يره فَقَامَ يبغيه فَلَمَّا كَانَ الْغَد جعل يقْضِي بَين النَّاس فينتظره فَلَا يرَاهُ فَلَمَّا رَاح إِلَى بَيته جَاءَ فدق عَلَيْهِ الْبَاب فَقَالَ: من هَذَا قَالَ: الشَّيْخ الْكَبِير الْمَظْلُوم فَفتح لَهُ فَقَالَ: ألم أقل لَك إِذا قعدت فائتني قَالَ: إِنَّهُم أَخبث قوم قَالَ: إِذا رحت فائتني ففاتته القائلة فراح فَجعل ينظر وَلَا يرَاهُ وشق عَلَيْهِ النعاس فَلَمَّا كَانَ تِلْكَ السَّاعَة جَاءَ فَقَالَ لَهُ الرجل: مَا وَرَاءَك قَالَ: إِنِّي قد أَتَيْته أمس فَذكرت لَهُ أَمْرِي فَقَالَ: لَا وَالله لقد أمرنَا أَن لَا يدع أحدا يقربهُ فَلَمَّا أعياه نظر فَرَأى كوّة فِي الْبَيْت فتسوّر مِنْهَا فَإِذا هُوَ فِي الْبَيْت فَإِذا هُوَ يدق الْبَاب من دَاخل فَاسْتَيْقَظَ الرجل فَقَالَ: يَا فلَان ألم آمُرك قَالَ: من قبلي وَالله لم تؤت فَانْظُر من أَيْن أتيت فَقَامَ إِلَى الْبَاب فَإِذا هُوَ مغلق كَمَا أغلقه وَإِذا بِرَجُل مَعَه فِي الْبَيْت فَعرفهُ فَقَالَ لَهُ: عَدو الله قَالَ: نعم أعييتني فِي كل شَيْء فَفعلت مَا ترى لأغضبك فَسَماهُ الله {وَذَا الكفل} لِأَنَّهُ تكفل بِأَمْر فوفى بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ قَاض فِي بني إِسْرَائِيل فحضره الْمَوْت فَقَالَ: من يقوم مقَامي على أَن لَا يغْضب فَقَالَ رجل: أَنا فَسُمي {وَذَا الكفل} فَكَانَ ليله جَمِيعًا يُصَلِّي ثمَّ يصبح صَائِما فَيَقْضِي بَين النَّاس وَله سَاعَة يقيلها فَكَانَ بذلك فَأَتَاهُ الشَّيْطَان عِنْد نومته فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: مَا لَك قَالَ: إِنْسَان مِسْكين لَهُ على رجل حق قد غلبني عَلَيْهِ فَقَالُوا: كَمَا أَنْت حَتَّى يَسْتَيْقِظ

قَالَ وَهُوَ فَوق نَائِم: فَجعل يَصِيح عمدا حَتَّى يغضبه فَسمع فَقَالَ: مَا لَك قَالَ: إِنْسَان مِسْكين لي على رجل حق قَالَ: اذْهَبْ فَقل لَهُ يعطيك قَالَ: قد أَبى قَالَ: اذْهَبْ أَنْت إِلَيْهِ فَذهب ثمَّ جَاءَ من الْغَد فَقَالَ: مَا لَك قَالَ: ذهبت إِلَيْهِ فَلم يرفع بكلامك رَأْسا قَالَ: اذْهَبْ أَنْت إِلَيْهِ فَذهب ثمَّ جَاءَ من الْغَد حِين قَالَ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: أخرج فعل الله بك تَجِيء كل يَوْم حِين ينَام لَا تَدعه ينَام فَجعل يَصِيح: من أجل أَنِّي إِنْسَان مِسْكين لَو كنت غَنِيا فَسمع أَيْضا قَالَ: مَا لَك قَالَ: ذهبت إِلَيْهِ فضربني قَالَ: امش حَتَّى أجيء مَعَك فَهُوَ مُمْسك بِيَدِهِ فَلَمَّا رَآهُ ذهب مَعَه نثر يَده مِنْهُ فَذهب ففر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَضَب وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ: قَالَ نَبِي من الْأَنْبِيَاء لمن مَعَه: أَيّكُم يكفل لي أَن يَصُوم النَّهَار وَيقوم اللَّيْل وَلَا يغْضب وَيكون معي فِي درجتي وَيكون بعدِي فِي مقَامي قَالَ شَاب من الْقَوْم: أَنا ثمَّ أعَاد فَقَالَ الشَّاب: أَنا ثمَّ أعَاد فَقَالَ الشَّاب أَنا ثمَّ أعَاد فَقَالَ الشَّاب أَنا فَلَمَّا مَاتَ قَامَ بعده فِي مقَامه فَأَتَاهُ إِبْلِيس بَعْدَمَا قَالَ ليغضبه يستعديه فَقَالَ لرجل: اذْهَبْ مَعَه فجَاء فَأخْبرهُ أَنه لم ير شَيْئا ثمَّ أَتَاهُ فَأرْسل مَعَه آخر فَجَاءَهُ فَأخْبرهُ أَنه لم ير شَيْئا ثمَّ أَتَاهُ فَقَامَ مَعَه فَأخذ بِيَدِهِ فانفلت مِنْهُ فَسُمي {وَذَا الكفل} لِأَنَّهُ كفل أَن لَا يغْضب وَأخرج ابْن سعيد النقاش فِي كتاب الْقُضَاة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ نَبِي جمع أمته فَقَالَ: أَيّكُم يتكفل لي بِالْقضَاءِ بَين أمتِي على أَن لَا يغْضب فَقَامَ فَتى فَقَالَ: أَنا يَا رَسُول الله ثمَّ عَاد فَقَالَ الْفَتى أَنا ثمَّ قَالَ لَهُم الثَّالِثَة أَيّكُم يتكفل لي بِالْقضَاءِ بَين النَّاس على أَن لَا يغْضب فَقَالَ الْفَتى أَنا فاستخلفه فَأَتَاهُ الشَّيْطَان بعد حِين وَكَانَ يقْضِي حَتَّى إِذا انتصف النَّهَار ثمَّ رَجَعَ ثمَّ رَاح النَّاس فَأَتَاهُ الشَّيْطَان نصف النَّهَار وَهُوَ نَائِم فناداه حَتَّى أيقظه فاستعداه فَقَالَ: إِن كتابك رده وَلم يرفع بِهِ رَأْسا ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثًا فَأخذ الرجل بِيَدِهِ ثمَّ مَشى مَعَه سَاعَة فَلَمَّا رأى الشَّيْطَان ذَلِك نزع يَده من يَده ثمَّ فر فَسُمي {وَذَا الكفل} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن حجيرة الْأَكْبَر أَنه بلغه أَنه كَانَ ملك من مُلُوك بني إِسْرَائِيل عتى فِي ملكه فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة أَتَاهُ رؤوسهم فَقَالُوا: اسْتخْلف علينا ملكا نفزع إِلَيْهِ فَجمع إِلَيْهِ رؤوسهم فَقَالَ: من رجل تكفل لي بِثَلَاث وأوليه

ملكي فَلم يتَكَلَّم إِلَّا فَتى من الْقَوْم قَالَ أَنا قَالَ: اجْلِسْ ثمَّ قَالَهَا ثَانِيَة فَلم يتَكَلَّم أحد إِلَّا الْفَتى قَالَ: تكفل لي بِثَلَاث وأوليك ملكي قَالَ: نعم قَالَ: تقوم اللَّيْل فَلَا ترقد وتصوم النَّهَار فَلَا تفطر وتحكم فَلَا تغْضب قَالَ: نعم قَالَ: قد وليتك ملكي فَلَمَّا أَن كَانَ مَكَانَهُ قَامَ اللَّيْل وَصَامَ النَّهَار وَحكم فَلَا يعجل وَلَا يغْضب يَغْدُو فيجلس لَهُم فتمثل لَهُ الشَّيْطَان فِي صُورَة رجل فَأَتَاهُ وَقد تحين مقِيله فَقَالَ: أعدني على رجل ظَلَمَنِي فَأرْسل مَعَه رَسُولا فَجعل يطوف بِهِ وَذُو الكفل ينظره حَتَّى فَاتَتْهُ رقدته ثمَّ انْسَلَّ من وسط النَّاس فَأَتَاهُ رَسُول فَأخْبرهُ فراح للنَّاس فَجَلَسَ لَهُم فَقَالَ الشَّيْطَان: لَعَلَّه يرقد اللَّيْل وَلم يصم النَّهَار فَلَمَّا أَمْسَى صلى صلَاته الَّتِي كَانَ يُصَلِّي ثمَّ أَتَاهُ الْغَد وَقد تحين مقِيله فَقَالَ: أعدني على صَاحِبي فَأرْسل مَعَه وانتظره وتبطأ حَتَّى فَاتَ ذُو الكفل رقدته ثمَّ أَتَاهُ الرَّسُول فَأخْبرهُ فراح وَلم ينم فَقَالَ الشَّيْطَان: اللَّيْلَة يرقد فأمسى يُصَلِّي صلَاته كَمَا كَانَ يُصَلِّي ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: قد صنعت بِهِ مَا صنعت لَعَلَّه يغْضب قَالَ: أعدني على صَاحِبي فَقَالَ: ألم أرسل مَعَك رَسُولا قَالَ: بلَى وَلَكِن لم أَجِدهُ فَقَالَ لَهُ ذُو الكفل: انْطلق فَأَنا ذَاهِب مَعَك فَانْطَلق فَطَافَ بِهِ ثمَّ قَالَ لَهُ: أَتَدْرِي من أَنا قَالَ: لَا قَالَ: أَنا الشَّيْطَان كنت تكفلت لصاحبك بِأَمْر فَأَرَدْت أَن تدع بعضه وَإِن الله قد عصمك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا كَانَ ذُو الكفل بِنَبِي وَلَكِن كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل صَالح يُصَلِّي كل يَوْم مائَة صَلَاة فَتوفي فتكل لَهُ ذُو الكفل من بعده فَكَانَ يُصَلِّي كل يَوْم مائَة صَلَاة فَسُمي ذَا الكفل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق سعيد مولى طَلْحَة عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ ذُو الكفل من بني إِسْرَائِيل لَا يتورع من ذَنْب عمله فَأَتَتْهُ امْرَأَة فَأَعْطَاهَا سِتِّينَ دِينَارا على أَن يَطَأهَا فَلَمَّا قعد مِنْهَا مقْعد الرجل من امْرَأَته أرعدت وبكت فَقَالَ: مَا يبكيك أكرهتك قَالَت: لَا وَلكنه عمل مَا عملته قطّ وَمَا حَملَنِي عَلَيْهِ إِلَّا الْحَاجة فَقَالَ: تفعلين أَنْت هَذَا وَمَا فعلته اذهبي فَهِيَ لَك وَقَالَ: وَالله لَا أعصي الله بعْدهَا أبدا فَمَاتَ من ليلته فَأصْبح مَكْتُوبًا على بَابه: إِن الله قد غفر لذِي الكفل

وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عَمْرو: قَالَ فِيهِ ذُو الكفل الْآيَة 87 - 88

87

أخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَذَا النُّون إِذْ ذهب مغاضباً} يَقُول: غضب على قومه {فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ} يَقُول: أَن لن نقضي عَلَيْهِ عُقُوبَة وَلَا بلَاء فِيمَا صنع بقَوْمه فِي غَضَبه عَلَيْهِم وفراره قَالَ: وعقوبته أَخذ النُّون إِيَّاه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَذَا النُّون إِذْ ذهب مغاضباً} قَالَ: مغاضباً لِقَوْمِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن قيس قَالَ: كَانَت تكون أَنْبيَاء جَمِيعًا يكون عَلَيْهِم وَاحِد فَكَانَ يُوحى إِلَى ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أرسل فلَان إِلَى بني فلَان فَقَالَ الله: {إِذْ ذهب مغاضباً} قَالَ: مغاضباً لذَلِك النَّبِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ} قَالَ: ظن أَن لن يَأْخُذهُ الْعَذَاب الَّذِي أَصَابَهُ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِذْ ذهب مغاضباً} قَالَ: انْطلق آبقا {فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ} فَكَانَ لَهُ سلف من عمل صَالح فَلم يَدعه الله فبه أدْركهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ} قَالَ: ظن أَن لن نعاقبه بذلك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة فِي قَوْله: {فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ} قَالَ: أَن لن نقضي عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ}

يَقُول: ظن أَن الله لن يقْضِي عَلَيْهِ عُقُوبَة وَلَا بلَاء فِي غَضَبه الَّذِي غضب على قومه فِرَاقه إيَّاهُم وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ: لما الْتَقم الْحُوت يُونُس نبذ بِهِ إِلَى قَرَار الأَرْض فَسمع تَسْبِيح الأَرْض فَذَاك الَّذِي حاجه فناداه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ} قَالَ: ظن أَن لن نعاقبه {فَنَادَى فِي الظُّلُمَات} قَالَ: ظلمَة اللَّيْل وظلمة الْبَحْر وظلمة بطن الْحُوت {أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} قَالَ الْمَلَائِكَة: صَوت مَعْرُوف فِي أَرض غَرِيبَة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة والكلبي {فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ} قَالَا: ظن أَن لن نقضي عَلَيْهِ الْعقُوبَة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَنَادَى فِي الظُّلُمَات} قَالَ: ظلمَة اللَّيْل وظلمة الْبَحْر وظلمة بطن الْحُوت وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب وَعَمْرو بن مَيْمُون وَقَتَادَة مثله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْفرج بعد الشدَّة وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {فَنَادَى فِي الظُّلُمَات} قَالَ: ظلمَة اللَّيْل وظلمة بطن الْحُوت وظلمة الْبَحْر وَأخرج ابْن جرير عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: أوحى الله تَعَالَى إِلَى الْحُوت أَن: لَا تضر لَهُ لَحْمًا وَلَا عظما ثمَّ ابتلع الْحُوت حوت آخر قَالَ: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَات} قَالَ: ظلمَة الْحُوت ثمَّ حوت ثمَّ ظلمَة الْبَحْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: كل تَسْبِيح فِي الْقُرْآن صَلَاة إِلَّا قَوْله: {سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن مُعَاوِيَة قَالَ لَهُ يَوْمًا: إِنِّي قد ضربتني أمواج الْقُرْآن البارحة فِي آيَتَيْنِ لم أعرف تأويلهما فَفَزِعت إِلَيْك قَالَ: وَمَا هما قَالَ: قَول الله: {وَذَا النُّون إِذْ ذهب مغاضبا فَظن أَن لن نقدر عَلَيْهِ} وَأَنه يفوتهُ إِن أَرَادَهُ وَقَول الله:

(حَتَّى إِذا استيأس الرُّسُل وظنوا أَنهم قد كذبُوا) (يُوسُف آيَة 110) كَيفَ هَذَا يظنون أَنه قد كذبهمْ مَا وعدهم فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أما يُونُس فَظن أَن لن تبلغ خطيئته أَن يقدر الله عَلَيْهِ فِيهَا الْعقَاب وَلم يشك أَن الله إِن أَرَادَهُ قدر عَلَيْهِ وَأما الْآيَة الْأُخْرَى فَإِن الرُّسُل استيأسوا من إِيمَان قَومهمْ وظنوا أَن من عصاهم لرضا فِي الْعَلَانِيَة قد كذبهمْ فِي السِّرّ وَذَلِكَ لطول الْبلَاء وَلم تستيئس الرُّسُل من نصر الله وَلم يَظُنُّوا أَنهم كذبهمْ مَا وعدهم فَقَالَ مُعَاوِيَة: فرجت عني با ابْن عَبَّاس فرج الله عَنْك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم ن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما دَعَا يُونُس قومه أوحى الله إِلَيْهِ أَن الْعَذَاب يصبحهم فَقَالَ لَهُم فَقَالُوا: مَا كذب يُونُس وليصبحنا الْعَذَاب فتعالوا حَتَّى نخرج سخال كل شَيْء فنجعلها من أَوْلَادنَا لَعَلَّ الله أَن يرحمهم فأخرجوا النِّسَاء مَعَ الْولدَان وأخرجوا الْإِبِل مَعَ فصلانها وأخرجوا الْبَقر مَعَ عجاجيلها وأخرجوا الْغنم مَعَ سخالها فجعلوه أمامهم وَأَقْبل الْعَذَاب فَلَمَّا رَأَوْهُ جأروا إِلَى الله ودعوا وَبكى النِّسَاء والولدان ورغت الإِبل وفصلانها وخارت الْبَقر وعجاجيلها وثغت الْغنم وسخالها فَرَحِمهمْ الله فصرف ذَلِك الْعَذَاب عَنْهُم وَغَضب يُونُس فَقَالَ: كذبت فَهُوَ قَوْله: {إِذْ ذهب مغاضباً} فَمضى إِلَى الْبَحْر وَقوم رست سفينتهم فَقَالَ: احْمِلُونِي مَعكُمْ فَحَمَلُوهُ فَأخْرج الْجعل فَأَبَوا أَن يقبلوه مِنْهُ فَقَالَ: إِذا أخرج عَنْكُم فقبلوه فَلَمَّا لجت السَّفِينَة فِي الْبَحْر أَخذهم الْبَحْر والأمواج فَقَالَ لَهُم يُونُس: اطرحوني تنجوا قَالُوا: بل نمسكك ننجو قَالَ: فساهموني - يَعْنِي قارعوني - فساهموه ثَلَاثًا فَوَقَعت عَلَيْهِ الْقرعَة فَأوحى إِلَى سَمَكَة يُقَال لَهَا النَّجْم من الْبَحْر الْأَخْضَر أَن شقي الْبحار حَتَّى تأخذي يُونُس فَلَيْسَ يُونُس لَك رزقا وَلَكِن بَطْنك لَهُ سجن فَلَا تخدشي لَهُ جلدا وَلَا تكسري لَهُ عظما فَجَاءَت حَتَّى اسْتقْبلت السَّفِينَة فقارعوه الثَّالِثَة فَوَقَعت عَلَيْهِ فاقتحم المَاء فالتقمته السَّمَكَة فشقت بِهِ الْبحار حَتَّى انْتَهَت بِهِ إِلَى الْبَحْر الْأَخْضَر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما الْتَقم الْحُوت يُونُس ذهب بِهِ حَتَّى أوقفهُ بِالْأَرْضِ السَّابِعَة فَسمع تَسْبِيح الأَرْض

فهيجه على التَّسْبِيح فَقَالَ: {لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} فَأَخْرَجته حَتَّى ألقته على الأَرْض بِلَا شعر وَلَا ظفر مثل الصَّبِي المنفوس فأنبتت عَلَيْهِ شَجَرَة تظله وَيَأْكُل من تحتهَا من حشرات الأَرْض فَبينا هُوَ نَائِم تحتهَا إِذْ تساقط وَرقهَا قد يَبِسَتْ فَشَكا ذَلِك إِلَى ربه فَقَالَ: تحزن على شَجَرَة يَبِسَتْ وَلَا تحزن على مائَة ألف أَو يزِيدُونَ يُعَذبُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْفرج وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَفعه: أَن يُونُس حِين بدا لَهُ أَن يَدْعُو الله بالكلمات حِين ناداه فِي بطن الْحُوت قَالَ: اللَّهُمَّ {لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} فَأَقْبَلت الدعْوَة تحف بالعرش فَقَالَت الْمَلَائِكَة: هَذَا صَوت ضَعِيف مَعْرُوف فِي بِلَاد غَرِيبَة فَقَالَ: أما تعرفُون ذَلِك قَالَ: يَا رب وَمَا هُوَ قَالَ: ذَاك عَبدِي يُونُس قَالُوا: عَبدك يُونُس الَّذِي لم يزل يرفع لَهُ عمل متقبل وَدعوهُ مجابة قَالَ: نعم قَالُوا: يَا رب أَفلا ترحم مَا كَانَ يصنع فِي الرخَاء فتنجيه من الْبلَاء قَالَ: بلَى فَأمر الْحُوت فطرحه بالعراء فأنبت الله عَلَيْهِ اليقطينة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا: لَيْسَ لعبد أَن يَقُول أَنا خير من يُونُس بن مَتى سبح الله فِي الظُّلُمَات وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ والحكيم فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: دَعْوَة ذِي النُّون إِذْ هُوَ فِي بطن الْحُوت {لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} لم يدع بهَا مُسلم ربه فِي شَيْء قطّ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن سعد رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اسْم الله الَّذِي دعِي بِهِ أجَاب وَإِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى دَعْوَة يُونُس بن مَتى قلت: يَا رَسُول الله هِيَ ليونس خَاصَّة أم لجَماعَة الْمُسلمين قَالَ: هِيَ ليونس خَاصَّة وَلِلْمُؤْمنِينَ إِذا دعوا بهَا ألم تسمع قَول الله: {وَكَذَلِكَ ننجي الْمُؤمنِينَ} فَهُوَ شَرط من الله لمن دَعَاهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والدبلمي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ: هَذِه الْآيَة مفزع للأنبياء {لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} نَادَى بهَا يُونُس فِي ظلمَة بطن الْحُوت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب وَإِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى {لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} وَأخرج الْحَاكِم عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هَل أدلكم على اسْم الله الْأَعْظَم دُعَاء يُونُس {لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين} فأيما مُسلم دَعَا ربه بِهِ فِي مَرضه أَرْبَعِينَ مرّة فَمَاتَ فِي مَرضه ذَلِك أعطي أجر شَهِيد وَإِن برأَ برأَ مغفوراً لَهُ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَالَ أَنا خير من يُونُس بن مَتى فقد كذب وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على ثنية فَقَالَ: مَا هَذِه قَالُوا: ثنية كَذَا وَكَذَا قَالَ: كَأَنِّي أنظر إِلَى يُونُس على نَاقَة خطامها لِيف وَعَلِيهِ جُبَّة من صوف وَهُوَ يَقُول: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَقُول أَنا خير من يُونُس بن مَتى - نِسْبَة إِلَى أَبِيه - أصَاب ذَنبا ثمَّ اجتباه ربه وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَقُولَن أحدكُم أَنا خير من يُونُس بن مَتى وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَقُول أَنا خير من يُونُس بن مَتى وَالله أعلم الْآيَة 89 - 90

89

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وأصلحنا لَهُ زوجه} قَالَ: كَانَ فِي لِسَان امْرَأَة زَكَرِيَّا طول فأصلحه الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق وَابْن عَسَاكِر عَن عَطاء بن أبي رَبَاح فِي قَوْله: {وأصلحنا لَهُ زوجه} قَالَ: كَانَ فِي خلقهَا سوء وَفِي لسانها طول - وَهُوَ الْبذاء - فَأصْلح الله ذَلِك مِنْهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله: {وأصلحنا لَهُ زوجه} قَالَ: كَانَ فِي خلقهَا شَيْء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وأصلحنا لَهُ زوجه} قَالَ: كَانَت لَا تَلد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وأصلحنا لَهُ زوجه} قَالَ: كَانَت لَا تَلد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وأصلحنا لَهُ زوجه} قَالَ: وهبنا لَهُ ولدا مِنْهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وأصلحنا لَهُ زوجه} قَالَ: كَانَت عاقراً فَجَعلهَا الله ولوداً ووهب لَهُ مِنْهَا يحيى وَفِي قَوْله: {وَكَانُوا لنا خاشعين} قَالَ: أذلاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ويدعوننا رغباً ورهباً} قَالَ: {رغباً} طَمَعا وخوفاً وَلَيْسَ يَنْبَغِي لأَحَدهمَا أَن يُفَارق الآخر وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن الْحسن فِي قَوْله: {ويدعوننا رغباً ورهباً وَكَانُوا لنا خاشعين} قَالَ: الْخَوْف الدَّائِم فِي الْقلب وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {ويدعوننا رغباً ورهباً} قَالَ: مَا دَامَ خوفهم رَبهم فَلم يُفَارق خَوفه قُلُوبهم إِن نزلت بهم رَغْبَة خَافُوا أَن يكون ذَلِك استدراجاً من الله لَهُم وَإِن نزلت بهم رهبة خَافُوا أَن يكون الله عز وَجل قد أَمر بأخذهم لبَعض مَا سلف مِنْهُم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول

الله عز وَجل: {ويدعوننا رغبا ورهبا} قَالَ: {ورهبا} هَكَذَا وَبسط كفيه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن حَكِيم قَالَ: خَطَبنَا أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد فَإِنِّي أوصيكم بتقوى الله وَأَن تثنوا عَلَيْهِ بِمَا هُوَ لَهُ أهل وَأَن تخلطوا الرَّغْبَة بالرهبة فَإِن الله أثنى على زَكَرِيَّا وَأهل بَيته فَقَالَ: {إِنَّهُم كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات ويدعوننا رغباً ورهباً وَكَانُوا لنا خاشعين} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَكَانُوا لنا خاشعين} قَالَ: متواضعين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك {وَكَانُوا لنا خاشعين} قَالَ: الذلة لله الْآيَة 91

91

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كتب قَيْصر إِلَى مُعَاوِيَة: سَلام عَلَيْك أما بعد فأنبئني بأكرم عباد الله عَلَيْهِ وَأكْرم إمائه عَلَيْهِ فَكتب إِلَيْهِ: أما بعد كتبت إِلَيّ تَسْأَلنِي فَقلت: أمّا أكْرم عباده عَلَيْهِ فآدم خلقه بِيَدِهِ وعلّمه الْأَسْمَاء كلهَا وأمّا أكْرم إمائه عَلَيْهِ فمريم بنت عمرَان {الَّتِي أحصنت فرجهَا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فنفخنا فِيهَا من رُوحنَا} قَالَ: نفخ فِي جيبها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل قَالَ: نفخ فِي فرجهَا الْآيَة 92 - 95

92

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة} قَالَ: إِن هَذَا دينكُمْ دينا وَاحِدًا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {إِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة} أَي دينكُمْ دين وَاحِد وربكم وَاحِد والشريعة مُخْتَلفَة وَأخرج عبد بن حميدعن الْكَلْبِيّ {إِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة} قَالَ: لسانكم لِسَان وَاحِد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {وتقطعوا أَمرهم بَينهم} قَالَ: {وتقطعوا} اخْتلفُوا فِي الدّين وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ وَحرَام على قَرْيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن الزبير قَالَ: إِن صبياناً هَهُنَا يقرؤون وَحرم على قَرْيَة وَإِنَّمَا هِيَ {وَحرَام على قَرْيَة} وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ {وَحرَام على قَرْيَة} بِالْألف وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَحرَام على قَرْيَة أهلكناها} قَالَ: وَجب إهلاكها قَالَ: دمرناها {أَنهم لَا يرجعُونَ} قَالَ: إِلَى الدُّنْيَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ وَحرم على قَرْيَة قَالَ: وَجب على قَرْيَة {أهلكناها أَنهم لَا يرجعُونَ} كَمَا قَالَ: (ألم يرَوا كم أهلكنا قبلهم من الْقُرُون أَنهم إِلَيْهِم لَا يرجعُونَ) (يس آيَة 31) وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَسَعِيد بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف وَحرم على قَرْيَة فَقيل لسَعِيد: أَي شَيْء حرم قَالَ: يحرم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة وَحرم قَالَ: وَجب {على قَرْيَة أهلكناها} قَالَ: كتبنَا عَلَيْهَا الْهَلَاك فِي دينهَا {أَنهم لَا يرجعُونَ} عَمَّا هم عَلَيْهِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة وَحرم قَالَ: وَجب بالحبشية وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَحرَام على قَرْيَة} أَي وَجب عَلَيْهَا أَنَّهَا إِذا أهلكت لَا ترجع إِلَى دنياها الْآيَة 96 - 97

96

أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {حَتَّى إِذا فتحت} خَفِيفَة {يَأْجُوج وَمَأْجُوج} مَهْمُوزَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وهم من كل حدب يَنْسلونَ} قَالَ: جَمِيع النَّاس من كَانَ مَكَان جاؤوا مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة فَهُوَ حدب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {من كل حدب يَنْسلونَ} قَالَ: من كل أكمة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من كل حدب} قَالَ: شرف {يَنْسلونَ} قَالَ: يقبلُونَ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {من كل حدب يَنْسلونَ} قَالَ: ينشرون من جَوف الأَرْض من كل نَاحيَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت طرفَة وَهُوَ يَقُول: فَأَما يومهم فَيوم سوء تخطفهن بالحدب الصقور وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {حَتَّى إِذا فتحت يَأْجُوج وَمَأْجُوج} قَالَ: هَذَا مُبْتَدأ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ من كل جدث بِالْجِيم والثاء مثل قَوْله: {فَإِذا هم من الأجداث إِلَى رَبهم يَنْسلونَ} (يس آيَة 51) وَهِي الْقُبُور وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: سَمِعت رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:

يفتح يَأْجُوج وَمَأْجُوج فَيخْرجُونَ على النَّاس كَمَا قَالَ الله: {من كل حدب يَنْسلونَ} فيغشون النَّاس وينحاز الْمُسلمُونَ عَنْهُم إِلَى مدائنهم وحصونهم ويضمون إِلَيْهِم مَوَاشِيهمْ وَيَشْرَبُونَ مياه الأَرْض حَتَّى يَتْرُكُوهُ يبساً حَتَّى إِن بَعضهم ليمر بذلك النَّهر فَيَقُول: قد كَانَ هَهُنَا مرّة مَاء حَتَّى إِذا لم يبْق من النَّاس أحد إِلَّا أَخذ فِي حصن أَو مَدِينَة قَالَ قَائِلهمْ: هَؤُلَاءِ أهل الأَرْض قد فَرغْنَا مِنْهُم وَبَقِي أهل السَّمَاء قَالَ: يهز أحدهم حربته ثمَّ يَرْمِي بهَا إِلَى السَّمَاء فترجع إِلَيْهِ مخضبة دَمًا للبلاء والفتنة فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذْ بعث الله دوداً فِي أَعْنَاقهم كنغف الْجَرَاد يخرج فِي أعناقه فيصبحون موتى لَا يسمع لَهُم حس فَيَقُول الْمُسلمُونَ: أَلا رجل يشري لنا نَفسه فَينْظر مَا فعل هَؤُلَاءِ الْعَدو فيتجرد رجل مِنْهُم محتسباً نَفسه قد أوطنها على أَنه مقتول فَينزل فيجدهم موتى بَعضهم على بعض فينادي معشر الْمُسلمين أَبْشِرُوا إِن الله قد كفاكم عَدوكُمْ فَيخْرجُونَ من مدائنهم وحصونهم ويسرحون مَوَاشِيهمْ فَمَا يكون لَهَا مرعى إِلَّا لحومهم فتشكر عَنهُ أحسن مَا شكرت عَن شَيْء من النَّبَات أَصَابَته قطّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لقِيت لَيْلَة أسرِي بِي إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى فتذاكروا أَمر السَّاعَة فَردُّوا أَمرهم إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالَ: لَا علم لي بهَا فَردُّوا أَمرهم إِلَى مُوسَى فَقَالَ: لَا علم لي بهَا فَردُّوا أَمرهم إِلَى عِيسَى فَقَالَ: أما وجبتهُّا فَلَا يعلم بهَا أحد إِلَّا الله وَفِيمَا عهد إليّ رَبِّي أَن الدَّجَّال خَارج وَمَعِي قضيبان فَإِذا رَآنِي ذاب كَمَا يذوب الرصاص فيهلكه الله إِذا رَآنِي حَتَّى أَن الْحجر وَالشَّجر يَقُول: يَا مُسلم إِن تحتي كَافِرًا فتعال فاقتله فيهلكهم الله ثمَّ يرجع النَّاس إِلَى بِلَادهمْ لَا يأْتونَ على شَيْء إِلَّا أهلكوه وَلَا يَمرونَ على مَاء إِلَّا شربوه ثمَّ يرجع النَّاس يَشْكُونَهُمْ فأدعو الله عَلَيْهِم فيهلكهم ويميتهم حَتَّى تجْرِي الأَرْض من نَتن ريحهم وَينزل الله الْمَطَر فيجترف أَجْسَادهم حَتَّى يقذفهم فِي الْبَحْر وَفِيمَا عهد إِلَيّ رَبِّي إِذا كَانَ ذَلِك أَن السَّاعَة كالحامل المتم لَا يدْرِي أَهلهَا مَتى تفجأهم بولادتها لَيْلًا أَو نَهَارا قَالَ ابْن مَسْعُود: فَوجدت تَصْدِيق ذَلِك فِي كتاب الله: {حَتَّى إِذا فتحت يَأْجُوج وَمَأْجُوج وهم من كل حدب يَنْسلونَ واقترب الْوَعْد الْحق} الْآيَة قَالَ:

جَمِيع النَّاس من مَكَان كَانُوا جاؤوا مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة فَهُوَ حدب وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق خَالِد بن عبد الله بن حَرْمَلَة عَن حُذَيْفَة قَالَ: خطب رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ عاصب أُصْبُعه من لدغة عقرب فَقَالَ: إِنَّكُم تَقولُونَ لَا عدوّ لكم وَإِنَّكُمْ لَا تزالون تقاتلون عدوا حَتَّى يَأْتِي يَأْجُوج وَمَأْجُوج عراض الْوُجُوه صغَار الْعُيُون صهب الشفار من كل حدب يَنْسلونَ كَانَ وُجُوههم المجان المطرقة وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن أبي يزِيد قَالَ: رأى ابْن عَبَّاس صبياناً ينزو بَعضهم على بعض يَلْعَبُونَ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هَكَذَا يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن النّواس بن سمْعَان قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم الدَّجَّال ذَات غَدَاة فخفض فِيهِ رفع حَتَّى ظننا أَنه فِي نَاحيَة النّخل فَقَالَ: غير الدَّجَّال أخوفني عَلَيْكُم فَإِن خرج وَأَنا فِيكُم فَأَنا حجيجه دونكم وَإِن يخرج وَلست فِيكُم فَكل امْرِئ حجيج نَفسه وَالله خليفتي على كل مُسلم إِنَّه شَاب جعد قطط عينه طافئة وَإنَّهُ تخرج خيله بَين الشَّام وَالْعراق فعاث يَمِينا وَشمَالًا يَا عباد الله اثبتوا: قُلْنَا: يَا رَسُول الله مَا لبثه فِي الأَرْض قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْم كَسنة وَيَوْم كشهر وَيَوْم كجمعة وَسَائِر الْأَيَّام كأيامكم قُلْنَا: يَا رَسُول الله فَذَلِك الْيَوْم الَّذِي هُوَ كَسنة أتكفينا فِيهِ صَلَاة يَوْم وَلَيْلَة قَالَ: لَا أقدروا لَهُ قدره قُلْنَا: يَا رَسُول الله مَا أسرعه فِي الأَرْض قَالَ: كالغيث يشْتَد بِهِ الرّيح فيمر بالحي فيدعوهم فيستجيبون لَهُ فيأمر السَّمَاء فتمطر وَالْأَرْض فتنبت وَتَروح عَلَيْهِم سارحتهم وَهِي أطول مَا كَانَ درا وأمده خواصر وأشبعه ضروعاً ويمرّ بالحي فيدعوهم فيردون عَلَيْهِ قَوْله فتتبعه أَمْوَالهم فيصبحون ممحلين لَيْسَ لَهُم من أَمْوَالهم شَيْء ويمر بالخربة فَيَقُول لَهَا: أَخْرِجِي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النَّحْل وَيَأْمُر بِرَجُل فَيقْتل فيضربه ضَرْبَة بِالسَّيْفِ فيقطعه جزلتين رمية الْغَرَض ثمَّ يَدعُوهُ فَيقبل إِلَيْهِ فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذْ بعث الله الْمَسِيح ابْن مَرْيَم فَينزل عِنْد المنارة الْبَيْضَاء شَرْقي دمشق بَين مهرودتين وَاضِعا يَده على أَجْنِحَة ملكَيْنِ فيتبعه فيدركه فيقتله عِنْد بَاب لدّ الشَّرْقِي فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك أوحى الله إِلَى عِيسَى ابْن مَرْيَم: أَنِّي قد أخرجت عباداً

من عبَادي لَا يدان لَك بقتالهم فحرز عبَادي إِلَى الطّور فيبعث الله يَأْجُوج وَمَأْجُوج كَمَا قَالَ الله: {وهم من كل حدب يَنْسلونَ} فيرغب عِيسَى وَأَصْحَابه إِلَى الله فَيُرْسل عَلَيْهِم نغفاً فِي رقابهم فيصبحون موتى كموت نفس وَاحِدَة فيهبط عِيسَى وَأَصْحَابه إِلَى الأَرْض فيجدون نَتن ريحهم فيرغب عِيسَى وَأَصْحَابه إِلَى الله فَيُرْسل الله عَلَيْهِم طيراً كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حَيْثُ شَاءَ الله وَيُرْسل الله مَطَرا لَا يكن مِنْهُ بَيت مدر وَلَا بر أَرْبَعِينَ يَوْمًا فتغسل الأَرْض حَتَّى تتركها زلفة وَيُقَال للْأَرْض: أنبتي ثمرتك فَيَوْمئِذٍ يَأْكُل النَّفر من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك فِي الرُّسُل حَتَّى أَن اللقحة من الْإِبِل لتكفي الفئام من النَّاس واللقحة من الْبَقر تَكْفِي الْفَخْذ وَالشَّاة من الْغنم تَكْفِي الْبَيْت فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذْ بعث الله ريحًا طيبَة تَحت آباطهم فتقبض روح كل مُسلم وَيبقى شرار النَّاس يتهارجون تهارج الْحمر وَعَلَيْهِم تقوم السَّاعَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو نتجت فرس عِنْد خُرُوجهمْ مَا ركب فلوها حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج ابْن جرير عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أول الْآيَات: الدَّجَّال ونزول عِيسَى ونار تخرج من قَعْر عدن تَسوق النَّاس إِلَى الْمَحْشَر تقيل مَعَهم إِذا قَالُوا وتبيت مَعَهم إِذا باتوا وَالدُّخَان وَالدَّابَّة ويأجوج وَمَأْجُوج قَالَ حُذَيْفَة: قلت: يَا رَسُول الله مَا يَأْجُوج وَمَأْجُوج قَالَ: يَأْجُوج وَمَأْجُوج أُمَم كل أمة أَرْبَعمِائَة ألف أمة لَا يَمُوت الرجل مِنْهُم حَتَّى يرى ألف عين تَطوف بَين يَدَيْهِ من صلبه وهم ولد آدم فيسيرون إِلَى خراب الدُّنْيَا وَيكون مقدمتهم بِالشَّام وساقتهم بالعراق فيمرون بأنهار الدُّنْيَا فيشربون الْفُرَات ودجلة وبحيرة طبرية حَتَّى يأْتونَ بَيت الْمُقَدّس فَيَقُولُونَ: قد قتلنَا أهل الدُّنْيَا فَقَاتلُوا من فِي السَّمَاء فيرمون بالنشاب إِلَى السَّمَاء فترجع نشابتهم مخضبة بِالدَّمِ فَيَقُولُونَ: قد قتلنَا من فِي السَّمَاء وَعِيسَى والمسلمون بجبل طور سينين فَيُوحِي الله إِلَى عِيسَى: أَن أحرز عبَادي بِالطورِ وَمَا يَلِي أَيْلَة ثمَّ إِن عِيسَى يرفع يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء ويؤمن الْمُسلمُونَ فيبعث الله عَلَيْهِم دَابَّة يُقَال لَهَا النغف تدخل فِي مناخرهم فيصبحون موتى من حاق الشَّام إِلَى حاق الْمشرق حَتَّى تنتن الأَرْض من جيفهم وَيَأْمُر الله السَّمَاء فتمطر كأفواه الْقرب فتغسل الأَرْض من جيفهم ونتنهم فَعِنْدَ ذَلِك طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج فيموجون فِي الأَرْض فيفسدون فِيهَا ثمَّ قَرَأَ ابْن مَسْعُود {وهم من كل حدب يَنْسلونَ} قَالَ: ثمَّ يبْعَث الله عَلَيْهِم دَابَّة مثل النغف فتلج فِي أسماعهم ومناخرهم فيموتون مِنْهَا فتنتن الأَرْض مِنْهُم فَيُرْسل الله مَاء فيطهر الأَرْض مِنْهُم وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَطِيَّة قَالَ: قَالَ أَبُو سعيد: يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج فَلَا يتركون أحدا إِلَّا قَتَلُوهُ إِلَّا أهل الْحُصُون فيمرون على الْبحيرَة فيشربونها فيمر الْمَار فَيَقُول: كَأَنَّهُ كَانَ هَهُنَا مَاء فيبعث الله عَلَيْهِم النغف حَتَّى يكسر أَعْنَاقهم فيصيروا خبالاً فَيَقُول أهل الْحُصُون: لقد هلك أَعدَاء الله فيرسلون رجلا لينْظر ويشرط عَلَيْهِم إِن وجدهم أَحيَاء أَن يرفعوه فيجدهم قد هَلَكُوا فَينزل الله مَاء من السَّمَاء فيقذف بهم فِي الْبَحْر فَتطهر الأَرْض مِنْهُم ويغرس النَّاس بعدهمْ الشّجر وَالنَّخْل وَتخرج الأَرْض ثَمَرهَا كَمَا كَانَت تخرج فِي زمن يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب قَالَ: إِذا كَانَ عِنْد خُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج حفروا حَتَّى يسمع الَّذِي يَلُونَهُمْ قرع فؤوسهم فَإِذا كَانَ اللَّيْل قَالُوا: نجي غَدا نخرج فيعيده الله كَمَا كَانَ فيجيئون غَدا فيحفرون حَتَّى يسمع الَّذين يَلُونَهُمْ قرع فؤوسهم فَإِذا كَانَ اللَّيْل قَالُوا: نجي فنخرج فيجيئون من الْغَد فيجدونه قد أَعَادَهُ الله تَعَالَى كَمَا كَانَ فيحفرونه حَتَّى يسمع الَّذين يَلُونَهُمْ قرع فؤوسهم فَإِذا كَانَ اللَّيْل ألْقى الله على لِسَان رجل مِنْهُم يَقُول: نجيء غَدا فنخرج إِن شَاءَ الله فيجيئون من الْغَد فيجدونه كَمَا تَرَكُوهُ فيخرقون ثمَّ يخرجُون فتمر الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها ثمَّ تمر الزمرة الثَّانِيَة فيلحسون طينها ثمَّ تمر الزمرة الثَّالِثَة فَيَقُولُونَ: كَانَ هَهُنَا مرّة مَاء ويفر النَّاس مِنْهُم وَلَا يقوم لَهُم شَيْء ويرمون بسهامهم إِلَى السَّمَاء فترجع مخضبة بالدماء فَيَقُولُونَ: غلبنا أهل الأَرْض وَأهل السَّمَاء فيدعو عَلَيْهِم عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: اللَّهُمَّ لَا طَاقَة وَلَا يَد لنا بهم فاكفناهم بِمَا شِئْت فَيُرْسل الله عَلَيْهِم دوداً يُقَال لَهُ: النغف فتقرس رقابهم وَيبْعَث الله عَلَيْهِم طيراً فتأخذهم بمناقيرها فتلقيهم فِي الْبَحْر وَيبْعَث الله تَعَالَى عينا يُقَال لَهَا الْحَيَاة تطهر الأَرْض مِنْهُم وينبتها حَتَّى أَن الرمانة ليشبع مِنْهَا السكن قيل: وَمَا السكن يَا كَعْب قَالَ: أهل الْبَيْت قَالَ: فَبينا النَّاس كَذَلِك إِذْ أَتَاهُم الصُّرَاخ أَن ذَا السويقتين أَتَى الْبَيْت يُريدهُ فيبعث عِيسَى طَلِيعَة سَبْعمِائة أَو بَين السبعمائة والثمانمائة حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق

يبْعَث الله ريحًا يَمَانِية طيبَة فَيقبض فِيهَا روح كل مُؤمن ثمَّ يبْقى محاح من النَّاس فيتسافدون كَمَا تتسافد الْبَهَائِم فَمثل السَّاعَة كَمثل رجل يطِيف حول فرسه ينظرها مَتى تضع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: مَا كَانَ مُنْذُ كَانَت الدُّنْيَا رَأس مائَة سنة إِلَّا كَانَ عِنْد رَأس الْمِائَة أَمر قَالَ: فتحت يَأْجُوج وَمَأْجُوج وهم كَمَا قَالَ الله: {من كل حدب يَنْسلونَ} فَيَأْتِي أوّلهم على نهر عجاج فيشربونه كُله حَتَّى مَا يبْقى مِنْهُ قَطْرَة وَيَأْتِي آخِرهم فيمر فَيَقُول: قد كَانَ هَهُنَا مرّة مَاء فيفسدون فِي الأَرْض ويحاصرون الْمُؤمنِينَ فِي مَدِينَة إليا فيقولن: لم يبْق فِي الأَرْض أحد إِلَّا قد ذبحناه هلموا نرمي من فِي السَّمَاء فيرمون فِي السَّمَاء فترجع إِلَيْهِم سِهَامهمْ فِي نصلها الدَّم فَيَقُولُونَ: مَا بَقِي فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء أحد إِلَّا وَقد قَتَلْنَاهُ فَيَقُول الْمُؤْمِنُونَ: يَا روح الله ادْع الله عَلَيْهِم فيدعو عَلَيْهِم فيبعث الله فِي آذانهم النغف فيقتلهم جَمِيعًا فِي لَيْلَة وَاحِدَة حَتَّى تنتن الأَرْض من جيقهم فَيَقُول الْمُؤْمِنُونَ: يَا روح الله ادْع الله فَإنَّا نخشى أَن نموت من نَتن جيفهم فيدعو الله فَيُرْسل عَلَيْهِم وابلاً من السَّمَاء فيجعلهم سيلاً فيقذفهم فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن جرير عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو أَن رجلا اقتنى فلواً بعد خُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج لم يركبه حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليحجن هَذَا الْبَيْت وليعتمرن بعد خُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {واقترب الْوَعْد الْحق} قَالَ: اقْترب يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عَن الرّبيع {واقترب الْوَعْد الْحق} قَالَ: قَامَت عَلَيْهِم السَّاعَة الْآيَة 98 - 104

98

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله حصب جَهَنَّم أَنْتُم لَهَا وَارِدُونَ} قَالَ الْمُشْركُونَ: فالملائكة وَعِيسَى وعزير يعْبدُونَ من دون الله فَنزلت {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} عِيسَى وعزير وَالْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ عبد الله بن الزِّبَعْرَى إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: تزْعم أَن الله أنزل عَلَيْك هَذِه الْآيَة {إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله حصب جَهَنَّم أَنْتُم لَهَا وَارِدُونَ} قَالَ ابْن الزِّبَعْرَى: قد عبدت الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْمَلَائِكَة وعزير وَعِيسَى ابْن مَرْيَم كل هَؤُلَاءِ فِي النَّار مَعَ آلِهَتنَا فَنزلت (وَلما ضرب ابْن مَرْيَم مثلا إِذا قَوْمك مِنْهُ يصدون) وَقَالُوا أآلهتنا خير أم هُوَ مَا ضربوه لَك إِلَّا جدلاً بل هم قوم خصمون) (الزخرف آيَة 57) ثمَّ نزلت {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله حصب جَهَنَّم أَنْتُم لَهَا وَارِدُونَ} شقّ ذَلِك على أهل مَكَّة وَقَالُوا: شتم الْآلهَة فَقَالَ ابْن الزِّبَعْرَى: أَنا أخصم لكم مُحَمَّدًا ادعوهُ لي فدعي فَقَالَ: يَا مُحَمَّد هَذَا شَيْء لِآلِهَتِنَا خَاصَّة أم لكل عبد من دون الله قَالَ: بل لكل من عبد من دون الله فَقَالَ ابْن الزِّبَعْرَى: خصمت وَرب هَذِه البنية يَعْنِي الْكَعْبَة أَلَسْت تزْعم يَا مُحَمَّد أَن عِيسَى عبد صَالح وَأَن عُزَيْرًا عبد صَالح وَأَن الْمَلَائِكَة صَالِحُونَ

قَالَ: بلَى قَالَ: فَهَذِهِ النَّصَارَى تعبد عِيسَى وَهَذِه الْيَهُود تعبد عُزَيْرًا وَهَذِه بَنو مليح تعبد الْمَلَائِكَة فَضَجَّ أهل مَكَّة وفرحوا فَنزلت {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى} عُزَيْر وَعِيسَى وَالْمَلَائِكَة {أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} وَنزلت (وَلما ضرب ابْن مَرْيَم مثلا إِذا قَوْمك مِنْهُ يصدون) (الزخرف آيَة 57) قَالَ: هُوَ الصَّحِيح وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله حصب جَهَنَّم أَنْتُم لَهَا وَارِدُونَ} ثمَّ نسختها {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} يَعْنِي عِيسَى وَمن كَانَ مَعَه وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله} يَعْنِي الْآلهَة وَمن يَعْبُدهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {حصب جَهَنَّم} قَالَ: وقودها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {حصب جَهَنَّم} قَالَ: شجر جَهَنَّم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {حصب جَهَنَّم} قَالَ: حطب جَهَنَّم بالزنجية وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {حصب جَهَنَّم} قَالَ: حطب جَهَنَّم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {حصب جَهَنَّم} قَالَ: يقذفون فِيهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {حصب جَهَنَّم} قَالَ: حطبها قَالَ بعض الْقُرَّاء حطب جَهَنَّم من قِرَاءَة عَائِشَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {حصب جَهَنَّم} يَقُول: إِن جَهَنَّم تحصب بهم وَهُوَ الرَّمْي: يَقُول: يَرْمِي بهم فِيهَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: حضب جَهَنَّم بالضاد

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار وَالطَّبَرَانِيّ الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا بَقِي فِي النَّار من يخلد فِيهَا جعلُوا فِي توابيت من حَدِيد النَّار فِيهَا مسامير من حَدِيد نَار ثمَّ جعلت تِلْكَ التوابيت فِي توابيت من حَدِيد ثمَّ قذفوا فِي أَسف الْجَحِيم فَمَا يرى أحدهم أَنه يعذب فِي النَّار غَيره ثمَّ قَرَأَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {لَهُم فِيهَا زفير وهم فِيهَا لَا يسمعُونَ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى} قَالَ: عِيسَى وَالْمَلَائِكَة وعزير وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} قَالَ: عِيسَى وعزير وَالْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أصبغ عَن عَليّ فِي قَوْله: {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى} الْآيَة قَالَ: كل شَيْء يعبد من دون الله فِي النَّار إِلَّا الشَّمْس وَالْقَمَر وَعِيسَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى} قَالَ: أُولَئِكَ أَوْلِيَاء الله يَمرونَ على الصِّرَاط مرا هُوَ أسْرع من الْبَرْق فَلَا تصيبهم و {يسمعُونَ حَسِيسهَا} وَيبقى الْكفَّار فِيهَا حَبِيسًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن بشير: أَن عليا قَرَأَ {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} فَقَالَ: أَنا مِنْهُم وَعمر مِنْهُم وَعُثْمَان مِنْهُم وَالزُّبَيْر مِنْهُم وَطَلْحَة مِنْهُم وَسعد وَعبد الرَّحْمَن مِنْهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ فِي قَوْله: {لَا يسمعُونَ حَسِيسهَا} قَالَ: حيات على الصِّرَاط تلسعهم فَإِذا لسعتهم قَالُوا: حس حس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {لَا يسمعُونَ حَسِيسهَا} قَالَ: حيات على الصِّرَاط تَقول: حس حس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى} قَالَ: السَّعَادَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن حَاطِب قَالَ:

سُئِلَ عَليّ عَن هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى} قَالَ: هُوَ عُثْمَان وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا يسمعُونَ حَسِيسهَا} يَقُول: لَا يسمع أهل الْجنَّة حسيس أهل النَّار إِذا نزلُوا مَنَازِلهمْ من الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان {لَا يسمعُونَ حَسِيسهَا} قَالَ: صَوتهَا وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ قَالَا: قَالَ فِي سُورَة الْأَنْبِيَاء {إِنَّكُم وَمَا تَعْبدُونَ من دون الله حصب جَهَنَّم أَنْتُم لَهَا وَارِدُونَ} إِلَى قَوْله: {وهم فِيهَا لَا يسمعُونَ} ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ: {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} فقد عبدت الْمَلَائِكَة من دون الله وعزير وَعِيسَى وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: يَقُول نَاس من النَّاس: إِن الله قَالَ: {إِن الَّذين سبقت لَهُم منا الْحسنى أُولَئِكَ عَنْهَا مبعدون} يَعْنِي من النَّاس أَجْمَعِينَ وَلَيْسَ كَذَلِك إِنَّمَا يَعْنِي من يعبد الله تَعَالَى وَهُوَ لله مُطِيع مثل عِيسَى وَأمه وعزير وَالْمَلَائِكَة وَاسْتثنى الله تَعَالَى هَؤُلَاءِ من الْآلهَة المعبودة الَّتِي هِيَ مَعَ من يَعْبُدهَا فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا يحزنهم الْفَزع الْأَكْبَر} قَالَ: أذا أطبقت جَهَنَّم على أَهلهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا يحزنهم الْفَزع الْأَكْبَر} يَعْنِي النفخة الْآخِرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {لَا يحزنهم الْفَزع الْأَكْبَر} قَالَ: النَّار إِذا أطبقت على أَهلهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْحسن {لَا يحزنهم الْفَزع الْأَكْبَر} قَالَ: أذا أطبقت النَّار عَلَيْهِم يَعْنِي على الْكفَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {لَا يحزنهم الْفَزع الْأَكْبَر} قَالَ: انصراف العَبْد حِين يُؤمر بِهِ إِلَى النَّار وَأخرج ابْن جرير فِي قَوْله: {لَا يحزنهم الْفَزع الْأَكْبَر} قَالَ: حِين تطبق جَهَنَّم وَقَالَ: حِين ذبح الْمَوْت

وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن للمهاجرين مَنَابِر من ذهب يَجْلِسُونَ عَلَيْهَا يَوْم الْقِيَامَة قد أمنُوا من الْفَزع وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بشر المدلجين فِي الظُّلم بمنابر من نور يَوْم الْقِيَامَة يفزع النَّاس وَلَا يفزعون وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: المتحابون فِي الله فِي ظلّ الله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله على مَنَابِر من نور يفزع النَّاس وَلَا يفزعون وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة على كُثْبَان الْمسك لَا يهولهم الْفَزع الْأَكْبَر يَوْم الْقِيَامَة: رجل أمَّ قوما وهم بِهِ راضون وَرجل كَانَ يُؤذن فِي كل يَوْم وَلَيْلَة وَعبد أدّى حق الله وَحقّ موَالِيه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وتتلقاهم الْمَلَائِكَة} قَالَ: تتلقاهم الْمَلَائِكَة الَّذين كَانُوا قرناءهم فِي الدُّنْيَا يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُولُونَ: نَحن أولياؤكم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة لَا نفارقكم حَتَّى تدْخلُوا الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {هَذَا يومكم الَّذِي كُنْتُم توعدون} قَالَ: هَذَا قبل أَن يدخلُوا الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ فِي قَوْله: {كطي السّجل} قَالَ: ملك وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة قَالَ: السّجل اسْم ملك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر فِي قَوْله: {يَوْم نطوي السَّمَاء كطي السّجل} قَالَ: السّجل ملك فَإِذا صد بالاستغفار قَالَ: اكتبوها نورا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي جَعْفَر الباقر قَالَ: السّجل ملك وَكَانَ هاروت وماروت من أعوانه وَكَانَ لَهُ كل يَوْم ثَلَاث لمحات ينظرهن فِي أم الْكتاب فَنظر نظرة لم تكن لَهُ فأبصر فِيهَا خلق آدم وَمَا فِيهِ من الْأُمُور فأسّر ذَلِك إِلَى هاروت وماروت فَلَمَّا قَالَ تَعَالَى: (إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة قَالُوا أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا) (الْبَقَرَة آيَة 30) قَالَ: ذَلِك استطالة على الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: السّجل ملك مُوكل بالصحف فَإِذا مَاتَ دفع كِتَابه إِلَى السّجل فطواه وَرَفعه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: السّجل الصَّحِيفَة وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مَنْدَه فِي الْمعرفَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السّجل كَاتب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ لرَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم كَاتب يُسمى السّجل وَهُوَ قَوْله: {يَوْم نطوي السَّمَاء كطي السّجل للكتب} وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السّجل هُوَ الرجل زَاد ابْن مرْدَوَيْه بلغَة الْحَبَشَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كطي السّجل للكتب} قَالَ: كطي الصَّحِيفَة على الْكتاب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَمَا بدأنا أوّل خلق نعيده} يَقُول: نهلك كل شَيْء كَمَا كَانَ أوّل مرّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {كَمَا بدأنا أوّل خلق نعيده} قَالَ: عُرَاة حُفَاة غرلًا وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة قَالَت: دخل عليَّ رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْدِي عَجُوز من بني عَامر فَقَالَ: من هَذِه الْعَجُوز يَا عَائِشَة فَقلت: إِحْدَى خَالَاتِي فَقَالَت: ادْع الله أَن يدخلني الْجنَّة فَقَالَ: إِن الْجنَّة لَا يدخلهَا الْعَجُوز فَأخذ الْعَجُوز مَا أَخذهَا فَقَالَ: إِن الله تَعَالَى ينشهنه خلقا غير خَلقهنَّ ثمَّ قَالَ: تحشرون حُفَاة عُرَاة غلفًا فَقَالَت: حاشا لله من ذَلِك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بلَى إِن الله تَعَالَى قَالَ: {كَمَا بدأنا أوّل خلق نعيده وَعدا علينا إِنَّا كُنَّا فاعلين} فَأول من يكسى إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: يَبْعَثهُم الله يَوْم الْقِيَامَة على قامة آدم وجسمه وَلسَانه السريانية عُرَاة حُفَاة غرلًا كَمَا ولدُوا الْآيَة 105 - 108

105

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور من بعد الذّكر} الْقُرْآن {أَن الأَرْض} قَالَ: أَرض الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور من بعد الذّكر} قَالَ: يَعْنِي بِالذكر كتبنَا فِي الْقُرْآن من بعد التَّوْرَاة و {الأَرْض} أَرض الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور من بعد الذّكر} يَعْنِي بِالذكر التَّوْرَاة وَيَعْنِي بالزبور الْكتب من بعد التَّوْرَاة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور} قَالَ: الْكتب {من بعد الذّكر} قَالَ: التَّوْرَاة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: الزبُور التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْقُرْآن وَالذكر الأَصْل الَّذِي نسخت مِنْهُ هَذِه الْكتب الَّذِي فِي السَّمَاء وَالْأَرْض أَرض الْجنَّة وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جريرعن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور} قَالَ: الزبُور التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْقُرْآن {من بعد الذّكر} قَالَ: الذّكر الَّذِي فِي السَّمَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: الزبُور الْكتب وَالذكر أم الْكتاب عِنْد الله وَالْأَرْض الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الزبُور الْكتب الَّتِي أنزلت على الْأَنْبِيَاء وَالذكر أم الْكتاب الَّذِي يكْتب فِيهِ الْأَشْيَاء قبل ذَلِك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَن الأَرْض يَرِثهَا عبَادي الصالحون} قَالَ: أَرض الْجنَّة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور} الْآيَة قَالَ: أخبر الله سُبْحَانَهُ فِي التَّوْرَاة وَالزَّبُور وسابق علمه قبل أَن تكون السَّمَوَات وَالْأَرْض أَن يُورث أمة مُحَمَّد الأَرْض ويدخلهم الْجنَّة وهم {الصالحون} وَفِي قَوْله: {لبلاغاً لقوم عابدين} قَالَ: عَالمين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور من بعد الذّكر أَن الأَرْض يَرِثهَا عبَادي الصالحون} قَالَ: أَرض الْجنَّة يَرِثهَا الَّذين يصلونَ الصَّلَوَات الْخمس فِي الْجَمَاعَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله: {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور من بعد الذّكر} قَالَ: فِي زبور دَاوُد {من بعد} ذكر مُوسَى التَّوْرَاة {أَن الأَرْض يَرِثهَا} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: كتب الله فِي زبور دَاوُد بعد التَّوْرَاة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: {أَن الأَرْض يَرِثهَا} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {أَن الأَرْض يَرِثهَا عبَادي الصالحون} قَالَ: الْجنَّة وَقَرَأَ (وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي صدقنا وعده وأورثنا الأَرْض نتبوّأ من الْجنَّة حَيْثُ نشَاء) (الزمر آيَة 74) قَالَ: فالجنة مبتدؤها فِي الأَرْض ثمَّ تذْهب درجاً علوّا وَالنَّار مبتدؤها فِي الأَرْض وَبَينهمَا حجاب سور مَا يدْرِي أحد مَا ذَاك السُّور وَقَرَأَ (بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهره من قبله الْعَذَاب) (الْحَدِيد آيَة 13) قَالَ: ودرجها تذْهب سفالاً فِي الأَرْض ودرج الْجنَّة تذْهب علوّاً فِي السَّمَاء وَأخرج ابْن جرير عَن صَفْوَان قَالَ: سَأَلت عَامر بن عبد الله أَبَا الْيَمَان هَل لأنفس الْمُؤمنِينَ مُجْتَمع فَقَالَ: يَقُول الله: {وَلَقَد كتبنَا فِي الزبُور من بعد الذّكر أَن الأَرْض يَرِثهَا عبَادي الصالحون} قَالَ: هِيَ الأَرْض الَّتِي تجمع إِلَيْهَا أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ حَتَّى يكون الْبَعْث

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله تَعَالَى: {أَن الأَرْض يَرِثهَا عبَادي الصالحون} فَنحْن الصالحون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {إِن فِي هَذَا لبلاغاً} قَالَ: كل ذَلِك يُقَال: إِن فِي هَذِه السُّورَة وَفِي هَذَا الْقُرْآن لبلاغاً وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {أَن فِي هَذَا لبلاغاً لقوم عابدين} قَالَ: إِن فِي هَذَا لمَنْفَعَة وعلماً {لقوم عابدين} ذَلِك الْبَلَاغ وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب الْأَحْبَار {إِن فِي هَذَا لبلاغاً لقوم عابدين} قَالَ: لأمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب فِي قَوْله: {إِن فِي هَذَا لبلاغاً لقوم عابدين} قَالَ: صَوْم شهر رَمَضَان والصلوات الْخمس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة {إِن فِي هَذَا لبلاغاً لقوم عابدين} قَالَ: فِي الصَّلَوَات الْخمس شغلاً لِلْعِبَادَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه الْآيَة {لبلاغاً لقوم عابدين} قَالَ: هِيَ الصَّلَوَات الْخمس فِي الْمَسْجِد الْحَرَام جمَاعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُحَمَّد بن كَعْب {أَن فِي هَذَا لبلاغاً لقوم عابدين} قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {لقوم عابدين} قَالَ: الَّذين يُحَافِظُونَ على الصَّلَوَات الْخمس فِي الْجَمَاعَة وَأخرج عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {لقوم عابدين} قَالَ: عاملين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين} قَالَ: من آمن تمت لَهُ الرَّحْمَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن لم يُؤمن عوفي مِمَّا كَانَ يُصِيب الْأُمَم فِي عَاجل الدُّنْيَا من الْعَذَاب من المسخ والخسف وَالْقَذْف وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل يَا رَسُول الله ادْع على الْمُشْركين قَالَ: إِنِّي لم أبْعث لعاناً وَإِنَّمَا بعثت رَحْمَة

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله بَعَثَنِي رَحْمَة للْعَالمين وَهدى لِلْمُتقين وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيّمَا رجل من أمتِي سببته سبة فِي غَضَبي أَو لعنته لعنة فَإِنَّمَا أَنا رجل من ولد آدم أغضب كَمَا تغضبون وَإِنَّمَا بَعَثَنِي رَحْمَة للْعَالمين وأجعلها عَلَيْهِ صَلَاة يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا أَنا رَحْمَة مهداة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل يَا رَسُول الله أَلا تلعن قُريْشًا بِمَا أَتَوا إِلَيْك فَقَالَ: لم أبْعث لعاناً إِنَّمَا بعثت رَحْمَة يَقُول الله: {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين} الْآيَة 109 - 110

109

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {على سَوَاء} قَالَ: على مهل الْآيَة 111 - 112

111

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن عَسَاكِر عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أسرِي بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {وَإِن أَدْرِي لَعَلَّه فتْنَة لكم ومتاع إِلَى حِين} يَقُول: هَذَا الْملك وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الشّعبِيّ قَالَ: لما سلم الْحسن بن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - الْأَمر إِلَى مُعَاوِيَة قَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: قُم فَتكلم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: إِن هَذَا الْأَمر تركته لمعاوية إِرَادَة إصْلَاح الْمُسلمين وحقن دِمَائِهِمْ {وَإِن أَدْرِي لَعَلَّه فتْنَة لكم ومتاع إِلَى حِين} ثمَّ اسْتغْفر وَنزل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: خطب الْحسن رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: أما بعد:

أَيهَا النَّاس إِن الله هدَاكُمْ بأوّلنا وحقن دمائكم بآخرنا وَإِن لهَذَا الْأَمر مُدَّة وَالدُّنْيَا دوَل وَإِن الله تَعَالَى قَالَ لنَبيه: {وَإِن أَدْرِي أَقَرِيب أم بعيد مَا توعدون} إِلَى قَوْله: {ومتاع إِلَى حِين} الدَّهْر كُله وَقَوله: (هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر) (الْإِنْسَان آيَة 1) الدَّهْر: الدَّهْر كُله وَقَوله: (تؤتي أكلهَا كل حِين بِإِذن رَبهَا) (إِبْرَاهِيم آيَة 25) قَالَ: هِيَ النَّخْلَة من حِين تثمر إِلَى أَن تصرم وَقَوله: (ليسجننه حَتَّى حِين) (يُوسُف آيَة 35) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن أَدْرِي لَعَلَّه فتْنَة لكم} يَقُول: مَا أخْبركُم بِهِ من الْعَذَاب والساعة أَن يُؤَخر عَنْكُم لمدتكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قَالَ رب احكم بِالْحَقِّ} قَالَ: لَا يحكم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِن إِنَّمَا يستعجل بذلك فِي الدُّنْيَا يسْأَل ربه على قومه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة: أَن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - كَانَ إِذا شهد قتالاً قَالَ: {رب احكم بِالْحَقِّ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت الْأَنْبِيَاء تَقول: (رَبنَا افْتَحْ بَيْننَا وَبَين قَومنَا بِالْحَقِّ وَأَنت خير الفاتحين) (الْأَعْرَاف آيَة 89) فَأمر الله نبيه أَن يَقُول: {رب احكم بِالْحَقِّ} أَي اقْضِ بِالْحَقِّ وَكَانَ رَسُول الله - صلى عَلَيْهِ وَسلم - يعلم أَنه على الْحق وَأَن عدوّه على الْبَاطِل وَكَانَ إِذا لَقِي العدوّ قَالَ: {رب احكم بِالْحَقِّ} وَالله أعلم 6

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (22) سُورَة الْحَج مَدِينَة وآياتها ثَمَان وَسَبْعُونَ مُقَدّمَة سُورَة الْحَج أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: نزلت سُورَة الْحَج بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ سُورَة الْحَج وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: نزل بِالْمَدِينَةِ من الْقُرْآن الْحَج غير أَربع آيَات مكيات {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي} الْحَج من الْآيَة 52 - 55 إِلَى {عَذَاب يَوْم عقيم} الْحَج من الْآيَة 52 - 55 وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أفضلت سُورَة الْحَج على سَائِر الْقُرْآن بسجدتين قَالَ: نعم فَمن لم يسجدهما فَلَا يقرأهما وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَالْبَيْهَقِيّ عَن خَالِد بن معدان: أَن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: (فضلت سُورَة الْحَج على الْقُرْآن بسجدتين) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة والإسماعيلي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر أَنه: كَانَ يسْجد سَجْدَتَيْنِ فِي الْحَج قَالَ: أَن هَذِه السُّورَة فضلت على سَائِر السُّور بسجدتين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ وَأبي الدَّرْدَاء: انهما سجدا فِي الْحَج سَجْدَتَيْنِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي سُورَة الْحَج سَجْدَتَانِ

وَأخرج ابْن شيبَة من طَرِيق أبي الْعُرْيَان الْمُجَاشِعِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي الْحَج سَجْدَة وَاحِدَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: لَيْسَ فِي الْحَج إِلَّا سَجْدَة وَاحِدَة وَهِي الأولى وَالله أعلم

الحج

- يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم يَوْم ترونها تذهل كل مُرْضِعَة عَمَّا أرضعت وتضع كل ذَات حمل حملهَا وَترى النَّاس سكارى وماهم بسكارى وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد أخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن الْحسن وَغَيره عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: لما نزلت {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} إِلَى قَوْله: {وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد} أنزلت عَلَيْهِ هَذِه وَهُوَ فِي سفر فَقَالَ: أَتَدْرُونَ أَي يَوْم ذَلِك قَالُوا الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: ذَلِك يَوْم يَقُول الله لآدَم: ابْعَثْ بعث النَّار قَالَ: يَا رب وَمَا بعث النَّار قَالَ: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين إِلَى النَّار وواحداً إِلَى الْجنَّة) فانشأ الْمُسلمُونَ يَبْكُونَ فَقَالَ رَسُول الله: - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قاربوا وسددوا فَإِنَّهَا لم تكن نبوّة قطّ إِلَّا كَانَ بَين يَديهَا جَاهِلِيَّة فتؤخذ الْعدة من الْجَاهِلِيَّة فَإِن تمت وَإِلَّا أكملت من الْمُنَافِقين وَمَا مثلكُمْ: إِلَّا كَمثل الرَّقْمَة فِي ذِرَاع الدَّابَّة أَو كَالشَّامَةِ فِي جنب الْبَعِير ثمَّ قَالَ: إِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا ربع أهل الْجنَّة فكبروا ثمَّ قَالَ: إِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا ثلث أهل الْجنَّة فكبروا ثمَّ قَالَ: إِنِّي لأرجوا أَن تَكُونُوا نصف أهل الْجنَّة فكبروا قَالَ: فَلَا أَدْرِي قَالَ الثُّلثَيْنِ أم لَا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فتفاوت بَين اصحابه فِي السّير فَرفع رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - صَوته بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم}

إِلَى قَوْله {وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد} فَلَمَّا سمع ذَلِك أَصْحَابه حثوا الْمطِي وَعرفُوا أَنه عِنْد قَول يَقُوله فَقَالَ: هَل تَدْرُونَ أَي يَوْم ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: ذَلِك يَوْم يُنَادي الله تَعَالَى فِيهِ آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول: يَا آدم ابْعَثْ بعث النَّار فَيَقُول أَي رب وَمَا بعث النَّار فَيَقُول من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ إِلَى النَّار وَوَاحِد فِي الْجنَّة فتعبس الْقَوْم حَتَّى مَا أبدوا بِضَاحِكَةٍ فَلَمَّا رأى رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - الَّذِي بِأَصْحَابِهِ قَالَ: اعْمَلُوا وابشروا فو الَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ أَنكُمْ لمع خَلِيقَتَيْنِ مَا كَانَتَا مَعَ شَيْء إِلَّا أكثرتاه يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَمن مَاتَ من بني آدم وَمن بني إِبْلِيس فَسرِّي عَن الْقَوْم بعض الَّذِي يَجدونَ قَالَ اعْمَلُوا وابشروا فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا أَنْتُم فِي النَّاس إِلَّا كَالشَّامَةِ فِي جنب الْبَعِير أَو كالرقمة فِي ذِرَاع الدَّابَّة وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما قفل عَن غَزْوَة الْعسرَة وَمَعَهُ أَصْحَابه بعد مَا شَارف الْمَدِينَة قَرَأَ {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} فَذكر نَحوه إِلَّا أَنه زَاد فِيهِ: لم يكن رسولان إِلَّا أَن كَانَ بَينهمَا فَتْرَة من الْجَاهِلِيَّة فهم أهل النَّار وَإِنَّكُمْ بَين ظهراني خَلِيقَتَيْنِ لَا يعادهما أحد من أهل الأَرْض إِلَّا كَثرَتَاهُ وهم يَأْجُوج وَمَأْجُوج وهم أهل النَّار وتكمل الْعدة من الْمُنَافِقين وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: نزلت {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} إِلَى قَوْله (وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد) على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي مسير لَهُ فَرفع بهَا صَوته حَتَّى ثاب إِلَيْهِ أَصْحَابه فَقَالَ: أَتَدْرُونَ أَي يَوْم هَذَا هَذَا يَوْم يَقُول الله لآدَم: يَا آدم قُم فَابْعَثْ بعث النَّار من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين فكَبُر ذَلِك على الْمُسلمين فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سددوا وقاربوا وابشروا فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا أَنْتُم فِي النَّار إِلَّا كَالشَّامَةِ فِي جنب الْبَعِير أَو كالرقمة فِي ذِرَاع الدَّابَّة وَإِن مَعكُمْ لخليقتين مَا كَانَتَا فِي شَيْء قطّ إِلَّا أكثرتاه: يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَمن هلك من كفرة الْإِنْس وَالْجِنّ وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة - وَأَصْحَابه

عِنْده - {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} فَقَالَ: هَل تَدْرُونَ أَي يَوْم ذَاك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: ذَاك يَوْم يَقُول الله يَا آدم قُم فَابْعَثْ بعث النَّار فَيَقُول: يارب من كم فَيَقُول: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين إِلَى النَّار وواحداً إِلَى الْجنَّة فشق ذَلِك على الْقَوْم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا شطر أهل الْجنَّة ثمَّ قَالَ: اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا فَإِنَّكُم بَين خَلِيقَتَيْنِ لم تَكُونَا مَعَ أحد إِلَّا أكثرتاه: يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَإِنَّمَا أَنْتُم فِي الْأُمَم كَالشَّامَةِ فِي جنب الْبَعِير أَو كالرقمة فِي ذِرَاع الدَّابَّة وَإِنَّمَا أمتِي جُزْء من ألف جُزْء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسيره فِي غَزْوَة بني المصطلق إِذْ أنزل الله {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم} إِلَى قَوْله {وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد} فَلَمَّا أنزلت عَلَيْهِ وقف على نَاقَته ثمَّ رفع بهَا صَوته فَتَلَاهَا على أَصْحَابه ثمَّ قَالَ لَهُم: أَتَدْرُونَ أَي يَوْم ذَاك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: ذَاك يَوْم يَقُول الله لآدَم: يَا آدم ابْعَثْ بعث النَّار من ولدك فَيَقُول: يارب من كل كم فَيَقُول: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين إِلَى النَّار وواحداً إِلَى الْجنَّة فَبكى الْمُسلمُونَ بكاء شَدِيدا وَدخل عَلَيْهِم أَمر شَدِيد فَقَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا أَنْتُم فِي الْأُمَم إِلَّا كالشعرة الْبَيْضَاء فِي الشَّاة السَّوْدَاء واني لأرجوا أَن تَكُونُوا نصف أهل الْجنَّة بل أَرْجُو أَن تَكُونُوا ثُلثي أهل الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مسير لَهُ فَذكر نَحوه وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله يَوْم الْقِيَامَة: يَا آدم ابْعَثْ بعث النَّار فَيَقُول: يَا رب وَمَا بعث النَّار فَيَقُول: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ فَعِنْدَ ذَلِك يشيب الْوَلِيد {وتضع كل ذَات حمل حملهَا وَترى النَّاس سكارى وَمَا هم بسكارى وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد} قَالَ: فشق ذَلِك على النَّاس فَقَالُوا: يَا رَسُول الله من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ وَيبقى الْوَاحِد فأينا ذَلِك الْوَاحِد فَقَالَ: من يَأْجُوج وَمَأْجُوج ألف ومنكم

وَاحِد وَهل أَنْتُم فِي الْأُمَم كالشعرة السَّوْدَاء فِي الثور الْأَبْيَض أَو كالشعرة الْبَيْضَاء فِي الثور الْأسود وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَلْقَمَة فِي قَوْله {إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} قَالَ: الزلزلة قبل السَّاعَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ أَنه قَرَأَ {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم} إِلَى قَوْله {وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد} قَالَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا من آيَات السَّاعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عبيد بن عُمَيْر فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه الْأَشْيَاء تكون فِي الدُّنْيَا قبل يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: زلزلتها شَرطهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} قَالَ: هَذَا بَدْء يَوْم الْقِيَامَة وَفِي قَوْله {يَوْم ترونها تذهل كل مُرْضِعَة عَمَّا أرضعت} قَالَ: تتْرك وَلَدهَا للكرب الَّذِي نزل بهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله {يَوْم ترونها تذهل} قَالَ: تغفل وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {تذهل كل مُرْضِعَة عَمَّا أرضعت} قَالَ: ذهلت عَن أَوْلَادهَا لغير فطام {وتضع كل ذَات حمل حملهَا} قَالَ: أَلْقَت الْحَوَامِل مَا فِي بطونها لغير تَمام {وَترى النَّاس سكارى} قَالَ: من الْخَوْف {وَمَا هم بسكارى} قَالَ: من الشَّرَاب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو الْحسن أَحْمد بن يزِيد الْحلْوانِي فِي كتاب الحروب عَن عمرَان بن حُصَيْن أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {وَترى النَّاس سكارى وَمَا هم بسكارى} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو الْحسن الْحلْوانِي والحافظ عبد الْغَنِيّ بن سعيد فِي إِيضَاح الأشكال عَن أبي سعيد قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَترى النَّاس سكارى وَمَا هم بسكارى} قَالَ الْأَعْمَش: وَهِي قراءتنا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن حُذَيْفَة أَنه كَانَ يقْرَأ {وَترى النَّاس سكارى وَمَا هم بسكارى} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ كَذَلِك

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي نهيك أَنه قَرَأَ {وَترى النَّاس} يَعْنِي تحسب النَّاس قَالَ: لَو كَانَت مَنْصُوبَة كَانُوا سكارى وَلكنهَا {ترى} تحسب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع {وَترى النَّاس سكارى} قَالَ: ذَلِك عِنْد السَّاعَة يسكر الْكَبِير ويشيب الصَّغِير وتضع الْحَوَامِل مَا فِي بطونها وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَمَا هم بسكارى} قَالَ: من الشَّرَاب وَالله أعلم بِالصَّوَابِ

3

- قَوْله تَعَالَى: وَمن النَّاس من يُجَادِل فِي الله بِغَيْر علم وَيتبع كل شَيْطَان مُرِيد كتب عَلَيْهِ أَنه من تولاه فَأَنَّهُ يضله ويهديه إِلَى عَذَاب السعير أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يُجَادِل فِي الله بِغَيْر علم} قَالَ: نزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَيتبع كل شَيْطَان مُرِيد} قَالَ: تمرد على معاصي الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كتب عَلَيْهِ} قَالَ: كتب على الشَّيْطَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كتب عَلَيْهِ} قَالَ: على الشَّيْطَان {أَنه من تولاه} قَالَ: اتبعهُ

5

- قَوْله تَعَالَى: ياأيها النَّاس إِن كُنْتُم فِي ريب من الْبَعْث فَإنَّا خَلَقْنَاكُمْ من تُرَاب ثمَّ من نُطْفَة ثمَّ من علقَة ثمَّ من مضغه مخلقة وَغير مخلقة لنبين لكم ونقر فِي الْأَرْحَام مَا نشَاء إِلَى أجل مُسَمّى ثمَّ نخرجكم طفْلا

ثمَّ لتبلغوا أَشدّكُم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إِلَى أرذل الْعُمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شَيْئا وَترى الأَرْض هامدة فَإِذا أنزلنَا عَلَيْهَا المَاء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج - أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ الصَّادِق المصدوق: إِن أحدكُم يجمع خلقه فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَة ثمَّ يكون علقَة مثل ذَلِك ثمَّ يكون مُضْغَة مثل ذَلِك ثمَّ يُرْسل اليه الْملك فينفح فينفح الرّوح وَيُؤمر بِأَرْبَع كَلِمَات بكتب رزقه وأجله وَعَمله وشقي أَو سعيد فوالذي لَا إِلَه إِلَّا غَيره إِن أحدكُم ليعْمَل بِعَمَل أهل الْجنَّة حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب فَيعْمل بِعَمَل أهل النَّار فيدخلها وَإِن أحدكُم ليعْمَل بِعَمَل أهل النَّار حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب فَيعْمل بِعَمَل أهل الْجنَّة فيدخلها وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن النُّطْفَة تكون فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ يَوْم على حَالهَا لَا تَتَغَيَّر فَإِذا مَضَت الْأَرْبَعُونَ صَارَت علقَة ثمَّ مُضْغَة كَذَلِك ثمَّ عظاماً كَذَلِك فَإِذا أَرَادَ أَن يُسَوِّي خلقه بعث إِلَيْهِ ملكا فَيَقُول: يَا رب أذكر أم أُنْثَى أشقي أم سعيد أقصير أم طَوِيل أناقص أم زَائِد قوته أَجله أصحيح أم سقيم فَيكْتب ذَلِك كُله وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: النُّطْفَة إِذا اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِم أَخذهَا ملك من الْأَرْحَام بكفه فَقَالَ: يَا رب مخلقة أم غير مخلقة فَإِن قيل غير مخلقة لم تكن نسمَة وقذفتها الرَّحِم دَمًا وَإِن قيل مخلقة قَالَ: يارب أذكر أم أُنْثَى أشقي أم سعيد مَا الْأَجَل وَمَا الْأَثر وَمَا الرزق وَبِأَيِّ أَرض تَمُوت فَيُقَال للنطفة: من رَبك فَتَقول: الله فَيُقَال: من رازقك فَتَقول: الله فَيُقَال لَهُ: اذْهَبْ إِلَى أمّ الْكتاب فَإنَّك ستجد فِيهِ قصَّة هَذِه النُّطْفَة قَالَ: فتخلق فتعيش فِي أجلهَا وتأكل فِي رزقها وَتَطَأ فِي أَثَرهَا حَتَّى إِذا جَاءَ أجلهَا مَاتَت فدفنت فِي ذَلِك الْمَكَان

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا وَقعت النُّطْفَة فِي الرَّحِم بعث الله ملكا فَقَالَ: يَا رب مخلقة أَو غير مخلقة فَإِن قَالَ غير مخلقة مجها الرَّحِم دَمًا وَإِن قَالَ مخلقة قَالَ: يَا رب فَمَا صفة هَذِه النُّطْفَة أذكر أم أُنْثَى وَمَا رزقها وَمَا أجلهَا أشقي أم سعيد فَيُقَال لَهُ: انْطلق إِلَى أم الْكتاب فاستنسخ مِنْهُ صفة هَذِه النُّطْفَة فَينْطَلق فينسخها فَلَا يزَال مَعَه حَتَّى يَأْتِي على آخر صفتهَا وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى وكل بالرحم ملكا قَالَ: أَي رب نُطْفَة أَي رب علقَة أَي رب مُضْغَة فَإِذا قضى الله تَعَالَى خلقهَا قَالَ: أَي رب شقى أَو سعيد ذكر أَو أُنْثَى فَمَا الرزق فَمَا الْأَجَل فَيكْتب كَذَلِك فِي بطن أمه وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأذني هَاتين يَقُول: إِن النُّطْفَة تقع فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَفِي لفظ: إِذا مر بالنطفة إثنتان وَأَرْبَعُونَ لَيْلَة بعث الله إِلَيْهَا ملكا فصورها وَخلق سَمعهَا وبصرها وجلدها ولحمها وعظمها ثمَّ قَالَ: يَا رب أذكر أم أُنْثَى فَيَقْضِي رَبك مَا يَشَاء وَيكْتب الْملك ثمَّ يَقُول: يَا رب أَجله فَيَقُول رَبك مَا شَاءَ وَيكْتب الْملك ثمَّ يَقُول: يَا رب رزقه وَيَقْضِي رَبك مَا يَشَاء وَيكْتب الْملك ثمَّ يخرج الْملك بالصحيفة فِي يَده فَلَا يزِيد على أمره وَلَا ينقص وَفِي لفظ: يدْخل الْملك على النُّطْفَة بَعْدَمَا تَسْتَقِر فِي الرَّحِم بِأَرْبَعِينَ أَو خمس وَأَرْبَعين لَيْلَة فَيَقُول: يَا رب أشقي أَو سعيد فيُكْتَبان فَيَقُول: أَي رب أذكر أَو أُنْثَى فيكْتبان فَيكْتب عمله وأثره وأجله ورزقه ثمَّ تطوى الصُّحُف فَلَا يُزَاد فِيهَا وَلَا ينقص وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مخلقة وَغير مخلقة} قَالَ: المخلقة مَا كَانَ حَيا {وَغير مخلقة} مَا كَانَ من سقط وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: الْعلقَة الدَّم والمضغة اللَّحْم والمخلقة الَّتِي تمّ خلقهَا {وَغير مخلقة} السقط

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {مخلقة وَغير مخلقة} قَالَ: تَامَّة وَغير تَامَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ {وَغير مخلقة} السقط وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِذا دخل فِي الْخلق الرَّابِع كَانَت نسمَة مخلقة وَإِذا قدم فِيهَا قبل ذَلِك فَهِيَ غير مخلقة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {مخلقة وَغير مخلقة} قَالَ: السقط مَخْلُوق وَغير مَخْلُوق {ونقر فِي الْأَرْحَام مَا نشَاء إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: التَّمام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {ونقر فِي الْأَرْحَام مَا نشَاء إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: إِقَامَته فِي الرَّحِم حَتَّى يخرج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {ونقر فِي الْأَرْحَام مَا نشَاء إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: هَذَا مَا كَانَ من ولد يُولد تَاما لَيْسَ بسقط وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لنبين لكم} قَالَ: إِنَّكُم كُنْتُم فِي بطُون أُمَّهَاتكُم كَذَلِك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَترى الأَرْض هامدة} قَالَ: لَا نَبَات فِيهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَترى الأَرْض هامدة} أَي غبراء متهشمة {فَإِذا أنزلنَا عَلَيْهَا المَاء اهتزت وربت} يَقُول: نفرق الْغَيْث فِي سبختها وربوها {وأنبتت من كل زوج بهيج} أَي حسن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {زوج بهيج} قَالَ: حسن

6

- قَوْله تَعَالَى: ذَلِك بِأَن الله هُوَ الْحق وَأَنه يحيي الْمَوْتَى وَأَنه على كل شَيْء قدير وَأَن السَّاعَة آتِيَة لاريب فِيهَا وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور أخرج عبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن معَاذ بن جبل قَالَ: من علم أَن الله عز وَجل حق وَأَن السَّاعَة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور دخل الْجنَّة

وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة عَن أبي بكر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا صلى الصُّبْح مرْحَبًا بِالنَّهَارِ الْجَدِيد وَالْكَاتِب والشهيد اكتبا: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأشْهد أَن الدّين كَمَا وصف وَالْكتاب كَمَا أنزل وَأشْهد أَن السَّاعَة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخه عَن أنس رَفعه: من قَالَ فِي كل يَوْم أَربع مَرَّات: أشهد أَن الله هُوَ الْحق الْمُبين وَأَنه يحيي وَيُمِيت وَأَنه على كل شَيْء قدير وَأَن السَّاعَة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور صرف الله عَنهُ السوء

8

- قَوْله تَعَالَى: وَمن النَّاس من يُجَادِل فِي الله بِغَيْر علم وَلَا هدى وَلَا كتاب مُنِير ثَانِي عطفه ليضل عَن سَبِيل الله لَهُ فِي الدُّنْيَا خزي ونذيقه يَوْم القيامه عَذَاب الْحَرِيق ذَلِك بِمَا قدمت يداك وَأَن الله لَيْسَ بظلام للعبيد أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بِغَيْر علم وَلَا هدى وَلَا كتاب مُنِير} قَالَ: يُضَاعف الشَّيْء وَهُوَ وَاحِد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثَانِي عطفه} قَالَ: هُوَ المعرض من العظمة إِنَّمَا ينظر فِي جَانب وَاحِد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثَانِي عطفه} قَالَ: لاوي رَأسه معرضًا موليا لَا يُرِيد أَن يسمع مَا قيل لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثَانِي عطفه} قَالَ: لاوي عُنُقه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثَانِي عطفه} قَالَ: يعرض عَن الْحق {لَهُ فِي الدُّنْيَا خزي} قَالَ: قتل يَوْم بدر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثَانِي عطفه} أنزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثَانِي عطفه} قَالَ: هُوَ رجل من بني عبد الدَّار قلت: شيبَة قَالَ: لَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ثَانِي عطفه} يَقُول: يعرض عَن ذكري وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ثَانِي عطفه} قَالَ: متكبراً فِي نَفسه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن أحدهم يُحْرَق فِي الْيَوْم سبعين ألف مرّة

11

- قَوْله تَعَالَى: وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف فَإِن أَصَابَهُ خير اطْمَأَن بِهِ وَإِن أَصَابَته فتْنَة انْقَلب على وَجهه خسر الدُّنْيَا والآخره ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين يَدْعُو من دون الله مَا لَا يضرّهُ وَمَا لَا يَنْفَعهُ ذَلِك هُوَ الضلال الْبعيد يَدْعُو لمن ضره أقرب من نَفعه لبئس الْمولى ولبئس العشير إِن الله يدْخل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار ان الله يفعل مَا يُرِيد أخرج البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف} قَالَ: كَانَ الرجل يقدم الْمَدِينَة فَإِن ولدت امْرَأَته غُلَاما ونتجت خيله قَالَ: هَذَا دين صَالح وَإِن لم تَلد امْرَأَته وَلم تنْتج خيله قَالَ: هَذَا دين سوء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ نَاس من الْأَعْرَاب يأْتونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيسلمون فَإِذا رجعُوا إِلَى بِلَادهمْ فَإِن وجدوا عَام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن قَالُوا: إِن ديننَا هَذَا صَالح فَتمسكُوا بِهِ وَإِن وجدوا عَام جَدب وعام ولاد سوء وعام قحط قَالُوا: مَا فِي ديننَا هَذَا خير فَأنْزل الله {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أحدهم إِذا قدم الْمَدِينَة - وَهِي أَرض وبيئة - فَإِن صَحَّ بهَا

جِسْمه ونتجبت فرسه مهْرا حسنا وَولدت امْرَأَته غُلَاما رَضِي بِهِ وَاطْمَأَنَّ اليه وَقَالَ: مَا أصبت مُنْذُ كنت على ديني هَذَا إِلَّا خيرا وَإِن رَجَعَ الْمَدِينَة وَولدت امْرَأَته جَارِيَة وتأخرت عَنهُ الصَّدَقَة أَتَاهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: وَالله مَا أصبت مُنْذُ كنت على دينك هَذَا إِلَّا شرا وَذَلِكَ الْفِتْنَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطِيَّة عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أسلم رجل من الْيَهُود فَذهب بَصَره وَمَاله وَولده فتشاءم بِالْإِسْلَامِ فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَقلنِي فَقَالَ: إِن الْإِسْلَام لَا يُقَال فَقَالَ: لم أصب فِي ديني هَذَا خيرا ذهب بَصرِي وَمَالِي وَمَات وَلَدي فَقَالَ: يَا يَهُودِيّ الْإِسْلَام يسبك الرِّجَال كَمَا تسبك النَّار خبث الْحَدِيد وَالذَّهَب وَالْفِضَّة وَنزلت: {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف} قَالَ: على شكّ وَفِي قَوْله {فَإِن أَصَابَهُ خير} قَالَ: رخاء وعافية {اطْمَأَن بِهِ} قَالَ: اسْتَقر {وَإِن أَصَابَته فتْنَة} قَالَ: عَذَاب ومصيبة {انْقَلب على وَجهه} قَالَ: ارْتَدَّ على وَجهه كَافِرًا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف} قَالَ: كَانَ الرجل يَأْتِي الْمَدِينَة مُهَاجرا فَإِن صَحَّ جِسْمه وَتَتَابَعَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَة وَولدت امْرَأَته غُلَاما وأنتجت فرسه مهْرا قَالَ: وَالله لنعم الدّين وجدت دين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا مَا زلت أعرف الزِّيَادَة فِي جَسَدِي وَوَلَدي وَإِن سقم بهَا جِسْمه واحتبست عَلَيْهِ الصَّدَقَة وأزلقت فرسه وأصابته الْحَاجة وَولدت امْرَأَته الْجَارِيَة قَالَ: وَالله لبئس الدّين دين مُحَمَّد هَذَا وَالله مَا زلت أعرف النُّقْصَان فِي جَسَدِي وَأَهلي وَوَلَدي وَمَالِي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف} قَالَ: على شكّ {فَإِن أَصَابَهُ خير اطْمَأَن بِهِ وَإِن أَصَابَته فتْنَة انْقَلب على وَجهه} يَقُول: إِن أصَاب خصباً وسلوة من عَيْش وَمَا يَشْتَهِي اطْمَأَن إِلَيْهِ وَقَالَ: أَنا على حق وَأَنا أعرف الَّذِي أَنا عَلَيْهِ {وَإِن أَصَابَته فتْنَة} أَي بلَاء {انْقَلب على وَجهه} يَقُول: ترك مَا كَانَ عَلَيْهِ من الْحق

فَأنْكر مَعْرفَته خسر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة يَقُول: خسر دُنْيَاهُ الَّتِي كَانَ لَهَا يحزن وَبهَا يفرح وَلها يسْخط وَلها يرضى وَهِي همه وسدمه وطلبته وَنِيَّته ثمَّ أفْضى إِلَى الْآخِرَة وَلَيْسَ لَهُ حَسَنَة يعْطى بهَا خيرا {ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يَدْعُو من دون الله مَا لَا يضرّهُ} إِن عَصَاهُ فِي الدُّنْيَا {وَمَا لَا يَنْفَعهُ} إِن أطاعه وَهُوَ الصَّنَم {يَدْعُو لمن ضره أقرب من نَفعه} يَقُول: ضره فِي الْآخِرَة من أجل عِبَادَته إِيَّاه فِي الدُّنْيَا {لبئس الْمولى} يَقُول: الصَّنَم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {لبئس الْمولى ولبئس العشير} قَالَ: الصاحب

15

- قَوْله تَعَالَى: من كَانَ يظنّ أَن لن ينصره الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فليمدد بِسَبَب إِلَى السَّمَاء ثمَّ ليقطع فَلْينْظر هَل يذْهبن كَيده مايغيظ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَات بَيِّنَات وَأَن الله يهدي من يُرِيد أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {من كَانَ يظنّ أَن لن ينصره الله} قَالَ: من كَانَ يظنّ أَن لن ينصر الله مُحَمَّدًا {فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فليمدد بِسَبَب} قَالَ: فليربط حبلاً {إِلَى السَّمَاء} قَالَ: إِلَى سَمَاء بَيته السّقف {ثمَّ ليقطع} قَالَ: ثمَّ يختنق بِهِ حَتَّى يَمُوت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {من كَانَ يظنّ أَن لن ينصره الله} يَقُول: أَن لن يرزقه الله {فليمدد بِسَبَب إِلَى السَّمَاء} فليأخذ حبلاً فليربطه فِي سَمَاء بَيته فليختنق بِهِ {فَلْينْظر هَل يذْهبن كَيده مَا يغِيظ} قَالَ: فَلْينْظر هَل يَنْفَعهُ ذَلِك أَو يَأْتِيهِ برزق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {من كَانَ يظنّ أَن لن ينصره الله} قَالَ: أَن لن يرزقه الله {فليمدد بِسَبَب إِلَى السَّمَاء} قَالَ: بِحَبل بَيته {ثمَّ ليقطع} ثمَّ ليختنق {فَلْينْظر هَل يذْهبن كَيده} ذَلِك {مَا يغِيظ} قَالَ: ذَلِك خيفة أَن لَا يرْزق

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: من كَانَ يظنّ أَن لن ينصر الله نبيه ويكابد هَذَا الْأَمر ليقطعه عَنهُ فليقطع ذَلِك من أَصله من حَيْثُ يَأْتِيهِ فَإِن أَصله فِي السَّمَاء {ثمَّ ليقطع} أَي عَن النَّبِي الْوَحْي الَّذِي يَأْتِيهِ من الله إِن قدر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: من كَانَ يظنّ أَن لن ينصر الله مُحَمَّدًا فليجعل حبلاً فِي سَمَاء بَيته فليختنق بِهِ فَلْينْظر هَل يغِيظ ذَلِك إِلَّا نَفسه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {من كَانَ يظنّ أَن لن ينصره الله} يَقُول: من كَانَ يظنّ أَن الله غير نَاصِر دينه {فليمدد بِسَبَب إِلَى السَّمَاء} سَمَاء الْبَيْت فليختنق {فَلْينْظر} مَا يرد ذَلِك فِي يَده

17

- قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَالَّذين أشركوا إِن الله يفصل بَينهم يَوْم الْقِيَامَة أَن الله على كل شَيْء شَهِيد أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ: الصائبون قوم يعْبدُونَ الْمَلَائِكَة وَيصلونَ الْقبْلَة ويقرأون الزبُور {وَالْمَجُوس} عَبدة الشَّمْس وَالْقَمَر والنيران وَأما {الَّذين أشركوا} فهم عَبدة الْأَوْثَان {إِن الله يفصل بَينهم يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: الْأَدْيَان سِتَّة: فخمسة للشَّيْطَان وَدين لله عز وَجل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {إِن الله يفصل بَينهم} قَالَ: فصل قَضَاءَهُ بَينهم فَجعل الْجنَّة مُشْتَركَة وَجعل هَذِه الْأمة وَاحِدَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت الْيَهُود: عُزَيْر ابْن الله وَقَالَت النَّصَارَى: الْمَسِيح ابْن الله وَقَالَت الصابئة: نَحن نعْبد الْمَلَائِكَة من دون الله وَقَالَت الْمَجُوس: نَحن نعْبد الشَّمْس وَالْقَمَر من دون الله وَقَالَت الْمُشْركُونَ: نَحن نعْبد الْأَوْثَان من دون الله فَأوحى الله إِلَى نبيه ليكذِّبَ قَوْلهم: (قل

هُوَ الله أحد) (سُورَة الصَّمد الْآيَة 1) إِلَى آخرهَا (وَقل الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا) (الْإِسْرَاء آيَة 111) وَأنزل الله {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: {الَّذين هادوا} الْيَهُود والصائبون لَيْسَ لَهُم كتاب الْمَجُوس أَصْحَاب الْأَصْنَام وَالْمُشْرِكُونَ نَصَارَى الْعَرَب

18

- قَوْله تَعَالَى: ألم ترى أَن الله يسْجد لَهُ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وَالْجِبَال وَالشَّجر وَالدَّوَاب وَكثير من النَّاس وَكثير حق عَلَيْهِ الْعَذَاب وَمن يهن الله فَمَا لَهُ من مكرم إِن الله يفعل مَا يَشَاء هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم فَالَّذِينَ كفرُوا قطعت لَهُم ثِيَاب من نَار يصب من فَوق رُؤْسهمْ الْحَمِيم يصهر بِهِ مافي بطونهم والجلود وَلَهُم مَقَامِع من حَدِيد كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا من غم أعيدوا فِيهَا وذوقوا عَذَاب الْحَرِيق إِن الله يدْخل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار يحلونَ فِيهَا من أساور من ذهب ولؤلؤ ولباسهم فِيهَا حَرِير أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ألم تَرَ أَن الله يسْجد لَهُ من فِي السَّمَاوَات} الْآيَة قَالَ: سُجُود ظلّ هَذَا كُله {وَكثير من النَّاس} قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ {وَكثير حق عَلَيْهِ الْعَذَاب} قَالَ: هَذَا الْكَافِر سُجُود ظله وَهُوَ كَارِه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: سُجُود كل شَيْء فيئه وَسُجُود الْجبَال فَيْئهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الثَّوْب يسْجد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا فِي السَّمَاء من شمس وَلَا قمر وَلَا نجم إِلَّا يَقع سَاجِدا حَتَّى يغيب ثمَّ لَا ينْصَرف حَتَّى يُؤذن لَهُ فَيَأْخُذ ذَات الْيَمين حَتَّى يرجع إِلَى معلمه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا فَاء الْفَيْء لم يبْق شَيْء من دَابَّة وَلَا طَائِر إِلَّا خر لله سَاجِدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن دِينَار رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رجلا يطوف بِالْبَيْتِ ويبكي فَإِذا هُوَ طَاوس فَقَالَ: عجبت من بُكَائِي قلت: نعم قَالَ: وَرب هَذِه البنية إِن هَذَا الْقَمَر ليبكي من خشيَة الله وَلَا ذَنْب لَهُ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن أبي مليكَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مر رجل على عبد الله بن عَمْرو وَهُوَ ساجد فِي الْحجر وَهُوَ يبكي فَقَالَ: أتعجب أَن أبْكِي من خشيَة الله وَهَذَا الْقَمَر يبكي من خشيَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: لم يسْتَثْن من هَؤُلَاءِ أحدا حَتَّى إِذا جَاءَ ابْن آدم اسْتَثْنَاهُ فَقَالَ {وَكثير من النَّاس} قَالَ: وَالَّذِي أَحَق بالشكر هُوَ أَكْثَرهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم واللالكائي فِي السّنة والخلعي فِي فَوَائده عَن عَليّ أَنه قيل لَهُ: إِن هَهُنَا رجلا يتَكَلَّم فِي الْمَشِيئَة فَقَالَ لَهُ عَليّ: يَا عبد الله خلقك الله لما يَشَاء أَو لما شِئْت قَالَ: بل لما يَشَاء قَالَ: فيمرضك إِذا شَاءَ أَو إِذا شِئْت قَالَ: بل إِذا شَاءَ قَالَ: فيشفيك إِذا شَاءَ أَو إِذا شِئْت قَالَ: بل إِذا شَاءَ قَالَ: فيدخلك الْجنَّة حَيْثُ شَاءَ أَو حَيْثُ شِئْت قَالَ: بل حَيْثُ شَاءَ قَالَ: وَالله لَو قلت غير ذَلِك لضَرَبْت الَّذِي فِيهِ عَيْنَاك بِالسَّيْفِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقسم قسما إِن هَذِه الْآيَة {هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم} إِلَى قَوْله {ان الله يفعل مَا يُرِيد} نزلت فِي الثَّلَاثَة وَالثَّلَاثَة الَّذين تبارزوا يَوْم بدر وهم: حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَعبيدَة بن الْحَارِث

وعليّ بن أبي طَالب وَعتبَة وَشَيْبَة ابْنا ربيعَة والوليد بن عتبَة قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: أَنا أول من يجثو فِي الْخُصُومَة على رُكْبَتَيْهِ بَين يَدي الله يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق قيس بن عبَادَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَنا أول من يجثو بَين يَدي الرَّحْمَن للخصومة يَوْم الْقِيَامَة قَالَ قيس: فيهم نزلت {هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم} قَالَ: هم الَّذين بارزوا يَوْم بدر: عَليّ وَحَمْزَة وَعبيدَة وَشَيْبَة بن ربيعَة وَعتبَة بن ربيعَة والوليد ابْن عتبَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بارز عَليّ وَحَمْزَة وَعبيدَة وَعتبَة وَشَيْبَة والوليد قَالُوا لَهُم: تكلمُوا نعرفكم قَالَ: أَنا عَليّ وَهَذَا حَمْزَة وَهَذَا عُبَيْدَة فَقَالُوا: أكفاء كرام فَقَالَ عَليّ: أدعوكم إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله فَقَالَ عتبَة: هَلُمَّ للمبارزة فبارز عَليّ شيبَة فَلم يلبث أَن قَتله وبارز حَمْزَة عتبَة فَقتله وبارز عُبَيْدَة الْوَلِيد فصعب عَلَيْهِ فَأتى عَليّ فَقتله فَأنْزل الله {هَذَانِ خصمان} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: لما الْتَقَوْا يَوْم بدر قَالَ لَهُم عتبَة بن ربيعَة: لَا تقتلُوا هَذَا الرجل فَإِنَّهُ إِن يكن صَادِقا فَأنْتم أسعد النَّاس بصدقه وَإِن يكن كَاذِبًا فَأنْتم أَحَق من حقن دَمه فقا أَبُو جهل بن هِشَام: لقد امْتَلَأت رعْبًا فَقَالَ عتبَة: ستعلم أَيّنَا الجبان الْمُفْسد لِقَوْمِهِ قَالَ: فبرز عتبَة بن ربيعَة وَشَيْبَة بن ربيعَة والوليد بن عتبَة فَنَادوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَقَالُوا: ابْعَثْ إِلَيْنَا أكفاءنا نقاتلهم فَوَثَبَ غلمة من الْأَنْصَار من بني الْخَزْرَج فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اجلسوا قومُوا يَا بني هَاشم فَقَامَ حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَعلي بن أبي طَالب وَعبيدَة بن الْحَارِث فبرزوا لَهُم فَقَالَ عتبَة: تكلمُوا نعرفكم أَن تَكُونُوا أكفاءنا قاتلناكم قَالَ حَمْزَة: أَنا حَمْزَة بن عبد الْمطلب أَنا أَسد الله وَأسد رَسُوله فَقَالَ عتبَة: كُفْء كريم فَقَالَ عَليّ: أَنا عَليّ بن أبي كالب فَقَالَ: كُفْء كريم فَقَالَ عُبَيْدَة أَنا عُبَيْدَة بن الْحَارِث فَقَالَ عتبَة: كُفْء كريم فَأخذ حَمْزَة شيبَة بن ربيعَة وَأخذ عَليّ بن أبي طَالب عتبَة بن ربيعَة وَأخذ عُبَيْدَة الْوَلِيد فَأَما حَمْزَة فَأجَاز على شيبَة وَأما عَليّ فاختلفا ضربتين [] فَأَقَامَ فَأجَاز على عتبَة وَأما عُبَيْدَة فأصيبت رجله قَالَ: فَرجع هَؤُلَاءِ وَقتل هَؤُلَاءِ فَنَادَى أَبُو

جهل وَأَصْحَابه: لنا الْعُزَّى وَلَا عزى لكم فَنَادَى مُنَادِي للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَتْلَانَا فِي الْجنَّة وَقَتلَاكُمْ فِي النَّار فَأنْزل الله {هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم} وَأخرج عبد بن حميد عَن لَاحق بن حميد قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة يَوْم بدر {هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم فَالَّذِينَ كفرُوا قطعت لَهُم ثِيَاب من نَار} فِي عتبَة ابْن ربيعَة وَشَيْبَة بن ربيعَة والوليد بن عتبَة وَنزلت {إِن الله يدْخل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} إِلَى قَوْله (وهدوا إِلَى صِرَاط الحميد) فِي عَليّ بن أبي طَالب وَحَمْزَة وَعبيدَة بن الْحَارِث وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم} قَالَ: مثل الْمُؤمن وَالْكَافِر اختصامها فِي الْبَعْث وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَالْحسن قَالَ: هم الْكَافِرُونَ والمؤمنون اخْتَصَمُوا فِي رَبهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم} قَالَ: هم أهل الْكتاب قَالُوا للْمُؤْمِنين نَحن أولى بِاللَّه وأقدم مِنْكُم كتابا وَنَبِينَا قبل نَبِيكُم وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ: نَحن أَحَق بِاللَّه آمنا بِمُحَمد وآمنا بنبيكم وَبِمَا أنزل الله من كتاب وَأَنْتُم تعرفُون كتَابنَا وَنَبِينَا ثمَّ تَرَكْتُمُوهُ وكفرتم بِهِ حسداً فَكَانَ ذَلِك خصومتهم فِي رَبهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: اخْتصم الْمُسلمُونَ وَأهل الْكتاب فَقَالَ أهل الْكتاب: نَبينَا قبل نَبِيكُم وَكِتَابنَا قبل كتابكُمْ وَنحن أولى بِاللَّه مِنْكُم وَقَالَ الْمُسلمُونَ: إِن كتَابنَا يقْضِي على الْكتب كلهَا وَنَبِينَا خَاتم الْأَنْبِيَاء فَنحْن أولى بِاللَّه مِنْكُم فأفلج الله أهل الْإِسْلَام على من ناوأهم فَأنْزل الله {هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم} إِلَى قَوْله {عَذَاب الْحَرِيق} وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا فِي رَبهم} قَالَ: هما الْجنَّة وَالنَّار اختصمتا فَقَالَت النَّار: خلقني الله لعقوبته وَقَالَت الْجنَّة: خلقني الله لِرَحْمَتِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن جَاهد {فَالَّذِينَ كفرُوا قطعت لَهُم ثِيَاب من نَار} قَالَ: الْكَافِر قطعت لَهُ ثِيَاب من نَار وَالْمُؤمن يدْخلهُ الله جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {قطعت لَهُم ثِيَاب من نَار} من نُحَاس وَلَيْسَ من الْآنِية شَيْء إِذا حمي اشْتَدَّ بأحر مِنْهُ وَفِي قَوْله {يصب من فَوق رؤوسهم الْحَمِيم} قَالَ: النّحاس يذاب على رؤوسهم وَفِي قَوْله {يصهر بِهِ مَا فِي بطونهم} قَالَ: تسيل أمعاؤهم والجلود قَالَ: تتناثر جُلُودهمْ حَتَّى يقوم كل عُضْو بحياله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ أَنه قَرَأَ قَوْله {قطعت لَهُم ثِيَاب من نَار} قَالَ: سُبْحَانَ من قطع من النَّار ثيابًا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كسي أهل النَّار والعري كَانَ خيرا لَهُم وأعطوا الْحَيَاة وَالْمَوْت كَانَ خيرا لَهُم وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَنه تَلا هَذِه الْآيَة فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الْحَمِيم ليصب على رؤوسهم فَينفذ الجمجمة حَتَّى يخلص إِلَى جَوْفه فيسلت مَا فِي جَوْفه حَتَّى يَمْرُق من قدمه وَهُوَ الصهر ثمَّ يُعَاد كَمَا كَانَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: يَأْتِيهِ الْملك يحمل الْإِنَاء بكليتين من حرارته فَإِذا أدناه من وَجهه يكرههُ فيرفع مقمعَة مَعَه فَيضْرب بهَا رَأسه فيفذغ دماغه ثمَّ يفرغ الْإِنَاء من دماغه فيصل إِلَى جَوْفه من دماغه فَذَلِك قَوْله {يصهر بِهِ مَا فِي بطونهم والجلود} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سعيد ابْن جُبَير قَالَ: إِذا جَاءَ أهل النَّار فِي النَّار اسْتَغَاثُوا بشجرة الزقوم فَأَكَلُوا مِنْهَا فاختنست جُلُود وُجُوههم فَلَو أَن ماراً يمر بهم يعرفهُمْ لعرف جُلُود وُجُوههم بهَا ثمَّ يصب عَلَيْهِم الْعَطش فَيَسْتَغِيثُونَ فَيُغَاثُونَ بِمَاء كَالْمهْلِ وَهُوَ الَّذِي قد سَقَطت عَنهُ الْجُلُود و {يصهر بِهِ مَا فِي بطونهم} يَمْشُونَ وأمعاؤهم تساقط وجلودهم ثمَّ يضْربُونَ بمقامع من حَدِيد فَيسْقط كل عُضْو على حياله يدعونَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يصهر بِهِ مَا فِي بطونهم والجلود} قَالَ: يَمْشُونَ وأمعاؤهم تساقط وجلودهم وَفِي قَوْله {وَلَهُم مَقَامِع من حَدِيد} قَالَ: يضْربُونَ بهَا فَيَقَع كل عُضْو على حياله

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي والطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {يصهر} قَالَ: يذاب {مَا فِي بطونهم} إِذا شربوا الْحَمِيم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: سخنت صهارته فظل عثانه فِي شيطل كَعْب بِهِ تَتَرَدَّد وظل مرتثياً للشمس تصهره حَتَّى اذا لشمس قَامَت جانباً عدلا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يصهر بِهِ مَا فِي بطونهم والجلود} قَالَ: يسقون مَاء إِذا دخل بطونهم أذابها والجلود مَعَ الْبُطُون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يصهر بِهِ مَا فِي بطونهم} قَالَ: يذاب إذابة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة {يصهر بِهِ} قَالَ: يذاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله {يصهر بِهِ} قَالَ: يذاب كَمَا يذاب الشَّحْم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَلَهُم مَقَامِع} قَالَ: مطارق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: كَانَ عمر يَقُول: أَكْثرُوا ذكر النَّار فَإِن حرهَا شَدِيد وَإِن قعرها بعيد وَإِن مقامعها حَدِيد وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن مِقْمَعًا من حَدِيد وضع فِي الأَرْض فَاجْتمع الثَّقَلَان مَا أَقلوهُ فِي الأَرْض وَلَو ضرب الْجَبَل بمقمع من حَدِيد لتفتت ثمَّ عَاد كَمَا كَانَ وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سلمَان قَالَ: النَّار سَوْدَاء مظْلمَة لَا يضيء لهبا وَلَا جمرها ثمَّ قَرَأَ {كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا من غم أعيدوا فِيهَا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر الْقَارِي أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا من غم}

فَبكى وَقَالَ: أَخْبرنِي زيد بن أسلم فِي هَذِه الْآيَة ان أهل النَّار فِي النَّار لَا يتنفسون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الفضيل بن عِيَاض فِي الْآيَة قَالَ: وَالله مَا طمعوا فِي الْخُرُوج لِأَن الأرجل مُقَيّدَة وَالْأَيْدِي موثقة وَلَكِن يرفعهم لهبا وتردهم مقامعها وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة وَمن شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا لم يشربه فِي الْآخِرَة وَمن شرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة لم يشرب فِي الْآخِرَة ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِبَاس أهل الْجنَّة وشراب أهل الْجنَّة وآنية أهل الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن الزبير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة قَالَ ابْن الزبير من قبل نَفسه: وَمن لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة لم يدْخل الْجنَّة لِأَن الله تَعَالَى قَالَ: {ولباسهم فِيهَا حَرِير} وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة وَإِن دخل الْجنَّة لبسه أهل الْجنَّة وَلم يلْبسهُ

24

- قَوْله تَعَالَى: وهدوا إِلَى الطّيب من القَوْل وهدوا إِلَى صِرَاط الحميد إِن الَّذين كفرُوا ويصدون عَن سَبِيل الله وَالْمَسْجِد الْحَرَام الَّذِي جَعَلْنَاهُ للنَّاس سَوَاء العاكف فِيهِ والباد وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم نذقه من عَذَاب أَلِيم وَإِذ بوأنا لإِبراهيم مَكَان الْبَيْت أَن لَا تشرك بِي شَيْئا وطهر بَيْتِي للطائفين والقائمين والركع السُّجُود وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ يأتوك رجَالًا وعَلى كل ضامر يَأْتِين من كل فج عميق ليشهدوا مَنَافِع

لَهُم ويذكروا اسْم الله فِي أَيَّام مَعْلُومَات على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا البائس الْفَقِير أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وهدوا إِلَى الطّيب} قَالَ: ألهموا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وهدوا إِلَى الطّيب من القَوْل} قَالَ: فِي الْخُصُومَة إِذْ قَالُوا: الله مَوْلَانَا وَلَا مولى لكم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد {وهدوا إِلَى الطّيب من القَوْل} قَالَ: الْقُرْآن {وهدوا إِلَى صِرَاط الحميد} قَالَ: الْإِسْلَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وهدوا إِلَى الطّيب من القَوْل} قَالَ: الْإِخْلَاص {وهدوا إِلَى صِرَاط الحميد} قَالَ: الإِسلام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وهدوا إِلَى الطّيب من القَوْل} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الَّذِي قَالَ (إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب) وَأخرج عبد حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْحرم كُله هُوَ الْمَسْجِد الْحَرَام وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} قَالَ: خلق الله فِيهِ سَوَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سَوَاء} يَعْنِي شرعا وَاحِدًا {العاكف فِيهِ} قَالَ: أهل مَكَّة فِي مَكَّة أَيَّام الْحَج {والباد} قَالَ: من كَانَ فِي غير أَهلهَا من يعْتَكف بِهِ من الْآفَاق قَالَ: هم فِي منَازِل مَكَّة سَوَاء فَيَنْبَغِي لأهل مَكَّة أَن يوسعوا لَهُم حَتَّى يقضوا مناسكهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ البادي وَأهل مَكَّة سَوَاء فِي الْمنزل وَالْحرم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد وَعَطَاء {سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} قَالَ: سَوَاء فِي تَعْظِيم الْبَلَد وتحريمه وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: {سَوَاء} فِي جواره وأمنه وحرمته {العاكف فِيهِ} أهل مَكَّة {والباد} من يعتكفه من أهل الْآفَاق وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن حُصَيْن قَالَ: سَأَلت سعيد بن جُبَير: أعتكف بِمَكَّة قَالَ: لَا أَنْت معتكف مَا أَقمت قَالَ الله {سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: النَّاس بِمَكَّة سَوَاء لَيْسَ أحد أَحَق بالمنازل من أحد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: من أَخذ من أجور بيُوت مَكَّة إِنَّمَا يَأْكُل فِي بَطْنه نَارا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عَطاء أَنه كَانَ يكره أَن تبَاع بيُوت مَكَّة أَو تكرى وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يكره إِجَارَة بيُوت مَكَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر أَن عمر نهى أَن تغلق أَبْوَاب دور مَكَّة فَإِن النَّاس كَانُوا ينزلون مِنْهَا حَيْثُ وجدوا حَتَّى كَانُوا يضْربُونَ فساطيطهم فِي الدّور وَأخرج ابْن سعد عَن عمر بن الْخطاب أَن رجلا قَالَ لَهُ عِنْد الْمَرْوَة: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أقطعني مَكَانا لي ولعقبي فَأَعْرض عَنهُ عمر وَقَالَ: هُوَ حرم الله {سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: بيُوت مَكَّة لَا تحل إِجَارَتهَا وَأخرج ابْن أبي شية عَن ابْن جريج قَالَ: أَنا قَرَأت كتاب عمر بن عبد الْعَزِيز على النَّاس بِمَكَّة فنهاهم عَن كِرَاء بيُوت مَكَّة ودورها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْقَاسِم قَالَ: من أكل شَيْئا من كِرَاء مَكَّة فَإِنَّمَا يَأْكُل نَارا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: كَانَ عمر يمْنَع أهل مَكَّة أَن يجْعَلُوا لَهَا أبواباً حَتَّى ينزل الْحَاج فِي عرصات الدّور

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَعْفَر عَن أَبِيه قَالَ: لم يكن للدور بِمَكَّة أَبْوَاب كَانَ أهل مصر وَأهل الْعرَاق يأْتونَ فَيدْخلُونَ دور مَكَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سابط فِي قَوْله {سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} قَالَ: البادي الَّذِي يَجِيء من الْحَج والمقيمون سَوَاء فِي الْمنَازل ينزلون حَيْثُ شاؤوا وَلَا يخرج رجل من بَيته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله تَعَالَى {سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} قَالَ: سَوَاء الْمُقِيم وَالَّذِي يرحل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سَوَاء العاكف فِيهِ والباد} قَالَ: ينزل أهل مَكَّة وَغَيرهم فِي الْمَسْجِد الْحَرَام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَكَّة مُبَاحَة لَا تؤجر بيوتها وَلَا تبَاع رباعها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة عَن عَلْقَمَة بن نَضْلَة قَالَ: توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر وَمَا تدعى رباع مَكَّة إِلَّا السوائب من احْتَاجَ سكن وَمن اسْتغنى أسكن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عمر أَنه قَالَ: يَا أهل مَكَّة لَا تَتَّخِذُوا لدوركم أبواباً لينزل البادي حَيْثُ شَاءَ وَأخرج الدَّارقطني عَن ابْن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أكل كِرَاء بيُوت مَكَّة أكل نَارا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن رَاهَوَيْه وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَفعه فِي قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم} قَالَ: لَو أَن رجلا هم فِيهِ بإلحاد وَهُوَ بعدن أبين لأذاقه الله تَعَالَى عذَابا أَلِيمًا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم نذقه من عَذَاب أَلِيم} قَالَ: من هم بخطيئة فَلم يعملها فِي سوى الْبَيْت لم تكْتب عَلَيْهِ حَتَّى يعملها وَمن هم بخطيئة فِي الْبَيْت لم يمته الله من الدُّنْيَا حَتَّى يذيقه من عَذَاب أَلِيم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي عبد الله بن أنيس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه مَعَ رجلَيْنِ: أَحدهمَا مُهَاجِرِي وَالْآخر من الْأَنْصَار فافتخروا فِي الْأَنْسَاب فَغَضب عبد الله بن أنيس فَقتل الْأنْصَارِيّ ثمَّ ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام وهرب إِلَى مَكَّة فَنزلت فِيهِ {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم نذقه من عَذَاب أَلِيم} يَعْنِي من لَجأ إِلَى الْحرم {بإلحاد} يَعْنِي بميل عَن الْإِسْلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد} قَالَ: من لَجأ إِلَى الْحرم ليشرك فِيهِ عذبه الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم} قَالَ: بشرك وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم} قَالَ: هُوَ أَن يعبد فِيهِ غير الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم} يَعْنِي أَن تستحل من الْحَرَام مَا حرم الله عَلَيْك من لِسَان أَو قتل فتظلم من لَا يظلمك وَتقتل من لَا يقتلك فَإِذا فعل ذَلِك فقد وَجب لَهُ عَذَاب أَلِيم وَأخرج ابْن جرير عَن حبيب بن أبي ثَابت فِي قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم} قَالَ: هم المحتكرون الطَّعَام بِمَكَّة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن يعلى بن أُميَّة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: احتكار الطَّعَام فِي الْحرم إلحاد فِيهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: احتكار الطَّعَام بِمَكَّة إلحاد بظُلْم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: بيع الطَّعَام بِمَكَّة إلحاد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: احتكار الطَّعَام بِمَكَّة إلحاد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ لعبد الله بن عَمْرو

فُسْطَاطَانِ: أَحدهمَا فِي الْحل وَالْآخر فِي الْحرم فَإِذا أَرَادَ أَن يُصَلِّي صلى فِي الَّذِي فِي الْحرم واذا أَرَادَ أَن يُعَاتب أَهله عَاتَبَهُمْ فِي الَّذِي فِي الْحل فَقيل لَهُ فَقَالَ: كُنَّا نحدَّث أَن من الْإِلْحَاد فِيهِ أَن يَقُول الرجل: كلا وَالله وبلى وَالله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: شتم الْخَادِم فِي الْحرم ظلم فَمَا فَوْقه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تِجَارَة الْأَمِير بِمَكَّة إلحاد وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أقبل تبع بريد الْكَعْبَة حَتَّى إِذا كَانَ بكراع الغميم بعث الله تَعَالَى عَلَيْهِ ريحًا لَا يكَاد الْقَائِم يقوم إِلَّا بِمَشَقَّة وَيذْهب الْقَائِم يقْعد فيصرع وَقَامَت عَلَيْهِ ولقوا مِنْهَا عناء ودعا تبع حبريه فَسَأَلَهُمَا: مَا هَذَا الَّذِي بعث عليّ قَالَا: أوتؤمنا قَالَ: أَنْتُم آمنون قَالَا: فَإنَّك تُرِيدُ بَيْتا يمنعهُ الله مِمَّن أَرَادَهُ قَالَ: فَمَا يذهب هَذَا عني قَالَا: تجرد فِي ثَوْبَيْنِ ثمَّ تَقول: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك ثمَّ تدخل فَتَطُوف بِهِ فَلَا تهيج أحدا من أَهله قَالَ: فَإِن أَجمعت على هَذَا ذهبت هَذِه الرّيح عني قَالَا نعم فتجرد ثمَّ لبّى فأدبرت الرّيح كَقطع اللَّيْل المظلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم نذقه من عَذَاب أَلِيم} قَالَ: حَدثنَا شيخ من عقب الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار أَنهم أَخْبرُوهُ أَن أَيّمَا أحد أَرَادَ بِهِ مَا أَرَادَ أَصْحَاب الْفِيل عجل لَهُم الْعقُوبَة فِي الدُّنْيَا وَقَالَ: إِنَّمَا يُؤْتِي استحلاله من قبل أَهله فَأَخْبرنِي عَنْهُم أَنه وجد سطران بِمَكَّة مكتوبان فِي الْمقَام: أما أَحدهمَا فَكَانَ كِتَابَته: بِسم الله وَالْبركَة وضعت بَيْتِي بِمَكَّة طَعَام أَهله اللَّحْم وَالسمن وَالتَّمْر وَمن دخله كَانَ آمنا لَا يحله إِلَّا أَهله قَالَ: لَوْلَا أَن أَهله هم الَّذين فعلوا بِهِ مَا قد علمت لعجل لَهُم فِي الدُّنْيَا الْعَذَاب قَالَ: ثمَّ أَخْبرنِي أَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قبل أَن يسْتَحل مِنْهُ الَّذِي يسْتَحل قَالَ: أجد مَكْتُوبًا فِي الْكتاب الأول: عبد الله يسْتَحل بِهِ الْحرم وَعِنْده عبد الله بن عَمْرو بن الْخطاب وَعبد الله بن الزبير فَقَالَ: عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعبد الله بن عمر بن الْخطاب قَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا: لست قاراً بِهِ إِلَّا حَاجا أَو مُعْتَمِرًا أَو حَاجَة لَا بُد مِنْهَا وَسكت عبد الله بن الزبير فَلم يقل شَيْئا فاستحل من بعد ذَلِك

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من هم بسيئة لم تكْتب عَلَيْهِ حَتَّى يعملها وَلَو أَن رجلا كَانَ بعدن أبين حدث نَفسه بِأَن يلْحد فِي الْبَيْت والإلحاد فِيهِ: أَن يسْتَحل فِيهِ مَا حرم الله عَلَيْهِ فَمَاتَ قبل أَن يصل إِلَى ذَلِك أذاقه الله من عَذَاب أَلِيم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد} قَالَ: ان الرجل ليهم بالخطيئة بِمَكَّة وَهُوَ بِأَرْض أُخْرَى فتكتب عَلَيْهِ وَمَا عَملهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: تضَاعف السَّيِّئَات بِمَكَّة كَمَا تضَاعف الْحَسَنَات وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن أبي رَبَاح {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم} قَالَ: الْقَتْل والشرك وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن أبي مليكَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {وَمن يرد فِيهِ بإلحاد بظُلْم} قَالَ: مَا كُنَّا نشك أَنَّهَا الذُّنُوب حَتَّى جَاءَ إعلاج من أهل الْبَصْرَة إِلَى إعلاج من أهل الْكُوفَة فزعموا أَنَّهَا الشّرك وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: مَا من عبد يهم بذنب فيؤاخذه الله بِشَيْء حَتَّى يعمله إِلَّا من هم بِالْبَيْتِ الْعَتِيق شِرَاء فَإِنَّهُ من هم بِهِ شرا عجل الله لَهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْحجَّاج فِي الْآيَة قَالَ: إِن الرجل يحدث نَفسه أَن يعْمل ذَنبا بِمَكَّة فيكتبه الله عَلَيْهِ ذَنبا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: رَأَيْت عبد الله بن عَمْرو بِعَرَفَة ومنزله فِي الْحل ومسجده فِي الْحرم فَقلت لَهُ: لم تفعل هَذَا قَالَ: لِأَن الْعَمَل فِيهِ أفضل والخطيئة فِيهِ أعظم وَالله أعلم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي بِسَنَد ضَعِيف عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دثر مَكَان الْبَيْت فَلم يحجه هود وَلَا صَالح حَتَّى بوأه الله لإِبْرَاهِيم وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق حَارِثَة بن مضرب عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لما أَمر إِبْرَاهِيم بِبِنَاء الْبَيْت خرج مَعَه إِسْمَاعِيل وَهَاجَر فَلَمَّا قدم مَكَّة رأى على رَأسه فِي مَوضِع الْبَيْت مثل الغمامة فِيهِ مثل الرَّأْس فَكَلمهُ فَقَالَ: يَا

إِبْرَاهِيم ابْن على ظِلِّي أَو على قدري وَلَا تزد وَلَا تنقص فَلَمَّا بنى خرج وَخلف إِسْمَاعِيل وَهَاجَر وَذَلِكَ حِين يَقُول الله {وَإِذ بوأنا لإِبراهيم مَكَان الْبَيْت} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن أبي ريَاح قَالَ: لما أهبط الله آدم كَانَ رِجْلَاهُ فِي الأَرْض وَرَأسه فِي السَّمَاء فَيسمع كَلَام أهل السَّمَاء ودعاءهم فيأنس إِلَيْهِم فهابت الْمَلَائِكَة مِنْهُ حَتَّى شكت إِلَى الله فِي دعائها وَفِي صلَاتهَا فأخفضه الله إِلَى الأَرْض فَلَمَّا فقد مَا كَانَ يسمع مِنْهُم استوحش حَتَّى شكا إِلَى الله فِي دُعَائِهِ وَفِي صلَاته فَوجه إِلَى مَكَّة فَكَانَ مَوضِع قدمه قَرْيَة وخطوة مفازة حَتَّى انْتهى إِلَى مَكَّة فَأنْزل الله ياقوتة من ياقوت الْجنَّة فَكَانَت على مَوضِع الْبَيْت الْآن فَلم يزل يُطَاف بِهِ حَتَّى أنزل الله الطوفان فَرفعت تِلْكَ الياقوتة حَتَّى بعث الله إِبْرَاهِيم فبناه فَذَلِك قَول الله {وَإِذ بوأنا لإِبراهيم مَكَان الْبَيْت} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة قَالَ: وضع الله الْبَيْت مَعَ آدم حِين أهبط الله آدم إِلَى الأَرْض وَكَانَ مهبطه بِأَرْض الْهِنْد وَكَانَ رَأسه فِي السَّمَاء وَرجلَاهُ فِي الأَرْض وَكَانَت الْمَلَائِكَة تهابه فنقص إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعا فَحزن آدم إِذْ فقد أصوات الْمَلَائِكَة وتسبيحهم فَشَكا ذَلِك إِلَى الله فَقَالَ الله: يَا آدم إِنِّي قد أهبطت لَك بَيْتا يُطَاف بِهِ كَمَا يُطَاف حول عَرْشِي وَيصلى عِنْده كَمَا يصلى عِنْد عَرْشِي فَاخْرُج إِلَيْهِ فَخرج اليه آدم ومدّ لَهُ فِي خطوه فَكَانَ بَين كل خطوتين مفازة فَلم تزل تِلْكَ المفاوز بعد على ذَلِك وأتى آدم فَطَافَ بِهِ وَمن بعده من الْأَنْبِيَاء قَالَ معمر: وَأَخْبرنِي أبان أَن الْبَيْت أهبط ياقوتة وَاحِدَة أَو درة وَاحِدَة قَالَ معمر: وَبَلغنِي أَن سفينة نوح طافت بِالْبَيْتِ سبعا حَتَّى إِذا أغرق الله قوم نوح فقدوا بَقِي أساسه فبوّأه الله لإِبراهيم فبناه بعد ذَلِك فَذَلِك قَول الله {وَإِذ بوأنا لإِبراهيم مَكَان الْبَيْت} قَالَ معمر: قَالَ ابْن جريج: قَالَ نَاس: أرسل الله سُبْحَانَهُ سحابه فِيهَا رَأس فَقَالَ الرَّأْس: يَا ابرهيم إِن رَبك يَأْمُرك أَن تَأْخُذ قدر هَذِه السحابة فَجعل ينظر إِلَيْهَا ويخط قدرهَا قَالَ الرَّأْس: قد فعلت قَالَ: نعم ثمَّ ارْتَفَعت فحفر فأبرز عَن أساس ثَابت فِي الأَرْض قَالَ ابْن جريج: قَالَ مُجَاهِد: أقبل الْملك والصرد والسكينة مَعَ إِبْرَاهِيم من الشَّام فَقَالَت السكينَة:

يَا إِبْرَاهِيم ريض على الْبَيْت قَالَ: فَلذَلِك لَا يطوف الْبَيْت أَعْرَابِي وَلَا ملك من هَذِه الْمُلُوك إِلَّا رَأَيْت عَلَيْهِ السكينَة وَالْوَقار قَالَ ابْن جريج: وَقَالَ ابْن الْمسيب: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب: وَكَانَ الله استودع الرُّكْن أَبَا قبيس فَلَمَّا بنى إِبْرَاهِيم ناداه أَبُو قبيس فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيم هَذَا الرُّكْن فيّ فخده فحفر عَنهُ فَوَضعه فَلَمَّا فرغ إِبْرَاهِيم من بنائِهِ قَالَ: قد فعلت يَا رب فأرنا مناسكنا أبرزها لنا وعلمناها فَبعث الله جِبْرِيل فحج بِهِ حَتَّى إِذا رأى عَرَفَة قَالَ: قد عرفت وَكَانَ أَتَاهَا قبل ذَلِك مرّة قَالَ: فَلذَلِك سميت عَرَفَة حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم النَّحْر عرض لَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: احصب فَحَصَبه بِسبع حَصَيَات ثمَّ الْيَوْم الثَّانِي فالثالث فسدّ مَا بَين الجبلين - يَعْنِي إِبْلِيس - فَلذَلِك كَانَ رمي الْجمار قَالَ: اعْل على ثبير فعلاه فَنَادَى: يَا عباد الله أجِيبُوا الله يَا عباد الله أطِيعُوا الله فَسمع دَعوته من بَين الأبحر السَّبع مِمَّن كَانَ فِي قلبه مِثْقَال ذرة من الْإِيمَان فَهِيَ الَّتِي أعْطى الله إِبْرَاهِيم فِي الْمَنَاسِك قَوْله: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك وَلم يزل على وَجه الأَرْض سَبْعَة مُسلمُونَ فَصَاعِدا فلولا ذَلِك هَلَكت الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: كَانَ الْبَيْت غثاة - وَهِي المَاء - قبل أَن يخلق الله الأَرْض بِأَرْبَعِينَ عَاما وَمِنْه دحيت الأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن السّديّ قَالَ: إِن الله عزَّ وجلَّ أَمر إِبْرَاهِيم أَن يَبْنِي الْبَيْت هُوَ وَإِسْمَاعِيل فَانْطَلق إِبْرَاهِيم حَتَّى أَتَى مَكَّة فَقَامَ هُوَ وَإِسْمَاعِيل وَأخذ المعاول لَا يدريان أَيْن الْبَيْت فَبعث الله ريحًا يُقَال لَهَا ريح الخجوج لَهَا جَنَاحَانِ وَرَأس فِي صُورَة حَيَّة فكنست لَهما مَا حول الْكَعْبَة من الْبَيْت الأول واتبعاها بالمعاول يحفران حَتَّى وضعا الأساس فَذَلِك حِين يَقُول الله {وَإِذ بوأنا لإِبراهيم مَكَان الْبَيْت} فَلَمَّا بنيا الْقَوَاعِد فَبلغ مَكَان الرُّكْن قَالَ إِبْرَاهِيم لإسماعيل: اطلب لي حجرا حسنا أَضَعهُ هَهُنَا قَالَ: يَا أَبَت اني كسلان لغب قَالَ: عليّ ذَلِك فَانْطَلق يطْلب لَهُ حجرا فَأَتَاهُ بِحجر فَلم يرضه فَقَالَ: ائْتِنِي بِحجر أحسن من هَذَا فَانْطَلق يطْلب لَهُ حجرا فَجَاءَهُ جِبْرِيل بِالْحجرِ الْأسود من الْجنَّة وَكَانَ أَبيض ياقوتة بَيْضَاء مثل الثغامة وَكَانَ آدم هَبَط بِهِ من الْجنَّة فاسوّد من خَطَايَا النَّاس فَجَاءَهُ إِسْمَاعِيل بِحجر فَوجدَ عِنْده الرُّكْن فَقَالَ: يَا أَبَت من

جَاءَك بِهَذَا قَالَ: جَاءَنِي بِهِ من هُوَ أنشط مِنْك فَبَيْنَمَا هما يدعوان بالكلمات الَّتِي ابتلى بهَا إِبْرَاهِيم ربه فَلَمَّا فرغا من الْبُنيان أمره الله أَن يُنَادي فَقَالَ {وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حَوْشَب بن عقيل قَالَ: سَأَلت مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر: مَتى كَانَ الْبَيْت قَالَ: خلقت الْأَشْهر لَهُ قلت: كم كَانَ طول بِنَاء إِبْرَاهِيم قَالَ: ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا قلت: كم هُوَ الْيَوْم قَالَ: سِتَّة وَعِشْرُونَ ذِرَاعا: قلت: هَل بَقِي من حِجَارَة بِنَاء إِبْرَاهِيم شَيْء قَالَ: حشي بِهِ الْبَيْت إِلَّا حجرين مِمَّا يليا الْحجر وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ الله لنَبيه {وطهر بَيْتِي للطائفين والقائمين والركع السُّجُود} قَالَ: طواف قبل الصَّلَاة وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطّواف بِالْبَيْتِ بِمَنْزِلَة الصَّلَاة إِلَّا أَن الله قد أحل فِيهِ الْمنطق فَمن نطق فَلَا ينْطق إِلَّا بِخَير وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {للطائفين} قَالَ: الَّذين يطوفون بِهِ {والقائمين} قَالَ: الْمُصَلِّين عِنْده وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: القائمون المصلون وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن منيع وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما فرغ إِبْرَاهِيم من بِنَاء الْبَيْت قَالَ: ربّ قد فرغت فَقَالَ {وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ} قَالَ: ربّ وَمَا يبلغ صوتي قَالَ: أذّن وعليّ الْبَلَاغ قَالَ: ربّ كَيفَ أَقُول قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس كتب عَلَيْكُم الْحَج إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق فَسَمعهُ من بَين السَّمَاء وَالْأَرْض أَلا ترى أَنهم يجيئون من أقْصَى الأَرْض يلبون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بنى إِبْرَاهِيم الْبَيْت أوحى الله إِلَيْهِ أَن أذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ فَقَالَ: أَلا إِن ربكُم قد اتخذ بَيْتا وأمركم أَن تحجوه فَاسْتَجَاب لَهُ ماسمعه من حجر أَو شجر أَو أكمة أَو تُرَاب أَو شَيْء فَقَالُوا: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أَمر الله إِبْرَاهِيم أَن يُنَادي فِي النَّاس بِالْحَجِّ صعد أَبَا قبيس فَوضع أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ ثمَّ نَادَى: إِن الله كتب

عَلَيْكُم الْحَج فأجيبوا ربكُم فَأَجَابُوهُ بِالتَّلْبِيَةِ فِي أصلاب الرِّجَال وأرحام النِّسَاء وَأول من أَجَابَهُ أهل الْيمن فَلَيْسَ حَاج من يَوْمئِذٍ إِلَى أَن تقوم السَّاعَة إِلَّا من كَانَ أجَاب إِبْرَاهِيم يَوْمئِذٍ وَأخرج الديلمي بسندٍ واهٍ عَن عَليّ رَفعه: لما نَادَى إِبْرَاهِيم بِالْحَجِّ لبّى الْخلق فَمن لبّى تَلْبِيَة وَاحِدَة حج وَاحِدَة وَمن لبّى مرَّتَيْنِ حج حجَّتَيْنِ وَمن زَاد فبحساب ذَلِك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ} قَالَ: قَامَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام على الْحجر فَنَادَى: يَا أَيهَا النَّاس كتب عَلَيْكُم الْحَج فَأَسْمع من فِي أصلاب الرِّجَال وأرحام النِّسَاء فَأجَاب من آمن مِمَّن سبق فِي علم الله أَن يحجّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ} قَالَ: وقرت فِي كل ذكر وَأُنْثَى وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما فرغ إِبْرَاهِيم من بِنَاء الْبَيْت أوحى الله إِلَيْهِ أَن {وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ} فَخرج فَنَادَى فِي النَّاس: يَا أَيهَا النَّاس إِن ربكُم قد اتخذ بَيْتا فحجوه فَلم يسمعهُ حِينَئِذٍ من إنس وَلَا جن وَلَا شَجَرَة وَلَا أكمة وَلَا تُرَاب وَلَا جبل وَلَا مَاء وَلَا شَيْء إِلَّا قَالَ: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب الْأَذَان عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أَخذ الْأَذَان من أَذَان إِبْرَاهِيم فِي الْحَج {وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ} قَالَ: فَأذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: لما أَمر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام بِدُعَاء النَّاس إِلَى الله اسْتقْبل الْمشرق فَدَعَا ثمَّ اسْتقْبل الْمغرب فَدَعَا ثمَّ اسْتقْبل الشَّام فَدَعَا ثمَّ اسْتقْبل الْيمن فَدَعَا فَأُجِيب: لبيْك لبيْك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة أَن الله أوحى إِلَى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أَن {وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ} فَقَامَ على الْحجر فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله يَأْمُركُمْ بِالْحَجِّ فَأَجَابَهُ من كَانَ مخلوقاً فِي الأَرْض يَوْمئِذٍ وَمن كَانَ فِي أَرْحَام النِّسَاء وَمن كَانَ فِي أصلاب الرِّجَال وَمن كَانَ فِي البحور فَقَالُوا: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ جِبْرِيل لإِبْرَاهِيم {وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ} قَالَ: كَيفَ أؤذن قَالَ: قل يَا أَيهَا النَّاس أجِيبُوا إِلَى ربكُم ثَلَاث مَرَّات فَأجَاب الْعباد فَقَالُوا: لبيْك اللَّهُمَّ رَبنَا لبيْك لبيْك اللَّهُمَّ رَبنَا لبيْك فَمن أجَاب إِبْرَاهِيم يَوْمئِذٍ من الْخلق فَهُوَ حَاج وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: لما فرغ إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل من بِنَاء الْبَيْت أَمر إِبْرَاهِيم أَن يُؤذن بِالْحَجِّ فَقَامَ على الصَّفَا فَنَادَى بِصَوْت سَمعه مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب يَا أَيهَا النَّاس أجِيبُوا إِلَى ربكُم فَأَجَابُوهُ وهم فِي أصلاب آبَائِهِم فَقَالُوا: لبيْك قَالَ: فَإِنَّمَا يحجّ الْبَيْت الْيَوْم من أجَاب إِبْرَاهِيم يَوْمئِذٍ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: لما أذن إِبْرَاهِيم بِالْحَجِّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أجِيبُوا ربكُم فلبى كل رطب ويابس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد قَالَ: لما أَمر إِبْرَاهِيم أَن يُؤذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ قَامَ على الْمقَام فَنَادَى بِصَوْت أسمع من بَين الْمشرق وَالْمغْرب: يَا أَيهَا النَّاس أجِيبُوا ربكُم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم: كَيفَ أَقُول قَالَ: قل يَا أَيهَا النَّاس أجِيبُوا ربكُم فَمَا خلق الله من جبل وَلَا شجر ولاشيء من المطيعين لَهُ إِلَّا يُنَادي: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك فَصَارَت التَّلْبِيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيم: كَيفَ أَقُول قَالَ: قل يَا أَيهَا النَّاس أجِيبُوا ربكُم فَمَا خلق الله من جبل وَلَا شجر وَلَا شَيْء من المطيعين لَهُ إِلَّا يُنَادي: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك فَصَارَت التَّلْبِيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: تطاول بِهِ الْمقَام حَتَّى كَانَ كأطول جبل فِي الأَرْض فَأذن فيهم بِالْحَجِّ فَأَسْمع من تَحت البحور السَّبع وَقَالُوا: لبيْك أَطعْنَا لبيْك أجبنا فَكل من حج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مِمَّن اسْتَجَابَ لَهُ يَوْمئِذٍ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: قيل لإِبْرَاهِيم {وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ} قَالَ: يَا رب كَيفَ أَقُول قَالَ: قل لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك فَكَانَ إِبْرَاهِيم أول من لبّى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما أَمر إِبْرَاهِيم بِالْحَجِّ قَامَ على الْمقَام فَنَادَى نِدَاء سَمعه جَمِيع أهل الأَرْض: أَلا إِن ربكُم قد وضع بَيْتا وأمركم أَن تحجوه فَجعل الله فِي أثر قَدَمَيْهِ آيَة فِي الصَّخْرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء قَالَ: صعد إِبْرَاهِيم على الصَّفَا

فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أجِيبُوا ربكُم فَأَسْمع من كَانَ حَيا فِي أصلاب الرِّجَال وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أجَاب إِبْرَاهِيم كل جنّي وإنسي وكل شجر وَحجر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أَمر إِبْرَاهِيم أَن يُؤذن فِي النَّاس تواضعت لَهُ الْجبَال وَرفعت لَهُ الأَرْض فَقَامَ فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أجِيبُوا ربكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صعد إِبْرَاهِيم أَبَا قبيس فَقَالَ: الله أكبر الله أكبر أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن إِبْرَاهِيم رَسُول الله أَيهَا النَّاس إِن الله أَمرنِي أَن أنادي فِي النَّاس بِالْحَجِّ أَيهَا النَّاس أجِيبُوا ربكُم فَأَجَابَهُ من أَخذ الله مثاقه بِالْحَجِّ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأذن فِي النَّاس بِالْحَجِّ} يَعْنِي بِالنَّاسِ أهل الْقبْلَة ألم تسمع أَنه قَالَ (إِن أول بَيت وضع للنَّاس ) إِلَى قَوْله (وَمن دخله كَانَ آمنا) (آل عمرَان آيَة 96) يَقُول: وَمن دخله من النَّاس الَّذين أَمر أَن يُؤذن فيهم وَكتب عَلَيْهِم الْحَج وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {يأتوك رجَالًا} قَالَ: مشَاة {وعَلى كل ضامر} قَالَ: الْإِبِل {يَأْتِين من كل فج عميق} قَالَ: بعيد وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: مَا آسى على شَيْء إِلَّا أَنِّي لم أكن حججْت رَاجِلا لِأَنِّي سَمِعت الله يَقُول {يأتوك رجَالًا وعَلى كل ضامر} وَهَكَذَا كَانَ يقرأوها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا آسى على شَيْء فَاتَنِي إِلَّا أَنِّي لم أحج مَاشِيا حَتَّى أدركني الْكبر أسمع الله تَعَالَى يَقُول {يأتوك رجَالًا وعَلى كل ضامر} فَبَدَأَ بِالرِّجَالِ قبل الركْبَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُجَاهِد أَن إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل حجا وهما ماشيان

وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من حج من مَكَّة مَاشِيا حَتَّى يرجع إِلَى مَكَّة كتب الله لَهُ بِكُل خطْوَة سَبْعمِائة حَسَنَة من حَسَنَات الْحرم قيل: وَمَا حَسَنَات الْحرم قَالَ: بِكُل حَسَنَة مائَة ألف حَسَنَة وَأخرج ابْن سعد وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن للْحَاج الرَّاكِب بِكُل خطْوَة تخطوها رَاحِلَته سبعين حَسَنَة وللماشي بِكُل قدم سَبْعمِائة حَسَنَة من حَسَنَات الْحرم قيل: يَا رَسُول الله وَمَا حَسَنَات الْحرم قَالَ: الْحَسَنَة مائَة ألف حَسَنَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طان الْمَلَائِكَة لتصافح ركاب الْحجَّاج وتعتنق المشاة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يأتوك رجَالًا} قَالَ: على أَرجُلهم {وعَلى كل ضامر} قَالَ: الْإِبِل {يَأْتِين من كل فج عميق} يَعْنِي مَكَان بعيد وَأخرج ابْن جرير وَعبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يحجون وَلَا يتزوّدون فَأنْزل الله (وتزودوا) (الْبَقَرَة آيَة 197) وَكَانُوا يحجون وَلَا يركبون فَأنْزل الله {يأتوك رجَالًا وعَلى كل ضامر} فَأَمرهمْ بالزاد وَرخّص لَهُم فِي الرّكُوب والمتجر وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {من كل فج عميق} قَالَ: طَرِيق بعيد قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: فَسَارُوا العناء وسدوا الفجاج بأجساد عادلها آيدات وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يأتوك رجَالًا وعَلى كل ضامر} قَالَ: هم المشاة والركبان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وعَلى كل ضامر} قَالَ: مَا تبلغه الْمطِي حَتَّى تضمر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من كل فج عميق} قَالَ: طَرِيق بعيد

وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ {من كل فج عميق} قَالَ: مَكَان بعيد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: لَقِي عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ركباً يُرِيدُونَ الْبَيْت فَقَالَ: من أَنْتُم فَأَجَابَهُ أحدثهم سنا فَقَالَ: عباد الله الْمُسلمُونَ فَقَالَ: من أَيْن جئْتُمْ قَالَ: من الْفَج العميق قَالَ: أَيْن تُرِيدُونَ قَالَ: الْبَيْت الْعَتِيق فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: تأوّلها لعمر الله فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: من أميركم فَأَشَارَ إِلَى شيخ مِنْهُم فَقَالَ عمر: بل أَنْت أَمِيرهمْ لأحدثهم سنا الَّذِي أَجَابَهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ليشهدوا مَنَافِع لَهُم} قَالَ: أسواقاً كَانَت لَهُم مَا ذكر الله مَنَافِع إِلَّا الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ليشهدوا مَنَافِع لَهُم} قَالَ: مَنَافِع فِي الدُّنْيَا وَمَنَافع فِي الْآخِرَة فأمّا مَنَافِع الْآخِرَة فرضوان الله عز وَجل وَأما مَنَافِع الدُّنْيَا فَمَا يصيبون من لُحُوم الْبدن فِي ذَلِك الْيَوْم والذبائح والتجارات وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {ليشهدوا مَنَافِع لَهُم} قَالَ: الْأجر فِي الْآخِرَة وَالتِّجَارَة فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويذكروا اسْم الله} قَالَ: فِيمَا ينحرون من الْبدن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ويذكروا اسْم الله} قَالَ: كَانَ يُقَال: إِذا ذبحت نسيكتك فَقل بِسم الله وَالله أكبر اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَلَك عَن فلَان ثمَّ كل وَأطْعم كَمَا أَمرك الله: الْجَار وَالْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَأخرج أَبُو بكر الْمروزِي فِي كتاب الْعِيدَيْنِ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْأَيَّام المعلومات أَيَّام الْعشْر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْأَيَّام المعلومات: يَوْم النَّحْر وَثَلَاثَة أَيَّام بعده

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فِي أَيَّام مَعْلُومَات} يَعْنِي أَيَّام التَّشْرِيق وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {فِي أَيَّام مَعْلُومَات} يَعْنِي أَيَّام التَّشْرِيق {على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام} يَعْنِي الْبدن وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْأَيَّام المعلومات والمعدودات هن جَمِيعهنَّ أَرْبَعَة أَيَّام فالمعلومات يَوْم النَّحْر ويومان بعده والمعدودات ثَلَاثَة أَيَّام بعد يَوْم النَّحْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْأَيَّام المعلومات يَوْم النَّحْر وَثَلَاثَة أَيَّام بعده وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فِي أَيَّام مَعْلُومَات} قَالَ: قبل يَوْم التَّرويَة بِيَوْم وَيَوْم التَّرويَة وَيَوْم عَرَفَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء وَمُجاهد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْأَيَّام المعلومات أَيَّام الْعشْر وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير وَالْحسن رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ لَا يَأْكُلُون من ذَبَائِح نِسَائِكُم فَأنْزل الله {فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا البائس الْفَقِير} فَرخص للْمُسلمين فَمن شَاءَ أكل وَمن شَاءَ لم يَأْكُل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هِيَ رخصَة إِن شَاءَ أكل وَإِن شَاءَ لم يَأْكُل بِمَنْزِلَة قَوْله: (واذ حللتم فاصطادوا) وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء {فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا} قَالَ: إِذا ذبحتم فاهدوا وكلوا وأطعموا وأقلوا لُحُوم الْأَضَاحِي عنْدكُمْ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح الْحَنَفِيّ رَضِي الله عَنهُ {فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا البائس الْفَقِير} قَالَ: هِيَ فِي الْأَضَاحِي

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن شَاءَ أكل من الْهَدْي وَالْأُضْحِيَّة وَإِن شَاءَ لم يَأْكُل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَكُلُوا مِنْهَا} أَن ابْن مَسْعُود كَانَ يَقُول للَّذي يبْعَث: بهديه مَعَه كُلْ ثلثا وَتصدق بِالثُّلثِ واهد لآل عتبَة ثلثا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: نحر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كل جزور بضعَة فَجعلت فِي قدر فَأكل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلي من اللَّحْم وحسوا من المرق قَالَ سُفْيَان: لِأَن الله يَقُول {فَكُلُوا مِنْهَا} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وأطعموا البائس} قَالَ: الزَّمن وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله {وأطعموا البائس الْفَقِير} قَالَ: {البائس} الَّذِي لم يجد شَيْئا من شدَّة الْحَاجة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت طرفَة وَهُوَ يَقُول: يَغْشَاهُم البائس المدقع والضيف وجار مجاور جنب وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَمُجاهد قَالَا {البائس} الَّذِي يمد كفيه إِلَى النَّاس يسْأَل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {البائس} الْمُضْطَر الَّذِي عَلَيْهِ الْبُؤْس و {الْفَقِير} الضَّعِيف وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {البائس الْفَقِير} قَالَ: هما سَوَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {البائس الْفَقِير} الَّذِي بِهِ زَمَانه وَهُوَ فَقير

29

- قَوْله تَعَالَى: ثمَّ ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: التفث الْمَنَاسِك كلهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: التفث قَضَاء النّسك كُله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ فِي التفث: حلق الرَّأْس وَالْأَخْذ من العارضين ونتف الابط وَحلق الْعَانَة وَالْوُقُوف بِعَرَفَة وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة وَرمي الْجمار وقص الْأَظْفَار وقص الشَّارِب وَالذّبْح وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثمَّ ليقضوا تفثهم} قَالَ: يَعْنِي بالتفث: وضع إحرامهم من حلق الرَّأْس وَلبس الثِّيَاب وقص الْأَظْفَار وَنَحْو ذَلِك {وليوفوا نذورهم} قَالَ: يَعْنِي نحر مَا نذروا من الْبدن وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {ثمَّ ليقضوا تفثهم} قَالَ: التفث كل شَيْء أَحْرمُوا مِنْهُ {وليوفوا نذورهم} قَالَ: هُوَ الْحَج وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {ليقضوا تفثهم} قَالَ: حلق الرَّأْس والعانة ونتف الأبط وقص الشَّارِب والأظافر وَرمي الْجمار وقص اللِّحْيَة: {وليوفوا نذورهم} قَالَ: نذر الْحَج وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: التفث حلق الْعَانَة ونتف الابط وَأخذ من الشَّارِب وتقليم الأظافر وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {وليوفوا نذورهم} مثقله بجزم اللَّام {وليطوفوا} بجزم اللَّام مثقلة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وليطوفوا} قَالَ: هُوَ الطّواف الْوَاجِب يَوْم النَّحْر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وليطوفوا} قَالَ: هُوَ الطّواف الْوَاجِب يَوْم النَّحْر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وليطوفوا} قَالَ: طواف الزِّيَارَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وليطوفوا} قَالَ: يَعْنِي زِيَارَة الْبَيْت وَلَفظ ابْن جرير: هُوَ طواف الزِّيَارَة يَوْم النَّحْر وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا سمى الله الْبَيْت الْعَتِيق لِأَن الله أعْتقهُ من الْجَبَابِرَة فَلم يظْهر عَلَيْهِ جَبَّار قطّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْبَيْت الْعَتِيق لِأَنَّهُ أعتق من الْجَبَابِرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا سمي الْبَيْت الْعَتِيق لِأَنَّهُ أعتق من الْجَبَابِرَة لم يَدعه جَبَّار قطّ وَفِي لفظ: فَلَيْسَ فِي الأَرْض جَبَّار يَدعِي أَنه لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا سمي الْبَيْت الْعَتِيق لِأَنَّهُ لم يردهُ أحد بِسوء إِلَّا هلك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا سمي الْبَيْت الْعَتِيق لِأَنَّهُ أعتق من الْغَرق فِي زمَان نوح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا سمي الْعَتِيق لِأَنَّهُ أول بَيت وضع وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا جعل الطّواف بِالْبَيْتِ ملاذاً لِأَن الله لما خلق آدم أَمر إِبْلِيس بِالسُّجُود لَهُ فَأبى فَغَضب الرَّحْمَن فلاذت الْمَلَائِكَة بِالْبَيْتِ حَتَّى سكن غَضَبه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق} طَاف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وَرَائه وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْحجر من الْبَيْت لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف بِالْبَيْتِ من وَرَائه وَقَالَ الله {وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: طواف الْوَدَاع وَاجِب وَهُوَ قَول الله {وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَمْرَة قَالَ: قَالَ لي ابْن عَبَّاس: أَتَقْرَأُ سُورَة الْحَج يَقُول الله {وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق} قَالَ: فَإِن آخر الْمَنَاسِك الطّواف بِالْبَيْتِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانُوا ينفرون من منى إِلَى وُجُوههم فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يكون آخر عَهدهم بِالْبَيْتِ وَرخّص للحائض وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: من طَاف بِهَذَا الْبَيْت سبعا لَا يتَكَلَّم فِيهِ إِلَّا بتكبير أَو تهليل كَانَ عدل رَقَبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر قَالَ: من طَاف بِالْبَيْتِ أسبوعاً وَصلى رَكْعَتَيْنِ كَانَ مثل يَوْم وَلدته أمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: من طَاف بِالْبَيْتِ كَانَ عدل رَقَبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عمر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من طَاف بِالْبَيْتِ سبعا يُحْصِيه كتب الله لَهُ بِكُل خطْوَة حَسَنَة ومحيت عَنهُ سَيِّئَة وَرفعت لَهُ دَرَجَة وَكَانَ لَهُ عدل رَقَبَة وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي عقال قَالَ: طفت مَعَ أنس فِي مطرة فَقَالَ لنا: استأنفوا الْعَمَل فقد غفر لكم طفت من نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مثل هَذَا الْيَوْم فَقَالَ: استأنفوا الْعَمَل فقد غفر لكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طَاف حول الْبَيْت أسبوعاً لَا يَلْغُو فِيهِ كَانَ عدل رَقَبَة يعتقها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من طَاف بِالْبَيْتِ خمسين أسبوعاً خرج من الذُّنُوب كَيَوْم وَلدته أمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جُبَير بن مطعم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يابني عبد منَاف لَا تمنعوا أحدا طَاف بِهَذَا الْبَيْت وَصلى أَي سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه طَاف بِالْبَيْتِ بعد الْعَصْر وَصلى رَكْعَتَيْنِ فَقيل لَهُ فَقَالَ: إِنَّهَا لَيست كَسَائِر الْبلدَانِ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا طَاف بِالْبَيْتِ اسْتَلم الْحجر والركن فِي كل طواف وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رَأَيْت عمر بن الْخطاب قبَّل الْحجر وَسجد عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبَّل الرُّكْن الْيَمَانِيّ وَوضع خَدّه عَلَيْهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: احْفَظُوا هَذَا الحَدِيث وَكَانَ يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَدْعُو بِهِ بَين الرُّكْنَيْنِ: رب قنعني بِمَا رزقتني وَبَارك لي فِيهِ واخلف عليّ كل غَائِبَة بِخَير وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ان الطّواف بِالْبَيْتِ مثلا الصَّلَاة إِلَّا أَنكُمْ تتكلمون فَمن تكلم فَلَا يتَكَلَّم إِلَّا بِخَير وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شرب مَاء فِي الطّواف وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الْأَعْلَى التَّيْمِيّ قَالَ: قَالَت خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا: يَا رَسُول الله مَا أَقُول وَأَنا أَطُوف بِالْبَيْتِ قَالَ: قولي: اللَّهُمَّ اغْفِر ذُنُوبِي وخطئي وعمدي وإسرافي فِي أَمْرِي إِنَّك إِن لَا تغْفر لي تهلكني وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: أسمعت ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا أمرْتُم بِالطّوافِ بِهِ وَلم تؤمروا بِدُخُولِهِ قَالَ: لم يكن نَهَانَا عَن دُخُوله وَلَكِن سمعته يَقُول: أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل الْبَيْت فَلَمَّا خرج ركع رَكْعَتَيْنِ فِي قبل الْبَيْت وَقَالَ: هَذِه الْقبْلَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عِنْدِي وَهُوَ قرير الْعين طيب النَّفس ثمَّ رَجَعَ وَهُوَ حَزِين فَقلت: يَا رَسُول الله خرجت من عِنْدِي وَأَنت كَذَا وَكَذَا قَالَ: إِنِّي دخلت الْكَعْبَة وددت أَنِّي لم أكن فعلته إِنِّي أَخَاف أَن أكون أَتعبت أمتِي من بعدِي وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَنَّهَا كَانَت تَقول: عجبا للمرء الْمُسلم إِذا دخل الْكَعْبَة حِين يرفع بَصَره قِبَل السّقف يدع ذَلِك إجلالاً لله وإعظاماً دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَعْبَة مَا خلف بَصَره مَوضِع سُجُوده حَتَّى خرج مِنْهَا

30

- قَوْله تَعَالَى: ذَلِك وَمن يعظم حرمات الله فَهُوَ خير لَهُ عِنْد ربه وَأحلت لكم الْأَنْعَام إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور حنفَاء لله غير مُشْرِكين بِهِ وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خرّ من السَّمَاء فتخطفه الطير أَو تهوي بِهِ الرّيح فِي مَكَان سحيق أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ذَلِك وَمن يعظم حرمات الله} قَالَ: الْحُرْمَة الْحَج وَالْعمْرَة وَمَا نهى الله عَنهُ من مَعَاصيه كلهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء وَعِكْرِمَة {ذَلِك وَمن يعظم حرمات الله} قَالَا: الْمعاصِي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَمن يعظم حرمات الله} قَالَ: الحرمات الْمشعر الْحَرَام وَالْبَيْت الْحَرَام وَالْمَسْجِد الْحَرَام والبلد الْحَرَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم عَن عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لن تزَال هَذِه الْأمة بِخَير مَا عظموا هَذِه الْحُرْمَة حق تعظيمها - يَعْنِي مَكَّة - فَإِذا ضيعوا ذَلِك هَلَكُوا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان} يَقُول: اجتنبوا طَاعَة الشَّيْطَان فِي عبَادَة الْأَوْثَان {وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور} يَعْنِي الافتراء على الله والتكذيب بِهِ وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَيمن بن خريم قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيبًا فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس عدلت شَهَادَة الزُّور إشراكاً بِاللَّه ثَلَاثًا ثمَّ قَرَأَ {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور} وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن خريم بن فاتك الْأَسدي قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الصُّبْح فَلَمَّا انْصَرف قَائِما قَالَ: عدلت شَهَادَة

الزُّور الْإِشْرَاك بِاللَّه ثَلَاثًا ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور حنفَاء لله غير مُشْرِكين بِهِ} وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي بكرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر قُلْنَا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين - وَكَانَ مُتكئا فَجَلَسَ - فَقَالَ: أَلا وَقَول الزُّور أَلا وَشَهَادَة الزُّور فَمَا زَالَ يكررها حَتَّى قُلْنَا ليته سكت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: شَهَادَة الزُّور تعدل بالشرل بِاللَّه ثمَّ قَرَأَ {فَاجْتَنبُوا الرجس من الْأَوْثَان وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور} قَالَ: الْكَذِب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور} يَعْنِي الشّرك بالْكلَام وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يطوفون بِالْبَيْتِ فَيَقُولُونَ فِي تلبيتهم: لبيْك لَا شريك لَك إِلَّا شَرِيكا هُوَ لَك تملكه وَمَا ملك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حنفَاء لله غير مُشْرِكين بِهِ} قَالَ: حجاجاً لله غير مُشْرِكين بِهِ وَذَلِكَ أَن الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يحجون مُشْرِكين فَلَمَّا أظهر الله الْإِسْلَام قَالَ الله للْمُسلمين: حجُّوا الْآن غير مُشْرِكين بِاللَّه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: كَانَ النَّاس يحجون وهم مشركون فَكَانُوا يسمونهم حنفَاء الْحجَّاج فَنزلت {حنفَاء لله غير مُشْرِكين بِهِ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْقَاسِم مولى أبي بكر الصّديق قَالَ: كَانَ نَاس من مُضر وَغَيرهم يحجون الْبَيْت وهم مشركون وَكَانَ من لَا يحجّ الْبَيْت من الْمُشْركين يَقُولُونَ: قُولُوا حنفَاء فَقَالَ الله {حنفَاء لله غير مُشْرِكين بِهِ} يَقُول: حجاجاً غير مُشْرِكين بِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآن من حنفَاء قَالَ: مُسلمين وَمَا كَانَ حنفَاء مُسلمين فهم حجاج وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {حنفَاء} قَالَ: حجاجاً

وَأخرج عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {حنفَاء} قَالَ: متبعين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن يُشْرك بِاللَّه فَكَأَنَّمَا خرّ من السَّمَاء} قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله لمن أشرك بِاللَّه فِي بعده من الْهدى وهلاكه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فِي مَكَان سحيق} قَالَ: بعيد

32

- قَوْله تَعَالَى: ذَلِك وَمن يعظم شَعَائِر الله فَإِنَّهَا من تقوى الْقُلُوب لكم فِيهَا مَنَافِع إِلَى أجل مُسَمّى ثمَّ محلهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق وَلكُل أمة جعلنَا منسكا لِيذكرُوا اسْم الله على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام فإلهكم إِلَه وَاحِد فَلهُ أَسْلمُوا وَبشر المخبتين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ذَلِك وَمن يعظم شَعَائِر الله} قَالَ: الْبدن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ذَلِك وَمن يعظم شَعَائِر الله} قَالَ: الاستسمان وَالِاسْتِحْسَان والاستعظام وَفِي قَوْله {لكم فِيهَا مَنَافِع إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: إِلَى أَن تسمى بدنا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {ذَلِك وَمن يعظم شَعَائِر الله} قَالَ: استعظام الْبدن واستسمانها واستحسانها {لكم فِيهَا مَنَافِع إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: ظُهُورهَا وأوبارها واشعارها وأصوافها إِلَى أَن تسمى هَديا فَإِذا سميت هَديا ذهبت الْمَنَافِع {ثمَّ محلهَا} يَقُول: حِين يُسمى إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك وَعَطَاء فِي الأية قَالَ: الْمَنَافِع فِيهَا الرّكُوب عَلَيْهَا إِذا احْتَاجَ وَفِي أوبارها

وَأَلْبَانهَا وَالْأَجَل الْمُسَمّى: إِلَى أَن تقلد فَتَصِير بدناً {ثمَّ محلهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق} قَالَا: إِلَى يَوْم النَّحْر تنحر بمنى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {ثمَّ محلهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق} قَالَ: إِذا دخلت الْحرم فقد بلغت محلهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن مُوسَى فِي قَوْله {ذَلِك وَمن يعظم شَعَائِر الله} قَالَ: الْوُقُوف بِعَرَفَة من شَعَائِر الله وبجمع من شَعَائِر الله وَالْبدن من شَعَائِر الله وَرمي الْجمار من شَعَائِر الله وَالْحلق من شَعَائِر الله فَمن يعظمها {فَإِنَّهَا من تقوى الْقُلُوب لكم فِيهَا مَنَافِع إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: لكم فِي كل مشْعر مِنْهَا مَنَافِع إِلَى أَن تخْرجُوا مِنْهُ إِلَى غَيره {ثمَّ محلهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق} قَالَ: مَحل هَذِه الشعائر كلهَا الطّواف بِالْبَيْتِ الْعَتِيق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء أَنه سُئِلَ عَن شَعَائِر الله قَالَ: حرمات الله اجْتِنَاب سخط الله وَاتِّبَاع طَاعَته فَذَلِك شَعَائِر الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلكُل أمة جعلنَا منسكاً} قَالَ: عيداً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلكُل أمة جعلنَا منسكاً} قَالَ: إهراق الدِّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {وَلكُل أمة جعلنَا منسكاً} قَالَ: ذبحا وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عمر: أَن رجلا أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرت بعيد الْأَضْحَى جعله الله لهَذِهِ الْأمة قَالَ الرجل: فَإِن لم نجد إِلَّا ذَبِيحَة أُنْثَى أَو شَاة أعليّ اذْبَحْهَا قَالَ: لَا وَلَكِن قلم أظفارك وقص شاربك واحلق عانتك فَذَلِك تَمام أضحيتك عِنْد الله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نزل جِبْرِيل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ رَأَيْت عيدنا فَقَالَ: لقد تباهى بِهِ أهل السَّمَاء اعْلَم يَا مُحَمَّد أَن الْجذع من الضَّأْن خير من السَّيِّد من الْمعز وَإِن الْجذع من الضَّأْن خير من السَّيِّد من الْبَقر وَإِن الْجذع من الضَّأْن خير من السَّيِّد من الْمعز وَإِن الْجذع من الضَّأْن خير من السَّيِّد من الْبَقر وَإِن الْجذع من الضَّأْن خير من السَّيِّد من الْإِبِل وَلَو علم الله خيرا مِنْهُ فدى بهَا إِبْرَاهِيم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم أَنه قَالَ: فِي هَذِه الْآيَة {وَلكُل أمة جعلنَا منسكاً} أَنه مَكَّة لم يَجْعَل الله لأمة قطّ منسكاً غَيرهَا أخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن عبد الله: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى للنَّاس يَوْم النَّحْر فَلَمَّا فرغ من خطبَته وَصلَاته دَعَا بكبش فذبحه هُوَ بِنَفسِهِ وَقَالَ: بِسم الله وَالله أكبر اللَّهُمَّ هَذَا عني وَعَمن لم يضح من أمتِي وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن جَابر قَالَ: ضحى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكبشين فِي يَوْم عيد فَقَالَ حِين وجههما: وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَنِيفا مُسلما وَمَا أَنا من الْمُشْركين إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين لَا شريك لَهُ وَبِذَلِك أمرت وَأَنا أول الْمُسلمين اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك وَعَن مُحَمَّد وَأمته ثمَّ سمى الله وَكبر وَذبح وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأَضَاحِي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ أَنه قَالَ حِين ذبح: وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَنِيفا مُسلما وَمَا أَنا من الْمُشْركين إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين لَا شريك لَهُ وَبِذَلِك أمرت وَأَنا من الْمُسلمين وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين فَسمى وَكبر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ إِذا ذبح قَالَ: بِسم الله وَالله أكبر اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك اللَّهُمَّ تقبل مني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {فَلهُ أَسْلمُوا} يَقُول: فَلهُ أَخْلصُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَبشر المخبتين} قَالَ: المطمئنين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَضَب وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَمْرو بن أَوْس {وَبشر المخبتين} قَالَ: المخبتون الَّذين لَا يظْلمُونَ النَّاس وَإِذا ظلمُوا لم ينتصروا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَبشر المخبتين} قَالَ: المتواضعين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَبشر المخبتين} قَالَ: الوجلين وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ إِذا رأى الرّبيع بن خثيم قَالَ: {وَبشر المخبتين} وَقَالَ لَهُ: مَا رَأَيْتُك إِلَّا ذكرت المخبتين

35

- قَوْله تَعَالَى: الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم وَالصَّابِرِينَ على مَا أَصَابَهُم والمقيمي الصَّلَاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ وَالْبدن جعلناها لكم من شَعَائِر الله لكم فِيهَا خير فاذكروا اسْم الله عَلَيْهَا صواف فَإِذا وَجَبت جنوبها فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا القانع والمعتر كَذَلِك سخرناها لكم لَعَلَّكُمْ تشكرون لن ينَال الله لحومها وَلَا دماؤها وَلَكِن يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُم كَذَلِك سخرها لكم لتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ وَبشر الْمُحْسِنِينَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {الَّذين إِذا ذكر الله وجلت قُلُوبهم} عِنْد مَا يخوفون {وَالصَّابِرِينَ على مَا أَصَابَهُم} من الْبلَاء والمصيبات {والمقيمي الصَّلَاة} يَعْنِي إِقَامَتهَا بأَدَاء مَا استحفظهم الله فِيهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {وَالْبدن} خَفِيفَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا نعلم الْبدن إِلَّا من الْإِبِل وَالْبَقر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْبَدنَة ذَات الْخُف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْبَدنَة ذَات الْبدن من الْإِبِل وَالْبَقر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ الْبدن إِلَّا من الإِبل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الْكَرِيم قَالَ: اخْتلف عَطاء وَالْحكم فَقَالَ عَطاء الْبدن من الْإِبِل وَالْبَقر وَقَالَ الحكم: من الإِبل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: الْبدن الْبَعِير وَالْبَقَرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْبدن من الْبَقر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن يَعْقُوب الريَاحي عَن أَبِيه قَالَ أوصى الي رجل وَأوصى ببدنة فَأتيت ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَقلت لَهُ: إِن رجلا أوصى إِلَيّ وَأوصى إِلَيّ ببدنة فَهَل تجزىء عني بقرة قَالَ: نعم ثمَّ قَالَ: مِمَّن صَاحبكُم فَقلت: من بني ريَاح قَالَ: وَمَتى تقتني اقتنى بَنو ريَاح الْبَقر إِلَى الْإِبِل [] وَهُوَ صَاحبكُم وَإِنَّمَا الْبَقر للأسد وَعبد الْقَيْس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا سميت الْبدن من قبل السمانة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله {لكم فِيهَا خير} قَالَ: هِيَ الْبَدنَة ان احْتَاجَ إِلَى ظهر ركب أَو إِلَى لبن شرب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لكم فِيهَا خير} قَالَ: لكم أجر وَمَنَافع للبدن وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قُلْنَا يارسول الله مَا هَذِه الضاحي قَالَ: سنة أبيكم إِبْرَاهِيم قَالَ: فَمَا لنا فِيهَا يَا رَسُول الله قَالَ: بِكُل شَعْرَة حَسَنَة قَالُوا: فالصوف قَالَ: بِكُل شَعْرَة من الصُّوف حَسَنَة وَأخرج ابْن عدي وَالدَّارقطني وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أنفقت الْوَرق فِي شَيْء أفضل من نحيرة فِي يَوْم عيد وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة - رَضِي الله

عَنْهَا - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا عمل ابْن آدم يَوْم النَّحْر عملا أحب إِلَى الله من هراقه دم وَإِنَّهَا لتأتي يَوْم الْقِيَامَة بقرونها واظلافها وَأَشْعَارهَا وَإِن الدَّم ليَقَع من الله بمَكَان قبل أَن يَقع على الأَرْض فطيبوا بهَا نفسا وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أَب هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وجد سَعَة لَان يصحي فَلم يضح فَلَا يقربن مصلانا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن أنس قَالَ: حج سعيد بن الْمسيب وَحج مَعَه ابْن حَرْمَلَة فَاشْترى سعيد كَبْشًا فضحى بِهِ وَاشْترى ابْن حَرْمَلَة بَدَنَة بِسِتَّة دَنَانِير فنحرها فَقَالَ لَهُ سعيد: اما كَانَ لَك فِينَا أُسْوَة فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يَقُول: {وَالْبدن جعلناها لكم من شَعَائِر الله لكم فِيهَا خير} فاحببت أَن آخذ الْخَيْر من حَيْثُ دلَّنِي الله عَلَيْهِ فاعجب ذَلِك ابْن الْمسيب مِنْهُ وَجعل يحدث بهَا عَنهُ وَأخرج أَبُو نعيم الْحِلْية عَن ابْن عُيَيْنَة قَالَ: حج صَفْوَان بن سليم وَمَعَهُ سَبْعَة دَنَانِير فَاشْترى بهَا بَدَنَة فَقيل لَهُ: لَيْسَ مَعَك إِلَّا سَبْعَة دَنَانِير تشتري بهَا بَدَنَة فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يَقُول: {لكم فِيهَا خير} وَأخرج قَاسم بن أصبغ وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: يَا أَيهَا النَّاس ضحوا وطيبوا بهَا نفسا فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من عبد يُوَجه بأضحيته إِلَى الْقبْلَة إِلَّا كَانَ دَمهَا وقرنها وصوفها حَسَنَات محضرات فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة فَإِن الدَّم إِن وَقع فِي التُّرَاب فَإِنَّمَا يَقع فِي حرز الله حَتَّى يُوفيه صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - اعْمَلُوا قَلِيلا تجزوا كثيرا وَأخرج أَحْمد عَن أبي الأشد السملي عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أفضل الضَّحَايَا أغلاها وأسمنها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: مَا أنْفق النَّاس من نَفَقَة أعظم أجرا من دم يهراق يَوْم النَّحْر إِلَّا رحما محتاجة يصلها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لكم فِيهَا خير} قَالَ: إِن احْتَاجَ إِلَى اللَّبن شرب وَإِن احْتَاجَ إِلَى الرّكُوب ركب وَإِن احْتَاجَ إِلَى الصُّوف أَخذ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ رجل لِابْنِ عَبَّاس أيركب الرجل الْبَدنَة على غير مثقل قَالَ: ويحلبها على غير مجهد

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يركب الرجل بدنته بِالْمَعْرُوفِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اركبوا الْهَدْي بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى تَجدوا ظهرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَطاء رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - رخص لَهُم أَن يركبوها إِذا احتاجوا إِلَيْهَا وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا يَسُوق بَدَنَة فَقَالَ: اركبها قَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة قَالَ: اركبها وَيلك أَو يحك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس: أَن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - رأى رجلا يَسُوق بَدَنَة أَو هَدِيَّة فَقَالَ: اركبها فَقَالَ: إِنَّهَا بَدَنَة - أَو هَدِيَّة قَالَ: وَإِن كَانَت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأَضَاحِي وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي ظبْيَان قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله {فاذكروا اسْم الله عَلَيْهَا صواف} قَالَ: إِذا أردْت أَن تنحر الْبَدنَة فاقمها على ثَلَاث قَوَائِم معقولة ثمَّ قل: بِسم الله وَالله أكبر اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {صواف} قَالَ: قيَاما معقولة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر: أَنه نحر بَدَنَة وَهِي قَائِمَة معقولة إِحْدَى يَديهَا وَقَالَ: {صواف} كَمَا قَالَ الله عز وَجل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن رجلا أَنَاخَ بدنته وَهُوَ يَنْحَرهَا فَقَالَ: ابعثها قيام مُقَيّد سنة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سابط: أَن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَأَصْحَابه كَانُوا يعْقلُونَ من الْبَدنَة الْيُسْرَى وينحروها قَائِمَة على مَا هِيَ من قَوَائِمهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يَنْحَرهَا وَهِي معقولة يَدهَا الْيُمْنَى

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن فِي الدنة كَيفَ تنحر قَالَ: تعقل يَدهَا الْيُسْرَى وينحرها من قبل يَدهَا الْيُمْنَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يعقل يَدهَا الْيُسْرَى إِذا أَرَادَ أَن يَنْحَرهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: اعقل أَي الْيَدَيْنِ شِئْت وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَنه كَانَ يقْرَأ (فاذكروا اسْم الله عَلَيْهَا صَوَافِن) وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن مُجَاهِد فِي قَوْله (صَوَافِن) قَالَ: معقولة على ثَلَاثَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ عبد الله بن مَسْعُود يقْرَأ (فاذكروا اسْم الله عَلَيْهَا صَوَافِن) أَي معقولة قيَاما وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ: أَنه كَانَ يقرأُها (صَوَافِن) قَالَ: رَأَيْت ابْن عمر ينْحَر بدنته وَهِي على ثَلَاثَة قَوَائِم قيَاما معقولة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: من قَرَأَهَا (صَوَافِن) قَالَ: معقولة وَمن قَرَأَهَا {صواف} قَالَ: يصف بَين يَديهَا وَلَفظ عبد بن حميد من قَرَأَهَا {صواف} فَهِيَ قَائِمَة مَضْمُومَة يَديهَا وَمن قَرَأَهَا (صَوَافِن) قيَاما معقولة وَلَفظ ابْن أبي شيبَة الصَّواف على أَربع والصوافن على ثَلَاثَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه كَانَ يَقْرَأها {صواف} قَالَ: خاصلة لله تَعَالَى قَالَ: كَانُوا يذبحونها لأصنامهم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم أَنه قَرَأَ (فاذكروا اسْم الله عَلَيْهَا صوافي) بِالْيَاءِ منتصبة وَقَالَ: خَالِصَة لله من الشّرك لأَنهم كَانُوا يشركُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا نحروها وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فَإِذا وَجَبت} قَالَ: سَقَطت على جنبها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فَإِذا وَجَبت} قَالَ نحرت

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {فَإِذا وَجَبت جنوبها} قَالَ: إِذا سَقَطت إِلَى الأَرْض وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله ابْن قرط قَالَ: قدم إِلَى النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - بدنات خمس أَو سِتّ فطفقن يزدلفن إِلَيْهِ بأيتهن يبْدَأ فَلَمَّا وَجَبت جنوبها قَالَ: من شَاءَ اقتطع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر أَنه: كَانَ يطعم من بدنه قبل أَن يَأْكُل مِنْهَا وَيَقُول: {فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا} هما سَوَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا لَا يَأْكُلُون من شَيْء جَعَلُوهُ لله ثمَّ رخص لَهُم أَن يَأْكُلُوا من الْهَدْي وَالْأَضَاحِي وأشباهه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: لَا يُؤْكَل من النّذر وَلَا من جَزَاء الصَّيْد وَلَا مِمَّا جعل للْمَسَاكِين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لَا يُؤْكَل من النّذر وَلَا من الْكَفَّارَة وَلَا مِمَّا جعل للْمَسَاكِين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن معَاذ قَالَ: أمرنَا رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَن نطعم من الضَّحَايَا الْجَار والسائل والمتعفف وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ بمنى فَتلا هَذِه الْآيَة {فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا القانع والمعتر} وَقَالَ: لغلام مَعَه هَذِه القانع الَّذِي يقنع بِمَا آتيته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: القانع الْمُتَعَفِّف والمعتر السَّائِل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس القانع الَّذِي يقنع بِمَا أُوتِيَ والمعتر الَّذِي يعْتَرض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: القانع الَّذِي يجلس فِي بَيته وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس: إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {القانع والمعتر} قَالَ: القانع الَّذِي يقنع بِمَا عطي والمعتر الَّذِي يعتر من الْأَبْوَاب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: على مكثريهم حق من يعتريهم وَعند المقلين السماحة والبذل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن

هَذِه الْآيَة قَالَ: أما القانع فالقانع بِمَا أرْسلت إِلَيْهِ فِي بَيته والمعتر الَّذِي يعتريك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: القانع الَّذِي يسْأَل والمعتر الَّذِي يعْتَرض لَوْلَا يسْأَل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: القانع السَّائِل الَّذِي يسْأَل ثمَّ أنْشد قَول الشَّاعِر: لمَال الْمَرْء يصلحه فَيبقى معاقره أعف من القنوع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: القانع الَّذِي يقنع اليك بِمَا فِي يَديك والمعتر الَّذِي يتَصَدَّى إِلَيْك لتطعمه وَلَفظ ابْن أبي شيبَة والمعتر الَّذِي يعتريك ويريك نَفسه وَلَا يَسْأَلك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: القانع الطامع بِمَا قبلك وَلَا يَسْأَلك والمعتر الَّذِي يعتريك وَلَا يَسْأَلك وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: القانع الَّذِي يسْأَل فَيعْطى فِي يَدَيْهِ والمعتر الَّذِي يعتر فيطوف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: القانع أهل مَكَّة والمعتر سَائِر النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: القانع السَّائِل والمعتر معتر الْبدن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: البائس الَّذِي يسْأَل بِيَدِهِ إِذا سَأَلَ والقانع الطامع الَّذِي يطْمع فِي ذبيحتك من جيرانك والمعتر الَّذِي يعتريك بِنَفسِهِ وَلَا يَسْأَلك يتَعَرَّض لَك وَأخرج عبد بن حميد عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة مَا الَّذِي آكل وَمَا الَّذِي أعطي القانع والمعتر قَالَ: اقسمها ثَلَاثَة أَجزَاء قيل: مَا القانع قَالَ: من كَانَ حولك قيل: وَإِن ذبح قَالَ: وَإِن ذبح والمعتر: الَّذِي يَأْتِيك ويسألك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ إِذا ذَبَحُوا

استقبلوا الْكَعْبَة بالدماء فينضحون بهَا نَحْو الْكَعْبَة فَأَرَادَ الْمُسلمُونَ أَن يَفْعَلُوا ذَلِك فَأنْزل الله {لن ينَال الله لحومها وَلَا دماؤها} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة ينضحون الْبَيْت بلحوم الْإِبِل ودمائها فَقَالَ: أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنحْن أَحَق أَن ننضح فَأنْزل الله {لن ينَال الله لحومها} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: النصب لَيست بأصنام الصَّنَم يصوّر وينقش وَهَذِه حِجَارَة تنصب ثلثمِائة وَسِتُّونَ حجرا فَكَانُوا إِذا ذَبَحُوا نضحوا الدَّم على مَا أقبل من الْبَيْت وشرحوا اللَّحْم وجعلوه على الْحِجَارَة فَقَالَ الْمُسلمُونَ: يَا رَسُول الله كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يعظمون الْبَيْت بِالدَّمِ فَنحْن أَحَق أَن نعظمه فَكَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - لم يكره مَا قَالُوا فَنزلت {لن ينَال الله لحومها وَلَا دماؤها} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان {لن ينَال الله} قَالَ: لن يرفع إِلَى الله {لحومها وَلَا دماؤها وَلَكِن} نحر الْبدن من تقوى الله وطاعته يَقُول: يرفع إِلَى الله مِنْكُم: الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَالتَّقوى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم {وَلَكِن يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُم} قَالَ: مَا التمس بِهِ وَجه الله تَعَالَى وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَلَكِن يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُم} يَقُول: إِن كَانَت من طيب وكنتم طيبين وصل إِلَيّ أَعمالكُم وتقبلتها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} قَالَ: على ذَبحهَا فِي تِلْكَ الْأَيَّام وَأخرج الْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحسن قَالَ: أمرنَا رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَن نلبس أَجود مَا نجد وَأَن نتطيب بأجود مَا نجد وَأَن نضحي بأسمن مَا نجد وَالْبَقَرَة عَن سَبْعَة وَالْجَزُور عَن سَبْعَة وَأَن نظهر التَّكْبِير وعلينا السكينَة وَالْوَقار وَالله أعلم

38

- قَوْله تَعَالَى: إِن الله يدافع عَن الَّذين آمنُوا إِن الله لَا يحب كل خوان كفور أخرج عبد بن حميد عز عَاصِم أَنه قَرَأَ {إِن الله يدافع} بِالْألف وَرفع الْيَاء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الله يدافع عَن الَّذين آمنُوا} قَالَ: وَالله مَا يضيع الله رجلا قطّ حفظ لَهُ دينه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله: إِن الله لَا يحب قَالَ: لَا يقرب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن كفور يَعْنِي بِهِ الْكفَّار

39

- قَوْله تَعَالَى: أُذن للَّذين يُقَاتلُون بِأَنَّهُم ظلمُوا وَإِن الله على نَصرهم لقدير أخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما خرج النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - من مَكَّة قَالَ أَبُو بكر: أخرجُوا نَبِيّهم إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون ليهلكن الْقَوْم فَنزلت {أُذن للَّذين يُقَاتلُون بِأَنَّهُم ظلمُوا} الْآيَة وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقْرَأها {أذن} قَالَ أَبُو بكر: فَعمِلت أَنه سَيكون قتال قَالَ ابْن عَبَّاس: وَهِي أول آيَة نزلت فِي الْقِتَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد قَالَ: خرج نَاس مُؤمنُونَ مُهَاجِرين من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة فاتبعهم كفار قُرَيْش فَأذن لَهُم فِي قِتَالهمْ فَأنْزل الله {أُذن للَّذين يُقَاتلُون بِأَنَّهُم ظلمُوا} الْآيَة فقاتلوهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير أَن أول آيَة أنزلت فِي الْقِتَال حِين ابْتُلِيَ الْمُسلمُونَ بِمَكَّة وسطت بهم عَشَائِرهمْ ليفتنوهم عَن الْإِسْلَام وأخرجوهم من دِيَارهمْ وتظاهروا عَلَيْهِم فَأنْزل الله {أُذن للَّذين يُقَاتلُون بِأَنَّهُم ظلمُوا} الْآيَة وَذَلِكَ حِين أذن الله لرَسُوله بِالْخرُوجِ وَأذن لَهُم بِالْقِتَالِ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَت أول آيَة نزلت فِي الْقِتَال {أذن للَّذين يُقَاتلُون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {أذن للَّذين يُقَاتلُون} قَالَ: أذن لَهُم فِي قِتَالهمْ بَعْدَمَا عفى عَنْهُم عشر سِنِين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {أذن للَّذين يُقَاتلُون} قَالَ النَّبِي: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَأَصْحَابه {بِأَنَّهُم ظلمُوا} يَعْنِي ظلمهم أهل مَكَّة حِين أخرجوهم من دِيَارهمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: أشرف عَلَيْهِم عُثْمَان من الْقصر فَقَالَ: ائْتُونِي بِرَجُل قارىء كتاب الله فَأتوهُ بصعصعة بن صوحان فَتكلم بِكَلَام فَقَالَ: {أُذن للَّذين يُقَاتلُون بِأَنَّهُم ظلمُوا وَإِن الله على نَصرهم لقدير} فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: كذبت لَيست لَك وَلَا لأصحابك وَلكنهَا لي ولأصحابي

40

- قَوْله تَعَالَى: الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ بِغَيْر حق إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبنَا الله وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض لهدمت صوامع وَبيع وصلوات ومساجد يذكر فِيهَا اسْم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إِن الله لقوي عَزِيز الَّذين إِن مكناهم فِي الأَرْض أَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَأمرُوا بِالْمَعْرُوفِ ونهوا عَن الْمُنكر وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور وَإِن يُكذِّبُوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وَعَاد وَثَمُود وَقوم إِبْرَاهِيم وَقوم لوط وَأَصْحَاب مَدين وَكذب مُوسَى فأمليت للْكَافِرِينَ ثمَّ أخذتهم فَكيف كَانَ نَكِير أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ} أَي من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة {بِغَيْر حق} يَعْنِي مُحَمَّدًا - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَأَصْحَابه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ: فِينَا نزلت هَذِه الْآيَة {الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ بِغَيْر حق} وَالْآيَة بعْدهَا أخرجنَا من دِيَارنَا {بِغَيْر حق} ثمَّ مكنا فِي الأَرْض فَأَقَمْنَا الصَّلَاة وآتينا الزَّكَاة وأمرنا بِالْمَعْرُوفِ ونهينا عَن الْمُنكر فَهِيَ لي ولأصحابي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ثَابت بن عَوْسَجَة الخضيري قَالَ: حَدثنِي سَبْعَة وَعِشْرُونَ من أَصْحَاب عَليّ وَعبد الله مِنْهُم لَاحق بن الْأَقْمَر والعيزار بن جَرْوَل وعطية الْقرظِيّ أَن عليا قَالَ: إِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة فِي أَصْحَاب مُحَمَّد {وَلَوْلَا دفع الله النَّاس} قَالَ: لَوْلَا دفع الله بأصحاب مُحَمَّد عَن التَّابِعين لهدمت صوامع وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وَلَوْلَا دفع الله النَّاس} بِغَيْر الْألف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {وَلَوْلَا دفع الله النَّاس} قَالَ: لَوْلَا الْقِتَال وَالْجهَاد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: دفع الْمُشْركُونَ بِالْمُسْلِمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: منع بَعضهم بِبَعْض فِي الشَّهَادَة وَفِي الْحق وَفِيمَا يكون مثل هَذَا يَقُول: لَوْلَا هَذَا لهلكت هَذِه الصوامع وَمَا ذكر مَعهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لهدّمت صوامع} قَالَ: الصوامع الَّتِي تكون فِيهَا الرهبان وَالْبيع مَسَاجِد الْيَهُود وصلوات كنائس النَّصَارَى والمساجد مَسَاجِد الْمُسلمين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: البيع بيع النَّصَارَى وصلوات كنائس الْيَهُود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: صلوَات كنائس الْيَهُود يسمون الْكَنِيسَة صَلَاة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَاصِم الجحدري أَنه قَرَأَ {وصلوات} قَالَ: الصَّلَوَات دون الصوامع قَالَ: وَكَيف تهدم الصَّلَاة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: البيع بيع النَّصَارَى والصلوات: بيع صغَار لِلنَّصَارَى

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: صوامع الرهبان وَبيع النَّصَارَى وصلوات مَسَاجِد الصابئين: يسمونها بصلوات وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {صوامع} قَالَ: هِيَ للصابئين وَبيع لِلنَّصَارَى وصلوات كنائس الْيَهُود ومساجد للْمُسلمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: الصوامع صوامع الرهبان وَبيع كنائس وصلوات ومساجد لأهل الْكتاب وَلأَهل الْإِسْلَام بالطرق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: وصلوات أهل الْإِسْلَام تَنْقَطِع إِذا دخل عَلَيْهِم الْعَدو تَنْقَطِع الْعِبَادَة من الْمَسَاجِد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {يذكر فِيهَا اسْم الله كثيرا} يَعْنِي فِي كل مِمَّا ذكر من الصوامع والصلوات والمساجد يَقُول: فِي كل هَذَا يذكر اسْم الله وَلم يخص الْمَسَاجِد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {الَّذين إِن مكناهم فِي الأَرْض} قَالَ: أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب {الَّذين إِن مكناهم فِي الأَرْض} قَالَ: هم الْوُلَاة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله: {الَّذين إِن مكناهم فِي الأَرْض} قَالَ: أَرض الْمَدِينَة {أَقَامُوا الصَّلَاة} قَالَ: الْمَكْتُوبَة {وَآتوا الزَّكَاة} قَالَ: الْمَفْرُوضَة {وَأمرُوا بِالْمَعْرُوفِ} بِلَا إِلَه إِلَّا الله {ونهوا عَن الْمُنكر} قَالَ: الشّرك بِاللَّه {وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور} قَالَ: وَعند الله ثَوَاب مَا صَنَعُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أَمرهم بِالْمَعْرُوفِ أَنهم دعوا إِلَى الله وَحده وعبادته لَا شريك لَهُ وَكَانَ نهيهم أَنهم نهوا عَن عبَادَة الشَّيْطَان وَعبادَة الْأَوْثَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {الَّذين إِن مكناهم فِي الأَرْض} قَالَ: هَذَا شَرط الله على هَذِه الْأمة وَالله أعلم

45

- قَوْله تَعَالَى: فكأين من قَرْيَة أهلكناها وَهِي ظالمه فَهِيَ خاوية على عروشها وبئر معطلة وَقصر مشيد أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فَهِيَ خاوية على عروشها} قَالَ: خربة لَيْسَ فها أحد {وبئر معطلة} قَالَ: عطلها أَهلهَا وتركوها {وَقصر مشيد} قَالَ شيدوه وحصنوه فهلكوا وتركوه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وبئر معطلة} قَالَ: الَّتِي تركت لَا أهل لَهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَقصر مشيد} قَالَ: هُوَ المجصص وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {وَقصر مشيد} قَالَ: شيد بالجص والآجر قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عدي بن زيد وَهُوَ يَقُول: شاده مرمرا وجلله كلسا فللطير فِي ذراه وكور وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَقصر مشيد} قَالَ: بالقصة وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق عَن عَطاء {وَقصر مشيد} قَالَ: مجصص

46

- قَوْله تَعَالَى: أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فَتكون لَهُم قُلُوب يعْقلُونَ بهَا أوآذان يسمعُونَ بهَا فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار وَلَكِن تعمى الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التفكر عَن ابْن دِينَار قَالَ: أوحى الله إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَن اتخذ نَعْلَيْنِ من حَدِيد وعصا ثمَّ سح فِي الأَرْض فاطلب الْآثَار والعبر حَتَّى تحفوا النَّعْلَانِ وتنكسر الْعَصَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَإِنَّهَا لَا تعمى الْأَبْصَار} قَالَ: مَا هَذِه الْأَبْصَار الَّتِي فِي الرؤوس فَإِنَّهَا جعلهَا الله مَنْفَعَة وبلغة وَأما الْبَصَر النافع فَهُوَ فِي الْقلب ذكر لنا أَنَّهَا نزلت فِي عبد الله بن زَائِدَة يَعْنِي ابْن أم مَكْتُوم

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة فِي شعب الإِيمان والديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن عبد الله بن جَراد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - لَيْسَ الْأَعْمَى من يعمى بَصَره وَلَكِن الْأَعْمَى من تعمى بصيرته

47

- قَوْله تَعَالَى: ويستعجلونك بِالْعَذَابِ وَلنْ يخلف الله وعده وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ وكأين من قَرْيَة أمليت لَهَا وَهِي ظالمه ثمَّ أَخَذتهَا وإلي الْمصير أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ويستعجلونك بِالْعَذَابِ} قَالَ: قَالَ نَاس من جهلة هَذِه الْأمة {اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء أَو ائتنا بِعَذَاب أَلِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ} قَالَ: من الْأَيَّام السِّتَّة الَّتِي خلق الله فِيهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: مَا طول ذَلِك الْيَوْم على الْمُؤمن إِلَّا كَمَا بَين الأولى وَالْعصر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الدُّنْيَا جُمُعَة من جمع الْآخِرَة سَبْعَة آلَاف سنة فقد مضى مِنْهَا سِتَّة آلَاف وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الأمل عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: إِنَّمَا الدُّنْيَا جُمُعَة من جمع الْآخِرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن رجل من أهل الْكتاب أسلم قَالَ: {إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام} {وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ} وَجعل أجل الدُّنْيَا سِتَّة أَيَّام وَجعل

السَّاعَة فِي الْيَوْم السَّابِع فقد مَضَت السِّتَّة الْأَيَّام وَأَنْتُم فِي الْيَوْم السَّابِع فَمثل ذَلِك مثل الْحَامِل إِذا دخلت فِي شهرها فَفِي أَيَّة سَاعَة ولدت كَانَ تَمامًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن صَفْوَان بن سلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فُقَرَاء الْمُسلمين يدْخلُونَ الْجنَّة قبل الْأَغْنِيَاء من الْمُسلمين بِنصْف يَوْم قيل: وَمَا نصف الْيَوْم قَالَ خَمْسمِائَة عَام وتلا {وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ضمير بن نَهَار قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة يدْخل فُقَرَاء الْمُسلمين الْجنَّة قبل الْأَغْنِيَاء بِنصْف يَوْم قلت: وَمَا مِقْدَار نصف يَوْم قَالَ: أَو مَا تقْرَأ الْقُرْآن {وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ} وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ضمير بن نَهَار عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يدْخل فُقَرَاء أمتِي الْجنَّة قبل أغنيائهم بِنصْف يَوْم وتلا {وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من صلى على جَنَازَة فَانْصَرف قبل أَن يفرغ مِنْهَا كَانَ لَهُ قِيرَاط فَإِن انْتظر حَتَّى يفرغ مِنْهَا كَانَ لَهُ قيراطان والقيراط مثل أحد فِي مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قَالَ ابْن عَبَّاس: حق لِعَظَمَة رَبنَا أَن يكون قيراطه مثل أحد ويومه كألف سنة وَأخرج ابْن عدي والديلمي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - الدُّنْيَا كلهَا سَبْعَة أَيَّام من أَيَّام الْآخِرَة وَذَلِكَ قَول الله {وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ}

49

- قَوْله تَعَالَى: قل ياأيها النَّاس إِنَّمَا أَنا لكم نَذِير مُبين فَالَّذِينَ آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لَهُم مغْفرَة ورزق كريم وَالَّذين سعوا فِي آيَاتنَا معاجزين أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجَحِيم أخرج بن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: إِذا سَمِعت الله يَقُول {ورزق كريم} فَهِيَ الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ {معاجزين} فِي كل الْقُرْآن يَعْنِي بِأَلف وَقَالَ: مشاقين

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {معاجزين} قَالَ مراغمين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن الزبير أَنه كَانَ يقْرَأ (وَالَّذين سعوا فِي آيَاتنَا معجزين) يَعْنِي مثبطين وَأخرج بن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير: أَنه كَانَ يعجب من الَّذين يقرأُون هَذِه الْآيَة {وَالَّذين سعوا فِي آيَاتنَا معاجزين} قَالَ: لَيْسَ معاجزين من كَلَام الْعَرَب إِنَّمَا هِيَ (معجزين) يَعْنِي مثبطين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فِي آيَاتنَا معاجزين} قَالَ: مبطئين يبطئون النَّاس عَن اتِّبَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَالَّذين سعوا فِي آيَاتنَا معاجزين} قَالَ: كذبُوا بآيَات الله وظنوا أَنهم يعجزون الله وَلنْ يعجزوه

52

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته فَينْسَخ الله مَا يلقِي الشَّيْطَان ثمَّ يحكم الله آيَاته وَالله عليم حَكِيم ليجعل مَا يلقِي الشَّيْطَان فتْنَة للَّذين فِي قُلُوبهم مرض والقاسية قُلُوبهم وَإِن الظَّالِمين لفي شقَاق بعيد وليعلم الَّذين أُوتُوا الْعلم أَنه الْحق من رَبك فيؤمنوا بِهِ فتخيت لَهُ قُلُوبهم وَإِن الله لهاد الَّذين آمنُوا إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم وَلَا يزَال الَّذين كفرُوا فِي مرية مِنْهُ حَتَّى تأتيهم السَّاعَة بَغْتَة أَو يَأْتِيهم عَذَاب يَوْم عقيم الْملك يَوْمئِذٍ لله يحكم بَينهم فَالَّذِينَ آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فِي جنَّات النَّعيم وَالَّذين كفرُوا وكذبوا بِآيَاتِنَا فَأُولَئِك لَهُم عَذَاب مهين

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ يقْرَأ (وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي وَلَا مُحدث) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: إِن فِيمَا أنزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي} وَلَا مُحدث فنسخت مُحدث والمحدثون: صَاحب يس ولقمان وَهُوَ من آل فِرْعَوْن وَصَاحب مُوسَى وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: النَّبِي وَحده الَّذِي يكلم وَينزل عَلَيْهِ وَلَا يُرْسل وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق السّديّ عَن أبي صَالح قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَقَالَ الْمُشْركُونَ: ان ذكر آلِهَتنَا بِخَير ذكرنَا آلِهَته بِخَير ف {ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته} {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} النَّجْم آيَة 19 إنَّهُنَّ لفي الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى قَالَ: فَأنْزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِن أمْنِيته أَن يسلم قومه وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة بِسَنَد رِجَاله ثِقَات من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى ففرح الْمُشْركُونَ بذلك وَقَالُوا: قد ذكر آلِهَتنَا فَجَاءَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: اقْرَأ عليَّ مَا جئْتُك بِهِ فَقَرَأَ {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى فَقَالَ: مَا أَتَيْتُك بِهَذَا هَذَا من الشَّيْطَان فَأنْزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة النَّجْم فَلَمَّا بلغ هَذَا الْموضع {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} ألْقى الشَّيْطَان على لِسَانه تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى قَالُوا: مَا ذكر آلِهَتنَا بِخَير قبل الْيَوْم فَسجدَ وسجدوا

ثمَّ جَاءَهُ جِبْرِيل بعد ذَلِك قَالَ: اعْرِض عليَّ مَا جئْتُك بِهِ فَلَمَّا بلغ: تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى قَالَ لَهُ جِبْرِيل: لم آتِك بِهَذَا هَذَا من الشَّيْطَان فَأنْزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - بَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي إِذْ نزلت عَلَيْهِ قصَّة آلِهَة الْعَرَب فَجعل يتلوها فَسَمعهُ الْمُشْركُونَ فَقَالُوا: إِنَّا نَسْمَعهُ يذكر آلِهَتنَا بِخَير فدنوا مِنْهُ فَبَيْنَمَا هُوَ يتلوها وَهُوَ يَقُول: {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} ألْقى الشَّيْطَان: إِن تِلْكَ الغرانيق العلى مِنْهَا الشَّفَاعَة ترتجى فعلق يتلوها فَنزل جِبْرِيل فنسخها ثمَّ قَالَ: {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي} إِلَى قَوْله {حَكِيم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَمن طَرِيق أبي بكر الْهُذلِيّ وَأَيوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَمن طَرِيق سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَمَّن حَدثهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ سُورَة النَّجْم وَهُوَ بِمَكَّة فَأتى على هَذِه الْآيَة {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} فَألْقى الشَّيْطَان على لِسَانه: إنَّهُنَّ الغرانيق العلى فَأنْزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق يُونُس عَن ابْن شهَاب حَدثنِي أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِمَكَّة قَرَأَ سُورَة النَّجْم فَلَمَّا بلغ {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} قَالَ: إِن شفاعتهن ترتجى وسها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - ففرح الْمُشْركُونَ بذلك فَقَالَ: إِلَّا إِنَّمَا كَانَ ذَلِك من الشَّيْطَان فَأنْزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته} حَتَّى بلغ {عَذَاب يَوْم عقيم} مُرْسل صَحِيح الْإِسْنَاد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب قَالَ: لما أنزلت سُورَة النَّجْم وَكَانَ الْمُشْركُونَ يَقُولُونَ: لَو كَانَ هَذَا الرجل يذكر آلِهَتنَا بِخَير أقرنناه وَأَصْحَابه وَلَكِن لَا يذكر من خَالف دينه من الْيَهُود وَالنَّصَارَى بِمثل الَّذِي يذكر آلِهَتنَا من الشتم وَالشَّر وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد اشْتَدَّ عَلَيْهِ مَا ناله وَأَصْحَابه من أذاهم وتكذيبهم وأحزنته ضلالتهم فَكَانَ يتَمَنَّى كف أذاهم فَلَمَّا أنزل الله سُورَة النَّجْم قَالَ: {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} القى الشَّيْطَان

عِنْدهَا كَلِمَات حِين ذكر الطواغيت فَقَالَ: وانهن لَهُنَّ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لهي الَّتِي ترتجى فَكَانَ ذَلِك من سجع الشَّيْطَان وفتنه فَوَقَعت هَاتَانِ الكلمتان فِي قلب مُشْرك بِمَكَّة وذلقت بهَا ألسنتهم وتباشروا بهَا وَقَالُوا: ان مُحَمَّد قد رَجَعَ إِلَى دينه الأوّل وَدين قومه فَلَمَّا بلغ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - آخر النَّجْم سجد وَسجد كل من حضر من مُسلم ومشرك ففشت تِلْكَ الْكَلِمَة فِي النَّاس وأظهرها الشَّيْطَان حَتَّى بلغت أَرض الْحَبَشَة فَأنْزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي} فَلَمَّا بيَّن الله قَضَاءَهُ وبرأه من سجع الشَّيْطَان انْقَلب الْمُشْركُونَ بضلالتهم وعداوتهم للْمُسلمين واشتدوا عَلَيْهِ وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُوسَى بن عقبَة وَلم يذكر ابْن شهَاب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عُرْوَة مثله سَوَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ وَمُحَمّد بن قيس قَالَا: جلس رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي نَاد من أندية قُرَيْش كثير أَهله فتمنى يَوْمئِذٍ أَن لَا يَأْتِيهِ من الله شَيْء فَيَتَفَرَّقُونَ عَنهُ فَأنْزل الله عَلَيْهِ (والنجم اذا هوى) (النَّجْم آيَة 1) فقرأها رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - حَتَّى بلغ {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} النَّجْم آيَة 19 ألْقى الشَّيْطَان كَلِمَتَيْنِ: تِلْكَ الغرانيق العلى وَإِن شفاعتهن لترتجى فَتكلم بهَا ثمَّ مضى فَقَرَأَ السُّورَة كلهَا ثمَّ سجد فِي آخر السُّورَة وَسجد الْقَوْم جَمِيعًا مَعَه وَرَضوا بِمَا تكلم بِهِ فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ جِبْرِيل فَعرض عَلَيْهِ السُّورَة فَلَمَّا بلغ الْكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ألْقى الشَّيْطَان عَلَيْهِ قَالَ: مَا جئْتُك بِهَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ فَقَالَ رَسُول الله: - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - افتريت على الله وَقلت مَا لم يقل فَأوحى الله إِلَيْهِ {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك} إِلَى قَوْله (نَصِيرًا) (الْإِسْرَاء آيَة 73 - 75) فَمَا زَالَ مغموماً مهموماً من شَأْن الْكَلِمَتَيْنِ حَتَّى نزلت {وَمَا أرسلنَا من قبلك} فَسرِّي عَنهُ وَطَابَتْ نَفسه وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك: أَن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَهُوَ بِمَكَّة أنزل عَلَيْهِ فِي آلِهَة الْعَرَب فَجعل يَتْلُو اللات والعزى وَيكثر ترديدها فَسَمعهُ أهل مَكَّة وَهُوَ يذكر آلِهَتهم فَفَرِحُوا بذلك ودنوا يسمعُونَ فَألْقى الشَّيْطَان فِي تِلَاوَته: تِلْكَ الغرانيق

العلى مِنْهَا الشَّفَاعَة ترتجى فقرأها النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - كَذَلِك فَأنْزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك} إِلَى قَوْله {حَكِيم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد صَحِيح عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ لرَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -: لَو ذكرت آلِهَتنَا فِي قَوْلك قعدنا مَعَك فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعَك إِلَّا أراذل النَّاس وضعفاؤهم فَكَانُوا إِذا رأونا عنْدك تحدث النَّاس بذلك فأتوك فَقَامَ يُصَلِّي فَقَرَأَ {والنجم} حَتَّى بلغ {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} تِلْكَ الغرانيق العلى وَشَفَاعَتهنَّ ترتجى ومثلهن لَا ينسى فَلَمَّا فرغ من ختم السُّورَة سجد وَسجد الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ فَبلغ الْحَبَشَة: ان النَّاس قد أَسْلمُوا فشق ذَلِك على النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَأنْزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك} إِلَى قَوْله {عَذَاب يَوْم عقيم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: نزلت سُورَة النَّجْم بِمَكَّة فَقَالَت قُرَيْش: يَا مُحَمَّد إِنَّه يجالسك الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين ويأتيك النَّاس من أقطار الأَرْض فَإِن ذكرت آلِهَتنَا بِخَير جالسناك فَقَرَأَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - سُورَة {النَّجْم} فَلَمَّا أَتَى على هَذِه الْآيَة {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} النَّجْم آيَة 19 ألْقى الشَّيْطَان على لِسَانه: وَهِي الغرانيق العلى شفاعتهن ترتجى فَلَمَّا فرغ من السُّورَة سجد وَسجد الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ إِلَّا أَبَا احيحة [] سعيد بن الْعَاصِ فَإِنَّهُ أَخذ كفا من تُرَاب فَسجدَ عَلَيْهَا وَقَالَ: قد آن لِابْنِ أبي كَبْشَة أَن يذكر آلِهَتنَا بِخَير فَبلغ ذَلِك الْمُسلمين الَّذين كَانُوا بِالْحَبَشَةِ: أَن قُريْشًا قد أسلمت فأرادوا أَن يقبلُوا وَاشْتَدَّ على رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وعَلى أَصْحَابه مَا ألْقى الشَّيْطَان على لِسَانه فَأنْزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يُصَلِّي عِنْد الْمقَام إِذْ نعس فَألْقى الشَّيْطَان على لِسَانه كلمة فَتكلم بهَا وَتعلق بهَا الْمُشْركُونَ عَلَيْهِ فَقَالَ {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} فَألْقى الشَّيْطَان على لِسَانه ونعس وَإِن شفاعتهم لترتجى وَإِنَّهَا لمع الغرانيق العلى فحفظها الْمُشْركُونَ وَأخْبرهمْ الشَّيْطَان: أَن نَبِي الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قد قَرَأَهَا فذلت بهَا ألسنتهم فَأنْزل الله {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي} فدحر الله الشَّيْطَان ولقن نبيه حجَّته

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد: أَن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ النَّجْم فَألْقى الشَّيْطَان على فِيهِ أحكم آيَاته وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - ذَات يَوْم {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى ألكم الذّكر وَله الْأُنْثَى تِلْكَ إِذا قسْمَة ضيزى} النَّجْم آيَة 19 - 23 فَألْقى الشَّيْطَان على لِسَان رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - تِلْكَ إِذن فِي الغرانيق العلى تِلْكَ إِذن شَفَاعَة ترتجى فَفَزعَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وجزع فَأوحى الله إِلَيْهِ {وَكم من ملك فِي السَّمَاوَات لَا تغني شفاعتهم شَيْئا} النَّجْم آيَة 26 ثمَّ أوحى إِلَيْهِ فَفرج عَنهُ {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول وَلَا نَبِي إِلَّا إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته} إِلَى قَوْله {حَكِيم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: خرج النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - إِلَى الْمَسْجِد ليُصَلِّي فَبَيْنَمَا هُوَ يقْرَأ إِذْ قَالَ: {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى} فَألْقى الشَّيْطَان على لِسَانه فَقَالَ: تِلْكَ الغرانقة العلى وَإِن شفاعتهن ترتجى حَتَّى إِذا بلغ آخر السُّورَة سجد وَسجد أَصْحَابه وَسجد الْمُشْركُونَ لذكره آلِهَتهم فَلَمَّا رفع رَأسه حملوه فاشتدوا بِهِ بَين قطري مَكَّة يَقُولُونَ: نَبِي بني عبد منَاف حَتَّى إِذا جَاءَهُ جِبْرِيل عرض عَلَيْهِ فَقَرَأَ ذَيْنك الحرفين فَقَالَ جِبْرِيل معَاذ الله أَن أكون أقرأتك هَذَا فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَأنْزل الله يطيب نَفسه {وَمَا أرسلنَا من قبلك} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {إِذا تمنى ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته} يَقُول: إِذا حدّث ألْقى الشَّيْطَان فِي حَدِيثه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {إِذا تمنى} يَعْنِي بالتمني التِّلَاوَة وَالْقِرَاءَة {ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته} فِي تِلَاوَة النَّبِي {فَينْسَخ الله} ينْسَخ جِبْرِيل بِأَمْر الله {مَا يلقِي الشَّيْطَان} على لِسَان النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {إِذا تمنى} قَالَ: تكلم فِي أمْنِيته قَالَ: كَلَامه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {ليجعل مَا يلقِي الشَّيْطَان فتْنَة للَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: المُنَافِقُونَ {والقاسية قُلُوبهم} يَعْنِي الْمُشْركين {وليعلم الَّذين أُوتُوا الْعلم أَنه الْحق}

قَالَ: الْقُرْآن {وَلَا يزَال الَّذين كفرُوا فِي مرية مِنْهُ} قَالَ: من الْقُرْآن {عَذَاب يَوْم عقيم} قَالَ: لَيْسَ مَعَه لَيْلَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي {مرية مِنْهُ} قَالَ: مِمَّا جَاءَ بِهِ الْخَبيث إِبْلِيس لَا يخرج من قُلُوبهم زادهم ضَلَالَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {عَذَاب يَوْم عقيم} قَالَ: يَوْم بدر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب قَالَ: أَربع كن يَوْم بدر {أَو يَأْتِيهم عَذَاب يَوْم عقيم} ذَاك يَوْم بدر {فَسَوف يكون لزاماً} الْفرْقَان آيَة 77 ذَاك يَوْم بدر {يَوْم نبطش البطشة الْكُبْرَى} الدُّخان آيَة 16 ذَاك يَوْم بدر {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر} السَّجْدَة آيَة 21 ذَاك يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {عَذَاب يَوْم عقيم} قَالَ: يَوْم بدر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد عَذَاب {يَوْم عقيم} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة لَا لَيْلَة لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك مثله

58

- قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين هَاجرُوا فِي سَبِيل الله ثمَّ قتلوا أَو مَاتُوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وَإِن الله لَهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلًا يرضونه وَإِن الله لعليم حَلِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان الْفَارِسِي: سَمِعت رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول: من مَاتَ مرابطاً أجْرى الله عَلَيْهِ مثل ذَلِك الْأجر وأجرى عَلَيْهِ الرزق

وَأمن الفتانين وأقرأوا إِن شِئْتُم {وَالَّذين هَاجرُوا فِي سَبِيل الله ثمَّ قتلوا أَو مَاتُوا} إِلَى قَوْله: {حَلِيم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن فضَالة بن عبيد الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ: - إِنَّه كَانَ برودس - فَمروا بجنازتين: أَحدهمَا قَتِيل وَالْآخر متوفى فَمَال النَّاس على الْقَتِيل فَقَالَ فضَالة: مَا لي أرى النَّاس مالوا مَعَ هَذَا وَتركُوا هَذَا فَقَالُوا: هَذَا لقتيل فِي سَبِيل الله فَقَالَ: وَالله مَا أُبَالِي من أَي حفرتيهما بعثت اسمعوا كتاب الله {وَالَّذين هَاجرُوا فِي سَبِيل الله ثمَّ قتلوا أَو مَاتُوا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {مدخلًا يرضونه} قَالَ: الْجنَّة

60

- قَوْله تَعَالَى: ذَلِك وَمن عاقب بِمثل مَا عُوقِبَ بِهِ ثمَّ بغى عَلَيْهِ لينصرنه الله إِن الله لعفو غَفُور ذَلِك بِأَن الله يولج اللَّيْل فِي النَّهَار ويولج النَّهَار فِي اللَّيْل وَأَن الله سميع بَصِير ذَلِك بِأَن الله هُوَ الْحق وَإِن مَا يدعونَ من دونه هُوَ الْبَاطِل وَأَن الله هُوَ الْعلي الْكَبِير ألم تَرَ أَن الله أنزل من السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الأَرْض مخضرة إِن الله لطيف خَبِير لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَإِن الله لَهو الْغَنِيّ الحميد أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله: {ذَلِك وَمن عاقب} الْآيَة قَالَ: إِن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - بعث سَرِيَّة فِي لَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا من الْمحرم فَلَقوا الْمُشْركين فَقَالَ الْمُشْركُونَ بَعضهم لبَعض: قَاتلُوا أَصْحَاب مُحَمَّد فَإِنَّهُم يحرمُونَ الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام وَإِن أَصْحَاب مُحَمَّد: ناشدوهم وذكروهم بِاللَّه أَن يعرضُوا لقتالهم فَإِنَّهُم لَا يسْتَحلُّونَ الْقِتَال فِي الشَّهْر الْحَرَام إِلَّا من بادئهم وَإِن الْمُشْركين بدأوا وقاتلوهم فاستحل الصَّحَابَة قِتَالهمْ عِنْد ذَلِك فقاتلوهم ونصرهم الله عَلَيْهِم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ذَلِك وَمن عاقب} قَالَ: تعاون الْمُشْركُونَ على النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَأَصْحَابه فأخرجوه فوعد الله ان ينصره وَهُوَ فِي الْقصاص أَيْضا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن مَا يدعونَ من دونه هُوَ الْبَاطِل} قَالَ: الشَّيْطَان

65

- قَوْله تَعَالَى: ألم تَرَ أَن الله سخر لكم مَا فِي الأَرْض والفلك تجْرِي فِي الْبَحْر بأَمْره ويمسك السَّمَاء أَن تقع على الأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ إِن الله بِالنَّاسِ لرؤوف رَحِيم وَهُوَ الَّذِي أحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ إِن الْإِنْسَان لكفور أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أتيت سُلْطَانا مهيباً تخَاف أَن يَسْطُو بك فَقل: الله أكبر الله أكبر من خلقه جَمِيعًا الله أعز مِمَّن أَخَاف وَأحذر أعوذ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الممسك السَّمَوَات السَّبع أَن يقعن على الأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ من شَرّ عَبدك فلَان وَجُنُوده وأشياعه من الْجِنّ وَالْإِنْس إلهي كن لي جاراً من شرهم جلّ شَأْنك وَعز جَارك وتبارك إسمك وَلَا إِلَه غَيْرك ثَلَاث مَرَّات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {إِن الْإِنْسَان لكفور} قَالَ: يعد المصيبات وينسى النعم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن {إِن الْإِنْسَان لكفور} يَعْنِي بِهِ الْكفَّار وَالله أعلم

67

- قَوْله تَعَالَى: لكل أمة جعلنَا منسكاً هم ناسكوه فَلَا ينازعنك فِي الْأَمر وادع إِلَى رَبك إِنَّك لعلى هدى مُسْتَقِيم وَإِن جادلوك فَقل الله أعلم بِمَا تَعْمَلُونَ الله يحكم بَيْنكُم يَوْم القيامه فِيمَا كُنْتُم فِيهِ تختلفون أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْمليح قَالَ: الْأمة مَا بَين الْأَرْبَعين إِلَى الْمِائَة فَصَاعِدا

وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن الْحُسَيْن {لكل أمة جعلنَا منسكاً هم ناسكوه} قَالَ: ذبحا هم ذابحوه حَدثنِي أَبُو رَافع أَن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - كَانَ إِذا ضحى: اشْترى كبشين سمينين أملحين أقرنين فَإِذا خطب وَصلى ذبح احدهما ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ هَذَا عَن أمتِي جَمِيعًا من شهد لَك بِالتَّوْحِيدِ ولي بالبلاغ ثمَّ أَتَى بِالْآخرِ فذبحه وَقَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا عَن مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد ثمَّ يطعمهما الْمَسَاكِين وَيَأْكُل هُوَ وَأَهله مِنْهُمَا فَمَكثْنَا سنتَيْن قد كفانا الله الْغرم والمؤنة لَيْسَ أحد من بني هَاشم يُضحي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {هم ناسكوه} يَعْنِي هم ذابحوه {فَلَا ينازعنك فِي الْأَمر} يَعْنِي فِي أَمر الذَّبَائِح وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {لكل أمة جعلنَا منسكاً هم ناسكوه} قَالَ ذبحا هم ذابحوه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {منسكاً هم ناسكوه} قَالَ: اهراقه دم الْهَدْي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {لكل أمة جعلنَا منسكاً} قَالَ: ذبحا وحجاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَلَا ينازعنك فِي الْأَمر} قَول أهل الشّرك أما مَا ذبح الله بِيَمِينِهِ فَلَا تَأْكُلُونَ وَأما مَا ذبحتم بِأَيْدِيكُمْ فَهُوَ حَلَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ {وادع إِلَى رَبك} قَالَ: إِلَى دين رَبك {إِنَّك لعلى هدى} قَالَ: دين مُسْتَقِيم {وَإِن جادلوك} يَعْنِي فِي الذَّبَائِح وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن جريج {وَإِن جادلوك فَقل الله أعلم بِمَا تَعْمَلُونَ} لنا أَعمالنَا وَلكم أَعمالكُم

70

- قَوْله تَعَالَى: ألم تعلم أَن الله يعلم مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِن ذَلِك فِي كتاب إِن ذَلِك على الله يسير ويعبدون من دون الله مَا لم ينزل بِهِ سُلْطَانا وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ علم وَمَا للظالمين من نصير

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خلق الله اللَّوْح الْمَحْفُوظ لمسيرة مائَة عَام وَقَالَ: للقلم - قبل أَن يخلق الْخلق وَهُوَ على الْعَرْش - اكْتُبْ قَالَ: مَا أكتب قَالَ: علمي فِي خلقي إِلَى يَوْم تقوم السَّاعَة فَجرى الْقَلَم بِمَا هُوَ كَائِن فِي علم الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَذَلِك قَوْله للنَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - {ألم تعلم أَن الله يعلم مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض} يَعْنِي مَا فِي السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع {إِن ذَلِك} الْعلم {فِي كتاب} يَعْنِي فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ مَكْتُوب قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرضين {إِن ذَلِك على الله يسير} يَعْنِي هَين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: سيفتح الله على أمتِي بَابا من الْقدر فِي آخر الزَّمَان لَا يسده شَيْء ويكفيكم من ذَلِك أَن تَقولُوا: {ألم تعلم أَن الله يعلم مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِن ذَلِك فِي كتاب إِن ذَلِك على الله يسير} وَأخرج اللالكائي فِي السّنة من طَرِيق آخر عَن سُلَيْمَان بن جَعْفَر الْقرشِي مَرْفُوعا مثله مُرْسلا

72

- قَوْله تَعَالَى: وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا بَيِّنَات تعرف فِي وُجُوه الَّذين كفرُوا الْمُنكر يكادون يسطون بالذين يَتلون عَلَيْهِم آيَاتنَا قل أفأنبئكم بشر من ذَلِكُم النَّار وعدها الله الَّذين كفرُوا وَبئسَ الْمصير أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يكادون يسطون} قَالَ: يبطشون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {يكادون يسطون} قَالَ: يبطشون كفار قُرَيْش وَالله أعلم

73

- قَوْله تَعَالَى: ياأيها النَّاس ضرب مثل فَاسْتَمعُوا لَهُ إِن الَّذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا وَلَو اجْتَمعُوا لَهُ وَإِن يسلبهم الذُّبَاب شَيْئا لَا يستنقذوه مِنْهُ ضعف الطَّالِب وَالْمَطْلُوب ماقدروا الله حق قدره إِن الله لقوي عَزِيز

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَا أَيهَا النَّاس ضرب مثل فَاسْتَمعُوا لَهُ} قَالَ: نزلت فِي صنم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ {ضعف الطَّالِب} آلِهَتكُم {وَالْمَطْلُوب} الذُّبَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لن يخلقوا ذباباً} يَعْنِي الصَّنَم لَا يخلق ذباباً {وَإِن يسلبهم الذُّبَاب شَيْئا} يَقُول: يَجْعَل للأصنام طَعَام فَيَقَع عَلَيْهِ الذُّبَاب فيأكل مِنْهُ فَلَا يَسْتَطِيع أَن يستنقذه مِنْهُ ثمَّ رَجَعَ إِلَى النَّاس وَإِلَى الْأَصْنَام {ضعف الطَّالِب} الَّذِي يطْلب إِلَى هَذَا الصَّنَم الَّذِي لَا يخلق ذباباً وَلَا يَسْتَطِيع أَن يستنقذ مَا سلب مِنْهُ وضعف {وَالْمَطْلُوب} إِلَيْهِ الَّذِي لَا يخلق ذباباً وَلَا يستنقذ مَا سلب مِنْهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين تدعون من دون الله} إِلَى قَوْله: {لَا يستنقذوه مِنْهُ} قَالَ: الْأَصْنَام ذَلِك الشَّيْء من الذُّبَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {مَا قدرُوا الله حق قدره} قَالَ: حِين يعْبدُونَ مَعَ الله مَا لَا ينتصف من الذُّبَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن طَارق بن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ سلمَان دخل رجل الْجنَّة فِي ذُبَاب وَدخل رجل النَّار فِي ذُبَاب قَالُوا: وَمَا الذُّبَاب فَرَأى ذباباً على ثوب إِنْسَان فَقَالَ: هَذَا الذُّبَاب قَالُوا: وَكَيف ذَلِك قَالَ: مر رجلَانِ مسلمان على قوم يعكفون على صنم لَهُم لَا يُجَاوِزهُ أحد حَتَّى يقرب لَهُ شَيْئا فَقَالُوا لَهما: قربا لصنمنا قربانا قالاك لَا نشْرك بِاللَّه شَيْئا قَالُوا: قربا مَا شئتما وَلَو ذباباً فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: مَا ترى قَالَ أَحدهمَا: لَا أشرك بِاللَّه شَيْئا فَقتل فَدخل الْجنَّة فَقَالَ الآخر: بِيَدِهِ على وَجهه فَأخذ ذباباً فَأَلْقَاهُ على الصَّنَم فَخلوا سَبيله فَدخل النَّار

75

- قَوْله تَعَالَى: الله يصطفي من الْمَلَائِكَة رسلًا وَمن النَّاس إِن الله سميع بَصِير يعلم مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور ياأيها الَّذين آمنُوا ارْكَعُوا واسجدوا واعبدوا ربكُم وافعلوا الْخَيْر لَعَلَّكُمْ تفلحون

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رصي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الَّذِي {يصطفى} من النَّاس هم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -: إِن الله اصْطفى مُوسَى بالْكلَام وَإِبْرَاهِيم بالخلة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: مُوسَى بن عمرَان صفي الله وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه والباوردي وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخلت على رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي مَسْجِد الْمَدِينَة فَجعل يَقُول: أَيْن فلَان أَيْن فلَان فَلم يزل يتفقدهم وَينصب إِلَيْهِم حَتَّى اجْتَمعُوا عِنْده فَقَالَ: إِنِّي محدثكم بِحَدِيث فاحفظوه وعوه وَحَدثُوا بِهِ من بعدكم إِن الله اصْطفى من خلقه خلقا ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {الله يصطفي من الْمَلَائِكَة رسلًا وَمن النَّاس} خلقا يدخلهم الْجنَّة وَإِنِّي مصطفٍ مِنْكُم من أحب أَن اصطفيه ومؤاخ بَيْنكُم كَمَا آخى الله بَين الْمَلَائِكَة قُم يَا أَبَا بكر فَقَامَ فَجَثَا بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: إِن لَك عِنْدِي يدا أَن الله يجْزِيك بهَا فَلَو كنت متخذاً خَلِيلًا لاتخذتك خَلِيلًا فَأَنت مني بِمَنْزِلَة قَمِيصِي من جَسَدِي وحرك قَمِيصه بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: ادن يَا عمر فَدَنَا ثمَّ قَالَ: ادن يَا عمر فَدَنَا ثمَّ قَالَ: كنت شَدِيد الثغب علينا أَبَا حَفْص فدعوت الله أَن يعز الدّين بك أَو بِأبي جهل فَفعل الله ذَلِك لَك وَكنت أحبهما إليّ فَأَنت معي فِي الْجنَّة ثَالِث ثَلَاثَة من هَذِه الْأمة ثمَّ تنحى وآخى بَينه وَبَين أبي بكر ثمَّ دَعَا عُثْمَان بن عَفَّان فَقَالَ: ادن يَا عُثْمَان ادن يَا عُثْمَان فَلم يزل يدنو مِنْهُ حَتَّى ألصق ركبته بركبة رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - ثمَّ نظر اليه ثمَّ نظر إِلَى السَّمَاء فَقَالَ: سُبْحَانَ الله الْعَظِيم ثَلَاث مَرَّات ثمَّ نظر إِلَى عُثْمَان فَإِذا ازراره محلولة فزرها رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - بِيَدِهِ ثمَّ قالك اجْمَعْ عطفي ردائك على نحرك فَإِن لَك شَأْنًا فِي أهل السَّمَاء أَنْت مِمَّن يرد عليّ الْحَوْض وأوداجه تشخب دَمًا فَأَقُول من فعل هَذَا بك فَتَقول فلَان وَذَلِكَ كَلَام جِبْرِيل وَذَلِكَ إِذا هتف من السَّمَاء: إِلَّا أَن عُثْمَان أَمِير على كل خاذل ثمَّ دَعَا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَالَ: ادن ياأمين الله والامين فِي السَّمَاء يُسَلط الله على مَالك بِالْحَقِّ أما ان لَك عِنْدِي دَعْوَة وَقد أخرتها قالك خر لي يَا رَسُول الله قَالَ: حَملتنِي يَا عبد الرَّحْمَن أَمَانَة أَكثر

الله مَالك وَجعل يُحَرك يَده ثمَّ تنحى وآخى بَينه وَبَين عُثْمَان ثمَّ دخل طَلْحَة وَالزُّبَيْر فَقَالَ: ادْنُوا مني فدنوا مِنْهُ فَقَالَ: أَنْتُمَا حوارِي كحواري عِيسَى بن مَرْيَم ثمَّ آخى بَينهمَا ثمَّ دَعَا سعد بن أبي وَقاص وعمار بن يَاسر فَقَالَ: يَا عمار تقتلك الفئة الباغية ثمَّ آخى بَينهمَا ثمَّ دَعَا أَبَا الدَّرْدَاء وسلمان الْفَارِسِي فَقَالَ: يَا سلمَان أَنْت منا أهل الْبَيْت وَقد آتاك الله الْعلم الأول وَالْعلم الآخر وَالْكتاب الأول وَالْكتاب الآخر ثمَّ قَالَ إِلَّا أنْشدك يَا أَبَا الدَّرْدَاء قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: إِن تنقدهم ينقدوك وَإِن تتركهم لَا يتركوك وَإِن تهرب مِنْهُم يدركوك فاقرضهم عرضك ليَوْم فقرك فآخى بَينهمَا ثمَّ نظر فِي وُجُوه أَصْحَابه فَقَالَ: ابشروا وقروا عينا فَأنْتم أول من يرد عليّ الْحَوْض وَأَنْتُم فِي أَعلَى الغرف ثمَّ نظر إِلَى عبد الله بن عمر فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي يهدي من الضَّلَالَة فَقَالَ عَليّ: يَا رَسُول الله ذهب روحي وَانْقطع ظَهْري حِين رَأَيْتُك فعلت مَا فعلت بِأَصْحَابِك غَيْرِي فَإِن كَانَ من سخط عَليّ فلك العتبى والكرامة فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ وَمَا أخرتك إِلَّا لنَفْسي فَأَنت عِنْدِي بِمَنْزِلَة هرون من مُوسَى ووارثي فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا أرث مِنْك قَالَ: مَا ورثت الْأَنْبِيَاء قَالَ: وَمَا ورثت الْأَنْبِيَاء قبلك قَالَ: كتاب الله وَسنة نَبِيّهم وَأَنت معي فِي قصري فِي الْجنَّة مَعَ فَاطِمَة ابْنَتي وَأَنت أخي ورفيقي ثمَّ تَلا رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - هَذِه الْآيَة {اخواناً على سرر مُتَقَابلين} الاخلاء فِي الله ينظر بَعضهم إِلَى بعض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ارْكَعُوا} قَالَ إِنَّمَا هِيَ أدب وموعظة

78

- قَوْله تَعَالَى: وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده هُوَ اجتباكم وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج مِلَّة أبيكم إِبْرَاهِيم هُوَ سَمَّاكُم الْمُسلمين من قبل وَفِي هَذَا ليَكُون الرَّسُول شَهِيدا عَلَيْكُم وتكونوا شُهَدَاء على النَّاس فأقيموا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة واعتصموا بِاللَّه هُوَ مولاكم فَنعم الْمولى وَنعم النصير

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: قَالَ لي عمر أَلسنا كُنَّا نَقْرَأ فِيمَا نَقْرَأ {وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده} فِي آخر الزَّمَان كَمَا جاهدتم فِي أَوله قلت: بلَى فَمَتَى هَذَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: إِذا كَانَت بَنو أُميَّة الْأُمَرَاء وَبَنُو الْمُغيرَة الوزراء وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ: قَالَ عمر لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَذكره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده} قَالَ: جاهدوا عَدو مُحَمَّد حَتَّى يدخلُوا فِي الإِسلام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده} قَالَ: ان الرجل ليجاهد فِي الله حق جهاده وَمَا ضرب بِسيف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ {وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده} يَعْنِي الْعَمَل أَن يجتهدوا فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده} قَالَ: يطاع فَلَا يعْصى وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج - رَضِي الله عَنهُ - {وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده} قَالَ: لَا تخافوا فِي الله لومة لائم {هُوَ اجتباكم} قَالَ: استخلصكم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن فضَالة بن عبيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - الْمُجَاهِد من جَاهد نَفسه فِي طَاعَة الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - انها سَأَلت النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - عَن هَذِه الْآيَة {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} قَالَ: من ضيق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة لِابْنِ عَبَّاس أما علينا فِي الدّين من حرج فِي أَن نَسْرِق أَو نزني قَالَ: بلَى قَالَ: {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} قَالَ: الأصر الَّذِي كَانَ على بني إِسْرَائِيل وضع عَنْكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن شهَاب أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول: فِي

قَوْله: {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} توسعة الْإِسْلَام مَا جعل الله من التَّوْبَة وَمن الْكَفَّارَات وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عُثْمَان بن بشار عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} قَالَ: هَذَا فِي هِلَال رَمَضَان إِذا شكّ فِيهِ النَّاس وَفِي الْحَج إِذا شكوا فِي الْهلَال وَفِي الْأَضْحَى وَفِي الْفطر وَفِي أشباهه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق سعيد بن جُبَير أَن ابْن عَبَّاس سُئِلَ عَن الْحَرج فَقَالَ: ادعوا لي رجلا من هُذَيْل فَجَاءَهُ فَقَالَ: مَا الْحَرج فِيكُم فَقَالَ: الحرجة من الشّجر الَّتِي لَيْسَ لَهَا مخرج فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا الْحَرج الَّذِي لَيْسَ لَهُ مخرج وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق عبيد الله بن أبي يزِيد أَن ابْن عَبَّاس سُئِلَ عَن الْحَرج فَقَالَ: هَهُنَا أحد من هُذَيْل فَقَالَ رجل: أَنا فَقَالَ: مَا تَعدونَ الحرجة فِيكُم قَالَ: الشَّيْء الضّيق قَالَ: هُوَ ذَاك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: الْحَرج الضّيق لم يَجعله ضيقا وَلكنه جعله وَاسِعًا أحل لكم من النِّسَاء مثنى وَثَلَاث وَربَاع {وَمَا ملكت أَيْمَانكُم} {حرم عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير} وَأخرج مُحَمَّد بن يحيى الذهلي فِي الزهريات وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن شهَاب قَالَ: سَأَلَ عبد الْملك بن مَرْوَان عَليّ بن عبد الله عَن هَذِه الْآيَة {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} فَقَالَ عَليّ بن عبد الله: الْحَرج الضّيق جعل الله الْكَفَّارَات مخرجا من ذَلِك سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول ذَلِك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر قَالَ: قَرَأَ عمر بن الْخطاب هَذِه الْآيَة {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} ثمَّ قَالَ: ادعوا لي رجلا من بني مُدْلِج قَالَ عمر: مَا الْحَرج فِيكُم قَالَ: الضّيق وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: غَابَ عَنَّا رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَوْمًا فَلم يخرج حَتَّى ظننا أَن لن يخرج فَلَمَّا خرج سجد سَجْدَة فظننا أَن نَفسه قد قبضت فَلَمَّا رفع رَأسه قَالَ: إِن رَبِّي عز وَجل إستشارني فِي أمتِي مَاذَا أفعل بهم

فَقلت: مَا شِئْت أَي رب هم خلقك وعبادك فاستشارني الثَّانِيَة فَقلت لَهُ كَذَلِك فَقَالَ: لَا أخزيك فِي أمتك يَا مُحَمَّد وبشرني: إِن أول من يدْخل الْجنَّة من أمتِي معي سَبْعُونَ ألفا مَعَ كل ألف سَبْعُونَ ألفا لَيْسَ عَلَيْهِم حِسَاب ثمَّ أرسل إِلَيّ ادْع تجب وسل تعط فَقلت لرَسُوله: أَو معطي رَبِّي سؤلي قَالَ: مَا أَرْسلنِي إِلَيْك إِلَّا ليعطيك وَلَقَد أَعْطَانِي رَبِّي عز وَجل وَلَا فَخر وَغفر لي مَا تقدم من ذَنبي وَمَا تأخروأنا أَمْشِي حَيَاء وَأَعْطَانِي أَن لَا تجوع أمتِي وَلَا تغلبوأعطاني الْكَوْثَر فَهُوَ نهر فِي الْجنَّة يسيل فِي حَوْضِي وَأَعْطَانِي الْعِزّ والنصر والرعب يسْعَى بَين يَدي أمتِي شهرا وَأَعْطَانِي: أَنِّي أول الْأَنْبِيَاء أَدخل الْجنَّة وَطيب لي ولأمتي الْغَنِيمَة وَأحل لنا كثيرا مِمَّن شدد على من قبلنَا وَلم يَجْعَل علينا من حرج فَلم أجد لي شكرا إِلَّا هَذِه السَّجْدَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله: {وَمَا جعل عَلَيْكُم فِي الدّين من حرج} يَقُول: لم يضيق الدّين عَلَيْكُم وَلَكِن جعله وَاسِعًا لمن دخله وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ مِمَّا فرض عَلَيْهِم فِيهِ إِلَّا سَاق إِلَيْهِم عِنْد الِاضْطِرَار رخصَة والرخصة فِي الدُّنْيَا فِيهَا وسع عَلَيْهِم رَحْمَة مِنْهُ إِذا فرض عَلَيْهِم الصَّلَاة فِي الْمقَام أَربع رَكْعَات وَجعلهَا فِي السّفر رَكْعَتَيْنِ وَعند الْخَوْف من الْعَدو رَكْعَة ثمَّ جعل فِي وجهة رخصَة أَن يوميء إِيمَاء أَن لم يَسْتَطِيع السُّجُود فِي أَي نَحْو كَانَ وَجهه لمن تجَاوز عَن السَّيِّئَات مِنْهُ وَالْخَطَأ وَجعل فِي الْوضُوء وَالْغسْل رخصَة إِذا لم يجد المَاء أَن يتيمموا الصَّعِيد وَجعل الصّيام على الْمُقِيم وَاجِبا وَرخّص فِيهِ للْمَرِيض وَالْمُسَافر عدَّة من أَيَّام أخر فَمن لم يطق فإطعام مِسْكين مَكَان كل يَوْم وَجعل فِي الْحَج رخصَة إِن لم يجد زاداً أَو حملاناً أَو حبس دونه وَجعل فِي الْجِهَاد رخصَة إِن لم يجد حملاناً أَو نَفَقَة وَجعل عِنْد الْجهد والاضطرار من الْجُوع: أَن رخص فِي الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير قدر مَا يرد نَفسه لَا يَمُوت جوعا فِي أشباه هَذَا فِي الْقُرْآن وسعة الله على هَذِه الْأمة رخصَة مِنْهُ سَاقهَا إِلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {مِلَّة أبيكم إِبْرَاهِيم} قَالَ: دين أبيكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {هُوَ سَمَّاكُم الْمُسلمين من قبل} قَالَ الله عز وَجل {سَمَّاكُم}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {هُوَ سَمَّاكُم الْمُسلمين} قَالَ الله عز وَجل {سَمَّاكُم الْمُسلمين من قبل} قَالَ الْكتب كلهَا وَفِي الذّكر {وَفِي هَذَا} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {هُوَ سَمَّاكُم} قَالَ الله {سَمَّاكُم الْمُسلمين من قبل وَفِي هَذَا} أَي فِي كتابكُمْ: {ليَكُون الرَّسُول شَهِيدا عَلَيْكُم} أَنه قد بَلغَكُمْ {وتكونوا شُهَدَاء على النَّاس} أَن رسلهم قد بلغتهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان فِي قَوْله: {هُوَ سَمَّاكُم الْمُسلمين} قَالَ الله عز وَجل {من قبل} قَالَ: فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل {وَفِي هَذَا} قَالَ: الْقُرْآن {ليَكُون الرَّسُول شَهِيدا عَلَيْكُم} قَالَ: بأعمالكم {وتكونوا شُهَدَاء على النَّاس} قَالَ: على الْأُمَم بِأَن الرُّسُل قد بلغتهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: لم يذكر الله بِالْإِسْلَامِ وَالْإِيمَان غير هَذِه الْأمة ذكرت بهما جَمِيعًا وَلم يسمع بِأمة ذكرت بِالْإِسْلَامِ وَالْإِيمَان غَيرهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {هُوَ سَمَّاكُم الْمُسلمين} قَالَ إِبْرَاهِيم: أَلا ترى إِلَى قَوْله {رَبنَا واجعلنا مُسلمين لَك} الْآيَة: كلهَا وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن حبَان وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ والموصلي وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان والباوردي وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ عَن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: من دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ من جثاء جَهَنَّم قَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَإِن صَامَ وصلّى قَالَ: نعم فَادعوا بدعوة الله الَّتِي سَمَّاكُم بهَا الْمُسلمين وَالْمُؤمنِينَ عباد الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن يزِيد الْأنْصَارِيّ قَالَ: تسموا بأسمائكم الَّتِي سَمَّاكُم الله بهَا: بالحنيفية وَالْإِسْلَام وَالْإِيمَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَإِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده عَن مَكْحُول: أَن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: تسمى الله باسمين سمى بهما أمتِي: هُوَ السَّلَام وسمى أمتِي الْمُسلمين وَهُوَ الْمُؤمن وسمى أمتِي الْمُؤمنِينَ وَالله تَعَالَى أعلم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم سُورَة الْمُؤْمِنُونَ مَكِّيَّة وآياتها ثَمَانِي عشرَة وَمِائَة مُقَدّمَة سُورَة الْمُؤْمِنُونَ أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة الْمُؤمنِينَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالشَّافِعِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة والطَّحَاوِي وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن ثَابت قَالَ صلى النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -: بِمَكَّة الصُّبْح فَاسْتَفْتَحَ سُورَة الْمُؤمنِينَ حَتَّى إِذا جَاءَ ذكر مُوسَى وَهَارُون أَو ذكر عِيسَى أَخَذته سعلة فَرَكَعَ

المؤمنون

- قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ أخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر والعقيلي وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: كَانَ إِذا انْزِلْ على رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - الْوَحْي يسمع عِنْد وَجهه كَدَوِيِّ النَّحْل فَأنْزل عَلَيْهِ يَوْمًا فَمَكثْنَا سَاعَة فَسرِّي عَنهُ فَاسْتقْبل الْقبْلَة فَرفع يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تُنْقِِِِِِِِصْنَا وَأَكْرمنَا وَلَا تهنا وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمنَا وَآثرنَا وَلَا تُؤثر علينا وَارْضَ عَنَّا وَأَرْضنَا ثمَّ قَالَ: لقد أنزلت عَليّ عشر آيَات من أَقَامَهُنَّ دخل الْجنَّة ثمَّ قَرَأَ {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} حَتَّى ختم الْعشْر وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن يزِيد بن بابنوس قَالَ: قُلْنَا لعَائِشَة كَيفَ كَانَ خلق رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: كَانَ خلقه الْقُرْآن ثمَّ قَالَت: تقْرَأ سُورَة الْمُؤْمِنُونَ {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} فَقَرَأَ حَتَّى بلغ الْعشْر فَقَالَت: هَكَذَا كَانَ خلق رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - واخرج ابْن عدي وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - خلق الله جنَّة عدن وغرس أشجارها بِيَدِهِ وَقَالَ لَهَا: تكلمي فَقَالَت {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة وَابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث ابْن عَبَّاس مثله

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} قَالَ: قَالَ كَعْب: لم يخلق الله بِيَدِهِ إِلَّا ثَلَاثَة خلق آدم بِيَدِهِ والتوراة بِيَدِهِ وغرس جنَّة عدن بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: تكلمي فَقَالَت: {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} لما علمت فِيهَا من الْكَرَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: لما غرس الله الْجنَّة نظر إِلَيْهَا فَقَالَ: {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: لما خلق الله الْجنَّة قَالَ {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} وَأنزل الله بِهِ قُرْآنًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} يَعْنِي: سعد المصدقون بتوحيد الله وَأخرج عبد بن حميد عَن طَلْحَة بن مصرف أَنه كَانَ يقْرَأ {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} بِرَفْع أَفْلح وَأخرج عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ بِنصب (أَفْلح) وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ} قَالَ: فازوا وسعدوا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول لبيد فاعقلي إِن كنت مَا تعقلي وَلَقَد أَفْلح من كَانَ عقل

2

- قَوْله تَعَالَى: الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُحَمَّد ابْن سِيرِين قَالَ: نبئت أَن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - كَانَ إِذا صلى يرفع بَصَره إِلَى السَّمَاء فَنزلت {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي مراسيله وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من وَجه آخر عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - إِذا قَامَ فِي الصَّلَاة نظر هَكَذَا وَهَكَذَا يَمِينا وَشمَالًا فَنزلت {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} فحنى رَأسه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يرفعون أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة ويلتفتون يَمِينا وَشمَالًا فَأنْزل الله {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} فَقَالُوا برؤوسهم فَلم يرفعوا أَبْصَارهم بعد ذَلِك فِي الصَّلَاة وَلم يلتفتوا يَمِينا وَلَا شمالاً

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين قَالَ كَانَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - رُبمَا ينظر إِلَى الشَّيْء فِي الصَّلَاة فَرفع بَصَره حَتَّى نزلت آيَة إِن لم تكن هَذِه فَلَا أَدْرِي مَا هِيَ {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} فَوضع رَأسه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - كَانَ إِذا صلى رفع بَصَره إِلَى السَّمَاء فَنزلت {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} فطأطأ رَأسه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر فِي قَوْله {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} قَالَ: كَانُوا إِذا قَامُوا فِي الصَّلَاة اقْبَلُوا على صلَاتهم وخفضوا أَبْصَارهم إِلَى مَوضِع سجودهم وَعَلمُوا أَن الله يقبل عَلَيْهِم فَلَا يلتفتون يَمِينا لَوْلَا شمالاً وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} قَالَ: الْخُشُوع فِي الْقلب وَإِن تلين كنفك للمرء الْمُسلم وَأَن لَا تلْتَفت فِي صَلَاتك وَأخرج ابْن جرير وان الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} قَالَ: خائفون ساكنون وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - تعوذوا بِاللَّه من خشوع النِّفَاق قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا خشوع النِّفَاق قَالَ: خشوع الْبدن ونفاق الْقلب وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: استعيذوا بِاللَّه من خشوع النِّفَاق قيل لَهُ: وَمَا خشوع النِّفَاق قَالَ: إِن ترى الْجَسَد خَاشِعًا وَالْقلب لَيْسَ بخاشع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: الْخُشُوع فِي الْقلب هُوَ الْخَوْف وغض الْبَصَر فِي الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} قَالَ: الْخُشُوع فِي الْقلب وَقَالَ: ساكتون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} قَالَ: كَانَ خشوعهم فِي قُلُوبهم فغضوا بذلك أَبْصَارهم وخفضوا لذَلِك الْجنَاح

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ {الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} قَالَ: هُوَ سُكُون الْمَرْء فِي صلَاته وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: الْخُشُوع فِي الصَّلَاة السُّكُوت فِيهَا وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن مُجَاهِد عَن عبد الله بن الزبير أَنه كَانَ يقوم للصَّلَاة كَأَنَّهُ عود وَكَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يفعل ذَلِك وَقَالَ مُجَاهِد: هُوَ الْخُشُوع فِي الصَّلَاة واخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ من طَرِيق الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن أَسمَاء بنت أبي بكر عَن أم رُومَان وَالِدَة عَائِشَة قَالَت: رَآنِي أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أتميل فِي صَلَاتي فزجرني زَجْرَة كدت أنصرف من صَلَاتي قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يَقُول إِذا قَامَ أحدكُم فِي الصَّلَاة فليسكن أَطْرَافه لَا يتميل الْيَهُود فَإِن سُكُون الْأَطْرَاف فِي الصَّلَاة من تَمام الصَّلَاة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَنه رأى رجلا يعبث بحليته فِي صلَاته فَقَالَ: لَو خشع قلب هَذَا خَشَعت جوارحه وَأخرج ابْن سعد عَن أبي قلَابَة قَالَ: سَأَلت مُسلم بن يسَار عَن الْخُشُوع فِي الصَّلَاة فَقَالَ: تضع بَصرك حَيْثُ تسْجد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: سَأَلت رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - عَن الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة فَقَالَ: هُوَ اختلاس يختلسه الشَّيْطَان من صَلَاة العَبْد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ فِي مَرضه (اقعدوني اقعدوني فَإِن عِنْدِي وَدِيعَة أودعتها رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: لَا يلْتَفت أحدكُم فِي صلَاته فَإِن كَانَ لَا بُد فَاعِلا فَفِي غير مَا افْترض الله عَلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة من طَرِيق عَطاء قَالَ سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: إِذا صليت فَإِن رَبك أمامك وَأَنت مناجيه فَلَا تلْتَفت قَالَ عَطاء: وَبَلغنِي أَن الرب يَقُول: يَا ابْن آدم إِلَى من تلْتَفت أَنا خير لَك مِمَّن تلْتَفت إِلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: اياكم والالتفاف فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ لَا صَلَاة للمتلفت وَإِذا غلبتم على تطوع فَلَا تغلبُوا على الْمَكْتُوبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الله لَا يزَال مُقبلا على العَبْد

مَا دَامَ فِي صلَاته مَا لم يحدث أَو يلْتَفت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن منقذ قَالَ: إِذا قَامَ الرجل إِلَى الصَّلَاة أقبل الله عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ فَإِذا الْتفت أعرض عَنهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: إِذا قَامَ الرجل فِي الصَّلَاة أقبل الله عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ مَا لم يلْتَفت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الحكم قَالَ: إِن من تَمام الصَّلَاة أَن لَا تعرف من عَن يَمِينك وَلَا من عَن شمالك وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق جُبَير بن نفير بن عَوْف بن مَالك أَن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - نظر إِلَى السَّمَاء يَوْمًا فَقَالَ: هَذَا أَوَان مَا يرفع الْعلم فَقَالَ لَهُ رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ ابْن لبيد: يَا رَسُول الله كَيفَ يرفع وَقد أثبت فِي الْكتب ووعته الْقُلُوب فَقَالَ: إِن كنت لَا حَسبك من أفقه أهل الْمَدِينَة ثمَّ ذكر ضَلَالَة الْيَهُود وَالنَّصَارَى على مَا فِي أَيْديهم من كتاب الله قَالَ: فَلَقِيت شَدَّاد بن أَوْس فَحَدَّثته فَقَالَ: صدق عَوْف أَلا أخْبرك بِأول ذَلِك قلتُ: بلَى قَالَ: الْخُشُوع حَتَّى لَا ترى خَاشِعًا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق جُبَير بن نفير عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فشخص ببصره إِلَى السَّمَاء ثمَّ قَالَ: هَذَا أَوَان يختلس الْعلم من النَّاس حَتَّى لَا يقدروا مِنْهُ على شَيْء فَقَالَ زِيَاد بن لبيد: يَا رَسُول الله وَكَيف يختلس الْعلم منا وَقد قَرَأنَا الْقُرْآن فو الله لنقرأنه ولنقرئنه نِسَاءَنَا وابناءنا فَقَالَ: ثكلتك أمك يَا زِيَاد إِن كنت لَا عدك من فُقَهَاء أهل الْمَدِينَة هَذَا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل عِنْد الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَمَاذَا يُغني عَنْهُم فَلَقِيت عبَادَة بن الصَّامِت فَقلت لَهُ: أَلا تسمع مَا يَقُول أَخُوك أَبُو الدَّرْدَاء وأخبرته فَقَالَ صدق وَإِن شِئْت لأحَدِّثَنَّكَ بِأول علم يرفع من النَّاس الْخُشُوع يُوشك أَن تدخل الْمَسْجِد فَلَا ترى فِيهِ رجلا خَاشِعًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة قَالَ: أول مَا تَفْقِدُونَ من دينكُمْ الْخُشُوع وَآخر مَا تَفْقِدُونَ من دينكُمْ الصَّلَاة ولَتَنْقُضَنَّ عُرا الْإِسْلَام عُرْوَة عُرْوَة ولْيُصَلِّيَنَّ النِّسَاء وَهن حيض ولَتَسْلُكَنَّ طَرِيق من كَانَ قبلكُمْ حَذْو القِذة بالقذة وحذو النَّعْل بالنعل لَا تخطو طريقهم وَلَا تخطىء بكم حَتَّى تبقى فرقتان من فرق كَثِيرَة تَقول إِحْدَاهمَا: مَا بَال الصَّلَاة الْخمس لقد ضل من كَانَ قبلنَا إِنَّمَا قَالَ الله {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل} هود الْآيَة 114 لَا تصلوا إِلَّا ثَلَاثًا وَتقول الْأُخْرَى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّه

كَإِيمَانِ الْمَلَائِكَة لَا فِينَا كَافِر وَلَا مُنَافِق حق على الله أَن يحشرها مَعَ الدَّجَّال وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْيُسْر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مِنْكُم من يُصَلِّي الصَّلَاة كَامِلَة ومنكم من يُصَلِّي النّصْف وَالثلث وَالرّبع حَتَّى بلغ الْعشْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَابْن ماجة عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لينتهين قوم يرفعون أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة أَو لَا ترجع إِلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا بَال أَقوام يرفعون أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء فِي صلَاتهم فَاشْتَدَّ فِي ذَلِك حَتَّى قَالَ: لينتهن عَن ذَلِك أَو لَتُخْطَفَنَّ أبصارُهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لينتهين أَقوام يرفعون أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة أَو لَا ترجع إِلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة قَالَ: أما يخْشَى أحدكُم إِذا رفع بَصَره إِلَى السَّمَاء أَن لَا يرجع إِلَيْهِ بَصَره يَعْنِي وَهُوَ فِي الصَّلَاة

3

- قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين هم عَن اللَّغْو معرضون وَالَّذين هم لِلزَّكَاةِ فاعلون وَالَّذين هم لفروجهم حافظون إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم فَإِنَّهُم غير ملومين فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك فَأُولَئِك هم العادون وَالَّذين هم لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدهمْ رَاعُونَ وَالَّذين هم على صلواتهم يُحَافِظُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين هم عَن اللَّغْو معرضون} قَالَ: الْبَاطِل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {وَالَّذين هم عَن اللَّغْو} قَالَ: عَن الْمعاصِي وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالَّذين هم عَن اللَّغْو معرضون} قَالَ: أَتَاهُم وَالله من أَمر الله مَا وقذهم عَن الْبَاطِل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَالَّذين هم لِلزَّكَاةِ فاعلون} يَعْنِي: الْأَمْوَال {وَالَّذين هم لفروجهم حافظون} يَعْنِي: الْفَوَاحِش {إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم} يَعْنِي وَلَا ئدهم {فَإِنَّهُم غير ملومين} قَالَ:

لَا يلومون على جماع أَزوَاجهم وولائدهم {فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك} يَعْنِي فَمن طلب الْفَوَاحِش بعد الْأزْوَاج والولائد طلب مَا لم يحل {فَأُولَئِك هم العادون} يَعْنِي: الْمُعْتَدِينَ فِي دينهم {وَالَّذين هم لِأَمَانَاتِهِمْ} يَعْنِي بِهَذَا مَا ائتمنوا عَلَيْهِ فِيمَا بَينهم وَبَين النَّاس {وَعَهْدهمْ} قَالَ: يُوفونَ الْعَهْد {رَاعُونَ} قَالَ: حافظوْن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {إِلَّا على أَزوَاجهم} يَعْنِي إِلَّا من امْرَأَته {أَو مَا ملكت أَيْمَانهم} قَالَ: أمته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: كل فرج عَلَيْك حرَام إِلَّا فرجين قَالَ الله {إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك فَأُولَئِك هم العادون} يَقُول: من تعدى الْحَلَال أَصَابَهُ الْحَرَام وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الرَّحْمَن فِي قَوْله {فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك فَأُولَئِك هم العادون} قَالَ: الزِّنَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: سُئِلت عَائِشَة عَن مُتْعَة النِّسَاء فَقَالَت: بيني وَبَيْنكُم كتاب الله وقرأت {وَالَّذين هم لفروجهم حافظون إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم} فَمن ابْتغى وَرَاء مَا زوجه الله أَو ملكه فقد عدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن الْقَاسِم بن محمدأنه سُئِلَ عَن الْمُتْعَة فَقَالَ: إِنِّي لَا أرى تَحْرِيمهَا فِي الْقُرْآن ثمَّ تَلا {وَالَّذين هم لفروجهم حافظون إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة قَالَ: تسرت امْرَأَة غُلَاما لَهَا فَذكرت لعمر رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلَهَا: مَا حملك على هَذَا فَقَالَت: كنت أرى أَنه يحل لي مَا يحل للرجل من ملك الْيَمين فَاسْتَشَارَ عمر رَضِي الله عَنهُ فِيهَا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: تأولت كتاب الله على غير تَأْوِيله فَقَالَ عمر: لَا جرم وَالله لَا أُحِلُّكِ لحر بعده أبدا كَأَنَّهُ عاقبها بذلك وَدَرَأَ الْحَد عَنْهَا وَأمر العَبْد أَن لَا يقربهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي بكر بن عبد الله أَنه سمع أَبَاهُ يَقُول: حضرت عمر ابْن عبد الْعَزِيز جَاءَتْهُ إمرأة من الْعَرَب بِغُلَام لَهَا رومي فَقَالَ: إِنِّي استسريته فَمَنَعَنِي بَنو عمي وَإِنَّمَا أَنا يمنزلة الرجل تكون لَهُ الوليدة فيطؤها فَأبى عَليّ بَنو عمي فَقَالَ لَهَا عمر: أتزوجت قبله قَالَت: نعم قَالَ: أما وَالله لَوْلَا منزلتك من الْجَهَالَة

لرجمتك بِالْحِجَارَةِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن امْرَأَة أحلّت جاريتها لزَوجهَا فَقَالَ: لَا يحل لَك أَن تطَأ فرجا إِلَّا فرجا إِن شِئْت بِعْت وَإِن شِئْت وهبت وَإِن شِئْت أعتقت وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن سعيد بن وهب قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عمر فَقَالَ: إِن أُمِّي كَانَت لَهَا جَارِيَة وانه أحلتها إِلَيّ أَطُوف عَلَيْهَا فَقَالَ: لَا تحل لَك إِلَّا أَن تشتريها أَو تهبها لَك وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا أحلّت امْرَأَة الرجل أَو ابْنَته أَو أُخْته لَهُ جاريتها فليصبها وَهِي لَهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَاوس أَنه قَالَ: هُوَ أحل من الطَّعَام فَإِن ولدت فولدها للَّذي أحلّت لَهُ وَهِي لسَيِّدهَا الأول وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَطاء قَالَ: كَانَ يفعل يحل الرجل وليدته لغلامه وَابْنه وأخيه وَأَبِيهِ وَالْمَرْأَة لزَوجهَا وَلَقَد بَلغنِي أَن الرجل يُرْسل وليدته إِلَى ضَيفه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين قَالَ: الْفرج لَا يعار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: لَا يعار الْفرج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالَّذين هم على صلواتهم يُحَافِظُونَ} قَالَ: أَي على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق قَالَ: ماكان فِي الْقُرْآن {يُحَافِظُونَ} فَهُوَ على مَوَاقِيت الصَّلَاة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قيل لَهُ: إِن الله يكثر ذكر الصَّلَاة فِي الْقُرْآن {الَّذين هم على صلَاتهم دائمون} المعارج الْآيَة 23 {وَالَّذين هم على صلواتهم يُحَافِظُونَ} قَالَ: ذَاك على مواقيتها قَالُوا مَا كُنَّا نرى ذَلِك إِلَّا على تَركهَا قَالَ: تَركهَا الْكفْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح فِي قَوْله {وَالَّذين هم على صلواتهم يُحَافِظُونَ} قَالَ: الْمَكْتُوبَة وَالَّذِي فِي سَأَلَ التطّوع وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَالَّذين هم على صلَاتهم يُحَافِظُونَ} قَالَ: على الْمَكْتُوبَة

10

- قَوْله تَعَالَى: أُولَئِكَ هم الوارثون الَّذين يَرِثُونَ الفردوس هم فِيهَا خَالدُونَ أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {الوارثون} قَالَ: يَرِثُونَ مساكنهم ومساكن إخْوَانهمْ الَّتِي أعدت لَهُم لَو أطاعوا الله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَله منزلان منزل فِي الْجنَّة ومنزل فِي النَّار فَإِذا مَاتَ فَدخل النَّار ورث أهل الْجنَّة منزلَة فَذَلِك قَوْله {أُولَئِكَ هم الوارثون} وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس أَن الرّبيع بنت النَّضر أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ ابْنهَا الْحَارِث بن سراقَة أُصِيب يَوْم بدر أَصَابَهُ سهم غرب فَقَالَت: أَخْبرنِي عَن حَارِثَة فَإِن كَانَ أصَاب الْجنَّة احتسبت وَصَبَرت وَإِن كَانَ لم يصب الْجنَّة اجتهدت فِي الدُّعَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أم حَارِثَة انها جنان فِي جنَّة وَإِن ابْنك أصَاب الفردوس الْأَعْلَى والفردوس ربوة الْجنَّة وأوسطها وأفضلها

12

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد خلقنَا الإِنسان من سلالة من طين ثمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مكين ثمَّ خلقنَا النطفه علقَة فخلقنا الْعلقَة مُضْغَة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا الْعِظَام لَحْمًا ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ ثمَّ إِنَّكُم بعد ذَلِك لميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة تبعثون أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَقَد خلقنَا الإِنسان من سلالة من طين} قَالَ بَدْء آدم خلق من طين {ثمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة} قَالَ: ذُرِّيَّة آدم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَلَقَد خلقنَا الإِنسان من سلالة من طين} قَالَ: هُوَ الطين إِذا قبضت عَلَيْهِ خرج مَاؤُهُ من بَين أصابعك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة}

قَالَ: استل استلالاً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من سلالة} قَالَ: السلالة صفو المَاء الرَّقِيق الَّذِي يكون مِنْهُ الْوَلَد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {من سلالة} قَالَ: من مني آدم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خَالِد بن معدان قَالَ: الْإِنْسَان خلق من طين وَإِنَّمَا تلين الْقُلُوب فِي الشتَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: استل آدم من طين وخلقت ذُريَّته من مَاء مهين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن النُّطْفَة إِذا وَقعت فِي الرَّحِم طارت فِي كل شعر وظفر فتمكث أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ تنحدر فِي الرَّحِم فَتكون علقَة وَأخرج الديلمي بِسَنَد واهٍ عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا النُّطْفَة الَّتِي يخلق مِنْهَا الْوَلَد ترْعد لَهَا الْأَعْضَاء وَالْعُرُوق كلهَا إِذا خرجت وَقعت فِي الرَّحِم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: سَأَلنَا ابْن عَبَّاس عَن الْعَزْل فَقَالَ: اذْهَبُوا فاسألوا النَّاس ثمَّ ائْتُونِي واخبروني فسألوا ثمَّ اخبروه أَنهم قَالُوا أَنَّهَا المؤودة الصُّغْرَى وتلا هَذِه الْآيَة {وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة} حَتَّى فرغ مِنْهَا ثمَّ قَالَ: كَيفَ تكون من الموؤدة حَتَّى تمر على هَذِه الْخلق وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه سُئِلَ عَن عزل النِّسَاء فَقَالَ: ذَلِك الوأد الْخَفي وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ فِي الْعَزْل: هِيَ الموؤدة الْخفية وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَن أَنه كَانَ يقْرَأ {فخلقنا المضغة عظاماً} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة أَنه كَانَ يقْرَأ {فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا الْعِظَام لَحْمًا} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (فخلقنا المضغة عظما) بِغَيْر ألف (فكسونا الْعِظَام) على واحده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} قَالَ: نفخ فِيهِ الرّوح

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} قَالَ: جعل فِيهِ الرّوح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة مثله وَأخرج عبد حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} قَالَ: حِين اسْتَوَى بِهِ الشَّبَاب وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} قَالَ: الْأَسْنَان وَالشعر قيل أَلَيْسَ قد يُولد وعَلى رَأسه الشّعْر قَالَ: فَأَيْنَ الْعَانَة والإِبط وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن صَالح أبي الْخَلِيل قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَقَد خلقنَا الإِنسان من سلالة من طين} إِلَى قَوْله {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} قَالَ عمر {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} فَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا ختمت بِالَّذِي تَكَلَّمت يَا عمر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: قَالَ عُزَيْر: يَا رب أمرت المَاء فجمد فِي وسط الْهَوَاء فَجعلت مِنْهُ سبعا وسميتها السَّمَوَات ثمَّ أمرت المَاء ينفتق على التُّرَاب وَأمرت التُّرَاب أَن يتَمَيَّز من المَاء فَكَانَ كَذَلِك فسميت ذَلِك جَمِيع الْأَرْضين وَجَمِيع المَاء الْبحار ثمَّ خلقت من المَاء أعمى عين بصرته وَمِنْهَا أَصمّ آذان أسمعته وَمِنْهَا ميت أنفس أحييته خلقت ذَلِك بِكَلِمَة وَاحِدَة مِنْهَا مَا عيشه المَاء وَمِنْهَا مَا لَا صَبر لَهُ على المَاء خلقا مُخْتَلفا فِي الْأَجْسَام والألوان جنسته أجناساً وَزَوجته أَزْوَاجًا وخلقت أصنافاً وألهمته الَّذِي خلقته ثمَّ خلقت من التُّرَاب وَالْمَاء دَوَاب الأَرْض وَمَا شيتها وسباعها {فَمنهمْ من يمشي على بَطْنه وَمِنْهُم من يمشي على رجلَيْنِ وَمِنْهُم من يمشي على أَربع} النُّور الْآيَة 45 وَمِنْهُم الْعظم الصَّغِير ثمَّ وعظته بكتابك وحكمتك ثمَّ قضيت عَلَيْهِ الْمَوْت لَا محَالة ثمَّ أَنْت تعيده كَمَا بَدأته وَقَالَ عُزَيْر: اللَّهُمَّ بكلمتك خلقت جَمِيع خلقك فَأتى على مشيئتك ثمَّ زرعت فِي أَرْضك كل نَبَات فِيهَا بِكَلِمَة وَاحِدَة وتراب وَاحِد تسقى بِمَاء وَاحِد فجَاء على مشيئتك مُخْتَلفا أكله ولونه وريحه وطعمه وَمِنْه الحلو وَمِنْه الحامض والمر وَالطّيب رِيحه والمنتن والقبيح وَالْحسن وَقَالَ عُزَيْر: يَا رب إِنَّمَا نَحن خلقك وَعمل يَديك خلقت أَجْسَادنَا فِي أَرْحَام أمهاتنا وصورتنا كَيفَ تشَاء بقدرتك جعلت لنا أركاناً وَجعلت فِيهَا عظاماً وفتقت لنا أسماعاً وأبصاراً ثمَّ جعلت لنا فِي تِلْكَ الظلمَة نورا وَفِي ذَلِك الضّيق سَعَة وَفِي ذَلِك الْفَم روحاً ثمَّ هيأت لنا من فضلك رزقا متفاوتاً على مشيئتك لم

تأن فِي ذَلِك مُؤنَة وَلم تعي مِنْهُ نصبا كَانَ عرشك على المَاء والظلمة على الْهَوَاء وَالْمَلَائِكَة يحملون عرشك ويسبحون بحَمْدك والخلق مُطِيع لَك خاشع من خوفك لَا يرى فِيهِ نور إِلَّا نورك ولايسمع فِيهِ صَوت إِلَّا سَمعك ثمَّ فتحت خزانَة النُّور وَطَرِيق الظلمَة فَكَانَا لَيْلًا وَنَهَارًا يختلفنا بِأَمْرك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: خلق الله آدم كَمَا شَاءَ وَمِمَّا شَاءَ فَكَانَ كَذَلِك {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} خلق من التُّرَاب وَالْمَاء فَمِنْهُ شعره ولحمه وَدَمه وعظامه وَجَسَده فَذَلِك بَدْء الْخلق الَّذِي خلق الله مِنْهُ ابْن آدم ثمَّ جعلت فِيهِ النَّفس فِيهَا يقوم وَيقْعد وَيسمع ويبصر وَيعلم مَا تعلم الدَّوَابّ وَيَتَّقِي مَا تتقي ثمَّ جعلت فِيهِ الرّوح فبه عرف الْحق من الْبَاطِل والرشد من الغي وَبِه حذر وَتقدم واستتر وَتعلم ودبر الْأُمُور كلهَا فَمن التُّرَاب يبوسته وَمن المَاء رطوبته فَهَذَا بَدْء الْخلق الَّذِي خلق الله مِنْهُ ابْن آدم كَمَا أحب أَن يكون ثمَّ جعلت فِيهِ من هَذِه الْفطر الْأَرْبَع أنواعاً من الْخلق أَرْبَعَة فِي جَسَد ابْن آدم فَهِيَ قوام جسده وملاكه بِإِذن الله وَهِي: الْمِرَّةُ السَّوْدَاء والْمِرَّةُ الصَّفْرَاء وَالدَّم والبلغم فيبوسته وحرارته من النَّفس ومسكنها فِي الدَّم وبرودته من قبل الرّوح ومسكنه فِي البلغم فَإِذا اعتدلت هَذِه الْفطر فِي الْجَسَد فَكَانَ من كل وَاحِد ربع كَانَ جسداً كَامِلا وجسماً صَحِيحا أَو إِن كثر وَاحِد مِنْهَا على صَاحبه قهرها وعلاها وَأدْخل عَلَيْهَا السقم من ناحيته وَإِن قل عَنْهَا وَأخذ عَنْهَا غلبت عَلَيْهِ وقهرته ومالت بِهِ وضعفت عَن قوتها وعجزت عَن طاقتها وَأدْخل عَلَيْهَا السقم من ناحيته فالطبيب الْعَالم بالداء يعلم من الْجَسَد حَيْثُ أُتِي سقمه أَمن نُقْصَان أم من زِيَادَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: إِذا نمت النُّطْفَة أَرْبَعَة أشهر بعث إِلَيْهَا ملك فَنفخ فِيهَا الرّوح فِي الظُّلُمَات الثَّلَاث فَذَلِك قَوْله {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} يَعْنِي نفخ الرّوح فِيهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} يَقُول: خرج من بطن أمه بعد مَا خلق فَكَانَ من بَدْء خلقه الآخر أَن اسْتهلّ ثمَّ كَانَ من خلقه أَن دله على ثدي أمه ثمَّ كَانَ من خلقه أَن علم كَيفَ يبسط رجلَيْهِ إِلَى أَن قعد إِلَى أَن حبا إِلَى أَن قَامَ على رجلَيْهِ إِلَى أَن مَشى إِلَى أَن فطم تعلم كَيفَ يشرب وَيَأْكُل من الطَّعَام إِلَى أَن بلغ الْحلم إِلَى أَن بلغ أَن يتقلب فِي الْبِلَاد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} قَالَ: يَقُول

بَعضهم هُوَ نَبَات الشّعْر وَبَعْضهمْ يَقُول: هُوَ نفخ الرّوح وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} قَالَ: يصنعون ويصنع الله وَالله خير الصانعين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} قَالَ: عِيسَى بن مَرْيَم يخلق وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي حَاتِم وان مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أنس قَالَ: قَالَ عمر: وَافَقت رَبِّي فِي أَربع قلت: يَا رَسُول الله لَو صليت خلف الْمقَام فَأنْزل الله {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} الْبَقَرَة الْآيَة 125 وَقلت: يَا رَسُول الله لَو اتَّخذت على نِسَائِك حِجَابا فَإِنَّهُ يدْخل عَلَيْك الْبر والفاجر فَأنْزل الله {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب} الْأَحْزَاب الْآيَة 53 وَقلت: لازواج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لتَنْتَهُنَّ أَو ليبدلنه الله أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن فأنزلت {عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن} التَّحْرِيم الْآيَة 5 وَنزلت {وَلَقَد خلقنَا الإِنسان من سلالة من طين} إِلَى قَوْله {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} فَقلت أَنا: فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ فَنزلت {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن ثَابت قَالَ: أمْلى على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {وَلَقَد خلقنَا الإِنسان من سلالة من طين} إِلَى قَوْله {خلقا آخر} فَقَالَ معَاذ بن جبل فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ معَاذ: مَا أضْحكك يَا رَسُول الله قَالَ: إِنَّهَا ختمت {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {وَلَقَد خلقنَا الإِنسان من سلالة من طين} قَالَ عمر: فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ فَنزلت {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ}

17

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد خلقنَا فَوْقكُم سبع طرائق وَمَا كُنَّا عَن الْخلق غافلين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَقَد خلقنَا فَوْقكُم سبع طرائق} قَالَ: السَّمَوَات السَّبع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا كُنَّا عَن الْخلق غافلين} قَالَ: لَو كَانَ الله مغفلاً شَيْئا أغفل مَا تسفي الرِّيَاح من هَذِه الْآثَار يَعْنِي الخطا

18

- قَوْله تَعَالَى: وأنزلنا من السَّمَاء مَاء بِقدر فأسكناه فِي الأَرْض وَإِنَّا على ذهَاب بِهِ لقادرون فأنشأنا لكم بِهِ جنَّات من نخيل وأعناب لكم فِيهَا فواكه كَثِيرَة وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ أخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أنزل الله من الْجنَّة إِلَى الأَرْض خَمْسَة أَنهَار سيحون وَهُوَ نهر الْهِنْد وجيحون وَهُوَ نهر بَلخ ودجلة والفرات وهما نَهرا الْعرَاق والنيل وَهُوَ نهر مصر أنزلهَا الله من عين وَاحِدَة من عُيُون الْجنَّة من أَسْفَل دَرَجَة من درجاتها على جناحي جِبْرِيل فاستودعها الْجبَال وأجراها فِي الأَرْض وَجعلهَا مَنَافِع للنَّاس فِي أَصْنَاف مَعَايشهمْ فَذَلِك قَوْله {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء بِقدر فأسكناه فِي الأَرْض} فَإِذا كَانَ عِنْد خُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج أرسل الله جِبْرِيل فيرفع من الأَرْض الْقُرْآن وَالْعلم كُله وَالْحجر من ركن الْبَيْت ومقام إِبْرَاهِيم وتابوت مُوسَى بِمَا فِيهِ وَهَذِه الْأَنْهَار الْخَمْسَة فيرفع كل ذَلِك إِلَى السَّمَاء فَذَلِك قَوْله {وَإِنَّا على ذهَاب بِهِ لقادرون} فَإِذا رفعت هَذِه الْأَشْيَاء من الأَرْض فقد أَهلهَا خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عطاف قَالَ: إِن الله أنزل أَرْبَعَة أَنهَار دجلة والفرات وسيحون وجيجون وَهُوَ المَاء الَّذِي قَالَ الله {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء بِقدر} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {فأنشأنا لكم بِهِ جنَّات} قَالَ: هِيَ الْبَسَاتِين

20

- قَوْله تَعَالَى: وشجرة تخرج من طور سيناء تنْبت بالدهن وصبغ للآكلين أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من طور سيناء} قَالَ: هُوَ الْجَبَل الَّذِي نُودي مِنْهُ مُوسَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وشجرة تخرج} قَالَ: هِيَ الزَّيْتُون من طور سيناء قَالَ: جبل حسن {تنْبت بالدهن وصبغ للآكلين} قَالَ: جعل الله فِيهَا دهناً وأدماً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {من طور سيناء} قَالَ: الْمُبَارك {تنْبت بالدهن} قَالَ: تثمر الزَّيْت

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس {وشجرة تخرج من طور سيناء} قَالَ: هِيَ الزَّيْتُون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وشجرة} قَالَ: هِيَ شَجَرَة الزَّيْتُون تنْبت بالزيت فَهُوَ دهن يدهن بِهِ وَهُوَ صبغ للآكلين يَأْكُلهُ النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سيناء اسْم الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الطّور الْجَبَل وسينا الْحِجَارَة وَفِي لفظ وسينا الشّجر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ {طور سيناء} قَالَ: جبل ذُو شجر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {تنْبت بالدهن} قَالَ: هُوَ الزَّيْت يُؤْكَل ويدهن بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تنْبت بالدهن وصبغ للآكلين} قَالَ: يتادمون بِهِ ويصبغون بِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (من طور سيناء) بِنصب السِّين ممدودة مَهْمُوزَة الْألف (تنْبت) بِنصب التَّاء وَرفع الْبَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن سُلَيْمَان بن عبد الْملك أَنه كَانَ يقْرَأ {تنْبت بالدهن} بِنصب التَّاء وَرفع الْبَاء

21

- قَوْله تَعَالَى: وَأَن لكم فِي الْأَنْعَام لعبرة نسقيكم مِمَّا فِي بطونها وَلكم فِيهَا مَنَافِع كَثِيرَة وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَعَلَيْهَا وعَلى الْفلك تحملون وَلَقَد أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه فَقَالَ يَا قوم اعبدوا الله مَا لكم من إِلَه غَيره أَفلا تَتَّقُون فَقَالَ الملؤ الَّذين كفرُوا من قومه مَا هَذَا إِلَّا بشر مثلكُمْ يُرِيد أَن يتفضل عَلَيْكُم وَلَو شَاءَ الله لأنزل مَلَائِكَة مَا سمعنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلين إِن هُوَ إِلَّا رجل بِهِ جنَّة فتربصوا بِهِ حَتَّى حِين قَالَ رب انصرني بِمَا كذبون أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَإِن لكم فِي الْأَنْعَام} قَالَ: الابل وَالْبَقر والضأن والمعز {وَلكم فِيهَا مَنَافِع} قَالَ: مَا تنْتج وَمِنْهَا مركب وَلبن وَلحم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وعَلى الْفلك} قَالَ: السفن

27

- قَوْله تَعَالَى: فأوحينا إِلَيْهِ أَن اصْنَع الْفلك بأعيننا ووحينا فَإِذا جَاءَ أمرنَا وفار التَّنور فاسلك فِيهَا من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأهْلك إِلَّا من سبق عَلَيْهِ القَوْل مِنْهُم وَلَا تخاطبني فِي الَّذين ظلمُوا إِنَّهُم مغرقون فَإِذا استويت أَنْت وَمن مَعَك على الْفلك فَقل الْحَمد لله الَّذِي نجانا من الْقَوْم الظَّالِمين أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فاسلك فِيهَا} الْآيَة يَقُول: اجْعَل مَعَك فِي السَّفِينَة من كل زَوْجَيْنِ إثنين

29

- قَوْله تَعَالَى: وَقل رب أنزلني منزلا مُبَارَكًا وَأَنت خير المنزلين أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَقل رب أنزلني منزلا مُبَارَكًا} قَالَ لنوح حِين أنزل من السَّفِينَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (أنزلني منزلا) بِنصب الْمِيم وخفض الزَّاي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَقل رب أنزلني منزلا مُبَارَكًا وَأَنت خير المنزلين} قَالَ: يعلمكم كَيفَ تَقولُونَ إِذا ركبتم وَكَيف تَقولُونَ إِذا نزلتم أما عِنْد الرّكُوب {سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون} الزخرف الْآيَة 13 {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا إِن رَبِّي لغَفُور رَحِيم} هود الْآيَة 41 وَعند النُّزُول {رب أنزلني منزلا مُبَارَكًا وَأَنت خير المنزلين}

30

- قَوْله تَعَالَى: إِن فِي ذَلِك لآيَات وَإِن كُنَّا لمبتلين أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِن فِي ذَلِك لآيَات وَإِن كُنَّا لمبتلين} قَالَ: أَي ابتلى النَّاس قبلكُمْ

31

- قَوْله تَعَالَى: ثمَّ أنشأنا من بعدهمْ قرنا آخَرين فَأَرْسَلنَا فيهم رَسُولا مِنْهُم أَن اعبدوا الله مَا لكم من إِلَه غَيره أَفلا تَتَّقُون وَقَالَ الْمَلأ من قومه الَّذين كفرُوا وكذبوا بلقاء الْآخِرَة وأترفناهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بشر مثلكُمْ يَأْكُل مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيشْرب مِمَّا تشربون وَلَئِن أطعتم بشرا مثلكُمْ إِنَّكُم إِذا لخاسرون أيعدكم أَنكُمْ إِذا متم وكنتم تُرَابا وعظاما إِنَّكُم مخرجون أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {قرنا} قَالَ: أمة

36

- قَوْله تَعَالَى: هَيْهَات هَيْهَات لما توعدون إِن هِيَ إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا نموت ونحياوما نَحن بمبعوثين إِن هُوَ إِلَّا رجل افترى على الله كذبا وَمَا نَحن لَهُ بمؤمنين قَالَ رب انصرني بِمَا كذبون قَالَ عَمَّا قَلِيل ليصبحن نادمين أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {هَيْهَات هَيْهَات} قَالَ: بعيد بعيد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {هَيْهَات لما توعدون} قَالَ: تبَاعد ذَلِك فِي أنفسهم يَعْنِي الْبَعْث بعد الْمَوْت

41

- قَوْله تَعَالَى: فَأَخَذتهم الصَّيْحَة بِالْحَقِّ فجعلناهم غثاء فبعدا للْقَوْم الظَّالِمين ثمَّ أنشأنا من بعدهمْ قرونا آخَرين مَا تسبق من أمة أجلهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فجعلناهم غثاء} قَالَ: جعلُوا كالشيء الْمَيِّت الْبَالِي من الشّجر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فجعلناهم غثاء} قَالَ: هُوَ الشَّيْء الْبَالِي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فجعلناهم غثاء} قَالَ: كالرميم الهامد الَّذِي يحْتَمل السَّيْل ثَمُود احتملوا كَذَلِك

44

- قَوْله تَعَالَى: ثمَّ أرسلنَا رسلنَا تترى كل مَا جَاءَ أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بَعضهم بَعْضًا وجعلناهم أَحَادِيث فبعدا لقوم لَا يُؤمنُونَ ثمَّ أرسلنَا مُوسَى وأخاه هَارُون بِآيَاتِنَا وسلطان مُبين أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثمَّ أرسلنَا رسلنَا تترا} قَالَ: يتبع بَعضهم بَعْضًا وَفِي لفظ قَالَ: بَعضهم على أثر بعض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد وَقَتَادَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَالله أعلم

46

- قَوْله تَعَالَى: إِلَى فِرْعَوْن وملإئه فاستكبروا وَكَانُوا قوما عالين فَقَالُوا أنؤمن لبشرين مثلنَا وقومهما لنا عَابِدُونَ فكذبوهما فَكَانُوا من المهلكين وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب لَعَلَّهُم يَهْتَدُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَكَانُوا قوما عالين} قَالَ: علوا على رسلهم وعصوا رسلهم ذَلِك علوهم وَقَرَأَ {تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا} الْقَصَص الْآيَة 83

50

- قَوْله تَعَالَى: وَجَعَلنَا ابْن مَرْيَم وَأمه آيَة وآويناهما إِلَى ربوة ذَات قَرَار ومعين أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَجَعَلنَا ابْن مَرْيَم وَأمه آيَة} قَالَ: وَلدته مَرْيَم من غير أَب هُوَ لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجَعَلنَا ابْن مَرْيَم وَأمه آيَة} قَالَ: عِبْرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وآويناهما} قَالَ: عِيسَى وَأمه

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وآويناهما} قَالَ: عِيسَى وَأمه حِين أويا إِلَى الغوطة وَمَا حولهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وآويناهما إِلَى ربوة} الْآيَة قَالَ: الربوة المستوى والمعين المَاء الْجَارِي وَهُوَ النَّهر الَّذِي قَالَ الله {قد جعل رَبك تَحْتك سَرياًّ} مَرْيَم الْآيَة 24 وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وآويناهما إِلَى ربوة} قَالَ: هِيَ الْمَكَان الْمُرْتَفع من الأَرْض وَهِي أحسن مَا يكون فِيهِ النَّبَات {ذَات قَرَار} ذَات خصب {ومعين} مَاء ظَاهر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {إِلَى ربوة} قَالَ: مستوية {ذَات قَرَار ومعين} قَالَ: مَاء جَار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ الربوة الْمَكَان الْمُرْتَفع وَهُوَ لبيت الْمُقَدّس والمعين المَاء الظَّاهِر وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وآويناهما إِلَى ربوة} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن الربوة بَيت الْمُقَدّس {ذَات قَرَار} ذَات ثَمَر كثير {ومعين} مَاء جَار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ {وآويناهما إِلَى ربوة} قَالَ: هِيَ مصر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {وآويناهما إِلَى ربوة} قَالَ: وَلَيْسَ الربى إِلَّا بِمصْر وَالْمَاء حِين يُرْسل يكون الربى عَلَيْهَا الْقرى لَوْلَا الربى لغرقت تِلْكَ الْقرى وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ {وآويناهما إِلَى ربوة} قَالَ: هِيَ الْإسْكَنْدَريَّة وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَن عِيسَى بن مَرْيَم أمسك عَن الْكَلَام بعد أَن كَلمهمْ طفْلا حَتَّى بلغ مَا يبلغ الغلمان ثمَّ أنطقه الله بعد ذَلِك بالحكمة وَالْبَيَان فَلَمَّا بلغ سبع سِنِين أسلمته أمه إِلَى رجل يُعلمهُ كَمَا يعلم الغلمان فَلَا يُعلمهُ شَيْئا إِلَّا بدره عِيسَى إِلَى علمه قبل أَن يُعلمهُ إِيَّاه فَعلمه أَبَا جاد فَقَالَ

عِيسَى: مَا أَبُو جاد قَالَ الْمعلم: لَا أَدْرِي فَقَالَ عِيسَى: كَيفَ تعلمني مَا لَا تَدْرِي فَقَالَ الْمعلم: إِذن فعلمني فَقَالَ لَهُ عِيسَى: فَقُمْ من مجلسك فقَام فَجَلَسَ عِيسَى مَجْلِسه فَقَالَ: سلني فَقَالَ الْمعلم: مَا أَبُو جاد فَقَالَ عِيسَى: ألف آلَاء الله باءِ بهاء الله جِيم بهجة الله وجماله فَعجب الْمعلم فَكَانَ أول من فسر أَبَا جاد عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ عِيسَى يرى الْعَجَائِب فِي صباه إلهاماً من الله فَفَشَا ذَلِك فِي الْيَهُود وترعرع عِيسَى فهمت بِهِ بَنو إِسْرَائِيل فخافت أمه عَلَيْهِ فَأوحى الله إِلَيْهَا: أَن تَنْطَلِق بِهِ إِلَى أَرض مصر فَذَلِك قَوْله {وَجَعَلنَا ابْن مَرْيَم وَأمه آيَة} فَسئلَ ابْن عَبَّاس: أَلا قَالَ آيتنان وهما آيتان: فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّمَا قَالَ آيَة لِأَن عِيسَى من آدم وَلم يكن من أَب لم يشاركها فِي عِيسَى أحد فَصَارَ (آيَة وَاحِدَة) {وآويناهما إِلَى ربوة ذَات قَرَار ومعين} قَالَ: يَعْنِي أَرض مصر وَأخرج وَكِيع وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَتَمام الرَّازِيّ فِي فَضَائِل النبوّة وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَى ربوة} قَالَ: أنبئنا بِأَنَّهَا دمشق وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن سَلام فِي قَوْله: {وآويناهما إِلَى ربوة} قَالَ: هِيَ دمشق وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن يزِيد بن سَخْبَرَة الصَّحَابِيّ قَالَ: دمشق هِيَ الربوة الْمُبَارَكَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {وآويناهما إِلَى ربوة ذَات قَرَار ومعين} قَالَ: أَتَدْرُونَ أَيْن هِيَ قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هِيَ بِالشَّام بِأَرْض يُقَال لَهَا الغوطة مَدِينَة يُقَال لَهَا دمشق هِيَ خير مدن الشَّام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن الْمسيب {وآويناهما إِلَى ربوة} قَالَ: هِيَ دمشق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن مرّة الْبَهْزِي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (الرملة الربوة) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {وآويناهما إِلَى ربوة} قَالَ: هِيَ الرملة فِي فلسطين وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيثه مَرْفُوعا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن السكن وَابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن الْأَقْرَع بن شفي العكي رَضِي الله عَنهُ قَالَ دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مرض يعودنِي فَقلت: لَا أَحسب إِلَّا أَنِّي ميت من مرضِي قَالَ: كلا لتبقين ولتهاجرن مِنْهَا إِلَى أَرض الشَّام وَتَمُوت وتدفن بالربوة من أَرض فلسطين فَمَاتَ فِي خلَافَة عمر رَضِي الله عَنهُ وَدفن بالرملة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة عَن الْحسن فِي قَوْله {وآويناهما إِلَى ربوة ذَات قَرَار ومعين} قَالَ: هِيَ أَرض ذَات أَشجَار وأنهار يَعْنِي أَرض دمشق وَفِي لفظ قَالَ: ذَات ثمار وَكَثْرَة مَاء هِيَ دمشق

51

- قَوْله تَعَالَى: ياأيها الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عليم وَإِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة وَأَنا ربكُم فاتقون أخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَيهَا النَّاس إِن الله طيب لَا يقبل إِلَّا طيبا {وَاعْمَلُوا صَالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عليم} وَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كلوا من طَيّبَات مَا رزقناكم} ثمَّ ذكر الرجل يُطِيل السّفر أَشْعَث أغبر ومطعمه حرَام ومشربه حرَام وملبسه حرَام وغذي من الْحَرَام يمد يديث إِلَى السَّمَاء يارب يارب فَأنى يُسْتَجَاب لذَلِك وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أم عبد الله أُخْت شَدَّاد بن أَوْس أَنَّهَا بعثت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقدح لبن عِنْد فطره وَهُوَ صَائِم فَرد إِلَيْهَا رسولها أَنى لَك هَذَا اللَّبن قَالَ: من شَاة لي فَرد إِلَيْهَا رسولها انى لَك الشَّاة فَقَالَت: اشْتَرَيْتهَا من مَالِي فَشرب مِنْهُ فَلَمَّا كَانَ من الْغَد أَتَتْهُ أم عبد الله فَقَالَت: يَا رَسُول الله بعثت إِلَيْك بِلَبن فَرددت إِلَيّ الرَّسُول فِيهِ فَقَالَ لَهَا: بذلك أُمِرَتْ الرُّسُل قبلي أَن لَا تَأْكُل إِلَّا طيبا وَلَا تعْمل إِلَّا صَالحا وَأخرج عَبْدَانِ فِي الصَّحَابَة عَن حَفْص بن أبي جبلة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات} الْآيَة قَالَ: ذَاك عِيسَى بن مَرْيَم يَأْكُل من غزل أمه مُرْسل حَفْص تَابِعِيّ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن حَفْص الْفَزارِيّ مثله مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي ميسرَة عَن عمر بن شُرَحْبِيل فِي قَوْله {يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات} قَالَ:

كَانَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام يَأْكُل من غزل أمه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن جَعْفَر بن سُلَيْمَان عَن ثَابت بن عبد الْوَهَّاب بن أبي حَفْص قَالَ: أَمْسَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام صَائِما فَلَمَّا كَانَ عِنْد إفطاره أَتَى بِشَربَة لبن فَقَالَ: من أَيْن لكم هَذَا اللَّبن قَالُوا: من شاتنا قَالَ: وَمن أَيْن ثمنهَا قَالُوا: يَا نَبِي الله من أَيْن تسْأَل قَالَ: إِنَّا معاشر الرُّسُل أُمِرْنا أَن نَأْكُل من الطَّيِّبَات ونعمل صَالحا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن حَنْظَلَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا جَاءَنِي جِبْرِيل إِلَّا أَمرنِي بِهَاتَيْنِ الدعوتين اللَّهُمَّ ارزقني طيبا واستعملني صَالحا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا} قَالَ: هَذِه للرسل ثمَّ قَالَ للنَّاس عَامَّة و {إِن هَذِه أمتكُم أمة وَاحِدَة} الْأَنْبِيَاء الْآيَة 92 يَعْنِي دينكُمْ دين وَاحِد

53

- قَوْله تَعَالَى: فتقطعوا أَمرهم بَينهم زبرا كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ فذرهم فِي غمرتهم حَتَّى حِين أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فتقطعوا أَمرهم بَينهم زبرا} قَالَ: وَقَالَ الْحسن: تقطعوا كتاب الله بَينهم فحرفوه وبدلوه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فتقطعوا أَمرهم بَينهم زبرا} قَالَ: كتب الله حَيْثُ فرقوها قطعا {كل حزب} يَعْنِي: كل قِطْعَة وَهَؤُلَاء أهل الْكتاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {فتقطعوا أَمرهم بَينهم زبرا} قَالَ: هَذَا مَا اخْتلفُوا فِيهِ من الْأَدْيَان {كل حزب} كل قوم {بِمَا لديهم فَرِحُونَ} معجبون برأيهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فذرهم فِي غمرتهم} قَالَ: فِي ضلالتهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فذرهم فِي غمرتهم} قَالَ: فِي ضلالتهم {حَتَّى حِين} قَالَ: الْمَوْت

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {فذرهم فِي غمرتهم حَتَّى حِين} قَالَ: يَوْم بدر

55

- قَوْله تَعَالَى: أيحسبون إِنَّمَا نمدهم بِهِ من مَال وبنين نسارع لَهُم فِي الْخيرَات بل لَا يَشْعُرُونَ أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أيحسبون} قَالَ: قُرَيْش {إِنَّمَا نمدهم بِهِ} قَالَ: نعطيهم {من مَال وبنين نسارع لَهُم فِي الْخيرَات} نزيد لَهُم فِي الْخَيْر بل نملي لَهُم فِي الْخَيْر وَلَكِن لَا يَشْعُرُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {أيحسبون إِنَّمَا نمدهم بِهِ من مَال وبنين نسارع لَهُم فِي الْخيرَات بل لَا يَشْعُرُونَ} قَالَ: مكر وَالله بالقوم فِي أَمْوَالهم وَأَوْلَادهمْ فَلَا تعتبروا النَّاس بِأَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادهمْ وَلَكِن اعتبروهم بالإِيمان وَالْعَمَل الصَّالح وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة أَنه قَرَأَ (نسارع لَهُم فِي الْخيرَات) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْحسن أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أُتِي بفروة كسْرَى فَوضعت بَين يَدَيْهِ وَفِي الْقَوْم سراقَة بن مَالك فَأخذ عمر سواريه فَرمى بهما إِلَى سراقَة فَأَخذهُمَا فجعلهما فِي يَدَيْهِ فبلغتا مَنْكِبَيْه فَقَالَ: الْحَمد لله سوارا كسْرَى بن هُرْمُز فِي يَدي سراقَة بن مَالك بن جعْشم أَعرابي من بني مُدْلِج ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قد علمت أَن رَسُولك قد كَانَ حَرِيصًا على أَن يُصِيب مَالا يُنْفِقهُ فِي سَبِيلك وعَلى عِبَادك فزويت عَنهُ ذَلِك نظرا مِنْك وخياراً اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن يكون هَذَا مكراً مِنْك بعمر ثمَّ تَلا {أيحسبون أَنما نمدهم بِهِ من مَال وبنين نسارع لَهُم فِي الْخيرَات بل لَا يَشْعُرُونَ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن ميسرَة قَالَ: أجد فِيمَا أنزل الله على مُوسَى أيفرح عَبدِي الْمُؤمن أَن ابْسُطْ لَهُ الدُّنْيَا وَهُوَ أبعد لَهُ مني أَو يجزع عَبدِي الْمُؤمن أَن أَقبض عَنهُ الدُّنْيَا وَهُوَ أقرب لَهُ مني ثمَّ تَلا {أيحسبون أَنما نمدهم بِهِ من مَال وبنين} {نسارع لَهُم فِي الْخيرَات بل لَا يَشْعُرُونَ}

57

- قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين هم من خشيَة رَبهم مشفقون وَالَّذين هم بآيَات رَبهم يُؤمنُونَ وَالَّذين هم برَبهمْ لَا يشركُونَ وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا وَقُلُوبهمْ وَجلة أَنهم إِلَى رَبهم رَاجِعُون أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات وهم لَهَا سَابِقُونَ وَلَا نكلف نفسا إِلَّا وسعهَا ولدينا كتاب ينْطق بِالْحَقِّ وهم لَا يظْلمُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: إِن الْمُؤمن جمع إحساناً وشفقة وَإِن الْمُنَافِق جمع اساءة وَأمنا ثمَّ تَلا {إِن الَّذين هم من خشيَة رَبهم مشفقون} إِلَى قَوْله {إِنَّهُم إِلَى رَبهم رَاجِعُون} وَقَالَ الْمُنَافِق {إِنَّمَا أُوتِيتهُ على علم عِنْدِي} الْقَصَص الْآيَة 71 وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي نعت الْخَائِفِينَ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَائِشَة قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله قَول الله {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا وَقُلُوبهمْ وَجلة} أهوَ الرجل يسرق ويزني وَيشْرب الْخمر وَهُوَ مَعَ ذَلِك يخَاف الله قَالَ: لَا وَلَكِن الرجل يَصُوم وَيتَصَدَّق وَيُصلي وَهُوَ مَعَ ذَلِك يخَاف الله أَن لَا يتَقَبَّل مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: يَا رَسُول الله {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا وَقُلُوبهمْ وَجلة} أهم الَّذين يخطئون ويعملون بِالْمَعَاصِي وَفِي لفظ: هُوَ الَّذِي يُذنب الذَّنب وَهُوَ وَجل مِنْهُ قَالَ: لَا وَلَكِن هم الَّذين يصلونَ وَيَصُومُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَقُلُوبهمْ وَجلة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا} قَالَ: يُعْطون مَا أعْطوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا وَقُلُوبهمْ وَجلة} قَالَ: يُعْطون مَا أعْطوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا وَقُلُوبهمْ وَجلة} قَالَ: يعْملُونَ خَائِفين

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن ابْن عمر فِي قَوْله {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا} قَالَ: الزَّكَاة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا} قَالَت: هم الَّذين يَخْشونَ الله ويطيعونه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا} قَالَ: يُعْطون مَا أعْطوا {وَقُلُوبهمْ وَجلة} قَالَ: مِمَّا يخَافُونَ مِمَّا بَين أَيْديهم من الْموقف وَسُوء الْحساب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا} قَالَ: يُعْطون مَا أعْطوا {وَقُلُوبهمْ وَجلة} قَالَ: الْمُؤمن ينْفق مَاله وَقَلبه وَجل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن وَقَتَادَة انهما كَانَا يقرأان {يُؤْتونَ مَا آتوا} قَالَ: يعْملُونَ مَا عمِلُوا من الْخيرَات ويعطون مَا أعْطوا على خوف من الله عز وَجل وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا وَقُلُوبهمْ وَجلة} قَالَ: كَانُوا يعْملُونَ مَا يعْملُونَ من أَعمال الْبر وَيَخَافُونَ أَن لَا ينجيهم ذَلِك من عَذَاب الله وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: لِأَن تكون هَذِه الْآيَة كَمَا أَقرَأ أحب إليّ من حُمُرِ النِعَمْ فَقَالَ لَهَا ابْن عَبَّاس: مَا هِيَ قَالَت: {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا أَتَوا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَ {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا أَتَوا} مَقْصُور من الْمَجِيء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أشته وَابْن الْأَنْبَارِي مَعًا فِي الْمَصَاحِف وَالدَّارقطني فِي الإِفراد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبيد بن عُمَيْر أَنه سَأَلَ عَائِشَة كَيفَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ هَذِه الْآيَة {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا} أَو {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا} فَقَالَ: أَيَّتهمَا أحب إِلَيْك قلت: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأَحَدهمَا أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا جَمِيعًا قَالَت: أَيهمَا قلت {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا أَتَوا} فَقَالَت: أشهد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَلِك كَانَ يَقْرَأها وَكَذَلِكَ أنزلت وَلَكِن الهجاء حرف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات وهم لَهَا سَابِقُونَ}

قَالَ: سبقت لَهُم السَّعَادَة من الله

63

- قَوْله تَعَالَى: بل قُلُوبهم فِي غمرة من هَذَا وَلَهُم أَعمال من دون ذَلِك هم لَهَا عاملون أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بل قُلُوبهم فِي غمرة من هَذَا} قَالَ: يَعْنِي بالغمرة الْكفْر وَالشَّكّ {وَلَهُم أَعمال من دون ذَلِك} يَقُول: أَعمال سَيِّئَة دون الشّرك {هم لَهَا عاملون} قَالَ: لَا بُد لَهُم من أَن يعملوها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {بل قُلُوبهم فِي غمرة من هَذَا} قَالَ: فِي عمي من هَذَا الْقُرْآن {وَلَهُم أَعمال} قَالَ: خَطَايَا {من دون ذَلِك هم لَهَا عاملون} قَالَ: لَا بُد لَهُم أَن يعملوها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بل قُلُوبهم فِي غمرة من هَذَا} قَالَ: فِي غَفلَة من أَعمال الْمُؤمنِينَ {وَلَهُم أَعمال من دون ذَلِك} قَالَ: هِيَ شَرّ من أَعمال الْمُؤمنِينَ ذكر الله {الَّذين هم من خشيَة رَبهم مشفقون} الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 57 وَالَّذين وَالَّذين ثمَّ قَالَ للْكَافِرِينَ {بل قُلُوبهم فِي غمرة من هَذَا وَلَهُم أَعمال} من دون الْأَعْمَال الَّتِي سمى الَّذين وَالَّذين وَالَّذين

64

- قَوْله تَعَالَى: حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ إِذْ هم يجأرون لَا تجأروا الْيَوْم إِنَّكُم منا لَا تنْصرُونَ قد كَانَت آياتي تتلى عَلَيْكُم فكنتم على أعقابكم تنكصون مسيكبرين بِهِ سامرا تهجرون أخرج النَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ} الْآيَة قَالَ: هم أهل بدر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ} قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا نزلت فِي الَّذِي قتل الله يَوْم بدر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ} قَالَ: بِالسُّيُوفِ يَوْم بدر {إِذا هم يجأرون} قَالَ: الَّذين بِمَكَّة

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ} قَالَ: بِالسَّيْفِ يَوْم بدر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم} قَالَ: مستكبريهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِذا هم يجأرون} قَالَ: يستغيثون وَفِي قَوْله: {فكنتم على أعقابكم تنكصون} قَالَ: تدبرون وَفِي قَوْله {سامرا تهجرون} قَالَ: تسمرون حول الْبَيْت وتقولون هجراً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {تنكصون} قَالَ: تستأخرون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {مستكبرين بِهِ} قَالَ: بِالْبَيْتِ وَالْحرَام {سامرا} قَالَ: كَانَ سامرهم لَا يخَاف مِمَّا اعطوا من الْأَمْن وَكَانَت الْعَرَب تخَاف سامرهم ويغزو بَعضهم بَعْضًا وَكَانَ أهل مَكَّة لَا يخَافُونَ ذَلِك بِمَا أعْطوا من الْأَمْن {تهجرون} قَالَ: يَتَكَلَّمُونَ بالشرك والبهتان فِي حرم الله وَعند بَيته قَالَ: وَكَانَ الْحسن يَقُول {سامرا تهجرون} كتاب الله وَنَبِي الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {مستكبرين بِهِ} قَالَ: بحرمي {سامراً تهجرون} قَالَ: الْقُرْآن وذكري ورسولي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {مستكبرين بِهِ} قَالَ: مستكبرين بحرمي {سامراً} فِيهِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي من القَوْل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {مستكبرين بِهِ} قَالَ: بِمَكَّة بِالْبَلَدِ (سامرا) قَالَ: مجالساً {تهجرون} بالْقَوْل السيء فِي الْقُرْآن وَأخرج عبد ابْن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح {مستكبرين بِهِ} قَالَ: بِالْقُرْآنِ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {سامراً تهجرون} قَالَ: كَانُوا يهجرون على اللَّهْو وَالْبَاطِل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: وَبَاتُوا بشعب لَهُم سامراً إِذا خب نيرانهم أوقدوا

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَت قُرَيْش تسمر حول الْبَيْت وَلَا تَطوف بِهِ ويفتخرون بِهِ فَأنْزل الله {مستكبرين بِهِ سامراً تهجرون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سامراً تهجرون} قَالَ: كَانَت قُرَيْش يستحلقون حلقا يتحدثون حول الْبَيْت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ {مستكبرين بِهِ سامراً تهجرون} قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يهجرون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي القَوْل فِي سمرهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {سامراً تهجرون} بِنصب التار وَرفع الْجِيم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَنه قَرَأَ {سامراً تهجرون} وَكَانُوا إِذا سمروا هجروا فِي القَوْل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {سامراً تهجرون} قَالَ: تهجرون الْحق وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا كره السمر حِين نزلت هَذِه الْآيَة {مستكبرين بِهِ سامراً تهجرون} قَالَ: مستكبرين بِالْبَيْتِ تَقولُونَ: نَحن أَهله {تهجرون} قَالَ: كَانُوا يهجرونه وَلَا يعمرونه

68

- قَوْله تَعَالَى: أفلم يدبروا القَوْل أم جَاءَهُم مَا لم يَأْتِ آبَاءَهُم الْأَوَّلين أم لم يعرفوا رسولهم فهم لَهُ منكرون أم يَقُولُونَ بِهِ جنَّة بل جَاءَهُم بِالْحَقِّ وَأَكْثَرهم للحق كَارِهُون وَلَو اتبع الْحق أهواءهم لفسدت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ بل آتَيْنَاهُم بذكرهم فهم عَن ذكرهم معرضون أم تَسْأَلهُمْ خرجا فخراج رَبك خير وَهُوَ خير الرازقين وَإنَّك لتدعوهم إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم وَإِن الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة عَن الصِّرَاط لناكبون وَلَو رحمناهم وكشفنا مَا بهم من ضرّ للجوا فِي طغيانهم يعمهون

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {أفلم يدبروا القَوْل} قَالَ: إِذا وَالله كَانُوا يَجدونَ فِي الْقُرْآن زاجراً عَن مَعْصِيّة الله لَو تدبره الْقَوْم وعقلوه ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله {أم لم يعرفوا رسولهم} قَالَ: عرفوه وَلَكِن حسدوه وَفِي قَوْله {وَلَو اتبع الْحق أهواءهم} قَالَ: الْحق الله عزّ وجلّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بل أتيناهم بذكرهم} قَالَ: بَينا لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بل أتيناهم بذكرهم} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن وَفِي قَوْله {أم تَسْأَلهُمْ أجرا} يَقُول: أم تَسْأَلهُمْ على مَا أتيناهم بِهِ جعلا أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {خرجا} قَالَ: أجرا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: الخرج وَمَا قبلهَا من الْقِصَّة لكفار قُرَيْش وَأخرج عبد بن الحميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {أم تَسْأَلهُمْ خَرَجاً} بِغَيْر ألف {فخراج رَبك} بِالْألف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَنه قَرَأَ {أم تَسْأَلهُمْ خَرَجاً فخراج رَبك خير} وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإنَّك لتدعوهم إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} قَالَ: مَا فِيهِ: عوج ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي رجلا فَقَالَ لَهُ أسلم فتصعب لَهُ ذَلِك وَكبر عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرَأَيْت لَو كنت فِي طَرِيق وعر وعث فَلَقِيت رجلا تعرف وَجهه وتعرف نسبه فدعاك إِلَى طَرِيق وَاسع سهل أَكنت تتبعه قَالَ: نعم قَالَ: فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّك لفي أوعر من ذَلِك الطَّرِيق لَو كنت فِيهِ وَإِنِّي لأدعوك إِلَى أسهل من ذَلِك الطَّرِيق لَو دعيت إِلَيْهِ وَذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي رجلا فَقَالَ لَهُ: أسلم فصعده ذَلِك فَقَالَ لَهُ نَبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرَأَيْت فتييك أَحدهمَا إِن حدث صدقك وَإِن أمنته أدّى إِلَيْك وَالْآخر إِن حدث كَذبك وَإِن ائتمنته خانك قَالَ: بلَى فَتَاي الَّذِي إِذا حَدثنِي صدقني وَإِذا أمنته أدّى إِلَيّ قَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كذاكم أَنْتُم عِنْد ربكُم

وَأخرج عبد بن الحميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِن الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة عَن الصِّرَاط لناكبون} قَالَ: عَن الْحق عادلون وَأخرج ابْن جرير فِي قَوْله {وَلَو رحمناهم وكشفنا مَا بهم من ضرّ} قَالَ: الْجُوع

76

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لرَبهم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ حَتَّى إِذا فتحنا عَلَيْهِم بَابا ذَا عَذَاب شَدِيد إِذا هم فِيهِ مبلسون وَهُوَ الَّذِي أنشألكم السّمع والأبصار والأفئدة قَلِيلا مَا تشكرون وَهُوَ الَّذِي ذرأكم فِي الأَرْض وَإِلَيْهِ تحشرون وَهُوَ الَّذِي يحيي وَيُمِيت وَله أختلاف اللَّيْل وَالنَّهَار أَفلا تعقلون بل قَالُوا مثل مَا قَالَ الْأَولونَ قَالُوا أإذا متْنا وَكُنَّا تُرَابا وعظاما أإنا لمبعوثون لقد وعدنا نَحن وآباؤنا هَذَا من قبل إِن هَذَا إِلَّا أساطير الْأَوَّلين أخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ أَبُو سُفْيَان إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أنْشدك الله وَالرحم فقد أكلنَا العلهز - يَعْنِي الْوَبر - بِالدَّمِ فَأنْزل الله {وَلَقَد أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لرَبهم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَن ثُمَامَة بن أنال الْحَنَفِيّ لما أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم وَهُوَ أَسِير فخلى سَبيله لحق بِالْيَمَامَةِ فحال بَين أهل مَكَّة وَبَين الْميرَة من الْيَمَامَة حَتَّى أكلت قُرَيْش العلهز فجَاء أَبُو سُفْيَان إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَلَيْسَ تزْعم أَنَّك بعثت رَحْمَة للْعَالمين قَالَ: بلَى قَالَ: فقد قتلت الْآبَاء بِالسَّيْفِ وَالْأَبْنَاء بِالْجُوعِ فَأنْزل الله {وَلَقَد أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لرَبهم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَقَد أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ} قَالَ: بِالسنةِ والجوع وَأخرج العسكري فِي المواعظ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَمَا اسْتَكَانُوا لرَبهم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}

أَي: لم يتواضعوا فِي الدُّعَاء وَلم يخضعوا وَلَو خضعوا لله لاستجاب لَهُم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: إِذا أصَاب النَّاس من قبل السُّلْطَان بلَاء فَإِنَّمَا هِيَ نقمة فَلَا تستقبلوا نقمة الله بالحمية وَلَكِن استقبلوها بالاستغفار واستكينوا وَتَضَرَّعُوا إِلَى الله وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَلَقَد أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لرَبهم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {حَتَّى إِذا فتحنا عَلَيْهِم بَابا ذَا عَذَاب شَدِيد} قَالَ: قد مضى كَانَ يَوْم بدر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {حَتَّى إِذا فتحنا عَلَيْهِم بَابا ذَا عَذَاب شَدِيد} قَالَ: يَوْم بدر وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {حَتَّى إِذا فتحنا عَلَيْهِم بَابا ذَا عَذَاب شَدِيد} قَالَ: لكفار قُرَيْش الْجُوع وَمَا قبلهَا من الْقِصَّة لَهُم أَيْضا

84

- قَوْله تَعَالَى: قل لمن الأَرْض وَمن فِيهَا إِن كُنْتُم تعلمُونَ سيقولون لله قل أَفلا تذكرُونَ قل من رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم سيقولون لله قل أَفلا تَتَّقُون قل من بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء وَهُوَ يجير وَلَا يجار عَلَيْهِ إِن كُنْتُم تعلمُونَ سيقولون لله قل فَأنى تسحرون بل آتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ مَا اتخذ الله من ولد وَمَا كَانَ مَعَه من إِلَه إِذا لذهب كل إِلَه بِمَا خلق ولعلى بَعضهم على بعض سُبْحَانَ الله عَمَّا يصفونَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ قل رب إِمَّا تريني مَا يوعدون رب فَلَا تجعلني فِي الْقَوْم الظَّالِمين وَإِنَّا على أَن نريك مَا نعدهم لقادرون أخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هرون قَالَ: فِي مصحف أبي بن كَعْب {سيقولون لله} كُلهنَّ بِغَيْر ألف وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن عَاصِم الجحدري قَالَ: فِي الإِمَام مصحف عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ: الَّذِي كتب للنَّاس لله لله كُلهنَّ بِغَيْر ألف

وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن أسيد بن زيد قَالَ: فِي مصحف عُثْمَان بن عَفَّان {سيقولون لله} ثلاثتهن بِغَيْر ألف وَأخرج عبد بن الحميد عَن يحيى بن عَتيق قَالَ: رَأَيْت فِي مصحف الْحسن لله لله بِغَيْر ألف فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَأخرج عبد بن الحميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لله} بِغَيْر ألف كُلهنَّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {من بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء} قَالَ: خَزَائِن كل شَيْء

96

- قَوْله تَعَالَى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن السَّيئَة نَحن أعلم بِمَا يصفونَ أخرج عبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن السَّيئَة} يَقُول: أعرض عَن أذاهم إياك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن السَّيئَة} قَالَ: بِالسَّلَامِ وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: نعمت وَالله الجرعة تتجرعها وَأَنت مظلوم فَمن اسْتَطَاعَ أَن يغلب الشَّرّ بِالْخَيرِ فَلْيفْعَل وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أنس فِي قَوْله {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن السَّيئَة} قَالَ: قَول الرجل لِأَخِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ يَقُول إِن كنت كَاذِبًا فَأَنا أسأَل الله أَن يغْفر لَك وَإِن كنت صَادِقا فَأَنا أسأَل الله أَن يغْفر لي وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أُتِي رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي قرَابَة أصلهم ويقطعون وَأحسن اليهم ويسيئون إليَّ ويجهلون عليّ وأحلم عَنْهُم قَالَ: لَئِن كَانَ كَمَا تَقول كَأَنَّمَا تسفهم الْملَل وَلَا يزَال مَعَك من الله ظهير عَلَيْهِم مَا دمت على ذَلِك

97

- قَوْله تَعَالَى: وَقل رب أعوذ بك من همزات الشَّيَاطِين وَأَعُوذ بك رب أَن يحْضرُون

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلمنَا كَلِمَات نقولهن عِنْد النّوم من الْفَزع بِسم الله أعوذ بِكَلِمَات الله التَّامَّة من غَضَبه وعقابه وَشر عباده وَمن همزات الشَّيَاطِين وَأَن يحْضرُون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَأَعُوذ بك رب أَن يحْضرُون} قَالَ: يحْضرُون فِي شَيْء من أَمْرِي وَأخرج أَحْمد عَن خَالِد بن الْوَلِيد أَنه قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أجد وَحْشَة قَالَ: إِذا أخذت مضجعك فَقل: أعوذ بِكَلِمَات الله التَّامَّة من غَضَبه وعقابه وَشر عباده وَمن همزات الشَّيَاطِين وَأَن يحْضرُون فَإِنَّهُ لَا يَضرك وبالحري أَن لَا يَضرك

99

- قَوْله تَعَالَى: حَتَّى إِذا جَاءَ أحدهم الْمَوْت قَالَ رب ارْجِعُونِ لعَلي أعمل صَالحا فِيمَا تركت كلا إِنَّهَا كلمة هُوَ قَائِلهَا وَمن ورائهم برزخ إِلَى يَوْم يبعثون أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِذا وضع الْكَافِر فِي قَبره مَقْعَده من النَّار قَالَ: {رب ارْجعُونِ} حَتَّى أَتُوب أعمل صَالحا فَيُقَال: قد عمرت مَا كنت معمراً فيضيق عَلَيْهِ قَبره فَهُوَ كالمنهوش ينَام ويفزع تهوي إِلَيْهِ هوَام الأَرْض حيّاتها وعقاربها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: ويل لأهل الْمعاصِي من أهل الْقُبُور يدْخل عَلَيْهِم فِي قُبُورهم حيات سود حَيَّة عِنْد رَأسه وحية عِنْد رجلَيْهِ يَضْرِبَانِهِ حَتَّى يَلْتَقِيَانِ فِي وَسطه فَذَلِك الْعَذَاب فِي البرزخ الَّذِي قَالَ الله {وَمن ورائهم برزخ إِلَى يَوْم يبعثون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {قَالَ رب ارْجِعُونِ} قَالَ: هَذَا حِين يعاين قبل أَن يَذُوق الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: زَعَمُوا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة إِن الْمُؤمن إِذا عاين الْمَلَائِكَة قَالُوا: نُرْجِعك إِلَى الدُّنْيَا فَيَقُول: إِلَى دَار الهموم وَالْأَحْزَان بل قُدُماً إِلَى الله وَأما الْكَافِر فَيَقُولُونَ لَهُ: نُرْجِعك فَيَقُول:

{رب ارْجِعُونِ لعَلي أعمل صَالحا فِيمَا تركت} وَأخرج الديلمي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذ حضر الْإِنْسَان الْوَفَاة يجمع لَهُ كل شَيْء يمنعهُ عَن الْحق فيحول بَين عَيْنَيْهِ فَعِنْدَ ذَلِك يَقُول {رب ارْجِعُونِ لعَلي أعمل صَالحا فِيمَا تركت} وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {لعَلي أعمل صَالحا فِيمَا تركت} قَالَ: لعَلي أَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لعَلي أعمل صَالحا} قَالَ: أَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن حُسَيْن فِي قَوْله وَمن ورائهم برزخ قَالَ: أمامهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمن ورائهم برزخ إِلَى يَوْم يبعثون} قَالَ: هُوَ مَا بَين الْمَوْت إِلَى الْبَعْث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: البرزخ الحاجز مَا بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَمن ورائهم برزخ إِلَى يَوْم يبعثون} قَالَ: حاجز بَين الْمَيِّت وَالرُّجُوع إِلَى الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: البرزخ مَا بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَيْسَ مَعَ أهل الدُّنْيَا يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ وَلَا مَعَ أهل الْآخِرَة يجازون بأعمالهم وَأخرج عبد بن الحميد عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: البرزخ بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن الحميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: البرزخ بَقِيَّة الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن الحميد عَن قَتَادَة {وَمن ورائهم برزخ} قَالَ: أهل الْقُبُور فِي برزخ مَا بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة هم فِيهِ إِلَى يَوْم يبعثون وَأخرج عبد بن الحميد عَن الرّبيع قَالَ: البرزخ الْقُبُور

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر قَالَ: البرزخ الْمَقَابِر لَا هم فِي الدُّنْيَا وَلَا هم فِي الْآخِرَة فهم مقيمون إِلَى يَوْم يبعثون وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وسمويه فِي فَوَائده عَن أبي أُمَامَة أَنه شهد جَنَازَة فَلَمَّا دفن الْمَيِّت قَالَ: هَذَا برزخ إِلَى يَوْم يبعثون وَأخرج هناد عَن أبي محلم قَالَ: قيل لِلشَّعْبِيِّ مَاتَ فلَان قَالَ: لَيْسَ هُوَ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة هُوَ فِي البرزخ وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَمن ورائهم برزخ} قَالَ: مَا بعد الْمَوْت

101

- قَوْله تَعَالَى: فَإِذا نفخ فِي الصُّور فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون فَمن ثقلت مَوَازِينه فَأُولَئِك هم المفلحون وَمن خفت مَوَازِينه فَأُولَئِك الَّذين خسروا أنفسهم فِي جَهَنَّم خَالدُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون} قَالَ: حِين ينْفخ فِي الصُّور فَلَا يبْقى حَيّ إِلَّا الله عزَّ وجلَّ وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن جرير عَن السّديّ {فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون} قَالَ: فِي النفخة الأولى وَأخرج عبد بن الحميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لَيْسَ أحد من النَّاس يسْأَل أحدا بنسبه وَلَا بقرابته شَيْئا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: لَا يسْأَل أحد يَوْمئِذٍ بِنسَب شَيْئا وَلَا ينمي إِلَيْهِ برحم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن الحميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون} وَقَوله {وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون} الصافات الْآيَة 27 فَقَالَ: انها مَوَاقِف الَّذِي لَا أَنْسَاب بَينهم وَلَا يتساءلون عِنْد الصعقة الأولى لَا أَنْسَاب بَينهم فِيهَا إِذا صعقوا فَإِذا كَانَت النفخة الْآخِرَة فَإِذا هم قيام يتساءلون

وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الْآيَتَيْنِ فَقَالَ: أما قَوْله {وَلَا يتساءلون} فَهَذَا فِي النفخة الأولى حِين لَا يبْقى على الأَرْض شَيْء وَأما قَوْله {فَأقبل بَعضهم على بعض يتساءلون} الصافات الْآيَة 27 فَإِنَّهُم لما دخلُوا الْجنَّة أقبل بَعضهم على بعض يتساءلون وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله الْأَوَّلين والآخرين - وَفِي لفظ: يُؤْخَذ بيد العَبْد أَو الْأمة يَوْم الْقِيَامَة على رُؤُوس الأوّلين والآخرين - ثمَّ يُنَادي مُنَاد إِلَّا أَن هَذَا فلَان بن فلَان فَمن كَانَ لَهُ حق قبله فليأت إِلَى حَقه - وَفِي لفظ: من كَانَ لَهُ مظْلمَة فليجىء فليأخذ حَقه - فيفرح - وَالله - الْمَرْء أَن يكون لَهُ الْحق على وَالِده أَو وَلَده أَو زَوجته وَإِن كَانَ صَغِيرا ومصداق ذَلِك فِي كتاب الله {فَإِذا نفخ فِي الصُّور فَلَا أَنْسَاب بَينهم يَوْمئِذٍ وَلَا يتساءلون} وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: لَيْسَ شَيْء أبْغض إِلَى الإِنسان يَوْم الْقِيَامَة من أَن يرى من يعرفهُ مَخَافَة أَن يَدُور لَهُ عَلَيْهِ شَيْء ثمَّ قَرَأَ {يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه} عِيسَى الْآيَة 34 وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْمسور بن مخرمَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْأَنْسَاب تَنْقَطِع يَوْم الْقِيَامَة غير نسبي وسببي وصهري وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ والضياء فِي المختارة عَن عمر بن الْخطاب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كل سَبَب وَنسب مُنْقَطع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا سببي ونسبي وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل نسب وصهر يَنْقَطِع يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا نسبي وصهري

104

- قَوْله تَعَالَى: تلفح وُجُوههم النَّار وهم فِيهَا كَالِحُونَ ألم تكن آياتي تتلى عَلَيْكُم فكنتم بهَا تكذبون أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {تلفح وُجُوههم النَّار} قَالَ تنقح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي صفة النَّار عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {تلفح وُجُوههم النَّار} قَالَ: تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم على أعصابهم

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن جَهَنَّم لما سيق إِلَيْهَا أَهلهَا تلقتهم بعنق فلفحتهم لفحة فَلم تدع لَحْمًا على عظم إِلَّا ألقته على العرقوب وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {تلفح وُجُوههم النَّار} قَالَ: لفحتهم لفحة فَمَا أبقت لَحْمًا على عظم إِلَّا ألقته على أَعْقَابهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد عَن أبي الْهُذيْل مثله وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {تلفح وُجُوههم النَّار وهم فِيهَا كَالِحُونَ} قَالَ تَشْوِيه النَّار فتقلص شفته الْعليا حَتَّى تبلغ وسط رَأسه وَتَسْتَرْخِي شفته السُّفْلى حَتَّى تضرب سرته وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مغيث بن سمي قَالَ: إِذا جِيءَ بِالرجلِ إِلَى النَّار قيل انْتظر حَتَّى تنحفك فَيُؤتى بكأس من سم الأفاعي والأساود إِذا أدناها من فِيهِ نثرت اللَّحْم على حِدة والعظم على حِدة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وهم فِيهَا كَالِحُونَ} قَالَ: كلوح الرَّأْس النضيج بَدَت أسنانهم وتقلصت شفاههم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَالِحُونَ} قَالَ: عابسون

106

- قَوْله تَعَالَى: قَالُوا رَبنَا غلبت علينا شِقْوَتنَا وَكُنَّا قوما ضَالِّينَ رَبنَا أخرجنَا مِنْهَا فَإِن عدنا فَإنَّا ظَالِمُونَ وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {قَالُوا رَبنَا غلبت علينا شِقْوَتنَا} قَالَ: شقوتهم الَّتِي كتبت عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن الحميد عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ (غلبت علينا شقاوتنا) وَأخرج عبد بن الحميد عَن إِسْحَق قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله (شقاوتنا)

108

- قَوْله تَعَالَى: قَالَ اخسؤا فِيهَا وَلَا تكَلمُون إِنَّه كَانَ فريق من عبَادي يَقُولُونَ رَبنَا آمنا فَاغْفِر لنا وارحمنا وَأَنت خير الرَّاحِمِينَ

أخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلقى على أهل النَّار الْجُوع حَتَّى يعدل مَا هم فِيهِ من الْعَذَاب فَيَسْتَغِيثُونَ بِالطَّعَامِ فَيُغَاثُونَ بِطَعَام من ضَرِيع لَا يسمن وَلَا يُغني من جوع فَيَسْتَغِيثُونَ بِالطَّعَامِ فَيُغَاثُونَ بِطَعَام ذِي غُصَّة فَيذكرُونَ أَنهم كَانُوا يجيزون الْغصَص فِي الدُّنْيَا بِالشرابِ فَيَسْتَغِيثُونَ بِالشرابِ فيرفع إِلَيْهِم الْحَمِيم بِكَلَالِيب الْحَدِيد فاذا دنت من وُجُوههم شَوَتْ وُجُوههم وَإِذا دخلت بطونهم قطعت مَا فِي بطونهم فَيَقُولُونَ: ادعوا خَزَنَة جَهَنَّم فَيدعونَ خَزَنَة جَهَنَّم إِن {ادعوا ربكُم يُخَفف عَنَّا يَوْمًا من الْعَذَاب} غَافِر الْآيَة 49 {فَيَقُولُونَ} {أولم تَكُ تَأْتيكُمْ رسلكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بلَى قَالُوا فَادعوا وَمَا دُعَاء الْكَافرين إِلَّا فِي ضلال} غَافِر الآيه 50 فَيَقُولُونَ ادعوا مَالِكًا فَيدعونَ مَالِكًا فَيَقُولُونَ {يَا مَالك ليَقْضِ علينا رَبك} الزخرف الآيه 77 فَيُجِيبهُمْ {إِنَّكُم مَاكِثُونَ} فَيَقُولُونَ ادعوا ربكُم فَلَا أحد خير من ربكُم فَيَقُولُونَ {رَبنَا غلبت علينا شِقْوَتنَا وَكُنَّا قوما ضَالِّينَ رَبنَا أخرجنَا مِنْهَا فَإِن عدنا فَإنَّا ظَالِمُونَ} الْمُؤْمِنُونَ الْآيَتَانِ 106 - 107 فَيُجِيبهُمْ {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمون} فَعِنْدَ ذَلِك يئوا من كل خير وَعند ذَلِك أخذُوا فِي الزَّفِير وَالْحَسْرَة وَالْوَيْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن أبي حَاتِم بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: إِن أهل جَهَنَّم ينادون مَالِكًا {يَا مَالك ليَقْضِ علينا رَبك} فيذرهم أَرْبَعِينَ عَاما لَا يُجِيبهُمْ ثمَّ يُجِيبهُمْ {إِنَّكُم مَاكِثُونَ} ثمَّ ينادون رَبهم {رَبنَا أخرجنَا مِنْهَا فَإِن عدنا فانا ظَالِمُونَ} فيذرهم مثلي الدُّنْيَا لَا يُجِيبهُمْ ثمَّ يُجِيبهُمْ {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمون} قَالَ: فيئس الْقَوْم بعْدهَا وَمَا هُوَ إِلَّا الزَّفِير والشهيق وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: لأهل النَّار خمس دعوات يُجِيبهُمْ الله فِي أَرْبَعَة فَإِذا كَانَت الْخَامِسَة لم يتكلموا بعْدهَا أبدا يَقُولُونَ {رَبنَا أمتَّنا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ فاعترفنا بذنوبنا فَهَل إِلَى خُرُوج من سَبِيل}

غَافِر الْآيَة 11 فَيُجِيبهُمْ الله {ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذا دعيَ الله وَحده كَفرْتُمْ وَإِن يُشْرك بِهِ تؤمنوا فَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير} غَافِر الْآيَة 12 ثمَّ يَقُولُونَ {رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا فارجعنا نعمل صَالحا انا موقنون} السَّجْدَة الْآيَة 12 فَيُجِيبهُمْ الله {فَذُوقُوا بِمَا نسيتم لِقَاء يومكم هَذَا إِنَّا نسيناكم وذوقوا عَذَاب الْخلد بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} السَّجْدَة الاية 14 ثمَّ يَقُولُونَ {رَبنَا أخرنا إِلَى أجل قريب نجب دعوتك وَنَتبع الرُّسُل} إِبْرَاهِيم الْآيَة 44 فَيُجِيبهُمْ الله {أولم تَكُونُوا أقسمتم من قبل مَا لكم من زَوَال} ثمَّ يَقُولُونَ {رَبنَا أخرجنَا نعمل صَالحا غير الَّذِي كُنَّا نعمل} فاطر الْآيَة 37 فَيُجِيبهُمْ الله {أولم نُعَمِّركُمْ مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر وَجَاءَكُم النذير فَذُوقُوا فَمَا للظالمين من نصير} ثمَّ يَقُولُونَ {رَبنَا غلبت علينا شِقْوَتنَا وَكُنَّا قوما ضَالِّينَ رَبنَا أخرجنَا مِنْهَا فَإِن عدنا فَإنَّا ظَالِمُونَ} الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 106 فَيُجِيبهُمْ الله {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون} فَلَا يَتَكَلَّمُونَ بعْدهَا ابداً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: بلغنَا أَن أهل النَّار نادوا خَزَنَة جَهَنَّم أَن {ادعوا ربكُم يُخَفف عَنَّا يَوْمًا من الْعَذَاب} غَافِر الْآيَة 49 فَلم يجيبوهم مَا شَاءَ الله فَلَمَّا أجابوهم بعد حِين قَالُوا لَهُم {فَادعوا وَمَا دُعَاء الْكَافرين إِلَّا فِي ضلال} غَافِر الْآيَة 50 ثمَّ نادوا {يَا مَالك} لخازن النَّار {ليَقْضِ علينا رَبك} الزخرف الْآيَة 77 فَسكت عَنْهُم مَالك مِقْدَار أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ أجابهم فَقَالَ {إِنَّكُم مَاكِثُونَ} ثمَّ نَادَى الأشقياء رَبهم فَقَالُوا {رَبنَا أخرجنَا مِنْهَا فَإِن عدنا فانا ظَالِمُونَ} فَسكت عَنْهُم مِقْدَار الدُّنْيَا ثمَّ أجابهم بعد ذَلِك {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون} وَأخرج عبد بن الحميد عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: تكلمُوا قبل ذَلِك وخاصموا فَلَمَّا كَانَ آخر ذَلِك قَالَ {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون} قَالَ: منعُوا الْكَلَام آخر مَا عَلَيْهِم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زِيَاد بن سعد الخرساني فِي قَوْله {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون} قَالَ: فتنطبق عَلَيْهِم فَلَا يسمع مِنْهَا إِلَّا مثل طنين الطست وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {اخسؤوا} قَالَ: اصغروا

وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون} قَالَ: هَذَا قَول الرب عز وَجل حِين انْقَطع كَلَامهم مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار عَن حُذَيْفَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله إِذا قَالَ لأهل النَّار {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون} عَادَتْ وُجُوههم قِطْعَة لحم لَيْسَ فِيهَا أفوه وَلَا مناخير تردد النَّفس فِي أَجْوَافهم وَأخرج هناد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَيْسَ بعد الْآيَة خُرُوج {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون}

110

- قَوْله تَعَالَى: فاتخذتموهم سخريا حَتَّى أنسوكم ذكري وكنتم مِنْهُم تضحكون إِنِّي جزيتهم الْيَوْم بِمَا صَبَرُوا أَنهم هم الفائزون أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {فاتَّخذتموهم سخرياً} قَالَ: هما مُخْتَلِفَانِ سخريا يَقُول الله {ليتَّخذ بَعضهم بَعْضًا سخريا} الزخرف الْآيَة 32 قَالَ: يسخرونهم وَالْآخرُونَ الَّذين يستهزؤن سخريا

112

- قَوْله تَعَالَى: قل كم لبثتم فِي الأَرْض عدد سِنِين قَالُوا لبثنا يَوْمًا أَو بعض يَوْم فاسأل العادين قل إِن لبثتم إِلَّا قَلِيلا لَو أَنكُمْ كُنْتُم تعلمُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَيفع بن عبد الكلَاعِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله إِذا أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار قَالَ لأهل الْجنَّة {كم لبثتم فِي الأَرْض عدد سِنِين} قَالُوا {لبثنا يَوْمًا أَو بعض يَوْم} قَالَ: لنعم مَا اتجرتم فِي يَوْم أَو بعض يَوْم رَحْمَتي ورضواني وجنتي اسكنوا فِيهَا خَالِدين مخلدين ثمَّ يَقُول: يَا أهل النَّار {كم لبثتم فِي الأَرْض عدد سِنِين} قَالُوا {لبثنا يَوْمًا أَو بعض يَوْم} فَيَقُول: بئس مَا اتجرتم فِي يَوْم أَو بعض يَوْم نَارِي وسخطي امكثوا فِيهَا خَالِدين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فاسأل العادين} قَالَ: الْحساب

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فاسأل العادين} قَالَ: الْمَلَائِكَة

115

- قَوْله تَعَالَى: أفحسبتم أَنما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وأنكم إِلَيْنَا لَا ترجعون فتعالى الله الْملك الْحق لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رب الْعَرْش الْكَرِيم أخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ فِي أذن مصاب {افحسبتم أَنما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا} حَتَّى ختم السُّورَة فبرأ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَاذَا قَرَأت فِي أُذُنه فَأخْبرهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن رجلا موقناً قَرَأَهَا على جبل لزال وَأخرج ابْن السّني وَابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة بِسَنَد من طَرِيق مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَرِيَّة وأمرنا أَن نقُول إِذا نَحن أمسينا وأصبحنا {أفحسبتم أَنما خَلَقْنَاكُمْ عَبَثا وأنكم إِلَيْنَا لَا ترجعون} فقرأناها فغنمنا وَسلمنَا وَالله أعلم

117

- قَوْله تَعَالَى: وَمن يَدْعُو مَعَ الله إِلَهًا آخر لَا برهَان لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حسابه عِنْد ربه إِنَّه لَا يفلح الْكَافِرُونَ أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا برهَان لَهُ} قَالَ: لَا بَيِّنَة لَهُ وَأخرج عبد بن الحميد عَن قَتَادَة {لَا برهَان لَهُ} قَالَ: لَا بَيِّنَة لَهُ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {لَا برهَان لَهُ} قَالَ: لَا حجَّة وَأخرج عبد بن الحميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (إِنَّه لَا يفلح الْكَافِرُونَ) بِكَسْر الْألف فِي إِنَّه وَأخرج عبد بن الحميد عَن الْحسن أَنه قَرَأَ (أَنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ) بِنصب الْألف فِي انه

وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فَإِنَّمَا حسابه عِنْد ربه إِنَّه لَا يفلح الْكَافِرُونَ} قَالَ: ذَاك حِسَاب الْكَافِر عِنْد الله إِنَّه لَا يفلح

118

- قَوْله تَعَالَى: وَقل رب اغْفِر وَارْحَمْ وَأَنت خير الرَّاحِمِينَ أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله عَلمنِي دُعَاء ادعو بِهِ فِي صَلَاتي قَالَ: قل اللَّهُمَّ إِنِّي ظلمت نَفسِي ظلما كثيرا وَأَنه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت فَاغْفِر لي مغْفرَة من عنْدك وارحمني إِنَّك أَنْت الغفور الرَّحِيم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم سُورَة النُّور مَدَنِيَّة وآياتها أَربع وَسِتُّونَ مُقَدّمَة سُورَة النُّور أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت سُورَة النُّور بِالْمَدِينَةِ وَأخرج عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة مَرْفُوعا لَا تنزلوهن الغرف وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ الْكِتَابَة يَعْنِي النِّسَاء وعلموهن الْغَزل وَسورَة النُّور وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علمُوا رجالكم سُورَة الْمَائِدَة وَعَلمُوا نِسَائِكُم سُورَة النُّور وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله عَن حَارِثَة بن مضرب قَالَ: كتب إِلَيْنَا عمر بن الْخطاب ان تعلمُوا سُورَة النِّسَاء والاحزاب والنور وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي وَائِل قَالَ: حججْت أَنا وَصَاحب لي وَابْن عَبَّاس على الحجن فَجعل يقْرَأ سُورَة النُّور ويفسرها فَقَالَ صَاحِبي: سُبْحَانَ الله مَاذَا يخرج من رَأس هَذَا الرجل لَو سَمِعت هَذَا التّرْك لأسلمت

النور

- سُورَة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فِيهَا آيَات بَيِّنَات لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَارِثَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سُورَة أنزلناها وفرضناها} قَالَ: بيناها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وفرضناها} قَالَ: وفسرناها الْأَمر بالحلال وَالنَّهْي عَن الْحَرَام وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وفرضناها} قَالَ: فرض الله فِيهَا فَرَائِضه وَأحل حَلَاله وَحرم حرَامه وحدَّ حُدُوده وَأمر بِطَاعَتِهِ وَنهى عَن مَعْصِيَته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه قَرَأَ {وفرضناها} خَفِيفَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وأنزلنا فِيهَا آيَات بَيِّنَات} قَالَ: الْحَلَال وَالْحرَام وَالْحُدُود

2

- قَوْله تَعَالَى: الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا كل وَاحِد مِنْهُمَا مائَة جلدَة وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله} قَالَ: فِي الحدِّ أَن يُقَام عَلَيْهِم وَلَا يعطل أما أَنه لَيْسَ بِشدَّة الْجلد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَلَا تأخذكم بهما رأفة} قَالَ: فِي اقامة الْحَد وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {وَلَا تأخذكم بهما رأفة} قَالَ: فِي تَعْطِيل الْحَد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمرَان بن حدير قَالَ: قلت لأبي مجلز {وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله} قَالَ: انا لنرجم الرجل أَو يجلد أَو يقطع قَالَ: لَيْسَ كَذَاك إِنَّمَا إِذا رفع للسُّلْطَان فَلَيْسَ لَهُ أَن يدعهم رَحْمَة لَهُم حَتَّى يُقيم عَلَيْهِم الْحَد وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن جرير عَن الْحسن {وَلَا تأخذكم بهما رأفة} قَالَ: الْجلد الشَّديد وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم وعامر {وَلَا تأخذكم بهما رأفة} قَالَا: شدَّة الْجلد فِي الزِّنَا وَيُعْطى كل عُضْو مِنْهُ حَقه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد وَابْن جرير عَن شُعْبَة قَالَ: قلت لحماد الزَّانِي يضْرب ضربا شَدِيدا قَالَ: نعم ويخلع عَنهُ ثِيَابه قَالَ الله {وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله} قلت لَهُ: إِنَّمَا ذَلِك فِي الحكم قَالَ: فِي الحكم وَالْجَلد وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد قضى الله وَرَسُوله إِن شهد أَرْبَعَة على بكرين جلدا كَمَا قَالَ الله مائَة جلدَة وغربا سنة غير الأَرْض الَّتِي كَانَا بهَا وتغريبهما سنتي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبيد الله بن عبد الله بن عمر أَن جَارِيَة لِابْنِ عمر زنت فَضرب رِجْلَيْهَا

وظهرها فَقلت {وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله} فَقَالَ: إِن الله لم يَأْمُرنِي أَن أقتلها وَلَا أَن أجلد رَأسهَا وَقد أوجعت حَيْثُ ضربت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي بَرزَة الاسلمي أَنه أُتِي بِأمة لبَعض أَهله قد زنت وَعِنْده نفر نَحْو عشرَة فَأمر بهَا فاجلست فِي نَاحيَة ثمَّ أَمر بِثَوْب فَطرح عَلَيْهَا ثمَّ أعْطى السَّوْط رجلا فَقَالَ: اجلد خمسين جلدَة لَيْسَ باليسير وَلَا بالخضفة فَقَامَ فجلدها وَجعل يفرق عَلَيْهَا الضَّرْب ثمَّ قَرَأَ {وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ} قَالَ الطَّائِفَة الرجل فَمَا فَوْقه وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ} قَالَ: الطَّائِفَة عشرَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: الطَّائِفَة وَاحِد إِلَى الْألف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أَمر الله أَن يشْهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ ليَكُون ذَلِك عِبْرَة وموعظة ونكالاً لَهُم وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: ليحضر رجلَانِ فَصَاعِدا وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: الطَّائِفَة الثَّلَاثَة فَصَاعِدا وَأخرج عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: الطَّائِفَة أَرْبَعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن نصر بن عَلْقَمَة فِي قَوْله {وليشهد عذابهما طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ} قَالَ: لَيْسَ ذَلِك للفضيحة إِنَّمَا ذَاك ليدعو الله لَهما بِالتَّوْبَةِ وَالرَّحْمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشَّيْبَانِيّ قَالَ: قلت لِابْنِ أبي أوفى رجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم قلت: بَعْدَمَا أنزلت سُورَة النُّور أَو قبلهَا قَالَ: لَا أَدْرِي

3

- قَوْله تَعَالَى: الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة أَو مُشركَة والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك وَحرم ذَلِك على الْمُؤمنِينَ أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن الحميد وَابْن أبي شيبَة

وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة} قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِالنِّكَاحِ وَلَكِن الْجِمَاع لَا يَزْنِي بهَا حِين يَزْنِي إِلَّا زَان أَو مُشْرك وَحرم ذَلِك على الْمُؤمنِينَ يَعْنِي الزِّنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل: لما قدم الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَة قدموها وهم بِجهْد إِلَّا قَلِيل مِنْهُم وَالْمَدينَة غَالِيَة السّعر شَدِيدَة الْجهد وَفِي السُّوق زوان متعالنات من أهل الْكتاب وَأما الْأَنْصَار مِنْهُنَّ أُميَّة وليدة عبد الله بن أبي ونيسكة بنت أُميَّة لرجل من الْأَنْصَار فِي بَغَايَا من ولائد الْأَنْصَار قد رفعت كل إمرأة مِنْهُنَّ عَلامَة على بَابهَا ليعرف أَنَّهَا زَانِيَة وَكن من أخصب أهل الْمَدِينَة وَأَكْثَره خيرا فَرغب أنَاس من مُهَاجِرِي الْمُسلمين فِيمَا يكتسبن للَّذي هم فِيهِ من الْجهد فاشار بَعضهم على بعض لَو تزوّجنا بعض هَؤُلَاءِ الزواني فنصيب من فضول أطعامهنَّ فَقَالَ بَعضهم: نستأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتوهُ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله قد شقّ علينا الْجهد وَلَا نجد مَا نَأْكُل وَفِي السُّوق بَغَايَا نسَاء أهل الْكتاب وولائدهن وولائد الْأَنْصَار يكتسبن لأنفسهن فيصلح لنا أَن نتزوّج مِنْهُنَّ فنصيب من فضول مَا يكتسبن فَإِذا وجدنَا عَنْهُن غنى تركناهن فَأنْزل الله {الزَّانِي لَا ينْكح} فَحرم على الْمُؤمنِينَ أَن يتزوّجوا الزواني المسافحات العالنات زناهن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير فِي قَوْله {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة اَوْ مُشركَة} قَالَ: كن نسَاء فِي الْجَاهِلِيَّة بغيات فَكَانَت مِنْهُنَّ امْرَأَة جميلَة تدعى أم مهزول فَكَانَ الرجل من فُقَرَاء الْمُسلمين يتزوّج إِحْدَاهُنَّ فتنفق عَلَيْهِ من كسبها فَنهى الله أَن يتزوّجهن أحد من الْمُسلمين وَأخرج عبد بن حميد عَن سُلَيْمَان بن يسَار فِي قَوْله {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة اَوْ مُشركَة} قَالَ: كن نسَاء فِي الْجَاهِلِيَّة بغيات فَنهى الله الْمُسلمين عَن نِكَاحهنَّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: كَانَت بَغَايَا فِي الْجَاهِلِيَّة بَغَايَا آل فلَان وبغايا آل فلَان فَقَالَ الله {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة اَوْ مُشركَة والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك} فأحكم الله ذَلِك من أَمر الْجَاهِلِيَّة بِالْإِسْلَامِ قيل لَهُ: أعن ابْن عَبَّاس قَالَ: نعم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة اَوْ مُشركَة} قَالَ: رجال كَانُوا يُرِيدُونَ الزِّنَا بنساء زَوانٍ بَغَايَا متعالنات كن كَذَلِك فِي الْجَاهِلِيَّة قيل لَهُم هَذَا حرَام فأرادوا نِكَاحهنَّ فَحرم الله عَلَيْهِم نِكَاحهنَّ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ فِي بَدْء الإِسلام قوم يزنون قَالُوا: أَفلا نتزوّج النِّسَاء الَّتِي كُنَّا نفجر بِهن فَأنْزل الله {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك} قَالَ إِنَّمَا عني بذلك الزِّنَا وَلم يعن بِهِ التَّزْوِيج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة أَو مُشركَة} قَالَ: لَا يَزْنِي حِين يَزْنِي إِلَّا بزانية مثله أَو مُشركَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: الزَّانِي من أهل الْقبْلَة لَا يَزْنِي إِلَّا بزانية مثله من أهل الْقبْلَة أَو مُشركَة من غير أهل الْقبْلَة والزانية من أهل الْقبْلَة لَا تَزني إِلَّا بزان مثلهَا من أهل الْقبْلَة أَو مُشْرك من غير أهل الْقبْلَة وَحرم الزِّنَا على الْمُؤمنِينَ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد قَالَ: لما حرم الله الزِّنَا فَكَانَ زوان عِنْدهن جمال وَمَال فَقَالَ النَّاس حِين حُرِّم الزِّنَا: لتُطَلَّقْنَ فلنتزوّجهن فَأنْزل الله فِي ذَلِك {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة} وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن عبد الله بن عمر قَالَ: كَانَت امْرَأَة يُقَال لَهَا أم مهزول وَكَانَت تسافح الرِّجَال وتشرط أَن تنْفق عَلَيْهِ فَأَرَادَ رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَتَزَوَّجهَا فَأنْزل الله {والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن

شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: كَانَ رجل يُقَال لَهُ مرْثَد يحمل الْأُسَارَى من مَكَّة حَتَّى يَأْتِي بهم الْمَدِينَة وَكَانَت امْرَأَة بِمَكَّة يُقَال لَهَا عنَاق وَكَانَت صديقَة لَهُ وَأَنه وجد رجلا من أُسَارَى مَكَّة يحملهُ قَالَ: فَجئْت حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى ظلّ حَائِط من حَوَائِط مَكَّة فِي لَيْلَة مُقْمِرَة فَجَاءَت عنَاق فَأَبْصَرت سَواد ظلّ تَحت الْحَائِط فَلَمَّا انْتَهَت إليّ عَرفتنِي فَقَالَت: مرْثَد فَقلت: مرْثَد فَقَالَت: مرْحَبًا وَأهلا هَلُمَّ فَبِتْ عندنَا اللَّيْلَة قلت: يَا عنَاق حرّم الله الزِّنَا قَالَت: يَا أهل الْخيام هَذَا الرجل يحمل أَسْرَاكُم قَالَ: فَتَبِعَنِي ثَمَانِيَة وسلكت الخندمة فانتهيت إِلَى غَار أَو كَهْف فَدخلت فجاؤا حَتَّى قَامُوا على رَأْسِي فبالوا وظل بَوْلهمْ على رَأْسِي ونحاهم الله عني ثمَّ رجعُوا وَرجعت إِلَى صَاحِبي فَحَملته حَتَّى قدمت الْمَدِينَة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله أنكح عنَاقًا فَأمْسك فَلم يرد عليّ شَيْئا حَتَّى نزلت {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة اَوْ مُشركَة والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك وَحرم ذَلِك على الْمُؤمنِينَ} فَلَا تنكحها وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن عمر فِي قَوْله {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة اَوْ مُشركَة} قَالَ: كَانَ نسَاء مَعْلُومَات فَكَانَ الرجل من فُقَرَاء الْمُسلمين يتَزَوَّج الْمَرْأَة مِنْهُنَّ لتنفق عَلَيْهِ فنهاهم الله عَن ذَلِك وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَنَّهَا نزلت فِي بَغَايَا معلنات كن فِي الْجَاهِلِيَّة وَكن زوان مشركات فَحرم الله نِكَاحهنَّ على الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سعيد مولى ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت مَعَ ابْن عَبَّاس فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: إِنِّي كنت أتبع امْرَأَة فَأَصَبْت مِنْهَا مَا حرّم الله عليّ وَقد رَزَقَنِي الله مِنْهَا تَوْبَة فَأَرَدْت أَن أتزوّجها فَقَالَ النَّاس {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة أَو مُشركَة} فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَيْسَ هَذَا مَوضِع هَذِه الْآيَة إِنَّمَا كن نسَاء بَغَايَا متعالنات يجعلن على أبوابهن رايات يأتيهن النَّاس يعرفن بذلك فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة تزَوجهَا فَمَا كَانَ فِيهَا من اثم فعلي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير

قَالَ: كن نسَاء بَغَايَا فِي الْجَاهِلِيَّة كَانَ الرجل ينْكح الْمَرْأَة فِي الْإِسْلَام فَيُصِيب مِنْهَا فَحرم ذَلِك فِي الْإِسْلَام فَأنْزل الله {والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان} وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن عدي وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينْكح الزَّانِي الْمَحْدُود إِلَّا مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الْحسن {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة} قَالَ: الْمَحْدُود لَا يتَزَوَّج إِلَّا محدودة مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَسَعِيد مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عليّ أَن رجلا تزوج امْرَأَة ثمَّ إِنَّه زنى فأقيم عَلَيْهِ الْحَد فجاؤا بِهِ إِلَى عَليّ فَفرق بَينه وَبَين زَوجته وَقَالَ لَهُ: لَا تتزوّج إِلَّا مجلودة مثلك وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة وَلَا ينظر إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة الْعَاق لوَالِديهِ وَالْمَرْأَة المترجلة والديوث وَأخرج ابْن ماجة عَن أنس سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من أَرَادَ أَن يلقى الله طَاهِرا مطهراً فليتزوّج الْحَرَائِر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو عبيد مَعًا فِي التَّارِيخ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب فِي هَذِه الْآيَة {الزَّانِي لَا ينْكح إِلَّا زَانِيَة} قَالَ: يرَوْنَ أَن هَذِه الْآيَة الَّتِي بعْدهَا نسختها {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم} فهن من أيامى الْمُسلمين

4

- قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جلدَة وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا فَإِن الله غَفُور رَحِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ} يَعْنِي الْحُكَّام إِذا رفع إِلَيْهِم جلدُوا الْقَاذِف ثَمَانِينَ جلدَة {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} يَعْنِي بعد الْجلد مَا دَامَ حَيا {وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} العاصون فِيمَا قَالُوهُ من الْكَذِب

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء} ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ {إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا} فَتَابَ الله عَلَيْهِم من الفسوق وَأما الشَّهَادَة فَلَا تجوز وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} إِلَى {رَحِيم} فَأنْزل الله الْجلد وَالتَّوْبَة تقبل وَالشَّهَادَة ترد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لأبي بكرَة: إِن تبت قبلت شهادتك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِلَّا الَّذين تَابُوا من بعد ذَلِك وَأَصْلحُوا} قَالَ: تَوْبَتهمْ اكذابهم أنفسهم فَإِن كذبُوا أنفسهم قبلت شَهَادَتهم وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي سُورَة النُّور {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ} وَاسْتثنى من ذَلِك فَقَالَ (وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم) فَإِذا حلفا فرق بَينهمَا وَإِن لم يحلفا أقيم الْحَد الْجلد أَو الرَّجْم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} ثمَّ قَالَ {إِلَّا الَّذين تَابُوا} قَالَ: فَمن تَابَ وَأصْلح فشهادته فِي كتاب الله تقبل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ شهد على الْمُغيرَة بن شُعْبَة ثَلَاثَة بِالزِّنَا وَنكل زِيَاد فحد عمر الثَّلَاثَة وَقَالَ لَهُم: تُوبُوا تقبل شهادتكم فَتَابَ رجلَانِ وَلم يتب أَبُو بكرَة فَكَانَ لَا تقبل شَهَادَته وَكَانَ أَبُو بكرَة أَخا زِيَاد لأمه فَلَمَّا كَانَ من أَمر زِيَاد مَا كَانَ حلف أَبُو بكرَة أَن لَا يكلمهُ أبدا فَلم يكلمهُ حَتَّى مَاتَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: إِذا تَابَ الْقَاذِف وأكذب نَفسه قبلت شَهَادَته وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ وَالزهْرِيّ وَطَاوُس ومسروق قَالُوا: إِذا تَابَ الْقَاذِف قبلت شَهَادَته وتوبته أَن يكذب نَفسه وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب وَالْحسن قَالَا: الْقَاذِف إِذا تَابَ

فتوبته فِيمَا بَينه وَبَين الله وَلَا تجوز شَهَادَته وَأخرج عبد بن حميد عَن مَكْحُول فِي الْقَاذِف اذا تَابَ لم تقبل شَهَادَته وَأخرج عبد بن حميد عَن ممد بن سِيرِين قَالَ: الْقَاذِف إِذا تَابَ فَإِنَّمَا تَوْبَته فِيمَا بَينه وَبَين الله فَأَما شَهَادَته فَلَا تجوز أبدا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَا شَهَادَة لَهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: تَوْبَته فِيمَا بَينه وَبَين ربه من الْعَذَاب الْعَظِيم وَلَا تقبل شَهَادَته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا} قَالَ: كَانَ الْحسن يَقُول: لَا تقبل شَهَادَة الْقَاذِف أبدا تَوْبَته فِيمَا بَينه وَبَين الله وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: كل صَاحب حد تجوز شَهَادَته إِلَّا الْقَاذِف فَإِن تَوْبَته فِيمَا بَينه وَبَين ربه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: لَا تقبل للقاذف شَهَادَة تَوْبَته بَينه وَبَين ربه وَأخرج عبد بن حميد عَن عِيسَى بن عَاصِم قَالَ: كَانَ أَبُو بكرَة إِذا جَاءَهُ رجل يشهده قَالَ: أشهد غَيْرِي فَإِن الْمُسلمين قد فسقوني وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: شهِدت عمر بن الْخطاب حِين جلد قذفة الْمُغيرَة وَابْن شُعْبَة مِنْهُم أَبُو بكرَة وماتع وشبل ثمَّ دَعَا أَبَا بكرَة فَقَالَ: إِن تكذب نَفسك تجز شهادتك فَأبى أَن يكذب نَفسه وَلم يكن عمر يُجِيز شَهَادَتهمَا حَتَّى هلكا فَذَلِك قَوْله {إِلَّا الَّذين تَابُوا} وتوبتهم اكذابهم أنفسهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قضى الله وَرَسُوله أَن لَا تقبل شَهَادَة ثَلَاثَة وَلَا اثْنَيْنِ وَلَا وَاحِد على الزِّنَا ويجلدون ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ وَلَا تقبل لَهُم شَهَادَة أبدا حَتَّى يتَبَيَّن للْمُسلمين مِنْهُم تَوْبَة نصوح وَإِصْلَاح وَأخرج عبد بن حميد عَن جَعْفَر بن يرقان قَالَ: سَأَلت مَيْمُون بن مهْرَان عَن هَذِه الْآيَة {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} إِلَى قَوْله {إِلَّا الَّذين تَابُوا} فَجعل الله فِيهَا تَوْبَته وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات لُعِنوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم}

فَقَالَ: أما الأولى فَعَسَى أَن تكون قارفت وَأما الْأُخْرَى فَهِيَ الَّتِي لم تقارف شَيْئا من ذَلِك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: لما كَانَ زمن الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين أهل مَكَّة جعلت الْمَرْأَة تخرج من أهل مَكَّة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مهاجرة فِي طلب الإِسلام فَقَالَ الْمُشْركُونَ: إِنَّمَا انْطَلَقت فِي طلب الرِّجَال فَأنْزل الله {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن قَالَ: الزِّنَا أَشد من الْقَذْف وَالْقَذْف أَشد من الشّرْب وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَطاء قَالَ: جلد الزَّانِي أَشد من جلد الْفِرْيَة وَالْخمر وَجلد الْفِرْيَة وَالْخمر فَوق الْحَد وَالله تَعَالَى أعلم

6

- قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم فشهادة أحدهم أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الصَّادِقين وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من الْكَاذِبين ويدرؤا عَنْهَا الْعَذَاب أَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا أَن كَانَ من الصَّادِقين وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته وَأَن الله تواب حَكِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَاصِم بن عدي قَالَ: لما نزلت {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء} قلت: يَا رَسُول الله إِلَى أَن يَأْتِي الرجل بأَرْبعَة شُهَدَاء قد خرج الرجل فَلم ألبث إِلَّا أَيَّامًا فَإِذا ابْن عَم لي مَعَه امْرَأَته وَمَعَهَا ابْن وَهِي تَقول: مِنْك وَهُوَ يَقُول: لَيْسَ مني فَنزلت آيَة اللّعان قَالَ عَاصِم: فَأَنا أول من تكلم وَأول من ابتلى بِهِ وَأخرج أَحْمد وَعبد الرَّزَّاق وَالطَّيَالِسِي وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء} الْآيَة قَالَ سعد بن عبَادَة وَهُوَ

سيد الْأَنْصَار: أهكذا أنزلت يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا معشر الْأَنْصَار أَلا تَسْمَعُونَ مَا يَقُول سيدكم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لَا تلمه فَإِنَّهُ رجل غيور وَالله مَا تزوّج امْرَأَة قطّ إِلَّا بكرا وَمَا طلق امْرَأَة قطّ فاجترأ رجل منا على أَن يَتَزَوَّجهَا من شدَّة غيرته فَقَالَ سعد: يَا رَسُول الله إِنِّي لأعْلم أَنَّهَا حق وَأَنَّهَا من الله وَلَكِنِّي تعجبت إِنِّي لَو وجدت لكاعاً قد تفخذها رجل لم يكن لي أَن أهيجه وَلَا أحركه حَتَّى أُتِي بأَرْبعَة شُهَدَاء - فوَاللَّه - لَا آتِي بهم حَتَّى يقْضِي حَاجته قَالَ: فَمَا لَبِثُوا إِلَّا يَسِيرا حَتَّى جَاءَ هِلَال بن أُميَّة وَهُوَ أحد الثَّلَاثَة الَّذين تيب عَلَيْهِم فجَاء من أرضه عشَاء فَدخل على امْرَأَته فَوجدَ عِنْدهَا رجلا فَرَأى بِعَيْنِه وَسمع بأذنيه فَلم يهجه حَتَّى أصبح فغدا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي جِئْت أَهلِي عشَاء فَوجدت عِنْدهَا رجلا فَرَأَيْت بعيني وَسمعت بأذني فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا جَاءَ بِهِ وَاشْتَدَّ بِهِ وَاجْتمعت الْأَنْصَار فَقَالُوا: قد ابتلينا بِمَا قَالَ سعد بن عبَادَة الْآن فَضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِلَال بن أُميَّة وأبطل شَهَادَته فِي الْمُسلمين فَقَالَ هِلَال: وَالله إِنِّي لأرجو أَن يَجْعَل الله لي مِنْهَا مخرجا فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي قد أرى مَا اشْتَدَّ عَلَيْك مِمَّا جِئْت بِهِ وَالله يعلم ايْنَ لصَادِق وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيد أَن يَأْمر بضربه إِذْ نزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي وَكَانَ اذا نزل عَلَيْهِ الْوَحْي عرفُوا ذَلِك فِي تَرَبد جلده فأمسكوا عَنهُ حَتَّى فرغ من الْوَحْي فَنزلت {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم} فَسرِّي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي فَقَالَ: اُبْشُرْ يَا هِلَال قد جعل الله لَك فرجا ومخرجا فَقَالَ هِلَال: قد كنت أَرْجُو ذَلِك من رَبِّي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ارسلوا إِلَيْهَا فَجَاءَت فَتَلَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِمَا وذكرهما وأخبرهما أَن عَذَاب الْآخِرَة أَشد من عَذَاب الدُّنْيَا فَقَالَ هِلَال: وَالله يَا رَسُول الله لقد صدقت عَلَيْهَا فَقَالَت: كذب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَاعِنُوا بَينهمَا فَقيل لهِلَال اشْهَدْ فَشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الصَّادِقين فَلَمَّا كَانَ فِي الْخَامِسَة قيل لهِلَال: فَإِن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة وَإِن هَذِه الْمُوجبَة الَّتِي توجب عَلَيْك الْعَذَاب فَقَالَ: وَالله لَا يُعَذِّبنِي الله عَلَيْهَا كَمَا لم يجلدني عَلَيْهَا فَشهد فِي الْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من الْكَاذِبين ثمَّ قيل لَهَا اشهدي فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين فَلَمَّا كَانَت فِي الْخَامِسَة قيل لَهَا: اتقِي الله فَإِن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة وَإِن هَذِه

الْمُوجبَة الَّتِي توجب عَلَيْك الْعَذَاب فتلكأت سَاعَة فَقَالَت: وَالله لَا أفضح قومِي فَشَهِدت فِي الْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا أَن كَانَ من الصَّادِقين فَفرق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا وَقضى أَنه لَا يدعى لأَب وَلَا يرْمى وَلَدهَا من أجل الشَّهَادَات الْخمس وَقضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَيْسَ لَهَا قوت وَلَا سُكْنى وَلَا عدَّة من أجل أَنَّهَا تفَرقا من غير طَلَاق وَلَا متوفى عَنْهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس: أَن هِلَال بن أُميَّة قذف امْرَأَته عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشريك بن سَحْمَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْبَيِّنَة أوحد فِي ظهرك فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِذا رأى أَحَدنَا على امْرَأَته رجلا ينْطَلق يلْتَمس الْبَيِّنَة فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْبَيِّنَة وإلاَّ حَدٌّ فِي ظهرك فَقَالَ هِلَال: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِنِّي لصَادِق ولينزلن الله مَا يبرىء ظَهْري من الْحَد فَنزل جِبْرِيل فَأنْزل الله عَلَيْهِ {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} حَتَّى بلغ {إِن كَانَ من الصَّادِقين} فَانْصَرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل إِلَيْهِمَا فجَاء هِلَال يشْهد وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الله يعلم أَن أَحَدكُمَا كَاذِب فَهَل مِنْكُمَا تائب ثمَّ قَامَت فَشَهِدت فَلَمَّا كَانَت عِنْد الْخَامِسَة وقفوها وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجبَة فتلكأت وَنَكَصت حَتَّى ظننا أَنَّهَا ترجع ثمَّ قَالَت: لَا أفضح قومِي سَائِر الْيَوْم فمضت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبصروها فَإِن جَاءَت بِهِ أكحل الْعَينَيْنِ سابغ الاليتين خَدلج السَّاقَيْن فَهُوَ لِشَرِيك بن سَحْمَاء فَجَاءَت بِهِ كَذَلِك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَوْلَا مَا مضى من كتاب الله لَكَانَ لي وَلها شَأْن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرمى امْرَأَته بِرَجُل فكره ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يزل يردده حَتَّى أنزل الله {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم} حَتَّى فرغ من الْآيَتَيْنِ فَأرْسل إِلَيْهِمَا فدعاهما فَقَالَ: إِن الله قد أنزل فيكما فَدَعَا الرجل فَقَرَأَ عَلَيْهِ فَشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه إِنَّه لمن الصَّادِقين ثمَّ أَمر بِهِ فَأمْسك على فِيهِ فوعظه فَقَالَ لَهُ: كل شَيْء أَهْون عَلَيْك من لعنة الله ثمَّ أرْسلهُ فَقَالَ: لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من الْكَاذِبين ثمَّ دَعَا بهَا فَقَرَأَ عَلَيْهَا فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الكاذبينن ثمَّ أَمر بهَا فَأمْسك على فِيهَا فوعظها وَقَالَ: وَيحك كل شَيْء أَهْون عَلَيْك من غضب الله ثمَّ أرْسلت فَقَالَت: غضب الله عَلَيْهَا أَن كَانَ من الصَّادِقين

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن امْرَأَتي زنت وَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ منكس فِي الأَرْض ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ: قد أنزل الله فِيك وَفِي صَاحبَتك فَائت بهَا فَجَاءَت فَقَالَ: قُم فاشهد أَربع شَهَادَات فَقَامَ فَشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الصَّادِقين فَقَالَ لَهُ: وَيلك أَو وَيحك إِنَّهَا مُوجبَة فَشهد الْخَامِسَة ان لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من الْكَاذِبين ثمَّ قَامَت امْرَأَته فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين ثمَّ قَالَ وَيلك أَو يحك إِنَّهَا مُوجبَة فَشَهِدت الْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا أَن كَانَ من الصَّادِقين ثمَّ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَلَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَالِي قَالَ: لَا مَال لَك إِن كنت صدقت عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا استحللت من فرجهَا وَإِن كنت كذبت عَلَيْهَا فَذَاك أبعد لَك مِنْهَا وَأخرج أَحْمد وَعبد بن الحميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَأَلت عَن المتلاعنين أيفرق بَينهمَا فَقَالَ: سُبْحَانَ الله نعم إِن أول من سَأَلَ عَن ذَلِك فلَان بن فلَان قَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت الرجل يرى امْرَأَته على فَاحِشَة فَإِن تكلم تكلم بِأَمْر عَظِيم وَإِن سكت سكت على مثل ذَلِك فَسكت فَلم يجبهُ فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك أَتَاهُ فَقَالَ: إِن الَّذين سَأَلتك عَنهُ قد ابْتليت بِهِ فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فِي سُورَة النُّور {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} حَتَّى بلغ {أَن غضب الله عَلَيْهَا أَن كَانَ من الصَّادِقين} فَبَدَأَ بِالرجلِ فوعظه وَذكره وَأخْبرهُ أَن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة فَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا كذبتك ثمَّ ثنى بِالْمَرْأَةِ فوعظها وَذكرهَا وأخبرها أَن عَذَاب الدُّنْيَا أَهْون من عَذَاب الْآخِرَة فَقَالَت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ أَنه لَكَاذِب فَبَدَأَ بِالرجلِ فَشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الصَّادِقين وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من الْكَاذِبين ثمَّ ثنى بِالْمَرْأَةِ فَشَهِدت أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عَشِيَّة الْجُمُعَة فِي الْمَسْجِد فجَاء رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ: أَحَدنَا إِذا رأى مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله

قَتَلْتُمُوهُ وان تكلم جلدتموه وَإِن سكت سكت على غيظ وَالله لَئِن أَصبَحت صَالحا لَا سألن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَحَدنَا إِذا رأى مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله قَتَلْتُمُوهُ وان تكلم جلدتموه وَإِن سكت سكت على غيظ اللَّهُمَّ احكم فَنزلت آيَة اللّعان فَكَانَ ذَلِك الرجل أول من ابتلى بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن سهل بن سعد قَالَ: جَاءَ عُوَيْمِر إِلَى عَاصِم بن عدي فَقَالَ: سل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَأَيْت رجلا وجد مَعَ امْرَأَته رجلا فَقتله أيقتل بِهِ أم كَيفَ يصنع: فَسَأَلَ عَاصِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمسَائِل فَلَقِيَهُ عُوَيْمِر فَقَالَ: وَالله لَآتِيَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا سألنه فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ قد أنزل عَلَيْهِ فَدَعَا بهما فَلَا عَن بَينهمَا قَالَ عُوَيْمِر: أَن انْطلق بهَا يَا رَسُول الله لقد كذبت عَلَيْهَا ففارقها قبل أَن يُخبرهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَارَت سنة المتلاعنين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبصروها فَإِن جَاءَت بِهِ أسحم أدعج الْعَينَيْنِ عَظِيم الاليتين فَلَا أرَاهُ إِلَّا قد صدق وَإِن جَاءَت بِهِ أَحْمَر كَأَنَّهُ وحرة فَلَا أرَاهُ إِلَّا كَاذِبًا فَجَاءَت بِهِ على النَّعْت الْمَكْرُوه وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: لأوّل لعان كَانَ فِي الإِسلام أَن شريك بن سَحْمَاء رَمَاه هِلَال بن أُميَّة بامرأته فَرَفَعته إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرْبَعَة شُهُود وَإِلَّا فحد فِي ظهرك فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن الله ليعلم أَنِّي لصَادِق ولينزلن الله مَا يبرىء ظَهْري من الْجلد فَأنْزل الله آيَة اللّعان {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} إِلَى آخر الْآيَة فَدَعَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أشهد بِاللَّه إِنَّك لمن الصَّادِقين فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا فَشهد بذلك أَربع شَهَادَات بِاللَّه ثمَّ قَالَ لَهُ فِي الْخَامِسَة: لعنة الله عَلَيْك إِن كنت من الْكَاذِبين فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا فَفعل ثمَّ دَعَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قومِي فاشهدي بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين فِيمَا رماك بِهِ من الزِّنَا فَشَهِدت بذلك أَربع شَهَادَات ثمَّ قَالَ لَهَا فِي الْخَامِسَة وَغَضب الله عَلَيْك ان كَانَ من الصَّادِقين فِيمَا رماك بِهِ من الزِّنَا قَالَ: فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَة أَو الْخَامِسَة سكتت سكته حَتَّى ظنُّوا أَنَّهَا ستعترف ثمَّ قَالَت لَا أفضح قومِي سَائِر الْيَوْم فمضت على القَوْل

فَفرق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينهمَا وَقَالَ: انْظُرُوا فَإِن جَاءَت بِهِ جَعدًا أخمش السَّاقَيْن فَهُوَ لِشَرِيك بن سَحْمَاء وَإِن جَاءَت بِهِ أَبيض سبطاً قصير الْعَينَيْنِ فَهُوَ لهِلَال بن أُميَّة فَجَاءَت بِهِ آدم جَعدًا أخمش السَّاقَيْن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَوْلَا مَا نزل فيهمَا من كتاب الله لَكَانَ لي وَلها شَأْن وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رجلا من الْأَنْصَار من بني زُرَيْق قذف امْرَأَته فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرد ذَلِك عَلَيْهِ أَربع مَرَّات فَأنْزل الله آيَة الْمُلَاعنَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيْن السَّائِل قد نزل من الله أَمر عَظِيم فَأبى الرجل إِلَّا أَن يلاعنها وأبت أَلا تدرأ عَن نَفسهَا الْعَذَاب فَتَلَاعَنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما تَجِيء بِهِ أصفر أخمش مفتول الْعِظَام فَهُوَ للملاعن واما تَجِيء بِهِ أسود كَالْجمَلِ الأورق فَهُوَ لغيره فَجَاءَت بِهِ أسود كَالْجمَلِ الأورق فَدَعَا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعله لعصبة أمه وَقَالَ: لَوْلَا الْآيَات الَّتِي مَضَت لَكَانَ فِيهِ كَذَا وَكَذَا وَأخرج الْبَزَّار عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر لَو رَأَيْت مَعَ أم رُومَان رجلا مَا كنت فَاعِلا بِهِ قَالَ: كنت - وَالله - فَاعِلا بِهِ شرا قَالَ: فَأَنت يَا عمر قَالَ: كنت - وَالله - قَاتله فَنزلت {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} قلت: رجال إِسْنَاده ثِقَات إِلَّا أَن الْبَزَّار كَانَ يحدث من حفظه فيخطىء وَقد أخرجه ابْن مرْدَوَيْه والديلمي من هَذَا الطَّرِيق وَزَاد بعد قَوْله كنت قَاتله قَالَ: فَأَنت يَا سُهَيْل بن بَيْضَاء قَالَ: كنت أَقُول لعن الله الْأَبْعَد فَهُوَ خَبِيث وَلعن الله البُعْدَى فَهِيَ خبيثة وَلعن الله أَو الثَّلَاثَة أخبر بِهَذَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تأوّلت الْقُرْآن

يَا ابْن بَيْضَاء {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} وَهَذَا أصح من قَول الْبَزَّار فَنزلت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن زيد بن نفيع أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر: أَرَأَيْت لَو وجدت مَعَ أهلك رجلا كَيفَ كنت صانعاً قَالَ: إِذا لقتلته ثمَّ قَالَ لعمر فَقَالَ مثل ذَلِك فتتابع الْقَوْم على قَول أبي بكر وَعمر ثمَّ قَالَ لسهيل بن الْبَيْضَاء قَالَ: كنت أَقُول لعنك الله فَأَنت خبيثة ولعنك الله فَأَنت خَبِيث وَلعن الله أول الثَّلَاثَة منا يخرج هَذَا الحَدِيث فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تأوّلت الْقُرْآن يَا ابْن الْبَيْضَاء لَو قَتله بِهِ وَلَو قذفه جلد وَلَو قَذفهَا لاعنها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} قَالَ: هُوَ الرجل يَرْمِي زَوجته بِالزِّنَا {وَلم يكن لَهُم شُهَدَاء إِلَّا أنفسهم} يَعْنِي لَيْسَ للرجل شُهَدَاء غَيره ان امْرَأَته قد زنت فَرفع ذَلِك إِلَى الْحُكَّام فشهادة أحدهم - يَعْنِي الزَّوْج - يقوم بعد الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد فَيحلف أَربع شَهَادَات بِاللَّه يَقُول: أشهد بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أَن فُلَانَة - يَعْنِي امْرَأَته - زَانِيَة وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ - يَعْنِي على نَفسه - ان كَانَ من الْكَاذِبين فِي قَوْله ويدرأ يدْفع الْحُكَّام عَن الْمَرْأَة الْعَذَاب - يَعْنِي الْحَد - أَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه - يَعْنِي زَوجهَا - لمن الْكَاذِبين فتقوم الْمَرْأَة مقَام زَوجهَا فَتَقول أَربع مَرَّات أشهد بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ أَنِّي لست بزانية وَإِن زَوجي لمن الْكَاذِبين وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا - يَعْنِي على نَفسهَا - إِن كَانَ زَوجهَا من الصَّادِقين وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله عَلَيْهِ ان كَانَ من الْكَاذِبين} قَالَ: فَإِن هِيَ اعْترفت رجمت وَإِن هِيَ أَبَت يدْرَأ عَنْهَا الْعَذَاب قَالَ: عَذَاب الدُّنْيَا {أَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين وَالْخَامِسَة أَن غضب الله عَلَيْهَا ان كَانَ من الصَّادِقين} ثمَّ يفرق بَينهمَا وَتعْتَد عدَّة الْمُطلقَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لَا يجْتَمع المتلاعنان أبدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الشّعبِيّ قَالَ: اللّعان أعظم من الرَّجْم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: وَجَبت اللَّعْنَة على أكذبهما وَأخرج الْبَزَّار عَن جَابر قَالَ: مَا نزلت آيَة التلاعن إِلَّا لِكَثْرَة السُّؤَال وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ سعد بن عبَادَة: إِنِّي لَو رَأَيْت أَهلِي وَمَعَهَا رجل أنْتَظر حَتَّى آتِي بأَرْبعَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم قَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَو رَأَيْته لعاجلته بِالسَّيْفِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معشر الْأَنْصَار اسمعوا مَا يَقُول سيدكم ان سَعْدا لغيور وَأَنا أغير مِنْهُ وَالله أغير مني وَأخرج ابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول حِين نزلت آيَة الْمُلَاعنَة أَيّمَا امْرَأَة أدخلت على قوم مَا لَيْسَ مِنْهُم فَلَيْسَتْ من الله فِي شَيْء وَلنْ يدخلهَا الله جنته وَأَيّمَا رجل جحد وَلَده وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ احتجب الله مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة وفضحه على رُؤُوس الاولين والآخرين

11

- قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين جاؤا بالإفك عصبَة مِنْكُم لاتحسبوه شرا لكم بل هُوَ خير لكم لكل امْرِئ مِنْهُم مَا اكْتسب من الإِثم وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم أخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَعبد بن الحميد وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ أَن يخرج إِلَى سفر أَقرع بَين أَزوَاجه فأيتهن خرج سهمها خرج بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَه قَالَت عَائِشَة: فأقرع بَيْننَا فِي غَزْوَة غَزَاهَا فَخرج سهمي فَخرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مَا نزل الْحجاب وَأَنا أحمل فِي هودجي وَأنزل فِيهِ فسرنا حَتَّى إِذا فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غزوته تِلْكَ وقفل فَدَنَوْنَا من الْمَدِينَة قافلين آذن لَيْلَة بالرحيل فَقُمْت حِين آذنوا بالرحيل فمشيت حَتَّى جَاوَزت الْجَيْش فَلَمَّا قضيت شأني أَقبلت إِلَى رحلي فَإِذا عقد لي من جزع ظفار قد انْقَطع فَالْتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه وَأَقْبل الرَّهْط الَّذين كَانُوا يرحلون بِي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بَعِيري الَّذِي كنت أركب وهم يحسبون أَنِّي فِيهِ وَكَانَ النِّسَاء إِذْ ذَاك خفافاً لم يثقلهن اللَّحْم إِنَّمَا تَأْكُل الْمَرْأَة الْعلقَة من الطَّعَام فَلم يستنكر الْقَوْم خفَّة الهودج حِين رَفَعُوهُ وَكنت جَارِيَة حَدِيثَة السن فبعثوا الْجمل فَسَارُوا فَوجدت عقدي بَعْدَمَا اسْتمرّ الْجَيْش فَجئْت مَنَازِلهمْ وَلَيْسَ بهَا دَاع وَلَا مُجيب فيممت منزلي الَّذِي كنت بِهِ فظنت أَنهم سيفقدوني فيرجعون إِلَيّ فَبينا أَنا جالسة فِي منزلي غلبتني فَنمت وَكَانَ صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ ثمَّ الذكواني من وَرَاء الْجَيْش فأدلج فَأصْبح عِنْد منزلي فَرَأى سَواد إِنْسَان نَائِم فَأَتَانِي فعرفني حِين رَآنِي وَكَانَ يراني قبل الْحجاب فَاسْتَيْقَظت باسترجاعه حِين

عرفني فخمرت وَجْهي بجلبابي وَالله مَا كلمني كلمة وَاحِدَة وَلَا سَمِعت مِنْهُ كلمة غير استرجاعه حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَته فوطىء على يَديهَا فركبتها فَانْطَلق يَقُود بِي الرَّاحِلَة حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْش بعد أَن نزلُوا موغرين فِي نحر الظهيرة فَهَلَك فِي من هلك وَكَانَ الَّذِي تولى الافك عبد الله بن أبي ابْن سلول فقدمنا الْمَدِينَة فاشتكيت حِين قدمت شهرا وَالنَّاس يفيضون فِي قَول أَصْحَاب الإِفك لَا أشعر بِشَيْء من ذَلِك وَهُوَ يريبني فِي وجعي أَنِّي لَا أعرف من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللطف الَّذِي كنت أرى مِنْهُ حِين أشتكي إِنَّمَا يدْخل عليَّ فَيسلم ثمَّ يقولك كَيفَ تيكم ثمَّ ينْصَرف فَذَاك الَّذِي يريبني وَلَا أشعر بِالشَّرِّ حَتَّى خرجت بَعْدَمَا نقهت وَخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وَهِي متبرزنا وَكُنَّا لَا نخرج إِلَّا لَيْلًا إِلَى ليل وَذَلِكَ قبل أَن نتَّخذ الكنف قَرِيبا من بُيُوتنَا وأمرنا أَمر الْعَرَب الأول فِي التبرز قبل الْغَائِط فَكُنَّا نتأذى بالكنف أَن نتخذها عِنْد بُيُوتنَا فَانْطَلَقت أَنا وَأم مسطح فَأَقْبَلت أَنا وَأم مسطح قبل بَيْتِي قد أشرعنا من ثيابنا فَعَثَرَتْ أم مسطح فِي مرْطهَا فَقَالَت: تعس مسطح فَقلت لَهَا: بئس مَا قلت اتسبين رجلا شهد بَدْرًا قَالَت: أَي هنتاه أَو لم تسمعي مَا قَالَ قلت: وَمَا قَالَ فأخبرتني بقول أهل الإِفك فازددت مَرضا على مرضِي فَلَمَّا رجعت إِلَى بَيْتِي دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسلم ثمَّ قَالَ: كَيفَ تيكم فَقلت: أتأذن لي أَن آتِي أَبَوي قَالَت: - وَأَنا حِينَئِذٍ أُرِيد أَن أستيقن الْخَبَر من قبلهمَا - قَالَت: فَأذن لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجئْت لأبوي فَقلت لأمي يَا أمتاه مَا يتحدث النَّاس قَالَت يَا بنية هوني عَلَيْك فو الله لقلما كَانَت امْرَأَة قطّ وضيئة عِنْد رجل يُحِبهَا وَلها ضرائر إِلَّا أكثرن عَلَيْهَا فَقلت - سُبْحَانَ الله - وَلَقَد تحدث النَّاس بِهَذَا فَبَكَيْت تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى أَصبَحت لَا يرقأ لي دمع وَلَا اكتحل بنوم ثمَّ أَصبَحت أبْكِي ودعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بن أبي طَالب وَأُسَامَة بن زيد حِين استلبث الْوَحْي يستأمرهما فِي فِرَاق أَهله فَأَما أُسَامَة فَأَشَارَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالَّذِي يعلم من بَرَاءَة أَهله وَبِالَّذِي يعلم لَهُم فِي نَفسه من الود فَقَالَ يَا رَسُول الله: أهلك وَلَا نعلم إِلَّا خيرا وَأما عليّ بن أبي طَالب فَقَالَ يَا رَسُول الله: لم يضيّق الله عَلَيْك وَالنِّسَاء سواهَا كثير وان تسْأَل الْجَارِيَة تصدقك فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَرِيرَة فَقَالَ:

أَي بَرِيرَة هَل رَأَيْت شَيْئا يريبك قَالَت بَرِيرَة: لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ ان رَأَيْت عَلَيْهَا أمرا أغمصه أَكثر من أَنَّهَا جَارِيَة حَدِيثَة السن تنام عَن عجين أَهلهَا فتأتي الدَّاجِن فتأكله فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستعذر يَوْمئِذٍ من عبد الله بن أبي فَقَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر: يَا معشر الْمُسلمين من يعذرني من رجل بَلغنِي أَذَاهُ فِي أهل بَيْتِي فوَاللَّه مَا علمت على أَهلِي إِلَّا خيرا وَلَقَد ذكرُوا رجلا مَا علمت عَلَيْهِ إِلَّا خيرا وَمَا كَانَ يدْخل على أَهلِي إِلَّا معي فَقَالَ سعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا أعذرك مِنْهُ إِن كَانَ من الْأَوْس ضربت عُنُقه وَإِن كَانَ من إِخْوَاننَا من بني الْخَزْرَج أمرتنا فَفَعَلْنَا أَمرك فَقَامَ سعد بن عبَادَة وَهُوَ سيد الْخَزْرَج وَكَانَ قبل ذَلِك رجلا صَالحا وَلَكِن احتملته الحمية فَقَالَ لسعد: كذبت لعمر الله مَا تقتله وَلَا تقدر على قَتله فَقَامَ أسيد بن حضير وَهُوَ ابْن عَم سعد فَقَالَ لسعد بن عبَادَة: كذبت لنقتلنه فَإنَّك مُنَافِق تجَادل عَن الْمُنَافِقين فتثاور الْحَيَّانِ الْأَوْس والخزرج حَتَّى هموا أَن يقتتلوا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم على الْمِنْبَر فَلم يزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخفضهم حَتَّى سكتوا وَسكت فَبَكَيْت يومي ذَلِك فَلَا يرقا لي دمع وَلَا أكتحل بنوم فَأصْبح أبواي عِنْدِي وَقد بَكَيْت لَيْلَتَيْنِ وَيَوْما لَا أكتحل بنوم وَلَا يرقا لي دمع وأبواي يظنان أَن الْبكاء فالق كَبِدِي فَبَيْنَمَا هما جالسان عِنْدِي وَأَنا أبْكِي فاستأذنت على امْرَأَة من الْأَنْصَار فَأَذنت لَهَا فَجَلَست تبْكي معي فَبينا نَحن على ذَلِك دخل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ جلس وَلم يجلس عِنْدِي مُنْذُ قيل فيّ مَا قيل قبلهَا وَقد لبث شهرا لَا يُوحى إِلَيْهِ فِي شأني بِشَيْء فَتَشَهَّدْ حِين جلس ثمَّ قَالَ: أما بعد يَا عَائِشَة فَإِنَّهُ بَلغنِي عَنْك كَذَا وَكَذَا فَإِن كنت بريئة فسيبرئك الله وَإِن كنت أَلممْت بذنب فاستغفري الله وتوبي إِلَيْهِ فَإِن العَبْد إِذا اعْترف بِذَنبِهِ ثمَّ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَالَته قلص دمعي حَتَّى مَا أحس مِنْهُ قَطْرَة فَقلت لأبي: أجب عني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت لأمي: أجيبي عني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: وَالله مَا أَدْرِي مَا أَقُول لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت وَأَنا جَارِيَة حَدِيثَة السن لَا أَقرَأ كثيرا من الْقُرْآن: إِنِّي وَالله لقد علمت أَنكُمْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيث حَتَّى اسْتَقر فِي أَنفسكُم - وصدقتم بِهِ فلئن قلت لكم اني بريئة - وَالله يعلم اني بريئة - لَا تصدقوني وَلَئِن

اعْترفت لكم بِأَمْر - وَالله يعلم أَنِّي مِنْهُ بريئة - لتصدقني وَالله لَا أجد لي وَلكم مثلا إِلَّا قَول أبي يُوسُف {فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} يُوسُف الْآيَة 18 ثمَّ تحولت فاضطجعت على فِرَاشِي وَأَنا حِينَئِذٍ أعلم أَنِّي بريئة وَأَن الله مبرئي ببراءتي وَلَكِن وَالله مَا كنت أَظن أَن الله منزل فِي شأني وَحيا يُتْلَى ولشأني فِي نَفسِي كَانَ أَحْقَر من أَن يتَكَلَّم الله فيّ بِأَمْر يُتْلَى وَلَكِن كنت أَرْجُو أَن يرى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُؤْيا يبرئني الله بهَا قَالَت: فو الله مَا رام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَجْلِسه وَلَا خرج أحد من أهل الْبَيْت حَتَّى أنزل عَلَيْهِ فَأَخذه مَا كَانَ يَأْخُذهُ من البرحاء عِنْد الْوَحْي حَتَّى أَنه ليتحدر مِنْهُ مثل الجمان من الْعرق وَهُوَ فِي يَوْم شات من ثقل القَوْل الَّذِي أنزل عَلَيْهِ فَلَمَّا سري عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سري عَنهُ وَهُوَ يضْحك فَكَانَ أول كلمة تكلم بهَا أَن قَالَ: ابشري يَا عَائِشَة أما الله فقد برأك فَقَالَت أُمِّي: قومِي إِلَيْهِ فَقلت: وَالله لَا أقوم إِلَيْهِ وَلَا أَحْمد إِلَّا الله الَّذِي أنزل براءتي وَأنزل الله {إِن الَّذين جاؤوا بالإِفك عصبَة مِنْكُم} الْعشْر الْآيَات كلهَا فَلَمَّا أنزل الله هَذَا فِي براءتي قَالَ أَبُو بكر: وَكَانَ ينْفق على مسطح بن أَثَاثَة لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقره وَالله لَا أنْفق على مسطح شَيْئا أبدا بعد الَّذِي قَالَ لعَائِشَة مَا قَالَ فَأنْزل الله {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين} النُّور الْآيَة 22 إِلَى قَوْله {رَحِيم} قَالَ أَبُو بكر: وَالله إِنِّي أحب أَن يغْفر الله لي فَرجع إِلَى مسطح النَّفَقَة الَّتِي كَانَ ينْفق عَلَيْهِ وَقَالَ: وَالله لَا أَنْزعهَا مِنْهُ أبدا قَالَت عَائِشَة: فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَل زَيْنَب ابْنة جحش عَن أَمْرِي فَقَالَ: يَا زَيْنَب مَاذَا علمت أَو رَأَيْت فَقَالَت: يَا رَسُول الله أحمي سَمْعِي وبصري مَا علمت إِلَّا خيرا قَالَت: وَهِي الَّتِي كَانَت تساميني من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعصمها الله بالورع وطفقت أُخْتهَا حمْنَة تحارب لَهَا فَهَلَكت فِيمَن هلك من أَصْحَاب الإِفك وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: لما ذكر من شأني الَّذِي ذكر وَمَا علمت بِهِ قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خَطِيبًا فَتشهد فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد أَشِيرُوا عليَّ فِي أنَاس أنبوا أَهلِي - وأيم الله - مَا علمت على أَهلِي من سوء وأنبوهم بِمن - وَالله - مَا علمت عَلَيْهِ من سوء قطّ وَلَا يدْخل بَيْتِي قطّ إِلَّا وَأَنا حَاضر وَلَا غبت فِي سفر إِلَّا غَابَ معي

فَقَامَ سعد بن معَاذ فَقَالَ: ائْذَنْ لي يَا رَسُول الله أَن تضرب أَعْنَاقهم وَقَامَ رجل من بني الْخَزْرَج وَكَانَت أم حسان بن ثَابت من رَهْط ذَلِك الرجل فَقَالَ: كذبت أما وَالله لَو كَانُوا من الْأَوْس مَا أَحْبَبْت أَن تضرب أَعْنَاقهم حَتَّى كَاد أَن يكون بَين الْأَوْس والخزرج شَرْقي الْمَسْجِد وَمَا علمت فَلَمَّا كَانَ مسَاء ذَلِك الْيَوْم خرجت لبَعض حَاجَتي وَمَعِي أم مسطح فَعَثَرَتْ فَقَالَت: تعس مسطح فَقلت: أَي أم تسبين ابْنك فَسَكَتَتْ ثمَّ عثرت الثَّالِثَة فَقَالَت: تعس مسطح فَقلت لَهَا: أَي أم تسبين ابْنك ثمَّ عثرت الثَّالِثَة فَقَالَت: تعس مسطح فانتهرتها فَقَالَت: وَالله لم أسبه إِلَّا فِيك فَقلت: فِي أَي شأني فَقَرَأت لي الحَدِيث فَقلت وَقد كَانَ هَذَا قَالَت: نعم وَالله فَرَجَعت إِلَى بَيْتِي كَأَن الَّذِي خرجت لَهُ لَا أجد مِنْهُ قَلِيلا وَلَا كثيرا ووعكت فَقلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرْسلنِي إِلَى بَيت أبي فَأرْسل معي الْغُلَام فَدخلت الدَّار فَوجدت أم رُومَان فِي السّفل وَأَبا بكر فَوق الْبَيْت يقْرَأ فَقَالَت أُمِّي: مَا جَاءَ بك يَا بنية فَأَخْبَرتهَا وَذكرت لَهَا الحَدِيث وَإِذا هُوَ لم يبلغ مِنْهَا مثل مَا بلغ مني فَقَالَت: يَا بنية خففي عَلَيْك الشَّأْن فَإِنَّهُ - وَالله - لقلما كَانَت امْرَأَة حسناء عِنْد رجل يُحِبهَا لَهَا ضرائر إِلَّا حسدتها وَقيل: فِيهَا قلت: وَقد علم بِهِ أبي فَقَالَت: نعم قلت: وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: نعم فاستعبرت وبكيت فَسمع أَبُو بكر صوتي وَهُوَ فَوق الْبَيْت يقْرَأ فَنزل فَقَالَ لأمي: مَا شَأْنهَا قَالَت: بلغَهَا الَّذِي ذكر من شَأْنهَا فَفَاضَتْ عَيناهُ فَقَالَ: أَقْسَمت عَلَيْك أَي بنية إِلَّا رجعت إِلَى بَيْتك فَرَجَعت وَلَقَد جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْتِي فَسَأَلَ عني خادمي فَقَالَت: لَا وَالله مَا علمت عَلَيْهَا عَيْبا إِلَّا أَنَّهَا كَانَت ترقد حَتَّى تدخل الشَّاة فتأكل خميرها أَو عَجِينهَا وانتهرها بعض أَصْحَابه فَقَالَ: اصدقي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أسقطوا لهابه فَقَالَت - سُبْحَانَ الله - مَا علمت عَلَيْهَا إِلَّا مَا يعلم الصَّائِغ على تبر الذَّهَب الْأَحْمَر فَبلغ إِلَى ذَلِك الرجل الَّذِي قيل لَهُ فَقَالَ - سُبْحَانَ الله - وَالله مَا كشفت كنف أُنْثَى قطّ قَالَت: فَقتل شَهِيدا فِي سَبِيل الله قَالَ: وَأصْبح أبواي عِنْدِي فَلم يَزَالَا حَتَّى دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد صلى الْعَصْر ثمَّ دخل وَقد اكتنفني أبواي عَن يَمِيني وشمالي

فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد يَا عَائِشَة إِن كنت قارفت سوأ أَو ظلمت فتوبي إِلَى الله فَإِن الله يقبل التَّوْبَة عَن عباده قَالَت: وَقد جَاءَت إمرأة من الْأَنْصَار فَهِيَ جالسة بِالْبَابِ فَقلت: أَلا تَسْتَحي من هَذِه الْمَرْأَة أَن تذكر شَيْئا فوعظ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَالْتَفت إِلَى أبي فَقلت: أجبه قَالَ: مَاذَا أَقُول فَالْتَفت إِلَى أُمِّي فَقلت: أجيبيه قَالَت: أَقُول مَاذَا فَلَمَّا يجيباه تشهدت فحمدت الله وأثنيت عَلَيْهِ ثمَّ قلت: أما بعد - فو الله - لَئِن قلت لكم أَنِّي لم أفعل - وَالله يشْهد أَنِّي لصادقة - مَا ذَاك بنافعي عنْدكُمْ وَقد تكلمتم بِهِ وأشربته قُلُوبكُمْ وَإِن قلت: إِنِّي فعلت - وَالله يعلم أَنِّي لم أفعل - لتقولن قد باءت بِهِ على نَفسهَا وَأَنِّي - وَالله - لَا أجد لي وَلكم مثلا والتمست اسْم يَعْقُوب فَلم أقدر عَلَيْهِ إِلَّا أَبَا يُوسُف حِين قَالَ {فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} يُوسُف الْآيَة 18 وَأنزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سَاعَته فسكتنا فَرفع عَنهُ وَإِنِّي لأتبين السرُور فِي وَجهه وَهُوَ يمسح جَبينه وَيَقُول: ابشري يَا عَائِشَة فقد أنزل الله براءتك قَالَت: وَقد كنت أَشد مِمَّا كنت غَضبا فَقَالَ لي أبواي: قومِي إِلَيْهِ فَقلت: وَالله لَا أقوم إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَده وَلَكِن أَحْمد الله الَّذِي أنزل براءتي لقد سمعتموه فَمَا أنكرتموه وَلَا غيرتموه وَكَانَت عَائِشَة تَقول: أما زَيْنَب بنة جحش فعصمها الله بدينها فَلم تقل إِلَّا خيرا وَأما أُخْتهَا حمْنَة فَهَلَكت فِيمَن هلك وَكَانَ الَّذِي تكلم فِيهَا مسطح وَحسان بن ثَابت وَالْمُنَافِق عبد الله بن أبي وَهُوَ الَّذِي كَانَ يستوشيه ويجمعه وَهُوَ الَّذِي كَانَ تولى كبره مِنْهُم هُوَ وَحمْنَة قَالَ: فَحلف أَبُو بكر أَن لَا ينفع مسطحًا بنافعة أبدا فَأنْزل الله {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم} النُّور الْآيَة 22 إِلَى آخر الْآيَة يَعْنِي أَبَا بكر {وَالسعَة أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين} يَعْنِي مسطحًا إِلَى قَوْله {أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم وَالله غَفُور رَحِيم} قَالَ أَبُو بكر: بلَى وَالله إِنَّا نحب أَن يغْفر الله لنا وَعَاد لَهُ كَمَا كَانَ يصنع وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم رُومَان قَالَ: بَينا أَنا عِنْد عَائِشَة اذ دخلت عَلَيْهَا امْرَأَة فَقَالَت: فعل الله بابنها وَفعل فَقَالَت عَائِشَة: وَلم قَالَت: إِنَّه كَانَ فِيمَن حدث الحَدِيث قَالَت عَائِشَة: وَأي حَدِيث قَالَت: كَذَا وَكَذَا قلت: وَقد بلغ ذَاك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: نعم

قلت: وَأَبا بكر قَالَت: نعم فخرت عَائِشَة مغشياً عَلَيْهَا فَمَا أفاقت إِلَّا وَعَلَيْهَا حمى بنافض فَقُمْت فزبرتها وَجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا شَأْن هَذِه قلت: يَا رَسُول الله أَخَذتهَا حمى بنافض قَالَ: فَلَعَلَّهُ من حَدِيث تحدث بِهِ قَالَت واستوت عَائِشَة قَاعِدَة فَقَالَت: وَالله لَئِن حَلَفت لَا تصدقوني وَلَئِن اعتذرت إِلَيْكُم لَا تعذروني فمثلى ومثلكم كَمثل يَعْقُوب وبنيه {وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون} وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله عذرها فَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَه أَبُو بكر فَدخل فَقَالَ: يَا عَائِشَة إِن الله قد أنزل عذرك فَقَالَت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك فَقَالَ لَهَا أَبُو بكر: أتقولين هَذَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: نعم قَالَت: وَكَانَ فِيمَن حدث الحَدِيث رجل كَانَ يعوله أَبُو بكر فَحلف أَبُو بكر أَن لَا يصله فَأنْزل {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ أَبُو بكر: بلَى فوصله وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذا أَرَادَ سفر أَقرع بَين نِسَائِهِ فَأصَاب عَائِشَة الْقرعَة فِي غَزْوَة بني المصطلق فَلَمَّا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل انْطَلَقت عَائِشَة لحَاجَة فانحلت قلادتها فَذَهَبت فِي طلبَهَا وَكَانَ مسطح يَتِيما لأبي بكر وَفِي عِيَاله فَلَمَّا رجعت عَائِشَة لم تَرَ الْعَسْكَر وَكَانَ صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ يتَخَلَّف عَن النَّاس فَيُصِيب الْقدح والجراب والاداوة فيحمله فَنظر فَإِذا عَائِشَة فَغطّى وَجهه عَنْهَا ثمَّ أدنى بعيره مِنْهَا فَانْتهى إِلَى الْعَسْكَر فَقَالُوا: قولا: وَقَالُوا فِيهِ قَالَ: ثمَّ ذكر الحَدِيث حَتَّى انْتهى وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَجِيء فَيقوم على الْبَاب فَيَقُول: كَيفَ تيكم حَتَّى جَاءَ يَوْمًا فَقَالَ: ابشري يَا عَائِشَة قد أنزل الله عذرك فَقَالَت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك وَأنزل فِي ذَلِك عشر آيَات {إِن الَّذين جاؤوا بالإِفك عصبَة مِنْكُم} فحد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسطحًا وَحمْنَة وَحسان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بِسَنَدِهِ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سَافر جَاءَ بِبَعْض نِسَائِهِ وسافر بعائشة وَكَانَ لَهَا هودج وَكَانَ الهودج لَهُ رجال يحملونه ويضعونه فعرس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَخرجت عَائِشَة للْحَاجة فباعدت فَلم يعلم بهَا فَاسْتَيْقَظَ النَّبِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس قد ارتحلوا وَجَاء الَّذين يحملون الهودج

فَحَمَلُوهُ فَلم يعلمُوا إِلَّا أَنَّهَا فِيهِ فَسَارُوا وَأَقْبَلت عَائِشَة فَوجدت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس قد ارتحلوا فَجَلَست مَكَانهَا فَاسْتَيْقَظَ رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ صَفْوَان بن معطل وَكَانَ لَا يقرب النِّسَاء فتقرب مِنْهَا وَمَعَهُ بعير لَهُ فَلَمَّا رَآهَا وَكَانَ قد عرفهَا وَهِي صَغِيرَة قَالَ: أم الْمُؤمنِينَ ولى وَجهه وَحملهَا ثمَّ أَخذ بِخِطَام الْجمل وَأَقْبل يَقُودهُ حَتَّى لحق النَّاس وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد نزل وفقد عَائِشَة فَأَكْثرُوا القَوْل وَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشق عَلَيْهِ حَتَّى اعتزلها وَاسْتَشَارَ فِيهَا زيد بن ثَابت وَغَيره فَقَالَ: يَا رَسُول الله دعها لَعَلَّ الله أَن يحدث أمره فِيهَا فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: النِّسَاء كثير وَخرجت عَائِشَة لَيْلَة تمشي فِي نسَاء فَعَثَرَتْ أم مسطح فَقَالَت: تعس مسطح قَالَت عَائِشَة: بئس مَا قلت فَقَالَت: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا يَقُول فأخبريها فَسَقَطت عَائِشَة مغشياً عَلَيْهَا ثمَّ أنزل الله {إِن الَّذين جاؤوا بالإِفك} الْآيَات وَكَانَ أَبُو بكر يُعْطي مسطحًا ويصله ويبره فَحلف أَبُو بكر لَا يُعْطِيهِ فَنزل {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم} فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْتِيهَا ويبشرها فجَاء أَبُو بكر فَأَخْبرهَا بعذرها وَمَا أنزل الله فِيهَا فَقَالَت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك وَلَا بِحَمْد صَاحبك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَدِهِ عَن عمر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اراد سفرا أَقرع بَين نِسَائِهِ ثَلَاثًا فَمن أَصَابَته الْقرعَة خرج بهَا مَعَه فَلَمَّا غزا بني المصطلق أَقرع بَينهُنَّ فأصابت عَائِشَة وَأم سَلمَة فَخرج بهما مَعَه فَلَمَّا كَانُوا فِي بعض الطَّرِيق مَال رَحل أم سَلمَة فأناخوا بَعِيرهَا لِيُصْلِحُوا رَحلهَا وَكَانَت عَائِشَة تُرِيدُ قَضَاء حَاجَة فَلَمَّا أبركوا إبلهم قَالَت عَائِشَة: فَقلت فِي نَفسِي إِلَى مَا يصلح رَحل أم سَلمَة أَقْْضِي حَاجَتي قَالَت: فَنزلت من الهودج وَلم يعلمُوا بنزولي فَأتيت خربة فَانْقَطَعت قلادتي فاحتبست فِي جمعهَا ونظامها وَبعث الْقَوْم إبلهم ومضوا وظنوا أَنِّي فِي الهودج فَخرجت وَلم أر أحد فاتبعهم حَتَّى أعييت فَقلت فِي نَفسِي: إِن الْقَوْم سيفقدوني ويرجعون فِي طلبي فَقُمْت على بعض الطَّرِيق فَمر بِي صَفْوَان بن الْمُعَطل وَكَانَ سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَجعله على السَّاقَة فَجعله وَكَانَ إِذا رَحل النَّاس قَامَ يُصَلِّي ثمَّ اتبعهم فَمَا سقط مِنْهُم من شَيْء حمله

حَتَّى يَأْتِي بِهِ أَصْحَابه قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا مر بِي ظن أَنِّي رجل فَقَالَ: يَا نومان قُم فَإِن النَّاس قد مضوا فَقلت: إِنِّي لست رجلا أَنا عَائِشَة قَالَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون ثمَّ أَنَاخَ بعيره فعقل يَدَيْهِ ثمَّ ولى عني فَقَالَ يَا أمه: قومِي فاركبي فَإِذا ركبت فآذنيني قَالَت: فركبتُ فجَاء حَتَّى حل العقال ثمَّ بعث جمله فَأخذ بِخِطَام الْجمل قَالَ عمر: فَمَا كلمها كلَاما حَتَّى أَتَى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عبد الله بن أبي ابْن سلول للنَّاس: فجربها وَرب الْكَعْبَة وأعانه على ذَلِك حسان بن ثَابت ومسطح بن أَثَاثَة وَحمْنَة وشاع ذَلِك فِي الْعَسْكَر فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ فِي قلب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا قَالُوا حَتَّى رجعُوا إِلَى الْمَدِينَة وأشاع عبد الله بن أبي هَذَا الحَدِيث فِي الْمَدِينَة وَاشْتَدَّ ذَلِك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَائِشَة: فَدخلت ذَات يَوْم أم مسطح فرأتني وَأَنا أُرِيد الْمَذْهَب فَحملت معي السطل وَفِيه مَاء فَوَقع السطل مِنْهَا فَقَالَت: تعس مسطح قَالَت لَهَا عَائِشَة - سُبْحَانَ الله - تسبين رجلا من أهل بدر وَهُوَ ابْنك قَالَت لَهَا أم مسطح: أَنه سَالَ بك السَّيْل وَأَنت لَا تدرين وأخبرتها بالْخبر قَالَت: فَلَمَّا أَخْبَرتنِي أخذتني الْحمى بنافض مِمَّا كَانَ وَلم أجد الْمَذْهَب قَالَت عَائِشَة: وَقد كنت أرى من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل ذَلِك جفوة وَلم أدر من أَي شَيْء هُوَ فَلَمَّا حَدَّثتنِي أم مسطح علمت أَن جفوة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَاك فَلَمَّا دخل عليَّ قلت: تَأذن لي أَن أذهب إِلَى أَهلِي قَالَ: اذهبي فَخرجت عَائِشَة حَتَّى أَتَت أَبَاهَا فَقَالَ لَهَا: مَالك قلت: اخرجني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَيته قَالَ لَهَا أَبُو بكر: فأخرجك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَيته وآويك أَنا وَالله لَا آويك حَتَّى يَأْمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يؤويها فَقَالَ لَهَا أَبُو بكر: وَالله مَا قيل لنا هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّة قطّ فَكيف وَقد أعزنا الله بالإِسلام فَبَكَتْ عَائِشَة وَأمّهَا أم رُومَان وَأَبُو بكر وَعبد الرَّحْمَن وَبكى مَعَهم أهل الدَّار وَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَعدَ الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ فَقَالَ: أَيهَا النَّاس من يعذرني مِمَّن يُؤْذِينِي فَقَامَ إِلَيْهِ سعد بن معَاذ فسل سَيْفه وَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا أعذرك مِنْهُ إِن يكن من الْأَوْس أَتَيْتُك بِرَأْسِهِ وَإِن يكن من الْخَزْرَج أمرتنا بِأَمْرك

فِيهِ فَقَامَ سعد بن عبَادَة فَقَالَ: كذبت وَالله مَا تقدر على قَتله انما طلبتنا بذحول كَانَت بَيْننَا وَبَيْنكُم فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ هَذَا: يال الْأَوْس وَقَالَ هَذَا: يال الْخَزْرَج فاضطربوا بالنعال وَالْحِجَارَة فتلاطموا فَقَامَ أسيد بن حضير فَقَالَ: فيمَ الْكَلَام هَذَا رَسُول الله يَأْمُرنَا بأَمْره فنفعله عَن رغم أنف من رغم وَنزل جِبْرِيل وَهُوَ على الْمِنْبَر فَلَمَّا سري عَنهُ تَلا عَلَيْهِم مَا نزل بِهِ جِبْرِيل {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} الحجرات الْآيَة 9 إِلَى آخر الْآيَات فصاح النَّاس: رَضِينَا بِمَا أنزل الله وَقَامَ وَبَعْضهمْ إِلَى بعض وتلازموا وتصايحوا فَنزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمِنْبَر وَأَبْطَأ الْوَحْي فِي عَائِشَة فَبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَليّ بن أبي طَالب وَأُسَامَة بن زيد وبريرة وَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يستشير فِي أَمر أَهله لم يعد عليا وَأُسَامَة بن زيد بعد موت أَبِيه زيد فَقَالَ لعَلي: مَا تَقول فِي عَائِشَة فقد أهمني مَا قَالَ النَّاس قَالَ: يَا رَسُول الله قد قَالَ النَّاس وَقد حل لَك طَلاقهَا وَقَالَ لأسامة: مَا تَقول أَنْت قَالَ - سُبْحَانَ الله - مَا يحل لنا أَن نتكلم بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم فَقَالَ لبريرة: مَا تَقُولِينَ يَا بَرِيرَة قَالَت وَالله يَا رَسُول الله مَا علمت على أهلك إِلَّا خيرا إِلَّا أَنَّهَا امْرَأَة نَؤُم تنام حَتَّى تَجِيء الدَّاجِن فتأكل عَجِينهَا وَإِن كَانَ شَيْء من هَذَا ليخبرنك الله فَخرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى منزل أبي بكر فَدخل عَلَيْهَا فَقَالَ: يَا عَائِشَة إِن كنت فعلت هَذَا الْأَمر فَقولِي لي حَتَّى أسْتَغْفر الله لَك فَقَالَت: وَالله لَا أسْتَغْفر الله مِنْهُ أبدا إِن كنت قد فعلته فَلَا غفر الله لي وَمَا أجد مثلي ومثلكم إِلَّا مثل أبي يُوسُف اذْهَبْ اسْم يَعْقُوب من الأسف قَالَ {إِنَّمَا أَشْكُو بثي وحزني إِلَى الله وَأعلم من الله مَا لَا تعلمُونَ} يُوسُف الْآيَة 86 فَبينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكلمها إِذْ نزل جِبْرِيل بِالْوَحْي فَأخذت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعسة فَسرِّي وَهُوَ يتبسم فَقَالَ: يَا عَائِشَة إِن الله قد أنزل عذرك فَقَالَت: بِحَمْد الله بحَمْدك فَتلا عَلَيْهَا سُورَة النُّور إِلَى الْموضع الَّذِي انْتهى إِلَيْهِ عذرها وبراءتها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ك قومِي إِلَى الْبَيْت فَقَامَتْ وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَسْجِد فَدَعَا أَبَا عُبَيْدَة بن الْجراح فَجمع النَّاس ثمَّ تَلا عَلَيْهِم مَا أنزل الله من الْبَرَاءَة لعَائِشَة وَبعث إِلَى عبد الله بن

أبي فجيء بِهِ فَضَربهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدَّيْنِ وَبعث إِلَى حسان ومسطح وَحمْنَة فَضربُوا ضربا وجيعاً ووجيء فِي رقابهم قَالَ ابْن عمر: انما ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن أبي حَدَّيْنِ لِأَنَّهُ من قذف أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعَلَيهِ حدان فَبعث أَبُو بكر إِلَى مسطح لَا وصلتك بدرهم أبدا وَلَا عطف عَلَيْك بِخَير أبدا ثمَّ طرده أَبُو بكر وَأخرجه من منزله وَنزل الْقُرْآن {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم} إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ أَبُو بكر: أما إِذْ نزل الْقُرْآن يَأْمُرنِي فِيك لأضاعفن لَك وَكَانَت امْرَأَة عبد الله بن أبيّ منافقَةً مَعَه فَنزل الْقُرْآن {الخبيثات} يَعْنِي امْرَأَة عبد الله {للخبيثين} يَعْنِي عبد الله {والخبيثون للخبيثات} عبد الله وَامْرَأَته {والطيبات} يَعْنِي عَائِشَة وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {للطيبين} يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْيُسْر الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة: يَا عَائِشَة قد أنزل الله عذرك قَالَت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عِنْد عَائِشَة فَبعث إِلَى عبد الله بن أبيّ فَضَربهُ حَدَّيْنِ وَبعث إِلَى مسطح وَحمْنَة فضربهم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس {إِن الَّذين جاؤوا بالإِفك عصبَة مِنْكُم} يُرِيد أَن الَّذين جاؤا بِالْكَذِبِ على عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ أَرْبَعَة مِنْكُم {لَا تحسبوه شرا لكم بل هُوَ خير لكم} يُرِيد خيرا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَرَاءَة لسيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ وَخير لأبي بكر وَأم عَائِشَة وَصَفوَان بن الْمُعَطل {لكل امْرِئ مِنْهُم مَا اكْتسب من الإِثم وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم} يُرِيد إشاعته مِنْهُم يُرِيد عبد الله بن أُبي بن سلول {لَهُ عَذَاب عَظِيم} يُرِيد فِي الدُّنْيَا جلده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي الْآخِرَة مصيره إِلَى النَّار {لَوْلَا إِذْ سمعتموه ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفسِهِم خيرا وَقَالُوا هَذَا إفْك مُبين} وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَشَارَ فِيهَا بَرِيرَة وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: خيرا وَقَالُوا: هَذَا كذب عَظِيم {لَوْلَا جاؤوا عَلَيْهِ بأَرْبعَة شُهَدَاء} لكانوا هم وَالَّذين شهدُوا كاذبين {فَإذْ لم يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِك عِنْد الله هم الْكَاذِبُونَ} يُرِيد الْكَذِب بِعَيْنِه {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته} يُرِيد وَلَوْلَا مَا من الله بِهِ عَلَيْكُم وستركم {هَذَا بهتان عَظِيم} يُرِيد الْبُهْتَان الافتراء مثل قَوْله فِي مَرْيَم بهتاناً عَظِيما {يعظكم الله أَن تعودوا لمثله} يُرِيد مسطحًا

وَحمْنَة وَحسان {وَيبين الله لكم الْآيَات} الَّتِي أنزلهَا فِي عَائِشَة والبراءة لَهَا {وَالله عليم} بِمَا فِي قُلُوبكُمْ من الندامة فِيمَا خضتم بِهِ {حَكِيم} فِي الْقَذْف ثَمَانِينَ جلدَة {إِن الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة} يُرِيد بعد هَذَا {فِي الَّذين آمنُوا} يُرِيد المحصنين وَالْمُحصنَات من المصدقين {لَهُم عَذَاب أَلِيم} وجيع فِي الدُّنْيَا يُرِيد الْحَد وَفِي الْآخِرَة الْعَذَاب فِي النَّار {وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ} مَا دَخَلْتُم فِيهِ وَمَا فِيهِ من شدَّة الْعَذَاب وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ شدَّة سخط الله على من فعل هَذَا {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم} يُرِيد لَوْلَا مَا تفضل الله بِهِ عَلَيْكُم {وَرَحمته} يُرِيد مسطحًا وَحمْنَة وَحسان {وَإِن الله رؤوف رَحِيم} يُرِيد من الرَّحْمَة رؤوف بكم حَيْثُ ندمتم وَرَجَعْتُمْ إِلَى الْحق {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} يُرِيد صدقُوا بتوحيد الله {لَا تتبعوا خطوَات الشَّيْطَان} يُرِيد الزلات {فَإِنَّهُ يَأْمر بالفحشاء وَالْمُنكر} يُرِيد بالفحشاء عصيان الله وَالْمُنكر كل مَا يكره الله تَعَالَى {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته} يُرِيد مَا تفضل الله بِهِ عَلَيْكُم وَرَحِمَكُمْ {مَا زكا مِنْكُم من أحد أبدا} يُرِيد مَا قبل تَوْبَة أحد مِنْكُم أبدا {وَلَكِن الله يُزكي من يَشَاء} فقد شِئْت أَن يَتُوب عَلَيْكُم {وَالله سميع عليم} يُرِيد سميع لقولكم عليم بِمَا فِي أَنفسكُم من الندامة {وَلَا يَأْتَلِ} يُرِيد وَلَا يحلف {أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة} يُرِيد وَلَا يحلف أَبُو بكر أَن لَا ينْفق على مسطح {أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين والمهاجرين فِي سَبِيل الله وليعفوا وليصفحوا} فقد جعلت فِيك يَا أَبَا بكر الْفضل وَجعلت عنْدك السعَة والمعرفة بِاللَّه فَسَخِطَتْ يَا أَبَا بكر على مسطح فَلهُ قرَابَة وَله هِجْرَة ومسكنة ومشاهد رضيتها مِنْهُ يَوْم بدر {أَلا تحبون} يَا أَبَا بكر {أَن يغْفر الله لكم} يُرِيد فَاغْفِر لمسطح {وَالله غَفُور رَحِيم} يُرِيد فَإِنِّي غَفُور لمن أَخطَأ رَحِيم بأوليائي {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} يُرِيد العفائف {الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات} يُرِيد المصدقات بتوحيد الله وبرسله وَقد قَالَ حسان بن ثَابت فِي عَائِشَة: حصان رزان مَا تزن بريبة وتصبح غرثى من لُحُوم الغوافل فَقَالَت عَائِشَة: لكنك لست كَذَلِك {لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} يَقُول أخرجهم من الإِيمان مثل قَوْله فِي سُورَة الْأَحْزَاب لِلْمُنَافِقين {ملعونين أَيْنَمَا ثقفوا أخذُوا وقتِّلوا تقتيلا} الْأَحْزَاب الْآيَة 61

{وَالَّذِي تولى كبره} يُرِيد كبر الْقَذْف واشاعته عبد الله بن أبي الملعون {يَوْم تشهد عَلَيْهِم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} يُرِيد أَن الله ختم على ألسنتهم فَشَهِدت الْجَوَارِح وتكلمت على أَهلهَا بذلك وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا تَعَالَوْا نحلف بِاللَّه مَا كُنَّا مُشْرِكين فختم الله على ألسنتهم فتكلمت الْجَوَارِح بِمَا عمِلُوا ثمَّ شهِدت ألسنتهم عَلَيْهِم بعد ذَلِك {يَوْمئِذٍ يوفيهم الله دينهم الْحق} يُرِيد يجازيهم بأعمالهم بِالْحَقِّ كَمَا يجازي أولياءه بالثواب كَذَلِك يجازي أعداءه بالعقاب كَقَوْلِه فِي الْحَمد {مَالك يَوْم الدّين} يُرِيد يَوْم الْجَزَاء {ويعلمون} يُرِيد يَوْم الْقِيَامَة {أَن الله هُوَ الْحق الْمُبين} وَذَلِكَ أَن عبد الله بن أبي كَانَ يشك فِي الدُّنْيَا وَكَانَ رَأس الْمُنَافِقين فَذَلِك قَوْله {يَوْمئِذٍ يوفيهم الله دينهم الْحق} وَيعلم ابْن سلول {إِن الله هُوَ الْحق الْمُبين} يُرِيد انْقَطع الشَّك واستيقن حَيْثُ لَا يَنْفَعهُ الْيَقِين {الخبيثات للخبيثين} يُرِيد أَمْثَال عبد الله بن أبيّ وَمن شكّ فِي الله ويقذف مثل سيدة نسَاء الْعَالمين {والطيبات للطيبين} عَائِشَة طيبها الله لرَسُوله أَتَى بهَا جِبْرِيل فِي سَرقَة من حَرِير قبل أَن تصور فِي رحم أمهَا فَقَالَ لَهُ: عَائِشَة بنت أبي بكر زَوجتك فِي الدُّنْيَا وزوجتك فِي الْجنَّة عوضا من خَدِيجَة وَذَلِكَ عِنْد مَوتهَا بشر بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقر بهَا عَيناهُ {والطيبون للطيبات} يُرِيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طيبه الله لنَفسِهِ وَجعله سيد ولد آدم {والطيبات} يُرِيد عَائِشَة {أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ} يُرِيد برأها الله من كذب عبد الله بن أبي {لَهُم مغْفرَة} يُرِيد عصمَة فِي الدُّنْيَا {ومغفرة} فِي الْآخِرَة {ورزق كريم} يُرِيد الْجنَّة وثواب عَظِيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن جُبَير {أَن الَّذين جاؤوا بالإِفك} الْكَذِب {عصبَة مِنْكُم} يَعْنِي عبد الله بن أبي الْمُنَافِق وَحسان بن ثَابت ومسطح بن أَثَاثَة وَحمْنَة بنت جحش {لَا تحسبوه شرا لكم} يَقُول لعَائِشَة وَصَفوَان: لَا تحسبوا الَّذِي قيل لكم من الْكَذِب {شرا لكم بل هُوَ خير لكم} لأنكم تؤجرون على ذَلِك {لكل امْرِئ مِنْهُم} يَعْنِي مِمَّن خَاضَ فِي أَمر عَائِشَة {مَا اكْتسب من الإِثم} على قدر مَا خَاضَ فِيهِ من أمرهَا {وَالَّذِي تولى كبره} يَعْنِي حَظه مِنْهُم يَعْنِي القدفة وَهُوَ ابْن أبي رَأس الْمُنَافِقين وَهُوَ الَّذِي قَالَ: مَا بَرِئت مِنْهُ وَمَا برىء مِنْهَا {لَهُ عَذَاب عَظِيم}

وَفِي هَذِه الْآيَة عِبْرَة عَظِيمَة لجَمِيع الْمُسلمين إِذا كَانَت فيهم خَطِيئَة فَمن أعَان عَلَيْهَا بِفعل أَو كَلَام أَو عرض لَهَا أَو أعجبه ذَلِك أَو رَضِي فَهُوَ فِي تِلْكَ الْخَطِيئَة على قدر مَا كَانَ مِنْهُ وَإِذا كَانَ خَطِيئَة بَين الْمُسلمين فَمن شهد وَكره فَهُوَ مثل الْغَائِب وَمن غَابَ وَرَضي فَهُوَ مثل شَاهد {لَوْلَا إِذْ سمعتموه} قذف عَائِشَة وَصَفوَان {ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات} لِأَن مِنْهُم حمْنَة بنت جحش هلا كَذبْتُمْ بِهِ {بِأَنْفسِهِم خيرا} هلا ظن بَعضهم بِبَعْض خيرا أَنهم لم يزنوا {وَقَالُوا هَذَا إِِفك مُبين} الا قَالُوا هَذَا الْقَذْف كذب بَين {لَوْلَا جاؤوا عَلَيْهِ} يَعْنِي على الْقَذْف {بأَرْبعَة شُهَدَاء فَإذْ لم يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِك} يَعْنِي الَّذِي قذفوا عَائِشَة {عِنْد الله هم الْكَاذِبُونَ} فِي قَوْلهم {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} من تَأْخِير الْعقُوبَة {لمسكم فِيمَا أَفَضْتُم فِيهِ} يَعْنِي فِيمَا قُلْتُمْ من الْقَذْف {عَذَاب عَظِيم إِذْ تلقونه بألسنتكم} وَذَلِكَ حِين خَاضُوا فِي أَمر عَائِشَة فَقَالَ بَعضهم: سَمِعت فلَانا يَقُول كَذَا وَكَذَا وَقَالَ بَعضهم: بل كَانَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ {تلقونه بألسنتكم} يَقُول: يرويهِ بَعْضكُم عَن بعض {وتقولون بأفواهكم} يَعْنِي بألسنتكم من قَذفهَا {مَا لَيْسَ لكم بِهِ علم} يَعْنِي من غير أَن تعلمُوا أَن الَّذِي قُلْتُمْ من الْقَذْف حق {وتحسبونه هيناً} تحسبون أَن الْقَذْف ذَنْب هَين {وَهُوَ عِنْد الله عَظِيم} يَعْنِي من الزُّور {لَوْلَا إِذْ سمعتموه} يَعْنِي الْقَذْف {قُلْتُمْ مَا يكون} يَعْنِي أَلا قُلْتُمْ مَا يكون {مَا يكون لنا أَن نتكلم بِهَذَا} وَلم تره أَعيننَا {سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم} يَعْنِي أَلا قُلْتُمْ هَذَا كذب عَظِيم مثل مَا قَالَ سعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ: وَذَلِكَ أَن سَعْدا لما سمع قَول من قَالَ فِي أَمر عَائِشَة قَالَ {سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم} يَعْنِي أَلا قُلْتُمْ هَذَا كذب عَظِيم مثل مَا قَالَ سعد بن معَاذ الْأنْصَارِيّ: وَذَلِكَ أَن سَعْدا لما سمع قَول من قَالَ فِي أَمر عَائِشَة قَالَ {سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم} والبهتان الَّذِي يبهت فَيَقُول مَا لم يكن {يعظكم الله أَن تعودوا لمثله أبدا} يَعْنِي الْقَذْف {إِن كُنْتُم مُؤمنين} يَعْنِي مُصدقين {وَيبين الله لكم الْآيَات} يَعْنِي مَا ذكر من المواعظ {إِن الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة} تفشوا وَيظْهر الزِّنَا {لَهُم عَذَاب أَلِيم فِي الدُّنْيَا} بِالْحَدِّ {فِي الْآخِرَة عَذَاب النَّار} {وَلَوْلَا فضل الله} لعاقبكم بِمَا قُلْتُمْ لعَائِشَة {وَإِن الله رؤوف رَحِيم} حِين عَفا عَنْكُم فَلم يعاقبكم {وَمن يتبع خطوَات الشَّيْطَان} يَعْنِي تزيينه {فَإِنَّهُ يَأْمر بالفحشاء} يَعْنِي بِالْمَعَاصِي {وَالْمُنكر} مَا لَا يعرف مثل مَا قيل لعَائِشَة {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته}

يَعْنِي نعْمَته {مَا زكا} مَا صلح {وَلَكِن الله يُزكي} يصلح {من يَشَاء} فَلَمَّا أنزل الله عذر عَائِشَة وبرأها وَكذب الَّذين قذفوها حلف أَبُو بكر أَن لَا يصل مسطح بن أَثَاثَة بِشَيْء أبدا لِأَنَّهُ كَانَ فِيمَن ادّعى على عَائِشَة من الْقَذْف وَكَانَ مسطح من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين وَكَانَ ابْن خَالَة أبي بكر وَكَانَ يَتِيما فِي حجره فَقِيرا فَلَمَّا حلف أَبُو بكر أَن لَا يصله نزلت فِي أبي بكر {وَلَا يَأْتَلِ} أَي وَلَا يحلف {أولُوا الْفضل مِنْكُم} يَعْنِي فِي الْغنى أَبَا بكر الصّديق {وَالسعَة} يَعْنِي فِي الرزق {أَن يؤتوا أولي الْقُرْبَى} يَعْنِي مسطح ابْن أَثَاثَة قرَابَة أبي بكر وَابْن خَالَته {وَالْمَسَاكِين} يَعْنِي أَن مسطحًا كَانَ فَقِيرا {والمهاجرين فِي سَبِيل الله} يَعْنِي أَن مسطحًا كَانَ من الْمُهَاجِرين {وليعفوا وليصفحوا} يَعْنِي ليتجاوزوا عَن مسطح {أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر: أما تحب أَن يغْفر الله لَك قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: فَاعْفُ وَاصْفَحْ فَقَالَ أَبُو بكر: قد عَفَوْت وصفحت لَا أمْنَعهُ مَعْرُوفا بعد الْيَوْم {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات} يَعْنِي يقذفون بِالزِّنَا الحافظات لفروجهن العفائف {الْغَافِلَات} يَعْنِي عَن الْفَوَاحِش يَعْنِي عَائِشَة {الْمُؤْمِنَات} يَعْنِي الصادقات {لعنُوا} يَعْنِي جلدُوا {فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} يُعَذبُونَ بالنَّار يَعْنِي عبد الله بن أبي لِأَنَّهُ مُنَافِق لَهُ عَذَاب عَظِيم {يَوْم تشهد عَلَيْهِم ألسنتهم} يَعْنِي من قذف عَائِشَة يَوْم الْقِيَامَة {يَوْمئِذٍ} يَعْنِي فِي الْآخِرَة {يوفيهم الله دينهم الْحق} حسابهم الْعدْل لَا يظلمهم {ويعلمون أَن الله هُوَ الْحق الْمُبين} يَعْنِي الْعدْل الْمُبين {الخبيثات} يَعْنِي السيء من الْكَلَام قذف عَائِشَة {للخبيثين} من الرِّجَال وَالنِّسَاء يَعْنِي الَّذين قذفوها {والخبيثون} يَعْنِي من الرِّجَال وَالنِّسَاء {للخبيثات} يَعْنِي السيء من الْكَلَام لِأَنَّهُ يَلِيق بهم الْكَلَام السيء {والطيبات} يَعْنِي الْحسن من الْكَلَام {للطيبين} من الرِّجَال وَالنِّسَاء يَعْنِي الَّذين ظنُّوا بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات خيرا {والطيبون} من الرِّجَال وَالنِّسَاء {للطيبات} لِلْحسنِ من الْكَلَام لِأَنَّهُ يَلِيق بهم الْكَلَام الْحسن {أُولَئِكَ} يَعْنِي الطيبين من الرِّجَال وَالنِّسَاء {مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ} هم برَاء من الْكَلَام السيء {لَهُم مغْفرَة} يَعْنِي لذنوبهم {ورزق كريم}

يَعْنِي حسنا فِي الْجنَّة فَلَمَّا أنزل الله عذر عَائِشَة ضمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى نَفسه وَهِي من أَزوَاجه فِي الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أنزل الله عُذْري وكادت الْأمة تهْلك فِي سببي فَلَمَّا سري عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعرج الْملك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَبِيك اذْهَبْ إِلَى ابْنَتك فاخبرها أَن الله قد أنزل عذرها من السَّمَاء قَالَت: فَأَتَانِي أبي وَهُوَ يعدو يكَاد أَن يعثر فَقَالَ: ابشري يَا بنية بِأبي وَأمي فَإِن الله قد أنزل عذرك قلت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك وَلَا بِحَمْد صَاحبك الَّذِي أرسلك ثمَّ دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَنَاول ذراعي فَقلت بِيَدِهِ هَكَذَا فَأخذ أَبُو بكر النَّعْل ليعلوني بهَا فمنعته أُمِّي فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَقْسَمت لَا تفعل وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: وَالله مَا كنت أَرْجُو أَن ينزل فيّ كتاب الله وَلَا أطمع فِيهِ وَلَكِنِّي كنت أَرْجُو أَن يرى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُؤْيا فَيذْهب مَا فِي نَفسه وَقد سَأَلَ الْجَارِيَة الحبشية فَقَالَت: وَالله لعَائِشَة أطيب من طيب الذَّهَب وَلكنهَا ترقد حَتَّى تدخل تدخل الشَّاة فتأكل عَجِينهَا وَالله لَئِن كَانَ مَا يَقُول النَّاس حَقًا ليخبرنك الله فَعجب النَّاس من فقهها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الحكم ابْن عتيبة قَالَ: لما خَاضَ النَّاس فِي أَمر عَائِشَة أرسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عَائِشَة فَقَالَ: يَا عَائِشَة مَا يَقُول النَّاس فَقَالَت: لَا أعْتَذر من شَيْء قَالُوهُ حَتَّى ينزل عُذْري من السَّمَاء فَأنْزل الله فِيهَا خمس عشرَة آيَة من سُورَة النُّور ثمَّ قَرَأَ حَتَّى بلغ {الخبيثات للخبيثين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: نزلت ثَمَان عشرَة آيَة مُتَوَالِيَات بتكذيب من قذف عَائِشَة وببراءتها وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة قَالَت: لما رميت بِمَا رميت بِهِ هَمَمْت أَن آتِي قلبيا فاطرح نَفسِي فِيهِ وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة: أَنه لما نزل عذرها قبَّل أَبُو بكر رَأسهَا فَقَالَت: الا عذرتني فَقَالَ: أَي سَمَاء تُظِلنِي وَأي أَرض تُقِلني إِن قلت مَا لَا أعلم وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت عُذْري من السَّمَاء جَاءَنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبرنِي بذلك فَقلت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزل عُذْري قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر فَذكر ذَلِك وتلا الْقُرْآن فَلَمَّا نزل أَمر برجلَيْن وَامْرَأَة فَضربُوا حَدَّيْنِ وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن جحش قَالَ: تفاخرت عَائِشَة وَزَيْنَب فَقَالَت زَيْنَب: أَنا الَّتِي نزل تزويجي وَقَالَت عَائِشَة: وَأَنا الَّتِي نزل عُذْري فِي كِتَابه حِين حَملَنِي ابْن الْمُعَطل فَقَالَت لَهَا زَيْنَب: يَا عَائِشَة مَا قلت حِين ركبتيها قَالَت: قلت حسبي الله وَنعم الْوَكِيل قَالَت: قلتِ كلمة الْمُؤمنِينَ وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس: أَنه دخل على عَائِشَة قبل مَوتهَا وَهِي مغلوبة فَقَالَ: كَيفَ تجدينك قَالَت: بِخَير إِن اتَّقَيْت قَالَ: فَأَنت بِخَير زوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم ينْكح بكرا غَيْرك وَنزل عذرك من السَّمَاء وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: خلال فيَّ تسع لم تكن لأحد إِلَّا مَا آتى الله مَرْيَم جَاءَ الْملك بِصُورَتي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَزَوَّجنِي وَأَنا ابْنة سبع سِنِين وَأهْديت إِلَيْهِ وَأَنا ابْنة تسع وتزوّجني بكرا وَكَانَ يَأْتِيهِ الْوَحْي وَأَنا وَهُوَ فِي لِحَاف وَاحِد وَكنت من أحب النَّاس إِلَيْهِ وَنزل فيَّ آيَات من الْقُرْآن كَادَت الْأمة تهْلك فِيهَا وَرَأَيْت جِبْرِيل وَلم يره أحد من نِسَائِهِ غَيْرِي وَقبض فِي بَيْتِي لم يَله أحد غير الْملك إِلَّا انا وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة قَالَت: فضلت على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعشر قيل مَا هن يَا أم الْمُؤمنِينَ قَالَت: لم ينْكح بكرا قطّ غَيْرِي وَلم ينْكح امْرَأَة أبواها مهاجران غَيْرِي وَأنزل الله براءتي من السَّمَاء وجاءه جِبْرِيل بِصُورَتي من السَّمَاء فِي حريرة وَقَالَ تزوّجها فَإِنَّهَا امْرَأَتك وَكنت أَغْتَسِل أَنا وَهُوَ من اناء وَاحِد وَلم يكن يصنع ذَلِك بِأحد من نِسَائِهِ غَيْرِي وَكَانَ يُصَلِّي وَأَنا مُعْتَرضَة بَين يَدَيْهِ وَلم يكن يفعل ذَلِك بِأحد من نِسَائِهِ غَيْرِي وَكَانَ ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي وَهُوَ معي وَلم يكن ينزل عَلَيْهِ وَهُوَ مَعَ أحد من نِسَائِهِ غَيْرِي وَقبض الله نَفسه وَهُوَ بَين سحرِي وَنَحْرِي وَمَات فِي اللَّيْلَة الَّتِي كَانَ يَدُور عليَّ فِيهَا ودُفِنَ فِي بَيْتِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن الحميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد

فِي قَوْله {إِن الَّذين جاؤوا بالإفك عصبَة مِنْكُم} قَالَ: أَصْحَاب عَائِشَة عبد الله بن أبي ابْن سلول ومسطح وَحسان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الَّذين افتروا على عَائِشَة حسان ومسطح وَحمْنَة بنت جحش وَعبد الله بن أبي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة: أَن عبد الْملك بن مَرْوَان كتب إِلَيْهِ يسْأَله عَن الَّذين جاؤا بالإِفك فَكتب إِلَيْهِ أَنه لم يسم مِنْهُم إِلَّا حسان ومسطح وَحمْنَة بنت جحش فِي آخَرين لَا علم لي بهم وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: كنت عِنْد الْوَلِيد بن عبد الْملك فَقَالَ: الَّذِي تولى كبره مِنْهُم عَليّ فَقلت: لَا حَدثنِي سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير وعلقمة بن وَقاص وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود كلهم سمع عَائِشَة تَقول: الَّذِي تولى كبره عبد الله بن أبي قَالَ: فَقَالَ لي فَمَا كَانَ جرمه قلت: حَدثنِي شَيْخَانِ من قَوْمك أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام أَنَّهُمَا سمعا عَائِشَة تَقول: كَانَ مسيئاً فِي أَمْرِي وَقَالَ يَعْقُوب بن شبة فِي مُسْنده: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي ثَنَا الشَّافِعِي ثَنَا عمي قَالَ: دخل سُلَيْمَان بن يسَار على هِشَام بن عبد الْملك فَقَالَ لَهُ: يَا سُلَيْمَان الَّذِي تولى كبره من هُوَ قَالَ: عبد الله بن أبي قَالَ: كذبت هُوَ عليّ قَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ أعلم بِمَا يَقُول فَدخل الزُّهْرِيّ فَقَالَ: يَا ابْن شهَاب من الَّذِي تولى كبره فَقَالَ لَهُ: ابْن أبي قَالَ: كذبت هُوَ عليّ قَالَ: أَنا أكذب - لَا أَبَا لَك - لَو نَادَى منادٍ من السَّمَاء أَن الله أحل الْكَذِب مَا كذبت حَدثنِي عُرْوَة وَسَعِيد وَعبيد الله وعلقمة عَن عَائِشَة: أَن الَّذِي تولى كبره عبد الله بن أبي وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَسْرُوق قَالَ: دخل حسان بن ثَابت على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فشبب وَقَالَ: حصان رزان مَا تزن بريبة وتصبح غرثى من لُحُوم الغوافل

قَالَت: لكنك لست كَذَلِك قلت: تدعين مثل هَذَا يدْخل عَلَيْك وَقد أنزل الله {وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم} فَقَالَت: وَأي عَذَاب أَشد من الْعَمى وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه أَو لَيْسَ فِي عَذَاب قد كف بَصَره وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الشّعبِيّ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: مَا سَمِعت بِشَيْء أحسن من شعر حسان وَمَا تمثلت بِهِ إِلَّا رَجَوْت لَهُ الْجنَّة قَوْله لأبي سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب بن هَاشم: هجوت مُحَمَّدًا وأجبت عَنهُ وَعند الله فِي ذَاك الْجَزَاء فان أبي ووالده وعرضي لعرض مُحَمَّد مِنْكُم وقاء أتشتمه وَلست لَهُ بكفء فشركما لخيركما الْفِدَاء لساني صارم لَا عيب فِيهِ وبحري لَا تكدره الدلاء فَقيل: يَا أم الْمُؤمنِينَ أَلَيْسَ هَذَا لَغوا قَالَت: لَا إِنَّمَا اللَّغْو مَا قيل عِنْد النِّسَاء قيل: أَلَيْسَ الله يَقُول {وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم} قَالَت: أَلَيْسَ قد أَصَابَهُ عَذَاب أَلِيم أَلَيْسَ قد أُصِيب بَصَره وكسع بِالسَّيْفِ وتعني الضَّرْبَة الَّتِي ضربهَا إِيَّاه صَفْوَان بن الْمُعَطل حِين بلغه عَنهُ أَنه تكلم فِي ذَلِك فعلاه بِالسَّيْفِ وَكَاد يقْتله وَأخرج مُحَمَّد بن سعد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَن عَائِشَة كَانَت تَأذن لحسان بن

ثَابت وَتَدْعُو لَهُ بالوسادة وَتقول: لَا تُؤْذُوا حسان فَإِنَّهُ كَانَ ينصر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلِسَانِهِ وَقَالَ الله {وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم} وَقد عمي وَالله قَادر أَن يَجْعَل ذَلِك الْعَذَاب الْعَظِيم عماه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم} يَقُول: الَّذِي بَدَأَ بذلك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد {وَالَّذِي تولى كبره} قَالَ: عبد الله بن أبي ابْن سلول يذيعه وَأخرج عبد بن الحميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن الَّذِي تولى كبره رجلَانِ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحدهمَا من قُرَيْش وَالْآخر من الْأَنْصَار عبد الله بن أبيّ بن سلول وَلم يكن شرٌ قطُّ إِلَّا وَله قادة ورؤساء فِي شرهم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَن عَائِشَة كَانَت تَأذن لحسان بن ثابتن وتلقي لَهُ الوسادة وَتقول لَا تَقولُوا لحسان إِلَّا خيرا فَإِنَّهُ كَانَ يرد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد قَالَ الله {وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب عَظِيم} وَقد عمي والعمى عَذَاب عَظِيم وَالله قَادر على أَن يَجعله ذَلِك وَيغْفر لحسان ويدخله الْجنَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَسْرُوق قَالَ فِي قِرَاءَة عبد الله (وَالَّذِي تولى كبره مِنْهُم لَهُ عَذَاب أَلِيم)

12

- قَوْله تَعَالَى: لَوْلَا إِذْ سمعتموه ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفسِهِم خيرا وَقَالُوا هَذَا إفْك مُبين لَوْلَا جاؤا عَلَيْهِ بأَرْبعَة شُهَدَاء فَإذْ لم يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِك عِنْد الله هم الْكَاذِبُونَ وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لمسكم فِي مَا أَفَضْتُم فِيهِ عَذَاب عَظِيم

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن بعض الْأَنْصَار أَن امْرَأَة أبي أَيُّوب قَالَت لَهُ حِين قَالَ أهل الإِفك مَا قَالُوا: أَلا تسمع مَا يَقُول النَّاس فِي عَائِشَة قَالَ: بلَى وَذَلِكَ الْكَذِب أَكنت أَنْت فاعلة ذَلِك يَا أم أَيُّوب قَالَت: لَا وَالله قَالَ: فعائشة وَالله خير مِنْك وَأطيب إِنَّمَا هَذَا كذب وإفك بَاطِل فَلَمَّا نزل الْقُرْآن ذكر الله من قَالَ من الْفَاحِشَة مَا قَالَ من أهل الافك ثمَّ قَالَ {لَوْلَا إِذْ سمعتموه ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفسِهِم خيرا وَقَالُوا هَذَا إفْك مُبين} أَي كَمَا قَالَ أَبُو أَيُّوب وصاحبته وَأخرج الواحدي وَابْن عَسَاكِر وَالْحَاكِم عَن أَفْلح مولى أبي أَيُّوب أَن أم أَيُّوب قَالَت: أَلا تسمع مَا يَقُول النَّاس فِي عَائِشَة قَالَ: بلَى وَذَلِكَ الْكَذِب أفكنت يَا أم أَيُّوب فاعلة ذَلِك قَالَت: لَا وَالله قَالَ: فعائشة وَالله خير مِنْك فَلَمَّا نزل الْقُرْآن وَذكر أهل الافك قَالَ الله {لَوْلَا إِذْ سمعتموه ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات}

15

- قَوْله تَعَالَى: إِذْ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم مَا لَيْسَ لكم بِهِ علم وتحسبونه هيناً وَهُوَ عِنْد الله عَظِيم أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ {إِذْ تلقونه بألسنتكم} قَالَ: يرويهِ بَعْضكُم عَن بعض وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {إِذْ تلقونه بألسنتكم} قَالَ: يرويهِ بَعْضكُم عَن بعض وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مليكَة قَالَ: كَانَت عَائِشَة تقْرَأ {إِذْ تلقونه بألسنتكم} وَتقول: إِنَّمَا هُوَ ولق القَوْل والولق الْكَذِب قَالَ ابْن أبي مليكَة: هِيَ أعلم بِهِ من غَيرهَا لِأَن ذَلِك نزل فِيهَا أما قَوْله تَعَالَى {وتحسبونه هيناً وَهُوَ عِنْد الله عَظِيم} وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من سخط الله لَا يلقِي لَهَا بَالا يهوي بهَا فِي النَّار أبعد مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حُذَيْفَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قذف المحصنة يهدم عمل مائَة سنة

16

- قَوْله تَعَالَى: وَلَوْلَا إِذْ سمعتموه قُلْتُمْ مَا يكون لنا أَن نتكلم بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ حِين أخْبرته امْرَأَته قَالَت: يَا أَبَا أَيُّوب أَلا تسمع مَا يتحدث النَّاس فَقَالَ (مَا يكون لنا أَن نتكلم بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم) فَأنْزل الله {وَلَوْلَا إِذْ سمعتموه قُلْتُمْ مَا يكون لنا أَن نتكلم بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم} وَأخرج سنيد فِي تَفْسِيره عَن سعيد بن جُبَير أَن سعد بن معَاذ لما سمع مَا قيل فِي أَمر عَائِشَة قَالَ: سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم وَأخرج ابْن أخي سمي فِي فَوَائده عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كَانَ رجلَانِ من

أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سمعا شَيْئا من ذَلِك قَالَا: سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم زيد بن حَارِثَة وَأَبُو أَيُّوب

17

- قَوْله تَعَالَى: يعظكم الله أَن تعودوا لمثله أبدا إِن كُنْتُم مُؤمنين وَيبين الله لكم الْآيَات وَالله عليم حَكِيم أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه {يعظكم الله أَن تعودوا لمثله أبدا} قَالَ يحرج الله عَلَيْكُم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يعظكم الله} قَالَ: يَنْهَاكُم

19

- قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة فِي الَّذين آمنُوا لَهُم عَذَاب أَلِيم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالله يعلم وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته أَن الله رؤوف رَحِيم أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد {إِن الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة} قَالَ: تظهر يحدث عَن شَأْن عَائِشَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {إِن الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة} قَالَ: يحبونَ أَن يظْهر الزِّنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خَالِد بن معدان قَالَ: من حدث بِمَا أَبْصرت عَيناهُ وَسمعت أذنَاهُ فَهُوَ من الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة فِي الَّذين آمنُوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: من أشاع الْفَاحِشَة فَعَلَيهِ النكال وَإِن كَانَ صَادِقا وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الْعَامِل الْفَاحِشَة وَالَّذِي يشيع بهَا فِي الإِثم سَوَاء وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن شبْل بن عون قَالَ: كَانَ يُقَال من سمع بِفَاحِشَة فأفشاها فَهُوَ فِيهَا كَالَّذي أبداها

وَأخرج أَحْمد عَن ثَوْبَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تُؤْذُوا عباد الله وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتهمْ فَإِنَّهُ من طلب عَورَة أَخِيه الْمُسلم طلب الله عَوْرَته حَتَّى يَفْضَحهُ فِي بَيته

21

- قَوْله تَعَالَى: ياأيها الَّذين آمنُوا لَا تتبعوا خطوَات الشَّيْطَان وَمن يتبع خطوَات الشَّيْطَان فَإِنَّهُ يَأْمر بالفحشاء وَالْمُنكر وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته مَا زكى مِنْكُم من أحد أبدا وَلَكِن الله يُزكي من يَشَاء وَالله سميع عليم أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا زكا مِنْكُم} قَالَ: مَا اهْتَدَى أحد من الْخَلَائق لشَيْء من الْخَيْر

22

- قَوْله تَعَالَى: وَلَا يَأْتَلِ أولو الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَن يَأْتُوا أولي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين والمهاجرين فِي سَبِيل الله وليعفوا وليصفحوا أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم وَالله غَفُور رَحِيم أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل} يَقُول: لَا تقسموا أَن لَا تنفقوا على أحد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ مسطح بن اثاثة مِمَّن تولى كبره من أهل الإِفك وَكَانَ قَرِيبا لأبي بكر وَكَانَ فِي عِيَاله فَحلف أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ أَن لَا ينيله خيرا أبدا فَأنْزل الله {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة} قَالَت: فَأَعَادَهُ أَبُو بكر إِلَى عِيَاله وَقَالَ: لَا أَحْلف على يَمِين فَأرى غَيرهَا خيرا مِنْهَا إِلَّا تحللتها وأتيت الَّذِي هُوَ خير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل من قُرَيْش يُقَال لَهُ مسطح كَانَ بَينه وَبَين أبي بكر قرَابَة وَكَانَ يَتِيما فِي حجره وَكَانَ مِمَّن أذاع على عَائِشَة مَا

أذاع فَلَمَّا أنزل الله براءتها وعذرها تألى أَبُو بكر لَا يرزؤه خيرا فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا أَبَا بكر فَتَلَاهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: أَلا تحب أَن يغْفر الله لَك قَالَ: بلَى قَالَ: فَاعْفُ عَنهُ وَتجَاوز فَقَالَ أَبُو بكر: لَا جرم وَالله لَا أمْنَعهُ مَعْرُوفا كنت أوليه قبل الْيَوْم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: كَانَ ذُو قرَابَة لأبي بكر مِمَّن كثر على عَائِشَة فَحلف أَبُو بكر لَا يصله بِشَيْء وَقد كَانَ يصله قبل ذَلِك فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة} إِلَى آخر الْآيَة فَصَارَ أَبُو بكر يضعف لَهُ بعد ذَلِك بَعْدَمَا نزلت هَذِه الْآيَة ضعْفي مَا كَانَ يُعْطِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: حلف أَبُو بكر لَا ينفع مسطح بن أَثَاثَة وَلَا يصله وَكَانَ بَينه وَبَين أبي بكر قرَابَة من قبل النِّسَاء فَأقبل إِلَى أبي بكر يعْتَذر فَقَالَ مسطح: جعلني الله فداءك وَالله الَّذِي أنزل على مُحَمَّد مَا قذفتها وَمَا تَكَلَّمت بِشَيْء مِمَّا قيل لَهَا أَي خَالِي - وَكَانَ أَبُو بكر خَاله - قَالَ أَبُو بكر: وَلَكِن قد ضحِكت وَأَعْجَبَك الَّذِي قيل فِيهَا قَالَ: لَعَلَّه يكون قد كَانَ بعض ذَلِك فَأنْزل الله فِي شَأْنه {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: حلف أَبُو بكر فِي يتيمين كَانَا فِي حجره كَانَا فِيمَن خَاضَ فِي أَمر عَائِشَة أَحدهمَا مسطح بن اثاثة قد شهد بَدْرًا فَحلف لَا يصلهمَا وَلَا يصيبا مِنْهُ خيرا فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا يَأْتَلِ أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة} قَالَ: كَانَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد رموا عَائِشَة بالقبيح وأفشوا ذَلِك وَتَكَلَّمُوا فِيهَا فأقسم نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم أَبُو بكر أَن لَا يتصدقوا على رجل تكلم بِشَيْء من هَذَا وَلَا يصلوه قَالَ: لَا يقسم أولُوا الْفضل مِنْكُم وَالسعَة أَن يصلوا أرحامهم وَأَن يعطوهم من أَمْوَالهم كَالَّذي كَانُوا يَفْعَلُونَ قبل ذَلِك فَأمر الله أَن يغْفر لَهُم وَأَن يعْفُو عَنْهُم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي سَلمَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا نقص مَال من صَدَقَة قطّ تصدقوا وَلَا عَفا رجل عَن مظْلمَة إِلَّا زَاده الله عزا فاعفوا يعزكم

الله وَلَا فتح رجل على نَفسه مَسْأَلَة النَّاس إِلَّا فتح الله لَهُ بَاب فقر إِلَّا أَن الْعِفَّة خير وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَضَب والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي وَائِل قَالَ: رَأَيْت عبد الله أَتَاهُ رجل بِرَجُل نشوان فَأَقَامَ عَلَيْهِ الْحَد ثمَّ قَالَ للرجل الَّذِي جَاءَ بِهِ: مَا أَنْت مِنْهُ قَالَ: عَمه قَالَ: ماأحسنت الْأَدَب وَلَا سترته {وليعفوا وليصفحوا أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم} ثمَّ قَالَ عبد الله: إِنِّي لأذكر أول رجل قطعه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى رجل فَلَمَّا أَمر بِهِ لتقطع يَده كَأَنَّمَا سف وَجهه رَمَادا فَقيل: يَا رَسُول الله كَانَ هَذَا شقّ عَلَيْك قَالَ: لَا يَنْبَغِي أَن تَكُونُوا للشَّيْطَان عوناً على أخيكم فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي للْحَاكِم إِذا انْتهى إِلَيْهِ حد إِلَّا أَن يقيمه وَإِن الله عَفْو يحب الْعَفو ثمَّ قَرَأَ {وليعفوا وليصفحوا أَلا تحبون أَن يغْفر الله لكم}

23

- قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات لُعِنوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات} قَالَ: نزلت فِي عَائِشَة خَاصَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن خصيف قَالَ: قلت لسَعِيد بن جُبَير أَيّمَا أَشد الزِّنَا أم الْقَذْف قَالَ: الزِّنَا قلت: إِن الله يَقُول {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات} قَالَ: إِنَّمَا أنزل هَذَا فِي شَأْن عَائِشَة خَاصَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الضَّحَّاك قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي عَائِشَة خَاصَّة {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جريرعن الضَّحَّاك {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات} قَالَ: إِنَّمَا عني بِهَذَا نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الجوزاء {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات}

قَالَ: هَذِه لأمهات الْمُؤمنِينَ خَاصَّة وأخرجابن أبي حَاتِم عَن سَلمَة بن نبيط {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات} قَالَ: هن نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ سُورَة النُّور فَفَسَّرَهَا فَلَمَّا أَتَى على هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات} قَالَ: هَذِه فِي عَائِشَة وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يَجْعَل لمن فعل ذَلِك تَوْبَة وَجعل لمن رمى امْرَأَة من الْمُؤْمِنَات من غير أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التَّوْبَة ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء} إِلَى قَوْله {إِلَّا الَّذين تَابُوا} وَلم يَجْعَل لمن قذف امْرَأَة من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَوْبَة ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} فهم بعض الْقَوْم أَن يقوم إِلَى ابْن عَبَّاس فَيقبل رَأسه لحسن مَا فسر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: رميت بِمَا رميت بِهِ وَأَنا غافلة فبلغني بعد ذَلِك: فَبينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْدِي جَالس إِذْ أُوحِي إِلَيْهِ وَهُوَ جَالس ثمَّ اسْتَوَى فَمسح على وَجهه وَقَالَ: يَا عَائِشَة ابشري فَقلت: بِحَمْد الله لَا بحَمْدك فَقَرَأَ {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات} حَتَّى بلغ {أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ}

24

- قَوْله تَعَالَى: يَوْم تشهد عَلَيْهِم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ أخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة عرف الْكَافِر بِعَمَلِهِ فَجحد وَخَاصم فَيُقَال: هَؤُلَاءِ جيرانك يشْهدُونَ عَلَيْك فَيَقُول: كذبُوا فَيُقَال: أهلك وعشيرتك فَيَقُول: كذبُوا فَيُقَال: احلفوا فَيحلفُونَ ثمَّ يصمتهم الله وَتشهد عَلَيْهِم ألسنتهم وأيديهم ثمَّ يدخلهم النَّار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أول من يخْتَصم يَوْم الْقِيَامَة الرجل وَامْرَأَته فَمَا ينْطق لسانها وَلَكِن يداها ورجلاها يَشْهَدَانِ عَلَيْهَا بِمَا كَانَت تغتاله أَو توليه أَو كلمة نَحْوهَا ويداه وَرجلَاهُ يشْهدُونَ

عَلَيْهِ بِمَا كَانُوا يوليها ثمَّ يدعى الرجل وخوله فَمثل ذَلِك وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنكُمْ تدعون مُقَدّمَة أَفْوَاهكُم بالفدام وَإِن أول مَا يبين عَن أحدكُم فرجه وكفه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا ينْطق من ابْن آدم يَوْم الْقِيَامَة فَخذه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا يستنطق من ابْن آدم جوارحه فِي محاقير عمله فَيَقُول وَعزَّتك يَا رب إِن عِنْدِي المضرات الْعِظَام وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنِّي لأعْلم آخر رجل من أمتِي يجوز الصِّرَاط رجل يتلوى على الصِّرَاط كالغلام حِين يضْربهُ أَبوهُ تزلّ يَده مرّة فتصيبها النَّار وتزل رجله مرّة فتصيبها النَّار فَتَقول لَهُ الْمَلَائِكَة: أَرَأَيْت إِن بَعثك الله من مقامك هَذَا فمشيت سوياً أتخبرنا بِكُل عمل عملته فَيَقُول: أَي وعزته لَا أكتمكم من عَمَلي شَيْئا فَيَقُولُونَ لَهُ: قُم فامش سوياً فَيقوم فَيَمْشِي حَتَّى يُجَاوز الصِّرَاط فَيَقُولُونَ لَهُ: اُخْبُرْنَا باعمالك الَّتِي عملت فَيَقُول فِي نَفسه: إِن أَخْبَرتهم بِمَا عملت ردوني إِلَى مَكَاني فَيَقُول: لَا وعزته مَا عملت ذَنبا قطّ فَيَقُولُونَ: إِن لنا عَلَيْك بَيِّنَة فيلتفت يَمِينا وَشمَالًا هَل يرى من الْآدَمِيّين مِمَّن كَانَ يشْهد فِي الدُّنْيَا أحد فَلَا يرَاهُ فَيَقُول: هاتوا بينتكم فيختم الله على فِيهِ فَتَنْطِق يَدَاهُ وَرجلَاهُ وَجلده بِعَمَلِهِ فَيَقُول: أَي وَعزَّتك لقد عملتها وان عِنْدِي العظائم المضرات فَيَقُول: اذْهَبْ فقد غفرتها لَك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول عظم يتَكَلَّم من الإِنسان بعد أَن يخْتم على فِيهِ فَخذه من جَانِبه الْأَيْسَر

25

- قَوْله تَعَالَى: يَوْمئِذٍ يوفيهم الله دينهم الْحق ويعلمون أَن الله هُوَ الْحق الْمُبين أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْمئِذٍ يوفيهم الله دينهم الْحق} قَالَ: حسابهم وكل شَيْء فِي الْقُرْآن الدّين فَهُوَ الْحساب

وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة {يَوْمئِذٍ يوفيهم الله دينهم الْحق} أَي أَعْمَالهم الْحق لحقهم وَأهل الْبَاطِل لباطلهم {ويعلمون أَن الله هُوَ الْحق الْمُبين} وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَهَا (الْحق) بِالرَّفْع وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ: (يَوْمئِذٍ يُوفيه الله الْحق دينهم)

26

- قَوْله تَعَالَى: الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مغْفرَة ورزق كريم أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الخبيثات} قَالَ: من الْكَلَام {للخبيثين} قَالَ: من الرِّجَال {والخبيثون} من الرِّجَال {للخبيثات} من الْكَلَام {والطيبات} من الْكَلَام {للطيبين} من النَّاس {والطيبون} من النَّاس {للطيبات} من الْكَلَام نزلت فِي الَّذين قَالُوا فِي زَوْجَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالُوا من الْبُهْتَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الخبيثات} قَالَ من الْكَلَام {للخبيثين} من النَّاس {والخبيثون} من النَّاس {للخبيثات} من الْكَلَام {والطيبات} من الْكَلَام {للطيبين} من النَّاس {والطيبون} من النَّاس {للطيبات} من الْكَلَام {أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ} قَالَ: من كَانَ طيبا فَهُوَ مبرأ من كل قَول خَبِيث لقَوْله يغْفر الله لَهُ وَمن كَانَ خبيثاً فَهُوَ مبرأ من كل قَول صَالح يَقُوله يردهُ الله عَلَيْهِ لَا يقبله مِنْهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الخبيثات} قَالَ: من القَوْل وَالْعَمَل {للخبيثين} من النَّاس {والخبيثون} من النَّاس {للخبيثات} من القَوْل وَالْعَمَل {والطيبات} من القَوْل وَالْعَمَل {للطيبين} من النَّاس {والطيبون} من النَّاس {للطيبات} من القَوْل وَالْعَمَل {لَهُم مغْفرَة} لذنوبهم {ورزق كريم} هُوَ الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {للخبيثات} قَالَ: من الْكَلَام

{للخبيثين} قَالَ: من النَّاس {والخبيثون} من النَّاس {للخبيثات} من الْكَلَام {والطيبات} من الْكَلَام {للطيبين} من النَّاس {والطيبون} من النَّاس {للطيبات} من الْكَلَام وَهَؤُلَاء {مبرؤون مِمَّا} يُقَال لَهُم من السوء يَعْنِي عَائِشَة وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير عَن الضَّحَّاك وَإِبْرَاهِيم مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء {الخبيثات} قَالَ: من القَوْل {للخبيثين} من النَّاس {والخبيثون} من النَّاس {للخبيثات} من القَوْل {والطيبات} من القَوْل {للطيبين} من النَّاس {والطيبون} من النَّاس {للطيبات} من القَوْل أَلا ترى أَنَّك تسمع بِالْكَلِمَةِ الخبيثة من الرجل الصَّالح فَتَقول غفر الله لفُلَان مَا هَذَا من خلقه وَلَا من شيمه وَلَا مِمَّا يَقُول قَالَ الله {أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ} أَن يكون ذَلِك من شيمهم وَلَا من أخلاقهمن وَلَكِن الزلل قد يكون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى الجزار قَالَ: جَاءَ أَسِير بن جَابر إِلَى عبد الله فَقَالَ: قد سَمِعت الْوَلِيد بن عقبَة الْيَوْم تكلم بِكَلَام اعجبني فَقَالَ عبد الله: إِن الرجل الْمُؤمن يكون فِي فِيهِ الْكَلِمَة غير طيبَة تتجلجل فِي صَدره مَا تَسْتَقِر حَتَّى يلفظها فيسمعها رجل عِنْده مثلهَا فيضمها إِلَيْهَا وان الرجل الْفَاجِر تكون فِي قلبه الْكَلِمَة الطّيبَة تتجلجل فِي صَدره مَا تَسْتَقِر حَتَّى يلفظها فيسمعها الرجل الَّذِي عِنْده مثلهَا فيضمها إِلَيْهَا ثمَّ قَرَأَ عبد الله {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن زيد فِي قَوْله {الخبيثات للخبيثين} قَالَ: نزلت فِي عَائِشَة حِين رَمَاهَا الْمُنَافِق بالبهتان والفرية فبرأها الله من ذَلِك وَكَانَ عبد الله بن أبي هُوَ الْخَبيث فَكَانَ هُوَ أولى بِأَن تكون لَهُ الخبيثة وَيكون لَهَا وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طيبا وَكَانَ أولى أَن تكون لَهُ الطّيبَة وَكَانَت عَائِشَة الطّيبَة فَكَانَت أولى أَن يكون لَهَا الطّيب وَفِي قَوْله {أُولَئِكَ مبرؤون مِمَّا يَقُولُونَ} قَالَ: هَهُنَا بَرِئت عَائِشَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: لقد نزل عُذْري من السَّمَاء وَلَقَد خلقت طيبَة وَعند طيب وَلَقَد وعدت مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ذكْوَان حَاجِب عَائِشَة قَالَ: دخل ابْن عَبَّاس على عَائِشَة

فَقَالَ: ابشري مَا بَيْنك وَبَين أَن تلقي مُحَمَّدًا والأحبة إِلَّا أَن تخرج الرّوح من الْجَسَد كنت أحب نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رَسُول الله وَلم يكن يحب رَسُول الله إِلَّا طيبا وَسَقَطت قلادتك لَيْلَة الْأَبْوَاء فَأنْزل الله إِن {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا} النِّسَاء الْآيَة 43 وَكَانَ ذَلِك بسببك وَمَا أنزل الله لهَذِهِ الْأمة من الرُّخْصَة وَأنزل الله براءتك من فَوق سبع سموات جَاءَ بهَا الرّوح الْأمين فَأصْبح وَلَيْسَ مَسْجِد من مَسَاجِد الله يذكر الله يذكر الله فِيهِ إِلَّا هِيَ تتلى فِيهِ آنَاء اللَّيْل وآناء النَّهَار قَالَت: دَعْنِي مِنْك يَا ابْن عَبَّاس فو الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْت أَنِّي كنت نسياً منسياً وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة حد الله الَّذين قذفوا عَائِشَة ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ على رُؤُوس الْخَلَائق فيستوهب رَبِّي الْمُهَاجِرين مِنْهُم فاستأمرك يَا عَائِشَة فَسمِعت عَائِشَة الْكَلَام وَهِي فِي الْبَيْت فَبَكَتْ ثمَّ قَالَت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ نَبيا لَسُرُورُكَ أحب إليّ من سروري فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَاحِكا وَقَالَ: إِنَّهَا ابْنة أَبِيهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فضل عَائِشَة على النِّسَاء كفضل الثَّرِيد على الطَّعَام وَأخرج الْحَاكِم عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: لَو جمع علم النَّاس كلهم ثمَّ علم أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكَانَتْ عَائِشَة أوسعهم علما وَأخرج الْحَاكِم عَن عُرْوَة قَالَ مَا رَأَيْت أحدا أعلم بالحلال وَالْحرَام وَالْعلم وَالشعر والطب من عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَأخرج الْحَاكِم عَن مُوسَى بن طَلْحَة قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا أفْصح من عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَالْحَاكِم عَن الْأَحْنَف قَالَ: سَمِعت خطْبَة أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي والخطباء هَلُمَّ جرا فَمَا سَمِعت الْكَلَام من فَم مَخْلُوق أفخم وَلَا أحسن مِنْهُ من عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم عَن مَسْرُوق أَنه سُئِلَ أَكَانَت عَائِشَة تحسن الْفَرَائِض فَقَالَ: لقد رَأَيْت الأكابر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألونها عَن الْفَرَائِض

وَأخرج الْحَاكِم عَن عَطاء قَالَ: كَانَت عَائِشَة أفقه النَّاس وَأعلم النَّاس وَأحسن النَّاس رَأيا فِي الْعَامَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مسلمالبطين قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَائِشَة زَوْجَتي فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: خلال فيَّ سبع لم تكن فِي أحد من النَّاس إِلَّا مَا آتى الله مَرْيَم بنت عمرَان وَالله مَا أَقُول هَذَا لكَي أفتخر على صواحبي قيل: وَمَا هن قَالَت: نزل الْملك بِصُورَتي وَتَزَوَّجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسبع سِنِين وَأهْديت إِلَيْهِ وَأَنا بنت تسع سِنِين وَتَزَوَّجنِي بكرا لم يشركهُ فيَّ أحدٌ من النَّاس وَأَتَاهُ الْوَحْي وَأَنا وإياه فِي لِحَاف وَاحِد وَكنت من أحب النَّاس إِلَيْهِ وَنزل فيَّ آيَات من الْقُرْآن كَادَت الْأمة تهْلك فِيهِنَّ وَرَأَيْت جِبْرِيل لم يره أحد من نِسَائِهِ غَيْرِي وَقبض لم يَله أحد غير الْملك وَأَنا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: إِن جِبْرِيل يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام قَالَت عَائِشَة: وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد من طَرِيق أبي بكر مُحَمَّد بن عمر الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ عَن أَبِيه ثَنَا مُحَمَّد بن الْحسن الكاراني حَدثنِي إِبْرَاهِيم الخرجي قَالَ: ضَاقَ بِي شَيْء من أُمُور الدُّنْيَا فدعوت بدعوات يُقَال لَهَا دُعَاء الْفرج فَقلت: وَمَا هِيَ فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو عبد الله أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن حَنْبَل حَدثنِي سُفْيَان بن عُيَيْنَة ثَنَا مُحَمَّد بن وَاصل الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عَن جده عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة لأقر عينيها بِالْبَرَاءَةِ وَهِي تبْكي فَقَالَت: وَالله لقد هجرني الْقَرِيب والبعيد حَتَّى هجرتني الْهِرَّة وَمَا عرض عليَّ طَعَام وَلَا شراب فَكنت أرقد وَأَنا جائعة ظامئة فَرَأَيْت فِي مَنَامِي فَتى فَقَالَ لي: مَا لَك فَقلت: حزينة مِمَّا ذكر النَّاس فَقَالَ: ادعِي بِهَذِهِ يفرج عَنْك فَقلت: وَمَا هِيَ فَقَالَ: قولي يَا سابغ النعم ودافع النقم وَيَا فارج الغمم وَيَا كاشف الظُّلم يَا أعدل من حكم يَا حسيب من ظلم يَا ولي من ظلم يَا أول بِلَا بداية وَيَا آخر بِلَا نِهَايَة يَا من لَهُ اسْم بِلَا كنية اللَّهُمَّ اجْعَل لي من أَمْرِي فرجا ومخرجاً قَالَت: فانتبهت وَأَنا ريانة شبعانة وَقد أنزل الله مِنْهُ فَرجي قَالَ ابْن النجار: خبر غَرِيب

27

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا ذَلِكُم خير لكم لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ فَإِن ام تَجدوا فِيهَا أحد فَلَا تدخلوها حَتَّى يُؤذن لكم وَإِن قيل لكم ارْجعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أزكى لكم وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ عليم لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تدْخلُوا بُيُوتًا غير مسكونة فِيهَا مَتَاع لكم وَالله يعلم مَا تبدون وَمَا تكتمون أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير من طَرِيق عدي بن ثَابت عَن رجل من الْأَنْصَار قَالَ: قَالَت: امْرَأَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي أكون فِي بَيْتِي على الْحَالة الَّتِي لَا أحب أَن يراني عَلَيْهَا أحد ولد وَلَا وَالِد فيأتيني الْآتِي فَيدْخل عَليّ فَكيف أصنع وَلَفظ ابْن جرير: وانه لَا يزَال يدْخل عليَّ رجل من أَهلِي وَأَنا على تِلْكَ الْحَال فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ} الْآيَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والضياء فِي المختارة من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا} قَالَ: أَخطَأ الْكَاتِب إِنَّمَا هِيَ حَتَّى تستأذنوا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: فِي مصحف عبد الله (حَتَّى تسلموا على أَهلهَا وتستأذنوا) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَة أبي (حَتَّى تسلموا وتستأذنوا) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {حَتَّى تستأنسوا} قَالَ: حَتَّى تستأذنوا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الِاسْتِئْنَاس الاسْتِئْذَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه

عَن أبي أَيُّوب قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أَرَأَيْت قَول الله {حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا} هَذَا التَّسْلِيم قد عَرفْنَاهُ فَمَا الِاسْتِئْنَاس قَالَ: يتَكَلَّم الرجل بتسبيحة وَتَكْبِيرَة وَتَحْمِيدَة وَيَتَنَحْنَح فَيُؤذن أهل الْبَيْت وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أَيُّوب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الِاسْتِئْنَاس أَن تَدْعُو الْخَادِم حَتَّى يسْتَأْنس أهل الْبَيْت الَّذين يسلم عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حَتَّى تستأنسوا} قَالَ: تنحنحوا وتنخموا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق ربعي قَالَ: حَدثنَا رجل من بني عَامر اسْتَأْذن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي بَيت فَقَالَ: أَأَلِجُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِخَادِمِهِ: أخرج إِلَى هَذَا فَعلمه الاسْتِئْذَان فَقيل لَهُ: قل السَّلَام عَلَيْكُم أَأدْخل وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن سعد الثَّقَفِيّ أَن رجلا اسْتَأْذن على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَأَلِجُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمة لَهُ يُقَال لَهَا رَوْضَة قومِي إِلَى هَذَا فَعَلِّمِيهِ فَإِنَّهُ لَا يحسن يسْتَأْذن فَقولِي لَهُ يَقُول السَّلَام عَلَيْكُم أَأدْخل وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق كلدة أَن صَفْوَان بن أُميَّة بَعثه فِي الْفَتْح بلياي وصقانيس وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَعْلَى الْوَادي قَالَ: فَدخلت عَلَيْهِ وَلم أسلم وَلم اسْتَأْذن فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ارْجع فَقل السَّلَام عَلَيْكُم أَأدْخل وَأخرج قَاسم بن أصبغ وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: اسْتَأْذن عمر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: السَّلَام على رَسُول الله السَّلَام عَلَيْكُم أَيَدْخُلُ عمر وَأخرج ابْن وهب فِي كتاب الْمجَالِس وَابْن أبي شيبَة عَن زيد بن أسلم قَالَ: أَرْسلنِي أبي إِلَى ابْن عمر فَجِئْته فَقلت: أَأَلِجُ فَقَالَ: ادخل فَلَمَّا دخلت قَالَ: مرْحَبًا يَا ابْن أخي لَا تقل أَأَلِجُ وَلَكِن قل السَّلَام عَلَيْكُم فَإِذا قَالُوا وَعَلَيْك فَقل أَأدْخل فَإِن قَالُوا ادخل فَأدْخل

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أم أياس قَالَت: كنت فِي أَربع نسْوَة نستأذن على عَائِشَة فَقلت: ندخل فَقَالَت: لَا فَقَالَت وَاحِدَة: السَّلَام عَلَيْكُم أندخل قَالَت: ادخُلُوا ثمَّ قَالَت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا} وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّلَام قبل الْكَلَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أبي هُرَيْرَة فِيمَن يسْتَأْذن قبل أَن يسلم قَالَ: لَا يُؤذن لَهُ حَتَّى يبْدَأ بِالسَّلَامِ وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِذا دخل وَلم يقل السَّلَام عَلَيْكُم فَقل: لَا حَتَّى تَأتي بالمفتاح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: كَانَ عبد الله إِذا دخل الدَّار استأنس تكلم وَرفع صَوته وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: عَلَيْكُم أَن تستأذنوا على أُمَّهَاتكُم واخواتكم وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا دخل الْبَصَر فَلَا اذن لَهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الاسْتِئْذَان فِي الْبيُوت فَقَالَ من دخلت عينه قبل أَن يسْتَأْذن وَيسلم فقد عصى الله وَلَا أذن لَهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من كَانَ يشْهد أَنِّي رَسُول الله فَلَا يدْخل على أهل بَيت حَتَّى يسْتَأْنس وَيسلم فَإِذا نظر فِي قَعْر الْبَيْت فقد دخل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن هُذَيْل قَالَ: جَاءَ سعد فَوقف على بَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَأْذن فَقَامَ على الْبَاب فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا عَنْك فَإِنَّمَا الإِستئذان من النّظر وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد عَن عبد الله بن بشر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

إِذا أَتَى بَاب قوم لم يسْتَقْبل الْبَاب من تِلْقَاء وَجهه وَلَكِن من رُكْنه الْأَيْمن أَو الايسر وَيَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم السَّلَام عَلَيْكُم وَذَلِكَ أَن الدّور لم يكن عَلَيْهَا يَوْمئِذٍ ستور وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن سهل بن سعد قَالَ: اطلع رجل من حجر فِي حجرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ مدرى يحك بهَا رَأسه فَقَالَ لَو أعلم أَنَّك تنظر لطعنت بهَا فِي عَيْنك إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر وَفِي لفظ: إِنَّمَا جعل الله الإِذن من أجل الْبَصَر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن عبَادَة قَالَ: جِئْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي بَيته فَقُمْت مُقَابل الْبَاب فاستأذنت فَأَشَارَ إليَّ أَن تبَاعد وَقَالَ هَل الاسْتِئْذَان إِلَّا من أجل النّظر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة فِي قَوْله {حَتَّى تستأنسوا} قَالَ: هُوَ الاسْتِئْذَان قَالَ: وَكَانَ يُقَال الاسْتِئْذَان ثَلَاث فَمن لم يُؤذن لَهُ فِيهِنَّ فَليرْجع أما الأولى فَيسمع الْحَيّ وَأما الثَّانِيَة فيأخذوا حذرهم وَأما الثَّالِثَة فَإِن شاؤا أذنوا وان شاؤا ردُّوهُ وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كنت جَالِسا فِي مجْلِس من مجَالِس الْأَنْصَار فجَاء أَبُو مُوسَى فَزعًا فَقُلْنَا لَهُ: مَا أفزعك قَالَ: أَمرنِي عمر أَن آتيه فَأَتَيْته فاستأذنت ثَلَاثًا فَلم يُؤذن لي فَرَجَعت فَقَالَ: مَا مَنعك أَن تَأتِينِي قلت: قد جِئْت فاستأذنت ثَلَاثًا فَلم يُؤذن لي وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اسْتَأْذن أحدكُم ثَلَاثًا فَلم يُؤذن لَهُ فَليرْجع قَالَ: لتَأْتِيني على هَذَا بِالْبَيِّنَةِ فَقَالُوا: لَا يقوم إِلَّا أَصْغَر الْقَوْم فَقَامَ أَبُو سعيد مَعَه فَشهد لَهُ فَقَالَ عمر لأبي مُوسَى: إِنِّي لم أتهمك وَلَكِن الحَدِيث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَدِيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ} يَعْنِي بُيُوتًا لَيست لكم {حَتَّى تستأنسوا وتسلموا} فِيهَا تَقْدِيم يَعْنِي حَتَّى تسلموا ثمَّ تستأذنوا وَالسَّلَام قبل الاسْتِئْذَان {ذَلِكُم} يَعْنِي الاسْتِئْذَان وَالتَّسْلِيم {خير لكم} يَعْنِي أفضل من أَن تدخل من غير إِذن ان لَا تأثموا وَيَأْخُذ أهل الْبَيْت حذرهم {لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ} {فَإِن لم تَجدوا فِيهَا أحدا فَلَا تدخلوها حَتَّى يُؤذن لكم} يَعْنِي فِي

الدُّخُول {وَإِن قيل لكم ارْجعُوا فَارْجِعُوا} يَعْنِي لَا تقعدوا وَلَا تقوموا على أَبْوَاب النَّاس {هُوَ أزكى لكم} يَعْنِي الرُّجُوع خير لكم من الْقيام وَالْقعُود على أَبْوَابهم {وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ عليم} يَعْنِي بِمَا يكون عليم {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح} يَعْنِي لَا حرج عَلَيْكُم {أَن تدْخلُوا بُيُوتًا غير مسكونة} يَعْنِي لَيْسَ بهَا سَاكن وَهِي الْخَانَات الَّتِي على طرق النَّاس للْمُسَافِر لَا جنَاح عَلَيْكُم أَن تدخلوها بِغَيْر اسْتِئْذَان وَلَا تَسْلِيم {فِيهَا مَتَاع لكم} يَعْنِي مَنَافِع من الْبرد وَالْحر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَإِن لم تَجدوا فِيهَا أحدا} يَقُول: إِن لم يكن لكم فِيهَا مَتَاع فَلَا تدخلوها إِلَّا بِإِذن وَفِي قَوْله {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح} قَالَ: كَانُوا يضعون بطرِيق الْمَدِينَة أقتاباً وامتعات فِي بيُوت لَيْسَ فِيهَا أحد فأحلت لَهُم أَن يدخلوها بِغَيْر إِذن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بُيُوتًا غير مسكونة} قَالَ: هِيَ بِالْبُيُوتِ الَّتِي منزلهَا السّفر لَا يسكنهَا أحد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة فِي قَوْله {بُيُوتًا غير مسكونة} قَالَ: هِيَ هَذِه الْخَانَات الَّتِي فِي الطّرق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {فِيهَا مَتَاع لكم} قَالَ: الْخَلَاء وَالْبَوْل وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {بُيُوتًا غير مسكونة} قَالَ: هِيَ الْبيُوت الْخَرِبَةُ لقَضَاء الْحَاجة وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فِيهَا مَتَاع لكم} يَعْنِي الْخَانَات ينْتَفع بهَا من الْمَطَر وَالْبرد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بُيُوتًا غير مسكونة} قَالَ: هِيَ الْبيُوت الَّتِي ينزلها النَّاس فِي أسفارهم لَا أحد فِيهَا وَفِي قَوْله {فِيهَا مَتَاع لكم} قَالَ: بلغَة وَمَنْفَعَة وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رجل من الْمُهَاجِرين: لقد طلبت عمري كُله هَذِه الْآيَة فَمَا أدركتها أَن اسْتَأْذن على بعض

اخواني فَيَقُول لي: ارْجع فأرجع وَأَنا مغتبط لقَوْله تَعَالَى {وَإِن قيل لكم ارْجعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أزكى لكم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا لَقِي صَاحبه لَا يسلم عَلَيْهِ يَقُول: حييت صباحاً وحييت مسَاء وَكَانَ ذَلِك تَحِيَّة الْقَوْم بَينهم وَكَانَ أحدهم ينْطَلق إِلَى صَاحبه فَلَا يسْتَأْذن حَتَّى يقتحم وَيَقُول: قد دخلت فَيشق ذَلِك على الرجل وَلَعَلَّه يكون مَعَ أَهله فَغير الله ذَلِك كُله فِي ستر وعفة فَقَالَ {لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ} فَلَمَّا نزلت آيَة التَّسْلِيم فِي الْبيُوت والاستئذان فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله فَكيف بتجار قُرَيْش الَّذين يَخْتَلِفُونَ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَالشَّام وَبَيت الْمُقَدّس وَلَهُم بيُوت مَعْلُومَة على الطَّرِيق فَكيف يستأذنون ويسلمون وَلَيْسَ فيهم سكان فَرخص الله فِي ذَلِك فَأنْزل الله {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تدْخلُوا بُيُوتًا غير مسكونة} بِغَيْر اذن وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد فِي النَّاسِخ وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا} ففسح وَاسْتثنى من ذَلِك فَقَالَ {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تدْخلُوا بُيُوتًا غير مسكونة فِيهَا مَتَاع لكم}

30

- قَوْله تَعَالَى: قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم ويحفظوا فروجهم ذَلِك أزكى لَهُم إِن الله خَبِير بِمَا يصنعون أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: مر رجل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَرِيق من طرقات الْمَدِينَة فَنظر إِلَى امْرَأَة وَنظرت إِلَيْهِ فوسوس لَهما الشَّيْطَان: إِنَّه لم ينظر أَحدهمَا إِلَى الآخر إِلَّا اعجاباً بِهِ فَبينا الرجل يمشي إِلَى جنب حَائِط ينظر إِلَيْهَا إِذْ استقبله الْحَائِط فشق أَنفه فَقَالَ: وَالله لَا اغسل الدَّم حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعلمه أَمْرِي فَأَتَاهُ فَقص عَلَيْهِ قصَّته فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا عُقُوبَة ذَنْبك وَأنزل الله {قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم} الْآيَة أَي عَمَّا لَا يحل لَهُم {ويحفظوا فروجهم} أَي عَمَّا لَا يحل لَهُم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم} قَالَ: من شهواتهم عَمَّا يكره الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم} يَعْنِي أَبْصَارهم فَمن هُنَا صلَة فِي الْكَلَام يَعْنِي يحفظوا أَبْصَارهم عَمَّا لَا يحل لَهُم النّظر إِلَيْهِ ويحفظوا فروجهم عَن الْفَوَاحِش {ذَلِك أزكى لَهُم} يَعْنِي غض الْبَصَر وَحفظ الْفرج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كل آيَة يذكر فِيهَا حفظ الْفرج فَهُوَ من الزِّنَا إِلَّا هَذِه الْآيَة فِي النُّور {ويحفظوا فروجهم} {ويحفظن فروجهن} فَهُوَ ان يَرَاهَا وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قلت يَا رَسُول الله عوراتنا مَا نأتي مِنْهَا وَمَا نذر قَالَ: احفظ عورتك إِلَّا من زَوجتك أَو مَا ملكت يَمِينك قلت: يَا نَبِي الله إِذا كَانَ الْقَوْم بَعضهم فِي بعض قَالَ: إِن اسْتَطَعْت أَن لَا يَرَاهَا أحد فَلَا يرينها قلت: إِذا كَانَ أَحَدنَا خَالِيا قَالَ: الله أَحَق أَن يستحي مِنْهُ من النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْعَلَاء بن زِيَاد قَالَ: كَانَ يُقَال لَا تتبعن بَصرك حسن رِدَاء امْرَأَة فَإِن النّظر يَجْعَل شبقاً فِي الْقلب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الشَّيْطَان من الرجل على ثَلَاثَة منَازِل على عَيْنَيْهِ وَقَلبه وَذكره وَهُوَ من الْمَرْأَة على ثَلَاثَة على عينهَا وقلبها وعجزها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جرير البَجلِيّ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نظرة الفجاة فَأمرنِي أَن أصرف بَصرِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي لاتتبع النظرة النظرة فَإِن لَك الأولى وَلَيْسَت لَك الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث عَليّ مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تجلسوا فِي الْمجَالِس فان كُنْتُم لابد فاعلين فَردُّوا السَّلَام وغضوا الْأَبْصَار واهدوا السَّبِيل وأعينوا على الحمولة

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إيَّاكُمْ وَالْجُلُوس على الطرقات قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا لنا بُد من مجالسنا نتحدث فِيهَا فَقَالَ: إِن أَبَيْتُم فاعطوا الطَّرِيق حَقه قَالُوا: وَمَا حق الطَّرِيق يَا رَسُول الله قَالَ: غض الْبَصَر وكف الْأَذَى ورد السَّلَام وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَأخرج أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اكفلوا لي بست أكفل لكم بِالْجنَّةِ إِذا حدث أحدكُم فَلَا يكذب واذ ائْتمن فَلَا يخن وَإِذا وعد فَلَا يخلف غضوا أبصاركم وَكفوا أَيْدِيكُم واحفظوا فروجكم وَأخرج أَحْمد والحكيم فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من مُسلم ينظر إِلَى امْرَأَة أول رمقة ثمَّ يغض بَصَره إِلَّا أحدث الله لَهُ عبَادَة يجد حلاوتها فِي قلبه وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان الله عز وَجل كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا أدْرك ذَلِك لَا محَالة فزنا الْعين النّظر وزنا اللِّسَان الْمنطق وزنا الْأُذُنَيْنِ الِاسْتِمَاع وزنا الْيَدَيْنِ الْبَطْش وزنا الرجلَيْن الخطو وَالنَّفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذَلِك أَو يكذبهُ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النظرة سهم من سِهَام إِبْلِيس مَسْمُومَة فَمن تَركهَا من خوف الله أثابه إِيماناً يجد حلاوته فِي قلبه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل عين باكية يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا عينا غضت عَن محارم الله وعيناً سهرت فِي سَبِيل الله وعيناً خرج مِنْهَا مثل رَأس الذُّبَاب من خشيَة الله

31

- قَوْله تَعَالَى: وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن أَو آبائهن أَو آبَاء بعولتهن أَو أبنائهن أَو أَبنَاء بعولتهن أَو إخوانهن أَو بني إخوانهن أَو بني أخواتهن أَو نسائهن أَو مَا ملكت

أيمانهن أَو التَّابِعين غير أولي الإِربة من الرِّجَال أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا على عورات النِّسَاء وَلَا يضربن بأرجلهن ليعلم مَا يخفين من زينتهن وتوبوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تفلحون أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل قَالَ: بلغنَا - وَالله أعلم - أَن جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ حدث: أَن أَسمَاء بنت مرشد كَانَت فِي نخل لَهَا فِي بني حَارِثَة فَجعل النِّسَاء يدخلن عَلَيْهَا غير مؤتزرات فيبدو مَا فِي أرجلهن يَعْنِي الخلاخل ويبدو صدورهن وذوائبهن فَقَالَت أَسمَاء: مَا أقبح هَذَا فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَلَا يبدين زينتهن} قَالَ: الزِّينَة السوار والدملج والخلخال والقرط والقلادة {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: الثِّيَاب والجلبات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الزِّينَة زينتان زِينَة ظَاهِرَة وزينة باطنة لَا يَرَاهَا إِلَّا الزَّوْج فاما الزِّينَة الظَّاهِرَة: فالثياب وَأما الزِّينَة الْبَاطِنَة: فالكحل والسوار والخاتم وَلَفظ ابْن جرير فالظاهرة مِنْهَا: الثِّيَاب وَمَا يخفي: فالخلخالان والقرطان والسوارن وَأخرج احْمَد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا امْرَأَة استعطرت فَخرجت فمرت على قوم فيجدوا رِيحهَا فَهِيَ زَانِيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أنس فِي قَوْله {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: الْكحل والخاتم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: الْكحل والخاتم والقرط والقلادة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: هُوَ خضاب الْكَفّ والخاتم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: وَجههَا وكفاها والخاتم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: رقْعَة الْوَجْه وباطن الْكَفّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سُئِلت عَن الزِّينَة الظَّاهِرَة فَقَالَت: الْقلب والفتخ وضمت طرف كمها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: الْوَجْه وثغرة النَّحْر وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: الْوَجْه والكف وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء فِي قَوْله {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ الكفان وَالْوَجْه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: المسكتان والخاتم والكحل قَالَ قَتَادَة: وَبَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تخرج يَدهَا إِلَّا إِلَى هَهُنَا وَيقبض نصف الذِّرَاع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْمسور بن مخرمَة فِي قَوْله {إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: القلبين يَعْنِي السوار والخاتم والكحل وَأخرج سنيد وَابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} قَالَ: الْخَاتم والمسكة قَالَ ابْن جريج وَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: الْقلب والفتخة قَالَت عَائِشَة: دخلت على ابْنة أخي لأمي عبد الله بن الطُّفَيْل مزينة فَدخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأعْرض فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: انها ابْنة أخي وَجَارِيَة فَقَالَ إِذا عركت الْمَرْأَة لم يحل لَهَا أَن تظهر إِلَّا وَجههَا

وَإِلَّا مَا دون هَذَا وَقبض على ذِرَاع نَفسه فَترك بَين قَبضته وَبَين الْكَفّ مثل قَبْضَة أُخْرَى وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أم سَلمَة إِنَّهَا كَانَت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَيْمُونَة فَقَالَت: بَينا نَحن عِنْده أقبل ابْن أبي مَكْتُوم فَدخل عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم احتجبا عَنهُ فَقَالَت: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ هُوَ أعمى لَا يُبصرنَا فَقَالَ أفعمياوان أَنْتُمَا ألستما تبصرانه وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة: أَن أَسمَاء بنت أبي بكر دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلَيْهَا ثِيَاب رقاق فَأَعْرض عَنْهَا وَقَالَ يَا أَسمَاء إِن الْمَرْأَة إِذا بلغت الْمَحِيض لم يصلح أَن يُرى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجهه وكفه وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْجَارِيَة إِذا حَاضَت لم يصلح أَن يرى مِنْهَا إِلَّا وَجههَا ويداها إِلَى الْمفصل وَالله أعلم وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت: رحم الله نسَاء الْمُهَاجِرَات الأول لما أنزل الله {وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} أَخذ النِّسَاء أزُرَهُنَّ فشققنها من قبل الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} شققْنَ أكتف مُرُوطهنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا وَهِي تختمر فَقَالَ: لية لَا ليتين وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن صَفِيَّة بنت شيبَة قَالَت: بَينا نَحن عِنْد عَائِشَة فذكرن نسَاء قُرَيْش وَفَضْلهنَّ فَقَالَت عَائِشَة: ان نسَاء قُرَيْش لفضلى وَإِنِّي وَالله مَا رَأَيْت أفضل من نسَاء الْأَنْصَار أَشد تَصْدِيقًا لكتاب الله وَلَا إِيمَانًا بالتنزيل لقد أنزلت سُورَة النُّور {وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} انْقَلب رِجَالهنَّ إلَيْهِنَّ يَتلون عَلَيْهِنَّ مَا أنزل إلَيْهِنَّ فِيهَا وَيَتْلُو الرجل على امْرَأَته وبنته

وَأُخْته وعَلى ذِي قرَابَته فَمَا مِنْهُنَّ امْرَأَة إِلَّا قَامَت إِلَى مرْطهَا فَاعْتَجَرَتْ بِهِ تَصْدِيقًا وإيماناً بِمَا أنزل الله فِي كِتَابه فاصبحن وَرَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للصبح متعجرات كَأَن على رؤوسهن الْغرْبَان وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة: أَن امْرَأَة دخلت عَلَيْهَا وَعَلَيْهَا خمار رَقِيق يشف جبينها فَأَخَذته عَائِشَة فشقته ثمَّ قَالَت: أَلا تعلمين مَا أنزل الله فِي سُورَة النُّور فدعَتْ لَهَا بخمار فكستها اياه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَليَضْرِبن} وليشددن {بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} يَعْنِي النَّحْر والصدر فَلَا يرى مِنْهُ شَيْء وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي النَّاسِخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي سُورَة النُّور {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا وَليَضْرِبن بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبهنَّ} وَقَالَ {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ {وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن ثيابهن} والمتبرجات اللَّاتِي يخْرجن غير نحورهن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا} والزينة الظَّاهِرَة الْوَجْه وكحل الْعَينَيْنِ وخضاب الْكَفّ والخاتم فَهَذَا تظهره فِي بَيتهَا لمن دخل عَلَيْهَا ثمَّ قَالَ: {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن أَو آبائهن} والزينة الَّتِي تبديها لهَؤُلَاء قرطاها وقلادتها وسوارها فَأَما خلْخَالهَا ومعضدها ونحرها وشعرها فَإِنَّهَا لَا تبديه إِلَّا لزَوجهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَلَا يبدين زينتهن} يَعْنِي وَلَا يَضعن الجلباب وَهُوَ القناع من فَوق الْخمار {إِلَّا لبعولتهن أَو آبائهن} قَالَ: فَهُوَ محرم وَكَذَلِكَ الْعم وَالْخَال {أَو نسائهن} يَعْنِي نسَاء الْمُؤْمِنَات {أَو مَا ملكت أيمانهن} يَعْنِي عبد الْمَرْأَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ وَعِكْرِمَة فِي هَذِه الْآيَة {وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا لبعولتهن} حَتَّى فرغ مِنْهَا قَالَ: لم يذكر الْعم وَالْخَال لِأَنَّهُمَا ينعتان لأبنائهما فَلَا تضع خمارها عِنْد الْعم وَالْخَال

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {أَو نسائهن} قَالَ: من المسلمات لَا تبديه ليهودية وَلَا لنصرانية وَهُوَ النَّحْر والقرط والوشاح وَمَا حوله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: لَا تضع الْمسلمَة خمارها أَي لَا تكون قَابِلَة عِنْد مُشركَة وَلَا تقبلهَا لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {أَو نسائهن} فلسن من نسائهن وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه كتب إِلَى أبي عُبَيْدَة أما بعد فَإِنَّهُ بَلغنِي أَن نسَاء الْمُسلمين يدخلن الحمامات مَعَ نسَاء أهل الشّرك فَإِنَّهُ لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن ينظر إِلَى عورتها إِلَّا أهل ملتها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {أَو مَا ملكت أيمانهن} يَعْنِي عبد الْمَرْأَة لَا يحل لَهَا أَن تضع جلبابها عِنْد عبد زَوجهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا بَأْس أَن يرى العَبْد شعر سيدته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تضع الْمَرْأَة الجلباب عِنْد الْمَمْلُوك وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى فَاطِمَة بِعَبْد قد وهبه لَهَا وعَلى فَاطِمَة ثوب إِذا قنعت بِهِ رَأسهَا لم يبلغ رِجْلَيْهَا وَإِذا غطت بِهِ رِجْلَيْهَا لم يبلغ رَأسهَا فَلَمَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تلقى قَالَ: إِنَّه لَيْسَ عَلَيْك بَأْس إِنَّمَا هُوَ أَبوك وغلامك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا كَانَ لإِحداكن مكَاتب وَكَانَ لَهُ مَا يُؤَدِّي فلتحتجب مِنْهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ العبيد يدْخلُونَ على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أَو مَا ملكت أيمانهن} قَالَ: فِي

الْقِرَاءَة الأولى الَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِمَّا ملكت أَيْمَانكُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن طَاوس وَمُجاهد قَالَ: لَا ينظر الْمَمْلُوك لشعر سيدته قَالَا: وَفِي بعض الْقِرَاءَة (أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم الَّذين لم يبلغُوا الْحلم) وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَطاء أَنه سُئِلَ: هَل يرى غُلَام الْمَرْأَة رَأسهَا وقدمها قَالَ: مَا أحب ذَلِك إِلَّا أَن يكون غُلَاما يسرا فَأَما رجل ذُو لحية فَلَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: لَا تغرنكم هَذِه الْآيَة {أَو مَا ملكت أيمانهن} إِنَّمَا عني بهَا الإِماء وَلم يعن بهَا العبيد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: تستتر الْمَرْأَة من غلامها وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن بن حميد وَابْن جريرعن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو التَّابِعين غير أولي الإِربة من الرِّجَال} قَالَ: هُوَ الَّذِي لَا يستحي مِنْهُ النِّسَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو التَّابِعين غير أولي الإِربة} قَالَ: هَذَا الرجل يتبع الْقَوْم وَهُوَ مُغفل فِي عقله لَا يكترث للنِّسَاء وَلَا يَشْتَهِي النِّسَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو التَّابِعين غير أولي الإِربة من الرِّجَال} قَالَ كَانَ الرجل يتبع الرجل فِي الزَّمَان الأول لَا يغار عَلَيْهِ وَلَا ترهب الْمَرْأَة أَن تضع خمارها عِنْده وَهُوَ الأحمق الَّذِي لَا حَاجَة لَهُ فِي النِّسَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن طَاوس {غير أولي الإِربة} قَالَ: هُوَ الأحمق الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي النِّسَاء أرب وَلَا حَاجَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {غير أولي الإِربة} قَالَ: هُوَ الأبله الَّذِي لَا يعرف أَمر النِّسَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {غير أولي الإِربة} قَالَ: هُوَ المخنث الَّذِي لَا يقوم زبه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {غير أولي الإِربة من الرِّجَال} قَالَ: هُوَ الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي لَا يُطيق النِّسَاء

وَأخرج عبد بن الحميد {غير أولي الإِربة} هُوَ الْعنين وَعبد بن حميد ابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ {غير أولي الإِربة} قَالَ: هُوَ الْخصي والعنين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ هُوَ الَّذِي لَا يقوم زبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: هُوَ الْمَعْتُوه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الشّعبِيّ قَالَ: هُوَ الَّذِي لم يبلغ أربه أَن يطلع على عورات النِّسَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رجل يدْخل على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مخنث فَكَانُوا يعدونه من غير أولي الأربة فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا وَهُوَ عِنْد بعض نِسَائِهِ وَهُوَ ينعَت امْرَأَة قَالَ: إِذا أَقبلت أَقبلت بِأَرْبَع وَإِذا أَدْبَرت أَدْبَرت بثمان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أرى هَذَا يعرف مَا هَهُنَا لَا يدخلن عَلَيْكُم فحجبوه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ يدْخل على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هيت وَإِنَّمَا كن يعددنه من غير أولي الإِربة من الرِّجَال فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم وَهُوَ ينعَت امْرَأَة يَقُول: إِنَّهَا إِذا أَقبلت أَقبلت بِأَرْبَع وَإِذا أَدْبَرت أَدْبَرت بثمان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا أسمع هَذَا يعلم مَا هَهُنَا لَا يدخلن عَلَيْكُم فَأخْرجهُ فَكَانَ بِالْبَيْدَاءِ يدْخل كل جُمُعَة يستطعم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا على عورات النِّسَاء} قَالَ: هم الَّذين لَا يَدْرُونَ مَا النِّسَاء من الصغر قبل الْحلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {أَو الطِّفْل الَّذين لم يظهروا على عورات النِّسَاء} قَالَ: الْغُلَام الَّذِي لم يَحْتَلِم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام قَالَ: كل شَيْء من الْمَرْأَة عَورَة حَتَّى ظفرها وَالله أعلم

وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي: أَن امْرَأَة اتَّخذت معرنين من فضَّة واتخذت جزعاً فمرت على الْقَوْم فَضربت برجلها فَوَقع الخلخال على الْجزع فصّوت فَأنْزل الله {وَلَا يضربن بأرجلهن ليعلم مَا يخفين من زينتهن} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَا يضربن بأرجلهن} وَهُوَ أَن تقرع الخلخال بِالْآخرِ عِنْد الرِّجَال أَو تكون على رِجْلَيْهَا خلاخل فتحركهن عِنْد الرِّجَال فَنهى الله عَن ذَلِك لِأَنَّهُ من عمل الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَلَا يضربن بأرجلهن} قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة تضرب برجلها ليسمع قعقعة الخلخال فِيهَا فَنهى عَن ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَلَا يضربن بأرجلهن ليعلم مَا يخفين من زينتهن} قَالَ: الخلخال نهى أَن تضرب برجلها ليسمع صَوت الخلخال وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: كن نسَاء الْجَاهِلِيَّة يلبسن الخلاخيل الصم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {وَلَا يضربن بأرجلهن ليعلم مَا يخفين من زينتهن} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَت المراة تمر على الْمجْلس فِي رجلهَا الخرز فَإِذا جَاوَزت الْمجْلس ضربت برجلها فَنزلت {وَلَا يضربن بأرجلهن} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ان الْمَرْأَة كَانَت يكون فِي رجلهَا الخلخال فِيهِ الجلاجل فَإِذا دخل عَلَيْهَا غَرِيب تحرّك رجلهَا عمدا ليسمع صَوت الخلخال فَقَالَ: {وَلَا يضربن} يَعْنِي لَا يحركن أرجلهن {ليعلم مَا يخفين} يَعْنِي ليعلم الْغَرِيب اذا عَلَيْهَا مَا تخفي من زينتها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود {ليعلم مَا يخفين من زينتهن} قَالَ: الخلخال وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن مَيْمُونَة بنت سعد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الرافلة فِي الزِّينَة فِي غير أَهلهَا كَمثل ظلمَة يَوْم الْقِيَامَة لَا نور لَهَا

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْأَغَر قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ياأيها النَّاس تُوبُوا إِلَى الله جَمِيعًا فَإِنِّي أَتُوب إِلَيْهِ كل يَوْم مائَة مرّة وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة قَالَ: كَانَ فِي لساني ذوب إِلَى أَهلِي فَلم أعده إِلَى غَيره فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَيْن أَنْت من الاسْتِغْفَار يَا حُذَيْفَة أَنِّي لأستغفر الله فِي كل يَوْم مائَة مرّة وَأَتُوب إِلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي رَافع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ: كم للْمُؤْمِنين من ستر قَالَ: هِيَ أَكثر من أَن يُحْصى وَلَكِن الْمُؤمن إِذا عمل خَطِيئَة هتك مِنْهَا سترا فَإِذا تَابَ رَجَعَ إِلَيْهِ ذَلِك السّتْر وَتِسْعَة مَعَه واذا لم يتب هتك عَنهُ مِنْهَا ستر وَاحِد حَتَّى إِذا لم يبْق عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء قَالَ الله تَعَالَى لمن يَشَاء من مَلَائكَته: إِن بني آدم يعيرون وَلَا يغفرون فحفوه بأجنحتكم فيفعلون بِهِ ذَلِك فَإِن تَابَ رجعت إِلَيْهِ الأستار كلهَا وَإِذا لم يتب عجبت مِنْهُ الْمَلَائِكَة فَيَقُول الله لَهُم اسلموه فيسلموه حَتَّى لَا يستر مِنْهُ عَورَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن مُغفل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: النَّدَم تَوْبَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: النَّدَم تَوْبَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أنس قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: النَّدَم تَوْبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ: عَن الرجل يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ ثمَّ يَتَزَوَّجهَا فَقَالَ: أوّله سفاح وَآخره نِكَاح وتوبتهما إِلَيّ جَمِيعًا أحب من توبتهما إِلَيّ مُتَفَرّقين إِن الله يَقُول {وتوبوا إِلَى الله جَمِيعًا أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ}

32

- قَوْله تَعَالَى: وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْك وَالصَّالِحِينَ من عبادكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله وَالله وَاسع عليم أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَأنْكحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم} قَالَ: قد أَمركُم الله - كَمَا تَسْمَعُونَ - أَن تنكحوهن فَإِنَّهُ أَغضّ لأبصارهم واحفظ لفروجهم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَنه قَالَ: وَانْكِحُوا الصَّالِحين من عبيدكم وامائكم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ انكحوا الصَّالِحين والصالحات فَمَا تَبِعَهُمْ بعد ذَلِك فَهُوَ حسن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَانْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُم} الْآيَة قَالَ: أَمر الله سُبْحَانَهُ بِالنِّكَاحِ ورغبهم فِيهِ وَأمرهمْ أَن يتزوجوا أحرارهم وعبيدهم وَوَعدهمْ فِي ذَلِك الْغنى فَقَالَ {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: أطِيعُوا الله فِيمَا أَمركُم بِهِ من النِّكَاح ينجز لكم مَا وَعدكُم من الْغنى قَالَ تَعَالَى {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: مَا رَأَيْت كَرجل لم يلْتَمس الْغنى فِي الْبَاءَة وَقد وعده الله فِيهَا مَا وعده فَقَالَ {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة مَعًا فِي المُصَنّف عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: ابْتَغوا الْغنى فِي الْبَاءَة وَفِي لفظ اطْلُبُوا الْفضل فِي الْبَاءَة وتلا {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: التمسوا الْغنى فِي النِّكَاح يَقُول الله {إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِم الله من فَضله} وَأخرج الديلمي عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوا الرزق بِالنِّكَاحِ وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي من طَرِيق عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انكحوا النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ يَأْتينكُمْ بِالْمَالِ وَأخرجه ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن عُرْوَة مَرْفُوعا مُرْسلا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة حق على الله عونهم الناكح يُرِيد العفاف وَالْمكَاتب يُرِيد الْأَدَاء والغازي فِي سَبِيل الله وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن جَابر قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشكو إِلَيْهِ الْفَاقَة فَأمره أَن يتَزَوَّج

33

- قَوْله تَعَالَى: وليستعفف الَّذين لَا يَجدونَ نِكَاحا حَتَّى يغنيهم الله من فَضله وَالَّذين بيتغون الْكتاب مِمَّا ملكت أَيْمَانكُم فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم وَلَا تكْرهُوا فتيتكم على الْبغاء إِن أردن تَحَصُّنًا لتبتغوا عرض الْحَيَاة الدني وَمن يكرههن فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وليستعفف الَّذين لَا يَجدونَ نِكَاحا} قَالَ: هُوَ الرجل يرى الْمَرْأَة فَكَأَنَّهُ يَشْتَهِي فَإِن كَانَت لَهُ امْرَأَة فليذهب إِلَيْهَا فليقض حَاجته مِنْهَا وَإِن لم تكن لَهُ امْرَأَة فَلْينْظر فِي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض حَتَّى يُغْنِيه الله من فَضله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي روق {وليستعفف} يَقُول: عَمَّا حرم الله عَلَيْهِم حَتَّى يرزقهم الله وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وليستعفف الَّذين لَا يَجدونَ نِكَاحا} الْآيَة قَالَ: ليتزوج من لَا يجد فَإِن الله سيغنيه وَأخرج ابْن السكن فِي معرفَة الصَّحَابَة عَن عبد الله بن صبيح عَن أَبِيه قَالَ: كنت مَمْلُوكا لحويطب بن عبد الْعُزَّى فَسَأَلته الْكتاب فَأبى فَنزلت {وَالَّذين يَبْتَغُونَ الْكتاب} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَالَّذين يَبْتَغُونَ الْكتاب} يَعْنِي الَّذين يطْلبُونَ الْمُكَاتبَة من المملوكين

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {فكاتبوهم} قَالَ: هَذَا تَعْلِيم ورخصة وَلَيْسَت بعزيمة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَامر الشّعبِيّ {فكاتبوهم} قَالَ: إِن شَاءَ كَاتب وَإِن شَاءَ لم يُكَاتب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن أنس بن مَالك قَالَ: سَأَلَني سِيرِين الْمُكَاتبَة فأبيت عَلَيْهِ فَأتى عمر بن الْخطاب فَأقبل عليَّ بِالدرةِ وَقَالَ: كَاتبه وتلا {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} فكاتبته وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} قَالَ: إِن علمْتُم فيهم حِرْفَة وَلَا ترسلوهم كلا على النَّاس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن علمْتُم فيهم خيرا} قَالَ: المَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن علمْتُم فيهم خيرا} قَالَ: أَمَانَة ووفاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} إِن علمت إِن مكاتبك يقضيك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء مَا قَوْله {فكاتبوهم إِن علمْتُم فيهم خيرا} الْخَيْر المَال أم الصّلاح أم كل ذَلِك قَالَ مَا أرَاهُ إِلَّا المَال كَقَوْلِه {كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِن ترك خيرا} الْخَيْر المَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي {إِن علمْتُم فيهم خيرا} قَالَ: إِن علمْتُم عِنْدهم أَمَانَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة وَإِبْرَاهِيم وَأبي صَالح مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع قَالَ: كَانَ ابْن عمر يكره أَن

يُكَاتب عَبده إِذا لم يكن لَهُ حِرْفَة وَيَقُول: يطعمني من أوساخ النَّاس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد وَطَاوُس فِي قَوْله {إِن علمْتُم فيهم خيرا} قَالَ: مَالا وَأَمَانَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الْحسن مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن علمْتُم فيهم خيرا} قَالَ: إِن علمْتُم لَهُم حِيلَة وَلَا تلقوا مؤنتهم على الْمُسلمين {وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم} يَعْنِي ضَعُوا عَنْهُم من مكاتبتهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالرُّويَانِيّ فِي مُسْنده والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن بُرَيْدَة {وَآتُوهُمْ من مَال الله} قَالَ: حث النَّاس عَلَيْهِ أَن يعطوه وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {وَآتُوهُمْ من مَال الله} قَالَ: حث النَّاس عَلَيْهِ مولى وَغَيره وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: يتْرك للْمكَاتب طَائِفَة من كِتَابَته وَعبد بن الحميد ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس {وَآتُوهُمْ من مَال الله} أَمر الله الْمُؤمنِينَ أَن يعينوا فِي الرّقاب قَالَ عَليّ بن أبي طَالب: أَمر الله السَّيِّد أَن يدع للْمكَاتب الرّبع من ثمنه وَهَذَا تَعْلِيم من الله لَيْسَ بفريضة وَلَكِن فِيهِ أجر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ فِي قَوْله {إِن علمْتُم فيهم خيرا} قَالَ: مَالا {وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم} قَالَ: يتْرك للْمكَاتب الرّبع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ والديلمي وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن عبد الله بن حبيب عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم} قَالَ: يتْرك للْمكَاتب الرّبع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: يتْرك لَهُ الْعشْر من كِتَابَته

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عمر أَنه كَاتب عبدا لَهُ يكنى أَبَا أُميَّة فجَاء بنجمه حِين حل قَالَ: يَا أَبَا أُميَّة اذْهَبْ فَاسْتَعِنْ بِهِ فِي مُكَاتَبَتك قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَو تركت حَتَّى يكون من آخر نجم قَالَ: أَخَاف أَن لَا أدْرك ذَلِك ثمَّ قَرَأَ {وَآتُوهُمْ من مَال الله الَّذِي آتَاكُم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ ابْن عمر إِذا كَانَ لَهُ مكَاتب لم يضع عَنهُ شَيْئا من أول نجومه مَخَافَة أَن يعجز فترجع إِلَيْهِ صدقته وَلكنه إِذا كَانَ فِي آخر مُكَاتبَته وضع عَنهُ مَا أحب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم {وَآتُوهُمْ من مَال الله} قَالَ: ذَلِك على الْوُلَاة يعطوهم من الزَّكَاة يَقُول الله {وَفِي الرّقاب} التَّوْبَة الْآيَة 60 وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبَزَّار وَالدَّارقطني وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي سُفْيَان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ عبد الله بن أبي يَقُول لجارية لَهُ: اذهبي فابغينا شَيْئا وَكَانَت كارهة فَأنْزل الله {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء إِن أردن تَحَصُّنًا لتبتغوا عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا وَمن يكرههن فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم} هَكَذَا كَانَ يَقْرَأها وَأخرج مُسلم من هَذَا الطَّرِيق عَن جَابر: أَن جَارِيَة لعبد الله بن أبي يُقَال لَهَا مُسَيْكَة وَأُخْرَى يُقَال لَهَا أُمَيْمَة فَكَانَ يُرِيدهُمَا على الزِّنَا فشكيا ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم} وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: كَانَت مُسَيْكَة لبَعض الْأَنْصَار فَجَاءَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن سَيِّدي يكرهني على الْبغاء فَنزلت {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: كَانَت جَارِيَة لعبد الله بن أبي يُقَال لَهَا معَاذَة يكرهها على الزِّنَا فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام نزلت {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء}

قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يبغين اماؤهم فنهوا عَن ذَلِك فِي الإِسلام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يكْرهُونَ إماءهم على الزِّنَا يَأْخُذُونَ أُجُورهم فَنزلت الْآيَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس أَن جَارِيَة لعبد الله بن أبي كَانَت تَزني فِي الْجَاهِلِيَّة فَولدت لَهُ أَوْلَاد من الزِّنَا فَلَمَّا حرم الله الزِّنَا قَالَ لَهَا: مَا لَك لَا تزنين قَالَت: لَا وَالله لَا أزني أبدا فضربها فَأنْزل الله {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَن عبد الله بن أبي كَانَت لَهُ أمتان مسيكه ومعاذة وَكَانَ يكرههما على الزِّنَا فَقَالَت إِحْدَاهمَا: إِن كَانَ خيرا فقد استكثرت مِنْهُ وَإِن كَانَ غير ذَلِك فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن أَدَعهُ فَأنْزل الله {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن أبي وَكَانَت لَهُ جَارِيَة تكسب عَلَيْهِ فَأسْلمت وَحسن إسْلَامهَا فأرادها أَن تفعل كَمَا كَانَت تفعل فَأَبت عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ لعبد الله بن أبي جَارِيَة تدعى معَاذَة فَكَانَ إِذا نزل بِهِ ضيف أرسلها إِلَيْهِ ليواقعها إِرَادَة الثَّوَاب مِنْهُ والكرامة لَهُ فَأَقْبَلت الْجَارِيَة إِلَى أبي بكر فشكت ذَلِك إِلَيْهِ فَذكره أَبُو بكر للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره بقبضها فصاح عبد الله بن أبي: من يعذرنا من مُحَمَّد يغلبنا على مماليكنا فَنزلت الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ أَن رجلا من قُرَيْش أسر يَوْم بدر وَكَانَ عِنْد عبد الله بن أبي أَسِيرًا وَكَانَت لعبد الله بن أبي جَارِيَة يُقَال لَهَا معَاذَة وَكَانَ الْقرشِي الْأَسير يريدها على نَفسهَا وَكَانَت مسلمة فَكَانَت تمْتَنع مِنْهُ لإِسلامها وَكَانَ عبد الله بن أبي يكرهها على ذَلِك ويضربها رَجَاء أَن تحمل للقرشي فيطلب فدَاء ولد فَأنْزل الله {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك من طَرِيق مَالك عَن ابْن شهَاب أَن عمر بن ثَابت أَخا بني الْحَرْث بن الْخَزْرَج حَدثهُ: أَن هَذِه الْآيَة فِي سُورَة النُّور {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء}

نزلت فِي معَاذَة جَارِيَة عبد الله بن أُبي بن سلول وَذَلِكَ أَن عَبَّاس بن عبد الْمطلب كَانَ عِنْدهم أَسِيرًا فَكَانَ عبد الله بن أبي يضْربهَا على أَن تمكن عباساً من نَفسهَا رَجَاء أَن تحمل مِنْهُ فَيَأْخُذ وَلَده فدَاء فَكَانَت تأبى عَلَيْهِ وَقَالَ: ذَلِك الْغَرَض الَّذِي كَانَ ابْن أُبي يَبْتَغِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانُوا يأمرون ولائدهم أَن يباغوا فَكُن يفعلن ذَلِك ويصبن فيأتين بكسبهن قَالَ: وَكَانَ لعبد الله بن أبي جَارِيَة فَكَانَت تباغي وكرهت ذَلِك وَحلفت أَن لَا بِفِعْلِهِ فأكرهها فَأنْزل الله الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: بلغنَا - وَالله أعلم - أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي رجلَيْنِ كَانَا يكرهان أمتين لَهما إِحْدَاهمَا اسْمهَا مُسَيْكَة وَكَانَت للْأَنْصَارِيِّ وَالْأُخْرَى أُمَيْمَة أم مُسَيْكَة لعبد الله بن أبي وَكَانَت معَاذَة وأروى بِتِلْكَ الْمنزلَة فَأَتَت مُسَيْكَة وامها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فذكرتا ذَلِك لَهُ فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} يَعْنِي الزِّنَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تكْرهُوا فَتَيَاتكُم على الْبغاء} قَالَ: لَا تكْرهُوا إماءكم على الزِّنَا فَإِن فَعلْتُمْ فَإِن الله لَهُنَّ غَفُور رَحِيم وإثمهن على من يكرههن وأخرجابن أبي شيبَة عَن رَافع بن خديج أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كسب الْحجام خَبِيث وَمهر الْبَغي خَبِيث وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مهر الْبَغي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (فَإِن الله من بعد اكراههن لَهُنَّ غَفُور رَحِيم) قَالَ: للمكرهات على الزِّنَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {إِن أردن تَحَصُّنًا} أَي عفة وإسلاماً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {لتبتغوا عرض الْحَيَاة الدُّنْيَا} يَعْنِي كَسْبهنَّ وألادهن من الزِّنَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم} قَالَ: للمكرهات على الزِّنَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم} قَالَ: لَهُنَّ وَلَيْسَت لَهُم

34

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد أنزلنَا إِلَيْكُم آيَات مبينات ومثلا من الَّذين خلوا من قبلكُمْ وموعظة لِلْمُتقين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل {وَلَقَد أنزلنَا إِلَيْكُم آيَات مبينات} يَعْنِي مَا فرض عَلَيْهِم فِي هَذِه السُّورَة وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير أَنه كَانَ يقْرَأ {فَإِن الله من بعد إكراههن غَفُور رَحِيم}

35

- قَوْله تَعَالَى: الله نور السَّمَوَات وَالْأَرْض مثل نوره كمشكاة فِيهَا مِصْبَاح الْمِصْبَاح فِي زجاجة الزجاجة كَأَنَّهَا كَوْكَب دري يُوقد من شَجَرَة مباركة زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية يكَاد زيتها يضيء وَلَو لم تمسسه نَار نور على نور يهدي الله لنوره من يَشَاء وَيضْرب الله الْأَمْثَال للنَّاس وَالله بِكُل شَيْء عليم أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تهجد فِي اللَّيْل يَدْعُو اللَّهُمَّ لَك الْحَمد أَنْت رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَلَك الْحَمد أَنْت نور السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَلَك الْحَمد أَنْت قيام السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ أَنْت الْحق وقولك حق وَوَعدك حق ولقاؤك حق وَالْجنَّة حق وَالنَّار حق والساعة حق الله لَك أسلمت وَبِك آمَنت وَعَلَيْك توكلت وَإِلَيْك أنبت وَبِك خَاصَمت وَإِلَيْك حاكمت فَاغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت وَمَا أسررت وَمَا أعلنت أَنْت إلهي لَا إِلَه إِلَّا أَنْت

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أَرقم قَالَ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي دبر صَلَاة الْغَدَاة وَفِي دبر الصَّلَاة اللَّهُمَّ رَبنَا وَرب كل شَيْء أَنا شَهِيد بأنك أَنْت الرب وَحدك لَا شريك لَك اللَّهُمَّ رَبنَا وَرب كل شَيْء أَنا شَهِيد أَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك اللَّهُمَّ رَبنَا وَرب كل شَيْء أَنا شَهِيد أَن الْعباد كلهم إخْوَة اللَّهُمَّ رَبنَا وَرب كل شَيْء إجعلني مخلصاً لَك وَأَهلي فِي كل سَاعَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ذَا الْجلَال والإِكرام اسْمَع واستجب الله أكبر الله أكبر الله نور السَّمَوَات وَالْأَرْض الله أكبر الله أكبر حسبي الله وَنعم الْوَكِيل الله أكبر الله أكبر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِنور وَجهك الَّذِي أشرقت لَهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض أَن تجعلني فِي حرزك وحفظك وجوارك وَتَحْت كنفك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض} يدبر الْأَمر فيهمَا نجومهما وشمسهما وقمرهما وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره} الَّذِي أعطَاهُ الْمُؤمن {كمشكاة} مثل الكوّة {فِيهَا مِصْبَاح الْمِصْبَاح فِي زجاجة الزجاجة كَأَنَّهَا كَوْكَب دري يُوقد من شَجَرَة مباركة زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية} فِي سفح جبل لَا تصيبها الشَّمْس إِذا طلعت وَلَا إِذا غربت {يكَاد زيتها يضيء وَلَو لم تمسسه نَار نور على نور} فَذَلِك مثل قلب الْمُؤمن نور على نور {وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب بقيعة} قَالَ: أَعمال الْكفَّار اذا جاؤا رأوها مثل السراب إِذا أَتَاهُ الرجل قد احْتَاجَ إِلَى المَاء فَأَتَاهُ فَلم يجد شَيْئا فَذَلِك مثل عمل الْكَافِر يرى أَن لَهُ ثَوابًا وَلَيْسَ لَهُ ثَوَاب {أَو كظلمات فِي بَحر لجي} إِلَى قَوْله {لم يكد يَرَاهَا} فَذَلِك مثل قلب الْكَافِر ظلمَة فَوق ظلمَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن الشّعبِيّ قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب / مثل نور الْمُؤمن كمشكاة / وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض} يَقُول: مثل نور من آمن بِاللَّه كمشكاة قَالَ: وَهِي النقرة يَعْنِي الكوّة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {مثل نوره} قَالَ: هِيَ خطأ من الْكَاتِب هُوَ أعظم من أَن يكون نوره مثل نور الْمشكاة قَالَ: مثل نور الْمُؤمن كمشكاة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: هادي أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض {مثل نوره} مثل هداه فِي قلب الْمُؤمن {كمشكاة} يَقُول: مَوضِع الفتيلة يَقُول: كَمَا يكَاد الزَّيْت الصافي يضيء قبل أَن تمسه النَّار إِذا مسته النَّار ازْدَادَ ضوأً على ضوئه كَذَلِك يكون قلب الْمُؤمن يعْمل بِالْهدى قبل أَن يَأْتِيهِ الْعلم فَإِذا أَتَاهُ الْعلم ازْدَادَ هدى على هدى ونوراً على نور وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب مثل نور من آمن بِهِ أَو قَالَ مثل من آمن بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبيّ بن كَعْب {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره} قَالَ: هُوَ الْمُؤمن الَّذِي جعل الإِيمان وَالْقُرْآن فِي صَدره فَضرب الله مثله فَقَالَ {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَبَدَأَ بِنور نَفسه ثمَّ ذكر نور الْمُؤمن فَقَالَ: مثل نور من آمن بِهِ فَكَانَ أُبي بن كَعْب يقْرؤهَا: مثل نور من آمن بِهِ فَهُوَ الْمُؤمن جعل الإِيمان وَالْقُرْآن فِي صَدره {كمشكاة} قَالَ: فصدر الْمُؤمن الْمشكاة {فِيهَا مِصْبَاح} والمصباح: النُّور وَهُوَ الْقُرْآن والإِيمان الَّذِي جعل فِي صَدره {فِي زجاجة} والزجاجة: قلبه {كَأَنَّهَا كَوْكَب دري} فقلبه مِمَّا استنار فِيهِ الْقُرْآن والإِيمان كَأَنَّهُ كَوْكَب دري يَقُول: كَوْكَب مضيء {يُوقد من شَجَرَة مباركة} والشجرة الْمُبَارَكَة: أصل الْمُبَارك الإِخلاص لله وَحده وعبادته لَا شريك لَهُ {زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية} قَالَ: فَمثله كَمثل شَجَرَة التف بهَا الشجرن فَهِيَ خضراء ناعمة لَا تصيبها الشَّمْس على أَي حَالَة كَانَت لَا إِذا طلعت وَلَا إِذا غربت فَكَذَلِك هَذَا الْمُؤمن قد أجِير من أَن يصله شَيْء من الْفِتَن وَقد ابْتُلِيَ بهَا فثبته الله فِيهَا فَهُوَ بَين ارْبَعْ خلال إِن قَالَ صدق وَإِن حكم عدل وَأَن أعْطى شكر وَإِن ابتلى صَبر فَهُوَ فِي سَائِر النَّاس كَالرّجلِ الْحَيّ يمشي بَين قُبُور الْأَمْوَات {نور على نور} فَهُوَ يتقلب فِي خَمْسَة من

النُّور فَكَلَامه نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره إِلَى نور يَوْم الْقِيَامَة إِلَى الْجنَّة ثمَّ ضرب مثل الْكَافِر فَقَالَ: {وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب} قَالَ: وَكَذَلِكَ الْكَافِر يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ يحْسب أَن لَهُ عِنْد الله خيرا فَلَا يجده ويدخله الله النَّار قَالَ: وَضرب مثلا آخر للْكَافِرِ فَقَالَ {أَو كظلمات فِي بَحر لجي} فَهُوَ يتقلب فِي خمس من الظُّلم فَكَلَامه ظلمَة وَعَمله ظلمَة ومخرجه ظلمَة ومدخله ظلمَة ومصيره يَوْم الْقِيَامَة إِلَى الظُّلُمَات إِلَى النَّار فَكَذَلِك ميت الْأَحْيَاء يمشي فِي النَّاس لَا يدْرِي مَاذَا لَهُ وماذا عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الْيَهُود قَالُوا لمُحَمد: كَيفَ يخلص نور الله من دون السَّمَاء فَضرب الله مثل ذَلِك لنوره فَقَالَ {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره كمشكاة} والمشكاة: كوَّة الْبَيْت {فِيهَا مِصْبَاح} وَهُوَ السراج يكون فِي الزجاجة وَهُوَ مثل ضربه الله لطاعته فَسمى طَاعَته نورا ثمَّ سَمَّاهَا أنواعاً شَتَّى {لَا شرقية وَلَا غربية} قَالَ: هِيَ وسط الشَّجَرَة لَا تنالها الشَّمْس إِذا طلعت وَلَا إِذا غربت وَذَلِكَ لوُجُود الزَّيْت {يكَاد زيتها يضيء} يَقُول: بِغَيْر نَار {نور على نور} يَعْنِي بذلك إِيمَان العَبْد وَعَمله {يهدي الله لنوره من يَشَاء} هُوَ مثل الْمُؤمن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عديّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كمشكاة فِيهَا مِصْبَاح} قَالَ: الْمشكاة: جَوف مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والزجاجة: قلبه والمصباح: النُّور الَّذِي فِي قلبه {يُوقد من شَجَرَة مباركة} الشَّجَرَة: إِبْرَاهِيم {زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية} لَا يَهُودِيَّة وَلَا نَصْرَانِيَّة ثمَّ قَرَأَ {مَا كَانَ إِبْرَاهِيم يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفا مُسلما وَمَا كَانَ من الْمُشْركين} آل عمرَان الْآيَة 67 وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن شمر بن عَطِيَّة قَالَ: جَاءَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِلَى كَعْب الْأَحْبَار فَقَالَ: حَدثنِي عَن قَول الله {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره} قَالَ: مثل نور مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كمشكاة قَالَ: الْمشكاة الكوة ضربهَا مثلا لفمه {فِيهَا مِصْبَاح} والمصباح: قلبه {فِي زجاجة} والزجاجة صَدره {كَأَنَّهَا كَوْكَب دري} شبه صدر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالكوكب الدُّرِّي ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِصْبَاح إِلَى قلبه فَقَالَ: توقد من شَجَرَة مباركة

زيتونة يكَاد زيتها يضيء قَالَ: يكَاد مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبين للنَّاس وَلَو لم يتَكَلَّم أَنه نَبِي كَمَا يكَاد ذَلِك الزَّيْت أَنه يضيء وَلَو لم تمسسه نَار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: الله هادي أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض {مثل نوره} يَا مُحَمَّد فِي قَلْبك كَمثل هَذَا الْمِصْبَاح فِي هَذِه الْمشكاة فَكَمَا هَذَا الْمِصْبَاح فِي هَذِه الْمشكاة كَذَلِك فُؤَادك فِي قَلْبك وَشبه قلب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالكوكب الدُّرِّي الَّذِي لَا يخبو [توقد من شَجَرَة مباركة زيتونة] تَأْخُذ دينك عَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَهِي الزيتونة {لَا شرقية وَلَا غربية} لَيْسَ بنصراني فَيصَلي نَحْو الْمشرق وَلَا يَهُودِيّ فَيصَلي نَحْو الْمغرب {يكَاد زيتها يضيء} فَيَقُول: يكَاد مُحَمَّد ينْطق بالحكمة قبل أَن يُوحى إِلَيْهِ بِالنورِ الَّذِي جعل الله فِي قلبه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {مثل نوره} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يكَاد زيتها يضيء} قَالَ: يكَاد من رأى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلم أَنه رَسُول الله وَإِن لم يتَكَلَّم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {الله نور السَّمَاوَات وَالْأَرْض مثل نوره} قَالَ مثل نور الْمُؤمن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {مثل نوره} قَالَ: مثل هَذَا الْقُرْآن فِي الْقلب {كمشكاة} قَالَ: ككوة وَأخرج ابْن جرير عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن إلهي يَقُول إِن نوري هُدَايَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {كمشكاة} قَالَ: هِيَ مَوضِع الفتيلة من الْقنْدِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {كمشكاة} قَالَ: ككوة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ {كمشكاة} الكوّة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْمشكاة بِلِسَان الْحَبَشَة الكوّة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمشكاة الكوة بلغَة الْحَبَشَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن عِيَاض {كمشكاة} قَالَ: ككوة بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {كمشكاة} قَالَ: الكوة الَّتِي لَيست بنافذة وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ الْمشكاة الكوة الَّتِي لَيْسَ لَهَا منفذ والمصباح السراج وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {مثل نوره} قَالَ: مثل نور الله فِي قلب الْمُؤمن {كمشكاة} قَالَ: الكوة {كَأَنَّهَا كَوْكَب دري} قَالَ: مُنِير يضيء {زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية} قَالَ: لَا يَفِي عَلَيْهَا ظلّ شَرْقي وَلَا غربي كُنَّا نتحدث انها صَاحِبَة الشَّمْس وَهُوَ أصفى الزَّيْت وأطيبه وأعذبه هَذَا مثل ضربه الله لِلْقُرْآنِ أَي قد جَاءَكُم من الله نور وَهدى متظاهر أَن الْمُؤمن يسمع كتاب الله فوعاه وَحفظه وانتفع بِمَا فِيهِ وَعمل بِهِ فَهَذَا مثل الْمُؤمن وَأخرج عبد بن الحميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {كمشكاة} قَالَ: الصفر الَّذِي فِي جَوف الْقنْدِيل {فِيهَا مِصْبَاح} قَالَ: السراج {فِي زجاجة} قَالَ: الْقنْدِيل {لَا شرقية وَلَا غربية} قَالَ: هِيَ الشَّمْس من حِين تطلع إِلَى أَن تغرب لَيْسَ لَهَا ظلّ وَذَلِكَ أَضْوَأ لزيتها وَأحسن لَهُنَّ وأنور لَهُ {نور على نور} قَالَ: النَّار على الزَّيْت جاورته وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {كَأَنَّهَا كَوْكَب دري} قَالَ: يَعْنِي الزهرة ضرب الله مثل الْمُؤمن مثل ذَلِك النُّور يَقُول: قلبه نور وجوفه نور وَيَمْشي فِي نور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {كَوْكَب دري} قَالَ: ضخم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله

{زيتونة لَا شرقية وَلَا غربية} قَالَ: قلب إِبْرَاهِيم لَا يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَا شرقية وَلَا غربية} قَالَ: شَجَرَة لَا يظلمها كَهْف وَلَا جبل وَلَا يواريها شَيْء وَهُوَ أَجود لزيتها وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَالضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ وَمُحَمّد بن سِيرِين مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَا شرقية وَلَا غربية} قَالَ: لَيست شرقية لَيْسَ فِيهَا غرب وَلَا غربية لَيْسَ فِيهَا شَرق وَلكنهَا شرقية غربية وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا شرقية وَلَا غربية} قَالَ: هِيَ فِي وسط الشّجر لَا تصيبها الشَّمْس فِي شَرق وَلَا غرب وَهِي من وُجُوه الشّجر وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك وَمُحَمّد بن كَعْب مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو كَانَت هَذِه الشَّجَرَة فِي الأَرْض لكَانَتْ شرقية أَو غربية وَلكنه مثل ضربه الله لنوره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {يُوقد من شَجَرَة مباركة} قَالَ: رجل صَالح {لَا شرقية وَلَا غربية} قَالَ: لَا يَهُودِيّ وَلَا نَصْرَانِيّ وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ائتدموا بالزيت وادهنوا بِهِ فَإِنَّهُ يخرج من شَجَرَة مباركة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا ذكر عِنْدهَا الزَّيْت فَقَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر أَن يُؤْكَل ويدهن ويستعط بِهِ وَيَقُول إِنَّه من شَجَرَة مباركة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن شريك بن سَلمَة قَالَ: ضفت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ لَيْلَة فأطعمني كسوراً من رَأس بعير بَارِد وأطعمنا زيتاً وَقَالَ: هَذَا الزَّيْت الْمُبَارك الَّذِي قَالَ الله لنَبيه وَأخرج عبد بن الحميد عَن عِكْرِمَة {يكَاد زيتها يضيء} يَقُول: من شدَّة النُّور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ الضَّوْء إشراق الزَّيْت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {نور على نور} قَالَ: نور النَّار وَنور الزَّيْت حِين اجْتمعَا أضاءا وَكَذَلِكَ نور الْقُرْآن وَنور الإِيمان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْعَالِيَة {نور على نور} قَالَ: أَتَى نور الله تَعَالَى على نور مُحَمَّد

36

- قَوْله تَعَالَى: فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع وَيذكر فِيهَا اسْمه يسبح لَهُ فِيهَا بالغدوّ وَالْآصَال أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع} قَالَ: هِيَ الْمَسَاجِد تكرم وَنهى عَن اللَّغْو فِيهَا {وَيذكر فِيهَا اسْمه} يُتْلَى فِيهَا كِتَابه يسبح: يُصَلِّي لَهُ فِيهَا بالغدوة: صَلَاة الْغَدَاة وَالْآصَال: صَلَاة الْعَصْر وهما أول مَا فرض الله من الصَّلَاة وَأحب أَن يذكرهما ويذكرهما عباده وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يجمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد ينفذهم الْبَصَر وَيسْمعهُمْ الدَّاعِي فينادي مُنَاد: سَيعْلَمُ أهل الْجمع لمن الْكَرم الْيَوْم ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يَقُول: أَيْن الَّذين كَانَت تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع: ثمَّ يَقُول: أَيْن الَّذين كَانَت لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله ثمَّ يَقُول: أَيْن الْحَمَّادُونَ الَّذين كَانُوا يحْمَدُونَ رَبهم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع} قَالَ: هِيَ الْمَسَاجِد أذن الله فِي بنيانها ورفعها وَأمر بعمارتها وبطهورها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع} قَالَ: فِي مَسَاجِد أَن تبنى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {أذن الله أَن ترفع} يَقُول:

أَن تعظم بِذكرِهِ {يسبح} يُصَلِّي لَهُ فِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع} قَالَ: هِيَ بيُوت النَّبِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع} قَالَ: إِنَّمَا هِيَ أَربع مَسَاجِد لم يُبْنِهُنَّ إِلَّا نَبِي الْكَعْبَة بناها إِبْرَاهِيم واسمعيل وَبَيت الْمُقَدّس بناه دَاوُد وَسليمَان وَمَسْجِد الْمَدِينَة بناه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَسْجِد قبَاء أسس على التَّقْوَى بناه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك وَبُرَيْدَة قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع} فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: أَي بيُوت هَذِه يَا رَسُول الله قَالَ: بيُوت الْأَنْبِيَاء فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو بكر فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَذَا الْبَيْت مِنْهَا الْبَيْت عَليّ وَفَاطِمَة قَالَ: نعم من أفاضلها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن بُرَيْدَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع رجلا يَقُول: من دَعَا إِلَى الْجمل الْأَحْمَر فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: لَا وجدته ثَلَاثًا إِنَّمَا بنيت هَذِه الْمَسَاجِد للَّذي بنيت لَهُ: وَقَالَ أَبُو سِنَان الشَّيْبَانِيّ فِي قَوْله {فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع} قَالَ: تعظم وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة قَالَت: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبِنَاء الْمَسَاجِد فِي الدّور وَأَن تنظف وتطيب وَأخرج أَحْمد عَن عُرْوَة بن الزبير عَمَّن حَدثهُ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنَا أَن نصْنَع الْمَسَاجِد فِي دُورنَا وَأَن نصلح صنعتها ونطهرها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو يعلى عَن ابْن عمر أَن عمر كَانَ يجمر الْمَسْجِد فِي كل جُمُعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التفل فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة وكفارته أَن يواريه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البزاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة وَدَفنه حَسَنَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البزاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة وكفارته دَفنه وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البزاق فِي الْمَسْجِد خَطِيئَة وكفارته دَفنه وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبْعَث النخامة يَوْم الْقِيَامَة فِي الْقبْلَة وَهِي فِي وَجه صَاحبهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من بزق فِي قبْلَة وَلم يوارها جَاءَت يَوْم الْقِيَامَة أحمى مَا تكون حَتَّى تقع بَين عَيْنَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة قَالَ من صلى فبزق تجاه الْقبْلَة جَاءَت البزقة يَوْم الْقِيَامَة فِي وَجهه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ إِذا بزق فِي الْقبْلَة جَاءَت أحمى مَا تكون يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى تقع بَين عَيْنَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن الْمَسْجِد لينزوي من المخاط أَو النخامة كَمَا تنزوي الْجلْدَة من النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْعَبَّاس بن عبد الرَّحْمَن الْهَاشِمِي قَالَ: أول مَا خلقت الْمَسَاجِد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى فِي الْمَسْجِد نخامة فحكها ثمَّ أَمر بخلوق فلطخ مَكَانهَا قَالَ فخلق النَّاس الْمَسَاجِد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى فِي قبْلَة الْمَسْجِد نخامة فَقَامَ إِلَيْهَا فحكها بِيَدِهِ ثمَّ دَعَا بخلوق فَقَالَ الشّعبِيّ: هُوَ سنة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يَعْقُوب بن زيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتبع غُبَار الْمَسْجِد بجريدة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ الْمَسْجِد يرش ويقم على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن رجل من الْأَنْصَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وجد أحدكُم القملة فِي الْمَسْجِد فليصرها فِي ثَوْبه حَتَّى يُخرجهَا وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خِصَال لَا ينبغين فِي

الْمَسْجِد لَا يتَّخذ طَرِيقا وَلَا يشهر فِيهِ سلَاح وَلَا يقبض فِيهِ بقوس وَلَا يتَّخذ سوقاً وَأخرج ابْن ماجة عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ وشراركم وَبَيْعكُمْ وَخُصُومَاتكُمْ واقامة حُدُودكُمْ وسل سُيُوفكُمْ وَاتَّخذُوا على أَبْوَابهَا الْمَطَاهِر وبخروها فِي الْجمع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مر أحدكُم بِالنَّبلِ فِي الْمَسْجِد فليمسك على نصولها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن البيع وَالشِّرَاء فِي الْمَسْجِد وَعَن تناشد الْأَشْعَار وَلَفظ ابْن أبي شيبَة عَن انشاد الضوال وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول من رَأَيْتُمُوهُ ينشد شعرًا فِي الْمَسْجِد فَقولُوا لَهُ فض الله فَاك ثَلَاث مَرَّات وَمن رَأَيْتُمُوهُ ينشد ضَالَّة فِي الْمَسْجِد فَقولُوا لَا وَجدتهَا ثَلَاث مَرَّات وَمن رَأَيْتُمُوهُ يَبِيع أَو يبْتَاع فِي الْمَسْجِد فقولا: لَا أربح الله تجارتك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لاتسل السيوف وَلَا تنثر النبل فِي الْمَسَاجِد وَلَا يحلف بِاللَّه فِي الْمَسَاجِد وَلَا تمنع القائلة فِي الْمَسَاجِد مُقيما وَلَا مضيفاً وَلَا تبنى التصاوير وَلَا تزين بِالْقَوَارِيرِ فَإِنَّمَا بنيت بالأمانة وشرفت بالكرامة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تُقَام الْحُدُود فِي الْمَسَاجِد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لرجل أخرج حَصَاة من الْمَسْجِد: ردهَا وَإِلَّا خاصمتك يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: إِن الْحَصَاة إِذا أخرجت من الْمَسْجِد تناشد صَاحبهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: إِذا خرجت الْحَصَاة من الْمَسْجِد صاحت أَو سبحت

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الْحَصَاة تسب وتلعن من يُخرجهَا من الْمَسْجِد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ: الْحَصَاة إِذا خرجت من الْمَسْجِد تصيح حَتَّى ترد إِلَى موضعهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل الْمَسْجِد يَقُول: بِسم الله وَالسَّلَام على رَسُول الله اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لي أَبْوَاب رحمتك وَإِذا خرج قَالَ: بِسم الله وَالسَّلَام على رَسُول الله اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لي أَبْوَاب فضلك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اعطوا الْمَسَاجِد حَقّهَا قيل: وَمَا حَقّهَا قَالَ: رَكْعَتَانِ قبل أَن تجْلِس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقاً وَالله أعلم أما قَوْله تَعَالَى: {يسبح لَهُ فِيهَا بالغدوّ وَالْآصَال} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (يسبح) بِنصب الْبَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن صَلَاة الضُّحَى لفي الْقُرْآن وَمَا يغوص عَلَيْهَا الأغواص فِي قَوْله {فِي بيُوت أذن الله أَن ترفع وَيذكر فِيهَا اسْمه يسبح لَهُ فِيهَا بالغدوّ وَالْآصَال}

37

- قَوْله تَعَالَى: رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله واقام الصَّلَاة وايتاء الزَّكَاة يخَافُونَ يَوْمًا تتقلب فِيهِ الْقُلُوب والأبصار لِيَجْزِيَهُم الله أحسن مَا عمِلُوا ويزيدهم من فَضله وَالله يرْزق من يَشَاء بِغَيْر حِسَاب أخرج أَحْمد عَن أم سَلمَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خير مَسَاجِد النِّسَاء قَعْر بُيُوتهنَّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ عَن أَبِيه عَن جدته أم حميد قَالَت: قلت يَا رَسُول الله تَمْنَعنَا أَزوَاجنَا أَن نصلي مَعَك

ونحب الصَّلَاة مَعَك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلاتكن فِي بيوتكن أفضل من صلاتكن فِي حجركن وصلاتكن فِي حجركن أفضل من صلاتكن فِي الْجَمَاعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا صلت امْرَأَة قطّ صَلَاة أفضل من صَلَاة تصليها فِي بَيتهَا إِلَّا أَن تصلي عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَّا عَجُوز فِي منقلبها يَعْنِي حقبها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله تَعَالَى {رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله} قَالَ: هم الَّذين يضْربُونَ فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله} قَالَ: هم الَّذين يضْربُونَ فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله} قَالَ: كَانُوا رجَالًا يَبْتَغُونَ من فضل الله يشْتَرونَ ويبيعون فَإِذا سمعُوا النداء بِالصَّلَاةِ ألقوا مَا بِأَيْدِيهِم وَقَامُوا إِلَى الْمَسْجِد فصلوا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله} قَالَ: أما وَالله وَلَقَد كَانُوا تجارًا فَلم تكن تِجَارَتهمْ وَلَا بيعهم يلهيهم عَن ذكر الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: ضرب الله هَذَا الْمثل قَوْله {مثل نوره كمشكاة} لأولئك الْقَوْم الَّذين لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله وَكَانُوا اتّجر النَّاس وأبيعهم وَلمن لم تكن تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله} قَالَ: عَن شُهُود الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن عَطاء مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر:

انه كَانَ فِي السُّوق فأقيمت الصَّلَاة فأغلقوا حوانيتهم ثمَّ دخلُوا الْمَسْجِد فَقَالَ ابْن عمر: فيهم نزلت {رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود أَنه رأى نَاسا من أهل السُّوق سمعُوا الْأَذَان فتركوا أمتعتهم وَقَامُوا إِلَى الصَّلَاة فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين قَالَ الله {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله} قَالَ: هم فِي أسواقهم يبيعون ويشترون فَإِذا جَاءَ وَقت الصَّلَاة لم يلههم البيع وَالشِّرَاء عَن الصَّلَاة {يخَافُونَ يَوْمًا تتقلب فِيهِ الْقُلُوب والأبصار} قَالَ: تتقلب فِي الْجوف وَلَا تقدر تخرج حَتَّى تقع فِي الحنجرة فَهُوَ قَوْله {إِذْ الْقُلُوب لَدَى الْحَنَاجِر كاظمين} غَافِر الْآيَة 18 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {يخَافُونَ يَوْمًا} قَالَ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: أحب أَن أبايع على هَذَا الدرج وأربح كل يَوْم ثلثمِائة دِينَار وَأشْهد الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة أما أَنا لَا أزعم أَن ذَلِك لَيْسَ بحلال ولكنني أحب أَن أكون من الَّذين قَالَ الله {رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله} وَأخرج هناد بن السّري فِي الزّهْد وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجمع الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فِي صَعِيد وَاحِد يسمعهم الدَّاعِي وَينْفذهُمْ الْبَصَر فَيقوم مُنَاد فينادي: أَيْن الَّذين كَانُوا يحْمَدُونَ الله فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء فَيقومُونَ - وهم قَلِيل - فَيدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب ثمَّ يعود فينادي أَيْن الَّذين كَانَت تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع فَيقومُونَ - وهم قَلِيل - فَيدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب فَيَعُود فينادي أَيْن الَّذين كَانُوا لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله فَيقومُونَ - وهم قَلِيل - فَيدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب ثمَّ يقوم سَائِر النَّاس فيحاسبون وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَقَالَ: يجمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد

ينفذهم الْبَصَر وَيسْمعهُمْ الدَّاعِي فنادي مُنَاد: سَيعْلَمُ أهل الْموقف لمن الْكَرم الْيَوْم ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يَقُول: أَيْن الَّذين كَانَت تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع ثمَّ يَقُول: أَيْن الَّذين كَانَت لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله وإقام الصَّلَاة إِلَى آخر الْآيَة ثمَّ يَقُول: أَيْن الْحَمَّادُونَ الَّذين كَانُوا يحْمَدُونَ رَبهم وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان عَن أبي سعيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَقُول الرب عز وَجل سَيعْلَمُ أهل الْجمع الْيَوْم من أهل الْكَرم فَقيل: وَمن أهل الْكَرم يَا رَسُول الله قَالَ: أهل الذّكر فِي الْمَسَاجِد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد: سَيعْلَمُ أهل الْجمع من أولى بِالْكَرمِ أَيْن الَّذين كَانَت تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ فَيقومُونَ فيتخطون رِقَاب النَّاس ثمَّ يناادي مُنَاد: سَيعْلَمُ أهل الْجمع من أولى بِالْكَرمِ أَيْن الَّذين كَانَت لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله فَيقومُونَ فيتخطون رِقَاب النَّاس ثمَّ يُنَادي أَيْضا فَيَقُول: سَيعْلَمُ أهل الْجمع من أولى بِالْكَرمِ أَيْن الْحَمَّادُونَ لله على كل حَال فَيقومُونَ وهم كثير ثمَّ تكون التبعة والحساب على من بَقِي

39

- قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن مَاء حَتَّى إِذا جَاءَهُ لم يجِدْهُ شَيْئا وَوجد الله عِنْده فوفاه حسابه وَالله سريع الْحساب أَو كظلمات فِي بَحر لجي يَغْشَاهُ موج من فَوْقه موج من فَوْقه سَحَاب ظلمات بَعْضهَا فَوق بعض إِذا أخرج يَده لم يكد يَرَاهَا وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب} الْآيَة قَالَ: هُوَ مثل ضربه الله لرجل عَطش فَاشْتَدَّ عطشه فَرَأى سراباً فحسبه مَاء فَظن أَنه قدر عَلَيْهِ حَتَّى أَتَى فَلَمَّا أَتَاهُ لم يجده شَيْئا وَقبض عِنْد ذَلِك يَقُول الْكَافِر: كَذَلِك أَن عمله يُغني عَنهُ أَو نافعه شَيْئا وَلَا يكون على شَيْء حَتَّى يَأْتِيهِ الْمَوْت فَأَتَاهُ الْمَوْت لم يجد عمله أغْنى عَنهُ شَيْئا وَلم يَنْفَعهُ إِلَّا

كَمَا يَقع العطشان المشتد إِلَى السراب {أَو كظلمات فِي بَحر لجي} قَالَ: يَعْنِي بالظلمات: الْأَعْمَال وبالبحر اللجي: قلب الإِنسان {يَغْشَاهُ موج} يَعْنِي بذلك الغشاوة الَّتِي على الْقلب والسمع وَالْبَصَر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كسراب بقيعة} يَقُول: أَرض مستوية وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كسراب بقيعة} قَالَ: بقاع من الأَرْض والسراب عمل الْكَافِر {حَتَّى إِذا جَاءَهُ لم يجِدْهُ شَيْئا} واتيانه إِيَّاه مَوته وفراقه الدُّنْيَا {وَوجد الله عِنْده} وَوجد الله عِنْد فِرَاقه الدُّنْيَا {فوفاه حسابه} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {كسراب بقيعة} قَالَ: بقيعة من الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن أَبِيه عَن أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْكفَّار يبعثون يَوْم الْقِيَامَة ردا عطاشاً فَيَقُولُونَ: أَيْن المَاء فيمثل لَهُم السراب فيحسبونه مَاء فَيَنْطَلِقُونَ إِلَيْهِ فيجدون الله عِنْده فيوفيهم حسابهم وَالله سريع الْحساب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {أَو كظلمات فِي بَحر لجي} قَالَ: اللجي: العميق القعر {يَغْشَاهُ موج من فَوْقه موج} قَالَ: هَذَا مثل عمل الْكَافِر ف ضلاضلات لَيْسَ لَهُ مخرج وَلَا منفذ أعمى فِيهَا لَا يبصر وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: {إِذا أخرج يَده لم يكد يَرَاهَا} قَالَ: أما رَأَيْت الرجل يَقُول: وَالله مَا رَأَيْتهَا وَمَا كدت أَن أَرَاهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي امامة أَنه قَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّكُم قد أَصْبَحْتُم وأمسيتم فِي منزل تقتسمون فِيهِ الْحَسَنَات والسيئات ويوشك أَن تظعنوا مِنْهُ إِلَى منزل آخر وَهُوَ الْقَبْر بَيت الْوحدَة وَبَيت الظلمَة وَبَيت الضّيق إِلَّا مَا وسع الله ثمَّ تنقلون إِلَى مَوَاطِن يَوْم الْقِيَامَة وَإِنَّكُمْ لفي بعض المواطن حِين يغشى النَّاس أَمر من أَمر الله فتبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه ثمَّ تنتقلون إِلَى منزل آخر فيغشى ظلمَة

شَدِيدَة ثمَّ يقسم النُّور فَيعْطى الْمُؤمن نورا وَيتْرك الْكَافِر وَالْمُنَافِق فَلَا يعْطى شَيْئا وَهُوَ الْمثل الَّذِي ضربه الله فِي كِتَابه {أَو كظلمات فِي بَحر لجي} إِلَى قَوْله {فَمَا لَهُ من نور} فَلَا يستضيء الْكَافِر وَالْمُنَافِق بِنور الْمُؤمن كَمَا لَا يستضيء الْأَعْمَى ببصر الْبَصِير

41

- قَوْله تَعَالَى: ألم تَرَ أَن الله يسبح لَهُ من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالطير صافات كل قد علم صلَاته وتسبيحه وَالله عليم بِمَا يَفْعَلُونَ لله ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِلَى الله الْمصير أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ألم تَرَ أَن الله يسبح لَهُ} إِلَى قَوْله {كل قد علم صلَاته وتسبيحه} قَالَ: الصَّلَاة للإِنسان وَالتَّسْبِيح لما سوى ذَلِك من خلقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالطير صافات} قَالَ: بسط أجنحتهن وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَالطير صافات} قَالَ: صافات بأجنحتها وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مسعر فِي قَوْله {وَالطير صافات كل قد علم صلَاته وتسبيحه} قَالَ: قد سمي لَهَا صَلَاة وَلم يذكر رُكُوعًا وَلَا سجودا

43

- قَوْله تَعَالَى: ألم تَرَ أَن الله يزجي سحابا ثمَّ يؤلف بَينه ثمَّ يَجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وَينزل من السَّمَاء من جبال فِيهَا من برد فَيُصِيب بِهِ من يَشَاء ويصرفه عَن من يَشَاء يكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله اللَّيْل وَالنَّهَار إِن فِي ذَلِك لعبرة لأولي الْأَبْصَار أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فترى الودق} قَالَ: الْمَطَر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فترى الودق} قَالَ: الْقطر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بجيلة عَن أَبِيه قَالَ: {الودق} الْبَرْق

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {من خلاله} قَالَ: السَّحَاب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا (من خلله) بِفَتْح الْخَاء من غير ألف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن كَعْب قَالَ: لَو أَن الجليد ينزل من السَّمَاء الرَّابِعَة لم يمر بِشَيْء إِلَّا أهلكه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يكَاد سنا برقه} يَقُول: ضوء برقه وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {يكَاد سنا برقه} قَالَ: السنا الضَّوْء قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَبَا سُفْيَان بن الْحَارِث وَهُوَ يَقُول: يَدْعُو إِلَى الْحق لَا يَنْبَغِي بِهِ بَدَلا يجلو بضوء سناه داجي الظُّلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {يكَاد سنا برقه} قَالَ: لمعان الْبَرْق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب أَن كَعْبًا سَأَلَ عبد الله بن عَمْرو عَن الْبَرْق قَالَ: هُوَ مَا يسْبق من الْبرد وَقَرَأَ / جبال فِيهَا من برد يكَاد سنا برقه يذهب بالأبصار / وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يقلب الله اللَّيْل وَالنَّهَار} قَالَ: يَأْتِي اللَّيْل وَيذْهب بِالنَّهَارِ وَيَأْتِي بِالنَّهَارِ وَيذْهب بِاللَّيْلِ

45

- قَوْله تَعَالَى: وَالله خلق كل دَابَّة من مَاء فَمنهمْ من يمشي على بَطْنه وَمِنْهُم من يمشي على رجلَيْنِ وَمِنْهُم من يمشي على أَربع يخلق الله مَا يَشَاء أَن الله على كل شَيْء قدير لقد أنزلنَا آيَات مبينات وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {وَالله خلق كل دَابَّة من مَاء} قَالَ: النُّطْفَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن مُغفل أَنه قَرَأَ / وَالله خَالق كل دَابَّة من مَاء /

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل شَيْء يمشي على أَربع إِلَّا الانسان وَالله أعلم

47

- قَوْله تَعَالَى: وَيَقُولُونَ آمنا بِاللَّه وبالرسول وأطعنا ثمَّ يتَوَلَّى فريق مِنْهُم من بعد ذَلِك وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذا دعوا إِلَى الله وَرَسُوله ليحكم بَينهم إِذا فريق مِنْهُم معرضون وَإِن يكن لَهُم يَأْتُوا إِلَيْهِ مذعنين أَفِي قُلُوبهم مرض أم ارْتَابُوا أم يخَافُونَ أَن يَحِيف الله عَلَيْهِم وَرَسُوله بل أُولَئِكَ هم الظَّالِمُونَ أَنما كَانَ قَول الْمُؤمنِينَ إِذا دعوا إِلَى الله وَرَسُوله ليحكم بَينهم أَن يَقُولُوا سمعنَا وأطعنا وَأُولَئِكَ هم المفلحون وَمن يطع الله وَرَسُوله ويخشى الله ويتقه فَأُولَئِك هم الفائزون - أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَيَقُولُونَ آمنا بِاللَّه وبالرسول وأطعنا ثمَّ يتَوَلَّى فريق مِنْهُم من بعد ذَلِك وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} قَالَ: أنَاس من الْمُنَافِقين أظهرُوا الإِيمان وَالطَّاعَة وهم فِي ذَلِك يصدون عَن سَبِيل الله وطاعته وَجِهَاد مَعَ رَسُوله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: إِن الرجل كَانَ يكون بَينه وَبَين الرجل خُصُومَة أَو مُنَازعَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاذا دعِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محق أذعن وَعلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيقضي لَهُ بِالْحَقِّ وَإِذا أَرَادَ أَن يظلم فدعي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعرض وَقَالَ: انْطلق إِلَى فلَان فَأنْزل الله {وَإِذا دعوا إِلَى الله وَرَسُوله ليحكم بَينهم} إِلَى قَوْله {هم الظَّالِمُونَ} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ بَينه وَبَين أَخِيه شَيْء فَدَعَاهُ إِلَى حكم [حَاكم] من حكام الْمُسلمين فَلم يجب فَهُوَ ظَالِم لَا حق لَهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحسن عَن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دعِي إِلَى سُلْطَان فَلم يجب فَهُوَ ظَالِم لَا حق لَهُ

53

- قَوْله تَعَالَى: وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَئِن أَمرتهم ليخرجن قل لَا تقسموا طَاعَة مَعْرُوفَة إِن الله خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَى قوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لَو أمرتنا أَن نخرج من أَمْوَالنَا لخرجنا فَأنْزل الله {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَئِن أَمرتهم ليخرجن} قَالَ: ذَلِك من شَأْن الْجِهَاد {قل لَا تقسموا} قَالَ: يَأْمُرهُم أَن لَا يحلفوا على شَيْء {طَاعَة مَعْرُوفَة} قَالَ: أَمرهم أَن يكون مِنْهُم طَاعَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غير أَن يقسموا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {طَاعَة مَعْرُوفَة} يَقُول قد عرفت طاعتكم أَي أَنكُمْ تكذبون بِهِ

54

- قَوْله تَعَالَى: قل أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول فَإِن توَلّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حمل وَعَلَيْكُم مَا حملتم وَإِن تطيعوه تهتدوا وَمَا على الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حمل} فَيبلغ مَا أرسل بِهِ إِلَيْكُم {وَعَلَيْكُم مَا حملتم} قَالَ: أَن تطيعوه وتعملوا بِمَا أَمركُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الزبير عَن جَابر أَنه سُئِلَ: إِن كَانَ على امام فَاجر فَلَقِيت مَعَه أهل ضَلَالَة أقَاتل أم لَا لَيْسَ بِي حبه وَلَا مُظَاهرَة قَالَ: قَاتل أهل الضَّلَالَة أَيْنَمَا وَجَدتهمْ وعَلى الإِمام مَا حمل وَعَلَيْك مَا حملت وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن وَائِل أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن كَانَ علينا أُمَرَاء يعْملُونَ بِغَيْر طَاعَة الله تَعَالَى فَقَالَ: عَلَيْهِم مَا حملُوا وَعَلَيْكُم مَا حملتم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير فِي تهذيبه وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَلْقَمَة بن وَائِل الْحَضْرَمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: قدم يزِيد بن سَلمَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَرَأَيْت أَن كَانَ عليناا امراء يَأْخُذُوا منا الْحق وَلَا يعطونا فَقَالَ: إِنَّمَا عَلَيْهِم مَا حملُوا وَعَلَيْكُم مَا حملتم وَأخرج ابْن جرير وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَلْقَمَة بن وَائِل الْحَضْرَمِيّ عَن سَلمَة بن يزِيد الْجُهَنِيّ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن كَانَ علينا امراء من بعْدك يأخذونا بِالْحَقِّ الَّذِي علينا ويمنعونا الْحق الَّذِي جعله الله لنا نقاتلهم ونبغضهم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِم مَا حملُوا وَعَلَيْكُم مَا حملتم

55

- قَوْله تَعَالَى: وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف الَّذين من قبلهم وليمكنن لَهُم دينهم الَّذِي ارتضى لَهُم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لَا يشركُونَ بِي شَيْئا وَمن كفر بعد ذَلِك فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَأَطيعُوا الرَّسُول لَعَلَّكُمْ ترحمون لَا تحسبن الَّذين كفرُوا معجزين فِي الأَرْض ومأواهم النَّار ولبئس الْمصير أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء فِي قَوْله {وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم} الْآيَة قَالَ: فِينَا نزلت وَنحن فِي خوف شَدِيد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه بِمَكَّة نَحوا من عشر سِنِين يدعونَ إِلَى الله وَحده وعبادته وَحده لَا شريك لَهُ سرا وهم خائفون لَا يؤمرون بِالْقِتَالِ حَتَّى أمروا بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة فقدموا الْمَدِينَة فَأَمرهمْ الله بِالْقِتَالِ وَكَانُوا بهَا خَائِفين يمسون فِي السِّلَاح ويصبحون فِي السِّلَاح فغيروا بذلك مَا شَاءَ الله ثمَّ إِن رجلا من أَصْحَابه قَالَ: يَا رَسُول الله أَبَد الدَّهْر نَحن خائفون هَكَذَا أما يَأْتِي علينا يَوْم نَأْمَن فِيهِ وَنَضَع فِيهِ السِّلَاح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لن [] تغيرُوا إِلَّا قَلِيلا حَتَّى يجلس الرجل مِنْكُم فِي املأ الْعَظِيم مُحْتَبِيًا لَيست فيهم جَدِيدَة فَأنْزل الله {وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض} إِلَى آخر الْآيَة فاظهر الله نبيه على جَزِيرَة الْعَرَب فَأمنُوا وَوَضَعُوا السِّلَاح ثمَّ إِن الله قبض نبيه فَكَانُوا كَذَلِك آمِنين فِي امارة أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان حَتَّى وَقَعُوا فِيمَا وَقَعُوا وَكَفرُوا النِّعْمَة فَأدْخل الله عَلَيْهِم الْخَوْف الَّذِي

كَانَ رفع عَنْهُم وَاتَّخذُوا الْحجر وَالشّرط وغيروا فَغير مَا بهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والضياء فِي المختارة عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه الْمَدِينَة وآوتهم الْأَنْصَار رَمَتْهُمْ الْعَرَب عَن قَوس وَاحِدَة فَكَانُوا لَا يبيتُونَ إِلَّا فِي السِّلَاح وَلَا يُصْبِحُونَ إِلَّا فِيهِنَّ فَقَالُوا: أَتَرَوْنَ أَنا نَعِيش حَتَّى نبيت آمِنين مُطْمَئِنين لَا نَخَاف إِلَّا الله فَنزلت {وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات} وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه وَاللَّفْظ لَهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي بن كَعْب قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: بشر هَذِه الْأمة بالسنا والرفعة وَالدّين والنصر والتمكين فِي الأَرْض فَمن عمل مِنْهُم عمل الْآخِرَة للدنيا لم يكن لَهُ فِي الْآخِرَة من نصيب وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (ليستخلفهم) بِالْيَاءِ (فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف) بِرَفْع التَّاء وَكسر اللَّام (وليمكنن) بِالْيَاءِ مثقلة (وليبدلنهم) مُخَفّفَة بِالْيَاءِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة {وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض} قَالَ: أهل بَيت هَهُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْقبْلَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وليمكنن لَهُم دينهم الَّذِي ارتضى لَهُم} قَالَ: هُوَ الإِسلام وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {يعبدونني لَا يشركُونَ بِي شَيْئا} قَالَ: لَا يخَافُونَ أحدا غَيْرِي وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {يعبدونني لَا يشركُونَ بِي شَيْئا} قَالَ: لَا يخَافُونَ أحدا غَيْرِي {وَمن كفر بعد ذَلِك فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ} قَالَ: العاصون وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة {وَمن كفر بعد ذَلِك} قَالَ: كفر بِهَذِهِ النِّعْمَة لَيْسَ الْكفْر بِاللَّه وَعبد بن حميد ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الشعْثَاء قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ حُذَيْفَة وَابْن مَسْعُود فَقَالَ حُذَيْفَة: ذهب النِّفَاق إِنَّمَا كَانَ النِّفَاق على عهذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا هُوَ

الْيَوْم الْكفْر بعد الإِيمان فَضَحِك ابْن مَسْعُود ثمَّ قَالَ: بِمَ تَقول قَالَ: بِهَذِهِ الْآيَة {وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {لَا تحسبن الَّذين كفرُوا معجزين فِي الأَرْض} قَالَ: سابقين فِي الأَرْض وَالله تَعَالَى أعلم

58

- قَوْله تَعَالَى: ياأيها الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم ثَلَاث مَرَّات من قبل صَلَاة الْفجْر وَحين تضعون ثيابكم من الظهيرة وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء ثَلَاث عورات لكم لَيْسَ عَلَيْكُم وَلَا عَلَيْهِم جنَاح بعدهن طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضكُم على بعض كَذَلِك يبين الله لكم الْآيَات وَالله عليم حَكِيم وَإِذا بلغ الْأَطْفَال مِنْكُم الْحلم فليستأذنوا كَمَا اسْتَأْذن الَّذين من قبلهم كَذَلِك يبين الله لكم آيَاته وَالله عليم حَكِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل ابْن حَيَّان قَالَ: بلغنَا أَن رجلا من الْأَنْصَار وَامْرَأَته أَسمَاء بنت مرشدة صنعا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما فَقَالَت أَسمَاء: يَا رَسُول الله مَا أقبح هَذَا انه ليدْخل على الْمَرْأَة وَزوجهَا وهما فِي ثوب وَاحِد كل مِنْهُمَا بِغَيْر إِذن فَأنْزل الله فِي ذَلِك {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} من العبيد والاماء {وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم} قَالَ: من أحراركم من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَ أنَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعجبهم أَن يواقعوا نِسَاءَهُمْ فِي هَذِه السَّاعَات ليغتسلوا ثمَّ يخرجُوا إِلَى الصَّلَاة فَأَمرهمْ الله أَن يأمروا المملوكين والغلمان أَن لَا يدخلُوا عَلَيْهِم فِي تِلْكَ السَّاعَات إِلَّا باذن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ثَعْلَبَة الْقرظِيّ عَن عبد الله بن سُوَيْد قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن العورات الثَّلَاث فَقَالَ إِذا أَنا وضعت ثِيَابِي بعد الظهيرة لم يلج عليّ أحد من الخدم من الَّذين لم يبلغُوا الْحلم وَلَا أحد من الاجراء إِلَّا باذن وَإِذا وضعت ثِيَابِي بعد صَلَاة الْعشَاء وَمن قبل صَلَاة الصُّبْح

وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك الْقرظِيّ أَنه ركب عبد الله بن سُوَيْد أخي بني حَارِثَة بن الْحَارِث يسْأَله عَن العورات الثَّلَاث وَكَانَ يعْمل لَهُنَّ فَقَالَ: مَا تُرِيدُ قَالَ: أُرِيد أَن أعمل بِهن فَقَالَ: إِذا وضعت ثِيَابِي من الظهيرة لم يدْخل عَليّ أحد من أَهلِي بلغ الْحلم إِلَّا بإذني إِلَّا أَن أعدوه فَذَلِك اذنه وَلَا إِذا طلع الْفجْر وتحرك النَّاس حَتَّى تصلي الصَّلَاة وَلَا إِذا صليت الْعشَاء الْآخِرَة وَوضعت ثِيَابِي حَتَّى أَنَام قَالَ: فَتلك العورات الثَّلَاث وَأخرج ابْن سعد عَن سُوَيْد بن النُّعْمَان أَنه سُئِلَ عَن العورات الثَّلَاث فَقَالَ: إِذا وضعت ثِيَابِي من الظهيرة لم يدْخل عَليّ أحد من أَهلِي إِلَّا أَن أَدْعُوهُ فَذَلِك اذنه واذا طلع الْفجْر وتحرك النَّاس حَتَّى يُصَلِّي الصُّبْح وَإِذا صليت الْعشَاء وضعت ثِيَابِي فَتلك العورات الثَّلَاث وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آيَة لم يُؤمن بهَا أَكثر النَّاس آيَة الاذن لآمر جاريتي هَذِه الْجَارِيَة قَصِيرَة قَائِمَة على رَأسه أَن تستأذن عَليّ وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: هَذِه الْآيَة تهاون النَّاس بهَا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} وَمَا نسخت قطّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: لَيست مَنْسُوخَة قيل فَإِن النَّاس لَا يعْملُونَ بهَا قَالَ: الله الْمُسْتَعَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يمْكث النَّاس فِي السَّاعَات الَّذين ملكت أَيْمَانكُم وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ترك النَّاس ثَلَاث آيَات فَلم يعملوا بِهن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} وَالْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء {وَإِذا حضر الْقِسْمَة} النِّسَاء الْآيَة 8 وَالْآيَة الَّتِي فِي الحجرات {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} الحجرات الْآيَة 13 وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: إِذا خلا الرجل بأَهْله بعد الْعشَاء فَلَا يدْخل عَلَيْهِ خَادِم وَلَا صبي إِلَّا باذنه حَتَّى يُصَلِّي الْغَدَاة وَإِذا خلا

بأَهْله عِنْد الظّهْر فَمثل ذَلِك وَرخّص لَهُم فِي الدُّخُول فِيمَا بَين ذَلِك بِغَيْر إِذن وَهُوَ قَوْله {لَيْسَ عَلَيْكُم وَلَا عَلَيْهِم جنَاح بعدهن} فاما من بلغ الْحلم فَإِنَّهُ لَا يدْخل على الرجل وَأَهله إِلَّا باذن على كل حَال وَهُوَ قَوْله {وَإِذا بلغ الْأَطْفَال مِنْكُم الْحلم فليستأذنوا كَمَا اسْتَأْذن الَّذين من قبلهم} وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلَيْنِ سألاه عَن الاسْتِئْذَان فِي الثَّلَاث عورات الَّتِي أَمر الله بهَا فِي الْقُرْآن فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ان الله ستير يحب السّتْر وَكَانَ النَّاس لَيْسَ لَهُم ستور على أَبْوَابهم وَلَا حجال فِي بُيُوتهم فَرُبمَا فاجأ الرجل خادمه أَو وَلَده أَو يتيمه فِي حجره وَهُوَ على أَهله فَأَمرهمْ الله أَن يستأذنوا فِي تِلْكَ العورات الَّتِي سمى الله ثمَّ جَاءَ الله بعد بالستور وَبسط الله عَلَيْهِم فِي الرزق فاتخذوا الستور وَاتَّخذُوا الحجال فَرَأى النَّاس أَن ذَلِك قد كفاهم من الاستذان الَّذِي أمروا بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر فِي قَوْله {لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ هُوَ على الذُّكُور دون الاناث وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عمر فِي قَوْله {ثَلَاث عورات لكم لَيْسَ عَلَيْكُم وَلَا عَلَيْهِم جنَاح بعدهن طَوَّافُونَ عَلَيْكُم} قَالَ: هُوَ للاناث دون الذُّكُور أَن يدخلُوا بِغَيْر إِذن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: نزلت فِي النِّسَاء أَن يسْتَأْذن علينا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} قَالَ: النِّسَاء فَإِن الرِّجَال يستأذنون وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: هِيَ فِي النِّسَاء خَاصَّة الرِّجَال يستأذنون على كل حَال بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة قَالَ: سَأَلت الشّعبِيّ عَن هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} أمنسوخة هِيَ قَالَ: لَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم} قَالَ: أبناءكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {طَوَّافُونَ عَلَيْكُم} قَالَ: يَعْنِي بالطوّافين: الدُّخُول وَالْخُرُوج غدْوَة وَعَشِيَّة بِغَيْر إِذن وَفِي قَوْله {وَإِذا بلغ الْأَطْفَال} يَعْنِي الصغار {مِنْكُم الْحلم} يَعْنِي من الْأَحْرَار من ولد الرجل وأقاربه {فليستأذنوا كَمَا اسْتَأْذن الَّذين من قبلهم} يَعْنِي كَمَا اسْتَأْذن الْكِبَار من ولد الرجل وأقاربه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {كَمَا اسْتَأْذن الَّذين من قبلهم} قَالَ: كَمَا اسْتَأْذن الَّذين بلغُوا الْحلم من قبلهم الَّذين أمروا بالاستئذان على كل حَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: ليستأذن الرجل على أمه فانما نزلت {وَإِذا بلغ الْأَطْفَال مِنْكُم الْحلم} فِي ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن مَسْعُود أَن رجلا سَأَلَهُ اسْتَأْذن على أُمِّي فَقَالَ: نعم مَا على كل أحيانها تحب أَن ترَاهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن جَابر قَالَ: ليستأذن الرجل على وَلَده وَأمه - وَإِن كَانَت عجوزاً - وأخيه وَأُخْته وَأَبِيهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَطاء أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس اسْتَأْذن على أُخْتِي قَالَ: نعم قلت إِنَّهَا فِي حجري وَإِنِّي أنْفق عَلَيْهَا وانها معي فِي الْبَيْت اسْتَأْذن عَلَيْهَا قَالَ: نعم إِن الله يَقُول {لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم} فَلم يُؤمر هَؤُلَاءِ بالإِذن إِلَّا فِي هَؤُلَاءِ العورات الثَّلَاث قَالَ: {وَإِذا بلغ الْأَطْفَال مِنْكُم الْحلم فليستأذنوا كَمَا اسْتَأْذن الَّذين من قبلهم} فالإِذن وَاجِب على خلق الله أَجْمَعِينَ وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَأْذن على أُمِّي قَالَ: نعم أَتُحِبُّ أَن ترَاهَا عُرْيَانَة وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَطاء بن يسَار أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله اسْتَأْذن على أُمِّي قَالَ: نعم قَالَ: إِنِّي مَعهَا فِي الْبَيْت قَالَ: اسْتَأْذن عَلَيْهَا قَالَ: إِنِّي خَادِمهَا أفاستأذن عَلَيْهَا كلما دخلت قَالَ: أفتحب أَن ترَاهَا عُرْيَانَة قَالَ: لَا قَالَ: فَاسْتَأْذن عَلَيْهَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة أَنه سُئِلَ أيستأذن الرجل على والدته قَالَ: نعم إِن لم تفعل رَأَيْت مِنْهَا مَا تكره وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين فِي قَوْله {وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم} قَالَ: كَانُوا يعلمونا إِذا جَاءَ أَحَدنَا أَن نقُول السَّلَام عَلَيْكُم أَيَدْخُلُ فلَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يغلبنكم الْأَعْرَاب على اسْم صَلَاتكُمْ قَالَ الله تَعَالَى {وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء} وَإِنَّمَا الْعَتَمَة عتمة الابل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تغلبنكم الْأَعْرَاب على اسْم صَلَاتكُمْ الْعشَاء فَإِنَّمَا هِيَ فِي كتاب الله الْعشَاء وَإِنَّمَا يعتم بحلاب الإِبل وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (ثَلَاث عورات) بِالنّصب

60

- قَوْله تَعَالَى: وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن ثيابهن غير متبرجات بزينه وَأَن يستعففن خير لَهُنَّ وَالله سميع عليم أخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس {وَقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} فنسخ وَاسْتثنى من ذَلِك {وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء} قَالَ: هِيَ الْمَرْأَة لَا جنَاح عَلَيْهَا أَن تجْلِس فِي بَيتهَا بدرع وخمار وتضع عَنْهَا الجلباب مَا لم تتبرج لما يكره الله وَهُوَ قَوْله {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة} وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {أَن يَضعن ثيابهن} وَيَقُول: هِيَ الجلباب

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن ثيابهن} قَالَ: الجلباب والرداء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر فِي الْآيَة قَالَ: تضع الجلباب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء} يَقُول: الْمَرْأَة إِذا قعدت عَن النِّكَاح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء} يَعْنِي الْمَرْأَة الْكَبِيرَة الَّتِي لَا تحيض من الْكبر {اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا} يَعْنِي تزويجاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا} قَالَ: لَا يردنه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: أَخْبرنِي مُسلم مولى امْرَأَة حُذَيْفَة بن الْيَمَان أَنه خضب رَأس مولاته فَدخلت عَلَيْهَا فسألتها فَقَالَت: نعم يَا بني إِنِّي من {وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا} وَقد قَالَ الله فِي ذَلِك مَا سَمِعت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: فِي مصحف أبي بن كَعْب ومصحف ابْن مَسْعُود (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن جلابيبهن غير متبرجات) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود عَن ابْن عَبَّاس أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن (فَلَيْسَ عَلَيْهِم جنَاح أَن يَضعن جلابيبهن خير متبرجات) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن جلابيبهن غير متبرجات) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة أَنَّهَا سُئِلت: عَن الخضاب والصباغ والقرطين والخلخال وَخَاتم الذَّهَب وَثيَاب الرقَاق فَقَالَ: يَا معشر النِّسَاء قصتكن كلهَا وَاحِدَة أحل الله لَكِن الزِّينَة غير متبرجات وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَأَن يستعففن خير لَهُنَّ} قَالَ: يلبسن جلابيبهن وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَاصِم الْأَحول قَالَ:

دخلت على حَفْصَة بنت سِيرِين وَقد أَلْقَت عَلَيْهَا ثِيَابهَا فَقلت أَلَيْسَ يَقُول الله {وَالْقَوَاعِد من النِّسَاء اللَّاتِي لَا يرجون نِكَاحا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جنَاح أَن يَضعن ثيابهن} قَالَ: اقْرَأ مَا بعده {وَأَن يستعففن خير لَهُنَّ} وَهُوَ ثِيَاب الجلباب

61

- قَوْله تَعَالَى: لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج وَلَا على الْأَعْرَج حرج وَلَا على الْمَرِيض حرج وَلَا على أَنفسكُم أَن تَأْكُلُوا من بُيُوتكُمْ أَو بيُوت آبائكم أَو بيُوت أُمَّهَاتكُم أَو بيُوت إخْوَانكُمْ أَو بيُوت أخواتكم أَو بيُوت أعمامكم أَو بيُوت عماتكم أَو بيُوت أخوالكم أَو بيُوت خالاتكم أَو مَا ملكتم مفاتحه أَو صديقكم لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَو أشتاتا فَإِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة طيبَة كَذَلِك يبين الله لكم الْآيَات لَعَلَّكُمْ تعقلون أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} النِّسَاء الْآيَة 29 قَالَت الْأَنْصَار: مَا بِالْمَدِينَةِ مَال أعز من الطَّعَام كَانُوا يتحرجون أَن يَأْكُلُوا مَعَ الْأَعْمَى يَقُولُونَ: أَنه لَا يبصر مَوضِع الطَّعَام وَكَانُوا يتحرجون الْأكل مَعَ الْأَعْرَج يَقُولُونَ: الصَّحِيح يسْبقهُ إِلَى الْمَكَان وَلَا يَسْتَطِيع أَن يزاحم ويتحرجون الْأكل مَعَ الْمَرِيض يَقُولُونَ: لَا يَسْتَطِيع أَن يَأْكُل مثل الصَّحِيح وَكَانُوا يتحرجون أَن يَأْكُلُوا فِي بيُوت أقربائهم فَنزلت {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج} يَعْنِي فِي الْأكل مَعَ الْأَعْمَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقسم قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يَأْكُلُوا مَعَ الْأَعْمَى والأعرج وَالْمَرِيض لأَنهم لَا ينالون كَمَا ينَال الصَّحِيح فَنزلت {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَإِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ الرجل يذهب بالأعمى أَو

الْأَعْرَج وَالْمَرِيض إِلَى بَيت أَبِيه أَو بَيت أَخِيه أَو بَيت أُخْته أَو بَيت عَمه أَو بَيت عمته أَو بَيت خَاله أَو بَيت خَالَته فَكَانَ الزمنى يتحرجون من ذَلِك يَقُولُونَ: إِنَّمَا يذهبوا بِنَا إِلَى بيُوت غَيرهم فَنزلت هَذِه الْآيَة رخصَة لَهُم وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ الْمُسلمُونَ يرغبون فِي النفير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيدفعون مفاتيحهم إِلَى أمنائهم وَيَقُولُونَ لَهُم: قد أحلننا لكم أَن تَأْكُلُوا مِمَّا احتجتم إِلَيْهِ فَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّه لَا يحل لنا أَن نَأْكُل إِنَّهُم أذنوا لنا من غير طيب أنفسهم وَإِنَّمَا نَحن أُمَنَاء فَأنْزل الله {وَلَا على أَنفسكُم أَن تَأْكُلُوا} إِلَى قَوْله {أَو مَا ملكتم مفاتحه} وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن شهَاب أَخْبرنِي عبيد الله ابْن عبد الله وَابْن مسيب أَنه كَانَ رجال من أهل الْعلم يحدثُونَ إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي أُمَنَاء الْمُسلمين كَانُوا يرغبون فِي النفير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَبِيل الله فيعطون مفاتيحهم أمناءهم وَيَقُولُونَ لَهُم: قد أَحللنَا لكم أَن تَأْكُلُوا مِمَّا فِي بُيُوتنَا فَيَقُول الَّذين استودعوهم المفاتيح: وَالله مَا يحل لنا مِمَّا فِي بُيُوتهم شَيْء وَإِن أحلوه لنا حَتَّى يرجِعوا إِلَيْنَا وانها لأمانة ائتمنا عَلَيْهَا فَلم يزَالُوا على ذَلِك حَتَّى أنزل الله هَذِه الْآيَة فطابت أنفسهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} النِّسَاء الْآيَة 29 قَالَ الْمُسلمُونَ: إِن الله قد نَهَانَا أَن نَأْكُل أَمْوَالنَا بَيْننَا بِالْبَاطِلِ وَالطَّعَام هُوَ من أفضل الْأَمْوَال فَلَا يحل لأحد منا أَن يَأْكُل من عِنْد أحد فَكف النَّاس عَن ذَلِك فَأنْزل الله {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج} إِلَى قَوْله {أَو مَا ملكتم مفاتحه} وَهُوَ الرجل يُوكل الرجل بضيعته وَالَّذِي رخص الله أَن يَأْكُل من ذَلِك الطَّعَام وَالتَّمْر وَشرب اللَّبن وَكَانُوا أَيْضا يتحرجون أَن يَأْكُل الرجل الطَّعَام وَحده حَتَّى يكون مَعَه غَيره فَرخص الله لَهُم فَقَالَ {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَو أشتاتاً} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أهل الْمَدِينَة قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يخالطهم فِي طعامهم أعمى وَلَا مَرِيض وَلَا أعرج لِأَن الْأَعْمَى لَا يبصر طيب الطَّعَام وَالْمَرِيض لَا يَسْتَوْفِي الطَّعَام كَمَا يَسْتَوْفِي الصَّحِيح والأعرج لَا يَسْتَطِيع الْمُزَاحمَة على الطَّعَام فَنزلت رخصَة فِي مؤاكلتهم

وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خرج الْحَارِث غازياً مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَخلف على أَهله خَالِد بن زيد فحرج أَن يَأْكُل من طَعَامه وَكَانَ مجهوداً فَنزلت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي مراسيله وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج} الْآيَة مَا بَال الْأَعْمَى والأعرج وَالْمَرِيض ذكرُوا هُنَا فَقَالَ: أخبرنَا عبيد الله أَن الْمُسلمين كَانُوا إِذا غزوا أَقَامُوا أوصاتهم وَكَانُوا يدْفَعُونَ إِلَيْهِم مَفَاتِيح أَبْوَابهم يَقُولُونَ: قد أَحللنَا لكم أَن تَأْكُلُوا مِمَّا فِي بُيُوتنَا وَكَانُوا يتحرجون من ذَلِك يَقُولُونَ: لَا ندْخلهَا وهم غيب فأنزلت هَذِه الْآيَة رخصَة لَهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ هَذَا الْحَيّ من بني كنَانَة بن خُزَيْمَة يرى أحدهم أَن عَلَيْهِ مخزاة أَن يَأْكُل وَحده فِي الْجَاهِلِيَّة حَتَّى إِن كَانَ الرجل يَسُوق الذود الحفل وَهُوَ جَائِع حَتَّى يجد من يؤاكله ويشاربه فَأنْزل الله {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَو أشتاتاً} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عطرمة وَأبي صَالح قَالَا: كَانَت الْأَنْصَار إِذا نزل بهم الضَّيْف لَا يَأْكُلُون مَعَه حَتَّى يَأْكُل مَعَهم الضَّيْف فَنزلت رخصَة لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَو صديقكم} قَالَ: إِذا دخلت بَيت صديقك من غير مؤامرته ثمَّ أكلت من طَعَامه بِغَيْر إِذْنه لم يكن بذلك بَأْس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {أَو صديقكم} قَالَ: هَذَا شَيْء قد انْقَطع إِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي أَوله وَلم يكن لَهُم أَبْوَاب وَكَانَت الستور مرخاة فَرُبمَا دخل الرجل الْبَيْت وَلَيْسَ فِيهِ أحد فَرُبمَا وجد الطَّعَام وَهُوَ جَائِع فسوّغ لَهُ الله أَن يَأْكُلهُ قَالَ: وَذهب ذَلِك الْيَوْم الْبيُوت فِيهَا أَهلهَا فَإِذا خَرجُوا أغلقوا فقد ذهب ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم} يَقُول: إِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَهلهَا تَحِيَّة من عِنْد الله وَهُوَ السَّلَام لِأَنَّهُ اسْم الله وَهُوَ تَحِيَّة أهل الْجنَّة

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: إِذا دخلت على أهلك فَسلم عَلَيْهِم تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة طيبَة قَالَ أَبُو الزبير: مَا رَأَيْته إِلَّا أوجبه وَأخرج الْحَاكِم عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا دَخَلْتُم بُيُوتكُمْ فَسَلمُوا على أَهلهَا واذا طَعِمْتُمْ فاذكروا اسْم الله وَإِذا سلم أحدكُم حِين يدْخل بَيته وَذكر اسْم الله على طَعَامه يَقُول الشَّيْطَان لأَصْحَابه: لَا مبيت لكم وَلَا عشَاء وَإِذا لم يسلم أحدكُم وَلم يسم يَقُول الشَّيْطَان لأَصْحَابه: أدركتم الْمبيت وَالْعشَاء وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن جَابر أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِذا دخل الرجل بَيته فَذكر الله عِنْد دُخُوله وَعند طَعَامه قَالَ الشَّيْطَان: لَا مبيت لكم وَلَا عشَاء فَإِذا دخل فَلم يذكر الله عِنْد دُخُوله قَالَ الشَّيْطَان: أدركتم الْمبيت وَإِن لم يذكر الله عِنْد طَعَامه قَالَ الشَّيْطَان: أدركتم الْمبيت وَالْعشَاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا دخل بَيته يَقُول السَّلَام علينا من رَبنَا التَّحِيَّات الطَّيِّبَات المباركات لله سَلام عَلَيْكُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عَطاء قَالَ: إِذا دخلت على أهلك فَقل: السَّلَام عَلَيْكُم تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة طيبَة فَإِذا لم يكن فِيهِ أحد فَقل: السَّلَام علينا من رَبنَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ماهان فِي قَوْله {فَإِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم} قَالَ: يَقُول السَّلَام علينا من رَبنَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي البخْترِي قَالَ: جَاءَ الاشعث بن قيس وَجَرِير بن عبد الله البَجلِيّ إِلَى سلمَان فَقَالَا: جئْنَاك من عِنْد أَخِيك أبي الدَّرْدَاء قَالَ: فَأَيْنَ هديته الَّتِي أرسلها مَعَكُمَا فالا: مَا أرسل مَعنا بهدية قَالَ: اتقيا الله وأديا الْأَمَانَة مَا جَاءَنِي أحد من عِنْده إِلَّا جَاءَ مَعَه بهدية قَالَا: وَالله مَا بعث مَعنا شَيْئا إِلَّا أَنه قَالَ: اقرؤوه مني السَّلَام قَالَ: فَأَي هَدِيَّة كنت أُرِيد مِنْكُمَا غير هَدِيَّة وَأي هَدِيَّة أفضل من السَّلَام تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة طيبَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سلمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من سره أَن لَا يجد الشَّيْطَان عِنْده طَعَاما وَلَا مقيلا وَلَا مبيتا فليسلم إِذا دخل بَيته وليسم على طَعَامه وَأخرج ابْن عدي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ أحدكُم على حجرته ليدْخل فليسم الله فَإِنَّهُ يرجع قرينه من الشَّيْطَان الَّذِي مَعَه وَلَا يدْخل فَإِذا دَخَلْتُم فَسَلمُوا فَأَنَّهُ يخرج ساكنه مِنْهُم وَإِذا وضع الطَّعَام فسموا فَإِنَّكُم تدحرون الْخَبيث إِبْلِيس عَن أرزاقكم وَلَا يشرككم فِيهَا وَإِذا ارتحلتم دَابَّة فسموا الله حِين تضعون أول حلْس فَإِن كل دَابَّة معتقدة وَإِنَّكُمْ إِذا سميتم حططتموه عَن ظهرهَا وَإِن نسيتم ذَلِك شرككم فِي مراكبكم وَلَا تبيتوا منديل الْغمر مَعكُمْ فِي الْبَيْت فَأَنَّهُ بَيت الشَّيْطَان ومضجعه وَلَا تتركوا الْعِمَامَة ممسية إِذا جمعت فِي جَانب الْحُجْرَة فَإِنَّهَا مقْعد الشَّيْطَان وَلَا تسكنوا بُيُوتًا غير مغلقة وَلَا تفترشوا الزبالا الَّتِي تُفْضِي إِلَى ظُهُور الدَّوَابّ وَلَا تبيتوا على سطح لَيْسَ بمحجور وَإِذا سَمِعْتُمْ نباح الْكلاب أَو نهيق الْحمار فاستعيذوا بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَإِنَّهُمَا لَا يريان الشَّيْطَان إِلَّا نبح الْكَلْب ونهق الْحمار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ للاسلام ضِيَاء وعلامات كمنار الطَّرِيق فرأسها وجماعها شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله واقام الصَّلَاة وايتاء الزَّكَاة وَتَمام الْوضُوء وَالْحكم بِكِتَاب الله وَسنة نبيه وَطَاعَة وُلَاة الْأَمر وتسليمكم على أَنفسكُم وتسليمكم إِذا دَخَلْتُم بُيُوتكُمْ وتسليمكم على بني آدم إِذا لقيتموهم وَأخرج الْبَزَّار وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أنس قَالَ: أَوْصَانِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخمْس خِصَال قَالَ أَسْبغ الْوضُوء يزدْ فِي عمركن وَسلم على من لقيك من أمتِي تكْثر حَسَنَاتك وَإِذا دخلت بَيْتك فَسلم على أهل بَيْتك يكثر خير بَيْتك وصل صَلَاة الضُّحَى فَإِنَّهَا صَلَاة الْأَوَّابِينَ قبلك يَا أنس ارْحَمْ الصَّغِير وَوقر الْكَبِير تكن من رُفَقَائِي يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم} قَالَ: هُوَ الْمَسْجِد إِذا دَخلته فَقل: السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَالك قَالَ: إِذا دخلت بَيْتا فِيهِ نَاس من الْمُسلمين فَسلم عَلَيْهِم وَإِن لم يكن فِيهِ أحد أَو كَانَ فِيهِ نَاس من الْمُشْركين فَقل: السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن عمر قَالَ: إِذا دخل الْبَيْت غير المسكون أَو الْمَسْجِد فيلقل: السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: إِذا دخلت بَيْتك وَلَيْسَ فِيهِ أحد أَو بَيت غَيْرك فَقل: بِسم الله وَالْحَمْد لله السَّلَام علينا من رَبنَا السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم} قَالَ: إِذا دخلت بَيْتك فَسلم على أهلك وَإِذا دخلت بَيْتا لَا أحد فِيهِ فَقل: السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين فَإِنَّهُ كَانَ يُؤمر بذلك وَحدثنَا أَن الْمَلَائِكَة ترد عَلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {فَسَلمُوا على أَنفسكُم} قَالَ: ليسلم بَعْضكُم على بعض كَقَوْلِه {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} النِّسَاء الْآيَة 29 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {فَسَلمُوا على أَنفسكُم} قَالَ: إِذا دخل الْمُسلم على الْمُسلم سلم عَلَيْهِ مثل قَوْله {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} النِّسَاء الْآيَة 29 إِنَّمَا هُوَ لَا تقتل أَخَاك الْمُسلم وَقَوله {ثمَّ أَنْتُم هَؤُلَاءِ تقتلون أَنفسكُم} الْبَقَرَة الْآيَة 85 قَالَ: يقتل بَعْضكُم بَعْضًا قُرَيْظَة وَالنضير وَقَوله {جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} الرّوم الْآيَة 21 كَيفَ يكون زوج الإِنسان من نَفسه إِنَّمَا هِيَ جعل لكم أرواحاا من بني آدم وَلم يَجْعَل من الإِبل وَالْبَقر وكل شَيْء فِي الْقُرْآن على هَذَا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَسَلمُوا على أَنفسكُم} قَالَ: بَعْضكُم على بعض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا أخذت التَّشَهُّد إِلَّا من كتاب الله

سَمِعت الله يَقُول {فَإِذا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلمُوا على أَنفسكُم تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة طيبَة} فالتشهد فِي الصَّلَاة التَّحِيَّات المباركات الطَّيِّبَات لله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ثَابت بن عبيد قَالَ: أتيت ابْن عمر قبل الْغَدَاة وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد فَقَالَ لي: أَلا سلمت حِين جِئْت فانها تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة

62

- قَوْله تَعَالَى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع لم يذهبوا حَتَّى يستأذنوه إِن الَّذين يَسْتَأْذِنُونَك أُولَئِكَ الَّذين يُؤمنُونَ بِاللَّه وَرَسُوله فَإِذا استأذنوك لبَعض شَأْنهمْ فَأذن لمن شِئْت مِنْهُم واستغفرلهم الله إِن الله غَفُور رَحِيم لاتجعلوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا قد يعلم الله الَّذين يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُم لِوَاذًا فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره أَن تصيبهم فتْنَة أَو يصيبهم عَذَاب أَلِيم أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَا: لما أَقبلت قُرَيْش عَام الْأَحْزَاب نزلُوا بمجمع الأسيال من بِئْر رومة بِالْمَدِينَةِ قائدها أَبُو سُفْيَان وَأَقْبَلت غطفان حَتَّى نزلُوا بتغمين إِلَى جَانب أحد وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَبَر وَضرب الخَنْدَق على الْمَدِينَة وَعمل فِيهِ وَعمل الْمُسلمُونَ فِيهِ وابطأ رجال من الْمُنَافِقين وَجعلُوا يورون بالضعيف من الْعَمَل فيتسللون إِلَى أَهْليهمْ بِغَيْر علم من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا اذن وَجعل الرجل من الْمُسلمين إِذا نابته النائبة من الْحَاجة الَّتِي لابد مِنْهَا يذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويستأذنه فِي اللحوق لِحَاجَتِهِ فَيَأْذَن لَهُ فَإِذا قضى حَاجته رَجَعَ فَأنْزل الله فِي أُولَئِكَ الْمُؤمنِينَ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع} إِلَى قَوْله {وَالله بِكُل شَيْء عليم} النُّور الْآيَة 64 وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع لم يذهبوا حَتَّى يستأذنوه}

قَالَ: ذَلِك فِي الْغَزْو وَالْجُمُعَة وَإِذن الإِمام يَوْم الْجُمُعَة: أَن يُشِير بِيَدِهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن مَكْحُول فِي قَوْله {وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع} قَالَ: إِذا جمعهم لأمر حزبهم من الْحَرْب وَنَحْوه لم يذهبوا حَتَّى يستأذنوه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: هِيَ فِي الْجِهَاد وَالْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {على أَمر جَامع} قَالَ: من طَاعَة الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ النَّاس يستأذنون فِي الْجُمُعَة وَيَقُولُونَ: هَكَذَا ويشيرون بِثَلَاث أَصَابِع فَلَمَّا كَانَ زِيَاد كثر عَلَيْهِ فَاغْتَمَّ فَقَالَ: من أمسك على أُذُنه فَهُوَ أُذُنه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مَكْحُول فِي الْآيَة قَالَ: يعْمل بهَا الْآن فِي الْجُمُعَة والزحف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِسْمَعِيل بن عَيَّاش قَالَ: رَأَيْت عَمْرو بن قيس السكونِي يخْطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو المدلَّهْ الْيحصبِي فِي شَيْء وجده فِي بَطْنه فَأَشَارَ إِلَيْهِ عَمْرو بِيَدِهِ أَي انْصَرف فَسَأَلت عمرا وَأَبا المدلَّهْ فَقَالَ: هَكَذَا كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنعون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: يَا مُحَمَّد يَا أَبَا الْقَاسِم فنهاهم الله عَن ذَلِك اعظاما لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا نَبِي الله يَا رَسُول الله وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} يَعْنِي كدعاء أحدكُم إِذا دَعَا أَخَاهُ باسمه وَلَكِن وقروه وعظموه وَقُولُوا لَهُ: يَا رَسُول الله وَيَا نَبِي الله وَأخرج عبد الْغَنِيّ بن سعيد فِي تَفْسِيره وَأَبُو نعيم فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم بَعْضًا} يُرِيد وَلَا تصيحوا بِهِ من

بعيد: يَا أَبَا الْقَاسِم وَلَكِن كَمَا قَالَ الله فِي الحجرات {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول الله} الحجرات الْآيَة 3 وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: أَمرهم الله أَن يَدعُوهُ: يَا رَسُول الله فِي لين وتواضع وَلَا يَقُولُوا: يَا مُحَمَّد فِي تجهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أَمر الله أَن يهاب نبيه وَأَن يُبَجَّلَ وَأَن يعظم وَأَن يفخم ويشرف وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: لَا تَقولُوا يَا مُحَمَّد وَلَكِن قُولُوا يَا رَسُول الله وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير وَالْحسن مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم} يَقُول: دَعْوَة الرَّسُول عَلَيْكُم مُوجبَة فاحذرها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الشّعبِيّ فِي الْآيَة قَالَ: لَا تجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُول بَيْنكُم كدعاء بَعْضكُم على بعض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله {قد يعلم الله الَّذين يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُم لِوَاذًا} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ كَانَ يثقل عَلَيْهِم الحَدِيث فِي يَوْم الْجُمُعَة - وَيَعْنِي بِالْحَدِيثِ الْخطْبَة - فيلوذون بِبَعْض الصَّحَابَة حَتَّى يخرجُوا من الْمَسْجِد وَكَانَ لَا يصلح للرجل أَن يخرج من الْمَسْجِد إِلَّا بِإِذن من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم الْجُمُعَة بَعْدَمَا يَأْخُذ فِي الْخطْبَة وَكَانَ إِذا أَرَادَ أحدهم الْخُرُوج أَشَارَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَأْذَن لَهُ من غير أَن يتَكَلَّم الرجل لِأَن الرجل مِنْهُم كَانَ اذا تكلم وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب بطلت جمعته وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن مقَاتل قَالَ: كَانَ لَا يخرج أحد لرعاف أَو أَحْدَاث حَتَّى يسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُشِير إِلَيْهِ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تلِي الابهام فَيَأْذَن لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُشِير إِلَيْهِ بِيَدِهِ وَكَانَ من الْمُنَافِقين من يثقل عَلَيْهِ الْخطْبَة وَالْجُلُوس فِي الْمَسْجِد فَكَانَ إِذا اسْتَأْذن رجل من الْمُسلمين قَامَ الْمُنَافِق إِلَى جنبه يسْتَتر بِهِ حَتَّى يخرج فَأنْزل الله {قد يعلم الله الَّذين يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُم لِوَاذًا}

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {قد يعلم الله الَّذين يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُم لِوَاذًا} قَالَ: يَتَسَلَّلُونَ عَن نَبِي الله وَعَن كِتَابه وَعَن ذكره وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لِوَاذًا} قَالَ: خلافًا وَأخرج عبد بن حميد عَن سُفْيَان {قد يعلم الله الَّذين يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُم لِوَاذًا} قَالَ: يَتَسَلَّلُونَ من الصَّفّ فِي الْقِتَال {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره أَن تصيبهم فتْنَة} قَالَ: أَن يطبع على قُلُوبهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن بن صَالح قَالَ: إِنِّي لخائف على من ترك الْمسْح على الْخُفَّيْنِ أَن يكون دَاخِلا فِي هَذِه الْآيَة {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره أَن تصيبهم فتْنَة أَو يصيبهم عَذَاب أَلِيم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: نهي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه أَن يقاتلوا نَاحيَة من خَيْبَر فَانْصَرف الرِّجَال عَنْهُم وَبَقِي رجل فَقَاتلهُمْ فَرَمَوْهُ فَقَتَلُوهُ فجيء بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أبعد مَا نهينَا عَن الْقِتَال فَقَالُوا: نعم فَتَركه وَلم يصل عَلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد قَالَ: أَشد حَدِيث سمعناه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله فِي سعد بن معَاذ فِي أَمر الْقَبْر وَلما كَانَت غَزْوَة تَبُوك قَالَ لَا يخرج مَعنا إِلَّا رجل مُقْوٍ فَخرج رجل على بكر لَهُ صَعب فصرعه فَمَاتَ فَقَالَ النَّاس: الشَّهِيد الشَّهِيد فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَالًا أَن يُنَادي فِي النَّاس لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نفس مُؤمنَة وَلَا يدْخل الْجنَّة عَاص وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن زيد بن أسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه ذَات يَوْم وَهُوَ مُسْتَقْبل الْعَدو: لَا يُقَاتل أحد مِنْكُم فَعمد رجل مِنْهُم وَرمى الْعَدو وَقَاتلهمْ فَقَتَلُوهُ فَقيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسشتهد فلَان فَقَالَ: أبعد مَا نهيت عَن الْقِتَال قَالُوا: نعم قَالَ لَا يدْخل الْجنَّة عَاص وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {لَا يستأذنك الَّذين يُؤمنُونَ بِاللَّه} قَالَ: كَانَ لَا يَسْتَأْذِنهُ إِذا غزا إِلَّا المُنَافِقُونَ فَكَانَ لَا يحل لأحد أَن يسْتَأْذن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو يتَخَلَّف بعده إِذا غزا وَلَا تَنْطَلِق سَرِيَّة إِلَّا باذنه وَلم يَجْعَل الله للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَأْذَن لأحد حَتَّى نزلت الْآيَة {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وَإِذا كَانُوا مَعَه على أَمر جَامع}

يَقُول: أَمر طَاعَة {لم يذهبوا حَتَّى يستأذنوه} فَجعل الاذن إِلَيْهِ يَأْذَن لمن يَشَاء فَكَانَ إِذا جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس لأمر يَأْمُرهُم وينهاهم صَبر الْمُؤْمِنُونَ فِي مجَالِسهمْ وأحبوا مَا أحدث لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا يُوحى إِلَيْهِ وَبِمَا أَحبُّوا وكرهوا فَإِذا كَانَ شَيْء مِمَّا يكره المُنَافِقُونَ خَرجُوا يَتَسَلَّلُونَ يلوذ الرجل بِالرجلِ يسْتَتر لكَي لَا يرَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الله تَعَالَى: إِن الله تَعَالَى يبصر الَّذين يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُم لِوَاذًا

64

- قَوْله تَعَالَى: أَلا إِن لله مافي السَّمَوَات وَالْأَرْض قد يعلم مَا أَنْتُم عَلَيْهِ وَيَوْم يرجعُونَ إِلَيْهِ فينبئهم بِمَا عمِلُوا وَالله بِكُل شَيْء عليم أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قد يعلم مَا أَنْتُم عَلَيْهِ} الْآيَة قَالَ: مَا كَانَ قوم قطّ على أَمر وَلَا على حَال إِلَّا كاانوا بِعَين الله وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهِم شَاهد من الله وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقْرَأ هَذِه الْآيَة يَعْنِي خَاتِمَة سُورَة النُّور وَهُوَ عَاجل أصبعيه تَحت عَيْنَيْهِ يَقُول (وَالله بِكُل شَيْء بَصِير) وَالله أعلم

سُورَة الْفرْقَان مَكِّيَّة وآياتها سبع وَسَبْعُونَ مُقَدّمَة سُورَة الْفرْقَان أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْفرْقَان بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة الْفرْقَان وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: سَمِعت هِشَام بن حَكِيم يقْرَأ سُورَة الْفرْقَان فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَمَعْت لقرَاءَته فاذا هُوَ يقْرَأ على حُرُوف كَثِيرَة لم يقرئنيها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكدت أساوره فِي الصَّلَاة فتصبرت حَتَّى سلم فلببته بردائه فَقلت: من أَقْرَأَك هَذِه السُّورَة الَّتِي سَمِعتك تقْرَأ قَالَ: أَقْرَأَنيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: كذبت فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقْرَأَنيهَا على غير مَا قَرَأت فَانْطَلَقت بِهِ أقوده إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: أَنى سَمِعت هَذَا يقْرَأ سُورَة الْفرْقَان على حُرُوف لم تقرئنيها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لهشام: اقْرَأ فَقَرَأَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَذَلِك أنزلت ثمَّ قَالَ: اقْرَأ يَا عمر فَقَرَأت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَذَلِك أنزلت إِن هَذَا الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف فاقرأوا مَا تيَسّر مِنْهُ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الصُّبْح فَقَرَأَ سُورَة الْفرْقَان فاسقط آيَة فَلَمَّا سلم قَالَ: هَل فِي الْقَوْم أبي فَقَالَ أبي: هَا أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ: ألم أسقط آيَة قَالَ: بلَى قَالَ: فَلم لم تفتحها عَليّ قَالَ: حسبتها آيَة نسخت قَالَ: لَا وَلَكِنِّي أسقطتها وَالله تَعَالَى أعلم - بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

الفرقان

تبَارك الَّذِي نزل الْفرْقَان على عَبده ليَكُون للْعَالمين نذيرا الَّذِي لَهُ ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَخلق كل شَيْء

فقدره تَقْديرا وَاتَّخذُوا من دونه آلِهَة لَا يخلقون شَيْئا وهم يخلقون وَلَا يملكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضرا ولانفعا وَلَا يملكُونَ موتا ولاحياة وَلَا نشورا وَقَالَ الَّذين كفرُوا إِن هَذَا إِلَّا إفْك افتراه وأعانه عَلَيْهِ قوم آخَرُونَ فقد جاؤوا ظلما وزوراً وَقَالُوا أساطير الْأَوَّلين اكتتبها فَهِيَ تملى عَلَيْهِ بكرَة وَأَصِيلا قل أنزلهُ الَّذِي يعلم السِّرّ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إِنَّه كَانَ غَفُورًا رحِيما وَقَالُوا مَا لهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام وَيَمْشي فِي الْأَسْوَاق لَوْلَا أنزل إِلَيْهِ ملك فَيكون مَعَه نذيراً أَو يلقى إِلَيْهِ كنز أَو تكون لَهُ جنَّة يَأْكُل مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تتبعون إِلَّا رجلا مسحورا أنظر كَيفَ ضربوا لَك الْأَمْثَال فضلوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا تبَارك الَّذِي إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار وَيجْعَل لَك قصورا بل كذبُوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تبَارك تفَاعل من الْبركَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {تبَارك الَّذِي نزل الْفرْقَان على عَبده} قَالَ: هُوَ الْقُرْآن فِيهِ حَلَال الله وَحَرَامه وشرائعه وَدينه فرق الله بِهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل {ليَكُون للْعَالمين نذيراً} قَالَ: بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَذِير من الله لينذر النَّاس بَأْس الله وَوَقَائعه بِمن خلا قبلكُمْ {وَخلق كل شَيْء فقدره تَقْديرا} قَالَ: بَين لكل شَيْء من خلقه صَلَاحه وَجعل ذَلِك بِقدر مَعْلُوم {وَاتَّخذُوا من دونه آلِهَة} قَالَ: هِيَ هَذِه الْأَوْثَان الَّتِي تعبد من دون الله {لَا يخلقون شَيْئا وهم يخلقون} وَهُوَ الله الْخَالِق الرازق وَهَذِه الْأَوْثَان تُخْلَقُ وَلَا تخلقُ شَيْئا وَلَا تضر وَلَا تَنْفَع وَلَا تملك موتا وَلَا حَيَاة وَلَا نشوراً يَعْنِي بعثاً {وَقَالَ الَّذين كفرُوا إِن هَذَا} هَذَا قَول مُشْركي الْعَرَب {إِلَّا إفْك} هُوَ الْكَذِب {افتراه وأعانه عَلَيْهِ} أَي على حَدِيثه هَذَا

وَأمره {قوم آخَرُونَ فقد جاؤوا} فقد أَتَوا {ظلما وزوراً} {وَقَالُوا أساطير الْأَوَّلين} قَالَ: كذب الْأَوَّلين وأحاديثهم {وَقَالُوا مَا لهَذَا الرَّسُول} قَالَ: عجب الْكفَّار من ذَلِك أَن يكون رَسُول {يَأْكُل الطَّعَام وَيَمْشي فِي الْأَسْوَاق لَوْلَا أنزل إِلَيْهِ ملك فَيكون مَعَه نذيراً أَو يلقى إِلَيْهِ كنز أَو تكون لَهُ جنَّة يَأْكُل مِنْهَا} قَالَ الله يرد عَلَيْهِم {تبَارك الَّذِي إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك} يَقُول: خيرا مِمَّا قَالَ الْكفَّار من الْكَنْز وَالْجنَّة {جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار وَيجْعَل لَك قصوراً} قَالَ: وَإنَّهُ وَالله من دخل الْجنَّة ليصيبن قصوراً لَا تبلى وَلَا تهدم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن افك فَهُوَ كذب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وأعانه عَلَيْهِ قوم آخَرُونَ} قَالَ: يهود {فقد جاؤوا ظلما وزوراً} قَالَ: كذبا وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَن عتبَة وَشَيْبَة ابْني ربيعَة وَأَبا سُفْيَان بن حَرْب وَأَبا سُفْيَان بن حَرْب وَالنضْر بن الْحَارِث وَأَبا البخْترِي وَالْأسود بن الْمطلب وَزَمعَة بن الْأسود والوليد بن الْمُغيرَة وَأَبا جهل بن هِشَام وَعبد الله بن أُميَّة وَأُميَّة بن خلف والعاصي بن وَائِل وَنبيه بن الْحجَّاج اجْتَمعُوا فَقَالَ بَعضهم لبَعض: ابْعَثُوا إِلَى مُحَمَّد فكلموه وخاصموه حَتَّى تعذروا مِنْهُ فبعثوا إِلَيْهِ أَن أَشْرَاف قَوْمك قد اجْتَمعُوا لَك ليكلموك قَالَ: فَجَاءَهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّد انا بعثنَا إِلَيْك لنعذر مِنْك فَإِن كنت إِنَّمَا جِئْت بِهَذَا الحَدِيث تطلب بِهِ مَالا جَمعنَا لَك من أَمْوَالنَا وَإِن كنت تطلب الشّرف فَنحْن نسودك وَإِن كنت تُرِيدُ ملكا ملكناك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَالِي مِمَّا تقولن: مَا جِئتُكُمْ بِهِ أطلب أَمْوَالكُم وَلَا الشّرف فِيكُم وَلَا الْملك عَلَيْكُم وَلَكِن الله بَعَثَنِي إِلَيْكُم رَسُولا وَأنزل عليَّ كتابا وَأَمرَنِي أَن أكون لكم بشيراً وَنَذِيرا فبلغتكم رِسَالَة رَبِّي وَنَصَحْت لكم فَإِن تقبلُوا مني مَا جِئتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حظكم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِن تردوه عَليّ أَصْبِر لأمر الله حَتَّى يحكم الله بيني وَبَيْنكُم قَالُوا: يَا مُحَمَّد فَإِن كنت غير قَابل منا شَيْئا مِمَّا عرضنَا عَلَيْك [] قَالُوا:

فاذا لم تقبل هَذَا فسل لنَفسك وسل رَبك أَن يبْعَث مَعَك ملكا يصدقك بِمَا تَقول ويراجعنا عَنْك وسله أَن يَجْعَل لَك جنَانًا وقصوراً من ذهب وَفِضة تغنيك عَمَّا تبتغي - فَإنَّك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كَمَا نلتمسه - حَتَّى نَعْرِف فضلك ومنزلتك من رَبك إِن كنت رَسُولا كَمَا تزْعم فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أَنا بفاعل مَا أَنا بِالَّذِي يسْأَل ربه هَذَا وَمَا بُعثتُ إِلَيْكُم بِهَذَا وَلَكِن الله بَعَثَنِي بشيراً وَنَذِيرا فَأنْزل الله فِي قَوْلهم ذَلِك {وَقَالُوا مَا لهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام} إِلَى قَوْله {وَجَعَلنَا بَعْضكُم لبَعض فتْنَة أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبك بَصيرًا} أَي جعلت بَعْضكُم لبَعض بلَاء لتصبروا وَلَو شِئْت أَن أجعَل الدُّنْيَا مَعَ رَسُولي فَلَا تخالفوه لفَعَلت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تتبعون} قَالَه الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأَصْحَابه يَوْم دَار الندوة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أنظر كَيفَ ضربوا لَك الْأَمْثَال فضلوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا} قَالَ: مخرجا يخرجهم من الْأَمْثَال الَّتِي ضربوا لَك وَفِي قَوْله {تبَارك الَّذِي إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك جنَّات تجْرِي} قَالَ: حَوَائِط {وَيجْعَل لَك قصورا} قَالَ: بُيُوتًا مبينَة مشيدة كَانَت قُرَيْش ترى الْبَيْت من حِجَارَة قصراً كَائِنا مَا كَانَ وَأخرج الواحدي وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما عير الْمُشْركُونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالفاقة قَالُوا {مَا لهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام وَيَمْشي فِي الْأَسْوَاق} حزن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك فَنزل جِبْرِيل فَقَالَ: إِن رَبك يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول {وَمَا أرسلنَا قبلك من الْمُرْسلين إِلَّا أَنهم ليأكلون الطَّعَام ويمشون فِي الْأَسْوَاق} ثمَّ أَتَاهُ رضوَان خَازِن الْجنان وَمَعَهُ سفط من نور يتلألأ فَقَالَ: هَذِه مَفَاتِيح خَزَائِن الدُّنْيَا فَنظر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جِبْرِيل كالمستشير لَهُ فَضرب جِبْرِيل إِلَى الأَرْض أَن تواضع فَقَالَ: يَا رضوَان لَا حَاجَة لي فِيهَا فَنُوديَ: أَن ارْفَعْ بَصرك فَرفع فَإِذا السَّمَوَات فتحت أَبْوَابهَا إِلَى الْعَرْش وبدت جنَّات عدن فَرَأى منَازِل الْأَنْبِيَاء وعرفهم وَإِذا مَنَازِله فَوق منَازِل الْأَنْبِيَاء فَقَالَ: رضيت ويرون أَن هَذِه الْآيَة أنزلهَا رضوَان {تبَارك الَّذِي إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك}

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن خَيْثَمَة قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن شِئْت أعطيناك خَزَائِن الأَرْض ومفاتيحها مَا لم يُعْط نَبِي قبلك وَلَا يعطاه أحد بعْدك وَلَا ينْقصك ذَلِك مِمَّا لَك عِنْد الله شَيْئا وَإِن شِئْت جمعتها لَك فِي الْآخِرَة قَالَ: اجمعها لي فِي الْآخِرَة فَأنْزل الله {تبَارك الَّذِي إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار وَيجْعَل لَك قصوراً} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ بَيْنَمَا جِبْرِيل عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ قَالَ هَذَا ملك تدلى من السَّمَاء إِلَى الأَرْض مَا نزل إِلَى الأَرْض قطّ قبلهَا اسْتَأْذن ربه فِي زيارتك فَأذن لَهُ فَلم يلبث ان جَاءَ فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله قَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام قَالَ: إِن الله يُخْبِرك إِن شِئْت أَن يعطيك من خَزَائِن كل شَيْء ومفاتيح كل شَيْء لم يُعْط أحد قبلك وَلَا يُعْطِيهِ أحدا بعْدك وَلَا ينْقصك مِمَّا دخر لَك عِنْده شَيْئا فَقَالَ: لَا بل يجمعهما لي فِي الْآخِرَة جَمِيعًا فَنزلت {تبَارك الَّذِي إِن شَاءَ جعل لَك خيرا من ذَلِك}

12

- قَوْله تَعَالَى: إِذا رأتهم من مَكَان بعيد سمعُوا لَهَا تغيظا ونفيرا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {إِذا رأتهم من مَكَان بعيد} قَالَ: من مسيرَة مائَة عَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مَكْحُول عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كذب عليّ مُتَعَمدا فليتبوّأ مقْعدا من بَين عَيْني جَهَنَّم قَالُوا: يَا رَسُول الله وَهل لِجَهَنَّم من عين قَالَ: نعم أما سَمِعْتُمْ الله يَقُول {إِذا رأتهم من مَكَان بعيد} فَهَل تراهم إِلَّا بعينين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق خَالِد بن دريك عَن رجل من الصَّحَابَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يقل عليَّ مَا لم أقل أَو ادّعى إِلَى غير وَالِديهِ أَو انْتَمَى إِلَى غير موَالِيه فَليَتَبَوَّأ بَين عَيْني جَهَنَّم مقْعدا قيل: يَا رَسُول الله وَهل لَهَا من عينين قَالَ: نعم أما سَمِعْتُمْ الله يَقُول {إِذا رأتهم من مَكَان بعيد}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن العَبْد ليجر إِلَى النَّار فتشهق إِلَيْهِ شهقة البغلة إِلَى الشّعير ثمَّ تزفر زفرَة لَا يبْقى أحد إِلَّا خَافَ وَإِن الرجل من أهل النَّار مَا بَين شحمة أُذُنَيْهِ وَبَين مَنْكِبَيْه مسيرَة سبعين سنة وَإِن فِيهَا لأودية من قيح تكال ثمَّ تصب فِي فِيهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبيد بن عُمَيْر فِي قَوْله {سمعُوا لَهَا تغيظاً وزفيراً} قَالَ: إِن جَهَنَّم لتزفر زفرَة لَا يبْقى ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل إِلَّا ترْعد فرائصه حَتَّى أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ليجثوا على رُكْبَتَيْهِ وَيَقُول: يَا رب لَا أَسأَلك الْيَوْم إِلَّا نَفسِي وَأخرج ابْن وهب فِي الْأَهْوَال عَن العطاف بن خَالِد قَالَ: يُؤْتى بجهنم يَوْمئِذٍ يَأْكُل بَعْضهَا بَعْضًا يَقُودهَا سَبْعُونَ ألف ملك فَإِذا رَأَتْ النَّاس فَذَلِك قَوْله {إِذا رأتهم من مَكَان بعيد سمعُوا لَهَا تغيظاً وزفيراً} زفرت زفرَة لَا يبْقى نَبِي وَلَا صديق إِلَّا برك لِرُكْبَتَيْهِ وَيَقُول: يَا رب نَفسِي نَفسِي وَيَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أمتِي أمتِي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مغيث بن سمي قَالَ: مَا خلق الله من شَيْء إِلَّا وَهُوَ يسمع زفير جَهَنَّم غدْوَة وَعَشِيَّة إِلَّا الثقلَيْن الَّذين عَلَيْهِم الْحساب وَالْعِقَاب وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِذا رأتهم من مَكَان بعيد} قَالَ: من مسيرَة مائَة عَام وَذَلِكَ إِذا أُتِي بجهنم تقاد بسبعين ألف زِمَام يشد بِكُل زِمَام سَبْعُونَ ألف ملك لَو تركت لأتت على كل بر وَفَاجِر {سمعُوا لَهَا تغيظاً وزفيراً} تزفر زفرَة لَا يبْقى قَطْرَة من دمع إِلَّا بدرت ثمَّ تزفر الثَّانِيَة فتقطع الْقُلُوب من أماكنها وتبلغ الْقُلُوب الْحَنَاجِر وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن كَعْب قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله الأوّلين والآخرين فِي صَعِيد وَاحِد وَنزلت الْمَلَائِكَة صُفُوفا فَيَقُول الله لجبريل: ائْتِ بجهنم فَيَأْتِي بهَا تقاد بسبعين ألف زِمَام حَتَّى إِذا كَانَت من الْخَلَائق على قدر مائَة عَام زفرت زفرَة طارت لَهَا أَفْئِدَة الْخَلَائق ثمَّ تزفر زفرَة ثَانِيَة فَلَا يبْقى ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل إِلَّا جثى لِرُكْبَتَيْهِ ثمَّ تزفر الثَّالِثَة فتبلغ الْقُلُوب الْحَنَاجِر وتذهل الْعُقُول فَيفزع كل أمرئ إِلَى عمله حَتَّى أَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: بخلتي لَا أَسأَلك إِلَّا نَفسِي وَيَقُول مُوسَى: بمناجاتي لَا أَسأَلك إِلَّا نَفسِي وَيَقُول عِيسَى:

بِمَا أكرمتني لَا أَسأَلك إِلَّا نَفسِي لَا أَسأَلك مَرْيَم الَّتِي ولدتني وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أمتِي أمتِي لَا أَسأَلك الْيَوْم نَفسِي فَيُجِيبهُ الْجَلِيل جلّ جَلَاله أَلا إِن أوليائي من أمتك لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ فَوَعِزَّتِي لَا قرن عَيْنك فِي أمتك ثمَّ تقف الْمَلَائِكَة بَين يَدي الله تَعَالَى ينتظرون مَا يؤمرون

13

- قَوْله تَعَالَى: وَإِذا ألقوا مِنْهَا مَكَانا ضيقا مُقرنين دعوا هُنَالك ثبورا لَا تدعوا الْيَوْم ثبوراً وَاحِدًا وَادعوا ثبورا كثيرا أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن أبي أسيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن قَول الله {وَإِذا ألقوا مِنْهَا مَكَانا ضيقا مُقرنين} قَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَنهم ليستكرهون فِي النَّار كَمَا يستكره الوتد فِي الْحَائِط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طرق عَن قَتَادَة عَن أبي أَيُّوب عَن عبد الله بن عمر {وَإِذا ألقوا مِنْهَا مَكَانا ضيقا} قَالَ: مثل الزج فِي الرمْح وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ ذكر لنا أَن عبد الله كَانَ يَقُول: إِن جَهَنَّم لتضيق على الْكَافِر كضيق الزج على الرمْح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله {مُقرنين} قَالَ: مكتفين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {دعوا هُنَالك ثبوراً} قَالَ: دعوا بِالْهَلَاكِ فَقَالُوا: واهلاكاه واهلكتاه فَقيل لَهُم: لَا تدعوا الْيَوْم بِهَلَاك وَاحِد وَلَكِن ادعوا بِهَلَاك كثير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث بِسَنَد صَحِيح عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أول من يكسى حلَّة من النَّار إِبْلِيس فَيَضَعهَا على حاجبيه ويسحبها من خَلفه وَذريته من بعده وَهُوَ يُنَادي: يَا ثبوراه وَيَقُولُونَ: يَا ثبورهم حَتَّى يقف على النَّار فَيَقُول: يَا ثبوراه وَيَقُولُونَ: واثبورهم فَيُقَال لَهُم {لَا تدعوا الْيَوْم ثبوراً وَاحِدًا وَادعوا ثبوراً كثيرا} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {دعوا هُنَالك ثبوراً} قَالَ: ويلاً وهلاكاً

15

- قَوْله تَعَالَى: قل أذلك خيرأم جنَّة الْخلد الَّتِي وعد المتقون كَانَت لَهُم جَزَاء ومصيرا لَهُم فِيهَا مَا يشاؤون خَالِدين كَانَ على رَبك وَعدا مسؤولا أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كَانَت لَهُم جَزَاء} أَي من الله {ومصيراً} أَي منزلا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: قَالَ كَعْب الْأَحْبَار: من مَاتَ وَهُوَ يشرب الْخمر لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة وَإِن دخل الْجنَّة قَالَ عَطاء: فَقلت لَهُ: فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {لَهُم فِيهَا مَا يشاؤون} قَالَ كَعْب: إِنَّه ينساها فَلَا يذكرهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَانَ على رَبك وَعدا مسؤولا} يَقُول: سلوا الَّذِي وعدتكم تنجزوه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن هِلَال عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله {كَانَ على رَبك وَعدا مسؤولا} قَالَ: إِن الْمَلَائِكَة تسْأَل لَهُم ذَلِك فِي قَوْلهم {وأدخلهم جنَّات عدن الَّتِي وعدتهم} غَافِر الْآيَة 8 قَالَ سعيد: وَسمعت أَبَا حَازِم يَقُول: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الْمُؤْمِنُونَ رَبنَا عَملنَا لَك بالذين أمرتنا فانجز لنا مَا وعدتنا فَذَلِك قَوْله {وَعدا مسؤولا}

17

- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم يحشرهم وَمَا يعْبدُونَ من دون الله فَيَقُول أأنتم أضللتم عبَادي هَؤُلَاءِ أم هم ضلوا السَّبِيل قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لنا أَن نتَّخذ من دُونك من أَوْلِيَاء وَلَكِن متعتهم وآباءهم حَتَّى نسوا الذّكر وَكَانُوا قوما بورا فقد كذبُوا بِمَا تَقولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صرفا وَلَا نصرا وَمن يظلم مِنْكُم نذقه عذَابا كَبِيرا أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَيَوْم يحشرهم وَمَا يعْبدُونَ من دون الله فَيَقُول أأنتم أضللتم عبَادي} قَالَ: عِيسَى وعزير وَالْمَلَائِكَة

وَأخرج الْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن عبد الله بن غنم قَالَ: سَأَلت معَاذ بن جبل عَن قَول الله {مَا كَانَ يَنْبَغِي لنا أَن نتَّخذ من دُونك من أَوْلِيَاء} أَو نتَّخذ فَقَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {إِن نتَّخذ} بِنصب النُّون فَسَأَلته عَن {الم غلبت الرّوم} الرّوم الْآيَتَانِ 1 - 2 أَو غلبت قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {غلبت الرّوم} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: قَرَأَ رجل عِنْد عَلْقَمَة {مَا كَانَ يَنْبَغِي لنا أَن نتَّخذ من دُونك} بِرَفْع النُّون وَنصب الْخَاء فَقَالَ عَلْقَمَة {أَن نتَّخذ} بِنصب النُّون وخفض الْخَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير أَنه كَانَ يقْرؤهَا {مَا كَانَ يَنْبَغِي لنا أَن نتَّخذ من دُونك} بِرَفْع النُّون وَنصب الْخَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لنا أَن نتَّخذ من دُونك من أَوْلِيَاء} قَالَ: هَذَا قَول الْآلهَة {وَلَكِن متعتهم وآباءهم حَتَّى نسوا الذّكر وَكَانُوا قوما بوراً} قَالَ: البور: الْفَاسِد وانه مَا نسي الذّكر قوم قطّ إلاَّ باروا وفسدوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قوما بوراً} قَالَ: هلكى وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {قوما بوراً} قَالَ: هلكى بلغَة عمان وهم من الْيمن قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: فَلَا تكفرُوا مَا قد صنعنَا إِلَيْكُم وكافوا بِهِ فالكفر بور لصانعه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: البور: بِكَلَام عمان وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {بوراً} قَالَ قاسين لَا خير فيهم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قوما بوراً} قَالَ: هالكين {فقد كذبوكم بِمَا تَقولُونَ} يَقُول الله للَّذين كَانُوا يعْبدُونَ عِيسَى وعزيراً وَالْمَلَائِكَة حِين قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْت ولينا من دونهم فقد كذبوكم بِمَا تَقولُونَ عِيسَى وعزيراً وَالْمَلَائِكَة حِين يكذبُون الْمُشْركين بقَوْلهمْ {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صرفا وَلَا نصرا} قَالَ: الْمُشْركُونَ لَا يَسْتَطِيعُونَ صرف الْعَذَاب وَلَا نصر أنفسهم

أما قَوْله تَعَالَى {وَمن يظلم مِنْكُم نذقه عذَابا كَبِيرا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: قَرَأت اثْنَيْنِ وَسبعين كتابا كلهَا نزلت من السَّمَاء مَا سَمِعت كتابا أَكثر تكريراً فِيهِ الظُّلم معاتبة عَلَيْهِ من الْقُرْآن وَذَلِكَ أَن الله علم أَن فتْنَة هَذِه الْأمة تكون فِي الظُّلم وَأما الآخر فَإِن أَكثر مُعَاتَبَته إيَّاهُم فِي الشّرك وَعبادَة الْأَوْثَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمن يظلم مِنْكُم} قَالَ هُوَ الشّرك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَمن يظلم مِنْكُم} قَالَ: يُشْرك

20

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أرسلنَا قبلك من الْمُرْسلين إِلَّا إِنَّهُم يَأْكُلُون الطَّعَام ويمشون فِي الْأَسْوَاق وَجَعَلنَا بَعْضكُم لبَعض فتْنَة أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبك بَصيرًا أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَمَا أرسلنَا قبلك من الْمُرْسلين إِلَّا أَنهم ليأكلون الطَّعَام ويمشون فِي الْأَسْوَاق} يَقُول: إِن الرُّسُل قبل مُحَمَّد كَانُوا بِهَذِهِ الْمنزلَة {ليأكلون الطَّعَام ويمشون فِي الْأَسْوَاق وَجَعَلنَا بَعْضكُم لبَعض فتْنَة} قَالَ: بلَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحسن {وَجَعَلنَا بَعْضكُم لبَعض فتْنَة} قَالَ: يَقُول الْفَقِير: لَو شَاءَ الله لجعلني غَنِيا مثل فلَان وَيَقُول السقيم: لَو شَاءَ الله لجعلني صَحِيحا مثلا فلَان وَيَقُول الْأَعْمَى: لَو شَاءَ الله لجعلني بَصيرًا مثل فلَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {وَجَعَلنَا بَعْضكُم لبَعض فتْنَة} قَالَ: هُوَ التَّفَاضُل فِي الدُّنْيَا وَالْقُدْرَة والقهر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَجَعَلنَا بَعْضكُم لبَعض فتْنَة} قَالَ: يمسك على هَذَا ويوسع على هَذَا فَيَقُول: لم يُعْطِنِي رَبِّي مَا أعْطى فلَانا ويبتلى بالوجع فَيَقُول: لم يَجْعَلنِي رَبِّي صَحِيحا مثل فلَان فِي أشباه ذَلِك

من الْبلَاء ليعلم من يصبر مِمَّن يجزع {وَكَانَ رَبك بَصيرًا} بِمن يصبر وَمن يجزع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو شَاءَ الله لجعلكم أَغْنِيَاء كلكُمْ لَا فَقير فِيكُم وَلَو شَاءَ الله لجعلكم فُقَرَاء كلكُمْ لَا غَنِي فِيكُم وَلَكِن ابتلى بَعْضكُم بِبَعْض وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن رِفَاعَة بن رَافع الزرقي قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله كَيفَ ترى فِي رقيقنا أَقوام مُسلمين يصلونَ صَلَاتنَا وَيَصُومُونَ صومنا نضربهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توزن ذنوبهم وعقوبتكم إيَّاهُم فَإِن كَانَت عقوبتكم أَكثر من ذنوبهم أخذُوا مِنْكُم قَالَ: أَفَرَأَيْت سبا اياهم قَالَ يُوزن ذنبهم واذا كم اياهم فان كَانَ اذا كم أَكثر أعْطوا مِنْكُم قَالَ الرجل: مَا أسمع عدوّاً أقرب اليّ مِنْهُم فَتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَجَعَلنَا بَعْضكُم لبَعض فتْنَة أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبك بَصيرًا} فَقَالَ الرجل: أَرَأَيْت يَا رَسُول الله وَلَدي أضربهم قَالَ: انك لاتتهم فِي ولدك فَلَا تطيب نفسا تشبع ويجوع وَلَا تكتسي ويعروا

21

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالَ الَّذين لَا يرجون لقاءنا لَوْلَا أنزل علينا الْمَلَائِكَة أَو نرى رَبنَا لقد استكبروا فِي أنفسهم وعتوا عتوا كَبِيرا أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَقَالَ الَّذين لَا يرجون لقاءنا} قَالَ: هَذَا قَول كفار قُرَيْش {لَوْلَا أنزل علينا الْمَلَائِكَة أَو نرى رَبنَا} فيخبرنا أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبيد بن عُمَيْر فِي قَوْله {وَقَالَ الَّذين لَا يرجون لقاءنا} قَالَ لَا يسْأَلُون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {لَوْلَا أنزل علينا الْمَلَائِكَة} أَي نراهم عيَانًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وعتوا عتواً كَبِيرا} قَالَ: شدَّة الْكفْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ العتو فِي كتاب الله التجبر

22

- قَوْله تَعَالَى: يَوْم يرَوْنَ الْمَلَائِكَة لَا بشرى يَوْمئِذٍ للمجرمين وَيَقُولُونَ حجرا مَحْجُورا

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَوْم يرَوْنَ الْمَلَائِكَة} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة فِي قَوْله {لَا بشرى يَوْمئِذٍ للمجرمين} قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يلقى الْمُؤمن بالبشرى فَإِذا رأى ذَلِك الْكفَّار قَالُوا للْمَلَائكَة: بشرونا قَالُوا: حجرا مَحْجُورا حَرَامًا محرما أَن نتلقاكم بالبشرى وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَيَقُولُونَ حجرا مَحْجُورا} قَالَ: عوذاً معَاذًا الْمَلَائِكَة تَقوله وَفِي لفظ قَالَ: حَرَامًا محرما أَن تكون الْبُشْرَى الْيَوْم إِلَّا للْمُؤْمِنين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَيَقُولُونَ حجرا مَحْجُورا} قَالَ: تَقول الْمَلَائِكَة: حَرَامًا محرما على الْكفَّار الْبُشْرَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك {وَيَقُولُونَ حجرا مَحْجُورا} قَالَ: تَقول الْمَلَائِكَة: حَرَامًا محرما على الْكفَّار الْبُشْرَى حِين رَأَيْتُمُونَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ {وَيَقُولُونَ حجرا مَحْجُورا} قَالَ: حَرَامًا محرما أَن نبشركم بِمَا نبشر بِهِ الْمُتَّقِينَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن وَقَتَادَة فِي قَوْله {وَيَقُولُونَ حجرا مَحْجُورا} قَالَ: هِيَ كلمة كَانَت الْعَرَب تَقُولهَا كَانَ الرجل إِذا نزلت بِهِ شدَّة قَالَ: حجرا مَحْجُورا حَرَامًا محرما وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة إِذا رَأَتْ الشَّيْء تكرههُ تَقول: حجر من هَذَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: لما جَاءَت زلازل السَّاعَة فَكَانَ من زلازلها أَن السَّمَاء انشقت فَهِيَ يَوْمئِذٍ واهية وَالْملك على ارجائها: على سَعَة كل شَيْء [] تشقق فَهِيَ من السَّمَاء فَذَلِك قَوْله {يَوْم يرَوْنَ الْمَلَائِكَة لَا بشرى يَوْمئِذٍ للمجرمين وَيَقُولُونَ حجرا مَحْجُورا} حَرَامًا محرما أَيهَا المجرمون أَن تكون لكم الْبُشْرَى الْيَوْم حِين رَأَيْتُمُونَا

23

- قَوْله تَعَالَى: وَقدمنَا إِلَى مَا عمِلُوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَقدمنَا إِلَى مَا عمِلُوا من عمل} قَالَ: قدمنَا إِلَى مَا عمِلُوا من خير مِمَّن لَا يتَقَبَّل مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله {هباء منثوراً} قَالَ: الهباء: شُعَاع الشَّمْس الَّذِي يخرج من الكوة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الهباء: ريح الْغُبَار يسطع ثمَّ يذهب فَلَا يبْقى مِنْهُ شَيْء فَجعل الله أَعْمَالهم كَذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الهباء: الَّذِي يطير من النَّار إِذا اضطرمت يطير مِنْهَا الشرر فَإِذا وَقع لم يكن شَيْئا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {هباء منثوراً} قَالَ: المَاء المهراق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {هباء منثوراً} قَالَ: الشعاع فِي كوّة أحدهم لَو ذهبت تقبض عَلَيْهِ لم تستطع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {هباء منثوراً} قَالَ: شُعَاع الشَّمْس من الكوّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {هباء منثوراً} قَالَ: شُعَاع الشَّمْس الَّذِي فِي الكوّة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك وعامر فِي الهباء المنثور: شُعَاع الشَّمْس وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {هباء منثوراً} قَالَ: الْغُبَار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {هباء منثوراً} قَالَ: هُوَ مَا تَذْرُوهُ الرِّيَاح من حطام هَذَا الشّجر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُعلى بن عُبَيْدَة قَالَ: الهباء: الرماد

وَأخرج سمويه فِي فَوَائده عَن سَالم مولى أبي حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليجاء يَوْم الْقِيَامَة بِقوم مَعَهم حَسَنَات مِثَال جبال تهَامَة حَتَّى إِذا جِيءَ بهم جعل الله تَعَالَى أَعْمَالهم هباء ثمَّ قذفهم فِي النَّار قَالَ سَالم: بِأبي وَأمي يَا رَسُول الله حل لنا هَؤُلَاءِ الْقَوْم قَالَ: كَانُوا يصلونَ وَيَصُومُونَ وَيَأْخُذُونَ سنة من اللَّيْل وَلَكِن كَانُوا إِذا عرض عَلَيْهِم شَيْء من الْحَرَام وَثبُوا عَلَيْهِ فأدحض الله تَعَالَى أَعْمَالهم

24

- قَوْله تَعَالَى: أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلا أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلاً} قَالَ: أحسن منزلا وَخير مأوى وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَأحسن مقيلاً} قَالَ: مصيراً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلاً} قَالَ: فِي الغرف من الْجنَّة وَكَانَ حسابهم أَن عرضوا على رَبهم عرضة وَاحِدَة وَذَلِكَ الْحساب الْيَسِير وَذَلِكَ مثل قَوْله {فَأَما من أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا وينقلب إِلَى أَهله مَسْرُورا} وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَا ينتصف النَّهَار من يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يقبل هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء ثمَّ قَرَأَ {أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلاً} وَقَرَأَ / ثمَّ إِن مقيلهم لإِلى الْجَحِيم / وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا هِيَ ضحوة فيقيل أَوْلِيَاء الله على الأسرة مَعَ الْحور الْعين ويقيل أَعدَاء الله مَعَ الشَّيَاطِين مُقرنين وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَنه يفرغ من حِسَاب النَّاس يَوْم الْقِيَامَة نصف النَّهَار فيقيل أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة وَأهل النَّار فِي النَّار فَذَلِك قَوْله {أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلاً} وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن الصوّاف قَالَ: بَلغنِي أَن يَوْم الْقِيَامَة يقصر على الْمُؤمن حَتَّى يكون كَمَا بَين الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس وَإِنَّهُم ليقيلون فِي رياض الْجنَّة

حِين يفرغ النَّاس من الْحساب وَذَلِكَ قَوْله {أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلاً} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلاً} أَي مأوى ومنزلاً قَالَ قَتَادَة: حدث صَفْوَان ابْن مُحرز قَالَ: إِنَّه ليجاء يَوْم الْقِيَامَة برجلَيْن كَانَ أَحدهمَا ملكا فِي الدُّنْيَا فيحاسب فَإِذا عبد لم يعْمل خيرا فَيُؤْمَرُ بِهِ إِلَى النَّار وَالْآخر كَانَ صَاحب كَسَاه فِي الدُّنْيَا فيحاسب فَيَقُول: يَا رب مَا أَعْطَيْتنِي من شَيْء فتحاسبني بِهِ فَيَقُول: صدق عَبدِي فارسلوه فَيُؤْمَر بِهِ إِلَى الْجنَّة ثمَّ يتركان مَا شَاءَ الله ثمَّ يدعى صَاحب النَّار فَإِذا هُوَ مثل الحممة السَّوْدَاء فَيُقَال لَهُ: كَيفَ وجدت مقيلك فَيَقُول: شَرّ مقيل فَيُقَال لَهُ: عد ثمَّ يدعى صَاحب الْجنَّة فَإِذا هُوَ مثل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر فَيُقَال لَهُ: كَيفَ وجدت مقيلك فَيَقُول رب خير مقيل فَيُقَال: عد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِنِّي لأعرف السَّاعَة الَّتِي يدْخل فِيهَا أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار: السَّاعَة الَّتِي يكون فِيهَا ارْتِفَاع الضُّحَى الْأَكْبَر إِذا انْقَلب النَّاس إِلَى أَهْليهمْ للقيلولة فَيَنْصَرِف أهل النَّار إِلَى النَّار وَأما أهل الْجنَّة فَينْطَلق بهم الْجنَّة فَكَانَت قيلولتهم فِي الْجنَّة وأطعموا كبد الْحُوت فاشبعهم كلهم فَذَلِك قَوْله {أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلاً} وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن يَوْم الْقِيَامَة أَمن الدُّنْيَا هُوَ أم من الْآخِرَة فَقَالَ: صدر ذَلِك الْيَوْم من الدُّنْيَا وآخرة من الْآخِرَة

25

- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم تشقق السَّمَاء بالغمام وَنزل الْمَلَائِكَة تَنْزِيلا الْملك يَوْمئِذٍ الْحق للرحمن وَكَانَ يَوْمًا على الْكَافرين عسيرا أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأَهْوَال وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {وَيَوْم تشقق السَّمَاء بالغمام وَنزل الْمَلَائِكَة تَنْزِيلا} قَالَ: يجمع الله الْخلق يَوْم الْقِيَامَة فِي صَعِيد وَاحِد الْجِنّ والإِنس والبهائم وَالسِّبَاع وَالطير وَجَمِيع الْخلق فتشقق السَّمَاء الدُّنْيَا فَينزل أَهلهَا وهم أَكثر مِمَّن فِي

الأَرْض من الْجِنّ والإِنس وَجَمِيع الْخلق فيحيطون بالجن والانس وَجَمِيع الْخلق فَيَقُول أهل الأَرْض: أفيكم رَبنَا فَيَقُولُونَ: لَا ثمَّ تشقق السَّمَاء الثَّانِيَة فَينزل أَهلهَا وهم أَكثر من أهل السَّمَاء الدُّنْيَا وَمن الْجِنّ والإِنس وَجَمِيع الْخلق فيحيطون بِالْمَلَائِكَةِ الَّذين نزلُوا قبلهم وَالْجِنّ والانس وَجَمِيع الْخلق ثمَّ ينزل أهل السَّمَاء الثَّالِثَة فيحيطون بِالْمَلَائِكَةِ الَّذين نزلُوا قبلهم وَالْجِنّ والانس وَجَمِيع الْخلق ثمَّ ينزل أهل السَّمَاء الرَّابِعَة وهم أَكثر من أهل الثَّالِثَة وَالثَّانيَِة وَالْأولَى وَأهل الأَرْض ثمَّ ينزل أهل السَّمَاء الْخَامِسَة وهم أَكثر مِمَّن تقدم ثمَّ أهل السَّمَاء السَّادِسَة كَذَلِك ثمَّ أهل السَّمَاء السَّابِعَة وهم أَكثر من أهل السَّمَوَات وَأهل الأَرْض ثمَّ ينزل رَبنَا فِي ظلل من الْغَمَام وَحَوله الكروبيون وهم أَكثر من أهل السَّمَوَات السَّبع والانس وَالْجِنّ وَجَمِيع الْخلق لَهُم قُرُون ككعوب القنا وهم حَملَة الْعَرْش لَهُم زجل بالتسبيح والتحميد وَالتَّقْدِيس لله تَعَالَى وَمن أَخْمص قدم أحدهم إِلَى كعبة مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَمن كَعبه إِلَى ركبته خَمْسمِائَة عَام وَمن ركبته إِلَى فَخذه مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَمن فَخذه إِلَى ترقوته مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَمن ترقوته إِلَى مَوضِع القرط مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَمَا فَوق ذَلِك خَمْسمِائَة عَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَيَوْم تشقق السَّمَاء بالغمام} قَالَ: هُوَ قطع السَّمَاء إِذا انشقت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَيَوْم تشقق السَّمَاء بالغمام} قَالَ: هُوَ الَّذِي قَالَ {فِي ظلل من الْغَمَام} الْبَقَرَة الْآيَة 120 الَّذِي يَأْتِي الله فِيهِ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة يَقُول: تشقق عَن الْغَمَام الَّذِي يَأْتِي الله فِيهِ غمام زَعَمُوا فِي الْجنَّة

27

- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ يَقُول يَا لَيْتَني اتَّخذت مَعَ الرَّسُول سَبِيلا يَا ويلتي لَيْتَني لم أَتَّخِذ فلَانا خَلِيلًا لقد أضلني عَن الذّكر بعد إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَان للْإنْسَان خذولا وَقَالَ الرَّسُول يَا رب إِن قومِي

اتَّخذُوا هَذَا الْقُرْآن مَهْجُورًا وَكَذَلِكَ جعلنَا لكل نَبِي عدوّاً من الْمُجْرمين وَكفى بِرَبِّك هاديا ونصيرا أخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل بِسَنَد صَحِيح من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: ان أَبَا معيط كَانَ يجلس مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة لَا يُؤْذِيه وَكَانَ رجلا حَلِيمًا وَكَانَ بَقِيَّة قُرَيْش إِذا جَلَسُوا مَعَه آذوه وَكَانَ لأبي معيط خَلِيل غَائِب عَنهُ بِالشَّام فَقَالَت قُرَيْش: صبا أَبُو معيط وَقدم خَلِيله من الشَّام لَيْلًا فَقَالَ لامْرَأَته: مَا فعل مُحَمَّد مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَقَالَت: أَشد مِمَّا كَانَ أمرا أَبُو معيط فحياه فَلم يرد عَلَيْهِ التَّحِيَّة فَقَالَ: مَالك لَا ترد عليَّ تحيتي فَقَالَ: كَيفَ أرد عَلَيْك تحيتك وَقد صبوت قَالَ: أوقد فعلتها قُرَيْش قَالَ: نعم قَالَ فَمَا يبرىء صُدُورهمْ إِن أَنا فعلت قَالَ: نأتيه فِي مَجْلِسه وتبصق فِي وَجهه وتشمته بأخبث مَا تعلمه من الشتم فَفعل فَلم يزدْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن مسح وَجهه من البصاق ثمَّ الْتفت إِلَيْهِ فَقَالَ: إِن وَجَدْتُك خَارِجا من جبال مَكَّة أضْرب عُنُقك صبرا فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر وَخرج أَصْحَابه أَبى أَن يخرج فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: اخْرُج مَعنا قَالَ: قد وَعَدَني هَذَا الرجل إِن وجدني خَارِجا من جبال مَكَّة أَن يضْرب عنقِي صبرا فَقَالُوا: لَك جمل أَحْمَر لَا يُدْرَكَ فَلَو كَانَت الْهَزِيمَة طرت عَلَيْهِنَّ فَخرج مَعَهم فَلَمَّا هزم الله الْمُشْركين وَحل بِهِ جمله فِي جدد من الأَرْض فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَسِيرًا فِي فِي سبعين من قُرَيْش وَقدم إِلَيْهِ أَبُو معيط فَقَالَ: تقتلني من بَين هَؤُلَاءِ قَالَ: نعم بِمَا بصقت فِي وَجْهي فَأنْزل الله فِي أبي معيط {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} إِلَى قَوْله {وَكَانَ الشَّيْطَان للإِنسان خذولاً} وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ عقبَة بن أبي معيط لَا يقدم من سفر إِلَّا صنع طَعَاما فَدَعَا إِلَيْهِ أهل مَكَّة كلهم وَكَانَ يكثر مجالسة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيُعْجِبهُ حَدِيثه وَغلب عَلَيْهِ الشَّقَاء فَقدم ذَات يَوْم من سفر فَصنعَ طَعَاما ثمَّ دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى طَعَامه فَقَالَ: مَا أَنا بِالَّذِي آكل من

طَعَامك حَتَّى تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله فَقَالَ: أطْعم يَا ابْن أخي قَالَ: مَا أَنا بِالَّذِي أفعل حَتَّى تَقول فَشهد بذلك وَطعم من طَعَامه فَبلغ ذَلِك أبي خلف فَأَتَاهُ فَقَالَ: أَصَبَوْت يَا عقبَة - وَكَانَ خَلِيله - فَقَالَ: لَا وَالله مَا صبوت وَلَكِن دخل عليّ رجل فَأبى أَن يطعم من طَعَامي إِلَّا أَن أشهد لَهُ فَاسْتَحْيَيْت أَن يخرج من بَيْتِي قبل أَن يطعم فَشَهِدت لَهُ فَطَعِمَ فَقَالَ: مَا أَنا بِالَّذِي أرْضى عَنْك حَتَّى تَأتيه فتبصق فِي وَجهه فَفعل عقبَة فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا أَلْقَاك خَارِجا من مَكَّة إِلَّا عَلَوْت رَأسك بِالسَّيْفِ فَأسر عقبَة يَوْم بدر فَقتل صبرا وَلم يقتل من الْأُسَارَى يَوْمئِذٍ غَيره وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أبي بن خلف يحضر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزجره عقبَة بن أبي معيط فَنزل {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} إِلَى قَوْله {وَكَانَ الشَّيْطَان للإِنسان خذولاً} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مقسم مولى ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن عقبَة بن أبي معيط وَأبي بن خلف الجُمَحِي التقيا فَقَالَ عقبَة بن أبي معيط لأبي بن خلف وَكَانَا خليلين فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ أبي قد أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعرض عَلَيْهِ الإِسلام فَلَمَّا سمع بذلك عقبَة قَالَ: لَا أرْضى عَنْك حَتَّى تَأتي مُحَمَّدًا فتتفل فِي وَجهه وتشمته وَتكَذبه قَالَ: فَلم يُسَلِّطهُ الله على ذَلِك فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر أسر عقبَة بن أبي معيط فِي الاسارى فامر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بن أبي طَالب أَن يقْتله فَقَالَ عقبَة: يَا مُحَمَّد أَمن بَين هَؤُلَاءِ أقتل قَالَ: نعم قَالَ: بِمَ قَالَ: بكفرك وفجورك وعتوك على الله وعَلى رَسُوله فَقَامَ إِلَيْهِ عَليّ بن أبي طَالب فَضرب عُنُقه وَأما أبي بن خلف فَقَالَ: وَالله لَا قتلن مُحَمَّدًا فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: بل أَنا أَقتلهُ إِن شَاءَ الله فافزعه ذَلِك فَوَقَعت فِي نَفسه لأَنهم لم يسمعوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قولا إِلَّا كَانَ حَقًا فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد خرج مَعَ الْمُشْركين فَجعل يلْتَمس غَفلَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليحمل عَلَيْهِ فيحول رجل من الْمُسلمين بَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَينه فَلَمَّا رأى ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لاصحابه: خلوا عَنهُ فَأخذ الحربة فَرَمَاهُ بهَا فَوَقَعت فِي ترقوته فَلم يخرج مِنْهُ كَبِير دم واحتقن الدَّم فِي جَوْفه فخار كَمَا يخور الثور فَأتى

أَصْحَابه حَتَّى احتملوه وَهُوَ يخور وَقَالُوا: مَا هَذَا فوَاللَّه مَا بك إِلَّا خدش فَقَالَ: وَالله لَو لم يُصِبْنِي إِلَّا بريقه لَقَتَلَنِي أَلَيْسَ قد قَالَ: أَنا أَقتلهُ وَالله لَو كَانَ الَّذِي بِي بِأَهْل ذِي الْمجَاز لقتلهم قَالَ: فَمَا لبث إِلَّا يَوْمًا أَو نَحْو ذَلِك حَتَّى مَاتَ إِلَى النَّار وَأنزل الله فِيهِ {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} إِلَى قَوْله {وَكَانَ الشَّيْطَان للإِنسان خذولاً} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سابط قَالَ: صنع أبي بن خلف طَعَاما ثمَّ أَتَى مَجْلِسا فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قومُوا فَقَامُوا غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا أقوم حَتَّى تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله فَتشهد فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقِيَهُ عقبَة بن أبي معيط فَقَالَ: قلت: كَذَا وَكَذَا قَالَ: إِنَّمَا أردْت لطعامنا فَذَلِك قَوْله {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} قَالَ: عقبَة بن أبي معيط دَعَا مَجْلِسا فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لطعام فَأبى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْكُل وَقَالَ: لَا آكل حَتَّى تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَلَقِيَهُ أُميَّة بن خلف فَقَالَ: أقد صبوت فَقَالَ: إِن أَخَاك على مَا تعلم وَلَكِن صنعت طَعَاما فَأبى أَن يَأْكُل حَتَّى قلت ذَلِك فقلته وَلَيْسَ من نَفسِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن هِشَام فِي قَوْله {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} قَالَ: يَأْكُل كفيه ندامة حَتَّى يبلغ مَنْكِبه لَا يجد مَسهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} قَالَ: يَأْكُل يَده ثمَّ تنْبت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمرَان الْجونِي فِي قَوْله {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} قَالَ: بَلغنِي أَنه يعضه حَتَّى يكسر الْعظم ثمَّ يعود وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: نزلت فِي أُميَّة بن خلف وَعقبَة بن أبي معيط {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} قَالَ: هَذَا عقبَة {لم أَتَّخِذ فلَانا خَلِيلًا} قَالَ: أُميَّة وَكَانَ عقبَة خدناً لأمية فَبلغ أُميَّة أَن عقبَة يُرِيد الإِسلام فَأَتَاهُ وَقَالَ: وَجْهي من وَجهك حرَام إِن أسلمت أَن أُكَلِّمك أبدا

فَفعل فَنزلت هَذِه الْآيَة فيهمَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك فِي قَوْله {لم أَتَّخِذ فلَانا خَلِيلًا} قَالَ: عقبَة بن أبي معيط وَأُميَّة بن خلف كَانَا متواخيين فِي الْجَاهِلِيَّة يَقُول أُميَّة بن خلف: ياليتني لم أَتَّخِذ عقبَة بن أبي معيط خَلِيلًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن مَيْمُون فِي قَوْله {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} قَالَ: نزلت فِي عقبَة بن أبي معيط وَأبي بن خلف دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عقبَة فِي حَاجَة وَقد صنع طَعَاما للنَّاس فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى طَعَامه قَالَ: لَا حَتَّى تسلم فَأسلم فَأكل وَبلغ الْخَبَر أبي بن خلف فَأتى عقبَة فَذكر لَهُ مَا صنع فَقَالَ لَهُ عقبَة: أَتَرَى مثل مُحَمَّد يدْخل منزلي وَفِيه طَعَام ثمَّ يخرج وَلَا يَأْكُل قَالَ: فوجهي من وَجهك حرَام حَتَّى ترجع عَمَّا دخلت فِيهِ فرجعز فَنزلت الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} قَالَ: أبي بن خلف وَعقبَة بن أبي معيط وهما الخليلان فِي جَهَنَّم على مِنْبَر من نَار وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجلا من قُرَيْش كَانَ يغشى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقِيَهُ رجل من قُرَيْش - وَكَانَ لَهُ صديقا - فَلم يزل بِهِ حَتَّى صرفه وصده عَن غشيان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله فيهمَا مَا تَسْمَعُونَ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {لَيْتَني لم أَتَّخِذ فلَانا خَلِيلًا} قَالَ: الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَكَانَ الشَّيْطَان للإِنسان خذولاً} قَالَ: خذل يَوْم الْقِيَامَة وتبرأ مِنْهُ {وَقَالَ الرَّسُول يَا رب إِن قومِي اتَّخذُوا هَذَا الْقُرْآن مَهْجُورًا} هَذَا قَول نَبِيكُم يشتكي قومه إِلَى ربه قَالَ الله يعزي نبيه: {وَكَذَلِكَ جعلنَا لكل نَبِي عدوّاً من الْمُجْرمين} يَقُول: إِن الرُّسُل قد لقِيت هَذَا من قَومهَا قبلك فَلَا يكبرن عَلَيْك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وابنجرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {اتَّخذُوا هَذَا الْقُرْآن مَهْجُورًا} قَالَ: يهجرون فِيهِ بالْقَوْل السيء يَقُولُونَ: هَذَا سحر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن

أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله {اتَّخذُوا هَذَا الْقُرْآن مَهْجُورًا} قَالُوا: فِيهِ هجيراً غير الْحق ألم تَرَ الْمَرِيض إِذا هذى قيل: هجر أَي قَالَ: غير الْحق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ جعلنَا لكل نَبِي عدوّاً من الْمُجْرمين} قَالَ: لم يبْعَث نَبِي قطّ إِلَّا كَانَ المجرمون لَهُ أَعدَاء وَلم يبْعَث نَبِي قطّ إِلَّا كَانَ بعض الْمُجْرمين أَشد عَلَيْهِ من بعض وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَكَذَلِكَ جعلنَا لكل نَبِي عدوّاً من الْمُجْرمين} قَالَ: كَانَ عدوّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبُو جهل وعدوّ مُوسَى قَارون وَكَانَ قَارون ابْن عَم مُوسَى وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَكَذَلِكَ جعلنَا لكل نَبِي عدوّاً من الْمُجْرمين} قَالَ: يوطن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه جَاعل لَهُ عدوّاً من الْمُجْرمين كَمَا جعل لمن قبله

32

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَوْلَا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة كَذَلِك لنثبت بِهِ فُؤَادك ورتلناه ترتيلاً وَلَا يأتونك بِمثل إِلَّا جئْنَاك بِالْحَقِّ وَأحسن تَفْسِيرا أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ: إِن كَانَ مُحَمَّد كَمَا يزْعم نَبيا فَلم يعذبه ربه أَلا ينزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة ينزل عَلَيْهِ الْآيَة والآيتين وَالسورَة فَأنْزل الله على نبيه جَوَاب مَا قَالُوا {وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَوْلَا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة} إِلَى {وأضل سَبِيلا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَوْلَا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة} يَقُولُونَ: كَمَا أنزل على مُوسَى وعَلى عِيسَى قَالَ الله {كَذَلِك لنثبت بِهِ فُؤَادك ورتلناه ترتيلاً} قَالَ: بَيناهُ تبييناً {وَلَا يأتونك بِمثل إِلَّا جئْنَاك بِالْحَقِّ وَأحسن تَفْسِيرا} قَالَ: أحسن تَفْصِيلًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَذَلِك لنثبت بِهِ فُؤَادك} قَالَ: كَانَ الله ينزل عَلَيْهِ الْآيَة فَإِذا علمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلت آيَة

أُخْرَى ليعلمه الْكتاب عَن ظهر قلبه وَيثبت بِهِ فُؤَادك {وَلَا يأتونك بِمثل إِلَّا جئْنَاك بِالْحَقِّ وَأحسن تَفْسِيرا} يَقُول: أحسن تَفْصِيلًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَذَلِك لنثبت} قَالَ: لنشدد بِهِ فُؤَادك ونربط على قَلْبك {ورتلناه ترتيلاً} قَالَ: رسلناه ترسيلاً يَقُول: شَيْئا بعد شَيْء {وَلَا يأتونك بِمثل} يَقُول: لوأنزلنا عَلَيْك الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة ثمَّ سألوك لم يكن عنْدك مَا تجيب وَلَكنَّا نمسك عَلَيْك فَإِذا سألوك أجبْت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت قُرَيْش مَا لِلْقُرْآنِ لم ينزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جملَة وَاحِدَة قَالَ الله فِي كِتَابه {وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَوْلَا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جملَة وَاحِدَة كَذَلِك لنثبت بِهِ فُؤَادك ورتلناه ترتيلا} قَالَ: قليلاز قَلِيلا كَيْمَا لَا يجيؤك بِمثل إِلَّا جئْنَاك بِمَا ينْقض عَلَيْهِم فأنزلناه عَلَيْك تَنْزِيلا قَلِيلا قَلِيلا كلما جاؤا بِشَيْء جئناهم بِمَا هُوَ أحسن مِنْهُ تَفْسِيرا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {ورتلناه ترتيلاً} قَالَ: كَانَ ينزل عَلَيْهِ الْآيَة والآيتان والآيات كَانَ ينزل عَلَيْهِ جَوَابا لَهُم اذا سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شَيْء أنزل الله جَوَابا لَهُم وردا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا تكلمُوا بِهِ وَكَانَ بَين أوّله وَآخره نَحْو من عشْرين سنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {كَذَلِك لنثبت بِهِ فُؤَادك ورتلناه ترتيلاً} قَالَ: كَانَ ينزل عَلَيْهِ الْقُرْآن جَوَابا لقَولهم ليعلم أَن الله هُوَ يُجيب الْقَوْم عَمَّا يَقُولُونَ {وَلَا يأتونك بِمثل إِلَّا جئْنَاك بِالْحَقِّ} قَالَ: لَا يَأْتِيك الْكفَّار إِلَّا جئْنَاك بِمَا ترد بِهِ مَا جاؤك بِهِ من الامثال الَّتِي جاؤا بهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ {ورتلناه ترتيلاً} يَقُول: أنزل مُتَفَرقًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {ورتلناه ترتيلاً} قَالَ: فصلنا تَفْصِيلًا وأخرجابن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {وَأحسن تَفْسِيرا} قَالَ: تَفْصِيلًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَأحسن تَفْسِيرا} قَالَ: بَيَانا

34

- قَوْله تَعَالَى: الَّذين يحشرون على وُجُوههم إِلَى جَهَنَّم أُولَئِكَ شَرّ مَكَانا وأضل سَبِيلا أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أُولَئِكَ شَرّ مَكَانا} يَقُول: من أهل الْجنَّة {وأضل سَبِيلا} قَالَ: طَرِيقا

35

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب وَجَعَلنَا مَعَه أَخَاهُ هَارُون وزيراً فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْم الَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا فدمرناهم تدميرا وَقوم نوح لما كذبُوا الرُّسُل أغرقناهم وجعلناهم للنَّاس آيَة واعتدنا للظالمين عذَابا أَلِيمًا وَعَاد وَثَمُود وَأَصْحَاب الرس وقروناً بَين ذَلِك كثيرا أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَجَعَلنَا مَعَه أَخَاهُ هَارُون وزيراً} قَالَ: عوناً وعضداً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فدمرناهم تدميراً} قَالَ: أهلكناهم بِالْعَذَابِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وعادا وَثَمُود} ينوّن ثَمُود وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {الرس} قَرْيَة من ثَمُود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {الرس} بِئْر بِأَذربِيجَان وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَأَصْحَاب الرس} قَالَ: قوم شُعَيْب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَأَصْحَاب الرس} قَالَ: حَدثنَا أَن أَصْحَاب الرس كَانُوا أهل فلج بِالْيَمَامَةِ وآبار كَانُوا عَلَيْهَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ {الرس} بِئْر كَانَ عَلَيْهَا قوم يُقَال لَهُم: أَصْحَاب الرس وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ {وَأَصْحَاب الرس} رسوا نَبِيّهم فِي بِئْر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه سَأَلَ كَعْبًا عَن أَصْحَاب الرس قَالَ: صَاحب الْبِئْر الَّذِي {قَالَ يَا قوم اتبعُوا الْمُرْسلين} فرسه قومه فِي بِئْر بالحجار وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ {الرس} بِئْر قتل بِهِ صَاحب يس وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ: ان امْرَأتَيْنِ سألتاه هَل تَجِد غشيان الْمَرْأَة الْمَرْأَة محرما فِي كتاب الله قَالَ: نعم هن اللواتي كن على عهد تبعن وَهن صَوَاحِب الرس وكل نهر وبئر رس قَالَ: يقطع لَهُنَّ جِلْبَاب من نَار وَدرع من نَار ونطاق من نَار وتاج من نَار وخفان من نَار وَمن فَوق ذَلِك ثوب غليظ جَاف جلف منتن من نَار قَالَ جَعْفَر: علمُوا هَذَا نساءكم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَفعه قَالَ: سحاق النِّسَاء زنا بَينهُنَّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن كَعْب بن مَالك قَالَ: لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الراكبة والمركوبة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: إِن أَصْحَاب الأيكة وَأَصْحَاب الرس كَانَتَا أمتين فَبعث الله إِلَيْهِمَا نَبيا وَاحِدًا شعيباً وعذبهما الله بعذابين وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أول النَّاس يدْخل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة العَبْد الْأسود وَذَلِكَ أَن الله تَعَالَى بعث نَبيا إِلَى أهل قريته فَلم يُؤمن بِهِ من أَهلهَا أحد إِلَّا ذَلِك الْأسود ثمَّ إِن أهل الْقرْيَة عدوا على النَّبِي فَحَفَرُوا لَهُ بِئْر فألقوه فِيهَا ثمَّ أطبقوا عَلَيْهِ بِحجر ضخم فَكَانَ ذَلِك العَبْد يذهب فيحتطب على ظَهره ثمَّ يَأْتِي بحطبه فيبيعه فيشتري بِهِ طَعَاما وَشَرَابًا ثمَّ يَأْتِي بِهِ إِلَى تِلْكَ الْبِئْر فيرفع تِلْكَ الصَّخْرَة فيعينه الله عَلَيْهَا فيدلي طَعَامه وَشَرَابه ثمَّ يردهَا كَمَا كَانَت مَا شَاءَ الله أَن يكون ثمَّ انه ذهب يحتطب كَمَا كَانَ يصنع فَجمع حطبه وحزم حزمته وَفرغ مِنْهَا فَلَمَّا أَرَادَ أَن يحتملها وجد سنة فاضطجع فَنَامَ فَضرب على أُذُنه سبع سِنِين نَائِما ثمَّ إِنَّه هَب فتمطى فتحوّل لِشقِّهِ الآخر فاضطجع فَضرب الله على أُذُنه سبع سِنِين أُخْرَى ثمَّ

انه هَب فاحتم حزمته وَلَا يحْسب إِلَّا أَنه نَام سَاعَة من نَهَار فجَاء إِلَى الْقرْيَة فَبَاعَ حزمته ثمَّ اشْترى طَعَاما وَشَرَابًا كَمَا كَانَ يصنع ثمَّ ذهب إِلَى الحفرة فِي موضعهَا الَّتِي كَانَت فِيهِ فالتمسه فَلم يجده وَفد كَانَ بدا لِقَوْمِهِ بداء فاستخرجوه فآمنوا بِهِ وَصَدقُوهُ وَكَانَ النَّبِي يسألهم عَن ذَلِك الْأسود مَا فعل فَيَقُولُونَ لَهُ: مَا نَدْرِي حَتَّى قبض ذَلِك النَّبِي فأهب الله الْأسود من نومته بعد ذَلِك ان ذَلِك لأوّل من يدْخل الْجنَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أم سَلمَة سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بعد عدنان بن أدد بن زين بن الْبَراء واعراق الثرى قَالَت: ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهلك {وعادا وَثَمُود وَأَصْحَاب الرس وقروناً بَين ذَلِك كثيرا} {لَا يعلمهُمْ إِلَّا الله} قَالَت: واعراق الثرى: اسمعيل وَزيد وهميسع وبرانيت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وقروناً بَين ذَلِك كثيرا} قَالَ: كَانَ يُقَال إِن الْقرن سَبْعُونَ سنة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زُرَارَة بن أوفى قَالَ: الْقرن مائَة وَعِشْرُونَ عَاما قَالَ: فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قرن كَانَ آخِره الْعَام الَّذِي مَاتَ فِيهِ يزِيد بن مُعَاوِيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بَين آدم وَبَين نوح عشرَة قُرُون وَبَين نوح وَإِبْرَاهِيم عشرَة قُرُون قَالَ أبوسلمة: الْقرن مائَة سنة وَأخرج الْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن بسر قَالَ: وضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على رَأْسِي فَقَالَ: هَذَا الْغُلَام يعِيش قرنا فَعَاشَ مائَة سنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْحِمصِي عَن عبد الله بسر الْمَازِني قَالَ: وضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده على رَأْسِي وَقَالَ: سيعيش هَذَا الْغُلَام قرنا قلت: يَا رَسُول الله كم الْقرن قَالَ: مائَة سنة قَالَ مُحَمَّد بن الْقَاسِم: مَا زلنا نعد لَهُ حَتَّى تمت مائَة سنة ثمَّ مَاتَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْهَيْثَم بن دهر الأسلمى قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

الْقرن خَمْسُونَ سنة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمتِي خمس قُرُون الْقرن أَرْبَعُونَ سنة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حَمَّاد بن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقرن أَرْبَعُونَ سنة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن سِيرِين قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقرن أَرْبَعُونَ سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ الْقرن سِتُّونَ سنة وَأخرج الْحَاكِم فِي الكني عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا انْتهى إِلَى معد بن عدنان أمسك ثمَّ يَقُول: كذب النسابون قَالَ الله تَعَالَى {وقروناً بَين ذَلِك كثيرا}

39

- قَوْله تَعَالَى: وكلاًّ ضربنا لَهُ الْأَمْثَال وكلاًّ تبرنا تتبيرا وَلَقَد أَتَوا على الْقرْيَة الَّتِي أمْطرت مطر السوء أفلم يَكُونُوا يرونها بل كَانُوا لَا يرجون نشوراً وَإِذا رأوك إِن يتخذونك إِلَّا هزوا أَهَذا الَّذِي بعث الله رَسُولا إِن كَاد ليضلنا عَن آلِهَتنَا لَوْلَا أَن صَبرنَا عَلَيْهَا وسوف يعلمُونَ حِين يرَوْنَ الْعَذَاب من أضلّ سَبِيلا أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وكلاًّ ضربنا لَهُ الْأَمْثَال وكلاًّ تبرنا تتبيراً} قَالَ: كل قد أعذر الله إِلَيْهِ وَبَين لَهُ ثمَّ انتقم مِنْهُ {وَلَقَد أَتَوا على الْقرْيَة الَّتِي أمْطرت مطر السوء} قَالَ: قَرْيَة لوط {بل كَانُوا لَا يرجون نشوراً} قَالَ: بعثا وَلَا حسابا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وكلاًّ تبرنا تتبيراً} قَالَ: تبر الله كلا بِالْعَذَابِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ {تبرنا} بالنبطية

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَقَد أَتَوا على الْقرْيَة} قَالَ: هِيَ سدوم قَرْيَة قوم لوط {الَّتِي أمْطرت مطر السوء} قَالَ: الْحِجَارَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {وَلَقَد أَتَوا على الْقرْيَة} قَالَ: قَرْيَة لوط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {وَلَقَد أَتَوا على الْقرْيَة} قَالَ: هِيَ بَين الشَّام وَالْمَدينَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {لَا يرجون نشورا} قَالَ: بعثا وَفِي قَوْله {لَوْلَا أَن صَبرنَا عَلَيْهَا} قَالَ: ثبتنا

43

- قَوْله تَعَالَى: أَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ أفأنت تكون عَلَيْهِ وَكيلا أم تحسب أَن أَكْثَرهم يسمعُونَ أَو يعْقلُونَ إِن هم إِلَّا كالأنعام بل هم أضلّ سَبِيلا أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} قَالَ: كَانَ الرجل يعبد الْحجر الْأَبْيَض زَمَانا من الدَّهْر فِي الْجَاهِلِيَّة فَإِذا وجد حجرا أحسن مِنْهُ رمى بِهِ وَعبد الآخر فَأنْزل الله الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن أبي رَجَاء العطاردي قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَأْكُلُون الدَّم بالعلهز ويعبدون الْحجر فَإِذا وجدوا مَا هُوَ أحسن مِنْهُ رموا بِهِ وعبدوا الآخر فَإِذا فقدوا الآخر أمروا منادياً فَنَادَى: أَيهَا النَّاس إِن إِلَهكُم قد ضل فالتمسوه فَانْزِل الله هَذِه الْآيَة {أَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} قَالَ: لَا يهوى شَيْئا إِلَّا تبعه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {أَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} قَالَ: كلما هوى شَيْئا رَكبه وَكلما اشْتهى شَيْئا أَتَاهُ لَا يحجزه عَن ذَلِك ورع وَلَا تقوى

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه قيل لَهُ: فِي أهل الْقبْلَة شرك فَقَالَ: نعم الْمُنَافِق مُشْرك إِن الْمُشرك يسْجد للشمس وَالْقَمَر من دون الله وَإِن الْمُنَافِق عِنْد هَوَاهُ ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {أَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ أفأنت تكون عَلَيْهِ وَكيلا} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تَحت ظلّ السَّمَاء من إِلَه يعبد من دون الله أعظم عِنْد الله من هوى مُتبع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أم تحسب أَن أَكْثَرهم يسمعُونَ} قَالَ: مثل الَّذين كفرُوا كَمثل الْبَعِير وَالْحمار وَالشَّاة إنْ قلت لبَعْضهِم كل لم يعلم مَا تَقول غير أَنه يسمع صَوْتك كَذَلِك الْكَافِر إِن أَمرته بِخَير أَو نهيته عَن شَرّ أَو وعظته لم يعقل مَا تَقول غير أَنه يسمع صَوْتك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {بل هم أضلّ سَبِيلا} قَالَ: أَخطَأ السَّبِيل

45

- قَوْله تَعَالَى: ألم تَرَ إِلَى رَبك كَيفَ مد الظل وَلَو شَاءَ لجعله سَاكِنا ثمَّ جعلنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلا ثمَّ قبضناه إِلَيْنَا قبضا يَسِيرا وَهُوَ الَّذِي جعل لكم الَّيْلِ لباسا وَالنَّوْم سباتا وَجعل النَّهَار نشورا أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى رَبك كَيفَ مد الظل} قَالَ: بعد الْفجْر قبل أَن تطلع الشَّمْس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ألم تَرَ إِلَى رَبك كَيفَ مد الظل} الْآيَة قَالَ: ألم تَرَ إِنَّك إِذا صليت الْفجْر كَانَ مَا بَين مطلع الشَّمْس إِلَى مغْرِبهَا ظلاً ثمَّ بعث الله عَلَيْهِ الشَّمْس دَلِيلا فَقبض الله الظل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {ألم تَرَ إِلَى رَبك كَيفَ مد الظل} قَالَ: مَا بَين طُلُوع الشَّمْس {وَلَو شَاءَ لجعله سَاكِنا} قَالَ: دَائِما {ثمَّ جعلنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلا} يَقُول: طُلُوع الشَّمْس {ثمَّ قبضناه إِلَيْنَا قبضا يَسِيرا} قَالَ: سَرِيعا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي

حَاتِم عَن مُجَاهِد {ألم تَرَ إِلَى رَبك كَيفَ مد الظل} قَالَ: ظلّ الْغَدَاة قبل طُلُوع الشَّمْس {وَلَو شَاءَ لجعله سَاكِنا} قَالَ: لَا تصيبه الشَّمْس وَلَا يَزُول {ثمَّ جعلنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلا} قَالَ: تحويه {ثمَّ قبضناه إِلَيْنَا} فاجوينا الشَّمْس إِيَّاه {قبضا يَسِيرا} قَالَ: خَفِيفا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {ألم تَرَ إِلَى رَبك كَيفَ مد الظل} قَالَ: مده من الْمشرق إِلَى الْمغرب فِيمَا بَين طُلُوع الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس {وَلَو شَاءَ لجعله سَاكِنا} قَالَ: تَركه كَمَا هُوَ ظلاً ممدوداً مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَيُّوب بن مُوسَى {ألم تَرَ إِلَى رَبك كَيفَ مد الظل} قَالَ: الأَرْض كلهَا ظلّ مَا بَين صَلَاة الْغَدَاة إِلَى طُلُوع الشَّمْس {ثمَّ قبضناه إِلَيْنَا قبضا يَسِيرا} قَالَ: قَلِيلا قَلِيلا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ وَالضَّحَّاك وَأبي مَالك الْغِفَارِيّ فِي قَوْله {كَيفَ مد الظل} قَالُوا: مَا بَين طُلُوع الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس {ثمَّ جعلنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلا} قَالُوا: على الظل {ثمَّ قبضناه إِلَيْنَا قبضا يَسِيرا} يَعْنِي مَا تقبض الشَّمْس من الظل وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة {كَيفَ مد الظل} قَالَ: من حِين يطلع الْفجْر إِلَى حِين تطلع الشَّمْس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {جعلنَا الشَّمْس عَلَيْهِ دَلِيلا} قَالَ: يتبعهُ فيقبضه حَيْثُ كَانَ وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَجعل النَّهَار نشوراً} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: إِن النَّهَار اثْنَتَا عشرَة سَاعَة فَأول السَّاعَة مَا بَين طُلُوع الْفجْر إِلَى أَن ترى شُعَاع الشَّمْس ثمَّ السَّاعَة الثَّانِيَة إِذا رَأَيْت شُعَاع الشَّمْس إِلَى أَن يضيء الاشراق عِنْد ذَلِك لم يبْق من قُرُونهَا شَيْء وَصفا لَوْنهَا فَإِذا كَانَت بِقدر مَا تريك عَيْنك قيد رحمين فَذَلِك أول الضُّحَى وَذَلِكَ أَو سَاعَة من سَاعَات الضُّحَى ثمَّ من بعد ذَلِك الضُّحَى ساعتين ثمَّ السَّاعَة السَّادِسَة حِين نصف النَّهَار فَإِذا زَالَت الشَّمْس عَن نصف النَّهَار فَتلك سَاعَة صَلَاة الظّهْر وَهِي الَّتِي قَالَ الله {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} ثمَّ من بعد ذَلِك الْعشي ساعتين

ثمَّ السَّاعَة الْعَاشِرَة مِيقَات صَلَاة الْعَصْر وَهِي الآصال ثمَّ من بعد ذَلِك ساعتين إِلَى اللَّيْل وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله وَجعل النَّهَار نشوراً {وَجعل النَّهَار نشورا} قَالَ: ينشر فِيهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَجعل النَّهَار نشوراً} قَالَ: لمعايشهم وحوائجهم وتصرفهم

48

- قَوْله تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي أرسل الرِّيَاح بشرا بَين يَدي رَحمته وأنزلنا من السَّمَاء مَاء طهُورا لنحيي بِهِ بَلْدَة مَيتا ونسقيه مِمَّا خلقنَا أنعاما وأناسي كثيرا أخرج عبد بن حميد عَن عَطاء أَنه قَرَأَ {وَهُوَ الَّذِي أرسل الرِّيَاح} على الْجمع بشرا بِالْبَاء وَرفع الْبَاء بنُون فيهمَا خَفِيفَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مَسْرُوق أَنه قَرَأَ {الرِّيَاح بشرا} بالنُّون وَنصب النُّون منونة ومخففة وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء طهُورا} قَالَ: لَا يُنجسهُ شَيْء وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارقطني عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: أنزل الله المَاء طهُورا لَا يُنجسهُ شَيْء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء يطهر وَلَا يطهره شَيْء فَإِن الله قَالَ {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء طهُورا} وَأخرج الشَّافِعِي وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالدَّارقطني وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: يَا رَسُول الله انتوضأ من بِئْر بضَاعَة وَهِي بِئْر يلقى فِيهَا الْحيض وَلُحُوم الْكلاب وَالنَّتن فَقَالَ: ان المَاء طهُورا لاينجسه شَيْء

وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة قَالَ: سَأَلَ رجل عبد الله بن الزبير عَن طين الْمَطَر قَالَ: سَأَلتنِي عَن طهورين جَمِيعًا قَالَ الله تَعَالَى {وأنزلنا من السَّمَاء مَاء طهُورا} وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا

50

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد صرفناه بَينهم لِيذكرُوا فَأبى أَكثر النَّاس إِلَّا كفورا وَلَو شِئْنَا لبعثنا فِي كل قَرْيَة نذيرا فَلَا تُطِع الْكَافرين وجاهدهم بِهِ جهادا كَبِيرا أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَلَقَد صرفناه بَينهم} يَعْنِي الْمَطَر تسقى هَذِه الأَرْض وتمنع هَذِه {لِيذكرُوا فَأبى أَكثر النَّاس إِلَّا كفوراً} قَالَ عِكْرِمَة: قَالَ ابْن عَبَّاس: قَوْلهم مُطِرْنَا بالانواء فَأنْزل الله فِي الْوَاقِعَة {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} الْوَاقِعَة الْآيَة 82 وَأخرج سنيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج عَن مُجَاهِد {وَلَقَد صرفناه بَينهم} قَالَ: الْمَطَر ينزله فِي الأَرْض وَلَا ينزله فِي أُخْرَى {فَأبى أَكثر النَّاس إِلَّا كفوراً} قَوْلهم مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وبنوء كَذَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَلَقَد صرفناه بَينهم لِيذكرُوا} قَالَ: إِن الله قسم هَذَا الرزق بَين عباده وَصَرفه بَينهم قَالَ: وَذكر لنا أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول: مَا كَانَ عَام قطّ أقل مَطَرا من عَام وَلَكِن الله يصرفهُ بَين عباده قَالَ قَتَادَة: فترزقه الأَرْض وتحرمه الْأُخْرَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا من عَام بِأَقَلّ مَطَرا من عَام وَلَكِن الله يصرفهُ حَيْثُ يَشَاء ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَلَقَد صرفناه بَينهم لِيذكرُوا} الْآيَة وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن مَسْعُود مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر مولى غفرة قَالَ: كَانَ جِبْرِيل فِي مَوضِع الْجَنَائِز فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا جِبْرِيل إِنِّي أحب أَن أعلم أَمر السَّحَاب فَقَالَ جِبْرِيل: هَذَا ملك السَّحَاب فَسَأَلَهُ فَقَالَ: تَأْتِينَا صكاك مختتمة اسقوا بِلَاد كَذَا وَكَذَا قَطْرَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الخرساني فِي قَوْله {وَلَقَد صرفناه بَينهم} قَالَ: أَلا ترى إِلَى قَوْله {وَلَو شِئْنَا لبعثنا فِي كل قَرْيَة نذيراً} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وجاهدهم بِهِ} قَالَ: بِالْقُرْآنِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وجاهدهم بِهِ جهاداً كَبِيرا} قَالَ: هُوَ قَوْله {وَاغْلُظْ عَلَيْهِم} التَّوْبَة الْآيَة 73 وَالله تَعَالَى أعلم

53

- قَوْله تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي مرج الْبَحْرين هَذَا عذب فرات وَهَذَا ملح أجاج وَجعل بَينهمَا برزخا وحجرا مَحْجُورا أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَهُوَ الَّذِي مرج الْبَحْرين} الْآيَة يَعْنِي خلع أَحدهمَا على الآخر فَلَيْسَ يفْسد العذب المالح وَلَيْسَ يفْسد المالح العذب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي مرج الْبَحْرين} قَالَ: أَفَاضَ أَحدهمَا فِي الآخر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {مرج الْبَحْرين} قَالَ: بَحر فِي السَّمَاء وبحر فِي الأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {فرات} قَالَ: العذب وَفِي قَوْله {أجاج} قَالَ: الاجاج: المالح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَهَذَا ملح أجاج} قَالَ: المر وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هما بحران فَتَوَضَّأ بِأَيِّهِمَا شِئْت ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {هَذَا عذب فرات وَهَذَا ملح أجاج} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَجعل بَينهمَا برزخاً} قَالَ: هُوَ اليبس

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {برزخاً} قَالَ: هُوَ اليبس وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَجعل بَينهمَا برزخاً} قَالَ: محبساً لَا يخْتَلط الْبَحْر العذب بالبحر الْملح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَجعل بَينهمَا برزخاً} قَالَ: التخوم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَجعل بَينهمَا برزخا} قَالَ: حجازا لَا يخْتَلط العذب بالملح وَلَا يخْتَلط بَحر الرّوم وَفَارِس وبحر الرّوم ملح قَالَ ابْن جريج: فَلم أجد بحراً عذباً إِلَّا الْأَنْهَار الْعَذَاب فَإِن دجلة تقع فِي الْبَحْر فَلَا تمور فِيهِ يَجْعَل فِيهِ بَينهمَا مثل الْخَيط الْأَبْيَض فَإِذا رجعت لم يرجع فِي طريقهما من الْبَحْر شَيْء والنيل زَعَمُوا ينصب فِي الْبَحْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ فِي قَوْله {وَجعل بَينهمَا برزخاً} قَالَ: حاجزاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وحجراً مَحْجُورا} يَقُول: حجر أَحدهمَا عَن الآخر بأَمْره وقضائه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وحجراً مَحْجُورا} قَالَ: إِن الله حجر الْملح عَن العذب والعذب عَن الْملح أَن يخْتَلط بِلُطْفِهِ وَقدرته

54

- قَوْله تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء بشرا فَجعله نسبا وصهرا وَكَانَ رَبك قَدِيرًا أخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن الْمُغيرَة قَالَ: سُئِلَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن نسب وصهر فَقَالَ: مَا أَرَاكُم إِلَّا قد عَرَفْتُمْ النّسَب فَأَما الصهر: فالاختان وَالصَّحَابَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فَجعله نسبا وصهراً} قَالَ: النّسَب الرَّضَاع والصهر الختونة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فَجعله نسبا وصهراً} قَالَ: ذكر الله الصهر مَعَ النّسَب

وَحرم أَربع عشرَة امْرَأَة سبعا من النّسَب وَسبعا من الصهر فَاسْتَوَى تَحْرِيم الله فِي النّسَب والصهر

55

- قَوْله تَعَالَى: ويعبدون من دون الله مَا لَا يَنْفَعهُمْ وَلَا يضرهم وَكَانَ الْكَافِر على ربه ظهيراً أخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَكَانَ الْكَافِر على ربه ظهيراً} يَعْنِي أَبَا الحكم: الَّذِي سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا جهل ابْن هِشَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {وَكَانَ الْكَافِر على ربه} قَالَ: أَبُو جهل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة فِي قَوْله {وَكَانَ الْكَافِر على ربه ظهيراً} قَالَ: هُوَ أَبُو جهل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَكَانَ الْكَافِر على ربه ظهيراً} قَالَ: معينا للشَّيْطَان على معاصي الله وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَكَانَ الْكَافِر على ربه ظهيراً} قَالَ: عوناً للشَّيْطَان على ربه بالعداوة والشرك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَكَانَ الْكَافِر على ربه ظهيراً} قَالَ: معينا للشَّيْطَان على عَدَاوَة ربه

56

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا مبشراً وَنَذِيرا قل مَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ من أجر إِلَّا من شَاءَ أَن يتَّخذ إِلَى ربه سَبِيلا أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا مبشراً وَنَذِيرا} قَالَ: مبشراً بِالْجنَّةِ وَنَذِيرا من النَّار وَفِي قَوْله {إِلَّا من شَاءَ أَن يتَّخذ إِلَى ربه سَبِيلا} قَالَ: بِطَاعَتِهِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قل مَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ من أجر} قَالَ: قل لَهُم يَا مُحَمَّد لَا أَسأَلكُم على مَا أدعوكم إِلَيْهِ من أجر يَقُول: عرض من عرض الدُّنْيَا

58

- قَوْله تَعَالَى: وتوكل على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت وَسبح بِحَمْدِهِ وَكفى بِهِ بذنوب عباده خَبِيرا أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عتبَة بن أبي ثبيت قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة لَا تتوكل على ابْن آدم فَإِن ابْن آدم لَيْسَ لَهُ قوام وَلَكِن توكل على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت

59

- قَوْله تَعَالَى: الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة أَيَّام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش الرَّحْمَن فاسأل بِهِ خَبِيرا وَإِذا قيل لَهُم اسجدوا للرحمن قَالُوا وَمَا الرَّحْمَن أنسجد لما تَأْمُرنَا وَزَادَهُمْ نفورا أخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فاسأل بِهِ خَبِيرا} قَالَ: مَا أَخْبَرتك من شَيْء فَهُوَ مَا أَخْبَرتك بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن شمر بن عَطِيَّة فِي قَوْله {الرَّحْمَن فاسأل بِهِ خَبِيرا} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن خَبِير بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي قَوْله {وَإِذا قيل لَهُم اسجدوا للرحمن قَالُوا وَمَا الرَّحْمَن} قَالَ: قَالُوا مَا نَعْرِف الرَّحْمَن إِلَّا رَحْمَن الْيَمَامَة فَأنْزل الله {وإلهكم إِلَه وَاحِد لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم} الْبَقَرَة الْآيَة 163 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حُسَيْن الجحفي فِي قَوْله {قَالُوا وَمَا الرَّحْمَن} قَالَ: جوابها {الرَّحْمَن علم الْقُرْآن} الرَّحْمَن الْآيَتَانِ 1 - 2 وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَرَأَ الْأسود {أنسجد لما تَأْمُرنَا} فَسجدَ فِيهَا قَالَ: وَقرأَهَا يحيى {أنسجد لما تَأْمُرنَا}

وَأخرج عبد بن حميد عَن سُلَيْمَان قَالَ: قَرَأَ إِبْرَاهِيم فِي الْفرْقَان (أنسجد لما يَأْمُرنَا) بِالْيَاءِ وَقَرَأَ سُلَيْمَان كَذَلِك

61

- قَوْله تَعَالَى: تبَارك الَّذِي جعل فِي السَّمَاء بروجاً وَجعل فِيهَا سِرَاجًا وقمراً منيراً أخرج الْخَطِيب فِي كتاب النُّجُوم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {تبَارك الَّذِي جعل فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: هِيَ هَذِه الاثنا عشر برجاً أَولهَا الْحمل ثمَّ الثثور ثمَّ الجوزاء ثمَّ السرطان ثمَّ الْأسد ثمَّ السنبلة ثمَّ الْمِيزَان ثمَّ الْعَقْرَب ثمَّ الْقوس ثمَّ الجدي ثمَّ الدَّلْو ثمَّ الْحُوت وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {تبَارك الَّذِي جعل فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: قصوراً على أَبْوَاب السَّمَاء فِيهَا الحرس وَأخرج هناد عبد بن حميد وَابْن جرير عَن يحيى بن رَافع {جعل فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: قصوراً فِي السَّمَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطِيَّة {جعل فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: الْقُصُور ثمَّ تأوّل هَذِه الْآيَة {وَلَو كُنْتُم فِي بروج مشيدة} النِّسَاء الْآيَة 78 وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {جعل فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: البروج النُّجُوم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {جعل فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: النُّجُوم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح {جعل فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: النُّجُوم الْكِبَار وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {تبَارك الَّذِي جعل فِي السَّمَاء بروجاً} قَالَ: هِيَ النجومز وَقَالَ عِكْرِمَة: إِن أهل السَّمَاء يرَوْنَ نور مَسَاجِد الدُّنْيَا كَمَا يرَوْنَ أهل الدُّنْيَا نُجُوم السَّمَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَجعل فِيهَا سِرَاجًا} قَالَ: هِيَ الشَّمْس

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وَجعل فِيهَا سِرَاجًا} بِكَسْر السِّين على معنى الْوَاحِد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن: أَنه كَانَ يقْرَأ {سِرَاجًا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: أَنه كَانَ يقْرَأ {وَجعل فِيهَا سِرَاجًا وقمراً منيراً}

62

- قَوْله تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة لمن أَرَادَ أَن يذكر أَو أَرَادَ شكُورًا أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة} قَالَ: أَبيض وأسود وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة} قَالَ: هَذَا يخلف هَذَا وَهَذَا يخلف هَذَا {لمن أَرَادَ أَن يذكر} قَالَ: يذكر نعْمَة ربه عَلَيْهِ فيهمَا {أَو أَرَادَ شكُورًا} قَالَ: شكور نعْمَة ربه عَلَيْهِ فيهمَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة} قَالَ: يَخْتَلِفَانِ هَذَا أسود وَهَذَا أَبيض وَإِن الْمُؤمن قد ينسى بِاللَّيْلِ وَيذكر بِالنَّهَارِ وينسى بِالنَّهَارِ وَيذكر بِاللَّيْلِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة} يَقُول: من فَاتَهُ شَيْء من اللَّيْل أَن يعمله أدْركهُ بِالنَّهَارِ وَمن فَاتَهُ شَيْء من النَّهَار أَن يعمله أدْركهُ بِاللَّيْلِ وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن: أَن عمر أَطَالَ صَلَاة الضُّحَى فَقيل: لَهُ: صنعت الْيَوْم شَيْئا لم تكن تَصنعهُ فَقَالَ: إِنَّه بَقِي عليَّ من وردي شَيْء وأحببت أَن أتمه أَو قَالَ اقضيه وتلا هَذِه الْآيَة {وَهُوَ الَّذِي جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة} يَقُول: جعل اللَّيْل خلفا من النَّهَار وَالنَّهَار خلفا من اللَّيْل لمن فرط فِي عمل أَن يَقْضِيه

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة} قَالَ: إِن لم يسْتَطع عمل اللَّيْل عمله بِالنَّهَارِ وَإِن لم يسْتَطع عمل النَّهَار عمله بِاللَّيْلِ فَهَذَا خلفة لهَذَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله {جعل اللَّيْل وَالنَّهَار خلفة} قَالَ: من عجز بِاللَّيْلِ كَانَ لَهُ فِي أول النَّهَار مستعتب وَمن عجز بِالنَّهَارِ كَانَ لَهُ فِي اللَّيْل مستعتب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة إِن سلمَان جَاءَهُ رجل فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيع قيام اللَّيْل قَالَ: إِن كنت لَا تَسْتَطِيع قيام اللهيل فَلَا تعجز بِالنَّهَارِ قَالَ قَتَادَة: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ أَن فِي كل لَيْلَة سَاعَة لَا يُوَافِقهَا رجل مُسلم يُصَلِّي فِيهَا يسْأَل الله فِيهَا خيرا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه قَالَ قَتَادَة: فأروا الله من أَعمالكُم خيرا فِي هَذَا اللَّيْل وَالنَّهَار فَإِنَّهُمَا مطيتان تحملان النَّاس إِلَى آجالهم تقربان كل بعيد وتبليان كل جَدِيد وتجيئان بِكُل مَوْعُود إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (لمن أَرَادَ أَن يذكر) مُشَدّدَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ (لمن أَرَادَ أَن يذكر)

63

- قَوْله تَعَالَى: وَعباد الرَّحْمَن الَّذين يَمْشُونَ على الأَرْض هونا وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما وَالَّذين يبيتُونَ لرَبهم سجدا وقياماً وَالَّذين يَقُولُونَ رَبنَا اصرف عَنَّا عَذَاب جَهَنَّم إِن عَذَابهَا كَانَ غراما إِنَّهَا ساءت مُسْتَقرًّا ومقاما وَالَّذين إِذا أَنْفقُوا لم يُسْرِفُوا وَلم يقترُوا وَكَانَ بَين ذَلِك قواما أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَعباد الرَّحْمَن} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ {الَّذين يَمْشُونَ على الأَرْض هونا} قَالَ: بِالطَّاعَةِ والعفاف والتواضع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَمْشُونَ على الأَرْض هونا} قَالَ: عُلَمَاء حكماء

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {هونا} قَالَ: بالسُّرْيَانيَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمرَان الْجونِي فِي قَوْله {هونا} قَالَ: حلماء بالسُّرْيَانيَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان فِي قَوْله {هونا} قَالَ: حلماء بالسُّرْيَانيَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَعباد الرَّحْمَن الَّذين يَمْشُونَ على الأَرْض هونا} قَالَ: بالوقار والسكينة {وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما} قَالَ: سداداً من القَوْل وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {يَمْشُونَ على الأَرْض هونا} قَالَ: لَا يَشْتَدُّونَ وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي هُرَيْرَة وَابْن النجار عَن ابْن عَبَّاس قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سرعَة الْمَشْي تذْهب بهاء الْمُؤمن وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن الفضيل بن عِيَاض فِي قَوْله {الَّذين يَمْشُونَ على الأَرْض هونا} قَالَ: بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقار {وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما} قَالَ: إِن جهل عَلَيْهِ حلم وَإِن أُسِيء إِلَيْهِ أحسن وَإِن حرم أعْطى وَإِن قطع وصل وَأخرج الْآمِدِيّ فِي شرح ديوَان الْأَعْشَى بِسَنَدِهِ عَن عمر بن الْخطاب: أَنه رأى غُلَاما يتبختر فِي مشيته فَقَالَ: إِن البخترة مشْيَة تكره إِلَّا فِي سَبِيل الله وَقد مدح الله أَقْوَامًا فَقَالَ {وَعباد الرَّحْمَن الَّذين يَمْشُونَ على الأَرْض هونا} فاقصد فِي مشيتك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذين يَمْشُونَ على الأَرْض هونا} قَالَ: تواضعاً لله لعظمته {وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما} قَالَ: كَانُوا لَا يجهلون على أهل الْجَهْل وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُحَمَّد بن عَليّ الباقر قَالَ: سلَاح اللئام قَبِيح الْكَلَام

وَأخرج أَحْمد عَن النُّعْمَان بن مقرن الْمُزنِيّ: أَن رجلا سبّ رجلا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل الرجل المسبوب يَقُول: عَلَيْك السَّلَام فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اما أَن ملكا بَيْنكُمَا يذب عَنْك كلما شتمك هَذَا قَالَ لَهُ: بل أَنْت وَأَنت أَحَق بِهِ وَإِذا قلت لَهُ: عَلَيْك السَّلَام قَالَ: لَا بل لَك أَنْت أَحَق بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَإِذا خاطبهم الجاهلون} قَالَ: السُّفَهَاء {قَالُوا سَلاما} يَعْنِي ردوا مَعْرُوفا {وَالَّذين يبيتُونَ لرَبهم سجدا وقياماً} يَعْنِي يصلونَ بِاللَّيْلِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن {يَمْشُونَ على الأَرْض هونا} قَالَ: يَمْشُونَ حلماء متواضعين لَا يجهلون على أحد وَإِن جهل عَلَيْهِم جَاهِل لم يجهلوا هَذَا نهارهم إِذا انتشروا فِي النَّاس {وَالَّذين يبيتُونَ لرَبهم سجدا وقياماً} قَالَ: هَذَا ليلهم إِذا خلوا بَينهم وَبَين رَبهم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: كَانَ يُقَال: ابْن آدم عف عَن محارم الله تكن عابداً وَارْضَ بِمَا قسم الله لَك تكن غَنِيا وَأحسن مجاورة من جاورك من النَّاس تكن مُسلما وَصَاحب النَّاس بِالَّذِي تحب أَن يصاحبوك بِهِ تكن عدلا وَإِيَّاك وَكَثْرَة الضحك فَإِن كَثْرَة الضحك تميت الْقلب إِنَّه قد كَانَ يديكم أَقوام يجمعُونَ كثيرا ويبنون شَدِيدا ويأملون بَعيدا فَأَيْنَ هم أصبح جمعهم بوراً وَأصْبح عَمَلهم غرُورًا وأصبحت مساكنهم قبوراً ابْن آدم إِنَّك مُرْتَهن بعملك وَأَنت على أَجلك معروض على رَبك فَخذ مِمَّا فِي يَديك لما بَين يَديك عِنْد الْمَوْت يَأْتِيك من الْخَيْر يَا ابْن آدم طأ الأَرْض بقدمك فَإِنَّهَا عَن قَلِيل قبرك إِنَّك لم تزل فِي هدم عمرك مُنْذُ سَقَطت من بطن أمك يَا ابْن آدم خالط النَّاس وزايلهم: خالطهم ببدنك وزايلهم بقلبك وعملك يَا ابْن آدم أَتُحِبُّ أَن تذكر بسحناتك وَتكره أَن تذكر بسيئاتك وَتبْغض على الظَّن [] وتقيم على الْيَقِين وَكَانَ يُقَال: أَن الْمُؤمنِينَ لما جَاءَتْهُم هَذِه الدعْوَة من الله صدقُوا بهَا وافضاء [] بِعَينهَا خضعت لذَلِك قلوبهموأبدانهم وأبصارهم كنت وَالله إِذا رَأَيْتهمْ قوما كَأَنَّهُمْ رَأْي عين وَالله مَا كَانُوا بِأَهْل جدل وباطل وَلَكِن جَاءَهُم من الله أَمر فصدقوا بِهِ فنعتهم الله فِي الْقُرْآن أحسن نعت فَقَالَ {وَعباد الرَّحْمَن الَّذين يَمْشُونَ على الأَرْض هونا}

قَالَ: الْحسن والهون فِي كَلَام الْعَرَب: اللين والسكينة وَالْوَقار {وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما} قَالَ: حلماء لَا يجهلون وَإِن جهل عَلَيْهِم حلموا يصاحبون عباد الله نهارهم مِمَّا تَسْمَعُونَ ثمَّ ذكر ليلهم خير ليل قَالَ {وَالَّذين يبيتُونَ لرَبهم سجدا وقياماً} ينتصبون لله على أَقْدَامهم ويفترشون وُجُوههم سجدا لرَبهم تجْرِي دموعهم على خدودهم خوفًا من رَبهم قَالَ الْحسن: لأمر مّا سهر ليلهم ولأمر مَا خشع نهارهم {وَالَّذين يَقُولُونَ رَبنَا اصرف عَنَّا عَذَاب جَهَنَّم إِن عَذَابهَا كَانَ غراماً} قَالَ: كل شَيْء يُصِيب ابْن آدم لم يدم عَلَيْهِ فَلَيْسَ بغرام إِنَّمَا الغرام اللَّازِم لَهُ مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض قَالَ: صدق الْقَوْم وَالله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَعَلمُوا وَلم يتمنوا فاياكم وَهَذِه الْأَمَانِي يَرْحَمكُمْ الله فَإِن الله لم يُعْط عبد بالمنية خيرا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قطّ وَكَانَ يَقُول: يَا لَهَا من موعظة لَو وَافَقت من الْقُلُوب حَيَاة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {إِن عَذَابهَا كَانَ غراماً} قَالَ: ملازماً شَدِيدا كلزوم الْغَرِيم الْغَرِيم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول بشر بن أبي حَازِم وَيَوْم النسار وَيَوْم الجفار كَانَا عذَابا وَكَانَا غراماً وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {كَانَ غراماً} مَا الغرام قَالَ: المولع قَالَ فِيهِ الشَّاعِر: وَمَا أَكلَة إِن نلتها بغنيمة وَلَا جوعة إِن جعتها بغرام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {إِن عَذَابهَا كَانَ غراماً} قَالَ: قد علمُوا أَن كل غَرِيم يُفَارق غَرِيمه إِلَّا غَرِيم جَهَنَّم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين إِذا أَنْفقُوا لم يُسْرِفُوا وَلم يقترُوا} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ لَا يسرفون فيقعوا فِي مَعْصِيّة الله وَلَا يقترون فيمنعون حُقُوق الله

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (وَلم يقترُوا) بِنصب الْيَاء وَرفع التَّاء وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالَّذين إِذا أَنْفقُوا لم يُسْرِفُوا وَلم يقترُوا} قَالَ: الاسراف النَّفَقَة فِي مَعْصِيّة الله والاقتار الامساك عَن حق الله قَالَ: وَإِن الله قد فَاء لكم فيئة فَانْتَهوا إِلَى فيئة الله قَالَ فِي الْمُنفق {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً} الاحزاب الْآيَة 70 قَالَ: قُولُوا صدقا عدلا وَقَالَ للْمُؤْمِنين {قل للْمُؤْمِنين يغضوا من أَبْصَارهم} النُّور الْآيَة 30 عَمَّا لَا يحل لَهُم وَقَالَ فِي الِاسْتِمَاع {الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه} الزمر الْآيَة 18 وَأحسنه طَاعَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله {لم يُسْرِفُوا وَلم يقترُوا} قَالَ لَا يُنْفِقهُ فِي بَاطِل وَلَا يمنعهُ من حق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن أبي حبيب {وَالَّذين إِذا أَنْفقُوا لم يُسْرِفُوا وَلم يقترُوا} قَالَ: أُولَئِكَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا لَا يَأْكُلُون طَعَاما يُرِيدُونَ بِهِ نعيماً وَلَا يلبسُونَ ثوبا يُرِيدُونَ بِهِ جمالاً كَانَت قُلُوبهم على قلب وَاحِد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش فِي قَوْله {بَين ذَلِك قواماً} قَالَ: عدلا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر مولى غفرة قَالَ القوام أَن لَا تنْفق من غير حق وَلَا تمسك من حق هُوَ عَلَيْك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن وهب بن مُنَبّه {وَكَانَ بَين ذَلِك قواماً} قَالَ: الشّطْر من أَمْوَالهم وَأخرج ابْن جرير عَن يزِيد بن مرّة الْجعْفِيّ قَالَ: الْعلم خير من الْعَمَل والحسنة بَين السيئين يَعْنِي إِذا أَنْفقُوا لم يُسْرِفُوا وَلم يقترُوا وَخير الْأُمُور أوساطها وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن فِي قَوْله {لم يُسْرِفُوا وَلم يقترُوا} أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: كفى سَرفًا أَن الرجل لَا يَشْتَهِي شَيْئا إِلَّا اشْتَرَاهُ فَأَكله وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من فقه الرجل رفقه فِي معيشته

68

- قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون وَمن يفعل ذَلِك يلقَ أثاماً يُضَاعف لَهُ

الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة ويخلد فِيهِ مهانا إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل عملا صَالحا فَأُولَئِك يُبدل الله سيآتهم حَسَنَات وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما وَمن تَابَ وَعمل صَالحا فَإِنَّهُ يَتُوب إِلَى الله متابا أخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الذَّنب أكبر قَالَ أَن تجْعَل لله ندا وَهُوَ خلقك قلت: ثمَّ أَي قَالَ أَن تقتل ولدك خشيَة أَن يطعم مَعَك قلت: ثمَّ أَي قَالَ: أَن تُزَانِي حَلِيلَة جَارك فَأنْزل الله تَصْدِيق ذَلِك {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون} وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: أَن نَاسا من أهل الشّرك قد قتلوا فَأَكْثرُوا وزنوا ثمَّ أَتَوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: إِن الَّذِي تَقول وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَو تخبرنا أَن لما عَملنَا كَفَّارَة فَنزل {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} وَنزلت {قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} الزمر الآيه 53 وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْقَاسِم بن أبي بزَّة أَنه سَأَلَ سعيد بن جُبَير هَل لمن قتل مُؤمنا مُتَعَمدا من تَوْبَة فَقَرَأت عَلَيْهِ {وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ} فَقَالَ سعيد: قرأتها على ابْن عَبَّاس كَمَا قرأتها عليَّ فَقَالَ: هَذِه مَكِّيَّة نسختها آيَة مَدَنِيَّة الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن شفي الأصبحي قَالَ: إِن فِي جَهَنَّم جبلا يدعى: صعُودًا يطلع فِيهِ الْكَافِر أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قبل أَن يرقاه وَإِن فِي جَهَنَّم قصراً يُقَال لَهُ: هوى يرْمى الْكَافِر من أَعْلَاهُ فَيهْوِي أَرْبَعِينَ خَرِيفًا قبل أَن يبلغ أَصله قَالَ تَعَالَى {وَمن يحلل عَلَيْهِ غَضَبي فقد هوى} طه الْآيَة 81 وَأَن فِي جَهَنَّم وَاديا يدعى: أثاماً فِيهِ حيات وعقارب فِي فقار احداهن مِقْدَار سبعين قلَّة من السم وَالْعَقْرَب مِنْهُنَّ مثل البغلة الموكفة وَإِن فِي جَهَنَّم وَاديا يدعى: غياً يسيل قَيْحا ودماً

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ: الصَّلَوَات لمواقيتهن قلت: ثمَّ أَي قَالَ: بر الْوَالِدين قلت: ثمَّ أَي قَالَ: ثمَّ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَلَو استزدته لزادني وَسَأَلته أَي الذَّنب أعظم عِنْد الله قَالَ: الشّرك بِاللَّه قلت: ثمَّ أَي قَالَ: أَن تقتل ولدك أَن يطعم مَعَك فَمَا لبثنا إِلَّا يَسِيرا حَتَّى أنزل الله {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عون بن عبد الله قَالَ: سَأَلت الْأسود بن يزِيد هَل كَانَ ابْن مَسْعُود يفضل عملا على عمل قَالَ: نعم سَأَلت ابْن مَسْعُود قَالَ: سَأَلتنِي عَمَّا سَأَلت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله أَي الْأَعْمَال أحبها إِلَى الله وأقربها من الله قَالَ: الصَّلَاة لوَقْتهَا قلت: ثمَّ مَاذَا على اثر ذَلِك قَالَ: ثمَّ بر الْوَالِدين قلت: ثمَّ مَاذَا على اثر ذَلِك قَالَ: الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَلَو استزدته لزادني قلت: فَأَي الْأَعْمَال أبغضها إِلَى الله وأبعدها من الله قَالَ: أَن تجْعَل لله ندا وَهُوَ خلقك وَأَن تقتل ولدك أَن يَأْكُل مَعَك وَإِن تُزَانِي حَلِيلَة جَارك ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي قَتَادَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجل إِن الله ينهاك أَن تعبد الْمَخْلُوق وَتَذَر الْخَالِق وينهاك أَن تقتل ولدك وتغذو كلبك وينهاك أَن تَزني بحليلة جَارك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عمر فِي قَوْله {يلق أثاماً} قَالَ: وَاد فِي جَهَنَّم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {يلق أثاماً} قَالَ: وَاد فِي جَهَنَّم من قيح وَدم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عطرمة قَالَ: أثام أَوديَة فِي جَهَنَّم فِيهَا الزناة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {يلق أثاماً} قَالَ: نكالاً وَكُنَّا نُحدث أَنه وَاد فِي جَهَنَّم وَذكر لنا أَن لُقْمَان كَانَ يَقُول: يَا بني إياك وَالزِّنَا فَإِن أوّله مَخَافَة وَآخره ندامة

وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن شفي الأصبحي قَالَ: إِن فِي جَهَنَّم وَاديا يدعى: أثاماً فِيهِ حيات وعقارب فِي فقار احداهن مِقْدَار سبعين قلَّة من السم وَالْعَقْرَب مِنْهُنَّ مثل البغلة الموكفة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {يلق أثاماً} مَا الأثام قَالَ: الْجَزَاء قَالَ فِيهِ عَامر بن الطُّفَيْل: وروّينا الأسنة من صداء وَلَا قت حمير منا أثاما وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاماً} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {يُضَاعف} بِالرَّفْع {لَهُ الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة ويخلد فِيهِ} بِنصب الْيَاء وَرفع اللَّام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {ويخلد فِيهِ} يَعْنِي فِي الْعَذَاب {مهاناً} يَعْنِي يهان فِيهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} اشْتَدَّ ذَلِك على الْمُسلمين فَقَالُوا: مَا منا أحد إِلَّا أشرك وقتلن وزنى فَأنْزل الله {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا} الزمر الْآيَة 53 يَقُول لهَؤُلَاء الَّذين أَصَابُوا هَذَا فِي الشّرك ثمَّ نزلت بعده {إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل عملا صَالحا فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} فأبدلهم الله بالْكفْر الإِسلام وبالمعصية الطَّاعَة وبالانكار الْمعرفَة وبالجهالة الْعلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: نزلت آيَة من تبَارك بِالْمَدِينَةِ فِي شَأْن قَاتل حَمْزَة وَحشِي وَأَصْحَابه كَانُوا يَقُولُونَ: انا لنعرف الإِسلام وفضله فَكيف لنا بِالتَّوْبَةِ وَقد عَبدنَا الْأَوْثَان وقتلنا أَصْحَاب مُحَمَّد وشربنا الْخُمُور ونكحنا المشركات فَأنْزل الله فيهم {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} الْآيَة ثمَّ نزلت تَوْبَتهمْ {إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل عملا صَالحا فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} فأبدلهم الله بِقِتَال الْمُسلمين قتال الْمُشْركين وَنِكَاح المشركات نِكَاح الْمُؤْمِنَات وبعبادة الْأَوْثَان عبَادَة الله وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر}

قَالَ: هَؤُلَاءِ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة فأشركوا وَقتلُوا وزنوا فَقَالُوا: لن يغْفر الله لنا فَأنْزل الله {إِلَّا من تَابَ} قَالَ: كَانَت التَّوْبَة والإِيمان وَالْعَمَل الصَّالح وَكَانَ الشّرك وَالْقَتْل وَالزِّنَا كَانَت ثَلَاث مَكَان ثَلَاث وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك قَالَ: لما نزلت {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} قَالَ بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كُنَّا أشركنا فِي الْجَاهِلِيَّة وقتلنا فَنزلت {إِلَّا من تَابَ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَرَأنَا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِنِين {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاماً} ثمَّ نزلت {إِلَّا من تَابَ وآمن} فَمَا رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرح بِشَيْء قطّ فرحه بهَا وفرحه ب {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} الْفَتْح الْآيَة 1 وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يزنون وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاماً} ثمَّ اسْتثْنى {إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل عملا صَالحا فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَتَمَة ثمَّ انصرفت فاذا امْرَأَة عِنْد بَابي فَقَالَت: جئْتُك أَسأَلك عَن عمل عملته هَل ترى لي مِنْهُ تَوْبَة قلت: وَمَا هُوَ قَالَت: زَنَيْت وَولد لي وقتلته قلت: لَا وَلَا كَرَامَة فَقَامَتْ وَهِي تَقول: واحسرتاه أيخلق هَذَا الْجَسَد للنار فَلَمَّا صليت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصُّبْح من تِلْكَ اللَّيْلَة قصصت عَلَيْهِ أَمر الْمَرْأَة قَالَ: مَا قلت لَهَا قلت لَا وَلَا كَرَامَة قَالَ: بئس مَا قلت أما كنت تقْرَأ هَذِه الْآيَة {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} إِلَى قَوْله {إِلَّا من تَابَ} الْآيَة قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَخرجت فَمَا بقيت دَار بِالْمَدِينَةِ وَلَا خطة إِلَّا وقفت عَلَيْهَا فَقلت: إِن كَانَ فِيكُم الْمَرْأَة الَّتِي جَاءَت أَبَا هُرَيْرَة فلتأت ولتبشر فَلَمَّا انصرفت من الْعشي إِذا هِيَ عِنْد بَابي فَقلت: ابشري إِنِّي ذكرت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قلت لي وَمَا قلت لَك فَقَالَ: بئس مَا قلت أما كنت تقْرَأ هَذِه الْآيَة وقرأتها عَلَيْهَا فخرت سَاجِدَة وَقَالَت: أَحْمد الله الَّذين جعل لي تَوْبَة ومخرجاً أشهد أَن هَذِه الْجَارِيَة لجارية مَعهَا وَابْن لَهَا حران لوجه الله وَإِنِّي قد تبت مِمَّا عملت

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ كَانُوا من قبل إِيمَانهم على السَّيِّئَات فَرغب الله بهم عَن ذَلِك فحولهم إِلَى الْحَسَنَات فأبدلهم مَكَان السَّيِّئَات الْحَسَنَات وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِلَّا من تَابَ} قَالَ: من ذَنبه {وآمن} قَالَ: بربه {وَعمل صَالحا} قَالَ: فِيمَا بَينه وَبَين ربه {فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} قَالَ: إِنَّمَا التبديل طَاعَة الله بعد عصيانه وَذكر الله بعد نسيانه وَالْخَيْر تعمله بعد الشَّرّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} قَالَ: التبديل فِي الدُّنْيَا يُبدل الله بِالْعَمَلِ السيء الْعَمَل الصَّالح وبالشرك اخلاصاً وبالفجور عفافاً وَنَحْو ذَلِك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وعبد بن حميد عَن مُجَاهِد {يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} قَالَ: الإِيمان بعد الشّرك وَأخرج عبد بن حميد عَن مَكْحُول {يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} قَالَ: اذا تابعوا جعل الله مَا عمِلُوا من سيئاتهم حَسَنَات وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ بن الْحُسَيْن {يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} قَالَ: فِي الْآخِرَة وَقَالَ الْحسن: فِي الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: إِن الْمُؤمن يعْطى كِتَابه فِي ستر من الله فَيقْرَأ سيئاته فَإِذا قَرَأَ تغير لَهَا لَونه حَتَّى يمر بحسناته فيقرأها فَيرجع إِلَيْهِ لَونه ثمَّ ينظر فَإِذا سيئاته قد بُدِّلَتْ حَسَنَات فَعِنْدَ ذَلِك يَقُول {هاؤم اقرؤوا كِتَابيه} الحاقة الْآيَة 19 وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سلمَان قَالَ: يعْطى رجل يَوْم الْقِيَامَة صحيفَة فَيقْرَأ أَعْلَاهَا فَإِذا سيئاته فَإِذا كَاد يسوء ظَنّه نظر فِي أَسْفَلهَا فَإِذا حَسَنَاته ثمَّ ينظر فِي أَعْلَاهَا فَإِذا هِيَ قد بدلت حَسَنَات وَأخرج أَحْمد وهناد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُؤْتى بِالرجلِ يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال اعرضوا عَلَيْهِ

صغَار ذنُوبه فَيعرض عَلَيْهِ صغارها وينحى عَنهُ كِبَارهَا فَيُقَال: عملت يَوْم كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَهُوَ مقرّ لَيْسَ يُنكر وَهُوَ مُشْفِقٌ من الْكِبَار أَن تَجِيء فَيُقَال: اعطوه مَكَان كل سَيِّئَة عَملهَا حسنه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَأْتِيَن نَاس يَوْم الْقِيَامَة ودوا انهم استكثروا من السَّيِّئَات قبل: وَمن هم يَا رَسُول الله قَالَ: الَّذين بدل الله سيئاتهم حَسَنَات وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن مَيْمُون {فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} قَالَ: حَتَّى يتَمَنَّى العَبْد أَن سيئاته كَانَت أَكثر مِمَّا هِيَ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة أَنه قيل لَهُ: إِن أُنَاسًا يَزْعمُونَ أَنهم يتمنون أَن يستكثروا من الذُّنُوب قَالَ: وَلم ذَاك قَالَ: يتأوّلون هَذِه الْآيَة {يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} فَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة: وَكَانَ إِذا أخبر بِمَا لَا يعلم قَالَ: آمَنت بِمَا أنزل الله من كتاب ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضراً وَمَا عملت من سوء تودُّ لَو أَن بَينهَا وَبَينه أمداً بَعيدا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَكْحُول قَالَ: جَاءَ شيخ كَبِير فَقَالَ: يَا رَسُول الله رجل غدر وفجر فَلم يدع حَاجَة وَلَا داجة إِلَّا اقتطعها بِيَمِينِهِ وَلَو قسمت خطيئته بَين أهل الأَرْض وَلَا وبقتهم فَهَل لَهُ من تَوْبَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أسلمت قَالَ: نعم قَالَ: فَإِن الله غَافِر لَك ومبدل سيئاتك حَسَنَات قَالَ: يَا رَسُول الله وغدارتي وفجراتي قَالَ: وغدراتك وفجراتك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَلمَة بن جهيل قَالَ: جَاءَ شَاب فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت من لم يدع سَيِّئَة إِلَّا عَملهَا وَلَا خَطِيئَة إِلَّا ركبهَا وَلَا أشرف لَهُ سهم فَمَا فَوْقه إِلَّا اقتطعه بِيَمِينِهِ وَمن لَو قسمت خطاياه على أهل الْمَدِينَة لغمرتهم فَقَالَ النَّبِي: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أأسلمت قَالَ: أما أَنا فاشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالَ: اذْهَبْ فقد بدل الله سيئاتك حَسَنَات قَالَ: يَا رَسُول الله وغدارتي وفجراتي قَالَ: وغدارتك وفجراتك ثَلَاثًا فولى الشَّاب وَهُوَ يَقُول: الله أكبر وَأخرج الْبَغَوِيّ وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي طَوِيل شطب الْمَمْدُود أَنه أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَرَأَيْت رجلا عمل الذُّنُوب كلهَا فَذكر نَحوه

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى قَالَ: التبديل يَوْم الْقِيَامَة إِذا وقف العَبْد بَين يَدي الله وَالْكتاب بَين يَدَيْهِ ينظر فِي السَّيِّئَات والحسنات فَيَقُول: قد غفرت لَك وَيسْجد بَين يَدَيْهِ فَيَقُول: قد بدلت فَيسْجد فَيَقُول: قد بدلت فَيسْجد فَيَقُول الْخَلَائق: طُوبَى لهَذَا العَبْد الَّذِي لم يعْمل سَيِّئَة قطّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نَام ابْن آدم قَالَ الْملك للشَّيْطَان: اعطني صحيفتك فيعطيه إِيَّاهَا فَمَا وجد فِي صَحِيفَته من حَسَنَة محا بهَا عشر سيئات من صحيفَة الشَّيْطَان وكتبهن حَسَنَات فَإِذا أَرَادَ أحدكُم أَن ينَام فليكبر ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَة ويحمد أَرْبعا وَثَلَاثِينَ تَحْمِيدَة ويسبح ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَة فَتلك مائَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن مَكْحُول فِي قَوْله {يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} قَالَ: يَجْعَل مَكَان السَّيِّئَات شال: فَرَأَيْت مَكْحُولًا غضب حَتَّى جعل يرتعد

72

- قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراماً وَالَّذين إِذا ذكرُوا بآيَات رَبهم لم يخروا عَلَيْهَا صمًّا وعمياناً وَالَّذين يَقُولُونَ رَبنَا هَب لنا من أَزوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أعين واجعلنا لِلْمُتقين إِمَامًا أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} قَالَ: إِن الزُّور كَانَ صنماً بِالْمَدِينَةِ يَلْعَبُونَ حوله كل سَبْعَة أَيَّام وَكَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مروا بِهِ مروا كراماً لَا ينظرُونَ إِلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} قَالَ: الشّرك وَأخرج الْخَطِيب عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} قَالَ: أعياد الْمُشْركين وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} قَالَ: الْكَذِب

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} قَالَ: لَا يساعدون أهل الْبَاطِل على باطلهم وَلَا يمالؤنهم فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} قَالَ: مجَالِس السوء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} قَالَ: لعب كَانَ فِي الجاهليلة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد بن الْحَنَفِيَّة {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} قَالَ: الْغناء وَاللَّهْو وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الجحاف {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} قَالَ: الْغناء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} قَالَ: الْغناء النِّيَاحَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَضَب وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن مُجَاهِد {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} قَالَ: مجَالِس الْغناء {وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراماً} قَالَ: إِذا أوذوا صفحوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراماً} قَالَ: يعرضون عَنْهُم لَا يكلمونهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراماً} قَالَ: هِيَ مَكِّيَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي ان ابْن مَسْعُود مر معرضًا وَلم يقف فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد أصبح ابْن مَسْعُود أَو أَمْسَى كَرِيمًا ثمَّ تَلا إِبْرَاهِيم {وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراماً} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك {وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراماً} قَالَ: لم يكن اللَّغْو من حَالهم وَلَا بالهم

وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ} قَالَ: اللَّغْو كُله الْمعاصِي وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراماً} قَالَ: كَانُوا إِذا أَتَوا على ذكر النِّكَاح كفوا عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالَّذين إِذا ذكرُوا بآيَات رَبهم لم يخروا عَلَيْهَا صمًّا وعمياناً} قَالَ: لم يصموا عَن الْحق وَلم يعموا عَنهُ هم قوم عقلوا عَن الله فانتفعوا بِمَا سمعُوا من كتاب الله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {لم يخروا عَلَيْهَا صمًّا وعمياناً} قَالَ: كم من قارىء يَقْرَأها بِلِسَانِهِ يخر عَلَيْهَا أَصمّ أعمى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَالَّذين يَقُولُونَ رَبنَا هَب لنا من أَزوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أعين} قَالَ: يعنون من يعْمل بِالطَّاعَةِ فتقر بِهِ أَعيننَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة {واجعلنا لِلْمُتقين إِمَامًا} قَالَ: أَئِمَّة هدى يهتدى بِنَا وَلَا تجعلنا أَئِمَّة ضَلَالَة لِأَنَّهُ قَالَ لأهل السَّعَادَة {وجعلناهم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا} الْأَنْبِيَاء الْآيَة 73 وَلأَهل الشقاوة {وجعلناهم أَئِمَّة يدعونَ إِلَى النَّار} الْقَصَص الْآيَة 41 وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وَالَّذين يَقُولُونَ رَبنَا هَب لنا من أَزوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أعين} قَالَ: لم يُرِيدُوا بذلك صباحة وَلَا جمالاً وَلَكِن أَرَادوا أَن يَكُونُوا مُطِيعِينَ وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الْبر والصلة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {هَب لنا من أَزوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أعين} أهذه القرة أعين فِي الدُّنْيَا أم فِي الْآخِرَة قَالَ: لَا وَالله بل فِي الدُّنْيَا قيل: وَمَا هِيَ قَالَ: هِيَ أَن يرى الرجل الْمُسلم من زَوجته من ذُريَّته من أَخِيه من حميمه طَاعَة الله وَلَا وَالله مَا شَيْء أحب إِلَى الْمَرْء الْمُسلم من أَن يرى ولدا أَو والداً أَو حميماً أَو أَخا مُطيعًا لله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالَّذين يَقُولُونَ رَبنَا هَب لنا من أَزوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أعين}

قَالَ: يحسنون عبادتك وَلَا يجرونَ عَلَيْهَا الجرائر {واجعلنا لِلْمُتقين إِمَامًا} قَالَ: اجْعَلْنَا مؤتمين بهم مقتدين بهم وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود قَالَ: لقد بعث الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَشد حَال بعث عَلَيْهَا نَبيا من الْأَنْبِيَاء فِي قومه من جَاهِلِيَّة مَا يرَوْنَ أَن دينا أفضل من عبَادَة الْأَوْثَان فجَاء بفرقان فرق بِهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل وَفرق بِهِ بَين الْوَالِد وَولده حَتَّى إِن كَانَ الرجل ليرى وَالِده أَو وَلَده أَو أَخَاهُ كَافِرًا وَقد فتح الله قفل قلبه بالإِيمان وَيعلم أَنه إِن هلك دخل النَّار فَلَا تقر عينه وَهُوَ يعلم أَن حَبِيبه فِي النَّار إِنَّهَا للَّتِي قَالَ الله {وَالَّذين يَقُولُونَ رَبنَا هَب لنا من أَزوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أعين} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (هَب لنا من أَزوَاجنَا وَذُرِّيَّتنَا وَاحِدَة) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {واجعلنا لِلْمُتقين إِمَامًا} يَقُول: قادة فِي الْخَيْر ودعاة وَهُدَاة يؤتم بهم فِي الْخَيْر وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن أبي صَالح فِي قَوْله {واجعلنا لِلْمُتقين إِمَامًا} قَالَ: أَئِمَّة يقْتَدى بهدانا وَالله تَعَالَى أعلم

75

- قَوْله تَعَالَى: أُولَئِكَ يجزون الغرفة بِمَا صَبَرُوا ويلقون فِيهَا تَحِيَّة وَسلَامًا خَالِدين فِيهَا حسنت مُسْتَقرًّا ومقاما أخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {أُولَئِكَ يجزون الغرفة} قَالَ: هِيَ من ياقوته حَمْرَاء أَو زبرجدة خضراء أَو درة بَيْضَاء لَيْسَ فِيهَا قَصم وَلَا وهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أُولَئِكَ يجزون الغرفة} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي جَعْفَر فِي قَوْله {أُولَئِكَ يجزون الغرفة بِمَا صَبَرُوا} قَالَ: على الْفقر فِي دَار الدُّنْيَا

وَأخرج زَاهِر بن طَاهِر الشحامي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فِي الْجنَّة لغرفاً لَيْسَ فِيهَا مغاليق من فَوْقهَا وَلَا عماد من تحتهَا قيل: يَا رَسُول الله وَكَيف يدخلهَا أَهلهَا قَالَ: يدْخلُونَهَا أشباه الطير قيل يَا رَسُول الله: لمن هِيَ قَالَ: لأهل الاسقام والأوجاع والبلوى وَأخرج أَحْمد عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن فِي الْجنَّة غرفَة يرى ظَاهرهَا من بَاطِنهَا وباطنها من ظَاهرهَا أعدهَا الله لمن أطْعم الطَّعَام وألان الْكَلَام وتابع الصّيام وَصلى وَالنَّاس نيام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {أُولَئِكَ} يَعْنِي الَّذين فِي هَؤُلَاءِ الْآيَات {يجزون الغرفة} يَعْنِي فِي الْآخِرَة {الغرفة} الْجنَّة {بِمَا صَبَرُوا} على أَمر رَبهم {ويلقون فِيهَا} يَعْنِي تتلقاهم الْمَلَائِكَة بالتحية وَالسَّلَام {خَالِدين فِيهَا} لَا يموتون {حسنت مُسْتَقرًّا} يَعْنِي مستقرهم فِي الْجنَّة {ومقاماً} يَعْنِي مقَام أهل الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَاصِم قَالَ: لَقِي ابْن سِيرِين رجل فَقَالَ: حياك الله فَقَالَ: إِن أفضل التَّحِيَّة تَحِيَّة أهل الْجنَّة السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (أُولَئِكَ يجزون الغرفة (وَاحِدَة) بِمَا صَبَرُوا ويلقون) خَفِيفَة مَنْصُوبَة الْيَاء وَالله تَعَالَى أعلم

77

- قَوْله تَعَالَى: قل مَا يعبؤ بكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم فقد كَذبْتُمْ فَسَوف يكون لزاما أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {قل مَا يعبأ بكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم} يَقُول: لَوْلَا إيمَانكُمْ فاخبر الله أَنه لَا حَاجَة لَهُ بهم إِذْ لم يخلقهم مُؤمنين وَلَو كنت لَهُ بهم حَاجَة لحبب إِلَيْهِم الإِيمان كَمَا حببه إِلَى الْمُؤمنِينَ {فَسَوف يكون لزاماً} قَالَ: موتا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {قل مَا يعبأ بكم رَبِّي} قَالَ: مَا يفعل {لَوْلَا دعاؤكم} قَالَ: لَوْلَا دعاؤه إيَّاكُمْ لتعبدوه وتطيعوه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْوَلِيد بن أبي الْوَلِيد قَالَ:

بَلغنِي أَن تَفْسِير هَذِه الْآيَة {قل مَا يعبأ بكم رَبِّي لَوْلَا دعاؤكم} أَي مَا خلقتكم لي بكم حَاجَة إِلَّا أَن تَسْأَلُونِي فَأغْفِر لكم وتسألوني فأعطيكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الزبير انه قَرَأَ فِي صَلَاة الصُّبْح الْفرْقَان فَلَمَّا أَتَى على هَذِه الْآيَة قَرَأَ (فقد كذب الْكَافِرُونَ فَسَوف يكون لزاماً) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (فقد كذب الْكَافِرُونَ فَسَوف يكون لزاماً) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {فَسَوف يكون لزاماً} قَالَ: موتا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَسَوف يكون لزاماً} قَالَ أبي بن كَعْب: هُوَ الْقَتْل يَوْم بدر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ (اللزام) هُوَ الْقَتْل الَّذِي أَصَابَهُم يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قد مضى اللزام كَانَ يَوْم بدر قتلوا سبعين وأسروا سبعين وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: خمس قد مضين: الدُّخان وَالْقَمَر وَالروم وَالْبَطْشَة وَاللزَام وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن (اللزام) يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {فَسَوف يكون لزاماً} قَالَ: يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {فَسَوف يكون لزاماً} قَالَ: ذَاك يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مضى خمس آيَات وَبَقِي خمس مِنْهَا انْشِقَاق الْقَمَر وَقد رَأَيْنَاهُ وَمضى الدُّخان وَمَضَت البطشة الْكُبْرَى وَمضى الْيَوْم الْعَقِيم وَمضى اللزام وَالله أعلم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم - سُورَة الشُّعَرَاء مَكِّيَّة وآياتها سبع وَعِشْرُونَ ومائتان - مُقَدّمَة سُورَة الشُّعَرَاء أخرج ابْن ضريس وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {طسم} الشُّعَرَاء بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزلت سُورَة الشُّعَرَاء بِمَكَّة وَأخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُورَة الشُّعَرَاء نزلت بِمَكَّة سوى خمس آيَات من آخرهَا نزلت بِالْمَدِينَةِ {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ} إِلَى آخرهَا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن معدي كرب قَالَ: أَتَيْنَا عبد الله بن مَسْعُود نَسْأَلهُ عَن {طسم} الشُّعَرَاء قَالَ: لَيست معي وَلَكِن عَلَيْكُم مِمَّن أَخذهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بِأبي عبد الله خباب بن الْأَرَت

الشعراء

- طسم أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: إسم من أَسمَاء الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {طسم} قَالَ: الطَّاء من ذِي الطول وَالسِّين من القدوس وَالْمِيم من الرَّحْمَن

2

- قَوْله تَعَالَى: تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين لَعَلَّك باخع نَفسك أَلاَّ يَكُونُوا مُؤمنين إِن نَشأ ننزل عَلَيْهِم من السَّمَاء آيَة فظلت أَعْنَاقهم لَهَا خاضعين وَمَا يَأْتِيهم من ذكر من الرَّحْمَن مُحدث إِلَّا كَانُوا عَنهُ معرضين فقد كذبُوا فسيأتيهم أنباء مَا كَانُوا بِهِ يستهزؤون أولم يرَوا إِلَى الأَرْض كم أنبتنا فِيهَا من كل زوج كريم إِن فِي ذَلِك لآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهم مُؤمنين وَإِن رَبك لَهو العزيزالرحيم أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لَعَلَّك باخع نَفسك} قَالَ: لَعَلَّك قَاتل نَفسك {أَلا يَكُونُوا مُؤمنين}

{إِن نَشأ ننزل عَلَيْهِم من السَّمَاء آيَة فظلت أَعْنَاقهم لَهَا خاضعين} قَالَ: لَو شَاءَ الله أنزل عَلَيْهِم آيَة يذلون بهَا فَلَا يلوي أحدهم عُنُقه إِلَى مَعْصِيّة الله {وَمَا يَأْتِيهم من ذكر من الرَّحْمَن مُحدث} يَقُول: مَا يَأْتِيهم من شَيْء من كتاب الله إِلَّا أَعرضُوا عَنهُ {فسيأتيهم} يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة {أنباء} مَا استهزأوا بِهِ من كتاب الله وَفِي قَوْله {كم أنبتنا فِيهَا من كل زوج كريم} قَالَ: حسن وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {فظلت أَعْنَاقهم لَهَا خاضعين} قَالَ: الْعُنُق الْجَمَاعَة من النَّاس قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْحَرْث بن هِشَام وَهُوَ يَقُول وَيذكر أَبَا جهل: يخبرنا الْمخبر أَن عمرا أَمَام الْقَوْم من عنق مخيل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فظلت أَعْنَاقهم لَهَا خاضعين} قَالَ: ذليلين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: الخاضع: الذَّلِيل وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كم أنبتنا فِيهَا من كل زوج كريم} قَالَ: من نَبَات الأَرْض مِمَّا يَأْكُل النَّاس والأنعام وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ {كم أنبتنا فِيهَا من كل زوج كريم} قَالَ: النَّاس من نَبَات الأَرْض فَمن دخل الْجنَّة فَهُوَ كريم وَمن دخل النَّار فَهُوَ لئيم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ: كل شَيْء فِي الشُّعَرَاء من قَوْله {الْعَزِيز الرَّحِيم} فَهُوَ مَا هلك مِمَّن مضى من الْأُمَم يَقُول {عَزِيز} حِين انتقم من أعدائه {رَحِيم} بِالْمُؤْمِنِينَ حِين أنجاهم مِمَّا أهلك بِهِ أعداءه

10

- قَوْله تَعَالَى: وَإِذ نَادَى رَبك مُوسَى أَن إئت الْقَوْم الظَّالِمين قوم فِرْعَوْن أَلا يَتَّقُونَ قَالَ رب أَنِّي أَخَاف أَن يكذبُون ويضيق صَدْرِي وَلَا ينْطَلق لساني فَأرْسل إِلَيّ هَارُون وَلَهُم عَليّ ذَنْب فَأَخَاف أَن يقتلُون قَالَ كلا فاذهبا بِآيَاتِنَا إِنَّا

مَعكُمْ مستمعون فَأتيَا فِرْعَوْن فقولا إِنَّا رَسُول رب الْعَالمين أَن أرسل مَعنا بني إِسْرَائِيل قَالَ ألم نربك فِينَا وليداً وَلَبِثت فِينَا من عمرك سِنِين وَفعلت فعلتك الَّتِي فعلت وَأَنت من الْكَافرين قَالَ فعلتها إِذا وَأَنا من الضَّالّين ففررت مِنْكُم لما خفتكم فوهب لي رَبِّي حكما وَجَعَلَنِي من الْمُرْسلين وَتلك نعْمَة تمنها عليَّ أَن عبدت بني إِسْرَائِيل قَالَ فِرْعَوْن وَمَا رب الْعَالمين قَالَ رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا إِن كُنْتُم موقنين قَالَ لمن حوله أَلا تستمعون قَالَ ربكُم وَرب آبائكم الْأَوَّلين قَالَ إِن رَسُولكُم الَّذِي أرسل إِلَيْكُم لمَجْنُون قَالَ رب الْمشرق وَالْمغْرب وَمَا بَينهمَا إِن كُنْتُم تعقلون قَالَ لَئِن اتَّخذت إِلَهًا غَيْرِي لأجعلنك من المسجونين قَالَ أولو جئْتُك بِشَيْء مُبين قَالَ فأت بِهِ إِن كنت من الصَّادِقين فَألْقى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين وَنزع يَده فَإِذا هِيَ بَيْضَاء للناظرين قَالَ للملأ حوله إِن هَذَا لساحر عليم يُرِيد أَن يخرجكم من أَرْضكُم بسحره فَمَاذَا تأمرون قَالُوا أرجه وأخاه وَابعث فِي الْمَدَائِن حاشرين يأتوك بِكُل سحار عليم فَجمع السَّحَرَة لميقات يَوْم مَعْلُوم وَقيل للنَّاس هَل أَنْتُم مجتمعون لَعَلَّنَا نتبع السَّحَرَة إِن كَانُوا هم الغالبين فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَة قَالُوا لفرعون أئنا لنا لأجراً إِن كُنَّا نَحن الغالبين قَالَ نعم وَإِنَّكُمْ إِذا لمن المقربين قَالَ لَهُم مُوسَى ألقوا مَا أَنْتُم ملقون فَألْقوا حبالهم وعصيهم وَقَالُوا بعزة فِرْعَوْن إِنَّا لنَحْنُ الغالبون فَألْقى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ تلقف مَا يأفكون فألقي السَّحَرَة ساجدين قَالُوا آمنا بِرَبّ الْعَالمين رب مُوسَى وَهَارُون قَالَ أآمنتم لَهُ قبل أَن آذن لكم إِنَّه لكبيركم الَّذِي علمكُم السحرفلسوف تعلمُونَ لأقطعن أَيْدِيكُم وأرجلكم من

خلاف ولأصلبنكم أَجْمَعِينَ قَالُوا لَا ضير إِنَّا إِلَى رَبنَا منقلبون إِنَّا نطمع أَن يغْفر لنا رَبنَا خطايانا إِن كُنَّا أول الْمُؤمنِينَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَإِذ نَادَى رَبك مُوسَى} قَالَ: حِين نُودي من جَانب الطّور الْأَيْمن وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَهُم عليّ ذَنْب} قَالَ: قتل النَّفس الَّتِي قتل فيهم وَفِي قَوْله {وَفعلت فعلتك الَّتِي فعلت} قَالَ: قتل النَّفس أَيْضا وَفِي قَوْله {فعلتها إِذا وَأَنا من الضَّالّين} قَالَ: من الْجَاهِلين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَهُم عليّ ذَنْب} قَالَ: قتل النَّفس وَفِي قَوْله {ألم نربّك فِينَا وليداً} قَالَ: التقطه آل فِرْعَوْن فربوه وليداً حَتَّى كَانَ رجلا {وَفعلت فعلتك الَّتِي فعلت} قَالَ: قتلت النَّفس الَّتِي قتلت {وَأَنت من الْكَافرين} قَالَ: فتبرأ من ذَلِك نَبِي الله قَالَ: {فعلتها إِذا وَأَنا من الضَّالّين} قَالَ: من الْجَاهِلين قَالَ: وَهِي فِي بعض الْقِرَاءَة {إِذا وَأَنا من الضَّالّين} فَإِنَّمَا هُوَ شَيْء جَهله وَلم يتعمده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَفعلت فعلتك الَّتِي فعلت وَأَنت من الْكَافرين} قَالَ: من فِرْعَوْن على مُوسَى حِين رباه يَقُول: كفرت نعمتي وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَتلك نعْمَة تمنها عليَّ أَن عبدت بني إِسْرَائِيل} قَالَ: قهرتهم واستعملتهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَفعلت فعلتك الَّتِي فعلت وَأَنت من الْكَافرين} قَالَ: للنعمة إِن فِرْعَوْن لم يكن يعلم مَا الْكفْر وَفِي قَوْله {قَالَ فعلتها إِذا وَأَنا من الضَّالّين} قَالَ: من الْجَاهِلين وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (فعلتها إِذن وَأَنا من الْجَاهِلين)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فوهب لي رَبِّي حكما} قَالَ: النُّبُوَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَتلك نعْمَة تمنها عليَّ} قَالَ: يَقُول مُوسَى لفرعون: أتمن عليَّ يَا فِرْعَوْن بِأَن اتَّخذت بني إِسْرَائِيل عبيدا وَكَانُوا أحراراً فقهرتهم واتخذتهم عبيدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قَالَ فِرْعَوْن وَمَا رب الْعَالمين} إِلَى قَوْله {إِن كُنْتُم تعقلون} قَالَ: فَلم يزده إِلَّا رغماً وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَألْقى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين} يَقُول: مُبين لَهُ خلق حَيَّة {وَنزع يَده} يَقُول: وَأخرج مُوسَى يَده من جيبه {فَإِذا هِيَ بَيْضَاء} تلمع {للناظرين} ينظر إِلَيْهَا ويراها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أقبل مُوسَى بأَهْله فَسَار بهم نَحْو مصر حَتَّى أَتَاهَا لَيْلًا فتضيف على أمه وَهُوَ لَا يعرفهُمْ فِي لَيْلَة كَانُوا يَأْكُلُون مِنْهَا [] الطقشيل فَنزل فِي جَانب الدَّار فجَاء هرون فَلَمَّا أبْصر ضَيفه سَأَلَ عَنهُ أمه فَأَخْبَرته أَنه ضيف فَدَعَاهُ فَأكل مَعَه فَلَمَّا قعدا فتحدثا فَسَأَلَهُ هرون من أَنْت قَالَ: أَنا مُوسَى فَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه فاعتنقه فَلَمَّا أَن تعارفا قَالَ لَهُ مُوسَى: يَا هرون انْطلق بِي إِلَى فِرْعَوْن فَإِن الله قد أرسلنَا إِلَيْهِ قَالَ هرون: سمعا وَطَاعَة فَقَامَتْ أمهما فصاحت وَقَالَت: أنشدكما بِاللَّه أَن لَا تذهبا الى فِرْعَوْن فيقتلكما فأبيا فَانْطَلقَا إِلَيْهِ لَيْلًا فَأتيَا الْبَاب فضرباه فَفَزعَ فِرْعَوْن وفزع البواب فَقَالَ فِرْعَوْن: من هَذَا الَّذِي يضْرب ببابي هَذِه السَّاعَة فَأَشْرَف عَلَيْهِمَا البواب فكلمهما فَقَالَ لَهُ مُوسَى: {إِنَّا رَسُول رب الْعَالمين} فَفَزعَ البواب فَأتى فِرْعَوْن فَأخْبرهُ فَقَالَ: إِن هَهُنَا إنْسَانا مَجْنُونا يزْعم أَنه رَسُول رب الْعَالمين فَقَالَ: أدخلهُ فَدخل فَقَالَ: إِنَّه رَسُول رب الْعَالمين {قَالَ فِرْعَوْن وَمَا رب الْعَالمين} قَالَ: {رَبنَا الَّذِي أعْطى كل شَيْء خلقه ثمَّ هدى} طه الْآيَة 50 قَالَ: {إِن كنت جِئْت بِآيَة فأت بهَا إِن كنت من الصَّادِقين فَألْقى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين} الْأَعْرَاف الْآيَة 106 والثعبان الذّكر من الْحَيَّات فَاتِحَة فمها لحيها الْأَسْفَل فِي الأَرْض والأعلى على سُورَة الْقصر ثمَّ تَوَجَّهت نَحْو فِرْعَوْن لتأخذه فَلَمَّا رَآهَا ذعر

مِنْهَا ووثب فأحدث وَلم يكن يحدث قبل ذَلِك وَصَاح: يَا مُوسَى خُذْهَا وَأَنا أوؤمن بك وَأرْسل مَعَك بني إِسْرَائِيل فَأَخذهَا مُوسَى فَصَارَت عَصا فَقَالَت السَّحَرَة فِي نَجوَاهُمْ {إِن هَذَانِ لساحران يُريدَان أَن يخرجاكم من أَرْضكُم بسحرهما} طه الْآيَة 63 فَالتقى مُوسَى وأمير السَّحَرَة فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَرَأَيْت أَن غلبتك غذا أتؤمن بِي وَتشهد أَن مَا جِئْت بِهِ حق قَالَ السَّاحر: لآتينَّ غَدا بِسحر لَا يغلبه شَيْء فو الله لَئِن غلبتني لأؤمنن بك ولأشهدن أَنَّك حق وَفرْعَوْن ينظر إِلَيْهِمَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقيل للنَّاس هَل أَنْتُم مجتمعون} قَالَ: كَانُوا بالاسكندرية قَالَ: وَيُقَال بلغ ذَنْب الْحَيَّة من وَرَاء الْبحيرَة يَوْمئِذٍ قَالَ: وهزموا وَسلم فِرْعَوْن وهمت بِهِ فَقَالَ: خُذْهَا يَا مُوسَى وَكَانَ مِمَّا بلي النَّاس بِهِ مِنْهُ أَنه كَانَ لَا يضع على الأَرْض شَيْئا فاحدث يَوْمئِذٍ تَحْتَهُ وَكَانَ ارساله الْحَيَّة فِي الْقبَّة الخضراء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالُوا بعزة فِرْعَوْن إِنَّا لنَحْنُ الغالبون} قَالَ: فوجدوا الله أعز مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بشر بن مَنْصُور قَالَ: بَلغنِي أَنه لما تكلم بِبَعْض هَذَا {وَقَالُوا بعزة فِرْعَوْن} قَالَت الْمَلَائِكَة: قصمه وَرب الْكَعْبَة فَقَالَ الله تالون عليَّ قد أمهلته أَرْبَعِينَ عَاما وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {لَا ضير} قَالَ: يَقُولُونَ لَا يضرنا الَّذِي تَقول وَإِن صنعت بِنَا وصلبتنا {إِنَّا إِلَى رَبنَا منقلبون} يَقُول: انا إِلَى رَبنَا رَاجِعُون وَهُوَ مجازينا بصبرنا على عُقُوبَتك ايانا وثباتنا على توحيده والبراءة من الْكفْر بِهِ وَفِي قَوْله {أَن كُنَّا أول الْمُؤمنِينَ} قَالَ: كَانُوا كَذَلِك يَوْمئِذٍ أول من آمن بآياته حِين رَآهَا

52

- قَوْله تَعَالَى: وأوحينا إِلَى مُوسَى إِن أسرِي بعبادي إِنَّكُم متبعون فَأرْسل فِرْعَوْن فِي الْمَدَائِن حاشرين إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ وَإِنَّهُم لنا لغائظون وَإِنَّا لجَمِيع حاذرون فأخرجناهم من جنَّات وعيون وكنوز ومقام كريم كَذَلِك

وأورثناها بني إِسْرَائِيل فاتبعوهم مشرقين فَلَمَّا تراءا الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لمدركون قَالَ كلا إِن معي رَبِّي سيهدين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثمَّ إِن الله أَمر مُوسَى أَن يخرج ببني إِسْرَائِيل فَقَالَ {فَأسر بعبادي لَيْلًا} فَأمر مُوسَى بني إِسْرَائِيل أَن يخرجُوا وَأمرهمْ أَن يستعيروا الْحلِيّ من القبط وَأمر أَن لَا يُنَادي أحد مِنْهُم صَاحبه وَأَن يسرجوا فِي بُيُوتهم حَتَّى الصُّبْح وَأَن من خرج مِنْهُم أَمَام بَابه يكب من دم حَتَّى يعلم أَنه قد خرج وَأَن الله قد أخرج كل ولد زنا فِي القبط من بني إِسْرَائِيل إِلَى بني إِسْرَائِيل وَأخرج كل ولد زنا فِي بني إِسْرَائِيل من القبط إِلَى القبط حَتَّى أَتَوا آبَاءَهُم ثمَّ خرج مُوسَى ببني إِسْرَائِيل لَيْلًا والقبط لَا يعلمُونَ وَألقى على القبط الْمَوْت فَمَاتَ كل بكر رجل مِنْهُم فَأَصْبحُوا يدفنونهم فشغلوا عَن طَلَبهمْ حَتَّى طلعت الشَّمْس وَخرج مُوسَى فِي سِتّمائَة ألف وَعشْرين ألفا لَا يعدون ابْن عشْرين لصغره وَلَا ابْن سِتِّينَ لكبره وَإِنَّمَا عدوا مَا بَين ذَلِك سوى الذُّرِّيَّة وتبعهم فِرْعَوْن على مُقَدّمَة هامان فِي ألف ألف وَسَبْعمائة ألف حصان فِيهَا ماذيانة وَذَلِكَ حِين يَقُول الله {فَأرْسل فِرْعَوْن فِي الْمَدَائِن حاشرين إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ} فَكَانَ مُوسَى على ساقة بني إِسْرَائِيل وَكَانَ هرون أمامهم يقدمهم فَقَالَ الْمُؤمن لمُوسَى: أَيْن أمرت قَالَ: الْبَحْر فَأَرَادَ أَن يقتحم فَمَنعه مُوسَى فَنَظَرت بَنو إِسْرَائِيل إِلَى فِرْعَوْن قد رَدفَهُمْ قَالُوا: يَا مُوسَى {إِنَّا لمدركون} قَالَ مُوسَى {كلا إِن معي رَبِّي سيهدين} يَقُول: سيكفين فَتقدم هرون فَضرب الْبَحْر فَأبى الْبَحْر أَن ينفتح وَقَالَ: من هَذَا الْجَبَّار الَّذِي يضربني حَتَّى أَتَاهُ مُوسَى فكناه أَبَا خَالِد وضربه {فانفلق فَكَانَ كل فرق كالطود الْعَظِيم} يَقُول: كالجبل الْعَظِيم فَدخلت بَنو إِسْرَائِيل وَكَانَ فِي الْبَحْر اثْنَا عشر طَرِيقا فِي كل طَرِيق سبط وَكَانَت الطّرق إِذا انفلقت بجدران فَقَالَ كل سبط: قد قتل أصحابناز فَلَمَّا رأى ذَلِك مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام دَعَا الله فَجَعلهَا لَهُم قناطر كَهَيئَةِ الطَّبَقَات ينظر آخِرهم إِلَى أَوَّلهمْ حَتَّى خَرجُوا جَمِيعًا ثمَّ دنا فِرْعَوْن وَأَصْحَابه فَلَمَّا نظر

فِرْعَوْن إِلَى الْبَحْر منفلقاً قَالَ: أَلا ترَوْنَ إِلَى الْبَحْر منفلقاً قد فرق مني فانفتح لي حَتَّى أدْرك أعدائي فاقتلهم فَلَمَّا قَامَ فِرْعَوْن على أَفْوَاه الطّرق أَبَت خيله أَن تقتحم فَنزل على ماذيانة فشامت الْحصن ريح الماذيانة فَاقْتَحَمت فِي أَثَرهَا حَتَّى إِذا هم أَوَّلهمْ أَن يخرج وَدخل آخِرهم أَمر الله الْبَحْر أَن يَأْخُذهُمْ فالتطم عَلَيْهِم وَتفرد جِبْرِيل بفرعون يمقله من مقل الْبَحْر فَجعل يدسها فِي فِيهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ} قَالَ: ذكر لنا أَن بني إِسْرَائِيل الَّذين قطع بهم مُوسَى الْبَحْر كَانُوا سِتّمائَة ألف مقَاتل وَعشْرين ألفا فَصَاعِدا واتبعهم فِرْعَوْن على ألف ألف حصان ومائتي ألف حصان وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ} قَالَ سِتّمائَة ألف وَسَبْعُونَ ألفا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي عُبَيْدَة مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ} قَالَ: كَانُوا سِتّمائَة ألف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لشرذمة} قَالَ: قِطْعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {لشرذمة} قَالَ: الفريد من النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أَصْحَاب مُوسَى الَّذين جاوزوا الْبَحْر اثْنَي عشر سبط فَكَانَ فِي كل طَرِيق اثْنَا عشر ألفا كلهم ولد يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ} قَالَ: هم يَوْمئِذٍ سِتّمائَة ألف وَلَا يُحْصى عدد أَصْحَاب فِرْعَوْن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بسندٍ واهٍ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِرْعَوْن عَدو الله حَيْثُ غرقه الله هُوَ وَأَصْحَابه فِي سبعين قَائِد مَعَ كل قَائِد سَبْعُونَ ألفا وَكَانَ مُوسَى مَعَ سبعين ألفا حِين عبروا الْبَحْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: أوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن أجمع بني إِسْرَائِيل كل أَرْبَعَة أَبْيَات من بني إِسْرَائِيل فِي بَيت ثمَّ اذْبَحْ أَوْلَاد الضان

فَاضْرب بدمائها على كل بَاب فَإِنِّي سآمر الْمَلَائِكَة أَن لَا تدخل بَيْتا على بَابه دم وسآمر الْمَلَائِكَة فَتقْتل أبكار آل فِرْعَوْن من أنفسهم وأهليهم ثمَّ اخبزوا خبز فطيرا فَإِنَّهُ أسْرع لكم ثمَّ سر حَتَّى تَأتي الْبَحْر ثمَّ قف حَتَّى يَأْتِيك أَمْرِي فَلَمَّا أَن أصبح فِرْعَوْن قَالَ: هَذَا عمل مُوسَى وَقَومه قتلوا أبكارنا من أَنْفُسنَا وأهلينا وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر عَن يحيى بن عُرْوَة بن الزبير قَالَ: إِن الله أَمر مُوسَى أَن يسير ببني إِسْرَائِيل وَقد كَانَ مُوسَى وعد بني إِسْرَائِيل أَن يسير بهم إِذا طلع الْقَمَر فَدَعَا الله أَن يُؤَخر طلوعه حَتَّى يفرغ فَلَمَّا سَار مُوسَى ببني إِسْرَائِيل أذن فِرْعَوْن فِي النَّاس {إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: خرج مُوسَى من مصر وَمَعَهُ سِتّمائَة ألف من بني إِسْرَائِيل لَا يعدون فيهم أقل من ابْن عشْرين وَلَا ابْن أَكثر من أَرْبَعِينَ سنة فَقَالَ فِرْعَوْن: {إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ} وَخرج فِرْعَوْن على فرس حصان أدهم وَمَعَهُ ثَمَانمِائَة ألف على خيل أدهم سوى ألوان الْخَيل وَكَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على فرس شَائِع يسير بَين يَدي الْقَوْم وَيَقُول: لَيْسَ الْقَوْم بِأَحَق بِالطَّرِيقِ مِنْكُم وَفرْعَوْن على فرس أدهم حصان وَجِبْرِيل على فرس أُنْثَى فاتبعها فرس فِرْعَوْن وَكَانَ مِيكَائِيل فِي أُخْرَى الْقَوْم يَقُول: الحقوا أصحابكم حَتَّى دخل آخِرهم وَأَرَادَ أَوَّلهمْ أَن يخرجُوا فأطبق عَلَيْهِم الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: لما أَرَادَ مُوسَى أَن يخرج ببني إِسْرَائِيل من مصر بلغ ذَلِك فِرْعَوْن فَقَالَ: أمهلوهم حَتَّى إِذا صَاح الديك فأتوهم فَلم يُصِحْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة الديك فَخرج مُوسَى ببني إِسْرَائِيل وَغدا فِرْعَوْن فَلَمَّا أصبح فِرْعَوْن أَمر بِشَاة فَأتي بهَا فَأمر بهَا أَن تذبح ثمَّ قَالَ: لَا يفرغ من سلخها حَتَّى يجْتَمع عِنْدِي خَمْسمِائَة ألف فَارس فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ فاتبعهم فَلَمَّا انْتهى مُوسَى إِلَى الْبَحْر قَالَ لَهُ: وَصِيّه يَا نَبِي الله أَيْن أمرت قَالَ: هَهُنَا فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ طلائع فِرْعَوْن الَّذين بَعثهمْ فِي أَثَرهم سِتّمائَة ألف لَيْسَ فيهم أحد إِلَّا على بهيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت سِيمَا خيل فِرْعَوْن الْخرق الْبيض فِي أصداغها وَكَانَت جريدته مائَة ألف حصان

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: اجْتمع آل يَعْقُوب إِلَى يُوسُف وهم سِتَّة وَثَمَانُونَ انساناً ذكرهم وأنثاهم فَخرج بهم مُوسَى يَوْم خرج وهم سِتّمائَة ألف ونيف وَخرج فِرْعَوْن على أَثَرهم يطلبهم على فرس أدهم على لَونه من الدهم ثَمَانمِائَة ألف أدهم سوى ألوان الْخَيل وحالت الرّيح الشمَال وَتَحْت جِبْرِيل فرس وريق وَمِيكَائِيل يسوقهم لَا يشذ مِنْهُم شَاذَّة إِلَّا ضمه فَقَالَ الْقَوْم: يَا رَسُول الله قد كُنَّا نلقى من فِرْعَوْن من التعس وَالْعَذَاب مَا نلقى فَكيف إِن صنعا مَا صنعنَا فَأَيْنَ الملجأ قَالَ: الْبَحْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {وَإِنَّا لجَمِيع حاذرون} قَالَ: مؤدون مُقِرّون وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْأسود بن يزِيد انه كَانَ يَقْرَأها {وَإِنَّا لجَمِيع حاذرون} يَقُول: رادون مستعدون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير أَنه كَانَ يقْرَأ {وَإِنَّا لجَمِيع حاذرون} يَقُول: مَا دون فِي السِّلَاح وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: قَرَأَ عبيد {وَإِنَّا لجَمِيع حاذرون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَإِنَّا لجَمِيع حاذرون} يَعْنِي شاكي السِّلَاح وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود {وَإِنَّا لجَمِيع حاذرون} قَالَ: مؤدون مقوّون فِي السِّلَاح والكراع وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يَقْرَأها {وَإِنَّا لجَمِيع حاذرون} وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وَإِنَّا لجَمِيع حاذرون} مَا الحاذرون قَالَ: التامون السِّلَاح قَالَ فِيهِ النَّجَاشِيّ: لعمر أبي أَتَانِي حَيْثُ أَمْسَى لقد تأذت بِهِ أَبنَاء بكر خَفِيفَة فِي كتاب حاذرات يقودهم أَبُو شبْل هزبر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فأخرجناهم من جنَّات وعيون وكنوز ومقام كريم} قَالَ: كَانُوا فِي ذَلِك فِي الدُّنْيَا فَأخْرجهُمْ الله من ذَلِك وأورثها بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ومقام كريم} قَالَ: المنابر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فأتبعوهم مشرقين} قَالَ: اتبعهم فِرْعَوْن وَجُنُوده حِين أشرقت الشَّمْس {قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لمدركون} قَالَ مُوسَى وَكَانَ أعلمهم بِاللَّه {كلا إِن معي رَبِّي سيهدين} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {فأتبعوهم مشرقين} مَهْمُوزَة مَقْطُوعَة الْألف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فأتبعوهم مشرقين} قَالَ: خرج أَصْحَاب مُوسَى لَيْلًا فكسف الْقَمَر لَيْلًا وأظلمت الأَرْض فَقَالَ أَصْحَابه: أَن يُوسُف كَانَ أخبرنَا: أَنا سننجى من فِرْعَوْن وَأخذ علينا الْعَهْد لَنخْرجَنَّ بعظامه مَعنا فَخرج مُوسَى من ليلته يسْأَل عَن قَبره فَوجدَ عجوزاً سَأَلَهَا على قَبره فَأَخْرَجته لَهُ بحكمها فَكَانَ حكمهَا أَن قَالَت لَهُ: احملني فاخرجني مَعَك فَجعل عِظَام يُوسُف فِي كسَاء ثمَّ حمل الْعَجُوز على كسَاء فَجعله على رقبته وخيل فِرْعَوْن فِي ملْء أعنتها خضراء فِي أَعينهم وَلَا يبرح حسه عَن مُوسَى وَأَصْحَابه حَتَّى برزوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي: إِن مُؤمن آل فِرْعَوْن كَانَ امام الْقَوْم قَالَ: يَا نَبِي الله أَيْن أمرت قَالَ: أمامك قَالَ: وَهل أَمَامِي إِلَّا الْبَحْر قَالَ: وَالله مَا كذبت وَلَا كذبت ثمَّ سَار سَاعَة فَقَالَ مثل ذَلِك فَرد عَلَيْهِ مُوسَى مثل ذَلِك قَالَ مُوسَى وَكَانَ أعلم الْقَوْم بِاللَّه {كلا إِن معي رَبِّي سيهدين}

63

- قَوْله تَعَالَى: فأوحينا إِلَى مُوسَى أَن اضْرِب بعصاك الْبَحْر فانفلق فَكَانَ كل فرق كالطود الْعَظِيم وأزلفنا ثمَّ الآخرين وأنجينا مُوسَى وَمن مَعَه أَجْمَعِينَ ثمَّ أغرقنا الآخرين إِن فِي ذَلِك لآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهم مُؤمنين وَإِن رَبك لَهو الْعَزِيز الرَّحِيم

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كالطود} قَالَ: كالجبل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {كالطود} قَالَ: كالجبل وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ الطود الْجَبَل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وأزلفنا ثمَّ الآخرين} قَالَ: هم قوم فِرْعَوْن قربهم الله حَتَّى أغرقهم فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أعلمك الْكَلِمَات الَّتِي قالهن مُوسَى حِين انْفَلق الْبَحْر قلت: بلَى قَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد وَإِلَيْك المتكل وَبِك المستغاث وَأَنت الْمُسْتَعَان وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ ابْن مَسْعُود: فَمَا تركتهن مُنْذُ سَمِعتهنَّ من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام: أَن مُوسَى لما انْتهى إِلَى الْبَحْر قَالَ: يَا من كَانَ قبل كل شَيْء والمكوّن لكل شَيْء والكائن بعد كل شَيْء اجْعَل لنا مخرجا فَأوحى الله إِلَيْهِ {أَن اضْرِب بعصاك الْبَحْر} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ الْبَحْر سَاكِنا لَا يَتَحَرَّك فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة ضربه مُوسَى بالعصا صَار يمد ويجزر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قيس بن عباد قَالَ: لما انْتهى مُوسَى ببني إِسْرَائِيل إِلَى الْبَحْر قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى: أَيْن مَا وعدتنا هَذَا الْبَحْر بَين أَيْدِينَا وَهَذَا فِرْعَوْن وَجُنُوده قد دهمنا من خلفنا فَقَالَ مُوسَى للبحر: انفرق أَبَا خَالِد فَقَالَ: لن أفرق لَك يَا مُوسَى انا أقدم مِنْك وَأَشد خلقا فَنُوديَ {أَن اضْرِب بعصاك الْبَحْر} وَأخرج أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن إِسْحَاق السراج فِي تَارِيخه وَابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد من طَرِيق يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كتب صَاحب الرّوم إِلَى مُعَاوِيَة يسْأَله عَن أفضل الْكَلَام مَا هُوَ وَالثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع وَعَن أكْرم الْخلق على الله وَأكْرم الْأَنْبِيَاء على الله وَعَن أَرْبَعَة من الْخلق لم يركضوا فِي رحم وَعَن قبر سَار بِصَاحِبِهِ وَعَن المجرة وَعَن الْقوس وَعَن مَكَان طلعت فِيهِ الشَّمْس لم تطلع

قبله وَلَا بعده فَلَمَّا قَرَأَ مُعَاوِيَة الْكتاب قَالَ: أَخْزَاهُ الله وَمَا علمي مَا هَهُنَا فَقيل لَهُ: اكْتُبْ إِلَى ابْن عَبَّاس فسله فَكتب إِلَيْهِ يسْأَله فَكتب إِلَيْهِ ابْن عَبَّاس: إِن أفضل الْكَلَام لَا إِلَه إِلَّا الله كلمة الاخلاص لَا يقبل عمل إِلَّا بهَا وَالَّتِي تَلِيهَا سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ أحب الْكَلَام إِلَى الله وَالَّتِي تَلِيهَا الْحَمد لله كلمة الشُّكْر وَالَّتِي تَلِيهَا الله أكبر فَاتِحَة الصَّلَوَات وَالرُّكُوع وَالسُّجُود وَأكْرم الْخلق على الله آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأكْرم اماء الله مَرْيَم وَأما الْأَرْبَعَة الَّتِي لم يركضوا فِي رحم فآدم وحوّاء والكبش الَّذِي فدى بِهِ اسمعيل وعصا مُوسَى حَيْثُ أَلْقَاهَا فَصَارَ ثعباناً مُبينًا وَأما الْقَبْر الَّذِي سَار بِصَاحِبِهِ فَالْحُوت حِين الْتَقم يُونُس وَأما المجرة فباب السَّمَاء وَأما الْقوس فَإِنَّهَا أَمَان لأهل الأَرْض من الْغَرق بعد قوم نوح وَأما الْمَكَان الَّذِي طلعت فِيهِ الشَّمْس لم تطلع قبله وَلَا بعده فالمكان الَّذِي انفرج من الْبَحْر لبني إِسْرَائِيل فَلَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِ الْكتاب أرسل بِهِ إِلَى صَاحب الرّوم فَقَالَ: لقد علمت أَن مُعَاوِيَة لم يكن لَهُ بِهَذَا علم وَمَا أصَاب هَذَا إِلَّا رجلٌ من أهل بَيت النُّبُوَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد قَالَ: جَاءَ مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن وَعَلِيهِ جُبَّة من صوف وَمَعَهُ عَصا فَضَحِك فِرْعَوْن فَألْقى عَصَاهُ فَانْطَلَقت نَحوه كَأَنَّهَا عنق بخْتِي فِيهَا أَمْثَال الرماح تهتز فَجعل فِرْعَوْن يتَأَخَّر وَهُوَ على سَرِيره فَقَالَ فِرْعَوْن: خُذْهَا واسلم فَعَادَت كَمَا كَانَت وَعَاد فِرْعَوْن كَافِرًا فَأمر مُوسَى أَن يسير إِلَى الْبَحْر فَسَار بهم فِي سِتّمائَة ألف فَلَمَّا أَتَى الْبَحْر أَمر الْبَحْر إِذا ضربه مُوسَى بعصاه أَن ينفرج لَهُ فَضرب مُوسَى بعصاه الْبَحْر فانفلق مِنْهُ اثْنَا عشر طَرِيقا لكل سبط مِنْهُم طَرِيق وَجعل لَهُم فِيهَا أَمْثَال الكوى ينظر بَعضهم إِلَى بعض وَاقْبَلْ فِرْعَوْن فِي ثَمَانمِائَة ألف حَتَّى أشرف على الْبَحْر فَلَمَّا رَآهُ هابه وَهُوَ على حصان لَهُ وَعرض لَهُ ملك وَهُوَ على فرس لَهُ أُنْثَى فَلم يملك فِرْعَوْن فرسه حَتَّى أقحمه وَخرج آخر بني إِسْرَائِيل وولج أَصْحَاب فِرْعَوْن حَتَّى إِذا صَارُوا فِي الْبَحْر فاطبق عَلَيْهِم فغرق فِرْعَوْن بِأَصْحَابِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أوحى

الله إِلَى مُوسَى: أَن اسر بعبادي لَيْلًا إِنَّكُم متبعون فَأسْرى مُوسَى ببني إِسْرَائِيل لَيْلًا فاتبعهم فِرْعَوْن فِي ألف ألف حصان سوى الاناث وَكَانَ مُوسَى فِي سِتّمائَة ألف فَلَمَّا عاينهم فِرْعَوْن قَالَ {إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ وَإِنَّهُم لنا لغائظون وَإِنَّا لجَمِيع حاذرون} الشُّعَرَاء الْآيَة 54 - 56 فاسرى مُوسَى ببني إِسْرَائِيل حَتَّى هجموا على الْبَحْر فالتفتوا فَإِذا هم برهج دَوَاب فِرْعَوْن فَقَالُوا: يَا مُوسَى {أوذينا من قبل أَن تَأْتِينَا وَمن بعد مَا جئتنا} الْأَعْرَاف الْآيَة 129 هَذَا الْبَحْر أمامنا وَهَذَا فِرْعَوْن قد رهقنا بِمن مَعَه قَالَ: {عَسى ربكُم أَن يهْلك عَدوكُمْ ويستخلفكم فِي الأَرْض فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ} الْأَعْرَاف الْآيَة 129 {فأوحينا إِلَى مُوسَى أَن اضْرِب بعصاك الْبَحْر} وَأوحى إِلَى الْبَحْر: أَن اسْمَع لمُوسَى وأطع إِذا ضربك فَثَابَ الْبَحْر لَهُ أفكل يَعْنِي رعدة لَا يدْرِي من أَي جوانبه يضْرب فَقَالَ يُوشَع لمُوسَى: بِمَاذَا أمرت قَالَ: أمرت أَن أضْرب الْبَحْر قَالَ: فَاضْرِبْهُ: فَضرب مُوسَى الْبَحْر بعصاه فانفلق فَكَانَ فِيهِ اثْنَا عشر طَرِيق كل طَرِيق كالطود الْعَظِيم فَكَانَ لكل سبط فيهم طَرِيق يَأْخُذُونَ فِيهِ فَلَمَّا أخذُوا فِي الطَّرِيق قَالَ بَعضهم لبَعض: مَا لنا لَا نرى أَصْحَابنَا فَقَالُوا لمُوسَى: إِن أَصْحَابنَا لَا نراهم قَالَ: سِيرُوا فانهم على طَرِيق مثل طريقكم قَالُوا: لن نؤمن حَتَّى نراهم قَالَ مُوسَى: اللَّهُمَّ أَعنِي على أخلاقكم السَّيئَة فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن قل بعصاك هَكَذَا وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ يديرها على الْبَحْر قَالَ مُوسَى بعصاه على الْحِيطَان هَكَذَا فَصَارَ فِيهَا كوات ينظر بَعضهم إِلَى بعض فَسَارُوا حَتَّى خَرجُوا من الْبَحْر فَلَمَّا جَازَ آخر قوم مُوسَى هجم فِرْعَوْن على الْبَحْر هُوَ وَأَصْحَابه وَكَانَ فِرْعَوْن على فرس أدهم حصان فَلَمَّا هجم على الْبَحْر هاب الحصان أَن يقتحم فِي الْبَحْر فتمثل لَهُ جِبْرِيل على فرس أُنْثَى فَلَمَّا رَآهَا الحصان اقتحم خلفهَا وَقيل لمُوسَى {واترك الْبَحْر رهوا} الدُّخان الْآيَة 24 قَالَ: طرقاً على حَاله وَدخل فِرْعَوْن وَقَومه فِي الْبَحْر فَلَمَّا دخل آخر قوم فِرْعَوْن وَجَاز آخر قوم مُوسَى أطبق الْبَحْر على فِرْعَوْن وَقَومه فأغرقوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن مُوسَى حِين أسرى ببني إِسْرَائِيل بلغ فِرْعَوْن فَأمر بِشَاة فذبحت ثمَّ قَالَ: لَا يفرغ من سلخها حَتَّى يجْتَمع إِلَيّ سِتّمائَة ألف من القبط فَانْطَلق مُوسَى حَتَّى انْتهى إِلَى

الْبَحْر فَقَالَ لَهُ: انفرق فَقَالَ لَهُ الْبَحْر: لقد استكثرت يَا مُوسَى وَهل انفرقت لأحد من ولد آدم وَمَعَ مُوسَى رجل على حصان لَهُ فَقَالَ أَيْن أمرت يَا نَبِي الله بهؤلاء قَالَ: مَا أمرت إِلَّا بِهَذَا الْوَجْه فاقتحم فرسه فسبح بِهِ ثمَّ خرج فَقَالَ: أَيْن أمرت يَا نَبِي الله قَالَ: مَا أمرت إِلَّا بِهَذَا الْوَجْه قَالَ: مَا كذبت وَلَا كذبت فَأوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن اضْرِب بعصاك الْبَحْر فَضَربهُ مُوسَى بعصاه فانفلق فَكَانَ فِيهِ اثْنَا عشر طَرِيقا لكل سبط طَرِيق يترأون فَلَمَّا خرج أَصْحَاب مُوسَى وتتام أَصْحَاب فِرْعَوْن التقى الْبَحْر عَلَيْهِم فأغرقهم وَأخرج عبد بن حميد وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مُوسَى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن مُوسَى لما أَرَادَ أَن يسير ببني إِسْرَائِيل أضلّ الطَّرِيق فَقَالَ لبني إِسْرَائِيل: مَا هَذَا فَقَالَ لَهُ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل: أَن يُوسُف لما حَضَره الْمَوْت أَخذ علينا موثقًا أَن لَا نخرج من مصر حَتَّى ننقل تابوته مَعنا فَقَالَ لَهُم مُوسَى: أَيّكُم يدْرِي أَيْن قَبره فَقَالُوا: مَا يعلم أحد مَكَان قَبره إِلَّا عَجُوز لبني إِسْرَائِيل فَأرْسل إِلَيْهَا مُوسَى فَقَالَ: دلينا على قبر يُوسُف فَقَالَت: لَا وَالله حَتَّى تُعْطِينِي حكمي قَالَ: وَمَا حكمك قَالَت: أَن أكون مَعَك فِي الْجنَّة فَكَأَنَّهُ ثقل عَلَيْهِ ذَلِك فَقيل لَهُ: اعطها حكمهَا فَانْطَلَقت بهم إِلَى بحيرة مشقشقة مَاء فَقَالَت لَهُم: انضبوا عَنْهَا المَاء فَفَعَلُوا قَالَت: احفروا فَحَفَرُوا فَاسْتَخْرَجُوا قبر يُوسُف فَلَمَّا احتملوه إِذا الطَّرِيق مثل ضوء النَّهَار وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر عَن سماك بن حَرْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما أسرى مُوسَى ببني إِسْرَائِيل غشيتهم غمامة حَالَتْ بَينهم وَبَين الطَّرِيق أَن يبصروه وَقيل لمُوسَى: لن تعبر إِلَّا ومعك عِظَام يُوسُف قَالَ: وَأَيْنَ موضعهَا قَالُوا: ابْنَته عَجُوز كَبِيرَة ذَاهِبَة الْبَصَر تركناها فِي الديار فَرجع مُوسَى فَلَمَّا سَمِعت حسه قَالَت: مُوسَى قَالَ: مُوسَى قَالَت: مَا وَرَاءَك قَالَ: أمرت أَن أحمل عِظَام يُوسُف قَالَت: مَا كُنْتُم لتعبروا إِلَّا وَأَنا مَعكُمْ قَالَ: دليني على عِظَام يُوسُف قَالَت: لَا أفعل إِلَّا أَن تُعْطِينِي مَا سَأَلتك قَالَ: فلك مَا سَأَلت قَالَت: خُذ بيَدي فَأخذ بِيَدِهَا فانتهت بِهِ إِلَى عَمُود على شاطىء النّيل فِي أَصله سكَّة من حَدِيد موتدة فِيهَا

سلسلة فَقَالَت: انا دفناه من ذَلِك الْجَانِب فأخصب ذَلِك الْجَانِب وأجدب ذَاك الْجَانِب فحولناه إِلَى هَذَا الْجَانِب وأجدب ذَاك فَلَمَّا رَأينَا ذَلِك جَمعنَا عِظَامه فجعلناها فِي صندوق من حَدِيد وألقيناه فِي وسط النّيل فأخصب الجانبان جَمِيعًا فَحمل الصندوق على رقبته وَأخذ بِيَدِهَا فألحقها بالعسكر وَقَالَ لَهَا: سَلِي مَا شِئْت قَالَت: فَإِنِّي أَسأَلك أَن أكون أَنا وَأَنت فِي دَرَجَة وَاحِدَة فِي الْجنَّة وَيرد عَليّ بَصرِي وشبابي حَتَّى أكون شَابة كَمَا كنت قَالَ: فلك ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أوصى يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام إِن جَاءَ نَبِي من بعدِي فَقولُوا لَهُ: يخرج عِظَامِي من هَذِه الْقرْيَة فَلَمَّا كَانَ من أَمر مُوسَى مَا كَانَ يَوْم قرعون فَمر بالقرية الَّتِي فِيهَا قبر يُوسُف فَسَأَلَ عَن قَبره فَلم يجد أحد يُخبرهُ فَقيل لَهُ: هَهُنَا عَجُوز بقيت من قوم يُوسُف فَجَاءَهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهَا: تدليني على قبر يُوسُف فَقَالَت: لَا أفعل حَتَّى تُعْطِينِي مَا اششترط عَلَيْك فَأوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن أعْطهَا شَرطهَا قَالَ لَهَا: وَمَا تريدين قَالَت: أكون زَوجتك فِي الْجنَّة فاعطاها فدلته على قَبره فحفر مُوسَى الْقَبْر ثمَّ بسط رِدَاءَهُ وَأخرج عِظَام يُوسُف فَجعله فِي وسط ثَوْبه ثمَّ لف الثَّوْب بالعظام فَحَمله على يَمِينه فَقَالَ لَهُ الْملك الَّذِي على يَمِينه: الْحمل يحمل على الْيَمين قَالَ: صدقت هُوَ على الشمَال وَإِنَّمَا فعلت ذَلِك كَرَامَة ليوسف وَأخرج ابْن عبد الحكم من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام قد عهد عِنْد مَوته أَن يخرجُوا بعظامه مَعَهم من مصر قَالَ: فتجهز الْقَوْم وَخَرجُوا فتحيروا فَقَالَ لَهُم مُوسَى: إِنَّمَا تحيركم هَذَا من أجل عِظَام يُوسُف فَمن يدلني عَلَيْهَا فَقَالَت عَجُوز يُقَال لَهَا شَارِح ابْنة آي بن يَعْقُوب: أَنا رَأَيْت عمي يُوسُف حِين دفن فَمَا تجْعَل لي إِن دللتك عَلَيْهِ قَالَ: حكمك فدلته عَلَيْهِ فَأخذ عِظَام يُوسُف ثمَّ قَالَ: احتكمي قَالَت: أكون مَعَك حَيْثُ كنت فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن عبد الحكم من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس أَن الله أوحى إِلَى مُوسَى: أَن أسر بعبادي وَكَانَ بَنو إِسْرَائِيل استعاروا من قوم فِرْعَوْن

حليا وثياباً إِن لنا عيداً نخرج إِلَيْهِ فَخرج بهم مُوسَى لَيْلًا وهم سِتّمائَة ألف وَثَلَاثَة آلَاف ونيف فَذَلِك قَول فِرْعَوْن {إِن هَؤُلَاءِ لشرذمة قَلِيلُونَ} وَخرج فِرْعَوْن ومقدمته خَمْسمِائَة ألف سوى الجنبين وَالْقلب فَلَمَّا انْتهى مُوسَى إِلَى الْبَحْر أقبل يُوشَع بن نون على فرسه فَمشى على المَاء واقتحم غَيره بخيولهم فَوَثَبُوا فِي المَاء وَخرج فِرْعَوْن فِي طَلَبهمْ حِين أصبح وَبَعْدَمَا طلعت الشَّمْس فَذَلِك قولهل {فأتبعوهم مشرقين فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَاب مُوسَى إِنَّا لمدركون} فَدَعَا مُوسَى ربه فغشيتهم ضَبَابَة حَالَتْ بَينهم وَبَينه وَقيل لَهُ: اضْرِب بعصاك الْبَحْر فَفعل {فانفلق فَكَانَ كل فرق كالطود الْعَظِيم} يَعْنِي الْجَبَل فانفلق مِنْهُ اثْنَا عشر طَرِيقا فَقَالُوا: انا نَخَاف أَن توحل فِيهِ الْخَيل فَدَعَا مُوسَى ربه فَهبت عَلَيْهِم الصِّبَا فجف فَقَالُوا: انا نَخَاف أَن يغرق منا وَلَا نشعر فَقَالَ بعصاه فَنقبَ المَاء فَجعل بَينهم كوى حَتَّى يرى بَعضهم بَعْضًا ثمَّ دخلُوا حَتَّى جاوزوا الْبَحْر وَأَقْبل فِرْعَوْن حَتَّى انْتهى إِلَى الْموضع الَّذِي عبر مِنْهُ مُوسَى وطرقه على حَالهَا فَقَالَ لَهُ أدلاؤه: إِن مُوسَى قد سحر الْبَحْر حَتَّى صَار كَمَا ترى وَهُوَ قَوْله {واترك الْبَحْر رهواً} الدُّخان الْآيَة 24 يَعْنِي كَمَا هُوَ فحذ هَهُنَا حَتَّى نلحقهم وَهُوَ مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْبر وَكَانَ فِرْعَوْن يَوْمئِذٍ على حصان فَأقبل جِبْرِيل على فرس أُنْثَى فِي ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ من الْمَلَائِكَة ففرقوا النَّاس وَتقدم جِبْرِيل فَسَار بَين يَدي فِرْعَوْن وَتَبعهُ فِرْعَوْن وصاحت الْمَلَائِكَة فِي النَّاس: الحقوا الْملك حَتَّى إِذا دخل آخِرهم وَلم يخرج أَوَّلهمْ التقى الْبَحْر عَلَيْهِم فَغَرقُوا فَسمع بَنو إِسْرَائِيل وجبة الْبَحْر حِين التقى فَقَالُوا: مَا هَذَا قَالَ مُوسَى: غرق فِرْعَوْن وَأَصْحَابه فَرَجَعُوا ينظرُونَ فألقاهم الْبَحْر على السَّاحِل وَأخرج ابْن عبد الحكم وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ جِبْرِيل بَين النَّاس بَين بني إِسْرَائِيل وَبَين آل فِرْعَوْن فَيَقُول: رويدكم ليلحقكم آخركم فَقَالَت بَنو إِسْرَائِيل: مَا رَأينَا سائقاً أحسن سياقاً من هَذَا وَقَالَ آل فِرْعَوْن: مَا رَأينَا وازعاً أحسن زعة من هَذَا فَلَمَّا انْتهى مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيل إِلَى الْبَحْر قَالَ مُؤمن آل فِرْعَوْن يَا نَبِي الله أَيْن أمرت هَذَا الْبَحْر أمامك وَقد غشينا آل فِرْعَوْن فَقَالَ:

أمرت بالبحر فاقتحم مُؤمن آل فِرْعَوْن فرسه فَرده التيار فَجعل مُوسَى لَا يدْرِي كَيفَ يصنع وَكَانَ الله قد أوحى إِلَى الْبَحْر: أَن أطع مُوسَى وَآيَة ذَلِك إِذا ضربك بعصا فَأوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن اضْرِب بعصاك الْبَحْر فَضَربهُ {فانفلق فَكَانَ كل فرق كالطود الْعَظِيم} فَدخل بَنو إِسْرَائِيل واتبعهم آل فِرْعَوْن فَلَمَّا خرج آخر بني إِسْرَائِيل وَدخل آخر آل فِرْعَوْن أطبق الله عَلَيْهِم الْبَحْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزل جِبْرِيل يَوْم غرق فِرْعَوْن وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ جعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصفق بيدَيْهِ ويعجب من بني إِسْرَائِيل وتعنتهم لما حَضَرُوا الْبَحْر وحضرهم عدوهم جاؤا مُوسَى فَقَالُوا: قد حَضَرنَا العدوّ فَمَاذَا أمرت قَالَ: أَن أنزل هَهُنَا فاما أَن يفتح لي رَبِّي ويهزمهم وَأما أَن يفرق لي هَذَا الْبَحْر فَضَربهُ فتأطط كَمَا تتأطط الْفرش ثمَّ ضربه الثَّانِيَة فانصدع فَقَالَ: هَذَا من سُلْطَان رَبِّي فاجازوا الْبَحْر فَلم يسمع بِقوم أعظم ذَنبا وَلَا أسْرع تَوْبَة مِنْهُم

69

- قَوْله تَعَالَى: واتل عَلَيْهِم نبأ إِبْرَاهِيم إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَومه مَا تَعْبدُونَ قَالُوا نعْبد أصناما فنظل لَهَا عاكفين قَالَ هَل يسمعونكم إِذْ تدعون أَو ينفعونكم أَو يضرون قَالُوا بل وجدنَا آبَاءَنَا كَذَلِك يَفْعَلُونَ قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ أَنْتُم وآباؤكم الأقدمون فَإِنَّهُم عَدو لي إِلَّا رب الْعَالمين أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فنظل لَهَا عاكفين} قَالَ: عابدين {قَالَ هَل يسمعونكم إِذْ تدعون} يَقُول: هَل تجيبكم آلِهَتكُم إِذا دعوتموهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هَل يسمعونكم} قَالَ: هَل يسمعُونَ أَصْوَاتكُم

78

- قَوْله تَعَالَى: الَّذِي خلقني فَهُوَ يهدين وَالَّذِي هُوَ يطعمني ويسقين وَإِذا مَرضت فَهُوَ يشفين وَالَّذِي يميتني ثمَّ يحيين وَالَّذِي أطمع أَن يغْفر لي خطيئتي يَوْم الدّين

رب هَب لي حكما وألحقني بالصالحين وَاجعَل لي لِسَان صدق فِي الآخرين واجعلني من وَرَثَة جنَّة النَّعيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ يُقَال أول نعْمَة الله على عَبده حِين خلقه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أطمع أَن يغْفر لي خطيئتي يَوْم الدّين} قَالَ: قَوْله {إِنِّي سقيم} الصافات الْآيَة 29 وَقَوله {بل فعله كَبِيرهمْ هَذَا} الْأَنْبِيَاء الْآيَة 63 وَقَوله لسارة: إِنَّهَا أُخْتِي حِين أَرَادَ فِرْعَوْن من الفراعنة أَن يَأْخُذهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وألحقني بالصالحين} يَعْنِي أهل الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَاجعَل لي لِسَان صدق فِي الآخرين} قَالَ: يُؤمن بإبراهيم كل مِلَّة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الذّكر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْحسن عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَوَضَّأ العَبْد لصَلَاة مَكْتُوبَة فاسبغ الْوضُوء ثمَّ خرج من بَاب دَاره يُرِيد الْمَسْجِد فَقَالَ حِين يخرج: بِسم الله الَّذِي خلقني فَهُوَ يهدين هداه الله للصَّوَاب - وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه: لصواب الْأَعْمَال - وَالَّذِي هُوَ يطعمني ويسقين أطْعمهُ الله من طَعَام الْجنَّة وسقاه من شراب الْجنَّة وَإِذا مَرضت فَهُوَ يشفين شفَاه الله وَجعل مَرضه كَفَّارَة لذنوبه وَالَّذِي يميتني ثمَّ يحيين أَحْيَاهُ الله حَيَاة السُّعَدَاء وأماته ميتَة الشُّهَدَاء وَالَّذِي أطمع أَن يغْفر لي خطيئتي يَوْم الدّين غفر الله خطاياه كلهَا وَإِن كَانَت أَكثر من زبد الْبَحْر رب هَب لي حكما وألحقني بالصالحين وهب الله لَهُ حكما وألحقه بِصَالح من مضى وَصَالح من بَقِي وَاجعَل لي لِسَان صدق فِي الآخرين كتب فِي ورقة بَيْضَاء أَن فلَان بن فلَان من الصَّادِقين ثمَّ وَفقه الله بعد ذَلِك للصدق واجعلني من وَرَثَة جنَّة النَّعيم جعل الله لَهُ الْقُصُور والمنازل فِي الْجنَّة وَكَانَ الْحسن يزِيد فِيهِ - واغفر لوالدي كَمَا ربياني صَغِيرا

وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله إِن ابْن جدعَان كَانَ يقري الضَّيْف ويصل الرَّحِم وَيفْعل وَيفْعل أينفعه ذَلِك قَالَ: لَا إِنَّه لم يقل يَوْمًا قطّ: رب اغْفِر لي خطيئتي يَوْم الدّين

86

- قَوْله تَعَالَى: واغفر لأبي إِنَّه كَانَ من الضَّالّين وَلَا تخزني يَوْم يبعثون يَوْم لَا ينفع مَال وَلَا بنُون أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {واغفر لأبي} قَالَ: اُمْنُنْ عَلَيْهِ بتوبة يسْتَحق بهَا مغفرتك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تخزني يَوْم يبعثون} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ليجيئن رجل يَوْم الْقِيَامَة من الْمُؤمنِينَ آخِذا بيد أَب لَهُ مُشْرك حَتَّى يقطعهُ النَّار ويرجو أَن يدْخلهُ الْجنَّة فيناديه مُنَاد: أَنه لَا يدْخل الْجنَّة مششرك فَيَقُول: رب أبي ووعدت أَن لَا تخزيني قَالَ: فَمَا يزَال متشبثاً بِهِ حَتَّى يحوله الله فِي صُورَة سَيِّئَة وريح مُنْتِنَة فِي سُورَة ضبعان فَإِذا رَآهُ كَذَلِك تَبرأ مِنْهُ وَقَالَ: لست بِأبي قَالَ: فَكُنَّا نرى أَنه يَعْنِي إِبْرَاهِيم وَمَا سمى بِهِ يَوْمئِذٍ وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يلقى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ آزر يَوْم الْقِيَامَة وعَلى وَجه آزر قترة وغبرة فَيَقُول لَهُ إِبْرَاهِيم: ألم أقل لَك لَا تعصيني فَيَقُول أَبوهُ: فاليوم لَا أعصيك فَيَقُول إِبْرَاهِيم: رب إِنَّك وَعَدتنِي أَن لَا تخزيني يَوْم يبعثون فَأَي خزي أخزى من أبي الْأَبْعَد فَيَقُول الله: إِنِّي حرَّمت الْجنَّة على الْكَافرين ثمَّ يُقَال: يَا إِبْرَاهِيم مَا تَحت رجليك فَإِذا هُوَ بذيخ متلطخ فَيُؤْخَذ بقوائمه فَيلقى فِي النَّار وَأخرج أَحْمد عَن رجل من بني كنَانَة قَالَ: صليت خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفَتْح فَسَمعته يَقُول اللَّهُمَّ لَا تخزني يَوْم الْقِيَامَة

89

- قَوْله تَعَالَى: إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم} قَالَ: شهداة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم} قَالَ: كَانَ يُقَال: سليم من الشّرك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِلَّا من أَتَى الله بقلب سليم} قَالَ: من الشّرك لَيْسَ فِيهِ شكّ فِي الْحق وَأخرج عبد بن حميد عَن عون قَالَ: ذكرُوا الْحجَّاج عِنْد ابْن سِيرِين فَقَالَ: غير مَا تَقولُونَ أخوف على الْحجَّاج عِنْدِي مِنْهُ قلت: وَمَا هُوَ قَالَ: إِن كَانَ لَقِي الله بقلب سليم فقد أصَاب الذُّنُوب خير مِنْهُ قلت: وَمَا الْقلب السَّلِيم قَالَ: إِن يعلم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله

90

- قَوْله تَعَالَى: وأزلفت الْجنَّة لِلْمُتقين وبرزت الْجَحِيم للغاوين وَقيل لَهُم أَيْن مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ من دون الله هَل ينصرونكم أَو ينتصرون أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وأزلفت الْجنَّة لِلْمُتقين} قَالَ: قربت لأَهْلهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن نُبيح ابْن امْرَأَة كَعْب قَالَ: تزلف الْجنَّة ثمَّ تزخرف ثمَّ ينظر إِلَيْهَا من خلق الله من مُسلم أَو يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ إِلَّا رجلَانِ رجلا قتل مُؤمنا مُتَعَمدا أَو رجلا قتل معاهدا مُتَعَمدا

94

- قَوْله تَعَالَى: فكبكبوا فِيهَا هم والغاوون وجنود إِبْلِيس أَجْمَعُونَ قَالُوا وهم فِيهَا يختصمون تالله إِن كُنَّا لفي ضلال مُبين إِذْ نسويكم بِرَبّ الْعَالمين أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فكبكبوا فِيهَا} قَالَ: جمعُوا فِيهَا {هم والغاوون} قَالَ: مُشْرِكُوا الْعَرَب والآلهة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فكبكبوا} قَالَ: رموا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {فكبكبوا فِيهَا} قَالَ: فِي النَّار {هم} قَالَ: الْآلهَة {والغاوون} قَالَ: مشركو قُرَيْش {وجنود إِبْلِيس} قَالَ: ذُرِّيَّة إِبْلِيس وَمن ولد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {والغاوون} قَالَ: الشَّيَاطِين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن النَّاس يَمرونَ يَوْم الْقِيَامَة على الصِّرَاط: والصراط دحض مزلة يَتَكَفَّأ بأَهْله وَالنَّار تَأْخُذ مِنْهُم وَإِن جَهَنَّم لتنطف عَلَيْهِم مثل الثَّلج إِذا وَقع لَهَا زفير وشهيق فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك اذا جَاءَهُم نِدَاء من الرَّحْمَن: عبَادي من كُنْتُم تَعْبدُونَ فِي دَار الدُّنْيَا فَيَقُولُونَ: رب أَنْت تعلم انا إياك كُنَّا نعْبد فَيُجِيبهُمْ بِصَوْت لم يسمع الْخَلَائق مثله قطّ: عبَادي حق عليّ أَن لَا أَكِلَكُمُ الْيَوْم إِلَى أحد غَيْرِي فقد عَفَوْت عَنْكُم ورضيت عَنْكُم فتقوم الْمَلَائِكَة عِنْد ذَلِك بالشفاعة فينحون من ذَلِك الْمَكَان فَيَقُول الَّذين تَحْتهم فِي النَّار {فَمَا لنا من شافعين وَلَا صديق حميم فَلَو أَن لنا كرة فنكون من الْمُؤمنِينَ} إِبْرَاهِيم الْآيَة 43 قَالَ الله {فكبكبوا فِيهَا هم والغاوون} قَالَ ابْن عَبَّاس: ادخروا فِيهَا إِلَى آخر الدَّهْر) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أمتِي ستحشر يَوْم الْقِيَامَة فَبَيْنَمَا هم وقُوف إِذْ جَاءَهُم مُنَاد من الله: ليعتزل سفاكو الدِّمَاء بِغَيْر حَقّهَا فيميزون على حِدة فيسيل عِنْدهم سيل من دم ثمَّ يَقُول لَهُم الدَّاعِي: اعيدوا هَذِه الدِّمَاء فِي أجسادها فَيَقُول: احشروهم إِلَى النَّار فَبَيْنَمَا هم يجرونَ إِلَى النَّار إِذْ نَادَى مُنَاد فَقَالَ: إِن الْقَوْم قد كَانُوا يهللون فيوقفون مِنْهَا مَكَانا يَجدونَ وهجها حَتَّى يفرغ من حِسَاب أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يكبكبون فِي النَّار {هم والغاوون} {وجنود إِبْلِيس أَجْمَعُونَ} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة أَن عَائِشَة قَالَت: يَا رَسُول الله يكون يَوْم لَا يغنى عَنَّا فِيهِ من الله شَيْء قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعم فِي ثَلَاث مَوَاطِن عِنْد الْمِيزَان وَعند النُّور والظلمة وَعند الصِّرَاط من شَاءَ الله سلمه وَأَجَازَهُ وَمن شَاءَ كبكبه فِي النَّار قَالَت: يَا رَسُول الله وَمَا الصِّرَاط قَالَ: طَرِيق بَين الْجنَّة وَالنَّار يجوز النَّاس عَلَيْهِ مثل حد الموسى وَالْمَلَائِكَة صافون يَمِينا وَشمَالًا يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السعدان وهم يَقُولُونَ: سلم سلم {وأفئدتهم هَوَاء} إِبْرَاهِيم الْآيَة 43 فَمن شَاءَ الله سلمه وَمن شَاءَ كبكبه فِي النَّار

99

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أضلنا إِلَّا المجرمون فَمَا لنا من شافعين وَلَا صديق حميم فَلَو أَن لنا كرة فنكون من الْمُؤمنِينَ إِن فِي ذَلِك لآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهم مُؤمنين وَإِن رَبك لَهو الْعَزِيز الرَّحِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمَا أضلنا إِلَّا المجرمون} يَقُول: الأوّلون الَّذين كَانُوا قبلنَا اقتدينا بهم فضللنا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَمَا أضلنا إِلَّا المجرمون} قَالَ: إِبْلِيس وَابْن آدم الْقَاتِل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {فَمَا لنا من شافعين} قَالَ: من أهل السَّمَاء {وَلَا صديق حميم} قَالَ: من أهل الأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَلَا صديق حميم} قَالَ: شفيق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَلَو أَن لنا كرة} قَالَ: رَجْعَة إِلَى الدُّنْيَا {فنكون من الْمُؤمنِينَ} قَالَ: حَتَّى تحل لنا الشَّفَاعَة كَمَا حلت لهَؤُلَاء وَالله أعلم

105

- قَوْله تَعَالَى: كذبت قوم نوح الْمُرْسلين إِذْ قَالَ لَهُم أخوهم نوح أَلا تَتَّقُون إِنِّي لكم رَسُول أَمِين فَاتَّقُوا الله وأطيعون وَمَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ من أجر إِن أجري إِلَّا على رب الْعَالمين فَاتَّقُوا الله وأطيعون قَالُوا أنؤمن لَك واتبعك الأرذلون قَالَ وَمَا علمي بِمَا كَانُوا يعْملُونَ إِن حسابهم إِلَّا على رَبِّي لَو تشعرون وَمَا أَنا بطارد الْمُؤمنِينَ إِن أَنا إِلَّا نَذِير مُبين قَالُوا لَئِن لم تَنْتَهِ يانوح لتكونن من المرجومين قَالَ رب إِن قومِي كذبون فافتح بيني وَبينهمْ فتحا ونجني وَمن معي من الْمُؤمنِينَ فأنجيناه وَمن مَعَه فِي الْفلك المشحون ثمَّ أغرقنا بعد البَاقِينَ إِن فِي ذَلِك لآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهم مُؤمنين وَإِن رَبك لَهو الْعَزِيز الرَّحِيم

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {قَالُوا أنؤمن لَك} قَالُوا: أنصدقك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {واتبعك الأرذلون} قَالَ: الحوّاكون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {واتبعك الأرذلون} قَالَ: سفلَة النَّاس وَأَرَاذِلهمْ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {واتبعك الأرذلون} قَالَ: الحوّاكون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {إِن حسابهم إِلَّا على رَبِّي} قَالَ: هُوَ أعلم بِمَا فِي أنفسهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لتكونن من المرجومين} قَالَ: بِالْحِجَارَةِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {لتكونن من المرجومين} قَالَ: بالشتيمة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فافتح بيني وَبينهمْ فتحا} قَالَ: اقْضِ بيني وَبينهمْ قَضَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح مثله وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {الْفلك المشحون} قَالَ: السَّفِينَة الموقورة الممتلئة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عبيد بن الأبرص: شحنا أَرضهم بِالْخَيْلِ حَتَّى تركناهم أذلّ من الصِّرَاط وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: تَدْرُونَ مَا المشحون قُلْنَا: لَا قَالَ هُوَ الموقر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الْفلك المشحون} قَالَ: الممتلىء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {الْفلك المشحون} قَالَ: المملوء المفروغ مِنْهُ تحميلاً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فِي الْفلك المشحون} قَالَ: الْمحمل

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فِي الْفلك المشحون} كُنَّا نُحدث: إِنَّه الموقر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ {فِي الْفلك المشحون} قَالَ: المثقل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح {فِي الْفلك المشحون} قَالَ: سفينة نوح

123

- قَوْله تَعَالَى: كذبت عَاد الْمُرْسلين إِذْ قَالَ لَهُم أخوهم هود أَلا تَتَّقُون إِنِّي لكم رَسُول أَمِين فَاتَّقُوا الله وأطيعون وَمَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ من أجر إِن أجري إِلَّا على رب العلمين أتبنون بِكُل ريع آيَة تعبثون وتتخذون مصانع لَعَلَّكُمْ تخلدون وَإِذا بطشتم بطشتم جبارين فَاتَّقُوا الله وأطيعون وَاتَّقوا الَّذِي أمدكم بِمَا تعلمُونَ أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم عَظِيم قَالُوا سَوَاء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين إِن هَذَا إِلَّا خلق الْأَوَّلين وَمَا نَحن بمعذبين فَكَذبُوهُ فأهلكناهم إِن فِي ذَلِك لآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهم مُؤمنين وَإِن رَبك لَهو الْعَزِيز الرَّحِيم أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أتبنون بِكُل ريع} قَالَ: طَرِيق {آيَة} قَالَ: علما {تعبثون} قَالَ: تلعبون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أتبنون بِكُل ريع} قَالَ: شرف وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {أتبنون بِكُل ريع} قَالَ: طَرِيق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر قَالَ الرّيع مَا اسْتقْبل الطَّرِيق بَين الْجبَال والظراب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير

وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أتبنون بِكُل ريع} قَالَ: بِكُل فج بَين جبلين {آيَة} قَالَ: بنيانا {وتتخذون مصانع} قَالَ: بروج الْحمام وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {تعبثون} قَالَ: تلعبون وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وتتخذون مصانع} قَالَ: قصوراً مشيدة وبنياناً مخلداً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وتتخذون مصانع} قَالَ: مآخذ للْمَاء قَالَ: وَكَانَ فِي بعض الْقِرَاءَة (وتتخذون مصانع كأنكم خَالدُونَ) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَعَلَّكُمْ تخلدون} قَالَ: كأنكم تخلدون وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِذا بطشتم بطشتم جبارين} قَالَ: بِالسَّوْطِ وَالسيف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بطشتم جبارين} قَالَ: أقوياء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {بطشتم جبارين} قَالَ: أقوياء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن هَذَا إِلَّا خلق الْأَوَّلين} قَالَ: دين الأوّلين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن هَذَا إِلَّا خلق الْأَوَّلين} قَالَ: أساطير الْأَوَّلين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ {إِن هَذَا إِلَّا خلق الْأَوَّلين} يَقُول شَيْء اختلقوه وَفِي لفظ يَقُول / اخْتِلَاق الْأَوَّلين / وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن هَذَا إِلَّا خلق الْأَوَّلين} قَالَ: كذبهمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَلْقَمَة {إِن هَذَا إِلَّا خلق الْأَوَّلين} قَالَ: اختلاقهم

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {أَن هَذَا إِلَّا خلق الْأَوَّلين} مَرْفُوعَة الْخَاء مثقلة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن هَذَا إِلَّا خلق الْأَوَّلين} قَالَ: هَكَذَا خلقت الْأَولونَ وَهَكَذَا كَانَ النَّاس يعيشون مَا عاشوا ثمَّ يموتون وَلَا بعث عَلَيْهِم وَلَا حِسَاب {وَمَا نَحن بمعذبين} أَي إِنَّمَا نَحن مثل الْأَوَّلين نَعِيش كَمَا عاشوا ثمَّ نموت لَا حِسَاب وَلَا عَذَاب علينا وَلَا بعث

141

- قَوْله تَعَالَى: كذبت ثَمُود الْمُرْسلين إِذْ قَالَ لَهُم أخوهم صَالح أَلا تَتَّقُون إِنِّي لكم رَسُول أَمِين فَاتَّقُوا الله وأطيعون وَمَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ من أجر إِن أجري إِلَّا على رب الْعَالمين أتتركون فِيمَا هَاهُنَا آمِنين فِي جنَّات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الْجبَال بُيُوتًا فرهين فَاتَّقُوا الله وأطيعون وَلَا تطيعوا أَمر المسرفين الَّذين يفسدون فِي الأَرْض وَلَا يصلحون قَالُوا إِنَّمَا أَنْت من المسحرين مَا أَنْت إِلَّا بشر مثلنَا فأت بِآيَة إِن كنت من الصَّادِقين قَالَ هَذِه نَاقَة لَهَا شرب وَلكم شرب يَوْم مَعْلُوم وَلَا تمسوها بِسوء فيأخذكم عَذَاب يَوْم عَظِيم فَعَقَرُوهَا فَأَصْبحُوا نادمين وَأَخذهم الْعَذَاب إِن فِي ذَلِك لآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهم مُؤمنين وَإِن رَبك لَهو الْعَزِيز الرَّحِيم أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ونخل طلعها هضيم} قَالَ: معشب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ {طلعها هضيم} قَالَ: منضم بعضه إِلَى بعض قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول امرىء الْقَيْس: دَار لبيضاء الْعَوَارِض طفلة مهضومة الكشحين ريا المعصم

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن يزِيد بن أبي زِيَاد {ونخل طلعها هضيم} قَالَ: هُوَ الرطب وَفِي لفظ قَالَ: المذنب الَّذِي قد رطب بعضه وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {طلعها هضيم} قَالَ: لين وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {طلعها هضيم} قَالَ: الرخو وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ الهضيم إِذا بلغ الْبُسْر فِي عذوقه فَعظم فَذَلِك الهضم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {طلعها هضيم} قَالَ: يتهشم تهشماً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {طلعها هضيم} قَالَ: الطلعة إِذا مسستها تناثرت وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {طلعها هضيم} قَالَ: لَيْسَ فِيهِ نوى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ الهضيم الرطب اللين وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وتنحتون} بِكَسْر الْحَاء (الْجبَال بُيُوتًا فارهين) بِالْألف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فارهين} قَالَ: حاذقين وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله {فارهين} قَالَ: حاذقين بنحتها وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة {فارهين} قَالَ: حاذقين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فارهين} قَالَ: أشرين وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فارهين} قَالَ: شرهين وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة فِي قَوْله {فارهين} قَالَ: متجبرين

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عبد الله بن شَدَّاد فِي قَوْله {فارهين} قَالَ: يتجبرون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فارهين} قَالَ: معجبين بصنعكم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَا تطيعوا أَمر المسرفين} قَالَ: هم الْمُشْركُونَ وَفِي قَوْله {إِنَّمَا أَنْت من المسحرين} قَالَ: هم الساحرون وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِنَّمَا أَنْت من المسحرين} قَالَ: المسحورين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والخطيب وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّمَا أَنْت من المسحرين} قَالَ: من المخلوقين ثمَّ أنْشد قَول لبيد بن ربيعَة: إِن تسألينا فيمَ نَحن فإننا عصافير من هَذَا الْأَنَام المسحر وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن أبي صَالح وَمُجاهد فِي قَوْله {من المسحرين} قَالَا: من المخدوعين وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {إِنَّمَا أَنْت من المسحرين} مثقلة وَقَالَ: المسحر: السوقة الَّذِي لَيْسَ بِملك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن صَالحا بَعثه الله إِلَى قومه فآمنوا بِهِ ثمَّ إِنَّه لما مَاتَ كفر قومه وَرَجَعُوا عَن الإِسلام فاحيا الله لَهُم صَالحا وَبَعثه إِلَيْهِم فَقَالَ: أَنا صَالح فَقَالُوا: قد مَاتَ صَالح إِن كنت صَالحا {فأت بِآيَة إِن كنت من الصَّادِقين} فَبعث الله النَّاقة فَعَقَرُوهَا وَكَفرُوا فاهلكوا وعاقرها رجل نساج يُقَال لَهُ قدار بن سالف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ {هَذِه نَاقَة لَهَا شرب وَلكم شرب يَوْم مَعْلُوم} قَالَ: كَانَت إِذا كَانَ يَوْم شربهَا شربت مَاءَهُمْ كُله فَإِذا كَانَ يَوْم شربهم كَانَ لأَنْفُسِهِمْ ومواشيهم وأرضهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا كَانَ يَوْمهَا أصدرتهم لَبَنًا مَا شاؤا

160

- قَوْله تَعَالَى: كذبت قوم لوط الْمُرْسلين إِذْ قَالَ لَهُم أخوهم لوط أَلا تَتَّقُون إِنِّي لكم رَسُول أَمِين فَاتَّقُوا الله وأطيعون وَمَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ من أجر إِن أجري إلاعلى رب الْعَالمين أتأنون الذكران من الْعَالمين وتذرون مَا خلق لكم ربكُم من أزواجكم بل أَنْتُم قوم عادون قَالُوا لَئِن لم تَنْتَهِ يَا لوط لتكونن من الخرجين قَالَ إِنِّي لعملكم من القالين رب نجني وَأَهلي مِمَّا يعْملُونَ فنجيناه وَأَهله أَجْمَعِينَ إِلَّا عجوزاً فِي الغابرين ثمَّ دمرنا الآخرين وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا فسَاء مطر الْمُنْذرين إِن فِي ذَلِك لآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهم مُؤمنين وَإِن رَبك لَهو الْعَزِيز الرَّحِيم أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وتذرون مَا خلق لكم ربكُم من أزواجكم} قَالَ: تركْتُم اقبال النِّسَاء إِلَى أدبار الرِّجَال وأدبار النِّسَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وتذرون مَا خلق لكم ربكُم من أزواجكم} قَالَ: مَا أصلح لكم يَعْنِي الْقبل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وتذرون مَا خلق لكم ربكُم من أزواجكم} يَقُول: ترك اقبال النِّسَاء إِلَى ادبار الرِّجَال وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {بل أَنْتُم قوم عادون} قَالَ: متعدون وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله (وواعدناه أَن نؤمنه أَجْمَعِينَ إِلَّا عجوزاً فِي الغابرين) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {إِلَّا عجوزاً فِي الغابرين} قَالَ: هِيَ امْرَأَة لوط غبرت فِي عَذَاب وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {فِي الغابرين} قَالَ: فِي البَاقِينَ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عبيد بن الأبرص: ذَهَبُوا وخلفني المخلف فيهم فكأنني فِي الغابرين غَرِيب

176

- قَوْله تَعَالَى: كذب أَصْحَاب الأيكة الْمُرْسلين إِذْ قَالَ لَهُم شُعَيْب أَلا تَتَّقُون إِنِّي لكم رَسُول أَمِين فَاتَّقُوا الله وأطيعون وَمَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ من أجر إِن أجري إِلَّا على رب الْعَالمين وأوفوا الْكَيْل وَلَا تَكُونُوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس الْمُسْتَقيم وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين وَاتَّقوا الَّذِي خَلقكُم والجبلة الْأَوَّلين قَالُوا إِنَّمَا أنتمن المسحرين وَمَا أَنْت إِلَّا بشر مثلنَا وَإِن نظنك لمن الْكَاذِبين فأسقط علينا كسفا من السَّمَاء إِن كنت من الصَّادِقين قَالَ رَبِّي أعلم بِمَا تَعْمَلُونَ فَكَذبُوهُ فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة أَنه كَانَ عَذَاب يَوْم عَظِيم إِن فِي ذَلِك لآيَة وَمَا كَانَ أَكْثَرهم مُؤمنين وَإِن رَبك لَهو الْعَزِيز الرَّحِيم أخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ليكة قَالَ {الأيكة} وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كذب أَصْحَاب الأيكة الْمُرْسلين} قَالَ: كَانُوا أَصْحَاب غيضة بَين سَاحل الْبَحْر إِلَى مَدين وَقد أهلكوا فِيمَا يأْتونَ وَكَانَ أَصْحَاب الأيكة مَعَ مَا كَانُوا فِيهِ من الشّرك استنوا سنة أَصْحَاب مَدين فَقَالَ لَهُم شُعَيْب {إِنِّي لكم رَسُول أَمِين} {فَاتَّقُوا الله وأطيعون} {وَمَا أَسأَلكُم} على مَا أدعوكم عَلَيْهِ أجرا فِي العاجل فِي أَمْوَالكُم {إِن أجري إِلَّا على رب الْعَالمين} {وَاتَّقوا الَّذِي خَلقكُم والجبلة} يَعْنِي وَخلق الجبلة {الْأَوَّلين} يَعْنِي الْقُرُون الْأَوَّلين الَّذين أهلكوا بِالْمَعَاصِي وَلَا تهلكوا مثلهم {قَالُوا إِنَّمَا أَنْت من المسحرين} يَعْنِي من المخلوقين {وَمَا أَنْت إِلَّا بشر مثلنَا وَإِن نظنك لمن الْكَاذِبين} {فأسقط علينا كسفاً من السَّمَاء} يَعْنِي قطعا من السَّمَاء {فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة} أرسل الله عَلَيْهِم سموماً من جَهَنَّم فأطاف بهم سَبْعَة أَيَّام حَتَّى انضجهم الْحر فحميت بُيُوتهم وغلت مِيَاههمْ فِي الْآبَار والعيون فَخَرجُوا من مَنَازِلهمْ ومحلتهم هاربين والسموم مَعَهم فَسلط الله عَلَيْهِم الشَّمْس من فَوق رؤوسهم فتغشتهم حَتَّى تقلقلت فِيهَا جماجمهم وسلط الله عَلَيْهِم الرمضاء من

تَحت أَرجُلهم حَتَّى تساقطت لُحُوم أَرجُلهم ثمَّ أنشأت لَهُم ظلة كالسحابة السَّوْدَاء فَلَمَّا رأوها ابتدروها يستغيثون بظلها حَتَّى إِذا كَانُوا تحتهَا جَمِيعًا أطبقت عَلَيْهِم فهلكو ونجَّى الله شعيباً وَالَّذين آمنُوا بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {والجبلة الْأَوَّلين} قَالَ: الْخلق الْأَوَّلين وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {والجبلة الْأَوَّلين} قَالَ: الخليقة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فأسقط علينا كسفاً من السَّمَاء} قَالَ: قطعا من السَّمَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: إِن أهل مَدين عذبُوا بِثَلَاثَة أَصْنَاف من الْعَذَاب أخذتهم الرجفة فِي دَارهم حَتَّى خَرجُوا عَلَيْهِم فَأرْسل الله عَلَيْهِم الظلة فَدخل تحتهَا رجل قَالَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ ظلاً أطيب وَلَا ابرد هلموا أَيهَا النَّاس فَدَخَلُوا جَمِيعًا تَحت الظلة فصاح فيهم صَيْحَة وَاحِدَة فماتوا جَمِيعًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: {أَصْحَاب الأيكة} أَصْحَاب شجر وهم قوم شُعَيْب وَأَصْحَاب الرس: أَصْحَاب آبار وهم قوم شُعَيْب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ قَالَ: بعث شعيباً إِلَى أَصْحَاب الأيكة - والايكة غيضة - فَكَذبُوهُ فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة قَالَ: فتح الله عَلَيْهِم بَابا من أَبْوَاب جَهَنَّم فغشيهم من حره مَا لم يطيقوه فتبردوا بِالْمَاءِ وَبِمَا قدرُوا عَلَيْهِ فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك اذا رفعت لَهُم سَحَابَة فِيهَا ريح بَارِدَة طيبَة فَلَمَّا وجدوا بردهَا سَارُوا نَحْو الظلة فاتوها يتبردون بهَا فَخَرجُوا من كل شَيْء كَانُوا فِيهِ فَلَمَّا تكاملوا تحتهَا طبقت عَلَيْهِم بِالْعَذَابِ فَذَلِك قَوْله {فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: سلط الله الْحر على قوم شُعَيْب سَبْعَة أَيَّام ولياليهن حَتَّى كَانُوا لَا يَنْتَفِعُونَ بِظِل بَيت وَلَا بِبرد مَاء ثمَّ رفعت لَهُم

سَحَابَة فِي الْبَريَّة فوجدوا تحتهَا الرّوح فَجعلُوا يدعوا بَعضهم بَعْضًا حَتَّى إِذا اجْتَمعُوا تحتهَا أشعلها الله عَلَيْهِم نَارا فَذَلِك قَوْله {فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة} فَقَالَ: بعث الله عَلَيْهِم وهدة وحراً شَدِيدا فَأخذ بِأَنْفَاسِهِمْ فَدَخَلُوا أَجْوَاف الْبيُوت فَدخل عَلَيْهِم أَجْوَاف الْبيُوت فَأخذ بِأَنْفَاسِهِمْ فَخَرجُوا من الْبيُوت هراباً إِلَى الْبَريَّة فَبعث الله عَلَيْهِم سَحَابَة فاظلتهم من الشَّمْس فوجدوا لَهَا بردا وَلَذَّة فَنَادَى بَعضهم بَعْضًا حَتَّى إِذا اجْتَمعُوا تحتهَا أسقطها الله عَلَيْهِم نَارا فَذَلِك قَوْله {عَذَاب يَوْم الظلة} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة} قَالَ: ذكر لنا أَنه سلط الله عَلَيْهِم الْحر سَبْعَة أَيَّام لَا يظلهم ظلّ وَلَا يَنْفَعهُمْ مِنْهُ شَيْء فَبعث الله عَلَيْهِم سَحَابَة فَلَحقُوا إِلَيْهَا يَلْتَمِسُونَ الرّوح فِي ظلها فَجَعلهَا الله عَلَيْهِم عذَابا فَأَحْرَقَتْهُمْ بعثت عَلَيْهِم نَارا فاضطرمت فاكلتهم فَذَلِك عَذَاب يَوْم الظلة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَلْقَمَة {فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة} قَالَ: أَصَابَهُم الْحر حَتَّى أقلقهم من بُيُوتهم فَخَرجُوا وَرفعت لَهُم سَحَابَة فَانْطَلقُوا إِلَيْهَا فَلَمَّا استظلوا بهَا أرْسلت إِلَيْهِم فَلم ينفلت مِنْهُم أحد وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ ينهاهم عَن قطع الدَّرَاهِم {فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة} حَتَّى إِذا اجْتَمعُوا كلهم كشف الله عَنْهُم الظلة وأحمى عَلَيْهِم الشَّمْس فاحترقوا كَمَا يَحْتَرِق الْجَرَاد فِي المقلى وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَأَخذهُم عَذَاب يَوْم الظلة} قَالَ: ظلل من الْعَذَاب اتاهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من حَدثَك من الْعلمَاء: مَا عَذَاب يَوْم الظلة فكذبه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من حَدثَك من الْعلمَاء مَا عَذَاب يَوْم الظلة [] قَالَ: أَخذهم حر أقلقهم من بُيُوتهم فانشئت لَهُم سَحَابَة فأتوها فصيح بهم فِيهَا وَالله أعلم

192

- قَوْله تَعَالَى: وَإنَّهُ لتنزيلرب الْعَالمين نزل بِهِ الرّوح الْأمين على قَلْبك لتَكون من الْمُنْذرين بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين أولم يكن لَهُم آيَة أَن يُعلمهُ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل وَلَو أَنزَلْنَاهُ على بعض الأعجمين فقرأه عَلَيْهِم مَا كَانُوا بِهِ مُؤمنين كَذَلِك سلكناه فِي قُلُوب الْمُجْرمين لَا يُؤمنُونَ بِهِ حَتَّى يرَوا الْعَذَاب الْأَلِيم فيأتيهم بَغْتَة وهم لَا يَشْعُرُونَ فيقولوا هَل نَحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أَفَرَأَيْت إِن متعناهم سِنِين ثمَّ جَاءَهُم مَا كَانُوا يوعدون مَا أغْنى عَنْهُم مَا كَانُوا يمتعون وَمَا أهلكنا من قَرْيَة إِلَّا لَهَا منذرون ذكرى وَمَا كُنَّا ظالمين وَمَا تنزلت بِهِ الشَّيَاطِين وَمَا يَنْبَغِي لَهُم وَمَا يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُم عَن السّمع لمعزولون فَلَا تدع مَعَ الله إِلَهًا آخر فَتكون من الْمُعَذَّبين أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَإنَّهُ لتنزيل رب الْعَالمين} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن {نزل بِهِ الرّوح الْأمين} قَالَ: جِبْرِيل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {نزل بِهِ الرّوح الْأمين} قَالَ: الرّوح الْأمين: جِبْرِيل رَأَيْت لَهُ سِتّمائَة جنَاح من لُؤْلُؤ قد نشرها فهم مثل ريش الطواويس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن أَظُنهُ عَن سعد قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الأوان الرّوح الْأمين نفث فِي روعي أَنه لن تَمُوت نفس حَتَّى تستكمل رزقها وَإِن أَبْطَأَ عَلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيهَا النَّاس إِنَّه لَيْسَ من شَيْء يقربكم من الْجنَّة ويبعدكم من النَّار إِلَّا قد أَمرتكُم بِهِ وَإنَّهُ لَيْسَ شَيْء يقربكم من النَّار ويبعدكم من الْجنَّة إِلَّا قد نَهَيْتُكُمْ عَنهُ وَأَن الرّوح الْأمين نفث فِي روعي أَنه لَيْسَ من نفس تَمُوت حَتَّى تستوفي رزقها فَاتَّقُوا الله واجملوا فِي الطّلب وَلَا يحملنكم استبطاء الرزق على أَن تطلبوه بمعاصي الله فَإِنَّهُ لَا ينَال مَا عِنْد الله إِلَّا بِطَاعَتِهِ

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين} قَالَ: بِلِسَان قُرَيْش وَلَو كَانَ غير عَرَبِيّ مَا فهموه وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن بُرَيْدَة فِي قلوه {بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين} قَالَ: بِلِسَان جرهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن بُرَيْدَة مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: كَانَ نفر من قُرَيْش من أهل مَكَّة قدمُوا على قوم من يهود من بني قُرَيْظَة لبَعض حوائجهم فوجدوهم يقرأون التَّوْرَاة فَقَالَ القرشيون: مَاذَا نلقى مِمَّن يقْرَأ توراتكم هَذِه لهَؤُلَاء أَشد علينا من مُحَمَّد وَأَصْحَابه فَقَالَ الْيَهُود: نَحن من أُولَئِكَ بُرَآء وَأُولَئِكَ يكذبُون على التَّوْرَاة وَمَا أنزل الله فِي الْكتب إِنَّمَا أَرَادوا عرض الدُّنْيَا فَقَالَ القرشيون: فَإِذا لقيتموهم فسوِّدوا وُجُوههم وَقَالَ المُنَافِقُونَ: وَمَا يُعلمهُ إِلَّا بشر مثله وَأنزل الله {وَإنَّهُ لتنزيل رب الْعَالمين} إِلَى قَوْله {وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين} يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصفته ونعته وَأمره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين} يَقُول: فِي الْكتب الَّتِي أنزلهَا على الْأَوَّلين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين} قَالَ: كتب الْأَوَّلين {أَو لم يكن لَهُم آيَة أَن يُعلمهُ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل} قَالَ: يَعْنِي بذلك الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَانُوا يعلمُونَ أَنهم يَجدونَ مُحَمَّدًا مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل أَنه رَسُول الله وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (أَو لم يكن لَهُم آيَة) بِالْيَاءِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَو لم يكن لَهُم آيَة أَن يُعلمهُ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل} قَالَ: عبد الله بن سَلام وَغَيره من عُلَمَائهمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ عبد الله بن سَلام من عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل وَكَانَ من خيارهم فَآمن بِكِتَاب مُحَمَّد فَقَالَ لَهُم الله {أَو لم يكن لَهُم آيَة أَن يُعلمهُ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُبشر بن عبيد الْقرشِي فِي قَوْله {أَو لم يكن لَهُم آيَة}

يَقُول: أَو لم يكن لَهُم الْقُرْآن آيَة وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله {أَو لم يكن لَهُم آيَة أَن يُعلمهُ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل} قَالَ: كَانُوا خَمْسَة أَسد وَأسيد وَابْن يَامِين وثعلبة وَعبد الله بن سَلام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَو نزلناه على بعض الأعجمين} قَالَ: يَقُول لَو نزلنَا هَذَا الْقُرْآن على بعض الأعجمين لكَانَتْ الْعَرَب أشر النَّاس فِيهِ لَا يفهمونه وَلَا يَدْرُونَ مَا هُوَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَلَو نزلناه على بعض الأعجمين} قَالَ: لَو أنزلهُ الله عجمياً لكانوا أخسر النَّاس بِهِ لأَنهم لَا يعْرفُونَ العجمية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَلَو نزلناه على بعض الأعجمين} قَالَ: الْفرس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {كَذَلِك سلكناه} قَالَ: الشّرك جَعَلْنَاهُ {فِي قُلُوب الْمُجْرمين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَهْضَم قَالَ رُؤِيَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ متحير فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: وَلم رَأَيْت عدوّي يلون أَمر أمتِي من بعدِي فَنزلت {أَفَرَأَيْت إِن متعناهم سِنِين} {ثمَّ جَاءَهُم مَا كَانُوا يوعدون} {مَا أغْنى عَنْهُم مَا كَانُوا يمتعون} فطابت نَفسه وَأخرج عبد بن حميد عَن سُلَيْمَان بن عبد الْملك أَنه كَانَ لايدع أَن يَقُول فِي خطبَته كل جُمُعَة: إِنَّمَا أهل الدُّنْيَا فِيهَا على وَجل لم تمض لَهُم نِيَّة وَلم تطمئِن لَهُم دَار حَتَّى يَأْتِي أَمر الله وهم على ذَلِك لَا يَدُوم نعيمها وَلَا تؤمن فجعاتها وَلَا يبْقى فِيهَا شَيْء ثمَّ يَتْلُو {أَفَرَأَيْت إِن متعناهم سِنِين} {ثمَّ جَاءَهُم مَا كَانُوا يوعدون} {مَا أغْنى عَنْهُم مَا كَانُوا يمتعون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا أهلكنا من قَرْيَة إِلَّا لَهَا منذرون} قَالَ: الرُّسُل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا أهلكنا من قَرْيَة إِلَّا لَهَا منذرون} قَالَ: مَا أهلك

الله من قَرْيَة إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الرُّسُل وَالْحجّة وَالْبَيَان من الله وَللَّه الْحجَّة على طَلْقَة {ذكرى} قَالَ: تذكرة لَهُم وموعظة وَحجَّة لله {وَمَا كُنَّا ظالمين} يَقُول: مَا كُنَّا لنعذبهم إِلَّا من بعد الْبَيِّنَة وَالْحجّة والعذر حَتَّى نرسل الرُّسُل وننزل الْكتب وَفِي قَوْله {وَمَا تنزلت بِهِ الشَّيَاطِين} يَعْنِي الْقُرْآن {وَمَا يَنْبَغِي لَهُم} أَن ينزلُوا بِهِ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ يَقُول لَا يقدرُونَ على ذَلِك وَلَا يستطيعونه {إِنَّهُم عَن السّمع لمعزولون} قَالَ: عَن سمع السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَمَا تنزلت بِهِ الشَّيَاطِين} قَالَ: زَعَمُوا أَن الشَّيَاطِين تنزلت بِهِ على مُحَمَّد فَأخْبرهُم الله أَنَّهَا لَا تقدر على ذَلِك وَلَا تسطيعه وَمَا يَنْبَغِي لَهُم أَن ينزلُوا بِهَذَا وَهُوَ مَحْجُور عَلَيْهِم

214

- قَوْله تَعَالَى: وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَفِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُريْشًا وَعم وَخص فَقَالَ يَا معشر قُرَيْش أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار فَإِنِّي لَا أملك لكم ضراً وَلَا نفعا يَا معشر بني كَعْب بني لؤَي أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار فَإِنِّي لَا أملك لكم ضراً وَلَا نفعا يَا معشر بني قصي أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار فَإِنِّي لَا أملك لكم ضراً وَلَا نفعا يَا معشر بني عبد منَاف أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار فَإِنِّي لَا أملك لكم ضراً وَلَا نفعا يَا بني عبد الْمطلب أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار فَإِنِّي لَا أملك لكم ضراً وَلَا نفعا يَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد انقذي نَفسك من النَّار فَإِنِّي لَا أملك لَك ضراً وَلَا نفعا أَلا إِن لكم رحما وسابلها بِبلَالِهَا وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا فَاطِمَة ابْنة مُحَمَّد يَا صَفِيَّة ابْنة عبد الْمطلب يَا بني عبد الْمطلب لَا أملك لكم من الله شَيْئا سلوني من مَالِي مَا شِئْتُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة مُرْسلا مثلا

وَأخرج مُسَدّد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه والباوردي والطَّحَاوِي وَأَبُو عوَانَة وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن قبيصَة بن مُخَارق وزفير بن عَمْرو قَالَا: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} انْطلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ربوة من جبل فعلا أَعْلَاهَا حجرا ثمَّ قَالَ يَا بني عبد منَاف أَنِّي نَذِير لكم إِنَّمَا مثلي ومثلكم كَمثل رجل رأى الْعَدو فَانْطَلق يُرِيد أَهله فخشي أَن يسبقوه إِلَى أَهله فَجعل يَهْتِف: يَا صَبَاحَاه يَا صَبَاحَاه أتيتم أتيتم وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} وضع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ وَرفع صَوته وَقَالَ يَا بني عبد منَاف يَا صَبَاحَاه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} بَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ جمع أَهله فَقَالَ يَا بني عبد منَاف أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار يَا بني عبد الْمطلب أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار يَا بني هَاشم أَنْقِذُوا أَنفسكُم من النَّار ثمَّ الْتفت إِلَى فَاطِمَة فَقَالَ: يَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد انقذي نَفسك من النَّار فَإِنِّي لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا غير أَن لكم رحما سابلها بِبلَالِهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} صعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربوة من جبل فَنَادَى يَا صَبَاحَاه فَاجْتمعُوا فَحَذَّرَهُمْ وَأَنْذرهُمْ ثمَّ قَالَ: لَا أملك لكم من الله شَيْئا يَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد انقذي نَفسك من النَّار فَإِنِّي لَا أملك من الله شَيْئا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الزبير بن الْعَوام قَالَ: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} صَاح على أبي قبيس يَا آل عبد منَاف إِنِّي نَذِير فَجَاءَتْهُ قُرَيْش فَحَذَّرَهُمْ وَأَنْذرهُمْ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عدي بن حَاتِم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر قُريْشًا فَقَالَ {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} يَعْنِي: قومِي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} جعل يَدعُوهُم قبائل قبائل

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} ورهطك مِنْهُم المخلصين خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى صعد على الصَّفَا فَنَادَى يَا صَبَاحَاه فَقَالُوا من هَذَا الَّذِي يَهْتِف قَالُوا: مُحَمَّد فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ فَجعل الرجل إِذا لم يسْتَطع أَن يخرج أرسل رَسُولا لينْظر مَا هُوَ فجَاء أَبُو لَهب وقريش فَقَالَ: أَرَأَيْتكُم لَو أَخْبَرتكُم أَن خيلاً بالوادي تُرِيدُ أَن تغير عَلَيْكُم أَكُنْتُم مصدقيَّ قَالُوا: نعم مَا جربنَا عَلَيْك إِلَّا صدقا قَالَ: فَإِنِّي نَذِير لكم بَين يَدي عَذَاب شَدِيد فَقَالَ أَبُو لَهب: تَبًّا لَك سَائِر الْيَوْم أَلِهَذَا جمعتنَا فَنزلت {تبت يدا أبي لَهب وَتب} المسد الْآيَة 1 - 2 وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَادَى على الصَّفَا بأفخاذ عشيرته فخذا فخذاً يَدعُوهُم إِلَى الله فَقَالَ فِي ذَلِك الْمُشْركُونَ: لقد بَات هَذَا الرجل يهوّت مُنْذُ اللَّيْلَة قَالَ: وَقَالَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ: جمع نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل بَيته قبل مَوته فَقَالَ أَلا إِن لي عَمَلي وَلكم عَمَلكُمْ أَلا إِنِّي لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا أَلا إِن أوليائي مِنْكُم المتقون أَلا لَا أعرفنكم يَوْم الْقِيَامَة تأتون بالدنيا تحملونها على رِقَابكُمْ وَيَأْتِي النَّاس يحملون الْآخِرَة يَا صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب يَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد اعملا فَإِنِّي لَا أُغني عنكما من الله شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا بني هَاشم وَيَا صَفِيَّة عمَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا إيَّاكُمْ أَن يَأْتِي النَّاس يحملون الْآخِرَة وتأتون أَنْتُم تحملون الدُّنْيَا وأنكم تردون عليّ الْحَوْض ذَات الشمَال وَذَات الْيَمين فَيَقُول الْقَائِل مِنْكُم: يَا رَسُول الله أَنا فلَان بن فلَان فاعرف الْحسب وانكر الْوَصْف فاياكم أَن يَأْتِي أحدكُم يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ يحمل على ظَهره فرسا ذَات جمعمة أَبُو بَعِيرًا لَهُ رُغَاء أَو شَاة لَهَا ثُغَاء أَو يحمل قشعاً من أَدَم فيختلجون من دوني وَيُقَال لي: أَنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك فاطيبوا نفسا وَإِيَّاكُم أَن ترجعوا الْقَهْقَرَى من بعدِي قَالَ عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ: إِنَّمَا قَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا القَوْل حَيْثُ أنزل الله عَلَيْهِ {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين}

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي امامة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني هَاشم فاجلسهم على الْبَاب وَجمع نِسَاءَهُ وَأَهله فأجلسهم فِي الْبَيْت ثمَّ اطلع عَلَيْهِم فَقَالَ يَا بني هَاشم اشْتَروا أَنفسكُم من النَّار واسعوا فِي فكاك رِقَابكُمْ أَو افتكوها بِأَنْفُسِكُمْ من الله فَإِنِّي لَا أملك لكم من الله شَيْئا ثمَّ أقبل على أهل بَيته فَقَالَ: يَا عَائِشَة بنت أبي بكر وَيَا حَفْصَة بنت عمر وَيَا أم سَلمَة وَيَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد وَيَا أم الزبير عمَّة رَسُول الله اشْتَروا أَنفسكُم من الله واسعوا فِي فكاك رِقَابكُمْ فَإِنِّي لَا أملك لكم من الله شَيْئا وَلَا أُغني فَبَكَتْ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَقَالَت: وَهل يكون ذَلِك يَوْم لَا تغني عَنَّا شئياً قَالَ: نعم فِي ثَلَاثَة مَوَاطِن يَقُول الله {وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة} الْأَنْبِيَاء الْآيَة 47 فَعِنْدَ ذَلِك لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا وَلَا أملك لكم من الله شَيْئا وَعند النُّور من شَاءَ الله أتم لَهُ نوره وَمن شَاءَ أكبه فِي الظُّلُمَات يغمه فِيهَا فَلَا أملك لكم من الله شَيْئا وَلَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا وَعند الصِّرَاط من شَاءَ الله سلمه وَمن شَاءَ أجَازه وَمن شَاءَ كبكبه فِي النَّار قَالَت: عَائِشَة قد علمنَا الموازين: هِيَ الكفتان فَيُوضَع فِي هَذِه الْيُسْرَى فترجح احداهما وتخف الْأُخْرَى وَقد علمنَا النُّور والظلمة فَمَا الصِّرَاط قَالَ: طَرِيق بَين الْجنَّة وَالنَّار يجوز النَّاس عَلَيْهَا وَهُوَ مثل حد الموس وَالْمَلَائِكَة حفافه يَمِينا وَشمَالًا يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السعدان وهم يَقُولُونَ: رب سلم سلم {وأفئدتهم هَوَاء} فَمن شَاءَ الله سلمه وَمن شَاءَ كبكبه فِيهَا وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} دَعَاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا عليّ إِن الله أَمرنِي أَن أنذر عشيرتي الاقربين فضقت ذرعاً وَعرفت أَنِّي مهما أبادئهم بِهَذَا الامر أرى مِنْهُم مَا أكره قصمت عَلَيْهَا حَتَّى جَاءَ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِنَّك إِن لم تفعل مَا تُؤمر بِهِ يعذبك رَبك فَاصْنَعْ لي صَاعا من طَعَام وَاجعَل عَلَيْهِ رجل شَاة

وَاجعَل لنا عسا من لبن ثمَّ اجْمَعْ لي بني عبد الْمطلب حَتَّى أكلمهم وأبلغ مَا أمرت بِهِ فَفعلت مَا أَمرنِي بِهِ ثمَّ دعوتهم لَهُ وهم يَوْمئِذٍ أَرْبَعُونَ رجلا يزِيدُونَ رجلا أَو ينقصونه فيهم أَعْمَامه أَبُو طَالب وَحَمْزَة وَالْعَبَّاس وَأَبُو لَهب فَلَمَّا اجتعوا إِلَيْهِ دَعَاني بِالطَّعَامِ الَّذِي صنعت لَهُم فَجئْت بِهِ فَلَمَّا وَضعته تنَاول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضعَة من اللَّحْم فَشَقهَا باسنانه ثمَّ أَلْقَاهَا فِي نواحي الصحفة ثمَّ قَالَ: كلوا بِسم الله فَأكل الْقَوْم حَتَّى تهلوا عَنهُ مَا ترى إِلَّا آثَار أَصَابِعهم وَالله إِن كَانَ الرجل الْوَاحِد ليَأْكُل مَا قدمت لجميعهم ثمَّ قَالَ: اسْقِ الْقَوْم يَا عَليّ فجئتهم بذلك الْعس فَشَرِبُوا مِنْهُ حَتَّى رووا جَمِيعًا وَايْم الله إِن كَانَ الرجل مِنْهُم ليشْرب مثله فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يكلمهم بدره أَبُو لَهب إِلَى الْكَلَام فَقَالَ: لقد سحركم صَاحبكُم فَتفرق الْقَوْم وَلم يكلمهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَانَ الْغَد قَالَ: يَا عَليّ ان هَذَا الرجل قد سبقني إِلَى مَا سَمِعت من القَوْل فَتفرق الْقَوْم قبل أَن أكلمهم فعد لنا بِمثل الَّذِي صنعت بالْأَمْس من الطَّعَام وَالشرَاب ثمَّ اجمعهم لي فَفعلت ثمَّ جمعتهم ثمَّ دَعَاني بِالطَّعَامِ فقربته فَفعل كَمَا فعل بالْأَمْس فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا حَتَّى نَهِلُوا ثمَّ تكلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا بني عبد الْمطلب إِنِّي وَالله مَا أعلم أحدا فِي الْعَرَب جَاءَ قومه بَافضل مِمَّا جِئتُكُمْ بِهِ إِنِّي قد جِئتُكُمْ بِخَير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَقد أَمرنِي الله ان أدعوكم إِلَيْهِ فايكم يوازرني على أَمْرِي هَذَا فَقلت وَأَنا احدثهم سنا: إِنَّه أَنا فَقَامَ الْقَوْم يَضْحَكُونَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني عبد الْمطلب وهم يَوْمئِذٍ أَرْبَعُونَ رجلا مِنْهُم الْعشْرَة يَأْكُلُون المسنة وَيَشْرَبُونَ الْعس وامر عليا بِرَجُل شَاة صنعها لَهُم ثمَّ قربهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ مِنْهَا بضعَة فاكل مِنْهَا ثمَّ تتبع بهَا جَوَانِب الْقَصعَة ثمَّ قَالَ ادْنُوا بِسم الله فَدَنَا الْقَوْم عشرَة عشرَة فَأَكَلُوا حَتَّى صدرُوا ثمَّ دَعَا بِقَعْبٍ من لبن فجرع مِنْهَا جرعة فناولهم فَقَالَ: اشربوا بِسم الله فَشَرِبُوا حَتَّى رووا عَن آخِرهم فَقطع كَلَامهم رجل فَقَالَ لَهُم: مَا سحركم مثل هَذَا الرجل

فاسكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ فَلم يتَكَلَّم ثمَّ دعاهم من الْغَد على مثل ذَلِك من الطَّعَام وَالشرَاب ثمَّ بدرهم بالْكلَام فَقَالَ: يَا بني عبد الْمطلب إِنِّي أَنا النذير إِلَيْكُم من الله والبشير قد جِئتُكُمْ بِمَا لم يَجِيء بِهِ أحد جِئتُكُمْ بالدنيا وَالْآخِرَة فاسلموا تسلموا وَأَطيعُوا تهتدوا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} قَالَ: أَمر الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن ينذر قومه وَيبدأ بِأَهْل بَيته وفصيلته قَالَ: {وَكذب بِهِ قَوْمك وَهُوَ الْحق} الانعام الْآيَة 66 وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن مرّة أَنه كَانَ يقْرَأ (وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين ورهطك مِنْهُم المخلصين) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر والديلمي عَن عبد الْوَاحِد الدِّمَشْقِي قَالَ: رَأَيْت أَبَا الدَّرْدَاء يحدث النَّاس ويفتيهم وَولده وَأهل بَيته جُلُوس فِي جَانب الدَّار يتحدثون فَقيل لَهُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاء مَا بَال النَّاس يرغبون فِيمَا عنْدك من الْعلم وَأهل بَيْتك جُلُوس لاهين فَقَالَ: اني سَمِعت نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أَن ازهد النَّاس فِي الْأَنْبِيَاء واشدهم عَلَيْهِم الاقربون وَذَلِكَ فِيمَا أنزل الله {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} إِلَى آخر الْآيَة ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أزهد النَّاس فِي الْعَالم أَهله حَتَّى يفارقهم وَأَنه يشفع فِي أَهله وجيرانه فَإِذا مَاتَ خلا عَنْهُم من مَرَدَة الشَّيَاطِين أَكثر من عدد ربيعَة وَمُضر قد كَانُوا مشتغلين بِهِ فَأَكْثرُوا التَّعَوُّذ بِاللَّه مِنْهُم وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن جحادة أَن كَعْبًا لَقِي أَبَا مُسلم الْخَولَانِيّ فَقَالَ: كَيفَ كرامتك على قَوْمك قَالَ: إِنِّي عَلَيْهِم لكريم قَالَ: إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة غير مَا تَقول قَالَ: وَمَا هُوَ قَالَ: وجدت فِي التَّوْرَاة أَنه لم يكن حَكِيم فِي قوم إِلَّا كَانَ أزهدهم فِيهِ قومه ثمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَإِن كَانَ فِي حَبسه شَيْء عيروه بِهِ وَإِن كَانَ عمل بُرْهَة من دهره ذَنبا عيروه بِهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن كَعْب أَنه قَالَ لأبي مُسلم: كَيفَ تَجِد قَوْمك لَك قَالَ: مكرمين مُطِيعِينَ قَالَ: مَا صدقتني التَّوْرَاة إِذن مَا كَانَ رجل حَكِيم فِي قوم إِلَّا بغوا عَلَيْهِ وحسدوه

215

- قَوْله تَعَالَى: واخفض جناحك لمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ فَإِن عصوك فَقل إِنِّي بَرِيء مِمَّا تَعْمَلُونَ وتوكل على الْعَزِيز الرَّحِيم أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} بَدَأَ بِأَهْل بَيته وفصيلته فشق ذَلِك على الْمُسلمين فَأنْزل الله {واخفض جناحك لمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {واخفض جناحك لمن اتبعك} يَقُول ذَلِك لَهُم وَفِي قَوْله {فَإِن عصوك فَقل إِنِّي بَرِيء مِمَّا تَعْمَلُونَ} وَقَالَ: أمره بِهَذَا ثمَّ نسخه فَأمره بجهادهم

218

- قَوْله تَعَالَى: الَّذِي يراك حِين تقوم وتقلبك فِي الساجدين إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذِي يراك حِين تقوم} قَالَ: للصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {الَّذِي يراك حِين تقوم} قَالَ: من فراشك أَو من مجلسك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {الَّذِي يراك حِين تقوم} قَالَ: أَيْنَمَا كنت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد ابْن جُبَير {الَّذِي يراك حِين تقوم} قَالَ: فِي صَلَاتك {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: كَمَا كَانَت تقلب الْأَنْبِيَاء قبلك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {الَّذِي يراك حِين تقوم وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: قِيَامه وركوعه وَسُجُوده وجلوسه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذِي يراك حِين تقوم}

قَالَ: يراك قَائِما وَقَاعِدا وعَلى حالاتك {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: قِيَامه وركوعه وَسُجُوده وجلوسه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذِي يراك حِين تقوم} قَالَ: يراك قَائِما وَقَاعِدا وعَلى حالاتك {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: فِي الصَّلَاة يراك وَحدك ويراك فِي الْجَمِيع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: فِي الْمُصَلِّين وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {الَّذِي يراك حِين تقوم وتقلبك فِي الساجدين} يَقُول: قيامك وركوعك وسجودك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: يراك وَأَنت مَعَ الساجدين تقوم وتقعد مَعَهم وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَالْفِرْيَابِي والْحميدِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد فِي قَوْله

{وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرى من خَلفه فِي الصَّلَاة كَمَا يرى من بَين يَدَيْهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة رأى من خَلفه كَمَا يرى من بَين يَدَيْهِ وَأخرج مَالك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل ترَوْنَ قِبْلَتِي هَهُنَا فو الله مَا يخفى عَليّ خُشُوعكُمْ وَلَا ركوعكم واني لَا راكم من وَرَاء ظَهْري وَأخرج ابْن أبي عمر الْعَدنِي فِي مُسْنده وَالْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: من نَبِي إِلَى نَبِي حَتَّى أخرجت نَبيا وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَالْفِرْيَابِي والْحميدِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرديوه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الادئل عَن مُجَاهِد {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرى من خَلفه فِي الصَّلَاة كَمَا يرى من بَين يَدَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وتقلبك فِي الساجدين} قَالَ: مَا زَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتقلب فِي أصلاب الْأَنْبِيَاء حَتَّى وَلدته أمه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: بأبى أَنْت وَأمي أَيْن كنت وآدَم فِي الْجنَّة فَتَبَسَّمَ حَتَّى بَدَت نواجده ثمَّ قَالَ إِنِّي كنت فِي صلبه وَهَبَطَ إِلَى الأَرْض وَأَنا فِي صلبه وَركبت السَّفِينَة فِي صلب أبي نوح وقذفت فِي النَّار فِي صلب أبي إِبْرَاهِيم وَلم يلتق أبواي قطّ على سفاح لم يزل الله ينقلني من الإِصلاب الطّيبَة إِلَى الْأَرْحَام الطاهرة مصفى مهذباً لَا تتشعب شعبتان إِلَّا كنت فِي خيرهما قد أَخذ الله بالنبوّة ميثاقي وبالإِسلام هَدَانِي وَبَين فِي التَّوْرَاة والإِنجيل ذكري وَبَين كل شَيْء من صِفَتي فِي شَرق الأَرْض وغربها وَعَلمنِي كِتَابه ورقي بِي فِي سمائه وشق لي من أَسْمَائِهِ فذو الْعَرْش مَحْمُود وَأَنا مُحَمَّد ووعدني أَن يحبوني بالحوض وَأَعْطَانِي الْكَوْثَر وَأَنا أَو شَافِع وَأول مُشَفع ثمَّ أخرجني فِي خير قُرُون أمتِي وَأمتِي الْحَمَّادُونَ يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر

221

- قَوْله تَعَالَى: هَل أنبئكم على من تنزل الشَّيَاطِين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السّمع وَأَكْثَرهم كاذبون أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن سعيد بن وهب قَالَ: كنت عِنْد عبد الله بن الزبير فَقيل لَهُ: إِن الْمُخْتَار يزْعم أَنه يُوحى إِلَيْهِ فَقَالَ ابْن الزبير: صدق ثمَّ تَلا {هَل أنبئكم على من تنزل الشَّيَاطِين تنزل على كل أفاك أثيم} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {على كل أفاك أثيم} قَالَ: كَذَّاب من النَّاس {يلقون السّمع} قَالَ: مَا سَمعه الشَّيْطَان أَلْقَاهُ {على كل أفاك} كَذَّاب من النَّاس

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {تنزل على كل أفاك أثيم} قَالَ: الأفاك: الْكذَّاب وهم الكهنة تسْتَرق الْجِنّ السّمع ثمَّ يأْتونَ بِهِ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ من الإِنس وَفِي قَوْله {يلقون السّمع وَأَكْثَرهم كاذبون} قَالَ: كَانَت الشَّيَاطِين تصعد إِلَى السَّمَاء فَتسمع ثمَّ تنزل إِلَى الكهنة فتخبرهم فَتحدث الكهنة بِمَا أنزلت بِهِ الشَّيَاطِين من السّمع وتخلط الكهنة كذبا كثيرا فيحدثون بِهِ النَّاس فَأَما مَا كَانَ من سمع السَّمَاء فَيكون حَقًا وَأما مَا خلطوا بِهِ من الْكَذِب فَيكون كذبا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: سَأَلَ أنَاس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكُهَّان فَقَالَ إِنَّهُم لَيْسُوا بِشَيْء فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّهُم يحدثوننا أَحْيَانًا بالشَّيْء يكون حَقًا قَالَ: تِلْكَ الْكَلِمَة من الْحق يَخْطفهَا الجني فيقذفها فِي أذن وليه فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكثر من مائَة كذبة وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْمَلَائِكَة تحدث فِي الْعَنَان - والعنان: الْغَمَام - بِالْأَمر فِي الأَرْض فَيسمع الشَّيْطَان الْكَلِمَة فيقرها فِي أذن الكاهن كَمَا تقر القارورة فيزيدون مَعهَا مائَة كذبة

224

- قَوْله تَعَالَى: وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ ألم تَرَ أَنهم فِي كل وَاد يهيمون وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد مَا ظلمُوا وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تهاجى رجلَانِ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَحدهمَا من الْأَنْصَار وَالْآخر من قوم آخَرين وَكَانَ مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا غواة من قومه وهم السُّفَهَاء فَأنْزل الله {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ} الْآيَات وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: تهاجى شاعران فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ مَعَ كل وَاحِد مِنْهُمَا فِئَام من النَّاس فَأنْزل الله {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ}

وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن عُرْوَة قَالَ: لما نزلت {وَالشعرَاء} إِلَى قَوْله {مَا لَا يَفْعَلُونَ} قَالَ عبد الله بن رَوَاحَة: يَا رَسُول الله قد علم الله أَنِّي مِنْهُم فَأنْزل الله {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} إِلَى قَوْله {يَنْقَلِبُون} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي حسن سَالم البراد قَالَ: لما نزلت {وَالشعرَاء} جَاءَ عبد الله بن رَوَاحَة وَكَعب بن مَالك وَحسان بن ثَابت وهم يَبْكُونَ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لقد أنزل الله هَذِه الْآيَة وَهُوَ يعلم انا شعراء أهلكنا فَأنْزل الله {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} فَدَعَاهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَلَاهَا عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم عَن أبي الْحسن مولى بني نَوْفَل أَن عبد الله بن رَوَاحَة وَحسان بن ثَابت أَتَيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نزلت الشُّعَرَاء يَبْكِيَانِ وَهُوَ يقْرَأ {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ} حَتَّى بلغ {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: أَنْتُم {وَذكروا الله كثيرا} قَالَ: أَنْتُم {وانتصروا من بعد مَا ظلمُوا} قَالَ: أَنْتُم {وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون} قَالَ: الْكفَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {يتبعهُم الْغَاوُونَ} قَالَ: هم الْكفَّار يتبعُون ضلال الْجِنّ والإِنس {فِي كل وَاد يهيمون} فِي كل لَغْو يَخُوضُونَ {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ} أَكثر وَلَهُم مكذبون ثمَّ اسْتثْنى مِنْهُم فَقَالَ {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَذكروا الله كثيرا} فِي كَلَامهم {وانتصروا من بعد مَا ظلمُوا} قَالَ: ردوا على الْكفَّار الَّذين كانون يَهْجُونَ الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَالشعرَاء} قَالَ: الْمُشْركُونَ مِنْهُم الَّذين كَانُوا يَهْجُونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يتبعهُم الْغَاوُونَ} غواة الْجِنّ {فِي كل وَاد يهيمون} فِي كل فن من الْكَلَام يَأْخُذُونَ ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} يَعْنِي حسان بن ثَابت وَعبد الله بن رَوَاحَة وَكَعب بن مَالك كَانُوا يَذبُّونَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه هجاء الْمُشْركين

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {يتبعهُم الْغَاوُونَ} قَالَ: هم الروَاة وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ} فنسخ من ذَلِك وَاسْتثنى فَقَالَ {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَذكروا الله كثيرا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَذكروا الله كثيرا} قَالَ: أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَعبد الله بن رَوَاحَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن مَالك أَنه قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قد أنزل فِي الشُّعَرَاء مَا أنزل فَكيف ترى فِيهِ فَقَالَ إِن الْمُؤمن يُجَاهد بِسَيْفِهِ وَلسَانه - وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ - لكَأَنَّمَا بوجههم مثل نضج النبل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد قَالَ: بَيْنَمَا نَحن نسير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ عرض شَاعِر ينشد فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن يمتلىء جَوف أحدكُم قَيْحا خير لَهُ من أَن يمتلىء شعرًا وَأخرج الديلمي عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا: الشُّعَرَاء الَّذين يموتون فِي الإِسلام يَأْمُرهُم الله أَن يَقُولُوا شعرًا تتغنى بِهِ الْحور الْعين لِأَزْوَاجِهِنَّ فِي الْجنَّة وَالَّذين مَاتُوا فِي الشّرك يدعونَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور فِي النَّار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الشّعْر حِكْمَة قَالَ: وَأَتَاهُ قرظة بن كَعْب وَعبد الله بن رَوَاحَة وَحسان بن ثَابت فَقَالُوا: إِنَّا نقُول الشّعْر وَقد نزلت هَذِه الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقرأوا {وَالشعرَاء} إِلَى قَوْله {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: أَنْتُم هم {وَذكروا الله كثيرا} قَالَ: أَنْتُم هم {وانتصروا من بعد مَا ظلمُوا} قَالَ: أَنْتُم هم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ} قَالَ: كَانَ الشاعران يتقاولان ليَكُون لهَذَا تبع وَلِهَذَا تبع وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ} قَالَ: هم عصاة الْجِنّ

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ} قَالَ: الشَّيَاطِين {ألم تَرَ أَنهم فِي كل وادٍ يهيمون} قَالَ: يمدحون قوما بباطل ويشتمون قوما بباطل وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَالشعرَاء يتبعهُم الْغَاوُونَ} قَالَ: الشَّيَاطِين {ألم تَرَ أَنهم فِي كل وادٍ يهيمون} قَالَ: فِي كل فن يفتنون {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: عبد الله بن رَوَاحَة وَأَصْحَابه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: هَذِه ثنية الله من الشُّعَرَاء وَمن غَيرهم {وَذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد مَا ظلمُوا} قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة {وانتصروا من بعد مَا ظلمُوا} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رَهْط من الْأَنْصَار هاجوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم كَعْب بن مَالك وَعبد الله بن رَوَاحَة وَحسان بن ثَابت {وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا} من الشُّعَرَاء وَغَيرهم {أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن رَوَاحَة وَفِي شعراء الْأَنْصَار وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحسان بن ثَابت اهج الْمُشْركين فَإِن جِبْرِيل مَعَك وَأخرج ابْن سعد عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قيل يَا رَسُول الله إِن أَبَا سُفْيَان بن الْحَرْث بن عبد الْمطلب يهجوك فَقَامَ ابْن رَوَاحَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي فِيهِ قَالَ: أَنْت الَّذِي تَقول ثَبت الله قَالَ: نعم يَا رَسُول الله قلت: ثَبت الله مَا أَعْطَاك من حسن تثبيت مُوسَى ونصراً مثل مَا نصرا قَالَ: وَأَنت يفعل الله بك مثل ذَلِك ثمَّ وثب كَعْب فَقَالَ: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي فِيهِ فَقَالَ: أَنْت الَّذِي تَقول هَمت قَالَ: نعم يَا رَسُول الله قلت: هَمت سخينة أَن تغالب رَبهَا فليغلبن مغالب الغلاب قَالَ: أما إِن الله لم ينس لَك ذَلِك ثمَّ قَامَ حسان الحسام فَقَالَ: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي فِيهِ وَأخرج لِسَانا لَهُ اسود فَقَالَ: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لي فِيهِ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى

أبي بكر فليحدثك الْقَوْم وأيامهم وأحسابهم واهجهم وَجِبْرِيل مَعَك وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن بُرَيْدَة أَن جِبْرِيل أعَان حسان بن ثَابت على مدحته النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسبعين بَيْتا وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: مر عمر بِحسان وَهُوَ ينشد فِي الْمَسْجِد فلحظ إِلَيْهِ فَنظر إِلَيْهِ فَقَالَ: قد كنت أنْشد فِيهِ وَفِيه من هُوَ خير مِنْك فَسكت ثمَّ الْتفت حسان إِلَى أبي هُرَيْرَة فَقَالَ: أنْشدك بِاللَّه هَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أجب عني اللَّهُمَّ أيده بِروح الْقُدس قَالَ: نعم وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن سِيرِين قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة وهم فِي سفر أَيْن حسان بن ثَابت فَقَالَ: لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك قَالَ: أحد فَجعل ينشده ويصغي إِلَيْهِ حَتَّى فرغ من نشيده فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لهَذَا أَشد عَلَيْهِم من وَقع النَّبِي وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن حسن بن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد الله بن رَوَاحَة مَا الشّعْر قَالَ: شَيْء يختلج فِي صدر الرجل فيخرجه على لِسَانه شعرًا وَأخرج ابْن سعد عَن مدرك بن عمَارَة قَالَ: قَالَ عبد الله بن رَوَاحَة: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ تَقول الشّعْر إِذا أردْت أَن تَقول - كَأَنَّهُ يتعجب لذاك - قلت: انْظُر فِي ذَاك ثمَّ أَقُول قَالَ: فَعَلَيْك بالمشركين وَأخرج ابْن سعد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من يحمي أَعْرَاض الْمُسلمين فَقَالَ عبد الله بن رَوَاحَة: أَنا وَقَالَ كَعْب بن مَالك: أَنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّك تحسن الشّعْر وَقَالَ حسان بن ثَابت: أَنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أهجهم فَإِن روح الْقُدس سيعينك وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا نصر الْقَوْم بسلاحهم أنفسهم فألسنتهم أَحَق فَقَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَنا قَالَ: لست هُنَاكَ فَجَلَسَ فَقَامَ آخر فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَنا فَقَالَ بِيَدِهِ معنى اجْلِسْ فَقَامَ حسان فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا يسرني بِهِ مقولاً بَين صنعاء وَبصرى وَإنَّك مَا سببت قوما قطّ بِشَيْء هُوَ أَشد عَلَيْهِم من شَيْء يعرفونه فَمر بِي إِلَى من يعرف أيامهم وبيوتاتهم حَتَّى أَضَع لساني فَأمر بِهِ إِلَى أبي بكر

وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هجا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ثَلَاثَة من كفار قُرَيْش أَبُو سُفْيَان بن الْحَرْث وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَابْن الزبعري قَالَ قَائِل: لعَلي أهج عَنَّا هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين قد هجونا فَقَالَ عَليّ: إِن أذن لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلت فَقَالَ: الرجل: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لعَلي كَيْمَا يهجو عَنَّا هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذين هجونا فَقَالَ: لَيْسَ هُنَاكَ ثمَّ قَالَ للْأَنْصَار: مَا يمْنَع الْقَوْم الَّذين قد نصروا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسلاحهم وأنفسهم أَن ينصروه بألسنتهم فَقَالَ حسان بن ثَابت: أَنا لَهَا يَا رَسُول الله وَأخذ بِطرف لِسَانه فَقَالَ: وَالله مَا يسرني بهم مقولاً بَين بصرى وَصَنْعَاء فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَكَيف تهجوهم وَأَنا مِنْهُم فَقَالَ: إِنِّي أسُلّكَ مِنْهُم كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين فَكَانَ يهجوهم ثَلَاثَة من الْأَنْصَار يجيبونهم حسان بن ثَابت وَكَعب بن مَالك وَعبد الله بن رَوَاحَة فَكَانَ حسان وَكَعب يعارضانهم بِمثل قَوْلهم بالوقائع وَالْأَيَّام والمآثر ويعيرونهم بالمناقب وَكَانَ ابْن رَوَاحَة يعيرهم بالْكفْر وينسبهم إِلَى الْكفْر وَيعلم أَنه لَيْسَ فيهم شَيْء شرا من الْكفْر وَكَانُوا فِي ذَلِك الزَّمَان أَشد القَوْل عَلَيْهِم قَول حسان وَكَعب وأهون القَوْل عَلَيْهِم قَول ابْن رَوَاحَة فَلَمَّا أَسْلمُوا وفقهوا الإِسلام كَانَ أَشد القَوْل عَلَيْهِم قَول ابْن رَوَاحَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الشّعْر حكما وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِن من الشّعْر حكما وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن من الشّعْر حكما وَإِن من الْبَيَان سحرًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن فضَالة ابْن عُبَيْدَة فِي قَوْله {وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون} قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين يخربون الْبَيْت وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة بن سهل حنيف قَالَ: سَمِعت رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أتركوا الْحَبَشَة مَا تركوكم فَإِنَّهُ لَا يسْتَخْرج كنز الْكَعْبَة إِلَّا ذُو السويقتين من الْحَبَشَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُبَايع رجل بَين الرُّكْن وَالْمقَام وَلنْ يسْتَحل هَذَا الْبَيْت إِلَّا أَهله فَإِذا اسْتَحَلُّوهُ فَلَا تسْأَل عَن هلكة الْعَرَب ثمَّ تَجِيء الْحَبَشَة فتخربه خراباً لَا يعمر بعده أبدا وهم الَّذين يستخرجون كنزه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اتْرُكُوا الْحَبَشَة مَا تركوكم فَإِنَّهُ لَا يسْتَخْرج كنز الْكَعْبَة إِلَّا ذُو السويقتين من الْحَبَشَة

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: من آخر أَمر الْكَعْبَة أَن الْحَبَشَة يغزون الْبَيْت فَيتَوَجَّه الْمُسلمُونَ نحوهم فيبعث الله عَلَيْهِم ريحًا شرقية فَلَا تدع لله عبدا فِي قلبه مِثْقَال ذرة من تقى إِلَّا قَبضته حَتَّى إِذا فرغوا من خيارهم بَقِي عجاج من النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يخرب الْكَعْبَة ذُو السويقتين من الْحَبَشَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ ابْن أبي طَالب قَالَ كَأَنِّي أنظر إِلَى رجل من الْحَبَش أصلع أجمع حمش السَّاقَيْن جَالس عَلَيْهَا وَهُوَ يَهْدِمهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: كَأَنِّي بِهِ أصيلع أفيدع قَائِم عَلَيْهَا يَهْدِمهَا بمسحاته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: كتب أبي فِي وَصيته سطرين بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا مَا أوصى بِهِ أَبُو بكر بن أبي قُحَافَة عِنْد خُرُوجه من الدُّنْيَا حِين يُؤمن الْكَافِر وَيَتَّقِي الْفَاجِر وَيصدق الْكَاذِب إِنِّي اسْتخْلفت عَلَيْكُم عمر بن الْخطاب فَإِن يعدل فَذَلِك ظَنِّي بِهِ ورجائي فِيهِ وَإِن يجر ويبدل فَلَا أعلم الْغَيْب {وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن رَبَاح قَالَ: كَانَ صَفْوَان بن مجرز إِذا قَرَأَ هَذِه الْآيَة بَكَى {وَسَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم - سُورَة النَّمْل مَكِّيَّة وآياتها ثَلَاث وَتسْعُونَ - مُقَدّمَة سُورَة النَّمْل أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت سُورَة النَّمْل بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله

النمل

- طس تِلْكَ آيَات الْقُرْآن وَكتاب مُبين هدى وبشرا للْمُؤْمِنين الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم بِالآخِرَة هم يوقنون إِن الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة زينا لَهُم أَعْمَالهم فهم يعمهون أُولَئِكَ الَّذين لَهُم سوء الْعَذَاب وهم فِي الْآخِرَة هم الأخسرون وَإنَّك لتلقى الْقُرْآن من لدن حَكِيم عليم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {طس} قَالَ: هُوَ اسْم الله الْأَعْظَم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {طس} قَالَ: هُوَ اسْم الله الْأَعْظَم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {طس} قَالَ: هُوَ اسْم من أَسمَاء الْقُرْآن وَفِي قَوْله {إِن الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة} قَالَ: لَا يُقِرّون بهَا وَلَا يُؤمنُونَ بهَا {فهم يعمهون} قَالَ: فِي صلَاتهم وَفِي قَوْله {وَإنَّك لتلقى الْقُرْآن} يَقُول: تَأْخُذ الْقُرْآن من عِنْد {حَكِيم عليم}

7

- قَوْله تَعَالَى: إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهله إِنِّي آنست نَارا سآتيكم مِنْهَا بِخَبَر أَو آتيكم بشهاب قبس لَعَلَّكُمْ تصطلون

أخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ {بشهاب قبس} قَالَ: شعلة من نَار يقتبسون مِنْهُ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول طرفَة: هم عراني فَبت أدفعه دون سهادي كشعلة القبس

8

- قَوْله تَعَالَى: فَلَمَّا جاءها نُودي أَن بورك من فِي النَّار وَمن حولهَا وَسُبْحَان الله رب الْعَالمين يَا مُوسَى إِنَّه أَنا الله الْعَزِيز الْحَكِيم أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَلَمَّا جاءها نُودي أَن بورك من فِي النَّار} يَعْنِي تبَارك وَتَعَالَى نَفسه كَانَ نور رب الْعَالمين فِي الشَّجَرَة {وَمن حولهَا} يَعْنِي الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير وَابْن مرْدَوَيْه عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس {نُودي أَن بورك من فِي النَّار وَمن حولهَا} يَقُول: بروكت بالنَّار ناداه الله وَهُوَ فِي النُّور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت تِلْكَ النَّار نورا {أَن بورك من فِي النَّار وَمن} حول النَّار وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {أَن بورك من فِي النَّار} قَالَ: بوركت النَّار وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: فِي مصحف أبي بن كَعْب (بوركت النَّار وَمن حولهَا) أما النَّار فيزعمون أَنَّهَا نور رب الْعَالمين {وَمن حولهَا} الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يقْرَأ (أَن بوركت النَّار) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي الْآيَة قَالَ: النَّار: نور الرَّحْمَن {وَمن حولهَا} مُوسَى وَالْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {بورك} قَالَ: قدس

وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق أبي عُبَيْدَة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن الله لَا ينَام وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام يخْفض الْقسْط وَيَرْفَعهُ يرفع إِلَيْهِ عمل اللَّيْل قبل النَّهَار وَعمل النَّهَار قبل اللَّيْل حجابه النُّور لَو رفع الْحجاب لَا حرقت سبحات وَجهه كل شَيْء أدْركهُ بَصَره ثمَّ قَرَأَ أَبُو عُبَيْدَة {أَن بورك من فِي النَّار وَمن حولهَا وَسُبْحَان الله رب الْعَالمين}

10

- قَوْله تَعَالَى: وألق عصاك فَلَمَّا رَآهَا تهتز كَأَنَّهَا جَان ولى مُدبرا وَلم يعقب يَا مُوسَى لَا تخف إِنِّي لَا يخَاف لديَّ المُرْسَلُونَ إِلَّا من ظلم ثمَّ بدل حسنا بعد سوء فَإِنِّي غَفُور رَحِيم وَأدْخل يدك فِي جيبك تخرج بَيْضَاء من غير سوء فِي تسع آيَات إِلَى فِرْعَوْن وَقَومه إِنَّهُم كَانُوا قوما فاسقين فَلَمَّا جَاءَتْهُم آيَاتنَا مبصرة قَالُوا هَذَا سحر مُبين وجحدوا بهَا واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المفسدين أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَلَمَّا رَآهَا تهتز كَأَنَّهَا جَان} قَالَ: حِين تحوّلت حَيَّة تسْعَى وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلم يعقب يَا مُوسَى} قَالَ: لم يرجع وَفِي قَوْله {إِلَّا من ظلم ثمَّ بدل حسنا بعد سوء} قَالَ: ثمَّ تَابَ من بعد ظلمه واساءته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ولى مُدبرا} قَالَ: فَارًّا {وَلم يعقب} قَالَ: لم يلْتَفت وَفِي قَوْله {لَا يخَاف لدي} قَالَ: عِنْدِي وَفِي قَوْله {إِلَّا من ظلم} قَالَ: إِن الله لم يجز ظَالِما ثمَّ عَاد الله بعائدته وبرحمته فَقَالَ {ثمَّ بدل حسنا بعد سوء} أَي فَعمل عملا صَالحا بعد عمل سيء عمله {فَإِنِّي غَفُور رَحِيم}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَيْمُون قَالَ: إِن الله قَالَ لمُوسَى {إِنِّي لَا يخَاف لديَّ المُرْسَلُونَ إِلَّا من ظلم} وَلَيْسَ للظالم عِنْدِي أَمَان حَتَّى يَتُوب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن زيد بن أسلم أَنه قَرَأَ {إِلَّا من ظلم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت على مُوسَى جُبَّة لَا تبلغ مرفقيه فَقَالَ لَهُ {وَأدْخل يدك فِي جيبك} فادخلها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مقسم قَالَ: إِنَّمَا قيل {وَأدْخل يدك فِي جيبك} لِأَنَّهُ لم يكن لَهَا كم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَت عَلَيْهِ مدرعة إِلَى بعض يَده وَلَو كَانَ لَهَا كم أمره أَن يدْخل يَده فِي كمه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَأدْخل يدك فِي جيبك} قَالَ: جيب الْقَمِيص وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَأدْخل يدك فِي جيبك} قَالَ: فِي جيب قَمِيصك {تخرج بَيْضَاء من غير سوء} قَالَ: من غير برص {فِي تسع آيَات} قَالَ: يَقُول هَاتَانِ الْآيَتَانِ: يَد مُوسَى وَعَصَاهُ والطوفان وَالْجَرَاد وَالْقمل والضفادع وَالدَّم والسنين فِي بواديهم ومواشيهم وَنقص من الثمرات فِي أمصارهم وَفِي قَوْله {فَلَمَّا جَاءَتْهُم آيَاتنَا مبصرة} قَالَ: بَيِّنَة {وجحدوا بهَا} قَالَ: كذبت الْقَوْم بآيَات الله بَعْدَمَا استيقنتها أنفسهم أَنَّهَا حق والجحود لَا يكون إِلَّا من بعد الْمعرفَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ظلما وعلواً} قَالَ: تَعَظُّمًا واستكباراً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلواً} قَالَ: تكبروا وَقد استيقنتها أنفسهم وَهَذَا من التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ / ظلما وعلياً / وَقَرَأَ عَاصِم {وعلواً} بِرَفْع الْعين وَاللَّام

15

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد آتَيْنَا دَاوُد وَسليمَان علما وَقَالا الْحَمد لله الَّذِي فضلنَا على كثير من عباده الْمُؤمنِينَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ دَاوُد أعطي ثَلَاثًا: سخرت لَهُ الْجبَال يسبحْنَ مَعَه وأُلِينَ لَهُ الْحَدِيد وَعلم منطق الطير وَأعْطِي سُلَيْمَان: منطق الطير وسخرت لَهُ الْجِنّ وَكَانَ ذَلِك مِمَّا ورث عَنهُ وَلم تسخر لَهُ الْجبَال وَلم يلن لَهُ الْحَدِيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه كتب: إِن الله لم ينعم على عبد نعْمَة فَحَمدَ الله عَلَيْهَا إِلَّا كَانَ حَمده أفضل من نعْمَته إِن كنت لَا تعرف ذَلِك فِي كتاب الله الْمنزل قَالَ الله عز وَجل {وَلَقَد آتَيْنَا دَاوُد وَسليمَان علما وَقَالا الْحَمد لله الَّذِي فضلنَا على كثير من عباده الْمُؤمنِينَ} وَأي نعْمَة أفضل مِمَّا أُوتِيَ دَاوُد وَسليمَان

16

- قَوْله تَعَالَى: وَورث سُلَيْمَان دَاوُد وَقَالَ ياأيها النَّاس علمنَا منطق الطير وأوتينا من كل شَيْء إِن هَذَا لَهو الْفضل الْمُبين أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَورث سُلَيْمَان دَاوُد} قَالَ: وَرثهُ نبوته وَملكه وَعلمه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: النَّاس عندنَا: أهل الْعلم وَأما قَوْله تَعَالَى: {علمنَا منطق الطير} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: كنت عِنْد عمر بن الْخطاب فَدخل علينا كَعْب الحبر فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَلا أخْبرك بأغرب شَيْء قَرَأت فِي كتب الْأَنْبِيَاء: إِن هَامة جَاءَت إِلَى سُلَيْمَان فَقَالَت: السَّلَام عَلَيْك يَا نَبِي الله فَقَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام يَا هام أَخْبرنِي كَيفَ لَا تأكلين الزَّرْع فَقَالَت: يَا نَبِي الله لِأَن آدم عصى ربه فِي سَببه لذَلِك لَا آكله قَالَ: فَكيف لَا تشربين المَاء قَالَت: يَا

نَبِي الله لِأَن أغرق بِالْمَاءِ قوم نوح من أجل ذَلِك تركت شربه قَالَ: فَكيف تركت الْعمرَان وأسكنت الخراب قَالَت: لِأَن الخراب مِيرَاث الله وَأَنا أسكن فِي مِيرَاث الله وَقد ذكر الله ذَلِك فِي كِتَابه فَقَالَ {وَكم أهلكنا من قَرْيَة بطرت معيشتها} الْقَصَص الْآيَة 58 إِلَى قَوْله {وَكُنَّا نَحن الْوَارِثين} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الصّديق النَّاجِي قَالَ: خرج سُلَيْمَان بن دَاوُد يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ فَمر بنملة مستلقية على قفاها رَافِعَة قَوَائِمهَا إِلَى السَّمَاء وَهِي تَقول: اللَّهُمَّ إِنَّا خلق من خلقك لَيْسَ بِنَا غنى عَن رزقك فاما أَن تسقينا وَإِمَّا أَن تُهْلِكنَا فَقَالَ سُلَيْمَان للنَّاس: ارْجعُوا فقد سقيتم بدعوة غَيْركُمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: كَانَ دَاوُد يقْضِي بَين الْبَهَائِم يَوْمًا وَبَين النَّاس يَوْمًا فَجَاءَت بقرة فَوضعت قرنها فِي حَلقَة الْبَاب ثمَّ تنغمت كَمَا تنغم الوالدة على وَلَدهَا وَقَالَت: كنت شَابة كَانُوا ينتجوني ويستعملوني ثمَّ إِنِّي كَبرت فأرادوا أَن يذبحوني فَقَالَ دَاوُد: أَحْسنُوا إِلَيْهَا وَلَا تذبحوها ثمَّ قَرَأَ {علمنَا منطق الطير وأوتينا من كل شَيْء} وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: أعطي سُلَيْمَان ملك مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا فَملك سُلَيْمَان سَبْعمِائة سنة وَسِتَّة أشهر ملك أهل الدُّنْيَا كلهم من الْجِنّ والإِنس وَالدَّوَاب وَالطير وَالسِّبَاع وَأعْطِي كل شَيْء ومنطق كل شَيْء وَفِي زَمَانه صنعت الصَّنَائِع المعجبة حَتَّى إِذا أَرَادَ الله أَن يقبضهُ إِلَيْهِ أوحى إِلَيْهِ: أَن استودع علم الله وحكمته أَخَاهُ وَولد دَاوُد كَانُوا أَرْبَعمِائَة وَثَمَانِينَ رجلا أَنْبيَاء بِلَا رِسَالَة قَالَ الذَّهَبِيّ: هَذَا بَاطِل وَأخرج الْحَاكِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: بلغنَا أَن سُلَيْمَان كَانَ عسكره مائَة فَرسَخ: خَمْسَة وَعِشْرُونَ مِنْهَا للإنس وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ للجن وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ للوحش وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ للطير وَكَانَ لَهُ ألف بَيت من قَوَارِير على الْخشب فِيهَا ثلثمِائة صَرِيحَة وَسَبْعمائة سَرِيَّة وَأمر الرّيح العاصف فَرَفَعته فَأمر الرّيح فسارت بِهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي زدتك فِي ملكك أَن لَا يتَكَلَّم أحد بِشَيْء إِلَّا جَاءَت الرّيح فأخبرتك

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: مر سُلَيْمَان بن دَاوُد وَهُوَ فِي ملكه قد حَملته الرّيح على رجل حراث من بني إِسْرَائِيل فَلَمَّا رَآهُ قَالَ - سُبْحَانَ الله - لقد أُوتِيَ آل دَاوُد ملكا فحملتها الرّيح فَوَضَعتهَا فِي أُذُنه فَقَالَ: ائْتُونِي بِالرجلِ فَأتي بِهِ فَقَالَ: مَاذَا قلت فَأخْبرهُ فَقَالَ سُلَيْمَان: إِنِّي خشيت عَلَيْك الْفِتْنَة لثواب سُبْحَانَ الله عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة أعظم مِمَّا أُوتِيَ آل دَاوُد فَقَالَ الحراث: أذهب الله همك كَمَا أذهبت همي قَالَ: وَكَانَ سُلَيْمَان رجلا أَبيض جسيماً أشقر غزاء لَا يسمع بِملك إِلَّا أَتَاهُ فقاتله فدوخه يَأْمر الشَّيَاطِين فيجعلون لَهُ دَارا من قَوَارِير فَيحمل مَا يُرِيد من آلَة الْحَرْب فِيهَا ثمَّ يَأْمر العاصف فتحمله من الأَرْض ثمَّ يَأْمر الرخَاء فتقدمه حَيْثُ شَاءَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يحيى بن كثير قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد لبني إِسْرَائِيل: أَلا أريكم بعض ملكي الْيَوْم قَالُوا: بلَى يَا نبيى الله قَالَ: يَا ريح ارفعينا فرفعتهم الرّيح فجعلتهم بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ قَالَ: يَا طير أظلينا فأظلتهم الطير بأجنحتها لَا يرَوْنَ الشَّمْس قَالَ: يَا بني إِسْرَائِيل أَي ملك ترَوْنَ قَالُوا: نرى ملكا عَظِيما قَالَ: قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير خير من ملكي هَذَا وَمن الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا يَا بني إِسْرَائِيل من خشِي الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَقصد فِي الْغنى والفقر وَعدل فِي الْغَضَب وَالرِّضَا وَذكر الله على كل حَال فقد أعطي مثل مَا أَعْطَيْت

17

- قَوْله تَعَالَى: وَحشر لِسُلَيْمَان جُنُوده من الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطير فهم يُوزعُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير كَانَ يوضع لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام ثلثمِائة ألف كرْسِي فيجلس مؤمنوا الانس مِمَّا يَلِيهِ ومؤمنوا الْجِنّ من ورائهم ثمَّ يَأْمر الطير فتظله ثمَّ يَأْمر الرّيح فتحمله فيمرون على السنبلة فَلَا يحركونها وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فهم يُوزعُونَ} قَالَ: يدْفَعُونَ

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فهم يُوزعُونَ} قَالَ: جعل على كل صنف مِنْهُم وزعة ترد أولاها على أخراها لِئَلَّا يتقدموا فِي الْمسير كَمَا تصنع الْمُلُوك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {فهم يُوزعُونَ} قَالَ: يحبس أَوَّلهمْ على آخِرهم حَتَّى تنام الطير قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أَو مَا سَمِعت قَول الشَّاعِر: وزعت رعيلها باقب نهد إِذا مَا الْقَوْم شدوا بعد خمس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد وَأبي رزين فِي قَوْله {فهم يُوزعُونَ} قَالَ: يحبس أَوَّلهمْ على آخِرهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فهم يُوزعُونَ} قَالَ: يرد أَوَّلهمْ على آخِرهم

18

- قَوْله تَعَالَى: حَتَّى إِذا أَتَوا على وادِ النَّمْل قَالَت نملة يَا أَيهَا النَّمْل أدخلُوا مَسَاكِنكُمْ لَا يحطمنكم سُلَيْمَان وَجُنُوده وهم لَا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا من قَوْلهَا وَقَالَ رب أوزعني أَن أشكر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمت عَليّ وعَلى وَالِدي وَأَن أعمل صَالحا ترضاه وأدخلني بِرَحْمَتك فِي عِبَادك الصَّالِحين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {حَتَّى إِذا أَتَوا على وَادي النَّمْل} قَالَ: ذكر لنا أَنه وَاد بِأَرْض الشَّام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: النملة الَّتِي فقه سُلَيْمَان كَلَامهَا كَانَت من الطير ذَات جناحين وَلَوْلَا ذَلِك لم يعرف سُلَيْمَان مَا تَقول وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: النَّمْل من الطير وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن نوف قَالَ: كَانَ النَّمْل فِي زمن سُلَيْمَان بن دَاوُد أَمْثَال الذُّبَاب وَفِي لفظ مثل الذُّبَاب

وَأخرج عبد بن حميد عَن الحكم قَالَ: كَانَ النَّمْل فِي زمَان سُلَيْمَان أَمْثَال الذُّبَاب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن وهب ابْن مُنَبّه قَالَ: أَمر الله الرّيح قَالَ لَا يتَكَلَّم أحد من الْخَلَائق بِشَيْء فِي الأَرْض بَينهم إِلَّا حَملته فَوَضَعته فِي أذن سُلَيْمَان فبذلك سمع كَلَام النملة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين أَنه سُئِلَ عَن التبسم فِي الصَّلَاة فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا من قَوْلهَا} وَقَالَ: لَا أعلم التبسم إِلَّا ضحكاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أوزعني} قَالَ: ألهمني وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأدخلني بِرَحْمَتك فِي عِبَادك الصَّالِحين} قَالَ: مَعَ الْأَنْبِيَاء وَالْمُؤمنِينَ

20

- قَوْله تَعَالَى: وتفقد الطير فَقَالَ مَا لي لَا أرى الهدهد أم كَانَ من الغائبين لأعذبنه عذَابا شَدِيدا أَو لأذبحنه أَو ليأتيني بسُلْطَان مُبين فَمَكثَ غير بعيد فَقَالَ أحطت بِمَا لم تحط بِهِ وجئتك من سبإ بنبإ يَقِين إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم وَأُوتِيت من كل شَيْء وَلها عرش عَظِيم وَجدتهَا وقومها يَسْجُدُونَ للشمس من دون الله وزين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم فصدهم عَن السَّبِيل فهم لَا يَهْتَدُونَ أَلا يسجدوا لله الَّذِي يخرج الخبء فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَيعلم مَا تخفون وَمَا تعلنون الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم قَالَ سننظر أصدقت أم كنت من الْكَاذِبين اذْهَبْ بكتابي هَذَا فألقه إِلَيْهِم ثمَّ تولى عَنْهُم فَانْظُر مَاذَا يرجعُونَ قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ إِنِّي ألقِي إِلَيّ كتاب كريم إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَلا تعلوا عَليّ وأتوني مُسلمين أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه سُئِلَ كَيفَ تفقد سليما الهدهد

من بَين الطير قَالَ: إِن سُلَيْمَان نزل منزلا فَلم يدر مَا بعد المَاء وَكَانَ الهدهد يدل سُلَيْمَان على المَاء فَأَرَادَ أَن يسْأَله عَنهُ فَفَقدهُ وَقيل كَيفَ ذَاك والهدهد ينصب لَهُ الفخ يلقِي عَلَيْهِ التُّرَاب وَيَضَع لَهُ الصَّبِي الحبالة فيغيبها فيصيده فَقَالَ: إِذا جَاءَ الْقَضَاء ذهب الْبَصَر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن يُوسُف بن مَاهك أَنه حدث: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق صَاحب الازارقة كَانَ يَأْتِي عبد الله بن عَبَّاس فَإِذا أفتى ابْن عَبَّاس يرى هُوَ أَنه لَيْسَ بِمُسْتَقِيم فَيَقُول: قف من أَيْن افتيت بِكَذَا وَكَذَا وَمن أَيْن كَانَ فَيَقُول ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أومات من كَذَا وَكَذَا حَتَّى ذكر يَوْمًا الهدهد فَقَالَ: يعرف بعد مَسَافَة المَاء فِي الأَرْض فَقَالَ لَهُ ابْن الْأَزْرَق: قف قف يَا ابْن الْعَبَّاس كَيفَ تزْعم أَن الهدهد يرى مَسَافَة المَاء من تَحت الأَرْض وَهُوَ ينصب لَهُ الفخ فيذر عَلَيْهِ التُّرَاب فيصطاد فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَوْلَا أَن يذهب هَذَا فَيَقُول: كَذَا وَكَذَا لم أقل لَهُ شَيْئا إِن الْبَصَر ينفع مَا لم يَأْتِ الْقدر فَإِذا جَاءَ الْقدر حَال دون الْبَصَر فَقَالَ ابْن الْأَزْرَق: لَا أجادلك بعْدهَا فِي شَيْء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان إِذا أَرَادَ أَن ينزل منزلا دَعَا الهدهد ليخبره عَن المَاء فَكَانَ إِذا قَالَ: هَهُنَا شققت الشَّيَاطِين الصخور فجرت الْعُيُون من قبل أَن يضْربُوا أبنيتهم فَأَرَادَ أَن ينزل منزلا فتفقد الطير فَلم يره فَقَالَ {مَا لي لَا أرى الهدهد أم كَانَ من الغائبين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن سُلَيْمَان أَرَادَ أَن يَأْخُذ مفازة فَدَعَا بالهدهد وَكَانَ سيد الهداهد ليعلم مَسَافَة المَاء وَكَانَ قد اعطي من الْبَصَر بذلك شَيْئا لم يُعْطِيهِ شَيْء من الطير لقد ذكر لنا: أَنه كَانَ يبصر المَاء فِي الأَرْض كَمَا يبصر أحدكُم الخيال من وَرَاء الزجاجة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اسْم هدهد سُلَيْمَان: عنبر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لأعذبنه عذَابا شَدِيدا} قَالَ: نتف ريشه

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {لأعذبنه عذَابا شَدِيدا} قَالَ: نتف ريشه كُله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نتف ريشة وإلقاؤه للنمل فِي الشَّمْس وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن رُومَان قَالَ: إِن عَذَابه الَّذِي كَانَ يعذب بِهِ الطير: نتف ريش جنَاحه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو ليأتيني بسُلْطَان مُبين} قَالَ: خبر الْحق الصدْق الْبَين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَو ليأتيني بسُلْطَان مُبين} قَالَ: بِعُذْر بَين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: كل سُلْطَان فِي الْقُرْآن حجَّة وَنزع الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة سُلَيْمَان {أَو ليأتيني بسُلْطَان} قَالَ: وَأي سُلْطَان كَانَ للهدهد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: إِنَّمَا دفع الله عَن الهدهد ببره والدته وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِنَّمَا صرف الله عَذَاب سُلَيْمَان عَن الهدهد لِأَنَّهُ كَانَ باراً بِوَالِديهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أحطت بِمَا لم تحط بِهِ} قَالَ: اطَّلَعت على مَا لم تطلع عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وجئتك من سبإ بنبإ يَقِين} قَالَ: خبر حق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وجئتك من سبإ} قَالَ: سبأ بِأَرْض الْيمن يُقَال لَهَا: مأرب بَينهَا وَبَين صنعاء مسيرَة ثَلَاث لَيَال {بنبإ يَقِين} قَالَ: بِخَبَر حق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن لَهِيعَة قَالَ: يَقُولُونَ إِن مأرب مَدِينَة بلقيس لم يكن بَينهَا وَبَين بَيت الْمُقَدّس الا ميل فَلَمَّا غضب الله عَلَيْهَا بعْدهَا وَهِي الْيَوْم

بِالْيمن وَهِي الَّتِي ذكر الله الْقُرْآن {لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم} سبأ الْآيَة 15 وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: بعث إِلَى سبأ اثْنَا عشر نَبيا مِنْهُم: تبع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه قَرَأَ {من سبإ بنبإ يَقِين} قَالَ: بجعله أَرضًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَنه قَرَأَ {من سبإ بنبإ} قَالَ: يَجعله رجلا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم} قَالَ: كَانَ اسْمهَا بلقيس بنت أبي شبرة وَكَانَت هلباء شعراء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم} قَالَ: هِيَ بلقيس بنت شرَاحِيل ملكة سبأ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: بَلغنِي إِنَّهَا امْرَأَة تسمى بلقيس بنت شرَاحِيل أحد أبوايها من الْجِنّ مُؤخر إِحْدَى قدميها مثل حافر الدَّابَّة وَكَانَت فِي بَيت مملكة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَ: هِيَ بلقيس بنت شرَاحِيل بن مَالك بن رَيَّان وَأمّهَا فارعة الجنية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: بلقيس بنت أبي شرح وَأمّهَا بلقته وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سُفْيَان الثَّوْريّ مثله وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: كَانَت ملكة سبأ اسْمهَا ليلى وسبأ مَدِينَة بِالْيمن وبلقيس حميرية وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى أَبَوي بلقيس كَانَ جنياً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن ملك سبأ كَانَت امْرَأَة بِالْيمن كَانَت فِي بَيت مملكة يُقَال لَهَا بلقيس بنت شرَاحِيل هلك أهل بَيتهَا فملكها قَومهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: صَاحِبَة سبأ كَانَت أمهَا

جنية وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُثْمَان بن حَاضر قَالَ: كَانَت أم بلقيس امْرَأَة من الْجِنّ يُقَال لَهَا: بلقمة بنت شيصان وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن ملكة سبأ فَقَالَ: إِن أحد أَبَوَيْهَا جني فَقَالَ: الْجِنّ لَا يتوالدون أَي أَن الْمَرْأَة من الإِنس لَا تَلد من الْجِنّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ لصاحبة سُلَيْمَان اثْنَا عشر ألف قيل تَحت كل قيل مائَة ألف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: لما قَالَ {إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم} أنكر سُلَيْمَان أَن يكون لأحد على الأَرْض سُلْطَان غَيره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَأُوتِيت من كل شَيْء} قَالَ: من كل شَيْء فِي أرْضهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله {وَأُوتِيت من كل شَيْء} قَالَ: من أَنْوَاع الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلها عرش عَظِيم} قَالَ: سَرِير كريم من ذهب وقوائمه من جَوْهَر ولؤلؤ حسن الصَّنْعَة غالي الثّمن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد فِي قَوْله {وَلها عرش عَظِيم} قَالَ: سَرِير من ذهب وصفحتاه مرمول بالياقوت والزبرجد طوله ثَمَانُون ذِرَاعا فِي عرض أَرْبَعِينَ ذِرَاعا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن رُومَان فِي قَوْله {وَجدتهَا وقومها يَسْجُدُونَ للشمس} قَالَ: كَانَت لَهَا كوّة فِي بَيتهَا إِذا طلعت الشَّمْس نظرت إِلَيْهَا فسجدت لَهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يخرج الخبء} قَالَ: يعلم كل خُفْيَة فِي السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يخرج الخبء} قَالَ: الْغَيْب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {يخرج الخبء} قَالَ: السِّرّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {يخرج الخبء} قَالَ: المَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن حَكِيم بن جَابر فِي قَوْله {يخرج الخبء} قَالَ: الْمَطَر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: خبء السَّمَوَات وَالْأَرْض مَا جعل من الأرزاق والقطر من السَّمَاء والنبات من الأَرْض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {سننظر أصدقت أم كنت من الْكَاذِبين} قَالَ: لم يصدقهُ وَلم يكذبهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اذْهَبْ بكتابي هَذَا} قَالَ: كتب مَعَه بِكِتَاب فَقَالَ {اذْهَبْ بكتابي هَذَا فألقه إِلَيْهِم ثمَّ تول عَنْهُم} يَقُول: كن قَرِيبا مِنْهُم {فَانْظُر مَاذَا يرجعُونَ} فَانْطَلق بِالْكتاب حَتَّى إِذا توَسط عرشها ألْقى الْكتاب إِلَيْهَا فقرأه عَلَيْهَا فَإِذا فِيهِ {إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت صَاحِبَة سبأ إِذا رقدت غلقت الْأَبْوَاب وَأخذت المفاتيح فَوَضَعتهَا تَحت رَأسهَا فَلَمَّا غلقت الْأَبْوَاب وآوت إِلَى فراشها جاءها الهدهد حَتَّى دخل من كوّة بَيتهَا فقذف الصَّحِيفَة على بَطنهَا بَين فخذيها فَأخذت الصَّحِيفَة فقرأتها فَقَالَت {يَا أَيهَا الْمَلأ إِنِّي ألقِي إليّ كتاب كريم} تَقول: حسن مَا فِيهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {إِنِّي ألقِي إليّ كتاب كريم} قَالَ: مختوم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد فِي قَوْله {كتاب كريم} قَالَ: تُرِيدُ مختوم وَكَذَلِكَ الْمُلُوك تختم كتبهَا لَا تجيز بَينهَا كتابا إِلَّا بِخَاتم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} قَالَ: لم يزدْ زَعَمُوا [] على هَذَا الْكتاب على مَا قصّ الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن رُومَان قَالَ: كتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من سُلَيْمَان بن دَاوُد إِلَى بلقيس بنت ذِي شرح وقومها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد: أَن سُلَيْمَان بن دَاوُد كتب إِلَى ملكة سبأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من عبد الله سُلَيْمَان بن دَاوُد إِلَى بلقيس ملكة سبأ

السَّلَام على من اتبع الْهدى أما بعد: فَلَا تعلوا عَليّ وأتوني مُسلمين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: لم يكن فِي كتاب سُلَيْمَان إِلَى صَاحِبَة سبأ إِلَّا مَا تقرأون فِي الْقُرْآن {إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ألاَّ تعلوا عَليّ} يَقُول: لَا تخالفوا عَليّ {وأتوني مُسلمين} قَالَ: وَكَذَلِكَ كَانَت الْأَنْبِيَاء تكْتب جميلا يطْلبُونَ وَلَا يكثرون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سُفْيَان بن مَنْصُور قَالَ: كَانَ يُقَال كَانَ سُلَيْمَان بن دَاوُد أبلغ النَّاس فِي كتاب وَأقله كلَاما ثمَّ قَرَأَ {إِنَّه من سُلَيْمَان} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَكْتُبُونَ بِاسْمِك اللَّهُمَّ فَكتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا كتب: بِاسْمِك اللَّهُمَّ حَتَّى نزلت {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} فَكتب {بِسم الله} ثمَّ نزلت {ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن} الرَّحْمَن الْآيَة 110 فَكتب {بِسم الله الرَّحْمَن} ثمَّ أنزلت الْآيَة الَّتِي فِي {طس} {إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَكتب {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله عَن الْحَرْث العكلي قَالَ: قَالَ لي الشّعبِيّ: كَيفَ كَانَ كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْكُم قلت: بِاسْمِك اللَّهُمَّ فَقَالَ: ذَاك الْكتاب الأول كتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بِاسْمِك اللَّهُمَّ) فجرت بذلك مَا شَاءَ الله أَن تجْرِي ثمَّ نزلت {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} فَكتب (بِسم الله) فجرت بذلك مَا شَاءَ الله أَن تجْرِي ثمَّ نزلت {قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن} فَكتب (بِسم الله الرَّحْمَن) فجرت بذلك مَا شَاءَ الله أَن تجْرِي ثمَّ نزلت {إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} فَكتب بذلك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكْتب (بِاسْمِك اللَّهُمَّ) حَتَّى نزلت {إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: لم يكن النَّاس يَكْتُبُونَ إِلَّا (بِاسْمِك اللَّهُمَّ) حَتَّى نزلت {إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكْتب (بِاسْمِك اللَّهُمَّ) فَلَمَّا نزلت {إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} كتب (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى كسْرَى وَقَيْصَر وَالنَّجَاشِي أما بعد: فتعالوا إِلَى كلمة سَوَاء بَيْننَا وَبَيْنكُم ان لَا نعْبد إِلَّا الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا وَلَا يتَّخذ بَعْضنَا بَعْضًا أَرْبَابًا من دون الله فَإِن توَلّوا فَقولُوا اشْهَدُوا بِأَنا مُسلمُونَ) فَلَمَّا أَتَى كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قَيْصر فقرأه قَالَ: إِن هَذَا الْكتاب لم أره بعد سُلَيْمَان بن دَاوُد (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

32

- قَوْله تَعَالَى: قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ أفتوني فِي أَمْرِي مَا كنت قَاطِعَة أمرا حَتَّى تَشْهَدُون قَالُوا نَحن أولُوا قُوَّة وَأولُوا بَأْس شَدِيد وَالْأَمر إِلَيْك فانظري مَاذَا تأمرين قَالَت إِن الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة أفسدوها وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أَذِلَّة كَذَلِك يَفْعَلُونَ وَإِنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم بهدية فناظرة بِمَ يرجع المُرْسَلُونَ فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان قَالَ أتمدونن بِمَال فَمَا آتَانِي الله خير مِمَّا آتَاكُم بل أَنْتُم بهديتكم تفرحون ارْجع إِلَيْهِم فلنأتينهم بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا ولنخرجنهم مِنْهَا أَذِلَّة وهم صاغرون قَالَ يَا أَيهَا الْمَلأ أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا قبل أَن يأتوني مُسلمين قَالَ عفريت من الْجِنّ أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن تقوم من مقامك وَإِنِّي عَلَيْهِ لقوي أَمِين قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقرًّا عِنْده قَالَ هَذَا من فضل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أم أكفر وَمن شكر فَإِنَّمَا يشْكر لنَفسِهِ وَمن كفر فَإِن رَبِّي غَنِي كريم قَالَ نكروا لَهَا عرشها نَنْظُر أتهتدي أم تكون

من الَّذين لَا يَهْتَدُونَ فَلَمَّا جَاءَت قيل أهكذا عرشك قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ وأوتينا الْعلم من قبلهَا وَكُنَّا مُسلمين وصدها مَا كَانَت تعبد من دون الله إِنَّهَا كَانَت من قوم كَافِرين قيل لَهَا ادخلي الصرح فَلَمَّا رَأَتْهُ حسبته لجة وكشفت عَن سَاقيهَا قَالَ إِنَّه صرح ممرد من قَوَارِير قَالَت رب إِنِّي ظلمت نَفسِي وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان لله رب الْعَالمين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ أفتوني فِي أَمْرِي} قَالَ: جمعت رُؤُوس مملكتها فشاورتهم فِي أمرهَا فَاجْتمع رَأْيهمْ ورأيها على أَن يغزوه فسارت حَتَّى إِذا كَانَت قريبَة قَالَت: أرسل إِلَيْهِ بهدية فَإِن قبلهَا فَهُوَ ملك أقاتله وَإِن ردهَا تابعته فَهُوَ نَبِي فَلَمَّا دنت رسلها من سُلَيْمَان علم خبرهم فَأمر الشَّيَاطِين فهيئوا لَهُ ألف قصر من ذهب وَفِضة فَلَمَّا رَأَتْ رسلها قُصُور ذهب قَالُوا: مَا يصنع هَذَا بهديتنا وقصوره ذهب وَفِضة فَلَمَّا دخلُوا بهديتها قَالَ: أتهدونني بِمَال ثمَّ قَالَ سُلَيْمَان {أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا قبل أَن يأتوني مُسلمين} فَقَالَ كَاتب سُلَيْمَان: ارْفَعْ بَصرك فَرفع بَصَره فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِ طرفه إِذا هُوَ بسريرها {قَالَ نكروا لَهَا عرشها} فَنزع عَنهُ فصوصه ومرافقه وَمَا كَانَ عَلَيْهِ من شَيْء فَقيل لَهَا {أهكذا عرشك قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ} وَأمر الشَّيَاطِين: فَجعلُوا لَهَا صرحاً من قَوَارِير ممرداً وَجعل فِيهَا تماثيل السّمك فَقيل لَهَا {ادخلي الصرح فَلَمَّا رَأَتْهُ حسبته لجة وكشفت عَن سَاقيهَا} فَإِذا فِيهَا الشّعْر فَعِنْدَ ذَلِك أَمر بصنعة النورة فَقيل لَهَا {إِنَّه صرح ممرد من قَوَارِير قَالَت رب إِنِّي ظلمت نَفسِي وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان لله رب الْعَالمين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد فِي قَوْله {أفتوني فِي أَمْرِي} تَقول: أَشِيرُوا عَليّ برأيكم {مَا كنت قَاطِعَة أمرا حَتَّى تَشْهَدُون} تُرِيدُ: حَتَّى تشيروا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ تَحت يَدي ملكة سبأ اثْنَا عشر ألف قيول تَحت يَدي كل قيول مائَة ألف مقَاتل وهم الَّذين قَالُوا {نَحن أولُوا قُوَّة وأولو بَأْس شَدِيد}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنه كَانَ أولو مشورتها ثَلَاثمِائَة واثني عشر رجلا كل رجل مِنْهُم على عشرَة آلَاف من الرِّجَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة أفسدوها} قَالَ: إِذا أخذوها عنْوَة أخربوها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد فِي قَوْله {وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أَذِلَّة} قَالَ: بِالسَّيْفِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَت بلقيس {إِن الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة أفسدوها وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أَذِلَّة} قَالَ: يَقُول الرب تبَارك وَتَعَالَى {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم بهدية} قَالَ: أرْسلت بلبنة من ذهب فَلَمَّا قدمُوا إِذا حيطان الْمَدِينَة من ذهب فَذَلِك قَوْله {أتمدوننِ بِمَال} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَت إِنِّي باعثة إِلَيْهِم بهدية فمصانعتهم بهَا عَن ملكي أَن كَانُوا أهل دنيا فَبعثت إِلَيْهِم بلبنة من ذهب فِي حَرِير وديباج فَبلغ ذَلِك سُلَيْمَان فَأمر بلبنة من ذهب فصنعت ثمَّ قذفت تَحت أرجل الدَّوَابّ على طريقهم تبول عَلَيْهَا وتروث فَلَمَّا جَاءَ رسلها واللبنة تَحت أرجل الدَّوَابّ صغر فِي أَعينهم الَّذِي جاؤا بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: أَهْدَت لَهُ صَفَائِح الذَّهَب فِي أوعية الديباج فَلَمَّا بلغ ذَلِك سُلَيْمَان أَمر الْجِنّ فموّهوا لَهُ الْآجر بِالذَّهَب ثمَّ أَمر بِهِ فألقي فِي الطَّرِيق فَلَمَّا جاؤا ورأوه ملقى فِي الطَّرِيق وَفِي كل مَكَان قَالُوا: جِئْنَا نحمل شَيْئا نرَاهُ هَهُنَا ملقى مَا يلْتَفت إِلَيْهِ فصغر فِي أَعينهم مَا جاؤا بِهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم بهدية} قَالَ: جوَار لباسهن لِبَاس الغلمان وغلمان لباسهن لِبَاس الْجَوَارِي

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أرْسلت بِثَمَانِينَ من وصيف ووصيفة وحلقت رؤوسهم كلهم وَقَالَت: إِن عرف الغلمان من الْجَوَارِي فَهُوَ نَبِي وَإِن لم يعرف الغلمان من الْجَوَارِي فَلَيْسَ بِنَبِي فَدَعَا بِوضُوء فَقَالَ: توضؤا فَجعل الْغُلَام يَأْخُذ من مرفقيه إِلَى كفيه وَجعلت الْجَارِيَة تَأْخُذ من كفها إِلَى مرفقها فَقَالَ: هَؤُلَاءِ جوَار وَهَؤُلَاء غلْمَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت هَدِيَّة بلقيس لِسُلَيْمَان مِائَتي فرس على كل فرس غُلَام وَجَارِيَة الغلمان والجواري على هَيْئَة وَاحِدَة لَا يعرف الْجَوَارِي من الغلمان وَلَا الغلمان من الْجَوَارِي على كل فرس لون لَيْسَ على الآخر وَكَانَت أَو هديتهم عِنْد سُلَيْمَان وَآخِرهَا عِنْدهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: الْهَدِيَّة وصفان ووصائف ولبنة من ذهب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَت الْهَدِيَّة جَوَاهِر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: إِن الْهَدِيَّة لما جَاءَت سُلَيْمَان بَين الغلمان والجواري امتحنهم بِالْوضُوءِ فَغسل الغلمان ظُهُور السواعد قبل بطونها وغسلت الْجَوَارِي بطُون السواعد قبل ظُهُورهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن السّديّ قَالَ: قَالَت: إِن هُوَ قبل الْهَدِيَّة فَهُوَ ملك فقاتلوه دون ملككم وَإِن لم يقبل الْهَدِيَّة فَهُوَ نَبِي لَا طَاقَة لكم بقتاله فَبعثت إِلَيْهِ بهدية غلْمَان فِي هَيْئَة الْجَوَارِي وحليهم وَجوَار فِي هَيْئَة الغلمان ولباسهم وَبعثت إِلَيْهِ بلبنات من ذهب وبخرزة مثقوبة مُخْتَلفَة وَبعثت إِلَيْهِ بقدح وَبعثت إِلَيْهِ تعلمه فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان الْهَدِيَّة أَمر الشَّيَاطِين فموّهوا لبن الْمَدِينَة وحيطانها ذَهَبا وَفِضة فَلَمَّا رأى ذَلِك رسلها قَالُوا: أَيْن نَذْهَب باللبنات فِي أَرض هَؤُلَاءِ وحيطانهم ذهب وَفِضة فَحَسبُوا اللبنات وأدخلوا عَلَيْهِ مَا سوى ذَلِك وَقَالُوا: أخرج لنا الغلمان من الْجَوَارِي فَأَمرهمْ فتوضأوا وَأخرج الغلمان من الْجَوَارِي أما الْجَارِيَة فافرغت على يَدهَا وَأما الْغُلَام فاغترف وَقَالُوا: ادخل لنا فِي هَذِه الخرزة خيطاً فَدَعَا بالدساس فَربط فِيهِ خيطاً فَأدْخلهُ فِيهَا فجال فِيهَا واضطرب حَتَّى خرج من الْجَانِب الآخر وَقَالُوا: املأ لنا هَذَا الْقدح بِمَاء لَيْسَ من الأَرْض وَلَا من السَّمَاء ابْن عَبَّاس

فَأمر بِالْخَيْلِ فأجريت حَتَّى إِذا اربدت مسح عرقها فَجعله فِيهِ حَتَّى ملأَهُ فَلَمَّا رجعت رسلها فأخبروها: أَن سُلَيْمَان رد الْهَدِيَّة وفدت إِلَيْهِ وَأمرت بِعَرْشِهَا فَجعل فِي سَبْعَة أَبْيَات وغلقت عَلَيْهَا فَأخذت المفاتيح فَلَمَّا بلغ سُلَيْمَان مَا صنعت بِعَرْشِهَا {قَالَ يَا أَيهَا الْمَلأ أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا قبل أَن يأتوني مُسلمين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَ للهدهد {ارْجع إِلَيْهِم فلنأتينهم بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا} يَعْنِي من الانس وَالْجِنّ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله {لَا قبل لَهُم بهَا} قَالَ: لَا طَاقَة لَهُم بهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: لما بلغ سُلَيْمَان أَنَّهَا جَاءَتْهُ وَكَانَ قد ذكر لَهُ عرشها فأعجبه وَكَانَ عرشها من ذهب وقوائمه من لُؤْلُؤ وجوهر وَكَانَ مستتراً بالديباج وَالْحَرِير وَكَانَ عَلَيْهِ سَبْعَة مغاليق فكره أَن يَأْخُذهُ بعد إسْلَامهمْ وَقد علم نَبِي الله سُلَيْمَان أَن الْقَوْم مَتى مَا يسلمُوا تحرم أَمْوَالهم مَعَ دِمَائِهِمْ فَأحب أَن يُؤْتى بِهِ قبل أَن يكون ذَلِك من أَمرهم فَقَالَ {أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا قبل أَن يأتوني مُسلمين} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا} قَالَ: سَرِير فِي أريكة وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قبل أَن يأتوني مُسلمين} قَالَ: طائعين وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قَالَ عفريت من الْجِنّ} قَالَ: مارد {قبل أَن تقوم من مقامك} قَالَ: من مَقْعَدك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي قَوْله {قَالَ عفريت} قَالَ: عَظِيم كَأَنَّهُ جبل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شُعَيْب الجبائي قَالَ: كَانَ اسْم العفريت كوزن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن رُومَان قَالَ: اسْمه كوزي

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَ عفريت من الْجِنّ} قَالَ: هُوَ صَخْر الجني {وَإِنِّي عَلَيْهِ لقوي} قَالَ: على حمله {أَمِين} قَالَ: على مَا استودع فِيهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قبل أَن تقوم من مقامك} قَالَ: من مجلسك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد فِي قَوْله {قبل أَن تقوم من مقامك} قَالَ: من مجلسك الَّذِي تجْلِس فِيهِ للْقَضَاء وَكَانَ سُلَيْمَان إِذا جلس للْقَضَاء لم يقم حَتَّى تَزُول الشَّمْس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِنِّي عَلَيْهِ لقوي أَمِين} قَالَ: على جوهره وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن تقوم من مقامك} قَالَ: إِنِّي أُرِيد أعجل من هَذَا {قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك} قَالَ: فَخرج الْعَرْش من نفق من الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد عَن حَمَّاد بن سَلمَة قَالَ: قَرَأت من مصحف أبي بن كَعْب {وَإِنِّي عَلَيْهِ لقوي أَمِين} قَالَ: أُرِيد أعجل من ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب} قَالَ: آصف: كَاتب سُلَيْمَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن رُومَان قَالَ: هُوَ آصف بن برخيا وَكَانَ صديقا يعلم الِاسْم الْأَعْظَم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ اسْمه أسطوم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن لَهِيعَة قَالَ: هُوَ الْخضر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد قَالَ: هُوَ رجل من الإِنس يُقَال لَهُ: ذُو النُّور وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: هُوَ آصف بن برخيا بن مشعيا بن منكيل وَاسم أمه باطورا من بني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب} قَالَ: كَانَ اسْمه تمليخا

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب} قَالَ الِاسْم الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب وَهُوَ يَاذَا الْجلَال والإِكرام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب} قَالَ: كَانَ رجلا من بني إِسْرَائِيل يعلم اسْم الله الْأَعْظَم إِذا دعى بِهِ أجَاب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك} قَالَ: ادامة النّظر حَتَّى يرْتَد إِلَيْك الطّرف خاسئاً وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب أَنا أنظر فِي كتاب رَبِّي ثمَّ آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك) قَالَ: فَتكلم ذَلِك الْعَالم بِكَلَام دخل الْعَرْش فِي نفق تَحت الأَرْض حَتَّى خرج إِلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك} قَالَ: قَالَ لِسُلَيْمَان: انْظُر إِلَى السَّمَاء قَالَ: فَمَا اطرق حَتَّى جَاءَهُ بِهِ فَوَضعه بَين يَدَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: دُعَاء الَّذِي عِنْده من الْكتاب يَا إلهنا وإله كل شَيْء إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَه إِلَّا أَنْت: ائْتِنِي بِعَرْشِهَا قَالَ: فَمثل لَهُ بَين يَدَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لم يجر عرش صَاحِبَة سبأ بَين الأَرْض وَالسَّمَاء وَلَكِن انشقت بِهِ الأَرْض فَجرى تَحت الأَرْض حَتَّى ظهر بَين يَدي سُلَيْمَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سابط قَالَ: دَعَا باسمه الْأَعْظَم فَدخل السرير فَصَارَ لَهُ نفق فِي الأَرْض حَتَّى نبع بَين يَدي سُلَيْمَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: دَعَا باسم من أَسمَاء الله فَإِذا عرشها

يحمل بَين عَيْنَيْهِ وَلَا يدْرِي ذَلِك الِاسْم قد خَفِي ذَلِك الإِسم على سُلَيْمَان وَقد أعظم مَا أعْطى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك} قَالَ: كَانَ رجلا من بني إِسْرَائِيل يعلم اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب وَإِذا سُئِلَ لَهُ أعطي وارتداد الطّرف أَن يرى ببصره حَيْثُ بلغ ثمَّ يرد طرفه فَدَعَاهُ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقرًّا عِنْده جزع وَقَالَ: رجل غَيْرِي أقدر على مَا عِنْد الله مني وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {هَذَا من فضل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ} إِذا أتيت بالعرش {أم أكفر} إِذا رَأَيْت من هُوَ أدنى مني فِي الدُّنْيَا أعلم مني وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَ نكروا لَهَا عرشها} قَالَ: زيد فِيهِ وَنقص {نَنْظُر أتهتدي} قَالَ: لنَنْظُر إِلَى عقلهَا فَوجدت ثَابِتَة الْعقل وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قَالَ نكروا لَهَا عرشها} قَالَ: تنكيره أَن يَجْعَل أَسْفَله أَعْلَاهُ ومقدمه مؤخره وَيُزَاد فِيهِ أَو ينقص مِنْهُ فَلَمَّا جَاءَت {قيل أهكذا عرشك} قَالَت {كَأَنَّهُ هُوَ} شبهته بِهِ وَكَانَت قد تركته خلفهَا فَوَجَدته أمامها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: لما دخلت وَقد غير عرشها فَجعل كل شَيْء من حليته أَو فرشه فِي غير مَوْضِعه ليلبسوا عَلَيْهَا قيل {أهكذا عرشك} فرهبت أَن تَقول نعم هُوَ فَيَقُولُونَ: مَا هَكَذَا كَانَ حليته وَلَا كسوته ورهبت أَن تَقول لَيْسَ هُوَ فَيُقَال لَهَا: بل هُوَ وَلَكنَّا غيرناه فَقَالَت كَأَنَّهُ هُوَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد فِي قَوْله {وأوتينا الْعلم من قبلهَا} قَالَ: سُلَيْمَان يَقُوله: أوتينا معرفَة الله وتوحيده وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وأوتينا الْعلم من قبلهَا} قَالَ: سُلَيْمَان يَقُوله وَفِي قَوْله {وصدها مَا كَانَت تعبد من دون الله} قَالَ: كفرها بِقَضَاء الله غير الوثن أَن تهتدي

للحق فِي قَوْله {قيل لَهَا ادخلي الصرح} بركَة مَاء ضرب عَلَيْهَا سُلَيْمَان قَوَارِير وَكَانَت بلقيس عَلَيْهَا شعر قدماها حافر كحافر الْحمار وَكَانَت أمهَا جنية وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح قَالَ: كَانَ الصرح من زجاج وَجعل فِيهِ تماثيل السّمك فَلَمَّا رَأَتْهُ وَقيل لَهَا: أدخلي الصرح فكسفت عَن سَاقيهَا وظنت أَنه مَاء قَالَ: والممرد: الطَّوِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ قد نعت لَهَا خلقهَا فَأحب أَن ينظر إِلَى سَاقيهَا فَقيل لَهَا {ادخلي الصرح} فَلَمَّا رَأَتْهُ ظنت أَنه مَاء فَكشفت عَن سَاقيهَا فَنظر إِلَى سَاقيهَا أَنه عَلَيْهِمَا شعر كثير فَوَقَعت من عَيْنَيْهِ وكرهها فَقَالَت لَهُ الشَّيَاطِين: نَحن نصْنَع لَك شَيْئا يذهب بِهِ فصنعوا لَهُ نورة من أصداف فطلوها فَذهب الشّعْر ونكحها سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله قَالَت {رب إِنِّي ظلمت نَفسِي} قَالَ: ظنت أَنه مَاء وَأَن سُلَيْمَان أَرَادَ قَتلهَا فَقَالَت: أَرَادَ قَتْلِي - وَالله - على ذَلِك لأقتحمن فِيهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ أَنه قَوَارِير عرفت أَنَّهَا ظلمت سُلَيْمَان بِمَا ظنت فَذَلِك قَوْلهَا {ظلمت نَفسِي} وَإِنَّمَا كَانَت هَذِه المكيدة من سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لَهَا إِن الْجِنّ تراجعوا فِيمَا بَينهم فَقَالُوا: قد كُنْتُم تصيبون من سُلَيْمَان غرَّة فَإِن نكح هَذِه الْمَرْأَة اجْتمعت فطنة الْوَحْي وَالْجِنّ فَلَنْ تصيبوا لَهُ غرَّة فقدموا إِلَيْهِ فَقَالُوا: إِن النَّصِيحَة لَك علينا حق إِنَّمَا قدماها حافر حمَار فَذَلِك حِين ألبس الْبركَة قَوَارِير وَأرْسل إِلَى نسَاء من نسَاء بني إِسْرَائِيل ينظرنها إِذا كشفت عَن سَاقيهَا مَا قدماها فَإِذا هِيَ أحسن النَّاس ساقاً من سَاق شعراء وَإِذا قدماها هما قدم إِنْسَان فبشرن سُلَيْمَان وَكره الشّعْر فَأمر الْجِنّ فَجعلت النورة فَذَلِك أَو مَا كَانَت النورة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أَرَادَ سفرا قعد على سَرِيره وَوضعت الكراسي يَمِينا وَشمَالًا فَيُؤذن للإِنس عَلَيْهِ ثمَّ أذن للجن عَلَيْهِ بعد الانس ثمَّ أذن للشياطين بعد الْجِنّ ثمَّ أرسل إِلَى الطير فتظلهم وَأمر الرّيح فحملتهم وَهُوَ على سَرِيره وَالنَّاس على الكراسي وَالطير تظلهم وَالرِّيح تسير بهم غدوها شهر ورواحها شهر رخاء حَيْثُ أَرَادَ لَيْسَ بالعاصف وَلَا باللين وسطا بَين ذَلِك

وَكَانَ سُلَيْمَان يخْتَار من كل طير طيراً فَيَجْعَلهُ رَأس تِلْكَ الطير فَإِذا أَرَادَ أَن يسائل تِلْكَ الطير عَن شَيْء سَأَلَ رَأسهَا فَبَيْنَمَا سُلَيْمَان يسير إِذْ نزل مفازة فَقَالَ: كم بعد المَاء هَهُنَا فَسَأَلَ الإِنس فَقَالُوا: لَا نَدْرِي فَسَأَلَ الشَّيَاطِين فَقَالُوا: لَا نَدْرِي فَغَضب سُلَيْمَان وَقَالَ: لَا أَبْرَح حَتَّى أعلم كم بعد مَسَافَة المَاء هَهُنَا فَقَالَت لَهُ الشَّيَاطِين: يَا رَسُول الله لَا تغْضب فَإِن يَك شَيْء يعلم فالهدهد يُعلمهُ فَقَالَ سُلَيْمَان: عليَّ بالهدهد فَلم يُوجد فَغَضب سُلَيْمَان وَقَالَ {لأعذبنه عذَابا شَدِيدا أَو لأذبحنه أَو ليأتيني بسُلْطَان مُبين} يَقُول: بِعُذْر مُبين غيبه عَن مسيري هَذَا قَالَ: وَمر الهدهد على قصر بلقيس فَرَأى لَهَا بستاناً خلف قصرهَا فَمَال إِلَى الخضرة فَوَقع فِيهِ فَإِذا هُوَ بهدهد فِي الْبُسْتَان فَقَالَ لَهُ: هدهد سُلَيْمَان أَيْن أَنْت عَن سُلَيْمَان وَمَا تصنع هَهُنَا فَقَالَ لَهُ هدهد بلقيس: وَمن سُلَيْمَان فَقَالَ: بعث الله رجلا يُقَال لَهُ: سُلَيْمَان رَسُولا وسخر لَهُ الْجِنّ والانس وَالرِّيح وَالطير فَقَالَ لَهُ هدهد بلقيس: أَي شَيْء تَقول قَالَ: أَقُول لَك مَا تسمع قَالَ: إِن هَذَا لعجب وأعجب من ذَلِك أَن كَثْرَة هَؤُلَاءِ الْقَوْم تملكهم امْرَأَة {وَأُوتِيت من كل شَيْء وَلها عرش عَظِيم} جعلُوا الشُّكْر لله: أَن يسجدوا للشمس من دون الله قَالَ: وَذكر لهدهد سُلَيْمَان فَنَهَضَ عَنهُ فَلَمَّا انْتهى إِلَى الْعَسْكَر تَلَقَّتْهُ الطير فَقَالُوا: تواعدك رَسُول الله وَأَخْبرُوهُ بِمَا قَالَ وَكَانَ عَذَاب سُلَيْمَان للطير أَن ينتفه ثمَّ يشمسه فَلَا يطير أبدا وَيصير مَعَ هوَام الأَرْض أَو يذبحه فَلَا يكون لَهُ نسل أبدا قَالَ الهدهد: وَمَا اسْتثْنى نَبِي الله قَالُوا: بلَى قَالَ: أَو ليأتيني بِعُذْر مُبين فَلَمَّا أَتَى سُلَيْمَان قَالَ: وَمَا غَيْبَتِك عَن مسيري قَالَ {أحطت بِمَا لم تحط بِهِ وجئتك من سبإ بنبإ يَقِين إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم وَأُوتِيت من كل شَيْء وَلها عرش عَظِيم} قَالَ: بل اعتللت {سننظر أصدقت أم كنت من الْكَاذِبين اذْهَبْ بكتابي هَذَا فألقه إِلَيْهِم} وَكتب (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) إِلَى بلقيس {أَلا تعلوا عَليّ وأتوني مُسلمين} فَلَمَّا ألْقى الهدهد الْكتاب إِلَيْهَا ألْقى فِي روعها أَنه كتاب كريم وَإنَّهُ من سُلَيْمَان و {أَلا تعلوا عَليّ وأتوني مُسلمين} قَالُوا نَحن أولُوا قُوَّة {قَالَت} إِن الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة أفسدوها وَإِنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم

بهدية فَلَمَّا جَاءَت الْهَدِيَّة سُلَيْمَان قَالَ: أتمدونني بِمَال ارْجع إِلَيْهِم فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهَا رسلها خرجت فزعة فَأقبل مَعهَا ألف قيل مَعَ كل قيل مائَة ألف قَالَ: وَكَانَ سُلَيْمَان رجلا مهيباً لَا يبتدأ بِشَيْء حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يسْأَل عَنهُ فَخرج يَوْمئِذٍ فَجَلَسَ على سَرِيره فَرَأى رهجاً قَرِيبا مِنْهُ قَالَ: مَا هَذَا قَالُوا:: بلقيس يَا رَسُول الله قَالَ: وَقد نزلت منا بِهَذَا الْمَكَان قَالَ ابْن عَبَّاس: وَكَانَ بَين سُلَيْمَان وَبَين ملكة سبأ وَمن مَعهَا حِين نظر إِلَى الْغُبَار كَمَا بَين الْكُوفَة والحيرة قَالَ: فَأقبل على جُنُوده فَقَالَ: أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا قبل أَن يأتوني مُسلمين قَالَ: وَبَين سُلَيْمَان وَبَين عرشها حِين نظر إِلَى الْغُبَار مسيرَة شَهْرَيْن {قَالَ عفريت من الْجِنّ أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن تقوم من مقامك} قَالَ: وَكَانَ لِسُلَيْمَان مجْلِس فِيهِ للنَّاس كَمَا تجْلِس الْأُمَرَاء ثمَّ يقوم قَالَ سُلَيْمَان: أُرِيد اعجل من ذَلِك قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب: أَنا أنظر فِي كتاب رَبِّي ثمَّ آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك فَنظر إِلَيْهِ سُلَيْمَان فَلَمَّا قطع كَلَامه رد سُلَيْمَان بَصَره فنبع عرشها من تَحت قدم سُلَيْمَان من تَحت كرْسِي كَانَ يضع عَلَيْهِ رجله ثمَّ يصعد إِلَى السرير فَلَمَّا رأى سُلَيْمَان عرشها مُسْتَقرًّا عِنْده {قَالَ هَذَا من فضل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ} إِذْ أَتَانِي بِهِ قبل أَن يرْتَد إليَّ طرفِي {أم أكفر} إِذْ جعل من هُوَ تَحت يَدي أقدر على الْمَجِيء مني ثمَّ {قَالَ نكروا لَهَا عرشها} فَلَمَّا جَاءَت تقدّمت إِلَى سُلَيْمَان {قيل أهكذا عرشك قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ} ثمَّ قَالَت: يَا سُلَيْمَان إِنِّي أُرِيد أَن أَسأَلك عَن شَيْء فَأَخْبرنِي بِهِ قَالَ: سَلِي قَالَت: أَخْبرنِي عَن مَاء رواء لَا من الأَرْض وَلَا من السَّمَاء قَالَ: وَكَانَ إِذا جَاءَ سُلَيْمَان شَيْء لَا يُعلمهُ يسْأَل الإِنس عَنهُ فَإِن كَانَ عِنْد الإِنس مِنْهُ علم وَإِلَّا سَأَلَ الْجِنّ فَإِن لم يكن عِنْد الْجِنّ علم سَأَلَ الشَّيَاطِين فَقَالَت لَهُ الشَّيَاطِين: مَا أَهْون هَذَا يَا رَسُول الله مر بِالْخَيْلِ فتجري ثمَّ لتملأ الْآنِية من عرقها فَقَالَ لَهَا سُلَيْمَان: عرق الْخَيل قَالَت: صدقت قَالَت: فَأَخْبرنِي عَن لون الرب قَالَ ابْن عَبَّاس: فَوَثَبَ سُلَيْمَان عَن سَرِيره فَخر سَاجِدا فَقَامَتْ عَنهُ وَتَفَرَّقَتْ عَنهُ جُنُوده وجاءه الرَّسُول فَقَالَ: يَا سُلَيْمَان يَقُول

لَك رَبك مَا شَأْنك قَالَ: يَا رب أَنْت أعلم بِمَا قَالَت قَالَ: فَإِن الله يَأْمُرك أَن تعود إِلَى سريرك فتقعد عَلَيْهِ وَترسل إِلَيْهَا وَإِلَى من حضرها من جنودها وَترسل إِلَى جَمِيع جنودك الَّذين حضروك فيدخلوا عَلَيْك فتسألها وتسألهم عَمَّا سَأَلتك عَنهُ قَالَ: فَفعل سُلَيْمَان ذَلِك فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهِ جَمِيعًا قَالَ لَهَا: عَم سألتيني قَالَت: سَأَلتك عَن مَاء رواء لَا من الأَرْض وَلَا من السَّمَاء قَالَ: قلت لَك عرق الْخَيل قَالَت: صدقت قَالَ: وَعَن أَي شَيْء سألتيني قَالَت: مَا سَأَلتك عَن شَيْء إِلَّا عَن هَذَا قَالَ لَهَا سُلَيْمَان: فلأي شَيْء خَرَرْت عَن سَرِيرِي قَالَت: كَانَ ذَلِك لشَيْء لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَسَأَلَ جنودها فَقَالُوا: مثل قَوْلهَا فَسَأَلَ جُنُوده من الإِنس وَالْجِنّ وَالطير وكل شَيْء كَانَ حَضَره من جُنُوده فَقَالُوا: مَا سَأَلتك يَا رَسُول الله عَن شَيْء إِلَّا عَن مَاء رواء قَالَ: وَقد كَانَ قَالَ لَهُ الرَّسُول: يَقُول الله لَك: ارْجع ثمَّة إِلَى مَكَانك فَإِنِّي قد كفيتكم فَقَالَ سُلَيْمَان للشياطين: ابنو لي صرحاً تدخل عَليّ فِيهِ بلقيس فَرجع الشَّيَاطِين بَعضهم إِلَى بعض فَقَالُوا لِسُلَيْمَان: يَا رَسُول الله قد سخر الله لَك مَا سخر وبلقيس ملكة سبأ ينْكِحهَا فتلد لَهُ غُلَاما فَلَا ننفك لَهُ من الْعُبُودِيَّة أبدا قَالَ: وَكَانَت امْرَأَة شَعْرَاء السَّاقَيْن فَقَالَت الشَّيَاطِين: ابنو لَهُ بنياناً كَأَنَّهُ المَاء يرى ذَلِك مِنْهَا فَلَا يَتَزَوَّجهَا فبنوا لَهُ صرحاً من قَوَارِير فَجعلُوا لَهُ طوابيق من قَوَارِير وَجعلُوا من بَاطِن الطوابيق كل شَيْء يكون من الدَّوَابّ فِي الْبَحْر من السّمك وَغَيره ثمَّ اطبقوه ثمَّ قَالُوا لِسُلَيْمَان: ادخل الصرح فألقي كرسياً فِي أقْصَى الصرح فَلَمَّا دخله أَتَى الْكُرْسِيّ فَصَعدَ عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أدخلُوا عليَّ بلقيس فَقيل لَهَا ادخلي الصرح فَلَمَّا ذهبت فرأت صُورَة السّمك وَمَا يكون فِي المَاء من الدَّوَابّ {حسبته لجة وكشفت عَن سَاقيهَا} لتدخل وَكَانَ شعر سَاقهَا ملتوياً على سَاقيهَا فَلَمَّا رَآهُ سُلَيْمَان ناداها وَصرف وَجهه عَنْهَا {إِنَّه صرح ممرد من قَوَارِير} فَأَلْقَت ثوبها وَقَالَت {رب إِنِّي ظلمت نَفسِي وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان لله رب الْعَالمين} فَدَعَا سُلَيْمَان الإِنس فَقَالَ: مَا أقبح هَذَا مَا يذهب هَذَا قَالُوا: يَا رَسُول الله الموسى فَقَالَ: الموسى تقطع ساقي الْمَرْأَة ثمَّ دَعَا الشَّيَاطِين فَقَالَ مثل ذَلِك فتلكؤا عَلَيْهِ ثمَّ جعلُوا لَهُ النورة قَالَ ابْن عَبَّاس: فَإِنَّهُ لأوّل يَوْم رؤيت فِيهِ النورة

قَالَ: واستنكحها سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ ابْن أبي حَاتِم: قَالَ أَبُو بكر ابْن أبي شيبَة: مَا أحْسنه من حَدِيث وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن شَدَّاد قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أَرَادَ أَن يسير وضع كرسيه فَيَأْتِي من أَرَادَ من الانس وَالْجِنّ ثمَّ يَأْمر الرّيح فتحملهم ثمَّ يَأْمر الطير فتظلهم فَبينا هُوَ يسير إِذْ عطشوا فَقَالَ: مَا ترَوْنَ بعد المَاء قَالُوا: لَا نَدْرِي فتفقد الهدهد وَكَانَ لَهُ مِنْهُ منزلَة لَيْسَ بهَا طير غَيره فَقَالَ {مَا لي لَا أرى الهدهد أم كَانَ من الغائبين لأعذبنه عذَابا شَدِيدا} وَكَانَ عَذَابه إِذا عذب الطير نتفه ثمَّ يجففه فِي الشَّمْس {أَو لأذبحنه أَو ليأتيني بسُلْطَان مُبين} يَعْنِي بِعُذْر بَين فَلَمَّا جَاءَ الهدهد استقبلته الطير فَقَالَت لَهُ: قد أوعدك سُلَيْمَان فَقَالَ لَهُم: هَل اسْتثْنى فَقَالُوا لَهُ: نعم قد قَالَ: إِلَّا أَن يَجِيء بِعُذْر بَين فجَاء بِخَبَر صَاحِبَة سبأ فَكتب مَعَه إِلَيْهَا (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم أَلا تعلوا عليَّ وائتوني مُسلمين) فَأَقْبَلت بلقيس فَلَمَّا كَانَت على قدر فَرسَخ قَالَ سُلَيْمَان {أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا قبل أَن يأتوني مُسلمين قَالَ عفريت من الْجِنّ أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن تقوم من مقامك} فَقَالَ سُلَيْمَان: أُرِيد اعجل من ذَلِك فَقَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب {أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك} فَأتى بالعرش فِي نفق فِي الأَرْض يَعْنِي سرب فِي الأَرْض قَالَ سُلَيْمَان: غيروه فَلَمَّا جَاءَت {قيل أهكذا عرشك} فاستنكرت السرعة وَرَأَتْ الْعَرْش {قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ} قيل لَهَا ادخلي الصرح فَلَمَّا رَأَتْهُ حسبته {لجة} مَاء {وكشفت عَن سَاقيهَا} فَإِذا هِيَ امْرَأَة شعراء فَقَالَ سُلَيْمَان: مَا يذهب هَذَا فَقَالَ بعض الْجِنّ: أَنا أذهبه وصنعت لَهُ النورة وَكَانَ أول مَا صنعت النورة وَكَانَ اسْمهَا بلقيس وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما تزوج سُلَيْمَان بلقيس قَالَ: مَا مستني حَدِيدَة قطّ فَقَالَ للشياطين: أنظروا أَي شَيْء يذهب بالشعر غير الْحَدِيد فوضعوا لَهُ النورة فَكَانَ أول من وَضعهَا شياطين سُلَيْمَان وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه والعقيلي عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول من صنعت لَهُ الحمامات سُلَيْمَان

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول من دخل الْحمام سُلَيْمَان فَلَمَّا وجد حره أوَّهَ من عَذَاب الله وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ: لما قدمت ملكة سبأ على سُلَيْمَان رَأَتْ حطباً جزلاً فَقَالَت لغلام سُلَيْمَان: هَل يعرف مَوْلَاك كم وزن هَذَا الدُّخان فَقَالَ: أَنا أعلم فَكيف مولَايَ قَالَت: فكم وَزنه فَقَالَ الْغُلَام: يُوزن الْحَطب ثمَّ يحرق ثمَّ يُوزن الرماد فَمَا نقص فَهُوَ دخانه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كسر برج من أبراج تدمر فَأَصَابُوا فِيهِ امْرَأَة حسناء دعجاء مدمجى كَأَن أعطافها طي الطوامير عَلَيْهَا عِمَامَة طولهَا ثَمَانُون ذِرَاعا مَكْتُوب على طرف الْعِمَامَة بِالذَّهَب (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) إِنَّا بلقيس ملكة سبأ زَوْجَة سُلَيْمَان بن دَاوُد ملكت الدُّنْيَا كَافِرَة ومؤمنة مَا لم يملكهُ أحد قبلي وَلَا يملكهُ أحد بعدِي صَار مصيري إِلَى الْمَوْت فأقصروا يَا طلاب الدُّنْيَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سَلمَة بن عبد الله بن ربعي قَالَ: لما أسلمت بلقيس تزَوجهَا سُلَيْمَان وَأَمْهَرهَا باعلبك

45

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد أرسلنَا إِلَى ثَمُود أَخَاهُم صَالحا أَن اعبدوا الله فَإِذا هم فريقا يختصمون قَالَ يَا قوم لم تَسْتَعْجِلُون بالسيئه قبل الحسنه لَوْلَا تستغفرون الله اعلكم ترحمون قَالُوا إطيرنا بك وبمن مَعَك قَالَ طائركم عِنْد الله بل أَنْتُم قوم تفتنون وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط يفسدون فِي الأَرْض وَلَا يصلحون قَالُوا تقاسموا بِاللَّه لنبيتنه وَأَهله ثمَّ لنقولن لوَلِيِّه مَا شَهِدنَا مهلك أَهله وَإِنَّا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لَا يَشْعُرُونَ فانظركيف كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ إِنَّا دمرناهم وقومهم أَجْمَعِينَ فَتلك بُيُوتهم خاوية بِمَا ظلمُوا

إِن فِي ذَلِك لآيَة لقوم يعلمُونَ وأنجينا الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ولوطا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أتأتون الْفَاحِشَة وَأَنْتُم تبصرون أإنكم لتأتون الرِّجَال شَهْوَة من دون النِّسَاء بل أَنْتُم قوم تجهلون فَمَا كَانَ جَوَاب قومه إِلَّا أَن قَالُوا أخرجُوا آل لوط من قريتكم إِنَّهُم أنَاس يتطهرون فأنجيناه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته قدرناها من الغابرين وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا فسَاء مطر الْمُنْذرين أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَإِذا هم فريقان يختصمون} قَالَ: مُؤمن وَكَافِر قَوْلهم صَالح مُرْسل من ربه وَقَوْلهمْ لَيْسَ بمرسل وَفِي قَوْله {لم تَسْتَعْجِلُون بِالسَّيِّئَةِ} قَالَ: الْعَذَاب {قبل الْحَسَنَة} قَالَ: الرَّحْمَة وَفِي قَوْله {قَالُوا اطيرنا بك} قَالَ: تشاءمنا وَفِي قَوْله {وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط} قَالَ: من قوم صَالح وَفِي قَوْله {تقاسموا بِاللَّه} قَالَ: تحالفوا على هَلَاكه فَلم يصلوا إِلَيْهِ حَتَّى أهلكوا وقومهم أَجْمَعِينَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِذا هم فريقان يختصمون} قَالَ: إِن الْقَوْم بَين مُصدق ومكذب مُصدق بِالْحَقِّ ونازل عِنْده ومكذب بِالْحَقِّ تَاركه فِي ذَلِك كَانَت خُصُومَة الْقَوْم {قَالُوا اطيرنا بك} قَالَ: قَالُوا: مَا أصبْنَا من شَرّ فَإِنَّمَا هُوَ من قبلك وَمن قبل من مَعَك {قَالَ طائركم عِنْد الله} يَقُول: علم أَعمالكُم عِنْد الله {بل أَنْتُم قوم تفتنون} قَالَ: تبتلون بِطَاعَة الله ومعصيته {وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط} قَالَ: من قوم صَالح {قَالُوا تقاسموا بِاللَّه لنبيتنه وَأَهله} قَالَ: توافقوا على أَن يأخذوه لَيْلًا فيقتلوه قَالَ: ذكر لنا أَنهم بَيْنَمَا هم معانيق إِلَى صَالح - يَعْنِي مُسْرِعين - ليقتلوه بعث الله عَلَيْهِم صَخْرَة فأخمدتهم {ثمَّ لنقولن لوَلِيِّه} يعنون رَهْط صَالح {ومكروا مكراً} قَالَ: مَكْرهمْ الَّذِي مكروا بِصَالح {ومكرنا مكراً} قَالَ: مكر الله الَّذِي مكر بهم: رماهم بصخرة فأهمدتهم

{فَانْظُر كَيفَ كَانَ} مَكْرهمْ قَالَ: شَرّ وَالله {كَانَ عَاقِبَة مَكْرهمْ} أَن دمرهم الله وقومهم أَجْمَعِينَ ثمَّ صيرهم إِلَى النَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {طائركم} قَالَ: مصائبكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط} قَالَ: كَانَ أَسمَاؤُهُم زعمي وزعيم وهرميوهريم وداب وهواب ورياب وسيطع وقدار بن سالف عَاقِر النَّاقة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط} قَالَ: وهم الَّذين عقروا النَّاقة وَقَالُوا حِين عقروها تبيتن صَالحا وَأَهله فنقتلهم ثمَّ نقُول لأولياء صَالح مَا شَهِدنَا من هَذَا شَيْئا ومالنا بِهِ علم فدمرهم الله أَجْمَعِينَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَطاء بن أبي ريَاح {وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط يفسدون فِي الأَرْض وَلَا يصلحون} قَالَ: كَانُوا يقرضون الدَّرَاهِم وَالله أعلم

59

- قَوْله تَعَالَى: قل الْحَمد لله وَسَلام على عباده الَّذين اصْطفى آللَّهُ خير أأما يشركُونَ أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَسَلام على عباده الَّذين اصْطفى الله} قَالَ: هم أَصْحَاب محم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اصطفاهم الله لنَبيه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي قَوْله {وَسَلام على عباده الَّذين اصْطفى} قَالَ: نزلت فِي أَصْحَاب مُحَمَّد خَاصَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ {آللَّهُ خير أما يشركُونَ} قَالَ: بل الله خير وَأبقى وَأجل وَأكْرم

60

- قَوْله تَعَالَى: أَمن خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأنزل لكم من السَّمَاء مَاء فَأَنْبَتْنَا بِهِ حدائق ذَات بهجة مَا كَانَ لكم أَن تنبتوا شَجَرهَا أإله مَعَ الله بل هم قوم يعدلُونَ أَمن جعل الأَرْض قرارا وَجعل خلالها أَنهَارًا وَجعل لَهَا رواسي وَجعل بَين الْبَحْرين حاجزا أإله مَعَ الله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ أخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {حدائق} قَالَ: الْبَسَاتِين قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: بِلَاد سَقَاهَا الله أما سهولها فقضب ودر مغدق وَحَدَائِق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {حدائق} قَالَ: النّخل الحسان {ذَات بهجة} قَالَ: ذَات نضارة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {حدائق} قَالَ: الْبَسَاتِين تخللها الْحِيطَان {ذَات بهجة} قَالَ: ذَات حسن وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {حدائق ذَات بهجة} قَالَ الْبَهْجَة الفقاع يَعْنِي النوار مِمَّا يَأْكُل النَّاس والأنعام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أإله مَعَ الله} أَي لَيْسَ مَعَ الله إِلَه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {بل هم قوم يعدلُونَ} قَالَ: يشركُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {بل هم قوم يعدلُونَ} الْآلهَة الَّتِي عبدوها عدلوها بِاللَّه لَيْسَ لله عدل وَلَا ند وَلَا اتخذ صَاحِبَة وَلَا ولدا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَجعل لَهَا رواسي} قَالَ: رواسيها: جبالها {وَجعل بَين الْبَحْرين حاجزاً} قَالَ: حاجزاً من الله لَا يَبْغِي أَحدهمَا على صَاحبه

62

- قَوْله تَعَالَى: أَمن يُجيب الضطر إِذا دَعَاهُ ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأَرْض أإله مَعَ الله قَلِيلا مَا تذكرُونَ أَمن يهديكم فِي ظلمات الْبر وَالْبَحْر وَمن يُرْسل الرِّيَاح بشرا بَين يَدي رَحمته أإله مَعَ الله تَعَالَى الله عَمَّا يشركُونَ أَمن يبدؤ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ وَمن يرزقكم من السَّمَاء وَالْأَرْض أإله مَعَ الله قل هاتوا برهانكم إِن كُنْتُم صَادِقين وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ عَن رجل من بلجهم قَالَ: قلت يَا رَسُول الله إلام تَدْعُو قَالَ أَدْعُو إِلَى الله وَحده الَّذِي إِن نزل بك ضرّ فدعوته كشف عَنْك وَالَّذِي إِن ضللت بِأَرْض قفر فدعوته رد عَلَيْك وَالَّذِي إِن أَصَابَك سنة فدعوته أنزل لَك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {ويكشف السوء} قَالَ: الضّر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سحيم بن نَوْفَل قَالَ: بَيْنَمَا نَحن عِنْد عبد الله إِذْ جَاءَت وليدة إِلَى سَيِّدهَا فَقَالَت: مَا يحبسك وَقد لفع فلَان مهرك بِعَيْنِه فَتَركه يَدُور فِي الدَّار كَأَنَّهُ فِي فلك قُم فابتغ راقياً فَقَالَ عبد الله: لَا تبتغ راقياً وانفث فِي منخره الْأَيْمن أَرْبعا وَفِي الْأَيْسَر ثَلَاثًا وَقل: لَا بَأْس اذْهَبْ الْبَأْس رب النَّاس اشف أَنْت الشافي لَا يكْشف الضّر إِلَّا أَنْت قَالَ: فَذهب ثمَّ رَجَعَ إِلَيْنَا فَقَالَ: فعلت مَا أَمرتنِي فَمَا جِئْت حَتَّى راث وبال وَأكل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن جُنَادَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فَارق الْجَمَاعَة فَهُوَ فِي النَّار على وَجهه لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {أم من يُجيب الْمُضْطَر إِذا دَعَاهُ ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأَرْض} فالخلافة من الله عز وَجل فَإِن كَانَ خيرا فَهُوَ يذهب بِهِ وَإِن كَانَ شرا فَهُوَ يُؤْخَذ بِهِ عَلَيْك أَنْت بِالطَّاعَةِ فِيمَا أَمر الله تَعَالَى بِهِ وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه عَن اياد بن لَقِيط قَالَ: قَالَ جعدة بن هُبَيْرَة لجلسائه: إِنِّي قد علمت مَا لم تعلمُوا وَأدْركت مَا لم تدركوا أَنه سَيَجِيءُ بعد هَذَا

- يَعْنِي مُعَاوِيَة - أُمَرَاء لَيْسَ من رِجَاله وَلَا من ضربائه وَلَيْسَ فيهم أَصْغَر أَو أَبتر حَتَّى تقوم السَّاعَة هَذَا السُّلْطَان سُلْطَان الله جعله وَلَيْسَ أَنْتُم تجعلونه أَلا وَإِن لِلرَّاعِي على الرّعية حَقًا وللرعية على الرَّاعِي حَقًا فأدوا إِلَيْهِم حَقهم فَإِن ظلموكم فكلوهم إِلَى الله فَإِنَّكُم وإياهم تختصمون يَوْم الْقِيَامَة وَإِن الْخصم لصَاحبه الَّذِي أدّى إِلَيْهِ الْحق الَّذِي عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا ثمَّ قَرَأَ {فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم ولنسألن الْمُرْسلين} الْأَعْرَاف الْآيَة 6 حَتَّى بلغ {وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ الْحق} الْأَعْرَاف الْآيَة 8 هَكَذَا قَرَأَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {ويجعلكم خلفاء الأَرْض} قَالَ خلفا بعد خلف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {ويجعلكم خلفاء الأَرْض} قَالَ: خلفا لمن قبلكُمْ من الْأُمَم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن ابْن جريج {أم من يهديكم فِي ظلمات الْبر} قَالَ: ضلال الطَّرِيق {وَالْبَحْر} قَالَ: ضَلَالَة طرقه وموجه وَمَا يكون فِيهِ

65

- قَوْله تَعَالَى: قل لَا يعلم من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا الله وَمَا يَشْعُرُونَ إيان يبعثون أخرج الطَّيَالِسِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مَسْرُوق قَالَ: كنت مُتكئا عِنْد عَائِشَة فَقَالَت عَائِشَة: ثَلَاث من تكلم بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ فقد أعظم على الله الْفِرْيَة قلت: وَمَا هن قَالَت: من زعم أَن مُحَمَّدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الْفِرْيَة قَالَ: وَكنت مُتكئا فَجَلَست فَقلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ أنظريني وَلَا تعجلِي عَليّ ألم يقل الله {وَلَقَد رَآهُ بالأفق الْمُبين} {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} النَّجْم الْآيَة 13 فَقَالَت: أَنا أوّل هَذِه الْأمة سَأَلَ عَن هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ جِبْرِيل: لم أره على صورته الَّتِي خلق عَلَيْهَا غير هَاتين السرتين رَأَيْته منهبطاً من السَّمَاء سَاد أعظم خلقه مَا بَين السَّمَاء إِلَى الأَرْض قَالَت:

أَو لم تسمع الله عز وَجل يَقُول {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير} الانعام الْآيَة 103 أَو لم تسمع الله يَقُول {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا} الشورى الْآيَة 51 إِلَى قَوْله {عَليّ حَكِيم} وَمن زعم أَن مُحَمَّدًا كتم شَيْئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الْفِرْيَة وَالله جلّ ذكره يَقُول {يَا أَيهَا الرَّسُول بلغ مَا أنزل إِلَيْك من رَبك} إِلَى قَوْله {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} الْمَائِدَة الْآيَة 67 قَالَت: وَمن زعم أَنه يخبر النَّاس بِمَا يكون فِي غَد فقد أعظم على الله الْفِرْيَة وَالله تَعَالَى يَقُول {قل لَا يعلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا الله}

66

- قَوْله تَعَالَى: بل ادارك علمهمْ فِي الْآخِرَة بل هم فِي شكّ مِنْهَا بل هم مِنْهَا عمون وَقَالَ الَّذين كفرُوا أإذا كُنَّا تُرَابا وآباؤنا أإنا لمخرجون لقد وعدنا هَذَا نَحن وآباؤنا من قبل إِن هَذَا إِلَّا أساطير الْأَوَّلين قل سِيرُوا فِي الأَرْض فانظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُجْرمين وَلَا تحزن عَلَيْهِم وَلَا تكن فِي ضيق مِمَّا يمكرون وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْد إِن كُنْتُم صَادِقين قل عَسى أَن يكون ردف لكم بعض الَّذِي تَسْتَعْجِلُون وَإِن رَبك لذُو فضل على النَّاس وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يشكرون وَإِن رَبك ليعلم مَا تكن صُدُورهمْ وَمَا يعلنون وَمَا من غَائِبَة فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا فِي كتاب مُبين أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {بل ادارك علمهمْ فِي الْآخِرَة} قَالَ: حِين لم ينفع الْعلم وَأخرج ابْن عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {بل ادارك علمهمْ فِي الْآخِرَة} قَالَ: لم يدْرك علمهمْ قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي أَنه قَرَأَهَا بالاستفهام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {بل ادارك علمهمْ فِي الْآخِرَة} يَقُول: غَابَ علمهمْ

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بل ادارك علمهمْ فِي الْآخِرَة} قَالَ: ام اِدَّرَكَ علمهمْ {أم هم قوم طاغون} الذاريات الْآيَة 53 {بل هم قوم طاغون} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {بل ادارك علمهمْ} مثقلة مَكْسُورَة اللَّام على معنى تدارك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {بل ادارك علمهمْ فِي الْآخِرَة} قَالَ: تتَابع علمهمْ فِي الْآخِرَة بسفههم وجهلهم {بل هم مِنْهَا عمون} قَالَ: عموا عَن الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرَأ (بل اِدَّرَكَ علمهمْ فِي الْآخِرَة) قَالَ: اضمحل علمهمْ فِي الدُّنْيَا حِين عاينوا الْآخِرَة وَفِي قَوْله {فانظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُجْرمين} قَالَ: كَيفَ عذب الله قوم نوح وَقوم لوط وَقوم صَالح والأمم الَّتِي عذب الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {عَسى أَن يكون ردف لكم} قَالَ: اقْترب لكم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {عَسى أَن يكون ردف لكم} قَالَ: اقْترب مِنْكُم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {عَسى أَن يكون ردف لكم} قَالَ: عجل لكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {ردف لكم} قَالَ: أزف لكم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {ردف لكم بعض الَّذِي تَسْتَعْجِلُون} قَالَ: من الْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن رَبك ليعلم مَا تكن صُدُورهمْ وَمَا يعلنون} قَالَ: يعلم مَا عمِلُوا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {ليعلم مَا تكن صُدُورهمْ} قَالَ: السِّرّ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا من غَائِبَة فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا فِي كتاب} يَقُول: مَا من شَيْء فِي السَّمَاء وَالْأَرْض سرا وَعَلَانِيَة إِلَّا يُعلمهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَمَا من غَائِبَة} يَقُول: مَا من قولي وَلَا عَمَلي فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا وَهُوَ عِنْده {فِي كتاب} فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ قبل أَن يخلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض

76

- قَوْله تَعَالَى: إِن هَذَا الْقُرْآن يقص على بني إِسْرَائِيل أَكثر الَّذِي هم فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَإنَّهُ لهدى وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين إِن رَبك يقْضِي بَينهم بِحكمِهِ وَهُوَ الْعَزِيز الْعَلِيم فتوكل على الله إِنَّك على الْحق الْمُبين أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن هَذَا الْقُرْآن يقص على بني إِسْرَائِيل} يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى {أَكثر الَّذِي هم فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} يَقُول: هَذَا الْقُرْآن يبين لَهُم الَّذِي اخْتلفُوا فِيهِ وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: قيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن امتك ستفتتن من بعْدك فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو سُئِلَ مَا الْمخْرج مِنْهَا فَقَالَ كتاب الله الْعَزِيز الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه تَنْزِيل من حَكِيم حميد من ابْتغى الْعلم فِي غَيره أضلّهُ الله وَمن ولي هَذَا الْأَمر فَحكم بِهِ عصمه الله وَهُوَ الذّكر الْحَكِيم والنور الْمُبين والصراط الْمُسْتَقيم فِيهِ خبر من قبلكُمْ ونبأ من بعدكم وَحكم مَا بَيْنكُم وَهُوَ الْفَصْل لَيْسَ بِالْهَزْلِ

80

- قَوْله تَعَالَى: إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى وَلَا تسمع الصم الدُّعَاء إِذا وَلَو مُدبرين وَمَا أَنْت بهادي الْعمي عَن ضلالتهم إِن تسمع إِلَّا من يُؤمن بِآيَاتِنَا فهم مُسلمُونَ أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى} قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله للْكَافِرِ كَمَا لَا يسمع الْمَيِّت كَذَلِك لَا يسمع

الْكَافِر وَلَا ينْتَفع بِهِ {وَلَا تسمع الصم الدُّعَاء إِذا ولوا مُدبرين} يَقُول: لَو أَن أَصمّ ولى مُدبرا ثمَّ ناديته لم يسمع كَذَلِك الْكَافِر لَا يسمع وَلَا ينْتَفع بِمَا يستمع وَالله أعلم

82

- قَوْله تَعَالَى: وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم أخرجنَا لَهُم دَابَّة من الأَرْض تكلمهم إِن النَّاس كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يوقنون أخرج ابْن مبارك فِي الزّهْد وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر فِي قَوْله {وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم أخرجنَا لَهُم دَابَّة من الأَرْض تكلمهم} قَالَ: إِذا لم يأمروا بِالْمَعْرُوفِ وَلم ينهوا عَن الْمُنكر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم أخرجنَا لَهُم دَابَّة من الأَرْض تكلمهم} قَالَ: ذَاك حِين لَا يأمرون بِمَعْرُوف وَلَا ينهون عَن مُنكر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله {وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم أخرجنَا لَهُم دَابَّة من الأَرْض تكلمهم} قَالَ إِذا تركُوا الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَجب السخط عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم} قَالَ: إِذا وَجب القَوْل عَلَيْهِم {أخرجنَا لَهُم دَابَّة من الأَرْض تكلمهم} قَالَ: وَهِي فِي بعض الْقِرَاءَة تحدثهم تَقول لَهُم {إِن النَّاس كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يوقنون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن حَفْصَة بنت سِيرِين قَالَت: سَأَلت أَبَا الْعَالِيَة عَن قَوْله {وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم أخرجنَا لَهُم دَابَّة من الأَرْض تكلمهم} مَا وُقُوع القَوْل عَلَيْهِم فَقَالَ: {وأوحي إِلَى نوح أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن} هود الْآيَة 36 قَالَت: فَكَأَنَّمَا كشف عَن وَجْهي شَيْئا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أَكْثرُوا الطّواف بِالْبَيْتِ قبل أَن يرفع وينسى النَّاس مَكَانَهُ وَأَكْثرُوا تِلَاوَة الْقُرْآن قبل أَن يرفع قيل: وَكَيف يرفع مَا فِي

صُدُور الرِّجَال قَالَ: يسري عَلَيْهِم لَيْلًا فيصبحون مِنْهُ قفراً وينسون قَول لَا إِلَه إِلَّا الله ويقعون فِي قَول الْجَاهِلِيَّة وأشعارهم فَذَلِك حِين يَقع القَوْل عَلَيْهِم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقع القَوْل عَلَيْهِم} قَالَ: حق عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {دَابَّة من الأَرْض تكلمهم} قَالَ: تحدثهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {تكلمهم} قَالَ: كَلَامهَا تنبئهم {أَن النَّاس كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يوقنون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي دَاوُد ونفيع الْأَعْمَى قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله {أخرجنَا لَهُم دَابَّة من الأَرْض تكلمهم} أَو تكلمهم قَالَ: كل ذَلِك وَالله يفعل تكلم الْمُؤمن وَتكلم الْكَافِر تجرحه وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {دَابَّة من الأَرْض تكلمهم} مُشَدّدَة من الْكَلَام {أَن النَّاس} بِنصب الْألف وَأخرج نعيم بن حَمَّاد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ الْوَعْد الَّذِي قَالَ الله {أخرجنَا لَهُم دَابَّة من الأَرْض تكلمهم} قَالَ: لَيْسَ ذَلِك حَدِيثا وَلَا كلَاما وَلكنه سمة تسم من أمرهَا الله بِهِ فَيكون خُرُوجهَا من الصَّفَا لَيْلَة منى فيصبحون بَين رَأسهَا وذنبها لَا يدحض داحض وَلَا يخرج خَارج حَتَّى إِذا فرغت مِمَّا أمرهَا الله فَهَلَك من هلك وَنَجَا من نجا كَانَ أول خطْوَة تضعها بانطاكية وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن عمر وَقَالَ الدَّابَّة زغباء ذَات وبر وَرِيش وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ الدَّابَّة ذَات وبر وَرِيش مؤلفة فِيهَا من كل لون لَهَا أَربع قَوَائِم تخرج بعقب من الْحَاج وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِن دَابَّة الأَرْض ذَات وبر تناغي السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن:

أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ ربه أَن يرِيه الدَّابَّة فَخرجت ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن تذْهب فِي السَّمَاء لَا يرى وَاحِد من طرفها قَالَ: فَرَأى منْظرًا فظيعاً فَقَالَ: رب ردهَا فَردهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يجْتَمع أهل بَيت على الإِناء الْوَاحِد فيعرفون مؤمنيهم من كفارهم قَالُوا: كَيفَ ذَاك قَالَ: إِن الدَّابَّة تخرج وَهِي ذامة للنَّاس تمسح كل إِنْسَان على مَسْجده فاما الْمُؤمن فَتكون نُكْتَة بَيْضَاء فتفشوا فِي وَجهه حَتَّى يبيض لَهَا وَجهه وَأما الْكَافِر فَتكون نُكْتَة سَوْدَاء فتفشو فِي وَجهه حَتَّى يسود لَهَا وَجهه حَتَّى أَنهم ليتبايعون فِي أسواقهم فَيَقُولُونَ: كَيفَ تبيع هَذَا يَا مُؤمن وَكَيف تبيع هَذَا يَا كَافِر فَمَا يرد بَعضهم على بعض وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: تخرج الدَّابَّة بأجياد مِمَّا يَلِي الصَّفَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد من طَرِيق سماك عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: تخرج الدَّابَّة من مَكَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: تخرج الدَّابَّة فَيفزع النَّاس إِلَى الصَّلَاة فتأتي الرجل وَهُوَ يُصَلِّي فَتَقول: طوّل مَا شِئْت أَن تطول فو الله لأخطمنك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تخرج الدَّابَّة يَوْم تخرج وَهِي ذَات عصب وَرِيش تكلم النَّاس فتنقط فِي وَجه الْمُؤمن نقطة بَيْضَاء فيبيض وَجهه وتنقط فِي وَجه الْكَافِر نقطة سَوْدَاء فيسود وَجهه فيتبايعون فِي الْأَسْوَاق بعد ذَلِك بِمَ تبيع هَذَا يَا مُؤمن وَبِمَ تبيع هَذَا يَا كَافِر ثمَّ يخرج الدَّجَّال وَهُوَ أَعور على عينه ظفرة غَلِيظَة مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يقرأه كل مُؤمن وَكَافِر وَأخرج أَحْمد وسمويه وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تخرج الدَّابَّة فَتَسِم النَّاس على خراطيمهم ثمَّ يعمرون فِيكُم حَتَّى يَشْتَرِي الرجل الدَّابَّة فَيُقَال: مِمَّن اشْتريت فَيُقَال: من الرجل المخطم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تخرج دَابَّة

الأَرْض وَلها ثَلَاث خرجات فَأول خرجَة مِنْهَا بِأَرْض الْبَادِيَة وَالثَّانيَِة فِي أعظم الْمَسَاجِد وَأَشْرَفهَا وَأَكْرمهَا وَلها عنق مشرف يَرَاهَا من بالمشرق كَمَا يَرَاهَا من بالمغرب وَلها وَجه كوجه انسان ومنقار كمنقار الطير ذَات وبرٍ وزغب مَعهَا عَصا مُوسَى وَخَاتم سُلَيْمَان بن دَاوُد تنادي بِأَعْلَى صَوتهَا: {إِن النَّاس كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يوقنون} ثمَّ بَكَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل: يَا رَسُول الله وَمَا بعد قَالَ: هَنَات وهنات ثمَّ خصب وريف حَتَّى السَّاعَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة بن أسيد أرَاهُ رَفعه قَالَ تخرج الدَّابَّة من أعظم الْمَسَاجِد حُرْمَة فَبَيْنَمَا هم قعُود بربو الأَرْض فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ تصدعت قَالَ ابْن عُيَيْنَة: تخرج حِين يسري الإِمام من جمع وَإِنَّمَا جعل سَابق [] بالحاج ليخبر النَّاس أَن الدَّابَّة لم تخرج وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: أَلا أريكم الْمَكَان الَّذِي قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن دَابَّة الأَرْض تخرج مِنْهُ فَضرب بعصاه قبل الشق الَّذِي فِي الصَّفَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن بَين يَدي السَّاعَة الدَّجَّال وَالدَّابَّة ويأجوج وَمَأْجُوج وَالدُّخَان وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: الدَّابَّة تخرج من أجياد وَأخرج ابْن جرير عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدَّابَّة فَقَالَ حُذَيْفَة: يَا رَسُول الله من أَيْن تخرج قَالَ من أعظم الْمَسَاجِد حُرْمَة على الله بَيْنَمَا عِيسَى يطوف بِالْبَيْتِ وَمَعَهُ الْمُسلمُونَ إِذْ تضطرب الأَرْض من تَحْتهم تحرّك الْقنْدِيل وتشق الصَّفَا مِمَّا يَلِي الْمَسْعَى وَتخرج الدَّابَّة من الصَّفَا أوّل مَا يَبْدُو رَأسهَا مُلَمَّعَة ذَات وبر وَرِيش لن يُدْرِكهَا طَالب وَلنْ يفوتها هارب تسم النَّاس مُؤمن وَكَافِر أما الْمُؤمن فَيرى وَجهه كَأَنَّهُ كَوْكَب دري وتكتب بَين عَيْنَيْهِ مُؤمن وَأما الْكَافِر فَتنْكت بَين عَيْنَيْهِ نُكْتَة سَوْدَاء كَافِر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَمْرو أَنه قَالَ وَهُوَ يَوْمئِذٍ بِمَكَّة: لَو شِئْت لأخذت سيتي هَاتين ثمَّ مشيت حَتَّى أَدخل

الْوَادي الَّتِي تخرج مِنْهُ دَابَّة الأَرْض وَإِنَّهَا تخرج وَهِي آيَة للنَّاس تلقى الْمُؤمن فَتَسِمهُ فِي وَجهه واكية فيبيض لَهَا وَجهه وَتَسِم الْكَافِر واكية فيسوّد لَهَا وَجهه وَهِي دَابَّة ذَات زغب وَرِيش فَتَقول {أَن النَّاس كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يوقنون} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور ونعيم ابْن حَمَّاد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس: أَن دَابَّة الأَرْض تخرج من بعض أَوديَة تهَامَة ذَات زغب وَرِيش لَهَا أَربع قَوَائِم فَتنْكت بَين عَيْني الْمُؤمن نُكْتَة يبيض لَهَا وَجهه وتنكت بَين عَيْني الْكَافِر نُكْتَة يسود بهَا وَجهه وَأخرج أَحْمد وَالطَّيَالِسِي وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تخرج دَابَّة الأَرْض وَمَعَهَا عَصا مُوسَى وَخَاتم سُلَيْمَان فتجلوا وَجه الْمُؤمن بالخاتم وتخطم أنف الْكَافِر بالعصا حَتَّى يجْتَمع النَّاس على الخوان يعرف الْمُؤمن من الْكَافِر وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن حُذَيْفَة ابْن أسيد الْغِفَارِيّ قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الدَّابَّة فَقَالَ لَهَا ثَلَاث خرجات من الدَّهْر فَتخرج خرجَة بأقصى الْيمن فينشر ذكرهَا بالبادية فِي أقْصَى الْبَادِيَة وَلَا يدْخل ذكرهَا الْقرْيَة - يَعْنِي مَكَّة - ثمَّ تكمن زَمَانا طَويلا ثمَّ تخرج خرجَة أُخْرَى دون تِلْكَ فيعلو ذكرهَا فِي أهل الْبَادِيَة وَيدخل ذكرهَا الْقرْيَة - يَعْنِي مَكَّة - قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثمَّ بَيْنَمَا النَّاس فِي أعظم الْمَسَاجِد على الله حُرْمَة وَأَكْرمهَا الْمَسْجِد الْحَرَام لم يرعهم إِلَّا وَهِي ترغو بَين الرُّكْن وَالْمقَام وتنفض عَن رَأسهَا التُّرَاب فَارْفض النَّاس عَنْهَا شَتَّى بقيت عِصَابَة من الْمُؤمنِينَ ثمَّ عرفُوا أَنهم لن يعْجزُوا الله فَبَدَأت بهم فَجلت وُجُوههم جتى جَعلتهَا كَأَنَّهَا الْكَوْكَب الدُّرِّي وَوَلَّتْ فِي الأَرْض لَا يُدْرِكهَا طَالب وَلَا ينجو مِنْهَا هارب حَتَّى أَن الرجل ليَتَعَوَّذ مِنْهَا بِالصَّلَاةِ فَتَأْتِيه من خَلفه فَتَقول: يَا فلَان الْآن تصلي فَيقبل عَلَيْهَا فَتَسِمهُ فِي وَجهه ثمَّ ينْطَلق ويشترك النَّاس فِي الْأَمْوَال ويصطحبون فِي الْأَمْصَار يعرف الْمُؤمن من الْكَافِر حَتَّى أَن الْمُؤمن ليقول: يَا كَافِر أقضني حَقي وَحَتَّى أَن الْكَافِر ليقول: يَا مُؤمن أقضني حَقي

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بئس الشّعب جِيَاد مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا قَالُوا: وَبِمَ ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: تخرج مِنْهُ الدَّابَّة فتصرخ ثَلَاث صرخات فيسمعها من بَين الْخَافِقين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تخرج دَابَّة الأَرْض من جِيَاد فَيبلغ صدرها الرُّكْن وَلم يخرج ذنبها بعد قَالَ: وَهِي دَابَّة ذَات وبر وقوائم وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة قَالَ: ذهب بِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَوضِع بالبادية قريب من مَكَّة فَإِذا أَرض يابسة حولهَا رمل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تخرج الدَّابَّة من هَذَا الْموضع فَإِذا شبر فِي شبر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن النزال بن سُبْرَة قَالَ: قيل لعَلي بن أبي طَالب: إِن نَاسا يَزْعمُونَ أَنَّك دَابَّة الأَرْض فَقَالَ: وَالله إِن لدابة الأَرْض ريشاً وزغبا وَمَالِي ريش وَلَا زغب وَإِن لَهَا لحافر وَمَا لي من حافر وَإِنَّهَا لتخرج حضر الْفرس الْجواد ثَلَاثًا وَمَا خرج ثلثاها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: تخرج الدَّابَّة لَيْلَة جمع وَالنَّاس يَسِيرُونَ إِلَى منى فتحملهم بَين نحرها وذنبها فَلَا يبْقى مُنَافِق إِلَّا خطمته وتمسح الْمُؤمن فيصبحون وهم بشر من الدَّجَّال وَأخرج ابْن أبي شيبَة والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن ابْن عمر قَالَ: لتخرج الدَّابَّة من جبل جِيَاد فِي أَيَّام التَّشْرِيق وَالنَّاس بمنى قَالَ: فَلذَلِك جَاءَ سائق الْحَاج بِخَبَر سَلامَة النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن الدَّابَّة فِيهَا من كل لون مَا بَين قرنيها فَرسَخ للراكب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: تخرج الدَّابَّة من صدع فِي الصَّفَا كجري الْفرس ثَلَاثَة أَيَّام لم يخرج ثلثهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: تخرج الدَّابَّة من تَحت صَخْرَة بجياد تسْتَقْبل الْمشرق فتصرخ صرخة ثمَّ تسْتَقْبل الشَّام فتصرخ صرخة منفذة ثمَّ تروح من مَكَّة فَتُصْبِح بعسفان قيل: ثمَّ مَاذَا قَالَ: لَا أعلم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس: الدَّابَّة مؤلفة ذَات زغب وَرِيش فِيهَا من ألوان الدَّوَابّ كلهَا وفيهَا من كل أمة سِيمَا وسيماها من هَذِه الْأمة أَنَّهَا تَتَكَلَّم بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين تلكمهم بكلامها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الزبير أَنه وصف الدَّابَّة فَقَالَ: رَأسهَا رَأس ثَوْر وعينها عين خِنْزِير وأذنها أذن فيل وقرنها قرن أيل وعنقها عنق نعَامَة وصدرها صدر أَسد ولونها لون نمر وخاصرتها خاصرة هرة وذنبها ذَنْب كَبْش وقوائمها قَوَائِم بعير بَين كل مفصلين مِنْهَا اثْنَا عشر ذِرَاعا تخرج مَعهَا عَصا مُوسَى وَخَاتم سُلَيْمَان وَلَا يبْقى مُؤمن إِلَّا نكتته فِي مَسْجده بعصا مُوسَى نُكْتَة بَيْضَاء فتفشو تِلْكَ النُّكْتَة حَتَّى يبيض لَهَا وَجهه وَلَا يبْقى كَافِر إِلَّا نكتت فِي وَجهه نُكْتَة سَوْدَاء بِخَاتم سُلَيْمَان فتفشو تِلْكَ النُّكْتَة حَتَّى يسود لَهَا وَجهه حَتَّى إِن النَّاس يتبايعون فِي الْأَسْوَاق: بكم ذَا يَا مُؤمن وبكم ذَا يَا كَافِر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن صَدَقَة بن مزِيد قَالَ: تَجِيء الدَّابَّة إِلَى الرجل وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فِي الْمَسْجِد فتكتب بَين عَيْنَيْهِ: كَذَّاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة قَالَ: تخرج الدَّابَّة مرَّتَيْنِ قبل يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يضْرب فِيهَا رجال ثمَّ تخرج الثَّالِثَة عِنْد أعظم مَسَاجِدكُمْ فتأتي الْقَوْم وهم مجتمعون عِنْد رجل فَتَقول: مَا يجمعكم عِنْد عَدو الله فيبتدرون فَتَسِم الْمُؤمن حَتَّى أَن الرجلَيْن ليتبايعان فَيَقُول هَذَا: خُذ يَا مُؤمن وَيَقُول هَذَا: خُذ يَا كَافِر وَأخرج نعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن عَن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: تخرج الدَّابَّة من شعب بالأجياد رَأسهَا تمس بِهِ السَّحَاب وَمَا خرجت رجلهَا من الأَرْض تَأتي الرجل وَهُوَ يُصَلِّي فَتَقول: مَا الصَّلَاة من حَاجَتك مَا هَذَا إِلَّا تعوذ أَو رِيَاء فتخطمه وَأخرج نعيم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: أول الْآيَات الرّوم ثمَّ الدَّجَّال وَالثَّالِثَة يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَالرَّابِعَة عِيسَى وَالْخَامِسَة الدُّخان وَالسَّادِسَة الدَّابَّة

83

- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم نحْشر من كل أمة فوجا مِمَّن يكذب بِآيَاتِنَا فهم يُوزعُونَ حَتَّى إِذا جَاءُوا قَالَ أكذبتم بآياتي وَلم تحيطوا بهَا علما أماذا كُنْتُم تَعْمَلُونَ وَوَقع القَوْل

عَلَيْهِم بِمَا ظلمُوا فهم لَا ينطقون ألم يرَوا أَنا جعلنَا اللَّيْل ليسكنوا فِيهِ وَالنَّهَار مبصرا إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يُؤمنُونَ أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَيَوْم نحْشر من كل أمة فوجاً} قَالَ: زمرة وَفِي قَوْله {فهم يُوزعُونَ} قَالَ: يحبس أَوَّلهمْ على آخِرهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {يُوزعُونَ} قَالَ: يسافون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَوَقع القَوْل} قَالَ: وَجب القَوْل وَالْقَوْل الْغَضَب وَفِي قَوْله {وَالنَّهَار مبصراً} قَالَ: منيراً وَالله أعلم

87

- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم ينْفخ فِي الصُّور فَفَزعَ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله وكل أَتَوْهُ داخرين أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {فَفَزعَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله} قَالَ: هم الشُّهَدَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وكل أَتَوْهُ داخرين} ممدودة مَرْفُوعَة التَّاء على معنى فاعلوه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ {وكل أَتَوْهُ داخرين} خَفِيفَة بِنصب التَّاء على معنى جاؤه يَعْنِي بِلَا مد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: حفظت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّمْل {وكل أَتَوْهُ داخرين} على معنى جاؤه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {داخرين} قَالَ: صاغرين وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: الداخر: الصاغر الراهب لِأَن الْمَرْء اذا فزع إِنَّمَا همته الْهَرَب من الْأَمر الَّذِي فزع مِنْهُ فَلَمَّا نفخ فِي الصُّور فزعوا فَلم يكن لَهُم من الله منجا

88

- قَوْله تَعَالَى: وَترى الْجبَال تحسبها جامدة وَهِي تمر مر السَّحَاب صنع الله الَّذِي أتقن كل شَيْء إِنَّه خَبِير بِمَا تَفْعَلُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَترى الْجبَال تحسبها جامدة} قَالَ: قَائِمَة {صنع الله الَّذِي أتقن كل شَيْء} قَالَ: احكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَترى الْجبَال تحسبها جامدة} قَالَ: ثَابِتَة فِي أُصُولهَا لَا تتحرك {وَهِي تمر مر السَّحَاب} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {صنع الله الَّذِي أتقن كل شَيْء} يَقُول: أحسن كل شَيْء خلقه وأتقنه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {صنع الله الَّذِي أتقن كل شَيْء} قَالَ: أحسن كل شَيْء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {الَّذِي أتقن كل شَيْء} قَالَ: أوثق كل شَيْء وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {الَّذِي أتقن كل شَيْء} قَالَ: ألم تَرَ إِلَى كل دَابَّة كَيفَ تبقى على نَفسهَا

89

- قَوْله تَعَالَى: من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ خير مِنْهَا وهم من فزع يَوْمئِذٍ آمنون وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فكبت وُجُوههم فِي النَّار هَل تُجْزونَ إِلَّا مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ - أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ خير مِنْهَا} قَالَ: هِيَ لَا إِلَه إِلَّا الله {وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فكبت وُجُوههم فِي النَّار} قَالَ: هِيَ الشّرك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الموجبتين قَالَ {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ خير مِنْهَا وهم من فزع يَوْمئِذٍ آمنون وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فكبت وُجُوههم فِي النَّار هَل تُجْزونَ إِلَّا مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} قَالَ: من لَقِي الله لَا يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل الْجنَّة وَمن لَقِي الله يُشْرك بِهِ دخل النَّار

وَأخرج الْحَاكِم فِي الكنى عَن صَفْوَان بن عَسَّال قَالَ: قَالَ رَسُول الله: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جَاءَ الايمان والشرك يجثوان بَين يَدي الرب فَيَقُول الله للإِيمان: انْطلق أَنْت وَأهْلك إِلَى الْجنَّة وَيَقُول للشرك: انْطلق أَنْت وَأهْلك إِلَى النَّار ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ خير مِنْهَا} يَعْنِي: قَول لَا إِلَه إِلَّا الله {وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} يَعْنِي: الشّرك {فكبت وُجُوههم فِي النَّار} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة وَأنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَجِيء الاخلاص والشرك يَوْم الْقِيَامَة فيجثوان بَين يَدي الرب فَيَقُول الرب للاخلاص: انْطلق أَنْت وَأهْلك إِلَى الْجنَّة ثمَّ يَقُول للشرك انْطلق أَنْت وَأهْلك إِلَى النَّار ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} بالشرك {فكبت وُجُوههم فِي النَّار} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن كَعْب بن عجْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله الله {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ خير مِنْهَا} يَعْنِي بهَا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله {وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} يَعْنِي بهَا الشّرك يُقَال: هَذِه تنجي وَهَذِه تردي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات والخارئطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن مَسْعُود {من جَاءَ بِالْحَسَنَة}

قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله {وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} قَالَ: بالشرك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ حُذَيْفَة جَالِسا فِي حَلقَة فَقَالَ: مَا تَقولُونَ فِي هَذِه الْآيَة {من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ خير مِنْهَا وهم من فزع يَوْمئِذٍ آمنون وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فكبت وُجُوههم فِي النَّار} فَقَالُوا: نعم يَا حُذَيْفَة من جَاءَ بِالْحَسَنَة ضعفت لَهُ عشرا أَمْثَالهَا فَأخذ كفا من حَصى يضْرب بِهِ الأَرْض وَقَالَ: تَبًّا لكم وَكَانَ حديداً وَقَالَ: من جَاءَ بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَمن جَاءَ بالشرك وَجَبت لَهُ النَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس {من جَاءَ بِالْحَسَنَة} قَالَ: بِلَا إِلَه إِلَّا الله {فَلهُ خير مِنْهَا} قَالَ: مِنْهَا وصل إِلَى الْخَيْر {وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ} قَالَ: الشّرك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {من جَاءَ بِالْحَسَنَة} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله {من جَاءَ بِالْحَسَنَة} قَالَ: الشّرك وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم وَأبي صَالح وَسَعِيد بن جُبَير وَعَطَاء وَقَتَادَة وَمُجاهد وَمثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فَلهُ خير مِنْهَا} قَالَ: ثَوَاب وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {من جَاءَ بِالْحَسَنَة} قَالَ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله {فَلهُ خير مِنْهَا} قَالَ ج يُعْطي بِهِ الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثمن الْجنَّة لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زرْعَة بن إِبْرَاهِيم {من جَاءَ بِالْحَسَنَة} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله {فَلهُ خير مِنْهَا} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله خير لَيْسَ شَيْء أخير من لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وهم من فزع يَوْمئِذٍ آمنون} ينون فزع وَينصب يَوْمئِذٍ

91

- قَوْله تَعَالَى: إِنَّمَا أمرت أَن اعبد رب هَذِه الْبَلدة الَّتِي حرمهَا وَله كل شَيْء وَأمرت أَن أكون من الْمُسلمين وَأَن اتلو الْقُرْآن فَمن اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لنَفسِهِ وَمن ضل فَقل إِنَّمَا أَنا من الْمُنْذرين وَقل الْحَمد لله سيريكم آيَاته فتعرفونها وَمَا رَبك بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن أعبد رب هَذِه الْبَلدة} قَالَ: مَكَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: زعم النَّاس أَنَّهَا مَكَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: هِيَ منى وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هرون قَالَ فِي حرف ابْن مَسْعُود / وَأَن اتل الْقُرْآن / على الْأَمر وَفِي حرف أُبي بن كَعْب (واتل عَلَيْهِم الْقُرْآن)

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {سيريكم آيَاته فتعرفونها} قَالَ: فِي أَنفسكُم وَفِي السَّمَاء وَفِي الأَرْض وَفِي الرزق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآن {وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ} بِالتَّاءِ وَمَا كَانَ {وَمَا رَبك بغافل عَمَّا يعْملُونَ} بِالْيَاءِ

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم - سُورَة الْقَصَص مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان وَثَمَانُونَ - مُقَدّمَة سُورَة الْقَصَص أخرج النّحاس وَابْن الضريس وَابْن مردوية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْقَصَص بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزلت سُورَة الْقَصَص بِمَكَّة وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد جيد عَن معدي كرب قَالَ: أَتَيْنَا عبد الله بن مَسْعُود فَسَأَلْنَاهُ أَن يقْرَأ علينا (طسم) الْمِائَتَيْنِ فَقَالَ: مَا هِيَ معي وَلَكِن عَلَيْكُم بِمن أَخذهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خباب بن الأرث فَأتيت خباب بن الأرث فَقلت: كَيفَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ (طسم) أَو (طس) فَقَالَ: كل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ

القصص

- طسم تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين نتلوا عَلَيْك من نبأ مُوسَى وَفرْعَوْن بِالْحَقِّ لقوم يُؤمنُونَ إِن فِرْعَوْن علا فِي الأَرْض وَجعل أَهلهَا شيعًا يستضعف طَائِفَة مِنْهُم يذبح أَبْنَاءَهُم ويستحيي نِسَاءَهُمْ إِنَّه كَانَ من المفسدين أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ من شَأْن فِرْعَوْن أَنه رأى رُؤْيا فِي مَنَامه: أَن نَارا أَقبلت من بَيت الْمُقَدّس حَتَّى إِذا اشْتَمَلت على بيُوت مصر أحرقت القبط وَتركت بني إِسْرَائِيل فَدَعَا السَّحَرَة والكهنة والعافة والزجرة وهم العافة الَّذين يزجرون الطير فَسَأَلَهُمْ عَن رُؤْيَاهُ فَقَالُوا لَهُ: يخرج من هَذَا الْبَلَد الَّذِي جَاءَ بَنو إِسْرَائِيل مِنْهُ - يعنون بَيت الْمُقَدّس - رجل يكون على وَجهه هَلَاك مصر فَأمر بني إِسْرَائِيل أَن لَا يُولد لَهُم ولد إِلَّا ذبحوه وَلَا يُولد لَهُم

جَارِيَة إِلَّا تركت وَقَالَ للقبط: انْظُرُوا مملوكيكم الَّذين يعْملُونَ خَارِجا فادخلوهم وَاجْعَلُوا بني إِسْرَائِيل يلون تِلْكَ الْأَعْمَال القذرة فَجعلُوا بني إِسْرَائِيل فِي أَعمال غلمانهم فَذَلِك حِين يَقُول {إِن فِرْعَوْن علا فِي الأَرْض} يَقُول: تجبر فِي الأَرْض {وَجعل أَهلهَا شيعًا} يَعْنِي بني إِسْرَائِيل {يستضعف طَائِفَة مِنْهُم} حِين جعلهم فِي الْأَعْمَال القذرة وَجعل لَا يُولد لبني إِسْرَائِيل مَوْلُود إِلَّا ذبح فَلَا يكبر صَغِير وَقذف الله فِي مشيخة بني إِسْرَائِيل الْمَوْت فأسرع فيهم فَدخل رُؤُوس القبط على فِرْعَوْن فكلموه فَقَالُوا: إِن هَؤُلَاءِ الْقَوْم قد وَقع فيهم الْمَوْت فيوشك أَن يَقع الْعَمَل على غلماننا تذبح أَبْنَاءَهُم فَلَا يبلغ الصغار فيعينون الْكِبَار فَلَو أَنَّك كنت تبقي من أَوْلَادهم فَأمر أَن يذبحوا سنة ويتركوا سنة فَلَمَّا كَانَ فِي السّنة الَّتِي لَا يذبحون فِيهَا ولد هرون عَلَيْهِ السَّلَام فَترك فَلَمَّا كَانَ فِي السّنة الَّتِي يذبحون فِيهَا حملت أم مُوسَى بمُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَلَمَّا أَرَادَت وَضعه حزنت من شَأْنه فَلَمَّا وَضعته أَرْضَعَتْه ثمَّ دعت لَهُ نجاراً وَجعلت لَهُ تابوتاً وَجعلت مِفْتَاح التابوت من دَاخل وَجَعَلته فِيهِ وألقته فِي اليم بَين أَحْجَار عِنْد بَيت فِرْعَوْن فخرجن جواري آسِيَة امْرَأَة فِرْعَوْن يغتسلن فوجدن التابوت فادخلنه إِلَى آسِيَة وظنن أَن فِيهِ مَالا فَلَمَّا تحرّك الْغُلَام رَأَتْهُ آسِيَة صَبيا فَلَمَّا نظرته آسِيَة وَقعت عَلَيْهِ رحمتها وأحبته فَلَمَّا أخْبرت بِهِ فِرْعَوْن أَرَادَ أَن يذبحه فَلم تزل آسِيَة تكَلمه حَتَّى تَركه لَهَا وَقَالَ: إِنِّي أَخَاف أَن يكون هَذَا من بني إِسْرَائِيل وَأَن يكون هَذَا الَّذِي على يَدَيْهِ هلاكنا فَبَيْنَمَا هِيَ ترقصه وتلعب بِهِ إِذْ ناولته فِرْعَوْن وَقَالَت: خُذْهُ {قُرَّة عين لي وَلَك} الْقَصَص الْآيَة 9 قَالَ فِرْعَوْن: هُوَ قُرَّة عين لَك - قَالَ عبد الله بن عَبَّاس: وَلَو قَالَ هُوَ قُرَّة عين لي إِذا لآمن بِهِ وَلكنه أَبى - فَلَمَّا أَخذه إِلَيْهِ أَخذ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بلحيته فنتفها فَقَالَ فِرْعَوْن: عليَّ بالذباحين هُوَ ذَا قَالَت آسِيَة: لَا تقتله {عَسى أَن ينفعنا أَو نتخذه ولدا} الْقَصَص الْآيَة 9 إِنَّمَا هُوَ صبي لَا يعقل وَإِنَّمَا صنع هَذَا من صباه أَنا أَضَع لَهُ حليا من الْيَاقُوت وأضع لَهُ جمراً فَإِن أَخذ الْيَاقُوت فَهُوَ يعقل اذبحه وَإِن أَخذ الْجَمْر فَإِنَّمَا

هُوَ صبي فاخرجت لَهُ ياقوتاً وَوضعت لَهُ طستاً من جمر فجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَطرح فِي يَده جَمْرَة فطرحها مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي فِيهِ فاحرقت لِسَانه فارادوا لَهُ المرضعات فَلم يَأْخُذ من أحد من النِّسَاء وجعلن النِّسَاء يطلبن ذَلِك لينزلن عِنْد فِرْعَوْن فِي الرَّضَاع فَأبى أَن يَأْخُذ فَجَاءَت أُخْته فَقَالَت: {هَل أدلكم على أهل بَيت يكفلونه لكم وهم لَهُ ناصحون} فَأَخَذُوهَا فَقَالُوا: إِنَّك قد عرفت هَذَا الْغُلَام فدلينا على أَهله فَقَالَت: مَا أعرفهُ وَلَكِن إِنَّمَا هم للْملك ناصحون فَلَمَّا جَاءَتْهُ أمه أَخذ مِنْهَا وكادت تَقول: هُوَ ابْني فعصمها الله فَذَلِك قَوْله {إِن كَادَت لتبدي بِهِ لَوْلَا أَن ربطنا على قَلبهَا لتَكون من الْمُؤمنِينَ} قَالَ: قد كَانَت من الْمُؤمنِينَ وَلَكِن بقول: {إِنَّا رادوه إِلَيْك وجاعلوه من الْمُرْسلين} قَالَ السّديّ: وَإِنَّمَا سمي مُوسَى لأَنهم وجدوه فِي مَاء وَشَجر وَالْمَاء بالنبطية مو الشّجر سى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {نتلوا عَلَيْك من نبأ مُوسَى وَفرْعَوْن} يَقُول: فِي هَذَا الْقُرْآن نبؤهم {إِن فِرْعَوْن علا فِي الأَرْض} أَي بغى فِي الأَرْض {وَجعل أَهلهَا شيعًا} أَي فرقا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجعل أَهلهَا شيعًا} قَالَ: فرق بَينهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجعل أَهلهَا شيعًا} قَالَ: يتعبد طَائِفَة وَيقتل طَائِفَة ويستحي طَائِفَة أما قَوْله تَعَالَى {إِنَّه كَانَ من المفسدين} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد ذكر لنا أَنه كَانَ يَأْمر بالقصب فَيشق حَتَّى يَجْعَل أَمْثَال الشفار ثمَّ يصف بعضه إِلَى بعض ثمَّ يُؤْتى بحبالى من بني إِسْرَائِيل فيوقفن عَلَيْهِ فيجز أقدامهن حَتَّى أَن الْمَرْأَة مِنْهُم لتَضَع بِوَلَدِهَا فَيَقَع بَين رِجْلَيْهَا فتظل تطؤه وتتقي بِهِ حد الْقصب عَن رِجْلَيْهَا لما بلغ من جهدها حَتَّى أسرف فِي ذَلِك وَكَانَ يفنيهم قيل لَهُ: أفنيت النَّاس وَقطعت النَّسْل وَإِنَّمَا هم خولك وعمالك فتأمر أَن يقتلُوا الغلمان وَولد مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي

السّنة الَّتِي فِيهَا يقتلُون وَكَانَ هرون عَلَيْهِ السَّلَام أكبر مِنْهُ بِسنة فَلَمَّا أَرَادَ بمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام مَا أَرَادَ واستنقاذ بني إِسْرَائِيل مِمَّا هم فِيهِ من الْبلَاء أوحى الله إِلَى أم مُوسَى حِين تقَارب ولادها {أَن أرضعيه} الْقَصَص الْآيَة 7

5

- قَوْله تَعَالَى: ونريد أَن نمن على الَّذين استضعفوا فِي الأَرْض ونجعلهم أَئِمَّة ونجعلهم الْوَارِثين ونمكن لَهُم فِي الأَرْض ونري فِرْعَوْن وهامان وجنودهما مِنْهُم مَا كَانُوا يحذرون أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ونريد أَن نمن على الَّذين استضعفوا فِي الأَرْض} قَالَ: يُوسُف وَولده وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ونريد أَن نمن على الَّذين استضعفوا فِي الأَرْض} قَالَ: هم بَنو إِسْرَائِيل {ونجعلهم أَئِمَّة} أَي هم وُلَاة الْأَمر {ونجعلهم الْوَارِثين} أَي يَرِثُونَ الأَرْض بعد فِرْعَوْن وَقَومه {ونري فِرْعَوْن وهامان وجنودهما مِنْهُم مَا كَانُوا يحذرون} قَالَ: مَا كَانَ الْقَوْم حذروه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ونجعلهم الْوَارِثين} قَالَ: يَرِثُونَ الأَرْض بعد آل فِرْعَوْن وَفِي قَوْله {ونري فِرْعَوْن} الْآيَة قَالَ: كَانَ حَاز يحزي لفرعون فَقَالَ: إِنَّه يُولد فِي هَذَا الْعَام غُلَام يذهب بملككم وَكَانَ فِرْعَوْن {يذبح أَبْنَاءَهُم ويستحيي نِسَاءَهُمْ} حذرا لقَوْل الحازي فَذَلِك قَوْله {ونري فِرْعَوْن وهامان وجنودهما مِنْهُم مَا كَانُوا يحذرون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله قَالَ: قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: إِنِّي اسْتعْملت عمالاً لقَوْل الله {ونريد أَن نمن على الَّذين استضعفوا فِي الأَرْض}

7

- قَوْله تَعَالَى: وأوحينا إِلَى أم مُوسَى أَن أرضعيه فَإِذا خفت عَلَيْهِ فألقيه فِي اليم وَلَا تخافي ولاتحزني إِنَّا رادوه إِلَيْك وجاعلوه من الْمُرْسلين فالتقطه آل فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا إِن فِرْعَوْن وهامان وجنودهما كَانُوا خاطئين

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وأوحينا إِلَى أم مُوسَى} يَقُول: ألهمناها الَّذِي صنعت بمُوسَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأوحينا إِلَى أم مُوسَى} قَالَ: قذف فِي نَفسهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وأوحينا إِلَى أم مُوسَى أَن أرضعيه} قَالَ: وَحي جاءها عَن الله قذف فِي قَلبهَا وَلَيْسَ بِوَحْي نبوة {فَإِذا خفت عَلَيْهِ فألقيه فِي اليم} قَالَ: فَجَعَلته فِي تَابُوت فقذفته فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عبد الرَّحْمَن الحبلي قَالَ: إِن الله أوحى إِلَى أم مُوسَى حِين وضعت {أَن أرضعيه فَإِذا خفت عَلَيْهِ فألقيه فِي اليم} فَلَمَّا خَافت عَلَيْهِ جعلته فِي التابوت وَجعلت الْمِفْتَاح مَعَ التابوت وطرحته فِي الْبَحْر وَخرجت امْرَأَة فِرْعَوْن إِلَى الْبَحْر وَابْنَة لفرعون برصاء فَرَأَوْا سواداً فِي الْبَحْر فَأخْرج التابوت إِلَيْهِم فبدرت ابْنة فِرْعَوْن وَهِي برصاء إِلَى التابوت فَوجدت مُوسَى فِي التابوت وَهُوَ مَوْلُود فَأَخَذته فبرأت من برصها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فِي قَوْله {فَإِذا خفت عَلَيْهِ} قَالَ: أَن يسمع جيرانك صَوته وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وأوحينا إِلَى أم مُوسَى أَن أرضعيه} قَالَ: فَجَعَلته فِي بُسْتَان فَكَانَت تَأتيه فِي كل يَوْم مره فترضعه وتأتيه فِي كل ليله فترضعه فيكفيه ذَلِك {فَإِذا خفت عَلَيْهِ} قَالَ: إِذا بلغ أَرْبَعَة أشهر وَصَاح وابتغى من الرَّضَاع أَكثر من ذَلِك فَذَلِك قَوْله فَإِذا خفت عَلَيْهِ فألقيه فِي اليم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تخافي} قَالَ: لَا تخافي عَلَيْهِ الْبَحْر {وَلَا تحزني} يَقُول: وَلَا تحزني لفراقه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فالتقطه آل فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا} قَالَ: فِي دينهم {وحزناً} قَالَ: لما يَأْتِيهم بِهِ

9

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالَت امْرَأَة فِرْعَوْن قُرَّة عين لي وَلَك لَا تقتلوه عَسى أَن ينفعنا أَو نتخذه ولدا وهم لَا يَشْعُرُونَ

أخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن قيس قَالَ: قَالَت: امْرَأَة فِرْعَوْن {قُرَّة عين لي وَلَك لَا تقتلوه} قَالَ فِرْعَوْن: قُرَّة عين لَك أما لي فَلَا قَالَ مُحَمَّد بن قيس: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو قَالَ فِرْعَوْن قُرَّة عين لي وَلَك لَكَانَ لَهما جَمِيعًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالَت امْرَأَة فِرْعَوْن قُرَّة عين لي وَلَك} تَعْنِي بذلك: مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {عَسى أَن ينفعنا أَو نتخذه ولدا} قَالَ: ألقيت عَلَيْهِ رحمتها حِين ابصرته {وهم لَا يَشْعُرُونَ} إِن هلاكهم على يَدَيْهِ وَفِي زَمَانه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وهم لَا يَشْعُرُونَ} قَالَ: آل فِرْعَوْن أَنه عدوّ لَهُم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وهم لَا يَشْعُرُونَ} قَالَ: مَا يصيبهم من عَاقِبَة أمره وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لَا يَشْعُرُونَ إِن هلاكهم على يَدَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم

10

- قَوْله تَعَالَى: وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا إِن كَادَت لتبدي بِهِ لَوْلَا أَن ربطنا على قَلبهَا لتَكون من الْمُؤمنِينَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا} قَالَ: من ذكر كل شَيْء من أَمر الدُّنْيَا إِلَّا من ذكر مُوسَى وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا} قَالَ: خَالِيا من كل شَيْء غير ذكر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَفِي قَوْله {إِن كَادَت لتبدي بِهِ} قَالَ: تَقول يَا ابناه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا} قَالَ: من كل شَيْء غير هم مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا}

قَالَ: من كل شَيْء من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة إِلَّا من هم مُوسَى وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا} قَالَ: من كل شَيْء إِلَّا من ذكر مُوسَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مغيث بن سمي أَو عَن أبي عُبَيْدَة فِي قَوْله {إِن كَادَت لتبدي بِهِ} أَي لتنبىء أَنه ابْنهَا من شدَّة وجدهَا {لَوْلَا أَن ربطنا على قَلبهَا} قَالَ: ربط الله على قَلبهَا بالايمان

11

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالَت لأخته قصيه فبصرت بِهِ عَن جنب وهم لَا يَشْعُرُونَ أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَقَالَت لأخته قصيه} أَي اتبعي أَثَره {فبصرت بِهِ عَن جنب} قَالَ: عَن جَانب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالَت لأخته قصيه} أَي اتبعي أَثَره كَيفَ يصنع بِهِ {فبصرت بِهِ عَن جنب} قَالَ: عَن بعد {وهم لَا يَشْعُرُونَ} قَالَ: آل فِرْعَوْن أَنه عَدو لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالَت لأخته قصيه} قَالَ: قصي أَثَره {فبصرت بِهِ عَن جنب} يَقُول: بصرت بِهِ وَهِي مجانبة لَهُم {وهم لَا يَشْعُرُونَ} انها أُخْته قَالَ: جعلت تنظر إِلَيْهِ وَكَأَنَّهَا لَا تريده وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: اسْم أُخْت مُوسَى يواخيد وَأمه يحانذ وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق عَن أبي رواد رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِخَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا اما علمت أَن الله قد زَوجنِي مَعَك فِي الْجنَّة مَرْيَم بنت عمرَان وكلثوم أُخْت مُوسَى وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن قَالَت: وَقد فعل الله ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم قَالَت: بالرفاه والبنين

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَعرت أَن الله زَوجنِي مَرْيَم بنت عمرَان وكلثوم أُخْت مُوسَى وَامْرَأَة فِرْعَوْن فَقلت: هَنِيئًا لَك يَا رَسُول الله

12

- قَوْله تَعَالَى: وحرمنا عَلَيْهِ المراضع من قبل فَقَالَت هَل أدلكم على أهل بَيت يكفلونه لكم وهم لَهُ ناصحون فرددناه إِلَى أمه كي تقر عينهَا وَلَا تحزن ولتعلم أَن وعد الله حق وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وحرمنا عَلَيْهِ المراضع من قبل} قَالَ: لَا يُؤْتى بمرضع فيقبلها وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وحرمنا عَلَيْهِ المراضع من قبل} قَالَ: لَا يقبل ثدي امْرَأَة حَتَّى يرجع إِلَى أمه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حِين قَالَت {هَل أدلكم على أهل بَيت يكفلونه لكم وهم لَهُ ناصحون} قَالُوا: قد عرفتيه فَقَالَت: إِنَّمَا أردْت الْملك هم للْملك ناصحون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وحرمنا عَلَيْهِ المراضع} قَالَ: جعل لَا يُؤْتى بِامْرَأَة إِلَّا لم يَأْخُذ ثديها وَفِي قَوْله {ولتعلم أَن وعد الله حق} قَالَ: وعدها أَنه راده إِلَيْهَا وجاعله من الْمُرْسلين فَفعل الله بهَا ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمرَان الْجونِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فِرْعَوْن يُعْطي أم مُوسَى على رضَاع مُوسَى كل يَوْم دِينَارا وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل عَن جُبَير بن نفير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الَّذين يغزون من أمتِي وَيَأْخُذُونَ الْجعل يَعْنِي: يتقوّون على عدوهم مثل أم مُوسَى ترْضع وَلَدهَا وَتَأْخُذ أجرهَا

14

- قَوْله تَعَالَى: وَلما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وَكَذَلِكَ نجزي الْمُحْسِنِينَ أخرج عبد بن حميد ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ والمحاملي فِي أَمَالِيهِ عَن طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلما بلغ أشده} قَالَ: ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة {واستوى} قَالَ: أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المعمرين من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلما بلغ أشده واستوى} قَالَ: الاشد مَا بَين الثماني عشرَة إِلَى الثَّلَاثِينَ والاستواء مَا بَين الثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ فَإِذا زَاد على الْأَرْبَعين أَخذ فِي النُّقْصَان وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلما بلغ أشده} قَالَ: ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة {واستوى} قَالَ: أَرْبَعِينَ سنة {آتيناه حكما وعلما} قَالَ: الحكم وَالْفِقْه وَالْعقل وَالْعلم قَالَ: النبوّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي قبيصَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي بالاستواء: خُرُوج لحيته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَلما بلغ أشدّه} قَالَ: ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة {واستوى} قَالَ: أَرْبَعِينَ سنة

15

- قَوْله تَعَالَى: وَدخل الْمَدِينَة على حِين غفله من أَهلهَا فَوجدَ فِيهَا رجلَانِ يقتتلان هَذَا من شيعته وَهَذَا من عدوه فاستغثه الَّذِي من شيعته على الَّذِي من عدوه فوكزه مُوسَى فَقضى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا من عمل الشَّيْطَان إِنَّه عَدو مُبين أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ: إِن فِرْعَوْن ركب مركبا وَلَيْسَ عِنْده مُوسَى فَلَمَّا جَاءَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قيل لَهُ: إِن فِرْعَوْن قد ركب فَركب فِي أَثَره فأدركه المقيل بِأَرْض يُقَال لَهَا منف فَدَخلَهَا نصف النَّهَار وَقد تغلقت أسواقها وَلَيْسَ فِي طرقها أحد وَهِي الَّتِي يَقُول الله تَعَالَى {وَدخل الْمَدِينَة على حِين غَفلَة من أَهلهَا}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَدخل الْمَدِينَة على حِين غَفلَة} قَالَ: نصف النَّهَار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَدخل الْمَدِينَة على حِين غَفلَة} قَالَ: نصف النَّهَار وَالنَّاس قَائِلُونَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: دَخلهَا عِنْد القائلة بالظهيرة وَالنَّاس نائمون وَذَلِكَ أغفل مَا يكون النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {حِين غَفلَة} قَالَ: مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {على حِين غَفلَة} قَالَ: مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء عَن أنَاس وَقَالَ آخَرُونَ: نصف النَّهَار وَقَالَ ابْن عَبَّاس: أَحدهمَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَوجدَ فِيهَا رجلَيْنِ يقتتلان هَذَا من شيعته} قَالَ: اسرائيلي {وَهَذَا من عدوّه} قَالَ: قبْطِي {فاستغاثه الَّذِي من شيعته} الاسرائيلي {على الَّذِي من عدوّه} القبطي {فوكزه مُوسَى فَقضى عَلَيْهِ} قَالَ: فَمَاتَ قَالَ: فَكبر ذَلِك على مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاستغاثه الَّذِي من شيعته} قَالَ: من قومه من بني إِسْرَائِيل وَكَانَ فِرْعَوْن من فَارس من اصطخر {فوكزه مُوسَى} قَالَ: بِجمع كَفه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فوكزه مُوسَى} قَالَ: بعصا وَلم يتَعَمَّد قَتله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الَّذِي وكزه مُوسَى كَانَ خبازاً لفرعون وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ الله عز وَجل (بعزتي يَا ابْن عمرَان لَو أَن هَذِه النَّفس الَّتِي وكزت فقتلت اعْترفت لي سَاعَة من ليل أَو نَهَار

بِأَنِّي لَهَا خَالق أَو رَازِق لأذقتك فِيهَا طعم الْعَذَاب وَلَكِنِّي عَفَوْت عَنْك فِي أمرهَا انها لم تعترف لي سَاعَة من ليل أَو نَهَار إِنِّي لَهَا خَالق أَو رَازِق)

16

- قَوْله تَعَالَى: قَالَ رب ظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي فغفر لَهُ إِنَّه هُوَ الغفور الرَّحِيم أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي ظلمت نَفسِي} قَالَ: بَلغنِي أَنه من أجل أَنه لَا يَنْبَغِي لنَبِيّ أَن يقتل حَتَّى يُؤمر فَقتله وَلم يُؤمر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَالَ رب إِنِّي ظلمت نَفسِي} قَالَ: عرف نَبِي الله عَلَيْهِ السَّلَام من أَيْن الْمخْرج فَأَرَادَ الْمخْرج فَلم يلق ذَنبه على ربه قَالَ بعض النَّاس: أَي من جِهَة الْمَقْدُور

17

- قَوْله تَعَالَى: قَالَ رب بِمَا أَنْعَمت عَليّ فَلَنْ أكون ظهيرا للمجرمين أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَنْ أكون ظهيراً للمجرمين} قَالَ: معينا للمجرمين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَنْ أكون ظهيراً للمجرمين} قَالَ: إِن أعين بعْدهَا ظَالِما على فجره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبيد الله بن الْوَلِيد الرصافي رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أَخ لَهُ كَاتب لَيْسَ يَلِي من أُمُور السُّلْطَان شَيْئا إِلَّا أَنه يكْتب لَهُم بقلم مَا يدْخل وَمَا يخرج فَإِن ترك قلمه صَار عَلَيْهِ دين واحتجاج وَإِن أَخذ بِهِ كَانَ لَهُ فِيهِ غنى قَالَ: يكْتب لمن قَالَ: لخَالِد بن عبد الله الْقَسرِي قَالَ: ألم تسمع إِلَى مَا قَالَ العَبْد الصَّالح {رب بِمَا أَنْعَمت عَليّ فَلَنْ أكون ظهيراً للمجرمين} فَلَا يهتم بِشَيْء وليرم بقلمه فَإِن الله سيأتيه برزق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي حنظلية جَابر بن حَنْظَلَة الْكَاتِب الضَّبِّيّ قَالَ: قَالَ رجل لعامر: يَا أَبَا عَمْرو أَنِّي رجل كَاتب أكتب مَا يدْخل وَمَا يخرج آخذ وَرقا استغني بِهِ أَنا وعيالي قَالَ: فلعلك تكْتب فِي دم يسفك قَالَ: لَا قَالَ:

فلعلك تكْتب فِي مَال يُؤْخَذ قَالَ: لَا قَالَ: فلعلك تكْتب فِي دَار تهدم قَالَ: لَا قَالَ: أسمعت بِمَا قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام {رب بِمَا أَنْعَمت عَليّ فَلَنْ أكون ظهيرا للمجرمين} قَالَ: رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صليت إِلَى جنب ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا الْعَصْر فَسَمعته يَقُول فِي رُكُوعه {رب بِمَا أَنْعَمت عَليّ فَلَنْ أكون ظهيراً للمجرمين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سَلمَة بن نبيط رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث عبد الرَّحْمَن ابْن مُسلم إِلَى الضَّحَّاك فَقَالَ: اذْهَبْ بعطاء أهل بُخَارى فاعطهم فَقَالَ: اعفني فَلم يزل يستعفيه حَتَّى أَعْفَاهُ فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه: مَا عَلَيْك أَن تذْهب فتعطيهم وَأَنت لَا ترزؤهم شَيْئا فَقَالَ: لَا أحب أَن أعين الظلمَة على شَيْء من أَمرهم

18

- قَوْله تَعَالَى: فَأصْبح فِي الْمَدِينَة خَائفًا يترقب فَإِذا الَّذِي استنصره بالْأَمْس يستصرخه قَالَ لع مُوسَى إِنَّك لغَوِيّ مُبين فَلَمَّا أَرَادَ أَن يبطش بِالَّذِي هُوَ عَدو لَهما قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تقتلني كَمَا قتلت نفسا بالْأَمْس إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تكون جباراً فِي الأَرْض وَمَا تُرِيدُ أَن تكون من المصلحين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَأصْبح فِي الْمَدِينَة خَائفًا} قَالَ: خَائفًا أَن يُؤْخَذ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يترقب} قَالَ: يتلفت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {يترقب} قَالَ: يتوحش وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِذا الَّذِي استنصره بالْأَمْس يستصرخه} قَالَ: هُوَ صَاحب مُوسَى الَّذِي استنصره بالْأَمْس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: الَّذِي استنصره: هُوَ الَّذِي استصرخه

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَإِذا الَّذِي استنصره بالْأَمْس يستصرخه} قَالَ: الاستصراخ: الاستغاثة قَالَ: والاستنصار والاستصراخ وَاحِد {قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّك لغَوِيّ مُبين} فاقبل عَلَيْهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَظن الرجل أَنه يُرِيد قَتله فَقَالَ: يَا مُوسَى {أَتُرِيدُ أَن تقتلني كَمَا قتلت نفسا بالْأَمْس} قَالَ: قبْطِي قريب مِنْهُمَا يسمعهما فافشى عَلَيْهِمَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَلَمَّا أَن أَرَادَ أَن يبطش} قَالَ: ظن الَّذِي من شيعته إِنَّمَا يُريدهُ فَذَلِك قَوْله {أَتُرِيدُ أَن تقتلني كَمَا قتلت نفسا بالْأَمْس} أَنه لم يظْهر على قَتله أحد غَيره فَسمع قَوْله {أَتُرِيدُ أَن تقتلني كَمَا قتلت نفسا بالْأَمْس} عدوّهما فَأخْبر عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: من قتل رجلَيْنِ فَهُوَ جَبَّار ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {أَتُرِيدُ أَن تقتلني كَمَا قتلت نفسا بالْأَمْس إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تكون جباراً فِي الأَرْض} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يكون الرجل جباراً حَتَّى يقتل نفسين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: آيَة الْجَبَابِرَة الْقَتْل بِغَيْر حق وَالله أعلم

20

- قَوْله تَعَالَى: وَجَاء رجل من أقْصَى الْمَدِينَة يسْعَى قَالَ يَا مُوسَى أَن الْمَلأ يأتمرون بك ليقتلوك فَاخْرُج إِنِّي لَك من الناصحين فَخرج مِنْهَا خَائفًا يترقب قَالَ رب نجني من الْقَوْم الظَّالِمين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَجَاء رجل من أقْصَى الْمَدِينَة يسْعَى} قَالَ: مُؤمن آل فِرْعَوْن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شُعَيْب الجبائي قَالَ: كَانَ اسْم الَّذِي قَالَ لمُوسَى {إِن الْمَلأ يأتمرون بك} شَمْعُون

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَجَاء رجل من أقْصَى الْمَدِينَة يسْعَى} قَالَ: يعْمل لَيْسَ بالسيد اسْمه حزقيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: ذهب القبطي فافشى عَلَيْهِ: أَن مُوسَى هُوَ الَّذِي قتل الرجل فَطَلَبه فِرْعَوْن وَقَالَ: خذوه فَإِنَّهُ الَّذِي قتل صاحبنا وَقَالَ الَّذين يطلبونه: اطلبوه فِي ثنيات الطَّرِيق فَإِن مُوسَى غُلَام لَا يَهْتَدِي للطريق وَأخذ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي ثنيات الطَّرِيق وَقد جَاءَهُ الرجل فَأخْبرهُ {أَن الْمَلأ يأتمرون بك ليقتلوك فَاخْرُج إِنِّي لَك من الناصحين فَخرج مِنْهَا خَائفًا يترقب قَالَ رب نجني من الْقَوْم الظَّالِمين} فَلَمَّا أَخذ فِي ثنيات الطَّرِيق جَاءَهُ ملك على فرس بِيَدِهِ عنزة فَلَمَّا رَآهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سجد لَهُ من الْفرق فَقَالَ: لَا تسْجد لي وَلَكِن اتبعني فَتَبِعَهُ وهداه نَحْو مَدين فَانْطَلق الْملك حَتَّى انْتهى بِهِ إِلَى الْمَدِين فَلَمَّا أَتَى الشَّيْخ وقص عَلَيْهِ الْقَصَص {قَالَ لَا تخف نجوت من الْقَوْم الظَّالِمين} الْقَصَص الْآيَة 25 فَأمر احدى ابْنَتَيْهِ أَن تَأتيه بعصا وَكَانَت تِلْكَ الْعَصَا عَصا استودعه إِيَّاهَا ملك فِي صُورَة رجل فَدَفعهَا إِلَيْهِ فَدخلت الجاريه فَأخذت الْعَصَا فَأَتَتْهُ بهَا فَلَمَّا رَآهَا الشَّيْخ قَالَ لابنته ائتيه بغَيْرهَا فألقتها وَأخذت تُرِيدُ غَيرهَا فَلَا يَقع فِي يَدهَا إِلَّا هِيَ وَجعل يُرَدِّدهَا وكل ذَلِك لايخرج فِي يَدهَا غَيرهَا فَلَمَّا رآى ذَلِك عهد إِلَيْهِ فأخرجها مَعَه فرعى بهَا ثمَّ إِن الشَّيْخ نَدم وَقَالَ: كَانَت وَدِيعَة فَخرج يتلَقَّى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أَعْطِنِي الْعَصَا فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: هِيَ عصاي فَأبى أَن يُعْطِيهِ فاختصما فرضيا أَن يجعلا بَينهمَا أول رجل يلقاهما فاتاهما ملك يمشي فَقضى بَينهمَا فَقَالَ: ضعوها فِي الأَرْض فَمن حملهَا فَهِيَ لَهُ فعالجها الشَّيْخ فَلم يطقها وَأَخذهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِيَدِهِ فَرَفعهَا فَتَركهَا لَهُ الشَّيْخ فرعى لَهُ عشر سِنِين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَجَاء رجل من أقْصَى الْمَدِينَة يسْعَى} قَالَ: هُوَ مُؤمن آل فِرْعَوْن جَاءَ يسْعَى وَفِي قَوْله {فَخرج مِنْهَا خَائفًا يترقب} قَالَ: أَن يَأْخُذهُ الطّلب

22

- قَوْله تَعَالَى: وَلما توجه تِلْقَاء مَدين قَالَ عَسى رَبِّي أَن يهديني سَوَاء السَّبِيل أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَلما توجه تِلْقَاء مَدين} قَالَ: عرضت لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَرْبَعَة طرق فَلم يدر أيتها يسْلك فَقَالَ {عَسى رَبِّي أَن يهديني سَوَاء السَّبِيل} فَأخذ طَرِيق مَدين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تِلْقَاء مَدين} قَالَ: مَدين مَاء كَانَ عَلَيْهِ شُعَيْب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {عَسى رَبِّي أَن يهديني سَوَاء السَّبِيل} قَالَ: قصد السَّبِيل: الطَّرِيق إِلَى مَدين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {عَسى رَبِّي أَن يهديني سَوَاء السَّبِيل} قَالَ: الطَّرِيق الْمُسْتَقيم قَالَ: فَالتقى وَالله يَوْمئِذٍ خير أهل الأَرْض شُعَيْب ومُوسَى بن عمرَان وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن كَعْب بن عَلْقَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لما خرج هَارِبا من فِرْعَوْن قَالَ: رب أوصني قَالَ أوصيك أَن لَا تعدل بِي شَيْئا أبدا إِلَّا اخترتني عَلَيْهِ فَإِنِّي لَا أرْحم وَلَا أزكي من لم يكن كَذَلِك قَالَ: وبماذا يَا رب قَالَ: بأمك فانها حَملتك وَهنا على وَهن قَالَ: ثمَّ بِمَاذَا يَا رب قَالَ: إِن أوليتك شَيْئا من أَمر عبَادي فَلَا تعيهم إِلَيْك فِي حوائجهم فَإنَّك إِنَّمَا تعي روحي فَانِي مبصر ومسمع ومشهد

23

- قَوْله تَعَالَى: وَلما ورد مَاء مَدين وجد عَلَيْهِ أمة من النَّاس يسقون وَوجد من دونهم امْرَأتَيْنِ تذودان قَالَ مَا خطبكما قَالَتَا لَا نسقي حَتَّى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كَبِير فسقى لَهما ثمَّ تولى إِلَى الظل فَقَالَ رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهمَا تمشي على استحياء قَالَت إِن أبي يَدْعُوك ليجزيك أجر مَا سقيت لنا فَلَمَّا جَاءَهُ قصّ عَلَيْهِ الْقَصَص قَالَ

لَا تخف نجوت من الْقَوْم الظَّالِمين قَالَت إِحْدَاهمَا يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ إِن خير من اسْتَأْجَرت الْقوي الْأمين قَالَ إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين على أَن تَأْجُرنِي ثَمَانِي حجج فَإِن أتممت عشرا فَمن عنْدك وَمَا أُرِيد أَن أشق عَلَيْك ستجدني إنْشَاء الله من الصَّالِحين قَالَ ذَلِك بيني وَبَيْنك أَيّمَا الْأَجَليْنِ قضيت فَلَا عدوان عَليّ وَالله على مَا نقُول وَكيل أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خرج مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام خَائفًا جائعاً لَيْسَ مَعَه زَاد حَتَّى انْتهى إِلَى مَاء مَدين وَعَلِيهِ أمة من النَّاس يسقون وَامْرَأَتَانِ جالستان بشياههما فَسَأَلَهُمَا مَا خطبكما {قَالَتَا لَا نسقي حَتَّى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كَبِير} قَالَ: فَهَل قربكما مَاء قَالَتَا: لَا إِلَّا بِئْر عَلَيْهَا صَخْرَة قد غطيت بهَا لَا يطيقها نفر قَالَ: فَانْطَلقَا فأريانيها فانطلقتا مَعَه فَقَالَ بالصخرة بِيَدِهِ فنحاها ثمَّ استقى لَهما سجلاً وَاحِدًا فسقى الْغنم ثمَّ أعَاد الصَّخْرَة إِلَى مَكَانهَا ثمَّ تولى إِلَى الظل فَقَالَ: {رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} فسمعتا مَا قَالَ فرجعتا إِلَى أَبِيهِمَا فاستنكر سرعَة مجيئهما فَسَأَلَهُمَا فاخبرتاه فَقَالَ لإِحداهما: انطلقي فادعيه فَأَتَتْهُ فَقَالَت: {إِن أبي يَدْعُوك ليجزيك أجر مَا سقيت لنا} فمشيت بَين يَدَيْهِ فَقَالَ لَهَا: امشي خَلْفي فَإِنِّي امْرُؤ من عنصر إِبْرَاهِيم لَا يحل لي أَن أنظر مِنْك مَا حرم الله عَليّ وارشديني الطَّرِيق {فَلَمَّا جَاءَهُ وقص عَلَيْهِ الْقَصَص} قَالَت إِحْدَاهمَا: {يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ إِن خير من اسْتَأْجَرت الْقوي الْأمين} قَالَ لَهَا أَبوهَا: مَا رَأَيْت من قوّته وأمانته فَأَخْبَرته بِالْأَمر الَّذِي كَانَ قَالَت: أما قوّته فَإِنَّهُ قلب الْحجر وَحده وَكَانَ لَا يقلبه إِلَّا النَّفر وَأما أَمَانَته فَإِنَّهُ قَالَ: امشي خَلْفي وارشديني الطَّرِيق لِأَنِّي امْرُؤ من عنصر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام لَا يحل لي مِنْك مَا حرم الله تَعَالَى قيل لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: أبرهما وأوفاهما

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لما ورد مَاء مَدين وجد عَلَيْهِ أمة من النَّاس يسقون فَلَمَّا فرغوا أعادوا الصَّخْرَة على الْبِئْر وَلَا يُطيق رَفعهَا إِلَّا عشرَة رجال فَإِذا هُوَ بامرأتين {قَالَ مَا خطبكما} فحدثتاه فَأتى الصَّخْرَة فَرَفعهَا وَحده ثمَّ استقى فَلم يستق إِلَّا دلواً وَاحِدًا حَتَّى رويت الْغنم فَرَجَعت الْمَرْأَتَانِ إِلَى أَبِيهِمَا فحدثتاه وَتَوَلَّى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الظل {فَقَالَ رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} قَالَ: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهمَا تمشي على استحياء} وَاضِعَة ثوبها على وَجههَا لَيست بسلفع من النَّاس خراجة ولاجة {قَالَت إِن أبي يَدْعُوك ليجزيك أجر مَا سقيت لنا} فَقَامَ مَعهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهَا: امشي خَلْفي وانعتي لي الطَّرِيق فَإِنِّي أكره أَن تصيب الرّيح ثِيَابك فتصف جسدك فَلَمَّا انْتهى إِلَى أَبِيهَا قصّ عَلَيْهِ فَقَالَت احداهما {يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ إِن خير من اسْتَأْجَرت القوى الْأمين} قَالَ: يَا بنية مَا علمك بأمانته وقوته قَالَت: أما قوّته فرفعه الْحجر وَلَا يطيقه إِلَّا عشرَة رجال وَأما أَمَانَته فَقَالَ: امشي خَلْفي وانعتي لي الطَّرِيق فَإِنِّي أكره أَن تصيب الرّيح ثِيَابك فتصف لي جسدك فزاده ذَلِك رَغْبَة فِيهِ فَقَالَ {إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين} إِلَى قَوْله {ستجدني إِن شَاءَ الله من الصَّالِحين} أَي فِي حسن الصُّحْبَة وَالْوَفَاء بِمَا قلت قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {ذَلِك بيني وَبَيْنك أَيّمَا الْأَجَليْنِ قضيت فَلَا عدوان عَليّ} قَالَ: نعم {قَالَ الله على مَا نقُول وَكيل} فزوّجه وَأقَام مَعَه يَكْفِيهِ وَيعْمل لَهُ فِي رِعَايَة غنمه وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وزوّجه صفورا وَأُخْتهَا شرفا وهما الَّتِي كَانَتَا تذودان وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلما ورد مَاء مَدين} قَالَ: ورد المَاء حَيْثُ ورد وَأَنه لتتراءى خضرَة البقل من بَطْنه من الهزال وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خرج مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من مصر إِلَى مَدين وَبَينه وَبَينهَا ثَمَان لَيَال وَلم يكن لَهُ طَعَام إِلَّا ورق الشّجر وَخرج إِلَيْهَا حافياً فَمَا وصل حَتَّى وَقع خف قدمه

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {وَلما ورد مَاء مَدين} قَالَ: كَانَ مسيره خَمْسَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أمة من النَّاس يسقون} قَالَ: أُنَاسًا وَفِي قَوْله {إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} قَالَ: من طَعَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَوجد من دونهم امْرَأتَيْنِ} قَالَ: أَسمَاؤُهُم ليا وصفورا وَلَهُمَا أَربع أَخَوَات صغَار يسقين الْغنم فِي الصحاف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {تذودان} قَالَ: تحبسان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {تذودان} قَالَ: تحبسان غنمهما حَتَّى يفرغ النَّاس وتخلو لَهما الْبِئْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قَالَتَا لَا نسقي حَتَّى يصدر الرعاء} قَالَ: تنتظران أَن تسقيا من فضول مَا فِي حياضهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {حَتَّى يصدر الرعاء} بِرَفْع الْيَاء وَكسر الرَّاء فِي الرعاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لقد قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {رب إِنِّي لما أنزلت إليّ من خير فَقير} وَهُوَ أكْرم خلقه عَلَيْهِ وَلَقَد افْتقر إِلَى شقّ تَمْرَة وَلَقَد لصق بَطْنه بظهره من شدَّة الْجُوع وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} قَالَ: سَأَلَ فلقاً من الْخبز يشد بهَا صلبه من الْجُوع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما هرب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من فِرْعَوْن أَصَابَهُ جوع كَانَت ترى أمعاؤه من ظَاهر الثِّيَاب {فَقَالَ رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سقى مُوسَى للجاريتين {ثمَّ تولى إِلَى الظل فَقَالَ رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} قَالَ: إِنَّه يَوْمئِذٍ فَقير إِلَى كف من تمر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} قَالَ: شبعه يَوْمئِذٍ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد عَن مُجَاهِد قَالَ: مَا سَأَلَ إِلَّا طَعَاما يَأْكُلهُ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ {إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} قَالَ: مَا كَانَ مَعَه رغيف وَلَا دِرْهَم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الله بن أبي الْهُذيْل عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تمشي على استحياء} قَالَ: جَاءَت مستترة بكم درعها على وَجههَا وَأخرجه ابْن الْمُنْذر عَن ابْن أبي الْهُذيْل مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَأخرج أَحْمد عَن مطرف بن الشخير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أما وَالله لَو كَانَ عِنْد نَبِي الله شَيْء مَا تبع [] مذقتها وَلَكِن حمله على ذَلِك الْجهد وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي حَازِم قَالَ: لما دخل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام على شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام إِذا هُوَ بالعشاء فَقَالَ لَهُ شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام: كل قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: أعوذ بِاللَّه قَالَ وَلم أَلَسْت بجائع قَالَ: بلَى وَلَكِن أَخَاف أَن يكون هَذَا عوضا لما سقيت لَهما وَأَنا من أهل بَيت لَا نبتغي شَيْئا من عمل الْآخِرَة بملء الأَرْض ذَهَبا قَالَ: لَا وَالله وَلكنهَا عادتي وَعَادَة آبَائِي نقري الضَّيْف ونطعم الطَّعَام فَجَلَسَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَأكل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ أَنه بلغه: أَن شعيباً عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الَّذِي قصّ على مُوسَى الْقَصَص وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَقُول نَاس: أَنه شُعَيْب وَلَيْسَ بشعيب وَلَكِن سيد المَاء يَوْمئِذٍ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: كَانَ صَاحب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أثرون ابْن أخي شُعَيْب عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ اسْم ختن مُوسَى يثربي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الَّذِي اسْتَأْجر مُوسَى عَلَيْهِ

السَّلَام يثرب صَاحب مَدين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَنه كَانَ يكره الكنية بِأبي مرّة وَكَانَت كنية فِرْعَوْن وَكَانَت صَاحِبَة مُوسَى صفيرا بنت يثرون وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الْقوي} قَالَ: قوته فتح لَهما عَن بِئْر حجرا على فِيهَا فسقى لَهما {الْأمين} قَالَ: غض بَصَره عَنْهُمَا حِين سقى لَهما وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما قَالَت صَاحِبَة مُوسَى {يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ إِن خير من اسْتَأْجَرت الْقوي الْأمين} قَالَ: وَمَا رَأَيْت من قوته قَالَت: جَاءَ إِلَى الْبِئْر وَعَلِيهِ صَخْرَة لَا يقلها كَذَا وَكَذَا فَرَفعهَا قَالَ: وَمَا رَأَيْت من أَمَانَته قَالَت: كنت أَمْشِي أَمَامه فجعلني خَلفه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي أُرِيد أَن أنكحك إِحْدَى ابْنَتي هَاتين} قَالَ: بَلغنِي أَنه نكح الْكَبِيرَة الَّتِي دَعَتْهُ وَاسْمهَا صفورا وأبوها ابْن أخي شُعَيْب واسْمه رعاويل وَقد أَخْبرنِي من أصدق: أَن إسمه فِي الْكتاب يثرون كَاهِن مَدين والكاهن حبر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن نوف الشَّامي قَالَ: ولدت الْمَرْأَة لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام غُلَاما فَسَماهُ جرثمة وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن الْمُنْذر السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ {طس} حَتَّى بلغ قصَّة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: إِن مُوسَى أجر نَفسه ثَمَانِي سِنِين أَو عشرا على عفة فرجه وَطَعَام بَطْنه فَلَمَّا أَرَادَ فِرَاق شُعَيْب أَمر امْرَأَته أَن تسْأَل أَبَاهَا أَن يُعْطِيهَا من غنمه مَا يعيشون بِهِ فَأَعْطَاهَا مَا ولدت من غنمه قالب لون من ذَلِك الْعَام وَكَانَت غنمه سَوْدَاء حسناء فَانْطَلق مُوسَى إِلَى عَصَاهُ فسماها من طرفها ثمَّ وَضعهَا فِي أدنى الْحَوْض ثمَّ أوردهَا فَسَقَاهَا ووقف مُوسَى بازاء الْحَوْض فَلم يصدر مِنْهَا شَاة إِلَّا ضرب جنبها شَاة شَاة قَالَ: فأنمت وأثلثت وَوضعت كلهَا قوالب الوان إِلَّا شَاة أَو شَاتين لَيْسَ فِيهَا فشوش وَلَا ضبوب وَلَا غزور وَلَا ثفول وَلَا كمشة

تفوت الْكَفّ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَلَو افتتحتم الشَّام وجدْتُم بقايا تِلْكَ الْغنم وَهِي السامرية قَالَ ابْن لَهِيعَة: الفشوش: الَّتِي تفش بلبنها وَاسِعَة الشخب والضبوب: الطَّوِيلَة الضَّرع مجترة والغزور: الضيقة الشخب والثفول: الَّتِي لَيْسَ لَهَا ضرع إِلَّا كَهَيئَةِ حلمتين والكمشة: الصَّغِيرَة الضَّرع لَا يُدْرِكهُ الْكَفّ وَأخرج ابْن جرير عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما دَعَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام صَاحبه إِلَى الْأَجَل الَّذِي كَانَ بَينهمَا قَالَ لَهُ صَاحبه: كل شَاة ولدت على لَوْنهَا فلك لَوْنهَا فَعمد فَرفع خيالاً على المَاء فَلَمَّا رَأَيْت الخيال فزعت فجالت جَوْلَة فَولدت كُلهنَّ بلقاء إِلَّا شَاة وَاحِدَة فَذهب بألوانهن ذَلِك الْعَام وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى فَقَالَ: قضى أكثرهما وأطيبهما أَن رَسُول الله إِذا قَالَ فعل وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ جِبْرِيل أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قَالَ: أتمهما وأكملهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يُوسُف بن سرح أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى فَسَأَلَ جِبْرِيل فَقَالَ: لَا علم لي فَسَأَلَ جِبْرِيل ملكا فَوْقه فَقَالَ: لَا علم لي فَسَأَلَ ذَلِك الْملك ربه فَقَالَ الرب عز وَجل أبرهما وأتقاهما وأزكاهما وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَليّ بن عَاصِم عَن أبي هُرَيْرَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ: أَن رجلا سَأَلَهُ أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى فَقَالَ: لَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل جِبْرِيل فَقَالَ: لَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل مِيكَائِيل فَسَأَلَ مِيكَائِيل فَقَالَ: لَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل الرفيع فَسَأَلَ الرفيع فَقَالَ: لَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل اسرافيل فَسَأَلَ إسْرَافيل فَقَالَ: لَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل ذَا الْعِزَّة فَنَادَى إسْرَافيل بِصَوْتِهِ الأشد: يَا ذَا الْعِزَّة أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قَالَ: أتم الْأَجَليْنِ وأطيبهما عشر سِنِين قَالَ عَليّ بن عَاصِم: فَكَانَ أَبُو هرون إِذا حدث بِهَذَا الحَدِيث يَقُول: حَدثنِي أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جِبْرِيل عَن مِيكَائِيل عَن الرفيع عَن إسْرَافيل عَن ذِي الْعِزَّة تبَارك وَتَعَالَى

أَن مُوسَى قضى أتم الْأَجَليْنِ وأطيبه عشر سِنِين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قَالَ: أَوْفَاهُمَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي جِبْرِيل: يَا مُحَمَّد إِن سَأَلَك الْيَهُود أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى فَقل أَوْفَاهُمَا وَإِن سألوك أَيهمَا تزوج فَقل الصُّغْرَى مِنْهُمَا وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا سُئِلت أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى فَقل خيرهما وَأَبَرهمَا وَإِذا سُئِلت أَي الْمَرْأَتَيْنِ تزوج فَقل الصُّغْرَى مِنْهُمَا وَهِي الَّتِي جَاءَت فَقَالَت {يَا أَبَت اسْتَأْجرهُ إِن خير من اسْتَأْجَرت الْقوي الْأمين} فَقَالَ: مَا رَأَيْت من قوته قَالَت: أَخذ حجرا ثقيلاً فَأَلْقَاهُ على الْبِئْر قَالَ: وَمَا الَّذِي رَأَيْت من أَمَانَته قَالَت: قَالَ لي امشي خَلْفي وَلَا تمشي امامي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قَالَ: أبعدهُمَا وأطيبهما وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قَالَ: أبرهما وأوفاهما قَالَ: وَإِن سُئِلت أَي الْمَرْأَتَيْنِ تزوج فَقل الصُّغْرَى مِنْهُمَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى قَالَ: سَوف أسأَل جِبْرِيل فَسَأَلَهُ قَالَ: سَوف أسأَل مِيكَائِيل فَسَأَلَهُ قَالَ: سَوف أسأَل إسْرَافيل فَسَأَلَهُ فَقَالَ: سَوف أسأَل الرب فَسَأَلَهُ فَقَالَ: أبرهما وأوفاهما وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن مقسم قَالَ: لقِيت الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا فَقلت لَهُ: أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى الأول أَو الآخر قَالَ: الآخر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالله على مَا نقُول وَكيل} قَالَ: على قَول مُوسَى وَخَتنه

29

- قَوْله تَعَالَى: فَلَمَّا قضى مُوسَى الْأَجَل وَسَار بأَهْله آنس من جَانب الطّور نَارا قَالَ لأَهله امكثوا إِنِّي آنست نَارا لعَلي آتيكم مِنْهَا بِخَبَر أَو جذوة من النَّار لَعَلَّكُمْ تصطلون أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَمَّا قضى مُوسَى الْأَجَل} قَالَ: عشر سنينثم مكث بعد ذَلِك عشرا أُخْرَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ قَالَ عبد الله بن عَبَّاس لما قضى مُوسَى الْأَجَل سَار بأَهْله فضل عَن الطَّرِيق وَكَانَ فِي الشتَاء وَرفعت لَهُ نَار فَلَمَّا رَآهَا ظن أَنَّهَا نَار وَكَانَت من نور الله فَقَالَ لأَهله {امكثوا إِنِّي آنست نَارا لعَلي آتيكم مِنْهَا بِخَبَر} فَإِن لم أجد خَبرا آتيكم بشهاب قبس لَعَلَّكُمْ تصطلون من الْبرد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله (آنس) قَالَ: أحس وَفِي قَوْله {إِنِّي آنست نَارا} قَالَ: أحسست وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لعَلي آتيكم مِنْهَا بِخَبَر} قَالَ: لعَلي أجد من يدلني على الطَّرِيق وَكَانُوا قد ضلوا الطَّرِيق وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {جذوة} قَالَ: شهَاب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {جذوة} قَالَ: أصل شَجَرَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {جذوة} قَالَ: أصل شَجَرَة فِي طرفها نَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ الجذوة عود من حطب فِيهِ النَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (أَو جذوة) بِنصب الْجِيم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الْمليح قَالَ: أتيت مَيْمُون بن مهْرَان لَا ودعه عِنْد خروجي فِي تِجَارَة فَقَالَ: لَا تيأس أَن تصيب فِي وَجهك هَذَا فِي أَمر دينك أفضل مِمَّا ترجو أَن تصيب فِي أَمر دنياك فَإِن صَاحِبَة سبأ خرجت

وَلَيْسَ شَيْء أحب إِلَيْهَا من ملكهَا فأخرجها الله إِلَى مَا هُوَ خير من ذَلِك فهداها إِلَى الإِسلام وَأَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام خرج يُرِيد أَن يقتبس لأَهله نَارا فَأخْرجهُ الله إِلَى مَا هُوَ خير من ذَلِك: كَلمه الله تَعَالَى وَأخرج الْخَطِيب عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كن لما لَا ترجو أَرْجَى مِنْك لما ترجو فَإِن مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام خرج يقتبس نَارا فَرجع بالنبوّة

30

- قَوْله تَعَالَى: فَلَمَّا أَتَاهَا نُودي من شاطئ الْوَادي الْأَيْمن فِي الْبقْعَة الْمُبَارَكَة من الشَّجَرَة أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنا الله رب الْعَالمين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {نُودي من شاطئ الْوَادي الْأَيْمن} قَالَ: كَانَ النداء من السَّمَاء الدُّنْيَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من شاطئ الْوَادي الْأَيْمن} قَالَ: الْأَيْمن عَن يَمِين مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد الطّور وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ النداء من أَيمن الشَّجَرَة والنداء من السَّمَاء وَذَلِكَ فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نُودي عَن يَمِين الشَّجَرَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من الشَّجَرَة} قَالَ: أخْبرت أَنَّهَا عَوْسَجَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ {من الشَّجَرَة} قَالَ: شَجَرَة العوسج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكرت لي الشَّجَرَة الَّتِي أَوَى إِلَيْهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فسرت إِلَيْهَا يومي وليلتي حَتَّى صبحتها فَإِذا هِيَ سَمُرَة خضراء ترف فَصليت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاهوى إِلَيْهَا بَعِيري وَهُوَ جَائِع فَأخذ مِنْهَا ملْء فِيهِ فلاكه فَلم يسْتَطع أَن يسغه فلفظه فَصليت على النَّبِي وسلمت ثمَّ انصرفت

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن نوف الْبكالِي: أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لما نُودي من شاطىء الْوَادي الْأَيْمن قَالَ: وَمن أَنْت الَّذِي تنادي قَالَ: أَنا رَبك الْأَعْلَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر الثَّقَفِيّ قَالَ: أَتَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام الشَّجَرَة لَيْلًا وَهِي خضراء وَالنَّار تَتَرَدَّد فِيهَا فَذهب يتَنَاوَل النَّار فمالت عَنهُ فذعر وفزع فَنُوديَ من شاطىء الْوَادي الْأَيْمن قَالَ: عَن يَمِين الشَّجَرَة فاستأنس بالصوت فَقَالَ: أَيْن أَنْت أَيْن أَنْت قيل: الصَّوْت أَنا فَوْقك قَالَ: رَبِّي قَالَ: نعم

31

- قَوْله تَعَالَى: وَأَن ألق عصاك فَلَمَّا رَآهَا تهتز كَأَنَّهَا جَان ولى مُدبرا وَلم يعقب يَا مُوسَى أقبل ولاتخف إِنَّك من الْآمنينَ أسلك يدك فِي جيبك تخرج بَيْضَاء من غير سوء واضمم إِلَيْك جناحك من الرهب فذانك برهانان من رَبك إِلَى فِرْعَوْن وملائه إِنَّهُم كَانُوا قوما فاسقين قَالَ رب إِنِّي قتلت مِنْهُم نفسا فَأَخَاف أَن يقتلُون وَأخي هرون هُوَ أفْصح مني لِسَانا فَأرْسلهُ معي ردْءًا يصدقني أَنِّي أَخَاف أَن يكذبُون قَالَ سنشد عضدك بأخيك ونجعل لَكمَا سُلْطَانا فَلَا يصلونَ إلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمن اتبعكما الغالبون فَلَمَّا جَاءَهُم مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَات قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سحر مفترى وَمَا سمعنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلين وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أعلم بِمن جَاءَ بِالْهدى من عِنْده وَمن تكون لَهُ عَاقِبَة الدَّار إِنَّه لَا يفلح الظَّالِمُونَ أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولى مُدبرا} من الرهب قَالَ: هَذَا من تَقْدِيم الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {واضمم إِلَيْك جناحك} قَالَ: يدك

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واضمم إِلَيْك جناحك} قَالَ: كَفه تَحت عضده {من الرهب} قَالَ: من الْفرق {فذانك برهانان} قَالَ: الْعَصَا وَالْيَد وَفِي قَوْله {ردْءًا} قَالَ: عوناً وَفِي قَوْله {ونجعل لَكمَا سُلْطَانا} قَالَ: الْحجَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلم يعقب} قَالَ: لم يلْتَفت من الْفرق وَفِي قَوْله {اسلك يدك فِي جيبك} قَالَ: فِي جيب قَمِيصك {تخرج بَيْضَاء من غير سوء} قَالَ: من غير برص {واضمم إِلَيْك جناحك من الرهب} قَالَ: من الرعب {فذانك برهانان} قَالَ: آيتان من رَبك {فَأرْسلهُ معي ردْءًا} قَالَ: عوناً لي وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {من الرهب} مُخَفّفَة مَرْفُوعَة الرَّاء وَقَرَأَ (فذانك) مُخَفّفَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن كثير وَقيس أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن (فذنك برهانان) مثقلة النُّون وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ردْءًا يصدقني} كي يصدقني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن وهب نبأنا نَافِع بن أبي نعيم قَالَ: سَأَلت مُسلم بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ عَن قَوْله {ردْءًا يصدقني} قَالَ: الردء الزِّيَادَة أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: واسمر خطى كَأَن كعوبه نوى الْقصب قد اردى ذِرَاعا على عشر وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {سنشد عضدك بأخيك} قَالَ: الْعَضُد: الْمعِين النَّاصِر قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول النَّابِغَة: فِي ذمَّة من أبي قَابُوس منقذة للخائفين وَمن لَيست لَهُ عضد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قد ملىء قلبه رعْبًا من فِرْعَوْن فَكَانَ إِذا رَآهُ قَالَ: اللَّهُمَّ أدرأ بك فِي نَحره وَأَعُوذ بك

من شَره فَفَزعَ الله تَعَالَى مَا كَانَ فِي قلب مُوسَى وَجعله فِي قلب فِرْعَوْن فَكَانَ إِذا رَآهُ بَال كَمَا يَبُول الْحمار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دُعَاء مُوسَى حِين توجه إِلَى فِرْعَوْن وَدُعَاء النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم حنين وَدُعَاء كل مكروب كنت وَتَكون وَأَنت حَيّ لَا تَمُوت تنام الْعُيُون وتكدر النُّجُوم وَأَنت حَيّ قيوم لَا تأخذك سنة وَلَا نوم يَا حَيّ يَا قيوم

38

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالَ فِرْعَوْن يَا أَيهَا الْمَلأ مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي فَأوقد لي يَا هامان على الطين فَاجْعَلْ لي صرحا لعَلي أطلع إِلَى إِلَه مُوسَى وَإِنِّي لأظنه من الْكَاذِبين واستكبر هُوَ وَجُنُوده فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق وظنوا أَنهم إِلَيْنَا لَا يرجعُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما قَالَ فِرْعَوْن {يَا أَيهَا الْمَلأ مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي} قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب طَغى عَبدك فائذن لي فِي هَلَاكه قَالَ: يَا جِبْرِيل هُوَ عَبدِي وَلنْ يسبقني لَهُ أجل قد اجلته حَتَّى يجييء ذَلِك الْأَجَل فَلَمَّا قَالَ {أَنا ربكُم الْأَعْلَى} النازعات الْآيَة 24 قَالَ: يَا جِبْرِيل قد سكنت روعتك بغى عَبدِي وَقد جَاءَ أَوَان هَلَاكه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلمتان قالهما فِرْعَوْن {مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي} وَقَوله {أَنا ربكُم الْأَعْلَى} قَالَ: كَانَ بَينهمَا أَرْبَعُونَ عَاما {فَأَخذه الله نكال الْآخِرَة وَالْأولَى} النازعات الْآيَة 26 أما قَوْله تَعَالَى {فَأوقد لي يَا هامان} الْآيَة أخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر قَالَ: حَدثنَا أَسد عَن خَالِد بن عبد الله عَن مُحدث حَدثهُ قَالَ: كَانَ هامان نبطياً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَأوقد لي يَا هامان على الطين} قَالَ على الْمدر يكون لَبَنًا مطبوخاً

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: بَلغنِي أَن فِرْعَوْن أول من طبخ الْآجر أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ فِرْعَوْن أول من طبخ الْآجر وصنع لَهُ الصرح وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: فِرْعَوْن أول من صنع الْآجر وَبنى بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {فَأوقد لي يَا هامان على الطين} قَالَ: اَوْقِدْ على الطين حَتَّى يكون آجراً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: لما بنوا لَهُ الصرح ارْتقى فَوْقه فَأمر بنشابة فَرمى بهَا نَحْو السَّمَاء فَردَّتْ إِلَيْهِ وَهِي متلطخة دَمًا فَقَالَ: قتلت اله مُوسَى

40

- قَوْله تَعَالَى: فأخذناه وَجُنُوده فنبذناهم فِي اليم فانظركيف كَانَ عَاقِبَة الظَّالِمين وجعلناهم أَئِمَّة يدعونَ إِلَى النَّار وَيَوْم الْقِيَامَة لَا ينْصرُونَ وأتبعناهم فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة وَيَوْم الْقِيَامَة هم من المقبوحين أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فنبذناهم فِي اليم} قَالَ: فِي الْبَحْر بَحر يُقَال لَهُ ساف من وَرَاء مصر غرقهم الله فِيهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وجعلناهم أَئِمَّة يدعونَ إِلَى النَّار} قَالَ: جعلهم الله أَئِمَّة يدعونَ إِلَى الْمعاصِي وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وأتبعناهم فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة وَيَوْم الْقِيَامَة} لعنة أُخْرَى ثمَّ اسْتقْبل فَقَالَ {هم من المقبوحين} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأتبعناهم فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة وَيَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة هُوَ كَقَوْلِه {وأتبعناهم فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة وَيَوْم الْقِيَامَة}

43

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب من بعد مَا أهلكنا الْقُرُون الأولى بصائر للنَّاس وَهدى وَرَحْمَة لَعَلَّهُم يتذكرون أخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أهلك الله قوما وَلَا قرنا وَلَا أمة وَلَا أهل قَرْيَة بِعَذَاب من السَّمَاء مُنْذُ أنزل التَّوْرَاة على وَجه الأَرْض غير الْقرْيَة الَّتِي مسخت قردة ألم تَرَ إِلَى قَوْله {وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب من بعد مَا أهلكنا الْقُرُون الأولى} وَأخرجه الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن أبي سعيد مَوْقُوفا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بصائر للنَّاس} قَالَ: بَيِّنَةٌ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: البصائر الْهدى بصائر مَا فِي قُلُوبهم لذنوبهم

44

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا كنت بِجَانِب الغربي إِذْ قضينا إِلَى مُوسَى الْأَمر وَمَا كنت من الشَّاهِدين وَلَكنَّا أنشأنا قرونا فتطاول عَلَيْهِم الْعُمر وَمَا كنت ثاويا فِي أهل مَدين تتلو عَلَيْهِم آيَاتنَا وَلَكنَّا كُنَّا مرسلين أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا كنت بِجَانِب الغربي} قَالَ: جَانب غربي الْجَبَل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَمَا كنت ثاوياً} قَالَ: الثاوي الْمُقِيم

46

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا وَلَكِن رَحْمَة من رَبك لتنذر قوما مَا أَتَاهُم من نَذِير من قبلك لَعَلَّهُم يتذكرون

أخرج الْفرْيَابِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا} قَالَ: نُودُوا يَا أمة مُحَمَّد أَعطيتكُم قبل أَن تَسْأَلُونِي واستجبت لكم قبل أَن تَدعُونِي وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن رب الْعِزَّة نَادَى يَا أمة مُحَمَّد إِن رَحْمَتي سبقت غَضَبي ثمَّ أنزلت هَذِه الْآيَة فِي سُورَة مُوسَى وَفرْعَوْن {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وأيو نصر السجْزِي فِي الابانة والديلمي عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا وَلَكِن رَحْمَة من رَبك} مَا كَانَ النداء وَمَا كَانَت الرَّحْمَة قَالَ كتاب كتبه الله قبل أَن يخلق خلقه بألفي عَام ثمَّ وَضعه على عَرْشه ثمَّ نَادَى: يَا أمة مُحَمَّد سبقت رَحْمَتي غَضَبي أعيتكم قبل أَن تَسْأَلُونِي وغفرت لكم قبل أَن تستغفروني فَمن لَقِيَنِي مِنْكُم يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد عَبدِي ورسولي صَادِقا أدخلته الْجنَّة وَأخرج الْحلِيّ فِي الديباج عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ مَرْفُوعا مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شغله ذكري عَن مَسْأَلَتي أَعْطيته قبل أَن يسألني وَذَلِكَ فِي قَوْله {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا} قَالَ: نُودُوا يَا أمة مُحَمَّد مَا دعوتمونا إِلَّا استجبنا لكم وَلَا سألتمونا إِلَّا أعطيناكم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما قرب الله مُوسَى إِلَى طور سينا نجينا قَالَ: أَي رب هَل أحد أكْرم عَلَيْك مني قربتني نجيا وكلمتني تكليماً قَالَ: نعم مُحَمَّد أكْرم عَليّ مِنْك قَالَ: فَإِن كَانَ مُحَمَّد أكْرم عَلَيْك مني فَهَل أمة مُحَمَّد أكْرم من بني إِسْرَائِيل فلقت لَهُم الْبَحْر وأنجيتهم من فِرْعَوْن وَعَمله وأطعمتهم الْمَنّ والسلوى قَالَ: نعم أمة مُحَمَّد أكْرم عَليّ من بني إِسْرَائِيل قَالَ: إلهي أرنيهم قَالَ: إِنَّك لن تراهم وَإِن شِئْت أسمعتك

صوتهم قَالَ: نعم إلهي فَنَادَى رَبنَا: أمة مُحَمَّد أجِيبُوا ربكُم فاجابوا وهم فِي أصلاب آبَائِهِم وأرحام امهاتهم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَقَالُوا: لبيْك أَنْت رَبنَا حَقًا وَنحن عبيدك حَقًا قَالَ: صَدقْتُمْ وَأَنا ربكُم وَأَنْتُم عَبِيدِي حَقًا قد غفرت لكم قبل أَن تَدعُونِي وأعطيتكم قبل أَن تَسْأَلُونِي فَمن لَقِيَنِي مِنْكُم بِشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يمن عَلَيْهِ بِمَا اعطاه وَبِمَا أعْطى امته فَقَالَ: يَا مُحَمَّد {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن مقَاتل {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور} يَقُول: وَمَا كنت أَنْت يَا مُحَمَّد بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا أمتك وهم فِي أصلاب آبَائِهِم أَن يُؤمنُوا بك إِذا بعثت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا كنت بِجَانِب الطّور إِذْ نادينا} قَالَ: إِذْ نادينا مُوسَى {وَلَكِن رَحْمَة من رَبك} أَي مِمَّا قَصَصنَا عَلَيْك

47

- قَوْله تَعَالَى: وَلَوْلَا أَن تصيبهم مُصِيبَة بِمَا قدمت أَيْديهم فيقولوا رَبنَا لَوْلَا أرْسلت إِلَيْنَا رَسُولا فنتبع آياتك ونكون من الْمُؤمنِينَ فَلَمَّا جَاءَهُم الْحق من عندنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مثل مَا أُوتِيَ مُوسَى أولم يكفروا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى من قبل قَالُوا ساحران تظاهرا وَقَالُوا إِنَّا بِكُل كافرون قل فَأتوا بِكِتَاب من عِنْد الله هُوَ أهْدى مِنْهُمَا أتبعه إِن كُنْتُم صَادِقين فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لَك فَاعْلَم أَنما يتبعُون أهواءهم وَمن أضلّ مِمَّن اتبع هَوَاهُ بِغَيْر هدى من الله إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْهَالِك فِي الفترة يَقُول: رب لم يأتني كتاب وَلَا رَسُول ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {رَبنَا لَوْلَا أرْسلت إِلَيْنَا رَسُولا فنتبع آياتك ونكون من الْمُؤمنِينَ}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَلَمَّا جَاءَهُم الْحق من عندنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مثل مَا أُوتِيَ مُوسَى أَو لم يكفروا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى من قبل قَالُوا سحران تظاهرا وَقَالُوا إِنَّا بِكُل كافرون} قَالَ: هم أهل الْكتاب يَقُول بالكتابين التَّوْرَاة وَالْفرْقَان فَقَالَ الله {قل فَأتوا بِكِتَاب من عِنْد الله هُوَ أهْدى مِنْهُمَا أتبعه إِن كُنْتُم صَادِقين} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {لَوْلَا أُوتِيَ مثل مَا أُوتِيَ مُوسَى} قَالَ: يهود تَأمر قُريْشًا أَن تسْأَل مُحَمَّدًا {مثل مَا أُوتِيَ مُوسَى} من قبل يَقُول الله لمُحَمد: قل لقريش يَقُولُونَ لَهُم {أَو لم يكفروا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى من قبل قَالُوا سحران تظاهرا} قَالَ: قَول يهود لمُوسَى وَهَارُون {وَقَالُوا إِنَّا بِكُل كافرون} قَالَ: يهود تكفر أَيْضا بِمَا أُوتِيَ مُحَمَّد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أَو لم يكفروا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى من قبل} قَالَ: من قبل أَن يبْعَث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {قَالُوا سحران تظاهرا} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير أَنه كَانَ يقْرَأ {قَالُوا سحران تظاهرا} قَالَ: مُوسَى وَهَارُون وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا انه قَرَأَ {سحران تظاهرا} بِالْألف قَالَ: يَعْنِي مُوسَى ومحمداً عَلَيْهِمَا السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {سحران تظاهرا} قَالَ: هما كِتَابَانِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ {قَالُوا سحران تظاهرا} يَقُول: التَّوْرَاة وَالْفرْقَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {قَالُوا سحران تظاهرا} قَالَ: التَّوْرَاة وَالْفرْقَان حِين صدق كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَاصِم الجحدري أَنه كَانَ يقْرَأ {سحران تظاهرا}

يَقُول: كِتَابَانِ التَّوْرَاة وَالْفرْقَان: أَلا ترَاهُ يَقُول {فَأتوا بِكِتَاب من عِنْد الله هُوَ أهْدى مِنْهُمَا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو كَانَ يُرِيد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقل {فَأتوا بِكِتَاب من عِنْد الله هُوَ أهْدى مِنْهُمَا أتبعه} إِنَّمَا أَرَادَ الْكِتَابَيْنِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي رزين رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَقْرَأها {سحران تظاهرا} يَقُول: كِتَابَانِ التَّوْرَاة والإِنجيل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {قَالُوا سحران تظاهرا} قَالَ: ذَلِك اعداء الله الْيَهُود للإِنجيل وَالْقُرْآن قَالَ: وَمن قَرَأَهَا (ساحران) يَقُول: مُحَمَّد وَعِيسَى وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الْكَرِيم أبي أُميَّة قَالَ: سَمِعت عِكْرِمَة يَقُول {سحران} فَذكرت ذَلِك لمجاهد فَقَالَ: كذب العَبْد قرأتها على ابْن عَبَّاس (ساحران) فَلم يُعِبْ عَليّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَهُوَ بَين الرُّكْن وَالْبَاب والملتزم وَهُوَ متكىء على يَدي عِكْرِمَة فَقلت: أسحران تظاهرا أم ساحران فَقلت ذَلِك مرَارًا فَقَالَ عِكْرِمَة (ساحران تظاهرا) اذْهَبْ أَيهَا الرجل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَقَالُوا إِنَّا بِكُل كافرون} يَقُول: بِالتَّوْرَاةِ وَالْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {وَقَالُوا إِنَّا بِكُل كافرون} قَالَ: الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى وَالَّذِي جَاءَ بِهِ عِيسَى

51

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد وصلنا لَهُم القَوْل لَعَلَّهُم يتذكرون الَّذين أتيناهم الْكتاب من قبلهم هم بِهِ يُؤمنُونَ وإذايتلى عَلَيْهِم قَالُوا آمنا بِهِ إِنَّه الْحق من رَبنَا إِنَّا كُنَّا من قبله مُسلمين أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ويدرؤون بِالْحَسَنَة السَّيئَة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ وَإِذا سمعُوا اللَّغْو

أَعرضُوا عَنهُ وَقَالُوا لنا أَعمالنَا وَلكم أَعمالكُم سَلام عَلَيْكُم لَا نبتغي الْجَاهِلين أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه والباوردي وَابْن قَانِع الثَّلَاثَة فِي معاجم الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد جيد عَن رِفَاعَة الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت {وَلَقَد وصلنا لَهُم القَوْل لَعَلَّهُم يتذكرون} إِلَى قَوْله {أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} فِي عشرَة رَهْط: انا أحدهم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَلَقَد وصلنا لَهُم} قَالَ: لقريش {القَوْل} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَلَقَد وصلنا لَهُم القَوْل} قَالَ: بَيَّنا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَلَقَد وصلنا لَهُم القَوْل} قَالَ: وصل الله لَهُم القَوْل فِي هَذَا الْقُرْآن يُخْبِرهُمْ كَيفَ يصنع بِمن مضى وَكَيف صَنَعُوا وَكَيف هُوَ صانع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي رِفَاعَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج عشرَة رَهْط من أهل الْكتاب - مِنْهُم أَبُو رِفَاعَة - إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فآمنوا فأوذوا فَنزلت {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ} وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن رِفَاعَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أبي من الَّذين آمنُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الْكتاب وَكَانُوا عشرَة فَلَمَّا جاؤا جعل النَّاس يستهزئون بهم وَيضْحَكُونَ مِنْهُم فَأنْزل الله {أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب} إِلَى قَوْله {لَا نبتغي الْجَاهِلين} قَالَ: فِي مسلمة أهل الْكتاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنَّهَا أنزلت فِي

أنَاس من أهل الْكتاب كَانُوا على شَرِيعَة من الْحق يَأْخُذُونَ بهَا وينتهون إِلَيْهَا حَتَّى بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصبرهم على ذَلِك قَالَ: وَذكر لنا أَن مِنْهُم سلمَان وَعبد الله بن سَلام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ} قَالَ: يَعْنِي من آمن بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الْكتاب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تداولتني الموَالِي حَتَّى وَقعت بِيَثْرِب فَلَمَّا يكن فِي الأَرْض قوم أحب إِلَيّ من النَّصَارَى وَلَا دين أحب إِلَيّ من النَّصْرَانِيَّة لما رَأَيْت من اجتهادهم فَبينا أَنا كَذَلِك إِذْ قَالُوا: قد بعث فِي الْعَرَب نَبِي ثمَّ قَالُوا: قدم الْمَدِينَة فاتيته فَجعلت أسأله عَن النَّصَارَى قَالَ: لَا خير فِي النَّصَارَى وَلَا أحب النَّصَارَى قَالَ: فاخبرته أَن صَاحِبي قَالَ: لَو أَدْرَكته فَأمرنِي أَن أقع النَّار لوقعتها قَالَ: وَكنت قد استهترت بحب النَّصَارَى فَحدثت نَفسِي بالهرب وَقد جرد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّيْف فَأَتَانِي آتٍ فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُوك فَقلت: اذْهَبْ حَتَّى أجيء وَأَنا أحدث نَفسِي بالهرب قَالَ لي: لن افارقك حَتَّى أذهب بك إِلَيْهِ فَانْطَلَقت بِهِ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: يَا سلمَان قد أنزل الله عذرك {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخطيب فِي تَارِيخه عَن سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَنا رجل من أهل رام هُرْمُز كُنَّا قوما مجوساً فَأَتَانَا رجل نَصْرَانِيّ من أهل الجزيرة فَنزل فِينَا وَاتخذ فِينَا ديراً وَكنت فِي كتاب فِي الفارسية وَكَانَ لَا يزَال غُلَام معي فِي الْكتاب يَجِيء مَضْرُوبا يبكي قد ضربه أَبَوَاهُ فَقلت لَهُ يَوْمًا: مَا يبكيك قَالَ: يضربني أبواي قلت: وَلم يضربانك قَالَ: آتِي صَاحب هَذَا الدَّيْر فَإِذا علما ذَلِك ضرباني وَأَنت لَو أَتَيْته سَمِعت مِنْهُ حَدِيثا عجيباً قلت: فَاذْهَبْ بِي مَعَك فاتيناه فحدثنا عَن بَدْء الْخلق وَعَن بَدْء مغلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَعَن الْجنَّة وَالنَّار فحدثنا باحاديث عجب وَكنت أختلف إِلَيْهِ مَعَه فَفطن لنا غلْمَان من الْكتاب فَجعلُوا يجيؤن مَعنا فَلَمَّا رأى ذَلِك أهل الْقرْيَة أَتَوْهُ فَقَالُوا: يَا هَذَا إِنَّك قد جاورتنا فَلم نر من جوارك إِلَّا الْحسن وإننا لنا غلماننا يَخْتَلِفُونَ إِلَيْك وَنحن نَخَاف أَن تفسدهم علينا أخرج

عَنَّا قَالَ: نعم فَقَالَ لذَلِك الْغُلَام كَانَ يَأْتِيهِ: اخْرُج معي قَالَ: لَا أَسْتَطِيع ذَلِك قد علمت شدَّة أَبَوي عَليّ قلت: لكنني أخرج مَعَك وَكنت يَتِيما لَا أَب لي فَخرجت مَعَه فأخذنا جبل رام هُرْمُز فَجعلنَا نمشي ونتوكل وَنَأْكُل من ثَمَر الشّجر حَتَّى قدمنَا الجزيرة فقدمنا نَصِيبين فَقَالَ لي صَاحِبي: يَا سلمَان ان هَهُنَا قوما عباد الأَرْض وَأَنا أحب أَن ألقاهم فَجِئْنَا إِلَيْهِم يَوْم الْأَحَد وَقد اجْتَمعُوا فَسلم عَلَيْهِم صَاحِبي فحيوه وبشوا بِهِ وَقَالُوا: أَيْن كَانَ غَيْبَتِك قَالَ كنت فِي اخوان لي من قبل فَارس فتحدثنا مَا تحدثنا ثمَّ قَالَ لي صَاحِبي: قُم يَا سلمَان انْطلق قلت: لَا دَعْنِي مَعَ هَؤُلَاءِ قَالَ: إِنَّك لَا تطِيق مَا يُطيق هَؤُلَاءِ يَصُومُونَ الْأَحَد إِلَى الْأَحَد وَلَا ينامون هَذَا اللَّيْل فَإِذا فيهم رجل من أَبنَاء الْمُلُوك ترك الْمُلْكَ وَدخل فِي الْعِبَادَة فَكنت فيهم حَتَّى أمسينا فَجعلُوا يذهبون وَاحِدًا وَاحِدًا إِلَى غاره الَّذِي يكون فِيهِ فَلَمَّا أمسينا قَالَ ذَاك الَّذِي من أَبنَاء الْمُلُوك هَذَا الْغُلَام مَا تصنعونه ليأخذه رجل مِنْكُم فَقَالُوا: خُذْهُ أَنْت فَقَالَ لي: قُم يَا سلمَان فَذهب بِي حَتَّى أَتَى غاره الَّذِي يكون فِيهِ فَقَالَ لي: يَا سلمَان هَذَا خبز وَهَذَا أَدَم فَكل إِذْ غرثت وصم إِذا نشطت وصل مَا بدا لَك ونم إِذا كسلت ثمَّ قَامَ فِي صلَاته فَلم يكلمني وَلم ينظر الي فأخذني الْغم تِلْكَ السَّبْعَة الْأَيَّام لَا يكلمني أحد حَتَّى كَانَ الْأَحَد فَانْصَرف الي فَهبت إِلَى مَكَانهَا الي كَانُوا يَجْتَمعُونَ وهم يَجْتَمعُونَ كل أحد يفطرون فِيهِ فَيلقى بَعضهم بَعْضًا فَيسلم بَعضهم على بعض ثمَّ لَا يلتقون إِلَى مثله فَرَجَعت إِلَى منزلنا فَقَالَ لي: مثل مَا قَالَ لي أول مرّة: هَذَا خبز وخذا أَدَم فَكل مِنْهُ إِذا غرثت وصم إِذا نشطت وصل مَا بدا لَك ونم إِذا كسلت ثمَّ دخل فِي صلَاته فَلم يلْتَفت إِلَيّ وَلم يكلمني إِلَى الْأَحَد الآخر فاخذني غم وَحدثت نَفسِي بالفرار فَقلت: اصبر أحدين أَو ثَلَاثَة فَلَمَّا كَانَ الْأَحَد رَجعْنَا إِلَيْهِم فافطروا واجتمعوا فَقَالَ لَهُم: إِنِّي أُرِيد بَيت الْمُقَدّس فَقَالُوا لَهُ: وَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَاك قَالَ: لَا عهد بِهِ قَالُوا: إِنَّا نَخَاف أَن يحدث بك حدث فيليك غَيرنَا وَكُنَّا نحب أَن نليك قَالَ: لَا عهد بِهِ

فَلَمَّا سمعته يذكر ذَاك فرحت قلت: نسافر ونلقى النَّاس فَيذْهب عني الْغم الَّذِي كنت أجد فَخرجت أَنا وَهُوَ وَكَانَ يَصُوم من الْأَحَد إِلَى الْأَحَد وَيُصلي اللَّيْل كُله وَيَمْشي بِالنَّهَارِ فَإِذا نزلنَا قَامَ يُصَلِّي فَلم يزل ذَاك دأبه حَتَّى نزلنَا بَيت الْمُقَدّس وعَلى الْبَاب رجل مقْعد يسْأَل النَّاس فَقَالَ: اعطني فَقَالَ: مَا معي شَيْء فَدَخَلْنَا بَيت الْمُقَدّس فَلَمَّا رَآهُ أهل بَيت الْمُقَدّس بشوا بِهِ وَاسْتَبْشَرُوا بِهِ فَقَالَ لَهُم: غلامي هَذَا فَاسْتَوْصُوا بِهِ فَانْطَلقُوا بِي فاطعموني خبْزًا وَلَحْمًا وَدخل فِي الصَّلَاة فَلم ينْصَرف إِلَيّ حَتَّى كَانَ يَوْم الْأَحَد الآخر ثمَّ انْصَرف فَقَالَ لي: يَا سلمَان إِنِّي أُرِيد أَن أَضَع رَأْسِي فَإِذا بلغ الظل مَكَان كَذَا وَكَذَا فايقظني فَبلغ الظل الَّذِي قَالَ فَلم أوقظه رَحْمَة لَهُ مِمَّا رَأَيْت من اجْتِهَاده ونصبه فَاسْتَيْقَظَ مذعوراً فَقَالَ: يَا سلمَان ألم أكن قلت لَك إِذا بلغ الظل مَكَان كَذَا وَكَذَا فأيقظني قلت: بلَى وَلَكِن إِنَّمَا مَنَعَنِي رَحْمَة لَك لما رَأَيْت من دأبك قَالَ: وَيحك يَا سلمَان إِنِّي أكره أَن يفوتني شَيْء من الدَّهْر لم أعمل فِيهِ لله خيرا ثمَّ قَالَ لي: يَا سلمَان اعْلَم أَن أفضل ديننَا الْيَوْم النَّصْرَانِيَّة قلت: وَيكون بعد الْيَوْم دين أفضل من النَّصْرَانِيَّة كلمة ألقيت على لساني قَالَ: نعم يُوشك أَن يبْعَث نَبِي يَأْكُل الْهَدِيَّة وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة وَبَين كَتفيهِ خَاتم النُّبُوَّة فَإِذا أَدْرَكته فَاتبعهُ وَصدقه قلت: وَإِن أَمرنِي أَن أدع النَّصْرَانِيَّة قَالَ: نعم فَإِنَّهُ نَبِي الله لَا يَأْمر إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَقُول إِلَّا حَقًا وَالله لَو أَدْرَكته ثمَّ أَمرنِي أَن أقع فِي النَّار لوقعتها ثمَّ خرجنَا من بَيت الْمُقَدّس فمررنا على ذَلِك المقعد فَقَالَ لَهُ: دخلت فَلم تعطني وَهَذَا تخرج فاعطني فَالْتَفت فَلم ير حوله أحدا قَالَ: فاعطني يدك فَأخذ بِيَدِهِ فَقَالَ: قُم باذن الله فَقَامَ صَحِيحا سوياً فَتوجه نَحْو أَهله فاتبعته بَصرِي تَعَجبا مِمَّا رَأَيْت وَخرج صَاحِبي فأسرع الْمَشْي وتبعته فتلقاني رفْقَة من كلب اعراب فسبوني فحملوني على بعير وشدوني وثاقاً فتداولني البياع حَتَّى سَقَطت إِلَى الْمَدِينَة فاشتراني رجل من الْأَنْصَار فجعلني فِي حَائِط لَهُ من نخل فَكنت فِيهِ وَمن ثمَّ تعلمت الخوص أَشْتَرِي خوصاً بدرهم فاعلمه فابيعه بِدِرْهَمَيْنِ فأرد درهما إِلَى الخوص واستنفق درهما أحب أَن آكل من عمل يَدي فَبَلغنَا وَنحن بِالْمَدِينَةِ أَن رجلا خرج بِمَكَّة يزْعم أَن الله أرْسلهُ فَمَكثْنَا مَا شَاءَ الله أَن نمكث فَهَاجَرَ إِلَيْنَا

وَقدم علينا فَقلت: وَالله لأجربنه إِلَى السُّوق فاشتريت لحم جزور ثمَّ طحنته فَجعلت قَصْعَة من ثريد فاحتملتها حَتَّى أَتَيْته بهَا على عَاتِقي حَتَّى وَضَعتهَا بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذِه أصدقة أم هَدِيَّة قلت: بل صَدَقَة فَقَالَ لأَصْحَابه: كلوا بِسم الله وَأمْسك وَلم يَأْكُل فَمَكثَ أَيَّام ثمَّ اشْتريت لَحْمًا أَيْضا بدرهم فَاصْنَعْ مثلهَا فاحتملها حَتَّى أَتَيْته بهَا فَوَضَعتهَا بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: مَا هَذِه صَدَقَة أم هَدِيَّة فَقلت: بل هَدِيَّة فَقَالَ لأَصْحَابه: كلوا بِسم الله وَأكل مَعَهم قلت: هَذَا - وَالله - يَأْكُل الْهَدِيَّة وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة فَرَأَيْت بَين كَتفيهِ خَاتم النبوّة مثل بَيْضَة الْحَمَامَة فاسلمت فَقلت لَهُ ذَات يَوْم: يَا رَسُول الله أَي قوم النَّصَارَى قَالَ: لَا خير فيهم وَلَا فِيمَن يُحِبهُمْ قلت فِي نَفسِي: أَنا - وَالله - أحبهم قَالَ: وَذَاكَ حِين بعث السَّرَايَا وجرد السَّيْف فسرية تخرج وسرية تدخل وَالسيف يقطر قلت: يحدث بِي الْآن أَنِّي أحبهم فيبعث إِلَيّ فَيضْرب عنقِي فَقَعَدت فِي الْبَيْت فَجَاءَنِي الرَّسُول ذَات يَوْم فَقَالَ: يَا سلمَان أجب رَسُول الله قلت: هَذَا - وَالله - الَّذِي كنت أحذر قلت: نعم اذْهَبْ حَتَّى ألحقك قَالَ: لَا وَالله حَتَّى تَجِيء وَأَنا أحدث نَفسِي أَن لَو ذهب فأفر فَانْطَلق بِي حَتَّى انْتَهَيْت إِلَيْهِ فَلَمَّا رَآنِي تَبَسم وَقَالَ لي: يَا سلمَان اُبْشُرْ فقد فرج الله عَنْك ثمَّ تَلا على هَؤُلَاءِ الْآيَات {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ} إِلَى قَوْله {لَا نبتغي الْجَاهِلين} قلت: يَا رَسُول الله - وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ - سمعته يَقُول: لَو أَدْرَكته فَأمرنِي أَن أقع فِي النَّار لوقعتها إِنَّه نَبِي لَا يَقُول إِلَّا حَقًا وَلَا يَأْمر إِلَّا بِالْحَقِّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ} قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن سَلام لما أسلم أحب أَن يخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعظمته فِي الْيَهُود ومنزلته فيهم وَقد ستر بَينه وَبينهمْ سترا فَكَلَّمَهُمْ ودعاهم فَأَبَوا فَقَالَ: أخبروني عَن عبد الله بن سَلام كَيفَ هُوَ فِيكُم قَالُوا: ذَاك سيدنَا وَأَعْلَمنَا قَالَ: أَرَأَيْتُم إِن آمن بِي وصدقني أتؤمنون بِي وتصدقوني قَالُوا: لَا يفعل ذَاك هُوَ أفقه فِينَا من أَن يدع دينه ويتبعك قَالَ أَرَأَيْتُم إِن فعل قَالُوا: لَا يفعل قَالَ:

أَرَأَيْتُم ان افْعَل قَالُوا إِذا نَفْعل قَالَ: أخرج يَا عبد الله بن سَلام فَخرج فَقَالَ: أبسط يدك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله فَبَايعهُ فوقعوا بِهِ وشتموه وَقَالُوا: وَالله مَا فِينَا أحد أقل علما مِنْهُ وَلَا أَجْهَل بِكِتَاب الله مِنْهُ قَالَ: ألم تثنوا عَلَيْهِ آنِفا قَالُوا: انا استحينا أَن تَقول اغتبتم صَاحبكُم من خَلفه فجعلوه يشتمونه فَقَامَ إِلَيْهِ أَمِين بن يَامِين فَقَالَ: أشهد أَن عبد الله بن سَلام صَادِق فابسط يدك فَبَايعهُ فَأنْزل الله فيهم {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ وَإِذا يُتْلَى عَلَيْهِم قَالُوا آمنا بِهِ إِنَّه الْحق من رَبنَا إِنَّا كُنَّا من قبله مُسلمين} يَعْنِي إِبْرَاهِيم واسمعيل ومُوسَى وَعِيسَى وَتلك الْأُمَم وَكَانُوا على دين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنيس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} قَالَ: هَؤُلَاءِ قوم كَانُوا فِي زمَان الفترة مُتَمَسِّكِينَ بالإِسلام مقيمين عَلَيْهِ صابرين على مَا أوذوا حَتَّى أدْرك رجال مِنْهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَتَى جَعْفَر وَأَصْحَابه النَّجَاشِيّ أنزلهم واحسن إِلَيْهِم فَلَمَّا أَرَادوا أَن يرجِعوا قَالَ من آمن من أهل مَمْلَكَته: ائْذَنْ لنا فلنصحب هَؤُلَاءِ فِي الْبَحْر ونأتي هَذَا النَّبِي فنحدث بِهِ عهدا فَانْطَلقُوا فقدموا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشَهِدُوا مَعَه أحدا وخيبر وَلم يصب أحد مِنْهُم فَقَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ائْذَنْ لنا فلنأت أَرْضنَا فَإِن لنا أَمْوَالًا فنجيء بهَا فنفقها على الْمُهَاجِرين فانا نرى بهم جهدا فَأذن لَهُم فَانْطَلقُوا فجاؤا بِأَمْوَالِهِمْ فانفقوها على الْمُهَاجِرين فأنزلت فيهم الْآيَة {أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ويدرؤون بِالْحَسَنَة السَّيئَة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ} وَأخرج ابْن ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن قوما من الْمُشْركين أَسْلمُوا فَكَانُوا يؤذونهم فَنزلت هَذِه الْآيَة فيهم {أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَإِذا سمعُوا اللَّغْو أَعرضُوا عَنهُ} قَالَ: أنَاس من أهل الْكتاب أَسْلمُوا فَكَانَ أنَاس من الْيَهُود إِذا مروا عَلَيْهِم سبوهم فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فيهم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {سَلام عَلَيْكُم لَا نبتغي الْجَاهِلين}

قَالَ: لَا يجاورون أهل الْجَهْل وَالْبَاطِل فِي باطلهم أَتَاهُم من الله مَا وقذهم عَن ذَلِك وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ رجل من أهل الْكتاب آمن بِالْكتاب الأول وَالْكتاب الآخر وَرجل كَانَت لَهُ أمة فأدبها وَأحسن تأديبها ثمَّ أعْتقهَا وَتَزَوجهَا وَعبد مَمْلُوك أحسن عبَادَة ربه ونصح لسَيِّده وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أسلم من أهل الْكتاب فَلهُ أجره مرَّتَيْنِ

56

- قَوْله تَعَالَى: إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء وَهُوَ أعلم بالمهتدين أخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما حضرت وَفَاة أبي طَالب أَتَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا عماه قل لَا إِلَه إِلَّا الله أشهد لَك بهَا عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ: لَوْلَا أَن تعيرني قُرَيْش يَقُولُونَ: مَا حمله عَلَيْهَا إِلَّا جزعه من الْمَوْت لأقررت بهَا عَيْنك فَأنْزل الله عَلَيْك {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء وَهُوَ أعلم بالمهتدين} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن الْمسيب نَحوه وَتقدم فِي سُورَة بَرَاءَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أبي طَالب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي الْقدر وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد بن رَافع قَالَ: قلت لِابْنِ عمر {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} أَفِي أبي طَالب نزلت قَالَ: نعم

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد بن رَافع قَالَ: سَأَلت ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} أَفِي أبي جهل وَأبي طَالب قَالَ: نعم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي طَالب: قل كلمة الاخلاص أجادل عَنْك بهَا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: يَا ابْن أخي مِلَّة الْأَشْيَاخ {وَهُوَ أعلم بالمهتدين} قَالَ: مِمَّن قدر الْهدى والضلالة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا نزلت فِي أبي طَالب عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمس مِنْهُ عِنْد مَوته أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله كَيْمَا تحل لَهُ الشَّفَاعَة فَأبى عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ إِنَّك {لَا تهدي من أَحْبَبْت} يَعْنِي أَبَا طَالب {وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء} قَالَ: الْعَبَّاس وَأخرج أَبُو سهل السّري بن سهل الْجند يسابوري فِي الْخَامِس من حَدِيثه من طَرِيق عبد القدوس عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء} قَالَ: نزلت فِي أبي طَالب ألح عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يسلم فَأبى فَأنْزل الله {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} أَي لَا تقدر تلْزمهُ الْهدى وَهُوَ كَارِه لَهُ إِنَّمَا أَنْت نَذِير {وَلَكِن الله يهدي من يَشَاء} للايمان وَأخرج أَيْضا من طَرِيق عبد القدوس عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} قَالَ: نزلت فِي أبي طَالب عِنْد مَوته وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد رَأسه وَهُوَ يَقُول: يَا عَم قل لَا إِلَه إِلَّا الله أشفع لَك بهَا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ أَبُو طَالب: لَا يعيرني نسَاء قُرَيْش بعدِي إِنِّي جزعت عِنْد موتِي فَأنْزل الله {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} يَعْنِي لَا تقدر أَن تلْزمهُ الْهدى وَهُوَ يهوى الشّرك وَلَا تقدر تدخله لفعل وَلَيْسَ بفاعل حَتَّى يكون ذَلِك مِنْهُ فاخبر الله بقدرته وَهُوَ كَقَوْلِه {لَعَلَّك باخع نَفسك أَلا يَكُونُوا مُؤمنين إِن نَشأ ننزل عَلَيْهِم من السَّمَاء آيَة فظلت أَعْنَاقهم لَهَا خاضعين} الشُّعَرَاء الْآيَة 3 فَأخْبر بقدرته أَنه لَا يعجزه شَيْء وَأخرج الْعقيلِيّ وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي وَابْن عَسَاكِر وَابْن النجار عَن

عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثت دَاعيا ومبلغاً وَلَيْسَ الي من الْهدى شَيْء وَخلق إِبْلِيس مزينا وَلَيْسَ إِلَيْهِ من الضَّلَالَة شَيْء

57

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا إِن نتبع الْهدى مَعَك نتخطف من أَرْضنَا أولم نمكن لَهُم حرما آمنا يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَات كل شَيْء رزقا من لدنا وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ وَكم أهلكنا من قَرْيَة بطرت معيشتها فَتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهمْ إِلَّا قَلِيلا وَكُنَّا نَحن الْوَارِثين وَمَا كَانَ رَبك مهلك الْقرى حَتَّى يبْعَث فِي أمهَا رَسُولا يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاتنَا وَمَا كُنَّا مهلكي الْقرى إِلَّا وَأَهْلهَا ظَالِمُونَ وَمَا أُوتِيتُمْ من شَيْء فمتاع الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا وَمَا عِنْد الله خير وَأبقى أَفلا تعقلون أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن نَاسا من قُرَيْش قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن نتبعك يتخطفنا النَّاس فَأنْزل الله تَعَالَى {وَقَالُوا إِن نتبع الْهدى مَعَك} الْآيَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن الْحَارِث بن عَامر بن نَوْفَل الَّذِي قَالَ: {إِن نتبع الْهدى مَعَك نتخطف من أَرْضنَا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَو لم نمكن لَهُم حرما آمنا} قَالَ: كَانَ أهل الْحرم آمِنين يذهبون حَيْثُ شَاءُوا فَإِذا خرج أحدهم قَالَ: إِنَّا من أهل الْحرم لم يعرض لَهُ أحد وَكَانَ غَيرهم من النَّاس إِذا خرج أحدهم قتل وسلب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَو لم نمكن لَهُم حرما آمنا} قَالَ: أَو لم يَكُونُوا آمِنين فِي حرمهم لَا يغزون فِيهِ وَلَا يخَافُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {نتخطف} قَالَ: كَانَ بَعضهم يُغير على بعض

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَات كل شَيْء} قَالَ: ثَمَرَات الأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وَمَا كَانَ رَبك مهلك الْقرى حَتَّى يبْعَث فِي أمهَا رَسُولا} قَالَ: فِي أوائلها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا كَانَ رَبك مهلك الْقرى حَتَّى يبْعَث فِي أمهَا رَسُولا} قَالَ: أم الْقرى: مَكَّة بعث الله اليهم رَسُولا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا كُنَّا مهلكي الْقرى إِلَّا وَأَهْلهَا ظَالِمُونَ} قَالَ: قَالَ الله لم نهلك قَرْيَة بايمان وَلكنه أهلك الْقرى بظُلْم إِذا ظلم أَهلهَا وَلَو كَانَت مَكَّة آمنُوا لم يهْلكُوا مَعَ من هلك وَلَكنهُمْ كذبُوا وظلموا فبذلك هَلَكُوا

61

- قَوْله تَعَالَى: أَفَمَن وعدناه وَعدا حسنا فَهُوَ لاقيه كمن متعناه مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا ثمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة من المحضرين أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَفَمَن وعدناه وَعدا حسنا فَهُوَ لاقيه كمن متعناه مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: نزلت فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي أبي جهل وَأخرج ابْن جرير من وَجه آخر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَفَمَن وعدناه} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي حَمْزَة وَأبي جهل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَفَمَن وعدناه وَعدا حسنا فَهُوَ لاقيه} قَالَ: حَمْزَة بن عبد الْمطلب {كمن متعناه مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: أَبُو جهل بن هِشَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أَفَمَن وعدناه وَعدا حسنا فَهُوَ لاقيه} قَالَ: هُوَ الْمُؤمن سمع كتاب الله فَصدق بِهن وآمن بِمَا وعد فِيهِ من الْخَيْر وَالْجنَّة {كمن متعناه مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: هُوَ الْكَافِر لَيْسَ كالمؤمن {ثمَّ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة من المحضرين} قَالَ: من المحضرين فِي عَذَاب الله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة (أَفَمَن وعدناه وَعدا حسنا فَهُوَ لاقيها) وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من المحضرين} قَالَ: أهل النَّار أحضروها وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن عَطاء بن السَّائِب قَالَ: كَانَ مَيْمُون بن مهْرَان إِذا قدم ينزل على سَالم البراد فَقدم قدمة فَلم يلقه فَقَالَت لَهُ امْرَأَته: إِن أَخَاك قَرَأَ {أَفَمَن وعدناه وَعدا حسنا فَهُوَ لاقيه كمن متعناه} قَالَت: فشغل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يضع كنزه حَيْثُ لَا يَأْكُلهُ السوس فَلْيفْعَل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة ابْن آدم ضع كَنْزك عِنْدِي فَلَا غرق وَلَا حرق أدفعه إِلَيْك أفقر مَا تكون إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَقُول الله عز وَجل يَا ابْن آدم مَرضت فَلم تعدني فَيَقُول: رب كَيفَ أعودك وَأَنت رب الْعَالمين فَيَقُول: أما علمت أَن عَبدِي فلَانا مرض فَلم تعده أما علمت أَنَّك لَو عدته لَوَجَدْتنِي عِنْده وَيَقُول: يَا ابْن آدم استسقيتك فَلم تَسْقِنِي فَيَقُول: أَي رب كَيفَ أسقيك وَأَنت رب الْعَالمين فَيَقُول تبَارك وَتَعَالَى: أما علمت أَن عَبدِي فلَانا استسقاك فَلم تسقه أما علمت أَنَّك لَو سقيته لوجدت ذَلِك عِنْدِي قَالَ: وَيَقُول: يَا ابْن آدم استطعمتك فَلم تطعمني: فَيَقُول: أَي رب وَكَيف أطعمك وَأَنت رب الْعَالمين فَيَقُول: أما علمت أَن عَبدِي فلَانا استطعمك فَلم تطعمه أما أَنَّك لَو أطعمته لوجدت ذَلِك عِنْدِي وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة أجوع مَا كَانُوا وأعطش مَا كَانُوا وأعرى مَا كَانُوا فَمن أطْعم لله عز وَجل أطْعمهُ الله وَمن كسا لله عز وَجل كَسَاه الله وَمن سقى لله عز وَجل سقَاهُ الله وَمن كَانَ فِي رضَا الله كَانَ الله على رِضَاهُ أقدر

62

- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم يناديهم فَيَقُول أَيْن شركائي الَّذين كُنْتُم تَزْعُمُونَ قَالَ الَّذين حق عَلَيْهِم القَوْل رَبنَا هَؤُلَاءِ الَّذين أغوينا أغويناهم كَمَا غوينا تبرأنا إِلَيْك مَا كَانُوا إيانا يعْبدُونَ وَقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فَلم يَسْتَجِيبُوا لَهُم وَرَأَوا الْعَذَاب لَو أَنهم كَانُوا يَهْتَدُونَ أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَيَوْم يناديهم فَيَقُول أَيْن شركائي الَّذين كُنْتُم تَزْعُمُونَ} قَالَ: هَؤُلَاءِ بَنو آدم {قَالَ الَّذين حق عَلَيْهِم القَوْل} قَالَ: هم الْجِنّ {رَبنَا هَؤُلَاءِ الَّذين أغوينا أغويناهم} الْآيَة وَقيل لبني آدم {ادعوا شركاءكم فدعوهم فَلم يَسْتَجِيبُوا لَهُم} وَلم يردوا عَلَيْهِم خيرا

65

- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم يناديهم فَيَقُول مَاذَا أجبتم الْمُرْسلين فعميت عَلَيْهِم الأنباء يَوْمئِذٍ فهم لَا يتساءلون فَأَما من تَابَ وآمن وَعمل صَالحا فَعَسَى أَن يكون من المفلحين أخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من أحد إِلَّا سيخلو الله بِهِ كَمَا يخلوا أحدكُم بالقمر لَيْلَة الْبَدْر فَيَقُول: يَا ابْن آدم مَا غَرَّك بِي يَا ابْن آدم مَاذَا عملت فِيمَا عملت يَا ابْن آدم مَاذَا أجبْت الْمُرْسلين وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فعميت عَلَيْهِم الأنباء} قَالَ: الْحجَج {يَوْمئِذٍ فهم لَا يتساءلون} قَالَ: بالأنساب

68

- قَوْله تَعَالَى: وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار مَا كَانَ لَهُم الْخيرَة سُبْحَانَ الله وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ وَرَبك يعلم مَا تكن صُدُورهمْ وَمَا يعلنون وَهُوَ الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمد فِي الأولى وَالْآخِرَة وَله الحكم وَإِلَيْهِ ترجعون

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَرْطَاة قَالَ: ذكرت لأبي عون الْحِمصِي شَيْئا من قَول الْقدر فَقَالَ: مَا تقرأون كتاب الله تَعَالَى {وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار مَا كَانَ لَهُم الْخيرَة} وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعلمنَا الاستخارة فِي الْأَمر كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن يَقُول: إِذا هم أحدكُم بِالْأَمر فليركع رَكْعَتَيْنِ من غير الْفَرِيضَة ثمَّ ليقل: اللَّهُمَّ إِنِّي أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وَأَسْأَلك من فضلك الْعَظِيم فَإنَّك تقدر وَلَا أقدر وَتعلم وَلَا أعلم وَأَنت علام الغيوب اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَن هَذَا الْأَمر خير لي فِي ديني ومعاشي وعاقبة أَمْرِي وعاجل أَمْرِي وآجله فاقدره لي ويسره لي وَإِن كنت تعلم أَن هَذَا الْأَمر شَرّ لي فِي دينين ومعاشي وعاقبة أَمْرِي وعاجل أَمْرِي وآجله فاصرفه عني واصرفني عَنهُ واقدر لي الْخَيْر حَيْثُ كَانَ وأرضني بِهِ وَيُسمى حَاجته باسمها

71

- قَوْله تَعَالَى: قل أَرَأَيْتُم إِن جعل الله عَلَيْكُم اللَّيْل سرمدا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة من إِلَه غير الله يأتيكم بضياء أَفلا تَسْمَعُونَ قل أَرَأَيْتُم إِن جعل الله عَلَيْكُم النَّهَار سرمدا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة من إِلَه غير الله يأتيكم بلَيْل تسكنون فِيهِ أَفلا تبصرون وَمن رَحمته جعل لكم اللَّيْل وَالنَّهَار لتسكنوا فِيهِ ولتبتغوا من فَضله ولعلكم تشكرون وَيَوْم يناديهم فَيَقُول أَيْن شركائي الَّذين كُنْتُم تَزْعُمُونَ وَنَزَعْنَا من كل أمة شَهِيدا فَقُلْنَا هاتوا برهانكم فَعَلمُوا أَن الْحق لله وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن جعل الله عَلَيْكُم اللَّيْل سرمداً} قَالَ: دَائِما

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سرمداً} قَالَ: دَائِما لَا يَنْقَطِع وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سرمداً إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: دَائِما {من إِلَه غير الله يأتيكم بضياء} قَالَ: بنهار وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَمن رَحمته جعل لكم اللَّيْل وَالنَّهَار لتسكنوا فِيهِ} قَالَ: فِي اللَّيْل {ولتبتغوا من فَضله} قَالَ: فِي النَّهَار وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَنَزَعْنَا من كل أمة شَهِيدا} قَالَ: رَسُولا {فَقُلْنَا هاتوا برهانكم} قَالَ: هاتوا حجتكم بِمَا كُنْتُم تَعْبدُونَ وتقولون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَنَزَعْنَا من كل أمة شَهِيدا} قَالَ: شهيدها: نبيها ليشهد عَلَيْهَا أَنه قد بلغ رسالات ربه {فَقُلْنَا هاتوا برهانكم} قَالَ: بَيّنَتَكُمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وضلّ عَنْهُم} فِي الْقِيَامَة {مَا كَانُوا يفترون} يكذبُون فِي الدُّنْيَا

76

- قَوْله تَعَالَى: إِن قَارون كَانَ من قوم مُوسَى فبغى عَلَيْهِم وأتيناه من الْكُنُوز مَا إِن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي الْقُوَّة إِذْ قَالَ لَهُ قومه لَا تفرح إِن الله لَا يحب الفرحين وابتغ فِيمَا آتاك الله الدَّار الْآخِرَة وَلَا تنس نصيبك من الدُّنْيَا وَأحسن كَمَا أحسن الله إِلَيْك وَلَا تَبْغِ الْفساد فِي الأَرْض إِن الله لَا يحب المفسدين قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتهُ على علم عِنْدِي أولم يعلم ان الله قد أهلك من قبله من الْقُرُون من هُوَ أَشد مِنْهُ قُوَّة وأكثرجمعا وَلَا يسْأَل عَن ذنوبهم المجرمون فَخرج على قومه فِي زينته قَالَ الَّذين يُرِيدُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا ياليت لنا مثل مَا أُوتِيَ قَارون إِنَّه لذُو حَظّ عَظِيم وَقَالَ الَّذين أُوتُوا

الْعلم وَيْلكُمْ ثَوَاب الله خير لمن آمن وَعمل صَالحا وَلَا يلقاها إِلَّا الصَّابِرُونَ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْض فَمَا كَانَ لَهُ من فِئَة ينصرونه من دون الله وَمَا كَانَ من المنتصرين وَأصْبح الَّذين تمنوا مَكَانَهُ بالْأَمْس يَقُولُونَ ويكأن الله يبسط الرزق لمن يَشَاء من عباده وَيقدر لَوْلَا أَن من الله علينا لخسف بِنَا ويكأنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ أخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن قَارون كَانَ من قوم مُوسَى} قَالَ: كَانَ ابْن عَمه وَكَانَ يَبْتَغِي الْعلم حَتَّى جمع علما فَلم يزل فِي أمره ذَلِك حَتَّى بغى على مُوسَى حسده فَقَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إِن الله أَمرنِي أَن آخذ الزَّكَاة فَأبى فَقَالَ: إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يُرِيد أَن يَأْكُل أَمْوَالكُم جَاءَكُم بِالصَّلَاةِ وَجَاءَكُم بأَشْيَاء فاحتملتموها فتحملوه أَن تعطوه قَالُوا: لَا نَحْتَمِلُ فَمَا ترى فَقَالَ لَهُم: أرى أَن أرسل إِلَى بغي من بَغَايَا بني إِسْرَائِيل فنرسلها إِلَيْهِ فَتَرْمِيه بِأَنَّهُ أرادها على نَفسهَا فارسلوا إِلَيْهَا فَقَالُوا لَهَا: نعطيك حكمك على أَن تشهدي على مُوسَى أَنه فجر بك قَالَت: نعم فجَاء قَارون إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: اجْمَعْ بني إِسْرَائِيل فَأخْبرهُم بِمَا أَمرك رَبك قَالَ: نعم فَجَمعهُمْ فَقَالُوا لَهُ: بِمَ أَمرك رَبك قَالَ: أَمرنِي أَن تعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَأَن تصلوا الرَّحِم وَكَذَا وَكَذَا وَقد أَمرنِي فِي الزَّانِي إِذا زنى وَقد أحصن أَن يرْجم قَالُوا: وَإِن كنت أَنْت قَالَ: نعم قَالُوا: فَإنَّك قد زَنَيْت قَالَ: أَنا فأرسلوا إِلَى الْمَرْأَة فَجَاءَت فَقَالُوا: مَا تشهدين على مُوسَى فَقَالَ لَهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: أنْشدك بِاللَّه إِلَّا مَا صدقت قَالَت: أما إِذْ نشدتني بِاللَّه فَإِنَّهُم دَعونِي وَجعلُوا لي جعلا على أَن أقذفك بنفسي وَأَنا أشهد أَنَّك بَرِيء وَأَنَّك رَسُول الله فَخر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سَاجِدا يبكي فَأوحى الله إِلَيْهِ: مَا يبكيك وَأَنَّك رَسُول الله فَخر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سَاجِدا يبكي فَأوحى الله إِلَيْهِ: مَا يبكيك قد سلطناك على الأَرْض فَمُرْهَا فَتُطِيعك

فَرفع رَأسه فَقَالَ: خُذِيهِمْ فَأَخَذتهم إِلَى أَعْقَابهم فَجعلُوا يَقُولُونَ: يَا مُوسَى يَا مُوسَى فَقَالَ: خُذِيهِمْ إِلَى أَعْنَاقهم فَجعلُوا يَقُولُونَ: يَا مُوسَى يَا مُوسَى فَقَالَ: خُذِيهِمْ فَغَيَّبَتْهُمْ فَأوحى الله يَا مُوسَى: سَأَلَك عبَادي وَتَضَرَّعُوا إِلَيْك فَلم تجبهمْ وَعِزَّتِي لَو أَنهم دَعونِي لَأَجَبْتهمْ قَالَ ابْن عَبَّاس: وَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْض} وَخسف بِهِ إِلَى الأَرْض السُّفْلى وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ قَارون ابْن عَم مُوسَى وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن قَارون كَانَ من قوم مُوسَى} قَالَ: كَانَ ابْن عَمه أخي أبي قَارون بن مصر بن فاهث أَو قاهث ومُوسَى بن عرموم بن فاهث أَو قاهث وعرموم بِالْعَرَبِيَّةِ عمرَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله قَالَ: كَانَ قَارون ابْن عَم مُوسَى أخي أَبِيه وَكَانَ قطع الْبَحْر مَعَ بني إِسْرَائِيل وَكَانَ يُسمى النُّور من حسن صَوته بِالتَّوْرَاةِ وَلَكِن عدوّ الله نَافق كَمَا نَافق السامري فَأَهْلَكَهُ الله ببغيه وَإِنَّمَا بغى لِكَثْرَة مَاله وَولده وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فبغى عَلَيْهِم} قَالَ: فعلا عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن قَارون كَانَ من قوم مُوسَى فبغى عَلَيْهِم} قَالَ: زَاد عَلَيْهِم فِي طول ثِيَابه شبْرًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَآتَيْنَاهُ من الْكُنُوز} قَالَ: أصَاب كنزاً من كنوز يُوسُف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْوَلِيد بن زوران رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَآتَيْنَاهُ من الْكُنُوز} قَالَ: أصَاب كنزاً من كنوز يُوسُف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْوَلِيد بن زوران رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَآتَيْنَاهُ من الْكُنُوز} قَالَ: كَانَ قَارون يعلم الكيمياء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت أَرض دَار قَارون من فضَّة وأساسها من ذهب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن خَيْثَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وجدت فِي الإِنجيل أَن مَفَاتِيح خَزَائِن قَارون كَانَت وقر سِتِّينَ بغلاً غراً محجلةً مَا يزِيد مِنْهَا مِفْتَاح على أصْبع لكل مِفْتَاح كنز

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن خَيْثَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت مَفَاتِيح كنوز قَارون من جُلُود كل مِفْتَاح على خزانَة على حِدة فَإِذا ركب حملت المفاتيح على سبعين بغلاً أغر محجلاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت المفاتيح من جُلُود الإِبل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لتنوء بالعصبة} يَقُول: لَا يرفعها الْعصبَة من الرِّجَال {أولي القوّة} وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {لتنوء بالعصبة} قَالَ: لتثقل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول امرىء الْقَيْس إِذْ يَقُول: تمشي فتثقلها عجيزتها مشي الضَّعِيف ينوء بالوسق وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْعصبَة مَا بَين الْعشْرَة إِلَى الْخَمْسَة عشر و {أولي القوّة} خَمْسَة عشر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ قَالَ {بالعصبة} مَا بَين الْخمس عشرَة إِلَى الْأَرْبَعين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ {بالعصبة} أَرْبَعُونَ رجلا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن {بالعصبة} مَا فَوق الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح مولى أم هانىء قَالَ {بالعصبة} سَبْعُونَ رجلا قَالَ: وَكَانَت خزانته تُحْمَلُ على أَرْبَعِينَ بغلاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ قَالَ لَهُ قومه لَا تفرح} قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُم قَالُوا: يَا قَارون لَا تفرح بِمَا أوليت فتبطر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الله لَا يحب الفرحين} قَالَ: المرحين الأشرين البطرين الَّذين لَا يشكرون الله على مَا أَعْطَاهُم

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والخرائطي فِي اعتلال الْقُلُوب عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يحب كل قلب حَزِين وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَقَالَ: هَذَا متن مُنكر عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زُرِ الْقُبُور تَذْكُر بهَا الْآخِرَة واغسل الْمَوْتَى فَإِن معالجة جَسَد خاو موعظة بليغة وصل على الْجَنَائِز لَعَلَّ ذَلِك يحزنك فَإِن الحزين فِي ظلّ الله يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الله لَا يحب الفرحين} قَالَ: الْفَرح هُنَا الْبَغي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الله لَا يحب الفرحين} قَالَ: إِن الله لَا يحب بطراً {وابتغ فِيمَا آتاك الله الدَّار الْآخِرَة} قَالَ: تصدق وتقرب إِلَى الله تَعَالَى وصل الرَّحِم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن الله لَا يحب الفرحين} قَالَ: المرحين وَفِي قَوْله {وابتغ فِيمَا آتاك الله الدَّار الْآخِرَة وَلَا تنس نصيبك من الدُّنْيَا} يَقُول: لَا تتْرك أَن تعْمل لله فِي الدُّنْيَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تنس نصيبك من الدُّنْيَا} قَالَ: أَن تعْمل فِيهَا لآخرتك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تنس نصيبك من الدُّنْيَا} قَالَ: الْعَمَل بِطَاعَة الله نصِيبه من الدُّنْيَا الَّذِي يُثَاب عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَلَا تنس نصيبك} قَالَ: قدم الْفضل وَأمْسك مَا يبلغك - وَفِي لفظ - قَالَ: امسك قوت سنة وَتصدق بِمَا بَقِي وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَلَا تنس نصيبك من الدُّنْيَا} قَالَ: أَن تَأْخُذ من الدُّنْيَا مَا أحل الله لَك فَإِن لَك فِيهِ غنى وكفاية وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن مَنْصُور رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تنس نصيبك من الدُّنْيَا}

قَالَ: لَيْسَ هُوَ عرض من عرض الدُّنْيَا وَلَكِن هُوَ نصيبك عمرك أَن تقدم فِيهِ لآخرتك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتهُ على علم عِنْدِي} يَقُول على خير عِنْدِي وَعلم عِنْدِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا أُوتِيتهُ على علم عِنْدِي} يَقُول: علم الله أَنِّي أهل لذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا يسْأَل عَن ذنوبهم المجرمون} قَالَ: الْمُشْركُونَ لَا يسْأَلُون عَن ذنوبهم وَلَا يحاسبون لدُخُول النَّار بِغَيْر حِسَاب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا يسْأَل عَن ذنوبهم المجرمون} قَالَ: كَقَوْلِه {يعرف المجرمون بِسِيمَاهُمْ} الرَّحْمَن الْآيَة 41 سود الْوُجُوه زرق الْعُيُون الْمَلَائِكَة لَا تسْأَل عَنْهُم قد عرفتهم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَخرج على قومه فِي زينته} قَالَ: خرج على براذين بيض عَلَيْهَا سرج من أرجوان وَعَلَيْهَا ثِيَاب معصفرة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَخرج على قومه فِي زينته} قَالَ: فِي ثَوْبَيْنِ أحمرين وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج قَارون على قومه فِي ثَوْبَيْنِ بِغَيْر عصفر كالقرمز وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَخرج على قومه فِي زينته} قَالَ: فِي ثِيَاب صفر وحمر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَخرج على قومه فِي زينته} قَالَ: خرج فِي سبعين ألفا عَلَيْهِم المعصفرات وَكَانَ ذَلِك أول يَوْم فِي الأَرْض رؤيت المعصفرات فِيهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَخرج على قومه فِي زينته} قَالَ: فِي حشمه وَذكر لنا أَنهم خَرجُوا على أَرْبَعَة الاف دَابَّة

عَلَيْهِم ثِيَاب حمر مِنْهَا ألف بغلة بَيْضَاء وعَلى دوابهم قطائف الأرجوان وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَخرج على قومه فِي زينته} قَالَ: خرج على بغلة شهباء عَلَيْهَا الأرجوان وَعَلَيْهَا ثَلَاثمِائَة جَارِيَة على بغال شهب عَلَيْهِنَّ ثِيَاب حمر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَخرج على قومه فِي زينته} قَالَ: خرج فِي جوَار بيض على سروج من ذهب على قطف أرجوان وَهن على بغال بيض عَلَيْهِنَّ ثِيَاب حمر وحلى ذهب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَوْس بن أَوْس الثَّقَفِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَخرج على قومه فِي زينته} قَالَ فِي أَرْبَعَة آلَاف بغل يَعْنِي عَلَيْهِ البزيون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَبدة بن أبي لبَابَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول من صبغ بِالسَّوَادِ قَارون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَالَ الَّذين يُرِيدُونَ الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: أنَاس من أهل التَّوْحِيد قَالُوا: {يَا لَيْت لنا مثل مَا أُوتِيَ قَارون} وَفِي قَوْله {وَلَا يلقاها إِلَّا الصَّابِرُونَ} يَعْنِي لَا يلقى ثَوَاب الله وَالصَّوَاب من القَوْل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّه لذُو حَظّ عَظِيم} قَالَ: ذُو جد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْحَرْث رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ ابْن نَوْفَل الْهَاشِمِي قَالَ: بلغنَا أَن قَارون أُوتِيَ من الْكُنُوز وَالْمَال حَتَّى جعل بَاب دَاره من ذهب وَجعل دَاره كلهَا من صَفَائِح الذَّهَب وَكَانَ الْمَلأ من بني إِسْرَائِيل يَغْدُونَ إِلَيْهِ وَيَرُوحُونَ يُطعمهُمْ الطَّعَام وَيَتَحَدَّثُونَ عِنْده وَكَانَ مُؤْذِيًا لمُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَلم تَدعه الْقَسْوَة والهوى حَتَّى أرسل إِلَى امْرَأَة من بني إِسْرَائِيل مَذْكُورَة بالجمال كَانَت تذكر بريبة فَقَالَ لَهَا: هَل لَك أَن أُمَوِّلك وَأُعْطِيك وَأَخْلِطك بِنِسَائِي على أَن تأتين وَالْمَلَأ من بني إِسْرَائِيل عِنْدِي فتقولين: يَا قَارون أَلا تنهي مُوسَى عني فَقَالَت: بلَى فلمّا جَاءَ أَصْحَابه واجتمعوا عِنْده دَعَا بهَا فَقَامَتْ على رؤوسهم فَقلب الله قَلبهَا وَرِزْقهَا التَّوْبَة فَقَالَت: مَا أجد الْيَوْم تَوْبَة أفضل من أَن

أكذب عَدو الله وأبرىء رَسُول الله عَلَيْهِ فَقَالَت: إِن قَارون بعث إِلَيّ فَقَالَ: هَل لَك أَن أُمَوِّلك وَأُعْطِيك وَأَخْلِطك بِنِسَائِي على أَن تَأتِينِي وَالْمَلَأ من بني إِسْرَائِيل عِنْدِي وتقولين: يَا قَارون أَلا تنهي مُوسَى عني فَإِنِّي لم أجد الْيَوْم تَوْبَة أفضل من أَن أكذب عَدو الله وأبرىء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَكس قَارون رَأسه وَعرف أَنه قد هلك وَفَشَا الحَدِيث فِي النَّاس حَتَّى بلغ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام شَدِيد الْغَضَب فَلَمَّا بلغه تَوَضَّأ ثمَّ صلى وَسجد وَبكى وَقَالَ: يَا رب عَدوك قَارون كَانَ لي مُؤْذِيًا فَذكر أَشْيَاء ثمَّ لن يناه حَتَّى أَرَادَ فَضِيحَتِي يَا رب سَلطنِي عَلَيْهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن مر الأَرْض بِمَا شِئْت تطعك فجَاء مُوسَى إِلَى قَارون فَلَمَّا رَآهُ قَارون عرف الْغَضَب فِي وَجهه فَقَالَ: يَا مُوسَى ارْحَمْنِي فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا أَرض خُذِيهِمْ فاضطربت دَاره وَخسف بِهِ وبأصحابه حَتَّى تغيبت أَقْدَامهم وَسَاخَتْ دَارهم على قدر ذَلِك فَقَالَ قَارون: يَا مُوسَى ارْحَمْنِي فَقَالَ: يَا أَرض خُذِيهِمْ فَخسفَ بِهِ وَبِدَارِهِ وبأصحابه فَلَمَّا خسف بِهِ قيل لَهُ: يَا مُوسَى مَا أفظك أما وَعِزَّتِي لَو إيَّايَ دَعَا لِرَحْمَتِهِ وَقَالَ أَبُو عمرَان الْجونِي: فَقيل لمُوسَى: لَا أعبد الأَرْض بعْدك أحدا وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْض} قَالَ: خسف بِهِ إِلَى الأَرْض السُّفْلى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق قَتَادَة عَن أبي مَيْمُون عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: يخسف بقارون وَقَومه فِي كل يَوْم قدر قامة فَلَا يبلغ الأَرْض السُّفْلى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَنه يخسف بِهِ كل يَوْم قامة وَأَنه يتجلجل فِيهَا لَا يبلغ قعرها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله أَمر الأَرْض أَن تُطِيعهُ سَاعَة

وَأخرج عبد بن حميد عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ: أَن قَارون يخسف بِهِ كل يَوْم قامة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما خسف بقارون فَهُوَ يذهب ومُوسَى قريب مِنْهُ قَالَ: يَا مُوسَى ادْع رَبك يرحمني فَلم يجبهُ مُوسَى حَتَّى ذهب فَأوحى الله إِلَيْهِ اسْتَغَاثَ بك فَلم تغثه وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَو قَالَ: يَا رب لِرَحْمَتِهِ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عون بن عبد الله الْقَارِي عَامل عمر بن عبد الْعَزِيز على ديوَان فلسطين أَنه بلغه: أَن الله عز وَجل أَمر الأَرْض أَن تطيع مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَارون فَلَمَّا لقِيه مُوسَى قَالَ للْأَرْض: أطيعيني فَأَخَذته إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ ثمَّ قَالَ: أطيعيني فوارته فِي جوفها فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا مُوسَى مَا أَشد قَلْبك وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَو بِي اسْتَغَاثَ لأغثته قَالَ: رب غَضبا لَك فعلت وَأخرج عبد بن حميد ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَمَا كَانَ لَهُ من فِئَة ينصرونه من دون الله وَمَا كَانَ من المنتصرين} قَالَ: مَا كَانَت عِنْده مَنْعَة يمْتَنع بهَا من الله تَعَالَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ويكأن الله} يَقُول: أَو لَا يعلم {أَن الله يبسط الرزق} وَفِي قَوْله {ويكأنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ} يَقُول: أَو لَا يعلم {أَنه لَا يفلح الْكَافِرُونَ} وَالله أعلم

83

- قَوْله تَعَالَى: تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين من جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ خير مِنْهَا وَمن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يجزى الَّذين عمِلُوا السَّيِّئَات إِلَّا مَا كَانُوا يعْملُونَ أخرج الْمحَامِلِي والديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا} قَالَ: التجبر فِي الأَرْض وَالْأَخْذ بِغَيْر الْحق

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُسلم البطين رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا} قَالَ: الْعُلُوّ التكبر فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق وَالْفساد الْأَخْذ بِغَيْر الْحق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض} قَالَ: بغيا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض} قَالَ: تَعَظُّمًا وتجبراً {وَلَا فَسَادًا} قَالَ: بِالْمَعَاصِي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة} قَالَ: نجْعَل الدَّار الْآخِرَة {للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض} قَالَ: التكبر وَطلب الشّرف والمنزلة عِنْد سلاطينها وملوكها {وَلَا فَسَادًا} قَالَ: لَا يعْملُونَ بمعاصي الله وَلَا يَأْخُذُونَ المَال بِغَيْر حَقه {وَالْعَاقبَة لِلْمُتقين} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض} قَالَ: الشّرف والعز عِنْد ذَوي سلطانهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مُعَاوِيَة الْأسود فِي قَوْله {لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا} قَالَ: لم ينازعوا أَهلهَا فِي عزها وَلَا يجزعوا من ذلها وَأخرج ابْن أبي شَيْبه ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الرجل لَيُحِب أَن يكون شسع نَعله أفضل من شسع نعل صَاحبه فَيدْخل فِي هَذِه الْآيَة {تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يمشي فِي الْأَسْوَاق وَحده وَهُوَ وَال يرشد الضال ويعين الضَّعِيف ويمر بالبقال وَالْبيع فَيفتح عَلَيْهِ الْقُرْآن وَيقْرَأ {تِلْكَ الدَّار الْآخِرَة نَجْعَلهَا للَّذين لَا يُرِيدُونَ علوا فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا} وَيَقُول: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل الْعدْل والتواضع فِي الْوُلَاة وَأهل الْقُدْرَة من سَائِر النَّاس

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا نَحوه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عدي بن حَاتِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألْقى إِلَيْهِ وسَادَة فَجَلَسَ على الأَرْض فَقَالَ: أشهد أَنَّك لَا تبتغي فِي الأَرْض وَلَا فَسَادًا فَأسلم

85

- قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد قل رَبِّي أعلم من جَاءَ بِالْهدى وَمن هُوَ فِي ضلال مُبين وَمَا كنت ترجوا أَن يلقى إِلَيْك الْكتاب إِلَّا رَحْمَة من رَبك فَلَا تكونن ظهيرا للْكَافِرِينَ وَلَا يصدنك عَن آيَات الله بعد إِذْ أنزلت إِلَيْك وادع إِلَى رَبك وَلَا تكونن من الْمُشْركين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَكَّة فَبلغ الْجحْفَة اشتاق إِلَى مَكَّة فَأنْزل الله {إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد} إِلَى مَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن الْحُسَيْن بن وَاقد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل الْقُرْآن مكي أَو مدنِي غير قَوْله {إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد} فَإِنَّهَا أنزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجُحْفَةِ حِين خرج مُهَاجرا إِلَى الْمَدِينَة فَلَا هِيَ مَكِّيَّة وَلَا مَدَنِيَّة وكل آيَة نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل الْهِجْرَة فَهِيَ مَكِّيَّة فَنزلت بِمَكَّة أَو بغَيْرهَا من الْبلدَانِ وكل آيَة نزلت بِالْمَدِينَةِ بعد الْهِجْرَة فَإِنَّهَا مَدَنِيَّة نزلت بِالْمَدِينَةِ أَو بغَيْرهَا من الْبلدَانِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: إِلَى مَكَّة زَاد ابْن مرْدَوَيْه (كَمَا أخرجك مِنْهَا) وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: إِلَى مولدك إِلَى مَكَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ مثله

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو يعلى وَابْن جرير عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد} قَالَ: يُحْيِيك يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: إِن لَهُ معاد يَبْعَثهُ الله يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ يدْخلهُ الْجنَّة وَأخرج الْحَاكِم فِي التَّارِيخ والديلمي عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لرادك إِلَى معاد} قَالَ الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: معاده الْجنَّة وَفِي لفظ (معاده) آخرته وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: إِلَى معدنك من الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {إِن الَّذِي فرض عَلَيْك الْقُرْآن لرادك إِلَى معاد} قَالَ: لرادك إِلَى الْجنَّة ثمَّ سَائِلك عَن الْقُرْآن وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: إِلَى الْجنَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي

الله عَنهُ فِي قَوْله {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: هَذِه مِمَّا كَانَ يكتم ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن نعيم الْقَارِي رَضِي الله عَنهُ {لرادك إِلَى معاد} قَالَ: إِلَى بَيت الْمُقَدّس

88

- قَوْله تَعَالَى: وَلَا تدع مَعَ الله إِلَهًا آخر لَا إِلَه إِلَّا هُوَ كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه لَهُ الحكم وَإِلَيْهِ ترجعون أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {كل من عَلَيْهَا فان} الرَّحْمَن الْآيَة 26 قَالَت الْمَلَائِكَة: هلك أهل الأَرْض فَلَمَّا نزلت {كل نفس ذائقة الْمَوْت} آل عمرَان الْآيَة 18 قَالَت الْمَلَائِكَة: هلك كل نفس فَلَمَّا نزلت {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} قَالَت الْمَلَائِكَة: هلك أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {كل نفس ذائقة الْمَوْت} قَالَ: لما نزلت قيل: يَا رَسُول الله فَمَا بَال الْمَلَائِكَة فَنزلت {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} فَبين فِي هَذِه الْآيَة فنَاء الْمَلَائِكَة والثقلين من الْجِنّ والانس وَسَائِر عَالم الله وبريته من الطير والوحش وَالسِّبَاع والأنعام وكل ذِي روح أَنه هَالك ميت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} يَعْنِي الْحَيَوَان خَاصَّة من أهل السَّمَوَات وَالْمَلَائِكَة وَمن فِي الأَرْض وَجَمِيع الْحَيَوَان ثمَّ تهْلك السَّمَاء وَالْأَرْض بعد ذَلِك وَلَا تهْلك الْجنَّة وَالنَّار وَمَا فِيهَا وَلَا الْعَرْش وَلَا الْكُرْسِيّ وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} إِلَّا مَا يُرِيد بِهِ وَجهه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} قَالَ: إِلَّا مَا أُرِيد بِهِ وَجهه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سُفْيَان قَالَ {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} قَالَ: إِلَّا مَا أُرِيد بِهِ وَجهه من الْأَعْمَال الصَّالِحَة

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التفكر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يتَعَاهَد قلبه يَأْتِي الخربة يقف على بَابهَا فينادي بِصَوْت حَزِين: أَيْن أهلك ثمَّ يرجع إِلَى نَفسه فَيَقُول {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما مَاتَ مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام جالت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام فِي السَّمَوَات يَقُولُونَ: مَاتَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَأَي نفس لَا تَمُوت

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم - سُورَة العنكبوت مَكِّيَّة وآياتها تسع وَسِتُّونَ - مُقَدّمَة سُورَة العنكبوت أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة العنكبوت بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة العنكبوت بِمَكَّة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي السّنَن عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي فِي كسوف الشَّمْس وَالْقَمَر أَربع رَكْعَات وَأَرْبع سَجدَات يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الاولى بالعنكبوت أَو الرّوم وَفِي الثَّانِيَة بيس

العنكبوت

- آلمَ أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا أَن يَقُولُوا آمنا وهم لَا يفتنون وَلَقَد فتنا الَّذين من قبلهم فليعملن الله الَّذين صدقُوا وليعلمن الْكَاذِبين أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {آلمَ} {أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا} قَالَ: أنزلت فِي أنَاس بِمَكَّة قد اقروا بالإِسلام فَكتب إِلَيْهِم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمَدِينَة لما نزلت آيَة الْهِجْرَة: إِنَّه لَا يقبل مِنْكُم قَرَار وَلَا إِسْلَام حَتَّى تهاجروا قَالَ: فَخَرجُوا عَامِدين إِلَى الْمَدِينَة فأتبعهم الْمُشْركُونَ فردوهم فَنزلت فيهم هَذِه الْآيَة فَكَتَبُوا إِلَيْهِم أَنه قد نزلت فِيكُم آيَة كَذَا وَكَذَا فَقَالُوا: نخرج فَإِن اتَّبعنَا أحد قَاتَلْنَاهُ فَخَرجُوا فاتبعهم الْمُشْركُونَ فقاتلوهم فَمنهمْ من قتل وَمِنْهُم من نجا فَأنْزل الله فيهم {ثمَّ إِن رَبك للَّذين هَاجرُوا من بعد مَا فتنُوا ثمَّ جاهدوا وصبروا إِن رَبك من بعْدهَا لغَفُور رَحِيم} النَّحْل الْآيَة 110

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الم} {أَحسب النَّاس} قَالَ نزلت فِي أنَاس من أهل مَكَّة خَرجُوا يُرِيدُونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعرض لَهُم الْمُشْركُونَ فَرَجَعُوا فَكتب إِلَيْهِم إخْوَانهمْ بِمَا نزل فيهم من الْقُرْآن فَخَرجُوا فَقتل من قتل وخلص من خلص فَنزل الْقُرْآن (وَالَّذين جاهدوا فِينَا لنهدينهم سبلنا) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَات فِي الْقَوْم الَّذين ردهم الْمُشْركُونَ إِلَى مَكَّة وَهَؤُلَاء الْآيَات الْعشْر مدنيات وسائرها مكي وَأخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: نزلت فِي عمار بن يَاسر يعذَّب فِي الله {أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: سَمِعت ابْن عُمَيْر وَغَيره يَقُولُونَ: كَانَ أَبُو جهل لَعنه الله يعذب عمار بن يَاسر وَأمه وَيجْعَل على عمار درعاً من حَدِيد فِي الْيَوْم الصَّائِف وَطعن فِي حَيا أمه بِرُمْح فَفِي ذَلِك نزلت {أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا أَن يَقُولُوا آمنا وهم لَا يفتنون} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهم لَا يفتنون} قَالَ: لَا يبتلون فِي أَمْوَالهم وأنفسهم {وَلَقَد فتنا الَّذين من قبلهم} قَالَ: ابتلينا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا أَن يَقُولُوا آمنا وهم لَا يفتنون} قَالَ: يبتلون {وَلَقَد فتنا الَّذين من قبلهم} قَالَ: ابتلينا الَّذين من قبلهم {فليعلمن الله الَّذين صدقُوا} قَالَ: ليعلم الصَّادِق من الْكَاذِب والطائع من العَاصِي وَقد كَانَ يُقَال: إِن الْمُؤمن ليضْرب بالبلاء كَمَا يفتن الذَّهَب بالنَّار وَكَانَ يُقَال: إِن مثل الْفِتْنَة كَمثل الدِّرْهَم الرِّيف يَأْخُذهُ الْأَعْمَى وَيَرَاهُ الْبَصِير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {فليعلمن الله الَّذين صدقُوا وليعلمن الْكَاذِبين} قَالَ: يعلمهُمْ النَّاس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة

قَالَ: كَانَ الله يبْعَث النَّبِي إِلَى أمته فيلبث فيهم إِلَى انْقِضَاء اجله فِي الدُّنْيَا ثمَّ يقبضهُ الله إِلَيْهِ فَتَقول الْأمة من بعده أَو من شَاءَ الله مِنْهُم: إِنَّا على منهاج النَّبِي وسبيله فَينزل الله بهم الْبلَاء فَمن ثَبت مِنْهُم على مَا كَانَ عَلَيْهِ فَهُوَ الصَّادِق وَمن خَالف إِلَى غير ذَلِك فَهُوَ الْكَاذِب وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول من أظهر اسلامه سَبْعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَسُميَّة أم عمار وعمار وصهيب وبلال والمقداد فَأَما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَنعه الله بِعَمِّهِ أبي طَالب وَأما أَبُو بكر فَمَنعه الله بقَوْمه وَأما سَائِرهمْ فَأَخذهُم الْمُشْركُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ ادراع الْحَدِيد فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفسه فِي الله وَهَان على قومه فَأَخَذُوهُ فَأَعْطوهُ الْولدَان فَجعلُوا يطوفون بِهِ فِي شعاب مَكَّة وَهُوَ يَقُول: أحد أحد وَالله تَعَالَى أعلم

4

- قَوْله تَعَالَى: أم حسب الَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات أَن يسبقونا سَاءَ مايحكمون أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أم حسب الَّذين يعْملُونَ السَّيِّئَات} قَالَ: الشّرك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَن يسبقونا} قَالَ: ان يعجزونا

5

- قَوْله تَعَالَى: من كَانَ يَرْجُو لِقَاء الله فَإِن أجل الله لآت وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم وَمن جَاهد فَإِنَّمَا يُجَاهد لنَفسِهِ إِن الله لَغَنِيّ عَن الْعَالمين وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لنكفرن عَنْهُم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الَّذِي كَانُوا يعْملُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {من كَانَ يَرْجُو لِقَاء الله} قَالَ: من كَانَ يخْشَى الْبَعْث فِي الْآخِرَة

8

- قَوْله تَعَالَى: وَوَصينَا الإِنسان بِوَالِديهِ حسنا وَإِن جَاهَدَاك لتشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما إِلَيّ مرجعكم فأنبئكم بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لندخلنهم فِي الصَّالِحين أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت أُمِّي: لَا آكل طَعَاما وَلَا أشْرب شرابًا حَتَّى تكفر بِمُحَمد فامتنعت من الطَّعَام وَالشرَاب حَتَّى جعلُوا يسجرون فاها بالعصا فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَوَصينَا الإِنسان بِوَالِديهِ حسنا وَإِن جَاهَدَاك لتشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَوَصينَا الإِنسان بِوَالِديهِ حسنا وَإِن جَاهَدَاك لتشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما} قَالَ: أنزلت فِي سعد بن مَالك رَضِي الله عَنهُ لما هَاجر قَالَت امهِ: وَالله لَا يُظِلنِي ظلّ حَتَّى يرجع فَأنْزل الله فِي ذَلِك أَن يحسن إِلَيْهِمَا وَلَا يطيعهما فِي الشّرك

10

- قَوْله تَعَالَى: وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه فَإِذا أوذي فِي الله جعل فتْنَة النَّاس كعذاب الله وَلَئِن جَاءَ نصر من رَبك ليَقُولن إِنَّا كُنَّا مَعكُمْ أوليس الله بِأَعْلَم بِمَا فِي صُدُور الْعَالمين وليعلمن الله الَّذين آمنُوا وليعلمن الْمُنَافِقين أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه فَإِذا أوذي فِي الله} إِلَى قَوْله {وليعلمن الْمُنَافِقين} قَالَ: أنَاس يُؤمنُونَ بألسنتهم فَإِذا أَصَابَهُم بلَاء من النَّاس أَو مُصِيبَة فِي أنفسهم أَو أَمْوَالهم فتنُوا فَجعلُوا ذَلِك فِي الدُّنْيَا كعذاب الله فِي الْآخِرَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه} قَالَ: كَانَ أنَاس من الْمُؤمنِينَ آمنُوا وَهَاجرُوا فلحقهم أَبُو سُفْيَان فَرد بَعضهم إِلَى مَكَّة فعذبهم فافتتنوا فَأنْزل الله فيهم هَذَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَإِذا أوذي فِي الله} قَالَ: إِذا أَصَابَهُ بلَاء فِي الله عدل بِعَذَاب الله عَذَاب النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فتْنَة النَّاس} قَالَ: يرْتَد عَن دين الله إِذا أوذي فِي الله وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والضياء عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد أوذيت فِي الله وَمَا يُؤْذى أحد وَلَقَد أخفت فِي الله وَمَا يخَاف أحد وَلَقَد أَتَت عَليّ ثَالِثَة وَمَا لي ولبلال طَعَام يَأْكُلهُ ذُو كبد إِلَّا مَا يواري ابط بِلَال وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه} قَالَ: نَاس من الْمُنَافِقين بِمَكَّة كَانُوا يُؤمنُونَ فَإِذا أوذوا وأصابهم بلَاء من الْمُشْركين رجعُوا إِلَى الْكفْر والشرك مَخَافَة من يؤذيهم وَجعلُوا اذى النَّاس فِي الدُّنْيَا كعذاب الله وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمن النَّاس من يَقُول آمنا بِاللَّه} إِلَى قَوْله {وليعلمن الْمُنَافِقين} قَالَ: هَذِه الْآيَات نزلت فِي الْقَوْم الَّذين ردهم الْمُشْركُونَ إِلَى مَكَّة وَهَذِه الْآيَات الْعشْر مَدَنِيَّة

12

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا اتبعُوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وماهم بحاملين من خطاياهم من شئ إِنَّهُم لَكَاذِبُونَ وليحملن أثقالهم وأثقالاً مَعَ أثقالهم وليسألن يَوْم الْقِيَامَة عَمَّا كَانُوا يفترون أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي

حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا اتبعُوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم} قَالَ: قَول كفار قُرَيْش بِمَكَّة لمن آمن مِنْهُم قَالُوا: لَا نبعث نَحن وَلَا أَنْتُم فاتبعونا فَإِن كَانَ عَلَيْكُم شَيْء فعلينا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَقَالَ الَّذين كفرُوا} هم القادة من الْكفَّار {للَّذين آمنُوا} لمن آمن من الِاتِّبَاع {اتبعُوا سبيلنا} ديننَا واتركوا دين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا هم بحاملين} قَالَ: بفاعلين {وليحملن أثقالهم} قَالَ: أوزارهم {وأثقالا مَعَ أثقالهم} قَالَ: أوزار من أَضَلُّوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن الْحَنَفِيَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَبُو جهل وصناديد قُرَيْش يتلقون النَّاس اذا جاؤا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسلمُونَ يَقُولُونَ: إِنَّه يحرم الْخمر وَيحرم الزِّنَا وَيحرم مَا كَانَت تصنع الْعَرَب فَارْجِعُوا فَنحْن نحمل أوزاركم فَنزلت هَذِه الْآيَة {وليحملن أثقالهم وأثقالاً مَعَ أثقالهم} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وليحملن أثقالهم وأثقالاً مَعَ أثقالهم} قَالَ: هِيَ مثل الَّتِي فِي النَّحْل {ليحملوا أوزارهم كَامِلَة يَوْم الْقِيَامَة وَمن أوزار الَّذين يضلونهم} النَّحْل الْآيَة 25 وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وليحملن أثقالهم وأثقالاً مَعَ أثقالهم} قَالَ: حملهمْ ذنُوب أنفسهم وذنوب من اطاعهم وَلَا يُخَفف ذَلِك عَمَّن اطاعهم من الْعَذَاب شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا دَاع دَعَا إِلَى هدى فَاتبع عَلَيْهِ وَعمل بِهِ فَلهُ مثل أجور الَّذين اتَّبعُوهُ وَلَا ينقص ذَلِك من أُجُورهم شَيْئا وَأَيّمَا داعٍ دَعَا إِلَى ضَلَالَة فأتبع عَلَيْهَا وَعمل بهَا فَعَلَيهِ مثل أوزار الَّذين اتَّبعُوهُ وَلَا ينقص ذَلِك من أوزارهم شَيْئا قَالَ عون: وَكَانَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ مِمَّا يقْرَأ عَلَيْهَا {وليحملن أثقالهم وأثقالاً مَعَ أثقالهم} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ اياكم وَالظُّلم فَإِن الله يَقُول يَوْم الْقِيَامَة: وَعِزَّتِي لَا يجيزني الْيَوْم ظلم ثمَّ يُنَادي مُنَاد

فَيَقُول: أَيْن فلَان بن فلَان فَيَأْتِي فيتبعه من الْحَسَنَات أَمْثَال الْجبَال فيشخص النَّاس إِلَيْهَا أَبْصَارهم ثمَّ يقوم بَين يَدي الرَّحْمَن ثمَّ يَأْمر الْمُنَادِي يُنَادي: من كَانَت لَهُ تباعة أَو ظلامة عِنْد فلَان بن فلَان فَهَلُمَّ فَيقومُونَ حَتَّى يجتمعوا قيَاما بَين يَدي الرَّحْمَن فَيَقُول الرَّحْمَن: اقضوا عَن عَبدِي فَيَقُولُونَ: كَيفَ نقضي عَنهُ فَيَقُول: خُذُوا لَهُ من حَسَنَاته فَلَا يزالون يَأْخُذُونَ مِنْهَا حَتَّى لَا تبقى مِنْهَا حَسَنَة وَقد بَقِي من أَصْحَاب الظلامات فَيَقُول: اقضوا عَن عَبدِي فَيَقُولُونَ: لم يبْق لَهُ حَسَنَة فَيَقُول: خُذُوا من سيئاته فاحملوها عَلَيْهِ ثمَّ نزع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذِهِ الْآيَة {وليحملن أثقالهم وأثقالاً مَعَ أثقالهم} وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَ رجل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمْسك الْقَوْم ثمَّ إِن رجلا أعطَاهُ فَأعْطى الْقَوْم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سنّ خيرا فاستن بِهِ كَانَ لَهُ أجره وَمن أجور من تَبِعَهُمْ غير منتقص من أُجُورهم شَيْئا وَمن أسن شرا فاستن بِهِ كَانَ عَلَيْهِ وزره وَمن أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شَيْئا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي الدَّرْدَاء قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِيرُوا سبق المفردون قيل: يَا رَسُول الله وَمن المفردون قَالَ: الَّذين يهترون فِي ذكر الله يضع الذّكر عَنْهُم أثقالهم فَيَأْتُونَ يَوْم الْقِيَامَة خفافا

14

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما فَأَخذهُم الطوفان وهم ظَالِمُونَ فأنجيناه وَأَصْحَاب السَّفِينَة وجعلناه آيَة للْعَالمين أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: بعث الله نوحًا وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ سنة ولبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما يَدعُوهُم إِلَى الله وعاش بعد الطوفان سِتِّينَ سنة حَتَّى كثر النَّاس وفشوا

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عمر نوح عَلَيْهِ السَّلَام قبل أَن يبْعَث إِلَى قومه وَبَعْدَمَا بعث الْفَا وَسَبْعمائة سنة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ لي ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كم لبث نوح عَلَيْهِ السَّلَام فِي قومه قلت: ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما قَالَ: فَإِن من كَانَ قبلكُمْ كَانُوا أطول أعماراً ثمَّ لم يزل النَّاس ينقصُونَ فِي الْأَخْلَاق والآجال والأحلام والأجسام إِلَى يومهم هَذَا وَأخرج ابْن جرير عَن عون بن أبي شَدَّاد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: إِن الله أرسل نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى قومه وَهُوَ ابْن خمسين وثلاثمائة سنة فَلبث فيهم ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما ثمَّ عَاشَ بعد ذَلِك خمسين وثلاثمائة سنة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب ذمّ الدُّنْيَا عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ ملك الْمَوْت إِلَى نوح عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا أطول النَّبِيين عمرا كَيفَ وجدت الدُّنْيَا ولذتها قَالَ: كَرجل ردخل بَيْتا لَهُ بَابَانِ فَوقف وسط الْبَاب هنيهة ثمَّ خرج من الْبَاب الآخر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَأَخذهُم الطوفان} قَالَ: المَاء الَّذِي أرسل عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الطوفان} الْغَرق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فأنجيناه وَأَصْحَاب السَّفِينَة} قَالَ: نوح وَبَنوهُ وَنسَاء بنيه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وجعلناها آيَة للْعَالمين} قَالَ: أبقاها الله آيَة فَهِيَ على الجودي وَالله أعلم

16

- قَوْله تَعَالَى: وابراهيم إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعبدوا الله واتقوه ذَلِكُم خير لكم إِن كُنْتُم تعلمُونَ إِنَّمَا تَعْبدُونَ من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إِن الَّذين تَعْبدُونَ من دون الله لَا يملكُونَ لكم رزقا فابتغوا عِنْد الله الرزق واعبدوه واشكروا لَهُ وَإِلَيْهِ ترجعون وَإِن تكذبوا فقد كذب

أُمَم من قبلكُمْ وَمَا على الرَّسُول إِلَّا الْبَلَاغ الْمُبين أولم يرَوا كَيفَ يُبْدِئ الله الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ إِن ذَلِك على الله يسير قل سِيرُوا فِي الأَرْض فانظروا كَيفَ بَدَأَ الْخلق ثمَّ الله ينشيء النشأة الْآخِرَة أَن الله على كل شَيْء قدير يعذب من يَشَاء وَيرْحَم من يَشَاء وَإِلَيْهِ تقلبون وَمَا أَنْتُم بمعجزين فِي الأَرْض وَلَا فِي السَّمَاء وَمَا لكم من دون الله من ولي وَلَا نصير وَالَّذين كفرُوا بآيَات الله ولقائه أُولَئِكَ يئسوا من رَحْمَتي وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَاب أَلِيم فَمَا كَانَ جَوَاب قومه إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَو حرقوه فأنجاه الله من النَّار إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يُؤمنُونَ وَقَالَ إِنَّمَا اتخذتم من دون الله أوثاناً مَوَدَّة بَيْنكُم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا ثمَّ يَوْم الْقِيَامَة يكفر بَعْضكُم بِبَعْض ويلعن بَعْضكُم بَعْضًا ومأواكم النَّار وَمَا لكم من ناصرين فَآمن لَهُ لوط وَقَالَ إِنِّي مهَاجر إِلَى رَبِّي إِنَّه هُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم وَوَهَبْنَا لَهُ اسحق وَيَعْقُوب وَجَعَلنَا فِي ذُريَّته النُّبُوَّة وَالْكتاب وَآتَيْنَاهُ أجره فِي الدُّنْيَا وَإنَّهُ فِي الْآخِرَة لمن الصَّالِحين أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّمَا تَعْبدُونَ من دون الله أوثاناً} قَالَ: أصناماً {وتخلقون إفكا} قَالَ: تَصْنَعُونَ أصناماً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {وتخلقون إفكا} قَالَ: تنحتون

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وتخلقون إفكا} قَالَ: تَصْنَعُونَ كذبا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كَيفَ يُبْدِئ الله الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ} قَالَ: يَبْعَثهُ وَفِي قَوْله {فانظروا كَيفَ بَدَأَ الْخلق} قَالَ: خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض {ثمَّ الله ينشئ النشأة الْآخِرَة} قَالَ: الْبَعْث بعد الْمَوْت وَفِي قَوْله {فَمَا كَانَ جَوَاب قومه} قَالَ: قوم إِبْرَاهِيم وَفِي قَوْله {فأنجاه الله من النَّار} قَالَ: قَالَ كَعْب مَا أحرقت النَّار مِنْهُ إِلَّا وثَاقه وَفِي قَوْله {وَقَالَ إِنَّمَا اتخذتم من دون الله أوثاناً مَوَدَّة بَيْنكُم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: انخذوها لثوابها فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا {ثمَّ يَوْم الْقِيَامَة يكفر بَعْضكُم بِبَعْض ويلعن بَعْضكُم بَعْضًا} قَالَ: صَارَت كل خلة فِي الدُّنْيَا عَدَاوَة على أَهلهَا يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا خلة الْمُتَّقِينَ وَفِي قَوْله {فَآمن لَهُ لوط} قَالَ: فصدقة لوط {وَقَالَ إِنِّي مهَاجر إِلَى رَبِّي} قَالَ: هاجرا جَمِيعًا من كوثي: وَهِي من سَواد الْكُوفَة إِلَى الشَّام وَفِي قَوْله {وَآتَيْنَاهُ أجره فِي الدُّنْيَا} قَالَ: عَافِيَة وَعَملا صَالحا وثناء حسنا فلست تلقى أحدا من أهل الْملَل إِلَّا يرضى إِبْرَاهِيم يَتَوَلَّاهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم بن أبي النجُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {وتخلقون افكا} خفيفتين وَقَرَأَ {اوثاناً مَوَدَّة} مَنْصُوبَة منونة {بَيْنكُم} نصب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جبلة بن سحيم قَالَ: سَأَلت ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن صَلَاة الْمَرِيض على الْعود قَالَ: لَا آمركُم أَن تَتَّخِذُوا من دون الله أوثاناً إِن اسْتَطَعْت أَن تصلي قَائِما وَإِلَّا فقاعداً وَإِلَّا فمضطجعاً وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {النشأة الْآخِرَة} قَالَ: هِيَ الْحَيَاة بعد الْمَوْت: وَهُوَ النشور وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَآمن لَهُ لوط} قَالَ: صدق إِبْرَاهِيم عَلَيْهِمَا السَّلَام وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَقَالَ إِنِّي مهَاجر إِلَى رَبِّي} قَالَ: هُوَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام الْقَائِل إِنِّي مهَاجر إِلَى رَبِّي

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالَ إِنِّي مهَاجر إِلَى رَبِّي} قَالَ: إِلَى حران وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج مثله وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالَ إِنِّي مهَاجر إِلَى رَبِّي} قَالَ: إِلَى الشَّام كَانَ مهَاجر وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ سيهاجر خِيَار أهل الأَرْض هِجْرَة بعج هِجْرَة إِلَى مهَاجر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول من هَاجر من الْمُسلمين إِلَى الْحَبَشَة بأَهْله عُثْمَان بن عَفَّان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صحبهما الله إِن عُثْمَان لأوّل من هَاجر إِلَى الله بأَهْله بعد لوط وَأخرج ابْن مَنْدَه وَابْن عَسَاكِر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَت: هَاجر عُثْمَان إِلَى الْحَبَشَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه أول من هَاجر بعد إِبْرَاهِيم وَلُوط وَأخرج ابْن عَسَاكِر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم فِي الكنى عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ بَين عُثْمَان ورقية وَبَين لوط من مهَاجر وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أول من هَاجر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُثْمَان بن عَفَّان كَمَا هَاجر لوط إِلَى إِبْرَاهِيم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب} قَالَ: هما ولدا إِبْرَاهِيم وَفِي قَوْله {وَآتَيْنَاهُ أجره فِي الدُّنْيَا} قَالَ: إِن الله رَضِي أهل الْأَدْيَان بِدِينِهِ فَلَيْسَ من أهل دين إِلَّا وهم يتولون إِبْرَاهِيم ويرضون بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَآتَيْنَاهُ أجره فِي الدُّنْيَا} قَالَ: الثَّنَاء وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَآتَيْنَاهُ أجره فِي الدُّنْيَا} قَالَ: الْوَلَد الصَّالح وَالثنَاء

28

- قَوْله تَعَالَى: ولوطا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُم لتأتون الْفَاحِشَة مَا سبقكم بهَا من أحد من الْعَالمين أإنكم لتأتون الرِّجَال وتقطعون السَّبِيل وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر فَمَا كَانَ جَوَاب قومه إِلَّا أَن قَالُوا إئتنا بِعَذَاب الله إِن كنت من الصَّادِقين قَالَ رب انصرني على الْقَوْم المفسدين وَلما جَاءَت رسلنَا إِبْرَاهِيم بالبشرى قَالُوا إِنَّا مهلكو أهل هَذِه الْقرْيَة إِن أَهلهَا كَانُوا ظالمين قَالَ إِن فِيهَا لوطاً قَالُوا نَحن أعلم بِمن فِيهَا لننجينه وَأَهله إِلَّا امْرَأَته كَانَت من الغابرين وَلما أَن جَاءَت رسلنَا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذرعا وَقَالُوا لَا تخف وَلَا تحزن إِنَّا منجوك وَأهْلك إِلَّا امْرَأَتك كَانَت من الغابرين إِنَّا منزلون على أهل هَذِه الْقرْيَة رجزا من السَّمَاء بِمَا كَانُوا يفسقون وَلَقَد تركنَا مِنْهَا آيَة بَيِّنَة لقوم يعْقلُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وتقطعون السَّبِيل} قَالَ: الطَّرِيق إِذا مر بهم الْمُسَافِر وَهُوَ ابْن السَّبِيل قطعُوا بِهِ وَعمِلُوا بِهِ ذَلِك الْعَمَل الْخَبيث وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله {وتأتون فِي ناديكم} قَالَ: مجلسكم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الصمت وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والشاشي فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أم هانىء بنت أبي طَالب رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله تَعَالَى

{وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر} قَالَ كَانُوا يَجْلِسُونَ بِالطَّرِيقِ فيخذفون ابْن السَّبِيل ويسخرون مِنْهُم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الْخذف وَهُوَ قَول الله {وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر} وَأخرج ابْن ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر} قَالَ: الْخذف فَقَالَ رجل: وَمَالِي قلت هَكَذَا فَأخذ ابْن عمر كفا من حَصْبَاء فَضرب بِهِ وَجهه وَقَالَ: فِي حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَأْخُذ بالمعاريض وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر} قَالَ: الْخذف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر} قَالَ: كَانُوا يخذفون النَّاس وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر} قَالَ: كَانَ يُجَامع بَعضهم بَعْضًا فِي الْمجَالِس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر} قَالَ كَانُوا يعْملُونَ الْفَاحِشَة فِي مجَالِسهمْ وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي قَوْله {وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر} قَالَ: الضراط وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَول الله {وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر} مَاذَا كَانَ الْمُنكر الَّذِي كَانُوا يأْتونَ قَالَ: كَانُوا يتضارطون فِي مجَالِسهمْ يضرط بَعضهم على بعض والنادي هُوَ الْمجْلس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وتأتون فِي ناديكم الْمُنكر} قَالَ: الصفير وَلعب الْحمام والجلاهق وَحل ازرار القباء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَالَ إِن فِيهَا لوطاً قَالُوا نَحن أعلم بِمن فِيهَا}

قَالَ: لَا يلقى الْمُؤمن إِلَّا يرحم الْمُؤمن ويحوطه حَيْثُمَا كَانَ وَفِي قَوْله {إِلَّا امْرَأَته كَانَت من الغابرين} قَالَ: من البَاقِينَ فِي عَذَاب الله وَفِي قَوْله {وَلما جَاءَت رسلنَا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذرعاً} قَالَ: سَاءَ بقَوْمه ظنا يتخوّفهم على اضيافه وضاق ذرعاً بضيفه مَخَافَة عَلَيْهِم وَفِي قَوْله {إِنَّا منزلون على أهل هَذِه الْقرْيَة رجزاً من السَّمَاء} قَالَ: عذَابا من السَّمَاء وَفِي قَوْله {وَلَقَد تركنَا مِنْهَا آيَة بَيِّنَة} قَالَ: هِيَ الْحِجَارَة الَّتِي أمْطرت عَلَيْهِم أبقاها الله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَقَد تركنَا مِنْهَا آيَة بَيِّنَة} قَالَ: عِبْرَة

36

- قَوْله تَعَالَى: وَإِلَى مَدين أَخَاهُم شعيبا فَقَالَ يَا قوم اعبدوا الله وارجوا الْيَوْم الآخر وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين فَكَذبُوهُ فَأَخَذتهم الرجفة فَأَصْبحُوا فِي دَارهم جاثمين وعادا وثمودا وَقد تبين لكم من مساكنهم وزين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم فصدهم عَن السَّبِيل وَكَانُوا مستبصرين وَقَارُون وَفرْعَوْن وهامان وَلَقَد جَاءَهُم مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فاستكبروا فِي الأَرْض وَمَا كَانُوا سابقين فكلا أَخذنَا بِذَنبِهِ فَمنهمْ من أرسلنَا عَلَيْهِ حاصباً وَمِنْهُم من أَخَذته الصَّيْحَة وَمِنْهُم من خسفنا بِهِ الأَرْض وَمِنْهُم من أغرقنا وَمَا كَانَ الله ليظلمهم وَلَكِن كَانُوا أنفسهم يظْلمُونَ أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَأَخَذتهم الرجفة} قَالَ: الصَّيْحَة وَفِي قَوْله {وَكَانُوا مستبصرين} قَالَ: فِي الضَّلَالَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَأَصْبحُوا فِي دَارهم جاثمين} قَالَ: ميتين وَفِي قَوْله {وَكَانُوا مستبصرين} قَالَ: معجبين بضلالتهم وَفِي قَوْله {فَمنهمْ من أرسلنَا عَلَيْهِ حاصباً} قَالَ: هم قوم لوط {وَمِنْهُم من أَخَذته الصَّيْحَة} قَالَ: قوم صَالح وَقوم شُعَيْب {وَمِنْهُم من خسفنا بِهِ الأَرْض} قَالَ: قَارون {وَمِنْهُم من أغرقنا} قَالَ: قوم نوح وَفرْعَوْن وَقَومه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أرسلنَا عَلَيْهِ حاصباً} قَالَ: حِجَارَة

41

- قَوْله تَعَالَى: مثل الَّذين اتَّخذُوا من دون الله أَوْلِيَاء كَمثل العنكبوت اتَّخذت بَيْتا وَإِن أوهن الْبيُوت لبيت العنكبوت لَو كَانُوا يعلمُونَ أَن الله يعلم مَا يدعونَ من دونه من شَيْء وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مثل الَّذين اتَّخذُوا من دون الله أَوْلِيَاء كَمثل العنكبوت} قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله للمشرك انه لن يُغني عَنهُ إلهه شَيْئا من ضعفه وَقلة اجزائه مثل ضعف بَيت العنكبوت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مثل الَّذين اتَّخذُوا من دون الله أَوْلِيَاء} قَالَ: ذَاك مثل ضربه الله لمن عبد غَيره إِن مثله كَمثل بَيت العنكبوت وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن يزِيد بن مرْثَد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العنكبوت شَيْطَان مسخها الله فَمن وجدهَا فيلقتلها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن ميسرَة قَالَ (العنكبوت) شَيْطَان

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: نسجت العنكبوت مرَّتَيْنِ مرّة على دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَالثَّانيَِة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْخَطِيب عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخلت أَنا وَأَبُو بكر الْغَار فاجتمعت العنكبوت فَنسجَتْ بِالْبَابِ فَلَا تقتلوهن

43

- قَوْله تَعَالَى: وَتلك الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالمُونَ خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ إِن فِي ذَلِك لآيَة للْمُؤْمِنين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: مَا مَرَرْت بِآيَة فِي كتاب الله لَا أعرفهَا إِلَّا أحزنتني لِأَنِّي سَمِعت الله تَعَالَى يَقُول {وَتلك الْأَمْثَال نَضْرِبهَا للنَّاس وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالمُونَ}

45

- قَوْله تَعَالَى: اتل مَا أُوحِي إِلَيْك من الْكتاب وأقم الصَّلَاة إِن الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَلذكر الله أكبر وَالله يعلم مَا تَصْنَعُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر} يَقُول: فِي الصَّلَاة مُنْتَهى ومزدجر عَن معاصي الله وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر} قَالَ: الصَّلَاة فِيهَا ثَلَاث خلال الاخلاص والخشية وَذكر الله فَكل صَلَاة لَيْسَ فِيهَا من هَذِه الْخلال فَلَيْسَ بِصَلَاة فالاخلاص يَأْمُرهُ بِالْمَعْرُوفِ والخشية تنهاه عَن الْمُنكر وَذكر الله الْقُرْآن يَأْمُرهُ وينهاه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرؤهَا (ان الصَّلَاة تَأمر بِالْمَعْرُوفِ تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله {إِن الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر} فَقَالَ من لم تَنْهَهُ صلَاته عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر فَلَا صَلَاة لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لم تَنْهَهُ صلَاته عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر لم يَزْدَدْ بهَا من الله إِلَّا بعدا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لم تَنْهَهُ صلَاته عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر فَلَا صَلَاة لهز وَفِي لفظ لم يَزْدَدْ بهَا من الله إِلَّا بعدا وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى صَلَاة لم تَأمره بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَهُ عَن الْمُنكر لم تزِدْه صلَاته من الله إِلَّا بعدا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا صَلَاة لمن لم يطع الصَّلَاة وَطَاعَة الصَّلَاة أَن تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قيل لَهُ: إِن فلَانا يُطِيل الصَّلَاة قَالَ: إِن الصَّلَاة لَا تَنْفَع إِلَّا من أطاعها ثمَّ قَرَأَ {إِن الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: من لم تَأمره الصَّلَاة بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَهُ عَن الْمُنكر لم يَزْدَدْ من الله إِلَّا بعدا وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن فلَانا يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَإِذا أصبح سرق قَالَ: إِنَّه سينهاه مَا تَقول

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَا ابْن آدم إِنَّمَا الصَّلَاة الَّتِي تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر فَإِن لم تنهك صَلَاتك عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر فَإنَّك لست تصلي وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى صَلَاة لم تَنْهَهُ عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر لم يَزْدَدْ من الله إِلَّا بعدا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عون الْأنْصَارِيّ فِي قَوْله {إِن الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر} قَالَ: إِذا كنت فِي صَلَاة فَأَنت فِي مَعْرُوف وَقد حجزتك الصَّلَاة عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَالَّذِي أَنْت فِيهِ من ذكر الله أكبر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر} قَالَ: مَا دمت فِيهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر} قَالَ: الْقُرْآن الَّذِي يقْرَأ فِي الْمَسَاجِد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلذكر الله أكبر} قَالَ: وَلذكر الله لِعِبَادِهِ إِذا ذَكرُوهُ أكبر من ذكرهم إِيَّاه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن ربيعَة قَالَ: سَأَلَني ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن قَول الله {وَلذكر الله أكبر} فَقلت: ذكر الله بالتسبيح والتهليل وَالتَّكْبِير قَالَ: لَا ذكر الله إيَّاكُمْ أكبر من ذكركُمْ اياه ثمَّ قَرَأَ {فاذكروني أذكركم} الْبَقَرَة الْآيَة 152 وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {وَلذكر الله أكبر} قَالَ: ذكر الله العَبْد أكبر من ذكر العَبْد لله وَأخرج ابْن السّني وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَلذكر الله أكبر} قَالَ ذكر الله إيَّاكُمْ أكبر من ذكركُمْ إِيَّاه

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلذكر الله أكبر} قَالَ: هُوَ قَوْله {فاذكروني أذكركم} فَذكر الله إيَّاكُمْ أكبر من ذكركُمْ إِيَّاه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَلذكر الله أكبر} قَالَ: لذكر الله عَبده أكبر من ذكر العَبْد ربه فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {وَلذكر الله أكبر} يَقُول: لذكر الله إيَّاكُمْ إِذا ذكرتموه أكبر من ذكركُمْ إِيَّاه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن جَابر قَالَ: سَأَلت أَبَا قُرَّة عَن قَوْله {وَلذكر الله أكبر} قَالَ: ذكر الله أكبر من ذكركُمْ إِيَّاه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلذكر الله} عِنْدَمَا حرمه وَذكر الله إيَّاكُمْ أعظم من ذكركُمْ إِيَّاه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ {وَلذكر الله أكبر} قَالَ: ذكر الله العَبْد فِي الصَّلَاة أكبر من الصَّلَاة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلذكر الله أكبر} قَالَ: لَا شَيْء أكبر من ذكر الله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا عمل آدَمِيّ عملا أنجى لَهُ من عَذَاب الله من ذكر الله قَالُوا: وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ: وَلَا أَن يضْرب بِسَيْفِهِ حَتَّى يَنْقَطِع لِأَن الله تَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه {وَلذكر الله أكبر} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم فِي الكنى وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عنترة قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: ذكر الله أكبر وَمَا قعد قوم فِي بَيت من بيُوت الله يدرسون كتاب الله ويتعاطونه بَينهم إِلَّا أظلتهم الْمَلَائِكَة بأجنحتها وَكَانُوا أضياف الله مَا داموا فِيهِ حَتَّى يفيضوا فِي حَدِيث غَيره وَمَا سلك رجل طَرِيقا يلْتَمس فِيهِ الْعلم إِلَّا سهل الله لَهُ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَلا

أخْبركُم بِخَير أَعمالكُم وأحبها إِلَى مليككم وأنماها فِي درجاتكم وَخير من أَن تلقوا عَدوكُمْ فيضربوا رِقَابكُمْ وتضربوا رقابهم وَخير من اعطاء الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم قَالُوا: وَمَا هُوَ يَا أَبَا الدَّرْدَاء قَالَ: ذكر الله {وَلذكر الله أكبر} وَأخرج ح وَالْبَيْهَقِيّ عَن ام الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنْهَا قَالَت {وَلذكر الله أكبر} وَإِن صليت فَهُوَ من ذكر الله وَإِن صمت فَهُوَ من ذكر الله وكل خير تعمله فَهُوَ من ذكر الله وكل شَرّ تجتنبه فَهُوَ من ذكر الله وَأفضل من ذَلِك تَسْبِيح الله وَأخرج ابْن جرير عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ أَي الْعَمَل أفضل قَالَ: أما تقْرَأ الْقُرْآن {وَلذكر الله أكبر} لَا شَيْء أفضل من ذكر الله وَالله أعلم

46

- قَوْله تَعَالَى: وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم وَقُولُوا آمنا بِالَّذِي أنزل إِلَيْنَا وأزل إِلَيْكُم وإلهنا وإلهكم وَاحِد وَنحن لَهُ مُسلمُونَ وَكَذَلِكَ أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُم الْكتاب يُؤمنُونَ بِهِ وَمن هَؤُلَاءِ من يُؤمن بِهِ وَمَا يجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم} قَالَ: الَّذين قَالُوا: مَعَ الله اله أَو لَهُ ولد أَوله شريك أَو يَد الله مغلولة أَو الله فَقير وَنحن أَغْنِيَاء أَو آذَى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم أهل الْكتاب وَفِي قَوْله {وَقُولُوا آمنا بِالَّذِي أنزل إِلَيْنَا وَأنزل إِلَيْكُم} قَالَ: لمن يَقُول هَذَا مِنْهُم يَعْنِي من لم يقل مَعَ الله اله أَوله ولد أَوله شريك أَو يَد الله مغلولة أَو الله فَقِيرا وآذى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: إِن قَالُوا شرا فَقولُوا خيرا {إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم} فانتصروا مِنْهُم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن إِلَّا الَّذين ظلمُوا مِنْهُم}

قَالَ: لَا تقاتلوا إِلَّا من قَاتل وَلم يُعْط الْجِزْيَة وَمن أدّى مِنْهُم الْجِزْيَة فَلَا تَقولُوا لَهُم إِلَّا حسنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن حُسَيْن فِي الْآيَة قَالَ {الَّتِي هِيَ أحسن} قُولُوا {آمنا بِالَّذِي أنزل إِلَيْنَا وَأنزل إِلَيْكُم وإلهنا وإلهكم وَاحِد وَنحن لَهُ مُسلمُونَ} فَهَذِهِ مجادلتهم بِالَّتِي هِيَ أحسن وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن قَتَادَة {وَلَا تجادلوا أهل الْكتاب إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: نهى عَن مجادلتهم فِي هَذِه الْآيَة ثمَّ نسخ ذَلِك فَقَالَ {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر} وَلَا مجادلة أَشد من السَّيْف وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أهل الْكتاب يقرأون التَّوْرَاة بالعبرانية ويفسرونها بِالْعَرَبِيَّةِ لأهل الْإِسْلَام فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تصدقوا أهل الْكتاب وَلَا تكذبوهم وَقُولُوا {آمنا بِالَّذِي أنزل إِلَيْنَا وَأنزل إِلَيْكُم وإلهنا وإلهكم وَاحِد وَنحن لَهُ مُسلمُونَ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت الْيَهُود يحدثُونَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيسبحون كَأَنَّهُمْ يعْجبُونَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تكذبوهم وَقُولُوا {آمنا بِالَّذِي أنزل إِلَيْنَا وَأنزل إِلَيْكُم وإلهنا وإلهكم وَاحِد وَنحن لَهُ مُسلمُونَ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن سعد وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي نملة الانصاري رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا من الْيَهُود قَالَ لجنازة: أَنا أشهد أَنه تَتَكَلَّم فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حَدثكُمْ أهل الْكتاب فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تكذبوهم وَقُولُوا: آمنا بِاللَّه وَكتبه وَرُسُله فَإِن كَانَ حَقًا لم تكذبوهم وَإِن كَانَ بَاطِلا لم تُصَدِّقُوهُمْ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَفِي الشّعب والديلمي وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسألوا هَل الْكتاب عَن

شَيْء فَإِنَّهُم لن يهدوكم وَقد ضلوا إِمَّا أَن تصدقوا بباطل أَو تكذبوا بِحَق وَالله لَو كَانَ مُوسَى حَيا بَين أظْهركُم مَا حل لَهُ إِلَّا أَن يَتبعني وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن زيد بن أسلم قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تسألوا أهل الْكتاب عَن شَيْء فَإِنَّهُم لن يهدوكم وَقد ضلوا أنفسهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تسألوا أهل الْكتاب عَن شَيْء فَإِنَّهُم لن يهدوكم وَقد ضلوا لتكذبوا بِحَق وتصدقوا بباطل فَإِن كُنْتُم سائليهم لَا محَالة فانظروا مَا واطأ كتاب الله فَخُذُوهُ وَمَا خَالف كتاب الله فَدَعوهُ

48

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك إِذا لارتاب المبطلون بل هُوَ آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذين أُوتُوا الْعلم وَمَا يجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ وَقَالُوا لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ آيَات من ربه قل إِنَّمَا الْآيَات عِنْد الله وَإِنَّمَا أَنا نَذِير مُبين أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك} قَالَ: كَانَ أهل الْكتاب يَجدونَ فِي كتبهمْ أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يخط بِيَمِينِهِ وَلَا يقْرَأ كتابا فَنزلت {وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك إِذا لارتاب المبطلون} قُرَيْش وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والاسمعيلي فِي مُعْجَمه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك} قَالَ: لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ وَلَا يكْتب كَانَ أُمِّيا وَفِي قَوْله {بل هُوَ آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذين أُوتُوا الْعلم} قَالَ: كَانَ الله أنزل شَأْن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل لأهل الْعلم وَعلمه لَهُم وَجعله لَهُم آيَة فَقَالَ لَهُم: إِن آيَة نبوته أَن يخرج حِين يخرج لَا يعلم كتابا وَلَا يخطه بِيَمِينِهِ وَهِي الْآيَات الْبَينَات الَّتِي قَالَ الله تَعَالَى

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب وَلَا تخطه بيمينك} قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يقْرَأ كتابا قبله وَلَا يخطه بِيَمِينِهِ وَكَانَ أُمِّيا لَا يكْتب وَفِي قَوْله {آيَات بَيِّنَات} قَالَ: النَّبِي آيَة بَيِّنَة {فِي صُدُور الَّذين أُوتُوا الْعلم من أهل الْكتاب} قَالَ: وَقَالَ الْحسن: الْقُرْآن {آيَات بَيِّنَات فِي صُدُور الَّذين أُوتُوا الْعلم} يَعْنِي الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يقْرَأ وَلَا يكْتب وَكَذَلِكَ جعل نَعته فِي التَّوْرَاة والإِنجيل أَنه أُمِّي لَا يقْرَأ وَلَا يكْتب وَهِي الْآيَة الْبَيِّنَة وَهِي قَوْله {وَمَا يجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} قَالَ: يَعْنِي صفته الَّتِي وصف لأهل الْكتاب يعرفونه بِالصّفةِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا كنت تتلو من قبله من كتاب} قَالَ: لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ وَلَا يكْتب

51

- قَوْله تَعَالَى: أولم يَكفهمْ أَنا أنزلنَا عَلَيْك الْكتاب يُتْلَى عَلَيْهِم إِن فِي ذَلِك لرحمة وذكرى لقوم يُؤمنُونَ قل كفى بِاللَّه بيني وَبَيْنكُم شَهِيدا يعلم مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالَّذين آمنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفرُوا بِاللَّه أُولَئِكَ هم الخاسرون أخرج الدَّارمِيّ وَأَبُو دَاوُد فِي مراسيله وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن يحي بن جعدة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ نَاس من الْمُسلمين بكتب قد كتبوها فِيهَا بعض مَا سَمِعُوهُ من الْيَهُود فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفى بِقوم حمقا أَو ضَلَالَة أَن يَرْغَبُوا عَمَّا جَاءَ بِهِ نَبِيّهم إِلَيْهِم إِلَى مَا جَاءَ بِهِ غَيره إِلَى غَيرهم فَنزلت {أَو لم يَكفهمْ أَنا أنزلنَا عَلَيْك الْكتاب يُتْلَى عَلَيْهِم} الْآيَة وَأخرج الاسمعيلي فِي مُعْجَمه وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق يحيى ابْن جعدة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَكْتُبُونَ من

التَّوْرَاة فَذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِن أَحمَق الْحمق وأضل الضَّلَالَة قوم رَغِبُوا عَمَّا جَاءَ بِهِ نَبِيّهم إِلَى نَبِي غير نَبِيّهم والى أمة غير أمتهم ثمَّ أنزل الله {أَو لم يَكفهمْ أَنا أنزلنَا عَلَيْك الْكتاب يُتْلَى عَلَيْهِم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الزُّهْرِيّ: أَن حَفْصَة جَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكِتَاب من قصَص يُوسُف فِي كتف فَجعلت تَقْرَأهُ عَلَيْهِ وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتلون وَجهه فَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَتَاكُم يُوسُف وَأَنا بَيْنكُم فاتبعتموه وتركتموني لَضَلَلْتُمْ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن الضريس وَالْحَاكِم فِي الكنى وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن ثَابت بن الْحَرْث الْأنْصَارِيّ قَالَ: دخل عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكِتَاب فِيهِ مَوَاضِع من التَّوْرَاة فَقَالَ: هَذِه أصبتها مَعَ رجل من أهل الْكتاب أعرضها عَلَيْك فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تغيراً شَدِيدا لم أر مثله قطّ فَقَالَ عبد الله بن الْحَارِث لعمر رَضِي الله عَنْهُمَا: أما ترى وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: رَضِينَا بِاللَّه رَبًّا وبالإِسلام دينا وَبِمُحَمَّدٍ نَبيا فسرى عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ وَلَو نزل مُوسَى فأتبعوه وتركتموني لَضَلَلْتُمْ انا حظكم من النَّبِيين وَأَنْتُم حظي من الْأُمَم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي قلَابَة أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ مر بِرَجُل يقْرَأ كتابا فاستمعه سَاعَة فَاسْتَحْسَنَهُ فَقَالَ للرجل: اكْتُبْ لي من هَذَا الْكتاب قَالَ: نعم فَاشْترى أديما فهيأه ثمَّ جَاءَ بِهِ إِلَيْهِ فنسخ لَهُ فِي ظَهره وبطنه ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يقرأه عَلَيْهِ وَجعل وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتلون فَضرب رجل من الْأَنْصَار بِيَدِهِ الْكتاب وَقَالَ: ثكلتك أمك يَا ابْن الْخطاب أما ترى وَوجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ الْيَوْم وَأَنت تقْرَأ عَلَيْهِ هَذَا الْكتاب فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك إِنَّمَا بعثت فاتحاً وخاتماً وَأعْطيت جَوَامِع الْكَلم وفواتحه وَاخْتصرَ لي الحَدِيث اختصاراً فَلَا يهلكنكم المتهوكون وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تعلم التَّوْرَاة فَقَالَ لَا تتعلمها وآمن بهَا وتعلموا مَا أنزل إِلَيْكُم وآمنوا بِهِ

وَأخرج ابْن الضريس عَن الْحسن أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَا رَسُول الله إِن أهل الْكتاب يحدثونا بِأَحَادِيث قد أخذت بقلوبنا وَقد هممنا أَن نكتبها فَقَالَ يَا ابْن الْخطاب أمتهوكون أَنْتُم كَمَا تهوكت الْيَهُود والنصاري أما وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لقد جِئتُكُمْ بهَا بَيْضَاء نقية وَلَكِنِّي أَعْطَيْت جَوَامِع الْكَلم واخْتُصِرَ لي الحَدِيث اختصاراً وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن أبي ملكية قَالَ: أهْدى عبد الله بن عَامر بن كرز إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا هَدِيَّة فظنت أَنه عبد الله بن عَمْرو فَردَّتهَا وَقَالَت: يتتبع الْكتب وَقد قَالَ الله {أَو لم يَكفهمْ أَنا أنزلنَا عَلَيْك الْكتاب يُتْلَى عَلَيْهِم} فَقيل لَهَا: إِنَّه عبد الله بن عَامر فَقَبلتهَا

53

- قَوْله تَعَالَى: ويستعجلونك بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أجل مُسَمّى لجاءهم الْعَذَاب وليأتينهم بَغْتَة وهم لَا يَشْعُرُونَ يستعجلونك بِالْعَذَابِ وَإِن جَهَنَّم لمحيطة بالكافرين يَوْم يَغْشَاهُم الْعَذَاب من فَوْقهم وَمن تَحت أَرجُلهم وَيَقُول ذوقوا مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ أخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {ويستعجلونك بِالْعَذَابِ} قَالَ: قَالَ نَاس من جهلة هَذِه الْأمة {اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء أَو ائتنا بِعَذَاب أَلِيم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وليأتينهم بَغْتَة وهم لَا يَشْعُرُونَ} قَالَ: يَوْم بدر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِن جَهَنَّم لمحيطة بالكافرين} قَالَ: جَهَنَّم هُوَ هَذَا الْبَحْر الْأَخْضَر تنتثر الْكَوَاكِب فِيهِ وَيكون فِيهِ الشَّمْس وَالْقَمَر ثمَّ تستوقد ثمَّ يكون هُوَ جَهَنَّم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَإِن جَهَنَّم لمحيطة} قَالَ: الْبَحْر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَوْم يَغْشَاهُم الْعَذَاب} قَالَ: النَّار

56

- قَوْله تَعَالَى: يَا عبَادي الَّذين آمنُوا إِن أرضي وَاسِعَة فإياي فاعبدون - أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا عبَادي الَّذين آمنُوا إِن أرضي وَاسِعَة} قَالَ: إِذا عمل فِي الأَرْض بِالْمَعَاصِي فأخرجوا مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن أرضي وَاسِعَة} قَالَ: من أَمر بِمَعْصِيَة فليهرب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَا عبَادي الَّذين آمنُوا إِن أرضي وَاسِعَة فإياي فاعبدون} قَالَ: فَهَاجرُوا وَجَاهدُوا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْعُزْلَة وَابْن جرير عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: إِذا أمرْتُم بِالْمَعَاصِي فاذهبوا فَإِن أرضي وَاسِعَة وَأخرج أَحْمد عَن الزبير بن الْعَوام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبِلَاد بِلَاد الله والعباد عباد الله فَحَيْثُمَا أصبت خيرا فأقم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والقضاعي والشيرازي فِي الألقاب والخطيب وَابْن النجار وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سافروا وتصحوا وتغنموا

57

- قَوْله تَعَالَى: كل نفس ذائقة الْمَوْت ثمَّ إِلَيْنَا ترجعون وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لنبوئنهم من الْجنَّة غرفا تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا نعم أجر العاملين الَّذين صَبَرُوا وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

لما نزلت هَذِه الْآيَة إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون) قلت: يَا رب أيموت الْخَلَائق كلهم [] وَتبقى الْأَنْبِيَاء نزلت {كل نفس ذائقة الْمَوْت ثمَّ إِلَيْنَا ترجعون}

60

- قَوْله تَعَالَى: وكأين من دَابَّة لَا تحمل رزقها الله يرزقها وَإِيَّاكُم وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم وَلَئِن سَأَلْتُم من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وسخر الشَّمْس وَالْقَمَر ليَقُولن الله فَأنى يؤفكون الله يبسط الرزق لمن يَشَاء من عباده وَيقدر لَهُ إِن الله بِكُل شَيْء عليم وَلَئِن سَأَلْتُم من نزل من السَّمَاء ماءا فأحيا بِهِ الأَرْض من بعد مَوتهَا ليَقُولن الله قل الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لايعقلون أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى دخل بعض حيطان الْمَدِينَة فَجعل يلتقط من التَّمْر وَيَأْكُل فَقَالَ يَا ابْن عمر مَالك لَا تَأْكُل قلت: لَا أشتهيه يَا رَسُول الله قَالَ: لكني أشتهيه وَهَذِه صبح رَابِعَة مُنْذُ لم أذق طَعَاما وَلم أَجِدهُ وَلَو شِئْت لَدَعَوْت رَبِّي فَأَعْطَانِي مثل ملك كسى وَقَيْصَر فَكيف بك يَا ابْن عمر إِذا بقيت فِي قوم يخبؤون رزق سنتهمْ ويضعف الْيَقِين قَالَ: فو الله مَا برحنا ولارمنا حَتَّى نزلت {وكأين من دَابَّة لَا تحمل رزقها الله يرزقها وَإِيَّاكُم وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله لم يَأْمُرنِي بكنز الدُّنْيَا وَلَا بِاتِّبَاع الشَّهَوَات أَلا وَإِنِّي لَا أكنز دِينَارا وَلَا درهما وَلَا أدخر رزقا لغد وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وكأين من دَابَّة لَا تحمل رزقها} قَالَ: الطير والبهائم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن الْأَقْمَر فِي قَوْله {وكأين من دَابَّة لَا تحمل رزقها} قَالَ: لَا تظفر شَيْئا لغد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مجلز فِي الْآيَة قَالَ: من الدَّوَابّ لَا يَسْتَطِيع أَن يدّخر لغد يوفق رزقه كل يَوْم حَتَّى يَمُوت

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {فَأنى يؤفكون} قَالَ: يعدلُونَ

64

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا إِلَّا لخو وَلعب وَإِن الدَّار الْآخِرَة لهي الْحَيَوَان لَو كَانُوا يعلمُونَ فَإِذا ركبُوا فِي الْفلك دعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين فَلَمَّا نجاهم إِلَى الْبر إِذا هم يشركُونَ ليكفروا بِمَا آتَيْنَاهُم وليتمتعوا فَسَوف يعلمُونَ أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِن الدَّار الْآخِرَة لهي الْحَيَوَان} قَالَ: بَاقِيَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {لهي الْحَيَوَان} قَالَ: الْحَيَاة الدائمة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عجبا كل الْعجب للمصدق بدار الْحَيَوَان وَهُوَ يسْعَى لدار الْغرُور وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَإِذا ركبُوا فِي الْفلك} قَالَ: الْخلق كلهم يُقِرُّونَ لله أَنه رَبهم ثمَّ يشركُونَ بعد ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فتمتعوا فَسَوف تعلمُونَ} قَالَ: مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا فَسَوف تَرَوْنَهُ وَمَا كَانَ فِي الْآخِرَة فسيبدو لكم

67

- قَوْله تَعَالَى: أولم يرَوا أَنا جعلنَا حرما آمنا وَيُتَخَطَّف النَّاس من حَولهمْ أفبالباطل يُؤمنُونَ وبنعمة الله يكفرون وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو كذب بِالْحَقِّ لما جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّم مثوى للْكَافِرِينَ وَالَّذين جاهدوا فِينَا لنهدينهم سبلنا وَإِن الله لمع الْمُحْسِنِينَ

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَو لم يرَوا أَنا جعلنَا حرما آمنا} قَالَ: قد كَانَ لَهُم فِي ذَلِك آيَة إِن النَّاس يغزون ويتخطفون وهم آمنون {أفبالباطل يُؤمنُونَ} أَي بالشرك {وبنعمة الله يكفرون} أَي يجحدون وَأخرج جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنهم قَالُوا: يَا مُحَمَّد مَا يمنعنا أَن ندخل فِي دينك إِلَّا مَخَافَة أَن يتخطفنا النَّاس لقلتنا وَالْعرب أَكثر منا فَمَتَى بَلغهُمْ أَنا قد دَخَلنَا فِي دينك اختطفنا فَكُنَّا أَكلَة رَأس فَأنْزل الله {أَو لم يرَوا أَنا جعلنَا حرما آمنا} العنكبوت الْآيَة 67

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم - سُورَة الرّوم مَكِّيَّة وآياتها سِتُّونَ - مُقَدّمَة سُورَة الرّوم أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الرّوم بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد بِسَنَد حسن عَن رجل من الصَّحَابَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بهم الصُّبْح فَقَرَأَ فِيهَا سُورَة الرّوم وَأخرج الْبَزَّار عَن الاغر الْمُزنِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي صَلَاة الصُّبْح بِسُورَة الرّوم وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن معمر بن عبد الْملك بن عُمَيْر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْفجْر يَوْم الْجُمُعَة بِسُورَة الرّوم وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد وَابْن قَانِع من طَرِيق عبد الْملك بن عُمَيْر عَن أبي روح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصُّبْح فَقَرَأَ سُورَة الرّوم فتردد فِيهَا فَلَمَّا انْصَرف قَالَ انما يلبس علينا صَلَاتنَا قوم يحْضرُون الصَّلَاة بِغَيْر طهُور من شهد الصَّلَاة فليحسن الطّهُور

الروم

- الم غلبت الرّوم فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين لله الْأَمر من قبل وَمن بعد ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله ينصر من يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيز الرَّحِيم وعد الله لَا يخلف الله وعده وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والضياء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الم غلبت الرّوم} قَالَ: غلبت وغلبت قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يحبونَ أَن تظهر فَارس على الرّوم لأَنهم أَصْحَاب أوثان وَكَانَ الْمُسلمُونَ يحبونَ أَن تظهر الرّوم على فَارس لأَنهم أَصْحَاب كتاب فذكروه لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَذكره أَبُو بكر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما أَنهم سيغلبون فَذكره أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لَهُم فَقَالُوا: اجْعَل بَيْننَا وَبَيْنك أَََجَلًا فَإِن ظهرنا كَانَ لنا كَذَا وَكَذَا وَإِن ظهرتم كَانَ لكم كَذَا وَكَذَا فَجعل بَينهم أَََجَلًا خمس سِنِين فَلم يظهروا فَذكر ذَلِك أَبُو بكر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: الا جعلته أرَاهُ قَالَ: دون الْعشْر فظهرت الرّوم بعد ذَلِك فَذَلِك قَوْله {الم غلبت الرّوم} فَغلبَتْ ثمَّ غلبت بعد يَقُول الله {لله الْأَمر من قبل وَمن بعد ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله} قَالَ سُفْيَان: سَمِعت أَنهم قد ظَهَرُوا عَلَيْهِم يَوْم بدر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فَارس ظَاهِرين على الرّوم وَكَانَ الْمُشْركُونَ يحبونَ أَن تظهر فَارس على الرّوم وَكَانَ الْمُسلمُونَ يحبونَ أَن تظهر الرّوم على فَارس لأَنهم أهل كتاب وهم أقرب إِلَى دينهم فَلَمَّا نزلت {الم غلبت الرّوم فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين} قَالُوا: يَا أَبَا بكر إِن صَاحبك يَقُول إِن الرّوم تظهر على فَارس فِي بضع سِنِين قَالَ: صدق قَالُوا: هَل لَك إِلَى أَن نقامرك فَبَايعُوهُ على أَرْبَعَة قَلَائِص إِلَى سبع سِنِين فَمضى السَّبع سِنِين وَلم يكن شَيْء ففرح الْمُشْركُونَ بذلك وشق على الْمُسلمين وَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَا بضع سِنِين قَالَ: فَمَا مَضَت السنتان حَتَّى جَاءَت الركْبَان بِظُهُور الرّوم على فَارس ففرح الممؤمنون بذلك وَأنزل الله {الم غلبت الرّوم} إِلَى قَوْله {وعد الله لَا يخلف الله وعده} وَأخرج أيو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أنزلت {الم غلبت الرّوم} قَالَ الْمُشْركُونَ لأبي بكر

رَضِي الله عَنهُ: أَلا ترى إِلَى مَا يَقُول صَاحبك يزْعم أَن الرّوم تغلب فَارس قَالَ: صدق صَاحِبي قَالُوا: هَل لَك أَن نخاطرك فَجعل بَينه وَبينهمْ أَََجَلًا فَحل الْأَجَل قبل أَن يبلغ الرّوم فَارس فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فساءه وَكَرِهَهُ وَقَالَ لأبي بكر مَا دعَاك إِلَى هَذَا قَالَ: تَصْدِيقًا لله وَرَسُوله فَقَالَ: تعرض لَهُم وَأعظم الْخطر واجعله إِلَى بضع سِنِين فَأَتَاهُم أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: هَل لكم فِي الْعود فَإِن الْعود أَحْمد قَالُوا: نعم ثمَّ لم تمض تِلْكَ السنون حَتَّى غلبت الرّوم فَارس وربطوا خيولهم بِالْمَدَائِنِ وبنوا الرومية فقمر أَبُو بكر فجَاء بِهِ أَبُو بكر يحملهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا السُّحت تصدق بِهِ وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالدَّارقطني فِي الافراد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن يسَار بن مكرم السّلمِيّ قَالَ: لما نزلت {الم غلبت الرّوم} كَانَت فَارس يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة قاهرين الرّوم وَكَانَ الْمُسلمُونَ يحبونَ ظُهُور الرّوم عَلَيْهِم لِأَنَّهُمَا وإياهم أهل كتاب وَفِي ذَلِك يَقُول الله {ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله} وَكَانَت قُرَيْش تحب ظُهُور فَارس لأَنهم وإياهم لَيْسُوا أهل كتاب وَلَا إِيمَان ببعث فَلَمَّا أنزل الله هَذِه الْآيَة خرج أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يَصِيح فِي نواحي مَكَّة {الم غلبت الرّوم فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين} فَقَالَ نَاس من قُرَيْش لأبي بكر: ذَاك بَيْننَا وَبَيْنكُم يزْعم صَاحبك إِن الرّوم ستغلب فَارس فِي بضع سِنِين أَفلا نراهنك على ذَاك قَالَ: بلَى - وَذَلِكَ قبل تَحْرِيم الرِّهَان - فارتهن أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ الْمُشْركُونَ وتواضعوا الرِّهَان وَقَالُوا لأبي بكر: لم تجْعَل الْبضْع ثَلَاث سِنِين إِلَى تسع سِنِين فسم بَيْننَا وَبَيْنك وسطا تَنْتَهِي إِلَيْهِ قَالَ: فسموا بَينهم سِتّ سِنِين فمضت السِّت قبل أَن يظهروا فَأخذ الْمُشْركُونَ رهن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا دخلت السّنة السابعه ظَهرت الرّوم على فَارس فعاب الْمُسلمُونَ على أبي بكر رَضِي الله عَنهُ بتسميته سِتّ سِنِين قَالَ: لِأَن الله قَالَ {فِي بضع سِنِين} فَأسلم عِنْد ذَلِك نَاس كثير وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ: لما نزلت {الم غلبت الرّوم} أَلا يغالب الْبضْع دون الْعشْر

وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر وَابْن أبي حَاتِم وة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن الْمُشْركين كَانُوا يجادلون الْمُسلمين وهم بِمَكَّة يَقُولُونَ: الرّوم أهل كتاب وَقد غلبتهم الْفرس وَأَنْتُم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ ستغلبون بِالْكتاب الَّذِي أنزل على نَبِيكُم وسنغلبكم كَمَا غلبت فَارس الرّوم فَأنْزل الله {الم غلبت الرّوم} قَالَ ابْن شهابك فاخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود قَالَ: إِنَّه لما نزلت هَاتَانِ الْآيَتَانِ فَأمر أَبُو بكر بعض الْمُشْركين - قبل أَن يحرم الْقمَار - على شَيْء إِن لم تغلب الرّوم فَارس فِي بضع سِنِين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم فعلت فَكل مَا دون الْعشْر بضع فَكَانَ ظُهُور فَارس على الرّوم فِي سبع سِنِين ثمَّ أظهر الله الرّوم على فَارس زمن الْحُدَيْبِيَة ففرح الْمُسلمُونَ بِظُهُور أهل الْكتاب وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ: كَانَ يَوْم بدر ظَهرت الرّوم على قارس فأعجب ذَلِك الْمُؤمنِينَ فَنزلت {الم غلبت الرّوم} قَرَأَهَا بِالنّصب إِلَى قَوْله {يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله} قَالَ: ففرح المؤمنو بِظُهُور الرّوم على فَارس قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَكَذَا قَرَأَ {غلبت} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الم غلبت الرّوم} قَالَ: قد مضى كَانَ ذَلِك فِي أهل فَارس وَالروم وَكَانَت فَارس قد غلبتهم ثمَّ غلبت الرّوم بعد ذَلِك والتقى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ مُشْركي الْعَرَب وَنصر أهل الْكتاب على الْعَجم قَالَ عَطِيَّة: وَسَأَلت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ عَن ذَلِك عَن ذَلِك فَقَالَ: الْتَقَيْنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومشركي الْعَرَب والتقت الرّوم وَفَارِس فنصرنا على مُشْركي الْعَرَب وَنصر أهل الْكتاب على الْمَجُوس ففرحنا بنصر الله إيانا على الْمُشْركين وفرحنا بنصر أهل الْكتاب على الْمَجُوس فَذَلِك قَوْله {ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة {الم غلبت الرّوم فِي أدنى الأَرْض} قَالَ: غلبتهم أهل فَارس على أدنى أَرْضك الشَّام {وهم من بعد غلبهم سيغلبون} قَالَ: لما أنزل الله هَؤُلَاءِ الْآيَات صدق الْمُسلمُونَ رَبهم وَعرفُوا أَن الرّوم

ستظهر على أهل فَارس فاقتمروا هم وَالْمُشْرِكُونَ خمس قَلَائِص وأجلوا بَينهم خمس سِنِين فولي قمار الْمُسلمين أَبُو بكر وَولي قمار الْمُشْركين أبي بن خلف - وَذَلِكَ قبل أَن ينْهَى عَن الْقمَار - فجَاء الْأَجَل وَلم تظهر الرّوم على فَارس فَسَأَلَ الْمُشْركُونَ قمارهم فَذكر ذَلِك أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ألم تَكُونُوا أَحِقَّاءَ أَن تؤجلوا أَََجَلًا دون الْعشْر فَإِن الْبضْع مَا بَين الثَّلَاث إِلَى الْعشْر فزايدوهم وَمَا دوهم فِي الْأَجَل فأظهر الله الرّوم على فَارس عِنْد رَأس السَّبع من قمارهم الأول فَكَانَ ذَلِك مرجعهم من الحديبيه وَكَانَ مِمَّا شدّ الله بِهِ الإِسلام فَهُوَ قَوْله {ويومئذ يفرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الزبير الْكلابِي قَالَ: رَأَيْت غَلَبَة فَارس الرّوم ثمَّ رَأَيْت غَلَبَة الرّوم فَارس ثمَّ رَأَيْت غَلَبَة الْمُسلمين فَارس وَالروم وظهورهم على الشَّام وَالْعراق كل ذَلِك فِي خمس عشرَة سنة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَيَجِيءُ أَقوام يقرأون {غلبت الرّوم} وَإِنَّمَا هِيَ {غُلبت} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ: سَأَلت معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ عَن قَول الله {الم غلبت الرّوم} أَو {غلبت} فَقَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {الم غلبت الرّوم} وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الم غلبت الرّوم} قَالَ: غلبتهم فَارس ثمَّ غلبت الرّوم فَارس وَفِي قَوْله {فِي أدنى الأَرْض} قَالَ: فِي طرف الأَرْض: الشَّام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْبضْع مَا بَين السَّبع إِلَى الْعشْرَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن نيار بن مكرم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبضْع: مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر من طَرِيق ابراهيم بن سعد عَن أبي الْحُوَيْرِث رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ {بضع سِنِين} مَا بَين خمس إِلَى سبع

وَأخرج ابْن عبد الحكم من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ الْبضْع سبع سِنِين وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {الم غلبت الرّوم} إِلَى قَوْله {أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ} قَالَ: ذكر غَلَبَة فَارس اياهم وادالة الرّوم على فَارس وَفَرح الْمُؤْمِنُونَ بنصر الله أهل الْكتاب على فَارس من أهل الْأَوْثَان وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَن الرّوم وَفَارِس اقْتَتَلُوا فِي أدنى الأَرْض قَالَ: وَأدنى الأَرْض يَوْمئِذٍ أَذْرُعَات بهَا الْتَقَوْا فهزمت الرّوم فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وهم بِمَكَّة فشق ذَلِك عَلَيْهِم وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكره أَن يظْهر الأميون من الْمَجُوس على أهل الْكتاب من الرّوم وَفَرح الْكفَّار بِمَكَّة وشمتوا فَلَقوا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: انكم أهل الْكتاب وَإِنَّكُمْ إِن قَاتَلْتُمُونَا لَنَظْهَرَنَّ عَلَيْكُم فَأنْزل الله {الم غلبت الرّوم} فَخرج أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى الْكفَّار فَقَالَ: فرحتم بِظُهُور إخْوَانكُمْ على اخواننا فَلَا تفرحوا وَلَا يقرن الله عينكم فوَاللَّه لَتظْهرنَّ الرّوم على فَارس أخبرنَا بذلك نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ إِلَيْهِ أبي بن خلف فَقَالَ: كذبت فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: أَنْت أكذب يَا عَدو الله قَالَ: إِنَّا أحبك عشر قَلَائِص مني وَعشر فلائص مِنْك فَإِن ظَهرت الرّوم على فَارس غرمت وَإِن ظَهرت فَارس غرمت إِلَى ثَلَاث سِنِين فجَاء أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ مَا هَكَذَا ذكرت إِنَّمَا الْبضْع من الثَّلَاث إِلَى التسع فَزَايِدْهُ فِي الْخطر وَمَاده فِي الْأَجَل فَخرج أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فلقي أَبَيَا فَقَالَ: لَعَلَّك نَدِمت قَالَ: لَا قَالَ: تعال أُزَايِدك فِي الْخطر وَأُمَادّك فِي الْأَجَل فاجعلها مائَة قلُوص إِلَى تسع سِنِين قَالَ: قد فعلت وَأخرج ابْن جرير عَن سليط قَالَ: سَمِعت ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يقْرَأ {الم غلبت الرّوم} قيل لَهُ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن على أَي شَيْء غلبوا قَالَ: على ريف الشَّام وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج {لله الْأَمر من قبل} دولة فَارس على الرّوم {وَمن بعد} دولة الرّوم على فَارس

7

- قَوْله تَعَالَى: يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم عَن الْآخِرَة هم غافلون أولم يتفكروا فِي أنفسهم مَا خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأجل مُسَمّى وَإِن كثيرا من النَّاس بلقاء رَبهم لكافرون أولم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبلهم كَانُوا أَشد مِنْهُم قُوَّة وأثاروا الأَرْض وعمروها أَكثر مِمَّا عمروها وجاءتهم رسلهم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ الله ليظلمهم وَلَكِن كَانُوا أنفسهم يظْلمُونَ ثمَّ كَانَ عَاقِبَة الَّذين أساؤوا السوء أَن كذبُوا بآيَات الله وَكَانُوا بهَا يستهزؤون الله يبدؤ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ ثمَّ إِلَيْهِ ترجعون وَيَوْم تقوم السَّاعَة يبلس المجرمون وَلم يكن لَهُم من شركائهم شُفَعَاء وَكَانُوا بشركائهم كَافِرين أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا} يَعْنِي مَعَايشهمْ مَتى يغرسون وَمَتى يزرعون وَمَتى يحصدون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا} يعْرفُونَ عمرَان الدُّنْيَا وهم فِي أَمر الْآخِرَة جهال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قتاردة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: يعلمُونَ تجارتها وحرفتها وَبَيْعهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يعلمُونَ ظَاهرا من الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: مَعَايشهمْ وَمَا يصلحهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: ليبلغ من حذق أحدهم بِأَمْر دُنْيَاهُ أَنه يقلب الدِّرْهَم على ظفره فيخبرك بوزنة وَمَا يحسن يُصَلِّي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو فِي قَوْله {كَانُوا هم أَشد مِنْهُم قُوَّة} قَالَ:

كَانَ الرجل مِمَّن كَانَ قبلكُمْ بَين مَنْكِبَيْه ميل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأثاروا الأَرْض} قَالَ: حرثوا الأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وأثاروا الأَرْض} يَقُول: جنانها وأنهارها وزروعها {وعمروها أَكثر مِمَّا عمروها} يَقُول: عاشوا فِيهَا أَكثر من عيشكم فِيهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثمَّ كَانَ عَاقِبَة الَّذين أساؤوا السوأى} قَالَ: الَّذين كفرُوا جزاؤهم الْعَذَاب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ {السوأى} الاساءة جَزَاء المسيئين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يبلس} قَالَ: ييأس وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يبلس} قَالَ: يكتئب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ {يبلس} قَالَ: يكتئب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الابلاس الفضيحة

14

- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم تقوم السَّاعَة يَوْمئِذٍ يتفرقون فَأَما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فهم فِي رَوْضَة يحبرون وَأما الَّذين كفرُوا وكذبوا بِآيَاتِنَا ولقاء الْآخِرَة فَأُولَئِك فِي الْعَذَاب محضرون أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيَوْم تقوم السَّاعَة يَوْمئِذٍ يتفرقون} قَالَ: فرقة لَا اجْتِمَاع بعْدهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَوْمئِذٍ يتفرقون} قَالَ: هَؤُلَاءِ فِي عليين وَهَؤُلَاء فِي أَسف سافلين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {فِي رَوْضَة} يَعْنِي بساتين الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فِي رَوْضَة يحبرون} قَالَ: فِي جنَّة يكرمون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يحبرون} قَالَ: يكرمون وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يحبرون} قَالَ: ينعمون وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والخطيب فِي تَارِيخه عَن يحيى بن أبي كثير {فِي رَوْضَة يحبرون} قَالَ: لَذَّة السماع فِي الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن أبي كثير فِي قَوْله (يحبرون) قيل: يَا رَسُول الله مَا الحبر قَالَ اللَّذَّة وَالسَّمَاع وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْأَوْزَاعِيّ فِي قَوْله {فِي رَوْضَة يحبرون} قَالَ: هوالسماع إِذا أَرَادَ أهل الْجنَّة أَن يطربوا أوحى الله إِلَى ريَاح يُقَال لَهَا: الهفافة فَدخلت فِي آجام قصب اللُّؤْلُؤ الرطب فحركته فَضرب بعضه بَعْضًا فتطرب الْجنَّة فَإِذا طربت لم يبْق فِي الْجنَّة شَجَرَة إِلَّا وَردت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ هَل فِي الْجنَّة سَماع فَقَالَ: إِن فِيهَا لشَجَرَة يُقَال لَهَا القيض لَهَا سَماع لم يسمع السامعون إِلَى مثله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي والاصبهاني فِي التَّرْغِيب عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُنَادي مُنَاد أَيْن الَّذين ينزعون أنفسهم عَن اللَّهْو مَزَامِير الشَّيْطَان أسكنوهم رياض الْمسك ثمَّ يَقُول للْمَلَائكَة: أسمعوهم حمدي وثنائي وأعلموهم أَن لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُنَادي مُنَاد يَوْم

الْقِيَامَة أَيْن الَّذين كَانُوا ينزهون أَصْوَاتهم وأسماعهم عَن اللَّهْو وَمَزَامِير الشَّيْطَان فيحملهم الله فِي رياض الْجنَّة من مسك فَيَقُول للْمَلَائكَة اسمعوا عبَادي تحميدي وتمجيدي وأخبروهم أَن لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ وَأخرج الديلمي عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الله: أَيْن الَّذين كَانُوا ينزهون اسماعهم وأبصارهم عَن مَزَامِير الشَّيْطَان ميزوهم فيميزون فِي كتب الْمسك والعنبر ثمَّ يَقُول للْمَلَائكَة: أسمعوهم من تسبيحي وتحميدي وتهليلي قَالَ: فيسبحون بِأَصْوَات لم يسمع السامعون بِمِثْلِهَا قطّ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والضياء الْمَقْدِسِي كِلَاهُمَا فِي صفة الْجنَّة بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: فِي الْجنَّة شَجَرَة على سَاق قدر مَا يسير الرَّاكِب الْمجد فِي ظلها مائَة عَام فَيخرج أهل الْجنَّة أهل الغرف وَغَيرهم فيتحدثون فِي ظلها فيشتهي بَعضهم وَيذكر لَهو الدُّنْيَا فَيُرْسل الله ريحًا من الْجنَّة فَتحَرك تِلْكَ الشَّجَرَة بِكُل لَهو كَانَ فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سابط قَالَ: إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة لم يخلق الله من صَوت حسن إِلَّا وَهُوَ فِي جرمها يلذذهم وينعمهم وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل حبب إليّ الصَّوْت الْحسن فَهَل فِي الْجنَّة صَوت حسن فَقَالَ أَي وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن الله يوحي إِلَى شَجَرَة فِي الْجنَّة: أَن أسمعي عبَادي الَّذين اشتغلوا بعبادتي وذكري عَن عزف البرابط والمزامير فَترفع بِصَوْت لم يسمع الْخَلَائق بِمثلِهِ من تَسْبِيح الرب وتقديسه وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي مُوسَى الاشعري رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اسْتمع إِلَى صَوت غناء لم يُؤذن لَهُ أَن يسمع الروحانيين فِي الْجنَّة قيل: وَمن الروحانيون يَا رَسُول الله قَالَ: قراء أهل الْجنَّة وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن سعيد بن أبي سعيد الْحَارِثِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن فِي الْجنَّة آجاما من قصب من ذهب حملهَا اللُّؤْلُؤ اذا اشتها أهل الْجنَّة صَوتا بعث الله ريحًا على تِلْكَ الآجام فأتتهم بِكُل صَوت حسن يشتهونه وَالله أعلم

17

- قَوْله تَعَالَى: فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وعشياً وَحين تظْهرُونَ يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ ويحيي الأَرْض بعد مَوتهَا وَكَذَلِكَ تخرجُونَ أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أدنى مَا يكون من الْحِين بكرَة وعشيا ثمَّ قَرَأَ {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي رزين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ نَافِع بن الْأَزْرَق إِلَى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: هَل تَجِد الصَّلَوَات الْخمس فِي الْقُرْآن قَالَ: نعم فَقَرَأَ {فسبحان الله حِين تمسون} صَلَاة الْمغرب {وَحين تُصبحُونَ} صَلَاة الصُّبْح {وعشيا} صَلَاة الْعَصْر {وَحين تظْهرُونَ} صَلَاة الظّهْر وَقَرَأَ (وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جمعت هَذِه الْآيَة مَوَاقِيت الصلوة {فسبحان الله حِين تمسون} قَالَ: الْمغرب وَالْعشَاء {وَحين تُصبحُونَ} الْفجْر {وعشيا} الْعَصْر {وَحين تظْهرُونَ} الظّهْر وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّعْوَات عَن معَاذ بن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبركُم لم سمّى الله إِبْرَاهِيم خَلِيله الَّذِي وفى لِأَنَّهُ كَانَ يَقُول كلما أصبح وَأمسى {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وعشياً وَحين تظْهرُونَ} وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ حِين يصبح {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وعشياً وَحين تظْهرُونَ يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ ويحيي الأَرْض بعد مَوتهَا وَكَذَلِكَ تخرجُونَ} أدْرك مَا

فَاتَهُ فِي يَوْمه وَمن قَالَهَا حِين يُمْسِي أدْرك مَا فَاتَهُ من ليلته وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ حِين أصبح سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ ألف مرّة فقد اشْترى نَفسه من الله وَكَانَ آخر يَوْمه عتيقاً من النَّار وَأخرج ابْن ماجة فِي تَفْسِيره وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: أما الْحَمد فقد عَرفْنَاهُ فقد يحمد الْخَلَائق بَعضهم بَعْضًا وَأما لَا إِلَه إِلَّا الله فقد عرفناها فقد عبدت الْآلهَة من دون الله وَأما الله أكبر فقد يكبر الْمُصَلِّي وَأما سُبْحَانَ الله فَمَا هُوَ فَقَالَ رجل من الْقَوْم: الله أعلم فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: قد شقي عمر إِن لم يكن يعلم أَن الله يعلم فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اسْم مَمْنُوع أَن يَنْتَحِلهُ أحد من الْخَلَائق وَإِلَيْهِ يفزع الْخلق واحب أَن يُقَال لَهُ فَقَالَ: هُوَ كَذَاك وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم والضياء عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله اصْطفى من الْكَلَام أَرْبعا سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَمن قَالَ سُبْحَانَ الله كتبت لَهُ عشرُون حَسَنَة وحطت عَنهُ عشرُون سَيِّئَة وَمن قَالَ الله أكبر مثل ذَلِك وَمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مثل ذَلِك وَمن قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين من قبل نَفسه لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَة وحطت عَنهُ ثَلَاثُونَ سَيِّئَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن الْبَصْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من قَرَأَ الْآيَات {فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ} إِلَى آخرهَا لم يفته شَيْء فِي يَوْمه وَلَيْلَته وَأدْركَ مَا فَاتَهُ من يَوْمه وَلَيْلَته

20

- قَوْله تَعَالَى: وَمن آيَاته أَن خَلقكُم من تُرَاب ثمَّ إِذا أَنْتُم بشرتنتشرون وَمن آيَاته إِن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا لتسكنوا إِلَيْهَا وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة وَرَحْمَة إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يتفكرون وَمن آيَاته خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وإختلاف أَلْسِنَتكُم وألوانكم إِن فِي ذَلِك لآيَات

للْعَالمين وَمن آيَاته منامكم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وابتغاؤكم من فَضله إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يسمعُونَ وَمن آيَاته يريكم الْبَرْق خوفًا وَطَمَعًا وَينزل من السَّمَاء مَاء فيحيي بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يعْقلُونَ وَمن آيَاته أَن تقوم السَّمَاء وَالْأَرْض بأَمْره ثمَّ إِذا دعَاكُمْ دَعْوَة من الأَرْض إِذا أَنْتُم تخرجُونَ وَله من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض كل لَهُ قانتون أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن آيَاته} قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن آيَات بذلك تعرفُون الله إِنَّكُم لن تروه فتعرفونه على رُؤْيَة وَلَكِن تعرفُون بآياته وخلقه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن آيَاته أَن خَلقكُم من تُرَاب} قَالَ: آدم من تُرَاب {ثمَّ إِذا أَنْتُم بشر تنتشرون} يَعْنِي ذُريَّته {وَمن آيَاته إِن خلق لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} قَالَ: حَوَّاء خلقهَا الله من ضلع من أضلاع آدم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجعل بَيْنكُم مَوَدَّة} قَالَ: الْجِمَاع {وَرَحْمَة} قَالَ: الْوَلَد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمن آيَاته أَن تقوم السَّمَاء وَالْأَرْض بأَمْره} قَالَ: قامتا بأَمْره بِغَيْر عمد ثمَّ {إِذا دعَاكُمْ دَعْوَة من الأَرْض إِذا أَنْتُم تخرجُونَ} قَالَ: دعاهم من السَّمَاء فَخَرجُوا من الأَرْض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذا أَنْتُم تخرجُونَ} قَالَ: من قبوركم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَزْهَر بن عبد الله الجزاري قَالَ: يقْرَأ على الْمُصَاب إِذا أَخذ {وَمن آيَاته أَن تقوم السَّمَاء وَالْأَرْض بأَمْره ثمَّ إِذا دعَاكُمْ دَعْوَة من الأَرْض إِذا أَنْتُم تخرجُونَ}

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله (كل لَهُ قانتون) يَقُول: مطيعون يَعْنِي الْحَيَاة والنشور وَالْمَوْت وهم عاصون لَهُ فِيمَا سوى ذَلِك من الْعِبَادَة وَالله تَعَالَى أعلم

27

- قَوْله تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي يبدؤ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ وَله الْمثل الْأَعْلَى فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عِكْرِمَة قَالَ: تعجب الْكفَّار من احياء الله الْمَوْتَى فَنزلت {وَهُوَ الَّذِي يبْدَأ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} قَالَ: اعادة الْخلق أَهْون عَلَيْهِ من ابْتِدَائه وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} قَالَ: الاعادة أَهْون عَلَيْهِ من الْبدَاءَة والبداءة عَلَيْهِ هَين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ} قَالَ: أيسر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: فِي عقولكم اعادة شَيْء إِلَى شَيْء كَانَ أَهْون من ابْتِدَائه إِلَى شَيْء لم يكن وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ قَالَ: الاعادة أَهْون على الْمَخْلُوق لِأَنَّهُ يَقُول لَهُ يَوْم الْقِيَامَة {كن فَيكون} وَابْتِدَاء الْخلق من نطقة ثمَّ من علقَة ثمَّ من مُضْغَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل عَلَيْهِ هَين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَله الْمثل الْأَعْلَى} يَقُول {لَيْسَ كمثله شَيْء} الشورى الْآيَة 11 وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَله الْمثل الْأَعْلَى} قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَله الْمثل الْأَعْلَى} قَالَ: مثله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَلَا معبود غَيره

28

- قَوْله تَعَالَى: ضرب لكم مثلا من أَنفسكُم هَل لكم من مَا ملكت إيمَانكُمْ من شُرَكَاء فِي مَا رزقناكم فَأنْتم فِيهِ سَوَاء تخافونهم كخيفتكم أَنفسكُم كَذَلِك نفصل الْآيَات لقوم يعْقلُونَ بل اتبع الَّذين ظلمُوا أهواءهم بِغَيْر علم فَمن يهدي من أضلّ الله وَمَا لَهُم من ناصرين أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ يُلَبِّي أهل الشّرك لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك لبيْك لَا شريك لَك إِلَّا شريك هُوَ لَك تملكه ملك فَأنْزل الله {هَل لكم من مَا ملكت أَيْمَانكُم من شُرَكَاء} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {هَل لكم من مَا ملكت أَيْمَانكُم} الْآيَة قَالَ: هِيَ فِي الْآلهَة وَفِيه يَقُول: تخافونهم أَن يرثوكم كَمَا يَرث بَعْضكُم بَعْضًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ضرب لكم} الْآيَة قَالَ هَذَا مثل ضربه الله لمن عدل بِهِ شَيْئا من خلقه يَقُول: أَكَانَ أحد مِنْكُم مشاركاً مَمْلُوكه فِي مَاله وَنَفسه وَزَوجته فَكَذَلِك لَا يرضى الله تَعَالَى أَن يعدل بِهِ أحد من خلقه

30

- قَوْله تَعَالَى: فأقم وَجهك للدّين حَنِيفا فطرت الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} قَالَ: الدّين الإِسلام {لَا تَبْدِيل لخلق الله} قَالَ: لدين الله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} قَالَ: الإِسلام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} قَالَ: دين الله الَّذِي فطر خلقه عَلَيْهِ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ أَن الْفطْرَة معرفَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَا تَبْدِيل لخلق الله} قَالَ: دين الله {ذَلِك الدّين الْقيم} قَالَ: الْقَضَاء الْقيم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حَمَّاد بن عمر الصفار قَالَ: سَأَلت قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ عَن قَوْله {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} فَقَالَ: حَدثنِي أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} قَالَ: دين الله وَأخرج ابْن جرير عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ ان عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَهُ: مَا قوام هَذِه الْأمة قَالَ: ثَلَاث وَهِي المنجيات الاخلاص: وَهِي الْفطْرَة الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا وَالصَّلَاة: وَهِي الْملَّة وَالطَّاعَة: وَهِي الْعِصْمَة فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: صدقت وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {لَا تَبْدِيل لخلق الله} قَالَ: لدين الله وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَقَتَادَة وَالضَّحَّاك وَإِبْرَاهِيم وَابْن زيد مثله وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مَوْلُود إِلَّا يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويمجسانه كَمَا تنْتج الْبَهِيمَة بَهِيمَة جَمْعَاء هَل تُحِسُّونَ فِيهَا من جَدْعَاء ثمَّ يَقُول أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: اقرأوا ان شِئْتُم {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم} وَأخرج مَالك وَأَبُو دَاوُد وَابْن مردوية عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ كَمَا تنْتج الابل من بَهِيمَة جَمْعَاء هَل تحس من جَدْعَاء) قَالُوا: يَا رَسُول الله أَفَرَأَيْت من يَمُوت وَهُوَ صَغِير قَالَ: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْأسود بن سريع رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث سَرِيَّة إِلَى خَيْبَر فَقَاتلُوا الْمُشْركين فَانْتهى بهم الْقَتْل إِلَى الذُّرِّيَّة فَلَمَّا جاؤا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ماحملكم على قتل الذُّرِّيَّة قَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّمَا كَانُوا أَوْلَاد الْمُشْركين قَالَ: وَهل خياركم إِلَّا أَوْلَاد الْمُشْركين وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من نسمَة تولد إِلَّا على الْفطْرَة حَتَّى يعرب عَنْهَا لسانها

31

- قَوْله تَعَالَى: منيبين إِلَيْهِ واتقوه وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَلَا تَكُونُوا من الْمُشْركين من الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ وَإِذا مس النَّاس ضرّ دعوا رَبهم منيبين إِلَيْهِ ثمَّ إِذا أذاقهم مِنْهُ رَحْمَة إِذا فريق مِنْهُم برَبهمْ يشركُونَ ليكفروا بِمَا آتَيْنَاهُم فتمتعوا فَسَوف تعلمُونَ أم أنزلنَا عَلَيْهِم سُلْطَانا فَهُوَ يتَكَلَّم بِمَا كَانُوا بِهِ يشركُونَ وَإِذا أذقنا النَّاس رَحْمَة فرحوا بهَا وَإِن تصبهم سَيِّئَة بِمَا قدمت أَيْديهم إِذا هم يقنطون أولم يرَوا أَن الله يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يُؤمنُونَ فَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل ذَلِك خير للَّذين يُرِيدُونَ وَجه الله وَأُولَئِكَ هم المفلحون وَمَا آتيتم من رَبًّا ليربوا فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يربوا عِنْد الله وماأتيتم من زَكَاة تُرِيدُونَ وَجه الله فَأُولَئِك هم المضعفون الله الَّذِي خَلقكُم ثمَّ رزقكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ هَل من شركائكم من يفعل من ذَلِكُم من شَيْء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {منيبين إِلَيْهِ} قَالَ: تَائِبين إِلَيْهِ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {من الَّذين فرقوا دينهم} قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَفِي قَوْله {أم أنزلنَا عَلَيْهِم سُلْطَانا} قَالَ: يَأْمُرهُم بذلك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أم أنزلنَا عَلَيْهِم سُلْطَانا فَهُوَ يتَكَلَّم بِمَا كَانُوا بِهِ يشركُونَ} يَقُول: أم أنزلنَا عَلَيْهِم كتابا فَهُوَ ينْطق بشركهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه والمسكين وَابْن السَّبِيل} قَالَ: الضَّيْف {ذَلِك خير للَّذين يُرِيدُونَ وَجه الله وَأُولَئِكَ هم المفلحون} قَالَ: هَذَا الَّذِي يقبله الله ويضاعفه لَهُم عشر أَمْثَالهَا وَأكْثر من ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا آتيتم من رَبًّا} قَالَ: الرِّبَا رباآن رَبًّا لَا بَأْس بِهِ وَربا لَا يصلح فَأَما الرِّبَا الَّذِي لَا بَأْس بِهِ فهدية الرجل إِلَى الرجل يُرِيد فَضلهَا أَو اضعافها وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمَا آتيتم من رَبًّا} قَالَ هُوَ مَا يُعْطي النَّاس بَعضهم بَعْضًا يُعْطي الرجل الرجل الْعَطِيَّة يُرِيد أَن يعْطى أَكثر مِنْهَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا آتيتم من رَبًّا ليربو فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد الله} قَالَ: هِيَ الْهَدَايَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا آتيتم من رَبًّا ليربو فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد الله} قَالَ: يُعْطي مَا لَهُ يَبْتَغِي أفضل مِنْهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {وَمَا آتيتم من رَبًّا ليربو فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يَرْبُو عِنْد الله} قَالَ: مَا أعطيتم من عَطِيَّة لتثابوا عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا فَلَيْسَ فِيهَا أجر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن

الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا آتيتم من رَبًّا} قَالَ: هُوَ الرِّبَا الْحَلَال أَن تهدي أَكثر مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أجر وَلَا وزر وَنهى عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة فَقَالَ {وَلَا تمنن تستكثر} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ {وَمَا آتيتم من رَبًّا} قَالَ: الرجل يُعْطي الشَّيْء ليكافئه بِهِ ويزداد عَلَيْهِ {فَلَا يَرْبُو عِنْد الله} وَالْآخر الَّذِي يُعْطي الشَّيْء لوجه الله وَلَا يُرِيد من صَاحبه جَزَاء وَلَا مُكَافَأَة فَذَلِك الَّذِي يضعف عِنْد الله تَعَالَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا آتيتم من زَكَاة} قَالَ: هِيَ الصَّدَقَة

41

- قَوْله تَعَالَى: ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر بِمَا كسبت أَيدي النَّاس ليذيقهم بعض الَّذِي عمِلُوا لَعَلَّهُم يرجعُونَ قل سِيرُوا فِي الأَرْض فانظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبل كَانَ أَكْثَرهم مُشْرِكين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ {الْبر} الْبَريَّة الَّتِي لَيْسَ عِنْدهَا نهر و {الْبَحْر} مَكَان من الْمَدَائِن والقرى على شط نهر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر بِمَا كسبت أَيدي النَّاس} الْآيَة قَالَ: نُقْصَان الْبركَة بأعمال الْعباد كي يتوبوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ: قُحُوط الْمَطَر قيل لَهُ: قُحُوط الْمَطَر لن يضر الْبَحْر قَالَ: إِذا قل الْمَطَر قل الغوص وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة أَنه قيل لَهُ: هَذَا الْبر وَالْبَحْر أَي فَسَاد فِيهِ قَالَ: إِذا قل الْمَطَر قل الغوص وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن رفيع رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر}

قَالَ: انْقِطَاع الْمَطَر قيل: فالبحر قَالَ: إِذا لم يمطر عميت دَوَاب الْبَحْر وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ {الْبر} الفيافي الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْء و {الْبَحْر} الْقرى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ: الْبر قد عَرفْنَاهُ فَمَا بَال الْبَحْر قَالَ: إِن الْعَرَب تسمي الْأَمْصَار الْبَحْر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ: فَسَاد الْبر: قَتْلُ ابنُ آدمَ أَخَاهُ وَالْبَحْر: أَخْذُ الملكِ السفنَ غصبا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ: هَذَا قبل أَن يبْعَث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجَعَ رَاجِعُون من النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} قَالَ {الْبر} كل قَرْيَة نائية عَن الْبَحْر مثل مَكَّة وَالْمَدينَة و {الْبَحْر} كل قَرْيَة على الْبَحْر مثل كوفة وَالْبَصْرَة وَالشَّام وَفِي قَوْله {بِمَا كسبت أَيدي النَّاس} قَالَ: بِمَا عمِلُوا من الْمعاصِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الْبَحْر الجزائر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يتوبون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: عَن الذُّنُوب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر بِمَا كسبت أَيدي النَّاس} قَالَ: أفسدهم الله بِذُنُوبِهِمْ فِي بر الأَرْض وبحرها بأعمالهم الخبيثة {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يرجع من بعدهمْ

43

- قَوْله تَعَالَى: فأقم وَجهك للدّين الْقيم من قبل أَن يَأْتِي يَوْم لَا مردّ لَهُ من الله يَوْمئِذٍ يصدعون من كفر فَعَلَيهِ كفره وَمن عمل صَالحا فلأنفسهم يمهدون ليجزي الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات من فَضله إِنَّه لَا يحب الْكَافرين وَمن آيَاته أَن يُرْسل الرِّيَاح مُبَشِّرَات وليذيقكم من رَحمته ولتجري الْفلك بأَمْره ولتبتغوا من فَضله ولعلكم تشكرون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فأقم وَجهك للدّين الْقيم} قَالَ: الإِسلام {من قبل أَن يَأْتِي يَوْم لَا مردّ لَهُ من الله} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {يَوْمئِذٍ يصدعون} قَالَ: فريق فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يَوْمئِذٍ يصدعون} قَالَ: يتفرقون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَوْمئِذٍ يصدعون} يَوْمئِذٍ يتفرقون وَقَرَأَ {فَأَما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فهم فِي رَوْضَة يحبرون وَأما الَّذين كفرُوا وكذبوا بِآيَاتِنَا ولقاء الْآخِرَة فَأُولَئِك فِي الْعَذَاب محضرون} قَالَ: هَذَا حِين يصدعون يتفرقون إِلَى الْجنَّة وَالنَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي عَذَاب الْقَبْر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فلأنفسهم يمهدون} قَالَ: يسوّون الْمضَاجِع فِي الْقَبْر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن آيَاته أَن يُرْسل الرِّيَاح مُبَشِّرَات} قَالَ: بالمطر {وليذيقكم من رَحمته} قَالَ: الْمَطَر {ولتجري الْفلك بأَمْره} قَالَ: السفن فِي الْبحار {ولتبتغوا من فَضله} قَالَ: التِّجَارَة فِي السفن

47

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد أرسلنَا من قبلك رسلًا إِلَى قَومهمْ فجاؤوهم بِالْبَيِّنَاتِ فانتقمنا من الَّذين أجرموا وَكَانَ حَقًا علينا نصر الْمُؤمنِينَ أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا من امرىء مُسلم يرد عَن عرض أَخِيه إِلَّا كَانَ حَقًا على الله أَن يرد عَنهُ نَار جَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ تَلا {وَكَانَ حَقًا علينا نصر الْمُؤمنِينَ}

48

- قَوْله تَعَالَى: الله الَّذِي يُرْسل الرِّيَاح فتثير سحابا فيبسطه فِي السَّمَاء كَيفَ يَشَاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فَإِذا أصَاب بِهِ من يَشَاء من عباده إِذا هم يستبشرون وَإِن كَانُوا من قبل أَن ينزل عَلَيْهِم من قبله لمبلسين فَانْظُر إِلَى آثَار رَحْمَة الله كَيفَ يحيي الأَرْض بعد مَوتهَا إِن ذَلِك لمحيي الْمَوْتَى وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَلَئِن أرسلنَا ريحًا فرؤوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون أخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُرْسل الله الرّيح فتأتي بالسحاب من بَين الْخَافِقين - طرف السَّمَاء حِين يَلْتَقِيَانِ - فتخرجه ثمَّ تنشره فيبسطه فِي السَّمَاء كَيفَ يَشَاء فيسيل المَاء على السَّحَاب ثمَّ يمطر السَّحَاب بعد ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يُرْسل الله الرّيح فَتحمل المَاء من السَّحَاب فتمر بِهِ السَّحَاب فتدر كَمَا تدر النَّاقة وثجاج مثل العزالي غير أَنه متفرق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فيبسطه فِي السَّمَاء} قَالَ: يجمعه ويجعله {كسفا} قَالَ: قطعا

وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ويجعله كسفاً} قَالَ: قطعا يَجْعَل بَعْضهَا فَوق بعض {فترى الودق} قَالَ: الْمَطَر {يخرج من خلاله} قَالَ: من بَينه وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فترى الودق} قَالَ: الْقطر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويجعله كسفاً} قَالَ: سَمَاء دون سَمَاء وَفِي قَوْله {لمبلسين} قَالَ: القنطين

52

- قَوْله تَعَالَى: فَإنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى وَلَا تسمع الصم الدُّعَاء إِذا ولوا مُدبرين وَمَا أَنْت بهاد الْعمي عَن ضلالتهم إِن تسمع إِلَّا من يُؤمن بِآيَاتِنَا فهم مُسلمُونَ أخرج مُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترك قَتْلَى بدر أَيَّامًا حَتَّى جيفوا ثمَّ أَتَاهُم فَقَامَ يناديهم فَقَالَ: يَا أُميَّة بن خلف يَا أَبَا جهل بن هِشَام يَا عتبَة بن ربيعَة هَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا فَسمع عمر رَضِي الله عَنهُ صَوته فجَاء فَقَالَ: يَا رَسُول الله تناديهم بعد ثَلَاث وَهل يسمعُونَ يَقُول الله {إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى} فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهُم وَلَكنهُمْ لَا يُطِيقُونَ أَن يجيبوا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: وقف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قليب بدر فَقَالَ هَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا ثمَّ قَالَ: إِنَّهُم الْآن يسمعُونَ مَا أَقُول فَذكر لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت: انما قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهُم الْآن ليعلمون أَن الَّذِي كنت أَقُول لَهُم هُوَ الْحق ثمَّ قَرَأت {إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى} حَتَّى قَرَأت الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من طَرِيق قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أنس بن مَالك عَن أبي طَلْحَة رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر يَوْم بدر بأَرْبعَة وَعشْرين رجلا من صَنَادِيد قُرَيْش فقذفوا فِي طوى من أطواء بدر خَبِيث مخبث وَكَانَ إِذا ظهر على قوم أَقَامَ بالْعَرَصَةِ ثَلَاث لَيَال فَلَمَّا كَانَ ببدر الْيَوْم الثَّالِث أَمر براحلته فَشد عَلَيْهَا رَحلهَا ثمَّ مَشى وَاتبعهُ أَصْحَابه قَالُوا: مَا ترى ينْطَلق

إِلَّا لبَعض حَاجته حَتَّى قَامَ على شفة الركى فَجعل يناديهم بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاء آبَائِهِم يَا فلَان بن فلَان وَيَا فلَان بن فلَان أيسركم أَنكُمْ أطعتم الله وَرَسُوله فَإنَّا قد وجدنَا مَا وعدنا رَبنَا حَقًا فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله مَا تكلم من أجساد لَا أَرْوَاح فِيهَا: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهُم لأسْمع لما أَقُول مِنْكُم قَالَ قَتَادَة: أحياهم الله حَتَّى أسمعهم قَوْله توبيخاً وتصغيراً ونقمة وحسرة وندماً وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأهل بدر {إِنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى وَلَا تسمع الصم الدُّعَاء إِذا ولوا مُدبرين}

54

- قَوْله تَعَالَى: الله الَّذِي خَلقكُم من ضعف ثمَّ جعل من بعد ضعف قوّة ثمَّ جعل من بعد قُوَّة ضعفا وَشَيْبَة يخلق مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيم الْقَدِير أخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ والشيرازي فِي الألقاب وَالدَّارقطني فِي الافراد وَابْن عدي وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَرَأت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {الله الَّذِي خَلقكُم من ضعف} فَقَالَ من ضعف يَا بني وَأخرج الْخَطِيب عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ (الله الَّذِي خَلقكُم من ضعف) بِالضَّمِّ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف فِي الرّوم {خَلقكُم من ضعف ثمَّ جعل من بعد ضعف قوّة ثمَّ جعل من بعد قُوَّة ضعفا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الله الَّذِي خَلقكُم من ضعف} قَالَ: من نُطْفَة {ثمَّ جعل من بعد قُوَّة ضعفا} قَالَ: الْهَرم {وَشَيْبَة} قَالَ: الشمط

55

- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم تقوم السَّاعَة يقسم المجرمون مَا لَبِثُوا غير سَاعَة كَذَلِك كَانُوا يؤفكون وَقَالَ الَّذين أُوتُوا الْعلم وَالْإِيمَان لقد لبثتم فِي كتاب الله إِلَى يَوْم الْبَعْث فَهَذَا يَوْم الْبَعْث وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُم لَا تعلمُونَ فَيَوْمئِذٍ لَا ينفع الَّذين ظلمُوا معذرتهم وَلَا هم يستعتبون وَلَقَد ضربنا للنَّاس فِي هَذَا الْقُرْآن من كل مثل وَلَئِن جئتهم بِآيَة ليَقُولن الَّذين كفرُوا إِن أَنْتُم إِلَّا مبطلون كَذَلِك يطبع الله على قُلُوب الَّذين لَا يعلمُونَ فاصبر إِن وعد الله حق وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذين لَا يوقنون أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيَوْم تقوم السَّاعَة يقسم المجرمون مَا لَبِثُوا غير سَاعَة} قَالَ: يعنون فِي الدُّنْيَا اسْتَقل الْقَوْم أجل الدُّنْيَا لما عاينوا الْآخِرَة {كَذَلِك كَانُوا يؤفكون} قَالَ: كَذَلِك كَانُوا يكذبُون فِي الدُّنْيَا {وَقَالَ الَّذين أُوتُوا الْعلم} الْآيَة قَالَ: هَذَا من تقاديم الْكَلَام وتأويلها: وَقَالَ الَّذين أُوتُوا الإِيمان وَالْعلم فِي كتاب الله لقد لبثتم إِلَى يَوْم الْبَعْث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد لبثتم فِي كتاب الله إِلَى يَوْم الْبَعْث} قَالَ: لَبِثُوا فِي علم الله فِي البرزخ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يعلم مَتى علم وَقت السَّاعَة إِلَّا الله وَفِي ذَلِك أنزل الله {وَأجل مُسَمّى عِنْده} طه الْآيَة 129 وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا من الْخَوَارِج ناداه وَهُوَ فِي صَلَاة الْفجْر فَقَالَ {وَلَقَد أُوحِي إِلَيْك وَإِلَى الَّذين من قبلك لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك ولتكونن من الخاسرين} فَأَجَابَهُ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاة {فاصبر إِن وعد الله حق وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذين لَا يوقنون}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم - سُورَة لُقْمَان مَكِّيَّة وآياتها ارْبَعْ وَثَلَاثُونَ - مُقَدّمَة سُورَة لُقْمَان أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت سُورَة لُقْمَان بِمَكَّة وَأخرج النّحاس فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سُورَة لُقْمَان نزلت بِمَكَّة سوى ثَلَاث آيَات مِنْهَا نزلت بِالْمَدِينَةِ {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} لُقْمَان الْآيَة 27 إِلَى تَمام الْآيَات الثَّلَاث وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نصلي خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر ونسمع مِنْهُ الْآيَة بعد الْآيَة من سُورَة لُقْمَان والذاريات

لقمان

- الم تِلْكَ آيَات الْكتاب الْحَكِيم هدى وَرَحْمَة للمحسنين الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم بِالآخِرَة هم يوقنون أُولَئِكَ على هدى من رَبهم وَأُولَئِكَ هم المفلحون وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث ليضل عَن سَبِيل الله بِغَيْر علم ويتخذها هزوا أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب مهين أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} يَعْنِي بَاطِل الحَدِيث وَهُوَ النَّضر بن الْحَارِث بن عَلْقَمَة اشْترى أَحَادِيث الْعَجم وصنيعهم فِي دهرهم وَكَانَ يكْتب الْكتب من الْحيرَة وَالشَّام ويكذب بِالْقُرْآنِ فَأَعْرض عَنهُ فَلم يُؤمن بِهِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: شِرَاؤُهُ اسْتِحْبَابه وبحسب الْمَرْء من الضَّلَالَة أَن يخْتَار حَدِيث الْبَاطِل على حَدِيث الْحق وَفِي قَوْله {ويتخذها هزوا} قَالَ: يستهزىء بهَا ويكذبها وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويتخذها هزوا} قَالَ: سَبِيل الله يتَّخذ السَّبِيل هزوا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: بَاطِل الحَدِيث وَهُوَ الْغناء وَنَحْوه {ليضل عَن سَبِيل الله} قَالَ: قِرَاءَة الْقُرْآن وَذكر الله نزلت فِي رجل من قُرَيْش اشْترى جَارِيَة مغنية وَأخرج جُوَيْبِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: أنزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث اشْترى قينة فَكَانَ لَا يسمع بِأحد يُرِيد الإِسلام إِلَّا انْطلق بِهِ إِلَى قَيْنَته فَيَقُول: أطعميه واسقيه وغنيه هَذَا خير مِمَّا يَدْعُوك إِلَيْهِ مُحَمَّد من الصَّلَاة وَالصِّيَام وَأَن تقَاتل بَين يَدَيْهِ فَنزلت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَات وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ وَلَا خير فِي تِجَارَة فِيهِنَّ وَثَمَنهنَّ حرَام فِي مثل هَذَا أنزلت هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان الله حرم الْقَيْنَة وَبَيْعهَا وَثمنهَا وَتَعْلِيمهَا وَالِاسْتِمَاع إِلَيْهَا ثمَّ قَرَأَ {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء وأشباهه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث}

قَالَ: هُوَ شِرَاء الْمُغنيَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: الْجَوَارِي الضاربات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الصَّهْبَاء قَالَ: سَأَلت عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن قَوْله تَعَالَى {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ - وَالله - الْغناء وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير عَن شُعَيْب بن يسَار قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ عَن {لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء وكل لعب لَهو وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا من طَرِيق حبيب بن أبي ثَابت عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء وَقَالَ مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ: هُوَ لَهو الحَدِيث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: الْغناء وَالْبَاطِل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} فِي الْغناء والمزامير وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب كَمَا ينْبت المَاء الزَّرْع وَالذكر ينْبت الإِيمان فِي الْقلب كَمَا ينْبت المَاء الزَّرْع وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب كَمَا ينْبت المَاء البقل

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: إِذا ركب الرجل الدَّابَّة وَلم يسم ردفه شَيْطَان فَقَالَ: تغنه فَإِن كَانَ لَا يحسن قَالَ لَهُ: تمنه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا رفع أحد صَوته بغناء إِلَّا بعث الله إِلَيْهِ شَيْطَانَيْنِ يجلسان على مَنْكِبَيْه يضربان باعقابهما على صَدره حَتَّى يمسك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن الْغناء فَقَالَ: أَنهَاك عَنهُ وأكرهه لَك قَالَ السَّائِل: احرام هُوَ قَالَ: انْظُر يَا ابْن أخي إِذا ميز الله الْحق من الْبَاطِل فِي أَيهمَا يَجْعَل الْغناء وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ: لعن الْمُغنِي والمغنى لَهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن فُضَيْل بن عِيَاض قَالَ: الْغناء رقية الزِّنَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي عُثْمَان اللَّيْثِيّ قَالَ: قَالَ يزِيد بن الْوَلِيد النَّاقِص: يَا بني أُميَّة إيَّاكُمْ والغناء فَإِنَّهُ ينقص الْحيَاء وَيزِيد فِي الشَّهْوَة ويهدم الْمُرُوءَة وَإنَّهُ لينوب عَن الْخمر وَيفْعل مَا يفعل السكر فَإِن كُنْتُم لابد فاعلين فجنبوه النِّسَاء فَإِن الْغناء دَاعِيَة الزِّنَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي جَعْفَر الْأمَوِي عمر بن عبد الله قَالَ: كتب عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ إِلَى مؤدب وِلْدِهِ: من عبد الله عمر أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى سهل مَوْلَاهُ أما بعد فَإِنِّي اخْتَرْتُك على علم مني لتأديب وِلْدِي وصرفتهم إِلَيْك عَن غَيْرك من مواليَّ وَذَوي الْخَاصَّة بِي فخذهم بالجفاء فَهُوَ أمكن لاقدامهم وَترك الصُّحْبَة فَإِن عَادَتهَا تكسب الْغَفْلَة وَكَثْرَة الضحك فَإِن كثرته تميت الْقلب وَليكن أول مَا يَعْتَقِدُونَ من أدبك بغض الملاهي الَّتِي بدؤها من الشَّيْطَان وعاقبتها سخط الرَّحْمَن فَإِنَّهُ بَلغنِي عَن الثِّقَات من حَملَة الْعلم إِن حُضُور المعازف واستماع الأغاني واللهج بهما ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب كَمَا ينْبت المَاء العشب ولعمري ولتوقي ذَلِك بترك حُضُور تِلْكَ المواطن أيسر على ذَوي الذِّهْن من الثُّبُوت على النِّفَاق فِي قلبهن وَهُوَ حِين يفارقها لَا يعْتَقد مِمَّا سَمِعت أذنَاهُ على شَيْء ينْتَفع بِهِ وليفتح كل غُلَام مِنْهُم بجزئه من الْقُرْآن يثبت فِي قِرَاءَته فَإِذا فرغ مِنْهُ تنَاول قوسه وكنانته

وَخرج إِلَى الْغَرَض حافياً فَرمى سَبْعَة ارشاق ثمَّ انْصَرف إِلَى القائلة فان ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ كَانَ يَقُول: يَا بني قيلوا فَإِن الشَّيَاطِين لَا تقيل وَالسَّلَام وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن رَافع بن حَفْص الْمدنِي قَالَ: أَربع لَا ينظر الله إلَيْهِنَّ يَوْم الْقِيَامَة الساحرة والنائحة والمغنية وَالْمَرْأَة مَعَ الْمَرْأَة وَقَالَ: من أدْرك ذَلِك الزَّمَان فَأولى بِهِ طول الْحزن وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا قدّست أمة فِيهَا البربط وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا نهيت عَن صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فاجرين صَوت عِنْد نَغمَة لَهو وَلعب وَمَزَامِير شَيْطَان وَصَوت عِنْد مُصِيبَة خدش وُجُوه وشق جُيُوب وَرَنَّة شَيْطَان وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: صوتان ملعونان مزمار عِنْد نَغمَة وَرَنَّة عِنْد مُصِيبَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: أَخبث الْكسْب كسب الزمارة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع قَالَ: كنت أَسِير مَعَ عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي طَرِيق فَسمع زمارة رَاع فَوضع أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ ثمَّ عدل عَن الطَّرِيق فَلم يزل يَقُول: يَا نَافِع أتسمع قلت: لَا فَأخْرج أصبعيه من أُذُنَيْهِ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صنع وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} إِنَّمَا ذَلِك شِرَاء الرجل اللّعب وَالْبَاطِل وَأخرج الْحَاكِم فِي الكنى عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} فِي الْغناء وَالْبَاطِل والمزامير وَأخرج آدم وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ اشتراؤه الْمُغنِي والمغنية بِالْمَالِ الْكثير وَالِاسْتِمَاع إِلَيْهِ وَإِلَى مثله من الْبَاطِل

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ رجل يَشْتَرِي جَارِيَة تغنيه لَيْلًا أَو نَهَارا

7

- قَوْله تَعَالَى: وَإِذا تتلى عَلَيْهِ آيَاتنَا ولى مستكبرا كَأَن لم يسْمعهَا كَأَن فِي أُذُنَيْهِ وقرا فبشره بِعَذَاب أَلِيم أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَإِذا تتلى عَلَيْهِ آيَاتنَا ولى مستكبراً} قَالَ: مُكَذبا بهَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وقرا} قَالَ: ثقلا

8

- قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات لَهُم جنَّات النَّعيم خَالِدين فِيهَا وعد الله حَقًا وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم خلق السَّمَوَات بِغَيْر عمد ترونها وَألقى فِي الأَرْض رواسي أَن تميد بكم وَبث فِيهَا من كل دَابَّة وأنزلنا من السَّمَاء مَاء فَأَنْبَتْنَا فِيهَا من كل زوج كريم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن دينا رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {جنَّات النَّعيم} بَين جنَّات الفردوس وَبَين جنَّات عدن وفيهَا جوَار خُلِقْنَ من ورد الْجنَّة قيل: وَمن يسكنهَا قَالَ: الَّذين هموا بِالْمَعَاصِي فَلَمَّا ذكرُوا عظمتي راقبوني وَالَّذين انْثَنَتْ أصلابهم فِي خَشْيَتِي

11

- قَوْله تَعَالَى: هَذَا خلق الله فأروني مَاذَا خلق الَّذين من دونه بل الظَّالِمُونَ فِي ضلال مُبين

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هَذَا خلق الله} أَي مَا ذكر من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَث فِيهَا من الدَّوَابّ وَمَا أنبت من كل زوج {فأروني مَاذَا خلق الَّذين من دونه} يَعْنِي الْأَصْنَام وَالله أعلم

12

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة أَن اشكر لله وَمن يشْكر فَإِنَّمَا يشْكر لنَفسِهِ وَمن كفر فَإِن الله غَنِي حميد وَإِذ قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ وَهُوَ يعظه يَا بني لَا تشرك بِاللَّه إِن الشّرك لظلم عَظِيم أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَدْرُونَ مَا كَانَ لُقْمَان قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: كَانَ حَبَشِيًّا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي الزّهْد وَأحمد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المملوكين وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام عبدا حَبَشِيًّا نجاراً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قلت لجَابِر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا: مَا انْتهى إِلَيْكُم من شَأْن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: كَانَ قَصِيرا أفطس من النّوبَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّخذُوا السودَان فَإِن ثَلَاثَة مِنْهُم سَادَات أهل الْجنَّة لُقْمَان الْحَكِيم وَالنَّجَاشِي وبلال الْمُؤَذّن قَالَ الطَّبَرَانِيّ: أَرَادَ الْحَبَشَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَادَات السودَان أَرْبَعَة لُقْمَان الحبشي وَالنَّجَاشِي وبلال وَمهجع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ أسود من سودان مصر ذَا مشافر أعطَاهُ الله الْحِكْمَة وَمنعه النُّبُوَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن ابْن حَرْمَلَة قَالَ: جَاءَ أسود إِلَى سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ يسْأَله فَقَالَ لَهُ سعيد رَضِي الله عَنهُ: لَا تحزن من أجل أَنَّك أسود فَإِنَّهُ كَانَ من أخير النَّاس ثَلَاثَة من السودَان: بِلَال وَمهجع مولى عمر بن الْخطاب ولقمان الْحَكِيم كَانَ أسود نوبياً ذَا مشافر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام عبد أسود وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام عبدا حَبَشِيًّا غليظ الشفتين مصفح الْقَدَمَيْنِ قَاضِيا لبني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ خياطاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام من أَهْون مملوكيه على سَيّده وَإِن أول مَا رُؤِيَ من حكمته أَنه بَيْنَمَا هُوَ مَعَ مَوْلَاهُ إِذْ دخل الْمخْرج فَأطَال فِيهِ الْجُلُوس فناداه لُقْمَان أَن طول الْجُلُوس على الْحَاجة ينجع مِنْهُ الكبد وَيكون مِنْهُ الْبَاسُور ويصعد الْحر إِلَى الرَّأْس فأجلس هوينا وَأخرج فَخرج فَكتب حكمته على بَاب الحش قَالَ: وسكر مَوْلَاهُ فخاطر قوما على أَن يشرب مَاء بحيرة فَلَمَّا أَفَاق عرف مَا وَقع مِنْهُ فَدَعَا لُقْمَان فَقَالَ: لمثل هَذَا كنت أخبؤك فَقَالَ: اجمعهم فَلَمَّا اجْتَمعُوا قَالَ: على أَي شَيْء خاطرتموه قَالُوا: على أَن يشرب مَاء هَذِه الْبحيرَة قَالَ: فَإِن لَهَا مواد فاحبسوا موادها عَنْهَا قَالُوا: كَيفَ نستطيع أَن نحبس موادها قَالَ: وَكَيف يَسْتَطِيع أَن يشْربهَا وَلها مواد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة} قَالَ: يَعْنِي الْعقل والفهم والفطنة من غير نبوّة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي مُسلم الْخَولَانِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لُقْمَان كَانَ عبدا كثير التفكر حسن الظَّن كثير الصمت أحب الله فَأَحبهُ الله تَعَالَى فَمن عَلَيْهِ بالحكمة نُودي بالخلافة قبل دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَقيل لَهُ: يَا لُقْمَان هَل لَك أَن يجعلك الله خَليفَة تحكم بَين النَّاس

بِالْحَقِّ قَالَ لُقْمَان: إِن أجبرني رَبِّي عز وَجل قبلت فَإِنِّي أعلم أَنه إِن فعل ذَلِك أعانني وَعَلمنِي وعصمني وَإِن خيرني رَبِّي قبلت الْعَافِيَة وَلم أسأَل الْبلَاء فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَا لُقْمَان لم قَالَ: لِأَن الْحَاكِم بأشد الْمنَازل وأكدرها يَغْشَاهُ الظُّلم من كل مَكَان فيخذل أَو يعان فَإِن أصَاب فبالحري أَن ينجو وَإِن أَخطَأ أَخطَأ طَرِيق الْجنَّة وَمن يكون فِي الدُّنْيَا ذليلاً خير من أَن يكون شريفا ضائعا وَمن يخْتَار الدُّنْيَا على الْآخِرَة فَاتَتْهُ الدُّنْيَا وَلَا يصير إِلَى ملك الْآخِرَة فَعجب الْمَلَائِكَة من حسن مَنْطِقه فَنَامَ نومَة فغط بالحكمة غطاً فانتبه فَتكلم بهَا ثمَّ نُودي دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بعده بالخلافة فقبلها وَلم يشْتَرط شَرط لُقْمَان فَأَهوى فِي الْخَطِيئَة فصفح عَنهُ وَتجَاوز وَكَانَ لُقْمَان يؤازره بِعِلْمِهِ وحكمته فَقَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: طُوبَى لَك يَا لُقْمَان أُوتيت الْحِكْمَة فصرفت عَنْك البلية وأوتي دَاوُد الْخلَافَة فَابْتلى بالذنب والفتنة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة} قَالَ: الْعقل وَالْفِقْه والاصابة فِي القَوْل فِي نبوّه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد آتَيْنَا لُقْمَان الْحِكْمَة} قَالَ: الْفِقْه فِي الإِسلام وَلم يكن نَبيا وَلم يُوح إِلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خير الله تَعَالَى لُقْمَان بَين الْحِكْمَة والنبوّة فَاخْتَارَ الْحِكْمَة على النبوّة فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ نَائِم فذر عَلَيْهِ الْحِكْمَة فاصبح ينْطق بهَا فَقيل لَهُ: كَيفَ اخْتَرْت الْحِكْمَة على النبوّة وَقد خيرك رَبك فَقَالَ: لَو أَنه أرسل إِلَيّ بالنبوّة عَزمَة لرجوت فِيهَا الْفَوْز مِنْهُ ولكنت أَرْجُو أَن أقوم بهَا وَلكنه خيرني فَخفت أَن أَضْعَف عَن النبوّة فَكَانَت الْحِكْمَة أحب إليَّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه سُئِلَ أَكَانَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام نَبيا قَالَ: لَا لم يُوح إِلَيْهِ وَكَانَ رجلا صَالحا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام نَبيا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن لَيْث رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَت حِكْمَة لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام نبوّة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام رجلا صَالحا وَلم يكن نَبيا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والرامهرمزي فِي الْأَمْثَال بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني عَلَيْك بمجالس الْعلمَاء واستمع كَلَام الْحُكَمَاء فَإِن الله يحي الْقلب الْمَيِّت بِنور الْحِكْمَة كَمَا تحيا الأَرْض الْميتَة بوابل الْمَطَر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَنه ذكر لُقْمَان الْحَكِيم فَقَالَ: مَا أُوتِيَ مَا أُوتِيَ عَن أهل وَلَا مَال وَلَا حسب وَلَا خِصَال وَلكنه كَانَ رجلا صمصامة سكيتاً طَوِيل التفكر عميق النّظر لم ينم نَهَارا قطّ وَلم يره أحد يبزق وَلَا يتنحخ وَلَا يَبُول وَلَا يتغوّط وَلَا يغْتَسل وَلَا يعبث وَلَا يضْحك كَانَ لَا يُعِيد منطقاً نطقه إِلَّا أَن يَقُول: حِكْمَة يستعيدها إِيَّاه وَكَانَ قد تزوج وَولد لَهُ أَوْلَاد فماتوا فَلم يبك عَلَيْهِم وَكَانَ يغشى السُّلْطَان وَيَأْتِي الْحُكَمَاء لينْظر ويتفكر وَيعْتَبر فبذلك أُوتِيَ مَا أُوتِيَ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الصمت وَابْن جرير عَن عمر بن قيس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مر رجل بلقمان عَلَيْهِ السَّلَام وَالنَّاس عِنْده فَقَالَ: أَلَسْت عبد بني فلَان قَالَ: بلَى قَالَ: أَلَسْت الَّذِي كنت ترعى عِنْد جبل كَذَا وَكَذَا قَالَ: بلَى قَالَ: فَمَا الَّذِي بلغ بك مَا أرى قَالَ: تقوى الله وَصدق الحَدِيث وَأَدَاء الْأَمَانَة وَطول السُّكُوت عَمَّا لَا يعنيني وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مُحَمَّد بن جحادة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم فِي الكنى وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن لُقْمَان الْحَكِيم كَانَ يَقُول: إِن الله إِذا استودع شَيْئا حفظه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي نعت الْخَائِفِينَ عَن الْفضل الرقاشِي قَالَ: مَا زَالَ لُقْمَان يعظ ابْنه حَتَّى انشقت مرارته فَمَاتَ

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن حَفْص بن عمر الْكِنْدِيّ قَالَ: وضع لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام جراباً من خَرْدَل إِلَى جنبه وَجعل يعظ ابْنه موعظة وَيخرج خردلة فنفذ الْخَرْدَل فَقَالَ: يَا بني لقد وعظتك موعظة لَو وعظتها جبلا لتفطر فتفطر ابْنه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ وَهُوَ يعظه: يَا بني إياك والتقنع فَإِنَّهَا مخوفة بِاللَّيْلِ ومذلة بِالنَّهَارِ وَأخرج العسكري فِي الْأَمْثَال وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ عبدا لداود وَهُوَ يسْرد الدرْع فَجعل يفتله هَكَذَا بِيَدِهِ فَجعل لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يتعجب وَيُرِيد أَن يسْأَله وتمنعه حكمته أَن يسْأَله فَلَمَّا فرغ مِنْهَا صبها على نَفسه وَقَالَ: نعم درع الْحَرْب هَذِه فَقَالَ لُقْمَان: الصمت من الْحِكْمَة وَقَلِيل فَاعله كنت أردْت أَن أَسأَلك فَسكت حَتَّى كفيتني وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عون بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: يَا بني ارج الله رَجَاء لَا تأمن فِيهِ مكره وخف الله مَخَافَة لَا تيأس بهَا من رَحمته فَقَالَ: يَا أبتاه وَكَيف أَسْتَطِيع ذَلِك وَإِنَّمَا لي قلب وَاحِد قَالَ: الْمُؤمن كَذَا لَهُ قلبان قلب يَرْجُو بِهِ وقلب يخَاف بِهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني أَكثر من قَول: رب اغْفِر لي فَإِن لله سَاعَة لَا يرد فِيهَا سَائل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ والصابوني فِي الْمِائَتَيْنِ عَن عمرَان بن سليم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني حملت الْحِجَارَة وَالْحَدِيد وَالْحمل الثقيل فَلم أحمل شَيْئا أثقل من جَار السوء يَا بني إِنِّي قد ذقت المر كُله فَلم أذق شَيْئا أَمر من الْفقر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْيَقِين عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: يَا بني إِن الْعَمَل لَا يُسْتَطَاع إِلَّا بِالْيَقِينِ وَمن يضعف يقينه يضعف عمله يَا بني إِذا جَاءَك الشَّيْطَان من قبل الشَّك والريبة فاغلبه بِالْيَقِينِ والنصيحة وَإِذا جَاءَك

من قبل الكسل والسآمة فاغلبه بِذكر الْقَبْر وَالْقِيَامَة وَإِذا جَاءَك من قبل الرَّغْبَة والرهبة فاخبره أَن الدُّنْيَا مُفَارقَة متروكة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّقْوَى عَن وهب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني اتخذ تقوى الله تِجَارَة يأتك الرِّبْح من غير بضَاعَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الرِّضَا عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني لَا ينزلن بك أَمر رضيته أَو كرهته إِلَّا جعلت فِي الضَّمِير مِنْك أَن ذَلِك خير لَك قَالَ: أهذه فَلَا أقدر أعطيكها دون أَن أعلم مَا قلت كَمَا قلت قَالَ: يَا بني فَإِن الله قد بعث نَبيا هَلُمَّ حَتَّى تَأتيه فَصدقهُ قَالَ: اذْهَبْ يَا أَبَت فَخرج على حمَار وَابْنه على حمَار وتزودا ثمَّ سارا أَيَّامًا وليالي حَتَّى تلقتهما مفازة فأخذا أهبتهما لَهَا فدخلاها فسارا مَا شَاءَ الله حَتَّى ظهرا وَقد تَعَالَى النَّهَار وَاشْتَدَّ الْحر ونفد المَاء والزاد واستبطاآ حماريهما فَنزلَا فَجعلَا يَشْتَدَّانِ على سَوْقِهِما فَبَيْنَمَا هما كَذَلِك إِذْ نظر لُقْمَان أَمَامه فَإِذا هم بسواد ودخان فَقَالَ فِي نَفسه: السوَاد: الشّجر وَالدُّخَان: الْعمرَان وَالنَّاس فَبَيْنَمَا هما كَذَلِك يَشْتَدَّانِ إِذْ وطىء ابْن لُقْمَان على عظم فِي الطَّرِيق فَخر مغشياً عَلَيْهِ فَوَثَبَ إِلَيْهِ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فضمه إِلَى صَدره واستخرج الْعظم بِأَسْنَانِهِ ثمَّ نظر إِلَيْهِ فذرفت عَيناهُ فَقَالَ: يَا أَبَت أَنْت تبْكي وَأَنت تَقول: هَذَا خير لي كَيفَ يكون هَذَا خير لي وَقد نفذ الطَّعَام وَالْمَاء وَبقيت أَنا وَأَنت فِي هَذَا الْمَكَان فَإِن ذهبت وتركتني على حَالي ذهبت بهم وغم مَا بقيت وان أَقمت معي متْنا جَمِيعًا فَقَالَ: يَا بني أما بُكَائِي فرقة الْوَالِدين وَأما مَا قلت كَيفَ يكون هَذَا خير لي فَلَعَلَّ مَا صرف عَنْك أعظم مِمَّا ابْتليت بِهِ وَلَعَلَّ مَا ابْتليت بِهِ أيسر مِمَّا صرف عَنْك ثمَّ نظر لُقْمَان أَمَامه فَلم يَرَ ذَلِك الدُّخان والسواد وَإِذا بشخص أقبل على فرس أبلق عَلَيْهِ ثِيَاب بيض وعمامة بَيْضَاء يمسح الْهَوَاء مسحاً فَلم يزل يرمقه بِعَيْنِه حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَرِيبا قتوارى عَنهُ ثمَّ صَاح بِهِ: أَنْت لُقْمَان قَالَ: نعم قَالَ: أَنْت الْحَكِيم قَالَ: كَذَلِك فَقَالَ: مَا قَالَ لَك ابْنك قَالَ: يَا عبد الله من أَنْت اسْمَع كلامك وَلَا أرى وَجهك قَالَ: أَنا جِبْرِيل أَمرنِي رَبِّي

بخسف هَذِه الْمَدِينَة وَمن فِيهَا فاخبرت انكما تريدانها فدعوت رَبِّي أَن يحبسكما عَنْهَا بِمَا شَاءَ فحبسكما بِمَا ابْتُلِيَ بِهِ ابْنك وَلَوْلَا ذَلِك لخسف بكما مَعَ من خسفت ثمَّ مسح جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يَده على قدم الْغُلَام فَاسْتَوَى قائمان وَمسح يَده على الَّذِي كَانَ فِيهِ الطَّعَام فَامْتَلَأَ طَعَاما وعَلى الَّذين كَانَ فِيهِ المَاء فَامْتَلَأَ مَاء ثمَّ حملهَا وحماريهما فزجل بهما كَمَا يزجل الطير فَإِذا هما فِي الدَّار الَّذِي خرجا بعد أَيَّام وليال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ أَنه لما وعظ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام ابْنه قَالَ: {إِنَّهَا إِن تَكُ} أَخذ حَبَّة من خَرْدَل فَأتى بهَا إِلَى اليرموك فألقاها فِي عرضه ثمَّ مكث مَا شَاءَ الله ثمَّ ذكرهَا وَبسط يَده فَأقبل بهَا ذُبَاب حَتَّى وَضعهَا فِي رَاحَته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِابْنِهِ: لَيْسَ غنى كصحة وَلَا نعيم كطيب نفس وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: من كذب ذهب مَاء وَجهه وَمن سَاءَ خلقه كثر غمه وَنقل الصخور من موَاضعهَا أيسر من إفهام من لَا يفهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن لُقْمَان قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني حملت الجندل وَالْحَدِيد وكل شَيْء ثقيل فَلم أحمل شَيْئا هُوَ أثقل من جَار السوء وذقت المر فَلم أذق شَيْئا هُوَ أَمر من الْفقر يَا بني لَا ترسل رَسُولك جَاهِلا فَإِن لم تَجِد حكيماً فَكُن رَسُول نَفسك يَا بني إياك وَالْكذب فَإِنَّهُ شهي كلحم العصفور عَمَّا قَلِيل يقلي صَاحبه يَا بني احضر الْجَنَائِز وَلَا تحضر الْعرس فَإِن الْجَنَائِز تذكرك الْآخِرَة والعرس تشهيك الدُّنْيَا يَا بني لَا تَأْكُل شبعاً على شبع فَإنَّك إِن تلقه للكلب خير من أَن تَأْكُله يَا بني لَا تكن حلواً فتبلع وَلَا مرا فتلفظ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني لَا تكونن أعجز من هَذَا الديك الَّذِي يصوّت بالأسحار وَأَنت نَائِم على فراشك

وَأخرج عبد الله فِي زوائده وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان بن زَائِدَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني لَا تُؤخر التَّوْبَة فَإِن الْمَوْت يَأْتِي بَغْتَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سيار بن الحكم قَالَ: قيل للقمان عَلَيْهِ السَّلَام: مَا حكمتك قَالَ: لَا أسأَل عَمَّا قد كفيت وَلَا أتكلف مَا لَا يعنيني وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي عُثْمَان الْجَعْدِي رجل من أهل الْبَصْرَة قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني لَا ترغب فِي ود الْجَاهِل فَيرى أَنَّك ترْضى عمله وَلَا تهاون بمقت الْحَكِيم فيزهد فِيك وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عِكْرِمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: لَا تنْكح أمة غَيْرك فتورث بنيك حزنا طَويلا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن مُحَمَّد بن وَاسع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول لِابْنِهِ: يَا بني اتَّقِ الله وَلَا تَرَ النَّاس أَنَّك تخشى الله ليكرموك بذلك وقلبك فَاجر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن جرير عَن خَالِد الربعِي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَ لُقْمَان عبدا حَبَشِيًّا نجاراً فَقَالَ لَهُ سَيّده: اذْبَحْ لي شَاة فذبح لَهُ شَاة فَقَالَ لَهُ: ائْتِنِي بأطيب مضغتين فِيهَا فَأَتَاهُ بِاللِّسَانِ وَالْقلب فَقَالَ: أما كَانَ شَيْء أطيب من هذَيْن قَالَ: لَا فَسكت عَنهُ مَا سكت ثمَّ قَالَ لَهُ: اذْبَحْ لي شَاة فذبح لَهُ شَاة فَقَالَ لَهُ: ألق أخبثها مضغتين فَرمى بِاللِّسَانِ وَالْقلب فَقَالَ أَمرتك بِأَن تَأتي بأطيبها مضغتين فأتيني بِاللِّسَانِ وَالْقلب وأمرتك أَن تلقي أخبثها مضغتين فألقيت اللِّسَان وَالْقلب فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ شَيْء بأطيب مِنْهَا إِذا طابا وَلَا بأخبث مِنْهُمَا إِذا خبثا وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن عبد الله بن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: أَلا أَن يَد الله على أَفْوَاه الْحُكَمَاء لَا يتَكَلَّم أحدهم إِلَّا مَا هيأ الله لَهُ وَأخرج عبد الله عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني مَا نَدِمت على الصمت قطّ وَإِن كَانَ الْكَلَام من فضَّة كَانَ السُّكُوت من ذهب وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني

اعتزل الشَّرّ كَيْمَا يعتزلك فَإِن الشَّرّ للشر خلق وَأخرج عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: مَكْتُوب فِي الْحِكْمَة - يَعْنِي حِكْمَة لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام - يَا بني إياك والرغب كل الرغب فَإِن الرغب كل الرغب [] ينفذ الْقرب من الْقرب وَيتْرك الْحلم مثل [] الرطب يَا بني إياك وَشدَّة الْغَضَب فَإِن شدَّة الْغَضَب ممحقة لفؤاد الْحَكِيم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ وَهُوَ يعظه: يَا بني اختر الْمجَالِس على عَيْنك فَإِذا رَأَيْت الْمجْلس يذكر الله عز وَجل فِيهِ فاجلس مَعَهم فَإنَّك إِن تَكُ عَالما ينفعك علمك وَإِن تَكُ غبياً يعلموك وان يطلع الله عز وَجل إِلَيْهِم برحمة تصبك مَعَهم يَا بني لَا تجْلِس فِي الْمجْلس الَّذِي لَا يذكر فِيهِ الله فَإنَّك إِن تَكُ عَالما لَا ينفعك علمك وَإِن تَكُ عَيِياً يزيدوك عياً وان يطلع الله إِلَيْهِم بعد ذَلِك بسخط يصبك مَعَهم وَيَا بني لَا يغيظنك امْرُؤ رحب الذراعين يسفك دِمَاء الْمُؤمنِينَ فَإِن لَهُ عِنْد الله قَاتلا لَا يَمُوت وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: لَا يَأْكُل طَعَامك إِلَّا الأتقياء وشاور فِي أَمرك الْعلمَاء وَأخرج أَحْمد عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: مَكْتُوب فِي الْحِكْمَة - يَعْنِي حِكْمَة لُقْمَان - لتكن كلمتك طيبَة وَليكن وهجك بسيطاً تكن أحب إِلَى النَّاس مِمَّن يعطيهم الْعَطاء وَقَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة كَمَا تَرحمون تُرحمون وَقَالَ: مَكْتُوب فِي الْحِكْمَة: كَمَا تَزْرَعُونَ تَحْصِدُون وَقَالَ: مَكْتُوب فِي الْحِكْمَة: أحب خَلِيلك وخليل أَبِيك وَأخرج أَحْمد عَن أبي قلَابَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل للقمان عَلَيْهِ السَّلَام: أَي النَّاس أَصْبِر قَالَ: صَبر لَا مَعَه أَذَى قيل: فَأَي النَّاس أعلم قَالَ: من ازْدَادَ من علم النَّاس إِلَى علمه قيل فَأَي النَّاس خير قَالَ: الْغَنِيّ قيل: الْغَنِيّ من المَال قَالَ: لَا وَلَكِن الْغَنِيّ إِذا التمس عِنْده خير وجدوا لَا أغْنى نَفسه عَن النَّاس وَأخرج أَحْمد عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل للقمان عَلَيْهِ السَّلَام: أَي النَّاس شَرّ قَالَ: الَّذِي لَا يُبَالِي أَن يرَاهُ النَّاس مسيئاً وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وجدت فِي بعض

الْحِكْمَة يبرد الله عِظَام الَّذين يَتَكَلَّمُونَ باهواء النَّاس وَوجدت فِي الْحِكْمَة: لَا خير لَك فِي أَن تتعلم مَا لم تعلم إِذا لم تعْمل بِمَا قد علمت فَإِن مثل ذَلِك رجل احتطب حطباً فَحمل حزمة فَذهب يحملهَا فعجز عَنْهَا فضم إِلَيْهَا أُخْرَى وَأخرج أَحْمد عَن مُحَمَّد بن جحادة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: يَأْتِي على النَّاس زمَان لَا تقر فِيهِ عين حَكِيم وَأخرج أَحْمد عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ عَمَّن أخبرهُ أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِابْنِهِ: أَي بني إِن الدُّنْيَا بَحر عميق وَقد غرق فِيهَا نَاس كثير فَاجْعَلْ سفينتك فِيهَا تقوى الله وحشوها الإِيمان بِاللَّه وشراعها التَّوَكُّل على الله لَعَلَّك أَن تنجو وَلَا أَرَاك ناجياً وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن عَوْف بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: يَا بني إِنِّي حملت الجندل وَالْحَدِيد فَلم أحمل شَيْئا أثقل من جَار السوء وذقت المرارة كلهَا فَلم أذق أَشد من الْفقر وَأخرج أَحْمد عَن شُرَحْبِيل بن مُسلم رَضِي الله عَنهُ أَن لُقْمَان قَالَ: أقصر من اللجاجة وَلَا أنطق فِيمَا لَا يعنيني وَلَا أكون مضحاكاً من غير عجب وَلَا مشاء إِلَى غير أرب وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْجلد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت فِي الْحِكْمَة: من كَانَ لَهُ من نَفسه واعظاً كَانَ لَهُ من الله حَافِظًا وَمن أنصف النَّاس من نَفسه زَاده الله بذلك عزا والذل فِي طَاعَة الله أقرب من التعزز بالمعصية وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني انْزِلْ نَفسك منزلَة من لَا حَاجَة لَهُ بك ولَا بُد لَك مِنْهُ يَا بني كن كمن لَا يَبْتَغِي محمدة النَّاس وَلَا يكْسب ذمهم فنفسه مِنْهُ فِي عناء وَالنَّاس مِنْهُ فِي رَاحَة وَأخرج أَحْمد عَن ابْن أبي يحيى رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: أَي بني أَن الْحِكْمَة أجلست الْمَسَاكِين مجَالِس الْمُلُوك وَأخرج أَحْمد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني جَالس الصَّالِحين من عباد الله فَإنَّك تصيب بمجالستهم خيرا وَلَعَلَّه أَن يكون آخر

ذَلِك تنزل عَلَيْهِم الرَّحْمَة فتصيبك مَعَهم يَا بني لَا تجَالس الأشرار فانك لَا يصيبك من مجالستهم خير وَلَعَلَّه أَن يكوه فِي آخر ذَلِك أَن تنزل عَلَيْهِم عُقُوبَة فتصيبك مَعَهم وَأخرج أَحْمد عَن ابْن أبي نجيح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: الصمت حكم وَقَلِيل فَاعله فَقَالَ طَاوس رَضِي الله عَنهُ: أَي أَبَا نجيح من قَالَ وَاتَّقَى الله خير مِمَّن صمت وَاتَّقَى الله وَأخرج أَحْمد عَن عون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني إِذا انْتَهَيْت إِلَى نَادِي قوم فَارْمِهِمْ بِسَهْم الإِسلام ثمَّ اجْلِسْ فِي ناحيتهم فَإِن أفاضوا فِي ذكر الله فاجلس مَعَهم وَإِن أفاضوا فِي غير ذَلِك فتحول عَنْهُم وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن عبد الله بن دِينَار رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن لُقْمَان قدم من سفر فَلَقِيَهُ غُلَام فِي الطَّرِيق فَقَالَ: مَا فعل أبي قَالَ: مَاتَ قَالَ: الْحَمد لله ملكت أَمْرِي قَالَ: مَا فعلت أُمِّي قَالَ: مَاتَت قَالَ: ذهب همي قَالَ: مَا فعلت امْرَأَتي قَالَ: مَاتَت قَالَ: جدد فِرَاشِي قَالَ: مَا فعلت أُخْتِي قَالَ: مَاتَت قَالَ: سترت عورتي قَالَ: مَا فعل أخي قَالَ: مَاتَ قَالَ: انْقَطع ظَهْري وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن عبد الْوَهَّاب بن بخت الْمَكِّيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني جَالس الْعلمَاء وزاحمهم بركبتيك فَإِن الله ليحيي الْقُلُوب الْميتَة بِنور الْحِكْمَة كَمَا يحيي الأَرْض الْميتَة بوابل السَّمَاء وَأخرج عَن عبد الله بن قيس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني امْتنع مِمَّا يخرج من فِيك فَإنَّك مَا سكت سَالم وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لَك من القَوْل مَا ينفعك وَأخرج أَحْمد عَن مُحَمَّد بن وَاسع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني لَا تتعلم مَا لَا تعلم حَتَّى تعْمل بِمَا تعلم وَأخرج أَحْمد عَن بكر الْمُزنِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: ضرب الْوَالِد لوَلَده كَالْمَاءِ للزَّرْع وَأخرج القالي فِي أَمَالِيهِ عَن الْعُتْبِي قَالَ: بَلغنِي أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ

يَقُول: ثَلَاثَة لَا يعْرفُونَ إِلَّا ثَلَاثَة مَوَاطِن الْحَلِيم عِنْد الْغَضَب والشجاع عِنْد الْحَرْب وأخوك عِنْد حَاجَتك إِلَيْهِ وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر عَن الْحَنْظَلِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: يَا بني إِذا أردْت أَن تؤاخي رجلا فاغضبه قبل ذَلِك فَإِن أنصفك عِنْد غَضَبه وَإِلَّا فاحذره وَأخرج الدَّارقطني عَن مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني إِنَّك مُنْذُ نزلت إِلَى الدُّنْيَا استدبرتها واستقبلت الْأُخْرَى فَدَارٌ أَنْت إِلَيْهَا تسير أقرب من دَار أَنْت عَنْهَا تُبَاعِد وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن ابْن أبي مليكَة رَضِي الله عَنهُ أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ لَا تجْعَل أَصْحَابِي الغافلين إِذا ذكرتك لم يعينوني وَإِذا نسيتك لم يذكروني وَإِذا أمرت لم يطيعوني وَإِن صمت أحزنوني وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن مُعْتَمر عَن أَبِيه أَن لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِابْنِهِ: يَا بني عود لسَانك أَن يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر لي فَإِن لله سَاعَة لَا يرد فِيهَا الدُّعَاء وَأخرج الْخَطِيب عَن الْحسن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني إياك والدَيْن فَإِنَّهُ ذُلُّ النهارِ هَمُّ الليلِ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان لِابْنِهِ: يَا بني ارج الله رَجَاء لَا يجرئك على مَعْصِيَته وخف الله خوفًا لَا يؤيسك من رَحمته وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لُقْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: إِذا جَاءَك الرجل وَقد سَقَطت عَيناهُ فَلَا تقض لَهُ حَتَّى يَأْتِي خَصمه قَالَ: يَقُول لَعَلَّه أَن يَأْتِي وَقد نزع أَرْبَعَة أعين وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ الله عز وَجل يَا ابْن آدم خلقتك وَتعبد غَيْرِي وَتَدْعُو إِلَيّ وتفر مني وتذكرني وتنساني هَذَا أظلم ظلم فِي الأَرْض ثمَّ يَتْلُو الْحسن {إِن الشّرك لظلم عَظِيم}

14

- قَوْله تَعَالَى: وَوَصينَا الْإِنْسَان بِوَالِديهِ حماته أمه وَهنا على وَهن وفصاله فِي عَاميْنِ أَن اشكر لي ولوالديك إِلَيّ الْمصير وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا وَاتبع سَبِيل من أناب إليَّ ثمَّ إِلَيّ مرجعكم فأنبئكم بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ يَا بني إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل فتكن فِي صَخْرَة أَو فِي السَّمَوَات أَو فِي الأَرْض يَأْتِ بهَا الله إِن الله لطيف خَبِير يَا بني أقِم الصَّلَاة وام بِالْمَعْرُوفِ وانه عَن الْمُنكر واصبر على مَا أَصَابَك إِن ذَلِك من عزم الْأُمُور وَلَا تصعر خدك للنَّاس وَلَا تمش فِي الآرض مرحاً إِن الله لَا يحب كل مختال فخور واقصد فِي مشيك واغضض من صَوْتك إِن أنكر الْأَصْوَات لصوت الْحمير أخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: إِن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} كنت رجلا برا بأمي فَلَمَّا أسلمت قَالَت: يَا سعد وَمَا هَذَا الَّذِي أَرَاك قد أحدَثْتَ لتَدَعَنَّ دينَك هَذَا أَو لَا آكل وَلَا أشْرب حَتَّى أَمُوت فَتُعَيَّرَ بِي فيُقال يَا قَاتل أمه قلت: يَا أمه لَا تفعلي فَإِنِّي لَا أدع ديني هَذَا لشَيْء فَمَكثت يَوْمًا وَلَيْلَة لَا تَأْكُل فاصبحت قد جهدت فَمَكثت يَوْمًا آخر وَلَيْلَة وَقد اشْتَدَّ جهدها فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك قلتك يَا أمه تعلمين وَالله لَو كَانَت لَك مائَة نفس فَخرجت نفسا نفسا مَا تركت ديني هَذَا لشَيْء فَإِن شِئْت فكلي وَإِن شِئْت فَلَا تأكلي فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك أكلت فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعد قَالَ: نزلت فيَّ أَربع آيَات الْأَنْفَال {وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} وَالْوَصِيَّة وَالْخمر وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي سعد بن أبي

وَقاص رَضِي الله عَنهُ {وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي} وَأخرج ابْن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: جِئْت من الرَّمْي فَإِذا النَّاس مجتمعون على أُمِّي حمْنَة بنت سُفْيَان بن أُميَّة بن عبد شمس وعَلى أخي عَامر حِين أسلم فَقلت: مَا شَأْن النَّاس فَقَالُوا: هَذِه أمك قد أخذت أَخَاك عَامِرًا تُعْطِي الله عهدا: أَن لَا يُظِلّهَا ظلّ وَلَا تَأْكُل طَعَاما وَلَا تشرب شرابًا حَتَّى يدع الصباوة فَأقبل سعد رَضِي الله عَنهُ حَتَّى تخلص إِلَيْهَا فَقَالَ: عَليّ يَا أمه فاحلفي قَالَت: لم قَالَ: أَن لَا تستظلي فِي ظلّ وَلَا تأكلي طَعَاما وَلَا تشربي شرابًا حَتَّى تريْ مَقْعَدك من النَّار فَقَالَت: إِنَّمَا أَحْلف على ابْني الْبر فَأنْزل الله {وَإِن جَاهَدَاك على أَن تشرك بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَلَا تطعهما وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَهنا على وَهن} قَالَ: شدَّة بعد شدَّة وخلقاً بعد خلق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله {وَهنا على وَهن} قَالَ: ضعفا على ضعف وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَهنا على وَهن} قَالَ: مشقة وَهُوَ الْوَلَد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَهنا على وَهن} قَالَ: الْوَلَد على وَهن قَالَ: الوالدة وضعفها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {وصاحبهما فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا} قَالَ: تعودهما إِذا مَرضا وتتبعهما إِذا مَاتَا وتواسيهما مِمَّا أَعْطَاك الله {وَاتبع سَبِيل من أناب إليَّ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاتبع سَبِيل من أناب إِلَيّ} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل} قَالَ: من خير أَو شَرّ {فتكن فِي صَخْرَة} قَالَ: فِي جبل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الأَرْض على نون

وَالنُّون على بَحر وَالْبَحْر على صَخْرَة خضراء فخضرة المَاء من تِلْكَ الصَّخْرَة قَالَ: والصخرة على قرن ثَوْر وَذَلِكَ الثور على الثرى وَلَا يعلم مَا تَحت الثرى إِلَّا الله فَذَلِك قَوْله: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض وَمَا بَينهمَا وَمَا تَحت الثرى} طه الْآيَة 6 فَجَمِيع مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَمَا بَينهمَا وَمَا تَحت الثرى فِي حرم الرَّحْمَن فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة لم يبْق شَيْء من خلقه قَالَ: {لمن الْملك الْيَوْم} فيهتز مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض فيجيب هُوَ نَفسه فَيَقُول: {لله الْوَاحِد القهار} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ {يَأْتِ بهَا الله} قَالَ: يعلمهَا الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الله لطيف} قَالَ: باستخراجها قَالَ: بمستقرها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأمر بِالْمَعْرُوفِ} يَعْنِي بِالتَّوْحِيدِ {وانه عَن الْمُنكر} يَعْنِي عَن الشّرك {واصبر على مَا أَصَابَك} فِي أَمرهمَا يَقُول: إِذا أمرت بِمَعْرُوف أَو نهيت عَن مُنكر وأصابك فِي ذَلِك أَذَى وَشدَّة فاصبر عَلَيْهِ {إِن ذَلِك} يَعْنِي هَذَا الصَّبْر على الْأَذَى فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر {من عزم الْأُمُور} يَعْنِي من حق الْأُمُور الَّتِي أَمر الله تَعَالَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {واصبر على مَا أَصَابَك} من الْأَذَى فِي ذَلِك {إِن ذَلِك من عزم الْأُمُور} يَقُول: مِمَّا عزم الله عَلَيْهِ من الْأُمُور وَمِمَّا أَمر الله بِهِ من الْأُمُور وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن أبي جَعْفَر الخطمي رَضِي الله عَنهُ أَن جده عُمَيْر بن حبيب وَكَانَت لَهُ صُحْبَة أوصى بنيه قَالَ: يَا بني إيَّاكُمْ ومجالسة السُّفَهَاء فَإِن مجالستهم دَاء إِنَّه من يحلم عَن السَّفِيه يسر بحلمه وَمن يُحِبهُ ينْدَم وَمن لَا يقر بِقَلِيل مَا يَأْتِي بِهِ السَّفِيه يقر بالكثير وَمن يصبر على مَا يكره يدْرك مَا يحب وَإِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يَأْمر النَّاس بِالْمَعْرُوفِ وينهاهم عَن الْمُنكر فليوطن نَفسه على الصَّبْر على الْأَذَى وليثق بالثواب من الله وَمن يَثِق بالثواب من الله لَا يجد مس الْأَذَى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله

عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن قَول الله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} قَالَ: ليّ الشدق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} يَقُول: لَا تتكبر فتحقر عباد الله وَتعرض عَنْهُم بِوَجْهِك إِذا كلموك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} قَالَ: هُوَ الَّذِي إِذا سلم عَلَيْهِ لوى عُنُقه كالمستكبر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} قَالَ: الصدود والإِعراض بِالْوَجْهِ عَن النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} يَقُول: لَا تعرض وَجهك عَن فُقَرَاء النَّاس تكبراً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تصعر خدك للنَّاس} قَالَ: ليكن الْفَقِير والغني عنْدك فِي الْعلم سَوَاء وَقد عوتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {عبس وَتَوَلَّى} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واقصد فِي مشيك} قَالَ: تواضع وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن يزِيد ابْن أبي حبيب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واقصد فِي مشيك} قَالَ: يَعْنِي السرعة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واقصد فِي مشيك} يَقُول: لَا تختال: {واغضض من صَوْتك} قَالَ: اخْفِضْ من صَوْتك عَن الْمَلأ {إِن أنكر الْأَصْوَات} قَالَ: أقبح الْأَصْوَات {لصوت الْحمير} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واقصد فِي مشيك} قَالَ: نَهَاهُ عَن الْخُيَلَاء {واغضض من صَوْتك} قَالَ: أمره بالاقتصاد فِي صَوته {إِن أنكر الْأَصْوَات} قَالَ: أقبح الْأَصْوَات {لصوت الْحمير} قَالَ: أوّله زفير وَآخره شهيق وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله

{إِن أنكر الْأَصْوَات لصوت الْحمير} قالك أنكرها على السّمع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ قالك صياح كل شَيْء تسبيحه إِلَّا الْحمار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو كَانَ رفع الصَّوْت خيرا مَا جعله الله للحمير

20

- قَوْله تَعَالَى: ألم تروا أَن الله سخر لكم مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة وَمن النَّاس من يُجَادِل فِي الله بِغَيْر علم وَلَا هدى وَلَا كتاب مُنِير وَإِذا قيل لَهُم اتبعُوا مَا أنزل الله قَالُوا بل نتبع مَا وجدنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أولو كَانَ الشَّيْطَان يَدعُوهُم إِلَى عَذَاب السعير وَمن يسلم وَجهه إِلَى الله وَهُوَ محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وَإِلَى الله عَاقِبَة الْأُمُور وَمن كفر فَلَا يحزنك كفره إِلَيْنَا مرجعهم فننبئهم بِمَا عمِلُوا إِن الله عليم بِذَات الصُّدُور نمتعهم قَلِيلا ثمَّ نضطرهم إِلَى عَذَاب غليظ وَلَئِن سَأَلتهمْ من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض ليَقُولن الله قل الْحَمد لله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ لله مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إِن الله هُوَ الْغَنِيّ الحميد أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن قَوْله {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} قَالَ: هَذِه من كنوز عَليّ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أما الظَّاهِرَة فَمَا سوى من خلقك وَأما الْبَاطِنَة فَمَا ستر من عورتك وَلَو أبداها لقلاك أهلك فَمن سواهُم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ والديلمي وَابْن النجار عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} قَالَ: أما الظَّاهِرَة فالإِسلام وَمَا سوى من خلقك وَمَا أَسْبغ عَلَيْك من رزقه وَأما

الْبَاطِنَة فَمَا ستر من مساوىء عَمَلك يَا ابْن عَبَّاس إِن الله تَعَالَى يَقُول: ثَلَاث جعلتهن لِلْمُؤمنِ: صَلَاة الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِ من بعده وَجعلت لَهُ ثلث مَاله أكفر عَنهُ من خطاياه وسترت عَلَيْهِ من مساوىء عمله فَلم أفضحه بِشَيْء مِنْهَا وَلَو أبديتها لنبذه أَهله فَمن سواهُم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} قَالَ: النِّعْمَة الظَّاهِرَة: الإِسلام وَالنعْمَة الْبَاطِنَة: كل مَا ستر عَلَيْكُم من الذُّنُوب والعيوب وَالْحُدُود وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} قَالَ: هِيَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقرأوها {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه} قَالَ: لَو كَانَت نعْمَة كَانَت نعْمَة دون نعْمَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله ظَاهِرَة قَالَ: على اللِّسَان {وباطنة} قَالَ: فِي الْقلب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {نعمه ظَاهِرَة} قَالَ: الإِسلام {وباطنة} قَالَ: ستره عَلَيْكُم الْمعاصِي وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأسبغ عَلَيْكُم نعمه ظَاهِرَة وباطنة} قَالَ: أما الظَّاهِرَة ك فالإِسلام وَالْقُرْآن وَأما الْبَاطِنَة: فَمَا ستر من الْعُيُوب

27

- قَوْله تَعَالَى: وَلَو أَن مَا فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يمده من بعده سَبْعَة أبحر مَا نفذت كَلِمَات الله إِن الله عَزِيز حَكِيم أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن

أَحْبَار يهود قَالُوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ ك يَا مُحَمَّد أَرَأَيْت قَوْلك وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا ايانا تُرِيدُ أم قَوْمك فَقَالَ: كلا فَقَالُوا: أَلَسْت تتلو فِيمَا جَاءَك أَنا قد أوتينا التَّوْرَاة وفيهَا تبيان كل شَيْء فَقَالَ: إِنَّهَا فِي علم الله قَلِيل فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ اجْتمعت الْيَهُود فِي بَيت فارسلوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ائتنا فجَاء فَدخل عَلَيْهِم فَسَأَلُوهُ عَن الرَّجْم فَقَالَ: أخبروني بأعلمكم فأشاروا إِلَى ابْن صوريا الْأَعْوَر قَالَ: أَنْت أعلمهم قَالَ: إِنَّهُم يَزْعمُونَ ذَاك قَالَ: فنشدتك بالمواثيق الَّتِي أخذت عَلَيْكُم وبالتوراة الَّتِي أنزلت على مُوسَى مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاة قَالَ: لَوْلَا أَنَّك نشدتني بِمَا نشدتني بِهِ مَا أَخْبَرتك أجد فِيهَا الرَّجْم قَالَ: فَقضى عَلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: صدقت يَا مُحَمَّد عندنَا التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله فَكَانُوا قبل ذَلِك لَا يظفرون من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَيْء قَالَ: فَنزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} الاسلااء الْآيَة 85 فَاجْتمعُوا فِي ذَلِك الْبَيْت فَقَالَ رئيسهم: يَا معشر الْيَهُود لقد ظفرتم بِمُحَمد فأرسلوا إِلَيْهِ فجَاء فَدخل عَلَيْهِم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أَلَسْت أَنْت أخبرتنا أَنه أنزل عَلَيْك {وَكَيف يحكمونك وَعِنْدهم التَّوْرَاة فِيهَا حكم الله} ثمَّ تخبرنا أَنه أنزل عَلَيْك {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} فَهَذَا مُخْتَلف فَسكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يرد عَلَيْهِم قَلِيلا وَلَا كثيرا قَالَ: وَنزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} وَجَمِيع خلق الله كتاب وَهَذَا الْبَحْر يمد فِيهِ سَبْعَة أبحر مثله فَمَاتَ هَؤُلَاءِ الْكتاب كلهم وَكسرت هَذِه الأقلام كلهَا ويبست هَذِه البحور الثَّمَانِية وَكَلَام الله كَمَا هُوَ لَا ينقص وَلَكِنَّكُمْ أُوتِيتُمْ التَّوْرَاة فِيهَا شَيْء من حكم الله وَذَلِكَ فِي حكم الله قَلِيل فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتوهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِم هَذِه الْآيَة قَالَ: فَرَجَعُوا مخصومين بشر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَاءَ الله أَن يَقُول فَقَالَ رجل: يَا مُحَمَّد تزْعم أَنَّك أُوتيت الْحِكْمَة وَأُوتِيت الْقُرْآن وأوتيتنا التَّوْرَاة فَأنْزل الله {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام وَالْبَحْر يمده من بعده سَبْعَة أبحر مَا نفدت كَلِمَات الله} وَفِيه يَقُول: علم الله أَكثر من ذَلِك

{وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم} فَهُوَ كثير لكم لقولكم قَلِيل عِنْدِي وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَ أهل الْكتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرّوح فَأنْزل الله {ويسألونك عَن الرّوح قل الرّوح من أَمر رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} فَقَالُوا: تزْعم أَنا لم نُؤْت من الْعلم إِلَّا قَلِيلا وَقد أوتينا التَّوْرَاة: وَهِي الْحِكْمَة {وَمن يُؤْت الْحِكْمَة فقد أُوتِيَ خيرا كثيرا} فَنزلت {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ: إِنَّمَا هَذَا كَلَام يُوشك أَن ينْفد فَنزلت {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} يَقُول: لَو كَانَ شجر الأَرْض أقلاماً وَمَعَ الْبَحْر سَبْعَة أبحر مداد لتكسرت الأقلام ونفد مَاء البحور قبل أَن تنفد عجائب ربين وحكمته وَعلمه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ حَيّ بن أَخطب: يَا مُحَمَّد تزْعم أَنَّك أُوتيت الْحِكْمَة {وَمن يُؤْت الْحِكْمَة فقد أُوتِيَ خيرا كثيرا} وتزعم أَنا لم نُؤْت من الْعلم إِلَّا قَلِيلا فَكيف يجْتَمع هَاتَانِ فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} وَنزلت الَّتِي فِي الْكَهْف {قل لَو كَانَ الْبَحْر مداداًَ لكلمات رَبِّي} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن أبي الجوزاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} يَقُول: لَو كَانَ كل شَجَرَة فِي الأَرْض أقلاما والبحرا مداد لنفد المَاء وتكسرت الأقلام قبل أَن تنفد كَلِمَات رَبِّي وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَ (وَالْبَحْر يمده) رفع

28

- قَوْله تَعَالَى: مَا خَلقكُم وَلَا بعثكم إِلَّا كَنَفس وَاحِدَة إِن الله سميع بَصِير ألم تَرَ أَن الله يولج اللَّيْل فِي النَّهَار ويولج النَّهَار فِي اللَّيْل وسخر الشَّمْس وَالْقَمَر كل يجْرِي إِلَى أجل مُسَمّى وَأَن الله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير ذَلِك بِأَن الله هُوَ الْحق وَإِن مَا يدعونَ

من دونه الْبَاطِل وَأَن الله هُوَ الْعلي الْكَبِير ألم تَرَ أَن الْفلك تجْرِي فِي الْبَحْر بِنِعْمَة الله ليريكم من آيَاته إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور وأذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين فَلَمَّا نجاهم إِلَى الْبر فَمنهمْ مقتصد وَمَا يجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا كل ختار كفور يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم واخشوا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِد عَن وَلَده وَلَا مَوْلُود هُوَ جَازَ عَن وَالِده شَيْئا إِن وعد الله حق فَلَا تَغُرَنَّكم الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا خَلقكُم وَلَا بعثكم إِلَّا كَنَفس وَاحِدَة} قَالَ: يَقُول لَهُ كن فَيكون الْقَلِيل وَالْكثير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {مَا خَلقكُم وَلَا بعثكم إِلَّا كَنَفس وَاحِدَة} يَقُوله إِنَّمَا خلق الله النَّاس كلهم وبعثهم كخلق نفس وَاحِدَة وبعثها وَفِي قَوْله {ألم تَرَ أَن الله يولج اللَّيْل فِي النَّهَار} قَالَ: نُقْصَان اللَّيْل زِيَادَة النَّهَار {ويولج النَّهَار فِي اللَّيْل} نُقْصَان النَّهَار زِيَادَة فِي اللَّيْل {كل يجْرِي إِلَى أجل مُسَمّى} لذَلِك كُله وَقت وَاحِد مَعْلُوم لَا يعدوه وَلَا يقصر دونه وَفِي قَوْله {إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور} قَالَ: إِن أحب عباد الله إِلَيْهِ الصبار الشكُور الَّذِي إِذا أعطي شكر وَإِذا ابْتُلِيَ صَبر وَفِي قَوْله {وَإِذا غشيهم موج كالظلل} قَالَ: كالسحاب وَفِي قَوْله {وَمَا يجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا كل ختار كفور} قَالَ: غدار بِذِمَّتِهِ كفور بربه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَمنهمْ مقتصد} قَالَ: فِي القَوْل وَهُوَ كَافِر {وَمَا يجْحَد بِآيَاتِنَا إِلَّا كل ختار} قَالَ: غدار {كفور} قَالَ: كَافِر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ختار} قَالَ: جحاد

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {كل ختار كفور} قَالَ: الْجَبَّار الغدار الظلوم الغشوم {الكفور} الَّذِي يُغطي النِّعْمَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: لقد علمت واستيقنت ذَات نَفسهَا بِأَن لَا تخَاف الدَّهْر صرمي وَلَا ختري وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كل ختار} قَالَ: الَّذِي يغدر بعهده {كفور} قَالَ: بربه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ورَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: هُوَ الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: الشَّيْطَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: أَن تعْمل بالمعصية وتتمنى الْمَغْفِرَة

34

- قَوْله تَعَالَى: إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِن الله عليم خَبِير أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رجل من أهل الْبَادِيَة فَقَالَ: إِن امْرَأَتي حُبْلَى فاخبرني مَا تَلد وبلادنا مُجْدِبَة فَأَخْبرنِي مَتى ينزل الْغَيْث وَقد علمت مَتى ولدت فَأَخْبرنِي مَتى أَمُوت فَأنْزل الله {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا يُقَال لَهُ: الوراث من بني مَازِن بن حَفْصَة بن قيس غيلَان جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد مَتى قيام

السَّاعَة وَقد أجدبت بِلَادنَا فَمَتَى تخصب وَقد تركت امْرَأَتي حُبْلَى فَمَتَى تَلد وَقد علمت مَا كسبت الْيَوْم فَمَاذَا أكسب غَدا وَقد علمت بِأَيّ أَرض ولدت فَبِأَي أَرض أَمُوت فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} قَالَ: خمس من الْغَيْب اسْتَأْثر بِهن الله فَلم يطلع عَلَيْهِنَّ ملكا مقرباً وَلَا نَبيا مُرْسلا {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} فَلَا يدْرِي أحد من النَّاس مَتى تقوم السَّاعَة فِي أَي سنة وَلَا فِي أَي شهر أليلاً أم نَهَارا {وَينزل الْغَيْث} فَلَا يعلم أحد مَتى ينزل الْغَيْث أليلاً أم نَهَار {وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام} فَلَا يعلم أحد مَا فِي الْأَرْحَام أذكر أم أُنْثَى أَحْمَر أَو أسود {وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا} أخير أم شرا {وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت} لَيْسَ أحد من النَّاس يدْرِي أَيْن مضجعه من الأَرْض أَفِي بَحر أم بر فِي سهل أم فِي جبل وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَفَاتِيح الْغَيْب خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله لَا يعلم مَا فِي غَد إِلَّا الله وَلَا مَتى تقوم السَّاعَة إِلَّا الله وَلَا يعلم مَا فِي الْأَرْحَام إِلَّا الله وَلَا مَتى ينزل الْغَيْث إِلَّا الله وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِلَّا الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ ان رجلا يَا رَسُول الله مَتى السَّاعَة قَالَ: مَا المسؤول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل وَلَكِن سأحدثكم بأشراطها: إِذا ولدت الْأمة ربتها فَذَاك من أشراطها وَإِذا كَانَت الحفاة العراة رُؤُوس النَّاس فَذَاك من أشراطها وَإِذا تطاول رعاء الْغنم فِي الْبُنيان فَذَاك من أشراطها فِي خمس من الْغَيْب لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله ثمَّ تَلا {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالرُّويَانِيّ والضياء بِسَنَد صَحِيح عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي امامة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن أَعْرَابِيًا وقف على

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر على نَاقَة لَهُ عشراء فَقَالَ: يَا مُحَمَّد مَا فِي بطن نَاقَتي هَذِه فَقَالَ: لَهُ رجل من الْأَنْصَار: دع عَنْك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهلم إِلَيّ حَتَّى أخْبرك: وَقعت أَنْت عَلَيْهَا وَفِي بَطنهَا ولد مِنْك فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: إِن الله يحب كل حَيّ كريم متكره وَيبغض كل لئيم متفحش ثمَّ أقبل على الْأَعرَابِي فَقَالَ: خمس لَا يعلمهُنَّ إِلَّا الله {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قبَّة حَمْرَاء إِذْ جَاءَ رجل على فرس فَقَالَ: من أَنْت قَالَ أَنا رَسُول الله قَالَ: مَتى السَّاعَة قَالَ: غيب وَمَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله قَالَ: مَا فِي بطن فرسي قَالَ: غيب وَمَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله: فَمَتَى تمطر قَالَ: غيب وَمَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أُوتيت مَفَاتِيح كل شَيْء إِلَّا الْخمس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُوتِيَ نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَفَاتِيح كل شَيْء غير الْخمس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ لم يعم على نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا الْخمس من سرائر الْغَيْب هَذِه الْآيَة فِي آخر لُقْمَان إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ربعي بن حِرَاش رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي رجل من بني عَامر أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله هَل بَقِي من الْعلم شَيْء لَا تعلمه فَقَالَ: لقد عَلمنِي الله خيرا وَإِن من الْعلم مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله الْخمس {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} وَأخرج ابْن ماجة عَن الرّبيع بنت معوذ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت: دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَبِيحَة عرسي وَعِنْدِي جاريتان تُغنيَانِ وَتَقُولَانِ: وَفينَا نَبِي يعلم مَا فِي غَد فَقَالَ: أما هَذَا فَلَا تقولاه لَا يعلم مَا فِي غَد إِلَّا الله وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي غرَّة الْهُذلِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ الله

قبض عبد بِأَرْض جعل لَهُ إِلَيْهَا حَاجَة فَلم ينْتَه حَتَّى يقدمهَا ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن مرْدَوَيْه عَن مطر بن عكامس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قضى الله لرجل أَن يَمُوت بِأَرْض جعل لَهُ إِلَيْهَا حَاجَة وَأخرج أَحْمد عَن عَامر أَو أبي مَالك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَمَا هُوَ جَالس فِي مَجْلِسه فِيهِ أَصْحَابه جَاءَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي غير صورته فحسبه رجلا من الْمُسلمين فَسلم فَرد عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ وضع يَده على ركبتي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول الله مَا الإِسلام قَالَ: أَن تسلم وَجهك لله وَتشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة قَالَ: فَإِذا فعلت ذَلِك فقد أسلمت قَالَ: نعم قَالَ: مَا الإِيمان قَالَ: أَن تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَالْمَلَائِكَة وَالْكتاب والنبيين وَالْمَوْت والحياة بعد الْمَوْت وَالْجنَّة وَالنَّار والحساب وَالْمِيزَان وَالْقدر خَيره وشره قَالَ: فَإِذا فعلت ذَلِك فقد آمَنت قَالَ: نعم ثمَّ قَالَ: مَا الإِحسان قَالَ: أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن كنت لَا ترَاهُ فَهُوَ يراك قَالَ: فَإِذا فعلت ذَلِك فقد أَحْسَنت قَالَ: نعم قَالَ: فَمَتَى السَّاعَة يَا رَسُول الله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ك سُبْحَانَ الله خمس لَا يعلمهَا إِلَّا الله {إِن الله عِنْده علم السَّاعَة وَينزل الْغَيْث وَيعلم مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نفس مَاذَا تكسب غَدا وَمَا تَدْرِي نفس بِأَيّ أَرض تَمُوت إِن الله عليم خَبِير}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم - سُورَة السَّجْدَة مَكِّيَّة وآياتها ثَلَاثُونَ - مُقَدّمَة سُورَة السَّجْدَة أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت (الم) السَّجْدَة بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير مثله وَأخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة السَّجْدَة بِمَكَّة سوى ثَلَاث آيَات {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا} إِلَى تَمام الْآيَات الثَّلَاث وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْفجْر يَوْم الْجُمُعَة {ألم تَنْزِيل} السَّجْدَة و {هَل أَتَى على الإِنسان} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي صَلَاة الْفجْر يَوْم الْجُمُعَة ب {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة و {هَل أَتَى على الإِنسان} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من حَدِيث ابْن مَسْعُود مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الظّهْر فَسجدَ فظنا انه قَرَأَ {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة وَأخرج أَبُو يعلى عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سجدنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الظّهْر فظننا انه قَرَأَ {تَنْزِيل} السَّجْدَة وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَأحمد وَعبد بن حميد والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَأخرج ابْن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ:

من صلى أَربع رَكْعَات خلف الْعشَاء الْآخِرَة قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأولتين {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة كتبت لَهُ كأربع رَكْعَات من لَيْلَة الْقدر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} و {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة بَين الْمغرب وَالْعشَاء الْآخِرَة فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَة الْقدر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ فِي لَيْلَة {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة و {يس} و {اقْتَرَبت السَّاعَة} و {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} كن لَهُ نورا وحرزاً من الشَّيْطَان وَرفع فِي الدَّرَجَات إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن الضريس عَن الْمسيب بن رَافع رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: {الم تَنْزِيل} تَجِيء لَهَا جَنَاحَانِ يَوْم الْقِيَامَة تظل صَاحبهَا وَتقول لَا سَبِيل عَلَيْهِ لَا سَبِيل عَلَيْهِ وَأخرج الدَّارمِيّ عَن خَالِد بن معدان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اقرأوا المنجية وَهِي {الم تَنْزِيل} فانه بَلغنِي أَن رجلا كَانَ يقرأوها وَمَا هوى شَيْئا غَيرهَا وَكَانَ كثير الْخَطَايَا فنشرت جناحها عَلَيْهِ وَقَالَت: رب اغْفِر لَهُ فانه كَانَ يكثر قراءتي فشفعها الرب فِيهِ وَقَالَ اكتبوا لَهُ بِكُل خَطِيئَة حَسَنَة وَارْفَعُوا لَهُ دَرَجَة وَأخرج الدَّارمِيّ عَن خَالِد بن معدان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: ان {الم تَنْزِيل} تجَادل عَن صَاحبهَا فِي الْقَبْر تَقول: اللَّهُمَّ ان كنت من كتابك فشفعني فِيهِ وان لم أكن من كتابك فامحني مِنْهُ وانها تكون كالطير تجْعَل جناحها عَلَيْهِ فتشفع لَهُ فتمنعه من عَذَاب الْقَبْر وَفِي {تبَارك} مثله فَكَانَ خَالِد رَضِي الله عَنهُ لَا يبيت حَتَّى يقْرَأ بهما وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن ضريس عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من قَرَأَ فِي لَيْلَة {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} كتب لَهُ سَبْعُونَ حَسَنَة وَحط عَنهُ سَبْعُونَ سَيِّئَة وَرفع لَهُ سَبْعُونَ دَرَجَة وَأخرج الدَّارمِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الم تَنْزِيل} و {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} تفضلان على كل سُورَة فِي الْقُرْآن بستين حَسَنَة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن طَاوس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {ألم تَنْزِيل} السَّجْدَة و {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} فِي صَلَاة الْعشَاء وَصَلَاة الْفجْر كل يَوْم وَلَيْلَة فِي السّفر والحضر وَيَقُول: من قرأهما كتب لَهُ بِكُل آيَة سَبْعُونَ حَسَنَة فضلا عَن سَائِر الْقُرْآن ومحيت عَنهُ سَبْعُونَ سَيِّئَة وَرفعت لَهُ سَبْعُونَ دَرَجَة وَأخرج ابْن الضريس عَن يحي بن أبي كثير قَالَ: كَانَ طَاوس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ هَاتين السورتين {تَنْزِيل} و {تبَارك} وَكَانَ يَقُول: كل آيَة مِنْهُمَا تشفع سِتِّينَ آيَة يَعْنِي تعدل سِتِّينَ آيَة وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق من طَرِيق حَاتِم بن مُحَمَّد عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا على الأَرْض رجل يقْرَأ {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} فِي لَيْلَة إِلَّا كتب الله لَهُ مثل أجر لَيْلَة الْقدر قَالَ حَاتِم رَضِي الله عَنهُ: فَذكرت ذَلِك لعطاء رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: صدق طَاوس وَالله مَا تركتهن مُنْذُ سَمِعت بِهن إِلَّا أَن أكون مَرِيضا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: عزائم سُجُود الْقُرْآن {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة {الم تَنْزِيل} السَّجْدَة {والنجم} و {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو يعلى عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: حزرنا قيام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الظّهْر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأولتين قدر ثَلَاثِينَ آيَة قدر قِرَاءَة {تَنْزِيل} السَّجْدَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رمقوه فِي الظّهْر فحزروا قِرَاءَته فِي الرَّكْعَة الأولى من الظّهْر {تَنْزِيل} السَّجْدَة

السجدة

- الم تَنْزِيل الْكتاب لَا ريب فِيهِ من رب الْعَالمين أم يَقُولُونَ افتراه بل هُوَ الْحق من رَبك لتنذر قوما مَا أَتَاهُم من نَذِير من قبلك لَعَلَّهُم يَهْتَدُونَ الله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي

سِتَّة أَيَّام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش مَا لكم من دونه من ولي وَلَا شَفِيع أَفلا تذكرُونَ أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {لتنذر قوما} قَالَ: قُرَيْش {مَا أَتَاهُم من نَذِير من قبلك} قَالَ: لم يَأْتهمْ وَلَا آياءهم لم يَأْتِ الْعَرَب رَسُول من الله عز وَجل

5

- قَوْله تَعَالَى: يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة مِمَّا تَعدونَ ذَلِك عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة الْعَزِيز الرَّحِيم أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يدبر الْأَمر} قَالَ: ينحدر الْأَمر {من السَّمَاء إِلَى الأَرْض} ويصعد من الأَرْض إِلَى السَّمَاء فِي يَوْم وَاحِد مِقْدَاره ألف سنة فِي السّير خَمْسمِائَة حِين ينزل وَخَمْسمِائة حِين يعرج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {يدبر الْأَمر} الْآيَة قَالَ: ينزل الْأَمر من السَّمَاء الدُّنْيَا إِلَى الأَرْض الْعليا ثمَّ يعرج إِلَى مِقْدَار يَوْم لَو ساره النَّاس ذَاهِبين وجائين لساروا ألف سنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يدبر الْأَمر} قَالَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا تعرج الْمَلَائِكَة فِي يَوْم مِقْدَاره ألف سنة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يدبر الْأَمر} الْآيَة قَالَ: تعرج الْمَلَائِكَة وتهبط فِي يَوْم مِقْدَاره ألف سنة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة} قَالَ: من الْأَيَّام السِّتَّة الَّتِي خلق الله فِيهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي

فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن أبي مليكَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: دخلت على ابْن عَبَّاس أَنا وَعبد الله بن فَيْرُوز مولى عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ فَيْرُوز: يَا أَبَا عَبَّاس قَوْله {يدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة} فَكَأَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا اتهمه فَقَالَ: مَا يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة فَقَالَ: إِنَّمَا سَأَلتك لتخبرني فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: هما يَوْمَانِ ذكرهمَا الله فِي كِتَابه الله أعلم بهما وأكره أَن أَقُول فِي كتاب الله مَا لَا أعلم فَضرب الدَّهْر من ضرباته حَتَّى جَلَست إِلَى ابْن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلَهُ عَنْهَا انسان فَلم يخبر وَلم يدر فَقلت: أَلا أخْبرك بِمَا أحضرت من ابْن عَبَّاس قَالَ: بلَى فَأَخْبَرته فَقَالَ للسَّائِل: هَذَا ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَبى أَن يَقُول فِيهَا وَهُوَ أعلم مني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {كَانَ مِقْدَاره ألف سنة} قَالَ: لَا ينتصف النَّهَار فِي مِقْدَار يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا فِي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى يقْضِي بَين الْعباد فَينزل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار وَلَو كَانَ إِلَى غَيره لم يفرغ من ذَلِك خمسين ألف سنة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة} يَعْنِي بذلك نزُول الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض وَمن الأَرْض إِلَى السَّمَاء فِي يَوْم وَاحِد وَذَلِكَ مِقْدَار ألف سنة لِأَن مَا بَين السَّمَاء إِلَى الأَرْض مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي الْآيَة يَقُول: مِقْدَار مسيرَة فِي ذَلِك الْيَوْم {ألف سنة مِمَّا تَعدونَ} وَمن أيامكم من أَيَّام الدُّنْيَا بِخَمْسِمِائَة نُزُوله وَخَمْسمِائة صُعُوده فَذَلِك ألف سنة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ثمَّ يعرج إِلَيْهِ فِي يَوْم} من أيامكم هَذِه ومسيرة مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض خَمْسمِائَة عَام وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {ألف سنة مِمَّا تَعدونَ} قَالَ: من أَيَّام الدُّنْيَا وَالله أعلم

7

- قَوْله تَعَالَى: الَّذِي أحسن كل شَيْء خلقه وَبَدَأَ خلق الإِنسان من طين ثمَّ جعل نَسْله من سلالة من مَاء مهين ثمَّ سواهُ وَنفخ فِيهِ من روحه وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة قَلِيلا مَا تشكرون وَقَالُوا أإذا ضللنا فِي الأَرْض أإنا لفي خلق جَدِيد بل هم بلقاء رَبهم كافرون أخرج ابْن أبي شيبَة والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يَقْرَأها {الَّذِي أحسن كل شَيْء خلقه} قَالَ: أما رَأَيْت القردة لَيست بحسنة وَلكنه أحكم خلقهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} قَالَ: اما إِن آست القردة لَيْسَ بحسنة وَلكنه أحكم خلقهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} قَالَ: صورته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} فَجعله الْكَلْب فِي خلقه حسنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} قَالَ: أحسن بِخلق كل شَيْء الْقَبِيح وَالْحسن والحيات والعقارب وكل شَيْء مِمَّا خلق وَغَيره لَا يحسن شَيْئا من ذَلِك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أحسن كل شَيْء خلقه} قَالَ: اتقن لم يركب الإِنسان فِي صُورَة الْحمار وَلَا الْحمار فِي صُورَة الإِنسان وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ لحقنا عَمْرو بن زُرَارَة الْأنْصَارِيّ فِي حلَّة قد أسبل فَأخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَاحِيَة ثَوْبه فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أخمش السَّاقَيْن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا عَمْرو بن زُرَارَة إِن الله أحسن كل شَيْء خلقه يَا عَمْرو بن زُرَارَة إِن الله لَا يحب المسبلين

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن الشريد بن سُوَيْد رَضِي الله عَنهُ قَالَ أبْصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا قد أسبل ازاره فَقَالَ لَهُ: ارْفَعْ ازارك فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أحنف: تصطك ركبتاي قَالَ: ارْفَعْ ازارك كل خلق الله حسن وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَبَدَأَ خلق الإِنسان من طين} قَالَ: آدم {ثمَّ جعل نَسْله} قَالَ: وَلَده {من سلالة} من بني آدم {من مَاء مهين} قَالَ: ضَعِيف نُطْفَة الرجل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {جعل نَسْله} قَالَ: ذُريَّته {من سلالة} هِيَ المَاء {ثمَّ سواهُ} يَعْنِي ذُريَّته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من سلالة} قَالَ: مَاء يسل من الإِنسان {من مَاء مهين} قَالَ: ضَعِيف وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قَوْله {أئذا ضللنا} قَالَ: هلكنا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه سمع ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول {أئذا ضللنا فِي الأَرْض أئنا لفي خلق جَدِيد} كَيفَ نعاد وَنَرْجِع كَمَا كُنَّا وأخبرت أَن الَّذِي قَالَ {أئذا ضللنا} أبي بن خلف

11

- قَوْله تَعَالَى: قل يتوفاكم ملك الْمَوْت الَّذِي وكل بكم ثمَّ إِلَى ربكُم ترجعون أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن نفسين اتّفق مَوْتهمَا فِي طرفَة عين وَاحِد فِي الْمشرق وَوَاحِد فِي الْمغرب كَيفَ قدره ملك الْمَوْت عَلَيْهِمَا قَالَ: مَا قدرَة ملك الْمَوْت على أهل الْمَشَارِق والمغارب والظلمات والهواء والبحور إِلَّا كَرجل بَين يَدَيْهِ مائدة يتَنَاوَل من أَيهَا شَاءَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل يَا رَسُول الله ملك الْمَوْت وَاحِد والزحفان يَلْتَقِيَانِ من الْمشرق وَالْمغْرب وَمَا بَينهمَا من السقط

والهلاك فَقَالَ: إِن الله حوى الدُّنْيَا لملك الْمَوْت حَتَّى جعلهَا كالطست بَين يَدي أحدكُم فَهَل يفوتهُ مِنْهَا شَيْء وَأخرج ابْن جرير عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ملك الْمَوْت الَّذِي يتوفى الْأَنْفس كلهَا وَقد سلط على مَا فِي الأَرْض كَمَا سلط أحدكُم على مَا فِي رَاحَته مَعَه مَلَائِكَة من مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة من مَلَائِكَة الْعَذَاب فَإِذا توفى نفسا طيبَة دَفعهَا إِلَى الْمَلَائِكَة الرَّحْمَة وَإِذا توفّي خبيثة دَفعهَا إِلَى مَلَائِكَة الْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: لما اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا سَأَلَ ملك الْمَوْت ربه أَن يَأْذَن لَهُ فيبشر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام بذلك فَأذن لَهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام: يَا ملك الْمَوْت أَرِنِي كَيفَ تقبض أنفاس الْكفَّار قَالَ: يَا إِبْرَاهِيم لَا تطِيق ذَلِك قَالَ: بلَى قَالَ: فاعرض إِبْرَهِيمُ ثمَّ نظر إِلَيْهِ فَإِذا بِرَجُل أسود ينَال رَأسه السَّمَاء يخرج من فِيهِ لَهب النَّار لَيْسَ من شَعْرَة فِي جسده إِلَّا فِي صُورَة رجل يخرج من فِيهِ ومسامعه لَهب النَّار فَغشيَ على إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ أَفَاق وَقد تحوّل ملك الْمَوْت فِي الصُّورَة الأولى فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت لَو لم يلق الْكَافِر من الْبلَاء والحزن إِلَّا صُورَتك لكفاه فأرني كَيفَ تقبض أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ قَالَ: أعرض فَأَعْرض ثمَّ الْتفت فَإِذا هُوَ بِرَجُل شَاب أحسن النَّاس وَجها وأطيبه فِي ثِيَاب بيض فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت لَو لم ير الْمُؤمن عِنْد مَوته من قُرَّة الْعين والكرامة إِلَّا صُورَتك هَذِه لَكَانَ يَكْفِيهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن مَنْدَه كِلَاهُمَا فِي الصَّحَابَة عَن الْخَزْرَج سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: وَنظر إِلَى ملك الْمَوْت عِنْد رَأس رجل من الْأَنْصَار فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت أرْفق بصاحبي فَإِنَّهُ مُؤمن فَقَالَ ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام: طب نفسا وقر عينا واعمل بِأَنِّي بِكُل مُؤمن رَفِيق وَاعْلَم يَا مُحَمَّد إِنِّي لأقبض روح ابْن آدم فَإِذا صرخَ صارخ قُمْت فِي الدَّار وَمَعِي روحه فَقلت: مَا هَذَا الصَّارِخ وَالله مَا ظلمناه وَلَا سبقنَا أَجله وَلَا استعجلنا قدره ومالنا فِي قَبضه من ذَنْب فَإِن ترضوا بِمَا صنع الله تؤجروا وَأَن تسخطوا تأثموا وتؤزروا وَإِن لنا عنْدكُمْ عودة بعد عودة فالحذر فالحذر وَمَا من أهل بَيت شعر وَلَا مدر بر وَلَا فَاجر سهل وَلَا

جبل إِلَّا أَنا أتصفحهم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة حَتَّى أَنا لاعرف بصغيرهم وَكَبِيرهمْ مِنْهُم بِأَنْفسِهِم وَالله لَو أردْت أَن أَقبض روح بعوضة مَا قدرت على ذَلِك حَتَّى يكون الله هُوَ يَأْذَن بقبضها وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أَشْعَث بن شُعَيْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ملك الْمَوْت واسْمه عزرائيل وَله عينان فِي وَجهه وَعين فِي قَفاهُ فَقَالَ: يَا ملك الْمَوْت مَا تصنع إِذا كَانَت نفس بالمشرق وَنَفس بالمغرب وَوضع الوباء بِأَرْض والتقى الزحفان كَيفَ تصنع قَالَ أَدْعُو الْأَرْوَاح بِإِذن الله فَتكون بَين أُصْبُعِي هَاتين وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الْحِيلَة عَن شهر بن حَوْشَب رَضِي الله تعلى عَنهُ قَالَ: ملك الْمَوْت جَالس وَالدُّنْيَا بَين رُكْبَتَيْهِ واللوح الَّذِي آجال بني آدم بَين يَدَيْهِ وَبَين يَدَيْهِ مَلَائِكَة قيام وَهُوَ يعرض اللَّوْح لَا يطرف فَإِذا أَتَى على أجل عبد قَالَ: اقبضوا هَذَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن خَيْثَمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: اتى ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ لَهُ صديقا فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: مَا لَك تَأتي أهل الْبَيْت فتقبضهم جَمِيعًا وَتَدَع أهل الْبَيْت إِلَى جنبهم لَا تقبض مِنْهُم أحد قَالَ: لَا أعلم بِمَا أَقبض مِنْهَا إِثْمًا أكون تَحت الْعَرْش فَيلقى إليّ صكاك فِيهَا أَسمَاء وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَنه يُقَال لملك الْمَوْت اقبض فلَانا فِي وَقت كَذَا فِي يَوْم كَذَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من أهل بَيت الا يتصفحهم ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام فِي كل يَوْم خمس مَرَّات هَل مِنْهُم أحد أَمر بِقَبْضِهِ وَأخرج جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: وكل ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام بِقَبض أَرْوَاح الْآدَمِيّين فَهُوَ الَّذِي يَلِي قبض أَرْوَاحهم وَملك فِي الْجِنّ وَملك فِي الشَّيَاطِين وَملك فِي الطير والوحش وَالسِّبَاع وَالْحِيتَان والنمل فهم أَرْبَعَة أَمْلَاك وَالْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام يموتون فِي

الصعقة الأولى وَإِن ملك الْمَوْت يَلِي قبض أَرْوَاحهم ثمَّ يَمُوت فَأَما الشُّهَدَاء فِي الْبَحْر فَإِن الله يَلِي قبض أَرْوَاحهم لَا يكل ذَلِك إِلَى ملك الْمَوْت لكرامتهم عَلَيْهِ وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله وكل ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام بِقَبض الْأَرْوَاح إِلَّا شُهَدَاء الْبَحْر فَإِنَّهُ يتَوَلَّى قبض أَرْوَاحهم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والمروزي فِي الْجَنَائِز وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الشعْثَاء جَابر بن زيد رَضِي الله عَنهُ أَن ملك الْمَوْت كَانَ يقبض الْأَرْوَاح بِغَيْر وجع فَسَبهُ النَّاس ولعنوه فَشَكا إِلَى ربه فَوضع الله الأوجاع وَنسي ملك الْمَوْت وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الْأَعْمَش رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام يظْهر للنَّاس فَيَأْتِي للرجل فَيَقُول: اقْضِ حَاجَتك فَإِنِّي أُرِيد أَن أَقبض روحك فَشَكا فَأنْزل الدَّاء وَجعل الْمَوْت خُفْيَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خطْوَة ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل من الْأَنْصَار يعودهُ فَإِذا ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد رَأسه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا ملك الْمَوْت أرْفق بصاحبي فَإِنَّهُ مُؤمن آدم فيصرخ أَهله فأقوم فِي جَانب من الدَّار فَأَقُول: وَالله مَا لي من ذَنْب وَإِن لي لعودة وعودة الحذر الحذر وَمَا خلق الله من أهل بَيت وَلَا مدر وَلَا شعر وَلَا وبر فِي بر وَلَا بَحر إِلَّا وَأَنا أتصفحهم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة خمس مَرَّات حَتَّى أَنِّي لأعرف بصغيرهم وَكَبِيرهمْ مِنْهُم بِأَنْفسِهِم وَالله يَا مُحَمَّد إِنِّي لَا أقدر أَقبض روح بعوضة حَتَّى يكون الله تبَارك وَتَعَالَى هُوَ الَّذِي يَأْمر بِقَبْضِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت} قَالَ: ملك الْمَوْت يتوفاكم وَله أعوان من الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {قل يتوفاكم ملك الْمَوْت} قَالَ: حويت لَهُ الأَرْض فَجعلت لَهُ مثل طست يتَنَاوَل مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء

12

- قَوْله تَعَالَى: وَلَو ترى إِذْ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عِنْد رَبهم رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا فارجعنا نعمل صَالحا انا موقنون وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها وَلَكِن حق القَوْل مني لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ فَذُوقُوا بِمَا نسيتم لِقَاء يومكم هَذَا إِنَّا نسيناكم وذوقوا عَذَاب الْخلد بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ إِنَّمَا يُؤمن بِآيَاتِنَا الَّذين إِذا ذكرُوا بهَا خروا سجدا وسبحوا بِحَمْد رَبهم وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ المجرمون ناكسو رؤوسهم عِنْد رَبهم رَبنَا أبصرنا وَسَمعنَا} قَالَ: أبصروا حِين لم يَنْفَعهُمْ الْبَصَر وسمعوا حِين لم يَنْفَعهُمْ السّمع وَفِي قَوْله {وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها} قَالَ: لَو شَاءَ الله لهدى النَّاس جَمِيعًا وَلَو شَاءَ الله أنزل عَلَيْهِمَا من السَّمَاء آيَة {فظلت أَعْنَاقهم لَهَا خاضعين} الشُّعَرَاء الْآيَة 4 وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله يعْتَذر إِلَى آدم يَوْم الْقِيَامَة بِثَلَاثَة معاذير يَقُول: يَا آدم لَوْلَا أَنِّي لعنت الْكَذَّابين وَأبْغض الْكَذِب وَالْخلف وأعذب عَلَيْهِ لرحمت الْيَوْم ذريتك أَجْمَعِينَ من شدَّة مَا أَعدَدْت لَهُم من الْعَذَاب وَلَكِن حق القَوْل مني لمن كذب رُسُلِي وَعصى أَمْرِي {لأملأن جَهَنَّم مِنْكُم أَجْمَعِينَ} الْأَعْرَاف الْآيَة 18 وَيَقُول: يَا آدم إِنِّي لَا أَدخل أحدا من ذريتك النَّار وَلَا أعذب أحدا مِنْهُم بالنَّار إِلَّا من قد علمت فِي سَابق علمي أَنِّي لَو رَددته إِلَى الدُّنْيَا لعاد إِلَى شَرّ مِمَّا كَانَ فِيهِ لم يُرَاجع وَلم يعتب وَيَقُول لَهُ: يَا آدم قد جعلتك الْيَوْم حكما بيني وَبَين ذريتك قُم عِنْد الْمِيزَان فَانْظُر مَا يرفع إِلَيْك من أَعْمَالهم فَمن رجح مِنْهُم خَيره على شَره مِثْقَال ذرة فَلهُ الْجنَّة حَتَّى تعلم أَنِّي لَا أَدخل النَّار الْيَوْم مِنْهُم إِلَّا ظَالِما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَذُوقُوا بِمَا نسيتم لِقَاء يومكم هَذَا} قَالَ: تركْتُم أَن تعملوا للقاء يومكم هَذَا

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {فَذُوقُوا بِمَا نسيتم} قَالَ: الْيَوْم نترككم فِي النَّار كَمَا تركْتُم أَمْرِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّا نسيناكم} قَالَ: تركناكم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي شَأْن الصَّلَوَات الْخمس {إِنَّمَا يُؤمن بِآيَاتِنَا الَّذين إِذا ذكرُوا بهَا خروا سجدا} أَي أتوها {وسبحوا} أَي صلوا بِأَمْر رَبهم {وهم لَا يَسْتَكْبِرُونَ} عَن اتيان الصَّلَوَات فِي الْجَمَاعَات

16

- قَوْله تَعَالَى: تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفقُونَ أخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن هَذِه الْآيَة {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} نزلت فِي انْتِظَار الصَّلَاة الَّتِي تدعى الْعَتَمَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: كَانُوا لَا ينامون حَتَّى يصلوا الْعشَاء وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ نزلت {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} فِي صَلَاة الْعشَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نجتنب الْفرش قبل صَلَاة الْعشَاء وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن جرير عَن أبي سَلمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} فِي صَلَاة الْعَتَمَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاقِدًا قبل الْعشَاء وَلَا متحدثاً بعْدهَا فَإِن هَذِه الْآيَة نزلت فِي ذَلِك {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت فِينَا معاشر الْأَنْصَار كُنَّا نصلي الْمغرب فَلَا نرْجِع إِلَى رحالنا حَتَّى نصلي الْعشَاء مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت فِينَا {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: هم الَّذِي لَا ينامون قبل الْعشَاء فَأثْنى عَلَيْهِم فَلَمَّا ذكر ذَلِك جعل الرجل يعتزل فرَاشه مَخَافَة أَن تغلبه عينه فوقتها قبل أَن ينَام الصَّغِير ويكسل الْكَبِير وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: أنزلت فِي صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينامون حَتَّى يصلوها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: كَانُوا ينتظرون مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء يصلونَ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ عَن هَذِه الْآيَة {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: كَانَ قوم من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين يصلونَ الْمغرب وَيصلونَ بعْدهَا إِلَى عشَاء الْآخِرَة فَنزلت هَذِه الْآيَة فيهم وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن بِلَال رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نجلس فِي الْمجْلس وناس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصلونَ الْمغرب إِلَى الْعشَاء فَنزلت {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن الْمُنْكَدر وَأبي حَازِم فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَا: هِيَ مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء صَلَاة الْأَوَّابِينَ وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن عبد الله بن عِيسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ نَاس من الْأَنْصَار يصلونَ مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء فَنزلت فيهم {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع}

وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ قيام العَبْد من اللَّيْل وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فاصبحت يَوْمًا قَرِيبا مِنْهُ وَنحن نسير فَقلت: يَا نَبِي الله اخبرني بِعَمَل يدخلني الْجنَّة وَيُبَاعِدنِي عَن النَّار قَالَ لقد سَأَلت عَن عَظِيم وانه الْيَسِير على من يسره الله عَلَيْهِ تعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا وتقيم الصَّلَاة وتؤتي الزَّكَاة وتصوم رَمَضَان وتحج الْبَيْت ثمَّ قَالَ: أَلا أدلك على أَبْوَاب الْخَيْر الصَّوْم جنَّة وَالصَّدَََقَة تطفىء الْخَطِيئَة وَصَلَاة الرجل فِي جَوف اللَّيْل ثمَّ قَرَأَ {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} حَتَّى بلغ {يعْملُونَ} ثمَّ قَالَ: أَلا أخْبرك بِرَأْس الْأَمر وعموده وذروة سنامه فَقلت: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: رَأس الْأَمر الإِسلام وعموده الصَّلَاة وذروة سنامه الْجِهَاد ثمَّ قَالَ أَلا أخْبرك بملاك ذَلِك كُله فَقلت: بلَى يَا نَبِي الله فَأخذ بِلِسَانِهِ فَقَالَ: كف عَنْك هَذَا فَقلت: يَا رَسُول الله وانا لمؤاخذون بِمَا نتكلم بِهِ فَقَالَ: ثكلتك أمك يَا معَاذ وَهل يُكِبُّ النَّاس فِي النَّار على وُجُوههم إِلَّا حصائد ألسنتهم وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيام اللَّيْل فَفَاضَتْ عَيناهُ حَتَّى تحادرت دُمُوعه فَقَالَ {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله أَخْبرنِي بِعَمَل أهل الْجنَّة قَالَ: قد سَأَلت عَن عَظِيم وَإنَّهُ ليسير على من يسره الله عَلَيْهِ تعبد الله لَا تشرك بِهِ شَيْئا وَتُؤَدِّي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة - وَلَا أَدْرِي ذكر الزَّكَاة أم لَا - وَإِن شِئْت أَنْبَأتك بِرَأْس هَذَا الْأَمر وعموده وذروة سنامه رَأسه الإِسلام من أسلم سلم وعموده الصَّلَاة وذروة سنامه الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَالصِّيَام جنَّة وَالصَّدَََقَة تمحو الْخَطِيئَة وَصَلَاة الرجل فِي جَوف اللَّيْل ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع}

قَالَ: كَانَت لَا تمر عَلَيْهَا لَيْلَة إِلَّا أخذُوا مِنْهَا بحظ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: يقومُونَ فيصلون بِاللَّيْلِ وَأخرج ابْن نصر وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ: قيام اللَّيْل وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد من طَرِيق أبي عبد الله الجدلي عَن عبَادَة بن الصَّامِت عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا حشر النَّاس نَادَى مُنَاد: هَذَا يَوْم الْفَصْل أَيْن الَّذين {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} أَيْن الَّذين {يذكرُونَ الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنُوبهم} آل عمرَان الْآيَة 191 ثمَّ يخرج عنق من النَّار فَيَقُول: أمرت بِثَلَاث بِمن جعل مَعَ الله إِلَهًا آخر وَبِكُل جَبَّار عنيد وَبِكُل مُعْتَد لأَنا أعرف بِالرجلِ من الْوَالِد بولده والمولود بوالده وَيُؤمر بفقراء الْمُسلمين إِلَى الْجنَّة فيحسبون فَيَقُولُونَ: تحسبونا مَا كَانَ لنا أَمْوَال وَلَا كُنَّا أُمَرَاء وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا} قَالَ: هم قوم لَا يزالوان يذكرُونَ الله إِمَّا فِي الصَّلَاة وَإِمَّا قيَاما واما قعُودا وَإِمَّا إِذا استيقظوا من منامهم هم قوم لَا يزالون يذكرُونَ الله تَعَالَى وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ربيعَة الجرشِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يجمع الله الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة فِي صَعِيد وَاحِد فيكونون مَا شَاءَ الله أَن يَكُونُوا فينادي مُنَاد سَيعْلَمُ أهل الْجمع لمن الْعِزّ الْيَوْم وَالْكَرم ليقمْ الَّذين {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا} فَيقومُونَ وَفِيهِمْ قلَّة ثمَّ يلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث ثمَّ يعود فينادي سَيعْلَمُ أهل الْجمع لمن الْعِزّ وَالْكَرم ليقمْ الَّذين {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله} النُّور الْآيَة 37 فَيقومُونَ وهم أَكثر من الْأَوَّلين ثمَّ يلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث ثمَّ يعود وينادي: سَيعْلَمُ أهل الْجمع لمن الْعِزّ الْيَوْم وَالْكَرم ليقمْ الْحَمَّادُونَ لله على كل حَال فَيقومُونَ وهم أَكثر من الْأَوَّلين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} يَقُول: تَتَجَافَى لذكر الله كلما استيقظوا ذكرُوا الله اما فِي الصَّلَاة

وَإِمَّا فِي قيام أَو قعُود أَو على جنُوبهم فهم لَا يزالون يذكرُونَ الله

17

- قَوْله تَعَالَى: فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ عرش الله على المَاء فَاتخذ جنَّة لنَفسِهِ ثمَّ اتخذ دونهَا أُخْرَى ثمَّ أطبقهما لؤلؤة وَاحِدَة ثمَّ قَالَ: وَمن دونهمَا جنتان لم يعلم الْخلق مَا فيهمَا وَهِي الَّتِي قَالَ الله {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} يَأْتِيهم فِيهَا كل يَوْم تحفة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والطبراين وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّه لمكتوب فِي التَّوْرَاة (لقد أعد الله للَّذين تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع مَا لم ترَ عين وَلم تسمع أذن وَلم يخْطر على قلب بشر وَلَا يعلم ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل وَإنَّهُ لفي الْقُرْآن {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} ) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وهناد كِلَاهُمَا فِي الزّهْد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن الْأَنْبَارِي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ الله تَعَالَى: أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشرن قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: اقرؤا إِن شِئْتُم {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَامر بن عبد الْوَاحِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي إِن

الرجل من أهل الْجنَّة يمْكث فِي مَكَانَهُ سبعين سنة ثمَّ يلْتَفت فَإِذا هُوَ بِامْرَأَة أحسن مِمَّا كَانَ فِيهِ فَتَقول لَهُ: قد آن لَك أَن يكون لنا مِنْك نصيب فَيَقُول: من أَنْت فَتَقول: أَنا مزِيد فيمكث مَعهَا سبعين سنة ويلتفت فَإِذا هُوَ بِامْرَأَة أحسن مِمَّا كَانَ فِيهِ فَتَقول: قد آن لَك أَن يكون لنا مِنْك نصيب فَيَقُول: من أَنْت فَتَقول: أَنا الَّذِي قَالَ الله {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الرجل من أهل الْجنَّة ليجيء فيشرف عَلَيْهِ النِّسَاء فيقلن: يَا فلَان بن فلَان مَا أَنْت حِين خرجت من عندنَا بِأولى بك منا فَيَقُول: من أنتن فيقلن: نَحن من اللَّاتِي قَالَ الله {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يدْخلُونَ عَلَيْهِم على مِقْدَار كل يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا ثَلَاث مَرَّات مَعَهم التحف من الله من جنَّات عدن مِمَّا لَيْسَ فِي جناتهم وَذَلِكَ قَوْله {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: سأصف لكم منزل الرجل من أهل الْجنَّة كَانَ يطْلب فِي الدُّنْيَا حَلَالا وَيَأْكُل حَلَالا حَتَّى لَقِي الله على ذَلِك فَإِنَّهُ يعْطى يَوْم الْقِيَامَة قصراً من لؤلؤة وَاحِدَة لَيْسَ فِيهَا صدع وَلَا وصل فِيهَا سَبْعُونَ ألف غرفَة وأسفل الغرف سَبْعُونَ ألف بَيت فِي كل بَيت سقفه صَفَائِح الذَّهَب وَالْفِضَّة لَيْسَ بموصول وَلَوْلَا أَن الله سخر لَهُ النّظر إِلَيْهِ لذهب بَصَره من نوره عرض الْحَائِط اثْنَا عشر ميلًا وَطوله فِي السَّمَاء سَبْعُونَ ميلًا فِي كل بَيت سَبْعُونَ ألف بَاب يدْخل عَلَيْهِ فِي كل بَيت من كل بَاب سَبْعُونَ ألف خَادِم لَا يراهم من فِي هَذَا الْبَيْت وَلَا من فِي هَذَا الْبَيْت فَإِذا خرج فِي قصره صَار فِي ملكه مثل عمر الدُّنْيَا يسير فِي ملكه عَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَمن وَرَائه وأزواجه مَعَه وَلَيْسَ مَعَه ذكر غَيره وَمن بَين يَدَيْهِ مَلَائِكَة قد سخروا لَهُ بَينه وَبَين أَزوَاجه ستر وَبَين يَدَيْهِ ستر ووصفاء ووصائف قد أفهموا مَا يَشْتَهِي أَزوَاجه وَلَا يَمُوت هُوَ وَلَا أَزوَاجه وَلَا خُدَّامه أبدا نعيمهم يزْدَاد كل يَوْم من غير أَن يبْلى الأول وقرة عين لَا تَنْقَطِع أبدا لَا يدْخل عَلَيْهِ فِيهِ روعة أبدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ

وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن آخر أهل الْجنَّة رجلا أضَاف آدم فَمن دونه وَوضع لَهُم طَعَاما وَشَرَابًا حَتَّى يخرجُوا من عِنْده لَا ينقصهُ ذَلِك مِمَّا أعطَاهُ الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة من طَرِيق أبي صَخْر عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد قَالَ: بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يصف الْجنَّة حَتَّى انْتهى ثمَّ قَالَ فيهمَا مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر ثمَّ قَرَأَ {تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع} قَالَ أَبُو صَخْر: فَذَكرته للقرظي فَقَالَ: إِنَّهُم أخفوا عملا وأخفى الله لَهُم ثَوابًا فقدموا على الله فقرت تِلْكَ الْأَعْين وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الْيَمَان الْهُذلِيّ قَالَ: الْجنَّة مائَة دَرَجَة أَولهَا دَرَجَة فضَّة وأرضها فضَّة وآنيتها فضَّة وترابها الْمسك وَالثَّانيَِة ذهب ومساكنها ذهب وآنيتها ذهب وترابها الْمسك وَالثَّالِثَة لُؤْلُؤ وأرضها لُؤْلُؤ ومساكنها لُؤْلُؤ وآنيتها لُؤْلُؤ وترابها الْمسك وَسبع وَتسْعُونَ بعد ذَلِك مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر وتلا هَذِه الْآيَة {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق الْحَاكِم بن أبان عَن الغطريف عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرّوح الْأمين قَالَ يُؤْتى بحسنات العَبْد وسيئاته فيقتص بَعْضهَا من بعض فَإِن بقيت حَسَنَة وَاحِدَة أدخلهُ الله الْجنَّة قَالَ: فَدخلت على يَزْدَان فَحدث بِمثل هَذَا فَقلت: فَإِن ذهبت الْحَسَنَة قَالَ: {أُولَئِكَ الَّذين نتقبل عَنْهُم أحسن مَا عمِلُوا ونتجاوز عَن سيئاتهم} الْأَحْقَاف الْآيَة 16 قلت: أَفَرَأَيْت قَوْله {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} قَالَ: هُوَ العَبْد يعْمل سرا أسره إِلَى الله لم يعلم بِهِ النَّاس فَأسر الله لَهُ يَوْم الْقِيَامَة {قُرَّة أعين} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن أدنى أهل الْجنَّة حظاً قوم يخرجهم الله من النَّار برحمته بعد أَن يحترقوا يرتاح لَهُم الرب أَنهم كَانُوا لَا يشركُونَ بِاللَّه شَيْئا فينبذون بالعراء فينبتون كَمَا ينْبت البقل حَتَّى

إِذا رجعت الْأَرْوَاح إِلَى أجسادها قَالُوا: رَبنَا كَالَّذي أخرجتنا من النَّار وَرجعت الْأَرْوَاح إِلَى أَجْسَادنَا فاصرف وُجُوهنَا عَن النَّار فَيصْرف وُجُوههم عَن النَّار وَيضْرب لَهُم شَجَرَة ذَات ظلّ وفيء فَيَقُولُونَ: رَبنَا كَالَّذي أخرجتنا من النَّار فانقلنا إِلَى ظلّ هَذِه الشَّجَرَة فينقلهم إِلَيْهَا فيرون أَبْوَاب الْجنَّة فيقولن: رَبنَا كَالَّذي أخرجتنا من النَّار فانقلنا إِلَى أَبْوَاب الْجنَّة فيفعل فَإِذا نظرُوا إِلَى مَا فِيهَا من الْخيرَات والبركات قَالَ: وَقَرَأَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين} قَالُوا: رَبنَا كَالَّذي أخرجتنا من النَّار فادخلنا الْجنَّة قَالَ: فَيدْخلُونَ الْجنَّة ثمَّ يُقَال لَهُم: تمنوا فَيَقُولُونَ: يَا رب اعطنا حَتَّى إِذا قَالُوا: يَا رَبنَا حَسبنَا قَالَ: هَذَا لكم وَعشرَة أَمْثَاله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الْمُغيرَة ابْن شُعْبَة رَضِي الله عَنهُ يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ ربه فَقَالَ: رب أَي أهل الْجنَّة أدنى منزلَة فَقَالَ: رجل يَجِيء بَعْدَمَا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة فَيُقَال لَهُ: ادخل فَيَقُول: كَيفَ ادخل وَقد نزلُوا مَنَازِلهمْ وَأخذُوا أخذاتهم فَيُقَال لَهُ: اترضى أَن يكون لَك مثل مَا كَانَ لملك من مُلُوك الدُّنْيَا فَيَقُول: نعم أَي رب قد رضيت فَيُقَال لَهُ: فَإِن لَك هَذَا وَعشرَة أَمْثَاله مَعَه فَيَقُول: أَي رب رضيت فَيُقَال لَهُ: فَإِن لَك من هَذَا مَا اشتهت نَفسك ولذت عَيْنك فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: أَي رب فَأَي أهل الْجنَّة ارْفَعْ منزله قَالَ: إِيَّاهَا أردْت وسأحدثك عَنْهُم إِنِّي غرست كرامتهم بيَدي وختمت عَلَيْهَا فَلَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشرن قَالَ: ومصداق ذَلِك فِي كتاب الله تَعَالَى {فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين}

18

- قَوْله تَعَالَى: أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون أما الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم جنَّات المأوى نزلا بِمَا كَانُوا يعْملُونَ وَأما الَّذين فسقوا فمأواهم النَّار كلما أَرَادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا وَقيل لَهُم ذوقوا عَذَاب النَّار الَّذِي كُنْتُم بِهِ تكذبون

أخرج أَبُو الْفرج الْأَصْفَهَانِي فِي كتاب الأغاني والواحدي وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ الْوَلِيد بن عقبَة لعَلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ: أَنا أحد مِنْك سِنَانًا وأبسط مِنْك لِسَانا واملاء للكتيبة مِنْك فَقَالَ لَهُ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: اسْكُتْ فَإِنَّمَا أَنْت فَاسق فَنزلت {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون} يَعْنِي بِالْمُؤمنِ: عليا وَبِالْفَاسِقِ: الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ فِي عَليّ بن أبي طَالب والوليد بن عقبَة بن أبي معيط قَالَ: كَانَ بَين الْوَلِيد وَبَين عَليّ كَلَام فَقَالَ الْوَلِيد بن عقبَة: أَنا أبسط مِنْك لِسَانا وَأحد مِنْك سِنَانًا وأرد مِنْك للكتيبة فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: اسْكُتْ فانك فَاسق فَانْزِل {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون} قَالَ: نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ والوليد بن عقبَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا} قَالَ: أما الْمُؤمن فعلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَأما الْفَاسِق فعقبة بن أبي معيط وَذَلِكَ لسباب كَانَ بَينهمَا فَأنْزل الله ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون} قَالَ: لَا فِي الدُّنْيَا لَا عِنْد الْمَوْت وَلَا فِي الْآخِرَة وَفِي قَوْله {وَأما الَّذين فسقوا} قَالَ: هم الَّذين أشركوا وَفِي قَوْله {كُنْتُم بِهِ تكذبون} قَالَ: هم يكذبُون كَمَا ترَوْنَ

21

- قَوْله تَعَالَى: ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر لَعَلَّهُم يرجعُونَ

أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن منيع وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: يَوْم بدر {دون الْعَذَاب الْأَكْبَر} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: لَعَلَّ من بَقِي مِنْهُم يرجع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: سنُون اصابتهم {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يتوبون وَأخرج مُسلم وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَأَبُو عوانه فِي صَحِيحه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: مصائب الدُّنْيَا واللزوم وَالْبَطْشَة وَالدُّخَان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ عَن قَول الله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر} فَقَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهَا فَقَالَ هِيَ المصائب والاسقام والانصاب عَذَاب للمسرف فِي الدُّنْيَا دون عَذَاب الْآخِرَة قلت: يَا رَسُول الله فَمَا هِيَ لنا قَالَ: زَكَاة وطهور وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: مصائب الدُّنْيَا وأسقامها وبلاياها يَبْتَلِي الله بهَا الْعباد كي يتوبوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر} قَالَ: أَشْيَاء يصابون بهَا فِي الدُّنْيَا {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يتوبون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى دون الْعَذَاب الْأَكْبَر} قَالَ: الْحُدُود {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يتوبون وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: عَذَاب الدُّنْيَا وَعَذَاب الْقَبْر

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: الْقَتْل والجوع لقريش فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَاب الْأَكْبَر يَوْم الْقِيَامَة فِي الْآخِرَة وَأخرج هناد عَن أبي عُبَيْدَة فِي قَوْله {ولنذيقنهم من الْعَذَاب الْأَدْنَى} قَالَ: عَذَاب الْقَبْر

22

- قَوْله تَعَالَى: وَمن أظلم مِمَّن ذكر بآيَات ربه ثمَّ أعرض عَنْهَا إِنَّا من الْمُجْرمين منتقمون أخرج ابْن منيع وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول ثَلَاث من فعلهن فقد أجرم من عقد لِوَاء فِي غير حق أَو عق وَالِديهِ أَو مَشى مَعَ ظَالِم لِيَنْصُرهُ فقد أجرم يَقُول الله عز وَجل {إِنَّا من الْمُجْرمين منتقمون}

23

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى الْكتاب فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يوقنون إِن رَبك هُوَ يفصل بَينهم يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ أولم يهد لَهُم كم أهلكنا من قبلهم من الْقُرُون يَمْشُونَ فِي مساكنهم إِن فِي ذَلِك لآيَات أَفلا يسمعُونَ أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق قَتَادَة عَن أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت لَيْلَة أسرِي بِي مُوسَى بن عمرَان رجلا طوَالًا جَعدًا كَأَنَّهُ من رجال شنوأة وَرَأَيْت عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام مَرْبُوع الْخلق إِلَى الْحمرَة وَالْبَيَاض سبط الرَّأْس وَرَأَيْت مَالِكًا خَازِن جَهَنَّم والدجال فِي آيَات أراهن الله

إِيَّاه قَالَ {فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه} فَكَانَ قَتَادَة يُفَسِّرهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد لَقِي مُوسَى {وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل} قَالَ: جعل الله مُوسَى هدى لبني إِسْرَائِيل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه} من لِقَاء مُوسَى ربه {وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل} قَالَ: جعل مُوسَى هدى لبني إِسْرَائِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه} قَالَ: من لِقَاء مُوسَى قيل: أَو لَقِي مُوسَى قَالَ: نعم أَلا ترى إِلَى قَوْله {واسأل من أرسلنَا من قبلك من رسلنَا} الزخرف الْآيَة 45 وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه} قَالَ: من أَن تلقى مُوسَى وَأخرج الْحَاكِم عَن مَالك أَنه تَلا {وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا} فَقَالَ: حَدثنِي الزُّهْرِيّ أَن عَطاء بن يزِيد حَدثهُ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا رزق عبد خيرا لَهُ أوسع من الصَّبْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة} قَالَ: رُؤَسَاء فِي الْخَيْر سوى الْأَنْبِيَاء {يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا} قَالَ: على ترك الدُّنْيَا وَالله أعلم

27

- قَوْله تَعَالَى: أولم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز فنخرج بِهِ زرعا تَأْكُل مِنْهُ أنعامهم وأنفسهم أَفلا يبصرون أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أولم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: الجرز الَّتِي لَا تمطر إِلَّا قطراً لَا يُغني عَنْهَا شَيْئا إِلَّا مَا يَأْتِيهَا من السُّيُول وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: أَرض بِالْيمن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: هِيَ الَّتِي لَا تنْبت هن أبين وَنَحْوهَا من الأَرْض

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: السمطاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: إِلَى الأَرْض الْميتَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {إِلَى الأَرْض الجرز} قَالَ: قرى فِيمَا بَين الْيمن وَالشَّام وَأخرج أَبُو بكر وَابْن حبَان فِي كتاب الْغرَر عَن الرّبيع بن سيرة قَالَ: الْأَمْثَال أقرب إِلَى الْعُقُول من الْمعَانِي ألم تسمع إِلَى قَوْله {أولم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز} ألم تَرَ {ألم يرَوا}

28

- قَوْله تَعَالَى: وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْفَتْح إِن كُنْتُم صَادِقين قل يَوْم الْفَتْح لَا ينفع الَّذين كفرُوا إِيمَانهم وَلَا هم ينظرُونَ فَأَعْرض عَنْهُم وانتظر إِنَّهُم منتظرون أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ الصَّحَابَة أَن لنا يَوْم يُوشك أَن نستريح فِيهِ ونتنعم فِيهِ فَقَالَ الْمُشْركُونَ {مَتى هَذَا الْفَتْح إِن كُنْتُم صَادِقين} فَنزلت وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْفَتْح إِن كُنْتُم صَادِقين} قَالَ: يَوْم بدر فتح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم {ينفع الَّذين كفرُوا إِيمَانهم} بعد الْمَوْت وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قل يَوْم الْفَتْح} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قل يَوْم الْفَتْح} قَالَ: يَوْم الْقَضَاء وَفِي قَوْله {وانتظر إِنَّهُم منتظرون} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم - سُورَة الاحزاب مَدَنِيَّة وآياتها ثَلَاث وَسَبْعُونَ - مُقَدّمَة سُورَة الاحزاب أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الاحزاب بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالطَّيَالِسِي وَسَعِيد ابْن مَنْصُور وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن منيع وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالدَّارقطني فِي الإِفراد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن زر قَالَ: قَالَ لي أبي بن كَعْب: كَيفَ تقْرَأ سُورَة الاحزاب أَو كم تعدها قلت ثَلَاثًا وَسبعين آيَة فَقَالَ أبي: قد رَأَيْتهَا وانها لتعادل سُورَة الْبَقَرَة وَأكْثر من سُورَة الْبَقَرَة وَلَقَد قَرَأنَا فِيهَا (الشَّيْخ وَالشَّيْخَة اذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّة نكالا من الله وَالله عَزِيز حَكِيم) فَرفع مِنْهَا مَا رفع وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ قَالَ: بلغنَا أَن نَاسا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا يقرأون الْقُرْآن أصيبوا يَوْم مُسَيْلمَة فَذَهَبت حُرُوف من الْقُرْآن وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَمر عمر بن الْخطاب مناديا فَنَادَى أَن الصَّلَاة جَامِعَة ثمَّ صعد الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس لَا تجزعن من آيَة الرَّجْم فانها آيَة نزلت فِي كتاب الله وقرأناها وَلكنهَا ذهبت فِي قُرْآن كثير ذهب مَعَ مُحَمَّد وَآيَة ذَلِك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد رجم وان أَبَا بكر قد رجم ورجمت بعْدهَا وَابْنه سَيَجِيءُ قوم من هَذِه الْأمة يكذبُون بِالرَّجمِ وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ضريس عَن ابْن عَبَّاس أَن عمر قَامَ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد أَيهَا النَّاس إِن الله بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ

وَأنزل عَلَيْهِ الْكتاب فَكَانَ فِيمَا أنزل عَلَيْهِ آيَة الرَّجْم فقرأناها ووعيناها (الشَّيْخ وَالشَّيْخَة اذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ) ورجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجمنا بعده فاخشى ان يطول بِالنَّاسِ زمَان فَيَقُول قَائِل: لَا نجد آيَة الرَّجْم فِي كتاب الله فيضلوا بترك فَرِيضَة أنزلهَا الله وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن عمر بن الْخطاب خطب النَّاس فَسَمعته يَقُول: إِلَّا وان نَاس يَقُولُونَ: مَا بَال الرَّجْم وَفِي كتاب الله الْجلد وَقد رجم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجمنا بعده وَلَوْلَا ان يَقُول قَائِلُونَ وَيتَكَلَّم متكلمون: ان عمر زَاد فِي كتاب الله مَا لَيْسَ مِنْهُ لاثبتها كَمَا نزلت وَأخرج النَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى عَن كثير بن الصَّلْت قَالَ: كُنَّا عِنْد مَرْوَان وَفينَا زيد بن ثَابت فَقَالَ زيد: مَا تقْرَأ (الشَّيْخ وَالشَّيْخَة اذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ) قَالَ مَرْوَان: إِلَّا كتبتها فِي الْمُصحف قَالَ: ذكرنَا ذَلِك وَفينَا عمر بن الْخطاب فَقَالَ: اشفيكم من ذَلِك قُلْنَا: فَكيف قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله انبئني آيَة الرَّجْم قَالَ: لَا أَسْتَطِيع الْآن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ لي عمر بن الْخطاب: كم تَعدونَ سُورَة الاحزاب قلت: اثْنَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَسبعين قَالَ: إِن كَانَت لتقارب سُورَة الْبَقَرَة وان كَانَ فِيهَا لآيَة الرَّجْم وَأخرج ابْن الضريس عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت سُورَة الاحزاب مثل سُورَة الْبَقَرَة أَو اطول وَكَانَ فِيهَا آيَة الرَّجْم وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن الْمسيب أَن عمر قَالَ: اياكم أَن تهلكوا عَن آيَة الرَّجْم وان يَقُول قَائِل: لَا نجد حَدَّيْنِ فِي كتاب الله فقد رجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجمنا بعده فلولا ان يَقُول النَّاس: أحدث عمر فِي كتاب الله لكتبتها فِي الْمُصحف لقد قرأناها (الشَّيْخ والشيخه إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا البته قَالَ سعيد فَمَا انْسَلَخَ ذُو الْحجَّة حَتَّى طعن وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف ان خَالَته أخْبرته قَالَت: لقد أقرأنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيَة الرَّجْم (الشَّيْخ وَالشَّيْخَة اذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ بِمَا قضيا من اللَّذَّة)

وَأخرج ابْن الضريس عَن عمر قَالَ قلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزلت آيَة الرَّجْم: اكتمها يَا رَسُول الله قَالَ: لَا أَسْتَطِيع ذَلِك وَأخرج ابْن الضريس عَن زيد بن أسلم أَن عمر بن الْخطاب خطب النَّاس فَقَالَ: لَا تَشكوا فِي الرَّجْم فانه حق قد رجم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجم أَبُو بكر ورجمت وَلَقَد هَمَمْت أَن أكتب فِي الْمُصحف فَسَأَلَ أبي بن كَعْب عَن آيَة الرَّجْم فَقَالَ أبي: أَلَسْت أتيتني وانا أستقرئها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدفعت فِي صَدْرِي وَقلت: أتستقرئه آيه الرَّجْم وهم يتسافدون تسافد الْحمر وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخ عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَرَأت سُورَة الاحزاب على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنسيت مِنْهَا سبعين آيَة مَا وَجدتهَا وَأخرج أَبُو عبيد فِي الْفَضَائِل وَابْن الْأَنْبَارِي وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت سُورَة الاحزاب تقْرَأ فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِائَتي آيَة فَلَمَّا كتب عُثْمَان الْمَصَاحِف لم يقدر مِنْهَا إِلَّا على مَا هُوَ الْآن

الأحزاب

- يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ إِن الله كَانَ عليماً حكيماً وَاتبع مَا يُوحى إِلَيْك من رَبك إِن الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا وتوكل على الله وَكفى بِاللَّه وَكيلا أخرج ابْن جرير من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أهل مَكَّة مِنْهُم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَشَيْبَة بن ربيعَة دعوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَن يرجع عَن قَوْله على أَن يعطوه شطرا أَمْوَالهم وخوفه المُنَافِقُونَ وَالْيَهُود بِالْمَدِينَةِ إِن لم يرجع قَتَلُوهُ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَلَا تُطِع الْكَافرين} أبي بن خلف {وَالْمُنَافِقِينَ} أَبُو عَامر الراهب وَعبد الله بن أُبي بن سلول وَالْحَد بن قيس

4

- قَوْله تَعَالَى: مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه وَمَا جعل أزواجكم الائي تظاهرون مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُم وَمَا جعل أدعياءكم أبناءكم ذَلِكُم قَوْلكُم بأفواهكم وَالله يَقُول الْحق وَهُوَ يهدي السَّبِيل أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا يُصَلِّي فخطر خطرة فَقَالَ المُنَافِقُونَ الَّذين يصلونَ مَعَه: أَلا ترى أَن لَهُ قلبين قلباً مَعكُمْ وَقَلْبًا مَعَهم فَأنْزل الله {مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه} ابْن عَبَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق خصيف عَن سعيد بن جُبَير وَمُجاهد وَعِكْرِمَة قَالُوا: كَانَ رجل يدعى ذَا القلبين فَأنْزل الله {مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رجل من قُرَيْش يُسمى من دهائه ذَا القلبين فَأنْزل الله هَذَا فِي شَأْنه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: كَانَ رجل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُسمى ذَا القلبين كَانَ يَقُول: لي نفس تَأْمُرنِي وَنَفس تنهاني فَأنْزل الله فِيهِ مَا تَسْمَعُونَ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: إِن رجلا من بني فهر قَالَ: إِن فِي جوفي قلبين اعقل بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا أفضل من عقل مُحَمَّد فَنزلت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ: أَنَّهَا نزلت فِي رجل من قُرَيْش من بني جمح يُقَال لَهُ: جميل بن معمر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة فَسَهَا فِيهَا فخطرت مِنْهُ كلمة فَسَمعَهَا المُنَافِقُونَ فَأَكْثرُوا فَقَالُوا: إِن لَهُ قلبين ألم تسمعوا إِلَى قَوْله وَكَلَامه فِي الصَّلَاة إِن لَهُ قلباً مَعكُمْ وَقَلْبًا مَعَ أَصْحَابه فَنزلت {يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ}

إِلَى قَوْله {مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله {مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه} قَالَ: بلغنَا أَن ذَلِك كَانَ فِي زيد بن حَارِثَة ضرب لَهُ مثلا يَقُول: لَيْسَ ابْن رجل آخر ابْنك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ الرجل يَقُول لامْرَأَته: أَنْت عليَّ كَظهر أُمِّي فَقَالَ الله {وَمَا جعل أزواجكم اللائي تظاهرون مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُم} وَكَانَ يُقَال: زيد بن مُحَمَّد فَقَالَ الله {وَمَا جعل أدعياءكم أبناءكم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا جعل أزواجكم اللائي تظاهرون مِنْهُنَّ أُمَّهَاتكُم} أَي مَا جعلهَا أمك وَإِذا ظَاهر الرجل من امْرَأَته فَإِن الله لم يَجْعَلهَا أمه وَلَكِن جعل فِيهَا الْكَفَّارَة {وَمَا جعل أدعياءكم أبناءكم} يَقُول: مَا جعل دعيك ابْنك يَقُول: إِن ادّعى رجل رجلا فَلَيْسَ بِابْنِهِ ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول من ادّعى إِلَى غير أَبِيه مُتَعَمدا حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا جعل أدعياءكم أبناءكم} قَالَ: نزلت فِي زيد بن حَارِثَة رَضِي الله عَنهُ

5

- قَوْله تَعَالَى: ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فاخوانكم فِي الدّين ومواليكم وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ وَلكم مَا تَعَمّدت قُلُوبكُمْ وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما أخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر: أَن زيد بن حَارِثَة مولى رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلَّا زيد بن مُحَمَّد حَتَّى نزل الْقُرْآن {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله} فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْت زيد بن حَارِثَة بن شرَاحِيل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن أَبَا حُذَيْفَة بن عتبَة بن ربيعَة بن عتبَة بن عبد شمس وَكَانَ مِمَّن شهد بَدْرًا تبنى سالما وأنكحه بنت أَخِيه هِنْد بنت الْوَلِيد بن عتبَة بن ربيعَة وَهُوَ مولى لَا مرأة من الْأَنْصَار كَمَا تبنى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيدا وَكَانَ من تبنى رجلا فِي الْجَاهِلِيَّة دَعَاهُ النَّاس إِلَيْهِ وَورثه من مِيرَاثه حَتَّى أنزل الله فِي ذَلِك {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} فَردُّوا إِلَى آبَائِهِم فَمن لم يعلم لَهُ أَب كَانَ مولى وأخاً فِي الدّين فَجَاءَت سهلة بنت سُهَيْل بن عَمْرو إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن سالما كَانَ يدعى لأبي حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ وَإِن الله قد أنزل فِي كِتَابه {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} وَكَانَ يدْخل عليَّ وَأَنا وحدي وَنحن فِي منزل ضيق فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ارضعي سالما تحرمي عَلَيْهِ) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ من أَمر زيد بن حَارِثَة رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ فِي أَخْوَاله بني معن من بني ثعل من طَيء فأصيب فِي غلمة من طَيء فَقدم بِهِ سوق عكاظ وَانْطَلق حَكِيم بن حزَام بن خويلد إِلَى عكاظ يتسوق بهَا فأوصته عمته خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا أَي يبْتَاع لَهَا غُلَاما ظريفاً عَرَبيا ان قدر عَلَيْهِ فَلَمَّا جَاءَ وجد زيدا يُبَاع فِيهَا فأعجبه ظرفه فابتاعه فَقدم بِهِ عَلَيْهَا وَقَالَ لَهَا: إِنِّي قد ابتعت لَك غُلَاما ظريفاً عَرَبيا فَإِن أعْجبك فَخذيهِ وَإِلَّا فدعيه فَإِنَّهُ قد أعجبني فَلَمَّا رَأَتْهُ خَدِيجَة اعجبها فَأَخَذته فتزوّجها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ عِنْدهَا فأعجب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظرفه فاستوهبه مِنْهَا فَقَالَت: هُوَ لَك فَإِن أردْت عتقه فَالْولَاء لي فَأبى عَلَيْهَا فَوَهَبته لَهُ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ أمسك قَالَ: فشب عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ إِنَّه خرج فِي إبل طَالب إِلَى الشَّام فَمر بِأَرْض قومه فَعرفهُ عَمه فَقَامَ إِلَيْهِ فَقَالَ: من أَنْت يَا غُلَام قَالَ: غُلَام من أهل مَكَّة قَالَ: من أنفسهم قَالَ: لَا فحر أَنْت أم مَمْلُوك قَالَ: بل مَمْلُوك قَالَ: لمن قَالَ: لمُحَمد بن عبد الله بن عبد الْمطلب فَقَالَ لَهُ: أعربي أَنْت أم عجمي قَالَ:

بل عَرَبِيّ قَالَ: مِمَّن أهلك قَالَ: من كلب قَالَ: من أَي كلب قَالَ: من بني عبدود قَالَ: وَيحك ابْن من أَنْت قَالَ: ابْن حَارِثَة بن شرَاحِيل قَالَ: وَأَيْنَ أصبت قَالَ: فِي أخوالي قَالَ: وَمن أخوالك قَالَ: طي قَالَ: مَا اسْم أمك قَالَ: سعدي فَالْتَزمهُ وَقَالَ ابْن حَارِثَة: ودعا أَبَاهُ وَقَالَ: يَا حَارِثَة هَذَا ابْنك فَأَتَاهُ حَارِثَة فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ عرفه قَالَ: كَيفَ صنع مَوْلَاك إِلَيْك قَالَ: يؤثرني على أَهله وَولده وَرزقت مِنْهُ حبا فَلَا أصنع إِلَّا مَا شِئْت فَركب مَعَه وَأَبوهُ وَعَمه وَأَخُوهُ حَتَّى قدمُوا مَكَّة فَلَقوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ حَارِثَة: يَا مُحَمَّد أَنْتُم أهل حرم الله وجيرانه وَعند بَيته تفكون العاني وتطعمون الاسير ابْني عَبدك فامتن علينا وَأحسن إِلَيْنَا فِي فدائه فَإنَّك ابْن سيد قومه فَإنَّا سنرفع لَك فِي الْفِدَاء مَا أَحْبَبْت فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أُعْطِيكُم خيرا من ذَلِك قَالُوا: وَمَا هُوَ قَالَ: أخيره فَإِن اختاركم فَخُذُوهُ بِغَيْر فدَاء وَإِن اختارني فكفوا عَنهُ قَالُوا: جَزَاك الله خيرا فقد أَحْسَنت فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا زيد اتعرف هَؤُلَاءِ قَالَ: نعم هَذَا أبي وَعمي وَأخي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَنا من قد عَرفته فَإِن اخترتهم فَأذْهب مَعَهم وَإِن اخترتني فَأَنا من تعلم فَقَالَ زيد: مَا أَنا بمختار عَلَيْك أحدا أبدا أَنْت مني بمَكَان الْوَالِد وَالْعم قَالَ لَهُ أَبوهُ وَعَمه: يَا زيد تخْتَار الْعُبُودِيَّة على الربوبية قَالَ: مَا أَنا بمفارق هَذَا الرجل فَلَمَّا رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرصه عَلَيْهِ قَالَ: اشْهَدُوا أَنه حر وَإنَّهُ ابْني يَرِثنِي وَأَرِثهُ فطلبت نفس أَبِيه وَعَمه لما رَأَوْا من كرامته عَلَيْهِ فَلم يزل فِي الْجَاهِلِيَّة يدعى: زيد بن مُحَمَّد حَتَّى نزل الْقُرْآن {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} فدعي زيد بن حَارِثَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق زيد ابْن شيبَة عَن الْحسن بن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي عدَّة من الْفُقَهَاء وَأهل الْعلم قَالُوا: كَانَ عَامر بن ربيعَة يُقَال لَهُ: عَامر بن الْخطاب وَإِلَيْهِ كَانَ ينْسب فَأنْزل الله فِيهِ وَفِي زيد بن حَارِثَة وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة والمقداد بن عَمْرو {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي بكرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: قَالَ الله {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} فَإنَّا

مِمَّن لَا يعلم أَبوهُ وَأَنا من اخوانكم فِي الدّين وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله} أعدل عِنْد الله {فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} فَإِذا لم تعلم من أَبوهُ فَإِنَّمَا هُوَ أَخُوك فِي الدّين ومولاك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} قَالَ: إِن لم تعرف أَبَاهُ فأخوك فِي الدّين ومولاك مولى فلَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي الْآيَة يَقُول: إِن لم تعلمُوا لَهُم آياء تدعوهم إِلَيْهِم فانسبوهم اخوانكم فِي الدّين إِذْ تَقول: عبد الله وَعبد الرَّحْمَن وَعبيد الله وأشباههم من الْأَسْمَاء وَأَن يدعى إِلَى اسْم مَوْلَاهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَإِن لم تعلمُوا آبَاءَهُم فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} يَقُول: أَخُوك فِي الدّين ومولاك مولى بني فلَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: لما نزلت {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ} لم يعرفوا لسالم أَبَا وَلَكِن مولى أبي حُذَيْفَة إِنَّمَا كَانَ حليفاً لَهُم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ} قَالَ: هَذَا من قبل النَّهْي فِي هَذَا وَغَيره {وَلَكِن مَا تَعَمّدت قُلُوبكُمْ} بعد مَا أمرْتُم وَبعد النَّهْي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح فِيمَا أخطأتم بِهِ} قَالَ: لَو دَعَوْت رجلا لغير أَبِيه وَأَنت ترى أَنه أَبوهُ لم يكن عَلَيْك بَأْس وَلَكِن مَا أردْت بِهِ الْعمد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالله مَا أخْشَى عَلَيْك الْخَطَأ وَلَكِن أخْشَى عَلَيْك الْعمد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لست أَخَاف عَلَيْكُم الْخَطَأ وَلَكِن أَخَاف عَلَيْكُم الْعمد

6

- قَوْله تَعَالَى: النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا كَانَ ذَلِك فِي الْكتاب مسطوراً أخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من مُؤمن إِلَّا وَأَنا أولى النَّاس بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة اقرأوا إِن شِئْتُم {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم} فأيما مُؤمن ترك مَالا فليرثه عصبته من كَانُوا فَإِن ترك دينا أَو ضيَاعًا فَليَأْتِنِي فَأَنا مَوْلَاهُ وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْمُؤمن إِذا توفّي فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتي بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَ هَل عَلَيْهِ دين فَإِن قَالُوا: نعم قَالَ: هَل ترك وَفَاء لدينِهِ فَإِن قَالُوا: نعم صلى عَلَيْهِ وَإِن قَالُوا: لَا قَالَ: صلوا على صَاحبكُم فَلَمَّا فتح الله علينا الْفتُوح قَالَ: أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم فَمن ترك دينا فإليّ وَمن ترك مَالا فللوارث وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انه كَانَ يَقُول: أَنا أولى بِكُل مُؤمن من نَفسه فأيما رجل مَاتَ وَترك دينا فإليّ وَمن ترك مَالا فَهُوَ لوَرثَته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: غزوت مَعَ عَليّ الْيمن فَرَأَيْت مِنْهُ جفوة فَلَمَّا قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكرت عليا فتنقصته فَرَأَيْت وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تغير وَقَالَ: يَا بُرَيْدَة أَلَسْت أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم قلت: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: من كنت ملاه فعلي مَوْلَاهُ أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأزواجه أمهاتهم} قَالَ: يعظم بذلك حقهن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأزواجه أمهاتهم} يَقُول: أمهاتهم فِي الْحُرْمَة لَا يحل لمُؤْمِن أَن ينْكح امْرَأَة من نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَيَاته ان طلق وَلَا بعد مَوته هِيَ حرَام على كل مُؤمن مثل حُرْمَة أمه

وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة أَن امْرَأَة قَالَت لَهَا: يَا أُمِّي فَقَالَت: أَنا أم رجالكم وَلست أم نِسَائِكُم وَأخرج ابْن سعد عَن أم سَلمَة قَالَت: أَنا أم الرِّجَال مِنْكُم وَالنِّسَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور واسحق بن رَاهَوَيْه وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن بجالة قَالَ: مر عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ بِغُلَام وَهُوَ يقْرَأ فِي الْمُصحف (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وَهُوَ أَب لَهُم) فَقَالَ: يَا غُلَام حكها فَقَالَ: هَذَا مصحف أبي فَذهب إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إِنَّه كَانَ يلهيني الْقُرْآن ويلهيك الصفق بالأسواق وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ هَذِه الْآيَة (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وَهُوَ أَب لَهُم وأزواجه أمهاتهم) وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وَهُوَ أَب لَهُم) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فِي الْحَرْف الأول (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسه وَهُوَ أَب لَهُم) وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: فِي الْقِرَاءَة (النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وَهُوَ أَب لَهُم) وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وأولو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله من الْمُؤمنِينَ والمهاجرين} قَالَ: لبث الْمُسلمُونَ زَمَانا يتوارثون بِالْهِجْرَةِ الاعرابي الْمُسلم لَا يَرث من المُهَاجر شَيْئا فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فخلط الْمُؤمنِينَ بَعضهم بِبَعْض فَصَارَت الْمَوَارِيث بالملل وَأخرج الْفرْيَابِيّ ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا} قَالَ: توصون لحلفائكم الَّذين والى بَينهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحَنَفِيَّة رَضِي

الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي جَوَاز وَصِيَّة الْمُسلم لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم} قَالَ: القرابه من أهل الشّرك {مَعْرُوفا} قَالَ: وَصِيَّة وَلَا مِيرَاث لَهُم {كَانَ ذَلِك فِي الْكتاب مسطوراً} قَالَ: وَفِي بعض الْقرَاءَات (كَانَ ذَلِك عِنْد الله مَكْتُوبًا) أَن لَا يَرث الْمُشرك الْمُؤمن وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة وَالْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا أَن تَفعلُوا إِلَى أوليائكم مَعْرُوفا} قَالَا: إِلَّا أَن يكون لَك ذُو قرَابَة على دينك فتوصي لَهُ بالشَّيْء وَهُوَ وليك فِي النّسَب وَلَيْسَ وليك فِي الدّين

7

- قَوْله تَعَالَى: وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم ومنك وَمن نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى بن مَرْيَم وأخذنا مِنْهُم ميثاقاً غليظاً ليسأل الصَّادِقين عَن صدقهم وَأعد للْكَافِرِينَ عذَابا أَلِيمًا أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم} قَالَ: فِي ظهر آدم {وأخذنا مِنْهُم ميثاقاً غليظاً} قَالَ: أغْلظ مِمَّا أَخذه من النَّاس {ليسأل الصَّادِقين عَن صدقهم} قَالَ: المبلغين من الرُّسُل المؤدين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم} الْآيَة قَالَ: أَخذ الله على النَّبِيين خُصُوصا أَن يصدق بَعضهم بَعْضًا وَأَن يتبع بَعضهم بَعْضًا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي مَرْيَم الغساني رَضِي الله عَنهُ: أَن أَعْرَابِيًا قَالَ: يَا رَسُول الله مَا أول نبوّتك قَالَ: أَخذ الله مني الْمِيثَاق كَمَا أَخذ من النَّبِيين ميثاقهم ثمَّ تَلا {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم ومنك وَمن نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى ابْن مَرْيَم وأخذنا مِنْهُم ميثاقاً غليظاً} ودعوة أبي إِبْرَاهِيم قَالَ

{وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم} الْبَقَرَة الْآيَة 129 وَبشَارَة الْمَسِيح بن مَرْيَم وَرَأَتْ أم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي منامها: أَنه خرج من بَين رِجْلَيْهَا سراج أَضَاءَت لَهُ قُصُور الشَّام وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلق الله الْخلق وَقضى الْقَضِيَّة وَأخذ مِيثَاق النَّبِيين وعرشه على المَاء فَأخذ أهل الْيَمين بِيَمِينِهِ وَأخذ أهل الشمَال بِيَدِهِ الْأُخْرَى وكلتا يَدي الرَّحْمَن يَمِين فَأَما أَصْحَاب الْيَمين فاستجابوا إِلَيْهِ فَقَالُوا: لبيْك رَبنَا وَسَعْديك قَالَ {أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} الْأَعْرَاف الْآيَة 172 فخلط بَعضهم بِبَعْض فَقَالَ قَائِل مِنْهُم: يَا رب لم خلطت بَيْننَا فان {وَلَهُم أَعمال من دون ذَلِك هم لَهَا عاملون} قَالَ: أَن يَقُولُوا يَوْم الْقِيَامَة {إِنَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين} ثمَّ ردهم فِي صلب آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَأهل الْجنَّة أَهلهَا وَأهل النَّار أَهلهَا فَقَالَ قَائِل: فَمَا الْعَمَل إِذا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يعْمل كل قوم لمنزلتهم فَقَالَ: ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: إِذن نجتهد يَا رَسُول الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قيل يَا رَسُول الله مَتى أَخذ مِيثَاقك قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد وَأخرج ابْن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَتى استنبئت قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد حِين أَخذ مني الْمِيثَاق وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قيل يَا رَسُول الله مَتى كنت نَبيا قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ميسرَة الْفَخر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله مَتى كنت نَبيا قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد وَأخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَتى وَجَبت لَك النبوّة قَالَ: بَين خلق آدم وَنفخ الرّوح فِيهِ وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَتى وَجَبت لَك النبوّة قَالَ: بَين خلق آدم وَنفخ الرّوح فِيهِ وَأخرج أَبُو نعيم عَن الصنَابحِي قَالَ: قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: مَتى جعلت نَبيا قَالَ وآدَم منجدل فِي الطين وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أبي الجدعاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله

مَتى جعلت نَبيا قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد وَأخرج ابْن سعد عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَتى كنت نَبيا قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والطين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم ومنك وَمن نوح} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول كنت أول الْأَنْبِيَاء فِي الْخلق وَآخرهمْ فِي الْبَعْث وَأخرج ابْن أبي عَاصِم والضياء فِي المختارة عَن أبيّ بن كَعْب {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم ومنك وَمن نوح} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَوَّلهمْ نوح ثمَّ الأول فَالْأول وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والديلمي وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق قَتَادَة عَن الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله الله {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم} قَالَ كنت أول النَّبِيين فِي الْخلق وَآخرهمْ فِي الْبَعْث فبدىء بِهِ قبلهم وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خِيَار ولد آدم خَمْسَة نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمّد وَخَيرهمْ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ميثاقهم} عَهدهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم} قَالَ: إِنَّمَا أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين على قَومهمْ وَأخرج أَبُو نعيم والديلمي عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ من عَالم إِلَّا وَقد أَخذ الله ميثاقه يَوْم أَخذ مِيثَاق النَّبِيين يدْفع عَنهُ مساوىء عمله لمحاسن عمله إِلَّا أَنه لَا يُوحى اليه

9

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنودا لم تَرَوْهَا وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصيرًا إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم وَإِذ زاغت الْأَبْصَار وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر وتظنون بِاللَّه الظنونا هُنَالك ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وزلزلوا زلزالاً شَدِيدا وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل من طرق عَن حُذَيْفَة قَالَ لقد رَأَيْتنَا لَيْلَة الْأَحْزَاب وَنحن صافون قعُود وَأَبُو سُفْيَان وَمن مَعَه من الْأَحْزَاب فَوْقنَا وَقُرَيْظَة الْيَهُود أَسْفَل نخافهم على ذرارينا وَمَا أَتَت علينا لَيْلَة قطّ أَشد ظلمَة وَلَا أَشد ريحًا مِنْهَا أصوات رِيحهَا أَمْثَال الصَّوَاعِق وَهِي ظلمَة مَا يرى أحد منا اصبعه فَجعل المُنَافِقُونَ يستأذنون النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُولُونَ {إِن بُيُوتنَا عَورَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَة} فَمَا يَسْتَأْذِنهُ أحد مِنْهُم إِلَّا أذن لَهُ يَتَسَلَّلُونَ وَنحن ثلثمِائة أَو نَحْو ذَلِك اذ استقبلنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا رجلا حَتَّى مر عَليّ وَمَا عَليّ جنَّة من الْعَدو وَلَا من الْبرد إِلَّا مرط لامرأتي مَا يُجَاوز ركبتي فَأَتَانِي وَأَنا جاث على ركبتي فَقَالَ: من هَذَا قلت: حُذَيْفَة فتقاصرت إِلَى الأَرْض فَقلت: بلَى يَا رَسُول الله كَرَاهِيَة أَن أقوم فَقَالَ: قُم فَقُمْت فَقَالَ: إِنَّه كَانَ فِي الْقَوْم خبر فأتني بِخَبَر الْقَوْم قَالَ: وَأَنا من أَشد النَّاس فَزعًا وأشدهم قراً فَخرجت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ احفظه من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَعَن يَمِينه وَعَن شِمَاله وَمن فَوْقه وَمن تَحْتَهُ قَالَ: فو الله مَا خلق الله فَزعًا وَلَا قراً فِي جَوف إِلَّا خرج من جوفي فَمَا أجد مِنْهُ شَيْئا فَلَمَّا وليت قَالَ: يَا حُذَيْفَة لَا تحدث فِي الْقَوْم شَيْئا حَتَّى تَأتِينِي فَخرجت حَتَّى إِذا دَنَوْت من عَسْكَر الْقَوْم نظرت فِي ضوء نَار لَهُم توقد واذا بِرَجُل أدهم ضخم يَقُول بِيَدِهِ على النَّار وَيمْسَح خاصرته وَيَقُول: الرحيل الرحيل ثمَّ دخل الْعَسْكَر فَإِذا فِي النَّاس رجال من بني عَامر يَقُولُونَ: الرحيل الرحيل يَا آل عَامر لَا مقَام لكم وَإِذا الرحيل فِي عَسْكَرهمْ مَا يُجَاوز

عَسْكَرهمْ شبْرًا فوَاللَّه أَنِّي لأسْمع صَوت الْحِجَارَة فِي رحالهم وَمن بَينهم الرّيح يَضْرِبهُمْ بهَا ثمَّ خرجت نَحْو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا انتصفت فِي الطَّرِيق أَو نَحْو ذَلِك إِذا أَنا بِنَحْوِ من عشْرين فَارِسًا متعممين فَقَالُوا: اخبر صَاحبك أَن الله كَفاهُ الْقَوْم فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يشْتَمل فِي شملة يُصَلِّي وَكَانَ إِذا حز بِهِ أَمر صلى فَأَخْبَرته خبر الْقَوْم أَنِّي تَركتهم يرتحلون فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رجل: لَو أدْركْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحملته ولفعلت فَقَالَ حُذَيْفَة: لقد رَأَيْتنِي لَيْلَة الْأَحْزَاب وَنحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي من اللَّيْل فِي لَيْلَة بَارِدَة مَا قبله وَلَا بعده برد كَانَ أَشد مِنْهُ فحانت مني التفاتة فَقَالَ أَلا رجل يذهب إِلَى هَؤُلَاءِ فَيَأْتِينَا بخبرهم - جعله الله معي يَوْم الْقِيَامَة - قَالَ: فَمَا قَامَ مِنْهُ انسان قَالَ: فَسَكَتُوا ثمَّ عَاد فَسَكَتُوا ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا بكر ثمَّ قَالَ: اسْتغْفر الله رَسُوله ثمَّ قَالَ: إِن شِئْت ذهبت فَقَالَ: يَا عمر فَقَالَ: اسْتغْفر الله رَسُوله ثمَّ قَالَ: يَا حُذَيْفَة فَقلت: لبيْك فَقُمْت حَتَّى أتيت وَإِن جَنْبي ليضربان من الْبرد فَمسح رَأْسِي ووجهي ثمَّ قَالَ: ائْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْم حَتَّى تَأْتِينَا بخبرهم وَلَا تحدث حَدثا حَتَّى ترجع ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ احفظه من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَعَن يَمِينه وَعَن شِمَاله وَمن فَوْقه وَمن تَحْتَهُ حَتَّى يرجع قَالَ فلَان: يكون أرسلها كَانَ أحب إليَّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا قَالَ: فَانْطَلَقت فَأخذت أَمْشِي نحوهم كَأَنِّي أَمْشِي فِي حمام قَالَ: فوجدتهم قد أرسل الله عَلَيْهِم ريحًا فَقطعت أطنابهم وَذَهَبت بخيولهم وَلم تدع شَيْئا إِلَّا أهلكته قَالَ: وَأَبُو سُفْيَان قَاعد يصطلي عِنْد نَار لَهُ قَالَ فَنَظَرت إِلَيْهِ فَأخذت سَهْما فَوَضَعته فِي كبد قوسي قَالَ: - وَكَانَ حُذَيْفَة رامياً - فَذكرت قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تحدثن حَدثا حَتَّى ترجع قَالَ: فَرددت سهمي فِي كِنَانَتِي قَالَ: فَقَالَ رجل من القو: الا فِيكُم عين للْقَوْم فَأخذ كل بيد جليسه فَأخذت بِيَدِهِ جليسي فَقلت: من أَنْت قَالَ: سُبْحَانَ الله أما تعرفنِي أَنا فلَان بن فلَان فَإِذا رجل من هوَازن فَرَجَعت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته الْخَبَر فَلَمَّا أخْبرته فَضَحِك حَتَّى بَدَت أنيابه فِي سَواد اللَّيْل وَذهب عني

الدفء فأدناني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأنامني عِنْد رجلَيْهِ وَألقى عَليّ طرف ثَوْبه فَإِن كنت لألزق بَطْني وصدري بِبَطن قَدَمَيْهِ فَلَمَّا أَصْبحُوا هزم الله الْأَحْزَاب وَهُوَ قَول {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم تَرَوْهَا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود} قَالَ: كَانَ يَوْم أبي سُفْيَان يَوْم الْأَحْزَاب وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قُلْنَا يَوْم الخَنْدَق: يَا رَسُول الله هَل من شَيْء نقُول: فقد بلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر قَالَ: نعم قُولُوا: اللَّهُمَّ اسْتُرْ عوراتنا وآمن روعاتنا قَالَ: فَضرب الله وُجُوه أعدائه بِالرِّيحِ فَهَزَمَهُمْ الله بِالرِّيحِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد {إِذْ جاءتكم جنود} قَالَ: الْأَحْزَاب عُيَيْنَة بن بدر وَأَبُو سُفْيَان وَقُرَيْظَة {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا} قَالَ: يَعْنِي ريح الصِّبَا أرْسلت على الْأَحْزَاب يَوْم الخَنْدَق حَتَّى كفأت قدورهم على أفواهها ونزعت فساطيطهم حَتَّى اظعنتهم {وجنوداً لم تَرَوْهَا} يَعْنِي الْمَلَائِكَة قَالَ: وَلم تقَاتل الْمَلَائِكَة يَوْمئِذٍ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما كَانَت لَيْلَة الْأَحْزَاب جَاءَت الشمَال إِلَى الْجنُوب قَالَت: انطلقي فانصري الله وَرَسُوله فَقَالَت الْجنُوب: إِن الْحرَّة لَا تسري بِاللَّيْلِ فَغَضب الله عَلَيْهَا وَجعلهَا عقيماً فَأرْسل الله عَلَيْهِم الصِّبَا فأطفأت نيرانهم وَقطعت أطنابهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور فَذَلِك قَوْله {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم تَرَوْهَا} وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لم يُقَاتل من أول النَّهَار أخر الْقِتَال حَتَّى تَزُول الشَّمْس وتهب الرِّيَاح وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن

مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة فِي قَوْله {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قَالَت: كَانَ ذَلِك يَوْم الخَنْدَق وَأخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل منطريق كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: خطّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الخَنْدَق عَام الْأَحْزَاب فَخرجت لنا من الخَنْدَق صَخْرَة بَيْضَاء مدوّرة فَكسرت حَدِيدَنَا وَشقت علينا فشكونا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ الْمعول من سلمَان فَضرب الصخر ضَرْبَة صَدعهَا وَبَرقَتْ مِنْهَا برقة أَضَاءَت مَا بَين لَا بتي الْمَدِينَة حَتَّى لكأن مصباحاً فِي جَوف ليل مظلم فَكبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكبر الْمُسلمُونَ ثمَّ ضربهَا الثَّانِيَة فَصَدَعَهَا وبرق مِنْهَا برقة أَضَاء مَا بَين لَا بتيها فَكبر وَكبر الْمُسلمُونَ ثمَّ ضربهَا الثَّالِثَة فَصَدَعَهَا وبرق مِنْهَا برقة أَضَاء مَا بَين لَا بتيها وَكبر وَكبر الْمُسلمُونَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: أَضَاء لي فِي الأولى قُصُور الْحيرَة وَمَدَائِن كسْرَى كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكلاب فَأَخْبرنِي جِبْرِيل أَن أمتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا وأضاء لي فِي الثَّانِيَة قُصُور الْحمر من أَرض الرّوم كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكلاب وَأَخْبرنِي جِبْرِيل أَن أمتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا وأضاء لي فِي الثَّالِثَة قُصُور صنعاء كَأَنَّهَا أَنْيَاب الْكلاب وَأَخْبرنِي جِبْرِيل أَن أمتِي ظَاهِرَة عَلَيْهَا فابشروا بالنصر فَاسْتَبْشَرَ الْمُسلمُونَ وَقَالُوا: الْحَمد لله موعد صَادِق بِأَن وعدنا النَّصْر بعد الْحصْر فطلعت الْأَحْزَاب فَقَالَ الْمُسلمُونَ {هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله وَصدق الله وَرَسُوله وَمَا زادهم إِلَّا إِيمَانًا وتسليماً} وَقَالَ المُنَافِقُونَ: الا تعْجبُونَ يُحَدثكُمْ وَيَعدكُمْ وَيُمَنِّيكُمْ الْبَاطِل يخبر أَنه يبصر من يثرب قُصُور الْحيرَة وَمَدَائِن كسْرَى وَإِنَّهَا تفتح لكم وَإِنَّكُمْ تَحْفِرُونَ الخَنْدَق وَلَا تَسْتَطِيعُونَ أَن تبْرزُوا وَأنزل الْقُرْآن مردويهن {وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا} وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزل الله فِي شَأْن الخَنْدَق وَذكر نعمه عَلَيْهِم وكفايته إيَّاهُم عدوهم بعد سوء الظَّن ومقالة من تكلم من أهل النِّفَاق {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم تَرَوْهَا} وَكَانَت الْجنُود الَّتِي أَتَت الْمُسلمين أَسد وغَطَفَان وسليما وَكَانَت الْجنُود الَّتِي بعث الله عَلَيْهِم من الرّيح الْمَلَائِكَة فَقَالَ {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم}

فَكَانَ الَّذين جاؤهم من فَوْقهم بني قُرَيْظَة وَالَّذين جاؤهم من أَسْفَل مِنْهُم قُريْشًا وأسداً وغَطَفَان فَقَالَ: {هُنَالك ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وزلزلوا زلزالاً شَدِيدا وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا} يَقُول: معتب بن قُشَيْر وَمن كَانَ مَعَه على رَأْيه {وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم يَا أهل يثرب لَا مقَام لكم فَارْجِعُوا ويستأذن فريق مِنْهُم النَّبِي} يَقُول أَوْس بن قيظي وَمن كَانَ مَعَه على مثل رَأْيه {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها} إِلَى {وَإِذا لَا تمتعون إِلَّا قَلِيلا} ثمَّ ذكر يَقِين أهل الايمان حِين أَتَاهُم الْأَحْزَاب فحصروهم وظاهرهم بَنو قُرَيْظَة فَاشْتَدَّ عَلَيْهِم الْبلَاء فَقَالَ: {وَلما رأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب} إِلَى {إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما} قَالَ: وَذكر الله هزيمَة الْمُشْركين وكفايته الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: {ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم} وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة بن الزبير وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَا: قَالَ معتب بن قُشَيْر: كَانَ مُحَمَّدًا يرى أَن يَأْكُل من كنز كسْرَى وَقَيْصَر وأحدنا لَا يَأْمَن ان يذهب إِلَى الغائطن وَقَالَ أَوْس بن قيظي فِي مَلأ من قومه من بني حَارِثَة {إِن بُيُوتنَا عَورَة} وَهِي خَارِجَة من الْمَدِينَة: إئذن لنا فنرجع إِلَى نسائنا وأبنائنا وذرارينا فَأنْزل الله على رَسُوله حِين فرغ مِنْهُم مَا كَانُوا فِيهِ من الْبلَاء يذكر نعْمَته عَلَيْهِم وكفايته إيَّاهُم بعد سوء الظَّن مِنْهُم ومقالة من قَالَ من أهل النِّفَاق {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم تَرَوْهَا} فَكَانَت الْجنُود قُريْشًا وغَطَفَان وَبني قُرَيْظَة وَكَانَت الْجنُود الَّتِي أرسل عَلَيْهِم مَعَ الرّيح الْمَلَائِكَة {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم} بَنو قُرَيْظَة {وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قُرَيْش وغَطَفَان إِلَى قَوْله {مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا} يَقُول: معتب بن قُشَيْر وَأَصْحَابه {وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم يَا أهل يثرب} يَقُول: أَوْس بن قيظي وَمن كَانَ مَعَه على ذَلِك من قومه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: لما كَانَ حَيْثُ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نحفر الخَنْدَق عرض لنا فِي بعض الْجَبَل عَظِيمَة شَدِيدَة لَا تدخل فِيهَا المعاول فاشتكينا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَآهَا أَخذ الْمعول وَألقى ثَوْبه وَقَالَ: بِسم الله ثمَّ ضرب ضَرْبَة فَكسر ثلثهَا وَقَالَ:

الله أكبر أَعْطَيْت مَفَاتِيح الشَّام وَالله إِنِّي لَأبْصر قُصُورهَا الْحمر السَّاعَة ثمَّ ضرب الثَّانِيَة فَقطع ثلثا آخر فَقَالَ: الله أكبر أَعْطَيْت مَفَاتِيح فَارس وَالله إِنِّي لَأبْصر قُصُور الْمَدَائِن الْبيض ثمَّ ضرب الثَّالِثَة فَقَالَ: بِسم الله فَقطع بَقِيَّة الْحجر وَقَالَ: الله أكبر أَعْطَيْت مَفَاتِيح الْيمن وَالله إِنِّي لَأبْصر أَبْوَاب صنعاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِذ أَخذنَا ميثاقكم ورفعنا فَوْقكُم} قَالَ عُيَيْنَة بن حصن {وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قَالَ: سُفْيَان بن حَرْب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة فِي قَوْله {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قَالَ: كَانَ ذَلِك يَوْم الخَنْدَق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة يَوْم الْأَحْزَاب وَقد حصر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شهرا فَخَنْدَق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَقْبل أَبُو سُفْيَان بِقُرَيْش وَمن مَعَه من النَّاس حَتَّى نزلُوا [] بعفوة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَقْبل عُيَيْنَة بن حصن أَخُو بني بدر بغطفان وَمن تبعه حَتَّى نزلُوا بعفوة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكاتبت الْيَهُود أَبَا سُفْيَان فظاهروه فَبعث الله عَلَيْهِم الرعب وَالرِّيح فَذكر أَنهم كَانُوا كلما بنوا بِنَاء قطع الله أطنابه وَكلما ربطوا دَابَّة قطع الله رباطها وَكلما أوقدوا نَارا أطفأها الله حَتَّى لقد ذكر لنا أَن سيد كل حَيّ يَقُول: يَا بني فلَان هَلُمَّ إِلَيّ حَتَّى إِذا اجْتَمعُوا عِنْده قَالَ: النجَاة النجَاة أتيتم لما بعث الله عَلَيْهِم الرعب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم} قَالَ: عُيَيْنَة بن حصن فِي أهل نجد {وَمن أَسْفَل مِنْكُم} قَالَ: أَبُو سُفْيَان بن حَرْب فِي أهل تهَامَة ومواجهتهم قُرَيْظَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِذ زاغت الْأَبْصَار} قَالَ: شخصت الْأَبْصَار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر} قَالَ: شخصت من مَكَانهَا فلولا أَنه ضَاقَ الْحُلْقُوم عَنْهَا أَن تخرج لَخَرَجت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر}

قَالَ: فزعها وَلَفظ ابْن أبي شيبَة قَالَ: إِن الْقُلُوب لَو تحركت أَو زَالَت خرجت نَفسه وَلَكِن إِنَّمَا هُوَ الْفَزع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وتظنون بِاللَّه الظنونا} قَالَ: ظنون مُخْتَلفَة ظن المُنَافِقُونَ أَن مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه يستأصلون وأيقن الْمُؤْمِنُونَ أَن مَا وعدهم الله وَرَسُوله حق أَنه سَيظْهر على الدّين كُله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وتظنون بِاللَّه الظنونا} قَالَ: هم النافقون يظنون بِاللَّه ظنوناً مُخْتَلفَة وَفِي قَوْله {هُنَالك ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} قَالَ: محصوا وَفِي قَوْله {وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ} تكلمُوا بِمَا فِي أنفسهم من النِّفَاق وَتكلم الْمُؤْمِنُونَ بِالْحَقِّ والإِيمان {قَالُوا هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما حفر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه الخَنْدَق وَأصَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُسْلِمين جهد شَدِيد فَمَكَثُوا ثَلَاثًا لَا يَجدونَ طَعَاما حَتَّى ربط النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بَطْنه حجرا من الْجُوع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ المُنَافِقُونَ يَوْم الْأَحْزَاب حِين رَأَوْا الْأَحْزَاب قد اكتنفوهم من كل جَانب فَكَانُوا فِي شكّ وريبة من أَمر الله قَالُوا: إِن مُحَمَّدًا كَانَ يعدنا فتح فَارس وَالروم وَقد حصرنا هَهُنَا حَتَّى مَا يَسْتَطِيع يبرز أَحَدنَا لِحَاجَتِهِ فَأنْزل الله {وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: حفر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الخَنْدَق وَاجْتمعت قُرَيْش وكنانة وغَطَفَان فاستأجرهم أَبُو سُفْيَان بلطيمة قُرَيْش فاقبلوا حَتَّى نزلُوا بفنائه فَنزلت قُرَيْش أَسْفَل الْوَادي وَنزلت غطفان عَن يَمِين ذَلِك وطليحة الْأَسدي فِي بني أَسد يسَار ذَلِك وظاهرهم بَنو قُرَيْظَة من الْيَهُود على قتال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا نزلُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تحصن بِالْمَدِينَةِ وحفر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الخَنْدَق فَبَيْنَمَا هُوَ يضْرب فِيهِ بمعوله إِذْ وَقع الْمعول فِي صفا فطارت مِنْهُ كَهَيئَةِ الشهَاب من النَّار فِي السَّمَاء وَضرب الثَّانِي فَخرج مثل ذَلِك فَرَأى ذَلِك سلمَان رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله قد رَأَيْت خرج من كل ضَرْبَة كَهَيئَةِ الشهَاب فسطع إِلَى السَّمَاء

فَقَالَ لقد رَأَيْت ذَلِك فَقَالَ نعم يَا رَسُول الله قَالَ تفتح لكم أَبْوَاب الْمَدَائِن وقصور الرّوم وَمَدَائِن الْيمن فَفَشَا ذَلِك فِي أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتحدثوا بِهِ فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار يدعى قُشَيْر بن معتب يعدنا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يفتح لنا مَدَائِن الْيمن وبيض الْمَدَائِن وقصور الرّوم وأحدنا لَا يَسْتَطِيع أَن يقْضِي حَاجته إِلَّا قتل هَذَا وَالله الْغرُور فَأنْزل الله تَعَالَى فِي هَذَا {وَإِذ يَقُول المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا}

13

قَوْله تَعَالَى {وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم يَا أهل يثرب لَا مقَام لكم فَارْجِعُوا ويستأذن فريق مِنْهُم النَّبِي يَقُولُونَ إِن بُيُوتنَا عَورَة وَمَا هِيَ بِعَوْرَة إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم} مقَال من الْمُنَافِقين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طريبق ابْن الْمُبَارك عَن هَارُون بن مُوسَى قَالَ أمرت رجلا فَسَأَلَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ لَا مُقام لكم أَو لَا مقَام لكم قَالَ كلتهما عَرَبِيَّة قَالَ بن الْمُبَارك رَضِي الله عَنهُ الْمقَام الْمنزل حَيْثُ هُوَ قَائِم وَالْمقَام الاقامة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا مقَام لكم} قَالَ لَا مقَاتل لكم هَهُنَا فَفرُّوا ودعوا هَذَا الرجل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله لَا مقَام لكم فَارْجِعُوا فروا ودعوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج مَالك وَأحمد وَعبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم أمرت بقرية تَأْكُل الْقرى يَقُولُونَ يثرب وَهِي الْمَدِينَة تَنْفِي النَّاس كَمَا يَنْفِي الْكِير خبث الْحَدِيد وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سمى الْمَدِينَة يثرب فليستغفر الله هِيَ طابة هِيَ طابة هِيَ طابة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تدعونها يثرب فَإِنَّهَا طيبَة يَعْنِي الْمَدِينَة وَمن قَالَ يثرب فليستغفر الله ثَلَاث مَرَّات هِيَ طيبَة هِيَ طيبَة هِيَ طيبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله وَإِذ قَالَت طَائِفَة مِنْهُم يَا أهل يثرب لَا مقَام لكم فَارْجِعُوا قَالَ إِلَى الْمَدِينَة عَن قتال أبي سُفْيَان ويستأذن فريق مِنْهُم النَّبِي قَالَ جَاءَهُ رجلَانِ من الْأَنْصَار وَمن بَين حَارِثَة أَحدهمَا يدعى أَبَا عرابة بن أَوْس وَالْآخر يدعى أَوْس بن قيظي فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن بُيُوتنَا عَورَة يعنون أَنَّهَا ذليلة الْحِيطَان وَهِي فِي أقْصَى الْمَدِينَة وَنحن نَخَاف السرق فائذن لنا فَقَالَ الله مَا هِيَ بِعَوْرَة إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه والبهقي فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ويستأذن فريق مِنْهُم النَّبِي} قَالَ هم بَنو حَارِثَة قَالُوا بيتنا مخلية نخشى عَلَيْهَا السرق وأخرجد ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ إِن الَّذين قَالُوا بيتنا عَورَة يَوْم الخنذق بَنو حَارِثَة بن الْحَارِث وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله فِي قَوْله {إِن بُيُوتنَا عَورَة} نَخَاف عَلَيْهَا السرق

14

قَوْله تَعَالَى - وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة لآتوها وَمَا تلبثوا بهَا إِلَّا يَسِيرا وَلَقَد كَانُوا عَاهَدُوا الله من قبل لَا يولون الأدبار وَكَانَ عهد الله مسؤلا قل لن ينفعكم الْفِرَار إِن فررتم من الْمَوْت أَو الْقَتْل وَإِذا لَا تمتعون إِلَّا قَلِيلا قل من ذاالذي يعصمكم مِمَّن الله إِن أَرَادَ بكم سوء أَو أَرَادَ بكم رَحْمَة وَلَا يَجدونَ لَهُم من دون الله وليا وَلَا نَصِيرًا قد يعلم الله الموقين مِنْكُم والقائلين لإخوانهم هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يأْتونَ الْبَأْس إِلَّا قَلِيلا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ تَأْوِيل هَذِه الْآيَة على رَأس سِتِّينَ سنة {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة لآتوها} قَالَ: لأعطوها يَعْنِي إِدْخَال بني حَارِثَة أهل الشَّام على الْمَدِينَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها} قَالَ: من نَوَاحِيهَا {ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة لآتوها} قَالَ: لَو دعوا إِلَى الشّرك لأجابوا وخ ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها} قَالَ: من أطرافها {ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة} يَعْنِي الشّرك وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو دخلت عَلَيْهِم من أقطارها} أَي لَو دخل عَلَيْهِم من نواحي الْمَدِينَة {ثمَّ سئلوا الْفِتْنَة} قَالَ: الشّرك {لآتوها وَمَا تلبثوا بهَا إِلَّا يَسِيرا} يَقُول: لأعطوه طيبَة بِهِ أنفسهم {وَمَا تلبثوا بهَا إِلَّا يَسِيرا} {وَلَقَد كَانُوا عَاهَدُوا الله من قبل} قَالَ: كَانَ نَاس غَابُوا عَن وقْعَة بدر وَرَأَوا مَا أعْطى الله سُبْحَانَهُ أهل بدر من الْفَضِيلَة والكرامة قَالُوا: لَئِن أشهدنا الله قتالاً لنقاتلن فساق الله إِلَيْهِم ذَلِك حَتَّى كَانَ فِي نَاحيَة الْمَدِينَة فصنعوا مَا قصّ الله عَلَيْكُم وَفِي قَوْله {قل لن ينفعكم الْفِرَار إِن فررتم} قَالَ: لن تزدادوا على آجالكم الَّتِي أجلكم الله وَذَلِكَ قَلِيل وَإِنَّمَا الدُّنْيَا كلهَا قَلِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن خثيم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذا لَا تمتعون إِلَّا قَلِيلا} قَالَ: مَا بَينهم وَبَين الْأَجَل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قد يعلم الله المعوقين مِنْكُم} قَالَ: الْمُنَافِقين يعوقون النَّاس عَن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قد يعلم الله المعوقين مِنْكُم} قَالَ: هَذَا يَوْم الْأَحْزَاب انْصَرف رجل من عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ أَخَاهُ بَين يَدَيْهِ شواء ورغيف فَقَالَ لَهُ: أَنْت هَهُنَا فِي الشواء والرغيف والنبيذ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الرماح وَالسُّيُوف قَالَ: هَلُمَّ الي لقد بلغ بك وبصاحبك - وَالَّذِي يحلف بِهِ - لَا يَسْتَقِي لَهَا مُحَمَّد أبدا قَالَ: كذبت - وَالَّذِي يحلف بِهِ - وَكَانَ أَخَاهُ من أَبِيه وَأمه وَالله لأخبرن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَمْرك وَذَهَبت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخبرهُ

فَوَجَدَهُ قد نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِخَبَرِهِ {قد يعلم الله المعوقين مِنْكُم والقائلين لإخوانهم هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يأْتونَ الْبَأْس إِلَّا قَلِيلا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قد يعلم الله المعوقين مِنْكُم} قَالَ: هَؤُلَاءِ أنَاس من الْمُنَافِقين كَانُوا يَقُولُونَ: لاخوانهم: مَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه إِلَّا أَكلَة رَأس وَلَو كَانُوا لَحْمًا لالتهمهم أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه دعوا هَذَا الرجل فَإِنَّهُ هَالك {والقائلين لإخوانهم} أَي من الْمُؤمنِينَ {هَلُمَّ إِلَيْنَا} أَي دعوا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه فَإِنَّهُ هَالك ومقتول {وَلَا يأْتونَ الْبَأْس إِلَّا قَلِيلا} قَالَ: لَا يحْضرُون الْقِتَال إِلَّا كارهين وان حَضَرُوهُ كَانَت أَيْديهم من الْمُسلمين وَقُلُوبهمْ من الْمُشْركين

19

- قَوْله تَعَالَى: أشحة عَلَيْكُم فَإِذا جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ ينظرُونَ إِلَيْك تَدور أَعينهم كَالَّذي يغشى عَلَيْهِ من الْمَوْت فَإِذا ذهب الْخَوْف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الْخَيْر أُولَئِكَ لم يُؤمنُوا فأحبط الله أَعْمَالهم وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أشحة عَلَيْكُم} بِالْخَيرِ المُنَافِقُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أشحة عَلَيْكُم} قَالَ: فيالغنائم إِذا أَصَابَهَا المسملون شاحوهم عَلَيْهَا قَالُوا بألسنتهم: لَسْتُم باحق بهَا منا قد شَهِدنَا وقاتلنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَإِذا جَاءَ الْخَوْف رَأَيْتهمْ ينظرُونَ إِلَيْك} قَالَ: إِذا حَضَرُوا الْقِتَال والعدو {رَأَيْتهمْ ينظرُونَ إِلَيْك} أجبن قوم وأخذله للحق {تَدور أَعينهم} قَالَ: من الْخَوْف وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تَدور أَعينهم} قَالَ: فرقا من الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {سلقوكم} قَالَ: استقبلوكم

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الأرزق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {سلقوكم بألسنة حداد} قَالَ الطعْن بِاللِّسَانِ قَالَ وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول فيهم الْخطب والسماحة والنجدة فيهم والخاطب المسلاق وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَإِذا ذهب الْخَوْف سلقوكم بألسنة حداد} قَالَ أما عِنْد الْغَنِيمَة فأشح قوم وأسوأه مقاسمة أعطونا أعطونا إِنَّا قد شَهِدنَا مَعكُمْ وَأما عِنْد الْبَأْس فأجبن قوم وأخذله للحق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله أشحة على الْخَيْر قَالَ على المَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا} يَعْنِي هيناً وَالله أعلم

20

قَوْله تَعَالَى - يحسبون الْأَحْزَاب لم يذهبوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَاب يودوا لَو أَنهم بادون فِي الْأَعْرَاب يسئلون عَن أنبائكم وَلَو كَانُوا فِيكُم مَا قَاتلُوا إِلَّا قَلِيلا أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله يحسبون الْأَحْزَاب لم يذهبوا قَالَ يحسبونهم قَرِيبا لم يبعدوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله يحسبون الْأَحْزَاب لم يذهبوا قَالَ كَانُوا يتحدثون بمجيء أبي سُفْيَان وَأَصْحَابه وَإِنَّمَا سموا الْأَحْزَاب لأَنهم حزبوا من قبائل الْأَعْرَاب على النَّبِي صلى الله علييه وَسلم {وَإِن يَأْتِي الْأَحْزَاب} قَالَ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه {يودوا لَو أَنهم بادون فِي الْأَعْرَاب} يَقُول يود المُنَافِقُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قي قَوْله {وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَاب} قَالَ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه {يودوا لَو أَنهم بادون} يَقُول يود المنافقيون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَاب {يودوا لَو أَنهم بادون فِي الْأَعْرَاب} قَالَ هم المُنَافِقُونَ بِنَاحِيَة الْمَدِينَة كَانُوا يتحدثون بِنَبِي

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَيَقُولُونَ أما هلكون بعد وَلم يعلمُوا بذهبا الْأَحْزَاب قد سرهم أَن جَاءَهُم الْأَحْزَاب أهم بادون فِي الاعراب مَخَافَة الْقِتَال وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يسْأَلُون عَن أنبائكم} قَالَ عَن أَخْبَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه وَمَا فعلوا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن أَسد بن يزِيد أَن فِي مصحف عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ يسلون عَن أنبائكم السُّؤَال بِغَيْر ألف

21

قَوْله تَعَالَى - لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة لمن كَانَ يرجوا الله وَالْيَوْم الآخر وَذكر الله كثير أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة قَالَ مواساة عِنْد الْقِتَال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب قَالَ فِي جوع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن سعيد بن يسَار قَالَ كنت مَعَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي طَرِيق مَكَّة فَلَمَّا خشيت الصُّبْح نزلت فأوترت فَقَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ أَلَيْسَ لَك فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة قلت بلَى قَالَ فَإِنَّهُ كَانَ يُوتر على الْبَعِير وَأخرج ابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم عَن حَفْص بن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ قلت لعبد الله بن عمر ضي الله عَنْهُمَا رَأَيْتُك فِي السّفر لَا تصلي قبل الصَّلَاة وَلَا بعْدهَا فَقَالَ يَا ابْن أخي صَحِبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا وَكَذَا فَلم أره يُصَلِّي قبل الصَّلَاة وَلَا بعْدهَا وَقَول الله تَعَالَى لقد كَانَ لكم فِي رَسُول اله أُسْوَة حَسَنَة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن

ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن رجل مُعْتَمر طَاف بِالْبَيْتِ: أيقع على امْرَأَته قبل أَن يطوف بالصفا والمروة فَقَالَ: قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَصلى خلف الْمقَام رَكْعَتَيْنِ وسعى بَين الصَّفَا والمروة ثمَّ قَرَأَ {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حسنه} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا أَتَى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ: إِنِّي نذرت أَن أنحر نَفسِي فَقَالَ ابْن عَبَّاس {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} {وفديناه بِذبح عَظِيم} فَأمره بكبش وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِذا حرم الرجل عَلَيْهِ امْرَأَته فَهُوَ يَمِين يكفرهَا وَقَالَ {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه أهلّ وَقَالَ: إِن حيل بيني وَبَينه فعلت كَمَا فعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مَعَه ثمَّ تَلا {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هم عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن يُنْهِي عَن الْحبرَة من صباغ الْبَوْل فَقَالَ لَهُ رجل: أَلَيْسَ قد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلبسهَا قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: بلَى قَالَ الرجل: ألم يقل الله {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} فَتَركهَا عمر وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ان عمر رَضِي الله عَنهُ أكب على الرُّكْن فَقَالَ: إِنِّي لَا علم أَنَّك حجر وَلَو لم أر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبلك واستلمك مَا استلمتك وَلَا قبلتك {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن يعلى بن أُميَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: طفت مَعَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا كنت عِنْد الرُّكْن الَّذِي يَلِي الْبَاب مِمَّا يَلِي الْحجر أخذت بِيَدِهِ ليستلم فَقَالَ: مَا طفت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: بلَى قَالَ: فَهَل رَأَيْته يستلمه قلت: لاز قَالَ: مَا بعد عَنْك فَإِن لَك فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عِيسَى بن عَاصِم عَن أَبِيه قَالَ: صلى ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا صَلَاة من صَلَاة النَّهَار فِي السّفر فَرَأى بَعضهم يسبح فَقَالَ ابْن عمر

رَضِي الله عَنْهُمَا: لَو كنت مسبحاً لأتممت الصَّلَاة حججْت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ لَا يسبح بِالنَّهَارِ وَحَجَجْت مَعَ أبي بكر فَكَانَ لَا يسبح بِالنَّهَارِ وَحَجَجْت مَعَ عمر فَكَانَ لَا يسبح بِالنَّهَارِ وَحَجَجْت مَعَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَكَانَ لَا يسبح بِالنَّهَارِ ثمَّ قَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله اسوة حَسَنَة}

22

- قَوْله تَعَالَى: وَلما رأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب قَالُوا هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله وَصدق الله وَرَسُوله وَمَا زادهم إِلَّا إِيمَانًا وتسليما أخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الطلائل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلما رأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَاب} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ إِن الله تَعَالَى قَالَ لَهُم فِي سُورَة الْبَقَرَة {أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلما يأتكم مثل الَّذين خلوا من قبلكُمْ مستهم البأساء وَالضَّرَّاء} الْبَقَرَة الْآيَة 214 فَلَمَّا مسهم الْبلَاء حَيْثُ رابطوا الْأَحْزَاب فِي الخَنْدَق {قَالُوا هَذَا مَا وعدنا الله وَرَسُوله} فتأول الْمُؤْمِنُونَ ذَلِك فَلم يزدهم إِلَّا إِيمَانًا وتسليماً وَأخرج جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة قبل [] تحوّل {أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلما يأتكم مثل الَّذين خلوا من قبلكُمْ} وَصدق الله ورصوله فِيمَا أخبرا بِهِ من الْوَحْي قبل أَن يكون وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل الله فِي سُورَة الْبَقَرَة {أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا زادهم إِلَّا إِيمَانًا وتسليماً} قَالَ: مَا زادهم الْبلَاء إِلَّا إِيمَانًا بالرب وتسليماً للْقَضَاء

23

- قَوْله تَعَالَى: من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر وَمَا بدلُوا تبديلا ليجزي الله الصَّادِقين بصدقهم ويعذب الْمُنَافِقين إِن شَاءَ أَو يَتُوب عَلَيْهِم إِن الله كَانَ غَفُورًا رحِيما

أخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَالْبَغوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما نسخنا الْمُصحف فِي الْمَصَاحِف فقدت آيَة من سُورَة الْأَحْزَاب كنت أسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْرَأها لم أَجدهَا مَعَ أحد إِلَّا مَعَ خُزَيْمَة بن ثَابت الْأنْصَارِيّ الَّذِي جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهَادَته بِشَهَادَة رجلَيْنِ {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} فَأَلْحَقْتهَا فِي سورتها فِي الْمُصحف وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ نرى هَذِه الْآيَة نزلت فِي أنس بن النَّضر رَضِي الله عَنهُ {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية والبيقي فِي الدَّلَائِل عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ غَابَ عمي أنس بن النَّضر عَن بدر فشق عَلَيْهِ وَقَالَ أول مشْهد شهده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غبت عَنهُ لَئِن أَرَانِي الله مشهدا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا بعد ليرين الله مَا أصنع فَشهد يَوْم أحد فَاسْتَقْبلهُ سعد بن معَاذ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ يَا أَبَا عَمْرو إِلَى لَا أَيْن قَالَ واهاً لريح الْجنَّة أَجدهَا دون أحد فقاتل حَتَّى قتل فَوجدَ فِي جسده بضع وَثَمَانُونَ من بَين ضَرْبَة بِسيف وطعنة بِرُمْح ورمية بِسَهْم وَنزلت هَذِه الْآيَة {رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} وَكَانُوا يرَوْنَ أَنَّهَا نزلت فِيهِ وَفِي أَصْحَابه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن عَمه غَابَ عَن قتال بدر فَقَالَ غبت عَن أول قتال قَاتله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُشْركين لَئِن أشهدني الله تَعَالَى قتالاً للْمُشْرِكين ليرين الله كَيفَ أصنع فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد انْكَشَفَ الْمُشْركُونَ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي ابرأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُشْركُونَ وَاعْتذر إِلَيْك مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ عَنى أَصْحَابه ثمَّ تقدم فَلَقِيَهُ سعد رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ يَا أخي مَا فعلق فَأَنا مَعَك فَلم أستطع أَن أصنع مَا صنع فَوجدَ فِيهِ بضعاً وَثَمَانِينَ من ضَرْبَة بِسيف وطعنة بِرُمْح ورمية

بِسَهْم فَكُنَّا نقُول فِيهِ وَفِي أَصْحَابه نزلت {فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين انْصَرف من أحد مر على مُصعب بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ مقتول فَوقف عَلَيْهِ ودعا لَهُ ثمَّ قَرَأَ {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} ثمَّ قَالَ أشهد أَن هَؤُلَاءِ شُهَدَاء عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة فائتوهم وزوروهم فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يسلم عَلَيْهِم أحد إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا ردوا عَلَيْهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد مر على مُصعب بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ مقتولاً على طَرِيقه فَقَرَأَ {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق خباب رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن أبي عَاصِم وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ أَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا لَا عرابي جَاهِل سَله عَمَّن قضى نحبه من هُوَ وَكَانُوا لَا يجترؤن على مَسْأَلته يوقرونه ويهابونه فَسَأَلَهُ الْأَعرَابِي فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ إِنِّي انْطَلَقت من بَاب الْمَسْجِد فَقَالَ أَيْن السَّائِل عَمَّن قضى نحبه قَالَ الْأَعرَابِي أَنا قَالَ هَذَا مِمَّن قضى نحبه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَلْحَة بن عبيد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَحْمد صعد الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} كلهَا فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله من هَؤُلَاءِ فَأَقْبَلت فَقَالَ أيا السَّائِل هَذَا مِنْهُم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول طَلْحَة مِمَّن قضى نحبه وَأخرج الْحَاكِم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت دخل طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ على

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا طَلْحَة أَنْت مِمَّن قضى نحبه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من سره أَن ينظر إِلَى رجل يمشي على الأَرْض قد قضى نحبه فَلْينْظر إِلَى طَلْحَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث جَابر بن عبد الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن مَنْدَه وَابْن عَسَاكِر عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهَا قَالَت دخل طَلْحَة بن عبيد الله على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا طَلْحَة أَنْت مِمَّن قضى نحبه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنهم قَالُوا: حَدثنَا عَن طَلْحَة قَالَ: ذَاك امروء نزل فِيهِ آيَة من كتاب الله {فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر} طَلْحَة مِمَّن قضى نحبه لَا حِسَاب عَلَيْهِ فِيمَا يسْتَقْبل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {فَمنهمْ من قضى نحبه وَمِنْهُم من ينْتَظر} وَآخَرُونَ {وَمَا بدلُوا تبديلاً} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَمنهمْ من قضى نحبه} قَالَ: الْمَوْت على مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ {وَمِنْهُم من ينْتَظر} على ذَلِك وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {قضى نحبه} قَالَ: أَجله الَّذِي قدر لَهُ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول لبيد: أَلا تَسْأَلَانِ الْمَرْء مَاذَا يحاول أنحب فَيقْضى أم ضلال وباطل وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَمنهمْ من قضى نحبه} قَالَ: عَهده {وَمِنْهُم من ينْتَظر} يَوْمًا فِيهِ جِهَاد فَيَقْضِي نحبه يَعْنِي عَهده بِقِتَال أَو صدق فِي لِقَاء وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سُلَيْمَان بن صرد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْأَحْزَاب الْآن نغزوهم وَلَا يغزونا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ حبسنا يَوْم الخَنْدَق عَن الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء حَتَّى كَانَ بعد الْعشَاء بهك كفينا ذَلِك فَأنْزل الله {وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال وَكَانَ الله قَوِيا عَزِيزًا} فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَالًا فَأَقَامَ ثمَّ صلى الظّهْر كَمَا كَانَ يُصليهَا قبل ذَلِك ثمَّ أَقَامَ فصلى الْعَصْر كَمَا كَانَ يُصليهَا قبل ذَلِك ثمَّ أَقَامَ الْمغرب فَصلاهَا كَمَا كَانَ يُصليهَا قبل ذَلِك ثمَّ أَقَامَ الْعشَاء فَصلاهَا كَمَا كَانَ يُصليهَا قبل ذَلِك وَذَلِكَ قبل أَن تنزل صَلَاة الْخَوْف {فَإِن خِفْتُمْ فرجالاً أَو ركباناً} الْبَقَرَة الْآيَة 239 وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عِيسَى بن طَلْحَة قَالَ: دخلت على أم الْمُؤمنِينَ وَعَائِشَة بنت طَلْحَة وَهِي تَقول لأمها أَسمَاء: أَنا خير مِنْك وَأبي خير من أَبِيك فَجعلت أَسمَاء تشتمها وَتقول: أَنْت خير مني فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: أَلا أقضين بَيْنكُمَا قَالَت: بلَى قَالَت: فان أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: أَنْت عَتيق من النَّار قَالَت: فَمن يَوْمئِذٍ سمى عتيقا ثمَّ دخل طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: أَنْت يَا طَلْحَة مِمَّن قضى نحبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الله بن اللهف عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَمنهمْ من قضى نحبه} قَالَ: نَذره وَقَالَ الشَّاعِر: قَضَت من يثرب نحبها فاستمرت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَمنهمْ من قضى نحبه} قَالَ: مَاتَ على مَا هُوَ عَلَيْهِ من التَّصْدِيق والإِيمان {وَمِنْهُم من ينْتَظر} ذَلِك {وَمَا بدلُوا تبديلاً} وَلم يُغيرُوا كَمَا غير المُنَافِقُونَ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمنهمْ من قضى نحبه} على الصدْق وَالْوَفَاء {وَمِنْهُم من ينْتَظر} من نَفسه الصدْق وَالْوَفَاء {وَمَا بدلُوا تبديلاً} يَقُول: مَا شكوا وَلَا ترددوا فِي دينهم وَلَا استبدلوا بِهِ غَيره {ويعذب الْمُنَافِقين إِن شَاءَ أَو يَتُوب عَلَيْهِم} قَالَ: يميتهم على نفاقهم فَيُوجب لَهُم الْعَذَاب أَو يَتُوب عَلَيْهِم قَالَ: يخرجهم من النِّفَاق بِالتَّوْبَةِ حَتَّى يموتوا وهم تائبون من النِّفَاق فَيغْفر لَهُم

25

قَوْله تَعَالَى - ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم لم ينالوا خيرا وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال وَكَانَ الله قَوِيا عزيا أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم} قَالَ الْأَحْزَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قي قَوْله {ورد الله الَّذين كفرُوا بغيظهم} قَالَ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه {لم ينالوا خيرا} قَالَ لم يُصِيبُوا من مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ظفراً وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال انْهَزمُوا بِالرِّيحِ من غير قتال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله وَكفى {الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال} قَالَ بالجنود من عِنْده وَالرِّيح الَّتِي بعث عَلَيْهِ {وَكَانَ الله قَوِيا} فِي أمره {عَزِيزًا} فِي نقمته وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما كَانَ يَوْم الْأَحْزَاب حصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَأَصْحَابه بضعَة عشرَة لَيْلَة حَتَّى خلص إِلَى كل امرىء مِنْهُم الكرب وَحَتَّى قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ إِنِّي أنْشدك عَهْدك وَوَعدك الله أَنَّك إِن تشأ لَا تعبد فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذْ جَاءَهُم نعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ وَكَانَ يأمنه الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا فخذل بَين النَّاس فَانْطَلق الْأَحْزَاب منهزمين من غير قتال فَذَلِك قَوْله {وَكفى الله الْمُؤمنِينَ} الْقِتَال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما كَانَ يَوْم الْأَحْزَاب ردهم الله {بغيظهم لم ينالوا خيرا} فَقَالَ النَّبِي من يحمي أَعْرَاض الْمُسلمين قَالَ كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنا يَا رَسُول الله قَالَ عبد الله بن رَوَاحَة رَضِي الله عَنهُ أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ إِنَّك تحسن الشّعْر فَقَالَ حسان أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ نعم اهجهم أَنْت فَإِنَّهُ سيعينك عَلَيْهِم روح الْقُدس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف {وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال} بعلي بن أبي طَالب

26

قَوْله تَعَالَى - وَأنزل الَّذين ظاهروهم من أهل الْكتاب من صياصيهم وَقذف فِي قُلُوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريق وأورثكم أَرضهم وديارهم وَأَمْوَالهمْ وأرضا لم تطؤها وَكَانَ الله على كل شَيْء قَدِيرًا أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأنزل الَّذين ظاهروهم من أهل الْكتاب} قَالَ قُرَيْظَة {من صياصيهم} قَالَ قصورهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ضي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {من صياصيهم} قَالَ حصونهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأنزل الَّذين ظاهروهم من أهل الْكتاب} قَالَ هم بَنو قُرَيْظَة ظاهروا أَبَا سُفْيَان وراسلوه وَنَكَثُوا الْعَهْد الَّذِي بَينهم وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد زَيْنَب بنت جحش يغسل رَأسه وَقد غسلت شقَّه إِذْ أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ عَفا الله عَنْك مَا وضعت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام سلاحها مُنْذُ أَرْبَعِينَ لَيْلَة فانهض إِلَى بني قُرَيْظَة فَإِنِّي قد قطعت أوتادهم وَفتحت أَبْوَابهم وتركتهم فِي زلزال وبلبال فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَاصَرَهُمْ وناداهم يَا اخوة القردة فَقَالُوا يَا أَبَا الْقَاسِم مَا كنت فحاشاً فنزلوا على حكم سعد بن معَاذ وَكَانَ بَينهم وَبَين قومه حلف فَرجوا أَن تَأْخُذهُ فيهم مَوَدَّة فَأَوْمأ إِلَيْهِم أَبُو لبَابَة فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول} فَحكم فيهم أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ وَأَن تسبى ذَرَارِيهمْ وَأَن عقارهم للمهاجرين دون الْأَنْصَار فَقَالَ قومه وعشيرته آثر الْمُهَاجِرين بالأعقار علينا فَقَالَ إِنَّكُم كُنْتُم ذَوي أعقار وَأَن الْمُهَاجِرين كَانُوا لَا أعقار لَهُم فَذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ كبر وَقَالَ مضى فِيكُم بِحكم الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقذف فِي قُلُوبهم الرعب} قَالَ بصنيع جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام {فريقاً تقتلون} قَالَ الَّذين ضربت

أَعْنَاقهم وَكَانُوا أَرْبَعمِائَة مقَاتل فَقتلُوا حَتَّى أَتَوا على آخِرهم {وتأسرون فريقاً} قَالَ: الَّذين سبوا وَكَانُوا فِيهَا سَبْعمِائة سبي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأورثكم أَرضهم وديارهم وَأَمْوَالهمْ} قَالَ: قُرَيْظَة وَالنضير أهل الْكتاب {وأرضا لم تطؤوها} قَالَ: خَيْبَر فتحت بعد قُرَيْظَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأرضا لم تطؤوها} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنَّهَا مَكَّة وَقَالَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ: هِيَ أَرض الرّوم وَفَارِس وَمَا فتح عَلَيْهِم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وأرضا لم تطؤوها} قَالَ: يَزْعمُونَ أَنَّهَا خَيْبَر وَلَا أحسبها إِلَّا كل أَرض فتحهَا الله على الْمُسلمين أَو هُوَ فاتحها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ يَوْم الخَنْدَق بِالْمَدِينَةِ فجَاء أَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَمن تبعه من قُرَيْش وَمن تبعه من كنَانَة وعيينة بن حصن وَمن تبعه من غطفان وطليحة وَمن تبعه من بني أَسد وَأَبُو الْأَعْوَر وَمن تبعه من بني سليم وَقُرَيْظَة كَانَ بَينهم وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد فنقضوا ذَلِك وظاهروا الْمُشْركين فَأنْزل الله فيهم {وَأنزل الَّذين ظاهروهم من أهل الْكتاب من صياصيهم} فَأتى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَمَعَهُ الرّيح فَقَالَ حِين سرى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: أَلا أَبْشِرُوا ثَلَاثًا فَأرْسل الله عَلَيْهِم فهتكت القباب وكفأت الْقُدُور ودفنت الرِّجَال وَقطعت الْأَوْتَاد فَانْطَلقُوا لَا يلوي أحد على أحد فَأنْزل الله {إِذْ جاءتكم جنود فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا وجنوداً لم تَرَوْهَا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: خرجت يَوْم الخَنْدَق أقفو النَّاس فَإِذا أَنا بِسَعْد بن معَاذ ورماه رجل من قُرَيْش يُقَال لَهُ ابْن العرقة بِسَهْم فَأصَاب أكحله فَقَطعه فَدَعَا الله سعد فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تمتني حَتَّى تقرعيني من قُرَيْظَة وَبعث الله الرّيح على الْمُشْركين {وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال} وَلحق أَبُو سُفْيَان وَمن مَعَه بتهامة وَلحق عُيَيْنَة بن بدر وَمن مَعَه بِنَجْد وَرجعت بَنو قُرَيْظَة فَتَحَصَّنُوا فِي صياصيهم وَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة وَأمر

بقبة من أَدَم فَضربت على سعد رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَسْجِد قَالَت: فجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام - وَإِن على ثناياه نقع الْغُبَار - فَقَالَ: أوقد وضعت السِّلَاح لَا وَالله مَا وضعت الْمَلَائِكَة السِّلَاح بعد أخرج إِلَى بني قُرَيْظَة فَقَاتلهُمْ فَلبس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لامته وَأذن فِي النَّاس بالرحيل: أَن يخرجُوا فَأَتَاهُم فَحَاصَرَهُمْ خمْسا وَعشْرين لَيْلَة فَلَمَّا اشْتَدَّ حصرهم وَاشْتَدَّ الْبلَاء عَلَيْهِم فَقيل لَهُم: انزلوا على حكم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: ننزل على حكم سعد بن معَاذ فنزلوا وَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى سعد بن معَاذ فَأتي بِهِ على حمَار فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: احكم فيهم فَقَالَ: إِنِّي أحكم فيهم أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ وتسبى ذَرَارِيهمْ وتقسم أَمْوَالهم قَالَ: فَلَقَد حكمت فيهم بِحكم الله وَحكم رَسُوله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُوسَى بن عقبَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل الله فِي قصَّة الخَنْدَق وَبني قُرَيْظَة تسعا وَعشْرين آيَة فاتختها {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ جاءتكم جنود} وَالله تَعَالَى أعلم

28

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً وَإِن كنتن تردن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِن الله أعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن بِفَاحِشَة مبينَة يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا أخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: أقبل أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يسْتَأْذن على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس بِبَابِهِ جُلُوس وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس فَلم يُؤذن لَهُ ثمَّ أذن لأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فدخلا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس وَحَوله نساؤه وَهُوَ سَاكِت فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: لأُكلمَن

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَعَلَّه يضْحك فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله لَو رَأَيْت ابْنة زيد امْرَأَة عمر سَأَلتنِي النَّفَقَة آنِفا فَوَجَأْت عُنُقهَا فَضَحِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بدا ناجذه وَقَالَ: هن حَولي يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَة فَقَامَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا ليضربها وَقَامَ عمر إِلَى حَفْصَة كِلَاهُمَا يَقُولَانِ: تَسْأَلَانِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لَيْسَ عِنْده فَنَهَاهُمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذَا فَقُلْنَ نساؤه: وَالله لَا نسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذَا الْمجْلس مَا لَيْسَ عِنْده وَأنزل الله الْخِيَار فَبَدَأَ بعائشة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَ إِنِّي ذَاكر لَك أمرا مَا أحب أَن تعجلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك قَالَت: مَا هُوَ فَتلا عَلَيْهَا {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك} قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: أفيك استأمر أَبَوي بل اخْتَار الله وَرَسُوله وَأَسْأَلك أَن لَا تذكر إِلَى امْرَأَة من نِسَائِك امْرَأَة مَا اخْتَرْت فَقَالَ: إِن الله لم يَبْعَثنِي مُتَعَنتًا وَإِنَّمَا بَعَثَنِي معلما مبشراً لَا تَسْأَلنِي امْرَأَة مِنْهُنَّ عَمَّا اخْتَرْت إِلَّا أخْبرتهَا وَأخرج ابْن سعد عَن أبي سَلمَة الْحَضْرَمِيّ قَالَ جَلَست مَعَ أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَجَابِر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا وهما يتحدثان وَقد ذهب بصر جَابر رَضِي الله عَنهُ فجَاء رجل فَجَلَسَ ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا عبد الله أَرْسلنِي إِلَيْك عُرْوَة بن الزبير أَسأَلك فيمَ هجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ فَقَالَ جَابر رَضِي الله عَنهُ: تركنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة لم يخرج إِلَى الصَّلَاة فأخذنا مَا تقدم وَمَا تَأَخّر فَاجْتَمَعْنَا بِبَابِهِ يسمع كلامنا وَيعلم مَكَاننَا فأطلنا الْوُقُوف فَلم يَأْذَن لنا وَلم يخرج إِلَيْنَا فَقُلْنَا: قد علم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَانكُمْ وَلَو أَرَادَ أَن يَأْذَن لكم لأذن فَتَفَرَّقُوا لَا تؤذوه فَتَفَرَّقُوا غير عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يَتَنَحْنَح وَيتَكَلَّم ويستأذن حَتَّى أذن لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: فَدخلت عَلَيْهِ وَهُوَ وَاضع يَده على خَدّه أعرف بِهِ الكآبة فَقلت لَهُ: أَي نَبِي الله - بِأبي وَأمي يَا رَسُول الله - مَا الَّذِي رَابَك وَمَا الَّذِي لَقِي النَّاس بعدكم من فقدهم لرؤيتك فَقَالَ: يَا عمر سَأَلتنِي الاماء مَا لَيْسَ عِنْدِي - يَعْنِي نِسَاءَهُ - فَذَاك الَّذِي بلغ بِي مَا ترى فَقلت: يَا نَبِي الله قد صككت جميلَة بنت ثَابت صَكَّة ألصقت خدها مِنْهَا بِالْأَرْضِ لِأَنَّهَا سَأَلتنِي مَا لَيْسَ عِنْدِي وَأَنت يَا رَسُول الله على موعد من رَبك وَهُوَ جَاعل بعد الْعسر يسرا قَالَ: فَلم أزل ُأكَلِّمهُ حَتَّى رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد تحلل

عَنهُ بعض ذَلِك فَخرجت فَلَقِيت أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فَحَدَّثته الحَدِيث فَدخل أَبُو بكر على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قد علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدّخر عنكن شَيْئا فَلَا تسأليه مَا لَا يجد انظري حَاجَتك فاطلبيها إِلَيّ وَانْطَلق عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى حَفْصَة فَذكر لَهَا مثل ذَلِك ثمَّ اتبعا أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَجعلَا يذكران لَهُنَّ مثل ذلكن فَأنْزل الله تَعَالَى فِي ذَلِك {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً} يَعْنِي مُتْعَة الطَّلَاق وَيَعْنِي بتسريحهن: تطليقهن طَلَاقا جميلاً {وَإِن كنتن تردن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِن الله أعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما} فَانْطَلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَدَأَ بعائشة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَ: إِن الله قد أَمرنِي أَن أخيركن بَين أَن تخترن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة وَبَين أَن تخترن الدُّنْيَا وَزينتهَا وَقد بدأت بك وَأَنا أخيرك قَالَت: وَهل بدأت بِأحد قبلي مِنْهُنَّ قَالَ: لَا قَالَت: فَإِنِّي أخْتَار الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فاكتم عَليّ وَلَا تخبر بِذَاكَ نِسَاءَك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بل أخبرهن بِهن فأخبرهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَمِيعًا فاخترن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَكَانَ خِيَاره بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة اتخترن الْآخِرَة أَو الدُّنْيَا قَالَ {وَإِن كنتن تردن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فَإِن الله أعد للمحسنات مِنْكُن أجرا عَظِيما} فاخترن أَن لَا يتزوجن بعده ثمَّ قَالَ {يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن بِفَاحِشَة مبينَة} يَعْنِي الزِّنَا {يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} يَعْنِي فِي الْآخِرَة {وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله} يَعْنِي تطيع الله وَرَسُوله {وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ} مضاعفاً لَهَا فِي الْآخِرَة {وأعتدنا لَهَا رزقا كَرِيمًا} {يَا نسَاء النَّبِي لستن كَأحد من النِّسَاء إِن اتقيتن فَلَا تخضعن بالْقَوْل فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} يَقُول فجور {وقلن قولا مَعْرُوفا وَقرن فِي بيوتكن} يَقُول لَا تخرجن من بيوتكن {وَلَا تبرجن} يَعْنِي إِلْقَاء القناع فعل الْجَاهِلِيَّة الأولى ثمَّ قَالَ جَابر رَضِي الله عَنهُ: ألم يكن الحَدِيث هَكَذَا قَالَ: بلَى وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جاءها حِين أمره الله أَن يُخَيّر أَزوَاجه قَالَت: فَبَدَأَ بِي فَقَالَ: إِنِّي ذَاكر لَك أمرا فَلَا عَلَيْك أَن

تستعجلي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك قد علم أَن أَبَوي لم يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ فَقَالَ: إِن الله قَالَ {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا} إِلَى تَمام الْآيَتَيْنِ فَقلت لَهُ: فَفِي أَي هَذَا استأمر أَبَوي فَإِنِّي أُرِيد الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة وَفعل أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل مَا فعلت وَأخرج ابْن سعد عَن عَمْرو بن سعيد عَن أَبِيه عَن جده قَالَ لما خير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ بَدَأَ بعائشة رَضِي الله عَنْهَا قَالَ: إِن الله خيرك فَقَالَت: اخْتَرْت الله وَرَسُوله ثمَّ خير حَفْصَة رَضِي الله عَنْهَا فَقُلْنَ جَمِيعًا: اخترنا الله وَرَسُوله غير العامرية اخْتَارَتْ قَومهَا فَكَانَت بعد تَقول: أَنا الشقية ن وَكَانَت تلقط البعر وتبيعه وتستأذن على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتقول: أَنا الشقية وَأخرج ابْن سعد عَن أبي جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا نسَاء أغْلى مهوراً منا فغار الله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره أَن يعتزلهن فاعتزلهن تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ أمره أَن يُخَيِّرهُنَّ فخيرهن وَأخرج ابْن سعد عَن أبي صَالح قَالَ: اخترنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَمِيعًا غير العامرية كَانَت ذَاهِبَة الْعقل حَتَّى مَاتَت وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت حلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليهجرنا شهرا فَدخل عليَّ صَبِيحَة تِسْعَة وَعشْرين فَقلت: يَا رَسُول الله ألم تكن حَلَفت لتهجرنا شهرا قَالَ: إِن الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَضرب بِيَدِهِ جَمِيعًا وخنس يقبض أصبعاً فِي الثَّالِثَة ثمَّ قَالَ: يَا عَائِشَة إِنِّي ذَاكر لَك أمرا فَلَا عَلَيْك أَن تعجلِي حَتَّى تستشيري أَبَوَيْك وخشي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدَاثَة سني قلت: وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: إِنِّي أمرت أَن أخيركن ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك إِن كنتن تردن الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا} إِلَى قَوْله {أجرا عَظِيما} قَالَت: فيمَ استشير أَبَوي يَا رَسُول الله بل اخْتَار الله وَرَسُوله فسر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَسمع نساؤه فتواترن عَلَيْهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّمَا خير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَزوَاجه بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة وَالْحسن رَضِي الله عَنْهُمَا

قَالَا: أمره الله أَن يُخَيِّرهُنَّ بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْجنَّة وَالنَّار قَالَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ: فِي شَيْء كن أردنه من الدُّنْيَا وَقَالَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ: فِي غيرَة كَانَت غارتها عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَكَانَ تَحْتَهُ يَوْمئِذٍ تسع نسْوَة خمس من قُرَيْش عَائِشَة وَحَفْصَة وَأمر حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان وَسَوْدَة بنت زَمعَة وَأم سَلمَة بنت أبي أُميَّة وَكَانَت تَحْتَهُ صَفِيَّة بنت حَيّ الْخَيْبَرِية ومَيْمُونَة بنت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة وَزَيْنَب بنت جحش الأَسدِية وَجُوَيْرِية بنت الْحَارِث من بني المصطلق وَبَدَأَ بعائشة رَضِي الله عَنْهَا فَلَمَّا اخْتَارَتْ الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة رُؤِيَ الْفَرح فِي وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَتَابَعْنَ كُلهنَّ على ذَلِك فَلَمَّا خيرهن واخترن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة شكرهن الله تَعَالَى على ذَلِك ان قَالَ {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ} فَقَصره الله تَعَالَى عَلَيْهِنَّ وَهن التسع اللَّاتِي اخْترْنَ الله وَرَسُوله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك} قَالَ أَمر الله تَعَالَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يخبر نِسَاءَهُ فِي هَذِه الْآيَة فَلم تختر وَاحِدَة مِنْهُنَّ نفسا غير الحميرية وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن مقَاتل بن سُلَيْمَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا نسَاء النَّبِي من يَأْتِ مِنْكُن بِفَاحِشَة مبينَة} يَعْنِي الْعِصْيَان للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} فِي الْآخِرَة {وَكَانَ ذَلِك على الله يَسِيرا} يَقُول: وَكَانَ عَذَابهَا عِنْد الله هيناً {وَمن يقنت} يَعْنِي من يطع مِنْكُن الله وَرَسُوله {وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ} فِي الْآخِرَة بِكُل صَلَاة أَو صِيَام أَو صَدَقَة أَو تَكْبِيرَة أَو تَسْبِيحَة بِاللِّسَانِ مَكَان كل حَسَنَة تكْتب عشْرين حَسَنَة {واعتدنا لَهَا رزقا كَرِيمًا} يَعْنِي حسنا وَهِي الْجنَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} قَالَ: عَذَاب الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يُضَاعف لَهَا الْعَذَاب ضعفين} قَالَ: يَجْعَل عذابهن ضعفين وَيجْعَل على من قذفهن الْحَد ضعفين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا نسَاء النَّبِي}

قَالَ: إِن الْحجَّة على الْأَنْبِيَاء أَشد مِنْهَا على الأتباع فِي الْخَطِيئَة وَإِن الْحجَّة على الْعلمَاء أَشد مِنْهَا على غَيرهم فَإِن الْحجَّة على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشد مِنْهَا على غَيْرهنَّ فَقَالَ: إِنَّه من عصى مِنْكُن فَإِنَّهُ يكون عَلَيْهَا الْعَذَاب الضعْف مِنْهُ على سَائِر نسَاء الْمُؤمنِينَ وَمن عمل صَالحا فَإِن الْأجر لَهَا الضعْف على سَائِر نسَاء الْمُسلمين

31

- قَوْله تَعَالَى: وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا نؤتها أجرهَا مرَّتَيْنِ وأعتدنا لَهَا رزقا كَرِيمًا يَا نسَاء النَّبِي لستن كَأحد من النِّسَاء إِن اتقيتن فَلَا تخضعن بالْقَوْل فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض وقلن قولا مَعْرُوفا أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله وتعمل صَالحا} قَالَ: يَقُول من يطع الله مِنْكُن وتعمل صَالحا لله وَرَسُوله بِطَاعَتِهِ وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن يقنت مِنْكُن لله وَرَسُوله} يَعْنِي تطيع الله وَرَسُوله {وتعمل صَالحا} تَصُوم وَتصلي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ مِنْهُم أَزوَاج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ يجْرِي أَزوَاجه مجرانا فِي الثَّوَاب وَالْعِقَاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لستن كَأحد من النِّسَاء} قَالَ: كَأحد من نسَاء هَذِه الْأمة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا نسَاء النَّبِي لَسْتُنَّ كَأحد} الْآيَة يَقُول: أنتن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ تنظرن إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِلَى الْوَحْي الَّذِي يَأْتِيهِ من السَّمَاء وأنتن أَحَق بالتقوى من سَائِر النِّسَاء {فَلَا تخضعن بالْقَوْل} يَعْنِي الرَّفَث من الْكَلَام أمرهن أَن لَا يَرْفِثْنَ بالْكلَام {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} يَعْنِي الزِّنَا

قَالَ: مقاربة الرجل فِي القَوْل حَتَّى {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَا تخضعن بالْقَوْل} قَالَ: لَا ترفثن بالْقَوْل وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَلَا تخضعن بالْقَوْل} يَقُول: لَا ترخصن بالْقَوْل وَلَا تخضعن بالْكلَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} قَالَ: شَهْوَة الزِّنَا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} قَالَ: الْفُجُور وَالزِّنَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: حَافظ لِلْفَرجِ راضٍ بالتقى لَيْسَ مِمَّن قلبه فِيهِ مرض وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمَرَض مرضان فَمَرض زنا وَمرض نفاق وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فيطمع الَّذِي فِي قلبه مرض} يَعْنِي الزِّنَا {وقلن قولا مَعْرُوفا} يَعْنِي كلَاما ظَاهرا لَيْسَ فِيهِ طمع لأحد وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وقلن قولا مَعْرُوفا} يَعْنِي كلَاما لَيْسَ فِيهِ طمع لأحد

33

- قَوْله تَعَالَى: وَقرن فِي بيوتكن وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى وأقمن الصَّلَاة وآتين الزَّكَاة وأطعن الله وَرَسُوله إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: نبئت أَنه قيل لسودة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَضِي الله عَنْهَا: مَالك لَا تَحُجِّين وَلَا تعتمرين كَمَا يفعل أخواتك فَقَالَت: قد حججْت واعتمرت وَأَمرَنِي الله أَن أقرّ فِي بَيْتِي فول الله

لَا أخرج من بَيْتِي حَتَّى أَمُوت قَالَ: فوَاللَّه مَا خرجت من بَاب حُجْرَتهَا حَتَّى أخرجت بجنازتها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن سعد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا إِذا قَرَأت {وَقرن فِي بيوتكن} بَكت حَتَّى تبل خمارها وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لنسائه عَام حجَّة الْوَدَاع هَذِه ثمَّ ظُهُور الْحصْر قَالَ: فَكَانَ كُلهنَّ يَحُجن إِلَّا زَيْنَب بنت جحش وَسَوْدَة بنت زَمعَة وكانتا تقولان: وَالله لَا تحركنا دَابَّة بعد أَن سمعنَا ذَلِك من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أم نائلة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: جَاءَ أَبُو بَرزَة فَلم يجد أم وَلَده فِي الْبَيْت وَقَالُوا ذهبت إِلَى الْمَسْجِد فَلَمَّا جَاءَت صَاح بهَا فَقَالَ: ان الله نهى النِّسَاء أَن يخْرجن وأمرهن يقرن فِي بُيُوتهنَّ وَلَا يتبعن جَنَازَة وَلَا يَأْتِين مَسْجِدا وَلَا يشهدن جُمُعَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَزَّار عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَرْأَة عَورَة فَإِذا خرجت استشرفها الشَّيْطَان وَأقرب مَا تكون من رَحْمَة رَبهَا وَهِي فِي قَعْر بَيتهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: احْبِسُوا النِّسَاء فِي الْبيُوت فَإِن النِّسَاء عَورَة وَإِن الْمَرْأَة إِذا خرجت من بَيتهَا استشرفها الشَّيْطَان وَقَالَ لَهَا: إِنَّك لَا تمرين بِأحد إِلَّا أعجب بك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اسْتَعِينُوا على النِّسَاء بالعري أَن أحداهن إِذا كثرت ثِيَابهَا وَحسنت زينتا أعجبها الْخُرُوج وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جئن النِّسَاء إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَ: يَا رَسُول الله ذهب الرِّجَال بِالْفَضْلِ وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله فَمَا لنا عمل ندرك فضل الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله فَقَالَ من قعدت مِنْكُن فِي بَيتهَا فَإِنَّهَا تدْرك عمل الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله

أما قَوْله تَعَالَى: وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الْجَاهِلِيَّة الأولى فِيمَا بَين نوح وادريس عَلَيْهِمَا السَّلَام وَكَانَت ألف سنة وَإِن بطنين من ولد آدم كَانَ أَحدهمَا يسكن السهل وَالْآخر يسكن الْجبَال فَكَانَ رجال الْجبَال صباحاً وَفِي النِّسَاء دمامة وَكَانَ نسَاء السهل صباحاً وَفِي الرِّجَال دمامة وَإِن إِبْلِيس أَتَى رجلا من أهل السهل فِي صُورَة غُلَام فأجر نَفسه فَكَانَ يَخْدمه وَاتخذ إِبْلِيس شَبابَة مثل الَّذِي يزمر فِيهِ الرعاء فجَاء بِصَوْت لم يسمع النَّاس مثله فَبلغ ذَلِك من حوله فانتابوهم يسمعُونَ إِلَيْهِ وَاتَّخذُوا عيداً يَجْتَمعُونَ إِلَيْهِ فِي السّنة فتتبرج النِّسَاء للرِّجَال وتتبرج الرِّجَال لَهُنَّ وَإِن رجلا من أهل الْجَبَل هجم عَلَيْهِم فِي عيدهم ذَلِك فَرَأى النِّسَاء وصباحتهن فَأتى أَصْحَابه فَأخْبرهُم بذلك فتحوّلوا إلَيْهِنَّ فنزلوا مَعَهُنَّ وَظَهَرت الْفَاحِشَة فِيهِنَّ فَهُوَ قَول الله {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى} وَأخرج ابْن جرير عَن الحكم رَضِي الله عَنهُ {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى} قَالَ: كَانَ بَين آدم ونوح عَلَيْهِمَا السَّلَام ثَمَانمِائَة سنة فَكَانَ نِسَاؤُهُم من أقبح مَا يكون من النِّسَاء ورجالهما حسان وَكَانَت الْمَرْأَة تُرِيدُ الرجل على نَفسه فأنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ سَأَلَهُ فَقَالَ: أَرَأَيْت قَول الله تَعَالَى لِأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى} هَل كَانَت الْجَاهِلِيَّة غير وَاحِدَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: مَا سَمِعت بِأولى إِلَّا وَلها آخِرَة فَقَالَ: لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ: فأنبئني من كتاب الله مَا يصدق ذَلِك قَالَ: إِن الله يَقُول {وَجَاهدُوا فِي الله حق جهاده} كَمَا جاهدتم أول مرّة (الْحَج الْآيَة 78) فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: من أمرنَا أَن نجاهد قَالَ: بني مَخْزُوم وَعبد شمس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة} قَالَ: تكون جَاهِلِيَّة أُخْرَى

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا تلت هَذِه الْآيَة فَقَالَت: الْجَاهِلِيَّة الأولى كَانَت على عهد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {الْجَاهِلِيَّة الأولى} الَّتِي ولد فِيهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام والجاهلية الْآخِرَة: الَّتِي ولد فِيهَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ {الْجَاهِلِيَّة الأولى} بَين عِيسَى وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة تخرج فتمشي بَين الرِّجَال فَذَلِك {تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي أذينة الصَّدَفِي رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ شَرّ النِّسَاء المتبرجات وَهن المنافقات لَا يدْخل الْجنَّة مِنْهُنَّ إِلَّا مثل الْغُرَاب الأعصم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة} يَقُول: إِذا خرجتن من بيوتكن وَكَانَت لَهُنَّ مشْيَة فِيهَا تكسير وتغنج فنهاهن الله عَن ذَلِك وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي نجيح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى} قَالَ: التَّبَخْتُر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تبرجن} قَالَ: التبرج إِنَّهَا تلقي الْخمار على رَأسهَا وَلَا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها ويبدو ذَلِك كُله مِنْهَا وَذَلِكَ التبرج ثمَّ عَمت نسَاء الْمُؤمنِينَ فِي التبرج وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النِّسَاء قَالَ {وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى} قَالَت امْرَأَة: يَا رَسُول الله أَرَاك تشْتَرط علينا أَن لَا نتبرج وَأَن فُلَانَة قد أسعدتني وَقد مَاتَ أَخُوهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اذهبي فاسعديها ثمَّ تعالي فبايعيني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن

عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت} قَالَ: نزلت فِي نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَقَالَ عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ: من شَاءَ بأهلته أَنَّهَا نزلت فِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت فِي نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت} قَالَ: لَيْسَ بِالَّذِي تذهبون إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن سعد عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت} قَالَ: يَعْنِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلت فِي بَيت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ببيتها على منامة لَهُ عَلَيْهِ كسَاء خيبري فَجَاءَت فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا ببرمة فِيهَا خزيرة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادعِي زَوجك وابنيك حسنا وَحسَيْنا فدعتهم فَبَيْنَمَا هم يَأْكُلُون إِذْ نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} فَأخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بفضلة ازاره فغشاهم إِيَّاهَا ثمَّ أخرج يَده من الكساء وَأَوْمَأَ بهَا إِلَى السَّمَاء ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي وخاصتي فَاذْهَبْ عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات قَالَت أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا: فادخلت رَأْسِي فِي السّتْر فَقلت: يَا رَسُول الله وَأَنا مَعكُمْ فَقَالَ: إِنَّك إِلَى خير مرَّتَيْنِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: جَاءَت فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا إِلَى أَبِيهَا بثريدة لَهَا تحملهَا فِي طبق لَهَا حَتَّى وَضَعتهَا بَين يَدَيْهِ فَقَالَ لَهَا أَيْن ابْن عمك قَالَت: هُوَ فِي الْبَيْت قَالَ: اذهبي فادعيه وابنيك فَجَاءَت تقود ابنيها كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي يَد وَعلي رَضِي الله عَنهُ يمشي فِي أثرهما حَتَّى دخلُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأجلسهما فِي حجره وَجلسَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن يَمِينه وَجَلَست فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا عَن يسَاره قَالَت أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا: فَأخذت من تحتي كسَاء كَانَ بساطنا على المنامة فِي الْبَيْت

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لفاطمة رَضِي الله عَنْهَا ائْتِنِي بزوجك وابنيه فَجَاءَت بهم فالقى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِم كسَاء فدكيا ثمَّ وضع يَده عَلَيْهِم ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِن هَؤُلَاءِ أهل مُحَمَّد - وَفِي لفظ آل مُحَمَّد - فَاجْعَلْ صلواتك وبركاتك على آل مُحَمَّد كَمَا جَعلتهَا على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد قَالَت أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا: فَرفعت الكساء لأدخل مَعَهم فَجَذَبَهُ من يَدي وَقَالَ إِنَّك على خير وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة قَالَت نزلت هَذِه الْآيَة فِي بَيْتِي {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} وَفِي الْبَيْت سَبْعَة جِبْرِيل وَمِيكَائِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام وَعلي وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُم وَأَنا على بَاب الْبَيْت قلت: يَا رَسُول الله أَلَسْت من أهل الْبَيْت قَالَ: إِنَّك إِلَى خير إِنَّك من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يَوْم أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذِهِ الْآيَة {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} قَالَ: فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحسن وحسين وَفَاطِمَة وَعلي فضمهم إِلَيْهِ وَنشر عَلَيْهِم الثَّوْب والحجاب على أم سَلمَة مَضْرُوب ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي الله اذْهَبْ عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا قَالَت أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا: فانا مَعَهم يَا نَبِي الله قَالَ: أَنْت على مَكَانك وَإنَّك على خير وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: فِي بَيْتِي نزلت {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت} وَفِي الْبَيْت فَاطِمَة وَعلي وَالْحسن وَالْحُسَيْن فجللهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكساء كَانَ عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي فَاذْهَبْ عَنْهُم الرجس وطهرهم تَطْهِيرا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نزلت هَذِه الْآيَة فِي خَمْسَة فيّ وَفِي عَليّ وَفَاطِمَة وَحسن وحسين {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدَاة وَعَلِيهِ مرط مرجل من شعر أسود فجَاء الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا فأدخلهما مَعَه ثمَّ جَاءَ عَليّ فَادْخُلْهُ مَعَه ثمَّ قَالَ {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد قَالَ نزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي فَادْخُلْ عليا وَفَاطِمَة وابنيهما تَحت ثَوْبه ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهلِي وَأهل بَيْتِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى فَاطِمَة وَمَعَهُ حسن وحسين وَعلي حَتَّى دخل فأدنى عليا وَفَاطِمَة فاجلسهما بَين يَدَيْهِ وأجلس حسنا وَحسَيْنا كل وَاحِد مِنْهُمَا على فَخذه ثمَّ لف عَلَيْهِم ثَوْبه وَأَنا مستدبرهم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمر بِبَاب فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا إِذا خرج إِلَى صَلَاة الْفجْر وَيَقُول الصَّلَاة يَا أهل الْبَيْت الصَّلَاة {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} وَأخرج مُسلم عَن زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أذكركم الله فِي أهل بَيْتِي فَقيل: لزيد رَضِي الله عَنهُ: وَمن أهل بَيته أَلَيْسَ نساؤه من أهل بَيته قَالَ: نساؤه من أهل بَيته وَلَكِن أهل بَيته من حرم الصَّدَقَة بعده آل عَليّ وَآل عقيل وَآل جَعْفَر وَآل عَبَّاس وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله قسم الْخلق قسمَيْنِ فجعلني فِي خيرهما قسما فَذَلِك قَوْله {وَأَصْحَاب الْيَمين} الْوَاقِعَة الْآيَة 27 و {أَصْحَاب الشمَال} الْوَاقِعَة الْآيَة 41 فَأَنا من أَصْحَاب الْيَمين وَأَنا خير أَصْحَاب الْيَمين ثمَّ جعل الْقسمَيْنِ

أَثلَاثًا فجعلني فِي خَيرهَا ثلثا فَذَلِك قَوْله وَأَصْحَاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (الْوَاقِعَة الْآيَة 8 - 10) فَأَنا من السَّابِقين وَأَنا خير من السَّابِقين ثمَّ جعل الأثلاث قبائل فجعلني فِي خَيرهَا قَبيلَة وَذَلِكَ قَوْله {وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} الحجرات الْآيَة 13 وَأَنا أتقى ولد آدم وَأكْرمهمْ على الله تَعَالَى وَلَا فَخر ثمَّ جعل الْقَبَائِل بُيُوتًا فجعلني فِي خَيرهَا بَيْتا فَذَلِك قَوْله {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} فَأَنا وَأهل بَيْتِي مطهرون من الذُّنُوب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} قَالَ: هم أهل بَيت طهرهم الله من السوء واختصم برحمته قَالَ: وَحدث الضَّحَّاك بن مُزَاحم رَضِي الله عَنهُ أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول نَحن أهل بَيت طهرهم الله من شَجَرَة النُّبُوَّة وَمَوْضِع الرسَالَة ومختلف الْمَلَائِكَة وَبَيت الرَّحْمَة ومعدن الْعلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما دخل عَليّ رَضِي الله عَنهُ بفاطمة رَضِي الله عَنْهَا جَاءَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعِينَ صباحاً إِلَى بَابهَا يَقُول السَّلَام عَلَيْكُم أهل الْبَيْت وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته الصَّلَاة رحمكم الله {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} انا حَرْب لمن حَارَبْتُمْ أَنا سلم لمن سَالَمْتُمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْحَمْرَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ حفظت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَمَانِيَة أشهر بِالْمَدِينَةِ لَيْسَ من مرّة يخرج إِلَى صَلَاة الْغَدَاة إِلَّا أَتَى إِلَى بَاب عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَوضع يَده على جنبتي الْبَاب ثمَّ قَالَ: الصَّلَاة الصَّلَاة {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ شَهِدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِسْعَة أشهر يَأْتِي كل يَوْم بَاب عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ عِنْد وَقت كل صَلَاة فَيَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته أهل الْبَيْت {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} الصَّلَاة رحمكم الله كل يَوْم خمس مَرَّات

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الْحَمْرَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي بَاب عَليّ وَفَاطِمَة سِتَّة أشهر فَيَقُول {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا}

34

- قَوْله تَعَالَى: واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن من آيَات الله وَالْحكمَة إِن الله كَانَ لطيفا خَبِيرا أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن من آيَات الله وَالْحكمَة} قَالَ: الْقُرْآن وَالسّنة عتب عَلَيْهِنَّ بذلك وَأخرج ابْن سعد عَن أبي أُمَامَة بن سهل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واذكرن مَا يُتْلَى فِي بيوتكن من آيَات الله وَالْحكمَة} قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي عِنْد بيُوت أَزوَاجه النَّوَافِل بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار

35

- قَوْله تَعَالَى: إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات وَالصَّابِرِينَ والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظون فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات أعد الله لَهُم مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما أخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن ام سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا لنا لَا نذْكر فِي الْقُرْآن كَمَا يذكر الرِّجَال فَلم يرعني مِنْهُ ذَات يَوْم إِلَّا نداؤه على الْمِنْبَر وَهُوَ يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله يَقُول {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} إِلَى آخر الْآيَة

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا انها قَالَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا لي أسمع الرِّجَال يذكرُونَ فِي الْقُرْآن وَالنِّسَاء لَا يُذْكَرْنَ فَأنْزل الله {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم عمَارَة الانصارية رَضِي الله عَنْهَا: انها أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: مَا أرى كل شَيْء إِلَّا للرِّجَال وَمَا أرى النِّسَاء يذكرن بِشَيْء فَنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَت النِّسَاء: يَا رَسُول الله مَا باله يذكر الْمُؤْمِنُونَ وَلم يذكر الْمُؤْمِنَات فَنزل {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخل نسَاء على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَ: قد ذَكَرَكُنَّ الله فِي الْقُرْآن وَلم نذْكر بِشَيْء أما فِينَا مَا يذكر فَأنْزل الله {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} وَأخرج ابْن سعيد عَن عِكْرِمَة وَمن وَجه آخر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما ذكر أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النِّسَاء: لَو كَانَ فِينَا خير لذكرن فَأنْزل الله {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات} وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النِّسَاء للرِّجَال: أسلمنَا أسلمتم وَفعلنَا كَمَا فَعلْتُمْ فتذكرون فِي الْقُرْآن وَلَا نذْكر وَكَانَ النَّاس يسمون الْمُسلمين فَلَمَّا هَاجرُوا سموا الْمُؤمنِينَ فَأنْزل الله {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات والقانتين والقانتات} يَعْنِي المطيعين والمطيعات {والصادقين والصادقات وَالصَّابِرِينَ والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات} شهر رَمَضَان {والحافظين فروجهم والحافظات} يَعْنِي من النِّسَاء {والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات} يَعْنِي ذكر الله وَذكر نعمه {أعد الله لَهُم مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الْمُسلمين وَالْمُسلمَات}

يَعْنِي المخلصين لله من الرِّجَال والمخلصات من النِّسَاء {وَالْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} يَعْنِي المصدقين والمصدقات {والقانتين والقانتات} يَعْنِي المطيعين والمطيعات {والصادقين والصادقات} يَعْنِي الصَّادِقين فِي ايمانهم {وَالصَّابِرِينَ والصابرات} يَعْنِي على أَمر الله {والخاشعين} يَعْنِي المتواضعين لله فِي الصَّلَاة من لَا يعرف عَن يَمِينه وَلَا من عَن يسَاره وَلَا يلْتَفت من الْخُشُوع لله {والخاشعات} يَعْنِي المتواضعات من النِّسَاء {والصائمين والصائمات} قَالَ: من صَامَ شهر رَمَضَان وَثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر فَهُوَ من أهل هَذِه الْآيَة {والحافظين فروجهم والحافظات} قَالَ: يَعْنِي فروجهم عَن الْفَوَاحِش ثمَّ أخبر بثوابهم فَقَالَ {أعد الله لَهُم مغْفرَة} يَعْنِي لذنوبهم و {أجرا عَظِيما} يَعْنِي جَزَاء وافر فِي الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أيقظ الرجل امْرَأَته من اللَّيْل فَصَليَا رَكْعَتَيْنِ كَانَا تِلْكَ اللَّيْلَة من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا وَالذَّاكِرَات وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يكْتب الرجل من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا حَتَّى يذكر الله قَائِما وَقَاعِدا ومضطجعاً

36

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا كَانَ لمُؤْمِن إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم وَمن يَعْصِ الله وَرَسُوله فقد ضل ضلال مُبينًا أخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْطلق ليخطب على فتاة زيد بن حَارِثَة فَدخل على زَيْنَب بنت جحش الأَسدِية فَخَطَبَهَا قَالَت: لست بناكحته قَالَ: بلَى فانكحيه قَالَت: يَا رَسُول الله أوَامِر فِي نَفسِي فَبَيْنَمَا هما يتحدثان أنزل الله هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا الْآيَة قَالَت: قد رضيته لي يَا رَسُول الله منكحاً قَالَ: نعم قَالَت: إِذن لَا أعصي رَسُول الله قد أنكحته نَفسِي

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب بنت جحش لزيد بن حَارِثَة فاستنكفت مِنْهُ وَقَالَت: أَنا خير مِنْهُ حسباً وَكَانَت امْرَأَة فِيهَا حِدة فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب وَهُوَ يريدها لزيد رَضِي الله عَنهُ فظنت أَنه يريدها لنَفسِهِ فَلَمَّا علمت أَنه يريدها لزيد أَبَت فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا} فرضيت وسلمت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا} قَالَ: زَيْنَب بنت جحش وكراهتها زيد بن حَارِثَة حِين أمرهَا بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِزَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا اني أَن أزَوجك زيد بن حَارِثَة فَإِنِّي قد رضيته لَك قَالَت: يَا رَسُول الله لكني لَا أرضاه لنَفْسي وَأَنا أيم قومِي وَبنت عَمَّتك فَلم أكن لأَفْعَل فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن} يَعْنِي زيدا {وَلَا مُؤمنَة} يَعْنِي زَيْنَب {إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا} يَعْنِي النِّكَاح فِي هَذَا الْموضع {أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم} يَقُول: لَيْسَ لَهُم الْخيرَة من أَمرهم خلاف مَا أَمر الله بِهِ {وَمن يَعْصِ الله وَرَسُوله فقد ضل ضلالا مُبينًا} قَالَت: قد أطعتك فَاصْنَعْ مَا شِئْت فَزَوجهَا زيدا وَدخل عَلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت فِي أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط وَكَانَت أول امْرَأَة هَاجَرت من النِّسَاء فَوهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَزَوجهَا زيد بن حَارِثَة فَسَخِطَتْ هِيَ وأخوها وَقَالَت: إِنَّمَا أردنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَزَوجهَا عَبده فَنزلت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن طَاوس أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر فَنَهَاهُ وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم}

37

- قَوْله تَعَالَى: وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه وتخشى النَّاس وَالله أَحَق أَن تخشاه فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا زَوَّجْنَاكهَا لكَي لَا يكون على الْمُؤمنِينَ حرج فِي أَزوَاج أدعيائهم إِذا قضوا مِنْهُنَّ وطرا وَكَانَ أَمر الله مَفْعُولا مَا كَانَ على النَّبِي من حرج فِيمَا فرض الله لَهُ سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا الَّذين يبلغون رسالات الله ويخشونه وَلَا يَخْشونَ أحدا إِلَّا الله وَكفى بِاللَّه حسيبا مَا كَانَ مُحَمَّدًا أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين وَكَانَ الله بِكُل شَيْء عليما أخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ الْعَبَّاس وَعلي بن أبي طَالب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَا يَا رَسُول الله جئْنَاك لتخبرنا أَي أهلك أحب إِلَيْك قَالَ: أحب أَهلِي إليَّ فَاطِمَة قَالَا: مَا نَسْأَلك عَن فَاطِمَة قَالَ: فاسامة بن زيد الَّذِي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: ثمَّ من يَا رَسُول الله قَالَ: ثمَّ أَنْت ثمَّ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله جعلت عمك آخرا قَالَ: إِن عليا سَبَقَك بِالْهِجْرَةِ وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن هَذِه الْآيَة {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} نزلت فِي شَأْن زَيْنَب بنت جحش وَزيد بن حَارِثَة وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ زيد بن حَارِثَة رَضِي الله عَنهُ يشكو زَيْنَب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اتَّقِ الله وامسك عَلَيْك زَوجك فَنزلت {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} قَالَ: أنس رَضِي الله عَنهُ

فَلَو كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَاتِما شَيْئا لكَتم هَذِه الْآيَة فَتَزَوجهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا أولم على امْرَأَة من نِسَائِهِ مَا أولم عَلَيْهَا ذبح شَاة {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا زوّجناكها} فَكَانَت تَفْخَر على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَقول: زوّجكن أهاليكن وزوّجني الله من فَوق سبع سموات وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما انْقَضتْ عدَّة زَيْنَب قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزيد اذْهَبْ فاذكرها عليَّ فَانْطَلق قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتهَا عظمت فِي صَدْرِي فَقلت: يَا زَيْنَب أَبْشِرِي أَرْسلنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكرك قَالَت: مَا أَنا بِصَانِعَةٍ شَيْئا حَتَّى أوَامِر رَبِّي فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدهَا وَنزل الْقُرْآن وَجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدخل عَلَيْهَا بِغَيْر إِذن وَلَقَد رَأَيْتنَا حِين دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطعمنَا عَلَيْهَا الْخبز وَاللَّحم فَخرج النَّاس وَبَقِي رجال يتحدثون فِي الْبَيْت بعد الطَّعَام فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واتبعته فَجعل يتبع حُجَرَ نِسَائِهِ يسلم عَلَيْهِنَّ وَيَقُلْنَ: يَا رَسُول الله كَيفَ وجدت أهلك فَمَا أَدْرِي أَنا أخْبرته أَن الْقَوْم قد خَرجُوا أَو أخبر فَانْطَلق حَتَّى دخل الْبَيْت فَذَهَبت ادخل مَعَه فَألْقى السّتْر بيني وَبَينه فَنزل الْحجاب وَوعظ الْقَوْم بِمَا وعظو بِهِ {لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم} وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حَيَّان رَضِي الله عَنهُ قَالَ جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيت زيد بن حَارِثَة يَطْلُبهُ وَكَانَ زيد إِنَّمَا يُقَال لَهُ زيد بن مُحَمَّد فَرُبمَا فَقده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَجِيء لبيت زيد بن حَارِثَة يَطْلُبهُ فَلم يجده وَتقوم إِلَيْهِ زَيْنَب بنت جحش زَوجته فاعرض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهَا فَقَالَت: لَيْسَ هُوَ هَهُنَا يَا رَسُول الله فَادْخُلْ فَأبى أَن يدْخل فأعجبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فولى وَهُوَ يهمهم بِشَيْء لَا يكَاد يفهم مِنْهُ إِلَّا رُبمَا أعلن سُبْحَانَ الله الْعَظِيم سُبْحَانَ مصرف الْقُلُوب فجَاء زيد رَضِي الله عَنهُ إِلَى منزله فَأَخْبَرته امْرَأَته أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى منزله فَقَالَ زيد رَضِي الله عَنهُ: إِلَّا قلت لَهُ أَن يدْخل قَالَت: قد عرضت ذَلِك عَلَيْهِ فَأبى قَالَ: فَسمِعت شَيْئا قَالَت: سمعته حِين ولى تكلم بِكَلَام وَلَا أفهمهُ وسمعته يَقُول: سُبْحَانَ الله سُبْحَانَ مصرف الْقُلُوب فجَاء زيد رَضِي الله عَنهُ حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله بَلغنِي أَنَّك جِئْت منزلي فَهَلا دخلت

يَا رَسُول الله لَعَلَّ زَيْنَب أعجبتك فأفارقها فَيَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أمسك عَلَيْك زَوجك} فَمَا اسْتَطَاعَ زيد إِلَيْهَا سَبِيلا بعد ذَلِك الْيَوْم فَيَأْتِي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيخبره فَيَقُول {أمسك عَلَيْك زَوجك} ففارقها زيد واعتزلها وَانْقَضَت عدتهَا فَبينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس يتحدث مَعَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا إِذْ أَخَذته غشية فسرى عَنهُ وَهُوَ يبتسم وَيَقُول: من يذهب إِلَى زَيْنَب فيبشرها أَن الله زوجنيها من السَّمَاء وتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ أمسك عَلَيْك زَوجك} الْقِصَّة كلهَا قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: فأخذني مَا قرب وَمَا بعد لما يبلغنَا من جمَالهَا وَأُخْرَى هِيَ أعظم الْأُمُور وَأَشْرَفهَا زَوجهَا الله من السَّمَاء وَقلت: هِيَ تَفْخَر علينا بِهَذَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لَو كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَاتِما شَيْئا من الْوَحْي لكَتم هَذِه الْآيَة {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ} يَعْنِي بالإِسلام {وأنعمت عَلَيْهِ} بِالْعِتْقِ {أمسك عَلَيْك زَوجك} إِلَى قَوْله {وَكَانَ أَمر الله مَفْعُولا} وَأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما تزَوجهَا قَالُوا: تزوج خَلِيلَة ابْنه فَأنْزل الله تَعَالَى {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبناه وَهُوَ صَغِير فَلبث حَتَّى صَار رجلا يُقَال لَهُ: زيد بن مُحَمَّد فَأنْزل الله {ادعوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أقسط عِنْد الله} يَعْنِي أعدل عِنْد الله وَأخرج الْحَاكِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت زَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا تَقول للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا أعظم نِسَائِك عَلَيْك حَقًا أَنا خيرهن منكحاً وأكرمهن سترا وأقربهن رحما وزوّجنيك الرَّحْمَن من فَوق عَرْشه وَكَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ السفير بذلك وَأَنا بنت عَمَّتك لَيْسَ لَك من نِسَائِك قريبَة غَيْرِي وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت زَيْنَب تَقول للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأدل عَلَيْك بِثَلَاث مَا من نِسَائِك امْرَأَة تدل بِهن إِن جدي وَجدك وَاحِد وَإِنِّي أنكحينك الله من السَّمَاء وان السفير لجبريل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا عَن زَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: إِنِّي وَالله مَا أَنا كَأحد من نسَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّهُنَّ زوّجن بالمهور

وزوّجهن الْأَوْلِيَاء وزوّجني الله وَرَسُوله وَأنزل فِي الْكتاب يقرأه الْمُسلمُونَ لَا يُغير وَلَا يُبدل {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ} وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: يرحم الله زَيْنَب بنت جحش لقد نَالَتْ فِي هَذِه الدُّنْيَا الشّرف الَّذِي لَا يبلغهُ شرِيف ان الله زَوجهَا نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الدُّنْيَا ونطق بِهِ الْقُرْآن وَأخرج ابْن سعد عَن عَاصِم الْأَحول أَن رجلا من بني أَسد فاخر رجلا فَقَالَ الْأَسدي: هَل مِنْكُم امْرَأَة زَوجهَا الله من فَوق سبع سموات يَعْنِي زَيْنَب بنت جحش وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ} قَالَ: زيد بن حَارِثَة أنعم الله عَلَيْهِ بالإِسلام {وأنعمت عَلَيْهِ} أعْتقهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله} يَا زيد بن حَارِثَة قَالَ: جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِن زَيْنَب قد اشْتَدَّ عليّ لسانها وَأَنا أُرِيد أَن أطلقها فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اتَّقِ الله وامسك عَلَيْك زَوجك قَالَ: وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب أَن يطلقهَا ويخشى قالة النَّاس إِن أمره بِطَلَاقِهَا فَأنْزل الله {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} قَالَ: كَانَ يخفي فِي نَفسه وذاته طَلاقهَا قَالَ: قَالَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ: مَا أنزلت عَلَيْهِ آيَة كَانَت أَشد عَلَيْهِ مِنْهَا وَلَو كَانَ كَاتِما شَيْئا من الْوَحْي لكتمها {وتخشى النَّاس} قَالَ: خشِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالة النَّاس {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطراً} قَالَ: طَلقهَا زيد {زوّجناكها} فَكَانَت تَفْخَر على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَقول: أما أنتن زوّجكن آباؤكن وَأما أَنا فزوّجني ذُو الْعَرْش {لكَي لَا يكون على الْمُؤمنِينَ حرج فِي أَزوَاج أدعيائهم إِذا قضوا مِنْهُنَّ وطراً} قَالَ: إِذا طلقوهن وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبنى زيد بن حَارِثَة رَضِي الله عَنهُ {مَا كَانَ على النَّبِي من حرج فِيمَا فرض الله لَهُ سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} يَقُول: كَمَا هوى دَاوُد النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام الْمَرْأَة الَّتِي نظر اليها فهويها فتزوّجها فَكَذَلِك قضى الله لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتزوّج زَيْنَب كَمَا كَانَ سنة الله فِي دَاوُد أَن يزوّجه تِلْكَ الْمَرْأَة {وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} فِي أَمر زَيْنَب وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَليّ

بن زيد بن جدعَان قَالَ: قَالَ لي عَليّ بن الْحُسَيْن: مَا يَقُول الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} فَقلت لَهُ فَقَالَ: لَا وَلَكِن الله أعلم نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن زَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا سَتَكُون من أَزوَاجه قبل أَن يتزوّجها فَلَمَّا أَتَاهُ زيد يشكو إِلَيْهِ قَالَ: اتَّقِ الله وامسك عَلَيْك زَوجك فَقَالَ: قد أَخْبَرتك أَنِّي مزوّجكها {وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه} وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا كَانَ على النَّبِي من حرج فِيمَا فرض الله لَهُ سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} قَالَ: يَعْنِي يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ هَذَا فَرِيضَة وَكَانَ من كَانَ من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام هَذَا سنتهمْ قد كَانَ لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام ألف امْرَأَة وَكَانَ لداود عَلَيْهِ السَّلَام مائَة امْرَأَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} قَالَ: دَاوُد وَالْمَرْأَة الَّتِي نَكَحَهَا وَاسْمهَا اليسعية فَذَلِك سنة الله فِي مُحَمَّد وَزَيْنَب {وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا} كَذَلِك فِي سنته فِي دَاوُد وَالْمَرْأَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزَيْنَب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا نِكَاح إِلَّا بوليّ وشهود وَمهر إِلَّا مَا كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكُمَيْت بن يزِيد الْأَسدي قَالَ: حَدثنِي مَذْكُور مولى زَيْنَب بنت جحش قَالَت خطبني عدَّة من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسلت إِلَيْهِ أخي يشاوره فِي ذَلِك قَالَ: زيد بن حَارِثَة فَغضِبت وَقَالَت: تزوّج بنت عَمَّتك مَوْلَاك ثمَّ أَتَتْنِي فأخبرتني بذلك فَقلت: أَشد من قَوْلهَا وغضبت أَشد من غَضَبهَا فَأنْزل الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم} فَأرْسلت إِلَيْهِ زَوجنِي من شِئْت فزوّجني مِنْهُ فَأَخَذته بلساني فَشَكَانِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: اذن طَلقهَا فطلقني فَبت طَلَاقي فَلَمَّا انْقَضتْ عدتي لم أشعر إِلَّا وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مكشوفة الشّعْر فَقلت: هَذَا أَمر من السَّمَاء دخلت يَا رَسُول الله بِلَا خطْبَة وَلَا شَهَادَة قَالَ: الله المزوّج وَجِبْرِيل الشَّاهِد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ وأنعمت} قَالَ: بلغنَا أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِي زَيْنَب بنت جحش رَضِي الله عَنْهَا وَكَانَت امها أُمَيْمَة بنت عبد الْمطلب عمَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَرَادَ أَن يزوّجها زيد بن حَارِثَة رَضِي الله عَنهُ فَكرِهت ذَلِك ثمَّ إِنَّهَا رضيت بِمَا صنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزوّجها إِيَّاه ثمَّ أعلم الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَنَّهَا من أَزوَاجه فَكَانَ يستحي أَن يَأْمر زيد بن حَارِثَة بِطَلَاقِهَا وَكَانَ لَا يزَال يكون بَين زيد وَزَيْنَب بعض مَا يكون بَين النَّاس فيأمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يمسك عَلَيْهِ زوجه وَأَن يَتَّقِي الله وَكَانَ يخْشَى النَّاس أَن يعيبوا عَلَيْهِ أَن يَقُولُوا: تزوّج امْرَأَة ابْنه وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد تبنى زيدا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْترى زيد بن حَارِثَة فِي الْجَاهِلِيَّة من عكاظ بحلى امْرَأَته خَدِيجَة فاتخذه ولدان فَلَمَّا بعث الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مكث مَا شَاءَ الله أَن يمكثن ثمَّ أَرَادَ أَن يزوّجه زَيْنَب بنت جحش فَكرِهت ذَلِك فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم} فَقيل لَهَا: إِن شِئْت الله وَرَسُوله وان شِئْت ضلالا مُبينًا فقالتك بل الله وَرَسُول فزوّجه رَسُول الله إِيَّاهَا فَمَكثت مَا شَاءَ الله أَن تمكث ثمَّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل يَوْمًا بَيت زيد فرآها وَهِي بنت عمته فَكَأَنَّهَا وَقعت فِي نَفسه قَالَ عِكْرِمَة: رَضِي الله عَنهُ فَأنْزل الله {وَإِذ تَقول للَّذي أنعم الله عَلَيْهِ} يَعْنِي زيدا بالإِسلام {وأنعمت عَلَيْهِ} يَا مُحَمَّد بِالْعِتْقِ {أمسك عَلَيْك زَوجك وَاتَّقِ الله وتخفي فِي نَفسك مَا الله مبديه وتخشى النَّاس وَالله أَحَق أَن تخشاه} قَالَ: عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فَكَانَ النِّسَاء يَقُولُونَ: من شدَّة مَا يرَوْنَ من حب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزيد رَضِي الله عَنهُ أَنه ابْنه فَأَرَادَ الله أمرا قَالَ الله {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطراً زوَّجناكها} يَا مُحَمَّد {لكَي لَا يكون على الْمُؤمنِينَ حرج فِي أَزوَاج أدعيائهم} وَأنزل الله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} فَلَمَّا طَلقهَا زيد تزَوجهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعذرها قَالُوا: لَو كَانَ زيد بن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تزوّج امْرَأَة ابْنه وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن جحش قَالَ:

تفاخرت زَيْنَب وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَت زَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا: أَنا الَّذِي نزل تزويجي من السَّمَاء وَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: أَنا نزل عُذْري من السَّمَاء فِي كِتَابه حِين حَملَنِي ابْن الْمُعَطل على الرَّاحِلَة فَقَالَت لَهَا زَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا: مَا قلت حِين ركبتيها قَالَت: قلت حسبي الله وَنعم الْوَكِيل قَالَ: قلت كلمة الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن جرير عَن ورَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم} قَالَ: نزلت فِي زيد بن حَارِثَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم وَلَكِن رَسُول الله} قَالَ: نزلت فِي زيد بن حَارِثَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم} قَالَ: نزلت فِي زيد رَضِي الله عَنهُ أَي أَنه لم يكن بِابْنِهِ ولعمري لقد ولد لَهُ ذُكُور وَإنَّهُ لأبو الْقَاسِم وَإِبْرَاهِيم وَالطّيب والمطهر وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم} قَالَ: مَا كَانَ ليعيش لَهُ فِيكُم ولد ذكر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين} قَالَ: آخر نَبِي وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله {وَخَاتم النَّبِيين} قَالَ: ختم الله النَّبِيين بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ آخر من بعث وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثلي وَمثل النَّبِيين كَمثل رجل بنى دَارا فأتمها إِلَّا لبنة وَاحِدَة فَجئْت أَنا فأتممت تِلْكَ اللبنة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثلي وَمثل الْأَنْبِيَاء كَمثل رجل ابتنى دَارا فأكملها وأحسنها إِلَّا مَوضِع لبنة فَكَانَ من دَخلهَا فَنظر إِلَيْهَا قَالَ: مَا أحْسنهَا إِلَّا مَوضِع اللبنة فَأَنا مَوضِع اللبنة فختم بِي الْأَنْبِيَاء

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مثلي وَمثل الْأَنْبِيَاء من قبلي كَمثل رجل بنى دَارا بِنَاء فأحسنه وأجمله إِلَّا مَوضِع لبنة من زَاوِيَة من زواياها فَجعل النَّاس يطوفون بِهِ ويتعجبون لَهُ وَيَقُولُونَ: هلا وضعت هَذِه اللبنة فَأَنا اللبنة وَأَنا خَاتم النَّبِيين وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مثلي فِي النَّبِيين كَمثل رجل بنى دَارا فأحسنها وأكملها وأجملها وَترك فِيهَا مَوضِع هَذِه اللبنة لم يَضَعهَا فَجعل النَّاس يطوفون بالبنيان ويعجبون مِنْهُ وَيَقُولُونَ: لَو تمّ موشع هَذِه اللبنة فَأَنا فِي النَّبِيين مَوضِع تِلْكَ اللبنة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه سَيكون فِي أمتِي كذابون ثَلَاثُونَ كلهم يزْعم أَنه نَبِي وَأَنا خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي أمتِي كذابون ودجالون سَبْعَة وَعِشْرُونَ مِنْهُم أَربع نسْوَة وَإِنِّي خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قُولُوا خَاتم النَّبِيين وَلَا تَقولُوا لَا نَبِي بعده وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل عِنْد الْمُغيرَة بن أبي شُعْبَة صلى الله على مُحَمَّد خَاتم الْأَنْبِيَاء لَا نَبِي بعده فَقَالَ الْمُغيرَة: حَسبك إِذا قلت خَاتم الْأَنْبِيَاء فَإنَّا كُنَّا نُحدث أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام خَارج فَإِن هُوَ خرج فقد كَانَ قبله وَبعده وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: كنت اقرىء الْحسن وَالْحُسَيْن فَمر بِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَأَنا اقرئهما فَقَالَ لي: اقرئهما وَخَاتم النَّبِيين بِفَتْح التَّاء وَالله الْمُوفق

41

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا الله ذكرا كثيرا أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي

قَوْله {اذْكروا الله ذكرا كثيرا} يَقُول: لَا يفْرض على عبَادَة فَرِيضَة إِلَّا جعل لَهَا حدا مَعْلُوما ثمَّ عذر أَهلهَا فِي حَال عذر غير الذّكر فَإِن الله تَعَالَى لم يَجْعَل لَهُ حدا يَنْتَهِي إِلَيْهِ وَلم يعْذر أحدا فِي تَركه إِلَّا مَغْلُوبًا على عقله فَقَالَ: اذْكروا الله قيَاما وقعوداً وعَلى جنوبكم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار فِي الْبر وَالْبَحْر فِي السّفر والحضر فِي الْغنى والفقر وَالصِّحَّة والسقم والسر وَالْعَلَانِيَة وعَلى كل حَال وَقد سبحوه بكرَة وَأَصِيلا فَإِذا فَعلْتُمْ ذَلِك صلى عَلَيْكُم وَهُوَ وَمَلَائِكَته قَالَ الله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {اذْكروا الله ذكرا كثيرا} قَالَ: بِاللِّسَانِ بالتسبيح وَالتَّكْبِير والتهليل والتحميد واذكروه على كل حَال {وسبحوه بكرَة وَأَصِيلا} يَقُول: صلوا لله بكرَة بِالْغَدَاةِ وَأَصِيلا بالْعَشي وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ أَي الْعباد أفضل دَرَجَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: الذاكرون الله كثيرا قلت يَا رَسُول الله: وَمن الْغَازِي فِي سَبِيل الله قَالَ: لَو ضرب بِسَيْفِهِ فِي الْكفَّار وَالْمُشْرِكين حَتَّى ينكسر ويختضب دَمًا لَكَانَ الذاكرون الله أفضل مِنْهُ دَرَجَة وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سبق المفردون قَالُوا: وَمَا المفردون يَا رَسُول الله قَالَ: الذاكرون الله كثيرا وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا سَأَلَهُ فَقَالَ: أَي الْمُجَاهدين أعظم أجرا قَالَ: أَكْثَرهم لله ذكرا قَالَ: فَأَي الصائمين أعظم أجرا قَالَ: أَكْثَرهم لله ذكرا الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْحج وَالصَّدَََقَة كل ذَلِك وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَكْثَرهم لله ذكرا فَقَالَ أَبُو بكر لعمر رَضِي الله عَنْهُمَا: يَا أَبَا حَفْص ذهب الذاكرون بِكُل خير فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أجل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحن نسير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالدف بَين حمدَان قَالَ يَا معَاذ أَيْن السَّابِقُونَ قلت

مضى نَاس قَالَ: أَيْن السَّابِقُونَ الَّذين يستهترون بِذكر الله من أحب أَن يرتع فِي رياض الْجنَّة فليكثر ذكر الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أم أنس رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله أوصني قَالَ: اهجري الْمعاصِي فَإِنَّهَا أفضل الْهِجْرَة وحافظي على الْفَرَائِض فَإِنَّهَا أفضل الْجِهَاد واكثري من ذكر الله فَإنَّك لَا تأتين الله بِشَيْء أحب الله بِشَيْء أحب إِلَيْهِ من كَثْرَة ذكره وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لم يكثر ذكر الله فقد برىء من الايمان وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَكْثرُوا ذكر الله حَتَّى يَقُولُوا: مَجْنُون وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اذْكروا الله حَتَّى يَقُول المُنَافِقُونَ: انكم مراؤون وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي الجوزاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اكثروا من ذكر الله حَتَّى يَقُول المُنَافِقُونَ: انكم مراؤون

42

- قَوْله تَعَالَى: وسبحوه بكرَة واصيلا أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وسبحوه بكرَة وَأَصِيلا} قَالَ: صَلَاة الصُّبْح وَصَلَاة الْعَصْر وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا يذكر عَن ربه تبَارك وَتَعَالَى اذْكُرْنِي بعد الْفجْر وَبعد الْعَصْر سَاعَة أكفك مَا بَينهمَا وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِأَن أقعد أذكر الله وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حَتَّى تطلع الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أعتق رقبتين أَو أَكثر من ولد اسمعيل وَمن بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أعتق أَربع رِقَاب من ولد إِسْمَعِيل

وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يدع رجل مِنْكُم أَن يعْمل لله ألف حَسَنَة حِين يصبح يَقُول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ مائَة مرّة فَإِنَّهَا ألف حَسَنَة فَإِنَّهُ لن يعْمل إِن شَاءَ الله مثل ذَلِك فِي يَوْمه من الذُّنُوب وَيكون مَا عمل من خير سوى ذَلِك وافراً وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم نبت لَهُ غرس فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم نبت لَهُ غرس فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم يَقُول سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ انهما القريبتان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم غرس لَهُ نَخْلَة أَو سجرة فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَالَ فِي يَوْم مائَة مرّة سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ حطت خطاياه وَلَو كَانَت مثل زبد الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن هِلَال بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت امْرَأَة من هَمدَان تسبح وتحصيه بالحصى أَو النَّوَى فَقَالَ لَهَا عبد الله: أَلا أدلك على خير من ذَلِك تَقُولِينَ: الله أكبر كَبِيرا وَسُبْحَان الله بكرَة وَأَصِيلا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لنا يعجز أحدكُم أَن يكْسب فِي الْيَوْم ألف حَسَنَة فَقَالَ رجل كَيفَ يكْسب أَحَدنَا ألف حَسَنَة قَالَ: يسبح الله مائَة تَسْبِيحَة فتكتب لَهُ ألف حَسَنَة وتحط عَنهُ ألف خَطِيئَة

43

- قَوْله تَعَالَى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته ليخرجكم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رحِيما

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله مَا أنزل الله عَلَيْك خيرا إِلَّا أشركنا فِيهِ فَنزلت {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته} وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سليم بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى أبي أُمَامَة فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت فِي مَنَامِي أَن الْمَلَائِكَة تصلي عَلَيْك كلما دخلت وَكلما خرجت وَكلما قُمْت وَكلما جَلَست قَالَ: وَأَنْتُم لَو شِئْتُم صلت عَلَيْكُم الْمَلَائِكَة ثمَّ قَرَأَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرَة وَأَصِيلا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته} قَالَ: صَلَاة الله: ثَنَاؤُهُ وَصَلَاة الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم: الصلام الدُّعَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صَلَاة الرب: الرَّحْمَة وَصَلَاة الْمَلَائِكَة: الاسْتِغْفَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته} قَالَ: الله يغْفر لكم وَتَسْتَغْفِر لكم مَلَائكَته وخ ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم قَالَ: أكْرم الله أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى عَلَيْهِم كَمَا صلى على الْأَنْبِيَاء فَقَالَ {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم} قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل سَأَلُوا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام هَل يُصَلِّي رَبك فَكَانَ ذَلِك كبر فِي صدر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَأوحى الله إِلَيْهِ أخْبرهُم اني أُصَلِّي وَأَن صَلَاتي ان رَحْمَتي سبقت غَضَبي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُصعب بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا قَالَ العَبْد: سُبْحَانَ الله قَالَت الْمَلَائِكَة: وَبِحَمْدِهِ وَإِذ قَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ صلوا عَلَيْهِ

وَأخرج عبد بن حميد عَن شهر بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: قَالَ بَنو اسرائيل: يَا مُوسَى سل لنا رَبك هَل يُصَلِّي فتعاظم عَلَيْهِ ذَلِك فَقَالَ يَا مُوسَى مَا يَسْأَلك قَوْمك فَأخْبرهُ قَالَ: نعم أخْبرهُم اني أُصَلِّي وَأَن صَلَاتي ان رَحْمَتي سبقت غَضَبي وَلَوْلَا ذَلِك لهلكوا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَطاء بن أبي رَبَاح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلَائِكَته} قَالَ: صلَاته على عباده سبوح قدوس تغلب رَحْمَتي غَضَبي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت لجبريل عَلَيْهِ السَّلَام: هَل يُصَلِّي رَبك قَالَ: نعم قلت: وَمَا صلَاته قَالَ: سبوح قدوس سبقت رَحْمَتي غَضَبي

44

- قَوْله تَعَالَى: تحيتهم يَوْم يلقونه سَلام وَأعد لَهُم أجرا كَرِيمًا أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تحيتهم يَوْم يلقونه سَلام} تَحِيَّة أهل الْجنَّة: السَّلَام {وَأعد لَهُم أجرا كَرِيمًا} أَي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تحيتهم يَوْم يلقونه سَلام} قَالَ: يَوْم يلقون ملك الْمَوْت لَيْسَ من مُؤمن يقبض روحه إِلَّا سلم عَلَيْهِ وَأخرج الْمروزِي فِي الْجَنَائِز وَابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا جَاءَ ملك الْمَوْت ليقْبض روح الْمُؤمن قَالَ: رَبك يُقْرِئك السَّلَام

45

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا وداعياً إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا وَبشر الْمُؤمنِينَ بِأَن لَهُم من الله فضلا كَبِيرا وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ ودع أذاهم وتوكل على الله وَكفى بِاللَّه وَكيلا أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} وَقد كَانَ أَمر عليا ومعاذ أَن يَسِيرا إِلَى الْيمن فَقَالَ انْطَلقَا فَبَشِّرا وَلَا تُنَفِّرا ويَسِّرا وَلَا تُعَسِّرا فَإِنَّهُ قد أنزل عليَّ {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} قَالَ: شَاهدا على أمتك وَمُبشرا بِالْجنَّةِ وَنَذِيرا من النَّار وداعياً إِلَى شَهَادَة لَا إِلَه إِلَّا الله {بِإِذْنِهِ وسراجاً منيراً} بِالْقُرْآنِ وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقِيت عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فَقلت: أَخْبرنِي عَن صفة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة قَالَ: أجل وَالله انه لموصوف فِي التَّوْرَاة بِبَعْض صفته فِي الْقُرْآن {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} وحرزاً للأميين أَنْت عَبدِي ورسولي سميتك المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا سخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا تجزىء بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن تَعْفُو وتصفح وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول اني عبد الله وَخَاتم النَّبِيين وَأبي منجدل فِي طينته وأخبركم عَن ذَلِك أَنا دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وَبشَارَة عِيسَى ورؤيا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ وَكَذَلِكَ أُمَّهَات النَّبِيين يرين وَإِن أم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَتْ حِين وَضعته نورا أَضَاءَت لَهَا قُصُور السام ثمَّ تَلا {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا} إِلَى قَوْله {منيراً} وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَالْحسن الْبَصْرِيّ قَالَا: لما نزلت ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر (الْفَتْح الْآيَة 2) قَالُوا: يَا رَسُول الله قد علمنَا مَا يفعل بك فَمَاذَا

يفعل بِنَا فَأنْزل الله {وَبشر الْمُؤمنِينَ بِأَن لَهُم من الله فضلا كَبِيرا} قَالَ: الْفضل الْكَبِير: الْجنَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: اجْتمع عتبَة وَشَيْبَة وَأَبُو جهل وَغَيرهم فَقَالُوا: أسقط السَّمَاء علينا كسفا أَو ائتنا بِعَذَاب أَو امطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ذَاك إِلَيّ إِنَّمَا بعثت إِلَيْكُم دَاعيا وَمُبشرا وَنَذِيرا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا} قَالَ: على أمتك بالبلاغ {وَمُبشرا} بِالْجنَّةِ {وَنَذِيرا} من النَّار {وداعياً إِلَى الله} إِلَى الشَّهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله {بِإِذْنِهِ} قَالَ: بأَمْره {وسراجاً منيراً} قَالَ: كتاب الله يَدعُوهُم إِلَيْهِ {وَبشر الْمُؤمنِينَ بِأَن لَهُم من الله فضلا كَبِيرا} وَهِي الْجنَّة {وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ ودع أذاهم} قَالَ: اصبر على أذاهم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ودع أذاهم} قَالَ: اعْرِض عَنْهُم

49

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات} الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة ثمَّ يطلقهَا من قبل أَن يَمَسهَا فَإِذا طَلقهَا وَاحِدَة بَانَتْ مِنْهُ لَا عدَّة عَلَيْهَا تتَزَوَّج من شَاءَت ثمَّ قَالَ {فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً} يَقُول: ان كَانَ سمي لَهَا صَدَاقا فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا النّصْف وَإِن لم يكن سمي لَهَا صَدَاقا مَتعهَا على قدر عسره ويسره وَهُوَ السراح الْجَمِيل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الَّتِي نكحت وَلم

يَبْنِ بهَا وَلم يفْرض لَهَا فَلَيْسَ لَهَا صدَاق وَلَيْسَ عَلَيْهَا عدَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن} قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة نسختها الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة {فَنصف مَا فرضتم} الْبَقَرَة الْآيَة 237 وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات} إِلَى قَوْله {فمتعوهن} قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة نسختها الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ وَقد فرضتم لَهُنَّ فَرِيضَة فَنصف مَا فرضتم} الْبَقَرَة ن الْآيَة 237 فَصَارَ لَهَا نصف الصَدَاق وَلَا مَتَاع لَهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَا: لَيست بمنسوخة لَهَا نصف الصَدَاق وَلها الْمَتَاع وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لكل مُطلقَة مَتَاع دخل أَو لم يدْخل بهَا فرض لَهَا أَو لم يفْرض لَهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن حُسَيْن بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عَليّ بن حُسَيْن فَسَأَلَهُ عَن رجل قَالَ: ان تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق قَالَ: لَيْسَ بِشَيْء بَدَأَ الله بِالنِّكَاحِ قبل الطَّلَاق فَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن} وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رجل يَقُول: ان تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق قَالَ: لَيْسَ بِشَيْء إِنَّمَا الطَّلَاق لمن يملك قَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: كَانَ يَقُول: إِذا وَقت وقتا فَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ: رحم الله أَبَا عبد الرَّحْمَن لَو كَانَ كَمَا قَالَ: لقَالَ الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا طلّقْتُم النِّسَاء ثمَّ نكحتموهن} وَلَكِن إِنَّمَا قَالَ {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن ابْن مَسْعُود يَقُول: إِن طلق مَا لم ينْكح فَهُوَ جَائِز فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَخطَأ فِي هَذَا إِن الله تَعَالَى يَقُول {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} وَلم يقل {إِذا طلّقْتُم الْمُؤْمِنَات ثمَّ نكحتموهن}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق طَاوس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه تَلا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} قَالَ: فَلَا يكون طَلَاق حَتَّى يكون نِكَاح وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ: إِذا قَالَ كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق أَو ان تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق فَلَيْسَ لشَيْء إِنَّمَا الطَّلَاق لمن يملك من أجل أَن الله يَقُول {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن من طَرِيق عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا قَالَهَا ابْن مَسْعُود وَإِن يكن قَالَهَا فزلة من عَالم فِي الرجل يَقُول: إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات} وَلم يقل {إِذا طلّقْتُم الْمُؤْمِنَات ثمَّ نكحتموهن} وَأخرج الْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ {لَا طَلَاق إِلَّا بعد نِكَاح وَلَا عتق إِلَّا بعد ملك} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا طَلَاق فِيمَا لَا تملك وَلَا بيع فِيمَا لَا تملك وَلَا وَفَاء نذر فِيمَا لَا تملكن وَلَا نذر إِلَّا فِيمَا ابْتغى وَجه الله تَعَالَى وَمن حلف على مَعْصِيّة فَلَا يَمِين لَهُ وَمن حلف على قطيعة رحم فَلَا يَمِين لَهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا طَلَاق فِيمَا لَا تملك وَلَا عتق فِيمَا لَا تملك وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْمسور بن مُحرمَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا طَلَاق قبل نِكَاح وَلَا عتق قبل ملك

50

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك الَّاتِي أتيت أُجُورهنَّ وَمَا ملكت يَمِينك مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْك وَبَنَات عمك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي إِن

أَرَادَ النَّبِي أَن يستنكحها خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم وَمَا ملكت أَيْمَانهم لكيلا يكون عَلَيْك حرج وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما أخرج ابْن سعد وَابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم هانىء بنت أبي طَالب رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: خطبني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاعتذرت إِلَيْهِ فعذرني فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} إِلَى قَوْله {هَاجَرْنَ مَعَك} قَالَت: فَلم أكن أحل لَهُ لِأَنِّي لم أُهَاجِر مَعَه كنت من الطُّلَقَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن أم هانىء رَضِي الله عَنْهَا قَالَت نزلت فيَّ هَذِه الْآيَة {وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك} فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَتَزَوَّجنِي فَنهى عني إِذْ لم أُهَاجِر وَأخرج ابْن سعد عَن أبي صَالح مولى أم هانىء قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم هانىء بنت أبي طَالب فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِنِّي مؤتمة وَبني صغَار فَلَمَّا أدْرك بنوها عرضت عَلَيْهِ نَفسهَا فَقَالَ: الْآن فَلَا إِن الله تَعَالَى أنزل عليَّ {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} إِلَى {هَاجَرْنَ مَعَك} وَلم تكن من الْمُهَاجِرَات وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} إِلَى قَوْله {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} قَالَ: فَحرم الله عَلَيْهِ سوى ذَلِك من النِّسَاء وَكَانَ قبل ذَلِك ينْكح فِي أَي النِّسَاء شَاءَ لم يحرم ذَلِك عَلَيْهِ وَكَانَ نساؤه يجدن من ذَلِك وجدا شَدِيدا أَن ينْكح فِي أَي النِّسَاء أحب فَلَمَّا أنزل الله عَلَيْهِ إِنِّي قد حرمت عَلَيْك من النِّسَاء سوى مَا قصصت عَلَيْك أعجب ذَلِك نِسَاءَهُ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} قَالَ: هن أَزوَاجه الأول اللَّاتِي كن قبل أَن تنزل هَذِه الْآيَة فِي قَوْله {اللَّاتِي آتيت أُجُورهنَّ} قَالَ: صدقاتهن

{وَمَا ملكت يَمِينك} قَالَ: هِيَ الاماء الَّتِي أَفَاء الله عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: رخص لَهُ فِي بَنَات عَمه وَبَنَات عماته وَبَنَات خَاله وَبَنَات خالاته اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَه أَن يتزوّج مِنْهُنَّ وَلَا يتَزَوَّج من غَيْرهنَّ وَرخّص لَهُ فِي امْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} قَالَ: بِغَيْر صدَاق أحل لَهُ ذَلِك وَلم يكن ذَلِك أحل لَهُ إِلَّا {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} قَالَ: خَاصَّة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَوْلَة بنت حَكِيم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ: أَن خَوْلَة بنت حَكِيم بن الأقوص كَانَت من اللَّاتِي وهبْنَ أَنْفسهنَّ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَامْرَأَة مُؤمنَة} قَالَ: نزلت فِي أم شريك الدوسية وَأخرج ابْن سعد عَن مُنِير بن عبد الله الدوسي أَن أم شريك غزيَّة بنت جَابر بن حَكِيم الدوسية عرضت نَفسهَا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت جميلَة فقبلها فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: مَا فِي امْرَأَة حِين وهبت نَفسهَا لرجل خير قَالَت أم شريك رَضِي الله عَنْهَا: فَأَنا تِلْكَ فسماها الله تَعَالَى {مُؤمنَة} فَقَالَ {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: إِن الله يُسَارع لَك فِي هَوَاك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب وَعمر بن الحكم وَعبد الله بن عُبَيْدَة قَالُوا: تزوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث عشرَة امْرَأَة سِتّ من قُرَيْش خَدِيجَة وَعَائِشَة وَحَفْصَة وَأم حَبِيبَة وَسَوْدَة وَأم سَلمَة وَثَلَاث من بني عَامر بن صعصعة وَامْرَأَتَيْنِ من بني هِلَال مَيْمُونَة بنت الْحَرْث وَهِي الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزَيْنَب أم الْمَسَاكِين وَهِي الَّتِي اخْتَارَتْ الدُّنْيَا وَامْرَأَة من بني

الْحَارِث وَهِي الَّتِي اتسعاذت مِنْهُ وَزَيْنَب بنت جحش الأَسدِية والسبيتين صَفِيَّة بنت حييّ وَجُوَيْرِية بنت الْحَارِث الْخُزَاعِيَّة وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَامْرَأَة مُؤمنَة} هِيَ أم شريك الْأَزْدِيَّة الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وخ ابْن سعد عَن ابْن أبي عون: ان ليلى بنت الْحطيم وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووهبن نسَاء أَنْفسهنَّ فَلم نسْمع أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل مِنْهُنَّ أحدا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الشّعبِيّ: إِنَّهَا امْرَأَة من الْأَنْصَار وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي مِمَّا أرجا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لم يكن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة وهبت نَفسهَا لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تحل الْهِبَة لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ وابراهيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} قَالَا: لَا تحل الْهِبَة لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يحل لأحد أَن يهب ابْنَته بِغَيْر مهر إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَكْحُول وَالزهْرِيّ قَالَا: لم تحل الْمَوْهُوبَة لأحد بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يحل لرجل أَن يهب ابْنَته بِغَيْر صدَاق قد جعل الله ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة دون الْمُؤمنِينَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي امْرَأَة وهبت نَفسهَا لرجل قَالَ: لَا يصلح إِلَّا بِالصَّدَاقِ لم يكن ذَلِك إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا نَبِي الله هَل لَك فِي حَاجَة فَقَالَت ابْنة أنس: مَا كَانَ أقل حياءها فَقَالَ هِيَ خير مِنْك رغبت فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعرضت نَفسهَا عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نتحدث أَن أم شريك رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَت مِمَّن وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت امْرَأَة صَالِحَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} قَالَ: هِيَ مَيْمُونَة بنت الْحَرْث وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وهبت مَيْمُونَة بنت الْحَرْث نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَأحمد والخباري وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ: ان امْرَأَة جَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوهبت نَفسهَا لَهُ فَصمت فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله زوجنيها إِن لم يكن لَك بهَا حَاجَة قَالَ مَا عنْدك تعطيها قَالَ: مَا عِنْدِي إِلَّا ازاري قَالَ: ان أعطيتهَا ازارك جَلَست لَا ازار لَك فالتمس شَيْئا قَالَ: مَا أجد شَيْئا فَقَالَ: قد زوّجناكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} قَالَ: فعلت وَلم يفعل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} قَالَ: لَا تحل الْمَوْهُوبَة لغيرك وَلَو ان امْرَأَة وهبت نَفسهَا لرجل لم تحل لَهُ حَتَّى يُعْطِيهَا شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} يَقُول: لَيْسَ لامْرَأَة أَن تهب نَفسهَا لرجل بِغَيْر ولي وَلَا مهر إِلَّا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت خَاصَّة لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دون النَّاس يَزْعمُونَ أَنَّهَا نزلت فِي مَيْمُونَة بنت الْحَارِث هِيَ الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم} قَالَ: فرض الله أَن لَا تنْكح امْرَأَة إِلَّا بولِي وصداق وشهداء وَلَا ينْكح الرجل إِلَّا أَرْبعا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم} قَالَ: لَا يُجَاوز الرجل أَربع نسْوَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم} قَالَ: فرض عَلَيْهِم أَنه لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قد علمنَا مَا فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم} قَالَ: فرض عَلَيْهِم أَن لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدين وَمهر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لكيلا يكون عَلَيْك حرج} قَالَ: جعله الله تَعَالَى فِي حل من ذَلِك وَكَانَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقسم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ أَنه قيل لَهُ: ان أَبَا مُوسَى نهى حِين فتح تستر أَن لَا تُوطأ الحبالى وَلَا يُشَارك الْمُشْركُونَ فِي أَوْلَادهم فَإِن المَاء يزِيد فِي الْوَلَد أَشَيْء قَالَه بِرَأْيهِ أَو شَيْء رَوَاهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أَوْطَاس أَن تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع أَو حَائِل حَتَّى تستبرأ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ منا من وطئ حُبْلَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارقطني وَأَبُو دَاوُد وَابْن منيع وَالْبَغوِيّ والباوردي وَابْن قَانِع وَالْبَيْهَقِيّ والضياء عَن أبي مُورق مولى نجيب قَالَ: غزونا مَعَ رويفع بن ثَابت الْأنْصَارِيّ نَحْو الْمغرب ففتحنا قَرْيَة يُقَال لَهَا: جربة فَقَامَ فِينَا خَطِيبًا فَقَالَ: إِنِّي لَا أَقُول لكم إِلَّا مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ فِينَا يَوْم خَيْبَر قَالَ من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يسقين مَاءَهُ زرع غَيره وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما فتح تستر أصَاب أَبُو مُوسَى سَبَايَا فَكتب إِلَيْهِ عمر رَضِي الله عَنهُ: أَن لَا يَقع أحد على امْرَأَة حُبْلَى حَتَّى تضع وَلَا تشاركوا الْمُشْركين فِي أَوْلَادهم فَإِن المَاء تَمام الْوَلَد

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تُوطأ الْحَامِل حَتَّى تضع والحائل حَتَّى تستبرأ بِحَيْضَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر منادياً فِي غَزْوَة غَزَاهَا: لَا يطَأ الرجل حَامِلا حَتَّى تضع وَلَا حَائِلا حَتَّى تحيض وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى يَوْم خَيْبَر أَن لَا تُوطأ الحبالى حَتَّى يَضعن

51

- قَوْله تَعَالَى: ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك ذَلِك أدنى أَن تقر أعينهن وَلَا يحزن ويرضين بِمَا آتيناهن كُلهنَّ وَالله يعلم مَا فِي قُلُوبكُمْ وَكَانَ الله عليما حكيما أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {ترجي من تشَاء} يَقُول: تُؤخر وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} قَالَ: أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ {وَتُؤْوِي} يَعْنِي نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَعْنِي بالارجاء يَقُول: من شِئْت خليت سَبيله مِنْهُنَّ وَيَعْنِي بالايواء يَقُول: من أَحْبَبْت أَمْسَكت مِنْهُنَّ وَقَوله {وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك ذَلِك أدنى أَن تقر أعينهن وَلَا يحزن ويرضين بِمَا آتيتهن كُلهنَّ} يَعْنِي بذلك النِّسَاء اللَّاتِي أحلهن الله لَهُ من بَنَات الْعمة وَالْخَال وَالْخَالَة وَقَوله {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك} يَقُول: إِن مَاتَ من نِسَائِك الَّتِي عنْدك أحد أَو خليت سَبِيلهَا قد أحللت لَك مَكَان من مَاتَ من نِسَائِك اللَّاتِي كن عنْدك أَو خليت سَبِيلهَا فقد أحللت لَك أَن تستبدل من اللَّاتِي أحللت لَك وَلَا يصلح لَك ان تزد على عدَّة نِسَائِك اللَّاتِي عنْدك شَيْئا وخ ابْن مرْدَوَيْه عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسع نسْوَة فَخَشِينَا أَن يُطَلِّقهُنَّ فَقُلْنَ: يَا رَسُول الله اقْسمْ لنا من نَفسك وَمَالك وَمَا شِئْت وَلَا تطلقنا فَأنْزل الله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ: وَكَانَ المؤويات خَمْسَة: عَائِشَة وَحَفْصَة وَأم سَلمَة وَزَيْنَب وَأم حَبِيبَة والمرجآت أَرْبَعَة: جوَيْرِية ومَيْمُونَة وَسَوْدَة وَصفِيَّة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن الْمسيب عَن خَوْلَة بنت حَكِيم قَالَ: وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوّجها فارجأها فِيمَن أرجا من نِسَائِهِ وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موسعاً عَلَيْهِ فِي قسم أَزوَاجه يقسم بَينهُنَّ كَيفَ شَاءَ وَذَلِكَ قَوْله الله {ذَلِك أدنى أَن تقر أعينهن} إِذا علِمْنَ أَن ذَلِك من الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موسعاً عَلَيْهِ فِي قسم أَزوَاجه أَن يقسم بَينهُنَّ كَيفَ شَاءَ فَلذَلِك قَالَ الله {ذَلِك أدنى أَن تقر أعينهن} إِذا علِمْنَ أَن ذَلِك من الله وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت فِيمَن ارجىء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خطب امْرَأَة لم يكن لرجل أَن يخطبها حَتَّى يتزوّجها أَو يَتْرُكهَا وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير عَن الْحسن وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كنت أغار من اللَّاتِي وهبْنَ أَنْفسهنَّ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَقُول: كَيفَ تهب نَفسهَا فَلَمَّا أنزل الله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت فَلَا جنَاح عَلَيْك} قلت: مَا أرى رَبك الا يُسَارع فِي هَوَاك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا كَانَت تَقول: أما تَسْتَحي الْمَرْأَة أَن تهب نَفسهَا للرجل فَأنْزل الله فِي نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء} فَقَالَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: أرى رَبك يُسَارع فِي هَوَاك وَأخرج ابْن سعد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لما نزلت {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} قلت: إِن الله يُسَارع لَك فِيمَا تُرِيدُ وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كن وهبْنَ أَنْفسهنَّ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل ببعضهن وارجأ بَعضهنَّ فَلم يقربن حَتَّى توفّي وَلم ينكحن بعده مِنْهُنَّ أم شريك فَذَلِك قَوْله

{ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء} وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُطلق من نِسَائِهِ فَلَمَّا رأين ذَلِك أتينه فَقُلْنَ: لَا تخل سبيلنا وَأَنت فِي حل فِيمَا بَيْننَا وَبَيْنك افْرِضْ لنا من نَفسك وَمَالك مَا شئتن فَأنْزل الله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} نسْوَة يَقُول: تعزل من تشَاء فارجأ مِنْهُنَّ واوى نسْوَة وَكَانَ مِمَّن أَرْجَى مَيْمُونَة وَجُوَيْرِية وَأم حَبِيبَة وَصفِيَّة وَسَوْدَة وَكَانَ يقسم بَينهُنَّ من نَفسه وَمَاله مَا شَاءَ وَكَانَ مِمَّن آوى عَائِشَة وَحَفْصَة وَأم سَلمَة وَزَيْنَب فَكَانَت قسمته من نَفسه وَمَاله بَينهُنَّ سَوَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ترجي من تشَاء} قَالَ: هَذَا أَمر جعله الله إِلَى نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تأديبه نِسَاءَهُ لكَي يكون ذَلِك أقرّ لأعينهن وأرضى فِي عيشتهن وَلم نعلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرجأ مِنْهُنَّ شَيْئا وَلَا عَزله بعد أَن خيرهن فاخترنه وَأخرج ابْن سعد عَن ثَعْلَبَة بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان يُطلق بعض نسائهن فجعلنه فِي حل فَنزلت {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} قَالَ: تَعْتَزِل من تشَاء مِنْهُنَّ لَا تَأتيه بِغَيْر طَلَاق {وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء} قَالَ: ترده إِلَيْك {وَمن ابْتَغَيْت مِمَّن عزلت} أَن تؤويه إِلَيْك إِن شِئْت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ترجي} قَالَ: تُؤخر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُطلق كَانَ يعتزل وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يسْتَأْذن فِي يَوْم الْمَرْأَة منا بعد أَن أنزلت هَذِه الْآيَة {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ} فَقلت لَهَا: مَا كنت تَقُولِينَ

قَالَت: كنت أَقُول لَهُ: إِن كَانَ ذَاك إِلَيّ فَإِنِّي لَا أُرِيد ان أوثر عَلَيْك أحدا

52

- قَوْله تَعَالَى: لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ إِلَّا مَا ملكت يَمِينك وَكَانَ الله على كل شَيْء رقيبا أخرج الْفرْيَابِيّ والدارمي وَابْن سعد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن زِيَاد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لأبي رَضِي الله عَنهُ: أَرَأَيْت لَو أَن ازواج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متن أما يحل لَهُ أَن يتَزَوَّج قَالَ: وَمَا يمنعهُ من ذَلِك قلت: قَوْله {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} فَقَالَ: إِنَّمَا أحل لَهُ ضربا من النِّسَاء وَوصف لَهُ صفة فَقَالَ {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} الْأَحْزَاب الْآيَة 50 إِلَى قَوْله {وَامْرَأَة مُؤمنَة} ثمَّ قَالَ {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} هَذِه الصّفة وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْنَاف النِّسَاء إِلَّا مَا كَانَ من الْمُؤْمِنَات الْمُهَاجِرَات قَالَ {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ إِلَّا مَا ملكت يَمِينك} فأحل لَهُ الفتيات الْمُؤْمِنَات {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي} الْأَحْزَاب الْآيَة 50 وَحرم كل ذَات دين إِلَّا الإِسلام وَقَالَ {يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَحللنَا لَك أَزوَاجك} الْأَحْزَاب الْآيَة 50 إِلَى قَوْله {خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} وَحرم مَا سوى ذَلِك من أَصْنَاف النِّسَاء وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ يَقُول {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} هَؤُلَاءِ الَّتِي سمى الله تَعَالَى لَهُ إِلَّا بَنَات عمك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} مَا بيّنت لَك من هَذِه الْأَصْنَاف بَنَات عمك وَبَنَات عَمَّاتك وَبَنَات خَالك وَبَنَات خَالَاتك وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي فأحل لَهُ من هَذِه الْأَصْنَاف أَن ينْكح مَا شَاءَ

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} يهوديات وَلَا نصرانيات لَا يَنْبَغِي أَن يكن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ {إِلَّا مَا ملكت يَمِينك} قَالَ: هِيَ اليهوديات والنصرانيات لَا بَأْس أَن يَشْتَرِيهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ: يَهُودِيَّة وَلَا نصرانيه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ: نهي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتزوّج بعد نِسَائِهِ الأول شَيْئا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج} قَالَ: حَبسه الله عَلَيْهِنَّ كَمَا حبسهن عَلَيْهِ وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما خيرهن الله فاخترن الله وَرَسُوله قصره عَلَيْهِنَّ فَقَالَ {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} وَأخرج ابْن سعد عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما خير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَزوَاجه اخْترْنَ الله وَرَسُوله فَأنْزل الله {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} هَؤُلَاءِ التسع الَّتِي اخترنك فقد حرم عَلَيْك تَزْوِيج غَيْرهنَّ وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم عَن ام سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لم يمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أحل الله لَهُ أَن يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ إِلَّا ذَات محرم وَذَلِكَ قَول الله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَطاء عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لم يمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أحل الله لَهُ أَن يتَزَوَّج من النِّسَاء مَا شَاءَ إِلَّا ذَات محرم لقَوْله {ترجي من تشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك من تشَاء} وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج ابْن سعد عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام فِي قَوْله

{لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ: حبس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نِسَائِهِ فَلم يتَزَوَّج بعدهن وَأخرج ابْن سعد عَن سُلَيْمَان بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما تزوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الكندية وَبعث فِي العامريات ووهبت لَهُ أم شريك رَضِي الله عَنْهَا نَفسهَا قَالَت أَزوَاجه: لَئِن تزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الغرائب مَاله فِينَا من حَاجَة فَأنْزل الله تَعَالَى حبس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَزوَاجه وَأحل لَهُ من بَنَات الْعم والعمة وَالْخَال وَالْخَالَة مِمَّن هَاجر مَا شَاءَ وَحرم عَلَيْهِ مَا سوى ذَلِك إِلَّا مَا ملكت الْيَمين غير الْمَرْأَة المؤمنة الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي أم شريك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ {لَا يحل لَك النِّسَاء من بعد} قَالَ: من المشركات إِلَّا مَا سبيت فملكته يَمِينك وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْبَدَل فِي الْجَاهِلِيَّة أَن يَقُول الرجل: تنزل لي عَن امْرَأَتك وَأنزل لَك من امْرَأَتي فَأنْزل الله {وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج وَلَو أعْجبك حسنهنَّ} قَالَ: فَدخل عُيَيْنَة بن حصن الْفَزارِيّ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعِنْده عَائِشَة بِلَا اذن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْن الاسْتِئْذَان قَالَ: يَا رَسُول الله مَا اسْتَأْذَنت على رجل من الْأَنْصَار مُنْذُ أدْركْت ثمَّ قَالَ: من هَذِه الْحُمَيْرَاء إِلَى جَنْبك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذِه عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ قَالَ: أَفلا أنزل لَك عَن أحسن الْخلق قَالَ: يَا عُيَيْنَة إِن الله حرم ذَلِك فَلَمَّا ان خرج قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: من هَذَا قَالَ: أَحمَق مُطَاع وَأَنه على مَا تَرين لسَيِّد فِي قومه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج} قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَقُول الرجل للرجل الآخر وَله امْرَأَة جميلَة: تبادل امْرَأَتي بامرأتك وَأَزِيدك إِلَى مَا ملكت يَمِينك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج} قَالَ: ذَلِك لَو طلقهن لم

يحل لَهُ أَن يسْتَبْدل وَقد كَانَ ينْكح بعد مَا نزلت هَذِه الْآيَة مَا شَاءَ قَالَ: وَنزلت وَتَحْته تسع نسْوَة ثمَّ تزوج بعد أم حَبِيبَة رَضِي الله عَنْهَا بنت أبي سُفْيَان وَجُوَيْرِية بنت الْحَارِث وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن زيد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج} قَالَ: قصره الله على نِسَائِهِ التسع اللَّاتِي مَاتَ عَنْهُن قَالَ عَليّ: فاخبرت عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: لَو شَاءَ تزوج غَيْرهنَّ وَلَفظ عبد بن حميد فَقَالَ: بل كَانَ لَهُ أَيْضا أَن يتَزَوَّج غَيْرهنَّ وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة {وَلَا أَن تبدل بِهن من أَزوَاج} قَالَ: كَانَ يَوْمئِذٍ يتَزَوَّج مَا شَاءَ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَكَانَ الله على كل شَيْء رقيبا} أَي حفيظا

53

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم إِلَى طَعَام غير ناظرين إناه وَلَكِن إِذا دعيتم فادخلوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشرُوا وَلَا مستأنسين لحَدِيث إِن ذَلِكُم كَانَ يُؤْذِي النَّبِي فيستحي مِنْكُم وَالله لَا يستحي من الْحق وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب ذَلِكُم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله وَلَا أَن تنْكِحُوا أَزوَاجه من بعده أبدا إِن ذَلِكُم كَانَ عِنْد الله عَظِيما إِن تبدوا شَيْئا أَو تُخْفُوهُ فَإِن الله بِكُل شَيْء عليما أخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله يدْخل عَلَيْك الْبر والفاجر فَلَو أمرت أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ بالحجاب فَأنْزل الله آيَة الْحجاب

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما تزوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب بنت جحش رَضِي الله عَنْهَا دَعَا الْقَوْم فطعموا ثمَّ جَلَسُوا يتحدثون وَإِذا هُوَ كَأَنَّهُ يتهيأ للْقِيَام فَلم يقومُوا فَلَمَّا رأى ذَلِك قَامَ فَلَمَّا قَامَ قَامَ من قَامَ وَقعد ثَلَاثَة نفر فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليدْخل فَإِذا الْقَوْم جُلُوس ثمَّ إِنَّهُم قَامُوا فَانْطَلَقت فَجئْت فاخبرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم قد انْطَلقُوا فجَاء حَتَّى دخل فَذَهَبت أَدخل فَألْقى الْحجاب بيني وَبَينه فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتى بَاب امْرَأَة عرس بهَا فَإِذا عِنْدهَا قوم فَانْطَلق فَقضى حَاجته فَرجع وَقد خَرجُوا فَدخل وَقد أرْخى بيني وَبَينه سترا فَذَكرته لأبي طَلْحَة فَقَالَ: لَئِن كَانَ كَمَا تَقول لينزلن فِي هَذَا شَيْء فَنزلت آيَة الْحجاب وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ كنت أَدخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِغَيْر إِذن فَجئْت يَوْمًا لأدخل فَقَالَ عَليّ: مَكَانك يَا بني إِنَّه قد حدث بعْدك أَمر لَا تدخل علينا إِلَّا بِإِذن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ دخل رجل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاطال الْجُلُوس فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَارًا كي يتبعهُ وَيقوم فَلم يفعل فَدخل عمر رَضِي الله عَنهُ فَرَأى الرجل وَعرف الْكَرَاهِيَة فِي وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنظر إِلَى الرجل المقعد فَقَالَ: لَعَلَّك آذيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفطن الرجل فَقَامَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد قُمْت مرَارًا كي يَتبعني فَلم يفعل فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: لَو اتَّخذت حِجَابا فَإِن نِسَاءَك لسن كَسَائِر النِّسَاء وَهُوَ أطهر لقلوبهن فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} فَأرْسل إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فَأخْبرهُ بذلك وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن عَائِشَة

رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كنت آكل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَعَاما فِي قَعْب فَمر عمر فَدَعَاهُ فَأكل فاصابت أُصْبُعه أُصْبُعِي فَقَالَ عمر: أوه لَو أطَاع فيكُن مَا رَأَتْكُنَّ عين فَنزلت آيَة الْحجاب وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزل حجاب رَسُول الله فِي عمر أكل مَعَ النَّبِي طَعَاما فاصاب يَده بعض أَيدي نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر بالحجاب وَأخرج ابْن سعد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا بَقِي أحد أعلم بالحجاب مني وَلَقَد سَأَلَني أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فَقلت: نزل فِي زَيْنَب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} إِلَى قَوْله {غير ناظرين إناه} قَالَ: غير متحينين طَعَامه {وَلَكِن إِذا دعيتم فادخلوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشرُوا} قَالَ: كَانَ هَذَا فِي بَيت أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا أكلُوا ثمَّ أطالوا الحَدِيث فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخرج وَيدخل ويستحي مِنْهُم وَالله لَا يستحي من الْحق {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب} قَالَ: بلغنَا انهم أمرو بالحجاب عِنْد ذَلِك {لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبائهن} قَالَ: فَرخص لَهُنَّ أَن لَا يحتجبن من هَؤُلَاءِ وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يجيئون فَيدْخلُونَ بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَجْلِسُونَ فيتحدثون ليدرك الطَّعَام فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم إِلَى طَعَام غير ناظرين إناه} ليدرك الطَّعَام {وَلَا مستأنسين لحَدِيث} وَلَا تجلسوا فتحدثوا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {غير ناظرين إناه} قَالَ: الانا: النضيج يَعْنِي إِذا أدْرك الطَّعَام قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: ينعم ذَاك الانا الغبيك كَمَا ينعم غرب المحالة الْجمل وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يطعم وَمَعَهُ بعض أَصْحَابه فاصابت يَد رجل مِنْهُم يَد عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فكره ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت آيَة الْحجاب

وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا ان أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كن يخْرجن بِاللَّيْلِ إِذا برزن إِلَى المناصع وَهُوَ صَعِيد فيح وَكَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يَقُول للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أحجب نِسَاءَك فَلم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل فَخرجت سَوْدَة رَضِي الله عَنْهَا بنت زَمعَة لَيْلَة من اللَّيَالِي عشَاء وَكَانَت امْرَأَة طَوِيلَة فناداها عمر رَضِي الله عَنهُ بِصَوْتِهِ أَلا قد عرفناك يَا سَوْدَة حرصاً على أَن ينزل الْحجاب فَأنْزل الله تَعَالَى الْحجاب قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {غير ناظرين إناه} قَالَ: غير متحينين نضجه {وَلَا مستأنسين لحَدِيث} بعد أَن تَأْكُلُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إناه} قَالَ: نضجه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُلَيْمَان بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا مستأنسين لحَدِيث} قَالَ: نزلت فِي الثُّقَلَاء وَأخرج الْخَطِيب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا إِذا طعموا جَلَسُوا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجَاء أَن يَجِيء شَيْء فَنزلت {فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشرُوا وَلَا مستأنسين لحَدِيث} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا} قَالَ: أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِنَّ الْحجاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا} قَالَ: حَاجَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فضل النَّاس عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ بِأَرْبَع بِذكرِهِ الاسارى يَوْم بدر أَمر بِقَتْلِهِم فَأنْزل الله {لَوْلَا كتاب من الله سبق} الْأَنْفَال الْآيَة 68 وبذكره الْحجاب أَمر نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن

يحتجبن فَقَالَت لَهُ زَيْنَب رَضِي الله عَنْهَا: وانك لَتَغَار علينا يَا ابْن الْخطاب وَالْوَحي ينزل فِي بُيُوتنَا فَأنْزل الله {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا} وبدعوة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ أيد الإِسلام بعمر وبرأيه فِي أبي بكر كَانَ أول النَّاس بَايعه وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نَهَضَ إِلَى بَيته بادروه فَأخذُوا الْمجَالِس فَلَا يعرف بذلك فِي وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا ببسط يَده إِلَى الطَّعَام مستحياً مِنْهُم فعوتبوا فِي ذَلِك فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي} وَأخرج ابْن سعد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزل الْحجاب مبتنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِزَيْنَب بنت جحش رَضِي الله عَنْهَا وَذَلِكَ سنة خمس من الْهِجْرَة وحجب نساؤه من يَوْمئِذٍ وَأَنا ابْن خمس عشرَة وَأخرج ابْن سعد عَن صَالح بن كيسَان قَالَ: نزل حجاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نِسَائِهِ فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس من الْهِجْرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله} قَالَ: نزلت فِي رجل هم أَن يتزوّج بعض نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعده قَالَ سُفْيَان: ذكرُوا أَنَّهَا عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رجل: لَئِن مَاتَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَتَزَوَّجَن عَائِشَة فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم قَالَ: بلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا يَقُول: إِن توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوجت فُلَانَة من بعده فَكَانَ ذَلِك يُؤْذِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزل الْقُرْآن {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن طَلْحَة بن عبيد الله قَالَ: أيحجبنا مُحَمَّد عَن بَنَات عمنَا ويتزوج نِسَاءَنَا من بَعدنَا لَئِن حدث بِهِ حدث لنتزوجن نِسَاءَهُ من بعده فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ طَلْحَة بن عبيد الله: لَو قبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوجت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَنزلت {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله} وَأخرج ابْن سعد عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم فِي قَوْله {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله} قَالَ: نزلت فِي طَلْحَة بن عبيد الله لِأَنَّهُ قَالَ: إِذا توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوجت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو قد مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوجت عَائِشَة أَو أم سَلمَة فَأنْزل الله {وَمَا كَانَ لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا أَتَى بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكلمها وَهُوَ ابْن عَمها فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقومن هَذَا الْمقَام بعد يَوْمك هَذَا فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّهَا ابْنة عمي وَالله مَا قلت لَهَا مُنْكرا وَلَا قَالَت لي قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد عرفت ذَلِك أَنه لَيْسَ أحد أغير من الله وَأَنه لَيْسَ أحد أغير مني فَمضى ثمَّ قَالَ: يَمْنعنِي من كَلَام ابْنة عمي لأَتَزَوَّجَنَّها من بعده فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة فاعتق ذَلِك الرجل رَقَبَة وَحمل على عشرَة ابعرة فِي سَبِيل الله وَحج مَاشِيا فِي كَلمته وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: خطبني عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَبلغ ذَلِك فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا فَاتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن أَسمَاء متزوجة عليا فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ لَهَا أَن تؤذي الله وَرَسُوله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لامْرَأَته: إِن سرك أَن تَكُونِي زَوْجَتي فِي الْجنَّة فَلَا تتزوجي بعدِي فَإِن الْمَرْأَة فِي الْجنَّة لآخر أزواجها فِي الدُّنْيَا فَلذَلِك حرم أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينكحن بعده لِأَنَّهُنَّ أَزوَاجه فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن سعد عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف فِي قَوْله {إِن تبدوا شَيْئا أَو تُخْفُوهُ} قَالَ: ان تتكلموا بِهِ فتقولن: نتزوج فُلَانَة لبَعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو تخفوا ذَلِك فِي أَنفسكُم فَلَا تنطقوا بِهِ يُعلمهُ الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن الْعَالِيَة بنت ظبْيَان طَلقهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يحرم نساؤه على النَّاس فنكحت ابْن عَم لَهَا وَولدت فيهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن تبدوا شَيْئا} قَالَ:

مِمَّا يكرههُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَو تُخْفُوهُ فِي أَنفسكُم فَإِن الله كَانَ بِكُل شَيْء عليماً} يَقُول: فَإِن الله يُعلمهُ

55

- قَوْله تَعَالَى: لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبائهن وَلَا أبنائهن وَلَا إخوانهن وَلَا أَبنَاء إخوانهن وَلَا أَبنَاء أخواتهن وَلَا نسائهن وَلَا مَا ملكت أيمانهن واتقين الله إِن الله كَانَ على كل شَيْء شَهِيدا أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبائهن} حَتَّى بلغ {وَلَا نسائهن} قَالَ: أنزلت هَذِه اآلآية فِي نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَقَوله {نسائهن} يَعْنِي نسَاء المسلمات {أَو مَا ملكت أيمانهن} من المماليك والاماء وَرخّص لَهُنَّ أَن يروهن بعد مَا ضرب عَلَيْهِنَّ الْحجاب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ فِي آبائهن} وَمن ذكر مَعَهُنَّ أَن يروهن يَعْنِي أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قيل لَهُ: من كَانَ يدْخل على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل ذِي رحم محرم من نسب أَو رضَاع قيل: فسائر النَّاس قَالَ: كن يحتجبن مِنْهُ حَتَّى إنَّهُنَّ ليكلمنه من وَرَاء حجاب وَرُبمَا كَانَ سترا وَاحِدًا إِلَّا المملوكين والمكاتبين فَإِنَّهُنَّ كن لَا يحتجبن مِنْهُم وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ أَن الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ لَا يريان أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن رُؤْيَتهمَا لَهُنَّ لحل وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ان عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا احْتَجَبت من الْحسن رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: إِن رُؤْيَته لَهَا لتحل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا جنَاح عَلَيْهِنَّ} الْآيَة قَالَ: لم يذكر الْعم وَالْخَال لانهما ينعتانها لابنائهما

56

- قَوْله تَعَالَى: إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {يصلونَ} يتبركون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صَلَاة الله عَلَيْهِ: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْد الْمَلَائِكَة وَصَلَاة الْمَلَائِكَة عَلَيْهِ: الدُّعَاء لَهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن بني إِسْرَائِيل قَالُوا لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: هَل يُصَلِّي رَبك فناداه ربه يَا مُوسَى إِن سألوك هَل يُصَلِّي رَبك فَقل: نعم أَنا أُصَلِّي وملائكتي على أنبيائي ورسلي فَأنْزل الله على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {إِن الله وَمَلَائِكَته} الْآيَة قَالَ: لما نزلت جعل النَّاس يهنؤنه بِهَذِهِ الْآيَة وَقَالَ أبي بن كَعْب: مَا أنزل فِيك خيرا إِلَّا خلطنا بِهِ مَعَك إِلَّا هَذِه الْآيَة فَنزلت {وَبشر الْمُؤمنِينَ} التَّوْبَة الْآيَة 112 وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: صَلَاة الله على النَّبِي هِيَ مغفرته إِن الله لَا يُصَلِّي وَلَكِن يغْفر وَأما صَلَاة النَّاس على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهِيَ الاسْتِغْفَار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (صلوا عَلَيْهِ كَمَا صلّى عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن عجْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا} قُلْنَا: يَا رَسُول الله قد علمنَا السَّلَام عَلَيْك فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ قُولُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج ابْن جرير عَن يُونُس بن خباب قَالَ: خَطَبنَا بِفَارِس فَقَالَ {إِن الله وَمَلَائِكَته}

الْآيَة قَالَ: انبأني من سمع ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول: هَكَذَا انْزِلْ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله قد علمنَا السَّلَام عَلَيْك فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل ابرهيم إِنَّك حميد مجيد وَارْحَمْ مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد كَمَا رحمت آل إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الله وَمَلَائِكَته} قَالُوا: يَا رَسُول الله هَذَا السَّلَام قد عَرفْنَاهُ فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك فَقَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك وَأهل بَيته كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل بَيته كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي كثير بن أبي مَسْعُود الانصاري رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} قَالُوا: يَا رَسُول الله هَذَا السَّلَام عَلَيْك قد عَرفْنَاهُ فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك وَقد غفر لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم وَأخرج عبد الرَّزَّاق من طَرِيق أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ على مُحَمَّد وعَلى أهل بَيته وعَلى أَزوَاجه وَذريته كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى أهل بَيته وأزواجه وَذريته كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن عجْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله أما السَّلَام عَلَيْك فقد علمناه فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ قل اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من سره أَن يكتال بالمكيال الأوفى إِذا صلى علينا أهل الْبَيْت فَلْيقل: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد النَّبِي وأزواجه وَذريته وَأهل بَيته كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج ابْن عدي عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من سره أَن يكتال بالمكيال الأوفى إِذا صلى علينا أهل الْبَيْت فَلْيقل اللَّهُمَّ اجْعَل صلواتك ورحمتك على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته وَأُمَّهَات الْمُؤمنِينَ كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج الدَّارقطني فِي الْأَفْرَاد وَابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَاءَهُ رجل فَسلم فَرد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واطلق وَجهه وَأَجْلسهُ إِلَى جنبه فَلَمَّا قضى الرجل حَاجته نَهَضَ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا أَبَا بكر هَذَا رجل يرفع لَهُ كل يَوْم كعمل أهل الأَرْض قلت: وَلم ذَاك قَالَ: إِنَّه كلما أصبح صلى عَليّ عشر مَرَّات كَصَلَاة الْخلق أجمع قلت: وَمَا ذَاك قَالَ: يَقُول: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد النَّبِي عدد من صلى عَلَيْهِ من خلقك وصل على مُحَمَّد النَّبِي كَمَا يَنْبَغِي لنا أَن نصلي عَلَيْهِ وصل على مُحَمَّد النَّبِي كَمَا أمرتنا أَن نصلي عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي عَاصِم والهيثم بن كُلَيْب الشَّاشِي وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَلْحَة بن عبيد الله قَالَ: قلت يَا رَسُول الله كَيفَ الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ قل اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد وَأخرج ابْن جرير عَن طَلْحَة بن عبيد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: سَمِعت الله يَقُول {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ قل اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب بن عجْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} قُمْت إِلَيْهِ فَقلت: السَّلَام عَلَيْك قد عَرفْنَاهُ

فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك يَا رَسُول الله قَالَ قل اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيدوبارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله هَذَا السَّلَام عَلَيْك قد علمناه فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ انهم سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت وباركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم فِي الْعَالمين إِنَّك حميد مجيد وَالسَّلَام كَمَا قد علمْتُم وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن بشير بن سعد قَالَ: يَا رَسُول الله أمرنَا الله أَن نصلي عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك فَسكت حَتَّى تمنينا أَنا لم نَسْأَلهُ ثمَّ قَالَ قُولُوا الله صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم فِي الْعَالمين إِنَّك حميد مجيد وَالسَّلَام كَمَا قد علمْتُم وَأخرج مَالك وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنهم قَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ نصلي عَلَيْك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله كَيفَ نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله قد علمنَا كَيفَ السَّلَام عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ اجْعَل صلواتك وبركاتك على آل مُحَمَّد كَمَا جَعلتهَا على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا قَالَ الرجل فِي الصَّلَاة {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} فَليصل عَلَيْهِ وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي مَسْعُود عقبَة بن عَمْرو أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله أما السَّلَام عَلَيْك فقد عَرفْنَاهُ فَكيف نصلي عَلَيْك إِذا نَحن صلينَا عَلَيْك فِي صَلَاتنَا فَصمت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ إِذا أَنْتُم صليتم عليَّ فَقولُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يتَشَهَّد الرجل ثمَّ يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يَدْعُو لنَفسِهِ وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَيّمَا رجل مُسلم لم يكن عِنْده صَدَقَة فَلْيقل فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك وصل على الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَالْمُسْلِمين وَالْمُسلمَات فَإِنَّهَا لَهُ زَكَاة وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم وترحم على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا ترحمت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم شهِدت لَهُ يَوْم الْقِيَامَة بِالشَّهَادَةِ وشفعت لَهُ وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أنس وَمَالك بن أَوْس بن الْحدثَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام جَاءَنِي فَقَالَ: من صلى عَلَيْك وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشرا وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أنس بن مَالك رَضِي الله

عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلى عليَّ صَلَاة وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشر صلوَات وَحط عَنهُ عشر خطيآت وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من صل عليَّ صَلَاة وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشرا وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رقي الْمِنْبَر فَلَمَّا رقي الدرجَة الأولى قَالَ آمين ثمَّ رقي الثَّانِيَة فَقَالَ: آمين ثمَّ رقي الثَّالِثَة فَقَالَ: آمين فَقَالُوا: يَا رَسُول الله سمعناك تَقول آمين ثَلَاث مَرَّات قَالَ: لما رقيت الدرجَة الأولى جَاءَنِي جِبْرِيل فَقَالَ شقي عبد أدْرك رَمَضَان فانسلخ مِنْهُ وَلم يغْفر لَهُ فَقلت آمين ثمَّ قَالَ: شقي عبد أدْرك وَالِديهِ أَو أَحدهمَا فَلم يدْخلَاهُ الْجنَّة فَقلت آمين ثمَّ قَالَ: شقي عبد ذكرت عِنْده وَلم يصل عَلَيْك فَقلت آمين وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أبي خَارِجَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله قد علمنَا كَيفَ السَّلَام عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك فَقَالَ صلوا عليَّ واجتهدوا ثمَّ قُولُوا: اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رهطاً من الْأَنْصَار قَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ الصَّلَاة عَلَيْك قَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم فَقَالَ فَتى من الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله من آل مُحَمَّد قَالَ: كل مُؤمن وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله قد علمنَا كَيفَ نسلم عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ اجْعَل

صلواتك ورحمتك وبركاتك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا جَعلتهَا على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّكُم تعرضون عليَّ بأسمائكم ومسماكم فاحسنوا الصَّلَاة عليَّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد عَن أبي طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَجَدته مَسْرُورا فَقلت: يَا رَسُول الله مَا أَدْرِي مَتى رَأَيْتُك أحسن بشرا وَأطيب نفسا من الْيَوْم قَالَ وَمَا يَمْنعنِي وَجِبْرِيل خرج من عِنْدِي السَّاعَة فبشرني أَن لكل عبد صلّى عليَّ صَلَاة يكْتب لَهُ بهَا عشر حَسَنَات ويمحى عَنهُ عشر سيئات وَيرْفَع لَهُ بهَا عشر دَرَجَات ويعرض عَليّ كَمَا قَالَهَا وَيرد عَلَيْهِ بِمثل مَا دَعَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عُيَيْنَة قَالَ: أَخْبرنِي يَعْقُوب بن زيد التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَانِي آتٍ من رَبِّي فَقَالَ: لَا يُصَلِّي عَلَيْك عبد صَلَاة إِلَّا صلّى عَلَيْهِ عشرا فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله أَلا أجعَل نصف دعائي لَك قَالَ: إِن شِئْت قَالَ: أَلا أجعَل كل دعائي لَك قَالَ: إِذن يَكْفِيك الله هم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن النجار عَن الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله أَرَأَيْت قَول الله {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} قَالَ إِن هَذَا لمن المكتوم وَلَوْلَا أَنكُمْ سَأَلْتُمُونِي عَنهُ مَا أَخْبَرتكُم إِن الله وكل بِي ملكَيْنِ لَا أذكر عِنْد عبد مُسلم فَيصَلي عليَّ إِلَّا قَالَ ذَانك الْملكَانِ: غفر الله لَك وَقَالَ الله وَمَلَائِكَته جَوَابا لِذَيْنِك الْملكَيْنِ: آمين وَلَا أذكر عِنْد عبد مُسلم فَلَا يُصَلِّي عليّ إِلَّا قَالَ: ذَلِك الْملكَانِ لَا غفر الله لَك وَقَالَ الله وَمَلَائِكَته لِذَيْنِك الْملكَيْنِ: آمين وَأخرج مُسلم وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلّى عليَّ وَاحِدَة صلى الله عَلَيْهِ عشرا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم عليَّ صَلَاة

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن حبَان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أولى النَّاس بِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم عليَّ صَلَاة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْبَخِيل من ذكرت عِنْده فَلم يصل عليَّ وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نسي الصَّلَاة عليَّ اخطأ طَرِيق الْجنَّة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا جلس قوم مَجْلِسا لم يذكرُوا الله فِيهِ وَلم يصلوا على نَبِيّهم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم ترة فَإِن شَاءَ عذبهم وَإِن شَاءَ غفر لَهُم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا اجْتمع قوم ثمَّ تفَرقُوا عَن غير ذكر الله وَصَلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا قَامُوا عَن أنتن جيفة وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي عَاصِم وَأَبُو بكر فِي الغيلانيات وَالْبَغوِيّ فِي الجعديات وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والضياء عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يجلس قوم مَجْلِسا لَا يصلونَ فِيهِ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم حسرة وَإِن دخلُوا الْجنَّة لما يرَوْنَ من الثَّوَاب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ: رغم أنف امرىء ذكرت عِنْده فَلم يصل عَلَيْك وَأخرج القَاضِي اسمعيل عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفى بِهِ شحا أَن يذكرنِي قوم فَلَا يصلونَ عليَّ وَأخرج الْأَصْفَهَانِي فِي التَّرْغِيب والديلمي عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أنجاكم يَوْم الْقِيَامَة من أهوالها ومواطنها أَكْثَرَكُم عليَّ فِي دَار الدُّنْيَا صَلَاة إِنَّه قد كَانَ فِي الله وَمَلَائِكَته كِفَايَة وَلَكِن خص الْمُؤمنِينَ بذلك ليثيبهم عَلَيْهِ وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه والأصفهاني عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ

قَالَ: الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمحق للخطايا من المَاء الْبَارِد وَالسَّلَام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من عتق الرّقاب وَحب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من مهج الْأَنْفس أَو قَالَ من ضرب السَّيْف فِي سَبِيل الله وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلوا عليَّ صلى الله عَلَيْكُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله أَرَأَيْت ان جعلت صَلَاتي كلهَا عَلَيْك قَالَ إِذا يَكْفِيك الله مَا أهمك من دنياك وآخرتك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي طَلْحَة الانصاري رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أصبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا طيب النَّفس يرى فِي وَجهه الْبشر قَالُوا: يَا رَسُول الله أَصبَحت الْيَوْم طيبا يرى فِي وَجهك الْبشر قَالَ أَتَانِي آتٍ من رَبِّي فَقَالَ: من صلى عَلَيْك من أمتك صَلَاة كتب الله لَهُ بهَا عشر حَسَنَات ومحا عَنهُ عشر سيآت وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات ورد عَلَيْهِ مثلهَا وَفِي لفظ فَقَالَ: أَتَانِي الْملك فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أما يرضيك أَن رَبك يَقُول: إِنَّه لَا يُصَلِّي عَلَيْك أحد من أمتك إِلَّا صليت عَلَيْهِ عشرا وَلَا يسلم عَلَيْك أحد من أمتك إِلَّا سلمت عَلَيْهِ عشرا قَالَ: بلَى وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر وَابْن الْمُنْذر فِي تَارِيخه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أقربكم مني يَوْم الْقِيَامَة فِي كل موطن أَكْثَرَكُم عليَّ صَلَاة فِي الدُّنْيَا من صلّى عليَّ يَوْم الْجُمُعَة وَلَيْلَة الْجُمُعَة مائَة مرّة قضى الله لَهُ مائَة حَاجَة سبعين من حوائج الْآخِرَة وَثَلَاثِينَ من حوائج الدُّنْيَا ثمَّ يُوكل الله بذلك ملكا يدْخلهُ فِي قَبْرِي كَمَا يدْخل عَلَيْكُم الْهَدَايَا يُخْبِرنِي بِمن صلّى عليَّ باسمه وَنسبه إِلَى عشرَة فأثبته عِنْدِي فِي صحيفَة بَيْضَاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلّى عليَّ عِنْد قَبْرِي سمعته وَمن صلّى عليَّ نَائِيا كفى أَمر دُنْيَاهُ وآخرته وَكنت لَهُ شَهِيدا وشفيعاً يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثرُوا الصَّلَاة عليَّ يَوْم الْجُمُعَة فَإِنَّهَا معروضة عليّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم فِي الكنى عَن عَامر بن ربيعَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صلّى عليَّ صَلَاة صلّى الله عَلَيْهِ عشرا فَأَكْثرُوا أَو أقلوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ إِذا صلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اللَّهُمَّ تقبل شَفَاعَة مُحَمَّد الْكُبْرَى وارفع دَرَجَته الْعليا وأعطه سؤله فِي الْآخِرَة وَالْأولَى كَمَا آتيت إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا صليتم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأحْسنُوا الصَّلَاة عَلَيْهِ فَإِنَّكُم لَا تَدْرُونَ لَعَلَّ ذَلِك يعرض عَلَيْهِ قَالُوا: فَعلمنَا قَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ اجْعَل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد الْمُرْسلين وَإِمَام الْمُتَّقِينَ وَخَاتم النَّبِيين مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك إِمَام الْخَيْر وقائد الْخَيْر وَرَسُول الرَّحْمَة اللَّهُمَّ ابعثه مقَاما مَحْمُودًا يغبطه بِهِ الأوّلون وَالْآخرُونَ اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله قد عرفنَا كَيفَ السَّلَام عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك قَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وأبلغه دَرَجَة الْوَسِيلَة من الْجنَّة اللَّهُمَّ اجْعَل فِي المصطفين محبته وَفِي المقربين مودته وَفِي عليين ذكره وداره وَالسَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم انك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: زَينُوا مجالسكم بِالصَّلَاةِ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن زيد بن وهب قَالَ: قَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: يَا زيد بن وهب لَا تدع إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة أَن تصلي على النَّبِي ألف مرّة تَقول: اللَّهُمَّ صل على النَّبِي الْأُمِّي

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْقَاضِي اسمعيل وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صلوا على أَنْبيَاء الله وَرُسُله فَإِن الله بَعثهمْ كَمَا بَعَثَنِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْقَاضِي اسمعيل وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا تصلح الصَّلَاة على أحد إِلَّا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكِن يدعى للْمُسلمين وَالْمُسلمَات بالاستغفار وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف عَن حميدة قَالَت: أوصت لنا عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بمتاعها فَكَانَ فِي مصحفها {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} وَالَّذين يصفونَ الصُّفُوف الأول

57

- قَوْله تَعَالَى: إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله لعنهم الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأعد لَهُم عذَابا مهينا أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي الَّذين طعنوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أَخذ صَفِيَّة بنت حَيّ رَضِي الله عَنْهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت فِي عبد الله بن أبي وناس مَعَه قذفوا عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَخَطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ من يعذرني فِي رجل يُؤْذِينِي وَيجمع فِي بَيته من يُؤْذِينِي فَنزلت وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: جَاءَ رجل من أهل الشَّام فسب عليا رَضِي الله عَنهُ عِنْد ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَحَصَبه ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَقَالَ: يَا عدوّ الله آذيت رَسُول الله {إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله لعنهم الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} لَو كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيا لآذيته وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله لعنهم الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} قَالَ: آذوا الله فِيمَا يدعونَ مَعَه وآذوا رَسُول الله قَالُوا: إِنَّه سَاحر مَجْنُون

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله} قَالَ: أَصْحَاب التصاوير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِيمَا يروي عَن ربه عز وَجل شَتَمَنِي ابْن آدم وَلم يَنْبغ لَهُ أَن يَشْتمنِي وَكَذبَنِي وَلم يَنْبغ لَهُ أَن يكذبنِي فَأَما شَتمه إيَّايَ فَقَوله {اتخذ الله ولدا} الْبَقَرَة الْآيَة 116 وَأَنا الْأَحَد الصَّمد وَأما تَكْذِيبه إيَّايَ فَقَوله: لن يُعِيدنِي كَمَا بَدَأَنِي قَالَ قَتَادَة: إِن كَعْبًا رَضِي الله عَنهُ كَانَ يَقُول: يخرج يَوْم الْقِيَامَة عنق من النَّار فَيَقُول: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي وكلت مِنْكُم بِثَلَاث بِكُل عَزِيز كريم وَبِكُل جَبَّار عنيد وبمن دَعَا مَعَ الله إِلَهًا آخر فيلتقطهم كَمَا يلتقط الطير الْحبّ من الأَرْض فتنطوي عَلَيْهِم فَتدخل النَّار فَتخرج عنق أُخْرَى فَتَقول: يَا أَيهَا النَّاس أَنِّي وكلت مِنْكُم بِثَلَاثَة بِمن كذب الله وَكذب على الله وآذى الله فَأَما من كذب الله فَمن زعم أَن الله لَا يَبْعَثهُ بعد الْمَوْت وَأما من كذب على الله فَمن زعم أَن الله يتَّخذ ولدا وَأما من آذَى الله: فَالَّذِينَ يصورون وَلَا يحيون فتلقطهم كَمَا تلقط الطير الْحبّ من الأَرْض فتنطوي عَلَيْهِم فَتدخل النَّار

58

- قَوْله تَعَالَى: وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْر مَا اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثما مُبينًا أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قَالَ: يقعون {بِغَيْر مَا اكتسبوا} يَقُول: بِغَيْر مَا علمُوا {فقد احتملوا بهتاناً} قَالَ: إِثْمًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: يلقى الجرب على أهل النَّار فيحكون حَتَّى تبدو الْعِظَام فَيَقُولُونَ: رَبنَا بِمَ أَصَابَنَا هَذَا فَيُقَال: بأذاكم الْمُسلمين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي

الْآيَة قَالَ: إيَّاكُمْ وأذى الْمُؤمنِينَ فَإِن الله يحوطهم ويغضب لَهُم وَقد زَعَمُوا أَن عمر بن الْخطاب قَرَأَهَا ذَات يَوْم فأفزعه ذَلِك حَتَّى ذهب إِلَى أُبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فَدخل عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذر إِنِّي قَرَأت آيَة من كتاب الله تَعَالَى فَوَقَعت مني كل موقع {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} وَالله إِنِّي لأعاقبهم وأضربهم فَقَالَ لَهُ: إِنَّك لست مِنْهُم إِنَّمَا أَنْت معلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنِّي لأبغض فلَانا فَقيل للرجل: مَا شَأْن عمر رَضِي الله عَنهُ يبغضك فَلَمَّا أَكثر الْقَوْم فِي الذّكر جَاءَ فَقَالَ: يَا عمر أفتقت فِي الإِسلام فتقاً قَالَ: لَا قَالَ: فجنيت جِنَايَة قَالَ: لَا قَالَ: أحدثت حَدثا قَالَ: لَا قَالَ: فعلام تبغضني وَقد قَالَ الله {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْر مَا اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مُبينًا} فقد آذيتني فَلَا غفرها الله لَك فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: صدق وَالله مَا فتق فتقاً وَلَا وَلَا فاغفرها لي فَلم يزل بِهِ حَتَّى غفرها لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} إِلَى قَوْله {وإثماً مُبينًا} قَالَ: فَكيف بِمن أحسن إِلَيْهِم يُضَاعف لَهُم الْأجر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن يسر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَيْسَ منَّا ذُو حسد وَلَا نميمة وَلَا خِيَانَة وَلَا إهانة ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه أَي الرِّبَا أربى عِنْد الله قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أربى الرِّبَا عِنْد الله استحلال عرض امرىء مُسلم ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين يُؤْذونَ الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْر مَا اكتسبوا}

59

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن ذَلِك أدنى أَن يعرفن فَلَا يؤذين وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما

أخرج ابْن سعد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: خرجت سَوْدَة رَضِي الله عَنْهَا بعد مَا ضرب الْحجاب لحاجتها وَكَانَت امْرَأَة جسيمة لَا تخفى على من يعرفهَا فرآها عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا سَوْدَة إِنَّك وَالله مَا تخفين علينا فانظري كَيفَ تخرجين فَانْكَفَأت رَاجِعَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيْتِي وَإنَّهُ ليتعشى وَفِي يَده عِرْقٌ فَدخلت وَقَالَت: يَا رَسُول الله إِنِّي خرجت لبَعض حَاجَتي فَقَالَ لي عمر رَضِي الله عَنهُ: كَذَا كَذَا فَأُوحي إِلَيْهِ ثمَّ رفع عَنهُ وان العِرْقَ فِي يَده فَقَالَ: إِنَّه قد أذن لَكِن ان تخرجن لحاجتكن وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك قَالَ: كَانَ نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْرجن بِاللَّيْلِ لحاجتهن وَكَانَ نَاس من الْمُنَافِقين يتعرضون لَهُنَّ فيؤذين فَقيل: ذَلِك لِلْمُنَافِقين فَقَالُوا: إِنَّمَا نفعله بالإِماء فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن ذَلِك أدنى أَن يعرفن فَلَا يؤذين} فَأمر بذلك حَتَّى عرفُوا من الأماء وَأخرج ابْن جرير عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة على غير منزل فَكَانَ نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وغيرهن إِذا كَانَ اللَّيْل خرجن يقضين حوائجهن وَكَانَ رجال يَجْلِسُونَ على الطَّرِيق للغزل فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك} يَعْنِي بالجلباب حَتَّى تعرف الْأمة من الْحرَّة وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رجل من الْمُنَافِقين يتَعَرَّض لِنسَاء الْمُؤمنِينَ يؤذيهن فَإِذا قيل لَهُ قَالَ: كنت أحسبها أمة فأمرهن الله تَعَالَى أَن يخالفن زِيّ الأماء ويدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن تخمر وَجههَا إِلَّا إِحْدَى عينيها {ذَلِك أدنى أَن يعرفن} يَقُول: ذَلِك أَحْرَى أَن يعرفن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: أَمر الله نسَاء الْمُؤمنِينَ إِذا خرجن من بُيُوتهنَّ فِي حَاجَة أَن يغطين وجوههن من فَوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا وَاحِدَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ام سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لما نزلت هَذِه الْآيَة {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} خرج نسَاء الْأَنْصَار كَأَن على رؤوسهن الْغرْبَان من أكسيه سود يلبسنها

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي قلَابَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ لَا يدع فِي خِلَافَته أمة تقنع وَيَقُول: إِنَّمَا القناع للحرائر لكيلا يؤذين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى عمر رَضِي الله عَنهُ جَارِيَة مقنعة فضربها بدرته وَقَالَ: القي القناع لَا تشبهين بالحرائر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: رحم الله نسَاء الْأَنْصَار لما نزلت {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ} شققْنَ مُرُوطهنَّ فاعتجرن بهَا فصلين خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَأَنَّمَا على رؤوسهن الْغرْبَان وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قيل لَهُ: الْأمة تزوج فتخمر قَالَ {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} فَنهى الله الاماء أَن يتشبهن بالحرائر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ عَن هَذِه الْآيَة {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} فَرفع ملحفة كَانَت عَلَيْهِ فقنع بهَا وغطى رَأسه كُله حَتَّى بلغ الحاجبين وغطى وَجهه وَأخرج عينه الْيُسْرَى من شقّ وَجهه الْأَيْسَر مِمَّا يَلِي الْعين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} قَالَ: أَخذ الله عَلَيْهِنَّ إِذا خرجن أَن يعدنها على الحواجب {ذَلِك أدنى أَن يعرفن فَلَا يؤذين} قَالَ: قد كَانَت الْمَمْلُوكَة يتناولونها فَنهى الله الْحَرَائِر يتشبهن بالاماء وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ فِي الْآيَة قَالَ: كن النِّسَاء يخْرجن إِلَى الجبابين لقَضَاء حوائجهن فَكَانَ الْفُسَّاق يتعرضون لَهُنَّ فيؤذونهن فأمرهن الله أَن يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن حَتَّى تعلم الْحرَّة من الْأمة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة ان دعارا من دعار أهل الْمَدِينَة كَانُوا يخرجُون بِاللَّيْلِ فَيَنْظُرُونَ النِّسَاء ويغمزونهن وَكَانُوا لَا يَفْعَلُونَ ذَلِك بالحرائر إِنَّمَا يَفْعَلُونَ ذَلِك بالإِماء فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ:

كَانَت الْحرَّة تلبس لِبَاس الْأمة فَأمر الله نسَاء الْمُؤمنِينَ أَن يدنين عَلَيْهِم من جلابيبهن وَأدنى الجلباب: أَن تقنع وتشده على جبينها وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا أَيهَا النَّبِي قل لِأَزْوَاجِك وبناتك وَنسَاء الْمُؤمنِينَ يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن ذَلِك أدنى أَن يعرفن فَلَا يؤذين} قَالَ: أماؤكن بِالْمَدِينَةِ يتَعَرَّض لَهُنَّ السُّفَهَاء فيؤذين فَكَانَت الْحرَّة تخرج فيحسب أَنَّهَا أمة فتؤذى فأمرهن الله أَن يدنين عَلَيْهِم من جلابيبهن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أنَاس من فساق أهل الْمَدِينَة بِاللَّيْلِ حِين يخْتَلط الظلام يأْتونَ إِلَى طرق الْمَدِينَة فيتعرضون للنِّسَاء وَكَانَت مسَاكِن أهل الْمَدِينَة ضيقَة فَإِذا كَانَ اللَّيْل خرج النِّسَاء إِلَى الطّرق فيقضين حاجتهن فَكَانَ أُولَئِكَ الْفُسَّاق يتبعُون ذَلِك مِنْهُنَّ فَإِذا رَأَوْا امْرَأَة عَلَيْهَا جِلْبَاب قَالُوا: هَذِه حرَّة فكفوا عَنْهَا وَإِذا رَأَوْا الْمَرْأَة لَيْسَ عَلَيْهَا جِلْبَاب قَالُوا: هَذِه أمة فَوَثَبُوا عَلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} قَالَ: يسدلن عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن وَهُوَ القناع فَوق الْخمار وَلَا يحل لمسلمة أَن يَرَاهَا غَرِيب إِلَّا أَن يكون عَلَيْهَا القناع فَوق الْخمار وَقد شدت بِهِ رَأسهَا ونحرها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: تدني الجلباب حَتَّى لَا يرى ثغرة نحرها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} قَالَ: هُوَ الرِّدَاء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} قَالَ: يتجلببن بهَا فيعلمن أَنَّهُنَّ حرائر فَلَا يعرض لَهُنَّ فَاسق بأذى من قَول وَلَا ريبه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت عبيدا السَّلمَانِي رَضِي الله عَنهُ عَن قَوْله الله {يدنين عَلَيْهِنَّ من جلابيبهن} فتقنع بملحفة فَغطّى رَأسه وَوَجهه وَأخرج احدى عَيْنَيْهِ

60

- قَوْله تَعَالَى: لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض والمرجفون فِي الْمَدِينَة لنغرينك بهم ثمَّ لَا يجاورونك فِيهَا إِلَّا قَلِيلا ملعونين أَيْنَمَا ثقفوا أخذُوا وقتِّلوا تقتيلا سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل وَلنْ تَجِد لسنة الله تبديلاً أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن أُنَاسًا من الْمُنَافِقين أَرَادوا أَن يظهروا نفاقهم فَنزلت فيهم {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض والمرجفون فِي الْمَدِينَة لنغرينك بهم} لنحرشنك بهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ (الارجاف) الْكَذِب الَّذِي كَانَ يذيعه أهل النِّفَاق وَيَقُولُونَ: قد أَتَاكُم عدد وعدة وَذكر لنا: إِن الْمُنَافِقين أَرَادوا أَن يظهروا مَا فِي قُلُوبهم من النِّفَاق فأوعدهم الله بِهَذِهِ الْآيَة {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} إِلَى قَوْله {لنغرينك بهم} أَي لنحملك عَلَيْهِم ولنحرشنك بهم فَلَمَّا أوعدهم الله بِهَذِهِ الْآيَة كتموا ذَلِك وأسروه {ثمَّ لَا يجاورونك فِيهَا إِلَّا قَلِيلا} أَي بِالْمَدِينَةِ {ملعونين} قَالَ: على كل حَال {أَيْنَمَا ثقفوا أخذُوا وَقتلُوا تقتيلاً} قَالَ: إِذا هم أظهرُوا النِّفَاق {سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} يَقُول: هَكَذَا سنة الله فيهم إِذا أظهرُوا النِّفَاق وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ} قَالَ: يَعْنِي الْمُنَافِقين بأعيانهم {وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} شكّ يَعْنِي الْمُنَافِقين أَيْضا وَأخرج ابْن سعد عَن عبيد بن حنين رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ} قَالَ: عرف الْمُنَافِقين بأعيانهم {وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض والمرجفون فِي الْمَدِينَة} هم المُنَافِقُونَ جَمِيعًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي بعض أُمُور النِّسَاء

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ عَن قَول الله {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: أَصْحَاب الْفَوَاحِش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: أَصْحَاب الْفَوَاحِش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: كَانُوا مُؤمنين وَكَانَ فِي أنفسهم أَن يزنوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ} قَالَ: كَانَ النِّفَاق على ثَلَاثَة وُجُوه نفاق مثل نفاق عبد الله بن أُبي بن سلول ونفاق مثل نفاق عبد الله بن نَبْتَل وَمَالك بن داعس فَكَانَ هَؤُلَاءِ وُجُوهًا من وُجُوه الْأَنْصَار فَكَانُوا يستحبون أَن يَأْتُوا الزِّنَا يصونون بذلك أنفسهم {وَالَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: الزِّنَا إِن وجدوه عملوه وَإِن لم يجدوه لم يبتغوه ونفاق يكابرون النِّسَاء مُكَابَرَة وهم هَؤُلَاءِ الَّذين كَانُوا يكابرون النِّسَاء {لَنُغْرِيَنَّكَ بهم} يَقُول: لَنُعلِّمَنَّك بهم ثمَّ قَالَ {ملعونين} ثمَّ فَصله فِي الْآيَة {أَيْنَمَا ثقفوا} يعْملُونَ هَذَا الْعَمَل مُكَابَرَة النِّسَاء {أخذُوا وَقتلُوا تقتيلاً} قَالَ: السّديّ رَضِي الله عَنهُ: هَذَا حكم فِي الْقُرْآن لَيْسَ يعْمل بِهِ لَو أَن رجلا أَو أَكثر من ذَلِك اقتصوا أثر امْرَأَة فغلبوها على نَفسهَا فَفَجَرُوا بهَا كَانَ الحكم فيهم غير الْجلد وَالرَّجم ان يؤخذوا فَتضْرب أَعْنَاقهم {سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل} كَذَلِك كَانَ يفعل بِمن مضى من الْأُمَم {وَلنْ تَجِد لسنة الله تبديلاً} قَالَ: فَمن كَابر امْرَأَة على نَفسهَا فغلبها فَقتل فَلَيْسَ على قَاتله دِيَة لِأَنَّهُ مكابر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لنغرينك بهم} قَالَ: لنسلطنك عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَئِن لم ينْتَه المُنَافِقُونَ} قَالَ: لَا أعلم أغري بهم حَتَّى مَاتَ وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ

لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {لنغرينك بهم} قَالَ: لنولعنك قَالَ الْحَارِث بن حلزة: لَا تخلنا على غرائك انا قَلما قد رشى بِنَا الْأَعْدَاء

63

- قَوْله تَعَالَى: يَسْأَلك النَّاس عَن السَّاعَة قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد الله وَمَا يدْريك لَعَلَّ السَّاعَة تكون قَرِيبا إِن الله لعن الْكَافرين وَأعد لَهُم سعيرا خَالِدين فِيهَا أبدا لَا يَجدونَ وليا وَلَا نَصِيرًا يَوْم تقلب وُجُوههم فِي النَّار يَقُولُونَ ياليتنا أَطعْنَا الله وأطعنل الرسولا أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن {وَمَا يدْريك} فَلم يُخبرهُ بِهِ وَمَا كَانَ {مَا أَدْرَاك} فقد أخبرهُ

67

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا رَبنَا إِنَّا أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا رَبنَا آتهم ضعفين من الْعَذَاب والعنهم لعنا كَبِيرا أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {رَبنَا إِنَّا أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا} أَي رؤوسنا فِي الشَّرّ والشرك {رَبنَا آتهم ضعفين من الْعَذَاب} يَعْنِي بذلك جَهَنَّم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سادتنا وكبراءنا} قَالَ: مِنْهُم أَبُو جهل بن هِشَام

69

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيها أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن

الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرف عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ رجلا حيياً ستيراً لَا يرى من جلده شَيْء استحياء مِنْهُ فأذاه من أَذَاهُ من بني إِسْرَائِيل وَقَالُوا مَا يسْتَتر هَذَا السّتْر إِلَّا من عيب بجلده إِمَّا برص وَإِمَّا أدرة وَإِمَّا آفَة وَإِن الله أَرَادَ أَن يُبرئهُ مِمَّا قَالُوا وان مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام خلا يَوْمًا وَحده فَوضع ثِيَابه على حجر ثمَّ اغْتسل فَلَمَّا فرغ أقبل إِلَى ثِيَابه ليأخذها وَإِن الْحجر عدا بِثَوْبِهِ فَأخذ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَصَاهُ وَطلب الْحجر فَجعل يَقُول: ثوبي حجر ثوبي حجر حَتَّى انْتهى إِلَى مَلأ من بني إِسْرَائِيل فرأوه عُريَانا أحسن مَا خلق الله وأبرأه مِمَّا يَقُولُونَ وَقَامَ الْحجر فَأخذ ثَوْبه فلبسه وطفق بِالْحجرِ ضربا بعصاه فوَاللَّه إِن بِالْحجرِ لندباً من أثر ضربه ثَلَاثًا أَو أَرْبعا أَو خمْسا فَذَلِك قَوْله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا} وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ مُوسَى رجلا حيياً وَإنَّهُ أَتَى ليغتسل فَوضع ثِيَابه على صَخْرَة وَكَانَ لَا يكَاد تبدو عَوْرَته فَقَالَت بَنو إِسْرَائِيل: إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام آدر بِهِ آفَة - يعنون أَنه لَا يضع ثِيَابه - فاحتملت الصَّخْرَة ثِيَابه حَتَّى صَارَت بحذاء مجَالِس بني إِسْرَائِيل فنظروا إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام كأحسن الرِّجَال فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيهاً} وَأخرج أَحْمد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن مُوسَى بن عمرَان كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يدْخل المَاء لم يلق ثَوْبه حَتَّى يواري عَوْرَته فِي المَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى} قَالَ: قَالَ لَهُ قومه: إِنَّه آدر فَخرج ذَات يَوْم يغْتَسل فَوضع ثِيَابه على صَخْرَة فَخرجت الصَّخْرَة تشتد بثيابه فَخرج مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يتبعهَا عُريَانا حَتَّى انْتَهَت بِهِ إِلَى مجَالِس بني إِسْرَائِيل فرأوه وَلَيْسَ بآدر فَذَلِك قَوْله {فبرأه الله مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْد الله وجيهاً}

وَأخرج ابْن منيع وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى} قَالَ: صعد مُوسَى وَهَارُون الْجَبَل فَمَاتَ هَارُون عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: أَنْت قتلته كَانَ أَشد حبا لنا مِنْك وألين فآذوه من ذَلِك فَأمر الله الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام فَحَملته فَمروا بِهِ على مجَالِس بني إِسْرَائِيل وتكلمت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام بِمَوْتِهِ فبرأه الله من ذَلِك فَانْطَلقُوا بِهِ فدفنوه وَلم يعرف قَبره إِلَّا الرخم وان الله جعل أَصمّ أبكم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق السّديّ رَضِي الله عَنهُ عَن أبي مَالك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَعَن مرّة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وناس من الصَّحَابَة أَن الله أوحى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي متوفِ هَارُون فَائت بِهِ جبل كَذَا وَكَذَا فَانْطَلقَا نَحْو الْجَبَل فَإِذا هم بشجرة وَبَيت فِيهِ سَرِير عَلَيْهِ فرش وريح طيب فَلَمَّا نظر هَارُون عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى ذَلِك الْجَبَل وَالْبَيْت وَمَا فِيهِ أعجبه قَالَ: يَا مُوسَى إِنِّي أحب أَن أَنَام على هَذَا السرير قَالَ: نم عَلَيْهِ قَالَ: نم معي فَلَمَّا نَامَا أَخذ هَارُون عَلَيْهِ السَّلَام الْمَوْت فَلَمَّا قبض رفع ذَلِك الْبَيْت وَذَهَبت تِلْكَ الشَّجَرَة وَرفع السرير إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى بني إِسْرَائِيل قَالُوا: قتل هَارُون عَلَيْهِ السَّلَام وحسده حب بني إِسْرَائِيل لَهُ وَكَانَ هَارُون عَلَيْهِ السَّلَام أكف عَنْهُم وألين لَهُم وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِ بعض الغلظة عَلَيْهِم فَلَمَّا بلغه ذَلِك قَالَ: وَيحكم انه كَانَ أخي أفتروني أَقتلهُ فَلَمَّا أَكْثرُوا عَلَيْهِ قَامَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دَعَا الله فَنزلت الْمَلَائِكَة بالسرير حَتَّى نظرُوا إِلَيْهِ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فصدقوه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِين آذوا مُوسَى فبرأه الله مِمَّا قَالُوا} قَالَ: لَا تُؤْذُوا مُحَمَّدًا كَمَا آذَى قوم مُوسَى مُوسَى وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسما فَقَالَ رجل: إِن هَذِه لقسمة مَا أُرِيد بهَا وَجه الله فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاحمر وَجهه ثمَّ قَالَ رَحْمَة الله على مُوسَى لقد أوذي بِأَكْثَرَ من هَذَا فَصَبر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَكَانَ عِنْد الله وجيهاً} قَالَ: مستجاب الدعْوَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سِنَان عَمَّن حَدثهُ فِي قَوْله {وَكَانَ عِنْد الله وجيهاً} قَالَ: مَا سَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ربه شَيْئا قطّ إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه إِلَّا النّظر

70

- قَوْله تَعَالَى: يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً يصلح لكم أَعمالكُم وَيغْفر لكم ذنوبكم وَمن يطع الله وَرَسُوله فقد فَازَ فوزا عَظِيما أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الظّهْر ثمَّ قَالَ على مَكَانكُمْ اثبتوا ثمَّ أَتَى الرِّجَال فَقَالَ: إِن الله أَمرنِي أَن آمركُم أَن تتقوا الله وَأَن تَقولُوا قولا سديداً ثمَّ أَتَى النِّسَاء فَقَالَ: إِن الله أَمرنِي أَن آمركن أَن تتقين الله وَأَن تقلن قولا سديداً وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَكثر مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر يَقُول {اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّقْوَى عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر إِلَّا سمعته يَقُول {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً} وَأخرج سمويه فِي فَوَائده عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا خطب النَّاس أَو علمهمْ لَا يدع هَذِه الْآيَة أَن يتلوها {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً} إِلَى قَوْله {فقد فَازَ فوزاً عَظِيما} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا جلس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على هَذَا الْمِنْبَر قطّ إِلَّا تَلا هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديداً} وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {قولا سديداً} قَالَ: قولا عدلا حَقًا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول حَمْزَة بن عبد الْمطلب:

أَمِين على مَا استودع الله قلبه فَإِن قَالَ قولا كَانَ فِيهِ مُسَددًا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقُولُوا قولا سديداً} قَالَ: صدقا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قولا سديداً} قَالَ: عدلا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قولا سديداً} قَالَ: سداداً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقُولُوا قولا سديداً} قَالَ: قُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَقُولُوا قولا سديداً} قَالَ: قُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله

72

- قَوْله تَعَالَى: إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فأبين أَن يحملنها وأشفقن مِنْهَا وَحملهَا الإِنسان إِنَّه كَانَ ظلوماً جهولا ليعذب الله الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْمُشْرِكين والمشركات وَيَتُوب الله على الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة} الْآيَة قَالَ: الامانة الْفَرَائِض عرضهَا الله على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال إِن أدُّوها أثابهم وَإِن ضيعوها عذبهم فكرهوا ذَلِك واشفقوا من غير مَعْصِيّة وَلَكِن تَعْظِيمًا لدين الله أَن لَا يقومُوا بهَا ثمَّ عرضهَا على آدم فقبلها بِمَا فِيهَا وَهُوَ قَوْله {وَحملهَا الإِنسان إِنَّه كَانَ ظلوماً جهولاً} يَعْنِي غراً بِأَمْر الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: الْأَمَانَة: مَا أمروا بِهِ

ونهوا عَنهُ وَفِي قَوْله {وَحملهَا الإِنسان} قَالَ: آدم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم قَالَ: إِن الله عرض الْأَمَانَة على السَّمَاء الدُّنْيَا فَأَبت ثمَّ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى فرغ مِنْهَا ثمَّ الأَرْض ثمَّ الْجبَال ثمَّ عرضهَا على آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: نعم بَين أُذُنِي وعاتقي قَالَ الله فَثَلَاث آمُرك بِهن فَإِنَّهُنَّ لَك عون إِنِّي جعلت لَك بصراً وَجعلت لَك شفرتين ففضهما عَن كل شَيْء نهيتك عَنهُ وَجعلت لَك لِسَانا بَين لحيين فكفه عَن كل شَيْء نهيتك عَنهُ وَجعلت لَك فرجا وواريته فَلَا تكشفه إِلَى مَا حرمت عَلَيْك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: بَلغنِي أَن الله تَعَالَى لما خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال قَالَ إِنِّي فارض فَرِيضَة وخالق جنَّة وَنَارًا وثواباً لمن أَطَاعَنِي وعقاباً لمن عَصَانِي فَقَالَت السَّمَاء: خلقتني فسخرت فيَّ الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم والسحاب وَالرِّيح والغيوب فانا مسخرة على مَا خلقتني لَا أتحمل فَرِيضَة وَلَا أبغي ثَوابًا وَلَا عقَابا وَقَالَت الأَرْض خلقتني وسخرتني فجرت فيَّ الْأَنْهَار فأخرجت مني الثِّمَار وخلقتني لما شِئْت فَأَنا مسخرة على مَا خلقتني لَا أتحمل فَرِيضَة وَلَا أبغي ثَوابًا وَلَا عقَابا وَقَالَت الْجبَال: خلقتني رواسي الأَرْض فَأَنا على مَا خلقتني لَا أتحمل فَرِيضَة وَلَا أبغي ثَوابًا وَلَا عقَابا فَلَمَّا خلق الله آدم عرض عَلَيْهِ فَحَمله {إِنَّه كَانَ ظلوماً} ظلمه نَفسه فِي خطيئته {جهولاً} بعاقبة مَا تحمل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: لما خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال عرض الْأَمَانَة عَلَيْهِنَّ فَلم يقبلوها فَلَمَّا خلق آدم عَلَيْهِ السَّلَام عرضهَا عَلَيْهِ قَالَ: يَا رب وَمَا هِيَ قَالَ: هِيَ إِن أَحْسَنت أجرتك وَإِن أَسَأْت عَذَّبْتُك قَالَ: فقد تحملت يَا رب قَالَ: فَمَا كَانَ بَين أَن تحملهَا إِلَى أَن أخرج إِلَّا قدر مَا بَين الظّهْر وَالْعصر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة} قَالَ: عرضت على آدم عَلَيْهِ السَّلَام فَقيل: خُذْهَا بِمَا فِيهَا فَإِن أَطَعْت غفرت لَك وَإِن عصيت عَذَّبْتُك قَالَ:

قبلتها بِمَا فِيهَا فَمَا كَانَ إِلَّا قدر مَا بَين الظّهْر إِلَى اللَّيْل من ذَلِك الْيَوْم حَتَّى أصَاب الذَّنب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أَشوع فِي الْآيَة قَالَ عرض عَلَيْهِنَّ الْعَمَل وَجعل لَهُنَّ الثَّوَاب فضججن إِلَى الله ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن فَقُلْنَ: رَبنَا لَا طَاقَة لنا بِالْعَمَلِ وَلَا نُرِيد الثَّوَاب وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن الآزواعي أَن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ عرض الْعَمَل على مُحَمَّد بن كَعْب فَأبى فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ: أتعصي فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخْبرنِي عَن الله تَعَالَى حِين عرض {الْأَمَانَة على السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فأبين أَن يحملنها وأشفقن مِنْهَا} هَل كَانَ ذَلِك مِنْهَا مَعْصِيّة قَالَ: لَا فَتَركه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الله قَالَ لآدَم عَلَيْهِ السَّلَام إِنِّي عرضت الْأَمَانَة على السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال فَلم تطقها فَهَل أَنْت حاملها بِمَا فِيهَا قَالَ: أَي رب وَمَا فِيهَا قَالَ: إِن حملتها أجرت وَإِن ضيعتها عذبت قَالَ: قد حملتها بِمَا فِيهَا قَالَ: فَمَا عبر فِي الْجنَّة إِلَّا قدر مَا بَين الأولى وَالْعصر حَتَّى أخرجه إِبْلِيس من الْجنَّة قيل للضحاك: وَمَا الْأَمَانَة قَالَ: هِيَ الْفَرَائِض وَحقّ على كل مُؤمن أَن لَا يَغُشَّ مُؤمنا وَلَا معاهداً فِي شَيْء قَلِيل وَلَا كثير فَمن فعل فقد خَان أَمَانَته وَمن انْتقصَ من الْفَرَائِض شَيْئا فقد خَان أَمَانَته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة على السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال} قَالَ: يَعْنِي بِهِ الدّين والفرائض وَالْحُدُود {فأبين أَن يحملنها وأشفقن مِنْهَا} قيل لَهُنَّ: أَن تحملنها وتؤدين حَقّهَا فَقُلْنَا: لَا نطيق ذَلِك {وَحملهَا الإِنسان} قيل لَهُ: أتحملها قَالَ: نعم قيل: أتؤدي حَقّهَا فَقَالَ: أُطِيق ذَلِك قَالَ الله {إِنَّه كَانَ ظلوماً جهولاً} أَي ظلوماً بهَا جهولاً عَن حَقّهَا {ليعذب الله الْمُنَافِقين والمنافقات وَالْمُشْرِكين والمشركات} قَالَ: هَذَا اللَّذَان خاناها {وَيَتُوب الله على الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قَالَ: هَذَا اللَّذَان أدياها {وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة} قَالَ: الْفَرَائِض وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّا عرضنَا الْأَمَانَة} قَالَ: الدّين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَمَانَة ثَلَاث الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْغسْل من الْجَنَابَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من الْأَمَانَة أَن ائتمنت الْمَرْأَة على فرجهَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْوَرع والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أول مَا خلق الله من الإِنسان فرجه ثمَّ قَالَ: هَذِه أمانتي عنْدك فَلَا تضيعها إِلَّا فِي حَقّهَا فالفرج أَمَانَة والسمع أَمَانَة وَالْبَصَر أَمَانَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من تَضْييع الْأَمَانَة: النّظر فِي الحجرات والدور وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الا وَمن الْأَمَانَة الا وَمن الْخِيَانَة أَن يحدث الرجل أَخَاهُ بِالْحَدِيثِ فَيَقُول: اكتم عني فيفشيه وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من أعظم الْأَمَانَة عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الرجل يُفْضِي إِلَى امْرَأَته وتفضي إِلَيْهِ ثمَّ ينشر سرها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ والضياء عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا حدث الرجل بِالْحَدِيثِ ثمَّ الْتفت فَهِيَ أَمَانَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ليعذب الله الْمُنَافِقين} قَالَ: هما اللَّذَان ظلماها واللذان خاناها: الْمُنَافِق والمشرك وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد ضَعِيف عَن الحكم بن عُمَيْر وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْأَمَانَة وَالْوَفَاء نزلا على ابْن آدم مَعَ الْأَنْبِيَاء فأرسلوا بِهِ فَمنهمْ رَسُول الله وَمِنْهُم نَبِي وَمِنْهُم نَبِي رَسُول الله وَنزل الْقُرْآن وَهُوَ كَلَام الله وَنزلت الْعَرَبيَّة والعجمية فَعَلمُوا أَمر الْقُرْآن وَعَلمُوا أَمر السّنَن بألسنتهم وَلنْ يدع الله شئيا من أمره مِمَّا يأْتونَ وَمِمَّا يجتنبون وَهِي الْحجَج عَلَيْهِم إِلَّا بيّنت لَهُم فَلَيْسَ أهل لِسَان إِلَّا وهم يعْرفُونَ الْحسن من الْقَبِيح ثمَّ الْأَمَانَة أول شَيْء يرفع وَيبقى أَثَرهَا فِي جذور قُلُوب النَّاس ثمَّ يرفع الْوَفَاء والعهد والذمم وَتبقى الْكتب لعالم يعلمهَا وجاهل يعرفهَا وينكرها وَلَا يحملهَا حَتَّى وصل إليّ وَإِلَى أمتِي فَلَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك وَلَا يغفله إِلَّا تَارِك والحذر أَيهَا النَّاس وَإِيَّاكُم والوسواس الخناس فَإِنَّمَا يبلوكم أَيّكُم أحسن عملا وَالله أعلم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم - سُورَة سبأ مَكِّيَّة وآياتها أَربع وَخَمْسُونَ - مُقَدّمَة سُورَة سبأ أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت سُورَة سبأ بِمَكَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُورَة سبأ مَكِّيَّة

سبأ

- الْحَمد لله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَله الْحَمد فِي الْآخِرَة وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير يعلم مَا يلج فِي الأَرْض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيم الغفور وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَة قل بلَى وربي لتأتينكم عَالم الْغَيْب لَا يعزب عَنهُ مِثْقَال ذرة فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الأَرْض وَلَا أَصْغَر من ذَلِك وَلَا أكبر إِلَّا فِي كتاب مُبين ليجزي الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ لَهُم مغْفرَة ورزق كريم وَالَّذين سعوا فِي آيَاتنَا معاجزين أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب من رجز أَلِيم وَيرى الَّذين أُوتُوا الْعلم الَّذِي أنزل إِلَيْك من رَبك هُوَ الْحق وَيهْدِي إِلَى صِرَاط الْعَزِيز الحميد وَقَالَ الَّذين كفرُوا هَل ندلكم على رجل ينبئكم إِذا مزقتم كل ممزق إِنَّكُم لفي خلق جَدِيد أفترى على الله كذبا أم بِهِ جنَّة بل الَّذين لَا يُؤمنُونَ

بِالآخِرَة فِي الْعَذَاب والضلال الْبعيد أفلم يرَوا إِلَى مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم من السَّمَاء وَالْأَرْض إِن نَشأ نخسف بهم الأَرْض أَو نسقط عَلَيْهِم كسفاً من السَّمَاء إِن فِي ذَلِك لآيَة لكل عبد منيب أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير} قَالَ {حَكِيم} فِي أمره {خَبِير} بخلقه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يعلم مَا يلج فِي الأَرْض} قَالَ: من الْمَطَر {وَمَا يخرج مِنْهَا} قَالَ: من النَّبَات {وَمَا ينزل من السَّمَاء} قَالَ: الْمَلَائِكَة {وَمَا يعرج فِيهَا} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {قل بلَى وربي لتأتينكم عَالم الْغَيْب} قَالَ: يَقُول: بلَى وربي عَالم الْغَيْب لتأتينكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أُولَئِكَ لَهُم مغْفرَة ورزق كريم} قَالَ: مغْفرَة لذنوبهم {ورزق كريم} فِي الْجنَّة {وَالَّذين سعوا فِي آيَاتنَا معاجزين} قَالَ: أَي لَا يعجزون وَفِي قَوْله {أُولَئِكَ لَهُم عَذَاب من رجز أَلِيم} قَالَ: الرجز هُوَ الْعَذَاب الْأَلِيم الموجع وَفِي قَوْله {وَيرى الَّذين أُوتُوا الْعلم الَّذِي أنزل إِلَيْك من رَبك هُوَ الْحق} قَالَ: أَصْحَاب مُحَمَّد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَيرى الَّذين أُوتُوا الْعلم} قَالَ: الَّذين أُوتُوا الْحِكْمَة {من قبل} قَالَ: يَعْنِي الْمُؤمنِينَ من أهل الْكتاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالَ الَّذين كفرُوا هَل ندلكم على رجل ينبئكم} قَالَ: قَالَ ذَلِك مشركو قُرَيْش {إِذا مزقتم كل ممزق} يَقُول: إِذا أكلتكم الأَرْض وصرتم عظاماً ورفاتاً وتقطعتكم السبَاع وَالطير {إِنَّكُم لفي خلق جَدِيد} إِنَّكُم ستحيون وتبعثون قَالُوا: ذَلِك تَكْذِيبًا بِهِ {أفترى على الله كذبا أم بِهِ جنَّة} قَالَ: قَالُوا: إِمَّا أَن يكون يكذب على الله واما أَن يكون مَجْنُونا {أفلم يرَوا إِلَى مَا بَين أَيْديهم وَمَا خَلفهم من السَّمَاء وَالْأَرْض}

قَالَ: إِنَّك إِن نظرت عَن يَمِينك وَعَن شمالك وَمن بَين يَديك وَمن خَلفك رَأَيْت السَّمَاء وَالْأَرْض {إِن نَشأ نخسف بهم الأَرْض} كَمَا خسفنا بِمن كَانَ قبلهم {أَو نسقط عَلَيْهِم كسفاً من السَّمَاء} أَي قطعا من السَّمَاء إِن يَشَأْ يعذب بسمائه فعل وان يَشَأْ يعذب بأرضه فعل وكل خلقه لَهُ جند قَالَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ: وَكَانَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ يَقُول: إِن الزّبد لمن جنود الله {إِن فِي ذَلِك لآيَة لكل عبد منيب} قَالَ قَتَادَة: تائب مقبل على الله عز وَجل

10

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد آتَيْنَا دَاوُد منا فضلا يَا جبال أوّبي مَعَه وَالطير وألنا لَهُ الْحَدِيد أَن اعْمَلْ سابغات وَقدر فِي السرد وَاعْمَلُوا صَالحا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير أخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أوّبي مَعَه} قَالَ: سبحي مَعَه وَأخرج ابْن جرير عَن أبي ميسرَة رَضِي الله عَنهُ {أوّبي مَعَه} قَالَ: سبحي مَعَه بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {أوّبي مَعَه} قَالَ: سبحي وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَأبي عبد الرَّحْمَن مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا جبال أوّبي مَعَه وَالطير} أَيْضا يَعْنِي يسبح مَعَه الطير وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَمر الله الْجبَال وَالطير أَن تسبح مَعَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام اذا سبح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَمر الله الْجبَال وَالطير أَن تسبح مَعَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِذا سبح

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (الطير) بِالنّصب بجملة قَالَ: سخرنا لَهُ الطير وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وألنَّا لَهُ الْحَدِيد} قَالَ: كالعجين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وألنَّا لَهُ الْحَدِيد} قَالَ: ليَّن الله لَهُ الْحَدِيد فَكَانَ يسرده حلقا بِيَدِهِ يعْمل بِهِ كَمَا يعْمل بالطين من غير أَن يدْخلهُ النَّار وَلَا يضْربهُ بِمِطْرَقَةٍ وَكَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أول من صنعها وَإِنَّمَا كَانَت قبل ذَلِك صَفَائِح من حَدِيد يتحصنون بهَا من عدوهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وألنَّا لَهُ الْحَدِيد} فَيصير فِي يَده مثل الْعَجِين فيصنع مِنْهُ الدروع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَقدر فِي السرد} قَالَ: حلق الْحَدِيد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقدر فِي السرد} قَالَ: السرد المسامير الَّتِي فِي الْحلق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَقدر فِي السرد} قَالَ: لَا تدق المسامير وَتوسع الْحلق فتسلسل وَلَا تغلظ المسامير وتضيق الْحلق فتنقصم واجعله قدرا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَقدر فِي السرد} قَالَ: قدر المسامير وَالْحلق لَا تدق المسمار فيسلسل وَلَا تحلها فينقصم وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شَوْذَب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يرفع فِي كل يَوْم درعاً فيبيعها بِسِتَّة آلَاف دِرْهَم أَلفَيْنِ لَهُ ولأهله وَأَرْبَعَة آلَاف يطعم بهَا بني إِسْرَائِيل الْخبز الْحوَاري

12

- قَوْله تَعَالَى: ولسليمان الرّيح غدوّها شهر ورواحها شهر وأسلنا لَهُ عين الْقطر وَمن الْجِنّ من يعْمل بَين يَدَيْهِ بِإِذن ربه وَمن يزغ مِنْهُم عَن أمرنَا نذقه من عَذَاب السعير أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (ولسليمان الرّيح) رفع الْحَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولسليمان الرّيح غدوّها شهر ورواحها شهر} قَالَ: تَغْدُو مسيرَة شهر وَتَروح مسيرَة شهر فِي يَوْم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الرّيح مسيرها شَهْرَان فِي يَوْم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لما شغلته الْخَيل فَأَتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر غضب لله فعقر الْخَيل فأبدله الله مَكَانهَا خيرا مِنْهَا وأسرع الرّيح تجْرِي بأَمْره كَيفَ شَاءَ فَكَانَ غُدُوُّها شهرا ورواحها شهرا وَكَانَ يَغْدُو من ايليا فيقيل بقريرا وَيروح من قريرا فيبيت بكابل وَأخرج الْخَطِيب فِي رِوَايَة مَالك عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يركب الرّيح من اصطخر فيتغدى بِبَيْت الْمُقَدّس ثمَّ يعود فيتعشى باصطخر وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {غدوها شهر ورواحها شهر} قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يَغْدُو من بَيت الْمُقَدّس فيقيل باصطخر ثمَّ يروح من اصطخر فيقيل بقلعة خُرَاسَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وأسلنا لَهُ عين الْقطر} قَالَ: النّحاس

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وأسلنا لَهُ عين الْقطر} قَالَ: أعطَاهُ الله عينا من صفر تسيل كَمَا يسيل المَاء قَالَ: وَهل تعرف الْعرف ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: فَألْقى فِي مراجل من حَدِيد قدور الْقطر لَيْسَ من البرام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وأسلنا لَهُ عين الْقطر} قَالَ: عين النّحاس كَانَت باليمنوان مَا يصنع النَّاس الْيَوْم مِمَّا أخرج الله لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأسلنا لَهُ عين الْقطر} قَالَ: أسَال الله تَعَالَى لَهُ الْقطر ثَلَاثَة أَيَّام يسيل كَمَا يسيل المَاء قيل: إِلَى أَيْن قَالَ: لَا أَدْرِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سيلت لَهُ عين من نُحَاس ثَلَاثَة أَيَّام وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ {الْقطر} النّحاس لم يقدر عَلَيْهَا أحد بعد سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَإِنَّمَا يعْمل النَّاس بعد فِيمَا كَانَ أعْطى سُلَيْمَان وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {عين الْقطر} قَالَ: الصفر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ كل الْجِنّ صَخْر لَهُ كَمَا تَسْمَعُونَ {وَمن الْجِنّ من يعْمل بَين يَدَيْهِ بِإِذن ربه وَمن يزغ مِنْهُم عَن أمرنَا} قَالَ: يعدل عَمَّا يَأْمُرهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَمن يزغ مِنْهُم عَن أمرنَا} قَالَ: من الْجِنّ

13

- قَوْله تَعَالَى: يعْملُونَ لَهُ مَا يَشَاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يعْملُونَ لَهُ مَا يَشَاء من محاريب وتماثيل} قَالَ: من شبه ورخام وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من محاريب} قَالَ: بُنيان دون الْقُصُور {وتماثيل} قَالَ: من نُحَاس {وجِفَان} قَالَ: صحاف كالجوابي قَالَ: الْجَفْنَة مثل الجوبة من الأَرْض {وقدور راسيات} قَالَ: عِظَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ المحاريب الْقُصُور والتماثيل الصُّور {وجفان كالجوابِ} قَالَ: كالجوبة من الأَرْض وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من محاريب} قَالَ: قُصُور ومساجد {وتماثيل} قَالَ: من رُخَام وَشبه {وجفان كالجواب} كالحياض {وقدور راسيات} قَالَ: ثابتات لَا يزلن عَن مكانهن كن يُرَيْنَ بِأَرْض الْيمن وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وتماثيل} قَالَ: اتخذ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام تماثيل من نُحَاس فَقَالَ: يَا رب انفخ فِيهَا الرّوح فَإِنَّهَا أقوى على الْخدمَة فَنفخ الله فِيهَا الرّوح فَكَانَت تخدمه وَكَانَ اسفيديار من بقاياهم فَقيل لداود عَلَيْهِ السَّلَام {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من محاريب} قَالَ: الْمَسَاجِد {وتماثيل} قَالَ: الصُّور {وجفان كالجوابِ} قَالَ: كحياض الإِبل الْعِظَام {وقدور راسيات} قَالَ: قدرو عِظَام كَانُوا ينحتونها من الْجبَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وجفان كالجوابِ} قَالَ: كالجوبة من الأَرْض {وقدور راسيات} قَالَ: أثافيها مِنْهَا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وجفان كالجواب} قَالَ: كالحياض الواسعة تسع الْجَفْنَة الْجَزُور

قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت طرفَة بن العَبْد وَهُوَ يَقُول: كالجوابي لَا هِيَ مترعة لقرى الأضياف أَو للمحتضر وَقَالَ أَيْضا: يجْبر المجروب فِينَا مَاله بقباب وجفان وخدم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وجفان كالجوابِ} قَالَ: كالحياض {وقدور راسيات} قَالَ: الْقُدُور الْعِظَام الَّتِي لَا تحوّل من مَكَانهَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {وقدور راسيات} قَالَ: عِظَام تفرغ افراغاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} قَالَ: إعملوا شكرا لله على مَا أنعم بِهِ عَلَيْكُم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن شهَاب فِي قَوْله {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} قَالَ: قُولُوا الْحَمد لله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ثَابت الْبنانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام جزأ الصَّلَاة على بيوته على نِسَائِهِ وَولده فَلم تكن تَأتي سَاعَة من اللَّيْل وَالنَّهَار إِلَّا وإنسان قَائِم من آل دَاوُد يُصَلِّي فعمتهم هَذِه الْآيَة {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد لِسُلَيْمَان عَلَيْهِمَا السَّلَام: قد ذكر الله الشُّكْر فَاكْفِنِي قيام النَّهَار أكفك قيام اللَّيْل قَالَ: لَا أَسْتَطِيع قَالَ: فَاكْفِنِي صَلَاة النَّهَار فكفاه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الشُّكْر تقوى الله وَالْعَمَل بِطَاعَتِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الفضيل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب كَيفَ أشكرك وَالشُّكْر نعْمَة مِنْك قَالَ: الْآن شكرتني حِين علمت أَن النعم مني وَأخرج أَحْمد بن حَنْبَل فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْمُغيرَة بن عتبَة قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب هَل بَات أحد من خلقك اللَّيْلَة أطول

ذكرا لَك مني فَأوحى الله إِلَيْهِ: نعم الضفدع وَأنزل الله تَعَالَى على دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب كَيفَ أُطِيق شكرك وَأَنت الَّذِي تنعم عَليّ ثمَّ ترزقني على النِّعْمَة الشُّكْر فالنعمة مِنْك وَالشُّكْر مِنْك فَكيف أُطِيق شكرك قَالَ: يَا دَاوُد الْآن عَرفتنِي حق معرفتي وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم فِي كتاب الشُّكْر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الْجلد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت فِي مساءلة دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: أَي رب كَيفَ لي أَن أشكرك وَأَنا لَا أصل إِلَى شكرك الا بنعمتك قَالَ: فَأَتَاهُ الْوَحْي: إِن يَا دَاوُد أَلَيْسَ تعلم أَن الَّذِي بك من النعم مني قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: إلهي لَو أَن لكل شَعْرَة مني لسانين يسبحانك اللَّيْل وَالنَّهَار والدهر كُله مَا قضيت حق نعْمَة وَاحِدَة من نعمك عَليّ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} قَالَ: لم يَنْفَكّ مِنْهُم مصلٍ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قيل لَهُم {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} لم يَأْتِ على الْقَوْم سَاعَة إِلَّا وَمِنْهُم يُصَلِّي وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يخْطب النَّاس على الْمِنْبَر وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا} قَالَ: ثَلَاث من أوتيهن فقد أُوتِيَ مَا أُوتِيَ آل دَاوُد قيل: وَمَا هن يَا رَسُول الله قَالَ: الْعدْل فِي الْغَضَب وَالرِّضَا وَالْقَصْد فِي الْفقر والغنى وَذكر الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن حَفْصَة رَضِي الله عَنْهَا مَرْفُوعا بِهِ وَأخرجه الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا بِهِ وَأخرجه ابْن النجار فِي تَارِيخه من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا بِهِ وَقَالَ خشيَة الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَالله أعلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَقَلِيل من عبَادي الشكُور} يَقُول: قَلِيل من عبَادي الْمُوَحِّدين توحيدهم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل عِنْد عمر رَضِي الله عَنهُ: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من الْقَلِيل فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: مَا هَذَا الدُّعَاء الَّذِي تَدْعُو بِهِ قَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يَقُول {وَقَلِيل من عبَادي الشكُور} فَأَنا أدعوا الله أَن يَجْعَلنِي من ذَلِك الْقَلِيل فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: كل النَّاس أعلم من عمر

14

- قَوْله تَعَالَى: فَلَمَّا قضينا عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ مَا دلهم على مَوته إِلَّا دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته فَلَمَّا خر تبينت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يَخْلُو فِي بَيت الْمُقَدّس السّنة والسنتين والشهر والشهرين وَأَقل من ذَلِك وَأكْثر وَيدخل طَعَامه وَشَرَابه فَأدْخلهُ فِي الْمرة الَّتِي مَاتَ فِيهَا وَكَانَ بَدْء ذَلِك أَنه لم يكن يَوْمًا يصبح فِيهِ الا نَبتَت فِي بَيت الْمُقَدّس شَجَرَة فيأتيها فيسألها مَا اسْمك فَتَقول: الشَّجَرَة اسْمِي كَذَا وَكَذَا فَيَقُول لَهَا: لأي شَيْء نبت فَتَقول: نبت لكذا وَكَذَا فيأمر بهَا فتقطع فَإِن كَانَت نَبتَت لغرس غرسها وَإِن كَانَت نَبتَت دَوَاء قَالَت: نَبَتُّ دَوَاء لكذا وَكَذَا فيجعلها لذَلِك حَتَّى نَبتَت شَجَرَة يُقَال لَهَا الخرنوبة قَالَ لَهَا: لأي شَيْء نبت قَالَت: نبت لخراب هَذَا الْمَسْجِد فَقَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: مَا كَانَ الله ليخربه وَأَنا حَيّ أَنْت الَّذِي على وَجهك هلاكي وخراب بَيت الْمُقَدّس فنزعها فغرسها فِي حَائِط لَهُ ثمَّ دخل الْمِحْرَاب فَقَامَ يُصَلِّي مُتكئا على عَصا فَمَاتَ وَلَا تعلم بِهِ الشَّيَاطِين فِي ذَلِك وهم يعْملُونَ لَهُ مَخَافَة أَن يخرج فيعاقبهم وَكَانَت الشَّيَاطِين حول الْمِحْرَاب يَجْتَمعُونَ وَكَانَ الْمِحْرَاب لَهُ كواً من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَكَانَ الشَّيْطَان المريد الَّذِي يُرِيد أَن يخلع يَقُول: أَلَسْت جليداً إِن دخلت فَخرجت من ذَلِك الْجَانِب فَيدْخل حَتَّى يخرج من الْجَانِب

الآخر فَدخل شَيْطَان من أُولَئِكَ فَمر وَلم يكن شَيْطَان ينظر إِلَى سُلَيْمَان الا احْتَرَقَ فَمر وَلم يسمع صَوت سُلَيْمَان ثمَّ رَجَعَ فَلم يسمع صَوته ثمَّ عَاد فَلم يسمع ثمَّ رَجَعَ فَوَقع فِي الْبَيْت وَلم يَحْتَرِق وَنظر إِلَى سُلَيْمَان قد سقط مَيتا فَخرج فَأخْبر النَّاس: أَن سُلَيْمَان قد مَاتَ ففتحوا عَنهُ فأخرجوه فوجدوا منسأته - وَهِي الْعَصَا بِلِسَان الْحَبَشَة - قد أكلتها الأرضة وَلم يعلمُوا مُنْذُ كم مَاتَ فوضعوا الأرضة على الْعَصَا فَأكلت مِنْهَا يَوْم وَلَيْلَة ثمَّ حسبوا على نَحْو ذَلِك فوجدوه قد مَاتَ مُنْذُ سنة وَهِي فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (فَمَكَثُوا يدينون لَهُ من بعد مَوته حولا كَامِلا) فأيقن النَّاس عِنْد ذَلِك أَن الْجِنّ كَانُوا يكذبُون وَلَو أَنهم علمُوا الْغَيْب لعلموا بِمَوْت سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَلما لَبِثُوا فِي الْعَذَاب سنة يعْملُونَ لَهُ وَلَو كنت تشربين أَتَيْنَاك بأطيب الشَّرَاب ولكننا ننقل إِلَيْك الطين وَالْمَاء فهم ينقلون إِلَيْهَا حَيْثُ كَانَت ألم تَرَ إِلَى الطين الَّذِي يكون فِي جَوف الْخشب فَهُوَ مِمَّا يَأْتِيهَا الشَّيَاطِين شكرا لَهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته} عَصَاهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لبث سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام على عَصَاهُ حولا بَعْدَمَا مَاتَ ثمَّ خر على رَأس الْحول فَأخذت الإِنس عَصا مثل عَصَاهُ ودابة مثل دَابَّته فأرسلوها عَلَيْهَا فَأَكَلتهَا فِي سنة وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ (فَلَمَّا خر تبينت الْإِنْس إِن لَو كَانَ الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين سنة) قَالَ سُفْيَان: وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود (وهم يدأبون لَهُ حولا) وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام إِذا صلى رأى شَجَرَة نابتة بَين يَدَيْهِ فَيَقُول لَهَا: مَا اسْمك فَتَقول: كَذَا وَكَذَا فَإِن كَانَت لغرس غرست وَإِن كَانَت لدواء نَبتَت فصلى ذَات يَوْم فَإِذا شَجَرَة نابتة بَين يَدَيْهِ فَقَالَ: لَهَا: مَا اسْمك قَالَت: الخرنوب قَالَ: لأي شَيْء أنتِ قَالَت: لخراب هَذَا الْبَيْت فَقَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: اللَّهُمَّ عَم عَن الْجِنّ موتِي

حَتَّى يعلم الإِنس أَن الْجِنّ لَا يعلمُونَ الْغَيْب فَأخذ عَصا فتوكأ عَلَيْهَا وَقَبضه الله وَهُوَ متكىء فَمَكثَ حينا مَيتا وَالْجِنّ تعْمل فَأَكَلتهَا الأرضة فَسَقَطت فَعَلمُوا عِنْد ذَلِك بِمَوْتِهِ فتبينت الإِنس أَن الْجِنّ لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا حولا فِي الْعَذَاب المهين وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقْرَأها كَذَلِك فَشَكَرت الْجِنّ الأرضة فأينما كَانَت يأتونها بِالْمَاءِ وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا وَأخرج الديلمي عَن زيد بن أَرقم مَرْفُوعا يَقُول الله أَنِّي تفضلت على عبَادي بِثَلَاث ألقيت الدَّابَّة على الْحبَّة وَلَوْلَا ذَلِك لكنزتها الْمُلُوك كَمَا يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وألقيت النتن على الْجَسَد وَلَوْلَا ذَلِك لم يدْفن حبيب حَبِيبه وأسليت الحزين وَلَوْلَا ذَلِك لذهب التسلي وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت الْجِنّ تخبر الإِنس أَنهم يعلمُونَ من الْغَيْب أَشْيَاء وَأَنَّهُمْ يعلمُونَ مَا فِي غَد فابتلوا بِمَوْت سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَمَاتَ فَلبث سنة على عَصَاهُ وهم لَا يَشْعُرُونَ بِمَوْتِهِ وهم مسخرون تِلْكَ السّنة ويعملون دائبين {فَلَمَّا خر تبينت الْجِنّ} وَفِي بعض الْقِرَاءَة (فَلَمَّا خر تبينت الْإِنْس إِن لَو كَانَ الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين) وَقد لَبِثُوا يدأبون ويعملون لَهُ حولا بعد مَوته وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق قيس بن سعد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الإِنس تَقول فِي زمن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: أَن الْجِنّ تعلم الْغَيْب فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام مكث قَائِما على عَصَاهُ مَيتا حولا وَالْجِنّ تعْمل بقيامه (فَلَمَّا خر تبينت الْإِنْس إِن لَو كَانَ الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين) كَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَذَلِك يَقْرَأها قَالَ قيس بن سعد رَضِي الله عَنهُ: وَهِي قِرَاءَة أُبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ كَذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لملك الْمَوْت: إِذا أمرت بِي فاعلمني فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا سُلَيْمَان قد أمرت بك قد بقيت لَك سويعة فَدَعَا الشَّيَاطِين فبنوا عَلَيْهِ صرحاً من قَوَارِير لَيْسَ عَلَيْهِ بَاب فَقَامَ يُصَلِّي فاتكأ على عَصَاهُ فَدخل عَلَيْهِ ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام فَقبض

روحه وَهُوَ متكىء على عَصَاهُ وَلم يصنع ذَلِك فِرَارًا من الْمَوْت قَالَ: وَالْجِنّ تعْمل بَين يَدَيْهِ وَيَنْظُرُونَ يحسبون أَنه حَيّ فَبعث الله {دَابَّة الأَرْض} دَابَّة تَأْكُل العيدان يُقَال لَهَا: القادح فَدخلت فِيهَا فَأَكَلتهَا حَتَّى إِذا أكلت جَوف الْعَصَا ضعفت وَثقل عَلَيْهَا فَخر مَيتا فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك الْجِنّ انْفَضُّوا وذهبوا فَذَلِك قَوْله {مَا دلهم على مَوته إِلَّا دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما رد الله الْخَاتم إِلَيْهِ لم يصلِّ صَلَاة الصُّبْح يَوْمًا إِلَّا نظر وَرَاءه فَإِذا هُوَ بشجرة خضراء تهتز فَيَقُول: يَا شَجَرَة أما يأكلنك جن وَلَا إنس وَلَا طير وَلَا هوَام وَلَا بهائم فَتَقول: إِنِّي لم أجعَل رزقا لشَيْء وَلَكِن دَوَاء من كَذَا ودواء من كَذَا فَقَامَ الإِنس وَالْجِنّ يقطعونها ويجعلونها فِي الدَّوَاء فصلى الصُّبْح ذَات يَوْم والتفت فَإِذا بشجرة وَرَاءه قَالَ: مَا أَنْت يَا شَجَرَة قَالَت: أَنا الخرنوبة قَالَ: وَالله مَا الخرنوبة إِلَّا خراب بَيت الْمُقَدّس وَالله لَا يخرب مَا كنت حَيا وَلَكِنِّي أَمُوت فَدَعَا بحنوط فتحنط وتكفن ثمَّ جلس على كرسيه ثمَّ جمع كفيه على طرف عَصَاهُ ثمَّ جعلهَا تَحت ذقنه وَمَات فَمَكثَ الْجِنّ سنة يحسبون أَنه حَيّ وَكَانَت لَا ترفع أبصارها إِلَيْهِ وَبعث الله الارضة فَأكلت طرف الْعَصَا فَخر منكباً على وَجهه فَعلمت الْجِنّ أَنه قد مَاتَ فَذَلِك قَوْله {تبينت الْجِنّ} وَلَقَد كَانَت الْجِنّ تعلم أَنَّهَا لَا تعلم الْغَيْب وَلَكِن فِي الْقِرَاءَة الأولى (تبينت الإِنس أَن لَو كَانَت الْجِنّ يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: بلغت نصف الْعَصَا فتركوها فِي النّصْف الْبَاقِي فَأَكَلتهَا فِي حول فَقَالُوا: مَاتَ عَام أول وَأخرج عبد بن حميد عَن أبن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مكث سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام حولا على عَصَاهُ مُتكئا حَتَّى أكلتها الأرضة فَخرَّ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا دَابَّة الأَرْض تَأْكُل منسأته} قَالَ: عَصَاهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأرضة أكلت عَصَاهُ حَتَّى خرَّ

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {تَأْكُل منسأته} قَالَ: الْعَصَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن المنسأة قَالَ: هِيَ الْعَصَا وَأنْشد فِيهَا شعرًا قَالَه عبد الْمطلب: أَمن أجل حَبل لَا أبالك صدته بمنسأة قد جر حبلك أحبلا وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المنسأة الْعَصَا بِلِسَان الْحَبَشَة

15

- قَوْله تَعَالَى: لقد كَانَ لسبإ فِي مساكنهم آيَة جنتان عَن يَمِين وشمال كلوا من رزق ربكُم واشكروا لَهُ بَلْدَة طيبَة وَرب غَفُور فأعرضوا فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط واثل وَشَيْء من سدر قَلِيل ذَلِك جزيناهم بِمَا كفرُوا وَهل نجازي إِلَّا الكفور وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة وقدرنا فِيهَا السّير سِيرُوا فِيهَا ليَالِي وأياماً آمِنين فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا وظلموا أنفسهمفجعلناهم أَحَادِيث ومزقناهم كل ممزق إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن فَرْوَة بن مسيك الْمرَادِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله أَلا أقَاتل من أدبر من قومِي بِمن أقبل مِنْهُم فَأذن لي فِي قِتَالهمْ وَأَمرَنِي فَلَمَّا خرجت من عِنْده أرسل فِي أثري فردني فَقَالَ ادْع الْقَوْم فَمن أسلم مِنْهُم فاقبل مِنْهُ وَمن لم يسلم فَلَا تعجل حَتَّى أحدث إِلَيْك وَأنزل فِي سبأ مَا أنزل فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا سبأ أَرض أم امْرَأَة قَالَ: لَيْسَ بِأَرْض وَلَا امْرَأَة وَلكنه رجل ولد عشرَة من الْعَرَب فَتَيَامَنَ مِنْهُم

سِتَّة وتشاءَمَ مِنْهُم أَرْبَعَة فاما الَّذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة وَأما الَّذين تيامنوا فالازد والاشعريون وحمير وَكِنْدَة ومذحج وأنمار فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا أَنْمَار قَالَ: الَّذين مِنْهُم خثعم وبجيلة وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن سبأ أرجل هُوَ أَو امْرَأَة أم أَرض فَقَالَ: بل هُوَ رجل ولد عشرَة فسكن الْيمن مِنْهُم سِتَّة وبالشام مِنْهُم أَرْبَعَة فَأَما اليمانيون فمذحج وَكِنْدَة والأزد والأشعريون وأنمار وحِمْيَر وَأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (لقد كَانَ لسبإ) بالخفض منوّنة مَهْمُوزَة (فِي مساكنهم) على الْجِمَاع بِالْألف وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن يحيى بن وثاب أَنه يَقْرَأها {لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ لسأ جنتان بَين جبلين فَكَانَت الْمَرْأَة تمر ومكتلها على رَأسهَا فتمشي بَين جبلين فتمتلىء فَاكِهَة وَمَا مسته بِيَدِهَا فَلَمَّا طغوا بعث الله عَلَيْهِم دَابَّة يُقَال لَهَا: الجرذ فَنقبَ عَلَيْهِم فغرقهم فَمَا بَقِي مِنْهُم الا أثل وَشَيْء من سدر قَلِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم} قَالَ لم يكن يرى فِي قريتهم بعوضة قطّ وَلَا ذُبَاب وَلَا برغوث وَلَا عقرب وَلَا حَيَّة وان الركب لَيَأْتُونَ فِي ثِيَابهمْ الْقمل وَالدَّوَاب فَمَا هُوَ إِلَّا أَن ينْظرُوا إِلَى بيوتها فتموت تِلْكَ الدَّوَابّ وَإِن كَانَ الإِنسان ليدْخل الجنتين فَيمسك القفة على رأسة وَيخرج حِين يخرج وَقد امْتَلَأت تِلْكَ القفة من أَنْوَاع الْفَاكِهَة وَلم يتَنَاوَل مِنْهَا شَيْئا بِيَدِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بَلْدَة طيبَة وَرب غَفُور} قَالَ: هَذِه الْبَلَد طيبَة وربكم غَفُور لذنوبكم وَفِي قَوْله {فاعرضوا} قَالَ: بطر الْقَوْم أَمر الله وَكَفرُوا نعْمَته

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أهل سبأ أعْطوا مَا لم يُعْطه أحد من أهل زمانهم فَكَانَت الْمَرْأَة تخرج على رَأسهَا المكتل فتريد حَاجَتهَا فَلَا تبلغ مَكَانهَا الَّذِي تُرِيدُ حَتَّى يمتلىء مِكْتَلُهَا من أَنْوَاع الْفَاكِهَة فَأَجْمعُوا ذَلِك فكذبوا رسلهم وَقد كَانَ السَّيْل يَأْتِيهم من مسيرَة عشرَة أَيَّام حَتَّى يسْتَقرّ فِي وَادِيهمْ فَيجمع المَاء من تِلْكَ السُّيُول وَالْجِبَال فِي ذَلِك الْوَادي وَكَانُوا قد حفروه بمسناة - وهم يسمون المسناة العرم - وَكَانُوا يفتحون اذا شاؤا من ذَلِك المَاء فيسقون جنانهم إِذا شَاءُوا فَلَمَّا غضب الله عَلَيْهِم وَأذن فِي هلاكهم دخل رجل إِلَى جنته - وَهُوَ عَمْرو بن عَامر فِيمَا بلغنَا وَكَانَ كَاهِنًا - فَنظر إِلَى جرذة تنقل أَوْلَادهَا من بطن الْوَادي إِلَى أَعلَى الْجَبَل فَقَالَ: مَا نقلت هَذِه أَوْلَادهَا من هَهُنَا إِلَّا وَقد حضر أهل هَذِه الْبِلَاد عَذَاب وَيقدر أَنَّهَا خرقت ذَلِك العرم فنقبت نقباً فَسَالَ ذَلِك النقب مَاء إِلَى جنته فَأمر عَمْرو بن عَامر بذلك النقب فسد فَأصْبح وَقد انفجر بأعظم مَا كَانَ فَأمر بِهِ أَيْضا فسد ثمَّ انفجر بأعظم مَا كَانَ فَلَمَّا رأى ذَلِك دَعَا ابْن أَخِيه فَقَالَ: إِذا أَنا جَلَست العشية فِي نَادِي قومِي فائتني فَقل: علام تحبس عَليّ مَالِي فَإِنِّي سأقول لَيْسَ لَك عِنْدِي مَال وَلَا ترك أَبوك شَيْئا وَإنَّك لَكَاذِب فَإِذا أَنا كذبتك فَكَذبنِي وأردد عليّ مثل مَا قلت لَك فَإِذا فعلت ذَلِك فَإِنِّي سأشتمك فاشتمني فَإِذا أَنْت شتمتني لطمتك فَإِذا أَنا لطمتك فَقُمْ فالطمني قَالَ: مَا كنت لاستقبلك بذلك يَا عَم قَالَ: بلَى فافعل فَإِنِّي أُرِيد بهَا صلاحك وَصَلَاح أهل بَيْتك فَقَالَ الْفَتى فَلَطَمَهُ فَقَالَ الشَّيْخ: يَا معشر بني فلَان الطم فِيكُم لَا سكنت فِي بلد لطمني فِيهِ فلَان أبدا من يبْتَاع مني فَلَمَّا عرف الْقَوْم مِنْهُ الْجد أَعْطوهُ فَنظر إِلَى أفضلهم عَطِيَّة فَأوجب لَهُ البيع فَدَعَا بِالْمَالِ فنقده وَتحمل هُوَ وَبَنوهُ من ليلته فَتَفَرَّقُوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فِي سبأ كهنة وَكَانَت الشَّيَاطِين يسْتَرقونَ السّمع فَأخْبرُوا الكهنة بِشَيْء من أَخْبَار السَّمَاء وَكَانَ فيهم رجل كَاهِن شرِيف كثير المَال أَنه أخبر أَن زَوَال أَمرهم قد دنا وَأَن الْعَذَاب قد أظلهم فَلم يدر كَيفَ يصنع لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ مَال كثير من عقر فَقَالَ لرجل

من بنيه وَهُوَ أعزهم أخوالاً: إِذا كَانَ غَدا وأمرتك بِأَمْر فَلَا تَفْعَلهُ فَإِذا نهرتك فَانْتَهرنِي فَإِذا تناولتك فالطمني قَالَ: يَا أَبَت لَا تفعل إِن هَذَا أَمر عَظِيم وَأمر شَدِيد قَالَ: يَا بني قد حدث أَمر لَا بُد مِنْهُ فَلم يزل حَتَّى هيأه على ذَلِك فَلَمَّا أَصْبحُوا وَاجْتمعَ النَّاس قَالَ: يَا بني افْعَل كَذَا وَكَذَا فَأبى فانتهره أَبوهُ فَأَجَابَهُ فَلم يزل ذَلِك بَينهمَا حَتَّى تنَاوله أَبوهُ فَوَثَبَ على أَبِيه فَلَطَمَهُ فَقَالَ: ابْني يلطمني عليَّ بالشفرة قَالُوا: وَمَا تصنع بالشفرة قَالَ: اذبحه قَالُوا: تذبح ابْنك الطمه واصنع مَا بدا لَك فَأبى إِلَّا أَن يذبحه فأرسلوا إِلَى أَخْوَاله فاعلموهم بذلك فجَاء أَخْوَاله فَقَالُوا: خُذ منا مَا بدا لَك فَأبى إِلَّا أَن يذبحه قَالُوا: فلتموتن قبل أَن تَدعُوهُ قَالَ: اشْتَروا مني دوري اشْتَروا مني أرضي فَلم يزل حَتَّى بَاعَ دوره وأرضه وعقاره فَلَمَّا صَار الثّمن فِي يَده وأحرزه قَالَ: أَي قوم أَن الْعَذَاب قد أظلكم وَزَوَال أَمركُم قد دنا فَمن أَرَادَ مِنْكُم دَارا جَدِيدا وجملاً شَدِيدا وسفراً فليلحق بعمان وَمن أَرَادَ مِنْكُم الْخمر والخمير والعصير فليلحق ببصرى وَمن أَرَادَ مِنْكُم الراسخات فِي الوحل المطعمات فِي الْمحل المقيمات فِي الضحل فليلحق بِيَثْرِب ذَات نخل فأطاعه قوم فَخرج أهل عمان إِلَى عمان وَخرجت غَسَّان إِلَى بصرى وَخرجت الْأَوْس والخزرج وَبَنُو كَعْب بن عَمْرو إِلَى يثرب فَلَمَّا كَانُوا بِبَطن نخل قَالَ بَنو كَعْب: هَذَا مَكَان صَالح لَا نبتغي بِهِ بَدَلا فأقاموا فَلذَلِك سموا خُزَاعَة لأَنهم انخزعوا عَن أَصْحَابهم وَأَقْبَلت الْأَوْس والخزرج حَتَّى نزلُوا بِيَثْرِب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد كَانَ لسبإ} قَالَ: كَانَ لَهُم مجْلِس مشيد بالمرمر فَأَتَاهُم نَاس من النَّصَارَى فَقَالُوا: أشكروا الله الَّذِي أَعْطَاكُم هَذَا قَالُوا: وَمن أعطاناه إِنَّمَا كَانَ لآبائنا فورثناه فَسمع ذَلِك ذُو يزن فَعرف أَنه سَيكون لكلمتهم تِلْكَ خبر فَقَالَ لِابْنِهِ: كلامك عَليّ حرَام ذَلِك ذُو يزن فَعرف أَنه سَيكون لكلمتهم تِلْكَ خبر فَقَالَ لِابْنِهِ: كلامك عَليّ حرَام إِن لم تأت غَدا وَأَنا فِي مجْلِس قومِي فتصك وَجْهي فَفعل ذَلِك فَقَالَ: لَا أقيم بِأَرْض فعل هَذَا ابْني بِي فِيهَا إِلَّا من بيتاع مني مَالِي فَابْتَدَرَهُ النَّاس فابتاعوه

فَبعث الله جرذاً أعمى يُقَال لَهُ الْخلد من جرذان عمى فَلم يزل يحْفر السد حَتَّى خرقه فانهدم وَذهب المَاء بالجنتين وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد بعث الله إِلَى سبأ ثَلَاثَة عشر نَبيا فكذبوهم وَكَانَ لَهُم سد كَانُوا قد بنوه بنياناً أبدا وَهُوَ الَّذِي كَانَ يرد عَنْهُم السَّيْل إِذا جَاءَ أَن يغشى أَمْوَالهم وَكَانَ فِيمَا يَزْعمُونَ فِي علمهمْ من كهانتهم أَنه إِنَّمَا يخرب سدهم ذَلِك فارة فَلم يتْركُوا فُرْجَة بَين حجرين إِلَّا ربطو عِنْدهَا هرة فَلَمَّا جَاءَ زَمَانه وَمَا أَرَادَ الله بهم من التَّفْرِيق أَقبلت فِيمَا يذكرُونَ فَأْرَة حَمْرَاء إِلَى هرة من تِلْكَ الهرر فساورنها حَتَّى استأخرت عَنْهَا الْهِرَّة فَدخلت فِي الفرجة الَّتِي كَانَت عِنْدهَا فتغلغلت بالسد فحفرت فِيهِ حَتَّى رققته للسيل وهم لَا يَدْرُونَ فَلَمَّا أَن جَاءَ السَّيْل وجد عللاً فَدخل فِيهِ حَتَّى قلع السد وفاض على الْأَمْوَال فاحتملها فَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا مَا ذكر عَن الله تبَارك وَتَعَالَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت أَوديَة الْيمن تسيل إِلَى وَادي سبأ وَهُوَ وَاد بَين جبلين فَعمد أهل سبأ فسدوا مَا بَين الجبلين بالقير وَالْحِجَارَة وَتركُوا مَا شَاءُوا لجناتهم فعاشوا بذلك زَمَانا من الدَّهْر ثمَّ إِنَّهُم عتوا وَعمِلُوا بِالْمَعَاصِي فَبعث الله على ذَلِك السد جرذاً فنقبه عَلَيْهِم فَعرض الله مساكنهم وجناتهم وبدلهم بمَكَان جنتهم جنتين خمط والخمط الاراك وَائِل الاثل الْقصير من الشّجر الَّذِي يصنعون مِنْهُ الأقداح وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {سيل العرم} قَالَ: الشَّديد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل رَضِي الله عَنهُ {سيل العرم} قَالَ: المنساة بلحن الْيمن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سيل العرم} قَالَ: {العرم} بِالْحَبَشَةِ وَهِي المنساة الَّتِي يجْتَمع فِيهَا المَاء ثمَّ ينشف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ {العرم} اسْم الْوَادي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {سيل العرم} قَالَ: وادٍ كَانَ بِالْيمن كَانَ يسيل إِلَى مَكَّة

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَادي سبأ يدعى {العرم} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سيل العرم} السد مَاء أَحْمَر أرْسلهُ الله فِي السد فشقه وهمه وحفر الْوَادي عَن الجنتين فارتفعا وغار عَنْهُمَا المَاء فيبستا وَلم يكن المَاء الْأَحْمَر من السد كَانَ شَيْئا أرْسلهُ الله عَلَيْهِم وَفِي قَوْله {أكل خمط} قَالَ: الخمط الْأَرَاك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أرْسلهُ الله عَلَيْهِم وَفِي قَوْله (أكل خمط) قَالَ: (الخمط) الْأَرَاك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أكل خمط} قَالَ: الْأَرَاك {وأثل} قَالَ: الطرفاء وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {أكل خمط} قَالَ: الْأَرَاك قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: مَا معول فود تراعى بِعَينهَا أغن غضيض الطّرف من خلل الخمط وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأثل} قَالَ الاثل شجر لَا يأكلها شَيْء وَإِنَّمَا هِيَ حطب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ الخمط الاراك والاثل النضار والسدر النبق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لقد كَانَ لسبإ فِي مسكنهم} قَالَ: قوم أَعْطَاهُم الله نعْمَة وَأمرهمْ بِطَاعَتِهِ ونهاهم عَن مَعْصِيَته قَالَ الله {فأعرضوا} قَالَ: ترك الْقَوْم أَمر الله {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم سيل العرم} ذكر لنا {العرم} وَادي سبأ كَانَت تَجْتَمِع إِلَيْهِ مسايل من أَوديَة شَتَّى فعمدوا فسدوا مَا بَين الجبلين بالقير وَالْحِجَارَة وَجعلُوا عَلَيْهِ أبواباً وَكَانُوا يَأْخُذُونَ من مائَة مَا احتاجوا إِلَيْهِ ويسدون عَنْهُم مَا لم يعبؤا بِهِ من مَائه فَلَمَّا تركُوا أَمر الله بعث الله عَلَيْهِم جرذاً فنقبه من أَسْفَله فاتسع حَتَّى غَرَّقَ الله بِهِ حروثَهم وخَرَّبَ بِهِ أراضيهم عُقُوبَة بأعمالهم قَالَ الله {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط}

والخمط الْأَرَاك و {أكل} بربرة و {وأثل وَشَيْء من سدر قَلِيل} بَيْنَمَا شجر الْقَوْم من خير الشّجر إِذْ صيره الله من شَرّ الشّجر عُقُوبَة بأعمالهم قَالَ الله {ذَلِك جزيناهم بِمَا كفرُوا وَهل نجازي إِلَّا الكفور} إِن الله إِذا أَرَادَ بِعَبْد كَرَامَة أَو خيرا تقبل حَسَنَاته وَإِذا أَرَادَ بِعَبْد هواناً أمسك عَلَيْهِ بِذَنبِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الخمط هُوَ الْأَرَاك وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَأبي مَالك مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَهل نجازي إِلَّا الكفور} قَالَ: تِلْكَ المناقشة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس {وَهل نجازي إِلَّا الكفور} قَالَ: هُوَ المناقشة فِي الْحساب وَمن نُوقِشَ الْحساب عذب وَهُوَ الْكَافِر لَا يغْفر لَهُ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي حَيْوَة وَكَانَ من أَصْحَاب عَليّ قَالَ: جَزَاء الْمعْصِيَة الوهن فِي الْعِبَادَة والضيق فِي الْمَعيشَة والمنغص فِي اللَّذَّة قيل: وَمَا المنغص قَالَ: لَا يُصَادف لَذَّة حَلَال إِلَّا جَاءَهُ من ينغصه إِيَّاهَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا} قَالَ: الشَّام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا} قَالَ: هِيَ قرى الشَّام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة} قَالَ: كَانَ فِيمَا بَين الْيمن إِلَى الشَّام قرى متواصلة و {الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا} الشَّام كَانَ الرجل يَغْدُو فَيقبل فِي الْقرْيَة ثمَّ يروح فيبيت فِي الْقرْيَة الْأُخْرَى وَكَانَت الْمَرْأَة تخرج وزنبيلها على رَأسهَا فَمَا تبلغ حَتَّى يمتلىء من كل الثِّمَار وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أبي ملكية فِي قَوْله {وَجَعَلنَا بَينهم وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا قرى ظَاهِرَة}

قَالَ: كَانَت قراهم مُتَّصِلَة ينظر بَعضهم إِلَى بعض وثمرهم متدل فبطروا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وقدرنا فِيهَا السّير} قَالَ: دانينا فِيهَا السّير وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَجَعَلنَا بَينهم} يَعْنِي بَين مساكنهم {وَبَين الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا} يَعْنِي الأَرْض المقدسة {قرى} فِيمَا بَين مَنَازِلهمْ مساكنهم وَبَين أَرض الشَّام {سِيرُوا فِيهَا} يَعْنِي إِذا ظعنوا من مَنَازِلهمْ إِلَى أَرض الشَّام من الأَرْض المقدسة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {ظَاهِرَة} قَالَ: قرى بِالشَّام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سِيرُوا فِيهَا ليَالِي وأياماً آمِنين} قَالَ: لَا يخَافُونَ جوعا وَلَا ظمأ إِنَّمَا يَغْدُونَ فيقيلون فِي قَرْيَة وَيَرُوحُونَ فيبيتون فِي قَرْيَة أهل جنَّة ونهر حَتَّى ذكر لنا: أَن الْمَرْأَة كَانَت تضع مكتلها على رَأسهَا فيمتلىء قبل أَن ترجع إِلَى أَهلهَا وَكَانَ الرجل يُسَافر لَا يحمل مَعَه زاداً فبطروا النِّعْمَة {فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا} فمزقوا {كل ممزق} وَجعلُوا أَحَادِيث وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فَقَالُوا رَبنَا باعد بَين أسفارنا} قَالَ: قَالُوا يَا لَيْت هَذِه الْقرى يبعد بَعْضهَا عَن بعض فنسير على نجائبنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن يعمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (قَالُوا رَبنَا بعد بَين أسفارنا) مثقلة قَالَ: لم يدعوا على أنفسهم وَلَكِن شكوا مَا أَصَابَهُم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (قَالُوا رَبنَا بعد بَين أسفارنا) مثقلة على معنى فعِّل وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن أبي الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (بَعُدَ بَين أسفارنا) بِنصب الْبَاء وَرفع الْعين وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (رَبنَا) بِالنّصب (باعد) بِنصب الْبَاء وَكسر الْعين على الدُّعَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي

قَوْله {ومزقناهم كل ممزق} قَالَ: أما غَسَّان فَلَحقُوا بِالشَّام وَأما الْأَنْصَار فَلَحقُوا بِيَثْرِب وَأما خُزَاعَة فَلَحقُوا بتهامة وَأما الأزد فَلَحقُوا بعمان فمزقهم الله كل ممزق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور} قَالَ: مطرف فِي قَوْله {إِن فِي ذَلِك لآيَات} نعم العَبْد الصبار الشكُور الَّذِي إِذا أعطي شكر واذا ابْتُلِيَ صَبر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الشُّكْر نصف الإِيمان وَالصَّبْر نصف الإِيمان وَالْيَقِين الإِيمان كُله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: سَمِعت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله قَالَ: يَا عِيسَى بن مَرْيَم إِنِّي باعث بعْدك أمة إِن أَصَابَهُم مَا يحبونَ حمدوا وشكروا وَإِن أَصَابَهُم مَا يكْرهُونَ احتسبوا وصبروا وَلَا حلم وَلَا علم قَالَ: يَا رب كَيفَ يكون هَذَا لَهُم وَلَا حلم وَلَا علم قَالَ: أعطيهم من حلمي وَعلمِي وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والدارمي وَابْن حبَان عَن صُهَيْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عجبا لأمر الْمُؤمن أَمر الْمُؤمن كُله خير إِن أَصَابَته سراء شكر كَانَ خيرا وَإِن أَصَابَته ضراء صَبر كَانَ خيرا وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عجبت لِلْمُؤمنِ أَن أعطي قَالَ الْحَمد لله فَشكر وَإِن ابْتُلِيَ قَالَ الْحَمد لله فَصَبر فالمؤمن يُؤجر على كل حَال حَتَّى اللُّقْمَة يرفعها إِلَى فِيهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَأَبُو نعيم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نظر فِي الدّين إِلَى من هُوَ فَوْقه وَفِي الدُّنْيَا إِلَى من هُوَ تَحْتَهُ كتبه الله صَابِرًا وشاكراً وَمن نظر فِي الدّين إِلَى من هُوَ تَحْتَهُ وَنظر فِي الدُّنْيَا إِلَى من هُوَ فَوْقه لم يَكْتُبهُ الله صَابِرًا وَلَا شاكراً وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم

20

- قَوْله تَعَالَى: وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه فَاتَّبعُوهُ إِلَّا فريق من الْمُؤمنِينَ وَمَا كَانَ لَهُم عَلَيْهِ من سُلْطَان إِلَّا لنعلم من يُؤمن بِالآخِرَة مِمَّن هُوَ مِنْهَا فِي شكّ وَرَبك على كل شَيْء حفيظ أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه} قَالَ إِبْلِيس: إِن آدم خلق من تُرَاب وَمن طين وَمن حمإ مسنون خلقا ضَعِيفا وَإِنِّي خلقت من نَار وَالنَّار تحرق كل شَيْء {لأحتنكن ذُريَّته إِلَّا قَلِيلا} الاسراء الْآيَة 62 قَالَ: فَصدق ظَنّه عَلَيْهِم فَاتَّبعُوهُ إِلَّا فريقاً من الْمُؤمنِينَ قَالَ: هم الْمُؤْمِنُونَ كلهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يَقْرَأها {وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه} مُشَدّدَة قَالَ: ظن بهم ظنا فَصدقهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه} قَالَ: على النَّاس إِلَّا من أطَاع ربه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد صدق عَلَيْهِم إِبْلِيس ظَنّه} ظن بهم فَوَافَقَ ظَنّه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أهبط آدم عَلَيْهِ السَّلَام من الْجنَّة وَمَعَهُ حوّاء عَلَيْهَا السَّلَام هَبَط إِبْلِيس فَرحا بِمَا أصَاب مِنْهُمَا وَقَالَ: إِذا أصبت من الْأَبَوَيْنِ مَا أصبت فالذرية أَضْعَف وَكَانَ ذَلِك ظنا من إِبْلِيس عِنْد ذَلِك فَقَالَ: لَا أُفَارِق ابْن آدم مَا دَامَ فِيهِ الرّوح أغره وأمنيه وأخدعه فَقَالَ الله تَعَالَى: وَعِزَّتِي لَا أحجب عَنهُ التَّوْبَة مَا لم يُغَرْغر بِالْمَوْتِ وَلَا يدعوني إِلَّا أَجَبْته وَلَا يسألني إِلَّا أَعْطيته وَلَا يستغفرني إِلَّا غفرت لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا كَانَ لي عَلَيْكُم من سُلْطَان} قَالَ: وَالله مَا ضَربهمْ

بعصا وَلَا سيف وَلَا سَوط وَمَا أكرههم على شَيْء وَمَا كَانَ إِلَّا غرُورًا وأماني دعاهم إِلَيْهَا فاجابوه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا لنعلم} قَالَ: إِنَّمَا كَانَ بلَاء ليعلم الله الْكَافِر من الْمُؤمن

22

- قَوْله تَعَالَى: قل ادعوا الَّذين زعمتم من دون الله لَا يملكُونَ مِثْقَال ذرة فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الأَرْض وَمَا لَهُم فيهمَا من شرك وَمَا لَهُ مِنْهُم من ظهير أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا لَهُم فيهمَا من شرك} يَقُول: مَا لله من شريك فِي السَّمَوَات وَلَا فِي الأَرْض {وَمَا لَهُ مِنْهُم} قَالَ: من الَّذين دعوا من دونه {من ظهير} يَقُول: من عون بِشَيْء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا لَهُ مِنْهُم من ظهير} يَقُول: من عون من الْمَلَائِكَة

23

- قَوْله تَعَالَى: وَلَا تَنْفَع الشَّفَاعَة عِنْده إِلَّا لمن أذن لهحتى إِذا فزع عَن قلويهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير قل من يرزقكم من السَّمَاوَات وَالْأَرْض قل الله وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين قل لَا تسْأَلُون عَمَّا أجرمنا وَلَا نسْأَل عَمَّا تَعْمَلُونَ قل يجمع بَيْننَا رَبنَا ثمَّ يفتح بَيْننَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الفتاح الْعَلِيم قل أروني الَّذين ألحقتم بِهِ شُرَكَاء كلا بل هُوَ الله الْعَزِيز الْحَكِيم أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: خلى

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما أوحى الْجَبَّار إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا الرَّسُول من الْمَلَائِكَة ليَبْعَثهُ بِالْوَحْي فَسمِعت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام صَوت الْجَبَّار يتَكَلَّم بِالْوَحْي فَلَمَّا كشف عَن قُلُوبهم سئلوا عَمَّا قَالَ الله فَقَالُوا: الْحق وَعَلمُوا أَن الله تَعَالَى لَا يَقُول إِلَّا حَقًا قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: وَصَوت الْوَحْي كصوت الْحَدِيد على الصَّفَا فَلَمَّا سمعُوا خروا سجدا فَلَمَّا رفعوا رؤوسهم {قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ إِذا نزل الْوَحْي كَانَ صَوته كوقع الْحَدِيد على الصفوان فيصعق أهل السَّمَاء {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم} قَالَت الرُّسُل عَلَيْهِم السَّلَام {الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ينزل الْأَمر إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا لَهُ وَقع كوقعة السلسلة على الصَّخْرَة فَيفزع لَهُ جَمِيع أهل السَّمَوَات فَيَقُولُونَ {مَاذَا قَالَ ربكُم} ثمَّ يرجعُونَ إِلَى أنفسهم فَيَقُولُونَ {الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن حُسَيْن عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا فِي نفر من أَصْحَابه فَرمى بِنَجْم فَاسْتَنَارَ قَالَ: مَا كُنْتُم تَقولُونَ إِذا كَانَ هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّة قَالُوا: كُنَّا نقُول يُولد عَظِيم أَو يَمُوت عَظِيم قَالَ: فَإِنَّهَا لَا ترمى لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِن رَبنَا إِذا قضى أمرا سبح حَملَة الْعَرْش ثمَّ سبح أهل السَّمَاء الَّذين يلون حَملَة الْعَرْش فَيَقُول الَّذين يلون حَملَة الْعَرْش {مَاذَا قَالَ ربكُم} فَيُخْبِرُونَهُمْ ويخبر أهل كل سَمَاء سَمَاء حَتَّى يَنْتَهِي الْخَبَر إِلَى هَذِه السَّمَاء وتخطف الْجِنّ السّمع فيرمون فَمَا جاؤا بِهِ على وَجهه فَهُوَ محق وَلَكنهُمْ يحرفونه وَيزِيدُونَ فِيهِ قَالَ معمر: قلت لِلزهْرِيِّ: أَكَانَ يَرْمِي بهَا فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ: نعم قَالَ أَرَأَيْت {وَأَنا كُنَّا نقعد مِنْهَا مقاعد للسمع فَمن يستمع الْآن يجد لَهُ شهاباً رصداً} الْجِنّ الْآيَة 9 قَالَ: غلظت وشدد أمرهَا حِين بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن

ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا قضى الله الْأَمر فِي السَّمَاء ضربت الْمَلَائِكَة بأجنحتها خضعاناً لقَوْله كَأَنَّهُ سلسلة على صَفْوَان يفزعهم ذَلِك {إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم} قَالُوا الَّذِي قَالَ {الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} فيسمعها مسترقوا السّمع ومسترقوا السّمع هَكَذَا وَاحِد فَوق آخر وصف سُفْيَان بِيَدِهِ وَفرج وَبَين أَصَابِعه نصبها بَعْضهَا فَوق بعض فَيسمع الْكَلِمَة فيلقيها إِلَى من تَحْتَهُ ثمَّ يلقيها الآخر إِلَى من تَحْتَهُ يلقيها على لِسَان السَّاحر أَو الكاهن فَرُبمَا أدْركهُ الشهَاب قبل أَن يلقيها وَرُبمَا أَلْقَاهَا قبل أَن يُدْرِكهُ فيكذب مَعهَا مائَة كذبة فَيُقَال: أَلَيْسَ قد قَالَ لنا يَوْم كَذَا وَكَذَا وَكَذَا فَيصدق بِتِلْكَ الْكَلِمَة الَّتِي سَمِعت من السَّمَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن النوّاس بن سمْعَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أَرَادَ الله أَن يوحي بِأَمْر تكلم بِالْوَحْي فَإِذا تكلم بِالْوَحْي أخذت السَّمَاء رَجْفَة شَدِيدَة من خوف الله تَعَالَى فَإِذا سمع بذلك أهل السَّمَوَات صعقوا وخروا سجدا فَيكون أول من يرفع رَأسه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فيكلمه الله من وحيه بِمَا أَرَادَ فيمضي بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام كلما مر بسماء سَمَاء سَأَلَهُ ملائكتها: مَاذَا قَالَ رَبنَا يَا جِبْرِيل فَيَقُول {قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} فَيَقُولُونَ كلهم مثل مَا قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فينتهي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِالْوَحْي حَيْثُ أمره الله من السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ (فرغ عَن قُلُوبهم) يَعْنِي بالراء والغين والمعجمة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله عز وَجل {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: كَانَ لكل قبيل من الْجِنّ مقْعد فِي السَّمَاء يَسْتَمِعُون مِنْهُ الْوَحْي وَكَانَ إِذا نزل الْوَحْي سمع لَهُ صَوت كامرار السلسلة على الصفوان فَلَا ينزل على أهل سَمَاء إِلَّا صعقوا {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} وَإِن كَانَ مِمَّا يكون فِي الأَرْض من أَمر

الْغَيْب أَو موت أَو شَيْء مِمَّا يكون فِي الأَرْض تكلمُوا بِهِ فَقَالُوا: يكون كَذَا وَكَذَا فَسَمعته الشَّيَاطِين فنزلوا بِهِ على أَوْلِيَائِهِمْ يَقُولُونَ: يكون الْعَام كَذَا وَيكون كَذَا فيسمعه الْجِنّ فيخبرون الكهنة بِهِ والكهنة تخبر بِهِ النَّاس يَقُولُونَ: يكون كَذَا وَكَذَا فيجدونه كَذَلِك فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دحروا بالنجوم فَقَالَت الْعَرَب حِين لم يُخْبِرهُمْ الْجِنّ بذلك: هلك من فِي السَّمَاء فَجعل صَاحب الإِبل ينْحَر كل يَوْم بَعِيرًا وَصَاحب الْبَقر ينْحَر كل يَوْم بقرة وَصَاحب الْغنم شَاة حَتَّى أَسْرعُوا فِي أَمْوَالهم فَقَالَت ثَقِيف: وَكَانَت أَعقل الْعَرَب: أَيهَا النَّاس أَمْسكُوا عَلَيْكُم أَمْوَالكُم فَإِنَّهُ لم يمت من فِي السَّمَاء وان هَذَا لَيْسَ بانتشاء ألستم ترَوْنَ معالمكم من النُّجُوم كَمَا هِيَ وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وَاللَّيْل وَالنَّهَار قَالَ: فَقَالَ إِبْلِيس لقد حدث الْيَوْم فِي الأَرْض حدث فائتوني من تربة كل أَرض فَأتوهُ بهَا فَجعل يشمها فَلَمَّا شم تربة مَكَّة قَالَ: من هَهُنَا جَاءَ الحَدِيث منتشراً فَنقبُوا فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد بعث وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تكلم الله بِالْوَحْي سمع أهل السَّمَاء الدُّنْيَا صلصلة كجر السلسلة على الصَّفَا فيصعقون فَلَا يزالون كَذَلِك حَتَّى يَأْتِيهم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا جَاءَهُم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام {فزع عَن قُلُوبهم} فَيَقُولُونَ يَا جِبْرِيل: مَاذَا قَالَ رَبنَا فَيَقُول {الْحق} فَيَقُولُونَ: الْحق الْحق وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا تكلم الله بِالْوَحْي سمع أهل السَّمَوَات صلصلة كجر السلسلة على الصفوان فيصعقون فَلَا يزالون كَذَلِك حَتَّى يَأْتِيهم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا أَتَاهُم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام {فزع عَن قُلُوبهم} قَالُوا يَا جِبْرِيل: مَاذَا قَالَ رَبنَا فَيَقُول {الْحق} فينادون الْحق الْحق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما نزل جِبْرِيل بِالْوَحْي على رَسُول الله فزع أهل السَّمَوَات لَا نحطاطه وسمعوا صَوت الْوَحْي كأشد مَا يكون من صَوت الْحَدِيد على الصَّفَا فَكلما مر بِأَهْل سَمَاء

{فزع عَن قُلُوبهم} فَيَقُولُونَ: يَا جِبْرِيل بِمَاذَا أمرت فَيَقُول: نور الْعِزَّة الْعَظِيم كَلَام الله بِلِسَان عَرَبِيّ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: يوحي الله إِلَى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فتفزع الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام من مَخَافَة أَن يكون شَيْء من أَمر السَّاعَة فَإِذا خلى عَن قُلُوبهم وَعَلمُوا أَن ذَلِك لَيْسَ من أَمر السَّاعَة {قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق} وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الابانة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَزعم أَن إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام يحمل الْعَرْش وَأَن قدمه فِي الأَرْض السَّابِعَة والألواح بَين عَيْنَيْهِ فَإِذا أَرَادَ ذُو الْعَرْش أمرا سَمِعت الْمَلَائِكَة كجر السلسلة على الصَّفَا فيغشى عَلَيْهِم فَإِذا قَامُوا {قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم} قَالَ من شَاءَ الله {الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة والكلبي رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالَا: لما كَانَت الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزل الْوَحْي مثل صَوت الْحَدِيد فافزع الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام ذَلِك {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالُوا: إِذا جلى عَن قُلُوبهم {مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم فِي الْآيَة قَالَ: زعم ابْن مَسْعُود أَن الْمَلَائِكَة المعقبات الَّذين يَخْتَلِفُونَ إِلَى أهل الأَرْض يَكْتُبُونَ أَعْمَالهم إِذا أرسلهم الرب تبَارك وَتَعَالَى فانحدروا سمع لَهُم صَوت شَدِيد فيحسب الَّذِي أَسْفَل مِنْهُم من الْمَلَائِكَة أَنه من أَمر السَّاعَة فَيَخِرُّونَ سجدا وَهَكَذَا كلما مروا عَلَيْهِم فيفعلون ذَلِك من خوف رَبهم تبَارك وَتَعَالَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِذا قضى الله تبَارك وَتَعَالَى أمرا رجفت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال وخرت الْمَلَائِكَة كلهم سجدا حسبت الْجِنّ أَن أمرا يقْضى فاسترقت فَلَمَّا قضي الْأَمر رفعت الْمَلَائِكَة رؤوسهم وَهِي هَذِه الْآيَة {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم}

ثمَّ يفسره حَتَّى إِذا انجلى عَن قُلُوبهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق آخر رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: مَا فِيهَا من الشَّك والتكذيب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: فزع الشَّيْطَان عَن قُلُوبهم ففارقهم وأمانيهم وَمَا كَانَ يضلهم {قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا الْحق وَهُوَ الْعلي الْكَبِير} قَالَ: وَهَذَا فِي بني آدم عِنْد الْمَوْت أقرُّوا حِين لَا يَنْفَعهُمْ الاقرار وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: كشف الغطاء عَنْهَا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم وَالضَّحَّاك أَنَّهُمَا كَانَا يقراآن {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} يَقُولَانِ: جلى عَن قُلُوبهم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه سَأَلَ كَيفَ تقْرَأ هَذِه الْآيَة {حَتَّى إِذا فزع عَن قُلُوبهم} أَو {فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ {إِذا فزع عَن قُلُوبهم} قَالَ: فَإِن الْحسن يَقُول بِرَأْيهِ أَشْيَاء أهاب أَن أقولها وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ حَتَّى (إِذا فزع عَن قُلُوبهم) بِالْعينِ مثقلة الزَّاي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ثمَّ أمره الله أَن يسْأَل النَّاس فَقَالَ {قل من يرزقكم من السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ لعلى هدى أَو فِي ضلال مُبين} قَالَ {إِنَّا} نَحن لعلى هدى وانكم فِي ضلال مُبين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِنَّا أَو إيَّاكُمْ} قَالَ: قد قَالَ ذَلِك أَصْحَاب مُحَمَّد للْمُشْرِكين وَالله مَا نَحن وَأَنْتُم على أَمر وَاحِد ان أحد الْفَرِيقَيْنِ مهتد وَفِي قَوْله {قل يجمع بَيْننَا رَبنَا ثمَّ يفتح بَيْننَا} أَي يقْضِي وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن

ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الفتاح} قَالَ: القَاضِي

28

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس بشيرا وَنَذِيرا وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْد إِن كُنْتُم صَادِقين قل لكم ميعاد يَوْم لَا تستأخرون عَنهُ سَاعَة وَلَا تستقدمون أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} قَالَ: إِلَى النَّاس جَمِيعًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {كَافَّة للنَّاس} قَالَ: للنَّاس عَامَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا كَافَّة للنَّاس} قَالَ: أرسل الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْعَرَب والعجم فأكرمهم على الله أطوعهم لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة إِلَى كل أَبيض وأحمر وأطعمت أمتِي الْمغنم لم يطعم أمة قبل أمتِي ونصرت بِالرُّعْبِ بَين يَدي من مسيرَة شهر وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا واعطيت الشَّفَاعَة فأدخرتها لأمتي يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي بعثت إِلَى النَّاس كَافَّة الْأَحْمَر وَالْأسود وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه ونصرت بِالرُّعْبِ يرعب مني عدوّي على مسيرَة شهر وأطعمت الْمغنم وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا واعطيت الشَّفَاعَة فادخرتها لأمتي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَهِي إِن شَاءَ الله نائلة من لَا يُشْرك لبالله شَيْئا

31

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالَ الَّذين كفرُوا لن نؤمن بِهَذَا الْقُرْآن وَلَا بِالَّذِي بَين يَدَيْهِ وَلَو ترى غذ الظَّالِمُونَ موقوفون عِنْد رَبهم يرجع بَعضهم إِلَى بعض القَوْل يَقُول الَّذين استضعفوا للَّذين استكبروا لَوْلَا أَنْتُم لَكنا مُؤمنين قَالَ الَّذين استكبروا للَّذين استضعفوا أَنَحْنُ صددناكم عَن الْهدى بعد إِذْ جَاءَكُم بل كُنْتُم مجرمين وَقَالَ الَّذين استضعفوا للَّذين استكبروا بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار إِذْ تأمروننا أَن نكفر بِاللَّه ونجعل لَهُ أندادا وأسروا الندامة لما رَأَوْا الْعَذَاب وَجَعَلنَا الأغلال فِي أَعْنَاق الَّذين كفرُوا هَل يجزون إِلَّا مَا كَانُوا يعْملُونَ أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقَالَ الَّذين كفرُوا لن نؤمن بِهَذَا الْقُرْآن} قَالَ: هَذَا قَول مُشْركي الْعَرَب كفرُوا بِالْقُرْآنِ {وَلَا بِالَّذِي بَين يَدَيْهِ} من الْكتب والأنبياء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَلَا بِالَّذِي بَين يَدَيْهِ} قَالَ: التَّوْرَاة والإِنجيل وَفِي قَوْله {يَقُول الَّذين استضعفوا} قَالَ: هم الِاتِّبَاع {للَّذين استكبروا} قَالَ: هم القادة وَفِي قَوْله {بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار} يَقُول: غركم اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار} قَالَ: بل مكركم بِمَا فِي اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار} قَالَ: بل مكركم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار} قَالَ: بل مكركم بِمَا فِي اللَّيْل وَالنَّهَار يَا أَيهَا العظماء والرؤساء حَتَّى أزلتمونا عَن عبَادَة الله تَعَالَى

أما قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلنَا الأغلال فِي أَعْنَاق الَّذين كفرُوا} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا فِي جَهَنَّم دَار وَلَا مغار وَلَا غل وَلَا قيد وَلَا سلسلة إِلَّا اسْم صَاحبهَا عَلَيْهَا مَكْتُوب فَحدث بِهِ أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي رَضِي الله عَنهُ فَبكى ثمَّ قَالَ: فَكيف بِهِ لَو جمع هَذَا كُله عَلَيْهِ فَجعل الْقَيْد فِي رجلَيْهِ والغل فِي يَدَيْهِ والسلسلة فِي عُنُقه ثمَّ أَدخل الدَّار وَأدْخل المغار

34

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أرسلنَا فِي قَرْيَة من نَذِير إِلَّا قَالَ مترفوها إِنَّا بِمَا أرسلتم بِهِ كافرون وَقَالُوا نَحن أَكثر أَمْوَالًا وأولادا وَمَا نَحن بمعذبين قل إِن رَبِّي يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ رجلَانِ شريكان خرج أَحدهمَا إِلَى السَّاحِل وَبَقِي الآخر فَلَمَّا بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى صَاحبه يسْأَله مَا فعل فَكتب إِلَيْهِ أَنه لم يتبعهُ أحد من قُرَيْش إِلَّا رذالة النَّاس ومساكينهم فَترك تِجَارَته وأتى صَاحبه فَقَالَ لَهُ: دلَّنِي عَلَيْهِ وَكَانَ يقْرَأ الْكتب فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إلاَمَ تَدْعُو قَالَ إِلَى كَذَا وَكَذَا قَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله قَالَ: مَا علمك بذلك قَالَ: إِنَّه لم يبْعَث نَبِي إِلَّا اتبعهُ رذالة النَّاس ومساكينهم فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا أرسلنَا فِي قَرْيَة من نَذِير إِلَّا قَالَ مترفوها} الْآيَات فارسل اليه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله قد أنزل تَصْدِيق مَا قلت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِلَّا قَالَ مترفوها} قَالَ: هم جبابرتهم ورؤوسهم وأشرافهم وَقَادَتهمْ فِي الشَّرّ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {إِلَّا قَالَ مترفوها} قَالَ: جبابرتها

37

- قَوْله تَعَالَى: وَمَا أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم بِالَّتِي تقربكم عندنَا زلفى إِلَّا من آمن وَعمل صَالحا فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف بِمَا عمِلُوا وهم فِي الغرفات آمنون وَالَّذين يسعون فِي آيَاتنَا معاجزين أُولَئِكَ فِي الْعَذَاب محضرون أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {عندنَا زلفى} قَالَ: قربى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لَا تعتبروا النَّاس بِكَثْرَة المَال وَالْولد وَإِن الْكَافِر يعْطى المَال وَرُبمَا حَبسه عَن الْمُؤمن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن طَاوس أَنه كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ ارزقني الإِيمان وَالْعَمَل وجنبني المَال وَالْولد فَإِنِّي سَمِعت فِيمَا أوحيت {وَمَا أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم بِالَّتِي تقربكم عندنَا زلفى} وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله لَا ينظر إِلَى صوركُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَلَكِن ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ وَأَعْمَالكُمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف بِمَا عمِلُوا} قَالَ: بِالْوَاحِدِ عشرا وَفِي سَبِيل الله بِالْوَاحِدِ سَبْعمِائة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا كَانَ الْمُؤمن غَنِيا تقياً آتَاهُ الله أجره مرَّتَيْنِ وتلا هَذِه الْآيَة {وَمَا أَمْوَالكُم} إِلَى قَوْله {فَأُولَئِك لَهُم جَزَاء الضعْف} قَالَ: تَضْعِيف الْحَسَنَة أما قَوْله تَعَالَى: {وهم فِي الغرفات آمنون} أخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة لغرفاً يرى ظُهُورهَا من بطونها وبطونها من ظُهُورهَا قَالُوا: لمن هِيَ قَالَ: لمن أطاب الْكَلَام وَأطْعم الطَّعَام وأدام الصّيام وَصلى بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام

39

- قَوْله تَعَالَى: قل إِن رَبِّي يبسط الرزق لمن يَشَاء من عباده وَيقدر لَهُ وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه وَهُوَ خير الرازقين أخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ عَن قَوْله {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} النَّفَقَة فِي سَبِيل الله قَالَ: لَا وَلَكِن نَفَقَة الرجل على نَفسه وَأَهله فَالله بخلفه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} قَالَ: فِي غير إِسْرَاف وَلَا تقتير وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أنفقتم على اهليكم فِي غير إِسْرَاف وَلَا تقتير فَهُوَ فِي سَبِيل الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} قَالَ: من غير إِسْرَاف وَلَا تقتير وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا كَانَ لأحدكم شَيْء فليقتصد وَلَا يتأوّل هَذِه الْآيَة {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} فَإِن الرزق مقسوم يَقُول: لَعَلَّ رزقه قَلِيل وَهُوَ ينْفق نَفَقَة الموسع عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} قَالَ: مَا كَانَ من خلف فَهُوَ مِنْهُ وَرُبمَا أنْفق الإِنسان مَاله كُله فِي الْخَيْر وَلم يخلف حَتَّى يَمُوت وَمثلهَا {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} هود الْآيَة 6 يَقُول: مَا آتَاهُم من رزق فَمِنْهُ وَرُبمَا لم يرزقها حَتَّى تَمُوت وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل مَا أنْفق العَبْد نَفَقَة فعلى الله خلفهَا ضَامِنا إِلَّا نَفَقَة فِي بُنيان أَو مَعْصِيّة وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل مَعْرُوف صَدَقَة وَمَا أنْفق الْمَرْء على نَفسه وَأَهله كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة وَمَا وقِي بِهِ عرضه كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة وكل نَفَقَة أنفقها مُؤمن فعلى الله خلفهَا ضَامِن إِلَّا نَفَقَة فِي مَعْصِيّة أَو بُنيان قيل لِابْنِ الْمُنْكَدر: وَمَا أَرَادَ بِمَا وقِي بِهِ الْمَرْء عرضه كتب لَهُ بِهِ صَدَقَة قَالَ: مَا أعْطى الشَّاعِر وَذَا اللِّسَان المتقي وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا إِن بعد زمانكم هَذَا زَمَانا عَضُوضًا يعَض الْمُوسر على مَا فِي يَده حذر الانفاق قَالَ الله {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ الله عز وَجل: أنْفق يَا ابْن آدم أنْفق عَلَيْك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب كرّم الله وَجهه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن لكل يَوْم نحساً فادفعوا نحس ذَلِك الْيَوْم بِالصَّدَقَةِ ثمَّ قَالَ: اقرؤا مَوَاضِع الْخلف فَإِنِّي سَمِعت الله يَقُول {وَمَا أنفقتم من شَيْء فَهُوَ يخلفه} إِذا لم تنفقوا كَيفَ يخلف وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن المعونة تنزل من السَّمَاء على قدر المؤونة وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ عَن الزبير بن الْعَوام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جِئْت حَتَّى جَلَست بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ بِطرف عمامتي من ورائي ثمَّ قَالَ: يَا زبير إِنِّي رَسُول الله إِلَيْك خَاصَّة وَإِلَى النَّاس عَامَّة أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ ربكُم قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: ربكُم حِين اسْتَوَى على عَرْشه فَنظر خلقه: عبَادي أَنْتُم خلقي وَأَنا ربكُم أرزاقكم بيَدي فَلَا تتبعوا فِيمَا تكفلت لكم فَاطْلُبُوا مني أرزاقكم أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ ربكُم قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: أنْفق أنْفق عَلَيْك وأوسع أوسع عَلَيْك وَلَا تُضَيِّقَ أُضَيِّقُ عَلَيْك وَلَا تصر فأصر عَلَيْك وَلَا تحزن فأحزن

عَلَيْك إِن بَاب الرزق مَفْتُوح من فَوق سبع سموات متواصل إِلَى الْعَرْش لَا يغلق لَيْلًا وَلَا نَهَارا ينزل الله مِنْهُ الرزق على كل امْرِئ بِقدر نِيَّته وعطيته وصدقته وَنَفَقَته فَمن أَكثر أَكثر لَهُ وَمن أقل أقل لَهُ وَمن أمسك أمسك عَلَيْهِ يَا زبير فَكل واطعم وَلَا توك فيوكي عَلَيْك وَلَا تحص فيحصى عَلَيْك وَلَا تقتر فيقتر عَلَيْك وَلَا تعسر فيعسر عَلَيْك يَا زبير إِن الله يحب الانفاق وَيبغض الاقتار وَإِن السخاء من الْيَقِين وَالْبخل من الشَّك فَلَا يدْخل النارمن أَيقَن وَلَا يدْخل الْجنَّة من شكّ يَا زبير إِن الله يحب السخاوة وَلَو بفلقة تَمْرَة والشجاعة وَلَو بقتل عقرب أَو حيه يَا زبير إِن الله يحب الصَّبْر عِنْد زَلْزَلَة الزلازل وَالْيَقِين النَّافِذ عِنْد مَجِيء الشَّهَوَات وَالْعقل الْكَامِل عِنْد نزُول الشُّبُهَات والورع الصَّادِق عِنْد الْحَرَام والخبيثات يَا زبير عظم الإِخوان وجلل الْأَبْرَار وَوقر الأخيار وصل الْجَار وَلَا تماشي الْفجار من فعل ذَلِك دخل الْجنَّة بِلَا حِسَاب وَلَا عَذَاب هَذِه وَصِيَّة الله إليّ ووصيتي إِلَيْك

40

- قَوْله تَعَالَى: وَيَوْم يحشرهم جَمِيعًا ثمَّ يَقُول للْمَلَائكَة أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يعْبدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْت ولينا من دونهم بل كَانُوا يعْبدُونَ الْجِنّ أَكْثَرهم بهم مُؤمنُونَ فاليوم لَا يملك بَعْضكُم لبَعض نفعا وَلَا ضرا ونقول للَّذين ظلمُوا ذوقوا عَذَاب النَّار الَّتِي كُنْتُم بهَا تكذبون وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا بَيِّنَات قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رجل يُرِيد أَن يصدكم عَمَّا كَانَ يعبد آباؤكم وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إفْك مفترى وَقَالَ الَّذين كفرُوا للحق لما جَاءَهُم إِن هَذَا إِلَّا سحر مُبين وَمَا آتَيْنَاهُم من كتب يدرسونها وَمَا أرسلنَا إِلَيْهِم قبلك من نَذِير وَكذب الَّذين من قبلهم وَمَا بلغُوا معشار مَا آتَيْنَاهُم فكذبوا رُسُلِي فَكيف كَانَ نَكِير

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قتاده رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثمَّ يَقُول للْمَلَائكَة أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يعْبدُونَ} قَالَ: اسْتِفْهَام كَقَوْلِه لعيسى عَلَيْهِ السَّلَام {أَأَنْت قلت للنَّاس} الْمَائِدَة الْآيَة 116 وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بل كَانُوا يعْبدُونَ الْجِنّ} قَالَ: الشَّيْطَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمَا آتَيْنَاهُم من كتب يدرسونها} قَالَ: لم يكن عِنْدهم كتاب يدرسونه فيعلمون أَن مَا جِئْت بِهِ حق أم بَاطِل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا آتَيْنَاهُم من كتب يدرسونها} أَي يقرؤونها {وَمَا أرسلنَا إِلَيْهِم قبلك من نَذِير} وَقَالَ: {وَإِن من أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير} فاطر الآيه 24 وَلَا ينقص هَذَا هَذَا وَلَكِن كلما ذهب نَبِي فَمن بعده فِي نذارته حَتَّى يخرج النَّبِي الآخر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمَا بلغُوا معشار مَا آتَيْنَاهُم} يَقُول: من الْقُدْرَة فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَكذب الَّذين من قبلهم} قَالَ: الْقُرُون الأولى {وَمَا بلغُوا} أَي الَّذين كفرُوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {معشار مَا آتَيْنَاهُم} من الْقُوَّة والاجلال وَالدُّنْيَا والاموال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قتاده رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَكذب الَّذين من قبلهم} قَالَ: كذب الَّذين قبل هَؤُلَاءِ {وَمَا بلغُوا معشار مَا آتَيْنَاهُم} قَالَ: يُخْبِركُمْ أَنه اعطى الْقَوْم مَا لم يعطكم من الْقُوَّة وَغير ذَلِك {فَكيف كَانَ نَكِير} يَقُول: فقد أهلك الله أُولَئِكَ وهم أقوى وأخلد

46

قَوْله تَعَالَى: قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة أَن تقوموا لله مثنى وفرادى ثمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بصاحبكم من جنَّة إِن هُوَ إِلَّا نَذِير لكم بَين يَدي عَذَاب شَدِيد أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله

عَنهُ {قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة} قَالَ: بِطَاعَة الله {أَن تقوموا لله مثنى وفرادى} قَالَ: وَاحِد واثنين وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة} قَالَ: بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قل إِنَّمَا أعظكم بِوَاحِدَة} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَفِي قَوْله {أَن تقوموا لله} قَالَ: لَيْسَ بِالْقيامِ على الأرجل كَقَوْلِه {كونُوا قوامين بِالْقِسْطِ} النِّسَاء الْآيَة 135 وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي الآيه قَالَ: يقوم الرجل مَعَ الرجل أَو وَحده فيتفكر مَا بصاحبكم من جنَّة يَقُول: إِنَّه لَيْسَ بمجنون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي امامة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول أَعْطَيْت ثَلَاثًا لم يُعْطهنَّ نَبِي قبلي وَلَا فَخر أحلّت لي الْغَنَائِم وَلم تحل لمن كَانَ قبلي كَانُوا يجمعُونَ غنائمهم فيحرقونها وَبعثت إِلَى كل أَحْمَر وأسود وَكَانَ كل نَبِي يبْعَث إِلَى قومه وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا أتيمم بالصعيد وأصلي فِيهَا حَيْثُ أدركتني الصَّلَاة قَالَ الله تَعَالَى {أَن تقوموا لله مثنى وفرادى} وأعنت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر بَين يَدي

47

- قَوْله تَعَالَى: قل مَا سألتكم من أجر فَهُوَ لكم إِن أجري إِلَّا على الله وَهُوَ على كل شَيْء شَهِيد قل إِن رَبِّي يقذف بِالْحَقِّ علام الغيوب قل جَاءَ الْحق وَمَا يبددئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد قل إِن ضللت فَإِنَّمَا أضلّ على نَفسِي وَإِن اهتديت فبمَا يوحي إِلَيّ رَبِّي إِنَّه سميع قريب أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قل مَا سألتكم من أجر} أَي من جعل {فَهُوَ لكم} يَقُول: لم أَسأَلكُم

على الإِسلام جعلا وَفِي قَوْله {قل إِن رَبِّي يقذف بِالْحَقِّ علام الغيوب قل جَاءَ الْحق وَمَا يبدئ الْبَاطِل} قَالَ: الشَّيْطَان لَا يبدئ وَلَا يُعِيد إِذا هلك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يقذف بِالْحَقِّ} قَالَ: ينزل بِالْوَحْي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {جَاءَ الْحق} قَالَ: جَاءَ الْقُرْآن {وَمَا يبدئ الْبَاطِل وَمَا يُعِيد} قَالَ: مَا يخلق إِبْلِيس شَيْئا وَلَا يَبْعَثهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن سعد رَضِي الله عَنهُ {قل إِن ضللت فَإِنَّمَا أضلّ على نَفسِي} قَالَ: اؤخذ بخيانتي

51

- قَوْله تَعَالَى: وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت وَأخذُوا من مَكَان قريب أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا} قَالَ: فِي الدُّنْيَا عِنْد الْمَوْت حِين عاينوا الْمَلَائِكَة وَرَأَوا بَأْس الله {وأنَّى لَهُم التناوش من مَكَان بعيد} غَافِر الْآيَة 84 قَالَ: لَا سَبِيل لَهُم إِلَى الإِيمان كَقَوْلِه {فَلَمَّا رَأَوْا بأسنا قَالُوا آمنا بِاللَّه وَحده وكفرنا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكين} قَالَ: قد كَانُوا يدعونَ إِلَيْهِ وهم فِي دعة ورخاء فَلم يُؤمنُوا بِهِ {ويقذفون بِالْغَيْبِ} يرجعُونَ بِالظَّنِّ يَقُولُونَ إِنَّه لَا جنَّة وَلَا نَار وَلَا بعث {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} قَالَ: اشتهوا طَاعَة الله لَو أَنهم عمِلُوا بهَا فحيل بَينهم وَبَين ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا} قَالَ يَوْم الْقِيَامَة {فَلَا فَوت} فَلم يفوتوا رَبك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا} قَالَ فِي الْقُبُور من الصَّيْحَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا} قَالَ: هَذَا يَوْم بدرحين ضربت أَعْنَاقهم فعاينوا الْعَذَاب فَلم يستطيعوا فِرَارًا من الْعَذَاب وَلَا رُجُوعا إِلَى التَّوْبَة

وَأخرج عبد بن حميد وَالضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت} قَالَ: هُوَ يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد عَن زيد بن أسلم مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت} قَالَ: هم قَتْلَى الْمُشْركين من أهل بدر نزلت فيهم هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت وَأخذُوا من مَكَان قريب} قَالَ: هُوَ جَيش السفياني قَالَ: من أَيْن أَخذ قَالَ: من تَحت أَقْدَامهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا} قَالَ: قوم خسف بهم أخذُوا من تَحت أَقْدَامهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبْعَث نَاس إِلَى الْمَدِينَة حَتَّى إِذا كَانُوا ببيداء بعث الله عَلَيْهِم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فضربهم بِرجلِهِ ضَرْبَة فيخسف الله بهم فَذَلِك قَوْله {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت وَأخذُوا من مَكَان قريب} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت} قَالَ: هم الْجَيْش الَّذين يخسف بهم بِالْبَيْدَاءِ يبْقى مِنْهُم رجل يخبر النَّاس بِمَا لَقِي أَصْحَابه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي معقل رَضِي الله عَنهُ {وَلَو ترى إِذْ فزعوا فَلَا فَوت} قَالَ: أخذُوا فَلم يفوتوا وَأخرج أَحْمد عَن نفيرة امْرَأَة الْقَعْقَاع بن أبي حدره رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا سَمِعْتُمْ بِجَيْش قد خسف بِهِ فقد أطلت السَّاعَة وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْحَاكِم عَن حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ليؤمنّ هَذَا الْبَيْت جَيش يغزونه حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف أوساطهم فينادي أَوَّلهمْ آخِرهم فيخسف بهم خسفاً فَلَا ينجو إِلَّا الشريد الَّذِي يخبر عَنْهُم وَأخرج أَحْمد عَن حَفْصه رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:

يَأْتِي جَيش من قبل الْمشرق يُرِيدُونَ رجلا من أهل مَكَّة حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم فَيرجع من كَانَ أمامهم لينْظر مَا فعل الْقَوْم فيصيبهم مَا أَصَابَهُم قلت: يَا رَسُول الله فَكيف بِمن كَانَ مستكرهاً قَالَ: يصيبهم كلهم ذَلِك ثمَّ يبْعَث الله كل امْرِئ على نِيَّته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن صَفِيَّة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَنْتَهِي النَّاس عَن غَزْو هَذَا الْبَيْت حَتَّى يغزوه جَيش حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بأولهم وَآخرهمْ وَلم ينج أوسطهم قلت: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت الْمُكْره قَالَ: يَبْعَثهُم الله على مَا فِي أنفسهم وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن عائشه رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم [] وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ام سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يعوذ عَائِذ بِالْحرم فيبعث إِلَيْهِ بعث فَإِذا كَانَ ببيداء من الأَرْض خسف بهم قلت: يَا رَسُول الله فَكيف بِمن يخرج كَارِهًا قَالَ: يخسف بِهِ مَعَهم وَلكنه يبْعَث على نِيَّته يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي سيبه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع الرجل من أمتِي بَين الرُّكْن وَالْمقَام كعدة أهل بدر فيأتيه عصب الْعرَاق وابدال الشَّام فيأتيهم جَيش من الشَّام حَتَّى إِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم ثمَّ يسير إِلَيْهِ رجل من قُرَيْش اخواله كلب فيهزمهم الله قَالَ: وَكَانَ يُقَال إِن الخائب يَوْمئِذٍ من خَابَ من غنيمَة كلب وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المحروم من حرم غنيمَة كلب وَلَو عقَالًا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَتُبَاعَنَّ نِسَاؤُهُم على درج دمشق حَتَّى ترد الْمَرْأَة من كسر بساقها وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تَنْتَهِ الْبعُوث عَن غَزْو بَيت الله حَتَّى يخسف بِجَيْش مِنْهُم وَأخرج الْحَاكِم عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذِي الْقعدَة تحارب الْقَبَائِل وعامئذ ينهب الْحَاج وَتَكون

ملحمة بمنى حَتَّى يهرب صَاحبهمْ فيبايع بَين الرُّكْن وَالْمقَام وَهُوَ كَارِه يبايعه مثل عدَّة أهل بدر يرضى عَنهُ سَاكن السَّمَاء وَسَاكن الأَرْض وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج رجل يُقَال لَهُ السفياني فِي عمق دمشق وَعَامة من يتبعهُ من كلب فَيقْتل حَتَّى يبقر بطُون النِّسَاء وَيقتل الصّبيان فَيجمع لَهُم قيس فيقتلها حَتَّى لَا يمْنَع ذَنْب تلعة وَيخرج رجل من أهل بَيْتِي فَيبلغ السفياني فيبعث إِلَيْهِ جنداً من جنده فيهزمه فيسير إِلَيْهِ السفياني بِمن مَعَه حَتَّى إِذا صَار ببيداء من الأَرْض خسف بهم فَلَا ينجو مِنْهُم إِلَّا الْمخبر عَنْهُم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أحذركم سبع فتن فتْنَة تقبل من الْمَدِينَة وفتنة بِمَكَّة وفتنة بِالْيمن وفتنة تقبل من الشَّام وفتنة تقبل من الْمشرق وفتنة تقبل من الْمغرب وفتنه من بطن الشَّام وَهِي السفياني فَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: مِنْكُم من يدْرك أولهاومن هَذِه الْأمة من يدْرك آخرهَا قَالَ الْوَلِيد بن عَيَّاش رَضِي الله عَنهُ: فَكَانَت فتْنَة الْمَدِينَة من قبل طَلْحَة وَالزُّبَيْر وفتنة مَكَّة فتْنَة ابْن الزبير وفتنة الشَّام من قبل بني أُمِّيّه وفتنة الْمشرق من قبل هَؤُلَاءِ

52

- قَوْله تَعَالَى: وَقَالُوا آمنا بِهِ وأنَّى لَهُم التناوش من مَكَان بعيد وَقد كفرُوا بِهِ من قبل ويقذفون بِالْغَيْبِ من مَكَان بعيد أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالُوا آمنا بِهِ} قَالَ: الله {وأَنى لَهُم التناوش} قَالَ: التَّنَاوُل كَذَلِك {من مَكَان بعيد} قَالَ: مَا كَانَ بَين الْآخِرَة وَالدُّنْيَا {وَقد كفرُوا بِهِ من قبل} قَالَ: كفرُوا بِاللَّه فِي الدُّنْيَا {ويقذفون بِالْغَيْبِ من مَكَان بعيد} قَالَ: فِي الدُّنْيَا قَوْلهم هُوَ سَاحر بل هُوَ كَاهِن بل هُوَ شَاعِر بل هُوَ كَذَّاب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله

عَنهُ {وأنى لَهُم التناوش} الرَّد {من مَكَان بعيد} قَالَ: من الْآخِرَة إِلَى الدُّنْيَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وأَنى لَهُم التناوش} قَالَ: كَيفَ لَهُم الرَّد {من مَكَان بعيد} قَالَ: يسْأَلُون الرَّد وَلَيْسَ حِين رد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن التَّيْمِيّ قَالَ: أتيت ابْن عَبَّاس قلت: مَا التناوش قَالَ: تنَاول الشَّيْء وَلَيْسَ بِحِين ذَاك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وأَنى لَهُم التناوش} قَالَ: التَّوْبَة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (التناؤش) ممدودة مَهْمُوزَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويقذفون بِالْغَيْبِ} قَالَ: يرجمون بِالظَّنِّ إِنَّهُم كَانُوا فِي الدُّنْيَا يكذبُون بِالآخِرَة وَيَقُولُونَ: لَا بعث وَلَا جنَّة وَلَا نَار

54

- قَوْله تَعَالَى: وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون كَمَا فعل بأشياعهم من قبل إِنَّهُم كَانُوا فِي شكّ مريب أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} قَالَ: حيل بَينهم وَبَين الايمان وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} قَالَ: من مالأو ولد أَو زهرَة أَو أهل {كَمَا فعل بأشياعهم من قبل} قَالَ: كَمَا فعل بالكفار من قبلهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} قَالَ: التَّوْبَة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} قَالَ: كَانَ رجل من بني إِسْرَائِيل فاتحاً أَي الله فتح لَهُ مَالا فورثه ابْن لَهُ تافه - أَي فَاسد - فَكَانَ يعْمل فِي مَال أَبِيه بمعاصي الله فَلَمَّا رأى ذَلِك إخْوَان أَبِيه أَتَوا الْفَتى فعزلوه ولاموه فضجر الْفَتى فَبَاعَ عقاره بصامت ثمَّ رَحل فَأتى عينا تجاهه فسرح فِيهَا مَاله وابتنى قصراً فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم جَالس إِذْ شملت عَلَيْهِ ريح بِامْرَأَة من أحسن النَّاس وجهاوأطيبهم ريحًا فَقَالَت: من أَنْت يَا عبد الله قَالَ: أَنا امْرُؤ من بني إِسْرَائِيل قَالَت: فلك هَذَا الْقصر وَهَذَا المَال قَالَ: نعم [قَالَت] فَهَل لَك من زَوْجَة قَالَ: لَا قَالَت: فَكيف يهنيك الْعَيْش وَلَا زَوْجَة لَك قَالَ: قد كَانَ ذَاك فَهَل لكِ من بعل قَالَت: لَا قَالَ: فَهَل لَك أَن أتزوجك قَالَت: إِنِّي امْرَأَة مِنْك على مسيرَة ميل فَإِذا كَانَ غَد فتزود زَاد يَوْم وأتني وَإِن رَأَيْت فِي طريقك هولاً قَالَ: نعم قَالَت: إِنَّه لَا بَأْس عَلَيْك فَلَا يهولنك فَلَمَّا كَانَ من الْغَد تزَود زَاد يَوْم وَانْطَلق إِلَى قصر فقرع بَابه فَخرج إِلَيْهِ شَاب من أحسن النَّاس وَجها وَأطيب النَّاس ريحًا فَقَالَ: من أَنْت يَا عبد الله قَالَ: أَنا الاسرائيلي قَالَ: فَمَا حَاجَتك قَالَ: دعتني صَاحِبَة هَذَا الْقصر إِلَى نَفسهَا قَالَ: صدقت فَهَل رَأَيْت فِي طريقك هولاً قَالَ: نعم وَلَوْلَا أَخْبَرتنِي أَن لَا بَأْس عليَّ لهالني الَّذِي رَأَيْت أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذْ أَنا بكلبة فَاتِحَة فاها فَفَزِعت فَوَثَبت فَإِذا أَنا من وَرَائِهَا وَإِذا جروها ينْحَر على صدرها قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون آخر الزَّمَان يقاعد الْغُلَام المشيخة فيغلبهم على مجلسهم ويأسرهم حَدِيثهمْ ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل وَإِذا بِمِائَة اعنز حفل وَإِذا فِيهَا جدي يمصها فَإِذا أَتَى عَلَيْهَا فَظن أَنه لم يتْرك شَيْئا فتح فَاه يلْتَمس الزِّيَادَة قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون فِي آخر الزَّمَان ملك يجمع صَامت النَّاس كلهم حَتَّى إِذا ظن أَنه لم يتْرك شَيْئا فتح فَاه يلْتَمس الزِّيَادَة قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بشجر فاعجبني غُصْن من شَجَرَة مِنْهَا ناضر فَأَرَدْت بِرَجُل مَعَه منجل يحصد مَا بلغ وَمَا لم يبلغ قَالَ لَهُ: لَو حصدت مَا بلغ وَتركت مَا لم يبلغ قَالَ لَهُ: امْضِ لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا

قطعه فنادتني شَجَرَة أُخْرَى: يَا عبد الله مني فَخذ حَتَّى ناداني الشّجر: يَا عبد الله منا فَخذ قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون فِي آخر الزَّمَان يقل الرِّجَال وَيكثر النِّسَاء حَتَّى إِن الرجل ليخطب الْمَرْأَة فتدعوه الْعشْرَة وَالْعشْرُونَ إِلَى أَنْفسهنَّ قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى انفرج بِي السَّبِيل فَإِذا أَنا بِرَجُل قَائِم على عين يغْرف لكل انسان من المَاء فَإِذا تصدعوا عَنهُ صب المَاء فِي جرته فَلم تعلق جرته من المَاء بِشَيْء قَالَ: لست تدْرك هَذَا هَذَا يكون فِي آخر الزَّمَان القَاضِي يعلم النَّاس الْعلم ثمَّ يخالفهم إِلَى معاصي الله ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بِرَجُل يميح على قليب كلما أخرج دلوه صبه فِي الْحَوْض فانساب المَاء رَاجعا إِلَى القليب قَالَ: هَذَا رجل رد الله عَلَيْهِ صَالح عمله فَلم يقبله ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بِرَجُل يبذر بذراً فيستحصد فَإِذا حِنْطَة طبية قَالَ: هَذَا رجل قبل الله صَالح عمله وأزكاه لَهُ قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السبيلإذا أَنا بعنز وَإِذا قوم قد أخذُوا بقوائمها وَإِذا رجل آخذ بقرنيها وَإِذا رجل آخذ بذنبها وَإِذا رجل قد ركبهَا وَإِذا رجل يحلبها فَقَالَ: أما العنز فَهِيَ الدُّنْيَا وَالَّذين أخذُوا بقوائمها فهم يتساقطون من عليتهاوأما الَّذِي قد أَخذ بقرنيها فَهُوَ يعالج من عيشها ضيقا وَأما الَّذِي قد أَخذ بذنبها فقد أَدْبَرت عَنهُ وَأما الَّذِي ركبهَا فقد تَركهَا وَأما الَّذِي يتحلبها فبخ بخ ذهب ذَاك بهَا قَالَ: ثمَّ أَقبلت حَتَّى إِذا انفرج بِي السَّبِيل إِذا أَنا بِرَجُل مستلق على قَفاهُ فَقَالَ: يَا عبد الله أدن مني فَخذ بيَدي واقعدني فوَاللَّه مَا قعدت مُنْذُ خلقني الله فاخذت بِيَدِهِ فَقَامَ يسْعَى حَتَّى مَا أرَاهُ فَقَالَ لَهُ الْفَتى: هَذَا عمرك فقد وَأَنا ملك الْمَوْت وَأَنا الْمَرْأَة الَّتِي أَتَيْتُك أَمرنِي الله بِقَبض روحك فِي هَذَا الْمَكَان ثمَّ أصيرك إِلَى جَهَنَّم قَالَ فَفِيهِ نزلت هَذِه الآيه {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات بِسَنَد ضَعِيف من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا تهتكوا سترا فَإِنَّهُ كَانَ رجل فِي بني إِسْرَائِيل وَكَانَ لَهُ امْرَأَة وَكَانَت إِذا قدمت إِلَيْهِ الطَّعَام ثمَّ قَامَت على رَأسه ثمَّ تَقول: هتك الله ستر

امْرَأَة تخون زَوجهَا بِالْغَيْبِ فَبعث إِلَيْهَا يَوْمًا بِسَمَكَةٍ ثمَّ قَامَت على رَأسه فَقَالَت: هتك الله ستر امْرَأَة تخون زَوجهَا بِالْغَيْبِ فقهقهت السَّمَكَة حَتَّى سَقَطت من الْقَصعَة فعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات كل ذَلِك تقهقه السَّمَكَة وتضرب حَتَّى تسْقط من الخوان فَأتى عَالم بني إِسْرَائِيل فَأخْبرهُ فَقَالَ: انْطلق فاذكر رَبك وكل طَعَامك واخس الشَّيْطَان عَنْك فَقَالَ لَهُ: اخف النَّاس انْطلق إِلَى ابْنه فَإِنَّهُ أعلم مِنْهُ فَانْطَلق فاخبره فَقَالَ: ائْتِنِي بِكُل من فِي دَارك مِمَّن لم تَرَ عورتهفأتاه فَنظر فِي وُجُوههم ثمَّ قَالَ: اكشف عَن هَذِه الحبشية فكشف عَنْهَا فَإِذا مثل ذِرَاع الْبكر فَقَالَ: من هَذَا أتيت فَمَاتَ أَبُو الْفَتى الْعَالم وهتك بهتكه ذَلِك السّتْر وَاحْتَاجَ إِلَيْهِ النَّاس فَأَتَاهُ بني إِسْرَائِيل فَقَالُوا وَيحك أَنْت كنت أعلمناوأميننا فَلَمَّا أَن أَكْثرُوا عَلَيْهِ هرب مِنْهُم إِلَى أَن بلغ إِلَى أقْصَى مَوضِع بني إِسْرَائِيل من أَرض البلقاء فاتيح لَهُ امْرَأَة جميلَة تستفتيه فَقَالَ لَهَا: هَل لَك أَن تمكنيني من نَفسك واهب لَك مائَة دِينَار قَالَت: أوخير من ذَلِك تَجِيء إِلَى أَهلِي تتزوّجني وأكون لَك حَلَالا أبدا قَالَ: فَأَيْنَ مَنْزِلك فوصفت لَهُ فطابت عَلَيْهِ تِلْكَ اللَّيْلَة فَمضى فَإِذا هُوَ بكلبة تنبح فِي بَطنهَا جراؤها قَالَ: مَا أعجب هَذَا قيل لَهُ: إمضِ لَا تكونن مُكَلّفا فَسَوف يَأْتِيك خبر هَذَا فَمضى فَإِذا هُوَ بِرَجُل يحمل حِجَارَة كلما ثقلت عَلَيْهِ وَسَقَطت مِنْهُ زَاد عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ: أَنْت لَا تَسْتَطِيع تحمل هَذَا تزيد عَلَيْهِ قَالَ: امضِ لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا فَمضى فَإِذا هُوَ بِرَجُل يَسْتَقِي من بِئْر ويصبه فِي حَوْض إِلَى جنب الْبِئْر وَفِي الْحَوْض ثقب فالماء يرجع إِلَى الْبِئْر قَالَ لَهُ: لَو سددت الْجُحر استمسك لَك المَاء قَالَ: امْضِ لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا فَمضى فَإِذا هُوَ بظبية وَرجل رَاكب عَلَيْهَا وَآخر يحلبها وَآخر يمسك بقرنيها وَآخَرُونَ يمسكون بقوائمها قَالَ: مَا أعجب هَذَا قَالَ لَهُ: امضِ لَا تكونن مُكَلّفا سَوف يَأْتِيك خبر هَذَا فَمضى فَإِذا هُوَ بِرَجُل يبذر بذراً فَلَا يَقع على الأَرْض حَتَّى ينْبت ثمَّ مضى فَإِذا هُوَ

فَمضى فَإِذا هُوَ بِالْقصرِ الَّذِي وعدته وَإِذا دونه نهر وَإِذا رجل جَالس على سَرِير فَقَالَ لَهُ: كَيفَ الطَّرِيق إِلَى هَذَا الْقصر وَلَقَد رَأَيْت فِي لَيْلَتي أَعَاجِيب قَالَ: مَا هِيَ فَذكر الكلبة قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يثب الصَّغِير على الْكَبِير والوضيع على الشريف وَالسَّفِيه على الْحَلِيم وَذكر لَهُ الَّذِي يحمل الْحِجَارَة قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يكون عِنْد الرجل الأمانه فَلَا يقدر يُؤَدِّيهَا وَيزِيد عَلَيْهَا وَذكر لَهُ الَّذِي يَسْتَقِي قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يتَزَوَّج الرجل الْمَرْأَة لَا يَتَزَوَّجهَا لدينها وَلَا حسب وَلَا جمال إِنَّمَا يُرِيد مَالهَا وَتَكون لَا تَلد فَيكون كل شَيْء مِنْهُ يرجع فِيهَا وَذكر لَهُ الظبيه قَالَ: هِيَ الدُّنْيَا أما الرَّاكِب عَلَيْهَا فالملك وَأما الَّذين يحلبونها فَهُوَ أطيب النَّاس عَيْشًا وَأما الَّذِي يمسك بقرنيها فَمن أيبس النَّاس عَيْشًا وَأما الَّذِي يمسك ذنبها فَالَّذِي لَا يَأْتِيهِ رزقه إِلَّا قوتاً وَالَّذين يمسكون بقوائمها فسفلة النَّاس وَذكر لَهُ الْبذر قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان لَا يدْرِي مَتى يتزوّج الرجل وَمَتى يُولد الْمَوْلُود وَمَتى قد بلغ وَذكر لَهُ الَّذِي يحصد فَقَالَ: ذَاك ملك الْمَوْت يحصد الصَّغِير وَالْكَبِير وَأَنا هُوَ بَعَثَنِي الله إِلَيْك لأقبض روحك على أسوء أحوالك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه شرب مَاء بَارِد فَبكى فَقيل لَهُ: مَا يبكيك فَقَالَ: ذكرت آيَة فِي كتاب الله {وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون} فَعرفت أَن أهل النَّار لَا يشتهون إِلَّا المَاء الْبَارِد وَقد قَالَ الله {أفيضوا علينا من المَاء} الْأَعْرَاف الْآيَة 50 وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّهُم كَانُوا فِي شكّ مريب} قَالَ: إيَّاكُمْ وَالشَّكّ والريبة فَإِنَّهُ من مَاتَ على شكّ بعث عليهومن مَاتَ على يَقِين بعث عَلَيْهِ وَالله أعلم 7

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم سُورَة فاطر مَكِّيَّة وآياتها خمس وَأَرْبَعُونَ مُقَدّمَة سُورَة فاطر أخرج ابْن الضريس وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت سُورَة فاطر بِمَكَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُورَة الْمَلَائِكَة مَكِّيَّة وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أبي ملكية قَالَ: كنت أقوم بِسُورَة الْمَلَائِكَة فِي رَكْعَة الْآيَة 1

فاطر

أخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كنت لَا أَدْرِي مَا {فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} حَتَّى أَتَانِي اعرابيان يختصمان فِي بِئْر فَقَالَ أَحدهمَا: أَنا فطرتها قَالَ: ابْتَدَأتهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن {فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَهُوَ خَالق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {جَاعل الْمَلَائِكَة رسلًا} قَالَ: إِلَى الْعباد

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: خَالق السَّمَوَات وَالْأَرْض {جَاعل الْمَلَائِكَة رسلًا أولي أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث وَربَاع} قَالَ: بَعضهم لَهُ جَنَاحَانِ وَبَعْضهمْ لَهُ ثَلَاثَة أَجْنِحَة وَبَعْضهمْ لَهُ أَرْبَعَة أَجْنِحَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أولي أَجْنِحَة مثنى} قَالَ: للْمَلَائكَة الأجنحة من اثْنَيْنِ إِلَى ثَلَاثَة إِلَى اثْنَي عشر وَفِي ذَلِك وتر الثَّلَاثَة الأجنحة والخمسة وَالَّذين على الموازين فطران وَأَصْحَاب الموازين أجنحتهم عشرَة عشرَة وَأَجْنِحَة الْمَلَائِكَة زغبة ولجبريل سِتَّة أَجْنِحَة جنَاح بالمشرق وَجَنَاح بالمغرب وجناحان على عَيْنَيْهِ وجناحان مِنْهُم من يَقُول على ظَهره وَمِنْهُم من يَقُول متسرولاً بهما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يزِيد فِي الْخلق مَا يَشَاء} يزِيد فِي أجنحتهم وخلقهم مَا يَشَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {يزِيد فِي الْخلق مَا يَشَاء} قَالَ: الصَّوْت الْحسن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يزِيد فِي الْخلق مَا يَشَاء} قَالَ: حسن الصَّوْت وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن حُذَيْفَة أَنه سمع أَبَا التياح يُؤذن فَقَالَ: من يرد الله أَن يَجْعَل رزقه فِي صَوته فعل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يزِيد فِي الْخلق مَا يَشَاء} قَالَ: الملاحة فِي الْعَينَيْنِ الْآيَات 2 - 4

2

أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا يفتح الله للنَّاس} قَالَ: مَا يفتح الله للنَّاس من بَاب تَوْبَة {فَلَا مُرْسل لَهُ من بعده} وهم لَا يتوبون وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا وَمَا يمسك فَلَا مُرْسل لَهُ من بعده} يَقُول (لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء) (آل عمرَان 128) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة} أَي من خير {فَلَا مُمْسك لَهَا} قَالَ: فَلَا يَسْتَطِيع أحد حَبسهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا} قَالَ: الْمَطَر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن وهب قَالَ: سَمِعت مَالِكًا يحدث أَن أَبَا هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ كَانَ إِذا أصبح فِي اللَّيْلَة الَّتِي يمطرون فِيهَا وتحدث مَعَ أَصْحَابه قَالَ: مُطِرْنَا اللَّيْلَة بِنَوْء الْفَتْح ثمَّ يَتْلُو {مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَامر بن عبد قيس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَربع آيَات من كتاب الله إِذا قرأتهن فَمَا أُبَالِي مَا أصبح عَلَيْهِ وأمسي {مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا وَمَا يمسك فَلَا مُرْسل لَهُ من بعده} وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يردك بِخَير فَلَا راد لفضله {أنعام} وسيجعل الله بعد عسر يسرا {الطَّلَاق} وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها {هود} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير قَالَ كَانَ عُرْوَة يَقُول فِي ركُوب الْمحمل: هِيَ وَالله رَحْمَة فتحت للنَّاس ثمَّ يَقُول {مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يرزقكم من السَّمَاء وَالْأَرْض} قَالَ: الرزق من السَّمَاء: الْمَطَر وَمن الأَرْض: النَّبَات

الْآيَات 5 - 7

5

أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الْغرَّة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا أَن يغتر بهَا وتشغله عَن الْآخِرَة أَن يمهد لَهَا وَيعْمل لَهَا كَقَوْل العَبْد إِذا أفْضى إِلَى الْآخِرَة (يَا لَيْتَني قدمت لحياتي) (الْفجْر 24) والغرة بِاللَّه: أَن يكون العَبْد فِي مَعْصِيّة الله ويتمنى على الله الْمَغْفِرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الشَّيْطَان لكم عدوّ فاتخذوه عدوا} قَالَ: عادوه فَإِنَّهُ يحِق على كل مُسلم عداوته وعداوته أَن يعاديه بِطَاعَة الله وَفِي قَوْله {إِنَّمَا يَدْعُو حزبه} قَالَ: أولياءه {ليكونوا من أَصْحَاب السعير} أَي ليسوقهم إِلَى النَّار فَهَذِهِ عداوته وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا يَدْعُو حزبه} الْآيَة قَالَ يَدْعُو حزبه إِلَى معاصي الله وَأَصْحَاب معاصي الله أَصْحَاب السعير وَهَؤُلَاء حزبه من الإِنس أَلا ترَاهُ يَقُول: (أُولَئِكَ حزب الشَّيْطَان) (المجادلة 19) قَالَ: والحزب ولَايَة الَّذين يتولاهم ويتولونه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَهُم مغْفرَة وَأجر كَبِير} قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن {لَهُم مغْفرَة وَأجر كَبِير} ورزق كريم فَهُوَ الْجنَّة الْآيَة 8

8

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي قلَابَة أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {أَفَمَن زين لَهُ سوء عمله فَرَآهُ حسنا} أهم عمالنا هَؤُلَاءِ الَّذين يصنعون قَالَ: لَيْسَ هم إِن هَؤُلَاءِ لَيْسَ أحدهم يَأْتِي شَيْئا مِمَّا لَا يحل لَهُ إِلَّا قد عرف أَن ذَلِك حرَام عَلَيْهِ إِن أَتَى الزِّنَا فَهُوَ حرَام أَو قتل النَّفس فَهُوَ حرَام إِنَّمَا أُولَئِكَ أهل الْملَل الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وأظن الخزارج مِنْهُم لِأَن الْخَارِجِي يخرج بِسَيْفِهِ على جَمِيع أهل الْبَصْرَة وَقد عرف أَنه لَيْسَ ينَال حَاجته مِنْهُم وَأَنَّهُمْ سَوف يقتلونه وَلَوْلَا أَنه من دينه مَا فعل ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة وَالْحسن فِي قَوْله {أَفَمَن زين لَهُ سوء عمله} قَالَ: الشَّيْطَان زين لَهُم - وَالله - الضلالات {فَلَا تذْهب نَفسك عَلَيْهِم حسرات} أَي لَا تحزن عَلَيْهِم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أَفَمَن زين لَهُ سوء عمله فَرَآهُ حسنا} قَالَ: هَذَا الْمُشرك {فَلَا تذْهب نَفسك عَلَيْهِم حسرات} كَقَوْلِه (لَعَلَّك باخع نَفسك) (الْكَهْف 6) وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة {أَفَمَن زين لَهُ سوء عمله فَرَآهُ حسنا} حَيْثُ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ أعِزَّ دينَكَ بعمر بن الْخطاب أَو بِأبي جهل بن هِشَام فهدى الله عمر رَضِي الله عَنهُ وأضل أَبَا جهل ففيهما أنزلت الْآيَة 9

9

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فأحيينا بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا كَذَلِك النشور} قَالَ: أَحْيَا الله هَذِه الأَرْض الْميتَة بِهَذَا المَاء كَذَلِك يبْعَث النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله

عَنهُ قَالَ: يقوم ملك بالصور بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فينفخ فِيهِ فَلَا يبْقى خلق لله فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض (إِلَّا مَا شَاءَ الله ) (الْأَعْلَى الْآيَة 7) ثمَّ يُرْسل الله من تَحت الْعَرْش منياً كمني الرِّجَال فتنبت أجسامهم ولحمانهم من ذَلِك المَاء كَمَا تنْبت الأَرْض من الثرى ثمَّ قَرَأَ عبد الله رَضِي الله عَنهُ (الله الَّذِي يُرْسل الرِّيَاح فتثير سحاباً فسقناه إِلَى بلد ميت فأحيينا بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا كَذَلِك النشور) وَيكون بَين النفختين مَا شَاءَ الله ثمَّ يقوم ملك فينفخ فِيهِ فتنطلق كل نفس إِلَى جَسدهَا وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي رزين الْعقيلِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله كَيفَ يحيى الله الْمَوْتَى قَالَ: أما مَرَرْت بِأَرْض مُجْدِبَة ثمَّ مَرَرْت بهَا مخصبة تهتز خضراء قَالَ: بلَى قَالَ: كَذَلِك يحيي الله الْمَوْتَى وَكَذَلِكَ النشور الْآيَة 10

10

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من كَانَ يُرِيد الْعِزَّة} قَالَ: بِعبَادة الْأَوْثَان {فَللَّه الْعِزَّة جَمِيعًا} قَالَ: فليتعزز بِطَاعَة الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيث أَتَيْنَاكُم بِتَصْدِيق ذَلِك من كتاب الله إِن العَبْد الْمُسلم إِذا قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وتبارك الله قبض عَلَيْهِنَّ ملك يضمهن تَحت جنَاحه ثمَّ يصعد بِهن إِلَى السَّمَاء فَلَا يمر بِهن على جمع من الْمَلَائِكَة إِلَّا اسْتَغْفرُوا لِقَائِلِهِنَّ

حَتَّى يَجِيء بِهن وَجه الرَّحْمَن ثمَّ قَرَأَ {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} قَالَ: ذكر الله {وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} قَالَ: أَدَاء الْفَرَائِض فَمن ذكر الله فِي أَدَاء فَرَائِضه حمل عمله ذكر الله فَصَعدَ بِهِ إِلَى الله وَمن ذكر الله وَلم يؤد فَرَائِضه وَكَلَامه على عمله وَكَانَ عمله أولى بِهِ وَأخرج آدم بن أبي أياس وَالْبَغوِيّ وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} قَالَ: هُوَ الَّذِي يرفع الْكَلَام الطّيب وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مطر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب} قَالَ: الدُّعَاء وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} قَالَ: الْعَمَل الصَّالح يرفع الْكَلَام الطّيب إِلَى الله ويعرض القَوْل على الْعَمَل فَإِن وَافقه رفع وَإِلَّا رد وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} قَالَ: الْعَمَل الصَّالح يرفع الْكَلَام الطّيب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن شهر بن حَوْشَب فِي الْآيَة قَالَ: الْعَمَل الصَّالح يرفع الْكَلَام الطّيب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَالك بن سعد قَالَ: إِن الرجل ليعْمَل الْفَرِيضَة الْوَاحِدَة من فَرَائض الله وَقد أضاع مَا سواهَا فَمَا زَالَ الشَّيْطَان يمنيه فِيهَا ويزين لَهُ حَتَّى مَا يرى شَيْئا دون الْجنَّة فَقبل أَن تعملوا أَعمالكُم فانظروا مَا تُرِيدُونَ بهَا فَإِن كَانَت خَالِصَة لله فامضوها وَإِن كَانَت لغير الله فَلَا تشقوا على أَنفسكُم وَلَا شَيْء لكم

فَإِن الله لَا يقبل من الْعَمَل إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصا فَإِنَّهُ قَالَ تبَارك وَتَعَالَى {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} قَالَ: لَا يقبل قَول إِلَّا بِعَمَل وَقَالَ الْحسن: بِالْعَمَلِ قبل الله وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} قَالَ: يرفع الله الْعَمَل لصَاحبه وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ الإِيمان بالتمني وَلَا بالتخلي وَلَكِن مَا وقر فِي الْقُلُوب وصدقته الْأَعْمَال من قَالَ حسنا وَعمل غير صَالح رده الله على قَوْله وَمن قَالَ حسنا وَعمل صَالحا رَفعه الْعَمَل ذَلِك لِأَن الله قَالَ {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ: أتقطع الْمَرْأَة وَالْكَلب وَالْحمار الصَّلَاة فَقَالَ {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} فَمَا يقطع هَذَا وَلكنه مَكْرُوه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالَّذين يمكرون السَّيِّئَات} قَالَ: هم أَصْحَاب الرِّيَاء وَفِي قَوْله {ومكر أُولَئِكَ هُوَ يبور} قَالَ: الرِّيَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن شهر بن حَوْشَب فِي قَوْله {وَالَّذين يمكرون السَّيِّئَات} قَالَ: يراؤن {ومكر أُولَئِكَ هُوَ يبور} قَالَ: هم أَصْحَاب الرِّيَاء لَا يصعد عَمَلهم وَأخرج عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَالَّذين يمكرون السَّيِّئَات} قَالَ: هم الْمُشْركُونَ {ومكر أُولَئِكَ هُوَ يبور} قَالَ: بار فَلم يَنْفَعهُمْ وَلم ينتفعوا بِهِ وضرهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين يمكرون السَّيِّئَات} قَالَ: يعْملُونَ السَّيِّئَات {ومكر أُولَئِكَ هُوَ يبور} قَالَ: يفْسد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {ومكر أُولَئِكَ هُوَ يبور} قَالَ: يهْلك فَلَيْسَ لَهُ ثَوَاب فِي الْآخِرَة

الْآيَة 11

11

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالله خَلقكُم من تُرَاب} يَعْنِي خلق آدم من تُرَاب {ثمَّ من نُطْفَة} يَعْنِي ذُريَّته (ثمَّ ذكرانا وأناثا) (الشورى الْآيَة 50) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا يعمر من معمر} الْآيَة يَقُول: لَيْسَ أحد قضيت لَهُ طول الْعُمر والحياة إِلَّا وَهُوَ بَالغ مَا قدرت لَهُ من الْعُمر وَقد قضيت لَهُ ذَلِك فَإِنَّمَا يَنْتَهِي لَهُ الْكتاب الَّذِي قدرت لَهُ لَا يُزَاد عَلَيْهِ وَلَيْسَ أحد قضيت لَهُ أَنه قصير الْعُمر والحياة ببالغ الْعُمر وَلَكِن يَنْتَهِي إِلَى الْكتاب الَّذِي كتب لَهُ فَذَلِك قَوْله {وَلَا ينقص من عمره إِلَّا فِي كتاب} يَقُول: كل ذَلِك فِي كتاب عِنْده وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره} يَقُول: لم يخلق النَّاس كلهم على عمر وَاحِد لهَذَا عمر وَلِهَذَا عمر هُوَ أنقص من عمره كل ذَلِك مَكْتُوب لصَاحبه بَالغ مَا بلغ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره} قَالَ: مَا من يَوْم يعمر فِي الدُّنْيَا إِلَّا ينقص من أَجله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره} قَالَ: لَيْسَ يَوْم يسلبه من عمره إِلَّا فِي كتاب كل يَوْم فِي نُقْصَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن

سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره} إِلَّا فِي كتاب قَالَ: مَكْتُوب فِي أوّل الصَّحِيفَة عمره كَذَا وَكَذَا ثمَّ يكْتب فِي أَسْفَل ذَلِك ذهب يَوْم ذهب يَوْمَانِ حَتَّى يَأْتِي على آخر عمره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حسان بن عَطِيَّة فِي قَوْله {وَلَا ينقص من عمره} قَالَ: كل مَا ذهب من يَوْم وَلَيْلَة فَهُوَ نُقْصَان من عمره وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا يعمر من معمر} إِلَّا كتب الله لَهُ أَجله فِي بطن أمه {وَلَا ينقص من عمره} يَوْم تضعه أمه بَالغا مَا بلغ يَقُول: لم يخلق النَّاس كلهم على عمر وَاحِد لذا عمر وَلذَا عمر هُوَ أنقص من عمر هَذَا وكل ذَلِك مَكْتُوب لصَاحبه بَالغا مَا بلغ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: أَلا ترى النَّاس يعِيش الإِنسان مائَة سنة وَآخر يَمُوت حِين يُولد فَهُوَ هَذَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: لَيْسَ من مَخْلُوق إِلَّا كتب الله لَهُ عمره جملَة فَكل يَوْم يمر بِهِ أَو لَيْلَة يكْتب: نقص من عمر فلَان كَذَا وَكَذَا حَتَّى يستكمل بِالنُّقْصَانِ عدَّة مَا كَانَ لَهُ من أجل مَكْتُوب فعمره جَمِيعًا فِي كتاب ونقصانه فِي كتاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء بن أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي فِي الْآيَة قَالَ: لَا يذهب من عمر إِنْسَان يَوْم وَلَا شهر وَلَا سَاعَة إِلَّا ذَلِك مَكْتُوب مَحْفُوظ مَعْلُوم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: أما الْعُمر فَمن بلغ سِتِّينَ سنة وَأما الَّذِي ينقص من عمره فَالَّذِي يَمُوت قبل أَن يبلغ سِتِّينَ سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا يعمر من معمر} قَالَ: فِي بطن أمه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَلَا ينقص من عمره} قَالَ: مَا لفظت الْأَرْحَام من الْأَوْلَاد من غير تَمام وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن حُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يدْخل الْملك على النُّطْفَة بَعْدَمَا تَسْتَقِر فِي الرَّحِم بِأَرْبَعِينَ أَو بِخَمْسَة وَأَرْبَعين

لَيْلَة فَيَقُول: أَي رب أشقي أم سعيد أذكر أم أُنْثَى فَيَقُول الله ويكتبان ثمَّ يكْتب عمله ورزقه وأجله وأثره ومصيبته ثمَّ تنطوي الصَّحِيفَة فَلَا يُزَاد فِيهَا وَلَا ينقص مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَت أم حَبِيبَة: اللَّهُمَّ أمتعني بزوجي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبأبي أبي سُفْيَان وبأخي مُعَاوِيَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَإنَّك سَأَلت الله لآجال مَضْرُوبَة وَأَيَّام مَعْدُودَة وأرزاق مقسومة وَلنْ يعجل شَيْئا قبل حلّه أَو يُؤَخر شَيْئا عَن حلّه وَلَو كنت سَأَلت الله أَن يعيذك من عَذَاب النَّار أَو عَذَاب الْقَبْر كَانَ خيرا وَأفضل وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل اخوان ملكان على مدينتين وَكَانَ أَحدهمَا باراً برحمه عادلاً على رَعيته وَكَانَ الآخر عاقاً برحمه جائراً على رَعيته وَكَانَ فِي عصرهما نَبِي فَأوحى الله إِلَى ذَلِك النَّبِي أَنه قد بَقِي من عمر هَذَا الْبَار ثَلَاث سِنِين وَبَقِي من عمر هَذَا الْعَاق ثَلَاثُونَ سنة فَأخْبر النَّبِي رعية هَذَا ورعية هَذَا فأحزن ذَلِك رعية الْعَادِل وأفرح ذَلِك رعية الجائر ففرقوا بَين الْأُمَّهَات والأطفال وَتركُوا الطَّعَام وَالشرَاب وَخَرجُوا إِلَى الصَّحرَاء يدعونَ الله تَعَالَى أَن يمتعهم بالعادل ويزيل عَنْهُم الجائر فأقاموا ثَلَاثًا فَأوحى الله إِلَى ذَلِك النَّبِي: أَن أخبر عبَادي أَنِّي قد رحمتهم وأجبت دعاءهم فَجعلت مَا بَقِي من عمر هَذَا الْبَار لذَلِك الجائر وَمَا بَقِي من عمر الجائر لهَذَا الْبَار فَرَجَعُوا إِلَى بُيُوتهم وَمَات الْعَاق لتَمام ثَلَاث سِنِين وَبَقِي الْعَادِل فيهم ثَلَاثِينَ سنة ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره إِلَّا فِي كتاب إِن ذَلِك على الله يسير الْآيَات 12 - 13

12

أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي جَعْفَر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا شرب المَاء قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي جعله عذباً فراتاً برحمته وَلم يَجعله ملحاً أجاجاً بذنوبنا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا يَسْتَوِي البحران هَذَا عذب فرات سَائِغ شرابه وَهَذَا ملح أجاج} قَالَ: الأجاج المر {وَمن كل تَأْكُلُونَ لَحْمًا طرياً} أَي مِنْهُمَا جَمِيعًا {وتستخرجون حلية تلبسونها} هَذَا اللُّؤْلُؤ {وَترى الْفلك فِيهِ مواخر} قَالَ: السفن مقبلة ومدبرة تجْرِي برِيح وَاحِدَة {يولج اللَّيْل فِي النَّهَار ويولج النَّهَار فِي اللَّيْل} قَالَ: نُقْصَان اللَّيْل فِي زِيَادَة النَّهَار ونقصان النَّهَار فِي زِيَادَة اللَّيْل {وسخر الشَّمْس وَالْقَمَر كل يجْرِي إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: أجل مَعْلُوم وحد لَا يتعداه وَلَا يقصر دونه {ذَلِكُم الله ربكُم} يَقُول: هُوَ الَّذِي سخر لكم هَذَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن أبي حَاتِم عَن سِنَان بن سَلمَة أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس عَن مَاء الْبَحْر فَقَالَ: بحران لَا يَضرك من أَيهمَا تَوَضَّأت مَاء الْبَحْر وَمَاء الْفُرَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمن كل تَأْكُلُونَ لَحْمًا طرياً} قَالَ: السّمك {وتستخرجون حلية تلبسونها} قَالَ: اللُّؤْلُؤ من الْبَحْر الأجاج وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا يملكُونَ من قطمير} قَالَ: القطمير القشر وَفِي لفظ الْجلد الَّذِي يكون على ظهر النواة وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {من قطمير} قَالَ: الْجلْدَة الْبَيْضَاء الَّتِي على النواة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَهُوَ يَقُول: لم أنل مِنْهُم بسطاً وَلَا زبداً وَلَا فوفة وَلَا قطميرا

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: القطمير الَّذِي بَين النواة وَالتَّمْرَة القشر الْأَبْيَض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قطمير} قَالَ: لفافة النواة كسحاة البصلة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {من قطمير} قَالَ: رَأس التمرة يَعْنِي القمع الْآيَات 14 - 17

14

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن تدعوهم لَا يسمعوا دعاءكم وَلَو سمعُوا مَا اسْتَجَابُوا لكم} أَي مَا قبلوا ذَلِك مِنْكُم {وَيَوْم الْقِيَامَة يكفرون بشرككم} قَالَ: لَا يرضون وَلَا يقرونَ بِهِ {وَلَا ينبئك مثل خَبِير} وَالله هُوَ الْخَبِير أَنه سَيكون هَذَا من أَمرهم يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {إِن تدعوهم لَا يسمعوا دعاءكم} قَالَ: هِيَ الْآلهَة لَا تسمع دُعَاء من دَعَاهَا وعبدها من دون الله تَعَالَى {وَلَو سمعُوا مَا اسْتَجَابُوا لكم} قَالَ: وَلَو سَمِعت الْآلهَة دعاءكم مَا اسْتَجَابُوا لكم بِشَيْء من الْخَيْر {وَيَوْم الْقِيَامَة يكفرون بشرككم} قَالَ: بعبادتكم إيَّاهُم الْآيَات 18 - 26

18

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن الْأَحْوَص أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي حجَّة الْوَدَاع أَلا لَا يجني جَان إِلَّا على نَفسه لَا يجني وَالِد على وَلَده وَلَا مَوْلُود على وَالِده وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي رمثة قَالَ: انْطَلَقت مَعَ أبي نَحْو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَأَيْته قَالَ لأبي: ابْنك هَذَا قَالَ: أَي وَرب الْكَعْبَة قَالَ: أما أَنه لَا يجني عَلَيْك وَلَا تجني عَلَيْهِ ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي فِي قَوْله {وَإِن تدع مثقلة إِلَى حملهَا} قَالَ: إِن تدع نفس مثقلة من الْخَطَايَا ذَا قرَابَة أَو غير ذِي قرَابَة {لَا يحمل} عَنْهَا من خطاياها شَيْء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِن تدع مثقلة إِلَى حملهَا لَا يحمل مِنْهُ شَيْء} يكون عَلَيْهِ وزر لَا يجد أحدا يحمل عَنهُ من وزره شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن تدع مثقلة إِلَى حملهَا لَا يحمل مِنْهُ شَيْء} كنحو {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن الْجَار يتَعَلَّق بجاره يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول: يَا رب سل هَذَا لم كَانَ يغلق بَابه دوني وَإِن الْكَافِر ليتعلق بِالْمُؤمنِ يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول لَهُ: يَا مُؤمن إِن لي عنْدك يدا قد عرفت كَيفَ كنت فِي الدُّنْيَا وَقد احتجت إِلَيْك الْيَوْم فَلَا يزَال الْمُؤمن يشفع لَهُ إِلَى ربه حَتَّى يردهُ إِلَى منزلَة دون منزلَة وَهُوَ فِي النَّار وَأَن الْوَالِد يتَعَلَّق بولده يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول: يَا بني أَي وَالِد كنت لَك فيثني خيرا فَيَقُول: يَا بني إِنِّي احتجت إِلَى مِثْقَال ذرة من حَسَنَاتك أنجو بهَا مِمَّا ترى فَيَقُول لَهُ وَلَده: يَا أَبَت مَا أيسر مَا طلبت وَلَكِنِّي لَا أُطِيق أَن أُعْطِيك شَيْئا أتخوّف مثل الَّذِي تخوّفت فَلَا أَسْتَطِيع أَن أُعْطِيك شَيْئا ثمَّ يتَعَلَّق بِزَوْجَتِهِ فَيَقُول: يَا فُلَانَة أَي زوج كنت لَك فتثني خيرا فَيَقُول لَهَا: فَإِنِّي أطلب إِلَيْك حَسَنَة وَاحِدَة تهبيها لي لعَلي أنجو مِمَّا تَرين قَالَت: مَا أيسر مَا طلبت وَلَكِنِّي لَا أُطِيق أَن أُعْطِيك شَيْئا أتخوّف مثل الَّذِي تخوّفت يَقُول الله {وَإِن تدع مثقلة إِلَى حملهَا} وَيَقُول الله (يَوْم لَا يَجْزِي وَالِد عَن وَلَده) (لُقْمَان 133) و (يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه وَأمه وَأَبِيهِ ) (عِيسَى 34) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِن تدع مثقلة إِلَى حملهَا} أَي إِلَى ذنوبها {لَا يحمل مِنْهُ شَيْء وَلَو كَانَ ذَا قربى} قَالَ: قرَابَة قريبَة لَا يحمل من ذنُوبه شَيْئا وَيحمل عَلَيْهَا غَيرهَا من ذنوبها شَيْئا {إِنَّمَا تنذر الَّذين يَخْشونَ رَبهم بِالْغَيْبِ} أَي يَخْشونَ النَّار والحساب وَفِي قَوْله {وَمن تزكّى فَإِنَّمَا يتزكى لنَفسِهِ} أَي من عمل عملا صَالحا فَإِنَّمَا يعْمل لنَفسِهِ وَفِي قَوْله {وَمَا يَسْتَوِي} قَالَ: خلق فضل بعضه على بعض فَأَما الْمُؤمن فعبد حَيّ الْأَثر حَيّ الْبَصَر حَيّ النِّيَّة حَيّ الْعَمَل وَالْكَافِر عبد ميت الْأَثر ميت الْبَصَر ميت الْقلب ميت الْعَمَل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير} قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله للْكَافِرِ وَالْمُؤمن يَقُول: كَمَا لَا يَسْتَوِي هَذَا وَهَذَا كَذَلِك لَا يَسْتَوِي الْكَافِر وَالْمُؤمن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير} قَالَ: الْكَافِر وَالْمُؤمن {وَلَا الظُّلُمَات} قَالَ: الْكفْر {وَلَا النُّور}

قَالَ: الايمان {وَلَا الظل} قَالَ: الْجنَّة {وَلَا الحرور} قَالَ: النَّار {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَات} قَالَ: الْمُؤمن وَالْكَافِر {إِن الله يسمع من يَشَاء} قَالَ: يهدي من يَشَاء وَأخرج أَبُو سهل السّري بن سهل الجنديسابوري الْخَامِس من حَدِيثه من طَرِيق عبد القدوس عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله (فَإنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى) (الرّوم 52) {وَمَا أَنْت بمسمع من فِي الْقُبُور} قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقف على الْقَتْلَى يَوْم بدر وَيَقُول: هَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا يَا فلَان بن فلَان ألم تكفر بِرَبِّك ألم تكذب نبيك ألم تقطع رَحِمك فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أيسمعون مَا نقُول قَالَ: مَا أَنْتُم بأسمع مِنْهُم لما أَقُول فَأنْزل الله (فَإنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى) {وَمَا أَنْت بمسمع من فِي الْقُبُور} وَمثل ضَرْبَة الله للْكفَّار أَنهم لَا يسمعُونَ لقَوْله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا أَنْت بمسمع من فِي الْقُبُور} فَكَذَلِك الْكَافِر لَا يسمع وَلَا ينْتَفع بِمَا يسمع وَفِي قَوْله {وَإِن من أمة إِلَّا خلا فِيهَا نَذِير} يَقُول كل أمة قد كَانَ لَهَا رَسُول جاءها من الله وَفِي قَوْله {وَإِن يُكذِّبُوك فقد كذب الَّذين من قبلهم} قَالَ: يعزي نبيه {جَاءَتْهُم رسلهم بِالْبَيِّنَاتِ وبالزبر وبالكتاب الْمُنِير ثمَّ أخذت الَّذين كفرُوا فَكيف كَانَ نَكِير} قَالَ: شَدِيد وَالله لقد عجل لَهُم عُقُوبَة الدُّنْيَا ثمَّ صيرهم إِلَى النَّار الْآيَات 27 - 28

27

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ألم تَرَ أَن الله أنزل من السَّمَاء مَاء فأخرجنا بِهِ ثَمَرَات مُخْتَلفا ألوانها} قَالَ: أَحْمَر وأصفر {وَمن الْجبَال جدد بيض وحمر مُخْتَلف ألوانها} أَي جبال حمر {وغرابيب سود} والغرابيب السود يَعْنِي لَونه كَمَا

اخْتلفت ألوان هَذِه الْجبَال وألوان النَّاس وَالدَّوَاب والأنعام كَذَلِك {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} قَالَ: كَانَ يُقَال كفى بالرهبة علما وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثَمَرَات مُخْتَلفا ألوانها} قَالَ: الْأَبْيَض والأحمر وَالْأسود وَفِي قَوْله {وَمن الْجبَال جدد بيض} قَالَ: طرائق بيض يَعْنِي الألوان وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أيصبغ رَبك قَالَ نعم صبغاً لَا ينْقض أَحْمَر وأصفر وأبيض وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {جدد} قَالَ: طرائق طَريقَة بَيْضَاء وَطَرِيقَة خضراء قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: قد غادر السَّبع فِي صفحاتها جدداً كَأَنَّهَا طرق لاحت على أكم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن الْجبَال جدد بيض} قَالَ: طرائق بيض {وغرابيب سود} قَالَ: جبال سود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الغرابيب الْأسود الشَّديد السوَاد وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مُخْتَلفا ألوانها} قَالَ: مِنْهَا الْأَحْمَر والأبيض والأخضر وَالْأسود وَكَذَلِكَ ألوان النَّاس مِنْهُم الْأَحْمَر وَالْأسود والأبيض وَكَذَلِكَ الدَّوَابّ والأنعام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن الْجبَال جدد} قَالَ: طرائق تكون فِي الْجَبَل بيض وحمر فَتلك الجدد {وغرابيب سود} قَالَ: جبال سود {وَمن النَّاس وَالدَّوَاب والأنعام} قَالَ: كَذَلِك اخْتِلَاف النَّاس وَالدَّوَاب والأنعام كاختلاف الْجبَال ثمَّ قَالَ {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} فَلَا فضل لما قبلهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَمن الْجبَال جدد بيض} قَالَ: طرائق مُخْتَلفَة كَذَلِك اخْتِلَاف مَا ذكر من اخْتِلَاف ألوان النَّاس وَالدَّوَاب والأنعام كَذَلِك كَمَا اخْتلفت هَذِه الْأَنْعَام تخْتَلف النَّاس فِي خشيَة الله كَذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الخشية والايمان

وَالطَّاعَة والتشتت فِي الألوان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} قَالَ: الْعلمَاء بِاللَّه الَّذين يخافونه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} قَالَ: الَّذين يعلمُونَ أَن الله على كل شَيْء قدير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ الْعلم من كَثْرَة الحَدِيث وَلَكِن الْعلم من الخشية وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: الْعَالم من خشِي الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن صَالح أبي الْخَلِيل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} قَالَ: أعلمهم بِاللَّه أَشَّدهم لَهُ خشيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سُفْيَان عَن أبي حَيَّان التَّيْمِيّ عَن رجل قَالَ: كَانَ يُقَال الْعلمَاء ثَلَاثَة عَالم بِاللَّه وعالم بِأَمْر الله وعالم بِاللَّه لَيْسَ بعالم بِأَمْر الله وعالم بِأَمْر الله لَيْسَ بعالم بِاللَّه فالعالم بِاللَّه وبأمر الله: الَّذِي يخْشَى الله وَيعلم الْحُدُود والفرائض والعالم بِاللَّه لَيْسَ بعالم بِأَمْر الله: الَّذِي يخْشَى الله وَلَا يعلم الْحُدُود وَلَا الْفَرَائِض والعالم بِأَمْر الله لَيْسَ بعالم بِاللَّه: الَّذِي يعلم الْحُدُود والفرائض وَلَا يخْشَى الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي عَن مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْعلم لَيْسَ بِكَثْرَة الرِّوَايَة إِنَّمَا الْعلم نور يقذفه الله فِي الْقلب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الإِيمان من خشِي الله بِالْغَيْبِ وَرغب فِيمَا رغب الله فِيهِ وزهد فِيمَا أَسخط الله ثمَّ تَلا {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} وَأخرج عبد بن حميد عَن مَسْرُوق قَالَ: كفى بِالْمَرْءِ علما أَن يخْشَى الله وَكفى بِالْمَرْءِ جهلا أَن يعجب بِعَمَلِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كفى بخشية الله علما وَكفى باغترار الْمَرْء جهلا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْفَقِيه من يخَاف الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن الْعَبَّاس الْعمي قَالَ: بَلغنِي أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: سُبْحَانَكَ تعاليت فَوق عرشك وَجعلت خشيتك على من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض فأقرب خلقك إِلَيْك أَشَّدهم لَك خشيَة وَمَا علم من لم يخشك وَمَا حِكْمَة من لم يطع أَمرك وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ الْعلم بِكَثْرَة الرِّوَايَة وَلَكِن الْعلم الخشية وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْعلم علمَان علم فِي الْقلب فَذَاك الْعلم النافع وَعلم على اللِّسَان فَتلك حجَّة الله على خلقه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة قَالَ: بِحَسب الْمَرْء من الْعلم أَن يخْشَى الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَنْبَغِي لحامل الْقُرْآن أَن يعرف بليله إِذا النَّاس نائمون وبنهاره إِذا النَّاس يفطرون وبحزنه إِذا النَّاس يفرحون وببكائنا إِذا النَّاس يَضْحَكُونَ وبصمته إِذا النَّاس يخلطون وبخشوعه إِذا النَّاس يختالون وَيَنْبَغِي لحامل الْقُرْآن أَن لَا يكون صخاباً وَلَا صياحاً وَلَا حديداً وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: أَقبلت مَعَ عِكْرِمَة أَقُود ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا بَعْدَمَا ذهب بَصَره حَتَّى دخل الْمَسْجِد الْحَرَام فَإِذا قوم يمترون فِي حَلقَة لَهُم عِنْد بَاب بني شيبَة فَقَالَ: أمل بِي إِلَى حَلقَة المراء فَانْطَلَقت بِهِ حَتَّى أَتَاهُم فَسلم عَلَيْهِم فارادوه على الْجُلُوس فَأبى عَلَيْهِم وَقَالَ: انتسبوا إليّ أعرفكُم فانتسبوا إِلَيْهِ فَقَالَ: أما علمْتُم أَن لله عباداً أسكتتهم خَشيته من غير عي وَلَا بكم إِنَّهُم لَهُم الفصحاء النطقاء النبلاء الْعلمَاء بأيام الله غير أَنهم إِذا ذكرُوا عَظمَة الله طاشت عُقُولهمْ من ذَلِك وانكسرت قُلُوبهم وانقطعت ألسنتهم حَتَّى إِذا استقاموا من ذَلِك سارعوا إِلَى الله بِالْأَعْمَالِ الزاكية فَأَيْنَ أَنْتُم مِنْهُم ثمَّ تولى عَنْهُم فَلم ير بعد ذَلِك رجلَانِ

وَأخرج الْخَطِيب فِيهِ أَيْضا عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: وضع عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ للنَّاس ثَمَانِي عشرَة كلمة حكم كلهَا قَالَ: مَا عَاقَبت من عصى الله فِيك مثل أَن تطيع الله فِيهِ وضع أَمر أَخِيك على أحْسنه حَتَّى يجيئك مِنْهُ مَا يَغْلِبك وَلَا تَظنن بِكَلِمَة خرجت من مُسلم شرا أَنْت تَجِد لَهَا فِي الْخَيْر محملًا وَمن عرض نَفسه للتُّهمَةِ فَلَا يَلُومن من أَسَاءَ الظَّن بِهِ من كتم سره كَانَت الْخيرَة فِي يَده وَعَلَيْك بِإِخْوَان الصدْق تعش فِي أَكْنَافهم فَإِنَّهُم زِينَة فِي الرخَاء عدَّة فِي الْبلَاء وَعَلَيْك بِالصّدقِ وَإِن قَتلك وَلَا تعرض فِيمَا لَا يَعْنِي وَلَا تسْأَل عَمَّا لم يكن فَإِن فِيمَا كَانَ شغلاً عَمَّا لم يكن وَلَا تطلب حَاجَتك إِلَى من لَا يحب نَجَاحهَا لَك وَلَا تهاون بِالْحلف الْكَاذِب فيهلكك الله وَلَا تصْحَب الْفجار لتعلم من فُجُورهمْ وَاعْتَزل عَدوك وَاحْذَرْ صديقك إِلَّا الْأمين وَلَا أَمِين إِلَّا من خشِي الله وتخشع عِنْد الْقُبُور وذل عِنْد الطَّاعَة واستعصم عِنْد الْمعْصِيَة وَاسْتَشِرْ الَّذين يَخْشونَ الله فَإِن الله تَعَالَى يَقُول (إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء) وَأخرج عبد بن حميد عَن مَكْحُول قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَالم وَالْعَابِد فَقَالَ: فضل الْعَالم على العابد كفضلي على أدناكم ثمَّ تَلا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} ثمَّ قَالَ إِن الله وَمَلَائِكَته وَأهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض وَالنُّون فِي الْبَحْر ليصلون على معلمي الْخَيْر) الْآيَات 29 - 31

29

أخرج عبد الْغَنِيّ بن سعيد الثَّقَفِيّ فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس أَن حُصَيْن بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب بن عبد منَاف الْقرشِي نزلت فِيهِ {إِن الَّذين يَتلون كتاب الله وَأَقَامُوا الصَّلَاة} الْآيَة وَأخرج

عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يرجون تِجَارَة لن تبور} قَالَ: الْجنَّة {لن تبور} لَا تبيد {ليوفيهم أُجُورهم ويزيدهم من فَضله} قَالَ: هُوَ كَقَوْلِه (ولدينا مزِيد) (طه 35) {إِنَّه غَفُور} قَالَ: لذنوبهم {شكور} لحسناتهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {يرجون تِجَارَة لن تبور} قَالَ: لن تهْلك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن الَّذين يَتلون كتاب الله وَأَقَامُوا الصَّلَاة} قَالَ كَانَ مطرف بن عبد الله يَقُول: هَذِه آيَة الْقُرَّاء الْآيَات 32 - 36

32

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا} قَالَ: هم أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورثهم الله كل كتاب أنزل فظالمهم مغْفُور لَهُ ومقتصدهم يُحَاسب حسابا يَسِيرا وسابقهم يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر

وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: فِي هَذِه الْآيَة {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات} قَالَ: هَؤُلَاءِ كلهم بِمَنْزِلَة وَاحِدَة وَكلهمْ فِي الْجنَّة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قَالَ الله تَعَالَى {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات بِإِذن الله} فَأَما الَّذين سبقوا فَأُولَئِك يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَأما الَّذين اقتصدوا فَأُولَئِك الَّذين يحاسبون حسابا يَسِيرا وَأما الَّذين ظلمُوا أنفسهم فَأُولَئِك يحبسون فِي طول الْمَحْشَر ثمَّ هم الَّذين تلقاهم الله برحمة فهم الَّذين يَقُولُونَ {الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن إِن رَبنَا لغَفُور شكور الَّذِي أحلنا دَار المقامة من فَضله لَا يمسنا فِيهَا نصب وَلَا يمسنا فِيهَا لغوب} قَالَ الْبَيْهَقِيّ: إِن أَكثر الرِّوَايَات فِي حَدِيث ظهر أَن للْحَدِيث أصلا وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن صهْبَان قلت لعَائِشَة: أَرَأَيْت قَول الله {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب} قَالَت: أما السَّابِق فقد مضى فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشهد لَهُ بِالْجنَّةِ وَأما المقتصد فَمن اتبع أَمرهم فَعمل بِمثل أَعْمَالهم حَتَّى يلْحق بهم وَأما الظَّالِم لنَفسِهِ فمثلي وَمثلك وَمن اتَّبعنَا وكل فِي الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن اسامة بن زيد رَضِي الله عَنهُ {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كلهم من هَذِه الْأمة وَكلهمْ فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَوْف بن مَالك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمتِي ثَلَاثَة أَثلَاث فثلث يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَثلث يحاسبون حسابا يَسِيرا ثمَّ يدْخلُونَ الْجنَّة وَثلث يمحصون ويكسفون ثمَّ تَأتي الْمَلَائِكَة فَيَقُولُونَ: وجدناهم يَقُولُونَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده فَيَقُول الله: أدخلوهم الْجنَّة بقَوْلهمْ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده واحملوا خطاياهم على أهل التَّكْذِيب وَهِي الَّتِي قَالَ الله وليحملن أثقالهم وأثقالاً

مَعَ أثقالهم وَتَصْدِيقًا فِي الَّتِي ذكر الْمَلَائِكَة قَالَ الله تَعَالَى {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا} فجعلهم ثَلَاثَة أَنْوَاع {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ} فَهَذَا الَّذِي يكسف ويمحص {وَمِنْهُم مقتصد} وَهُوَ الَّذِي يُحَاسب حسابا يَسِيرا {وَمِنْهُم سَابق بالخيرات} فَهُوَ الَّذِي يلج الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَلَا عَذَاب باذن الله يدْخلُونَهَا جَمِيعًا لم يفرق بَينهم {يحلونَ فِيهَا من أساور من ذهب} إِلَى قَوْله {لغوب} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: هَذِه الْآيَة ثَلَاثَة أَثلَاث يَوْم الْقِيَامَة ثلث يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَثلث يحاسبون حسابا يَسِيرا وَثلث يحبسون بذنوب عِظَام إِلَّا أَنهم لم يشركوا فَيَقُول الرب (أدخلُوا هَؤُلَاءِ فِي سَعَة رَحْمَتي) ثمَّ قَرَأَ {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عمر بن الْخطاب أَنه كَانَ إِذا نزع بِهَذِهِ الْآيَة قَالَ: أَلا إِن سَابِقنَا سَابق ومقتصنا نَاجٍ وَظَالِمنَا مغْفُور لَهُ وَأخرج الْعقيلِيّ وَابْن لال وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن عمر بن الْخطاب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: سَابِقنَا سَابق ومتقصدنا نَاجٍ وَظَالِمنَا نَاجٍ وَظَالِمنَا مغْفُور لَهُ وَقَرَأَ عمر {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ} وَأخرج ابْن النجار عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَابِقنَا سَابق وَمُقْتَصِدنَا نَاجٍ وَظَالِمنَا مغْفُور لَهُ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: السَّابِق بالخيرات يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب والمقتصد برحمة الله والظالم لنَفسِهِ وَأَصْحَاب الْأَعْرَاف يدْخلُونَ الْجنَّة بشفاعة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُثْمَان بن عَفَّان: أَنه نزع بِهَذِهِ الْآيَة قَالَ: إِن سَابِقنَا أهل جِهَاد أَلا وَأَن مقتصدنا نَاجٍ أهل حَضَرنَا أَلا وَأَن ظالمنا أهل بدونا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْبَراء بن عَازِب فِي قَوْله {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ} قَالَ: أشهد على الله أَنه يدخلهم الْجنَّة جَمِيعًا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة

{ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا} قَالَ: كلهم نَاجٍ وَهِي هَذِه الْأمة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب} قَالَ: هِيَ مثل الَّذِي فِي الْوَاقِعَة (فأصحاب الميمنة) (وَأَصْحَاب المشئمة) (وَالسَّابِقُونَ) صنفان ناجيان وصنف هَالك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ} قَالَ {ظَالِم لنَفسِهِ} هُوَ الْكَافِر والمقتصد أَصْحَاب الْيَمين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب الْأَحْبَار أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا} إِلَى قَوْله {لغوب} قَالَ: دخلوها وَرب الْكَعْبَة وَفِي لفظ قَالَ: كلهم فِي الْجنَّة أَلا ترى على أَثَره (وَالَّذين كفرُوا لَهُم نَار جَهَنَّم) فَهَؤُلَاءِ أهل النَّار فَذكر ذَلِك لِلْحسنِ فَقَالَ: أَبَت ذَلِك عَلَيْهِم الْوَاقِعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر الْجنَّة فَقَالَ مسوّرون بِالذَّهَب وَالْفِضَّة مكللة بالدر وَعَلَيْهِم أكاليل من در وَيَاقُوت متواصلة وَعَلَيْهِم تَاج كتاج الْمُلُوك جرد مرد مكحلون وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن حُذَيْفَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يبْعَث الله النَّاس على ثَلَاثَة أَصْنَاف وَذَلِكَ فِي قَول الله {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات} فَالسَّابِق بالخيرات يدْخل الْجنَّة بِلَا حِسَاب والمقتصد يُحَاسب حسابا يَسِيرا والظالم لنَفسِهِ يدْخل الْجنَّة برحمة الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب} قَالَ: جعل الله أهل الإِيمان على ثَلَاثَة منَازِل كَقَوْلِه (أَصْحَاب الشمَال مَا أَصْحَاب الشمَال) (وَأَصْحَاب الْيَمين مَا أَصْحَاب الْيَمين) (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (أُولَئِكَ المقربون) (الْوَاقِعَة 8 - 11) فهم على هَذَا الْمِثَال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ} قَالَ: الْكَافِر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ} قَالَ: هَذَا الْمُنَافِق {وَمِنْهُم مقتصد} قَالَ: هَذَا صَاحب الْيَمين {وَمِنْهُم سَابق بالخيرات} قَالَ: هَذَا المقرب قَالَ قَتَادَة: كَانَ النَّاس ثَلَاث منَازِل عِنْد الْمَوْت وَثَلَاث منَازِل فِي الدُّنْيَا وَثَلَاث منَازِل فِي الْآخِرَة فَأَما الدُّنْيَا فَكَانُوا مُؤمن ومنافق ومشرك وَأما عِنْد الْمَوْت فَإِن الله قَالَ: (فَأَما إِن كَانَ من المقربين ) (الْوَاقِعَة 88) (وَأما إِن كَانَ من أَصْحَاب الْيَمين ) (الْوَاقِعَة 90) (وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين) (الْوَاقِعَة 92) وَأما الْآخِرَة فَكَانُوا أَزْوَاجًا ثَلَاثَة (فأصحاب الميمنة) (وَأَصْحَاب المشئمة) (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المقربون) وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ} قَالَ: هُوَ الْمُنَافِق سقط والمقتصد وَالسَّابِق بالخيرات فِي الْجنَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبيد بن عُمَيْر فِي الْآيَة قَالَ: كلهم صَالح وَأخرج عبد بن حميد عَن صَالح أبي الْخَلِيل قَالَ: قَالَ كَعْب يلومني أَحْبَار بني إِسْرَائِيل: إِنِّي دخلت فِي أمة فرقهم الله ثمَّ جمعهم ثمَّ أدخلهم الْجنَّة ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا} حَتَّى بلغ {جنَّات عدن يدْخلُونَهَا} قَالَ: قَالَ فادخلهم الله الْجنَّة جَمِيعًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: الْعلمَاء ثَلَاثَة مِنْهُم عَالم لنَفسِهِ وَلغيره فَذَلِك أفضلهم وَخَيرهمْ وَمِنْهُم عَالم لنَفسِهِ محسن وَمِنْهُم عَالم لَا لنَفسِهِ وَلَا لغيره فَذَلِك شرهم وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مُسلم الْخَولَانِيّ قَالَ: قَرَأت فِي كتاب الله أَن هَذِه الْأمة تصنف يَوْم الْقِيَامَة على ثَلَاثَة أَصْنَاف صنف مِنْهُم يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وصنف يحاسبهم الله حسابا يَسِيرا ويدخلون الْجنَّة وصنف يوقفون وَيُؤْخَذ مِنْهُم مَا شَاءَ الله ثمَّ يدركهم عَفْو الله وتجاوزه وَأخرج عبد بن حميد عَن كَعْب فِي قَوْله {جنَّات عدن يدْخلُونَهَا} قَالَ: دخلوها وَرب الْكَعْبَة فَأخْبر الْحسن بذلك فَقَالَ: أَبَت وَالله ذَلِك عَلَيْهِم الْوَاقِعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن

الْحَارِث أَن ابْن عَبَّاس سَأَلَ كَعْبًا عَن قَوْله {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا} نَجوا كلهم ثمَّ قَالَ: تحاكت مَنَاكِبهمْ وَرب الْكَعْبَة ثمَّ أعْطوا الْفضل بأعمالهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن الْحَنَفِيَّة قَالَ: أَعْطَيْت هَذِه الْأمة ثَلَاثًا لم تعطها أمة كَانَت قبلهَا {فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ} مغْفُور لَهُ {وَمِنْهُم مقتصد} فِي الْجنان {وَمِنْهُم سَابق} بِالْمَكَانِ الْأَعْلَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ} قَالَ: هم أَصْحَاب المشئمة {وَمِنْهُم مقتصد} قَالَ: هم أَصْحَاب الميمنة {وَمِنْهُم سَابق بالخيرات بِإِذن الله} قَالَ: هم السَّابِقُونَ من النَّاس كلهم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ذَلِك هُوَ الْفضل الْكَبِير} قَالَ: ذَاك من نعْمَة الله وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا قَول الله {جنَّات عدن يدْخلُونَهَا يحلونَ فِيهَا من أساور من ذهب ولؤلؤا} فَقَالَ: إِن عَلَيْهِم التيجان إِن أدنى لؤلؤة مِنْهَا لتضيء مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله أهل الْجنَّة حِين دخلُوا الْجنَّة {وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} قَالَ: هم قوم كَانُوا فِي الدُّنْيَا يخَافُونَ الله ويجتهدون لَهُ فِي الْعِبَادَة سرا وَعَلَانِيَة وَفِي قُلُوبهم حزن من ذنُوب قد سلفت مِنْهُم فهم خائفون أَن لَا يتَقَبَّل مِنْهُم هَذَا الِاجْتِهَاد من الذُّنُوب الَّتِي سلفت فَعندهَا {وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن إِن رَبنَا لغَفُور شكور} غفر لنا الْعَظِيم وشكر لنا الْقَلِيل من أَعمالنَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} قَالَ: حزن النَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} قَالَ: مَا كَانُوا يعْملُونَ

وَأخرج الْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَابْن مرْدَوَيْه عَن صُهَيْب رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْمُهَاجِرُونَ هم السَّابِقُونَ الْمُدِلُّون على رَبهم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ انهم لَيَأْتُونَ يَوْم الْقِيَامَة على عواتقهم السِّلَاح فيقرعون بَاب الْجنَّة فَتَقول لَهُم الخزنة من أَنْتُم فَيَقُولُونَ: نَحن الْمُهَاجِرُونَ فَتَقول لَهُم الخزنة: هَل حوسبتم فيجثون على ركبهمْ ويرفعون أَيْديهم إِلَى السَّمَاء فَيَقُولُونَ: أَي رب أبهذه نحاسب قد خرجنَا وَتَركنَا الْأَهْل وَالْمَال وَالْولد فيمثل الله لَهُم أَجْنِحَة من ذهب مخوّصة بالزبرجد والياقوت فيطيرون حَتَّى يدخلُوا الْجنَّة فَذَلِك قَوْله {وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} إِلَى قَوْله {وَلَا يمسنا فِيهَا لغوب} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلهم بمنازلهم فِي الْجنَّة أعرف مِنْهُم بمنازلهم فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن شمر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ دخلُوا الْجنَّة {وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} قَالَ: حزنهمْ هُوَ الْحزن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شمر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} قَالَ: الْجُوع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} قَالَ: طلب الْخبز فِي الدُّنْيَا فَلَا نهتم لَهُ كاهتمامنا لَهُ فِي الدُّنْيَا طلب الْغَدَاء وَالْعشَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَنْبَغِي لمن يحزن أَن يخَاف أَن لَا يكون من أهل الْجنَّة لأَنهم قَالُوا {الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} وَيَنْبَغِي لمن يشفق أَن يخَاف أَن لَا يكون من أهل الْجنَّة لأَنهم (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قبل فِي أهلنا مشفقين) (الطّور الْآيَة 26) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن شمر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن} قَالَ: حزن الطَّعَام {إِن رَبنَا لغَفُور شكور} قَالَ: غفر لَهُم الذُّنُوب الَّتِي عملوها وشكر لَهُم الْخَيْر الَّذِي دلهم عَلَيْهِ فعملوا بِهِ فأثابهم عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي رَافع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة العَبْد

بدواوين ثَلَاث بديوان فِيهِ النعم وديوان فِيهِ ذنُوبه وديوان فِيهِ حَسَنَاته فَيُقَال لأصغر نعْمَة عَلَيْهِ: قومِي فاستوفي ثمنك من حَسَنَاته فتقوم فتستوهب تِلْكَ النِّعْمَة حَسَنَاته كلهَا وتبقي بَقِيَّة النعم عَلَيْهِ وذنوبه كَامِلَة فَمن ثمَّ يَقُول العَبْد إِذا أدخلهُ الله الْجنَّة {إِن رَبنَا لغَفُور شكور} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن رَبنَا لغَفُور شكور} يَقُول {غَفُور} لذنوبهم {شكور} لحسناتهم {الَّذِي أحلنا دَار المقامة من فَضله} قَالَ: أَقَامُوا فَلَا يتحوّلون وَلَا يحوّلون {لَا يمسنا فِيهَا نصب وَلَا يمسنا فِيهَا لغوب} قَالَ: قد كَانَ الْقَوْم ينصبون فِي الدُّنْيَا فِي طَاعَة الله وهم قوم جهدهمْ الله قَلِيلا ثمَّ أراحهم كثيرا فهنيئاً لَهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله إِن النّوم مِمَّا يُقِرُّ الله بِهِ أَعيننَا فِي الدُّنْيَا فَهَل فِي الْجنَّة من نوم قَالَ: لَا إِن النّوم شريك الْمَوْت وَلَيْسَ فِي الْجنَّة موت قَالَ: يَا رَسُول الله فَمَا راحتهم فأعظم ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: لَيْسَ فِيهَا لغوب كل أَمرهم رَاحَة فَنزلت {لَا يمسنا فِيهَا نصب وَلَا يمسنا فِيهَا لغوب} وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {لَا يمسنا فِيهَا نصب} أَي وجع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لغوب} قَالَ: إعياء الْآيَات 37 - 38

37

أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهم يصطرخون فِيهَا} قَالَ: يستغيثون فِيهَا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أولم نُعَمِّركُمْ مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر} قَالَ: سِتِّينَ سنة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قيل: أَيْن أَبنَاء السِّتين وَهُوَ الْعُمر الَّذِي قَالَ الله {أولم نُعَمِّركُمْ مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر} وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعذر الله إِلَى امرىء أخر عمره حَتَّى بلغ سِتِّينَ سنة وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَالرُّويَانِيّ فِي الْأَمْثَال وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا بلغ العَبْد سِتِّينَ سنة فقد أعذر الله إِلَيْهِ فِي الْعُمر وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الْعُمر الَّذِي عمرهم الله بِهِ سِتُّونَ سنة وَأخرج الرامَهُرْمُزِي فِي الْأَمْثَال عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من عمره الله سِتِّينَ سنة أعذر إِلَيْهِ فِي الْعُمر يُرِيد {أولم نُعَمِّركُمْ مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعمار أمتِي مَا بَين السِّتين إِلَى السّبْعين وَأَقلهمْ من يجوز ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْعُمر سِتُّونَ سنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أولم نُعَمِّركُمْ مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر} قَالَ: هُوَ سِتّ وَأَرْبَعُونَ سنة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أولم نُعَمِّركُمْ مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر} قَالَ: أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ:

اعلموا أَن طول الْعُمر حجَّة فنعوذ بِاللَّه أَن نعيَّر بطول الْعُمر قَالَ: نزلت وَإِن فيهم لِابْنِ ثمانِ عشرَة سنة وَفِي قَوْله {وَجَاءَكُم النذير} قَالَ: احْتج عَلَيْهِم بالعمر وَالرسل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجَاءَكُم النذير} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجَاءَكُم النذير} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَرَأَ (هَذَا نَذِير من النّذر الأولى) (النَّجْم 56) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجَاءَكُم النذير} قَالَ: الشيب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَجَاءَكُم النذير} قَالَ: الشيب الْآيَات 39 - 40

39

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي جعلكُمْ خلائف فِي الأَرْض} قَالَ: أمة بعد أمة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هُوَ الَّذِي جعلكُمْ خلائف فِي الأَرْض} قَالَ: أمة بعد أمة وقرناً بعد قرن وَفِي قَوْله {أروني مَاذَا خلقُوا من الأَرْض} قَالَ: لَا شَيْء وَالله خلقُوا مِنْهَا وَفِي قَوْله {أم لَهُم شرك فِي السَّمَاوَات}

قَالَ: لَا وَالله مَا لَهُم فيهمَا من شرك {أم آتَيْنَاهُم كتابا فهم على بَيِّنَة مِنْهُ} يَقُول: أم آتَيْنَاهُم كتابا فَهُوَ يَأْمُرهُم أَن لَا يشركوا بِي الْآيَة 41

41

أخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الإِفراد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات والخطيب فِي تَارِيخه عَن أبي هُرَيْرَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: وَقع فِي نفس مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام هَل ينَام الله عز وَجل فَأرْسل الله ملكا إِلَيْهِ فَارقه ثَلَاثًا وَأَعْطَاهُ قَارُورَتَيْنِ فِي كل يَد قَارُورَة وَأمره أَن يتحفظ بهما فَجعل ينَام وتكاد يَدَاهُ يَلْتَقِيَانِ ثمَّ يَسْتَيْقِظ فَيحْبس احداهما عَن الْأُخْرَى حَتَّى نَام نومَة فاصطقت يَدَاهُ وانكسرت الْقَارُورَتَانِ قَالَ: ضرب الله لَهُ مثلا أَن الله تبَارك وَتَعَالَى لَو كَانَ ينَام مَا كَانَ يمسك السَّمَاء وَلَا الأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن خَرشَة بن الْحر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن سَلام أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا جِبْرِيل هَل ينَام رَبك فَقَالَ جِبْرِيل: يَا رب ان عَبدك مُوسَى يَسْأَلك هَل تنام فَقَالَ الله: يَا جِبْرِيل قل لَهُ فليأخذ بِيَدِهِ قَارُورَتَيْنِ وليقم على الْجَبَل من أول اللَّيْل حَتَّى يصبح فَقَامَ على الْجَبَل وَأخذ قَارُورَتَيْنِ فَصَبر فَلَمَّا كَانَ آخر اللَّيْل غلبته عَيناهُ فسقطتا فَانْكَسَرَتَا فَقَالَ: يَا جِبْرِيل انْكَسَرت الْقَارُورَتَانِ فَقَالَ الله: يَا جِبْرِيل قل لعبدي إِنِّي لَو نمت لزالت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة قَالَ: أسر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الْمَلَائِكَة هَل ينَام رب الْعِزَّة قَالَ: فسهر مُوسَى أَرْبَعَة أَيَّام ولياليهن ثمَّ قَامَ على الْمِنْبَر يخْطب وَرفع إِلَيْهِ القارورتين فِي كل يَد قَارُورَة وَأرْسل الله عَلَيْهِ النعاس وَهُوَ يخْطب إِذْ أدنى يَده من الْأُخْرَى وَهُوَ يضْرب القارورة على الْأُخْرَى فَفَزعَ ورد يَده ثمَّ خطب ثمَّ أدنى يَده فَضرب بهَا على الْأُخْرَى فَفَزعَ ثمَّ قَالَ: (لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَيّ القيوم لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم) قَالَ عِكْرِمَة: السّنة الَّتِي يضْرب بِرَأْسِهِ وَهُوَ جَالس وَالنَّوْم الَّذِي يرقد

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن أبي بردة عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لَهُ قومه: أَيَنَامُ رَبك قَالَ اتَّقوا الله إِن كُنْتُم مُؤمنين فَأوحى الله إِلَى مُوسَى أَن خُذ قَارُورَتَيْنِ فاملأهما مَاء فَفعل فنعس فَنَامَ فسقطتا من يَده فَانْكَسَرَتَا فَأوحى الله إِلَى مُوسَى اني أمسك السَّمَوَات وَالْأَرْض أَنْ تَزُولَا وَلَو نِمْتُ لزالتا قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَضِي الله عَنهُ هَذَا أشبه أَن يكون هُوَ الْمَحْفُوظ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي كتاب السّنة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَن بني إِسْرَائِيل قَالُوا لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: هَل ينَام رَبنَا إِلَخ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِذا أتيت سُلْطَانا مهيباً تخَاف أَن يَسْطُو عَلَيْك فَقل: الله أكبر الله أعز من خلقه جَمِيعًا الله أعز مِمَّا أَخَاف وَأحذر أعوذ بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الممسك السَّمَوَات السَّبع أَن يقعن على الأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ من شَرّ عَبدك فلَان وَجُنُوده وَأَتْبَاعه وأشياعه من الْجِنّ والإِنس اللَّهُمَّ كن لي جاراً من شرهم جلّ ثناؤك وَعز جَارك وتبارك اسْمك وَلَا إِلَه غَيْرك ثَلَاث مَرَّات وَأخرج ابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن العَبْد إِذا دخل بَيته وَأَوَى إِلَى فرَاشه ابتدره ملكه وشيطانه يَقُول شَيْطَانه: اختم بشر وَيَقُول الْملك: اختم بِخَير فَإِن ذكر الله وَحده طرد الْملك الشَّيْطَان وظل يكلؤه وَإِن هُوَ انتبه من مَنَامه ابتدره ملكه وشيطانه يَقُول لَهُ الشَّيْطَان: افْتَحْ بشر وَيَقُول الْملك: افْتَحْ بِخَير فَإِن هُوَ قَالَ الْحَمد لله الَّذِي رد إليَّ نَفسِي بعد مَوتهَا وَلم يمتها فِي منامها الْحَمد لله الَّذِي {يمسك السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا وَلَئِن زالتا إِن أمسكهما من أحد من بعده إِنَّه كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي (يمسك السَّمَاء أَن تقع على الأَرْض إِلَّا بِإِذْنِهِ إِن الله بِالنَّاسِ لرؤوف رَحِيم) (الْحَج الْآيَة 56) قَالَ: فَإِن خرج من فرَاشه فَمَاتَ كَانَ شَهِيدا وَإِن قَامَ يُصَلِّي صلّى) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق أبي مَالك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الأَرْض على حوت

والسلسلة على أذن الْحُوت فِي يَد الله تَعَالَى فَذَلِك قَوْله {إِن الله يمسك السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا} قَالَ: من مكانهما وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة أَن كَعْبًا كَانَ يَقُول: إِن السَّمَاء تَدور على نصب مثل نصب الرحا فَقَالَ حُذَيْفَة بن الْيَمَان: كذب كَعْب {إِن الله يمسك السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن شَقِيق قَالَ: قيل لِابْنِ مَسْعُود إِن كَعْبًا يَقُول: إِن السَّمَاء تَدور فِي قُطْبَة مثل قُطْبَة الرحا فِي عَمُود على منْكب ملك فَقَالَ: كذب كَعْب {إِن الله يمسك السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا} وَكفى بهَا زوالا أَن تَدور من آيَة 42 - 45

42

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هِلَال أَنه بلغه أَن قُريْشًا كَانَت تَقول: إِن الله بعث منا نَبيا مَا كَانَت أمة من الْأُمَم أطوع لخالقها وَلَا أسمع لنبيها وَلَا أَشد تمسكاً بكتابها منا فَأنْزل الله (لَو أَن عندنَا ذكرا من الْأَوَّلين) (الصِّفَات 168) (وَلَو أَنا أنزل علينا الْكتاب لَكنا أهْدى مِنْهُم) (الْأَنْعَام 157) {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَئِن جَاءَهُم نَذِير لَيَكُونن أهْدى من إِحْدَى الْأُمَم}

وَكَانَت الْيَهُود تستفتح بِهِ على الْأَنْصَار فَيَقُولُونَ: إِنَّا نجد نَبيا يخرج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَلَمَّا جَاءَهُم نَذِير} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {مَا زادهم إِلَّا نفوراً استكباراً فِي الأَرْض ومكر السيء} وَهُوَ الشّرك {وَلَا يَحِيق الْمَكْر السيء إِلَّا بأَهْله} أَي الشّرك {فَهَل ينظرُونَ إِلَّا سنة الأوّلين} قَالَ: عُقُوبَة الْأَوَّلين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم} قَالَ: قُرَيْش {لَيَكُونن أهْدى من إِحْدَى الْأُمَم} قَالَ: أهل الْكتاب وَفِي قَوْله تَعَالَى {ومكر السيء} قَالَ: الشّرك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: ثَلَاث من فعلهن لم ينج حَتَّى ينزل بِهِ من مكر أَو بغي أَو نكث ثمَّ قَرَأَ {وَلَا يَحِيق الْمَكْر السيء إِلَّا بأَهْله} يَا أَيهَا النَّاس إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم {يُونُس} وَمن نكث فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه {الْفَتْح} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سُفْيَان عَن أبي زَكَرِيَّا الْكُوفِي عَن رجل حَدثهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إيَّاكُمْ وَالْمَكْر السيء فَإِنَّهُ {وَلَا يَحِيق الْمَكْر السيء إِلَّا بأَهْله} وَلَهُم من الله طَالب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فَهَل ينظرُونَ إِلَّا سنة الْأَوَّلين} قَالَ: هَل ينظرُونَ إِلَّا أَن يصيبهم من الْعَذَاب مثل مَا أصَاب الْأَوَّلين من الْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَمَا كَانَ الله ليعجزه} قَالَ: لن يفوتهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَو يُؤَاخذ الله النَّاس} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن كَانَ الْجعل ليعذب فِي جُحْره من ذَنْب ابْن آدم ثمَّ قَرَأَ {وَلَو يُؤَاخذ الله النَّاس بِمَا كسبوا مَا ترك على ظهرهَا من دَابَّة} وَالله أعلم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (36) سُورَة يس مَكِّيَّة وآياتها ثَلَاث وَثَمَانُونَ مُقَدّمَة سُورَة يس أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة يس بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت سُورَة يس بِمَكَّة وَأخرج الدَّارمِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لكل شَيْء قلبا وقلب الْقلب (يس) وَمن قَرَأَ (يس) كتب الله لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَة الْقُرْآن عشر مَرَّات وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لكل شَيْء قلبا وقلب الْقُرْآن (يس) وَأخرج الدَّارمِيّ وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ (يس) فِي لَيْلَة ابْتِغَاء وَجه الله غفر الله لَهُ تِلْكَ اللَّيْلَة وَأخرج ابْن حبَان عَن جُنْدُب بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ (يس) فِي لَيْلَة ابْتِغَاء وَجه الله غفر لَهُ وَأخرج الدَّارمِيّ عَن الْحسن قَالَ: من قَرَأَ (يس) فِي لَيْلَة ابْتِغَاء وَجه الله غفر لَهُ وَقَالَ: بَلغنِي أَنَّهَا تعدل الْقُرْآن كُله وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَمُحَمّد بن نصر وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن معقل بن يسَار أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يس قلب الْقُرْآن لَا يَقْرَأها عبد يُرِيد الله وَالدَّار الْآخِرَة إِلَّا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه فاقرأوها على مَوْتَاكُم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ عَن حسان بن عَطِيَّة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:

سُورَة (يس) تدعى فِي التَّوْرَاة (المعمة) تعم صَاحبهَا بِخَير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وتكابد عَنهُ بلوى الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وتدفع عَنهُ أهاويل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وتدعى (المدافعة القاضية) تدفع عَن صَاحبهَا كل سوء وتقضي لَهُ كل حَاجَة من قَرَأَهَا عدلت لَهُ عشْرين حجَّة وَمن سَمعهَا عدلت لَهُ ألف دِينَار فِي سَبِيل الله وَمن كتبهَا ثمَّ شربهَا أدخلت جَوْفه ألف دَوَاء وَألف نور وَألف يَقِين وَألف بركَة وَألف رَحْمَة ونزعت عَنهُ كل غل وداء قَالَ الْبَيْهَقِيّ تفرد بِهِ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الجدعاني عَن سُلَيْمَان بن رفاع الجندي وَهُوَ مُنكر وَأخرج الْخَطِيب من حَدِيث أنس مثله وَأخرج الْخَطِيب عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سمع سُورَة (يس) عدلت لَهُ عشْرين دِينَارا فِي سَبِيل الله وَمن قَرَأَهَا عدلت لَهُ عشْرين حجَّة وَمن كتبهَا وشربها أدخلت جَوْفه ألف يَقِين وَألف نور وَألف بركَة وَألف رَحْمَة وَألف رزق ونزعت مِنْهُ كل غل وداء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ أَبُو بَرزَة: من قَرَأَ (يس) مرّة فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن عشر مَرَّات وَقَالَ أَبُو سعيد: من قَرَأَ (يس) مرّة فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن مرَّتَيْنِ قَالَ أَبُو بَرزَة: تحدث أَنْت بِمَا سَمِعت وأحدث أَنا بِمَا سَمِعت وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَوَدِدْت أَنَّهَا فِي قلب كل إِنْسَان من أمتِي يَعْنِي (يس) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من داوم على قِرَاءَة (يس) كل ليله ثمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدا وَأخرج الدَّارمِيّ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ (يس) فِي صدر النَّهَار قضيت حَوَائِجه وَأخرج الدَّارمِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من قَرَأَ يس حِين يصبح أعْطى يسر يَوْمه حَتَّى يُمْسِي وَمن قَرَأَهَا فِي صدر ليله أعْطى يسر ليله حَتَّى يصبح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من ميت يقْرَأ عِنْده (يس) إِلَّا هون الله عَلَيْهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي فَضَائِل الْقُرْآن والديلمي من حَدِيث أبي ذَر مثله

وَأخرج ابْن سعد وَأحمد فِي مُسْنده عَن صَفْوَان بن عَمْرو قَالَ: كَانَت المشيخة يَقُولُونَ: إِذا قَرَأت (يس) عِنْد الْمَيِّت خفف عَنهُ بهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي قلَابَة قَالَ: من قَرَأَ (يس) غفر لَهُ وَمن قَرَأَهَا عِنْد طَعَام خَافَ قلته كَفاهُ وَمن قَرَأَهَا عِنْد ميت هون عَلَيْهِ وَمن قَرَأَهَا عِنْد امْرَأَة عسر عَلَيْهَا وَلَدهَا يسر عَلَيْهَا وَمن قَرَأَهَا فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن إِحْدَى عشرَة مرّة وَلكُل شَيْء قلب وقلب الْقُرْآن (يس) قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَكَذَا نقل إِلَيْنَا عَن أبي قلَابَة وَهُوَ من كبار التَّابِعين وَلَا يَقُول ذَلِك إِن صَحَّ عَنهُ إِلَّا بلاغا وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: من وجد فِي قلبه قسوة فليكتب (يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم) فِي جَام من زعفران ثمَّ يشربه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق سماك بن حَرْب عَن رجل من أهل الْمَدِينَة عَمَّن صلى خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغَدَاة فَقَرَأَ (بقاف وَالْقُرْآن الْمجِيد) (سُورَة ق الْآيَة 1) و (يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم) (سُورَة يس الْآيَة 1) وَأخرج ابْن مردوية عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ (يس) فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن عشر مَرَّات وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لكل شَيْء قلب وقلب الْقُرْآن (يس) وَمن قَرَأَ (يس) فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن عشر مَرَّات وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأنس مثله وَأخرج ابْن سعد عَن عمار بن يَاسر أَنه كَانَ يقْرَأ كل يَوْم جُمُعَة على الْمِنْبَر (يس) وَأخرج مُحَمَّد بن عُثْمَان وَابْن أبي شيبَة فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن خريم بن فاتك قَالَ: خرجت فِي طلب ابل لي وَكُنَّا إِذا نزلنَا بواد نقُول: نَعُوذ بعزيز هَذَا الْوَادي فتوسدت نَاقَة وَقلت: أعوذ بعزيز هَذَا الْوَادي فَإِذا هَاتِف يَهْتِف بِي وَيَقُول: وَيحك عذ بِاللَّه ذِي الْجلَال منزل الْحَرَام والحلال ووحد الله وَلَا تبالي مَا كيد ذَا الْجِنّ من الْأَهْوَال إِذْ يذكر الله على الأميال وَفِي سهول الأَرْض وَالْجِبَال وَصَارَ كيد الْجِنّ فِي سفال إِلَّا التقى وَصَالح الْأَعْمَال

فَقلت لَهُ: أَيهَا الْقَائِل مَا تَقول أرشد عنْدك أم تضليل فَقَالَ: هَذَا رَسُول الله ذَا الْخيرَات جَاءَ بياسين وحاميمات وسور بعد مفصلات يَأْمر بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة ويزجر الأقوام عَن هَنَات فَذَاك فِي الْأَنَام نكرات فَقلت لَهُ: من أَنْت قَالَ: ملك من مُلُوك الْجِنّ بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على جن نجد قلت: أما كَانَ لي من يُؤَدِّي إبلي هَذِه إِلَى أَهلِي لآتيه حَتَّى أسلم قَالَ: فَأَنا أؤديها فركبت بَعِيرًا مِنْهَا ثمَّ تقدّمت فَإِذا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: مَا فعل الرجل الَّذِي ضمن لَك أَن يُؤَدِّي إبلك أما أَنه قد أَدَّاهَا سَالِمَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الصُّبْح ب {يس} وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من زار قبر وَالِديهِ أَو أَحدهمَا فِي كل جُمُعَة فَقَرَأَ عِنْدهَا (يس) غفر الله لَهُ بِعَدَد كل حرف مِنْهَا وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الْإِبَانَة وَحسنه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْقُرْآن لسورة تدعى الْعَظِيمَة عِنْد الله يدعى صَاحبهَا الشريف عِنْد الله يشفع صَاحبهَا يَوْم الْقِيَامَة فِي أَكثر من ربيعَة وَمُضر وَهِي سُورَة {يس} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب يَا رَسُول الله إِن الْقُرْآن ينفلت من صَدْرِي فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أعلمك كَلِمَات ينفعك الله بِهن وينفع من عَلمته قَالَ: نعم بِأبي أَنْت وَأمي قَالَ: صل لَيْلَة الْجُمُعَة أَربع رَكْعَات تقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى بِفَاتِحَة الْكتاب وَيس وَفِي الثَّانِيَة بِفَاتِحَة الْكتاب (وحم) الدُّخان وَفِي الثَّالِثَة بِفَاتِحَة الْكتاب (والم تَنْزِيل) السَّجْدَة وَفِي الرَّابِعَة بِفَاتِحَة الْكتاب (وتبارك) الْمفصل فَإِذا فرغت من التَّشَهُّد فاحمد الله وأثن عَلَيْهِ وصل على النَّبِيين واستغفر للْمُؤْمِنين ثمَّ قل: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بترك الْمعاصِي أبدا مَا أبقيتني وارحمني مَا لَا أتكلف مَا لَا

يعنيني وارزقني حسن النّظر فِيمَا يرضيك عني وَأَسْأَلك أَن تنور بِالْكتاب بَصرِي وَتطلق بِهِ لساني وتفرج بِهِ عَن قلبِي وتشرح بِهِ صَدْرِي وتستعمل بِهِ بدني وتقويني على ذَلِك وتعينني عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُعِيننِي على الْخَيْر غَيْرك وَلَا يوفق لَهُ إِلَّا أَنْت فافعل ذَلِك ثَلَاث جمع أَو خمْسا أَو سبعا تحفظه بِإِذن الله وَمَا أَخطَأ مُؤمنا قطّ فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد سبع جمع فَأخْبرهُ بحفظه الْقُرْآن والْحَدِيث فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُؤمن وَرب الْكَعْبَة علم أَبَا حسن علم أَبَا حسن الْآيَات 1 - 11

يس

أخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن عَبَّاس قَالَ {يس} مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي لفظ قَالَ: يَا مُحَمَّد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة فِي قَوْله {يس} قَالَ: يَا مُحَمَّد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يس} قَالَ: يَا إِنْسَان وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَعِكْرِمَة وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يس} قَالَ: يَا إِنْسَان بالحبشية

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَشهب قَالَ: سَأَلت مَالك بن أنس أينبغي لَاحَدَّ أَن يتسمى بيس فَقَالَ: مَا أرَاهُ يَنْبَغِي لقَوْله {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم} يَقُول: هَذَا اسْمِي تسميت بِهِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله الله {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم} قَالَ: يقسم الله بِمَا يَشَاء ثمَّ نزع بِهَذِهِ الْآيَة {سَلام على آل ياسين} الصافات 130 كَأَنَّهُ يرى أَنه سلم على رَسُوله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يحيى بن أبي كثير فِي قَوْله {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم} قَالَ: يقسم بِأَلف عَالم {إِنَّك لمن الْمُرْسلين} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب الْأَحْبَار فِي قَوْله {يس} قَالَ: هَذَا قسم أقسم بِهِ رَبك قَالَ يَا مُحَمَّد إِنَّك لمن الْمُرْسلين قبل أَن اخلق الْخلق بألفي عَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم إِنَّك لمن الْمُرْسلين} قَالَ: اقْسمْ كَمَا تَسْمَعُونَ أَنه {لمن الْمُرْسلين على صِرَاط مُسْتَقِيم} أَي على الإِسلام {تَنْزِيل الْعَزِيز الرَّحِيم} قَالَ: هُوَ الْقُرْآن {لتنذر قوما مَا أنذر آباؤهم} قَالَ: قُرَيْش لم يَأْتِ الْعَرَب رَسُول قبل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَأْتهمْ وَلَا آبَاءَهُم رَسُول قبله وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة {لتنذر قوما مَا أنذر آباؤهم} قَالَ بَعضهم {لتنذر قوما مَا أنذر آباؤهم} مَا أنذر النَّاس من قبلهم وَقَالَ بَعضهم {لتنذر قوما مَا أنذر آباؤهم} أَي هَذِه الْأمة لم يَأْتهمْ نَذِير حَتَّى جَاءَهُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد حق القَوْل على أَكْثَرهم} قَالَ: سبق فِي علمه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمَسْجِد فيجهر بِالْقِرَاءَةِ حَتَّى تأذّى بِهِ نَاس من قُرَيْش حَتَّى قَامُوا ليأخذوه وَإِذا أَيْديهم مَجْمُوعَة إِلَى أَعْنَاقهم وَإِذا هم لَا يبصرون فجاؤا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: ننشدك الله وَالرحم يَا مُحَمَّد وَلم يكن بطن من بطُون قُرَيْش إِلَّا وَلِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم قرَابَة فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى ذهب ذَلِك عَنْهُم فَنزلت {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم}

إِلَى قَوْله {أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ} قَالَ: فَلم يُؤمن من ذَلِك النَّفر أحد وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ أَبُو جهل: لَئِن رَأَيْت مُحَمَّدًا لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَن فَنزلت {إِنَّا جعلنَا فِي أَعْنَاقهم أغلالاً} إِلَى قَوْله {لَا يبصرون} فَكَانُوا يَقُولُونَ: هَذَا مُحَمَّد فَيَقُول: أَيْن هُوَ أَيْن هُوَ لَا يبصره وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق السّديّ الصَّغِير عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سداً} قَالَ: كفار قُرَيْش غطاء {فأغشيناهم} يَقُول: ألبسنا أَبْصَارهم {فهم لَا يبصرون} النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيؤذونه وَذَلِكَ أَن نَاسا من بني مَخْزُوم تواطؤا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليقتلوه مِنْهُم أَبُو جهل والوليد بن الْمُغيرَة فَبينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم يُصَلِّي يسمعُونَ قِرَاءَته فأرسلوا إِلَيْهِ الْوَلِيد ليَقْتُلهُ فَانْطَلق حَتَّى أَتَى الْمَكَان الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ فَجعل يسمع قِرَاءَته وَلَا يرَاهُ فَانْصَرف إِلَيْهِم فأعلمهم ذَلِك فَأتوهُ فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى الْمَكَان الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ سمعُوا قِرَاءَته فيذهبون إِلَيْهِ فيسمعون أَيْضا من خَلفهم فانصرفوا وَلم يَجدوا إِلَيْهِ سَبِيلا فَذَلِك قَوْله {وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سداً وَمن خَلفهم سداً} وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: اجْتمع قُرَيْش وَفِيهِمْ أَبُو جهل على بَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا على بَابه: ان مُحَمَّدًا يزْعم أَنكُمْ ان بايعتموه على أمره كُنْتُم مُلُوك الْعَرَب والعجم وبعثتم من بعد موتكم فَجعلت لكم نَار تحرقون فِيهَا فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخذ حفْنَة من تُرَاب فِي يَده قَالَ: نعم أَقُول ذَلِك وَأَنت أحدهم وَأخذ الله على أَبْصَارهم فَلَا يرونه فَجعل ينثر ذَلِك التُّرَاب على رؤوسهم وَهُوَ يَتْلُو هَذِه الْآيَات {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم} إِلَى قَوْله {فأغشيناهم فهم لَا يبصرون} حَتَّى فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هَؤُلَاءِ الْآيَات فَلم يبْق رجل إِلَّا وضع على رَأسه تُرَابا فَوضع كل رجل مِنْهُم يَده على رَأسه وَإِذا عَلَيْهِ تُرَاب فَقَالُوا: لقد كَانَ صدقنا الَّذِي حَدثنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ {الأغلال} مَا بَين الصَّدْر إِلَى الذقن {فهم مقمحون} كَمَا تقمح الدَّابَّة باللجام وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله

عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ {إِنَّا جعلنَا فِي أَعْنَاقهم أغلالاً} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مقمحون} قَالَ: مَجْمُوعَة أَيْديهم إِلَى أَعْنَاقهم تَحت الذقن وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {مقمحون} قَالَ المقمح: الشامخ بِأَنْفِهِ المنكس بِرَأْسِهِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: وَنحن على جوانبها قعُود نغض الطّرف كالإِبل القماح وَأخرج الخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّا جعلنَا فِي أَعْنَاقهم أغلالاً} قَالَ: الْبُخْل أمسك الله أَيْديهم عَن النَّفَقَة فِي سَبِيل الله {فهم لَا يبصرون} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّا جعلنَا فِي أَعْنَاقهم أغلالاً} قَالَ: فِي بعض الْقرَاءَات إِنَّا جعلنَا فِي أَيْمَانهم أغلالاً فَهِيَ إِلَى الأذقان فهم مقمحون) قَالَ: مغلولون عَن كل خير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فهم مقمحون} قَالَ: رافعوا رؤوسهم وأيديهم مَوْضُوعَة على أَفْوَاههم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سداً وَمن خَلفهم سداً بِرَفْع السِّين فيهمَا {فأغشيناهم} بالغين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اجْتمعت قُرَيْش بِبَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينتظرون خُرُوجه ليؤذوه فشق ذَلِك عَلَيْهِ فَأَتَاهُ جِبْرِيل بِسُورَة {يس} وَأمره بِالْخرُوجِ عَلَيْهِم فَأخذ كفا من تُرَاب وَخرج وَهُوَ يقرأوها ويذر التُّرَاب على رؤوسهم فَمَا رَأَوْهُ حَتَّى جَازَ فَجعل أحدهم يلمس رَأسه فيجد التُّرَاب وَجَاء بَعضهم فَقَالَ: مَا يجلسكم قَالُوا: نَنْتَظِر مُحَمَّدًا فَقَالَ: لقد رَأَيْته دَاخِلا الْمَسْجِد قَالُوا: قومُوا فقد سحركم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: اجْتمعت قُرَيْش فبعثوا عتبَة بن ربيعَة فَقَالُوا: أئتِ هَذَا الرجل فَقل لَهُ إِن قَوْمك يَقُولُونَ: إِنَّك جِئْت بأمرٍ عَظِيم وَلم يكن عَلَيْهِ آبَاؤُنَا وَلَا يتبعك عَلَيْهِ أَحْلَامنَا وَإنَّك إِنَّمَا صنعت هَذَا إِنَّك ذُو حَاجَة

فَإِن كنت تُرِيدُ المَال فَإِن قَوْمك سيجمعون لَك ويعطونك فدع مَا تُرِيدُ وَعَلَيْك بِمَا كَانَ عَلَيْهِ آباؤك فَانْطَلق إِلَيْهِ عتبَة فَقَالَ لَهُ: الَّذِي أَمرُوهُ فَلَمَّا فرغ من قَوْله وَسكت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم حم تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم) (فصلت 1 - 2) فَقَرَأَ عَلَيْهِ من أَولهَا حَتَّى بلغ (فَإِن أَعرضُوا فَقل أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَة مثل صَاعِقَة عَاد وَثَمُود) (فصلت 13) فَرجع عتبَة فَأخْبرهُم الْخَبَر فَقَالَ: لقد كلمني بِكَلَام مَا هُوَ بِشعر وَلَا بِسحر وَإنَّهُ لكَلَام عَجِيب مَا هُوَ بِكَلَام النَّاس فوقعوا بِهِ وَقَالُوا نَذْهَب إِلَيْهِ بأجمعنا فَلَمَّا أَرَادوا ذَلِك طلع عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعمدهم حَتَّى قَامَ على رؤوسهم وَقَالَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم} حَتَّى بلغ {إِنَّا جعلنَا فِي أَعْنَاقهم أغلالاً} فَضرب الله بِأَيْدِيهِم على أَعْنَاقهم فَجعل من بَين أَيْديهم سداً وَمن خَلفهم سداً فَأخذ تُرَابا فَجعله على رؤوسهم ثمَّ انْصَرف عَنْهُم وَلَا يَدْرُونَ مَا صنع بهم فعجبوا وَقَالُوا: مَا رَأينَا أحدا قطّ أَسحر مِنْهُ أنظروا مَا صنع بِنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أئتمر نَاس من قُرَيْش بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليسطوا عَلَيْهِ فجاؤا يُرِيدُونَ ذَلِك فَجعل الله {من بَين أَيْديهم سداً} قَالَ: ظلمَة {وَمن خَلفهم سداً} قَالَ: ظلمَة {فأغشيناهم فهم لَا يبصرون} قَالَ: فَلم يبصروا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ نَاس من الْمُشْركين من قُرَيْش يَقُول بَعضهم لبَعض: لَو قد رَأَيْت مُحَمَّدًا لفَعَلت بِهِ كَذَا وَكَذَا فَأَتَاهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم فِي حَلقَة فِي الْمَسْجِد فَوقف عَلَيْهِم فَقَرَأَ {يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم} حَتَّى بلغ {لَا يبصرون} ثمَّ أَخذ تُرَابا فَجعل يذره على رؤوسهم فَمَا يرفع إِلَيْهِ رجل طرفه وَلَا يتَكَلَّم كلمة ثمَّ جَاوز النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعلُوا يَنْفضونَ التُّرَاب عَن رؤوسهم ولحاهم وَالله مَا سمعنَا وَالله مَا أبصرنا وَالله مَا عقلنا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سداً وَمن خَلفهم سداً} قَالَ: عَن الْحق {فهم} يَتَرَدَّدُونَ {فأغشيناهم فهم لَا يبصرون} هدى وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: جعل هَذَا السد

بَينهم وَبَين الإِسلام والإِيمان فَلم يخلصوا إِلَيْهِ وَقَرَأَ {وَسَوَاء عَلَيْهِم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لَا يُؤمنُونَ} من مَنعه الله لَا يَسْتَطِيع وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ من بَين أَيْديهم سداً وَمن خَلفهم سداً بِنصب السِّين وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَنه قَرَأَ {فأغشيناهم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّمَا تنذر من اتبع الذّكر} قَالَ: اتِّبَاع الذّكر اتِّبَاع الْقُرْآن {وخشي الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} قَالَ: خشِي عَذَاب الله وناره {فبشره بمغفرة وَأجر كريم} قَالَ: الْجنَّة الْآيَة 12

12

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ بَنو سَلمَة فِي نَاحيَة من الْمَدِينَة فأرادوا أَن يَنْتَقِلُوا إِلَى قرب الْمَسْجِد فَأنْزل الله {إِنَّا نَحن نحيي الْمَوْتَى ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم} فَدَعَاهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّه يكْتب آثَاركُم ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِم الْآيَة فتركوا وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ {إِنَّا نَحن نحيي الْمَوْتَى ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم} قَالَ: الخطا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت الْأَنْصَار مَنَازِلهمْ بعيدَة من الْمَسْجِد فأرادوا أَن يَنْتَقِلُوا قَرِيبا من الْمَسْجِد فَنزلت {ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم} فَقَالُوا: بل نمكث مَكَاننَا وَأخرج مُسلم وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: إِن بني سَلمَة أَرَادوا أَن يبيعوا دِيَارهمْ ويتحولوا قَرِيبا من الْمَسْجِد فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا بني سَلمَة دِيَاركُمْ نكتب آثَاركُم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: أَرَادَ بَنو سَلمَة أَن يبيعوا دُورهمْ ويتحوّلوا قريب الْمَسْجِد فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكره أَن تعرى الْمَدِينَة فَقَالَ يَا بني سَلمَة أما تحبون أَن تكْتب آثَاركُم إِلَى الْمَسْجِد قَالُوا: بلَى فأقاموا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم} قَالَ: هَذَا فِي الخطو يَوْم الْجُمُعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أُبيّ بن كَعْب قَالَ: كَانَ رجل مَا يعلم من أهل الْمَدِينَة مِمَّن يُصَلِّي الْقبْلَة أبعد منزلا مِنْهُ من الْمَسْجِد فَكَانَ يشْهد الصَّلَاة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقيل لَهُ لَو اشْتريت حمارا تركبه فِي الرمضاء والظلمات فَقَالَ وَالله مَا يسرني أَن منزلي بلصق الْمَسْجِد فَأخْبر بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: يَا رَسُول الله كَيْمَا يكْتب أثري وخطاي ورجوعي إِلَى أَهلِي وإقبالي وإدباري فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعْطَاك الله ذَلِك كُله وأعطاك مَا احتسبت أجمع وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من حِين يخرج أحدكُم من منزله إِلَى منزل رجل يكْتب لَهُ حَسَنَة ويحط عَنهُ سَيِّئَة) وَأخرج عبد بن حميد عَن مَسْرُوق قَالَ: مَا خطا رجل خطْوَة إِلَّا كتب الله لَهُ حَسَنَة أَو سَيِّئَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْأَبْعَد فالأبعد من الْمَسْجِد أعظم أجرا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {ونكتب مَا قدمُوا} قَالَ: أَعْمَالهم {وآثارهم} قَالَ: خطاهم بأرجلهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: لَو كَانَ مغفلاً شَيْئا من أثر ابْن آدم لأغفل هَذَا الْأَثر الَّتِي تعفها الرِّيَاح وَلَكِن أحْصر على ابْن آدم أَثَره وَعَمله كُله حَتَّى أحصى هَذَا الْأَثر فِيمَا هُوَ فِي طَاعَة الله أَو مَعْصِيَته فَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن يكْتب أَثَره فِي طَاعَة الله فَلْيفْعَل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم} قَالَ: مَا سنوا من سنة فعملوا بهَا من بعد مَوْتهمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ونكتب مَا قدمُوا} قَالَ: مَا قدمُوا من خير {وآثارهم} قَالَ: مَا أورثوا من الضَّلَالَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جرير بن عبد الله البَجلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سنّ سنة حَسَنَة فَلهُ أجرهَا وَأجر من عمل بهَا من بعده من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْء وَمن سنّ سنة سَيِّئَة كَانَ عَلَيْهِ وزرها ووزر من عمل بهَا من بعده لَا ينقص من أوزارهم شَيْء ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {ونكتب مَا قدمُوا وآثارهم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وكل شَيْء أحصيناه فِي إِمَام مُبين} قَالَ: أم الْكتاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وكل شَيْء أحصيناه فِي إِمَام مُبين} قَالَ: كل شَيْء من امام عِنْد الله مَحْفُوظ يَعْنِي فِي كتاب وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ {وكل شَيْء أحصيناه فِي إِمَام مُبين} قَالَ: كتاب الْآيَات 13 - 27

13

أخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَاضْرِبْ لَهُم مثلا أَصْحَاب الْقرْيَة} قَالَ: هِيَ انطاكية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بُرَيْدَة {أَصْحَاب الْقرْيَة} قَالَ: انطاكية وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَصْحَاب الْقرْيَة إِذْ جاءها المُرْسَلُونَ} قَالَ: انطاكية وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَصْحَاب الْقرْيَة إِذْ جاءها المُرْسَلُونَ} قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا قَرْيَة من قرى الرّوم بعث عِيسَى بن مَرْيَم إِلَيْهَا رجلَيْنِ فكذبوهما وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام بَينه وَبَين عِيسَى ألف سنة وَتِسْعمِائَة سنة وَلم يكن بَينهمَا وانه أرسل بَينهمَا ألف نَبِي من بني إِسْرَائِيل ثمَّ من أرسل من غَيرهم وَكَانَ بَين مِيلَاد عِيسَى وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَمْسمِائَة سنة وتسع وَسِتُّونَ

سنة بعث فِي أَولهَا ثَلَاثَة أَنْبيَاء وَهُوَ قَوْله {إِذْ أرسلنَا إِلَيْهِم اثْنَيْنِ فكذبوهما فعززنا بثالث} وَالَّذِي عززبه: شَمْعُون وَكَانَ من الحواريين وَكَانَت الفترة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا رَسُول أَرْبَعمِائَة سنة وَأَرْبَعَة وَثَلَاثِينَ سنة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ أرسلنَا إِلَيْهِم اثْنَيْنِ} قَالَ: بَلغنِي أَن عِيسَى بن مَرْيَم بعث إِلَى أهل الْقرْيَة - وَهِي انطاكية - رجلَيْنِ من الحواريين واتبعهم بثالث وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ أرسلنَا إِلَيْهِم اثْنَيْنِ فكذبوهما فعززنا بثالث} قَالَ: لكَي تكون عَلَيْهِم الْحجَّة أَشد فَأتوا أهل الْقرْيَة فدعوهم إِلَى الله وَحده وعبادته لَا شريك لَهُ فكذبوهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شُعَيْب الجبائي قَالَ: اسْم الرسولين اللَّذين قَالَا {إِذْ أرسلنَا إِلَيْهِم اثْنَيْنِ} شَمْعُون ويوحنا وَاسم (الثَّالِث) بولص وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فعززنا بثالث} مُخَفّفَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ أرسلنَا إِلَيْهِم اثْنَيْنِ} قَالَ: اسْم الثَّالِث الَّذِي عزز بِهِ سمعون بن يوحنا وَالثَّالِث بولص فزعموا أَن الثَّلَاثَة قتلوا جَمِيعًا وَجَاء حبيب وَهُوَ يكتم إيمَانه {قَالَ يَا قوم اتبعُوا الْمُرْسلين} فَلَمَّا رَأَوْهُ أعلن بإيمانه فَقَالَ {إِنِّي آمَنت بربكم فاسمعون} وَكَانَ نجاراً ألقوه فِي بِئْر وَهِي الرس وهم أَصْحَاب الرس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَالُوا إِنَّا تطيرنا بكم} قَالَ: يَقُولُونَ إِن أَصَابَنَا شَرّ فَإِنَّمَا هُوَ من أجلكم {لَئِن لم تنتهوا لنرجمنكم} بِالْحِجَارَةِ {قَالُوا طائركم مَعكُمْ} أَي أَعمالكُم مَعكُمْ {أئن ذكرْتُمْ} يَقُول: ائن ذكرناكم بِاللَّه تطيرتم بِنَا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لنرجمنكم} قَالَ: لنشتمنكم قَالَ وَالرَّجم فِي الْقُرْآن كُله الشتم وَفِي قَوْله {طائركم مَعكُمْ أئن ذكرْتُمْ} يَقُول: مَا كتب عَلَيْكُم وَاقع بكم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {طائركم مَعكُمْ} قَالَ: شؤمكم مَعكُمْ وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيي بن وثاب أَنه قَرَأَهَا أئن ذكرْتُمْ بالخفض وَقرأَهَا زر بن حُبَيْش أَن ذكرْتُمْ بِالنّصب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَجَاء من أقْصَى الْمَدِينَة رجل يسْعَى} قَالَ: هُوَ حبيب النجار وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مجلز قَالَ: كَانَ اسْم صَاحب (يس) حبيب بن مري وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اسْم صَاحب (يس) حبيب وَكَانَ الجذام قد أسْرع فِيهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَجَاء من أقْصَى الْمَدِينَة رجل يسْعَى} قَالَ: بَلغنِي أَنه رجل كَانَ يعبد الله فِي غَار واسْمه حبيب فَسمع بهؤلاء النفرالذين أرسلهم عِيسَى إِلَى أهل انطاكية فَجَاءَهُمْ فَقَالَ: تسْأَلُون أجرا فَقَالُوا: لَا فَقَالَ لِقَوْمِهِ {يَا قوم اتبعُوا الْمُرْسلين اتبعُوا من لَا يسألكم أجرا وهم مهتدون} حَتَّى بلغ {فاسمعون} قَالَ: فرجموه بِالْحِجَارَةِ فَجعل يَقُول: رب اهد قومِي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ {بِمَا غفر لي رَبِّي} حَتَّى بلغ {إِن كَانَت إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة} قَالَ: فَمَا نُوظِرُوا بعد قَتلهمْ إِيَّاه حَتَّى أخذتهم {صَيْحَة وَاحِدَة فَإِذا هم خامدون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الحكم فِي قَوْله {وَجَاء من أقْصَى الْمَدِينَة رجل يسْعَى} قَالَ: بلغنَا أَنه كَانَ قصاراً وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَجَاء من أقْصَى الْمَدِينَة رجل} كَانَ حراثاً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن كَعْب أَن ابْن عَبَّاس سَأَلَهُ عَن أَصْحَاب الرس فَقَالَ: إِنَّكُم معشر الْعَرَب تدعون الْبِئْر رساً وتدعون الْقَبْر رساً فخدوا خدوداً فِي الأَرْض وأوقدوا فِيهَا النيرَان للرسل الَّذين ذكر الله فِي {يس} {إِذْ أرسلنَا إِلَيْهِم اثْنَيْنِ فكذبوهما فعززنا بثالث}

وَكَانَ الله تَعَالَى إِذا جمع لعبد النُّبُوَّة والرسالة مَنعه من النَّاس وَكَانَت الْأَنْبِيَاء تقتل فَلَمَّا سمع بذلك رجل من أقْصَى الْمَدِينَة وَمَا يُرَاد بالرسل أقبل يسْعَى ليدركهم فيشهدهم على إيمَانه فَأقبل على قومه فَقَالَ {يَا قوم اتبعُوا الْمُرْسلين} إِلَى قَوْله {لفي ضلال مُبين} ثمَّ أقبل على الرُّسُل فَقَالَ {إِنِّي آمَنت بربكم فاسمعون} ليشهدهم على إيمَانه فأُخِذَ فَقُذِفَ فِي النَّار فَقَالَ الله تَعَالَى {ادخل الْجنَّة} قَالَ {يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ بِمَا غفر لي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكرمين} وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما قَالَ صَاحب (يس) {يَا قوم اتبعُوا الْمُرْسلين} خنقوه ليَمُوت فَالْتَفت إِلَى الْأَنْبِيَاء فَقَالَ {إِنِّي آمَنت بربكم فاسمعون} أَي فَاشْهَدُوا لي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قيل ادخل الْجنَّة} قَالَ: وَجَبت لَهُ الْجنَّة {قَالَ يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ} قَالَ: هَذَا حِين رأى الثَّوَاب الْآيَات 28 - 29

28

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَمَا أنزلنَا على قومه} قَالَ: مَا استعنت عَلَيْهِم جنداً من السَّمَاء وَلَا من الأَرْض وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن سِيرِين قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود إِن كَانَت إِلَّا رتقة وَاحِدَة وَفِي قراءتنا {إِن كَانَت إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {فَإِذا هم خامدون} قَالَ: ميتون وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: السَّبق ثَلَاثَة فَالسَّابِق إِلَى مُوسَى يُوشَع بن نون وَالسَّابِق إِلَى عِيسَى صَاحب يس وَالسَّابِق إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بن أبي طَالب وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق صَدَقَة الْقرشِي عَن رجل قَالَ: قَالَ رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَبُو بكر الصّديق خير أهل الأَرْض إِلَّا أَن يكون نَبِي وَإِلَّا مُؤمن آل ياسين وَإِلَّا مُؤمن آل فِرْعَوْن وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر: ثَلَاثَة مَا كفرُوا بِاللَّه قطّ مُؤمن آل ياسين وَعلي بن أبي طَالب وآسية امْرَأَة فِرْعَوْن وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الصديقون ثَلَاثَة حزقيل مُؤمن آل فِرْعَوْن وحبِيب النجار صَاحب آل ياسين وَعلي بن أبي طَالب وَأخرج أَبُو دَاوُد وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر والديلمي عَن أبي ليلى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الصديقون ثَلَاثَة حبيب النجار مُؤمن آل ياسين الَّذِي قَالَ {يَا قوم اتبعُوا الْمُرْسلين} وحزقيل مُؤمن آل فِرْعَوْن الَّذِي قَالَ (أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله) (غَافِر الْآيَة 28) وَعلي بن أبي طَالب وَهُوَ أفضلهم وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: قدم عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ اسْتَأْذن ليرْجع إِلَى قومه فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهُم قاتلوك قَالَ: لَو وَجَدُونِي نَائِما مَا أيقظوني فَرجع إِلَيْهِم فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسلام فعصوه وأسمعوه من الْأَذَى فَلَمَّا طلع الْفجْر قَامَ على غرفَة فَأذن بِالصَّلَاةِ وَتشهد فَرَمَاهُ رجل من ثَقِيف بِسَهْم فَقتله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بلغه قَتله: مثل عُرْوَة مثل صَاحب يس دَعَا قومه إِلَى الله فَقَتَلُوهُ) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث ابْن شُعْبَة مَوْصُولا نَحوه وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث عُرْوَة بن مَسْعُود إِلَى الطَّائِف إِلَى قومه ثَقِيف فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسلام فَرَمَاهُ رجل بِسَهْم فَقتله فَقَالَ: مَا أشبهه بِصَاحِب (يس) وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ: شبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثَة نفر من أمته قَالَ دحْيَة الْكَلْبِيّ يشبه جِبْرِيل وَعُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ يشبه عِيسَى بن مَرْيَم وَعبد الْعُزَّى يشبه الدَّجَّال) الْآيَة 30

30

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا حسرة على الْعباد} يَقُول: يَا ويلاً للعباد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ {يَا حسرة على الْعباد} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {يَا حسرة على الْعباد} قَالَ: كَانَ حسرة عَلَيْهِم استهزاؤهم بالرسل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَا حسرة على الْعباد} يَا حسرة الْعباد على أَنْفسهَا على مَا ضيعت من أَمر الله وفرطت فِي جنب الله تَعَالَى قَالَ: وَفِي بعض الْقِرَاءَة يَا حسرة الْعباد على أَنْفسهَا مَا يَأْتِيهم من رَسُول وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا حسرة على الْعباد} قَالَ: الندامة على الْعباد الَّذين {وَمَا يَأْتِيهم من رَسُول إِلَّا كَانُوا بِهِ يستهزؤون} يَقُول: الندامة عَلَيْهِم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَا حسرة على الْعباد} قَالَ: يَا حسرة لَهُم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هَارُون قَالَ: فِي حرف أبيّ بن كَعْب يَا حسرة على الْعباد مَا يَأْتِيهم من رَسُول إِلَّا كَانُوا بِهِ يستهزؤن الْآيَات 31 - 34

31

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله

{ألم يرَوا كم أهلكنا قبلهم من الْقُرُون أَنهم إِلَيْهِم لَا يرجعُونَ} قَالَ: عادا وثمودا وقروناً بَين ذَلِك كثيرا {وَإِن كل لما جَمِيع لدينا محضرون} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق هَارُون عَن الْأَعْرَج وَأبي عَمْرو فِي قَوْله {أَنهم إِلَيْهِم لَا يرجعُونَ} قَالَا: لَيْسَ فِي مُدَّة اخْتِلَاف هَذَا من رُجُوع الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي إِسْحَق قَالَ: قيل لِابْنِ عَبَّاس أَن نَاسا يَزْعمُونَ أَن عليا مَبْعُوث قبل يَوْم الْقِيَامَة فَسكت سَاعَة ثمَّ قَالَ: بئس الْقَوْم نَحن إِن كُنَّا أَنْكَحنَا نِسَاءَهُ واقتسمنا مِيرَاثه أما تقرأون {ألم يرَوا كم أهلكنا قبلهم من الْقُرُون أَنهم إِلَيْهِم لَا يرجعُونَ} آيَة 35

35

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {وَمَا عملته أَيْديهم} قَالَ: وجدوه مَعْمُولا لم تعمله أَيْديهم يَعْنِي الْفُرَات ودجلة ونهر بَلخ وأشباهها {أَفلا يشكرون} لهَذَا وَالله أعلم آيَة 36

36

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {سُبْحَانَ الَّذِي خلق الْأزْوَاج كلهَا} قَالَ: الْأَصْنَاف كلهَا الْمَلَائِكَة زوج والإِنس زوج وَالْجِنّ زوج وَمَا تنْبت الأَرْض زوج وكل صنف من الطير زوج ثمَّ فسر فَقَالَ {مِمَّا تنْبت الأَرْض وَمن أنفسهم وَمِمَّا لَا يعلمُونَ} الرّوح لَا يُعلمهُ الْمَلَائِكَة وَلَا خلق الله وَلم يطلع على الرّوح أحد وَقَوله {وَمِمَّا لَا يعلمُونَ} لَا يعلم الْمَلَائِكَة وَلَا غَيرهَا آيَة 37

37

أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَآيَة لَهُم اللَّيْل نسلخ مِنْهُ النَّهَار} قَالَ: يخرج أَحدهمَا من الآخر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَآيَة لَهُم اللَّيْل نسلخ مِنْهُ النَّهَار} قَالَ: كَقَوْلِه (يولج اللَّيْل فِي النَّهَار ويولج النَّهَار فِي اللَّيْل) (الْحَج الْآيَة 61) آيَة 38

38

أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي ذَر قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد عِنْد غرُوب الشَّمْس فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر أَتَدْرِي أَيْن تغرب الشَّمْس قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِنَّهَا تذْهب حَتَّى تسْجد تَحت الْعَرْش فَذَلِك قَوْله {وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا} قَالَ: مستقرها تَحت الْعَرْش وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله {وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا} قَالَ: مستقرها تَحت الْعَرْش وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي ذَر قَالَ: دخلت الْمَسْجِد حِين غَابَتْ الشَّمْس وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس فَقَالَ يَا أَبَا ذَر أَتَدْرِي أَيْن تذْهب هَذِه قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِنَّهَا تذْهب حَتَّى تسْجد بَين يَدي رَبهَا فَتَسْتَأْذِن فِي الرُّجُوع فَيَأْذَن لَهَا وَكَأَنَّهَا قيل لَهَا اطلعِي من حَيْثُ جِئْت فَتَطلع من مغْرِبهَا ثمَّ قَرَأَ وَذَلِكَ مستقرٍ لَهَا قَالَ: وَذَلِكَ قِرَاءَة عبد الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن عمر فِي الْآيَة قَالَ {لمستقر لَهَا} أَن تطلع فتردها ذنُوب بني آدم فَإِذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فَيُؤذن لَهَا حَتَّى إِذا غربت سلمت فَلَا يُؤذن لَهَا فَتَقول: إِن السّير بعيد وَإِنِّي لم يُؤذن لي لَا أبلغ فتحبس مَا شَاءَ الله أَن تحبس ثمَّ يُقَال اطلعِي من حَيْثُ غربت قَالَ: فَمن يومئذٍ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة (لَا ينفع نفسا إيمَانهَا) (الْأَنْعَام 158) وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأحمد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ وَالشَّمْس تجْرِي لمستقرٍ لَهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لَو أَن الشَّمْس تجْرِي مجْرى وَاحِدًا من أهل الأَرْض فيخشى مِنْهَا وَلكنهَا تحلق فِي الصَّيف وتعترض فِي الشتَاء فَلَو أَنَّهَا طلعت مطْلعهَا فِي الشتَاء فِي الصَّيف لأنضجهم الْحر وَلَو أَنَّهَا طلعت فِي الصَّيف لقطعهم الْبرد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي رَاشد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا} قَالَ: مَوضِع سجودها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا} قَالَ: لوَقْتهَا ولأجلٍ لَا تعدوه آيَة 39

39

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالْقَمَر قدرناه منَازِل} الْآيَة قَالَ: قدره الله منَازِل فَجعل ينقص حَتَّى كَانَ مثل عذق النَّخْلَة فشبهه بذلك وَأخرج الْخَطِيب فِي كتب النُّجُوم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالْقَمَر قدرناه منَازِل حَتَّى عَاد كالعرجون الْقَدِيم} قَالَ: فِي ثَمَانِيَة وَعشْرين منزلا ينزلها الْقَمَر فِي شهر أَرْبَعَة عشر مِنْهَا شامية وَأَرْبَعَة عشر مِنْهَا يَمَانِية فأولها السرطين والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك وَهُوَ آخر الشامية وَالْعَقْرَب والزبابين والاكليل وَالْقلب والشولة والنعائم والبلدة وَسعد الذَّابِح وَسعد بلع وَسعد السُّعُود وَسعد الأخبية ومقدم الدَّلْو ومؤخر الدَّلْو والحوت وَهُوَ آخر اليمانية فَإِذا سَار هَذِه الثَّمَانِية وَالْعِشْرين منزلا {عَاد كالعرجون الْقَدِيم} كَمَا كَانَ فِي أول الشَّهْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {كالعرجون الْقَدِيم} يَعْنِي أصل العذق الْقَدِيم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كالعرجون الْقَدِيم} قَالَ: عرجون النّخل الْيَابِس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كالعرجون الْقَدِيم} قَالَ: هُوَ عذق النَّخْلَة الْيَابِس المنحني وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كالعرجون الْقَدِيم} قَالَ: كعذق النَّخْلَة إِذا قدم فَانْحنى وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن بن الْوَلِيد قَالَ: أعتق رجل كل غُلَام لَهُ عَتيق قديم فَسئلَ يَعْقُوب فَقَالَ: من كَانَ لسنة فَهُوَ حر قَالَ الله {حَتَّى عَاد كالعرجون الْقَدِيم} وَكَانَ لسنة آيَة 40

40

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَن تدْرك الْقَمَر} قَالَ: لَا يشبه ضوء أَحدهمَا ضوء الآخر وَلَا يَنْبَغِي لَهما ذَلِك وَذَلِكَ {وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} قَالَ: يتطالبان حثيثين يسلخ أَحدهمَا من الآخر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَن تدْرك الْقَمَر وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} قَالَ: لكل حد وَعلم لَا يعدوه وَلَا يقصر دونه إِذا جَاءَ سُلْطَان هَذَا ذهب سُلْطَان هَذَا وَإِذا جَاءَ سُلْطَان هَذَا ذهب سُلْطَان هَذَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَن تدْرك الْقَمَر} قَالَ: ذَاك لَيْلَة الْهلَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن] [فِي قَوْله {لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَن تدْرك الْقَمَر وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} قَالَ: لكل وَاحِد مِنْهُمَا سُلْطَان للقمر سُلْطَان بِاللَّيْلِ وللشمس سُلْطَان بِالنَّهَارِ فَلَا يَنْبَغِي للشمس أَن تطلع بِاللَّيْلِ وَقَوله

{وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} يَقُول: لَا يَنْبَغِي إِذا كَانَ ليل أَن يكون ليل آخر حَتَّى يكون النَّهَار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} قَالَ: لَا يذهب اللَّيْل من هَهُنَا حَتَّى يَجِيء النَّهَار من هَهُنَا وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمشرق وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} قَالَ: فِي قَضَاء الله وَعلمه أَن لَا يفوت اللَّيْل النَّهَار حَتَّى يُدْرِكهُ فتذهب ظلمته وَفِي قَضَاء الله وَعلمه أَن لَا يفوت النَّهَار اللَّيْل حَتَّى يُدْرِكهُ فَيذْهب بضوئه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا الشَّمْس يَنْبَغِي لَهَا أَن تدْرك الْقَمَر وَلَا اللَّيْل سَابق النَّهَار} قَالَ: لَا يدْرك هَذَا ضوء هَذَا وَلَا هَذَا ضوء هَذَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: لَا يسْبق هَذَا ضوء هَذَا وَلَا هَذَا ضوء هَذَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: لَا يَعْلُو هَذَا ضوء هَذَا وَلَا هَذَا على هَذَا الْآيَات 41 - 48

41

أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَآيَة لَهُم أَنا حملنَا ذُرِّيتهمْ فِي الْفلك المشحون} قَالَ: سفينة نوح عَلَيْهِ السَّلَام حمل فِيهَا من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ {وخلقنا لَهُم من مثله مَا يركبون} قَالَ: السفن الَّتِي فِي البحور والأنهار الَّتِي يركب النَّاس فِيهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح فِي قَوْله {حملنَا ذُرِّيتهمْ فِي الْفلك المشحون} قَالَ: سفينة نوح {وخلقنا لَهُم من مثله مَا يركبون} قَالَ: هَذِه السفن مثل خشبها وصنعتها وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ {وخلقنا لَهُم من مثله مَا يركبون} قَالَ: هِيَ السفن جعلت من بعد سفينة نوح على مثلهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وخلقنا لَهُم من مثله مَا يركبون} قَالَ: يَعْنِي السفن الصغار وَقَالَ: الْحسن رَضِي الله عَنهُ: هِيَ الإِبل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وخلقنا لَهُم من مثله مَا يركبون} يَعْنِي الإِبل خلقهَا الله تَعَالَى كَمَا رَأَيْت فَهِيَ سفن الْبر يحملون عَلَيْهَا ويركبونها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وخلقنا لَهُم من مثله مَا يركبون} قَالَا: الإِبل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وخلقنا لَهُم من مثله مَا يركبون} قَالَ: الْأَنْعَام وَفِي قَوْله {وَإِن نَشأ نغرقهم فَلَا صريخ لَهُم} لَا مغيث لَهُم يستغيثون بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَلَا صريخ لَهُم} قَالَ: لَا مغيث لَهُم وَفِي قَوْله {ومتاعاً إِلَى حِين} قَالَ: إِلَى الْمَوْت وَفِي قَوْله {وَإِذا قيل لَهُم اتَّقوا مَا بَين أَيْدِيكُم} قَالَ: من الوقائع الَّتِي قد خلت فِيمَن كَانَ قبلكُمْ والعقوبات الَّتِي أَصَابَت عادا وثموداً والأمم {وَمَا خلفكم} قَالَ: من أَمر السَّاعَة وَفِي قَوْله {وَإِذا قيل لَهُم أَنْفقُوا من مَا رزقكم الله} قَالَ: نزلت فِي الزَّنَادِقَة كَانُوا لَا يطْعمُون فَقِيرا فعاب الله ذَلِك عَلَيْهِ وعيّرهم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذا قيل لَهُم اتَّقوا مَا بَين أَيْدِيكُم وَمَا خلفكم} قَالَ مَا مضى وَمَا بَقِي من الذُّنُوب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أنطعم من لَو يَشَاء الله أطْعمهُ} قَالَ: الْيَهُود تَقوله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِسْمَعِيل عَن أبي خَالِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أنطعم من لَو يَشَاء الله أطْعمهُ} قَالَ: يهود تَقوله الْآيَات 49 - 50

49

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا ينظرُونَ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة تأخذهم وهم يخصمون} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: تهيج السَّاعَة النَّاس وَالرجل يسْقِي مَاشِيَته وَالرجل يصلح حَوْضه وَالرجل يُقيم سلْعَته فِي سوقه وَالرجل يخْفض مِيزَانه وَيَرْفَعهُ فتهيج بهم وهم كَذَلِك {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ توصية وَلَا إِلَى أهلهم يرجعُونَ} قَالَ: اعجلوا عَن ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا ينظرُونَ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة تأخذهم وهم يخصمون} قَالَ: هَذَا مُبْتَدأ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهم يخصمون} قَالَ: يَتَكَلَّمُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر قَالَ: لينفخن فِي الصُّور وَالنَّاس فِي طرقهم وأسواقهم ومجالسهم حَتَّى أَن الثَّوْب ليَكُون بَين الرجلَيْن يتساومان فَمَا يُرْسِلهُ أَحدهمَا من يَده حَتَّى ينْفخ فِي الصُّور فيصعق بِهِ وَهِي الَّتِي قَالَ الله {مَا ينظرُونَ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة تأخذهم وهم يخصمون فَلَا يَسْتَطِيعُونَ توصية وَلَا إِلَى أهلهم يرجعُونَ}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: تقوم السَّاعَة وَالنَّاس فِي أسواقهم يتبايعون ويذرعون الثِّيَاب ويحلبون اللقَاح وَفِي حوائجهم {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ توصية وَلَا إِلَى أهلهم يرجعُونَ} وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن الزبير بن العوّام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن السَّاعَة تقوم وَالرجل يذرع الثَّوْب وَالرجل يحلب النَّاقة ثمَّ قَرَأَ {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ توصيةً} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لتقومن السَّاعَة وَقد نشر الرّجلَانِ ثوبهما بَينهمَا فَلَا يتبايعانه وَلَا يطويانه وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَهُوَ يليط حَوْضه فَلَا يسْقِي فِيهِ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد انْصَرف الرجل بِلَبن لقحته فَلَا يطعمهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد رفع أَكلته إِلَى فَمه فَلَا يطْعمهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تأخذهم وهم يخصمون} قَالَ: تذرهم فِي أسواقهم وطرقهم {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ توصية} قَالَ: لَا يُوصي بَعضهم إِلَى بعض وَالله أعلم الْآيَات 51 - 54

51

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَنفخ فِي الصُّور فَإِذا هم من الأجداث} قَالَ: النفخة الْأَخِيرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا

{فَإِذا هم من الأجداث} يَعْنِي من الْقُبُور {إِلَى رَبهم يَنْسلونَ} قَالَ: يخرجُون وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {من الأجداث} قَالَ: الْقُبُور قَالَ: هَل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عبد الله بن رَوَاحَة: حينا يَقُولُونَ اذ مروا على جدثي أرشده يَا رب من غاز وَقد رشدا قَالَ أَخْبرنِي عَن قَوْله {إِلَى رَبهم يَنْسلونَ} قَالَ: النَّسْل الْمَشْي الخبب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بن جعدة وَهُوَ يَقُول: عملان الذَّنب أَمْشِي فاريا يرد اللَّيْل عَلَيْهِ فنسل وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن أُبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ينامون نومَة قبل الْبَعْث فيجدون لذَلِك رَاحَة فَيَقُولُونَ {يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من بعثنَا من مرقدنا} قَالَ: ينامون قبل الْبَعْث نومَة وَأخرج هناد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن مُجَاهِد قَالَ: للْكَافِرِ هجعة يَجدونَ فِيهَا طعم النّوم قبل يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا صِيحَ بِأَهْل الْقُبُور يَقُول الْكَافِر {يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} فَيَقُول الْمُؤمن إِلَى جنبه {هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن وَصدق المُرْسَلُونَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: يَقُول الْمُشْركُونَ {يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} فَيَقُول الْمُؤمن {هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن وَصدق المُرْسَلُونَ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} قَالَ: أَولهَا للْكفَّار وَآخِرهَا للْمُسلمين قَالَ الْكفَّار {يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} وَقَالَ الْمُسلمُونَ {هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن وَصدق المُرْسَلُونَ}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن الْعَذَاب يُخَفف عَنْهُم مَا بَين النفختين فَلَمَّا كَانَت النفخة الثَّانِيَة قَالُوا {يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: ينامون قبل الْبَعْث نومَة فَإِذا بعثوا قَالَ الْكفَّار {يَا ويلنا من بعثنَا من مرقدنا} قَالَ: فتجيبهم الْمَلَائِكَة {هَذَا مَا وعد الرَّحْمَن وَصدق المُرْسَلُونَ} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَإِذا هم جَمِيع لدينا محضرون} قَالَ: عِنْد الْحساب الْآيَات 55 - 56

55

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن أَصْحَاب الْجنَّة الْيَوْم فِي شغل فاكهون} قَالَ: يعْجبُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن أَصْحَاب الْجنَّة الْيَوْم فِي شغل فاكهون} قَالَ: شغلهمْ النَّعيم عَمَّا فِيهِ أهل النَّار من الْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فِي شغل فاكهون} قَالَ: فِي افتضاض الْأَبْكَار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن أَصْحَاب الْجنَّة الْيَوْم فِي شغل فاكهون} قَالَ: شغلهمْ افتضاض العذارى وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَقَتَادَة مثله وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن

الْمُؤمن كلما أَرَادَ زَوْجَة وجدهَا عذراء وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أهل الْجنَّة إِذا جامعوا نِسَاءَهُمْ عَادوا أَبْكَارًا وَأخرج الْمَقْدِسِي فِي صفة الْجنَّة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه سُئِلَ أنطؤ فِي الْجنَّة قَالَ: نعم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ دحماً دحماً فَإِذا قَامَ عَنْهَا رجعت مطهرة بكرا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فِي شغل فاكهون} قَالَ: ضرب الأوتار قَالَ أَبُو حَاتِم: هَذَا خطأ من السّمع إِنَّمَا هُوَ افتضاض الْأَبْكَار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأزواجهم} قَالَ: حلائلهم الْآيَة 57

57

أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة بِسَنَد جيد عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الرجل من أهل الْجنَّة ليشتهي الشَّرَاب من شراب الْجنَّة فَيَجِيء إِلَيْهِ الابريق فَيَقَع فِي يَده فيشرب فَيَعُود إِلَى مَكَانَهُ الْآيَة 58

58

أخرج ابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَالْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم والآجري فِي الرُّؤْيَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَينا أهل الْجنَّة فِي نعيمهم إِذْ سَطَعَ لَهُم نور فَرفعُوا رؤوسهم فَإِذا الرب قد أشرف عَلَيْهِم من فَوْقهم فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الْجنَّة وَذَلِكَ قَول الله {سَلام قولا من رب رَحِيم}

قَالَ: فَينْظر إِلَيْهِم وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَلَا يلتفتوا إِلَى شَيْء من النَّعيم مَا داموا ينظرُونَ إِلَيْهِ حَتَّى يحتجب عَنْهُم وَيبقى نوره وبركته عَلَيْهِم فِي دِيَارهمْ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {سَلام قولا من رب رَحِيم} قَالَ: فَإِن الله هُوَ يسلم عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَلام قولا من رب رَحِيم} قَالَ: يسلم عَلَيْهِم عِنْد الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَلام قولا من رب رَحِيم} قَالَ: يَأْتِيهم تبَارك وَتَعَالَى فِي درجاتهم فَيسلم عَلَيْهِم فيردون عَلَيْهِ السَّلَام فَيَقُول سلوني فَيَقُولُونَ: مَا نَسْأَلك وَعزَّتك وجلالك لَو أَنَّك قسمت علينا رزق الثقلَيْن الْجِنّ والانس لأطعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولأخدمناهم وَلَا ينقصنا ذَلِك شَيْئا فَيَقُول: إِن لدي مزيداً فَيَقُول ذَلِك بِأَهْل كل دَرَجَة حَتَّى يَنْتَهِي ثمَّ يَأْتِيهم التحف من الله تحمله إِلَيْهِم الْمَلَائِكَة الْآيَة 59

59

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله النَّاس على تل رفيع ثمَّ نَادَى مُنَاد: امتازوا الْيَوْم أَيهَا المجرمون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن رواد بن الْجراح رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد: أَن ميزوا الْمُسلمين من الْمُجْرمين إِلَّا صَاحب الْأَهْوَاء يَعْنِي يتْرك صَاحب الْهوى مَعَ الْمُجْرمين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وامتازوا الْيَوْم أَيهَا المجرمون} فرق وَبكى وَقَالَ: مَا سمع النَّاس قطّ بنعت أَشد مِنْهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وامتازوا الْيَوْم أَيهَا المجرمون} قَالَ: عزلوا عَن كل خير

الْآيَات 60 - 64

60

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ألم أَعهد إِلَيْكُم} يَقُول: ألم أنهكم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَن لَا تعبدوا الشَّيْطَان} قَالَ: إِنَّمَا عِبَادَته طَاعَته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {جبلا كثيرا} قَالَ: خلقا كثيرا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ جبلا كثيرا بِكَسْر الْجِيم مثقلة اللَّام أفلم يَكُونُوا يعْقلُونَ بِالْيَاءِ وَأخرج عبد بن حميد عَن هُذَيْل رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ جبلا كثيرا) مُخَفّفَة وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ وَلَقَد أضلّ مِنْكُم جبلا مُخَفّفَة الْآيَة 65

65

أخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَاللَّفْظ لَهُ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الْيَوْم نختم على أَفْوَاههم} قَالَ كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضَحِك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه قَالَ: أَتَدْرُونَ مِمَّن ضحِكت قُلْنَا: لَا يَا رَسُول الله قَالَ: من مُخَاطبَة العَبْد ربه فَيَقُول: يَا رب ألم

تُجِرْنِي من الظُّلم فَيَقُول: بلَى فَيَقُول: إِنِّي لَا أُجِيز عليَّ إِلَّا شَاهدا مني فَيَقُول: كفى بِنَفْسِك عَلَيْك شَهِيدا وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبين شُهُودًا فيختم على فِيهِ وَيُقَال لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي فَتَنْطِق بِأَعْمَالِهِ ثمَّ يخلى بَينه وَبَين الْكَلَام فَيَقُول بعدا لَكِن وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كنت أُنَاضِل وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يلقى العَبْد ربه فَيَقُول الله: أَي قل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لَك الْخَيل والابل وأذرك ترأس وتربع فَيَقُول: بلَى أَي رب فَيَقُول: أفطنت أَنَّك ملاقي فَيَقُول: لَا فَيَقُول: فَإِنِّي أنساك كَمَا نسيتني ثمَّ يلقى الثَّانِي فَيَقُول: مثل ذَلِك ثمَّ يلقى الثَّالِث فَيَقُول لَهُ: مثل ذَلِك فَيَقُول: آمَنت بك وبكتابك وبرسولك وَصليت وَصمت وتصدقت ويثني بِخَير مَا اسْتَطَاعَ فَيَقُول: أَلا نبعث شاهدنا عَلَيْك فيفكر فِي نَفسه من الَّذِي يشْهد عليَّ فيختم على فِيهِ وَيُقَال لفخذه: انْطِقِي فَتَنْطِق فَخذه ولحمه وعظامه بِعَمَلِهِ مَا كَانَ ذَلِك يعْذر من نَفسه وَذَلِكَ بسخط الله عَلَيْهِ وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أول عظم من الإِنسان يتَكَلَّم يَوْم يخْتم على الأفواه فَخذه من الرجل الشمَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يدعى الْمُؤمن لِلْحسابِ يَوْم الْقِيَامَة فَيعرض عَلَيْهِ ربه عمله فِيمَا بَينه وَبَينه ليعترف فَيَقُول: أَي رب عملت عملت عملت فَيغْفر الله لَهُ ذنُوبه ويستره مِنْهَا قَالَ: فَمَا على الأَرْض خَلِيقَة يرى من تِلْكَ الذُّنُوب شَيْئا وتبدو حَسَنَاته فودَّ أَن النَّاس كلهم يرونها ويدعى الْكَافِر وَالْمُنَافِق لِلْحسابِ فَيعرض ربه عَلَيْهِ عمله فيجحد وَيَقُول: أَي رب وَعزَّتك لقد كتب عليّ هَذَا الْملك مَا لم أعمل فَيَقُول لَهُ الْملك: أما عملت كَذَا فِي يَوْم كَذَا فِي مَكَان كَذَا فَيَقُول: لَا وَعزَّتك أَي رب مَا عملته فَإِذا فعل ذَلِك ختم على فِيهِ فَأَنِّي أَحسب أول مَا ينْطق مِنْهُ لفخذه الْيُمْنَى ثمَّ تَلا {الْيَوْم نختم على أَفْوَاههم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن بسرة وَكَانَت

من الْمُهَاجِرَات قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عليكن بالتسبيح والتهليل وَالتَّقْدِيس وَلَا تغفلن واعقدن بالأنامل فَإِنَّهُنَّ مسؤولات ومستنطقات) وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُقَال للرجل يَوْم الْقِيَامَة: عملت كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: مَا عملته فيختم على فِيهِ وتنطق جوارحه فَيَقُول لجوارحه: أبعدكن الله مَا خَاصَمت إِلَّا فيكُن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أَسمَاء بن عبيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُؤْتى بِابْن آدم يَوْم الْقِيَامَة وَمَعَهُ جبل من صحف لكل سَاعَة صحيفَة فَيَقُول الْفَاجِر: وَعزَّتك لقد كتبُوا عليّ مَا لم أعمل فَعِنْدَ ذَلِك يخْتم على أَفْوَاههم وَيُؤذن لجوارحهم فِي الْكَلَام فَيكون أول مَا يتَكَلَّم من جوارح ابْن آدم فَخذه الْيُسْرَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {نختم على أَفْوَاههم} قَالَ: فَلَا يَتَكَلَّمُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَت خصومات وَكَلَام وَكَانَ هَذَا آخِره أَن ختم على أَفْوَاههم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أول مَا ينْطق من الإِنسان فَخذه الْيُمْنَى الْآيَات 66 - 67

66

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَو نشَاء لطمسنا على أَعينهم} قَالَ: أعميناهم وأضللناهم عَن الْهَدْي {فأنّى يبصرون} فَكيف يَهْتَدُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاستبقوا الصِّرَاط} قَالَ: الطَّرِيق {فأنّى يبصرون} وَقد طمسنا على أَعينهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَو نشَاء لمسخناهم} قَالَ: أهلكناهم {على مكانتهم} قَالَ: فِي مساكنهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو نشَاء لمسخناهم} يَقُول: لجعلناهم حِجَارَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وَلَو نشَاء لطمسنا} قَالَ: لَو شَاءَ الله لتركهم عميا يَتَرَدَّدُونَ {وَلَو نشَاء لمسخناهم على مكانتهم} قَالَ: لَو نشَاء لجعلناهم كسحاً لَا يقومُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمَا اسْتَطَاعُوا مضياً وَلَا يرجعُونَ} قَالَ: فَلم يستطيعوا أَن يتقدموا وَلَا يتأخروا الْآيَة 68

68

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمن نعمره ننكسه فِي الْخلق} قَالَ: هُوَ الْهَرم يتَغَيَّر سَمعه وبصره وقوته كَمَا رَأَيْت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن نعمره ننكسه فِي الْخلق} قَالَ: نرده إِلَى أرذل الْعُمر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله {وَمن نعمره ننكسه} قَالَ: ثَمَانِينَ سنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن نعمره} يَقُول: من نمد لَهُ فِي الْعُمر {ننكسه فِي الْخلق} كَيْلا يعلم من بعد علمٍ شَيْئا {الْحَج} يَعْنِي الْهَرم الْآيَات 69 - 70

69

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا علمناه الشّعْر} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا علمناه الشّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عصمه الله من ذَلِك {إِن هُوَ إِلَّا ذكر} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن {لينذر من كَانَ حَيا} قَالَ: حَيّ الْقلب حَيّ الْبَصَر {ويحق القَوْل على الْكَافرين} باعمالهم أَعمال السوء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَنه قيل لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا هَل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَمَثَّل بِشَيْء من الشّعْر قَالَت: كَانَ أبْغض الحَدِيث إِلَيْهِ غير أَنه كَانَ يتَمَثَّل بِبَيْت أخي بني قيس يَجْعَل أَخّرهُ أَوله وأوله آخِره وَيَقُول: ويأتيك من لم تزوّد بالأخبار فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: لَيْسَ هَكَذَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي وَالله مَا أَنا بشاعر وَلَا يَنْبَغِي لي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا استراب الْخَبَر تمثل بِبَيْت طرفه: ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَمَثَّل من الاشعار: ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم والمرزباني فِي مُعْجم الشُّعَرَاء عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتَمَثَّل بِهَذَا الْبَيْت: كفى بِالْإِسْلَامِ والشيب للمرء ناهياً فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: أشهد أَنَّك رَسُول الله مَا علمك الشّعْر وَمَا يَنْبَغِي لَك وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْعَبَّاس بن مرداس: أَرَأَيْت قَوْلك:

أصبح نَهْبي وَنهب العبيد بَين الْأَقْرَع وعيينة فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله مَا أَنْت بشاعر وَلَا راوية وَلَا يَنْبَغِي لَك إِنَّمَا قَالَ: بَين عُيَيْنَة والاقرع وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه بِسَنَد فِيهِ من يجهل حَاله عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيت شعر قطّ إِلَّا بَيْتا وَاحِدًا: يُقَال بِمَا نهوى يكن فلقا يُقَال لشَيْء كَانَ إِلَّا يُحَقّق قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: فَقل تحققاً لِئَلَّا يعربه فَيصير شعرًا وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا أُبَالِي مَا أتيت إِن أَنا شربت ترياقاً أَو تعلّقت تَمِيمَة أَو قلت الشّعْر من قبل نَفسِي وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لينذر من كَانَ حَيا} قَالَ: عَاقِلا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن نَوْفَل بن عقرب قَالَ: سَأَلت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا هَل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتسامع عِنْده الشّعْر قَالَت: كَانَ أبْغض الحَدِيث إِلَيْهِ الْآيَات 71 - 76

71

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مِمَّا عملت أَيْدِينَا} قَالَ: من صنعتنا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله

عَنهُ فِي قَوْله {فهم لَهَا مالكون} قَالَ: ضابطون {وذللناها لَهُم فَمِنْهَا ركوبهم} يركبونها ويسافرون عَلَيْهَا {وَمِنْهَا يَأْكُلُون} لحومها {وَلَهُم فِيهَا مَنَافِع} قَالَ: يلبسُونَ أصوافها {ومشارب} يشربون أَلْبَانهَا {أَفلا يشكرون} وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي مصحف عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَمِنْهَا ركوبتهم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هَارُون رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي حرف أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فَمِنْهَا ركوبتهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن هَارُون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قِرَاءَة الْحسن والأعرج وَأبي عَمْرو والعامة {فَمِنْهَا ركوبهم} يَعْنِي ركوبتهم حمولتهم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاتَّخذُوا من دون الله آلِهَة} قَالَ: هِيَ الْأَصْنَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَعَلَّهُم ينْصرُونَ} قَالَ: يمْنَعُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصرهم} قَالَ: لَا تَسْتَطِيع الْآلهَة نَصرهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصرهم} قَالَ: نصر الْآلهَة وَلَا تَسْتَطِيع الْآلهَة نَصرهم {وهم لَهُم جند محضرون} قَالَ: الْمُشْركُونَ يغضبون للآلهة فِي الدُّنْيَا وَهِي لَا تَسوق إِلَيْهِم خيرا وَلَا تدفع عَنْهُم سوء إِنَّمَا هِيَ أصنام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهم لَهُم جند محضرون} قَالَ: هم لَهُم جند فِي الدُّنْيَا وهم {محضرون} فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {وهم لَهُم جند محضرون} لآلهتهم الَّتِي يعْبدُونَ يدْفَعُونَ عَنْهُم ويمنعونهم

الْآيَات 77 - 83

77

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والاسمعيلي فِي مُعْجَمه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ الْعَاصِ بن وَائِل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعظم حَائِل فَفتهُ بِيَدِهِ فَقَالَ يَا مُحَمَّد أَيُحْيِي الله هَذَا بعد مَا أرى قَالَ: نعم يبْعَث الله هَذَا ثمَّ يُمِيتك ثمَّ يُحْيِيك ثمَّ يدْخلك نَار جَهَنَّم فَنزلت الْآيَات من آخر يس {أَو لم ير الإِنسان أَنا خلقناه من نُطْفَة فَإِذا هُوَ خصيم مُبين} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ جَاءَ عبد الله بن أُبيّ وَفِي يَده عظم حَائِل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَسرهُ بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد كَيفَ يَبْعَثهُ الله وَهُوَ رَمِيم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبْعَث الله هَذَا ويميتك ثمَّ يدْخلك جَهَنَّم قَالَ الله {قل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أول مرّة وَهُوَ بِكُل خلق عليم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ أُبيّ بن خلف وَفِي يَده عظم حَائِل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَسرهُ بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد كَيفَ يَبْعَثهُ الله وَهُوَ رَمِيم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يبْعَث الله هَذَا ويميتك ثمَّ يدْخلك جَهَنَّم قَالَ الله {قل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أول مرّة وَهُوَ بِكُل خلق عليم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ أُبيّ بن خلف

الجُمَحِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعظم نخر فَقَالَ: أتعدنا يَا مُحَمَّد إِذا بليت عظامنا فَكَانَت رميماً أَن الله باعثنا خلقا جَدِيدا ثمَّ جعل يفت الْعظم ويذره فِي الرّيح فَيَقُول: يَا مُحَمَّد من يحيي هَذَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم يُمِيتك الله ثمَّ يُحْيِيك ويجعلك فِي جَهَنَّم وَنزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَضرب لنا مثلا وَنسي خلقه} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي مَالك قَالَ: جَاءَ أُبيّ بن خلف بِعظم نخرة فَجعل يفته بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من يحيي الْعِظَام وَهِي رَمِيم فَأنْزل الله {أَو لم ير الإِنسان أَنا خلقناه من نُطْفَة فَإِذا هُوَ خصيم مُبين} إِلَى قَوْله {وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أبي جهل بن هِشَام جَاءَ بِعظم حَائِل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فذراه فَقَالَ: من يحيي الْعِظَام وَهِي رَمِيم فَقَالَ الله: يَا مُحَمَّد {قل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أول مرّة وَهُوَ بِكُل خلق عليم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَضرب لنا مثلا} قَالَ: أُبيّ بن خلف جَاءَ بِعظم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أتعدنا انا إِذا متْنا فَكُنَّا مثل هَذَا الْعظم الْبَالِي فِي يَده فَفتهُ وَقَالَ: من يحيينا إِذا كُنَّا مثل هَذَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَضرب لنا مثلا} قَالَ: نزلت فِي أُبيّ بن خلف جَاءَ بِعظم نخر فَجعل يذره فِي الرّيح فَقَالَ: أنّى يحيي الله هَذَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم يحيي الله هَذَا وَيُدْخِلك النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَو لم ير الإِنسان أَنا خلقناه من نُطْفَة} قَالَ: نزلت فِي أُبيّ بن خلف أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ عظم قد دثر فَجعل يفته بَين أَصَابِعه وَيَقُول: يَا مُحَمَّد أَنْت الَّذِي تحدث أَن هَذَا سيحيا بعد مَا قد بلَى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم ليميتن الآخر ثمَّ ليحيينه ثمَّ ليدخلنه النَّار

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ أُبيّ بن خلف إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي يَده عظم حَائِل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أَنِّي يحيي الله هَذَا فَأنْزل الله {وَضرب لنا مثلا وَنسي خلقه} فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خلقهَا قبل أَن تكون أعجب من إحيائها وَقد كَانَت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أنزل الله على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن النَّاس يحاسبون بأعمالهم ومبعوثون يَوْم الْقِيَامَة أَنْكَرُوا ذَلِك انكاراً شَدِيدا فَعمد أُبيّ بن خلف إِلَى عظم حَائِل قد نخر فَفتهُ ثمَّ ذراه فِي الرّيح ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد إِذا بليت عظامنا إِنَّا لمبعوثون خلقا جَدِيدا فَوجدَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من استقباله اياه بالتكذيب والأذى فِي وَجهه وجدا شَدِيدا فَأنْزل الله على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أول مرّة} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الَّذِي جعل لكم من الشّجر الْأَخْضَر نَارا} يَقُول: الَّذِي أخرج هَذِه النَّار من هَذَا الشّجر قَادر على أَن يَبْعَثهُ وَفِي قَوْله {أَو لَيْسَ الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِقَادِر} قَالَ: هَذَا مثل قَوْله {إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} قَالَ: لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب أَهْون وَلَا أخف من ذَلِك فَأمر الله كَذَلِك

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (37) سُورَة الصافات مَكِّيَّة وآياتها ثِنْتَانِ وَثَمَانُونَ وَمِائَة مُقَدّمَة سُورَة الصافات أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الصافات بِمَكَّة وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرنَا بِالتَّخْفِيفِ ويؤمنا بالصافات وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَابْن النجار فِي تَارِيخه عَن نهشل بن سعيد الورداني عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ يس وَالصَّافَّات يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ سَأَلَ الله أعطَاهُ سؤله وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والسلفي فِي الطيوريات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قدم أهل حَضرمَوْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَنو وَلِيعَةَ حَمْزَة ومحرش ومشرح وأبصعة وأختهم العمردة وَفِيهِمْ الْأَشْعَث بن قيس وَهُوَ أَصْغَرهم فَقَالُوا: أَبيت اللَّعْن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لست ملكا أَنا مُحَمَّد بن عبد الله قَالُوا: نسميك بِاسْمِك قَالَ: لَكِن الله سماني وَأَنا أَبُو الْقَاسِم قَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم انا قد خبأنا لَك خبيئا فَمَا هُوَ ذَا كَانُوا خبؤا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَرَادَة فِي حمية سمن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُبْحَانَ الله إِنَّمَا يفعل هَذَا بالكاهن وَإِن الكاهن وَالْكهَانَة والتكهن فِي النَّار فَقَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ نعلم أَنَّك رَسُول الله فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفا من حَصى فَقَالَ: هَذَا يشْهد أَنِّي رَسُول الله فسبح الْحَصَى فِي يَده قَالُوا: نشْهد أَنَّك رَسُول الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الله بَعَثَنِي بِالْحَقِّ وَأنزل عَليّ كتابا لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه تَنْزِيل من حَكِيم حميد أثقل فِي الْمِيزَان من الْجَبَل الْعَظِيم وَفِي اللَّيْلَة الظلماء مثل نور الشهَاب قَالُوا: فأسمعنا مِنْهُ فَتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَالصَّافَّات صفا} حَتَّى بلغ {وَرب الْمَشَارِق}

ثمَّ سكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسكن روعه فَمَا يَتَحَرَّك مِنْهُ شَيْء ودموعه تجْرِي على لحيته فَقَالُوا: أَنا نرَاك تبْكي أَفَمَن مَخَافَة من أرسلك تبْكي قَالَ: إِن خَشْيَتِي مِنْهُ أبكتني بَعَثَنِي على صِرَاط مُسْتَقِيم فِي مثل حد السَّيْف إِن زِغْت عَنهُ هَلَكت ثمَّ تَلا (وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَينَا إِلَيْك) (الْإِسْرَاء 86) إِلَى آخر الْآيَة الْآيَات 1 - 5

الصافات

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {وَالصَّافَّات صفا} قَالَ: الْمَلَائِكَة {فالزاجرات زجرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة {فالتاليات ذكرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال فِي الصافات والمرسلات والنازعات هِيَ الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالصَّافَّات صفا فالزاجرات زجرا} قَالَ: هم الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فالزاجرات زجرا} قَالَ: مَا زجر الله عَنهُ فِي الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فالتاليات ذكرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة يجيؤن بِالْكتاب وَالْقُرْآن من عِنْد الله إِلَى النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالصَّافَّات صفا} قَالَ: الْمَلَائِكَة صُفُوف فِي السَّمَاء {فالزاجرات زجرا} قَالَ: مَا زجر الله عَنهُ فِي الْقُرْآن {فالتاليات ذكرا} قَالَ: مَا يُتْلَى فِي الْقُرْآن من أَخْبَار الْأُمَم السالفة {إِن إِلَهكُم لوَاحِد} قَالَ: وَقع الْقسم على هَذَا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَرب الْمَشَارِق} قَالَ: الْمَشَارِق ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ مشرقاً {والمغارب} ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ مغرباً فِي السّنة قَالَ والمشرقان مشرق الشتَاء ومشرق الصَّيف والمغربان مغرب الشتَاء ومغرب الصَّيف وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الْمَشَارِق} ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ مشرقاً {والمغارب} مثل ذَلِك تطلع الشَّمْس كل يَوْم من مشرق وتغرب فِي مغرب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَرب الْمَشَارِق} قَالَ: عدد أَيَّام السّنة كل يَوْم مطلع ومغرب من آيَة 6 - 10

6

أخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ (بزينة الْكَوَاكِب) منونة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي بكر بن عَيَّاش قَالَ: قَالَ عَاصِم رَضِي الله عَنهُ من قَرَأَهَا بزينة الْكَوَاكِب مُضَافا وَلم ينون فَلم يَجْعَلهَا زِينَة للسماء وَإِنَّمَا جعل الزِّينَة للكواكب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وحفظا} قَالَ: جعلناها حفظا {من كل شَيْطَان مارد لَا يسمعُونَ إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى} قَالَ: منعُوا بهَا يَعْنِي بالنجوم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ {لَا يسمعُونَ إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى} مُخَفّفَة وَقَالَ: إِنَّهُم كَانُوا يتسمعون وَلَكِن لَا يسمعُونَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا يسمعُونَ إِلَى الْمَلأ الْأَعْلَى}

قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويقذفون من كل جَانب} قَالَ: يرْمونَ من كل مَكَان {دحورا} قَالَ: مطر وَدين {وَلَهُم عَذَاب واصب} قَالَ: دَائِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ويقذفون من كل جَانب دحوراً} قَالَ: قذفا بِالشُّهُبِ {وَلَهُم عَذَاب واصب} قَالَ: دَائِم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {عَذَاب واصب} قَالَ: دَائِم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا من خطف الْخَطفَة} يَقُول: إِلَّا من اسْترق السّمع من أصوات الْمَلَائِكَة {فَأتبعهُ شهَاب} يَعْنِي الْكَوَاكِب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِذا رمي الشهَاب لم يخطء من رمى بِهِ وتلا {فَأتبعهُ شهَاب ثاقب} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَأتبعهُ شهَاب ثاقب} قَالَ: إِن الجني يَجِيء فيسترق فَإِذا سرق السّمع فَرمي بالشهاب قَالَ للَّذي يَلِيهِ: كَانَ كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد الرقاشِي فِي قَوْله {شهَاب ثاقب} قَالَ: يثقب الشَّيْطَان حَتَّى يخرج من الْجَانِب الآخر فَذكر ذَلِك لأبي مجلز رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: لَيْسَ ذَاك وَلَكِن ثقوبه ضوءه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {شهَاب ثاقب} قَالَ: ضوءه إِذا نقض فَأصَاب الشَّيْطَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ {الثاقب} المتوقد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة وَالْحسن فِي قَوْله {ثاقب} قَالَا: مضيء

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الثاقب} المحرق الْآيَات 11 - 21

11

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أهم أشدّ خلقا أم من خلقنَا} قَالَ: السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أم من خلقنَا} قَالَ: أم من عددنا عَلَيْك من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض قَالَ الله تَعَالَى (لخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض أكبر من خلق النَّاس) (غَافِر 57) وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ أهم أشدّ خلقا أم من عددنا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أم من خلقنَا} قَالَ: من الْأَمْوَات وَالْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {من طين لازب} قَالَ: ملتصق وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {من طين لازب} قَالَ: الملتزق قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت النَّابِغَة وَهُوَ يَقُول: فَلَا تحسبون الْخَيْر لَا شَرّ بعده وَلَا تحسبون الشَّرّ ضَرْبَة لازب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي

قَوْله {من طين لازب} قَالَ: اللزب الْجيد وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {من طين لازب} قَالَ: لازج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {من طين لازب} قَالَ: اللازب والحمأ والطين وَاحِد كَانَ أَوله تُرَابا ثمَّ صَار حمأ منتناً ثمَّ صَار طيناً لازباً فخلق الله مِنْهُ آدم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ اللازب الَّذِي يلزق بعضه إِلَى بعض وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اللازب الَّذِي يلزق بِالْيَدِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {طين لازب} قَالَ: لَازم منتن وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ بل عجبت ويسخرون بِالرَّفْع وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق الْأَعْمَش عَن شَقِيق بن سَلمَة عَن شُرَيْح رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ هَذِه الْآيَة بل عجبت ويسخرون بِالنّصب وَيَقُول إِن الله لَا يعجب من الشَّيْء إِنَّمَا يعجب من لَا يعلم قَالَ الْأَعْمَش: فَذكرت ذَلِك لإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: إِن شريحاً كَانَ معجباً بِرَأْيهِ وَعبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ كَانَ أعلم مِنْهُ كَانَ يَقْرَأها {بل عجبت} وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ {بل عجبت} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بل عجبت ويسخرون} قَالَ: عجبت من كتاب الله ووحيه {ويسخرون} بِمَا جِئْت بِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بل عجبت} قَالَ النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عجبت بِالْقُرْآنِ حِين أنزل ويسخر مِنْهُ ضلال بني آدم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بل عجبت} قَالَ: عجب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هَذَا الْقُرْآن حِين أعْطِيه وسخر مِنْهُ أهل الضَّلَالَة {ويسخرون} يَعْنِي أهل مَكَّة {وَإِذا ذكرُوا لَا يذكرُونَ} أَي لَا يَنْتَفِعُونَ وَلَا يبصرون {وَإِذا رَأَوْا آيَة يستسخرون} أَي يسخرون مِنْهُ ويستهزؤن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يستسخرون} قَالَ: يستهزؤن وَفِي قَوْله {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَة} قَالَ: صَيْحَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَة وَاحِدَة} قَالَ: نفخة وَاحِدَة وَهِي النفخة الْآخِرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هَذَا يَوْم الدّين} قَالَ: يدين الله فِيهِ الْعباد بأعمالهم {هَذَا يَوْم الْفَصْل} يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة الْآيَات 22 - 23

22

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} قَالَ: تَقول الْمَلَائِكَة للزبانية {احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَابْن منيع فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق النُّعْمَان بن بشير عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} قَالَ: أمثالهم الَّذين هم مثلهم يَجِيء أَصْحَاب الرِّبَا مَعَ أَصْحَاب الرِّبَا وَأَصْحَاب الزِّنَا مَعَ أَصْحَاب الزِّنَا وَأَصْحَاب الْخمر مَعَ أَصْحَاب الْخمر أَزوَاج فِي الْجنَّة وَأَزْوَاج فِي النَّار

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} قَالَ: أشباههم وَفِي لفظ نظراءهم وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة رَضِي الله عَنْهُمَا مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} قَالَ: أَزوَاجهم فِي الْأَعْمَال وَقَرَأَ (وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة) (الْوَاقِعَة 7) الْآيَة (فأصحاب الميمنة) (الْوَاقِعَة 8) زوج (وَأَصْحَاب المشئمة) (الْوَاقِعَة 9) زوج (وَالسَّابِقُونَ) (الْوَاقِعَة 10) زوج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} قَالَ: أمثالهم القتلة مَعَ القتلة والزناة مَعَ الزناة وأكلة الرِّبَا مَعَ أَكلَة الرِّبَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم} قَالَ: أشباههم من الْكفَّار مَعَ الْكفَّار {وَمَا كَانُوا يعْبدُونَ من دون الله} قَالَ: الْأَصْنَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فاهدوهم إِلَى صِرَاط الْجَحِيم} قَالَ: سوقوهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فاهدوهم} قَالَ: دلوهم {إِلَى صِرَاط الْجَحِيم} قَالَ: طَرِيق النَّار آيَة 24

24

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وقفوهم إِنَّهُم مسؤولون} قَالَ: احبسوهم إِنَّهُم محاسبون وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ والدارمي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من دَاع دَعَا إِلَى شَيْء إِلَّا كَانَ مَوْقُوفا يَوْم الْقِيَامَة لَازِما بِهِ لَا يُفَارِقهُ وَإِن دَعَا رجل

رجلا ثمَّ قَرَأَ {وقفوهم إِنَّهُم مسؤولون} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وقفوهم إِنَّهُم مسؤولون} قَالَ: يقفون يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يسْأَلُوا عَن أَعْمَالهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُثْمَان بن زَائِدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال أَن أول مَا يسْأَل عَنهُ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة عَن جُلَسَائِهِ الْآيَات 25 - 44

25

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا لكم لَا تناصرون} قَالَ: لَا تمانعون منا {بل هم الْيَوْم مستسلمون} مسخرون {وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون} أقبل بَعضهم يلوم بَعْضًا قَالَ: الضُّعَفَاء للَّذين استكبروا {إِنَّكُم كُنْتُم تأتوننا عَن الْيَمين} تقهروننا بِالْقُدْرَةِ [] عَلَيْكُم {قَالُوا بل لم تَكُونُوا مُؤمنين} فِي علم الله {وَمَا كَانَ لنا عَلَيْكُم من سُلْطَان بل كُنْتُم قوما طاغين} مُشْرِكين فِي علم الله {فَحق علينا قَول رَبنَا} فَوَجَبَ علينا قَضَاء رَبنَا لأَنا كُنَّا أذلاء وكنتم أعزة {فَإِنَّهُم يومئذٍ} قَالَ: كلهم {فِي الْعَذَاب مشتركون}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا لكم لَا تناصرون} قَالَ: لَا يدْفع بَعْضكُم بَعْضًا {بل هم الْيَوْم مستسلمون} فِي عَذَاب الله {وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون} قَالَ: الانس على الْجِنّ قَالَت الانس للجن {إِنَّكُم كُنْتُم تأتوننا عَن الْيَمين} قَالَ: من قبل الْخَيْر أفتهنونا عَنهُ قَالَت الْجِنّ للانس {بل كُنْتُم قوما طاغين فَحق علينا قَول رَبنَا} قَالَ: هَذَا قَول الْجِنّ {فأغويناكم إِنَّا كُنَّا غاوين} هَذَا قَول الشَّيَاطِين لضلال بني آدم {وَيَقُولُونَ أئنا لتاركوا آلِهَتنَا لشاعر مَجْنُون} يعنون مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {بل جَاءَ بِالْحَقِّ وَصدق الْمُرْسلين} أَي صدق من كَانَ قبله من الْمُرْسلين {إِنَّكُم لذائقوا الْعَذَاب الْأَلِيم وَمَا تُجْزونَ إِلَّا مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ إِلَّا عباد الله المخلصين} قَالَ: هَذِه ثنية الله {أُولَئِكَ لَهُم رزق مَعْلُوم} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَأَقْبل بَعضهم على بعض يتساءلون} قَالَ: ذَلِك إِذا بعثوا فِي النفخة الثَّانِيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كُنْتُم تأتوننا عَن الْيَمين} قَالَ: كَانُوا يأتونهم عِنْد كل خير ليصدوهم عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تأتوننا عَن الْيَمين} قَالَ: عَن الْحق الْكفَّار تَقوله للشياطين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لم تَكُونُوا مُؤمنين} قَالَ: لَو كُنْتُم مُؤمنين منعتم منا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فأغويناكم} قَالَ: الشَّيَاطِين تَقول {فأغويناكم} فِي الدُّنْيَا {إِنَّا كُنَّا غاوين} {فَإِنَّهُم يَوْمئِذٍ} وَمن أغووا فِي الدُّنْيَا {فِي الْعَذَاب مشتركون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِنَّهُم كَانُوا إِذا قيل لَهُم لَا إِلَه إِلَّا الله يَسْتَكْبِرُونَ} قَالَ: كَانُوا إِذا لم يُشْرك بِاللَّه يستنكفون {وَيَقُولُونَ أئنا لتاركوا آلِهَتنَا لشاعر مَجْنُون} لَا يعقل قَالَ: فَحكى الله صدقه فَقَالَ {بل جَاءَ بِالْحَقِّ وَصدق الْمُرْسلين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن

أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله فَمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فقد عصم مني مَاله وَنَفسه إِلَّا بِحقِّهِ وحسابه على الله وَأنزل الله فِي كِتَابه وَذكر قوما استكبروا فَقَالَ {إِنَّهُم كَانُوا إِذا قيل لَهُم لَا إِلَه إِلَّا الله يَسْتَكْبِرُونَ} وَقَالَ (إِذْ جعل الَّذين كفرُوا فِي قُلُوبهم الحمية حمية الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله سكينته على رَسُوله وعَلى الْمُؤمنِينَ وألزمهم كلمة التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَق بهَا وَأَهْلهَا) (الْفَتْح الْآيَة 26) وَهِي لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله استكبر عَنْهَا الْمُشْركُونَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة يَوْم كاتبهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قَضِيَّة الْهُدْنَة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ أَنه قيل لَهُ: أَلَيْسَ لَا إِلَه إِلَّا الله مِفْتَاح الْجنَّة قَالَ: بلَى وَلَكِن لَيْسَ من مِفْتَاح إِلَّا وَله أَسْنَان فَمن جَاءَ بِأَسْنَانِهِ فتح لَهُ وَمن لَا لم يفتح لَهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {إِلَّا عباد الله المخلصين} وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أُولَئِكَ لَهُم رزق مَعْلُوم} قَالَ: فِي الْجنَّة الْآيَات 45 - 49

45

أخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل كأس ذكره الله فِي الْقُرْآن إِنَّمَا عني بِهِ الْخمر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بكأس من معِين} قَالَ: كأس من خمر لم تعصر والمعين هِيَ الْجَارِيَة {لَا فِيهَا غول وَلَا هم عَنْهَا ينزفون} قَالَ: لَا تذْهب عُقُولهمْ وَلَا تصدع رؤوسهم وَلَا توجع بطونهم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {بكأس من معِين} هُوَ الْجَارِي وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بَيْضَاء} قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله صفراء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يُطَاف عَلَيْهِم بكأس من معِين} قَالَ: الْخمر {لَا فِيهَا غول} قَالَ: لَيْسَ فِيهَا صداع {وَلَا هم عَنْهَا ينزفون} قَالَ: لَا تذْهب عُقُولهمْ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: فِي الْخمر أَربع خِصَال: السكر والصداع والقيء وَالْبَوْل فنزه الله خمر الْجنَّة عَنْهَا {لَا فِيهَا غول} لَا تغول عُقُولهمْ من السكر {وَلَا هم عَنْهَا ينزفون} لَا يقيؤن عَنْهَا كَمَا يقيء صَاحب خمر الدُّنْيَا عَنْهَا والقيء مستكره وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {لَا فِيهَا غول} قَالَ: لَيْسَ فِيهَا نَتن وَلَا كَرَاهِيَة كخمر الدُّنْيَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت امْرُؤ الْقَيْس وَهُوَ يَقُول: رب كاس شربت لَا غول فِيهَا وسقيت النديم مِنْهَا مزاجا قَالَ أَخْبرنِي عَن قَوْله {وَلَا هم عَنْهَا ينزفون} قَالَ: لَا يسكرون قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عبد الله بن رَوَاحَة رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يَقُول: ثمَّ لَا ينزفون عَنْهَا وَلَكِن يذهب الْهم عَنْهُم والغليل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {لَا فِيهَا غول} قَالَ: هِيَ الْخمر لَيْسَ فِيهَا وجع بطن وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا فِيهَا غول} قَالَ: وجع بطن {وَلَا هم عَنْهَا ينزفون} قَالَ: لَا تذْهب عُقُولهمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بكأس من معِين} قَالَ: الْمعِين الْخمر {لَا فِيهَا غول} قَالَ: وجع بطن {وَلَا هم عَنْهَا ينزفون} لَا مَكْرُوه فِيهَا وَلَا أَذَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس

رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَعِنْدهم قاصرات الطّرف} يَقُول: عَن غير أَزوَاجهنَّ {كأنهن بيض مَكْنُون} قَالَ: اللُّؤْلُؤ الْمكنون وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَعِنْدهم قاصرات الطّرف} يَقُول: عَن غير أَزوَاجهنَّ قَالَ: قصرن طرفهن على أَزوَاجهنَّ {عين} قَالَ: حسان الْعُيُون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {عين} قَالَ: الْعين الْعِظَام الاعين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {كأنهن بيض مَكْنُون} قَالَ: بَيَاض الْبَيْضَة ينْزع عَنْهَا فَوْقهَا وغشاؤها الَّذِي يكون فِي الْعرف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كأنهن بيض مَكْنُون} قَالَ: كأنهن بطن الْبيض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كأنهن بيض مَكْنُون} قَالَ: بَيَاض الْبيض حِين ينْزع قشره وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كأنهن بيض مَكْنُون} قَالَ: هُوَ السخاء الَّذِي يكون بَين قشرته الْعليا ولباب الْبَيْضَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كأنهن بيض مَكْنُون} قَالَ: الْبيض فِي عشه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَعِنْدهم قاصرات الطّرف} قَالَ: قصرن طرفهن على أَزوَاجهنَّ فَلَا يردن غَيرهم {كأنهن بيض مَكْنُون} قَالَ: الْبيض الَّذِي لم تلوثه الْأَيْدِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كأنهن بيض مَكْنُون} قَالَ: محصون لم تمرته الْأَيْدِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كأنهن بيض مَكْنُون} قَالَ: الْبيض الَّذِي يكنه الريش مثل بيض النعام الَّذِي أكنه الريش من الرّيح فَهُوَ أَبيض إِلَى الصُّفْرَة فَكَانَت تترقرق فَذَلِك الْمكنون

الْآيَات 50 - 61

50

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فَأقبل بَعضهم على بعض يتساءلون} قَالَ: أهل الْجنَّة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي كَانَ لي قرين} قَالَ: شَيْطَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رجلَانِ شَرِيكَيْنِ وَكَانَ لَهما ثَمَانِيَة آلَاف دِينَار فاقتسماها فَعمد أَحدهمَا فَاشْترى بِأَلف دِينَار أَرضًا فَقَالَ صَاحبه: اللَّهُمَّ إِن فلَانا اشْترى بِأَلف دِينَار أَرضًا وَإِنِّي أَشْتَرِي مِنْك بِأَلف دِينَار أَرضًا فِي الْجنَّة فَتصدق بِأَلف دِينَار ثمَّ ابتنى صَاحبه دَارا بِأَلف دِينَار فَقَالَ هَذَا: اللَّهُمَّ إِن فلَانا ابتنى دَارا بِأَلف دِينَار وَإِنِّي أَشْتَرِي مِنْك دَارا فِي الْجنَّة بِأَلف دِينَار فَتصدق بِأَلف دِينَار ثمَّ تزوج صَاحبه امْرَأَة فانفق عَلَيْهَا ألف دِينَار فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن فلَانا تزوج امْرَأَة فانفق عَلَيْهَا ألف دِينَار وَإِنِّي أَخطب إِلَيْك من نسَاء الْجنَّة بِأَلف دِينَار فَتصدق بِأَلف دِينَار ثمَّ اشْترى خدماً ومتاعاً بِأَلف دِينَار وَإِنِّي أَشْتَرِي مِنْك خدماً ومتاعا فِي الْجنَّة بِأَلف دِينَار فَتصدق بِأَلف دِينَار ثمَّ أَصَابَته حَاجَة شَدِيدَة فَقَالَ: لَو أتيت صَاحِبي هَذَا لَعَلَّه ينالني مَعْرُوف فَجَلَسَ على طَرِيقه فَمر بِهِ فِي حشمه وَأَهله فَقَامَ إِلَيْهِ الآخر فَنظر فَعرفهُ فَقَالَ فلَان فَقَالَ: نعم فَقَالَ: مَا شَأْنك فَقَالَ: أصابتني بعْدك

حَاجَة فأتيتك لتصيبني بِخَير قَالَ: فَمَا فعل فقد اقتسمناه مَالا وَاحِدًا فَأخذت شطره وَأَنا شطره فَقَالَ: اشْتريت دَارا بِأَلف دِينَار فَفعلت أَنا كَذَلِك وَفعلت أَنا كَذَلِك فَقص عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ: إِنَّك لمن المصدقين بِهَذَا أذهب فو الله لَا أُعْطِيك شَيْئا فَرده فَقضى لَهما أَن توفيا فَنزلت فيهمَا {فَأقبل بَعضهم على بعض يتساءلون} حَتَّى بلغ {أئنا لمدينون} قَالَ: لمحاسبون وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير عَن فرات بن ثَعْلَبَة البهراني رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي كَانَ لي قرين} قَالَ: ذكر لي أَن رجلَيْنِ كَانَ شَرِيكَيْنِ فَاجْتمع لَهما ثَمَانِيَة آلَاف دِينَار فَكَانَ أَحدهمَا لَيْسَ لَهُ حِرْفَة وَالْآخر لَهُ حِرْفَة فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ لَك حِرْفَة فَمَا أَرَانِي إِلَّا مفارقك ومقاسمك فقاسمه ثمَّ فَارقه ثمَّ إِن أحد الرجلَيْن اشْترى دَارا كَانَت لملك بِأَلف دِينَار فَدَعَا صَاحبه ثمَّ قَالَ: كَيفَ ترى هَذِه الدَّار ابتعتها بِأَلف دِينَار فَقَالَ: مَا أحْسنهَا فَلَمَّا خرج قَالَ: اللَّهُمَّ إِن صَاحِبي قد ابْتَاعَ هَذِه الدَّار وَإِنِّي أَسأَلك دَارا من الْجنَّة فَتصدق بِأَلف دِينَار ثمَّ مكث مَا شَاءَ الله أَن يمْكث ثمَّ تزوّج امْرَأَة بِأَلف دِينَار فَدَعَاهُ وصنع لَهُ طَعَاما فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ: إِنِّي تزوّجت هَذِه الْمَرْأَة بِأَلف دِينَار قَالَ: مَا أحسن هَذَا فَلَمَّا خرج قَالَ: اللَّهُمَّ إِن صَاحِبي تزوّج امْرَأَة بِأَلف دِينَار وَإِنِّي أَسأَلك امْرَأَة من الْحور الْعين فَتصدق بِأَلف دِينَار ثمَّ أَنه مكث مَا شَاءَ الله أَن يمْكث ثمَّ اشْترى بستانين بألفي دِينَار ثمَّ دَعَاهُ فَأرَاهُ وَقَالَ: إِنِّي قد ابتعت هَذِه البستانين بألفي دِينَار فَقَالَ: مَا أحسن هَذَا فَلَمَّا خرج قَالَ: يَا رب إِن صَاحِبي قد ابْتَاعَ بستانين بألفي دِينَار وَإِنِّي أَسأَلك بستانين فِي الْجنَّة فَتصدق بألفي دِينَار ثمَّ إِن الْملك أتاهما فتوفاهما فَانْطَلق بِهَذَا الْمُتَصَدّق فَأدْخلهُ دَارا تعجبه فَإِذا امْرَأَة يضيء مَا تحتهَا من حسنها ثمَّ أدخلهُ البستانين وشيئاً الله بِهِ عليم فَقَالَ عِنْد ذَلِك: مَا أشبه هَذَا بِرَجُل كَانَ من أمره كَذَا وَكَذَا قَالَ: فَإِنَّهُ ذَلِك وَلَك هَذَا الْمنزل والبستانان وَالْمَرْأَة فَقَالَ {إِنِّي كَانَ لي قرين يَقُول أئنك لمن المصدقين} قيل لهك فَإِنَّهُ فِي الْجَحِيم قَالَ {هَل أَنْتُم مطلعون فَاطلع فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيم} فَقَالَ عِنْد ذَلِك {تالله إِن كدت لتردين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي

بني إِسْرَائِيل أَحدهمَا مُؤمن وَالْآخر كَافِر فَافْتَرقَا على سِتَّة آلَاف دِينَار كل وَاحِد مِنْهُمَا ثَلَاثَة آلَاف دِينَار ثمَّ افْتَرقَا فمكثا مَا شَاءَ الله أَن يمكثا ثمَّ التقيا فَقَالَ الْكَافِر لِلْمُؤمنِ مَا صنعت فِي مَالك أضربت بِهِ شَيْئا اتجرت بِهِ فِي شَيْء قَالَ لَهُ الْمُؤمن: لَا فَمَا صنعت أَنْت قَالَ: اشْتريت بِهِ نخلا وأرضاً وثماراً وأنهاراً بِأَلف دِينَار فَقَالَ لَهُ الْمُؤمن: أَو فعلت قَالَ: نعم فَرجع الْمُؤمن حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْل فصلى مَا شَاءَ الله أَن يُصَلِّي فَلَمَّا انْصَرف أَخذ ألف دِينَار فوضعها بَين يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِن فلَانا - يَعْنِي شَرِيكه الْكَافِر - اشْترى أَرضًا وَنَخْلًا وثماراً وأنهاراً بِأَلف دِينَار ثمَّ يَمُوت وَيَتْرُكهَا غَدا اللَّهُمَّ وَإِنِّي اشْترِي مِنْك بِهَذِهِ الْألف دِينَار أَرضًا وَنَخْلًا وثماراً وأنهاراً فِي الْجنَّة ثمَّ أصبح فَقَسمهَا للْمَسَاكِين ثمَّ مكثا مَا شَاءَ الله أَن يمكثا ثمَّ التقيا فَقَالَ الْكَافِر لِلْمُؤمنِ: مَا صنعت أضربت بِهِ فِي شَيْء اتجرت بِهِ قَالَ: لَا قَالَ: فَمَا صنعت أَنْت قَالَ: كَانَت ضيعتي قد اشْتَدَّ على مؤنتها فاشتريت رَقِيقا بِأَلف دِينَار يقومُونَ لي ويعملون لي فِيهَا فَقَالَ الْمُؤمن: أَو فعلت قَالَ: نعم فَرجع الْمُؤمن حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْل صلى مَا شَاءَ الله أَن يُصَلِّي فَلَمَّا انْصَرف أَخذ ألف دِينَار فوضعا بَين يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِن فلَانا اشْترى رَقِيقا من رَقِيق الدُّنْيَا بِأَلف دِينَار يَمُوت غَدا فيتركهم أَو يموتون فيتركونه اللَّهُمَّ وَإِنِّي اشْترِي مِنْك بِهَذِهِ الْألف دِينَار رَقِيقا فِي الْجنَّة ثمَّ أصبح فَقَسمهَا بَين الْمَسَاكِين ثمَّ مكثا مَا شَاءَ الله أَن يمكثا ثمَّ التقيا فَقَالَ الْكَافِر لِلْمُؤمنِ: مَا صنعت فِي مَالك أضربت بِهِ فِي شَيْء اتجرت بِهِ فِي شَيْء قَالَ: لَا فَمَا صنعت أَنْت قَالَ: كَانَ أَمْرِي كُله قد تمّ إِلَّا شَيْئا وَاحِدًا فُلَانَة مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا فأصدقتها ألف دِينَار فجاءتني بهَا وبمثلها مَعهَا فَقَالَ لَهُ الْمُؤمن: أَو فعلت قَالَ: لَهُ نعم فَرجع الْمُؤمن حَتَّى إِذا كَانَ اللَّيْل صلى مَا شَاءَ الله أَن يُصَلِّي فَلَمَّا انْصَرف أَخذ الْألف دِينَار الْبَاقِيَة فوضعها بَين يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن فلَانا تزوّج زَوْجَة من أَزوَاج الدُّنْيَا بِأَلف دِينَار وَيَمُوت عَنْهَا فيتركها أَو تَمُوت فتتركه اللَّهُمَّ وَإِنِّي أَخطب إِلَيْك بِهَذِهِ الْألف دِينَار حوراء عيناء فِي الْجنَّة ثمَّ أصبح فَقَسمهَا بَين الْمَسَاكِين فَبَقيَ الْمُؤمن لَيْسَ عِنْده شَيْء

فَلبس قَمِيصًا من قطن وَكسَاء من صوف ثمَّ جعل يعْمل ويحفر بقوته فَقَالَ رجل: يَا عبد الله أتؤجر نَفسك مشاهرة شهرا بِشَهْر تقوم على دَوَاب لي قَالَ: نعم فَكَانَ صَاحب الدَّوَابّ يَغْدُو كل يَوْم ينظر إِلَى دوابه فَإِذا رأى مِنْهَا دَابَّة ضامرة أَخذ بِرَأْسِهِ فوجأ عُنُقه ثمَّ يَقُول لَهُ: سرقت شعير هَذِه البارحة فَلَمَّا رأى الْمُؤمن الشدَّة قَالَ: لَآتِيَن شَرِيكي الْكَافِر فلأعملن فِي أرضه يطعمني هَذِه الكسرة يَوْمًا بِيَوْم ويكسيني هذَيْن الثَّوْبَيْنِ إِذا بليا فَانْطَلق يُريدهُ فَانْتهى إِلَى بَابه وهم مُمْسٍ فَإِذا قصر فِي السَّمَاء وَإِذا حوله البوابون فَقَالَ لَهُم: اسْتَأْذنُوا لي صَاحب هَذَا الْقصر فَإِنَّكُم إِن فَعلْتُمْ ذَلِك سره فَقَالُوا لَهُ: انْطلق فَإِن كنت صَادِقا فنم فِي نَاحيَة فَإِذا أَصبَحت فتعرض لَهُ فَانْطَلق الْمُؤمن فَألْقى نصف كسائه تَحْتَهُ وَنصفه فَوْقه ثمَّ نَام فَلَمَّا أصبح أَتَى شَرِيكه فتعرض لَهُ فَخرج شَرِيكه وَهُوَ رَاكب فَلَمَّا رَآهُ عرفه فَوقف فَسلم عَلَيْهِ وَصَافحهُ ثمَّ قَالَ لَهُ: ألم تَأْخُذ من المَال مثل مَا أخذت فَأَيْنَ مَالك قَالَ: لَا تَسْأَلنِي عَنهُ قَالَ: فَمَا جَاءَ بك قَالَ: جِئْت أعمل فِي أَرْضك هَذِه تطعمني هَذِه الكسرة يَوْمًا بِيَوْم وتكسوني هذَيْن الثَّوْبَيْنِ إِذا بليا قَالَ: لَا ترى مني خيرا حَتَّى تُخبرنِي مَا صنعت فِي مَالك قَالَ: أَقْرَضته من الْمَلأ الوفي قَالَ: من قَالَ: الله رَبِّي وَهُوَ مصافحه فَانْتزع يَده ثمَّ قَالَ {أئنك لمن المصدقين أئذا متْنا وَكُنَّا تُرَابا وعظاماً أئنا لمدينون} وَتَركه فَلَمَّا رَآهُ الْمُؤمن لَا يلوي عَلَيْهِ رَجَعَ وَتَركه يعِيش الْمُؤمن فِي شدَّة من الزَّمَان ويعيش الْكَافِر فِي رخاء من الزَّمَان فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة وَأدْخل الله الْمُؤمن الْجنَّة يمر فَإِذا هُوَ بِأَرْض ونخل وأنهار وثمار فَيَقُول: لمن هَذَا فَيُقَال: هَذَا لَك فَيَقُول: أَو بلغ من فضل عَمَلي أَن أثاب بِمثل هَذَا ثمَّ يمر فَإِذا هُوَ برقيق لَا يُحْصى عَددهمْ فَيَقُول: لمن هَذَا فَيُقَال: هَؤُلَاءِ لَك فَيَقُول: أَو بلغ من فضل عَمَلي أَن أثاب بِمثل هَذَا ثمَّ يمر فَإِذا هُوَ بقبة من ياقوتة حَمْرَاء مجوفة فِيهَا حوراء عين فَيَقُول: لمن هَذِه فَيُقَال: هَذِه لَك فَيَقُول: أَو بلغ من فضل عَمَلي أَن أثاب بِمثل هَذَا ثمَّ يذكر شَرِيكه الْكَافِر فَيَقُول {إِنِّي كَانَ لي قرين يَقُول أئنك لمن المصدقين} فالجنة عالية وَالنَّار هاوية فيريه الله شَرِيكه فِي وسط الْجَحِيم من بَين أهل النَّار فَإِذا رَآهُ عرفه الْمُؤمن فَيَقُول {قَالَ تالله إِن كدت لتردين وَلَوْلَا نعْمَة رَبِّي لَكُنْت من المحضرين أفما نَحن بميتين إِلَّا موتتنا الأولى وَمَا نَحن بمعذبين إِن هَذَا لَهو الْفَوْز الْعَظِيم لمثل هَذَا فليعمل الْعَامِلُونَ}

بِمثل مَا قدمت عَلَيْهِ قَالَ: فيتذكر الْمُؤمن مَا مر عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا من الشدَّة فَلَا يذكر أَشد عَلَيْهِ من الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أئنا لمدينون} قَالَ: لمحاسبون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {هَل أَنْتُم مطلعون} يَقُول: مطلعون إِلَيْهِ حَتَّى أنظر إِلَيْهِ فِي النَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {سَوَاء الْجَحِيم} قَالَ: وسط الْجَحِيم وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {فِي سَوَاء الْجَحِيم} قَالَ: وسط الْجَحِيم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: رماهم بِسَهْم فَاسْتَوَى فِي سوائها وَكَانَ قبولاً للهوى والطوارق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَاطلع فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيم} قَالَ: اطلع ثمَّ الْتفت إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ: لقد رَأَيْت جماجم الْقَوْم تغلي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي الْجنَّة كوى فَإِذا أَرَادَ أحد من أَهلهَا أَن ينظر إِلَى عدوه فِي النَّار اطلع فازداد شكرا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هَل أَنْتُم مطلعون} قَالَ: سَأَلَ ربه أَن يطلعه {فَاطلع فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيم} يَقُول: فِي وَسطهَا فَرَأى جماجمهم تغلي فَقَالَ: فلَان فلولا أَن الله عرفه إِيَّاه لما عرفه لقد تغير خَبره وسبره فَعِنْدَ ذَلِك قَالَ {تالله إِن كدت لتردين} يَقُول: لتهلكني لَو أطعتك {وَلَوْلَا نعْمَة رَبِّي لَكُنْت من المحضرين} قَالَ: فِي النَّار {أفما نَحن بميتين} إِلَى قَوْله {الْفَوْز الْعَظِيم} قَالَ: هَذَا قَول أهل الْجنَّة يَقُول الله {لمثل هَذَا فليعمل الْعَامِلُونَ}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: علمُوا أَن كل نعيم بعد الْمَوْت يقطعهُ فَقَالُوا {أفما نَحن بميتين إِلَّا موتتنا الأولى وَمَا نَحن بمعذبين} قيل: لَا قَالُوا {إِن هَذَا لَهو الْفَوْز الْعَظِيم} وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يَقُول الله تَعَالَى لأهل الْجنَّة: (كلوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ) (المرسلات 43) قَالَ: قَول الله (هَنِيئًا) أَي لَا تموتون فِيهَا فَعندهَا قَالُوا {أفما نَحن بميتين إِلَّا موتتنا الأولى وَمَا نَحن بمعذبين إِن هَذَا لَهو الْفَوْز الْعَظِيم لمثل هَذَا فليعمل الْعَامِلُونَ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: كنت أَمْشِي مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده فِي يَدي فَرَأى جَنَازَة فأسرع الْمَشْي حَتَّى أَتَى الْقَبْر ثمَّ جثا على رُكْبَتَيْهِ فَجعل يبكي حَتَّى بل الثرى ثمَّ قَالَ {لمثل هَذَا فليعمل الْعَامِلُونَ} الْآيَات 62 - 68

62

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما ذكر الله شَجَرَة الزقوم افْتتن بهَا الظلمَة فَقَالَ أَبُو جهل: يزْعم صَاحبكُم هَذَا أَن فِي النَّار شَجَرَة وَالنَّار تَأْكُل الشّجر وانا وَالله مَا نعلم الزقوم إِلَّا التَّمْر والزبد فتزقموا فَأنْزل الله حِين عجبوا أَن يكون فِي النَّار شجر {إِنَّهَا شَجَرَة تخرج فِي أصل الْجَحِيم} أَي غذيت بالنَّار وَمِنْهَا خلقت {طلعها كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين} قَالَ: يشبهها بذلك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إنّا جعلناها فتْنَة للظالمين} قَالَ: قَول أبي جهل: إِنَّمَا الزقوم التَّمْر والزبد أتزقمه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {طلعها كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين}

قَالَ: شُعُور الشَّيَاطِين قَائِمَة إِلَى السَّمَاء وَأخرج عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي عمرَان الْجونِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن ابْن آدم لَا ينهش من شَجَرَة الزقوم نهشة إِلَّا نهشت مِنْهُ مثلهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مر أَبُو جهل برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس فَلَمَّا نفد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أولى لَك فَأولى ثمَّ أولى لَك فَأولى) (الْقِيَامَة 34 - 35) فَسمع أَبُو جهل فَقَالَ: من توعد يَا مُحَمَّد قَالَ: إياك فَقَالَ: بِمَ توعدني فَقَالَ: أوعدك بالعزيز الْكَرِيم فَقَالَ أَبُو جهل: أَلَيْسَ أَنا الْعَزِيز الْكَرِيم فَأنْزل الله (إِن شَجَرَة الزقوم طَعَام الأثيم) (الدُّخان 43) إِلَى قَوْله (ذُقْ إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْكَرِيم) فَلَمَّا بلغ أَبَا جهل مَا نزل فِيهِ جمع أَصْحَابه فَأخْرج إِلَيْهِم زبداً وَتَمْرًا فَقَالَ: تزقموا من هَذَا فو الله مَا يتوعدكم مُحَمَّدًا إِلَّا بِهَذَا فَأنْزل الله {إِنَّهَا شَجَرَة تخرج فِي أصل الْجَحِيم} إِلَى قَوْله {ثمَّ إِن لَهُم عَلَيْهَا لشوباً من حميم} فَقَالَ: فِي الشوب إِنَّهَا تختلط بِاللَّبنِ فتشوبه بهَا فَإِن لَهُم على مَا يَأْكُلُون {لشوباً من حميم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَو أَن قَطْرَة من زقوم جَهَنَّم أنزلت إِلَى الأَرْض لأفسدت على النَّاس مَعَايشهمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثمَّ إِن لَهُم عَلَيْهَا لشوباً} قَالَ: لمزجا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {ثمَّ إِن لَهُم عَلَيْهَا لشوباً من حميم} قَالَ: يخْتَلط الْحَمِيم والغساق قَالَ لَهُ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: تِلْكَ المكارم لَا قعبان من لبن شيباً بِمَاء فعادا بعد أبوالا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لشوباً من حميم} قَالَ: يخلط طعامهم ويشاب بالحميم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا

ينتصف النَّهَار يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يقبل هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء أهل الْجنَّة وَأهل النَّار وَقَرَأَ ثمَّ إِن مقيلهم لإِلى الْجَحِيم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ ثمَّ إِن مقيلهم لإِلى الْجَحِيم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثمَّ إِن لَهُم عَلَيْهَا لشوباً من حميم} قَالَ: مزجا {ثمَّ إِن مرجعهم لإِلى الْجَحِيم} قَالَ: فهم فِي عناء وَعَذَاب بَين نَار وحميم وتلا هَذِه الْآيَة (يطوفون بَينهَا وَبَين حميم آن) (الرَّحْمَن 44) الْآيَات 69 - 74

69

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّهُم ألفوا آبَاءَهُم} قَالَ: وجدوا آبَاءَهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّهُم ألفوا آبَاءَهُم} قَالَ: وجدوا آبَاءَهُم {ضَالِّينَ فهم على آثَارهم يهرعون} أَي مُسْرِعين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّهُم ألفوا آبَاءَهُم ضَالِّينَ} قَالَ: جاهلين {فهم على آثَارهم يهرعون} قَالَ: كَهَيئَةِ الهرولة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذرين} قَالَ: كَيفَ عذب الله قوم نوح وَقوم لوط وَقوم صَالح والأمم الَّتِي عذب الله وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا عباد الله المخلصين} قَالَ: الَّذين استخلصهم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

الْآيَات 75 - 101

75

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَقَد نادانا نوح فلنعم المجيبون} قَالَ: أَجَابَهُ الله تَعَالَى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى فِي بَيْتِي فَمر بِهَذِهِ الْآيَة {وَلَقَد نادانا نوح فلنعم المجيبون} قَالَ: صدقت رَبنَا أَنْت أقرب من دعِي وَأقرب من يُعْطي فَنعم الْمُدَّعِي وَنعم الْمُعْطِي وَنعم المسؤول وَنعم الْمولى وَأَنت رَبنَا وَنعم النصير وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ونجيناه وَأَهله من الكرب الْعَظِيم} قَالَ: من غرق الطوفان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن

قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجَعَلنَا ذُريَّته هم البَاقِينَ} قَالَ: فَالنَّاس كلهم من ذُرِّيَّة نوح عَلَيْهِ السَّلَام {وَتَركنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين} قَالَ: أبقى الله عَلَيْهِ الثَّنَاء الْحسن فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَجَعَلنَا ذُريَّته هم البَاقِينَ} يَقُول: لم يبْق إِلَّا ذُرِّيَّة نوح عَلَيْهِ السَّلَام {وَتَركنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين} يَقُول: يذكر بِخَير وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَجَعَلنَا ذُريَّته هم البَاقِينَ} قَالَ: سَام وَحَام وَيَافث وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَام أَبُو الْعَرَب وَحَام أَبُو الْحَبَش وَيَافث أَبُو الرّوم وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ولد نوح ثَلَاثَة سَام وَحَام وَيَافث فولد سَام الْعَرَب وَفَارِس وَالروم وَالْخَيْر فيهم وَولد يافث يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَالتّرْك والصقالبة وَلَا خير مِنْهُم وَأما ولد حام القبط والبربر والسودان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَجَعَلنَا ذُريَّته هم البَاقِينَ} قَالَ: ولد نوح ثَلَاثَة فسام أَبُو الْعَرَب وَحَام أَبُو الْحَبَش وَيَافث أَبُو الرّوم وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام اغْتسل فَرَأى ابْنه ينظر إِلَيْهِ فَقَالَ: تنظر إِلَيّ وَأَنا أَغْتَسِل حَار الله لونك فاسود فَهُوَ أَبُو السودَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَتَركنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين} قَالَ: لِسَان صدق للأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام كلهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وَتَركنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين} قَالَ: هُوَ السَّلَام كَمَا قَالَ {سَلام على نوح فِي الْعَالمين}

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وَتَركنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين} قَالَ: الثَّنَاء الْحسن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِن من شيعته} قَالَ: من أهل ذُريَّته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن من شيعته لإِبراهيم} قَالَ: من شيعَة نوح إِبْرَاهِيم على منهاجه وسننه {إِذْ جَاءَ ربه بقلب سليم} قَالَ: لَيْسَ فِيهِ شكّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن من شيعته لإِبراهيم} قَالَ: على دينه {إِذْ جَاءَ ربه بقلب سليم} من الشّرك (أئفكا آلِهَة دون الله تُرِيدُونَ فَمَا ظنكم بِرَبّ الْعَالمين) إِذا لقيتموه وَقد عَبدْتُمْ غَيره وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله {فَنظر نظرة فِي النُّجُوم} قَالَ: رأى نجماً طالعاً فَقَالَ {إِنِّي سقيم} قَالَ [] كايديني فِي النُّجُوم قَالَ: كلمة من كَلَام الْعَرَب يَقُول الله عز دينه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَنظر نظرة فِي النُّجُوم} قَالَ: كلمة من كَلَام الْعَرَب يَقُول إِذا تفكر نظر فِي النُّجُوم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَنظر نظرة فِي النُّجُوم} قَالَ: فِي السَّمَاء {فَقَالَ إِنِّي سقيم} قَالَ: مطعون وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنِّي سقيم} قَالَ: مَرِيض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي سقيم} قَالَ: مطعون وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي سقيم} قَالَ: مطعون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنِّي سقيم} قَالَ: طعين وَكَانُوا يفرون من المطعون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أرسل إِلَيْهِ ملكهم

فَقَالَ: إِن غَدا عيدنا فَاخْرُج قَالَ: فَنظر إِلَى نجم فَقَالَ: إِن ذَا النَّجْم لم يطلع قطّ إِلَّا طلع بسقم لي {فتولوا عَنهُ مُدبرين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فتولوا عَنهُ مُدبرين} قَالَ: فنكصوا عَنهُ منطلقين {فرَاغ} قَالَ: فَمَال {إِلَى آلِهَتهم فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ} يستنطقهم [] منطلقين {مَا لكم لَا تنطقون فرَاغ عَلَيْهِم ضربا بِالْيَمِينِ} أَي فاقبل عَلَيْهِنَّ فكسرهن {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يزفون} قَالَ: يسعون {قَالَ أتعبدون مَا تنحتون} من الْأَصْنَام {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} قَالَ: خَلقكُم وَخلق مَا تَعْمَلُونَ بِأَيْدِيكُمْ {فأرادوا بِهِ كيداً فجعلناهم الأسفلين} قَالَ: فَمَا ناظرهم الله بعد ذَلِك حَتَّى أهلكهم {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي} قَالَ: ذَاهِب بِعَمَلِهِ وَقَلبه وَنِيَّته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: خرج قوم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى عيد لَهُم وَأَرَادُوا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام على الْخُرُوج فأضطجع على ظَهره و {فَقَالَ إِنِّي سقيم} لَا أَسْتَطِيع الْخُرُوج وَجعل ينظر إِلَى السَّمَاء فَلَمَّا خَرجُوا أقبل على آلِهَتهم فَكَسرهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يزفون} قَالَ: يجرونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يزفون} قَالَ: يَنْسلونَ والزفيف النسلان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يزفون} قَالَ: يسعون وَأخرج البُخَارِيّ فِي خلق أَفعَال الْعباد وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله صانع كل صانع وصنعته وتلا عِنْد ذَلِك {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بنياناً فألقوه فِي الْجَحِيم} قَالَ: فحبسوه فِي بَيت وجمعوا لَهُ حطباً حَتَّى إِن كَانَت الْمَرْأَة لتمرض فَتَقول: لَئِن عافاني الله لأجمعن حطباً لإِبراهيم فَلَمَّا جمعُوا لَهُ وَأَكْثرُوا من الْحَطب حَتَّى إِن كَانَت

الطير لتمر بهَا فتحترق من شدَّة وهجها فعمدوا إِلَيْهِ فَرَفَعُوهُ على رَأس الْبُنيان فَرفع إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقَالَت السَّمَاء وَالْأَرْض وَالْجِبَال وَالْمَلَائِكَة إِبْرَاهِيم يحرق فِيك فَقَالَ: أَنا أعلم بِهِ وَإِن دعَاكُمْ فاغيثوه وَقَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِين رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء: اللَّهُمَّ أَنْت الْوَاحِد فِي السَّمَاء وَأَنا الْوَاحِد فِي الأَرْض لَيْسَ فِي الأَرْض ولد يعبدك غَيْرِي حسبي الله وَنعم الْوَكِيل فناداها (يَا نَار كوني بردا وَسلَامًا على إِبْرَاهِيم) (الْأَنْبِيَاء 69) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِب إِلَى رَبِّي سيهدين} قَالَ: حِين هَاجر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {رب هَب لي من الصَّالِحين} قَالَ: ولدا صَالحا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله {فبشرناه بِغُلَام حَلِيم} قَالَ: بِوِلَادَة إِسْحَق عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فبشرناه بِغُلَام حَلِيم} قَالَ: بشر بِإسْحَاق قَالَ: وَلم يثن الله بالحلم على أحد إِلَّا على إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق عَلَيْهِمَا السَّلَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فبشرناه بِغُلَام حَلِيم} قَالَ: هُوَ إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: وبشره الله بنبوة إِسْحَاق بعد ذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن الْقَاسِم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فبشرناه بِغُلَام حَلِيم} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا هُوَ إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ ذَلِك بمنى وَقَالَ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: هُوَ إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ ذَلِك بِبَيْت الْمُقَدّس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فبشرناه بِغُلَام حَلِيم} قَالَ: إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {فبشرناه بِغُلَام حَلِيم} قَالَ: هُوَ إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فبشرناه بِغُلَام حَلِيم} قَالَ: هُوَ إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام من آيَة 102 - 111

102

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {بلغ مَعَه السَّعْي} قَالَ: الْعَمَل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَمَّا بلغ مَعَه السَّعْي} قَالَ: أدْرك مَعَه الْعَمَل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَمَّا بلغ مَعَه السَّعْي} قَالَ: لما مَشى مَعَ أَبِيه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {فَلَمَّا بلغ مَعَه السَّعْي} قَالَ: لما مَشى فَأسر فِي نَفسه حزنا فِي قِرَاءَة عبد الله {قَالَ يَا بني إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَلَمَّا بلغ مَعَه السَّعْي} قَالَ: لما شب حَتَّى أدْرك سَعْيه سعى إِبْرَاهِيم فِي الْعَمَل {فَلَمَّا أسلما} قَالَ: سلما مَا أمرا بِهِ {وتله للجبين} قَالَ: وضع وَجْهي للْأَرْض فَفعل فَلَمَّا أَدخل يَده ليذبحه {وناديناه أَن يَا إِبْرَاهِيم قد صدقت الرُّؤْيَا} فَأمْسك

يَده وَرفع رَأسه فَرَأى الْكَبْش ينحط إِلَيْهِ حَتَّى وَقع عَلَيْهِ فذبحه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما أَرَادَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أَن يذبح إِسْحَاق قَالَ لِأَبِيهِ: إِذا ذبحتني فاعتزل لَا أَضْطَرِب فينتضح عَلَيْك دمي فشده فَلَمَّا أَخذ الشَّفْرَة وَأَرَادَ أَن يذبحه نُودي من خَلفه {أَن يَا إِبْرَاهِيم قد صدقت الرُّؤْيَا} وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن جِبْرِيل ذهب بإبراهيم إِلَى جَمْرَة الْعقبَة فَعرض لَهُ الشَّيْطَان فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات فساخ ثمَّ أَتَى بِهِ الْجَمْرَة القصوى فَعرض لَهُ الشَّيْطَان فَرَمَاهُ بِسبع فساخ فَلَمَّا أَرَادَ إِبْرَاهِيم أَن يذبح إِسْحَاق عَلَيْهِمَا السَّلَام قَالَ لِأَبِيهِ: يَا أَبَت أوثقني لَا أَضْطَرِب فينتضح عَلَيْك دمي إِذا ذبحتني فشده فَلَمَّا أَخذ الشَّفْرَة فَأَرَادَ أَن يذبحه نُودي من خَلفه {أَن يَا إِبْرَاهِيم قد صدقت الرُّؤْيَا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَإِن من شيعته لإِبراهيم} قَالَ: من شيعَة نوح على منهاجه وسننه {بلغ مَعَه السَّعْي} شب حَتَّى بلغ سَعْيه سعي إِبْرَاهِيم فِي الْعَمَل {فَلَمَّا أسلما} سلما مَا أمرا بِهِ {وتله} وضع وَجهه للْأَرْض فَقَالَ: لَا تذبحني وَأَنت تنظر عَسى أَن ترحمني فَلَا تجهز عَليّ وَإِن أجزع فانكص فَامْتنعَ مِنْك وَلَكِن أربط يَدي إِلَى رقبتي ثمَّ ضع وَجْهي إِلَى الأَرْض فَلَمَّا أَدخل يَده ليذبحه فَلم تصل المدية حَتَّى نُودي {أَن يَا إِبْرَاهِيم قد صدقت الرُّؤْيَا} فَأمْسك يَده فَذَلِك قَوْله {وفديناه بِذبح عَظِيم} بكبش {عَظِيم} متقبل وَزعم ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن الذَّبِيح إِسْمَاعِيل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك فَانْظُر مَاذَا تُرَى} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رُؤْيا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام

حق إِذا رَأَوْا شَيْئا فَعَلُوهُ وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما أَمر إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام بالمناسك عرض لَهُ الشَّيْطَان عِنْد الْمَسْعَى فسابقه فسبقه إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ ذهب بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى جَمْرَة الْعقبَة فَعرض لَهُ الشَّيْطَان فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات حَتَّى ذهب ثمَّ عرض لَهُ عِنْد الْجَمْرَة الْوُسْطَى فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات {وتله للجبين} وعَلى إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَمِيص أَبيض فَقَالَ: يَا أَبَت لَيْسَ لي ثوب تكفني فِيهِ غَيره فاخلعه حَتَّى تكفني فِيهِ فعالجه ليخلعه فَنُوديَ من خَلفه {أَن يَا إِبْرَاهِيم قد صدقت الرُّؤْيَا} فَالْتَفت فَإِذا كَبْش أَبيض أعين أقرن فذبحه وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المفدى إِسْمَاعِيل وَزَعَمت الْيَهُود أَنه إِسْحَاق وكذبت الْيَهُود وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الذَّبِيح إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد ويوسف بن مَاهك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الذَّبِيح إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق يُوسُف بن مهْرَان وَأبي الطُّفَيْل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الذَّبِيح إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب وَسَعِيد بن جُبَير قَالَا: الَّذِي أَرَادَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ذبحه إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ وَمُجاهد وَالْحسن ويوسف بن مهْرَان وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وفديناه بِذبح عَظِيم} قَالَ: إِسْمَاعِيل ذبح عَنهُ إِبْرَاهِيم الْكَبْش وَأخرج ابْن جرير والآمدي فِي مغازيه والخلعي فِي فَوَائده وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن عبد الله بن سعيد الصنايجي قَالَ: حَضَرنَا مجْلِس مُعَاوِيَة بن أبي

سُفْيَان فَتَذَاكَرَ الْقَوْم إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق أَيهمَا الذَّبِيح فَقَالَ مُعَاوِيَة: سَقَطْتُمْ على الْخَبِير كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ أَعْرَابِي فَقَالَ: يَا رَسُول الله خلفت الْكلأ يَابسا وَالْمَاء عَابِسا هلك الْعِيَال وَضاع المَال فعد عَليّ مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْك يَا ابْن الذبيحين فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يُنكر عَلَيْهِ فَقَالَ الْقَوْم: من الذَّبِيحَانِ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: إِن عبد الْمطلب لما حفر زَمْزَم نذر لله إِن سهل حفرهَا أَن ينْحَر بعض وَلَده فَلَمَّا فرغ أسْهم بَينهم وَكَانُوا عشرَة فَخرج السهْم على عبد الله فَأَرَادَ ذبحه فَمَنعه أَخْوَاله من بني مَخْزُوم وَقَالُوا: ارضِ رَبك وافْدِ ابْنك فَفَدَاهُ بِمِائَة نَاقَة فَهُوَ الذَّبِيح وَإِسْمَاعِيل الثَّانِي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الَّذِي أَمر الله إِبْرَاهِيم بذَبْحه من ابنيه إِسْمَاعِيل وانا لنجد ذَلِك فِي كتاب الله وَذَلِكَ إِن الله يَقُول حِين فرغ من قصَّة الْمَذْبُوح {وبشرناه بِإسْحَاق} وَقَالَ (فبشرناه بِإسْحَاق وَمن وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب) (هود الْآيَة 71) بِابْن وَابْن ابْن فَلم يكن يَأْمر بِذبح إِسْحَاق وَله فِيهِ مَوْعُود بِمَا وعده وَمَا الَّذِي أَمر بذَبْحه إِلَّا إِسْمَاعِيل وَأخرج الْحَاكِم بِسَنَد فِيهِ الْوَاقِدِيّ عَن عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ سَأَلت خَوات بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ عَن ذبيح الله قَالَ: إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام لما بلغ سبع سِنِين رأى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي النّوم فِي منزله بِالشَّام أَن يذبحه فَركب إِلَيْهِ على الْبراق حَتَّى جَاءَهُ فَوَجَدَهُ عِنْد أمه فَأخذ بيدَيْهِ وَمضى بِهِ لما أَمر بِهِ وَجَاء الشَّيْطَان فِي صُورَة رجل يعرفهُ [] فذبح طرفِي حلقه فَإِذا هُوَ نحر فِي نُحَاس فشحذ الشَّفْرَة مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا بِالْحجرِ وَلَا تحز قَالَ إِبْرَاهِيم: إِن هَذَا الْأَمر من الله فَرفع رَأسه فَإِذا هُوَ بوعل وَاقِف بَين يَدَيْهِ فَقَالَ إِبْرَاهِيم: قُم يَا بني قد نزل فداؤك فذبحه هُنَاكَ بمنى وَأخرج الْحَاكِم بسندٍ فِيهِ الْوَاقِدِيّ من طَرِيق عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ عَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الذَّبِيح إِسْمَاعِيل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد وَالْحسن رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الذَّبِيح إِسْمَاعِيل وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق الفرزدق الشَّاعِر قَالَ: رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَة رَضِي

الله عَنهُ يخْطب على مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُول: إِن الَّذِي أَمر بذَبْحه إِسْمَاعِيل وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ أرسل إِلَى رجل كَانَ يَهُودِيّا فَاسْلَمْ وَحسن إِسْلَامه وَكَانَ من عُلَمَائهمْ فَسَأَلَهُ: أَي ابْني إِبْرَاهِيم أَمر بذَبْحه فَقَالَ: إِسْمَاعِيل وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِن الْيَهُود لتعلم بذلك وَلَكنهُمْ يحسدونكم معشر الْعَرَب وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ نَبِي الله دَاوُد: يَا رب أسمع النَّاس يَقُولُونَ رب إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب فَاجْعَلْنِي رَابِعا قَالَ: إِن إِبْرَاهِيم ألقِي فِي النَّار فَصَبر من أَجلي وَإِن إِسْحَاق جاد لي بِنَفسِهِ وَإِن يَعْقُوب غَابَ عَنهُ يُوسُف وَتلك بلية لم تَنَلكَ) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب يَقُولُونَ يَا رب إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب لأي شَيْء يَقُولُونَ ذَلِك قَالَ: لِأَن إِبْرَاهِيم لم يعدل بِي شَيْئا إِلَّا اختارني عَلَيْهِ وَإِن إِسْحَاق جاد لي بِنَفسِهِ فَهُوَ على مَا سواهُ أَجود وَأما يَعْقُوب فَمَا ابْتليت ببلاء إِلَّا ازْدَادَ بِي حسن الظَّن وَأخرج الديلمي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن دَاوُد سَأَلَ ربه مَسْأَلَة فَقَالَ: اجْعَلنِي مثل إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب فَأوحى الله إِلَيْهِ أَنِّي: ابْتليت إِبْرَاهِيم بالنَّار فَصَبر وابتليت إِسْحَاق بِالذبْحِ فَصَبر وابتليت يَعْقُوب فَصَبر) وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد والديلمي عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الذَّبِيح إِسْحَاق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن بهار وَكَانَت لَهُ صُحْبَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِسْحَاق ذبيح وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي الْأَحْوَص قَالَ: فاخر أَسمَاء بن خَارِجَة عِنْد ابْن مَسْعُود فَقَالَ: أَنا ابْن الْأَشْيَاخ الْكِرَام فَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: ذَاك يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق ذبيح الله بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أكْرم النَّاس قَالَ يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق ذبيح الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله خيرني بَين أَن يغْفر لنصف أمتِي أَو شَفَاعَتِي فاخترت شَفَاعَتِي ورجوت أَن تكون أَعم لأمتي وَلَوْلَا الَّذِي سبقني إِلَيْهِ العَبْد الصَّالح لعجلت دَعْوَتِي إِن الله لما فرج عَن إِسْحَاق كرب الذّبْح قيل لَهُ: يَا ابا إِسْحَاق سل تعطيه قَالَ: أما وَالله لَا تعجلها قبل نزغات الشَّيْطَان اللَّهُمَّ من مَاتَ لَا يُشْرك بك شَيْئا قد أحسن فَاغْفِر لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لأبي هُرَيْرَة: أَلا أخْبرك عَن إِسْحَاق قَالَ: بلَى قَالَ: رأى إِبْرَاهِيم أَن يذبح إِسْحَاق قَالَ الشَّيْطَان: وَالله لَئِن لم أفتن عِنْد هَذِه آل إِبْرَاهِيم لَا أفتن أحدا مِنْهُم أبدا فتمثل الشَّيْطَان رجلا يعرفونه فاقبل حَتَّى خرج إِبْرَاهِيم بِإسْحَاق ليذبحه دخل على سارة فَقَالَ: أَيْن أصبح إِبْرَاهِيم غادياً بِإسْحَاق قَالَت: لبَعض حَاجته قَالَ: لَا وَالله قَالَت: فَلِمَ غَدا قَالَ: ليذبحه قَالَت: لم يكن ليذبح ابْنه قَالَ: بلَى وَالله قَالَت سارة: فَلم يذبحه قَالَ: زعم أَن ربه أمره بذلك قَالَت: قد أحسن أَن يُطِيع ربه إِن كَانَ أمره بذلك فَخرج الشَّيْطَان فَأدْرك إِسْحَاق وَهُوَ يمشي على أثر أَبِيه قَالَ: أَيْن أصبح أَبوك غادياً قَالَ: لبَعض حَاجته قَالَ: لَا وَالله بل غَدا بك ليذبحك قَالَ: مَا كَانَ أبي ليذبحني قَالَ: بلَى قَالَ: لِمَ قَالَ: زعم أَن الله أمره بذلك قَالَ إِسْحَق: فوَاللَّه لَئِن أمره ليطيعنه فَتَركه الشَّيْطَان وأسرع إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالَ أَيْن أَصبَحت غادياً بابنك قَالَ: لبَعض حَاجَتي قَالَ: لَا وَالله مَا غَدَوْت بِهِ إِلَّا لتذبحه قَالَ: ولِمَ أذبحه قَالَ: زعمت أَن الله أَمرك بذلك فَقَالَ: وَالله لَئِن كَانَ الله أَمرنِي لَأَفْعَلَنَّ قَالَ فَتَركه ويئس أَن يطاع فَلَمَّا أَخذ إِبْرَاهِيم إِسْحَاق ليذبحه وَسلم إِسْحَاق عافاه الله وفداه بِذبح عَظِيم فَقَالَ: قُم أَي بني فَإِن الله قد عافاك فَأوحى الله إِلَى إِسْحَاق: أَنِّي قد

أَعطيتك دَعْوَة اسْتُجِيبَ لَك فِيهَا قَالَ: فَإِنِّي أَدْعُوك أَن تَسْتَجِيب لي أَيّمَا عبد لقيك من الأوّلين والآخرين لَا يُشْرك بك شَيْئا فَادْخُلْهُ الْجنَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الذَّبِيح إِسْحَاق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ الذَّبِيح إِسْحَاق وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: الذَّبِيح إِسْحَاق وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الذَّبِيح إِسْحَاق وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما رأى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْمَنَام ذبح إِسْحَاق سَار بِهِ من منزله إِلَى المنحر بمنى مسيرَة شهر فِي غَدَاة وَاحِدَة فَلَمَّا صرف عَنهُ الذّبْح وَأمر بِذبح الْكَبْش ذبحه ثمَّ رَاح بِهِ وراحا إِلَى منزله فِي عَشِيَّة وَاحِدَة مسيرَة شهر طويت لَهُ الأودية وَالْجِبَال وَأخرج الْحَاكِم بِسَنَد فِيهِ الْوَاقِدِيّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْمَنَام أَن يذبح إِسْحَاق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الذَّبِيح إِسْحَاق وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن نوح بن حبيب قَالَ: سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول كلَاما مَا سَمِعت قطّ أحسن مِنْهُ سمعته يَقُول: قَالَ خَلِيل الله إِبْرَاهِيم لوَلَده فِي وَقت مَا قصّ عَلَيْهِ مَا رأى مَاذَا ترى أَي مَاذَا تُشِير بِهِ ليستخرج بِهَذِهِ اللَّفْظَة مِنْهُ ذكر التَّفْوِيض وَالصَّبْر وَالتَّسْلِيم والانقياد لأمر الله لَا لمواراته لدفع أَمر الله تَعَالَى {يَا أبتِ افْعَل مَا تُؤمر ستجدني إِن شَاءَ الله من الصابرين} قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ والتفويض هُوَ الصَّبْر وَالتَّسْلِيم هُوَ الصَّبْر والانقياد هُوَ ملاك الصَّبْر فَجمع لَهُ الذَّبِيح جمع مَا ابتغاه بِهَذِهِ اللَّفْظَة الْيَسِيرَة وَأخرج الْخَطِيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن فُضَيْل بن عِيَاض قَالَ: أضجعه وَوضع

الشَّفْرَة فاقلب جِبْرِيل الشَّفْرَة فَقَالَ: يَا أَبَت شدني فَإِنِّي أَخَاف أَن ينتضح عَلَيْك من دمي ثمَّ قَالَ: يَا أَبَت حلني فَإِنِّي أَخَاف أَن تشهد عليَّ الْمَلَائِكَة أَنِّي جزعت من أَمر الله تَعَالَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى إِبْرَاهِيم فِي النّوم فَقيل لَهُ: أوف بِنَذْرِك الَّذِي نذرت إِن الله رزقك غُلَاما من سارة أَن تذبحه فَقَالَ: يَا إِسْحَاق انْطلق فَقرب قرباناً إِلَى الله فَأخذ سكيناً وحبلاً ثمَّ انْطلق بِهِ حَتَّى إِذا ذهب بِهِ بَين الْجبَال قَالَ الْغُلَام: يَا أَبَت أَيْن قربانك {قَالَ يَا بني إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك فَانْظُر مَاذَا ترى قَالَ يَا أَبَت افْعَل مَا تُؤمر ستجدني إِن شَاءَ الله من الصابرين} قَالَ لَهُ إِسْحَاق: يَا أَبَت اشْدُد رباطي حَتَّى لَا أَضْطَرِب وأكفف عني ثِيَابك حَتَّى لَا ينضح عَلَيْهَا من دمي شَيْء فتراه سارة فتحزن وأسرع مر السكين على حلقي ليَكُون أَهْون للْمَوْت عليَّ فَإِذا أتيت سارة فاقرأ عَلَيْهَا السَّلَام مني فَأقبل عَلَيْهِ إِبْرَاهِيم بِقَلْبِه وَهُوَ يبكي وَإِسْحَاق يبكي ثمَّ إِنَّه جر السكين على حلقه فَلم تنحر وَضرب الله على حلق إِسْحَاق صفيحة من نُحَاس فَلَمَّا رأى ذَلِك ضرب بِهِ على جَبينه وحز من قَفاهُ وَذَلِكَ قَول الله {فَلَمَّا أسلما} يَقُول: سلما لله الْأَمر {وتله للجبين} فَنُوديَ يَا إِبْرَاهِيم (قد صدقت الرُّؤْيَا) بِإسْحَاق فَالْتَفت فَإِذا هُوَ بكبش فَأَخذه وَحل عَن ابْنه وأكب عَلَيْهِ يقبله وَجعل يَقُول: الْيَوْم يَا بني وهبت لي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: إِن الله لما أَمر إِبْرَاهِيم بِذبح ابْنه قَالَ لَهُ: يَا بني خُذ الشَّفْرَة فَقَالَ الشَّيْطَان: هَذَا أَوَان أُصِيب حَاجَتي من آل إِبْرَاهِيم فلقي إِبْرَاهِيم متشبهاً بصديق لَهُ فَقَالَ لَهُ: يَا إِبْرَاهِيم أَيْن تعمد قَالَ: لحَاجَة قَالَ: وَالله مَا تذْهب إِلَّا لتذبح ابْنك من أجل رُؤْيا رَأَيْتهَا والرؤيا تخطىء وتصيب وَلَيْسَ فِي رُؤْيا رَأَيْتهَا مَا تذْهب إِسْحَاق فَلَمَّا رأى أَنه لم يستفد من إِبْرَاهِيم شَيْئا لَقِي إِسْحَاق فَقَالَ: أَيْن تعمد يَا إِسْحَاق قَالَ: لحَاجَة إِبْرَاهِيم قَالَ: إِن إِبْرَاهِيم إِنَّمَا يذهب بك ليذبحك فَقَالَ إِسْحَاق: وَمَا شَأْنه يذبحني وَهل رَأَيْت أحدا يذبح ابْنه قَالَ: يذبحك لله قَالَ: فَإِن يذبحني لله أَصْبِر وَالله لذَلِك أهل فَلَمَّا رأى أَنه لم يستفد من إِسْحَاق شَيْئا جَاءَ إِلَى سارة فَقَالَ: أَيْن يذهب إِسْحَاق قَالَت: ذهب مَعَ إِبْرَاهِيم

لِحَاجَتِهِ فَقَالَ: إِنَّمَا ذهب بِهِ ليذبحه فَقَالَت: وَهل رَأَيْت أحدا يذبح ابْنه قَالَ: يذبحه لله قَالَت: فَإِن ذبحه لله فَإِن إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق لله وَالله لذَلِك أهل فَلَمَّا رأى أَنه لم يستفد مِنْهُمَا شَيْئا أَتَى الْجَمْرَة فانتفخ حَتَّى سد الْوَادي وَمَعَ إِبْرَاهِيم الْملك فَقَالَ الْملك: ارْمِ يَا إِبْرَاهِيم فَرمى بِسبع حَصَيَات يكبر فِي أثر كل حَصَاة فأفرج لَهُ عَن طَرِيق ثمَّ انْطلق حَتَّى أَتَى الْجَمْرَة الثَّانِيَة فانتفخ حَتَّى سد الْوَادي فَقَالَ لَهُ الْملك: ارْمِ يَا إِبْرَاهِيم فَرمى بِسبع حَصَيَات يكبر مَعَ كل حَصَاة فافرج لَهُ عَن الطَّرِيق ثمَّ انْطلق حَتَّى أَتَى الْجَمْرَة الثَّالِثَة فانتفخ حَتَّى سد الْوَادي عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْملك: ارْمِ يَا إِبْرَاهِيم فَرمى بِسبع حَصَيَات يكبر فِي أثر كل حَصَاة فأفرج لَهُ عَن الطَّرِيق حَتَّى أَتَى المنحر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّمَا سميت تروية وعرفة لِأَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أَتَاهُ الْوَحْي فِي مَنَامه: أَن يذبح ابْنه فَرَأى فِي نَفسه أَمن الله هَذَا أم من الشَّيْطَان فاصبح صَائِما فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة عَرَفَة أَتَاهُ الْوَحْي فَعرف أَنه الْحق من ربه فسميت عَرَفَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَمَّا أسلما} قَالَ: أسلم هَذَا نَفسه لله وَأسلم هَذَا ابْنه لله {وتله} أَي كَبه لفيه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَمَّا أسلما} قَالَ: اتفقَا على أَمر وَاحِد {وتله للجبين} قَالَ: أكبه للجبين وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وتله للجبين} قَالَ: أكبه على وَجهه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وتله للجبين} قَالَ: صرعه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَرَادَ إِبْرَاهِيم أَن يذبح ابْنه قَالَ: يَا أبتاه خُذ بناصيتي واجلس بَين كَتِفي حَتَّى لَا أؤذيك إِذا مسني حر السكين فَفعل فَانْقَلَبت السكين قَالَ: مَالك يَا أبتاه قَالَ: انقلبت

السكين قَالَ: فاطعن بهَا طَعنا قَالَ: فتثنت قَالَ: مَالك يَا أبتاه قَالَ: تثنت فَعرف الصدْق فَفَدَاهُ الله بِذبح عَظِيم وَهُوَ إِسْحَاق وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وتله للجبين} قَالَ: سَاجِدا وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَن وضع السكين على حلقه انقلبت صَارَت نُحَاسا وَأخرج عبد بن حميد عَن عُثْمَان بن حَاضر قَالَ: لما أَرَادَ إِبْرَاهِيم أَن يذبح ابْنه إِسْحَاق ترك أمه سارة فِي مَسْجِد الْخيف وَذهب بِإسْحَاق مَعَه فَلَمَّا بلغ حَيْثُ أَرَادَ أَن يذبحه قَالَ إِبْرَاهِيم لمن كَانَ مَعَه: استأخروا مني وَأخذ بيد ابْنه إِسْحَاق فَعَزله فَقَالَ: يَا بني {إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك فَانْظُر مَاذَا ترى} قَالَ لَهُ إِسْحَاق: يَا أَبَت رَبِّي أَمرك قَالَ إِبْرَاهِيم: نعم يَا إِسْحَاق قَالَ إِسْحَاق: {افْعَل مَا تُؤمر ستجدني إِن شَاءَ الله من الصابرين فَلَمَّا أسلما} لأمر الله {وتله} قَالَ إِسْحَاق لِأَبِيهِ: يَا أبتِ أوثقتني لأطيش بك نُودي {يَا إِبْرَاهِيم قد صدقت الرُّؤْيَا} وَهَبَطَ عَلَيْهِ الْكَبْش من ثبير وَقد قيل: إِنَّه ارتعى فِي الْجنَّة أَرْبَعِينَ سنة فَلَمَّا كشف عَن إِسْحَاق دَعَا ربه وَرغب إِلَيْهِ وحمده وَأوحى إِلَيْهِ: أَن أدع فَإِن دعاءك مستجاب فَقَالَ: اللَّهُمَّ من خرج من الدُّنْيَا لَا يُشْرك بك شَيْئا فَادْخُلْهُ الْجنَّة قَالَ ابْن خاضر: إِن إِبْرَاهِيم كَانَ قَالَ لرَبه: يَا رب أَي وَلَدي أذبح فَأوحى الرب إِلَيْهِ: أحبهما إِلَيْك وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ: أَن دَاوُد قَالَ: يَا رب إِن النَّاس يَقُولُونَ رب إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب فَاجْعَلْنِي لَهُم رَابِعا فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن تِلْكَ بلية لم تصل إِلَيْك بعد إِن إِبْرَاهِيم لم يعدل بِي شَيْئا إِلَّا اختارني ووفى بِجَمِيعِ مَا أَمرته وَإِن إِسْحَق جاد لي بِنَفسِهِ وَإِن يَعْقُوب أخذت خاصته غيبته عَنهُ طول الدَّهْر فَلم ييأس من روحي وَأخرج سعد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام بِابْنِهِ إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق عَلَيْهِمَا السَّلَام فتمثل لَهُ الشَّيْطَان فِي صُورَة رجل فَقَالَ لَهُ: أَيْن تذْهب فَقَالَ إِبْرَاهِيم: عَلَيْهِ السَّلَام مَا لَك وَلذَلِك

اذْهَبْ فِي حَاجَتي قَالَ: فَإنَّك تزْعم أَنَّك تذْهب بابنك فتذبحه قَالَ: وَالله إِن كَانَ الله أَمرنِي بذلك أَنِّي لحقيق أَن أطيع رَبِّي ثمَّ ذهب إِلَى ابْنه وَهُوَ وَرَاءه يمشي فَقَالَ لَهُ: أَيْن تذْهب قَالَ: اذْهَبْ مَعَ أبي فَقَالَ: إِن أَبَاك يزْعم أَن الله أمره بذبحك فَقَالَ لَهُ مثل مَا قَالَ إِبْرَاهِيم ثمَّ انْطلق إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى إِذا كَانُوا على جبل قَالَ لِابْنِهِ {يَا بني إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك فَانْظُر مَاذَا ترى قَالَ يَا أَبَت افْعَل مَا تُؤمر ستجدني إِن شَاءَ الله من الصابرين} وَيَا أَبَت أوثقني رِبَاطًا لَا ينتضح عَلَيْك من دمي فَقَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيم بالشفرة فبرك عَلَيْهِ فَجعل مَا بَين ليته إِلَى منحره نُحَاسا لَا تحيك فِيهِ الشَّفْرَة ثمَّ إِن إِبْرَاهِيم الْتفت وَرَاء فَإِذا هُوَ بالكبش فَقَالَ لَهُ: أَي بني قُم فَإِن الله فدَاك فذبح إِبْرَاهِيم الْكَبْش وَترك ابْنه ثمَّ إِن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا بني إِن الله قد أَعْطَاك بصبرك الْيَوْم فسل مَا شِئْت تُعْطى قَالَ: فَإِنِّي أسأَل الله أَن لَا يلقاه لَهُ عبد مُؤمن بِهِ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ إِلَّا غفر لَهُ وَأدْخلهُ الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وفديناه بِذبح عَظِيم} قَالَ: كَبْش أَبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة فِي أصل ثبير وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وفديناه بِذبح عَظِيم} قَالَ: كَبْش قد رعى فِي الْجنَّة أَرْبَعِينَ خَرِيفًا وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: هَبَط الْكَبْش الَّذِي فدى ابْن إِبْرَاهِيم من هَذِه الخيبة على يسَار الْجَمْرَة الْوُسْطَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الصَّخْرَة الَّتِي بمنى بِأَصْل ثبير هِيَ الَّتِي ذبح عَلَيْهَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فدى ابْنه إِسْحَاق هَبَط عَلَيْهِ من ثبير كَبْش أعين أقرن لَهُ ثُغَاء وَهُوَ الْكَبْش الَّذِي قربه ابْن آدم فَتقبل مِنْهُ وَكَانَ مخزوناً فِي الْجنَّة حَتَّى فدى بِهِ إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن امْرَأَة من بني سليم قَالَت: أرسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عُثْمَان بن طَلْحَة فَسَأَلت عُثْمَان لما دَعَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ إِنِّي كنت رَأَيْت قَرْني الْكَبْش حِين دخلت الْكَعْبَة فنسيت أَن آمُرك أَن تخمرهما فخمرهما فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَن يكون فِي الْبَيْت شَيْء يشغل الْمُصَلِّين وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: فدى الله إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام بكبشين أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَعْيَنَيْنِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وفديناه بِذبح عَظِيم} قَالَ: بكبش متقبل وَأخرج الْبَغَوِيّ عَن عَطاء بن السَّائِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت قَاعِدا بالمنحر مَعَ رجل من قُرَيْش فَحَدثني الْقرشِي قَالَ: حَدثنِي أبي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: إِن الْكَبْش الَّذِي نزل على إِبْرَاهِيم فِي هَذَا الْمَكَان وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وفديناه بِذبح عَظِيم} قَالَ: خرج عَلَيْهِ كَبْش من الْجنَّة وَقد رعاها قبل ذَلِك أَرْبَعِينَ خَرِيفًا فَأرْسل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام ابْنه وَاتبع الْكَبْش فَأخْرجهُ إِلَى الْجَمْرَة الأولى فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات فأفلته عِنْده فجَاء الْجَمْرَة الْوُسْطَى فَأخْرجهُ عِنْدهَا فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات ثمَّ أفلته عِنْد الْجَمْرَة الْكُبْرَى فَرَمَاهُ بِسبع حَصَيَات فَأخْرجهُ عِنْدهَا ثمَّ أَخذه فَأتى بِهِ المنحر من منى فذبحه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: كَانَ اسْم كَبْش إِبْرَاهِيم جرير وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لَهُ رجل: نذرت لأنحرن نَفسِي فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا (لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة) (الْأَحْزَاب 21) ثمَّ تَلا {وفديناه بذبحٍ عَظِيم} فَأمره بكبش فذبحه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: من نذر أَن يذبح نَفسه فليذبح كَبْشًا ثمَّ تَلا (لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة) وَأخرج الديلمي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا رَفعه لما فدى الله إِسْحَاق من الذّبْح أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: يَا إِسْحَاق إِنَّه لم يصبر أحد من الْأَوَّلين

والآخرين [] يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَاغْفِر لَهُ سبقني أخي إِسْحَاق عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الدعْوَة الْآيَات 112 - 122

112

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وبشرناه بِإسْحَاق نَبيا من الصَّالِحين} قَالَ: إِنَّمَا بشر بِهِ نَبيا حِين فدَاه الله من الذّبْح وَلم تكن الْبشَارَة بِالنُّبُوَّةِ حِين مولده وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وبشرناه بِإسْحَاق} قَالَ: بشرى نبوة بشر بِهِ مرَّتَيْنِ حِين ولد وَحين نبىء وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الحميد بن جُبَير بن شيبَة قَالَ: قلت لِابْنِ الْمسيب {وفديناه بذبحٍ عَظِيم} هُوَ إِسْحَاق قَالَ معَاذ الله وَلكنه إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام فثوب بصبره إِسْحَاق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وبشرناه بِإسْحَاق نَبيا} قَالَ: بشر بِهِ بعد ذَلِك نَبيا بَعْدَمَا كَانَ هَذَا من أمره لما جاد لله بِنَفسِهِ {وباركنا عَلَيْهِ وعَلى إِسْحَاق وَمن ذريتهما محسن وظالم لنَفسِهِ مُبين} أَي مُؤمن وَكَافِر وَفِي قَوْله {وَلَقَد مننا على مُوسَى وَهَارُون ونجيناهما وقومهما من الكرب الْعَظِيم}

أَي من آل فِرْعَوْن {وآتيناهما الْكتاب المستبين} قَالَ: التَّوْرَاة {وهديناهما الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} قَالَ: الإِسلام {وَتَركنَا عَلَيْهِمَا فِي الآخرين} قَالَ: أبقى الله عَلَيْهِمَا الثَّنَاء الْحسن فِي الآخرين الْآيَات 123 - 132

123

أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإِن إلْيَاس لمن الْمُرْسلين} الْآيَات قَالَ: إِنَّمَا سمي بعلبك لعبادتهم البعل وَكَانَ موضعهم البدء فَسُمي بعلبك وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن إلْيَاس} قَالَ: إِن الله تَعَالَى بعث إلْيَاس إِلَى بعلبك وَكَانُوا قوما يعْبدُونَ الْأَصْنَام وَكَانَت مُلُوك بني إِسْرَائِيل مُتَفَرِّقَة على الْعَامَّة كل ملك على نَاحيَة يأكلها وَكَانَ الْملك الَّذِي كَانَ إلْيَاس مَعَه يقوم لَهُ أمره ويقتدي بِرَأْيهِ وَهُوَ على هدي من بَين أَصْحَابه حَتَّى وَقع إِلَيْهِم قوم من عَبدة الْأَصْنَام فَقَالُوا لَهُ: مَا يَدْعُوك إِلَّا إِلَى الضَّلَالَة وَالْبَاطِل وَجعلُوا يَقُولُونَ لَهُ: أعبد هَذِه الْأَوْثَان الَّتِي تعبد الْمُلُوك وهم على مَا نَحن عَلَيْهِ يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ وهم فِي ملكهم يَتَقَلَّبُونَ وَمَا تنقص دنياهم من رَبهم الَّذِي تزْعم أَنه بَاطِل وَمَا لنا عَلَيْهِم من فضل فَاسْتَرْجع إلْيَاس فَقَامَ شعر رَأسه وَجلده فَخرج عَلَيْهِ إلْيَاس قَالَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ: وَإِن الَّذِي زين لذَلِك الْملك امْرَأَته وَكَانَت قبله تَحت ملك جَبَّار وَكَانَ من الكنعانيين فِي طول وجسم وَحسن فَمَاتَ زَوجهَا فاتخذت تمثالاً

على صُورَة بَعْلهَا من الذَّهَب وَجعلت لَهُ حدقتين من ياقوتتين وتوجته بتاج مكلل بالدر والجوهر ثمَّ أقعدته على سَرِير تدخل عَلَيْهِ فتدخنه وتطيبه وتسجد لَهُ ثمَّ تخرج عَنهُ فَتزوّجت بعد ذَلِك هَذَا الْملك الَّذِي كَانَ إلْيَاس مَعَه وَكَانَت فاجرة قد قهرت زَوجهَا وَوضعت البعل فِي ذَلِك الْبَيْت وَجعلت سبعين سادنا فعبدوا البعل فَدَعَاهُمْ إلْيَاس إِلَى الله فَلم يزدهم ذَلِك إِلَّا بعدا فَقَالَ إلْيَاس: اللَّهُمَّ إِن بني إِسْرَائِيل قد أَبَوا إِلَّا الْكفْر بك وَعبادَة غَيْرك فَغير مَا بهم من نِعْمَتك فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي قد جعلت أَرْزَاقهم بِيَدِك فَقَالَ: اللَّهُمَّ أمسك عَنْهُم الْقطر ثَلَاث سِنِين فَأمْسك الله عَنْهُم الْقطر وَأرْسل إِلَى الْملك فتاه اليسع فَقَالَ: قل لَهُ إِن إلْيَاس يَقُول لَك أَنَّك اخْتَرْت عبَادَة البعل على عبَادَة الله وَاتَّبَعت هوى امْرَأَتك فاستعد للعذاب وَالْبَلَاء فَانْطَلق اليسع فَبلغ رسَالَته للْملك فعصمه الله تَعَالَى من شَرّ الْملك وَأمْسك الله عَنْهُم الْقطر حَتَّى هَلَكت الْمَاشِيَة وَالدَّوَاب وَجهد النَّاس جهداً شَدِيدا وَخرج إلْيَاس إِلَى ذرْوَة جبل فَكَانَ الله يَأْتِيهِ برزقه وفجر لَهُ عينا معينا لشرابه وَطهُوره حَتَّى أصَاب النَّاس الْجهد فَأرْسل الْملك إِلَى السّبْعين فَقَالَ لَهُم: سلوا البعل أَن يفرج مَا بِنَا فأخرجوا أصنامهم فقربوا لَهَا الذَّبَائِح وعطفوا عَلَيْهَا وَجعلُوا يدعونَ حَتَّى طَال ذَلِك بهم فَقَالَ لَهُم الْملك: إِن إِلَه إلْيَاس كَانَ أسْرع إِجَابَة من هَؤُلَاءِ فبعثوا فِي طلب إلْيَاس فَأتى فَقَالَ: أتحبون أَن يفرج عَنْكُم قَالُوا: نعم قَالَ: فاخرجوا أوثانكم فَدَعَا إلْيَاس عَلَيْهِ السَّلَام ربه أَن يفرج عَنْهُم فارتفعت سَحَابَة مثل الترس وهم ينظرُونَ ثمَّ أرسل الله عَلَيْهِم الْمَطَر فأغاثهم فتابوا وَرَجَعُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ {إلْيَاس} هُوَ إِدْرِيس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال أَن {إلْيَاس} هُوَ إِدْرِيس عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَرْبَعَة أَنْبيَاء الْيَوْم أَحيَاء اثْنَان فِي الدُّنْيَا إلْيَاس وَالْخضر وَاثْنَانِ فِي السَّمَاء عِيسَى وَإِدْرِيس

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن شَوْذَب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام من وَفد فَارس وإلياس عَلَيْهِ السَّلَام من بني إِسْرَائِيل يَلْتَقِيَانِ كل عَام بِالْمَوْسِمِ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دَعَا إلْيَاس عَلَيْهِ السَّلَام ربه أَن يريحه من قومه فَقيل لَهُ: انْظُر يَوْم كَذَا وَكَذَا فَإِذا هُوَ بِشَيْء قد أقبل على صُورَة فرس فَإِذا رَأَيْت دَابَّة لَوْنهَا مثل لون النَّار فاركبها فَجعل يتَوَقَّع ذَلِك الْيَوْم فَإِذا هُوَ بِشَيْء قد أقبل على صُورَة فرس لَونه كلون النَّار حَتَّى وقف بَين يَدَيْهِ فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَانْطَلق بِهِ فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ فَكَسَاهُ الله الريش وكساه النُّور وَقطع عَنهُ لَذَّة الْمطعم وَالْمشْرَب فَصَارَ فِي الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إلْيَاس عَلَيْهِ السَّلَام مُوكل بالفيافي وَالْخضر عَلَيْهِ السَّلَام بالجبال وَقد أعطيا الْخلد فِي الدُّنْيَا إِلَى الصَّيْحَة الأولى وإنهما يَجْتَمِعَانِ كل عَام بِالْمَوْسِمِ وَأخرج الْحَاكِم عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ إلْيَاس عَلَيْهِ السَّلَام صَاحب جبال وبرية يَخْلُو فِيهَا يعبد ربه عز وَجل وَكَانَ ضخم الرَّأْس خميص الْبَطن دَقِيق السَّاقَيْن فِي صَدره شامة حَمْرَاء وَإِنَّمَا رَفعه الله تَعَالَى إِلَى أَرض الشَّام لم يصعد بِهِ إِلَى السَّمَاء وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهُ الله ذَا النُّون وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْخضر هُوَ إلْيَاس وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَضَعفه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فنزلنا منزلا فَإِذا رجل فِي الْوَادي يَقُول: اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من أمة مُحَمَّد المرحومة المغفورة المثاب لَهَا فاشرفت على الْوَادي فَإِذا طوله ثلثمِائة ذِرَاع وَأكْثر فَقَالَ: من أَنْت قلت: أنس خَادِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَيْن هُوَ قلت: هُوَ ذَا يسمع كلامك قَالَ: فأته وَأقرهُ مني السَّلَام وَقل لَهُ أَخُوك إلْيَاس يُقْرِئك السَّلَام فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فجَاء حَتَّى عانقه وقعدا يتحدثان فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول الله إِنِّي إِنَّمَا آكل فِي كل سنة يَوْمًا وَهَذَا يَوْم فطري فَكل أَنْت وَأَنا فَنزلت عَلَيْهِمَا مائدة من السَّمَاء وخبز وحوت وكرفس فأكلا وأطعماني وصليا الْعَصْر ثمَّ وَدعنِي وودعه ثمَّ رَأَيْته مر على

السَّحَاب نَحْو السَّمَاء قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الإِسناد وَقَالَ الذَّهَبِيّ: بل هُوَ مَوْضُوع قبح الله من وَضعه قَالَ: وَمَا كنت أَحسب وَلَا أجوِّز أَن الْجَهْل يبلغ بالحاكم أَن يصحح هَذَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أَتَدعُونَ بعلاً} قَالَ: صنماً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {أَتَدعُونَ بعلاً} قَالَ: رَبًّا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي غَرِيب الحَدِيث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه أبْصر رجلا يَسُوق بقرة فَقَالَ: من بعل هَذِه فَدَعَاهُ فَقَالَ: مِمَّن أَنْت قَالَ: من أهل الْيمن فَقَالَ: هِيَ لُغَة {أَتَدعُونَ بعلاً} أَي رَبًّا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ استام بِنَاقَة رجل من حمير فَقَالَ لَهُ: أَنْت صَاحبهَا قَالَ: أَنا بَعْلهَا فَقَالَ ابْن عَبَّاس {أَتَدعُونَ بعلاً} أَتَدعُونَ رَبًّا مِمَّن أَنْت قَالَ: من حمير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مر رجل يَقُول: من يعرف الْبَقَرَة فَقَالَ رجل: أَنا بَعْلهَا فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: تزْعم أَنَّك زوج الْبَقَرَة قَالَ الرجل: أما سَمِعت قَول الله {أَتَدعُونَ بعلاً وتذرون أحسن الْخَالِقِينَ} قَالَ: تدعون بعلاً وَأَنا ربكُم فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: صدقت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَتَدعُونَ بعلاً} قَالَ: رَبًّا بلغَة ازدة شنوأة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَتَدعُونَ بعلاً} قَالَ: صنماً لَهُم كَانُوا يعبدونه فِي بعلبك وَهِي وَرَاء دمشق فَكَانَ بهَا البعل الَّذِي يعبدونه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَتَدعُونَ بعلاً} قَالَ: رَبًّا باليمانية يَقُول الرجل للرجل: من بعل الثَّوْب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قيس بن سعد قَالَ: سَأَلَ

رجل ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ عَن قَوْله {أَتَدعُونَ بعلاً} فَسكت عَنهُ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ثمَّ سَأَلَهُ فَسكت عَنهُ فَسمع رجلا ينشد ضَالَّة فَسمع آخر يَقُول: أَنا بَعْلهَا فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أَيْن السَّائِل اسْمَع مَا يَقُول السَّائِل أَنا بَعْلهَا أَنا رَبهَا {أَتَدعُونَ بعلاً} أَتَدعُونَ رَبًّا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {سَلام على إل ياسين} قَالَ: هُوَ إلْيَاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك أَنه قَرَأَ سَلام على ادراسين وَقَالَ: هُوَ مثل إلْيَاس مثل عِيسَى والمسيح وَمُحَمّد وَأحمد وَإِسْرَائِيل وَيَعْقُوب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {سَلام على إل ياسين} قَالَ: نَحن آل مُحَمَّد {إل ياسين} الْآيَات 133 - 138

133

أخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {إِلَّا عجوزاً فِي الغابرين} يَقُول: إِلَّا امْرَأَته تخلفت فمشخت حجرا وَكَانَت تسمى هيشفع وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِلَّا عجوزاً فِي الغابرين} قَالَ: الهالكين {وَإِنَّكُمْ لتمرون عَلَيْهِم} قَالَ: فِي أسفاركم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَإِنَّكُمْ لتمرون عَلَيْهِم مصبحين وبالليل} قَالَ: نعم صباحاً وَمَسَاء من أَخذ من الْمَدِينَة إِلَى الشَّام أَخذ على سدوم قَرْيَة قوم لوط وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِنَّكُمْ لتمرون عَلَيْهِم مصبحين وبالليل} قَالَ {لتمرون عَلَيْهِم مصبحين} قَالَ: على قَرْيَة قوم لوط {أَفلا تعقلون} قَالَ: أَفلا تتفكرون أَن يُصِيبكُم مَا أَصَابَهُم

الْآيَات 139 - 148

139

أخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن طَاوس فِي قَوْله {وَإِن يُونُس لمن الْمُرْسلين إِذْ أبق إِلَى الْفلك المشحون} قَالَ: قيل ليونس عَلَيْهِ السَّلَام إِن قَوْمك يَأْتِيهم الْعَذَاب يَوْم كَذَا وَكَذَا فَلَمَّا كَانَ يَوْمئِذٍ خرج يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام فَفَقدهُ قومه فَخَرجُوا بالصغير وَالْكَبِير وَالدَّوَاب وكل شَيْء ثمَّ عزلوا الوالدة عَن وَلَدهَا وَالشَّاة عَن وَلَدهَا والناقة وَالْبَقَرَة عَن وَلَدهَا فَسمِعت لَهُم عجيجاً فَأَتَاهُم الْعَذَاب حَتَّى نظرُوا إِلَيْهِ ثمَّ صرف عَنْهُم فَلَمَّا لم يصبهم الْعَذَاب ذهب يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام مغاضباً فَركب فِي الْبَحْر فِي سفينة مَعَ أنَاس حَتَّى إِذا كَانُوا حَيْثُ شَاءَ الله تَعَالَى ركدت السَّفِينَة فَلم تسر فَقَالَ صَاحب السَّفِينَة: مَا يمنعنا أَن نسير إِلَّا أَن فِيكُم رجلا مشؤوماً قَالَ: فاقترعوا ليلقوا أحدهم فَخرجت الْقرعَة على يُونُس فَقَالُوا: مَا كُنَّا لنفعل بك هَذَا ثمَّ اقترعوا أَيْضا فَخرجت الْقرعَة عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَرمى بِنَفسِهِ فالتقمه الْحُوت قَالَ طَاوس: بَلغنِي أَنه لما نبذه الْحُوت بالعراء وَهُوَ سقيم نَبتَت عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين واليقطين الدُّبَّاء فَمَكثَ حَتَّى إِذا رجعت إِلَيْهِ نَفسه يَبِسَتْ الشَّجَرَة فَبكى يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام حزنا عَلَيْهَا فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَتَبْكِي على هَلَاك شَجَرَة وَلَا تبْكي على هَلَاك مائَة ألف وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بعث الله يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى أهل قريته فَردُّوا عَلَيْهِ مَا جَاءَهُم بِهِ فامتنعوا مِنْهُ فَلَمَّا فعلوا ذَلِك أوحى الله إِلَيْهِ: إِنِّي مُرْسل عَلَيْهِم الْعَذَاب فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا فَأخْرج من بَين

أظهرهم فَاعْلَم قومه الَّذِي وعد الله من عَذَابه إيَّاهُم فَقَالُوا: ارمقوه فَإِن هُوَ خرج من بَين أظْهركُم فَهُوَ الله كَائِن مَا وَعدكُم فَلَمَّا كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي وعدوا الْعَذَاب فِي صبيحتها أدْلج فَرَآهُ الْقَوْم فحذروا فَخَرجُوا من الْقرْيَة إِلَى برَاز من أَرضهم وَفرقُوا بَين كل دَابَّة وَوَلدهَا ثمَّ عجوا إِلَى الله وأنابوا واستقالوا فأقالهم وانتظر يُونُس عَلَيْهِ الْخَبَر عَن الْقرْيَة وَأَهْلهَا حَتَّى مر مار فَقَالَ: مَا فعل أهل الْقرْيَة قَالَ: فعلوا أَن نَبِيّهم لما خرج من بَين أظهرهم عرفُوا أَنه قد صدقهم مَا وعدهم من الْعَذَاب فَخَرجُوا من قريتهم إِلَى برَاز من الأَرْض ثمَّ فرقوا بَين كل ذَات ولد وَوَلدهَا ثمَّ عجوا إِلَى الله وتابوا إِلَيْهِ فَقبل مِنْهُم وَأخر عَنْهُم الْعَذَاب فَقَالَ يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد ذَلِك: لَا أرجع إِلَيْهِم كذابا أبدا وَمضى على وَجهه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ: لما خرج يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام مغاضباً أَتَى السَّفِينَة فركبها فامتنعت أَن تجْرِي فَقَالَ أَصْحَاب السَّفِينَة: مَا هَذَا إِلَّا لحَدث أحدثتموه فَقَالَ بَعضهم لبَعض: تَعَالَوْا حَتَّى نقترع فَمن وَقعت عَلَيْهِ الْقرعَة فالقوه فِي المَاء فاقترعوا فَوَقَعت الْقرعَة على يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ عَادوا فَوَقَعت الْقرعَة عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَة فَلَمَّا رأى يُونُس ذَلِك قَالَ: هُوَ أَنا فَخرج فَطرح نَفسه فَإِذا حوت قد رفع رَأسه من المَاء قدر ثَلَاثَة أَذْرع فَذهب لِيطْرَح نَفسه فَاسْتَقْبلهُ الْحُوت فَإِذا هوى إِلَيْهِ ليأخذه فتحول إِلَى الْجَانِب الآخر فَإِذا الْحُوت قد استقبله فَلَمَّا رأى يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك عرف أَنه أَمر من الله فَطرح نَفسه فَأَخذه الْحُوت قبل أَن يمر على المَاء فَأوحى الله إِلَى الْحُوت أَن لَا تهضم لَهُ عظما وَلَا تَأْكُل لَهُ لَحْمًا حَتَّى آمُر بأَمْري [] بِكَذَا وَكَذَا وَكَذَا حَتَّى ألزقه بالطين فَسمع تَسْبِيح الأَرْض فَذَلِك حِين نَادَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما ألْقى يُونُس عَلَيْهِ سَلام نَفسه فِي الْبَحْر التقمه الْحُوت هوى بِهِ حَتَّى انْتهى إِلَى مفجر من الأَرْض أَو كلمة تشبهها فَسمع تَسْبِيح الأَرْض (فَنَادَى فِي الظُّلُمَات أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة 87) فَأَقْبَلت الدعْوَة تحوم الْعَرْش فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رَبنَا إِنَّا نسْمع صَوتا ضَعِيفا من بِلَاد غربَة قَالَ: وتدرون مَاذَا كم قَالُوا: لَا يَا رَبنَا قَالَ: ذَاك عَبدِي يُونُس قَالُوا: الَّذِي كُنَّا لَا

نزال نرفع لَهُ عملا متقبلاً وَدعوهُ مجابة قَالَ: نعم قَالُوا: يَا رَبنَا أَلا ترحم مَا كَانَ يصنع فِي الرخَاء وتنجيه عِنْد الْبلَاء قَالَ: بلَى فَأمر الْحُوت فحفظه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن لَفظه حِين لَفظه فِي أصل يقطينة وَهِي الدُّبَّاء فلفظه وَهُوَ كَهَيئَةِ الصَّبِي وَكَانَ يستظل بظلها وهيأ الله لَهُ أرواة من الْوَحْش فَكَانَت تروح عَلَيْهِ بكرَة وَعَشِيَّة فتفشخ رِجْلَيْهَا فيشرب من لَبنهَا حَتَّى نبت لَحْمه وَأخرج ابْن إِسْحَاق وَالْبَزَّار وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أَرَادَ الله حبس يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام فِي بطن الْحُوت أوحى الله إِلَى الْحُوت أَن خُذْهُ وَلَا تخدش لَهُ لَحْمًا وَلَا تكسر لَهُ عظما فَأَخذه ثمَّ أَهْوى بِهِ إِلَى مَسْكَنه فِي الْبَحْر فَلَمَّا انْتهى بِهِ إِلَى أَسْفَل الْبَحْر سمع يُونُس حسا فَقَالَ فِي نَفسه: مَا هَذَا فَأوحى الله إِلَيْهِ وَهُوَ فِي بطن الْحُوت: إِن هَذَا تَسْبِيح دَوَاب الأَرْض فسبح وَهُوَ فِي بطن الْحُوت فَسمِعت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام تسبيحه فَقَالُوا: رَبنَا إِنَّا نسْمع صَوتا ضَعِيفا بِأَرْض غربَة قَالَ: ذَاك عَبدِي يُونُس عَصَانِي فحبسته فِي بطن الْحُوت فِي الْبَحْر قَالُوا: العَبْد الصَّالح الَّذِي كَانَ يصعد إِلَيْك مِنْهُ فِي كل يَوْم عمل صَالح قَالَ: نعم فشفعوا لَهُ عِنْد ذَلِك فَأمره فقذفه فِي السَّاحِل كَمَا قَالَ الله {وَهُوَ سقيم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ وعد قومه الْعَذَاب وَأخْبرهمْ أَنه يَأْتِيهم إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام ففرقوا بَين كل وَالِدَة وَوَلدهَا ثمَّ خَرجُوا فجأروا إِلَى الله واستغفروه فَكف الله عَنْهُم الْعَذَاب وَغدا يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام ينْتَظر الْعَذَاب فَلم ير شَيْئا وَكَانَ من كذب وَلم يكن لَهُ بَيِّنَة قتل فانظلق مغاضباً حَتَّى أَتَى قوما فِي سفينة فَحَمَلُوهُ وعرفوه فَلَمَّا دخل السَّفِينَة ركدت والسفن تسير يَمِينا وَشمَالًا فَقَالَ: مَا بَال سفينتكم قَالُوا: مَا نَدْرِي قَالَ: وَلَكِنِّي أَدْرِي أَن فِيهَا عبدا أبق من ربه وَأَنَّهَا وَالله لَا تسير حَتَّى تلقوهُ قَالُوا: أما أَنْت وَالله يَا نَبِي الله فَلَا نلقيك فَقَالَ لَهُم يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام: اقترعوا فَمن قرع فليقع فاقترعوا فقرعهم يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام ثَلَاث مَرَّات فَوَقع

وَقد وكل بِهِ الْحُوت فَلَمَّا وَقع ابتلعه فَأَهوى بِهِ إِلَى قَرَار الأَرْض فَسمع يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام تَسْبِيح الْحَصَى (فَنَادَى فِي الظُّلُمَات أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين) (الْأَنْبِيَاء 87) قَالَ: ظلمَة بطن الْحُوت وظلمة الْبَحْر وظلمة اللَّيْل قَالَ {فنبذناه بالعراء وَهُوَ سقيم} قَالَ كَهَيئَةِ الفرخ الممعوط الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ ريش وَأنْبت الله عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين فَكَانَ يستظل بهَا ويصيب مِنْهَا فيبست فَبكى عَلَيْهَا حِين يَبِسَتْ فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَتَبْكِي على شَجَرَة أَن يَبِسَتْ وَلَا تبْكي على مائَة ألف أَو يزِيدُونَ أردْت أَن تهلكهم فَخرج فَإِذا هُوَ بِغُلَام يرْعَى غنما فَقَالَ: مِمَّن أَنْت يَا غُلَام قَالَ: من قوم يُونُس قَالَ: فَإِذا رجعت إِلَيْهِم فاقرئهم السَّلَام وَأخْبرهمْ إِنَّك لقِيت يُونُس فَقَالَ لَهُ الْغُلَام: إِن تكن يُونُس فقد تعلم أَنه من كذب وَلم يكن لَهُ بَيِّنَة قتل فَمن يشْهد لي قَالَ: تشهد لَك هَذِه الشَّجَرَة وَهَذِه الْبقْعَة فَقَالَ الْغُلَام ليونس: مرهما فَقَالَ لَهما يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام: إِذا جاءكما هَذَا الْغُلَام فاشهدا لَهُ قَالَتَا: نعم فَرجع الْغُلَام إِلَى قومه وَكَانَ لَهُ إخْوَة فَكَانَ فِي مَنْعَة فَأتى الْملك فَقَالَ: إِنِّي لقِيت يُونُس وَهُوَ يقْرَأ عَلَيْكُم السَّلَام فَأمر بِهِ الْملك أَن يقتل فَقَالَ: إِن لَهُ بَيِّنَة فَأرْسل مَعَه فَانْتَهوا إِلَى الشَّجَرَة والبقعة فَقَالَ لَهما الْغُلَام: نشدتكما بِاللَّه هَل أشهدكما يُونُس قَالَتَا: نعم فَرجع الْقَوْم مذعورين يَقُولُونَ: تشهد لَك الشَّجَرَة وَالْأَرْض فَأتوا الْملك فحدثوه بِمَا رَأَوْا فَتَنَاول الْملك يَد الْغُلَام فأجلسه فِي مَجْلِسه وَقَالَ: أَنْت أَحَق بِهَذَا الْمَكَان مني وَأقَام لَهُم أَمرهم ذَلِك الْغُلَام أَرْبَعِينَ سنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن يُونُس بن مَتى كَانَ عبدا صَالحا وَكَانَ فِي خلقه ضيق فَلَمَّا حملت عَلَيْهِ أثقال النبوّة وَلها أثقال لَا يحملهَا إِلَّا قَلِيل تفسخ تحتهَا تفسخ الرّبع تَحت الْحمل فقذفها من يَده وَخرج هَارِبا مِنْهَا يَقُول الله لنَبيه (فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل وَلَا تكن كصاحب الْحُوت) (الْأَحْقَاف 35) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فساهم فَكَانَ من المدحضين} قَالَ: من المسهومين قَالَ: اقترع فَكَانَ من المدحضين قَالَ: من المسهومين

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فساهم فَكَانَ من المدحضين} قَالَ: احْتبست السَّفِينَة فَعلم الْقَوْم أَنَّهَا احْتبست من حدث أحدثوه فتساهموا فقرع يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام فَرمى بِنَفسِهِ {فالتقمه الْحُوت وَهُوَ مليم} أَي مسيء فِيمَا صنع {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} قَالَ: كَانَ كثير الصَّلَاة فِي الرخَاء فنجا وَكَانَ يُقَال فِي الْحِكْمَة إِن الْعَمَل الصَّالح يرفع صَاحبه إِذا عثر وَإِذا مَا صرع وجد متكأ {للبث فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يبعثون} يَقُول: لَصَارَتْ لَهُ قبر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ أَنه جلس هُوَ وَطَاوُس وَنَحْوهم من أهل ذَلِك الزَّمَان فَذكرُوا أَي أَمر الله أسْرع فَقَالَ بَعضهم: قَول الله تَعَالَى (كلمح الْبَصَر) (النَّحْل 77) وَقَالَ بَعضهم: السرير حِين أَتَى بِهِ سُلَيْمَان فَقَالَ ابْن مُنَبّه: أسْرع أَمر الله أَن يُونُس على حافة السَّفِينَة إِذا أوحى الله تَعَالَى إِلَى نون فِي نيل مصر فَمَا خرَّ من حافتها إِلَّا فِي جَوْفه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ التقمه حوت يُقَال لَهُ نجم فَجرى بِهِ فِي بَحر الرّوم ثمَّ النّيل ثمَّ فَارس ثمَّ فِي دجلة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَهُوَ مليم} مسيء وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي والطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله {وَهُوَ مليم} قَالَ: المليم الْمُسِيء والمذنب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَهُوَ يَقُول: بَرِيء من الْآفَات لَيْسَ لَهَا بِأَهْل وَلَكِن الْمُسِيء هُوَ المليم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَهُوَ مليم} قَالَ: مذنب وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} قَالَ: لَوْلَا أَنه حَلَاله عمل صَالح {للبث فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يبعثون} قَالَ: وَفِي الْحِكْمَة إِن الْعَمَل الصَّالح يرفع صَاحبه وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن

جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} قَالَ: من الْمُصَلِّين قبل أَن يدْخل بطن الْحُوت وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} قَالَ: مَا كَانَ إِلَّا صَلَاة أحدثها فِي بطن الْحُوت فَذكر ذَلِك لِقَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: لَا إِنَّمَا كَانَ يعْمل فِي الرخَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} قَالَ: من الْمُصَلِّين وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} قَالَ: العابدين الله قبل ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن أبي الْحسن رَضِي الله عَنهُ {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} قَالَ: لَوْلَا أَنه كَانَ لَهُ سلف من عبَادَة وتسبيح تَدَارُكه الله بِهِ حِين أَصَابَهُ مَا أَصَابَهُ نعمه فِي بطن الْحُوت أَرْبَعِينَ من بَين يَوْم وَلَيْلَة ثمَّ أخرجه وَتَابَ عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} قَالَ: نعلم وَالله أَن التضرع فِي الرخَاء اسْتِعْدَادًا لنزول الْبلَاء ويجد صَاحبه متكأ إِذا نزل بِهِ وَإِن سالف السَّيئَة تلْحق صَاحبهَا وَإِن قدمت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اذْكروا الله فِي الرخَاء يذكركم فِي الشدَّة فَإِن يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ عبدا صَالحا ذَاكِرًا لله فَلَمَّا وَقع فِي بطن الْحُوت قَالَ الله {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين للبث فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يبعثون} وَإِن فِرْعَوْن كَانَ عبدا طاغياً نَاسِيا لذكر الله فَلَمَّا أدْركهُ الْغَرق قَالَ: (آمَنت أَنه لَا إِلَه إِلَّا الَّذِي آمَنت بِهِ بَنو إِسْرَائِيل وَأَنا من الْمُسلمين) (يُونُس 90) فَقيل لَهُ (آلآن وَقد عصيت قبل وَكنت من المفسدين) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} قَالَ: كَانَ يكثر الصَّلَاة فِي الرخَاء فَلَمَّا حصل فِي بطن الْحُوت ظن أَنه الْمَوْت فحرك رجلَيْهِ فَإِذا هِيَ تتحرك فَسجدَ

وَقَالَ: يَا رب اتَّخذت لَك مَسْجِدا فِي مَوضِع لم يسْجد فِيهِ أحد وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: التقمه الْحُوت ضحى وَلَفظه عَشِيَّة مَا بَات فِي بَطْنه وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مكث يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام فِي بطن الْحُوت أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن جريج قَالَ: بَقِي يُونُس فِي بطن الْحُوت أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لبث يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام فِي بطن الْحُوت أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لبث يُونُس فِي بطن الْحُوت سَبْعَة أَيَّام فَطَافَ بِهِ الْبحار كلهَا ثمَّ نبذه على شاطىء دجلة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ {فالتقمه الْحُوت} يُقَال لَهُ نجم وَإنَّهُ لبث ثَلَاثًا فِي جَوْفه وَفِي قَوْله {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} قَالَ: كَانَ كثير الصَّلَاة فِي الرخَاء فنجا {للبث فِي بَطْنه} قَالَ: لصار لَهُ بطن الْحُوت قبراً {إِلَى يَوْم يبعثون} قَالَ: إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَفِي قَوْله {فنبذناه بالعراء} قَالَ: شط دجلة ونينوى على شط دجلة مكث فِي بَطْنه أَرْبَعِينَ يَوْمًا يتردّد بِهِ فِي دجلة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فنبذناه بالعراء} قَالَ: ألقيناه بالسَّاحل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن شهر بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: انْطلق يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام مغضباً فَركب مَعَ قوم فِي سفينة فوقفت السَّفِينَة لم تسر فساهمهم فَتَدَلَّى فِي الْبَحْر فجَاء الْحُوت يبصبص بِذَنبِهِ فَنُوديَ الْحُوت أَنا لم نجْعَل يُونُس لَك رزقا إِنَّمَا جعلناك لَهُ حرْزا ومسجداً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما ذهب

مغاضباً فَكَانَ فِي بطن الْحُوت قَالَ من بطن الْحُوت: إلهي من الْبيُوت أخرجتني وَمن رُؤُوس الْجبَال أنزلتني وَفِي الْبِلَاد سيرتني وَفِي الْبَحْر قذفتني وَفِي بطن الْحُوت سجنتني فَمَا تعرف مني عملا صَالحا تروح بِهِ عني قَالَت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام: رَبنَا صَوت مَعْرُوف من مَكَان غربَة فَقَالَ لَهُم الرب: ذَاك عَبدِي يُونُس قَالَ الله {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين للبث فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يبعثون} وَكَانَ فِي بطن الْحُوت أَرْبَعِينَ يَوْمًا فنبذه الله {بالعراء وَهُوَ سقيم} وَأنْبت {عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين} قَالَ: اليقطين الدُّبَّاء فاستظل بظلها وَأكل من قرعها وَشرب من أَصْلهَا مَا شَاءَ الله ثمَّ إِن الله تَعَالَى أيبسها وَذهب مَا كَانَ فِيهَا فَحزن يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام فَأوحى الله إِلَيْهِ: حزنت على شَجَرَة أنبتها ثمَّ أيبستها وَلم تحزن على قَوْمك حِين جَاءَهُم الْعَذَاب فصرف عَنْهُم ثمَّ ذهبت مغاضباً وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن حميد بن هِلَال قَالَ: كَانَ يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام يَدْعُو قومه فيأبون عَلَيْهِ فَإِذا خلا دَعَا الله لَهُم بِالْخَيرِ وَقد بعثوا عَلَيْهِ عينا فَلَمَّا أعيوه دَعَا الله عَلَيْهِم فَأَتَاهُم عينهم فَقَالَ: مَا كُنْتُم صانعين فَاصْنَعُوا فقد أَتَاكُم الْعَذَاب فقد دَعَا عَلَيْكُم فَانْطَلق وَلَا يشك أَنه يسأتيهم الْعَذَاب فَخَرجُوا قد ولهوا الْبَهَائِم عَن أَوْلَادهَا فَخَرجُوا تَائِبين فَرَحِمهمْ الله تَعَالَى وَجَاء يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام ينظر بِأَيّ شَيْء أهلكها فَإِذا الأَرْض مسودة مِنْهُم بِدُونِ عَذَاب وَذَاكَ حِين ذهب مغاضباً فَركب مَعَ قوم فِي سفينة فَجعلت السَّفِينَة لَا تنفذ وَلَا ترجع فَقَالَ بَعضهم لبَعض مَاذَا إِلَّا لذنب بَعْضكُم فاقترعوا أَيّكُم نلقيه فِي المَاء ونخلي وجهنا فاقترعوا فَبَقيَ سهم يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام فِي الشمَال فَقَالُوا: لَا نفتدي من أَصْحَابنَا بِنَبِي الله فَقَالَ يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام: مَا يُرَاد غَيْرِي فاقذفوني وَلَا تنكسوني وَلَكِن صبوني على رجْلي صبا فَفَعَلُوا وَجَاء الْحُوت شاحباً فَاه فالتقمه فَاتبعهُ حوت أكبر من ذَلِك ليلتقمهما فسبقه فَكَانَ يُونُس فِي بطن الْحُوت حَتَّى رق الْعظم وَذهب اللَّحْم والبشر وَالشعر وَكَانَ سقيماً فَدَعَا بِمَا دَعَا بِهِ فنبذ بالعراء وَهُوَ سقيم فأنبت الله {عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين} فَكَانَ فِيهَا غذاه حَتَّى اشْتَدَّ الْعظم وَنبت اللَّحْم وَالشعر والبشر فَعَاد كَمَا كَانَ فَبعث الله عَلَيْهَا ريحًا فيبست فَبكى عَلَيْهَا فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا يُونُس أَتَبْكِي على شَجَرَة جعل

الله لَك فِيهَا غذَاء وَلَا تبْكي على قَوْمك أَن يهْلكُوا وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما بعث الله يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى قومه يَدعُوهُم إِلَى الله وعبادته وَأَن يتْركُوا مَا هم فِيهِ أَتَاهُم فَدَعَاهُمْ فَأَبَوا عَلَيْهِ فَرجع إِلَى ربه فَقَالَ: رب إِن قومِي قد أَبَوا عليَّ وكذبوني قَالَ: فَارْجِع إِلَيْهِم فَإِن هم آمنُوا وَصَدقُوا وَإِلَّا فاخبرهم أَن الْعَذَاب مصبحهم غدْوَة فَأَتَاهُم فَدَعَاهُمْ فَأَبَوا عَلَيْهِ قَالَ: فَإِن الْعَذَاب مصبحكم غدْوَة ثمَّ تولى عَنْهُم فَقَالَ الْقَوْم بَعضهم لبَعض وَالله مَا جربنَا عَلَيْهِ من كذب مُنْذُ كَانَ فِينَا فانظروا صَاحبكُم فَإِن بَات فِيكُم اللَّيْلَة وَلم يخرج من قريتكم وَلم يبت فِيهَا فاعلموا أَن الْعَذَاب مصبحكم حَتَّى إِذا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل أَخذ مخلاة فَجعل فِيهَا طعيماً لَهُ ثمَّ خرج فَلَمَّا رَأَوْهُ فرقوا بَين كل وَالِدَة وَوَلدهَا من بَهِيمَة أَو إِنْسَان ثمَّ عجوا إِلَى الله مُؤمنين ومصدقين بِيُونُس عَلَيْهِ السَّلَام وَبِمَا جَاءَ بِهِ فَلَمَّا رأى الله ذَلِك مِنْهُم بعد مَا كَانَ قد غشيهم الْعَذَاب كَمَا يغشى الْقَبْر بِالثَّوْبِ كشفه عَنْهُم وَمكث ينظر مَا أَصَابَهُم من الْعَذَاب فَلَمَّا أصبح رأى الْقَوْم يخرجُون لم يصبهم شَيْء من الْعَذَاب قَالَ: لَا وَالله لَا آتيهم وَقد جربوا عليَّ كذبة فَخرج فَذهب مغاضباً لرَبه فَوجدَ قوما يركبون فِي سفينة فَركب مَعَهم فَلَمَّا جنحت بهم السَّفِينَة تكفت ووقفت فَقَالَ الْقَوْم: إِن فِيكُم لرجلاً عَظِيم الذَّنب فاستهموا لَا تغرقوا جَمِيعًا فاستهم الْقَوْم فسهمهم يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الْقَوْم: لَا نلقي فِيهِ نَبِي الله اخْتلطت سهامكم فأعيدوها فاسهموا فسهمهم يُونُس فَلَمَّا رأى يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام ذَلِك قَالَ للْقَوْم: فالقوني لَا تغرقوا جَمِيعًا فألقوه فَوكل الله تَعَالَى بِهِ حوتاً فالتقمه لَا يكسر لَهُ عظما وَلَا يَأْكُل لَهُ لَحْمًا فهبط بِهِ الْحُوت إِلَى أَسْفَل الْبَحْر فَلَمَّا جنه الليلنادى فِي الظُّلُمَات ثَلَاث ظلمَة بطن الْحُوت وظلمة اللَّيْل وظلمة الْبَحْر (أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين) (الْأَنْبِيَاء 87) فَأوحى الله إِلَى الْحُوت: أَن ألقيه فِي الْبر فارتفع الْحُوت فَأَلْقَاهُ فِي الْبر لَا شعر لَهُ وَلَا جلد وَلَا ظفر فَلَمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس أَذَاهُ حرهَا فَدَعَا الله فأنبتت {عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين} وَهِي الدُّبَّاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما ألقِي

يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام فِي بطن الْحُوت طَاف فِي البحور كلهَا سَبْعَة أَيَّام ثمَّ انْتهى بِهِ إِلَى شط دجلة فقذفه على شط دجلة فأنبت الله {عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين} قَالَ من نَبَات الْبَريَّة فَأرْسلهُ {إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} قَالَ: يزِيدُونَ بسبعين ألفا وَقد كَانَ أظلهم الْعَذَاب ففرقوا بَين كل ذَات رحم ورحمها من النَّاس والبهائم ثمَّ عجوا إِلَى الله فصرف عَنْهُم الْعَذَاب ومطرت السَّمَاء دَمًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد عَن وهب قَالَ: أَمر الْحُوت أَن لَا يضرّهُ وَلَا يكلمهُ قَالَ الله {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين} قَالَ: من العابدين قبل ذَلِك فَذكر بِعِبَادَتِهِ فَلَمَّا خرج من الْبَحْر نَام نومَة فأنبت الله {عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين} وَهِي الدُّبَّاء فأظلته فبلغت فِي يَوْمهَا فرآها قد أظلته وَرَأى خضرتها فَأَعْجَبتهُ ثمَّ نَام نومَة فَاسْتَيْقَظَ فَإِذا هِيَ قد يَبِسَتْ فَجعل يحزن عَلَيْهَا فَقيل أَنْت الَّذِي لم تخلق وَلم تسق وَلم تنْبت تحزن عَلَيْهَا وَأَنا الَّذِي خلقت مائَة ألف من النَّاس أَو يزِيدُونَ ثمَّ رحمتهم فشق عَلَيْك وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن قسيط أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ يَقُول: طرح بالعراء فأنبت الله عَلَيْهِ يقطينة فَقُلْنَا يَا أَبَا هُرَيْرَة: مَا اليقطينة قَالَ: شَجَرَة الدُّبَّاء هيأ الله تَعَالَى لَهُ أروية وحشية تَأْكُل من خشَاش الأَرْض فتفشخ عَلَيْهِ فترويه من لَبنهَا كل عَشِيَّة وبكرة حَتَّى نبت وَقَالَ ابْن أبي الصَّلْت قبل الإِسلام فِي ذَلِك بَيْتا من شعر: فأنبت يقطيناً عَلَيْهِ برحمة من الله لَوْلَا الله ألفى ضاحيا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وأنبتنا عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين} قَالَ: القرع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {شَجَرَة من يَقْطِين} قَالَ: القرع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنَّهَا الدُّبَّاء هَذَا القرع الَّذِي رَأَيْتُمْ أنبتها الله عَلَيْهِ يَأْكُل مِنْهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {شَجَرَة من يَقْطِين} قَالَ: القرع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله {شَجَرَة من يَقْطِين} قَالَا: هِيَ الدُّبَّاء وَأخرج الديلمي عَن الْحسن بن عَليّ رَفعه كلوا اليقطين فَلَو علم الله عز وَجل شَجَرَة أخف مِنْهَا لأنبتها على يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام وَإِذا اتخذ أحدكُم مرقا فليكثر فِيهِ من الدُّبَّاء فَإِنَّهُ يزِيد فِي الدِّمَاغ وَفِي الْعقل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنبت الله شَجَرَة من يَقْطِين وَكَانَ لَا يتَنَاوَل مِنْهَا ورقة فيأخذها إِلَّا أروته لَبَنًا أَو قَالَ: يشرب مِنْهَا مَا شَاءَ حَتَّى نبت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وأنبتنا عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين} قَالَ: غير ذَات أصل من الدُّبَّاء أَو غَيره من شَجَرَة لَيْسَ لَهَا سَاق وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وأنبتنا عَلَيْهِ شَجَرَة من يَقْطِين} قَالَ: كل شَيْء نبت ثمَّ يَمُوت من عَامه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا بَال الْبِطِّيخ من القرع هُوَ كل شَيْء يذهب على وَجه الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل شَجَرَة لَا سَاق لَهَا فَهِيَ من اليقطين وَالَّذِي يكون على وَجه الأَرْض من الْبِطِّيخ والقثاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن اليقطين أهوَ القرع قَالَ: لَا وَلكنهَا شَجَرَة سَمَّاهَا الله اليقطين أظلته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأرسلناه} قبل أَن يلتقمه الْحُوت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن وَقَتَادَة فِي قَوْله {وأرسلناه} قَالَا بَعثه الله تَعَالَى قبل أَن يُصِيبهُ مَا أَصَابَهُ أرسل إِلَى أهل نِينَوَى من أَرض الْموصل

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّمَا كَانَت رِسَالَة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام بَعْدَمَا نبذه الْحُوت ثمَّ تَلا {فنبذناه بالعراء} إِلَى قَوْله {وأرسلناه إِلَى مائَة ألف} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله {وأرسلناه إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} قَالَ: يزِيدُونَ عشْرين ألفا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أَو يزِيدُونَ} قَالَ: يزِيدُونَ ثَلَاثِينَ ألفا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْعُقُوبَات وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أَو يزِيدُونَ} قَالَ: يزِيدُونَ بضعَة وَثَلَاثِينَ ألفا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} قَالَ: كَانُوا مائَة ألف وَبضْعَة وَأَرْبَعين ألفا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} قَالَ: يزِيدُونَ بسبعين ألفا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن نوف فِي قَوْله {مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} قَالَ: كَانَت زيادتهم سبعين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فآمنوا فمتعناهم إِلَى حِين} قَالَ: الْمَوْت الْآيَات 149 - 160

149

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاستفتهم} قَالَ: فسلهم يَعْنِي مُشْركي قُرَيْش {ألربك الْبَنَات وَلَهُم البنون} قَالَ: لأَنهم قَالُوا: لله الْبَنَات وَلَهُم البنون وَقَالُوا: إِن الْمَلَائِكَة أناث فَقَالَ {أم خلقنَا الْمَلَائِكَة أناثاً وهم شاهدون} كَذَلِك {أَلا إِنَّهُم من إفكهم ليقولون ولد الله وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ اصْطفى الْبَنَات على الْبَنِينَ} فَكيف يَجْعَل لكم الْبَنِينَ ولنفسه الْبَنَات {مَا لكم كَيفَ تحكمون} إِن هَذَا لحكم جَائِر {أَفلا تذكرُونَ أم لكم سُلْطَان مُبين} أَي عذر مُبين {فَأتوا بِكِتَابِكُمْ} أَي بعذركم {إِن كُنْتُم صَادِقين وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا} قَالَ: زعم أَعدَاء الله أَنه تبَارك وَتَعَالَى أَنه هُوَ وإبليس أَخَوان وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا} قَالَ: قَالَ كفار قُرَيْش الْمَلَائِكَة بَنَات الله فَقَالَ لَهُم أَبُو بكر الصّديق: فَمن أمهاتهم فَقَالُوا: بَنَات سروات الْجِنّ فَقَالَ الله {وَلَقَد علمت الْجنَّة إِنَّهُم لمحضرون} يَقُول: إِنَّهَا ستحضر الْحساب قَالَ: وَالْجنَّة الْمَلَائِكَة وَأخرج جُوَيْبِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي ثَلَاثَة أَحيَاء من قُرَيْش سليم وخزاعة وجهينة {وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا} قَالَ: قَالُوا صاهر إِلَى كرام الْجِنّ الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا} قَالَ: قَالُوا الْمَلَائِكَة بَنَات الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا} قَالَ: قَالُوا صاهر إِلَى كرام الْجِنّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الْجنَّة} الْمَلَائِكَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّهُم سموا الْجِنّ لأَنهم كَانُوا على الْجنان وَالْمَلَائِكَة كلهم أجنة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد علمت الْجنَّة إِنَّهُم لمحضرون} قَالَ: فِي النَّار {سُبْحَانَ الله عَمَّا يصفونَ} قَالَ: عَمَّا يكذبُون {إِلَّا عباد الله المخلصين} قَالَ: هَذِه ثنيا الله من الْجِنّ وَالْإِنْس الْآيَات 161 - 163

161

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَإِنَّكُم} يَا معشر الْمُشْركين {وَمَا تَعْبدُونَ} يَعْنِي الْآلهَة {مَا أَنْتُم عَلَيْهِ بفاتنين} بمصلين {إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم} يَقُول: إِلَّا من سبق فِي علمي أَنه سيصلى الْجَحِيم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا أَنْتُم عَلَيْهِ بفاتنين إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم} يَقُول: لَا تضلون أَنْتُم وَلَا أضلّ مِنْكُم إِلَّا من قضيت عَلَيْهِ أَنه صال الْجَحِيم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا أَنْتُم عَلَيْهِ بفاتنين} قَالَ: بمضلين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {مَا أَنْتُم عَلَيْهِ بفاتنين} قَالَ: بمضلين {إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم} إِلَّا من قدر لَهُ أَن يصلى الْجَحِيم وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: لَا يفتنون إِلَّا من يصلى الْجَحِيم وَلَا يفتنون الْمُؤمن وَلَا يسلطون عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو أَرَادَ الله أَن لَا يعْصى مَا خلق إِبْلِيس ثمَّ قَرَأَ {مَا أَنْتُم عَلَيْهِ بفاتنين إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم} وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: يَا بني إِبْلِيس

إِنَّكُم لن تقدروا أَن تفتنوا أحدا من عبَادي إِلَّا من سيصلى الْجَحِيم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: لَا يفتنون {إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم} الْآيَات 164 - 166

164

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم} قَالَ: الْمَلَائِكَة {وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون} قَالَ الْمَلَائِكَة {وَإِنَّا لنَحْنُ المسبحون} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: ذَاك قَول جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم} قَالَ: الْمَلَائِكَة مَا فِي السَّمَاء مَوضِع إِلَّا عَلَيْهِ ملك إِمَّا سَاجِدا أَو قَائِما حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا فِي السَّمَاء مَوضِع قدم إِلَّا عَلَيْهِ ملك سَاجِدا أَو قَائِم وَذَلِكَ قَول الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام {وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون} وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن عَسَاكِر عَن الْعَلَاء بن سعد رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْمًا لجلسائه: اطت السَّمَاء وَحقّ لَهَا أَن تئط لَيْسَ مِنْهَا مَوضِع قدم إِلَّا عَلَيْهِ ملك رَاكِع أَو ساجد ثمَّ قَرَأَ {وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون وَإِنَّا لنَحْنُ المسبحون} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ

قَالَ: إِن من السَّمَوَات لسماء مَا فِيهَا مَوضِع شبر إِلَّا عَلَيْهِ جبهة ملك أَو قدماه قَائِما أَو سَاجِدا ثمَّ قَرَأَ {وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون وَإِنَّا لنَحْنُ المسبحون} وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون وَإِنَّا لنَحْنُ المسبحون} قَالَ: اطت السَّمَاء وَمَا تلام أَن تئط إِن فِي السَّمَاء لسماء مَا فِيهَا مَوضِع شبر إِلَّا عَلَيْهِ جبهة ملك أَو قدماه وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ وأسمع مَا لَا تَسْمَعُونَ إِن السَّمَاء اطت وَحقّ لَهَا أَن تئط مَا فِيهَا مَوضِع أَربع أَصَابِع إِلَّا وَملك وَاضع جَبهته سَاجِدا لله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حَكِيم بن حزَام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هَل تَسْمَعُونَ مَا أسمع قُلْنَا يَا رَسُول الله مَا تسمع قَالَ: اسْمَع اطيط السَّمَاء وَمَا تلام أَن تئط مَا فِيهَا مَوضِع قدم إِلَّا وَفِيه ملك رَاكِع أَو ساجد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يصلونَ الرِّجَال وَالنِّسَاء جَمِيعًا حَتَّى نزلت {وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم} فَتقدم الرِّجَال وَتَأَخر النِّسَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّاس يصلونَ متبددين فَأنْزل الله {وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون} فَأَمرهمْ أَن يصفوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حدثت أَنهم كَانُوا لَا يصفونَ حَتَّى نزلت {وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن الْوَلِيد بن عبد الله بن أبي مغيث رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا لَا يصفونَ فِي الصَّلَاة حَتَّى نزلت {وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: (كَانَت أول صَلَاة صلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ {وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون وَإِنَّا لنَحْنُ المسبحون} فَقَامَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بَين يَدَيْهِ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَلفه ثمَّ صف النِّسَاء من خَلفه وَالنِّسَاء خلف الرِّجَال فصلى بهم الظّهْر أَرْبعا حَتَّى إِذا كَانَ عِنْد الْعَصْر قَامَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَفعل مثلهَا ثمَّ جَاءَهُ حِين غربت

الشَّمْس فصلى بهم ثَلَاثًا يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأولتين يجْهر فيهمَا وَلم يسمع فِي الثَّالِثَة حَتَّى إِذا كَانَ عِنْد الْعشَاء وَغَابَ الشَّفق جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فصلى بِالنَّاسِ أَربع رَكْعَات يجْهر بِالْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى إِذا أصبح ليلته أَتَاهُ فصلى رَكْعَتَيْنِ يجْهر فيهمَا ويطوّل الْقِرَاءَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة قَالَ: اسْتَووا تقدم يَا فلَان تَأَخّر يَا فلَان أقِيمُوا صفوفكم يُرِيد الله بكم هدي الْمَلَائِكَة ثمَّ يَتْلُو {وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون وَإِنَّا لنَحْنُ المسبحون} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن جَابر بن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا تصفون كَمَا تصف الْمَلَائِكَة عِنْد رَبهم قَالَ: يُقِيمُونَ الصُّفُوف الْمُقدمَة ويتراصون فِي الصَّفّ وَأخرج مُسلم عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فضلنَا على النَّاس بِثَلَاث جعلت صُفُوفنَا كَصُفُوف الْمَلَائِكَة وَجعلت لنا الأَرْض مَسْجِدا وَجعلت لنا تربَتهَا طهُورا إِذا لم نجد المَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اعتدلوا فِي صفوفكم وتراصوا فَإِنِّي أَرَاكُم من ورائي قَالَ أنس رَضِي الله عَنهُ: لقد رَأَيْت أَحَدنَا يلزق مَنْكِبه بمنكب صَاحبه وَقدمه بقدمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوّم الصُّفُوف كَمَا تقوّم القداح فأبصر يَوْمًا صدر رجل خَارِجا من الصَّفّ فَقَالَ: لتقيمن صفوفكم أَو ليخالفن الله بَين وُجُوهكُم وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أقِيمُوا صفوفكم لَا يتخللكم الشَّيْطَان كأولاد الْحَذف قيل يَا رَسُول الله وَمَا أَوْلَاد الْحَذف قَالَ: ضَأْن سود يكون بِأَرْض الْيمن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمسح مناكبنا فِي الصَّلَاة وَيَقُول: اسْتَووا وَلَا تختلفوا فتختلف قُلُوبكُمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أقِيمُوا صفوفكم فَإِن من حسن الصَّلَاة إِقَامَة الصَّفّ

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطَبنَا فَبين لنا سنتنا وَعلمنَا صَلَاتنَا فَقَالَ: إِذا صليتم فأقيموا صفوفكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فاعدلوا صفوفكم وسدوا الْفرج فَإِنِّي أَرَاكُم من وَرَاء ظَهْري وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سد فُرْجَة فِي صف رَفعه الله بهَا دَرَجَة وَبنى لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سوّوا صفوفكم واحسنوا ركوعكم وسجودكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اسْتَووا تستوي قُلُوبكُمْ وتَراصُّوا تُرْحَمُوا وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (إِن رَبك يعلم أَنَّك تقوم أدنى من ثُلثي اللَّيْل) (المزمل 20) إِلَى قَوْله (علم أَن لن تحصوه) قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: أشق ذَلِك عَلَيْكُم قَالَ: نعم قَالَ {وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام مَعْلُوم وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون وَإِنَّا لنَحْنُ المسبحون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِنَّا لنَحْنُ الصافون} قَالَ: صُفُوف فِي السَّمَاء {وَإِنَّا لنَحْنُ المسبحون} أَي المصلون هَذَا قَول الْمَلَائِكَة يبينون مكانهم من الْعباد الْآيَات 166 - 179

167

أخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَو أَن عندنَا ذكرا من الْأَوَّلين} قَالَ: لما جَاءَ الْمُشْركين من أهل مَكَّة ذكر الْأَوَّلين وَعلم الآخرين كفرُوا بِالْكتاب {فَسَوف يعلمُونَ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن كَانُوا ليقولون} قَالَ: قَالَت هَذِه الْأمة ذَلِك قبل أَن يبْعَث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول أهل الشّرك من أهل مَكَّة فَلَمَّا جَاءَهُم ذكر الْأَوَّلين وَعلم الآخرين كفرُوا بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن كَانُوا ليقولون} قَالَ: قَالَت هَذِه الْأمة ذَلِك قبل أَن يبْعَث مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا جَاءَهُم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَكَفرُوا بِهِ فَسَوف يعلمُونَ} وَفِي قَوْله {وَلَقَد سبقت كلمتنا} قَالَ: كَانَت الْأَنْبِيَاء تقتل وهم منصورون والمؤمنون يقتلُون وهم منصورون نصروا بالحجج فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلم يقتل نَبِي قطّ وَلَا قوم يدعونَ إِلَى الْحق من الْمُؤمنِينَ فتذهب تِلْكَ الْأمة والقرن حَتَّى يبْعَث الله قرنا ينتصر بهم مِنْهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فتول عَنْهُم حَتَّى حِين} قَالَ: إِلَى الْمَوْت {وأبصرهم فَسَوف يبصرون} قَالَ: ابصروا حِين لم يَنْفَعهُمْ الْبَصَر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فتول عَنْهُم حَتَّى حِين} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فتول عَنْهُم حَتَّى حِين} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فتول عَنْهُم حَتَّى حِين} قَالَ: يَوْم بدر وَفِي قَوْله {فَإِذا نزل بِسَاحَتِهِمْ} قَالَ: بدارهم {فسَاء صباح الْمُنْذرين} قَالَ: بئْسَمَا يُصْبِحُونَ وَأخرج جُوَيْبِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالُوا يَا مُحَمَّد أرنا الْعَذَاب الَّذِي تخوّفنا بِهِ عجله لنا فَنزلت {أفبعذابنا يستعجلون} وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس

رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيْبَر وَقد خَرجُوا بِالْمَسَاحِي فَلَمَّا نظرُوا إِلَيْهِ قَالُوا: مُحَمَّد وَالْخَمِيس فَقَالَ: الله أكبر خربَتْ خَيْبَر إِنَّا أنزلنَا بِسَاحَة قوم {فسَاء صباح الْمُنْذرين} فأصبنا حمراً خَارِجَة من الْقرْيَة فطبخناها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله وَرَسُوله يَنْهَاكُم عَن الْحمر الْأَهْلِيَّة فَإِنَّهَا رِجْس من عمل الشَّيْطَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وتول عَنْهُم حَتَّى حِين} قَالَ: قيل لَهُ أعرض عَنْهُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأبْصر فَسَوف يبصرون} قَالَ: يَقُول يَوْم الْقِيَامَة مَا صَنَعُوا من أَمر الله وكفرهم بِاللَّه وَرَسُوله وَكتابه قَالَ {أبْصر} وأبصرهم وَاحِد الْآيَات 180 - 182

180

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة} قَالَ: يسبح نَفسه إِذْ كذب عَلَيْهِ وَقيل عَلَيْهِ الْبُهْتَان {عَمَّا يصفونَ} قَالَ: عَمَّا يكذبُون {وَسَلام على الْمُرْسلين} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا سلمتم عَليّ فَسَلمُوا على الْمُرْسلين فَإِنَّمَا أَنا رَسُول من الْمُرْسلين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي الْعَوام عَن قَتَادَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا سلمتم عَليّ فَسَلمُوا على الْمُرْسلين فَإِنَّمَا أَنا رَسُول من الْمُرْسلين قَالَ أَبُو الْعَوام رَضِي الله عَنهُ: كَانَ قَتَادَة يذكر هَذَا الحَدِيث إِذا تَلا هَذِه الْآيَة {سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين} وَأخرج ابْن سعد وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة عَن أنس عَن أبي طَلْحَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا سلمتم على الْمُرْسلين فَسَلمُوا عليَّ فَإِنَّمَا أَنا بشر من الْمُرْسلين

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا نَعْرِف انصراف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الصَّلَاة بقوله {سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ أَن يسلم من صلَاته قَالَ {سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين} وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ هَذِه الْآيَات {سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين} وَأخرج الْخَطِيب عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: بعد أَن يسلم {سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن أَرقم عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَالَ دبر كل صَلَاة {سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين} ثَلَاث مَرَّات فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الْأجر) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سره أَن يكتال بالمكيال الأوفى من الْأجر يَوْم الْقِيَامَة فَلْيقل آخر مَجْلِسه حِين يُرِيد أَن يقوم {سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين} وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيره من وَجه آخر مُتَّصِل عَن عَليّ مَوْقُوفا وَأخرج حميد بن زَنْجوَيْه فِي ترغيبه من طَرِيق الْأَصْبَغ بن نباتة عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من سره أَن يكتال بالمكيال الأوفى فليقرأ هَذِه الْآيَة ثَلَاث مَرَّات {سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (38) سُورَة ص مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان وَثَمَانُونَ مُقَدّمَة سُورَة ص أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة (ص) بِمَكَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما مرض أَبُو طَالب دخل عَلَيْهِ رَهْط من قُرَيْش فيهم أَبُو جهل فَقَالُوا: إِن ابْن أَخِيك يشْتم آلِهَتنَا وَيفْعل وَيفْعل وَيَقُول وَيَقُول فَلَو بعثت إِلَيْهِ فنهيته فَبعث إِلَيْهِ فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل الْبَيْت وَبينهمْ وَبَين أبي طَالب قدر مجْلِس فخشي أَبُو جهل أَن جلس إِلَى أبي طَالب أَن يكون أرق عَلَيْهِ فَوَثَبَ فَجَلَسَ فِي ذَلِك الْمجْلس فَلم يجد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَجْلِسا قرب عَمه فَجَلَسَ عِنْد الْبَاب فَقَالَ لَهُ أَبُو طَالب: أَي ابْن أخي مَا بَال قَوْمك يشكونك يَزْعمُونَ أَنَّك تَشْتُم آلِهَتهم وَتقول وَتقول قَالَ وَأَكْثرُوا عَلَيْهِ من القَوْل وَتكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا عَم إِنِّي أريدهم على كلمة وَاحِدَة يَقُولُونَهَا تدين لَهُم بهَا الْعَرَب وَتُؤَدِّي إِلَيْهِم بهَا الْعَجم الْجِزْيَة ففزعوا لكلمته وَلقَوْله فَقَالَ الْقَوْم: كلمة وَاحِدَة نعم وَأَبِيك عشرا قَالُوا: فَمَا هِيَ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَامُوا فزعين يَنْفضونَ ثِيَابهمْ وهم يَقُولُونَ {أجعَل الْآلهَة إِلَهًا وَاحِدًا إِن هَذَا لشَيْء عُجاب} فَنزل فيهم {ص وَالْقُرْآن ذِي الذّكر بل الَّذين كفرُوا فِي عزة وشقاق} إِلَى قَوْله {بل لما يَذُوقُوا عَذَاب} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ أَن نَاسا من قُرَيْش اجْتَمعُوا فيهم أَبُو جهل بن هِشَام والعاصي بن وَائِل وَالْأسود بن الْمطلب بن عبد يَغُوث فِي نفر من مشيخة قُرَيْش فَقَالَ بَعضهم لبَعض: انْطَلقُوا بِنَا إِلَى أبي طَالب نكلمه فِيهِ فلينصفنا مِنْهُ فليكف عَن شتم آلِهَتنَا وندعه وإلهه الَّذِي يعبد فإننا نَخَاف أَن

يَمُوت هَذَا الشَّيْخ فَيكون منا شَيْء فتعيرنا الْعَرَب يَقُولُونَ: تَرَكُوهُ حَتَّى إِذا مَاتَ عَمه تناولوه فبعثوا رجلا مِنْهُم يُسمى الْمطلب فَاسْتَأْذن لَهُم عَليّ أبي طَالب فَقَالَ: هَؤُلَاءِ مشيخة قَوْمك وسرواتهم يستأذنون عَلَيْك قَالَ: أدخلهم فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهِ قَالُوا: يَا أَبَا طَالب أَنْت كَبِيرنَا وَسَيِّدنَا فأنصفنا من ابْن أَخِيك فمره فليكف عَن شتم آلِهَتنَا ونعده وإلهه فَبعث إِلَيْهِ أَبُو طَالب فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا ابْن أخي هَؤُلَاءِ مشيخة قَوْمك وسرواتهم قد سألوك النّصْف أَن تكف عَن شتم آلِهَتهم ويدعوك وَإِلَهك فَقَالَ: أَي عَم أَولا أدعوهم إِلَى مَا هُوَ خير لَهُم مِنْهَا قَالَ: وإلام تدعوهم قَالَ: أدعوهم إِلَى أَن يتكلموا بِكَلِمَة يدين لَهُم بهَا الْعَرَب ويملكون بهَا الْعَجم فَقَالَ أَبُو جهل من بَين الْقَوْم: مَا هِيَ وَأَبِيك لنعطينكها وَعشر أَمْثَالهَا قَالَ: تَقول لَا إِلَه إِلَّا الله فنفروا وَقَالُوا سلنا غير هَذِه قَالَ: لَو جئتموني بالشمس حَتَّى تضعوها فِي يَدي مَا سألتكم غَيرهَا فغضبوا وَقَامُوا من عِنْده غضابا وَقَالُوا: وَالله لنشتمنك وَإِلَهك الَّذِي يَأْمُرك بِهَذَا {وَانْطَلق الْمَلأ مِنْهُم أَن امشوا} إِلَى قَوْله {اخْتِلَاق} الْآيَات 1 - 3

ص

أخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح قَالَ: سُئِلَ جَابر بن عبد الله وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن {ص} فَقَالَا: مَا نَدْرِي مَا هُوَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ص} قَالَ: حَادث الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله أَنه كَانَ يقْرَأ {ص وَالْقُرْآن} بخفض الدَّال وَكَانَ يَجْعَلهَا من المصاداة يَقُول عَارض الْقُرْآن قَالَ عبد الْوَهَّاب: أعرضه على عَمَلك فَأنْظر أَيْن عَمَلك من الْقُرْآن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ص} يَقُول: إِنِّي أَنا الله الصَّادِق

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {ص} قَالَ: صدق الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ {ص} مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {ص وَالْقُرْآن ذِي الذّكر} قَالَ: نزلت فِي مجَالِسهمْ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {ص وَالْقُرْآن ذِي الذّكر} قَالَ: ذِي الشّرف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن قَتَادَة {بل الَّذين كفرُوا فِي عزة} قَالَ: هَهُنَا وَقع الْقسم {فِي عزة وشقاق} قَالَ: فِي حمية وفراق وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {بل الَّذين كفرُوا فِي عزة وشقاق} قَالَ: معازين {شقَاق} قَالَ: عاصين وَفِي قَوْله {فَنَادوا ولات حِين مناص} قَالَ: مَا هَذَا بِحِين فرار وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن التَّمِيمِي قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ عَن قَول الله {فَنَادوا ولات حِين مناص} قَالَ: لَيْسَ بِحِين تزور وَلَا فرار وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {ولات حِين} قَالَ: لَيْسَ بِحِين فرار قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: تذكرت ليلى لات حِين تذكر وَقد تبت عَنْهَا والمناص بعيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَنَادوا ولات حِين مناص} قَالَ: نادوا والنداء حِين لَا يَنْفَعهُمْ وَأنْشد تذكرت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس {ولات حِين مناص} قَالَ: لَا حِين فرار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ولات حِين مناص} قَالَ: لَيْسَ بِحِين مغاث

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {ولات حِين مناص} لَيْسَ بِحِين جزع وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {ولات حِين مناص} قَالَ: وَلَيْسَ حِين نِدَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله {ولات حِين مناص} قَالَ: نادوا بِالتَّوْحِيدِ وَالْعِقَاب حِين مَضَت الدُّنْيَا عَنْهُم فاستناصوا التَّوْبَة حِين زَالَت الدُّنْيَا عَنْهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَنَادوا ولات حِين مناص} قَالَ: نَادَى الْقَوْم على غير حِين نِدَاء وَأَرَادُوا التَّوْبَة حِين عاينوا عَذَاب الله فَلم يَنْفَعهُمْ وَلم يقبل مِنْهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {ولات حِين مناص} قَالَ: لَيْسَ حِين انقلاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه {ولات حِين مناص} قَالَ: إِذا أَرَادَ السرياني أَن يَقُول وَلَيْسَ يَقُول ولات الْآيَات 4 - 16

4

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وعجبوا أَن جَاءَهُم مُنْذر مِنْهُم} يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحر كَذَّاب أجعَل الْآلهَة إِلَهًا وَاحِدًا إِن هَذَا لشَيْء عُجاب} قَالَ: عجب الْمُشْركُونَ أَن دعوا إِلَى الله وَحده وَقَالُوا: إِنَّه لَا يسمع حاجتنا جَمِيعًا إِلَه وَاحِدًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مجلز قَالَ: قَالَ رجل يَوْم بدر مَا هم إِلَّا النِّسَاء قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بل هم الْمَلأ وتلا {وَانْطَلق الْمَلأ مِنْهُم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَانْطَلق الْمَلأ مِنْهُم} قَالَ: نزلت حِين انْطلق أَشْرَاف قُرَيْش إِلَى أبي طَالب يكلموه فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَانْطَلق الْمَلأ مِنْهُم} قَالَ: أَبُو جهل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَانْطَلق الْمَلأ مِنْهُم أَن امشوا واصبروا} قَالَ: هُوَ عقبَة بن أبي معيط وَفِي قَوْله {مَا سمعنَا بِهَذَا فِي الْملَّة الْآخِرَة} قَالَ: النَّصْرَانِيَّة قَالُوا: لَو كَانَ هَذَا الْقُرْآن حَقًا لأخبرتنا بِهِ النَّصَارَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب {مَا سمعنَا بِهَذَا فِي الْملَّة الْآخِرَة} قَالَ: مِلَّة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {مَا سمعنَا بِهَذَا فِي الْملَّة الْآخِرَة} قَالَ: النَّصْرَانِيَّة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {مَا سمعنَا بِهَذَا فِي الْملَّة الْآخِرَة} قَالَ: النَّصْرَانِيَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا سمعنَا بِهَذَا فِي الْملَّة الْآخِرَة} أَي فِي ديننَا هَذَا وَلَا فِي زَمَاننَا هَذَا {إِن هَذَا إِلَّا اخْتِلَاق} قَالَ: قَالُوا إِن هَذَا إِلَّا شَيْء يخلقه وَفِي قَوْله {أم عِنْدهم خَزَائِن رَحْمَة رَبك الْعَزِيز الْوَهَّاب} قَالَ: لَا وَالله مَا عِنْدهم مِنْهَا شَيْء وَلَكِن الله يخْتَص برحمته من يَشَاء {أم لَهُم ملك السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فليرتقوا فِي الْأَسْبَاب} قَالَ: فِي السَّمَاء

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فليرتقوا فِي الْأَسْبَاب} قَالَ: فِي السَّمَاء وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الْأَسْبَاب} أدق من الشّعْر وأحدّ من الْحَدِيد وَهُوَ بِكُل مَكَان غير أَنه لَا يرى وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فليرتقوا فِي الْأَسْبَاب} قَالَ: طرق السَّمَاء أَبْوَابهَا وَفِي قَوْله {جند مَا هُنَالك} قَالَ: قُرَيْش {من الْأَحْزَاب} قَالَ: الْقُرُون الْمَاضِيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {جند مَا هُنَالك مهزوم من الْأَحْزَاب} قَالَ: وعده الله وَهُوَ بِمَكَّة أَنه سَيهْزمُ لَهُ جند الْمُشْركين فجَاء تَأْوِيلهَا يَوْم بدر وَفِي قَوْله {وَفرْعَوْن ذُو الْأَوْتَاد} قَالَ: كَانَت لَهُ أوتاد وارسان وملاعب يلْعَب لَهُ عَلَيْهَا وَفِي قَوْله {إِن كل إِلَّا كذب الرُّسُل فَحق عِقَاب} قَالَ: هَؤُلَاءِ كلهم قد كذبُوا الرُّسُل فَحق عَلَيْهِم عِقَاب {وَمَا ينظر هَؤُلَاءِ} يَعْنِي أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة} يَعْنِي السَّاعَة {مَا لَهَا من فوَاق} يَعْنِي مَا لَهَا من رُجُوع وَلَا مثوبة وَلَا ارتداد {وَقَالُوا رَبنَا عجل لنا قطنا} أَي نصيبنا حظنا من الْعَذَاب {قبل يَوْم} الْقِيَامَة قد كَانَ قَالَ ذَلِك أَبُو جهل: اللَّهُمَّ إِن كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًا (فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء أَو ائتنا بعذابٍ أَلِيم) (الْأَنْفَال 32) وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا لَهَا من فوَاق} قَالَ: رُجُوع {وَقَالُوا رَبنَا عجل لنا قطنا} قَالَ: عذابنا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا لَهَا من فوَاق} قَالَ: من رَجْعَة {وَقَالُوا رَبنَا عجل لنا قطنا} قَالَ: سَأَلُوا الله أَن يعجل لَهُم وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {عجل لنا قطنا} قَالَ: القط الْجَزَاء قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: وَلَا الْملك النُّعْمَان يَوْم لَقيته بِنِعْمَة يعطيني القطوط وَيُطلق

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {عجل لنا قطنا} قَالَ: عقوبتنا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {عجل لنا قطنا} قَالَ: كتَابنَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {عجل لنا قطنا} قَالَ: حظنا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالُوا رَبنَا عجل لنا قطنا} قَالَ: هُوَ النَّضر بن الْحَرْث بن عَلْقَمَة بن كلدة أَخُو بني عبد الدَّار وَهُوَ الَّذِي قَالَ (سَأَلَ سَائل بِعَذَاب وَاقع) (المعارج 1) قَالَ: سَأَلَ بِعَذَاب هُوَ وَاقع بِهِ فَكَانَ الَّذِي سَأَلَ أَن قَالَ (اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء أَو ائتنا بِعَذَاب أَلِيم) (الْأَنْفَال 32) قَالَ عَطاء رَضِي الله عَنهُ: لقد نزلت فِيهِ بضع عشرَة آيَة من كتاب الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الزبير بن عدي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {عجل لنا قطنا} قَالَ: نصيبنا من الْجنَّة الْآيَة 17

17

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {دَاوُد ذَا الأيد} قَالَ: الْقُوَّة فِي الْعَمَل فِي طَاعَة الله تَعَالَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ذَا الأيد} قَالَ: القوّة فِي الْعِبَادَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَاذْكُر عَبدنَا دَاوُد ذَا الأيد} قَالَ: أعطي قوّة فِي الْعِبَادَة وفقهاً فِي الإِسلام وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {ذَا الأيد} قَالَ: الْقُوَّة فِي الْعِبَادَة وَالْبَصَر فِي الْهدى

وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذكر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَحدث عَنهُ قَالَ: كَانَ أعبد الْبشر وَأخرج الديلمي عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يَقُول إِنِّي أعبد من دَاوُد وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يُطِيل الصَّلَاة من اللَّيْل فيركع الرَّكْعَة ثمَّ يرفع رَأسه فَينْظر إِلَى أَدِيم السَّمَاء ثمَّ يَقُول: إِلَيْك رفعت رَأْسِي يَا عَامر السَّمَاء نظر العبيد إِلَى أَرْبَابهَا وَأخرج أَحْمد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: إلهي أَي رزق أطيب قَالَ: ثَمَرَة يدك يَا دَاوُد وَأخرج أَحْمد عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يصنع القفة من الخوص وَهُوَ على الْمِنْبَر ثمَّ يُرْسل بهَا إِلَى السُّوق فيبيعها ثمَّ يَأْكُل بِثمنِهَا وَأخرج أَحْمد عَن سعيد بن أبي هِلَال رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِذا قَامَ من اللَّيْل يَقُول: اللَّهُمَّ نَامَتْ الْعُيُون وَغَارَتْ النُّجُوم وَأَنت الْحَيّ القيوم الَّذِي لَا تأخذك سنة وَلَا نوم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الأواب المسبح وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأواب المسبح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأواب المسبح بلغَة الْحَبَشَة وَأخرج الديلمي عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنهُ فَقَالَ هُوَ الرجل يذكر ذنُوبه فِي الْخَلَاء فيستغفر الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّه أوّاب} قَالَ: منيب رَاجع عَن الذُّنُوب وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأواب التائب الرَّاجِع وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِنَّه أواب} قَالَ: كَانَ مُطيعًا لرَبه كثير الصَّلَاة

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الأواب الموقن الْآيَة 18

18

أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِنَّا سخرنا الْجبَال مَعَه يسبحْنَ} قَالَ: يسبحْنَ مَعَه إِذا سبح {بالْعَشي والإِشراق} قَالَ: إِذا أشرقت الشَّمْس وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {بالْعَشي والإِشراق} قَالَ: إِذا أشرقت الشَّمْس وَجَبت الصَّلَاة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: لم ينم لَيْلَة التَّمام لكَي يَصِيح حَتَّى إضاءة الاشراق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لم يزل فِي نَفسِي من صَلَاة الضُّحَى شَيْء حَتَّى قَرَأت هَذِه الْآيَة {سخرنا الْجبَال مَعَه يسبحْنَ بالْعَشي وَالْإِشْرَاق} وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لَا يُصَلِّي الضُّحَى وَيَقُول: أَيْن هِيَ فِي الْقُرْآن حَتَّى قَالَ بعد هِيَ قَول الله {يسبحْنَ بالْعَشي والإِشراق} هِيَ الإِشراق فَصلاهَا ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا بعد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لقد أَتَى عَليّ زمَان وَمَا أَدْرِي مَا وَجه هَذِه الْآيَة {يسبحْنَ بالْعَشي والإِشراق} قَالَ: رَأَيْت النَّاس يصلونَ الضُّحَى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كنت أَمر بِهَذِهِ الْآيَة {يسبحْنَ بالْعَشي والإِشراق} فَمَا أَدْرِي مَا هِيَ حَتَّى حَدَّثتنِي أم هانىء بنت أبي طَالب رَضِي الله عَنْهَا ذكرت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى يَوْم فتح مَكَّة صَلَاة الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: قد ظنت أَن لهَذِهِ السَّاعَة صَلَاة لقَوْل الله تَعَالَى {يسبحْنَ بالْعَشي والإِشراق} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ: دخلت على أم هانىء رَضِي الله

عَنْهَا فحدثتني: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى صَلَاة الضُّحَى فَخرجت فَلَقِيت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقلت: انْطلق إِلَى أم هانىء فَدَخَلْنَا عَلَيْهَا فَقلت: حَدثنِي ابْن عمك عَن صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الضُّحَى فَحَدَّثته فَقَالَ: تَأَول هَذِه الْآيَة صَلَاة الإِشراق وَهِي صَلَاة الضُّحَى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُجَاهِد عَن سعيد عَن أم هانىء بنت أبي طَالب رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم فتح مَكَّة وَقد علاهُ الْغُبَار فَأمر بقصعة فَإِنِّي أنظر إِلَى أثر الْعَجِين فَسَكَبت فِيهَا فَأمر بِثَوْب فِيمَا بيني وَبَينه فاستتر فَقَامَ فَأَفَاضَ عَلَيْهِ المَاء ثمَّ قَامَ فصلى الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات قَالَ مُجَاهِد: فَحدثت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا بِهَذَا الحَدِيث فَقَالَ: هِيَ صَلَاة الإِشراق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الْحَرْث رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت عَن صَلَاة الضُّحَى فِي إِمَارَة عُثْمَان بن عَفَّان وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متوافرون فَلم أجد أحدا أثبت لي صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا أم هانىء قَالَت: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلاهَا مرّة وَاحِدَة ثَمَان رَكْعَات يَوْم الْفَتْح فِي ثوب وَاحِد مُخَالفا بَين طَرفَيْهِ لم أره صلاهَا قبلهَا وَلَا بعْدهَا فَذكرت ذَلِك لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ: إِنِّي كنت لأمر على هَذِه الْآيَة {يسبحْنَ بالْعَشي وَالْإِشْرَاق} فَأَقُول أَي صَلَاة صَلَاة الإِشراق فَهَذِهِ صَلَاة الإِشراق وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن الْحَارِث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ لَا يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى أدخلْنَاهُ على أم هانىء فَقُلْنَا لَهَا: أَخْبِرِي ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا بِمَا أخبرتنا بِهِ فَقَالَت: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْتِي فصلى الضُّحَى ثَمَان رَكْعَات فَخرج ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَهُوَ يَقُول: لقد قَرَأت مَا بَين اللَّوْحَيْنِ فَمَا عرفت صَلَاة الإِشراق إِلَّا السَّاعَة {يسبحْنَ بالْعَشي والإِشراق} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: طلبت صَلَاة الضُّحَى فِي الْقُرْآن فَوَجَدتهَا {بالْعَشي والإِشراق} وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يحافظ على صَلَاة الضُّحَى إِلَّا أواب هِيَ صَلَاة الْأَوَّابِينَ

وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَوْصَانِي خليلي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أنس صل صَلَاة الضُّحَى فَإِنَّهَا صَلَاة الْأَوَّابِينَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على أهل قبَاء وهم يصلونَ الضُّحَى وَفِي لفظ وهم يصلونَ بعد طُلُوع الشَّمْس فَقَالَ صَلَاة الْأَوَّابِينَ إِذا رمضت الفصال وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يحافظ على سبْحَة الضُّحَى إِلَّا أواب وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صلى الضُّحَى اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة بنى لَهُ الله فِي الْجنَّة قصراً من ذهب وَأخرج أَبُو نعيم عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: صلِ صَلَاة الضُّحَى فَإِنَّهَا صَلَاة الْأَوَّابِينَ وَأخرج حميد بن زَنْجوَيْه فِي فَضَائِل الْأَعْمَال وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن بن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صلى الْفجْر ثمَّ جلس فِي مُصَلَّاهُ يذكر الله حَتَّى تطلع الشَّمْس ثمَّ صلى من الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ حرمه الله على النَّار أَن تلفحه أَو تطعمه وَأخرج حميد بن زَنْجوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عتيبة بن عبد الله السّلمِيّ وَأبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صلى الصُّبْح فِي مَسْجِد جمَاعَة ثمَّ ثَبت فِيهِ حَتَّى يسبح تَسْبِيحَة الضُّحَى كَانَ لَهُ كَأَجر حَاج أَو مُعْتَمر قَامَ لَهُ حجَّته وعمرته وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قعد فِي مُصَلَّاهُ حِين ينْصَرف من صَلَاة الصُّبْح حَتَّى يصبح رَكْعَتي الضُّحَى لَا يَقُول إِلَّا خيرا غفر لَهُ خطاياه وَإِن كَانَت أَكثر من زبد الْبَحْر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صلى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ لم يكْتب من الغافلين وَمن صلى أَرْبعا كتب من العابدين وَمن صلى سِتا كفي ذَلِك الْيَوْم وَمن صلى ثمانياً كتب من القانتين وَمن صلى إثنتي عشرَة بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة وَأخرج حميد بن زَنْجوَيْه وَالْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن صليت الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ لم تكْتب من الغافلين وَإِن صليتها أَرْبعا كنت من الْمُحْسِنِينَ وَإِن صليتها سِتا كتبت من القانتين وَإِن صليتها ثمانياً كتبت من الفائزين وَإِن صليتها عشرا لم يكْتب لَك ذَلِك الْيَوْم ذَنْب وَإِن صليتها إثنتي عشرَة بنى الله لَك بَيْتا فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَأحمد وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من حَافظ على سبْحَة الضُّحَى غفر لَهُ ذنُوبه وَإِن كَانَت مثل زبد الْبَحْر الْآيَات 19 - 20

19

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَالطير محشورة} قَالَ: مسخرة لَهُ {كل لَهُ أوّاب} قَالَ: مُطِيع {وشددنا ملكه وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَة} أَي السّنة {وَفصل الْخطاب} قَالَ: الْبَيِّنَة على الطَّالِب وَالْيَمِين على الْمَطْلُوب وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وشددنا ملكه} قَالَ: كَانَ أَشد مُلُوك أهل الدُّنْيَا لله سُلْطَانا {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَة وَفصل الْخطاب} قَالَ: مَا قَالَ من شَيْء أنفذه وعدله فِي الحكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ادّعى رجل من بني إِسْرَائِيل عِنْد دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام [قتل وَلَده فَسَأَلَ] (مَا بَين القوسين [قتل وَلَده فَسَأَلَ] زِيَادَة اقتضاها اتمام الْمَعْنى) الرجل على ذَلِك فجحده فَسَأَلَ الآخر الْبَيِّنَة فَلم تكن بَيِّنَة فَقَالَ لَهما دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: قوما حَتَّى أنظر فِي أمركما فقاما من عِنْده فَأتى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فِي مَنَامه فَقيل لَهُ: أقتل الرجل الَّذِي استعدى فَقَالَ: إِن هَذِه رُؤْيا وَلست أعجل حَتَّى أثبت فَأتى اللَّيْلَة الثَّانِيَة فِي مَنَامه فَقيل لَهُ: أقتل الرجل فَلم يفعل ثمَّ أَتَى اللَّيْلَة الثَّالِثَة فَقيل لَهُ: أقتل الرجل أَو تَأْتِيك الْعقُوبَة من الله تَعَالَى فَأرْسل دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الرجل فَقَالَ: إِن الله أَمرنِي أَن أَقْتلك فَقَالَ: تقتلني بِغَيْر بَيِّنَة وَلَا

تثبت قَالَ: نعم وَالله لأنفذن أَمر الله فِيك فَقَالَ لَهُ الرجل: لَا تعجل عليَّ حَتَّى أخْبرك إِنِّي مَا أخذت بِهَذَا الذَّنب وَلَكِنِّي كنت اغتلت وَالِد هَذَا فَقتلته فبذلك أخذت فَأمر بِهِ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَقتل فاشتدت هيبته فِي بني إِسْرَائِيل وشدد بِهِ ملكه فَهُوَ قَول الله تَعَالَى {وشددنا ملكه} وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وشددنا ملكه} قَالَ: كَانَ يَحْرُسهُ كل يَوْم وَلَيْلَة أَرْبَعَة آلَاف وَفِي قَوْله {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَة} قَالَ: النُّبُوَّة {وَفصل الْخطاب} قَالَ: علم الْقَضَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَة} قَالَ: أعطي الْفَهم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَة} قَالَ: الصَّوَاب {وَفصل الْخطاب} قَالَ: الإِيمان وَالشُّهُود وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَفصل الْخطاب} قَالَ: إِصَابَة الْقَضَاء وفهمه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي عبد الرَّحْمَن رَضِي الله عَنهُ {وَفصل الْخطاب} قَالَ: فصل الْقَضَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وَفصل الْخطاب} قَالَ: الْفَهم فِي الْقَضَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن شُرَيْح رَضِي الله عَنهُ {وَفصل الْخطاب} قَالَ: الشُّهُود والإِيمان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَمر بِالْقضَاءِ فَقطع بِهِ فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ: أَن استحلفهم باسمي وسلهم الْبَينَات قَالَ: فَذَلِك {وَفصل الْخطاب} وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَفصل الْخطاب} قَالَ: الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَفصل الْخطاب} قَالَ: هُوَ قَول الرجل: أما بعد

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والديلمي عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول من قَالَ أما بعد دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ فصل الْخطاب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع زِيَاد بن أبي سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ يَقُول {وَفصل الْخطاب} الَّذِي أُوتِيَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أما بعد الْآيَات 21 - 24

21

أخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام حدث نَفسه إِن ابْتُلِيَ أَن يعتصم فَقيل لَهُ إِنَّك ستبتلى وستعلم الْيَوْم الَّذِي تبتلى فِيهِ فَخذ حذرك فَقيل لَهُ: هَذَا الْيَوْم الَّذِي تبتلى فِيهِ فَأخذ الزبُور وَدخل الْمِحْرَاب وأغلق بَاب الْمِحْرَاب وَأدْخل الزبُور فِي حجره وأقعد منصفاً على الْبَاب وَقَالَ لَا تَأذن لأحد عليّ الْيَوْم فَبَيْنَمَا هُوَ يقْرَأ الزببور إِذْ جَاءَ طَائِر مَذْهَب كأحسن مَا يكون للطير فِيهِ من كل لون فَجعل يدرج بَين يَدَيْهِ فَدَنَا مِنْهُ فَأمكن أَن يَأْخُذهُ فتناوله بِيَدِهِ ليأخذه فطار فَوْقه على كوّة الْمِحْرَاب فَدَنَا مِنْهُ ليأخذه فطار فَأَشْرَف عَلَيْهِ لينْظر أَيْن وَقع فَإِذا هُوَ بِامْرَأَة عِنْد بركتها تَغْتَسِل من الْحيض فَلَمَّا رَأَتْ ظله حركت رَأسهَا فغطت جَسدهَا أجمع بشعرها وَكَانَ زَوجهَا غازياً فِي سَبِيل الله فَكتب دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى رَأس الْغُزَاة انْظُر فاجعله فِي حَملَة التابوت أما أَن يفتح عَلَيْهِم وَإِمَّا أَن

يقتلُوا فقدمه فِي حَملَة التابوت فَقتل فَلَمَّا انْقَضتْ عدتهَا خطبهَا دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فاشترطت عَلَيْهِ أَن ولدت غُلَاما أَن يكون الْخَلِيفَة من بعده وأشهدت عَلَيْهِ خمْسا من بني إِسْرَائِيل وكتبت عَلَيْهِ بذلك كتابا فأشعر بِنَفسِهِ أَنه كتب حَتَّى ولدت سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وشب فتسوّر عَلَيْهِ الْملكَانِ الْمِحْرَاب فَكَانَ شَأْنهمَا مَا قصّ الله تَعَالَى فِي كِتَابه وخر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام سَاجِدا فغفر الله لَهُ وَتَابَ عَلَيْهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا أَصَابَهُ الْقدر إِلَّا من عجب عجب بِنَفسِهِ وَذَلِكَ أَنه قَالَ يَا رب مَا من سَاعَة من ليل ونهار إِلَّا وعابد من بني إِسْرَائِيل يعبدك يُصَلِّي لَك أَو يسبح أَو يكبر وَذكر أَشْيَاء فكره الله ذَلِك فَقَالَ يَا دَاوُد إِن ذَلِك لم يكن إِلَّا بِي فلولا عوني مَا قويت عَلَيْهِ وَجَلَالِي لآكِلُكَ إِلَى نَفسك يَوْمًا قَالَ: يَا رب فاخبرني بِهِ فأصابته الْفِتْنَة ذَلِك الْيَوْم وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام حِين نظر إِلَى الْمَرْأَة قطع على بني إِسْرَائِيل وَأوصى صَاحب الْجَيْش فَقَالَ: إِذا حضر الْعَدو تضرب فلَانا بَين يَدي التابوت وَكَانَ التابوت فِي ذَلِك الزَّمَان يستنصر بِهِ من قدم بَين يَدي التابوت لم يرجع حَتَّى يقتل أَو ينهزم مِنْهُ الْجَيْش فَقتل وتزوّج الْمَرْأَة وَنزل الْملكَانِ على دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَسجدَ فَمَكثَ أَرْبَعِينَ لَيْلَة سَاجِدا حَتَّى نبت الزَّرْع من دُمُوعه على رَأسه فَأكلت الأَرْض جَبينه وَهُوَ يَقُول فِي سُجُوده: رب زل دَاوُد زلَّة أبعد مِمَّا بَين الْمشرق وَالْمغْرب رب إِن لم ترحم ضعف دَاوُد وَتغْفر ذنُوبه جعلت ذَنبه حَدِيثا فِي الْمَخْلُوق من بعده فجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام من بعد أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَقَالَ: يَا دَاوُد إِن الله قد غفر لَك وَقد عرفت أَن الله عدل لَا يمِيل فَكيف بفلان إِذا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ: يَا رب دمي الَّذِي عِنْد دَاوُد قَالَ جِبْرِيل: مَا سَأَلت رَبك عَن ذَلِك فَإِن شِئْت لَأَفْعَلَنَّ فَقَالَ: نعم ففرح جِبْرِيل وَسجد دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَمَكثَ مَا شَاءَ الله ثمَّ نزل فَقَالَ: قد سَأَلت

الله يَا دَاوُد عَن الَّذِي أرسلتني فِيهِ فَقَالَ: قل لداود إِن الله يجمعكما يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول هَب لي دمك الَّذِي عِنْد دَاوُد فَيَقُول: هُوَ لَك يَا رب فَيَقُول: فَإِن لَك فِي الْجنَّة مَا شِئْت وَمَا اشْتهيت عوضا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أصَاب دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام الْخَطِيئَة وَإِنَّمَا كَانَت خطيئته أَنه لما أبصرهَا أَمر بهَا فعزلها فَلم يقربهَا فَأَتَاهُ الخصمان فتسورا فِي الْمِحْرَاب فَلَمَّا أبصرهما قَامَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ: أخرجَا عني مَا جَاءَ بكما إليَّ فَقَالَا: إِنَّمَا نكلمك بِكَلَام يسير {إِن هَذَا أخي لَهُ تسع وَتسْعُونَ نعجة} وَأَنا {ولي نعجة وَاحِدَة} وَهُوَ يُرِيد أَن يَأْخُذهَا مني فَقَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: وَالله أَنا أَحَق أَن ينشر مِنْهُ من لدن هَذِه إِلَى هَذِه يَعْنِي من أَنفه إِلَى صَدره فَقَالَ رجل: هَذَا دَاوُد فعله فَعرف دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا عني بذلك وَعرف ذَنبه فَخر سَاجِدا لله عز وَجل أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعين لَيْلَة وَكَانَت خطيئته مَكْتُوبَة فِي يَده ينظر إِلَيْهَا لكَي لَا يغْفل حَتَّى نبت البقل حوله من دُمُوعه مَا غطى رَأسه فَنُوديَ أجائع فتطعم أم عَار فتكسى أم مظلوم فَتَنَصَّرَ قَالَ: فَنحب نحبة هاج مَا يَلِيهِ من البقل حِين لم يذكر ذَنبه فَعِنْدَ ذَلِك غفر لَهُ فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ لَهُ ربه: كن امامي فَيَقُول أَي رب ذَنبي ذَنبي فَيَقُول الله: كن خَلْفي فَيَقُول لَهُ: خُذ بقدمي فَيَأْخُذ بقدمه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَهل أَتَاك نبأ الْخصم إِذْ تسوّروا الْمِحْرَاب} قَالَ: أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا رب قد أَعْطَيْت إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب من الذّكر مَا لَو وددت أَنَّك أَعْطَيْتنِي مثله قَالَ الله عز وَجل إِنِّي ابتليتهم بِمَا لم ابتلك بِهِ فَإِن شِئْت ابتليتك بِمثل مَا ابتليتهم بِهِ وأعطيتك كَمَا أَعطيتهم قَالَ: نعم قَالَ لَهُ: فاعمل حَتَّى أرى بلاءك فَكَانَ مَا شَاءَ الله أَن يكون وَطَالَ ذَلِك عَلَيْهِ فكاد أَن ينساه فَبَيْنَمَا هُوَ فِي محرابه إِذْ وَقعت عَلَيْهِ حمامة فَأَرَادَ أَن يَأْخُذهَا فطارت على كوَّة الْمِحْرَاب فَذهب ليأخذها فطارت فَاطلع من الكوة فَرَأى امْرَأَة تَغْتَسِل فَنزل من الْمِحْرَاب فَذهب ليأخذها فَأرْسل إِلَيْهَا فَجَاءَتْهُ فَسَأَلَهَا عَن زَوجهَا وَعَن شَأْنهَا فَأَخْبَرته أَن زَوجهَا غَائِب فَكتب إِلَى أَمِير تِلْكَ السّريَّة أَن يؤمره على السَّرَايَا ليهلك زَوجهَا

فَفعل فَكَانَ يصاب أَصْحَابه وينجو وَرُبمَا نصروا وَإِن الله عز وَجل لما رأى الَّذِي وَقع فِيهِ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَرَادَ أَن ينفذ أمره فَبَيْنَمَا دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام ذَات يَوْم فِي محرابه إِذْ تسور عَلَيْهِ الْملكَانِ من قبل وَجهه فَلَمَّا رآهما وَهُوَ يقْرَأ فزع وَسكت وَقَالَ: لقد استضعفت فِي ملكي حَتَّى أَن النَّاس يتسوّرون على محرابي فَقَالَا لَهُ {لَا تخف خصمان بغى بَعْضنَا على بعض} وَلم يكن لنا بُد من أَن نَأْتِيك فاسمع منا فَقَالَ أَحدهمَا {إِن هَذَا أخي لَهُ تسع وَتسْعُونَ نعجة ولي نعجة وَاحِدَة فَقَالَ أكفلنيها} يُرِيد أَن يتم مائَة ويتركني لَيْسَ لي شَيْء {وعزني فِي الْخطاب} قَالَ: إِن دَعَوْت ودعا كَانَ أَكثر مني وَإِن بطشت وبطش كَانَ أَشد مني فَذَلِك قَوْله {وعزني فِي الْخطاب} قَالَ لَهُ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: أَنْت كنت أحْوج إِلَى نعجتك مِنْهُ {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إِلَى نعاجه} إِلَى قَوْله {وَقَلِيل مَا هم} وَنسي نَفسه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنظر الْملكَانِ أَحدهمَا إِلَى الآخر حِين قَالَ فَتَبَسَّمَ أَحدهمَا إِلَى الآخر فراه دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَظن إِنَّمَا فتن {فَاسْتَغْفر ربه وخر رَاكِعا وأناب} أَرْبَعِينَ لَيْلَة حَتَّى نَبتَت الخضرة من دموع عَيْنَيْهِ ثمَّ شدد الله ملكه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام جزأ الدَّهْر أَرْبَعَة أَجزَاء يَوْمًا لنسائه وَيَوْما لِلْعِبَادَةِ وَيَوْما للْقَضَاء بَين بني إِسْرَائِيل وَيَوْما لبني إِسْرَائِيل ذكرُوا فَقَالُوا: هَل يَأْتِي على الإِنسان يَوْم لَا يُصِيب فِيهِ ذَنبا فاضمر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فِي نَفسه أَنه سيطيق ذَلِك فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم عِبَادَته غلق أبوابه وَأمر أَن لَا يدْخل عَلَيْهِ أحد وأكب على التَّوْرَاة فَبَيْنَمَا هُوَ يقرأوها إِذْ حمامة من ذهب فِيهَا من كل لون حسن قد وَقعت بَين يَدَيْهِ فاهوى إِلَيْهَا ليأخذها فطارت فَوَقَعت غير بعيد من غير مرتبتها فَمَا زَالَ يتبعهَا حَتَّى أشرف على امْرَأَة تَغْتَسِل فاعجبه حسنها وخلقها فَلَمَّا رَأَتْ ظله فِي الأَرْض جللت نَفسهَا بشعرها فَزَاد ذَلِك أَيْضا بهَا اعجاباً وَكَانَ قد بعث زَوجهَا على بعض بعوثه فَكتب إِلَيْهِ أَن يسير إِلَى مَكَان كَذَا وَكَذَا مَكَان إِذا سَار إِلَيْهِ قتل وَلم يرجع فَفعل فاصيب فَخَطَبَهَا دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَتَزَوجهَا فَبَيْنَمَا هُوَ فِي الْمِحْرَاب إِذْ تسور الْملكَانِ عَلَيْهِ وَكَانَ الخصمان إِنَّمَا يأتونه من بَاب الْمِحْرَاب فَفَزعَ مِنْهُم حِين تسوّروا الْمِحْرَاب فَقَالُوا: {لَا تخف خصمان بغى بَعْضنَا على بعض فاحكم بَيْننَا بِالْحَقِّ وَلَا تشطط}

أَي لَا تمل {واهدنا إِلَى سَوَاء الصِّرَاط} أَي أعدله وخيره {إِن هَذَا أخي لَهُ تسع وَتسْعُونَ نعجة ولي نعجة وَاحِدَة} يَعْنِي تسعا وَتِسْعين امْرَأَة لداود وللرجل نعجة وَاحِدَة فَقَالَ {أكفلْنيها وعزني فِي الْخطاب} أَي قهرني وظلمني قَالَ {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إِلَى نعاجه وَإِن كثيرا من الخلطاء ليبغي بَعضهم على بعض إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَقَلِيل مَا هم وَظن دَاوُد أَنما فتناه فَاسْتَغْفر ربه وخر رَاكِعا وأناب} قَالَ: سجد أَرْبَعِينَ لَيْلَة حَتَّى أوحى الله إِلَيْهِ: أَنِّي قد غفرت لَك قَالَ: رب كَيفَ تغْفر لي وَأَنت حكم عدل لَا تظلم أحدا قَالَ إِنِّي أقضيك لَهُ ثمَّ استوهبه دمك ثمَّ أثيبه من الْجنَّة حَتَّى يرضى قَالَ: الْآن طابت نَفسِي وَعلمت أَن قد غفرت لي قَالَ الله تَعَالَى {فغفرنا لَهُ ذَلِك وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب} وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي عمرَان الْجونِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَهل أَتَاك نبأ الْخصم} فَجَلَسَا فَقَالَ لَهما قَضَاء فَقَالَ أَحدهمَا إِلَى الآخر {أخي لَهُ تسع وَتسْعُونَ نعجة ولي نعجة وَاحِدَة فَقَالَ أكفلنيها وعزني فِي الْخطاب} فَعجب دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وَقَالَ {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إِلَى نعاجه} فاغلظ لَهُ أَحدهمَا وارتفع فَعرف دَاوُد إِنَّمَا ذَلِك بِذَنبِهِ فَسجدَ فَكَانَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَيْلَة لَا يرفع رَأسه إِلَّا إِلَى صَلَاة الْفَرِيضَة حَتَّى يَبِسَتْ وقرحت جَبهته وقرحت كَفاهُ وَركبَتَاهُ فاتاه ملك فَقَالَ: يَا دَاوُد إِنِّي رَسُول رَبك إِلَيْك وَإنَّهُ يَقُول لَك ارْفَعْ رَأسك فقد غفرت لَك فَقَالَ: يَا رب كَيفَ وَأَنت حكم عدل كَيفَ تغْفر لي ظلامة الرجل فَترك مَا شَاءَ الله ثمَّ أَتَاهُ ملك آخر فَقَالَ: يَا دَاوُد إِنِّي رَسُول رَبك إِلَيْك وَإنَّهُ يَقُول لَك إِنَّك تَأتِينِي يَوْم الْقِيَامَة وَابْن صوريا تختصمان إليّ فأقضي لَهُ عَلَيْك ثمَّ أسألها إِيَّاه فيهبها لي ثمَّ أعْطِيه من الْجنَّة حَتَّى يرضى وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم عَن السّديّ قَالَ: إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قد قسم الدَّهْر ثَلَاثَة أَيَّام يَوْمًا يقْضِي فِيهِ بَين النَّاس وَيَوْما يَخْلُو فِيهِ لعبادة ربه وَيَوْما يَخْلُو فِيهِ بنسائه وَكَانَ لَهُ تسع وَتسْعُونَ امْرَأَة وَكَانَ فِيمَا يقْرَأ من الْكتب قَالَ: يَا رب أرى الْخَيْر قد ذهب بِهِ آبَائِي الَّذين كَانُوا قبلي فاعطني مثل مَا أَعطيتهم وَافْعل بِي مثل مَا فعلت بهم فَأوحى الله إِلَيْهِ إِن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بهَا ابتلى

إِبْرَاهِيم بِذبح وَلَده وابتلي إِسْحَق بذهاب بَصَره وابتلى يَعْقُوب بحزنه على يُوسُف وَإنَّك لم تبتل بِشَيْء من ذَلِك قَالَ: رب ابتلني بِمَا ابتليتهم بِهِ واعطني مثل مَا أَعطيتهم فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنَّك مبتلي فاحترس فَمَكثَ بعد ذَلِك مَا شَاءَ الله تَعَالَى أَن يمْكث إِذْ جَاءَهُ الشَّيْطَان قد تمثل فِي صُورَة حمامة حَتَّى وَقع عِنْد رجلَيْهِ وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي فمدَّ يَده ليأخذه فَتنحّى فَتَبِعَهُ فتباعد حَتَّى وَقع فِي كوّة فَذهب ليأخذه فطار من الكوّة فَنظر أَيْن يَقع فَبعث فِي أَثَره فابصر امْرَأَة تَغْتَسِل على سطح لَهَا فَرَأى امْرَأَة من أجمل النَّاس خلقا فحانت مِنْهَا التفاتة فابصرته فالتَفَّتْ بشعرها فاستترت بِهِ فزاده ذَلِك فِيهَا رَغْبَة فَسَأَلَ عَنْهَا فاخبر أَن لَهَا زوجا غَائِبا بمسلحة كَذَا وَكَذَا فَبعث إِلَى صَاحب المسلحة يَأْمُرهُ أَن يبْعَث إِلَى عدوّ كَذَا وَكَذَا فَبَعثه فَفتح لَهُ أَيْضا فَكتب إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بذلك فَكتب إِلَيْهِ أَن ابعثه إِلَى عدوّ كَذَا وَكَذَا فَبَعثه فَقتل فِي الْمرة الثَّالِثَة وتزوّج امْرَأَته فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ لم يلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى بعث الله لَهُ ملكَيْنِ فِي صُورَة انسيين فطلبا أَن يدخلا عَلَيْهِ فتسورا عَلَيْهِ الحراب فَمَا شعر وَهُوَ يُصَلِّي إِذْ هما بَين يَدَيْهِ جالسين فَفَزعَ مِنْهُمَا فَقَالَا {لَا تخف} إِنَّمَا نَحن {خصمان بغى بَعْضنَا على بعض فاحكم بَيْننَا بِالْحَقِّ وَلَا تشطط} يَقُول: لَا تخف {واهدنا إِلَى سَوَاء الصِّرَاط} إِلَى عدل الْقَضَاء فَقَالَ: قصا عليَّ قصتكما فَقَالَ أَحدهمَا {إِن هَذَا أخي لَهُ تسع وَتسْعُونَ نعجة ولي نعجة وَاحِدَة} قَالَ الآخر: وَأَنا أُرِيد أَن آخذها فاكمل بهَا نعاجي مائَة قَالَ وَهُوَ كَارِه قَالَ إِذا لَا نَدعك وَذَاكَ قَالَ: يَا أخي أَنْت على ذَلِك بِقَادِر قَالَ: فَإِن ذهبت تروم ذَلِك ضربنا مِنْك هَذَا وَهَذَا يَعْنِي طرف الْأنف والجبهة قَالَ: يَا دَاوُد أَنْت أَحَق أَن يضْرب مِنْك هَذَا وَهَذَا حَيْثُ لَك تسع وَتسْعُونَ امْرَأَة وَلم يكن لاوريا إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة فَلم تزل تعرضه للْقَتْل حَتَّى قتلته وَتَزَوَّجت امْرَأَته فَنظر فَلم ير شَيْئا فَعرف مَا قد وَقع فِيهِ وَمَا قد ابْتُلِيَ بِهِ {وخر رَاكِعا} فَبكى فَمَكثَ يبكي أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يرفع رَأسه إِلَّا لحَاجَة ثمَّ يَقع سَاجِدا يبكي ثمَّ يَدْعُو حَتَّى نبت العشب من دموع عَيْنَيْهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَا دَاوُد ارْفَعْ رَأسك قد غفر لَك قَالَ: يَا رب كَيفَ أعلم أَنَّك قد غفرت

لي وَأَنت حكم عدل لَا تحيف فِي الْقَضَاء إِذا جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة أَخذ رَأسه بِيَمِينِهِ أَو بِشمَالِهِ تشخب أوداجه دَمًا فيّ يَقُول: يَا رب سل هَذَا فيمَ قتلني فَأوحى الله إِلَيْهِ إِذا كَانَ ذَلِك دَعَوْت أوريا فاستوهبك مِنْهُ فيهبك لي فاثيبه بذلك الْجنَّة قَالَ: رب الْآن علمت أَنَّك غفرت لي فَمَا اسْتَطَاعَ أَن يملاء عَيْنَيْهِ من السَّمَاء حَيَاء من ربه حَتَّى قبض صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ نَحوه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ تسوّروا الْمِحْرَاب} قَالَ: الْمَسْجِد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْأَحْوَص قَالَ: دخل الخصمان على دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وكل وَاحِد مِنْهُمَا آخذ بِرَأْس صَاحبه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَفَزعَ مِنْهُم} قَالَ: كَانَ الْخُصُوم يدْخلُونَ من الْبَاب فَفَزعَ من تسوّرهما وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَلَا تشطط} أَي لَا تمل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن هَذَا أخي} قَالَ: على ديني وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا زَاد دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام على أَن قَالَ {أكفلنيها} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَقَالَ أكفلنيها} قَالَ: فَمَا زَاد دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام على أَن قَالَ: تحوّل لي عَنْهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا زَاد دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام على أَن قَالَ: انْزِلْ لي عَنْهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أكفلنيها} قَالَ: أعطنيها طَلقهَا لي أنْكحهَا وخل سَبِيلهَا {وعزني فِي الْخطاب} قَالَ: قهرني ذَلِك الْعِزّ الْكَلَام وَالْخطاب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أكفلنيها} قَالَ:

أعطنيها {وعزني فِي الْخطاب} قَالَ: إِذا تكلم كَانَ أبلغ مني وَإِذا دَعَا كَانَ أَكثر قَالَ أحد الْملكَيْنِ: مَا جَزَاؤُهُ قَالَ: يضْرب هَهُنَا وَهَهُنَا وَهَهُنَا وَوضع يَده على جَبهته ثمَّ على أَنفه ثمَّ تَحت الْأنف قَالَ: ترى ذَلِك جزاءه فَلم يزل يردد ذَلِك عَلَيْهِ حَتَّى علم أَنه ملك وَخرج الْملك فَخر دَاوُد سَاجِدا قَالَ: ذكر أَنه لم يرفع رَأسه أَرْبَعِينَ صباحاً يبكي حَتَّى أعشب الدُّمُوع مَا حول رَأسه حَتَّى إِذا مضى أَرْبَعُونَ صباحاً زفر زفرَة هاج مَا حول رَأسه من ذَلِك العشب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَقَلِيل مَا هم} يَقُول: قَلِيل الَّذين هم فِيهِ وَفِي قَوْله {إِنَّمَا فتناه} قَالَ: اختبرناه وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَظن دَاوُد} قَالَ: علم دَاوُد وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَظن دَاوُد أَنما فتناه} قَالَ: ظن إِنَّمَا ابْتُلِيَ بذلك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ فتْنَة دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام النّظر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وخر رَاكِعا} قَالَ: سَاجِدا وَأخرج عبد بن حميد عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سجد دَاوُد نَبِي الله أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعين لَيْلَة لَا يرفع رَأسه حَتَّى رقأ دمعه ويبس وَكَانَ من آخر دُعَائِهِ وَهُوَ ساجد أَن قَالَ: يَا رب رزقتني الْعَافِيَة فسألتك الْبلَاء فَلَمَّا ابتليتني لم أَصْبِر فَإِن تعذبني فَأَنا أهل ذَاك وَإِن تغْفر لي فانت أهل ذَاك قَالَ: وَإِذا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَائِم على رَأسه قَالَ: يَا دَاوُد إِن الله قد غفر لَك فارفع رَأسك فَلم يلْتَفت إِلَيْهِ وناجى ربه وَهُوَ ساجد فَقَالَ: يَا رب كَيفَ تغْفر لي وَأَنت الحكم الْعدْل قَالَ إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دفعتك إِلَى أوريا ثمَّ استوهبك مِنْهُ فيهبك لي وأثيبه الْجنَّة قَالَ: يَا رب الْآن علمت أَنَّك قد غفرت لي فَذهب يرفع رَأسه فَإِذا هُوَ يَابِس لَا يَسْتَطِيع فمسحه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِبَعْض ريشه فانبسط فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ بعد ذَلِك: يَا دَاوُد قد أحللت لَك امْرَأَة أوريا فَتَزَوجهَا فَولدت لَهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ

الصَّلَاة وَالسَّلَام لم تَلد قبله وَلَا بعده) قَالَ كَعْب رَضِي الله عَنهُ: فو الله لقد كَانَ دَاوُد بعد ذَلِك يظل صَائِما الْيَوْم الْحَار فَيقرب الشَّرَاب إِلَى فِيهِ فيذكر خطيئته فَينزل دمعه فِي الشَّرَاب حَتَّى يفيضه ثمَّ يردهُ وَلَا يشربه وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد عَن يُونُس بن خباب رَضِي الله عَنهُ أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بَكَى أَرْبَعِينَ لَيْلَة حَتَّى نبت العشب حوله من دُمُوعه ثمَّ قَالَ: يَا رب قرح الجبين وَرقا الدمع وخطيئتي عليَّ كَمَا هِيَ فَنُوديَ: أَن يَا دَاوُد أجائع فتطعم أم ظمآن فتسقى أم مظلوم فَتَنَصَّرَ فَنحب نحبة هاج مَا هُنَالك من الخضرة فغفر لَهُ عِنْد ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام سجد حَتَّى نبت مَا حوله خضرًا من دُمُوعه فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَن يَا دَاوُد سجدت أَتُرِيدُ أَن أزيدك فِي ملكك وولدك وعمرك فَقَالَ: يَا رب أَبِهَذَا ترد عليَّ أُرِيد أَن تغْفر لي وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مثل عَيْني دَاوُد كالقربتين ينطفان مَاء وَلَقَد خددت الدُّمُوع فِي وَجهه خديد المَاء فِي الأَرْض وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد من طَرِيق عَطاء بن السَّائِب عَن أبي عبد الله الجدلي قَالَ: مَا رفع دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام رَأسه إِلَى السَّمَاء بعد الْخَطِيئَة حَتَّى مَاتَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد عَن صَفْوَان بن مُحرز قَالَ: كَانَ لداود عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم يتأوّه فِيهِ يَقُول: أوه من عَذَاب الله أوه من عَذَاب الله أوه من عَذَاب الله قيل لَا أوه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أوحى الله إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: ارْفَعْ رَأسك فقد غفرت لَك فَقَالَ: يَا رب كَيفَ تكون هَذِه الْمَغْفِرَة وَأَنت قَضَاء بِالْحَقِّ وَلست بظلام للعبيد وَرجل ظلمته غصبته قتلته فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ: بلَى يَا دَاوُد إنَّكُمَا تجتمعان عِنْدِي فاقضي لَهُ عَلَيْك فَإِذا برز الْحق عَلَيْك أستوهبك مِنْهُ فوهبك لي وأرضيته من قبلي وأدخلته الْجنَّة فَرفع

دَاوُد رَأسه وَطَابَتْ نَفسه وَقَالَ: نعم يَا رب هَكَذَا تكون الْمَغْفِرَة وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: لما أصَاب دَاوُد الْخَطِيئَة {خر سَاجِدا} أَرْبَعِينَ لَيْلَة حَتَّى نبت من دموع عَيْنَيْهِ من البقل مَا غطى رَأسه ثمَّ نَادَى رب قرح الجبين وجمدت الْعين وَدَاوُد لم يرجع إِلَيْهِ فِي خطيئته شَيْء فَنُوديَ أجائع فَتُطعَم أم مَرِيض فتشفى أم مظلوم فَتَنَصَّرَ فَنحب نحباً هاج مِنْهُ نبت الْوَادي كُله فَعِنْدَ ذَلِك غفر لَهُ وَكَانَ يُؤْتى بالاناء فيشرب فيذكر خطيئته فينتحب فتكاد مفاصله تَزُول بَعْضهَا من بعض فَمَا يشرب بعض الاناء حَتَّى يمتلىء من دُمُوعه وَكَانَ يُقَال دمعة دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام تعدل دمعة الْخَلَائق ودمعة آدم عَلَيْهِ السَّلَام تعدل دمعة دَاوُد ودمعة الْخَلَائق فَيَجِيء يَوْم الْقِيَامَة مَكْتُوبَة بكفه يَقْرَأها يَقُول: ذَنبي ذَنبي فَيَقُول رب قدمني فيتقدم فَلَا يَأْمَن ويتأخر فَلَا يَأْمَن حَتَّى يَقُول تبَارك وَتَعَالَى: خُذ بقدمي وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عَلْقَمَة بن يزِيد قَالَ: لَو عدل بكاء أهل الأَرْض ببكاء دَاوُد مَا عدله وَلَو عدل بكاء دَاوُد وبكاء أهل الأَرْض ببكاء آدم عَلَيْهِ السَّلَام حِين أهبط إِلَى الأَرْض مَا عدله وَأخرج أَحْمد عَن إِسْمَعِيل بن عبد الله بن أبي المُهَاجر أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يُعَاتب فِي كَثْرَة الْبكاء فَيَقُول: ذروني أبْكِي قبل يَوْم الْبكاء قبل تحريق الْعِظَام واشتعال اللحى وَقبل أَن يُؤمر بِي (مَلَائِكَة غِلَاظ شَدَّاد لَا يعصون الله مَا أَمرهم ويفعلون مَا يؤمرون) (التَّحْرِيم 6) وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام نقش خطيئته فِي كَفه لكيلا ينساها وَكَانَ إِذا رَآهَا اضْطَرَبَتْ يَدَاهُ وَأخرج عَن مُجَاهِد قَالَ: يحْشر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام وخطيئته منقوشة فِي كَفه وَأخرج أَحْمد عَن عُثْمَان بن أبي العاتكة قَالَ: كَانَ من دُعَاء دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام سُبْحَانَكَ إلهي إِذا ذكرت خطيئتي ضَاقَتْ عليَّ الأَرْض برحبها وَإِذا ذكرت رحمتك ارْتَدَّت إليَّ روحي سُبْحَانَكَ إلهي فكلهم [رَآنِي] (مَا بَين قوسين زِيَادَة اقتضاها أتمام الْمَعْنى فأثبتها الْمُصَحح) عليل بذنبي

وَأخرج أَحْمد عَن ثَابت قَالَ: اتخذ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام سبع حشايا من سعد وحشاهن من الرماد ثمَّ بَكَى حَتَّى أنفذها دموعاً وَلم يشرب شرابًا إِلَّا مزجه بدموع عَيْنَيْهِ وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: بَكَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى خددت الدُّمُوع فِي وَجهه وَاعْتَزل النِّسَاء وَبكى حَتَّى رعش وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: إِذا خرج دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام من قَبره فَرَأى الأَرْض نَارا وضع يَده على رَأسه وَقَالَ: خطيئتي الْيَوْم موبقتي وَأخرج عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ مَا كتبت فِي هَذَا الْيَوْم من مُصِيبَة فخلصني مِنْهَا ثَلَاث مَرَّات وَمَا أنزلت فِي هَذَا الْيَوْم من خير فائتني مِنْهُ نَصِيبا ثَلَاث مَرَّات وَإِذا أَمْسَى قَالَ مثل ذَلِك فَلم ير بعد ذَلِك مَكْرُوها وَأخرج أَحْمد عَن معمر أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لما أصَاب الذَّنب قَالَ: رب كنت أبْغض الْخَطَّائِينَ فانا الْيَوْم أحب أَن تغْفر لَهُم وَأخرج عبد الله ابْنه والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن سعيد بن أبي هِلَال أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يعودهُ النَّاس وَمَا يظنون إِلَّا أَنه مَرِيض وَمَا بِهِ إِلَّا شدَّة الْفرق من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أفطر اسْتقْبل الْقبْلَة وَقَالَ: اللَّهُمَّ خلصني من كل مُصِيبَة نزلت من السَّمَاء ثَلَاثًا وَإِذا طلع حَاجِب الشَّمْس قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَل لي سَهْما فِي كل حَسَنَة نزلت اللَّيْلَة من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثَلَاثًا وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: فِي السُّجُود فِي {ص} لَيست من عزائم السُّجُود وَقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْجد فِيهَا وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد جيد عَن ابْن عباسط أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي {ص} وَقَالَ: سجدها دَاوُد ونسجدها شكرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ عَن الْعَوام قَالَ: سَأَلت مُجَاهدًا عَن سَجْدَة ص فَقَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس من أَيْن سجدت فَقَالَ: أَو مَا تقْرَأ (وَمن ذُريَّته

دَاوُد وَسليمَان) (الْأَنْعَام 84) إِلَى قَوْله (أُولَئِكَ الَّذين هدى الله فبهداهم اقتده) فَكَانَ دَاوُد مِمَّن أَمر نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَقْتَدِي بِهِ فَسجدَ بهَا دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فسجدها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يسْجد فِي ص حَتَّى نزلت (أُولَئِكَ الَّذين هدى الله فبهداهم اقتده) (الْأَنْعَام 90) فَسجدَ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي رَأَيْت فِي هَذِه اللَّيْلَة فِيمَا يرى النَّائِم كَأَنِّي أُصَلِّي عِنْد شَجَرَة وَكَأَنِّي قَرَأت سُورَة السَّجْدَة فسجدت فَرَأَيْت الشَّجَرَة سجدت بسجودي وَكَأَنِّي أسمعها وَهِي تَقول اللَّهُمَّ اكْتُبْ لي بهَا عنْدك ذكرا وضع عني بهَا وزراً وَاجْعَلْهَا إليّ عنْدك ذخْرا وَأعظم بهَا أجرا وَتقبل مني كَمَا تقبلت من عَبدك دَاوُد قَالَ ابْن عَبَّاس فَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّجْدَة فَسَمعته يَقُول فِي سُجُوده كَمَا أخبر الرجل عَن قَول الشَّجَرَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي ص وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ: صليت خلف عمر الْفجْر فَقَرَأَ بِنَا سُورَة ص فَسجدَ فِيهَا فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قَالَ لَهُ رجل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمن عزائم السُّجُود هَذِه فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْجد فِيهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي ص وَأخرج الدَّارمِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على الْمِنْبَر ص فَلَمَّا بلغ السَّجْدَة نزل فَسجدَ وَسجد النَّاس مَعَه فَلَمَّا كَانَ آخر يَوْم قَرَأَهَا فَلَمَّا بلغ السَّجْدَة تهَيَّأ النَّاس للسُّجُود فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ تَوْبَة نَبِي وَلَكِنِّي رأيتكم تهيأتم للسُّجُود فَنزل فَسجدَ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ سُورَة ص وهوعلى الْمِنْبَر فَلَمَّا أَتَى على السَّجْدَة قَرَأَهَا ثمَّ نزل فَسجدَ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير إِن عمر بن الْخطاب كَانَ يسْجد فِي ص

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: فِي ص سَجْدَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ لَا يسْجد فِي ص وَيَقُول: إِنَّمَا هِيَ تَوْبَة نَبِي ذكرت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَ بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْجد فِي ص وَبَعْضهمْ لَا يسْجد فَأَي ذَلِك شِئْت فافعل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مَرْيَم قَالَ: لما قدم عمر الشَّام أَتَى محراب دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فصلى فِيهِ فَقَرَأَ سُورَة ص فَلَمَّا انْتهى إِلَى السَّجْدَة سجد وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي سعيد أَنه رأى رُؤْيا أَنه يكْتب ص فَلَمَّا انْتهى إِلَى الَّتِي يسْجد بهَا رأى الدواة والقلم وكل شَيْء بِحَضْرَتِهِ انْقَلب سَاجِدا فَقَصَّهَا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يزل يسْجد بهَا بعد وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي سعيد قَالَ: رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم كَأَنِّي تَحت شَجَرَة وَكَأن الشَّجَرَة تقْرَأ ص فَلَمَّا أَتَت على السَّجْدَة سجدت فَقَالَت فِي سجودها: اللَّهُمَّ اغْفِر بهَا اللَّهُمَّ حط عني بهَا وزراً واحدث لي بهَا شكرا وتقبلها مني كَمَا تقبلت من عَبدك دَاوُد سجدته فَغَدَوْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاخبرته فَقَالَ سجدت أَنْت يَا أَبَا سعيد فَقلت: لَا فَقَالَ أَنْت أَحَق بِالسُّجُود من الشَّجَرَة ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ص ثمَّ أَتَى على السَّجْدَة وَقَالَ فِي سُجُوده مَا قَالَت الشَّجَرَة فِي سجودها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخطيب عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ السَّجْدَة الَّتِي فِي ص سجدها دَاوُد تَوْبَة وَنحن نسجدها شكرا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَره وَهُوَ يقْرَأ ص فَسجدَ فِيهَا آيَة 25

25

أخرج أَحْمد فِي الزّهْد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَالك

بن دِينَار فِي قَوْله {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب} قَالَ: مقَام دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم الْقِيَامَة عِنْد سَاق الْعَرْش ثمَّ يَقُول الرب جلّ وَعلا يَا دَاوُد مجدني الْيَوْم بذلك الصَّوْت الْحسن الرخيم الَّذِي كنت تمجدني بِهِ فِي الدُّنْيَا فَيَقُول: يَا رب كَيفَ وَقد سلبته فَيَقُول: إِنِّي راده عَلَيْك الْيَوْم فيندفع بِصَوْت يستفز نعيم أهل الْجنَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب أَنه قَالَ {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى} أول الْكَائِن يَوْم الْقِيَامَة دَاوُد وَابْنه عَلَيْهِمَا السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد عَن السّديّ بن يحيى قَالَ: حَدثنِي أَبُو حَفْص رجل قد أدْرك عمر بن الْخطاب أَن النَّاس يصيبهم يَوْم الْقِيَامَة عَطش وحر شَدِيد فينادي الْمُنَادِي دَاوُد فيسقي على رُؤُوس الْعَالمين فَهُوَ الَّذِي ذكر الله {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر يَوْم الْقِيَامَة فَعظم شَأْنه وشدته قَالَ: وَيَقُول الرَّحْمَن لداود عَلَيْهِ السَّلَام مر بَين يَدي فَيَقُول دَاوُد: يَا رب أَخَاف أَن تدحضني خطيئتي فَيَقُول خُذ بقدومي فَيَأْخُذ بقدمه عز وَجل فيمر قَالَ فَتلك {لزلفى} الَّتِي قَالَ الله {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب} وَأخرج عبد بن حميد عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب} قَالَ: يدنو حَتَّى يضع يَده عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فغفرنا لَهُ ذَلِك الذَّنب {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب} قَالَ حسن المنقلب وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يبْعَث دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم الْقِيَامَة وخطيئته فِي كَفه فَإِذا رَآهَا يَوْم الْقِيَامَة لم يجد مِنْهَا مخرجا إِلَّا أَن يلجأ إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى ثمَّ يرى فيقلق فَيُقَال لَهُ: هَهُنَا فَذَلِك قَوْله {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب}

من الْآيَات 26 - 27

26

أخرج الثَّعْلَبِيّ من طَرِيق العوّام بن حَوْشَب قَالَ: حَدثنِي رجل من قومِي شهد عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ طَلْحَة وَالزُّبَيْر وكعباً وسلمان مَا الْخَلِيفَة من الْملك قَالَ طَلْحَة وَالزُّبَيْر: مَا نَدْرِي فَقَالَ سلمَان رَضِي الله عَنهُ: الْخَلِيفَة الَّذِي يعدل فِي الرّعية وَيقسم بَينهم بِالسَّوِيَّةِ ويشفق عَلَيْهِم شَفَقَة الرجل على أَهله وَيَقْضِي بِكِتَاب الله تَعَالَى فَقَالَ كَعْب: مَا كنت أَحسب أحدا يعرف الْخَلِيفَة من الْملك غَيْرِي وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق مردان عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ: أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَهُ: أَنا ملك أم خَليفَة فَقَالَ لَهُ سلمَان رَضِي الله عَنهُ: الْخَلِيفَة الَّذِي يعدل أَن أَتَت جَبَيْتَ من أَرض الْمُسلمين درهما أَو أقل أَو أَكثر ثمَّ وَضعته فِي غير حَقه فَأَنت ملك غير خَليفَة فاستعبر عمر رَضِي الله عَنهُ وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أبي العرجاء قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: وَالله مَا أَدْرِي أخليفة أَنا أم ملك قَالَ قَائِل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن بَينهمَا فرقا قَالَ: مَا هُوَ قَالَ: الْخَلِيفَة لَا يَأْخُذ إِلَّا حَقًا وَلَا يَضَعهُ إِلَّا فِي حق وَأَنت الْحَمد لله كَذَلِك وَالْملك يعسف النَّاس فَيَأْخُذ من هَذَا وَيُعْطِي هَذَا وَأخرج ابْن سعد عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الامارة مَا ائتمرتها وَإِن الْملك مَا غلب عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ وَأخرج الثَّعْلَبِيّ عَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول إِذا جلس على الْمِنْبَر: يَا أَيهَا النَّاس إِن الْخلَافَة لَيست بِجمع المَال وَلَكِن الْخلَافَة الْعَمَل بِالْحَقِّ وَالْحكم بِالْعَدْلِ وَأخذ النَّاس بِأَمْر الله

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن سَالم مولى أبي جَعْفَر قَالَ: خرجنَا مَعَ أبي جَعْفَر أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى بَيت الْمُقَدّس فَلَمَّا دخل وشق بعث إِلَى الْأَوْزَاعِيّ فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حَدثنِي حسان بن عَطِيَّة عَن جدك ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ مَا فِي قَوْله {يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ وَلَا تتبع الْهوى فيضلك عَن سَبِيل الله} قَالَ: إِذا ارْتَفع إِلَيْك الخصمان فَكَانَ لَك فِي أَحدهمَا هوى فَلَا تشتهِ فِي نَفسك الْحق لَهُ فيفلح على صَاحبه فأمحو اسْمك من نبوتي ثمَّ لَا تكون خليفتي وَلَا كَرَامَة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حَدثنَا حسان بن عَطِيَّة عَن جدك قَالَ: من كره الْحق فقد كره الله لِأَن الْحق هُوَ الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حَدثنِي حسان بن عَطِيَّة عَن جدك فِي قَوْله (لَا يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة) (الْكَهْف 49) قَالَ: الصَّغِيرَة التبسم والكبيرة الضحك فَكيف مَا جنته الْأَيْدِي وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ} يَعْنِي بِالْعَدْلِ والانصاف {وَلَا تتبع الْهوى} يَقُول: وَلَا تُؤثر هَوَاك فِي قضائك بَينهم على الْحق وَالْعدْل فتزوغ عَن الْحق فيضلك عَن سَبِيل الله وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَهُم عَذَاب شَدِيد بِمَا نسوا يَوْم الْحساب} قَالَ: هَذَا من التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير يَقُول: لَهُم يَوْم الْحساب عَذَاب شَدِيد بِمَا نسوا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي السَّلِيل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يدْخل الْمَسْجِد فَينْظر أغمض حَلقَة من بني إِسْرَائِيل فيجلس إِلَيْهِم ثمَّ يَقُول: مِسْكينا بَين ظهراني مَسَاكِين وَأخرج أَحْمد عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ أَن ابْنا لداود مَاتَ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ جزعه فَقيل مَا كَانَ يعدل عنْدك قَالَ: كَانَ أحب إليَّ من ملْء الأَرْض ذَهَبا فَقيل لَهُ: إِن الْأجر على قدر ذَلِك وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ من دُعَاء دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام سُبْحَانَ مستخرج الشُّكْر بالعطاء ومستخرج الدُّعَاء بالبلاء وَأخرج عبد الله عَن الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ

السَّلَام الا أعلمك علمين إِذا عملتهما ألقيت وُجُوه النَّاس إِلَيْك وَبَلغت بهما رضاي قَالَ: بلَى يَا رب قَالَ احتجز فِيمَا بيني وَبَيْنك بالورع وخالط النَّاس باخلاقهم وَأخرج أَحْمد عَن يزِيد بن مَنْصُور رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِلَّا ذَاكر لله فاذكر مَعَه إِلَّا مُذَكّر فاذكر مَعَه وَأخرج أَحْمد عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يصنع القفة من الخوص وَهُوَ على الْمِنْبَر ثمَّ يُرْسل بهَا إِلَى السُّوق فيبيعها فيأكل بِثمنِهَا وَأخرج أَحْمد عَن سعيد بن أبي هِلَال رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِذا قَامَ من اللَّيْل يَقُول: اللَّهُمَّ نَامَتْ الْعُيُون وَغَارَتْ النُّجُوم وَأَنت الْحَيّ القيوم الَّذِي لَا تأخذك سنة وَلَا نوم وَأخرج أَحْمد عَن عُثْمَان الشحام أبي سَلمَة قَالَ: حَدثنِي شيخ من أهل الْبَصْرَة كَانَ لَهُ فضل وَكَانَ لَهُ سنّ قَالَ: بَلغنِي أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ ربه قَالَ: يَا رب كَيفَ لي أَن أَمْشِي لَك فِي الأَرْض بنصح واعمل لَك فِيهَا بنصح قَالَ يَا دَاوُد تحب من يحبني من أَحْمَر وأبيض وَلَا تزَال شفتاك رطبتين من ذكري واجتنب فرَاش الْغَيْبَة قَالَ: رب كَيفَ لي أَن تحببني فِي أهل الدُّنْيَا الْبر والفاجر قَالَ: يَا دَاوُد تصانع أهل الدُّنْيَا لدنياهم وتحب أهل الْآخِرَة لآخرتهم وتختار إِلَيْك دينك بيني وَبَيْنك فَإنَّك إِذا فعلت ذَلِك لَا يَضرك من ضل إِذا اهتديت قَالَ: رب فأرني أضيافك من خلقك من هم قَالَ: نقي الْكَفَّيْنِ نقي الْقلب يمشي تَمامًا وَيَقُول صَوَابا وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: أَتَدْرِي مَا جهد الْبلَاء قَالَ شِرَاء الْخبز من السُّوق والانتقال من منزل إِلَى منزل وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: اللَّهُمَّ اجْعَل حبك أحب إليَّ من نَفسِي وسمعي وبصري وَأَهلي وَمن المَاء الْبَارِد

وَأخرج أَحْمد عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك قَالَ: مُؤمن حسن الصُّورَة قَالَ: فَأَي عِبَادك أبْغض إِلَيْك قَالَ كَافِر حسن الصُّورَة شكر هَذَا وَكفر هَذَا قَالَ: يَا رب فَأَي عِبَادك أبْغض إِلَيْك قَالَ عبد استخارني فِي أَمر فَخِرْتُ لَهُ فَلم يرض بِهِ وَأخرج عبد الله فِي زوائده عَن عبد الله بن أبي مليكَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: إلهي لَا تجْعَل لي أهل سوء فَأَكُون رجل سوء وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن قَالَ: بَلغنِي أَنه كَانَ من دُعَاء دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: اللَّهُمَّ لَا تفقرني فأنسى وَلَا تغنني فأطغى وَأخرج أَحْمد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: إلهي أَي رزق أطيب قَالَ: ثَمَرَة يدك يَا دَاوُد وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْجلد رَضِي الله عَنهُ أَن الله تَعَالَى أوحى إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا دَاوُد انذر عبَادي الصديقين لَا يعجبن بِأَنْفسِهِم وَلَا يتكلن على أَعْمَالهم فَإِنَّهُ لَيْسَ أحد من عبَادي أنصبه لِلْحسابِ وأقيم عَلَيْهِ عدلي إِلَّا عَذبته من غير أَن أظلمه وَبشر الخاطئين أَنه لَا يتعاظم ذَنْب أَن أغفره وأتجاوز عَنهُ وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْجلد رَضِي الله عَنهُ إِن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَمر منادياً فَنَادَى: الصَّلَاة جَامِعَة فَخرج النَّاس وهم يرَوْنَ أَنه سَيكون مِنْهُ يَوْمئِذٍ موعظة وتأديب وَدُعَاء فَلَمَّا رقي مَكَانَهُ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لنا وَانْصَرف فَاسْتقْبل آخر النَّاس أوائلهم قَالُوا: مَا لكم قَالُوا: إِن النَّبِي إِنَّمَا دَعَا بدعوة وَاحِدَة فاوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ: أَن أبلغ قَوْمك عني فَإِنَّهُم قد استقلوا دعاءك إِنِّي من أَغفر لَهُ أصلح لَهُ أَمر آخرته ودنياه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام اصبر النَّاس على الْبلَاء وأحلمهم وأكظمهم للغيظ وَأخرج أَحْمد عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يَا رب كَيفَ أسعى لَك فِي الأَرْض بِالنَّصِيحَةِ قَالَ: تكْثر ذكري وتحب من أَحبَّنِي من أَبيض وأسود وتحكم للنَّاس كَمَا تحكم لنَفسك وتجتنب فرَاش الْغَيْبَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي عبد الله الجدلي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جَار عينه تراني وَقَلبه يرعاني إِن رأى خيرا دَفنه وَإِن رأى شرا أشاعه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ من دُعَاء دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْجَار السوء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عمل يخزيني وهم يرديني وفقر ينسيني وغنى يطغيني وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن عبد الله بن الْحَارِث رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: أحبب عبَادي وحببني إِلَى عبَادي قَالَ: يَا رب هَذَا أحبك وَأحب عِبَادك فَكيف أحببك إِلَى عِبَادك قَالَ تذكرني عِنْدهم فَإِنَّهُم لَا يذكرُونَ مني إِلَّا الْحسن وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْجَعْد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: إلهي مَا جَزَاء من عزى حَزينًا لَا يُرِيد بِهِ إِلَّا وَجهك قَالَ: جَزَاؤُهُ إِن ألبسهُ لِبَاس التَّقْوَى قَالَ: إلهي مَا جَزَاء من شيع جَنَازَة لَا يُرِيد بهَا إِلَّا وَجهك قَالَ: جَزَاؤُهُ أَن تشيعه ملائكتي إِذا مَاتَ وَإِن أُصَلِّي على روحه فِي الْأَرْوَاح قَالَ: إلهي مَا جَزَاء من أسْند يَتِيما أَو أرملة لَا يُرِيد بهَا إِلَّا وَجهك قَالَ جَزَاؤُهُ إِن أظلهُ تَحت ظلّ عَرْشِي يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظِلِّي قَالَ: إلهي مَا جَزَاء من فاضت عَيناهُ من خشيتك قَالَ: جَزَاؤُهُ أَن أؤمنه يَوْم الْفَزع الْأَكْبَر وَأَن أقي وَجهه فيح جَهَنَّم وَأخرج أَحْمد عَن أبي الْجلد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت فِي مساءلة دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: إلهي مَا جَزَاء من يعزي الحزين الْمُصَاب ابْتِغَاء مرضاتك قَالَ: جَزَاؤُهُ أَن أكسوه رِدَاء من أردية الإِيمان أستره بِهِ من النَّار وَأدْخلهُ الْجنَّة قَالَ: إلهي فَمَا جَزَاء من شيع الْجِنَازَة ابْتِغَاء مرضاتك قَالَ: جَزَاؤُهُ أَن تشيعه الْمَلَائِكَة يَوْم يَمُوت إِلَى قَبره وَإِن أُصَلِّي على روحه فِي الْأَرْوَاح قَالَ: إلهي فَمَا جَزَاء من أسْند الْيَتِيم والأرملة ابْتِغَاء مرضاتك قَالَ: جَزَاؤُهُ أَن أظلهُ فِي ظلّ عَرْشِي يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظِلِّي قَالَ: إلهي فَمَا جَزَاء من بَكَى من خشيتك حَتَّى تسيل دُمُوعه على وَجهه قَالَ:

جَزَاؤُهُ إِن أحرم وَجهه على النَّار وَأَن أؤمنه يَوْم الْفَزع الْأَكْبَر وَأخرج أَحْمد عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لِسُلَيْمَان: كن للْيَتِيم كَالْأَبِ الرَّحِيم وَأعلم أَنَّك كَمَا تزرع تحصد وَأعلم أَن خَطِيئَة [إِمَام] (مَا بَين قوسين زِيَادَة إقتضاها إتْمَام الْمَعْنى فأثبتناها) الْقَوْم كالمسيء عِنْد رَأس الْمَيِّت وَاعْلَم أَن الْمَرْأَة الصَّالِحَة لأَهْلهَا كالملك المتوج بالتاج المخوّص بِالذَّهَب وَاعْلَم أَن الْمَرْأَة السوء لأَهْلهَا كالشيخ الضَّعِيف على ظَهره الْحمل الثقيل وَمَا أقبح الْفقر بعد الْغنى وأقبح من ذَلِك الضَّلَالَة بعد الْهدى وَإِن وعدت صَاحبك فانجز مَا وعدته فَإنَّك إِن لَا تفعل تورث بَيْنك وَبَينه عَدَاوَة ونعوذ بِاللَّه من صَاحب إِذا ذكرت لم يعنك وَإِذا نسيت لم يذكرك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: اللَّهُمَّ لَا مرض يفنيني وَلَا صِحَة تنسيني وَلَكِن بَين ذَلِك وَأخرج عبد الله بن زيد بن رفيع قَالَ: نظر دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام مبخلاً يهوي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَقَالَ: يَا رب مَا هَذَا قَالَ: هَذِه لَعْنَتِي أدخلها بَيت كل ظلام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن أَبْزي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: نعم العون الْيَسَار على الدّين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب طَال عمري وَكبر سني وَضعف ركني فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا دَاوُد طُوبَى لمن طَال عمره وَحسن عمله وَأخرج الْخَطِيب من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن عبد الله بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُعطي دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام من حسن الصَّوْت مَا لم يُعْطَ أحد قطّ حَتَّى إِن كَانَ الطير والوحش حوله حَتَّى تَمُوت عطشاً وجوعاً وَإِن الْأَنْهَار لتقف وَالله أعلم الْآيَة 28

28

أخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض}

قَالَ {الَّذين آمنُوا} عَليّ وَحَمْزَة وَعبيدَة بن الْحَارِث والمفسدين فِي الأَرْض عتبَة وَشَيْبَة والوليد وهم تبارزوا يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} إِلَى قَوْله {كالفجار} قَالَ: لعمري مَا اسْتَووا لقد تفرق الْقَوْم فِي الدُّنْيَا عِنْد الْمَوْت أما قَوْله تَعَالَى: {أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار} أخرج أَبُو يعلى عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَمَا أَنه لَا يجتنى من الشوك الْعِنَب كَذَلِك لَا تنَال الْفجار منَازِل الْأَبْرَار الْآيَة 29

29

أخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ليدبروا آيَاته} اتِّبَاعه بِعَمَلِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {أولُوا الْأَلْبَاب} قَالَ: أولُوا الْعُقُول من النَّاس الْآيَات 30 - 33

30

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَكْحُول قَالَ: لما وهب الله لداود سُلَيْمَان قَالَ لَهُ: يَا بني مَا أحسن قَالَ: سكينَة الله والإِيمان قَالَ: فَمَا أقبح قَالَ: كفر بعد إِيمَان قَالَ: فَمَا أحلى قَالَ: روح الله بَين عباده قَالَ: فَمَا أبرد قَالَ: عَفْو الله عَن النَّاس وعفو النَّاس بَعضهم عَن بعض قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: فَأَنت نَبِي

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أوحى الله تبَارك وَتَعَالَى إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام إِنِّي سَائل ابْنك عَن سبع كَلِمَات فَإِن أخْبرك فورثه الْعلم والنبوة فَقَالَ لَهُ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: إِن الله أوحى إليَّ أَن أَسأَلك عَن سبع كَلِمَات فَإِن أَخْبَرتنِي وَرَّثْتُكَ العلمَ والنبوَّة قَالَ: سلني عَمَّا شِئْت قَالَ: أَخْبرنِي مَا أحلى من الْعَسَل وَمَا أبرد من الثَّلج وَمَا الين من الْخَزّ وَمَا لَا يرى أَثَره فِي المَاء وَمَا لَا يرى أَثَره فِي الصفاء وَمَا لَا يرى أَثَره فِي السَّمَاء وَمن يسمن فِي الخصب والجدب قَالَ: أما مَا أحلى من الْعَسَل فَروح الله للمتحابين فِي الله واما مَا أبرد من الثَّلج فَكَلَام الله إِذا قرع أَفْئِدَة أَوْلِيَاء الله وَأما مَا الين شَيْئا من الْخَزّ فحكمة الله تَعَالَى إِذا أنشدها أَوْلِيَاء الله بَينهم وَأما مَا لَا يرى أَثَره فِي المَاء فالفلك تمر فَلَا يرى أَثَرهَا وَأما مَا لَا يرى أَثَره فِي الصفاء فالنملة تمر على الْحجر فَلَا يرى أَثَرهَا وَأما مَا لَا يرى أَثَره فِي السَّمَاء فالطير يطير وَلَا يرى أَثَره فِي السَّمَاء وَأما من يسمن فِي الجدب وَالْخصب فَهُوَ الْمُؤمن إِذا أعطَاهُ الله شكر وَإِذا ابتلاه صَبر فقلبه أجرد أَزْهَر قَالَ: انْظُر إِلَى ابْنك فَاسْأَلْهُ عَن أَربع عشرَة كلمة فَإِن أخْبرك فورثه الْعلم والنبوّة فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مَا لي من ذِي علم فَقَالَ دَاوُد لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: أَخْبرنِي يَا بني أَيْن مَوضِع الْعقل مِنْك قَالَ: الدِّمَاغ قَالَ: أَيْن مَوضِع الْحيَاء مِنْك قَالَ: العينان قَالَ: أَيْن مَوضِع الْبَاطِل مِنْك قَالَ: الأذنان قَالَ: أَيْن بَاب الْخَطَايَا مِنْك قَالَ: اللِّسَان قَالَ: أَيْن الطَّرِيق مِنْك قَالَ: المنخران قَالَ: أَيْن مَوضِع الْأَدَب وَالْبَيَان مِنْك قَالَ: الكلوتان قَالَ: أَيْن بَاب الفظاظة والغلظة مِنْك قَالَ: الكبد قَالَ: أَيْن بَيت الرّيح مِنْك قَالَ: الرئة قَالَ: أَيْن بَاب الْفَرح مِنْك قَالَ: الطحال قَالَ: أَيْن بَاب الْكسْب مِنْك قَالَ: اليدان قَالَ: أَيْن بَاب النصب مِنْك قَالَ: الرّجلَانِ قَالَ: أَيْن بَاب الشَّهْوَة مِنْك قَالَ: الْفرج قَالَ: أَيْن بَاب الذُّرِّيَّة مِنْك قَالَ: الصلب قَالَ: أَيْن بَاب الْعلم والفهم وَالْحكمَة مِنْك قَالَ: الْقلب إِذا صلح الْقلب صلح ذَلِك كُله وَإِذا فسد الْقلب فسد ذَلِك كُله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَوَهَبْنَا لداود سُلَيْمَان نعم العَبْد إِنَّه أواب} قَالَ: كَانَ مُطيعًا لله كثير الصَّلَاة {إِذْ عرض عَلَيْهِ بالْعَشي الصافنات الْجِيَاد}

قَالَ: يَعْنِي الْخَيل وصفونها قِيَامهَا وبسطها قَوَائِمهَا {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْت حب الْخَيْر} أَي المَال {عَن ذكر رَبِّي} عَن صَلَاة الْعَصْر {حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ {الصافنات الْجِيَاد} قَالَ: الْخَيل خيل خلقت على مَا شَاءَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الصافنات} قَالَ: صفون الْفرس: رفع إِحْدَى يَدَيْهِ حَتَّى يكون على أَطْرَاف الْحَافِر وَفِي قَوْله الْجِيَاد قَالَ: السراع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن وَقَتَادَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الصافنات الْجِيَاد} قَالَ: الْخَيل إِذا صفن قِيَامهَا [] عقرهَا تطلع أعناقها وسوقها وَفِي قَوْله {أَحْبَبْت حب الْخَيْر عَن ذكر رَبِّي} قَالَ: الْخَيْر المَال وَالْخَيْل من ذَلِك فَقَوله شغلته عَن الصَّلَاة قَالَ: لَا وَالله لَا تشغلني عَن عبَادَة الله تَعَالَى جرها عَلَيْك فكشف عراقيبها وَضرب أعناقها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَوْف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن الْخَيل الَّتِي عقر سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام كَانَت خيلاً ذَات أَجْنِحَة أخرجت لَهُ من الْبَحْر لم تكن لأحد قبله وَلَا بعده وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {حب الْخَيْر} قَالَ: المَال وَفِي قَوْله {ردوهَا عليّ} قَالَ: الْخَيل {فَطَفِقَ مسحاً} قَالَ: عقراً بِالسَّيْفِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الصَّلَاة الَّتِي فرط فِيهَا سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام صَلَاة الْعَصْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب} قَالَ: حجاب من ياقوت أَخْضَر مُحِيط بالخلائق فَمِنْهُ اخضرت السَّمَاء الَّتِي يُقَال لَهَا السَّمَاء الخضراء واخضر الْبَحْر من السَّمَاء فَمن ثمَّ يُقَال: الْبَحْر الْأَخْضَر وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَت: قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَزْوَة

تَبُوك أَو خَيْبَر فَجئْت فَكشفت نَاحيَة السّتْر عَن بَنَات لعب لعَائِشَة فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَة قَالَت: بَنَاتِي وَرَأى بَينهُنَّ فرسا لَهَا جَنَاحَانِ من رقاع فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أرى وسطهن قَالَت: فرس لَهُ جَنَاحَانِ قَالَ: وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ فَقلت: جَنَاحَانِ قَالَ: فرس لَهُ جَنَاحَانِ قَالَت: أما سَمِعت أَن لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام خيلاً لَهَا أَجْنِحَة فَضَحِك حَتَّى رؤيت نَوَاجِذه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِذْ عرض عَلَيْهِ بالْعَشي الصافنات الْجِيَاد} قَالَ: كَانَت عشْرين ألف فرس ذَات أَجْنِحَة فعقرها وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب} قَالَ {تَوَارَتْ} من وَرَاء قَرْيَة خضرَة السَّمَاء مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لَا يكلم اعظاماً لَهُ فَلَقَد فَاتَتْهُ صَلَاة الْعَصْر وَمَا اسْتَطَاعَ أحد أَن يكلمهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {عَن ذكر رَبِّي} يَقُول: من ذكر رَبِّي {فَطَفِقَ مسحا} يَقُول: جعل يمسح أعراف الْخَيل وعراقيبها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والاسماعيلي فِي مُعْجَمه وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن أُبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {فَطَفِقَ مسحاً بِالسوقِ والأعناق} قَالَ: قطع سوقها وأعناقها بِالسَّيْفِ الْآيَة 34

34

أخرج الْفرْيَابِيّ والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَقَد فتنا سُلَيْمَان وألقينا على كرسيه جسداً} قَالَ: هُوَ الشَّيْطَان الَّذِي كَانَ على كرسيه يقْضِي بَين النَّاس أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَكَانَ لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام امْرَأَة يُقَال لَهَا جَرَادَة وَكَانَ بَين بعض أَهلهَا وَبَين قوم خُصُومَة فَقضى بَينهم بِالْحَقِّ إِلَّا أَنه ودَّ أَن

الْحق كَانَ لأَهْلهَا فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ: أَنه سيصيبك بلَاء فَكَانَ لَا يدْرِي يَأْتِيهِ من السَّمَاء أم من الأَرْض وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد قوي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أَرَادَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أَن يدْخل الْخَلَاء فَأعْطى الجرادة خَاتمه وَكَانَت جَرَادَة امْرَأَته وَكَانَت أحب نِسَائِهِ إِلَيْهِ فجَاء الشَّيْطَان فِي صُورَة سُلَيْمَان فَقَالَ لَهَا: هَاتِي خَاتمِي فَأَعْطَتْهُ فَلَمَّا لبسه دَانَتْ لَهُ الْجِنّ والإِنس وَالشَّيَاطِين فَلَمَّا خرج سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام من الْخَلَاء قَالَ لَهَا: هَاتِي خَاتمِي فَقَالَت: قد أَعْطيته سُلَيْمَان قَالَ: أَنا سُلَيْمَان قَالَت: كذبت لست سُلَيْمَان فَجعل لَا يَأْتِي أحدا يَقُول أَنا سُلَيْمَان إِلَّا كذبه حَتَّى جعل الصّبيان يرمونه بِالْحِجَارَةِ فَلَمَّا رأى ذَلِك عرف أَنه من أَمر الله عز وَجل وَقَامَ الشَّيْطَان يحكم بَين النَّاس فَلَمَّا أَرَادَ الله تَعَالَى أَن يرد على سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام سُلْطَانه ألْقى فِي قُلُوب النَّاس انكار ذَلِك الشَّيْطَان فارسلوا إِلَى نسَاء سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالُوا لَهُنَّ: أَيكُون من سُلَيْمَان شَيْء قُلْنَا: نعم إِنَّه يأتينا وَنحن حيض وَمَا كَانَ يأتينا قبل ذَلِك فَلَمَّا رأى الشَّيْطَان أَنه قد فطن لَهُ ظن أَن أمره قد انْقَطع فَكَتَبُوا كتبا فِيهَا سحر ومكر فدفنوها تَحت كرْسِي سُلَيْمَان ثمَّ أَثَارُوهَا وقرأوها على النَّاس قَالُوا: بِهَذَا كَانَ يظْهر سُلَيْمَان على النَّاس ويغلبهم فَأكفر النَّاس سُلَيْمَان فَلم يزَالُوا يكفرونه وَبعث ذَلِك الشَّيْطَان بالخاتم فطرحه فِي الْبَحْر فَتَلَقَّتْهُ سَمَكَة فَأَخَذته وَكَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يعْمل على شط الْبَحْر بِالْأَجْرِ فجَاء رجل فَاشْترى سمكًا فِيهِ تِلْكَ السَّمَكَة الَّتِي فِي بَطنهَا الْخَاتم فَدَعَا سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: تحمل لي هَذِه السّمك ثمَّ انْطلق إِلَى منزله فَلَمَّا انْتهى الرجل إِلَى بَاب دَاره أعطَاهُ تِلْكَ السَّمَكَة الَّتِي فِي بَطنهَا الْخَاتم فَأَخذهَا سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فشق بَطنهَا فَإِذا الْخَاتم فِي جوفها فَأَخذه فلبسه فَلَمَّا لبسه دَانَتْ لَهُ الانس وَالْجِنّ وَالشَّيَاطِين وَعَاد إِلَى حَاله وهرب الشَّيْطَان حَتَّى لحق بِجَزِيرَة من جزائر الْبَحْر فَأرْسل سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فِي طلبه وَكَانَ شَيْطَانا مرِيدا يطلبونه وَلَا يقدرُونَ عَلَيْهِ حَتَّى وجدوه يَوْمًا نَائِما فجاؤا فَنقبُوا عَلَيْهِ بنياناً من رصاص فَاسْتَيْقَظَ فَوَثَبَ فَجعل لَا يثبت فِي مَكَان من الْبَيْت إِلَّا أَن دَار مَعَه الرصاص فَأَخَذُوهُ وأوثقوه وجاؤا بِهِ إِلَى سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَأمر بِهِ

فَنقرَ لَهُ فِي رُخَام ثمَّ أَدخل فِي جَوْفه ثمَّ سد بِالنُّحَاسِ ثمَّ أَمر بِهِ فَطرح فِي الْبَحْر فَذَلِك قَوْله {وَلَقَد فتنا سُلَيْمَان وألقينا على كرسيه جسدا} يَعْنِي الشَّيْطَان الَّذِي كَانَ تسلط عَلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أَربع آيَات من كتاب الله لم أدر مَا هِيَ حَتَّى سَأَلت عَنْهُن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله (قوم تبع) (الدُّخان 73) فِي الْقُرْآن وَلم يذكر تبع فَقَالَ: إِن تبعا كَانَ ملكا وَكَانَ قومه كهاناً وَكَانَ فِي قومه قوم من أهل الْكتاب وَكَانَ الْكُهَّان يَبْغُونَ على أهل الْكتاب وَيقْتلُونَ تَابعهمْ فَقَالَ أهل الْكتاب لتبع: أَنهم يكذبُون علينا فَقَالَ تبع: إِن كُنْتُم صَادِقين فقربوا قرباناً فَأَيكُمْ كَانَ أفضل أكلت النَّار قربانه فَقرب أهل الْكتاب والكهان فَنزلت نَار من السَّمَاء فَأكلت قرْبَان أهل الْكتاب فأتبعهم تبع فَأسلم فَلهَذَا ذكر الله قومه فِي الْقُرْآن وَلم يذكرهُ قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ وَسَأَلته عَن قَوْله {وألقينا على كرسيه جسداً ثمَّ أناب} قَالَ: الشَّيْطَان أَخذ خَاتم سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام الَّذِي فِيهِ ملكه فقذف بِهِ فِي الْبَحْر فَوَقع فِي بطن سَمَكَة فَانْطَلق سُلَيْمَان يطوف إِذْ تصدق عَلَيْهِ بِتِلْكَ السَّمَكَة فاشتواها فَأكلهَا فَإِذا فِيهَا خَاتمه فَرجع إِلَيْهِ ملكه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وألقينا على كرسيه جسداً ثمَّ أناب} قَالَ: صَخْر الجني مثل على كرسيه على صورته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَمر سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام بِبِنَاء بَيت الْمُقَدّس فَقيل لَهُ: ابْنه وَلَا يسمع فِيهِ صَوت حَدِيد فَطلب ذَلِك فَلم يقدر عَلَيْهِ فَقيل لَهُ إِن شَيْطَانا يُقَال لَهُ صَخْر شبه المارد فَطَلَبه وَكَانَت عين فِي الْبَحْر يردهَا فِي كل سَبْعَة أَيَّام مرّة فنزح ماءها وَجعل فِيهَا خمرًا فجَاء يَوْم وُرُوده فَإِذا هُوَ بِالْخمرِ فَقَالَ: إِنَّك لشراب طيب تصيب من الْحَلِيم وتزيد من الْجَاهِل جهلا ثمَّ جفل حَتَّى عَطش عطشاً شَدِيدا ثمَّ أَتَاهَا فَشربهَا حَتَّى غلب على عقله فأوتي بالخاتم فختم بَين كَتفيهِ فذل وَكَانَ ملكه فِي خَاتمه فَأتي بِهِ سُلَيْمَان فَقَالَ: أَنا قد أمرنَا بِبِنَاء هَذَا الْبَيْت فَقيل لنا: لَا تسمعن فِيهِ صَوت حَدِيد فَأتى ببيض الهدهد فَجعل عَلَيْهِ زجاجة فجَاء

الهدهد فدار حولهَا فَجعل يرى بيضه وَلَا يقدر عَلَيْهِ فَذهب فجَاء بألماس فوضعها عَلَيْهِ فقطعها حَتَّى أفْضى إِلَى بيضه فَأخذُوا الماس فَجعلُوا يقطعون بِهِ الْحِجَارَة وَكَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام إِذا أَرَادَ أَن يدْخل الْخَلَاء أَو الْحمام لم يدْخل بِخَاتمِهِ فَانْطَلق يَوْمًا إِلَى الْحمام وَذَلِكَ الشَّيْطَان صَخْر مَعَه فَدخل الْحمام وَأعْطى الشَّيْطَان خَاتمه فَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْر فالتقمته سَمَكَة وَنزع ملك سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام مِنْهُ وَألقى على الشَّيْطَان شبه سُلَيْمَان فجَاء فَقعدَ على كرسيه وسلط على ملك سُلَيْمَان كُله غير نِسَائِهِ فَجعل يقْضِي بَينهم أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى وجد سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام خَاتمه فِي بطن السَّمَكَة فَأقبل فَجعل لَا يستقبله جني وَلَا طير إِلَّا سجد لَهُ حَتَّى انْتهى إِلَيْهِم {وألقينا على كرسيه جسداً} قَالَ: هُوَ الشَّيْطَان صَخْر {ثمَّ أناب} قَالَ: تَابَ ثمَّ أقبل يَعْنِي سُلَيْمَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وألقينا على كرسيه جسداً} قَالَ: شَيْطَانا يُقَال لَهُ آصف فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان: كَيفَ تفتنون النَّاس قَالَ أَرِنِي خاتمك أخْبرك فَلَمَّا أعطَاهُ إِيَّاه نبذه آصف فِي الْبَحْر فساح سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَذهب ملكه وَقعد آصف على كرسيه وَمنعه الله تَعَالَى نسَاء سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَلم يقربهن وَلَا يقربنه وأنكرنه وَأنكر النَّاس أَمر سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يستطعم فَيَقُول: أتعرفوني أَنا سُلَيْمَان فيكذبوه حَتَّى أَعطَتْهُ امْرَأَة يَوْمًا حوتاً وَطيب بَطْنه فَوجدَ خَاتمه فِي بَطْنه فَرجع إِلَيْهِ ملكه وفر الشَّيْطَان فَدخل الْبَحْر فَارًّا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ولد لِسُلَيْمَان ولد فَقَالَ للشَّيْطَان: تواريه من الْمَوْت قَالُوا نَذْهَب بِهِ إِلَى الْمشرق فَقَالَ يصل إِلَيْهِ الْمَوْت قَالُوا فَإلَى الْمغرب قَالَ يصل إِلَيْهِ قَالُوا إِلَى الْبحار قَالَ يصل إِلَيْهِ الْمَوْت قَالَ نضعه بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَنزل عَلَيْهِ ملك الْمَوْت فَقَالَ: إِنِّي أمرت بِقَبض نسمَة طلبتها فِي الْبحار وطلبتها فِي تخوم الأَرْض فَلم أصبها فَبينا أَنا صاعد أصبتها فقبضتها وَجَاء جسده حَتَّى وَقع على

كرْسِي سُلَيْمَان فَهُوَ قَول الله {وَلَقَد فتنا سُلَيْمَان وألقينا على كرسيه جسداً ثمَّ أناب} وَقَالَ ابْن سعد رَضِي الله عَنهُ أخبرنَا الْوَاقِدِيّ حَدثنَا معشر عَن المَقْبُري: أَن سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: لأطوفن اللَّيْلَة بِمِائَة امْرَأَة من نسَائِي فتأتي كل امْرَأَة مِنْهُنَّ بِفَارِس يُجَاهد فِي سَبِيل الله وَلم يستثنِ وَلَو اسْتثْنى لَكَانَ فَطَافَ على مائَة امْرَأَة فَلم تحمل امْرَأَة إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة حملت بشق إِنْسَان قَالَ: وَلم يكن شَيْء أحب إِلَى سُلَيْمَان من تِلْكَ الشقة قَالَ وَكَانَ أَوْلَاده يموتون فجَاء ملك الْمَوْت فِي صُورَة رجل فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: إِن اسْتَطَعْت أَن تُؤخر إبني هَذَا ثَمَانِيَة أَيَّام إِذا جَاءَهُ أَجله فَقَالَ: لَا وَلَكِن أخْبرك قبل مَوته بِثَلَاثَة أَيَّام قَالَ لمن عِنْده من الْجِنّ: أَيّكُم يُخَبِّىء لي إبني هَذَا قَالَ أحدهم أَنا أخبؤه لَك فِي الْمشرق قَالَ: مِمَّن تخبؤه قَالَ: من ملك الْمَوْت قَالَ يبصره قَالَ آخر: أَنا أخبؤه لَك بَين قرينين لَا يريان قَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام إِن كَانَ شَيْء فَهَذَا فَلَمَّا جَاءَ أَجله نظر ملك الْمَوْت فِي الأَرْض فَلم يره فِي مشرقها وَلَا فِي مغْرِبهَا وَلَا شَيْء من الْبحار وَرَآهُ بَين قرينين فَجَاءَهُ فَأَخذه فَقبض روحه على كرْسِي سُلَيْمَان فَذَلِك قَوْله {وَلَقَد فتنا سُلَيْمَان} وَهُوَ قَول الله {وألقينا على كرسيه جسداً} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا سُلَيْمَان بن دَاوُد جَالِسا على شاطىء الْبَحْر وَهُوَ يعبث بِخَاتمِهِ إِذْ سقط مِنْهُ فِي الْبَحْر وَكَانَ ملكه فِي خَاتمه فَانْطَلق وَخلف شَيْطَانا فِي أَهله فَأتى عجوزاً فأوى إِلَيْهَا فَقَالَت لَهُ الْعَجُوز: إِن شِئْت أَن تَنْطَلِق فتطلب وأكفيك عمل الْبَيْت وَإِن شِئْت أَن تكفيني عمل الْبَيْت وَانْطَلق فالتمس قَالَ: فَانْطَلق يلْتَمس فَأتى قوما يصيدون السّمك فَجَلَسَ إِلَيْهِم فنبذوا سمكات فَانْطَلق بِهن حَتَّى أَتَى الْعَجُوز فَأخذت تصلحه فشقت بطن سَمَكَة فَإِذا فِيهَا الْخَاتم فَأَخَذته وَقَالَت لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: مَا هَذَا فَأَخذه سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فلبسه فَأَقْبَلت إِلَيْهِ الشَّيَاطِين والانس وَالْجِنّ وَالطير والوحش وهرب الشَّيْطَان الَّذِي خلف فِي أَهله فَأتى جَزِيرَة فِي الْبَحْر فَبعث إِلَيْهِ الشَّيَاطِين فَقَالُوا: لَا نقدر عَلَيْهِ أَنه يرد عينا فِي جَزِيرَة فِي الْبَحْر فِي سَبْعَة أَيَّام وَلَا نقدر عَلَيْهِ حَتَّى يسكر

قَالَ فصب لَهُ فِي تِلْكَ الْعين خمرًا فَأقبل فَشرب فَسَكِرَ فأروه الْخَاتم فَقَالَ: سمعا وَطَاعَة فأوثقه سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ بعث بِهِ إِلَى جبل فَذكرُوا أَنه جبل الدُّخان فالدخان الَّذِي يرَوْنَ من نَفسه وَالْمَاء الَّذِي يخرج من الْجَبَل بَوْله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن {وألقينا على كرسيه جسداً} قَالَ: هُوَ الشَّيْطَان دخل سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام الْحمام فَوضع خَاتمه عِنْد امْرَأَة من أوثق نِسَائِهِ فِي نَفسه فَأَتَاهَا الشَّيْطَان فتمثل لَهَا على صُورَة سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَأخذ الْخَاتم مِنْهَا فَلَمَّا خرج سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أَتَاهَا فَقَالَ لَهَا: هَاتِي الْخَاتم فَقَالَت: قد دَفعته إِلَيْك قَالَ مَا فعلت فهرب سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَجلسَ الشَّيْطَان على ملكه وَانْطَلق سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام هَارِبا فِي الأَرْض يتتبع ورق الشّجر خمسين لَيْلَة فَأنْكر بَنو إِسْرَائِيل أَمر الشَّيْطَان فَقَالَ بَعضهم لبَعض: هَل تنكرون من أَمر ملككم مَا ننكر عَلَيْهِ قَالُوا: نعم قَالَ أما لقد هلكتم أَنْتُم الْعَامَّة وَأما قد هلك ملككم فَقَالُوا: وَالله ان عنْدكُمْ من هَذَا الْخَبَر نساؤه مَعكُمْ فَاسْأَلُوهُنَّ فَإِن كن أنكرن مَا أَنْكَرْنَا فقد ابتلينا فَسْأَلُوهُنَّ فَقُلْنَ: أَي وَالله لقد أَنْكَرْنَا فَلَمَّا انْقَضتْ مدَّته انْطلق سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى أَتَى سَاحل الْبَحْر فَوجدَ صيادين يصيدون السّمك فصادوا سمكًا كثيرا غلبهم بعضه فألقوه فَأَتَاهُم سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فاستطعمهم فَأَعْطوهُ تِلْكَ الْحيتَان قَالَ: لَا بل أَطْعمُونِي من هَذَا فَأَبَوا فَقَالَ: أَطْعمُونِي فَإِنِّي سُلَيْمَان فَوَثَبَ إِلَيْهِ بَعضهم بالعصا فَضَربهُ غَضبا لِسُلَيْمَان فَأتى إِلَى تِلْكَ الْحيتَان الَّتِي ألقوا فَأخذ مِنْهَا حوتين فَانْطَلق بهما إِلَى الْبَحْر فغسلهما فشق بطن أَحدهمَا فَإِذا فِيهِ الْخَاتم فَأَخذه فَجعله فِي يَده فَعَاد فِي ملكه فَجَاءَهُ الصيادون يبيعون إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُم: لقد كنت استطعمتكم فَلم تطعموني فَلم أظلمكم إِذا هنتموني وَلم أحمدكم إِذا أكرمتموني وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ مَا قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام إِذا دخل الْخَلَاء أعْطى خَاتمه أحب نِسَائِهِ إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ قد خرج وَقد وضع لَهُ وضوء فَدفع خَاتمه إِلَى امْرَأَته فَلبث مَا شَاءَ الله وَخرج عَلَيْهَا شَيْطَان فِي صُورَة سُلَيْمَان فَدفعت الْخَاتم إِلَيْهِ فَضَاقَ درعا بِهِ فَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْر فالتقمته سَمَكَة فَخرج سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام على امْرَأَته فَسَأَلَهَا

الْخَاتم فَقَالَت: قد دَفعته إِلَيْك فَعلم سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قد ابتلى فَخرج وَترك ملكه وَلزِمَ الْبَحْر فَجعل يجوع فَأتى يَوْمًا على صيادين قد صادوا سمكًا بالْأَمْس فنبذوه وصادوا يومهم سمكًا فَهُوَ بَين أَيْديهم فَقَامَ عَلَيْهِم سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: أَطْعمُونِي بَارك الله فِيكُم فَإِنِّي ابْن سَبِيل فَلم يلتفتوا إِلَيْهِ ثمَّ عَاد فَقَالَ لَهُم: مثل ذَلِك فَرفع رجل مِنْهُم رَأسه إِلَيْهِ فَقَالَ: ائْتِ ذَلِك السّمك فَخذ مِنْهُ سَمَكَة فَأَتَاهُ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَأخذ مِنْهُ أدنى سَمَكَة فَلَمَّا أَخذهَا إِذا فِيهَا ريح فَأتى بهَا الْبَحْر فغسلها وشق بَطنهَا فَإِذا هُوَ بِخَاتمِهِ فَحَمدَ الله وَأَخذه فتختم بِهِ ونطق كل شَيْء كَانَ حوله من جُنُوده وفزع الصيادون لذَلِك فَقَامُوا إِلَيْهِ وحيل بَينهم وَلم يصلوا إِلَيْهِ ورد الله إِلَيْهِ ملكه وَأخرج عبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عَليّ بن زيد عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ أَن سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام احتجب عَن النَّاس ثَلَاثَة أَيَّام فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن يَا سُلَيْمَان احْتَجَبت عَن النَّاس ثَلَاثَة أَيَّام فَلم تنظر فِي أُمُور الْعباد وَلم تنصف مَظْلُوما من ظَالِم وَكَانَ ملكه فِي خَاتمه وَكَانَ إِذا دخل الْحمام وضع خَاتمه تَحت فرَاشه فجَاء الشَّيْطَان فَأَخذه فَأقبل النَّاس على الشَّيْطَان فَقَالَ سُلَيْمَان: يَا أَيهَا النَّاس أَنا سُلَيْمَان نَبِي الله فدفعوه فساح أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَأتى أهل سفينة فَأَعْطوهُ حوتاً فَشَقهَا فَإِذا هُوَ بالخاتم فِيهَا فتختم بِهِ ثمَّ جَاءَ فَأخذ بناصيته فَقَالَ عِنْد ذَلِك (رب هَب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي) قَالَ وَكَانَ أول من أنكرهُ نساؤه فَقَالَ بَعضهم لبَعض: أتنكرون مِنْهُ شَيْئا قُلْنَ: نعم وَكَانَ يأتيهن وَهن حيض فَقَالَ عَليّ: فَذكرت ذَلِك لِلْحسنِ فَقَالَ: مَا كَانَ الله يُسَلِّطهُ على نِسَائِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الرَّحْمَن بن رَافع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حدث عَن فتْنَة سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: إِنَّه كَانَ فِي قومه رجل كعمر بن الْخطاب فِي أمتِي فَلَمَّا أنكر حَال الجان الَّذِي كَانَ مَكَانَهُ أرسل إِلَى أفاضل نِسَائِهِ فَقَالَ: هَل تنكرن من صاحبكن شَيْئا قُلْنَ: نعم كَانَ لَا يأتينا حيضا وَهَذَا يأتينا حيضا فَاشْتَمَلَ على سَيْفه ليَقْتُلهُ فَرد الله على سُلَيْمَان ملكه فَأقبل

فَوَجَدَهُ فِي مَكَانَهُ فَأخْبرهُ بِمَا يُرِيد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلَقَد فتنا سُلَيْمَان وألقينا على كرسيه جسداً} قَالَ: الْجَسَد الشَّيْطَان الَّذِي كَانَ دفع سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام إِلَيْهِ خَاتمه فقذفه فِي الْبَحْر وَكَانَ ملك سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فِي خَاتمه وَكَانَ اسْم الجني صخراً وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وألقينا على كرسيه جسداً} قَالَ: الْجَسَد الشَّيْطَان الَّذِي كَانَ دفع إِلَيْهِ سُلَيْمَان خَاتمه شَيْطَانا يُقَال لَهُ آصف وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وألقينا على كرسيه جسداً} قَالَ: الشَّيْطَان حِين جلس على كرسيه أَرْبَعِينَ يَوْمًا كَانَ لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام مائَة امْرَأَة وَكَانَت امْرَأَة مِنْهُنَّ يُقَال لَهَا جَرَادَة وَهِي آثر نِسَائِهِ عِنْده وآمنهن وَكَانَ إِذا أجنب أَو أَتَى حَاجَة نزع خَاتمه وَلم يأتمن عَلَيْهِ أحدا من النَّاس غَيرهَا فَجَاءَتْهُ يَوْمًا من الْأَيَّام فَقَالَت: إِن أخي بَينه وَبَين فلَان خُصُومَة وَأَنا أحب أَن تقضي لَهُ إِذا جَاءَك فَقَالَ: نعم وَلم يفعل وابتلى فَأَعْطَاهَا خَاتمه وَدخل الْمخْرج فَخرج الشَّيْطَان فِي صورته فَقَالَ: هَات الْخَاتم فَأَعْطَتْهُ فجَاء حَتَّى جلس على مجْلِس سُلَيْمَان وَخرج سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام بعد فَسَأَلَهَا أَن تعطيه خَاتمه فَقَالَت: ألم تَأْخُذهُ قبل قَالَ: لَا قَالَ وَخرج مَكَانَهُ تائهاً وَمكث الشَّيْطَان يحكم بَين النَّاس أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَأنْكر النَّاس أَحْكَامه فَاجْتمع قراء بني إِسْرَائِيل وعلماؤهم فجاؤا حَتَّى دخلُوا على نِسَائِهِ فَقَالُوا: إِنَّا قد أَنْكَرْنَا هَذَا وَأَقْبلُوا يَمْشُونَ حَتَّى أَتَوْهُ فأحدقوا بِهِ ثمَّ نشرُوا فقرأوا التَّوْرَاة فطار من بَين أَيْديهم حَتَّى وَقع على شرفة والخاتم مَعَه ثمَّ طَار حَتَّى ذهب إِلَى الْبَحْر فَوَقع الْخَاتم مِنْهُ فِي الْبَحْر فابتلعه حوت من حيتان الْبَحْر وَأَقْبل سُلَيْمَان فِي حَالَته الَّتِي كَانَ فِيهَا حَتَّى انْتهى إِلَى صياد من صيادي الْبَحْر وَهُوَ جَائِع فاستطعمه من صيدهم فَأعْطَاهُ سمكتين فَقَامَ إِلَى شط الْبَحْر فشق بطونهما فَوجدَ خَاتمه فِي بطن أَحدهمَا فَأَخذه فلبسه فَرد الله عَلَيْهِ بهاءه وَملكه فَأرْسل إِلَى الشَّيْطَان فجيء بِهِ فَأمر بِهِ فَجعل فِي صندوق من حَدِيد ثمَّ أطبق عَلَيْهِ وأقفل عَلَيْهِ بقفل وَختم عَلَيْهِ بِخَاتمِهِ ثمَّ أَمر بِهِ فألقي فِي الْبَحْر فَهُوَ فِيهِ

حَتَّى تقوم السَّاعَة وَكَانَ اسْمه حبقيق وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثمَّ أناب} قَالَ: دخل سُلَيْمَان على امْرَأَة تبيع السّمك فَاشْترى مِنْهَا سَمَكَة فشق بَطنهَا فَوجدَ خَاتمه فَجعل لَا يمر على شَجَرَة وَلَا على شَيْء إِلَّا سجد لَهُ حَتَّى أَتَى ملكه وَأَهله فَذَلِك قَوْله {ثمَّ أناب} يَقُول: ثمَّ رَجَعَ الْآيَات 35 - 40

35

أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا إِلَّا استفتحه بسبحان رَبِّي الْأَعْلَى الْوَهَّاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {رب اغْفِر لي وهب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي} يَقُول: لَا أسلبه كَمَا سلبته وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {رب اغْفِر لي وهب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي} قَالَ: لَا تسلبنيه كَمَا سلبتنيه وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عرض لي الشَّيْطَان فِي مصلاي اللَّيْلَة كَأَنَّهُ هرُّكم هَذَا فَأَرَدْت أَن أحبسه حَتَّى أصبح فَذكرت دَعْوَة أخي سُلَيْمَان {رب اغْفِر لي وهب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي} فتركته وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن

عفريتاً جعل يتلفت عَليّ البارحة ليقطع عليَّ صَلَاتي وَإِن الله تَعَالَى أمكنني مِنْهُ فَلَقَد هَمَمْت أَن أربطه إِلَى سَارِيَة من سواري الْمَسْجِد حَتَّى تصبحوا فتنظروا إِلَيْهِ كلكُمْ فَذكرت قَول أخي سُلَيْمَان {رب اغْفِر لي وهب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي} فَرده الله خاسئاً وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَينا أَنا قَائِم أُصَلِّي اعْترض الشَّيْطَان فَأخذت حلقه فخنقته حَتَّى أَنِّي لأجد برد لِسَانه على ابهامي فيرحم الله سُلَيْمَان لَوْلَا دَعوته لأصبح مربوطاً تنْظرُون إِلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خرجت لصَلَاة الصُّبْح فلقيني شَيْطَان فِي السدة سدة الْمَسْجِد فزحمني حَتَّى أَنِّي لأجد مس شعره فاستمكنت مِنْهُ فخنقته حَتَّى أَنِّي لأجد برد لِسَانه على يَدي فلولا دَعْوَة أخي سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لأصبح مقتولاً تنْظرُون إِلَيْهِ وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَامَ يُصَلِّي صَلَاة الصُّبْح فَقَرَأَ فألبست عَلَيْهِ الْقِرَاءَة فَلَمَّا فرغ من صلَاته قَالَ: لَو رَأَيْتُمُونِي وإبليس فَأَهْوَيْت بيَدي فَمَا زلت أخنقه حَتَّى وجدت برد لعابه بَين أُصْبُعِي هَاتين الإِبهام وَالَّتِي تَلِيهَا وَلَوْلَا دَعْوَة أخي سُلَيْمَان لأصبح مربوطاً بِسَارِيَة من سواري الْمَسْجِد فتلاعب بِهِ صبيان الْمَدِينَة وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مر عليَّ الشَّيْطَان فتناولته فخنقته حَتَّى وجدت برد لِسَانه على يَدي فَقَالَ: أوجعتني أوجعتني وَلَوْلَا مَا دَعَا بِهِ سُلَيْمَان لأصبح مناطا إِلَى اسطوانة من أساطين الْمَسْجِد ينظر إِلَيْهِ وِلْدَانُ أهل الْمَدِينَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جَابر بن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الشَّيْطَان أَرَادَ أَن يمر بَين يَدي فخنقته حَتَّى وجدت برد لِسَانه على يَدي وأيم الله لَوْلَا مَا سبق إِلَيْهِ أخي سُلَيْمَان لربطته إِلَى سَارِيَة من سواري الْمَسْجِد حَتَّى بِهِ ولدان أهل الْمَدِينَة وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك عَن عمر بن عَليّ بن حُسَيْن قَالَ: مشيت مَعَ عمي

وَأخي جَعْفَر فَقلت: زَعَمُوا أَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ ربه أَن يَهبهُ ملكا قَالَ: حَدثنِي أبي عَن أَبِيه عَن عَليّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لن يعمر ملك فِي أمة نَبِي مضى قبله مَا بلغ بذلك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْعُمر فِي أمته وَأخرج عبد بن حميد عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ أَنه ذكر من ملك سُلَيْمَان وتعظيم ملكه أَنه كَانَ فِي رباطه اثْنَا عشر ألف حصان وَكَانَ يذبح على غدائه كل يَوْم سبعين ثوراً سوى الكباش وَالطير وَالصَّيْد فَقيل لوهب أَكَانَ يسع هَذَا مَاله قَالَ: كَانَ إِذا ملك الْملك على بني إِسْرَائِيل اشْترط عَلَيْهِم أَنهم رَقِيقه وَإِن أَمْوَالهم لَهُ مَا شَاءَ أَخذ مِنْهَا وَمَا شَاءَ ترك وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي خَالِد البَجلِيّ رضّي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام ركب يَوْمًا فِي موكبه فَوضع سَرِيره فَقعدَ عَلَيْهِ وألقيت كراسي يَمِينا وَشمَالًا فَقعدَ النَّاس عَلَيْهَا يلونه وَالْجِنّ وَرَاءَهُمْ ومردة الْجِنّ وَالشَّيَاطِين وَرَاء الْجِنّ فَأرْسل إِلَى الطير فأظلته بأجنحتها وَقَالَ للريح: احملينا يُرِيد بعض مسيره فاحتملته الرّيح وَهُوَ على سَرِيره وَالنَّاس على كراسيهم يُحَدِّثهُمْ ويحدثونه لَا يرْتَفع كرْسِي وَلَا يتضع وَالطير تظلهم وَكَانَ موكب سُلَيْمَان يسمع من مَكَان بعيد وَرجل من بني إِسْرَائِيل آخذ مسحاته فِي زرع لَهُ قَائِما يهيئه إِذْ سمع الصَّوْت فَقَالَ: إِن هَذَا الصَّوْت مَا هُوَ إِلَّا لموكب سُلَيْمَان وَجُنُوده فحان من سُلَيْمَان التفاتة وَهُوَ على سَرِيره فَإِذا هُوَ بِرَجُل يشْتَد يُبَادر الطَّرِيق فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي نَفسه: إِن هَذَا الرجل ملهوف أَو طَالب حَاجَة فَقَالَ للريح حِين وقفت بِهِ: قفي فوقفت بِهِ وبجنود حَتَّى انْتهى إِلَيْهِ الرجل وَهُوَ منبهر فَتَركه سُلَيْمَان حَتَّى ذهب بهره ثمَّ أقبل عَلَيْهِ فَقَالَ أَلَك حَاجَة وَقد وقف عَلَيْهِ الْخلق فَقَالَ: الْحَاجة جَاءَت بِي إِلَى هَذَا الْمَكَان يَا رَسُول الله إِنِّي رَأَيْت الله أَعْطَاك ملكا لم يُعْطه أحدا قبلك وَلَا أرَاهُ يُعْطِيهِ أحدا بعْدك فَكيف تَجِد مَا مضى من ملكك هَذِه السَّاعَة قَالَ: أخْبرك عَن ذَاك إِنِّي كنت نَائِما فَرَأَيْت رُؤْيا ثمَّ تنبهت فعبرتها قَالَ: لَيْسَ إِلَّا ذَاك قَالَ: فَأَخْبرنِي كَيفَ تَجِد مَا بَقِي من ملكك السَّاعَة قَالَ: تَسْأَلنِي عَن شَيْء لم أره قَالَ: فَإِنَّمَا هِيَ هَذِه السَّاعَة ثمَّ انْصَرف عَنهُ موليا

فَجَلَسَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام ينظر فِي قَفاهُ ويتفكر فِيمَا قَالَه ثمَّ قَالَ للريح إمضي بِنَا فمضت بِهِ قَالَ الله {رخاء حَيْثُ أصَاب} قَالَ: الرخَاء الَّتِي لَيست بالعاصف وَلَا باللينة وسطا قَالَ الله تَعَالَى (غدوها شهر ورواحها شهر) (سُورَة سبأ 12) لَيست بالعاصف الَّتِي تؤذيه وَلَا باللينة الَّتِي تشق عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن سلمَان بن عَامر الشَّيْبَانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَرَأَيْتُم سُلَيْمَان وَمَا أعطَاهُ الله تَعَالَى من ملكه فَلم يكن يرفع طرفه إِلَى السَّمَاء تخشعاً حَتَّى قَبضه الله تَعَالَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا رفع سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام طرفه إِلَى السَّمَاء تخشعاً حَيْثُ أعطَاهُ الله تَعَالَى مَا أعطَاهُ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يعْمل الخوص بِيَدِهِ وَيَأْكُل خبز الشّعير وَيطْعم بني إِسْرَائِيل الْحوَاري وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن صَالح بن سمار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَنه لما مَاتَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أوحى الله تَعَالَى إِلَى سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام سلني حَاجَتك قَالَ: أَسأَلك أَن تجْعَل قلبِي يخشاك كَمَا كَانَ قلب أُمِّي وَأَن تجْعَل قلبِي يحبك كَمَا كَانَ قلب أبي فَقَالَ: أرْسلت إِلَى عَبدِي أسأله حَاجته فَكَانَت حَاجته أَن أجعَل قلبه يخشاني وَأَن أجعَل قلبه يحبني لأهبن لَهُ ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده قَالَ الله تَعَالَى {فسخرنا لَهُ الرّيح تجْرِي بأَمْره رخاء حَيْثُ أصَاب} وَالَّتِي بعْدهَا مِمَّا أعطَاهُ وَفِي الْآخِرَة لَا حِسَاب عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فسخرنا لَهُ الرّيح} قَالَ: لم يكن فِي ملكه يَوْم دَعَا الرّيح وَالشَّيَاطِين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما عقر سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام الْخَيل أبدله الله خيرا مِنْهَا وَأمر الرّيح تجْرِي بأَمْره كَيفَ يَشَاء {رخاء} قَالَ: لَيست بالعاصف وَلَا باللينة بَين ذَلِك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {تجْرِي بأَمْره رخاء} قَالَ: مطيعة لَهُ حَيْثُ أَرَادَ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {رخاء حَيْثُ أصَاب} قَالَ: حَيْثُ شَاءَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {رخاء} قَالَ: لينَة {حَيْثُ أصَاب} قَالَ: حَيْثُ أَرَادَ {وَالشَّيَاطِين كل بِنَاء} قَالَ: يعْملُونَ لَهُ مَا يَشَاء من محاريب وتماثيل {وغواص} قَالَ: يستخرجون لَهُ الحلى من الْبَحْر {وَآخَرين مُقرنين فِي الأصفاد} قَالَ: مَرَدَة الشَّيَاطِين فِي الأغلال وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {رخاء} قَالَ: الطّيبَة {وَالشَّيَاطِين كل بِنَاء وغواص} قَالَ: يغوص للحلية وَبِنَاء بنوا لِسُلَيْمَان قصراً على المَاء فَقَالَ: اهدموه من غير أَن تمسه الْأَيْدِي فَرَمَوْهُ بالفادقات حَتَّى وضعوه فَبَقيت لنا منفعَته بعدهمْ فَكَانَ من عمل الْجِنّ وَبقيت لنا مَنْفَعَة السِّيَاط كَانَ يضْرب الْجِنّ بالخشب فيكسر أيديها وأرجلها فَقَالُوا هَل توجعنا فَلَا تكسرنا قَالَ: نعم فدلوه على السِّيَاط والتمويه أَمر الْجِنّ فموهت على [] ثمَّ أَمر بِهِ فَألْقى على الأساطين تَحت قَوَائِم خيل بلقيس والقارورة لما أخرج الْأَعْوَر شَيْطَان الْبَحْر حَيْثُ أَرَادَ بِنَاء بَيت الْمُقَدّس قَالَ الْأَعْوَر: ابْتَغوا لي بَيْضَة هدهد ثمَّ قَالَ اجعلوا عَلَيْهَا قَارُورَة فجَاء الهدهد فَجعل يرى بيضته وَهُوَ لَا يقدر عَلَيْهَا ويطيف بهَا فَانْطَلق فجَاء بماسة مثل هَذِه فوضعها على القارورة فانشقت فانشق بَيت الْمُقَدّس بِتِلْكَ الماسة والقذافة وَكَانَ فِي الْبَحْر كنز فدلوا عَلَيْهِ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَزَعَمُوا أَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام يدْخل الْجنَّة بعد الْأَنْبِيَاء بِأَرْبَعِينَ سنة لما أعطيَ من الْملك فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هَذَا عطاؤنا} قَالَ: كل هَذَا أعطَاهُ إِيَّاه بعد رد الْخَاتم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَامْنُنْ} يَقُول: اعْتِقْ من الْجِنّ من شِئْت {أَو أمسك} مِنْهُم من شِئْت وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هَذَا عطاؤنا} قَالَ الْحسن: الْملك الَّذِي أعطيناك فأعط مَا شِئْت وامنع مَا شِئْت فَلَيْسَ لَك تبعة وَلَا حِسَاب عَلَيْك فِي ذَلِك

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هَذَا عطاؤنا فَامْنُنْ أَو أمسك بِغَيْر حِسَاب} قَالَ: بِغَيْر حرج إِن شِئْت أَمْسَكت وَإِن شِئْت أَعْطَيْت وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: مَا أَعْطَيْت أَو أَمْسَكت فَلَيْسَ عَلَيْك فِيهِ حِسَاب وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من نعْمَة أنعم الله على عبد إِلَّا وَقد سَأَلَهُ فِيهَا الشُّكْر إِلَّا سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الله لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَامْنُنْ أَو أمسك بِغَيْر حِسَاب وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله أعْطى سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام ملكا هَنِيئًا فَقَالَ الله {هَذَا عطاؤنا فَامْنُنْ أَو أمسك بِغَيْر حِسَاب} قَالَ: إِن أعطيَ أجر وَإِن لم يُعْط لم يكن عَلَيْهِ تبعة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب} أَي حسن مصير وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ {وَإِن لَهُ عندنَا لزلفى وَحسن مآب} قَالَ: الزلفى الْقرب {وَحسن مآب} قَالَ: الْمرجع الْآيَات 41 - 44

41

أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَاذْكُر عَبدنَا أَيُّوب إِذْ نَادَى ربه أَنِّي مسني الشَّيْطَان بِنصب وَعَذَاب} قَالَ: ذهَاب الْأَهْل وَالْمَال والضر الَّذِي أَصَابَهُ فِي جسده قَالَ: ابتلى سبع سِنِين وأشهراً فَألْقى على كناسَة بني إِسْرَائِيل تخْتَلف الدَّوَابّ فِي جسده فَفرج الله عَنهُ وَأعظم لَهُ الْأجر وَأحسن

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بِنصب وَعَذَاب} قَالَ {بِنصب} الضّر فِي الْجَسَد {وَعَذَاب} قَالَ: فِي المَال وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن الشَّيْطَان عرج إِلَى السَّمَاء قَالَ: يَا رب سَلطنِي على أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ الله: قد سلطتك على مَاله وَولده وَلم أسلطك على جسده فَنزل فَجمع جُنُوده فَقَالَ لَهُم: قد سلطت على أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام فأروني سلطانكم فصاروا نيراناً ثمَّ صَارُوا مَاء فَبَيْنَمَا هم بالمشرق إِذا هم بالمغرب وبينما هم بالمغرب إِذا هم بالمشرق فَأرْسل طَائِفَة مِنْهُم إِلَى زرعه وَطَائِفَة إِلَى أَهله وَطَائِفَة إِلَى بقره وَطَائِفَة إِلَى غنمه وَقَالَ: إِنَّه لَا يعتصم مِنْكُم إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ فَأتوهُ بالمصائب بَعْضهَا على بعض فجَاء صَاحب الزَّرْع فَقَالَ: يَا أَيُّوب ألم تَرَ إِلَى رَبك أرسل على زرعك عدوّاً فَذهب بِهِ وَجَاء صَاحب الإِبل فَقَالَ: يَا أَيُّوب ألم تَرَ إِلَى رَبك أرسل على إبلك عدوا فَذهب بهَا ثمَّ جَاءَهُ صَاحب الْبَقر فَقَالَ: ألم تَرَ إِلَى رَبك أرسل على بقرك عدوا فَذهب بهَا وَتفرد هُوَ ببنيه جمعهم فِي بَيت أكبرهم فَبَيْنَمَا هم يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ إِذْ هبت ريح فَأخذت بأركان الْبَيْت فألقته عَلَيْهِم فجَاء الشَّيْطَان إِلَى أَيُّوب بِصُورَة غُلَام فَقَالَ: يَا أَيُّوب ألم تَرَ إِلَى رَبك جمع بنيك فِي بَيت أكبرهم فَبَيْنَمَا هم يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ إِذْ هبت ريح فَأخذت بأركان الْبَيْت فألقته عَلَيْهِم فَلَو رَأَيْتهمْ حِين اخْتلطت دِمَاؤُهُمْ ولحومهم بطعامهم وشرابهم فَقَالَ لَهُ أَيُّوب أَنْت الشَّيْطَان ثمَّ قَالَ لَهُ أَنا الْيَوْم كَيَوْم ولدتني أُمِّي فَقَامَ فحلق رَأسه وَقَامَ يُصَلِّي فرن إِبْلِيس رنة سمع بهَا أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض ثمَّ خرج إِلَى السَّمَاء فَقَالَ: أَي رب انه قد اعْتصمَ فسلطني عَلَيْهِ فَإِنِّي لَا أستطيعه إِلَّا بسلطانك قَالَ: قد سلطتك على جسده وَلم أسلطك على قلبه فَنزل فَنفخ تَحت قدمه نفخة قرح مَا بَين قَدَمَيْهِ إِلَى قرنه فَصَارَ قرحَة وَاحِدَة وَأُلْقِي على الرماد حَتَّى بدا حجاب قلبه فَكَانَت امْرَأَته تسْعَى إِلَيْهِ حَتَّى قَالَت لَهُ: أما ترى يَا أَيُّوب نزل بِي وَالله من الْجهد والفاقة مَا أَن بِعْت قروني برغيف فأطعمك فَادع الله أَن يشفيك ويريحك قَالَ: وَيحك كُنَّا فِي النَّعيم سبعين عَاما فأصبري حَتَّى نَكُون فِي الضّر سبعين عَاما فَكَانَ فِي الْبلَاء سبع سِنِين ودعا

فجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يَوْمًا فَأخذ بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: قُم فَقَامَ فنحاه عَن مَكَانَهُ وَقَالَ {اركض برجلك هَذَا مغتسل بَارِد وشراب} فركض بِرجلِهِ فنبعت عين فَقَالَ: اغْتسل فاغتسل مِنْهَا ثمَّ جَاءَ أَيْضا فَقَالَ {اركض برجلك} فنبعت عين أُخْرَى فَقَالَ لَهُ: اشرب مِنْهَا وَهُوَ قَوْله {اركض برجلك هَذَا مغتسل بَارِد وشراب} وَألبسهُ الله تَعَالَى حلَّة من الْجنَّة فَتنحّى أَيُّوب فَجَلَسَ فِي نَاحيَة وَجَاءَت امْرَأَته فَلم تعرفه فَقَالَت: يَا عبد الله أَيْن المبتلي الَّذِي كَانَ هَهُنَا لَعَلَّ الْكلاب ذهبت بِهِ والذئاب وَجعلت تكَلمه سَاعَة فَقَالَ: وَيحك أَنا أَيُّوب قد رد الله عليّ جَسَدِي ورد الله عَلَيْهِ مَاله وَولده عيَانًا {وَمثلهمْ مَعَهم} وأمطر عَلَيْهِم جَرَادًا من ذهب فَجعل يَأْخُذ الْجَرَاد بِيَدِهِ ثمَّ يَجعله فِي ثَوْبه وينشر كساءه فَيجْعَل فِيهِ فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا أَيُّوب أما شبعت قَالَ: يَا رب من ذَا الَّذِي يشْبع من فضلك ورحمتك وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن إِبْلِيس قعد على الطَّرِيق فَاتخذ تابوتاً يداوي النَّاس فَقَالَت امْرَأَة أَيُّوب: يَا عبد الله إِن هَهُنَا مبتلي من أمره كَذَا وَكَذَا فَهَل لَك أَن تداويه قَالَ: نعم بِشَرْط إِن أَنا شفيته أَن يَقُول أَنْت شفيتني لَا أُرِيد مِنْهُ أجرا غَيره فَأَتَت أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: وَيحك ذَاك الشَّيْطَان لله عليَّ إِن شفاني الله تَعَالَى أَن أجلدك مائَة جلدَة فَلَمَّا شفَاه الله تَعَالَى أمره أَن يَأْخُذ ضغثاً فَأخذ عذقاً فِيهِ مائَة شِمْرَاخ فَضرب بهَا ضَرْبَة وَاحِدَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم قَالَ: الشَّيْطَان الَّذِي مس أَيُّوب يُقَال لَهُ مسوط فَقَالَت امْرَأَة أَيُّوب ادْع الله يشفيك فَجعل لَا يَدْعُو حَتَّى مر بِهِ نفر من بني إِسْرَائِيل فَقَالَ بَعضهم لبَعض: مَا أَصَابَهُ مَا أَصَابَهُ إِلَّا بذنب عَظِيم أَصَابَهُ فَعِنْدَ ذَلِك قَالَ: (ربِ أَنِّي مسني الضّر وَأَنت أرْحم الرَّاحِمِينَ) (الْأَنْبِيَاء 83) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {اركض برجلك هَذَا} المَاء {مغتسل بَارِد وشراب} قَالَ: ركض رجله الْيُمْنَى فنبعت عين وَضرب بِيَدِهِ الْيُمْنَى خلف ظَهره فنبعت عين فَشرب من إِحْدَاهمَا واغتسل من الْأُخْرَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ضرب بِرجلِهِ

أَرضًا يُقَال لَهَا الْحَمَامَة فَإِذا عينان ينبعان فَشرب من إِحْدَاهمَا واغتسل من الْأُخْرَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن نَبِي الله أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام لما اشْتَدَّ بِهِ الْبلَاء إِمَّا دَعَا وَإِمَّا عرض بِالدُّعَاءِ فَأوحى الله تَعَالَى إِلَيْهِ {اركض برجلك} فنبعت عين فاغتسل مِنْهَا فَذهب مَا بِهِ ثمَّ مَشى أَرْبَعِينَ ذِرَاعا ثمَّ ضرب بِرجلِهِ فنبعت عين فَشرب مِنْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن نَبِي الله أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام لما أَصَابَهُ الَّذِي أَصَابَهُ قَالَ إِبْلِيس: يَا رب مَا يُبَالِي أَيُّوب أَن تعطيه أَهله وَمثلهمْ مَعَهم وتخلف لَهُ مَاله وسلطانه سَلطنِي على جسده قَالَ: اذْهَبْ فقد سلطتك على جسده وَإِيَّاك يَا خَبِيث وَنَفسه قَالَ فَنفخ فِيهِ نفخة سقط لَحْمه فَلَمَّا أعياه صرخَ صرخة اجْتمعت إِلَيْهِ جُنُوده قَالُوا يَا سيدنَا مَا أغضبك فَقَالَ الا أغضب إِنِّي أخرجت آدم من الْجنَّة وَإِن وَلَده هَذَا الضَّعِيف قد غلبني فَقَالُوا: يَا سيدنَا مَا فعلت امْرَأَته فَقَالَ: حَيَّة فَقَالَ: أما هِيَ فقد كفيك أمرهَا فَقَالَ لَهُ: فَإِن أطلقتها فقد أصبت وَإِلَّا [] فأعطه فجَاء إِلَيْهَا فاستبرأها فَأَتَت أَيُّوب فَقَالَت لَهُ: يَا أَيُّوب إِلَى مَتى هَذَا الْبلَاء كلمة وَاحِدَة ثمَّ اسْتغْفر رَبك فَيغْفر لَك فَقَالَ لَهَا: فعلتها أَنْت أَيْضا ثمَّ قَالَ لَهَا أما وَالله لَئِن الله تَعَالَى عافاني لأجلدنك مائَة جلدَة فَقَالَ {ربه أَنِّي مسني الشَّيْطَان بِنصب وَعَذَاب} قأتاه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ {اركض برجلك هَذَا مغتسل بَارِد وشراب} فَرجع إِلَيْهِ حسنه وشبابه ثمَّ جلس على تل من التُّرَاب فَجَاءَتْهُ امْرَأَته بطعامه فَلم تَرَ لَهُ أثرا فَقَالَت لأيوب عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ على التل: يَا عبد الله هَل رَأَيْت مبتلي كَانَ هَهُنَا فَقَالَ لَهَا: إِن رَأَيْتِيه تعرفينه فَقَالَت لَهُ لَعَلَّك أَنْت هُوَ قَالَ: نعم فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن {وَخذ بِيَدِك ضغثاً فَاضْرب بِهِ وَلَا تَحنث} قَالَ: والضغث أَن يَأْخُذ الحزمة من السِّيَاط فَيضْرب بهَا الضَّرْبَة الْوَاحِدَة وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ابتلى أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام بِمَالِه وَولده وَجَسَده وَطرح فِي المزبلة فَجعلت امْرَأَته تخرج فتكتسب عَلَيْهِ مَا تطعمه فحسده الشَّيْطَان بذلك فَكَانَ يَأْتِي أَصْحَاب الْخَيْر والغنى الَّذين كَانُوا يتصدقون عَلَيْهَا فَيَقُول: اطردوا هَذِه الْمَرْأَة الَّتِي تغشاكم فَإِنَّهَا تعالج صَاحبهَا وتلمسه بِيَدِهَا فَالنَّاس يتقذرون طَعَامكُمْ من أجلهَا انها تَأْتيكُمْ وتغشاكم

فَجعلُوا لَا يدنونها مِنْهُم وَيَقُولُونَ: تباعدي عَنَّا وَنحن نُطْعِمك وَلَا تقربينا فَأخْبرت بذلك أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام فَحَمدَ الله تَعَالَى على ذَلِك وَكَانَ يلقاها إِذا خرجت كالمتحزن بِمَا لَقِي أَيُّوب فَيَقُول: لج صَاحبك وأبى إِلَّا مَا أَبى الله وَلَو تكلم بِكَلِمَة وَاحِدَة تكشف عَنهُ كل ضرّ ولرجع إِلَيْهِ مَاله وَولده فتجيء فتخبر أَيُّوب فَيَقُول لَهَا: لقيك عدوّ الله فلقنك هَذَا الْكَلَام لَئِن أقامني الله من مرضِي لأجلدنك مائَة فَلذَلِك قَالَ الله تَعَالَى {وَخذ بِيَدِك ضغثاً فَاضْرب بِهِ وَلَا تَحنث} يَعْنِي بالضغث القبضة من الكبائس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَخذ بِيَدِك ضغثاً} قَالَ: الضغث القبضة من المرعى الطّيب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَخذ بِيَدِك ضغثاً} قَالَ: حزمة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَخذ بِيَدِك ضغثا} قَالَ: عود فِيهِ تِسْعَة وَتسْعُونَ عوداً وَالْأَصْل تَمام الْمِائَة وَذَلِكَ أَن امْرَأَته قَالَ لَهَا الشَّيْطَان: قولي لزوجك يَقُول كَذَا وَكَذَا فَقَالَت لَهُ فَحلف أَن يضْربهَا مائَة فضربها تِلْكَ الضَّرْبَة فَكَانَت تَحِلَّة ليمينه وتخفيفا عَن امْرَأَته وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ أَنه بلغه أَن أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام حلف ليضربن امْرَأَته مائَة فِي أَن جَاءَتْهُ فِي زِيَادَة على مَا كَانَت تَأتي بِهِ من الْخبز الَّذِي كَانَت تعْمل عَلَيْهِ وخشي أَن تكون قارفت من الْخِيَانَة فَلَمَّا رَحمَه الله وكشف عَنهُ الضّر علم بَرَاءَة امْرَأَته مِمَّا اتهمها بِهِ فَقَالَ الله عز وَجل {وَخذ بِيَدِك ضغثاً فَاضْرب بِهِ وَلَا تَحنث} فَأخذ ضغثاً من ثمام وَهُوَ مائَة عود فَضرب بِهِ كَمَا أمره الله تَعَالَى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَخذ بِيَدِك ضغثا} قَالَ: هِيَ لأيوب عَلَيْهِ السَّلَام خَاصَّة وَقَالَ عَطاء: هِيَ للنَّاس عَامَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَخذ بِيَدِك ضغثاً} قَالَ:

جمَاعَة من الشّجر وَكَانَت لأيوب عَلَيْهِ السَّلَام خَاصَّة وَهِي لنا عَامَّة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَخذ بِيَدِك ضغثا} وَذَلِكَ أَنه أمره أَن يَأْخُذ ضغثاً فِيهِ مائَة طاق من عيدَان القت فَيضْرب بِهِ امْرَأَته للْيَمِين الَّتِي كَانَ يحلف عَلَيْهَا قَالَ: وَلَا يجوز ذَلِك لأحد بعد أَيُّوب إِلَّا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف قَالَ: حملت وليدة فِي بني سَاعِدَة من زنا فَقيل لَهَا: مِمَّن حملك قَالَت: من فلَان المقعد فَسَأَلَ المقعد فَقَالَ صدقت فَرفع ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: خُذُوا لَهُ عثكولاً فِيهِ مائَة شِمْرَاخ فَاضْرِبُوهُ بِهِ ضَرْبَة وَاحِدَة فَفَعَلُوا وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف عَن سعد بن عبَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فِي أَبْيَاتنَا إِنْسَان ضَعِيف مجدع فَلم يرع أهل الدَّار إِلَّا وَهُوَ على أمة من إِمَاء أهل الدَّار يعبث بهَا وَكَانَ مُسلما فَرفع سعد رَضِي الله عَنهُ شَأْنه إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اضْرِبُوهُ حَده فَقَالُوا يَا رَسُول الله: إِنَّه أَضْعَف من ذَلِك ان ضَرَبْنَاهُ مائَة قَتَلْنَاهُ قَالَ: فَخُذُوا لَهُ عثْكَالًا فِيهِ مائَة شِمْرَاخ فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَة وَاحِدَة وخلوا سَبيله) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا أصَاب فَاحِشَة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مَرِيض على شفا موت فَأخْبر أَهله بِمَا صنع فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقنو فِيهِ مائَة شِمْرَاخ فَضَربهُ ضَرْبَة وَاحِدَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سهل بن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بشيخ قد ظَهرت عروقه قد زنى بِامْرَأَة فَضَربهُ بضغث فِيهِ مائَة شِمْرَاخ ضَرْبَة وَاحِدَة أما قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نعم العَبْد} أخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام رَأس الصابرين يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن العَاصِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نُودي أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام يَا أَيُّوب لَوْلَا أفرغت مَكَان كل شَعْرَة مِنْك صبرا مَا صبرت

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن لَيْث بن أبي سُلَيْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل لأيوب عَلَيْهِ السَّلَام لَا تعجب بصبرك فلولا أَنِّي أَعْطَيْت مَوضِع كل شَعْرَة مِنْك صبرا مَا صبرت وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن امْرَأَة أَيُّوب قَالَت: يَا أَيُّوب إِنَّك رجل مجاب الدعْوَة فَادع الله أَن يشفيك فَقَالَ: وَيحك كُنَّا فِي النعماء سبعين عَاما فدعينا نَكُون فِي الْبلَاء سبع سِنِين وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: زَوْجَة أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام رَحْمَة رَضِي الله عَنْهَا بنت مِيشَا بن يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَيُّوب عَلَيْهِ السَّلَام كلما أَصَابَهُ مُصِيبَة قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت أخذت وَأَنت أَعْطَيْت مهما تبقى نَفسك أحمدك على حسن بلائك الْآيَات 45 - 48

45

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ {وَاذْكُر عبادنَا إِبْرَاهِيم} وَيَقُول: إِنَّمَا ذكر إِبْرَاهِيم ثمَّ ذكر بعده وَلَده وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {وَاذْكُر عبادنَا} على الْجمع إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أولي الْأَيْدِي} قَالَ: الْقُوَّة فِي الْعِبَادَة {والأبصار} قَالَ: الْبَصَر فِي أَمر الله وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {أولي الْأَيْدِي والأبصار}

قَالَ: أما الْيَد فَهُوَ الْقُوَّة فِي الْعَمَل وَأما الْأَبْصَار فالبصر مَا هم فِيهِ من أَمر دينهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {أولي الْأَيْدِي} قَالَ: الْقُوَّة فِي أَمر الله {والأبصار} قَالَ: الْعقل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أولي الْأَيْدِي والأبصار} قَالَ: أولي الْقُوَّة فِي الْعِبَادَة ونصراً فِي الدّين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِنَّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدَّار} قَالَ: اخلصوا بذلك وبذكرهم دَار يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {إِنَّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدَّار} قَالَ: بِذكر الْآخِرَة وَلَيْسَ لَهُم هم وَلَا ذكر غَيرهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {إِنَّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدَّار} قَالَ: لهَذِهِ أخلصهم الله تَعَالَى كَانُوا يدعونَ إِلَى الْآخِرَة وَإِلَى الله تَعَالَى وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {إِنَّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدَّار} قَالَ: بِفضل أهل الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {ذكرى الدَّار} قَالَ: عُقبى الدَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ وَالْيَسع خَفِيفَة وَعَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ اليسع مُشَدّدَة الْآيَات 49 - 61

49

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {جنَّات عدن مفتحة لَهُم الْأَبْوَاب} قَالَ: يرى ظَاهرهَا من بَاطِنهَا وباطنها من ظَاهرهَا يُقَال لَهَا انفتحي وانغلقي تكلمي فتفهم وتتكلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {وَعِنْدهم قاصرات الطّرف أتراب} قَالَ: قصرن طرفهن على أَزوَاجهنَّ فَلَا يردن غَيْرهنَّ {أتراب} قَالَ: سنّ وَاحِد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أتراب} قَالَ: أَمْثَال وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن هَذَا لرزقنا مَا لَهُ من نفاد} أَي من انْقِطَاع {هَذَا فليذوقوه حميم وغساق} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن الغساق مَا يسيل من بَين جلده ولحمه {وَآخر من شكله أَزوَاج} قَالَ: من نَحوه أَزوَاج من الْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد عَن أبي رزين قَالَ: الغساق مَا يسيل من صديدهم وَأخرج هناد عَن عَطِيَّة فِي قَوْله {وغساق} قَالَ: الَّذِي يسيل من جُلُودهمْ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وغساق} قَالَ: الزَّمْهَرِير {وَآخر من شكله} قَالَ: نَحوه {أَزوَاج} قَالَ: ألوان من الْعَذَاب وَأخرج هناد بن السّري فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: الغساق الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يذوقوه من شدَّة برده وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن بُرَيْدَة قَالَ: الغساق المنتن وَهُوَ بالطخاوية وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن

مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أَن دلو من غساق يُهْرَاقُ فِي الدُّنْيَا لأنتن أهل الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب قَالَ {وغساق} عين فِي جَهَنَّم يسيل إِلَيْهَا حمة كل ذَات حمة من حَيَّة أَو عقرب أَو غَيرهَا فليستنقع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {وَآخر من شكله أَزوَاج} قَالَ: الزَّمْهَرِير وَأخرج عبد بن حميد عَن مرّة قَالَ: ذكرُوا الزَّمْهَرِير فَقَالَ عبد الله {وَآخر من شكله أَزوَاج} فَقَالُوا لعبد الله: إِن للزمهرير بردا فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة (لَا يذوقون فِيهَا بردا وَلَا شرابًا إِلَّا حميماً وغساقاً) (النبأ 24 - 25) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {وَآخر من شكله أَزوَاج} قَالَ: ألوان من الْعَذَاب وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: ذكر الله الْعَذَاب فَذكر السلَاسِل والأغلال وَمَا يكون فِي الدُّنْيَا ثمَّ قَالَ {وَآخر من شكله أَزوَاج} قَالَ: آخر لم ير فِي الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ وَآخر من شكله بِرَفْع الْألف وَنصب الْخَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ وَآخر من شكله ممدودة مَنْصُوبَة الْألف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هَذَا فَوْج مقتحم مَعكُمْ} إِلَى قَوْله {فبئس الْقَرار} قَالَ: هَؤُلَاءِ الأتباع يَقُولُونَهُ للرؤوس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {فزده عذَابا ضعفا فِي النَّار} قَالَ: أفاعي وحيات الْآيَات 62 - 64

62

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقَالُوا مَا لنا لَا نرى رجَالًا كُنَّا نعدهم من الأشرار} قَالَ: ذَلِك قَول أبي جهل بن هِشَام فِي النَّار: مَا لي لَا أرى بِلَالًا وَعمَّارًا وصهيباً وخباب وَفُلَانًا {أتخذناهم سخرياً} وَلَيْسوا كَذَلِك {أم زاغت عَنْهُم الْأَبْصَار} أم هم فِي النَّار وَلَا نراهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مَا لنا لَا نرى رجَالًا كُنَّا نعدهم من الأشرار} قَالَ: عبد الله بن مَسْعُود وَمن مَعَه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن شمر بن عَطِيَّة {وَقَالُوا مَا لنا لَا نرى رجَالًا} قَالَ أَبُو جهل فِي النَّار: أَيْن خباب أَيْن صُهَيْب أَيْن بِلَال أَيْن عمار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَقَالُوا مَا لنا لَا نرى رجَالًا كُنَّا نعدهم من الأشرار} قَالَ: فقدوا أهل الْجنَّة {أتخذناهم سخرياً أم زاغت عَنْهُم الْأَبْصَار} قَالَ: أم هم مَعنا فِي النَّار وَلَا نراهم {زاغت} أبصارنا عَنْهُم فَلم ترهم حِين أدخلُوا النَّار الْآيَات 65 - 66

65

أخرج النَّسَائِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ من اللَّيْل قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله الْوَاحِد القهار رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا الْعَزِيز الْغفار من آيَة 67 - 70

67

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نصر السجْزِي فِي

الإِبانة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قل هُوَ نبأ عَظِيم} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد فِي الابانة وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن جرير عَن قَتَادَة {قل هُوَ نبأ عَظِيم} قَالَ: إِنَّكُم تراجعون نبأ عَظِيما فأعقلوه عَن الله {مَا كَانَ لي من علم بالملإِ الْأَعْلَى إِذْ يختصمون} قَالَ: هم الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام كَانَت خصومتهم فِي شَأْن آدم عَلَيْهِ السَّلَام (إِذْ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة قَالُوا أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك المَاء) إِلَى قَوْله (إِنِّي خَالق بشرا من طين فَإِذا سوّيته ونفخت فِيهِ من روحي فقعوا لَهُ ساجدين) (الْبَقَرَة 30) فَفِي هَذَا اخْتصم الْمَلأ الْأَعْلَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا كَانَ لي من علم بالملإِ الْأَعْلَى} قَالَ: الْمَلَائِكَة حِين شووروا فِي خلق آدم عَلَيْهِ السَّلَام فاختصموا فِيهِ: قَالُوا أَتجْعَلُ فِي الأَرْض خَليفَة وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا كَانَ لي من علم بالملإِ الْأَعْلَى إِذْ يختصمون} قَالَ: هِيَ الْخُصُومَة فِي شَأْن آدم {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا} وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل تَدْرُونَ فيمَ يخْتَصم الملاء الْأَعْلَى قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: يختصمون فِي الْكَفَّارَات الثَّلَاث اسباغ الْوضُوء فِي المكروهات وَالْمَشْي على الْأَقْدَام إِلَى الْجَمَاعَات وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَمُحَمّد بن نصر رَضِي الله عَنهُ فِي كتاب الصَّلَاة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي رَبِّي اللَّيْلَة فِي أحسن صُورَة أَحْسبهُ قَالَ فِي الْمَنَام قَالَ: يَا مُحَمَّد هَل تَدْرِي فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى قلت لَا فَوضع يَده بَين كَتِفي حَتَّى وجدت بردهَا بَين ثديي أَو فِي نحري فَعلمت مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد هَل تَدْرِي فيمَ يخْتَصم الملاء الْأَعْلَى قلت: نعم فِي الْكَفَّارَات والمكث فِي الْمَسْجِد بعد الصَّلَوَات وَالْمَشْي على الْأَقْدَام إِلَى الْجَمَاعَات واسباغ الْوضُوء فِي المكاره وَمن فعل ذَلِك عَاشَ بِخَير وَكَانَ من خطيئته كَيَوْم وَلدته أمه وَقل يَا مُحَمَّد إِذا صليت: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فعل

الْخيرَات وَترك الْمُنْكَرَات وَحب الْمَسَاكِين وَإِذا أردْت بعبادك فتْنَة فاقبضني إِلَيْك غير مفتون قَالَ: والدرجات افشاء السَّلَام واطعام الطَّعَام وَالصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: احْتبسَ عَنَّا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات غَدَاة من صَلَاة الصُّبْح حَتَّى كدنا نتراءى عين الشَّمْس فَخرج سَرِيعا فثوّب بِالصَّلَاةِ فصلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا سلم دَعَا بِسَوْطِهِ فَقَالَ: على مَصَافكُمْ كَمَا أَنْتُم ثمَّ انْفَتَلَ إِلَيْنَا ثمَّ قَالَ: أما أَنِّي أحدثكُم مَا حَبَسَنِي عَنْكُم الْغَدَاة إِنِّي قُمْت اللَّيْلَة فَقُمْت وَصليت مَا قدر لي ونعست فِي صَلَاتي حَتَّى استثقلت فَإِذا أَنا بربي تبَارك وَتَعَالَى فِي أحسن صُورَة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد قلت لبيْك رَبِّي قَالَ: فيمَ يخْتَصم الملاء الْأَعْلَى قلت: لَا أَدْرِي فَوضع كَفه بَين كَتِفي فَوجدت برد أنامله بَين ثديي فتجلى لي كل شَيْء وعرفته فَقَالَ: يَا مُحَمَّد قلت لبيْك رب قَالَ: فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى قلت: فِي الدَّرَجَات وَالْكَفَّارَات فَقَالَ: مَا الدَّرَجَات فَقلت: اطعام الطَّعَام وإفشاء السَّلَام وَالصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام قَالَ: صدقت فَمَا الْكَفَّارَات قلت: اسباغ الْوضُوء فِي المكاره وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة وَنقل الاقدام إِلَى الْجَمَاعَات قَالَ: صدقت قل يَا مُحَمَّد: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فعل الْخيرَات وَترك الْمُنْكَرَات وَحب الْمَسَاكِين وَإِن تغْفر لي وترحمني وَإِذا أردْت بعبادك فتْنَة فاقبضني إِلَيْك غير مفتون اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك حبك وَحب من أحبك وَحب عمل يقربنِي إِلَى حبك قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تُعَلِّمُوهُنَّ وادرسوهن فانهن حق وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله تجلى لي فِي أحسن صُورَة فَسَأَلَنِي فيمَ يخْتَصم الْمَلَائِكَة قلت: يَا رب مَا لي بِهِ علم فَوضع يَده بَين كَتِفي حَتَّى وجدت بردهَا بَين ثديي فَمَا سَأَلَني عَن شَيْء إِلَّا عَلمته قلت: فِي الدَّرَجَات وَالْكَفَّارَات واطعام الطَّعَام وافشاء السَّلَام وَالصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَأَيْت رَبِّي فِي أحسن صُورَة قَالَ: يَا مُحَمَّد فَقلت لبيْك رَبِّي

وسعيدك ثَلَاث مَرَّات قَالَ: هَل تَدْرِي فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى قلت: لَا فَوضع يَده بَين كَتِفي فَوجدت بردهَا بَين ثديي ففهمت الَّذِي سَأَلَني عَنهُ فَقلت: نعم يَا رب يختصمون فِي الدَّرَجَات وَالْكَفَّارَات قلت: الدَّرَجَات: اسباغ الْوضُوء بالسبرات وَالْمَشْي على الْأَقْدَام إِلَى الْجَمَاعَات وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة وَالْكَفَّارَات: اطعام الطَّعَام وافشاء السَّلَام وَالصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة والشيرازي فِي الألقاب وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَصْبَحْنَا يَوْمًا فَأَتَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرنَا فَقَالَ: أَتَانِي رَبِّي البارحة فِي مَنَامِي فِي أحسن صُورَة فَوضع يَده بَين ثدي وَبَين كَتِفي فَوجدت بردهَا بَين ثديي فعلمني كل شَيْء قَالَ: يَا مُحَمَّد قلت: لبيْك رب وَسَعْديك قَالَ: هَل تَدْرِي فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى قلت: نعم يَا رب فِي الْكَفَّارَات والدرجات قَالَ: فَمَا الْكَفَّارَات قلت: افشاء السَّلَام وإطعام الكعام وَالصَّلَاة وَالنَّاس نيام قَالَ: فَمَا الدَّرَجَات قلت: اسباغ الْوضُوء فِي المكروهات وَالْمَشْي على الْأَقْدَام إِلَى الْجَمَاعَات وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة وَأخرج ابْن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَتَانِي رَبِّي فِي أحسن صُورَة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد فَقلت: لبيْك وَسَعْديك قَالَ: فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى قلت لَا أَدْرِي فَوضع يَده بَين ثديي فَعلمت فِي مَنَامِي ذَلِك مَا سَأَلَني عَنهُ من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَقَالَ: فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى فَقلت فِي الدَّرَجَات وَالْكَفَّارَات فَأَما الدَّرَجَات: فاسباغ الْوضُوء فِي السبرات وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة قَالَ: صدقت من فعل ذَلِك عَاشَ بِخَير وَمَات بِخَير وَكَانَ من خطيئته كَيَوْم وَلدته أمه وَأما الْكَفَّارَات: فاطعام الطَّعَام وافشاء السَّلَام وَطيب الْكَلَام وَالصَّلَاة وَالنَّاس نيام ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فعل الْحَسَنَات وَترك السَّيِّئَات وَحب الْمَسَاكِين ومغفرة وَأَن تتوب عليّ وَإِذا أردْت فِي قوم فتْنَة فنجني غير مفتون وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَارق بن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى قَالَ: فِي الدَّرَجَات وَالْكَفَّارَات فَأَما

الدَّرَجَات: فاطعام الطَّعَام وافشاء السَّلَام وَالصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام وَأما الْكَفَّارَات: فاسباغ الْوضُوء فِي السبرات وَنقل الْأَقْدَام إِلَى الْجَمَاعَات وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عدي بن حَاتِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما سري بِي إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة قَالَ: يَا مُحَمَّد فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى فَذكر الحَدِيث وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة والخطيب عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما كَانَ لَيْلَة أسرِي بِي رَأَيْت رَبِّي عز وَجل فِي أحسن صُورَة فَقَالَ: يَا مُحَمَّد فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى قلت: فِي الْكَفَّارَات والدرجات قَالَ: وَمَا الْكَفَّارَات قلت: اسباغ الْوضُوء فِي السبرات وَنقل الْأَقْدَام إِلَى الْجَمَاعَات وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة قَالَ: فَمَا الدَّرَجَات قلت: اطعام الطَّعَام وإفشاء السَّلَام وَالصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام ثمَّ قَالَ: قل قلت: فَمَا أَقُول قَالَ: قل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك عملا بِالْحَسَنَاتِ وَترك الْمُنْكَرَات وَإِذا أردْت بِقوم فتْنَة وَأَنا فيهم فاقبضني إِلَيْك غير مفتون وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَالطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن عبد الرَّحْمَن بن عَابس الْحَضْرَمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات غَدَاة فَقَالَ لَهُ قَائِل: مَا رَأَيْنَاك أَسْفر وَجها مِنْك الْغَدَاة قَالَ: وَمَا لي لَا أكون كَذَلِك وَقد رَأَيْت رَبِّي عز وَجل فِي أحسن صُورَة فَقَالَ: فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى يَا مُحَمَّد فَقلت: فِي الْكَفَّارَات قَالَ: وَمَا هن قلت: الْمَشْي على الاقدام إِلَى الْجَمَاعَات وَالْجُلُوس فِي الْمَسَاجِد لانتظار الصَّلَوَات وَوضع الْوضُوء أماكنه فِي الْمَكَان قَالَ: وفيم قلت: فِي الدَّرَجَات قَالَ: وَمَا هن قَالَ: اطعام الطَّعَام وافشاء السَّلَام وَالصَّلَاة بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد قل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الطَّيِّبَات وَترك الْمُنْكَرَات وَحب الْمَسَاكِين فو الَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إنَّهُنَّ حق وَأخرج ابْن نصر وَالطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ خرج إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد صَلَاة الصُّبْح فَقَالَ: إِن رَبِّي عز وَجل أَتَانِي اللَّيْلَة فِي أحسن صُورَة فَقَالَ لي: يَا مُحَمَّد هَل تَدْرِي فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى فَقلت: لَا أعلم يَا رب

قَالَ فَوضع كفيه بَين كَتِفي حَتَّى وجدت أنامله فِي صَدْرِي فتجلى لي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض قلت: نعم يَا رب يختصمون فِي الْكَفَّارَات والدرجات قَالَ: فَمَا الدَّرَجَات قلت: اطعام الطَّعَام وافشاء السَّلَام وَقيام اللَّيْل وَالنَّاس نيام وَأما الْكَفَّارَات: فمشي على الْأَقْدَام إِلَى الْجَمَاعَات واسباغ الْوضُوء فِي الكراهيات وجلوس فِي الْمَسَاجِد خلف الصَّلَوَات ثمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّد قل يسمع وسل تعطه وَاشْفَعْ تشفع قلت: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك فعل الْخيرَات وَترك الْمُنْكَرَات وَحب الْمَسَاكِين وَإِن تغْفر لي وترحمني وَإِذا أردْت فِي قوم فتْنَة فتوفني إِلَيْك وَأَنا غير مفتون اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك حبك وَحب من أحبك وَحب عمل يبلغنِي إِلَى حبك الْآيَات 71 - 74

71

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا كَانَ لي من علم بالملإِ الْأَعْلَى إِذْ يختصمون} {إِذْ قَالَ رَبك للْمَلَائكَة} قَالَ: هَذِه الْخُصُومَة من آيَة 75 - 83

75

أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن الْحَارِث رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خلق الله ثَلَاثَة أَشْيَاء بِيَدِهِ خلق آدم بِيَدِهِ وَكتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ وغرس الفردوس بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: وَعِزَّتِي لَا يسكنهَا مدمن خمر وَلَا ديوث قَالُوا: يَا رَسُول الله قد عرفنَا مدمن الْخمر فَمَا الديوث قَالَ: الَّذِي يُشِير لأَهله السوء وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خلق الله أَرْبعا بِيَدِهِ الْعَرْش وجنات عدن والقلم وآدَم ثمَّ قَالَ لكل شَيْء كن فَكَانَ واحتجب من خلقه بأَرْبعَة بِنَار وظلمة وَنور [] وَأخرج هناد عَن ميسرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خلق الله أَرْبَعَة بِيَدِهِ خلق آدم بِيَدِهِ وَكتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ وغرس جنَّة عدن بِيَدِهِ وَخلق الْقَلَم بِيَدِهِ وَأخرج هناد عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن كَعْب قَالَ: إِن الله لم يخلق بِيَدِهِ إِلَّا ثَلَاثَة أَشْيَاء خلق آدم بِيَدِهِ وَكتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ وغرس جنَّة عدن بِيَدِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: الرَّجِيم اللعين قَوْله {إِلَّا عِبَادك مِنْهُم المخلصين} قَالَ: المخلصين بِالنّصب فَقلت كل شَيْء فِي الْقُرْآن هَكَذَا نقرأوها قَالَ: نعم الْآيَات 84 - 85

84

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَالْحق وَالْحق أَقُول} قَالَ: أَنا الْحق أَقُول الْحق وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ {فَالْحق} رفع {وَالْحق} نصب {أَقُول} رفع وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَهَا فَالْحق بِالرَّفْع وَالْحق

أَقُول نصبا قَالَ: يَقُول الله أَنا الْحق وَالْحق أَقُول الْآيَات 86 - 87

86

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: قل يَا مُحَمَّد {مَا أَسأَلكُم} على مَا أدعوكم إِلَيْهِ من أجر عرض من الدُّنْيَا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا رجل يحدث فِي الْمَسْجِد فَقَالَ فِيمَا يَقُول (يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان) يكون يَوْم الْقِيَامَة يَأْخُذ بأسماع الْمُنَافِقين وأبصارهم وَيَأْخُذ الْمُؤمنِينَ مِنْهُ كَهَيئَةِ الزُّكَام قَالَ: فقمنا حَتَّى دَخَلنَا على عبد الله رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ فِي بَيته فاخبرناه وَكَانَ مُتكئا فَاسْتَوَى قَاعِدا فَقَالَ: أَيهَا النَّاس من علم مِنْكُم علما فَلْيقل بِهِ وَمن لم يعلم فَلْيقل الله أعلم قَالَ الله لرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل مَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ من أجر وَمَا أَنا من المتكلفين} وَأخرج الديلمي وَابْن عَسَاكِر عَن الزبير رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنِّي لَا أَلِي من التَّكَلُّف وصالحوا أمتِي وَأخرج أَحْمد وَابْن عدي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن شَقِيق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخلت أَنا وَصَاحب لي على سلمَان رَضِي الله عَنهُ فَقرب إِلَيْنَا خبْزًا وملحاً فَقَالَ: لَوْلَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَانَا عَن التكلفت لتكلف لكم فَقَالَ صَاحِبي لَو كَانَ فِي ملحتنا صعتر فَبعث مطهرته فرهنها فجَاء الصعتر فَلَمَّا أكلنَا قَالَ صَاحِبي: الْحَمد لله الَّذِي قنعنا بِمَا رزقنا فَقَالَ سلمَان رَضِي الله عَنهُ: لَو قنعت مَا كَانَت مطهرتي مَرْهُونَة عِنْد الْبَقَّال وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نتكلف للضيف وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا نتكلف للضيف مَا لَيْسَ عندنَا وَأَن نقدم مَا حضر

وَأخرج ابْن عدي عَن أبي بَرزَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أنبئكم بِأَهْل الْجنَّة قُلْنَا بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: الرُّحَمَاء بَينهم أَلا أنبئكم بِأَهْل النَّار قُلْنَا بلَى قَالَ: هم الآيسون والقانطون والكذابون والمتكلفون وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن الْمُنْذر قَالَ: آيَة الْمُتَكَلف ثَلَاث تكلّف فِيمَا لَا يعلم وينازل من فَوْقه وَيتَعَاطَى مَا لَا ينَال وَأخرج ابْن سعد عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من علم علما فليعلمه وَلَا يَقُولَن مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ علم فَيكون من المتكلفين ويمرق من الدّين الْآيَة 88

88

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولتعلمن نبأه بعد حِين} قَالَ: بعد الْمَوْت وَقَالَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ: يَا ابْن آدم عِنْد الْمَوْت يَأْتِيك الْخَبَر الْيَقِين وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولتعلمن نبأه بعد حِين} قَالَ بَعضهم: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولتعلمن نبأه} قَالَ: صدق هَذَا الحَدِيث نبأ مَا كذبُوا بِهِ بعد حِين من الدُّنْيَا وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة وَقَرَأَ (لكل نبأ مُسْتَقر) (الْأَنْعَام الْآيَة 67) قَالَ: وَهُوَ الْآخِرَة يسْتَقرّ فِيهَا الْحق وَيبْطل فِيهَا الْبَاطِل

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (39) سُورَة الزمر مَكِّيَّة وآياتها خمس وَسَبْعُونَ مُقَدّمَة سُورَة الزمر أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت سُورَة الزمر بِمَكَّة وَأخرج النّحاس فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة الزمر سوى ثَلَاث آيَات نزلت بِالْمَدِينَةِ فِي وَحشِي قَاتل حَمْزَة (قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم ) إِلَى ثَلَاث آيَات الْآيَات 1 - 4

الزمر

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّا أنزلنَا إِلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ} يَعْنِي الْقُرْآن {فاعبد الله مخلصاً لَهُ الدّين أَلا لله الدّين الْخَالِص} قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله {وَالَّذين اتَّخذُوا من دونه أَوْلِيَاء مَا نعبدهم إِلَّا ليقربونا إِلَى الله زلفى} قَالَ: مَا نعْبد هَذِه الْآلهَة إِلَّا ليشفعوا لنا عِنْد الله تَعَالَى

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن يزِيد الرقاشِي رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله انا نعطي أَمْوَالنَا التمَاس الذّكر فَهَل لنا فِي ذَلِك من أجر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله لَا يقبل إِلَّا من أخْلص لَهُ ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {أَلا لله الدّين الْخَالِص} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق جُوَيْبِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَالَّذين اتَّخذُوا من دونه أَوْلِيَاء} قَالَ: أنزلت فِي ثَلَاثَة أَحيَاء عَامر وكنانة وَبني سَلمَة كَانُوا يعْبدُونَ الْأَوْثَان وَيَقُولُونَ الْمَلَائِكَة بَنَاته فَقَالُوا {مَا نعبدهم إِلَّا ليقربونا إِلَى الله زلفى} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا نعبدهم إِلَّا ليقربونا إِلَى الله زلفى} قَالَ: قُرَيْش يَقُولُونَ للأوثان وَمن قبلهم يَقُولُونَهُ للْمَلَائكَة ولعيسى بن مَرْيَم ولعزيز وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ كَانَ عبد الله رَضِي الله عَنهُ يقْرَأ {وَالَّذين اتَّخذُوا من دونه أَوْلِيَاء مَا نعبدهم إِلَّا ليقربونا إِلَى الله زلفى} وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَقْرَأها قَالُوا مَا نعبدهم إِلَّا ليقربونا إِلَى الله زلفى الْآيَة 5

5

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يكوّر اللَّيْل على النَّهَار} قَالَ: يحمل اللَّيْل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {يكوّر اللَّيْل على النَّهَار ويكوّر النَّهَار على اللَّيْل} قَالَ: هُوَ غشيان أَحدهمَا على الآخر وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يكوّر اللَّيْل على النَّهَار ويكوّر النَّهَار على اللَّيْل}

قَالَ: يغشي هَذَا هَذَا وَهَذَا هَذَا آيَة 6

6

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {خَلقكُم من نفس وَاحِدَة} يَعْنِي آدم {وَخلق مِنْهَا زَوجهَا} خلقهَا من ضلع من أضلاعه و {وَأنزل لكم من الْأَنْعَام ثَمَانِيَة أَزوَاج يخلقكم فِي بطُون أُمَّهَاتكُم خلقا من بعد خلق} قَالَ: نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ عظاماً ثمَّ لَحْمًا ثمَّ أنبت الشّعْر أطواراً {فِي ظلمات ثَلَاث} قَالَ: الْبَطن وَالرحم والمشيمة {فَأنى تصرفون} قَالَ: كَقَوْلِه (فَأنى تؤفكون) (الزخرف 87) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأنزل لكم من الْأَنْعَام ثَمَانِيَة أَزوَاج} من الإِبل وَالْبَقر والضان والمعز وَفِي قَوْله {من بعد خلق} قَالَ: نُطْفَة ثمَّ مَا يتبعهَا حَتَّى يتم خلقه {فِي ظلمات ثَلَاث} قَالَ: الْبَطن وَالرحم والمشيمة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {خلقا من بعد خلق} قَالَ: علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ عظاماً {فِي ظلمات ثَلَاث} قَالَ: ظلمَة الْبَطن وظلمة الرَّحِم وظلمة المشيمة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي ظلمات ثَلَاث قَالَ الْبَطن وَالرحم والمشيمة الْآيَة 7

7

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن تكفرُوا فَإِن الله غَنِي عَنْكُم} يَعْنِي الْكفَّار الَّذين لم يرد الله أَن يطهر قُلُوبهم فَيَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله ثمَّ قَالَ {وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر} وهم عباده المخلصون الَّذين قَالَ (إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان) (الْحجر 42) فألزمهم شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وحببها إِلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر} قَالَ: لَا يرضى لِعِبَادِهِ الْمُسلمين الْكفْر وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَالله مَا رَضِي الله لعَبْدِهِ ضَلَالَة وَلَا أمره بهَا وَلَا دَعَا إِلَيْهَا وَلَكِن رَضِي لكم طَاعَته وأمركم بهَا ونهاكم عَن مَعْصِيَته الْآيَة 8

8

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {دَعَا ربه منيباً إِلَيْهِ} قَالَ: أَي مخلصاً إِلَيْهِ الْآيَة 9

9

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن

ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {أم من هُوَ قَانِت آنَاء اللَّيْل سَاجِدا وَقَائِمًا يحذر الْآخِرَة ويرجو رَحْمَة ربه} قَالَ: ذَاك عُثْمَان بن عَفَّان وَفِي لفظ نزلت فِي عُثْمَان بن عَفَّان وَأخرج ابْن سعد فِي طبقاته وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أم من هُوَ قَانِت آنَاء اللَّيْل سَاجِدا وَقَائِمًا} قَالَ: نزلت فِي عمار بن يَاسر وَأخرج جُوَيْبِر عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج جُوَيْبِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي ابْن مَسْعُود وعمار وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يحذر الْآخِرَة} يَقُول: يحذر عَذَاب الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ أَمن هُوَ قَانِت آنَاء اللَّيْل سَاجِدا وَقَائِمًا يحذر عَذَاب الْآخِرَة وَالله تَعَالَى أعلم أما قَوْله تَعَالَى: {يحذر الْآخِرَة ويرجو رَحْمَة ربه} أخرج التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل وَهُوَ فِي الْمَوْت فَقَالَ كَيفَ تجدك قَالَ: أَرْجُو وأخاف قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قلب عبد فِي مثل هَذَا الموطن إِلَّا أعطَاهُ الَّذِي يَرْجُو وأمنه الَّذِي يخَاف الْآيَات 10 - 14

10

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأَرْض الله وَاسِعَة} قَالَ: أرضي وَاسِعَة فَهَاجرُوا واعتزلوا الْأَوْثَان

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب} قَالَ: لَا وَالله مَا هُنَاكَ مكيال وَلَا ميزَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب} قَالَ: بَلغنِي أَنه لَا يحْسب عَلَيْهِم ثَوَاب عَمَلهم وَلَكِن يزادون على ذَلِك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله إِذا أحب عبدا أَو أَرَادَ أَن يصافيه صب عَلَيْهِ الْبلَاء صبا ويحثه عَلَيْهِ حثاً فَإِذا دَعَا قَالَت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام: صَوت مَعْرُوف قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب عَبدك فلَان اقْضِ حَاجته فَيَقُول الله تَعَالَى: دَعه إِنِّي أحب أَن أسمع صَوته فَإِذا قَالَ يَا رب قَالَ الله تَعَالَى لبيْك عَبدِي وَسَعْديك وَعِزَّتِي لَا تَدعُونِي بِشَيْء إِلَّا استجبت لَك وَلَا تَسْأَلنِي شَيْئا إِلَّا اعطيتك أما أَن أعجل لَك مَا سَأَلت وَأما أَن أدخر لَك عِنْدِي أفضل مِنْهُ وَأما أَن أدفَع عَنْك من الْبلَاء أعظم مِنْهُ ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وتنصب الموازين يَوْم الْقِيَامَة فَيَأْتُونَ بِأَهْل الصَّلَاة فَيُوَفَّوْنَ أُجُورهم بِالْمَوَازِينِ وَيُؤْتى بِأَهْل الصّيام فَيُوَفَّوْنَ أُجُورهم بِالْمَوَازِينِ وَيُؤْتى بِأَهْل الصَّدَقَة فَيُوَفَّوْنَ أُجُورهم بِالْمَوَازِينِ وَيُؤْتى بِأَهْل الْحَج فَيُوَفَّوْنَ أُجُورهم بِالْمَوَازِينِ وَيُؤْتى بِأَهْل الْبلَاء فَلَا ينصب لَهُم ميزَان وَيصب عَلَيْهِم الْأجر صبا بِغَيْر حِسَاب حَتَّى يتَمَنَّى أهل الْعَافِيَة أَنهم كَانُوا فِي الدُّنْيَا تقْرض أَجْسَادهم بِالْمَقَارِيضِ مِمَّا يذهب بِهِ أهل الْبلَاء من الْفضل وَذَلِكَ قَوْله {إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن بن عَليّ رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت جدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يُقَال لَهَا شَجَرَة الْبلوى يُؤْتى بِأَهْل الْبلَاء يَوْم الْقِيَامَة فَلَا يرفع لَهُم ديوَان وَلَا ينصب لَهُم ميزَان يصب عَلَيْهِم الْأجر صبا وَقَرَأَ {إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يود أهل الْبلَاء يَوْم الْقِيَامَة أَن جُلُودهمْ كَانَت تقْرض بِالْمَقَارِيضِ

الْآيَة 15

15

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قل إِن الخاسرين الَّذين خسروا أنفسهم} الْآيَة قَالَ: هم الْكفَّار الَّذين خلقهمْ الله للنار زَالَت عَنْهُم الدُّنْيَا وَحرمت عَلَيْهِم الْجنَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {خسروا أنفسهم وأهليهم يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ {أَهْليهمْ} من أهل الْجنَّة كَانُوا أعدُّوا لَهُم لَو عمِلُوا بِطَاعَة الله فغبنوهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الخاسرين الَّذين خسروا أنفسهم} يخسرونها فيتحسرون فِي النَّار أَحيَاء ويخسرون أَهْليهمْ فَلَا يكون لَهُم أهل يرجعُونَ إِلَيْهِم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {الَّذين خسروا أنفسهم وأهليهم يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: لَيْسَ أحد إِلَّا قد أعد الله تَعَالَى لَهُ أَهلا فِي الْجنَّة إِن أطاعه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله الْآيَة 16

16

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَهُم من فَوْقهم ظلل} قَالَ: غواش {وَمن تَحْتهم ظلل} قَالَ: مهاد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سُوَيْد بن غَفلَة قَالَ: إِذا أَرَادَ الله أَن يعذب أهل النَّار جعل لكل إِنْسَان مِنْهُم تابوتاً من نَار على قدره ثمَّ أقفل عَلَيْهِ بأقفال من نَار فَلَا

يعرف مِنْهُ عرق إِلَّا وَفِيه مِسْمَار ثمَّ جعل ذَلِك التابوت فِي تَابُوت آخر من نَار ثمَّ يقفل باقفال من نَار ثمَّ يضرم بَينهمَا نَار فَلَا يرى أحد مِنْهُم أَن فِي النَّار غَيره فَذَلِك قَوْله {لَهُم من فَوْقهم ظلل من النَّار وَمن تَحْتهم ظلل} وَقَوله (لَهُم من جَهَنَّم مهاد وَمن فَوْقهم غواش) (الْأَعْرَاف 41) الْآيَات 17 - 18

17

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {وَالَّذين اجتنبوا الطاغوت أَن يعبدوها} قَالَ: نزلت هَاتَانِ الْآيَتَانِ فِي ثَلَاثَة نفر كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فِي زيد بن عَمْرو بن نفَيْل وَأبي ذَر الْغِفَارِيّ وسلمان الْفَارِسِي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ سعيد بن زيد وَأَبُو ذَر وسلمان يتبعُون فِي الْجَاهِلِيَّة أحسن القَوْل وَأحسن القَوْل وَالْكَلَام لَا إِلَه إِلَّا الله قَالُوا بهَا فَانْزِل الله تَعَالَى على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ {الطاغوت} الشَّيْطَان هُوَ هَهُنَا وَاحِد وَهِي جمَاعَة مثل قَوْله (يَا أَيهَا الإِنسان مَا غَرَّك) (الِانْتِصَار 6) قَالَ: هِيَ للنَّاس كلهم الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس إِنَّمَا هُوَ وَاحِد وخ عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَالَّذين اجتنبوا الطاغوت} قَالَ: الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وأنابوا إِلَى الله لَهُم الْبُشْرَى} قَالَ: أَقبلُوا إِلَى الله {فبشر عبادِ الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه} قَالَ: أحْسنه طَاعَة الله

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فيتبعون أحْسنه} قَالَ: مَا أَمر الله تَعَالَى النَّبِيين عَلَيْهِم السَّلَام من الطَّاعَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْكَلْبِيّ فِي قَوْله {الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه} قَالَ: لَوْلَا ثَلَاث يسرني أَن أكون قد مت لَوْلَا أَن أَضَع جبيني لله وأجالس قوما يلتقطون طيب الْكَلَام كَمَا يلتقطون طيب الثَّمر وَالسير فِي سَبِيل الله وَأخرج جُوَيْبِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما نزلت (لَهَا سَبْعَة أَبْوَاب ) (الْحجر 44) أَتَى رجل من الْأَنْصَار إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن لي سَبْعَة مماليك وَأَنِّي أعتقت لكل بَاب مِنْهَا مَمْلُوكا فَنزلت هَذِه الْآيَة {فبشر عبادِ الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ لما نزلت {فبشر عبادِ الَّذين يَسْتَمِعُون القَوْل فيتبعون أحْسنه} أرسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منادياً فَنَادَى من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة فَاسْتقْبل عمر الرَّسُول فَرده فَقَالَ: يَا رَسُول الله خشيت أَن يتكل النَّاس فَلَا يعْملُونَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو يعلم النَّاس قدر رَحْمَة الله لاتكلوا وَلَو يعلمُونَ قدر سخط الله وعقابه لاستصغروا أَعْمَالهم الْآيَات 19 - 20

19

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَهُم غرف من فَوْقهَا غرف} قَالَ: علالي الْآيَة 21

21

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ألم تَرَ أَن الله أنزل من السَّمَاء مَاء فسلكه ينابيع فِي الأَرْض} قَالَ: مَا أنزل الله من السَّمَاء وَلَكِن عروق فِي الأَرْض تغمره فَذَلِك قَوْله {فسلكه ينابيع فِي الأَرْض} فَمن سره أَن يعود الْملح عذباً فليصعد وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فسلكه ينابيع فِي الأَرْض} أَصله من السَّمَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فسلكه ينابيع فِي الأَرْض} قَالَ: عيُونا وَأخرج عبد بن حميد عَن الكبي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْعُيُون والركايا مِمَّا أنزل الله من السَّمَاء {فسلكه ينابيع فِي الأَرْض} وَالله أعلم الْآيَة 22

22

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَفَمَن شرح الله صَدره للإِسلام} الْآيَة قَالَ: لَيْسَ المشروح صَدره كالقاسية قُلُوبهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَفَمَن شرح الله صَدره لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ على نور من ربه} قَالُوا: يَا رَسُول الله فَهَل ينفرج الصَّدْر قَالَ: نعم قَالُوا: هَل لذَلِك عَلامَة قَالَ: نعم التَّجَافِي عَن دَار الْغرُور والإِنابة إِلَى دَار الخلود والإِستعداد للْمَوْت قبل نزُول الْمَوْت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {أَفَمَن شرح الله صَدره لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ على نور من ربه} فَقُلْنَا يَا رَسُول الله كَيفَ انْشِرَاح صَدره قَالَ: إِذا دخل النُّور الْقلب انْشَرَحَ وَانْفَسَحَ قُلْنَا يَا رَسُول الله فَمَا عَلامَة ذَلِك قَالَ: الإِنابة إِلَى دَار الخلود والتجافي عَن دَار الْغرُور وَالتَّأَهُّب للْمَوْت قبل نزُول الْمَوْت

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا قَالَ: يَا نَبِي الله أَي الْمُؤمنِينَ أَكيس قَالَ أَكْثَرهم ذكر للْمَوْت وَأَحْسَنهمْ لَهُ اسْتِعْدَادًا وَإِذا دخل النُّور الْقلب اِنْفَسَحَ وَاسْتَوْسَعَ فَقَالُوا مَا آيَة ذَلِك يَا نَبِي الله قَالَ: الإِنابة إِلَى دَار الخلود والتجافي عَن دَار الْغرُور والاستعداد للْمَوْت قبل نزُول الْمَوْت ثمَّ أخرج عَن أبي جَعْفَر عبد الله بن الْمسور عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوه وَزَاد فِيهِ {أَفَمَن شرح الله صَدره لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ على نور من ربه} أما قَوْله تَعَالَى: {فويل للقاسية قُلُوبهم} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن شاهين فِي التَّرْغِيب فِي الذّكر فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تكثروا الْكَلَام بِغَيْر ذكر الله فَإِن كَثْرَة الْكَلَام بِغَيْر ذكر الله قسوة للقلب وَإِن أبعد النَّاس من الله القاسي وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الْجلد رَضِي الله عَنهُ أَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أوصى إِلَى الحواريين: أَن لَا تكثروا الْكَلَام بِغَيْر ذكر الله فتقسوا قُلُوبكُمْ وَأَن القاسي قلبه بعيد من الله وَلَكِن لَا يعلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أكل الْعباد ونومهم عَلَيْهِ قسوة فِي قُلُوبهم وَأخرج الْعقيلِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عدي وَابْن السّني وَأَبُو نعيم كِلَاهُمَا فِي الطِّبّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أذيبوا طَعَامكُمْ بِذكر الله وَالصَّلَاة وَلَا تناموا عَلَيْهِ فتقسوا قُلُوبكُمْ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُورث الْقَسْوَة فِي الْقلب ثَلَاث خِصَال حب الطَّعَام وَحب النّوم وَحب الرَّاحَة وَالله أعلم الْآيَة 23

23

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله لَو حَدَّثتنَا فَنزل {الله نزل أحسن الحَدِيث} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {الله نزل أحسن الحَدِيث كتابا متشابهاً مثاني} قَالَ: الْقُرْآن كُله مثاني وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مثاني} قَالَ: الْقُرْآن يشبه بعضه بَعْضًا وَيرد بعضه إِلَى بعض وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {كتابا متشابهاً} حَلَاله وَحَرَامه لَا يخْتَلف شَيْء مِنْهُ الْآيَة تشبه الْآيَة والحرف يشبه الْحَرْف {مثاني} قَالَ: يثني الله فِيهِ الْفَرَائِض وَالْحُدُود وَالْقَضَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {كتابا متشابهاً} قَالَ: الْقُرْآن كُله مثاني قَالَ: من ثَنَاء الله إِلَى عَبده وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {متشابهاً} قَالَ: يُفَسر بعضه بَعْضًا وَيدل بعضه على بعض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي رَجَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت الْحسن رَضِي الله عَنهُ عَن قَول الله تَعَالَى {الله نزل أحسن الحَدِيث كتابا متشابهاً} قَالَ: ثنى الله فِيهِ الْقَضَاء تكون فِي هَذِه السُّورَة الْآيَة وَفِي السُّورَة الْآيَة الْأُخْرَى تشبه بهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي [] رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَ عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ عَنْهَا وَأَنا أسمع فَقَالَ: ثنى الله فِيهِ الْقَضَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تقشعر مِنْهُ جُلُود الَّذين يَخْشونَ رَبهم} هَذَا نعت أَوْلِيَاء الله نعتهم الله تَعَالَى قَالَ: تقشعر جُلُودهمْ وتبكي أَعينهم وتطمئن قُلُوبهم إِلَى ذكر الله تَعَالَى وَلم ينعتهم الله تَعَالَى بذهاب عُقُولهمْ والغشيان عَلَيْهِم إِنَّمَا هَذَا فِي أهل الْبدع وَإِنَّمَا هُوَ من الشَّيْطَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تقشعر مِنْهُ جُلُود الَّذين يَخْشونَ رَبهم} قَالَ: إِذا سمعُوا ذكر الله والوعيد اقشعروا {ثمَّ تلين جُلُودهمْ}

إِذا سمعُوا ذكر الْجنَّة واللين {يرجون رَحْمَة الله} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عُرْوَة بن الزبير قَالَ: قلت لجدتي أَسمَاء رَضِي الله عَنْهَا كَيفَ كَانَ يصنع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قرأوا الْقُرْآن قَالَت: كَانُوا كَمَا نعتهم الله تَعَالَى تَدْمَع أَعينهم وتقشعر جُلُودهمْ قلت: فَإِن نَاسا هَهُنَا إِذا سمعُوا ذَلِك تأخذهم عَلَيْهِ غشية فَقَالَت: أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عَامر بن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جِئْت أُمِّي فَقلت: وجدت قوما مَا رَأَيْت خيرا مِنْهُم قطّ يذكرُونَ الله تَعَالَى فيرعد أحدهم حَتَّى يغشى عَلَيْهِ من خشيَة الله فَقَالَت: لَا تقعد مَعَهم ثمَّ قَالَت: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتْلُو الْقُرْآن وَرَأَيْت أَبَا بكر وَعمر يتلوان الْقُرْآن فَلَا يصيبهم هَذَا افتراهم أخْشَى من أبي بكر وَعمر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قيس بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الصعقة من الشَّيْطَان أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يرى الضَّوْء قَالَ: من الشَّيْطَان لَو كَانَ يرى خيرا لأوثر بِهِ أهل بدر وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ: إِذا اقشعر جلد العَبْد من خشيَة الله تحاتت عَنهُ خطاياه كَمَا يتحات عَن الشَّجَرَة البالية وَرقهَا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ من عبد على سَبِيل ذكر سنة ذكر الرَّحْمَن فاقشعر جلده من مَخَافَة الله تَعَالَى إِلَّا كَانَ مثله مثل شَجَرَة يبس وَرقهَا وَهِي كَذَلِك فاصابتها ريح تحات [] وَرقهَا كَمَا تحات عَن الشَّجَرَة البالية وَرقهَا وَلَيْسَ من عبد على سَبِيل وَذكر سنة وَذكر الرَّحْمَن فَفَاضَتْ عَيناهُ من خشيَة الله إِلَّا لم تمسه النَّار أبدا الْآيَات 24 - 27

24

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سوء الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: يجر على وَجهه فِي النَّار وَهُوَ مثل قَوْله (أَفَمَن يلقى فِي النَّار خير أَمن يَأْتِي آمنا يَوْم الْقِيَامَة) (فصلت الْآيَة 40) وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ينْطَلق بِهِ إِلَى النَّار مكتوفاً ثمَّ يرْمى فِيهَا فَأول مَا تمس وَجهه النَّار الْآيَة 28

28

أخرج الْآجُرِيّ فِي الشَّرِيعَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قُرْآنًا عَرَبيا غير ذِي عوج} قَالَ: غير مَخْلُوق وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {قُرْآنًا عَرَبيا غير ذِي عوج} قَالَ: غير مَخْلُوق وَأخرج ابْن شاهين فِي السّنة عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الْفرج بن زيد الكلَاعِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالُوا لعَلي رَضِي الله عَنهُ: حكمت كَافِرًا ومنافقاً فَقَالَ: مَا حكمت مخلوقاً مَا حكمت إِلَّا الْقُرْآن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَابْن عدي عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: الْقُرْآن كَلَام الله وَلَيْسَ كَلَام الله بمخلوق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صلى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا على جَنَازَة فَلَمَّا وضع الْمَيِّت فِي قَبره قَالَ لَهُ رجل: اللَّهُمَّ رب الْقُرْآن اغْفِر لَهُ فَقَالَ

لَهُ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: مَهْ لَا تقل مثل هَذَا مِنْهُ بدا وَإِلَيْهِ يعود وَفِي لفظ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: ثكلتك أمك إِن الْقُرْآن مِنْهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْقُرْآن كَلَام الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أدْركْت مشيختنا مُنْذُ سبعين سنة مِنْهُم عَمْرو بن دِينَار يَقُولُونَ: الْقُرْآن كَلَام الله لَيْسَ بمخلوق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ: سَأَلَ عَليّ بن الْحُسَيْن عَن الْقُرْآن فَقَالَ: لَيْسَ بخالق وَلَا بمخلوق وَهُوَ كَلَام الْخَالِق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن قيس بن الرّبيع قَالَ سَأَلت جَعْفَر بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ عَن الْقُرْآن فَقَالَ: كَلَام الله قلت: مَخْلُوق قَالَ: لَا قلت: فَمَا تَقول فِيمَن زعم أَنه مَخْلُوق قَالَ: يقتل وَلَا يُسْتَتَاب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قُرْآنًا عَرَبيا غير ذِي عوج} قَالَ: غير ذِي سَلس الْآيَة 29

29

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ضرب الله مثلا رجلا فِيهِ شُرَكَاء متشاكسون} قَالَ: الرجل يعبد آلِهَة شَتَّى فَهَذَا مثل ضربه الله تَعَالَى لأهل الْأَوْثَان {ورجلاً سلما} يعبد إِلَهًا وَاحِدًا ضرب لنَفسِهِ مثلا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ضرب الله مثلا رجلا فِيهِ شُرَكَاء متشاكسون} قَالَ: هُوَ الْمُشرك تنازعه الشَّيَاطِين لَا يعرفهُ بَعضهم لبَعض {ورجلاً سلما لرجل} قَالَ: هَذَا الْمُؤمن أخْلص لله الدعْوَة وَالْعِبَادَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ضرب الله مثلا رجلا فِيهِ شُرَكَاء متشاكسون ورجلاً سلما لرجل} قَالَ: آلِهَة الْبَاطِل وإله الْحق

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {شُرَكَاء متشاكسون} يَعْنِي الصَّنَم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ورجلاً سلما} قَالَ: لَيْسَ لأحد فِيهِ شَيْء وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَهَا ورجلاً سلما لرجل بِغَيْر ألف مَنْصُوبَة اللَّام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُبشر بن عبيد الْقرشِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قِرَاءَة عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ {ورجلاً سلما لرجل} قَالَ: خَالِصا فَإِنَّمَا يَعْنِي مستسلما لرجل الْآيَات 30 - 31

30

أخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد لبثنا بُرْهَة من دَهْرنَا وَنحن نرى أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِينَا وَفِي أهل الْكِتَابَيْنِ من قبل {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} قُلْنَا: كَيفَ نَخْتَصِم وَنَبِينَا وَاحِد وَكِتَابنَا وَاحِد حَتَّى رَأَيْت بَعْضنَا يضْرب وُجُوه بعض بِالسَّيْفِ فَعرفت أَنَّهَا نزلت فِينَا وَأخرج نعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: عِشْنَا بُرْهَة من دَهْرنَا وَنحن نرى هَذِه الْآيَة نزلت فِينَا {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} فَقلت: لم نَخْتَصِم أما نَحن فَلَا نعْبد إِلَّا الله وَأما ديننَا فالإِسلام وَأما كتَابنَا فالقرآن لَا نغيره أبدا وَلَا نحرف الْكتاب وَأما قبلتنا فالكعبة وَأما حرمنا فواحد وَأما نَبينَا فمحمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكيف نَخْتَصِم حَتَّى كفح بَعْضنَا وَجه بعض بِالسَّيْفِ فَعرفت أَنَّهَا نزلت فِينَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا

قَالَ: نزلت علينا الْآيَة {ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} وَمَا نَدْرِي مَا تَفْسِيرهَا وَلَفظ عبد بن حميد: وَمَا نَدْرِي فيمَ نزلت قُلْنَا لَيْسَ بَيْننَا خُصُومَة فَمَا التخاصم حَتَّى وَقعت الْفِتْنَة فَقُلْنَا: هَذَا الَّذِي وعدنا رَبنَا أَن نَخْتَصِم فِيهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} وَمَا نَدْرِي فيمَ نزلت قُلْنَا: لَيْسَ بَيْننَا خُصُومَة قَالُوا وَمَا خُصُومَتنَا وَنحن اخوان فَلَمَّا قتل عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ قَالُوا: هَذِه خُصُومَة مَا بَيْننَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْفضل بن عِيسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قَرَأت هَذِه الْآيَة {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} قيل: يَا رَسُول الله فَمَا الْخُصُومَة قَالَ: فِي الدِّمَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} قَالَ: نعى لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفسه ونعى لكم أَنفسكُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَابْن منيع وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن الزبير بن الْعَوام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} قلت: يَا رَسُول الله أينكر علينا مَا يكون بَيْننَا فِي الدُّنْيَا مَعَ خَواص الذُّنُوب قَالَ: نعم لينكرن ذَلِك عَلَيْكُم حَتَّى يُؤدى إِلَى كل ذِي حق حَقه قَالَ الزبير رَضِي الله عَنهُ: فو الله إِن الْأَمر لشديد وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أنزلت هَذِه الْآيَة {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} قَالَ الزبير رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله يُكَرر علينا مَا كَانَ بَيْننَا فِي الدُّنْيَا مَعَ خَواص الذُّنُوب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم ليكرر ذَلِك عَلَيْكُم حَتَّى يُؤدى إِلَى كل ذِي حق حَقه قَالَ الزبير رَضِي الله عَنهُ: إِن الْأَمر لشديد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} كُنَّا نقُول رَبنَا وَاحِد وَدِيننَا وَاحِد فَمَا

هَذِه الْخُصُومَة فَلَمَّا كَانَ يَوْم صفّين وَشد بَعْضنَا على بعض بِالسُّيُوفِ قُلْنَا: نعم هُوَ هَذَا وَأخرج أَحْمد بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليختصمن يَوْم الْقِيَامَة كل شَيْء حَتَّى الشاتين فِيمَا انتطحتا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ عَن أبي أَيُّوب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أول من يخْتَصم يَوْم الْقِيَامَة الرجل وَامْرَأَته وَالله مَا يتَكَلَّم لسانها وَلَكِن يداها ورجلاها يَشْهَدَانِ عَلَيْهَا بِمَا كَانَت لزَوجهَا وَتشهد يَدَاهُ وَرجلَاهُ بِمَا كَانَ يوليها ثمَّ يدعى الرجل وخادمه بِمثل ذَلِك ثمَّ يدعى أهل الْأَسْوَاق وَمَا يُوجد ثمَّ دوانق وَلَا قراريط وَلَكِن حَسَنَات هَذَا تدفع إِلَى هَذَا الَّذِي ظلم وسيئآت هَذَا الَّذِي ظلمه تُوضَع عَلَيْهِ ثمَّ يُؤْتى بالجبارين فِي مَقَامِع من حَدِيد فَيُقَال: أوردوهم إِلَى النَّار فو الله مَا أَدْرِي يدْخلُونَهَا أَو كَمَا قَالَ الله (وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها) (مَرْيَم الْآيَة 71) وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أول خصمين يَوْم الْقِيَامَة جاران وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يجاء بالأمير الجائر فتخاصمه الرّعية وَأخرج ابْن مندة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يخْتَصم النَّاس يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يخْتَصم الرّوح مَعَ الْجَسَد فَتَقول الرّوح للجسد أَنْت فعلت وَيَقُول الْجَسَد للروح أَنْت أمرت وَأَنت سوّلت فيبعث الله تَعَالَى ملكا فَيَقْضِي بَينهمَا فَيَقُول لَهما: إِن مثلكما كَمثل رجل مقْعد بَصِير وَآخر ضَرِير دخلا بستاناً فَقَالَ المقعد للضرير: إِنِّي أرى هَهُنَا ثماراً وَلَكِن لَا أصل إِلَيْهَا فَقَالَ لَهُ الضَّرِير: اركبني فَتَنَاولهَا فَرَكبهُ فَتَنَاولهَا فَأَيّهمَا المعتدي فَيَقُولَانِ: كِلَاهُمَا فَيَقُول لَهما الْملك: فإنكما قد حكمتما على أنفسكما يَعْنِي أَن الْجَسَد للروح كالمطية وَهُوَ رَاكِبه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} يَقُول: يُخَاصم الصَّادِق الْكَاذِب والمظلوم الظَّالِم والمهتدي الضال والضعيف المستكبر

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا أبْصر جَنَازَة فَقَالَ: من هَذَا قَالَ: أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ: هَذَا أَنْت هَذَا أَنْت يَقُول الله {إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} الْآيَات 32 - 35

32

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَمن أظلم مِمَّن كذب على الله وَكذب بِالصّدقِ} أَي بِالْقُرْآنِ {وَصدق بِهِ} قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ} يَعْنِي بِلَا إِلَه إِلَّا الله {وَصدق بِهِ} يَعْنِي برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أُولَئِكَ هم المتقون} يَعْنِي اتَّقوا الشّرك وَأخرج ابْن جرير والباوردي فِي معرفَة الصَّحَابَة وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق أسيد بن صَفْوَان وَله صُحْبَة عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ {وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ} مُحَمَّد {وَصدق بِهِ} أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ هَكَذَا الرِّوَايَة {بِالْحَقِّ} ولعلها قِرَاءَة لعَلي رَضِي الله عَنهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة {وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ} قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَصدق بِهِ} قَالَ: عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ} قَالَ: هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام {وَصدق بِهِ} قَالَ: هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر

عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ وَصَدقُوا بِهِ قَالَ: هم أهل الْقُرْآن يجيئون بِالْقُرْآنِ يَوْم الْقِيَامَة يَقُولُونَ: هَذَا مَا أعطيتمونا قد اتَّبعنَا مَا فِيهِ الْآيَات 36 - 37

36

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله {أَلَيْسَ الله بكاف عَبده} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ لي رجل: قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لتكفن عَن شتم آلِهَتنَا أَو لتأمرنها فلتخبلنك فَنزلت {ويخوفونك بالذين من دونه} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن قَتَادَة {ويخوفونك بالذين من دونه} قَالَ: بالآلهة قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِد بن الْوَلِيد ليكسر الْعُزَّى فَقَالَ سادنها: - وَهُوَ قيمها - يَا خَالِد إِنِّي أحذركها لَا يقوم لَهَا شَيْء فَمشى إِلَيْهَا خَالِد بالفأس وهشم أنفها وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد {ويخوفونك بالذين من دونه} قَالَ: الْأَوْثَان وَالله أعلم الْآيَات 38 - 41

38

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {قل أَرَأَيْتُم مَا تدعون من دون الله} يَعْنِي الْأَصْنَام وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {هَل هن كاشفات ضره} مُضَاف لآمنون كاشفات وممسكات رَحمته مثلهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بوكيل} قَالَ: بحفيظ وَالله أعلم الْآيَة 42

42

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الله يتوفى الْأَنْفس} الْآيَة قَالَ: نفس وروح بَينهمَا شُعَاع الشَّمْس فيتوفى الله النَّفس فِي مَنَامه ويدع الرّوح فِي جسده وجوفه يتقلب ويعيش فَإِن بدا لله أَن يقبضهُ قبض الرّوح فَمَاتَ أَو أُخِّر أَجله رد النَّفس إِلَى مَكَانهَا من جَوْفه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا} الْآيَة قَالَ: يلتقي أَرْوَاح الْأَحْيَاء وأرواح الْأَمْوَات فِي الْمَنَام فيتساءلون بَينهم مَا شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ يمسك الله أَرْوَاح الْأَمْوَات وَيُرْسل أَرْوَاح الْأَحْيَاء إِلَى

أجسادها {إِلَى أجل مُسَمّى} لَا يغلط بِشَيْء من ذَلِك فَذَلِك قَوْله {إِن فِي ذَلِك لآيَات لقوم يتفكرون} وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا} قَالَ: كل نفس لَهَا سَبَب تجْرِي فِيهِ فَإِذا قضى عَلَيْهَا الْمَوْت نَامَتْ حَتَّى يَنْقَطِع السَّبَب {وَالَّتِي لم تمت} تتْرك وَأخرج جُوَيْبِر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: سَبَب مَمْدُود بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فأرواح الْمَوْتَى وأرواح الْأَحْيَاء إِلَى ذَلِك السَّبَب فَتعلق النَّفس الْميتَة بِالنَّفسِ الْحَيَّة فَإِذا أذن لهَذِهِ الْحَيَّة بالانصراف إِلَى جَسدهَا لتستكمل رزقها أَمْسَكت النَّفس الْميتَة وَأرْسلت الْأُخْرَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن فرقد قَالَ: مَا من لَيْلَة من ليَالِي الدُّنْيَا إِلَّا والرب تبَارك وَتَعَالَى يقبض الْأَرْوَاح كلهَا مؤمنها وكافرها فَيسْأَل كل نفس مَا عمل صَاحبهَا من النَّهَار وَهُوَ أعلم ثمَّ يَدْعُو ملك الْمَوْت فَيَقُول: اقبض هَذَا واقبض هَذَا من قضى عَلَيْهِ الْمَوْت {وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سليم بن عَامر أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: الْعجب من رُؤْيا الرجل أَنه يبيت فَيرى الشَّيْء لم يخْطر لَهُ على باله فَتكون رُؤْيَاهُ كأخذ بِالْيَدِ وَيرى الرجل الرُّؤْيَا فَلَا تكون رُؤْيَاهُ شَيْئا فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: أَفلا أخْبرك بذلك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يَقُول الله تَعَالَى {الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها فَيمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَيُرْسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى} فَالله يتوفى الْأَنْفس كلهَا فَمَا رَأَتْ وَهِي عِنْده فِي السَّمَاء فَهِيَ الرُّؤْيَا الصادقة وَمَا رَأَتْ إِذا أرْسلت إِلَى أجسادها تلقتها الشَّيَاطِين فِي الْهَوَاء فكذبتها وأخبرتها بالأباطيل فَكَذبت فِيهَا فَعجب عمر من قَوْله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أَيُّوب أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين كَانَ نازلاً عَلَيْهِ فِي بَيته حِين أَرَادَ أَن يرقد قَالَ كلَاما لم نفهمه قَالَ: فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ اللَّهُمَّ أَنْت تتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها فتمسك الَّتِي قضى عَلَيْهَا الْمَوْت وَترسل الْأُخْرَى إِلَى أجل مُسَمّى أَنْت خلقتني وَأَنت تتوفاني فَإِن أَنْت توفيتني فَاغْفِر لي وَإِن أَنْت أخرتني فاحفظني

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أَوَى أحدكُم إِلَى فرَاشه فلينفضه بداخلة إزَاره فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا خَلفه عَلَيْهِ ثمَّ ليقل: اللَّهُمَّ بِاسْمِك رَبِّي وضعت جَنْبي وباسمك ارفعه إِن أَمْسَكت نَفسِي فارحمها وَإِن أرسلتها فاحفظها بِمَا تحفظ بِهِ الصَّالِحين من عِبَادك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جُحَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَفَره الَّذِي نَامُوا فِيهِ حَتَّى طلعت الشَّمْس ثمَّ قَالَ: إِنَّكُم كُنْتُم أَمْوَاتًا فَرد الله إِلَيْكُم أرواحكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُم لَيْلَة الْوَادي: إِن الله قبض أرواحكم حِين شَاءَ وردهَا عَلَيْكُم حِين شَاءَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَقَالَ: من يكلؤنا اللَّيْلَة فَقلت: أَنا فَنَامَ ونام النَّاس ونمت فَلم نستيقظ إِلَّا بحرِّ الشَّمْس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيهَا النَّاس إِن هَذِه الْأَرْوَاح عَارِية فِي أجساد الْعباد فيقبضها إِذا شَاءَ ويرسلها إِذا شَاءَ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَلم يَسْتَيْقِظ حَتَّى طلعت الشَّمْس فَأَقَامَ الصَّلَاة ثمَّ صلى بهم ثمَّ قَالَ: إِذا رقد أحدكُم فغلبته عَيناهُ فَلْيفْعَل هَكَذَا فَإِن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا وَالَّتِي لم تمت فِي منامها} الْآيَات 43 - 45

43

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أم اتَّخذُوا من دون الله شُفَعَاء} قَالَ: الْآلهَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قل لله الشَّفَاعَة جَمِيعًا} قَالَ: لَا يشفع عِنْده أحد إِلَّا بِإِذْنِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذا ذكر الله وَحده اشمأزت} قَالَ: انقبضت قَالَ: هُوَ يَوْم قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِم {والنجم} عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَإِذا ذكر الله وَحده اشمأزت قُلُوب الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة} قَالَ: قست ونفرت قُلُوب هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة: أَبُو جهل بن هِشَام والوليد بن عتبَة وَصَفوَان وأُبيّ بن خلف {وَإِذا ذكر الَّذين من دونه} اللات والعزى {إِذا هم يستبشرون} وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {اشمأزت قُلُوب الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة} قَالَ: نفرت قُلُوب الْكَافرين من ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عَمْرو بن كُلْثُوم الثَّعْلَبِيّ وَهُوَ يَقُول: إِذا غض النِّفَاق لَهَا اشمأزت وولته عشورته زبونا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذا ذكر الله وَحده اشمأزت قُلُوب الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة} قَالَ: استكبرت ونفرت {وَإِذا ذكر الَّذين من دونه} قَالَ: الْآلهَة الْآيَات 46 - 48

46

أخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ من اللَّيْل افْتتح صلَاته اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل {فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة أَنْت تحكم بَين عِبَادك فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهدني لما اخْتلفت من الْحق بإذنك انك تهدي من تشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم الْآيَات 49 - 52

49

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثمَّ إِذا خوّلناه نعْمَة منا} قَالَ: أعطيناه {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتهُ على علم} أَي على شرف أعطانيه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثمَّ إِذا خوّلناه نعْمَة منا} قَالَ: أعطيناه وَعَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّمَا أُوتِيتهُ على علم} قَالَ: قَالَ: على خبر عِنْدِي {بل هِيَ فتْنَة} قَالَ: بلَاء وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قد قَالَهَا الَّذين من قبلهم} الْأُمَم الْمَاضِيَة {وَالَّذين ظلمُوا من هَؤُلَاءِ} قَالَ: من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

الْآيَة 53

53

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} فِي مُشْركي أهل مَكَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا [] فكتبتها بيَدي ثمَّ بعثت إِلَى هِشَام بن العَاصِي وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد لين عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى وَحشِي بن حَرْب قَاتل حَمْزَة يَدعُوهُ إِلَى الإِسلام فَأرْسل إِلَيْهِ: يَا مُحَمَّد كَيفَ تَدعُونِي وَأَنت تزْعم أَن من قتل أَو أشرك أَو زنى (يلقَ أثاماً) (يُضَاعف لَهُ الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة ويخلد فِيهِ مهاناً) (الْفرْقَان 69) وَأَنا صنعت ذَلِك فَهَل تَجِد لي من رخصَة فَأنْزل الله (إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل عملا صَالحا فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما) (الْفرْقَان 70) فَقَالَ وَحشِي: هَذَا شَرط شَدِيد (إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل عملا صَالحا) (الْفرْقَان 70) فلعلي لَا أقدر على هَذَا فَأنْزل الله (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) (النِّسَاء 48) فَقَالَ وَحشِي: هَذَا أرى بعد مَشِيئَة فَلَا يدْرِي يغْفر لي أم لَا فَهَل غير هَذَا فَأنْزل الله {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} الْآيَة قَالَ وَحشِي: هَذَا فهم فَأسلم فَقَالَ النَّاس: يَا رَسُول الله: إِنَّا أصبْنَا مَا أصَاب وَحشِي قَالَ: بلَى للْمُسلمين عَامَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ: لما أسلم وَحشِي أنزل الله (وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ) (الْفرْقَان 68) قَالَ وَحشِي وَأَصْحَابه: فَنحْن قد ارتكبنا هَذَا كُله فَأنْزل الله {قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} الْآيَة وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن وَحشِي قَالَ: لما كَانَ فِي أَمر حَمْزَة

مَا كَانَ ألْقى الله خوف مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قلبِي خرجت هَارِبا أكمن النَّهَار وأسير اللَّيْل حَتَّى صرت إِلَى أقاويل حمير فَنزلت فيهم فاقمت حَتَّى أَتَانِي رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدعوني إِلَى الْإِسْلَام قلت: وَمَا الإِسلام قَالَ: تؤمن بِاللَّه وَرَسُوله وتترك الشّرك بِاللَّه وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله وَشرب الْخمر وَالزِّنَا وَالْفَوَاحِش كلهَا وتستحم من الْجَنَابَة وَتصلي الْخمس قَالَ: إِن الله قد أنزل هَذِه الْآيَة {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} فَقلت: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فصافحني وَكَنَّانِي بِأبي حَرْب وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَهْط من أَصْحَابه يَضْحَكُونَ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا ثمَّ انْصَرف وَبكى الْقَوْم فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا مُحَمَّد لم تقنط عبَادي فَرجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: أَبْشِرُوا وقربوا وسددوا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: اتّفقت أَنا وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة وَهِشَام بن العَاصِي بن وَائِل أَن نهاجر إِلَى الْمَدِينَة فَخرجت أَنا وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة وَهِشَام بن العَاصِي بن وَائِل أَن نهاجر إِلَى الْمَدِينَة فَخرجت أَنا وَعَيَّاش وَفتن هِشَام فَافْتتنَ فَقدم على عَيَّاش أَخُوهُ أَبُو جهل والْحَارث بن هِشَام فَقَالَا: إِن أمك قد نذرت أَن لَا يُظِلّهَا ظلّ وَلَا يمس رَأسهَا غسل حَتَّى تراك فَقلت: وَالله إِن يريداك إِلَّا أَن يفتناك عَن دينك وخرجا بِهِ وفتنوه فَافْتتنَ قَالَ: فَنزلت {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله} قَالَ: عمر رَضِي الله عَنهُ: فَكتبت إِلَى هِشَام فَقدم وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله} وَذَلِكَ أَن أهل مَكَّة قَالُوا: يزْعم مُحَمَّد أَن من عبد الْأَوْثَان ودعا مَعَ الله إِلَهًا آخر وَقتل النَّفس الَّتِي حرم الله لم يغْفر لَهُ فَكيف نهاجر ونسلم وَقد عَبدنَا الْآلهَة وقتلنا النَّفس وَنحن أهل الشّرك فَأنْزل الله {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا} وَقَالَ (وأنيبوا إِلَى ربكُم وَأَسْلمُوا لَهُ) وَإِنَّمَا يُعَاتب الله أولي الْأَلْبَاب وَإِنَّمَا الْحَلَال وَالْحرَام لأهل الإِيمان فإياهم عَاتب وإياهم أَمر إِذا أسرف أحدهم على نَفسه أَن لَا يقنط من رَحْمَة الله وَأَن يَتُوب وَلَا يضن بِالتَّوْبَةِ على لَك الإِسراف

والذنب الَّذِي عمل وَقد ذكر الله تَعَالَى فِي سُورَة آل عمرَان الْمُؤمنِينَ حِين سَأَلُوا الْمَغْفِرَة فَقَالُوا: (رَبنَا اغْفِر لنا ذنوبنا وإسرافنا فِي أمرنَا) (آل عمرَان 147) فَيَنْبَغِي أَن يعلم أَنهم كَانُوا يصيبون الْأَمريْنِ فَأَمرهمْ بِالتَّوْبَةِ وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَات الثَّلَاث بِالْمَدِينَةِ فِي وَحشِي وَأَصْحَابه {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} إِلَى قَوْله (وَأَنْتُم لَا تشعرون) (النِّسَاء 110) وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي عَيَّاش بن أبي ربيعَة والوليد بن الْوَلِيد وَنَفر من الْمُسلمين كَانُوا أَسْلمُوا ثمَّ فتنُوا وعذبوا فافتتنوا فَكُنَّا نقُول: لَا يقبل الله من هَؤُلَاءِ صرفا وَلَا عدلا أبدا أَقوام أَسْلمُوا ثمَّ تركُوا دينهم بِعَذَاب عذبوه فَنزلت هَؤُلَاءِ الْآيَات وَكَانَ عمر بن الْخطاب كَاتبا فكتبها بِيَدِهِ ثمَّ كتب بهَا إِلَى عَيَّاش والوليد وَإِلَى أُولَئِكَ النَّفر فاسلموا وَهَاجرُوا وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ثَوْبَان قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا أحب أَن لي الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بِهَذِهِ الْآيَة {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله فَمن أشرك فَسكت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِلَّا وَمن أشرك ثَلَاث مَرَّات وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت يزِيد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا} وَلَا يُبَالِي أَنه هُوَ الغفور الرَّحِيم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي حسن الظَّن وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود أَنه مر على قاصٍّ يذكر النَّاس فَقَالَ: يَا مُذَكّر النَّاس لَا تقنط النَّاس ثمَّ قَرَأَ {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن سِيرِين قَالَ: قَالَ عَليّ أَي آيَة أوسع فَجعلُوا يذكرُونَ آيَات من الْقُرْآن (من يعْمل سوء أَو يظلم نَفسه) (النِّسَاء 110) وَنَحْوهَا فَقَالَ عَليّ

رَضِي الله عَنهُ: مَا فِي الْقُرْآن أوسع آيَة من {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} قد دَعَا الله إِلَى مغفرته من زعم أَن الْمَسِيح هُوَ الله وَمن زعم أَن الْمَسِيح ابْن الله وَمن زعم أَن عُزَيْرًا ابْن الله وَمن زعم أَن الله فَقير وَمن زعم أَن يَد الله مغلولة وَمن زعم أَن الله ثَالِث ثَلَاثَة يَقُول الله تَعَالَى لهَؤُلَاء (أَفلا يتوبون إِلَى الله ويستغفرونه وَالله غَفُور رَحِيم) (الْمَائِدَة 74) ثمَّ دَعَا إِلَى تَوْبَته من هُوَ أعظم قولا من هَؤُلَاءِ من قَالَ (أَنا ربكُم الْأَعْلَى) (النازعات 24) وَقَالَ (مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي) (الْقَصَص 38) قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: من آيس الْعباد من التَّوْبَة بعد هَذَا فقد جحد كتاب الله وَلَكِن لَا يقدر العَبْد أَن يَتُوب حَتَّى يَتُوب الله عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن إِبْلِيس قَالَ: يَا رب زِدْنِي قَالَ: صدوركم مسَاكِن لكم وَتجرونَ مِنْهُم مجْرى الدَّم قَالَ: يَا رب زِدْنِي قَالَ: (اجلب عَلَيْهِم بخيلك ورجلك وشاركهم فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد وعدهم وَمَا يعدهم الشَّيْطَان إِلَّا غرُورًا) (الْإِسْرَاء 64) فَقَالَ آدم عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب قد سلطته عليَّ وَأَنِّي لَا أمتنع مِنْهُ إِلَّا بك فَقَالَ: لَا يُولد لَك ولد إِلَّا وكلت بِهِ من يحفظه من قرناء السوء قَالَ: يَا رب زِدْنِي قَالَ: الْحَسَنَة عشرا أَو ازيد والسيئة وَاحِدَة أَو امحوها قَالَ: يَا رب زِدْنِي قَالَ: بَاب التَّوْبَة مَفْتُوح مَا كَانَ الرّوح فِي الْجَسَد قَالَ: يَا رب زِدْنِي قَالَ {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا أَنه هُوَ الغفور الرَّحِيم} وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى والضياء عَن أنس رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أخطأتم حَتَّى تملأ خطاياكم مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ استغفرتم لغفر لكم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو لم تخطئوا لجاء الله بِقوم يخطئون ثمَّ يَسْتَغْفِرُونَ فَيغْفر لَهُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَوْلَا أَنكُمْ تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فَيغْفر لَهُم وَأخرج الْخَطِيب عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أوحى الله إِلَى دَاوُد عَلَيْهِ

السَّلَام: يَا دَاوُد إِن العَبْد من عَبِيدِي ليأتيني بِالْحَسَنَة فاحكمه فيّ قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: وَمَا تِلْكَ الْحَسَنَة قَالَ: كربَة فرجهَا عَن مُؤمن قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام: اللَّهُمَّ حقيق على من عرفك حق معرفتك أَن لَا يقنط مِنْك وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ لي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: يَا مُحَمَّد إِن الله يخاطبني يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول: يَا جِبْرِيل مَا لي أرى فلَان بن فلَان فِي صُفُوف أهل النَّار فَأَقُول: يَا رب إِنَّا لم نجد لَهُ حَسَنَة يعود عَلَيْهِ خَيرهَا الْيَوْم فَيَقُول الله: إِنِّي سمعته فِي دَار الدُّنْيَا يَقُول: يَا حنان يَا منان فأته فَاسْأَلْهُ فَيَقُول وَهل من حنان ومنان غَيْرِي فآخذ بِيَدِهِ من صُفُوف أهل النَّار فَادْخُلْهُ فِي صُفُوف أهل الْجنَّة وَأخرج ابْن الضريس وَأَبُو القسام بن بشير فِي أَمَالِيهِ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْفَقِيه كل الْفَقِيه من لم يقنط النَّاس من رَحْمَة الله تَعَالَى وَلم يرخص لَهُم فِي مَعَاصيه وَلم يؤمنهم عَذَاب الله وَلم يدع الْقُرْآن رَغْبَة مِنْهُ إِلَى غَيره إِنَّه لَا خير فِي عبَادَة لَا علم فِيهَا وَلَا علم لَا فهم فِيهِ وَلَا قِرَاءَة لَا تدبر فِيهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن للمتقنطين جِسْرًا يطَأ النَّاس يَوْم الْقِيَامَة على أَعْنَاقهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: ألم أحدث أَنَّك تعظ النَّاس قَالَ: بلَى قَالَت: فإياك واهلاك النَّاس وتقنيطهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا كَانَ فِي الْأُمَم الْمَاضِيَة يجْتَهد فِي الْعِبَادَة ويشدد على نَفسه ويقنط النَّاس من رَحْمَة الله تَعَالَى ثمَّ مَاتَ فَقَالَ: أَي رب مَا لي عنْدك قَالَ: النَّار قَالَ: فَأَيْنَ عبادتي واجتهادي فَقيل لَهُ كنت تقنط النَّاس من رَحْمَتي وَأَنا اقنطك الْيَوْم من رَحْمَتي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن نَاسا أَصَابُوا فِي الشّرك عظاماً فَكَانُوا يخَافُونَ أَن لَا يغْفر لَهُم فَدَعَاهُمْ الله لهَذِهِ الْآيَة {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا} وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مجلز لَاحق بن حميد السدُوسِي قَالَ: لما أنزل الله على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قل يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا}

إِلَى آخر الْآيَة قَامَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَطب النَّاس وتلا عَلَيْهِم فَقَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله والشرك بِاللَّه فَسكت فَأَعَادَ ذَلِك مَا شَاءَ الله فَأنْزل الله (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) (النِّسَاء 48) وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم} إِلَى قَوْله (وأنيبوا إِلَى ربكُم وَأَسْلمُوا لَهُ) (الزمر 54) قَالَ عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ: قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِيهَا علقَة (وأنيبوا إِلَى ربكُم) الْآيَات 54 - 59

54

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وأنيبوا إِلَى ربكُم وَأَسْلمُوا لَهُ} قَالَ: اقْبَلُوا إِلَى ربكُم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبيد بن يعلى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الإِنابة الدُّعَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَن تَقول نفس يَا حسرتى على مَا فرطت} الْآيَات قَالَ أخبر الله سُبْحَانَهُ مَا الْعباد قَائِلُونَ قبل أَن يقولوه وعملهم قبل أَن يعلموه (وَلَا ينبئك مثل خَبِير) (فاطر 14) {أَن تَقول نفس يَا حسرتى على مَا فرطت فِي جنب الله وَإِن كنت لمن الساخرين} يَقُول [] المحلوقين {أَو تَقول لَو أَن الله هَدَانِي لَكُنْت من الْمُتَّقِينَ أَو تَقول حِين ترى الْعَذَاب لَو أَن لي كرة فَأَكُون من الْمُحْسِنِينَ} يَقُول: من المهتدين فَأخْبر الله سُبْحَانَهُ

وَتَعَالَى: أَنهم لَو ردوا لم يقدروا على الْهدى قَالَ الله تَعَالَى (وَلَو ردوا لعادوا لما نهوا عَنهُ وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ) (الْأَنْعَام 38) وَقَالَ (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كَمَا لم يُؤمنُوا بِهِ أوّل مرّة) (الْأَنْعَام 110) قَالَ: وَلَو ردوا إِلَى الدُّنْيَا لحيل بَينهم الْهدى كَمَا حلنا بَينهم وَبَينه أوّل مرّة فِي الدُّنْيَا وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {على مَا فرطت فِي جنب الله} قَالَ: فِي ذكر الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أَن تَقول نفس يَا حسرتى على مَا فرطت فِي جنب الله وَإِن كنت لمن الساخرين} قَالَ: فَلم يكفه أَن ضيع طَاعَة الله تَعَالَى حَتَّى جعل يسخر بِأَهْل طَاعَة الله قَالَ: هَذَا قَول صنف مِنْهُم {أَو تَقول لَو أَن الله هَدَانِي لَكُنْت من الْمُتَّقِينَ} قَالَ: هَذَا قَول صنف مِنْهُم آخر {أَو تَقول حِين ترى الْعَذَاب لَو أَن لي كرة فَأَكُون من الْمُحْسِنِينَ} قَالَ: لَو رجعت إِلَى الدُّنْيَا قَالَ: هَذَا قَول صنف آخر يَقُول الله ردا لقَولهم وتكذيباً لَهُم {بلَى قد جاءتك آياتي فَكَذبت بهَا واستكبرت وَكنت من الْكَافرين} وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل أهل النَّار يرى مَقْعَده من الْجنَّة فَيَقُول {لَو أَن الله هَدَانِي} فَيكون عَلَيْهِ حسرة وكل أهل الْجنَّة يرى مَقْعَده من النَّار فيحمد الله فَيكون لَهُ شكرا ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَن تَقول نفس يَا حسرتى على مَا فرطت فِي جنب الله} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا جلس قوم مَجْلِسا لَا يذكرُونَ الله فِيهِ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِم حسرة يَوْم الْقِيَامَة وَإِن كَانُوا من أهل الْجنَّة يرَوْنَ ثَوَاب كل مجْلِس ذكرُوا الله فِيهِ وَلَا يرَوْنَ ثَوَاب ذَلِك الْمجْلس فَيكون عَلَيْهِم حسرة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكرَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {بلَى قد جاءتك آياتي فَكَذبت بهَا واستكبرت وَكنت من الْكَافرين}

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ بلَى قد جاءتك آياتي بِنصب الْكَاف فَكَذبت بهَا واستكبرت وَكنت من الْكَافرين بِنصب التَّاء فِيهِنَّ كُلهنَّ وينجي الله الَّذين اتَّقوا بمفازاتهم على الْجِمَاع الْآيَات 60 - 61

60

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يحْشر المتكبرون يَوْم الْقِيَامَة أَمْثَال الذَّر فِي صور الرِّجَال يَغْشَاهُم الذل من كل مَكَان يساقون إِلَى سجن فِي جَهَنَّم يشربون من عصارة أهل النَّار طِينَة الخبال وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن المتكبرين يَوْم الْقِيَامَة يجْعَلُونَ فِي توابيت من نَار يطبق عَلَيْهِم ويجعلون فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يحْشر المتكبرون يَوْم الْقِيَامَة رجَالًا فِي صور الذَّر يَغْشَاهُم الذل من كل مَكَان يسلكون فِي نَار الأنيار يسقون من طِينَة الخبال عصارة أهل النَّار وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يجاء بالجبارين والمتكبرين رجَالًا فِي صور الذَّر يطؤهم النَّاس من هوانهم على الله حَتَّى يقْضى بَين النَّاس ثمَّ يذهب بهم إِلَى نَار الأنيار قيل يَا رَسُول الله وَمَا نَار الأنيار قَالَ: عصارة أهل النَّار وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ {وينجي الله الَّذين اتَّقوا بمفازتهم} قَالَ: بأعمالهم

الْآيَة 62

62

أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليسألنكم النَّاس عَن كل شَيْء حَتَّى يسألوكم هَذَا الله خَالق كل شَيْء فَمن خلق الله فَإِن سئلتم فَقولُوا: الله كَانَ قبل كل شَيْء وَهُوَ خَالق كل شَيْء وَهُوَ كَائِن بعد كل شَيْء وَالله أعلم الْآيَة 63

63

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَهُ مقاليد السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ: مفاتيحها وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {لَهُ مقاليد السَّمَاوَات} قَالَ: مَفَاتِيح بِالْفَارِسِيَّةِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة وَالْحسن رَضِي الله عَنْهُمَا {لَهُ مقاليد السَّمَاوَات وَالْأَرْض} مفاتيحها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات غَدَاة فَقَالَ:: إِنِّي رَأَيْت فِي غداتي هَذِه كَأَنِّي أتيت بالمقاليد والموازين فاما المقاليد: فالمفاتيح وَأما الموازين: فموازينكم هَذِه الَّتِي تزنون بهَا وَجِيء بِالْمَوَازِينِ فَوضعت مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ وضعت فِي كَفه وَجِيء بالأمة فَوضعت فِي الكفة الْأُخْرَى فرجحت بهم ثمَّ جِيءَ بِأبي بكر فَوضع فِي كفة فوزن بهم ثمَّ جِيءَ بعمر فَوضع فِي كفة وَالْأمة فِي كفة فوزنهم ثمَّ رفعت الْمِيزَان وَأخرج أَبُو يعلى ويوسف القَاضِي فِي سنَنه وَأَبُو الْحسن الْقطَّان فِي المطولات وَابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله تَعَالَى {لَهُ مقاليد السَّمَاوَات وَالْأَرْض}

قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله أسْتَغْفر الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن يحيي وَيُمِيت وَهُوَ حَيّ لَا يَمُوت بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء قدير يَا عُثْمَان من قَالَهَا كل يَوْم مائَة مرّة أعطي بهَا عشر خِصَال أما أَولهَا فَيغْفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَأما الثَّانِيَة فَيكْتب لَهُ بَرَاءَة من النَّار وَأما الثَّالِثَة فيوكل بِهِ ملكان يحفظانه فِي ليله ونهاره من الْآفَات والعاهات وَأما الرَّابِعَة فَيعْطى قِنْطَارًا من الاجر وَأما الْخَامِسَة فَيكون لَهُ أجر من أعتق مائَة رَقَبَة محررة من ولد إِسْمَعِيل وَأما السَّادِسَة فيزوّج من الْحور الْعين وَأما السَّابِعَة فيحرس من إِبْلِيس وَجُنُوده وَأما الثَّامِنَة فيعقد على رَأسه تَاج الْوَقار وَأما التَّاسِعَة فَيكون مَعَ إِبْرَاهِيم وَأما الْعَاشِرَة فَيشفع فِي سبعين رجلا من أهل بَيته يَا عُثْمَان إِن اسْتَطَعْت فَلَا يفوتك يَوْمًا من الدَّهْر تفز بهَا من الفائزين وتسبق بهَا الْأَوَّلين والآخرين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن {مقاليد السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَقَالَ: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول

وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن بِيَدِهِ الْخَيْر يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير يَا عُثْمَان من قَالَهَا إِذا أصبح عشر مَرَّات وَإِذا أَمْسَى أعطَاهُ الله سِتّ خِصَال أما أولهنَّ فيحرس من إِبْلِيس وَجُنُوده وَأما الثَّانِيَة فَيعْطى قِنْطَارًا من الاجر وَأما الثَّالِثَة فَيَتَزَوَّج من الْحور الْعين وَأما الرَّابِعَة فَيغْفر لَهُ ذنُوبه وَأما الْخَامِسَة فَيكون مَعَ إِبْرَاهِيم وَأما السَّادِسَة فيحضره اثْنَا عشر ملكا عِنْد مَوته يُبَشِّرُونَهُ بِالْجنَّةِ ويزفونه من قَبره إِلَى الْموقف فَإِن أَصَابَهُ شَيْء من أهاويل يَوْم الْقِيَامَة قَالُوا لَهُ: لَا تخف إِنَّك من الْآمنينَ ثمَّ يحاسبه الله حسابا يَسِيرا ثمَّ يُؤمر بِهِ إِلَى الْجنَّة يزفونه إِلَى الْجنَّة من موقفه كَمَا تزف الْعَرُوس حَتَّى يدخلوه الْجنَّة بِإِذن الله وَالنَّاس فِي شدَّة الْحساب وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ عَن {مقاليد السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم من كنوز الْعَرْش وَأخرج الْعقيلِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تَفْسِير {لَهُ مقاليد السَّمَاوَات وَالْأَرْض} فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا سَأَلَني عَنْهَا أحد تَفْسِيرهَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَسُبْحَان الله وَالله أكبر واستغفر الله وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن بِيَدِهِ الْخَيْر يحيي وَيُمِيت وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ {لَهُ مقاليد السَّمَاوَات وَالْأَرْض} لَهُ مَفَاتِيح خَزَائِن السَّمَوَات وَالْأَرْض الْآيَات 64 - 66

64

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن قُريْشًا دعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يعطوه مَالا فَيكون أغْنى رجل بِمَكَّة ويزوّجوه مَا أَرَادَ من النِّسَاء ويطأون عقبه فَقَالُوا لَهُ: هَذَا لَك عندنَا يَا مُحَمَّد وتكف عَن شتم آلِهَتنَا وَلَا تذكرها بِسوء فَإِن لم تفعل فَإنَّا نعرض عَلَيْك خصْلَة وَاحِدَة هِيَ لنا وَلَك [] فدلوه قَالَ: حَتَّى أنظر مَا يأتيني من رَبِّي فجَاء الْوَحْي (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (الْكَافِرُونَ الْآيَة 1) إِلَى آخر السُّورَة وَأنزل الله عَلَيْهِ {قل أفغير الله تأمروني أعبد أَيهَا الجاهلون} {وَلَقَد أُوحِي إِلَيْك وَإِلَى الَّذين من قبلك لَئِن أشركت ليحبطن عَمَلك ولتكونن من الخاسرين} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إياك وأجدادك يَا مُحَمَّد فَأنْزل الله {قل أفغير الله تأمروني أعبد أَيهَا الجاهلون} إِلَى قَوْله {بل الله فاعبد وَكن من الشَّاكِرِينَ} الْآيَة 67

67

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ حبر من الْأَحْبَار إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِنَّا نجد أَن الله يحمل السَّمَوَات يَوْم الْقِيَامَة على إِصْبَع وَالْأَرضين على إِصْبَع وَالشَّجر على إِصْبَع وَالْمَاء وَالثَّرَى على إِصْبَع وَسَائِر الْخلق على إِصْبَع فَيَقُول: أَنا الْملك فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه تَصْدِيقًا لقَوْل الحبر ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمَا قدرُوا الله حق قدره وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة} وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مر يَهُودِيّ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس قَالَ: كَيفَ تَقول يَا أَبَا الْقَاسِم إِذا وضع الله السَّمَوَات على ذه وَأَشَارَ بالسبابة وَالْأَرضين على ذه وَالْجِبَال على ذه وَسَائِر الْخلق على ذه كل ذَلِك يُشِير باصابعه فَأنْزل الله {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تَكَلَّمت الْيَهُود فِي صفة الرب فَقَالُوا مَا لم يعلموه وَمَا لم يرَوا فَأنْزل الله {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْيَهُود نظرُوا فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَالْمَلَائِكَة فَلَمَّا زاغوا أخذُوا يقدرونه فَأنْزل الله {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت (وسع كرسيه السَّمَوَات وَالْأَرْض) (الْبَقَرَة الْآيَة 255) قَالُوا: يَا رَسُول الله هَذَا الْكُرْسِيّ هَكَذَا فَكيف بالعرش فَأنْزل الله {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يقبض الله الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة ويطوي السَّمَوَات بِيَمِينِهِ ثمَّ يَقُول أَنا الْملك أَيْن مُلُوك الأَرْض وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير

وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السَّمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه الْآيَة ذَات يَوْم على الْمِنْبَر {وَمَا قدرُوا الله حق قدره وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَاوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ} وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول هَكَذَا بِيَدِهِ ويحركها يقبل بهَا وَيُدبر يمجد الرب نَفسه أَنا الْجَبَّار أَنا المتكبر أَنا الْملك أَنا الْكَرِيم فَرَجَفَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر حَتَّى قُلْنَا ليخرنَّ بِهِ) وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: حَدَّثتنِي عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه الْآيَة {وَمَا قدرُوا الله حق قدره وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَاوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ} قَالَ: يَقُول أَنا الْجَبَّار أَنا أَنا ويمجد نَفسه فَرَجَفَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمِنْبَر حَتَّى أَن قُلْنَا ليخرن بِهِ قَالُوا: فَأَيْنَ النَّاس يَوْمئِذٍ يَا رَسُول الله قَالَ: على جسر جَهَنَّم وَأخرج الْبَزَّار وَابْن عدي وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه الْآيَة على الْمِنْبَر {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} حَتَّى بلغ {عَمَّا يشركُونَ} فَقَالَ: الْمِنْبَر هَكَذَا فَذهب وَجَاء ثَلَاث مَرَّات وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع فِي قَبضته ثمَّ يَقُول أَنا الله أَنا الرَّحْمَن أَنا الْملك أَنا القدوس أَنا السَّلَام أَنا الْمُؤمن أَنا الْمُهَيْمِن أَنا الْعَزِيز أَنا الْجَبَّار أَنا المتكبر أَنا الَّذِي بدأت الدُّنْيَا وَلم تَكُ شَيْئا أَنا الَّذِي أعيدها ايْنَ الْمُلُوك أَيْن الجبارون وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن جرير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنفر من أَصْحَابه: أَنا قارىء عَلَيْكُم آيَات من آخر الزمر فَمن بَكَى مِنْكُم وَجَبت لَهُ الْجنَّة فقرأها من عِنْد {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} إِلَى آخر السُّورَة فمنا من بَكَى وَمنا من لم يبك فَقَالَ الَّذين لم يبكوا: يَا رَسُول الله لقد جهدنا أَن نبكي فَلم نبك فَقَالَ: إِنِّي سأقرأوها عَلَيْكُم فَمن لم يبكِ فليتباكَ

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد مقارب وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يَقُول: ثَلَاث خلال غيبتهن عَن عبَادي لَو رآهن رجل مَا عمل سوء أبدا لَو كشفت غطائي فرآني حَتَّى استيقن وَيعلم كَيفَ أعمل بخلقي إِذا أمتهم وقبضت السَّمَوَات بيَدي ثمَّ قبضت الْأَرْضين ثمَّ قلت: أَنا الْملك من ذَا الَّذِي لَهُ الْملك دوني ثمَّ أريهم الْجنَّة وَمَا أَعدَدْت لَهُم فِيهَا من كل خير فيستيقنوا بهَا وأريهم النَّار وَمَا أَعدَدْت لَهُم فِيهَا من كل شَرّ فيستيقنوا بهَا وَلَكِن عمدا غيبت عَنْهُم ذَلِك لأعْلم كَيفَ يعْملُونَ وَقد بَينته لَهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ليهودي إِذْ ذكر من عَظمَة رَبنَا فَقَالَ: السَّمَوَات على الْخِنْصر والأرضون على البنصر وَالْجِبَال على الْوُسْطَى وَالْمَاء على السبابَة وَسَائِر الْخلق على الْإِبْهَام فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وَمَا قدرُوا الله حق قدره وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يطوي الله السَّمَوَات بِمَا فِيهَا من الخليقة وَالْأَرضين السَّبع بِمَا فِيهَا من الخليقة يطوي كُله بِيَمِينِهِ يكون ذَلِك فِي يَده بِمَنْزِلَة خردلة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَالسَّمَاوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَاوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ} قَالَ: كُلهنَّ فِي يَمِينه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن شَيبَان النَّحْوِيّ رَضِي الله عَنهُ {وَمَا قدرُوا الله حق قدره وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: لم يُفَسِّرهَا قَتَادَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل مَا وصف الله من نَفسه فِي كِتَابه فتفسيره تِلَاوَته وَالسُّكُوت عَلَيْهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَدْرِي مَا الْكُرْسِيّ قلت: لَا مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَمَا فِيهِنَّ فِي الْكُرْسِيّ إِلَّا كحلقة أَلْقَاهَا ملق فِي الأَرْض وَمَا الْكُرْسِيّ فِي الْعَرْش إِلَّا كحلقة أَلْقَاهَا ملق فِي الأَرْض وَمَا المَاء فِي الرّيح إِلَّا كحلقة أَلْقَاهَا ملق فِي ارْض فلاة وَمَا جَمِيع ذَلِك فِي قَبْضَة الله عز وَجل إِلَّا كحبة وأصغر من الْحبَّة فِي كف

أحدكُم وَذَلِكَ قَوْله {وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا فِي السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع فِي يَد الله عز وَجل إِلَّا كخردلة فِي يَد أحدكُم وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله {وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة} فَأَيْنَ النَّاس يَوْمئِذٍ قَالَ: على الصِّرَاط وَأخرج ابْن جرير عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حبر من الْيَهُود فَقَالَ: أَرَأَيْت إِذْ يَقُول الله عز وَجل فِي كِتَابه {وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَاوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ} فَأَيْنَ الْخلق عِنْد ذَلِك قَالَ: هم كرتم الْكتاب الْآيَة 68

68

أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل من الْيَهُود بسوق الْمَدِينَة: وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْبشر فَرفع رجل من الْأَنْصَار يَده فَلَطَمَهُ قَالَ: أَتَقول هَذَا وَفينَا رَسُول الله فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قَالَ الله {وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ} فاكون أوّل من يرفع رَأسه فَإِذا أَنا بمُوسَى آخذ بقائمة من قَوَائِم الْعَرْش فَلَا أَدْرِي أرفع رَأسه قبلي أَو كَانَ مِمَّن اسْتثْنى الله عز وَجل وَأخرج أَبُو يعلى وَالدَّارقطني فِي الْأَفْرَاد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سُئِلَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام عَن هَذِه الْآيَة {فَصعِقَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله} من الَّذين لم يَشَاء الله أَن يصعقهم قَالَ: هم الشُّهَدَاء مقلدون باسيافهم حول عَرْشه تتلقاهم الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام يَوْم الْقِيَامَة إِلَى الْمَحْشَر بنجائب من ياقوت أزمتها الدّرّ برحائل السندس والإستبرق نمارها أَلين من الْحَرِير

مدَّ خطاها مدَّ أبصار الرجل يَسِيرُونَ فِي الْجنَّة يَقُولُونَ عِنْد طول البرهة: انْطَلقُوا بِنَا إِلَى رَبنَا نَنْظُر كَيفَ يقْضِي بَين خلقه يضْحك اليهم إلهي وَإِذا ضحك إِلَى عبد فِي موطن فَلَا حِسَاب عَلَيْهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة {فَصعِقَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله} قَالَ: هم الشُّهَدَاء ثنية الله تَعَالَى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {إِلَّا من شَاءَ الله} قَالَ: هم الشُّهَدَاء ثنية الله متقلدي السيوف حول الْعَرْش وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله} قَالُوا: يَا رَسُول الله من هَؤُلَاءِ الَّذين اسْتثْنى الله قَالَ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَملك الْمَوْت وإسرافيل وَحَملَة الْعَرْش فَإِذا قبض الله أَرْوَاح الْخَلَائق قَالَ لملك الْمَوْت: من بَقِي وَهُوَ أعلم فَيَقُول: رب سُبْحَانَكَ رب تعاليت ذَا الْجلَال والاكرام بَقِي جِبْرِيل وَمِيكَائِيل واسرافيل وَملك الْمَوْت فَيَقُول: خُذ نفس مِيكَائِيل فَيَقَع كالطود الْعَظِيم فَيَقُول: يَا ملك الْمَوْت من بَقِي فَيَقُول سُبْحَانَكَ رب ذَا الْجلَال والاكرام بَقِي جِبْرِيل وَملك الْمَوْت فَيَقُول مت يَا ملك الْمَوْت فَيَمُوت فَيَقُول يَا جِبْرِيل من بَقِي فَيَقُول: سُبْحَانَكَ يَا ذَا الْجلَال والاكرام بَقِي جِبْرِيل وَهُوَ من الله بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ فَيَقُول: يَا جِبْرِيل مَا بُد من موتك فَيَقَع سَاجِدا يخْفق بجناحيه يَقُول: سُبْحَانَكَ رب تَبَارَكت وَتَعَالَيْت ذَا الْجلَال والاكرام أَنْت الْبَاقِي وَجِبْرِيل الْمَيِّت الفاني وَيَأْخُذ روحه فِي الخفقة الَّتِي يخْفق فِيهَا فَيَقَع على حيّز من فضل خلقه على خلق مِيكَائِيل كفضل الطود الْعَظِيم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس رَفعه فِي قَوْله {وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله} قَالَ: فَكَانَ مِمَّن اسْتثْنى الله جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَملك الْمَوْت فَيَقُول الله - وَهُوَ أعلم: يَا ملك الْمَوْت من بَقِي فَيَقُول بَقِي وَجهك الْكَرِيم وَعَبْدك جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَملك

الْمَوْت فَيَقُول: توفَّ نفس مِيكَائِيل ثمَّ يَقُول - وَهُوَ أعلم - يَا ملك الْمَوْت من بَقِي فَيَقُول بَقِي وَجهك الْكَرِيم وَعَبْدك جِبْرِيل وَملك الْمَوْت فَيَقُول توف نفس جِبْرِيل ثمَّ يَقُول - وَهُوَ أعلم - يَا ملك الْمَوْت من بَقِي فَيَقُول: بَقِي وَجهك الْبَاقِي الْكَرِيم وَعَبْدك ملك الْمَوْت وَهُوَ ميت فَيَقُول: مت ثمَّ يُنَادي أَنا بدأت الْخلق وَأَنا أُعِيدهُ فَأَيْنَ الجبارون المتكبرون فَلَا يجِيبه أحد ثمَّ يُنَادي لمن الْملك الْيَوْم فَلَا يجِيبه أحد فَيَقُول هُوَ لله الْوَاحِد القهار {ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن جَابر {فَصعِقَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله} قَالَ: اسْتثْنى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ كَانَ صعق قبل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {إِلَّا من شَاءَ الله} قَالَ: هم حَملَة الْعَرْش وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: مَا يبْقى أحد إِلَّا مَاتَ وَقد اسْتثْنى وَالله أعلم مثنياه وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج الدَّجَّال فِي أمتِي فيمكث فيهم أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَو أَرْبَعِينَ عَاما أَو أَرْبَعِينَ شهرا أَو أَرْبَعِينَ لَيْلَة فيبعث الله عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام كَأَنَّهُ عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ فيطلبه فيهلكه الله تَعَالَى ثمَّ يلبث النَّاس بعده سِنِين لَيْسَ بَين اثْنَيْنِ عَدَاوَة ثمَّ يبْعَث الله ريحًا بَارِدَة من قبل الشَّام فَلَا يبْقى أحد فِي قلبه مِثْقَال ذرة من الإِيمان إِلَّا قَبضته حَتَّى لَو كَانَ أحدهم فِي كبد جبل لدخلت عَلَيْهِ يبْقى شرار النَّاس فِي خفَّة الطير وأحلام السبَاع لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا وَلَا يُنكرُونَ مُنْكرا فيتمثل لَهُم الشَّيْطَان فَيَقُول: الا تستجيبون فيأمرهم بالأوثان فيعبدوها وهم فِي ذَلِك دارة أَرْزَاقهم حسن عيشهم ثمَّ ينْفخ فِي الصُّور فَلَا يسمعهُ أحد إِلَّا صغى وَأول من يسمعهُ رجل يلوط حَوْضه فيصعق ثمَّ لَا يبْقى أحد إِلَّا صعق ثمَّ يُرْسل الله مَطَرا كَأَنَّهُ الطل فتنبت مِنْهُ أجساد النَّاس {ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ}

ثمَّ يُقَال: يَا أَيهَا النَّاس هلموا إِلَى ربكُم (وقفوهم إِنَّهُم مسؤلون) (الصافات 24) ثمَّ يُقَال: اخْرُجُوا بعث النَّار فَيُقَال: من كم فَيُقَال: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين فَذَلِك (يَوْم يَجْعَل الْولدَان شيباً) (المزمل 17) وَذَلِكَ (يَوْم يكْشف عَن سَاق) (الْقَلَم 42) وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَين النفختين أَرْبَعُونَ قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَة أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَالَ: أَبيت قَالُوا: أَرْبَعُونَ شهر قَالَ: أَبيت قَالُوا: أَرْبَعُونَ عَاما قَالَ: أَبيت ثمَّ ينزل الله من السَّمَاء مَاء فينبتون كَمَا ينْبت البقل وَلَيْسَ من الإِنسان شَيْء إِلَّا يبْلى إِلَّا عظما وَاحِدًا وَهُوَ عجب الذَّنب وَمِنْه يركب الْخلق يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي الْبَعْث وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ينْفخ فِي الصُّور والصور كَهَيئَةِ الْقرن فَصعِقَ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض وَبَين النفختين أَرْبَعُونَ عَاما فيمطر الله فِي تِلْكَ الْأَرْبَعين مَطَرا فينبتون من الأَرْض كَمَا ينْبت البقل وَمن الإِنسان عظم لَا تَأْكُله الأَرْض عجب ذَنبه وَمِنْه يركب جسده يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي عَاصِم فِي السّنة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل ابْن آدم تَأْكُله الأَرْض إِلَّا عجب الذَّنب ينْبت وَيُرْسل الله مَاء الْحَيَاة فينبتون مِنْهُ نَبَات الْخضر حَتَّى إِذا خرجت الأجساد أرسل الله الْأَرْوَاح فَكَانَ كل روح أسْرع إِلَى صَاحبه من الطّرف ثمَّ ينْفخ فِي الصُّور {فَإِذا هم قيام ينظرُونَ} وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن الْحسن قَالَ: بَين النفختين أَرْبَعُونَ سنة الأولى يُمِيت الله بهَا كل حَيّ وَالْأُخْرَى يحيي الله بهَا كل ميت وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَمْرو أَن أَعْرَابِيًا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن {الصُّور} فَقَالَ: قرن ينْفخ فِيهِ وَأخرج مُسَدّد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الصُّور} كَهَيئَةِ الْقرن ينْفخ فِيهِ

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَابْن خُزَيْمَة وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ أنعم وَقد الْتَقم صَاحب الْقرن الْقرن وحنى جَبهته وأصغى سَمعه ينْتَظر أَن يُؤمر فينفخ قَالَ الْمُسلمُونَ: كَيفَ نقُول يَا رَسُول الله قَالَ: قَالُوا (حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل) على الله توكلنا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا طرف صَاحب الصُّور مُنْذُ وكل بِهِ مستعداً ينظر الْعَرْش مَخَافَة أَن يُؤمر بالصيحة قبل أَن يَرْتَد إِلَيْهِ طرفه كَأَن عَيْنَيْهِ كوكبان دريان وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جِبْرِيل عَن يَمِينه وَمِيكَائِيل عَن يسَاره وَهُوَ صَاحب الصُّور يَعْنِي اسرافيل وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن صَاحِبي الصُّور بايديهما قرنان يلاحظان النّظر حَتَّى يؤمران وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا من صباح إِلَّا وملكان موكلان بالصور ينتظران مَتى يؤمران فينفخان وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: النافخان فِي السَّمَاء الثَّانِيَة رَأس أَحدهمَا بالمشرق وَرجلَاهُ بالمغرب ينتظران مَتى يؤمران أَن ينفخا فِي الصُّور فينفخا وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ: كنت عِنْد عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَعِنْدهَا كَعْب رَضِي الله عَنهُ فَذكر اسرافيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَت عَائِشَة: أَخْبرنِي عَن إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: لَهُ أَرْبَعَة أَجْنِحَة جَنَاحَانِ فِي الْهَوَاء وَجَنَاح قد تسرول بِهِ وَجَنَاح على كَاهِله والقلم على أُذُنه فَإِذا نزل الْوَحْي كتب الْقَلَم ودرست الْمَلَائِكَة وَملك الصُّور أَسْفَل مِنْهُ جاث على إِحْدَى رُكْبَتَيْهِ وَقد نصب الْأُخْرَى فالتقم الصُّور فحنى ظَهره وطرفه إِلَى إسْرَافيل ضم جناحيه أَن ينْفخ فِي الصُّور وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي بكر الْهُذلِيّ قَالَ: إِن ملك الصُّور الَّذِي وكل بِهِ إِحْدَى قَدَمَيْهِ لفي الأَرْض السَّابِعَة وَهُوَ جاث على رُكْبَتَيْهِ شاخص ببصره إِلَى

إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام مَا طرف مُنْذُ خلقه الله ينظر مَتى يُشِير إِلَيْهِ فينفخ فِي الصُّور وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خلق الله الصُّور من لؤلؤة بَيْضَاء فِي صفاء الزجاجة ثمَّ قَالَ للعرش: خُذ الصُّور فَتعلق بِهِ ثمَّ قَالَ كن فَكَانَ إسْرَافيل فَأمره أَن يَأْخُذ الصُّور فَأَخذه وَبِه ثقب بِعَدَد كل روح مخلوقة وَنَفس منفوسة لَا يخرج روحاً من ثقب وَاحِد وَفِي وسط الصُّور كوَّة كاستدارة السَّمَاء وَالْأَرْض وإسرافيل عَلَيْهِ السَّلَام وَاضع فَمه على تِلْكَ الكوة ثمَّ قَالَ لَهُ الرب عز وَجل: قد وَكلتك بالصور فَأَنت للنفخة وللصيحة فَدخل إسْرَافيل فِي مُقَدّمَة الْعَرْش فَادْخُلْ رجله الْيُمْنَى تَحت الْعَرْش وقدَّم الْيُسْرَى وَلم يطرف مُنْذُ خلقه الله تَعَالَى لينْظر مَا يُؤمر بِهِ وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن أَوْس بن أَوْس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن من أفضل أيامكم يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ خلق آدم وَفِيه قبض وَفِيه نفخة الصُّور وَفِيه الصعقة وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَأَنِّي أنفض رَأْسِي من التُّرَاب أول خَارج فَالْتَفت فَلَا أرى أحدا إِلَّا مُوسَى مُتَعَلقا بالعرش فَلَا أَدْرِي أممن اسْتثْنى الله أَن لَا تصيبه النفخة فَبعث قبلي وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ {فَصعِقَ} قَالَ: مَاتَ {إِلَّا من شَاءَ الله} قَالَ: جِبْرِيل وإسرافيل وَملك الْمَوْت ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى قَالَ: فِي الصُّور وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما بعث الله إِلَى صَاحب الصُّور فَأَخذه فَأَهوى بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ فَقدم رجلا وَأخر رجلا حَتَّى يُؤمر فينفخ فَاتَّقُوا النفخة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَإِذا هم قيام ينظرُونَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَتَانِي ملك فَقَالَ: يَا مُحَمَّد اختر نَبيا ملكا أَو نَبيا عبدا قَالَ: فَأَوْمأ إِلَى جِبْرِيل أَن تواضع فَقلت: نَبيا عبدا فَأعْطيت خَصْلَتَيْنِ ان جعلت أول من تَنْشَق عَنهُ

الأَرْض وَأول شَافِع فارفع رَأْسِي فاجد مُوسَى آخِذا بالعرش فَالله أعلم أصعق لهَذِهِ الصعقة الأولى أم أَفَاق قبلي (ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ) وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد عِكْرِمَة فَذكرُوا الَّذين يغرقون فِي الْبَحْر فَقَالَ عِكْرِمَة: الْحَمد لله الَّذين يغرقون فِي الْبحار فَلَا يبْقى مِنْهُم شَيْء إِلَّا الْعِظَام فتقبلها الأمواج حَتَّى تلقيها إِلَى الْبر فتمكث الْعِظَام حينا حَتَّى تصير حائلة نخرة فتمر بهَا الإِبل فتأكلها ثمَّ تسير الإِبل فتبعر ثمَّ يَجِيء بعدهمْ قوم فينزلون فَيَأْخُذُونَ ذَلِك البعر فيوقدونه فِي تِلْكَ النَّار فتجيء ريح فتلقي ذَلِك الرماد على الأَرْض فَإِذا جَاءَت النفخة قَالَ الله {فَإِذا هم قيام ينظرُونَ} فَخرج أُولَئِكَ وَأهل الْقُبُور سَوَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن العَاصِي قَالَ: ينْفخ فِي الصُّور النفخة الأولى من بَاب ايليا الشَّرْقِي أَو قَالَ الغربي والنفخة الثَّانِيَة من بَاب آخر وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَين النفختين أَرْبَعُونَ يَقُول الْحسن فَلَا نَدْرِي أَرْبَعِينَ سنة أَو أَرْبَعِينَ شهرا أَو أَرْبَعِينَ لَيْلَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَين النفختين أَرْبَعُونَ قَالَ أَصْحَابه: فَمَا سألناه عَن ذَلِك وَمَا زَاد غير أَنهم كَانُوا يرَوْنَ من رَأْيهمْ أَنَّهَا أَرْبَعُونَ سنة قَالَ: وَذكر لنا أَنه يبْعَث فِي تِلْكَ الْأَرْبَعين مطر يُقَال لَهُ مطر الْحَيَاة حَتَّى تطيب الأَرْض وتهتز وتنبت أجساد النَّاس نَبَات البقل ثمَّ ينْفخ النفخة الثَّانِيَة {فَإِذا هم قيام ينظرُونَ} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَنفخ فِي الصُّور} قَالَ: {الصُّور} مَعَ إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام وَفِيه أَرْوَاح كل شَيْء يكون فِيهِ {ثمَّ نفخ فِيهِ} نفخة الصعقة فَإِذا نفخ فِيهِ نفخة الْبَعْث قَالَ الله بعزتي ليرجعن كل روح إِلَى جسده قَالَ: ودارة مِنْهَا أعظم من سبع سموات وَمن الأَرْض فحلق الصُّور على إسْرَافيل وَهُوَ شاخص ببصره إِلَى الْعَرْش حَتَّى يُؤمر بالنفخة فينفخ فِي الصُّور وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَنفخ فِي الصُّور} قَالَ: الأولى من الدُّنْيَا والأخيرة من الْآخِرَة

وَأخرج عبد بن حميد وَعلي بن سعيد فِي كتاب الطَّاعَة والعصيان وَأَبُو يعلى وَأَبُو الْحسن الْقطَّان فِي المطولات وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ كِلَاهُمَا فِي المطولات وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: وَعِنْده طَائِفَة من أَصْحَابه: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى لما فرغ من خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض خلق الصُّور فَأعْطَاهُ إسْرَافيل فَهُوَ وَاضعه على فِيهِ شاخص بَصَره إِلَى السَّمَاء فَينْظر مَتى يُؤمر فينفخ فِيهِ قلت: يَا رَسُول الله وَمَا الصُّور قَالَ: الْقرن قلت فَكيف هُوَ قَالَ: عَظِيم وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِن عظم دارة فِيهِ لعرض السَّمَوَات وَالْأَرْض فينفخ فِيهِ النفخة الأولى فيصعق من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض ثمَّ ينْفخ فِيهِ أُخْرَى {فَإِذا هم قيام ينظرُونَ} لرب الْعَالمين فيأمر الله إسْرَافيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي النفخة الأولى أَن يمدها ويطولها فَلَا يفتر وَهُوَ الَّذِي يَقُول الله (مَا ينظر هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَة وَاحِدَة مَا لَهَا من فوَاق) (ص 15) فيسير الله الْجبَال فَتكون سرابا وترتج الأَرْض بِأَهْلِهَا رجا فَتكون كالسفينة الموسقة فِي الْبَحْر تضربها الرِّيَاح تنكفأ بِأَهْلِهَا كالقناديل الْمُعَلقَة بالعرش تميلها الرِّيَاح وَهِي الَّتِي يَقُول الله (يَوْم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قُلُوب يَوْمئِذٍ واجفة) (النازعات 5 - 8) فيميد النَّاس على ظهرهَا وتذهل المراضع وتضع الْحَوَامِل وتشيب الْولدَان وَتَطير الشَّيَاطِين هاربة من الْفَزع حَتَّى تَأتي الأقطار فتلقاها الْمَلَائِكَة فَتضْرب وجوهها فترجع وتولي النَّاس بِهِ مُدبرين يُنَادي بَعضهم بَعْضًا فَبَيْنَمَا على ذَلِك إِذْ تصدعت الأَرْض كل صدع من قطر إِلَى قطر فَرَأَوْا أمرا عَظِيما لم يرَوا مثله وَأَخذهم لذَلِك من الكرب والهول مَا الله بِهِ عليم ثمَّ نظرُوا إِلَى السَّمَاء فَإِذا هِيَ كَالْمهْلِ ثمَّ انشقت وانتثرت نجومها وَخسف شمسها وقمرها فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: والأموات لَا يعلمُونَ شَيْئا من ذَلِك فَقلت: يَا رَسُول الله فَمن اسْتثْنى الله حِين يَقُول {فَفَزعَ من فِي السَّمَاوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله} قَالَ: أُولَئِكَ الشُّهَدَاء وَإِنَّمَا يصل الْفَزع إِلَى الْأَحْيَاء وهم أَحيَاء عِنْد رَبهم يرْزقُونَ ووقاهم الله فزع ذَلِك الْيَوْم وآمنهم مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَقُول الله (يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم) (الْحَج 1) إِلَى قَوْله (وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد) (الْحَج 2) فينفخ الصُّور فيصعق أهل السمموات وَأهل الأَرْض {إِلَّا من شَاءَ الله} فَإِذا

هم خمود ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت إِلَى الْجَبَّار فَيَقُول: يَا رب قد مَاتَ أهل السَّمَوَات وَأهل الأَرْض إِلَّا من شِئْت فَيَقُول - وَهُوَ أعلم - فَمن بَقِي فَيَقُول: يَا رب بقيت أَنْت الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت وَبَقِي حَملَة عرشك وَبَقِي جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَبقيت أَنا فَيَقُول الله: ليمت جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وينطق الله الْعَرْش فَيَقُول: يَا رب تميت جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل فَيَقُول الله لَهُ: اسْكُتْ فَإِنِّي كتبت الْمَوْت على من كَانَ تَحت عَرْشِي فيموتون ثمَّ يَأْتِي ملك الْمَوْت إِلَى الْجَبَّار فَيَقُول: يَا رب قد مَاتَ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل فَيَقُول الله عز وَجل - وَهُوَ أعلم - فَمن بَقِي فَيَقُول: يَا رب بقيت أَنْت الْحَيّ الَّذِي لَا تَمُوت وَبَقِي حَملَة عرشك وَبقيت أَنا فَيَقُول الله لَهُ: ليمت حَملَة عَرْشِي فيموتون وَيَأْمُر الله الْعَرْش فَيقبض الصُّور ثمَّ يَأْتِي ملك الْمَوْت الرب عز وَجل فَيَقُول: يَا رب مَاتَ حَملَة عرشك فَيَقُول الله - وَهُوَ أعلم - فَمن بَقِي فَيَقُول: يَا رب بقيت أَنْت الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت وَبقيت أَنا فَيَقُول الله لَهُ: أَنْت خلق من خلقي خلقتك لما رَأَيْت فمت فَيَمُوت فَإِذا لم يبْق إِلَّا الله الْوَاحِد القهار الصَّمد الَّذِي لم يلد وَلم يُولد كَانَ آخرا كَمَا كَانَ أَولا طوى السَّمَوَات وَالْأَرْض كطي السّجل للْكتاب ثمَّ قَالَ بهما فلفهما ثمَّ قَالَ: أَنا الْجَبَّار أَنا الْجَبَّار أَنا الْجَبَّار ثَلَاث مَرَّات ثمَّ هتف بِصَوْتِهِ لمن الْملك الْيَوْم لمن الْملك الْيَوْم لمن الْملك الْيَوْم فَلَا يجِيبه أحد ثمَّ يَقُول لنَفسِهِ: لله الْوَاحِد القهار (يَوْم تبدل الأَرْض غير الأَرْض وَالسَّمَوَات) (إِبْرَاهِيم 48) فبسطها وسطحها ثمَّ مدها مد الْأَدِيم العكاظي (لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتا) (طه الْآيَة 107) ثمَّ يزْجر الله الْخلق زَجْرَة وَاحِدَة فَإِذا هم فِي هَذِه المبدلة من كَانَ فِي بَطنهَا كَانَ فِي بَطنهَا وَمن كَانَ على ظهرهَا كَانَ على ظهرهَا ثمَّ ينزل الله عَلَيْكُم مَاء من تَحت الْعَرْش فيأمر الله السَّمَاء أَن تمطر فتمطر أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى يكون المَاء فَوْقكُم إثني عشر ذِرَاعا ثمَّ يَأْمر الله الأجساد أَن تنْبت فتنبت نَبَات [] الطوانيت كنبات البقل حَتَّى إِذا تكاملت أجسامهم وَكَانَت كَمَا كَانَت قَالَ الله: ليحيى حَملَة الْعَرْش فيحيون وَيَأْمُر الله إسْرَافيل فَيَأْخُذ الصُّور فيضعه على فِيهِ ثمَّ يَقُول الله: ليحيى جِبْرِيل وَمِيكَائِيل فيحييان ثمَّ يَدْعُو الله بالأرواح

فَيُؤتى بِهن توهج أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ نورا وَالْأُخْرَى ظلمَة فيقبضهن الله جَمِيعًا ثمَّ يلقيها فِي الصُّور ثمَّ يَأْمر إسْرَافيل أَن ينْفخ نفخة الْبَعْث فَتخرج الْأَرْوَاح كَأَنَّهَا النَّحْل قد مَلَأت مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَيَقُول: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي ليرجعن كل روح إِلَى جسده فَتدخل الْأَرْوَاح فِي الأَرْض إِلَى الأجساد فَتدخل فِي الخياشيم ثمَّ تمشي فِي الأجساد كَمَا يمشي السم فِي اللديغ ثمَّ تَنْشَق الأَرْض عَنْكُم وَأَنا أول من تَنْشَق الأَرْض عَنهُ فتخرجون مِنْهَا سرَاعًا إِلَى ربكُم تنسلون مهطعين إِلَى الدَّاعِي يَقُول الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْم عسر حُفَاة عُرَاة غلفًا غرلًا فَبَيْنَمَا نَحن وقُوف إِذْ سمعنَا حسا من السَّمَاء شَدِيدا فَينزل أهل سَمَاء الدُّنْيَا بمثلي من فِي الأَرْض من الْجِنّ وَالْإِنْس حَتَّى إِذا دنوا من الأَرْض أشرقت الأَرْض بنورهم ثمَّ ينزل أهل السَّمَاء الثَّانِيَة بمثلي من نزل من الْمَلَائِكَة ومثلي من فِيهَا من الْجِنّ وَالْإِنْس حَتَّى إِذا دنوا من الأَرْض أشرقت الأَرْض بنورهم وَأخذُوا مَصَافهمْ ثمَّ ينزل أهل السَّمَاء الثَّالِثَة بمثلي من نزل من الْمَلَائِكَة ومثلي من فِيهَا من الْجِنّ وَالْإِنْس حَتَّى إِذا دنوا من الأَرْض أشرقت الأَرْض بنورهم وَأخذُوا مَصَافهمْ ثمَّ ينزلون على قدر ذَلِك من التَّضْعِيف إِلَى السَّمَوَات السَّبع ثمَّ ينزل الْجَبَّار (فِي ظلل من الْغَمَام) (الْبَقَرَة 210) وَالْمَلَائِكَة يحمل عَرْشه يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة وهم الْيَوْم أَرْبَعَة أَقْدَامهم على تخوم الأَرْض السُّفْلى والأرضون وَالسَّمَوَات إِلَى حُجَزهمْ وَالْعرش على مَنَاكِبهمْ لَهُم زجل بالتسبيح فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْعِزَّة والجبروت سُبْحَانَ ذِي الْملك والملكوت سُبْحَانَ الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت سُبْحَانَ الَّذِي يُمِيت الْخَلَائق وَلَا يَمُوت سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح سُبْحَانَ رَبنَا الْأَعْلَى الَّذِي يُمِيت الْخَلَائق وَلَا يَمُوت فَيَضَع عَرْشه حَيْثُ يَشَاء من الأَرْض ثمَّ يَهْتِف بِصَوْتِهِ فَيَقُول: يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس إِنِّي قد أنصت لكم مُنْذُ يَوْم خَلقكُم إِلَى يَوْمك هَذَا أسمع قَوْلكُم وَأبْصر أَعمالكُم فأنصتوا إِلَيّ فَإِنَّمَا هِيَ أَعمالكُم وصحفكم تقْرَأ عَلَيْكُم فَمن وجد خيرا فليحمد الله وَمن وجد غير ذَلِك فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه ثمَّ يَأْمر الله جَهَنَّم فَيخرج مِنْهَا عنق سَاطِع مظلم ثمَّ يَقُول (ألم أَعهد إِلَيْكُم يَا بني آدم أَن لَا تعبدوا الشَّيْطَان إِنَّه لكم عَدو مُبين وَأَن اعبدوني هَذَا صِرَاط مُسْتَقِيم) (يس 60) إِلَى قَوْله (وامتازوا الْيَوْم أَيهَا

المجرمون) (يس 59) فيميز بَين النَّاس وتجثو الْأُمَم قَالَ (وَترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إِلَى كتابها) (الجاثية الْآيَة 28) ويقفون موقفا وَاحِدًا مِقْدَار سبعين عَاما لَا يقْضى بَينهم فيبكون حَتَّى تَنْقَطِع الدُّمُوع ويدمعون دَمًا ويعرقون عرقا إِلَى أَن يبلغ ذَلِك مِنْهُم أَن يلجمهم الْعرق وَأَن يبلغ الأذقان مِنْهُم فيصيحون وَيَقُولُونَ: من يشفع لنا إِلَى رَبنَا فَيَقْضِي بَيْننَا فَيَقُولُونَ: وَمن أَحَق بذلك من أبيكم آدم عَلَيْهِ السَّلَام فيطلبون ذَلِك إِلَيْهِ فيأبى وَيَقُول: مَا أَنا بِصَاحِب ذَلِك ثمَّ يستفزون الْأَنْبِيَاء نَبيا نَبيا كلما جاؤا نَبيا أَبى عَلَيْهِم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حَتَّى يأتوني فأنطلق حَتَّى أُتِي فَأخر سَاجِدا قَالَ: أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَرُبمَا قَالَ قُدَّام الْعَرْش حَتَّى يبْعَث إِلَيّ ملكا فَيَأْخُذ بعضدي فيرفعني فَيَقُول لي: يَا مُحَمَّد فَأَقُول: نعم يَا رب: مَا شَأْنك - وَهُوَ أعلم - فَأَقُول: يَا رب وَعَدتنِي الشَّفَاعَة فشفعني فِي خلقك فَاقْض بَينهم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فأرجع فأقف مَعَ النَّاس فَيَقْضِي الله بَين الْخَلَائق فَيكون أول من يقْضى فِيهِ فِي الدِّمَاء وَيَأْتِي كل من قتل فِي سَبِيل الله يحمل رَأسه وتشخب أوداجه فَيَقُولُونَ: يَا رَبنَا قتلنَا فلَان وَفُلَان فَيَقُول الله - وَهُوَ أعلم - أقتلتم فَيَقُولُونَ: يَا رَبنَا قتلنَا لتَكون الْعِزَّة لَك فَيَقُول الله لَهُم: صَدقْتُمْ فَيجْعَل لوجوههم نورا مثل نور الشَّمْس ثمَّ توصلهم الْمَلَائِكَة إِلَى الْجنَّة وَيَأْتِي من كَانَ قتل على غير ذَلِك يحمل رَأسه وتشخب أوداجه فَيَقُولُونَ: يَا رَبنَا قتلنَا فلَان وَفُلَان فَيَقُول: لم - وَهُوَ أعلم - فَيَقُولُونَ: لتَكون الْعِزَّة لَك فَيَقُول الله: تعستم ثمَّ مَا يبْقى نفس قَتلهَا إِلَّا قتل بهَا وَلَا مظْلمَة ظلمها إِلَّا أَخذ بهَا وَكَانَ فِي مَشِيئَة الله تَعَالَى إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ رَحمَه ثمَّ يقْضِي الله بَين من بَقِي من خلقه حَتَّى لَا يبْقى مظْلمَة لأحد عِنْد أحد إِلَّا أَخذهَا الله تَعَالَى للمظلوم من الظَّالِم حَتَّى إِنَّه ليكلف يَوْمئِذٍ شائب اللَّبن للْبيع الَّذِي كَانَ يشوب اللَّبن بِالْمَاءِ ثمَّ يَبِيعهُ فيكلف أَن يخلص اللَّبن من المَاء فَإِذا فرغ الله من ذَلِك نَادَى نِدَاء أسمع الْخَلَائق كلهم: أَلا ليلحق كل قوم بآلهتهم وَمَا كَانُوا يعْبدُونَ من دون الله فَلَا يبْقى أحد عبد من دون الله شَيْئا إِلَّا مثلت لَهُ آلِهَة بَين يَدَيْهِ وَيجْعَل يَوْمئِذٍ من الْمَلَائِكَة على صُورَة عُزَيْر وَيجْعَل ملك

من الْمَلَائِكَة على صُورَة عِيسَى فَيتبع هَذَا الْيَهُود وَهَذَا النَّصَارَى ثمَّ يعود بهم آلِهَتهم إِلَى النَّار فَهِيَ الَّتِي قَالَ الله (لَو كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَة مَا وردوها وكل فِيهَا خَالدُونَ) (الْأَنْبِيَاء الْآيَة 99) فَإِذا لم يبْق إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ وَفِيهِمْ المُنَافِقُونَ فَيُقَال لَهُم: يَا أَيهَا النَّاس ذهب النَّاس فالحقوا بآلهتكم وَمَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: وَالله مَا لنا إِلَه إِلَّا الله وَمَا كُنَّا نعْبد غَيره فَيُقَال لَهُم: الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة فَيَقُولُونَ: مثل ذَلِك فَيَقُول: أَنا ربكُم فَهَل بَيْنكُم وَبَين ربكُم آيَة تعرفونه بهَا فَيَقُولُونَ: نعم فَيكْشف عَن سَاق وَيُرِيهمْ الله مَا شَاءَ من الْآيَة أَن يُرِيهم فيعرفون أَنه رَبهم فَيَخِرُّونَ لَهُ سجدا لوجوههم ويخر كل مُنَافِق على قَفاهُ يَجْعَل الله أصلابهم كصياصي الْبَقر ثمَّ يَأْذَن الله لَهُم فيرفعون رؤوسهم وَيضْرب الصِّرَاط بَين ظهراني جَهَنَّم كدقة الشّعْر وكحد السَّيْف عَلَيْهِ كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان دونه جسر دحض مزلة فيمرون كطرف الْعين وكلمح الْبَرْق وكمر الرّيح وكجياد الْخَيل وكجياد الركاب وكجياد الرِّجَال فناج مُسلم وناج مخدوش ومكدوش على وَجهه فِي جَهَنَّم فَإِذا أفْضى أهل الْجنَّة إِلَى الْجنَّة فَدَخَلُوهَا فو الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أَنْتُم فِي الدُّنْيَا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الْجنَّة بأزواجهم ومساكنهم إِذْ دخلُوا الْجنَّة فَدخل كل رجل مِنْهُم على اثْنَتَيْنِ وَسبعين زَوْجَة مِمَّا ينشىء الله فِي الْجنَّة واثنتين آدميتين من ولد آدم لَهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما فِي الدُّنْيَا فَيدْخل على الأولى مِنْهُنَّ فِي غرفَة من ياقوتة على سَرِير من ذهب مكلل بِاللُّؤْلُؤِ عَلَيْهِ سَبْعُونَ زوجا من سندس واستبرق ثمَّ إِنَّه يضع يَده بَين كتفيها فَينْظر إِلَى يَدهَا من صدرها وَمن وَرَاء ثِيَابهَا ولحمها وجلدها وَإنَّهُ لينْظر إِلَى مخ سَاقهَا كَمَا ينظر أحدكُم إِلَى السلك فِي الياقوتة كَبِدهَا لَهُ مرْآة فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدهَا لَا يملها وَلَا تمله وَلَا يَأْتِيهَا مرّة إِلَّا وجدهَا عذراء لَا يفتران وَلَا يألمان فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ نُودي فَيُقَال لَهُ: إِنَّا قد عرفنَا أَنَّك لَا تمل وَلَا تمل وَإِن لَك أَزْوَاجًا غَيرهَا فَيخرج فيأتيهن وَاحِدَة وَاحِدَة كلما جَاءَ وَاحِدَة قَالَت لَهُ: وَالله مَا أرى فِي الْجنَّة شَيْئا أحسن مِنْك وَلَا شَيْئا فِي الْجنَّة أحب إِلَيّ مِنْك قَالَ وَإِذا وَقع أهل النَّار فِي النَّار وَقع فِيهَا خلق من خلق الله أوبقتهم أَعْمَالهم فَمنهمْ من تَأْخُذهُ النَّار إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُم من تَأْخُذهُ النَّار فِي جسده كُله إِلَّا وَجهه حرم

الله صورهم على النَّار فينادون فِي النَّار فَيَقُولُونَ: من يشفع لنا إِلَى رَبنَا حَتَّى يخرجنا من النَّار فَيَقُولُونَ: وَمن أَحَق بذلك من أبيكم آدم فَينْطَلق الْمُؤْمِنُونَ إِلَى آدم فَيَقُولُونَ: خلقك الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيك من روحه وكلمك فيذكر آدم ذَنبه فَيَقُول: مَا أَنا بِصَاحِب ذَلِك وَلَكِن عَلَيْكُم بِنوح فَإِنَّهُ أول رسل الله فَيَأْتُونَ نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام ويذكرون ذَلِك إِلَيْهِ فيذكر ذَنبا فَيَقُول: مَا أَنا بِصَاحِب ذَلِك وَلَكِن عَلَيْكُم بإبراهيم فَإِن الله اتَّخذهُ خَلِيلًا فَيُؤتى إِبْرَاهِيم فيطلب ذَلِك إِلَيْهِ فيذكر ذَنبا فَيَقُول: مَا أَنا بِصَاحِب ذَلِك وَلَكِن عَلَيْكُم بمُوسَى فَإِن الله قربه نجيا وَكَلمه وَأنزل عَلَيْهِ التَّوْرَاة فَيُؤتى مُوسَى فيطلب ذَلِك إِلَيْهِ فيذكر ذَنبا وَيَقُول: مَا أَنا بِصَاحِب ذَلِك وَلَكِن عَلَيْكُم بِروح الله وكلمته عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فَيُؤتى عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فيطلب ذَلِك إِلَيْهِ فَيَقُول: مَا أَنا بِصَاحِب ذَلِك وَلَكِن عَلَيْكُم بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَأْتُوني ولي عِنْد رَبِّي ثَلَاث شفاعات وعدنيهن فأنطلق حَتَّى آتِي بَاب الْجنَّة فآخذ بِحَلقَة الْبَاب فَاسْتَفْتَحَ فَيفتح لي فَأخر سَاجِدا فَيَأْذَن لي من حَمده وتمجيده بِشَيْء مَا أذن بِهِ لأحد من خلقه ثمَّ يَقُول: ارْفَعْ رَأسك يَا مُحَمَّد اشفع تشفع وسل تعطه فَإِذا رفعت رَأْسِي قَالَ لي - وَهُوَ أعلم - مَا شَأْنك فَأَقُول: يَا رب وَعَدتنِي الشَّفَاعَة فشفعني فَأَقُول يَا رب من وَقع فِي النَّار من أمتِي فَيَقُول الله: أخرجُوا من عَرَفْتُمْ صورته فَيخرج أُولَئِكَ حَتَّى لَا يبْقى مِنْهُم أحد ثمَّ يَأْذَن الله بالشفاعة فَلَا يبْقى نَبِي وَلَا شَهِيد إِلَّا شفع فَيَقُول الله: أخرجُوا من وجدْتُم فِي قلبه زنة دِينَار من خير فَيخرج أُولَئِكَ حَتَّى لَا يبْقى مِنْهُم أحد وَحَتَّى لَا يبْقى فِي النَّار من عمل خيرا قطّ وَلَا يبْقى أحد لَهُ شَفَاعَة إِلَّا شفع حَتَّى أَن إِبْلِيس ليتطاول فِي النَّار لما يرى من رَحْمَة الله رَجَاء أَن يشفع لَهُ ثمَّ يَقُول الله: بقيت وَأَنا أرْحم الرَّاحِمِينَ فَيقبض قَبْضَة فَيخرج مِنْهَا مَا لَا يُحْصِيه غَيره فينبتهم على نهر يُقَال لَهُ نهر الْحَيَوَان فينبتون فِيهِ كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل السَّيْل فَمَا يَلِي الشَّمْس أَخْضَر وَمَا يَلِي الظل أصفر فينبتون كالدر مَكْتُوب فِي رقابهم: الجهنميون عُتَقَاء الرَّحْمَن لم يعملوا لله خيرا قطّ يَقُول مَعَ التَّوْحِيد فيمكثون فِي الْجنَّة

مَا شَاءَ الله وَذَلِكَ الْكتاب فِي رقابهم ثمَّ يَقُولُونَ: يَا رَبنَا امح عَنَّا هَذَا الْكتاب فيمحوه عَنْهُم من الْآيَات 69 - 70

69

أخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وأشرقت الأَرْض} قَالَ: أَضَاءَت {وَوضع الْكتاب} قَالَ: الْحساب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وأشرقت الأَرْض بِنور رَبهَا} قَالَ: فَمَا يتضارون فِي نوره إِلَّا كَمَا يتضارون فِي الْيَوْم الصحو الَّذِي لَا دخن فِيهِ {وَجِيء بالنبيين وَالشُّهَدَاء} قَالَ: الَّذين اسْتشْهدُوا وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَجِيء بالنبيين وَالشُّهَدَاء} قَالَ: النَّبِيُّونَ الرُّسُل {وَالشُّهَدَاء} الَّذين يشْهدُونَ بالبلاغ لَيْسَ فيهم طعان وَلَا لعان وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَجِيء بالنبيين وَالشُّهَدَاء} قَالَ: يشْهدُونَ بتبليغ الرسَالَة وَتَكْذيب الْأُمَم إيَّاهُم الْآيَات 71 - 72

71

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن جَهَنَّم إِذا سيق إِلَيْهَا أَهلهَا تلفحهم بعنق مِنْهَا لفحة لم تدع لَحْمًا على عظم إِلَّا ألقته على العرقوب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَلَكِن حقت كلمة الْعَذَاب على الْكَافرين} قَالَ: بأعمالهم أَعمال السوء وَالله أعلم الْآيَة 73

73

أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أول زمرة يدْخلُونَ الْجنَّة على صُورَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر وَالَّذين يَلُونَهُمْ على صُورَة أَشد كَوْكَب دري فِي السَّمَاء إضاءة وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والضياء فِي المختارة عَن عليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يساق الَّذين اتَّقوا رَبهم إِلَى الْجنَّة زمراً حَتَّى إِذا انْتَهوا إِلَى بَاب من أَبْوَابهَا وجدوا عِنْده شَجَرَة يخرج من تَحت سَاقهَا عينان تجريان فعمدوا إِلَى إحدهما فَشَرِبُوا مِنْهَا فَذهب مَا فِي بطونهم من أَذَى أَو قذى وبأس ثمَّ عَمدُوا إِلَى الْأُخْرَى فتطهروا مِنْهَا فجرت عَلَيْهِم نَضرة النَّعيم فَلَنْ تغير أبشارهم بعْدهَا أبدا وَلنْ تشعث أشعارهم كَأَنَّمَا دهنوا بالدهان ثمَّ انْتَهوا إِلَى خَزَنَة الْجنَّة فَقَالُوا {سَلام عَلَيْكُم طبتم فادخلوها خَالِدين} ثمَّ تلقاهم الْوِلْدَان يطوفون بهم كَمَا يطِيف أهل الدُّنْيَا بالحميم فَيَقُولُونَ: اُبْشُرْ بِمَا أعد الله لَك من الْكَرَامَة ثمَّ ينْطَلق غُلَام من أُولَئِكَ الْولدَان إِلَى بعض أَزوَاجه من الْحور الْعين فَيَقُول: قد جَاءَ فلَان باسمه الَّذِي يدعى بِهِ فِي الدُّنْيَا فَتَقول: أَنْت رَأَيْته فَيَقُول: أَنا رَأَيْته فيستخفها الْفَرح حَتَّى تقوم على أُسْكُفَّة بَابهَا فَإِذا انْتهى إِلَى منزله نظر شَيْئا من أساس بُنْيَانه فَإِذا جندل اللُّؤْلُؤ فَوْقه أَخْضَر وأصفر وأحمر من كل لون ثمَّ رفع رَأسه فَنظر إِلَى

سقفه فَإِذا مثل الْبَرْق وَلَوْلَا أَن الله تَعَالَى قدر أَنه لَا ألم لذهب ببصره ثمَّ طأطأ بِرَأْسِهِ فَنظر إِلَى أَزوَاجه (وأكواب مَوْضُوعَة ونمارق مصفوفة وزرابيّ مبثوثة) (الغاشية 14 - 16) فَنظر إِلَى تِلْكَ النِّعْمَة ثمَّ اتكأ على أريكة من أريكته ثمَّ قَالَ (الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله ) (الْأَعْرَاف 43) ثمَّ يُنَادي منادٍ: تحيون فَلَا تموتون أبدا وتقيمون فَلَا تظعنون أبدا وتصحون فَلَا تمرضون أبدا وَالله تَعَالَى أعلم أما قَوْله تَعَالَى: {وَفتحت أَبْوَابهَا} أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالطَّبَرَانِيّ عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي الْجنَّة ثَمَانِيَة أَبْوَاب مِنْهَا بَاب يُسمى الريان لَا يدْخلهُ إِلَّا الصائمون وَأخرج مَالك وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أنْفق زَوْجَيْنِ من مَاله فِي سَبِيل الله دعِي من أَبْوَاب الْجنَّة وللجنة أَبْوَاب فَمن كَانَ من أهل الصَّلَاة دعِي من بَاب الصَّلَاة وَمن كَانَ من أهل الصّيام دعِي من بَاب الريان وَمن كَانَ من أهل الصَّدَقَة دعِي من بَاب الصَّدَقَة وَمن كَانَ من أهل الْجِهَاد دعِي من بَاب الْجِهَاد فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله فَهَل يدعى أحد مِنْهَا كلهَا قَالَ: نعم وَأَرْجُو أَن تكون مِنْهُم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: للجنة ثَمَانِيَة أَبْوَاب سَبْعَة مغلقة وَبَاب مَفْتُوح للتَّوْبَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من نَحوه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: للجنة ثَمَانِيَة أَبْوَاب بَاب للمصلين وَبَاب للصائمين وَبَاب للحاجين وَبَاب للمعتمرين وَبَاب للمجاهدين وَبَاب لِلذَّاكِرِينَ وَبَاب للشاكرين وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لكل عمل أهل من أَبْوَاب الْجنَّة يدعونَ مِنْهُ بذلك الْعَمَل وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دعِي الإِنسان بأكبر عمله فَإِذا كَانَت الصَّلَاة أفضل دعِي بهَا وَإِن

كَانَ صِيَامه أفضل دعِي بِهِ وَإِن كَانَ الْجِهَاد أفضل دعِي بِهِ فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: أحد يدعى بعملين قَالَ: نعم أَنْت وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط والخطيب فِي الْمُتَّفق المفترق عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فِي الْجنَّة بَابا يُقَال لَهُ الضُّحَى فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد: أَيْن الَّذين كَانُوا يديمون صَلَاة الضُّحَى هَذَا بَابَكُمْ فادخلوه برحمة الله وَأخرج أَحْمد عَن مُعَاوِيَة بن حيدة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا بَين مصراعين من مصاريع الْجنَّة أَرْبَعُونَ عَاما وليأتين عَلَيْهِم يَوْم وَأَنه لكظيظ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لما بَين المصراعين من مصاريع الْجنَّة لَكمَا بَين مَكَّة وهجر أَو كَمَا بَين مَكَّة وَبصرى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عتبَة بن غَزوَان رَضِي الله عَنهُ أَنه خطب فَقَالَ: إِن مَا بَين المصراعين من مصاريع الْجنَّة لمسيرة أَرْبَعِينَ عَاما وليأتين على أَبْوَاب الْجنَّة يَوْم وَلَيْسَ مِنْهَا بَاب إِلَّا وَهُوَ كظيظ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا بَين مصراعي الْجنَّة أَرْبَعُونَ خَرِيفًا للراكب الْمجد وليأتين عَلَيْهِ يَوْم وَهُوَ كظيظ الزحام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود الديلمي قَالَ إِن الرجل ليوقف على بَاب الْجنَّة مائَة عَام بالذنب عمله وَإنَّهُ ليرى أَزوَاجه وخدمه وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَفَاتِيح الْجنَّة شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج الطَّيَالِسِيّ والدارمي عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَفَاتِيح الْجنَّة الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد والدارمي وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا مِنْكُم من أحد يسبغ الْوضُوء ثمَّ يَقُول: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله إِلَّا فتحت لَهُ من الْجنَّة ثَمَانِيَة أَبْوَاب من أَيهَا شَاءَ دخل

وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من عبد يُصَلِّي الصَّلَوَات الْخمس ويصوم رَمَضَان وَيخرج الزَّكَاة ويجتنب الْكَبَائِر السَّبع إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن عتبَة بن عبد الله السّلمِيّ رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من عبد يَمُوت لَهُ ثَلَاثَة من الْوَلَد لم يبلغُوا الْحِنْث إِلَّا تلقوهُ من أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية من أَيهَا شَاءَ دخل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَ لَهُ بنتان أَو أختَان أَو عمتان أَو خالتان فَعَالَهُنَّ فتحت لَهُ أَبْوَاب الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيّمَا امْرَأَة اتقت رَبهَا وحفظت فرجهَا فتحت لَهَا ثَمَانِيَة أَبْوَاب الْجنَّة فَقيل لَهَا: ادخلي من حَيْثُ شِئْت وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حفظ على أمتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثا يَنْفَعهُمْ الله بهَا قيل لَهُ: أَدخل من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شِئْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَلام عَلَيْكُم طبتم} قَالَ: كُنْتُم طيبين بِطَاعَة الله الْآيَات 74 - 75

74

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأورثنا الأَرْض} قَالَ: أَرض الْجنَّة وَأخرج هناد عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {نتبوأ من الْجنَّة حَيْثُ نشَاء} قَالَ: انْتَهَت مشيئتهم إِلَى مَا أعْطوا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن أَرض الْجنَّة قَالَ: هِيَ بَيْضَاء نقية وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَرض الْجنَّة رُخَام من فضَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ {وَترى الْمَلَائِكَة حافين من حول الْعَرْش} قَالَ: مديرين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَترى الْمَلَائِكَة حافين من حول الْعَرْش} قَالَ: محدقين بِهِ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جبل الْخَلِيل وَالطور والجودي يكون كل وَاحِد مِنْهُم يَوْم الْقِيَامَة لؤلؤة بَيْضَاء تضيء مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض يَعْنِي يرجعن إِلَى بَيت الْمُقَدّس حَتَّى يجعلن فِي زواياه وَيَضَع عَلَيْهَا كرسيه حَتَّى يقْضى بَين أهل الْجنَّة وَالنَّار {الْمَلَائِكَة حافين من حول الْعَرْش يسبحون بِحَمْد رَبهم وَقضي بَينهم بِالْحَقِّ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقضي بَينهم بِالْحَقِّ وَقيل الْحَمد لله رب الْعَالمين} قَالَ: افْتتح أول الْخلق بِالْحَمْد وَختم بِالْحَمْد فتح بقوله {الْحَمد لله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَختم بقوله {وَقيل الْحَمد لله رب الْعَالمين} وَأخرج عبد بن حميد عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من أَرَادَ أَن يعرف قَضَاء الله فِي خلقه فليقرأ آخر سُورَة الزمر

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (40) سُورَة غَافِر مَكِّيَّة وآياتها خمس وَثَمَانُونَ مُقَدّمَة سُورَة غَافِر أخرج ابْن الضريس والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت الحواميم السَّبع بِمَكَّة وَأخرج ابْن جرير عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَخْبرنِي مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ أَنَّهَا أنزلت بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت الحواميم جَمِيعًا بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت حم (الْمُؤمن) بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله أَعْطَانِي السَّبع مَكَان التَّوْرَاة وَأَعْطَانِي الراآت إِلَى الطواسين مَكَان الْإِنْجِيل وَأَعْطَانِي مَا بَين الطواسين إِلَى الحواميم مَكَان الزبُور وفضلني بالحواميم والمفصل مَا قرأهن نَبِي قبلي وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن لكل شَيْء لبابا وَإِن لباب الْقُرْآن الحواميم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الضريس وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الحواميم ديباج الْقُرْآن وَأخرج أَبُو عبيد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا وَقعت فِي الحواميم وَقعت فِي روضات أتأنق فِيهِنَّ وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَحميد بن زَنْجوَيْه من وَجه آخر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن مثل الْقُرْآن كَمثل رجل انْطلق يرتاد لأَهله منزلا فَمر

بأثر غيث فَبَيْنَمَا هُوَ يسير فِيهِ ويتعجب مِنْهُ إِذْ هَبَط على روضات دمثات فَقَالَ: عجبت من الْغَيْث الأول فَهَذَا أعجب وأعجب فَقيل لَهُ: إِن مثل الْغَيْث الأول كَمثل عظم الْقُرْآن وَإِن مثل هَؤُلَاءِ الروضات الدمثات مثل آل حم فِي الْقُرْآن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَأَبُو النَّعيم والديلمي عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الحواميم ديباج الْقُرْآن وَأخرج الديلمي وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا الحواميم رَوْضَة من رياض الْجنَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْخَلِيل بن مرّة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الحواميم سبع وأبواب جَهَنَّم سبع تَجِيء كل حم مِنْهَا تقف على بَاب من هَذِه الْأَبْوَاب تَقول: اللَّهُمَّ لَا تدخل من هَذَا الْبَاب من كَانَ يُؤمن بِي ويقرأني وَأخرج الدَّارمِيّ وَمُحَمّد بن نصر عَن سعد بن إِبْرَاهِيم قَالَ: كن الحواميم يسمين العرائس وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن سعد وَمُحَمّد بن نصر وَالْحَاكِم عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَنه بنى مَسْجِدا فَقيل لَهُ: مَا هَذَا فَقَالَ لآل حم وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَزَّار وَمُحَمّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ (حم) إِلَى (وَإِلَيْهِ الْمصير) (غَافِر الْآيَة 1 - 3) وَآيَة الْكُرْسِيّ حِين يصبح حُفِظَ بهما حَتَّى يُمْسِي وَمن قرأهما حِين يُمْسِي حُفِظَ بهما حَتَّى يصبح الْآيَة 1 - 3

غافر

أخرج ابْن الضريس عَن إِسْحَق بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لكل شَجَرَة ثمراً وَإِن ثَمَرَات الْقُرْآن ذَوَات (حم) من روضات

مخصبات معشبات ومتجاورات فَمن أحب أَن يرتع فِي رياض الْجنَّة فليقرأ الحواميم وَمن قَرَأَ سُورَة الدُّخان فِي لَيْلَة الْجُمُعَة أصبح مغفوراً لَهُ وَمن قَرَأَ ألم تَنْزِيل السَّجْدَة وتبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك فِي يَوْم وَلَيْلَة فَكَأَنَّمَا وَافق لَيْلَة الْقدر وَمن قَرَأَ إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ربع الْقُرْآن وَمن قَرَأَ قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ربع الْقُرْآن وَمن قَرَأَ قل هُوَ الله أحد عشر مَرَّات بنى الله لَهُ قصرا فِي الْجنَّة فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: إِذن نَسْتَكْثِر من الْقُصُور فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الله أَكثر وَأطيب وَمن قَرَأَ أقل أعوذ بِرَبّ الفلق وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس لم يَبْقَ شَيْء من الْبشر إِلَّا قَالَ: أَي رب أعذه من شري وَمن قَرَأَ أم الْقُرْآن فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ربع الْقُرْآن وَمن قَرَأَ أَلْهَاكُم التكاثر فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ألف آيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ {حم} اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَأَبُو عبيد وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْمُهلب بن أبي صفرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي من سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن قُلْتُمْ اللَّيْلَة (حم) لَا ينْصرُونَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّكُم تلقونَ عدوّكم غداًَ فَلْيَكُن شِعَاركُمْ {حم} لَا ينْصرُونَ وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: انهزم الْمُسلمُونَ بِخَيْبَر فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حفْنَة من تُرَاب حفنها فِي وُجُوههم وَقَالَ {حم} لَا ينْصرُونَ فَانْهَزَمَ الْقَوْم وَمَا رميناهم بِسَهْم وَلَا طعن بِرُمْح وَأخرج الْبَغَوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ عَن شيبَة بن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ يَوْم خَيْبَر تنَاول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحَصَى ينْفخ فِي وُجُوههم وَقَالَ: شَاهَت الْوُجُوه {حم} لَا ينْصرُونَ وَأخرج عبد بن حميد عَن يزِيد بن الْأَصَم رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا كَانَ ذَا بَأْس وَكَانَ من أهل الشَّام وَأَن عمر فَقده فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل لَهُ: فِي الشَّرَاب فَدَعَا عمر رَضِي الله عَنهُ كَاتبه فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ: من عمر بن الْخطاب إِلَى فلَان بن فلَان

سَلام عَلَيْكُم فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْكُم الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ {غَافِر الذَّنب وقابل التوب شَدِيد الْعقَاب ذِي الطول لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمصير} ثمَّ دَعَا وَأمن من عِنْده فدعوا لَهُ أَن يقبل الله عَلَيْهِ بِقَلْبِه وَأَن يَتُوب الله عَلَيْهِ فَلَمَّا أَتَت الصَّحِيفَة الرجل جعل يَقْرَأها وَيَقُول {غَافِر الذَّنب} قد وَعَدَني أَن يغْفر لي {وقابل التوب شَدِيد الْعقَاب} قد حذرني الله عِقَابه {ذِي الطول} الْكثير الْخَيْر {إِلَيْهِ الْمصير} فَلم يزل يُرَدِّدهَا على نَفسه حَتَّى بَكَى ثمَّ نزع فاحسن النزع فَلَمَّا بلغ عمر رَضِي الله عَنهُ أمره قَالَ: هَكَذَا فافعلوا إِذا رَأَيْتُمْ حالكم فِي زلَّة فَسَدِّدُوهُ ووفقوه وَادعوا الله لَهُ أَن يَتُوب عَلَيْهِ وَلَا تَكُونُوا أعواناً للشَّيْطَان عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ شَاب بِالْمَدِينَةِ صَاحب عبَادَة وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يُحِبهُ فَانْطَلق إِلَى مصر فانفسد فَجعل لَا يمْتَنع من شَرّ فَقدم على عمر رَضِي الله عَنهُ بعض أَهله فَسَأَلَهُ حَتَّى سَأَلَهُ عَن الشَّاب فَقَالَ: لَا تَسْأَلنِي عَنهُ قَالَ: لم قَالَ: لِأَنَّهُ قد فسد وخلع فَكتب إِلَيْهِ عمر رَضِي الله عَنهُ: من عمر إِلَّا فلَان {حم تَنْزِيل الْكتاب من الله الْعَزِيز الْعَلِيم غَافِر الذَّنب وقابل التوب شَدِيد الْعقَاب ذِي الطول لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمصير} فَجعل يَقْرَأها على نَفسه فَأقبل بِخَير وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {غَافِر الذَّنب وقابل التوب} قَالَ {غَافِر الذَّنب} لمن لم يتب {وقابل التوب} لمن تَابَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن أبي إِسْحَق السبيعِي قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن قتلت فَهَل لي من تَوْبَة فَقَرَأَ عَلَيْهِ {حم تَنْزِيل الْكتاب من الله الْعَزِيز الْعَلِيم غَافِر الذَّنب وقابل التوب} وَقَالَ: اعْمَلْ وَلَا تيأس وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ذِي الطول} السعَة والغنى وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {ذِي الطول} قَالَ: ذِي الْغنى وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ذِي الطول} قَالَ: ذِي النعم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {ذِي الطول} قَالَ: ذِي الْمَنّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {غَافِر الذَّنب وقابل التوب} قَالَ {غَافِر الذَّنب} لمن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله {وقابل التوب} لمن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله {شَدِيد الْعقَاب} لمن لَا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله {ذِي الطول} ذِي الْغنى {لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} كَانَت كفار قُرَيْش لَا يوحدونه فَوحد نَفسه {إِلَيْهِ الْمصير} مصير من يَقُول لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فيدخله الْجنَّة ومصير من لَا يَقُول لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فيدخله النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ثَابت الْبنانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت مَعَ مُصعب بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي سَواد الْكُوفَة فَدخلت حَائِطا أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فافتتحت {حم} الْمُؤمن حَتَّى بلغت {لَا إِلَه إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمصير} فَإِذا خَلْفي رجل على بغلة شهباء عَلَيْهِ مقطنات يمنية فَقَالَ: إِذا قلت {وقابل التوب} فَقل: يَا قَابل التوب اقبل تَوْبَتِي وَإِذا قلت {شَدِيد الْعقَاب} فَقل: يَا شَدِيد الْعقَاب لَا تعاقبني وَلَفظ ابْن أبي شيبَة اعْفُ عني وَإِذ قلت {ذِي الطول} فَقل: يَا ذَا الطول طل عَليّ بِخَير قَالَ: فقلتها ثمَّ الْتفت فَلم أر أحدا فَخرجت إِلَى الْبَاب فَقلت: مر بكم رجل عَلَيْهِ مقطنات يمينة قَالُوا: مارأينا أحدا كَانُوا يَقُولُونَ أَنه إلْيَاس الْآيَات 4 - 6

4

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا يُجَادِل فِي آيَات الله إِلَّا الَّذين كفرُوا} وَنزلت فِي الْحَرْث بن قيس السّلمِيّ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن جدالاً فِي الْقُرْآن كفر وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مراء فِي الْقُرْآن كفر وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي جهم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اخْتلف رجلَانِ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آيَة فَقَالَ أَحدهمَا: تلقيتها من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ الآخر أَنا تلقيتها من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتيَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فذكرا ذَلِك لَهُ فَقَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف وَإِيَّاكُم والمراء فِيهِ فَإِن المراء كفر وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جِدَال فِي الْقُرْآن كفر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَا يغررك تقلبهم فِي الْبِلَاد} قَالَ: إقبالهم وإدبارهم وتقلبهم فِي أسفارهم وَفِي قَوْله {والأحزاب من بعدهمْ} قَالَ: من بعد قوم نوح عَاد وَثَمُود وَتلك الْقُرُون كَانُوا أحزاباً على الْكفَّار {وهمت كل أمة برسولهم} ليأخذوه فيقتلوه {وَكَذَلِكَ حقت كلمة رَبك على الَّذين كفرُوا} قَالَ: حق عَلَيْهِم الْعَذَاب بأعمالهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَلَا يغررك تقلبهم فِي الْبِلَاد} قَالَ: فسادهم فِيهَا وكفرهم {فَأَخَذتهم فَكيف كَانَ عِقَاب} قَالَ: وَالله شَدِيد الْعقَاب أما قَوْله تَعَالَى: {وجادلوا بِالْبَاطِلِ ليدحضوا بِهِ الْحق} أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أعَان بَاطِلا ليدحض بباطله حَقًا فقد بَرِئت مِنْهُ ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله

الْآيَات 7 - 9

7

أخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أذن لي أَن أحدث عَن ملك قد مرقت رِجْلَاهُ الأَرْض السَّابِعَة وَالْعرش على مَنْكِبَيْه وَهُوَ يَقُول: سُبْحَانَكَ أَيْن كنت وَأَيْنَ تكون وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات بِسَنَد صَحِيح عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أذن لي أَن أحدث عَن ملك من مَلَائِكَة الله من حَملَة الْعَرْش مَا بَين شحمة أُذُنه إِلَى عَاتِقه مسيرَة سَبْعمِائة سنة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن حبَان بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَملَة الْعَرْش ثَمَانِيَة أَقْدَامهم مثقفة فِي الأَرْض السَّابِعَة ورؤوسهم قد جَاوَزت السَّمَاء السَّابِعَة وقرونهم مثل طولهم عَلَيْهَا الْعَرْش وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ذاذان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَملَة الْعَرْش أَرجُلهم فِي التخوم لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يرفعوا أَبْصَارهم من شُعَاع النُّور وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن هرون بن ربَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَملَة الْعَرْش ثَمَانِيَة يتجاوبون بِصَوْت رخيم يَقُول أَرْبَعَة مِنْهُم: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك على عفوك بعد قدرتك وَأَرْبَعَة مِنْهُم يَقُولُونَ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك على حلمك بعد علمك

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي قبيل أَنه سمع عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول: حَملَة الْعَرْش ثَمَانِيَة مَا بَين موق أحدهم إِلَى مؤخرة عَيْنَيْهِ مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَملَة الْعَرْش الَّذِي يحملونه لكل ملك مِنْهُم أَرْبَعَة وُجُوه وَأَرْبَعَة أَجْنِحَة جَنَاحَانِ على وَجهه ينظر إِلَى الْعَرْش فيصعق وجناحان يطير بهما أَقْدَامهم فِي الثرى وَالْعرش على أكتافهم لكل وَاحِد مِنْهُم وَجه ثَوْر وَوجه أَسد وَوجه إِنْسَان وَوجه نسر لَيْسَ لَهُم كَلَام إِلَّا أَن يَقُولُوا: قدوس الله الْقوي مَلَأت عَظمته السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَملَة الْعَرْش أَرْبَعَة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أيدوا بأَرْبعَة آخَرين ملك مِنْهُم فِي صُورَة إِنْسَان يشفع لبني آدم فِي أَرْزَاقهم وَملك مِنْهُم فِي صُورَة نسر يشفع للطير فِي أَرْزَاقهم وَملك مِنْهُم فِي صُورَة ثَوْر يشفع للبهائم فِي أَرْزَاقهم وَملك فِي صُورَة أَسد يشفع للسباع فِي أَرْزَاقهم فَلَمَّا حملُوا الْعَرْش وَقَعُوا على ركبهمْ من عَظمَة الله فلقنوا لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فاستووا قيَاما على أَرجُلهم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي حَملَة الْعَرْش أَرْبَعَة أَمْلَاك ملك على صُورَة سيد الصُّور وَهُوَ ابْن آدم وَملك على صُورَة سيد السبَاع وَهُوَ الْأسد وَملك على صُورَة سيد الْأَنْعَام وَهُوَ الثور فَمَا زَالَ غَضْبَان مذ يَوْم الْعجل إِلَى سَاعَتِي هَذِه وَملك على صُورَة سيد الطير وَهُوَ النسْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أم سعد رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الْعَرْش على ملك من لؤلؤة على صُورَة ديك رِجْلَاهُ فِي تخوم الأَرْض وجناحاه فِي الشرق وعنقه تَحت الْعَرْش وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَملَة الْعَرْش كلهم على صور قيل: يَا عِكْرِمَة وَمَا صور فأمال خَدّه قَلِيلا وَأخرج عبد بن حميد عَن ميسرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تَسْتَطِيع الْمَلَائِكَة الَّذين يحملون الْعَرْش أَن ينْظرُوا إِلَى مَا فَوْقهم من شُعَاع النُّور وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس

رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: حَملَة الْعَرْش مَا بَين منْكب أحدهم إِلَى أَسْفَل قَدَمَيْهِ مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَذكر: إِن خطْوَة تِلْكَ الْملك مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب وَأخرج عبد بن حميد عَن ميسرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَملَة الْعَرْش أَرجُلهم فِي الأَرْض السُّفْلى ورؤوسهم قد خرقت الْعَرْش وهم خشوع لَا يرفعون طرفهم وهم أَشد خوفًا من أهل السَّمَاء السَّابِعَة وَأهل السَّمَاء السَّابِعَة أَشد خوفًا من أهل السَّمَاء الَّتِي تَلِيهَا وَأهل السَّمَاء الَّتِي تَلِيهَا أَشد خوفًا من الَّتِي تَلِيهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَملَة الْعَرْش مِنْهُم من صورته صُورَة الإِنسان وَمِنْهُم من صورته صُورَة النسْر وَمِنْهُم من صورته صُورَة الثور وَمِنْهُم من صورته صُورَة الْأسد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْمَلَائِكَة الَّذين يحملون الْعَرْش يَتَكَلَّمُونَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج على أَصْحَابه فَقَالَ: مَا جمعكم قَالُوا: اجْتَمَعنَا نذْكر رَبنَا ونتفكر فِي عَظمته فَقَالَ: لن تدركوا التفكر فِي عَظمته أَلا أخْبركُم بِبَعْض عَظمَة ربكُم قيل: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: إِن ملكا من حَملَة الْعَرْش يُقَال لَهُ إسْرَافيل زَاوِيَة من زَوَايَا الْعَرْش على كَاهِله قد مرقت قدماه فِي الأَرْض السَّابِعَة السُّفْلى ومرق رَأسه من السَّمَاء السَّابِعَة فِي مثله من خَلِيقَة ربكُم تَعَالَى وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة الَّذين يحملون الْعَرْش فَالَّذِينَ حوله الْمَلَائِكَة يسبحون بِحَمْد رَبهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَيَسْتَغْفِرُونَ للَّذين آمنُوا} قَالَ مطرف بن عبد الله بن الشخير: وجدنَا أنصح عباد الله لِعِبَادِهِ الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام وَوجدنَا أغش عباد الله لِعِبَادِهِ الشَّيَاطِين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة {الَّذين يحملون الْعَرْش} فِي قَوْله فَاغْفِر للَّذين تَابُوا من الشّرك وَاتبعُوا سَبِيلك قَالَ: طَاعَتك وَفِي قَوْله {وأدخلهم جنَّات عدن} قَالَ: إِن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَا كَعْب مَا عدن قَالَ: قُصُور من ذهب فِي الْجنَّة

يسكنهَا النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وأئمة الْعدْل وَفِي قَوْله {وقهم السيئآت} قَالَ: الْعَذَاب الْآيَة 10

10

أخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أَنفسكُم} قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة فَرَأَوْا مَا صَارُوا إِلَيْهِ مقتوا أنفسهم فَقيل لَهُم {لمقت الله} إيَّاكُمْ فِي الدُّنْيَا إِذْ تدعون إِلَى الإِيمان فتكفرون {أكبر من مقتكم أَنفسكُم} الْيَوْم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: مقتوا أنفسهم لما دخل الْمُؤْمِنُونَ الْجنَّة وأدخلوا النَّار فَأَكَلُوا أناملهم من المقت قَالَ: ينادون فِي النَّار {لمقت الله} إيَّاكُمْ فِي الدُّنْيَا إِذْ تدعون إِلَى الإِيمان فتكفرون {أكبر من مقتكم أَنفسكُم} فِي النَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لمقت الله أكبر من مقتكم أَنفسكُم} الْآيَة يَقُول: لمقت الله أهل الضَّلَالَة حِين يعرض عَلَيْهِم الإِيمان فِي الدُّنْيَا فَتَرَكُوهُ وَأَبُو أَن يقبلُوا أكبر مِمَّا مقتوا أنفسهم حِين عاينوا عَذَاب الله يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن زر الْهَمدَانِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين كفرُوا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أَنفسكُم} قَالَ: هَذَا شَيْء يُقَال لَهُم يَوْم الْقِيَامَة حِين مقتوا أنفسهم فَيُقَال لَهُم {لمقت الله أكبر من مقتكم أَنفسكُم} قَالَ: مقتوا أنفسهم حِين عاينوا عَذَاب الله يَوْم الْقِيَامَة حِين مقتوا أنفسهم الْآن حِين علمْتُم أَنكُمْ من أَصْحَاب النَّار الْآيَات 11 - 13

11

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أمتنَا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ} قَالَ: هِيَ مثل الَّتِي فِي الْبَقَرَة (كُنْتُم أَمْوَاتًا فأحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ) (الْبَقَرَة الْآيَة 28) كَانُوا أموتا فِي أصلاب آبَائِهِم ثمَّ أخرجهم فأحياهم ثمَّ يميتهم ثمَّ يحييهم بعد الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أمتنَا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ} قَالَ: كُنْتُم أَمْوَاتًا قبل أَن يخلقكم فَهَذِهِ ميتَة ثمَّ أحياكم فَهَذِهِ حَيَاة ثمَّ يميتكم فترجعون إِلَى الْقُبُور فَهَذِهِ ميتَة أُخْرَى ثمَّ يبعثكم يَوْم الْقِيَامَة فَهَذِهِ حَيَاة فهما ميتَتَانِ وحياتان فَهُوَ كَقَوْلِه (كَيفَ تكفرون بِاللَّه وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم ثمَّ يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ ثمَّ إِلَيْهِ ترجعون) (الْبَقَرَة الْآيَة 28) وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا أَمْوَاتًا فأحياهم الله تَعَالَى فأماتهم ثمَّ يحييهم الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أمتنَا اثْنَتَيْنِ وأحييتنا اثْنَتَيْنِ} قَالَ: كَانُوا أَمْوَاتًا فِي أصلاب آبَائِهِم فأحياهم الله تَعَالَى فِي الدُّنْيَا ثمَّ أماتهم الموتة الَّتِي لَا بُد مِنْهَا ثمَّ أحياهم للبعث يَوْم الْقِيَامَة فهما حياتان وموتتان {فاعترفنا بذنوبنا فَهَل إِلَى خُرُوج من سَبِيل} فَهَل إِلَى كرة إِلَى الدُّنْيَا من سَبِيل الْآيَة 14

14

أخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول دبر الصَّلَاة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وهوعلى كل شَيْء قدير وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَلَا نعْبد إِلَّا إِيَّاه مُخلصين لَهُ الدّين وَلَو كره الْكَافِرُونَ الْآيَات 15 - 16

15

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يلقِي الرّوح من أمره} قَالَ: الْوَحْي وَالرَّحْمَة {لينذر يَوْم التلاق} قَالَ: يَوْم يتلاقى أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض والخالق وخلقه {يَوْم هم بارزون} وَلَا يسترهم جبل وَلَا شَيْء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يَوْم التلاق وَيَوْم الآزفة وَنَحْو هَذَا من أَسمَاء يَوْم الْقِيَامَة عَظمَة الله وحذره عباده وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {يَوْم هم بارزون لَا يخفى على الله مِنْهُم شَيْء} قَالَ: وَالْيَوْم لَا يخفى على الله مِنْهُم شَيْء وَلَكنهُمْ برزوا لله يَوْم الْقِيَامَة لَا يستترون بجبل وَلَا مدر وَأخرج عبد بن حميد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يُنَادي مُنَاد بَين يَدي السَّاعَة: يَا أَيهَا النَّاس أتتكم السَّاعَة فيسمعها الْأَحْيَاء والأموات وَينزل الله إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول {لمن الْملك الْيَوْم لله الْوَاحِد القهار} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْبَعْث والديلمي عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُنَادي مُنَاد بَين الصَّيْحَة: يَا أَيهَا النَّاس أتتكم السَّاعَة - وَمد بهَا صَوته يسمعهُ الْأَحْيَاء والأموات - وَينزل الله إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا ثمَّ يُنَادي مُنَاد: لمن الْملك الْيَوْم لله الْوَاحِد القهار الْآيَة 17

17

أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي حَدِيث عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْقصاص فَأتيت بعير فشددت عَلَيْهِ رحلي ثمَّ سرت إِلَيْهِ شهرا حَتَّى قدمت مصر فَأتيت عبد الله بن أنيس فَقلت لَهُ: حَدِيث بَلغنِي عَنْك فِي الْقصاص فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول:

يحْشر الله الْعباد حُفَاة عُرَاة غرلًا قُلْنَا مَا هما قَالَ: لَيْسَ مَعَهم شَيْء ثمَّ يناديهم بِصَوْت يسمعهُ من بعد كَمَا يسمعهُ من قرب أَنا الْملك أَنا الديَّان لَا يَنْبَغِي لأحد من أهل الْجنَّة أَن يدْخل الْجنَّة وَلَا لأحد من أهل النَّار أَن يدْخل النَّار وَعِنْده مظْلمَة حَتَّى أقصه مِنْهَا حَتَّى اللَّطْمَة قُلْنَا كَيفَ وان نأتي الله غرلًا بهما قَالَ: بِالْحَسَنَاتِ والسيئآت وتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {الْيَوْم تجزى كل نفس بِمَا كسبت لَا ظلم الْيَوْم} وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الذُّنُوب ثَلَاثَة فذنب يغْفر وذنب لَا يغْفر وذنب لَا يتْرك مِنْهُ شَيْء فالذنب الَّذِي يغْفر العَبْد يُذنب الذَّنب فيستغفر الله فَيغْفر لَهُ وَأما النذب الَّذِي لَا يغْفر فالشرك وَأما الذَّنب الَّذِي لَا يتْرك مِنْهُ شَيْء فمظلمة الرجل أَخَاهُ ثمَّ قَرَأَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {الْيَوْم تجزى كل نفس بِمَا كسبت لَا ظلم الْيَوْم إِن الله سريع الْحساب} يُؤْخَذ للشاة الْجَمَّاء من ذَات الْقُرُون بِفضل نطحها وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يجمع الله الْخلق يَوْم الْقِيَامَة بصعيد وَاحِد بِأَرْض بَيْضَاء كَأَنَّهَا سبيكة فضَّة لم يعْص الله عَلَيْهَا قطّ وَلم يخط فِيهَا فَأول مَا يتَكَلَّم أَن يُنَادي مُنَاد: لمن الْملك الْيَوْم لله الْوَاحِد القهار {الْيَوْم تجزى كل نفس بِمَا كسبت لَا ظلم الْيَوْم إِن الله سريع الْحساب} فَأول مَا يبدؤن بِهِ من الْخُصُومَات الدِّمَاء فَيُؤتى بالقاتل والمقتول فَيَقُول: سل عَبدك هَذَا فيمَ قتلتني فَيَقُول: نعم فَإِن قَالَ قتلته لتَكون الْعِزَّة لله فَإِنَّهَا لَهُ وَإِن قَالَ قتلته لتَكون الْعِزَّة لفُلَان فَإِنَّهَا لَيست لَهُ ويبوء بإئمه فيقتله وَمن كَانَ قتل بالغين مَا بلغُوا ويذوقوا الْمَوْت كَمَا ذاقوه فِي الدُّنْيَا وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه بسندٍ واهٍ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة كَمَا ولدتهم أمهاتهم حُفَاة عُرَاة غرلًا فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: واسوأتاه ينظر بَعْضنَا إِلَى بعض فَضرب على منكبها وَقَالَ: يَا بنت أبي قُحَافَة شغل النَّاس يَوْمئِذٍ عَن النّظر وَسموا بِأَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاء موقوفون أَرْبَعِينَ سنة لَا يَأْكُلُون وَلَا يشربون وَلَا يَتَكَلَّمُونَ سامين أَبْصَارهم إِلَى السَّمَاء يلجمهم الْعرق فَمنهمْ من بلغ الْعرق قَدَمَيْهِ وَمِنْهُم من بلغ سَاقيه وَمِنْهُم من بلغ فَخذيهِ وبطنه وَمِنْهُم من يلجمه الْعرق

ثمَّ يرحم بعد ذَلِك على الْعباد فيأمر الْمَلَائِكَة المقربين فيحملون عرش الرب عز وَجل حَتَّى يوضع فِي أَرض بَيْضَاء كَأَنَّهَا الْفضة لم يسفك فِيهَا دم حرَام وَلم يعْمل فِيهَا خَطِيئَة وَذَلِكَ أول يَوْم نظرت عين إِلَى الله تَعَالَى ثمَّ تقوم الْمَلَائِكَة (حافين من حول الْعَرْش) (الزمر 75) ثمَّ يُنَادي منادٍ فينادي بِصَوْت يسمع الثقلَيْن الْجِنّ والإِنس يستمع النَّاس لذَلِك الصَّوْت ثمَّ يخرج الرجل من الْموقف فيعرق النَّاس كلهم ثمَّ يعرق بِأخذ حَسَنَاته فَتخرج مَعَه فَيخرج بِشَيْء لم ير النَّاس مثله كَثْرَة وَيعرف النَّاس تِلْكَ الْحَسَنَات فَإِذا وقف بَين يَدي رب الْعَالمين قَالَ: أَيْن أَصْحَاب الْمَظَالِم فَيَقُول لَهُ الرَّحْمَن تَعَالَى: أظلمت فلَان بن فلَان فِي كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: نعم يَا رب وَذَلِكَ (يَوْم تشهد عَلَيْهِ ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بِمَا كَانُوا يعْملُونَ) (النُّور 24) فَإِذا فرغ من ذَلِك فَيُؤْخَذ من حَسَنَاته فيدع إِلَى من ظلمه وَذَلِكَ يَوْم لَا دِينَار وَلَا دِرْهَم إِلَّا أَخذ من الْحَسَنَات وَترك من السيئآت فَإِذا لم يبْق حَسَنَة قَالَ: من بَقِي يَا رَبنَا مَا بَال غَيرنَا استوفوا حُقُوقهم وَبَقينَا قيل: لَا تعجلوا فَيُؤْخَذ من سيئآتهم عَلَيْهِ فَإِذا لم يبْق أحد يَطْلُبهُ قيل لَهُ ارْجع إِلَى أمك الهاوية فَإِنَّهُ {لَا ظلم الْيَوْم إِن الله سريع الْحساب} وَلَا يبْقى ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل وَلَا صديق وَلَا شَهِيد إِلَّا ظن أَنه لم ينج لما رأى من شدَّة الْحساب الْآيَة 18

18

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الآزفة} قَالَ: السَّاعَة {إِذْ الْقُلُوب لَدَى الْحَنَاجِر} قَالَ: وَقعت فِي حَنَاجِرهمْ من المخافة فَلَا تخرج وَلَا تعود إِلَى أماكنها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الآزفة} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ {إِذْ الْقُلُوب لَدَى الْحَنَاجِر} قَالَ: إِذا عاين أهل النَّار النَّار حَتَّى تبلغ حَنَاجِرهمْ فَلَا تخرج فيموتون وَلَا ترجع

إِلَى أماكنها من أَجْوَافهم وَفِي قَوْله {كاظمين} قَالَ: بَاكِينَ الْآيَات 19 - 20

19

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي الصُّدُور} قَالَ: الرجل يكون فِي الْقَوْم فتمر بهم الْمَرْأَة فيريهم أَنه يغض بَصَره عَنْهَا وَإِذا غفلوا لحظ إِلَيْهَا وَإِذا نظرُوا غض بَصَره عَنْهَا وَقد اطلع الله من قلبه أَنه ودَّ أَنه ينظر إِلَى عورتها وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يعلم خَائِنَة الْأَعْين} قَالَ: نظرت اليها لتريد الْخِيَانَة أم لَا {وَمَا تخفي الصُّدُور} قَالَ: إِذا قدرت عَلَيْهَا أتزني بهَا أم لَا أَلا أخْبركُم {وَالله يقْضِي بِالْحَقِّ} قَادر على أَن يَجْزِي بِالْحَسَنَة الْحَسَنَة وبالسيئة السَّيئَة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {يعلم خَائِنَة الْأَعْين} قَالَ: يعلم همزه وإضمامه بِعَيْنيهِ فِيمَا لَا يحب الله تَعَالَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {يعلم خَائِنَة الْأَعْين} قَالَ: نظر الْعين إِلَى مَا نهي عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الجوزاء رَضِي الله عَنهُ {يعلم خَائِنَة الْأَعْين} قَالَ: كَانَ الرجل يدْخل على الْقَوْم فِي الْبَيْت وَفِي الْبَيْت امْرَأَة فيرفع رَأسه فيلحظ إِلَيْهَا ثمَّ ينكس وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كَانَ يَوْم فتح مَكَّة أَمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس إِلَّا أَرْبَعَة نفر وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ: أقتلوهم وَإِن وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلقين بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة مِنْهُم عبد الله بن سعد بن أبي سرح فَاخْتَبَأَ عِنْد عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس إِلَى الْبيعَة جَاءَ بِهِ

فَقَالَ: يَا رَسُول الله بَايع عبد الله فَرفع رَأسه فَنظر إِلَيْهِ ثَلَاثًا كل ذَلِك يَأْبَى يبايعه ثمَّ أقبل على أَصْحَابه فَقَالَ: أما كَانَ فِيكُم رجل رشيد يقوم إِلَى هَذَا حِين رَآنِي كَفَفْت يَدي عَن بيعَته فيقتله فَقَالُوا: مَا يُدْرِينَا يَا رَسُول الله مَا فِي نَفسك هلا أَوْمَأت إِلَيْنَا بِعَيْنِك قَالَ: أَنه لَا يَنْبَغِي لنَبِيّ أَن يكون لَهُ خَائِنَة الْأَعْين وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن أم معبد رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اللَّهُمَّ طهر قلبِي من النِّفَاق وعملي من الرِّيَاء ولساني من الْكَذِب وعيني من الْخِيَانَة فَإنَّك تعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي الصُّدُور وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالله يقْضِي بِالْحَقِّ} قَالَ: قَادر على أَن يقْضِي بِالْحَقِّ {وَالَّذين يدعونَ من دونه} لَا يقدرُونَ على أَن يقضوا بِالْحَقِّ من آيَة 21 - 22

21

أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا كَانَ لَهُم من الله من واق} قَالَ: من واق يقيهم وَلَا يَنْفَعهُمْ من آيَة 23 - 27

23

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقِّ من عندنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبنَاء الَّذين آمنُوا} قَالَ: هَذَا بعد الْقَتْل الأول وَلَفظ عبد بن حميد هَذَا قتل غير الْقَتْل الأوّل الَّذِي كَانَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالَ فِرْعَوْن ذروني أقتل مُوسَى} قَالَ: أنظر من يمنعهُ مني وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ {إِنِّي أَخَاف أَن يُبدل دينكُمْ أَو أَن يظْهر فِي الأَرْض الْفساد} قَالَ: أَن يقتلُوا أبناءكم ويستحيوا نساءكم إِذا ظَهَرُوا عَلَيْكُم كَمَا كُنْتُم تَفْعَلُونَ بهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِنِّي أَخَاف أَن يُبدل دينكُمْ} أَي أَمركُم الَّذِي أَنْتُم عَلَيْهِ {أَو أَن يظْهر فِي الأَرْض الْفساد} وَالْفساد عِنْده أَن يعْمل بِطَاعَة الله (إِن الله لَا يهدي من هُوَ مُسْرِف كَذَّاب) قَالَ: الْمُشرك أسرف على نَفسه بالشرك الْآيَة 28

28

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لم يكن فِي آل فِرْعَوْن مُؤمن غَيره وَغير امْرَأَة فِرْعَوْن وَغير الْمُؤمن الَّذِي أنذر مُوسَى عَلَيْهِ

السَّلَام الَّذِي قَالَ: أَن الْمَلأ يأتمرون بك ليقتلوك) قَالَ ابْن الْمُنْذر أخْبرت ان اسْمه حزقيل وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سم الرجل الَّذِي آمن من آل فِرْعَوْن حبيب وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ أَخْبرنِي بأشد شَيْء صنعه الْمُشْركُونَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي بِفنَاء الْكَعْبَة إِذْ أقبل عقبَة بن أبي معيط فَأخذ بمنكب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولوى ثَوْبه فِي عُنُقه فخنقه خنقاً شَدِيدا فَأقبل أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَأخذ بمنكبيه وَدفعه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ {أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله وَقد جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ من ربكُم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا كَانَ أَشد من أَن طَاف بِالْبَيْتِ ضحى فَلَقوهُ حِين فرغ فَأخذُوا بِمَجَامِع رِدَائه وَقَالُوا: أَنْت الَّذِي تَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يعبد آبَاؤُنَا قَالَ: أَنا ذَاك فَقَامَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَالْتَزمهُ من وَرَائه ثمَّ قَالَ {أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله وَقد جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ من ربكُم وَإِن يَك كَاذِبًا فَعَلَيهِ كذبه وَإِن يَك صَادِقا يصبكم بعض الَّذِي يَعدكُم إِن الله لَا يهدي من هُوَ مُسْرِف كَذَّاب} رَافعا صَوته بذلك وَعَيناهُ يسحان حَتَّى أَرْسلُوهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ضربوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى غشي عَلَيْهِ فَقَامَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَجعل يُنَادي وَيْلكُمْ {أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله} قَالُوا: من هَذَا قَالَ: هَذَا ابْن أبي قُحَافَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا نَحوه وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: أَيهَا النَّاس أخبروني بأشجع النَّاس قَالُوا: أَنْت قَالَ: لَا قَالُوا: فَمن قَالَ: أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأخذته قُرَيْش هَذَا يحثه وَهَذَا يبلبله وهم يَقُولُونَ: أَنْت الَّذِي جعلت الْآلهَة إِلَهًا وَاحِدًا قَالَ: فوَاللَّه مَا دنا منا أحد

إِلَّا أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يضْرب هَذَا ويجاهد هَذَا وَهُوَ يَقُول وَيْلكُمْ {أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله} ثمَّ رفع عَليّ رَضِي عَنهُ بردة كَانَت عَلَيْهِ فَبكى حَتَّى اخضلت لحيته ثمَّ قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه أمؤمن آل فِرْعَوْن خير أم أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ خير من مُؤمن آل فِرْعَوْن ذَاك رجل يكتم إيمَانه وَهَذَا رجل أعلن إيمَانه الْآيَة 29 - 31

29

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {مثل دأب} مثل حَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {مثل دأب قوم نوح} قَالَ: هم الْأَحْزَاب {قوم نوح وعادٍ وَثَمُود} الْآيَات 32 - 33

32

أخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أَمر الله السَّمَاء الدُّنْيَا فتشققت بِأَهْلِهَا فَتكون الْمَلَائِكَة على حافتها حَتَّى يَأْمُرهُم الرب فينزلون فيحيطون بِالْأَرْضِ وَمن بهَا ثمَّ الثَّانِيَة ثمَّ الثَّالِثَة ثمَّ الرَّابِعَة ثمَّ الْخَامِسَة ثمَّ السَّادِسَة ثمَّ السَّابِعَة فصفوا صفا دون صف ثمَّ ينزل الْملك الْأَعْلَى ليسري جَهَنَّم فَإِذا رَآهَا أهل الأَرْض هربوا فَلَا يأْتونَ قطراً من أقطار الأَرْض إِلَّا وجدوا سَبْعَة صُفُوف من الْمَلَائِكَة فيرجعون إِلَى الْمَكَان الَّذِي كَانُوا فِيهِ فَذَلِك قَوْله {يَوْم التناد} يَعْنِي بتَشْديد الدَّال {يَوْم تولون مُدبرين مَا لكم من الله من عَاصِم}

وَذَلِكَ قَوْله (وَجَاء رَبك وَالْملك صفا صفا وَجِيء يَوْمئِذٍ بجهنم) (الْفجْر الْآيَة 22 - 23) وَقَوله (يَا معشر الْجِنّ والإِنس إِن اسْتَطَعْتُم أَن تنفذوا من أقطار السَّمَوَات وَالْأَرْض فانفذوا لَا تنفذون إِلَّا بسُلْطَان) (الرَّحْمَن الْآيَة 33) وَقَوله (وانشقت السَّمَاء فَهِيَ يَوْمئِذٍ واهية وَالْملك على أرجائها) (الحاقة الْآيَة 17) يَعْنِي مَا تشقق فِيهَا فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ سمعُوا الصَّوْت فَأَقْبَلُوا إِلَى الْحساب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَوْم التناد} قَالَ: يُنَادى كل قوم بأعمالهم فنادي أهل النَّار أهل الْجنَّة وَأهل الْجنَّة أهل النَّار {يَوْم تولون مُدبرين} إِلَى النَّار {مَا لكم من الله من عَاصِم} أَي من نَاصِر وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَيَا قوم إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم يَوْم التناد} قَالَ: يُنَادي أهل الْجنَّة أهل النَّار (أَن قد وجدنَا مَا وعدنا رَبنَا حَقًا فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا) (الْأَعْرَاف الْآيَة 44) قَالَ: وينادي أهل النَّار أهل الْجنَّة (أَن أفيضوا علينا من المَاء أَو مِمَّا رزقكم الله) (الْأَعْرَاف الْآيَة 50) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {يَوْم تولون مُدبرين} قَالَ: قَادِرين غير معجزين الْآيَات 34 - 38

34

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد جَاءَكُم يُوسُف من قبل بِالْبَيِّنَاتِ} قَالَ: رُؤْيا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {الَّذين يجادلون فِي آيَات الله بِغَيْر سُلْطَان} قَالَ: بِغَيْر برهَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حسنا فَهُوَ حسن عِنْد الله وَمَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ سَيِّئًا فَهُوَ سيء عِنْد الله وَكَانَ الْأَعْمَش رَضِي الله عَنهُ يتَأَوَّل بعده {كبر مقتاً عِنْد الله وَعند الَّذين آمنُوا} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ {كَذَلِك يطبع الله على كل قلب متكبر} مُضَاف لَا ينون فِي قلب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَقَالَ فِرْعَوْن يَا هامان ابْن لي صرحاً} قَالَ: كَانَ أوّل من بنى بِهَذَا الْآجر وطبخه {لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب} قَالَ: الْأَبْوَاب {أَسبَاب} أَي أَبْوَاب {كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زيّن لفرعون سوء عمله وَصد عَن السَّبِيل} قَالَ: فعل ذَلِك بِهِ {زيّن لفرعون سوء عمله وَصد عَن السَّبِيل وَمَا كيد فِرْعَوْن إِلَّا فِي تباب} أَي فِي ضلال وخسار وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَا هامان ابنِ لي صرحاً} قَالَ: اَوْقِدْ على الطين حَتَّى يكون الآجُرُّ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنْهُم فِي قَوْله {أَسبَاب السَّمَاوَات} قَالَ: طرق السَّمَوَات وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِلَّا فِي تباب} قَالَ: خسران وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {فِي تباب} قَالَ: فِي خسارة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ (وصدوا عَن السَّبِيل) بِرَفْع الصَّاد الْآيَات 39 - 40

39

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الدُّنْيَا جُمُعَة من جمع الْآخِرَة سَبْعَة آلَاف سنة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْحَيَاة الدُّنْيَا مَتَاع وَلَيْسَ من مَتَاعه شَيْء خيرا من الْمَرْأَة الصَّالِحَة الَّتِي إِذا نظرت إِلَيْهَا سرتك وَإِذا غبت عَنْهَا حفظتك فِي نَفسهَا وَمَالك وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَإِن الْآخِرَة هِيَ دَار الْقَرار} اسْتَقَرَّتْ الْجنَّة بِأَهْلِهَا واستقرت النَّار بِأَهْلِهَا {من عمل سَيِّئَة} قَالَ: الشّرك {فَلَا يجزى إِلَّا مثلهَا وَمن عمل صَالحا} أَي خيرا {من ذكر أَو أُنْثَى وَهُوَ مُؤمن فَأُولَئِك يدْخلُونَ الْجنَّة يرْزقُونَ فِيهَا بِغَيْر حِسَاب} لَا وَالله مَا هُنَاكَ مكيال وَلَا ميزَان وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ فَأُولَئِك يدْخلُونَ الْجنَّة بِنصب الْيَاء الْآيَات 41 - 45

41

أخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَيَا قوم مَا لي أدعوكم إِلَى النجَاة} قَالَ: إِلَى الإِيمان وَفِي قَوْله {لَا جرم إِنَّمَا تدعونني إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَة فِي الدُّنْيَا} قَالَ: الوثن لَيْسَ بِشَيْء {وَإِن المسرفين} السفاكين الدِّمَاء بِغَيْر حَقّهَا {هم أَصْحَاب النَّار} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ {لَيْسَ لَهُ دَعْوَة فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة} قَالَ: لَا يضر وَلَا ينفع {وَإِن المسرفين هم أَصْحَاب النَّار} قَالَ: [] جَمِيع أَصْحَابنَا {وَإِن المسرفين هم أَصْحَاب النَّار} وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فوقاه الله سيئآت مَا مكروا} قَالَ: كَانَ قبطياً من قوم فِرْعَوْن فنجا مَعَ مُوسَى وَبني إِسْرَائِيل حِين نَجوا الْآيَات 46 - 50

46

أخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد عَن هُذَيْل بن شُرَحْبِيل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن أَرْوَاح آل فِرْعَوْن فِي أَجْوَاف طير سود تَغْدُو وَتَروح على النَّار فَذَلِك عرضهَا وأرواح الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طير خضر وَأَوْلَاد الْمُسلمين الَّذين لم يبلغُوا الْحِنْث فِي أَجْوَاف عصافير من عصافير الْجنَّة ترعى وتسرح

وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن أَرْوَاح الشُّهَدَاء قَالَ: تجْعَل أَرْوَاحهم فِي أَجْوَاف طير خضر تسرح فِي الْجنَّة وتأوي بِاللَّيْلِ إِلَى قناديل من ذهب معلقَة بالعرش فتأوي فِيهَا قيل فأرواح الْكفَّار قَالَ: تُوجد أَرْوَاحهم فتجعل فِي أَجْوَاف طير سود تَغْدُو وَتَروح على النَّار ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدواً وعشياً} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي أَجْوَاف طير خضر تسرح بهم فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءُوا وَإِن أَرْوَاح ولدان الْمُؤمنِينَ فِي أَجْوَاف عصافير تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت وَإِن أَرْوَاح آل فِرْعَوْن فِي أَجْوَاف طير سود تَغْدُو على جَهَنَّم وَتَروح فَذَلِك عرضهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدواً وعشياً} قَالَ: صباحاً وَمَسَاء يُقَال لَهُم: هَذِه مَنَازِلكُمْ فانظروا إِلَيْهَا توبيخاً ونقمة وصغاراً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يعرضون عَلَيْهَا غدواً وعشياً} قَالَ: مَا كَانَت الدُّنْيَا تعرض أَرْوَاحهم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ لَهُ صرختان فِي كل يَوْم غدْوَة وَعَشِيَّة كَانَ يَقُول أول النَّهَار: ذهب اللَّيْل وَجَاء النَّهَار وَعرض آل فِرْعَوْن على النَّار فَلَا يسمع أحد صَوته إِلَّا استعاذ بِاللَّه من النَّار وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت وَابْن جرير عَن الْأَوْزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَهُ رجل فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرو إِنَّا نرى طيراً أسود تخرج من الْبَحْر فوجاً فوجاً لَا يعلم عَددهَا إِلَّا الله تَعَالَى فَإِذا كَانَ الْعشَاء عَاد مثلهَا بيضًا قَالَ: وفطنتم لذَلِك قَالُوا: نعم قَالَ: تِلْكَ فِي حواصلها أَرْوَاح آل فِرْعَوْن {يعرضون عَلَيْهَا غدواً وعشياً} فترجع وكورها وَقد أحرقت رياشها وَصَارَت سَوْدَاء فينبت عَلَيْهَا ريش أَبيض وتتناثر السود ثمَّ تعرض على النَّار ثمَّ ترجع إِلَى وكورها فَذَلِك دأبهم فِي الدُّنْيَا فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الله {أدخلُوا آل فِرْعَوْن أَشد الْعَذَاب} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله

عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أحدكُم إِذا مَاتَ عرض عَلَيْهِ مَقْعَده من الْغَدَاة والعشي إِن كَانَ من أهل الْجنَّة فَمن أهل الْجنَّة وَإِن كَانَ من أهل النَّار فَمن أهل النَّار يُقَال: هَذَا مَقْعَدك حَتَّى يَبْعَثك الله يَوْم الْقِيَامَة زَاد ابْن مرْدَوَيْه {النَّار يعرضون عَلَيْهَا غدواً وعشياً} وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أحسن محسن مُسلم أَو كَافِر إِلَّا أثابه الله قُلْنَا يَا رَسُول الله مَا إثابة الْكَافِر قَالَ: المَال وَالْولد وَالصِّحَّة وَأَشْبَاه ذَلِك قُلْنَا: وَمَا إثابته فِي الْآخِرَة قَالَ: عذَابا دون الْعَذَاب وَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أدخلُوا آل فِرْعَوْن أَشد الْعَذَاب} قِرَاءَة مَقْطُوعَة الْألف الْآيَات 51 - 55

51

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من رد عَن عرض أَخِيه رد الله عَن وَجهه نَار جَهَنَّم ثمَّ تَلا {إِنَّا لننصر رسلنَا} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِنَّا لننصر رسلنَا} الْآيَة قَالَ: ذَلِك فِي الْحجَّة يفتح الله حجتهم فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: لم يبْعَث الله

إِلَيْهِم من ينصرهم فيطلب بدمائهم مِمَّن فعل ذَلِك بهم فِي الدُّنْيَا وهم منصورون فِيهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيَوْم يقوم الأشهاد} قَالَ: هم الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت الْأَعْمَش عَن قَوْله {وَيَوْم يقوم الأشهاد} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الأشهاد} مَلَائِكَة الله وأنبياؤه والمؤمنون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الأشهاد} أَرْبَعَة: الْمَلَائِكَة الَّذين يُحصونَ أَعمالنَا وَقَرَأَ (وَجَاءَت كل نفس مَعهَا سائق وشهيد) (ق 21) والنبيون شُهَدَاء على أممهم وَقَرَأَ (فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد) (النِّسَاء 41) وَأمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شُهَدَاء على الْأُمَم وَقَرَأَ (لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس) (الْحَج 78) والأجساد والجلود وَقَرَأَ (وَقَالُوا لجلودهم لم شهدتم علينا قَالُوا أنطقنا الله الَّذِي أنطق كل شَيْء) (فصلت 21) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {وَسبح بِحَمْد رَبك بالْعَشي والإِبكار} قَالَ: صل لِرَبِّك {بالْعَشي والإِبكار} قَالَ: الصَّلَوَات المكتوبات وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بالْعَشي والإِبكار} قَالَ: صَلَاة الْفجْر وَالْعصر الْآيَات 56 - 59

56

أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد صَحِيح عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْيَهُود أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: إِن الدَّجَّال يكون منا فِي آخر الزَّمَان وَيكون من أمره فَعَظمُوا أمره وَقَالُوا: يصنع كَذَا فَأنْزل الله {إِن الَّذين يجادلون فِي آيَات الله بِغَيْر سُلْطَان أَتَاهُم إِن فِي صُدُورهمْ إِلَّا كبر مَا هم ببالغيه} قَالَ: لَا يبلغ الَّذِي يَقُول {فاستعذ بِاللَّه} فَأمر نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يتَعَوَّذ من فتْنَة الدَّجَّال {لخلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض أكبر من خلق النَّاس} الدَّجَّال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين يجادلون فِي آيَات الله بِغَيْر سُلْطَان} قَالَ: هم الْيَهُود نزلت فيهم فِيمَا ينتظرونه من أَمر الدَّجَّال وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لخلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض أكبر من خلق النَّاس} قَالَ: زَعَمُوا أَن الْيَهُود قَالُوا: يكون منا ملك فِي آخر الزَّمَان الْبَحْر إِلَى رُكْبَتَيْهِ والسحاب دون رَأسه يَأْخُذ الطير بَين السَّمَاء وَالْأَرْض مَعَه جبل خبز ونهر فَنزلت {لخلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض أكبر من خلق النَّاس} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِن فِي صُدُورهمْ إِلَّا كبر} قَالَ: عَظمَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة إِنَّمَا حملهمْ على التَّكْذِيب الزيغ الَّذِي فِي قُلُوبهم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير} قَالَ {الْأَعْمَى} الْكَافِر {والبصير} الْمُؤمن {وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَلَا الْمُسِيء قَلِيلا مَا تتذكرون} قَالَ: هم فِي بغيهم بعد وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا كَانَ من فتْنَة وَلَا تكون حَتَّى تقوم السَّاعَة أعظم من فتْنَة الدَّجَّال وَمَا من نَبِي إِلَّا حذر

قومه ولأخبرنكم عَنهُ بِشَيْء مَا أخبرهُ نَبِي قبلي فَوضع يَده على عينه ثمَّ قَالَ: أشهد أَن الله لَيْسَ بأعور وَأخرج ابْن عدي قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من نَبِي إِلَّا وَقد حذر أمته الدَّجَّال وَهُوَ أَعور بَين عَيْنَيْهِ طفرة مَكْتُوب عَلَيْهِ كَافِر مَعَه واديان أَحدهمَا جنَّة وَالْآخر نَار فناره جنَّة وجنته نَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن دَاوُد بن عَامر بن أبي وَقاص عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه لم يكن نَبِي قبلي إِلَّا وَقد وصف الدَّجَّال لأمته وَلأَصِفَنَّهُ صفة لم يصفها أحد كَانَ قبلي إِنَّه أَعور وَإِن الله عز وَجل لَيْسَ بأعور وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن أبي عُبَيْدَة بن الْجراح سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنَّه لم يكن نَبِي إِلَّا قد أنذر قومه الدَّجَّال وَأَنا أنذركموه فوصف لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: لَعَلَّه سيدركه بعض من رَآنِي وَسمع كَلَامي قَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ قُلُوبنَا يَوْمئِذٍ قَالَ: مثلهَا الْيَوْم أَو خير وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي خَاتم ألف نَبِي أَو أَكثر مَا بعث نَبِي إِلَّا وَقد حذر أمته وَإِنِّي قد بَين لي من أمره مَا لم يتَبَيَّن لأحد وَإنَّهُ أَعور وَإِن ربكُم لَيْسَ بأعور وعينه الْيُمْنَى جاحظة كَأَنَّهَا فِي حَائِط مجصص وعينه الْيُسْرَى كَأَنَّهَا كَوْكَب دري مَعَه من كل لِسَان وَمَعَهُ صُورَة الْجنَّة خضراء يجْرِي فِيهَا المَاء وَمَعَهُ صُورَة النَّار سَوْدَاء تدخن يتبعهُ من كل قوم يَدعُونَهُمْ بلسانهم إِلَيْهَا وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا بعث نَبِي إِلَّا أنذر أمته الْأَعْوَر والكذاب أَلا أَنه أَعور وَإِن ربكُم لَيْسَ بأعور ومكتوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر وَأخرج يَعْقُوب بن سُفْيَان عَن معَاذ بن جبل قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من نَبِي إِلَّا وَقد حذر أمته الدَّجَّال وَإِنِّي أحذركم أمره إِنَّه أَعور وَإِن ربكُم عز وَجل لَيْسَ بأعور مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يقرأه الْكَاتِب وَغير الْكَاتِب مَعَه جنَّة ونار فناره جنَّة وجنته نَار

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لخاتم ألف نَبِي أَو أَكثر وَإنَّهُ لَيْسَ مِنْهُم نَبِي إِلَّا وَقد أنذر قومه الدَّجَّال وَإنَّهُ تبين لي مَا لم يتَبَيَّن لأحد مِنْهُم وَإنَّهُ أَعور وَإِن ربكُم لَيْسَ بأعور وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّاس فَأثْنى على الله بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ ذكر الدَّجَّال فَقَالَ: إِنِّي انذركموه وَمَا من نَبِي إِلَّا قد أنذر قومه لقد أنذر نوح قومه وَلَكِن سأقول لكم فِيهِ قولا لم يقلهُ نَبِي لِقَوْمِهِ تعلمُونَ إِنَّه أَعور وَإِن الله لَيْسَ بأعور وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن عمر قَالَ: كُنَّا نُحدث بِحجَّة الْوَدَاع وَلَا نرى أَنه الْوَدَاع من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الْمَسِيح الدَّجَّال فأطنب فِي ذكره قَالَ: مَا بعث الله من نَبِي إِلَّا قد أنذر أمته لقد أنذر نوح أمته والنبيون من بعده إِلَّا مَا خَفِي عَلَيْكُم من شَأْنه فَلَا يخفين عَلَيْكُم إِن ربكُم لَيْسَ بأعور قَالَهَا ثَلَاثًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الدَّجَّال أَعور الْعين عَلَيْهَا طفرة مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الدَّجَّال أَعور جعد حجان أَحْمَر كَانَ رَأسه غُصْن شَجَرَة أشبه النَّاس بِعَبْد الْعُزَّى فَأَما هلك الهلك فَإِنَّهُ أَعور وَإِن ربكُم لَيْسَ بأعور وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لأَنا أعلم بِمَا مَعَ الدَّجَّال مَعَه نهران يجريان أَحدهمَا رأى الْعين نَار تتأجج فَمن أدْرك ذَلِك فليأت النَّار الَّذِي يرَاهُ فليغمض عَيْنَيْهِ ثمَّ يطأطىء رَأسه يشرب فَإِنَّهُ بَارِد وَإِن الدَّجَّال مَمْسُوح الْعين عَلَيْهِ طفرة غَلِيظَة مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ كَافِر يَقْرَأها كل مُؤمن كَاتب وَغير كَاتب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الا أحدثكُم عَن الدَّجَّال حَدِيثا مَا حَدثهُ نَبِي قطّ إِنَّه أَعور وَإنَّهُ يَجِيء مَعَه بِمثل الْجنَّة وَالنَّار فَالَّذِي يَقُول هِيَ الْجنَّة هِيَ النَّار إِنِّي أنذركم بِهِ كَمَا أنذر نوح قومه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سمع مِنْكُم بِخُرُوج الدَّجَّال فلينأى عَنهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِن الرجل يَأْتِيهِ وَهُوَ يحْسب أَنه مُؤمن فَمَا يزَال بِهِ حَتَّى يتبعهُ مِمَّا يرى من الشُّبُهَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا كَانَ أحد يسْأَل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الدَّجَّال أَكثر مني قَالَ: وَمَا تَسْأَلنِي عَنهُ قلت: إِن النَّاس يَقُولُونَ: إِن مَعَه الطَّعَام وَالشرَاب قَالَ: هُوَ أَهْون على الله من ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا تشهد أحدكُم فليستعذ بِاللَّه من شَرّ فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من نجا من ثَلَاثَة فقد نجا قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات قَالُوا: مَا ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: دَاء والدجال وَقتل خَليفَة يصطبر بِالْحَقِّ يُعْطِيهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يمْكث النَّاس بعد خُرُوج الدَّجَّال أَرْبَعِينَ عَاما ويغرس النّخل وَتقوم الْأَسْوَاق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَلَاء بن الشخير رَضِي الله عَنهُ: أَن نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام وَمن بعده من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام كَانُوا يتعوّذون من فتْنَة الدَّجَّال وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يخرج الدَّجَّال حَتَّى يكون خُرُوجه أشهى إِلَى الْمُسلمين من شرب المَاء على الظمأ فَقَالَ لَهُ رجل: لم قَالَ: من شدَّة الْبلَاء وَالشَّر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَتَّى لَا يكون غَائِب أحب إِلَى الْمُؤمن خُرُوجًا مِنْهُ وَمَا خُرُوجه بأضر لِلْمُؤمنِ من حَصَاة يرفعها من الأَرْض وَمَا علم أحدهم أَدْنَاهُم وأقصاهم إِلَّا سَوَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي وَائِل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَكثر أَتبَاع الدَّجَّال الْيَهُود وَأَوْلَاد الْأُمَّهَات وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: كَانَ بمقدمة الْأَعْوَر الدَّجَّال سِتّمائَة ألف يلبسُونَ التيجان

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن هِشَام بن عَامر رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا بَين خلق آدم إِلَى قيام السَّاعَة أَمر أكبر من الدَّجَّال وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الدَّجَّال يخرج من أَرض بالمشرق يُقَال لَهَا خُرَاسَان يتبعهُ أَقوام كَانَ وُجُوههم المجان المطرقة وَأخرج أَحْمد عَن أبيّ بن كَعْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر عِنْده الدَّجَّال فَقَالَ: إِحْدَى عَيْنَيْهِ كَأَنَّهَا زجاجة خضراء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَاصِم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما مسيح الضَّلَالَة فَرجل أجلى الْجَبْهَة ممسوخ الْعين الْيُسْرَى عريض النَّحْر فِيهِ دمامة كَأَنَّهُ فلَان بن عبد الْعُزَّى أَو عبد الْعُزَّى بن فلَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سفينة قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّه لم يكن نَبِي إِلَّا حذر الدَّجَّال أمته أَعور الْعين الْيُسْرَى بِعَيْنِه الْيُمْنَى طفرة غَلِيظَة بَين عَيْنَيْهِ كَافِر مَعَه واديان أَحدهمَا جنَّة وَالْآخر نَار فجنته نَار وناره جنَّة وَمَعَهُ ملكان يشبهان نبيين من الْأَنْبِيَاء أَحدهمَا عَن يَمِينه وَالْآخر عَن شِمَاله فَيَقُول [] من النَّاس إِلَّا صَاحبه فَيَقُول صَاحبه: صدقت فيسمعه النَّاس فيحسبون مَا صدق الدَّجَّال وَذَلِكَ فتْنَة ثمَّ يسير حَتَّى يَأْتِي الشَّام فَينزل عِيسَى فيقتله الله عِنْد عقبَة أفِيق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يمْكث أَبُو الدَّجَّال ثَلَاثِينَ عَاما لَا يُولد لَهما ولد ثمَّ يُولد لَهما غُلَام أَعور أضرّ شَيْء وَأقله نفعا تنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه ثمَّ نعت أَبَوَيْهِ فَقَالَ: أَبوهُ رجل طوال ضرب اللَّحْم طَوِيل الْأنف كَانَ أَنفه مهار وَأمه امْرَأَة فرغانية عَظِيمَة الثديين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الدَّجَّال يطوي الأَرْض كلهَا إِلَّا مَكَّة وَالْمَدينَة فَيَأْتِي الْمَدِينَة فيجد كل نقب من أنقابها صُفُوفا من الْمَلَائِكَة فَيَأْتِي سبخَة الجرف فَيضْرب رواقه ثمَّ ترتجف الْمَدِينَة ثَلَاث رجفات فَيخرج إِلَيْهِ كل مُنَافِق وَمُنَافِقَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو خرج الدَّجَّال لآمن بِهِ قوم فِي قُبُورهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يهْبط الدَّجَّال من كور كرهان مَعَه ثَمَانُون ألفا عَلَيْهِم الطيالسة ينتعلون كَأَن وُجُوههم مجان مطرقة وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق حوط الْعَبْدي عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن أذن حمَار الدَّجَّال لتظل سبعين ألفا وَأخرج ابْن أبي شُهْبَة عَن جُنَادَة بن أُميَّة الدُّرِّي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخلت أَنا وَصَاحب لي على رجل من أَصْحَاب رَسُول الله فَقُلْنَا: حَدثنَا مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا تحدثنا عَن غَيره وَإِن كَانَ عندنَا مُصدقا قَالَ: نعم قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَقَالَ: أنذركم الدَّجَّال أنذركم الدَّجَّال أنذركم الدَّجَّال فَإِنَّهُ لم يكن نَبِي إِلَّا أنذره أمته وَأَنه فِيكُم أيتها الْأمة وَأَنه جعد آدم ممسوخ الْعين الْيُسْرَى وَإِن مَعَه جنَّة وَنَارًا فناره جنَّة وجنته نَار وَإِن مَعَه نهر مَاء وجبل خبز وَإنَّهُ يُسَلط على نفس فيقتلها ثمَّ يُحْيِيهَا لَا يُسَلط على غَيرهَا وَإنَّهُ يمطر السَّمَاء وينبت الأَرْض وَإنَّهُ يلبث فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ صباحاً حَتَّى يبلغ مِنْهَا كل منهل وَإنَّهُ لَا يقرب أَرْبَعَة مَسَاجِد مَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الرَّسُول وَمَسْجِد الْمُقَدّس وَمَسْجِد الطّور وَمَا عَلَيْكُم من الْأَشْيَاء فَإِن الله لَيْسَ بأعور مرَّتَيْنِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالله لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج ثَلَاثُونَ كذابا آخِرهم الْأَعْوَر الدَّجَّال ممسوخ الْعين الْيُسْرَى كَأَنَّهَا عين أبي يحيى الشَّيْخ من الْأَنْصَار وَإنَّهُ مَتى يخرج فَإِنَّهُ يزْعم أَنه الله فَمن آمن بِهِ وَصدقه وَاتبعهُ فَلَيْسَ يَنْفَعهُ صَالح لَهُ من عمل لَهُ سلف وَمن كفر بِهِ وَكذبه فَلَيْسَ يُعَاقب بِشَيْء من عمل لَهُ سلف وَإنَّهُ سَيظْهر على الأَرْض كلهَا إِلَّا الْحرم وَبَيت الْمُقَدّس فَهَزَمَهُ الله وَجُنُوده حَتَّى أَن حرم الْحَائِط أَو أصل الشَّجَرَة يُنَادي: يَا مُؤمن هَذَا كَافِر يسْتَتر بِي فتعال فاقتله وَلنْ يكون ذَاك كَذَلِك حَتَّى تروا أُمُور يَتَفَاقَم شَأْنهَا فِي أَنفسكُم فتتساءلون بَيْنكُم: هَل كَانَ نَبِيكُم ذكر لكم مِنْهَا شَيْئا ذكر أَو حَتَّى تَزُول جبال عَن مراتبها ثمَّ على أثر ذَلِك الْقَبْض وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَوْت

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الدَّجَّال يَخُوض الْبحار إِلَى رُكْبَتَيْهِ ويتناول السَّحَاب ويسبق الشَّمْس إِلَى مغْرِبهَا وَفِي جَبهته قرن مِنْهُ الْحَيَّات وَقد صور فِي جسده السِّلَاح كُله حَتَّى ذكر السَّيْف وَالرمْح والدرق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يخرج الدَّجَّال فيمكث فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ صباحاً يبلغ مِنْهَا كل منهل الْيَوْم مِنْهَا كَالْجُمُعَةِ وَالْجُمُعَة كالشهر والشهر كالسنة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليصحبن الدَّجَّال قوم يَقُولُونَ: انا لنصحبه وانا لنعلم انه كَذَّاب وَلَكنَّا إِنَّمَا نصحبه لنأكل من الطَّعَام وَنرعى من الشّجر وَإِذا نزل غضب الله نزل عَلَيْهِم كلهم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أَشْعَث بن أبي الشعْثَاء عَن أَبِيه قَالَ: ذكر الدَّجَّال عِنْد عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: لَا تكثروا ذكره فَإِن الْأَمر إِذا قضي فِي السَّمَاء كَانَ أسْرع لنزوله إِلَى الأَرْض أَن يظْهر على أَلْسِنَة النَّاس الْآيَات 60 - 64

60

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الدُّعَاء تلو الْعِبَادَة ثمَّ قَرَأَ {وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي} قَالَ: عَن دعائي {سيدخلون جَهَنَّم داخرين} هَل تَدْرُونَ مَا عبَادَة الله قُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هُوَ اخلاص الله مِمَّا سواهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الدُّعَاء هُوَ الْعِبَادَة وَقَرَأَ {وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم} قَالَ: اعبدوني وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سيدخلون جَهَنَّم داخرين} قَالَ: صاغرين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الدُّعَاء الإِستغفار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَأحمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لم يدع الله يغْضب عَلَيْهِ وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لن ينفع حذر من قدر وَلَكِن الدُّعَاء ينفع مِمَّا نزل وَمِمَّا لم ينزل فَعَلَيْكُم بِالدُّعَاءِ عباد الله وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا فتح الله على عبد بِالدُّعَاءِ فَليدع فَإِن الله يستجيب لَهُ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن عدي فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أنس بن مَالك رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله يحب الملحين فِي الدُّعَاء وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نجد فِيمَا أنزل الله

تَعَالَى فِي بعض الْكتب أَن الله تَعَالَى يَقُول: أنزل الْبلَاء استخرج بِهِ الدُّعَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم} قَالَ: قَالَ ربكُم: عَبدِي إِنَّك مَا دعوتني ورجوتني فَإِنِّي سَأَغْفِرُ لَك على مَا كَانَ فِيك وَلَو لقيتني بقراب الأَرْض خَطَايَا لقيتك بقرابها مغْفرَة وَلَو أَخْطَأت حَتَّى تبلغ خطاياك عنان السَّمَاء ثمَّ استغفرتني غفرت لَك وَلَا أُبَالِي وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أفضل الْعِبَادَة الدُّعَاء وَقَرَأَ {وَقَالَ ربكُم ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ادْعُونِي أَسْتَجِب لكم} قَالَ: اعْمَلُوا وابشروا فَإِنَّهُ حق على الله أَن يستجيب للَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ويزيدهم من فَضله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه تَلا هَذِه الْآيَة فَقَالَ: مَا أعطي أحد من الْأُمَم مَا أَعْطَيْت هَذِه الْأمة إِلَّا بني الرجل الْمُجْتَبى يُقَال لَهُ: سل تعطه وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي الْعِبَادَة أفضل فَقَالَ: دُعَاء الْمَرْء لنَفسِهِ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ الله تَعَالَى لمُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: قل للْمُؤْمِنين لَا يستعجلوني إِذا دَعونِي وَلَا يبخلوني أَلَيْسَ يعلمُونَ أَنِّي أبْغض الْبَخِيل فَكيف أكون بَخِيلًا يَا مُوسَى لَا تخف مني بخلا أَن تَسْأَلنِي عَظِيما وَلَا تَسْتَحي أَن تَسْأَلنِي صَغِيرا اطلب إليَّ الدقة واطلب إليَّ الْعلف لشاتك يَا مُوسَى أما علمت أَنِّي خلقت الخردلة فَمَا فَوْقهَا وَأَنِّي لم أخلق شَيْئا إِلَّا وَقد علمت أَن الْخلق يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فَمن يسألني مَسْأَلَة وَهُوَ يعلم أَنِّي قَادر أعطي وَأَمْنَع وأعطيته مَسْأَلته مَعَ الْمَغْفِرَة فَإِن حمدني حِين أَعْطيته وَحين أمْنَعهُ أسكنته دَار الحمادين وَأَيّمَا عبد لم يسألني مَسْأَلَة ثمَّ أَعْطيته كَانَ أَشد عَلَيْهِ من الْحساب وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ: أَنِّي لأسأل الله تَعَالَى حوائجي فِي صَلَاتي حَتَّى أسأله الْملح لأهلي

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن زهرَة بن معبد رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر رَضِي الله عَنهُ يَدْعُو يَقُول: اللَّهُمَّ قوِّ ذكري فَإِن فِيهِ مَنْفَعَة لأهلي وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن ثَابت الْبنانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تعبد رجل سبعين سنة فَكَانَ يَقُول فِي دُعَائِهِ: رب اجزني بعملي فَادْخُلْ الْجنَّة فَمَكثَ فِيهَا سبعين عَاما فَلَمَّا وفت قيل لَهُ: اخْرُج قد استوفيت عَمَلك أَي شَيْء كَانَ فِي الدُّنْيَا أوثق فِي نَفسه فَلم يجد شَيْئا أوثق فِي نَفسه مِمَّا دَعَا الله سُبْحَانَهُ فَأقبل يَقُول فِي دُعَائِهِ: رب سَمِعتك وَأَنا فِي الدُّنْيَا وَأَنت تقيل العثرات فَأَقل الْيَوْم عثرتي فَترك فِي الْجنَّة أما قَوْله تَعَالَى: {الله الَّذِي جعل لكم اللَّيْل لتسكنوا فِيهِ} أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا معشر الحواريين الصَّلَاة جَامِعَة فَخرج الحواريون فِي هَيْئَة الْعِبَادَة قد تضمرت الْبُطُون وَغَارَتْ الْعُيُون واصفرت الألوان فَسَار بهم عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى فلاة من الأَرْض فَقَامَ على رَأس جرثومة فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ أنشأ يَتْلُو عَلَيْهِم آيَات الله وحكمته فَقَالَ: يَا معشر الحواريين اسمعوا مَا أَقُول لكم اني لأجد فِي كتاب الله الْمنزل الَّذِي أنزل الله فِي الإِنجيل أَشْيَاء مَعْلُومَة فاعملوا بهَا قَالُوا: يَا روح الله وَمَا هِيَ قَالَ: خلق اللَّيْل لثلاث خِصَال وَخلق النَّهَار لسبع خِصَال فَمن مضى عَلَيْهِ اللَّيْل وَالنَّهَار وَهُوَ فِي غير هَذِه الْخِصَال خاصمه اللَّيْل وَالنَّهَار يَوْم الْقِيَامَة فخصماه خلق اللَّيْل لتسكن فِيهِ الْعُرُوق الفاترة الَّتِي أتعبتها فِي نهارك وَتَسْتَغْفِر لذنبك الَّذِي كسبته فِي النَّهَار ثمَّ لَا تعود فِيهِ وتقنت فِيهِ قنوت الصابرين فثلث تنام وَثلث تقوم وَثلث تتضرع إِلَى رَبك فَهَذَا مَا خلق لَهُ اللَّيْل وَخلق النَّهَار لتؤدي فِيهِ الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة الَّتِي عَنْهَا تسْأَل وَبهَا تُحاسَبْ وبر والديك وَأَن تضرب فِي الأَرْض تبتغي الْمَعيشَة معيشة يَوْمك وَأَن تعود فِيهِ وليا لله تَعَالَى كَيْمَا يتعهدكم الله برحمته وَأَن تشيعوا فِيهِ جَنَازَة كَيْمَا تنقلبوا مغفوراً لكم وَأَن تأمروا بِمَعْرُوف وتنهوا عَن مُنكر فَهُوَ ذرْوَة الإِيمان وقوام الدّين وَأَن تُجَاهِد فِي سَبِيل الله تراحموا إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي قُبَّته وَمن مضى عَلَيْهِ اللَّيْل وَالنَّهَار وَهُوَ فِي غير هَذِه الْخِصَال خاصمه الله وَالنَّهَار يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ عِنْد مليك مقتدر

آيَة 65

65

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَلْيقل على أثرهما الْحَمد لله رب الْعَالمين وَذَلِكَ قَوْله {فَادعوهُ مُخلصين لَهُ الدّين الْحَمد لله رب الْعَالمين} وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يسْتَحبّ إِذا قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله يتبعهَا: الْحَمد لله رب الْعَالمين ثمَّ يقْرَأ هَذِه الْآيَة {هُوَ الْحَيّ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَادعوهُ مُخلصين لَهُ الدّين} وَالله أعلم آيَة 66

66

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَشَيْبَة بن ربيعَة قَالَا: يَا مُحَمَّد ارْجع عَمَّا تَقول وَعَلَيْك بدين آبَائِك وأجدادك فَأنْزل الله تَعَالَى {قل إِنِّي نهيت أَن أعبد الَّذين تدعون من دون الله لما جَاءَنِي الْبَينَات من رَبِّي وَأمرت أَن أسلم لرب الْعَالمين} الْآيَات 67 - 70

67

أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يثغر الْغُلَام لسبع ويحتلم لأربعة عشر وَيَنْتَهِي طوله لإِحدى وَعشْرين وَيَنْتَهِي عقله لثمان وَعشْرين ويبلغ أشده لثلاث وَثَلَاثِينَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير رَضِي الله عَنهُ {ومنكم من يتوفى من قبل} قَالَ: من قبل أَن يكون شَيخا {ولتبلغوا أَََجَلًا مُسَمّى} الشَّيْخ والشاب {ولعلكم تعقلون} عَن ربكُم أَنه يُحْيِيكُمْ كَمَا أماتكم وَهَذِه لأهل مَكَّة كَانُوا يكذبُون بِالْبَعْثِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أنّى يصرفون} قَالَ: أنّى يكذبُون وهم يعْقلُونَ الْآيَات 71 - 77

71

أخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِذْ الأغلال فِي أَعْنَاقهم والسلاسل يسْحَبُونَ فِي الْحَمِيم ثمَّ فِي النَّار يسجرون} فَقَالَ: لَو أَن رصاصة مثل هَذِه - وَأَشَارَ إِلَى جمجمة أرْسلت من السَّمَاء إِلَى الأَرْض وَهِي مسيرَة خَمْسمِائَة سنة - لبلغت الأَرْض قبل اللَّيْل وَلَو أَنَّهَا أرْسلت من رَأس السلسلة لَسَارَتْ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا - اللَّيْل وَالنَّهَار - قبل أَن تبلغ أَصْلهَا أَو قَالَ قعرها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن يعلى بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ رفع الحَدِيث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ينشىء الله سَحَابَة لأهل النَّار سَوْدَاء

مظْلمَة يُقَال لَهَا وَلأَهل النَّار أَي شَيْء تطلبون فَيذكرُونَ بهَا سَحَاب الدُّنْيَا فَيَقُولُونَ: يَا رَبنَا الشَّرَاب فتمطرهم أغلالاً تزيد فِي أَعْنَاقهم وسلاسل تزيد فِي سلاسلهم وجمر يلتهب عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ {والسلاسل يسْحَبُونَ فِي الْحَمِيم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يُصَلِّي فِي شهر رَمَضَان يردد هَذِه الْآيَة {فَسَوف يعلمُونَ إِذْ الأغلال فِي أَعْنَاقهم والسلاسل يسْحَبُونَ فِي الْحَمِيم ثمَّ فِي النَّار يسجرون} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ {يسْحَبُونَ فِي الْحَمِيم} فيسلخ كل شَيْء عَلَيْهِم من جلد وَلحم وعرق حَتَّى يصير فِي عقبه حَتَّى ان لَحْمه قدر طوله سِتُّونَ ذِرَاعا ثمَّ يكسى جلدا آخر ثمَّ يسجر فِي الْحَمِيم فيسلخ كل شَيْء عَلَيْهِم من جلد وَلحم وعرق وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يسجرون} قَالَ: توقد بهم النَّار وَفِي قَوْله {تمرحون} قَالَ: تبطرون وتاشرون الْآيَة 78

78

أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمِنْهُم من لم نَقْصُصْ عَلَيْك} قَالَ: بعث الله عبدا حَبَشِيًّا نَبيا فَهُوَ مِمَّن لم يُقَصَّص على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَات 79 - 85

79

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولتبلغوا عَلَيْهَا حَاجَة فِي صدوركم} قَالَ: أسفاركم لحاجتكم مَا كَانَت وَفِي قَوْله {وآثاراً فِي الأَرْض} قَالَ: الْمَشْي فِيهَا بأرجلهم وَفِي قَوْله {فرحوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم} قَالَ: قَوْلهم نَحن أعلم مِنْهُم وَلنْ نعذب وَفِي قَوْله {وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزؤون} قَالَ: مَا جَاءَت بِهِ رسلهم من الْحق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولتبلغوا عَلَيْهَا حَاجَة فِي صدوركم} قَالَ: من بلد إِلَى بلد وَفِي قَوْله {سنة الله الَّتِي قد خلت فِي عباده} قَالَ: سنَنه أَنهم كَانُوا إِذا رَأَوْا بأسنا آمنُوا فَلم يَنْفَعهُمْ إِيمَانهم عِنْد ذَلِك

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (41) سُورَة فصلت مَكِّيَّة وآياتها أَربع وَخَمْسُونَ مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت (حم) السَّجْدَة بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ مثله الْآيَات 1 - 4

فصلت

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اجْتمع قُرَيْش يَوْمًا فَقَالُوا: انْظُرُوا أعلمكُم بِالسحرِ وَالْكهَانَة وَالشعر فليأت هَذَا الرجل الَّذِي قد فرق جماعتنا وشتت أمرنَا وَعَابَ ديننَا فليكلمه ولينظر مَاذَا يرد عَلَيْهِ فَقَالُوا: مَا نعلم أحدا غير عتبَة بن ربيعَة قَالُوا: أَنْت يَا أَبَا الْوَلِيد فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أَنْت خير أم عبد الله أَنْت خير أم عبد الْمطلب فَسكت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فَإِن كنت تزْعم أَن هَؤُلَاءِ خير مِنْك فقد عبدُوا الْآلهَة الَّتِي عبت وَإِن كنت تزْعم أَنَّك خير مِنْهُم فَتكلم حَتَّى نسْمع لَك أما وَالله مَا رَأينَا سلحة قطّ اشأم على قومه مِنْك فرقت جماعتنا وشتت أمرنَا وعبت ديننَا وفضحتنا فِي الْعَرَب حَتَّى لقد طَار فيهم أَن فِي قُرَيْش ساحراً وَأَن فِي قُرَيْش كَاهِنًا وَالله مَا نَنْتَظِر إِلَّا مثل صَيْحَة الحبلى أَن يقوم بَعْضنَا إِلَى بعض بِالسُّيُوفِ يَا أَيهَا الرجل إِن كَانَ إِنَّمَا بك الْحَاجة جَمعنَا لَك حَتَّى تكون أغْنى قُرَيْش رجلا

وَاحِدًا وَإِن كَانَ نما بك الْبَاءَة فاختر أَي نسَاء قُرَيْش شِئْت فلنزوّجك عشرا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فرغت قَالَ: نعم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {حم تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم كتاب فصلت آيَاته قُرْآنًا عَرَبيا لقوم يعلمُونَ} حَتَّى بلغ {فَإِن أَعرضُوا فَقل أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَة مثل صَاعِقَة عادٍ وَثَمُود} فَقَالَ عتبَة: حَسبك مَا عنْدك غير هَذَا قَالَ: لَا فَرجع إِلَى قُرَيْش فَقَالُوا: مَا وَرَاءَك قَالَ: مَا تركت شَيْئا أرى أَنكُمْ تكَلمُون بِهِ إِلَّا كَلمته قَالُوا: فَهَل أجابك قَالَ: وَالَّذِي نصبها بنية مَا فهمت شَيْئا مِمَّا قَالَ غير أَنه قَالَ {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَة مثل صَاعِقَة عَاد وَثَمُود} قَالُوا: وَيلك يكلمك الرجل بِالْعَرَبِيَّةِ وَمَا تَدْرِي مَا قَالَ قَالَ: لَا وَالله مَا فهمت شَيْئا مِمَّا قَالَ غير ذكر الصاعقة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حدثت أَن عتبَة بن ربيعَة وَكَانَ أَشد قُرَيْش حلماً قَالَ ذَات يَوْم وَهُوَ جَالس فِي نَادِي قُرَيْش وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس وَحده فِي الْمَسْجِد يَا معشر قُرَيْش أَلا أقوم إِلَى هَذَا فأكلمه فَأَعْرض عَلَيْهِ أموراً لَعَلَّه أَن يقبل مِنْهَا بعضه ويكف عَنَّا قَالُوا: بلَى يَا أَبَا الْوَلِيد فَقَامَ عتبَة حَتَّى جلس إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الحَدِيث فِيمَا قَالَ لَهُ عتبَة وَفِيمَا عرض عَلَيْهِ من المَال وَالْملك وَغير ذَلِك حَتَّى إِذا فرغ عتبَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفرغت يَا أَبَا الْوَلِيد قَالَ: نعم قَالَ: فاستمع مني قَالَ أفعل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {حم تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم كتاب فصلت آيَاته قُرْآنًا عَرَبيا لقوم يعلمُونَ} فَلَمَّا سَمعهَا عتبَة انصت لَهَا وَألقى يَدَيْهِ خلف ظَهره مُعْتَمدًا عَلَيْهِمَا يستمع مِنْهُ حَتَّى انْتهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى السَّجْدَة فَسجدَ فِيهَا ثمَّ قَالَ: سَمِعت يَا أَبَا الْوَلِيد قَالَ: سَمِعت قَالَ: أَنْت وَذَاكَ فَقَامَ عتبَة إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ بَعضهم لبَعض: نحلف بِاللَّه لقد جَاءَكُم أَبُو الْوَلِيد بِغَيْر الْوَجْه الَّذِي ذهب بِهِ فَلَمَّا جلس إِلَيْهِم قَالُوا: مَا وَرَاءَك يَا أَبَا الْوَلِيد قَالَ: وَالله إِنِّي قد سَمِعت قولا مَا سَمِعت بِمثلِهِ قطّ وَالله مَا هُوَ بالشعر وَلَا بِالسحرِ وَلَا بالكهانة وَالله لَيَكُونن لقَوْله الَّذِي سَمِعت نبا وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على عتبَة بن ربيعَة {حم تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم} أَتَى أَصْحَابه

فَقَالَ: يَا قوم أَطِيعُونِي فِي هَذَا الْيَوْم واعصوني بعده فوَاللَّه لقد سَمِعت من هَذَا الرجل كلَاما مَا سَمِعت مثله قطّ وَمَا دَريت مَا أرد عَلَيْهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُصعب بن عُمَيْر فَنزل فِي بني غنم على أسعد بن زُرَارَة فَجعل يَدْعُو النَّاس فجَاء سعد بن معَاذ فتوعده فَقَالَ لَهُ أسعد بن زُرَارَة: اسْمَع من قَوْله فَإِن سَمِعت مُنْكرا فأردده يَا هَذَا وَإِن سَمِعت حَقًا فأجب إِلَيْهِ فَقَالَ: مَاذَا تَقول فَقَرَأَ مُصعب {حم وَالْكتاب الْمُبين إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا لَعَلَّكُمْ تعقلون} قَالَ: سعد بن معَاذ رَضِي الله عَنهُ: مَا أسمع الا مَا أعرف فَرجع وَقد هداه الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ أَبُو جهل وَالْمَلَأ من قُرَيْش: قد انْتَشَر علينا أَمر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَو الْتَمَسْتُمْ رجلا عَالما بِالسحرِ وَالْكهَانَة وَالشعر فَقَالَ عتبَة علمت من ذَلِك علما وَمَا يخفى عَليّ إِن كَانَ كَذَلِك فَأَتَاهُ فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّد أَنْت خير أم هَاشم أَنْت خير أم عبد الْمطلب فَلم يجبهُ قَالَ: فيمَ تَشْتُم آلِهَتنَا وتضلل آبَاءَنَا فَإِن كنت إِنَّمَا بك الرياسة عَقدنَا ألويتنا لَك فَكنت رَأْسنَا مَا بقيت وَإِن كَانَ بك الْبَاءَة زوّجناك عشرَة نسْوَة تخْتَار من أَي بَنَات قُرَيْش وَإِن كَانَ بك المَال جَمعنَا لَك من أَمْوَالنَا مَا تَسْتَغْنِي بِهِ أَنْت وَعَقِبك من بعْدك - وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاكِت لَا يتَكَلَّم - فَلَمَّا فرغ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {حم تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم كتاب فصلت آيَاته قُرْآنًا عَرَبيا} فَقَرَأَ حَتَّى بلغ (فَإِن أَعرضُوا فَقل أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَة مثل صَاعِقَة عَاد وَثَمُود) فَأمْسك عتبَة على فِيهِ وَنَاشَدَهُ الرَّحِم أَن يكف عَنهُ لم يخرج إِلَى أَهله وَاحْتبسَ عَنْهُم فَقَالَ أَبُو جهل: يَا معشر قُرَيْش مَا نرى عتبَة إِلَّا قد صَبأ إِلَى مُحَمَّد وَأَعْجَبهُ طَعَامه وَمَا ذَاك إِلَّا من حَاجَة أَصَابَته انتقلوا بِنَا إِلَيْهِ فَأتوهُ فَقَالَ أَبُو جهل: وَالله يَا عتبَة مَا حَسبنَا إِلَّا أَنَّك صبوت إِلَى مُحَمَّد وَأَعْجَبَك أمره فَإِن كنت بك حَاجَة جَمعنَا لَك من أَمْوَالنَا مَا يُغْنِيك عَن مُحَمَّد فَغَضب وَأقسم بِاللَّه لَا يكلم مُحَمَّد أبدا وَقَالَ: لقد علمْتُم أَنِّي أَكثر قُرَيْش مَالا وَلَكِنِّي أَتَيْته فَقص عَلَيْهِم الْقِصَّة فَأَجَابَنِي بِشَيْء وَالله مَا هُوَ بِسحر وَلَا شعر وَلَا كهَانَة فَقَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {حم تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم كتاب فصلت آيَاته قُرْآنًا عَرَبيا}

حَتَّى بلغ (أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَة مثل صَاعِقَة عَاد وَثَمُود) فَأَمْسَكت بِفِيهِ وَنَاشَدْته الرَّحِم فَكيف وَقد علمْتُم أَن مُحَمَّدًا إِذا قَالَ شَيْئا لم يكذب فَخفت أَن ينزل بكم الْعَذَاب وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن قُريْشًا اجْتمعت برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس فِي الْمَسْجِد فَقَالَ لَهُم عتبَة بن ربيعَة: دَعونِي حَتَّى أقوم إِلَى مُحَمَّد ُأكَلِّمهُ فَإِنِّي عَسى أَن أكون ارْفُقْ بِهِ مِنْكُم فَقَامَ عتبَة حَتَّى جلس إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا ابْن أخي إِنَّك أوسطنا بَيْتا وأفضلنا مَكَانا وَقد أدخلت فِي قَوْمك مَا لم يدْخل رجل على قومه قبلك فَإِن كنت تطلب بِهَذَا الحَدِيث مَالا فَذَلِك لَك على قَوْمك أَن تجمع لَك حَتَّى تكون أكثرنا مَالا وَإِن كنت تُرِيدُ شرفاً فَنحْن مشرفوك حَتَّى لَا يكون أحد من قَوْمك فَوْقك وَلَا نقطع الْأُمُور دُونك وَإِن كَانَ هَذَا عَن لمَم يصيبك لَا تقدر على النُّزُوع عَنهُ بذلنا لَك خزائنا فِي طلب الطِّبّ لذَلِك مِنْهُ وَإِن كنت تُرِيدُ ملكا ملكناك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفرغت يَا أَبَا الْوَلِيد قَالَ: نعم فَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {حم} السَّجْدَة حَتَّى مر بِالسَّجْدَةِ فَسجدَ وَعتبَة ملق يَده خلف ظَهره حَتَّى فرغ من قِرَاءَته وَقَامَ عتبَة لَا يدْرِي مَا يُرَاجِعهُ بِهِ حَتَّى أَتَى نَادِي قومه فَلَمَّا رَأَوْهُ مُقبلا قَالُوا: لقد رَجَعَ إِلَيْكُم بِوَجْه مَا قَامَ بِهِ من عنْدكُمْ فَجَلَسَ إِلَيْهِم فَقَالَ: يَا معشر قُرَيْش قد كَلمته بِالَّذِي أَمرْتُمُونِي بِهِ حَتَّى إِذا فرغت كلمني بِكَلَام لَا وَالله مَا سَمِعت أذناي بِمثلِهِ قطّ فَمَا دَريت مَا أَقُول لَهُ يَا معشر قُرَيْش أَطِيعُونِي الْيَوْم واعصوني فِيمَا بعده اتْرُكُوا الرجل واعتزلوه فوَاللَّه مَا هُوَ بتارك مَا هُوَ عَلَيْهِ وخلوا بَينه وَبَين سَائِر الْعَرَب فَإِن يكن يظْهر عَلَيْهِم يكن شرفه شرفكم وعزه عزكم وَملكه ملككم وان يظهروا عَلَيْهِ تَكُونُوا قد كفيتموه بغيركم قَالُوا: أصبأت إِلَيْهِ يَا أَبَا الْوَلِيد وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جِئْت أَزور عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوحى إِلَيْهِ ثمَّ سرى عَنهُ فَقَالَ: يَا عَائِشَة ناوليني رِدَائي فناولته ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد فَإِذا مُذَكّر يذكر فَجَلَسَ حَتَّى إِذا قضى الْمُذكر تذكره إفتتح (حم تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم) (السَّجْدَة الْآيَة 1) فَسجدَ حَتَّى طَالَتْ سجدته ثمَّ تسامع بِهِ من كَانَ على ميلين وتلا عَلَيْهِ السَّجْدَة فَأرْسلت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي خاصتها أَن احضروا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

فَلَقَد رَأَيْت مَا لم أره مُنْذُ كنت مَعَه فَرفع رَأسه فَقَالَ: سجدت هَذِه السَّجْدَة شكر لرَبي فِيمَا أبلاني فِي أمتِي فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: وماذا ابلاك فِي أمتك قَالَ: أَعْطَانِي سبعين ألفا من أمتِي يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله إِن أمتك كثير طيب فازدد قَالَ: قد فعلت فَأَعْطَانِي مَعَ كل وَاحِد من السّبْعين ألفا سبعين ألفا فَقَالَ: يَا رَسُول الله ازدد لأمتك فَقَالَ بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ بهَا على صَدره فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: وعيت يَا رَسُول الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْخَلِيل بن مرّة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ تبَارك وحم السَّجْدَة الْآيَة 5

5

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالُوا قُلُوبنَا فِي أكنة} قَالُوا: كالجعبة للنبل وَأخرج أَبُو سهل السّري بن سهل الجنديسابوري فِي حَدِيثه من طَرِيق عبد القدوس عَن نَافِع بن الْأَزْرَق عَن ابْن عمر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقَالُوا قُلُوبنَا فِي أكنة} الْآيَة قَالَ: أَقبلت قُرَيْش إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُم مَا يمنعكم من الإِسلام فتسودوا الْعَرَب فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد مَا نفقه مَا تَقول وَلَا نَسْمَعهُ وَإِن على قُلُوبنَا لغلفا وَأخذ أَبُو جهل ثوبا فمده فِيمَا بَينه وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد {قُلُوبنَا فِي أكنة مِمَّا تدعونا إِلَيْهِ وَفِي آذاننا وقر وَمن بَيْننَا وَبَيْنك حجاب} قَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أدعوكم إِلَى خَصْلَتَيْنِ أَن تشهدوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَإِنِّي رَسُول الله فَلَمَّا سمعُوا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله (وَلَو على أدبارهم نفوراً) (الْإِسْرَاء 46) وَقَالُوا (أجعَل الْآلهَة إِلَهًا وَاحِدًا إِن هَذَا لشَيْء عُجاب) (ص 5) وَقَالَ بَعضهم لبَعض (امشوا واصبروا على آلِهَتكُم إِن هَذَا لشَيْء يُرَاد مَا سمعنَا بِهَذَا فِي الْملَّة الْآخِرَة إِن هَذَا إِلَّا اخْتِلَاق أأنزل عَلَيْهِ الذّكر من بَيْننَا) (ص 7)

وَهَبَطَ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله يُقْرِئك السَّلَام وَيَقُول: أَلَيْسَ يزْعم هَؤُلَاءِ أَن على قُلُوبهم أكنَّة أَن يفقهوه وَفِي آذانهم وقر فَلَيْسَ يسمعُونَ قَوْلك كَيفَ (وَإِذا ذكرت رَبك فِي الْقُرْآن وَحده ولوا على أدبارهم نفوراً) (الْإِسْرَاء 46) لَو كَانَ كَمَا زَعَمُوا لم ينفروا وَلَكنهُمْ كاذبون يسمعُونَ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بذلك كَرَاهِيَة لَهُ فَلَمَّا كَانَ من الْغَد أقبل مِنْهُم سَبْعُونَ رجلا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أعرض علينا الْإِسْلَام فَلَمَّا عرض عَلَيْهِم الإِسلام أَسْلمُوا عَن آخِرهم فَتَبَسَّمَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْحَمد الله ألستم بالْأَمْس تَزْعُمُونَ أَن على قُلُوبكُمْ غلفًا وقلوبكم فِي أكنة مِمَّا ندعوكم إِلَيْهِ وَفِي آذانكم وقرا وأصبحتم الْيَوْم مُسلمين فَقَالُوا: يَا رَسُول الله كذبنَا وَالله بالْأَمْس لَو كَانَ كَذَلِك مَا اهتدينا أبدا وَلَكِن الله الصَّادِق والعباد الْكَاذِبُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْغَنِيّ وَنحن الْفُقَرَاء إِلَيْهِ الْآيَات 6 - 8

6

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وويل للْمُشْرِكين الَّذين لَا يُؤْتونَ الزَّكَاة} قَالَ: لَا يشْهدُونَ أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَفِي قَوْله {لَهُم أجر غير ممنون} قَالَ: غير مَنْقُوص وَأخرج عبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وويل للْمُشْرِكين الَّذين لَا يُؤْتونَ الزَّكَاة} قَالَ: لَا يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {الَّذين لَا يُؤْتونَ الزَّكَاة} قَالَ: كَانَ يُقَال الزَّكَاة قنطرة الإِسلام من قطعهَا برىء وَنَجَا وَمن لم يقطعهَا هلك وَالله أعلم

الْآيَات 9 - 12

9

أخرج ابْن جرير والنحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن الْيَهُود أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلته عَن خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَقَالَ: خلق الله الأَرْض يَوْم الْأَحَد والإثنين وَخلق الْجبَال وَمَا فِيهِنَّ من مَنَافِع يَوْم الثُّلَاثَاء وَخلق يَوْم الْأَرْبَعَاء الشّجر وَالْمَاء والمدائن والعمران والخراب فَهَذِهِ أَرْبَعَة فَقَالَ تَعَالَى {قل أئنكم لتكفرون بِالَّذِي خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ وتجعلون لَهُ أنداداً ذَلِك رب الْعَالمين وَجعل فِيهَا رواسي من فَوْقهَا وَبَارك فِيهَا وَقدر فِيهَا أقواتها فِي أَرْبَعَة أَيَّام سَوَاء للسائلين} وَخلق يَوْم الْخَمِيس السَّمَاء وَخلق يَوْم الْجُمُعَة النُّجُوم وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالْمَلَائِكَة إِلَى ثَلَاث سَاعَات بَقينَ مِنْهُ فخلق فِي أول سَاعَة من هَذِه الثَّلَاثَة الْآجَال حِين يَمُوت من مَاتَ وَفِي الثَّانِيَة ألْقى الآفة على كل شَيْء من منتفع بِهِ وَفِي الثَّالِثَة خلق آدم وَأَسْكَنَهُ الْجنَّة وَأمر إِبْلِيس بِالسُّجُود لَهُ وَأخرجه مِنْهَا فِي آخر سَاعَة قَالَت الْيَهُود: ثمَّ مَاذَا يَا مُحَمَّد قَالَ: ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش قَالُوا: لقد أصبت لَو أتممت ثمَّ قَالُوا: استراح فَغَضب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَضبا شَدِيدا فَنزل (وَلَقَد خلقنَا السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة أَيَّام وَمَا مسنا من لغوب فاصبر على مَا يَقُولُونَ) (ق 38) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَقدر فِيهَا أقواتها} قَالَ: شقّ الْأَنْهَار وغرس الْأَشْجَار وَوضع الْجبَال وأجرى الْبحار وَجعل فِي هَذِه مَا لَيْسَ فِي هَذِه وَفِي هَذِه مَا لَيْسَ فِي هَذِه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَقدر فِيهَا أقواتها} قَالَ: قدر فِي كل أَرض شَيْئا لَا يصلح فِي غَيرهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَقدر فِيهَا أقواتها} قَالَ: لَا يصلح النَّيْسَابُورِي إِلَّا بنيسابور وَلَا ثِيَاب الْيمن إِلَّا بِالْيمن وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن {وَقدر فِيهَا أقواتها} قَالَ: أرزاقها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {سَوَاء للسائلين} قَالَ: من سَأَلَ فَهُوَ كَمَا قَالَ الله وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق الله السَّمَوَات من دُخان ثمَّ ابْتَدَأَ خلق الأَرْض يَوْم الْأَحَد وَيَوْم الْإِثْنَيْنِ فَذَلِك قَول الله تَعَالَى {قل أئنكم لتكفرون بِالَّذِي خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ} ثمَّ {وَقدر فِيهَا أقواتها} فِي يَوْم الثُّلَاثَاء وَيَوْم الْأَرْبَعَاء فَذَلِك قَوْله {وَقدر فِيهَا أقواتها فِي أَرْبَعَة أَيَّام سَوَاء للسائلين ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِي دُخان} فسمكها وزينها بالنجوم وَالشَّمْس وَالْقَمَر وأجراهما فِي فلكهما وَخلق فِيهَا مَا شَاءَ من خلقه وَمَلَائِكَته يَوْم الْخَمِيس وَيَوْم الْجُمُعَة وَخلق الْجنَّة يَوْم الْجُمُعَة وَخلق الْيَهُود يَوْم السبت لِأَنَّهُ يسبت فِيهِ كل شَيْء وعظمت النَّصَارَى يَوْم الْأَحَد لِأَنَّهُ ابتدىء فِيهِ خلق كل شَيْء وَعظم الْمُسلمُونَ يَوْم الْجُمُعَة لِأَن الله فرغ فِيهِ من خلقه وَخلق فِي الْجنَّة رَحمته وَجمع فِيهِ آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَفِيه هَبَط من الْجنَّة وَفِيه قبلت تَوْبَته وَهُوَ أعظمها وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله تَعَالَى خلق يَوْمًا فَسَماهُ الْأَحَد ثمَّ خلق ثَانِيًا فَسَماهُ الِاثْنَيْنِ ثمَّ خلق ثَالِثا فَسَماهُ الثُّلَاثَاء ثمَّ خلق رَابِعا فَسَماهُ الْأَرْبَعَاء وَخلق خَامِسًا فَسَماهُ الْخَمِيس فخلق الأَرْض يَوْم الْأَحَد والاثنين وَخلق الْجبَال يَوْم الثُّلَاثَاء وَلذَلِك يَقُول النَّاس إِنَّه يَوْم ثقيل كَذَلِك وَخلق مَوَاضِع الْأَنْهَار وَالشَّجر والقرى يَوْم الْأَرْبَعَاء وَخلق الطير والوحش وَالسِّبَاع والهوام والآفة يَوْم الْخَمِيس وَخلق الإِنسان يَوْم الْجُمُعَة وَفرغ من الْخلق يَوْم السبت وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله تَعَالَى ابْتَدَأَ الْخلق وَخلق الأَرْض يَوْم الْأَحَد والاثنين وَخلق الأقوات والرواسي يَوْم الثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَخلق السَّمَوَات يَوْم الْخَمِيس وَالْجُمُعَة إِلَى صَلَاة الْعَصْر وَخلق آدم

عَلَيْهِ السَّلَام فِي تِلْكَ السَّاعَة الَّتِي لَا يُوَافِقهَا عبد يَدْعُو ربه إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ فَهُوَ مَا بَين صَلَاة الْعَصْر إِلَى أَن تغيب الشَّمْس وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن الْيَهُود قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يَوْم الْأَحَد قَالَ: خلق الله فِيهِ الأَرْض قَالُوا: فَيوم الْأَرْبَعَاء قَالَ: الأقوات قَالُوا: فَيوم الْخَمِيس قَالَ: فِيهِ خلق الله السَّمَوَات قَالُوا: فَيوم الْجُمُعَة قَالَ: خلق فِي ساعتين الْمَلَائِكَة وَفِي ساعتين الْجنَّة وَالنَّار وَفِي ساعتين الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب وَفِي ساعتين اللَّيْل وَالنَّهَار قَالُوا: أَلَسْت تذكر الرَّاحَة فَقَالَ سُبْحَانَ الله فَأنْزل الله (وَلَقَد خلقنَا السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة أَيَّام وَمَا مسنا من لغوب) (ق 38) وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من وَجه آخر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله تَعَالَى فرغ من خلقه فِي سِتَّة أَيَّام أولهنَّ يَوْم الْأَحَد والاثنين وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس وَالْجُمُعَة خلق يَوْم الْأَحَد السَّمَوَات وَخلق يَوْم الِاثْنَيْنِ الشَّمْس وَالْقَمَر وَخلق يَوْم الثُّلَاثَاء دَوَاب الْبَحْر ودواب الأَرْض وفجر الْأَنْهَار وقوت الأقوات وَخلق الْأَشْجَار يَوْم الْأَرْبَعَاء وَخلق يَوْم الْخَمِيس الْجنَّة وَالنَّار وَخلق آدم عَلَيْهِ السَّلَام يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ أقبل على الْأَمر يَوْم السبت وَأخرج ابْن جرير عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ الْيَهُود إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أخبرنَا مَا خلق الله من الْخلق فِي هَذِه الْأَيَّام السِّتَّة فَقَالَ: خلق الله الأَرْض يَوْم الْأَحَد والإثنين وَخلق الْجبَال يَوْم الثُّلَاثَاء وَخلق الْمَدَائِن والاقوات والأنهار وعمرانها وخرابها يَوْم الْأَرْبَعَاء وَخلق السَّمَوَات وَالْمَلَائِكَة يَوْم الْخَمِيس إِلَى ثَلَاث سَاعَات يَعْنِي من يَوْم الْجُمُعَة وَخلق فِي أول سَاعَة الْآجَال وَفِي الثَّانِيَة الآفة وَفِي الثَّالِثَة آدم قَالُوا: صدقت أَن تممت فَعرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يُرِيدُونَ فَغَضب فَأنْزل الله (وَمَا مسنا من لغوب فاصبر على مَا يَقُولُونَ) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَقَالَ لَهَا وللأرض ائتيا طَوْعًا أَو كرها} قَالَ: قَالَ

للسماء أَخْرِجِي شمسك اخْرُجِي قمرك ونجومك وَقَالَ للْأَرْض: شققي أنهارك وأخرجي ثمارك {قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ائتيا} قَالَ: اعطيا وَفِي قَوْله {أَتَيْنَا} قَالَ: أعطينا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَأوحى فِي كل سَمَاء أمرهَا} قَالَ: مَا أَمر بِهِ وأراده من خلق النيرات وَغير ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَأوحى فِي كل سَمَاء أمرهَا} قَالَ: خلق فِيهَا شمسها وقمرها ونجومها وصلاحها الْآيَات 13 - 18

13

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل شَيْء فِي الْقُرْآن {صَاعِقَة} فَهُوَ عَذَاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَة مثل صَاعِقَة عادٍ وَثَمُود} يَقُول: أَنْذَرْتُكُمْ وقيعة عَاد وَثَمُود وَفِي قَوْله {ريحًا صَرْصَرًا} بَارِدَة وَفِي قَوْله {نحسات} قَالَ: مشؤمات نكدات

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا} قَالَ: شَدِيدَة الشؤم قَالَ: مشؤومات وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَأما ثَمُود فهديناهم} قَالَ: بَينا لَهُم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَأما ثَمُود فهديناهم} يَقُول: بَينا لَهُم سَبِيل الْخَيْر وَالشَّر وَالله أعلم الْآيَات 19 - 24

19

أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَيَوْم يحْشر أَعدَاء الله إِلَى النَّار فهم يُوزعُونَ} قَالَ: يحبس أَوَّلهمْ على آخِرهم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَأبي رزين رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يُوزعُونَ} قَالَ: يدْفَعُونَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيَوْم يحْشر أَعدَاء الله إِلَى النَّار فهم يُوزعُونَ} قَالَ الوزعة السَّاقَة من الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام يسوقونهم إِلَى النَّار ويردون الآخر على الأول

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: عَلَيْهِم وزعة ترد أَوَّلهمْ على آخِرهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فهم يُوزعُونَ} قَالَ: يحبسون بَعْضًا على بعض قَالَ: عَلَيْهِم وزعة ترد أَوَّلهمْ على آخِرهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي الضُّحَى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ لِابْنِ الْأَزْرَق: إِن يَوْم الْقِيَامَة يَأْتِي على النَّاس مِنْهُ حِين لَا ينطقون وَلَا يَعْتَذِرُونَ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ حَتَّى يُؤذن لَهُم فيختصمون فيجحد الجاحد بشركه بِاللَّه تَعَالَى فَيحلفُونَ لَهُ كَمَا يحلفُونَ لكم فيبعث الله عَلَيْهِم حِين يجحدون شُهُودًا من أنفسهم جُلُودهمْ وأبصارهم وأيديهم وأرجلهم وَيخْتم على أَفْوَاههم ثمَّ تفتح الأفواه فتخاصم الْجَوَارِح فَتَقول {أنطقنا الله الَّذِي أنطق كل شَيْء وَهُوَ خَلقكُم أول مرّة وَإِلَيْهِ ترجعون} فتقر الْأَلْسِنَة بعد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت مستتراً بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فجَاء ثَلَاثَة نفر قرشي وثقفيان أَو ثقفي وقرشيان كثير لحم بطونهم قَلِيل فقه قُلُوبهم فتكلموا بِكَلَام لم أسمعهُ فَقَالَ أحدهم: أَتَرَوْنَ أَن الله يسمع كلامنا هَذَا فَقَالَ الآخر: انا إِذا رفعنَا أصواتنا سَمعه وَإِذا لم نرفعه لم يسمع فَقَالَ الْآخرَانِ: سمع مِنْهُ شَيْئا سَمعه كُله قَالَ: فَذكرت ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {وَمَا كُنْتُم تستترون أَن يشْهد عَلَيْكُم سمعكم وَلَا أبصاركم} إِلَى قَوْله {من الخاسرين} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن مُعَاوِيَة بن حيدة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تحشرون هَهُنَا - وأوما بِيَدِهِ إِلَى الشَّام - مشَاة وركباناً على وُجُوهكُم وتعرضون على الله وعَلى أَفْوَاهكُم الْفِدَام وَإِن أول مَا يعرب عَن أحدكُم فَخذه وكفه وتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمَا كُنْتُم تستترون أَن يشْهد عَلَيْكُم سمعكم وَلَا أبصاركم وَلَا جلودكم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا كُنْتُم تظنون

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَمَا كُنْتُم تستترون} قَالَ: تستخفون وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يموتن أحدكُم إِلَّا وَهُوَ يحسن الظَّن بِاللَّه فَإِن قوما قد أَرَادَهُم سوء ظنهم بِاللَّه عز وَجل قَالَ الله عز وَجل {وذلكم ظنكم الَّذِي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين} الْآيَة 25

25

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وقيضنا لَهُم قرناء} قَالَ: شياطين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فزينوا لَهُم مَا بَين أَيْديهم} قَالَ: الدُّنْيَا يرغبونهم فِيهَا {وَمَا خَلفهم} قَالَ: الْآخِرَة زَينُوا لَهُم نسيانها وَالْكفْر بهَا الْآيَات 26 - 28

26

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِمَكَّة إِذا قَرَأَ الْقُرْآن يرفع صَوته فَكَانَ الْمُشْركُونَ يطردون النَّاس عَنهُ وَيَقُولُونَ {لَا تسمعوا لهَذَا الْقُرْآن والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تغلبون} وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أخْفى قِرَاءَته لم يسمع من يحب أَن يسمع الْقُرْآن فَأنْزل الله (وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا) (الإِسراء 110)

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {والغوا فِيهِ} قَالَ: بالتصفير والتخليط فِي الْمنطق على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ الْقُرْآن قُرَيْش تَفْعَلهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {والغوا فِيهِ} قَالَ: يَقُولُونَ اجحدوا بِهِ وانكروه وعادوه وَالله أعلم الْآيَة 29

29

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {رَبنَا أرنا الَّذين أضلانا من الْجِنّ والإِنس} قَالَ: هُوَ ابْن آدم الَّذِي قتل أَخَاهُ وإبليس وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَإِبْرَاهِيم مثله الْآيَات 30 - 32

30

أخرج التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه قَالَ: قَرَأَ علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا} قَالَ: قد قَالَهَا نَاس من النَّاس ثمَّ كفر أَكْثَرهم فَمن قَالَهَا حَتَّى يَمُوت فَهُوَ مِمَّن استقام عَلَيْهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور ومسدد وَابْن سعد وَعبد بن

حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن عمرَان عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا} قَالَ الاسْتقَامَة أَن لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق الْأسود بن هِلَال عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: مَا تَقولُونَ فِي هَاتين الْآيَتَيْنِ {إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا} و {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} الْأَنْعَام قَالُوا: لم يذنبوا قَالَ: لقد حملتموها على أَمر شَدِيد (الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم) يَقُول: بشرك و {الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا} فَلم يرجِعوا إِلَى عبَادَة الْأَوْثَان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ عَن بعض أَصْحَابه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا} قَالَ: على فَرَائض الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا} قَالَ: على شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ {إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا} قَالَ: استقاموا بِطَاعَة الله وَلم يروغوا روغان الثَّعْلَب وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ أَي آيَة فِي كتاب الله أرحب قَالَ: قَوْله {إِن الَّذين قَالُوا رَبنَا الله ثمَّ استقاموا} على شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله قيل لَهُ: فَأَيْنَ قَوْله تَعَالَى (يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم ) (الزمر 53) [] زَاد قَرَأَ (وأنيبوا إِلَى ربكُم) (الزمر 54) فيهمَا علقه اعْمَلُوا وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم وَمُجاهد رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثمَّ استقاموا} قَالَ: قَالُوا لَا إِلَه إِلَّا الله لم يشركوا بعْدهَا بِاللَّه شَيْئا حَتَّى يلقوه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {قَالُوا رَبنَا الله} وَحده {ثمَّ استقاموا} يَقُول: على أَدَاء فَرَائض الله {تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة} قَالَ: فِي الْآخِرَة

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد والدارمي وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان عَن سُفْيَان الثَّقَفِيّ أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله مرني بِأَمْر فِي الإِسلام لَا أسأَل عَنهُ أحدا بعْدك قَالَ: قل آمَنت بِاللَّه ثمَّ اسْتَقِم قلت: فَمَا اتَّقى فأوما إِلَى لِسَانه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة} قَالَ: عِنْد الْمَوْت وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ {أَلا تخافوا} مِمَّا تقدمون عَلَيْهِ من الْمَوْت وَأمر الْآخِرَة {وَلَا تحزنوا} على مَا خَلفْتُمْ من أَمر دنياكم من ولد وَأهل وَدين مِمَّا استخلفكم فِي ذَلِك كُله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم قَالَ: يُؤْتى الْمُؤمن عِنْد الْمَوْت فَيُقَال: لَا تخف مِمَّا أَنْت قادم عَلَيْهِ فَيذْهب خَوفه وَلَا تحزن على الدُّنْيَا وَلَا على أَهلهَا وأبشر بِالْجنَّةِ فَيَمُوت وَقد قر الله عينه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: يبشر بهَا عِنْد مَوته وَفِي قَبره وَيَوْم يبْعَث فَإِنَّهُ لَقِي الْجنَّة وَمَا رميت فرحة الْبشَارَة من قلبه وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ {أَلا تخافوا} من ضيعتكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: حرَام على كل نفس أَن تخرج من الدُّنْيَا حَتَّى تعلم مصيرها وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ: إِن الْمُؤمن يبشر بصلاح وَلَده من بعده لتقر عينه وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه قُلْنَا: يَا رَسُول الله كلنا يكره الْمَوْت قَالَ: لَيْسَ ذَلِك كَرَاهِيَة الْمَوْت وَلَكِن الْمُؤمن إِذا احْتضرَ جَاءَهُ البشير من الله بِمَا هُوَ صائر إِلَيْهِ فَلَيْسَ شَيْء أحب إِلَيْهِ من أَن يكون لَقِي الله فَأحب الله لقاءه وَإِن الْكَافِر والفاجر إِذا احْتضرَ جَاءَهُ بِمَا هُوَ صائر إِلَيْهِ من الشَّرّ فكره الله لقاءه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ثَابت أَنه قَرَأَ السَّجْدَة حَتَّى بلغ {تتنزل عَلَيْهِم الْمَلَائِكَة} فَوقف قَالَ: بلغنَا أَن العَبْد الْمُؤمن يَبْعَثهُ الله من قَبره يتلقاه ملكاه

اللَّذَان كَانَا مَعَه فِي الدُّنْيَا فَيَقُولَانِ لَهُ: لَا تخف وَلَا تحزن وأبشر بِالْجنَّةِ الَّتِي كنت توعد فَيُؤمن الله خَوفه ويقر عينه وَبِمَا عصمه أَلا وَهِي لِلْمُؤمنِ قُرَّة عين لما هداه الله تَعَالَى وَلما كَانَ يعْمل فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {نَحن أولياؤكم} قَالَ: رفقاؤكم فِي الدُّنْيَا لَا نفارقكم حَتَّى ندخل مَعكُمْ الْجنَّة وَلَفظ عبد بن حميد قَالَ: قرناؤهم الَّذين مَعَهم فِي الدُّنْيَا فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قَالُوا: لن نفارقكم حَتَّى ندخلكم الْجنَّة وَأخرج أَبُو نعيم فِي صفة الْجنَّة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بَينا أهل الْجنَّة فِي مجْلِس لَهُم إِذْ سَطَعَ لَهُم نور على بَاب الْجنَّة فَرفعُوا رؤوسهم فَإِذا الرب تَعَالَى قد أشرف فَقَالَ يَا أهل الْجنَّة سلوني فَقَالُوا: نَسْأَلك الرِّضَا عَنَّا قَالَ: رضاي أَحَلَّكُمْ دَاري وأنَالَكُم كَرَامَتِي هَذِه وأيها تَسْأَلُونِي قَالُوا: نَسْأَلك الزِّيَادَة قَالَ: فيؤتون بنجائب من ياقوت أَحْمَر أزمتها زبرجد أَخْضَر وَيَاقُوت أَحْمَر فجاؤا عَلَيْهَا تضع حوافرها عِنْد مُنْتَهى طرفها فَأمر الله بأشجار عَلَيْهَا الثِّمَار فتجيء حور من الْعين وَهن يقلن: نَحن الناعمات فَلَا نباس وَنحن الخالدات فَلَا نموت أَزوَاج قوم مُؤمنين كرام وَيَأْمُر الله بكثبان من مسك أَبيض أذفر فتنثر عَلَيْهِم ريحًا يُقَال لَهَا المثيرة حَتَّى تَنْتَهِي بهم إِلَى جنَّة عدن وَهِي قَصَبَة الْجنَّة فَتَقول الْمَلَائِكَة: يَا رَبنَا قد جَاءَ الْقَوْم فَيَقُول: مرْحَبًا بالصادقين فَيكْشف لَهُم الْحجاب فَيَنْظُرُونَ إِلَى الله فيتمتعون بِنور الرَّحْمَن حَتَّى لَا يبصر بَعضهم بَعْضًا ثمَّ يَقُول ارجعوهم إِلَى الْقُصُور بالتحف فيرجعون وَقد أبْصر بَعضهم بَعْضًا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {نزلا من غَفُور رَحِيم} وَأخرج ابْن النجار من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مثله سَوَاء الْآيَة 33

33

أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا {وَمن أحسن قولا مِمَّن دَعَا إِلَى الله} قَالَت: الْمُؤَذّن {وَعمل صَالحا} قَالَت: رَكْعَتَانِ فِيمَا بَين الآذان والإِقامة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا أرى هَذِه الْآيَة نزلت إِلَّا فِي المؤذنين {وَمن أحسن قولا مِمَّن دَعَا إِلَى الله} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن أحسن قولا مِمَّن دَعَا إِلَى الله} قَالَ: هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن أحسن قولا مِمَّن دَعَا إِلَى الله} قَالَ: ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الْمُؤمن عمل صَالحا ودعا إِلَى الله تَعَالَى وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمن أحسن قولا مِمَّن دَعَا إِلَى الله وَعمل صَالحا وَقَالَ إِنَّنِي من الْمُسلمين} قَالَ: هَذَا عبد صدق قَوْله وَعَمله ومولجه ومخرجه وسره وعلانيته ومشهده ومغيبه وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وَمن أحسن قولا مِمَّن دَعَا إِلَى الله} قَالَ: قَول لَا إِلَه إِلَّا الله يَعْنِي الْمُؤَذّن {وَعمل صَالحا} صَامَ وَصلى وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن قيس بن أبي حَازِم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن أحسن قولا مِمَّن دَعَا إِلَى الله} قَالَ الْأَذَان {وَعمل صَالحا} قَالَ: الصَّلَاة بَين الآذان والاقامة قَالَ الْخَطِيب: قَالَ أَبُو بكر النقاش رَضِي الله عَنهُ قَالَ لي أَبُو بكر بن أبي دَاوُد فِي تَفْسِيره عشرُون وَمِائَة ألف حَدِيث لَيْسَ فِيهِ هَذَا الحَدِيث وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عَاصِم بن هُبَيْرَة قَالَ: إِذا فرغت من اذانك فَقل: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَأَنا من الْمُسلمين ثمَّ قَرَأَ {وَمن أحسن قولا مِمَّن دَعَا إِلَى الله وَعمل صَالحا وَقَالَ إِنَّنِي من الْمُسلمين} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة عَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن المؤذنين أطول النَّاس أعناقاً يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة والديلمي عَن زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِلَال سيد المؤذنين يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يتبعهُ إِلَّا مُؤمن والمؤذنون أطول النَّاس أعناقاً يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ مد صَوته ويصدقه كل رطب ويابس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لرجل: مَا عَمَلك قَالَ: الآذان قَالَ: نعم الْعَمَل عَمَلك يشْهد لَك كل شَيْء سَمعك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو أطقت الآذان مَعَ الخليفي لأذنت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لِأَن أقوى على الآذان أحب إليّ من أَن أحج أَو أعتمر أَو أجاهد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو كنت مُؤذنًا مَا باليت أَن لَا أحج وَلَا أغزو وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من أذن كتب لَهُ سَبْعُونَ حَسَنَة وَإِن أَقَامَ فَهُوَ أفضل وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق هِشَام عَن يحيى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حدثت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو علم النَّاس مَا فِي الآذان لتجاذبوه قَالَ وَكَانَ يُقَال: ابتدروا الآذان وَلَا تبتدروا الإِمامة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمُؤَذّن الْمُحْتَسب أول مَا يكسى يَوْم الْقِيَامَة الْآيَات 34 - 35

34

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تستوي الْحَسَنَة وَلَا السَّيئَة ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: أَمر الله الْمُؤمنِينَ بِالصبرِ عِنْد الْغَضَب والحلم عِنْد الْجَهْل وَالْعَفو عِنْد الإِساءة فَإِذا فعلوا ذَلِك عصمهم الله من الشَّيْطَان وخضع لَهُم عدوهم {كَأَنَّهُ ولي حميم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تستوي الْحَسَنَة وَلَا السَّيئَة ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: ألقه بِالسَّلَامِ {فَإِذا الَّذِي بَيْنك وَبَينه عَدَاوَة كَأَنَّهُ ولي حميم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: السَّلَام إِن تسلم عَلَيْهِ إِذا لَقيته وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن} قَالَ: السَّلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كَأَنَّهُ ولي حميم} قَالَ: ولي رَقِيب وَفِي قَوْله {إِلَّا ذُو حَظّ عَظِيم} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وَمَا يلقاها إِلَّا الَّذين صَبَرُوا} قَالَ: وَالله لَا يُصِيبهَا صَاحبهَا حَتَّى يَكْظِم غيظاً ويصفح عَن بعض مَا يكره وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا يلقاها إِلَّا الَّذين صَبَرُوا وَمَا يلقاها إِلَّا ذُو حَظّ عَظِيم} قَالَ: الرجل يشتمه أَخُوهُ فَيَقُول إِن كنت صَادِقا يغْفر الله لي وَإِن كنت كَاذِبًا يغْفر الله لَك وَالله أعلم الْآيَة 36

36

أخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سُلَيْمَان بن صرد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: استب رجلَانِ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاشْتَدَّ غضب

أَحدهمَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأعْلم كلمة لَو قَالَهَا لذهب عَنهُ الْغَضَب أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَقَالَ الرجل أمجنون تراني فَتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ فاستعذ بِاللَّه إِنَّه سميع عليم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: استب رجلَانِ عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى عرف الْغَضَب فِي وَجه أَحدهمَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأعْلم كلمة لَو قَالَهَا ذهب غَضَبه أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إتقوا الْغَضَب فَإِنَّهَا جَمْرَة توقد فِي قلب ابْن آدم ألم ترَ انتفاخ أوداجه وَحُمرَة عَيْنَيْهِ فَمن أحس من ذَلِك شَيْئا فليلزق بِالْأَرْضِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن خَيْثَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال إِن الشَّيْطَان يَقُول: كَيفَ يغلبني ابْن آدم إِذا رَضِي حَيْثُ أكون فِي قلبه وَإِذا غضب طرت حَيْثُ أكون على رَأسه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ فاستعذ بِاللَّه} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَمَا هُوَ يُصَلِّي إِذْ جعل يسند حَتَّى يسْتَند السارية ثمَّ يَقُول ألعنك بلعنة الله التَّامَّة فَقَالَ بعض أَصْحَابه: يَا نَبِي الله مَا شَيْء رَأَيْنَاك تَصنعهُ قَالَ: أَتَانِي الشَّيْطَان بشهاب من نَار ليحرقني بِهِ فلعنته بلعنة الله التَّامَّة فانكب لفيه وطفئت ناره الْآيَات 37 - 38

37

أخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:

لَا تسبوا اللَّيْل وَالنَّهَار وَلَا الشَّمْس وَلَا الْقَمَر وَلَا الرِّيَاح فَإِنَّهَا ترسل رَحْمَة لقوم وَعَذَابًا لقوم وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {لَا يسأمون} قَالَ: لَا يملون وَلَا يفترون قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: من الْخَوْف لَا ذِي سأمة من عبَادَة وَلَا مُؤمن طول التَّعَبُّد يجْهد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يسْجد بآخر الْآيَتَيْنِ من (حم) السَّجْدَة وَكَانَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ يسْجد الأولى مِنْهُمَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي إِسْحَق قَالَ: كَانَ عبد الله رَضِي الله عَنهُ وَأَصْحَابه يَسْجُدُونَ بِالْآيَةِ الأولى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن رجل من بني سليم أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْجد بِالْآيَةِ الأولى وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يسْجد بِالْآيَةِ الأولى وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَبدة بن حسن الْبَصْرِيّ رَضِي الله عَنهُ وَله صُحْبَة أَنه سجد فِي الْآيَة الأولى من (حم) وَأخرج سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يسْجد فِي الْآيَة الْأَخِيرَة الْآيَة 39

39

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن آيَاته أَنَّك ترى الأَرْض خاشعة} قَالَ: غبراء متهشمة {فَإِذا أنزلنَا عَلَيْهَا المَاء اهتزت وربت} قَالَ: [] تغرف الْغَيْث وربوها إِذا مَا أَصَابَهَا

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {اهتزت} قَالَ: بالنبات {وربت} قَالَ: ارتعشت قبل أَن تنْبت الْآيَة 40

40

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِن الَّذين يلحدون فِي آيَاتنَا} قَالَ: هُوَ أَن يوضع الْكَلَام على غير مَوْضِعه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين يلحدون فِي آيَاتنَا} قَالَ: هُوَ أَن يوضع الْكَلَام على غير مَوْضِعه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين يلحدون فِي آيَاتنَا} قَالَ: إلحاد مَا ذكر مَعَه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ الإِلحاد التَّكْذِيب وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن هَذَا الْقُرْآن كَلَام الله فضعوه على موَاضعه وَلَا تتبعوا فِيهِ هواكم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أَفَمَن يلقى فِي النَّار خير} قَالَ: أَبُو جهل بن هِشَام {أم من يَأْتِي آمنا يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن بشير بن تَمِيم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أبي جهل وعمار بن يَاسر {أَفَمَن يلقى فِي النَّار} أَبُو جهل {أم من يَأْتِي آمنا يَوْم الْقِيَامَة} عمار وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَفَمَن يلقى فِي النَّار خير أم من يَأْتِي آمنا يَوْم الْقِيَامَة} نزلت فِي عمار بن يَاسر وَفِي أبي جهل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {اعْمَلُوا مَا شِئْتُم} قَالَ: هَذَا وَعِيد وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {اعْمَلُوا مَا شِئْتُم} قَالَ: خَيَّركُمْ وأمركم

بِالْعَمَلِ وَاتخذ الْحجَّة وَبعث رَسُوله وَأنزل كِتَابه وشرّع شرائعه حجَّة وتقدمة إِلَى خلقه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {اعْمَلُوا مَا شِئْتُم} قَالَ: هَذَا لأهل بدرخاصة وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر أَن السَّمَاء فرجت يَوْم بدر فَقيل {اعْمَلُوا مَا شِئْتُم} وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فأبيحت لَهُم الْأَعْمَال الْآيَات 41 - 42

41

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو سُئِلَ: مَا الْمخْرج مِنْهَا فَقَالَ: كتاب الله الْعَزِيز الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه {تَنْزِيل من حَكِيم حميد} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن سعد لَا أَحْسبهُ إِلَّا أسْندهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مثل الْقُرْآن وَمثل النَّاس كَمثل الأَرْض والغيث بَيْنَمَا الأَرْض ميتَة هامدة ثمَّ لَا يزَال ترسل الْأَدْوِيَة حَتَّى تبذر وتنبت وَيتم شَأْنهَا وَيخرج الله مَا فِيهَا من زينتها ومعايش النَّاس وَكَذَلِكَ فعل الله بِهَذَا الْقُرْآن وَالنَّاس وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا {إِن الَّذين كفرُوا بِالذكر لما جَاءَهُم} إِلَى قَوْله {حميد} فَقَالَ: إِنَّكُم لن ترجعوا إِلَى الله بِشَيْء أحب إِلَيْهِ من شَيْء خرج مِنْهُ يَعْنِي الْقُرْآن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّكُم لن ترجعوا إِلَى الله بِشَيْء أفضل مِمَّا خرج مِنْهُ يَعْنِي الْقُرْآن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَطِيَّة بن قيس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا تكلم الْعباد بِكَلَام أحب إِلَى الله من كَلَامه وَمَا أناب الْعباد إِلَى الله بِكَلَام أحب إِلَيْهِ من كَلَامه بِالذكر قَالَ بِالْقُرْآنِ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل} قَالَ: الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه} قَالَ: لَا يدْخل فِيهِ الشَّيْطَان مَا لَيْسَ مِنْهُ وَلَا أحد من الْكَفَرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الضريس عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَإنَّهُ لكتاب عَزِيز لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه} قَالَ: أعزه الله لِأَنَّهُ كَلَامه وَحفظه من الْبَاطِل وَالْبَاطِل إِبْلِيس لَا يَسْتَطِيع أَن ينقص مِنْهُ حَقًا وَلَا يزِيد فِيهِ بَاطِلا الْآيَة 43

43

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا يُقَال لَك} من التَّكْذِيب {إِلَّا مَا قد قيل للرسل من قبلك} فَكَمَا كذبت فقد كذبُوا وكما صَبَرُوا على أَذَى قَومهمْ لَهُم فاصبر على أَذَى قَوْمك إِلَيْك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا يُقَال لَك إِلَّا مَا قد قيل للرسل من قبلك} قَالَ: من الْأَذَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: تَعْزِيَة آيَة 44

44

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَو جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أعجمياً} الْآيَة يَقُول لَو جعلنَا الْقُرْآن أعجمياً وَلِسَانك يَا مُحَمَّد عَرَبِيّ

{لقالوا لَوْلَا فصلت آيَاته أأعجمي وعربي} يأتينا بِهِ مُخْتَلفا أَو مختلطاً {لَوْلَا فصلت آيَاته} فَكَانَ الْقُرْآن مثل اللِّسَان يَقُول فَلم يفعل لِئَلَّا يَقُولُوا فَكَانَت حجَّة عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: لَو نزل أعجمياً قَالَ الْمُشْركُونَ: كَيفَ يكون أعجمياً وَهُوَ عَرَبِيّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت: قُرَيْش لَوْلَا أنزل هَذَا الْقُرْآن أعجمياً وعربياً فَأنْزل الله {لقالوا لَوْلَا فصلت آيَاته أأعجمي وعربي} وَأنزل الله تَعَالَى بعد هَذِه الْآيَة فِيهِ بِكُل لِسَان حِجَارَة من سجيل قَالَ ابْن جُبَير رَضِي الله عَنهُ وَالْقِرَاءَة على هَذَا أعجمي بالاستفهام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي ميسرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي الْقُرْآن بِكُل لِسَان وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أُولَئِكَ ينادون من مَكَان بعيد} قَالَ: بعيد من قُلُوبهم الْآيَات 45 - 46

45

أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك} قَالَ: سبق لَهُم من الله حِين واجلهم [] بالغرة الْآيَات 47 - 54

47

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا تخرج من ثَمَرَات من أكمامها} قَالَ: حِين تطلع وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {آذناك} أعلمناك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله {لَا يسأم الإِنسان} قَالَ: لَا يمل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَئِن أذقناه رَحْمَة منا} الْآيَة قَالَ: عَافِيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سنريهم آيَاتنَا فِي الْآفَاق} قَالَ: كَانُوا يسافرون فيرون آثَار عَاد وَثَمُود يَقُولُونَ وَالله لقد صدق مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمَا أَرَاهُم فِي أنفسهم} قَالَ: الْأَمْرَاض

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (42) سُورَة الشورى مَكِّيَّة وآياتها ثَلَاث وَخَمْسُونَ مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت {حم عسق} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: أنزلت بِمَكَّة {حم عسق} الْآيَات 1 - 4

الشورى

وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ذَات لَيْلَة {حم عسق} فرددها مرَارًا {حم عسق} فِي بَيت مَيْمُونَة فَقَالَ: يَا مَيْمُونَة أَمَعَك {حم عسق} قَالَت: نعم قَالَ: فاقرئيها فَلَقَد نسيت مَا بَين أَولهَا وَآخِرهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن مَيْمُونَة قَالَت: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {حم عسق} فَقَالَ: يَا مَيْمُونَة أتعرفين {حم عسق} لقد نسيت مَا بَين أَولهَا وَآخِرهَا قَالَت: فقرأتها فقرأها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم ونعيم بن حَمَّاد والخطيب عَن ابْن [] قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَعِنْده حُذَيْفَة بن الْيَمَان - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: أَخْبرنِي عَن تَفْسِير {حم عسق} فاعرض عَنهُ ثمَّ كرر مقَالَته فاعرض عَنهُ ثمَّ كررها الثَّالِثَة فَلم يجبهُ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَة: رَضِي الله

عَنهُ - أَنا أنبئك بهَا لم كررتها نزلت فِي رجل من أهل بَيته يُقَال لَهُ عبد إِلَه أَو عبد الله ينزل على نهر من أَنهَار الْمشرق يَبْنِي عَلَيْهِ مدينتين يشق النَّهر بَينهمَا شقاً يجْتَمع فِيهَا كل جَبَّار عنيد فَإِذا أذن الله فِي زَوَال ملكهم وَانْقِطَاع دولتهم ومدتهم بعث الله على إحدهما نَارا لَيْلًا فَتُصْبِح سَوْدَاء مظْلمَة قد احترقت كَأَنَّهَا لم تكن مَكَانهَا وتصبح صاحبتها متعجبة كَيفَ أفلتت فَمَا هُوَ إِلَّا بَيَاض يَوْمهَا وَذَلِكَ حَتَّى يجْتَمع فِيهَا كل جَبَّار عنيد مِنْهُم ثمَّ يخسف الله بهَا وبهم جَمِيعًا فَذَلِك عدل مِنْهُ سين - يَعْنِي سَيكون ق - يَعْنِي وَاقع بِهَاتَيْنِ المدينتين وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صعد عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ الْمِنْبَر فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس هَل سمع أحد مِنْكُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {حم عسق} فَوَثَبَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ: إِن حم اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى قَالَ: فعين قَالَ: عاين الْمَذْكُور عَذَاب يَوْم بدر قَالَ: فسين قَالَ: (سَيعْلَمُ الَّذين ظلمُوا أَي مُنْقَلب يَنْقَلِبُون) (الشُّعَرَاء الْآيَة 227) قَالَ: فقاف فَسكت فَقَامَ أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ ففسر كَمَا فسر ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَقَالَ: قَاف قَارِعَة من السَّمَاء تصيب النَّاس الْآيَات 5 - 9

5

أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا نَقْرَأ هَذِه الْآيَة تكَاد السَّمَوَات يتفطرن من فوقهن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا تكَاد السَّمَوَات ينفطرن من فوقهن قَالَ: مِمَّن فوقهن وَقرأَهَا خصيف بِالتَّاءِ الْمُشَدّدَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن من فوقهن} قَالَ: من عَظمَة الله تَعَالَى وجلاله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {تكَاد السَّمَاوَات يتفطرن من فوقهن} قَالَ: من الثّقل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض} قَالَ: الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام يَسْتَغْفِرُونَ للَّذين آمنُوا وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ أَصْحَاب عبد الله يَقُولُونَ: الْمَلَائِكَة خير من ابْن الْكواء يسبحون بِحَمْد رَبهم وَيَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض وَابْن الْكواء يشْهد عَلَيْهِم بالْكفْر وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وتنذر يَوْم الْجمع} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة قَوْله تَعَالَى: {فريق فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير} وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي يَده كِتَابَانِ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَا هَذَانِ الكتابان قُلْنَا لَا أَلا أَن تخبرنا يَا رَسُول الله قَالَ: للَّذي فِي يَده الْيُمْنَى هَذَا كتاب من رب الْعَالمين بأسماء أهل الْجنَّة وَأَسْمَاء آبَائِهِم وقبائلهم ثمَّ أجمل على آخِرهم فَلَا يُزَاد فيهم وَلَا ينقص مِنْهُم ثمَّ قَالَ للَّذي فِي شِمَاله هَذَا كتاب من رب الْعَالمين بأسماء أهل النَّار وَأَسْمَاء آبَائِهِم وقبائلهم ثمَّ أجمل على آخِرهم فَلَا يُزَاد فيهم وَلَا ينقص مِنْهُم أبدا فَقَالَ أَصْحَابه: فَفِيمَ الْعَمَل يَا رَسُول الله إِن كَانَ قد فرغ مِنْهُ فَقَالَ: سددوا وقاربوا فَإِن صَاحب الْجنَّة يخْتم لَهُ بِعَمَل أهل الْجنَّة وَإِن عمل أَي

عمل ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بيدَيْهِ فنبذهما ثمَّ قَالَ: فرغ ربكُم من الْعباد {فريق فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَده كتاب ينظر فِيهِ قَالَ: انْظُرُوا إِلَيْهِ كَيفَ وَهُوَ أُمِّي لَا يقْرَأ قَالَ: فعلمها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هَذَا كتاب من رب الْعَالمين بأسماء أهل الْجنَّة وَأَسْمَاء آبَائِهِم وقبائلهم لَا يُزَاد فيهم وَلَا ينقص مِنْهُم وَقَالَ: {فريق فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير} فرغ ربكُم من أَعمال الْعباد الْآيَات 10 - 11

10

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَمَا اختلفتم فِيهِ من شَيْء فَحكمه إِلَى الله} قَالَ: فَهُوَ يحكم فِيهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا وَمن الْأَنْعَام أَزْوَاجًا يذرؤكم فِيهِ} قَالَ: عَيْش من الله يعيشكم الله فِيهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {يذرؤكم فِيهِ} قَالَ: نَسْلًا من بعد نسل من النَّاس والأنعام وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {يذرؤكم} قَالَ: يخلقكم وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي وَائِل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا عبد الله رَضِي الله عَنهُ يمدح ربه إِذْ قَالَ مصعد: نعم الرب يذكر فَقَالَ عبد الله: إِنِّي لأَجله عَن ذَلِك {لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير} الْآيَة 12

12

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن ربكُم لَيْسَ عِنْده ليل وَلَا نَهَار نور السَّمَوَات من نور وَجهه إِن مِقْدَار كل يَوْم من أيامكم عِنْده اثْنَتَا عشرَة سَاعَة فَيعرض عَلَيْهِ أَعمالكُم بالْأَمْس أول النَّهَار وَالْيَوْم فَينْظر فِيهِ ثَلَاث سَاعَات فَيطلع مِنْهَا على مَا يكره فيغضبه ذَلِك وَأول من يعلم بغضبه الَّذين يحملون الْعَرْش وسرادقات الْعَرْش وَالْمَلَائِكَة المقربون وَسَائِر الْمَلَائِكَة وينفخ جِبْرِيل فِي الْقرن فَلَا يبْقى شَيْء إِلَّا سَمعه إِلَّا الثقلَيْن: الْجِنّ والإِنس فيسبحونه ثَلَاث سَاعَات حَتَّى يمتلىء الرَّحْمَن رَحْمَة فَتلك سِتّ سَاعَات ثمَّ يُؤْتى بِمَا فِي الْأَرْحَام فَينْظر فِيهَا ثَلَاث سَاعَات (هُوَ الَّذِي يصوركم فِي الْأَرْحَام كَيفَ يَشَاء لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم) (آل عمرَان 6) (يخلق مَا يَشَاء يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور) (الشورى 49) حَتَّى بلغ (عليم) فَتلك تسع سَاعَات ثمَّ ينظر فِي أرزاق الْخلق كُله ثَلَاث سَاعَات (يبسط الرزق لمن يَشَاء وَيقدر إِنَّه بِكُل شَيْء عليم) (الرَّعْد 26) فَتلك اثْنَتَا عشرَة سَاعَة ثمَّ قَالَ: (كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن) (الرَّحْمَن 29) فَهَذَا شَأْن ربكُم كل يَوْم الْآيَات 13 - 14

13

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {شرع لكم من الدّين مَا وصّى بِهِ نوحًا} : قَالَ: وصاك يَا مُحَمَّد وأنبياءه كلهم دينا وَاحِدًا

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {شرع لكم من الدّين مَا وصّى بِهِ نوحًا} قَالَ: الْحَلَال وَالْحرَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث نوح عَلَيْهِ السَّلَام حِين بعث بالشريعة بتحليل الْحَلَال وَتَحْرِيم الْحَرَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن زيد بن رفيع بَقِيَّة أهل الجزيرة قَالَ: بعث الله نوحًا عَلَيْهِ السَّلَام وَشرع لَهُ الدّين فَكَانَ النَّاس فِي شَرِيعَة نوح عَلَيْهِ السَّلَام مَا كَانُوا فَمَا أطفأها إِلَّا الزندقة ثمَّ بعث الله مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَشرع لَهُ الدّين فَكَانَ النَّاس فِي شَرِيعَة من بعد مُوسَى مَا كَانُوا فَمَا أطفأها إِلَّا الزندقة ثمَّ بعث الله عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَشرع لَهُ الدّين فَكَانَ النَّاس فِي شَرِيعَة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام مَا كَانُوا فَمَا أطفأها إِلَّا الزندقة قَالَ: وَلَا يخَاف على هَلَاك هَذَا الدّين إِلَّا الزندقة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الحكم قَالَ: {شرع لكم من الدّين مَا وصّى بِهِ نوحًا} قَالَ: جَاءَ نوح عَلَيْهِ السَّلَام بالشريعة بِتَحْرِيم الْأُمَّهَات وَالْأَخَوَات وَالْبَنَات وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ - رَضِي الله عَنهُ {أَن أقِيمُوا الدّين} قَالَ: اعْمَلُوا بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة: {أَن أقِيمُوا الدّين وَلَا تتفرقوا فِيهِ} قَالَ: تعلمُوا أَن الْفرْقَة هلكة وَأَن الْجَمَاعَة ثِقَة {كَبُرَ على الْمُشْركين مَا تدعوهم إِلَيْهِ} قَالَ: استكبر الْمُشْركُونَ أَن قيل لَهُم: لَا إِلَه إِلَّا الله ضانها إِبْلِيس وَجُنُوده ليردوها فَأبى الله إِلَّا أَن يمضيها وينصرها ويظهرها على مَا ناوأها وَهِي كلمة من خَاصم بهَا فلج وَمن انتصر بهَا نصر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {الله يجتبي إِلَيْهِ من يَشَاء} قَالَ: يخلص لنَفسِهِ من يَشَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير - رَضِي الله عَنهُ - {بغياً بَينهم} قَالَ: كثرت أَمْوَالهم فبغى بَعضهم على بعض وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله {وَيهْدِي إِلَيْهِ من ينيب} قَالَ: من

يقبل إِلَى طَاعَة الله وَفِي قَوْله {وَإِن الَّذين أورثوا الْكتاب من بعدهمْ} قَالَ: الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَأخرج عبد بن حميد عَن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ {وَمَا تفَرقُوا إِلَّا من بعد مَا جَاءَهُم الْعلم بغياً بَينهم} قَالَ: فِي الدُّنْيَا الْآيَات 15 - 16

15

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَأمرت لأعدل بَيْنكُم} قَالَ: أَمر نَبِي الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - ان يَعْدلَ فَعدل حَتَّى مَاتَ وَالْعدْل ميزَان الله فِي الأَرْض بِهِ يَأْخُذ للمظلوم من الظَّالِم وللضعيف من الشَّديد وبالعدل يصدق الله الصَّادِق ويكذب الْكَاذِب وبالعدل يرد المعتدي ويوبخه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {لَا حجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُم} قَالَ: لَا خُصُومَة بَيْننَا وَبَيْنكُم قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين يحاجون فِي الله} أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {وَالَّذين يحاجون فِي الله من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} قَالَ: هم أهل الْكتاب كَانُوا يجادلون الْمُسلمين ويصدونهم عَن الْهدى من بعد مَا اسْتَجَابُوا لله وَقَالَ: هم قوم من أهل الضَّلَالَة وَكَانَ اسْتُجِيبَ على ضلالتهم وهم يتربصون بِأَن تأتيهم الْجَاهِلِيَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - {وَالَّذين يحاجون فِي الله من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} قَالَ: طمع رجال بِأَن تعود الْجَاهِلِيَّة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله {وَالَّذين يحاجون فِي الله} الْآيَة قَالَ: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى حاجوا الْمُسلمين فِي رَبهم فَقَالُوا: أنزل كتَابنَا قبل كتابكُمْ وَنَبِينَا قبل نَبِيكُم فَنحْن أولى بِاللَّه مِنْكُم فَأنْزل الله (من كَانَ يُرِيد حرث الْآخِرَة نزد لَهُ فِي حرثه وَمن كَانَ يُرِيد حرث الدُّنْيَا نؤته مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من نصيب) (آل عمرَان الْآيَة 6) وَأما قَوْله: {من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} قَالَ: من بعد مَا اسْتَجَابَ الْمُسلمُونَ لله وصلوا لله وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - {وَالَّذين يحاجون فِي الله من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} الْآيَة قَالَ: قَالَ أهل الْكتاب لأَصْحَاب مُحَمَّد - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - نَحن أولى بِاللَّه مِنْكُم فَأنْزل الله {وَالَّذين يحاجون فِي الله من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حجتهم داحضة عِنْد رَبهم} يَعْنِي أهل الْكتاب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما نزلت (إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح) (النَّصْر الْآيَة 1) قَالَ الْمُشْركُونَ بِمَكَّة: لمن بَين أظهرهم من الْمُؤمنِينَ قد دخل النَّاس فِي الدّين الله أَفْوَاجًا فاخرجوا من بَين أظهرنَا فعلام تقيمون بَين أظهرنَا فَنزلت {وَالَّذين يحاجون فِي الله من بعد مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} الْآيَة الْآيَة 17

17

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ {الله الَّذِي أنزل الْكتاب بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان} قَالَ: الْعدْل وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ وَاقِفًا بِعَرَفَة فَنظر إِلَى الشَّمْس حِين تدلت مثل الترس للغروب فَبكى وَاشْتَدَّ بكاؤه وتلا قَول الله تَعَالَى {الله الَّذِي أنزل الْكتاب بِالْحَقِّ وَالْمِيزَان} إِلَى {الْعَزِيز} فَقيل لَهُ فَقَالَ: ذكرت رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَهُوَ وَاقِف بمكاني هَذَا فَقَالَ: أَيهَا النَّاس لم يبْق من دنياكم هَذِه فِيمَا مضى إِلَّا كَمَا بَقِي من يومكم هَذَا فِيمَا مضى

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قد كَانَ الرجل منا يدْخل الْخَلَاء فَيحمل الاداوة من المَاء فَإِذا خرج تَوَضَّأ خشيَة من أَن تقوم السَّاعَة وَأَن يكون عِنْده الفصلة من الطَّعَام فَيَقُول لَا آكلها حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج أَحْمد وهناد بن السّري وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بعثت أَنا والساعة كهاتين الْآيَات 18 - 19

18

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتمناها المتمنون فَقيل لَهُ {يستعجل بهَا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بهَا وَالَّذين آمنُوا مشفقون مِنْهَا} قَالَ: إِنَّمَا يتمنونها خشيَة على إِيمَانهم الْآيَة 20

20

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {من كَانَ يُرِيد حرث الْآخِرَة} قَالَ: عَيْش الْآخِرَة {نزد لَهُ فِي حرثه} {وَمن كَانَ يُرِيد حرث الدُّنْيَا نؤته مِنْهَا} الْآيَة قَالَ: من يُؤثر دُنْيَاهُ على آخرته لم يَجْعَل لَهُ نَصِيبا فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار وَلم يَزْدَدْ بذلك من الدُّنْيَا شَيْئا إِلَّا رزقا قد فرغ مِنْهُ وَقسم لَهُ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {من كَانَ يُرِيد حرث الْآخِرَة} قَالَ: من كَانَ يُرِيد عَيْش الْآخِرَة نزد لَهُ فِي حرثه {وَمن كَانَ يُرِيد حرث الدُّنْيَا نؤته مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من نصيب} قَالَ: من يُؤثر دُنْيَاهُ على آخرته لم يَجْعَل الله لَهُ نَصِيبا فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار وَلم يَزْدَدْ بذلك من الدُّنْيَا شَيْئا إِلَّا رزقا قد فرغ مِنْهُ وَقسم لَهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق قَتَادَة عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ {وَمن كَانَ يُرِيد حرث الدُّنْيَا نؤته مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة من نصيب} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن حبَان عَن أبي بن كَعْب - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بشر هَذِه الْأمة بالسنا والرفعة والنصر والتمكين فِي الأَرْض مَا لم يطلبوا الدُّنْيَا بِعَمَل الْآخِرَة فَمن عمل مِنْهُم عمل الْآخِرَة للدنيا لم يكن لَهُ فِي الْآخِرَة من نصيب وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {من كَانَ يُرِيد حرث الْآخِرَة نزد لَهُ فِي حرثه} الْآيَة ثمَّ قَالَ: يَقُول الله: ابْن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وَأسد فقرك وَإِلَّا تفعل مَلَأت صدرك شغلا وَلم أَسد فقرك وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا: من جعل الْهم هما وَاحِدًا كَفاهُ الله هم دُنْيَاهُ وَمن تشعبته الهموم لم يبالِ الله فِي أَي أَوديَة الدُّنْيَا هلك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الْحَرْث حرثان فحرث الدُّنْيَا المَال والبنون وحرث الْآخِرَة الْبَاقِيَات الصَّالِحَات وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن مرّة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: ذكر عِنْد عبد الله بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قوم قتلوا فِي سَبِيل الله فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ على مَا تذهبون وترون إِنَّه إِذا التقى الزحقان نزلت الْمَلَائِكَة فَكتبت النَّاس على مَنَازِلهمْ فلَان يُقَاتل للدنيا وَفُلَان يُقَاتل للْملك وَفُلَان يُقَاتل للذّكر وَنَحْو هَذَا وَفُلَان يُقَاتل يُرِيد وَجه الله فَمن قتل يُرِيد وَجه الله فَذَلِك فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن رزين بن حُصَيْن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَرَأت الْقُرْآن من أَوله إِلَى آخِره على عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - فَلَمَّا بلغت الحواميم قَالَ لي: قد بلغت عرائس الْقُرْآن فَلَمَّا بلغت اثْنَتَيْنِ وَعشْرين آيَة من {حم عسق} بَكَى ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك اخبات المخبتين وخلاص الموقنين ومرافقة الْأَبْرَار وَاسْتِحْقَاق حقائق الإِيمان وَالْغنيمَة من كل بر والسلامة من كل إِثْم ورجوت رحمتك والفوز بِالْجنَّةِ والنجاة من النَّار ثمَّ قَالَ: يَا

رزين إِذْ ختمت فَادع بِهَذِهِ فَإِن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أَمرنِي أَن أَدْعُو بِهن عِنْد ختم الْقُرْآن الْآيَات 21 - 26

21

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلَوْلَا كلمة الْفَصْل} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة أخروا إِلَيْهِ وَفِي قَوْله {روضات الجنات} قَالَ: الْمَكَان الْمُوفق أما قَوْله تَعَالَى: {لَهُم مَا يشاؤون} أخرج ابْن جرير عَن أبي ظَبْيَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن السرب من أهل الْجنَّة لتظلهم السحابة فَتَقول مَا أمطركم قَالَ: فَمَا يَدْعُو دَاع من الْقَوْم بِشَيْء إِلَّا أمطرتهم حَتَّى أَن الْقَائِل مِنْهُم ليقول: أمطرينا كواعب أَتْرَابًا وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه

من طَرِيق طَاوس عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} فَقَالَ سعيد بن جُبَير: - رَضِي الله عَنهُ - قربى آل مُحَمَّد فَقَالَ ابْن عَبَّاس: - رَضِي الله عَنْهُمَا - عجلت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن بطن من قُرَيْش إِلَّا كَانَ لَهُ فيهم قرَابَة فَقَالَ: إِلَّا أَن تصلوا مَا بيني وَبَيْنكُم من الْقَرَابَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا أَن تودوني فِي نَفسِي لقرابتي مِنْكُم وتحفظوا الْقَرَابَة الَّتِي بيني وَبَيْنكُم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الشّعبِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أَكثر النَّاس علينا فِي هَذِه الْآيَة {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} فكتبنا إِلَى ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - نَسْأَلهُ فَكتب ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ وَاسِط النّسَب فِي قُرَيْش لَيْسَ بطن من بطونهم إِلَّا وَقد ولدوه فَقَالَ الله {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا} على مَا أدعوكم إِلَيْهِ {إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} تودوني لقرابتي مِنْكُم وتحفظوني بهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} قَالَ: كَانَ لرَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قرَابَة من جَمِيع قُرَيْش فَلَمَّا كذبوه وأبوا أَن يبايعوه قَالَ: يَا قوم إِذا أَبَيْتُم أَن تُبَايِعُونِي فاحفظوا قَرَابَتي فِيكُم وَلَا يكون غَيْركُمْ من الْعَرَب أولى بحفظي ونصرتي مِنْكُم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة بِمَكَّة وَكَانَ الْمُشْركُونَ يُؤْذونَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله تَعَالَى: {قل} لَهُم يَا مُحَمَّد {لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ} يَعْنِي على مَا أدعوكم إِلَيْهِ {أجرا} عوضا من الدُّنْيَا {إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} إِلَّا الْحِفْظ لي فِي قَرَابَتي فِيكُم قَالَ: الْمَوَدَّة إِنَّمَا هِيَ لرَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي قرَابَته فَلَمَّا هَاجر إِلَى الْمَدِينَة أحب أَن يلْحقهُ بإخوته من الْأَنْبِيَاء - عَلَيْهِم السَّلَام - فَقَالَ: {لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا} فَهُوَ لكم (إِن أجري إِلَّا على الله) يَعْنِي ثَوَابه وكرامته فِي الْآخِرَة كَمَا قَالَ: نوح عَلَيْهِ السَّلَام

(وَمَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ من أجر إِن أجري إِلَّا على رب الْعَالمين) (الشُّعَرَاء الْآيَة 109) وكما قَالَ هود وَصَالح وَشُعَيْب: لم يستثنوا أجرا كَمَا اسْتثْنى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرده عَلَيْهِم وَهِي مَنْسُوخَة وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْآيَة {قل لَا أَسأَلكُم} على مَا أتيتكم بِهِ من الْبَينَات وَالْهدى {أجرا} إِلَّا أَن تودوا الله وَأَن تتقربوا إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} قَالَ: أَن تتبعوني وتصدقوني وتصلوا رحمي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي الْآيَة قَالَ: إِن مُحَمَّدًا قَالَ: لقريش: لَا أَسأَلكُم من أَمْوَالكُم شَيْئا وَلَكِن أَسأَلكُم أَن تودوني لقرابة مَا بيني وَبَيْنكُم فَإِنَّكُم قومِي وأحق من أَطَاعَنِي وأجابني وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن الْمُبَارك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} قَالَ: تحفظوني فِي قَرَابَتي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي الْآيَة - قَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن فِي قُرَيْش بطن إِلَّا وَله فيهم أم حَتَّى كَانَت لَهُ من هُذَيْل أم فَقَالَ الله: {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا} إِلَّا أَن تحفظوني فِي قَرَابَتي إِن كذبتموني فَلَا تؤذوني وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مقسم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَت الْأَنْصَار: فعلنَا وَفعلنَا وَكَأَنَّهُم فَخَروا فَقَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - لنا الْفضل عَلَيْكُم فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُم فِي مجَالِسهمْ فَقَالَ يَا معشر الْأَنْصَار ألم تَكُونُوا أَذِلَّة فَأَعَزكُم الله قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: أَفلا تُجِيبُونِي قَالُوا: مَا تَقول يَا رَسُول الله قَالَ: أَلا تَقولُونَ: ألم يخْرجك قَوْمك فَآوَيْنَاك أَو لم يُكذِّبُوك فَصَدَّقْنَاك أَو لم يَخْذُلُوك

فَنَصَرْنَاك فَمَا زَالَ يَقُول: حَتَّى جثوا على الركب وَقَالُوا: أَمْوَالنَا وَمَا فِي أَيْدِينَا لله وَرَسُوله فَنزلت {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف من طَرِيق سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَت الْأَنْصَار فِيمَا بَينهم: لَوْلَا جَمعنَا لرَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - مَالا يبسط يَده لَا يحول بَينه وَبَينه أحد فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا أردنَا أَن نجمع لَك من أَمْوَالنَا فَأنْزل الله: {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} فَخَرجُوا مُخْتَلفين فَقَالُوا: لمن ترَوْنَ مَا قَالَ رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَقَالَ: بَعضهم إِنَّمَا قَالَ هَذَا لنقاتل عَن أهل بَيته وننصرهم فَأنْزل الله: {أم يَقُولُونَ افترى على الله كذبا} إِلَى قَوْله {وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده} فَعرض لَهُم بِالتَّوْبَةِ إِلَى قَوْله: {ويستجيب الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ويزيدهم من فَضله} هم الَّذين قَالُوا هَذَا: أَن يتوبوا إِلَى الله ويستغفرونه وَأخرج أَبُو نعيم والديلمي من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} أَن تحفظوني فِي أهل بَيْتِي وتودّوهم بِي وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} قَالُوا: يَا رَسُول الله من قرابتك هَؤُلَاءِ الَّذين وَجَبت مَوَدَّتهمْ قَالَ: عَليّ وَفَاطِمَة وولداها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن سعيد بن جُبَير {إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} قَالَ: قربى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الديلم قَالَ: لما جِيءَ بعلي بن الْحُسَيْن - رَضِي الله عَنهُ - أَسِيرًا فأقيم على درج دمشق قَامَ رجل من أهل الشَّام فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي قتلكم واستأصلكم فَقَالَ لَهُ عَليّ بن الْحُسَيْن - رَضِي الله عَنهُ: أَقرَأت الْقُرْآن قَالَ: نعم قَالَ: أَقرَأت آل حم لَا قَالَ: أما قَرَأت {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} قَالَ: فَإِنَّكُم لَأَنْتُم هم قَالَ: نعم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَمن يقترف حَسَنَة} قَالَ: الْمَوَدَّة لآل مُحَمَّد

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم عَن الْمطلب بن ربيعَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: دخل الْعَبَّاس على رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَقَالَ: إِنَّا لنخرج فنرى قُريْشًا تحدث فَإِذا رأونا سكتوا فَغَضب رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - ودر عرق بَين عَيْنَيْهِ ثمَّ قَالَ: وَالله لَا يدْخل قلب امرىء مُسلم إِيمَان حَتَّى يحبكم لله ولقرابتي وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن زيد بن أَرقم: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أذكركم الله فِي أهل بَيْتِي وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن زيد بن أَرقم - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي تَارِك فِيكُم مَا إِن تمسكتم بِهِ لن تضلوا بعدِي أَحدهمَا أعظم من الآخر كتاب الله حَبل مَمْدُود من السَّمَاء إِلَى الأَرْض وعترتي أهل بَيْتِي وَلنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يردا عليّ الْحَوْض فانظروا كَيفَ تخلفوني فيهمَا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَحبُّوا الله لما يغذوكم بِهِ من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بَيْتِي لحبي وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: ارقبوا مُحَمَّدًا - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي أهل بَيته وَأخرج ابْن عدي عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أبغضنا أهل الْبَيْت فَهُوَ مُنَافِق وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْحسن بن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يبغضنا أحد وَلَا يحسدنا أحد إِلَّا ذيد يَوْم الْقِيَامَة بسياط من نَار وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يبغضنا أهل الْبَيْت رجل إِلَّا أدخلهُ الله النَّار وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخطيب من طَرِيق أبي الضُّحَى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ الْعَبَّاس إِلَى رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَقَالَ: إِنَّك قد تركت فِينَا ضغائن مُنْذُ صنعت الَّذِي صنعت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يبلغُوا الْخَيْر أَو الإِيمان حَتَّى يحبوكم

وَأخرج الْخَطِيب من طَرِيق أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: أَتَى الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا لنعرف الضغائن فِي أنَاس من قَومنَا من وقائع أوقعناها فَقَالَ: أما وَالله إِنَّهُم لن يبلغُوا خيرا حَتَّى يحبوكم لقرابتي ترجو سليم شَفَاعَتِي وَلَا يرجوها بَنو عبد الْمطلب وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن الْحسن بن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لكل شَيْء أساس وأساس الإِسلام حب أَصْحَاب رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَحب أهل بَيته وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} قَالَ: مَا كَانَ النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - يسألهم على هَذَا الْقُرْآن أجرا وَلكنه أَمرهم أَن يتقربوا إِلَى الله بِطَاعَتِهِ وَحب كِتَابه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: كل من تقرب إِلَى الله بِطَاعَتِهِ وَجَبت عَلَيْهِ محبته وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} قَالَ: إِلَّا التَّقَرُّب إِلَى الله بِالْعَمَلِ الصَّالح وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: كن لَهُ عشر أُمَّهَات فِي المشركات وَكَانَ إِذا مر بهم أذوه فِي تنقيصهن وشتمهن فَهُوَ قَوْله: {إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} يَقُول: لَا تؤذوني فِي قَرَابَتي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {إِن الله غَفُور شكور} قَالَ: غَفُور للذنوب شكور للحسنات يُضَاعِفهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَإِن يشإ الله يخْتم على قَلْبك} قَالَ: إِن يشإ الله أنساك مَا قد آتاك وَالله تَعَالَى أعلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: {وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده} أَن أَبَا هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الله أَشد فَرحا بتوبة عَبده من أحدكُم يجد ضالته فِي الْمَكَان الَّذِي يخَاف أَن يقْتله فِيهِ الْعَطش

وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لله أفرح بتوبة أحدكُم من أحدكُم بضالته إِذا وجدهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لله أفرح بتوبة العَبْد من رجل نزل منزلا مهلكة وَمَعَهُ رَاحِلَته عَلَيْهَا طَعَامه وَشَرَابه فَوضع رَأسه فَنَامَ نومَة فَاسْتَيْقَظَ وَقد ذهبت رَاحِلَته فطلبها حَتَّى إِذا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطش وَالْحر قَالَ: ارْجع إِلَى مَكَاني الَّذِي كنت فِيهِ فأنام حَتَّى أَمُوت فَرجع فَنَامَ نومَة ثمَّ رفع رَأسه فَإِذا رَاحِلَته عِنْده عَلَيْهِ زَاده وَطَعَامه وَشَرَابه فَالله أَشد فَرحا بتوبة العَبْد الْمُؤمن من هَذَا براحلته وزاده وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن الرجل يفجر بِالْمَرْأَةِ ثمَّ يتزوّجها قَالَ: لَا بَأْس بِهِ ثمَّ قَرَأَ {وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عتبَة بن الْوَلِيد حَدثنِي بعض الرهاويين قَالَ: سمع جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام خَلِيل الرَّحْمَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ يَقُول: يَا كريم الْعَفو فَقَالَ: لَهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَتَدْرِي مَا كريم الْعَفو قَالَ: لَا يَا جِبْرِيل قَالَ: ان يعْفُو عَن السَّيئَة ويكتبها حَسَنَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ عَن الْأَخْنَس قَالَ: امترينا فِي قِرَاءَة هَذَا الْحَرْف: وَيعلم مَا يَفْعَلُونَ أَو تَفْعَلُونَ فأتينا ابْن مَسْعُود فَقَالَ: تَفْعَلُونَ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَلْقَمَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ فِي {حم عسق} {وَيعلم مَا تَفْعَلُونَ} بِالتَّاءِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَلمَة بن سُبْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خَطَبنَا معَاذ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: أَنْتُم الْمُؤْمِنُونَ وَأَنْتُم أهل الْجنَّة وَالله إِنِّي لأطمع أَن يكون عَامَّة من تنصبون بِفَارِس وَالروم فِي الْجنَّة فَإِن أحدهم يعْمل الْخَيْر فَيَقُول أَحْسَنت بَارك الله فِيك أَحْسَنت رَحِمك الله وَالله يَقُول: {ويستجيب الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات ويزيدهم من فَضله} وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق قَتَادَة عَن أبي إِبْرَاهِيم اللَّخْمِيّ فِي قَوْله: {ويزيدهم من فَضله} قَالَ يشفعون فِي إخْوَان اخوانهم

الْآيَة 27

27

أخرج ابْن الْمُنْذر وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هانىء الْخَولَانِيّ قَالَ: سَمِعت عَمْرو بن حُرَيْث وَغَيره يَقُولُونَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي أَصْحَاب الصّفة {وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ لبغوا فِي الأَرْض} وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا: لَو أَن لنا فتمنوا الدُّنْيَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي أَصْحَاب الصّفة {وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ لبغوا فِي الأَرْض} وَذَلِكَ أَنهم قَالُوا: لَو أَن لنا فتمنوا الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: يُقَال خير الرزق مَا لَا يُطْغِيك وَلَا يُلْهِيك قَالَ: ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أخوف مَا أَخَاف على أمتِي زهرَة الدُّنْيَا وزخرفها فَقَالَ لَهُ قَائِل: يَا نَبِي الله هَل يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ فَأنْزل الله عَلَيْهِ عِنْد ذَلِك {وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ لبغوا فِي الأَرْض} وَكَانَ إِذا نزل عَلَيْهِ كُرْبُ لذَلِك وتَرَبَّدَ وَجهه حَتَّى إِذا سري عَنهُ قَالَ: هَل يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ يَقُولهَا ثَلَاثًا إِن الْخَيْر لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيرِ وَلكنه وَالله مَا كَانَ ربيع قطّ إِلَّا أحبط أَو ألم فاما عبد أعطَاهُ الله مَالا فَوَضعه فِي سَبِيل الله الَّتِي افْترض وارتضى فَذَلِك عبد أُرِيد بِهِ خير وعزم لَهُ على الْخَيْر وَأما عبد أعطَاهُ الله مَالا فَوَضعه فِي شهواته ولذاته وَعدل عَن حق الله عَلَيْهِ فَذَلِك عبد أُرِيد بِهِ شَرّ وعزم لَهُ على شَرّ وَأخرج أَحْمد وَالطَّيَالِسِي وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ان أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم مَا يخرج الله لكم من زهرَة الدُّنْيَا وَزينتهَا فَقَالَ لَهُ رجل: يَا رَسُول الله أويأتي الْخَيْر بِالشَّرِّ فَسكت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَيْنَا أَنه ينزل عَلَيْهِ فَقيل لَهُ: مَا شَأْنك تكلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يكلمك فَسرِّي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يمسح عَنهُ الرحضاء فَقَالَ: أَيْن السَّائِل فَرَأَيْنَا أَنه حَمده فَقَالَ: إِن الْخَيْر لَا يَأْتِي بِالشَّرِّ وَإِن مِمَّا ينْبت الرّبيع يقتل حَبطًا أَو يلم الا آكِلَة الْخضر فَإِنَّهَا أكلت حَتَّى امْتَلَأت

خاصرتاها فاستقبلت عين الشَّمْس فثلطت وبالت ثمَّ رتعت وان المَال حلوة خضرَة وَنعم صَاحبهَا الْمُسلم هُوَ ان وصل الرَّحِم وَأنْفق فِي سَبِيل الله وَمثل الَّذِي يَأْخُذهُ بِغَيْر حَقه كَمثل الَّذِي يَأْكُل وَلَا يشْبع وَيكون عَلَيْهِ شَهِيدا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ لبغوا فِي الأَرْض} قَالَ: كَانَ يُقَال خير الْعَيْش مَا لَا يُطْغِيك وَلَا يُلْهِيك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَوْلِيَاء والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جِبْرِيل عَن الله عز وَجل قَالَ: يَقُول الله عز وَجل: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وَإِنِّي لأغضب لأوليائي كَمَا يغْضب اللَّيْث الحرود وَمَا تقرب إِلَيّ عَبدِي الْمُؤمن بِمثل أَدَاء مَا افترضت عَلَيْهِ وَمَا يزَال عَبدِي الْمُؤمن يتَقرَّب إليَّ بالنوافل حَتَّى أحبه فَإِذا أحببته كنت لَهُ سمعا وبصراً ويداً ومؤيداً إِن دَعَاني أَجَبْته وَإِن سَأَلَني أَعْطيته وَمَا ترددت فِي شَيْء أَنا فَاعله ترددي فِي قبض روح عَبدِي الْمُؤمن يكره الْمَوْت وأكره مساءته وَلَا بُد لَهُ مِنْهُ وَإِن من عبَادي الْمُؤمنِينَ لمن يسألني الْبَاب من الْعِبَادَة فأكفه عَنهُ أَن لَا يدْخلهُ عجب فيفسده ذَلِك وَإِن من عبَادي الْمُؤمنِينَ لمن لَا يصلح إيمَانه إِلَّا الصِّحَّة وَلَو أسقمته لأفسده ذَلِك وَإِن من عبَادي الْمُؤمنِينَ لمن لَا يصلح إيمَانه إِلَّا السقم وَلَو أصححته لأفسده ذَلِك إِنِّي أدبر أَمر عبَادي بعلمي بقلوبهم إِنِّي عليم خَبِير وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَو بسط الله الرزق لِعِبَادِهِ لبغوا} قَالَ: الْمَطَر الْآيَات 28 - 29

28

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن رجلا قَالَ لعمر رَضِي الله عَنهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قحط الْمَطَر وَقَنطَ النَّاس فَقَالَ عمر: مطرتم إِذا ثمَّ قَرَأَ {وَهُوَ الَّذِي ينزل الْغَيْث من بعد مَا قَنطُوا}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من بعد مَا قَنطُوا} قَالَ: يئسوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَنه يُسْتَجَاب الدُّعَاء عِنْد الْمَطَر ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَهُوَ الَّذِي ينزل الْغَيْث من بعد مَا قَنطُوا} وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثِنْتَانِ مَا تردان: الدُّعَاء عِنْد النداء وَتَحْت الْمَطَر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تفتح أَبْوَاب السَّمَاء ويستجاب الدُّعَاء فِي أَرْبَعَة مَوَاطِن: عِنْد التقاء الصُّفُوف فِي سَبِيل الله وَعند نزُول الْغَيْث وَعند إِقَامَة الصَّلَاة وَعند رُؤْيَة الْكَعْبَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا بَث فيهمَا من دَابَّة} قَالَ: النَّاس وَالْمَلَائِكَة وَالله أعلم الْآيَات 30 - 31

30

أخرج أَحْمد وَابْن رَاهَوَيْه وَابْن منيع وَعبد بن حميد والحكيم وَالتِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَلا أخْبركُم بِأَفْضَل آيَة فِي كتاب الله حَدثنَا بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير} وسأفسرها لَك يَا عَليّ مَا أَصَابَك من مرض أَو عُقُوبَة أَو بلَاء فِي الدُّنْيَا فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَالله أكْرم من أَن يثني عَلَيْكُم الْعقُوبَة فِي الْآخِرَة وَمَا عَفا الله عَنهُ فِي الدُّنْيَا فَالله أكْرم من أَن يعود بعد عَفوه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن الْبَصْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من خدش عود وَلَا اخْتِلَاج عرق وَلَا نكبة حجر وَلَا عَثْرَة قدم إِلَّا بذنب وَمَا يعْفُو الله عَنهُ أَكثر

وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يُصِيب عبدا نكبة فَمَا فَوْقهَا أَو دونهَا إِلَّا بذنب وَمَا يعْفُو الله عَنهُ أَكثر وَقَرَأَ {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْكَفَّارَات وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ أَنه دخل عَلَيْهِ بعض أَصْحَابه وَكَانَ قد ابْتُلِيَ فِي جسده فَقَالَ انا لنبأس لَك لما نرى فِيك قَالَ: فَلَا تبتئس لما ترى وَهُوَ بذنب وَمَا يعْفُو الله عَنهُ أَكثر ثمَّ تَلا {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير} وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الضَّحَّاك قَالَ: مَا تعلم أحد الْقُرْآن ثمَّ نَسيَه إِلَّا بذنب يحدثه ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} وَقَالَ: وَأي مُصِيبَة أعظم من نِسْيَان الْقُرْآن وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْعَلَاء بن بدر رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا سَأَلَهُ عَن هَذِه الْآيَة وَقَالَ: قد ذهب بَصرِي وَأَنا غُلَام صَغِير قَالَ: ذَلِك بذنوب والديك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: لَا يُصِيب ابْن آدم خدش عود وَلَا اخْتِلَاج عرق إِلَّا بذنب وَمَا يعْفُو الله عَنهُ أَكثر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا عَثْرَة قدم وَلَا اخْتِلَاج عرق وَلَا خدش عود إِلَّا بِمَا قدمت أَيْدِيكُم وَمَا يعْفُو الله عَنهُ أَكثر وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أبي مليكَة رَضِي الله عَنهُ - أَن أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُمَا - كَانَت تصدع فتضع يَدهَا على رَأسهَا وَتقول بذنبي وَمَا يغفره الله أَكثر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم} قَالَ: الْحُدُود

الْآيَات 32 - 37

32

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمن آيَاته الْجوَار فِي الْبَحْر} قَالَ: السفن {كالأعلام} قَالَ: كالجبال وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ - فِي الْآيَة قَالَ: سفن هَذَا الْبَحْر تجْرِي بِالرِّيحِ فَإِذا مسكت عَنْهَا الرّيح ركدت وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {فيظللن رواكد على ظَهره} قَالَ: لَا يتحركن وَلَا يجرين فِي الْبَحْر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا - {رواكد} قَالَ: وقوفاً {أَو يوبقهن} قَالَ: يهلكهن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك: {أَو يوبقهن} قَالَ: يغرقهن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {أَو يوبقهن} قَالَ: يهلكهن وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {مَا لَهُم من محيص} من ملْجأ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة: {أَو يوبقهن بِمَا كسبوا} قَالَ: بذنوب أَهلهَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ظبْيَان قَالَ: كُنَّا نعرض الْمَصَاحِف عِنْد عَلْقَمَة - رَضِي الله عَنهُ فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة: {إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور} فَقَالَ: قَالَ عبد الله: الصَّبْر نصف الإِيمان

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: الشُّكْر نصف الإِيمان وَالصَّبْر نصف الإِيمان وَالْيَقِين الإِيمان كُله وَقَرَأَ {إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور} و {آيَات للموقنين} الْآيَة 38

38

أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا تشَاور قوم قطّ إِلَّا هُدُوا وأرشد أَمرهم ثمَّ تَلا {وَأمرهمْ شُورَى بَينهم} وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله: الْأَمر ينزل بِنَا بعْدك لم ينزل فِيهِ قُرْآن وَلم يسمع مِنْك فِيهِ شَيْء قَالَ: اجْمَعُوا لَهُ العابد من أمتِي واجعلوه بَيْنكُم شُورَى وَلَا تقضوه بِرَأْي وَاحِد وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا اسْتَرْشِدوا الْعَاقِل ترشدوا وَلَا تعصوه فتندموا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أَرَادَ أمرا فَشَاور فِيهِ وَقضى اهْتَدَى لأَرْشَد الْأُمُور وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لِابْنِهِ: يَا بني عَلَيْك بخشية الله فَإِنَّهَا غَايَة كل شَيْء يَا بني لَا تقطع أمرا حَتَّى تؤامر مرشداً فَإنَّك إِذا فعلت ذَلِك رشدت عَلَيْهِ يَا بني عَلَيْك بالحبيب الأول فَإِن الاخير لَا يعدله الْآيَة 39

39

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {وَالَّذين إِذا أَصَابَهُم الْبَغي هم ينتصرون} قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ للْمُؤْمِنين أَن يستذلوا وَكَانُوا إِذا قدرُوا عَفَوْا

وَأخرج عبد بن حميد عَن مَنْصُور قَالَ: سَأَلت إِبْرَاهِيم عَن قَوْله: {وَالَّذين إِذا أَصَابَهُم الْبَغي هم ينتصرون} قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ للْمُؤْمِنين أَن يذلوا أنفسهم فيجترىء الْفُسَّاق عَلَيْهِم وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: دخلت عليّ زَيْنَب وَعِنْدِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَقْبَلت عليّ تسبني فردعها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم تَنْتَهِ فَقَالَ لي: سبيهَا فسببتها حَتَّى جف رِيقهَا فِي فمها وَوجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متهلل سُرُورًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن زيد بن جدعَان رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لم أسمع فِي الْأَنْصَار مثل حَدِيث حَدَّثتنِي بِهِ أم ولد أبي مُحَمَّد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: كنت فِي الْبَيْت وَعِنْدنَا زَيْنَب بنت جحش فَدخل علينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَقْبَلت عَلَيْهِ زَيْنَب فَقَالَت: مَا كل وَاحِدَة منا عنْدك إِلَّا على خلابة ثمَّ أَقبلت عليّ تسبني فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قولي لَهَا كَمَا تَقول لَك فَأَقْبَلت عَلَيْهَا - وَكنت أطول وأجود لِسَانا مِنْهَا فَقَامَتْ وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَالَّذين إِذا أَصَابَهُم الْبَغي هم ينتصرون} قَالَ: ينتصرون مِمَّن بغى عَلَيْهِم من غير أَن يعتدوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَالَّذين إِذا أَصَابَهُم الْبَغي} قَالَ: هَذَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - ظُلم وبغي عَلَيْهِ وَكذب {هم ينتصرون} قَالَ: ينتصر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالسَّيْفِ الْآيَة 40

40

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} قَالَ: مَا يكون من النَّاس فِي الدُّنْيَا مِمَّا يُصِيب بَعضهم بَعْضًا وَالْقصاص وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المستبّان مَا قَالَا من شَيْء فعلى البادىء حَتَّى يعتدي الْمَظْلُوم ثمَّ قَرَأَ {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا}

وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} قَالَ: إِذا شتمك فاشتمه بِمِثْلِهَا من غير أَن تعتدي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن أبي نجيح فِي قَوْله: {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} قَالَ: يَقُول أَخْزَاهُ الله فَيَقُول أَخْزَاهُ الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أَمر الله منادياً يُنَادي أَلا ليقمْ من كَانَ لَهُ على الله أجر فَلَا يقوم إِلَّا من عَفا فِي الدُّنْيَا وَذَلِكَ قَوْله {فَمن عَفا وَأصْلح فَأَجره على الله} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد من كَانَ لَهُ على الله أجر فَليقمْ فَيقوم عنق كثير فَيُقَال لَهُم: مَا أجركُم على الله فَيَقُولُونَ: نَحن الَّذين عَفَوْنَا عَمَّن ظلمنَا وَذَلِكَ قَول الله {فَمن عَفا وَأصْلح فَأَجره على الله} فَيُقَال لَهُم: ادخُلُوا الْجنَّة بِإِذن الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا وقف الْعباد لِلْحسابِ يُنَادي منادٍ ليَقُمْ من أجره على الله فَلْيدْخلْ الْجنَّة ثمَّ نَادَى الثَّانِيَة ليقمْ من أجره على الله قَالُوا: وَمن ذَا الَّذِي أجره على الله قَالَ: الْعَافُونَ عَن النَّاس فَقَامَ كَذَا وَكَذَا ألفا فَدَخَلُوا الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُنَادي مُنَاد من كَانَ أجره على الله فَلْيدْخلْ الْجنَّة مرَّتَيْنِ فَيقوم من عَفا عَن أَخِيه قَالَ الله {فَمن عَفا وَأصْلح فَأَجره على الله} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أول مُنَاد من عِنْد الله يَقُول: أَيْن الَّذين أجرهم على الله فَيقوم من عَفا فِي الدُّنْيَا فَيَقُول الله أَنْتُم الَّذين عفوتم لي ثوابكم الْجنَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة صرخَ صارخ الأَرْض أَلا من كَانَ لَهُ على الله حق فَليقمْ فَيقوم من عَفا وَأصْلح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُنَادي مُنَاد يَوْم الْقِيَامَة لَا يقوم الْيَوْم أحد إِلَّا من لَهُ عِنْد الله يَد فَتَقول الْخَلَائق: سُبْحَانَكَ بل لَك الْيَد فَيَقُول بلَى من عَفا فِي الدُّنْيَا بعد قدرَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب من أعز عِبَادك عنْدك قَالَ: من إِذا قدر عَفا وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ - أَن رجلا شتم أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعجب ويبتسم فَلَمَّا أَكثر رد عَلَيْهِ بعض قَوْله فَغَضب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَامَ فَلحقه أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله كَانَ يَشْتمنِي وَأَنت جَالس فَلَمَّا رددت عَلَيْهِ بعض قَوْله غضِبت وَقمت قَالَ: إِنَّه كَانَ مَعَك ملك يرد عَنْك فَلَمَّا رددت عَلَيْهِ بعض قَوْله وَقع الشَّيْطَان فَلم أكن لأقعد مَعَ الشَّيْطَان ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا بكر نلْت من حق مَا من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عَنْهَا لله إِلَّا أعز الله بهَا نَصره وَمَا فتح رجل بَاب عَطِيَّة يُرِيد بهَا صلَة إِلَّا زَاده الله بهَا كَثْرَة وَمَا فتح رجل بَاب مَسْأَلَة يُرِيد بهَا كَثْرَة إِلَّا زَاده الله بهَا قلَّة الْآيَات 41 - 44

41

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَلمن انتصر بعد ظلمه فَأُولَئِك مَا عَلَيْهِم من سَبِيل} قَالَ: هَذَا فِي الخماشة تكون بَين النَّاس فَأَما إِن ظلمك رجل فَلَا تظلمه وَإِن فجر بك فَلَا تفجر بِهِ وَإِن خانك فَلَا تخنه فَإِن الْمُؤمن هُوَ الموفي الْمُؤَدِّي وَإِن الْفَاجِر هُوَ الخائن الغادر وخ ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من دَعَا على مَنْ ظلمه فقد انتصر

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: إِن سَارِقا سرق لَهَا فدعَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبخي عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلمن انتصر بعد ظلمه} قَالَ: لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْضا انتصاره بِالسَّيْفِ وَفِي قَوْله: {إِنَّمَا السَّبِيل على الَّذين يظْلمُونَ النَّاس} الْآيَة قَالَ: من أهل الشّرك وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {هَل إِلَى مرد من سَبِيل} يَقُول: إِلَى الدُّنْيَا الْآيَات 45 - 48

45

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ينظرُونَ من طرف خَفِي} قَالَ: ذليل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ينظرُونَ من طرف خَفِي} قَالَ: يسارقون النّظر إِلَى النَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن خلف بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ زيد بن

صوحان رَضِي الله عَنهُ {اسْتجِيبُوا لربكم من قبل أَن يَأْتِي يَوْم لَا مردّ لَهُ من الله} فَقَالَ: لبيْك من زيد لبيْك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من ملْجأ يَوْمئِذٍ} قَالَ: تحرز {وَمَا لكم من نَكِير} نَاصِر ينصركم الْآيَات 49 - 51

49

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَوْلَادكُم هبة الله {يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور} فهم وَأَمْوَالهمْ لكم إِذا احتجتم إِلَيْهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من بركَة الْمَرْأَة ابتكارها بِالْأُنْثَى لِأَن الله قَالَ: {يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور} قَالَ: لَا إناث مَعَهم {أَو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً} قَالَ: يُولد لَهُ جَارِيَة وَغُلَام {وَيجْعَل من يَشَاء عقيماً} لَا يُولد لَهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ: {يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا} قَالَ: يكون الرجل لَا يُولد إِلَّا الإِناث {ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور} قَالَ: يكون الرجل لَا يُولد لَهُ إِلَّا الذُّكُور {أَو يزوجهم ذكراناً وإناثاً} قَالَ: يكون الرجل يُولد لَهُ الذُّكُور والإِناث {وَيجْعَل من يَشَاء عقيماً} قَالَ: يكون الرجل لَا يُولد لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة: {أَو يزوّجهم ذكراناً وإناثاً} قَالَ: التوأم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَيجْعَل من يَشَاء عقيماً} قَالَ: الَّذِي لَا يُولد لَهُ ولد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَيجْعَل من يَشَاء عقيماً} قَالَ: لَا يلقح وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن الْحَرْث بن عُمَيْر أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ أصَاب وليدة لَهُ سَوْدَاء فعزلها ثمَّ بَاعهَا فَانْطَلق بهَا سَيِّدهَا حَتَّى إِذا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق أرادها فامتنعت مِنْهُ فَإِذا هُوَ براعي غنم فَدَعَاهُ فراطنها فاخبرها أَنه سَيِّدهَا قَالَت: إِنِّي قد حملت من سَيِّدي الَّذِي كَانَ قبل هَذَا وَأَنا فِي ديني أَن لَا يُصِيبنِي رجل فِي حمل من آخر فَكتب سَيِّدهَا إِلَى أبي بكر أَو عمر فَأخْبرهُ الْخَبَر فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَمَكثَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كَانَ من الْغَد وَكَانَ مجلسهم الْحجر قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جَاءَنِي جِبْرِيل فِي مجلسي هَذَا عَن الله: إِن أحدكُم لَيْسَ بِالْخِيَارِ على الله إِذا شجع ذَلِك المشجع وَلكنه {يهب لمن يَشَاء إِنَاثًا ويهب لمن يَشَاء الذُّكُور} فاعترف بولدك فَكتب بذلك فِيهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن غيلَان عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ابْتَاعَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ جَارِيَة أَعْجَمِيَّة من رجل قد كَانَ أَصَابَهَا فَحملت لَهُ فَأَرَادَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ أَن يَطَأهَا فَأَبت عَلَيْهِ وأخبرت أَنَّهَا حَامِل فَرفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهَا حفظت فحفظ الله لَهَا أَن أحدكُم إِذا شجع ذَلِك المشجع فَلَيْسَ بِالْخِيَارِ على الله فَردهَا إِلَى صَاحبهَا الَّذِي بَاعهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن يُونُس بن يزِيد رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ سُئِلَ عَن قَول الله {وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا} الْآيَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة تعم من أوحى الله إِلَيْهِ من النَّبِيين فَالْكَلَام كَلَام الله الَّذِي كلم بِهِ مُوسَى من وَرَاء حجاب وَالْوَحي مَا يوحي الله بِهِ إِلَى نَبِي من أنبيائه فَيثبت الله مَا أَرَادَ من وحيه فِي قلب النَّبِي فيتكلم بِهِ النَّبِي ويعيه وَهُوَ كَلَام الله ووحيه وَمِنْه مَا يكون بَين الله وَرُسُله لَا يكلم بِهِ أحدا من الْأَنْبِيَاء وَلكنه سر غيب بَين الله وَرُسُله وَمِنْه مَا يتَكَلَّم بِهِ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَلَا يكتبونه لأحد وَلَا يأمرون بكتابته وَلَكنهُمْ يحدثُونَ بِهِ النَّاس حَدِيثا ويبينون لَهُم أَن الله أَمرهم أَن يبينوه للنَّاس ويبلغوهم وَمن الْوَحْي مَا يُرْسل الله بِهِ من يَشَاء من اصْطفى من مَلَائكَته

فيكلمون أنبياءه وَمن الْوَحْي مَا يُرْسل بِهِ إِلَى من يَشَاء فيوحون بِهِ وَحيا فِي قُلُوب من يَشَاء من رسله وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة: أَن الْحَارِث بن هِشَام سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ يَأْتِيك الْوَحْي قَالَ: أَحْيَانًا يأتيني الْملك فِي مثل صلصلة الجرس فَيفْصم عني وَقد وعيت عَنهُ مَا قَالَ وَهُوَ أشده عَليّ وَأَحْيَانا يتَمَثَّل لي الْملك رجلا فيكلمني فأعي مَا يَقُول قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: وَلَقَد رَأَيْته ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي فِي الْيَوْم الشَّديد الْبرد فَيفْصم وَإِن جَبينه ليتفصد عرقاً وَأخرج أَبُو يعلى والعقيلي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَضَعفه عَن سهل بن سعد وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دون الله سَبْعُونَ ألف حجاب من نور وظلمة مَا يسمع من نفس من حس تِلْكَ الْحجب إِلَّا زهقت نَفسه الْآيَات 52 - 53

52

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَكَذَلِكَ أَوْحَينَا إِلَيْك روحاً من أمرنَا} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل عبدت وثناً قطّ قَالَ: لَا قَالُوا: فَهَل شربت خمرًا قطّ قَالَ: لَا وَمَا زلت أعرف الَّذِي هم عَلَيْهِ كفر (وَمَا كنت أَدْرِي مَا الْكتاب وَلَا الإِيمان) وَبِذَلِك نزل الْقُرْآن (مَا كنت تَدْرِي مَا الْكتاب وَلَا الإِيمان) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإنَّك لتهدي} قَالَ: لتدعو وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} قَالَ: قَالَ الله (وَلكُل قوم هاد) (يُوسُف 7) قَالَ: دَاع يَدْعُو إِلَى الله تَعَالَى وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَإنَّك لتهدي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم} قَالَ: تَدْعُو

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (43) سُورَة الزخرف مَكِّيَّة وآياتها تسع وَثَمَانُونَ مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة {حم} الزخرف الْآيَات 1 - 3

الزخرف

أما قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا} أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عَبَّاس من حَضرمَوْت فَقَالَ لَهُ: يَا ابْن عَبَّاس اخبرني عَن الْقُرْآن أكلام من كَلَام الله أم خلق من خلق الله قَالَ: بل كَلَام من كَلَام الله أَو مَا سَمِعت الله يَقُول: (وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله) (التَّوْبَة الْآيَة 6) فَقَالَ لَهُ الرجل: أَفَرَأَيْت قَوْله {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا} قَالَ: كتبه الله فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ بِالْعَرَبِيَّةِ أما سَمِعت الله يَقُول (بل هُوَ قُرْآن مجيد فِي لوح مَحْفُوظ) (البروج الْآيَة 22) الْمجِيد: هُوَ الْعَزِيز أَي كتبه الله فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مقَاتل بن حَيَّان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَلَام أهل السَّمَاء الْعَرَبيَّة ثمَّ قَرَأَ {حم وَالْكتاب الْمُبين} {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا} الْآيَتَيْنِ الْآيَة 4

4

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن أول مَا خلق الله من شَيْء الْقَلَم فَأمره أَن يكْتب مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَالْكتاب عِنْده ثمَّ قَرَأَ {وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب لدينا لعليّ حَكِيم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب} قَالَ: فِي أصل الْكتاب وَجُمْلَته وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب} قَالَ: الْقُرْآن عِنْد الله {فِي أم الْكتاب} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب لدينا} قَالَ: الذّكر الْحَكِيم فِيهِ كل شَيْء كَانَ وكل شَيْء يكون وَمَا نزل من كتاب فَمِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن سابط رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب} مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وكل ثَلَاثَة من الْمَلَائِكَة يحفظون فَوكل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِالْوَحْي ينزل بِهِ إِلَى الرُّسُل عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وبالهلاك إِذا أَرَادَ أَن يهْلك قوما كَانَ صَاحب ذَلِك ووكل أَيْضا بالنصر فِي الحروب إِذا أَرَادَ الله أَن ينصر ووكل مِيكَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام بالقطر أَن يحفظه ووكل ملك الْمَوْت عَلَيْهِ السَّلَام بِقَبض الْأَنْفس فَإِذا ذهبت الدُّنْيَا جمع بَين حفظهم وَحفظ [] أهل الْكتاب فَوَجَدَهُ سَوَاء الْآيَات 5 - 18

5

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أفنضرب عَنْكُم الذّكر صفحاً} قَالَ: أحسبتم أَن نصفح عَنْكُم وَلم تَفعلُوا مَا أمرْتُم بِهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {أفنضرب عَنْكُم الذّكر صفحاً} قَالَ: تكذبون بِالْقُرْآنِ ثمَّ لَا تعاقبون عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ {أفنضرب عَنْكُم الذّكر صفحاً} قَالَ: وَالله لَو أَن هَذَا الْقُرْآن رفع حَيْثُ رده أَوَائِل هَذِه الْأمة لهلكوا وَلَكِن الله تَعَالَى عَاد عَلَيْهِم بعائدته وَرَحمته فكرره عَلَيْهِم ودعاهم إِلَيْهِ وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم يبْعَث الله رَسُولا إِلَّا أَن أنزل عَلَيْهِ كتابا فَإِن قبله قومه وَإِلَّا رُفِعَ فَذَلِك قَوْله: {أفنضرب عَنْكُم الذّكر صفحاً إِن كُنْتُم قوما مسرفين} لَا تقبلونه فيلقنه قلب نبيه قَالُوا: قبلناه رَبنَا قبلناه رَبنَا وَلَو لم يَفْعَلُوا لَرُفِعَ وَلم يتْرك مِنْهُ شَيْء على ظهر الأَرْض وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمضى مثل الأوّلين} قَالَ: عُقُوبَة الْأَوَّلين وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {صفحاً أَن كُنْتُم} بِنصب الْألف {جعل لكم الأَرْض مهداً} بِنصب الْمِيم بِغَيْر ألف وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ هَذِه الْآيَة {وَجعل لكم من الْفلك والأنعام مَا تَرْكَبُونَ لتستووا على ظُهُوره ثمَّ تَذكرُوا نعْمَة ربكُم إِذا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ}

أَن تَقولُوا: الْحَمد لله الَّذِي منّ علينا بِمُحَمد عَبده وَرَسُوله ثمَّ تَقولُوا: {سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سَافر ركب رَاحِلَته ثمَّ كبر ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} {وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون} وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه أَتَى بِدَابَّة فَلَمَّا وضع رجله فِي الركاب قَالَ: بِسم الله فَلَمَّا اسْتَوَى على ظهرهَا قَالَ: الْحَمد لله ثَلَاثًا وَالله أكبر ثَلَاثًا {سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} {وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون} سُبْحَانَكَ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت قد ظلمت نَفسِي فَاغْفِر لي ذُنُوبِي إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت ثمَّ ضحك فَقلت: مِم ضحِكت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعل كَمَا فعلت ثمَّ ضحك فَقلت يَا رَسُول الله: مِم ضحِكت فَقَالَ: يعجب الرب من عَبده إِذا قَالَ: رب اغْفِر لي وَيَقُول: علم عَبدِي أَنه لَا يغْفر الذُّنُوب غَيْرِي وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أردفه على دَابَّته فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا (كبر ثَلَاثًا وَهَلل الله وَحده ثمَّ ضحك إِلَيْهِ كَمَا ضحِكت إِلَيْك) وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن مُحَمَّد بن حَمْزَة بن عمر الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَوق ظهر كل بعير شَيْطَان فَإِذا ركبتموه فاذكروا اسْم الله ثمَّ لَا تقصرُوا عَن حاجاتكم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: على ذرْوَة كل بعير شَيْطَان فامتهنوهن بالركوب فَإِنَّمَا يحمل الله وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبَغوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي لاس الْخُزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من بعير إِلَّا فِي

ذروته شَيْطَان فاذكروا اسْم الله عَلَيْهِ إِذا ركبتموه كَمَا أَمركُم ثمَّ امتهنوها لأنفسكم فَإِنَّمَا يحمل الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن شهر بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ثمَّ تَذكرُوا نعْمَة ربكُم إِذا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} قَالَ: نعْمَة الإِسلام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مجلز رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى حُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ رجلا يركب دَابَّة فَقَالَ {سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} {وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون} قَالَ: أَو بذلك أمرت قَالَ: فَكيف أَقُول قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا للإِسلام الْحَمد لله الَّذِي من علينا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحَمد لله الَّذِي جعلني فِي خير أمة أخرجت للنَّاس ثمَّ تَقول: {سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ إِذْ ركب دَابَّة قَالَ: بِسم الله اللَّهُمَّ هَذَا من مَنِّكَ وفضلك علينا فلك الْحَمد رَبنَا {سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} {وَإِنَّا إِلَى رَبنَا لمنقلبون} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} قَالَ: الإِبل وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحمير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} قَالَ: مطيقين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} قَالَ: لَا فِي الْأَيْدِي وَلَا فِي القوّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سُلَيْمَان بن يسَار رَضِي الله عَنهُ أَن قوما كَانُوا فِي سفر فَكَانُوا إِذا ركبُوا قَالُوا: {سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} وَكَانَ فيهم رجل لَهُ نَاقَة رازم فَقَالَ: أما أَنا فَأَنا لهَذِهِ مقرن فقمصت بِهِ فصرعته فاندقت عُنُقه وَالله أعلم وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَجعلُوا لَهُ من عباده جُزْءا} قَالَ: عدلا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي

قَوْله: {وَجعلُوا لَهُ من عباده جُزْءا} قَالَ: ولدا وَبَنَات من الْمَلَائِكَة وَفِي قَوْله: {وَإِذا بشر أحدهم بِمَا ضرب للرحمن مثلا} قَالَ: ولدا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَإِذا بشر أحدهم بِمَا ضرب للرحمن مثلا ظلّ وَجهه مسوداً وَهُوَ كظيم} قَالَ: حَزِين وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {بِمَا ضرب للرحمن مثلا} بِنصب الضَّاد وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {أَو من ينشأ فِي الْحِلْية} قَالَ: الْجَوَارِي جعلتموهن للرحمن ولدا {كَيفَ تحكمون} الصافات الْآيَة 154 وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أَو من ينشأ فِي الْحِلْية} قَالَ: هن النِّسَاء فرق بَين زيهن وزي الرِّجَال ونقصهن من الْمِيرَاث وبالشهادة وأمرهن بالقعدة وسماهن الْخَوَالِف وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أَو من ينشأ فِي الْحِلْية} قَالَ: جعلُوا لله الْبَنَات {وَإِذا بشر أحدهم} بِهن {ظلّ وَجهه مسوداً وَهُوَ كظيم} حَزِين وَأما قَوْله: {وَهُوَ فِي الْخِصَام غير مُبين} قَالَ: قَلما تَكَلَّمت امْرَأَة تُرِيدُ أَن تَتَكَلَّم بحجتها الا تَكَلَّمت بِالْحجَّةِ عَلَيْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ {أَو من ينشأ فِي الْحِلْية} مُخَفّفَة الْيَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {ينشأ فِي الْحِلْية} مُخَفّفَة مَنْصُوبَة الْيَاء مَهْمُوزَة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن الذَّهَب للنِّسَاء فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ يَقُول الله: {أَو من ينشأ فِي الْحِلْية} الْآيَات 19 - 25

19

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَجعلُوا الْمَلَائِكَة الَّذين هم عباد الرَّحْمَن إِنَاثًا} قَالَ: قد قَالَ ذَلِك أنَاس من النَّاس وَلَا نعلمهُمْ إِلَّا الْيَهُود: أَن الله عز وَجل صاهر الْجِنّ فَخرجت من بنيه الْمَلَائِكَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت أَقرَأ هَذَا الْحَرْف {الَّذين هم عباد الرَّحْمَن إِنَاثًا} فَسَأَلت ابْن عَبَّاس فَقَالَ: {عباد الرَّحْمَن} قلت: فَإِنَّهَا فِي مصحفي عِنْد الرَّحْمَن قَالَ: فامحها واكتبها {عباد الرَّحْمَن} بِالْألف وَالْبَاء وَقَالَ: أَتَانِي رجل الْيَوْم وددت أَنه لم يأتني فَقَالَ: كَيفَ تقْرَأ هَذَا الْحَرْف {وَجعلُوا الْمَلَائِكَة الَّذين هم عباد الرَّحْمَن إِنَاثًا} قَالَ: إِن أُنَاسًا يقرأون الَّذين هم عِنْد الرَّحْمَن فَسكت عَنهُ فَقلت: اذْهَبْ إِلَى أهلك وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَهَا الَّذين هم عِنْد الرَّحْمَن بالنُّون وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن مَرْوَان وَجعلُوا الْمَلَائِكَة عِنْد الرَّحْمَن إِنَاثًا لَيْسَ فِيهِ {الَّذين هم} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {عباد الرَّحْمَن} بِالْألف وَالْبَاء {أشهدوا خلقهمْ} بنصبهم الْألف والشين {ستكتب} بِالتَّاءِ وَرفع التَّاء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ

فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَقَالُوا لَو شَاءَ الرَّحْمَن مَا عبدناهم} قَالَ: يعنون الْأَوْثَان لأَنهم عبدُوا الْأَوْثَان يَقُول الله: {مَا لَهُم بذلك من علم} يَعْنِي الْأَوْثَان أَنهم لَا يعلمُونَ {إِن هم إِلَّا يخرصون} قَالَ: يعلمُونَ قدرَة الله على ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَقَالُوا لَو شَاءَ الرَّحْمَن مَا عبدناهم} قَالَ: عبدُوا الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {أم آتَيْنَاهُم كتابا من قبله} قَالَ: قبل هَذَا الْكتاب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {بل قَالُوا إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة} قَالَ: على دين وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل: {إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة} قَالَ: على مِلَّة غير الْملَّة الَّتِي تدعونا إِلَيْهَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان وَهُوَ يعْتَذر إِلَى النُّعْمَان بن الْمُنْذر وَيَقُول: حَلَفت فَلم أترك لنَفسك رِيبَة وَهل يأثمن ذُو أمة وَهُوَ طائع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {بل قَالُوا إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مهتدون} قَالَ: قد قَالَ: ذَلِك مشركو قُرَيْش: انا وجدنَا آبَاءَنَا على دين وانا متبعوهم على ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مقتدون} قَالَ: بفعلهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْأمة فِي الْقُرْآن على وُجُوه (وَاذْكُر بعد أمة) (يُوسُف الْآيَة 45) قَالَ: بعد حِين (وَوجد عَلَيْهِ أمة من النَّاس يسقون) (يُوسُف الْآيَة 23) قَالَ: جمَاعَة من النَّاس {إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة} قَالَ: على دين وَرفع الْألف فِي كلهَا وَقَرَأَ {قَالَ أولو جِئتُكُمْ} بِغَيْر ألف بِالتَّاءِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فانتقمنا مِنْهُم فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المكذبين}

قَالَ: شَرّ وَالله كَانَ عاقبتهم أَخذهم بخسف وغرق فأهلكهم الله ثمَّ أدخلهم النَّار الْآيَات 26 - 28

26

أخرج الْفضل بن شَاذان فِي كتاب الْقرَاءَات بِسَنَدِهِ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ: إِنَّنِي بَرِيء مِمَّا تَعْبدُونَ بِالْيَاءِ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ: إِنَّنِي بَرِيء مِمَّا تَعْبدُونَ إِلَّا الَّذِي فطرني فَإِنَّهُ سيهدين: قَالَ: إِنَّهُم يَقُولُونَ إِن الله رَبنَا (وَلَئِن سَأَلتهمْ من خلقهمْ ليَقُولن الله) فَلم يبرأ من ربه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {وَجعلهَا كلمة بَاقِيَة فِي عقبه} قَالَ: فِي الإِسلام أوصى بهَا وَلَده وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَجعلهَا كلمة بَاقِيَة فِي عقبه} قَالَ: الإِخلاص والتوحيد لَا يزَال فِي ذُريَّته من يَقُولهَا من بعده {لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يتوبون أَو يذكرُونَ وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {وَجعلهَا كلمة بَاقِيَة فِي عقبه} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فِي عقبه قَالَ: عقب إِبْرَاهِيم وَلَده وَأخرج عبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: عقب الرجل وَلَده الذُّكُور والاناث وَأَوْلَاد الذُّكُور وَأخرج عبد بن حميد عَن عُبَيْدَة قَالَ: قلت لإِبراهيم: مَا الْعقب قَالَ: وَلَده الذّكر وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء فِي رجل أسْكنهُ رجل لَهُ ولعقبه من بعده أتكون امْرَأَته من عقبه قَالَ: لَا وَلَكِن وَلَده عقبه الْآيَات 29 - 30

29

أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {بل متعت هَؤُلَاءِ} بِرَفْع التَّاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {بل متعت هَؤُلَاءِ وآباءهم حَتَّى جَاءَهُم الْحق وَرَسُول مُبين} قَالَ: هَذَا قَول أهل الْكتاب لهَذِهِ الْأمة وَكَانَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ يقْرؤهَا {بل متعت هَؤُلَاءِ} بِنصب التَّاء وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ: {وَلما جَاءَهُم الْحق قَالُوا هَذَا سحر} قَالَ: هَؤُلَاءِ قُرَيْش قَالُوا لِلْقُرْآنِ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا سحر الْآيَات 31 - 32

31

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن قَول الله: {لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم} مَا القريتان قَالَ: الطَّائِف وَمَكَّة قيل: فَمن الرّجلَانِ قَالَ: عُرْوَة بن مَسْعُود وَخيَار قُرَيْش وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن قَول الله {لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم} قَالَ: يَعْنِي بالقريتين مَكَّة والطائف والعظيم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة الْقرشِي وحبِيب بن عُمَيْر الثَّقَفِيّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَقَالُوا لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم} قَالَ: يَعْنِي من القريتين مَكَّة والطائف والعظيم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة الْقرشِي وحبِيب بن عُمَيْر الثَّقَفِيّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم} قَالَ: يعنون أشرف من مُحَمَّد الْوَلِيد بن الْمُغيرَة من أهل مَكَّة ومسعود بن عَمْرو الثَّقَفِيّ من أهل الطَّائِف

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة: لَو كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حَقًا أنزل عَليّ هَذَا الْقُرْآن أَو على عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ فَنزلت {وَقَالُوا لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَقَالُوا لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم} قَالَ: القريتان مَكَّة والطائف قَالَ ذَلِك مشركو قُرَيْش قَالَ: بلغنَا أَنه لَيْسَ فَخذ من قُرَيْش إِلَّا قد ادَّعَتْهُ فَقَالُوا: هُوَ منا وَكُنَّا نُحدث أَنه الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَعُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ قَالَ: يَقُولُونَ فَهَلا كَانَ أنزل على أحد هذَيْن الرجلَيْن لَيْسَ على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {على رجل من القريتين عَظِيم} قَالَ: عتبَة بن ربيعَة من مَكَّة وَابْن عبد ياليل بن كنَانَة الثَّقَفِيّ من الطَّائِف وَعُمَيْر بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَفِي لفظ وَأَبُو مَسْعُود الثَّقَفِيّ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقَالُوا لَوْلَا نزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم} قَالَ: هُوَ عتبَة بن ربيعَة - وَكَانَ رَيْحَانَة قُرَيْش يَوْمئِذٍ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {على رجل من القريتين عَظِيم} قَالَ: هُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي أَو كنَانَة بن عمر بن عُمَيْر عَظِيم أهل الطَّائِف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {نَحن قسمنا بَينهم معيشتهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: قسم بَينهم معيشتهم فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَا قسم بَينهم صورهم وأخلاقهم فتعالى رَبنَا وتبارك {ورفعنا بَعضهم فَوق بعض دَرَجَات} قَالَ: فَتَلقاهُ ضَعِيف الْحِيلَة عييّ اللِّسَان وَهُوَ مَبْسُوط لَهُ فِي الرزق وتلقاه شَدِيد الْحِيلَة سليط اللِّسَان وَهُوَ مقتور عَلَيْهِ {ليتَّخذ بَعضهم بَعْضًا سخرياً} قَالَ: ملكة يسخر بَعضهم بَعْضًا يَبْتَلِي الله بِهِ عباده فَالله الله فِيمَا ملكت يَمِينك {وَرَحْمَة رَبك خير مِمَّا يجمعُونَ} قَالَ: الْجنَّة

الْآيَات 33 - 35

33

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله لَوْلَا أَن يجزع عَبدِي الْمُؤمن لعصبت الْكَافِر عِصَابَة من حَدِيد فَلَا يشتكي شَيْئا ولصببت عَلَيْهِ الدُّنْيَا صبا قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: قد أنزل الله شبه ذَلِك فِي كِتَابه فِي قَوْله {وَلَوْلَا أَن يكون النَّاس أمة وَاحِدَة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلَوْلَا أَن يكون النَّاس أمة وَاحِدَة} الْآيَة يَقُول: لَوْلَا أَن أجعَل النَّاس كلهم كفَّارًا لجعلْتُ لبيوت الْكفَّار سقفاً من فضَّة {ومعارج} من فضَّة وَهِي درج {عَلَيْهَا يظهرون} يصعدون إِلَى الغرف وسرر فضَّة {وزخرفاً} وَهُوَ الذَّهَب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَلَوْلَا أَن يكون النَّاس أمة وَاحِدَة} قَالَ: لَوْلَا أَن يكون النَّاس كفَّارًا {لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضَّة} قَالَ: السّقف أعالي الْبيُوت {ومعارج عَلَيْهَا يظهرون} قَالَ: درج عَلَيْهَا يصعدون {وزخرفاً} قَالَ: الذَّهَب {وَالْآخِرَة عِنْد رَبك لِلْمُتقين} قَالَ: خُصُوصا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَلَوْلَا أَن يكون النَّاس أمة وَاحِدَة} قَالَ: لَوْلَا أَن يكفروا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {سقفاً} قَالَ: الجزوع {ومعارج} قَالَ: الدرج {وزخرفاً} قَالَ: الذَّهَب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي

قَوْله: {وَلَوْلَا أَن يكون النَّاس أمة وَاحِدَة} قَالَ: لَوْلَا أَن يكون النَّاس أَجْمَعُونَ كفَّارًا فيميلوا إِلَى الدُّنْيَا لجعل الله لَهُم الَّذِي قَالَ قَالَ: وَقد مَالَتْ الدُّنْيَا بأكبر همها وَمَا فعل ذَلِك فَكيف لَو فعله وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أهم يقسمون رَحْمَة رَبك} قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله قسم بَيْنكُم أخلاقكم كَمَا قسم بَيْنكُم أرزاقكم وَإِن الله يُعْطي الدُّنْيَا من يحب وَمن لَا يحب وَلَا يُعْطي الدّين إِلَّا من يحب فَمن أعطَاهُ الدّين فقد أحبه وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو كَانَت الدُّنْيَا تزن عِنْد الله جنَاح بعوضة مَا سقى كَافِرًا مِنْهَا شربة مَاء الْآيَات 36 - 40

36

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن عُثْمَان المخرمي أَن قُريْشًا قَالَت: قيضوا لكل رجل رجلا من أَصْحَاب مُحَمَّد يَأْخُذهُ فقيضوا لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ طَلْحَة بن عبيد الله فَأَتَاهُ وَهُوَ فِي الْقَوْم فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: إلام تَدعُونِي قَالَ: أَدْعُوك إِلَى عبَادَة اللات والعزى قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: وَمَا اللات قَالَ: رَبنَا قَالَ: وَمَا الْعُزَّى قَالَ: بَنَات الله قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: فَمن أمّهم فَسكت طَلْحَة فَلم يجبهُ فَقَالَ طَلْحَة لأَصْحَابه: أجِيبُوا الرجل فَسكت الْقَوْم فَقَالَ طَلْحَة: قُم يَا أَبَا بكر أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَأنْزل الله {وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن نقيض لَهُ شَيْطَانا} الْآيَة

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَمن يَعش عَن ذكر الرَّحْمَن} قَالَ: يعمى قَالَ ابْن جرير: هَذَا على قِرَاءَة فتح الشين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَمن يَعش} قَالَ: يعرض {وَإِنَّهُم ليصدونهم عَن السَّبِيل} قَالَ: عَن الدّين {حَتَّى إِذا جَاءَنَا} جَمِيعًا هُوَ وقرينه وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ حَتَّى إِذا جَاءَنَا على معنى اثْنَيْنِ هُوَ وقرينه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَمن يَعش} الْآيَة قَالَ: من جَانب الْحق وَأنْكرهُ وَهُوَ يعلم أَن الْحَلَال حَلَال وَأَن الْحَرَام حرَام فَترك الْعلم بالحلال وَالْحق لهوى نَفسه وَقضى حَاجته ثمَّ أَرَادَ من الْحَرَام قيض لَهُ شَيْطَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد الْجَزرِي فِي قَوْله: {نقيض لَهُ شَيْطَانا} قَالَ: بلغنَا أَن الْكَافِر إِذا بعث يَوْم الْقِيَامَة من قَبره شفع بِيَدِهِ شَيْطَان وَلم يُفَارِقهُ حَتَّى يصيرهما الله إِلَى النَّار فَذَلِك حِين يَقُول: {يَا لَيْت بيني وَبَيْنك بعد المشرقين فبئس القرين} قَالَ: وَأما الْمُؤمن فيوكل بِهِ ملك حَتَّى يقْضى بَين النَّاس أَو يصير إِلَى الْجنَّة وَأخرج ابْن حبَان وَالْبَغوِيّ وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن شريك بن طَارق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ مِنْكُم أحد إِلَّا وَمَعَهُ شَيْطَان قَالُوا: ومعك يَا رَسُول الله قَالَ: وَمَعِي إِلَّا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم وَأخرج مُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج من عِنْدهَا لَيْلًا قَالَت: فغرت عَلَيْهِ فجَاء فَرَأى مَا أصنع فَقَالَ مَا لَك يَا عَائِشَة أَغِرْت فَقلت: وَمَا لي لَا يغار مثلي على مثلك فَقَالَ: أقد جَاءَ شَيْطَانك قلت: يَا رَسُول الله أمعي شَيْطَان قَالَ: نعم وَمَعَ كل إِنْسَان قلت: ومعك قَالَ: نعم وَلَكِن رَبِّي أعانني عَلَيْهِ حَتَّى أسلم وَأخرج مُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد وكل الله بِهِ قرينه من الْجِنّ قَالُوا:

وَإِيَّاك يَا رَسُول الله قَالَ: وإياي إِلَّا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم فَلَا يَأْمُرنِي الا بِخَير وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد وكل الله بِهِ قرينه من الْجِنّ قَالُوا: وَإِيَّاك يَا رَسُول الله قَالَ: وإياي إِلَّا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ من الْآدَمِيّين أحد إِلَّا وَمَعَهُ شَيْطَان مُوكل بِهِ أما الْكَافِر فيأكل مَعَه من طَعَامه وَيشْرب مَعَه من شرابه وينام مَعَه على فرَاشه وَأما الْمُؤمن فَهُوَ بِجَانِب لَهُ ينتظره حَتَّى يُصِيب مِنْهُ غَفلَة أَو غرَّة فيثب عَلَيْهِ وَأحب الْآدَمِيّين إِلَى الشَّيْطَان الأكول النؤوم الْآيَات 41 - 43

41

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فإمَّا نذهبن بك فَإنَّا مِنْهُم منتقمون} قَالَ: قَالَ أنس رَضِي الله عَنهُ: ذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبقيت النقمَة فَلم يُرِ الله نبيه فِي أمته شَيْئا يكرههُ حَتَّى قُبِضَ وَلم يكن نَبِي قطّ إِلَّا وَقد رأى الْعقُوبَة فِي أمته إِلَّا نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى مَا يُصِيب أمته بعده فَمَا رُؤِيَ ضَاحِكا منبسطاً حَتَّى قبض وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق حميد عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فإمَّا نذهبن بك فَإنَّا مِنْهُم منتقمون} الْآيَة قَالَ: أكْرم الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يرِيه فِي أمته مَا يكره فرفعه إِلَيْهِ وَبقيت النقمَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن مَسْعُود الْعَبْدي قَالَ: قَرَأَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ هَذِه الْآيَة {فإمَّا نذهبن بك فَإنَّا مِنْهُم منتقمون} قَالَ: ذهب نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبقيت نقمته فِي عدوه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فإمَّا نذهبن بك فَإنَّا مِنْهُم منتقمون}

قَالَ: لقد كَانَت نقمة شَدِيدَة أكْرم الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يرِيه فِي أمته مَا كَانَ من النقمَة بعده وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُحَمَّد بن مَرْوَان عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن جَابر بن عبد الله: عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {فإمَّا نذهبن بك فَإنَّا مِنْهُم منتقمون} نزلت فِي عَليّ بن أبي طَالب أَنه ينْتَقم من النَّاكِثِينَ والقاسطين بعدِي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أَو نرينك الَّذِي وعدناهم} الْآيَة قَالَ: يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّك على صِرَاط مُسْتَقِيم} قَالَ: على الْإِسْلَام الْآيَة 44

44

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَإنَّهُ لذكر لَك ولقومك} قَالَ: الْقُرْآن شرف لَك ولقومك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَإنَّهُ لذكر لَك} يَعْنِي الْقُرْآن ولقومك يَعْنِي من اتبعك من أمتك وَأخرج الشَّافِعِي وَعبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَإنَّهُ لذكر لَك ولقومك} قَالَ: يُقَال مِمَّن هَذَا الرجل فَيُقَال: من الْعَرَب فَيُقَال: من أَي الْعَرَب فَيُقَال: من قُرَيْش فَيُقَال: من أَي قُرَيْش فَيُقَال: من بني هَاشم وَأخرج ابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس قَالَا: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعرض نَفسه على الْقَبَائِل بِمَكَّة ويعدهم الظُّهُور فَإِذا قَالُوا لمن الْملك بعْدك أمسك فَلم يجبهم بِشَيْء لِأَنَّهُ لم يُؤمر فِي ذَلِك بِشَيْء حَتَّى نزلت {وَإنَّهُ لذكر لَك ولقومك} فَكَانَ بعد إِذا سُئِلَ قَالَ: لقريش فَلَا يجيبونه حَتَّى قبلته الْأَنْصَار على ذَلِك

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عدي بن حَاتِم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت قَاعِدا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: الا إِن الله علم مَا فِي قلبِي من حبي لقومي فشرفني فيهم فَقَالَ: {وَإنَّهُ لذكر لَك ولقومك وسوف تسْأَلُون} فَجعل الذّكر والشرف لقومي فِي كِتَابه ثمَّ قَالَ (وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين) (الشُّعَرَاء الْآيَة 214) (واخفض جناحك لمن اتبعك من الْمُؤمنِينَ) (الشُّعَرَاء الْآيَة 215) يَعْنِي قومِي فَالْحَمْد لله الَّذِي جعل الصّديق من قومِي والشهيد من قومِي ان الله قلب الْعباد ظهرا وبطناً فَكَانَ خير الْعَرَب قُرَيْش وَهِي الشَّجَرَة الْمُبَارَكَة الَّتِي قَالَ الله فِي كِتَابه (وَمثل كلمة طيبَة كشجرة طيبَة) (إِبْرَاهِيم الْآيَة 24) يَعْنِي بهَا قُريْشًا (أَصْلهَا ثَابت) يَقُول: أَصْلهَا كَرَمٌ (وفرعها فِي السَّمَاء) يَقُول: الشّرف الَّذِي شرفهم الله بالإِسلام الَّذِي هدَاهُم لَهُ وجعلهم أَهله ثمَّ أنزل فيهم سُورَة من كتاب الله بِمَكَّة (لإِيلاف قُرَيْش) (قُرَيْش الْآيَة 1 - 2 - 3 - 4) إِلَى آخرهَا قَالَ عدي بن حَاتِم: مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر عِنْده قُرَيْش بِخَير قطّ إِلَّا سره حَتَّى يتَبَيَّن ذَلِك السرُور للنَّاس كلهم فِي وَجهه وَكَانَ كثيرا مَا يَتْلُوا هَذِه الْآيَة {وَإنَّهُ لذكر لَك ولقومك وسوف تسْأَلُون} الْآيَة 45

45

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {واسأل من أرسلنَا من قبلك من رسلنَا} قَالَ: لَيْلَة اسري بِهِ لَقِي الرُّسُل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {واسأل من أرسلنَا من قبلك من رسلنَا} قَالَ: بلغنَا أَنه لَيْلَة أسرِي بِهِ أرِي الْأَنْبِيَاء فأري آدم فَسلم عَلَيْهِ: وأري مَالِكًا خَازِن النَّار وأري الْكذَّاب الدَّجَّال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {واسأل من أرسلنَا من قبلك من رسلنَا أجعلنا من دون الرَّحْمَن آلِهَة يعْبدُونَ} قَالَ: سل

أهل التَّوْرَاة والإِنجيل هَل جَاءَت الرُّسُل إِلَّا بِالتَّوْحِيدِ وَقَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة واسأل من أرسلنَا إِلَيْهِم رسلنَا قبلك وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {واسأل من أرسلنَا من قبلك من رسلنَا} قَالَ: سل الَّذين أرسلنَا إِلَيْهِم قبلك من رسلنَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ عبد الله يقْرَأ / واسأل الَّذين أرسلنَا إِلَيْهِم قبلك من رسلنَا / قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود واسأل الَّذين يقرأون الْكتاب من قبل مؤمني أهل الْكتاب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {واسأل من أرسلنَا من قبلك من رسلنَا} قَالَ: جمعُوا لَهُ لَيْلَة أسرِي بِهِ بِبَيْت الْمُقَدّس الْآيَات 46 - 56

46

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَمَا نريهم من آيَة إِلَّا هِيَ أكبر من أُخْتهَا} قَالَ: الطوفان وَمَا مَعَه من الْآيَات

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {وأخذناهم بِالْعَذَابِ} قَالَ: هُوَ عَام السّنة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وأخذناهم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُم يرجعُونَ} قَالَ: يتوبون أَو يذكرُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {ادْع لنا رَبك بِمَا عهد عنْدك} لَئِن آمنا ليكشفن عَنَّا الْعَذَاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِذا هم ينكثون} قَالَ: يغدرون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ونادى فِرْعَوْن فِي قومه} قَالَ: لَيْسَ هُوَ نَفسه وَلَكِن أَمر أَن يُنَادي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأسود بن يزِيد قَالَ: قلت لعَائِشَة: أَلا تعجبين من رجل من الطُّلَقَاء يُنَازع أَصْحَاب مُحَمَّد فِي الْخلَافَة قَالَت: وَمَا تعجب من ذَلِك هُوَ سُلْطَان الله يؤتيه الْبر والفاجر وَقد ملك فِرْعَوْن أهل مصر أَرْبَعمِائَة سنة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {أَلَيْسَ لي ملك مصر وَهَذِه الْأَنْهَار تجْرِي من تحتي} قَالَ: قد كَانَ لَهُم جنان وأنهار {أم أَنا خير من هَذَا الَّذِي هُوَ مهين} قَالَ: ضَعِيف {وَلَا يكَاد يبين} قَالَ: عيي اللِّسَان {فلولا ألقِي عَلَيْهِ أسورة من ذهب} قَالَ: أحلية من ذهب {أَو جَاءَ مَعَه الْمَلَائِكَة مقترنين} أَي مُتَتَابعين {فَلَمَّا آسفونا} قَالَ: أغضبونا {فجعلناهم سلفا} قَالَ: إِلَى النَّار {ومثلاً} قَالَ: عظة {للآخرين} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا يكَاد يبين} قَالَ: كَانَت لمُوسَى لثغة فِي لِسَانه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أَو جَاءَ مَعَه الْمَلَائِكَة مقترنين} قَالَ: يَمْشُونَ مَعًا وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لم يخرج فِرْعَوْن من زَاد على الْأَرْبَعين سنة وَمن دون الْعشْرين فَذَلِك قَوْله: {فاستخف قومه فأطاعوه} يَعْنِي استخف قومه فِي طلب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {فَلَمَّا آسفونا} قَالَ: أغضبونا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَمَّا آسفونا} قَالَ: أغضبونا وَفِي قَوْله: {سلفا} قَالَ: أهواء مُخْتَلفَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَلَمَّا آسفونا} قَالَ: أغضبونا {فجعلناهم سلفا} قَالَ: هم قوم فِرْعَوْن كفارهم {سلفا} لكفار أمة مُحَمَّد {ومثلاً للآخرين} قَالَ: عِبْرَة لمن بعدهمْ وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن أبي حَاتِم عَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا رَأَيْت الله يُعْطي العَبْد مَا شَاءَ وَهُوَ مُقيم على مَعَاصيه فَإِنَّمَا ذَلِك اسْتِدْرَاج مِنْهُ لَهُ ثمَّ تَلا {فَلَمَّا آسفونا انتقمنا مِنْهُم فأغرقناهم أَجْمَعِينَ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: كنت عِنْد عبد الله فَذكر عِنْد موت الْفجأَة فَقَالَ: تَخْفيف على الْمُؤمن وحسرة على الْكَافِر {فَلَمَّا آسفونا انتقمنا مِنْهُم} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه كَانَ يقْرَأ {فجعلناهم سلفا} بِنصب السِّين وَاللَّام الْآيَات 57 - 65

57

أخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لقريش: إِنَّه لَيْسَ أحد يعبد من دون الله فِيهِ خير فَقَالُوا: أَلَسْت: تزْعم أَن عِيسَى كَانَ نَبيا وعبداً من عباد الله صَالحا وَقد عبدته النَّصَارَى فَإِن كنت صَادِقا فَإِنَّهُ كآلهتهم فَأنْزل الله {وَلما ضرب ابْن مَرْيَم مثلا إِذا قَوْمك مِنْهُ يصدون} قَالَ: يضجون {وَإنَّهُ لعلم للساعة} قَالَ: هُوَ خُرُوج عِيسَى بن مَرْيَم قبيل يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما ذكر عِيسَى بن مَرْيَم جزعت قُرَيْش وَقَالُوا: مَا ذكر مُحَمَّد عِيسَى بن مَرْيَم مَا يُرِيد مُحَمَّد إِلَّا أَن نصْنَع بِهِ كَمَا صنعت النَّصَارَى بِعِيسَى بن مَرْيَم فَقَالَ الله: {مَا ضربوه لَك إِلَّا جدلاً} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرؤهَا {يصدون} يَعْنِي بِكَسْر الصَّاد يَقُول: يضجون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {يصدون} بِضَم الصَّاد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم {يصدون} قَالَ: يعرضون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن معبد بن أخي عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لي ابْن عَبَّاس: مَا لعمك يقْرَأ هَذِه الْآيَة {إِذا قَوْمك مِنْهُ يصدون} انها لَيست كَذَا إِنَّمَا هِيَ {إِذا قَوْمك مِنْهُ يصدون} إِذا هم يَهْجُونَ إِذا هم يضجون وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {إِذا قَوْمك مِنْهُ يصدون} قَالَ: يضجون وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَالْحسن وَقَتَادَة رَضِي الله عَنْهُمَا مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {يصدون} بِالْكَسْرِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب

الْإِيمَان عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا ضل قوم بعد هدى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الجدل ثمَّ قَرَأَ {مَا ضربوه لَك إِلَّا جدلاً} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا ضلت أمة بعد نبيها إِلَّا أعْطوا الجدل ثمَّ قَرَأَ {مَا ضربوه لَك إِلَّا جدلاً} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا ثار قوم فتْنَة إِلَّا أُوتُوا بهَا جدلاً وَمَا ثار قوم فِي فتْنَة إِلَّا كَانُوا لَهَا حرْزا وَأخرج ابْن عدي والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْكَذِب بَاب من أَبْوَاب النِّفَاق وَإِن آيَة النِّفَاق أَن يكون الرجل جدلاً خصما) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما ذكر الله عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْقُرْآن قَالَ مشركو مَكَّة إِنَّمَا أَرَادَ مُحَمَّد أَن نحبه كَمَا أحب النَّصَارَى عِيسَى قَالَ: {مَا ضربوه لَك إِلَّا جدلاً} قَالَ: مَا قَالُوا هَذَا القَوْل إِلَّا ليجادلوا {إِن هُوَ إِلَّا عبد أنعمنا عَلَيْهِ} قَالَ: ذَلِك نَبِي الله عِيسَى أَن كَانَ عبدا صَالحا أنعم الله عَلَيْهِ {وجعلناه مثلا} قَالَ: آيَة {لبني إِسْرَائِيل} {وَلَو نشَاء لجعلنا مِنْكُم مَلَائِكَة فِي الأَرْض يخلفون} قَالَ: يخلف بَعضهم بَعْضًا مَكَان بني آدم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن الْمُشْركين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لَهُ: أَرَأَيْت مَا يعبد من دون الله أَيْن هم قَالَ: فِي النَّار قَالُوا: وَالشَّمْس وَالْقَمَر قَالَ: وَالشَّمْس وَالْقَمَر قَالُوا: فعيسى بن مَرْيَم فَأنْزل الله {إِن هُوَ إِلَّا عبد أنعمنا عَلَيْهِ وجعلناه مثلا لبني إِسْرَائِيل} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {لجعلنا مِنْكُم مَلَائِكَة فِي الأَرْض يخلفون} قَالَ: يعمرون الأَرْض بَدَلا مِنْكُم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور ومسدد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَإنَّهُ لعلم للساعة} قَالَ: خُرُوج عِيسَى قبل يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ {وَإنَّهُ لعلم للساعة}

قَالَ: خُرُوج عِيسَى يمْكث فِي الأَرْض أَرْبَعِينَ سنة تكون تِلْكَ الْأَرْبَعُونَ أَربع سِنِين يحجّ ويعتمر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَإنَّهُ لعلم للساعة} قَالَ: آيَة للساعة خُرُوج عِيسَى بن مَرْيَم قبل يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وَإنَّهُ لعلم للساعة} قَالَ: نزُول عِيسَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَإنَّهُ لعلم للساعة} قَالَ: نزُول عِيسَى علم للساعة وناس يَقُولُونَ: الْقُرْآن علم للساعة وَأخرج عبد بن حميد عَن شَيبَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْحسن يَقُول {وَإنَّهُ لعلم للساعة} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {وَإنَّهُ لعلم للساعة} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن بخفض الْعين وَأخرج عبد بن حميد عَن حَمَّاد بن سَلمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قرأتها فِي مصحف أبيّ وَإنَّهُ لذكر للساعة وَأخرج ابْن جرير من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَإنَّهُ لعلم للساعة} قَالَ: نزُول عِيسَى وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {ولأبيِّن لكم بعض الَّذِي تختلفون فِيهِ} قَالَ: من تَبْدِيل التَّوْرَاة الْآيَة 66

66

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تقوم السَّاعَة وَالرجلَانِ يحلبان اللقحة وَالرجلَانِ يطويان الثَّوْب ثمَّ قَرَأَ {هَل ينظرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَن تأتيهم بَغْتَة وهم لَا يَشْعُرُونَ} الْآيَات 67 - 71

67

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن معَاذ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة انْقَطَعت الْأَرْحَام وَقلت الْأَنْسَاب وَذَهَبت الأخوّة إِلَّا الْأُخوة فِي الله وَذَلِكَ قَوْله: {الأخلاء يَوْمئِذٍ بَعضهم لبَعض عَدو إِلَّا الْمُتَّقِينَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {الأخلاء يَوْمئِذٍ بَعضهم لبَعض عَدو إِلَّا الْمُتَّقِينَ} قَالَ: مَعْصِيّة الله فِي الدُّنْيَا متعادين وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {الأخلاء يَوْمئِذٍ بَعضهم لبَعض عَدو إِلَّا الْمُتَّقِينَ} قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: الأخلاء أَرْبَعَة مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ فَمَاتَ أحد الْمُؤمنِينَ فَسئلَ عَن خَلِيله فَقَالَ: اللَّهُمَّ لم أر خَلِيلًا آمُر بِمَعْرُوف وَلَا أنهى عَن مُنكر مِنْهُ اللَّهُمَّ اهده كَمَا هديتني وَأمته على مَا أمتني عَلَيْهِ وَمَات أحد الْكَافرين فَسئلَ عَن خَلِيله فَقَالَ: اللَّهُمَّ لم أر خَلِيلًا آمُر بمنكر مِنْهُ وَلَا أنهى عَن مَعْرُوف مِنْهُ اللَّهُمَّ أضلّهُ كَمَا أضللتني وَأمته على مَا أمتني عَلَيْهِ قَالَ: ثمَّ يبعثون يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ: ليثن بَعْضكُم على بعض فاما المؤمنان فاثنى كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه كأحسن الثَّنَاء وَأما الكافران فَأثْنى كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه كأقبح الثَّنَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُؤْتى بالرئيس فِي الْخَيْر يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال: أجب رَبك فَينْطَلق بِهِ إِلَى ربه فَلَا يحجب عَنهُ فَيُؤْمَر بِهِ إِلَى الْجنَّة فَيرى منزله ومنازل أَصْحَابه الَّذين كَانُوا يجامعونه على الْخَيْر ويعينونه عَلَيْهِ فَيُقَال هَذِه منزلَة فلَان وَهَذِه منزلَة فلَان فَيرى مَا أعد الله فِي الْجنَّة من الْكَرَامَة وَيرى مَنْزِلَته أفضل من مَنَازِلهمْ ويكسى من ثِيَاب الْجنَّة وَيُوضَع على رَأسه تَاج ويعلقه من ريح الْجنَّة ويشرق وَجهه حَتَّى يكون مثل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر فَيخرج فَلَا يرَاهُ أهل مَلأ إِلَّا قَالُوا: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُم حَتَّى يَأْتِي أَصْحَابه الَّذين كَانُوا يجامعونه على الْخَيْر ويعينونه عَلَيْهِ فَيَقُول أبشر يَا فلَان فَإِن الله أعد لَك فِي الْجنَّة

كَذَا وَأعد لَك فِي الْجنَّة كَذَا وَكَذَا فَلَا يزَال يُخْبِرهُمْ بِمَا أعد الله لَهُم فِي الْجنَّة من الْكَرَامَة حَتَّى يَعْلُو وُجُوههم من الْبيَاض مثل مَا علا وَجهه فيعرفهم النَّاس ببياض وُجُوههم فَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ أهل الْجنَّة وَيُؤْتى بالرئيس فِي الشَّرّ فَيُقَال أجب رَبك فَينْطَلق بِهِ إِلَى ربه فيحجب عَنهُ وَيُؤمر بِهِ إِلَى النَّار فَيرى منزله ومنازل أَصْحَابه فَيُقَال هَذِه منزلَة فلَان وَهَذِه منزلَة فلَان فَيرى مَا أَعَدَّ الله فِيهَا من الهوان وَيرى مَنْزِلَته شرا من مَنَازِلهمْ فَيَسْوَدُّ وَجْهَهُ وَتَزْرَقُّ عَيناهُ وَيُوضَع على رَأسه قلنسوة من نَار فَيخرج فَلَا يرَاهُ أهل مَلأ إِلَّا تعوذوا بِاللَّه مِنْهُ فَيَقُول مَا أعاذكم الله مني أما تذكر يَا فلَان كَذَا وَكَذَا فيذكرهم الشَّرّ الَّذِي كَانُوا يجامعونه ويعينونه عَلَيْهِ فَمَا يزَال يُخْبِرهُمْ بِمَا أعد الله لَهُم فِي النَّار حَتَّى يَعْلُو وُجُوههم من السوَاد مثل الَّذِي علا وَجهه فيعرفهم النَّاس بسواد وُجُوههم فَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ أهل النَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَحميد بن زَنْجوَيْه فِي ترغيبه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {الأخلاء يَوْمئِذٍ بَعضهم لبَعض عَدو إِلَّا الْمُتَّقِينَ} قَالَ: خليلان مُؤْمِنَانِ وخليلان كَافِرَانِ توفّي أحد الْمُؤمنِينَ فبشر بِالْجنَّةِ فَذكر خَلِيله فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا خليلي فلَانا كَانَ يَأْمُرنِي بطاعتك وَطَاعَة رَسُولك ويأمرني بِالْخَيرِ وينهاني عَن الشَّرّ وينبئني أَنِّي ملاقيك اللَّهُمَّ فَلَا تضله بعدِي حَتَّى تريه مَا أريتني وترضى عَنهُ كَمَا رضيت عني فَيُقَال لَهُ اذْهَبْ فَلَو تعلم مَا لَهُ عِنْدِي لضحكت كثيرا ولبكيت قَلِيلا ثمَّ يَمُوت الآخر فَيجمع بَين أرواحهما فَيُقَال: ليثن كل وَاحِد مِنْكُمَا على صَاحبه فَيَقُول كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه نعم الْأَخ وَنعم الصاحب وَنعم الْخَلِيل وَإِذا مَاتَ أحد الْكَافرين بشر بالنَّار فيذكر خَلِيله فَيَقُول: اللَّهُمَّ إِن خليلي فلَانا كَانَ يَأْمُرنِي بمعصيتك ومعصية رَسُولك ويأمرني بِالشَّرِّ وينهاني عَن الْخَيْر وينبئني أَنِّي غير ملاقيك اللَّهُمَّ فَلَا تهده بعدِي حَتَّى تريه مثل مَا اريتني وتسخط عَلَيْهِ كَمَا سخطت عَليّ فَيَمُوت الآخر فَيجمع بَين أرواحهما فَيُقَال ليثن كل وَاحِد مِنْكُمَا على صَاحبه فَيَقُول كل وَاحِد لصَاحبه بئس الْأَخ وَبئسَ الصاحب وَبئسَ الْخَلِيل وَأخرج ابْن جرير عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: سَمِعت أَن النَّاس حِين يبعثون لَيْسَ

فيهم إِلَّا فزع فينادي منادٍ {يَا عبادِ لَا خوف عَلَيْكُم الْيَوْم وَلَا أَنْتُم تَحْزَنُونَ} فيرجوها النَّاس كلهم فيتبعها {الَّذين آمنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسلمين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {تحبرون} قَالَ: تكرمون وَالله تَعَالَى أعلم وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بسندٍ رِجَاله ثِقَات عَن أنس رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أَسْفَل أهل الْجنَّة أَجْمَعِينَ دَرَجَة لمن يقوم على رَأسه عشرَة آلَاف بيد كل وَاحِد صحفتان: وَاحِدَة من ذهب وَالْأُخْرَى من فضَّة فِي كل وَاحِدَة لون لَيْسَ فِي الْأُخْرَى مثله يَأْكُل من آخرهَا مثل مَا يَأْكُل من أَولهَا يجد لآخرها من الطّيب واللذة مثل الَّذِي يجد لأولها ثمَّ يكون ذَلِك ريح الْمسك الأذفر لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ إخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {بصحاف} قَالَ: القصاع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة يَوْم الْقِيَامَة ليؤتى بغدائه فِي سبعين ألف صَحْفَة فِي كل صَحْفَة لون لَيْسَ كالآخر فيجد للْآخر لذته أَوله لَيْسَ مِنْهُ أول وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الأكواب الجرار من الْفضة وَأخرج هناد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الأكواب الَّتِي لَيْسَ لَهَا آذان وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {وأكواب} قَالَ: القلال الَّتِي لَا عرا لَهَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الْهُذلِيّ فَلم ينْطق الديك حَتَّى مَلَأت كوب الذُّبَاب لَهُ فاستدارا وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {بأكواب} قَالَ: جرار لَيْسَ لَهَا عرا وَهِي بالنبطية كوى وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَهْون أهل النَّار عذَابا رجل يطَأ على جَمْرَة يغلي مِنْهَا دماغه قَالَ أَبُو بكر الصّديق: وَمَا كَانَ

جرمه يَا رَسُول الله قَالَ: كَانَت لَهُ مَاشِيَة يغشى بهَا الزَّرْع ويؤذيه وَحرم الله الزَّرْع وَمَا حوله رمية بِحجر فَلَا تستحبوا أَمْوَالكُم فِي الدُّنْيَا وتهلكوا أَنفسكُم فِي الْآخِرَة وَقَالَ: إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة وأسفلهم دَرَجَة لَا يدْخل بعده أحد يفسح لَهُ فِي بَصَره مسيرَة عَام فِي قُصُور من ذهب وخيام من لُؤْلُؤ لَيْسَ فِيهَا مَوضِع شبر إِلَّا معمور يغدى عَلَيْهِ كل يَوْم وَيرَاح بسبعين ألف صَحْفَة فِي كل صَحْفَة لون لَيْسَ فِي الآخر مثله شَهْوَته فِي آخرهَا كشهوته فِي أَولهَا لَو نزل بِهِ جَمِيع أهل الأَرْض لوسع عَلَيْهِم مِمَّا أعْطى لَا ينقص ذَلِك مِمَّا أُوتِيَ شَيْئا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي أُمَامَة قَالَ: إِن الرجل من أهل الْجنَّة يَشْتَهِي الطَّائِر وَهُوَ يطير فَيَقَع منفلقاً نضيجاً فِي كَفه فيأكل مِنْهُ حَتَّى يَنْتَهِي ثمَّ يطير ويشتهي الشَّرَاب فَيَقَع الإِبريق فِي يَده فيشرب مِنْهُ مَا يُرِيد ثمَّ يرجع إِلَى مَكَانَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وأكواب} قَالَ: هِيَ دون الأباريق بلغنَا أَنَّهَا مدوّرة الرَّأْس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي أُمَامَة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثهمْ وَذكر الْجنَّة فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليأخذن أحدكُم اللُّقْمَة فيجعلها فِي فِيهِ ثمَّ يخْطر على باله طَعَام آخر فيتحول الطَّعَام الَّذِي فِي فِيهِ على الَّذِي اشْتهى ثمَّ قَرَأَ {وفيهَا مَا تشتهيه الْأَنْفس وتلذ الْأَعْين وَأَنْتُم فِيهَا خَالدُونَ} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الرمانة من رمان الْجنَّة يجْتَمع عَلَيْهَا بشر كثير يَأْكُلُون مِنْهَا فان جرى على ذكر أحدهم شَيْء وجده فِي مَوضِع يَده حَيْثُ يَأْكُل وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّك ستنظر إِلَى الطير فِي الْجنَّة فتشتهيه فيخر بَين يَديك مشوياً وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَيْمُونَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الرجل ليشتهي الطير فِي الْجنَّة فَيَجِيء مثل البختي حَتَّى يَقع على خوانه لم يصبهُ دُخان وَلم تمسه نَار فيأكل مِنْهُ حَتَّى يشْبع ثمَّ يطير وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أخس أهل الْجنَّة منزلا لَهُ سَبْعُونَ ألف خَادِم مَعَ كل خَادِم صَحْفَة من ذهب لَو نزل بِهِ أهل الأَرْض

جَمِيعًا لأوصلهم لَا يَسْتَعِين عَلَيْهِم بِشَيْء من عِنْد غَيره وَذَلِكَ فِي قَول الله {وفيهَا مَا تشتهيه الْأَنْفس} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ فِي الْجنَّة ولد قَالَ: إِن شاؤوا وَأخرج أَحْمد وهناد والدارمي وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله إِن الْوَلَد من قُرَّة الْعين وَتَمام السرُور فَهَل يُولد لأهل الْجنَّة فَقَالَ: إِن الْمُؤمن إِذا اشْتهى الْوَلَد فِي الْجنَّة كَانَ حمله وَوَضعه وسنه فِي سَاعَة: كَمَا يَشْتَهِي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن سابط قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله: أَفِي الْجنَّة خيل فَإِنِّي أحب الْخَيل قَالَ: إِن يدْخلك الله الْجنَّة مَا من شَيْء شِئْت إِلَّا فعلت فَقَالَ الْأَعرَابِي: أَفِي الْجنَّة إبل فَإِنِّي أحب الإِبل فَقَالَ يَا اعرابي: إِن أدْخلك الله الْجنَّة أصبت فِيهَا مَا تشْتَهي نَفسك ولذت عَيْنك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هَل فِي الْجنَّة خيل فَإِنَّهَا تعجبني قَالَ: إِن أَحْبَبْت ذَلِك أتيت بفرس من ياقوتة حَمْرَاء فتطير بك فِي الْجنَّة حَيْثُ شِئْت فَقَالَ لَهُ رجل: إِن الإِبل تعجبني فَهَل فِي الْجنَّة من إبل فَقَالَ: يَا عبد الله إِن أدخلت الْجنَّة فلك فِيهَا مَا تشْتَهي نَفسك ولذت عَيْنك وَأخرج عبد بن حميد عَن كثير بن مرّة الْحَضْرَمِيّ قَالَ: إِن السحابة لتمر بِأَهْل الْجنَّة فَتَقول مَا أمطركم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سابط قَالَ: إِن الرَّسُول يَجِيء إِلَى الشَّجَرَة من شجر الْجنَّة فَيَقُول: إِن رَبِّي يَأْمُرك أَن تفتقي لهَذَا مَا شَاءَ فَإِن الرَّسُول ليجيء إِلَى الرجل من أهل الْجنَّة فينشر عَلَيْهِ الْحلَّة فَيَقُول: قد رَأَيْت الْحلَل فَمَا رَأَيْت مثل هَذِه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر بن قيس قَالَ: إِن الرجل من أهل الْجنَّة ليشتهي الثَّمَرَة فتجيء حَتَّى تسيل فِي فِيهِ وَإِنَّهَا فِي أَصْلهَا فِي الشَّجَرَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ: إِن الرجل من أهل الْجنَّة ليزوّج خَمْسمِائَة حوراء وَأَرْبَعمِائَة بكر وَثَمَانِية آلَاف ثيب مَا مِنْهُنَّ

وَاحِدَة إِلَّا يعانقها عمر الدُّنْيَا كلهَا لَا يُوجد وَاحِد مِنْهُمَا من صَاحبه وَإنَّهُ لتوضع مائدته فَمَا تَنْقَضِي مِنْهَا نهمته عمر الدُّنْيَا كلهَا وَإنَّهُ ليَأْتِيه الْملك بِتَحِيَّة من ربه وَبَين أصبعيه مائَة أَو سَبْعُونَ حلَّة فَيَقُول مَا أَتَانِي من رَبِّي شَيْء أعجب إليّ من هَذِه فَيَقُول: أيعجبك هَذَا فَيَقُول: نعم فَيَقُول الْملك: لأدنى شَجَرَة بِالْجنَّةِ تلوني لفُلَان من هَذَا مَا اشتهت نَفسه وَأخرج ابْن جرير عَن أبي ظَبْيَة السّلمِيّ قَالَ: إِن السرب من أهل الْجنَّة لتظلهم السحابة فَتَقول: مَا أمطركم فَمَا يَدْعُو دَاع من الْقَوْم بِشَيْء إِلَّا أمطرتهم حَتَّى أَن الْقَائِل مِنْهُم ليقول: أمطرينا كواعب أَتْرَابًا الْآيَات 72 - 89

72

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من أحد إِلَّا وَله منزل فِي الْجنَّة ومنزل فِي النَّار فالكافر يَرث الْمُؤمن منزله فِي النَّار وَالْمُؤمن يَرث الْكَافِر منزله فِي الْجنَّة وَذَلِكَ قَوْله {وَتلك الْجنَّة الَّتِي أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد فِي الزّهْد عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: تجوزون الصِّرَاط بِعَفْو الله وتدخلون الْجنَّة برحمة الله وتقتسمون الْمنَازل بأعمالكم قَوْله تَعَالَى: {إِن الْمُجْرمين} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وهم فِيهِ مبلسون} قَالَ: مستسلمون وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ على الْمِنْبَر {وَنَادَوْا يَا مَالك} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ على الْمِنْبَر {وَنَادَوْا يَا مَالك} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي عَن مُجَاهِد قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود {وَنَادَوْا يَا مَالك} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ على الْمِنْبَر {وَنَادَوْا يَا مَالك ليَقْضِ علينا رَبك} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس: {وَنَادَوْا يَا مَالك} قَالَ: مكث عَنْهُم ألف سنة ثمَّ يُجِيبهُمْ {إِنَّكُم مَاكِثُونَ} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أم أبرموا أمرا فَإنَّا مبرمون} قَالَ: أم أَجمعُوا أمرا فَإنَّا مجمعون إِن كَادُوا شرا كدناهم مثله وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: بَينا ثَلَاثَة بَين الْكَعْبَة واستارها قرشيان وثقفي أَو ثقفيان وقرشي فَقَالَ وَاحِد مِنْهُم: ترَوْنَ الله يسمع

كلامنا فَقَالَ وَاحِد: إِذا جهرتم سمع وَإِذا أسررتم لم يسمع فَنزلت {أم يحسبون أَنا لَا نسْمع سرهم ونجواهم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قل إِن كَانَ للرحمن ولد} يَقُول: لم يكن للرحمن ولد {فَأَنا أول العابدين} قَالَ: الشَّاهِدين وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس: إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {فَأَنا أول العابدين} قَالَ: أَنا أول متبرىء من أَن يكون لله ولد قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت تبعا وَهُوَ يَقُول: وَقد علمت فهر بِأَنِّي رَبهم طراً وَلم تعبد [] وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَقَتَادَة {قل إِن كَانَ للرحمن ولد} قَالَا: مَا كَانَ للرحمن ولد {فَأَنا أول العابدين} قَالَ: يَقُول مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَنا أول من عبد الله من هَذِه الْأمة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {قل إِن كَانَ للرحمن ولد} فِي زعمكم {فَأَنا أوّل العابدين} فَأَنا أول من عبد الله وَحده وكذبكم بِمَا تَقولُونَ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {قل إِن كَانَ للرحمن ولد فَأَنا أول العابدين} قَالَ: الْمُؤمنِينَ بِاللَّه فَقولُوا مَا شِئْتُم وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: هَذِه كلمة من كَلَام الْعَرَب: {إِن كَانَ للرحمن ولد} أَي إِن ذَلِك لم يكن وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم قَالَ: هَذَا مقول من قَول الْعَرَب إِن كَانَ هَذَا الْأَمر قطّ أَي مَا كَانَ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه كَانَ يقْرَأ: كل شَيْء بعد السَّجْدَة فِي مَرْيَم ولد وَالَّتِي فِي الزخرف ونوح وَسَائِر (لَعَلَّهَا: وَسَائِر السُّور مصححه) ولد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن قَتَادَة فِي قَوْله {عَمَّا يصفونَ} قَالَ: عَمَّا يكذبُون وَفِي قَوْله {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَه وَفِي الأَرْض إِلَه} قَالَ: هُوَ الَّذِي يعبد فِي السَّمَاء ويعبد فِي الأَرْض

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلَا يملك الَّذين يدعونَ من دونه الشَّفَاعَة} قَالَ: عِيسَى وعزير وَالْمَلَائِكَة {إِلَّا من شهد بِالْحَقِّ} قَالَ: كلمة الإِخلاص {وهم يعلمُونَ} إِن الله حق وَعِيسَى وعزير وَالْمَلَائِكَة - يَقُول: لَا يشفع عِيسَى وعزير وَالْمَلَائِكَة {إِلَّا من شهد بِالْحَقِّ} وَهُوَ يعلم الْحق وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِلَّا من شهد بِالْحَقِّ وهم يعلمُونَ} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَعِيسَى وعزيز فَإِن لَهُم عِنْد الله شَفَاعَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: {شهد بِالْحَقِّ} وَهُوَ يعلم أَن الله ربه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَوْف قَالَ: سَأَلت إِبْرَاهِيم عَن الرجل يجد شَهَادَته فِي الْكتاب وَيعرف الْخط والخاتم وَلَا يحفظ الدَّرَاهِم فَتلا {إِلَّا من شهد بِالْحَقِّ وهم يعلمُونَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وقيله يَا رب إِن هَؤُلَاءِ قوم لَا يُؤمنُونَ} قَالَ: هَذَا قَول نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشكو قومه إِلَى ربه وَعَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ وَقَالَ الرَّسُول يَا رب وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وقيله يَا رب} بخفض اللَّام وَالْهَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فاصفح عَنْهُم} قَالَ: نسخ الصفح وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن شُعَيْب بن الْحجاب قَالَ: كنت مَعَ عَليّ بن عبد الله الْبَارِقي فَمر علينا يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ فَسلم عَلَيْهِ فَقَالَ شُعَيْب: قلت إِنَّه يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ فَقَرَأَ عَليّ آخر سُورَة الزخرف {وقيله يَا رب إِن هَؤُلَاءِ قوم لَا يُؤمنُونَ فاصفح عَنْهُم وَقل سَلام فَسَوف يعلمُونَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عون بن عبد الله قَالَ: سُئِلَ عمر بن عبد الْعَزِيز عَن ابْتِدَاء أهل الذِّمَّة بِالسَّلَامِ فَقَالَ: ترد عَلَيْهِم وَلَا تبتدئهم قلت: فَكيف تَقول أَنْت قَالَ: مَا أرى بَأْسا أَن نبدأهم قلت: لم قَالَ: لقَوْل الله تَعَالَى {فاصفح عَنْهُم وَقل سَلام فَسَوف يعلمُونَ}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (44) سُورَة الدُّخان مَكِّيَّة وآياتها تسع وَخَمْسُونَ مُقَدّمَة سُورَة الدُّخان أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة {حم} الدُّخان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة الدُّخان وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ حم الدُّخان فِي لَيْلَة أصبح يسْتَغْفر لَهُ سَبْعُونَ ألف ملك وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ حم الدُّخان فِي لَيْلَة أصبح يسْتَغْفر لَهُ سَبْعُونَ ألف ملك وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ حم الدُّخان فِي لَيْلَة جُمُعَة أصبح مغفورا لَهُ وَأخرج ابْن الضريس وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ لَيْلَة الْجُمُعَة {حم} الدُّخان و {يس} أصبح مغفورا لَهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {حم} الدُّخان فِي لَيْلَة جُمُعَة أَو يَوْم جُمُعَة بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن الضريس عَن الْحسن: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ سُورَة الدُّخان فِي لَيْلَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه

وَأخرج الدَّارمِيّ وَمُحَمّد بن نصر عَن أبي رَافع قَالَ: من قَرَأَ الدُّخان فِي لَيْلَة الْجُمُعَة أصبح مغفورا لَهُ وَزوج من الْحور الْعين وَأخرج الدَّارمِيّ عَن عبد الله بن عِيسَى قَالَ: أخْبرت أَنه من قَرَأَ {حم} الدُّخان لَيْلَة الْجُمُعَة إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا بهَا أصبح مغفورا لَهُ وَأخرج الْبَزَّار عَن زيد بن حَارِثَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِابْنِ صياداني: خبأت لَك خبيا فَمَا هُوَ وخبا لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة الدُّخان فَقَالَ: هُوَ الدخ فَقَالَ: اخسه مَا شَاءَ الله كَانَ ثمَّ انْصَرف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن الْأسود بن يزِيد وعنبسة أَن رجلا أَتَى عبد الله بن مَسْعُود فَقَالَ: قَرَأت الْمفصل فِي رَكْعَة فَقَالَ عبد الله: بل هذذت كهذ الشّعْر وكنثر الدقل وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ النَّظَائِر فِي رَكْعَة فَذكر عشر رَكْعَات بِعشْرين سُورَة عَن تأليف عبد الله آخِرهنَّ إِذا الشَّمْس كورت وَالدُّخَان وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لقد علمت النَّظَائِر الَّتِي كَانَ يُصَلِّي بِهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الذاريات وَالطور والنجم واقتربت والرحمن والواقعة وَنون والحاقة والمزمل وَلَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة وَهل أَتَى على الْإِنْسَان والمرسلات وَعم يتساءلون والنازعات وَعَبس وويل لِلْمُطَفِّفِينَ وَإِذا الشَّمْس كورت وَالدُّخَان وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لِأَنِّي لأحفظ الْقَرَائِن الَّتِي كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ بِهن ثَمَان عشرَة من الْمفصل وسورتين من آل حم وَأخرج ابْن أبي عمر فِي مُسْنده عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْمغرب {حم} الَّتِي يذكر فِيهَا الدُّخان الْآيَات 1 - 5

الدخان

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة} قَالَ: أنزل الْقُرْآن فِي لَيْلَة الْقدر ثمَّ نزل بِهِ جِبْرِيل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نجوماً بِجَوَاب كَلَام النَّاس

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة} قَالَ: هِيَ (لَيْلَة الْقدر) وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْجلد قَالَ: نزلت صحف إِبْرَاهِيم فِي أول لَيْلَة من رَمَضَان وَأنزل الإِنجيل لثمان عشرَة لَيْلَة خلت من رَمَضَان وَأنزل الْفرْقَان لأَرْبَع وَعشْرين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة} قَالَ: نزل الْقُرْآن جملَة على جِبْرِيل وَكَانَ جِبْرِيل يَجِيء بعد إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: نزل الْقُرْآن من السَّمَاء الْعليا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا جَمِيعًا فِي (لَيْلَة الْقدر) ثمَّ فصل بعد ذَلِك فِي تِلْكَ السنين وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} قَالَ: يكْتب من (أم الْكتاب) (الرَّعْد الْآيَة 39) (فِي لَيْلَة الْقدر) مَا يكون فِي السّنة من رزق أَو موت أَو حَيَاة أَو مطر حَتَّى يكْتب الْحَاج يحجّ فلَان ويحج فلَان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر فِي قَوْله {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} قَالَ: أَمر السّنة إِلَى السّنة إِلَّا الشَّقَاء والسعادة فَإِنَّهُ فِي كتاب الله لَا يُبدل وَلَا يُغير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن عِكْرِمَة {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} قَالَ: يقْضِي فِي (لَيْلَة الْقدر) (كل أَمر مُحكم) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق مُحَمَّد بن سوقة عَن عِكْرِمَة قَالَ: يُؤذن للْحَاج بِبَيْت الله فِي (لَيْلَة الْقدر) فيكتبون بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاء آبَائِهِم فَلَا يُغَادر تِلْكَ اللَّيْلَة أحد مِمَّن كتب ثمَّ قَرَأَ {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} فَلَا يُزَاد فيهم وَلَا ينقص مِنْهُم وَأخرج سعيد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {حم وَالْكتاب الْمُبين إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة إِنَّا كُنَّا منذرين} {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} قَالَ: يفرق {فِي لَيْلَة الْقدر} مَا يكون من السّنة إِلَى السّنة إِلَّا الْحَيَاة وَالْمَوْت يفرق فِيهَا المعايش والمصائب كلهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير عَن ربيعَة بن كُلْثُوم قَالَ: كنت عِنْد الْحسن فَقَالَ لَهُ رجل يَا أَبَا سعيد (لَيْلَة الْقدر) فِي كل رَمَضَان هِيَ قَالَ: أَي وَالله إِنَّهَا لفي كل رَمَضَان وَإنَّهُ لليلة {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} فِيهَا يقْضِي الله كل أجل وَعمل ورزق إِلَى مثلهَا وَأخرج ابْن جرير عَن عمر مولى غفرة قَالَ: يُقَال ينْسَخ لملك الْمَوْت من يَمُوت من (لَيْلَة الْقدر) إِلَى مثلهَا وَذَلِكَ لِأَن الله يَقُول: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة} إِلَى قَوْله {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} فتجد الرجل ينْكح النِّسَاء ويفرش الْفرش واسْمه فِي الْأَمْوَات وَأخرج ابْن جرير عَن هِلَال بن يسَاف قَالَ: كَانَ يُقَال انتظروا الْقَضَاء فِي شهر رَمَضَان وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة} قَالَ: (لَيْلَة الْقدر) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّك لترى الرجل يمشي فِي الْأَسْوَاق وَقد وَقع اسْمه فِي الْمَوْتَى ثمَّ قَرَأَ {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة إِنَّا كُنَّا منذرين} {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} يَعْنِي (لَيْلَة الْقدر) قَالَ: فَفِي تِلْكَ اللَّيْلَة يفرق أَمر الدُّنْيَا إِلَى مثلهَا من قَابل موت أَو حَيَاة أَو رزق كل أَمر الدُّنْيَا يفرق تِلْكَ اللَّيْلَة إِلَى مثلهَا من قَابل وَأخرج عبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} قَالَ: عمل السّنة إِلَى السّنة وَأخرج عبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ فِي قَوْله: {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} قَالَ: يدبر أَمر السّنة إِلَى السّنة (فِي لَيْلَة الْقدر) وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الجوزاء {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} قَالَ: هِيَ (لَيْلَة الْقدر) يجاء بالديوان الْأَعْظَم السّنة إِلَى السّنة فَيغْفر الله عز وَجل لمن يَشَاء أَلا ترى أَنه قَالَ: {رَحْمَة من رَبك} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة فِي

قَوْله: {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} قَالَ: فِيهَا يفرق أَمر السّنة إِلَى السّنة وَفِي لفظ قَالَ: فِيهَا يقْضى مَا يكون من السّنة إِلَى السّنة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي نَضرة {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} قَالَ: يفرق أَمر السّنة فِي كل (لَيْلَة قدر) خَيرهَا وشرها وَرِزْقهَا وأجلها وبلاؤها ورخاؤها ومعاشها إِلَى مثلهَا من السّنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد بن سوقة عَن عِكْرِمَة {فِيهَا يفرق كل أَمر حَكِيم} قَالَ: فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان يبرم أَمر السّنة وينسخ الْأَحْيَاء من الْأَمْوَات وَيكْتب الْحَاج فَلَا يُزَاد فيهم وَلَا ينقص مِنْهُم أحد وَأخرج ابْن زَنْجوَيْه والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تقطع الْآجَال من شعْبَان إِلَى شعْبَان حَتَّى أَن الرجل لينكح ويولد لَهُ وَقد خرج اسْمه فِي الْمَوْتَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شهر أَكثر صياما مِنْهُ فِي شعْبَان وَذَلِكَ أَنه ينْسَخ فِيهِ آجال من ينْسَخ فِي السّنة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة قَالَت: لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شهر أَكثر صياما مِنْهُ فِي شعْبَان لِأَنَّهُ ينْسَخ فِيهِ أَرْوَاح الْأَحْيَاء فِي الْأَمْوَات حَتَّى أَن الرجل يتَزَوَّج وَقد رفع اسْمه فِيمَن يَمُوت وَإِن الرجل ليحج وَقد رفع اسْمه فِيمَن يَمُوت وَأخرج أَبُو يعلى عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَصُوم شعْبَان كُله فَسَأَلته قَالَ: إِن الله يكْتب فِيهِ كل نفس مبتة تِلْكَ السّنة فَأحب أَن يأتيني أَجلي وَأَنا صَائِم وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن رَاشد بن سعد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان يوحي الله إِلَى ملك الْمَوْت بِقَبض كل نفس يُرِيد قبضهَا فِي تِلْكَ السّنة وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الزُّهْرِيّ عَن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تقطع الْآجَال من شعْبَان إِلَى شعْبَان حَتَّى أَن الرجل ينْكح ويولد لَهُ وَقد خرج اسْمه فِي الْمَوْتَى قَالَ: الزُّهْرِيّ وحَدثني أَيْضا عُثْمَان بن مُحَمَّد بن الْمُغيرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من يَوْم

طلعت شمسه إِلَّا يَقُول من اسْتَطَاعَ أَن يعْمل فيّ خيرا فليعمله فَإِنِّي غير مكر عَلَيْكُم أبدا وَمَا من يَوْم إِلَّا يُنَادي مناديان من السَّمَاء يَقُول أَحدهمَا: يَا طَالب الْخَيْر أبشر وَيَقُول الآخر: يَا طَالب الشَّرّ أقصر وَيَقُول أَحدهمَا: اللَّهُمَّ أعْط منفقاً مَالا خلفا وَيَقُول الآخر: اللَّهُمَّ اعط ممسكاً مَالا تلفاً وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: إِذا كَانَ لَيْلَة النّصْف من شعْبَان دفع إِلَى ملك الْمَوْت صحيفَة فَيُقَال اقبض من فِي هَذِه الصَّحِيفَة فَإِن العَبْد ليفرش الْفراش وينكح الْأزْوَاج وَيَبْنِي الْبُنيان وان اسْمه قد نسخ فِي الْمَوْتَى وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك عَن عَائِشَة: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يفتح الله الْخَيْر فِي أَربع لَيَال لَيْلَة الْأَضْحَى وَالْفطر وَلَيْلَة النّصْف من شعْبَان ينْسَخ فِيهَا الْآجَال والأرزاق وَيكْتب فِيهَا الْحَاج وَفِي لَيْلَة عَرَفَة إِلَى الْأَذَان وَأخرج الْخَطِيب وَابْن النجار عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصُوم شعْبَان كُله حَتَّى يصله برمضان وَلم يكن يَصُوم شهرا تَاما إِلَّا شعْبَان فَقلت يَا رَسُول الله: إِن شعْبَان لمن أحب الشُّهُور إِلَيْك أَن تصومه فَقَالَ: نعم يَا عَائِشَة إِنَّه لَيْسَ نفس تَمُوت فِي سنة إِلَّا كتب أجلهَا فِي شعْبَان فَأحب أَن يكْتب أَجلي وَأَنا فِي عبَادَة رَبِّي وَعمل صَالح وَلَفظ ابْن النجار يَا عَائِشَة إِنَّه يكْتب فِيهِ ملك الْمَوْت وَمن يقبض فَأحب أَن لَا ينْسَخ اسْمِي إِلَّا وَأَنا صَائِم وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَقومُوا لَيْلهَا وصوموا نَهَارهَا فَإِن الله ينزل فِيهَا لغروب الشَّمْس إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فَيَقُول أَلا مُسْتَغْفِر فَأغْفِر لَهُ أَلا مسترزق فأرزقه أَلا مبتلى فأعافيه أَلا سَائل فَأعْطِيه أَلا كَذَا أَلا كَذَا حَتَّى يطلع الْفجْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: فقدت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة فَخرجت أطلبه فَإِذا هُوَ بِالبَقِيعِ رَافعا رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ يَا عَائِشَة: أَكنت تَخَافِينَ أَن يَحِيف الله عَلَيْك وَرَسُوله قلت: مَا بِي من ذَلِك وَلَكِنِّي ظَنَنْت أَنَّك أتيت بعض نِسَائِك فَقَالَ: إِن الله عز وَجل ينزل لَيْلَة النّصْف من شعْبَان إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَيغْفر لأكْثر من عدد شعر غنم كلب

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر عَن أَبِيه أَو عَن عَمه أَو جده أبي بكر الصّديق عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ينزل الله إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَيغْفر لكل شَيْء إِلَّا لرجل مُشْرك أَو فِي قلبه شَحْنَاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا كَانَ لَيْلَة النّصْف من شعْبَان اطلع الله تَعَالَى إِلَى خلقه فَيغْفر للْمُؤْمِنين ويملي للْكَافِرِينَ ويدع أهل الحقد بحقدهم حَتَّى يَدعُوهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يطلع الله فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَيغْفر لجَمِيع خلقه إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَو مُشَاحِن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ مَرْفُوعا نَحوه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اللَّيْل يُصَلِّي فَأطَال السُّجُود حَتَّى ظَنَنْت أَنه قد قبض فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك قُمْت حَتَّى حركت إبهامه فَتحَرك فَرَجَعت فَلَمَّا رفع رَأسه من السُّجُود وَفرغ من صلَاته فَقَالَ: يَا عَائِشَة أَو يَا حميراء ظَنَنْت أَن النَّبِي قد خاس بك قلت: لَا وَالله يَا نَبِي الله وَلَكِنِّي ظَنَنْت أَنَّك قبضت لطول سجودك فَقَالَ: أَتَدْرِينَ أَي لَيْلَة هَذِه قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هَذِه لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فَيغْفر للمستغفرين وَيرْحَم المسترحمين وَيُؤَخر أهل الحقد كَمَا هم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفع عَنهُ ثوبيه ثمَّ لم يستتم أَن قَامَ فلبسهما فَأَخَذَتْنِي غيرَة شَدِيدَة ظَنَنْت أَنه يَأْتِي بعض صُوَيْحِبَاتِي فَخرجت أتبعه فَأَدْرَكته بِالبَقِيعِ بَقِيع الْغَرْقَد يسْتَغْفر للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات وَالشُّهَدَاء فَقلت: بِأبي أَنْت وَأمي أَنْت فِي حَاجَة رَبك وَأَنا فِي حَاجَة الدُّنْيَا فَانْصَرَفت فَدخلت فِي حُجْرَتي ولي نَفَسٌ عالٍ ولحقني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا هَذَا النَّفس يَا عَائِشَة فَقلت: بِأبي أَنْت وَأمي أتيتني فَوضعت عَنْك ثوبيك ثمَّ لن تستتم أَن قُمْت فلبستهما فَأَخَذَتْنِي غيرَة شَدِيدَة ظَنَنْت أَنَّك تَأتي بعض صُوَيْحِبَاتِي حَتَّى رَأَيْتُك بِالبَقِيعِ تصنع مَا تصنع قَالَ يَا عَائِشَة: أَكنت تَخَافِينَ أَن يَحِيف الله عَلَيْك وَرَسُوله بل أَتَانِي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ هَذِه اللَّيْلَة لَيْلَة النّصْف من شعْبَان وَللَّه فِيهَا عُتَقَاء من النَّار بِعَدَد شُعُور غنم كلب لَا ينظر الله فِيهَا إِلَى مُشْرك وَلَا إِلَى مُشَاحِن وَلَا إِلَى قَاطع رحم وَلَا إِلَى مُسبل وَلَا إِلَى عَاق لوَالِديهِ وَلَا

إِلَى مدمن خمر قَالَت: ثمَّ وضع عَنهُ ثوبيه فَقَالَ لي: يَا عَائِشَة أَتَأْذَنِينَ لي فِي الْقيام هَذِه اللَّيْلَة فَقلت: نعم بِأبي وَأمي فَقَامَ فَسجدَ لَيْلًا طَويلا حَتَّى ظَنَنْت أَنه قد قبض فَقُمْت أَلْتَمِسهُ وَوضعت يَدي على بَاطِن قَدَمَيْهِ فَتحَرك وسمعته يَقُول فِي سُجُوده: أعوذ بعفوك من عُقُوبَتك وَأَعُوذ برضاك من سخطك وَأَعُوذ بك مِنْك جلّ وَجهك لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك فَلَمَّا أصبح ذكرتهن لَهُ فَقَالَ يَا عَائِشَة: تعلمتيهن فَقلت: نعم فَقَالَ: تعلميهن وعلميهن فَإِن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام علمنيهن وَأَمرَنِي أَن أرددهن فِي السُّجُود وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت لَيْلَة النّصْف من شعْبَان لَيْلَتي وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْدِي فَلَمَّا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل فقدته فأخذني مَا يَأْخُذ النِّسَاء من الْغيرَة فتلفعت بمرطي فطلبته فِي حجر نِسَائِهِ فَلم أَجِدهُ فَانْصَرَفت إِلَى حُجْرَتي فَإِذا أَنا بِهِ كَالثَّوْبِ السَّاقِط وَهُوَ يَقُول فِي سُجُوده: سجد لَك خيالي وسوادي وآمن بك فُؤَادِي فَهَذِهِ يَدي وَمَا جنيت بهَا على نَفسِي يَا عَظِيم يُرْجَى لكل عَظِيم يَا عَظِيم اغْفِر الذَّنب الْعَظِيم سجد وَجْهي للَّذي خلقه وشق سَمعه وبصره ثمَّ رفع رَأسه ثمَّ عَاد سَاجِدا فَقَالَ: أعوذ برضاك من سخطك وَأَعُوذ بعفوك من عقابك وَأَعُوذ بك مِنْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك أَقُول كَمَا قَالَ أخي دَاوُد أعفر وَجْهي فِي التُّرَاب لسيدي وَحقّ لَهُ أَن يسْجد ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ: اللَّهُمَّ ارزقني قلباً تقياً من الشَّرّ نقياً لَا جَافيا وَلَا شقياً ثمَّ انْصَرف فَدخل معي فِي الخميلة ولي نفس عَال فَقَالَ مَا هَذَا النَّفس يَا حميراء فَأَخْبَرته فَطَفِقَ يمسح بيدَيْهِ على ركبتي وَيَقُول: وَيْح هَاتين الرُّكْبَتَيْنِ مَا لقيتا فِي هَذِه اللَّيْلَة هَذِه لَيْلَة النّصْف من شعْبَان ينزل الله فِيهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَيغْفر لِعِبَادِهِ إِلَّا الْمُشرك والمشاحن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا كَانَ لَيْلَة النّصْف من شعْبَان ينزل فِيهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا نَادَى مُنَاد هَل من مُسْتَغْفِر فَأغْفِر لَهُ هَل من سَائل فَأعْطِيه فَلَا يسْأَل أحد إِلَّا أعطي إِلَّا زَانِيَة بفرجها أَو مُشْرك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة النّصْف من شعْبَان قَامَ فصلى أَربع عشرَة رَكْعَة ثمَّ جلس بعد الْفَرَاغ فَقَرَأَ بِأم الْقُرْآن أَربع عشرَة مرّة وَقل هُوَ الله أحد أَربع عشرَة مرّة وَقل أعوذ بِرَبّ الفلق أَربع عشرَة مرّة وَقل أعوذ بِرَبّ النَّاس أَربع عشرَة مرّة وَآيَة الْكُرْسِيّ مرّة (لقد جَاءَكُم رَسُول من

أَنفسكُم) (سُورَة التَّوْبَة الْآيَة 128) الْآيَة فَلَمَّا فرغ من صلَاته سَأَلته عَمَّا رَأَيْت من صَنِيعه قَالَ: من صنع مثل الَّذِي رَأَيْت كَانَ لَهُ ثَوَاب عشْرين حجَّة مبرورة وَصِيَام عشْرين سنة مَقْبُولَة فَإِذا أصبح فِي ذَلِك الْيَوْم صَائِما كَانَ لَهُ كصيام سنتَيْن سنة مَاضِيَة وَسنة مُسْتَقْبلَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ: يشبه أَن يكون هَذَا الحَدِيث مَوْضُوعا وَهُوَ مُنكر وَفِي رُوَاته مَجْهُولُونَ الْآيَات 6 - 9

6

أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} {رب السَّمَاوَات وَالْأَرْض} بالخفض الْآيَات 10 - 16

10

أخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {فَارْتَقِبْ} أَي فانتظر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي عُبَيْدَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: آيَة الدُّخان قد مَضَت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي عُبَيْدَة وَأبي الْأَحْوَص عَن عبد الله قَالَ: الدُّخان جوع أصَاب قُريْشًا حَتَّى كَانَ أحدهم لَا يبصر السَّمَاء من الْجُوع وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عتبَة بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الدُّخان قد مضى كَانَ أنَاس أَصَابَهُم مَخْمَصَة وجوع شَدِيد حَتَّى كَانُوا يرَوْنَ الدُّخان فِيمَا بَينهم وَبَين السَّمَاء

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي وَائِل عَن عبد الله {فَارْتَقِبْ يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} قَالَ: جوع أصَاب النَّاس بِمَكَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: مضى الدُّخان وَالْبَطْشَة الْكُبْرَى يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: قَالَ ابْن مَسْعُود: كل مَا وعدنا الله وَرَسُوله فقد رَأَيْنَاهُ غير أَربع: طُلُوع الشَّمْس من مغْرِبهَا والدجال ودابة الأَرْض ويأجوج وَمَأْجُوج فاما الدُّخان فقد مضى وَكَانَ سني كَسِنِي يُوسُف وَأما الْقَمَر فقد انْشَقَّ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما البطشة الْكُبْرَى فَيوم بدر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو نعيم واليهقي مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن مَسْرُوق قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عبد الله فَقَالَ: إِنِّي تركت رجلا فِي الْمَسْجِد يَقُول: فِي هَذِه الْآيَة {يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان} {يغشى النَّاس} يَوْم الْقِيَامَة دُخان فَيَأْخُذ بأسماع الْمُنَافِقين وأبصارهم وَيَأْخُذ الْمُؤمن مِنْهُ كَهَيئَةِ الزُّكَام فَغَضب وَكَانَ مُتكئا فَجَلَسَ ثمَّ قَالَ: من علم مِنْكُم علما فَلْيقل بِهِ وَمن لم يكن يعلم فَلْيقل الله أعلم فَإِن من الْعلم أَن يَقُول لما يَقُول لما لَا يعلم الله أعلم وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَن الدُّخان: إِن قُريْشًا لما استصعبت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأبطأوا عَن الإِسلام قَالَ: اللَّهُمَّ أَعني عَلَيْهِم بِسبع كسبع يُوسُف فَأَصَابَهُمْ قحط وَجهد حَتَّى أكلُوا الْعِظَام فَجعل الرجل ينظر إِلَى السَّمَاء فَيرى مَا بَينه وَبَينهَا كَهَيئَةِ الدُّخان من الْجُوع فَأنْزل الله {فَارْتَقِبْ يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين يغشى النَّاس هَذَا عَذَاب أَلِيم} فَأتي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقيل يَا رَسُول الله: استسق الله لمضر فَاسْتَسْقَى لَهُم فسقوا فَأنْزل الله {إِنَّا كاشفو الْعَذَاب قَلِيلا إِنَّكُم عائدون} أفيكشف عَنْهُم الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة فَلَمَّا أَصَابَتْهُم الرَّفَاهِيَة عَادوا إِلَى حَالهم فَأنْزل الله {يَوْم نبطش البطشة الْكُبْرَى إِنَّا منتقمون} فانتقم الله مِنْهُم يَوْم بدر فقد مضى البطشة وَالدُّخَان وَاللزَام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من النَّاس إدباراً قَالَ: اللَّهُمَّ سبع كسبع يُوسُف فَأَخَذتهم سنة حَتَّى أكلُوا الْميتَة والجلود وَالْعِظَام فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَان وناس من أهل مَكَّة فَقَالُوا يَا مُحَمَّد: إِنَّك تزْعم أَنَّك قد بعثت رَحْمَة وَأَن قَوْمك قد هَلَكُوا فَادع الله لَهُم فَدَعَا رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسقوا الْغَيْث فأطبقت عَلَيْهِم سبعا فَشَكا النَّاس كَثْرَة الْمَطَر فَقَالَ: اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا فانحدرت السحابة على رَأسه فسقي النَّاس حَولهمْ قَالَ: فقد مَضَت آيَة الدُّخان وَهُوَ الْجُوع الَّذِي أَصَابَهُم وَهُوَ قَوْله: {إِنَّا كاشفو الْعَذَاب قَلِيلا إِنَّكُم عائدون} وَآيَة الرّوم وَالْبَطْشَة الْكُبْرَى وانشقاق الْقَمَر وَذَلِكَ كُله يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} قَالَ: الجدب وإمساك الْمَطَر عَن كفار قُرَيْش وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يغشى النَّاس هَذَا عَذَاب أَلِيم} قَالَ: الْأَلِيم الموجع {رَبنَا اكشف عَنَّا الْعَذَاب إِنَّا مُؤمنُونَ} قَالَ: الدُّخان {أَنى لَهُم الذكرى} قَالَ: أَنى لَهُم التَّوْبَة {إِنَّا كاشفو الْعَذَاب قَلِيلا} يَعْنِي الدُّخان {إِنَّكُم عائدون} إِلَى عَذَاب الله يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أَنى لَهُم الذكرى} قَالَ: بعد وُقُوع الْبلَاء بهم {ثمَّ توَلّوا عَنهُ} عَن مُحَمَّد {وَقَالُوا معلم مَجْنُون} ثمَّ كشف عَنْهُم الْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج {يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} قَالَ: كَانَ يَوْم فتح مَكَّة وَأخرج ابْن سعد من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ يَوْم فتح مَكَّة دُخان وَهُوَ قَول الله {فَارْتَقِبْ يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ قَالَ: إِن الدُّخان لم يمض بعد يَأْخُذ الْمُؤمن كَهَيئَةِ الزُّكَام وينفخ الْكَافِر حَتَّى ينْفد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: دخلت على ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ: لم أنم هَذِه اللَّيْلَة فَقلت: لم قَالَ: طلع الْكَوْكَب ذُو الذَّنب فَخَشِيت أَن يطْرق الدُّخان وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: يخرج الدُّخان فَيَأْخُذ الْمُؤمن كَهَيئَةِ الزكمة وَيدخل فِي مسامع الْكَافِر وَالْمُنَافِق حَتَّى يكون كالرأس الحنيذ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَالَ: إِن الدُّخان إِذا جَاءَ نفخ الْكَافِر حَتَّى يخرج من كل مسمع من مسامعه وَيَأْخُذ الْمُؤمن مِنْهُ كالزكمة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: الدُّخان قد بَقِي وَهُوَ أول الْآيَات وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق الْحسن عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: يهيج الدُّخان بِالنَّاسِ فَأَما الْمُؤمن فَيَأْخذهُ كَهَيئَةِ الزكمة وَأما الْكَافِر فينفخه حَتَّى يخرج من كل مسمع مِنْهُ وَأخرج ابْن جرير عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان مَرْفُوعا: أول الْآيَات: الدَّجَّال ونزول عِيسَى ونار تخرج من قَعْر عدن أبين تَسوق النَّاس إِلَى الْمَحْشَر تقيل مَعَهم إِذا قَالُوا وَالدُّخَان قَالَ: حُذَيْفَة يَا رَسُول الله وَمَا الدُّخان فَتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَارْتَقِبْ يَوْم تَأتي السَّمَاء بِدُخَان مُبين} يمْلَأ مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب يمْكث أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَيْلَة أما الْمُؤمن فَيُصِيبهُ مِنْهُ كَهَيئَةِ الزكمة وَأما الْكَافِر بِمَنْزِلَة السَّكْرَان يخرج من مَنْخرَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَدبره وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن ربكُم أنذركم ثَلَاثًا الدُّخان يَأْخُذ الْمُؤمن مِنْهُ كالزكمة وَيَأْخُذ الْكَافِر فينفخ حَتَّى يخرج من كل مسمع مِنْهُ وَالثَّانيَِة الدَّابَّة وَالثَّالِثَة الدَّجَّال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يهيج الدُّخان بِالنَّاسِ فَأَما الْمُؤمن فَيَأْخذهُ كالزكمة وَأما الْكَافِر فينفخه حَتَّى يخرج من كل مسمع مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {يَوْم نبطش البطشة الْكُبْرَى إِنَّا منتقمون} قَالَ: يَوْم بدر وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبيّ بن كَعْب وَمُجاهد وَالْحسن وَأبي الْعَالِيَة وَسَعِيد بن جُبَير وَمُحَمّد بن سِيرِين وَقَتَادَة وعطية مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن يَوْم البطشة الْكُبْرَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كُنَّا نتحدث أَن قَوْله: {يَوْم نبطش البطشة الْكُبْرَى} يَوْم بدر وَالدُّخَان قد مضى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير بِسَنَد صَحِيح عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ: ابْن مَسْعُود {البطشة الْكُبْرَى} يَوْم بدر وَأَنا أَقُول: هِيَ يَوْم الْقِيَامَة الْآيَات 17 - 28

17

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَقَد فتنا} قَالَ: بلونا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَقَد فتنا} قَالَ: ابتلينا {قبلهم قوم فِرْعَوْن وجاءهم رَسُول كريم} قَالَ: هُوَ مُوسَى {أَن أَدّوا إليَّ عباد الله} قَالَ: يَعْنِي أرْسلُوا بني إِسْرَائِيل {وَأَن لَا تعلوا على الله} قَالَ: لَا تعثوا {إِنِّي آتيكم بسُلْطَان مُبين} قَالَ: بِعُذْر مُبين {وَإِنِّي عذت بربي وربكم أَن ترجمون} قَالَ: بِالْحِجَارَةِ {وَإِن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} أَي خلوا سبيلي وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَن أَدّوا إليَّ عباد الله} قَالَ: يَقُول اتبعوني إِلَى مَا أدعوكم إِلَيْهِ من الْحق وَفِي قَوْله {وَأَن لَا تعلوا} قَالَ: لَا تفتروا وَفِي قَوْله {أَن ترجمون} قَالَ: تشتمون

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عبد الحكم فِي فتوح مصر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {رهواً} قَالَ: سمتاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {واترك الْبَحْر رهواً} قَالَ: كَهَيْئَته وامضه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْحَارِث الْهَاشِمِي أَن ابْن عَبَّاس سَأَلَ كَعْبًا عَن قَوْله {واترك الْبَحْر رهواً} قَالَ: طَرِيقا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واترك الْبَحْر رهواً} قَالَ: طَرِيقا يبساً وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {واترك الْبَحْر رهواً} قَالَ: سَاكِنا وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع {واترك الْبَحْر رهواً} قَالَ: سهلاً وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {واترك الْبَحْر رهواً} قَالَ: الرهو أَن يتْرك كَمَا كَانَ فَإِنَّهُم لن يخلصوا من وَرَائه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {واترك الْبَحْر رهواً} قَالَ: دمثاً وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {واترك الْبَحْر رهواً} قَالَ: جدداً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {واترك الْبَحْر رهواً} قَالَ: طَرِيقا يَابسا كَهَيْئَته يَوْم ضربه يَقُول: لَا تَأمره أَن يرجع بل اتركه حَتَّى يدْخل آخِرهم وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {رهواً} قَالَ: سهلاً دمثاً وَأخرج مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ {رهواً} قَالَ: طَرِيقا مَفْتُوحًا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {رهواً} قَالَ: طَرِيقا منفرجاً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قطع مُوسَى الْبَحْر عطف ليضْرب الْبَحْر بعصاه ليلتئم: وَخَافَ أَن يتبعهُ فِرْعَوْن وَجُنُوده فَقيل لَهُ {واترك الْبَحْر رهواً} يَقُول: كَمَا هُوَ طَرِيقا يَابسا {إِنَّهُم جند مغرقون}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ومقام كريم} قَالَ: المنابر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ومقام كريم} قَالَ: مقَام حسن {ونعمة كَانُوا فِيهَا فاكهين} قَالَ: ناعمين أخرجه الله من جناته وعيونه وزروعه حَتَّى أورطه فِي الْبَحْر كَذَلِك {وأورثناها قوما آخَرين} يَعْنِي بني إِسْرَائِيل وَالله أعلم الْآيَات 29 - 31

29

أخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية والخطيب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من عبد إِلَّا وَله فِي السَّمَاء بَابَانِ بَاب يصعد مِنْهُ عمله وَبَاب ينزل عَلَيْهِ مِنْهُ رزقه فَإِذا مَاتَ فقداه وبكيا عَلَيْهِ وتلا هَذِه الْآيَة {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} وَذكر أَنهم لم يَكُونُوا يعْملُونَ على وَجه الأَرْض عملا صَالحا يبكي عَلَيْهِم وَلم يصعد لَهُم إِلَى السَّمَاء من كَلَامهم وَلَا من عَمَلهم كَلَام طيب وَلَا عمل صَالح فتفقدهم فتبكي عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} هَل تبْكي السَّمَاء وَالْأَرْض على أحد قَالَ: نعم إِنَّه لَيْسَ أحد من الْخَلَائق إِلَّا لَهُ بَاب فِي السَّمَاء مِنْهُ ينزل رزقه وَفِيه يصعد عمله فَإِذا مَاتَ الْمُؤمن فأغلق بَابه من السَّمَاء فَقده فَبكى عَلَيْهِ وَإِذا فَقده مُصَلَّاهُ من الأَرْض الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا وَيذكر الله فِيهَا بَكت عَلَيْهِ وَإِن قوم فِرْعَوْن لم يكن لَهُم فِي الأَرْض آثَار صَالِحَة وَلم يكن يصعد إِلَى الله مِنْهُم خير فَلم تبك عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض}

قَالَ: هم كَانُوا أَهْون على الله من ذَلِك قَالَ: وَكُنَّا نُحدث أَن الْمُؤمن تبْكي عَلَيْهِ بقاعه الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا من الأَرْض ومصعد عمله من السَّمَاء وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} قَالَ: مَا مَاتَ مُؤمن إِلَّا بَكت عَلَيْهِ السَّمَاء وَالْأَرْض صياحاً قَالَ: فَقيل لَهُ تبْكي مَا تعجب وَمَا للْأَرْض لَا تبْكي على عبد كَانَ يعمرها بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُود وَمَا للسماء لَا تبْكي على عبد كَانَ لتسبيحه وتكبيره دويّ كَدَوِيِّ النَّحْل وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْعَالم إِذا مَاتَ بَكت عَلَيْهِ السَّمَاء وَالْأَرْض أَرْبَعِينَ صباحاً وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْبقْعَة الَّتِي يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمُؤمن تبْكي عَلَيْهِ إِذا مَاتَ وبحذائها من السَّمَاء ثمَّ قَرَأَ {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} وَأخرج عبد بن حميد عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الأَرْض لتحزن على العَبْد الصَّالح أَرْبَعِينَ صباحاً وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} قَالَ: لم تبك عَلَيْهِم السَّمَاء لأَنهم لم يَكُونُوا يرفع لَهُم فِيهَا عمل صَالح وَلم تبك عَلَيْهِم الأَرْض لأَنهم لم يَكُونُوا يعْملُونَ فِيهَا بِعَمَل صَالح وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ يُقَال: الأَرْض تبْكي على الْمُؤمن أَرْبَعِينَ صباحاً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يُقَال الأَرْض تبْكي على الْمُؤمن أَرْبَعِينَ صباحاً وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَأَبُو الشَّيْخ عَن ثَوْر بن يزِيد عَن مولى لهذيل قَالَ: مَا من عبد يضع جَبهته فِي بقْعَة من الأَرْض سَاجِدا لله عز وَجل إِلَّا شهِدت لَهُ بهَا يَوْم الْقِيَامَة وبكت عَلَيْهِ يَوْم يَمُوت وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير عَن شُرَيْح بن عبيد الْحَضْرَمِيّ مُرْسلا رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الإِسلام بدا غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا أَلا لَا غربَة على مُؤمن مَا مَاتَ مُؤمن فِي غربَة غَابَتْ عَنهُ فِيهَا بوَاكِيهِ إِلَّا بَكت عَلَيْهِ السَّمَاء

وَالْأَرْض ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} ثمَّ قَالَ: إنَّهُمَا لَا يَبْكِيَانِ على كَافِر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عباد بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَ رجل عليا هَل تبْكي السَّمَاء وَالْأَرْض على أحد فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ من عبد إِلَّا لَهُ مصلى فِي الأَرْض ومصعد عمله فِي السَّمَاء وَإِن آل فِرْعَوْن لم يكن لَهُم عمل صَالح فِي الأَرْض وَلَا مصعد فِي السَّمَاء وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْمسيب بن رَافع عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْمُؤمن إِذا مَاتَ بَكَى عَلَيْهِ مُصَلَّاهُ من الأَرْض ومصعد عمله من السَّمَاء ثمَّ تَلا {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من ميت يَمُوت إِلَّا تبْكي عَلَيْهِ الأَرْض أَرْبَعِينَ صباحاً وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: إِن الأَرْض لتبكي على الْمُؤمن أَرْبَعِينَ صباحاً ثمَّ قَرَأَ {فَمَا بَكت عَلَيْهِم السَّمَاء وَالْأَرْض} وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا من عبد يسْجد لله سَجْدَة فِي بقْعَة من بقاع الأَرْض إِلَّا شهِدت لَهُ يَوْم الْقِيَامَة وبكت عَلَيْهِ يَوْم يَمُوت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبيد الْمكتب عَن إِبْرَاهِيم - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَا بَكت السَّمَاء مُنْذُ كَانَت الدُّنْيَا إِلَّا على اثْنَيْنِ قيل لِعبيد: أَلَيْسَ السَّمَاء وَالْأَرْض تبْكي على الْمُؤمن قَالَ: ذَاك مقَامه وَحَيْثُ يصعد عمله قَالَ: وَتَدْرِي مَا بكاء السَّمَاء قَالَ: لَا قَالَ: تحمر وَتصير وردة كالدهان أَن يحيى بن ذكريا لما قتل احْمَرَّتْ السَّمَاء وقطرت دَمًا وَإِن حُسَيْن بن عَليّ يَوْم قتل احْمَرَّتْ السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن زِيَاد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لما قتل الْحُسَيْن احْمَرَّتْ آفَاق السَّمَاء أَرْبَعَة أشهر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: بكاء السَّمَاء حمرَة أطرافها

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الْحسن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: بكاء السَّمَاء حمرتها وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن سُفْيَان الثَّوْريّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: كَانَ يُقَال: هَذِه الْحمرَة الَّتِي تكون فِي السَّمَاء بكاء السَّمَاء على الْمُؤمن الْآيَات 32 - 36

32

أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {وَلَقَد اخترناهم على علم على الْعَالمين} قَالَ: فضلناهم على من بَين أظهرهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: اخترناهم على خير علمه الله فيهم على الْعَالمين قَالَ: الْعَالم الَّذِي كَانُوا فِيهِ وَلكُل زمَان عَالم {وآتيناهم من الْآيَات مَا فِيهِ بلَاء مُبين} قَالَ: أنجاهم من عدوهم وأقطعهم الْبَحْر وظلل عَلَيْهِم الْغَمَام وَأنزل عَلَيْهِم الْمَنّ والسلوى {إِن هَؤُلَاءِ ليقولون إِن هِيَ إِلَّا موتتنا الأولى} قَالَ: قد قَالَ مشركو الْعَرَب {وَمَا نَحن بمنشرين} قَالَ: بمبعوثين الْآيَات 37 - 42

37

أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تسبوا تبعا فَإِنَّهُ قد أسلم وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تسبوا تبعا فَإِنَّهُ كَانَ قد أسلم وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا يشتبهن عَلَيْكُم أَمر تبع فَإِنَّهُ كَانَ مُسلما وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا تَقولُوا لتبع إِلَّا خيرا فَإِنَّهُ قد حج الْبَيْت وآمن بِمَا جَاءَ بِهِ عِيسَى بن مَرْيَم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تَقولُوا لتبع إِلَّا خيرا فَإِنَّهُ قد حج الْبَيْت وآمن بِمَا جَاءَ بِهِ عِيسَى بن مَرْيَم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن تبعا نعت الرجل الصَّالح ذمّ الله قومه وَلم يذمه قَالَ: وَكَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تَقول: لَا تسبوا تبعا فَإِنَّهُ كَانَ رجلا صَالحا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ تبع رجلا صَالحا أَلا ترى أَن الله ذمّ قومه وَلم يذمه وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَطاء بن أبي رَبَاح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تسبوا تبعا فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن سبه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن سبّ أسعد وَهُوَ تبع قيل: وَمَا كَانَ أسعد قَالَ: كَانَ عَليّ دين إبراهييم وَكَانَ إِبْرَاهِيم يُصَلِّي كل يَوْم صَلَاة وَلم تكن شَرِيعَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تسبوا أسعد الْحِمْيَرِي وَقَالَ: هُوَ أوّل من كسا الْكَعْبَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ان تبعا كسا الْبَيْت وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز قَالَ: كَانَ تبع إِذا عرض الْخَيل قَامُوا صفا من دمشق إِلَى صنعاء الْيمن وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلت كَعْبًا عَن تبع فَإِنِّي أسمع الله يذكر فِي الْقُرْآن قوم تبع وَلَا يذكر تبعا فَقَالَ: إِن تبعا كَانَ رجلا من أهل الْيمن ملكا منصوراً فَسَار بالجيوش حَتَّى انْتهى إِلَى سَمَرْقَنْد رَجَعَ فَأخذ طَرِيق

الشَّام فَأسر بهَا أحباراً فَانْطَلق بهم نَحْو الْيمن - حَتَّى إِذا دنا من ملكه طَار فِي النَّاس أَنه هَادِم الْكَعْبَة فَقَالَ لَهُ الْأَحْبَار: مَا هَذَا الَّذِي تحدث بِهِ نَفسك فَإِن هَذَا الْبَيْت لله وَإنَّك لن تُسَلَّط عَلَيْهِ فَقَالَ: إِن هَذَا لله وَأَنا أَحَق من حرمه فَأسلم من مَكَانَهُ وَأحرم فَدَخلَهَا محرما فَقضى نُسكه ثمَّ انْصَرف نَحْو الْيمن رَاجعا حَتَّى قدم على قومه فَدخل عَلَيْهِ أَشْرَافهم فَقَالُوا: يَا تبع أَنْت سيدنَا وَابْن سيدنَا خرجت من عندنَا على دين وَجئْت على غَيره فاختر منا أحد أَمريْن إِمَّا أَن تخلينا وملكنا وَتعبد مَا شِئْت وَإِمَّا أَن تذر دينك الَّذِي أحدثت - وَبينهمْ يَوْمئِذٍ نَار تنزل من السَّمَاء - فَقَالَ الْأَحْبَار عِنْد ذَلِك: اجْعَل بَيْنك وَبينهمْ النَّار فتواعد الْقَوْم عِنْد ذَلِك جَمِيعًا على أَن يجْعَلُوا بَينهم النَّار فجيء بالأحبار وكتبهم وَجِيء بالأصنام وعمارها وَقدمُوا جَمِيعًا إِلَى النَّار وَقَامَت الرِّجَال خَلفهم بِالسُّيُوفِ فهدرت النَّار هدير الرَّعْد ورمت شعاعاً لَهَا فنكص أَصْحَاب الْأَصْنَام وَأَقْبَلت النَّار فأحرقت الْأَصْنَام وعمالها وَسلم الْآخرُونَ فَأسلم قوم واستسلم قوم فلبثوا بعد ذَلِك عمر تبع حَتَّى إِذا نزل بتبع الْمَوْت اسْتخْلف أَخَاهُ وَهلك فَقتلُوا أَخَاهُ وَكَفرُوا صَفْقَة وَاحِدَة وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لما قدم تبع الْمَدِينَة وَنزل بفناه بعث إِلَى أَحْبَار يهود فَقَالَ: إِنِّي مخرب هَذَا الْبَلَد حَتَّى لَا تقوم بِهِ يَهُودِيَّة وَيرجع الْأَمر إِلَى دين الْعَرَب فَقَالَ لَهُ شَابُور الْيَهُودِيّ: - وَهُوَ يَوْمئِذٍ اعلمهم - أَيهَا الْملك إِن هَذَا بلد يكون إِلَيْهِ مهَاجر نَبِي من بني إِسْمَاعِيل مولده بِمَكَّة اسْمه أَحْمد وَهَذِه دَار هجرته إِن مَنْزِلك هَذَا الَّذِي نزلت بِهِ يكون من الْقِتَال والجراح أَمر كثير فِي أَصْحَابه وَفِي عدوهم قَالَ تبع: وَمن يقاتله يَوْمئِذٍ وَهُوَ نَبِي كَمَا تزْعم قَالَ: يسير إِلَيْهِ قومه فيقتتلون هَهُنَا قَالَ: فَأَيْنَ قَبره قَالَ: بِهَذَا الْبَلَد قَالَ: فَإِذا قوتل لمن تكون الدبرة قَالَ: تكون عَلَيْهِ مرّة وَله مرّة وَبِهَذَا الْمَكَان الَّذِي أَنْت بِهِ يكون عَلَيْهِ وَيقتل بِهِ أَصْحَابه مقتلة عَظِيمَة لم تقتل فِي موطن ثمَّ تكون الْعَاقِبَة لَهُ وَيظْهر فَلَا ينازعه هَذَا الْأَمر أحد قَالَ: وَمَا صفته قَالَ: رجل لَيْسَ بالقصير وَلَا بالطويل فِي عَيْنَيْهِ حمرَة يركب الْبَعِير ويلبس الشملة سَيْفه على عَاتِقه وَلَا يُبَالِي من لَاقَى حَتَّى يظْهر أمره فَقَالَ تبع: مَا إِلَى هَذَا الْبَلَد من سَبِيل وَمَا كَانَ ليَكُون خرابها على يَدي فَرجع تبع منصرفاً إِلَى الْيمن وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عباد بن زِيَاد المري عَمَّن أدْرك [] قَالَ: أقبل تبع يفْتَتح

الْمَدَائِن وَيعْمل الْعَرَب حَتَّى نزل الْمَدِينَة وَأَهْلهَا يَوْمئِذٍ يهود فَظهر على أَهلهَا وَجمع أَحْبَار الْيَهُود فأخبروه أَنه سيخرج نبيّ بِمَكَّة يكون قراره بِهَذَا الْبَلَد اسْمه أَحْمد وَأَخْبرُوهُ أَنه لَا يُدْرِكهُ فَقَالَ تبع لِلْأَوْسِ والخزرج: أقِيمُوا بِهَذَا الْبَلَد فَإِن خرج فِيكُم فآزروه وَصَدقُوهُ وَإِن لم يخرج فأوصوا بذلك أَوْلَادكُم وَقَالَ فِي شعره: حدثت أَن رَسُول المليك يخرج حقّاً بِأَرْض الْحرم وَلَو مدّ دهري إِلَى دهره لَكُنْت وزيراً لَهُ وَابْن عَم وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: لم يمت تبع حَتَّى صدق بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما كَانَ يهود يثرب يخبرونه وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: أرِي تبع فِي مَنَامه أَن يكسو الْبَيْت فَكَسَاهُ الخصف ثمَّ أرِي ان يكسوه أحسن من ذَلِك فَكَسَاهُ العافر ثمَّ أرِي ان يكسوه أحسن من ذَلِك فَكَسَاهُ الوصائل وصائل الْيمن فَكَانَ تبع فِيمَا ذكر لي أول من كَسَاه وَأوصى بهَا ولاته من جرهم وَأمر بتطهيره وَجعل لَهُ بَابا ومفتاحاً وَأخرج عبد بن حميد ابْن جرير عَن قَتَادَة {أَن يَوْم الْفَصْل ميقاتهم أَجْمَعِينَ} قَالَ يَوْم يفصل بَين النَّاس بأعمالهم يُوفي فِيهِ للأولين والآخرين {يَوْم لَا يُغني مولى عَن مولى شَيْئا} قَالَ: انْقَطَعت الْأَسْبَاب يَوْمئِذٍ وَذَهَبت الآصار وَصَارَ النَّاس إِلَى أَعْمَالهم فَمن أصَاب يَوْمئِذٍ خيرا سعد بِهِ وَمن أصَاب يَوْمئِذٍ شرّاً شقي بِهِ وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {يَوْم لَا يُغني مولى عَن مولى شَيْئا} قَالَ: ولي عَن ولي الْآيَات 43 - 59

43

أخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي مَالك قَالَ: إِن أَبَا جهل كَانَ يَأْتِي بِالتَّمْرِ والزبد فَيَقُول تزقموا بِهَذَا الزقوم الَّذِي يَعدكُم بِهِ مُحَمَّد فَنزلت {إِن شَجَرَة الزقوم طَعَام الأثيم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والخطيب فِي تَارِيخه عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: {الأثيم} أَبُو جهل وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الْأَنْبَارِي وَابْن الْمُنْذر عَن عون بن عبد الله أَن ابْن مَسْعُود أَقرَأ رجلا {إِن شَجَرَة الزقوم طَعَام الأثيم} فَقَالَ الرجل: طَعَام الْيَتِيم فرددها عَلَيْهِ فَلم يستقم بهَا لِسَانه فَقَالَ: أتستطيع أَن تَقول: طَعَام الْفَاجِر قَالَ: نعم قَالَ: فافعل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن همام بن الْحَارِث قَالَ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يقرىء رجلا {إِن شَجَرَة الزقوم طَعَام الأثيم} فَجعل الرجل يَقُول: طَعَام الْيَتِيم فَلَمَّا رأى أَبُو الدَّرْدَاء أَنه لَا يفهم قَالَ: إِن شَجَرَة الزقوم طَعَام الْفَاجِر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {خذوه فاعتلوه} قَالَ: ادفعوه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ذُقْ إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْكَرِيم} يَقُول: لست بعزيز وَلَا كريم وَأخرج الْأمَوِي فِي مغازيه عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا جهل فَقَالَ: إِن الله أَمرنِي أَن أَقُول لَك (أولى لَك فَأولى ثمَّ أولى لَك فَأولى) (سُورَة الْقِيَامَة 34 - 35) قَالَ: فَنزع يَده من يَده وَقَالَ: مَا تَسْتَطِيع لي أَنْت وَلَا صَاحبك من شَيْء لقد علمت أَنِّي أمنع

أهل بطحاء وَأَنا الْعَزِيز الْكَرِيم فَقتله الله يَوْم بدر وأذله وعيره بكلمته {ذُقْ إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْكَرِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ أَبُو جهل: أيوعدني مُحَمَّد وَأَنا أعز من مَشى بَين جبليها فَنزلت {ذُقْ إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْكَرِيم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن [] قَالَ: أخْبرت أَن أَبَا جهل قَالَ: يَا معشر قُرَيْش أخبروني مَا اسْمِي فَذكرت لَهُ ثَلَاثَة أَسمَاء عَمْرو والجلاس وَأَبُو الحكم قَالَ: مَا أصبْتُم اسْمِي أَلا أخْبركُم قَالُوا: بلَى قَالَ: اسْمِي الْعَزِيز الْكَرِيم فَنزلت {إِن شَجَرَة الزقوم} الْآيَات وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ لما نزلت {خذوه فاعتلوه إِلَى سَوَاء الْجَحِيم} قَالَ أَبُو جهل: مَا بَين جبليها رجل أعز وَلَا أكْرم مني فَقَالَ الله {ذُقْ إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْكَرِيم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن شَجَرَة الزقوم طَعَام الأثيم} قَالَ: أَبُو جهل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب أَنه كَانَ يقرىء رجلا فارسياً فَكَانَ إِذا قَرَأَ عَلَيْهِ {إِن شَجَرَة الزقوم طَعَام الأثيم} قَالَ: طَعَام الْيَتِيم فَمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قل لَهُ طَعَام الظَّالِم فَقَالَهَا ففصح بهَا لِسَانه وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَعَمْرو بن مَيْمُون إنَّهُمَا قرآ (كَالْمهْلِ تغلي فِي الْبُطُون) بِالتَّاءِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {خذوه فاعتلوه} فاقصفوه كَمَا يقصف الْحَطب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {خذوه فاعتلوه إِلَى سَوَاء الْجَحِيم} قَالَ: خذوه فادفعوه فِي وسط الْجَحِيم وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {إِلَى سَوَاء الْجَحِيم} قَالَ: وسط الْجَحِيم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ذُقْ إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْكَرِيم} قَالَ: هُوَ يَوْمئِذٍ ذليل وَلكنه يستهزأ بِهِ كَمَا كنت تعزز فِي الدُّنْيَا وتكرم بِغَيْر كرم الله وعزه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {إِن الْمُتَّقِينَ فِي مقَام أَمِين} قَالَ: أمنُوا الْمَوْت وَالْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فِي مقَام أَمِين} قَالَ: أمنُوا الْمَوْت أَن يموتوا وأمنوا الْهَرم أَن يهرموا وَلَا يجوعوا وَلَا يعروا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن الْمُتَّقِينَ فِي مقَام أَمِين} قَالَ أَمِين من الشَّيْطَان والأوصاب وَالْأَحْزَان وَفِي قَوْله {وزوجناهم بحور عين} قَالَ: بيض عين قَالَ: وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود بعيس عين وَفِي قَوْله {يدعونَ فِيهَا بِكُل فَاكِهَة آمِنين} قَالَ: أمنُوا من الْمَوْت والأوصاب والشيطان وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وزوجناهم بحور عين} قَالَ: أنكحناهم حوراً والحور الَّتِي يحار فِيهَا الطّرف بادياً يرى مخ سوقهن من وَرَاء ثيابهن وَيرى النَّاظر وَجهه فِي كبد إِحْدَاهُنَّ كالمرآة من رقة الْجلد وصفاء اللَّوْن وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {وحور عين} قَالَ الْحَوْرَاء الْبَيْضَاء الممتعة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وحور كأمثال الدمى ومناصف وَمَاء وَرَيْحَان وَرَاح يصفق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عَطاء فِي قَوْله {بحور عين} قَالَ: سَوْدَاء الحدقة عَظِيمَة الْعين وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {بحور عين} قَالَ الْحور الْبيض وَالْعين الْعِظَام الْأَعْين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خلق الْحور الْعين من الزَّعْفَرَان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْحور الْعين خُلِقْنَ من زعفران وَأخرج ابْن جرير عَن لَيْث بن أبي سليم قَالَ: بَلغنِي أَن الْحور الْعين خُلِقْنَ من الزَّعْفَرَان وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: خلق الْحور الْعين من الزَّعْفَرَان

وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن زيد بن أسلم قَالَ: إِن الله لم يخلق الْحور الْعين من تُرَاب إِنَّمَا خَلقهنَّ من مسك وكافور وزعفران وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أَن حوراء بزقت فِي بَحر لجي لعذب ذَلِك الْبَحْر من عذوبة رِيقهَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لشفر الْمَرْأَة أطول من جنَاح النسْر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو أَن حوراء أخرجت كفها بَين السَّمَاء وَالْأَرْض لافتتن الْخَلَائق بحسنها وَلَو أخرجت نصيفها لكَانَتْ الشَّمْس عِنْد حسنه مثل الفتيلة فِي الشَّمْس لَا ضوء لَهَا وَلَو أخرجت وَجههَا لأضاء حسنها مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حور الْعين خَلقهنَّ من تَسْبِيح الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: ليوجد ريح الْمَرْأَة من الْحور الْعين من مسيرَة خَمْسمِائَة سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وزوجناهم بحور عين} قَالَ: هِيَ لُغَة يَمَانِية وَذَلِكَ أَن أهل الْيمن يَقُولُونَ: زَوجْنَا فلَانا بفلانة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود لَا يذقون فِيهَا طعم الْمَوْت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يجاء بِالْمَوْتِ يَوْم الْقِيَامَة فِي صُورَة كَبْش أَمْلَح فَيُوقف بَين الْجنَّة وَالنَّار فيعرفه هَؤُلَاءِ ويعرفه هَؤُلَاءِ فَيَقُول أهل النَّار: اللَّهُمَّ سلطه علينا وَيَقُول أهل الْجنَّة: اللَّهُمَّ إِنَّك قضيت أَن لَا نذوق فِيهَا الْمَوْت إِلَّا الموتة الأولى فَيذْبَح بَينهمَا فييأس أهل النَّار من الْمَوْت ويأمن أهل الْجنَّة من الْمَوْت وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث بِسَنَد صَحِيح عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل يَا رَسُول الله أَيَنَامُ أهل الْجنَّة قَالَ: لَا النّوم أَخُو الْمَوْت وَأهل الْجنَّة لَا يموتون وَلَا ينامون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَإِنَّمَا يسرناه بلسانك} يَعْنِي الْقُرْآن وَفِي قَوْله {فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مرتقبون} فانتظر إِنَّهُم منتظرون

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (45) سُورَة الجاثية مَكِّيَّة وآياتها سبع وَثَلَاثُونَ مُقَدّمَة سُورَة الجاثية أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت بِمَكَّة سُورَة {حم} الجاثية وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت سُورَة الشَّرِيعَة بِمَكَّة الْآيَات 1 - 11

الجاثية

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا أنزل الله من السَّمَاء من رزق} قَالَ: الْمَطَر وَفِي قَوْله {وتصريف الرِّيَاح} إِذا شَاءَ جعلهَا رَحْمَة وَإِذا شَاءَ جعلهَا عذَابا وَفِي قَوْله {لكل أفاك أثيم} قَالَ: كَذَّاب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لكل أفاك أثيم} قَالَ: الْمُغيرَة بن مَخْزُوم الْآيَات 12 - 13

12

أخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه لم يكن يُفَسر أَربع آيَات قَوْله {وسخر لكم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ} والرقيم والغسلين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: لم يُفَسر ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا هَذِه الْآيَة إِلَّا لندبة القارىء {وسخر لكم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وسخر لكم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ} نور الشَّمْس وَالْقَمَر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وسخر لكم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ} قَالَ: كل شَيْء هُوَ من الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والحاكمي وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن طَاوس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا فَسَأَلَهُ مِم خلق الْخلق قَالَ: من المَاء والنور والظلمة

وَالرِّيح وَالتُّرَاب قَالَ: فمم خلق هَؤُلَاءِ قَالَ: لَا أَدْرِي ثمَّ أَتَى الرجل عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ مثل قَول عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ فَأتى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَسَأَلَهُ: مِم خلق الْخلق قَالَ: من المَاء والنور والظلمة وَالرِّيح وَالتُّرَاب قَالَ: فمم خلق هَؤُلَاءِ فَقَرَأَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وسخر لكم مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ} فَقَالَ الرجل: مَا كَانَ ليَأْتِي بِهَذَا إِلَّا رجلٌ من أهل بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَات 14 - 15

14

أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {قل للَّذين آمنُوا يغفروا} الْآيَة قَالَ: مَا زَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر بِالْعَفو ويحث عَلَيْهِ ويرغب فِيهِ حَتَّى أَمر أَن يعْفُو عَمَّن لَا يَرْجُو أَيَّام الله وَذكر أَنَّهَا مَنْسُوخَة نسختها الْآيَة الَّتِي فِي الْأَنْفَال {فإمَّا تثقفنهم فِي الْحَرْب} سُورَة الْأَنْفَال 57 الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قل للَّذين آمنُوا يغفروا} الْآيَة قَالَ: كَانَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعرض عَن الْمُشْركين إِذا أذوه وَكَانَ يستهزئون بِهِ ويكذبونه فَأمره الله أَن يُقَاتل الْمُشْركين كَافَّة فَكَانَ هَذَا من الْمَنْسُوخ وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قل للَّذين آمنُوا يغفروا للَّذين لَا يرجون أَيَّام الله} قَالَ: اللَّذين لَا يَدْرُونَ أنعم الله عَلَيْهِم أم لم ينعم قَالَ سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ: بَلغنِي أَنَّهَا نسختها آيَة الْقِتَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قل للَّذين آمنُوا يغفروا للَّذين لَا يرجون أَيَّام الله} قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَة بقول الله (فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي مُسلم الْخَولَانِيّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لجارية لَهُ: لَوْلَا أَن الله تَعَالَى يَقُول {قل للَّذين آمنُوا يغفروا للَّذين لَا يرجون أَيَّام الله}

لأوجعتك فَقَالَت: وَالله إِنِّي لممن يَرْجُو أَيَّامه فَمَا لَك لَا توجعني فَقَالَ: إِن الله تَعَالَى يَأْمُرنِي أَن أَغفر للَّذين لَا يرجون أَيَّامه فعمّن يَرْجُو أَيَّامه أَحْرَى انطلقي فَأَنت حرَّة الْآيَات 16 - 22

16

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد آتَيْنَا بني إِسْرَائِيل الْكتاب وَالْحكم} قَالَ: اللب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {ثمَّ جعلناك على شَرِيعَة} قَالَ: على طَريقَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ثمَّ جعلناك على شَرِيعَة من الْأَمر} يَقُول: على هدى من الْأَمر وَبَيِّنَة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ثمَّ جعلناك على شَرِيعَة من الْأَمر} قَالَ: الشَّرِيعَة الْفَرَائِض وَالْحُدُود وَالْأَمر وَالنَّهْي

وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي الضُّحَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ تَمِيم الدَّارِيّ رَضِي الله عَنهُ سُورَة الجاثية فَلَمَّا أَتَى على هَذِه الْآيَة {أم حسب الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات} الْآيَة فَلم يزل يكررها ويبكي حَتَّى أصبح وَهُوَ عِنْد الْمقَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن بشير مولى الرّبيع بن خَيْثَم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَامَ تَمِيم الدَّارِيّ يُصَلِّي فَمر بِهَذِهِ الْآيَة {أم حسب الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات} فَلم يزل يُرَدِّدهَا حَتَّى أصبح وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَوَاء محياهم ومماتهم} قَالَ: الْمُؤمن فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مُؤمن وَالْكَافِر فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة كَافِر آيَة 23

23

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} قَالَ: ذَاك الْكَافِر اتخذ دينه بِغَيْر هدى من الله وَلَا برهَان {وأضله الله على علم} يَقُول: أضلّهُ الله فِي سَابق علمه وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} قَالَ: لَا يهوى شَيْئا إِلَّا رَكبه لَا يخَاف الله عز وَجل وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الرجل من الْعَرَب يعبد الْحجر فَإِذا رأى أحسن مِنْهُ أَخذه وَألقى الآخر فَأنْزل الله {أَفَرَأَيْت من اتخذ إلهه هَوَاهُ} الْآيَات 24 - 26

24

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ: إِنَّمَا يُهْلِكنَا اللَّيْل وَالنَّهَار فَقَالَ الله فِي كِتَابه {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا نموت ونحيا وَمَا يُهْلِكنَا إِلَّا الدَّهْر} وَقَالَ الله: يُؤْذِينِي ابْن آدم يسب الدَّهْر وَأَنا الدَّهْر بيَدي الْأَمر أقلب اللَّيْل وَالنَّهَار وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا نموت ونحيا} وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قَالَ الله عز وَجل: (يُؤْذِينِي ابْن آدم يسب الدَّهْر وَأَنا الدَّهْر بيَدي الْأَمر أقلب اللَّيْل وَالنَّهَار) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا يُهْلِكنَا إِلَّا الدَّهْر} قَالَ: الزَّمَان وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: لَا يقل ابْن آدم يسب الدَّهْر بأخيبة الدَّهْر فَإِنِّي أَنا الدَّهْر أرسل اللَّيْل وَالنَّهَار فَإِذا شِئْت قبضتهما وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَقُول الله تَعَالَى: استقرضت عَبدِي فَلم يُعْطِنِي وسبني عَبدِي يَقُول وادهراه وَأَنا الدَّهْر الْآيَات 27 - 37

27

أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه مرّ على قوم وَعَلِيهِ بردة حَمْرَاء حسناء فَقَالَ رجل من الْقَوْم إِن أَنا سلبته بردته فَمَا لي عنْدكُمْ فَجعلُوا لَهُ شَيْئا فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن بردتك هَذِه لي فَقَالَ: إِنِّي اشْتَرَيْتهَا أمس قَالَ: قد أعلمتك وَأَنت فِي حرج من لبسهَا فخلعها ليدفعها إِلَيْهِ فَضَحِك الْقَوْم فَقَالَ: مَا لكم فَقَالُوا: هَذَا رجل بطال فَالْتَفت إِلَيْهِ فَقَالَ يَا أخي: أما علمت أَن الْمَوْت أمامك لَا تَدْرِي مَتى يَأْتِيك صباحاً أَو مسَاء أَو نَهَارا ثمَّ الْقَبْر ومنكر وَنَكِير وَبعد ذَلِك الْقِيَامَة يَوْم يخسر فِيهِ المبطلون فأبكاهم وَمضى وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وَترى كل أمة جاثية} قَالَ: متميزة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَترى كل أمة جاثية} قَالَ: تستفز على الركب وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَترى كل أمة جاثية} يَقُول: على الركب عِنْد الْحساب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن باباه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَأَنِّي أَرَاكُم بالكوم دون جَهَنَّم جاثين ثمَّ قَرَأَ سُفْيَان {وَترى كل أمة جاثية}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَترى كل أمة جاثية} كل أمة مَعَ نبيها حَتَّى يَجِيء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كوم قد علا الْخَلَائق فَذَلِك الْمقَام الْمَحْمُود وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كل أمة تدعى إِلَى كتابها} قَالَ يعلمُونَ أَنه يدعى أمة قبل أمة وَقوم قبل قوم وَرجل قبل رجل ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول يمثل لكل أمة يَوْم الْقِيَامَة مَا كَانَت تعبد من حجر أَو وثن أَو خَشَبَة أَو دَابَّة ثمَّ يُقَال: من كَانَ يعبد شَيْئا فليتبعه فَيكون أول ذَلِك الْأَوْثَان قادة إِلَى النَّار حَتَّى تقذفهم فِيهَا فَيبقى أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأهل الْكتاب فَيُقَال للْيَهُود: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نعْبد الله وعزيزا إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم ثمَّ يُقَال لَهُم: أما عُزَيْر فَلَيْسَ مِنْكُم ولستم مِنْهُ فَيُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال فَيَنْطَلِقُونَ لَا يَسْتَطِيعُونَ مكوثاً ثمَّ يدعى بالنصارى فَيُقَال لَهُم: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نعْبد الله والمسيح بن مَرْيَم إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم فَيُقَال: أما الْمَسِيح فَلَيْسَ مِنْكُم ولستم مِنْهُ فَيُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال فَيَنْطَلِقُونَ وَلَا يَسْتَطِيعُونَ مكوثاً وَتبقى أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيُقَال: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نعْبد الله وَحده وَإِنَّمَا فارقنا فِي الدُّنْيَا مَخَافَة يَوْمنَا هَذَا فَيُؤذن للْمُؤْمِنين فِي السُّجُود فَيسْجد الْمُؤْمِنُونَ وَيمْنَع كل مُنَافِق فيقصم ظهر الْمُنَافِق عَن السُّجُود وَيجْعَل الله سُجُود الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِ توبيخاً وصغاراً وحسرة وندامة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {هَذَا كتَابنَا ينْطق عَلَيْكُم بِالْحَقِّ} قَالَ: هُوَ أم الْكتاب فِيهِ أَعمال بني آدم {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} قَالَ: هم الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام يستنسخون أَعمال بني آدم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} فَقَالَ: إِن أوّل مَا خلق الله الْقَلَم ثمَّ خلق النُّون وَهِي الدواة ثمَّ خلق الألواح فَكتب الدُّنْيَا وَمَا يكون فِيهَا حَتَّى تفنى من خلق مَخْلُوق وَعمل مَعْمُول من بر أَو فَاجر وَمَا كَانَ من رزق حَلَال أَو حرَام وَمَا كَانَ من رطب ويابس ثمَّ ألزم كل شَيْء من ذَلِك شَأْنه دُخُوله فِي الدُّنْيَا حَيّ وبقاؤه فِيهَا كم وَإِلَى كم تفنى ثمَّ وكل بذلك الْكتاب الْمَلَائِكَة ووكل بالخلق مَلَائِكَة فتأتي مَلَائِكَة الْخلق إِلَى مَلَائِكَة ذَلِك الْكتاب فيستنسخون مَا يكون فِي كل يَوْم وَلَيْلَة مقسوم على مَا وكلوا بِهِ ثمَّ يأْتونَ إِلَى النَّاس فيحفظونهم بِأَمْر الله ويسوقونهم إِلَى مَا فِي أَيْديهم

من تِلْكَ النّسخ فَقَامَ رجل يَا ابْن عَبَّاس ألستم قوما عربا {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} هَل يستنسخ الشَّيْء إِلَّا من كتاب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن الله خلق النُّون وَهُوَ الدواة وَخلق الْقَلَم فَقَالَ: اكْتُبْ قَالَ: مَا أكتب قَالَ: اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة من عمل مَعْمُول بر أَو فَاجر أَو رزق مقسوم حَلَال أَو حرَام ثمَّ ألزم كل شَيْء من ذَلِك شَأْنه: دُخُوله فِي الدُّنْيَا ومقامه فِيهَا كم وَخُرُوجه مِنْهَا كَيفَ ثمَّ جعل على الْعباد حفظَة وعَلى الْكتاب خزاناً تحفظه ينسخون كل يَوْم من الْخزَّان عمل ذَلِك الْيَوْم فَإِذا فني ذَلِك الرزق انْقَطع الْأَمر وانقضى الْأَجَل أَتَت الْحفظَة الخزنة يطْلبُونَ عمل ذَلِك الْيَوْم فَتَقول لَهُم الخزنة: مَا نجد لصاحبكم عندنَا شَيْئا فترجع الْحفظَة فيجدونهم قد مَاتُوا قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: ألستم قوما عربا تَسْمَعُونَ الْحفظَة يَقُولُونَ {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} وَهل يكون الاستنساخ إِلَّا من أصل وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن لله مَلَائِكَة يتولون فِي كل يَوْم بِشَيْء يَكْتُبُونَ فِيهِ أَعمال بني آدم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أول شَيْء خلق الله الْقَلَم فَأَخذه بِيَمِينِهِ وكلتا يَدَيْهِ يَمِين فَكتب الدُّنْيَا وَمَا يكون فِيهَا من عمل مَعْمُول بر أَو فَاجر رطب أَو يَابِس فأحصاه عِنْده فِي الذّكر وَقَالَ اقرؤوا إِن شِئْتُم {هَذَا كتَابنَا ينْطق عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} فَهَل تكون النُّسْخَة إِلَّا من شَيْء قد فرغ مِنْهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} قَالَ: هِيَ أَعمال أهل الدُّنْيَا الْحَسَنَات والسيئات تنزل من السَّمَاء كل غَدَاة أَو عَشِيَّة مَا يُصِيب الإِنسان فِي ذَلِك الْيَوْم أَو اللَّيْلَة الَّذِي يقتل وَالَّذِي يغرق وَالَّذِي يَقع من فَوق بَيت وَالَّذِي يتردى من فَوق جبل وَالَّذِي يَقع فِي بِئْر وَالَّذِي يحرق بالنَّار فيحفظون عَلَيْهِ ذَلِك كُله فَإِذا كَانَ الْعشي صعدوا بِهِ إِلَى السَّمَاء فيجدونه كَمَا فِي السَّمَاء مَكْتُوبًا فِي الذّكر الْحَكِيم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: تستنسخ

الْحفظَة من أم الْكتاب مَا يعْمل بَنو آدم فَإِنَّمَا يعْمل الإِنسان على مَا استنسخ الْملك من أم الْكتاب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كتب فِي الذّكر عِنْده كل شَيْء هُوَ كَائِن ثمَّ بعث الْحفظَة على آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَذريته فالحفظة ينسخون من الذّكر مَا يعْمل الْعباد ثمَّ قَرَأَ {هَذَا كتَابنَا ينْطق عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} قَالَ: إِن الله وكل مَلَائِكَة ينسخون من ذَلِك الْعَام فِي رَمَضَان لَيْلَة الْقدر مَا يكون فِي الأَرْض من حدث إِلَى مثلهَا من السّنة الْمُسْتَقْبلَة فيعارضون بِهِ حفظَة الله على الْعباد عَشِيَّة كل خَمِيس فيجدون مَا رفع الْحفظَة مُوَافقا لما فِي كِتَابهمْ ذَلِك لَيْسَ فِيهِ زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَقيل الْيَوْم ننساكم كَمَا نسيتم لِقَاء يومكم هَذَا} قَالَ: تركْتُم ذكري وطاعتني فَكَذَا أترككم {كَمَا نسيتم لِقَاء يومكم هَذَا} قَالَ: تركْتُم ذكري وطاعتي فَكَذَا تركْتُم فِي النَّار وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عمر بن ذَر عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا قعد قوم يذكرُونَ الله إِلَّا قعد مَعَهم عَددهمْ من الْمَلَائِكَة فَإِذا حمدوا الله حمدوه وَإِن سبحوا الله سبحوه وَإِن كبروا الله كبروه وَإِن اسْتَغْفرُوا الله أمنُوا ثمَّ عرجوا إِلَى رَبهم فيسألهم فَقَالُوا: رَبنَا عبيد لَك فِي الأَرْض ذكروك فذكرناك قَالَ: مَاذَا قَالُوا: قَالُوا: رَبنَا حمدوك فَقَالَ: أوّل من عبد وَآخر من حمد قَالُوا: وسبحوك قَالَ: مدحي لَا يَنْبَغِي لأحد غَيْرِي قَالُوا: رَبنَا كبروك قَالَ: لي الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأَنا الْعَزِيز الْحَكِيم قَالُوا: رَبنَا استغفروك قَالَ: أشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ رَفعه أَن لله ثَلَاثَة أَثوَاب: اتزر بِالْعِزَّةِ وتسربل الرَّحْمَة وارتدى بالكبرياء فَمن تعزز بِغَيْر مَا أعز الله فَذَلِك الَّذِي يُقَال لَهُ (ذُقْ إِنَّك أَنْت الْعَزِيز الْكَرِيم) (سُورَة الدُّخان الْآيَة 49) وَمن رحم رَحمَه

الله وَمن تكبر فقد نَازع الله الَّذِي يَنْبَغِي لَهُ فَإِنَّهُ تبَارك وَتَعَالَى يَقُول: لَا يَنْبَغِي لمن نَازَعَنِي أَن أدخلهُ الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله عز وَجل: الْكِبْرِيَاء رِدَائي وَالْعَظَمَة إزَارِي فَمن نَازَعَنِي فِي وَاحِد مِنْهُمَا أَلقيته فِي النَّار وَالله أعلم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (46) سُورَة الْأَحْقَاف مَكِّيَّة وآياتها خمس وَثَلَاثُونَ مُقَدّمَة سُورَة الْأَحْقَاف أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة {حم} الْأَحْقَاف وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله الْآيَات 1 - 3

الأحقاف

وَأخرج أَحْمد بِسَنَد جيد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة من آل {حم} وَهِي الْأَحْقَاف قَالَ: وَكَانَت السُّورَة إِذا كَانَت أَكثر من ثَلَاثِينَ آيَة سميت ثَلَاثِينَ وَأخرج ابْن الضريس وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة الْأَحْقَاف وأقرأها آخر فَخَالف قِرَاءَته فَقلت: من أقرأكها قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: وَالله لقد أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير ذَا فأتينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله: ألم تقرئني كَذَا وَكَذَا قَالَ: بلَى فَقَالَ الآخر: ألم تقرئني كَذَا وَكَذَا قَالَ: بلَى فتمعر (تمعر وَجهه: تغير) وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ليقْرَأ كل واحدٍ مِنْكُمَا مَا سمع فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بالإختلاف

الْآيَات 4 - 8

4

أخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَو أثارة من علم} قَالَ: الْخط وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب من طَرِيق أبي سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس {أَو أثارة من علم} قَالَ: هَذَا الْخط وَأخرج سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق صَفْوَان بن سليم عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْخط فَقَالَ: علمه نَبِي وَمن كَانَ وَافقه علم قَالَ: صَفْوَان: فَحدثت بِهِ أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن فَقَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس فَقَالَ: {أَو أثارة من علم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ نَبِي من الْأَنْبِيَاء يخط فَمن صَادف مثل خطه علم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: حسن خطّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم من طَرِيق الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس {أَو أثارة من علم} قَالَ: جودة الْخط

وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أبي سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: خطّ كَانَ تخطه الْعَرَب فِي الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: أَو خَاصَّة من علم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أَو أثارة من علم} يَقُول: بَيِّنَة من الْأَمر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَو أثارة من علم} قَالَ: أحد يأثر علما وَفِي قَوْله {هُوَ أعلم بِمَا تفيضون فِيهِ} قَالَ: تَقولُونَ الْآيَة 9

9

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {قل مَا كنت بدعاً من الرُّسُل} يَقُول لست بأوّل الرُّسُل {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} فَأنْزل الله بعد هَذَا (ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر) (الْفَتْح الْآيَة 2) وَقَوله {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات} الْفَتْح الْآيَة 3 الْآيَة فَأعْلم الله سُبْحَانَهُ نبيه مَا يفعل بِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ جَمِيعًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {قل مَا كنت بدعاً من الرُّسُل} قَالَ: مَا كنت بأوّلهم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {قل مَا كنت بدعاً من الرُّسُل} قَالَ: يَقُول: قد كَانَت الرُّسُل قبله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: هَل يتْرك بِمَكَّة أَو يخرج مِنْهَا وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: نسختها هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْفَتْح

فَخرج إِلَى النَّاس فبشرهم بِالَّذِي غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر فَقَالَ رجل من الْمُؤمنِينَ: هَنِيئًا لَك يَا نَبِي الله قد علمنَا الْآن مَا يفعل بك فَمَاذَا يفعل بِنَا فَأنْزل الله فِي سُورَة الْأَحْزَاب (وَبشر الْمُؤمنِينَ بِأَن لَهُم من الله فضلا كَبِيرا) (الْأَحْزَاب الْآيَة 47) وَقَالَ (ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا وَيكفر عَنْهُم سيئاتهم وَكَانَ ذَلِك عِنْد الله فوزاً عَظِيما) (الْفَتْح الْآيَة 5) فَبين الله مَا بِهِ يفعل وبهم وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة وَالْحسن مثله وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم الْعَلَاء رَضِي الله عَنْهَا وَكَانَت بَايَعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا قَالَت: لما مَاتَ عُثْمَان بن مَظْعُون رَضِي الله عَنهُ قلت: رَحْمَة الله عَلَيْك أَبَا السَّائِب شهادتي عَلَيْك لقد أكرمك الله قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا يدْريك أَن الله أكْرمه أما هُوَ فقد جَاءَهُ الْيَقِين من ربه وَإِنِّي لأرجو لَهُ الْخَيْر وَالله مَا أَدْرِي وَأَنا رَسُول الله مَا يفعل بِي وَلَا بكم قَالَت أم الْعَلَاء: فو الله مَا أزكي بعده أحدا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما مَاتَ عُثْمَان بن مَظْعُون رَضِي الله عَنهُ قَالَت: امْرَأَته أَو امْرَأَة: هَنِيئًا لَك ابْن مَظْعُون الْجنَّة فَنظر إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظر مغضب وَقَالَ: وَمَا يدْريك وَالله إِنِّي لرَسُول الله وَمَا أَدْرِي مَا يفعل الله بِي قَالَ: وَذَلِكَ قبل أَن ينزل (ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر) (الْفَتْح الْآيَة 1 - 2) فَقَالَت يَا رَسُول الله صَاحبك وفارسك وَأَنت أعلم فَقَالَ: أَرْجُو لَهُ رَحْمَة ربه وأخاف عَلَيْهِ ذَنبه وَأخرج ابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ أَن عُثْمَان بن مَظْعُون رَضِي الله عَنهُ لما قبض قَالَت أم الْعَلَاء: طبت أَبَا السَّائِب نفسا إِنَّك فِي الْجنَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا يدْريك قَالَت: يَا رَسُول الله عُثْمَان بن مَظْعُون قَالَ: أجل مَا رَأينَا إِلَّا خيرا وَالله مَا أَدْرِي مَا يصنع بِي وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} عمل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْخَوْف زَمَانا فَلَمَّا نزلت (إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر) (الْفَتْح الْآيَة 1 - 2) اجْتهد

فَقيل لَهُ: تجهد نَفسك وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: ثمَّ درى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك مَا يفعل بِهِ بقوله (إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر) وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} قَالَ: أما فِي الْآخِرَة فمعاذ الله قد علم أَنه فِي الْجنَّة حِين أَخذ ميثاقه فِي الرُّسُل وَلَكِن {وَمَا أَدْرِي مَا يفعل بِي وَلَا بكم} فِي الدُّنْيَا أخرج كَمَا أخرجت الْأَنْبِيَاء من قبلي أم أقتل كَمَا قتلت الْأَنْبِيَاء من قبلي {وَلَا بكم} أمتِي المكذبة أم أمتِي المصدقة أم أمتِي المرمية بِالْحِجَارَةِ من السَّمَاء قذفا أم يخسف بهَا خسفاً ثمَّ أُوحِي إِلَيْهِ (وَإِذ قُلْنَا لَك أَن رَبك أحَاط بِالنَّاسِ) (الْإِسْرَاء الْآيَة 60) يَقُول: أحطت لَك بالعرب أَن لَا يَقْتُلُوك فَعرف أَنه لَا يقتل ثمَّ أنزل الله (هُوَ الَّذِي أرسل رَسُوله بِالْهدى وَدين الْحق لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَكفى بِاللَّه شَهِيدا) (التَّوْبَة الْآيَة 33) يَقُول: أشهد لَك على نَفسه أَنه سَيظْهر دينك على الْأَدْيَان ثمَّ قَالَ لَهُ فِي أمته (وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ) (الرَّعْد الْآيَة 43) فَأخْبر الله مَا صنع بِهِ وَمَا يصنع بأمته الْآيَة 10

10

أخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ بِسَنَد صَحِيح عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: انْطلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا مَعَه حَتَّى دَخَلنَا على كَنِيسَة الْيَهُود يَوْم عيدهم فكرهوا دخولنا عَلَيْهِم فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أروني اثْنَي عشر رجلا مِنْكُم يشْهدُونَ أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله يحبط الله عَن كل يَهُودِيّ تَحت أَدِيم السَّمَاء الْغَضَب الَّذِي عَلَيْهِ فَسَكَتُوا فَمَا أَجَابَهُ مِنْهُم أحد ثمَّ رد عَلَيْهِ فَلم يجبهُ أحد فثلث فَلم يجبهُ أحد فَقَالَ: أَبَيْتُم فو الله لأَنا الحاشر وَأَنا

العاقب وَأَنا المقفي آمنتم أَو كَذبْتُمْ ثمَّ انْصَرف وَأَنا مَعَه حَتَّى كدنا أَن نخرج فَإِذا رجل من خَلفه فَقَالَ: كَمَا أَنْت يَا مُحَمَّد فَأقبل فَقَالَ ذَلِك الرجل أَي رجل تعلموني فِيكُم يَا معشر الْيَهُود فَقَالُوا: وَالله مَا نعلم فِينَا رجلا أعلم بِكِتَاب الله وَلَا أفقه مِنْك وَلَا من أَبِيك وَلَا من جدك قَالَ: فَإِنِّي أشهد بِاللَّه أَنه النَّبِي الَّذِي تجدونه فِي التَّوْرَاة والإِنجيل قَالُوا: كذبت ثمَّ ردوا عَلَيْهِ وَقَالُوا شرا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَذبْتُمْ لن يقبل مِنْكُم قَوْلكُم فخرجنا وَنحن ثَلَاث: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا وَابْن سَلام فَأنْزل الله {قل أَرَأَيْتُم إِن كَانَ من عِنْد الله وكفرتم بِهِ وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله فَآمن وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لأحد يمشي على وَجه الأَرْض إِنَّه من أهل الْجنَّة إِلَّا لعبد الله بن سَلام وَفِيه نزلت {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت فِي آيَات من كتاب الله نزلت فيّ {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله فَآمن وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} وَنزل فيَّ (قل كفى بِاللَّه شَهِيدا بيني وَبَيْنكُم وَمن عِنْده علم الْكتاب) (الْأَحْقَاف الْآيَة 16) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل} قَالَ: عبد الله بن سَلام وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أسلم وَقَتَادَة مثله وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد وَعَطَاء وَعِكْرِمَة {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل} قَالَ: عبد الله بن سَلام وَأخرج الْحسن بن مُسلم رَضِي الله عَنهُ نزلت هَذِه الْآيَة بِمَكَّة وَعبد الله بن سَلام بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت {حم} وَعبد الله بِالْمَدِينَةِ مُسلم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي عبد الله بن سَلام {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: وَالسورَة مَكِّيَّة وَالْآيَة مَدَنِيَّة قَالَ: وَكَانَت الْآيَة تنزل فَيُؤْمَر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَضَعهَا بَين آيتي كَذَا وَكَذَا فِي سُورَة كَذَا يرَوْنَ أَن هَذِه مِنْهُنَّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: لَيْسَ بِعَبْد الله بن سَلام هَذِه الْآيَة مَكِّيَّة فَيَقُول: من آمن من بني إِسْرَائِيل فَهُوَ كمن آمن بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا نزل فِي عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ شَيْء من الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: وَالله مَا نزلت فِي عبد الله بن سَلام مَا نزلت إِلَّا بِمَكَّة وَإِنَّمَا كَانَ إِسْلَام ابْن سَلام بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا كَانَت خُصُومَة خَاصم بهَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أَرَادَ عبد الله بن سَلام الإِسلام دخل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله أرسلك بِالْهدى وَدين الْحق وَإِن الْيَهُود تَجِد ذَلِك عِنْدهم فِي التَّوْرَاة منعوتاً ثمَّ قَالَ لَهُ: أرسل إِلَى نفر من الْيَهُود فسلهم عني وَعَن وَالِدي فَإِنَّهُم سيخبرونك وَإِنِّي سأخرج عَلَيْهِم فَأشْهد أَنَّك رَسُول الله لَعَلَّهُم يسلمُونَ فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى النَّفر فَدَعَاهُمْ وخبأهم فِي بَيته فَقَالَ لَهُم مَا عبد الله بن سَلام فِيكُم وَمَا كَانَ وَالِده قَالُوا: سيدنَا وَابْن سيدنَا وعالمنا وَابْن عالمنا قَالَ: أَرَأَيْتُم إِن أسلم أتسلمون قَالُوا: إِنَّه لَا يسلم فَخرج عَلَيْهِم فَقَالَ: أشهد أَنَّك رَسُول الله وَإِنَّهُم ليعلمون مِنْك مثل مَا أعلم فَخَرجُوا من عِنْده وَأنزل الله فِي ذَلِك {قل أَرَأَيْتُم إِن كَانَ من عِنْد الله} الْآيَة وَأخرج ابْن مردوية عَن جُنْدُب قَالَ: جَاءَ عبد الله بن سَلام حَتَّى أَخذ بِعضَادَتَيْ الْبَاب ثمَّ قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه أَي قوم أتعلمون أَنِّي الَّذِي أنزلت فِيهِ {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} الْآيَة قَالُوا: اللَّهُمَّ نعم وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: جَاءَ مَيْمُون بن يَامِين إِلَى النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ رَأس الْيَهُود بِالْمَدِينَةِ قد أسلم وَقَالَ: يَا رَسُول الله ابْعَثْ إِلَيْهِم فَاجْعَلْ بَيْنك وَبينهمْ حكما من أنفسهم فَإِنَّهُم سيرضوني فَبعث إِلَيْهِم وَأدْخلهُ الدَّاخِل فَأتوهُ فخاطبوه مليّاً فَقَالَ لَهُم: اخْتَارُوا رجلا من أَنفسكُم يكون حكما بيني وَبَيْنكُم قَالُوا: فَإنَّا قد رَضِينَا بميمون بن يَامِين فَأخْرجهُ إِلَيْهِم فَقَالَ لَهُم مَيْمُون أشهد أَنه رَسُول الله وَأَنه على الْحق فَأَبَوا أَن يصدقوه فَأنْزل الله فِيهِ {قل أَرَأَيْتُم إِن كَانَ من عِنْد الله} الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَشهد شَاهد من بني إِسْرَائِيل على مثله} قَالَ: مُوسَى مثل مُحَمَّد والتوراة مثل الْقُرْآن فَآمن هَذَا بكتابه وَنبيه وكفرتم أَنْتُم يَا أهل مَكَّة الْآيَات 11 - 14

11

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ نَاس من الْمُشْركين: نَحن أعز وَنحن وَنحن فَلَو كَانَ خيرا مَا سبقنَا إِلَيْهِ فلَان وَفُلَان فَنزل {وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا لَو كَانَ خيرا مَا سبقُونَا إِلَيْهِ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عون بن أبي شَدَّاد قَالَ: كَانَت لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أمة أسلمت قبله يُقَال لَهَا زنيرة فَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يضْربهَا على اسلامها وَكَانَ كفار قُرَيْش يَقُولُونَ: لَو كَانَ خيرا مَا سبقتنا إِلَيْهِ زنيرة فَأنْزل الله فِي شَأْنهَا {وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا لَو كَانَ خيرا} الْآيَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَنو غفار وَأسلم كَانُوا الْكثير من النَّاس فتْنَة يَقُولُونَ لَو كَانَ خيرا مَا جعلهم الله أول النَّاس فِيهِ يَقُولُونَ لَو كَانَ خيرا ماجعلهم الله أول النَّاس فِيهِ

الْآيَات 15 - 16

15

أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت فِي أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ {وَوَصينَا الإِنسان بِوَالِديهِ إحساناً} إِلَى قَوْله: {وعد الصدْق الَّذِي كَانُوا يوعدون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {حَملته أمه كرها} قَالَ: مشقة عَلَيْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه قَالَ: وَحمله وفصله بِغَيْر ألف وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن بعجة بن عبد الله الْجُهَنِيّ قَالَ: تزوّج رجل منا امْرَأَة من جُهَيْنَة فَولدت لَهُ تَمامًا لسِتَّة أشهر فَانْطَلق زَوجهَا إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان فَأمر برجمها فَبلغ ذَلِك عليا رَضِي الله عَنهُ فَأَتَاهُ فَقَالَ: مَا تصنع قَالَ: ولدت تَمامًا لسِتَّة أشهر وَهل يكون ذَلِك قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: أما سَمِعت الله تَعَالَى يَقُول {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} وَقَالَ: (حَوْلَيْنِ كَامِلين) (الْبَقَرَة الْآيَة 233) فكم تَجدهُ بَقِي إِلَّا سِتَّة أشهر فَقَالَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: وَالله مَا فطنت لهَذَا عَليّ بِالْمَرْأَةِ فوجدوها قد فرغ مِنْهَا وَكَانَ من قَوْلهَا لاختها: يَا أَخِيه لَا تحزني فو الله مَا كشف فَرجي أحد قطّ غَيره قَالَ: فشب الْغُلَام بعدُ فاعترف الرجل بِهِ وَكَانَ أشبه النَّاس بِهِ قَالَ: فَرَأَيْت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فرَاشه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق قَتَادَة عَن أبي حَرْب ابْن أبي الْأسود الدؤَلِي قَالَ: رفع إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ امْرَأَة ولدت لسِتَّة أشهر

فَسَأَلَ عَنْهَا أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: لَا رجم عَلَيْهَا أَلا ترى أَنه يَقُول {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} وَقَالَ: (وفصاله فِي عَاميْنِ) (لُقْمَان 14) وَكَانَ الْحمل هَهُنَا سِتَّة أشهر فَتَركهَا عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثمَّ بلغنَا أَنَّهَا ولدت آخر لسِتَّة أشهر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن نَافِع بن جُبَير أَن ابْن عَبَّاس أخبرهُ قَالَ: إِنِّي لصَاحب الْمَرْأَة الَّتِي أُتِي بهَا عمر وضعت لسِتَّة أشهر فَأنْكر النَّاس ذَلِك فَقلت لعمر: لَا تظلم قَالَ: كَيفَ قلت: اقْرَأ {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} الْبَقَرَة الْآيَة 233 كم الْحول قَالَ: سنة قلت: كم السّنة قَالَ: اثْنَا عشر شهرا قلت: فَأَرْبَعَة وَعشْرين شهرا حولان كاملان وَيُؤَخر الله من الْحمل مَا شَاءَ وَيقدم قَالَ: فاستراح عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى قولي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن أبي عبيد مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: رفعت امْرَأَة إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ ولدت لسِتَّة أشهر فَقَالَ عُثْمَان: إِنَّهَا قد رفعت إِلَيّ امْرَأَة مَا أَرَاهَا إِلَّا جَاءَت بشرّ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِذا كملت الرضَاعَة كَانَ الْحمل سِتَّة أشهر وَقَرَأَ (وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا) فدرأ عُثْمَان عَنْهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يَقُول: إِذا ولدت الْمَرْأَة لتسعة أشهر كفاها من الرَّضَاع أحد وَعِشْرُونَ شهرا وَإِذا ولدت لسبعة أشهر كفاها من الرَّضَاع ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ شهرا وَإِذا وضعت لسِتَّة أشهر فحولين كَامِلين لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: قلت لمسروق رَضِي الله عَنهُ: مَتى يُؤْخَذ الرجل بذنوبه قَالَ: إِذا بلغت الْأَرْبَعين فَخذ حذرك وَأخرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب الحدائق بِسَنَد ضَعِيف عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن الله أَمر الحافظين فَقَالَ لَهما رفقا بعبدي فِي حداثته فَإِذا بلغ الْأَرْبَعين فاحفظا وحققا وَأخرج أَبُو الْفَتْح الْأَزْدِيّ من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا من أَتَى عَلَيْهِ الْأَرْبَعُونَ سنة فَلم يغلب خَيره شَره فليتجهز إِلَى النَّار

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن مغول قَالَ شكا أَبُو معشر ابْنه إِلَى طَلْحَة بن مصرف فَقَالَ طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ: اسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَة {رب أوزعني أَن أشكر نِعْمَتك} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة فِي أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ {حَتَّى إِذا بلغ أشده وَبلغ أَرْبَعِينَ سنة قَالَ رب أوزعني} الْآيَة فَاسْتَجَاب الله لَهُ فَأسلم والداه جَمِيعًا وإخوانه وَولده كلهم وَنزلت فِيهِ أَيْضا {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى} الْآيَة (اللَّيْل الْآيَة 5) إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَأصْلح لي فِي ذريتي} قَالَ: اجعلهم لي صالحين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الرّوح الْأمين قَالَ: يُؤْتى بحسنات العَبْد وسيئاته فيقتص بَعْضهَا من بعض فَإِن بقيت لَهُ حَسَنَة وسع الله لَهُ بهَا إِلَى الْجنَّة قَالَ: فَدخلت على يَزْدَان فَحدثت مثل هَذَا الحَدِيث قلت: فَإِن ذهبت الْحَسَنَة قَالَ {أُولَئِكَ الَّذين نتقبل عَنْهُم أحسن مَا عمِلُوا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ دَعَا أَبُو بكر عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ لَهُ: إِنِّي مُوصِيك بِوَصِيَّة أَن تحفظها إِن لله فِي اللَّيْل حَقًا لَا يقبله بِالنَّهَارِ وَحقا بِالنَّهَارِ لَا يقبله بِاللَّيْلِ إنّه لَيْسَ لأحد نَافِلَة حَتَّى يُؤَدِّي الْفَرِيضَة إِنَّه إِنَّمَا ثقلت مَوَازِين من ثقلت مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة باتبَاعهمْ الْحق فِي الدُّنْيَا وَثقل ذَلِك عَلَيْهِم وَحقّ لِمِيزَانٍ لَا يوضع فِيهِ إِلَّا الْحق أَن يثقل وَخفت مَوَازِين من خفت مَوَازِينه يَوْم الْقِيَامَة لاتباعهم الْبَاطِل فِي الدُّنْيَا وَخِفته عَلَيْهِم وَحقّ لِمِيزَانٍ لَا يوضع فِيهِ إِلَّا الْبَاطِل أَن يخف ألم ترَ أَن الله ذكر أهل الْجنَّة بِأَحْسَن أَعْمَالهم فَيَقُول: أَيْن يبلغ عَمَلك من عمل هَؤُلَاءِ وَذكر أهل النَّار بِأَسْوَأ أَعْمَالهم حَتَّى يَقُول الْقَائِل أَنا خير من عمل هَؤُلَاءِ وَذَلِكَ بِأَن الله تَعَالَى رد عَلَيْهِم أحسن أَعْمَالهم ألم تَرَ أَن الله أنزل آيَة الشدَّة عِنْد آيَة الرخَاء وَآيَة الرخَاء عِنْد آيَة الشدَّة ليَكُون الْمُؤمن رَاغِبًا رَاهِبًا لِئَلَّا يلقى بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَة وَلَا يتَمَنَّى على الله أُمْنِية يتَمَنَّى على الله فِيهَا غير الْحق

الْآيَات 17 - 19

17

أخرج البُخَارِيّ عَن يُوسُف بن مَاهك قَالَ: كَانَ مَرْوَان على الْحجاز اسْتَعْملهُ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان فَخَطب فَجعل يذكر يزِيد بن مُعَاوِيَة لكَي يُبَايع لَهُ بعد أَبِيه فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ شَيْئا فَقَالَ: خذوه فَدخل بَيت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَلم يقدروا عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْوَان: إِن هَذَا أنزل فِيهِ {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أُفٍّ لَكمَا} فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا من وَرَاء الْحجاب: مَا أنزل الله فِينَا شَيْئا من الْقُرْآن إِلَّا أَن الله أنزل عُذْري وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ: لما بَايع مُعَاوِيَة لِابْنِهِ قَالَ مَرْوَان: سنة أبي بكر وَعمر فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: سنة هِرقل وَقَيْصَر فَقَالَ مَرْوَان: هَذَا الَّذِي أنزل الله فِيهِ {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أُفٍّ لَكمَا} الْآيَة فَبلغ ذَلِك عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت: كذب مَرْوَان كذب مَرْوَان وَالله مَا هُوَ بِهِ وَلَو شِئْت أَن أسمي الَّذِي أنزلت فِيهِ لَسَمَّيْته وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن أَبَا مَرْوَان فِي صلبه فمروان فضفض (فضفض: سَعَة) من لعنة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله قَالَ: إِنِّي لفي الْمَسْجِد حِين خطب مَرْوَان فَقَالَ: إِن الله قد أرى أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي يزِيد رَأيا حسنا وَإِن يستخلفه فقد اسْتخْلف أَبُو بكر وَعمر فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ: أهرقلية أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ وَالله مَا جعلهَا فِي أحد من وَلَده وَلَا أحد من أهل بَيته وَلَا جعلهَا مُعَاوِيَة إِلَّا رَحْمَة وكرامة لوَلَده فَقَالَ مَرْوَان: أَلَسْت الَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أفّ لَكمَا فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: أَلَسْت ابْن اللعين الَّذِي لعن أَبَاك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَسمعتهَا

عَائِشَة فَقَالَت: يَا مَرْوَان أَنْت الْقَائِل لعبد الرَّحْمَن كَذَا وَكَذَا كذبت وَالله مَا فِيهِ نزلت نزلت فِي فلَان بن فلَان وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أفّ لَكمَا} الْآيَة قَالَ: هَذَا ابْن لأبي بكر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَالَّذِي قَالَ لوَالِديهِ أفّ لَكمَا} فِي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر قَالَ لوَالِديهِ وَكَانَا قد أسلما وأبى هُوَ أَن يسلم فَكَانَا يأمرانه بالإِسلام وَيرد عَلَيْهِمَا ويكذبهما فَيَقُول فَأَيْنَ فلَان وَأَيْنَ فلَان يَعْنِي مَشَايِخ قُرَيْش مِمَّن قد مَاتَ ثمَّ أسلم بعد فَحسن إِسْلَامه فَنزلت تَوْبَته فِي هَذِه الْآيَة {وَلكُل دَرَجَات مِمَّا عمِلُوا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ميناء أَنه سمع عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تنكر أَن تكون الْآيَة نزلت فِي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَت: إِنَّمَا نزلت فِي فلَان بن فلَان سمت رجلا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أتعدانني أَن أخرج} قَالَ: يَعْنِي الْبَعْث بعد الْمَوْت الْآيَة 20

20

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حَفْص بن أبي العَاصِي قَالَ: كُنَّا نتغدى مَعَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قَالَ الله فِي كِتَابه {وَيَوْم يعرض الَّذين كفرُوا على النَّار أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ} الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عمر رَضِي الله عَنهُ رأى فِي يَد جَابر بن عبد الله درهما فَقَالَ: مَا هَذَا الدِّرْهَم قَالَ: أُرِيد أَن أَشْتَرِي بِهِ لَحْمًا لأهلي قرموا (قرموا إِلَيْهِ: اشتهوه) إِلَيْهِ

فَقَالَ: أفكلما اشتهيتم شَيْئا اشتريتموه أَيْن تذْهب عَنْكُم هَذِه الْآيَة {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْأَعْمَش قَالَ: مر جَابر بن عبد الله وَهُوَ مُتَعَلق لَحْمًا على عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ مَا هَذَا يَا جَابر قَالَ: هَذَا لحم اشتهيته اشْتَرَيْته قَالَ: وَكلما اشْتهيت شَيْئا اشْتَرَيْته أما تخشى أَن تكون من أهل هَذِه الْآيَة {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سَالم بن عبد الله بن عمر أَن عمر كَانَ يَقُول: وَالله مَا يَعْنِي بلذات الْعَيْش أَن نأمر بصغار المعزى فتسمط لنا ونأمر بلباب الْحِنْطَة فتخبز لنا ونأمر بالزبيب فينبذ لنا فِي الأسعان (الأسعان: جمع سعنة: الْقرْبَة) حَتَّى إِذا صَار مثل عين اليعقوب أكلنَا هَذَا وشربنا هَذَا وَلَكنَّا نُرِيد أَن نستبقي طيباتنا لأَنا سمعنَا الله يَقُول: {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} الْآيَة وَأخرج أَبُو نعيم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدم على عمر رَضِي الله عَنهُ ناسٌ من الْعرَاق فَرَأى كَأَنَّهُمْ يَأْكُلُون هديرا (الهدير: العشب طَال وَعظم) فَقَالَ يَا أهل الْعرَاق لَو شِئْت أَن يدهمق لي كَمَا يدهمق لكم لفَعَلت وَلَكنَّا نستبقي من رَبنَا مَا نجده فِي آخرتنا أما سَمِعْتُمْ الله يَقُول لقوم {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} قَالَ: تعلمُوا أَن أَقْوَامًا يسترطون حسناتهم فِي الدُّنْيَا استبقى رجل طيباته إِن اسْتَطَاعَ وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه قَالَ: وَذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كَانَ يَقُول: لَو شِئْت لَكُنْت أطيبكُم طَعَاما وألينكم لباساً وَلَكِنِّي أستبقي طَيِّبَاتِي وَذكر لنا أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ لما قدم الشَّام صنع لَهُ طَعَام لم ير قبله مثله قَالَ: هَذَا لنا فَمَا لفقراء الْمُسلمين الَّذين مَاتُوا وهم لَا يشبعون من خبز الشّعير فَقَالَ خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله عَنهُ: لَهُم الْجنَّة فاغرورقت عينا عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: لَئِن كَانَ حظنا من هَذَا الحطام وذهبوا بِالْجنَّةِ لقد باينونا بوناً بَعيدا

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مجلز رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ليطلبن نَاس حَسَنَات عملوها فَيُقَال لَهُم {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُتِي عمر رَضِي الله عَنهُ بِشَربَة عسل فَقَالَ: وَالله لَا أتحمل فَضلهَا اسقوها فلَانا وَأخرج عبد بن حميد عَن وهب بن كيسَان عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَآنِي عمر رَضِي الله عَنهُ وَأَنا مُتَعَلق لَحْمًا فَقَالَ يَا جَابر مَا هَذَا قلت: لحم اشْتَرَيْته بدرهم لنسوة عِنْدِي قرمن إِلَيْهِ فَقَالَ أما يَشْتَهِي أحدكُم شَيْئا إِلَّا صنعه أما يجد أحدكُم أَن يطوي بَطْنه لجاره وَابْن عَمه أَيْن تذْهب هَذِه الْآيَة {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} قَالَ فَمَا انفلتّ مِنْهُ حَتَّى كدت أَن لَا أنفلت وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن حميد بن هِلَال قَالَ: كَانَ حَفْص رَضِي الله عَنهُ يكثر غشيان أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ إِذا قرب طَعَامه اتَّقَاهُ فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ: مَا لَك ولطعامنا فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن أَهلِي يصنعون لي طَعَاما هُوَ أبين من طَعَامك فَاخْتَارَ طعامهم على طَعَامك فَقَالَ: ثكلتك أمك أما تراني لَو شِئْت أمرت بِشَاة فتية سَمِينَة فألقي عَنْهَا شعرهَا ثمَّ أمرت بدقيق فنخل فِي خرقَة فَجعل خبْزًا مرققاً وَأمرت بِصَاع من زبيب فَجعل فِي سمن حَتَّى يكون كَدم الغزال فَقَالَ حَفْص: إِنِّي أَرَاك تعرف لين الطَّعَام فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: ثكلتك أمك وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا كَرَاهِيَة أَن ينقص من حسناتي يَوْم الْقِيَامَة لأشركتكم فِي لين طَعَامكُمْ وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن سعد وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الْحسن قَالَ: قدم وَفد أهل الْبَصْرَة على عمر مَعَ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَكَانَ لَهُ فِي كل يَوْم خبز يلت فَرُبمَا وَافَقْنَاهَا مَأْدُومَة بِزَيْت وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا مَأْدُومَة بِسمن وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا مَأْدُومَة بِلَبن وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا القدائد الْيَابِسَة قد دقَّتْ ثمَّ أغلي لَهَا وَرُبمَا وَافَقْنَاهَا اللَّحْم الْغَرِيض وَهُوَ قَلِيل قَالَ وَقَالَ لنا عمر رَضِي الله عَنهُ: إِنِّي وَالله لقد أرى تقديركم وَكَرَاهِيَتُكُمْ طَعَامي أما وَالله لَو شِئْت لَكُنْت أطيبكُم طَعَاما وَأَرَقِّكُمْ عَيْشًا أما وَالله مَا أَجْهَل عَن كراكر وَأَسْنِمَة وَعَن صلى وَصِنَاب وسلائق وَلَكِنِّي وجدت الله عير قوما بِأَمْر فَعَلُوهُ فَقَالَ {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا}

وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الايمان عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سَافر كَانَ آخر عَهده بِإِنْسَان من أَهله فَاطِمَة وأوّل من يدْخل عَلَيْهِ إِذا قدم فَاطِمَة فَقدم من غزَاة فَأَتَاهَا فَإِذا بمسح على بَابهَا وَرَأى على الْحسن وَالْحُسَيْن قلبين من فضَّة فَرجع وَلم يدْخل عَلَيْهَا فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك فَاطِمَة ظنت أَنه لم يدْخل من أجل مَا رأى فهتكت السّتْر ونزعت القلبين من الصَّبِيَّيْنِ فقطعتهما فَبكى الصّبيان فقسمته بَينهمَا فَانْطَلقَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهما يَبْكِيَانِ فَأَخذه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُمَا فَقَالَ: يَا ثَوْبَان اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى بني فلَان أهل بَيت بِالْمَدِينَةِ واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج فَإِن هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي وَلَا أحب أَن يَأْكُلُوا طَيِّبَاتهمْ فِي حياتهم الدُّنْيَا وَالله تَعَالَى أعلم الْآيَات 21 - 23

21

أخرج ابْن مَاجَه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَرْحَمنَا الله وأخا عَاد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خير واديين فِي النَّاس وَادي مَكَّة ووادي أرم بِأَرْض الْهِنْد وشرّ واديين فِي النَّاس وَادي الْأَحْقَاف وواد بحضرموت يدعى برهوت يلقى فِيهِ أَرْوَاح الْكفَّار وَخير بِئْر فِي النَّاس زَمْزَم وَشر بِئْر فِي النَّاس برهوت وَهِي فِي ذَاك الْوَادي الَّذِي بحضرموت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْأَحْقَاف جبل بِالشَّام وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْأَحْقَاف جبل بِالشَّام يُسمى الْأَحْقَاف وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْأَحْقَاف الأَرْض وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْأَحْقَاف جساق من جسمي

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن عاداً كَانُوا أَحيَاء بِالْيمن أهل رمل مشرفين على الْبَحْر بِأَرْض يُقَال لَهَا الشحر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله بالأحقاف قَالَ: تلال من أَرض الْيمن وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَقد خلت النّذر من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه أَلا تعبدوا إِلَّا الله} قَالَ: لم يبْعَث الله رَسُولا إِلَّا بِأَن يعبد الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لتأفكنا} قَالَ لتزيلنا وَقَرَأَ إِن كَاد ليضلنا عَن آلِهَتنَا قَالَ: يضلنا ويزيلنا ويأفكنا وَاحِد الْآيَات 24 - 25

24

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} قَالَ: هُوَ السَّحَاب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستجمعاً ضَاحِكا حَتَّى أرى مِنْهُ لهواته إِنَّمَا كَانَ يتبسم وَكَانَ إِذا رأى غيماً أَو ريحًا عرف ذَلِك فِي وَجهه قلت يَا رَسُول الله إِن النَّاس إِذا رَأَوْا الْغَيْم فرحوا رَجَاء أَن يكون فِيهِ الْمَطَر وَإِذا رَأَيْته عرف فِي وَجهك الْكَرَاهِيَة قَالَ يَا عَائِشَة وَمَا يؤمنني أَن يكون فِيهِ عَذَاب قد عذب قوم بِالرِّيحِ وَقد رأى قوم الْعَذَاب فَقَالُوا {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عصفت الرّيح قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا فِيهَا وَخير مَا أرْسلت بِهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا وَشر مَا أرْسلت بِهِ

فَإِذا تخليت السَّمَاء تغير لَونه وَخرج وَدخل وَأَقْبل وَأدبر فَإِذا أمْطرت سري عَنهُ فَسَأَلته فَقَالَ لَا أَدْرِي لَعَلَّه كَمَا قَالَ قوم عَاد {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب السَّحَاب وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضاً مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ} قَالَ غيم فِيهِ مطر فَأول مَا عرفُوا أَنه عَذَاب رَأَوْا مَا كَانَ خَارِجا من رحالهم ومواشيهم يطير بَين السَّمَاء وَالْأَرْض مثل الريش دخلُوا بُيُوتهم وَأَغْلقُوا أَبْوَابهم فَجَاءَت الرّيح ففتحت أَبْوَابهم ومالت عَلَيْهِم بالرمل فَكَانُوا تَحت الرمل سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام حسوماً لَهُم أَنِين ثمَّ أَمر الرّيح فكشف عَنْهُم الرمل وطرحتهم فِي الْبَحْر فَهُوَ قَوْله {فَأَصْبحُوا لَا يرى إِلَّا مساكنهم} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا فتح الله على عَاد من الرّيح الَّتِي هَلَكُوا فِيهَا إِلَّا مثل الْخَاتم فمرت بِأَهْل الْبَادِيَة فحملتهم وَأَمْوَالهمْ فجعلتهم بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَلَمَّا رأى ذَلِك أهل الْحَاضِرَة من عَاد الرّيح وَمَا فِيهَا {قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} فَأَلْقَت أهل الْبَادِيَة ومواشيهم على أهل الحاضره وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا فتح الله على عَاد من الرّيح إِلَّا مَوضِع الْخَاتم أرْسلت عَلَيْهِم فَحملت البدو إِلَى الْحَضَر فَلَمَّا رَآهَا أهل الْحَضَر {قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} مُسْتَقْبل أوديتنا وَكَانَ أهل الْبَوَادِي فِيهَا فألقي أهل الْبَادِيَة على أهل الْحَاضِرَة حَتَّى هَلَكُوا قَالَ: عَتَتْ على خزَّانِها حَتَّى خرجت من خلال الْأَبْوَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عَمْرو بن مَيْمُون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ هود قَاعِدا فِي قومه فجَاء سَحَاب مكفهر فَقَالُوا {هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} فَقَالَ هود {بل هُوَ مَا استعجلتم بِهِ ريح فِيهَا عَذَاب أَلِيم} فَجعلت تلقي الْفسْطَاط وتجيء بِالرجلِ الْغَائِب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا أرسل الله على عَاد من الرّيح إِلَّا قدر خَاتمِي هَذَا وَأخرج عبد بن حميد عَن مَيْمُون رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ لَا ترى إِلَّا مساكنهم بِالتَّاءِ وَالنّصب

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {لَا يرى إِلَّا مساكنهم} بِالْيَاءِ وَرفع النُّون الْآيَات 26 - 28

26

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَقَد مكناهم فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ} يَقُول: لم نمكنكم فِيهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَقَد مكناهم} الْآيَة قَالَ: عَاد مكنوا فِي الأَرْض أفضل مِمَّا مكنت فِيهِ هَذِه الْأمة وَكَانُوا أَشد قُوَّة وَأكْثر أَوْلَادًا وأطول أعماراً وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد أهلكنا مَا حَوْلكُمْ من الْقرى} هَهُنَا وَهَهُنَا شَيْئا بِالْيمن واليمامة وَالشَّام وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ وَتلك إفكهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقْرَأها وَذَلِكَ أفكهم يَعْنِي بِفَتْح الْألف وَالْكَاف وَقَالَ: أصلهم الْآيَات 29 - 34

29

أخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الزبير {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن} قَالَ: بنخلة قَالَ: وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي الْعشَاء الْآخِرَة كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هَبَطُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن بِبَطن نَخْلَة فَلَمَّا سَمِعُوهُ قَالُوا: أَنْصتُوا قَالُوا: صه وَكَانُوا تِسْعَة أحدهم زَوْبَعَة فَأنْزل الله {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} إِلَى قَوْله {ضلال مُبين} وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن} الْآيَة قَالَ: كَانُوا تِسْعَة عشر من أهل نَصِيبين فجعلهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رسلًا إِلَى قَومهمْ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: صُرِفَتِ الْجِنّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّتَيْنِ وَكَانَ أَشْرَاف الْجِنّ بنصيبين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا من أهل نَصِيبين أَتَوْهُ بِبَطن نَخْلَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: بت اللَّيْلَة أَقرَأ على الْجِنّ []- رفقا بالحجون وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَسْرُوق قَالَ: سَأَلت ابْن مَسْعُود من آذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالجن لَيْلَة اسْتَمعُوا الْقُرْآن قَالَ: آذنته بهم شَجَرَة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ أَيْن قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْجِنّ فَقَالَ: قَرَأَ عَلَيْهِم بشعب يُقَال لَهُ الْحجُون وَأخرج عبد بن حميد وَأحمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن عَلْقَمَة قَالَ: قلت لِابْنِ مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: هَل صحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْجِنّ مِنْكُم أحد قَالَ: مَا صَحبه منا أحد وَلَكنَّا فقدناه ذَات لَيْلَة فَقُلْنَا اغتيل استطير مَا فعل قَالَ: فبتنا بشر لَيْلَة بَات بهَا قوم فَلَمَّا كَانَ فِي وَجه الصُّبْح إِذا نَحن بِهِ يَجِيء من قبل حرا فَأَخْبَرنَاهُ فَقَالَ: إِنَّه أَتَانِي دَاعِي الْجِنّ فأتيتهم فَقَرَأت عَلَيْهِم الْقُرْآن فَانْطَلق فأرانا آثَارهم وآثار نيرانهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} قَالَ: هم اثْنَا عشر ألفا من جَزِيرَة الْموصل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا سَبْعَة ثَلَاثَة من أهل حران وَأَرْبَعَة من نَصِيبين وَكَانَ أَسمَاؤُهُم حسى ومسى وشاصر وماصر والأرد وإينان والأحقم وسرق وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن صَفْوَان بن الْمُعَطل قَالَ: خرجنَا حجاجاً فَلَمَّا كُنَّا بالعرج إِذا نَحن بحية تضطرب فَمَا لبث أَن مَاتَت فلفها رجل فِي خرقَة ودفنها ثمَّ قدمنَا مَكَّة فَإنَّا لبالمسجد الْحَرَام إِذْ وقف علينا شخص فَقَالَ: أَيّكُم صَاحب عَمْرو قُلْنَا: مَا نَعْرِف عمرا قَالَ: أَيّكُم صَاحب الجان قَالُوا: هَذَا قَالَ: أما أَنه آخر التِّسْعَة موتا الَّذين أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَمِعُون الْقُرْآن وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والواقدي عَن أبي جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجِنّ فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى عشرَة من النُّبُوَّة وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما انْصَرف النَّفر التِّسْعَة من أهل نَصِيبين من بطن نَخْلَة وهم فلَان وَفُلَان وَفُلَان والأرد واينان والأحقب جاؤوا قَومهمْ منذرين فَخَرجُوا بعد وافدين إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم ثلثمِائة فَانْتَهوا إِلَى الْحجُون فجَاء الأحقب فَسلم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن قَومنَا قد حَضَرُوا الْحجُون يلقونك فواعده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لساعة من اللَّيْل بالحجون وَالله أعلم الْآيَة 35

35

أخرج ابْن أبي حَاتِم والديلمي عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: ظلّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَائِما ثمَّ طوى ثمَّ ظلّ صَائِما ثمَّ طوى ثمَّ ظلّ صَائِما قَالَ: يَا عَائِشَة إِن الدُّنْيَا لَا تنبغي لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد يَا عَائِشَة إِن الله لم يرض من أولي الْعَزْم من الرُّسُل إِلَّا بِالصبرِ على مكروهها وَالصَّبْر عَن محبوبها ثمَّ لم يرض مني إِلَّا أَن يكلفني مَا كلفهم فَقَالَ: {فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل} وَإِنِّي وَالله لأصبرنَّ كَمَا صَبَرُوا جهدي وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أولو الْعَزْم من الرُّسُل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الْعَالِيَة {فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل} قَالَ: نوح وَهود وَإِبْرَاهِيم فَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يصبر كَمَا صَبَرُوا وَكَانُوا ثَلَاثَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رابعهم قَالَ نوح: يَا قوم إِن كَانَ كبر عَلَيْكُم مقَامي وتذكيري بآيَات الله) (يُونُس الْآيَة 71) إِلَى آخرهَا فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة وَقَالَ هود حِين (قَالُوا: إِن نقُول الا اعتراك بعض آلِهَتنَا بِسوء قَالَ إِنِّي أشهد الله واشهدوا أَنِّي بَرِيء مِمَّا تشركون من دونه) (تعود الْآيَة 53) فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة قَالَ لإِبراهيم (لقد كَانَ لكم أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم) (الممتحنة الْآيَة 4) إِلَى آخر الْآيَة فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة قَالَ يَا مُحَمَّد: (قل إِنِّي نهيت أَن أعبد الَّذين تدعون من دون الله) (الْأَنْعَام الْآيَة 56) فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الْكَعْبَة فقرأها على الْمُشْركين فأظهر لَهُم الْمُفَارقَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أولُوا الْعَزْم} قَالَ: هم نوح وَهود وَإِبْرَاهِيم وَشُعَيْب ومُوسَى وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ {أولُوا الْعَزْم} إِسْمَاعِيل وَيَعْقُوب وَأَيوب وَلَيْسَ آدم مِنْهُم وَلَا يُونُس وَلَا سُلَيْمَان

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: {أولُوا الْعَزْم} نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {فاصبر كَمَا صَبر أولُوا الْعَزْم من الرُّسُل} قَالَ: هم الَّذين أمروا بِالْقِتَالِ حَتَّى مضوا على ذَلِك نوح وَهود وَصَالح ومُوسَى وَدَاوُد وَسليمَان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن أولي الْعَزْم من الرُّسُل كَانُوا ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَهَل يهْلك إِلَّا الْقَوْم الْفَاسِقُونَ} قَالَ: تعلمُوا وَالله مَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك مُشْرك ولى الإِسلام ظَهره أَو مُنَافِق صدق بِلِسَانِهِ وَخَالف بِقَلْبِه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الدُّعَاء عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا طلبت وأحببت أَن تنجح فَقل: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الْعلي الْعَظِيم لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَرب الْعَرْش الْعَظِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين كَأَنَّهُمْ يَوْم يرونها لم يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّة أَو ضحاها كَأَنَّهُمْ يَوْم يرَوْنَ مَا يوعدون لم يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَة من نَهَار بَلَاغ فَهَل يهْلك إِلَّا الْقَوْم الْفَاسِقُونَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مُوجبَات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إِثْم وَالْغنيمَة من كل بر والفوز بِالْجنَّةِ والنجاة من النَّار اللَّهُمَّ لَا تدع لي ذَنبا إِلَّا غفرته وَلَا همّاً إِلَّا فرجته وَلَا حَاجَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (47) سُورَة مُحَمَّد مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَان وَثَلَاثُونَ مُقَدّمَة سُورَة مُحَمَّد أخرج ابْن ضريس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت سُورَة الْقِتَال بِالْمَدِينَةِ وَأخرج النّحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة مُحَمَّد بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ سُورَة {الَّذين كفرُوا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: سُورَة مُحَمَّد آيَة فِينَا وَآيَة فِي بني أُميَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ بهم فِي الْمغرب {الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله} الْآيَات 1 - 3

محمد

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله أضلّ أَعْمَالهم} قَالَ: هم أهل مَكَّة قُرَيْش نزلت فيهم {وَالَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: هم أهل الْمَدِينَة الْأَنْصَار {وَأصْلح بالهم} قَالَ: أَمرهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أضلّ أَعْمَالهم} قَالَ: كَانَت لَهُم أَعمال فاضلة لَا يقبل الله مَعَ الْكفْر عملا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَأصْلح بالهم} قَالَ: أصلح حَالهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَأصْلح بالهم} قَالَ: شَأْنهمْ وَفِي قَوْله {ذَلِك بِأَن الَّذين كفرُوا اتبعُوا الْبَاطِل} قَالَ: الشَّيْطَان الْآيَات 4 - 6

4

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَإِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا فَضرب الرّقاب} قَالَ: مُشْركي الْعَرَب يَقُول {فَضرب الرّقاب} قَالَ: حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {حَتَّى إِذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق} قَالَ: لَا تأسروهم وَلَا تفادوهم حَتَّى تثخنوهم بِالسَّيْفِ وَأخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُؤمنِينَ بِالْخِيَارِ فِي الأسرى إِن شاؤوا قتلوهم وَإِن شاؤوا استعبدوهم وَإِن شاؤوا فادوهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: هَذَا مَنْسُوخ نسختها (فَإِذا انْسَلَخَ الْأَشْهر الْحرم فَاقْتُلُوا الْمُشْركين) (التَّوْبَة الْآيَة 5)

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: فَرخص لَهُم أَن يمنوا على من شاؤوا مِنْهُم نسخ الله ذَلِك بعد فِي بَرَاءَة فَقَالَ: (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التَّوْبَة الْآيَة 5) وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ إِذا لقوا الْمُشْركين قاتلوهم فَإِذا أَسرُّوا مِنْهُم أَسِيرًا فَلَيْسَ لَهُم إِلَّا أَن يفادوه أَو يمنوا عَلَيْهِ ثمَّ نسخ ذَلِك بعد (فإمَّا تثقفنهم فِي الْحَرْب فشرد بهم من خَلفهم) (الْأَنْفَال 57) وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك وَمُجاهد فِي قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَا: نسختها (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن السّديّ مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَادى رجلَيْنِ من أَصْحَابه برجلَيْن من الْمُشْركين أَسرُّوا وَأخرج عبد بن حميد عَن أَشْعَث قَالَ: سَأَلت الْحسن وَعَطَاء عَن قَوْله {فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} قَالَ: أَحدهمَا يمن عَلَيْهِ أَو لَا يفادى وَقَالَ الآخر: يصنع كَمَا صنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمن عَلَيْهِ أَو لَا يفادى وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى الْحجَّاج بِأسَارَى فَدفع إِلَى ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا رجلا يقْتله فَقَالَ ابْن عمر: لَيست بِهَذَا أمرنَا إِنَّمَا قَالَ الله {حَتَّى إِذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن نَافِع أَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أعتق ولد زنية وَقَالَ: قد أمرنَا الله وَرَسُوله أَن نمنَّ على من هُوَ شَرّ مِنْهُ قَالَ الله {فإمَّا منَّا بعدُ وَإِمَّا فدَاء} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن لَيْث رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لمجاهد: بلغنى أَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا يحل قتل الْأُسَارَى لِأَن الله تَعَالَى قَالَ {فإمَّا منَّا بعدُ وَإِمَّا فدَاء} فَقَالَ مُجَاهِد: لَا تعبأ بِهَذَا شَيْئا أدْركْت أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكلهمْ يُنكر هَذَا وَيَقُول: هَذِه مَنْسُوخَة إِنَّمَا كَانَت

فِي الْهُدْنَة الَّتِي كَانَت بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين الْمُشْركين فَأَما الْيَوْم فَلَا يَقُول الله (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وَيَقُول {فَإِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا فَضرب الرّقاب} فَإِن كَانُوا من مُشْركي الْعَرَب لم يقبل مِنْهُم شَيْء إِلَّا الإِسلام فَإِن لم يسلمُوا فالقتل وَأما من سواهُم فَإِنَّهُم إِذا أَسرُّوا فالمسلمون فيهم بِالْخِيَارِ إِن شاؤوا قتلوهم وَإِن شاؤوا استحيوهم وَإِن شاؤوا فادوهم إِذا لم يتحوّلوا عَن دينهم فَإِن أظهرُوا الإِسلام لم يفادوا وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل الصَّغِير وَالْمَرْأَة وَالشَّيْخ الفاني وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نسخت (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (النِّسَاء 89) مَا كَانَ قبل ذَلِك من فدَاء أَو مَنّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يكره قتل أهل الشّرك صبرا وَيَتْلُو {فشدوا الوثاق فإمَّا منَّا بعد وَإِمَّا فدَاء} ثمَّ نسختها {فخذوهم واقتلوهم حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} وَنزلت زَعَمُوا فِي الْعَرَب خَاصَّة وَقتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عقبَة بن أبي معيط [] يَوْم بدر صبرا وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أَيُّوب رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن قتل الوصفاء والعسفاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل النِّسَاء والولدان إِلَّا من عدا مِنْهُم بِالسَّيْفِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فطلبوا رجلا فَصَعدَ شَجَرَة فأحرقوها بالنَّار فَلَمَّا قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبرُوهُ بذلك فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: إِنِّي لم أبْعث أعذب بِعَذَاب الله إِنَّمَا بعثت بِضَرْب الرّقاب وَشد الوثاق أما قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: حَتَّى لَا يكون شرك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: حَتَّى يعبد الله وَلَا يُشْرك بِهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن

مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: حَتَّى يخرج عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فَيسلم كل يَهُودِيّ وَنَصْرَانِي وَصَاحب مِلَّة وتأمن الشَّاة من الذِّئْب وَلَا تقْرض فَأْرَة جراباً وَتذهب الْعَدَاوَة من النَّاس كلهَا ذَلِك ظُهُور الإِسلام على الدّين كُله وينعم الرجل الْمُسلم حَتَّى تقطر رجله دَمًا إِذا وَضعهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُوشك من عَاشَ مِنْكُم أَن يلقى عِيسَى بن مَرْيَم إِمَامًا مهدياً وَحكما عدلا فيكسر الصَّلِيب وَيقتل الْخِنْزِير وتوضع الْجِزْيَة وتضع الْحَرْب أَوزَارهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} قَالَ: خُرُوج عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَغوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَلمَة بن نفَيْل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَنا جَالس عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ جَاءَهُ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله: إِن الْخَيل قد سُيبت وَوُضِعَ السلاحُ وَزعم أَقوام أَن لَا قتال وأنْ قد وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كذبُوا فَالْآن جَاءَ الْقِتَال وَلَا تزَال طَائِفَة من أمتِي يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله لَا يضرهم من خالفهم يزِيغ الله قُلُوب قوم ليرزقهم مِنْهُم ويقاتلون حَتَّى تقوم السَّاعَة وَلَا تزَال الْخَيل معقوداً فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر حَتَّى تقوم السَّاعَة وَلَا تضع الْحَرْب أَوزَارهَا حَتَّى يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فتح لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتح فَقلت يَا رَسُول الله الْيَوْم ألْقى الإِسلام بجرانه وَوضعت الْحَرْب أَوزَارهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن دون أَن تضع الْحَرْب أَوزَارهَا خلالاً سِتا أولهنَّ موتِي ثمَّ فتح بَيت الْمُقَدّس ثمَّ فئتان من أمتِي دَعوَاهُم وَاحِدَة يقتل بَعضهم بَعْضًا وَيفِيض المَال حَتَّى يُعْطي الرجل الْمِائَة دِينَار فيتسخط وَمَوْت يكون كقعاص الْغنم وَغُلَام من بني الْأَصْفَر ينْبت فِي الْيَوْم كنبات الشَّهْر وَفِي الشَّهْر كنبات السّنة فيرغب فِيهِ قومه فيملكونه يَقُولُونَ نرجو أَن ير بك علينا ملكنا فَيجمع جمعا عَظِيما ثمَّ يسير حَتَّى يكون فِيمَا بَين الْعَريش وأنطاكية وأميركم يَوْمئِذٍ نعم الْأَمِير فَيَقُول لأَصْحَابه: مَا ترَوْنَ فَيَقُولُونَ نقاتلهم حَتَّى يحكم الله بَيْننَا وَبينهمْ فَيَقُول لَا أرى ذَلِك نحرز ذرارينا وعيالنا ونخلي بَينهم وَبَين الأَرْض ثمَّ نغزوهم وَقد أحرزنا ذرارينا فيسيرون فيخلون بَينهم وَبَين أَرضهم حَتَّى يَأْتُوا مدينتي هَذِه فيستهدون أهل الإِسلام فيهدونهم ثمَّ يَقُول لَا ينتدبن

معي إِلَّا من يهب نَفسه لله حَتَّى نلقاهم فنقاتل حَتَّى يحكم الله بيني وَبينهمْ فينتدب مَعَه سَبْعُونَ ألفا وَيزِيدُونَ على ذَلِك فَيَقُول حسبي سَبْعُونَ ألفا لَا تحملهم الأَرْض وَفِيهِمْ عين لعدوّهم فيأتيهم فيخبرهم بِالَّذِي كَانَ فيسيرون إِلَيْهِم حَتَّى إِذا الْتَقَوْا سَأَلُوا أَن يخلي بَينهم وَبَين من كَانَ بَينهم وَبَينه نسب فيدعونهم فَيَقُولُونَ مَا ترَوْنَ فِيمَا يَقُولُونَ فَيَقُول: مَا أَنْتُم بِأَحَق بقتالهم وَلَا أبعد مِنْهُم فَيَقُول: فعندكم فأكسروا أغمادكم فيسل الله سَيْفه عَلَيْهِم فَيقْتل مِنْهُم الثُّلُثَانِ ويقر فِي السفن الثُّلُث وصاحبهم فيهم حَتَّى إِذا تراءت لَهُم جبالهم بعث الله عَلَيْهِم ريحًا فردتهم إِلَى مراسيهم من الشَّام فأخِذوا فَذُبِحوا عِنْد أرجل سفنهم عِنْد السَّاحِل فَيَوْمئِذٍ تضع الْحَرْب أَوزَارهَا أما قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك وَلَو يَشَاء الله لانتصر مِنْهُم} أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ذَلِك وَلَو يَشَاء الله لانتصر مِنْهُم} قَالَ: أَي وَالله بجُنُوده الْكَثِيرَة كل خلقه لَهُ جند فَلَو سلط أَضْعَف خلقه لَكَانَ لَهُ جنداً وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ذَلِك {وَلَو يَشَاء الله لانتصر مِنْهُم} قَالَ: لأرسل عَلَيْهِم ملكا فدمر عَلَيْهِم وَفِي قَوْله {وَالَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله فَلَنْ يضل أَعْمَالهم} قَالَ: نزلت فِيمَن قتل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أُحد وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ وَالَّذين قَاتلُوا بِالْألف وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله فَلَنْ يضل أَعْمَالهم} الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي يَوْم أحد وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الشّعب وَقد فَشَتْ فيهم الْجِرَاحَات وَالْقَتْل وَقد نَادَى الْمُشْركُونَ يَوْمئِذٍ: أعلُ هُبَل ونادى الْمُسلمُونَ الله أَعلَى وَأجل ففادى الْمُشْركُونَ يَوْم بِيَوْم بدر وَإِن الْحَرْب سِجَال لنا عُزّى وَلَا عُزّى لكم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قُولُوا الله مَوْلَانَا وَلَا مولى لكم إِن الْقَتْلَى مُخْتَلفَة أما قَتْلَانَا فأحياء يرْزقُونَ وَأما قَتْلَاكُمْ فَفِي النَّار يُعَذبُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {ويدخلهم الْجنَّة عرفهَا لَهُم} قَالَ: يهدي أَهلهَا إِلَى بُيُوتهم ومساكنهم وَحَيْثُ قسم الله لَهُم مِنْهَا لَا يخطئون كَأَنَّهُمْ ساكنوها مُنْذُ خلقُوا لَا يستدلون عَلَيْهَا أحدا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {عرفهَا لَهُم} قَالَ: عرفهم مَنَازِلهمْ فِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويدخلهم الْجنَّة عرفهَا لَهُم} قَالَ: بلغنَا أَن الْملك الَّذِي كَانَ وُكّلَ بِحِفْظ عمله فِي الدُّنْيَا يمشي بَين يَدَيْهِ فِي الْجنَّة ويتبعه ابْن آدم حَتَّى يَأْتِي أقْصَى منزل هُوَ لَهُ فيعرفه كل شَيْء أعطَاهُ الله فِي الْجنَّة فَإِذا انْتهى إِلَى أقْصَى منزله فِي الْجنَّة دخل إِلَى منزله وأزواجه وَانْصَرف الْملك عَنهُ الْآيَات 7 - 11

7

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن تنصرُوا الله ينصركم وَيثبت أقدامكم} قَالَ: على نَصره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِن تنصرُوا الله ينصركم} قَالَ: حق على الله أَن يُعْطي من سَأَلَهُ وَأَن ينصر من نَصره {وَالَّذين كفرُوا فتعساً لَهُم وأضل أَعْمَالهم ذَلِك بِأَنَّهُم كَرهُوا مَا أنزل الله فأحبط أَعْمَالهم} قَالَ: أما الأولى فَفِي الْكفَّار الَّذين قتل الله يَوْم بدر وَأما الْأُخْرَى فَفِي الْكفَّار عَامَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن مَيْمُون رَضِي الله عَنهُ: {ذَلِك بِأَنَّهُم كَرهُوا مَا أنزل الله} قَالَ: كَرهُوا الْفَرَائِض وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الَّذين من قبلهم دمر الله عَلَيْهِم} قَالَ: أهلكهم الله بألوان الْعَذَاب بِأَن يتفكر متفكر ويتذكر متذكر وَيرجع رَاجع فَضرب الْأَمْثَال وَبعث الرُّسُل ليعقلوا عَن الله أمره

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وللكافرين أَمْثَالهَا} قَالَ: لكفار قَوْمك يَا مُحَمَّد مثل مَا دمرت بِهِ الْقرى فأهلكوا بِالسَّيْفِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وللكافرين أَمْثَالهَا} قَالَ: مثل مَا دمرت بِهِ الْقُرُون الأولى وَعِيد من الله تَعَالَى لَهُم وَفِي قَوْله {ذَلِك بِأَن الله مولى الَّذين آمنُوا} قَالَ: وليهم الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ذَلِك بِأَن الله مولى الَّذين آمنُوا} قَالَ: لَيْسَ لَهُم مولى غَيره الْآيَات 12 - 14

12

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَالَّذين كفرُوا يتمتعون ويأكلون كَمَا تَأْكُل الْأَنْعَام} قَالَ: لَا يلْتَفت إِلَى آخرته قَوْله تَعَالَى: {وكأين من قَرْيَة} الْآيَتَيْنِ وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما خرج من مَكَّة إِلَى الْغَار الْتفت إِلَى مَكَّة وَقَالَ: أَنْت أحب بِلَاد الله إِلَى الله وَأَنت أحب بِلَاد الله إِلَيّ وَلَوْلَا أَن أهلك أَخْرجُونِي مِنْك لم أخرج مِنْك فأعتى الْأَعْدَاء من عدا على الله فِي حرمه أَو قتل غير قَاتله أَو قتل بذحول أهل الْجَاهِلِيَّة فَأنْزل الله تَعَالَى {وكأين من قَرْيَة هِيَ أَشد قوّة من قريتك الَّتِي أخرجتك أهلكناهم فَلَا نَاصِر لَهُم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وكأين من قَرْيَة هِيَ أَشد قوّة من قريتك} قَالَ: قريته مَكَّة وَفِي قَوْله {أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {كمن زين لَهُ سوء عمله} قَالَ: هم الْمُشْركُونَ

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كلُّ هوى ضَلَالَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن طَاوس قَالَ: مَا ذكر الله هوى فِي الْقُرْآن إِلَّا ذمه الْآيَة 15

15

أخرج ابْن جريج وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أَنهَار من مَاء غير آسن} قَالَ: غير متغير وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من مَاء غير آسن} قَالَ: غير منتن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: لم يحلب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه} قَالَ: لم يخرج من بَين فرث وَدم {وأنهار من خمر لَذَّة للشاربين} قَالَ: لم تدنسه الرِّجَال بأرجلهم {وأنهار من عسل مصفى} قَالَ: لم يخرج من بطُون النَّحْل وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن مُعَاوِيَة بن حيدة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي الْجنَّة بَحر اللَّبن وبحر المَاء وبحر الْعَسَل وبحر الْخمر ثمَّ تشقق الْأَنْهَار مِنْهَا بعد وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نهر النّيل نهر الْعَسَل فِي الْجنَّة ونهر دجلة نهر اللَّبن فِي الْجنَّة ونهر الْفُرَات نهر الْخمر فِي الْجنَّة ونهر سيحان نهر المَاء فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مثل الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون فِيهَا أَنهَار من مَاء غير آسن} الْآيَة قَالَ: حَدثنِي أَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس

رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي فَانْطَلق بِي الْملك فَانْتهى بِي إِلَى نهر الْخمر فَإِذا عَلَيْهِ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَقلت للْملك: أَي نهر هَذَا فَقَالَ: هَذَا نهر دجلة فَقلت لَهُ: إِنَّه مَاء قَالَ هُوَ فِي مَاء فِي الدُّنْيَا يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء وَهُوَ فِي الْآخِرَة خمر لأهل الْجنَّة قَالَ: ثمَّ انْطَلَقت مَعَ الْملك إِلَى نهر الرب فَقلت للْملك: أَي نهر هَذَا قَالَ: هُوَ جيحون وَهُوَ المَاء غير آسن وَهُوَ فِي الدُّنْيَا مَاء يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء وَهُوَ فِي الْآخِرَة مَاء غير آسن ثمَّ انْطلق بِي فأبلغني نهر اللَّبن الَّذِي يَلِي الْقبْلَة فَقلت للْملك: أيّ نهر هَذَا قَالَ: هَذَا نهر الْفُرَات فَقلت: هُوَ مَاء قَالَ: هُوَ مَاء يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء فِي الدُّنْيَا وَهُوَ لبن فِي الْآخِرَة لذرية الْمُؤمنِينَ الَّذين رَضِي الله عَنْهُم وَعَن آبَائِهِم ثمَّ انْطلق بِي فأبلغني نهر الْعَسَل الَّذِي يخرج من جَانب الْمَدِينَة فَقلت للْملك الَّذِي أرسل معي: أيّ نهر هَذَا قَالَ: هَذَا نهر مصر قلت: هُوَ مَاء قَالَ: هُوَ مَاء يسْقِي الله بِهِ من يَشَاء فِي الدُّنْيَا وَهُوَ فِي الْآخِرَة عسلٌ لأهل الْجنَّة {وَلَهُم فِيهَا من كل الثمرات} يَقُول: فِي الْجنَّة {ومغفرة من رَبهم} يَقُول: لذنوبهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي وَائِل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل يُقَال لَهُ نهيك بن سِنَان ألى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن كَيفَ تقْرَأ هَذَا الْحَرْف أياء تَجدهُ أم الْفَا من مَاء غير ياسن أَو من مَاء غير آسن فَقَالَ لَهُ عبد الله رَضِي الله عَنهُ: وكل الْقُرْآن أحصيت غير هَذَا فَقَالَ أَنِّي لأقرأ الْمفصل فِي رَكْعَة قَالَ: هَذَا كَهَذا الشّعْر إِن قوما يقرأون الْقُرْآن لَا يُجَاوز تراقيهم وَلَكِن الْقُرْآن إِذا وَقع فِي الْقلب فَرسَخ نفع إِنِّي لأعرف النَّظَائِر الَّتِي كَانَ يقْرَأ بِهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن سعد بن طريف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت أَبَا إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ عَن {مَاء غير آسن} قَالَ: سَأَلت عَنْهَا الْحَارِث فَحَدثني أَن المَاء الَّذِي غير آسن تسنيم قَالَ: بَلغنِي أَنه لَا تمسه يَد وَأَنه يَجِيء المَاء هَكَذَا حَتَّى يدْخل فَمه وَالله تَعَالَى أعلم الْآيَات 16 - 19

16

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْمُؤْمِنُونَ والمنافقون يَجْتَمعُونَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيستمع الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُ مَا يَقُول ويعونه ويسمعه المُنَافِقُونَ فَلَا يعونه فَإِذا اخْرُجُوا سَأَلُوا الْمُؤمنِينَ مَاذَا قَالَ آنِفا فَنزلت {وَمِنْهُم من يستمع إِلَيْك} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يدْخلُونَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا خَرجُوا من عِنْده قَالُوا لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: مَاذَا قَالَ آنِفا فَيَقُول: كَذَا وَكَذَا وَكَانَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا من الَّذين أُوتُوا الْعلم وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {حَتَّى إِذا خَرجُوا من عنْدك قَالُوا للَّذين أُوتُوا الْعلم مَاذَا قَالَ آنِفا} قَالَ: أَنا مِنْهُم وَلَقَد سُئِلت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمِنْهُم من يستمع إِلَيْك} قَالَ: هَؤُلَاءِ المُنَافِقُونَ دخل رجلَانِ فَرجل عقل عَن الله وانتفع بِمَا يسمع وَرجل لم يعقل عَن الله وَلم يعه وَلم ينْتَفع بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ {قَالُوا للَّذين أُوتُوا الْعلم مَاذَا قَالَ آنِفا} قَالَ: هُوَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: هُوَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين اهتدوا} الْآيَة أخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن نَاسا من أهل الْكتاب آمنُوا برسلهم وصدقوهم وآمنوا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يبْعَث فَلَمَّا بعث كفرُوا بِهِ فَذَلِك قَوْله {فَأَما الَّذين اسودّت وُجُوههم أكفرتم بعد إيمَانكُمْ} وَكَانَ قوم

من أهل الْكتاب آمنُوا برسلهم وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يبْعَث فَلَمَّا بعث آمنُوا بِهِ فَذَلِك قَوْله {وَالَّذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالَّذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} قَالَ: لما أنزل الْقُرْآن آمنُوا بِهِ فَكَانَ هدى فَلَمَّا تبين النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ زادهم هدى أما قَوْله تَعَالَى: {فَهَل ينظرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَن تأتيهم بَغْتَة فقد جَاءَ أشراطها} أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: دنت السَّاعَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: أول السَّاعَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أشراطها وَأخرج البُخَارِيّ عَن سهل بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا بعثت أَنا والساعة كهاتين وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بعثت أَنا والساعة كهاتين وَأَشَارَ بالسبابة وَالْوُسْطَى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن أبي عرُوبَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَهَل ينظرُونَ إِلَّا السَّاعَة أَن تأتيهم بَغْتَة فقد جَاءَ أشراطها} قَالَ: كَانَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ يَقُول: قد دنت السَّاعَة ودنا مِنْكُم فدَاء ودنا من الله فرَاغ للعباد قَالَ قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب أَصْحَابه بعد الْعَصْر حَتَّى كَادَت الشَّمْس تغرب وَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا أَسف أَي شَيْء قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا مثل مَا مضى من الدُّنْيَا فِيمَا بَقِي مِنْهَا إِلَّا مثل مَا مضى من يومكم هَذَا فِيمَا بَقِي مِنْهُ وَمَا بَقِي مِنْهُ إِلَّا الْيَسِير وَأخرج أَحْمد عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: بعثت أَنا والساعة جَمِيعًا إِن كَادَت تسبقني وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بعثت أَنا والساعة كهاتين

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي جبيرَة بن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بعثت فِي سم السَّاعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم وَيظْهر الْجَهْل وَيشْرب الْخمر وَيظْهر الزِّنَا ويقل الرِّجَال وَيكثر النِّسَاء حَتَّى يكون على خمسين امْرَأَة قيم وَاحِد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بارزاً للنَّاس فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَتى السَّاعَة فَقَالَ: مَا المسؤول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل وَلَكِن سأحدثك عَن أشراطها إِذا ولدت الْأمة ربتها فَذَاك من أشراطها وَإِذا كَانَت الحفاة العراة رعاء الشَّاء رُؤُوس النَّاس فَذَاك من أشراطها وَإِذا تطاول رعاء الْغنم فِي الْبُنيان فَذَاك من أشراطها وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن أَعْرَابِيًا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَتى السَّاعَة فَقَالَ: إِذا ضيعت الْأَمَانَة فانتظر السَّاعَة قَالَ يَا رَسُول الله وَكَيف إضاعتها قَالَ: إِذا وسد الْأَمر إِلَى غير أَهله فانتظر السَّاعَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله مَتى السَّاعَة قَالَ: مَا السَّائِل بِأَعْلَم من المسؤول قَالَ: فَلَو علمتنا أشراطها قَالَ: تقَارب الْأَسْوَاق قلت: وَمَا تقَارب الْأَسْوَاق قَالَ: أَن يشكو النَّاس بَعضهم إِلَى بعض قلَّة إصابتهم وَيكثر ولد الْبَغي وتفشوا الْغَيْبَة ويعظم رب المَال وترتفع أصوات الْفُسَّاق فِي الْمَسَاجِد وَيظْهر أهل الْمُنكر وَيظْهر الْبغاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَشْرَاط السَّاعَة سوء الْجوَار وَقَطِيعَة الْأَرْحَام وَأَن يعطل السَّيْف من الْجِهَاد وَأَن ينتحل الدُّنْيَا بِالدّينِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يكون أسعد النَّاس بالدنيا لكع بن لكع وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لن تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى تصير للكع بن لكع

وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَابْن ماجة عَن عَمْرو بن تغلب رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر وَإِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تقاتلوا قوما عراض الْوُجُوه كَأَن وُجُوههم المجان المطرقة وَأخرج النَّسَائِيّ عَن عَمْرو بن تغلب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يقبض الْعلم ويفشو المَال وتفشو التِّجَارَة وَيظْهر الْقَلَم قَالَ عَمْرو فَإِن كَانَ هَذَا الرجل ليبيع البيع فَيَقُول حَتَّى استأمر تَاجر بني فلَان ويلتمس فِي الحواء الْعَظِيم الْكَاتِب فَلَا يُوجد وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يكون بَين يَدي السَّاعَة أَيَّام فيرفع فِيهَا الْعلم وَينزل فِيهَا الْجَهْل وَيكثر فِيهَا الْهَرج وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عبد الله بن ربيب الجندي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا الْوَلِيد يَا عبَادَة بن الصَّامِت إِذا رَأَيْت الصَّدَقَة كتمت وغلت واستؤجر فِي الْغَزْو وَعمر الخراب وَخرب العامر وَالرجل يتمرس بأمانته كَمَا يتمرس الْبَعِير بِالشَّجَرَةِ فَإنَّك والساعة كهاتين وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ السبابَة وَالَّتِي تَلِيهَا وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتباهى النَّاس فِي الْمَسَاجِد وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتقارب الزَّمَان فَيكون السّنة كالشهر والشهر كَالْجُمُعَةِ وَالْجُمُعَة كَالْيَوْمِ وَالْيَوْم كالساعة والساعة كالضرمة بالنَّار) وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتقارب الزَّمَان فَتكون السّنة كالشهر وَيكون الشَّهْر كَالْجُمُعَةِ وَتَكون الْجُمُعَة كَالْيَوْمِ وَيكون الْيَوْم كالساعة وَتَكون السَّاعَة كاحتراق السعفة وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تعود أَرض الْعَرَب مروجاً وأنهاراً وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يقتل فئتان عظيمتان يكون بَينهم مقتلة عَظِيمَة دعواهما وَاحِدَة

وَحَتَّى يبْعَث دجالون كذابون قريب من ثَلَاثِينَ كلهم يزْعم أَنه رَسُول الله وَحَتَّى يقبض الْعلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزَّمَان وَتظهر الْفِتَن وَيكثر الْهَرج وَهُوَ الْقَتْل وَحَتَّى يكثر فِيكُم المَال فيفيض حَتَّى يهم رب المَال من يقبل صدقته وَحَتَّى يعرضه فَيَقُول الَّذِي يعرضه عَلَيْهِ لَا أرب لي بِهِ وَحَتَّى يَتَطَاوَل النَّاس فِي الْبُنيان وَحَتَّى يمر الرجل بِقَبْر الرجل فَيَقُول يَا لَيْتَني مَكَانَهُ وَحَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا فَإِذا طلعت وَرَآهَا النَّاس آمنُوا أَجْمَعُونَ وَذَلِكَ حِين لَا ينفع إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي ايمانها خيرا وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد نشر الرّجلَانِ ثوبا بَينهمَا فَلَا يتبايعانه وَلَا يطويانه وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد انْصَرف الرجل بِلَبن لقحته فَلَا يطعمهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَهُوَ يليط حَوْضه فَلَا يسْقِي بِهِ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَة وَقد رفعت أَكلته إِلَى فِيهِ فَلَا يطْعمهَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله لَا يحب الْفَاحِش وَلَا الْمُتَفَحِّش وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر الْفُحْش والتفحش وَسُوء الْجوَار وَقَطِيعَة الْأَرْحَام وَحَتَّى يخون الْأمين ويؤتمن الخائن ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا مثل الْمُؤمن مثل النَّخْلَة وَقعت فَأكلت طيبا وَلم تفْسد وَلم تكسر وَمثل الْمُؤمن كَمثل الْقطعَة الذَّهَب الْأَحْمَر أدخلت النَّار فَنفخ عَلَيْهَا وَلم تَتَغَيَّر ووزنت فَلم تنقص وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يمطر النَّاس مَطَرا عامّاً وَلَا تنْبت الأَرْض شَيْئا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: بَين يَدي السَّاعَة كذابون مِنْهُم صَاحب الْيَمَامَة وَصَاحب صنعاء الْعَنسِي وَمِنْهُم صَاحب حمير وَمِنْهُم الدَّجَّال وَهُوَ أعظمهم فتْنَة وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَين يَدي السَّاعَة قريب من ثَلَاثِينَ دجالين كلهم يَقُول أَنا نَبِي أَنا نَبِي وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَيكون فِي أمتِي دجالون كذّابون يأتونكم ببدع من الحَدِيث بِمَا لم تسمعوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم فإياكم وإياهم لَا يفتنونكم

وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَيَكُونن قبل يَوْم الْقِيَامَة الْمَسِيح الدَّجَّال وكذابون ثَلَاثُونَ أَو أَكثر وَأخرج أَبُو يعلى عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن فِي أمتِي لنيفاً وَسبعين دَاعيا كلهم دَاع إِلَى النَّار لَو أَشَاء لأنبأتكم بِأَسْمَائِهِمْ وقبائلهم وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي الْجلاس قَالَ: سَمِعت عليا رَضِي الله عَنهُ يَقُول لعبد الله السبائي لقد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن بَين يَدي السَّاعَة ثَلَاثِينَ كذابا وَإنَّك لأَحَدهم وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون قبل خُرُوج الدَّجَّال ينيف على سبعين دجالًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن بَين يَدي السَّاعَة لستاً وَسبعين دجالًا وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تمطر السَّمَاء مَطَرا لَا يكن مِنْهُ بيُوت الْمدر وَلَا يكن مِنْهُ إِلَّا بيُوت الشّعْر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن الْحسن قَالَ: قَالَ [] عليّ خرجت فِي طلب الْعلم فَقدمت الْكُوفَة فَإِذا أَنا بِعَبْد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَقلت يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن: هَل للساعة من علم تعرب بِهِ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَقَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يكون الْوَلَد غيظاً والمطر قيظاً وَتفِيض الأشرار فيضاً وَيصدق الْكَاذِب ويؤتمن الخائن ويخون الْأمين ويسود كل قَبيلَة وكل سوق فجارهم وتزخرف المحاريب وتخرب الْقُلُوب ويكتفي الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء وَيخرب عمرَان الدُّنْيَا ويعمر خرابها وَتظهر الْفِتْنَة وَأكل الرِّبَا وَتظهر المعازف والكنوز وَشرب الْخمر وَيكثر الشَّرْط والغمازون والهمازون وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اقتراب السَّاعَة اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ خصْلَة إِذْ رَأَيْتُمْ النَّاس أماتوا الصَّلَاة وأضاعوا الْأَمَانَة وأكلوا الرِّبَا وَاسْتَحَلُّوا الْكَذِب واستخفوا بالدماء واستعلوا الْبناء وَبَاعُوا الدّين بالدنيا وتقطعت الْأَرْحَام وَيكون الحكم ضعفا وَالْكذب صدقا وَالْحَرِير لباساً وَظهر الْجور وَكَثْرَة الطَّلَاق وَمَوْت الْفُجَاءَة وائتمن الخائن وخوّن الْأمين

وَصدق الْكَاذِب وَكذب الصَّادِق وَكثر الْقَذْف وَكَانَ الْمَطَر قيظاً وَالْولد غيظاً وفاض اللئام فيضاً وغاض الْكِرَام غيضاً وَكَانَ الْأُمَرَاء والوزراء كذبة والأمناء خونة والعرفاء ظَلَمَة والقراء فَسَقَة إِذا لبسوا مسوك الضَّأْن قُلُوبهم أنتن من الْجِيَف وأمرّ من الصَّبْر يغشيهم الله تَعَالَى فتْنَة يتهاركون (يتهاركون: يَمْشُونَ باختيال وبطىء) فِيهَا تهارك الْيَهُود الظلمَة وَتظهر الصَّفْرَاء يَعْنِي الدَّنَانِير وتطلب الْبَيْضَاء وتكثر الْخَطَايَا ويقل الْأَمْن وحليت الْمَصَاحِف وصورت الْمَسَاجِد وطوّلت المنائر وخرّبت الْقُلُوب وشربت الْخُمُور وعطلت الْحُدُود وَولدت الْأمة ربتها وَترى الحفاة العراة قد صَارُوا ملوكاً وشاركت الْمَرْأَة زَوجهَا فِي التِّجَارَة وتشبه الرِّجَال بِالنسَاء وَالنِّسَاء بِالرِّجَالِ وَحلف بِغَيْر الله وَشهد الْمُؤمن من غير أَن يستشهد وَسلم للمعرفة وتفقه لغير دين الله وَطلب الدُّنْيَا بِعَمَل الْآخِرَة وَاتخذ الْمغنم دولاً وَالْأَمَانَة مغنماً وَالزَّكَاة مغرماً وَكَانَ زعيم الْقَوْم أرذلهم وعق الرجل أَبَاهُ وجفا أمه وضر صديقه وأطاع امْرَأَته وعلت أصوات الفسقة فِي الْمَسَاجِد وَاتخذ الْقَيْنَات وَالْمَعَازِف وشربت الْخُمُور فِي الطّرق وَاتخذ الظُّلم فخراً وَبيع الحكم وَكَثُرت الشَّرْط وَاتخذ الْقُرْآن مَزَامِير وجلود السبَاع خفافاً وَلعن آخر هَذِه الْأمة أَولهَا فليرتقبوا عِنْد ذَلِك ريحًا حَمْرَاء وخسفاً ومسخاً وقذفاً وآيات وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنهم سَأَلُوا مَتى السَّاعَة فَقَالَ: لقد سَأَلْتُمُونِي عَن أَمر مَا يُعلمهُ جِبْرِيل وَلَا مِيكَائِيل وَلَكِن إِن شِئْتُم أنبأتكم بأَشْيَاء إِذا كَانَت لم يكن للساعة كثير لبث إِذا كَانَت الألسن لينَة والقلوب جنادل وَرغب النَّاس فِي الدُّنْيَا وَظهر الْبناء على وَجه الأَرْض وَاخْتلف الإِخوان فَصَارَ هواهما شَتَّى وَبيع حكم الله بيعا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن من اقتراب السَّاعَة أَن يظْهر الْبناء على وَجه الأَرْض وَأَن تقطع الْأَرْحَام وَأَن يُؤْذِي الْجَار جَاره وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن من أَشْرَاط

السَّاعَة أَن يظْهر الْفُحْش والتفحش وَسُوء الْخلق وَسُوء الْجوَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر بن الْعَاصِ قَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يظْهر القَوْل ويخزن الْعَمَل ويرتفع الأشرار وَيُوضَع الأخيار وَيقْرَأ المثاني عَلَيْهِم فَلَا يعيها أحد مِنْهُم قلت: مَا المثاني قَالَ: كل كتاب سوى كتاب الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن رَجَاء بن حَيْوَة قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا تحمل النَّخْلَة إِلَّا تَمْرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قيس قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقوم رَأس الْبَقَرَة بالأوقية وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الوداك قَالَ: من اقتراب السَّاعَة انتفاخ الإِهلّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اقتراب السَّاعَة أَن يرى الْهلَال قبلا فَيُقَال ابْن لَيْلَتَيْنِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اقتراب السَّاعَة أَن يرى الْهلَال قبلا فَيُقَال ابْن لَيْلَتَيْنِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: إِن بَين يَدي السَّاعَة أَيَّامًا ينزل فِيهَا الْجَهْل وَيرْفَع الْعلم حَتَّى يقوم الرجل إِلَى أمه فيكربها بِالسَّيْفِ من الْجَهْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان يَجْتَمعُونَ وَيصلونَ فِي الْمَسَاجِد وَلَيْسَ فيهم مُؤمن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يصير الْعلم جهلا وَالْجهل علما وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان يجد النسْوَة نعلا ملقى على الطَّرِيق فَيَقُول بَعضهنَّ لبَعض قد كَانَت هَذِه النعلة مرّة لرجل وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قيل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَتى السَّاعَة فزبره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا صلى الْفجْر رفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقَالَ: تبَارك خَالِقهَا ورافعها ومبدلها وطاويها كطي السّجل للْكتاب ثمَّ تطلع إِلَى الأَرْض فَقَالَ تبَارك خَالِقهَا وواضعها ومبدلها وطاويها كطي السّجل للْكتاب ثمَّ قَالَ: أَيْن السَّائِل عَن السَّاعَة فَجَثَا رجل من آخر الْقَوْم على رُكْبَتَيْهِ فَإِذا هُوَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عِنْد حيف الْأَئِمَّة وَتَكْذيب بِالْقدرِ وإيمان بالنجوم وَقوم يتخذون الْأَمَانَة مغنماً وَالزَّكَاة مغرماً والفاحشة زِيَارَة فَسَأَلته عَن الْفَاحِشَة زِيَارَة فَقَالَ: الرّجلَانِ من أهل الْفسق يصنع أَحدهمَا طَعَاما وَشَرَابًا

ويأتيه بِالْمَرْأَةِ فَيَقُول اصنعي لي كَمَا صنعت فيتزاورون على ذَلِك قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِك هَلَكت أمتِي يَا ابْن الْخطاب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون السَّلَام على الْمعرفَة وَحَتَّى تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقاً لَا يسْجد لله فِيهَا حَتَّى يُجَاوز وَحَتَّى يبْعَث الْغُلَام بالشيخ بريداً بَين الأفقين وَحَتَّى ينْطَلق الْفَاجِر إِلَى الأَرْض النامية فَلَا يجد فضلاًّ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: حج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّة الْوَدَاع ثمَّ أَخذ بِحَلقَة بَاب الْكَعْبَة قَالَ: أَيهَا النَّاس أَلا أخْبركُم بأشراط السَّاعَة فَقَامَ إِلَيْهِ سلمَان رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: أخبرنَا فدَاك أبي وَأمي يَا رَسُول الله قَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة إِضَاعَة الصَّلَاة والميل مَعَ الْهوى وتعظيم رب المَال فَقَالَ سلمَان: وَيكون هَذَا يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ فَعِنْدَ ذَلِك يَا سلمَان تكون الزَّكَاة مغرماً والفيء مغنماً وَيصدق الْكَاذِب ويكذب الصَّادِق ويؤتمن الخائن ويخون الْأمين وَيتَكَلَّم الرويبضة قَالَ: وَمَا الرويبضة قَالَ: يتَكَلَّم فِي النَّاس من لم يتَكَلَّم وينكر الْحق تِسْعَة أعشارهم وَيذْهب الإِسلام فَلَا يبْقى إِلَّا اسْمه وَيذْهب الْقُرْآن فَلَا يبْقى إِلَّا رسمه وتحلى الْمَصَاحِف بِالذَّهَب وتتسمن ذُكُور أمتِي وَتَكون المشورة للإِماء ويخطب على المنابر الصّبيان وَتَكون المخاطبة للنِّسَاء فَعِنْدَ ذَلِك تزخرف الْمَسَاجِد كَمَا تزخرف الْكَنَائِس وَالْبيع وتطول المنائر وتكثر الصُّفُوف مَعَ قُلُوب متباغضة وألسن مُخْتَلفَة وَأَهْوَاء جمة قَالَ سلمَان: وَيكون ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يكون الْمُؤمن فيهم أذلّ من الْأمة يذوب قلبه فِي جَوْفه كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء مِمَّا يرى من الْمُنكر فَلَا يَسْتَطِيع أَن يُغَيِّرهُ ويكتفي الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء ويغار على الغلمان كَمَا يغار على الْجَارِيَة الْبكر فَعِنْدَ ذَلِك يَا سلمَان يكون أُمَرَاء فسقة ووزراء فجرة وأمناء خونة يضيعون الصَّلَوَات ويتبعون الشَّهَوَات فَإِن أدركتموهم فصلوا صَلَاتكُمْ لوَقْتهَا عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يجي سبي من الْمشرق وَسبي من الْمغرب جثاؤهم جثاء النَّاس وَقُلُوبهمْ قُلُوب الشَّيَاطِين لَا يرحمون صَغِيرا وَلَا يوقرون كَبِيرا

عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يحجّ النَّاس إِلَى هَذَا الْبَيْت الْحَرَام تحج مُلُوكهمْ لهواً وتنزهاً وأغنياؤهم للتِّجَارَة ومساكينهم للمسألة وقراؤهم رِيَاء وَسُمْعَة قَالَ: وَيكون ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يفشوا الْكَذِب وَيظْهر الْكَوْكَب لَهُ الذَّنب وتشارك الْمَرْأَة زَوجهَا فِي التِّجَارَة وتتقارب الْأَسْوَاق قَالَ: وَمَا تقاربها قَالَ: كسادها وَقلة أرباحها عِنْد ذَلِك يَا سلمَان يبْعَث الله ريحًا فِيهَا حيات صفر فتلتقط رُؤَسَاء الْعلمَاء لما رَأَوْا الْمُنكر فَلم يغيروه قَالَ: وَيكون ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَالَّذِي بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَالله لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يَلِي عَلَيْكُم من لَا يزن عشر بعوضة يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَلامَة بنت الْحر قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَأْتِي على النَّاس زمَان يقومُونَ سَاعَة لَا يَجدونَ إِمَامًا يُصَلِّي بهم وَأخرج أَحْمد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَيَّام الدَّجَّال سِنِين خداعة يكذب فِيهَا الصَّادِق وَيصدق فِيهَا الْكَاذِب ويخون فِيهَا الْأمين ويؤتمن فِيهَا الخائن وَيتَكَلَّم فِيهَا الرويبضة قيل: وَمَا الرويبضة قَالَ: الْفَاسِق يتَكَلَّم فِي أَمر الْعَامَّة وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قبل السَّاعَة سنُون خداعة يكذب فِيهَا الصَّادِق وَيصدق فِيهَا الْكَاذِب ويخون فِيهَا الْأمين ويؤتمن فِيهَا الخائن وينطق بهَا الرويبضة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والضياء عَن بُرَيْدَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أمتِي يَسُوقهَا قوم اعراض الْوُجُوه صغَار الْأَعْين كَأَن وُجُوههم الحجف ثَلَاث مرار حَتَّى يلحوقهم بِجَزِيرَة الْعَرَب أما السَّابِقَة الأولى فينجو من هرب مِنْهُم وَإِمَّا الثَّانِيَة فَيهْلك بعض وينجو بعض وَأما الثَّالِثَة فيصطلمون كلهم من بَقِي مِنْهُم قَالُوا يَا رَسُول الله: من هم قَالَ: هم التّرْك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يتسافد النَّاس فِي الطّرق تسافد الْحمر وَفِي لفظ: حَتَّى يتهارجون فِي الطّرق تهارج الْحمر فيأتيهم إِبْلِيس فيصرفهم إِلَى عبَادَة الْأَوْثَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:

لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما نعَالهمْ الشّعْر وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تقاتلوا قوما صغَار الْأَعْين ذلف الْأنف كَأَن وُجُوههم المجانّ الْمُطَرَّقَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن النَّاس كَانُوا يسْأَلُون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْخَيْر وَكنت أسأله عَن الشَّرّ كَيْمَا أعرفهُ فأتقيه قلت يَا رَسُول الله: أَرَأَيْت هَذَا الْخَيْر الَّذِي أَعْطَانَا الله يكون بعده شَرّ قَالَ: نعم قلت: فَمَا الْعِصْمَة من ذَلِك قَالَ: السَّيْف قلت: وَهل للسيف من بَقِيَّة قَالَ: نعم قلت: ثمَّ مَاذَا قَالَ: ثمَّ على دخن جمَاعَة على فِرْيَة فَإِن كَانَ يَوْمئِذٍ لله خَليفَة ضرب ظهرك وَأخذ مَالك فاسمع وأطع وَإِلَّا فمت عاضّاً بجذل شَجَرَة قلت: ثمَّ مَاذَا قَالَ: يخرج الدَّجَّال وَمَعَهُ نهر ونار فَمن وَقع فِي ناره وَقع وَحط وزره وَمن وَقع فِي نهره وَجب وزره وَحط أجره قلت: ثمَّ مَاذَا قَالَ: ثمَّ إِنَّمَا هِيَ قيام السَّاعَة وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض الله الله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض الله الله وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُقَال فِي الأَرْض الله الله وَحَتَّى تمر الْمَرْأَة بِقِطْعَة النَّعْل فَتَقول: قد كَانَ لهَذِهِ رجل مرّة وَحَتَّى يكون الرجل قيم خمسين امْرَأَة وَحَتَّى تمطر السَّمَاء وَلَا تنْبت الأَرْض وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة على رجل يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله وَيَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر) وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يبْقى على وَجه الأَرْض أحد لله فِيهِ حَاجَة وَحَتَّى تُؤْخَذ الْمَرْأَة نَهَارا جهاراً تُنْكحُ وسط الطَّرِيق لَا يُنكر ذَلِك أحد فَيكون أمثلهم الَّذِي يَقُول: لَو نحيتها عَن الطَّرِيق قَلِيلا فَذَاك فيهم مثل أبي بكر وَعمر فِيكُم وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن علْبَاء السّلمِيّ مَرْفُوعا: لَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على حثالة النَّاس

وَأخرج أَحْمد وَمُسلم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ لَا يدركني زمَان لَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار النَّاس وَأخرج أَحْمد عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ لَا يدركني زمَان وَلَا تدركون زَمَانا لَا يتبع فِيهِ الْعَلِيم وَلَا يستحيا من الْحَلِيم قُلُوبهم قُلُوب الْأَعَاجِم وألسنتهم أَلْسِنَة الْعَرَب وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تضطرب اليات نسَاء دوس على ذِي الخلصة وَذُو الخلصة طاغية دوس الَّتِي كَانُوا يعْبدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عمر قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تضطرب اليات نسَاء حول الْأَصْنَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن تعزب الْعُقُول وتنقص الأحلام وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ يُقَال من اقتراب السَّاعَة موت الْفجأَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: من أَشْرَاط السَّاعَة موت البدار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كُنَّا نتحدث أَنه سَيَأْتِي على النَّاس زمَان خير أَهله الَّذِي يرى الْخَيْر فيجانبه قَرِيبا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن طَلْحَة بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة هَلَاك الْعَرَب وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تتَّخذ الْمَسَاجِد طرقاً وَحَتَّى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة وَحَتَّى تتجر الْمَرْأَة وَزوجهَا وَحَتَّى تغلو الْخَيل وَالنِّسَاء ثمَّ ترخص فَلَا تغلو إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَين يَدي السَّاعَة تَسْلِيم الْخَاصَّة وفشو التِّجَارَة حَتَّى تعين الْمَرْأَة زَوجهَا على التِّجَارَة وَقطع الْأَرْحَام وفشو الْقَلَم وَظُهُور الشَّهَادَة بالزور وكتمان شَهَادَة الْحق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود: سَمِعت رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يمر الرجل فِي الْمَسْجِد لَا يُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ وَأَن لَا يسلم الرجل إِلَّا على من يعرفهُ وَأَن يبرد الصَّبِي الشَّيْخ لفقره وَأَن تتطاول الحفاة العراة رُعَاة الشَّاء فِي الْبُنيان وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يَأْخُذ الله شريطته من أهل الأَرْض فَيبقى مِنْهَا عجاج لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا وَلَا يُنكرُونَ مُنْكرا وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن طَالَتْ بك مُدَّة يُوشك أَن ترى قوما يَغْدُونَ فِي سخط الله وَيَرُوحُونَ فِي لعنته فِي أَيْديهم مثل أَذْنَاب الْبَقر وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا يكون فِي آخر هَذِه الْأمة رجال يركبون على المياثر حَتَّى يَأْتُوا أَبْوَاب الْمَسَاجِد نِسَاؤُهُم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت الْعِجَاف العنوهن فَإِنَّهُنَّ ملعونات لَو كَانَت وراءكم أمة من الْأُمَم لخدمتهم كَمَا خدمكم نسَاء الْأُمَم قبلكُمْ فَقلت لأبي: وَمَا المياثر قَالَ: سروجٌ عِظَام وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا: يخرج فِي هَذِه الْأمة فِي آخر الزَّمَان رجال مَعَهم سياط كَأَنَّهَا أَذْنَاب الْبَقر يَغْدُونَ فِي سخط الله وَيَرُوحُونَ فِي لعنته وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَا تَنْقَضِي هَذِه الدُّنْيَا حَتَّى يَقع بهم الْخَسْف وَالْمَسْخ وَالْقَذْف قَالُوا: وَمَتى ذَاك يَا نَبِي الله قَالَ: إِذا رَأَيْت النِّسَاء ركبن السُّرُوج وَكَثُرت الْقَيْنَات وَشهد شَهَادَات الزُّور وَشرب المصلون فِي آنِية أهل الشّرك الذَّهَب وَالْفِضَّة وَاسْتغْنى الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء فاستبدروا واستعدوا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يزْدَاد الْأَمر إِلَّا شدَّة وَلَا المَال إِلَّا إفَاضَة وَلَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار خلقه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا رَجعْنَا تعجل نَاس فَدَخَلُوا الْمَدِينَة فَسَأَلَ عَنْهُم

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبر أَنهم تعجلوا الْمَدِينَة فَقَالَ: يُوشك أَن يدعوها أحسن مَا كَانَت لَيْت شعري مَتى تخرج نَار من جبل الْوراق يضيء لَهَا أَعْنَاق البخت ببصرى يروها كضوء النَّهَار وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن رَافع بن بشر السّلمِيّ عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تخرج نَار من حبس سيل تسير بِطيبَة تكمن بِاللَّيْلِ وتسير بِالنَّهَارِ تَغْدُو وَتَروح يُقَال غَدَتْ النَّار أَيهَا النَّاس فاغدوا قَالَت النَّار أَيهَا النَّاس فقيلوا راحت النَّار فروحوا من أَدْرَكته أَكلته وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي البداح بن عَاصِم الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ بِسَنَد ضَعِيف قَالَ: سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدثان مَا قدم فَقَالَ: أَيْن حبس سيل قُلْنَا: لَا نَدْرِي فَمر بِي رجل من بني سليم فَقلت: من أَيْن جِئْت قَالَ: من حبس سيل فَأتيت فَقلت يَا رَسُول الله: إِن هَذَا الرجل يخبر أَن أَهله بِحَبْس سيل فَسَأَلَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: أخر أهلك فَإِنَّهُ يُوشك ان تخرج مِنْهُ نَار تضيء أَعْنَاق الإِبل ببصرى وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تخرج نَار بِأَرْض الْحجاز تضيء مِنْهَا أَعْنَاق الإِبل ببصرى وَأخرج أَحْمد وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن معَاذ بن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تزَال الْأمة على شَرِيعَة مَا لم يظْهر فيهم ثَلَاث: مَا لم يقبض مِنْهُم الْعلم وَيكثر ولد الْخبث وَيظْهر فيهم السقارون قَالُوا: وَمَا السقارون قَالَ: بشر يكونُونَ فِي آخر الزَّمَان تكون تحيتهم بَينهم إِذا تلاقوا التلاعن وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تكْثر الصَّوَاعِق عِنْد اقتراب السَّاعَة فَيُصْبِح الْقَوْم فَيَقُولُونَ: من صعق البارحة فَيَقُولُونَ: صعق فلَان وَفُلَان وَأخرج الْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى لَا يُحج الْبَيْت وَأخرج الْحَاكِم صَححهُ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون فِي أمتِي خَليفَة يحثي المَال حثا لَا يعده عدا ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليعودن الْأَمر كَمَا بَدَأَ ليعودن كل إِيمَان إِلَى الْمَدِينَة كَمَا بَدَأَ بهَا حَتَّى يكون كل إِيمَان بِالْمَدِينَةِ ثمَّ قَالَ: لَا يخرج رجل من الْمَدِينَة رَغْبَة عَنْهَا إِلَّا أبدلها الله خيرا مِنْهُ

وليسمعن نَاس برخص من أسعار وزيف فيتبعونه وَالْمَدينَة خير لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لتركبن سنَن من كَانَ قبلكُمْ شبْرًا بشبر وذراعاً بِذِرَاع حَتَّى لَو أَن أحدهم دخل حجر ضبّ لدخلتم وَحَتَّى لَو أَن أحدهم جَامع امْرَأَته بِالطَّرِيقِ لفعلتموه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَيَأْتِي على أمتِي زمَان يكثر فِيهِ الْقُرَّاء وتقل الْفُقَهَاء ويقل الْعلم وَيكثر الْهَرج قَالُوا وَمَا الْهَرج يَا رَسُول الله قَالَ: الْقَتْل بَيْنكُم ثمَّ يَأْتِي بعد ذَلِك زمَان يقْرَأ الْقُرْآن رجال لَا يُجَاوز تراقيهم ثمَّ يَأْتِي بعد ذَلِك زمَان يحاول الْمُنَافِق الْكَافِر الْمُشرك بِاللَّه الْمُؤمن بِمثل مَا يَقُول) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تكلم السبَاع الإِنسان وَحَتَّى تكلم الرجل عذبة سَوْطه وشراك نَعله ويخبره فَخذه بِمَا أحدث أَهله من بعده وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يكون فتْنَة فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون أُخْرَى فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون أُخْرَى فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون أُخْرَى فَيقوم لَهَا رجال فيضربون خيشومها حَتَّى تذْهب ثمَّ تكون الْخَامِسَة وَهِي مُجَللَة تَنْشَق فِي الأَرْض كَمَا ينشق المَاء وَأخرج مُسلم عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وَالله إِنِّي لأعْلم النَّاس بِكُل فتْنَة كائنة فِيمَا بيني وَبَين السَّاعَة وَمَا بِي أَن لَا يكون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أسر إِلَيّ فِي ذَلِك شَيْئا لم يحدثه غَيْرِي وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ يحدث مَجْلِسا أَنا فِيهِ عَن الْفِتَن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يعد الْفِتَن: مِنْهُنَّ ثَلَاث لَا يكدن يذرن شَيْئا ومنهن فتن كرياح الصَّيف مِنْهَا صغَار وَمِنْهَا كبار قَالَ حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ: فَذهب أُولَئِكَ الرَّهْط غَيْرِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يكون فِي هَذِه الْأمة أَربع فتن آخرهَا الْغناء وَأخرج أَحْمد وَأَبُو الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا

قَالَ: كُنَّا قعُودا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الْفِتَن فَأكْثر فِي ذكرهَا حَتَّى ذكر فتْنَة الأحلاس فَقَالَ قَائِل يَا رَسُول الله: وَمَا فتْنَة الأحلاس قَالَ: هِيَ فتْنَة حَرْب وهرب ثمَّ فتْنَة السَّرَّاء دخنها من تَحت قدمي رجل من أهل بَيْتِي يزْعم أَنه نَبِي وَلَيْسَ مني إِنَّمَا أوليائي المتقون ثمَّ يصطلح النَّاس على رجل كورك على ضلع ثمَّ فتْنَة الدهيماء لَا تدع أحدا من هَذِه الْأمة إِلَّا لطمته حَتَّى إِذا قيل انْقَضتْ عَادَتْ يصبح الرجل فِيهَا مُؤمنا ويمسي كَافِرًا حَتَّى يصير النَّاس إِلَى فسطاطين فسطاط إِيمَان لَا نفاق فِيهِ وفسطاط نفاق لَا إِيمَان فِيهِ فَإِذا كَانَ ذاكم فانظروا الدَّجَّال من يَوْمه أَو من غده وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فنزلنا منزلا فمنا من يضْرب خباءه وَمنا من ينتضل إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الصَّلَاة جَامِعَة فانتهيت إِلَيْهِ وَهُوَ يخْطب النَّاس وَيَقُول: أَيهَا النَّاس إِنَّه لم يكن نَبِي قبلي إِلَّا كَانَ حَقًا عَلَيْهِ أَن يدل أمته على مَا يُعلمهُ خيرا لَهُم وَيُنْذرهُمْ مَا يُعلمهُ شرا لَهُم الا وان عَافِيَة هَذِه الْأمة فِي أَولهَا وسيصيب آخرهَا بلَاء وَفتن يرفق بَعْضهَا بَعْضًا تَجِيء الْفِتْنَة فَيَقُول الْمُؤمن هَذِه تهلكني ثمَّ تنكشف ثمَّ تَجِيء فَيَقُول هَذِه وَهَذِه ثمَّ تَجِيء فَيَقُول هَذِه وَهَذِه ثمَّ تنكشف فَمن أحب أَن يزحزح عَن النَّار وَيدخل الْجنَّة فلتدركه منيته وَهُوَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَيَأْتِي إِلَى النَّاس مَا يحب أَن يُؤْتى إِلَيْهِ وَمن بَايع إِمَامًا فَأعْطَاهُ صَفْقَة يَده وَثَمَرَة قلبه فليطعه مَا اسْتَطَاعَ وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم عَن العداء بن خَالِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ قَامَ قومة لَهُ كَأَنَّهُ مفزع ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ: أحذركم الدجالين الثَّلَاث فَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله أخبرتنا عَن الدَّجَّال الْأَعْوَر وَعَن أكذب الْكَذَّابين فَمن الثَّالِث قَالَ: رجل يخرج فِي قوم أَوَّلهمْ مثبور وَآخرهمْ مثبور عَلَيْهِم اللَّعْنَة دائبة فِي فتْنَة الجارفة وَهُوَ الدَّجَّال الأكيس يَأْكُل عباد الله قَالَ مُحَمَّد: وَهُوَ أبعد النَّاس من سنَنه قَالَ الذَّهَبِيّ: الحَدِيث مُنكر بِمرَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر بن سَمُرَة مَرْفُوعا ليفتحن لكم كنوز كسْرَى الْأَبْيَض أَو الَّذِي فِي الْأَبْيَض عِصَابَة من الْمُسلمين وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا تكون هدة فِي شهر

رَمَضَان توقظ النَّائِم وتفزع الْيَقظَان ثمَّ تظهر عِصَابَة فِي شَوَّال ثمَّ مقمعَة فِي ذِي الْحجَّة تنتهك الْمَحَارِم ثمَّ يكون موت فِي صفر ثمَّ تتنازل الْقَبَائِل فِي ربيع ثمَّ الْعجب كل الْعجب بَين جُمَادَى وَرَجَب ثمَّ فِي الْمحرم نَاقَة مقتبة خير من دسكرة تقل مائَة ألف قَالَ الْحَاكِم: غَرِيب الْمَتْن وَقَالَ الذَّهَبِيّ: مَوْضُوع وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: شَيْطَان الردهة يحتدره رجل من بجيلة يُقَال لَهُ الْأَشْهب أَو ابْن الْأَشْهب راعي الْخَيل غُلَامه فِي الْقَوْم الظلمَة قَالَ الذَّهَبِيّ مَا أبعده من الصِّحَّة وَأنْكرهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أَرقم بن يَعْقُوب قَالَ: سَمِعت عبد الله رَضِي الله عَنهُ يَقُول: كَيفَ أَنْتُم إِذا أخرجتم من أَرْضكُم هَذِه إِلَى جَزِيرَة الْعَرَب ومنابت الشيح قلت: من يخرجنا قَالَ: عَدو الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَأَنِّي أَرَاهُم [] مسر آذان خيلهم وأبطيها بحافتي الْفُرَات وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن معيقيب ونعيم بن حَمَّاد عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا لن تفنى أمتِي حَتَّى يظْهر فيهم التمايز والتمايل والمقامع قلت يَا رَسُول الله: مَا التمايز قَالَ: عصبية يظهرها النَّاس بعدِي فِي الإِسلام قلت: فَمَا التمايل قَالَ: تميل الْقَبِيلَة على الْقَبِيلَة فتستحل حرمتهَا قلت: فَمَا المقامع قَالَ: تسير الْأَحْبَار بَعْضهَا إِلَى بعض تخْتَلف أعناقها فِي الْحَرْب وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا وَقعت الْمَلَاحِم خرج بعث من الموَالِي من دمشق هم أكْرم الْعَرَب فرسا وأجودهم سِلَاحا يُؤَيّد الله بهم هَذَا الدّين وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ: سَتَكُون فتْنَة تحصل النَّاس مِنْهَا كَمَا يحصل الذَّهَب فِي الْمَعْدن فَلَا تسبوا أهل الشَّام وَسبوا ظَلَمَتَهُمْ فَإِن فيهم الأبدال وسيرسل الله سيباً من السَّمَاء فيغرقهم حَتَّى لَو قَاتلهم الثعالب غلبتهم ثمَّ يبْعَث الله عِنْد ذَلِك رجلا من عترة الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي إثني عشر ألفا إِن قلوا أَو خَمْسَة عشر ألفا إِن كَثُرُوا أمارتهم أَن علامتهم أمت أمت على ثَلَاث رايات يقاتلهم أهل سبع رايات لَيْسَ من صَاحب راية إِلَّا وَهُوَ

يطْمع فِي الْملك فيقتلون ويهزمون ثمَّ يظْهر الْهَاشِمِي فيردّ الله على النَّاس إلفتهم ونعمتهم فيكونون على ذَلِك حَتَّى يخرج الدَّجَّال وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي عَن جُبَير بن نفير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لتستصعبن الأَرْض بِأَهْلِهَا حَتَّى لَا يكون على ظهرهَا أهل بَيت مَدَر وَلَا وبر وليبتلين آخر هَذِه الْأمة بالرجف فَإِن تَابُوا تَابَ عَلَيْهِم وَإِن عَادوا عَاد الله عَلَيْهِم بالرجف وَالْقَذْف وَالْمَسْخ وَالصَّوَاعِق وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أبشركم بالمهدي يَبْعَثهُ الله فِي أمتِي على اخْتِلَاف من الزَّمَان وزلازل فَيمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت جوراً وظلماً ويرضى عَنهُ ساكنو السَّمَاء وساكنو الأَرْض يقسم الأَرْض ضحاحاً فَقَالَ لَهُ رجل: مَا ضحاحا قَالَ: بِالسَّوِيَّةِ بَين النَّاس ويملأ قُلُوب أمة مُحَمَّد غنى ويسعهم عدله حَتَّى يَأْمر مُنَاد يُنَادي يَقُول: من كَانَت لَهُ فِي مَال حَاجَة فَمَا يقوم من الْمُسلمين إِلَّا رجلٌ وَاحِد فَيَقُول: ائْتِ السادن يَعْنِي الخازن فَقل لَهُ: إِن المهديّ يَأْمُرك أَن تُعْطِينِي مَالا فَيَقُول لَهُ: أحث حَتَّى إِذا جعله فِي حجره وأبرزه نَدم فَيَقُول: كنت أجشع أمة مُحَمَّد نفسا إِذْ عجز عني مَا وسعهم قَالَ: فَيرد فَلَا يقبل مِنْهُ فَيُقَال لَهُ: إِنَّا لَا نَأْخُذ شَيْئا أعطيناه فَيكون كَذَلِك سبع سِنِين أَو ثَمَان سِنِين أَو تسع سِنِين ثمَّ لَا خير فِي الْعَيْش بعده قَالَ: ثمَّ لَا خير فِي الْحَيَاة بعده وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يملك الأَرْض رجل من أهل بَيْتِي أَجلي أقنى وَلَفظ أبي دَاوُد: الْمهْدي مني أجلى الْجَبْهَة أقنى الْأنف يمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت قبله ظلما وجوراً يكون سبع سِنِين وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يخرج الْمهْدي فِي أمتِي خمْسا أَو سبعا - شكّ أَبُو الْجُورِي - قُلْنَا: أَي شَيْء قَالَ: سِنِين ثمَّ ترسل السَّمَاء عَلَيْهِم مدراراً وَلَا تدخر الأَرْض من نباتها شَيْئا وَيكون المَال كردساً يَجِيء الرجل إِلَيْهِ فَيَقُول يَا مهْدي أَعْطِنِي أَعْطِنِي فيحثي لَهُ فِي ثَوْبه مَا اسْتَطَاعَ أَن يحمل وَأخرج أَحْمد وَمُسلم: يكون فِي آخر الزَّمَان خَليفَة يقسم المَال وَلَا يعده

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يخرج فِي آخر الزَّمَان خَليفَة يُعْطي الْحق بِغَيْر عدد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يخرج رجل من أهل بَيْتِي عِنْد انْقِطَاع من الزَّمَان وَظُهُور من الْفِتَن يكون عطاؤه حثياً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لبعث الله رجلا منا يملؤها عدلا كَمَا ملئت جوراً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن ماجة عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمهْدي منا أهل الْبَيْت يصلحه الله فِي لَيْلَة وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي إِسْحَق قَالَ: قَالَ عَليّ وَنظر إِلَى ابْنه الْحسن فَقَالَ: إِن ابْني هَذَا سيد كَمَا سَمَّاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسيخرج من صلبه رجل يُسمى باسم نَبِيكُم يُشبههُ فِي الْخلق وَلَا يُشبههُ فِي الْخلق يمْلَأ الأَرْض عدلا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لطوّل الله ذَلِك الْيَوْم حَتَّى يبْعَث فِيهِ رجل مني أَو من أهل بَيْتِي وَفِي لفظ لَا تذْهب الْأَيَّام والليالي حَتَّى يملك الْعَرَب رجل من أهل بَيْتِي يواطىء اسْمه اسْمِي وَاسم أَبِيه اسْم أبي يمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت ظلما وجوراً وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو لم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا يَوْم لطوّل الله ذَلِك الْيَوْم حَتَّى يَلِي رجل من أهل بَيْتِي يواطئ اسْمه اسْمِي وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن ام سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْمهْدي من عِتْرَتِي من ولد فَاطِمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن ام سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يكون اخْتِلَاف عِنْد موت خَليفَة فَيخرج رجل من أهل الْمَدِينَة هَارِبا إِلَى مَكَّة فيأتيه نَاس من أهل الْمَدِينَة فيخرجونه وَهُوَ كَارِه فيبايعونه بَين الرُّكْن وَالْمقَام وَيبْعَث إِلَيْهِ بعث من الشَّام فيخسف بهم بِالْبَيْدَاءِ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة

فَإِذا رأى النَّاس ذَلِك أَتَاهُ إِبْدَال الشَّام وعصائب أهل الْعرَاق فيبايعونه ثمَّ ينشأ رجل من قُرَيْش اخواله كلب فيبعث إِلَيْهِم بعثاً فيظهرون عَلَيْهِم فَذَلِك بعث كلب والخيبة لمن لم يشْهد غنيمَة كلب فَيقسم المَال وَيعْمل فِي النَّاس سنة نَبِيّهم ويلقى الْإِسْلَام بجرانه إِلَى الأَرْض فيلبث سِنِين ثمَّ يتوفى وَيُصلي عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ أقبل فتية من بني هَاشم فَلَمَّا رَآهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اغرورقت عَيناهُ وَتغَير لَونه فَقلت: مَا تزَال ترى فِي وَجهك شَيْئا نكرهه فَقَالَ: إِنَّا أهل بَيت اخْتَار لنا الْآخِرَة على الدُّنْيَا وَإِن أهل بَيْتِي سيلقون بعدِي بلَاء وتشريداً وتطريداً حَتَّى يَأْتِي قوم من قبل الْمشرق مَعَهم رايات سود فَيسْأَلُونَ الْخَيْر فَلَا يُعْطونَهُ فيقاتلون فَيُنْصَرون فيعطون مَا سَأَلُوا فَلَا يقبلونه حَتَّى يدفعوها إِلَى رجل من أهل بَيْتِي فيملؤوها قسطا كَمَا ملؤوها جوراً فَمن أدْرك ذَلِك مِنْكُم فليأتهم وَلَو حبواً على الثَّلج وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يقتتل عِنْد كنزكم ثَلَاثَة كلهم ابْن خَليفَة ثمَّ لَا يصير إِلَى وَاحِد مِنْهُم ثمَّ تطلع الرَّايَات السود من قبل الْمشرق فيقاتلونكم قتالاً لم يقاتله قوم ثمَّ ذكر شَيْئا لَا أحفظه قَالَ: فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فتابعوه وَلَو حَبْواً على الثَّلج فَإِنَّهُ خَليفَة الله الْمهْدي وَأخرج التِّرْمِذِيّ ونعيم بن حَمَّاد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ينزل بأمتي فِي آخر الزَّمَان بلَاء شَدِيد من سلطانهم حَتَّى تضيق عَلَيْهِم الأَرْض فيبعث الله رجلا من عِتْرَتِي فَيمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً كَمَا ملئت ظلما وجوراً يرضى عَنهُ سَاكن السَّمَاء وَسَاكن الأَرْض لَا تدخر الأَرْض من بذرها شَيْئا إِلَّا أخرجته وَلَا السَّمَاء شَيْئا من قطرها إِلَّا صبته يعِيش فيهم سبع سِنِين أَو ثَمَان أَو تسع وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْمهْدي لَا يخرج حَتَّى يقتل النَّفس الزكية فَإِذا قتلت النَّفس الزكية غضب عَلَيْهِم من فِي السَّمَاء وَمن فِي الأَرْض فَأتى النَّاس الْمهْدي فزفوه كَمَا تزف الْعَرُوس إِلَى زَوجهَا لَيْلَة عرسها وَهُوَ يمْلَأ الأَرْض قسطاً وعدلاً وَتخرج الأَرْض نباتها وتمطر السَّمَاء مطرها وتنعم أمتِي فِي ولَايَته نعْمَة لَا تنعمها قطّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْجلد قَالَ: تكون فتْنَة بعْدهَا فتْنَة أَلا وَفِي الْآخِرَة كثمرة السَّوْط يتبعهَا ذُبَاب السَّيْف ثمَّ يكون بعد ذَلِك فتْنَة تُسْتَحَلُّ فِيهَا

الْمَحَارِم كلهَا ثمَّ يَأْتِي الْخلَافَة خير أهل الأَرْض وَهُوَ قَاعد فِي بَيته هَهُنَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَاصِم بن عمر والبجيلي رضّي الله عَنهُ قَالَ: لَيُنادَيَنَّ باسم رجل من السَّمَاء لَا يُنكره الذَّلِيل وَلَا يمْتَنع مِنْهُ الدَّلِيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق ثَابت بن عَطِيَّة عَن عبد الله قَالَ: الزموا هَذِه الطَّاعَة وَالْجَمَاعَة فَإِنَّهُ حَبل الله الَّذِي أَمر بِهِ وَإِن مَا تَكْرَهُونَ فِي الْجَمَاعَة خير مِمَّا تحبون فِي الْفرْقَة إِن الله لم يخلق شَيْئا إِلَّا جعل لَهُ مُنْتَهى وَإِن هَذَا الدّين قد تمّ وَإنَّهُ صائر إِلَى نُقْصَان وَإِن أَمارَة ذَلِك أَن تقطع الْأَرْحَام وَيُؤْخَذ المَال بِغَيْر حَقه ويسفك الدِّمَاء ويشتكي ذُو الْقَرَابَة قرَابَته لَا يعود عَلَيْهِ شَيْء وَيَطوف السَّائِل لَا يوضع فِي يَده شَيْء فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ خارت الأَرْض خور الْبَقَرَة يحْسب كل إِنْسَان أَنَّهَا خارت من قبلهم فَبَيْنَمَا النَّاس كَذَلِك قذفت الأَرْض بأفلاذ كَبِدهَا من الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا ينفع بعد شَيْء مِنْهُ ذهب وَلَا فضَّة وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يتَوَضَّأ فَرفع رَأسه فَنظر إليّ فَقَالَ: سِتّ فِيكُم أيتها الْأمة موت نَبِيكُم فَكَأَنَّمَا انتزع قلبِي من مَكَانَهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَاحِدَة قَالَ: وَيفِيض المَال فِيكُم حَتَّى إِن الرجل ليُعْطى عشرَة آلَاف فيظل يسخطها قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اثْنَتَيْنِ قَالَ: وفتنة تدخل بَيت كل رجل مِنْكُم قَالَ رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث قَالَ: وَمَوْت كقعاص الْغنم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَربع وهدنة تكون بَيْنكُم وَبَين بني الْأَصْفَر فَيجْمَعُونَ لكم تِسْعَة أشهر بِقدر حمل الْمَرْأَة ثمَّ يكونُونَ أولى بالغدر مِنْكُم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خمس وَفتح مَدِينَة قلت يَا رَسُول الله: أَي مَدِينَة قَالَ: قسطنطينية وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك وَهُوَ فِي قبَّة أَدَم فَقَالَ: أعدد ستّاً بَين يَدي السَّاعَة: موتِي ثمَّ فتح بَيت الْمُقَدّس ثمَّ موتان يأخذكم كقعاص الْغنم ثمَّ استفاضة المَال حَتَّى يعْطى الرجل مائَة دِينَار فيظل ساخطاً ثمَّ فتْنَة لَا يبْقى بَيت من الْعَرَب إِلَّا دَخلته ثمَّ هدنة تكون بَيْنكُم وَبَين بني الْأَصْفَر فيغدرون فيأتونكم تَحت ثَمَانِينَ راية تَحت كل راية اثْنَا عشر ألفا زَاد أَحْمد فسطاط الْمُسلمين يَوْمئِذٍ فِي أَرض يُقَال لَهَا الغوطة فِي مَدِينَة يُقَال لَهَا دمشق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ:

قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سِتّ من أَشْرَاط السَّاعَة: موتِي وَفتح بَيت الْمُقَدّس وَمَوْت يَأْخُذ فِي النَّاس كقعاص الْغنم وفتنة يدْخل حرهَا بَيت كل مُسلم وَأَن يعْطى الرجل ألف دِينَار فيسخطها وَأَن يغدر الرّوم فيسيرون بِثَمَانِينَ بنداً تَحت كل بند اثْنَا عشر ألفا وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فسطاط الْمُسلمين يَوْم الملحمة الْكُبْرَى بالغوطة إِلَى جَانب مَدِينَة يُقَال لَهَا دمشق من خير مَدَائِن دمشق وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا رَأَيْت [] بيدة بيد رجل وَأهل بَيته فَعِنْدَ ذَلِك فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هَل سَمِعْتُمْ بِمَدِينَة جَانب مِنْهَا فِي الْبر وجانب مِنْهَا فِي الْبَحْر فَقَالُوا: نعم يَا رَسُول الله قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يغزوها سَبْعُونَ ألفا من بني إِسْحَق حَتَّى إِذا جاؤوها نزلُوا فَلم يقاتلوا بسلاح وَلم يرموا بِسَهْم فَيَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَيسْقط أحد جانبيها ثمَّ يَقُولُونَ الثَّانِيَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَيسْقط جَانبهَا الآخر ثمَّ يَقُولُونَ الثَّالِثَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فيفرج لَهُم فيدخلونها فيغنمون فَبَيْنَمَا هم يقتسمون الْغَنَائِم إِذْ جَاءَهُم الصَّرِيخ أَن الدَّجَّال قد خرج فيتركون كل شَيْء ويرجعون قَالَ الْحَاكِم: يُقَال إِن هَذِه الْمَدِينَة هِيَ الْقُسْطَنْطِينِيَّة صَحَّ أَن فتحهَا مَعَ قيام السَّاعَة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى ونعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والضياء والمقدسي فِي المختارة عَن عبد الله بن بسر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَين الملحمة وَفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة سِنِين وَيخرج الدَّجَّال فِي السَّابِعَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة مَعَ قيام السَّاعَة وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تنزل الرّوم بالأعماق فَيخرج إِلَيْهِم جلب من الْمَدِينَة من خِيَار أهل الأَرْض يَوْمئِذٍ فَإِذا تصافوا قَالَت الرّوم: خلوا بَيْننَا وَبَين الَّذين سبوا منا نقاتلهم فَيُقَاتل الْمُسلمُونَ لَا وَالله فيقاتلونهم فينهزم ثلث لَا يَتُوب الله عَلَيْهِم أبدا

وَيقتل ثلثهم أفضل الشُّهَدَاء عِنْد الله وَيُصْبِح ثلث لَا يفتنون أبدا فيبلغون الْقُسْطَنْطِينِيَّة فيفتتحون فَبَيْنَمَا هم يقتسمون غنائمهم وَقد عَلقُوا سِلَاحهمْ بالزيتون إِذْ صَاح الشَّيْطَان أَن الْمَسِيح قد خلفكم فِي أهليكم وَذَاكَ بَاطِل فَإِذا جاؤوا الشَّام خرج فَبَيْنَمَا هم يعدون لِلْقِتَالِ ويسوون الصُّفُوف إِذْ أُقِيمَت الصَّلَاة صَلَاة الصُّبْح فَينزل عِيسَى بن مَرْيَم فَأمهمْ فَإِذا رَآهُ عَدو الله ذاب كَمَا يذوب الْملح فَلَو تَركه لذاب حَتَّى يهْلك وَلَكِن الله يقْتله بِيَدِهِ فيريهم دَمه فِي حربته وَأخرج ابْن ماجة وَالْحَاكِم عَن كثير بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تذْهب الدُّنْيَا حَتَّى تقاتلوا بني الْأَصْفَر يخرج إِلَيْهِم روقة الْمُؤمنِينَ أهل الْحجاز الَّذين يجاهدون فِي سَبِيل الله وَلَا تأخذهم فِي الله لومة لائم حَتَّى يفتح الله عَلَيْهِم قسطنطينية ورومية بالتسبيح وَالتَّكْبِير فينهدم حصنها فيصيبون نيلاً عَظِيما لم يُصِيبُوا مثله قطّ حَتَّى إِنَّهُم يقتسمون بالترس ثمَّ يصْرخ صارخ بِأَهْل الإِسلام قد خرج الدَّجَّال فِي بِلَادكُمْ وذراريكم فينفضّ النَّاس حَتَّى عَن المَال مِنْهُم الْآخِذ وَمِنْهُم التارك فالآخذ نادم والتارك نادم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عمرَان بَيت الْمُقَدّس خراب يثرب وخراب يثرب حُضُور الملحمة وَحُضُور الملحمة فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة خُرُوج الدَّجَّال ثمَّ ضرب معَاذ على منْكب عمر بن الْخطاب وَقَالَ وَالله إِن ذَلِك لحق كَمَا أَنَّك جَالس وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الملحمة الْعُظْمَى وَفتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَخُرُوج الدَّجَّال فِي سَبْعَة أشهر وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ذِي مخمر بن أخي النَّجَاشِيّ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ستصالحكم الرّوم صلحا آمنا حَتَّى تغزون أَنْتُم وهم عدوا من ورائهم فتنصرون وتغنمون وتنصرفون تنزلوا بمرج ذِي تلال فَيَقُول قَائِل من الرّوم: غلب الصَّلِيب وَيَقُول قَائِل من الْمُسلمين: بل الله غلب فيتداولانها بَينهم فيثور الْمُسلم إِلَى صليبهم وهم مِنْهُم غير بعيد فيدقه وتثور الرّوم إِلَى كاسر صليبهم فيقتلونه ويثور الْمُسلمُونَ إِلَى أسلحتهم فيقتتلون فيكرم الله تِلْكَ

الْعِصَابَة من الْمُسلمين بِالشَّهَادَةِ فَتَقول الرّوم لصَاحب الرّوم كَفَيْنَاك حد الْعَرَب فيندرون فَيجْمَعُونَ الملحمة فيأتونكم تَحت ثَمَانِينَ غَايَة تَحت كل غَايَة اثْنَا عشر ألفا وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَزَّار وَابْن خُزَيْمَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن بشر الغنوي حَدثنِي أبي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لتفتحن الْقُسْطَنْطِينِيَّة ولنعم الْأَمِير أميرها ولنعم الْجَيْش ذَلِك الْجَيْش وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي قبيل قَالَ: تَذَاكر فتح الْقُسْطَنْطِينِيَّة والرومية أَيهمَا تفتح أَولا فَدَعَا عبد الله بن عمر بصندوق ففتحه فَأخْرج مِنْهُ كتابا قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نكتب فَقيل: أَي المدينتين تفتح أوّلاً يَا رَسُول الله قسطنطينية أَو رُومِية فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَدِينَة هِرقل تفتح أوّلاً يُرِيد الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَوْف بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج عَلَيْهِم واقناء معلقَة وقنو مِنْهَا حشف وَمَعَهُ عَصا فطعن فِي القنو وَقَالَ: لَو شَاءَ رب هَذِه الصَّدَقَة تصدق بأطيب مِنْهَا إِن صَاحب هَذِه الصَّدَقَة يَأْكُل الحشف يَوْم الْقِيَامَة أما وَالله يَا أهل الْمَدِينَة لتدعنها مذللة أَرْبَعِينَ عَاما للعوافي قُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا العوافي قَالُوا لَا قَالَ: الطير وَالسِّبَاع وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا لتتركن الْمَدِينَة على خير مَا كَانَت تأكلها الطير وَالسِّبَاع وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن محجن بن الأدرع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صعد أحدا وصعدت مَعَه فَأقبل بِوَجْهِهِ نَحْو الْمَدِينَة فَقَالَ لَهَا قولا ثمَّ قَالَ: ويل أمك أَو يح أمهَا قَرْيَة يَدعهَا أَهلهَا أينع مَا تكون يأكلها عَافِيَة الطير وَالسِّبَاع وَلَا يدخلهَا الدَّجَّال إِن شَاءَ الله كلما أَرَادَ دُخُولهَا يلقاه: بِكُل نقب من أنقابها ملك مصلت يمنعهُ عَنْهَا وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكون عشر آيَات خسف بالمشرق وَخسف بالمغرب وَخسف فِي جَزِيرَة الْعَرَب والدجال ونزول يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَالدَّابَّة وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا ونار تخرج من قَعْر عدن تَسوق النَّاس إِلَى الْمَحْشَر تحْشر الذَّر والنمل وَأخرج أَبُو يعلي وَالرُّويَانِيّ وَابْن قَانِع وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لله ريحًا يبعثها على رَأس مائَة سنة تقبض روح كل مُؤمن وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَيَّاش بن أبي ربيعَة: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: تَجِيء ريح بَين يَدي السَّاعَة تقبض فِيهَا روح كل مُؤمن وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يبْعَث ريحًا من الْيمن أَلين من الْحَرِير فَلَا تدع أحدا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من إِيمَان إِلَّا قَبضته وَأخرج مُسلم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يذهب اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى تعبد اللات والعزى وَيبْعَث الله ريحًا طيبَة فتتوفى من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من خير فَيبقى من لَا خير فِيهِ فيرجعون إِلَى دين آبَائِهِم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تزَال عِصَابَة من أمتِي يُقَاتلُون على أَمر الله ظَاهِرين على العدوّ لَا يضرهم من خالفهم حَتَّى تأتيهم السَّاعَة وهم على ذَلِك فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو أجل وَيبْعَث الله ريحًا رِيحهَا الْمسك ومسها مس الْحَرِير فَلَا تتْرك نفسا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من الإِيمان إِلَّا قَبضته ثمَّ يبْقى شرار النَّاس عَلَيْهِم تقوم السَّاعَة وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يبْعَث الله ريحًا لَا تدع أحدا فِي قلبه مِثْقَال ذرة من تقى أَو نهي إِلَّا قَبضته وَيلْحق كل قوم بِمَا كَانَ يعبد آباؤهم فِي الْجَاهِلِيَّة وَيبقى عجاج من النَّاس لَا يأمرون بِمَعْرُوف وَلَا ينهون عَن مُنكر يتناكحون فِي الطّرق فَإِذا كَانَ ذَلِك اشْتَدَّ غضب الله على أهل الأَرْض فَأَقَامَ السَّاعَة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يحسر الْفُرَات عَن جبل من ذهب فيقتتل النَّاس عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ وَيَقُول كل رجل مِنْهُم: لعَلي أكون الَّذِي أنجو وَأخرج مُسلم عَن أبي كَعْب رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يُوشك الْفُرَات أَن يحسر عَن جبل من ذهب فَإِذا سمع بِهِ النَّاس سَارُوا إِلَيْهِ فَيَقُول من عِنْده: لَئِن تركنَا النَّاس يَأْخُذُونَ مِنْهُ ليذهبن بِهِ كُله قَالَ: فيقتتلون عَلَيْهِ فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: تخرج معادن مُخْتَلفَة مَعْدن فِيهَا قريب من الْحجاز يَأْتِيهِ شرار النَّاس يُقَال لَهُ فِرْعَوْن فَبَيْنَمَا هم يعْملُونَ فِيهِ إِذْ حسر عَن الذَّهَب فَأَعْجَبَهُمْ معتمله إِذْ خسف بِهِ وبهم وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون فِي أمتِي خسف وَقذف ومسخ وَأخرج أَحْمد وَالْبَغوِيّ وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن صحار الْعَبْدي عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخسف بقبائل من الْعَرَب فَيُقَال من بني فلَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: ليخسفن بِالدَّار إِلَى جنب الدَّار وبالدار إِلَى جنب الدَّار حَيْثُ تكون الْمَظَالِم وَأخرج ابْن سعد عَن أبي عَاصِم الْغَطَفَانِي قَالَ: كَانَ حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ لَا يزَال يحدث الحَدِيث يستفظعونه فَقيل لَهُ يُوشك أَن تحدثنا أَنه سَيكون فِينَا مسخ قَالَ: نعم لَيَكُونن فِيكُم مسخ قردة وَخَنَازِير وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي عَن فرقد السبخي قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة الَّتِي جَاءَ بهَا جِبْرِيل إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: لَيَكُونن مسخ وَقذف وَخسف فِي أمة مُحَمَّد فِي أهل الْقبْلَة قيل يَا أَبَا يَعْقُوب: مَا أَعْمَالهم قَالَ: باتخاذهم الْقَيْنَات وضربهم بِالدُّفُوفِ ولباسهم الْحَرِير وَالذَّهَب وَلنْ تغيب حَتَّى ترى أعمالاً أزلية فاستيقن واستعد وَاحْذَرْ قيل: مَا هِيَ قَالَ: تكافأ الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء ورغبت الْعَرَب فِي آنِية الْعَجم فَعِنْدَ ذَلِك ثمَّ قَالَ: وَالله ليقذفن رجال من السَّمَاء بِالْحِجَارَةِ يشدخون بهَا فِي طرقهم وقبائلهم كَمَا فعل بِقوم لوط وليمسخن آخَرُونَ قردة وَخَنَازِير كَمَا فعل ببني إِسْرَائِيل وليخسف بِقوم كَمَا خسف بقارون وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن سَالم بن أبي الْجَعْد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان يَجْتَمعُونَ فِيهِ على بَاب رجل مِنْهُم ينتظرون أَن يخرج إِلَيْهِم فيطلبون إِلَيْهِ الْحَاجة فَيخرج إِلَيْهِم وَقد مسخ قرداً أَو خنزيراً وليمرنَّ الرجل على الرجل فِي حانوته يَبِيع فَيرجع عَلَيْهِ وَقد مسخ قرداً أَو خنزيراً وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أبي الزَّاهِرِيَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يمشي الرّجلَانِ إِلَى الْأَمر يعملانه فيمسخ أَحدهمَا قرداً أَو خنزيراً فَلَا يمْنَع الَّذِي

نجا مِنْهُمَا مَا رأى بِصَاحِبِهِ أَن يمشي إِلَى شَأْنه ذَلِك حَتَّى يقْضِي شَهْوَته وَحَتَّى يمشي الرّجلَانِ إِلَى الْأَمر يعملانه فيخسف بِأَحَدِهِمَا فَلَا يمْنَع الَّذِي نجا مِنْهُمَا مَا رأى بِصَاحِبِهِ أَن يمْضِي إِلَى شَأْنه ذَلِك حَتَّى يقْضِي شَهْوَته مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ: يُوشك أَن تقعد أمتان على رحى فتطحنان فتمسخ إِحْدَاهمَا وَالْأُخْرَى تنظر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن غنم قَالَ: سَيكون خباءان متجاوران فينشق بَينهمَا نهر فيسقيان مِنْهُ بِسَهْم وَاحِد يقبس بَعضهم من بعض فيصبحان يَوْمًا من الْأَيَّام قد خسف بِأَحَدِهِمَا وَالْآخر حيّ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: بَلغنِي أَن ريحًا تكون فِي آخر الزَّمَان وظلمة فَيفزع النَّاس إِلَى عُلَمَائهمْ فيجدونهم قد مسخوا وَأخرج التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون فِي أمتِي فزعة فَيصير النَّاس إِلَى عُلَمَائهمْ فَإِذا هم قردة وَخَنَازِير وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة أَنه قَالَ: لتعملن عمل بني إِسْرَائِيل فَلَا يكون فيهم شَيْء إِلَّا كَانَ فِيكُم مثله فَقَالَ رجل: يكون منا قردة وَخَنَازِير قَالَ: وَمَا يبرئك من ذَلِك لَا أم لَك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حُذَيْفَة قَالَ: كَيفَ أَنْتُم إِذا أَتَاكُم زمَان يخرج أحدهم من حجلته إِلَى حشه فَيرجع وَقد مسخ قرداً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن عبد الله بن سَلام قَالَ يَا رَسُول الله: مَا أول أَشْرَاط السَّاعَة قَالَ: نَار تحْشر النَّاس من الْمشرق إِلَى الْمغرب وَأخرج الدَّارقطني فِي الْأَفْرَاد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تبْعَث نَار على أهل الْمشرق فتحشرهم إِلَى الْمغرب تبيت مَعَهم حَيْثُ باتوا وتقيل مَعَهم حَيْثُ قَالُوا يكون لَهَا مَا سقط مِنْهُم وتخلف تسوقهم سوق الْجمل الكسير وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ: حسن صَحِيح عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ستخرج نَار قبل يَوْم الْقِيَامَة من بَحر حَضرمَوْت تحْشر النَّاس قَالُوا يَا رَسُول الله: فَمَا تَأْمُرنَا قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام

أما قَوْله تَعَالَى: {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم} أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم} يَقُول: إِذا جَاءَت السَّاعَة أَنى لَهُم الذكرى وخ عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم} قَالَ: إِذا جَاءَتْهُم السَّاعَة فَأنى لَهُم أَن يذكرُوا ويتوبوا ويعملوا وَالله أعلم أما قَوْله تَعَالَى: {فَأعْلم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله} أخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أفضل الذّكر لَا إِلَه إِلَّا الله وَأفضل الدُّعَاء الاسْتِغْفَار ثمَّ قَرَأَ {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} وَأخرج أَبُو يعلى عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عَلَيْكُم بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار فَأَكْثرُوا مِنْهُمَا فَإِن إِبْلِيس قَالَ: أهلكت النَّاس بِالذنُوبِ وأهلكوني بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَالِاسْتِغْفَار فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك اهلكتهم بالأهواء وهم يحسبون أَنهم مهتدون وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَالتِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَمُوت عبد يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله يرجع ذَلِك إِلَى قلب موقن إِلَّا دخل الْجنَّة وَفِي لفظ: إِلَّا غفر الله لَهُ وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مِفْتَاح الْجنَّة شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ شَيْء إِلَّا بَينه وَبَين الله حجاب إِلَّا قَول لَا إِلَه إِلَّا الله وَدُعَاء الْوَالِد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا قَالَ عبد لَا إِلَه إِلَّا الله مخلصاً إِلَّا فتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء حَتَّى تُفْضِي إِلَى الْعَرْش وَأخرج أَحْمد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ بن جبل: اعْلَم أَنه من مَاتَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن

عتْبَان بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لن يوافي عبد يَوْم الْقِيَامَة يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله يَبْتَغِي بذلك وَجه الله إِلَّا حرم على النَّار وَأخرج أَحْمد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله فَلَنْ تطعمه النَّار وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن سُهَيْل بن الْبَيْضَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحن فِي سفر مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا رديفه فَقَالَ: يَا سُهَيْل بن بَيْضَاء وَرفع صَوته فَاجْتمع النَّاس فَقَالَ: إِنَّه من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله حرمه الله على النَّار وَأوجب لَهُ الْجنَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن يحيى بن طلحه بن عبيد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رُؤِيَ طَلْحَة حَزينًا فَقيل لَهُ: مَا لَك قَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنِّي لأعْلم كلمة لَا يَقُولهَا عبد عِنْد مَوته إِلَّا نفَّسَ الله عَنهُ كربته وأشرق لَونه وَرَأى مَا يسره وَمَا مَنَعَنِي أَن أسأله عَنْهَا إِلَّا الْقُدْرَة عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ عمر: إِنِّي لأعلمها فَقَالَ: فَمَا هِيَ قَالَ: لَا نعلم كلمة هِيَ أعظم من كلمة أَمر بهَا عَمه لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ: فَهِيَ وَالله هِيَ وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُثْمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مَاتَ وَهُوَ يعلم أَن لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا ذَر بشّر النَّاس أَنه من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله حرم الله عَلَيْهِ النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله أنجته يَوْمًا من الدَّهْر أَصَابَهُ قبلهَا مَا أَصَابَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله طلست مَا فِي صَحِيفَته من السَّيِّئَات حَتَّى يعود إِلَى مثلهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من ختم لَهُ بِشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله صَادِقا دخل الْجنَّة وَمن ختم لَهُ بِصَوْم يَوْم يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله دخل الْجنَّة وَمن ختم لَهُ عِنْد الْمَوْت بإطعام مِسْكين يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله دخل الْجنَّة

قَوْله تَعَالَى: {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} الْآيَة أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأستغفر الله فِي الْيَوْم سبعين مرّة وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن سرجس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأكلت مَعَه من طَعَام فَقلت: غفر الله لَك يَا رَسُول الله قَالَ: وَلَك فَقيل: أسْتَغْفر لَك يَا رَسُول الله قَالَ: نعم وَلكم وَقَرَأَ {واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبيد بن الْمُغيرَة رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ تَلا قَوْله تَعَالَى {فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله واستغفر لذنبك} قَالَ: كنت ذرب اللِّسَان على أَهلِي فَقلت يَا رَسُول الله: إِنِّي أخْشَى أَن يُدخلني لساني النَّار فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَيْنَ أَنْت عَن الإِستغفار أَنِّي لأستغفر الله فِي كل يَوْم مائَة مرّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أَصبَحت غَدَاة قطّ إِلَّا استغفرت الله فِيهَا مائَة مرّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن رجل من الْمُهَاجِرين يُقَال لَهُ الْأَغَر قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس اسْتَغْفرُوا الله وتوبوا إِلَيْهِ فَإِنِّي اسْتغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي كل يَوْم مائَة مرّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْأَغَر الْمُزنِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه ليغان على قلبِي وَأَنِّي لأستغفر الله كل يَوْم مائَة مرّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّا كُنَّا لنعد لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمجْلس يَقُول: رب اغْفِر لي وَتب عليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم مائَة مرّة وَفِي لفظ التواب والغفور

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنِّي لأستغفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فِي الْيَوْم مائَة مرّة أما قَوْله تَعَالَى: {وَالله يعلم متقلبكم ومثواكم} أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَالله يعلم متقلبكم} فِي الدُّنْيَا {ومثواكم} فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ {وَالله يعلم متقلبكم ومثواكم} قَالَ: متقلب كل دَابَّة بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار الْآيَات 20 - 24

20

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَيَقُول الَّذين آمنُوا لَوْلَا نزلت سُورَة فَإِذا أنزلت سُورَة محكمَة} الْآيَة قَالَ: كل سُورَة أنزل فِيهَا الْجِهَاد فَهِيَ محكمَة وَهِي أَشد الْقُرْآن على الْمُنَافِقين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَيَقُول الَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ: كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يشتاقون إِلَى كتاب الله تَعَالَى وَإِلَى بَيَان مَا ينزل عَلَيْهِم فِيهِ فَإِذا أنزلت السُّورَة يذكر فِيهَا الْقِتَال رَأَيْت يَا مُحَمَّد الْمُنَافِقين {ينظرُونَ إِلَيْك نظر المغشي عَلَيْهِ من الْمَوْت فَأولى لَهُم} قَالَ: وَعِيد من الله لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَأولى لَهُم} قَالَ: هَذِه وَعِيد ثمَّ انْقَطع الْكَلَام فَقَالَ {طَاعَة وَقَول مَعْرُوف} يَقُول: طَاعَة الله وَرَسُوله وَقَول بِالْمَعْرُوفِ عِنْد حقائق الْأُمُور خير لَهُم

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {طَاعَة وَقَول مَعْرُوف} قَالَ: أَمر الله عز وَجل بذلك الْمُنَافِقين فَإِذا عزم الْأَمر قَالَ: جد الْأَمر أخرج الْحَاكِم عَن عبد الله بن مُغفل رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {فَهَل عسيتم إِن توليتم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَهَل عسيتم إِن توليتم} الْآيَة قَالَ: كَيفَ رَأَيْتُمْ الْقَوْم حِين توَلّوا عَن كتاب الله ألم يسفكوا الدَّم الْحَرَام وَقَطعُوا الْأَرْحَام وعصوا الرَّحْمَن وَأخرج عبد بن حميد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ فِي قَوْله {فَهَل عسيتم إِن توليتم} الْآيَة قَالَ: مَا أَرَاهَا نزلت إِلَّا فِي الحرورية وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد عمر رَضِي الله عَنهُ إِذْ سمع صائحاً فَقَالَ يَا يرفا أنظر مَا هَذَا الصَّوْت فَنظر ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: جَارِيَة من قُرَيْش تبَاع أمهَا فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: ادْع لي الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَلم يمْكث إِلَّا سَاعَة حَتَّى امْتَلَأت الدَّار والحجرة فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد فَهَل تعلمونه كَانَ فِيمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم القطيعة قَالُوا: لَا قَالَ: فَإِنَّهَا قد أَصبَحت فِيكُم فَاشِية ثمَّ قَرَأَ {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم} ثمَّ قَالَ: وَأي قطيعة أقطع من أَن تبَاع أم امرىء فِيكُم وَقد أوسع الله لكم قَالُوا: فأصنع مَا بدا لَك فَكتب فِي الْآفَاق أَن لَا تبَاع أمُّ حر فَإِنَّهَا قطيعة رحم وَأَنه لَا يحل وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ والحكيم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله خلق الْخلق حَتَّى إِذا فرغ مِنْهُم قَامَت الرَّحِم فَأخذت بحقو الرَّحْمَن فَقَالَ: مَه فَقَالَت: هَذَا مقَام العائذ بك من القطيعة قَالَ: نعم أما ترضي أَن أصل من وصلك وأقطع من قَطعك قَالَت: بلَى قَالَ: فَذَاك لَك ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقرؤا إِن شِئْتُم {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرَّحِم معلقَة بالعرش تَقول من وصلني وَصله الله وَمن قطعني قطعه الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن للرحم لِسَانا يَوْم الْقِيَامَة تَحت الْعَرْش فَتَقول يَا رب قطعت يَا رب ظلمت يَا رب أُسِيء إليّ فيجيبها رَبهَا أَلا ترْضينَ أَن أصل من وصلك وأقطع من قَطعك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن للرحم لِسَانا ذلقاً يَوْم الْقِيَامَة ربِّ صل من وصلني واقطع من قطعني وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَاوس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن للرحم شُعْبَة من الرَّحْمَن تَجِيء يَوْم الْقِيَامَة لَهَا جلبة تَحت الْعَرْش تكلم بِلِسَان ذلق فَمن أشارت إِلَيْهِ بوصل وَصله الله وَمن أشارت إِلَيْهِ بِقطع قطعه الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الرَّحِم معلقَة بالعرش لَهَا لِسَان ذلق تَقول اللَّهُمَّ صِلْ من وصلني واقطع من قطعني وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: قَالَ الله أَنا الرَّحْمَن خلقت الرَّحِم وشققت لَهَا اسْما من اسْمِي فَمن وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا قطعته وَمن بتها بتته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أبي أوفى قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَشِيَّة عَرَفَة فِي حَلقَة فَقَالَ: إِنَّا لَا نحل لرجل أَمْسَى قَاطع رحم إِلَّا قَامَ عَنَّا فَلم يقم إِلَّا فَتى كَانَ فِي أقْصَى الْحلقَة فَأتى خَالَة لَهُ فَقَالَت: مَا جَاءَ بك فَأَخْبرهَا بِمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ رَجَعَ فَجَلَسَ فِي مَجْلِسه فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لي لَا أرى أحدا قَامَ من الْحلقَة غَيْرك فَأخْبرهُ بِمَا قَالَ لخالته وَمَا قَالَت لَهُ فَقَالَ: اجْلِسْ فقد أَحْسَنت أَلا أَنَّهَا لَا تنزل الرَّحْمَة على قوم فيهم قَاطع رحم وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أَعمال بني آدم تعرض عَشِيَّة كل خَمِيس فَلَا يقبل عمل قَاطع رحم

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا بعث وَهُوَ بِمَكَّة فَقلت: مَا أَنْت قَالَ: نَبِي قلت: بِمَ أرْسلت قَالَ: بِأَن تعبد الله وتكسر الْأَصْنَام وَتصل الْأَرْحَام بِالْبرِّ والصلة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله أَنا الرَّحْمَن وَهِي الرَّحِم فَمن وَصلهَا وصلته وَمن قطعهَا قطعته وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعيد بن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن فَمن وَصلهَا وَصله الله وَمن قطعهَا قطعه الله وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الرَّحِم شجنة من الله فَمن وَصلهَا وَصله الله وَمن قطعهَا قطعه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن عمر يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن ارحموا أهل الأَرْض يَرْحَمكُمْ أهل السَّمَاء الرَّحِم شجنة من الرَّحْمَن فَمن وَصلهَا وَصله وَمن قطعهَا قطعه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: انْتَهَيْت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي قبَّة من أَدَم حَمْرَاء فِي نَحْو من أَرْبَعِينَ رجلا فَقَالَ: إِنَّه مَفْتُوح لكم وَإِنَّكُمْ منصورون ومصيبون فَمن أدْرك مِنْكُم ذَلِك فليتق الله وليأمر بِالْمَعْرُوفِ وَلينه عَن الْمُنكر وَليصل رَحمَه وَمثل الَّذِي يعين قومه على غير الْحق كَمثل الْبَعِير يتردى فَهُوَ يتردى بِذَنبِهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: أوصني قَالَ: أقِم الصَّلَاة وأدِ الزَّكَاة وصم رَمَضَان وَحج الْبَيْت وَاعْتمر وبر والديك وصل رَحِمك واقرِ الضَّيْف وأمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وانْهَ عَن الْمُنكر وَزُلْ مَعَ الْحق حَيْثُ زَالَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: افشوا السَّلَام وأطعموا الطَّعَام وصلوا الْأَرْحَام وصلوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام تدْخلُوا الْجنَّة بِسَلام وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن نصر فِي

الصَّلَاة وَابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: إِذا رَأَيْتُك طابت نَفسِي وقرت عَيْني فأنبئني عَن كل شَيْء قَالَ: كل شَيْء خلق من مَاء قلت انبئني عَن أَمر إِذا عملت بِهِ دخلت الْجنَّة قَالَ: إفْشِ السَّلَام وَأطْعم الطَّعَام وصل الْأَرْحَام وقم بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام ثمَّ أَدخل الْجنَّة بِسَلام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله ليعمر بالقوم ويُكثر لَهُم الْأَمْوَال وَمَا نظر إِلَيْهِم مُنْذُ خلقهمْ بغضاً لَهُم قَالُوا: وَكَيف ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: بصلتهم أرحامهم وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إعرفوا أنسابكم تصلوا أَرْحَامكُم فَإِنَّهُ لَا قرب لرحم إِذا قطعت وَإِن كَانَت قريبَة وَلَا بعد لَهَا إِذا وصلت وَإِن كَانَت بعيدَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تَجِيء الرَّحِم يَوْم الْقِيَامَة كحجنة المغزل فتتكلم بِلِسَان ذلق طلق فتصل من وَصلهَا وتقطع من قطعهَا وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ثَوْبَان رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاث معلقات بالعرش: الرَّحِم تَقول: اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أقطع وَالْأَمَانَة تَقول: اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أخان وَالنعْمَة تَقول: اللَّهُمَّ إِنِّي بك فَلَا أكفر وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاث تَحت الْعَرْش الْقُرْآن لَهُ ظهر وبطن يحاج الْعباد وَالرحم تنادي صل من وصلني واقطع من قطعني وَالْأَمَانَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الرَّحِم معلقَة بالعرش فَإِذا أَتَاهَا الْوَاصِل بشرت بِهِ وكلمته وَإِذا أَتَاهَا الْقَاطِع احْتَجَبت مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرَّحِم شجنة معلقَة بالعرش وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرَّحِم شجنة آخذة بحجزة الرَّحْمَن تناشده حَقّهَا فَيَقُول: أَلا ترْضينَ أَن

أصل من وصلك وأقطع من قَطعك من وصلك فقد وصلني وَمن قَطعك فقد قطعني وَأخرج الطَّبَرَانِيّ والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة مدمن الْخمر وَلَا العاقّ وَلَا المنّان قَالَ ابْن عَبَّاس: شقّ ذَلِك على الْمُؤمنِينَ يصيبون ذنوباً حَتَّى وجدت ذَلِك فِي كتاب الله فِي العاقّ {فَهَل عسيتم إِن توليتم أَن تفسدوا فِي الأَرْض وتقطعوا أَرْحَامكُم} و (لَا تُبْطِلُوا صَدقَاتكُمْ بالمن والأذى) (الْبَقَرَة الْآيَة 264) وَقَالَ (إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر) (الْمَائِدَة الْآيَة 90) قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله} الْآيَة أخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سلمَان مَوْقُوفا وَالْحسن بن سُفْيَان وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا ظهر القَوْل وخزن الْعَمَل وائتلفت الألسن وَاخْتلفت الْقُلُوب وَقطع كل ذِي رحم رَحمَه فَعِنْدَ ذَلِك {لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْعلم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا النَّاس أظهرُوا الْعلم وضيعوا الْعَمَل وتحابوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا فِي الْأَرْحَام لعنهم الله عِنْد ذَلِك {فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم} أما قَوْله تَعَالَى: {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها} أخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها} فَقَالَ شَاب من أهل الْيمن بل عَلَيْهَا أقفالها حَتَّى يكون الله يفتحها أَو يفرجها فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صدقت فَمَا زَالَ الشَّاب فِي نفس عمر رَضِي الله عَنهُ حَتَّى ولي فاستعان بِهِ وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها} فَقَالَ شَاب عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بل وَالله عَلَيْهَا أقفالها حَتَّى يكون الله هُوَ الَّذِي يفكها فَلَمَّا ولى عمر سَأَلَ عَن ذَلِك الشَّاب ليستعمله فَقيل: قد مَاتَ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {أَفلا يتدبرون الْقُرْآن} قَالَ: إِذا وَالله فِي الْقُرْآن زاجر عَن مَعْصِيّة الله قَالَ: لم يتدبره الْقَوْم ويعقلوه وَلَكنهُمْ أخذُوا بمتشابهه فهلكوا عِنْد ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن خَالِد بن معدان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا من عبد إِلَّا لَهُ أَربع أعين عينان فِي وَجهه يبصر بهما دُنْيَاهُ وَمَا يصلحه من معيشته وعينان فِي قلبه يبصر بهما دينه وَمَا وعد الله بِالْغَيْبِ فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا فتح عَيْنَيْهِ اللَّذين فِي قلبه فأبصر بهما مَا وعد بِالْغَيْبِ وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد سوء ترك الْقلب على مَا فِيهِ وَقَرَأَ {أم على قُلُوب أقفالها} وَمَا من عبد إِلَّا وَله شَيْطَان متبطن فقار ظَهره لاوٍ عُنُقه على عُنُقه فاغر فَاه على قلبه وَأخرج الديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن خَالِد بن معدان عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا إِلَى قَوْله: وَقَرَأَ {أم على قُلُوب أقفالها} وَأخرج الديلمي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَأْتِي على النَّاس زمَان يخلق الْقُرْآن فِي قُلُوبهم يتهافتون تهافتاً قيل يَا رَسُول الله: وَمَا تهافتهم قَالَ: يقْرَأ أحدهم فَلَا يجد حلاوة وَلَا لَذَّة يبْدَأ أحدهم بالسورة وَإِنَّمَا مَعَه آخرهَا فَإِن عمِلُوا قَالُوا رَبنَا اغْفِر لنا وَإِن تركُوا الْفَرَائِض قَالُوا: لَا يعذبنا الله وَنحن لَا نشْرك بِهِ شَيْئا أَمرهم رَجَاء وَلَا خوف فيهم {أُولَئِكَ الَّذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أَبْصَارهم أَفلا يتدبرون الْقُرْآن أم على قُلُوب أقفالها} الْآيَات 25 - 28

25

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن الَّذين ارْتَدُّوا على أدبارهم من بعد مَا تبين لَهُم الْهدى} قَالَ: هم

أَعدَاء الله أهل الْكتاب يعْرفُونَ نعت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه عِنْدهم ويجدونه مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاة والإِنجيل ثمَّ يكفرون بِهِ {الشَّيْطَان سوّل لَهُم} قَالَ: زين لَهُم {ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا للَّذين كَرهُوا مَا نزل الله} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن الَّذين ارْتَدُّوا على أدبارهم من بعد مَا تبين لَهُم الْهدى} قَالَ: الْيَهُود ارْتَدُّوا عَن الْهدى بعد أَن عرفُوا أَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَبِي {الشَّيْطَان سوّل لَهُم وأملى لَهُم} قَالَ: أمْلى الله لَهُم ذَلِك بِأَنَّهُم قَالُوا للَّذين كَرهُوا مَا نزل الله قَالَ: يهود تَقول لِلْمُنَافِقين من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانُوا يسرون إِلَيْهِم إِنَّا {سنطيعكم فِي بعض الْأَمر} وَكَانَ بعض الْأَمر أَنهم يعلمُونَ أَن مُحَمَّدًا نَبِي وَقَالُوا: الْيَهُودِيَّة الدّين فَكَانَ المُنَافِقُونَ يطيعون الْيَهُود بِمَا أَمرتهم {وَالله يعلم إسرارهم} قَالَ: ذَلِك سر القَوْل {فَكيف إِذا توفتهم الْمَلَائِكَة يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم} قَالَ: عِنْد الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن الَّذين ارْتَدُّوا على أدبارهم} إِلَى {إسرارهم} هم أهل النِّفَاق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم} قَالَ: يضْربُونَ وُجُوههم وأستاهم وَلَكِن الله كريم يكني الْآيَات 29 - 32

29

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أم حسب الَّذين فِي قُلُوبهم مرض أَن لن يخرج الله أضغانهم} قَالَ: أَعْمَالهم خبثهمْ والحسد الَّذِي فِي قُلُوبهم ثمَّ دلّ الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد على الْمُنَافِقين فَكَانَ يَدْعُو باسم الرجل من أهل النِّفَاق

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ولتعرفنهم فِي لحن القَوْل} قَالَ: ببغضهم عَليّ بن أبي طَالب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِف الْمُنَافِقين على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا ببغضهم عَليّ بن أبي طَالب وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {ولنبلونكم حَتَّى نعلم الْمُجَاهدين} الْآيَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ عافنا واسترنا وَلَا تبل أخبارنا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ أَو ليبلونكم بِالْيَاءِ حَتَّى يعلم بِالْيَاءِ ويبلو بِالْيَاءِ وَنصب الْوَاو وَالله أعلم الْآيَات 33 - 38

33

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن لَا يبطل عملا صَالحا بِعَمَل سوء فَلْيفْعَل وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه فَإِن الْخَيْر ينْسَخ الشَّرّ فَإِنَّمَا ملاك الْأَعْمَال خواتيمها وَأخرج عبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرَوْنَ أَنه لَا يضر مَعَ لَا إِلَه إِلَّا الله ذَنْب كَمَا لَا ينفع مَعَ الشّرك عمل حَتَّى نزلت {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم}

فخافوا أَن يبطل الذَّنب الْعَمَل وَلَفظ عبد بن حميد: فخافوا الْكَبَائِر أَن تحبط أَعمالكُم وَأخرج ابْن نصر وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا معشر أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نرى أَنه لَيْسَ شَيْء من الْحَسَنَات إِلَّا مَقْبُولًا حَتَّى نزلت {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وَلَا تُبْطِلُوا أَعمالكُم} فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة قُلْنَا: مَا هَذَا الَّذِي يبطل أَعمالنَا فَقَالَ: الْكَبَائِر الموجبات وَالْفَوَاحِش فَكُنَّا إِذا رَأينَا من أصَاب شَيْئا مِنْهَا قُلْنَا: هلك حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة (إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء) (سُورَة النِّسَاء الْآيَة 48) فَلَمَّا نزلت كففنا عَن القَوْل فِي ذَلِك وَكُنَّا إِذا رَأينَا أحدا أصَاب مِنْهَا شَيْئا خفنا عَلَيْهِ وَإِن لم يصب مِنْهَا شَيْئا رجونا لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَلَا تهنوا وَتَدعُوا إِلَى السّلم وَأَنْتُم الأعلون} يَقُول: وَلَا تَكُونُوا أول الطَّائِفَتَيْنِ صرعت صاحبتها ودعتها إِلَى الْمُوَادَعَة وَأَنْتُم أولى بِاللَّه مِنْهُم {وَلنْ يتركم أَعمالكُم} يَقُول: لن يظلمكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَلَا تهنوا} قَالَ: لَا تضعفوا {وَأَنْتُم الأعلون} قَالَ: الغالبون {وَلنْ يتركم} قَالَ: لن ينقصكم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يتركم} قَالَ: يظلمكم وَأخرج الْخَطِيب عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {فَلَا تهنوا وَتَدعُوا إِلَى السّلم} قَالَ مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر: منتصبة السِّين وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الْإِبَانَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ هَؤُلَاءِ الأحرف (ادخُلُوا فِي السّلم) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 208) (وَإِن جنحوا للسلم) (سُورَة الْأَنْفَال الْآيَة 61) {وَتَدعُوا إِلَى السّلم} بِنصب السِّين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن يسألكموها} قَالَ: علم الله فِي مَسْأَلَة الْأَمْوَال خُرُوج الأضغان

قَوْله تَعَالَى: {وَإِن تَتَوَلَّوْا} الْآيَة أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ} قيل: من هَؤُلَاءِ وسلمان رَضِي الله عَنهُ إِلَى جنب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هم الْفرس وَهَذَا وَقَومه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ ثمَّ لَا يَكُونُوا أمثالكم} فَقَالُوا يَا رَسُول الله: من هَؤُلَاءِ الَّذين إِن تولينا استبدلوا بِنَا ثمَّ لَا يَكُونُوا أمثالنا فَضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على منْكب سلمَان ثمَّ قَالَ: هَذَا وَقَومه وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو كَانَ الإِيمان مَنُوطًا بِالثُّرَيَّا لتنَاوله رجال من فَارس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة {وَإِن تَتَوَلَّوْا يسْتَبْدل قوما غَيْركُمْ} الْآيَة فَسئلَ من هم قَالَ: فَارس لَو كَانَ الدّين بِالثُّرَيَّا لتنَاوله رجال من فَارس وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ويستبدل قوما غَيْركُمْ} قَالَ: من شَاءَ

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (48) سُورَة الْفَتْح مَدَنِيَّة وآياتها تسع وَعِشْرُونَ مُقَدّمَة سُورَة الْفَتْح أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الْفَتْح بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا مثله وَأخرج ابْن إِسْحَق وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان قَالَا: نزلت سُورَة الْفَتْح بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فِي شَأْن الْحُدَيْبِيَة من أَولهَا إِلَى آخرهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن مُغفل رضى الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفَتْح فِي مسيره سُورَة الْفَتْح على رَاحِلَته فَرجع فِيهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن أبي بردة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الصُّبْح {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} الْآيَات 1 - 3

الفتح

أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَسَأَلته عَن شَيْء ثَلَاث مَرَّات فَلم يرد عليَّ فَقلت فِي نَفسِي: ثكلتك أمك يَا ابْن الْخطاب نزرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاث مَرَّات فَلم يردّ عَلَيْك فحركت بَعِيري ثمَّ تقدّمت أَمَام النَّاس وخشيت

أَن ينزل فيَّ الْقُرْآن فَمَا نشبت أَن سَمِعت صَارِخًا يصْرخ بِي فَرَجَعت وَأَنا أَظن أَنه نزل فيَّ شَيْء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد أنزلت عَليّ اللَّيْلَة سُورَة أحب إليَّ من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مجمع بن جَارِيَة الْأنْصَارِيّ قَالَ: شَهِدنَا الْحُدَيْبِيَة فَلَمَّا انصرفنا عَنْهَا إِلَى كرَاع الغميم إِذا النَّاس يوجفون الأباعر فَقَالَ النَّاس بَعضهم لبَعض: مَا للنَّاس قَالُوا: أُوحِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فخرجنا مَعَ النَّاس نوجف فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَاحِلَته على كرَاع الغميم فَاجْتمع النَّاس عَلَيْهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِم: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله: أوفتح هُوَ قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّه لفتح فقسمت خَيْبَر على أهل الْحُدَيْبِيَة لم يدْخل مَعَهم فِيهَا أحد إِلَّا من شهد الْحُدَيْبِيَة فَقَسمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَمَانِيَة عشر سَهْما وَكَانَ الْجَيْش ألفا وَخَمْسمِائة مِنْهُم ثلثمِائة فَارس فَأعْطى الْفَارِس سَهْمَيْنِ وَأعْطى الراجل سَهْما وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَقبلنَا من الْحُدَيْبِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبينا نَحن نسير إِذْ أَتَاهُ الْوَحْي وَكَانَ إِذا أَتَاهُ اشْتَدَّ عَلَيْهِ فسرّي عَنهُ وَبِه من السرُور مَا شَاءَ الله فَأخْبرنَا أَنه أنزل عَلَيْهِ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: الْحُدَيْبِيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: فتح خَيْبَر وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تَعدونَ أَنْتُم الْفَتْح فتح مَكَّة وَقد كَانَ فتح مَكَّة فتحا وَنحن نعد الْفَتْح بيعَة الرضْوَان يَوْم الْحُدَيْبِيَة كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع عشرَة مائَة وَالْحُدَيْبِيَة بِئْر فنزحناها فَلم نَتْرُك فِيهَا قَطْرَة فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهَا فَجَلَسَ على شفيرها ثمَّ دَعَا بِإِنَاء

من مَاء فَتَوَضَّأ ثمَّ تمضمض ودعا ثمَّ صبه فِيهَا تركناها غير بعيد ثمَّ إِنَّهَا أصدرتنا مَا شِئْنَا نَحن وركابنا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحُدَيْبِيَة رَاجعا فَقَالَ رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله مَا هَذَا بِفَتْح لقد صُدِدْنَا عَن الْبَيْت وصدَّ هدينَا وَعَكَفَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحُدَيْبِية ورد رجلَيْنِ من الْمُسلمين خرجا فَبلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول رجال من أَصْحَابه: إنّ هَذَا لَيْسَ بِفَتْح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بئس الْكَلَام هَذَا أعظم الْفَتْح لقد رَضِي الْمُشْركُونَ أَن يَدْفَعُوكُمْ بِالرَّاحِ عَن بِلَادهمْ وَيَسْأَلُوكُمْ الْقَضِيَّة ويرغبون إِلَيْكُم فِي الإِياب وَقد كَرهُوا مِنْكُم مَا كَرهُوا وَقد أَظْفَرَكُم الله عَلَيْهِم وردكم سَالِمين غَانِمِينَ مَأْجُورِينَ فَهَذَا أعظم الْفَتْح أنسيتم يَوْم أحد إِذْ تصعدون وَلَا تلوون على أحد وَأَنا أدعوكم فِي أخراكم أنسيتم يَوْم الْأَحْزَاب إِذْ جاؤوكم من فَوْقكُم وَمن أَسْفَل مِنْكُم وَإِذ زاغت الْأَبْصَار وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر وتظنون بِاللَّه الظنونا قَالَ الْمُسلمُونَ: صدق الله وَرَسُوله هُوَ أعظم الْفتُوح وَالله يَا نَبِي الله مَا فكرنا فِيمَا فَكرت فِيهِ ولأنت أعلم بِاللَّه وبالأمور منا فَأنْزل الله سُورَة الْفَتْح وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث فِي قَوْله {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: نزلت فِي الْحُدَيْبِيَة وَأصَاب فِي تِلْكَ الْغَزْوَة مَا لم يصب فِي غَزْوَة أصَاب أَن بُويِعَ بيعَة الرضْوَان فتح الْحُدَيْبِيَة وَغفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَبَايَعُوا بيعَة الرضْوَان وأطعموا نخيل خَيْبَر وَبلغ الْهَدْي مَحَله وَظَهَرت الرّوم على فَارس وَفَرح الْمُؤْمِنُونَ بِتَصْدِيق كتاب الله وَظُهُور أهل الْكتاب على الْمَجُوس وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْمسور ومروان فِي قصَّة الْحُدَيْبِيَة قَالَا: ثمَّ انْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاجعا فَلَمَّا كَانَ بَين مَكَّة وَالْمَدينَة نزلت سُورَة الْفَتْح من أَولهَا إِلَى آخرهَا فَلَمَّا أَمن النَّاس وتفاوضوا لم يكلم أحدا بالإِسلام إِلَّا دخل فِيهِ فَلَقَد دخل فِي تِلْكَ السنين فِي الإِسلام أَكثر مِمَّا كَانَ فِيهِ قبل ذَلِك فَكَانَ صلح الْحُدَيْبِيَة فتحا عَظِيما وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: إِنَّا قضينا لَك قَضَاء بَينا نزلت عَام الْحُدَيْبِيَة للنحر الَّذِي بِالْحُدَيْبِية وحلقة رَأسه

وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: قضينا لَك قَضَاء بَيَّنا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة: أفتح هَذَا قَالَ: وأنزلت عَلَيْهِ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم عَظِيم قَالَ: وَكَانَ فصل مَا بَين الهجرتين فتح الْحُدَيْبِيَة قَالَ: (لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل) (الْحَدِيد 10) الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} قَالَ: فتح مَكَّة وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق أبي خَالِد الوَاسِطِيّ عَن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر ذَات يَوْم بِغَلَس وَكَانَ يغلس ويسفر وَيَقُول: مَا بَين هذَيْن وَقت لكيلا يخْتَلف الْمُؤْمِنُونَ فصلّى بِنَا ذَات يَوْم بِغَلَس فَلَمَّا قضى الصَّلَاة الْتفت إِلَيْنَا كَأَن وَجهه ورقة مصحف فَقَالَ: أفيكم من رأى اللَّيْلَة شَيْئا قُلْنَا: لَا يارسول الله قَالَ: لكني رَأَيْت ملكَيْنِ أتياني اللَّيْلَة فأخذا بضبعي فَانْطَلقَا بِي إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فمررت بِملك وأمامه آدَمِيّ وَبِيَدِهِ صَخْرَة فَيضْرب بهامة الْآدَمِيّ فَيَقَع دماغه جانباً وَتَقَع الصَّخْرَة جانباً قلت: مَا هَذَا قَالَا لي: أمضه فمضيت فَإِذا أَنا بِملك وأمامه آدَمِيّ وبيد الْملك كَلوب من حَدِيد فيضعه فِي شدقه الْأَيْمن فيشقه حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى أُذُنه ثمَّ يَأْخُذ فِي الْأَيْسَر فيلتئم الْأَيْمن قلت: مَا هَذَا قَالَا: أمضه فمضيت فَإِذا أَنا بنهر من دم يمور كمور الْمرجل على فِيهِ قوم عُرَاة على حافة النَّهر مَلَائِكَة بِأَيْدِيهِم مدرتان كلما طلع طالع قَذَفُوهُ بمدرة فَيَقَع فِي فِيهِ ويسيل إِلَى أَسْفَل ذَلِك النَّهر قلت: مَا هَذَا قَالَا: أمضه فمضيت فَإِذا أَنا بِبَيْت أَسْفَله أضيق من أَعْلَاهُ فِيهِ قوم عُرَاة توقد من تَحْتهم النَّار أَمْسَكت على أنفي من نَتن مَا أجد من ريحهم قلت: من هَؤُلَاءِ قَالَا: أمضه فمضيت فَإِذا أَنا بتل أسود عَلَيْهِ قوم مخبلون تنفخ النَّار فِي أدبارهم فَتخرج من أَفْوَاههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم قلت: مَا هَذَا قَالَا: أمضه فمضيت فَإِذا أَنا بِنَار مطبقة مُوكل بهَا ملك لَا يخرج مِنْهَا شَيْء إِلَّا أتبعه حَتَّى يُعِيدهُ فِيهَا قلت: مَا هَذَا قَالَا لي: أمضه فمضيت فَإِذا أَنا بروضة وَإِذا فِيهَا شيخ

جميل لَا أجمل مِنْهُ وَإِذا حوله الْولدَان وَإِذا شَجَرَة وَرقهَا كآذان الفيلة فَصَعدت مَا شَاءَ الله من تِلْكَ الشَّجَرَة وَإِذا أَنا بمنازل لَا أحسن مِنْهَا من زمردة جوفاء وزبر جدة خضراء وياقوته حَمْرَاء قلت: مَا هَذَا قَالَا: أمضه فمضيت فَإِذا أَنا بنهر عَلَيْهِ جسران من ذهب وَفِضة على حافتي النَّهر منَازِل لَا منَازِل أحسن مِنْهَا من درة جوفاء وياقوته حَمْرَاء وَفِيه قدحان وأباريق تطرد قلت: مَا هَذَا قَالَا لي: أنزل فَنزلت فَضربت بيَدي إِلَى إِنَاء مِنْهَا فغرفت ثمَّ شربت فَإِذا أحلى من عسل وَأَشد بَيَاضًا من اللين وألين من الزّبد فَقَالَا لي: أما صَاحب الصَّخْرَة الَّتِي رَأَيْت يضْرب بهَا هامته فَيَقَع دماغه جانباً وَتَقَع الصَّخْرَة جانباً فَأُولَئِك الَّذين كَانُوا ينامون عَن صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة وَيصلونَ الصَّلَاة لغير مواقيتها يضْربُونَ بهَا حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما صَاحب الكلوب الَّذِي رَأَيْت ملكا موكلاً بِيَدِهِ كَلوب من حَدِيد يشق شدقه الْأَيْمن حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى أُذُنه ثمَّ يَأْخُذ فِي الْأَيْسَر فيلتئم الْأَيْمن فَأُولَئِك الَّذين كَانُوا يَمْشُونَ بَين الْمُؤمنِينَ بالنميمة فيفسدون بَينهم فهم يُعَذبُونَ بهَا حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما مَلَائِكَة بِأَيْدِيهِم مدرتان من النَّار كلما طلع طالع قَذَفُوهُ بمدرة فَتَقَع فِي فِيهِ فينفتل إِلَى أَسْفَل ذَلِك النَّهر فَأُولَئِك أَكلَة الرِّبَا يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما الْبَيْت الَّذِي رَأَيْت أَسْفَله أضيق من أَعْلَاهُ فِيهِ قوم عُرَاة تتوقد من تَحْتهم النَّار أَمْسَكت على أَنْفك من نَتن مَا وجدت من ريحهم فَأُولَئِك الزناة وَذَلِكَ نَتن فروجهم يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما التل الْأسود الَّذِي رَأَيْت عَلَيْهِ قوما مخبلين تنفخ النَّار فِي أدبارهم فَتخرج من أَفْوَاههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم فَأُولَئِك الَّذين يعْملُونَ عمل قوم لوط الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ فهم يُعَذبُونَ حَتَّى يصيروا إِلَى النَّار وَأما النَّار المطبقة الَّتِي رَأَيْت ملكا موكلاً بهَا كلما خرج مِنْهَا شَيْء أتبعه حَتَّى يُعِيدهُ فِيهَا فَتلك جَهَنَّم تفرق بَين أهل الْجنَّة وَأهل النَّار وَأما الرَّوْضَة الَّتِي رَأَيْت فَتلك جنَّة المأوى وَأما الشَّيْخ الَّذِي رَأَيْت وَمن حوله من الْولدَان فَهُوَ إِبْرَاهِيم وهم بنوه وَأما الشَّجَرَة الَّتِي رَأَيْت فطلعت إِلَيْهَا فِيهَا منَازِل لَا منَازِل أحسن مِنْهَا من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوته حَمْرَاء فَتلك منَازِل أهل عليين من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا وَأما النَّهر فَهُوَ نهرك الَّذِي أَعْطَاك الله: الْكَوْثَر وَهَذِه منازلك وَأهل بَيْتك قَالَ: فنوديت من فَوقِي: يَا مُحَمَّد سل تُعْطه فارتعدت فرائصي ورجف فُؤَادِي واضطرب كل عُضْو مني وَلم أستطع أَن أُجِيب شَيْئا فَأخذ أحد الْملكَيْنِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فوضعها فِي يَدي وَالْآخر

يَده الْيُمْنَى فوضعها بَين كَتِفي فسكن ذَلِك مني ثمَّ نوديت من فَوقِي: يَا مُحَمَّد سل تعط قَالَ: قلت: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك أَن تثبت شَفَاعَتِي وَأَن تلْحق بِي أهل بَيْتِي وَأَن أَلْقَاك وَلَا ذَنْب لي قَالَ: ثمَّ ولي بِي وَنزلت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر وَيتم نعْمَته عَلَيْك ويهديك صراطاً مُسْتَقِيمًا} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَكَمَا أَعْطَيْت هَذِه كَذَلِك أعطانيها إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأخرج السلَفِي فِي الطيوريات من طَرِيق يزِيد بن هَارُون رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت المَسْعُودِيّ رَضِي الله عَنهُ يَقُول: بَلغنِي أَن من قَرَأَ أول لَيْلَة من رَمَضَان {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فِي التَّطَوُّع حفظ ذَلِك الْعَام قَوْله تَعَالَى: {ليغفر لَك الله مَا تقدم} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَامر وَأبي جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك} قَالَ: فِي الْجَاهِلِيَّة {وَمَا تَأَخّر} قَالَ: فِي الإِسلام وَأخرج عبد بن حميد عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا فِي قَوْله الله {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} قَالَ: مَا تقدم مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَمَا تَأَخّر: مَا كَانَ فِي الإِسلام مَا لم يَفْعَله بعد وَأخرج ابْن سعد عَن مجمع بن جَارِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما كُنَّا بضجنان رَأَيْت النَّاس يركضون وَإِذا هم يَقُولُونَ: أنزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فركضت مَعَ النَّاس حَتَّى توافينا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ يقْرَأ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} فَلَمَّا نزل بهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: لِيَهنك يَا رَسُول الله فَلَمَّا هنأه جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام هنأه الْمُسلمُونَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لما أنزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} الْآيَة اجْتهد فِي الْعِبَادَة فَقيل: يَا رَسُول الله مَا هَذَا الإِجتهاد وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزلت {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} صَامَ وصلّى حَتَّى انتفخت قدماه وَتعبد حَتَّى صَار كالشن

الْبَالِي فَقيل لَهُ: أتفعل هَذَا بِنَفْسِك وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَأْخُذهُ الْعِبَادَة حَتَّى يخرج على النَّاس كالشن الْبَالِي فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله أَلَيْسَ قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي جُحَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم حَتَّى تفطر قدماه فَقيل لَهُ: أَلَيْسَ قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ يُصَلِّي حَتَّى تورمت قدماه فَقيل لَهُ: أَلَيْسَ قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي حَتَّى ترم قدماه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي حَتَّى ترم قدماه فَقيل لَهُ: أتفعل هَذَا وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي حَتَّى ترم قدماه قلت يَا رَسُول الله: أتفعل هَذَا وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبادا شكُورًا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أَحْمد بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم بن نبيط بن شريط الشجعي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي أبي عَن أَبِيه عَن جده رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلّى حَتَّى تورمت قدماه فَقيل لَهُ يَا رَسُول الله: أتفعل هَذَا وَقد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبادا شكُورًا وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تعبد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى صَار كالشن الْبَالِي فَقَالُوا: يَا رَسُول الله مَا يحملك على هَذَا الإِجتهاد كُله وَقد غفر لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي اللَّيْل أَربع رَكْعَات ثمَّ يتروح فطال حَتَّى رَحمته فَقلت: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله قد غفر الله لَك مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر قَالَ: أَفلا أكون عبدا شكُورًا أما قَوْله تَعَالَى: {وينصرك الله نصرا عَزِيزًا} أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وينصرك الله نصرا عَزِيزًا} قَالَ: يُرِيد بذلك فتح مَكَّة وخيبر والطائف الْآيَة 4

4

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {هُوَ الَّذِي أنزل السكينَة فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ} قَالَ: السكينَة هِيَ الرَّحْمَة فِي قَوْله {ليزدادوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهم} قَالَ: إِن الله بعث نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَمَا صدق بهَا الْمُؤْمِنُونَ زادهم الصَّلَاة فَلَمَّا صدقُوا بهَا زادهم الزَّكَاة فَلَمَّا صدقُوا بهَا زادهم الصّيام فَلَمَّا صدقُوا بِهِ زادهم الْحَج فَلَمَّا صدقُوا بِهِ زادهم الْجِهَاد ثمَّ أكمل لَهُم دينهم فَقَالَ: (الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا) (الْمَائِدَة الْآيَة 3) قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فأوثق إِيمَان أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض وأصدقه وأكمله شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {ليزدادوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهم} قَالَ: تَصْدِيقًا مَعَ تصديقهم الْآيَات 5 - 7

5

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} مرجعه من الْحُدَيْبِيَة فَقَالَ: لقد أنزلت عليَّ آيَة هِيَ أحب إِلَيّ مِمَّا على الأَرْض ثمَّ قَرَأَهَا عَلَيْهِم فَقَالُوا: هَنِيئًا مريئاً يَا رَسُول الله قد بَين الله لَك مَاذَا يفعل بك فَمَاذَا يفعل بِنَا فَنزلت عَلَيْهِ {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار} حَتَّى بلغ {فوزاً عَظِيما} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما رَجعْنَا من الْحُدَيْبِيَة وَأَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد خالطوا الْحزن والكآبة حَيْثُ ذَبَحُوا هديهم فِي أمكنتهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنزلت عليَّ ضحى آيَة هِيَ أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا جَمِيعًا ثَلَاثًا قُلْنَا: مَا هِيَ يَا رَسُول الله فَقَرَأَ {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} الْآيَتَيْنِ قُلْنَا: هَنِيئًا لَك يَا رَسُول الله فَمَا لنا فَقَرَأَ {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} الْآيَة فَلَمَّا أَتَيْنَا خَيْبَر فَأَبْصرُوا خَمِيس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي جَيْشه أدبروا هاربين إِلَى الْحصن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خربَتْ خَيْبَر إِنَّا إِذا نزلنَا بِسَاحَة قوم فسَاء صباح الْمُنْذرين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} الْآيَة قَالَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَنِيئًا لَك مَا أَعْطَاك رَبك هَذَا لَك فَمَا لنا فَأنْزل الله {ليدْخل الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} إِلَى آخر الْآيَة

الْآيَات 8 - 9

8

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا} قَالَ: شَاهدا على أمته وَشَاهدا على الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنهم قد بلّغوا {وَمُبشرا} يبشر بِالْجنَّةِ من أطَاع الله {وَنَذِيرا} ينذر النَّاس من عَصَاهُ {لتؤمنوا بِاللَّه وَرَسُوله} قَالَ: بوعده وبالحساب وبالبعث بعد الْمَوْت {وتعزروه} قَالَ: تنصروه {وتوقروه} قَالَ: أَمر الله بتسويده وتفخيمه وتشريفه وتعظيمه قَالَ: وَكَانَ فِي بعض الْقِرَاءَة ويسبحوا الله بكرَة وَأَصِيلا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ: ويعزروه قَالَ: لينصروه ويوقروه أَي ليعظموه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وتعزروه} يَعْنِي الإِجلال {وتوقروه} يَعْنِي التَّعْظِيم يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وتعزروه} قَالَ: تضربوا بَين يَدَيْهِ بِالسَّيْفِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وتعزروه} قَالَ: تقاتلوا مَعَه بِالسَّيْفِ وَأخرج ابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {وتعزروه} قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه: مَا ذَاك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: {لتنصروه} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ هَذِه الْآيَة {لتؤمنوا بِاللَّه وَرَسُوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرَة وَأَصِيلا} قَالَ: فَكَانَ يَقُول: إِذا أشكل يَاء أَو تَاء فاجعلوها على يَاء فَإِن الْقُرْآن كُله على يَاء وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله / ويسبحوه / قَالَ: يسبحوا الله رَجَعَ إِلَى نَفسه وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هرون رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود ويسبحوا الله بكرَة وَأَصِيلا

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ ويسبحوا الله بكرَة وَأَصِيلا الْآيَة 10

10

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الَّذين يُبَايعُونَك} قَالَ: يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِن الَّذين يُبَايعُونَك} قَالَ: هم الَّذين بَايعُوهُ زمن الْحُدَيْبِيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر عَن أَبِيه عَن جده رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت بيعَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أنزل عَلَيْهِ {إِن الَّذين يُبَايعُونَك إِنَّمَا يبايعون الله} الْآيَة فَكَانَت بيعَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي بَايع عَلَيْهَا النَّاس الْبيعَة لله وَالطَّاعَة للحق وَكَانَت بيعَة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ: بايعوني مَا أَطَعْت الله فَإِذا عصيته فَلَا طَاعَة لي عَلَيْكُم وَكَانَت بيعَة عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: الْبيعَة لله وَالطَّاعَة للحق وَكَانَت بيعَة عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ: الْبيعَة لله وَالطَّاعَة للحق وَأخرج عبد بن حميد عَن الحكم بن الْأَعْرَج رَضِي الله عَنهُ {يَد الله فَوق أَيْديهم} قَالَ: أَن لَا يَفروا وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَايعنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على السّمع وَالطَّاعَة فِي النشاط والكسل وعَلى النَّفَقَة فِي الْعسر واليسر وعَلى الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وعَلى أَن نقُول فِي الله لَا تأخذنا فِي الله لومة لائم وعَلى أَن ننصره إِذا قدم علينا يثرب فنمنعه مِمَّا نمْنَع مِنْهُ أَنْفُسنَا وَأَزْوَاجنَا وَأَبْنَاءَنَا وَلنَا الْجنَّة فَمن وفى وفى الله لَهُ وَمن نكث فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه

الْآيَة 11

11

أخرج عبد بن حميد عَن جُوَيْبِر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَيَقُولُ لَك الْمُخَلفُونَ من الْأَعْرَاب شَغَلَتْنَا أَمْوَالنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفر لنا} قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين انْصَرف من الْحُدَيْبِيَة وَسَار إِلَى خَيْبَر تخلف عَنهُ أنَاس من الْأَعْرَاب فَلَحقُوا بِأَهَالِيِهِمْ فَلَمَّا بَلغهُمْ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد افْتتح خَيْبَر سَارُوا إِلَيْهِ وَقد كَانَ أمره أَن لَا يُعْطي أحدا تخلف عَنهُ من مغنم خَيْبَر وَيقسم مغنمها من شهد الْفَتْح وَذَلِكَ قَوْله: {يُرِيدُونَ أَن يبدلوا كَلَام الله} يَعْنِي مَا أَمر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَا يُعْطي أحدا تخلف عَنهُ من مغنم خَيْبَر شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سَيَقُولُ لَك الْمُخَلفُونَ من الْأَعْرَاب} قَالَ: أَعْرَاب الْمَدِينَة جُهَيْنَة وَمُزَيْنَة استنفرهم لِخُرُوجِهِ إِلَى مَكَّة فَقَالُوا: نَذْهَب مَعَه إِلَى قوم جاؤه فَقتلُوا أَصْحَابه فَنُقَاتِلهُمْ فِي دِيَارهمْ فَاعْتَلُّوا لَهُ بِالشغلِ فَأقبل مُعْتَمِرًا فَأخذ أَصْحَابه أُنَاسًا من أهل الْحرم غافلين فأرسلهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك الْأَظْفَار بِبَطن مَكَّة وَرجع مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوعد مَغَانِم كَثِيرَة فَجعلت لَهُ خَيْبَر فَقَالَ الْمُخَلفُونَ: {ذرونا نتبعكم} وَهِي الْمَغَانِم الَّتِي قَالَ الله {إِذا انطلقتم إِلَى مَغَانِم لتأخذوها} وَعرض عَلَيْهِم قتال قوم أولي بَأْس شَدِيد فهم فَارس والمغانم الْكَثِيرَة الَّتِي وعدوا مَا يَأْخُذُونَ حَتَّى الْيَوْم الْآيَات 12 - 15

12

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {بل ظننتم أَن لن يَنْقَلِب الرَّسُول والمؤمنون إِلَى أَهْليهمْ أبدا وزين ذَلِك فِي قُلُوبكُمْ وظننتم ظن السوء} قَالَ: ظنُّوا بِنَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه أَنهم لن يرجِعوا من وجههم ذَلِك وَأَنَّهُمْ سيهلكون فَذَلِك الَّذِي خَلفهم عَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم كاذبون بِمَا يَقُولُونَ {سَيَقُولُ الْمُخَلفُونَ إِذا انطلقتم إِلَى مَغَانِم لتأخذوها} قَالَ: هم الَّذين تخلفوا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زمن الْحُدَيْبِيَة كذلكم قَالَ الله من قبل قَالَ: إِنَّمَا جعلت الْغَنِيمَة لأجل الْجِهَاد إِنَّمَا كَانَت غنيمَة خَيْبَر لمن شهد الْحُدَيْبِيَة لَيْسَ لغَيرهم فِيهَا نصيب {قل للمخلفين من الْأَعْرَاب ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: فدعوا يَوْم حنين إِلَى هوَازن وَثَقِيف فَمنهمْ من أحسن الإِجابة وَرغب فِي الْجِهَاد ثمَّ عذر الله أهل الْعذر من النَّاس فَقَالَ: (لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج وَلَا على الْأَعْرَج حرج وَلَا على الْمَرِيض حرج) (النُّور 61) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ {بل ظننتم أَن لن يَنْقَلِب الرَّسُول} قَالَ: نَافق الْقَوْم {وظننتم ظن السوء} أَن لن يَنْقَلِب الرَّسُول وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ {يُرِيدُونَ أَن يبدلوا كَلَام الله} قَالَ: كتاب الله كَانُوا يبطئون الْمُسلمين عَن الْجِهَاد ويأمرونهم أَن يَفروا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {أولي بَأْس شَدِيد} يَقُول: فَارس وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هم فَارس وَالروم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: هم البآرز يَعْنِي الأكراد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أَعْرَاب فَارس وأكراد الْعَجم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هم بَنو حنيفَة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ {ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: لم يأتِ أُولَئِكَ بعد الْآيَة 16

16

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قل للمخلفين من الْأَعْرَاب ستدعون إِلَى قوم} قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: دَعَا أَعْرَاب الْمَدِينَة جُهَيْنَة وَمُزَيْنَة الَّذين كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دعاهم إِلَى خُرُوجه إِلَى مَكَّة دعاهم عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِلَى قتال فَارس قَالَ: فَإِن تطيعوا إِذا دعَاكُمْ عمر تكن تَوْبَة لتخلفكم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُؤْتكُم الله أجرا حسنا وَإِن تَتَوَلَّوْا إِذا دعَاكُمْ عمر كَمَا توليتم من قبل إِذْ دعَاكُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعذبكم عذَابا أَلِيمًا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: فَارس وَالروم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: أهل الْأَوْثَان وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: هوَازن وَبني حنيفَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة وَسَعِيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ستدعون إِلَى قوم أولي بَأْس شَدِيد} قَالَ: هوَازن يَوْم حنين الْآيَات 17 - 23

17

أخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت أكتب لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنِّي لواضع الْقَلَم على أُذُنِي إِذْ أَمر بِالْقِتَالِ إِذْ جَاءَ أعمى فَقَالَ: كَيفَ بِي وَأَنا ذَاهِب الْبَصَر فَنزلت {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج} الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الْجِهَاد لَيْسَ عَلَيْهِم من جِهَاد إِذا لم يطيقوا أما قَوْله تَعَالَى: {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ} أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَينا نَحن قَائِلُونَ إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيهَا النَّاس الْبيعَة الْبيعَة نزل روح الْقُدس فثرنا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ تَحت شَجَرَة سَمُرَة فَبَايَعْنَاهُ فَذَلِك قَول الله تَعَالَى: {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة} فَبَايع لعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ إِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى فَقَالَ النَّاس: هَنِيئًا لِابْنِ عَفَّان رَضِي الله عَنهُ يطوف بِالْبَيْتِ وَنحن هَهُنَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو مكث كَذَا وَكَذَا سنة مَا طَاف حَتَّى أَطُوف وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَارق بن عبد الرَّحْمَن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: انْطَلَقت حَاجا فمررت بِقوم يصلونَ فَقلت: مَا هَذَا الْمَسْجِد قَالُوا: هَذِه الشَّجَرَة حَيْثُ بَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيعَة الرضْوَان فَأتيت سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ فَأَخْبَرته فَقَالَ سعيد: حَدثنِي أبي أَنه كَانَ فِيمَن بَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحت الشَّجَرَة فَلَمَّا

خرجنَا من الْعَام الْمقبل نسيناها فَلم نقدر عَلَيْهَا فَقَالَ سعيد رَضِي الله عَنهُ: أَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يعلموها وعلمتموها أَنْتُم فَأنْتم أعلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن نَافِع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن نَاسا يأْتونَ الشَّجَرَة الَّتِي بُويِعَ تحتهَا فَأمر بهَا فَقطعت وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لسَعِيد بن الْمسيب: كم كَانَ الَّذين شهدُوا بيعَة الرضْوَان قَالَ: خمس عشرَة مائَة قلت: فَإِن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا أَربع عشرَة مائَة قَالَ: يرحمه الله وهم هُوَ حَدثنِي أَنهم كَانُوا خمس عشرَة مائَة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب الشَّجَرَة ألفا وثلثمائة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة فَقَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْتُم خير أهل الأَرْض وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة فَقَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْتُم خير أهل الأَرْض وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحت الشَّجَرَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة وَأخرج البُخَارِيّ عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَايَعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحت الشَّجَرَة قيل: على أَي شَيْء كُنْتُم تُبَايِعُونَ قَالَ: على الْمَوْت وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْحُدَيْبِيَة فزعت قُرَيْش لنزوله عَلَيْهِم فَأحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يبْعَث إِلَيْهِم رجلا من أَصْحَابه فَدَعَا عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ليَبْعَثهُ إِلَيْهِم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي لَا آمن وَلَيْسَ بِمَكَّة أحد من بني كَعْب يغْضب لي إِن أوذيت فَأرْسل عُثْمَان بن عَفَّان فَإِن عشيرته بهَا وَإنَّهُ يبلغ لَك مَا أردْت فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَأرْسلهُ إِلَى قُرَيْش وَقَالَ: أخْبرهُم أَنا لم نأتِ لقِتَال وَإِنَّمَا جِئْنَا عماراً وادعهم إِلَى الإِسلام وَأمره أَن يَأْتِي رجَالًا بِمَكَّة مُؤمنين وَنسَاء مؤمنات فَيدْخل عَلَيْهِم ويبشرهم بِالْفَتْح

ويخبرهم أَن الله وشيك أَن يظْهر دينه بِمَكَّة حَتَّى لَا يستخفى فِيهَا بالإِيمان فَانْطَلق عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ إِلَى قُرَيْش فَأخْبرهُم فارتهنه الْمُشْركُونَ ودعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْبيعَة ونادى مُنَادِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا إِن روح الْقُدس قد نزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمره بالبيعة فأخرجوا على اسْم الله فَبَايعُوهُ فثار الْمُسلمُونَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ تَحت الشَّجَرَة فَبَايعُوهُ على أَن لَا يَفروا أبدا فرعبهم الله فأرسلوا من كَانُوا ارتهنوا من الْمُسلمين ودعوا إِلَى الْمُوَادَعَة وَالصُّلْح وَأخرج مُسلم وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة فَبَايَعْنَاهُ وَعمر رَضِي الله عَنهُ آخذ بِيَدِهِ تَحت الشَّجَرَة وَهِي سَمُرَة وَقَالَ: بَايَعْنَاهُ على أَن لَا نفر وَلم نُبَايِعهُ على الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن معقل بن يسَار رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقد رَأَيْتنِي يَوْم الشَّجَرَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع النَّاس وَأَنا رَافع غصناً من أَغْصَانهَا عَن رَأسه وَنحن أَربع عشرَة مائَة وَلم نُبَايِعهُ على الْمَوْت وَلَكِن بَايَعْنَاهُ على أَن لَا نفر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الشّعبِيّ قَالَ: لما دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس إِلَى الْبيعَة كَانَ أول من انْتهى إِلَيْهِ أَبُو سِنَان الْأَسدي فَقَالَ: أبسط يدك أُبَايِعك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: علام تبايعني قَالَ: على مَا فِي نَفسك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: لما أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ببيعة الرضْوَان كَانَ عُثْمَان بن عَفَّان رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أهل مَكَّة فَبَايع النَّاس فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ إِن عُثْمَان فِي حَاجَة الله وحاجة رَسُوله فَضرب بِإِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى فَكَانَت يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعُثْمَان خيرا من أَيْديهم لأَنْفُسِهِمْ وَأخرج أَحْمد عَن جَابر وَمُسلم عَن أم بشر عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل النَّار أحد مِمَّن بَايع تَحت الشَّجَرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَعلم مَا فِي قُلُوبهم فَأنْزل السكينَة عَلَيْهِم} قَالَ: إِنَّمَا أنزلت السكينَة على من علم مِنْهُ الْوَفَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي أوفى فِي قَوْله {وأثابهم فتحا قَرِيبا} قَالَ: خَيْبَر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يقسم لغَائِب فِي مقسم لم يشهده إِلَّا يَوْم خَيْبَر قسم لغيب أهل الْحُدَيْبِيَة من أجل أَن الله كَانَ أعْطى أهل خَيْبَر الْمُسلمين من أهل الْحُدَيْبِيَة فَقَالَ {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} وَكَانَت لأهل الْحُدَيْبِيَة من شهد مِنْهُم وَمن غَابَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة فَعلم مَا فِي قُلُوبهم فَأنْزل السكينَة عَلَيْهِم} قَالَ: الْوَقار وَالصَّبْر وهم الَّذين بَايعُوا زمَان الْحُدَيْبِيَة وَكَانَت الشَّجَرَة فِيمَا ذكر لنا سَمُرَة بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه تحتهَا وَكَانُوا يَوْمئِذٍ خمس عشرَة مائَة فَبَايعُوهُ على أَن لَا يَفروا وَلم يبايعوه على الْمَوْت {وأثابهم فتحا قَرِيبا ومغانم كَثِيرَة} قَالَ: هِيَ مَغَانِم خَيْبَر وَكَانَت عقارا ومالاً فَقَسمهَا نَبِي الله بَين أَصْحَابه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: انْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحُدَيْبِيَة إِلَى الْمَدِينَة حَتَّى إِذا كَانَ بَين الْمَدِينَة وَمَكَّة نزلت عَلَيْهِ سُورَة الْفَتْح فَقَالَ: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} إِلَى قَوْله {عَزِيزًا} ثمَّ ذكر الله الْأَعْرَاب ومخالفتهم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: {سَيَقُولُ لَك الْمُخَلفُونَ من الْأَعْرَاب} إِلَى قَوْله {خَبِيرا} ثمَّ قَالَ للأعراب {بل ظننتم أَن لن يَنْقَلِب الرَّسُول والمؤمنون} إِلَى قَوْله {سعيراً} ثمَّ ذكر الْبيعَة فَقَالَ: {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ} إِلَى قَوْله {وأثابهم فتحا قَرِيبا} لفتح الْحُدَيْبِيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ} قَالَ: كَانَ أهل الْبيعَة تَحت الشَّجَرَة ألفا وَخَمْسمِائة وخمساً وَعشْرين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: لما نزلت {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة} قَالَ: يَا أَبَا أُمَامَة أَنْت مني وَأَنا مِنْك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وأثابهم فتحا قَرِيبا} قَالَ: خَيْبَر حَيْثُ رجعُوا من صلح الْحُدَيْبِيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ {وأثابهم فتحا قَرِيبا} قَالَ: فتح خَيْبَر وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها} قَالَ:

الْمَغَانِم الْكَثِيرَة الَّتِي وعدوا مَا يَأْخُذُونَ حَتَّى الْيَوْم {فَعجل لكم هَذِه} قَالَ: عجلت لَهُم خَيْبَر وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} يَعْنِي الْفَتْح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} يَعْنِي خَيْبَر {وكف أَيدي النَّاس عَنْكُم} يَعْنِي أهل مَكَّة أَن يستحلوا مَا حرم الله أَو يسْتَحل بكم وَأَنْتُم حرم {ولتكون آيَة للْمُؤْمِنين} قَالَ: سنة لمن بعدكم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مَرْوَان والمسور بن مخرمَة قَالَا: انْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْحُدَيْبِيَة فَنزلت عَلَيْهِ سُورَة الْفَتْح فِيمَا بَين مَكَّة وَالْمَدينَة فَأعْطَاهُ الله فِيهَا خَيْبَر {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} خَيْبَر فَقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فِي ذِي الْحجَّة فَقَامَ بهَا حَتَّى سَار إِلَى خَيْبَر فِي الْمحرم فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالرجيع وادٍ بَين غطفان وخيبر فتخوّف أَن تمدهم غطفان فَبَاتَ بِهِ حَتَّى أصبح فغدا عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {فَعجل لكم هَذِه} قَالَ: خَيْبَر {وكف أَيدي النَّاس عَنْكُم} قَالَ: عَن بيضتهم وَعَن عِيَالهمْ بِالْمَدِينَةِ حِين سَارُوا عَن الْمَدِينَة إِلَى خَيْبَر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة {فَعجل لكم هَذِه} قَالَ: فتح خَيْبَر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وكف أَيدي النَّاس عَنْكُم} قَالَ: الحليفان أَسد وغَطَفَان عَلَيْهِم عُيَيْنَة بن حصن مَعَه مَالك بن عَوْف النصري أَبُو النَّضر وَأهل خَيْبَر على بِئْر مَعُونَة فَألْقى الله فِي قُلُوبهم الرعب فَانْهَزَمُوا وَلم يلْقوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي قَوْله {وَلَو قاتلكم الَّذين كفرُوا} هم أَسد وغَطَفَان {لولوا الأدبار} حَتَّى {وَلنْ تَجِد لسنة الله تبديلاً} يَقُول سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل أَنه لن يُقَاتل أحد نبيه إِلَّا خذله الله فَقتله أَو رعبه فَانْهَزَمَ وَلنْ يسمع بِهِ عَدو إِلَّا انْهَزمُوا واستسلموا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: هَذِه الْفتُوح الَّتِي تفتح إِلَى الْيَوْم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس {قد أحَاط الله بهَا} أَنَّهَا سَتَكُون لكم بِمَنْزِلَة قَوْله أحَاط الله بهَا علما أَنَّهَا لكم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْأسود الديلمي أَن الزبير بن الْعَوام لما قدم الْبَصْرَة دخل بَيت المَال فَإِذا هُوَ بصفراء وبيضاء فَقَالَ: يَقُول الله {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة تأخذونها فَعجل لكم هَذِه} {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا قد أحَاط الله بهَا} فَقَالَ: هَذَا لنا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَعدكُم الله مَغَانِم كَثِيرَة} فتوح من لدن خَيْبَر {تأخذونها} تلونها وتغنمون مَا فِيهَا {فَعجل لكم} من ذَلِك خَيْبَر {وكف أَيدي النَّاس} قُريْشًا {عَنْكُم} بِالصُّلْحِ يَوْم الْحُدَيْبِيَة {ولتكون آيَة للْمُؤْمِنين} شَاهدا على مَا بعْدهَا ودليلاً على إنجازها {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} [] على علم وفيهَا أقسمها بَيْنكُم فَارس وَالروم {قد أحَاط الله بهَا} قضى الله بهَا أَنَّهَا لكم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: فَارس وَالروم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: فتح فَارس وَأخرج عبد بن حميد عَن جُوَيْبِر {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: يَزْعمُونَ أَنَّهَا قرى عَرَبِيَّة وَيَزْعُم آخَرُونَ أَنَّهَا فَارس وَالروم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: بلغنَا أَنَّهَا مَكَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: يَوْم حنين وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَأُخْرَى لم تقدروا عَلَيْهَا} قَالَ: هِيَ خَيْبَر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَلَو قاتلكم الَّذين كفرُوا لولوا الأدبار} يَعْنِي أهل مَكَّة وَالله أعلم الْآيَات 24 - 25

24

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس قَالَ: لما كَانَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة هَبَط على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ثَمَانُون رجلا من أهل مَكَّة فِي السِّلَاح من قبل جبل التَّنْعِيم يُرِيدُونَ غرَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا عَلَيْهِم فَأخذُوا فَعَفَا عَنْهُم فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطن مَكَّة من بعد أَن أَظْفَرَكُم عَلَيْهِم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطن مَكَّة} قَالَ: بطن مَكَّة الْحُدَيْبِيَة ذكر لنا أَن رجلا من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُ زنيم أطلع الثَّنية زمَان الْحُدَيْبِيَة فَرَمَاهُ الْمُشْركُونَ فَقَتَلُوهُ فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خيلا فَأتوا بأثني عشر فَارِسًا فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل لكم عهد أَو ذمَّة قَالُوا لَا فأرسلهم فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم قَالَا: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زمن الْحُدَيْبِيَة فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَابه حَتَّى إِذا كَانُوا بِذِي الحليفة قلد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْهَدْي وَأَشْعرهُ وَأحرم بِالْعُمْرَةِ وَبعث بَين يَدَيْهِ عينا لَهُ من خُزَاعَة يُخبرهُ عَن

قُرَيْش وَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كَانَ بغدير الأشطاط قَرِيبا من عسفان أَتَاهُ عينه الْخُزَاعِيّ فَقَالَ: إِنِّي قد تركت كَعْب بن لؤَي وعامر بن لؤَي قد جمعُوا لَك الْأَحَابِيش وجمعوا لَك جموعا وهم مقاتلوك وصادوك عَن الْبَيْت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَشِيرُوا عَليّ أَتَرَوْنَ أَن نَمِيل إِلَى ذَرَارِي هَؤُلَاءِ الَّذين أَعَانُوهُم فَنصِيبهُمْ فَإِن قعدوا قعدوا موثورين محزونين وَإِن لحوا تكن عنقًا قطعهَا الله أم ترَوْنَ أَن نَؤُم الْبَيْت فَمن صدنَا عَنهُ قَاتَلْنَاهُ فَقَالَ أَبُو بكر: الله وَرَسُوله أعلم يَا رَسُول اللهن إِنَّمَا جِئْنَا معتمرين وَلم نجيء لقِتَال أحد وَلَكِن من حَال بَيْننَا وَبَين الْبَيْت قَاتَلْنَاهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فروحوا إِذن فراحوا حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن خَالِد بن الْوَلِيد بالغميم فِي خيل لقريش طَلِيعَة فَخُذُوا ذَات الْيَمين فوَاللَّه مَا شعر بهم خَالِد حَتَّى إِذا هُوَ بقترة الْجَيْش فَانْطَلق يرْكض نذيرا لقريش وَسَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كَانَ بالثنية الَّتِي يهْبط عَلَيْهِم مِنْهَا بَركت بِهِ رَاحِلَته فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حل حل فألحت فَقَالُوا: خلأت الْقَصْوَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا خلأت الْقَصْوَاء وَمَا ذَاك لَهَا بِخلق وَلَكِن حَبسهَا حَابِس الْفِيل ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خطة يعظمون فِيهَا حرمات الله إِلَّا أَعطيتهم إِيَّاهَا ثمَّ زجرها فَوَثَبت فَعدل بهم حَتَّى نزل بأقصى الْحُدَيْبِيَة على ثَمد قَلِيل المَاء إِنَّمَا يتربضه النَّاس تربضا فَلم يلبث النَّاس أَن نَزَحُوهُ فشكي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَطش فَانْتزع سَهْما من كِنَانَته ثمَّ أَمرهم أَن يَجْعَلُوهُ فِيهِ قَالَ: فو الله مَا زَالَ يَجِيش لَهُم بِالريِّ حَتَّى صدرُوا عَنهُ فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ جَاءَ بديل بن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ فِي نفر من قومه من خُزَاعَة وَكَانُوا عَيْبَة نصح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل تهَامَة فَقَالَ: إِنِّي قد تركت كَعْب بن لؤَي وعامر بن لؤَي نزلُوا أعداد مياه الْحُدَيْبِيَة مَعَهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عَن البيتز فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا لم نجيء لقِتَال أحد وَلَكِن جِئْنَا معتمرين وَإِن قُريْشًا قد نهكتهم الْحَرْب وأضرت بهم فَإِن شاؤوا ماددتهم مُدَّة ويخلوا بيني وَبَين النَّاس فَإِن أظهر فَإِن شاؤوا أَن يدخلُوا فِيمَا دخل فِيهِ النَّاس فعلوا وَإِلَّا فقد جموا وَإِن هم أَبَوا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لأقاتلهم على أَمْرِي هَذَا حَتَّى تنفرد سالفتي أَو لينفذن الله أمره فَقَالَ بديل سأبلغهم مَا تَقول فَانْطَلق حَتَّى أَتَى قُريْشًا فَقَالَ: إِنَّا قد جئناكم من عِنْد الرجل وسمعناه يَقُول قولا فَإِن شِئْتُم نعرضه عَلَيْكُم فعلنَا فَقَالَ سفهاؤهم: لَا حَاجَة لنا فِي أَن تحدثنا عَنهُ بِشَيْء وَقَالَ ذُو الرَّأْي مِنْهُم هَات مَا سمعته يَقُول قَالَ: سمعته يَقُول:

كَذَا وَكَذَا فَحَدثهُمْ بِمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ عُرْوَة بن مَسْعُود الثَّقَفِيّ فَقَالَ: أَي قوم ألستم بِالْوَلَدِ قَالُوا: بلَى قَالَ: أَلَسْت بالوالد قَالُوا: بلَى قَالَ: فَهَل تتهموني قَالُوا: لَا قَالَ: ألستم تعلمُونَ أَنِّي استنفرت أهل عكاظ فَلَمَّا بلحوا عَليّ جِئتُكُمْ بأهلي وَوَلَدي وَمن أَطَاعَنِي قَالُوا: بلَى قَالَ: فَإِن هَذَا قد عرض عَلَيْكُم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته قَالُوا: ائته [] فَأَتَاهُ فَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحوا من قَوْله لبديلز فَقَالَ عُرْوَة عِنْد ذَلِك: أَي مُحَمَّد أَرَأَيْت إِن استأصلت قَوْمك هَل سَمِعت أحدا من الْعَرَب اجتاح أَهله قبلك وَإِن تكن الْأُخْرَى فوَاللَّه إِنِّي لأرى وُجُوهًا وَأرى أوباشا من النَّاس خليقا أَن يَفروا ويدعوك فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: أمصص بظر اللات أَنَحْنُ نفر عَنهُ وندعه فَقَالَ: من ذَا قَالَ: أَبُو بكر قَالَ: أما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا يَد كَانَت لَك عِنْدِي لم أجزك بهَا لأجبتك قَالَ: وَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكلما كَلمه أَخذ بلحيته والمغيرة بن شُعْبَة قَائِم على رَأس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ السَّيْف وَعَلِيهِ المغفر فَكلما أَهْوى عُرْوَة بِيَدِهِ إِلَى لحية النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضرب الْمُغيرَة يَده بنعل السَّيْف وَقَالَ: أخر يدك عَن لحية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفع عُرْوَة رَأسه فَقَالَ: من هَذَا قَالُوا: الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: أَي غدر أَلَسْت أسعى فِي غدرتك وَكَانَ الْمُغيرَة صحب قوما فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَتلهُمْ وَأخذ أَمْوَالهم ثمَّ جَاءَ فَأسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما الْإِسْلَام فَأقبل وَأما المَال فلست مِنْهُ فِي شَيْء ثمَّ إِن عُرْوَة جعل يرمق أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَيْنيهِ قَالَ: فوَاللَّه مَا تنخم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نخامة إِلَّا وَقعت فِي كف وَاحِد مِنْهُم فدلك بهَا وَجهه وَجلده وَإِذا أَمرهم ابتدروا أمره وَإِذا تَوَضَّأ كَادُوا يقتتلون على وضوئِهِ وَإِذا تكلم خفضوا أَصْوَاتهم عِنْده وَمَا يحدون إِلَيْهِ النّظر تَعْظِيمًا لَهُ فَرجع عُرْوَة إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ: أَي قوم وَالله لقد وفدت على الْمُلُوك وفدت على قَيْصر وكسرى وَالنَّجَاشِي وَالله إِن رَأَيْت ملكا يعظمه أَصْحَابه مَا يعظم أَصْحَاب مُحَمَّد مُحَمَّدًا وَالله إِن يتنخم نخامة إِلَّا وَقعت فِي كف وَاحِد مِنْهُم فدلك بهَا وَجهه وَجلده وَإِذا أَمرهم ابتدروا أمره وَإِذا تَوَضَّأ كَادُوا يقتتلون على وضوئِهِ وَإِذا تكلم خفضوا أَصْوَاتهم عِنْده وَمَا يحدون إِلَيْهِ النّظر تَعْظِيمًا لَهُ وَإنَّهُ عرض عَلَيْكُم خطة رشد فاقبلوها فَقَالَ رجل من بني كنَانَة: دَعونِي آته فَقَالُوا: ائته [] فَلَمَّا أشرف على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا فلَان وَهُوَ من قوم يعظمون الْبدن فابعثوها لَهُ فَبعثت لَهُ واستقبله الْقَوْم يلبون فَلَمَّا رأى ذَلِك قَالَ: سُبْحَانَ الله مَا يَنْبَغِي لهَؤُلَاء أَن

يصدوا عَن الْبَيْت فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابه قَالَ: رَأَيْت الْبدن قد قلدت وأشعرت فَمَا أرى أَن يصدوا عَن الْبَيْت فَقَامَ رجل يُقَال لَهُ مكرز بن حَفْص فَقَالَ: دَعونِي آته فَقَالُوا: ائته [] فَلَمَّا أشرف عَلَيْهِم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا مكرز وَهُوَ رجل فَاجر فَجعل يكلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَيْنَمَا هُوَ يكلمهُ إِذْ جَاءَ سُهَيْل بن عَمْرو فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد سهل لكم من أَمركُم فجَاء سُهَيْل فَقَالَ هَات أكتب بَيْننَا وَبَيْنك كتابا فَدَعَا الْكَاتِب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اكْتُبْ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ سُهَيْل: أما الرَّحْمَن فوَاللَّه مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِن اكْتُبْ بِاسْمِك اللَّهُمَّ كَمَا كنت تكْتب فَقَالَ الْمُسلمُونَ: وَالله مَا نكتبها إِلَّا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اكْتُبْ بِاسْمِك اللَّهُمَّ ثمَّ قَالَ: هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله فَقَالَ سُهَيْل: وَالله لَو كُنَّا نعلم أَنَّك رَسُول الله مَا صَدَدْنَاك عَن الْبَيْت وَلَا قَاتَلْنَاك وَلَكِن اكْتُبْ: مُحَمَّد بن عبد الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله إِنِّي لرَسُول الله وَإِن كذبتموني اكْتُبْ: هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله قَالَ الزُّهْرِيّ وَذَلِكَ لقَوْله: لَا يَسْأَلُونِي خطة يعظمون فِيهَا حرمات الله إِلَّا أَعطيتهم إِيَّاهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: على أَن تخلوا بَيْننَا وَبَين الْبَيْت فنطوف بِهِ قَالَ سُهَيْل: وَالله لَا تَتَحَدَّث الْعَرَب أَنا أَخذنَا ضفطة [] وَلَكِن لَك من الْعَام الْمقبل فَكتب فَقَالَ سُهَيْل: وعَلى أَنه لَا يَأْتِيك منا رجل وَإِن كَانَ على دينك إِلَّا رَددته إِلَيْنَا فَقَالَ الْمُسلمُونَ: سُبْحَانَ الله كَيفَ يرد إِلَى الْمُشْركين وَقد جَاءَ مُسلما فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ جَاءَ أَبُو جندل بن سُهَيْل بن عمر ويرسف فِي قيوده وَقد خرج من أَسْفَل مَكَّة حَتَّى رمى بِنَفسِهِ بَين أظهر الْمُسلمين فَقَالَ سُهَيْل: هَذَا يَا مُحَمَّد أول من أقاضيك عَلَيْهِ أَن ترد إِلَيّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا لم نقض الْكتاب بعد قَالَ: فوَاللَّه لَا أصالحك على شَيْء أبدا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فأجزه لي قَالَ: مَا أَنا بمجيزه قَالَ: بلَى فافعل قَالَ: مَا أَنا بفاعل فَقَالَ أَبُو جندل: أَي معشر الْمُسلمين أرد إِلَى الْمُشْركين وَقد جِئْت مُسلما أَلا ترَوْنَ مَا لقِيت فِي الله وَكَانَ قد عذب عذَابا شَدِيدا فِي الله فَقَالَ عمر بن الْخطاب: وَالله مَا شَككت مُنْذُ أسلمت إِلَّا يَوْمئِذٍ فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: أَلَسْت نَبِي الله قَالَ: بلَى فَقلت: أَلسنا على الْحق وعدونا على الْبَاطِل قَالَ: بلَى قلت: فَلم نعطى الدنية فِي ديننَا إِذن قَالَ: إِنِّي رَسُول الله وَلست أعصيه وَهُوَ ناصري قلت: أَو لَيْسَ كنت تحدثنا أَنا سنأتي الْبَيْت ونطوف بِهِ قَالَ: بلَى

أفأخبرتك أَنَّك تَأتيه الْعَام قلت: لَا قَالَ: فَإنَّك آتيه ومطوف بِهِ فَأتيت أَبَا بكر فَقلت يَا أَبَا بكر: أَلَيْسَ هَذَا نَبِي الله حَقًا قَالَ: بلَى قلت: أَلسنا على الْحق وعدونا على الْبَاطِل قَالَ: بلَى قلت: فَلم نعطى الدنية فِي ديننَا إِذن قَالَ: أَيهَا الرجل إِنَّه رَسُول الله وَلَيْسَ يَعْصِي ربه وَهُوَ ناصره فَاسْتَمْسك بغرزه تفز حَتَّى تَمُوت فو الله إِنَّه لعلى الْحق قلت: أوليس كَانَ يحدثنا إِنَّا سنأتي الْبَيْت ونطوف بِهِ قَالَ: بلَى أفأخبرك أَنَّك تَأتيه الْعَام قلت: لَا قَالَ: فَإنَّك آتيه ومطوف بِهِ قَالَ عمر: فَعمِلت لذَلِك أعمالا فَلَمَّا فرغ من قَضِيَّة الْكتاب قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه: قومُوا فَانْحَرُوا ثمَّ احْلقُوا فوَاللَّه مَا قَامَ رجل مِنْهُم حَتَّى قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات فَلَمَّا لم يقم مِنْهُم أحد قَامَ فَدخل على أم سَلمَة فَذكر لَهَا مَا لَقِي من النَّاس فَقَالَت أم سَلمَة: يَا نَبِي الله أَتُحِبُّ ذَلِك قَالَ: نعم قَالَت: فَاخْرُج ثمَّ لَا تكلم أحدا مِنْهُم حَتَّى تنحر بدنك وَتَدْعُو حالقك فيحلقك فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج فَلم يكلم أحدا مِنْهُم كلمة حَتَّى فعل ذَلِك: نحر بدنه ودعا بحالقه فحلقه فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَامُوا فنحروا وَجعل بَعضهم يحلق بَعْضًا حَتَّى كَاد بَعضهم يقتل بَعْضًا غما ثمَّ جَاءَهُ نسْوَة مؤمنات فَأنْزل الله (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات) (الممتحنة 10) حَتَّى بلغ (بعصم الكوافر) فَطلق عمر رَضِي الله عَنهُ يَوْمئِذٍ امْرَأتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشّرك فَتزَوج إِحْدَاهمَا مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَالْأُخْرَى صَفْوَان بن أُميَّة ثمَّ رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة فَجَاءَهُ أَبُو بَصِير رجل من قُرَيْش وَهُوَ مُسلم فأرسلوا فِي طلبه رجلَيْنِ فَقَالُوا: الْعَهْد الَّذِي جعلته لنا فَدفعهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الرجلَيْن فَخَرَجَا بِهِ حَتَّى بلغا بِهِ ذَا الحليفة فنزلوا يَأْكُلُون من تمر لَهُم فَقَالَ أَبُو بَصِير لأحد الرجلَيْن: وَالله إِنِّي لأرى سَيْفك هَذَا يَا فلَان جيدا فاستله الآخر وَقَالَ: أجل وَالله إِنَّه لجيد لقد جربت بِهِ وجربت فَقَالَ لَهُ أَبُو بَصِير: أَرِنِي أنظر إِلَيْهِ فأمكنه مِنْهُ فَضَربهُ حَتَّى برد وفر الآخر حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة فَدخل الْمَسْجِد يعدو فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين رَآهُ: لقد رأى هَذَا ذعرا فَلَمَّا انْتهى إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قد قتل وَالله صَاحِبي وَإِنِّي لمقتول فجَاء أَبُو بَصِير فَقَالَ يَا نَبِي الله: قد أوفى الله بذمتك قد رددتني إِلَيْهِم ثمَّ أنجاني الله مِنْهُم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ويل أمه مسعر حَرْب لَو كَانَ لَهُ أحد فَلَمَّا سمع ذَلِك عرف أَنه سيرده إِلَيْهِم فَخرج حَتَّى أَتَى سيف الْبَحْر قَالَ: وينفلت مِنْهُم أَبُو جندل

فلحق بِأبي بَصِير فَجعل لَا يخرج رجل من قُرَيْش رجل قد أسلم إِلَّا لحق بِأبي بَصِير حَتَّى اجْتمعت مِنْهُم عِصَابَة قَالَ: فوَاللَّه مَا يسمعُونَ بعير لقريش خرجت إِلَى الشَّام إِلَّا اعْترضُوا لَهَا فَقَتَلُوهُمْ وَأخذُوا أَمْوَالهم فَأرْسلت قُرَيْش إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تناشده الله والرحمن لما أرسل إِلَيْهِم فَمن أَتَاهُ مِنْهُم فَهُوَ آمنز فَأرْسل إِلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم} حَتَّى بلغ {حمية الْجَاهِلِيَّة} وَكَانَت حميتهم أَنهم لم يقرُّوا أَنه نَبِي وَلم يقرُّوا بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وحالوا بَينه وَبَين الْبَيْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَاتب الْكتاب يَوْم الْحُدَيْبِيَة عَليّ بن أبي طَالب وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع قَالَ: قدمنَا الْحُدَيْبِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن أَربع عشرَة مائَة ثمَّ إِن الْمُشْركين من أهل مَكَّة راسلونا فِي الصُّلْح فَلَمَّا اصطلحنا وَاخْتَلَطَ بَعْضنَا بِبَعْض أتيت شَجَرَة فاضطجعت فِي ظلها فَأَتَانِي أَرْبَعَة من مُشْركي أهل مَكَّة فَجعلُوا يقعون فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأمعضتهم وتحوّلت إِلَى شَجَرَة أُخْرَى فعلقوا سِلَاحهمْ واضطجعوا فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ نَادَى منادٍ من أَسْفَل الْوَادي: يَا للمهاجرين قتل ابْن زنيم فاخترطت سَيفي فاشتددت على أُولَئِكَ الْأَرْبَعَة وهم رقود فَأخذت سِلَاحهمْ وَجَعَلته فِي يَدي ثمَّ قلتُ: وَالَّذِي أكْرم وَجه مُحَمَّد لَا يرفع أحد مِنْكُم رَأسه إِلَّا ضربت الَّذِي فِيهِ عَيناهُ ثمَّ جِئْت بهم أسوقهم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَاء عمي عَامر بِرَجُل من العبلات يُقَال لَهُ مكرز من الْمُشْركين يَقُودهُ حَتَّى وقفنا بهم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سبعين من الْمُشْركين فَنظر إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: دعوهم يكون لَهُم بَدْء الْفُجُور ومنتهاه فَعَفَا عَنْهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنزل الله {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطن مَكَّة من بعد أَن أَظْفَرَكُم عَلَيْهِم} وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أصل الشَّجَرَة الَّتِي قَالَ الله فِي الْقُرْآن وَكَانَ يَقع من أَغْصَان تِلْكَ الشَّجَرَة على ظهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلي بن أبي طَالب وَسُهيْل بن عَمْرو بَين يَدَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي: اكْتُبْ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَأخذ سُهَيْل بِيَدِهِ قَالَ: مَا نَعْرِف الرَّحْمَن وَلَا الرَّحِيم

أكتب فِي قَضِيَّتنَا مَا نَعْرِف قَالَ: أكتب: بِاسْمِك اللَّهُمَّ وَكتب: هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله أهل مَكَّة فَأمْسك سُهَيْل بِيَدِهِ وَقَالَ: لقد ظَلَمْنَاك إِن كنت رَسُوله أكتب فِي قَضِيَّتنَا مَا نَعْرِف فَقَالَ: أكتب هَذَا مَا صَالح مُحَمَّد بن عبد الله فَبينا نَحن كَذَلِك إِذْ خرج علينا ثَلَاثُونَ شَابًّا عَلَيْهِم السِّلَاح فثاروا فِي وُجُوهنَا فَدَعَا عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخذ الله بأسماعهم وَلَفظ الْحَاكِم: بِأَبْصَارِهِمْ فقمنا إِلَيْهِم فأخذناهم فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل جئْتُمْ فِي عهد أحد أَو هَل جعل لكم أحد أَمَانًا فَقَالُوا: لَا فخلى سبيلهم فَأنْزل الله {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن أَبْزَى قَالَ: لما خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْهَدْي وانْتهى إِلَى ذِي الحليفة قَالَ لَهُ عمر: يَا نَبِي الله تدخل على قوم لَك حَرْب بِغَيْر سلَاح وَلَا كرَاع فَبعث إِلَى الْمَدِينَة فَلم يدع فِيهَا سِلَاحا وَلَا كُرَاعًا إِلَّا حمله فَلَمَّا دنا من مَكَّة منعُوهُ أَن يدْخل فَسَار حَتَّى أَتَى منى فَنزل بمنى فَأَتَاهُ عُيَيْنَة بن عِكْرِمَة بن أبي جهل قد خرج عَلَيْهِ فِي خَمْسمِائَة فَقَالَ لخَالِد بن الْوَلِيد: يَا خَالِد هَذَا ابْن عمك قد أَتَاك فِي الْخَيل فَقَالَ خَالِد: أَنا سيف الله وَسيف رَسُوله فَيَوْمئِذٍ سمي سيف الله يَا رَسُول الله إرمِ بِي أَيْن شِئْت فَبَعثه على خيل فَلَقِيَهُ عِكْرِمَة فِي الشّعب فَهَزَمَهُ حَتَّى أدخلهُ حيطان مَكَّة ثمَّ عَاد فِي الثَّانِيَة حَتَّى أدخلهُ حيطان مَكَّة ثمَّ عَاد فِي الثَّالِثَة فَهَزَمَهُ حَتَّى أدخلهُ حيطان مَكَّة فَأنْزل الله {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم} الْآيَة قَالَ: فَكف الله النَّبِي عَنْهُم من بعد أَن أظفره عَلَيْهِم لِبَقَايَا من الْمُسلمين كَانُوا بقوا فِيهَا كَرَاهِيَة أَن تَطَأهُمْ الْخَيل أخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك وَسَعِيد بن جُبَير {وَالْهَدْي معكوفاً} قَالَ: مَحْبُوسًا وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نحرُوا يَوْم الْحُدَيْبِيَة سبعين بَدَنَة فَلَمَّا صدت عَن الْبَيْت حنت كَمَا تحن إِلَى أَوْلَادهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مَالك بن ربيعَة السَّلُولي رَضِي الله عَنهُ أَنه شهد مَعَ رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الشَّجَرَة وَيَوْم رد الْهَدْي معكوفاً قبل أَن يبلغ مَحَله وَأَن رجلا من الْمُشْركين قَالَ يَا مُحَمَّد: مَا يحملك على أَن تدخل هَؤُلَاءِ علينا وَنحن كَارِهُون فَقَالَ: هَؤُلَاءِ خير مِنْك وَمن أجدادك يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد رَضِي الله عَنْهُم قَوْله تَعَالَى: {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ} الْآيَة أخرج الْحسن بن سُفْيَان وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن قَانِع والباوردي وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم بِسَنَد جيد عَن أبي جُمُعَة حنيبذ بن سبيع قَالَ: قَاتَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول النَّهَار كَافِرًا وقاتلت مَعَه آخر النَّهَار مُسلما وَفينَا نزلت {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ وَنسَاء مؤمنات} وَكُنَّا تِسْعَة نفر سَبْعَة رجال وَامْرَأَتَيْنِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ وَنسَاء مؤمنات لم تعلموهم} قَالَ: حِين ردوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَن تطؤوهم} بِقَتْلِهِم إيَّاهُم {لَو تزيلوا لعذبنا الَّذين كفرُوا مِنْهُم عذَابا أَلِيمًا} يَقُول لَو تزيل الْكفَّار من الْمُؤمنِينَ لعذبهم الله عذَابا أَلِيمًا بِقَتْلِهِم إيَّاهُم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَلَوْلَا رجال مُؤمنُونَ} قَالَ: دفع الله عَن الْمُشْركين يَوْم الْحُدَيْبِيَة بأناس من الْمُؤمنِينَ كَانُوا بَين أظهرهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: هم أنَاس كَانُوا بِمَكَّة تكلمُوا بالإِسلام كره الله أَن يؤذوا وَأَن يوطأوا حِين رد مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه يَوْم الْحُدَيْبِيَة فتصيب الْمُسلمين مِنْهُم معرة يَقُول ذَنْب بِغَيْر علم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {فتصيبكم مِنْهُم معرة بِغَيْر علم} قَالَ: إِثْم {لَو تزيلوا} قَالَ: لَو تفَرقُوا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَو تزيلوا لعذبنا الَّذين كفرُوا مِنْهُم عذَابا أَلِيمًا} قَالَ: هُوَ الْقَتْل والسبي وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {لَو تزيلوا لعذبنا الَّذين كفرُوا مِنْهُم عذَابا أَلِيمًا} قَالَ: إِن الله عزَّ وجلَّ يدْفع بِالْمُؤْمِنِينَ عَن الْكفَّار

الْآيَة 26

26

أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن سهل بن حنيف أَنه قَالَ يَوْم صفّين: اتهموا أَنفسكُم فَلَقَد رَأَيْتنَا يَوْم الْحُدَيْبِيَة نرجىء الصُّلْح الَّذِي كَانَ بَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين الْمُشْركين وَلَو نرى قتالاً لقاتلنا فجَاء عمر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله: أَلسنا على الْحق وهم على الْبَاطِل قَالَ: بلَى قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجنَّة وقتلاهم فِي النَّار قَالَ: بلَى قَالَ فَفِيمَ نعطي الدنية فِي ديننَا وَنَرْجِع لما يحكم الله بَيْننَا وَبينهمْ فَقَالَ يَا ابْن الْخطاب: إِنِّي رَسُول الله وَلنْ يضيعني الله أبدا فَرجع متغيظاً لم يصبر حَتَّى جَاءَ أَبَا بكر فَقَالَ يَا أَبَا بكر: أَلسنا على الْحق وهم على الْبَاطِل قَالَ: بلَى قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجنَّة وقتلاهم فِي النَّار قَالَ: بلَى قَالَ: فلمَ نعطي الدنية فِي ديننَا قَالَ: يَا ابْن الْخطاب إِنَّه رَسُول الله وَلنْ يضيعه الله أبدا فَنزلت سُورَة الْفَتْح فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ فَأَقْرَأهُ إِيَّاهَا قَالَ يَا رَسُول الله: أَو فتح هُوَ قَالَ: نعم وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق أبي إِدْرِيس عَن أبي كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ [إِذْ جعل الَّذين كفرُوا فِي قُلُوبهم الحمية حمية الْجَاهِلِيَّة وَلَو حميتم كَمَا حموا لفسد الْمَسْجِد الْحرم فَأنْزل الله سكينته على رَسُوله] فَبلغ ذَلِك عمر فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ فَبعث إِلَيْهِ فَدخل عَلَيْهِ فَدَعَا نَاسا من أَصْحَابه فيهم زيد بن ثَابت فَقَالَ: من يقْرَأ مِنْكُم سُورَة الْفَتْح فَقَرَأَ زيد على قراءتنا الْيَوْم فغلظ لَهُ عمر فَقَالَ أبيّ أأتكلم قَالَ: تكلم فَقَالَ: لقد علمت أَنِّي كنت أَدخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويقرئني وَأَنت بِالْبَابِ فَإِن أَحْبَبْت أَن أقرىء النَّاس على مَا أَقْرَأَنِي أَقرَأت وَإِلَّا لم أقرىء حرفا مَا حييت قَالَ: بل أقرىء النَّاس وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {حمية الْجَاهِلِيَّة} قَالَ: حميت قُرَيْش أَن يدْخل عَلَيْهِم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالُوا: لَا يدخلهَا عليناا أبدا فَوضع الله الحمية عَن مُحَمَّد وَأَصْحَابه

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَجْلَح قَالَ: كَانَ حَمْزَة بن عبد الْمطلب رجلا حسن الشّعْر حسن الْهَيْئَة صَاحب صيد وَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على أبي جهل فولع بِهِ وآذاه فَرجع حَمْزَة من الصَّيْد وَامْرَأَتَانِ تمشيان خَلفه فَقَالَت إِحْدَاهمَا لَو علم ذَا مَا صنع بِابْن أَخِيه أقصر عَن مشيته فَالْتَفت إِلَيْهِمَا فَقَالَ: وَمَا ذَاك قَالَت: أَبُو جهل فعل بِمُحَمد كَذَا وَكَذَا فدخلته الحمية فجَاء حَتَّى دخل الْمَسْجِد وَفِيه أَبُو جهل فعلا رَأسه بقوسه ثمَّ قَالَ: ديني دين مُحَمَّد إِن كُنْتُم صَادِقين فامنعوني فَقَامَتْ إِلَيْهِ قُرَيْش فَقَالُوا يَا أَبَا يعلى فَأنْزل الله {إِذْ جعل الَّذين كفرُوا فِي قُلُوبهم الحمية} إِلَى قَوْله {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: حَمْزَة بن عبد الْمطلب أما قَوْله تَعَالَى: {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} أخرج التِّرْمِذِيّ وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن جرير وَالدَّارقطني فِي الإِفراد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الْحُسَيْن بن مَرْوَان فِي فَوَائده عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَا: لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَأخرج أَحْمد عَن حمْرَان مولى عُثْمَان بن عَفَّان رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنِّي لأعْلم كلمة لَا يَقُولهَا عبد حقّاً من قلبه إِلَّا حرمه الله على النَّار فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنا أحدثكُم مَا هِيَ كلمة الإِخلاص الَّتِي ألزمها الله مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه وَهِي كلمة التَّقْوَى الَّتِي حض عَلَيْهَا نَبِي الله عَمه أَبَا طَالب عِنْد الْمَوْت شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء

وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: شَهَادَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَهِي رَأس كل تقوى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ الْأَزْدِيّ قَالَ: كنت مَعَ ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ بَين مَكَّة وَمنى فَسمع النَّاس يَقُولُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر فَقَالَ: هِيَ هِيَ فَقلت: مَا هِيَ هِيَ قَالَ {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن جريج عَن مُجَاهِد وَعَطَاء فِي قَوْله {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ أَحدهمَا: الاخلاص وَقَالَ الآخر: كلمة التَّقْوَى لَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: كلمة الاخلاص وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن مَيْمُون {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَالْحسن وَقَتَادَة وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ وَسَعِيد بن جُبَير مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {وَكَانُوا أَحَق بهَا وَأَهْلهَا} وَكَانَ الْمُسلمُونَ أَحَق بهَا وَكَانُوا أَهلهَا وَالله أعلم الْآيَات 27 - 28

27

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِالْحُدَيْبِية أَنه يدْخل مَكَّة هُوَ وَأَصْحَابه آمِنين مُحَلِّقِينَ رؤوسهم وَمُقَصِّرِينَ فَلَمَّا نحر الْهَدْي بِالْحُدَيْبِية قَالَ لَهُ أَصْحَابه: أَيْن رُؤْيَاك يَا رَسُول الله فَأنْزل الله {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} إِلَى قَوْله {فَجعل من دون ذَلِك فتحا قَرِيبا} فَرَجَعُوا ففتحوا خَيْبَر ثمَّ اعْتَمر بعد ذَلِك فَكَانَ تَصْدِيق رُؤْيَاهُ فِي السّنة الْمُقبلَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} قَالَ: كَانَ تَأْوِيل رُؤْيَاهُ فِي عمْرَة الْقَضَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} قَالَ: هُوَ دُخُول مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَيْت وَالْمُؤمنِينَ مُحَلِّقِينَ رؤوسهم وَمُقَصِّرِينَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يطوف بِالْبَيْتِ وَأَصْحَابه فَصدق الله رُؤْيَاهُ بِالْحَقِّ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} قَالَ: رأى فِي الْمَنَام أَنهم يدْخلُونَ الْمَسْجِد الْحَرَام وَأَنَّهُمْ آمنون مُحَلِّقِينَ رؤوسهم وَمُقَصِّرِينَ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُم: إِنِّي قد رَأَيْت أَنكُمْ سَتَدْخُلُونَ الْمَسْجِد الْحَرَام مُحَلِّقِينَ رؤوسكم وَمُقَصِّرِينَ فَلَمَّا نزلت بِالْحُدَيْبِية وَلم يدْخل ذَلِك الْعَام طعن المُنَافِقُونَ فِي ذَلِك فَقَالَ الله {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} إِلَى قَوْله {لَا تخافون} أَي لم أره أَنه يدْخلهُ هَذَا الْعَام وليكونن ذَلِك {فَعلم مَا لم تعلمُوا} قَالَ: رده لمَكَان من بَين أظهرهم من الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وأخره

ليدْخل الله فِي رَحمته من يَشَاء مِمَّن يُرِيد الله أَن يهديه {فَجعل من دون ذَلِك فتحا قَرِيبا} قَالَ: خَيْبَر حِين رجعُوا من الْحُدَيْبِيَة فتحهَا الله عَلَيْهِم فَقَسمهَا على أهل الْحُدَيْبِيَة كلهم إِلَّا رجلا وَاحِدًا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو دُجَانَة سماك بن خَرشَة كَانَ قد شهد الْحُدَيْبِيَة وَغَابَ عَن خَيْبَر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُعْتَمِرًا فِي ذِي الْقعدَة مَعَه الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار حَتَّى أَتَى الْحُدَيْبِيَة فَخرجت إِلَيْهِ قُرَيْش فَردُّوهُ عَن الْبَيْت حَتَّى كَانَ بَينهم كَلَام وتنازع حَتَّى كَاد يكون بَينهم قتال فَبَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه وعدتهم ألف وَخَمْسمِائة تَحت الشَّجَرَة وَذَلِكَ يَوْم بيعَة الرضْوَان فقاضاهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت قُرَيْش: نقاضيك على أَن تنحر الْهَدْي مَكَانَهُ وتحلق وَترجع حَتَّى إِذا كَانَ الْعَام الْمقبل نخلي لَك مَكَّة ثَلَاثَة أَيَّام فَفعل فَخَرجُوا إِلَى عكاظ فأقاموا فِيهَا ثَلَاثَة أَيَّام واشترطوا عَلَيْهِ أَن لَا يدخلهَا بسلاح إِلَّا بِالسَّيْفِ وَلَا يخرج بِأحد من أهل مَكَّة إِن خرج مَعَه فَنحر الْهَدْي مَكَانَهُ وَحلق وَرجع حَتَّى إِذا كَانَ فِي قَابل من تِلْكَ الْأَيَّام دخل مَكَّة وَجَاء بِالْبدنِ مَعَه وَجَاء النَّاس مَعَه فَدخل الْمَسْجِد الْحَرَام فَأنْزل الله عَلَيْهِ {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لتدخلن الْمَسْجِد الْحَرَام إِن شَاءَ الله آمِنين مُحَلِّقِينَ رؤوسكم وَمُقَصِّرِينَ} وَأنزل عَلَيْهِ (الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام والحرمات قصاص) (الْبَقَرَة الْآيَة 194) الْآيَة أما قَوْله تَعَالَى: {مُحَلِّقِينَ رؤوسكم وَمُقَصِّرِينَ} أخرج مَالك وَالطَّيَالِسِي وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رحم الله المحلقين قَالُوا: والمقصرين يَا رَسُول الله قَالَ: رحم الله المحلقين قَالُوا: والمقصرين يَا رَسُول الله قَالَ: والمقصرين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين قَالُوا يَا رَسُول الله والمقصرين قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين ثَلَاثًا قَالُوا يَا رَسُول الله والمقصرين قَالَ والمقصرين

وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَأَبُو يعلى عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه حَلقُوا رؤوسهم يَوْم الْحُدَيْبِيَة إِلَّا عُثْمَان بن عَفَّان وَأَبا قَتَادَة فَاسْتَغْفر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للمحلقين ثَلَاثًا وللمقصرين مرّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن حبشِي بن جُنَادَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين قَالُوا يَا رَسُول الله والمقصرين قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين قَالُوا يَا رَسُول الله والمقصرين قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِر للمقصرين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يزِيد بن أبي مَرْيَم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين ثَلَاثًا قَالُوا يَا رَسُول الله والمقصرين قَالَ والمقصرين وَكنت يَوْمئِذٍ محلوق الرَّأْس فَمَا يسرني بحلق رَأْسِي حمر النعم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن يحيى بن أبي الْحصين عَن جدته أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَعَا للمحلقين ثَلَاثًا وللمقصرين مرّة فِي حجَّة الْوَدَاع وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن ربيعَة أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين ثَلَاثًا قَالَ رجل: والمقصرين فَقَالَ فِي الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة وللمقصرين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَنه قيل لَهُ لم ظَاهر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للمحلقين ثَلَاثًا وللمقصرين مرّة فَقَالَ: إِنَّهُم لم يشكوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ اغْفِر للمحلقين قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالُوا يَا رَسُول الله مَا بَال المحلقين ظَاهَرت لَهُم الترحم قَالَ: إِنَّهُم لم يشكوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يستحبون للرجل أول مَا يحجّ أَن يحلق وَأول مَا يعْتَمر أَن يحلق وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يَقُول للحلاق إِذا حلق فِي الْحَج وَالْعمْرَة أبلغ للعظمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء قَالَ: السّنة أَن يبلغ بِالْحلقِ إِلَى العظمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للحلاق هَكَذَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِب الْأَيْمن وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ على النِّسَاء حلق إِنَّمَا على النِّسَاء التَّقْصِير

الْآيَة 29

29

أخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: {وَالَّذين مَعَه} {مثلهم فِي التَّوْرَاة} إِلَى قَوْله {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ مَالك: نزل فِي الإِنجيل نعت النَّبِي وَأَصْحَابه وَأخرج ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: لما مَاتَ سعد بن معَاذ حضر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنِّي لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وَأَنا فِي حُجْرَتي وَكَانُوا كَمَا قَالَ الله {رحماء بَينهم} قيل فَكيف كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع فَقَالَت: كَانَت عينه لَا تَدْمَع على أحد وَلكنه كَانَ إِذا وجد فَإِنَّمَا هُوَ آخذ بلحيته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ عَن جرير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يرحم الله من لَا يرحم النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد عَن عبد الله بن عَمْرو يرويهِ قَالَ: من لم يرحم صَغِيرنَا وَيعرف حق كَبِيرنَا فَلَيْسَ منا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا تنْزع الرَّحْمَة إِلَّا من شقي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أُسَامَة بن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا يرحم الله من عباده الرُّحَمَاء وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: أما إِنَّه لَيْسَ بالذين ترَوْنَ وَلكنه سِيمَا الإِسلام وسحنته وسمته وخشوعه وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم

وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ السمت الْحسن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} قَالَ: النُّور يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن نصر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} قَالَ: بَيَاض يغشى وُجُوههم يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن جرير عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَوضِع السُّجُود أَشد وُجُوههم بَيَاضًا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام يتباهون أَيهمْ أَكثر أصحاباً من أمته فأرجو أَن أكون يَوْمئِذٍ أَكْثَرهم كلهم وَارِدَة وَإِن كل رجل مِنْهُم يَوْمئِذٍ قَائِم على حَوْض ملآن مَعَه عَصا يَدْعُو من عرف من أمته وَلكُل أمة سِيمَا يعرفهُمْ بهَا نَبِيّهم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: كنت عِنْد السَّائِب بن يزِيد إِذْ جَاءَ رجل فِي وَجهه أثر السُّجُود فَقَالَ: لقد أفسد هَذَا وَجهه أما وَالله مَا هِيَ السيما الَّتِي سمّى الله وَلَقَد صليت على وَجْهي مُنْذُ ثَمَانِينَ سنة مَا أثّر السُّجُود بَين عينيّ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: لَيْسَ الْأَثر فِي الْوَجْه وَلَكِن الْخُشُوع وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر عَن مُجَاهِد {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: لَيْسَ الْأَثر فِي الْوَجْه وَلَكِن الْخُشُوع وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر عَن مُجَاهِد {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: الْخُشُوع والتواضع وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن نصر عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: ندى الطّهُور وثرى الأَرْض وَأخرج ابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ السهر إِذا سهر الرجل من اللَّيْل أصبح مصفرّاً

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: السهر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم} قَالَ: إِن جِبْرِيل قَالَ: إِذا نظرت إِلَى الرجل من أمتك عرفت أَنه من أهل الصَّلَاة بأثر الْوضُوء وَإِذا أَصبَحت عرفت أَنه قد صلى من اللَّيْل وَهُوَ يَا مُحَمَّد العفاف فِي الدّين وَالْحيَاء وَحسن السمت وَأخرج ابْن إِسْحَق وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى يهود خَيْبَر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد رَسُول الله صَاحب مُوسَى وأخيه الْمُصدق لما جَاءَ بِهِ مُوسَى أَلا إِن الله قد قَالَ لكم يَا معشر أهل التَّوْرَاة وَإِنَّكُمْ تَجِدُونَ ذَلِك فِي كتابكُمْ {مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ذَلِك مثلهم فِي التَّوْرَاة} يَعْنِي مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة والإِنجيل قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج أَبُو عبيد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن الْمُنْذر عَن عمار مولى بني هَاشم قَالَ: سَأَلت أَبَا هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن الْقدر قَالَ: إكتف مِنْهُ بآخر سُورَة الْفَتْح {مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه} إِلَى آخر السُّورَة يَعْنِي أَن الله نعتهم قبل أَن يخلقهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {رحماء بَينهم} قَالَ: جعل الله فِي قُلُوبهم الرَّحْمَة بَعضهم لبَعض {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} قَالَ: علامتهم الصَّلَاة {ذَلِك مثلهم فِي التَّوْرَاة} قَالَ: هَذَا الْمثل فِي التَّوْرَاة {وَمثلهمْ فِي الإِنجيل} قَالَ: هَذَا مثل آخر {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: هَذَا نعت أَصْحَاب مُحَمَّد فِي الإِنجيل قيل لَهُ: أَنه سيخرج قوم يَنْبُتُونَ نَبَات الزَّرْع يخرج مِنْهُم قوم يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} قَالَ: صلَاتهم تبدو فِي وُجُوههم يَوْم الْقِيَامَة {ذَلِك مثلهم فِي التَّوْرَاة وَمثلهمْ فِي الْإِنْجِيل كزرع أخرج شطأه} قَالَ: سنبله حِين يبلغ نَبَاته عَن حباته {فآزره} يَقُول: نَبَاته مَعَ التفافه حِين يسنبل فَهَذَا مثل ضربه الله لأهل

الْكتاب إِذا خرج قوم يَنْبُتُونَ كَمَا ينْبت الزَّرْع فيهم رجال يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ثمَّ يغلظ فيهم الَّذين كَانُوا مَعَهم وَهُوَ مثل ضربه لمُحَمد يَقُول: يبْعَث الله النَّبِي وَحده ثمَّ يجْتَمع إِلَيْهِ نَاس قَلِيل يُؤمنُونَ بِهِ ثمَّ يكون الْقَلِيل كثيرا وسيغلظون ويغيظ الله بهم الْكفَّار يعجب الزراع من كثرته وَحسن نَبَاته وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: يَقُول حب بر مُتَفَرقًا فأنبتت كل حَبَّة وَاحِدَة ثمَّ أنبتت من حولهَا مثلهَا حَتَّى استغلظ واستوى على سوقه يَقُول: كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَلِيلا ثمَّ كَثُرُوا واستغلظوا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {كزرعٍ} قَالَ: أصل الزَّرْع عبد الْمطلب أخرج شطأه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فآزره بِأبي بكر فاستغلظ بعمر فَاسْتَوَى بعثمان على سوقه بعلي ليغيظ بهم الْكفَّار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والقلظي وَأحمد بن مُحَمَّد الزُّهْرِيّ فِي فَضَائِل الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة والشيرازي فِي الألقاب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {مُحَمَّد رَسُول الله وَالَّذين مَعَه} أَبُو بكر {أشداء على الْكفَّار} عمر {رحماء بَينهم} عُثْمَان {تراهم ركعا سجدا} عَليّ {يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضواناً} طَلْحَة وَالزُّبَيْر {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وَقاص وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح {وَمثلهمْ فِي الإِنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزره} بِأبي بكر {فاستغلظ} بعمر {فَاسْتَوَى على سوقه} بعثمان {يعجب الزراع ليغيظ بهم الْكفَّار} بعلي {وعد الله الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} جَمِيع أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: نَبَاته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: نَبَاته فروخه وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: حِين تخرج مِنْهُ الطَّاقَة {فآزره} قواه {فاستغلظ فَاسْتَوَى على سوقه} قَالَ: على مثل الْمُسلمين

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كزرعٍ أخرج شطأه} قَالَ: مَا يخرج بِجنب كِتَابه الجعلة فَيتم وينمو {فآزره} قَالَ: فشده وأعانه {على سوقه} قَالَ: على أُصُوله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن خَيْثَمَة قَالَ: قَرَأَ رجل على عبد الله سُورَة الْفَتْح فَلَمَّا بلغ {كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فَاسْتَوَى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الْكفَّار} قَالَ: ليغيظ الله بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَصْحَابِهِ الْكفَّار ثمَّ قَالَ: أَنْتُم الزَّرْع وَقد دنا حَصَاده وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة فِي قَوْله {ليغيظ بهم الْكفَّار} قَالَت: أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمروا بالاستغفار لَهُم فسبوهم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (49) سُورَة الحجرات مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَانِي عشرَة مُقَدّمَة سُورَة الحجرات أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَت: نزلت سُورَة الحجرات بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله الْآيَة 1

الحجرات

أخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: قدم ركب من بني تَمِيم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبُو بكر: أَمر الْقَعْقَاع بن معبد وَقَالَ عمر: بل أَمر الْأَقْرَع بن حَابِس فَقَالَ أَبُو بكر مَا أردْت إِلَّا خلافي فَقَالَ عمر: مَا أردْت خِلافك فتماريا حَتَّى ارْتَفَعت أصواتهما فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} حَتَّى انْقَضتْ الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} قَالَ: لَا تَقولُوا خلاف الْكتاب وَالسّنة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَاسا كَانُوا يَقُولُونَ: لَو أنزل فِي كَذَا وَكَذَا الْوَضع كَذَا وَكَذَا فكره الله ذَلِك وَقدم فِيهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} قَالَ: نهوا أَن يتكلموا بَين يَدي كَلَامه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن نَاسا ذَبَحُوا قبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم النَّحْر فَأَمرهمْ أَن يُعِيدُوا ذبحا فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأَضَاحِي عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذبح رجل قبل الصَّلَاة فَنزلت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله {لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} قَالَ: لَا تَصُومُوا قبل أَن يَصُوم نَبِيكُم وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ أنَاس يتقدمون بَين يَدي رَمَضَان بصيام يَعْنِي يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن نَاسا كَانُوا يتقدمون الشَّهْر فيصومون قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الضَّحَّاك أَنه قَرَأَ {لَا تقدمُوا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله} قَالَ: لَا تفتاتوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَيْء حَتَّى يقْضِي الله على لِسَانه قَالَ الْحفاظ: هَذَا التَّفْسِير على قِرَاءَة تقدمُوا بِفَتْح التَّاء وَالدَّال الْآيَات 2 - 3

2

أخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: كَاد الخيران أَن يهلكا أَبُو بكر وَعمر رفعا أصواتهما عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قدم عَلَيْهِ ركب بني تَمِيم فَأَشَارَ

أَحدهمَا بالأقرع بن حَابِس وَأَشَارَ الآخر بِرَجُل آخر فَقَالَ أَبُو بكر لعمر: مَا أردْت إِلَّا خلافي قَالَ: مَا أردْت خِلافك فارتفعت أصواتهما فِي ذَلِك فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} الْآيَة قَالَ ابْن الزبير: فَمَا كَانَ عمر يسمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذِه الْآيَة حَتَّى يَسْتَفْهِمهُ وَأخرجه التِّرْمِذِيّ من طَرِيق ابْن أبي مليكَة قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن الزبير بِهِ وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق ابْن أبي مليكَة عَن عبد الله بن الزبير أَن الْأَقْرَع بن حَابِس قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله اسْتَعْملهُ على قومه فَقَالَ عمر: لَا تستعمله يَا رَسُول الله فتكلما عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى ارْتَفَعت أصواتهما فَقَالَ أَبُو بكر لعمر: مَا أردْت إِلَّا خلافي قَالَ: مَا أردْت خِلافك فَنزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} فَكَانَ عمر بعد ذَلِك إِذا تكلم عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسمع كَلَامه حَتَّى يَسْتَفْهِمهُ وَأخرج الْبَزَّار وَابْن عدي وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} قلت يَا رَسُول الله: وَالله لَا أُكَلِّمك إِلَّا كَأَخِي السرَار وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول الله} قَالَ أَبُو بكر: وَالَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب يَا رَسُول الله لَا أُكَلِّمك إِلَّا كَأَخِي السرَار حَتَّى ألْقى الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كَانُوا يجهرون لَهُ بالْكلَام ويرفعون أَصْوَاتهم فَأنْزل الله {لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل} الْآيَة قَالَ: لَا تنادوه نِدَاء وَلَكِن قُولُوا قولا لينًا يَا رَسُول الله وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو يعلى وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس قَالَ: لما نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} إِلَى قَوْله {وَأَنْتُم لَا تشعرون} وَكَانَ ثَابت بن قيس بن شماس رفيع الصَّوْت فَقَالَ: أَنا الَّذِي كنت أرفع صوتي على رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَبط عَمَلي أَنا من أهل النَّار وَجلسَ فِي بَيته حَزينًا فَفَقدهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلق بعض الْقَوْم إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ: فقدك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا لَك قَالَ: أَنا الَّذِي أرفع صوتي فَوق صَوت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأجهر لَهُ بالْقَوْل حَبط عَمَلي أَنا من أهل النَّار فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخبروه بذلك فَقَالَ: لَا بل هُوَ من أهل الْجنَّة فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْيَمَامَة قتل وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن ثَابت بن قيس بن شماس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بالْقَوْل} قعد ثَابت رَضِي الله عَنهُ فِي الطَّرِيق يبكي فمرّ بِهِ عَاصِم بن عدي بن العجلان فَقَالَ: مَا يبكيك يَا ثَابت قَالَ: هَذِه الْآيَة أَتَخَوَّف أَن تكون نزلت فيَّ وَأَنا صيّت رفيع الصَّوْت فَمضى عَاصِم بن عدي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ خَبره فَقَالَ: اذْهَبْ فَأَدَعُهُ لي فجَاء فَقَالَ: مَا يبكيك يَا ثَابت فَقَالَ: أَنا صيّت وأتخوّف أَن تكون هَذِه الْآيَة نزلت فيّ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما ترْضى أَن تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا وَتدْخل الْجنَّة قَالَ: رضيت وَلَا أرفع صوتي أبدا على صَوت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَأنزل الله تَعَالَى {إِن الَّذين يَغُضُّونَ أَصْوَاتهم عِنْد رَسُول الله} الْآيَة وَأخرج ابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن إِسْمَعِيل بن مُحَمَّد بن ثَابت بن قيس بن شماس الْأنْصَارِيّ أَن ثَابت بن قيس قَالَ: يَا رَسُول الله: لقد خشيت أَن أكون قد هَلَكت قَالَ: لمَ قَالَ: يمْنَع الله الْمَرْء أَن يحمد بِمَا لم يفعل وأجدني أحب الْحَمد وَينْهى عَن الْخُيَلَاء وأجدني أحب الْجمال وَينْهى أَن نرفع أصواتنا فَوق صَوْتك وَأَنا جهير الصَّوْت فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا ثَابت أما ترْضى أَن تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا وَتدْخل الْجنَّة قَالَ الْحَافِظ بن حجر فِي الْأَطْرَاف: هَكَذَا أخرجه ابْن حبَان بِهَذَا السِّيَاق وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على أَن إِسْمَعِيل سَمعه من ثَابت فَهُوَ مُنْقَطع وَرَوَاهُ مَالك رَضِي الله عَنهُ فِي الْمُوَطَّأ عَن ابْن شهَاب عَن إِسْمَعِيل عَن ثَابت أَنه قَالَ فَذكره وَلم يذكرهُ من رُوَاة الْمُوَطَّأ أحد إِلَّا سعيد بن عفير وَحده وَقَالَ: قَالَ مَالك: قتل ثَابت بن قيس يَوْم الْيَمَامَة قَالَ ابْن حجر رَضِي الله عَنهُ: فَلم يُدْرِكهُ إِسْمَعِيل فَهُوَ مُنْقَطع قطعا إنتهى وَأخرج ابْن جرير عَن شمر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ ثَابت بن قيس بن

شماس إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محزون فَقَالَ: يَا ثَابت مَا الَّذِي أرى بك قَالَ: آيَة قرأتها اللَّيْلَة فأخشى أَن يكون قد حَبط عَمَلي {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} وَكَانَ فِي أُذُنه صمم فَقَالَ: أخْشَى أَن أكون قد رفعت صوتي وجهرت لَك بالْقَوْل وَأَن أكون قد حَبط عَمَلي وَأَنا لَا أشعر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إمشِ على الأَرْض نشيطاً فَإنَّك من أهل الْجنَّة وَأخرج الْبَغَوِيّ وَابْن قَانِع فِي مُعْجم الصَّحَابَة عَن مُحَمَّد بن ثَابت بن قيس بن شماس عَن ثَابت بن قيس بن شماس قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} قعدت فِي بَيْتِي فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا فَقتل يَوْم الْيَمَامَة وَأخرج الْبَغَوِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: قدمت الْمَدِينَة فَلَقِيت رجلا من الْأَنْصَار قلت: حَدثنِي حَدِيث ثَابت بن قيس بن شماس قَالَ: قُم معي فَانْطَلَقت مَعَه حَتَّى دخلت على امْرَأَة فَقَالَ الرجل: هَذِه ابْنة ثَابت بن قيس بن شماس فاسألها عَمَّا بدا لَك فَقلت: حدثيني قَالَت: سَمِعت أبي يَقُول: لما أنزل الله على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} الْآيَة دخل [أَي ثَابت] بَيته وأغلق عَلَيْهِ بَابه وطفق يبكي فَفَقدهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا شَأْن ثَابت فَقَالُوا: يَا رَسُول الله مَا نَدْرِي مَا شَأْنه غير أَنه قد أغلق عَلَيْهِ بَاب بَيته فَهُوَ يبكي فِيهِ فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ: مَا شَأْنك قَالَ: يَا رَسُول الله: أنزل الله عَلَيْك هَذِه الْآيَة وَأَنا شَدِيد الصَّوْت فَأَخَاف أَن أكون قد حَبط عَمَلي فَقَالَ: لست مِنْهُم بل تعيش بِخَير وَتَمُوت بِخَير قَالَت: ثمَّ أنزل الله على نبيه (إِن الله لَا يحب كل مختالٍ فخور) فأغلق عَلَيْهِ بَابه وطفق يبكي فِيهِ فافتقده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: ثَابت مَا شَأْنه قَالُوا: يَا رَسُول الله وَالله مَا نَدْرِي مَا شَأْنه غير أَنه قد أغلق عَلَيْهِ بَابه وطفق يبكي فَأرْسل إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا شَأْنك قَالَ: يَا رَسُول الله: أنزل الله عَلَيْك (إِن الله لَا يحب كل مختالٍ فخورٍ) وَالله إِنِّي لأحب الْجمال وَأحب أَن أسود قومِي قَالَ: لست مِنْهُم بل تعيش حميدا وَتقتل شَهِيدا وَيُدْخِلك الله الْجنَّة بِسَلام قَالَت: فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْيَمَامَة خرج مَعَ خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى مُسَيْلمَة الْكذَّاب فَلَمَّا لَقِي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد انكشفوا فَقَالَ ثَابت لسالم مولى أبي حُذَيْفَة: مَا هَكَذَا كُنَّا نُقَاتِل مَعَ رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ حفر كل مِنْهُمَا لنَفسِهِ حُفْرَة وَحمل عَلَيْهِم الْقَوْم فثبتا حَتَّى قتلا وَكَانَت على ثَابت يَوْمئِذٍ درع لَهُ نفيسة فَمر بِهِ رجل من الْمُسلمين فَأَخذهَا فَبينا رجل من الْمُسلمين نَائِم إِذْ أَتَاهُ ثَابت بن قيس فِي مَنَامه فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أوصيك بِوَصِيَّة إياك أَن تَقول هَذَا حلم فتضيعه: إِنِّي لما قتلت أمس مر بِي رجل من الْمُسلمين فَأخذ دِرْعِي ومنزله فِي أقْصَى الْعَسْكَر وَعند خبائه فرس يستن فِي طوله وَقد كفا على الدرْع برمة وَجعل فَوق البرمة رحلاً فائتِ خَالِد بن الْوَلِيد فمره أَن يبْعَث إِلَى دِرْعِي فيأخذها وَإِذا قدمت على خَليفَة رَسُول الله فَأخْبرهُ أَن عليَّ من الدّين كَذَا وَكَذَا ولي من الدّين كَذَا وَكَذَا وَفُلَان من رقيقي عَتيق وَفُلَان فإياك أَن تَقول هَذَا حلم فتضيعه فَأتى الرجل خَالِد بن الْوَلِيد فَأخْبرهُ فَبعث إِلَى الدرْع فَنظر إِلَى خباء فِي أقْصَى الْعَسْكَر فَإِذا عِنْده فرس يستن فِي طوله فَنظر فِي الخباء فَإِذا لَيْسَ فِيهِ أحد فَدَخَلُوا فدفعوا الرجل فَإِذا تَحْتَهُ برمة ثمَّ رفعوا البرمة فَإِذا الدرْع تحتهَا فَأتوا بِهِ خَالِد بن الْوَلِيد فَلَمَّا قدمُوا الْمَدِينَة حدّث الرجل أَبَا بكر برؤياه فَأجَاز وَصيته بعد مَوته وَلَا يعلم أحد من الْمُسلمين جوّزت وَصيته بعد مَوته غير ثَابت بن قيس بن شماس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا تَرفعُوا أَصْوَاتكُم فَوق صَوت النَّبِي} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي قيس بن شماس وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن صَفْوَان بن عَسَّال رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا من أهل الْبَادِيَة أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يُنَادِيه بِصَوْت لَهُ جَهورِي: يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَقُلْنَا: وَيحك أَخفض من صَوْتك فَإنَّك قد نهيت عَن هَذَا قَالَ: لَا وَالله حَتَّى أسمعهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هاؤم قَالَ: أَرَأَيْت رجلا يحب قوما وَلم يلْحق بهم قَالَ: الْمَرْء مَعَ من أحب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما أنزل الله {أُولَئِكَ الَّذين امتحن الله قُلُوبهم للتقوى} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مِنْهُم ثَابت بن قيس بن شماس وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {امتحن} قَالَ: أخْلص وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أخْلص الله قُلُوبهم فِيمَا أحب

أخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مُجَاهِد قَالَ: كتب إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رجل لَا يَشْتَهِي الْمعْصِيَة وَلَا يعْمل بهَا أفضل أم رجل يَشْتَهِي الْمعْصِيَة وَلَا يعْمل لَهَا فَكتب عمر رَضِي الله عَنهُ: إِن الَّذين يشتهون الْمعْصِيَة وَلَا يعْملُونَ بهَا {أُولَئِكَ الَّذين امتحن الله قُلُوبهم للتقوى لَهُم مغْفرَة وَأجر عَظِيم} وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نفس ابْن آدم شَابة وَلَو الْتَقت ترقوتاه من الْكبر إِلَّا من امتحن الله قلبه للتقوى وَقَلِيل مَا هم وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: لَا تزَال نفس أحدكُم شَابة من حب الشَّيْء وَلَو الْتَقت ترقوتاه من الْكبر إِلَّا الَّذين امتحن الله قُلُوبهم وَقَلِيل مَا هم الْآيَات 4 - 5

4

أخرج أَحْمد وَابْن جرير وَأَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن الْأَقْرَع بن حَابِس أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد أخرج إِلَيْنَا فَلم يجبهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن حمدي زين وَإِن ذمِّي شين فَقَالَ: ذَاك الله فَأنْزل الله {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} قَالَ ابْن منيع: لَا أعلم رُوِيَ للأقرع سَنَد غير هَذَا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء عَازِب فِي قَوْله {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} قَالَ: جَاءَ رجل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن حمدي زين وَإِن ذمِّي شين فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذَاك الله وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه ومسدد وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم بِسَنَد حسن عَن زيد بن أَرقم قَالَ: اجْتمع نَاس من الْعَرَب فَقَالُوا: انْطَلقُوا إِلَى هَذَا الرجل فَإِن يَك نَبيا فَنحْن أسعد النَّاس بِهِ وَإِن يَك ملكا نعش بجناحه فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته بِمَا قَالُوا فجاؤوا إِلَى حجرته فَجعلُوا يُنَادُونَهُ: يَا مُحَمَّد فَأنْزل الله {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ}

فَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأذني وَجعل يَقُول: لقد صدق الله قَوْلك يَا زيد لقد صدق الله قَوْلك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن مدحي زين وَإِن شتمي شين فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ذَاك هُوَ الله فَنزلت {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: أخْبرت عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَن تميماً ورجلاً من بني أَسد بن خُزَيْمَة إستبّا فَقَالَ الْأَسدي: {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} أَعْرَاب بني تَمِيم فَقَالَ سعيد رَضِي الله عَنهُ: لَو كَانَ التَّمِيمِي فَقِيها إِن أَولهَا فِي بني تَمِيم وَآخِرهَا فِي بني أَسد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن حبيب بن أبي عمْرَة قَالَ: كَانَ بيني وَبَين رجل من بني أَسد كَلَام فَقَالَ الْأَسدي {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} بني تَمِيم {أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} فَذكرت ذَلِك لسَعِيد بن جُبَير قَالَ: أَفلا تَقول لبني أَسد قَالَ الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا} فَإِن الْعَرَب لم تسلم حَتَّى قوتلت وَنحن أسلمنَا بِغَيْر قتال فَأنْزل الله هَذَا فيهم وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق قَتَادَة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رجل من بني أَسد لرجل من بني تَمِيم وتلا هَذِه الْآيَة {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم} بني تَمِيم {لَا يعْقلُونَ} فَلَمَّا قَامَ التَّمِيمِي وَذهب قَالَ سعيد بن جُبَير: أما إِن التَّمِيمِي لَو يعلم مَا أنزل فِي بني أَسد لتكلم قُلْنَا: مَا أنزل فيهم قَالَ: جاؤوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: إِنَّا قد أسلمنَا طائعين وَإِن لنا حَقًا فَأنْزل الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} قَالَ: أَعْرَاب من بني تَمِيم وَأخرج ابْن مَنْدَه وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق يعلى بن الْأَشْدَق عَن سعد بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن قَوْله: {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} قَالَ: هم الجفاة من بني تَمِيم لَوْلَا أَنهم من أَشد النَّاس قتالاً لِلْأَعْوَرِ الدَّجَّال لَدَعَوْت الله عَلَيْهِم أَن يُهْلِكهُمْ

وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قدم وَفد بني تَمِيم وهم سَبْعُونَ رجلا أَو ثَمَانُون رجلا مِنْهُم الزبْرِقَان بن بدر وَعُطَارِد بن معبد وَقيس بن عَاصِم وَقيس بن الْحَارِث وَعَمْرو بن أهتم الْمَدِينَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلق مَعَهم عُيينة بن حصن بن بدر الْفَزارِيّ وَكَانَ يكون فِي كل سدة حَتَّى أَتَوا منزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَادَوْهُ من وَرَاء الحجرات بِصَوْت جافٍ: يَا مُحَمَّد أخرج إِلَيْنَا يَا مُحَمَّد أخرج إِلَيْنَا يَا مُحَمَّد أخرج إِلَيْنَا فَخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد إِن مَدْحنَا زين وَإِن شَتمنَا شين نَحن أكْرم الْعَرَب فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَذبْتُمْ بل مِدْحَة الله الزين وَشَتمه الشين وَأكْرم مِنْكُم يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم فَقَالُوا: إِنَّا أَتَيْنَاك لِنُفَاخِرَك فَذكره بِطُولِهِ وَقَالَ فِي آخِره: فَقَامَ التَّمِيمِيُّونَ فَقَالُوا: وَالله إِن هَذَا الرجل لمصنوع لَهُ لقد قَامَ خَطِيبه فَكَانَ أَخطب من خَطِيبنَا وَقَالَ شاعره فَكَانَ أشعر من شَاعِرنَا قَالَ: ففيهم أنزل الله {إِن الَّذين يُنَادُونَك من وَرَاء الحجرات} من بني تَمِيم {أَكْثَرهم لَا يعْقلُونَ} قَالَ: هَذَا كَانَ فِي الْقِرَاءَة الأولى {وَلَو أَنهم صَبَرُوا حَتَّى تخرج إِلَيْهِم لَكَانَ خيرا لَهُم وَالله غَفُور رَحِيم} وَأخرج ابْن سعد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت أَدخل بيُوت أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خلَافَة عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فأتناول سقفها بيَدي وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن دَاوُد بن قيس قَالَ: رَأَيْت الحجرات من جريد النّخل مغشى من خَارج بمسوح الشّعْر وأظن عرض الْبَيْت من بَاب الْحُجْرَة إِلَى بَاب الْبَيْت نَحوا من سِتَّة أَو سَبْعَة أَذْرع واحزر الْبَيْت الدَّاخِل عشرَة أَذْرع وأظن سمكه بَين الثمان والسبع وَأخرج ابْن سعد عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: أدْركْت حجر أَزوَاج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من جريد النّخل على أَبْوَابهَا المسوح من شعر أسود فَحَضَرت كتاب الْوَلِيد بن عبد الْملك يقْرَأ يَأْمر بِإِدْخَال حجر أَزوَاج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا رَأَيْت يَوْمًا أَكثر باكياً من ذَلِك الْيَوْم فَسمِعت سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ يَقُول يَوْمئِذٍ: وَالله لَوَدِدْت أَنهم تركوها على حَالهَا ينشأ نَاس من أهل الْمَدِينَة وَيقدم القادم من أهل الْأُفق فَيرى مَا اكْتفى بِهِ رَسُول الله فِي حَيَاته فَيكون ذَلِك مِمَّا يزهد النَّاس فِي التكاثر والتفاخر فِيهَا وَقَالَ يَوْمئِذٍ أَبُو أُمَامَة بن سهل بن حنيف: ليتها تركت فَلم

تهدم حَتَّى يقصر النَّاس عَن الْبناء ويرون مَا رَضِي الله لنَبيه ومفاتيح خَزَائِن الدُّنْيَا بِيَدِهِ الْآيَات 6 - 8

6

أخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مَنْدَه وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد جيد عَن الْحَارِث بن ضرار الْخُزَاعِيّ قَالَ: قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فدعاني إِلَى الإِسلام فَدخلت فِيهِ وأقررت بِهِ وَدَعَانِي إِلَى الزَّكَاة فأقررت بهَا قلت يَا رَسُول الله: ارْجع إِلَى قومِي فَأَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسلام وَأَدَاء الزَّكَاة فَمن اسْتَجَابَ لي جمعت زَكَاته وَترسل إليَّ يَا رَسُول الله رَسُولا يبان كَذَا وَكَذَا ليأتيك مَا جمعت من الزَّكَاة فَلَمَّا جمع الْحَارِث الزَّكَاة مِمَّن اسْتَجَابَ لَهُ وَبلغ الابان الَّذِي أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يبْعَث إِلَيْهِ إحتبس الرَّسُول فَلم يأتِ فَظن الْحَارِث أَنه قد حدث فِيهِ سخطَة من الله وَرَسُوله فَدَعَا بِسَرَوَاتِ قومه فَقَالَ لَهُم: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ وَقت لي وقتا يُرْسل إليَّ رَسُوله ليقْبض مَا كَانَ عِنْدِي من الزَّكَاة وَلَيْسَ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخلف وَلَا أرى حبس رَسُوله إِلَّا من سخطه فَانْطَلقُوا فنأتي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلِيد بن عقبَة إِلَى الْحَارِث ليقْبض مَا كَانَ عِنْده مِمَّا جمع من الزَّكَاة فَلَمَّا أَن سَار الْوَلِيد حَتَّى بلغ بعض الطَّرِيق فرق فَرجع فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن الْحَارِث مَنَعَنِي الزَّكَاة وَأَرَادَ قَتْلِي فَضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَعْث إِلَى الْحَارِث فَأقبل الْحَارِث بِأَصْحَابِهِ حَتَّى إِذا اسْتقْبل الْبَعْث وَفصل عَن الْمَدِينَة لَقِيَهُمْ الْحَارِث فَقَالُوا: هَذَا الْحَارِث فَلَمَّا غشيهم قَالَ لَهُم: إِلَى من بعثتم قَالُوا: إِلَيْك قَالَ: وَلم قَالُوا: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث إِلَيْك الْوَلِيد بن عقبَة فَزعم أَنَّك منعته الزَّكَاة وَأَرَدْت قَتله قَالَ: لَا

وَالَّذِي بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ مَا رَأَيْته وَلَا أَتَانِي فَمَا دخل الْحَارِث على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: منعت الزَّكَاة وَأَرَدْت قتل رَسُولي قَالَ: لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا رَأَيْته وَلَا رَآنِي وَمَا أَقبلت إِلَّا حِين احْتبسَ عَليّ رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خشيت أَن تكون كَانَت سخطَة من الله وَرَسُوله فَنزل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فاسقٌ بنبإ فَتَبَيَّنُوا} إِلَى قَوْله {حَكِيم} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مَنْدَه وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَلْقَمَة بن نَاجِية قَالَ: بعث إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط يصدق أَمْوَالنَا فَسَار حَتَّى إِذا كَانَ قَرِيبا منا وَذَلِكَ بعد وقْعَة الْمُريْسِيع رَجَعَ فركبت فِي أَثَره فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أتيت قوما فِي جاهليتهم أخذُوا اللبَاس وَمنعُوا الصَّدَقَة فَلم يُغير ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أنزلت الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ} فَأتى المصطلقون إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أثر الْوَلِيد بطَائفَة من صَدَقَاتهمْ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلِيد بن عقبَة إِلَى بني وكيعة وَكَانَت بَينهم شَحْنَاء فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا بلغ بني وكيعة اسْتَقْبلُوهُ لينظروا مَا فِي نَفسه فخشي الْقَوْم فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن بني وكيعة أَرَادوا قَتْلِي ومنعوني الصَّدَقَة فَلَمَّا بلغ بني وكيعة الَّذِي قَالَ الْوَلِيد أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله لقد كذب الْوَلِيد قَالَ: وَأنزل الله فِي الْوَلِيد {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فاسقٌ} الْآيَة وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلِيد بن عقبَة إِلَى بني المصطلق يصدق أَمْوَالهم فَسمع بذلك الْقَوْم فتلقوه يعظمون أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحدثه الشَّيْطَان أَنهم يُرِيدُونَ قَتله فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن بني المصطلق منعُوا صَدَقَاتهمْ فَبلغ الْقَوْم رُجُوعه فَأتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه من سخط الله وَسخط رَسُوله بعثت إِلَيْنَا رجلا مُصدقا فَسُرِرْنَا لذَلِك وقرت أَعيننَا ثمَّ إِنَّه رَجَعَ من بعض الطَّرِيق فَخَشِينَا أَن يكون ذَلِك غَضبا من الله وَرَسُوله وَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط إِلَى بني المصطلق

ليَأْخُذ مِنْهُم الصَّدقَات وَأَنه لما أَتَاهُم الْخَبَر فرحوا وَخَرجُوا ليتلقوا رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنه لما حدث الْوَلِيد أَنهم خَرجُوا يتلقونه رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن بني المصطلق قد مَنَعُونِي الصَّدَقَة فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك غَضبا شَدِيدا فَبَيْنَمَا هُوَ يحدث نَفسه أَن يغزوهم إِذْ أَتَاهُ الْوَفْد فَقَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّا حَدثنَا أَن رَسُولك رَجَعَ من نصف الطَّرِيق وَأَنا خشينا أَن يكون إِنَّمَا رده كتاب جَاءَهُ مِنْك لغضب غضبته علينا فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فاسقٌ بنبإ} الْآيَة وَأخرج آدم وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: أرسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلِيد بن عقبَة بن أبي معيط إِلَى بني المصطلق ليصدقهم فتلقوه بالهدنة فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن بني المصطلق جمعُوا لَك ليقاتلوك فَأنْزل {إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ فَتَبَيَّنُوا} أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْوَلِيد بن عقبَة إِلَى بني وكيعة وَكَانَت بَينهم شَحْنَاء فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا بلغ بني وكيعة اسْتَقْبلُوهُ لينظروا مَا فِي نَفسه فخشي الْقَوْم فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن بني وكيعة أَرَادوا قَتْلِي ومنعوني الصَّدَقَة فَلَمَّا بلغ بني وكيعة الَّذِي قَالَ لَهُم الْوَلِيد عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَوا رَسُول الله قَالُوا: يَا رَسُول الله لقد كذب الْوَلِيد وَلَكِن كَانَت بَينه وبيننا شَحْنَاء فَخَشِينَا أَن يكافئنا بِالَّذِي كَانَ بَيْننَا فَأنْزل الله فِي الْوَلِيد {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ فَتَبَيَّنُوا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِن بني فلَان - حَيا من أَحيَاء الْعَرَب - وَكَانَ فِي نَفسه عَلَيْهِم شَيْء وَكَانُوا حَدِيثي عهد بالإِسلام قد تركُوا الصَّلَاة وَارْتَدوا وَكَفرُوا بِاللَّه قَالَ: فَلم يعجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودعا خَالِد بن الْوَلِيد فَبَعثه إِلَيْهِم ثمَّ قَالَ: ارمقهم عِنْد الصَّلَاة فَإِن كَانَ الْقَوْم قد تركُوا الصَّلَاة فشأنك بهم وَإِلَّا فَلَا تعجل عَلَيْهِم قَالَ: فَدَنَا مِنْهُم عِنْد غرُوب الشَّمْس فكمن حَيْثُ يسمع الصَّلَاة فرمقهم فَإِذا هُوَ بالمؤذن قد قَامَ حِين غربت الشَّمْس فَأذن ثمَّ أَقَامَ الصَّلَاة فصلوا الْمغرب فَقَالَ خَالِد بن الْوَلِيد: مَا أَرَاهُم إِلَّا يصلونَ فلعلهم تركُوا غير هَذِه الصَّلَاة ثمَّ كمن حَتَّى إِذا اللَّيْل وَغَابَ الشَّفق أذن مؤذنهم فصلوا قَالَ: فلعلهم تركُوا صَلَاة أُخْرَى فكمن حَتَّى إِذا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل فَتقدم حَتَّى أظل الْخَيل بدورهم فَإِذا الْقَوْم تعلمُوا شَيْئا من الْقُرْآن فهم

يتهجدون بِهِ من اللَّيْل ويقرأونه ثمَّ أَتَاهُم عِنْد الصُّبْح فَإِذا الْمُؤَذّن حِين طلع الْفجْر قد أذن ثمَّ أَقَامَ فَقَامُوا فصلوا فَلَمَّا انصرفوا وأضاء لَهُم النَّهَار إِذا هم بنواصي الْخَيل فِي دِيَارهمْ فَقَالُوا: مَا هَذَا قَالُوا: هُنَا خَالِد بن الْوَلِيد وَكَانَ رجلا مشنعاً فَقَالُوا يَا خَالِد: مَا شَأْنك قَالَ: أَنْتُم وَالله شأني أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقيل لَهُ إِنَّكُم كَفرْتُمْ بِاللَّه وتركتم الصَّلَاة فَجعلُوا يَبْكُونَ فَقَالُوا: نَعُوذ بِاللَّه أَن نكفر بِاللَّه أبدا قَالَ: فصرف الْخَيل وردهَا عَنْهُم حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأنزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ فَتَبَيَّنُوا أَن تصيبوا قوما} قَالَ الْحسن: فوَاللَّه لَئِن كَانَت نزلت فِي هَؤُلَاءِ الْقَوْم خَاصَّة إِنَّهَا الْمُرْسلَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مَا نسخهَا شَيْء وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث الْوَلِيد بن عقبَة إِلَى بني المصطلق يُصدقهُمْ فَلم يبلغهم وَرجع فَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهُم عصوا فَأَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يُجهز إِلَيْهِم إِذْ جَاءَ رجل من بني المصطلق فَقَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سمعنَا أَنَّك أرْسلت إِلَيْنَا ففرحنا بِهِ واستبشرنا بِهِ وَإنَّهُ لم يبلغنَا رَسُولك وَكذب فَأنْزل الله فِيهِ وَسَماهُ فَاسِقًا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ} قَالَ: هُوَ ابْن أبي معيط الْوَلِيد بن عقبَة بَعثه نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بني المصطلق مُصدقا فَلَمَّا أبصروه أَقبلُوا نَحوه فهابهم فَرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ أَنهم قد ارْتَدُّوا عَن الْإِسْلَام فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِد بن الْوَلِيد وَأمره بِأَن تثبت وَلَا تعجل فَانْطَلق حَتَّى أَتَاهُم لَيْلًا فَبعث عيونه فَلَمَّا جَاءَهُم أَخْبرُوهُ أَنهم متمسكون بالإِسلام وَسمع أذانهم وصلاتهم فَلَمَّا أَصْبحُوا أَتَاهُم خَالِد فَرَأى مَا يُعجبهُ فَرجع إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخْبرهُ الْخَبَر فَأنْزل الله فِي ذَلِك الْقُرْآن فَكَانَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: التأني من الله والعجلة من الشَّيْطَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {إِن جَاءَكُم فَاسق بنبإ} الْآيَة قَالَ: إِذا جَاءَك فحدثك أَن فلَانا إِن فُلَانَة يعْملُونَ كَذَا وَكَذَا من مساوىء الْأَعْمَال فَلَا تصدقه أما قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم رَسُول الله لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم}

أخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي نَضرة قَالَ: قَرَأَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ {وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم رَسُول الله لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم} قَالَ: هَذَا نَبِيكُم يُوحى إِلَيْهِ وَخيَار أمتكُم لَو أطاعهم فِي كثير من الْأَمر لعنتوا فَكيف بكم الْيَوْم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ: لما قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْكَرْنَا أَنْفُسنَا وَكَيف لَا ننكر أَنْفُسنَا وَالله يَقُول {وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم رَسُول الله لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَاعْلَمُوا أَن فِيكُم رَسُول الله لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم} قَالَ: هَؤُلَاءِ أَصْحَاب نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَو أطاعهم نَبِي الله فِي كثير من الْأَمر لعنتوا فَأنْتم وَالله أسخف قلباً وأطيش عقولاً فاتّهم رجل رَأْيه وانتصح كتاب الله فَإِن كتاب الله ثِقَة لمن أَخذ بِهِ وانْتهى إِلَيْهِ وَإِن مَا سوى كتاب الله تغرير وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {لَو يطيعكم فِي كثير من الْأَمر لعنتم} يَقُول: لأعنت بَعْضكُم بَعْضًا أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَكِن الله حبب إِلَيْكُم الإِيمان} أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن رِفَاعَة بن رَافع الزرقي قَالَ: لما كَانَ يَوْم أحد وانكفأ الْمُشْركُونَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اسْتَووا حَتَّى أثني على رَبِّي فصاروا خَلفه صُفُوفا فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمد كُله الله لَا قَابض لما بسطت وَلَا باسط لما قبضت وَلَا هادي لما أضللت وَلَا مضل لما هديت وَلَا معطي لما منعت وَلَا مَانع لما أَعْطَيْت وَلَا مقرب لما بَعدت وَلَا مباعد لما قربت اللَّهُمَّ ابْسُطْ علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك النَّعيم الْمُقِيم الَّذِي لَا يحول وَلَا يَزُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك النَّعيم يَوْم الْعيلَة والأمن يَوْم الْخَوْف اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذ بك من شَرّ مَا أَعطيتنَا وَشر مَا منعتنا اللَّهُمَّ حبب إِلَيْنَا الإِيمان وزينه فِي قُلُوبنَا وَكره إِلَيْنَا الْكفْر والفسوق والعصيان واجعلنا من الرَّاشِدين اللَّهُمَّ توفنا مُسلمين وأحينا مُسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا وَلَا مفتونين اللَّهُمَّ قَاتل الْكَفَرَة الَّذين يكذبُون رسلك ويصدون عَن سَبِيلك وَاجعَل عَلَيْهِم رجزك وعذابك اللَّهُمَّ قَاتل الْكَفَرَة الَّذين أُوتُوا الْكتاب يَا إِلَه الْحق

الْآيَات 9 - 10

9

أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس قَالَ: قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أتيت عبد الله بن أُبي فَانْطَلق وَركب حمارا وَانْطَلق الْمُسلمُونَ يَمْشُونَ وَهِي أَرض سبخَة فَلَمَّا انْطلق إِلَيْهِم قَالَ: إِلَيْك عني فوَاللَّه لقد آذَانِي ريح حِمَارك فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: وَالله لحِمَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطيب ريحًا مِنْك فَغَضب لعبد الله رجال من قومه فَغَضب لكل مِنْهُمَا أَصْحَابه فَكَانَ بَينهم ضرب بِالْجَرِيدِ وَالْأَيْدِي وَالنعال فَأنْزل فيهم {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك قَالَ: تلاحى رجلَانِ من الْمُسلمين فَغَضب قوم هَذَا لهَذَا وَهَذَا لهَذَا فَاقْتَتلُوا بِالْأَيْدِي وَالنعال فَأنْزل الله: {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ان الْأَوْس والخزرج كَانَ بَينهمَا قتال بِالسَّيْفِ وَالنعال فَأنْزل الله {وَإِن طَائِفَتَانِ} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: كَانَت تكون الْخُصُومَة بَين الْحَيَّيْنِ فيدعوهم إِلَى الحكم فيأبون أَن يجيؤا فَأنْزل الله {وَإِن طَائِفَتَانِ} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي رجلَيْنِ من الْأَنْصَار كَانَت بَينهمَا مماراة فِي حق بَينهمَا فَقَالَ أَحدهمَا للْآخر: لآخذن عنْوَة - لِكَثْرَة عشيرته - وَإِن الآخر دَعَاهُ ليحاكمه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأبى فَلم يزل الْأَمر حَتَّى تدافعوا وَحَتَّى تنَاول بَعضهم بَعْضًا بِالْأَيْدِي وَالنعال وَلم يكن قتال بِالسُّيُوفِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ عمرَان تَحْتَهُ امْرَأَة يُقَال لَهَا أم زيد وَأَنَّهَا أَرَادَت أَن تزور أَهلهَا فحبسها زَوجهَا

وَجعلهَا فِي علية لَهُ لَا يدْخل عَلَيْهَا أحد من أَهلهَا وَإِن الْمَرْأَة بعثت إِلَى أَهلهَا فجَاء قَومهَا فأنزلوها لِيَنْطَلِقُوا بهَا وَكَانَ الرجل قد خرج فاستعان أهل الرجل فجَاء بَنو عَمه ليحولوا بَين الْمَرْأَة وَبَين أَهلهَا فتدافعوا واجتلدوا بالنعال فَنزلت فيهم هَذِه الْآيَة {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} فَبعث إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأصْلح بَينهم وفاؤوا إِلَى أَمر الله وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَصَححهُ عَن ابْن عمر قَالَ: مَا وجدت فِي نَفسِي من شَيْء مَا وجدت من هَذِه الْآيَة إِنِّي لم أقَاتل هَذِه الفئة الباغية كَمَا أَمرنِي الله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن حبَان السّلمِيّ قَالَ: سَأَلت ابْن عمر عَن قَوْله {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} وَذَلِكَ حِين دخل الْحجَّاج الْحرم فَقَالَ لي: عرفت الباغية من المبغي عَلَيْهَا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو عرفت المبغية مَا سبقتني أَنْت وَلَا غَيْرك إِلَى نصرها أَفَرَأَيْت إِن كَانَت كلتاهما باغيتين فدع الْقَوْم يقتتلون على دنياهم وارجع إِلَى أهلك فَإِذا استمرت الْجَمَاعَة فَادْخُلْ فِيهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُؤمنِينَ إِذا اقْتتلَتْ طَائِفَة من الْمُؤمنِينَ أَن يَدعُوهُم إِلَى حكم الله وينصف بَعضهم من بعض فَإِن أجابوا حكم فيهم بِكِتَاب الله حَتَّى ينصف الْمَظْلُوم من الظَّالِم فَمن أَبى مِنْهُم أَن يُجيب فَهُوَ بَاغ وَحقّ على إِمَام الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤمنِينَ أَن يقاتلوهم حَتَّى يفيئوا إِلَى أَمر الله ويقروا بِحكم الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} قَالَ: الْأَوْس والخزرج اقْتَتَلُوا بَينهم بِالْعِصِيِّ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} قَالَ: الطَّائِفَة من الْوَاحِد إِلَى الْألف وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَا رجلَيْنِ اقتتلا وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا} قَالَ: كَانَ قِتَالهمْ بالنعال والعصي فَأَمرهمْ أَن يصلحوا بَينهمَا أما قَوْله تَعَالَى: {إِن الله يحب المقسطين} أخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عمر وَعَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: المقسطون عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة على مَنَابِر من نور على يَمِين الْعَرْش الَّذين يعدلُونَ فِي حكمهم وأهليهم وَمَا ولوا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة من وَجه آخر عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن المقسطين فِي الدُّنْيَا على مَنَابِر من لُؤْلُؤ يَوْم الْقِيَامَة بَين يَدي الرَّحْمَن بِمَا أقسطوا فِي الدُّنْيَا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ أخوة} الْآيَة أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَة فأصلحوا بَين أخويكم} بِالْيَاءِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {فأصلحوا بَين أخويكم} بِالْيَاءِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا رَأَيْت مثل مَا رغبت عَنهُ فِي هَذِه الْآيَة {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا} الْآيَة وَأخرج أَحْمد عَن فهيد بن مطرف الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلَهُ سَائل إِن عدا عَليّ عادٍ فَأمره أَن ينهاه ثَلَاث مَرَّات قَالَ: فَإِن لم ينْتَه فَأمره بقتاله قَالَ: فَكيف بِنَا قَالَ: إِن قَتلك فَأَنت فِي الْجنَّة وَإِن قتلته فَهُوَ فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} إِلَى قَوْله {فَقَاتلُوا الَّتِي تبغي} قَالَ: بِالسَّيْفِ قيل: فَمَا قتلاهم قَالَ: شُهَدَاء مرزوقين قيل: فَمَا حَال الْأُخْرَى أهل الْبَغي قَالَ: من قتل مِنْهُم إِلَى النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن عمار بن يَاسر رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: سَيكون بعدِي أُمَرَاء يقتتلون على الْملك يقتل بَعضهم بَعْضًا الْآيَة 11

11

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا يسخر قوم من قوم} قَالَ: نزلت فِي قوم من بني تَمِيم استهزأوا من بِلَال وسلمان وعمار وخباب وصهيب وَابْن فهَيْرَة وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {لَا يسخر قوم من قوم} قَالَ: لَا يستهزىء قوم بِقوم إِن يكن رجلا غَنِيا أَو فَقِيرا [] أَو يعقل رجل عَلَيْهِ فَلَا يستهزىء بِهِ أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} قَالَ: لَا يطعن بَعْضكُم على بعض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} قَالَ: لَا يطعن بَعْضكُم على بعض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} قَالَ: لَا تطعنوا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} بِنصب التَّاء وَكسر الْمِيم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَا تلمزوا أَنفسكُم} قَالَ: اللمز الْغَيْبَة أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن حبَان والشيرازي فِي الألقاب وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي جبيرَة بن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِينَا نزلت فِي بني سَلمَة {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَلَيْسَ فِينَا

رجل إِلَّا وَله إسمان أَو ثَلَاثَة فَكَانَ إِذا دَعَا أحدهم باسم من تِلْكَ الْأَسْمَاء قَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّه يكره هَذَا الإسم فَأنْزل الله {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: كَانَ هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار قل رجل مِنْهُم إِلَّا وَله إسمان أَو ثَلَاثَة فَرُبمَا دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرجل مِنْهُم بِبَعْض تِلْكَ الْأَسْمَاء فَيُقَال يَا رَسُول الله إِنَّه يكره هَذَا الإسم فَأنْزل الله {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: إِن يُسَمِّيه بِغَيْر اسْم الإِسلام يَا خِنْزِير يَا كلب يَا حمَار وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: التَّنَابُز بِالْأَلْقَابِ أَن يكون الرجل عمل السَّيِّئَات ثمَّ تَابَ مِنْهَا وراجع الْحق فَنهى الله أَن يعير بِمَا سلف من عمله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: أَن يَقُول إِذا كَانَ الرجل يَهُودِيّا فَأسلم يَا يَهُودِيّ يَا نَصْرَانِيّ يَا مَجُوسِيّ وَيَقُول للرجل الْمُسلم يَا فَاسق وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الْيَهُودِيّ يسلم فَيُقَال لَهُ يَا يَهُودِيّ فنهوا عَن ذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: لَا تقل لأخيك الْمُسلم يَا فَاسق يَا مُنَافِق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: هُوَ قَول الرجل للرجل يَا فَاسق يَا مُنَافِق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ قَول الرجل لصَاحبه يَا فَاسق يَا مُنَافِق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} قَالَ: يدعى الرجل بالْكفْر وَهُوَ مُسلم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {بئس الإِسم الفسوق بعد الإِيمان} قَالَ: أَن يَقُول الرجل لِأَخِيهِ يَا فَاسق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ {بئس الإِسم الفسوق بعد الإِيمان}

قَالَ: الرجل يكون على دين من هَذِه الْأَدْيَان فَيسلم فيدعوه بِدِينِهِ الأول يَا يَهُودِيّ يَا نَصْرَانِيّ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قَالَ لِأَخِيهِ كَافِر فقد بَاء بهَا أَحدهمَا إِن كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا رجعت عَلَيْهِ الْآيَة 12

12

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اجتنبوا كثيرا من الظَّن} قَالَ: نهى الله الْمُؤمن أَن يظنّ بِالْمُؤمنِ سوءا وَأخرج مَالك وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إيَّاكُمْ وَالظَّن فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث وَلَا تجسسوا وَلَا تنافسوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تباغضوا وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا وَلَا يخْطب الرجل على خطْبَة أَخِيه حَتَّى ينْكح أَو يتْرك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَسَاءَ بأَخيه الظَّن فقد أَسَاءَ بربه إِن الله يَقُول {اجتنبوا كثيرا من الظَّن} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن طَلْحَة بن عبد الله: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الظَّن يخطىء ويصيب وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عمر قَالَ: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطوف بِالْكَعْبَةِ وَيَقُول: مَا أطيبك وَأطيب رِيحك مَا أعظمك وَأعظم حرمتك وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لحُرْمَة الْمُؤمن أعظم عِنْد الله حُرْمَة مِنْك مَاله وَدَمه وَأَن يظنّ بِهِ إِلَّا خيرا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا تَظنن بِكَلِمَة خرجت من أَخِيك سوءا وَأَنت تَجِد لَهَا فِي الْخَيْر محملًا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كتب إليَّ بعض إخْوَانِي من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ضع أَمر أَخِيك على أحْسنه مَا لم يأتك مَا يَغْلِبك وَلَا تَظنن بِكَلِمَة خرجت من امرىء مُسلم شرا وَأَنت تَجِد لَهَا فِي الْخَيْر محملًا وَمن عرض نَفسه للتهم فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه وَمن كتم سره كَانَت الْخيرَة فِي يَده وَمَا كافأت من عصى الله فِيك بِمثل أَن تطيع الله فِيهِ وَعَلَيْك بِإِخْوَان الصدْق فَكُن فِي اكتسابهم فَإِنَّهُم زِينَة فِي الرخَاء وعدة عِنْد عَظِيم الْبلَاء وَلَا تهاون بِالْحَقِّ فيهينك الله وَلَا تسألن عَمَّا لم يكن حَتَّى يكون وَلَا تضع حَدِيثك إِلَّا عِنْد من يشتهيه وَعَلَيْك بِالصّدقِ وَإِن قَتلك الصدْق وَاعْتَزل عَدوك وَاحْذَرْ صديقك إِلَّا الْأمين وَلَا أَمِين إِلَّا من يخْشَى الله وشاور فِي أَمرك الَّذين يَخْشونَ رَبهم بِالْغَيْبِ وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: من تعرض للتُّهمَةِ فَلَا يَلُومن من أَسَاءَ بِهِ الظَّن وَمن كتم سره كَانَ الْخِيَار إِلَيْهِ وَمن أفشاه كَانَ الْخِيَار عَلَيْهِ وضع أَمر أَخِيك على أحْسنه حَتَّى يَأْتِيك مِنْهُ مَا يَغْلِبك وَلَا تَظنن بِكَلِمَة خرجت من أَخِيك سوءا وَأَنت تَجِد لَهَا فِي الْخَيْر محملًا وَكن فِي اكْتِسَاب الاخوان فَإِنَّهُم جنَّة عِنْد الرخَاء وعدة عِنْد الْبلَاء وآخِ الإِخوان على قدر التَّقْوَى وشاور فِي أَمرك الَّذين يخَافُونَ الله وَأخرج ابْن سعد وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن سلمَان قَالَ: إِنِّي لأعد الْعرَاق على خادمي مَخَافَة الظَّن وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كُنَّا نؤمر أَن نختم على الْخَادِم ونكيل ونعدها كَرَاهِيَة أَن يتعودوا خلق سوء ويظن أَحَدنَا ظن سوء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حَارِثَة بن النُّعْمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاث لازمات لأمتي: الطَّيرَة والحسد وَسُوء الظَّن فَقَالَ رجل مَا يذهبهن يَا رَسُول الله مِمَّن هن فِيهِ قَالَ: إِذا حسدت فَاسْتَغْفر الله وَإِذا ظَنَنْت فَلَا تحقق وَإِذا تطيرت فامضِ وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَسَاءَ بأَخيه الظَّن فقد أَسَاءَ بربه عز وَجل إِن الله تَعَالَى يَقُول: {اجتنبوا كثيرا من الظَّن} أما قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تجسسوا}

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا تجسسوا} قَالَ: نهى الله الْمُؤمن أَن يتبع عورات أَخِيه الْمُؤمن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَلَا تجسسوا} قَالَ: خُذُوا مَا ظهر لكم ودعوا مَا ستر الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا التَّجَسُّس هُوَ أَن تتبع عيب أَخِيك فَتَطلع على سره وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن زُرَارَة بن مُصعب بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن الْمسور بن مخرمَة عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه حرس مَعَ عمر بن الْخطاب لَيْلَة الْمَدِينَة فَبَيْنَمَا هم يَمْشُونَ شبّ لَهُم سراج فِي بَيت فَانْطَلقُوا يؤمونه فَلَمَّا دنوا مِنْهُ إِذا بَاب مجافٍ على قوم لَهُم فِيهِ أصوات مُرْتَفعَة ولغط فَقَالَ عمر وَأخذ بيد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: أَتَدْرِي بَيت من هَذَا قَالَ: هَذَا بَيت ربيعَة بن أُميَّة بن خلف وهم الْآن شرب فَمَا ترى قَالَ: أرى أَن قد أَتَيْنَا مَا نهى الله عَنهُ قَالَ الله: {وَلَا تجسسوا} فقد تجسسنا فَانْصَرف عَنْهُم وتركهم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ أَن عمر بن الْخطاب فقد رجلا من أَصْحَابه فَقَالَ لِابْنِ عَوْف: انْطلق بِنَا إِلَى منزل فلَان فَنَنْظُر فَأتيَا منزله فوجدا بَابه مَفْتُوحًا وَهُوَ جَالس وَامْرَأَته تصب لَهُ فِي إِنَاء فتناوله إِيَّاه فَقَالَ عمر لِابْنِ عَوْف: هَذَا الَّذِي شغله عَنَّا فَقَالَ ابْن عَوْف لعمر وَمَا يدْريك مَا فِي الإِناء فَقَالَ عمر: إِنَّا نَخَاف أَن يكون هَذَا التَّجَسُّس قَالَ: بل هُوَ التَّجَسُّس قَالَ: وَمَا التَّوْبَة من هَذَا قَالَ: لَا تعلمه بِمَا أطلعت عَلَيْهِ من أمره وَلَا يكونن فِي نَفسك إِلَّا خير ثمَّ انصرفا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى عمر بن الْخطاب رجل فَقَالَ: إِن فلَانا لَا يصحوا فَدخل عَلَيْهِ عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: إِنِّي لأجد ريح شراب يَا فلَان أَنْت بِهَذَا فَقَالَ الرجل: يَا ابْن الْخطاب وَأَنت بِهَذَا ألم ينهك الله أَن تتجسس فعرفها عمر فَانْطَلق وَتَركه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن زيد بن وهب قَالَ: أُتِي ابْن مَسْعُود رَضِي الله

عَنهُ فَقيل: هَذَا فلَان تقطر لحيته خمرًا فَقَالَ عبد الله: إِنَّا قد نهينَا عَن التَّجَسُّس وَلَكِن إِن يظْهر لنا شَيْء نَأْخُذ بِهِ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا معشر من آمن بِلِسَانِهِ وَلم يدْخل الإِيمان فِي قلبه لَا تتبعوا عورات الْمُسلمين فَإِنَّهُ من اتبع عورات الْمُسلمين فضحه الله فِي قَعْر بَيته وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ثَوْر الْكِنْدِيّ أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كَانَ يعس بِالْمَدِينَةِ من اللَّيْل فَسمع صَوت رجل فِي بَيت يتَغَنَّى فتسوّر عَلَيْهِ فَوجدَ عِنْده امْرَأَة وَعِنْده خمر فَقَالَ: يَا عَدو الله أظننت أَن الله يسترك وَأَنت على مَعْصِيَته فَقَالَ: وَأَنت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا تعجل على أَن أكون عصيت الله وَاحِدَة فقد عصيت الله فِي ثَلَاث قَالَ الله: {وَلَا تجسسوا} وَقد تجسست وَقَالَ (وَأتوا الْبيُوت من أَبْوَابهَا) (الْبَقَرَة 189) وَقد تسوّرت عليَّ وَدخلت عليَّ بِغَيْر إِذن وَقَالَ الله (لَا تدْخلُوا بُيُوتًا غير بُيُوتكُمْ حَتَّى تستأنسوا وتسلموا على أَهلهَا) (الثور 27) قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: فَهَل عنْدك من خير إِن عَفَوْت عَنْك قَالَ: نعم فَعَفَا عَنهُ وَخرج وَتَركه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أسمع الْعَوَاتِق فِي الخدر يُنَادي بِأَعْلَى صَوته يَا معشر من آمن بِلِسَانِهِ وَلم يخلص الإِيمان إِلَى قلبه لَا تَغْتَابُوا الْمُسلمين وَلَا تتبعوا عَوْرَاتهمْ فَإِنَّهُ من تتبع عَورَة أَخِيه الْمُسلم تتبع الله عَوْرَته وَمن تتبع الله عَوْرَته يَفْضَحهُ فِي جَوف بَيته وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صلينَا الظّهْر خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا انْفَتَلَ أقبل علينا غَضْبَان متنفراً يُنَادي بِصَوْت يسمع الْعَوَاتِق فِي جَوف الْخُدُور يَا معشر من آمن بِلِسَانِهِ وَلم يدْخل الإِيمان قلبه لَا تَذُمُّوا الْمُسلمين وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتهمْ فَإِنَّهُ من يطْلب عَورَة أَخِيه الْمُسلم هتك الله ستره وَأبْدى عَوْرَته وَلَو كَانَ فِي جَوف بَيته وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا معشر من آمن بِلِسَانِهِ وَلم يخلص الإِيمان إِلَى قلبه لَا تُؤْذُوا الْمُسلمين وَلَا تتبعوا

عَوْرَاتهمْ فَإِنَّهُ من تتبع عَورَة أَخِيه الْمُسلم تتبع الله عَوْرَته حَتَّى يخرقها عَلَيْهِ فِي بطن بَيته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أشاد على مُسلم عَوْرَته يشينه بهَا بِغَيْر حق شانه الله بهَا فِي الْخلق يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْحَاكِم وَالتِّرْمِذِيّ عَن جُبَير بن نفير قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا بِالنَّاسِ صَلَاة الصُّبْح فَلَمَّا فرغ أقبل بِوَجْهِهِ على النَّاس رَافعا صَوته حَتَّى كَاد يسمع من فِي الْخُدُور وَهُوَ يَقُول: يَا معشر الَّذين أَسْلمُوا بألسنتهم وَلم يدْخل الإِيمان فِي قُلُوبهم لَا تُؤْذُوا الْمُسلمين وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تتبعوا عثراتهم فَإِنَّهُ من يتبع عَثْرَة أَخِيه الْمُسلم يتبع الله عثرته وَمن يتبع الله عثرته يَفْضَحهُ وَهُوَ فِي قَعْر بَيته فَقَالَ قَائِل يَا رَسُول الله: وَهل على الْمُسلمين من ستر فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ستور الله على الْمُؤمن أَكثر من أَن تحصى إِن الْمُؤمن ليعْمَل الذُّنُوب فتهتك عَنهُ ستوره سترا سترا حَتَّى لَا يبْقى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْء فَيَقُول الله للْمَلَائكَة استروا على عَبدِي من النَّاس فَإِن النَّاس يعيرون وَلَا يغيرون فتحف بِهِ الْمَلَائِكَة بأجنحتها يسترونه من النَّاس فَإِن تَابَ قبل الله مِنْهُ ورد عَلَيْهِ ستوره وَمَعَ كل ستر تِسْعَة أَسْتَار فَإِن تتَابع فِي الذُّنُوب قَالَت الْمَلَائِكَة: رَبنَا إِنَّه قد غلبنا واعذرنا فَيَقُول الله استروا عَبدِي من النَّاس فَإِن النَّاس يعيرون وَلَا يغيرون فتحف بِهِ الْمَلَائِكَة بأجنحتها يسترونه من النَّاس فَإِن تَابَ قبل الله مِنْهُ ورد عَلَيْهِ ستوره وَمَعَ كل ستر تِسْعَة أَسْتَار فَإِن تتَابع فِي الذُّنُوب قَالَت الْمَلَائِكَة يَا رَبنَا إِنَّه قد غلبنا واعذرنا فَيَقُول الله استروا عَبدِي من النَّاس فَإِن النَّاس يعيرون وَلَا يغيرون فتحف بِهِ الْمَلَائِكَة بأجنحتها يسترونه من النَّاس فَإِن تَابَ قبل الله مِنْهُ وَإِن عَاد قَالَت الْمَلَائِكَة رَبنَا إِنَّه قد غلبنا وأعذرنا فَيَقُول الله للْمَلَائكَة: تَخْلُو عَنهُ فَلَو عمل ذَنبا فِي بَيت مظلم فِي لَيْلَة مظْلمَة فِي حجر أبدى الله عَنهُ وَعَن عَوْرَته وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمُؤمن فِي سبعين حِجَابا من نور فَإِذا عمل خَطِيئَة ثمَّ تناساها حَتَّى يعْمل أُخْرَى هتك عَنهُ حجاب من تِلْكَ الْحجب فَلَا يزَال كلما عمل خَطِيئَة ثمَّ تناساها حَتَّى يعْمل أُخْرَى هتك عَنهُ حجاب من تِلْكَ الْحجب فَإِذا عمل كَبِيرَة من الْكَبَائِر هتك عَنهُ تِلْكَ الْحجب كلهَا إِلَّا حجاب الْحيَاء وَهُوَ أعظمها حِجَابا فَإِن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ ورد تِلْكَ الْحجب كلّها فَإِن عمل خَطِيئَة بعد الْكَبَائِر ثمَّ تناساها حَتَّى يعْمل الْأُخْرَى قبل أَن يَتُوب

هتك حجاب الْحيَاء فَلم تلقه إِلَّا مقيتاً ممقتاً فَإِذا كَانَ مقيتاً ممقتاً نزعت مِنْهُ الْأَمَانَة فَإِذا نزعت مِنْهُ الْأَمَانَة لم تلقه إِلَّا خائناً مخوناً فَإِذا كَانَ خائناً مخوناً نزعت مِنْهُ الرَّحْمَة فَإِذا نزعت مِنْهُ الرَّحْمَة لم تلقه إِلَّا فظاً غليظاً فَإِذا كَانَ فظاً غليظاً نزعت مِنْهُ ربقة الإِسلام فَإِذا نزعت مِنْهُ ربقة الإِسلام لم تلقه إِلَّا لعيناً ملعناً شَيْطَانا رجيماً قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} الْآيَة أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} الْآيَة قَالَ: حرم الله أَن يغتاب الْمُؤمن بِشَيْء كَمَا حرم الْميتَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} الْآيَة قَالَ: زَعَمُوا أَنَّهَا نزلت فِي سلمَان الْفَارِسِي أكل ثمَّ رقد فَنفخ فَذكر رجلَانِ أكله ورقاده فَنزلت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ أَن سلمَان الْفَارِسِي كَانَ مَعَ رجلَيْنِ فِي سفر يَخْدُمهُمَا وينال من طعامهما وَأَن سلمَان نَام يَوْمًا فَطَلَبه صَاحِبَاه فَلم يجداه فضربا الخباء وَقَالا: مَا يُرِيد سلمَان شَيْئا غير هَذَا أَن يَجِيء إِلَى طَعَام مَعْدُود وخباء مَضْرُوب فَلَمَّا جَاءَ سلمَان أَرْسلَاهُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطْلب لَهما إدَامًا فَانْطَلق فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله بَعَثَنِي أَصْحَابِي لتؤدمهم إِن كَانَ عنْدك قَالَ: مَا يصنع أَصْحَابك بِالْأدمِ قد ائتدموا فَرجع سلمَان فخبرهما فَانْطَلقَا فَأتيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَا: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أصبْنَا طَعَاما مُنْذُ نزلنَا قَالَ: إنَّكُمَا قد ائتدمتما سلمَان بقولكما فَنزلت {أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه مَيتا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل فِي قَوْله {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} الْآيَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي رجل كَانَ يخْدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرسل بعض الصَّحَابَة إِلَيْهِ يطْلب مِنْهُ إدَامًا فَمنع فَقَالُوا لَهُ: إِنَّه لبخيل وخيم فَنزلت فِي ذَلِك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} قَالَ: أَن يَقُول للرجل من خَلفه هُوَ كَذَا يسيء الثَّنَاء عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَلَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا} قَالَ: ذكر لنا أَن الْغَيْبَة أَن تذكر أَخَاك بِمَا يشينه وتعيبه بِمَا فِيهِ فَإِن أَنْت كذبت

عَلَيْهِ فَذَاك الْبُهْتَان يَقُول كَمَا أَنْت كَارِه لَو وجدت جيفة مدودة أَن تَأْكُل مِنْهَا فَكَذَلِك فأكره لَحمهَا وَهُوَ حَيّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قيل يَا رَسُول الله: مَا الْغَيْبَة قَالَ ذكرك أَخَاك بِمَا يكره قَالَ يَا رَسُول الله: أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي أخي مَا أَقُول قَالَ: إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقول فقد اغْتَبْته وَإِن لم يكن فِيهِ مَا تَقول فقد بَهته وَأخرج عبد بن حميد والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن الْمطلب بن حنْطَب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْغَيْبَة أَن تذكر الْمَرْء بِمَا فِيهِ فَقَالَ إِنَّمَا كُنَّا نرى أَن نذكرهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ ذَاك الْبُهْتَان وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَن امْرَأَة دخلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ خرجت فَقَالَت عَائِشَة يَا رَسُول الله: مَا أجملها وأحسنها لَوْلَا أَن بهَا قصراً فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اغتبتيها يَا عَائِشَة فَقَالَت يَا رَسُول الله: إِنَّمَا قلت شَيْئا هُوَ بهَا فَقَالَ يَا عَائِشَة إِذا قلت شَيْئا بهَا فَهِيَ غيبَة وَإِذا قلت مَا لَيْسَ بهَا فقد بهتها وَأخرج عبد بن حميد عَن عون بن عبد الله قَالَ: إِذا قلت للرجل بِمَا فِيهِ فقد اغْتَبْته وَإِذا قلت مَا لَيْسَ فِيهِ فقد بَهته وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: لَو مر بك أقطع فَقلت: هَذَا الأقطع كَانَت غيبَة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه ذكر عِنْده رجل فَقَالَ: ذَاك الْأسود قَالَ: أسْتَغْفر الله أَرَانِي قد اغْتَبْته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه مَيتا} قَالُوا: نكره ذَلِك قَالَ: فَاتَّقُوا الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَائِشَة قَالَت: لَا يغتب بَعْضكُم بَعْضًا فَإِنِّي كنت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فمرت امْرَأَة طَوِيلَة الذيل فَقلت يَا رَسُول الله: إِنَّهَا الطَّوِيلَة الذيل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الفظي فلفظت بضعَة لحم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لحق قوما فَقَالَ لَهُم: تخللوا فَقَالَ الْقَوْم وَالله يَا نَبِي الله مَا طعمنا الْيَوْم طَعَاما فَقَالَ النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله إِنِّي لأرى لحم فلَان بَين ثناياكم وَكَانُوا قد اغتابوه وَأخرج الضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن أنس قَالَ: كَانَت الْعَرَب يخْدم بَعْضهَا بَعْضًا فِي الْأَسْفَار وَكَانَ مَعَ أبي بكر وَعمر رجل يخدمها فَنَامَا فَاسْتَيْقَظَا وَلم يهيء لَهما طَعَاما فَقَالَا إِن هَذَا لنؤوم فَأَيْقَظَاهُ فَقَالَا: إئتِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقل لَهُ: إِن أَبَا بكر وَعمر يقرئانك السَّلَام ويستأذناك فَقَالَ: إنَّهُمَا إئتدما فجاءاه فَقَالَا يَا رَسُول الله: بِأَيّ شَيْء إئتدمنا قَالَ: بِلَحْم أَخِيكُمَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأرى لَحْمه بَين ثَنَايَاكُمَا فَقَالَا: إستغفر لنا يَا رَسُول الله قَالَ: مراه فليسغفر لَكمَا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن يحيى بن أبي كثير أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي سفر وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر فأرسلوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألونه لَحْمًا فَقَالَ: أَو لَيْسَ قد ظللتم من اللَّحْم شباعاً قَالُوا: من أَيْن فوَاللَّه مَا لنا بِاللَّحْمِ عهد مُنْذُ أَيَّام فَقَالَ: من لحم صَاحبكُم الَّذِي ذكرْتُمْ قَالُوا يَا نَبِي الله: إِنَّمَا قُلْنَا إِنَّه لضعيف مَا يعيننا على شَيْء قَالَ: ذَلِك فَلَا تَقولُوا [] فَرجع إِلَيْهِم الرجل فَأخْبرهُم بِالَّذِي قَالَ فجَاء أَبُو بكر فَقَالَ يَا نَبِي الله طاعلى صماخي واستغفر لي فَفعل وَجَاء عمر فَقَالَ: يَا نَبِي الله طاعلى صماخي واستغفر لي فَفعل وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أكل لحم أَخِيه فِي الدُّنْيَا قرب لَهُ لَحْمه فِي الْآخِرَة فَيُقَال لَهُ كُله مَيتا كَمَا أَكلته حَيا فَإِنَّهُ ليأكله ويكلح ويصيح وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبيد مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن امْرَأتَيْنِ صامتا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجَلَست إِحْدَاهمَا إِلَى الْأُخْرَى فجعلتا يأكلان لُحُوم النَّاس فجَاء مِنْهُمَا رَسُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله: إِن هَهُنَا امْرَأتَيْنِ صامتا وَقد كادتا أَن تموتا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ائْتُونِي بهما فجاءتا فَدَعَا بعس أَو قدح فَقَالَ لإحداهما قيئي فقاءت من قيح وَدم وصديد حَتَّى قاءت نصف الْقدح وَقَالَ لِلْأُخْرَى قيئي فقاءت من قيح وَدم وصديد حَتَّى مَلَأت الْقدح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن هَاتين صامتا عَمَّا أحل الله لَهما وأفطرتا على مَا حرم الله عَلَيْهِمَا جَلَست إِحْدَاهمَا إِلَى الْأُخْرَى فجعلتا يأكلان لُحُوم النَّاس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة أَنَّهَا سَأَلت عَن الْغَيْبَة فَأخْبرت أَنَّهَا أَصبَحت يَوْم الْجُمُعَة وَغدا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الصَّلَاة وأتتها جَارة لَهَا من نسَاء الْأَنْصَار فاغتابتا

وضحكتا بِرِجَال وَنسَاء فَلم يبرحا على حَدِيثهمَا من الْغَيْبَة حَتَّى أقبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منصرفاً من الصَّلَاة فَلَمَّا سمعتا صَوته سكتتا فَلَمَّا قَامَ بِبَاب الْبَيْت ألْقى طرف رِدَائه على أَنفه ثمَّ قَالَ: أفّ أخرجَا فاستقيئا ثمَّ طهرا بِالْمَاءِ فَخرجت أم سَلمَة فقاءت لَحْمًا كثيرا قد أُحِيل فَلَمَّا رَأَتْ كَثْرَة اللَّحْم تذكرت أحدث لحم أَكلته فَوَجَدته فِي أول جمعتين مضتا فَسَأَلَهَا عَمَّا قاءت فَأَخْبَرته فَقَالَ: ذَاك لحم ظللت تأكلينه فَلَا تعودي أَنْت وَلَا صَاحبَتك فِيمَا ظللتما فِيهِ من الْغَيْبَة وأخبرتها صاحبتها أَنَّهَا قاءت مثل الَّذِي قاءت من اللَّحْم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ عَن كَعْب بن عَاصِم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمُؤمن حرَام على الْمُؤمن لَحْمه عَلَيْهِ حرَام أَن يَأْكُلهُ ويغتابه بِالْغَيْبِ وَعرضه عَلَيْهِ حرَام أَن يخرقه وَوَجهه عَلَيْهِ حرَام أَن يلطمه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة أَن ماعزاً لما رجم سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلَيْنِ يَقُول أَحدهمَا لصَاحبه: ألم تَرَ إِلَى هَذَا الَّذِي ستر الله عَلَيْهِ فَلم تَدعه نَفسه حَتَّى رجم رجم الْكَلْب فَسَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ مر بجيفة حمَار فَقَالَ: أَيْن فلَان وَفُلَان إنزلا فكلا من جيفة هَذَا الْحمار فَقَالَا: وَهل يُؤْكَل هَذَا قَالَ: فَإنَّا أكلتكما من أَخِيكُمَا آنِفا أَشد أكلا مِنْهُ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه الْآن لفي أَنهَار الْجنَّة ينغمس فِيهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب والخرائطي عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَنه مر على بغل ميت وَهُوَ فِي نفر من أَصْحَابه فَقَالَ: وَالله لِأَن يَأْكُل أحدكُم من هَذَا حَتَّى يمْلَأ بَطْنه خير لَهُ من أَن يَأْكُل من لحم رجل مُسلم وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتى على قبرين يعذب صاحباهما فَقَالَ: إنَّهُمَا لَا يعذبان فِي كَبِير وَبكى أما أَحدهمَا فَكَانَ يغتاب النَّاس وَأما الآخر فَكَانَ لَا [] يتَأَذَّى من الْبَوْل فَدَعَا بجريدة رطبَة فَكَسرهَا ثمَّ أَمر بِكُل كسرة فغرست على قبر فَقَالَ: أما إِنَّه سيهون من عذابهما مَا كَانَ رطبتين وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من اغتيب عِنْده مُؤمن فنصره جزاه الله بهَا خيرا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمن اغتيب عِنْده فَلم ينصره جزاه الله بهَا فِي

الدُّنْيَا وَالْآخِرَة شرا وَمَا الْتَقم أحد لقْمَة شرا من اغتياب مُؤمن إِن قَالَ فِيهِ مَا يعلم فقد إغتابه وَمن قَالَ فِيهِ مَا لَا يعلم فقد بَهته وَأخرج أَحْمد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فارتفعت ريح جيفة مُنْتِنَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَدْرُونَ مَا هَذِه الرّيح هَذِه ريح الَّذين يغتابون النَّاس وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا وَقع فِي الرجل وَأَنت فِي مَلأ فَكُن للرجل ناصراً وَلِلْقَوْمِ زاجراً وقم عَنْهُم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه مَيتا فكرهتموه} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الرِّبَا نَيف وَسَبْعُونَ بَابا أهونهن بَابا مثل من نكح أمه فِي الإِسلام وَدِرْهَم الرِّبَا أَشد من خمس وَثَلَاثِينَ زنية وأشر الرِّبَا وأربى وأخبث الرِّبَا انتهاك عرض الْمُسلم وانتهاك حرمته وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما عرج بِي مَرَرْت بِقوم لَهُم أظفار من نُحَاس يخمشون وُجُوههم وصدورهم فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذين يَأْكُلُون لُحُوم النَّاس ويقعون فِي أعراضهم وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن الْمُسْتَوْرد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أكل بِرَجُل مُسلم أكله فَإِن الله يطعمهُ مثلهَا من جَهَنَّم وَمن كسي بِرَجُل مُسلم ثوبا فَإِن الله يكسوه مثله من جَهَنَّم وَمن قَامَ بِرَجُل مقَام سمعة أَو رِيَاء فَإِن الله يقوم بِهِ مقَام سمعة ورياء يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أَن يَصُومُوا يَوْمًا وَلَا يفطرن أحد حَتَّى آذن لَهُ فصَام النَّاس فَلَمَّا أَمْسوا جعل الرجل يَجِيء إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَقُول: ظللت مُنْذُ الْيَوْم صَائِما فَأذن لي فلأفطرن فَيَأْذَن لَهُ حَتَّى جَاءَ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله إِن فتاتين من أهلك ظلتا مُنْذُ الْيَوْم صائمتين فَأذن لَهما فليفطرا فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ أعَاد عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا صامتا وَكَيف صَامَ من ظلّ يَأْكُل لُحُوم النَّاس اذْهَبْ فمرهما إِن كَانَتَا صائمتين أَن يستقيئا فَفَعَلَتَا فقاءت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا عَلْقَمَة فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو صامتا وَبَقِي فيهمَا لأكلتهما النَّار

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لَا يتَوَضَّأ أحدكُم من الْكَلِمَة الخبيثة يَقُولهَا لِأَخِيهِ وَيتَوَضَّأ من الطَّعَام الْحَلَال وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: الْحَدث حدثان حدث من فِيك وَحدث من نومك وَحدث الْفَم أَشد الْكَذِب والغيبة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: الْوضُوء من الْحَدث وأذى الْمُسلم وَأخرج الخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلَيْنِ صليا صَلَاة الظّهْر أَو الْعَصْر وَكَانَا صَائِمين فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة قَالَ: أعيدا وضوءكما وصلاتكما وأمضيا فِي صومكما واقضيا يَوْمًا آخر مَكَانَهُ قَالَا: لمَ يَا رَسُول الله قَالَ: قد اغْتَبْتُمَا فلَانا وَأخرج الخرائطي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أَقبلت امْرَأَة قَصِيرَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس قَالَت: فأشرت بإبهامي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد اغتبتها وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَامَ من عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرؤي فِي مقَامه عجز فَقَالَ بَعضهم: مَا أعجز فلَانا: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد أكلْتُم الرجل واغتبتموه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر رجل عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: مَا أعجز فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إغتبتم الرجل قَالُوا يَا رَسُول الله: قُلْنَا مَا فِيهِ قَالَ: لَو قُلْتُمْ مَا لَيْسَ فِيهِ فقد بهتموه وَأخرج ابْن جرير عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الْقَوْم رجلا فَقَالُوا: مَا يَأْكُل إِلَّا مَا أطْعم وَلَا يرحل إِلَّا مَا رَحل لَهُ وَمَا أضعفه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إغتبتم أَخَاكُم قَالُوا يَا رَسُول الله: وغيبة بِمَا يحدث فِيهِ فَقَالَ: بحسبكم أَن تحدثُوا عَن أخيكم بِمَا فِيهِ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد والخرائطي وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من حَالَتْ شَفَاعَته دون حد من حُدُود الله فقد ضاد الله فِي أمره وَمن مَاتَ وَعَلِيهِ دين فَلَيْسَ بالدينار وَالدِّرْهَم وَلكنهَا الْحَسَنَات وَمن خَاصم فِي بَاطِل وَهُوَ يُعلمهُ لم يزل فِي

سخط الله حَتَّى ينْزع وَمن قَالَ فِي مُؤمن مَا لَيْسَ فِيهِ أسْكنهُ الله ردغة الخبال حَتَّى يخرج مِمَّا قَالَ وَلَيْسَ بِخَارِج وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اذْكروا الله فَإِن العَبْد إِذا قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ كتب الله لَهُ بهَا عشرا وَمن عشر إِلَى مائَة وَمن مائَة إِلَى ألف وَمن زَاد زَاده الله وَمن اسْتغْفر غفر الله لَهُ وَمن حَالَتْ شَفَاعَته دون حد من حُدُود الله فقد ضاد الله فِي أمره وَمن أعَان على خُصُومَة بِغَيْر علم فقد بَاء بسخط من الله وَمن قذف مُؤمنا أَو مُؤمنَة حَبسه الله فِي ردغة الخبال حَتَّى يَأْتِي بالمخرج وَمن مَاتَ وَعَلِيهِ دين اقْتصّ من حَسَنَاته لَيْسَ ثمَّ دِينَار وَلَا دِرْهَم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من رجل يَرْمِي رجلا بِكَلِمَة تشينه إِلَّا حَبسه الله يَوْم الْقِيَامَة فِي طِينَة الخبال حَتَّى يَأْتِي مِنْهَا بالمخرج وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: بَلغنِي أَنه يُقَال للْعَبد يَوْم الْقِيَامَة: قُم فَخذ حَقك من فلَان فَيَقُول: مَا لي قبله حق فَيُقَال: بلَى ذكرك يَوْم كَذَا وَكَذَا بِكَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد وَجَابِر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْغَيْبَة أَشد من الزِّنَا قَالُوا يَا رَسُول الله: وَكَيف الْغَيْبَة أَشد من الزِّنَا قَالَ: إِن الرجل ليزني فيتوب فيتوب الله عَلَيْهِ وَإِن صَاحب الْغَيْبَة لَا يغْفر لَهُ حَتَّى يغفرها لَهُ صَاحبه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْغَيْبَة أَشد من الزِّنَا فَإِن صَاحب الزِّنَا يَتُوب وَصَاحب الْغَيْبَة لَيْسَ لَهُ تَوْبَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق غياث بن كَلوب الْكُوفِي عَن مطرف عَن سَمُرَة بن جُنْدُب عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يبغض الْبَيْت اللَّحْم فَسَأَلت مطرفاً مَا يَعْنِي بِاللَّحْمِ قَالَ: الَّذِي يغتاب فِيهِ النَّاس وبإسناده عَن أَبِيه قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل بَين يَدي حجام وَذَلِكَ فِي رَمَضَان وهما يغتابان رجلا فَقَالَ: أفطر الحاجم والمحجوم قَالَ الْبَيْهَقِيّ: غياث هَذَا مَجْهُول وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أربى الرِّبَا إستطالة الْمَرْء فِي عرض أَخِيه

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: إِذا اغتاب رجل رجلا فَلَا يُخبرهُ بِهِ وَلَكِن يسْتَغْفر الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَفَّارَة الْغَيْبَة أَن تستغفر لمن اغْتَبْته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن شُعْبَة قَالَ: الشكاية والتحذير ليسَا من الْغَيْبَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ثَلَاثَة لَيست لَهُم غيبَة الإِمام الجائر وَالْفَاسِق الْمُعْلن بِفِسْقِهِ والمبتدع الَّذِي يَدْعُو النَّاس إِلَى بدعته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ لأهل الْبدع غيبَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا الْغَيْبَة لمن لم يعلن بِالْمَعَاصِي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من ألْقى جِلْبَاب الْحيَاء فَلَا غيبَة لَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه من طَرِيق بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَرْعَوْنَ عَن ذكر الْفَاجِر أذكروه بِمَا فِيهِ كي يعرفهُ النَّاس ويحذره النَّاس وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: ثَلَاثَة لَيْسَ لَهُم حُرْمَة فِي الْغَيْبَة: فَاسق معلن الْفسق والأمير الجائر وَصَاحب الْبِدْعَة الْمُعْلن الْبِدْعَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يجاء بِالْعَبدِ يَوْم الْقِيَامَة فتوضع حَسَنَاته فِي كفة وسيئاته فِي كفة فترجح السَّيِّئَات فتجيء بطاقة فتوضع فِي كفة الْحَسَنَات فترجح بهَا فَيَقُول يَا رب مَا هَذِه البطاقة فَمَا من عمل عملته فِي ليلِي ونهاري إِلَّا وَقد اسْتقْبلت بِهِ فَقيل: هَذَا مَا قيل فِيك وَأَنت مِنْهُ بَرِيء فينجو بذلك وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الْبُهْتَان على البريء أثقل من السَّمَوَات الْآيَة 13

13

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: لما كَانَ يَوْم الْفَتْح رقي بِلَال فَأذن على الْكَعْبَة فَقَالَ بعض النَّاس: هَذَا العَبْد الْأسود يُؤذن على ظهر الْكَعْبَة وَقَالَ بَعضهم: إِن يسْخط الله هَذَا يُغَيِّرهُ فَنزلت {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني بياضة أَن يزوّجوا أَبَا هِنْد امْرَأَة مِنْهُم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله أتزوّج بناتنا موالينا فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} الْآيَة قَالَ الزُّهْرِيّ: نزلت فِي أبي هِنْد خَاصَّة قَالَ: وَكَانَ أَبُو هِنْد حجام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنكحوا أَبَا هِنْد وَانْكِحُوا إِلَيْهِ قَالَت: وَنزلت {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: مَا خلق الله الْوَلَد إِلَّا من نُطْفَة الرجل وَالْمَرْأَة جَمِيعًا وَذَلِكَ أَن الله يَقُول: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب أَن هَذِه الْآيَة فِي الحجرات {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} هِيَ مَكِّيَّة وَهِي للْعَرَب خَاصَّة الموَالِي أَي قَبيلَة لَهُم وَأي شعاب وَقَوله {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} قَالَ: أَتْقَاكُم للشرك وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وجعلناكم شعوباً وقبائل} قَالَ: الشعوب الْقَبَائِل الْعِظَام والقبائل الْبُطُون وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الشعوب الْجِمَاع والقبائل الأفخاذ الَّتِي يَتَعَارَفُونَ بهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وجعلناكم شعوباً وقبائل} قَالَ: الْقَبَائِل الأفخاذ والشعوب الْجُمْهُور مثل مُضر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وجعلناكم شعوباً وقبائل} قَالَ: الشّعب هُوَ النّسَب الْبعيد والقبائل كَمَا سمعته يَقُول فلَان من بني فلَان

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وجعلناكم شعوباً} قَالَ: النّسَب الْبعيد {وقبائل} قَالَ: دون ذَلِك جعلنَا هَذَا لتعرفوا فلَان بن فلَان من كَذَا وَكَذَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْقَبَائِل رُؤُوس الْقَبَائِل والشعوب الفصائل والأفخاذ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف يَوْم الْفَتْح على رَاحِلَته يسْتَلم الْأَركان بِمِحْجَنِهِ فَلَمَّا خرج لم يجد منَاخًا فَنزل على أَيدي الرِّجَال فخطبهم فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنْكُم عَيْبَة الْجَاهِلِيَّة وَتَكَبُّرهَا بِآبَائِهَا النَّاس رجلَانِ برٌّ تقيّ كريمٌ على الله وفاجرٌ شقيّ هّينٌ على الله وَالنَّاس بَنو آدم وَخلق الله آدم من تُرَاب قَالَ الله {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} إِلَى قَوْله {خَبِير} ثمَّ قَالَ: أَقُول قولي هَذَا وَأَسْتَغْفِر الله لي وَلكم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وسط أَيَّام التَّشْرِيق خطْبَة الْوَدَاع فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أَلا إِن ربكُم وَاحِد أَلا إِن أَبَاكُم وَاحِد أَلا لَا فضل لعربي على أعجمي وَلَا لعجمي على عَرَبِيّ وَلَا لأسود على أَحْمَر وَلَا لأحمر على أسود إِلَّا بالتقوى إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم أَلا هَل بلغت قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله أذهب نخوة الْجَاهِلِيَّة وَتَكَبُّرهَا بِآبَائِهَا كلكُمْ لآدَم وحواء كطف الصَّاع بالصاع وَإِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم فَمن أَتَاكُم ترْضونَ دينه وأمانته فَزَوجُوهُ وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أنسابكم هَذِه لَيست بمسيئة على أحد كلكُمْ بَنو آدم طف الصَّاع لم تملؤوه لَيْسَ لأحد على أحد فضل إِلَّا بدين وتقوى إِن الله لَا يسألكم عَن أحسابكم وَلَا عَن أنسابكم يَوْم الْقِيَامَة أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يَقُول يَوْم الْقِيَامَة أَمرتكُم فضيعتم مَا عهِدت إِلَيْكُم ورفعتم أنسابكم

فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم أَيْن المتقون أَيْن المتقون إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَقُول الله يَوْم الْقِيَامَة: أَيهَا النَّاس إِنِّي جعلت نسبا وجعلتم نسبا فَجعلت أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم فأبيتم إِلَّا أَن تَقولُوا فلَان أكْرم من فلَان وَفُلَان أكْرم من فلَان وَإِنِّي الْيَوْم أرفع نسبي وأضع نسبكم أَلا أَن أوليائي المتقون وَأخرج الْخَطِيب عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أوقف الْعباد بَين يَدي الله تَعَالَى غرلًا بهما فَيَقُول الله: عبَادي أَمرتكُم فضيعتم أَمْرِي ورفعتم أنسابكم فتفاخرتم بهَا الْيَوْم أَضَع أنسابكم أَنا الْملك الديّان أَيْن المتقون أَيْن المتقون إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: النَّاس كلهم بَنو آدم وآدَم خلق من التُّرَاب وَلَا فضل لعربي على عجمي وَلَا عجمي على عَرَبِيّ وَلَا أَحْمَر على أَبيض وَلَا أَبيض على أَحْمَر إِلَّا بالتقوى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حبيب بن خرَاش القصري رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمُسلمُونَ إخْوَة لَا فضل لأحد على أحد إِلَّا بالتقوى وَأخرج أَحْمد عَن رجل من بني سليط قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمعته يَقُول: الْمُسلم أَخُو الْمُسلم لَا يَظْلمه وَلَا يَخْذُلهُ التَّقْوَى هَهُنَا وَقَالَ بِيَدِهِ إِلَى صَدره وَمَا توادَّ رجلَانِ فِي الله فَيُفَرق بَينهمَا إِلَّا حدث يحدث أَحدهمَا والمحدث شَرّ والمحدث شَرّ والمحدث شَرّ وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي النَّاس أكْرم قَالَ: أكْرمهم عِنْد الله أَتْقَاهُم قَالُوا: لَيْسَ عَن هَذَا نَسْأَلك قَالَ: فَأكْرم النَّاس يُوسُف نَبِي الله ابْن نَبِي الله ابْن نَبِي الله ابْن خَلِيل الله قَالُوا: لَيْسَ عَن هَذَا نَسْأَلك قَالَ: فَعَن معادن الْعَرَب تَسْأَلُونِي قَالُوا: نعم قَالَ: خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الإِسلام إِذا فقهوا وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: أنظر فَإنَّك لست بِخَير من أَحْمَر وَلَا أسود إِلَّا أَن تفضله بتقوى وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَا أرى أحدا

يعْمل بِهَذِهِ الْآيَة {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذكر وَأُنْثَى} حَتَّى بلغ {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} فَيَقُول الرجل للرجل أَنا أكْرم مِنْك فَلَيْسَ أحد أكْرم من أحد إِلَّا بتقوى الله وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا تَعدونَ الْكَرم وَقد بَين الله الْكَرم وأكرمكم عِنْد الله أَتْقَاكُم وَمَا تَعدونَ الْحسب أفضلكم حسباً أحسنكم خلقا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن درة بنت أبي لَهب قَالَت: قَامَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على الْمِنْبَر فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَي النَّاس خير فَقَالَ: خير النَّاس أقرؤهم وأتقاهم لله عز وَجل وَآمرهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وأنهاهم عَن الْمُنكر وأوصلهم للرحم وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْحسب المَال وَالْكَرم التَّقْوَى وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مَا أعجب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْء من الدُّنْيَا وَلَا أعجبه أحد قطّ إِلَّا ذُو تقوى وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اتَّقى الله أهاب الله مِنْهُ كل شَيْء وَمن لم يتق الله أهابه الله من كل شَيْء وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْحيَاء زِينَة والتقى كرم وَخير الْمركب الصَّبْر وانتظار الْفرج من الله عبَادَة وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ خيرا جعل غناهُ فِي نَفسه وتقاه فِي قلبه وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ شرا جعل فقره بَين عَيْنَيْهِ وَأخرج ابْن الضريس فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أوصني فَقَالَ: عَلَيْك بتقوى الله فَإِنَّهَا جماع كل خير وَعَلَيْك بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّة الْمُسلمين وَعَلَيْك بِذكر الله وتلاوة

كتاب الله فَإِنَّهُ نور لَك فِي الأَرْض وَذكر لَك فِي السَّمَاء وأخزن لسَانك إِلَّا من خير فَإنَّك بذلك تغلب الشَّيْطَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي نَضرة رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا رأى أَنه دخل الْجنَّة فَرَأى مَمْلُوكه فَوْقه مثل الْكَوْكَب فَقَالَ وَالله يَا رب إِن هَذَا لمملوكي فِي الدُّنْيَا فَمَا أنزلهُ هَذِه الْمنزلَة قَالَ: هَذَا كَانَ أحسن عملا مِنْك وَأخرج التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تعلمُوا من أنسابكم مَا تصلونَ بِهِ أَرْحَامكُم فَإِن صلَة الرَّحِم محبَّة فِي الْأَهْل مثراة فِي المَال منسأة فِي الْأَثر وَأخرج الْبَزَّار عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كلكُمْ بَنو آدم وآدَم خلق من تُرَاب ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أَو لَيَكُونن أَهْون على الله من الْجعلَان وَأخرج أَحْمد عَن أبي رَيْحَانَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من انتسب إِلَى تِسْعَة آبَاء كفار يُرِيد بهم عزا وكبراً فَهُوَ عاشرهم فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَربع من الْجَاهِلِيَّة لَا تتركهن أمتِي: الْفَخر بِالْأَحْسَابِ والطعن فِي الْأَنْسَاب وَالِاسْتِسْقَاء بالنجوم والنياحة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إثنتان فِي النَّاس هما بهما كفر: النِّيَاحَة والطعن فِي الْأَنْسَاب الْآيَة 14

14

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا} قَالَ: أَعْرَاب بني أَسد بن خُزَيْمَة وَفِي قَوْله {وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا} قَالَ: استسلمنا مَخَافَة الْقَتْل والسبي وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا} قَالَ: نزلت فِي بني أَسد

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا} الْآيَة قَالَ: لم تعم هَذِه الْآيَة الْأَعْرَاب وَلكنهَا الطوائف من الْأَعْرَاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا} قَالَ: لعمري مَا عَمت هَذِه الْآيَة الْأَعْرَاب إِن من الْأَعْرَاب لم يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَلَكِن إِنَّمَا أنزلت فِي حيّ من أَحيَاء الْعَرَب منوا بالإِسلام على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالُوا أسلمنَا وَلم نقاتلك كَمَا قَاتلك بَنو فلَان فَقَالَ الله {لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا وَلما يدْخل الإِيمان فِي قُلُوبكُمْ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن دَاوُد بن أبي هِنْد أَنه سُئِلَ عَن الإِيمان فَتلا هَذِه الْآيَة {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا} قَالَ: الإِسلام الإِقرار والإِيمان التَّصْدِيق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ فِي الْآيَة قَالَ: ترى أَن الإِسلام الْكَلِمَة والإِيمان الْعَمَل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص أَن نَفرا أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَعْطَاهُمْ إِلَّا رجلا مِنْهُم فَقلت: يَا رَسُول الله: أَعطيتهم وَتركت فلَانا وَالله إِنِّي لأراه مُؤمنا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَو مُسلم ذَلِك ثَلَاثًا وَأخرج ابْن قَانِع وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عَامر بن سعد عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم قسما فَأعْطى أُنَاسًا وَمنع آخَرين فَقلت يَا رَسُول الله: أَعْطَيْت فلَانا وَفُلَانًا ومنعت فلَانا وَهُوَ مُؤمن فَقَالَ: لَا تقل مُؤمن وَلَكِن قل مُسلم وَقَالَ الزُّهْرِيّ {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا} وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الايمان معرفَة بِالْقَلْبِ وَإِقْرَار بِاللِّسَانِ وَعمل بالأركان وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الإِسلام عَلَانيَة والإِيمان فِي الْقلب ثمَّ يُشِير بِيَدِهِ إِلَى صَدره ثَلَاث مَرَّات وَيَقُول: التَّقْوَى هَهُنَا التَّقْوَى هَهُنَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا} الْآيَة قَالَ: وَذَلِكَ أَنهم أَرَادوا أَن يتسموا باسم الْهِجْرَة وَلَا يتسموا بِأَسْمَائِهِمْ الَّتِي سماهم الله وَكَانَ هَذَا أول الْهِجْرَة قبل أَن تتْرك الْمَوَارِيث لَهُم قَوْله تَعَالَى: {وَإِن تطيعوا الله وَرَسُوله} الْآيَة أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لَا يلتكم} بِغَيْر ألف وَلَا همزَة مَكْسُورَة اللَّام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن شهر رَمَضَان فرض عَلَيْكُم صِيَامه وَالصَّلَاة بِاللَّيْلِ بعد الْفَرِيضَة نَافِلَة لكم وَالله لَا يلتكم من أَعمالكُم شَيْئا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا يلتكم} قَالَ: لَا يظلمكم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {لَا يلتكم} لَا ينقصكم وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {لَا يلتكم} قَالَ: لَا ينقصكم بلغَة بني عبس قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الحطيئة الْعَبْسِي أبلغ سراة بني سعد مغلغلة جهد الرسَالَة لَا ألتاً وَلَا كذبا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {لَا يلتكم} لَا يظلمكم من أَعمالكُم شَيْئا {إِن الله غَفُور رَحِيم} قَالَ: غَفُور للذنب الْكَبِير رَحِيم بعباده الْآيَات 15 - 16

15

أخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ فِي الدُّنْيَا على ثَلَاثَة أَجزَاء: الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله ثمَّ لم يرتابوا وَجَاهدُوا

بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذِي أَمنه النَّاس على أَمْوَالهم وأنفسهم ثمَّ الَّذِي إِذا أشرف على طمع تَركه لله الْآيَات 17 - 18

17

أخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن عبد الله بن أبي أوفى أَن أُنَاسًا من الْعَرَب قَالُوا يَا رَسُول الله: أسلمنَا وَلم نقاتلك كَمَا قَاتلك بَنو فلَان فَأنْزل الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا} الْآيَة وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَت بَنو أَسد إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا رَسُول الله: أسلمنَا وقاتلك الْعَرَب وَلم نقاتلك فَنزلت هَذِه الْآيَة {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أَتَى قوم من الْأَعْرَاب من بني أَسد إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: جئْنَاك وَلم نقاتلك فَأنْزل الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: لما فتحت مَكَّة جَاءَ ناسٌ فَقَالُوا يَا رَسُول الله: إِنَّا قد أسلمنَا وَلم نقاتلك كَمَا قَاتلك بَنو فلَان فَأنْزل الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا} وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: قدم عشرَة رَهْط من بني أَسد على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أول سنة تسع وَفِيهِمْ حضرمي بن عَامر وَضِرَار بن الْأَزْوَر ووابصة بن معبد وَقَتَادَة بن الْقَائِف وَسَلَمَة بن حُبَيْش ونقادة بن عبد الله بن خلف وَطَلْحَة بن خويلد وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد مَعَ أَصْحَابه فَسَلمُوا وَقَالَ متكلمهم: يَا رَسُول الله إِنَّا شَهِدنَا أَن الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَنَّك عَبده وَرَسُوله وَجِئْنَاك يَا رَسُول الله وَلم تبْعَث إِلَيْنَا بعثاً وَنحن لمن وَرَاءَنَا سلم فَأنْزل الله {يمنون عَلَيْك أَن أَسْلمُوا} الْآيَة

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعْطَانِي رَبِّي السَّبع الطوَال مَكَان التَّوْرَاة والمئين مَكَان الإِنجيل وفضلت بالمفصل وَأخرج ابْن الضريس وَابْن جرير عَن أبي قلَابَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَعْطَيْت السَّبع مَكَان التَّوْرَاة وَأعْطيت المثاني مَكَان الإِنجيل وَأعْطيت كَذَا وَكَذَا مَكَان الزبُور وفضلت بالمفصل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الطوَال مَكَان التَّوْرَاة والمئين كالإِنجيل والمثاني كالزبور وَسَائِر الْقُرْآن بعد فضل على الْكتب

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (50) سُورَة ق مَكِّيَّة وآياتها خمس وَأَرْبَعُونَ مُقَدّمَة سُورَة ق أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة ق بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: نزلت الْمفصل بِمَكَّة فَمَكثْنَا حجَجًا نقرأوه لَا ينزل غَيره وَأخرج ابْن أبي دَاوُد وَابْن عَسَاكِر عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَنَّهَا لما ضربت يَده قَالَ: وَالله إِنَّهَا لأوّل يَد خطت الْمفصل وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن وَاثِلَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعْطَيْت مَكَان التَّوْرَاة السَّبع الطوَال وَأعْطيت مَكَان الزبُور المئين وَأعْطيت مَكَان الْإِنْجِيل المثاني وفضلت بالمفصل وَأخرج الدَّارمِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن لكل شَيْء لبابا وَإِن لباب الْقُرْآن الْمفصل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أَوْس بن حُذَيْفَة قَالَ: قدمنَا فِي وَفد ثَقِيف فَسَأَلت أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ تجزئون الْقُرْآن قَالُوا: ثلث وَخمْس وَسبع وتسع وَإِحْدَى عشرَة وَثَلَاث عشرَة وحزب الْمفصل وَحده وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: مَا من الْمفصل سُورَة صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة إِلَّا وَسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأم بهَا النَّاس فِي الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَمُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْفجْر {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَاللَّفْظ لَهُ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن قُطْبَة بن مَالك قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي صَلَاة الْفجْر فِي الرَّكْعَة الأولى {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْعِيد بقاف وإقتربت وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أم هِشَام ابْنة حَارِثَة قَالَت: مَا أخذت {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} إِلَّا من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ بهَا كل يَوْم جُمُعَة على الْمِنْبَر إِذا خطب النَّاس وَأخرج ابْن سعد عَن أم صبية خَوْلَة بنت قيس الجهنية قَالَت: كنت أسمع خطْبَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة وَأَنا فِي مُؤخر النِّسَاء فَأَسْمع قِرَاءَته {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} على الْمِنْبَر وَأَنا فِي مُؤخر الْمَسْجِد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمُوا (عَم يتساءلون) وتعلموا {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} وتعلموا (والنجم إِذا هوى) (وَالسَّمَاء ذَات البروج) (وَالسَّمَاء والطارق) الْآيَات 1 - 11

ق

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ق} قَالَ: هُوَ اسْم من أَسمَاء الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق الله تَعَالَى من وَرَاء هَذِه الأَرْض بحراً محيطاً بهَا ثمَّ خلق من وَرَاء ذَلِك جبلا يُقَال لَهُ {ق} السَّمَاء الدُّنْيَا مترفرفة عَلَيْهِ ثمَّ خلق من وَرَاء ذَلِك الْجَبَل أَرضًا مثل تِلْكَ الأَرْض سبع مَرَّات ثمَّ خلق من وَرَاء ذَلِك بحراً محيطاً بهَا ثمَّ خلق من وَرَاء ذَلِك جبلا يُقَال لَهُ ق السَّمَاء الثَّانِيَة مترفرفة عَلَيْهِ حَتَّى عد سبع أَرضين وَسَبْعَة أبحر وَسَبْعَة أجبل وَسبع سموات قَالَ: وَذَلِكَ قَوْله (وَالْبَحْر يمده من بعده سَبْعَة أبحر) (لُقْمَان الْآيَة 27) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن بُرَيْدَة فِي قَوْله {ق} قَالَ: جبل من زمرد مُحِيط بالدنيا عَلَيْهِ كَتفًا السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْعُقُوبَات وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق الله جبلا يُقَال لَهُ {ق} مُحِيط بالعالم وعروقه إِلَى الصَّخْرَة الَّتِي عَلَيْهَا الأَرْض فَإِذا أَرَادَ الله أَن يزلزل قَرْيَة أَمر ذَلِك الْجَبَل فحرك الْعرق الَّذِي يَلِي تِلْكَ الْقرْيَة فيزلزلها ويحركها فَمن ثمَّ تحرّك الْقرْيَة دون الْقرْيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد قَالَ: {ق} جبل مُحِيط بِالْأَرْضِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {ق} إسم من أَسمَاء الْقُرْآن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَالْقُرْآن الْمجِيد} قَالَ: الْكَرِيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {وَالْقُرْآن الْمجِيد} لَيْسَ شَيْء أحسن مِنْهُ وَلَا أفضل مِنْهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {ذَلِك رَجَعَ بعيد} قَالَ: أَنْكَرُوا الْبَعْث فَقَالُوا: من يَسْتَطِيع أَن يرجعنا ويحيينا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس: {قد علمنَا مَا تنقص الأَرْض مِنْهُم} قَالَ: من أَجْسَادهم وَمَا يذهب مِنْهَا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {قد علمنَا مَا تنقص الأَرْض مِنْهُم} قَالَ: مَا تَأْكُل الأَرْض من لحومهم وأشعارهم وعظامهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: يَعْنِي الْمَوْتَى تأكلهم الأَرْض إِذا مَاتُوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {وَعِنْدنَا كتاب حفيظ} قَالَ: لعدتهم وأسمائهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {فِي أَمر مريج} يَقُول: مُخْتَلف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {فِي أَمر مريج} يَقُول: الشَّيْء المريج الشَّيْء الْمُنكر الْمُتَغَيّر أما سَمِعت قَول الشَّاعِر فجالت والتمست بِهِ حشاها فَخر كَأَنَّهُ خوط مريج وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {فِي أَمر مريج} يَقُول: فِي أَمر ضَلَالَة وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْوَقْف والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص والطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {فِي أَمر مريج} قَالَ: مختلط قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: فراغت فانتفذت بِهِ حشاها فَخر كَأَنَّهُ خوط مريج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فِي أَمر مريج} قَالَ: ملتبس وَفِي قَوْله {وَمَا لَهَا من فروج} قَالَ: شقوق وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى {من كل زوج بهيج} قَالَ: الزَّوْج الْوَاحِد والبهيج الْحسن قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: وكل زوج من الديباج يلْبسهُ أَبُو قدامَة محبوك يَدَاهُ مَعًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كل زوج بهيج} قَالَ: حسن {تبصرة} قَالَ: نعم تبصرة للعباد {وذكرى لكل عبد منيب} قَالَ: الْمُنِيب الْمقبل قلبه إِلَى الله

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {تبصرة} قَالَ: بَصِيرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد وَعَطَاء فِي قَوْله {لكل عبد منيب} قَالَ: مخبت وَأخرج فِي الْأَدَب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ إِذا أمْطرت السَّمَاء يَقُول: يَا جَارِيَة أَخْرِجِي سرجي أَخْرِجِي ثِيَابِي وَيَقُول {ونزلنا من السَّمَاء مَاء مُبَارَكًا} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {ونزلنا من السَّمَاء مَاء مُبَارَكًا} قَالَ: الْمَطَر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَحب الحصيد} قَالَ: الْحِنْطَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَحب الحصيد} قَالَ: هُوَ الْبر وَالشعِير وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن قُطْبَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الصُّبْح فَلَمَّا أَتَى على هَذِه الْآيَة {وَالنَّخْل باسقات لَهَا طلع نضيد} قَالَ قُطْبَة: فَجعلت أَقُول مَا أطولها وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالنَّخْل باسقات} قَالَ: الطول وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة عَن {وَالنَّخْل باسقات} فَقلت: مَا بسوقها قَالَ: بسوقها طلعها ألم تَرَ أَنه يُقَال للشاة إِذا حَان ولادها بسقت قَالَ: فَرَجَعت إِلَى سعيد بن جُبَير فَقلت لَهُ: فَقَالَ: كذب بسوقها طولهَا فِي كَلَام الْعَرَب ألم تَرَ أَن الله قَالَ: {وَالنَّخْل باسقات} ثمَّ قَالَ {طلع نضيد} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن شَدَّاد فِي قَوْله {وَالنَّخْل باسقات} قَالَ: استقامتها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: بسوقها التفافها

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {لَهَا طلع نضيد} قَالَ: متراكم بعضه على بعض الْآيَات 12 - 15

12

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَحق وَعِيد} قَالَ: مَا أهلكوا بِهِ تخويفاً لَهُم وَفِي قَوْله {أفعيينا بالخلق الأوّل} قَالَ: أفعي علينا حِين أنشأناكم {بل هم فِي لبس من خلق جَدِيد} قَالَ: يمترون بِالْبَعْثِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أفعيينا بالخلق الأوّل} يَقُول: لم يعينا الْخلق الأوّل وَفِي قَوْله {بل هم فِي لبس من خلق جَدِيد} يَقُول فِي شكّ من الْبَعْث الْآيَة 16

16

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نزل الله من ابْن آدم أرفع الْمنَازل هُوَ أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد وَهُوَ يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه وَهُوَ آخذ بناصية كل دَابَّة وَهُوَ مَعَهم أَيْنَمَا كَانُوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن جُوَيْبِر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت الضَّحَّاك عَن قَوْله {وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد} قَالَ: لَيْسَ شَيْء أقرب إِلَى ابْن آدم من حَبل الوريد وَالله أقرب إِلَيْهِ مِنْهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {من حَبل الوريد} قَالَ: عرق الْعُنُق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {من حَبل الوريد} قَالَ: نِيَاط الْقلب وَمَا حمل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {من حَبل الوريد} قَالَ: الَّذِي فِي الْحلق الْآيَات 17 - 18

17

أخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {إِذْ يتلَقَّى المتلقيان} قَالَ: مَعَ كل إِنْسَان ملكان ملك عَن يَمِينه وَآخر عَن شِمَاله فَأَما الَّذِي عَن يَمِينه فَيكْتب الْخَيْر وَأما الَّذِي عَن شِمَاله فَيكْتب الشَّرّ وَأخرج أَبُو نعيم والديلمي عَن معَاذ بن جبل مَرْفُوعا أَن الله لطف الْملكَيْنِ الحافظين حَتَّى أجلسهما على الناجذين وَجعل لِسَانه قَلَمهمَا وريقه مِدَادهمَا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ: إسم صَاحب السَّيِّئَات قعيد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: عَن الْيَمين كَاتب الْحَسَنَات وَعَن الشمَال كَاتب السَّيِّئَات وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا يلفظ من قَول} الْآيَة قَالَ: يكْتب كل مَا تكلم بِهِ من خير أَو شَرّ حَتَّى إِنَّه ليكتب قَوْله أكلت شربت ذهبت جِئْت رَأَيْت حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الْخَمِيس عرض قَوْله وَعَمله فَأقر مِنْهُ مَا كَانَ فِيهِ من خير أَو شَرّ وَألقى سائره فَذَلِك قَوْله (يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت) (الرَّعْد آيَة 39) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد} قَالَ: إِنَّمَا يكْتب الْخَيْر وَالشَّر لَا يكْتب يَا غُلَام أَسْرج الْفرس وَيَا غُلَام اسْقِنِي المَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَا يكْتب إِلَّا مَا يُؤجر عَلَيْهِ ويؤزر فِيهِ لَو قَالَ رجل لامْرَأَته تعالي حَتَّى نَفْعل كَذَا وَكَذَا كَانَ يكْتب عَلَيْهِ شَيْء

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْفِدْيَة من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {مَا يلفظ من قَول} الْآيَة قَالَ: كَاتب الْحَسَنَات عَن يَمِينه يكْتب حَسَنَاته وَكَاتب السَّيِّئَات عَن يسَاره فَإِذا عمل حَسَنَة كتب صَاحب الْيَمين عشرا وَإِذا عمل سَيِّئَة قَالَ صَاحب الْيَمين لصَاحب الشمَال دَعه حَتَّى يسبح أَو يسْتَغْفر فَإِذا كَانَ يَوْم الْخَمِيس كتب مَا يجزى بِهِ من الْخَيْر وَالشَّر ويلقى مَا سوى ذَلِك ثمَّ يعرض على أم الْكتاب فيجده بجملته فِيهِ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصمت عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لِسَان الإِنسان قلم الْملك وريقه مداده وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر عَن الْأَحْنَف بن قيس فِي قَوْله {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد} قَالَ: صَاحب الْيَمين يكْتب الْخَيْر وَهُوَ أَمِير على صَاحب الشمَال فَإِن أصَاب العَبْد خَطِيئَة قَالَ أمسك فَإِن اسْتغْفر الله نَهَاهُ أَن يَكْتُبهَا وَإِن أَبى إِلَّا أَن يصر كتبهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فيي العظمة من طَرِيق ابْن الْمُبَارك عَن ابْن جريج قَالَ: ملكان أَحدهمَا على يَمِينه يكْتب الْحَسَنَات وَملك عَن يسَاره يكْتب السَّيِّئَات فَالَّذِي عَن يَمِينه يكْتب بِغَيْر شَهَادَة من صَاحبه إِن قعد فأحدهما عَن يَمِينه وَالْآخر عَن يسَاره وَإِن مَشى فأحدهما أَمَامه وَالْآخر خَلفه وَإِن رقد فأحدهما عِنْد رَأسه وَالْآخر عِنْد رجلَيْهِ قَالَ ابْن الْمُبَارك: وكل بِهِ خَمْسَة أَمْلَاك ملكان بِاللَّيْلِ وملكان بِالنَّهَارِ يجيئان ويذهبان وَملك خَامِس لَا يُفَارِقهُ لَيْلًا وَلَا نَهَارا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {رَقِيب عتيد} قَالَ: رصيد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن حجاج بن دِينَار قَالَ: قلت لأبي معشر: الرجل يذكر الله فِي نَفسه كَيفَ تكتبه الْمَلَائِكَة قَالَ: يَجدونَ الرّيح وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: بلغنَا أَن الْمَلَائِكَة تصف بكتبها فِي السَّمَاء الدُّنْيَا كل عَشِيَّة بعد الْعَصْر فينادي الْملك ألقِ تِلْكَ الصَّحِيفَة وينادي الْملك الآخر ألقِ تِلْكَ الصَّحِيفَة فَيَقُولُونَ رَبنَا قَالُوا خيرا وحفظنا عَلَيْهِم فَيَقُول إِنَّهُم لم يُرِيدُوا بِهِ وَجْهي وَإِنِّي لَا أقبل إِلَّا مَا أُرِيد بِهِ وَجْهي وينادي الْملك الآخر أكتب لفُلَان بن فلَان كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: يَا رب إِنَّه لم يعمله فَيَقُول إِنَّه نَوَاه وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الإِخلاص وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن

ضَمرَة بن حبيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْمَلَائِكَة يصعدون بِعَمَل العَبْد من عباد الله فيكثرونه ويزكونه حَتَّى ينْتَهوا بِهِ حَيْثُ شَاءَ الله من سُلْطَانه فَيُوحِي الله إِلَيْهِم إِنَّكُم حفظَة على عمل عَبدِي وَأَنا رَقِيب على مَا فِي نَفسه إِن عَبدِي هَذَا لم يخلص لي عمله فَاجْعَلُوهُ فِي سِجِّين قَالَ: ويصعدون بِعَمَل العَبْد من عباد الله فيستقلونه ويحقرونه حَتَّى ينْتَهوا حَيْثُ شَاءَ الله من سُلْطَانه فَيُوحِي الله إِلَيْهِم إِنَّكُم حفظَة على عمل عَبدِي وَأَنا رَقِيب على مَا فِي نَفسه فضاعفوه لَهُ واجعلوه فِي عليين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صَاحب الْيَمين أَمِير على صَاحب الشمَال فَإِذا عمل العَبْد حَسَنَة كتبت لَهُ بِعشر أَمْثَالهَا وَإِذا عمل سَيِّئَة فَأَرَادَ صَاحب الشمَال أَن يَكْتُبهَا قَالَ صَاحب الْيَمين أمسك فَيمسك سِتّ سَاعَات أَو سبع سَاعَات فَإِن اسْتغْفر الله مِنْهَا لم يكْتب عَلَيْهِ شَيْئا وَإِن لم يسْتَغْفر الله كتب عَلَيْهِ سَيِّئَة وَاحِدَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي التَّفْسِير عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: تَذَاكَرُوا مَجْلِسا فِيهِ مَكْحُول وَابْن أبي زَكَرِيَّا أَن العَبْد إِذا عمل خَطِيئَة لم تكْتب عَلَيْهِ ثَلَاث سَاعَات فَإِن اسْتغْفر الله وَإِلَّا تكْتب عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه قَالَ: إِن من كَانَ قبلكُمْ كَانَ يكره فضول الْكَلَام مَا عدا كتاب الله أَن يقرأه أَو أَمر بِمَعْرُوف أَو نهي عَن مُنكر وَأَن تنطق بحاجتك فِي معيشتك الَّتِي لَا بُد لَك مِنْهَا أتنكرون أَن عَلَيْكُم حافظين كراماً كاتبين وَأَن عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد أما يستحي أحدكُم لَو نشر صَحِيفَته الَّتِي مَلأ صدر نَهَاره وَأكْثر مَا فِيهَا لَيْسَ من أَمر دينه وَلَا دُنْيَاهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: بَيْنَمَا رجل رَاكب على حمَار إِذْ عثر بِهِ فَقَالَ: تعست فَقَالَ صَاحب الْيَمين: مَا هِيَ بحسنة فأكتبها وَقَالَ صَاحب الشمَال مَا هِيَ بسيئة فأكتبها فَنُوديَ صَاحب الشمَال أَن مَا ترك صَاحب الْيَمين فأكتبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن بكر بن مَاعِز قَالَ: جَاءَت بنت الرّبيع بن خَيْثَم وَعِنْده أَصْحَاب لَهُ فَقَالَت: يَا أبتاه أذهب أَلعَب قَالَ: لَا قَالَ لَهُ أَصْحَابه: يَا

أَبَا يزِيد اتركها قَالَ: لَا يُوجد فِي صحيفتي أَنِّي قلت لَهَا: إذهبي فالعبي لَكِن إذهبي فَقولِي خيرا وافعلي خيرا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان أَن الْكَلَام بسبعة أغلاق إِذْ أخرج مِنْهَا كتب وَإِذا لم يخرج لم يكْتب الْقلب واللهاة وَاللِّسَان والحنكين والشفتين وَأخرج الْخَطِيب فِي رُوَاة مَالك وَابْن عَسَاكِر عَن مَالك أَنه بلغه أَن كل شَيْء يكْتب حَتَّى أَنِين الْمَرِيض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: يكْتب على ابْن آدم كل شَيْء يتَكَلَّم بِهِ حَتَّى أنينه فِي مَرضه وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن الفضيل بن عِيسَى قَالَ: إِذا احْتضرَ الرجل قيل للْملك الَّذِي كَانَ يكْتب لَهُ كف قَالَ: لَا وَمَا يدريني لَعَلَّه يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فأكتبها لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: يكْتب من الْمَرِيض كل شَيْء حَتَّى أنينه فِي مَرضه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء بن يسَار يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا مرض العَبْد قَالَ الله للكرام الْكَاتِبين: اكتبوا لعبدي مثل الَّذِي كَانَ يعْمل حَتَّى أقبضهُ أَو أعافيه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان قَالَ: إِذا مرض العَبْد قَالَ الْملك يَا رب إبتليت عَبدك بِكَذَا فَيَقُول: مَا دَامَ فِي وثاقي فَاكْتُبُوا لَهُ مثل عمله الَّذِي كَانَ يعْمل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن معَاذ قَالَ: إِذا إبتلى الله العَبْد بِالسقمِ قَالَ لصَاحب الشمَال إرفع وَقَالَ لصَاحب الْيَمين أكتب لعبدي مَا كَانَ يعْمل

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن النَّضر بن أنس قَالَ: كُنَّا نتحدث مُنْذُ خمسين سنة أَنه مَا من عبد يمرض إِلَّا قَالَ الله لكاتبيه أكتبا لعبدي مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي قلَابَة قَالَ: إِذا مرض الرجل على عمل صَالح أجْرى لَهُ مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عِكْرِمَة قَالَ إِذا مرض الرجل رفع لَهُ كل يَوْم مَا كَانَ يعْمل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ثَابت بن مُسلم بن يسَار قَالَ: إِذا مرض العَبْد كتب لَهُ أحسن مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من أحد من الْمُسلمين يبتلى ببلاء فِي جسده إِلَّا أَمر الله الْحفظَة فَقَالَ أكتبوا لعبدي مَا كَانَ يعْمل وَهُوَ صَحِيح مَا دَامَ مشدوداً فِي وثاقي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من مرض أَو سَافر كتب الله لَهُ مَا كَانَ يعْمل صَحِيحا مُقيما وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا ابتلى الله الْمُؤمن ببلاء فِي جسده قَالَ للْملك: أكتب لَهُ صَالح عمله الَّذِي كَانَ يعْمل فَإِن شفَاه غسله وطهره وَإِن قَبضه غفر لَهُ ورحمه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله وكل بِعَبْدِهِ الْمُؤمن ملكَيْنِ يكتبان عمله فَإِذا مَاتَ قَالَ الْملكَانِ اللَّذَان وُكِّلاَ بِهِ: قد مَاتَ فائذن لنا أَن نصعد إِلَى السَّمَاء فَيَقُول الله: سمائي مَمْلُوءَة من ملائكتي يسبحونني فَيَقُولَانِ: أنقيم فِي الأَرْض فَيَقُول الله: أرضي مَمْلُوءَة من خلقي يسبحونني فَيَقُولَانِ: فَأَيْنَ فَيَقُول: قوما على قبر عَبدِي فسبحاني واحمداني وكبراني وأكتبا ذَلِك لعبدي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن عمر بن ذَر عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله عِنْد لِسَان كل قَائِل فليتق الله عبد ولينظر مَا يَقُول وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا مثله الْآيَات 19 - 30

19

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت} قَالَ: غمرة الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت بَين يَدَيْهِ ركوة أَو علبة فِيهَا مَاء فَجعل يدْخل يَدَيْهِ فِي المَاء فيمسح بهما وَجهه وَيَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله إِن للْمَوْت سَكَرَات وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد رَضِي الله عَنهُ أَنه تَلا {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ} فَقَالَ: حَدَّثتنِي أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِالْمَوْتِ وَعِنْده قدح فِيهِ مَاء وَهُوَ يدْخل يَده فِي الْقدح ثمَّ يمسح وَجهه بِالْمَاءِ ثمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ أَعنِي على سَكَرَات الْمَوْت وَأخرج ابْن سعد عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما مَاتَ الْوَلِيد بن الْوَلِيد بكته أم سَلمَة فَقَالَت: يَا عين فأبكي للوليد بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة كَانَ الْوَلِيد بن الْوَلِيد أَبَا الْوَلِيد فَتى الْعَشِيرَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقولي هَكَذَا يَا أم سَلمَة وَلَكِن قولي {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد} وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة قَالَت: لما حضرت أَبَا بكر الْوَفَاة قلت: وأبيض يَسْتَسْقِي الْغَمَام بِوَجْهِهِ ثمال الْيَتَامَى عصمَة للأرامل قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ بل {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد} قدم الْحق وَأخر الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن ابْن أبي مليكَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صبحت ابْن عَبَّاس من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة فَكَانَ إِذا نزل منزلا قَامَ شطر اللَّيْل فَسئلَ:

كَيفَ كَانَت قِرَاءَته قَالَ: قَرَأَ {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد} فَجعل يرتل وَيكثر فِي ذَلِك التَّسْبِيح وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير عَن عبد الله بن اليمني مولى الزبير بن الْعَوام قَالَ: لما حضر أَبُو بكر تمثلت عَائِشَة بِهَذَا الْبَيْت أعاذل مَا يُغني الحذار عَن الْفَتى إِذا حشرجت يَوْمًا وضاق بهَا الصَّدْر فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: لَيْسَ كَذَلِك يَا بنية وَلَكِن قولي {وَجَاءَت سكرة الْمَوْت بِالْحَقِّ ذَلِك مَا كنت مِنْهُ تحيد} أما قَوْله تَعَالَى: {مَا كنت مِنْهُ تحيد} أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مثل الَّذِي يفر من الْمَوْت كَمثل الثَّعْلَب تطلبه الأَرْض بدين فجَاء يسْعَى حَتَّى إِذا أعيا وانبهر دخل حجره فَقَالَت لَهُ الأَرْض يَا ثَعْلَب ديني فَخرج [] خصاص فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى انْقَطَعت عُنُقه فَمَاتَ أما قَوْله تَعَالَى: {وَجَاءَت كل نفس مَعهَا سائق وشهيد} أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور وَابْن عَسَاكِر عَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {وَجَاءَت كل نفس مَعهَا سائق وشهيد} قَالَ: سائق يَسُوقهَا إِلَى أَمر الله وشهيد يشْهد عَلَيْهَا بِمَا عملت وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَجَاءَت كل نفس مَعهَا سائق وشهيد} قَالَ: السَّائِق الْملك والشهيد الْعَمَل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {سائق وشهيد} قَالَ: السَّائِق من الْمَلَائِكَة والشهيد شَاهد عَلَيْهِ من نَفسه وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سائق وشهيد} قَالَ: السَّائِق من الْمَلَائِكَة وَالشَّاهِد من أنفسهم الْأَيْدِي والأرجل وَالْمَلَائِكَة أَيْضا شُهَدَاء عَلَيْهِم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {سائق وشهيد} قَالَ: الْملكَانِ كَاتب وشهيد

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن ابْن آدم لفي غَفلَة عَمَّا خلق لَهُ إِن الله إِذا أَرَادَ خلقه قَالَ للْملك أكتب رزقه أكتب أَثَره أكتب أَجله أكتب شقياً أم سعيداً ثمَّ يرْتَفع ذَلِك الْملك وَيبْعَث الله ملكا فيحفظه حَتَّى يدْرك ثمَّ يرْتَفع ذَلِك الْملك ثمَّ يُوكل الله بِهِ ملكَيْنِ يكتبان حَسَنَاته وسيئاته فَإِذا حَضَره الْمَوْت ارْتَفع ذَلِك الْملكَانِ وَجَاء ملك الْمَوْت ليقْبض روحه فَإِذا أَدخل قَبره رد الرّوح فِي جسده وجاءه ملكا الْقَبْر فامتحناه ثمَّ يرتفعان فَإِذا قَامَت السَّاعَة انحط عَلَيْهِ ملك الْحَسَنَات وَملك السَّيِّئَات فبسطا كتابا معقوداً فِي عُنُقه ثمَّ حضر مَعَه وَاحِد سائق وَآخر شَهِيد ثمَّ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن قدامكم لأمراً عَظِيما لَا تقدرونه فاستعينوا بِاللَّه الْعَظِيم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لقد كنت فِي غَفلَة من هَذَا} قَالَ: هُوَ الْكَافِر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فكشفنا عَنْك غطاءك} قَالَ: الْحَيَاة بعد الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فكشفنا عَنْك غطاءك فبصرك الْيَوْم حَدِيد} قَالَ: عاين الْآخِرَة فَنظر إِلَى مَا وعده الله فَوَجَدَهُ كَذَلِك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {فبصرك الْيَوْم} قَالَ: إِلَى لِسَان الْمِيزَان حَدِيد قَالَ: حَدِيد النّظر شَدِيد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَ قرينه} قَالَ: الشَّيْطَان وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقَالَ قرينه} قَالَ: الشَّيْطَان الَّذِي قيض لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَقَالَ قرينه} قَالَ: ملكه {هَذَا مَا لديّ عتيد} قَالَ: الَّذِي عِنْدِي عتيد للإِنسان حفظته حَتَّى جِئْت بِهِ وَفِي قَوْله {قَالَ قرينه رَبنَا مَا أطغيته} قَالَ: هَذَا شَيْطَانه

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم فِي قَوْله {كل كفار عنيد} قَالَ: مناكب عَن الْحق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ألقيا فِي جَهَنَّم كل كفار عنيد} قَالَ: كفار بنعم الله عنيد عَن طَاعَة الله وَحقه مناع للخير قَالَ: الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة {مُعْتَد مريب} قَالَ: مُعْتَد فِي قَوْله وَكَلَامه آثم بربه فَقَالَ هَذَا الْمُنَافِق الَّذِي جعل مَعَ الله إِلَهًا آخر هَذَا الْمُشرك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن مَنْصُور قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من أحد إِلَّا وَقد وكل بِهِ قرينه من الْجِنّ قَالُوا: وَلَا أَنْت قَالَ: وَلَا أَنا إِلَّا أَن الله أعانني عَلَيْهِ فَأسلم فَلَا يَأْمُرنِي الا بِخَير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا تختصموا لديّ} قَالَ: إِنَّهُم اعتذروا بِغَيْر عذر فَأبْطل الله عَلَيْهِم حجتهم ورد عَلَيْهِم قَوْلهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {قَالَ لَا تختصموا لديّ} قَالَ: عِنْدِي {وَقد قدمت إِلَيْكُم بالوعيد} قَالَ: على لِسَان الرُّسُل أَن من عَصَانِي عَذبته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: قلت لأبي الْعَالِيَة قَالَ الله: {لَا تختصموا لديَّ وَقد قدمت إِلَيْكُم بالوعيد} وَقَالَ {ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} فَكيف هَذَا قَالَ: نعم أما قَوْله {لَا تختصموا لديّ} فَهَؤُلَاءِ أهل الشّرك وَقَوله {ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} فَهَؤُلَاءِ أهل الْقبْلَة يختصمون فِي مظالمهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مَا يُبدل القَوْل لديّ} قَالَ: قد قضيت مَا أَنا قَاض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {مَا يُبدل القَوْل لديّ} قَالَ: هَهُنَا الْقسم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: فرضت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة أسريَ بِهِ الصَّلَاة خمسين ثمَّ نقصت

حَتَّى جعلت خمْسا ثمَّ نُودي يَا مُحَمَّد إِنَّه لَا يُبدل القَوْل لدي وَإِن لَك بِهَذِهِ الْخمس خمسين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا أَنا بظلام للعبيد} قَالَ: مَا أَنا بمعذب من لم يجترم وَالله تَعَالَى أعلم أما قَوْله تَعَالَى: {يَوْم نقُول لِجَهَنَّم هَل امْتَلَأت وَتقول هَل من مزِيد} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْم نقُول لِجَهَنَّم هَل امْتَلَأت وَتقول هَل من مزِيد} قَالَ: وَهل فيَّ من مَكَان يُزَاد فيَّ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: حَتَّى تَقول فَهَل من مزِيد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: وعدها الله ليملأنها فَقَالَ أوفيتك فَقَالَت: وَهل من مَسْلَك وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تزَال جَهَنَّم يلقى فِيهَا وَتقول هَل من مزِيد حَتَّى يضع رب الْعِزَّة فِيهَا قدمه فينزوي بَعْضهَا إِلَى بعض وَتقول قطّ قطّ وَعزَّتك وكرمك وَلَا يزَال فِي الْجنَّة فضل حَتَّى ينشىء الله لَهَا خلقا آخر فيسكنهم فِي قُصُور الْجنَّة وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه: يُقَال لِجَهَنَّم هَل امْتَلَأت وَتقول هَل من مزِيد فَيَضَع الرب قدمه عَلَيْهَا فَتَقول قطّ قطّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تَحَاجَّتْ الْجنَّة وَالنَّار فَقَالَت النَّار أُوثِرت بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ وَقَالَت الْجنَّة مَا لي لَا يدخلني إِلَّا ضعفاء النَّاس وَسَقَطهمْ قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى للجنة: أَنْت رَحْمَتي أرْحم بك من أَشَاء من عبَادي وَقَالَ للنار إِنَّمَا أَنْت عَذَابي أعذب بك من أَشَاء من عبَادي وَلكُل وَاحِدَة مِنْكُمَا ملؤُهَا فَأَما النَّار فَلَا تمتلىء حَتَّى يضع رجله فَتَقول قطّ قطّ فهنالك تمتلىء ويزوي بَعْضهَا إِلَى بعض وَلَا يظلم الله من خلقه أحدا وَأما الْجنَّة فَإِن الله ينشىء لَهَا خلقا وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: افتخرت الْجنَّة وَالنَّار فَقَالَت النَّار: يَا رب يدخلني الْجَبَابِرَة والمتكبرون والملوك والأشراف وَقَالَت الْجنَّة: أَي رب يدخلني الضُّعَفَاء والفقراء وَالْمَسَاكِين فَيَقُول الله للنار أَنْت عَذَابي أُصِيب بك من أَشَاء وَقَالَ للجنة: أَنْت رَحْمَتي وسعت كل شَيْء وَلكُل وَاحِدَة مِنْكُمَا ملؤُهَا فَيلقى فِيهَا أَهلهَا فَتَقول هَل من مزِيد ويلقى فِيهَا وَتقول هَل من مزِيد حَتَّى يَأْتِيهَا عز وَجل فَيَضَع قدمه عَلَيْهَا فتزوي وَتقول قدني قدني وَأما الْجنَّة فَيلقى فِيهَا مَا شَاءَ الله أَن يلقى فينشىء لَهَا خلقا مَا يَشَاء وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يعرفنِي الله نَفسه يَوْم الْقِيَامَة فأسجد سَجْدَة يرضى بهَا عني ثمَّ أمدحه مِدْحَة يرضى بهَا عني ثمَّ يُؤذن لي فِي الْكَلَام ثمَّ تمر أمتِي على الصِّرَاط مَضْرُوب بَين ظهراني جَهَنَّم فيمرون أسْرع من الطّرف والسهم وأسرع من أَجود الْخَيل حَتَّى يخرج الرجل مِنْهَا يحبو وَهِي الْأَعْمَال وجهنم تسْأَل الْمَزِيد حَتَّى يضع فِيهَا قدمه فينزوي بَعْضهَا إِلَى بعض وَتقول قطّ قطّ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أُبيّ كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أول من يدعى يَوْم الْقِيَامَة أَنا فأقوم فألبي ثمَّ يُؤذن لي فِي السُّجُود فأسجد لَهُ سَجْدَة يرضى بهَا عني ثمَّ يُؤذن لي فأرفع رَأْسِي فأدعو بِدُعَاء يرضى بِهِ عني فَقُلْنَا يَا رَسُول الله كَيفَ تعرف أمتك يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: يعْرفُونَ غراً محجّلين من أثر الطّهُور فيردون عَليّ الْحَوْض مَا بَين عدن إِلَى عمان بصرى أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل وأبرد من الثَّلج وَأطيب ريحًا من الْمسك فِيهِ من الْآنِية عدد نُجُوم السَّمَاء من ورده فَشرب مِنْهُ لم يظمأ بعده أبدا وَمن صرف عَنهُ لم يرو بعده أبدا ثمَّ يعرض النَّاس على الصِّرَاط فيمر أوائلهم كالبرق ثمَّ يَمرونَ كَالرِّيحِ ثمَّ يَمرونَ كالطرف ثمَّ يَمرونَ كأجاويد الْخَيل والركاب وعَلى كل حَال وَهِي الْأَعْمَال وَالْمَلَائِكَة جَانِبي الصِّرَاط يَقُولُونَ رب سلم سلم فسالم نَاجٍ ومخدوش نَاجٍ ومرتبك فِي النَّار وجهنم تَقول هَل من مزِيد حَتَّى يضع فِيهَا رب الْعَالمين مَا شَاءَ الله أَن يضع فتقبض وتغرغر كَمَا تغرغر المزادة الجديدة إِذا ملئت وَتقول قطّ قطّ الْآيَات 31 - 35

31

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وأزلفت الْجنَّة} قَالَ: زينت الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن التَّمِيمِي قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الأواب الحفيظ قَالَ حفظ ذنُوبه حَتَّى رَجَعَ عَنْهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن سِنَان فِي قَوْله {لكل أواب حفيظ} قَالَ: حفظ ذنُوبه فَتَابَ مِنْهَا ذَنبا ذَنبا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: الأواب الَّذِي يُذنب ثمَّ يَتُوب ثمَّ يُذنب ثمَّ يَتُوب ثمَّ يُذنب ثمَّ يَتُوب حَتَّى يخْتم الله لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أنس بن خباب قَالَ: قَالَ لي مُجَاهِد أَلا أنبئك بالأواب الحفيظ هُوَ الرجل يذكر ذَنبه إِذا خلا فيستغفر لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبيد بن عُمَيْر مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: كُنَّا نعد الأواب الحفيظ الَّذِي يكون فِي الْمجْلس فَإِذا أَرَادَ أَن يقوم قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا أصبت فِي مجلسي هَذَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {لكل أواب} قَالَ: مُطِيع لله {حفيظ} قَالَ: لما استودعه الله من حَقه ونعمه وَفِي قَوْله {وَجَاء بقلب منيب} قَالَ: منيب إِلَى الله مقبل إِلَيْهِ وَفِي قَوْله {ادخلوها بِسَلام} قَالَ: سلمُوا من عَذَاب الله وَسلم الله عَلَيْهِم {ذَلِك يَوْم الخلود} قَالَ: خلدوا وَالله فَلَا يموتون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {من خشِي الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ} قَالَ: يخْشَى وَلَا يرى

أما قَوْله تَعَالَى: {لَهُم مَا يشاؤون فِيهَا ولدينا مزِيد} أخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أنس فِي قَوْله {ولدينا مزِيد} قَالَ: يتجلى لَهُم الرب عز وَجل وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَابْن أبي شيبَة وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الرُّؤْيَة وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة من طرق جَيِّدَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل وَفِي يَده مرْآة بَيْضَاء فِيهَا نُكْتَة سَوْدَاء فَقلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذِه الْجُمُعَة فضلت بهَا أَنْت وَأمتك فَالنَّاس لكم فِيهَا تبع الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلكم فِيهَا خير وفيهَا سَاعَة لَا يُوَافِقهَا مُؤمن يَدْعُو الله بِخَير إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ وَهُوَ عندنَا يَوْم الْمَزِيد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا جِبْرِيل وَمَا يَوْم الْمَزِيد قَالَ: إِن رَبك اتخذ فِي الفردوس وَاديا أفيح فِيهِ كثب من مسك فَإِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة أنزل الله مَا شَاءَ من الْمَلَائِكَة وَحَوله مَنَابِر من نور عَلَيْهَا مقاعد النَّبِيين وتحف تِلْكَ المنابر بكراسي من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عَلَيْهَا الشُّهَدَاء وَالصِّدِّيقُونَ ثمَّ جَاءَ أهل الْجنَّة فجلسوا من ورائهم على تِلْكَ الكثب فيتجلى لَهُم تبَارك وَتَعَالَى حَتَّى ينْظرُوا إِلَى وَجهه وَيَقُول الله: أَنا ربكُم قد صدقتكم وعدي فسلوني أعطكم فَيَقُولُونَ: رَبنَا نَسْأَلك رضوانك فَيَقُول: قد رضيت عَنْكُم فسلوني فيسألونه حَتَّى تَنْتَهِي رغبتهم فَيَقُول: لكم مَا تمنيتم {ولدينا مزِيد} فهم يحبونَ يَوْم الْجُمُعَة لما يعطيهم فِيهِ رَبهم من الْخَيْر وَهُوَ الْيَوْم الَّذِي اسْتَوَى فِيهِ ربكُم على الْعَرْش وَفِيه خلق آدم وَفِيه تقوم السَّاعَة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير بِسَنَد حسن عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الرجل ليتكىء فِي الْجنَّة سبعين سنة قبل أَن يتحوّل ثمَّ تَأتيه امْرَأَته فَتضْرب على مَنْكِبه فَينْظر وَجهه فِي خدها أصفى من الْمرْآة وَإِن أدنى لؤلؤة عَلَيْهَا تضيء مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب فتسلم عَلَيْهِ فَيرد عَلَيْهَا السَّلَام ويسألها من أنتِ فَتَقول: أَنا من الْمَزِيد وَإنَّهُ ليَكُون عَلَيْهَا سَبْعُونَ حلَّة أدناها مثل [] الغمان من طُوبَى فينفذها بَصَره حَتَّى يرى مخ سَاقهَا من وَرَاء ذَلِك وَإِن عَلَيْهَا التيجان إِن أدنى لؤلؤة مِنْهَا لتضيء مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب

وَأخرج ابْن جرير عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله إِذا أسكن أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار هَبَط إِلَى مرج من الْجنَّة أفيح فَمد بَينه وَبَين خلقه حجباً من لُؤْلُؤ وحجباً من نور ثمَّ وضعت مَنَابِر النُّور وسرر النُّور وكراسي النُّور ثمَّ أذن لرجل على الله بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال من النُّور فَيسمع دويّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَه وصفق أجنحتهم فَمد أهل الْجنَّة أَعْنَاقهم فَقيل من هَذَا الَّذِي قد أذن لَهُ على الله فَقيل: هَذَا المجبول بِيَدِهِ والمعلم الْأَسْمَاء أمرت الْمَلَائِكَة فسجدت لَهُ وَالَّذِي أبيحت لَهُ الْجنَّة: آدم قد أذن لَهُ على الله ثمَّ يُؤذن لرجل آخر بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال من النُّور يسمع دويّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَه وصفق أجنحتهم فَمد أهل الْجنَّة أَعْنَاقهم فَقيل: من هَذَا الَّذِي قد أذن لَهُ على الله فَقيل: هَذَا الَّذِي قد اتَّخذهُ الله خَلِيلًا وَجعلت النَّار عَلَيْهِ بردا وَسلَامًا: إِبْرَاهِيم قد أذن لَهُ على الله ثمَّ أذن لرجل آخر على الله بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال من النُّور يسمع مَعَه دويّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة وصفق أجنحتهم فَمد أهل الْجنَّة أَعْنَاقهم فَقيل: من هَذَا الَّذِي قد أذن لَهُ على الله فَقيل: هَذَا الَّذِي اصطفاه الله برسالته وقربه نجياً وَكَلمه كلَاما: مُوسَى قد أذن لَهُ على الله ثمَّ يُؤذن لرجل آخر مَعَه مثل جَمِيع مواكب النَّبِيين قبله من بَين يَدَيْهِ أَمْثَال الْجبَال من النُّور يسمع دويّ تَسْبِيح الْمَلَائِكَة مَعَه وصفق أجنحتهم فَمد أهل الْجنَّة أَعْنَاقهم فَقيل: من هَذَا الَّذِي قد أذن لَهُ على الله فَقيل: هَذَا أول شَافِع وَأول مُشَفع وَأكْثر النَّاس وَارِدَة وَسيد ولد آدم وَأول من تَنْشَق عَن ذؤابته الأَرْض وَصَاحب لِوَاء الْحَمد وَقد أذن لَهُ على الله فَجَلَسَ النَّبِيُّونَ على مَنَابِر النُّور وَالصِّدِّيقُونَ على سرر النُّور وَالشُّهَدَاء على كراسي النُّور وَجلسَ سَائِر النَّاس على كُثْبَان الْمسك الأذفر الْأَبْيَض ثمَّ ناداهم الرب تَعَالَى من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا

بعبادي وزواري وجيراني ووفدي يَا ملائكتي إنهضوا إِلَى عبَادي فاطعموهم فقربت إِلَيْهِم من لُحُوم الطير كَأَنَّهَا البخت لَا ريش لَهَا وَلَا عظم فَأَكَلُوا ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا اسقوهم فَنَهَضَ إِلَيْهِم غلْمَان كَأَنَّهُمْ اللُّؤْلُؤ الْمكنون بأباريق الذَّهَب وَالْفِضَّة بأشربة مُخْتَلفَة لذيذة آخرهَا كلذة أَولهَا (لَا يصدعون عَنْهَا وَلَا ينزفون) (الْوَاقِعَة آيَة 19) ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا فكّهوهم فَيقرب إِلَيْهِم على أطباق مكللة بالياقوت والمرجان من الرطب الَّذِي سمى الله أشدّ بَيَاضًا من اللَّبن وَأَشد عذوبة من الْعَسَل فَأَكَلُوا ثمَّ ناداهم الرب من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا وفكهوا أكسوهم ففتحت لَهُم ثمار الْجنَّة بحلل مصقولة بِنور الرَّحْمَن فأكسوها ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا وفكهوا وكسوا طيبوهم فهاجت عَلَيْهِم ريح يُقَال لَهَا المثيرة بأباريق الْمسك الْأَبْيَض الأذفر فنفخت على وُجُوههم من غير غُبَار وَلَا قتام ثمَّ ناداهم الرب عز وَجل من وَرَاء الْحجب: مرْحَبًا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلُوا وَشَرِبُوا وفكهوا وكسوا وطيبوا وَعِزَّتِي لأتجلين لَهُم حَتَّى ينْظرُوا إليّ فَذَلِك إنتهاء الْعَطاء وَفضل الْمَزِيد فتجلى لَهُم الرب ثمَّ قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم عبَادي أنظروا إليّ فقد رضيت عَنْكُم فتداعت قُصُور الْجنَّة وشجرها سُبْحَانَكَ أَربع مَرَّات وخر الْقَوْم سجدا فناداهم الرب: عبَادي إرفعوا رؤوسكم فَإِنَّهَا لَيست بدار عمل وَلَا دَار نصب إِنَّمَا هِيَ دَار جَزَاء وثواب وَعِزَّتِي مَا خلقتها إِلَّا من أجلكم وَمَا من سَاعَة ذكرتموني فِيهَا فِي دَار الدُّنْيَا إِلَّا ذكرتكم فَوق عَرْشِي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدثنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: حَدثنِي جِبْرِيل قَالَ: يدْخل الرجل على الْحَوْرَاء فتستقبله بالمعانقة والمصافحة فَبِأَي بنان تعاطيه لَو أَن بعض بنانها بدا لغلب ضوءه ضوء الشَّمْس وَالْقَمَر وَلَو أَن طَاقَة من شعرهَا بَدَت لملأت مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب من طيب رِيحهَا فَبَيْنَمَا هُوَ متكىء مَعهَا على أريكته إِذْ أشرق عَلَيْهِ نور من فَوْقه فيظن أَن الله تَعَالَى قد أشرف على خلقه فَإِذا حوراء تناديه يَا ولي الله أما لنا فِيك من دولة فَيَقُول وَمن أنتِ يَا هَذِه فَتَقول: أَنا من اللواتي قَالَ الله {ولدينا مزِيد} فيتحول إِلَيْهَا فَإِذا عِنْدهَا من الْجمال والكمال مَا لَيْسَ مَعَ الأولى فَبَيْنَمَا هُوَ متكىء على أريكته إِذْ أشرف عَلَيْهِ نور من فَوْقه فَإِذا حوراء أُخْرَى تناديه: يَا ولي الله أما لنا فِيك من دولة فَيَقُول وَمن أنتِ يَا هَذِه فَتَقول: أَنا من اللواتي قَالَ الله (فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ) (السَّجْدَة آيَة 17) فَلَا يزَال يتَحَوَّل من زَوْجَة إِلَى زَوْجَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {لَهُم مَا يشاؤون فِيهَا ولدينا مزِيد} قَالَ: لَو أَن أدنى أهل الْجنَّة نزل بِهِ أهل الْجنَّة كلهم لأوسعهم طَعَاما وَشَرَابًا ومجالس وخدماً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كثير بن مرّة قَالَ: من الْمَزِيد أَن تمر السحابة بِأَهْل الْجنَّة فَتَقول مَاذَا تُرِيدُونَ فأمطره لكم فَلَا يدعونَ بِشَيْء إِلَّا أمطرتهم وَالله تَعَالَى أعلم الْآيَات 36 - 37

36

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَنقبُوا فِي الْبِلَاد} قَالَ: أثروا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {فَنقبُوا فِي الْبِلَاد} قَالَ: هربوا بلغَة الْيمن قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عدي بن زيد: نقبوا فِي الْبِلَاد من حذر الْمَوْت وجالوا فِي الأَرْض أيَّ مجَال وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَنقبُوا فِي الْبِلَاد} قَالَ: ضربوا فِي الأَرْض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {هَل من محيص} قَالَ: هَل من مهرب يهربون من الْمَوْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَنقبُوا فِي الْبِلَاد هَل من محيص} قَالَ: حَاص أَعدَاء الله فوجدوا أَمر الله لَهُم مدْركا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِن فِي ذَلِك لذكرى لمن كَانَ لَهُ قلب} قَالَ: كَانَ المُنَافِقُونَ يَجْلِسُونَ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ يخرجُون فَيَقُولُونَ مَاذَا قَالَ آنِفا لَيْسَ مَعَهم قُلُوب

وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الْعقل فِي الْقلب وَالرَّحْمَة فِي الكبد والرأفة فِي الطحال وَالنَّفس فِي الرئة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: التَّوْفِيق خير قَائِد وَحسن الْخلق خير قرين وَالْعقل خير صَاحب وَالْأَدب خير ميزَان وَلَا وَحْشَة أَشد من الْعجب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَو ألْقى السّمع} قَالَ: لَا يحدث نَفسه بِغَيْرِهِ {وَهُوَ شَهِيد} قَالَ: شَاهد بِالْقَلْبِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {أَو ألْقى السّمع وَهُوَ شَهِيد} قَالَ: يستمع وَقَلبه شَاهد لَا يكون قلبه مَكَانا آخر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَو ألْقى السّمع وَهُوَ شَهِيد} قَالَ: هُوَ رجل من أهل الْكتاب ألْقى السّمع أَي اسْتمع لِلْقُرْآنِ وَهُوَ شَهِيد على مَا فِي يَدَيْهِ من كتاب الله أَنه يجد النَّبِي مُحَمَّدًا مَكْتُوبًا الْآيَات 38 - 45

38

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: قَالَت الْيَهُود ابْتَدَأَ الله الْخلق يَوْم الْأَحَد والإِثنين وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس وَالْجُمُعَة واستراح يَوْم السبت فَأنْزل الله {وَلَقَد خلقنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة أَيَّام وَمَا مسنا من لغوب} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَت الْيَهُود: إِن الله

خلق الْخلق فِي سِتَّة أَيَّام وَفرغ من الْخلق يَوْم الْجُمُعَة واستراح يَوْم السبت فأكذبهم الله فِي ذَلِك فَقَالَ {وَمَا مسنا من لغوب} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا مسنا من لغوب} قَالَ: من نصب وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَمَا مسنا من لغوب} قَالَ: اللغوب النصب تَقول الْيَهُود إِنَّه أعيا بعد مَا خلقهما وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن العوّام بن حَوْشَب قَالَ: سَأَلت أَبَا مجلز عَن الرجل يجلس فَيَضَع إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى فَقَالَ لَا بَأْس بِهِ إِنَّمَا كره ذَلِك الْيَهُود زَعَمُوا أَن الله خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام ثمَّ استراح يَوْم السبت فَجَلَسَ تِلْكَ الجلسة فَأنْزل الله {وَلَقَد خلقنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة أَيَّام وَمَا مسنا من لغوب} قَوْله تَعَالَى: {فاصبر على مَا يَقُولُونَ} الْآيَة أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن عَسَاكِر عَن جرير بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَسبح بِحَمْد رَبك قبل طُلُوع الشَّمْس وَقبل الْغُرُوب} قَالَ: قبل طُلُوع الشَّمْس صَلَاة الصُّبْح وَقبل الْغُرُوب صَلَاة الْعَصْر أما قَوْله تَعَالَى: {وَمن اللَّيْل فسبحه وأدبار السُّجُود} أخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَمن اللَّيْل فسبحه} قَالَ: الْعَتَمَة {وأدبار السُّجُود} النَّوَافِل وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَمن اللَّيْل فسبحه} قَالَ: اللَّيْل كُله وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين قبل صَلَاة الْفجْر ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة فَقَالَ يَا ابْن عَبَّاس رَكْعَتَانِ قبل صَلَاة الْفجْر أدبار النُّجُوم وركعتان بعد الْمغرب أدبار السُّجُود وَأخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أدبار النُّجُوم وَالسُّجُود فَقَالَ: أدبار السُّجُود الركعتان بعد الْمغرب وأدبار النُّجُوم الركعتان قبل الْغَدَاة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: حفظت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشر رَكْعَات تطوّعاً مِنْهَا أَربع فِي كتاب الله وَمن اللَّيْل فسبحه وأدبار السُّجُود قَالَ: الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَمُحَمّد بن نصر فِي الصَّلَاة عَن عمر بن الْخطاب فِي قَوْله {وأدبار السُّجُود} قَالَ: رَكْعَتَانِ بعد الْمغرب {وأدبار النُّجُوم} قَالَ: رَكْعَتَانِ قبل الْفجْر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن نصر عَن أبي تَمِيم الجيشاني قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وأدبار السُّجُود} هما الركعتان بعد الْمغرب وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ يُقَال أدبار السُّجُود الركعتان بعد الْمغرب وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ {وأدبار السُّجُود} الركعتان بعد الْمغرب وَأخرج عَن قَتَادَة وَالشعْبِيّ وَالْحسن مثله وَأخرج ابْن جرير عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه سُئِلَ عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب فَقَالَ هما فِي كتاب الله تَعَالَى {فسبحه وأدبار السُّجُود} وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن نصر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُجَاهِد قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أدبار السُّجُود التَّسْبِيح بعد الصَّلَاة وَلَفظ البُخَارِيّ أمره أَن يسبح فِي أدبار الصَّلَوَات كلهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {واستمع يَوْم يناد المناد} قَالَ: هِيَ الصَّيْحَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر والواسطي فِي فَضَائِل بَيت الْمُقَدّس عَن يزِيد بن جَابر فِي قَوْله {واستمع يَوْم يناد المناد من مَكَان قريب} قَالَ: يقف إسْرَافيل على صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس فينفخ فِي الصُّورَة فَيَقُول: يَا أيتها الْعِظَام النخرة والجلود المتمزقة والأشعار المتقطعة إِن الله يَأْمُرك أَن تجتمعي لفصل الْحساب وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب فِي قَوْله {واستمع يَوْم يناد المناد من مَكَان قريب} قَالَ: ملك قَائِم على صَخْرَة بَيت الْقُدس يُنَادي يَا أيتها الْعِظَام البالية والأوصال المتقطعة إِن الله يأمركن أَن تجتمعن لفصل الْقَضَاء وَأخرج ابْن جرير عَن بُرَيْدَة قَالَ: ملك قَائِم على صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس وَاضع إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ يُنَادي يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس هلموا إِلَى الْحساب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والواسطي إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ يُنَادي يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس هلموا إِلَى الْحساب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والواسطي عَن قَتَادَة فِي قَوْله {يَوْم يناد المناد من مَكَان قريب} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنه يُنَادي من بَيت الْمُقَدّس من الصَّخْرَة وَهِي أَوسط الأَرْض وَحدثنَا أَن كَعْبًا قَالَ: هِيَ أقرب الأَرْض إِلَى السَّمَاء بِثمَانِيَة عشر ميلًا وَأخرج الوَاسِطِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يَوْم يناد المناد من مَكَان قريب} قَالَ: من صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {يَوْم يسمعُونَ الصَّيْحَة بِالْحَقِّ} قَالَ: يسمع النفخة الْقَرِيب والبعيد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ذَلِك يَوْم الْخُرُوج} قَالَ: يَوْم يخرجُون إِلَى الْبَعْث من الْقُبُور وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يَوْم تشقق الأَرْض عَنْهُم سرَاعًا} قَالَ: تمطر السَّمَاء عَلَيْهِم حَتَّى تشقق الأَرْض عَنْهُم وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض ثمَّ أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ آتِي أهل البقيع فيحشرون معي ثمَّ أنْتَظر أهل مَكَّة وتلا ابْن عمر {يَوْم تشقق الأَرْض عَنْهُم سرَاعًا} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بجبار} قَالَ لَا تتجبر عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بجبار} قَالَ: إِن الله كره لنَبيه الجبرية وَنهى عَنْهَا وَقدم فِيهَا فَقَالَ {فَذكر بِالْقُرْآنِ من يخَاف وَعِيد} وَأخرج الْحَاكِم عَن جرير قَالَ: أُتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل ترْعد فرائصه فَقَالَ: هوّن عَلَيْك فَإِنَّمَا أَنا ابْن إمرأة من قُرَيْش كَانَت تَأْكُل القديد فِي هَذِه الْبَطْحَاء ثمَّ تَلا جرير {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بجبار} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعود الْمَرِيض وَيتبع الْجَنَائِز ويجيب دَعْوَة الْمَمْلُوك ويركب الْحمار وَلَقَد كَانَ يَوْم خَيْبَر وَيَوْم قُرَيْظَة على حمَار خطامه حَبل من لِيف وَتَحْته اكاف من لِيف

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله لَو خوّفتنا فَنزلت {فَذكر بِالْقُرْآنِ من يخَاف وَعِيد} بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (51) سُورَة الذاريات مَكِّيَّة وآياتها سِتُّونَ مُقَدّمَة سُورَة الذاريات أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الذاريات بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَ فِي الظّهْر بقاف والذاريات الْآيَات 1 - 19

الذاريات

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور والْحَارث بن أبي أُسَامَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {والذاريات ذَروا} قَالَ: الرِّيَاح {فَالْحَامِلَات وقرا} قَالَ: السَّحَاب {فَالْجَارِيَات يسرا} قَالَ: السفن {فَالْمُقَسِّمَات أمرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج الْبَزَّار وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: جَاءَ صبيغ التَّمِيمِي إِلَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: أَخْبرنِي عَن {والذاريات ذَروا} قَالَ: هِيَ الرِّيَاح وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُوله مَا قلته قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن {فَالْحَامِلَات وقرا} قَالَ: هِيَ السَّحَاب وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُوله مَا قلته قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن {فَالْجَارِيَات يسرا} قَالَ: هِيَ السفن وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُوله مَا قلته قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن {فَالْمُقَسِّمَات أمرا} قَالَ: هن الْمَلَائِكَة وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُوله مَا قلته ثمَّ أَمر بِهِ فَضرب مائَة وَجعل فِي بَيت فَلَمَّا برأَ دَعَاهُ فَضرب مائَة أُخْرَى وَحمله على قتب وَكتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ إمنع النَّاس من مُجَالَسَته فَلم يزَالُوا كَذَلِك حَتَّى أَتَى أَبَا مُوسَى فَحلف لَهُ بالأيمان الْمُغَلَّظَة مَا يجد فِي نَفسه مِمَّا كَانَ يجد شَيْئا فَكتب فِي ذَلِك إِلَى عمر فَكتب عمر: مَا إخَاله إِلَّا وَقد صدق فَحل بَينه وَبَين مجالسة النَّاس وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن الْحسن قَالَ: سَأَلَ صبيغ التَّمِيمِي عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ عَن {والذاريات ذَروا} وَعَن {والمرسلات عرفا} وَعَن {والنازعات غرقاً} فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: إكشف رَأسك فَإِذا لَهُ ضفيرتان فَقَالَ: وَالله لَو وَجَدْتُك محلوقاً لضَرَبْت عُنُقك ثمَّ كتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن لَا يجالسه مُسلم وَلَا يكلمهُ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن {والذاريات ذَروا} فَقَالَ: الرِّيَاح {فَالْحَامِلَات وقرا} قَالَ: السَّحَاب {فَالْجَارِيَات يسرا} قَالَ: السفن وَأخرج ابْن جرير وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} يَقُول: قَلِيلا مَا كَانُوا ينامون

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} قَالَ: كَانُوا يصلونَ بَين الْمغرب وَالْعشَاء وَكَذَلِكَ (تَتَجَافَى جنُوبهم) (الْبَقَرَة الْآيَة 264) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} قَالَ: لَا ينامون عَن الْعشَاء الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي قَوْله {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} قَالَ: ذَلِك إِذْ أمروا بِقِيَام اللَّيْل وَكَانَ أَبُو ذَر يعْتَمد على الْعَصَا فَمَكَثُوا شَهْرَيْن ثمَّ نزلت الرُّخْصَة (فاقرأوا مَا تيَسّر مِنْهُ) (الْمَائِدَة الْآيَة 90) وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا قَلِيلا من النَّاس الَّذين يَفْعَلُونَ ذَلِك إِذْ ذَاك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: الْمُتَّقِينَ هم الْقَلِيل كَانُوا من النَّاس قَلِيلا وَأخرج ابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {كَانُوا قَلِيلا} يَقُول: المحسنون كَانُوا قَلِيلا هَذِه مفصولة ثمَّ اسْتَأْنف فَقَالَ: {من اللَّيْل مَا يهجعون} الهجوع النّوم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا لَا ينامون اللَّيْل كُله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} قَالَ: كَانَ الْحسن يَقُول: كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا ينامون وَكَانَ مطرف بن عبد الله يَقُول: كَانُوا قلّ لَيْلَة لَا يصيبون مِنْهَا وَكَانَ مُحَمَّد بن عَليّ يَقُول: لَا ينامون حَتَّى يصلوا الْعَتَمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْحسن عَن عبد الله بن رَوَاحَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} قَالَ: هجعوا قَلِيلا ثمَّ مدوها إِلَى السحر

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن آخر اللَّيْل فِي التَّهَجُّد أحب إليَّ من أوّله لِأَن الله يَقُول {وبالأسحار هم يَسْتَغْفِرُونَ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وبالأسحار هم يَسْتَغْفِرُونَ} قَالَ: يصلونَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وبالأسحار هم يَسْتَغْفِرُونَ} قَالَ: يصلونَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: صلوا فَلَمَّا كَانَ السحر اسْتَغْفرُوا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَفِي أَمْوَالهم حق} قَالَ: سوى الزَّكَاة يصل بهَا رحما أَو يقري بهَا ضيفاً أَو يعين بهَا محروماً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَفِي أَمْوَالهم حق} قَالَ: سوى الزَّكَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ فِي أَمْوَالهم حَقًا سوى الزَّكَاة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن السَّائِل والمحروم قَالَ: السَّائِل الَّذِي يسْأَل النَّاس والمحروم الَّذِي لَيْسَ لَهُ سهم فِي الْمُسلمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فَأَصَابُوا وغنموا فجَاء قوم بعد مَا فرغوا فَنزلت {فِي أَمْوَالهم حق مَعْلُوم للسَّائِل والمحروم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: المحروم هُوَ المحارف الَّذِي يطْلب الدُّنْيَا وتدبر عَنهُ وَلَا يسْأَل النَّاس فَأمر الله الْمُؤمنِينَ برفده وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة قَالَ: سَأَلت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن المحروم فِي هَذِه الْآيَة فَقَالَت: هُوَ المحارف الَّذِي لَا يكَاد يَتَيَسَّر لَهُ مكسبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: المحروم المحارف الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الإِسلام سهم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المحروم الَّذِي لَيْسَ فِي الْغَنِيمَة شَيْء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي قلَابَة قَالَ: كَانَ رجل بِالْيَمَامَةِ فجَاء السَّيْل فَذَهَبت بِمَالِه فَقَالَ رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا المحروم فَأَعْطوهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: السَّائِل الَّذِي يسْأَل بكفه والمحروم الْمُتَعَفِّف وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: المحروم المحارف وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: المحروم المحارف الَّذِي لَا يثبت لَهُ مَال وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: المحروم الَّذِي لَا يَنْمُو لَهُ مَال فِي قَضَاء الله وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر قَالَ: هُوَ المحارف وتلا هَذِه الْآيَة (إِنَّا لمغرمون بل نَحن محرمون) (الْوَاقِعَة الْآيَة 66 - 67) قَالَ: هَلَكت ثمارهم وحرموا بركَة أَرضهم وَأخرج عبد بن حميد عَن قزعة أَن رجلا سَأَلَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن قَوْله {فِي أَمْوَالهم حق مَعْلُوم} قَالَ: هِيَ الزَّكَاة وَفِي سوى ذَلِك حُقُوق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {للسَّائِل والمحروم} قَالَ: السَّائِل الَّذِي يسْأَل بكفه والمحروم المحارف وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ: أعياني أعلم مَا المحروم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي بشر قَالَ: سَأَلت سعيد بن جُبَير عَن المحروم فَلم يقل فِيهِ شَيْئا وَسَأَلت عَطاء فَقَالَ: هُوَ الْمَحْدُود وَزعم أَن الْمَحْدُود المحارف وَأخرج ابْن جرير وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي ترده التمرة وَالتَّمْرَتَانِ وَلَا الْأكلَة وَالْأكْلَتَان قَالُوا: فَمن الْمِسْكِين قَالَ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَا يُغْنِيه وَلَا يُعْلم مَكَانَهُ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَذَلِك المحروم

وَأخرج العسكري فِي المواعظ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أنس ويل للأغنياء من الْفُقَرَاء يَوْم الْقِيَامَة يَقُولُونَ: رَبنَا ظلمونا حقوقنا الَّتِي فرضت لنا عَلَيْهِم فَيَقُول: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لأقربنكم ولأباعدنهم قَالَ: وتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فِي أَمْوَالهم حق مَعْلُوم للسَّائِل والمحروم} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن فَاطِمَة بنت قيس أَنَّهَا سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذِه الْآيَة {فِي أَمْوَالهم حق مَعْلُوم} قَالَ: إِن فِي المَال حَقًا سوى الزَّكَاة وتلا هَذِه الْآيَة (لَيْسَ الْبر أَن توَلّوا وُجُوهكُم) إِلَى قَوْله (وَفِي الرّقاب وَأقَام الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة) (الْبَقَرَة 177) وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم الْآيَات 20 - 40

20

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَفِي الأَرْض آيَات للموقنين} قَالَ: يَقُول: مُعْتَبر لمن اعْتبر {وَفِي أَنفسكُم} قَالَ: يَقُول: فِي خلقه أَيْضا إِذا فكر فِيهِ مُعْتَبر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله وَفِي أَنفسكُم {أَفلا تبصرون} قَالَ: من تفكر فِي خلقه علم أَنما لينت مفاصله لِلْعِبَادَةِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَفِي أَنفسكُم أَفلا تبصرون} قَالَ: سَبِيل الْغَائِط وَالْبَوْل وَأخرج الخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ {وَفِي أَنفسكُم أَفلا تبصرون} قَالَ: سَبِيل الْغَائِط وَالْبَوْل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَفِي أَنفسكُم أَفلا تبصرون} قَالَ: فِيمَا يدْخل من طَعَامكُمْ وَمَا يخرج وَالله أعلم قَوْله تَعَالَى: {وَفِي السَّمَاء رزقكم} الْآيَتَيْنِ أخرج ابْن النقور والديلمي عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَفِي السَّمَاء رزقكم وَمَا توعدون} قَالَ: الْمَطَر وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِنِّي لأعرف الثَّلج وَمَا رَأَيْته فِي قَول الله {وَفِي السَّمَاء رزقكم وَمَا توعدون} قَالَ: الثَّلج وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَفِي السَّمَاء رزقكم} قَالَ: الْمَطَر {وَمَا توعدون} قَالَ: الْجنَّة وَالنَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الْجنَّة فِي السَّمَاء وَمَا توعدون من خير وَشر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْض} الْآيَة قَالَ: بَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَاتل الله أَقْوَامًا أقسم لَهُم رَبهم ثمَّ لم يصدقُوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْض إِنَّه لحق} قَالَ: لكل شَيْء ذكره فِي هَذِه السُّورَة

أخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {هَل أَتَاك حَدِيث ضيف إِبْرَاهِيم الْمُكرمين} قَالَ: خدمته إيَّاهُم بِنَفسِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أكْرمهم إِبْرَاهِيم بالعجل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فرَاغ إِلَى أَهله فجَاء بعجل سمين} قَالَ: كَانَ عَامَّة مَال إِبْرَاهِيم الْبَقر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وبشروه بِغُلَام عليم} قَالَ: هُوَ إِسْمَاعِيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَأَقْبَلت امْرَأَته فِي صرة} قَالَ: فِي صَيْحَة {فصكت} قَالَ: لطمت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فِي صرة} قَالَ: صَيْحَة {فصكت وَجههَا} قَالَ: ضربت بِيَدِهَا على جبهتها وَقَالَت: يَا ويلتاه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن عَجُوز عقيم وَعَن الرّيح الْعَقِيم وَعَن عَذَاب يَوْم عقيم فَقَالَ: الْعَجُوز الْعَقِيم الَّتِي لَا ولد لَهَا وَأما الرّيح الْعَقِيم فالتي لَا بركَة فِيهَا وَلَا مَنْفَعَة وَلَا تلقح وَأما عَذَاب يَوْم عقيم فَيوم لَا لَيْلَة لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من الْمُسلمين} قَالَ: لوط وابنتيه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا ثَلَاثَة عشر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من الْمُسلمين} قَالَ: لَو كَانَ فِيهَا أَكثر من ذَلِك لنجاهم الله ليعلموا أَن الإِيمان عِنْد الله مَحْفُوظ لَا ضَيْعَة على أَهله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَتَركنَا فِيهَا آيَة} قَالَ: ترك فِيهَا صخراً منضوداً

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَتَوَلّى بركنه} قَالَ: بقَوْمه وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَتَوَلّى بركنه} قَالَ: بعضده وَأَصْحَابه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَهُوَ مليم} قَالَ: مليم فِي عباد الله تَعَالَى الْآيَات 41 - 53

41

أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الرّيح الْعَقِيم} قَالَ: الشَّدِيدَة الَّتِي لَا تلقح شَيْئا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَفِي عَاد إِذْ أرسلنَا عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم} قَالَ: الرّيح الْعَقِيم الَّتِي لَا تلقح الشّجر وَلَا تثير السَّحَاب وَفِي قَوْله {إِلَّا جعلته كالرميم} قَالَ: كالشيء الْهَالِك وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {الرّيح الْعَقِيم} قَالَ: ريح لَا بركَة فِيهَا وَلَا مَنْفَعَة وَلَا ينزل مِنْهَا غيث وَلَا يلقح مِنْهَا شجر

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرّيح مسجنة فِي الأَرْض الثَّانِيَة فَلَمَّا أَرَادَ الله أَن يهْلك عاداً أَمر خَازِن الرّيح أَن يُرْسل عَلَيْهِم ريحًا تهْلك عاداً قَالَ: أَي رب أرسل عَلَيْهِم من الرّيح قدر منخر ثَوْر قَالَ لَهُ الْجَبَّار لَا إِذا تكفأ الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَلَكِن أرسل عَلَيْهِم بِقدر خَاتم فَهِيَ الَّتِي قَالَ الله {مَا تذر من شَيْء أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا جعلته كالرميم} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {الرّيح الْعَقِيم} النكباء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {الرّيح الْعَقِيم} الْجنُوب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {الرّيح الْعَقِيم} الصِّبَا الَّتِي لَا تلقح شَيْئا وَفِي قَوْله: {كالرميم} قَالَ: الشَّيْء الْهَالِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {الرّيح الْعَقِيم} الَّتِي لَا تنْبت وَفِي قَوْله {إِلَّا جعلته كالرميم} قَالَ: كرميم الشّجر وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن رجل من ربيعَة قَالَ: قدمت الْمَدِينَة فَدخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت عِنْده وَافد عَاد فَقلت: أعوذ بِاللَّه أَن أكون مثل وَافد عَاد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا وَافد عَاد فَقلت: على الْخَبِير سَقَطت إِن عاداً لما أقحطت بعثت قيلاً فَنزل على بكر بن مُعَاوِيَة فَسَقَاهُ الْخمر وغنته الجرادتان ثمَّ خرج يُرِيد جبال مهرَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لم آتِك لمريض فأداويه وَلَا لأسير فأفاديه فاسْق عَبدك مَا كنت مسقيه واسق مَعَه بكر بن مُعَاوِيَة يشْكر لَهُ الْخمر الَّذِي سقَاهُ فَرفع لَهُ سحابات فَقيل لَهُ: اختر إِحْدَاهُنَّ فَاخْتَارَ السَّوْدَاء مِنْهُنَّ فَقيل لَهُ: خُذْهَا رَمَادا ومدداً لَا تذر من عَاد أحدا وَذكر أَنه لم يُرْسل عَلَيْهِم من الرّيح إِلَّا قدر هَذِه الْحلقَة يَعْنِي حَلقَة الْخَاتم ثمَّ قَرَأَهُ {وَفِي عَاد إِذْ أرسلنَا عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم مَا تذر من شَيْء أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا جعلته كالرميم} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَفِي ثَمُود إِذْ قيل لَهُم تمَتَّعُوا حَتَّى حِين} قَالَ: ثَلَاثَة أَيَّام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَعَتَوْا} قَالَ: علوا وَفِي قَوْله {فَأَخَذتهم الصاعقة وهم ينظرُونَ} قَالَ: فَجْأَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَعَتَوْا} قَالَ: علوا وَفِي قَوْله {فَأَخَذتهم الصاعقة وهم ينظرُونَ} قَالَ: فَجْأَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَمَا اسْتَطَاعُوا من قيام} قَالَ: من نهوض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَمَا اسْتَطَاعُوا من قيام} قَالَ: لم يستطيعوا أَن ينهضوا بعقوبة الله إِذْ نزلت بهم وَفِي قَوْله {وَمَا كَانُوا منتصرين} قَالَ: لم يستطيعوا امتناعاً من أَمر الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالسَّمَاء بنيناها بأيد} قَالَ: بِقُوَّة وَأخرج آدم بن أبي اياس وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالسَّمَاء بنيناها بأيد} قَالَ: يَعْنِي بِقُوَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِنَّا لموسعون} قَالَ: لنخلق سَمَاء مثلهَا وَفِي قَوْله {وَالْأَرْض فرشناها فَنعم الماهدون} قَالَ: الفارشون وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن كل شَيْء خلقنَا زَوْجَيْنِ} قَالَ: الْكفْر والإِيمان والشقاء والسعادة وَالْهدى والضلالة وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَالسَّمَاء وَالْأَرْض وَالْجِنّ والإِنس وَالْبر وَالْبَحْر وَالشَّمْس وَالْقَمَر وبكرة وَعَشِيَّة وَنَحْو هَذَا كُله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أتواصوا بِهِ} قَالَ: هَل أوصى الأول الآخر مِنْهُم بالتكذيب الْآيَات 54 - 60

54

أخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فتول عَنْهُم فَمَا أَنْت بملوم} قَالَ: أمره الله أَن يتَوَلَّى عَنْهُم ليعذبهم وَعذر مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ} فنسختها وَأخرج اسحق بن رَاهَوَيْه وَأحمد بن منيع والهيثم بن كُلَيْب فِي أسانيدهم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والضياء فِي المختارة من طَرِيق مُجَاهِد عَن عَليّ قَالَ: لما نزلت {فتول عَنْهُم فَمَا أَنْت بملوم} لم يبْق منا أحد إِلَّا أَيقَن بالهلكة إِذْ أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالتولي عَنَّا فَنزلت {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ} فطابت أَنْفُسنَا وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فتول عَنْهُم فَمَا أَنْت بملوم} قَالَ: مَا نزلت علينا آيَة كَانَت أَشد علينا مِنْهَا وَلَا أعظم علينا مِنْهَا فَقُلْنَا: مَا هَذَا إِلَّا من سخطَة أَو مقت حَتَّى نزلت {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ} قَالَ: ذكر بِالْقُرْآنِ وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فتول عَنْهُم فَمَا أَنْت بملوم} قَالَ: ذكر لنا أَنَّهَا لما نزلت اشْتَدَّ على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأَوا أَن الْوَحْي قد انْقَطع وَأَن الْعَذَاب قد حضر فَأنْزل الله بعد ذَلِك {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فتول عَنْهُم فَمَا أَنْت بملوم} قَالَ: فَأَعْرض عَنْهُم فَقيل لَهُ: {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ} فوعظهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سلمَان بن حبيب الْمحَاربي قَالَ: من وجد للذِّكْرَى فِي قلبه موقعاً فَليعلم أَنه مُؤمن قَالَ الله {وَذكر فَإِن الذكرى تَنْفَع الْمُؤمنِينَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا خلقت الْجِنّ والإِنس إِلَّا ليعبدون} قَالَ: ليقروا بالعبودية طَوْعًا أَو كرها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمَا خلقت الْجِنّ والإِنس إِلَّا ليعبدون} قَالَ: على مَا خلقتهمْ عَلَيْهِ من طَاعَتي ومعصيتي وشقوتي وسعادتي

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا خلقت الْجِنّ والإِنس إِلَّا ليعبدون} قَالَ: مَا جبلوا عَلَيْهِ من الشَّقَاء والسعادة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الجوزاء فِي الْآيَة قَالَ: أَنا أرزقهم وَأَنا أطْعمهُم مَا خلقتهمْ إِلَّا ليعبدون وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله: ابْن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وَأسد فقرك وَإِلَّا تفعل مَلَأت صدرك شغلا وَلم أَسد فقرك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي مُسْند الشاميين وَالْحَاكِم فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والديلمي فِي مُسْند الفردوس عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله إِنِّي وَالْجِنّ والإِنس فِي نبأ عَظِيم أخلق ويعبد غَيْرِي وأرزق ويشكر غَيْرِي وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن الله هُوَ الرَّزَّاق ذُو القوّة المتين} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {المتين} يَقُول: الشَّديد قَوْله تَعَالَى: {فَإِن للَّذين ظلمُوا ذنوباً} الْآيَة أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ذنوباً} قَالَ: دلواً وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ذنوباً مثل ذنُوب أَصْحَابهم} قَالَ: سجلا من الْعَذَاب مثل عَذَاب أَصْحَابهم وَأخرج الخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق عَن طَلْحَة بن عَمْرو فِي قَوْله {ذنوباً مثل ذنُوب أَصْحَابهم} قَالَ: عذَابا مثل عَذَاب أَصْحَابهم وَالله تَعَالَى أعلم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (52) سُورَة الطّور مَكِّيَّة وآياتها تسع وَأَرْبَعُونَ مُقَدّمَة سُورَة الطّور أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الطّور بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج مَالك وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب بِالطورِ وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: شَكَوْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنِّي أشتكي فَقَالَ: طوفي من وَرَاء النَّاس وَأَنت راكبة فطفت وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي إِلَى جنب الْبَيْت يقْرَأ {وَالطور وَكتاب مسطور} الْآيَات 1 - 6

الطور

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالطور} قَالَ: جبل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الطّور من جبال الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الطّور جبل من جبال الْجنَّة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَالطور} قَالَ: هُوَ الْجَبَل بالسُّرْيَانيَّة {وَكتاب مسطور} قَالَ: صحف {فِي رق منشور} قَالَ: الصَّحِيفَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَكتاب} قَالَ: الذّكر {مسطور} قَالَ: مَكْتُوب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ فِي خلق أَفعَال الْعباد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالطور وَكتاب مسطور} قَالَ: مَكْتُوب {فِي رق منشور} قَالَ: هُوَ الْكتاب وَأخرج آدم بن أبي اياس وَالْبُخَارِيّ فِي خلق أَفعَال الْعباد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَكتاب مسطور} قَالَ: صحف مَكْتُوبَة {فِي رق منشور} قَالَ: فِي صحف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فِي رق منشور} قَالَ: فِي الْكتاب أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْبَيْت الْمَعْمُور فِي السَّمَاء السَّابِعَة يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون إِلَيْهِ حَتَّى تقوم السَّاعَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر والعقيلي وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي السَّمَاء بَيت يُقَال لَهُ الْمَعْمُور بحيال الْكَعْبَة وَفِي السَّمَاء الرَّابِعَة نهر يُقَال لَهُ الْحَيَوَان يدْخلهُ جِبْرِيل كل يَوْم فينغمس انغماسة ثمَّ يخرج فينتفض انتفاضة يخر عَنهُ سَبْعُونَ ألف قَطْرَة يخلق الله من كل قَطْرَة ملكا يؤمرون أَن يَأْتُوا الْبَيْت الْمَعْمُور فيصلون فيفعلون ثمَّ يخرجُون فَلَا يعودون إِلَيْهِ أبدا ويولي عَلَيْهِم أحدهم يُؤمر أَن يقف بهم فِي السَّمَاء موقفا يسبحون الله فِيهِ إِلَى أَن تقوم السَّاعَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْبَيْت الْمَعْمُور فِي السَّمَاء يُقَال لَهُ الضراح على مثل الْبَيْت الْحَرَام بحياله لَو سقط لسقط عَلَيْهِ يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لم يردوه قطّ وَإِن لَهُ فِي السَّمَاء حُرْمَة على قدر حُرْمَة مَكَّة

وَأخرجه عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن كريب مولى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مُرْسلا وَأخرج اسحق بن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن خَالِد بن عرْعرة أَن رجلا قَالَ لعَلي رَضِي الله عَنهُ: مَا الْبَيْت الْمَعْمُور قَالَ: بَيت فِي السَّمَاء يُقَال لَهُ الضراح وَهُوَ بحيال مَكَّة من فَوْقهَا حرمته فِي السَّمَاء كَحُرْمَةِ الْبَيْت فِي الأَرْض يُصَلِّي فِيهِ كل يَوْم سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة لَا يعودون إِلَيْهِ أبدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أبي الطُّفَيْل أَن ابْن الكوا سَأَلَ عليا رَضِي الله عَنهُ عَن الْبَيْت الْمَعْمُور مَا هُوَ قَالَ: ذَلِك الضراح بَيت فَوق سبع سموات تَحت الْعَرْش يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك ثمَّ لَا يعودون إِلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالْبَيْت الْمَعْمُور} قَالَ: هُوَ بَيت حذاء الْعَرْش يعمره الْمَلَائِكَة يُصَلِّي فِيهِ كل يَوْم سَبْعُونَ ألفا من الْمَلَائِكَة ثمَّ لَا يعودون إِلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَالْبَيْت الْمَعْمُور} قَالَ: أنزل من الْجنَّة فَكَانَ يعمر بِمَكَّة فَلَمَّا كَانَ الْغَرق رَفعه الله فَهُوَ فِي السَّمَاء السَّادِسَة يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك من قَبيلَة إِبْلِيس ثمَّ لَا يرجع إِلَيْهِ أحد يَوْمًا وَاحِدًا أبدا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو رَفعه قَالَ: إِن الْبَيْت الْمَعْمُور بحيال الْكَعْبَة لَو سقط شَيْء مِنْهُ لسقط عَلَيْهَا يُصَلِّي فِيهِ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك وَالْحرم حرم بحياله إِلَى الْعَرْش وَمَا من السَّمَاء مَوضِع إهَاب إِلَّا وَعَلِيهِ ملك ساجد أَو قَائِم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: إِن فِي السَّمَاء بَيْتا يُقَال لَهُ الضراح وَهُوَ فَوق الْبَيْت من حياله حرمته فِي السَّمَاء كَحُرْمَةِ هَذَا فِي الأَرْض يلجه كل لَيْلَة سَبْعُونَ ألف ملك يصلونَ فِيهِ لَا يعودون إِلَيْهِ أبدا غير تِلْكَ اللَّيْلَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم مَكَّة فَأَرَادَتْ عَائِشَة أَن تدخل الْبَيْت فَقَالَ لَهَا بَنو شيبَة: إِن أحدا لَا يدْخلهُ لَيْلًا وَلَكِن نخليه لَك

نَهَارا فَدخل عَلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشكت إِلَيْهِ أَنهم منعوها أَن تدخل الْبَيْت فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ لأحد أَن يدْخل الْبَيْت لَيْلًا إِن هَذِه الْكَعْبَة بحيال الْبَيْت الْمَعْمُور الَّذِي فِي السَّمَاء يدْخل ذَلِك الْمَعْمُور سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون إِلَيْهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَو وَقع حجر مِنْهُ لوقع على ظهر الْكَعْبَة وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالْبَيْت الْمَعْمُور} قَالَ: ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْمًا لأَصْحَابه: هَل تَدْرُونَ مَا الْبَيْت الْمَعْمُور قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِنَّهُ مَسْجِد فِي السَّمَاء بحيال الْكَعْبَة لَو خرَّ خرَّ عَلَيْهَا يُصَلِّي كل يَوْم فِيهِ سَبْعُونَ ألف ملك إِذا خَرجُوا مِنْهُ لم يعودوا آخر مَا عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما عرج بِي الْملك إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة انْتَهَيْت إِلَى بِنَاء فَقلت للْملك مَا هَذَا قَالَ: هَذَا بِنَاء بناه الله للْمَلَائكَة يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك يسبحون الله ويقدسونه لَا يعودون إِلَيْهِ وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {والسقف الْمَرْفُوع} قَالَ: السَّمَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله {والسقف الْمَرْفُوع} قَالَ: الْعَرْش {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: هُوَ المَاء الْأَعْلَى الَّذِي تَحت الْعَرْش وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {والسقف} قَالَ: السَّمَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: بَحر فِي السَّمَاء تَحت الْعَرْش وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَمْرو مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: الْمَحْبُوس وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: الْمُرْسل

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ لرجل من الْيَهُود: أَيْن جَهَنَّم قَالَ: هِيَ الْبَحْر فَقَالَ عليّ: مَا أرَاهُ إِلَّا صَادِقا وَقَرَأَ {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} {وَإِذا الْبحار سجرت} التكوير 6 وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: مَا رَأَيْت يَهُودِيّا أصدق من فلَان زعم أَن نَار الله الْكُبْرَى هِيَ الْبَحْر فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع الله فِيهِ الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم ثمَّ بعث عَلَيْهِ الدبور فسعرته وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: الموقد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: الْبَحْر يسجر فَيصير جَهَنَّم وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: المملوء وَأخرج الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب من طَرِيق الْأَصْمَعِي عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء عَن ذِي الرمة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْبَحْر الْمَسْجُور} قَالَ: الفارغ خرجت أمة تستقي فرأت الْحَوْض فَارغًا فَقَالَت: الْحَوْض مسجور الآيا 7 - 18

7

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَأحمد عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قدمت الْمَدِينَة فِي أُسَارَى بدر على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوقفت إِلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْمغرب فَسَمعته يقْرَأ {إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع} فَكَأَنَّمَا صدع قلبِي

وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله عَن الْحسن أَن عمر بن الْخطاب قَرَأَ {إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع} فربا لَهَا ربوة عيد لَهَا عشْرين يَوْمًا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مَالك بن مغول قَالَ: قَرَأَ عمر {وَالطور وَكتاب مسطور فِي رق منشور} قَالَ: قسم إِلَى قَوْله {إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع} فَبكى ثمَّ بَكَى حَتَّى عيد من وَجَعه ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِن عَذَاب رَبك لوَاقِع} قَالَ: وَقع الْقسم هُنَا وَذَاكَ يَوْم الْقِيَامَة قَوْله تَعَالَى: {يَوْم تمور السَّمَاء موراً} الْآيَات أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْم تمور السَّمَاء موراً} قَالَ: تحرّك وَفِي قَوْله {يَوْم يدعونَ} قَالَ: يدْفَعُونَ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يَوْم تمور السَّمَاء موراً} قَالَ: تَدور دوراً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يَوْم يدعونَ إِلَى نَار جَهَنَّم} قَالَ: يدْفع فِي أَعْنَاقهم حَتَّى يرِدوا النَّار وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {يَوْم يدعونَ إِلَى نَار جَهَنَّم دَعَا} قَالَ: يدْفَعُونَ إِلَيْهَا دفعا الْآيَات 19 - 22

19

أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَول الله لأهل الْجنَّة {كلوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} قَوْله هَنِيئًا أَي لَا تموتون فِيهَا فعندما قَالُوا (فَمَا نَحن بميتين إِلَّا موتتنا الأولى وَمَا نَحن بمعذبين) (الصافات 59)

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: سُئِلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل تزاور أهل الْجنَّة قَالَ: أَي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّهُم ليتزاورون على النوق الدمك عَلَيْهَا حشايا الديباج يزور الأعلون الأسفلين وَلَا يزور الأسفلون الأعلين قَالَ: هم دَرَجَات قَالَ: وَإِنَّهُم ليضعون مرافقهم فيتكئون ويأكلون وَيَشْرَبُونَ وَيَتَنَعَّمُونَ ويتنازعون فِيهَا كأساً لَا لَغْو فِيهَا وَلَا تأثيم لَا يصدّعون عَنْهَا وَلَا ينزفون مِقْدَار سبعين خَرِيفًا مَا يرفع أحدهم مرفقه من اتكائه قَالَ: يَا رَسُول الله هَل ينْكحُونَ قَالَ: أَي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ دحاماً دحاماً وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَلَكِن لأمني وَلَا منية وَلَا يَمْتَخِطُونَ فِيهَا وَلَا يتغوّطون رجيعهم رشح كحبوب الْمسك مجامرهم الالوة وأمشاطهم الذَّهَب وَالْفِضَّة آنيتهم من الذَّهَب وَالْفِضَّة يسبحون الله بكرَة وعشياً قُلُوبهم على قلب رجل وَاحِد لَا غل بَينهم وَلَا تباغض يسبحون الله تَعَالَى بكرَة وعشياً وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ بِإِيمَان ألحقنا بهم ذُرِّيتهمْ} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وهناد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله ليرْفَع ذُرِّيَّة الْمُؤمن مَعَه فِي الْجنَّة وَإِن كَانُوا دونه فِي الْعَمَل لتقر بهم عينه ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يرفع ذُرِّيَّة الْمُؤمن إِلَيْهِ فِي دَرَجَته وَإِن كَانُوا دونه فِي الْعَمَل لتقر بهم عينه ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ بِإِيمَان ألحقنا بهم ذُرِّيتهمْ وَمَا ألتناهم من عَمَلهم من شَيْء} قَالَ: وَمَا نقصنا الْآبَاء بِمَا أعيطنا الْبَنِينَ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا دخل الرجل الْجنَّة سَأَلَ عَن أَبَوَيْهِ وَذريته وَولده فَيُقَال: إِنَّهُم لم يبلغُوا درجتك وعملك فَيَقُول: يَا رب قد عملت لي وَلَهُم فَيُؤْمَر بإلحاقهم بِهِ وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة قَالَ: هم ذُرِّيَّة الْمُؤمن يموتون على الإِسلام فَإِن كَانَت منَازِل آبَائِهِم أرفع من مَنَازِلهمْ لَحِقُوا بآبائهم وَلم ينقصوا من أَعْمَالهم الَّتِي عمِلُوا شَيْئا

وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْمُؤمنِينَ وَأَوْلَادهمْ فِي الْجنَّة وَإِن الْمُشْركين وَأَوْلَادهمْ فِي النَّار ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ} الْآيَة وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم فِي الْآيَة قَالَ: أعطي الْآبَاء مثل مَا أعطي الْأَبْنَاء وَأعْطِي الْأَبْنَاء مثل مَا أعطي الْآبَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي مجلز فِي الْآيَة قَالَ: يجمع الله لَهُ ذُريَّته كَمَا يحب أَن يجمعوا لَهُ فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا ألتناهم} قَالَ: مَا نقصناهم وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَمَا ألتناهم} قَالَ: لم ننقصهم من عَمَلهم شَيْئا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا ألتناهم} يَقُول: وَمَا ظلمناهم الْآيَات 23 - 29

23

أخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج فِي قَوْله {يتنازعون فِيهَا كأساً} قَالَ: الرجل وأزواجه وخدمه يتنازعون أَخذه من خدمَة الكأس وَمن زَوجته وَأخذ خدمَة الكأس مِنْهُ وَمن زَوجته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا لَغْو فِيهَا} يَقُول: لَا بَاطِل فِيهَا {وَلَا تأثيم}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا لَغْو فِيهَا} قَالَ: لَا يستبون {وَلَا تأثيم} قَالَ: لَا يغوون أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون} قَالَ: الَّذِي لم تمر عَلَيْهِ الْأَيْدِي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون} قَالَ: بَلغنِي أَنه قيل: يَا رَسُول الله هَذَا الخدم مثل اللُّؤْلُؤ فَكيف بمخدوم قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن فضل مَا بَينهمَا كفضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على النُّجُوم وَفِي لفظ لِابْنِ جرير إِن فضل المخدوم على الْخَادِم كفضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا أكْرم ولد آدم على رَبِّي وَلَا فَخر يطوف عليّ ألف خَادِم {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون} قَوْله تَعَالَى: {فَأقبل بَعضهم على بعض يتساءلون} الْآيَات أخرج الْبَزَّار عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة اشتاقوا إِلَى الإِخوان فَيَجِيء سَرِير هَذَا حَتَّى يُحَاذِي سَرِير هَذَا فيتحدثان فيتكىء ذَا ويتكىء ذَا فيتحدثان بِمَا كَانَا فِي الدُّنْيَا فَيَقُول أَحدهمَا لصَاحبه يَا فلَان تَدْرِي أَي يَوْم غفر الله لنا يَوْم كُنَّا فِي مَوضِع كَذَا وَكَذَا فدعونا الله فغفر لنا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِنَّا كُنَّا قبل فِي أهلنا مشفقين} قَالَ: فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ووقانا عَذَاب السمُوم} قَالَ: وهج النَّار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو فتح الله من عَذَاب السمُوم على أهل الأَرْض مثل الْأُنْمُلَة أحرقت الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن عَائِشَة أَنه قَرَأت هَذِه الْآيَة {فمنَّ الله علينا ووقانا عَذَاب السمُوم إِنَّا كُنَّا من قبل نَدْعُوهُ إِنَّه هُوَ الْبر الرَّحِيم} فَقَالَت: اللَّهُمَّ منَّ علينا وقنا عَذَاب السمُوم إِنَّك أَنْت الْبر الرَّحِيم وَذَلِكَ فِي الصَّلَاة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن أَسمَاء أَنَّهَا قَرَأت هَذِه الْآيَة فَوَقَعت عَلَيْهَا فَجعلت تستعيذ وَتَدْعُو وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّه هُوَ الْبر} قَالَ: اللَّطِيف وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {إِنَّه هُوَ الْبر} قَالَ: الصَّادِق الْآيَات 30 - 46

30

أخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَن قُريْشًا لما اجْتَمعُوا فِي دَار الندوة فِي أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَائِل مِنْهُم: احْبِسُوهُ فِي وثاق وتربصوا بِهِ الْمنون حَتَّى يهْلك كَمَا هلك من قبله من الشُّعَرَاء زُهَيْر والنابغة إِنَّمَا هُوَ كأحدهم فَأنْزل الله فِي ذَلِك من قَوْلهم {أم يَقُولُونَ شَاعِر نتربص بِهِ ريب الْمنون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ريب الْمنون} قَالَ: الْمَوْت

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْت والابتداء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ريب: شكّ إِلَّا مَكَانا وَاحِدًا فِي الطّور {ريب الْمنون} يَعْنِي حوادث الْأُمُور قَالَ الشَّاعِر: تربص بهَا ريب الْمنون لَعَلَّهَا تطلق يَوْمًا أَو يَمُوت حَلِيلهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ريب الْمنون} قَالَ: حوادث الدَّهْر وَفِي قَوْله {أم هم قوم طاغون} قَالَ: بل هم قوم طاغون وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أم تَأْمُرهُمْ أحلامهم} قَالَ: الْعُقُول وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فليأتوا بِحَدِيث مثله} قَالَ: مثل الْقُرْآن وَفِي قَوْله: {فليأت مستمعهم} قَالَ: صَاحبهمْ وَفِي قَوْله {أم تَسْأَلهُمْ أجرا فهم من مغرم مثقلون} يَقُول: أسألت هَؤُلَاءِ الْقَوْم على الإِسلام أجرا فَمَنعهُمْ من أَن يسلمُوا الْجعل وَفِي قَوْله {أم عِنْدهم الْغَيْب} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب بِالطورِ فَلَمَّا بلغ هَذِه الْآيَة {أم خلقُوا من غير شَيْء أم هم الْخَالِقُونَ} الْآيَات كَاد قلبِي أَن يطير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله {أم هم المصيطرون} قَالَ: المسلطون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أم هم المصيطرون} قَالَ: أم هم المنزلون وَالله تَعَالَى أعلم الْآيَات 47 - 49

47

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِن للَّذين ظلمُوا عذَابا دون ذَلِك} قَالَ: عَذَاب الْقَبْر قبل يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج هناد عَن زَاذَان مثله وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن عَذَاب الْقَبْر فِي الْقُرْآن ثمَّ تَلا {وَإِن للَّذين ظلمُوا عذَابا دون ذَلِك}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَإِن للَّذين ظلمُوا عذَابا دون ذَلِك} قَالَ: الْجُوع لقريش فِي الدُّنْيَا قَوْله تَعَالَى: {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم} أخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم} قَالَ: من كل مجْلِس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْأَحْوَص رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم} قَالَ: إِذا قُمْت فَقل: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي جَامعه عَن أبي عُثْمَان الْفَقِير رَضِي الله عَنهُ أَن جِبْرِيل علم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ من مَجْلِسه أَن يَقُول: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت استغفرك وَأَتُوب إِلَيْك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول بآخرة إِذا أَرَادَ أَن يقوم من الْمجْلس: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت استغفرك وَأَتُوب إِلَيْك فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله: إِنَّك لتقول قولا مَا كنت تَقوله فِيمَا مضى قَالَ: كَفَّارَة لما يكون فِي الْمجْلس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زِيَاد بن الْحصين قَالَ: دخلت على أبي الْعَالِيَة فَلَمَّا أردْت أَن أخرج من عِنْده قَالَ: أَلا أزودك كَلِمَات علمهن جِبْرِيل مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: بلَى قَالَ: فَإِنَّهُ لما كَانَ بآخرة كَانَ إِذا قَامَ من مَجْلِسه قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت استغفرك وَأَتُوب إِلَيْك فَقيل: يَا رَسُول الله مَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات الَّتِي تقولهن قَالَ: هن كَلِمَات علمنيهن جِبْرِيل كَفَّارَات لما يكون فِي الْمجْلس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يحيى بن جعدة قَالَ: كَفَّارَة الْمجْلس سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم} قَالَ: حِين تقوم إِلَى الصَّلَاة تَقول هَؤُلَاءِ الْكَلِمَات: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: حق على كل مُسلم حِين

يقوم إِلَى الصَّلَاة أَن يَقُول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ لِأَن الله يَقُول لنَبيه {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَسبح بِحَمْد رَبك حِين تقوم} قَالَ: حِين تقوم من فراشك إِلَى أَن تدخل فِي الصَّلَاة وَالله أعلم قَوْله تَعَالَى: {وَمن اللَّيْل فسبحه وإدبار النُّجُوم} أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن اللَّيْل فسبحه وإدبار النجومِ} قَالَ: الركعتان قبل صَلَاة الصُّبْح وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وإدبار النُّجُوم} قَالَ: رَكْعَتي الْفجْر وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وإدبار النُّجُوم} قَالَ: صَلَاة الْغَدَاة

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (53) سُورَة النَّجْم مَكِّيَّة وآياتها ثِنْتَانِ وَسِتُّونَ مُقَدّمَة سُورَة النَّجْم أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة النَّجْم بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أول سُورَة نزلت فِيهَا سَجْدَة {والنجم} فَسجدَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسجد النَّاس كلهم إِلَّا رجلا رَأَيْته أَخذ كفا من تُرَاب فَسجدَ عَلَيْهِ فرأيته بعد ذَلِك قتل كَافِرًا وَهُوَ أُميَّة بن خلف وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أول سُورَة أعلن بهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرؤهَا {والنجم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي سُورَة {والنجم} وَسجد من حضر من الْجِنّ وَالْإِنْس وَالشَّجر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي النَّجْم والمسلمون وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سجد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمسلمون فِي النَّجْم إِلَّا رجلَيْنِ من قُرَيْش أَرَادَا بذلك الشُّهْرَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر عِنْد جَابر بن عبد الله {والنجم} فَقَالَ جَابر: سجد بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُشْرِكُونَ وَالْإِنْس وَالْجِنّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {والنجم} فَسجدَ فِيهَا الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنّ والإِنس

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه فِي سنَنه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ النَّجْم فَسجدَ بِنَا فَأطَال السُّجُود وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ سُورَة النَّجْم فَلَمَّا بلغ السَّجْدَة سجد فِيهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي كسوف الشَّمْس رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فِي إِحْدَاهمَا النَّجْم وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت النَّجْم عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يسْجد فِيهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْجد فِي النَّجْم بِمَكَّة فَلَمَّا هَاجر إِلَى الْمَدِينَة لم يسْجد فِيهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يسْجد فِي شَيْء من الْمفصل مُنْذُ تحول إِلَى الْمَدِينَة وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَنه سجد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى عشرَة سَجْدَة مِنْهُنَّ النَّجْم الْآيَات 1 - 4

النجم

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {والنجم إِذا هوى} قَالَ: الثريا إِذا غَابَتْ وَفِي لفظ إِذا سَقَطت مَعَ الْفجْر وَفِي لفظ قَالَ: الثريا إِذا وَقعت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {والنجم إِذا هوى} قَالَ: الثريا إِذا تدلت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {والنجم إِذا هوى} قَالَ: إِذا انصب

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {والنجم إِذا هوى} قَالَ: إِذا غَابَ وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {والنجم إِذا هوى} قَالَ: الْقُرْآن إِذا نزل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن معمر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {والنجم إِذا هوى} قَالَ: قَالَ عتبَة بن أبي لَهب: إِنِّي كفرت بِرَبّ النَّجْم قَالَ معمر: فَأَخْبرنِي ابْن طَاوُوس عَن أَبِيه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: أما تخَاف أَن يُسَلط الله عَلَيْك كَلْبه فَخرج ابْن أبي لَهب مَعَ النَّاس فِي سفر حَتَّى إِذا كَانُوا بِبَعْض الطَّرِيق سمعُوا صَوت الْأسد فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا يُرِيدنِي فَاجْتمع أَصْحَابه حوله وجعلوه فِي وَسطهمْ حَتَّى إِذا نَامُوا جَاءَ الْأسد فَأخذ هامته وَأخرج أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي كتاب الأغاني عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {والنجم إِذا هوى} قَالَ عتبَة بن أبي لَهب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي كفرت بِرَبّ النَّجْم إِذا هوى فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ أرسل عَلَيْهِ كَلْبا من كلابك قَالَ: فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عنهكا: فَخرج إِلَى الشَّام فِي ركب فيهم هَبَّار بن الْأسود حَتَّى إِذا كَانُوا بوادي الغاضرة وَهِي مسبعَة نزلُوا لَيْلًا فافترشوا صفا وَاحِدًا فَقَالَ عتبَة: أتريدون أَن تجْعَلُوا حجزة لَا وَالله لَا أَبيت إِلَّا وسطكم فَمَا انبهني إِلَّا السَّبع يشم رؤوسهم رجلا رجلا حَتَّى انْتهى إِلَيْهِ فَالْتَفت أنيابه فِي صدغيه وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عُرْوَة عَن هَبَّار بن الْأسود قَالَ: كَانَ أَبُو لَهب وَابْنه عتبَة قد تجهزا إِلَى الشَّام وتجهزت مَعَهُمَا فَقَالَ ابْن أبي لَهب: وَالله لأنطلقن إِلَى مُحَمَّد فَلَأُوذِيَنَّهُ فِي ربه فَانْطَلق حَتَّى أَتَاهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد هُوَ يكفر بِالَّذِي {دنا فَتَدَلَّى فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ أبْعث عَلَيْهِ كَلْبا من كلابك وَأخرج أَبُو نعيم عَن طَاوُوس قَالَ: لما تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {والنجم إِذا هوى} قَالَ عتبَة بن أبي لَهب: كفرت بِرَبّ النَّجْم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلط الله عَلَيْهِ كَلْبا من كلابه وَأخرج أَبُو نعيم عَن أبي الضُّحَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ ابْن أبي لَهب: هُوَ يكفر بِالَّذِي قَالَ {والنجم إِذا هوى} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَسى أَن يُرْسل

عَلَيْهِ كَلْبا من كلابه فَبلغ ذَلِك أَبَاهُ فأوصى أَصْحَابه إِذا نزلتم منزلا فَاجْعَلُوهُ وسطكم فَفَعَلُوا حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة بعث الله عَلَيْهِ سبعا فَقتله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {والنجم إِذا هوى مَا ضل} قَالَ: أقسم الله أَنه مَا ضل مُحَمَّد وَمَا غوى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {والنجم إِذا هوى} قَالَ: أقسم الله لَك بنجوم الْقُرْآن مَا ضل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا غوى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَمَا ينْطق عَن الْهوى} قَالَ: مَا ينْطق عَن هَوَاهُ {إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} قَالَ: يوحي الله إِلَى جِبْرِيل ويوحي جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْحَمْرَاء وحبة العرني قَالَا: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تسد الْأَبْوَاب الَّتِي فِي الْمَسْجِد فشق عَلَيْهِم قَالَ حَبَّة: إِنِّي لأنظر إِلَى حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَهُوَ تَحت قطيفة حَمْرَاء وَعَيناهُ تَذْرِفَانِ وَهُوَ يَقُول: أخرجت عمك وَأَبا بكر وَعمر وَالْعَبَّاس وأسكنت ابْن عمك فَقَالَ رجل يَوْمئِذٍ: مَا يألوا يرفع ابْن عَمه قَالَ: فَعلم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قد شقّ عَلَيْهِم فَدَعَا الصَّلَاة جَامِعَة فَلَمَّا اجْتَمعُوا صعد الْمِنْبَر فَلم يسمع لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطْبَة قطّ كَانَ أبلغ مِنْهَا تمجيداً وتوحيداً فَلَمَّا فرغ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس مَا أَنا سددتها وَلَا أَنا فتحتها وَلَا أَنا أخرجتكم وأسكنته ثمَّ قَرَأَ {والنجم إِذا هوى مَا ضل صَاحبكُم وَمَا غوى وَمَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى} وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ والضياء عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ليدخلن الْجنَّة بشفاعة رجل لَيْسَ بِنَبِي مثل الْحَيَّيْنِ أَو مثل أحد الْحَيَّيْنِ ربيعَة وَمُضر فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله وَمَا ربيعَة من مُضر قَالَ: إِنَّمَا أَقُول مَا أَقُول وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أَخْبَرتكُم أَنه من عِنْد الله فَهُوَ الَّذِي لَا شكّ فِيهِ وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: لَا أَقُول إِلَّا حقّاً قَالَ بعض أَصْحَابه: فَإنَّك تداعبنا يَا رَسُول الله قَالَ: إِنِّي لَا أَقُول إِلَّا حقّاً

وَأخرج الدَّارمِيّ عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: كَانَ جِبْرِيل ينزل بِالسنةِ كَمَا ينزل بِالْقُرْآنِ الْآيَات 5 - 18

5

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {علمه شَدِيد القوى} قَالَ: جِبْرِيل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {علمه شَدِيد القوى} يَعْنِي جِبْرِيل {ذُو مرّة} قَالَ: ذُو خلق طَوِيل حسن وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {علمه شَدِيد القوى ذُو مرّة} قَالَ: ذُو قوّة جِبْرِيل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله {ذُو مرّة} ذُو خلق حسن وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن {ذُو مرّة} قَالَ: ذُو شدَّة فِي أَمر الله قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول نَابِغَة بني ذبيان: فدى أقرّ بِهِ إِذْ ضافني وَهنا قرى ذِي مرّة حَازِم وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم ير جِبْرِيل فِي صورته إِلَّا مرَّتَيْنِ أما وَاحِدَة فَإِنَّهُ سَأَلَهُ أَن يرَاهُ فِي صورته فَأرَاهُ صورته فسد الْأُفق وَأما الثَّانِيَة فَإِنَّهُ كَانَ مَعَه حَيْثُ صعد فَذَلِك قَوْله {وَهُوَ بالأفق الْأَعْلَى} {لقد رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى} قَالَ: خلق جِبْرِيل

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل فِي صورته وَله سِتّمائَة جنَاح كل جنَاح مِنْهَا قد سد الْأُفق يسْقط من جنَاحه من التهاويل والدر والياقوت مَا الله بِهِ عليم وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: رَأَيْت جِبْرِيل عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى لَهُ سِتّمائَة جنَاح ينفض من ريشه التهاويل والدر والياقوت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَهُوَ بالأفق الْأَعْلَى} قَالَ: مطلع الشَّمْس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَهُوَ بالأفق الْأَعْلَى} قَالَ: قَالَ الْحسن: الْأُفق الْأَعْلَى على أفق الْمشرق {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى} يَعْنِي جِبْرِيل {فَكَانَ قاب قوسين} قَالَ: قيد قوسين {أَو أدنى} قَالَ: حَيْثُ الْوتر من الْقوس الله من جِبْرِيل وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى} قَالَ: رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل لَهُ سِتّمائَة جنَاح وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} قَالَ: رأى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل عَلَيْهِ حلتا رَفْرَف أَخْضَر قد مَلأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ أول شَأْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه رأى فِي مَنَامه جِبْرِيل بأجياد ثمَّ خرج لبَعض حَاجته فَصَرَخَ بِهِ جِبْرِيل يَا مُحَمَّد يَا مُحَمَّد فَنظر يَمِينا وَشمَالًا فَلم ير شَيْئا ثَلَاثًا ثمَّ رفع بَصَره فَإِذا هُوَ ثانٍ إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى على أفق السَّمَاء فَقَالَ: يَا مُحَمَّد جِبْرِيل جِبْرِيل يسكنهُ فهرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى دخل فِي النَّاس فَنظر فَلم ير شَيْئا ثمَّ خرج من النَّاس فَنظر فَرَآهُ فَذَلِك قَول الله {والنجم إِذا هوى مَا ضل صَاحبكُم وَمَا غوى} إِلَى قَوْله {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى} يَعْنِي جِبْرِيل إِلَى مُحَمَّد {فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى}

يَقُول: القاب نصف الْأصْبع {فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى} جِبْرِيل إِلَى عبد ربه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دنا فَتَدَلَّى إِلَى ربه عزّ وجلّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ثمَّ دنا} قَالَ دنا ربه {فَتَدَلَّى} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَكَانَ قاب قوسين} قَالَ: كَانَ دنوه قدر قوسين وَلَفظ عبد بن حميد قَالَ: كَانَ بَينه وَبَينه مِقْدَار قوسين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَكَانَ قاب قوسين} قَالَ: دنا جِبْرِيل مِنْهُ حَتَّى كَانَ قدر ذِرَاع أَو ذراعين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى} قَالَ: القاب الْقَيْد والقوسين الذراعين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {قاب قوسين} قَالَ: ذراعين القاب الْمِقْدَار الْقوس الذِّرَاع وَأخرج عَن شَقِيق بن سَلمَة فِي قَوْله {فَكَانَ قاب قوسين} قَالَ ذراعين والقوس الذِّرَاع يُقَاس بِهِ كل شَيْء وَأخرج عَن سعيد بن جُبَير فِي الْآيَة قَالَ: الذِّرَاع يُقَاس بِهِ وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَالْفِرْيَابِي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {قاب قوسين} قَالَ: حَيْثُ الْوتر من الْقوس يَعْنِي ربه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة قَالَا: دنا مِنْهُ حَتَّى كَانَ بَينه وَبَينه مثل مَا بَين كَبِدهَا إِلَى الْوتر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {قاب قوسين} قَالَ: قدر قوسين وَأخرج الْحسن فِي قَوْله {قاب قوسين} قَالَ: من قسيكم هَذِه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: لما أسرِي بِالنَّبِيِّ

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقْترب من ربه {فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى} قَالَ: ألم تَرَ إِلَى الْقوس مَا أقربها من الْوتر وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ذكر لنا أَن القاب فضل طرف الْقوس على الْوتر وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى} قَالَ: عَبده مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة والحكيم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت النُّور الْأَعْظَم ولط دوني بحجاب رفرفه الدّرّ والياقوت فَأوحى الله إليّ مَا شَاءَ أَن يوحي وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن سُرَيج بن عبيد قَالَ: لما صعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى السَّمَاء فَأوحى الله إِلَى عَبده مَا أوحى قَالَ: فَلَمَّا أحس جِبْرِيل بدنو الرب خر سَاجِدا فَلم يزل يسبحه تسبيحات ذِي الجبروت والملكوت والكبرياء وَالْعَظَمَة حَتَّى قضى الله إِلَى عَبده مَا قضى ثمَّ رفع رَأسه فرأيته فِي خلقه الَّذِي خلق عَلَيْهِ منظوم أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت فخيل إليّ أَن مَا بَين عَيْنَيْهِ قد سد الأفقين وَكنت لَا أرَاهُ قبل ذَلِك إِلَّا على صور مُخْتَلفَة وَأكْثر مَا كنت أرَاهُ على صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ وَكنت أَحْيَانًا لَا أرَاهُ قبل ذَلِك إِلَّا كَمَا يرى الرجل صَاحبه من وَرَاء الغربال وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر أَن جِبْرِيل كَانَ يَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ وَأخرج مُسلم وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السَّمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى أفتمارونه على مَا يرى وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} قَالَ: رأى مُحَمَّد ربه بِقَلْبِه مرَّتَيْنِ وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ [أفتمرونه] وفسرها أفتجحدونه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير أَنه كَانَ يقْرَأ / افتمرونه / قَالَ: من قَرَأَ {أفتمارونه} قَالَ: أفتجادلونه

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ [افتمرونه] وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ أَن شريحاً كَانَ يقْرَأ {افتمارونه} بِالْألف وَكَانَ مَسْرُوق يقْرَأ [أفتمرونه] وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رأى مُحَمَّد ربه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى ربه بِعَيْنِه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن مُحَمَّدًا رأى ربه مرَّتَيْنِ مرّة ببصره وَمرَّة بفؤاده وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله الله {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} قَالَ ابْن عَبَّاس: قد رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه عز وَجل وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الشّعبِيّ قَالَ: لَقِي ابْن عَبَّاس كَعْبًا بِعَرَفَة فَسَأَلَهُ عَن شَيْء فَكبر حَتَّى جاوبته الْجبَال فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّا بَنو هَاشم نزعم أَن نقُول: إِن مُحَمَّدًا قد رأى ربه مرَّتَيْنِ فَقَالَ كَعْب: إِن الله قسم رُؤْيَته وَكَلَامه بَين مُوسَى وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا السَّلَام فَرَأى مُحَمَّد ربه مرَّتَيْنِ وكلم مُوسَى مرَّتَيْنِ قَالَ مَسْرُوق: فَدخلت عليَّ عَائِشَة فَقلت: هَل رأى مُحَمَّد ربه فَقَالَت: لقد تَكَلَّمت بِشَيْء وقف لَهُ شعري قلت: رويداً ثمَّ قَرَأت {لقد رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى} قَالَت: أَيْن يذهب بك إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيل من أخْبرك أَن مُحَمَّدًا رأى ربه أَو كتم شَيْئا مِمَّا أَمر بِهِ أَو يعلم الْخمس الَّتِي قَالَ الله إِن الله عِنْده علم السَّاعَة الْآيَة فقد أعظم الْفِرْيَة وَلكنه رأى جِبْرِيل لم يره فِي صورته إِلَّا مرَّتَيْنِ مرّة عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى وَمرَّة عِنْد أجياد لَهُ سِتّمائَة جنَاح قد سد الْأُفق وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أتعجبون أَن تكون الْخلَّة لإِبراهيم وَالْكَلَام لمُوسَى والرؤية لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: رأى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْت رَبِّي فِي أحسن صُورَة فَقَالَ لي: يَا مُحَمَّد هَل تَدْرِي فيمَ يخْتَصم الْمَلأ الْأَعْلَى فَقلت: لَا يارب فَوضع يَده بَين كَتِفي فَوجدت بردهَا بَين ثديي فَعلمت مَا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض فَقلت: يَا رب فِي الدَّرَجَات وَالْكَفَّارَات وَنقل الْأَقْدَام إِلَى الْجَمَاعَات وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة

فَقلت: يَا رب إِنَّك اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَكلمت مُوسَى تكليماً وَفعلت وَفعلت فَقَالَ: ألم أشرح لَك صدرك ألم أَضَع عَنْك وزرك ألم أفعل بك ألم أفعل فأفضى إليّ بأَشْيَاء لم يُؤذن لي أَن أحدثكموها فَذَلِك قَوْله {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى فَأوحى إِلَى عَبده مَا أوحى مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} فَجعل نور بَصرِي فِي فُؤَادِي فَنَظَرت إِلَيْهِ بفؤادي وَأخرج ابْن إِسْحَق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَضَعفه عَن عبد الله بن أبي سَلمَة أَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب بعث إِلَى عبد الله بن عَبَّاس يسْأَله هَل رأى مُحَمَّد ربه فَأرْسل إِلَيْهِ عبد الله بن عَبَّاس أَن نعم فَرد عَلَيْهِ عبد الله بن عمر رَسُوله أَن كَيفَ رَآهُ فَأرْسل: إِنَّه رَآهُ فِي رَوْضَة خضراء دونه فرَاش من ذهب على كرْسِي من ذهب يحملهُ أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة: ملك فِي صُورَة رجل وَملك فِي صُورَة ثَوْر وَملك فِي صُورَة نسر وَملك فِي صُورَة أَسد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي السَّمَاء وَالصِّفَات وَضَعفه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ: هَل رأى مُحَمَّد ربه قَالَ: نعم رَآهُ كأنّ قَدَمَيْهِ على خضرَة دونه ستر من لُؤْلُؤ فَقلت: يَا أَبَا عَبَّاس أَلَيْسَ يَقُول الله: لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار قَالَ: لَا أم لَك ذَاك نوره الَّذِي هُوَ نوره إِذا تجلى بنوره لَا يُدْرِكهُ شَيْء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله هَل رَأَيْت رَبك قَالَ: لم أره بعيني ورأيته بفؤادي مرَّتَيْنِ ثمَّ تَلا {ثمَّ دنا فَتَدَلَّى} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل رَأَيْت رَبك قَالَ: رَأَيْت نَهرا وَرَأَيْت وَرَاء النَّهر حِجَابا وَرَأَيْت الْحجاب نورا لم أره غير ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} قَالَ: مُحَمَّد رَآهُ بفؤاده وَلم يره بِعَيْنيهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي صَالح فِي قَوْله {مَا كذب الْفُؤَاد مَا رأى} قَالَ: رَآهُ مرَّتَيْنِ بفؤاده وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: مَا أزعم أَنه رَآهُ وَمَا أزعم أَنه لم يره

وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل رَأَيْت رَبك فَقَالَ: نور أَنى أرَاهُ وَأخرج مُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل رَأَيْت رَبك فَقَالَ: رَأَيْت نورا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: رَآهُ بِقَلْبِه وَلم يره بِعَيْنيهِ وَأخرج النَّسَائِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه بِقَلْبِه وَلم يره ببصره وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} قَالَ: رأى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: رأى جِبْرِيل فِي صورته وَأخرج عبد بن حميد عَن مرّة الْهَمدَانِي قَالَ: لم يَأْته جِبْرِيل فِي صورته إِلَّا مرَّتَيْنِ فَرَآهُ فِي خضر يتَعَلَّق بِهِ الدّرّ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} قَالَ: رأى نورا عَظِيما عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى} قَالَ: رأى جِبْرِيل مُعَلّقا رجله بسدرة عَلَيْهِ الدّرّ كَأَنَّهُ قطر الْمَطَر على البقل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود {وَلَقَد رَآهُ نزلة أُخْرَى عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى} قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل فِي صورته عِنْد السِّدْرَة لَهُ سِتّمائَة جنَاح جنَاح مِنْهَا سد الْأُفق يَتَنَاثَر من أجنحته التهاويل والدر والياقوت مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما أسريَ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْتهى بِهِ إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى وَهِي فِي السَّمَاء السَّادِسَة إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يعرج من الْأَرْوَاح فَيقبض مِنْهَا وإليها يَنْتَهِي مَا يهْبط بِهِ من فَوْقهَا فَيقبض مِنْهَا {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ: فرَاش من ذهب قَالَ: وَأعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثًا: أعطي الصَّلَوَات الْخمس وَأعْطِي خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة وَغفر لمن لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا من أمته الْمُقْحمَات وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن سِدْرَة الْمُنْتَهى قَالَ: إِلَيْهَا يَنْتَهِي علم كل عَالم وَمَا وَرَاءَهَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك أَنه قيل لَهُ: لم تسمى سِدْرَة الْمُنْتَهى قَالَ: لِأَنَّهُ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كل شَيْء من أَمر الله لَا يعدوها وَأخرج ابْن جرير عَن شمر قَالَ: جَاءَ ابْن عَبَّاس إِلَى كَعْب فَقَالَ: حَدثنِي عَن سِدْرَة المنتهي قَالَ: إِنَّهَا سِدْرَة فِي أصل الْعَرْش إِلَيْهَا يَنْتَهِي علم كل ملك مقرب أَو نَبِي مُرْسل مَا خلفهَا غيب لَا يُعلمهُ إِلَّا الله تَعَالَى وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب قَالَ: إِنَّهَا سِدْرَة على رُؤُوس حَملَة الْعَرْش إِلَيْهَا يَنْتَهِي علم الْخَلَائق ثمَّ لَيْسَ لأحد وَرَاءَهَا علم فَلذَلِك سميت سِدْرَة الْمُنْتَهى لانْتِهَاء الْعلم إِلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلت كَعْبًا مَا سِدْرَة الْمُنْتَهى قَالَ: سِدْرَة يَنْتَهِي إِلَيْهَا علم الْمَلَائِكَة وَعِنْدهَا يَجدونَ أَمر الله لَا يجاوزها علم وَسَأَلته عَن جنَّة المأوى فَقَالَ: جنَّة فِيهَا طير خضر ترتقي فِيهَا أَرْوَاح الشُّهَدَاء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى} قَالَ: صبو الْجنَّة يَعْنِي وَسطهَا جعل عَلَيْهَا فضول السندس والاستبرق وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: انْتَهَيْت إِلَى السِّدْرَة فَإِذا نبقها مثل الْجَرَاد وَإِذا وَرقهَا مثل آذان الفيلة فَلَمَّا غشيها من أَمر الله مَا غشيها تحولت ياقوتاً وزمرداً وَنَحْو ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {سِدْرَة الْمُنْتَهى} قَالَ: أول يَوْم من الْآخِرَة وَآخر يَوْم من الدُّنْيَا فَهُوَ حَيْثُ يَنْتَهِي وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت أبي بكر: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصف سِدْرَة الْمُنْتَهى قَالَ: يسير الرَّاكِب فِي الْفِتَن مِنْهَا مائَة سنة يستظل بالفتن مِنْهَا مائَة رَاكب فِيهَا فرَاش من ذهب كَأَن ثَمَرهَا القلال وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رَأَيْتهَا حِين استبنتها ثمَّ حَال دونهَا فرَاش الذَّهَب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {عِنْدهَا جنَّة المأوى} وَعَابَ على من قَرَأَ جنَّة المأوى

وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: من قَرَأَ {جنَّة المأوى} فأجنه الله إِنَّمَا هِيَ جنَّة المأوى وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {عِنْدهَا جنَّة المأوى} قَالَ: هِيَ عَن يَمِين الْعَرْش وَهِي منزل الشُّهَدَاء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْجنَّة فِي السَّمَاء السَّابِعَة الْعليا وَالنَّار فِي الأَرْض السَّابِعَة السُّفْلى وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَرَأَ: جنَّة المأوى قَالَ: جنَّة الْمبيت وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ: كَانَ أَغْصَان السِّدْرَة من لُؤْلُؤ وَيَاقُوت وَقد رَآهَا مُحَمَّد بِقَلْبِه وَرَأى ربه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد عَن سَلمَة بن وهرام {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ: اسْتَأْذَنت الْمَلَائِكَة الرب تبَارك وَتَعَالَى أَن ينْظرُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأذن لَهُم فغشيت الْمَلَائِكَة السِّدْرَة لينظروا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن يَعْقُوب بن زيد قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا رَأَيْت بِفنَاء السِّدْرَة قَالَ: فراشا من ذهب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} قَالَ: رَآهَا لَيْلَة أسرِي بِهِ يلوذ بهَا جَراد من ذهب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مَا زاغ الْبَصَر} قَالَ: مَا ذهب يَمِينا وَلَا شمالاً {وَمَا طَغى} قَالَ: مَا جَاوز مَا أَمر بِهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {لقد رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى} قَالَ: رأى رفرفاً أَخْضَر من الْجنَّة قد سد الْأُفق

وَأخرج ابْن جرير عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما عرج بِي مضى جِبْرِيل حَتَّى جَاءَ الْجنَّة فَدخلت فَأعْطيت الْكَوْثَر ثمَّ مضى حَتَّى جَاءَ السِّدْرَة الْمُنْتَهى فَدَنَا رَبك فَتَدَلَّى فَكَانَ قاب قوسين أَو أدنى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما انْتَهَيْت إِلَى السِّدْرَة إِذا وَرقهَا مثل آذان الفيلة وَإِذا نبقها أَمْثَال القلال فَلَمَّا غشيها من أَمر الله مَا غشي تحوّلت فَذكر الْيَاقُوت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: سِدْرَة الْمُنْتَهى مُنْتَهى إِلَيْهَا أَمر كل نَبِي وَملك الْآيَات 19 - 27

19

أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ اللات رجلا يلت سويق الْحَاج وَلَفظ عبد بن حميد: يلت السويق يسْقِيه الْحَاج وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: لما فتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة بعث خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى نَخْلَة وَكَانَ بهَا الْعُزَّى فَأَتَاهَا خَالِد وَكَانَت على ثَلَاث سمُرَات فَقطع السَّمُرَات وَهدم الْبَيْت الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: ارْجع فَإنَّك لم تصنع شَيْئا فَرجع خَالِد فَلَمَّا أبصرته السَّدَنَة وهم حَجَبتهَا امعنوا فِي الْجَبَل وهم يَقُولُونَ: يَا عزى يَا عزى فَأَتَاهَا خَالِد فَإِذا امْرَأَة عُرْيَانَة نَاشِرَة شعرهَا تحفن التُّرَاب على رَأسهَا فعممها بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتلهَا ثمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ: تِلْكَ الْعُزَّى

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن الْعُزَّى كَانَت بِبَطن نَخْلَة وَأَن اللات كَانَت بِالطَّائِف وَأَن مَنَاة كَانَت بِقديد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور والفاكهي عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَت اللات رجلا فِي الْجَاهِلِيَّة على صَخْرَة بِالطَّائِف وَكَانَ لَهُ غنم فَكَانَ يَأْخُذ من رسلها وَيَأْخُذ من زبيب الطَّائِف والأقط فَيجْعَل مِنْهُ حَيْسًا وَيطْعم من يمر من النَّاس فَلَمَّا مَاتَ عبدوه وَقَالُوا: هُوَ اللات وَكَانَ يقْرَأ: اللات مُشَدّدَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ اللات يلت السويق على الْحَاج فَلَا يشرب مِنْهُ أحدا إِلَّا سمن فعبدوه وَأخرج الفاكهي عَن ابْن عَبَّاس أَن اللات لما مَاتَ قَالَ لَهُم عَمْرو بن لحي: إِنَّه لم يمت وَلكنه دخل الصَّخْرَة فعبدوها وبنوا عَلَيْهَا بَيْتا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أَفَرَأَيْتُم اللات} قَالَ: كَانَ رجل من ثَقِيف يلت السويق بالزيت فَلَمَّا توفّي جعلُوا قَبره وثناً وَزعم النَّاس أَنه عَامر بن الظرب أَخذ عُدْوانًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى} قَالَ: اللات كَانَ يلت السويق بِالطَّائِف فاعتكفوا على قَبره والعزى شجرات وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى وَمَنَاة} قَالَ: آلِهَة كَانُوا يعبدونها فَكَانَ اللات لأهل الطَّائِف وَكَانَت الْعُزَّى لقريش بسقام شعب بِبَطن نَخْلَة وَكَانَت مَنَاة للْأَنْصَار بِقديد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي صَالح قَالَ: اللات الَّذِي كَانَ يقوم على آلِهَتهم وَكَانَ يلت لَهُم السويق والعزى بنخلة كَانُوا يعلقون عَلَيْهَا السبور والعهن وَمَنَاة حجر بِقديد وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الجوزاء قَالَ: اللات حجر كَانَ يلت السويق عَلَيْهِ فَسُمي اللات قَوْله تَعَالَى: {تِلْكَ إِذا قسْمَة ضيزى} أخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله

{ضيزى} قَالَ: جائرة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول امرىء الْقَيْس: ضازت بَنو أَسد بحكمهم إِذْ يعدلُونَ الرَّأْس بالذنب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ضيزى} قَالَ: منقوصة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ضيزى} قَالَ: جائرة وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ضيزى} قَالَ: جائرة لَا حق فِيهَا قَوْله تَعَالَى: {أم للْإنْسَان مَا تمنى} أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا تمنى أحدكُم فَلْينْظر مَا تمنى فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا يكْتب لَهُ من أمْنِيته قَوْله تَعَالَى: {وَكم من ملك فِي السَّمَاوَات} الْآيَة أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَكم من ملك فِي السَّمَاوَات لَا تغني شفاعتهم شَيْئا} قَالَ: لقَولهم: إِن الغرانقة ليشفعون الْآيَات 28 - 31

28

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: احْذَرُوا هَذَا الرَّأْي على الدّين فَإِنَّمَا كَانَ الرَّأْي من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مصيباً لِأَن الله كَانَ يرِيه وَإِنَّمَا هُوَ هَهُنَا تكلّف وَظن {وَإِن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا} قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك مبلغهم من الْعلم}

أخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ذَلِك مبلغهم من الْعلم} قَالَ: رَأْيهمْ وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن ابْن عمر قَالَ: قَلما كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم من مجْلِس حَتَّى يَدْعُو بهؤلاء الدَّعْوَات لأَصْحَابه: اللَّهُمَّ اقْسمْ لنا من خشيتك مَا يحول بَيْننَا وَبَين مَعَاصِيك وَمن طَاعَتك مَا تبلغنَا بِهِ جنتك وَمن الْيَقِين مَا يهون علينا مصيبات الدُّنْيَا وَمَتعْنَا بأسماعنا وأبصارنا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا واجعله الْوَارِث منا وَاجعَل ثَأْرنَا على من ظلمنَا وَانْصُرْنَا على من عَادَانَا وَلَا تجْعَل مُصِيبَتنَا فِي ديننَا وَلَا تجْعَل الدُّنْيَا أكبر هَمنَا وَلَا مبلغ علمنَا وَلَا تسلط علينا من لَا يَرْحَمنَا قَوْله تَعَالَى: {وَللَّه مَا فِي السَّمَاوَات} الْآيَة أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {ليجزي الَّذين أساؤوا بِمَا عمِلُوا} قَالَ: أهل الشّرك {وَيجْزِي الَّذين أَحْسنُوا} قَالَ: الْمُؤمنِينَ الْآيَة 32

32

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الإِثم وَالْفَوَاحِش} قَالَ: الْكَبَائِر مَا سمى فِيهِ النَّار {وَالْفَوَاحِش} مَا كَانَ فِيهِ حد فِي الدُّنْيَا قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا اللمم} أخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا رَأَيْت شَيْئا أشبه باللمم مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله كتب على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا أدْرك ذَلِك لَا محَالة فزنا الْعين النّظر وزنا اللِّسَان النُّطْق وَالنَّفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذَلِك أَو يكذبهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: زنا الْعَينَيْنِ

النّظر وزنا الشفتين التَّقْبِيل وزنا الْيَدَيْنِ الْبَطْش وزنا الرجلَيْن الْمَشْي وَيصدق ذَلِك الْفرج أَو يكذبهُ فَإِن تقدم بفرجه كَانَ زَانيا وَإِلَّا فَهُوَ اللمم وَأخرج مُسَدّد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: هِيَ النظرة والغمزة والقبلة والمباشرة فَإِذا مس الْخِتَان الْخِتَان فقد وَجب الْغسْل وَهُوَ الزِّنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: اللمم مَا بَين الحدين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: هُوَ الرجل يلم بالفاحشة ثمَّ يَتُوب مِنْهَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن تغْفر اللَّهُمَّ تغْفر جما وأيّ عبد لَك لَا ألمّا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} يَقُول: إِلَّا مَا قد سلف وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: قَالَ الْمُشْركُونَ: إِنَّمَا كَانُوا بالْأَمْس يعْملُونَ مَعنا فَأنْزل الله {إِلَّا اللمم} مَا كَانَ مِنْهُم فِي الْجَاهِلِيَّة قبل الإِسلام وغفرها لَهُم حِين أَسْلمُوا وَأخرج ابْن جرير عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الإِثم} قَالَ: الشّرك {وَالْفَوَاحِش} قَالَ: الزِّنَا تركُوا ذَلِك حِين دخلُوا فِي الإِسلام وَغفر الله لَهُم مَا كَانُوا ألم بِهِ وَأَصَابُوا من ذَلِك قبل الإِسلام وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة أرَاهُ رَفعه فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: اللمة من الزِّنَا ثمَّ يَتُوب وَلَا يعود واللمة من شرب الْخمر ثمَّ يَتُوب وَلَا يعود قَالَ: فَتلك الإِلمام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ: هُوَ الرجل يُصِيب اللمة من الزِّنَا واللمة من شرب الْخمر فيجتنبها أَو يَتُوب مِنْهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَدْرُونَ مَا اللمم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هُوَ الَّذِي يلم بالخطرة من الزِّنَا ثمَّ لَا يعود ويلم بالخطرة من شرب الْخمر ثمَّ لَا يعود ويلم بِالسَّرقَةِ ثمَّ لَا يعود

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: يلم بهَا فِي الْحِين ثمَّ يَتُوب وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح قَالَ: سُئِلت عَن اللمم فَقلت: هُوَ الرجل يُصِيب الذَّنب ثمَّ يَتُوب وأخبرت بذلك ابْن عَبَّاس فَقَالَ: لقد أعانك عَلَيْهَا ملك كريم وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن الْحسن فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: الزنية فِي الْحِين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: الْوَقْعَة من الزِّنَا لَا يعود لَهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: هُوَ مَا دون الْجِمَاع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة أَنه ذكر لَهُ قَول الْحسن فِي اللمم هِيَ الخطرة من الزِّنَا فَقَالَ: لَا وَلكنهَا الضمة والقبلة والشمة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَمْرو قَالَ: اللمم مَا دون الشّرك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اللمم كل شَيْء بَين الحدين حد الدُّنْيَا وحد الْآخِرَة يكفره الصَّلَاة وَهُوَ دون كل مُوجب فَأَما حد الدُّنْيَا فَكل حد فرض الله عُقُوبَته فِي الدُّنْيَا وَأما حد الْآخِرَة فَكل شَيْء خَتمه الله بالنَّار وَأخر عُقُوبَته إِلَى الْآخِرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {إِلَّا اللمم} قَالَ: اللمم مَا بَين الحدين مَا لم يبلغ حد الدُّنْيَا وَلَا حد الْآخِرَة مُوجبَة قد أوجب الله لأَهْلهَا النَّار أَو فَاحِشَة يُقَام عَلَيْهِ الْحَد فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: سَأَلَ رجل زيد بن ثَابت عَن هَذِه الْآيَة {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الإِثم وَالْفَوَاحِش إِلَّا اللمم} فَقَالَ: حرم الله عَلَيْك الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن قَوْله تَعَالَى: {هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض} أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة وَابْن مردوية والواحدي عَن ثَابت بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ قَالَ: كَانَت الْيَهُود إِذا هلك لَهُم صبي صَغِير قَالُوا: هَذَا صديق فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: كذبت يهود مَا من نسمَة

يخلقها الله فِي بطن أمهَا إِلَّا أَنه شقي أَو سعيد فَأنْزل الله عِنْد ذَلِك {هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض} الْآيَة كلهَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض} قَالَ: هُوَ كنحو قَوْله (وَهُوَ أعلم بالمهتدين) وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {إِذْ أنشأكم من الأَرْض وَإِذ أَنْتُم أجنة} قَالَ: حِين خلق الله آدم من الأَرْض ثمَّ خَلقكُم من آدم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن فِي قَوْله {هُوَ أعلم بكم إِذْ أنشأكم من الأَرْض وَإِذ أَنْتُم أجنة فِي بطُون أُمَّهَاتكُم} قَالَ: علم الله من كل نفس مَا هِيَ عاملة وَمَا هِيَ صانعة وَمَا هِيَ إِلَيْهِ صائرة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله {فَلَا تزكوا أَنفسكُم} قَالَ: لَا تبرئوا أَنفسكُم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَلَا تزكوا أَنفسكُم} قَالَ: لَا تعملوا بِالْمَعَاصِي وتقولون: نعمل بِالطَّاعَةِ وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مردوية عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة أَنَّهَا سميت برة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {فَلَا تزكوا أَنفسكُم} الله أعلم بِأَهْل الْبر مِنْكُم سَموهَا زَيْنَب وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن جده عبد الله بن مُصعب قَالَ: قَالَ أَبُو بكر الصّديق لقيس بن عَاصِم: صف لنا نَفسك فَقَالَ: إِن الله يَقُول {فَلَا تزكوا أَنفسكُم} فلست مَا أَنا بمزك نَفسِي وَقد نهاني الله عَنهُ فأعجب أَبَا بكر ذَلِك مِنْهُ الْآيَات 33 - 37

33

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فِي مغزاة فجَاء رجل فَلم يجد مَا يخرج عَلَيْهِ فلقي صديقا لَهُ فَقَالَ: أَعْطِنِي شَيْئا قَالَ: أُعْطِيك بكري هَذَا على أَن تتحمل بذنوبي فَقَالَ لَهُ: نعم فَأنْزل الله {أَفَرَأَيْت الَّذِي تولى وَأعْطى قَلِيلا وأكدى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن دراج أبي السَّمْح قَالَ: خرجت سَرِيَّة غَازِيَة فَسَأَلَ رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحملهُ فَقَالَ: لَا أجد مَا أحملك عَلَيْهِ فَانْصَرف حَزينًا فَمر بِرَجُل رحاله منيخة بَين يَدَيْهِ فَشَكا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الرجل: هَل لَك أَن أحملك فتلحق الْجَيْش فَقَالَ: نعم فَنزلت {أَفَرَأَيْت الَّذِي تولى} إِلَى قَوْله {ثمَّ يجزاه الْجَزَاء الأوفى} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: إِن رجلا أسلم فَلَقِيَهُ بعض من يعيره فَقَالَ: أتركت دين الْأَشْيَاخ وضللتهم وَزَعَمت أَنهم فِي النَّار قَالَ: إِنِّي خشيت عَذَاب الله قَالَ: أَعْطِنِي شَيْئا وَأَنا أحمل كل عَذَاب كَانَ عَلَيْك فَأعْطَاهُ شَيْئا فَقَالَ: زِدْنِي فتعاسرا حَتَّى أعطَاهُ شَيْئا وَكتب لَهُ كتابا وَأشْهد لَهُ فَفِيهِ نزلت هَذِه الْآيَة {أَفَرَأَيْت الَّذِي تولى وَأعْطى قَلِيلا وأكدى أعنده علم الْغَيْب فَهُوَ يرى} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَفَرَأَيْت الَّذِي تولى} قَالَ: الْوَلِيد بن الْمُغيرَة كَانَ يَأْتِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر فَيسمع مَا يَقُولَانِ وَذَلِكَ {وَأعْطى} من نَفسه أعْطى الِاسْتِمَاع {وأكدى} قَالَ: انْقَطع عطاؤه نزل فِي ذَلِك {أعنده علم الْغَيْب} قَالَ: الْغَيْب الْقُرْآن أرأى فِيهِ بَاطِلا أنفذه ببصره إِذْ كَانَ يخْتَلف إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأعْطى قَلِيلا وأكدى} قَالَ: قطع نزلت فِي الْعَاصِ بن وَائِل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأعْطى قَلِيلا وأكدى} قَالَ: أطَاع قَلِيلا ثمَّ انْقَطع وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {وَأعْطى قَلِيلا وأكدى} قَالَ: أعْطى قَلِيلا من مَاله وَمنع الْكثير ثمَّ كدره بمنه قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر:

أعْطى قَلِيلا ثمَّ أكدى بمنه وَمن ينشر الْمَعْرُوف فِي النَّاس يحمد قَوْله تَعَالَى: {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مردوية والشيرازي فِي الألقاب والديلمي بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا قَوْله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: وفى عمل يَوْمه بِأَرْبَع رَكْعَات كَانَ يصليهن من أول النَّهَار وَزعم أَنَّهَا صَلَاة الضُّحَى وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى الله بالبلاغ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى مَا فرض عَلَيْهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سِهَام الإِسلام ثَلَاثُونَ سَهْما لم يَمَسهَا أحد قبل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ الله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى طَاعَة الله وَبلغ رِسَالَة ربه إِلَى خلقه وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: بلغ هَذِه الْآيَة {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: بلغ مَا أَمر بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} يَقُول: الَّذِي اسْتكْمل الطَّاعَة فِيمَا فعل بِابْنِهِ حِين رأى الرُّؤْيَا وَالَّذِي فِي صحف مُوسَى {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن الْقرظِيّ {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى بِذبح ابْنه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى سِهَام الإِسلام كلهَا وَلم يوفها أحد غَيره وَهِي ثَلَاثُونَ سَهْما مِنْهَا عشرَة فِي بَرَاءَة (إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ) (التَّوْبَة 111) الْآيَات كلهَا وَعشرَة فِي الْأَحْزَاب (إِن

الْمُسلمين وَالْمُسلمَات) (الْأَحْزَاب 35) الْآيَات كلهَا وَسِتَّة فِي (قد أَفْلح الْمُؤمنِينَ) (الْمُؤْمِنُونَ 1) من أَولهَا الْآيَات كلهَا وَأَرْبع فِي (سَأَلَ سَائل) (المعارج 1) (وَالَّذين يصدقون بِيَوْم الدّين) (المعارج 26) (وَالَّذين هم من عَذَاب رَبهم مشفقون) (المعارج 27) الْآيَات كلهَا فَذَلِك ثَلَاثُونَ سَهْما فَمن وافى الله بِسَهْم مِنْهَا فقد وافاه بِسَهْم من سِهَام الإِسلام وَلم يوافه بسهام الإِسلام كلهَا إِلَّا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ الله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} الْآيَات 38 - 41

38

أخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {والنجم} فَبلغ {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: وفى {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} إِلَى قَوْله {من النّذر الأولى} وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: أدّى عَن ربه {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} وَأخرج الشَّافِعِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن أَوْس قَالَ: كَانَ الرجل يُؤْخَذ بذنب غَيره حَتَّى جَاءَ إِبْرَاهِيم فَقَالَ الله {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: بلغ وَأدّى {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى} قَالَ: كَانُوا قبل إِبْرَاهِيم يَأْخُذُونَ الْوَلِيّ بالمولى حَتَّى كَانَ إِبْرَاهِيم فَبلغ {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} لَا يُؤْخَذ أحد بذنب غَيره وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن هُذَيْل بن شُرَحْبِيل قَالَ: كَانَ الرجل يُؤْخَذ بذنب غَيره فِيمَا بَين نوح إِلَى إِبْرَاهِيم حَتَّى جَاءَ إِبْرَاهِيم {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} قَوْله تَعَالَى: {وَأَن لَيْسَ للإِنسان إِلَّا مَا سعى}

أخرج أَبُو دَاوُد والنحاس كِلَاهُمَا فِي النَّاسِخ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {وَأَن لَيْسَ للإِنسان إِلَّا مَا سعى} فَأنْزل الله بعد ذَلِك (وَالَّذين آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيتهمْ بِإِيمَان ألحقنا بهم ذُرِّيتهمْ) (سُورَة الطّور الْآيَة 21) فَأدْخل الله الْأَبْنَاء الْجنَّة بصلاح الْآبَاء وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ {وَأَن لَيْسَ للإِنسان إِلَّا مَا سعى وَأَن سَعْيه سَوف يرى ثمَّ يجزاه الْجَزَاء الأوفى} اسْترْجع واستكان الْآيَات 42 - 47

42

أخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَالْبَغوِيّ فِي تَفْسِيره عَن أُبيّ بن كَعْب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَأَن إِلَى رَبك الْمُنْتَهى} قَالَ: لَا فكرة فِي الرب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي قَوْله {وَأَن إِلَى رَبك الْمُنْتَهى} قَالَ: لَا فكرة فِي الرب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قوم يتفكرون فِي الله فَقَالَ: تَفَكَّرُوا فِي الْخلق وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِي الْخَالِق فَإِنَّكُم لن تقدرونه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تَفَكَّرُوا فِي خلق الله وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الله فَتَهْلكُوا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يُونُس بن مسيرَة قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَصْحَابه وهم يذكرُونَ عَظمَة الله تَعَالَى فَقَالَ: مَا كُنْتُم تذكرُونَ قَالُوا: كُنَّا نتفكر فِي عَظمَة الله تَعَالَى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا فِي الله فَلَا تَفَكَّرُوا ثَلَاثًا أَلا فتفكروا فِي عظم مَا خلق ثَلَاثًا

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي أُميَّة مولى شبْرمَة واسْمه الحكم عَن بعض أَئِمَّة الْكُوفَة قَالَ: قَالَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقصد نحوهم فَسَكَتُوا فَقَالَ: مَا كُنْتُم تَقولُونَ قَالُوا: نَظرنَا إِلَى الشَّمْس فتفكرنا فِيهَا من أَيْن تَجِيء وَمن أَيْن تذْهب وتفكرنا فِي خلق الله فَقَالَ: كَذَلِك فافعلوا تَفَكَّرُوا فِي خلق الله وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الله فَإِن لله تَعَالَى وَرَاء الْمغرب أَرضًا بَيْضَاء بياضها ونورها مسيرَة الشَّمْس أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِيهَا خلق من خلق الله لم يعصوا الله طرفَة عين قيل: يَا رَسُول الله من ولد آدم هم قَالَ: مَا يَدْرُونَ خلق آدم أم لم يخلق قيل: يَا نَبِي الله فَأَيْنَ إِبْلِيس عَنْهُم قَالَ: لَا يَدْرُونَ خلق إِبْلِيس أم لم يخلق وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دخل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن فِي الْمَسْجِد حلق حلق فَقَالَ لنا: فيمَ أَنْتُم قُلْنَا: نتفكر فِي الشَّمْس كَيفَ طلعت وَكَيف غربت قَالَ: أَحْسَنْتُم كونُوا هَكَذَا تَفَكَّرُوا فِي الْمَخْلُوق وَلَا تَفَكَّرُوا فِي الْخَالِق فَإِن الله خلق مَا شَاءَ لما شَاءَ وتعجبون من ذَلِك إِن من وَرَاء (ق) سبع بحار كل بَحر خَمْسمِائَة عَام وَمن وَرَاء ذَلِك سبع أَرضين يضيء نورها لأَهْلهَا وَمن وَرَاء ذَلِك سبعين ألف أمة خلقُوا على أَمْثَال الطير هُوَ وفرخه فِي الْهَوَاء لَا يفترون عَن تَسْبِيحَة وَاحِدَة وَمن وَرَاء ذَلِك سبعين ألف أمة خلقُوا من ريح فطعامهم ريح وشرابهم ريح وثيابهم من ريح وآنيتهم من ريح ودوابهم من ريح لَا تستقرحوا فَردُّوا بهم إِلَى الأَرْض إِلَى قيام السَّاعَة أَعينهم فِي صدروهم ينَام أحدهم نومَة وَاحِدَة ينتبه وَعند رَأسه رزقه وَمن وَرَاء ذَلِك ظلّ الْعَرْش وَفِي ظلّ الْعَرْش سَبْعُونَ ألف أمة مَا يعلمُونَ أَن الله خلق آدم وَلَا ولد آدم وَلَا إِبْلِيس وَلَا ولد إِبْلِيس وَهُوَ قَوْله تَعَالَى (ويخلق مَا لَا تعلمُونَ) (سُورَة النَّحْل 8) وَأخرج ابْن مردوية عَن عَائِشَة قَالَت: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قوم يَضْحَكُونَ فَقَالَ: لَو تعلمُونَ مَا أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قَلِيلا فَنزل عَلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ: إِن الله {وَأَنه هُوَ أضْحك وأبكى} فَرجع إِلَيْهِم فَقَالَ: مَا خطوت أَرْبَعِينَ خطْوَة حَتَّى أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ: ائْتِ هَؤُلَاءِ فَقل لَهُم: إِن الله أضْحك وأبكى

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هَبَط آدم من الْجنَّة بياقوتة بَيْضَاء تمسح بهَا دُمُوعه قَالَ: وَبكى آدم على الْجنَّة أَرْبَعِينَ عَاما فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: يَا آدم مَا يبكيك إِن الله بَعَثَنِي إِلَيْك معزيا فَضَحِك آدم فَذَلِك قَول الله {هُوَ أضْحك وأبكى} فَضَحِك آدم وضحكت ذُريَّته وَبكى آدم وبكت ذُريَّته وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَبَّار الطَّائِي قَالَ: شهِدت جَنَازَة أم مُصعب بن الزبير وفيهَا ابْن عَبَّاس فسمعنا أصوات نوائح فَقلت: عَبَّاس يصنع هَذَا وَأَنت هَهُنَا فَقَالَ: دَعْنَا عَنْك يَا جَبَّار فَإِن الله أضْحك وأبكى الْآيَات 48 - 58

48

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأَنه هُوَ أغْنى وأقنى} قَالَ: أعْطى وأرضى وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أغْنى} قَالَ: أَكثر {وأقنى} قَالَ: قنع وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {أغْنى وأقنى} قَالَ: أغْنى من الْفقر وأقنى من الْغنى فقنع بِهِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عنترة الْعَبْسِي: فأقنى حياءك لَا أَبَا لَك واعلمي أَنِّي امْرُؤ سأموت إِن لم أقتل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: أغْنى أرْضى وأقنى موّن وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح فِي قَوْله {أغْنى وأقنى} قَالَ: غنى بِالْمَالِ وأقنى من الْقنية

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحَضْرَمِيّ فِي قَوْله {وَأَنه هُوَ أغْنى وأقنى} قَالَ: أغْنى نَفسه وأفقر الْخَلَائق إِلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأَنه هُوَ رب الشعرى} قَالَ: هُوَ الْكَوْكَب الَّذِي يدعى الشعرى وَأخرج الفاكهي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي خُزَاعَة وَكَانُوا يعْبدُونَ الشعرى وَهُوَ الْكَوْكَب الَّذِي يتبع الجوزاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: الشعرى الْكَوْكَب الَّذِي خلف الجوزاء كَانُوا يعبدونه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ نَاس فِي الْجَاهِلِيَّة يعْبدُونَ هَذَا النَّجْم الَّذِي يُقَال لَهُ: الشعرى فَنزلت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {وَأَنه أهلك عاداً الأولى} قَالَ: كَانَت الْآخِرَة بحضرموت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَقوم نوح من قبل إِنَّهُم كَانُوا هم أظلم وأطغى} قَالَ: لم يكن قبيل من النَّاس هم أظلم وأطغى من قوم نوح دعاهم نوح ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما كلما هلك قرن وَنَشَأ قرن دعاهم حَتَّى لقد ذكر لنا أَن الرجل كَانَ يَأْخُذ بيد أَخِيه أَو ابْنه فَيَمْشِي إِلَيْهِ فَيَقُول: يَا بني إِن أبي قد مَشى بِي إِلَى هَذَا وَأَنا مثلك يَوْمئِذٍ تتابعاً فِي الضَّلَالَة وتكذيبا بِأَمْر الله عزَّ وجلَّ وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {والمؤتفكة أَهْوى} قَالَ: أَهْوى بهَا جِبْرِيل بعد أَن رَفعهَا إِلَى السَّمَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {والمؤتفكة أَهْوى} قَالَ: قوم لوط ائتفكت بهم الأَرْض بعد أَن رَفعهَا الله إِلَى السَّمَاء فالأرض تجلجل بهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {والمؤتفكة أَهْوى} قَالَ: قرى قوم لوط {فغشاها مَا غشى} قَالَ: الْحِجَارَة {فَبِأَي آلَاء رَبك} قَالَ: فَبِأَي نعم رَبك

وَأخرج ابْن جرير عَن أبي مَالك الْغِفَارِيّ فِي قَوْله {أَلا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} إِلَى قَوْله {هَذَا نَذِير من النّذر الأولى} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنذر مَا أنذر الْأَولونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {هَذَا نَذِير من النّذر الأولى} قَالَ: إِنَّمَا بعث مُحَمَّد بِمَا بعث بِهِ الرُّسُل قبله وَفِي قَوْله {أزفت الآزفة} قَالَ: السَّاعَة {لَيْسَ لَهَا من دون الله كاشفة} أَي رادة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الآزفة من أَسمَاء يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أزفت الآزفة} قَالَ: اقْتَرَبت السَّاعَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {أزفت الآزفة} قَالَ: اقْتَرَبت السَّاعَة {لَيْسَ لَهَا من دون الله كاشفة} قَالَ: لَا يكْشف عَنْهَا إِلَّا هُوَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: لَيْسَ لَهَا من دون الله من آلِهَتهم كاشفة الْآيَات 59 - 62

59

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {أَفَمَن هَذَا الحَدِيث} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وهناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن صَالح أبي الْخَلِيل قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {أَفَمَن هَذَا الحَدِيث تعْجبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} فَمَا ضحك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك إِلَّا أَن يبتسم وَلَفظ عبد بن حميد فَمَا رُؤِيَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضَاحِكا وَلَا مُتَبَسِّمًا حَتَّى ذهب من الدُّنْيَا وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَفَمَن هَذَا الحَدِيث تعْجبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} فَمَا رُؤِيَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعْدهَا ضَاحِكا حَتَّى ذهب من الدُّنْيَا

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت {أَفَمَن هَذَا الحَدِيث تعْجبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ} بَكَى أَصْحَاب الصَّفَّة حَتَّى جرت دموعهم على خدودهم فَلَمَّا سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حنينهم بَكَى فبكينا ببكائه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يلج النَّار من بَكَى من خشيَة الله وَلَا يدْخل الْجنَّة مصر على مَعْصِيّة الله وَلَو لم تذنبوا لجاء الله بِقوم يذنبون فَيغْفر لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سامدون} قَالَ: لاهون معرضون عَنهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَأَنْتُم سامدون} قَالَ: غافلون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَأَبُو عبيد فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَأَنْتُم سامدون} قَالَ: الْغناء باليمانية كَانُوا إِذا سمعُوا الْقُرْآن تغنوا ولعبوا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {سامدون} قَالَ: هُوَ الْغناء بالحميرية وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {سامدون} قَالَ: كَانُوا يَمرونَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي شامخين ألم تَرَ إِلَى الْبَعِير كَيفَ يخْطر شامخاً وَأخرج الطستي فِي مسَائِله وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {سامدون} قَالَ: السمود اللَّهْو وَالْبَاطِل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول هزيلة بنت بكر وَهِي تبْكي قوم عَاد: لَيْت عاداً قبلوا الْحق وَلم يبدوا حجوداً قيل قُم فَانْظُر إِلَيْهِم ثمَّ دع عَنْك السمودا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {سامدون} قَالَ: غضاب مبرطمون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانُوا

يكْرهُونَ أَن يقوم الْقَوْم ينتظرون الإِمام وَكَانَ يُقَال ذَاك من السمود أَو هُوَ السمود وَقَالَ مَنْصُور: حِين يقوم الْمُؤَذّن فَيقومُونَ ينتظرون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طَرِيق سعيد بن أبي عرُوبَة عَن أبي معشر عَن النَّخعِيّ أَنه كَانَ يكره أَن يقوم إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة حَتَّى يَجِيء الإِمام وَيقْرَأ هَذِه الْآيَة {وَأَنْتُم سامدون} قَالَ سعيد: وَكَانَ قَتَادَة يكره أَن يقوم حَتَّى يَجِيء الإِمام وَلَا يُفَسر هَذِه الْآيَة على ذَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي خَالِد الْوَالِبِي قَالَ: خرج عَليّ بن أبي طَالب علينا وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة وَنحن قيام ننتظره لِيَتَقَدَّم فَقَالَ: مَا لكم سامدون لَا أَنْتُم فِي صَلَاة وَلَا أَنْتُم جُلُوس منتظرون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فاسجدوا لله واعبدوا} قَالَ: أعنتوا هَذِه الْوُجُوه لله وعفروها فِي طَاعَة الله وَأخرج البُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سجد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النَّجْم وَسجد مَعَه الْمُسلمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنّ والإِنس وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مردوية عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة قَالَ: قَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة {والنجم} فَسجدَ وَسجد من مَعَه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن سُبْرَة قَالَ: صلى بِنَا عمر بن الْخطاب الْفجْر فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى سُورَة يُوسُف ثمَّ قَرَأَ فِي الثَّانِيَة النَّجْم فَسجدَ ثمَّ قَامَ فَقَرَأَ إِذا زلزلت ثمَّ ركع

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (54) سُورَة الْقَمَر مَكِّيَّة وآياتها خمس وَخَمْسُونَ مُقَدّمَة السُّورَة أخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْقَمَر بِمَكَّة وَأخرج ابْن الضريس وَابْن مردوية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة {اقْتَرَبت السَّاعَة} وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قارىء اقْتَرَبت تدعى فِي التَّوْرَاة المبيضة تبيض وَجه صَاحبهَا يَوْم تبيضّ الْوُجُوه قَالَ الْبَيْهَقِيّ: مُنكر وَأخرج الديلمي عَن عَائِشَة مَرْفُوعا من قَرَأَ (بالم تَنْزِيل) و (يس) و {اقْتَرَبت السَّاعَة} و {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} كن لَهُ نورا وحرزاً من الشَّيْطَان والشرك وَرفع لَهُ فِي الدَّرَجَات يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن الضريس عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة رَفعه من قَرَأَ {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} فِي كل لَيْلَتَيْنِ بَعثه الله يَوْم الْقِيَامَة وَوَجهه كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر وَأخرج ابْن الضريس عَن لَيْث عَن معن عَن شيخ من هَمدَان رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ {اقْتَرَبت السَّاعَة} غبا لَيْلَة وَلَيْلَة حَتَّى يَمُوت لَقِي الله تَعَالَى وَوَجهه كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر

وَأخرج أَحْمد عَن بُرَيْدَة أَن معَاذًا بن جبل صلى بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْعشَاء فَقَرَأَ فِيهَا {اقْتَرَبت السَّاعَة} فَقَامَ رجل من قبل أَن يفرغ فصلى وَذهب فَقَالَ لَهُ معَاذ قولا شَدِيدا فَأتى الرجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاعْتَذر إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي كنت أعمل فِي نخل وَخفت على المَاء فَقَالَ رَسُول الله صلي الله عَلَيْهِ وَسلم: صلي بالشمس وَضُحَاهَا وَنَحْوهَا من السُّور الْآيَات 1 - 3

القمر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس قَالَ: سَأَلَ أهل مَكَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيَة فانشق الْقَمَر بِمَكَّة فرْقَتَيْن فَنزلت {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} إِلَى قَوْله {سحر مُسْتَمر} أَي ذَاهِب وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير عَن أنس أَن أهل مَكَّة سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُرِيهم آيَة فَأَرَاهُم الْقَمَر شقتين حَتَّى رَأَوْا حراء بَينهمَا وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق مُجَاهِد عَن أبي معمر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: رَأَيْت الْقَمَر منشقّاً شقتين بِمَكَّة قبل أَن يخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شقة على أبي قبيس وشقة على السويداء فَقَالُوا: سحر الْقَمَر فَنزلت {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} قَالَ مُجَاهِد: يَقُول كَمَا رَأَيْتُمْ الْقَمَر منشقاً فَإِن الَّذِي أخْبركُم عَن {اقْتَرَبت السَّاعَة} حق وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي معمر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرْقَتَيْن فرقة فَوق الْجَبَل وَفرْقَة دونه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اشْهَدُوا وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْأسود عَن عبد الله قَالَ: رَأَيْت الْقَمَر على الْجَبَل وَقد انْشَقَّ فَأَبْصَرت الْجَبَل من بَين فرجتي الْقَمَر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل من طَرِيق مَسْرُوق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَر على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت قُرَيْش: هَذَا سحر ابْن أبي كَبْشَة فَقَالُوا: انتظروا مَا يأتيكم بِهِ السفار فَإِن مُحَمَّدًا لَا يَسْتَطِيع أَن يسحر النَّاس كلهم فجَاء السفار فَسَأَلُوهُمْ فَقَالُوا: نعم قد رَأَيْنَاهُ فَأنْزل الله {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر}

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَر فِي زمَان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمنى فانشق الْقَمَر حَتَّى صَار فرْقَتَيْن فتوارت فرقة خلف الْجَبَل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اشْهَدُوا وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عمر فِي قَوْله {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} قَالَ: كَانَ ذَلِك على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْشَقَّ فرْقَتَيْن فرقة من دون الْجَبَل وَفرْقَة خَلفه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ اشْهَدْ وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جُبَير بن مطعم فِي قَوْله {وَانْشَقَّ الْقَمَر} قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَر وَنحن بِمَكَّة على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى صَار فرْقَتَيْن فرقة على هَذَا الْجَبَل وَفرْقَة على هَذَا الْجَبَل فَقَالَ النَّاس: سحرنَا مُحَمَّد فَقَالَ رجل: إِن كَانَ سحركم فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيع أَن يسحر النَّاس كلهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} قَالَ: قد مضى ذَلِك قبل الْهِجْرَة انْشَقَّ الْقَمَر حَتَّى رَأَوْا شقيه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كسف الْقَمَر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: سحر الْقَمَر فَنزلت {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} إِلَى قَوْله {مُسْتَمر} وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق عَطاء وَالضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} قَالَ: اجْتمع الْمُشْركُونَ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأَبُو جهل بن هِشَام والعاصي بن وَائِل والعاصي بن هِشَام وَالْأسود بن عبد يَغُوث وَالْأسود بن الْمطلب وَزَمعَة بن الْأسود وَالنضْر بن الْحَرْث فَقَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن كنت صَادِقا فشق لنا الْقَمَر فرْقَتَيْن نصفا على أبي قبيس وَنصفا على قعيقعان فَقَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فعلت تؤمنوا قَالُوا: نعم وَكَانَت لَيْلَة بدر فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه أَن يُعْطِيهِ مَا سَأَلُوا فأمسى الْقَمَر قد مثل نصفا على أبي

قبيس وَنصفا على قعيقعان وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُنَادي يَا أَبَا سَلمَة بن عبد الْأسد والأرقم بن أبي الأرقم اشْهَدُوا وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: انْتهى أهل مَكَّة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: هَل من آيَة نَعْرِف بهَا أَنَّك رَسُول الله فهبط جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد قل: يَا أهل مَكَّة إِن تختلفوا هَذِه اللَّيْلَة فسترون آيَة فَأخْبرهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمقالة جِبْرِيل فَخَرجُوا لَيْلَة أَربع عشرَة فانشق الْقَمَر نِصْفَيْنِ نصفا على الصَّفَا وَنصفا على الْمَرْوَة فنظروا ثمَّ مالوا بِأَبْصَارِهِمْ فمسحوها ثمَّ أعادوا النّظر فنظروا ثمَّ مسحوا أَعينهم ثمَّ نظرُوا فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد مَا هَذَا إِلَّا سحر ذَاهِب فَأنْزل الله {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَت أَحْبَار الْيَهُود إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: أرنا آيَة حَتَّى نؤمن فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ربه أَن يرِيه آيَة فَأَرَاهُم الْقَمَر قد انْشَقَّ فَصَارَ قمرين أَحدهمَا على الصَّفَا وَالْآخر على الْمَرْوَة قدر مَا بَين الْعَصْر إِلَى اللَّيْل ينظرُونَ إِلَيْهِ ثمَّ غَابَ الْقَمَر فَقَالُوا: هَذَا {سحر مُسْتَمر} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: خَطَبنَا حُذَيْفَة بن الْيَمَان بِالْمَدَائِنِ فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} أَلا وَإِن السَّاعَة قد اقْتَرَبت أَلا وَإِن الْقَمَر قد انْشَقَّ على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا وَإِن الدُّنْيَا قد آذَنت بِفِرَاق أَلا وَإِن الْيَوْم الضمار وَغدا السباق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حُذَيْفَة أَنه قَرَأَ [اقْتَرَبت السَّاعَة وَقد انْشَقَّ الْقَمَر] وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَ انْشِقَاق الْقَمَر وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة قبل أَن يُهَاجر فَقَالُوا: هَذَا سحر أَسحر السَّحَرَة فاقلعوا كَمَا فعل الْمُشْركُونَ إِذا كسف الْقَمَر ضربوا بطساسهم وَعَما اصفر أَحْبَارهم وَقَالُوا: هَذَا فعل السحر وَذَلِكَ قَوْله {وَإِن يرَوا آيَة يعرضُوا ويقولوا سحر مُسْتَمر} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ثَلَاث ذكرهن الله فِي الْقُرْآن قد مضين {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} قد انْشَقَّ الْقَمَر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شقتين

حَتَّى رَآهُ النَّاس (سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر) (سُورَة الْقَمَر 45) وَقد (فتحنا عَلَيْهِم بَابا ذَا عَذَاب شَدِيد) (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ 77) وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} قَالَ: رَأَوْهُ منشقاً فَقَالُوا: هَذَا سحر ذَاهِب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وكل أَمر مُسْتَقر} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وكل أَمر مُسْتَقر} قَالَ: بأَهْله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وكل أَمر مُسْتَقر} قَالَ: مُسْتَقر بِأَهْل الْخَيْر الْخَيْر وبأهل الشَّرّ الشَّرّ الْآيَات 4 - 8

4

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَلَقَد جَاءَهُم من الأنباء مَا فِيهِ مزدجر} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن مزدجر قَالَ: مُنْتَهى وَأخرج عبد بن حميد عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه خطب بِالْمَدِينَةِ فَتلا هَذِه الْآيَة {وَلَقَد جَاءَهُم من الأنباء مَا فِيهِ مزدجر} قَالَ: أحل فِيهِ الْحَلَال وَحرم فِيهِ الْحَرَام وأنبأكم فِيهِ مَا تأتون وَمَا تدعون لم يدعكم فِي لبس من دينكُمْ كَرَامَة أكْرمكُم بهَا ونعمة أتم بهَا عَلَيْكُم قَوْله تَعَالَى: {خشعاً أَبْصَارهم} أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ [خَاشِعًا أَبْصَارهم] بِالْألف وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {خُشَّعاً أَبْصَارهم} بِرَفْع الْخَاء

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة [خَاشِعًا أَبْصَارهم] أَي ذليلة أَبْصَارهم وَالله أعلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مهطعين إِلَى الداع} قَالَ: ناظرين وَأخرج الطسي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {مهطعين} قَالَ: مذعنين خاضعين قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول تبع: تعبدني نمر بن سعد وَقد درى ونمر بن سعد لي مَدين ومهطع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {مهطعين إِلَى الداع} قَالَ: عَامِدين إِلَى الدَّاعِي وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله {مهطعين إِلَى الداع} قَالَ: منطلقين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن تَمِيم بن حدلم فِي قَوْله {مهطعين} قَالَ: الإِهطاع التجميح وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {مهطعين إِلَى الداع} قَالَ: هُوَ النسلان وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {مهطعين إِلَى الداع} قَالَ: صائخي أذانهم إِلَى الصَّوْت الْآيَات 9 - 17

9

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَقَالُوا مَجْنُون وازدجر} قَالَ: استطير جنوناً وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {وازدجر} قَالَ: تهددوه بِالْقَتْلِ وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الطُّفَيْل أَن ابْن الْكواء سَأَلَ عليا عَن المجرة فَقَالَ: هِيَ شرخ السَّمَاء وَمِنْهَا فتحت أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاء منهمر ثمَّ قَرَأَ {ففتحنا أَبْوَاب السَّمَاء} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ففتحنا أَبْوَاب السَّمَاء بِمَاء منهمر} قَالَ: كثير لم تمطر السَّمَاء قبل ذَلِك الْيَوْم وَلَا بعده إِلَّا من السَّحَاب وَفتحت أَبْوَاب السَّمَاء بِالْمَاءِ من غير سَحَاب ذَلِك الْيَوْم فَالتقى الماءان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {فَالتقى المَاء} قَالَ: مَاء السَّمَاء وَمَاء الأَرْض {على أَمر قد قدر} قَالَ: كَانَت الأقوات قبل الأجساد وَكَانَ الْقدر قبل الْبلَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله {قد قدر} قَالَ: صَاح بِصَاع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وحملناه على ذَات أَلْوَاح ودُسر} قَالَ: اللواح أَلْوَاح السَّفِينَة والدسر معاريضها الَّتِي تشد بهَا السَّفِينَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: الألواح الصفائح والدسر الْعَوَارِض وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وحملناه على ذَات أَلْوَاح} قَالَ: معاريض السَّفِينَة {ودسر} قَالَ: دسرت بمسامير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {ودسر} قَالَ: المسامير وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: حَدثنَا أَن دسرها مساميرها الَّتِي شدت بهَا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله {ودسر} قَالَ: الدسر الَّتِي تحرز بهَا السَّفِينَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: سفينة نوتي قد احكم صنعها مثخنة الألواح منسوجة الدسر

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الدسر كلكل السَّفِينَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: الدسر صدرها الَّذِي يضْرب بِهِ الموج وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن نَحوه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {جَزَاء لمن كَانَ كفر} قَالَ: جَزَاء الله هُوَ الَّذِي كفر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَلَقَد تركناها آيَة} قَالَ: أبقى الله سفينة نوح على الجودي حَتَّى أدْركهَا أَوَائِل هَذِه الْأمة وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد {وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر} قَالَ: هوّنا قِرَاءَته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر} قَالَ: لَوْلَا أَن الله يسره على لِسَان الْآدَمِيّين مَا اسْتَطَاعَ أحد من الْخلق أَن يتَكَلَّم بِكَلَام الله وَأخرج الديلمي عَن أنس مَرْفُوعا مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين أَنه مر بِرَجُل يَقُول سُورَة خَفِيفَة قَالَ لَا تقل سُورَة خَفِيفَة وَلَكِن قل سُورَة ميسرَة لِأَن الله يَقُول {وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فَهَل من مدكر} قَالَ: هَل من متذكر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله {فَهَل من مدكر} قَالَ: هَل من منزجر عَن الْمعاصِي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فَهَل من مدكر} قَالَ: هَل من طَالب خير يعان عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مطر الْوراق فِي قَوْله {وَلَقَد يسرنَا الْقُرْآن للذّكر فَهَل من مدكر} قَالَ: هَل من طَالب علم فيعان عَلَيْهِ وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَرَأت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم [فَهَل من مُذَكّر] بِالذَّالِ فَقَالَ {فَهَل من مدكر} بِالدَّال

الْآيَات 18 - 22

18

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّا أرسلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا} قَالَ: بَارِدَة {فِي يَوْم نحس} قَالَ: أَيَّام شَدَّاد وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {صَرْصَرًا} قَالَ: شَدِيدَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {ريحًا صَرْصَرًا} قَالَ الْبَارِدَة {فِي يَوْم نحس} قَالَ: فِي يَوْم مشؤوم على الْقَوْم مُسْتَمر اسْتمرّ عَلَيْهِم شَره وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل {فِي يَوْم نحس} قَالَ: النحس الْبلَاء والشدة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت زُهَيْر بن أبي سلمى وَهُوَ يَقُول: سَوَاء عَلَيْهِ أَي يَوْم أَتَيْته أساعة نحس تتقي أم بِأَسْعَد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زر بن حُبَيْش {فِي يَوْم نحس مُسْتَمر} قَالَ: يَوْم الْأَرْبَعَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ لي جِبْرِيل: اقْضِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد وَقَالَ: يَوْم الْأَرْبَعَاء {يَوْم نحس مُسْتَمر} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عليّ قَالَ: نزل جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد والحجامة وَيَوْم الْأَرْبَعَاء يَوْم نحس مُسْتَمر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَوْم نحس يَوْم الْأَرْبَعَاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْأَيَّام وَسُئِلَ عَن يَوْم الْأَرْبَعَاء قَالَ: يَوْم نحس قَالُوا: وَكَيف ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: أغرق فِيهِ الله فِرْعَوْن وَقَومه وَأهْلك عاداً وَثَمُود

وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب بِسَنَد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آخر أربعاء فِي الشَّهْر يَوْم نحس مُسْتَمر وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: لما أَقبلت الرّيح قَامَ إِلَيْهَا عَاد فَأخذ بَعضهم بأيدي بعض وغمزوا أَقْدَامهم فِي الأَرْض وَقَالُوا: من يزِيل أقدامنا عَن الأَرْض إِن كَانَ صَادِقا فَأرْسل الله عَلَيْهِم الرّيح تنْزع النَّاس {كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل منقعر} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: إِن كَانَ الرجل من عَاد ليتَّخذ المصراعين من حِجَارَة لَو اجْتمع عَلَيْهِ خَمْسمِائَة من هَذِه الْأمة لم يستطيعوا أَن يحملوه فَكَانَ الرجل يغمز قدمه فِي الأَرْض فَتدخل فِيهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل} قَالَ: أصُول نخل {منقعر} قَالَ: مُنْقَطع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {أعجاز نخل منقعر} قَالَ: أعجاز سود النّخل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل منقعر} قَالَ: وَقعت رؤوسهم كأمثال الأخشبة وتقوّرت أَعْنَاقهم فشبهها بأعجاز نخل منقعر الْآيَات 23 - 43

23

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّا إِذا لفي ضلال وسعر} قَالَ: شقاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {إِنَّا إِذا لفي ضلال وسعر} قَالَ: فِي ضلال وعناء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وسعر} قَالَ: ضلال وَفِي قَوْله {كل شرب محتضر} قَالَ: يحْضرُون المَاء إِذا غَابَتْ النَّاقة وَإِذا جَاءَت حَضَرُوا اللَّبن وَفِي قَوْله {فتعاطى} قَالَ: تنَاول وَفِي قَوْله {كهشيم المحتظر} قَالَ: الرجل هشم الحنتمة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فتعاطى فعقر} قَالَ: تنَاول أُحَيْمِر ثَمُود النَّاقة فعقرها وَفِي قَوْله {كهشيم المحتظر} قَالَ: كرماد محترق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فتعاطى} قَالَ: تنَاول وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كهشيم المحتظر} قَالَ: كالعظام الْمُحْتَرِقَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {كهشيم المحتظر} قَالَ: كالحشيش تَأْكُله الْغنم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {كهشيم المحتظر} قَالَ: هُوَ الْحَشِيش قد حظرته فأكلته يَابسا فَذهب

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {كهشيم المحتظر} قَالَ: التُّرَاب الَّذِي يسْقط من الْحَائِط قَوْله تَعَالَى: {كذبت قوم لوط} الْآيَات أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فتماروا بِالنذرِ} قَالَ: لم يصدقُوا بهَا وَفِي قَوْله {فطمسنا أَعينهم} قَالَ: ذكر لنا أَن جِبْرِيل اسْتَأْذن ربه فِي عقوبتهم لَيْلَة أَتَوا لوطاً وَأَنَّهُمْ عاجلوا الْبَاب ليدخلوا عَلَيْهِم فصعقهم بجناحه فتركهم عمياناً يَتَرَدَّدُونَ وَفِي قَوْله {وَلَقَد صبحهمْ بكرَة عَذَاب مُسْتَقر} قَالَ: اسْتَقر بهم فِي نَار جَهَنَّم وَفِي قَوْله {فأخذناهم أَخذ عَزِيز مقتدر} قَالَ: عَزِيز فِي نقمته إِذا انتقم لَا يخَاف أَن يسْبق وَفِي قَوْله {أكفاركم خير من أولئكم} يَقُول: أكفاركم خير مِمَّن قد مضى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلَقَد صبحهمْ بكرَة عَذَاب مُسْتَقر} قَالَ: عَذَاب فِي الدُّنْيَا اسْتَقر بهم فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أكفاركم خير من أولئكم} يَقُول: لَيْسَ كفاركم خيرا من قوم نوح وَقوم لوط وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ {أكفاركم خير من أولئكم} قَالَ: أكفاركم أيتها الْأمة خير مِمَّا ذكر من الْقُرُون الأولى الَّذين أهلكتهم وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {أكفاركم خير من أولئكم} يَقُول: أكفاركم خير من أولئكم الَّذين مضوا {أم لكم بَرَاءَة فِي الزبر} يَعْنِي فِي الْكتب الْآيَات 44 - 46

44

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} قَالَ: كَانَ ذَلِك يَوْم بدر قَالُوا {نَحن جَمِيع منتصر} فَنزلت هَذِه الْآيَة

وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَهُوَ فِي قبَّة لَهُ يَوْم بدر: أنْشدك عَهْدك وَوَعدك اللَّهُمَّ إِن شِئْت لم تعبد بعد الْيَوْم أبدا فَأخذ أَبُو بكر بِيَدِهِ فَقَالَ: حَسبك يَا رَسُول الله ألححت على رَبك فَخرج وَهُوَ يثب فِي الدرْع وَهُوَ يَقُول: {سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر بل السَّاعَة موعدهم والساعة أدهى وَأمر} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يثب فِي الدرْع يَوْم بدر وَيَقُول هزم الْجمع وولوا الدبر وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: نزل على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا بِمَكَّة وَإِنِّي لجارية أَلعَب {بل السَّاعَة موعدهم والساعة أدهى وَأمر} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل الله على نبيه بِمَكَّة قبل يَوْم بدر {سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: قلت: يَا رَسُول الله أَي جمع سَيهْزمُ فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر وانهزمت قُرَيْش نظرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آثَارهم مُصْلِتًا بِالسَّيْفِ وَهُوَ يَقُول {سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} وَكَانَت ليَوْم بدر فَأنْزل الله فيهم (حَتَّى إِذا أَخذنَا مترفيهم بِالْعَذَابِ) (الْمُؤْمِنُونَ 64) الْآيَة وَأنزل الله (ألم تَرَ إِلَى الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا) (إِبْرَاهِيم 28) الْآيَة وَرَمَاهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوسعتهم الرَّمية وملأت أَعينهم وأفواههم حَتَّى إِن الرجل ليقْتل وَهُوَ يقذي عَيْنَيْهِ فَأنْزل الله (وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى) (الْأَنْفَال 17) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: جعلت أَقُول: أَي جمع سَيهْزمُ حَتَّى كَانَ يَوْم بدر رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يثب فِي الدرْع وَهُوَ يَقُول {سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} فَعرفت تَأْوِيلهَا يَوْمئِذٍ

وَأخرجه ابْن جرير وَمن وَجه آخر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَوْصُولا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ {سَيهْزمُ الْجمع وَيُوَلُّونَ الدبر} قَالَ: يَوْم بدر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْم بدر: هزموا وولوا الدبر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {والساعة أدهى وَأمر} قَالَ: ذكر الله قوم نوح وَمَا أَصَابَهُم من الْعَذَاب وَذكر عاداً وَمَا أَصَابَهُم من الرّيح وَذكر ثَمُود وَمَا أَصَابَهُم من الصَّيْحَة وَذكر قوم لوط وَمَا أَصَابَهُم من الْحِجَارَة وَذكر آل فِرْعَوْن وَمَا أَصَابَهُم من الْغَرق فَقَالَ: {أكفاركم خير من أولئكم أم لكم بَرَاءَة فِي الزبر} إِلَى قَوْله {والساعة أدهى وَأمر} يَعْنِي أدهى مِمَّا أصَاب أُولَئِكَ وأمرّ وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَادرُوا بِالْأَعْمَالِ سبعا مَا ينْتَظر أحدكُم إِلَّا غنى مطغياً أَو فقرا منسياً أَو مَرضا مُفْسِدا أَو هرماً مفنداً أَو موتا مجهزاً أَو الدَّجَّال والدجال شَرّ غَائِب ينْتَظر أَو السَّاعَة {والساعة أدهى وَأمر} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن معقل رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله جعل عُقُوبَة هَذِه الْأمة السَّيْف وَجعل موعدهم السَّاعَة {والساعة أدهى وَأمر} الْآيَات 47 - 53

47

أخرج أَحْمد وَمُسلم وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ مشركو قُرَيْش إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

يخاصمونه فِي الْقدر فَنزلت {يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم ذوقوا مس سقر إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر بِسَنَد جيد من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: مَا أنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الْمُجْرمين فِي ضلال وسعر يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم ذوقوا مس سقر إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} إِلَّا فِي أهل الْقدر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن شاهين وَابْن مَنْدَه والباوردي فِي الصَّحَابَة والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص وَابْن عَسَاكِر عَن زُرَارَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {ذوقوا مس سقر إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} قَالَ: فِي أنَاس من أمتِي فِي آخر الزَّمَان يكذبُون بِقدر الله وَأخرج ابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن هَذِه الْآيَة نزلت فِي الْقَدَرِيَّة {إِن الْمُجْرمين فِي ضلال وسعر} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ وَكَانَت أمه لبَابَة بنت عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَت: كنت أَزور جدي ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي كل يَوْم جُمُعَة قبل أَن يكف بَصَره فَسَمعته يقْرَأ فِي الْمُصحف فَلَمَّا أَتَى على هَذِه الْآيَة {إِن الْمُجْرمين فِي ضلال وسعر يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم} قَالَ: يَا بنية مَا أعرف أَصْحَاب هَذِه الْآيَة مَا كَانُوا بعد وليكونن وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قيل لَهُ: قد تكلم فِي الْقدر فَقَالَ: أَو فَعَلُوهَا وَالله مَا نزلت هَذِه الْآيَة إِلَّا فيهم {ذوقوا مسَّ سقر إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} أُولَئِكَ شرار هَذِه الْأمة لَا تعودوا مرضاهم وَلَا تصلوا على موتاهم إِن أريتني وَاحِدًا مِنْهُم فقأت عَيْنَيْهِ بأصبعي هَاتين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْقَدَرِيَّة {يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم ذوقوا مس سقر إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر}

قَالَ: خلق الله الْخلق كلهم بِقدر وَخلق لَهُم الْخَيْر وَالشَّر بِقدر وَأخرج مُسلم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل شَيْء بِقَضَاء وَقدر حَتَّى الْعَجز والكيس وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل شَيْء بِقَضَاء وَقدر حَتَّى وضعك يدك على خدك وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لكل أمة مجوس ومجوس أمتِي الَّذين يَقُولُونَ لَا قدر إِن مرضوا فَلَا تعودهم وَإِن مَاتُوا فَلَا تشهدوهم وَأخرج ابْن شاهين فِي السّنة عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: طلبت هَذَا الْقدر فِيمَا أنزل الله على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَجَدته فِي {اقْتَرَبت السَّاعَة} {وكل شَيْء فَعَلُوهُ فِي الزبر} {وكل صَغِير وكبير مستطر} وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي جَامعه عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: إِنَّمَا نزلت هَذِه {يَوْم يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم ذوقوا مس سقر إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} تعييرا لأهل الْقدر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وكل شَيْء فَعَلُوهُ فِي الزبر} قَالَ: فِي الْكتاب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وكل صَغِير وكبير مستطر} قَالَ: مسطور فِي الْكتاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وكل صَغِير وكبير مستطر} قَالَ: مَحْفُوظ مَكْتُوب وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وكل صَغِير وكبير مستطر} قَالَ: مَكْتُوب وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة {مستطر} مَكْتُوب فِي سطر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {وَلَقَد أهلكنا أشياعكم} قَالَ: أشياعهم من أهل الْكفْر من الْأُمَم السالفة {فَهَل من مدكر} يَقُول: هَل من أحد يتَذَكَّر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا طنَّ ذُبَاب إِلَّا بِقدر ثمَّ قَرَأَ {وَمَا أمرنَا إِلَّا وَاحِدَة كلمح بالبصر}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر قَالَ: المكذبون بِالْقدرِ مجرمو هَذِه الْأمة وَفِيهِمْ أنزلت هَذِه الْآيَة {إِن الْمُجْرمين فِي ضلال وسعر} إِلَى قَوْله {إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} قَالَ: يَقُول خلق كل شَيْء فقدره فَقدر الدرْع للْمَرْأَة والقميص للرجل والقتب للبعير والسرج للْفرس وَنَحْو هَذَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ العاقب وَالسَّيِّد وَكَانَا رَأْسِي النَّصَارَى بِنَجْرَان فتكلما بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَلَام شَدِيد فِي الْقدر وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاكِت مَا يجيبهما بِشَيْء حَتَّى انصرفا فَأنْزل الله {أكفاركم خير من أولئكم} الَّذين كفرُوا وكذبوا بِاللَّه قبلكُمْ {أم لكم بَرَاءَة فِي الزبر} فِي الْكتاب الأول إِلَى قَوْله {وَلَقَد أهلكنا أشياعكم} الَّذين كفرُوا وكذبوا بِالْقدرِ قبلكُمْ {وكل شَيْء فَعَلُوهُ فِي الزبر} فِي أم الْكتاب {وكل صَغِير وكبير مستطر} يَعْنِي مَكْتُوب إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: كنت أَقرَأ هَذِه الْآيَة فَمَا أَدْرِي من عني بهَا حَتَّى سَقَطت عَلَيْهَا {إِن الْمُجْرمين فِي ضلال وسعر} إِلَى قَوْله {كلمح بالبصر} فَإِذا هم المكذبون بِالْقدرِ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل التَّكْذِيب إِلَى آخر الْآيَة قَالَ مُجَاهِد: قلت لِابْنِ عَبَّاس: مَا تَقول فِيمَن يكذب بِالْقدرِ قَالَ: اجْمَعْ بيني وَبَينه قلت: مَا تصنع بِهِ قَالَ: أخنقه حَتَّى أَقتلهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صنفان من أمتِي لَيْسَ لَهما فِي الإِسلام نصيب المرجئة والقدرية أنزلت فيهم آيَة من كتاب الله {إِن الْمُجْرمين فِي ضلال وسعر} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنِّي لأجد فِي كتاب الله قوما يسْحَبُونَ فِي النَّار على وُجُوههم يُقَال لَهُم {ذوقوا مسَّ سقر} لأَنهم كَانُوا يكذبُون بِالْقدرِ وَإِنِّي لَا أَرَاهُم فَلَا أَدْرِي أَشَيْء كَانَ قبلنَا أم شَيْء فِيمَا بَقِي وَأخرج ابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: مَا نزلت هَذِه الْآيَة إِلَّا تعييراً لأهل الْقدر {ذوقوا مس سقر إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لكل أمة

مجوساً وَإِن مجوس هَذِه الْأمة الَّذين يَقُولُونَ لَا قدر فَمن مرض فَلَا تعوده وَإِن مَاتَ فَلَا تشهدوه وهم من شيعَة الدَّجَّال حق على الله أَن يلحقهم بِهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت بأذني هَاتين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم قيل: اكْتُبْ لَا بُد قَالَ: وَمَا لَا بُد قَالَ: الْقدر قَالَ: وَمَا الْقدر قَالَ: تعلم أَن مَا أَصَابَك لم يكن ليخطئك وَمَا أخطأك لم يكن ليصيبك إِن مت على غير ذَلِك دخلت النَّار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أَمر الله منادياً يُنَادي أَيْن خصماء الله فَيقومُونَ مسودة وُجُوههم مزرقة عيونهم مائلاً شفاههم يسيل لعابهم يقذرهم من رَآهُمْ فَيَقُولُونَ: وَالله يَا رَبنَا مَا عَبدنَا من دُونك شمساً وَلَا قمراً وَلَا حجرا وَلَا وثناً قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: لقد أَتَاهُم الشّرك من حَيْثُ لَا يعلمُونَ ثمَّ تَلا ابْن عَبَّاس (يَوْم يَبْعَثهُم الله جَمِيعًا فَيحلفُونَ لَهُ كَمَا يحلفُونَ لكم وَيَحْسبُونَ أَنهم على شَيْء أَلا إِنَّهُم هم الْكَاذِبُونَ) (المجادلة 18) هم وَالله القدريون ثَلَاث مَرَّات وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لِابْنِ عَبَّاس أَن قوما يَقُولُونَ فِي الْقدر فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: إِنَّهُم يكذبُون بِكِتَاب الله فلآخذن بِشعر أحدهم فَلأَنصينَّهُ ان الله كَانَ على عَرْشه قبل أَن يخلق شَيْئا وَأول شَيْء خلق الْقَلَم وَأمره أَن يكْتب مَا هُوَ كَائِن فَإِنَّمَا يجْرِي النَّاس على أَمر قد فرغ مِنْهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي يحيى الْأَعْرَج قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَذكر الْقَدَرِيَّة فَقَالَ: لَو أدْركْت بَعضهم لفَعَلت بِهِ كَذَا وَكَذَا ثمَّ قَالَ: الزِّنَا بِقدر وَالسَّرِقَة بِقدر وَشرب الْخمر بِقدر وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر} قَالَ رجل: يَا رَسُول الله فَفِيمَ الْعَمَل أَفِي شَيْء نستأنفه أم فِي شَيْء قد فرغ مِنْهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اعْمَلُوا فَكل ميسر سنيسره لليسرى وسنيسره للعسرى

الْآيَات 54 - 55

54

أخرج ابْن مرْدَوَيْه بسندٍ واهٍ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: النَّهر الفضاء وَالسعَة لَيْسَ بنهر جَار وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {فِي جنَّات ونهر} قَالَ: النَّهر السعَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة وَهُوَ يَقُول: ملكت بهَا فأنهرت فتقها يرى قَائِم من دونهَا مَا وَرَاءَهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن شريك فِي قَوْله {فِي جنَّات ونهر} قَالَ: جنَّات وعيون وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي بكر بن عَيَّاش رَضِي الله عَنهُ أَن عَاصِمًا قَرَأَ {فِي جنَّات ونهر} مُثَلّثَة منتصبة النُّون قَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: وَكَانَ زُهَيْر الْقرشِي يقْرَأ {ونهر} يُرِيد جمَاعَة النَّهر وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن بُرَيْدَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {فِي جنَّات ونهر فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتدر} قَالَ: إِن أهل الْجنَّة يدْخلُونَ على الْجَبَّار كل يَوْم مرَّتَيْنِ فَيقْرَأ عَلَيْهِم الْقُرْآن وَقد جلس كل امرىء مِنْهُم مجْلِس الَّذِي هُوَ مَجْلِسه على مَنَابِر الدّرّ والياقوت والزبرجد وَالذَّهَب وَالْفِضَّة بِالْأَعْمَالِ فَلَا تقر أَعينهم قطّ كَمَا تقر بذلك وَلم يسمعوا شَيْئا أعظم مِنْهُ وَلَا أحسن مِنْهُ ثمَّ يَنْصَرِفُونَ إِلَى رحالهم قريرة أَعينهم ناعمين إِلَى مثلهَا من الْغَد وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {إِن الْمُتَّقِينَ فِي جنَّات ونهر} قَالَ: فِي نور وضياء وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ثَوْر بن يزِيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن الْمَلَائِكَة يأْتونَ الْمُؤمنِينَ يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُولُونَ: يَا أَوْلِيَاء الله انْطَلقُوا فَيَقُولُونَ: إِلَى أَيْن فَيَقُولُونَ: إِلَى الْجنَّة فَيَقُولُونَ: إِنَّكُم تذهبون بِنَا إِلَى غير بغيتنا فَيُقَال لَهُم: وَمَا بغيتكم فَيَقُولُونَ: المقعد مَعَ الحبيب وَهُوَ قَوْله {إِن الْمُتَّقِينَ فِي جنَّات ونهر فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتدر}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: دخلت الْمَسْجِد وَأَنا أرى أَنِّي قد أَصبَحت فَإِذا عليَّ ليل طَوِيل وَإِذا لَيْسَ فِيهِ أحد غَيْرِي فَقُمْت فَسمِعت حَرَكَة خَلْفي فَفَزِعت فَقَالَ: أَيهَا الممتلىء قلبه فرقا لَا تفرق أَو لَا تفزع وَقل: اللَّهُمَّ إِنَّك مليك مقتدر مَا تشَاء من أَمر يكون ثمَّ سل مَا بدا لَك قَالَ سعيد: فَمَا سَأَلت الله شَيْئا إِلَّا اسْتَجَابَ لي وَأخرج أَبُو نعيم عَن جَابر قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فِي مَسْجِد الْمَدِينَة فَذكر بعض أَصْحَابه الْجنَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا دُجَانَة أما علمت أَن من أحبنا وابتلي بمحبتنا أسْكنهُ الله تَعَالَى مَعنا ثمَّ تَلا {فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتدر}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (55) سُورَة الرَّحْمَن مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَان وَسَبْعُونَ مُقَدّمَة السُّورَة أخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الرَّحْمَن بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل بِمَكَّة سُورَة الرَّحْمَن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: نزلت سُورَة الرَّحْمَن بِمَكَّة وَأخرج ابْن الضريس وَابْن مردوية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الرَّحْمَن بِالْمَدِينَةِ الْآيَات 1 - 13

الرحمن

أخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الرَّحْمَن بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل بِمَكَّة سُورَة الرَّحْمَن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: نزلت سُورَة الرَّحْمَن بِمَكَّة وَأخرج ابْن الضريس وَابْن مردوية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الرَّحْمَن بِالْمَدِينَةِ وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ وَهُوَ يُصَلِّي نَحْو الرُّكْن قبل أَن يصدع بِمَا يُؤمر وَالْمُشْرِكُونَ يسمعُونَ {فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ}

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَصْحَابه فَقَرَأَ عَلَيْهِم سُورَة الرَّحْمَن من أَولهَا إِلَى آخرهَا فَسَكَتُوا فَقَالَ: مَا لي أَرَاكُم سكُوتًا لقد قرأتها على الْجِنّ لَيْلَة الْجِنّ فَكَانُوا أحسن مردوداً مِنْكُم كنت كلما أتيت على قَوْله {فبأيّ آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} قَالُوا: وَلَا بِشَيْء من نعمك رَبنَا نكذب فلك الْحَمد وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تَارِيخه بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ سُورَة الرَّحْمَن على أَصْحَابه فَسَكَتُوا فَقَالَ: مَا لي أسمع الْجِنّ أحسن جَوَابا لِرَبِّهَا مِنْكُم مَا أتيت على قَوْله الله {فبأيّ آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} الا قَالُوا: لَا شَيْء من آلَائِكَ رَبنَا نكذب فلك الْحَمد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لكل شَيْء عروس وعروس الْقُرْآن الرَّحْمَن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قارىء الْحَدِيد و {إِذا وَقعت الْوَاقِعَة} والرحمن يدعى فِي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض سَاكن الفردوس وَأخرج أَحْمد عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أول مفصل ابْن مَسْعُود الرَّحْمَن وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ لَهُ: إِنِّي قد قَرَأت الْمفصل فِي رَكْعَة فَقَالَ: أَهَذا كَهَذا الشّعْر لَكِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ النَّظَائِر سورتين فِي رَكْعَة الرَّحْمَن والنجم فِي رَكْعَة واقتربت والحاقة فِي رَكْعَة وَالطور والذاريات فِي رَكْعَة وَإِذا وَقعت وَإِن فِي رَكْعَة وَعم والمرسلات فِي رَكْعَة وَالدُّخَان وَإِذا الشَّمْس كورت فِي رَكْعَة وَسَأَلَ سَائل والنازعات فِي رَكْعَة وويل لِلْمُطَفِّفِينَ وَعَبس فِي رَكْعَة وَأخرج الْحَاكِم فِي التَّارِيخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر بتسع رَكْعَات فَلَمَّا أسنّ وَثقل أوتر بِسبع فصلى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس فَقَرَأَ فيهمَا الرَّحْمَن والواقعة

وَأخرج ابْن حبَان عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة الرَّحْمَن فَخرجت إِلَى الْمَسْجِد عَشِيَّة فَجَلَسَ إليّ رَهْط فَقلت لرجل: اقْرَأ عليّ فَإِذا هُوَ يقْرَأ حروفاً لَا أقرؤها فَقلت: من أَقْرَأَك قَالَ: اقرأني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلَقْنَا حَتَّى وقفنا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: اخْتَلَفْنَا فِي قراءتنا فَإِذا وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ تَغْيِير وَوجد فِي نَفسه حِين ذكر الِاخْتِلَاف فَقَالَ: إِنَّمَا هلك من قبلكُمْ بالاختلاف فَأمر عليا فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُركُمْ أَن يقْرَأ كل رجل مِنْكُم كَمَا علم فَإِنَّمَا هلك من قبلكُمْ بالاختلاف قَالَ: فَانْطَلَقْنَا وكل رجل منا يقْرَأ حرفا لَا يَقْرَؤُهُ صَاحبه قَوْله تَعَالَى: {الرَّحْمَن علم الْقُرْآن} الْآيَات أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {خلق الإِنسان علمه الْبَيَان} قَالَ: آدم {علمه الْبَيَان} قَالَ: بَين لَهُ سَبِيل الْهدى وسبيل الضَّلَالَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {الرَّحْمَن علم الْقُرْآن} قَالَ: نعْمَة الله عَظِيمَة {خلق الإِنسان} قَالَ: آدم {علمه الْبَيَان} قَالَ: علَّمه الله بَيَان الدُّنْيَا وَالْآخِرَة بَين حَلَاله وَحَرَامه ليحتج بذلك عَلَيْهِ وَللَّه الْحجَّة على عباده وَفِي قَوْله {الشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان} إِلَى أجل بِحِسَاب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {الشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان} قَالَ: بِحِسَاب ومنازل يرسلان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ {الشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان} قَالَ: عَلَيْهِمَا حِسَاب وَأجل كأجل النَّاس فَإِذا جَاءَ أجلهما هلكا وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ {الشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان} قَالَ: يجريان بِحِسَاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {الشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان} قَالَ: بِقدر يجريان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {الشَّمْس وَالْقَمَر بحسبان} قَالَ: يدوران فِي مثل قطب الرَّحَى

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي رزين وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {والنجم وَالشَّجر يسجدان} قَالَ: النَّجْم مَا انبسط على الأَرْض وَالشَّجر مَا كَانَ على سَاق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي رزين فِي قَوْله {والنجم وَالشَّجر يسجدان} قَالَ: النَّجْم مَا ذهب فرشاً على الأَرْض لَيْسَ لَهُ سَاق وَالشَّجر مَا كَانَ لَهُ سَاق {يسجدان} قَالَ: ظلهما سجودهما وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {والنجم وَالشَّجر يسجدان} مَا النَّجْم قَالَ: مَا أنجمت الأَرْض مِمَّا لَا يقوم على سَاق فَإِذا قَامَ على سَاق فَهِيَ شَجَرَة قَالَ صَفْوَان بن أَسد التَّمِيمِي: لقد أنجم القاع الْكَبِير عضاته وَتمّ بِهِ حيّا تَمِيم وَوَائِل وَقَالَ زُهَيْر بن أبي سلمى: مكلل بأصول النَّجْم تنسجه ريح الْجنُوب كضاحي مَا بِهِ حبك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {والنجم وَالشَّجر يسجدان} قَالَ: النَّجْم نجم السَّمَاء وَالشَّجر الشَّجَرَة يسْجد بكرَة وَعَشِيَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَوضع الْمِيزَان} قَالَ: الْعدْل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {أَلا تطغوا فِي الْمِيزَان} قَالَ: اعْدِلْ يَا ابْن آدم كَمَا تحب أَن يعدل عَلَيْك وَأَوْفِ كَمَا تحب أَن يُوفَى لَك فَإِن الْعدْل يصلح النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه رأى رجلا يزن قد أرجح فَقَالَ: أقِم اللِّسَان كَمَا قَالَ الله {وَأقِيمُوا الْوَزْن بِالْقِسْطِ} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَأقِيمُوا الْوَزْن بِالْقِسْطِ} قَالَ: اللِّسَان وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَالْأَرْض وَضعهَا للأنام} قَالَ: للنَّاس

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَالْأَرْض وَضعهَا للأنام} قَالَ: لِلْخلقِ وَأخرج الطستي وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {وَضعهَا للأنام} قَالَ: الْأَنَام الْخلق وهم ألف أمة سِتّمائَة فِي الْبَحْر وَأَرْبَعمِائَة فِي الْبر قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت لبيداً وَهُوَ يَقُول: فَإِن تسألينا مِمَّن نَحن فإننا عصافير من هَذَا الْأَنَام المسخر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَضعهَا للأنام} قَالَ: كل شَيْء فِيهِ روح وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَالْأَرْض وَضعهَا للأنام} قَالَ: كل شَيْء يدب على الأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَالْأَرْض وَضعهَا للأنام} قَالَ: لِلْخلقِ الْجِنّ والإِنس وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالنَّخْل ذَات الأكمام} قَالَ: أوعية الطّلع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَالْحب ذُو العصف} قَالَ: ورق الْحِنْطَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: الْحبّ الْحِنْطَة وَالشعِير والعصف القشر الَّذِي يكون على الْحبّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَالْحب ذُو العصف} قَالَ: التِّبْن {وَالريحَان} قَالَ: خضرَة الزَّرْع وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: العصف ورق الزَّرْع إِذا يبس وَالريحَان مَا أنبتت الأَرْض من الريحان الَّذِي يشم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: العصف الزَّرْع أول مَا يخرج بقلاً وَالريحَان حِين يَسْتَوِي على سوقه وَلم يسنبل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل ريحَان فِي الْقُرْآن فَهُوَ الرزق

وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي صَالح فِي قَوْله {وَالْحب ذُو العصف} قَالَ: العصف أول مَا ينْبت وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {وَالريحَان} قَالَ: الرزق وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {وَالريحَان} قَالَ: الرزق وَالطَّعَام وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله {وَالريحَان} قَالَ: الرياحين الَّتِي يُوجد رِيحهَا وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {وَالريحَان} قَالَ: ريحانكم هَذَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فبأيّ آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} قَالَ: بأيّ نعْمَة الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فبأيّ آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَعْنِي الْجِنّ والإِنس وَالله أعلم الْآيَات 14 - 18

14

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَخلق الجان من مارج من نَار} قَالَ: من لَهب النَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {من مارج من نَار} قَالَ: من لهبها من وَسطهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {من مارج} قَالَ: خَالص النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {من مارج} قَالَ: من شهب النَّار وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {من مارج} قَالَ: اللهب الْأَصْفَر والأخضر الَّذِي يَعْلُو النَّار إِذا أوقدت

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {من مارج} قَالَ: الخضرة الَّتِي تقطع من النَّار السوَاد الَّذِي يكون بَين النَّار وَبَين الدُّخان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خلقت الْمَلَائِكَة من نور وَخلق الْجِنّ من مارج من نَار وَخلق آدم كَمَا وصف لكم قَوْله تَعَالَى: {رب المشرقين} الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {رب المشرقين وَرب المغربين} قَالَ: للشمس مطلع فِي الشتَاء ومغرب فِي الشتَاء ومطلع فِي الصَّيف ومغرب فِي الصَّيف غير مطْلعهَا فِي الشتَاء وَغير مغْرِبهَا فِي الشتَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {رب المشرقين وَرب المغربين} قَالَ: مشرق الشتَاء ومغربه ومشرق الصَّيف ومغربه وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة وَعِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {رب المشرقين} قَالَ: مشرق النَّجْم ومشرق الشَّفق {وَرب المغربين} قَالَ: مغرب الشَّمْس ومغرب الشَّفق الْآيَات 19 - 23

19

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مرج الْبَحْرين} قَالَ: أرسل الْبَحْرين {بَينهمَا برزخ} قَالَ: حاجز {لَا يبغيان} قَالَ: لَا يختلطان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ} قَالَ: مرجهما استواؤهما {بَينهمَا برزخ} قَالَ: حاجز من الله {لَا يبغيان} قَالَ: لَا يختلطان وَفِي لفظ لَا يَبْغِي أَحدهمَا على الآخر لَا العذب على المالح وَلَا المالح على العذب

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ} قَالَ: حسنهما {بَينهمَا برزخ لَا يبغيان} قَالَ: البرزخ عَزمَة من الله لَا يَبْغِي أَحدهمَا على الآخر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {مرج الْبَحْرين} قَالَ: بَحر فَارس وبحر الرّوم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ} قَالَ: بَحر فَارس وبحر الرّوم وبحر الْمشرق وبحر الْمغرب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {مرج الْبَحْرين} قَالَ: بَحر السَّمَاء وبحر الأَرْض {يَلْتَقِيَانِ} كل عَام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير {مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ} قَالَ: بَحر السَّمَاء وبحر الأَرْض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {بَينهمَا برزخ لَا يبغيان} قَالَ: بَينهمَا من الْبعد مَا لَا يَبْغِي كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {بَينهمَا برزخ} قَالَ: أَنْتُم البرزخ {لَا يبغيان} عَلَيْكُم فيغرقانكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {بَينهمَا برزخ لَا يبغيان} قَالَ: برزخ الجزيرة واليبس {لَا يبغيان} على اليبس وَلَا يَبْغِي أَحدهمَا على صَاحبه وَمَا أَخذ أَحدهمَا من صَاحبه فَهُوَ بغي يحجز أَحدهمَا عَن صَاحبه بِلُطْفِهِ وَقدرته وجلاله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن وَقَتَادَة {لَا يبغيان} قَالَ: لَا يطغيان على النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن أَبْزَى {بَينهمَا برزخ} قَالَ: الْبعد وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {بَينهمَا برزخ} قَالَ: بِئْر هَهُنَا عذب وبئر هَهُنَا مالح وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْمَطَر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ} قَالَ: إِذا أمْطرت السَّمَاء فتحت الأصداف فِي الْبَحْر أفواهها فَمَا وَقع فِيهَا من قطر السَّمَاء فَهُوَ اللُّؤْلُؤ

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: إِذا قطر الْقطر من السَّمَاء فتحت لَهُ الأصداف فَكَانَ اللُّؤْلُؤ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وهناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: المرجان عِظَام اللُّؤْلُؤ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عليّ بن أبي طَالب قَالَ: المرجان عِظَام اللُّؤْلُؤ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: المرجان مَا عظم من اللُّؤْلُؤ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مرّة قَالَ: المرجان جيد اللُّؤْلُؤ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اللُّؤْلُؤ مَا عظم مِنْهُ والمرجان اللُّؤْلُؤ الصغار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: اللُّؤْلُؤ عِظَام اللُّؤْلُؤ والمرجان صغَار اللُّؤْلُؤ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْوَقْف والابتداء عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} قَالَ: اللُّؤْلُؤ عِظَام اللُّؤْلُؤ والمرجان اللُّؤْلُؤ الصغار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن وَالضَّحَّاك قَالَ: اللُّؤْلُؤ الْعِظَام والمرجان الصغار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: المرجان الخرز الْأَحْمَر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ} قَالَ عليَّ وَفَاطِمَة {بَينهمَا برزخ لَا يبغيان} قَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} قَالَ: الْحسن وَالْحُسَيْن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك فِي قَوْله {مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ} قَالَ: عليَّ وَفَاطِمَة {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} قَالَ: الْحسن وَالْحُسَيْن الْآيَات 24 - 30

24

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {وَله الْجوَار الْمُنْشَآت} قَالَ: الْمُنْشَآت مَا رفع قلعة من السفن فَأَما مَا لم يرفع قلعة فَلَيْسَ بمنشآت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {وَله الْجوَار الْمُنْشَآت} قَالَ: السفن و {الْمُنْشَآت} قَالَ: بالشراع {كالأعلام} قَالَ: كالجبال وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَله الْجوَار الْمُنْشَآت} يَعْنِي السفن {كالأعلام} قَالَ: كالجبال وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {وَله الْجوَار الْمُنْشَآت} قَالَ: هِيَ السفائن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والمحاملي فِي أَمَالِيهِ عَن عُمَيْر بن سعد قَالَ: كُنَّا مَعَ على شط الْفُرَات فمرت بِهِ سفينة فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَله الْجوَار الْمُنْشَآت فِي الْبَحْر كالأعلام} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالضَّحَّاك أَنَّهُمَا كَانَ يقرآن {وَله الْجوَار الْمُنْشَآت فِي الْبَحْر} قَالَ: أَي الفاعلات وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه كَانَ يقْرؤهَا {وَله الْجوَار الْمُنْشَآت} يَعْنِي الباديات وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه كَانَ يَقْرَأها على الْوَجْهَيْنِ بِكَسْر الشين وَفتحهَا قَوْله تَعَالَى: {كل من عَلَيْهَا فان} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِذا قَرَأت {كل من عَلَيْهَا فان} فَلَا تسكت حَتَّى تقْرَأ {وَيبقى وَجه رَبك ذُو الْجلَال والإِكرام} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ذُو الْجلَال والإِكرام} قَالَ: ذُو الْكِبْرِيَاء وَالْعَظَمَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن حميد بن هِلَال قَالَ: قَالَ رجل: يرحم الله رجلا أَتَى على هَذِه الْآيَة {وَيبقى وَجه رَبك ذُو الْجلَال والإِكرام} فَسَأَلَ الله تَعَالَى بذلك الْوَجْه الْكَافِي الْكَرِيم وَلَفظ الْبَيْهَقِيّ بذلك الْوَجْه الْبَاقِي الْجَمِيل قَوْله تَعَالَى: {يسْأَله من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} الْآيَة أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {يسْأَله من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} يَعْنِي يسْأَل عباده إِيَّاه الرزق وَالْمَوْت والحياة كل يَوْم هُوَ فِي ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح {يسْأَله من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} قَالَ {يسْأَله من فِي السَّمَاوَات} الرَّحْمَة ويسأله من فِي الأَرْض الْمَغْفِرَة والرزق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: الْمَلَائِكَة يسألونه الرزق لأهل الأَرْض وَالْأَرْض يسْأَله أَهلهَا الرزق لَهُم وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} قَالَ: من شَأْنه أَن يغْفر ذَنبا ويفرج كرباً وَيرْفَع قوما وَيَضَع آخَرين زَاد الْبَزَّار: وَهُوَ يُجيب دَاعيا وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} قَالَ: يغْفر ذَنبا ويفرج كرباً وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء فِي قَوْله {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} قَالَ: يكْشف كرباً ويجيب دَاعيا وَيرْفَع قوما وَيَضَع آخَرين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} قَالَ: إِن مِمَّا خلق الله لوحاً مَحْفُوظًا من درة بَيْضَاء دفتاه من ياقوتة حَمْرَاء قلمه نور وَكتابه نور عرضه مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ينظر فِيهِ كل يَوْم ثلثمِائة وَسِتِّينَ نظرة يخلق فِي كل نظرة ويرزق ويحيي وَيُمِيت ويعز ويذل ويغل ويفك وَيفْعل مَا يَشَاء فَذَلِك قَوْله تَعَالَى {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر

وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبيد بن عُمَيْر {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} قَالَ: من شَأْنه أَن يُجيب دَاعيا وَيُعْطِي سَائِلًا ويفك عانياً ويشفى سقيماً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} قَالَ: لَا يَسْتَغْنِي عَنهُ أهل السَّمَاء وَالْأَرْض يحيى حَيا وَيُمِيت مَيتا ويربي صَغِيرا ويفك أَسِيرًا ويغني فَقِيرا وَهُوَ مرد حاجات الصَّالِحين ومنتهى شكرهم وصريخ الأخيار وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي ميسرَة {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} قَالَ: يحيى وَيُمِيت ويصور فِي الْأَرْحَام مَا يَشَاء ويعز من يَشَاء ويذل من شَاءَ ويفك الْأَسير وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع رَضِي الله عَنهُ {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} قَالَ: يخلق خلقا وَيُمِيت آخَرين ويرزقهم ويكلؤهم وَأخرج عبد بن حميد عَن سُوَيْد بن جبلة الْفَزارِيّ وَكَانَ من التَّابِعين قَالَ: إِن ربكُم {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} يعْتق رقاباً ويفحم عتاباً وَيُعْطِي رغاباً وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الجوزاء رَضِي الله عَنهُ {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} قَالَ: لَا يشْغلهُ شَأْن عَن شَأْن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {كل يَوْم هُوَ فِي شَأْن} قَالَ: من أَيَّام الدُّنْيَا كل يَوْم يُجيب دَاعيا ويكشف كرباً ويجيب مُضْطَر وَيغْفر ذَنبا الْآيَات 31 - 45

31

أخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {سنفرغ لكم أَيهَا الثَّقَلَان} قَالَ: قددنا من الله فرَاغ لخلقه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {سنفرغ لكم أَيهَا الثَّقَلَان} قَالَ: وَعِيد وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {سنفرغ لكم أَيهَا الثَّقَلَان} قَالَ: هَذَا وَعِيد من الله لِعِبَادِهِ وَلَيْسَ بِاللَّه شغل وَفِي قَوْله: {لَا تنفذون إِلَّا بسُلْطَان} يَقُول: لَا تخْرجُوا من سلطاني وَأخرج الْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ عَن طَلْحَة بن مَنْصُور وَيحيى بن وثاب رَضِي الله عَنهُ أَنَّهُمَا قرءا: سيفرغ لكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {لَا تنفذون إِلَّا بسُلْطَان} قَالَ: إِلَّا بملكة من الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي هواتف الجان عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ سَبَب إِسْلَام الْحجَّاج بن علاط أَنه خرج فِي ركب من قومه إِلَى مَكَّة فَلَمَّا جن عَلَيْهِ اللَّيْل استوحش فَقَامَ يحرس أَصْحَابه وَيَقُول: أعيذ نَفسِي وأعيذ أَصْحَابِي من كل جني بِهَذَا النقب حَتَّى أَن أَعُود سالما وركبي فَسمع قَائِلا يَقُول {يَا معشر الْجِنّ والإِنس إِن اسْتَطَعْتُم أَن تنفذوا من أقطار السَّمَاوَات وَالْأَرْض فانفذوا لَا تنفذون إِلَّا بسُلْطَان} فَلَمَّا قدم مَكَّة أخبر بذلك قُريْشًا فَقَالُوا لَهُ: إِن هَذَا فِيمَا يزْعم مُحَمَّد أَنه أنزل عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {يُرْسل عَلَيْكُمَا شواظ من نَار} قَالَ: لَهب النَّار {ونحاس} قَالَ: دُخان النَّار وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْوَقْف والابتداء والطستي وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {يُرْسل عَلَيْكُمَا شواظ من نَار}

قَالَ: الشواظ اللهب الَّذِي لَا دُخان لَهُ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أُميَّة بن أبي الصَّلْت الثَّقَفِيّ وَهُوَ يَقُول: يظل يشب كيراً بعد كير وينفخ دَائِما لَهب الشواظ قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن قَوْله {ونحاس} قَالَ: هُوَ الدُّخان الَّذِي لَا لَهب فِيهِ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: يضيء كضوء سراج السليط لم يَجْعَل الله فِيهِ نُحَاسا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {يُرْسل عَلَيْكُمَا شواظ من نَار} قَالَ: لَهب من نَار وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {يُرْسل عَلَيْكُمَا شواظ من نَار} قَالَ: هُوَ اللهب الْأَحْمَر الْمُنْقَطع مِنْهَا وَفِي لفظ قَالَ: قِطْعَة من نَار حمرَة {ونحاس} قَالَ: يذاب الصفر فَيصب على رؤوسهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {يُرْسل عَلَيْكُمَا شواظ من نَار ونحاس} قَالَ: واديان فالشواظ وَاد من نَتن والنحاس وَاد من صفر وَالنَّتن نَار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يُرْسل عَلَيْكُمَا شواظ من نَار} قَالَ: نَار تخرج من قبل الْمغرب تحْشر النَّاس حَتَّى أَنَّهَا لتحشر القردة والخنازير تبيت حَيْثُ باتوا وتقيل حَيْثُ قَالُوا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {ونحاس} قَالَ: هُوَ الصفر يُعَذبُونَ بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَلَا تنتصران} يَعْنِي الْجِنّ والإِنس وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَإِذا انشقت السَّمَاء فَكَانَت وردة} يَقُول: حَمْرَاء {كالدهان} قَالَ: هُوَ الْأَدِيم الْأَحْمَر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَكَانَت وردة كالدهان} قَالَ: مثل لون الْفرس الْورْد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {فَكَانَت وردة كالدهان} قَالَ: حَمْرَاء كالدابة الوردة

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الجوزاء رَضِي الله عَنهُ {فَكَانَت وردة كالدهان} قَالَ: وردة الجل {كالدهان} قَالَ: كصفاء الدّهن ألم تَرَ الْعَرَبِيّ يَقُول: الجل الْورْد وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عَطاء {فَكَانَت وردة كالدهان} قَالَ: لون السَّمَاء كلون دهن الْورْد فِي الصُّفْرَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فَإِذا انشقت السَّمَاء فَكَانَت وردة كالدهان} قَالَ: هِيَ الْيَوْم خضراء كَمَا ترَوْنَ وَإِن لَهَا يَوْم الْقِيَامَة لوناً آخر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {فَكَانَت وردة كالدهان} قَالَ: كالدهن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَكَانَت وردة كالدهان} قَالَ: صَافِيَة كصفاء الدّهن وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن لُقْمَان بن عَامر الْحَنَفِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّ بشاب يقْرَأ {فَإِذا انشقت السَّمَاء فَكَانَت وردة كالدهان} فَوقف فاقشعرّ وخنقته الْعبْرَة يبكي وَيَقُول: ويلي من يَوْم تَنْشَق فِيهِ السَّمَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا فَتى فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لقد بَكَيْت الْمَلَائِكَة من بكائك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَيَوْمئِذٍ لَا يسْأَل عَن ذَنبه إنس وَلَا جَان} قَالَ: لَا يسألهم هَل عملتم كَذَا وَكَذَا لِأَنَّهُ أعلم بذلك مِنْهُم وَلَكِن يَقُول: لم عملتم كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَيَوْمئِذٍ لَا يسْأَل عَن ذَنبه إنس وَلَا جَان} يَقُول: لَا أسألهم عَن أَعْمَالهم وَلَا أسأَل بَعضهم عَن بعض وَهُوَ مثل قَوْله (وَلَا يسْأَل عَن ذنوبهم المجرمون) (الْقَصَص 78) وَمثل قَوْله (وَلَا تسْأَل عَن أَصْحَاب الْجَحِيم) (الْبَقَرَة 119) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا

يُحَاسب أحد يَوْم الْقِيَامَة فَيغْفر لَهُ وَيرى الْمُسلم عمله فِي قَبره يَقُول الله {فَيَوْمئِذٍ لَا يسْأَل عَن ذَنبه إنس وَلَا جَان} وَأخرج آدم وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَيَوْمئِذٍ لَا يسْأَل عَن ذَنبه إنس وَلَا جَان} قَالَ: لَا تسْأَل الملاكئة عَن المجرم يعرفونهم بِسِيمَاهُمْ وَأخرج هناد وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {يعرف المجرمون بِسِيمَاهُمْ} قَالَ: بسواد وُجُوههم وزرقة عيونهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ {يعرف المجرمون بِسِيمَاهُمْ} قَالَ: بسواد الْوُجُوه وزرقة الْعُيُون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {فَيُؤْخَذ بالنواصي والأقدام} قَالَ: تَأْخُذ الزَّبَانِيَة بناصيته وقدميه وَيجمع فيكسر كَمَا يكسر الْحَطب فِي التَّنور وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {فَيُؤْخَذ بالنواصي والأقدام} قَالَ: يَأْخُذ الْملك بناصية أحدهم فيقرنها إِلَى قَدَمَيْهِ ثمَّ يكسر ظَهره ثمَّ يلقيه فِي النَّار وَأخرج هناد فِي الزّهْد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: يجمع بَين ناصيته وقدميه فِي سلسلة من وَرَاء ظَهره وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن رجل من كِنْدَة قَالَ: قلت لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: أسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنَّه يَأْتِي عَلَيْهِ سَاعَة لَا يملك لأحد شَفَاعَة قَالَت: نعم لقد سَأَلته فَقَالَ: نعم حِين يوضع الصِّرَاط وَحين تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه وَعند الجسر حَتَّى يشحذ حَتَّى يكون مثل شفرة السَّيْف ويسجر حَتَّى يكون مثل الْجَمْرَة فَأَما الْمُؤمن فيجيزه وَلَا يضرّهُ وَأما الْمُنَافِق فَينْطَلق حَتَّى إِذا كَانَ فِي وَسطه خَز فِي قَدَمَيْهِ يهوى بيدَيْهِ إِلَى قَدَمَيْهِ فَهَل رَأَيْت من رجل يسْعَى حافياً فَيُؤْخَذ بشوكة حَتَّى تكَاد تنفذ قَدَمَيْهِ فَإِنَّهُ كَذَلِك يهوى بيدَيْهِ إِلَى قَدَمَيْهِ فيضربه الزباني بخطاف فِي ناصيته فيطرح فِي جَهَنَّم يهوي فِيهَا خمسين عَاما فَقلت: أيثقل قَالَ: يثقل خمس خلفات فَيَوْمئِذٍ {يعرف المجرمون بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذ بالنواصي والأقدام}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والضياء الْمَقْدِسِي فِي صفة النَّار عَن أنس رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لقد خلقت زَبَانِيَة جَهَنَّم قبل أَن تخلق جَهَنَّم بِأَلف عَام فهم كل يَوْم يزدادون قُوَّة إِلَى قوتهم حَتَّى يقبضوا من قبضوا عَلَيْهِ بالنواصي والأقدام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَبَين حميم آن} قَالَ: الَّذِي انْتهى حره وَأخرج الطستي وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله {حميم آن} قَالَ: الآني الَّذِي انْتهى طبخه وحره قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان وَهُوَ يَقُول: ويخضب لحية غدرت وخانت بأحمى من نجيع الْجوف آني وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَبَين حميم آن} قَالَ: قد آنى طبخه مُنْذُ خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَبَين حميم آن} قَالَ: قد بلغ إناه وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وَبَين حميم آن} قَالَ: نَار قد اشْتَدَّ حرهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {وَبَين حميم آن} قَالَ: النّحاس انْتهى حره الْآيَات 46 - 55

46

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شَوْذَب فِي قَوْله {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} قَالَ: نزلت فِي أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عَطاء أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ ذكر ذَات يَوْم وفكر فِي الْقِيَامَة والموازين وَالْجنَّة وَالنَّار وصفوف الْمَلَائِكَة وطيّ السَّمَوَات ونسف الْجبَال وتكوير الشَّمْس وانتثار الْكَوَاكِب فَقَالَ: وددت أَنِّي كنت خضراء من هَذَا الْخضر تَأتي عليّ بَهِيمَة فتأكلني وَأَنِّي لم أخلق فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} قَالَ: وعد الله الْمُؤمنِينَ الَّذين خَافُوا مقَامه فأدوا فَرَائِضه الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} يَقُول: خَافَ ثمَّ اتَّقى والخائف من ركب طَاعَة الله وَترك مَعْصِيَته وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي التَّوْبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} قَالَ: هُوَ الرجل يهم بالمعصية فيذكر مقَامه فينزع عَنْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} قَالَ: من خَافَ مقَام الله عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الرجل يُرِيد الذَّنب فيذكر الله فيدع الذَّنب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} قَالَ: إِن الْمُؤمنِينَ خَافُوا ذَلِك الْمقَام فعملوا لله ودأبوا ونصبوا لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَأخرج ابْن جرير عَن إِبْرَاهِيم {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} قَالَ: إِذا أَرَادَ أَن يُذنب أمسك مَخَافَة الله وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} قَالَ: لمن خافه فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة بن قيس فِي قَوْله {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان}

قَالَ: نزلت فِي الَّذِي قَالَ: أحرقوني بالنَّار لعَلي أضلّ الله قَالَ لنا بِيَوْم وَلَيْلَة بعد أَن تكلم بِهَذَا فَقبل الله مِنْهُ ذَلِك وَأدْخلهُ الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن منيع والحكيم فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} فَقلت: وَإِن زنى وَإِن سرق يَا رَسُول الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الثَّانِيَة {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} فَقلت: وَإِن زنى وَإِن سرق فَقَالَ الثَّالِثَة {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} فَقلت: وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: نعم وَإِن رغم أنف أبي الدَّرْدَاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: وَإِن زنى وَإِن سرق يَا رَسُول الله قَالَ: وَإِن زنى وَإِن سرق وَإِن رغم أنف أبي الدَّرْدَاء فَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يقص وَيَقُول: {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} وَإِن رغم أنف أبي الدَّرْدَاء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الحريري عَن أَخِيه قَالَ: سَمِعت مُحَمَّدًا بن سعد يقْرَأ هَذِه الْآيَة [وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان وَإِن زنى وَإِن سرق] فَقلت: لَيْسَ فِيهِ وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْرَأها كَذَلِك فَأَنا أقرأها كَذَلِك حَتَّى أَمُوت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله دخل الْجنَّة ثمَّ قَرَأَ {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن شهَاب قَالَ: كنت عِنْد هِشَام بن عبد الْملك فَقَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: وَإِن زنى وَإِن سرق فَقلت: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك قبل أَن تنزل الْفَرَائِض فَلَمَّا نزلت الْفَرَائِض ذهب هَذَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن يسَار مولى لآل مُعَاوِيَة عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} قَالَ: قيل: يَا أَبَا الدَّرْدَاء وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ: من خَافَ مقَام ربه لم يزن وَلم يسرق وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي مُوسَى

الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: جنان الفردوس أَربع: جنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وَمَا فيهمَا وجنتان من فضَّة حليتهما وآنيتهما وَمَا فيهمَا وَمَا بَين الْقَوْم وَبَين أَن ينْظرُوا إِلَى رَبهم إِلَّا رِدَاء الْكِبْرِيَاء على وَجهه فِي جنَّة عدن وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} وَقَوله {وَمن دونهمَا جنتان} قَالَ: جنتان من ذهب للمقربين وجنتان من ورق لأَصْحَاب الْيَمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} قَالَ: جنتان من ذهب للسابقين وجنتان من فضَّة للتابعين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عِيَاض بن تَمِيم أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} قَالَ: بستانان عرض كل وَاحِد مِنْهُمَا مسيرَة مائَة عَام فيهمَا أَشجَار وفرعهما ثَابت وشجرهما ثَابت وعرصتهما عَظِيمَة ونعيمهما عَظِيم وخيرهما دَائِم ولذتهما قَائِمَة وأنهارهما جَارِيَة وريحهما طيب وبركتهما كَثِيرَة وحياتهما طَوِيلَة وفاكهتما كَثِيرَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن قَالَ: كَانَ شَاب على عهد عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ملازم الْمَسْجِد وَالْعِبَادَة فعشقته جَارِيَة فَأَتَتْهُ فِي خلْوَة فكلمته فَحدث نَفسه بذلك فشهق شهقة فَغشيَ عَلَيْهِ فجَاء عَم لَهُ إِلَى بَيته فَلَمَّا أَفَاق قَالَ يَا عَم انْطلق إِلَى عمر فأقرئه مني السَّلَام وَقل لَهُ: مَا جَزَاء من خَافَ مقَام ربه فَانْطَلق عَمه فَأخْبر عمر وَقد شهق الْفَتى شهقة أُخْرَى فَمَاتَ مِنْهَا فَوقف عَلَيْهِ عمر فَقَالَ: لَك جنتان لَك جنتان أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {ذواتا أفنان} قَالَ: ذواتا ألوان وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج هناد عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله {ذواتا أفنان} يَقُول: ألوان من الْفَوَاكِه

وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {ذواتا أفنان} قَالَ: ذواتا أَغْصَان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {ذواتا أفنان} قَالَ: غصونهما يمس بَعْضهَا بَعْضًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {ذواتا أفنان} قَالَ: الفنن الْغُصْن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو بكر بن حبَان فِي الْفُنُون وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن قَول الله {ذواتا أفنان} قَالَ: ظلّ الأغصان على الْحِيطَان أما سَمِعت قَول الشَّاعِر مَا هاج شوقك من هدير حمامة تَدْعُو على فنن الغصون حَماما تَدْعُو باشرخين صَادف طاويا ذَا مخلبين من الصقور قطاما وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {ذواتا أفنان} قَالَ: ذواتا فضل على مَا سواهُمَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {فيهمَا من كل فَاكِهَة زوجان} قَالَ: فيهمَا من كل الثمرات قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: فَمَا فِي الدُّنْيَا ثَمَرَة حلوة وَلَا مرّة إِلَّا وَهِي فِي الْجنَّة حَتَّى الحنظل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: العنقود أبعد من صنعاء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله {متكئين على فرش بطائنها من إستبرق} قَالَ: أخبرتم بالبطائن فَكيف بالظهائر وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله / متكئين على سرر وفرش بطائنها من رَفْرَف من استبرق / والاستبرق لُغَة فَارس يسمون الديباج الغليظ الاستبرق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه قيل لَهُ {بطائنها من إستبرق} فَمَا الظَّوَاهِر قَالَ: ذَاك مِمَّا قَالَ الله (فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين) (سُورَة السَّجْدَة الْآيَة 17)

وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {بطائنها من إستبرق} قَالَ: ظواهرها من نور جامد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وجنى الجنتين دَان} قَالَ: جناها ثَمَرهَا والداني الْقَرِيب مِنْك بناله الْقَائِم والقاعد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وجنى الجنتين دَان} قَالَ: ثمارها دانية لَا يرد أَيْديهم عَنْهَا بعد وَلَا شوك قَالَ: وَذكر لنا أَنا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَا يقطف رجل ثَمَرَة من الْجنَّة فتصل إِلَى فِيهِ حَتَّى يُبدل الله مَكَانهَا خيرا مِنْهَا الْآيَات 56 - 69

56

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فِيهِنَّ قاصرات الطّرف} قَالَ: قاصرات الطّرف على أَزوَاجهنَّ لَا يرين غَيرهم وَالله مَا هن متبرحات وَلَا متطلعات وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {فِيهِنَّ قاصرات الطّرف} قَالَ: قصرن طرفهن عَن الرِّجَال فَلَا ينظرن إلاّ إِلَى أَزوَاجهنَّ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {قاصرات الطّرف} قَالَ: لَا ينظرن إِلَّا إِلَى أَزوَاجهنَّ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لم يطمثهن} قَالَ: لم يمسسهن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير {لم يطمثهن} قَالَ: لم يطأهن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {لم يطمثهن} قَالَ: لم يجامعهن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَا تقل للْمَرْأَة طمثت فَإِنَّمَا الطمث الْجِمَاع وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله {لم يطمثهن} قَالَ: كَذَلِك نسَاء الْجنَّة لم يدن مِنْهُنَّ غير أَزوَاجهنَّ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: مشين إليّ لم يطمثن قبلي وَهن أصبح من بيض النعام وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أَرْطَاة بن الْمُنْذر قَالَ: تَذَاكرنَا عِنْد ضَمرَة بن حبيب: أَيَدْخُلُ الْجِنّ الْجنَّة قَالَ: نعم وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان} للجن الجنيات وللإِنس الإِنسيات وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله {لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان} قَالَ: هن من نسَاء أهل الدُّنْيَا خَلقهنَّ الله فِي الْخلق الآخر كَمَا قَالَ (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء فجعلناهن أَبْكَارًا) (سُورَة الْوَاقِعَة الْآيَة 35) لم يطمثهن حِين عدن فِي الْخلق الآخر {إنس قبلهم وَلَا جَان} وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: إِذا جَامع الرجل أَهله وَلم يسمّ انطوى الجان على إحليله فجامع مَعَه فَذَلِك قَوْله {لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان} وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا جَامع الرجل أَهله وَلم يسمّ انطوى الجان على إحليله فجامع مَعَه فَذَلِك قَوْله {لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عِيَاض بن تَمِيم (أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا {لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان} قَالَ: لم يصبهن شمس وَلَا دُخان لم يعذبن فِي البلايا وَلم يكلمن فِي الرزايا وَلم تغيرهن الأحزان ناعمات لَا يبأسن وخالدات فَلَا يمتن ومقيمات فَلَا يظعنّ لَهُنَّ أخيار يعجز عَن نعتهن الأوهام وَالْجنَّة أخضرها كالأصفر وأصفرها كالأخضر لَيْسَ فِيهَا حجر وَلَا مدر وَلَا كدر وَلَا عود يَابِس أكلهَا دَائِم وظلها قَائِم وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {كأنهن الْيَاقُوت والمرجان} قَالَ: ينظر إِلَى وَجههَا فِي خدها أصفى من الْمرْآة وَإِن أدنى لؤلؤة عَلَيْهَا لتضيء مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب وَإنَّهُ يكون عَلَيْهَا سَبْعُونَ ثوبا ينفذها بَصَره حَتَّى يرى مخ سَاقهَا من وَرَاء ذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {كأنهن الْيَاقُوت والمرجان} قَالَ: فِي صفاء الْيَاقُوت وَبَيَاض اللُّؤْلُؤ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {كأنهن الْيَاقُوت والمرجان} قَالَ: صفاء الْيَاقُوت فِي بَيَاض المرجان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {كأنهن الْيَاقُوت والمرجان} قَالَ: ألوانهن كالياقوت واللؤلؤ فِي صفائه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن الْحَارِث {كأنهن الْيَاقُوت والمرجان} قَالَ: كأنهن اللُّؤْلُؤ فِي الْخَيط وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد {كأنهن الْيَاقُوت والمرجان} قَالَ: يرى مخ سوقهن من وَرَاء الثِّيَاب كَمَا يرى الْخَيط فِي الياقوتة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي وصف الْجنَّة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مردوية عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْمَرْأَة من نسَاء أهل الْجنَّة ليرى بَيَاض سَاقهَا من وَرَاء سبعين حلَّة حَتَّى يرى مخها وَذَلِكَ أَن الله يَقُول {كأنهن الْيَاقُوت والمرجان} فَأَما الْيَاقُوت فَإِنَّهُ حجر لَو أدخلت فِيهِ سلكاً ثمَّ استصفيته لرأيته من وَرَائه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود {كأنهن الْيَاقُوت والمرجان} قَالَ: على كل وَاحِدَة سَبْعُونَ حلَّة من حَرِير يرى مخ سَاقهَا من وَرَاء الثِّيَاب قَالَ: أَرَأَيْت لَو أَن أحدكُم أَخذ سلكاً فَأدْخلهُ فِي ياقوتة ألم يكن يرى السلك من وَرَاء الياقوتة قَالُوا: بلَى قَالَ: فَذَلِك هنّ وَكَانَ إِذا حدّث حَدِيثا نزع لَهُ آيَة من الْكتاب وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن الْحَارِث الْقَيْسِي قَالَ: إِنَّه يكون على زَوْجَة الرجل من أهل الْجنَّة سَبْعُونَ حلَّة حَمْرَاء يرى مخ سَاقهَا من خلفهن وَأخرج عبد بن حميد عَن كَعْب قَالَ: إِن الْمَرْأَة من الْحور الْعين لتلبس سبعين حلَّة لهي أرق من شفّكم هَذَا الَّذِي تسمونه شفا وَإِن مخ سَاقهَا ليرى من وَرَاء اللَّحْم وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس بن مَالك قَالَ: إِن الْمَرْأَة من أَزوَاج المقربين لتكسى مائَة حلَّة من استبرق وسقالة النُّور وَإِن مخ سَاقهَا ليرى من وَرَاء ذَلِك كُله وَإِن الْمَرْأَة من أَزوَاج أَصْحَاب الْيَمين لتكسى سبعين حلَّة من استبرق وسقالة النُّور وَإِن مخ ذَلِك ليرى من وَرَاء ذَلِك كُله وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نسَاء أهل الْجنَّة يرى مخ سوقهن من وَرَاء اللَّحْم وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الْمَرْأَة من الْحور الْعين ليرى مخ سَاقهَا من وَرَاء اللَّحْم والعظم من تَحت سبعين حلَّة كَمَا يرى الشَّرَاب الْأَحْمَر فِي الزجاجة الْبَيْضَاء وَأخرج هناد وَابْن جرير عَن عَمْرو بن مَيْمُون مثله قَوْله تَعَالَى: {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان وَضَعفه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي قَوْله {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} قَالَ: مَا جَزَاء من أَنْعَمت عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ إِلَّا الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذِه الْآيَة {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} قَالَ: هَل جَزَاء من أَنْعَمت عَلَيْهِ بالإِسلام إِلَّا أَن أدخلهُ الْجنَّة

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَغوِيّ فِي تَفْسِيره والديلمي فِي مُسْند الفروس وَابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} وَقَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا قَالَ ربكُم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: يَقُول: هَل جَزَاء من أَنْعَمت عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ إِلَّا الْجنَّة وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله تَعَالَى {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله عز وَجل: هَل جَزَاء من أَنْعَمت عَلَيْهِ بِالتَّوْحِيدِ إِلَّا الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} قَالَ رَسُول الله: هَل جَزَاء من أَنْعَمت عَلَيْهِ مِمَّن قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فِي الدُّنْيَا إِلَّا الْجنَّة فِي الْآخِرَة أخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} قَالَ: هَل جَزَاء من قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَّا الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن مثله وَأخرج ابْن عدي وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه والديلمي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنزل الله عليّ هَذِه الْآيَة مسجَّلة فِي سُورَة الرَّحْمَن للْكَافِرِ وَالْمُسلم {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُسلم وَالْكَافِر {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة فِي قَوْله {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} قَالَ: هِيَ مسجلة للبر والفاجر قَالَ الْبَيْهَقِيّ: يَعْنِي مُرْسلَة وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} قَالَ: إِن لله عموداً أَحْمَر رَأسه ملويّ على قَائِمَة من قَوَائِم الْعَرْش وأسفله تَحت الأَرْض السَّابِعَة على ظهر الْحُوت فَإِذا قَالَ العَبْد: لَا إِلَه إِلَّا الله تحرّك الْحُوت تحرّك العمود تَحت الْعَرْش فَيَقُول الله للعرش: اسكن فَيَقُول: لَا وَعزَّتك لَا أسكن حَتَّى تغْفر لقائلها مَا أصَاب قبلهَا من ذَنْب فَيغْفر الله لَهُ

وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة {هَل جَزَاء الإِحسان إِلَّا الإِحسان} قَالَ: عمِلُوا خيرا فجزوا خيرا قَوْله تَعَالَى: {وَمن دونهمَا جنتان} الْآيَات وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {وَمن دونهمَا جنتان} قَالَ: هما دون تجريان وَأخرج هناد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مدهامتان} قَالَ: خضروان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {مدهامتان} قَالَ: قد اسودتا من الخضرة الَّتِي من الريّ من المَاء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عبد الله بن الزبير فِي قَوْله {مدهامتان} قَالَ: خضراوان من الريّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله {مدهامتان} قَالَ: خضراوان وَأخرج هناد وَعبد بن حميد عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ فِي قَوْله {مدهامتان} قَالَ: هما جنتان خضراوان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد عَن عَطاء بن أبي رَبَاح فِي قَوْله {مدهامتان} قَالَ: هما جنتان خضراوان وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {مدهامتان} قَالَ: خضراوان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {مدهامتان} قَالَ: خضراوان وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {مدهامتان} قَالَ: خضراوان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي صَالح {مدهامتان} قَالَ: خضراوان من الريّ ناعمتان إِذا اشتدت الخضرة ضربت إِلَى السوَاد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {مدهامتان} قَالَ: مسودتان وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة {مدهامتان} قَالَا: سوداوان من الرّيّ

وأخئرج هناد عَن الضَّحَّاك {مدهامتان} قَالَ: سوداوان من الريّ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر بن زيد أَنه قَرَأَ {مدهامتان} ثمَّ ركع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: العينان اللَّتَان تجريان خير من النضاختين وَلَفظ عبد قَالَ: مَا النضاختان بِأَفْضَل من اللَّتَيْنِ تجريان وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {نضاختان} قَالَ: فائضتان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {نضاختان} قَالَ: تنضخان بِالْمَاءِ من شدَّة الريّ وَأخرج هناد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله {نضاختان} قَالَ: تنضخان بِالْمَاءِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس فِي قَوْله {عينان نضاختان} قَالَ: بالمسك والعنبر تنفخان على دور الْجنَّة كَمَا ينضخ الْمَطَر على دور أهل الدُّنْيَا وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله {نضاختان} قَالَ: تنضخان بألوان الْفَاكِهَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {نضاختان} قَالَ: بِالْخَيرِ وَلَفظ ابْن أبي شيبَة بِكُل خير قَوْله تَعَالَى: {فيهمَا فَاكِهَة ونخل ورمان} أخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {فيهمَا فَاكِهَة ونخل ورمان} قَالَ: هِيَ ثَمَر {من كل فَاكِهَة زوجان} أخرج عبد بن حميد والْحَارث بن أبي أُسَامَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ نَاس من الْيَهُود إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا مُحَمَّد: أَفِي الْجنَّة فَاكِهَة قَالَ: نعم فِيهَا فَاكِهَة ونخل ورمان قَالُوا: أفيأكلون كَمَا يَأْكُلُون فِي الدُّنْيَا قَالَ: نعم وأضعافه قَالُوا: أفيقضون الْحَوَائِج قَالَ: لَا وَلَكنهُمْ يعرقون ويرشحون فَيذْهب الله مَا فِي بطونهم من أَذَى وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة

الْجنَّة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نخل الْجنَّة جذوعها زمرد أَخْضَر وكرانيفها ذهب أَحْمَر وسعفها كسْوَة لأهل الْجنَّة مِنْهَا مقطعاتهم وحللهم وَثَمَرهَا أَمْثَال القلال أشدّ بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل وألين من الزّبد وَلَيْسَ لَهَا عجم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري وَالْبَيْهَقِيّ عَن سلمَان أَنه أَخذ عوداً صَغِيرا ثمَّ قَالَ: لَو طلبت فِي الْجنَّة مثل هَذَا الْعود لم تبصره قيل: فَأَيْنَ النّخل وَالشَّجر قَالَ: أُصُولهَا اللُّؤْلُؤ وَالذَّهَب وَأَعلاهُ الثَّمر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن نخل الْجنَّة فَقَالَ: أُصُوله فضَّة وجذوعها ذهب وسعفه حلل وَحمله الرطب أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وألين من الزّبد وَأحلى من الشهد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نظرت إِلَى الْجنَّة فَإِذا الرمانة من رمانها كَمثل الْبَعِير المقتب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الثَّمَرَة من ثَمَر الْجنَّة طولهَا اثْنَا عشر ذِرَاعا لَيْسَ لَهَا عجم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَأْخُذ الحبَّة من الرُّمَّان فيأكلها فَقيل لَهُ: لم تفعل هَذَا قَالَ: بَلغنِي أَنه لَيْسَ فِي الأَرْض رمانة تلقح إِلَّا بِحَبَّة من الْجنَّة فلعلها هَذِه وَأخرج ابْن السّني فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من رمانة من رمانكم هَذِه إِلَّا وَهِي تلقح بِحَبَّة من رمان الْجنَّة وَالله أعلم الْآيَات 70 - 78

70

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {فِيهِنَّ خيرات حسان} قَالَ: النِّسَاء

مِيلَاد وَاحِد قلت يَا رَسُول الله: أنساء الدُّنْيَا أفضل أم الْحور الْعين قَالَ: نسَاء الدُّنْيَا أفضل من الْحور الْعين كفضل الظهارة على البطانة قلت يَا رَسُول الله: وَلم ذَاك قَالَ: بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن لله ألبس الله وجوههن من النُّور وأجسادهن الْحَرِير بيض الألوان خضر الثِّيَاب صفة الْحلِيّ مجامرهن الدّرّ وأمشاطهن الذَّهَب يقلن: أَلا نَحن الخالدات فَلَا نموت أبدا أَلا وَنحن الناعمات فَلَا نبأس أبدا أَلا وَنحن المقيمات فَلَا نظعن أبدا أَلا وَنحن الراضيات فَلَا نسخط طُوبَى لمن كَانَ لنا وَكُنَّا لَهُ قلت يَا رَسُول الله: الْمَرْأَة تتَزَوَّج الزَّوْجَيْنِ وَالثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعَة فِي الدُّنْيَا ثمَّ تَمُوت فَتدخل الْجنَّة ويدخلون مَعهَا من يكون زَوجهَا مِنْهُم قَالَ: إِنَّهَا تخير فتختار أحْسنهم خلقا فَتَقول يَا رب إِن هَذَا كَانَ أحْسنهم معي خلقا فِي دَار الدُّنْيَا فزوجينه يَا أم سَلمَة: ذهب حسن الْخلق بِخَير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَوْله تَعَالَى: {حور مقصورات فِي الْخيام} أخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما أسرِي بِي دخلت الْجنَّة فَأتيت على نهر يُسمى البيذخ عَلَيْهِ خيام اللُّؤْلُؤ والزبرجد الْأَخْضَر والياقوت الْأَحْمَر فنوديت: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله فَقلت يَا جِبْرِيل: مَا هَذَا النداء قَالَ: هَؤُلَاءِ المقصورات فِي الْخيام استأذنّ ربهنّ فِي السَّلَام عَلَيْك فَأذن لَهُنَّ فطفقن يقلن: نَحن الراضيات فَلَا نسخط أبدا وَنحن المقيمات وَفِي لفظ الخالدات فَلَا نظعن أبدا وتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {حور مقصورات فِي الْخيام} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {حور مقصورات} حور بيض {مقصورات} محبوسات {فِي الْخيام} قَالَ: فِي بيُوت اللُّؤْلُؤ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْحور سود الحدق وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حور مقصورات فِي الْخيام} قَالَ: لَا يخْرجن من بُيُوتهنَّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {حور مقصورات فِي الْخيام} قَالَ: محبوسات لسن بطوافات فِي الطّرق والخيام والدر المجوف

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {حور مقصورات فِي الْخيام} قَالَ: مقصورات قلوبهن وأبصارهن وأنفسهن على أَزوَاجهنَّ فِي خيام اللُّؤْلُؤ لَا يرَوْنَ غَيْرهنَّ وَأخرج هناد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {حور مقصورات فِي الْخيام} قَالَ: محبوسات فِي خيام اللُّؤْلُؤ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْأَحْوَص قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: أَتَدْرُونَ مَا {حور مقصورات فِي الْخيام} در مجوف وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخيام در مجوف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {حور مقصورات فِي الْخيام} قَالَ: خيام اللُّؤْلُؤ والخيمة من لؤلؤة وَاحِدَة مجوفة أَرْبَعَة فراسخ لَهَا أَرْبَعَة آلَاف مصراع من ذهب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْخَيْمَة لؤلؤة وَاحِدَة لَهَا سَبْعُونَ بَابا من در وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي مجلز أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي قَول الله {حور مقصورات فِي الْخيام} قَالَ: در مجوف وَأخرج مُسَدّد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مقصورات فِي الْخيام} قَالَ: الدّرّ المجوف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيْمَة درة مجوفة طولهَا فِي السَّمَاء سِتُّونَ ميلًا فِي كل زَاوِيَة مِنْهَا لِلْمُؤمنِ أهل لَا يراهم الْآخرُونَ يطوف عَلَيْهِم الْمُؤمن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد عَن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة لرجل لَهُ دَار من لؤلؤة وَاحِدَة مِنْهَا غرفها وأبوابها

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي صَالح {فِيهِنَّ خيرات حسان} قَالَ: عذارى الْجنَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله {فِيهِنَّ خيرات حسان} قَالَ: خيرات الْأَخْلَاق حسان الْوُجُوه وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن الْأَوْزَاعِيّ {فِيهِنَّ خيرات حسان} قَالَ: لسن بذيئات اللِّسَان وَلَا يغرن وَلَا يؤذين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لكل مُسلم خيرة وَلكُل خيرة خيمة وَلكُل خيمة أَرْبَعَة أَبْوَاب يدْخل عَلَيْهَا كل يَوْم من الله تحفة وكرامة وهدية لم تكن قبل ذَلِك لَا مراحات وَلَا طماحات وَلَا بخرات وَلَا ذفرات حور عين كأنهن بيض مَكْنُون وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْحور الْعين يَتَغَنَّيْنَ فِي الْجنَّة يقلن نَحن الْخيرَات الحسان جِئْنَا لِأَزْوَاج كرام وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن قَول الله {وحور عين} قَالَ: حور بيض عين ضخام الْعُيُون شفر الْحَوْرَاء بِمَنْزِلَة جنَاح النسْر وَفِي لفظ لِابْنِ مرْدَوَيْه شفر الجفون بِمَنْزِلَة جنَاح النسْر قلت: يَا رَسُول الله أَخْبرنِي عَن قَول الله {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون} قَالَ: صفاؤهم كصفاء الدّرّ الَّذِي فِي الأصداف الَّذِي لم تمسه الْأَيْدِي قلت: فَأَخْبرنِي: عَن قَول الله {كأنهن بيض مَكْنُون} قَالَ: رقتهن كرقة الْجلْدَة الَّتِي فِي دَاخل الْبَيْضَة مِمَّا يَلِي القشر قلت: فَأَخْبرنِي عَن قَول الله {كأنهن الْيَاقُوت والمرجان} قَالَ: صفاؤهن كصفاء الدّرّ الَّذِي فِي الأصداف الَّذِي لم تمسه الْأَيْدِي قلت: فَأَخْبرنِي عَن قَول الله {فِيهِنَّ خيرات حسان} قَالَ: خيرات الْأَخْلَاق حسان الْوُجُوه قلت: فَأَخْبرنِي عَن قَول الله (عربا أَتْرَابًا) (سُورَة الْوَاقِعَة الْآيَة 37) قَالَ: هن اللواتي قبضن فِي دَار الدُّنْيَا عَجَائِز رمصاً شُمْطًا خَلقهنَّ الله بعد الْكبر فجعلهن عذارى عربا مُتَعَشقَات مُتَحَببَات أَتْرَابًا قَالَ عَليّ

وَأخرج هناد بن السّري عَن ثَابت الْبنانِيّ قَالَ: كنت عِنْد أنس بن مَالك فَقدم عَلَيْهِ ابْن لَهُ من غزَاة يُقَال لَهُ أَبُو بكر فَسَأَلَهُ ثمَّ قَالَ: أَلا أخْبرك عَن صاحبنا فلَان بَيْنَمَا نَحن فِي غزاتنا إِذْ ثار وَهُوَ يَقُول: واأهلاه واأهلاه فنزلنا إِلَيْهِ وظننا أَن عارضاً عرض لَهُ فَقُلْنَا لَهُ: فَقَالَ: إِنِّي كنت أحدث نَفسِي أَن لَا أَتزوّج حَتَّى أستشهد فيزوّجني الله من الْحور الْعين فَلَمَّا طَالَتْ عليّ الشَّهَادَة حدثت نَفسِي فِي سرّي إنْ أَنا رجعت تزوّجت فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ: أَنْت الْقَائِل إِن أَنا رجعت تزوّجت قُم فَإِن الله قد زوّجك العيناء فَانْطَلق بِي إِلَى رَوْضَة خضراء معشبة فِيهَا عشر جوَار فِي يَد كل وَاحِدَة صَنْعَة تصنعها لم أر مِثْلهنَّ فِي الْحسن وَالْجمال قلت: فيكُن العيناء قُلْنَ: لَا نَحن من خدمها وَهِي أمامك فَانْطَلَقت فَإِذا بروضة أعشب من الأولى وَأحسن فِيهَا عشرُون جَارِيَة فِي يَد كل وَاحِدَة صَنْعَة تصنعها لَيْسَ الْعشْر إلَيْهِنَّ فِي شَيْء من الْحسن وَالْجمال قلت: فيكُن العيناء قُلْنَ: لَا نَحن من خدمها وَهِي أمامك فمضيت فَإِذا أَنا بروضة أُخْرَى أعشب من الأولى وَالثَّانيَِة وَأحسن فِيهَا أَرْبَعُونَ جَارِيَة فِي يَد كل وَاحِدَة صَنْعَة تصنعها لَيْسَ الْعشْر وَالْعشْرُونَ إلَيْهِنَّ بِشَيْء من الْحسن وَالْجمال قلت: فيكُن العيناء قُلْنَ: لَا نَحن من خدمها وَهِي أمامك فَانْطَلَقت فَإِذا أَنا وته مجوّفة فِيهَا سَرِير عَلَيْهِ امْرَأَة قد فضل جنبها عَن السرير فَقلت: أَنْت العيناء قَالَت: نعم مرْحَبًا وَذَهَبت لأضع يَدي عَلَيْهَا قَالَت: مَه إِن فِيك شَيْئا من الرّوح بعد وَلَكِن فطرك عندنَا اللَّيْلَة فَمَا فرغ الرجل من حَدِيثه حَتَّى نَادَى منادياً خيل الله ارْكَبِي فَجعلت أنظر إِلَى الرجل وَأنْظر إِلَى الشَّمْس وَنحن نصافو العدوّ وَاذْكُر حَدِيثه فَمَا أَدْرِي أَيهمَا بدر رَأسه أَو الشَّمْس سَقَطت أَولا فَقَالَ أنس رَحمَه الله: سكُوت مفاجىء وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة {حور مقصورات فِي الْخيام} قَالَ: در مجوف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: الْخَيْمَة درة مجوّفة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: دَار الْمُؤمن فِي الْجنَّة من لؤلؤة فِيهَا

أَرْبَعُونَ بَيْتا فِي وَسطهَا شَجَرَة تنْبت الْحلَل فيأتيها فَيَأْخُذ بِأُصْبُعِهِ سبعين حلَّة ممنطقة بِاللُّؤْلُؤِ والمرجان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله {حور مقصورات فِي الْخيام} قَالَ: فِي الحجال وَأخرج هناد عَن الشّعبِيّ {لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان} قَالَ: مُنْذُ أنشئن وَأخرج هناد عَن حَيَّان بن أبي جبلة قَالَ: إِن نسَاء أهل الدُّنْيَا إِذا دخلن الْجنَّة فضلن على الْحور الْعين بأعمالهن فِي الدُّنْيَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {متكئين على رَفْرَف خضر وعبقري حسان} قَالَ: فضول المحابس والفرش والبسط وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك قَالَ: الرفرف فضول المحابس والعبقري الزرابي وَهِي الْبسط وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {على رَفْرَف خضر} قَالَ: فضول الْفرش {وعبقري حسان} قَالَ: الديباج الغليظ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله {على رَفْرَف خضر} قَالَ: الْبسط {وعبقري حسان} قَالَ: الطنافس وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ بن أبي طَالب {متكئين على رَفْرَف خضر} قَالَ: فضول المحابس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {رَفْرَف خضر} قَالَ: المحابس {وعبقري حسان} قَالَ: الزرابي

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {متكئين على رَفْرَف خضر} قَالَ: محابس خضر {وعبقري حسان} قَالَ: الزرابي وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَاصِم الحجدري {متكئين على رَفْرَف} قَالَ: وسائد وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: الرفرف الرياض والعبقري الزرابي وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي بكر بن عَيَّاش قَالَ: كَانَ زُهَيْر الْقرشِي وَكَانَ نحوياً بصرياً يقْرَأ [رفارف خضر وعباقري حسان] وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي بكر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ [متكئين على رفارف خضر وعباقري حسان] وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ {وَلمن خَافَ مقَام ربه جنتان} فَذكر فضل مَا بَينهمَا ثمَّ ذكر {وَمن دونهمَا جنتان فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ مدهامتان} قَالَ: خضراوان {فيهمَا عينان نضاختان} وَفِي تِلْكَ تجريان {فيهمَا فَاكِهَة ونخل ورمان} وَفِي تِلْكَ من كل فَاكِهَة زوجان {فِيهِنَّ خيرات حسان} وَفِي تِلْكَ {قاصرات الطّرف لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان} {متكئين على رَفْرَف خضر وعبقري حسان} وَفِي تِلْكَ {متكئين على فرش بطائنها من استبرق} قَالَ: الديباج والعبقري الزرابي قَوْله تَعَالَى: {تبَارك اسْم رَبك ذِي الْجلَال والإِكرام} أخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن معَاذ بن جبل قَالَ: سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا يَقُول: يَا ذَا الْجلَال والإِكرام قَالَ: قد اسْتُجِيبَ لَك فسل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أنس بن مَالك قَالَ: كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا فِي الْحلقَة وَرجل قَائِم يُصَلِّي فَلَمَّا ركع وَسجد تشهد ودعا فَقَالَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِأَن لَك الْحَمد لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك المنان بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض يَا ذَا الْجلَال والإِكرام يَا حيّ يَا قيوم إِنِّي أَسأَلك فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد دَعَا الله باسمه الْعَظِيم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب وَإِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا انْصَرف من صلَاته اسْتغْفر الله ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام ومنك السَّلَام تَبَارَكت يَا ذَا الْجلَال والإِكرام

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلظُّوا بيا ذَا الْجلَال والإِكرام فَإِنَّهُمَا اسمان من أَسمَاء الله الْعِظَام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلظُّوا بيا ذَا الْجلَال والإِكرام وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ربيعَة بن عَامر سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَلظُّوا بيا ذَا الْجلَال والإِكرام وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَلظُّوا بيا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام 8

56 سُورَة الْوَاقِعَة مَكِّيَّة وآياتها سِتّ وَتسْعُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 6

الواقعة

أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْوَاقِعَة بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الضريس والحرث بن أبي أُسَامَة وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قَرَأَ سُورَة الْوَاقِعَة كل لَيْلَة لم تصبه فاقة أبدا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ سُورَة الْوَاقِعَة كل لَيْلَة لم تصبه فاقة أبدا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سُورَة الْوَاقِعَة سُورَة الْغنى فاقرأوها وعلموها أَوْلَادكُم وَأخرج الديلمي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: علمُوا نساءكم سُورَة الْوَاقِعَة فَإِنَّهَا سُورَة الْغنى وَأخرج أَبُو عبيد عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: قَالَت عَائِشَة للنِّسَاء: لَا تعجز إحداكن أَن تقْرَأ سُورَة الْوَاقِعَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يقْرَأ فِي الْفجْر الْوَاقِعَة وَنَحْوهَا من السُّور وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ألظ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَاقِعَة والحاقة وَعم يتساءلون والنازعات وَإِذا الشَّمْس كورت وَإِذا السَّمَاء انفطرت فاستطار فِيهِ [] الْفقر فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: قد أسْرع فِيك الْفقر قَالَ: شيبتني هود وصواحباتها هَذِه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِذا وَقعت الْوَاقِعَة} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {لَيْسَ لوقعتها كَاذِبَة} قَالَ: لَيْسَ لَهَا مرد يرد {خافضة رَافِعَة} قَالَ: تخْفض نَاسا وترفع آخَرين وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {خافضة رَافِعَة} قَالَ: أسمعت الْقَرِيب والبعيد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عُثْمَان بن سراقَة عَن خَاله عمر بن الْخطاب فِي قَوْله: {خافضة رَافِعَة} قَالَ: السَّاعَة خفضت أَعدَاء الله إِلَى النَّار وَرفعت أَوْلِيَاء الله إِلَى الْجنَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: {خافضة رَافِعَة} قَالَ: تخْفض رجَالًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا مرتفعين وترفع رجَالًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا منخفضين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله: {خافضة رَافِعَة} قَالَ: خفضت المتكبرين وَرفعت المتواضعين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِذا وَقعت الْوَاقِعَة} قَالَ: نزلت {لَيْسَ لوقعتها كَاذِبَة} قَالَ: [] مثنوية {خافضة رَافِعَة} قَالَ: خفضت قوما فِي عَذَاب الله وَرفعت قوما فِي كَرَامَة الله {إِذا رجت الأَرْض رجّاً} قَالَ: زلزلت زَلْزَلَة {وبست الْجبَال بسّاً} قَالَ: حتت حتّاً {فَكَانَت هباء منبثاً} كيابس الشّجر تَذْرُوهُ الرِّيَاح يَمِينا وَشمَالًا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله: {خافضة رَافِعَة} قَالَ: من انخفض يَوْمئِذٍ لم يرْتَفع ابداً وَمن ارْتَفع يَوْمئِذٍ لم ينخفض ابداً وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِذا رجت الأَرْض رجّاً} قَالَ: زلزلت {وبست الْجبَال بسّاً} قَالَ: فتت {فَكَانَت هباء منبثاً} قَالَ: كشعاع الشَّمْس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِذا رجت الأَرْض رجّاً} يَقُول: ترجف الأَرْض تزلزل {وبست الْجبَال بسّاً} يَقُول: فتت فتاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِذا رجت الأَرْض رجّاً} قَالَ: زلزلت {وبست الْجبَال بسّاً} قَالَ: فتت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَكَانَت هباء منبثاً} قَالَ: الهباء الَّذِي يطير من النَّار إِذا اضطرمت يطير مِنْهَا الشرر فَإِذا وَقع لم يكن شَيْئا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَكَانَت هباء منبثاً} قَالَ: الهباء يثور مَعَ شُعَاع الشَّمْس وانبثاثه تفرقه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الهباء المنبث رهج الذوات والهباء المنثور غُبَار الشَّمْس الَّذِي ترَاهُ فِي شُعَاع الكوّة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {هباء منبثا} قَالَ: الغبارالذي يخرج من الكوة مَعَ شُعَاع الشَّمْس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {هباء منبثاً} قَالَ: الشعاع الَّذِي يكون فِي الكوّة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {هباء منبثاً} قَالَ: هُوَ الَّذِي ترَاهُ فِي الشَّمْس إِذا دخلت من الكوة إِلَى الْبَيْت الْآيَة 7 - 20

7

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} قَالَ: أصنافاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} قَالَ: هِيَ الَّتِي فِي سُورَة الْمَلَائِكَة (ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات) (سُورَة فاطر الْآيَة 32) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} قَالَ: هَذَا حِين تزايلت بهم الْمنَازل هم أَصْحَاب الْيَمين وَأَصْحَاب الشمَال وَالسَّابِقُونَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} قَالَ: منَازِل النَّاس يَوْم الْقِيَامَة {فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة} قَالَ: مَاذَا لَهُم وماذا أعد لَهُم {وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة} قَالَ: مَاذَا لَهُم وماذا أعد لَهُم {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ: السَّابِقُونَ من كل أمة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله: {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} إِلَى قَوْله: {وثلة من الآخرين} قَالَ: سوى بَين أَصْحَاب الْيَمين من الْأُمَم الْمَاضِيَة وَبَين أَصْحَاب الْيَمين من هَذِه الْأمة وَكَانَ السَّابِقُونَ من الْأَوَّلين أَكثر من سابقي هَذِه الْأمة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ: يُوشَع بن نون سبق إِلَى مُوسَى وَمُؤمن آل يس سبق إِلَى عِيسَى وَعلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ سبق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة أَرْبَعَة فَأَنا سَابق الْعَرَب وسلمان سَابق فَارس وبلال سَابق الْحَبَشَة وصهيب سَابق الرّوم وَأخرج أَبُو نعيم الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ المقربون} أول من يدْخل الْمَسْجِد وَآخر من يخرج مِنْهُ

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عُثْمَان بن أبي سَوْدَة مولى عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: بلغنَا فِي هَذِه الْآيَة {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} أَنهم السَّابِقُونَ إِلَى الْمَسَاجِد وَالْخُرُوج فِي سَبِيل الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ: من كل أمة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ: نزلت فِي حزقيل مُؤمن آل فِرْعَوْن وحبِيب النجار الَّذِي ذكر فِي يس وَعلي بن أبي طَالب وكل رجل مِنْهُم سَابق أمته وعليّ أفضلهم سبقاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وَإِذا النُّفُوس زوّجت} قَالَ: الضرباء كل رجل مَعَ قوم كَانُوا يعْملُونَ بِعَمَلِهِ وَذَلِكَ بِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} {فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ: هم الضرباء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ثلة} قَالَ: أمة وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت {ثلة من الْأَوَّلين وَقَلِيل من الآخرين} شقّ ذَلِك على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا ربع أهل الْجنَّة ثلث أهل الْجنَّة بل أَنْتُم نصف أهل الْجنَّة أَو شطر أهل الْجنَّة وتقاسمونهم الشّطْر الثَّانِي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عُرْوَة بن رُوَيْم عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: لما نزلت {إِذا وَقعت الْوَاقِعَة} ذكر فِيهَا {ثلة من الْأَوَّلين وَقَلِيل من الآخرين} قَالَ عمر: يَا رَسُول الله: {ثلة من الأوّلين وثلة من الآخرين} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عمر تعال فاستمع مَا قد أنزل الله {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} أَلا وَإِن آدم إليّ ثلة وَأمتِي ثلة وَلنْ نستكمل ثلتنا حَتَّى نستعين

باسودان من رُعَاة الإِبل مِمَّن يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأخرجه ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن عُرْوَة بن رُوَيْم مُرْسلا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت {ثلة من الْأَوَّلين وَقَلِيل من الآخرين} حزن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالُوا: إِذا لَا يكون من أمة مُحَمَّد إلاقليل فَنزلت نصف النَّهَار {ثلة من الأوّلين وثلة من الآخرين} وتقابلون النَّاس فنسخت الْآيَة {وَقَلِيل من الآخرين} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ثلة من الأوّلين} قَالَ: مِمَّن سبق {وَقَلِيل من الآخرين} قَالَ: من هَذِه الْأمة أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والبهيقي فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {على سرر موضونة} قَالَ: مصفوفة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {على سرر موضونة} قَالَ: مرمولة بِالذَّهَب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {موضونة} قَالَ: مرمولة بِالذَّهَب وَأخرج هناد عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: الموضونة المرملة وَهُوَ أوثق الأسِرّة وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل: {على سرر موضونة} قَالَ: الموضونة مَا توضن بقضبان الْفضة عَلَيْهَا سَبْعُونَ فراشا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت حسان بن ثَابت وَهُوَ يَقُول: أَعدَدْت للهيجاء موضونة فضفاضة بِالنَّهْي بالباقع وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد {متكئين عَلَيْهَا مُتَقَابلين} قَالَ: لَا ينظر أحدهم فِي قفا صَاحبه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن إِسْحَق قَالَ فِي قِرَاءَة عبد الله: [متكئين عَلَيْهَا ناعمين]

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {يطوف عَلَيْهِم ولدان مخلدون} قَالَ: لم يكن لَهُم حَسَنَات يجزون بهَا وَلَا سيئات يعاقبون عَلَيْهَا فوضعوا فِي هَذِه الْمَوَاضِع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يطوف عَلَيْهِم ولدان مخلدون} قَالَ: لَا يموتون وَفِيه قَوْله: {بأكواب وأباريق} قَالَ: الأكواب لَيْسَ لَهَا آذان والأباريق الَّتِي لَهَا آذان وَفِي قَوْله: {وكأس من معِين} قَالَ: خمر بَيْضَاء {لَا يصدّعون عَنْهَا وَلَا ينزفون} قَالَ: لَا تصدع رؤوسهم وَلَا يقيئونها وَفِي لفظ وَلَا تنزف عُقُولهمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي رَجَاء قَالَ: سَأَلت الْحسن عَن الأكواب فَقَالَ: هِيَ الأباريق الَّتِي يصب مِنْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: الأكواب الأقداح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وكأس من معِين} قَالَ: يَعْنِي الْخمر وَهِي هُنَاكَ جَارِيَة الْمعِين الْجَارِي {لَا يصدّعون عَنْهَا وَلَا ينزفون} لَيْسَ فِيهَا وجع الرَّأْس وَلَا يغلب أحد على عقله وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {لَا يصدّعون عَنْهَا وَلَا ينزفون} قَالَ: لاتصدع رؤوسهم وَلَا تذْهب عُقُولهمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {لَا يصدّعون عَنْهَا وَلَا ينزفون} قَالَ: لَا تصدع رؤوسهم وَلَا تنزف عُقُولهمْ وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {لَا يصدّعون عَنْهَا وَلَا ينزفون} قَالَ: أهل الْجنَّة يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ وَلَا ينزفون كَمَا ينزف أهل الدُّنْيَا إِذا أَكْثرُوا الطَّعَام وَالشرَاب يَقُول: لَا يملوا وَأخرج عبد بن حميد بن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لَا يصدّعون عَنْهَا وَلَا ينزفون} بِرَفْع الْيَاء وَكسر الزَّاي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الرجل من أهل الْجنَّة ليؤتى بالكأس وَهُوَ جَالس مَعَ زَوجته فَيَشْرَبهَا ثمَّ يلْتَفت إِلَى زَوجته فَيَقُول: قد ازددت فِي عَيْني سبعين ضعفا

الْآيَة 21 - 33

21

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَلحم طير مِمَّا يشتهون} قَالَ: لَا يَشْتَهِي مِنْهَا شَيْئا إِلَّا صَار بَين يَدَيْهِ فَيُصِيب مِنْهُ حَاجته ثمَّ يطير فَيذْهب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه والبهيقي فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّك لتنظر إِلَى الطير فِي الْجنَّة فتشتهيه فيخر بَين يَديك مشوياً وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طير الْجنَّة فَقَالَ أَبُو بكر: إِنَّهَا لناعمة قَالَ: وَمن يَأْكُل مِنْهَا أنعم مِنْهَا وَإِنِّي لأرجو أَن تَأْكُل مِنْهَا وَأخرج الْخَطِيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: فِي هَذِه الْآيَة {وفرش مَرْفُوعَة} قَالَ: غلظ كل فرَاش مِنْهَا كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما طير الْجنَّة كأمثال البخت ترعى فِي شجر الْجنَّة فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن هَذِه الطُّيُور لناعمة فَقَالَ: آكلها أنعم مِنْهَا وَإِنِّي لأرجو أَن تكون مِمَّن يأكلها وَأخرج البهيقي فِي الْبَعْث عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة طيراً أَمْثَال البخائي قَالَ أَبُو بكر: إِنَّهَا لناعمة يَا رَسُول الله قَالَ: أنعم مِنْهَا من يأكلها وَأَنت مِمَّن يأكلها وَأَنت مِمَّن يَأْكُل مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة طيراً كأمثال البخت تَأتي الرجل فَيُصِيب مِنْهَا ثمَّ تذْهب كَأَن لم ينقص مِنْهَا شَيْء

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة عَن أبي أُمَامَة قَالَ: إِن الجل ليشتهي الطير فِي الْجنَّة من طيور الْجنَّة فَيَقَع فِي يَده مقلياً نضيجاً وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مَيْمُونَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الرجل ليشتهي الطير فِي الْجنَّة فَيَجِيء مثل البختي حَتَّى يَقع على خوانه لم يصبهُ دُخان وَلم تمسه نَار فيأكل مِنْهُ حَتَّى يشْبع ثمَّ يطير وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن فِي الْجنَّة طيراً لَهُ سَبْعُونَ ألف ريشة فَإِذا وضع الخوان قُدَّام وليّ الله جَاءَ الطير فَسقط عَلَيْهِ فانتفض فَخرج من كل ريشة لون ألذ من الشهد وألين من الزّبد وَأحلى من الْعَسَل ثمَّ يطير وَأخرج هناد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة لطيراً فِيهِ سَبْعُونَ ألف ريشة فَيَجِيء فَيَقَع على صَحْفَة الرجل من أهل الْجنَّة ثمَّ ينتفض فَيخرج من كل ريشة لون أَبيض من الثَّلج وألين من الزّبد وأعذب من الشهد لَيْسَ فِيهِ لون يشبه صَاحبه ثمَّ يطير فَيذْهب قَوْله تَعَالَى: {وحور عين} الْآيَة أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة قَالَ: أَقْرَأَنِي أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ {وحور عين} يَعْنِي بِالْجَرِّ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وحور عين} بِالرَّفْع فيهمَا وينوّن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وحور عين} قَالَ: يحار فِيهِنَّ الْبَصَر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كأمثال اللُّؤْلُؤ الْمكنون} قَالَ: الَّذِي فِي الصدف لم يحور عَلَيْهِ الْأَيْدِي وَأخرج هناد بن السّري عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {كأمثال اللُّؤْلُؤ الْمكنون} قَالَ: اللُّؤْلُؤ الْعِظَام الَّذِي قد أكن من أَن يمسهُ شَيْء قَوْله تَعَالَى: {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا} الْآيَة أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا} قَالَ: بَاطِل ا {وَلَا تأثيماً} قَالَ: كذبا وَأخرج هناد عَن الضَّحَّاك {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا} قَالَ: الهدر من القَوْل والتأثيم الْكَذِب

قَوْله تَعَالَى: {أَصْحَاب الْيَمين} الْآيَات أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر والبهيقي فِي الْبَعْث من طَرِيق حُصَيْن عَن عَطاء وَمُجاهد قَالَ: لم سَأَلَ أهل الطَّائِف الْوَادي يحمي لَهُم فِيهِ عسل فَفعل وَهُوَ وَاد معجب فَسَمِعُوا النَّاس يَقُولُونَ فِي الْجنَّة كَذَا وَكَذَا قَالُوا يَا لَيْت لنا فِي الْجنَّة مثل هَذَا الْوَادي فَأنْزل الله {وَأَصْحَاب الْيَمين مَا أَصْحَاب الْيَمين فِي سدر مخضود} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير والبهيقي فِي الْبَعْث من وَجه آخر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يعْجبُونَ من وَج (هَكَذَا فِي الأَصْل) وظلاله من طَلْحَة وسدرة فَأنْزل الله {وَأَصْحَاب الْيَمين مَا أَصْحَاب الْيَمين فِي سدر مخضود وطلح منضود وظل مَمْدُود} وَأخرج أَحْمد عَن معَاذ بن جبل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة {وَأَصْحَاب الْيَمين مَا أَصْحَاب الْيَمين} {وَأَصْحَاب الشمَال مَا أَصْحَاب الشمَال} فَقبض يَدَيْهِ قبضتين فَقَالَ: هَذِه فِي الْجنَّة وَلَا أُبَالِي وَهَذِه فِي النَّار وَلَا أُبَالِي وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ والبهيقي فِي الْبَعْث عَن أبي أُمَامَة قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُونَ: إِن الله ينفعنا بالأعراب ومسائلهم أقبل أَعْرَابِي يَوْمًا فَقَالَ: يَا رَسُول الله لقد ذكر الله فِي الْقُرْآن شَجَرَة مؤذية وَمَا كنت أرى أَن فِي الْجنَّة شَجَرَة تؤذي صَاحبهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا هِيَ قَالَ: السدر فَإِن لَهَا شوكاً فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلَيْسَ يَقُول الله: {فِي سدر مخضود} يخضده الله من شَوْكَة فَيجْعَل مَكَان كل شَوْكَة ثَمَرَة إِنَّهَا تنْبت ثمراً يفتق الثَّمر مِنْهَا عَن اثْنَيْنِ وَسبعين لوناً من الطَّعَام مَا فِيهَا لون يشبه الآخر وَأخرج ابْن أبي دَاوُد فِي الْبَعْث وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عبد الله السّلمِيّ قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء أَعْرَابِي فَقَالَ: يَا رَسُول أسمعك تذكر فِي الْجنَّة شَجَرَة لَا أعلم شَجَرَة أَكثر شوكاً مِنْهَا يَعْنِي الطلح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله تَعَالَى يَجْعَل مَكَان كل شَوْكَة مِنْهَا ثَمَرَة مثل خصية التيس الملبود يَعْنِي المخصيّ فِيهَا سَبْعُونَ لوناً من الطَّعَام لَا يشبه لون الآخر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فِي سدر مخضود} قَالَ: خضده وقره من الْحمل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فِي سدر مخضود} قَالَ: المخضود الَّذِي لَا شوك فِيهِ

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: المخضود الموقر الَّذِي لَا شوك فِيهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن يزِيد الرقاشِي رَضِي الله عَنهُ {فِي سدر مخضود} قَالَ: نبقها أعظم من القلال وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله تَعَالَى: {فِي سدر مخضود} قَالَ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ شوك قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أُميَّة بن أبي الصَّلْت: إِن الحدائق فِي الْجنان ظليلة فِيهَا الكواعب سدرها مخضود وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وطلح منضود} قَالَ: هُوَ الموز وَأخرج الْفرْيَابِيّ وهناد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جريروابن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ {وطلح منضود} قَالَ: الموز وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَقَتَادَة مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ / وطلع منضود / وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن قيس بن عباد قَالَ: قَرَأت على عليّ {وطلح منضود} فَقَالَ: عليّ مَا بَال الطلح أما تقْرَأ [وطلع] ثمَّ قَالَ: [وطلع نضيد] فَقيل لَهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أنحكها من الْمَصَاحِف فَقَالَ: لَا يهاج الْقُرْآن الْيَوْم وَأخرج ابْن جريرعن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {منضود} قَالَ: بعضه على بعض وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {سدر مخضود} قَالَ: الموقر حملا {وطلح منضود} يَعْنِي الموز المتراكم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن حَائِط الْجنَّة لبنة من ذهب ولبنة من فضَّة وقاع الْجنَّة ذهب ورضاضها اللُّؤْلُؤ وطينها مسك وترابها الزَّعْفَرَان وخلال ذَلِك سدر مخضود وطلح منضود وظل مَمْدُود وَمَاء مسكوب

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا اقرأوا إِن شِئْتُم {وظل مَمْدُود} وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة يسير الرَّاكِب فِيهِ ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا وَإِن شِئْتُم فاقرأوا {وظل مَمْدُود} وَمَاء مسكوب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا وَذَاكَ الظل الْمَمْدُود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الظل الْمَمْدُود شَجَرَة فِي الْجنَّة على سَاق ظلها قدر مَا يسير الرَّاكِب فِي كل نَوَاحِيهَا مائَة عَام فَيخرج إِلَيْهَا أهل الْجنَّة أهل الغرف وَغَيرهم فيتحدثون فِي ظلها فيشتهي بَعضهم وَيذكر لَهو الدُّنْيَا فَيُرْسل الله ريحًا من الْجنَّة فَتحَرك تِلْكَ الشَّجَرَة بِكُل لَهو فِي الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: فِي الْجنَّة شجر لَا يحمل يستظل بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمروبن مَيْمُون {وظل مَمْدُود} قَالَ: مسيرَة سبعين ألف سنة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَمَاء مسكوب} قَالَ: جَار وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سعف نخل الْجنَّة مِنْهَا مقاطعاتهم وكسوتهم وَأخرج هناد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: عناقيد الْجنَّة مَا بَيْنك وَبَين صنعاء وَهُوَ بِالشَّام الْآيَة 34 - 40

34

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ حسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة وَابْن حبَان وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالرُّويَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة والبهيقي فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي قَوْله {وفرش مَرْفُوعَة} قَالَ: ارتفاعها كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض مسيرَة مَا بَينهمَا خَمْسمِائَة عَام وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْفرش المرفوعة قَالَ: لَو طرح فرَاش من أَعْلَاهَا لهوى إِلَى قَرَارهَا مائَة خريف وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة الْجنَّة عَن أبي أُمَامَة فِي قَوْله: {وفرش مَرْفُوعَة} قَالَ: لَو أَن أَعْلَاهَا سقط مَا بلغ أَسْفَلهَا أَرْبَعِينَ خَرِيفًا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَفعه فِي الْفرش المرفوعة لَو طرح من أَعْلَاهَا شَيْء مَا بلغ قَرَارهَا مائَة خريف وَأخرج هناد عَن الْحسن فِي قَوْله: {وفرش مَرْفُوعَة} قَالَ: ارْتِفَاع فرَاش أهل الْجنَّة مسيرَة ثَمَانِينَ سنة وَالله أعلم أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وهناد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والبهيقي فِي الْبَعْث عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء} قَالَ: إِن من الْمُنْشَآت اللَّاتِي كن فِي الدُّنْيَا عَجَائِز شُمْطًا عمشًا رمصاً وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن قَانِع والبهيقي فِي الْبَعْث عَن سَلمَة بن زيد الْجعْفِيّ سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي قَوْله: {إِنَّا أنشأناهنّ إنْشَاء} قَالَ: الثّيّب والأبكار اللَّاتِي كنّ فِي الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل وَابْن الْمُنْذر والبهيقي فِي الْبَعْث عَن الْحسن قَالَ: أَتَت عَجُوز فَقَالَت يَا رَسُول الله: ادْع الله أَن يدخلني الْجنَّة فَقَالَ: يَا أم فلَان إِن لجنة لَا يدخلهَا عَجُوز فولّت تبْكي قَالَ: أَخْبرُوهَا أَنَّهَا لَا تدْخلهَا وَهِي عَجُوز إِن الله يَقُول: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء فجعلناهن أَبْكَارًا} وَأخرج البهيقي فِي الشّعب عَن عَائِشَة قَالَت: دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليّ وَعِنْدِي عَجُوز فَقَالَ: من هَذِه قلت: إِحْدَى خَالَاتِي قَالَ: أما إِنَّه لَا يدْخل الْجنَّة الْعَجُوز فَدخل الْعَجُوز من ذَلِك مَا شَاءَ الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ خلقا آخر

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَتْهُ عَجُوز من الْأَنْصَار فَقَالَت: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ادْع الله أَن يدخلني الْجنَّة فَقَالَ: إِن الْجنَّة لَا يدخلهَا عَجُوز فَذهب يُصَلِّي ثمَّ رَجَعَ فَقَالَت عَائِشَة: لقد لقِيت من كلمتك مشقة فَقَالَ: إِن ذَلِك كَذَلِك إِن الله إِذا أدْخلهُنَّ الْجنَّة حوّلهنّ أَبْكَارًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {إِنَّا أنشأناهنّ إنْشَاء} نخلقهن غير خَلقهنَّ الأول وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {إِنَّا أنشأناهنّ إنْشَاء} قَالَ: أنبتناهن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أهل الْجنَّة إِذا جامعوا النِّسَاء عُدْنَ أَبْكَارًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس فِي قَوْله: {فجعلناهن أَبْكَارًا} قَالَ: عذارى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والبهيقي من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: عواشق {أَتْرَابًا} يَقُول: مستويات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس {عربا} قَالَ: عواشق لِأَزْوَاجِهِنَّ وأزواجهن لَهُنَّ عاشقون {أَتْرَابًا} قَالَ: فِي سنّ وَاحِد ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْعَرَب الملقة لزَوجهَا وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْعَرَب المتحببات المتوددات إِلَى أَزوَاجهنَّ وَأخرج هناد من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْعَرَب الغنجة وَفِي قَول أهل الْمَدِينَة الشكلة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: هِيَ الغنجة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: هن المتغنجات وَأخرج سُفْيَان وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن

عَبَّاس فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: النَّاقة الَّتِي تشْتَهي الْفَحْل يُقَال لَهَا: عربة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن بُرَيْدَة فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: هِيَ الشكلة بلغَة مَكَّة المغنوجة بلغَة الْمَدِينَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: العربة الَّتِي تشْتَهي زَوجهَا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزوجل {عربا أَتْرَابًا} قَالَ: هن العاشقات لِأَزْوَاجِهِنَّ اللَّاتِي خُلِقْنَ من الزَّعْفَرَان والأتراب المستويات قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان وهويقول: عهِدت بهَا سعدى وسعدى عزيزة عروب تهادى فِي جوَار خرائد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فجعلناهن أَبْكَارًا} قَالَ: عذارى {عربا} قَالَ: عشقاً لِأَزْوَاجِهِنَّ {أَتْرَابًا} قَالَ: مستويات سنا وَاحِدًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عكركة فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: المغنوجات والعربة هِيَ الغنجة وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر أَنه سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى: {عربا} قَالَ: أما سَمِعت أَن الْمحرم يُقَال لَهُ: لَا تعربها بِكَلَام تلذ ذَهَابه وَهِي مُحرمَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن تيم بن جدلم وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: العربة الْحَسَنَة التبعل وَكَانَت الْعَرَب تَقول للْمَرْأَة إِذا كَانَت حَسَنَة التبعل: إِنَّهَا العربة وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: يشتهين أَزوَاجهنَّ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: الْعَرَب المتعشقات وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرر وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: عواشق لِأَزْوَاجِهِنَّ {أَتْرَابًا} قَالَ: مستويات

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: المتعشقات لبعولتهن والأتراب المستويات فِي سنّ وَاحِد وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْعَرَب المتعشقات واأتراب المستويات فِي سنّ وَاحِد وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: المتحببات إِلَى الْأزْوَاج والأتراب المستويات وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: مُتَحَببَات إِلَى أَزوَاجهنَّ {أَتْرَابًا} قَالَ: أَمْثَالًا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْعَرَب المتحببات إِلَى أَزوَاجهنَّ والأتراب الْأَشْبَاه المستويات وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: العربة هِيَ الْحَسَنَة الْكَلَام وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {عربا} قَالَ: عواشق {أَتْرَابًا} قَالَ: أقراناً وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن هِلَال بن أبي بردة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لجلسائه: مَا العروب من النِّسَاء فماجوا وَأَقْبل إِسْحَق بن عبد الله بن الْحَرْث النَّوْفَلِي رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: قد جَاءَكُم من يُخْبِركُمْ عَنْهَا فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: الخفرة المتبذلة لزَوجهَا وَأنْشد: يعربن عِنْد بهولهن إِذا خلوا وَإِذا هم خَرجُوا فهن خفار وَأخرج ابْن عدي بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير نِسَائِكُم العفيفة الغلمة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أَنه راود زَوجته فَاخِتَة بنت قرطة فنخرت نخرة شَهْوَة ثمَّ وضعت يَدهَا على وَجههَا فَقَالَ: لَا سوأة عَلَيْك فوَاللَّه لخيركن الناخرات والشخارات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {عربا} قَالَ: كلامهنّ عَرَبِيّ

وَأخرج عبد بن حميد عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} قَالَ: كثير من الْأَوَّلين وَكثير من الآخرين وَأخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} قَالَ: هما جَمِيعًا من هَذِه الْأمة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هما جَمِيعًا من أمتِي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} قَالَ: الثُّلَّتَانِ جَمِيعًا من هَذِه الْأمة وَأخرج الْحسن بن سُفْيَان وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأرجو أَن يكون من اتبعني من أمتِي ربع أهل الْجنَّة فكبرنا ثمَّ قَالَ: إِنِّي لأرجو أَن يكون من أمتِي الشّطْر ثمَّ قَرَأَ {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تحدثنا ذَات لَيْلَة عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى [] ألرنا (هَكَذَا فِي الأَصْل) الحَدِيث فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غدونا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: عرضت عَليّ الْأَنْبِيَاء باتباعها من أممها فَإِذا النَّبِي مَعَه الثلَّة من أمته وَإِذا النَّبِي لَيْسَ مَعَه أحد وَقد أنبأكم الله عَن قوم لوط فَقَالَ: أَلَيْسَ مِنْكُم رشيدحتى مر مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَمن مَعَه من بني إِسْرَائِيل قلت: يَا رب فَأَيْنَ أمتِي قَالَ: انْظُر عَن يَمِينك فَإِذا الظراب ظراب مَكَّة قد سد من وُجُوه الرِّجَال قَالَ: أرضيت يَا مُحَمَّد قلت: رضيت يَا رب قَالَ: أنظر عَن يسارك فَإِذا الْأُفق قد سد من وُجُوه الرِّجَال قَالَ: أرضيت يَا مُحَمَّد قلت: رضيت يَا رب قَالَ: فَإِن مَعَ هَؤُلَاءِ سبعين ألفا يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب فَأتى عكاشة بن مُحصن الْأَسدي رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُم ثمَّ قَامَ رجل آخر فَقَالَ يَا رَسُول الله: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم فَقَالَ: سَبَقَك بهَا عكاشة ثمَّ قَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن اسْتَطَعْتُم بِأبي أَنْتُم وَأمي أَن تَكُونُوا من السّبْعين فكونوا فَإِن

عجزتم وقصرتم فكونوا من أَصْحَاب الظراب فَإِن عجزتم وقصرتم فكونوا من أَصْحَاب الْأُفق فَإِنِّي قد رَأَيْت أُنَاسًا يتهارشون كثيرا ثمَّ قَالَ: إِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا شطر أهل الْجنَّة فَكبر الْقَوْم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} فتذاكروا من هَؤُلَاءِ السبعون ألفا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هم الَّذين لَا يسْتَرقونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ الْآيَة 41 - 57

41

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَأَصْحَاب الشمَال مَا أَصْحَاب الشمَال} قَالَ: مَاذَا لَهُم وماذا أعد لَهُم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وظل من يحموم} قَالَ: من دُخان أسود وَفِي لفظ: من دُخان جَهَنَّم وَأخرج هناد وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وظل من يحموم} قَالَ: من دُخان جَهَنَّم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وظل من يحموم} قَالَ: من دُخان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ {وظل من يحموم} قَالَ: الدُّخان

وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: النَّار سَوْدَاء وَأَهْلهَا سود وكل شَيْء فِيهَا أسود وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَا بَارِد وَلَا كريم} قَالَ: لَا بَارِد الْمنزل وَلَا كريم المنظر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ان عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِنَّهُم كَانُوا قبل ذَلِك مترفين} قَالَ: منعمين {وَكَانُوا يصرون على الْحِنْث الْعَظِيم} قَالَ: على الذَّنب الْعَظِيم وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ {وَكَانُوا يصرون على الْحِنْث الْعَظِيم} قَالَ: هِيَ الْكَبَائِر وَأخرج ابْن عدي والشيرازي فِي الألقاب وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْوَاقِعَة {فشاربون شرب الهيم} بِفَتْح الشين من شرب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {شرب الهيم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {شرب الهيم} قَالَ: الإِبل العطاش وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزوجل: {فشاربون شرب الهيم} قَالَ: الإِبل يَأْخُذهَا دَاء يُقَال لَهُ الهيم فَلَا تروى من المَاء فَشبه الله تَعَالَى شرب أهل النَّار من الْحَمِيم بِمَنْزِلَة الإِبل الهيم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت لبيد بن ربيعَة وَهُوَ يَقُول: أجزت إِلَى معارفها بشعب واطلاح من العبديّ هيم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مجلز رَضِي الله عَنهُ {فشاربون شرب الهيم} قَالَ: كَانَ المراض تمص المَاء مصا وَلَا تروى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {فشاربون شرب الهيم} قَالَ: الإِبل المراض تمص المَاء مصا وَلَا تروى

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فشاربون شرب الهيم} قَالَ: ضراب الإِبل دَوَاب لَا تروى وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي جَامعه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فشاربون شرب الهيم} قَالَ: هيام الأَرْض يَعْنِي الرمال وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ {الهيم} الإِبل العطاش وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {شرب الهيم} قَالَ: الإِبل الهيم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {شرب الهيم} قَالَ: دَاء يَأْخُذ فَإِذا أَخذهَا لم ترو وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {شرب الهيم} بِرَفْع الشين الْآيَة 58 - 74

58

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم والبهيقي فِي سنَنه عَن حجر الْمرَادِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت عبد عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَسَمعته وَهُوَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ يقْرَأ فَمر بِهَذِهِ الْآيَة {أَفَرَأَيْتُم مَا تمنون أأنتم تخلقونه أم نَحن الْخَالِقُونَ} قَالَ: بل أَنْت يَا رب ثَلَاثًا

ثمَّ قَرَأَ {أأنتم تزرعونه} قَالَ: بل أَنْت يَا رب ثَلَاثًا ثمَّ قَرَأَ {أأنتم أنزلتموه من المزن} قَالَ: بل أَنْت يَا رب ثَلَاثًا ثمَّ قَرَأَ {أأنتم أنشأتم شجرتها} قَالَ: بل أَنْت يارب ثَلَاثًا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {نَحن قَدرنَا بَيْنكُم الْمَوْت} قَالَ: تَقْدِير أَن جعل أهل الأَرْض وَأهل السَّمَاء فِيهِ سَوَاء شريفهم وضعيفهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {نَحن قَدرنَا بَيْنكُم الْمَوْت} قَالَ: الْمُتَأَخر والمعجل وَأي فِي قَوْله: {وننشئكم فِي مَا لَا تعلمُونَ} قَالَ: فِي خلق شِئْنَا وَفِي قَوْله: {وَلَقَد علمْتُم النشأة الأولى} إِذا لم تَكُونُوا شَيْئا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَقَد علمْتُم النشأة الأولى} قَالَ: خلق آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَقُولَن أحدكُم زرعت وَلَكِن ليقل حرثت قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: ألم تسمعوا الله يَقُول: {أَفَرَأَيْتُم مَا تَحْرُثُونَ أأنتم تزرعونه أم نَحن الزارعون} وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عبد الرَّحْمَن رَضِي الله عَنهُ أَنه كره أَن يَقُول: زرعت وَيَقُول: حرثت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أأنتم تزرعونه} قَالَ: تنبتونه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فظلتم تفكهون} قَالَ: تعْجبُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {فظلتم تفكهون} قَالَ: تَنْدمُونَ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّا لمغرمون} قَالَ: ملقون للشر {بل نَحن محرومون} قَالَ: محدودون وَفِي قَوْله: {أأنتم أنزلتموه من المزن} قَالَ: السَّحَاب

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أأنتم أنزلتموه من المزن} قَالَ: السَّحَاب وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَقَتَادَة رَضِي الله عَنْهُمَا مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا شرب المَاء قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي سقانا عذباً فراتاً برحمته وَلم يَجعله ملحاً أجاجاً بذنوبنا وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {نَحن جعلناها تذكرة} قَالَ: هَذِه لنا تذكرة للنار الْكُبْرَى {ومتاعاً للمقوين} قَالَ: للمستمتعين النَّاس أَجْمَعِينَ وَفِي لفظ للحاضر والبادي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {نَحن جعلناها تذكرة} قَالَ: تذكرة للنار الْكُبْرَى {ومتاعاً للمقوين} قَالَ: للمسافرين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {نَحن جعلناها تذكرة} قَالَ: تذكرة للنار الْكُبْرَى {ومتاعاً للمقوين} قَالَ: للمسافرين كم من قوم قد سافروا ثمَّ أرملوا فأحجبوا نَارا فاستدفؤوا بهَا وانتفعوا بهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {ومتاعاً للمقوين} قَالَ: للمسافرين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تمنعوا عباد الله فضل الله المَاء وَلَا كلأ وَلَا نَارا فَإِن الله تَعَالَى جعلهَا مَتَاعا للمقوين وَقُوَّة للمستضعفين وَلَفظ ابْن عَسَاكِر وقواما للمستمتعين الْآيَة 75 - 85

75

أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {فَلَا أقسم} ممدودة مَرْفُوعَة الْألف {بمواقع النُّجُوم} على الْجِمَاع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} على الْجِمَاع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: نُجُوم السَّمَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: بمساقطها قَالَ: وَقَالَ الْحسن رَضِي الله عَنهُ: مواقع النُّجُوم انكدارها وانتثارها يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: بمغايبها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: بمنازل النُّجُوم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: الْقُرْآن {وَإنَّهُ لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزل الْقُرْآن فِي لَيْلَة الْقدر من السَّمَاء الْعليا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا جملَة وَاحِدَة ثمَّ فرق فِي السنين وَفِي لفظ: ثمَّ نزل من السَّمَاء الدُّنْيَا إِلَى الأَرْض نجوماً ثمَّ قَرَأَ {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} بِأَلف قَالَ: نُجُوم الْقُرْآن حِين ينزل وَأخرج ابْن الْمُنْذر الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزل الْقُرْآن إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا جملَة وَاحِدَة ثمَّ أنزل إِلَى الأَرْض نجوما ثَلَاثًا آيَات وَخمْس آيَات وَأَقل وَأكْثر فَقَالَ: {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} وَأخرج الْفرْيَابِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن الْمنْهَال بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ عبد

الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: بمحكم الْقُرْآن فَكَانَ ينزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نجوماً وَأخرج ابْن نصر وَابْن الضريس عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: بمحكم الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: مُسْتَقر الْكتاب أَوله وَآخره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّه لقرآن كريم فِي كتاب مَكْنُون} قَالَ: الْقُرْآن الْكَرِيم وَالْكتاب الْمكنون هُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام هم الْمُطهرُونَ من الذُّنُوب وَأخرج آدم ابْن أبي إِيَاس وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّه لقرآن كريم فِي كتاب مَكْنُون} قَالَ: الْقُرْآن فِي كِتَابه والمكنون الَّذِي لَا يمسهُ شَيْء من تُرَاب وَلَا غُبَار {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج عبد حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {فِي كتاب مَكْنُون} قَالَ: التَّوْرَاة الْإِنْجِيل {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: حَملَة التَّوْرَاة والإِنجيل وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: مَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ وَأخرج آدم وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: الْكتاب الْمنزل فِي السَّمَاء لَا يمسهُ إِلَّا الْمَلَائِكَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: ذاكم عِنْد رب الْعَالمين {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} من الْمَلَائِكَة فاما عنْدكُمْ فيمسه الْمُشرك وَالنَّجس وَالْمُنَافِق والرجس

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد رَوَاهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّه لقرآن كريم فِي كتاب مَكْنُون} قَالَ: عِنْد الله فِي صحف مطهرة {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: المقربون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن عَلْقَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَيْنَا سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ فَخرج علينا من كن لَهُ فَقُلْنَا لَهُ: لَو تَوَضَّأت يَا أَبَا عبد الله ثمَّ قَرَأت علينا سُورَة كَذَا وَكَذَا قَالَ: إِنَّمَا قَالَ الله: {فِي كتاب مَكْنُون لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء لَا يمسهُ إِلَّا الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام ثمَّ قَرَأَ علينا من الْقُرْآن مَا شِئْنَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي دَاوُد فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فِي كتاب مَكْنُون} قَالَ: فِي السَّمَاء {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} قَالَ: الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام لَيْسَ أَنْتُم يَا أَصْحَاب الذُّنُوب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن النعيمي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ مَالك رَضِي الله عَنهُ: أحسن مَا سَمِعت فِي هَذِه الْآيَة {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} أَنَّهَا بِمَنْزِلَة الْآيَة الَّتِي فِي عبس (فِي صحف كرمة) (سُورَة عبس الْآيَة 13) إِلَى قَوْله: (كرام بررة) (سُورَة عبس الْآيَة 16) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ لَا يمس الْمُصحف إِلَّا متوضئاً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه قَالَ: فِي كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَمْرو بن حزم: لَا تمس الْقُرْآن إِلَّا على طهُور وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد قَالَ: كُنَّا مَعَ سلمَان فَانْطَلق إِلَى حَاجَة فتوارى عَنَّا فَخرج إِلَيْنَا فَقُلْنَا: لَو تَوَضَّأت فسألناك عَن أَشْيَاء من الْقُرْآن فَقَالَ: سلوني فَإِنِّي لست أمسّه إِنَّمَا يمسهُ الْمُطهرُونَ ثمَّ تَلا {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ}

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما بَعثه إِلَى الْيمن كتب لَهُ فِي عَهده أَن لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن حزم الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَيْهِ: لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أفبهذا الحَدِيث أَنْتُم مدهنون} قَالَ: مكذبون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {أفبهذا الحَدِيث أَنْتُم مدهنون} قَالَ: تُرِيدُونَ أَن تمالئوا فِيهِ وتركنوا إِلَيْهِم قَوْله: تَعَالَى {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} أخرج مُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مطر النَّاس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أصبح من النَّاس شَاكر وَمِنْهُم كَافِر قَالُوا: هَذِه رَحْمَة وَضعهَا الله وَقَالَ بَعضهم لقد صدق نوء كَذَا فَنزلت هَذِه الْآيَة {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} حَتَّى بلغ {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عنهماأنه كَانَ يقْرَأ وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون قَالَ: يَعْنِي الأنواء وَمَا مطر قوم إِلَّا أصبح بَعضهم كَافِرًا وَكَانُوا يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله تَعَالَى {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} وَأخرج مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَافر فِي حر شَدِيد فَنزل النَّاس على غير مَاء فعطشوا فاستسقوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُم: فلعلّي لَو فعلت فسقيتم قُلْتُمْ هَذَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا قَالُوا: يَا نبيّ الله مَا هَذَا بِحِين أنواء فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَاء فَتَوَضَّأ ثمَّ قَامَ فصلى فَدَعَا الله تَعَالَى فهاجت ريح وثاب سَحَاب فَمُطِرُوا

حَتَّى سَالَ كل وَاد فزعموا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِرَجُل يغْرف بقدحه وَيَقُول: هَذَا نوء فلَان فَنزل {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي حزرة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت الْآيَة فِي رجل من الْأَنْصَار فِي غَزْوَة تَبُوك ونزلوا بِالْحجرِ فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَا يحملوا من مَائِهَا شَيْئا ثمَّ ارتحل ثمَّ نزل منزلا آخر وَلَيْسَ مَعَهم مَاء فشكوا ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دَعَا فَأرْسل سَحَابَة فأمطرت عَلَيْهِم حَتَّى استقوا مِنْهَا فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار لآخر من قومه يتهم بالنفاق: وَيحك قد ترى مَا دَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمْطر الله علينا السَّمَاء فَقَالَ: إِنَّمَا مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} وَأخرج أَحْمد وَابْن منيع وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: شكركم تَقولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا وبنجم كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا مطر قوم من لَيْلَة إِلَّا أصبح قوم بهَا كَافِرين ثمَّ قَالَ: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} يَقُول قَائِل: مُطِرْنَا بِنَجْم كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مطر النَّاس على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أصبح من النَّاس شَاكر وَمِنْهُم كَافِر قَالُوا هَذِه رَحْمَة وَضعهَا الله وَقَالَ بَعضهم: لقد صدق نوء كَذَا فَنزلت هَذِه الْآيَة {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} حَتَّى بلغ {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: يَعْنِي الأنواء وَمَا مطر قوم إِلَّا أصبح بَعضهم كَافِرًا وَكَانُوا يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه قَالَ: مَا فسر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْقُرْآن إِلَّا آيَات يسيرَة قَوْله: {وتجعلون رزقكم} قَالَ: شكركم

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ وتجعلون شكركم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ الْوَاقِعَات فِي الْفجْر فَقَالَ: وتجعلون شكركم أَنكُمْ تكذبون فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: إِنِّي قد عرفت أَنه سَيَقُولُ قَائِل: لم قَرَأَهَا هَكَذَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرؤهَا كَذَلِك كَانُوا إِذا مُطِرُوا قَالُوا: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله وتجعلون شكركم أَنكُمْ إِذا مطرتم تكذبون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي عبد الرَّحْمَن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يقْرَأ وتجعلون شكركم أَنكُمْ تكذبون وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} فَقَالَ: أما الْحسن فَقَالَ: بئس مَا أَخذ الْقَوْم لأَنْفُسِهِمْ لم يرزقوا من كتاب الله إِلَّا التَّكْذِيب قَالَ: وَذكر لنا أَن النَّاس أمحلوا على عهد نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا نَبِي الله: لَو استقيت لنا فَقَالَ: عَسى قوم إِن سقوا أَن يَقُولُوا سقينا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَاسْتَسْقَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمُطِرُوا فَقَالَ رجل: إِنَّه قد كَانَ بَقِي من الأنواء كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: قَوْلهم: فِي الأنواء مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: قُولُوا: هُوَ من عِنْد الله تَعَالَى وَهُوَ رزقه وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: الاسْتِسْقَاء بالأنواء وَأخرج عبد بن حميد عَن عَوْف عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: تَجْعَلُونَ حظكم مِنْهُ أَنكُمْ تكذبون قَالَ عَوْف رَضِي الله عَنهُ: وَبَلغنِي أَن مُشْركي الْعَرَب كَانُوا إِذا مُطِرُوا فِي الْجَاهِلِيَّة قَالُوا مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم والدارمي وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن حبَان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو

أمسك الله الْمَطَر عَن النَّاس ثمَّ أرْسلهُ لأصبحت طَائِفَة كَافِرين قَالُوا: هَذَا بِنَوْء الذّبْح يَعْنِي الدبران وَأخرج مَالك وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الصُّبْح زمن الْحُدَيْبِيَة فِي أثر سَمَاء فَلَمَّا أقبل علينا فَقَالَ: ألم تسمعوا مَا قَالَ ربكُم فِي هَذِه الْآيَة: مَا أَنْعَمت على عبَادي نعْمَة إِلَّا أصبح فريق مِنْهُم بهَا كَافِرين فَأَما من آمن بِي وحمدني على سقياي فَذَلِك الَّذِي آمن بِي وَكفر بالكوكب وَأما من قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا فَذَلِك الَّذِي آمن بالكوكب وَكفر بِي وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْمًا لأَصْحَابه: هَل تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ ربكُم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: إِنَّه يَقُول: إِن الَّذين يَقُولُونَ نسقى بِنَجْم كَذَا وَكَذَا فقد كفر بِاللَّه وآمن بذلك النَّجْم وَالَّذين يَقُولُونَ سقانا الله فقد آمن بِاللَّه وَكفر بذلك النَّجْم وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن محيريز أَن سُلَيْمَان بن عبد الْملك دَعَاهُ فَقَالَ: لَو تعلمت علم النُّجُوم فازددت إِلَى علمك فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أخوف مَا أَخَاف على أمتِي ثَلَاث حيف الْأَئِمَّة وَتَكْذيب بِالْقدرِ وإيمان بالنجوم وَأخرج عبد بن حميد عَن رَجَاء بن حَيْوَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مِمَّا أَخَاف على أمتِي التَّصْدِيق بالنجوم والتكذيب بِالْقدرِ وظلم الْأَئِمَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن [] جَابر السوَائِي رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَخَاف على أمتِي ثَلَاثًا استسقاء بالأنواء وحيف السُّلْطَان وتكذيباً بِالْقدرِ وَأخرج أَحْمد عَن مُعَاوِيَة اللَّيْثِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يكون النَّاس مجدبين فَينزل الله عَلَيْهِم رزقا من رزقه فيصبحون مُشْرِكين قيل لَهُ: كَيفَ ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله

ليُصبح الْقَوْم بِالنعْمَةِ أَو يمسيهم بهَا فَيُصْبِح بهَا قوم كَافِرين يَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: وتجعلون شكركم يَقُول: على مَا أنزلت عَلَيْكُم من الْغَيْث وَالرَّحْمَة يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا وَكَانَ ذَلِك مِنْهُم كفرا بِمَا أنعم الله عَلَيْهِم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا مطر قوم إِلَّا أصبح بَعضهم كَافِرًا يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وتجعلون شكركم أَنكُمْ تكذبون وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون} قَالَ: كَانَ نَاس يمطرون فَيَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا قَوْله تَعَالَى: {فلولا إِذا بلغت الْحُلْقُوم} الْآيَات وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَتى تَنْقَطِع معرفَة العَبْد من النَّاس قَالَ: إِذا عاين وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المحتضرين عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: احضروا مَوْتَاكُم وذكروهم فَإِنَّهُم يرَوْنَ مَا لَا ترَوْنَ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو بكر الْمروزِي فِي كتاب الْجَنَائِز عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: احضروا مَوْتَاكُم ولقنوهم لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِنَّهُم يرَوْنَ وَيُقَال لَهُم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور الْمروزِي عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لقنوا مَوْتَاكُم لاإله إِلَّا الله واعقلوا مَا تَسْمَعُونَ من المطيعين مِنْكُم فَإِنَّهُ يجلي لَهُم أُمُور صَادِقَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَأَبُو يعلى من طَرِيق أبي يزِيد الرقاشِي عَن تَمِيم الدَّارِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَقُول الله لملك الْمَوْت: انْطلق إِلَى وليي فائتني بِهِ فَإِنِّي قد جربته بالسراء وَالضَّرَّاء فَوَجَدته حَيْثُ أحب فائتني بِهِ لأريحه من هموم الدُّنْيَا وغمومها فَينْطَلق إِلَيْهِ ملك الْمَوْت وَمَعَهُ خَمْسمِائَة من الْمَلَائِكَة مَعَهم أكفان وحنوط من حنوط الْجنَّة وَمَعَهُمْ ضبائر الريحان أصل الريحانة وَاحِد وَفِي رَأسهَا عشرُون لوناً لكل لون مِنْهَا ريح سوى ريح صَاحبه وَمَعَهُمْ الْحَرِير الْأَبْيَض فِيهِ الْمسك الأذفر فيجلس ملك الْمَوْت عِنْد رَأسه وتحتوشه الْمَلَائِكَة

وَيَضَع كل ملك مِنْهُم يَده على عُضْو من أَعْضَائِهِ ويبسط ذَلِك الْحَرِير الْأَبْيَض والمسك الأذفر تَحت ذقنه وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة فَإِن نَفسه لتعلل عِنْده ذَلِك بِطرف الْجنَّة مرّة بأزواجها وَمرَّة بكسوتها وَمرَّة بثمارها كَمَا يُعلل الصبيّ أَهله إِذا بَكَى وَإِن أَزوَاجه ليبتهشن عِنْد ذَلِك ابتهاشاً وتنزو الرّوح نَزْوًا وَيَقُول ملك الْمَوْت: أَخْرِجِي أيتها الرّوح الطّيبَة إِلَى سدر مخضود وطلح مَمْدُود وَمَاء مسكوب وَملك الْمَوْت أَشد تلطفاً بِهِ من الوالدة بِوَلَدِهَا يعرف أَن ذَلِك الرّوح حبيب إِلَى ربه كريم على الله فَهُوَ يلْتَمس بِلُطْفِهِ تِلْكَ الرّوح رضَا الله عَنهُ فسلّ روحه كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين وَإِن روحه لتخرج وَالْمَلَائِكَة حوله يَقُولُونَ: (سَلام عَلَيْكُم ادخُلُوا الْجنَّة بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ) (سُورَة النَّحْل الْآيَة 32) وَذَلِكَ قَوْله: (الَّذين تتوفاهم الْمَلَائِكَة طيبين يَقُولُونَ سَلام عَلَيْكُم) (سُورَة النَّحْل الْآيَة 32) قَالَ: فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم قَالَ: روح من جهد الْمَوْت وروح يُؤْتى بِهِ عِنْد خُرُوج نَفسه وجنة نعيم أَمَامه فَإِذا قبض ملك الْمَوْت روحه يَقُول الرّوح للجسد: لقد كنت بِي سَرِيعا إِلَى طَاعَة الله بطيئاً عَن مَعْصِيَته فهنيئاً لَك الْيَوْم فقد نجوت وأنجيت وَيَقُول الْجَسَد للروح مثل ذَلِك وتبكي عَلَيْهِ بقاع الأَرْض الَّتِي كَانَ يُطِيع الله عَلَيْهَا كل بَاب من السَّمَاء كَانَ يصعد مِنْهُ عمله وَينزل مِنْهُ رزقه أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِذا اقبضت الْمَلَائِكَة روحه أَقَامَت الْخَمْسمِائَةِ ملك عِنْد جسده لَا يقلبه بَنو آدم لشق إِلَّا قلبته الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام قبلهم وعلته بأكفان قبل أكفانهم وحنوط قبل حنوطهم وَيقوم من بَاب بَيته إِلَى بَاب قَبره صفان من الْمَلَائِكَة يَسْتَقْبِلُونَهُ بالاستغفار ويصيح إِبْلِيس عِنْد ذَلِك صَيْحَة يتصرع مِنْهَا بعض أعظام جسده وَيَقُول لجنوده: الوليل لكم كَيفَ خلص هَذَا العَبْد مِنْكُم فَيَقُولُونَ: إِن هَذَا كَانَ مَعْصُوما فَإِذا صعد ملك الْمَوْت بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاء يستقبله جِبْرِيل فِي سبعين ألفا من الْمَلَائِكَة كلهم يَأْتِيهِ من ربه فَإِذا انْتهى ملك الْمَوْت إِلَى الْعَرْش خرت الورح سَاجِدَة لِرَبِّهَا فَيَقُول الله لملك الْمَوْت: انْطلق بِروح عَبدِي فضعه (فِي سدر مخضود وطلح منضود وظل مَمْدُود وَمَاء مسكوب) (سُورَة الْوَاقِعَة الْآيَة 28) فَإِذا وضع فِي قَبره جَاءَت الصَّلَاة فَكَانَت عَن يَمِينه وَجَاء الصّيام فَكَانَ عَن يسَاره وَجَاء الْقُرْآن وَالذكر فَكَانَا عِنْد رَأسه وَجَاء مَشْيه إِلَى الصَّلَاة فَكَانَ عِنْد رجلَيْهِ

وَجَاء الصَّبْر فَكَانَ نَاحيَة الْقَبْر وَيبْعَث الله عنقًا من الْعَذَاب فيأتيه عَن يَمِينه فَتَقول الصَّلَاة: وَرَاءَك وَالله مَا زَالَ دائباً عمره كُله وَإِنَّمَا استراح الْآن حِين وضع فِي قَبره فيأتيه عَن يسَاره فَيَقُول الصّيام مثل ذَلِك فيأتيه من قبل رَأسه فَيَقُول لَهُ مثل ذَلِك فَلَا يَأْتِيهِ الْعَذَاب من نَاحيَة فيلتمس هَل يجد لَهَا مساغاً إِلَّا وجد ولي الله قد أحرزته الطَّاعَة فَيخرج عَنهُ الْعَذَاب عِنْدَمَا يرى وَيَقُول الصَّبْر لسَائِر الْأَعْمَال: أما إِنَّه لم يَمْنعنِي أَن أباشره بنفسي إِلَّا أَنِّي نظرت مَا عنْدكُمْ فَلَو عجزتم كنت أَنا صَاحبه فَأَما إِذا أجزأتم عَنهُ فَأَنا ذخر لَهُ عِنْد الصِّرَاط وَذخر لَهُ عِنْد الْمِيزَان وَيبْعَث الله ملكَيْنِ أبصارهما كالبرق الخاطف وأصواتهما كالرعد القاصف وأنيابهما كالصياصي وأنفاسهما كاللهب يطآن فِي أشعارهما بَين مَنْكِبي كل وَاحِد مِنْهُمَا مسيرَة كَذَا وَكَذَا قد نزعت مِنْهُمَا الرأفة وَالرَّحْمَة إِلَّا بِالْمُؤْمِنِينَ يُقَال لَهما: مُنكر وَنَكِير وَفِي يَد كل وَاحِد مِنْهُمَا مطرقة لَو اجْتمع عَلَيْهَا الثَّقَلَان لم يقلوها فَيَقُولَانِ لَهُ: اجْلِسْ فيستوي جَالِسا فِي قَبره فَتسقط أَكْفَانه فِي حقْوَيْهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك وَمَا دينك وَمن نبيك فَيَقُول: رَبِّي الله وَحده لَا شريك لَهُ والإِسلام ديني وَمُحَمّد نَبِي وَهُوَ خَاتم النَّبِيين فَيَقُولَانِ لَهُ: صدقت فيدفعان الْقَبْر فيوسعانه من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وَعَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَمن قبل رَأسه وَمن قبل رجلَيْهِ ثمَّ يَقُولَانِ لَهُ: أنظر فَوْقك فَينْظر فَإِذا هُوَ مَفْتُوح إِلَى الْجنَّة فَيَقُولَانِ لَهُ: هَذَا مَنْزِلك يَا وليّ الله لم أَطَعْت الله فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّه لتصل إِلَى قلبه فرحة لَا ترتد أبدا فَيُقَال لَهُ: أنظر تَحْتك فَينْظر تَحْتَهُ فَإِذا هُوَ مَفْتُوح إِلَى النَّار فَيَقُولَانِ: يَا ولي الله نجوت من هَذَا فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه لتصل إِلَى قلبه عِنْد ذَلِك فرحة لَا ترتد أبدا وَيفتح لَهُ سَبْعَة وَسَبْعُونَ بَابا إِلَى الْجنَّة يَأْتِيهِ رِيحهَا وبردها حَتَّى يَبْعَثهُ الله تَعَالَى من قَبره إِلَى الْجنَّة وَأما الْكَافِر فَيَقُول الله لملك الْمَوْت وَيفتح الله لملك الْمَوْت: انْطلق إِلَى عَبدِي فائتني بِهِ فَإِنِّي قد بسطت لَهُ رِزْقِي وسربلته نعمتي فَأبى إِلَّا معصيتي فأئتني بِهِ لأنتقم مِنْهُ الْيَوْم فَينْطَلق إِلَيْهِ ملك الْمَوْت فِي أكره صُورَة رَآهَا أحد من النَّاس قطّ لَهُ اثْنَتَا عشرَة عينا وَمَعَهُ سفود من النَّار كثير الشوك وَمَعَهُ خَمْسمِائَة من الْمَلَائِكَة مَعَهم نُحَاس وجمر من جمر جَهَنَّم وَمَعَهُمْ سياط من النَّار تأجج فيضربه ملك الْمَوْت بذلك السفود ضَرْبَة يغيب أصل كل شَوْكَة من ذَلِك السفود فِي أصل كل شَعْرَة وعرق من عروقه ثمَّ يلويه ليّاً شَدِيدا فينزع روحه من أظفار قَدَمَيْهِ فيلقيها فِي عَقِبَيْهِ فيسكر عدوّ

الله عِنْد ذَلِك سكرة وتضرب الْمَلَائِكَة وَجهه وَدبره بِتِلْكَ السِّيَاط ثمَّ كَذَلِك إِلَى حقْوَيْهِ ثمَّ كَذَلِك إِلَى صَدره ثمَّ كَذَلِك إِلَى حلقه ثمَّ تبسط الْمَلَائِكَة ذَلِك النّحاس وجمر جَهَنَّم تَحت ذقنه ثمَّ يَقُول ملك الْمَوْت: أَخْرِجِي أيتها النَّفس اللعينة الملعونة (إِلَى سموم وحميم وظل من يحموم لَا بَارِد وَلَا كريم) (سُورَة الْوَاقِعَة الْآيَة 43) فَإِذا قبض ملك الْمَوْت روحه قَالَت الرّوح للجسد: جَزَاك الله عني شرّاً فقد كنت بِي سَرِيعا إِلَى مَعْصِيّة الله بطيئاً بِي عَن طَاعَة الله فقد هَلَكت وأهلكت وَيَقُول الْجَسَد للروح مثل ذَلِك وتلعنه بقاع الأَرْض الَّتِي كَانَ يَعْصِي الله تَعَالَى عَلَيْهَا وتنطلق جنود إِبْلِيس إِلَيْهِ يُبَشِّرُونَهُ بِأَنَّهُم قد أوردوا عبدا من بني آدم النَّار فَإِذا وضع فِي قَبره ضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه فَتدخل الْيُمْنَى فِي الْيُسْرَى واليسرى فِي الْيُمْنَى وَيبْعَث الله إِلَيْهِ حيات دهماء تَأْخُذ بأرنبته وإبهام قَدَمَيْهِ فتغوصه حَتَّى تلتقي فِي وَسطه وَيبْعَث الله إِلَيْهِ الْملكَيْنِ فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك وَمَا دينك فَيَقُول: لَا أَدْرِي فَيُقَال لَهُ: لَا دَريت وَلَا تليت فيضربانه ضَرْبَة يتطاير الشرار فِي قَبره ثمَّ يعود فَيَقُولَانِ لَهُ: انْظُر فَوْقك فَينْظر فَإِذا بَاب مَفْتُوح إِلَى الْجنَّة فَيَقُولَانِ لَهُ: عَدو الله لَو كنت أَطَعْت الله تَعَالَى هَذَا مَنْزِلك فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه ليصل إِلَى قلبه حسرة لَا ترتد أبدا وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى النَّار فَيُقَال: عدوّ الله هَذَا مَنْزِلك لما عصيت الله وَيفتح لَهُ سَبْعَة وَسَبْعُونَ بَابا إِلَى النَّار يَأْتِيهِ حرهَا وسمومها حَتَّى يَبْعَثهُ من قَبره يَوْم الْقِيَامَة إِلَى النَّار الْآيَة 86 - 96

86

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {غير مدينين} قَالَ: غير محاسبين

وَأخرج عبد حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ {فلولا إِن كُنْتُم غير مدينين} قَالَ: غير محاسبين {ترجعونها} قَالَ: النَّفس وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ وَالْحسن وَقَتَادَة مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {غير مدينين} قَالَ: غير موقنين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {فلولا إِن كُنْتُم غير مدينين} قَالَ: غير مبعوثين يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن خَيْثَم فِي قَوْله: {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: هَذَا لَهُ عِنْد الْمَوْت {وجنة نعيم} قَالَ: تخبأ لَهُ الْجنَّة إِلَى يَوْم يبْعَث {وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين فَنزل من حميم} قَالَ: هَذَا عِنْد الْمَوْت {وتصلية جحيم} قَالَ: تخبأ لَهُ الْجَحِيم إِلَى يَوْم يبْعَث وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ والحكيم الترميذي فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {فَروح وَرَيْحَان} بِرَفْع الرَّاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَرَأت على رسو ل الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُورَة الْوَاقِعَة فَلَمَّا بلغت {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {فَروح وَرَيْحَان} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَوْف عَن الْحسن أَنه كَانَ يقرأُها {فَروح وَرَيْحَان} بِرَفْع الرَّاء وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة أَنه كَانَ يقْرَأ {فَروح} قَالَ: رَحْمَة قَالَ: وَكَانَ الْحسن يقْرَأ {فَروح} يَقُول: رَاحَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَروح} قَالَ: رَاحَة {وَرَيْحَان} قَالَ: استراحة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يَعْنِي بالريحان المستريح من الدُّنْيَا {وجنة نعيم} يَقُول: مغْفرَة وَرَحْمَة

وَأخرج مَالك وَأحمد وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي قَتَادَة قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مرت جَنَازَة فَقَالَ: مستريح ومستراح مِنْهُ فَقُلْنَا يَا رَسُول الله: مَا المستريح وَمَا المستراح مِنْهُ قَالَ: العَبْد الْمُؤمن يستريح من نصب الدُّنْيَا وأذاها إِلَى رَحْمَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالْعَبْد الْفَاجِر يستريح مِنْهُ الْعباد والبلاد وَالشَّجر وَالدَّوَاب وَأخرج الْقَاسِم بن مندة فِي كتاب الْأَحْوَال والإِيمان بالسؤال عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أول مَا يبشر بِهِ الْمُؤمن عِنْد والوفاة بِروح وَرَيْحَان وجنة نعيم وَإِن أول مَا يبشر بِهِ الْمُؤمن فِي قَبره أَن يُقَال: أبشر بِرِضا الله تَعَالَى وَالْجنَّة قدمت خير مقدم قد غفر الله لمن شيعك إِلَى قبرك وَصدق من شهد لَك واستجاب لمن اسْتغْفر لَك وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: الرّوح الْفَرح وَالريحَان الرزق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله: {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: فرج من الْغم الَّذِي كَانُوا فِيهِ واستراحة من الْعَمَل لَا يصلونَ وَلَا يَصُومُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير الضَّحَّاك قَالَ: الرّوح الاسْتِرَاحَة وَالريحَان الرزق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الْقَاسِم بن مَنْدَه فِي كتاب السُّؤَال عَن الْحسن فِي قَوْله: {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: ذَاك فِي الْآخِرَة فاستفهمه بعض الْقَوْم فَقَالَ: أما وَالله إِنَّهُم ليسرون بذلك عِنْد الْمَوْت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: الريحان الرزق وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: الرّوح الرَّحْمَة وَالريحَان هُوَ هَذَا الريحان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: الرّوح الرَّحْمَة وَالريحَان يتلَقَّى بِهِ عِنْد الْمَوْت وَأخرج الْمروزِي فِي الْجَنَائِز وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: تخرج روح الْمُؤمن من جسده فِي رَيْحَانَة ثمَّ قَرَأَ {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان} 3 - 8

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي عمرَان الْجونِي فِي قَوْله: {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: بَلغنِي أَن الْمُؤمن إِذا نزل بِهِ الْمَوْت تلقى بضبائر الريحان من الْجنَّة فَيجْعَل روحه فِيهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: لم يكن أحد من المقربين يُفَارق الدُّنْيَا حَتَّى يُؤْتى بِغُصْن من ريحَان الْجنَّة فيشمه ثمَّ يقبض وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت عَن بكر بن عبد الله قَالَ: إِذا أَمر ملك الْمَوْت بِقَبض روح الْمُؤمن أَتَى بريحان من الْجنَّة فَقيل لَهُ: اقبض روحه فِيهِ وَإِذا أَمر بِقَبض روح الْكَافِر أَتَى ببجاد من النَّار فَقيل لَهُ: أقبضهُ فِيهِ وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الْمُؤمن إِذا حضر أَتَتْهُ الْمَلَائِكَة بحريرة فِيهَا مسك وضبائر ريحَان فتسل روحه كَمَا تسل الشعرة من الْعَجِين وَيُقَال: أيتها النَّفس الطّيبَة أَخْرِجِي راضية مرضيّاً عَنْك إِلَى روح الله وكرامته فَإِذا خرجت روحه وضعت على ذَلِك الْمسك والريحان وطويت عَلَيْهَا الحريرة وَذهب بِهِ إِلَى عليين وَإِن الْكَافِر إِذا حضر أَتَتْهُ الْمَلَائِكَة بمسح فِيهِ جمر فتنزع روحه انتزاعاً شَدِيدا وَيُقَال: أيتا النَّفس الخبيثة أَخْرِجِي ساخطة مسخوطاً عَلَيْك إِلَى هوان الله عَذَابه فَإِذا خرجت روحه وضعت على تِلْكَ الْجَمْرَة فَإِن لَهَا نشيشاً ويطوى عَلَيْهَا الْمسْح وَيذْهب بِهِ إِلَى سِجِّين وَأخرج أبن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: بلغنَا أَن الْمُؤمن يسْتَقْبل عِنْد مَوته بِطيب من طيب الْجنَّة وَرَيْحَان من ريحَان الْجنَّة فتقبض روحه فتجعل فِي حَرِير الْجنَّة ثمَّ ينضح بذلك الطّيب ويلف فِي الريحان ثمَّ ترتقي بِهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة حَتَّى يَجْعَل فِي عليين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فسلام لَك من أَصْحَاب الْيَمين} قَالَ: تَأتيه الْمَلَائِكَة بِالسَّلَامِ من قبل الله تسلم عَلَيْهِ وَتُخْبِرهُ أَنه من أَصْحَاب الْيَمين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فسلام لَك من أَصْحَاب الْيَمين} قَالَ: سَلام من عَذَاب الله وسلمت عَلَيْهِ مَلَائِكَة الله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين فَنزل من حميم} قَالَ: لَا يخرج الْكَافِر من دَار الدُّنْيَا حَتَّى يشرب كأساً من حميم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: من مَاتَ وَهُوَ يشرب الْخمر شج فِي وَجهه من جمر جَهَنَّم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان} قَالَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا {وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين فَنزل من حميم وتصلية جحيم} قَالَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: حَدثنِي فلَان بن فلَان سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه وَمن كره الله لقاءه فأكب الْقَوْم يَبْكُونَ فَقَالُوا: إِنَّا نكره الْمَوْت قَالَ: لَيْسَ ذَاك وَلكنه إِذا حضر {فَأَما إِن كَانَ من المقربين فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم} فَإِذا بشر بذلك أحب لِقَاء الله وَالله للقائه أحب {وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين فَنزل من حميم} فَإِذا بشر بذلك كره لِقَاء الله وَالله للقائه أكره وَأخرج آدم ابْن أبي اياس عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَات {فلولا إِذا بلغت الْحُلْقُوم} إِلَى قَوْله: {فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم} إِلَى قَوْله: {فَنزل من حميم وتصلية جحيم} ثمَّ قَالَ: إِذا كَانَ عِنْد الْمَوْت قيل لَهُ هَذَا فَإِن كَانَ من أَصْحَاب الْيَمين أحب لِقَاء الله وَأحب الله لقاءه وَإِن كَانَ من أَصْحَاب الشمَال كره لِقَاء الله وَكره الله لقاءه وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أحب لِقَاء الله أحب الله لقاءه وَمن كره لِقَاء الله كره الله لقاءه فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: إِنَّا لنكره الْمَوْت فَقَالَ: لَيْسَ ذَاك وَلَكِن الْمُؤمن إِذا حضر الْمَوْت بشر برضوان الله وكرامته فَلَيْسَ شَيْء أحب إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامه وَأحب لِقَاء الله وَأحب الله لقاءه وَإِن الْكَافِر إِذا حضر بشر بِعَذَاب الله وعقوبته فَلَيْسَ شَيْء أكره إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامه وَكره لِقَاء الله وَكره الله لقاءه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من ميت يَمُوت إِلَّا وَهُوَ يعرف غاسله ويناشد حامله إِن كَانَ بِخَير {فَروح وَرَيْحَان وجنة نعيم}

أَن يعجله وَإِن كَانَ بشر {فَنزل من حميم وتصلية جحيم} أَن يحْبسهُ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن هَذَا لَهو حق الْيَقِين} قَالَ: مَا قَصَصنَا عَلَيْك فِي هَذِه السُّورَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِن هَذَا لَهو حق الْيَقِين} قَالَ: إِن الله عزَّ وجلَّ لَيْسَ تَارِكًا أحدا من خلقه حَتَّى يقفه على الْيَقِين من هَذَا الْقُرْآن فَأَما الْمُؤمن فأيقن فِي الدُّنْيَا فنفعه ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة وَأما الْكَافِر فأيقن يَوْم الْقِيَامَة حِين لَا يَنْفَعهُ الْيَقِين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {إِن هَذَا لَهو حق الْيَقِين} قَالَ: الْخَبَر الْيَقِين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: من أَرَادَ أَن يعلم نبأ الْأَوَّلين والآخرين ونبأ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ونبأ الْجنَّة وَالنَّار فليقرأ {إِذا وَقعت الْوَاقِعَة} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فسبح باسم رَبك الْعَظِيم} قَالَ: فصل لِرَبِّك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فسبح باسم رَبك الْعَظِيم} قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي ركوعكم وَلما نزلت {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودكُمْ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ نقُول فِي ركوعنا فَأنْزل الله الْآيَة الَّتِي فِي آخر سُورَة الْوَاقِعَة {فسبح باسم رَبك الْعَظِيم} فَأمرنَا أَن نقُول: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم وترا قَالَ ابْن مرْدَوَيْه: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن إِبْرَاهِيم الشَّافِعِي أَنبأَنَا الْحُسَيْن بن عبد الله بن يزِيد أَنبأَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن سَابُور أَنبأَنَا الحكم بن ظهير عَن السّديّ عَن أبي مَالك أَو عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِذا وَقعت الْوَاقِعَة} قَالَ: السَّاعَة

{لَيْسَ لوقعتها كَاذِبَة} يَقُول: من كذب بهَا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ لَا يكذب بهَا فِي الْآخِرَة إِذا وَقعت {خافضة رَافِعَة} قَالَ: الْقِيَامَة خافضة يَقُول: خفضت فأسمعت الْأُذُنَيْنِ وَرفعت فأسمعت الْأَقْصَى كَانَ الْقَرِيب والبعيد فِيهَا سَوَاء قَالَ: وخفضت أَقْوَامًا قد كَانُوا فِي الدُّنْيَا مرتفعين وَرفعت أَقْوَامًا حَتَّى جعلتهم فِي أَعلَى عليين {إِذا رجت الأَرْض رجّاً} قَالَ: هِيَ الزلزلة {وبست الْجبَال بسّاً} {فَكَانَت هباء منبثّاً} قَالَ: الحكم وَالسُّديّ قَالَ: على هَذَا الْهَرج هرج الدَّوَابّ الَّذِي يُحَرك الْغُبَار {وكنتم أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} قَالَ: الْعباد يَوْم الْقِيَامَة على ثَلَاثَة منَازِل {فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة} هم: الْجُمْهُور جمَاعَة أهل الْجنَّة {وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة} هم أَصْحَاب الشمَال يَقُول: مَا لَهُم وَمَا أعد لَهُم {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} هم مثل النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء بِالْأَعْمَالِ من الْأَوَّلين والآخرين {أُولَئِكَ المقربون} قَالَ: هم أقرب النَّاس من دَار الرَّحْمَن من بطْنَان الْجنَّة وبطنانها وَسطهَا فِي جنَّات النَّعيم {ثلة من الْأَوَّلين وَقَلِيل من الآخرين على سرر موضونة} قَالَ: الموضونة الموصولة بِالذَّهَب المكللة بالجوهر والياقوت {متكئين عَلَيْهَا مُتَقَابلين} قَالَ ابْن عَبَّاس: مَا ينظر الرجل مِنْهُم فِي قفا صَاحبه يَقُول: حلقا حلقا {يطوف عَلَيْهِم ولدان مخلدون} قَالَ: خلقهمْ الله فِي الْجنَّة كَمَا خلق الْحور الْعين لَا يموتون لَا يشيبون وَلَا يهرمون {بأكواب وأباريق} والأكواب الَّتِي لَيْسَ لَهَا آذان مثل الصواع والأباريق الَّتِي لَهَا الخراطم الْأَعْنَاق {وكأس من معِين} قَالَ: الكأس من الْخمر بِعَينهَا وَلَا يكون كأس حَتَّى يكون فِيهَا الْخمر فَإِذا لم يكن فِيهَا خمر فَإِنَّمَا هُوَ إِنَاء والمعين يَقُول: من خمر جَار {لَا يصدعون عَنْهَا} عَن الْخمر {وَلَا ينزفون} لَا تذْهب بعقولهم {وَفَاكِهَة مِمَّا يتخيرون} يَقُول: مِمَّا يشتهون يَقُول: يجيئهم الطير حَتَّى يَقع فيبسط جنَاحه فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ مَا اشتهوا نضجاً لم تنضجه النَّار حَتَّى إِذا شَبِعُوا مِنْهُ طَار فَذهب كَمَا كَانَ {وحور عين} قَالَ: الْحور الْبيض وَالْعين الْعِظَام الْأَعْين حسان {كأمثال اللُّؤْلُؤ} قَالَ: كبياض اللُّؤْلُؤ الَّتِي لم تمسه الْأَيْدِي وَلَا الدَّهْر {الْمكنون} الَّذِي فِي الأصداف ثمَّ قَالَ {جَزَاء بِمَا كَانُوا يعْملُونَ لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا} قَالَ: اللَّغْو الْحلف لَا وَالله وبلى وَالله {وَلَا تأثيماً} قَالَ: قَالَ لايموتون {إِلَّا قيلاً سَلاما سَلاما} يَقُول: التَّسْلِيم مِنْهُم وَعَلَيْهِم بَعضهم على بعض قَالَ: هَؤُلَاءِ المقربون ثمَّ قَالَ: {وَأَصْحَاب الْيَمين مَا أَصْحَاب الْيَمين} وَمَا أعد لَهُم {فِي سدر مخضود}

والمخضود الموقر الَّذِي لَا شوك فِيهِ {وطلح منضود وظل مَمْدُود} يَقُول: ظلّ الْجنَّة لَا يَنْقَطِع مَمْدُود عَلَيْهِم أبدا {وَمَاء مسكوب} يَقُول: مصبوب {وَفَاكِهَة كَثِيرَة لَا مَقْطُوعَة وَلَا مَمْنُوعَة} قَالَ: لَا تَنْقَطِع حينا وتجيء حينا مثل فَاكِهَة الدُّنْيَا وَلَا مَمْنُوعَة كَمَا تمنع فِي الدُّنْيَا إِلَّا بِثمن {وفرش مَرْفُوعَة} يَقُول: بَعْضهَا فَوق بعض ثمَّ قَالَ: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاء} قَالَ: هَؤُلَاءِ نسَاء أهل الْجنَّة وَهَؤُلَاء الْعَجز الرمص يَقُول: خلقهمْ خلقا {فجعلناهن أَبْكَارًا} يَقُول: عذارى {عربا أَتْرَابًا} وَالْعرب المتحببات إِلَى أَزوَاجهنَّ والأتراب المصطحبات اللَّاتِي لَا تغرن {لأَصْحَاب الْيَمين ثلة من الْأَوَّلين وثلة من الآخرين} يَقُول: طَائِفَة من الْأَوَّلين وَطَائِفَة من الآخرين {وَأَصْحَاب الشمَال مَا أَصْحَاب الشمَال} مَا لَهُم وَمَا أعد لَهُم {فِي سموم} قَالَ: فيح نَار جَهَنَّم {وحميم} المَاء: الْجَار الَّذِي قد انْتهى حره فَلَيْسَ فَوْقه حر {وظل من يحموم} قَالَ: من دُخان جَهَنَّم {لَا بَارِد وَلَا كريم} إِنَّهُم كَانُوا قبل ذَلِك مترفين قَالَ: مُشْرِكين جبارين {وَكَانُوا يصرون} يُقِيمُونَ {على الْحِنْث الْعَظِيم} قَالَ: على الإِثم الْعَظِيم قَالَ: هُوَ الشّرك {وَكَانُوا يَقُولُونَ أئذا متْنا وَكُنَّا تُرَابا وعظاماً} إِلَى قَوْله: {أَو آبَاؤُنَا الأوّلون} قَالَ: قل يَا مُحَمَّد إِن الْأَوَّلين والآخرين لمجموعون {إِلَى مِيقَات يَوْم مَعْلُوم} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {ثمَّ إِنَّكُم أَيهَا الضالون} قَالَ: الْمُشْركُونَ المكذبون {لآكلون من شجر من زقوم} قَالَ: والزقوم إِذا أكلُوا مِنْهُ خصبوا والزقوم شَجَرَة {فمالئون مِنْهَا الْبُطُون} قَالَ: يملؤون من الزقوم بطونهم {فشاربون عَلَيْهِ من الْحَمِيم} يَقُول: على الزقوم الْحَمِيم {فشاربون شرب الهيم} هِيَ الرمال لَو مطرَت عَلَيْهَا السَّمَاء أبدا لم ير فِيهَا مستنقع {هَذَا نزلهم يَوْم الدّين} كَرَامَة يَوْم الْحساب {نَحن خَلَقْنَاكُمْ فلولا تصدقُونَ} يَقُول: أَفلا تصدقُونَ {أَفَرَأَيْتُم مَا تمنون} يَقُول: هَذَا مَاء الرجل {أأنتم تخلقونه أم نَحن الْخَالِقُونَ} {نَحن قَدرنَا بَيْنكُم الْمَوْت} فِي المتعجل والمتأخر {وَمَا نَحن بمسبوقين على أَن نبدل أمثالكم} فَيَقُول: نَذْهَب بكم وَنَجِيء بغيركم {وننشئكم فِي مَا لَا تعلمُونَ} يَقُول: نخلقكم فِيهَا لَا تعلمُونَ إِن نَشأ خَلَقْنَاكُمْ قردة وَإِن نَشأ خَلَقْنَاكُمْ خنازير {وَلَقَد علمْتُم النشأة الأولى فلولا تذكرُونَ} يَقُول: فَهَلا تذكرُونَ ثمَّ قَالَ: {أَفَرَأَيْتُم مَا تَحْرُثُونَ} يَقُول: مَا تزرعون [] {أم نَحن الزارعون} يَقُول: أَلَيْسَ نَحن الَّذِي ننبته أم أَنْتُم المنبتون {لَو نشَاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون} يَقُول: تَنْدمُونَ {إِنَّا لمغرمون}

يَقُول: إِنَّا [] للمواريه {بل نَحن محرومون أَفَرَأَيْتُم المَاء الَّذِي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن} يَقُول: من السَّحَاب {أم نَحن المنزلون لَو نشَاء جَعَلْنَاهُ أجاجاً} يَقُول: مرّاً {فلولا تشكرون} يَقُول: فَهَلا تشكرون {أَفَرَأَيْتُم النَّار الَّتِي تورون} يَقُول: تقدحون {أأنتم أنشأتم} يَقُول: خلقْتُمْ {شجرتها أم نَحن المنشئون} قَالَ: وَهِي من كل شَجَرَة إِلَّا فِي الْعنَّاب وَتَكون فِي الْحِجَارَة {نَحن جعلناها تذكرة} يَقُول: يتَذَكَّر بهَا نَار الْآخِرَة الْعليا {ومتاعاً للمقوين} قَالَ: والمقوي هُوَ الَّذِي لَا يجد نَارا فَيخرج زنده فيستنور ناره فَهِيَ مَتَاع لَهُ {فسبح باسم رَبك الْعَظِيم} يَقُول: فصل لِرَبِّك الْعَظِيم {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم} قَالَ: أَتَى ابْن عَبَّاس علبة بن الْأسود أَو نَافِع بن الحكم فَقَالَ لَهُ: يَا ابْن عَبَّاس إِنِّي أَقرَأ آيَات من كتاب الله أخْشَى أَن يكون قد دخلني مِنْهَا شَيْء قَالَ ابْن عَبَّاس: وَلم ذَلِك قَالَ: لِأَنِّي أسمع الله يَقُول: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر) (سُورَة الْقدر الْآيَة 2) وَيَقُول: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة إِنَّا كُنَّا منذرين) (سُورَة الدُّخان الْآيَة 3) وَيَقُول فِي آيَة أُخْرَى: (شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 185) وَقد نزل فِي الشُّهُور كلهَا شَوَّال وَغَيره قَالَ ابْن عَبَّاس: وَيلك إِن جملَة الْقُرْآن أنزل من السَّمَاء فِي لَيْلَة الْقدر إِلَى موقع النُّجُوم يَقُول: إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فَنزل بِهِ جِبْرِيل فِي لَيْلَة مِنْهُ وَهِي لَيْلَة الْقدر الْمُبَارَكَة وَفِي رَمَضَان ثمَّ نزل بِهِ على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عشْرين سنة الْآيَة والآيتين وَالْأَكْثَر فَذَلِك [] قَوْله: {لَا أقسم} يَقُول: أقسم {بمواقع النُّجُوم} {وَإنَّهُ لقسم} وَالْقسم قسم وَقَوله: {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} وهم السفرة والسفرة هم الكتبة ثمَّ قَالَ: {تَنْزِيل من رب الْعَالمين} {أفبهذا الحَدِيث أَنْتُم مدهنون} يَقُول: تولون أهل الشّرك وتجعلون رزقكم قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: سَافر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حر فعطش النَّاس عطشاً شَدِيدا حَتَّى كَادَت أَعْنَاقهم أَن تَنْقَطِع من الْعَطش فَذكر ذَلِك لَهُ قَالُوا: يَا رَسُول الله لَو دَعَوْت الله فسقانا قَالَ لعلّي إِن دَعَوْت الله فسقاكم لقلتم هَذَا بِنَوْء كَذَا وَكَذَا قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا هَذَا بِحِين أنواء ذهبت حِين الأنواء فَدَعَا بِمَاء فِي مطهرة فَتَوَضَّأ ثمَّ ركع رَكْعَتَيْنِ ثمَّ دَعَا الله فَهبت ريَاح وهاج سَحَاب ثمَّ أرْسلت فَمُطِرُوا حَتَّى سَالَ الْوَادي فَشَرِبُوا وَسقوا

دوابهم ثمَّ مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل وَهُوَ يغترف بِقَعْبٍ مَعَه من الْوَادي وَهُوَ يَقُول: نوء كَذَا وَكَذَا سَقَطت الْغَدَاة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وتجعلون رزقكم أَنكُمْ تكذبون فلولا إِذا بلغت الْحُلْقُوم} يَقُول: النَّفس {وَأَنْتُم حِينَئِذٍ تنْظرُون} {وَنحن أقرب إِلَيْهِ مِنْكُم} يَقُول: الْمَلَائِكَة {وَلَكِن لَا تبصرون} يَقُول: لَا تبصرون الْمَلَائِكَة {فلولا} يَقُول: هلا {إِن كُنْتُم غير مدينين} غير محاسبين {ترجعونها} يَقُول: ترجعوا النَّفس {إِن كُنْتُم صَادِقين فَأَما إِن كَانَ من المقربين} مثل النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء بِالْأَعْمَالِ {فَروح} الْفَرح مثل قَوْله: (وَلَا تيأسوامن روح الله) (سُورَة يُوسُف الْآيَة 87) {وَرَيْحَان} الرزق قَالَ ابْن عَبَّاس: لَا تخرج روح الْمُؤمن من بدنه حَتَّى يَأْكُل من ثمار الْجنَّة قبل مَوته {وجنة نعيم} يَقُول: حققت لَهُ الْجنَّة وَالْآخِرَة {وَأما إِن كَانَ من أَصْحَاب الْيَمين} يَقُول: جُمْهُور أهل الْجنَّة {فسلام لَك من أَصْحَاب الْيَمين وَأما إِن كَانَ من المكذبين الضَّالّين} وهم الْمُشْركُونَ {فَنزل من حميم} قَالَ: ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لَا يخرج الْكَافِر من بَيته فِي الدُّنْيَا حَتَّى يسقى كأساً من حميم {وتصلية جحيم} يَقُول: فِي الْآخِرَة {إِن هَذَا لَهو حق الْيَقِين} يَقُول: هَذَا القَوْل الَّذِي قَصَصنَا عَلَيْك لَهو حق الْيَقِين يَقُول الْقُرْآن الصَّادِق وَالله أعلم سُورَة الْحَدِيد مَدَنِيَّة وآياتها تسع وَعِشْرُونَ

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 6

الحديد

أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الْحَدِيد بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والبهيقي عَن ابْن الزبير قَالَ: أنزلت سُورَة الْحَدِيد بِالْمَدِينَةِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نزلت سُورَة الْحَدِيد يَوْم الثُّلَاثَاء وَخلق الله الْحَدِيد يَوْم الثُّلَاثَاء وَقتل ابْن آدم أَخَاهُ يَوْم الثُّلَاثَاء وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْحجامَة يَوْم الثُّلَاثَاء وَأخرج الديلمي عَن جَابر مَرْفُوعا: لَا تحتجموا يَوْم الثُّلَاثَاء فَإِن سُورَة الْحَدِيد أنزلت عليّ يَوْم الثُّلَاثَاء

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عرباض بن سَارِيَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ المسبحات قبل أَن يرقد وَقَالَ إِن فِيهِنَّ آيَة أفضل من ألف آيَة وَأخرج ابْن الضريس عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينَام حَتَّى يقْرَأ المسبحات وَكَانَ يَقُول: إِن فِيهِنَّ آيَة هِيَ أفضل من ألف آيَة قَالَ يحيى: فنراها الْآيَة الَّتِي فِي آخر الْحَشْر وَأخرج الْبَزَّار وَابْن عَسَاكِر ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عمر قَالَ: كنت أَشد النَّاس على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبينا أَنا فِي يَوْم حَار بالهاجرة فِي بعض طَرِيق مَكَّة إِذْ لَقِيَنِي رجل فَقَالَ: عجبا لَك يَا ابْن الْخطاب إِنَّك تزْعم أَنَّك وَأَنَّك وَقد دخل عَلَيْك الْأَمر فِي بَيْتك قلت: وَمَا ذَاك قَالَ: هَذِه أختك قد أسلمت فَرَجَعت مغضباً حَتَّى قرعت الْبَاب فَقيل: من هَذَا قلت: عمر فتبادروا فاختفوا مني وَقد كَانُوا يقرأون صحيفَة بَين أَيْديهم تركوها أَو نسوها فَدخلت حَتَّى جَلَست على السرير فَنَظَرت إِلَى الصَّحِيفَة فَقلت: مَا هَذِه ناولينيها قَالَت: إِنَّك لست من أَهلهَا إِنَّك لَا تَغْتَسِل من الْجَنَابَة وَلَا تطهر وَهَذَا كتاب لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ فَمَا زلت بهَا حَتَّى ناولتنيها ففتحتها فَإِذا فِيهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَلَمَّا قَرَأت الرَّحْمَن الرَّحِيم ذعرت فألقيت الصَّحِيفَة من يَدي ثمَّ رجعت إِلَى نَفسِي فأخذتها فَإِذا فِيهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {سبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم} فَكلما مَرَرْت باسم من أَسمَاء الله ذعرت ثمَّ ترجع إليَّ نَفسِي حَتَّى بلغت {آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله وأنفقوا مِمَّا جعلكُمْ مستخلفين فِيهِ} فَقلت: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَخرج الْقَوْم مستبشرين فكبروا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي الْأسود قَالَ: قَالَ رَأس الجالوت: إِنَّمَا التَّوْرَاة الْحَلَال وَالْحرَام إِلَّا أَن فِي كتابكُمْ جَامعا {سبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} وَفِي التَّوْرَاة يسبح لله الطير وَالسِّبَاع قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الأول وَالْآخر} أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو

الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالس وَأَصْحَابه إِذْ أَتَى عَلَيْهِم سَحَاب فَقَالَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل تَدْرُونَ مَا هَذَا قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هَذَا الْعَنَان هَذِه روايا الأَرْض يَسُوقهَا الله إِلَى قوم لَا يشكرونه وَلَا يَدعُونَهُ ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا فَوْقكُم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِنَّهَا الرقيع سقف مَحْفُوظ وموج مكفوف ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ كم بَيْنكُم وَبَينهَا قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: بَيْنكُم وَبَينهَا خَمْسمِائَة سنة ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا فَوق ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن فَوق ذَلِك سماءين مَا بَينهمَا مسيرَة خَمْسمِائَة سنة حَتَّى عدد سبع سموات مَا بَين كل سماءين كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا فَوق ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَوق ذَلِك الْعَرْش وَبَينه وَبَين السَّمَاء بعد مثل مَا بَين السماءين ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا الَّذِي تحتكم قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِنَّهَا الأَرْض ثمَّ قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا تَحت ذَلِك قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن تحتهَا الأَرْض الْأُخْرَى بَينهمَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام حَتَّى عد سبع أَرضين بَين كل أَرضين مسيرَة خَمْسمِائَة سنة ثمَّ قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو أَنكُمْ دليتم أحدكُم بِحَبل إِلَى الأَرْض السَّابِعَة السُّفْلى لهبط على الله ثمَّ قَرَأَ {هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} قَالَ: التِّرْمِذِيّ فسر بعض أهل الْعلم هَذَا الحَدِيث فَقَالُوا: إِنَّمَا هَبَط على علم الله وَقدرته وسلطانه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس بن عبد الْمطلب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو دليتم أحدكُم بِحَبل إِلَى الأَرْض السَّابِعَة لقدم على ربه ثمَّ تَلا {هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أم سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَدْعُو بهؤلاء الْكَلِمَات: اللَّهُمَّ أَنْت الأول فَلَا شَيْء قبلك وَأَنت الآخر فَلَا شَيْء بعْدك أعوذ بك من شَرّ كل دَابَّة ناصيتها بِيَدِك وَأَعُوذ بك من الإِثم والكسل وَمن عَذَاب النَّار وَمن عَذَاب الْقَبْر وَمن فتْنَة الْغنى وَمن فتْنَة الْفقر وَأَعُوذ بك من المأثم والمغرم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وحسنة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: جَاءَت فَاطِمَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تسْأَل خَادِمًا فَقَالَ لَهَا: قولي اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع

وَرب الْعَرْش الْعَظِيم وربنا وَرب كل شَيْء منزل التَّوْرَاة والإِنجيل وَالْفرْقَان فالق الْحبّ النَّوَى أعوذ بك من شَرّ كل ذِي شَرّ أَنْت آخذ بناصيته أَنْت الأول فَلَيْسَ قبلك شَيْء وَأَنت الآخر فَلَيْسَ بعْدك شَيْء وَأَنت الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء وَأَنت الْبَاطِن فَلَيْسَ دُونك شَيْء اقْضِ عَنَّا الدّين وأغننا من الْفقر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَدْعُو عِنْد النّوم: اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم رَبنَا وَرب كل شَيْء منزل التَّوْرَاة والإِنجيل وَالْفرْقَان فالق الْحبّ والنوى لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أعوذ بك من شَرّ كل شَيْء أَنْت آخذ بناصيته أَنْت الأول فَلَيْسَ قبلك شَيْء وَأَنت الآخر فَلَيْسَ بعْدك شَيْء وَأَنت الظَّاهِر فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء وَأَنت الْبَاطِن فَلَيْسَ دُونك شَيْء اقْضِ عَنَّا الدّين وأغننا من الْفقر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ من دُعَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي يَقُول: يَا كَائِن قبل أَن يكون شَيْء والمكوّن لكل شَيْء والكائن بعد مَا لَا يكون شَيْء أَسأَلك بلحظة من لحظاتك الحافظات الوافرات الراجيات المنجيات وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علم عليا يَدْعُو بهَا عِنْدَمَا أهمه فَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يعلمهَا لوَلَده: يَا كَائِن قبل كال شَيْء وَيَا مكوّن كل شَيْء وَيَا كَائِن بعد كل شَيْء أفعل بِي كَذَا وَكَذَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مقَاتل بن حَيَّان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا فِي قَوْله عزو جلّ: {هُوَ الأوّل} قبل كل شَيْء {وَالْآخر} بعد كل شَيْء {وَالظَّاهِر} فَوق كل شَيْء {وَالْبَاطِن} أقرب من كل شَيْء وَإِنَّمَا يَعْنِي بِالْقربِ بِعِلْمِهِ وَقدرته وَهُوَ فَوق عَرْشه {وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم} {هُوَ الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام} مِقْدَار كل يَوْم ألف عَام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش يعلم مَا يلج فِي الأَرْض من الْقطر وَمَا يخرج مِنْهَا من النَّبَات وَمَا ينزل من السَّمَاء من الْقطر وَمَا يعرج فِيهَا يَعْنِي مَا يصعد إِلَى السَّمَاء من الْمَلَائِكَة وَهُوَ مَعكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُم يَعْنِي قدرته وسلطانه وَعلمه مَعكُمْ إينما كُنْتُم وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عمر وَأبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يزَال النَّاس يسْأَلُون عَن كل شَيْء حَتَّى يَقُولُوا هَذَا الله كَانَ قبل كل شَيْء فَمَاذَا كَانَ قبل

الله فَإِن قَالُوا لكم ذَلِك فَقولُوا: هُوَ الأوّل قبل كل شَيْء وَهُوَ الآخر فَلَيْسَ بعده شَيْء وَهُوَ الظَّاهِر فَوق كل شَيْء وَهُوَ الْبَاطِن دون كل شَيْء وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي زميل قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقلت: مَا شَيْء أَجِدهُ فِي صَدْرِي قَالَ: مَا هُوَ قلت: وَالله لَا أَتكَلّم بِهِ فَقَالَ لي: أَشَيْء من شكّ وَضحك قَالَ: مَا نجا من ذَلِك أحد حَتَّى أنزل الله تَعَالَى {فَإِن كنت فِي شكّ مِمَّا أنزلنَا إِلَيْك} الْآيَة وَقَالَ لي: إِذا وجدت فِي نَفسك شَيْئا فَقل: هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن وَهُوَ بِكُل شَيْء عليم أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَهُوَ مَعكُمْ أَيْن مَا كُنْتُم} قَالَ: عَالم بكم أَيْنَمَا كُنْتُم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سُفْيَان الثَّوْريّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {وَهُوَ مَعكُمْ} قَالَ: علمه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن من أفضل إِيمَان الْمَرْء أَن يعلم أَن الله تَعَالَى مَعَه حَيْثُ كَانَ وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد بِسَنَد ضَعِيف عَن ابراء بن عَازِب قَالَ: قلت لعليّ رَضِي الله عَنهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَسأَلك بِاللَّه وَرَسُوله إِلَّا خصصتني بأعظم مَا خصك بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واختصه بِهِ جِبْرِيل وأرسله بِهِ الرَّحْمَن فَقَالَ: إِذا أردْت أَن تَدْعُو الله باسمه الْأَعْظَم فاقرأ من أول سُورَة الْحَدِيد إِلَى آخر سِتّ آيَات مِنْهَا {عليم بِذَات الصُّدُور} وَآخر سُورَة الْحَشْر يَعْنِي أَربع آيَات ثمَّ ارْفَعْ يَديك فَقل: يَا من هُوَ هَكَذَا أَسأَلك بِحَق هَذِه الْأَسْمَاء أَن تصلّي على مُحَمَّد وَأَن تفعل بِي كَذَا وَكَذَا مِمَّا تُرِيدُ فوَاللَّه الَّذِي لَا إِلَه غَيره لتنقلبن بحاجتك إِن شَاءَ الله الْآيَة 7 - 11

7

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وأنفقوا مِمَّا جعلكُمْ مستخلفين فِيهِ} قَالَ: معمرين فِيهِ بالرزق وَفِي قَوْله: {وَقد أَخذ ميثاقكم} قَالَ: فِي ظهر آدم وَفِي قَوْله: {ليخرجكم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور} قَالَ: من الضَّلَالَة إِلَى الْهدى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح} يَقُول: من أسلم {وَقَاتل أُولَئِكَ أعظم دَرَجَة من الَّذين أَنْفقُوا من بعد وقاتلوا} يَعْنِي أَسْلمُوا يَقُول لَيْسَ من هَاجر كمن لم يُهَاجر {وكلا وعد الله الْحسنى} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح} الْآيَة قَالَ: كَانَ قتالان أَحدهمَا أفضل من الآخر وانت نفقتان أَحدهمَا أفضل من الْأُخْرَى قَالَ: كَانَت النَّفَقَة والقتال قبل الْفَتْح فتح مَكَّة أفضل من النَّفَقَة والقتال بعد ذَلِك {وكلا وعد الله الْحسنى} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل} قَالَ أَبُو الدحداح: وَالله لأنفقن الْيَوْم نَفَقَة أدْرك بهَا من قبلي وَلَا يسبقني بهَا أحد بعدِي فَقَالَ: اللَّهُمَّ كل شَيْء يملكهُ أَبُو الدحداح فَإِن نصفه لله حَتَّى بلغ فَرد نَعله ثمَّ قَالَ: وَهَذَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يأتيكم قوم من هَهُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيمن تحقرون أَعمالكُم عِنْد أَعْمَالهم قَالُوا: فَنحْن خير أم هم قَالَ: بل أَنْتُم فَلَو أَن أحدهم أنْفق مثل أحد ذَهَبا مَا أدْرك أحدكُم وَلَا

نصيفه فصلت هَذِه الْآيَة بَيْننَا وَبَين النَّاس {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل أُولَئِكَ أعظم دَرَجَة من الَّذين أَنْفقُوا من بعد وقاتلوا} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْحُدَيْبِيَة إِذا كَانَ بعسفان قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوشك أَن يَأْتِي قوم تحقرون أَعمالكُم مَعَ أَعْمَالهم قُلْنَا: من هم يَا رَسُول الله أقريش قَالَ: لَا وَلَكنهُمْ أهل الْيمن هم أرق أَفْئِدَة وألين قلوباً فَقُلْنَا: أهم خير منا يَا رَسُول الله قَالَ: لَو كَانَ لأَحَدهم جبل من ذهب فأنفقه مَا أدْرك مد أحدكُم وَلَا نصيفه إِلَّا أَن هَذَا فصل مَا بَيْننَا وَبَين النَّاس {لَا يَسْتَوِي مِنْكُم من أنْفق من قبل الْفَتْح وَقَاتل} الْآيَة وَأخرج أَحْمد عَن أنس قَالَ: كَانَ بَين خَالِد بن الْوَلِيد وَبَين عبد الرَّحْمَن بن عَوْف كَلَام فَقَالَ خَالِد لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بهَا فَبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: دعوا لي أَصْحَابِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أنفقتم مثل أحد أَو مثل الْجبَال ذَهَبا مَا بَلغْتُمْ أَعْمَالهم وَأخرج أَحْمد عَن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنَحْنُ خير أم من بَعدنَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أنْفق أحدهم أحدا ذَهَبا مَا بلغ مد أحدكُم وَلَا نصيفه وَأخرج ابْن بِي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تسبوا أَصْحَابِي فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَن أحدكُم أنْفق مثل أحد ذَهَبا مَا أدْرك مدّ أحدهم وَلَا نصيفه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: لَا تسبوا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلمقام أحدهم سَاعَة خير من عمل أحدكُم عمره الْآيَة 12 - 15

12

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {يسْعَى نورهم بَين أَيْديهم} قَالَ: على الصِّرَاط حَتَّى يدخلُوا الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود {يسْعَى نورهم بَين أَيْديهم} قَالَ: على الصِّرَاط وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يزِيد بن شَجَرَة قَالَ: إِنَّكُم مكتوبون عِنْد الله بأسمائكم وسيماكم وحلاكم ونجواكم ومجالسكم فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قيل: يَا فلَان بن فلَان هَلُمَّ بنورك وَيَا فلَان بن فلَان لَا نور لَك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن من الْمُؤمنِينَ يَوْم الْقِيَامَة من يضيء لَهُ نوره كَمَا بَين الْمَدِينَة إِلَى عدن أبين إِلَى صنعاء فدون ذَلِك حَتَّى أَن من الْمُؤمنِينَ من لَا يضيء لَهُ نوره إِلَّا مَوضِع قَدَمَيْهِ وَالنَّاس منَازِل بأعمالهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن بَان مَسْعُود فِي قَوْله: {يسْعَى نورهم بَين أَيْديهم} قَالَ: يُؤْتونَ نورهم على قدر أَعْمَالهم يَمرونَ على الصِّرَاط مِنْهُم من نوره مثل الْجَبَل وَمِنْهُم من نوره مثل النَّخْلَة وأدناهم نورا من نوره على إبهامه يطفأ مرّة ويقد أُخْرَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير أَنه سمع أَبَا ذَر وَأَبا الدَّرْدَاء قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا أول من يُؤذن لَهُ فِي السُّجُود يَوْم الْقِيَامَة وَأول من يُؤذن لَهُ أَن يرفع رَأسه فأرفع رَأْسِي فَأنْظر بَين يَدي وَعَن خَلْفي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي فأعرف أمتِي من بَين الْأُمَم فَقيل: يَا رَسُول الله وَكَيف تعرفهم من بَين الْأُمَم مَا بَين نوح إِلَى أمتك قَالَ: غر محجلون من أثر الْوضُوء وَلَا يكون لأحد غَيرهم وأعرفهم أَنهم يُؤْتونَ كتبهمْ بأيمانهم وأعرفها بِسِيمَاهُمْ فِي

وُجُوههم من أثر السُّجُود وأعرفهم بنورهم الَّذِي يسْعَى بَين أَيْديهم وَعَن أَيْمَانهم وَعَن شمائلهم وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ أَنه قَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّكُم قد أَصْبَحْتُم وأمسيتم فِي منزل تقتسمون فِيهِ الْحَسَنَات والسيئات وتوشكون أَن تظعنوا مِنْهُ إِلَى منزل آخر وَهُوَ الْقَبْر بَيت الْوحدَة وَبَيت الظلمَة وبيد الدُّود وَبَيت الضّيق إِلَّا مَا وسع الله ثمَّ تنتقلون مِنْهُ إِلَى مَوَاطِن يَوْم الْقِيَامَة فَإِنَّكُم لفي بعض تِلْكَ المواطن حَتَّى يغشى النَّاس أَمر الله فتبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه ثمَّ تنتقلون مِنْهُ إِلَى مَوضِع آخر فتغشى النَّاس ظلمَة شَدِيدَة ثمَّ يقسم النُّور فَيعْطى الْمُؤمن نورا وَيتْرك الْكَافِر وَالْمُنَافِق فَلَا يعطيان شَيْئا وَهُوَ الْمثل الَّذِي ضرب الله فِي كِتَابه إِلَى قَوْله وَلَا يستضيء الْكَافِر وَالْمُنَافِق بِنور الْمُؤمن كَمَا لَا يستضيء الْأَعْمَى ببصر الْبَصِير وَيَقُول الْمُنَافِق للَّذين آمنُوا: {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا نورا} وَهِي خدعة الله الَّتِي خدع بهَا الْمُنَافِقين حَيْثُ قَالَ: (يخادعون الله وَهُوَ خادعهم) (سُورَة النِّسَاء آيَة 142) فيرجعون إِلَى الْمَكَان الَّذِي قسم فِيهِ النُّور فَلَا يَجدونَ شَيْئا فينصرفون إِلَيْهِم {فَضرب بَينهم بسور لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهره من قبله الْعَذَاب} ينادونهم ألم نَكُنْ مَعكُمْ نصلي صَلَاتكُمْ ونغزو مغازيكم قَالُوا: بلَى إِلَى قَوْله: {وَبئسَ الْمصير} وَأخرج ابْن بِي حَاتِم من وَجه آخر عَن أبي أُمَامَة قَالَ: تبْعَث ظلمَة يَوْم الْقِيَامَة فَمَا من مُؤمن وَلَا كَافِر يرى كَفه حَتَّى يبْعَث الله بِالنورِ إِلَى الْمُؤمنِينَ بِقدر أَعْمَالهم فيتبعهم المُنَافِقُونَ فَيَقُولُونَ: {انظرونا نقتبس من نوركم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَيْنَمَا النَّاس فِي ظلمَة إِذا بعث الله نورا فَلَمَّا رأى الْمُؤْمِنُونَ النُّور توجهوا نَحوه وَكَانَ النُّور دَلِيلا لَهُم من الله إِلَى الْجنَّة فَلَمَّا رأى المُنَافِقُونَ الْمُؤمنِينَ انْطَلقُوا إِلَى النُّور تبعوهم فأظلم الله على الْمُنَافِقين فَقَالُوا حِينَئِذٍ: {انظرونا نقتبس من نوركم} فَإنَّا كُنَّا مَعكُمْ فِي الدُّنْيَا قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا نورا من حَيْثُ جئْتُمْ من الظلمَة فالتمسوا هُنَالك النُّور وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يَدْعُو النَّاس يَوْم الْقِيَامَة بأمهاتهم سترا مِنْهُ على عباده وَأما عِنْد الصِّرَاط فَإِن الله

يُعْطي كل مُؤمن نورا وكل مُنَافِق نورا فَإِذا اسْتَووا على الصِّرَاط سلب الله نور الْمُنَافِقين والمنافقات فَقَالَ المُنَافِقُونَ: {انظرونا نقتبس من نوركم} وَقَالَ الْمُؤْمِنُونَ: {رَبنَا أتمم لنا نورنا} فَلَا يذكر عِنْد ذَلِك أحد أحدا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا جمع الله الْأَوَّلين والآخرين دَعَا الْيَهُود فَقيل لَهُم: من كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نعْبد الله فَيُقَال لَهُم: كُنْتُم تَعْبدُونَ مَعَه غَيره فَيَقُولُونَ: نعم فَيُقَال لَهُم: من كُنْتُم تَعْبدُونَ مَعَه فَيَقُولُونَ: عُزيراً فيوجهون وَجها ثمَّ يَدْعُو النَّصَارَى فَيُقَال لَهُم: من كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نعْبد الله فَيَقُول لَهُم: هَل كُنْتُم تَعْبدُونَ مَعَه غَيره فَيَقُولُونَ: نعم فَيُقَال لَهُم: من كُنْتُم تَعْبدُونَ مَعَه فَيَقُولُونَ: الْمَسِيح فيوجهون وَجها ثمَّ يدعى الْمُسلمُونَ وهم على رابة من الأَرْض فَيُقَال لَهُم: من كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: كُنَّا نعْبد الله وَحده فَيُقَال لَهُم: هَل كُنْتُم تَعْبدُونَ مَعَه غَيره فَيَقُولُونَ: مَا عَبدنَا غَيره فَيعْطى كل إِنْسَان مِنْهُم نورا ثمَّ يوجهون إِلَى الصِّرَاط ثمَّ قَرَأَ {يَوْم يَقُول المُنَافِقُونَ والمنافقات للَّذين آمنُوا انظرونا نقتبس من نوركم} الْآيَة وَقَرَأَ (يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي وَالَّذين آمنُوا مَعَه نورهم) (سُورَة التَّحْرِيم الْآيَة 8) إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَوْم يَقُول المُنَافِقُونَ والمنافقات} الْآيَة قَالَ: بَيْنَمَا النَّاس فِي ظلمَة إِذْ بعث الله نورا فَلَمَّا رأى الْمُؤْمِنُونَ النُّور توجهوا نَحوه وَكَانَ النُّور لَهُم دَلِيلا إِلَى الْجنَّة من الله فَلَمَّا رأى المُنَافِقُونَ الْمُؤمنِينَ قد انْطَلقُوا تبعوهم فأظلم الله على الْمُنَافِقين فَقَالُوا حِينَئِذٍ: {انظرونا نقتبس من نوركم} فَإنَّا كُنَّا مَعكُمْ فِي الدُّنْيَا قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: ارْجعُوا من حَيْثُ جئْتُمْ من الظلمَة فالتمسوا هُنَالك النُّور وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي فَاخِتَة قَالَ: يجمع الله الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة وَيُرْسل الله على النَّاس ظلمَة فَيَسْتَغِيثُونَ رَبهم فيؤتي الله كل مُؤمن يَوْمئِذٍ نورا ويؤتي الْمُنَافِقين نورا فَيَنْطَلِقُونَ جَمِيعًا متوجهين إِلَى الْجنَّة مَعَهم نورهم فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ طفأ الله نور الْمُنَافِقين فيترددوهن فِي الظلمَة ويسبقهم الْمُؤْمِنُونَ بنورهم بَين أَيْديهم فينادونهم {انظرونا نقتبس من نوركم} {فَضرب بَينهم بسور لَهُ بَاب بَاطِنه} حَيْثُ ذهب الْمُؤْمِنُونَ فِيهِ الرَّحْمَة وَمن قبله الْجنَّة ويناديهم المُنَافِقُونَ ألم نَكُنْ مَعكُمْ قَالُوا: بلَى وَلَكِنَّكُمْ فتنتم أَنفسكُم وتربصتم

وارتبتم فَيَقُول المُنَافِقُونَ بَعضهم لبَعض: وهم يتسكعون فِي الظلمَة تَعَالَوْا نلتمس إِلَى المؤمنيين سَبِيلا فيسقطون على هوة فَيَقُول بَعضهم لبَعض: إِن هَذَا ينْفق بكم إِلَى الْمُؤمنِينَ فيتهافتون فِيهَا فَلَا يزالون يهوون فِيهَا حَتَّى ينْتَهوا إِلَى قَعْر جَهَنَّم فهنالك خدع المُنَافِقُونَ كَمَا قَالَ الله: {وَهُوَ خادعهم} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {انظرونا} مَوْصُولَة بِرَفْع الْألف وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ {انظرونا} مَقْطُوعَة بِنصب الْألف وَكسر الظَّاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: أَيْن أَنْت من يَوْم جِيءَ بجهنم قد سدت مَا بَين الْخَافِقين وَقيل: لن تدخل الْجنَّة حَتَّى تخوض النَّار فَإِن كَانَ مَعَك نور استقام بك الصِّرَاط فقد وَالله نجوت وهديت وَإِن لم يكن مَعَك نور تشبث بك بعض خطاطيف جَهَنَّم أَو كلاليبها فقد وَالله رديت وهويت وَأخرج البهيقي فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مقَاتل فِي قَوْله: {يَوْم يَقُول المُنَافِقُونَ والمنافقات للَّذين آمنُوا} وهم على الصِّرَاط {انظرونا} يَقُول: ارقبونا {نقتبس من نوركم} يَعْنِي نصيب من نوركم فنمضي مَعكُمْ قيل: يَعْنِي قَالَت الْمَلَائِكَة لَهُم: {ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا نورا} من حَيْثُ جئْتُمْ هَذَا من الِاسْتِهْزَاء بهم استهزؤوا بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الدُّنْيَا حِين قَالُوا: آمنا وَلَيْسوا بمؤمنين فَذَلِك قَوْله: {الله يستهزئ بهم} حِين يُقَال لَهُم: {ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا نورا} {فَضرب بَينهم بسور لَهُ بَاب} يَعْنِي بالسور حَائِط بَين أهل الْجنَّة وَالنَّار {بَاب بَاطِنه} يَعْنِي بَاطِن السُّور {فِيهِ الرَّحْمَة} مِمَّا يَلِي الْجنَّة {وَظَاهره من قبله الْعَذَاب} يَعْنِي جَهَنَّم وَهُوَ الْحجاب الَّذِي ضرب بَين أهل الْجنَّة وَأهل النَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنه كَانَ على سور بَيت الْمُقَدّس الشَّرْقِي فَبكى فَقيل لَهُ مَا يبكيك فَقَالَ: هَهُنَا أخبرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه رأى جَهَنَّم يحدث عَن أَبِيه أَنه قَالَ: {فَضرب بَينهم بسور} قَالَ: هَذَا مَوضِع السورعند وَادي جَهَنَّم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَن أبي سِنَان قَالَ: كنت مَعَ عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس عِنْد وَادي جَهَنَّم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ

وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: إِن السُّور الَّذِي ذكره الله فِي الْقُرْآن {فَضرب بَينهم بسور} هوالسور الَّذِي بِبَيْت الْمُقَدّس الشَّرْقِي {بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة} الْمَسْجِد {وَظَاهره من قبله الْعَذَاب} يَعْنِي وَادي جَهَنَّم وَمَا يَلِيهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فَضرب بَينهم بسور} قَالَ: حَائِط بَين الْجنَّة وَالنَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن فِي قَوْله: {بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة} قَالَ: الْجنَّة {وَظَاهره من قبله الْعَذَاب} قَالَ: النَّار وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يَوْم يَقُول المُنَافِقُونَ والمنافقات} الْآيَة قَالَ: إِن الْمُنَافِقين كَانُوا مَعَ الْمُؤمنِينَ أَحيَاء فِي الدُّنْيَا يناكحونهم ويعاشرونهم وَكَانُوا مَعَهم أَمْوَاتًا ويعطون النُّور جَمِيعًا يَوْم الْقِيَامَة فيطفأ نور الْمُنَافِقين إِذا بلغُوا السُّور يماز بَينهم يَوْمئِذٍ والسور كالحجاب فِي الْأَعْرَاف فَيَقُولُونَ: {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارْجعُوا وراءكم فالتمسوا نورا} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَكِنَّكُمْ فتنتم أَنفسكُم} قَالَ: بالشهوات وَاللَّذَّات وتربصتم بِالتَّوْبَةِ {وارتبتم} أَي شَكَكْتُمْ فِي الله {وغرتكم الْأَمَانِي حَتَّى جَاءَ أَمر الله} قَالَ: الْمَوْت {وغركم بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي سُفْيَان {وَلَكِنَّكُمْ فتنتم أَنفسكُم} قَالَ: بِالْمَعَاصِي وتربصتم بِالتَّوْبَةِ {وارتبتم} شَكَكْتُمْ {وغرتكم الْأَمَانِي} قُلْتُمْ: سيغفر لنا حَتَّى جَاءَ أَمر الله قَالَ: الْمَوْت {وغركم بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد عَن مَحْبُوب اللَّيْثِيّ {وَلَكِنَّكُمْ فتنتم أَنفسكُم} أَي بالشهوات {وتربصتم} بِالتَّوْبَةِ {وارتبتم} أَي شَكَكْتُمْ فِي الله {وغرتكم الْأَمَانِي} قَالَ: طول الأمل {حَتَّى جَاءَ أَمر الله} قَالَ: الْمَوْت {وغركم بِاللَّه الْغرُور} قَالَ: الشَّيْطَان وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وتربصتم} قَالَ: تَرَبَّصُوا بِالْحَقِّ وَأَهله {وارتبتم} قَالَ: كَانُوا فِي شكّ من أَمر الله {وغرتكم الْأَمَانِي} قَالَ: كَانُوا على خدعة من الشَّيْطَان وَالله مازالوا عَلَيْهَا حَتَّى قذفهم الله فِي النَّار {وغركم بِاللَّه الْغرُور}

قَالَ: الشَّيْطَان {فاليوم لَا يُؤْخَذ مِنْكُم فديَة} يَعْنِي من الْمُنَافِقين وَلَا من الَّذين كفرُوا الْآيَة 16 - 18

16

أخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ ألمايان للَّذين آمنُوا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس لَا أعلمهُ إِلَّا مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: استبطأ الله قُلُوب الْمُهَاجِرين بعد سبع عشرَة من نزُول الْقُرْآن فَأنْزل الله {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على نفر من أَصْحَابه فِي الْمَسْجِد وهم يَضْحَكُونَ فسحب رِدَاءَهُ محمراً وَجهه فَقَالَ: أتضحكون وَلم يأتكم أَمَان من ربكُم بِأَنَّهُ قد غفر لكم وَلَقَد أنزل عليّ فِي ضحككم آيَة {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله} قَالُوا يَا رَسُول الله: فَمَا كَفَّارَة ذَلِك قَالَ: تَبْكُونَ قدر مَا ضحكتم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله} قَالَ: ذكر لنا أَن شَدَّاد بن أَوْس كَانَ يروي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول: أول مَا يرفع من النَّاس الْخُشُوع وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم} يَقُول: ألم يحن للَّذين آمنُوا وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {اعلموا أَن الله يحيي الأَرْض بعد مَوتهَا} قَالَ: تليين الْقُلُوب بعد قسوتها

وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا كَانَ بَين أسلامنا وَبَين أَن عَاتَبَنَا الله بِهَذِهِ {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله} إِلَّا أَربع سِنِين وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن الزبير أَن ابْن مَسْعُود أخبرهُ أَنه لم يكن بَين إسْلَامهمْ وَبَين أَن نزلت هَذِه الْآيَة يعاتبهم الله بهَا إِلَّا أَربع سِنِين وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِين أُوتُوا الْكتاب من قبل فطال عَلَيْهِم الأمد فقست قُلُوبهم وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله} الْآيَة أقبل بَعْضنَا على بعض أَي شَيْء أحدثنا أَي شَيْء صنعنَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله استبطأ قُلُوب الْمُهَاجِرين فعاتبهم على رَأس ثَلَاثًا عشرَة سنة من نزُول الْقُرْآن فَقَالَ: {ألم يَأن للَّذين آمنُوا} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد أَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظهر مِنْهُم المزاح والضحك فَنزلت {ألم يَأن للَّذين آمنُوا} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد أخذُوا فِي شَيْء من المزاح فَأنْزل الله {ألم يَأن للَّذين آمنُوا} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْأَعْمَش قَالَ: لم قدم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَأَصَابُوا من لين الْعَيْش مَا أَصَابُوا بَعْدَمَا كَانَ بهم من الْجهد فكأنهم فتروا عَن بعض مَا كَانُوا عَلَيْهِ فعوتبوا فَنزلت {ألم يَأن للَّذين آمنُوا} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق السّديّ عَن الْقَاسِم قَالَ: مل أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِلَّة فَقَالُوا: حَدثنَا يَا رَسُول الله فَأنْزل الله (نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص) (سُورَة يُوسُف الْآيَة 3) ثمَّ ملوا مِلَّة فَقَالُوا حَدثنَا يَا رَسُول الله فَأنْزل الله {ألم يَأن للَّذين آمنُوا} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يطولن عَلَيْكُم

الأمد فتقسوا قُلُوبكُمْ أَلا أَن كل مَا هُوَ آتٍ قريب أَلا إِنَّمَا الْبعيد مَا لَيْسَ بآت وَأخرجه ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن بني إِسْرَائِيل لما طَال عَلَيْهِم الأمد قست قُلُوبهم اخترعوا كتابا من عِنْد أنفسهم استهوته قُلُوبهم واستحلته ألسنتهم وَكَانَ الْحق يحول بَينهم وَبَين كثير من شهواتهم حَتَّى نبذوا كتاب الله وَرَاء ظُهُورهمْ كَأَنَّهُمْ لَا يعلمُونَ فَقَالُوا: أَعرضُوا هَذَا الْكتاب على بني إِسْرَائِيل فَإِن تابعوكم فاتركوهم وَإِن خالفوكم فاقتلوهم قَالُوا: لَا بل أرْسلُوا إِلَى فلَان رجل من عُلَمَائهمْ فاعرضوا عَلَيْهِ هَذَا الْكتاب فَإِن تابعكم فَلَنْ يخالفكم أحد بعده وَإِن خالفكم فَاقْتُلُوهُ فَلَنْ يخْتَلف عَلَيْكُم أحد بعده فأرسلوا إِلَيْهِ فَأخذ ورقة وَكتب فِيهَا كتاب الله ثمَّ علقها فِي عُنُقه ثمَّ لبس عَلَيْهِ الثِّيَاب فعرضوا عَلَيْهِ الْكتاب فَقَالُوا: أتؤمن بِهَذَا فَأَوْمأ إِلَى صَدره فَقَالَ: آمَنت وَمَا لي لَا أومن بِهَذَا يَعْنِي الْكتاب الَّذِي فِيهِ الْقُرْآن فَخلوا سَبيله وَكَانَ لَهُ أَصْحَاب يغشونه فَلَمَّا مَاتَ وجدوا الْكتاب الَّذِي فِيهِ الْقُرْآن مُعَلّق عَلَيْهِ فَقَالُوا: أَلا ترَوْنَ إِلَى قَوْله: آمَنت بِهَذَا وَمَالِي لَا أومن بِهَذَا إِنَّمَا عَنى هَذَا الْكتاب فَاخْتلف بنوا إِسْرَائِيل على بضع وَسبعين مِلَّة وَخير مللهم أَصْحَاب ذِي الْقُرْآن قَالَ عبد الله: وَإِن من بَقِي مِنْكُم سيرى مُنْكرا وبحسب امْرِئ يرى مُنْكرا لَا يَسْتَطِيع أَن يُغَيِّرهُ أَن يعلم الله من قلبه أَنه كَارِه لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ إِذا تَلا هَذِه الْآيَة {ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله} ثمَّ قَالَ: بلَى يَا رب بلَى يَا رب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة شَدَّاد بن أَوْس: أول مَا يرفع من النَّاس الْخُشُوع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {الأمد} قَالَ: الدَّهْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي حَرْب بن أبي الْأسود عَن أَبِيه قَالَ: جمع أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْقُرَّاء فَقَالَ: لَا يدخلن عَلَيْكُم إِلَّا من جمع الْقُرْآن فَدَخَلْنَا ثَلَاثمِائَة رجل فوعظنا وَقَالَ: أَنْتُم قراء هَذِه الْبَلَد وَالله ليطولن عَلَيْكُم الأمد فتقسو قُلُوبكُمْ كَمَا قست قُلُوب أهل الْكتاب الْآيَة 19 - 21

19

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من فرّ بِدِينِهِ من أَرض إِلَى أَرض مَخَافَة الْفِتْنَة على نَفسه وَدينه كتب عِنْد الله صديقا فَإِذا مَاتَ قَبضه الله شَهِيدا وتلا هَذِه الْآيَة {وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم} ثمَّ قَالَ: والفارون بدينهم من أَرض إِلَى أَرض يَوْم الْقِيَامَة مَعَ عِيسَى ابْن مَرْيَم فِي دَرَجَته فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مؤمنو أمتِي شُهَدَاء ثمَّ تَلا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الرجل ليَمُوت على فرَاشه وَهُوَ شَهِيد ثمَّ تَلا {وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ يَوْمًا وهم عِنْده: كلكُمْ صديق وشهيد قيل لَهُ: مَا تَقول يَا أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: أقرأوا {وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا الشَّهِيد الَّذِي لَو مَاتَ على فرَاشه دخل الْجنَّة يَعْنِي الَّذِي يَمُوت على فرَاشه وَلَا ذَنْب لَهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كل مُؤمن صديق وشهيد ثمَّ تَلا {وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: كل مُؤمن صديق ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون} قَالَ: هَذِه مفصولة {وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم لَهُم أجرهم ونورهم} وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَالَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرُسُله أُولَئِكَ هم الصديقون} قَالَ: هَذِه مفصولة سماهم صديقين ثمَّ قَالَ: {وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبهم لَهُم أجرهم ونورهم} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مَسْرُوق قَالَ: هِيَ للشهداء خَاصَّة وَأخرج ابْن حبَان عَن عَمْرو بن مَيْمُون الْجُهَنِيّ قَالَ: جَاءَ رجل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن شهِدت أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله وَصليت الصَّلَوَات الْخمس وَأديت الزَّكَاة وَصمت رَمَضَان وقمته فَمِمَّنْ أَنا قَالَ: من الصديقين وَالشُّهَدَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قتاة فِي قَوْله: {وَفِي الْآخِرَة عَذَاب شَدِيد ومغفرة من الله ورضوان} قَالَ: صَار النَّاس إِلَى هذَيْن الحرفين فِي الْآخِرَة الْآيَة 22 - 24

22

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم} يَقُول: فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الدّين {إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها} قَالَ: نخلقها {لكَي لَا تأسوا على مَا فاتكم} من الدُّنْيَا {وَلَا تفرحوا بِمَا آتَاكُم} مِنْهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا أصَاب من مُصِيبَة} الْآيَة قَالَ: هُوَ شَيْء قد فرغ مِنْهُ من قبل أَن تَبرأ الْأَنْفس وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي حسان أَن رجلَيْنِ دخلا على عَائِشَة فَقَالَا: إِن أَبَا هُرَيْرَة يحدث أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: إِنَّمَا الطَّيرَة فِي الدَّابَّة وَالْمَرْأَة وَالدَّار فَقَالَت: وَالَّذِي أنزل الْقُرْآن على أبي الْقَاسِم مَا هَكَذَا كَانَ يَقُول: وَلَكِن كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ: إِنَّمَا الطَّيرَة فِي الْمَرْأَة وَالدَّابَّة وَالدَّار ثمَّ قَرَأت {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها إِن ذَلِك على الله يسير} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَنهُ هَذِه الْآيَة فَقَالَ: سُبْحَانَ الله من يشك فِي هَذَا كل مُصِيبَة فِي السَّمَاء وَالْأَرْض فَفِي كتاب من قبل أَن تَبرأ النَّسمَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لكَي لَا تأسوا على مَا فاتكم} الْآيَة قَالَ: لَيْسَ أحد إِلَّا وَهُوَ يحزن ويفرح وَلَكِن إِن أَصَابَته مُصِيبَة جعلهَا صبرا وَإِن أَصَابَهُ خير جعله شكرا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها} يُرِيد مصائب المعاش وَلَا يُرِيد مصائب الدّين أَنه قَالَ: {لكَي لَا تأسوا على مَا فاتكم وَلَا تفرحوا بِمَا آتَاكُم} وَلَيْسَ عَن مصائب الدّين أَمرهم أَن يأسوا على السَّيئَة ويفرحوا بِالْحَسَنَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّه ليقضي بِالسَّيِّئَةِ فِي السَّمَاء وَهُوَ كل يَوْم فِي شَأْن ثمَّ يضْرب لَهَا أجل فيحسبها إِلَى أجلهَا فَإِذا جَاءَ أجلهَا أرسلها فَلَيْسَ لَهَا مَرْدُود أَنه كَائِن فِي يَوْم كَذَا من شهر كَذَا من سنة كَذَا فِي بلد كَذَا من الْمُصِيبَة من

الْقَحْط والرزق والمصيبة فِي الْخَاصَّة والعامة حَتَّى إِن الرجل يَأْخُذ الْعَصَا يتَوَكَّأ بهَا وَقد كَانَ لَهَا كَارِهًا ثمَّ يعتادها حَتَّى مَا يَسْتَطِيع تَركهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أبي صَالح قَالَ: دخلت على سعيد بن جُبَير فِي نفر فَبكى رجل من الْقَوْم فَقَالَ: مَا يبكيك فَقَالَ: أبْكِي لما أرى بك وَلما يذهب بك إِلَيْهِ قَالَ: فَلَا تبك فَإِنَّهُ كَانَ فَعلم الله أَن يكون أَلا تسمع إِلَى قَوْله: {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب} قَالَ: الأوجاع والأمراض {من قبل أَن نبرأها} قَالَ: من قبل أَن نخلقها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: أنزل الله الْمُصِيبَة ثمَّ حَبسهَا عِنْده ثمَّ يخلق صَاحبهَا فَإِذا عمل خطيئتها أرسلها عَلَيْهِ وَأخرج الديليمي عَن سليم بن جَابر النجيمي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سيفتح على أمتِي بَاب من الْقدر فِي آخر الزَّمَان لَا يسده شَيْء يكفيكم مِنْهُ أَن تقوهم بِهَذِهِ الْآيَة {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَعبد بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن قزعة قَالَ: رَأَيْت على ابْن عمر ثيابًا خشنة فَقلت: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن إِنِّي قد أَتَيْتُك بِثَوْب لين مِمَّا يصنع بخراسان وتقر عَيْني أَن أرَاهُ عَلَيْك فَإِن عَلَيْك ثيابًا خشنة قَالَ: إِنِّي أَخَاف أَن ألبسهُ فَأَكُون مختالاً فخوراً {وَالله لَا يحب كل مختال فخور} الْآيَة 25 - 27

25

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وأنزلنا مَعَهم الْكتاب وَالْمِيزَان} قَالَ: الْعدْل وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وأنزلنا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد وَمَنَافع للنَّاس} قَالَ: جنَّة وَسلَاح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وأنزلنا الْحَدِيد} الْآيَة قَالَ: إِن أول مَا أنزل الله من الْحَدِيد الكلبتين وَالَّذِي يضْرب عَلَيْهِ الْحَدِيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الْأَيَّام فَقَالَ: السبت عدد والأحد عدد والاثنين يَوْم تعرض فِيهِ الْأَعْمَال وَالثُّلَاثَاء يَوْم الدَّم وَالْأَرْبِعَاء يَوْم الْحَدِيد {وأنزلنا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد} وَالْخَمِيس يَوْم تعرض الْأَعْمَال وَالْجُمُعَة يَوْم بَدَأَ الله الْخلق وَفِيه تقوم السَّاعَة قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلنَا فِي قُلُوب الَّذين اتَّبعُوهُ} الْآيَة أخرج عبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عبد الله: قلت: لبيْك يَا رَسُول الله ثَلَاث مَرَّات قَالَ: هَل تَدْرِي أَي عرا الإِيمان أوثق قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أوثق عرا الإِيمان الْولَايَة فِي الله بالحب فِيهِ والبغض فِيهِ قَالَ: هَل تَدْرِي أَي النَّاس أفضل قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: أفضل النَّاس أفضلهم عملا إِذا تفقهوا فِي الدّين يَا عبد الله هَل تَدْرِي أَي النَّاس أعلم قلت: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن أعلم النَّاس أبصرهم بِالْحَقِّ إِذا اخْتلف النَّاس وَإِن كَانَ مقصراً بِالْعَمَلِ وَإِن كَانَ يزحف على استه وَاخْتلف من كَانَ قبلنَا على اثْنَتَيْنِ وَسبعين فِرْقةً نجا مِنْهَا ثَلَاث وَهلك سائرها فرقة (من الْفِرَاق) وزت الْمُلُوك وقاتلتهم على دين الله وَعِيسَى ابْن مَرْيَم حَتَّى قتلوا وَفرْقَة لم يكن لَهُم طَاقَة بموازاة الْمُلُوك وَلَا

بالْمقَام مَعَهم فساحوا فِي الْجبَال وترهبوا فِيهَا وهم الَّذين قَالَ الله: {ورهبانية ابتدعوها مَا كتبناها عَلَيْهِم إِلَّا ابْتِغَاء رضوَان الله فَمَا رعوها حق رعايتها فآتينا الَّذين آمنُوا مِنْهُم أجرهم} الَّذين آمنُوا بِي وصدقوني {وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ} الَّذين كفرُوا بِي وجحدوني وَأخرج النَّسَائِيّ والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت مُلُوك بعد عِيسَى بدلت التَّوْرَاة والإِنجيل فَكَانَ مِنْهُم مُؤمنُونَ يقرأون التَّوْرَاة والإِنجيل فَقيل لملوكهم: مَا نجد شَيْئا أَشد من شتم يشتمنا هَؤُلَاءِ انهم يقرؤون (وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 44) (وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 45) (وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْفَاسِقُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 47) مَعَ مَا يعيبوننا بِهِ من أَعمالنَا فِي قراءتهم فادعهم فليقرؤوا كَمَا نَقْرَأ وليؤمنوا كَمَا آمنا فَدَعَاهُمْ فَجَمعهُمْ وَعرض عَلَيْهِم الْقَتْل أَو يتْركُوا قرءة التَّوْرَاة والإِنجيل إِلَّا مَا بدلُوا مِنْهَا فَقَالُوا: مَا تُرِيدُونَ إِلَى ذَلِك دَعونَا فَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم: ابْنُوا لنا اسطوانة ثمَّ ارفعونا إِلَيْهَا ثمَّ أعطونا شَيْئا ترفع بِهِ طعامنا وشرابنا وَلَا ترد عَلَيْكُم وَقَالَت طَائِفَة: دَعونَا نسيح فِي الأَرْض ونهيم وَنَأْكُل مِمَّا تَأْكُل مِنْهُ الوحوش وَنَشْرَب مِمَّا تشرب فَإِن قدرتم علينا فِي أَرْضكُم فاقتلونا وَقَالَت طَائِفَة: ابْنُوا لنا ديوراً فِي الفيافي ونحتفر الْآبَار ونحرث الْبُقُول فَلَا نَرِد عَلَيْكُم وَلَا نمر بكم وَلَيْسَ أحد من الْقَبَائِل إِلَّا لَهُ حميم فيهم فَفَعَلُوا ذَلِك فَأنْزل الله {ورهبانية ابتدعوها مَا كتبناها عَلَيْهِم إِلَّا ابْتِغَاء رضوَان الله فَمَا رعوها حق رعايتها} قَالَ: وَالْآخرُونَ مِمَّن تعبد من أهل الشّرك وفني من قد فني مِنْهُم قَالُوا: نتعبد كَمَا تعبد فلَان ونسيح كَمَا ساح فلَان ونتخذ ديوراً كَمَا اتخذ فلَان وهم على شركهم لَا علم لَهُم بإِيمان الَّذين اقتدوا بهم فَلَمَّا بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يبْق مِنْهُم إِلَّا الْقَلِيل انحط صَاحب الصومعة من صومعته وَجَاء السائح من سياحته وَصَاحب الدَّيْر من ديره فآمنوا بِهِ وَصَدقُوهُ فَقَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته} أَجْرَيْنِ بإيمَانهمْ بِعِيسَى وَنصب أنفسهم والتوراة والإِنجيل وبإيمانهم بِمُحَمد وتصديقهم {وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ} الْقُرْآن واتباعهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج أَبُو يعلى عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تشددوا على أَنفسكُم فيشدد عَلَيْكُم فَإِن قوما شَدَّدُوا على أنفسهم فَشدد عَلَيْهِم فَتلك بقاياهم فِي الصوامع والديارات {ورهبانية ابتدعوها مَا كتبناها عَلَيْهِم} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سهل بن أبي أُمَامَة بن سهل بن جُبَير عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تشددوا على أَنفسكُم فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بتشديدهم على أنفسهم وستجدون بقاياهم فِي الصوامع والديارات وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن نصر عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن الله كتب عَلَيْكُم صِيَام شهر رَمَضَان وَلم يكْتب عَلَيْكُم قِيَامه وَإِنَّمَا الْقيام شَيْء ابتدعتموه فدوموا عَلَيْهِ وَلَا تتركوه فَإِن نَاسا من بني إِسْرَائِيل ابتدعوا بِدعَة فعابهم الله بِتَرْكِهَا وتلا هَذِه الْآيَة {ورهبانية ابتدعوها} وَأخرج أَحْمد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن لكل أمة رَهْبَانِيَّة ورهبانية هَذِه الْأمة الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ورهبانية ابتدعوها} قَالَ: ذكر لنا أَنهم رفضوا النِّسَاء وَاتَّخذُوا الصوامع الْآيَة 28 - 29

28

أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس أَن أَرْبَعِينَ من أَصْحَاب النَّجَاشِيّ قدمُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشَهِدُوا مَعَه أحدا فَكَانَت فيهم جراحات وَلم يقتل مِنْهُم أحد فَلَمَّا رَأَوْا مَا بِالْمُؤْمِنِينَ من الْحَاجة قَالُوا يَا رَسُول الله: إِنَّا أهل ميسرَة فائذن لنا نجيء بِأَمْوَالِنَا نواسي بهَا الْمُسلمين فَأنْزل الله فيهم {الَّذين آتَيْنَاهُم الْكتاب من قبله هم بِهِ يُؤمنُونَ}

إِلَى قَوْله: {أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} فَجعل لَهُم أَجْرَيْنِ قَالَ: {ويدرؤون بِالْحَسَنَة السَّيئَة} قَالَ: أَي النَّفَقَة الَّتِي وَاسَوْا بهَا الْمُسلمين فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة قَالُوا: يَا معشر الْمُسلمين أما من آمن منا بِكِتَابِكُمْ فَلهُ أَجْرَانِ وَمن لم يُؤمن بِكِتَابِكُمْ فَلهُ أجر كَأُجُورِكُمْ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ وَيغْفر لكم} فَزَادَهُم النُّور وَالْمَغْفِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: لما نزلت {أُولَئِكَ يُؤْتونَ أجرهم مرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} فَخر مؤمنو أهل الْكتاب على أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: لنا أَجْرَانِ وَلكم أجر فَاشْتَدَّ ذَلِك على الصَّحَابَة فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وآمنوا بِرَسُولِهِ يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته} فَجعل لَهُم أَجْرَيْنِ مثل أجور مؤمني أهل الْكتاب وَسوى بَينهم فِي الْأجر وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته} قَالَ: أَجْرَيْنِ {وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته} قَالَ: ضعفين {وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ} قَالَ: هدى وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {كِفْلَيْنِ} قَالَ: أَجْرَيْنِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {كِفْلَيْنِ} قَالَ: حظين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كِفْلَيْنِ} قَالَ: ضعفين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مُوسَى فِي قَوْله: {كِفْلَيْنِ} قَالَ: ضعفين وَهِي بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر فِي قَوْله: {يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته} قَالَ: الكفل ثَلَاثمِائَة جُزْء وَخَمْسُونَ جزأ من رَحْمَة الله وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي قلَابَة فِي قَوْله: {يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته} قَالَ: الكفل ثَلَاثمِائَة جُزْء من الرَّحْمَة

وَأخرج ابْن الضريس عَن سعيد بن جُبَير {وَيجْعَل لكم نورا تمشون بِهِ} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد عَن يزِيد بن حَازِم قَالَ: سَمِعت عِكْرِمَة وَعبد الله بن أبي سَلمَة رَضِي الله عَنْهُمَا قَرَأَ أَحدهمَا {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب} وَقَرَأَ الآخر ليعلم أهل الْكتاب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قسم الْعَمَل وَقسم الْأجر وَفِي لفظ وَقسم الْأَجَل فَقيل للْيَهُود: اعْمَلُوا فعملوا إِلَى نصف النَّهَار فَقيل: لكم قِيرَاط وَقيل لِلنَّصَارَى: اعْمَلُوا فعملوا من نصف النَّهَار فَقيل: لكم قِيرَاط وَقيل للْمُسلمين: اعْمَلُوا فعملوا من الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس فَقيل: لكم قيراطان فتكلمت الْيَهُود وَالنَّصَارَى فِي ذَلِك فَقَالَت الْيَهُود: أنعمل إِلَى نصف النَّهَار فَيكون لنا قِيرَاط وَقَالَت النَّصَارَى: أنعمل من نصف النَّهَار إِلَى الْعَصْر فَيكون لنا قِيرَاط وَيعْمل هَؤُلَاءِ من الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس فَيكون لَهُم قيراطان فَأنْزل الله {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب إِلَّا يقدرُونَ على شَيْء من فضل اللهْ} إِلَى آخر الْآيَة ثمَّ قَالَ: إِن مثلكُمْ فِيمَا قبلكُمْ من الْأُمَم كَمَا بَين الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله} الْآيَة حسدهم أهل الْكتاب عَلَيْهَا فَأنْزل الله {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت الْيَهُود: يُوشك أَن يخرج منا نَبِي فَيقطع الْأَيْدِي والأرجل فَلَمَّا خرج من الْعَرَب كفرُوا فَأنْزل الله {لِئَلَّا يعلم أهل الْكتاب} الْآيَة يَعْنِي بِالْفَضْلِ النُّبُوَّة وَأخرج عبد بن حميد ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ كي لَا يعلم أهل الْكتاب وَالله أعلم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

سُورَة المجادلة مَدَنِيَّة وآياتها اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ أخرج ابْن الضريس والنحاس وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة المجادلة بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَالله أعلم الْآيَة 1 - 4

المجادلة

أخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ تَعْلِيقا وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة قَالَت: الْحَمد لله الَّذِي وسع سَمعه

الْأَصْوَات لقد جَاءَت المجادلة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكَلمه وَأَنا فِي نَاحيَة الْبَيْت لَا أسمع مَا تَقول فَأنْزل الله {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج ابْن ماجة ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: تبَارك الَّذِي وسع سَمعه كل شَيْء إِنِّي لأسْمع كَلَام خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة وَيخْفى عليّ بعضه وَهِي تَشْتَكِي زَوجهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي تَقول: يَا رَسُول الله أكل شَبَابِي وَنَثَرت لَهُ بَطْني حَتَّى إِذا كبر سني وَانْقطع وَلَدي ظَاهر مني اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْك فَمَا بَرحت حَتَّى نزل جِبْرِيل بهؤلاء الْآيَات {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} وَهُوَ أَوْس بن الصَّامِت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن زيد قَالَ: لَقِي عمر بن الْخطاب امْرَأَة يُقَال لَهَا خَوْلَة وَهُوَ يسير مَعَ النَّاس فاستوقفته فَوقف لَهَا ودنا مِنْهَا وأصغى إِلَيْهَا رَأسه وَوضع يَدَيْهِ على منكبيها حَتَّى قَضَت حَاجَتهَا وانصرفت فَقَالَ لَهُ رجل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: حبست رجال قُرَيْش على هَذِه الْعَجُوز قَالَ: وَيحك وَتَدْرِي من هَذِه قَالَ: لَا قَالَ: هَذِه امْرَأَة سمع الله شكواها من فَوق سبع سموات هَذِه خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة وَالله لَو لم تَنْصَرِف عني إِلَى اللَّيْل مَا انصرفت حَتَّى تقضي حَاجَتهَا وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن مرْدَوَيْه عَن ثُمَامَة بن حزن قَالَ: بَيْنَمَا عمر بن الْخطاب يسير على حِمَاره لَقيته امْرَأَة فَقَالَت: قف يَا عمر فَوقف فأغلظت لَهُ القَوْل فَقَالَ رجل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ فَقَالَ: وَمَا يَمْنعنِي أَن أستمع إِلَيْهَا وَهِي الَّتِي اسْتمع الله لَهَا أنزل فِيهَا مَا نزل {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق يُوسُف بن عبد الله بن سَلام قَالَ: حَدَّثتنِي خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة قَالَت: فيّ وَالله وَفِي أَوْس بن الصَّامِت أنزل الله صدر سُورَة المجادلة قَالَت: كنت عِنْده وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد سَاءَ خلقه فَدخل عليّ يَوْمًا فراجعته بِشَيْء فَغَضب فَقَالَ: أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي ثمَّ رَجَعَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قومه سَاعَة ثمَّ دخل عليّ فَإِذا هُوَ يُرِيدنِي عَن نَفسِي قلت: كلا وَالَّذِي نفس خَوْلَة بِيَدِهِ لَا تصل إليّ وَقد قلت مَا قلت حَتَّى يحكم الله وَرَسُوله فِينَا ثمَّ جِئْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت لَهُ ذَلِك فَمَا

بَرحت حَتَّى نزل الْقُرْآن فتغشى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ يتغشاه ثمَّ سرّي عَنهُ فَقَالَ لي: يَا خَوْلَة قد أنزل الله فِيك وَفِي صَاحبك ثمَّ قَرَأَ عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} إِلَى قَوْله: {عَذَاب أَلِيم} فَقَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مريه فليعتق رَقَبَة قلت يَا رَسُول الله: مَا عِنْده مَا يعْتق قَالَ: فليصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قلت: وَالله إِنَّه لشيخ كَبِير مَا بِهِ من صِيَام قَالَ: فليطعم سِتِّينَ مِسْكينا وسْقا من تمر قلت: وَالله مَا ذَاك عِنْده قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَإنَّا سنعينه بعرق من تمر قلت: وَأَنا يَا رَسُول الله سأعينه بعرق آخر قَالَ: فقد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي بِهِ عَنهُ ثمَّ استوصي بِابْن عمك خيرا قَالَت: فَفعلت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء بن يسَار أَن أَوْس بن الصَّامِت ظَاهر من امْرَأَته خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة فَجَاءَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته وَكَانَ أَوْس بِهِ لمَم فَنزل الْقُرْآن {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم ثمَّ يعودون لما قَالُوا فَتَحْرِير رَقَبَة من قبل أَن يتماسا} فَقَالَ لامْرَأَته: مريه فليعتق رَقَبَة فَقَالَت يَا رَسُول الله: وَالَّذِي أَعْطَاك مَا أَعْطَاك مَا جِئْت إِلَّا رَحْمَة لَهُ إِن لَهُ فيّ مَنَافِع وَالله مَا عِنْده رَقَبَة وَلَا يملكهَا قَالَت: فَنزل الْقُرْآن وَهِي عِنْده فِي الْبَيْت قَالَ: مريه فليصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين فَقَالَت: وَالَّذِي أَعْطَاك مَا أَعْطَاك مَا قدر عَلَيْهِ فَقَالَ: مريه فليتصدق على سِتِّينَ مِسْكينا فَقَالَت: يَا رَسُول الله مَا عِنْده مَا يتَصَدَّق بِهِ فَقَالَ: يذهب إِلَى فلَان الْأنْصَارِيّ فَإِن عِنْده شطر وسق تمر أَخْبرنِي أَنه يُرِيد أَن يتَصَدَّق بِهِ فليأخذ مِنْهُ ثمَّ ليتصدق على سِتِّينَ مِسْكينا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن عَائِشَة أَن خَوْلَة كَانَت امْرَأَة أَوْس بن الصَّامِت وَكَانَ إمرأ بِهِ لمَم فَإِذا اشْتَدَّ لممه ظَاهر من امْرَأَته فَأنْزل الله فِيهِ كَفَّارَة الظِّهَار وَأخرج النّحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَابس قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة لَو قَالَ لامْرَأَته: أَنْت عليَّ كَظهر أُمِّي حرمت عَلَيْهِ وَكَانَ أول من ظَاهر فِي الْإِسْلَام أَوْس بن الصَّامِت وَكَانَت تَحْتَهُ ابْنة عَم لَهُ يُقَال لَهَا خَوْلَة فَظَاهر مِنْهَا فأسقط فِي يَده وَقَالَ: مَا أَرَاك إِلَّا قد حرمت عليّ فانطلقي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاسأليه فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدت عِنْده ماشطة تمشط رَأسه فَأَخْبَرته فَقَالَ: يَا خَوْلَة مَا أمرنَا فِي أَمرك بِشَيْء فَأنْزل الله على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا خَوْلَة

ابشري قَالَت: خيرا قَالَ: خيرا فَأنْزل الله على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ عَلَيْهَا {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} الْآيَات وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن خَوْلَة أَو خُوَيْلَة أَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِن زَوجي ظَاهر مني فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أَرَاك إِلَّا قد حرمت عَلَيْهِ فَقَالَت أَشْكُو إِلَى الله فَاقَتِي فَأنْزل الله {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا وتشتكي إِلَى الله} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي الْقُرْآن [] مَا أنزل الله جملَة وَاحِدَة {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا وتشتكي إِلَى الله} كَانَ هَذَا قبل أَن تخلق خَوْلَة لَو أَن خَوْلَة أَرَادَت أَن لَا تجَادل لم يكن ذَلِك لِأَن الله كَانَ قد قدر ذَلِك عَلَيْهَا قبل أَن يخلقها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} وَذَلِكَ أَن خَوْلَة امْرَأَة من الْأَنْصَار ظَاهر مِنْهَا زَوجهَا فَقَالَ: أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن زَوجي كَانَ تزَوجنِي وَأَنا أحب النَّاس إِلَيْهِ حَتَّى إِذا كَبرت وَدخلت فِي السن قَالَ: أَنْت عليّ كَظهر أُمِّي وَتَرَكَنِي إِلَى غير أحد فَإِن كنت تَجِد لي رخصَة يَا رَسُول الله تنعشني وإياه بهَا فَحَدثني بهَا قَالَ: وَالله مَا أمرت فِي شَأْنك بِشَيْء حَتَّى الْآن وَلَكِن ارجعي إِلَى بَيْتك فَإِن أومر بِشَيْء لَا أعميه عَلَيْك إِن شَاءَ الله فَرَجَعت إِلَى بَيتهَا فَأنْزل الله على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْكتاب رخصتها ورخصة زَوجهَا فَقَالَ: {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} إِلَى قَوْله: {عَذَاب أَلِيم} فَأرْسل إِلَى زَوجهَا فَقَالَ: هَل تَسْتَطِيع أَن تعْتق رَقَبَة قَالَ: إِذن يذهب مَالِي كُله الرَّقَبَة غَالِيَة وَأَنا قَلِيل المَال قَالَ: هَل تَسْتَطِيع أَن تَصُوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالَ: وَالله لَوْلَا أَنِّي آكل كل يَوْم ثَلَاث مَرَّات لكلّ بَصرِي قَالَ: هَل تَسْتَطِيع أَن تطعم سِتِّينَ مِسْكينا قَالَ: لَا وَالله إِلَّا أَن تعينني قَالَ: إِنِّي معينك بِخَمْسَة عشر صَاعا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن أَوْس بن الصَّامِت ظَاهر من امْرَأَته خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة فشكت ذَلِك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: ظَاهر مني زَوجي حِين كبر سني ودق عظمي فَأنْزل الله آيَة الظِّهَار فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعتق رَقَبَة قَالَ: مَالِي بذلك يدان فَصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالَ: إِنِّي إِذا أخطأني أَن آكل فِي

الْيَوْم ثَلَاث مَرَّات يكل بَصرِي فأطعم سِتِّينَ مِسْكينا قَالَ: مَا أجد إِلَّا أَن تعينني فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَمْسَة عشر صَاعا حَتَّى جمع الله لَهُ أَهله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الشّعبِيّ قَالَ: الْمَرْأَة الَّتِي جادلت فِي زَوجهَا خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة وَأمّهَا معَاذَة الَّتِي أنزل الله فِيهَا (وَلَا تكْرهُوا فيتاتكم على الْبغاء) (سُورَة النُّور الْآيَة 33) وَكَانَت أمة لعبد الله بن أبيّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: إِن أول من ظَاهر فِي الإِسلام زوج خُوَيْلَة فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن زَوجي ظَاهر مني وَجعلت تَشْكُو إِلَى الله فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا جَاءَنِي فِي هَذَا شَيْء قَالَت: فَإلَى من يَا رَسُول الله إِن زَوجي ظَاهر مني فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِك إِذْ نزل الْوَحْي {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} حَتَّى بلغ {فَتَحْرِير رَقَبَة من قبل أَن يتماسا} ثمَّ حبس الْوَحْي فَانْصَرف إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَلَاهَا عَلَيْهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هُوَ ذَاك فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِك إِذا نزل الْوَحْي {فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين من قبل أَن يتماسا} ثمَّ حبس الْوَحْي فَانْصَرف إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَلَاهَا عَلَيْهَا فَقَالَت: لَا يَسْتَطِيع أَن يَصُوم يَوْمًا وَاحِدًا قَالَ: هُوَ ذَاك فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِك إِذْ نزل الْوَحْي {فَمن لم يسْتَطع فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا} فَانْصَرف إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَلَاهَا عَلَيْهَا فَقَالَت: لَا يجد يَا رَسُول الله قَالَ: إِنَّا سنعينه وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي قَالَ: أَعَانَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَمْسَة عشر صَاعا وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي زيد الْمدنِي رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأَة جَاءَت بِشَطْر وسق من شعير فَأعْطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي مَدين من شعير مَكَان مدّ من بر وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعَانَهُ بِخَمْسَة عشر صَاعا من شعير وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا ظَاهر من امْرَأَته على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ الظِّهَار أَشد من الطَّلَاق وَأحرم الْحَرَام إِذا ظَاهر من امْرَأَته لم ترجع إِلَيْهِ أبدا فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يانبي الله إِن زَوجي وَأَبا وَلَدي

ظَاهر مني وَمَا يطلع إِلَّا الله على مَا يدْخل عليّ من فِرَاقه فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد قَالَ مَا قَالَ: قَالَت: فَكيف أصنع ودعت الله واشتكت إِلَيْهِ فَأنْزل الله {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا وتشتكي إِلَى الله} إِلَى آخر الْآيَات فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَوجهَا فَقَالَ: تعْتق رَقَبَة: قَالَ: مَا فِي الأَرْض رَقَبَة أملكهَا قَالَ: تَسْتَطِيع أَن تَصُوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالَ يَا رَسُول الله: إِنِّي بلغت سنا وَبِي دوران فَإِذا لم آكل فِي الْيَوْم مرَارًا أدير عليّ حَتَّى أقع قَالَ: تَسْتَطِيع أَن تطعم سِتِّينَ مِسْكينا قَالَ: وَالله مَا أجد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سنعينك وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأَة أخي عبَادَة بن الصَّامِت جَاءَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَشْكُو زَوجهَا تظاهر عَنْهَا وَامْرَأَة تفلي رَأس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قَالَ: تدهنه فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظره إِلَى السَّمَاء فَقَالَت الَّتِي تفلي لامْرَأَة أخي عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ وَاسْمهَا خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة يَا خَوْلَة أَلا تسكتي فقد ترينه ينظر إِلَى السَّمَاء فَأنْزل الله فِيهَا {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} فَعرض عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عتق رَقَبَة فَقَالَ: لَا أجد فَعرض عَلَيْهِ صِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين فَقَالَ: لَا أُطِيق إِن لم آكل كل يَوْم ثَلَاث مَرَّات شقّ بِي فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأطعم سِتِّينَ مِسْكينا قَالَ: لَا أجد فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِشَيْء من تمر فَقَالَ لَهُ: خُذ هَذَا فأقسمه فَقَالَ الرجل: مَا بَين لابتيها أفقر مني فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كُله أَنْت وَأهْلك وأخرح عبد بن حميد عَن يزِيد بن زيد الْهَمدَانِي فِي قَوْله: {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} قَالَ: هِيَ خَوْلَة بنت الصَّامِت وَكَانَ زَوجهَا مَرِيضا فَدَعَاهَا فَلم تجبه وأبطأت عَلَيْهِ فَقَالَ: أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة {فَتَحْرِير رَقَبَة} فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعتق رَقَبَة قَالَ: لَا أجد قَالَ: فَصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالَ: لَا أَسْتَطِيع قَالَ: فأطعم سِتِّينَ مِسْكينا قَالَ: لَا وَالله مَا عِنْدِي إِلَّا أَن تعينني فأعانه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِخَمْسَة عشر صَاعا فَقَالَ: وَالله مَا فِي الْمَدِينَة أحْوج إِلَيْهَا مني فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَكلهَا أَنْت وَأهْلك وَأخرج ابْن سعد عَن عمرَان بن أنس قَالَ: كَانَ أول من ظَاهر فِي الإِسلام أَوْس بن الصَّامِت وَكَانَ بِهِ لمَم وَكَانَ يفِيق أَحْيَانًا فَلاحَ امْرَأَته خَوْلَة بنت ثَعْلَبَة فِي بعض صحواته فَقَالَ: أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي ثمَّ نَدم فَقَالَ: مَا أَرَاك إِلَّا قد

حرمت عليّ قَالَت: مَا ذكرت طَلَاقا فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته بِمَا قَالَ قَالَ: وجادلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَارًا ثمَّ قَالَت: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْك شدَّة وَحْدَتي وَمَا يشق عليّ من فِرَاقه قَالَت عَائِشَة: فَلَقَد بَكَيْت وَبكى من كَانَ فِي الْبَيْت رَحْمَة لَهَا ورقة عَلَيْهَا وَنزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي فَسرِّي عَنهُ وَهُوَ يبتسم فَقَالَ: يَا خَوْلَة قد أنزل الله فِيك وَفِيه {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا} ثمَّ قَالَ: مريه أَن يعْتق رَقَبَة قَالَت: لَا يجد قَالَ: فمريه أَن يَصُوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالَت: لَا يُطيق ذَلِك قَالَ: فمريه فليطعم سِتِّينَ مِسْكينا قَالَت: وأنّى لَهُ فمريه فليأت أم الْمُنْذر بنت قيس فليأخذ مِنْهَا شطر وسق تمر فليتصدق بِهِ على سِتِّينَ مِسْكينا فَرَجَعت إِلَى أَوْس فَقَالَ: مَا وَرَاءَك قَالَت: خير وَأَنت ذميم ثمَّ أخْبرته فَأتى أم الْمُنْذر فَأخذ ذَلِك مِنْهَا فَجعل يطعم مَدين من تمر كل مِسْكين وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي قلَابَة قَالَ: إِنَّمَا كَانَ طلاقهم فِي الْجَاهِلِيَّة الظِّهَار والإِيلاء حَتَّى قَالَ مَا سَمِعت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَإِنَّهُم ليقولون مُنْكرا من القَوْل وزوراً} قَالَ: الزُّور الْكَذِب وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم ثمَّ يعودون لما قَالُوا} قَالَ: هُوَ الرجل يَقُول لامْرَأَته: أَنْت عليَّ كَظهر أُمِّي فَإِذا قَالَ ذَلِك: فَلَيْسَ لَهُ أَن يقربهَا بِنِكَاح ولاغيره حَتَّى يكفر بِعِتْق رَقَبَة فَإِن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين من قبل أَن يتماسّا والمس النِّكَاح فَإِن لم يسْتَطع فإطعام سِتِّينَ مسكيناوإن هُوَ قَالَ لَهَا: أَنْت عليّ كَظهر أميفإذا قَالَ: إِن فعلت كَذَا فَلَيْسَ يَقع فِي ذَلِك ظِهَار حَتَّى يَحْنَث فَلَا يقربهَا حَتَّى يكفر وَلَا يَقع فِي الظِّهَار طَلَاق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ثمَّ يعودون لما قَالُوا} قَالَ: يعود لمسها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن طَاوُوس {ثمَّ يعودون لما قَالُوا} قَالَ: الْوَطْء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن طَاوُوس قَالَ: إِذا اكلم الرجل بالظهار الْمُنكر والزور فقد وَجَبت عَلَيْهِ الْكَفَّارَة حنث أَو لم يَحْنَث

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن طَاوُوس قَالَ: كَانَ طَلَاق أهل الْجَاهِلِيَّة الظِّهَار فَظَاهر رجل فِي الإِسلام وَهُوَ يُرِيد الطَّلَاق فَأنْزل الله فِيهِ الْكَفَّارَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَطاء أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة من قبل أَن يتماسّا قَالَ: هُوَ الْجِمَاع وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا} قَالَ: كَهَيئَةِ الطَّعَام فِي الْيَمين مَدين لكل مِسْكين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ثَلَاث فِيهِنَّ مد كَفَّارَة الْيَمين وَكَفَّارَة الظِّهَار وَكَفَّارَة الصّيام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر الَّذِي أَتَى أَهله فِي رَمَضَان بكفارة الظِّهَار وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَطاء وَالزهْرِيّ وَقَتَادَة قَالُوا: الْعتْق فِي الظِّهَار وَالصِّيَام وَالطَّعَام كل ذَلِك من قبل أَن يتماسّا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الظِّهَار فِي الْجَاهِلِيَّة يحرم النِّسَاء فَكَانَ أول من ظَاهر فِي الْإِسْلَام أَوْس بن الصَّامِت وَكَانَت امْرَأَته خَوْلَة بنت خويلد وَكَانَ الرجل ضَعِيفا وَكَانَت الْمَرْأَة جلدَة فَلَمَّا تكلم بالظّهار قَالَ: لَا أَرَاك إِلَّا قد حرمت عليّ فانطلقي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَعَلَّك تبتغي شَيْئا يردّك عليّ فَانْطَلَقت وَجلسَ ينتظرها فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وماشطة تمشط رَأسه فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِن أَوْس بن الصَّامِت من قد علمت من ضعف رَأْيه وَعجز مقدرته وَقد ظَاهر مني فابتغ لي يَا رَسُول الله شَيْئا إِلَيْهِ يَا خُوَيْلَة: مَا أمرنَا بِشَيْء فِي أَمرك وَأَن نؤمر فسأخبرك فَبينا ماشطته قد فزعت من شقّ رَأسه وَأخذت فِي الشق الآخر أنزل الله عز وَجل وَكَانَ إِذا أنزل عَلَيْهِ الْوَحْي تَرَبد لذَلِك وَجهه حَتَّى يجد بردة فَإِذا سرّي عَنهُ عَاد وَجهه أَبيض كالقلب ثمَّ تكلم بِمَا أَمر بِهِ فَقَالَت مَا شطته: يَا خُوَيْلَة إِنِّي لأظنه الْآن فِي شَأْنك فَأَخذهَا افكل (هَكَذَا فِي الأَصْل ولعلها إفْك) ثمَّ قَالَت: اللَّهُمَّ بك أعوذ أَن تنزل فيّ إِلَّا خيرا فَإِنِّي لم أبغ من رَسُولك إِلَّا خيرا فَلَمَّا سرّي عَنهُ قَالَ: يَا خُوَيْلَة قد أنزل الله فِيك وَفِي صَاحبك فَقَرَأَ {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا وتشتكي إِلَى الله} إِلَى قَوْله: {فَتَحْرِير رَقَبَة من قبل أَن يتماسا} فَقَالَت: وَالله يَا رَسُول الله مَاله خَادِم غَيْرِي وَلَا لي خَادِم غَيره قَالَ: {فَمن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين} قَالَت: وَالله إِنَّه إِذا لم

يَأْكُل فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ يسدر بَصَره قَالَ: {فَمن لم يسْتَطع فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا} قَالَت: وَالله مَا لنا فِي الْيَوْم إِلَّا وقية قَالَ: فمريه فليطلق إِلَى فلَان فليأخذ مِنْهُ شطر وسق من تمر فليتصدق بِهِ على سِتِّينَ مِسْكينا وليراجعك وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف من طَرِيق أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن سَلمَة بن صَخْر الْأنْصَارِيّ أَنه جعل امْرَأَته عَلَيْهِ كَظهر أمه حَتَّى يمْضِي رَمَضَان فَسَمنت وتربصت فَوَقع عَلَيْهَا فِي النّصْف من رَمَضَان فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّهُ يعظم ذَلِك فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتستطيع أَن تعْتق رَقَبَة فَقَالَ: لَا قَالَ: أفتستطيع أَن تَصُوم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالَ: لَا قَالَ: أفتستطيع أَن تطعم سِتِّينَ مِسْكينا قَالَ: لَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا فَرْوَة بن عَمْرو أعْطه ذَلِك الْعرق وَهُوَ مكتل يَأْخُذ خَمْسَة عشر أَو سِتَّة عشر صَاعا فليطعمه سِتِّينَ مِسْكينا فَقَالَ: أعليّ أفقر مني فوالذي بَعثك بِالْحَقِّ مَا بَين لَا بتيها أهل بَيت أحْوج إِلَيْهِ منا فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: اذْهَبْ بِهِ إِلَى أهلك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَت خَوْلَة بنت ودبيج تَحت رجل من الْأَنْصَار وَكَانَ سييء الْخلق ضَرِير الْبَصَر فَقِيرا وَكَانَت الْجَاهِلِيَّة إِذا أَرَادَ الرجل أَن يُفَارق امْرَأَته قَالَ: أَنْت عليّ كَظهر أُمِّي فادارعته بعض الشَّيْء فَقَالَ: أَنْت عليّ كَظهر أُمِّي وَكَانَ لَهُ عيل أَو عيلان فَلَمَّا سمعته يَقُول مَا قَالَ احتملت صبيانها فَانْطَلَقت تسْعَى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوافقته عِنْد عَائِشَة وَإِذا عَائِشَة تغسل شقّ رَأس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثمَّ قَالَت: يَا رَسُول الله إِن زَوجي فَقير ضَرِير الْبَصَر سييء الْخلق وَإِنِّي نازعته فِي شَيْء فَقَالَ: أَنْت عليّ كَظهر أُمِّي وَلم يرد الطَّلَاق فَرفع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه فَقَالَ: مَا أعلم إِلَّا قد حرمت عَلَيْهِ فاستكانت وَقَالَت: أشتكي إِلَى الله مَا نزل بِي ومصيبتي وتحولت عَائِشَة تغسل شقّ رَأسه الآخر فتحولت مَعهَا فَقَالَت: مثل ذَلِك قَالَت: ولي مِنْهُ عيل أَو عيلان فَرفع النَّبِي رَأسه إِلَيْهَا فَقَالَ: مَا أعلم إِلَّا قد حرمت عَلَيْهِ فَبَكَتْ وَقَالَت: أشتكي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مصيبتي وَتغَير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت عَائِشَة: وَرَاءَك فتنحت وَمكث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا شَاءَ الله ثمَّ انْقَطع الْوَحْي فَقَالَ يَا عَائِشَة: أَيْن الْمَرْأَة قَالَت: هاهي قَالَ: ادعيها فدعتها فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اذهبي فجيئي بزوجك فَانْطَلَقت تسْعَى فَلم تلبث أَن جَاءَت

فأدخلته على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ كَمَا قَالَت: ضَرِير فَقير سييء الْخلق فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أستعيذ بالسميع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم {قد سمع الله قَول الَّتِي تُجَادِلك فِي زَوجهَا وتشتكي} إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أتجد رَقَبَة قَالَ: لَا قَالَ: أفتستطيع صَوْم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ إِنِّي إِذا لم آكل الْمرة والمرتين وَالثَّلَاثَة يكَاد يغشى عليّ قَالَ: أفتستطيع أَن تطعم سِتِّينَ مِسْكينا قَالَ: لَا إِلَّا أَن تعينني فِيهَا فأعانه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكفر يَمِينه وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَتَى رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي ظَاهَرت من امْرَأَتي فَرَأَيْت بَيَاض خلْخَالهَا فِي ضوء الْقَمَر فأعجبتني فَوَقَعت عَلَيْهَا قبل أَن أكفر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ألم يقل الله {من قبل أَن يتماسّا} قَالَ: قد فعلت يَا رَسُول الله قَالَ: أمسك حَتَّى تكفّر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي ظَاهَرت من امْرَأَتي فَوَقَعت عَلَيْهَا قبل أَن أكفر قَالَ: وَمَا حملك على ذَلِك قَالَ: ضوء خلْخَالهَا فِي ضوء الْقَمَر قَالَ: فَلَا تَقربهَا حَتَّى تفعل مَا أَمرك الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن سَلمَة بن صَخْر الْأنْصَارِيّ قَالَ: كنت رجلا قد أُوتيت من جماع النِّسَاء مَا لم يُؤْت غَيْرِي فَلَمَّا دخل رَمَضَان ظَاهَرت من امْرَأَتي حَتَّى يَنْسَلِخ رَمَضَان فرقا من أَن أُصِيب مِنْهَا فِي ليلى فأتتابع فِي ذَلِك وَلَا أَسْتَطِيع أَن أنزع حَتَّى يدركني الصُّبْح فَبَيْنَمَا هِيَ تخدمني ذَات لَيْلَة إِذْ انْكَشَفَ لي مِنْهَا شَيْء فَوَثَبت عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصبَحت غَدَوْت على قومِي فَأَخْبَرتهمْ خبري فَقلت: انْطَلقُوا معي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ بأَمْري فَقَالُوا: لَا وَالله لَا نَفْعل نتخوف أَن ينزل فِينَا الْقُرْآن أَو يَقُول فِينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقَالَة يبْقى علينا عارها وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت فَاصْنَعْ مَا بدا لَك فَخرجت فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته خبري فَقَالَ: أَنْت بِذَاكَ قلت: أَنا بِذَاكَ قَالَ: أَنْت بِذَاكَ قلت: أَنا بِذَاكَ قَالَ: أَنْت بِذَاكَ قلت: أَنا بِذَاكَ وَهَا أَنا ذَا فَامْضِ فيّ حكم الله فَإِنِّي صابر لذَلِك قَالَ: أعتق رَقَبَة فَضربت صفحة عنقِي بيَدي قلت: لَا وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أَصبَحت أملك غَيرهَا فَصم شَهْرَيْن مُتَتَابعين قلت: وَهل أصابني مَا

اصابني إِلَّا فِي الصّيام قَالَ: فأطعم سِتِّينَ مِسْكينا قلت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد بتنا ليلتنا هَذِه وَبني مَا لنا عشَاء قَالَ: اذْهَبْ إِلَى صَاحب صَدَقَة بني زُرَيْق فَقل لَهُ فليدفعها إِلَيْك فأطعم عَنْك مِنْهَا وسْقا سِتِّينَ مِسْكينا ثمَّ اسْتَعِنْ بسائرها عَلَيْك وعَلى عِيَالك فَرَجَعت إِلَى قومِي فَقلت: وجدت عنْدكُمْ الضّيق وَسُوء الرَّأْي وَوجدت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السعَة وَالْبركَة أَمر لي بصدقتكم فدفعوها إِلَيْهِ الْآيَة 5 - 8

5

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد {يحادون} قَالَ: يتشاقون وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِن الَّذين يحادون الله وَرَسُوله} قَالَ: يجادلون الله وَرَسُوله {كبتوا كَمَا كبت الَّذين من قبلهم} قَالَ: خزوا كَمَا خزي الَّذين من قبلهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الضَّحَّاك {مَا يكون من نجوى ثَلَاثَة إِلَّا هُوَ رابعهم وَلَا خَمْسَة إِلَّا هُوَ سادسهم} قَالَ: هُوَ الله على الْعَرْش وَعلمه مَعَهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين نهوا عَن النَّجْوَى} قَالَ: الْيَهُود

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ بَين يهود وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موادعة فَكَانُوا إِذا مر بهم رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَلَسُوا يتناجون بَينهم حَتَّى يظنّ الْمُؤمن أَنهم يتناجون بقتْله أَو بِمَا يكره الْمُؤمن فَإِذا رأى الْمُؤمن ذَلِك خَشِيَهُمْ فَترك طَرِيقه عَلَيْهِم فنهاهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن النَّجْوَى فَلم ينْتَهوا فَأنْزل الله {ألم ترَ إِلَى الَّذين نهوا عَن النَّجْوَى} الْآيَة وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد جيد عَن ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ أَن لايهود كَانُوا يَقُولُونَ لرَسُول الله صلى اللله عَلَيْهِ وَسلم: سَام عَلَيْك يُرِيدُونَ بذلك شَتمه - ثمَّ يَقُولُونَ فِي أنفسهم: {لَوْلَا يعذبنا الله بِمَا نقُول} فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَإِذا جاؤوك حيوك بِمَا لم يحيك بِهِ الله} وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن أنس أَن يَهُودِيّا أَتَى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَقَالَ: السام عَلَيْكُم فَرد عَلَيْهِ الْقَوْم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل تَدْرُونَ مَا قَالَ هَذَا قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم يَا نَبِي الله قَالَ: لَا وَلكنه قَالَ: كَذَا وَكَذَا ردُّوهُ عليّ فَردُّوهُ قَالَ: قلت السام عَلَيْكُم قَالَ: نعم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك إِذا سلم عَلَيْكُم أحد من أهل الْكتاب فَقولُوا عَلَيْك مَا قلت قَالَ: {وَإِذا جاؤوك حيوك بِمَا لم يحيك بِهِ الله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَائِشَة قَالَت: دخل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يهود فَقَالُوا: السام عَلَيْك يَا أَبَا الْقَاسِم فَقَالَت عَائِشَة: وَعَلَيْكُم السام واللعنة فَقَالَ: يَا عَائِشَة إِن الله لَا يحب الْفُحْش وَلَا التَّفَحُّش قلت: ألاتسمعهم يَقُولُونَ السام عَلَيْك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَو مَا سَمِعت مَا أَقُول: وَعَلَيْكُم فَأنْزل الله {وَإِذا جاؤوك حيوك بِمَا لم يحيك بِهِ الله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَ المُنَافِقُونَ يَقُولُونَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا حيوه: سَام عَلَيْك فَنزلت وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَإِذا جاؤوك حيوك بِمَا لم يحيك بِهِ الله} يَقُولُونَ: سَام عَلَيْك هم أَيْضا يهود

الْآيَة 9 - 11

9

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بعث سَرِيَّة وأغزاها التقى المُنَافِقُونَ فانغضوا رؤوسهم إِلَى الْمُسلمين وَيَقُولُونَ: قتل الْقَوْم وَإِذا رَأَوْا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تناجوا وأظهروا الْحزن فَبلغ ذَلِك من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن الْمُسلمين فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا تناجيتم فَلَا تتناجوا بالإِثم والعدوان} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ المُنَافِقُونَ يتناجون بَينهم فَكَانَ ذَلِك يغِيظ الْمُؤمنِينَ وَيكبر عَلَيْهِم فَأنْزل الله فِي ذَلِك {إِنَّمَا النَّجْوَى من الشَّيْطَان} الْآيَة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كُنْتُم ثَلَاثَة فَلَا يتناج اثْنَان دون الثَّالِث فَإِن ذَلِك يحزنهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ: كُنَّا نتناوب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يطرقه أَمر أَو يَأْمر بِشَيْء فَكثر أهل النوب والمحتسبون لَيْلَة حَتَّى إِذا كُنَّا نتحدث فَخرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من اللَّيْل فَقَالَ: مَا هَذِه النَّجْوَى ألم تنهوا عَن النَّجْوَى قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قيل لكم تَفَسَّحُوا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه كَانَ يقرأُها تَفَسَّحُوا فِي الْمجَالِس بِالْألف فافسحوا يفسح الله لكم وَقَالَ: فِي الْقِتَال {وَإِذا قيل انشزوا فانشزوا} قَالَ: إِذا قيل: انهدوا إِلَى الصَّدْر فانهدوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قيل لكم تَفَسَّحُوا فِي الْمجَالِس}

قَالَ: مجْلِس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قيل لكم تَفَسَّحُوا فِي الْمجَالِس فافسحوا يفسح الله لكم} وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِذا قيل لكم تَفَسَّحُوا} الْآيَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي مجَالِس الذّكر وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا إِذا رَأَوْا أحدهم مُقبلا ضنوا بمجالسهم عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَمرهمْ الله أَن يفسح بَعضهم لبَعض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا يجيئون فَيَجْلِسُونَ ركاماً بَعضهم خلف بعض فَأمروا أَن يتفسحوا فِي الْمجْلس فانفسح بَعضهم لبَعض وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة يَوْم جُمُعَة وَجلسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ فِي الصّفة وَفِي الْمَكَان ضيق وَكَانَ يكرم أهل بدر من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فجَاء نَاس من أهل بدر وَقد سبقوا إِلَى الْمجْلس فَقَامُوا حِيَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَرد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِم ثمَّ سلمُوا على الْقَوْم بعد ذَلِك فَردُّوا عَلَيْهِم فَقَامُوا على أَرجُلهم ينتظرون أَن يُوسع لَهُم فَعرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يحملهم على الْقيام فَلم يفسح لَهُم فشق ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ لمن حوله من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار من غير أهل بدر: قُم يَا فلَان وَأَنت يَا فلَان فَلم يزل يقيمهم بعدة النَّفر الَّذين هم قيام من أهل بدر فشق ذَلِك على من أقيم من مَجْلِسه فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يُقيم الرجل الرجل من مَجْلِسه فيجلس فِيهِ وَلَكِن تَفَسَّحُوا وتوسعوا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِذا قيل لكم تَفَسَّحُوا فِي الْمجَالِس} قَالَ: ذَلِك فِي مجْلِس الْقِتَال {وَإِذا قيل انشزوا} قَالَ: إِلَّا الْخَيْر وَالصَّلَاة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَإِذا قيل انشزوا} قَالَ: إِلَى كل خير قتال عدوّ وَأمر بِمَعْرُوف أَو حق مَا كَانَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَإِذا قيل انشزوا فانشزوا} يَقُول: إِذا دعيتم إِلَى خير فأجيبوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله:

{يرفع الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَالَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات} قَالَ: يرفع الله الَّذين أُوتُوا الْعلم من الْمُؤمنِينَ على الَّذين لم يؤتوا الْعلم دَرَجَات وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: تَفْسِير هَذِه الْآيَة: يرفع الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وأوتوا الْعلم على الَّذين آمنُوا وَلم يؤتوا الْعلم دَرَجَات وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: مَا خص الله الْعلمَاء فِي شَيْء من الْقُرْآن مَا خصهم فِي هَذِه الْآيَة فضل الله الَّذين آمنُوا وأوتوا الْعلم على الَّذين آمنُوا وَلم يؤتوا الْعلم الْآيَة 12 - 13

12

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول} الْآيَة قَالَ: إِن الْمُسلمين أَكْثرُوا الْمسَائِل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى شَقوا عَلَيْهِ فَأَرَادَ الله أَن يُخَفف عَن نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا قَالَ ذَلِك: امْتنع كثير من النَّاس وَكفوا عَن الْمَسْأَلَة فَأنْزل الله بعد هَذَا {أَأَشْفَقْتُم} الْآيَة فَوسعَ الله عَلَيْهِم وَلم يضيق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه والنحاس عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لم نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة} الْآيَة قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا ترى دِينَارا قلت: لَا يطيقُونَهُ قَالَ: فَنصف دِينَار قلت: لَا يطيقُونَهُ قَالَ: فكم قلت شعيرَة قَالَ: إِنَّك لَزَهِيد قَالَ: فَنزلت {أَأَشْفَقْتُم أَن تقدمُوا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صدقَات} قَالَ: فَبِي خفف الله عَن هَذِه الْأمة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن

عَليّ قَالَ: مَا عمل بهَا أحد غَيْرِي حَتَّى نسخت وَمَا كَانَت إِلَّا سَاعَة يَعْنِي آيَة النَّجْوَى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن رَاهَوَيْه وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عليّ قَالَ: إِن فِي كتاب الله لآيَة مَا عمل بهَا أحد قبلي وَلَا يعْمل بهَا أحد بعدِي آيَة النَّجْوَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة} كَانَ عِنْدِي دِينَار فَبِعْته بِعشْرَة دَرَاهِم فَكنت كلما نَاجَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدمت بَين يَدي درهما ثمَّ نسخت فَلم يعْمل بهَا أحد فَنزلت {أَأَشْفَقْتُم أَن تقدمُوا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صدقَات} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: نهوا عَن مُنَاجَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى يقدموا صَدَقَة فَلم يناجه إِلَّا عليّ بن أبي طَالب فَإِنَّهُ قد قدم دِينَارا فَتصدق بِهِ ثمَّ ناجى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن عشر خِصَال ثمَّ نزلت الرُّخْصَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ من ناجى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تصدق بِدِينَار وَكَانَ أول من صنع ذَلِك عَليّ بن أبي طَالب ثمَّ نزلت الرُّخْصَة {فَإذْ لم تَفعلُوا وَتَابَ الله عَلَيْكُم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل قَالَ: إِن الْأَغْنِيَاء كَانُوا يأْتونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيكثرون مناجاته ويغلبون الْفُقَرَاء على الْمجَالِس حَتَّى كره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طول جلوسهم ومناجاتهم فَأمر الله بِالصَّدَقَةِ عِنْد الْمُنَاجَاة فَأَما أهل الْعسرَة فلميجدوا شَيْئا وَكَانَ ذَلِك عشر لَيَال وَأما أهل الميسرة فَمنع بَعضهم مَاله وَحبس نَفسه إِلَّا طوائف مِنْهُم جعلُوا يقدمُونَ الصَّدَقَة بَين يَدي النَّجْوَى ويزعمون أَنه لم يفعل ذَلِك غير رجل من الْمُهَاجِرين من أهل بدر فَأنْزل الله {أَأَشْفَقْتُم} الْآيَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد فِيهِ ضعف عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة} فَقدمت شعيرَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّك لَزَهِيد فَنزلت الْآيَة الْأُخْرَى {أَأَشْفَقْتُم أَن تقدمُوا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صدقَات} وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس فِي المجادلة {إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول فقدموا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صَدَقَة} قَالَ: نسختها الْآيَة الَّتِي بعْدهَا {أَأَشْفَقْتُم أَن تقدمُوا بَين يَدي نَجوَاكُمْ صدقَات}

وَأخرج عبد بن حميد عَن سَلمَة بن كهيل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نَاجَيْتُم الرَّسُول} الْآيَة قَالَ: أول من عمل بهَا عَليّ رَضِي الله عَنهُ ثمَّ نسخت وَالله أعلم الْآيَة 14 - 18

14

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله تَعَالَى: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين توَلّوا قوما} الْآيَة قَالَ: بلغنَا أَنه نزلت فِي عبد الله بن نَبْتَل وَكَانَ رجلا من الْمُنَافِقين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {ألم تَرَ إِلَى الَّذين توَلّوا قوما غضب الله عَلَيْهِم} قَالَ: هم الْيَهُود والمنافقون ويحلفون على الْكَذِب وهم يعلمُونَ حلفهم أَنهم لمنكم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ألم تَرَ إِلَى الَّذين توَلّوا قوما} الْآيَة قَالَ: هم المُنَافِقُونَ توَلّوا الْيَهُود {يَوْم يَبْعَثهُم الله} الْآيَة قَالَ: يحالف المُنَافِقُونَ رَبهم يَوْم الْقِيَامَة كَمَا حالفوا أولياءه فِي الدُّنْيَا وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا فِي ظلّ حجرَة من حجره وَعِنْده نفر من الْمُسلمين فَقَالَ: إِنَّه سَيَأْتِيكُمْ إِنْسَان فَينْظر إِلَيْكُم بِعَين شَيْطَان فَإِذا جَاءَكُم فَلَا تُكَلِّمُوهُ فَلم يَلْبَثُوا أَن طلع عَلَيْهِم رجل أَزْرَق أَعور فَقَالَ حِين رَآهُ: علام تَشْتمنِي أَنْت وَأَصْحَابك فَقَالَ ذَرْنِي آتِك بهم فَانْطَلق فَدَعَاهُمْ فَحَلَفُوا وَاعْتَذَرُوا فَأنْزل الله {يَوْم يَبْعَثهُم الله جَمِيعًا فَيحلفُونَ لَهُ كَمَا يحلفُونَ لكم} الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا

الْآيَة 19 - 22

19

أخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: مَا من ثَلَاثَة فِي قَرْيَة وَلَا بُد وَلَا تُقَام فيهم الصَّلَاة إِلَّا قد استحوذ عَلَيْهِم الشَّيْطَان فَعَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة فَإِنَّمَا يَأْكُل الذِّئْب القاصية وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كتب الله لأغلبن أَنا ورسلي} قَالَ: كتب الله كتابا فأمضاه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن شَوْذَب قَالَ: جعل وَالِد أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح يتَصَدَّى لأبي عُبَيْدَة يَوْم بدر وَجعل أَبُو عُبَيْدَة يحيد عَنهُ فَلَمَّا أَكثر قَصده أَبُو عُبَيْدَة فَقتله فَنزلت {لَا تَجِد قوما يُؤمنُونَ بِاللَّه} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: حدثت أَن أَبَا قُحَافَة سبّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَصَكَّهُ أَبُو بكر صَكه فَسقط فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أفعلت يَا أَبَا بكر فَقَالَ: وَالله لَو كَانَ السَّيْف مني قَرِيبا لضربته فَنزلت {لَا تَجِد قوما} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن قيس بن الشماس أَنه اسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يزور خَاله من الْمُشْركين فَأذن لَهُ فَلَمَّا قدم قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأناس حوله {لَا تَجِد قوما يُؤمنُونَ بِاللَّه} الْآيَة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كثير بن عَطِيَّة عَن رجل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ لَا تجْعَل لِفَاجِر وَلَا لفَاسِق عِنْدِي يدا وَلَا نعْمَة فَإِنِّي وجدت فِيمَا أوحيته إليّ {لَا تَجِد قوما يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر يوادون من حاد الله وَرَسُوله} قَالَ سُفْيَان: يرَوْنَ أَنَّهَا أنزلت فِيمَن يخالط السُّلْطَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أحب فِي الله وَأبْغض فِي الله وَعَاد فِي الله ووال فِي الله فَإِنَّمَا تنَال ولَايَة الله بذلك ثمَّ قَرَأَ {لَا تَجِد قوما يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر يوادون} الْآيَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوحى الله إِلَى نَبِي من الْأَنْبِيَاء أَن قل لفُلَان العابد أما زهدك فِي الدُّنْيَا فتعجلت رَاحَة نَفسك وَأما انقطاعك إليّ فتعززت بِي فَمَاذَا عملت فِي مَالِي عَلَيْك قَالَ يَا رب: وَمَالك عليّ قَالَ: هَل واليت لي وليا أَو عاديت لي عدوا وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يبْعَث الله يَوْم الْقِيَامَة عبدا لَا ذَنْب لَهُ فَيَقُول لَهُ: بأيّ الْأَمريْنِ أحب إِلَيْك أَن أجزيك بعملك أم بنعمتي عَلَيْك قَالَ: رب أَنْت تعلم أَنِّي لم أعصك قَالَ: خُذُوا عَبدِي بِنِعْمَة من نعمي فَمَا يبْقى لَهُ حَسَنَة إِلَّا استغرقتها تِلْكَ النِّعْمَة فَيَقُول: رب بنعمتك ورحمتك فَيَقُول: بنعمتي وبرحمتي وَيُؤْتى بِعَبْد محسن فِي نَفسه لَا يرى أَن لَهُ سَيِّئَة فَيُقَال لَهُ: هَل كنت توالي أوليائي قَالَ: يَا رب كنت من النَّاس سلما قَالَ: هَل كنت تعادي أعدائي قَالَ: يَا رب لم أكن أحب أَن يكون بيني وَبَين أحد شَيْء فَيَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى: وَعِزَّتِي لَا ينَال رَحْمَتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوثق عرى الإِيمان الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله وَأخرج الديلمي من طَرِيق الْحسن عَن معَاذ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ لَا تجْعَل لِفَاجِر عِنْدِي يدا وَلَا نعْمَة فيوده قلبِي فَإِنِّي وجدت فِيمَا أحيت إليّ {لَا تَجِد قوما يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر يوادون من حاد الله وَرَسُوله} الْآيَة

مُقَدّمَة سُورَة الْحَشْر أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْحَشْر بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس سُورَة الْحَشْر قَالَ: قَالَ: سُورَة النَّضِير وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: سُورَة الْحَشْر قَالَ: نزلت فِي بني النَّضِير بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم سُورَة الْحَشْر مَدَنِيَّة وآياتها أَربع وَعِشْرُونَ الْآيَة 1 - 7

الحشر

أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت غَزْوَة بني النَّضِير وهم طَائِفَة من الْيَهُود على رَأس سِتَّة أشهر من وقْعَة بدر وَكَانَ منزلهم ونخلهم فِي نَاحيَة الْمَدِينَة فَحَاصَرَهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى نزلُوا على الْجلاء وعَلى أَن لَهُم مَا أقلت الإِبل من الْأَمْتِعَة وَالْأَمْوَال إِلَّا الْحلقَة يَعْنِي السِّلَاح فَأنْزل الله فيهم {سبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} إِلَى قَوْله: {لأوّل الْحَشْر مَا ظننتم أَن يخرجُوا} فَقَاتلهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى صَالحهمْ على الْجلاء وأجلاهم إِلَى الشَّام وَكَانُوا من سبط لم يصبهم جلاء فِيمَا خلا وَكَانَ الله قد كتب ذَلِك عَلَيْهِم وَلَوْلَا ذَلِك لعذبهم الله فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ والسبي وَأما قَوْله: {لأوّل الْحَشْر} فَكَانَ جلاؤهم ذَلِك أول حشر فِي الدُّنْيَا إِلَى الشَّام وَأخرجه عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عُرْوَة مُرْسلا قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهُوَ الْمَحْفُوظ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: لم أجلى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني النَّضِير قَالَ: هَذَا أوّل الْحَشْر وَأَنا على الْأَثر وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من شكّ أَن الْمَحْشَر بِالشَّام فليقرا هَذِه الْآيَة {هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ لأوّل الْحَشْر} قَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ: اخْرُجُوا قَالُوا: إِلَى أَيْن قَالَ: إِلَى أَرض الْمَحْشَر

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن قيس قَالَ: قَالَ جرير لِقَوْمِهِ فِيمَا يَعِظهُمْ: وَالله إِنِّي لَوَدِدْت أَنِّي لم أكن بنيت فِيهَا لبنة مَا أَنْتُم إِلَّا كالنعامة استترت وَإِن أَرْضكُم هَذِه خراب يسراها ثمَّ يتبعهَا يمناها وَإِن الْمَحْشَر هَهُنَا وَأَشَارَ إِلَى الشَّام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {لأوّل الْحَشْر} قَالَ: فتح الله على نبيه فِي أول حشر حشر عَلَيْهِم فِي أول مَا قَاتلهم وَفِي قَوْله: {مَا ظننتم} النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه أَن يخرجُوا من حصونهم أبدا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عُرْوَة قَالَ: أَمر الله رَسُوله بإجلاء بني النَّضِير وإخراجهم من دِيَارهمْ وَقد كَانَ النِّفَاق كثيرا بِالْمَدِينَةِ فَقَالُوا: أَيْن تخرجنا قَالَ: أخرجكم إِلَى الْمَحْشَر فَلَمَّا سمع المُنَافِقُونَ مَا يُرَاد بإخوانهم وأوليائهم من أهل الْكتاب أرْسلُوا إِلَيْهِم فَقَالُوا: إِنَّا مَعكُمْ محيانا ومماتنا إِن قوتلتم فلكم علينا النَّصْر وَإِن أخرجتم لَا نتخلف عَنْكُم ومناهم الشَّيْطَان الظُّهُور فَنَادوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا وَالله لَا نخرج وَلَئِن قَاتَلْتنَا لنقاتلنك فَمضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيهم لأمر الله وَأمر أَصْحَابه فَأخذُوا السِّلَاح ثمَّ مضى إِلَيْهِم وتحصنت الْيَهُود فِي دُورهمْ وحصونهم فَلَمَّا انْتهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أزقتهم أَمر بالأدنى من دُورهمْ أَن يهدم وبالنخل أَن يحرق وَيقطع وكفّ الله أَيْديهم وأيدي الْمُنَافِقين فَلم ينصروهم وَألقى الله فِي قُلُوب الْفَرِيقَيْنِ الرعب ثمَّ جعلت الْيَهُود كلما خلص رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من هدم مَا يَلِي مدينتهم ألْقى الله فِي قُلُوبهم الرعب فهدموا الدّور الَّتِي هم فِيهَا من أدبارها وَلم يستطيعوا أَن يخرجُوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَادُوا أَن يبلغُوا آخر دُورهمْ وهم ينتظرون الْمُنَافِقين وَمَا كَانُوا منوهم فَلَمَّا يئسوا مِمَّا عِنْدهم سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كَانَ عرض عَلَيْهِم قبل ذَلِك فقاضاهم على أَن يجليهم وَلَهُم أَن يتحملوا بِمَا اسْتَقَلت بِهِ الإِبل من الَّذِي كَانَ لَهُم إِلَّا مَا كَانَ من حَلقَة السِّلَاح فَذَهَبُوا كل مَذْهَب وَكَانُوا قد عيروا الْمُسلمين حِين هدموا الدّور وَقَطعُوا النّخل فَقَالُوا: مَا ذَنْب شَجَرَة وَأَنْتُم تَزْعُمُونَ أَنكُمْ مصلحون فَأنْزل الله {سبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض} إِلَى قَوْله: {وليخزي الْفَاسِقين} ثمَّ جعلهَا نفلا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يَجْعَل مِنْهَا سَهْما لأحد غَيره فَقَالَ: {وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم} إِلَى قَوْله: {قدير} فَقَسمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَن أرَاهُ الله من الْمُهَاجِرين الأوّلين وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن

عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد حَاصَرَهُمْ حَتَّى بلغ مِنْهُم كل مبلغ فَأَعْطوهُ مَا أَرَادَ مِنْهُم فَصَالحهُمْ على أَن يحقن لَهُم دِمَاءَهُمْ وَأَن يخرجهم من أَرضهم وأوطانهم وَأَن يسيرهم إِلَى أَذْرُعَات الشَّام وَجعل لكل ثَلَاثَة مِنْهُم بَعِيرًا وسقاء وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه عَن مُحَمَّد بن مسلمة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعثه إِلَى بني النَّضِير وَأمره أَن يؤجلهم فِي الْجلاء ثَلَاثًا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرق نخل بني النَّضِير والجلاء إخراجهم من أَرضهم إِلَى أَرض أُخْرَى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرق نخل بني النَّضِير وَقطع وَهِي البويرة وَلها يَقُول حسان بن ثَابت: فهان على سراة بني لؤيّ حريق بالبويرة مستطير فَأنْزل الله {مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله وليخزي الْفَاسِقين} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وان مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَول الله: {مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا} قَالَ: اللينة النَّخْلَة {وليخزي الْفَاسِقين} قَالَ: استنزلوهم من حصونهم وَأمرُوا بِقطع النّخل فحاك فِي صُدُورهمْ فَقَالَ الْمُسلمُونَ: قد قَطعنَا بَعْضًا وَتَركنَا بَعْضًا فلنسألن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل لنا فِيمَا قَطعنَا من أجر وَهل علينا فِيمَا تركنَا من وزر فَأنْزل الله {مَا قطعْتُمْ من لينَة} الْآيَة وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: رخص لَهُم فِي قطع النّخل ثمَّ شدد عَلَيْهِم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله علينا إِثْم فِيمَا قَطعنَا أَو فِيمَا تركنَا من وزر فَأنْزل الله {مَا قطعْتُمْ من لينَة} الْآيَة وَأخرج ابْن إِسْحَق عَن يزِيد بن رُومَان قَالَ: لم نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ببني النَّضِير تحَصَّنُوا مِنْهُ فِي الْحُصُون فَأمر بِقطع النّخل وَالتَّحْرِيق فِيهَا فَنَادَوْهُ يَا مُحَمَّد قد كنت تنْهى عَن الْفساد وتعيبه فَمَا بَال قطع النّخل وَتَحْرِيقهَا فَنزلت {مَا قطعْتُمْ من لينَة} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد

قَالَ: نهى بعض الْمُهَاجِرين بَعْضًا عَن قطع النّخل وَقَالُوا: إِنَّمَا هِيَ من مَغَانِم الْمُسلمين وَقَالَ الَّذين قطعُوا: بل هِيَ غيظ للعدوّ فَنزل الْقُرْآن بِتَصْدِيق من نهى عَن قطعه وَتَحْلِيل من قطعه من الإِثم فَقَالَ: إِنَّمَا قطعه وَتَركه بِإِذن الله وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن سُورَة الْحَشْر نزلت فِي النَّضِير وَذكر الله فِيهَا الَّذِي أَصَابَهُم من النِّعْمَة وتسليط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِم حَتَّى عمل بهم الَّذِي عمل بِإِذْنِهِ وَذكر الْمُنَافِقين الَّذين كَانُوا يراسلونهم ويعدونهم النَّصْر فَقَالَ: {هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ لأوّل الْحَشْر} إِلَى قَوْله: {وأيدي الْمُؤمنِينَ} من هدمهم بُيُوتهم من تَحت الْأَبْوَاب ثمَّ ذكر قطع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النّخل وَقَول الْيَهُود لَهُ يَا مُحَمَّد قد كنت تنْهى عَن الْفساد فَمَا بَال قطع النّخل فَقَالَ: {مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله وليخزي الْفَاسِقين} يُخْبِرهُمْ أَنَّهَا نعْمَة مِنْهُ ثمَّ ذكر مَغَانِم بني النَّضِير فَقَالَ: {وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم} إِلَى قَوْله: {قدير} أعلمهم أَنَّهَا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضعهاحيث يَشَاء ثمَّ ذكر مَغَانِم الْمُسلمين مِمَّا يوجف عَلَيْهِ الْخَيل والركاب وَيفتح بِالْحَرْبِ فَقَالَ: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} فَذا مِمَّا يوجف عَلَيْهِ الْخَيل والركاب ثمَّ ذكر الْمُنَافِقين عبد الله بن أُبي بن سلول ومالكاً داعسا وَمن كَانَ على مثل رَأْيهمْ فَقَالَ: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين نافقوا يَقُولُونَ لإِخوانهم الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب لَئِن أُخْرِجْتُمْ لَنخْرجَنَّ مَعكُمْ} إِلَى {كَمثل الَّذين من قبلهم قَرِيبا} يَعْنِي بني قينقاع الَّذين أجلاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ لأوّل الْحَشْر} قبل الشَّام وهم بَنو النَّضِير حَيّ من الْيَهُود أجلاهم نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمَدِينَة إِلَى خَيْبَر مرجعه من أحد وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ} قَالَ: النَّضِير إِلَى قَوْله: {وليخزي الْفَاسِقين} قَالَ: ذَلِك مَا بَين كُله وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: من شكّ أَن الْمَحْشَر إِلَى بَيت الْقُدس فليقرا هَذِه الْآيَة {هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ لأوّل الْحَشْر}

فقد حشر النَّاس مرّة وَذَلِكَ حِين ظهر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمَدِينَة أجلى الْيَهُود وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن كفار قُرَيْش كتبُوا إِلَى عبد الله بن أُبي بن سلول وَمن كَانَ يعبد الْأَوْثَان مَعَه من الْأَوْس والخزرج وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ بِالْمَدِينَةِ قبل وقْعَة بدر يَقُولُونَ: إِنَّكُم قد آويتم صاحبنا وَإِنَّكُمْ أَكثر أهل الْمَدِينَة عددا وَإِنَّا نقسم بِاللَّه لنقاتلنه أَو لنخرجنه ولنستعدين عَلَيْكُم الْعَرَب ثمَّ لنسيرن إِلَيْكُم بأجمعنا حَتَّى نقْتل مُقَاتِلَتكُمْ ونستبيح نساءكم وأبناءكم فَلَمَّا بلغ ذَلِك عبد الله بن أبيّ وَمن مَعَه من عَبدة الْأَوْثَان تراسلوا واجتمعوا وَأَجْمعُوا لقِتَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَلَمَّا بلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِيَهُمْ فِي جمَاعَة من أَصْحَابه فَقَالَ: لقد بلغ وَعِيد قُرَيْش مِنْكُم المبالغ مَا كَانَت لتكيدكم بِأَكْثَرَ مِمَّا تُرِيدُونَ أَن تكيدوا بِهِ أَنفسكُم فَأنْتم هَؤُلَاءِ تُرِيدُونَ أَن تقاتلوا أبناءكم وَإِخْوَانكُمْ فَلَمَّا سمعُوا ذَلِك من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تفَرقُوا فَبلغ ذَلِك كفار قُرَيْش وَكَانَت وقْعَة بدر بعد ذَلِك فَكتبت كفار قُرَيْش بعد وقْعَة بدر إِلَى الْيَهُود: إِنَّكُم أهل الْحلقَة والحصون وَإِنَّكُمْ لتقاتلن صاحبنا أَو لنفعلن كَذَا وَكَذَا وَلَا يحول بَيْننَا وَبَين خدم نِسَائِكُم شَيْء وَهِي الخلاخيل فَلَمَّا بلغ كِتَابهمْ الْيَهُود اجْتمعت بَنو النَّضِير بالغد وَأَرْسلُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن اخْرُج إِلَيْنَا فِي ثَلَاثِينَ من أَصْحَابك وليخرج إِلَيْك منا ثَلَاثُونَ حبرًا حَتَّى نَلْتَقِي بمَكَان نصف بَيْننَا وَبَيْنك ويسمعوا مِنْك فَإِن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثَلَاثِينَ من أَصْحَابه وَخرج إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ حبرًا من الْيَهُود حَتَّى إِذا برزوا فِي برَاز من الأَرْض قَالَ بعض الْيَهُود لبَعض: كَيفَ تخلصون إِلَيْهِ وَمَعَهُ ثَلَاثُونَ رجلا من أَصْحَابه كلهم يحب أَن يَمُوت قبله فأرسلوا: كَيفَ نفهم وَنحن سِتُّونَ رجلا أخرج فِي ثَلَاثَة من أَصْحَابك وَنخرج إِلَيْك فِي ثَلَاثَة من عُلَمَائِنَا فيسمعوا مِنْك فَإِن آمنُوا بك آمنا كلنا وَصَدَّقنَاك فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثَلَاثَة من أَصْحَابه وَخرج ثَلَاثَة من الْيَهُود واشتملوا على الخناجر وَأَرَادُوا الفتك برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسلت امْرَأَة ناصحة من بَين [بني] النَّضِير إِلَى أَخِيهَا وَهُوَ رجل مُسلم من الْأَنْصَار فَأَخْبَرته خبر مَا أَرَادَ بنوا النَّضر من الْغدر برَسُول الله صلى اللله عَلَيْهِ وَسلم فَأقبل أَخُوهَا سَرِيعا حَتَّى أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسارّه بخبرهم قبل أَن يصل إِلَيْهِم فَرجع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا كَانَ الْغَد غَدا عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْكَتَائِبِ فحصرهم فَقَالَ لَهُم: إِنَّكُم وَالله لَا تأمنون عِنْدِي إِلَّا بِعَهْد تعاهدونني

عَلَيْهِ فَأَبَوا أَن يعطوه عهدا فَقَاتلهُمْ يَوْمه ذَلِك هُوَ والمسلمون ثمَّ غَدا الْغَد على بني قُرَيْظَة بِالْكَتَائِبِ وَترك بني النَّضِير ودعاهم إِلَى أَن يعاهدواه فعاهدوه فَانْصَرف عَنْهُم إِلَى بني النَّضِير بِالْكَتَائِبِ فَقَاتلهُمْ حَتَّى نزلُوا على الْجلاء وعَلى أَن لَهُم مَا أقلت الإِبل إِلَّا الْحلقَة وَالْحَلقَة السِّلَاح فَجلت بَنو النَّضِير وَاحْتَملُوا مَا أقلت الإِبل من أمتعتهم وأبواب بُيُوتهم وخشبها وَكَانُوا يخربون بُيُوتهم فيهدمونها فيحتملون مَا وافقهم من خشبها وَكَانَ جلاؤهم ذَلِك أول حشر النَّاس إِلَى الشَّام وَكَانَ بَنو النَّضِير من سبط من أَسْبَاط بني إِسْرَائِيل لم يصبهم جلاء مُنْذُ كتب الله الْجلاء على بني إِسْرَائِيل فَلذَلِك أجلاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلولا مَا كتب الله عَلَيْهِم من الْجلاء لعذبهم فِي الدُّنْيَا كَمَا عذبت بَنو قُرَيْظَة فَأنْزل الله {سبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} حَتَّى بلغ {وَالله على كل شَيْء قدير} فَكَانَ نخيل بني النَّضِير لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة فَأعْطَاهُ الله إِيَّاهَا وخصّه بهَا فَقَالَ: {وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب} يَقُول: بِغَيْر قتال فَأعْطى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَكْثَرهَا الْمُهَاجِرين وَقسمهَا بَينهم وَقسم مِنْهَا لِرجلَيْنِ من الْأَنْصَار كَانَا ذَوي حَاجَة لم يقسم لأحد من الْأَنْصَار غَيرهمَا وَبَقِي مِنْهَا صَدَقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّتِي فِي أَيدي بني فَاطِمَة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك أَن قُرَيْظَة وَالنضير قبيلتين من الْيَهُود كَانُوا حلفاء لقبيلتين من الْأَنْصَار الْأَوْس والخزرج فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَأسْلمت الْأَنْصَار وأبت الْيَهُود أَن يسلمُوا سَار الْمُسلمُونَ إِلَى بني النَّضِير وهم فِي حصونهم فَجعل الْمُسلمُونَ يهدمون مَا يليهم من حصونهم ويهدم الْآخرُونَ مَا يليهم [] سقط أَن يَقع عَلَيْهِم حَتَّى أفضوا إِلَيْهِم فَنزلت {هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ} إِلَى قَوْله: {شَدِيد الْعقَاب} فَلَمَّا أفضوا إِلَيْهِم نزلُوا على عهد بَينهم وَبَين نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَن يجلوهم وأهليهم ويأخذوا أَمْوَالهم وأرضهم فأجلوا ونزلوا خَيْبَر وَكَانَ الْمُسلمُونَ يقطعون النّخل فَحَدثني رجال من أهل الْمَدِينَة أَنَّهَا نخل أصفر كَهَيئَةِ الدقل تدعى اللينة فاستنكر ذَلِك الْمُشْركُونَ فَأنْزل الله عذر الْمُسلمين {مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله وليخزي الْفَاسِقين} فَأَما قَول الله {فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب} قَالَ: لم يَسِيرُوا إِلَيْهِم على خيل وَلَا ركاب إِنَّمَا كَانُوا فِي نَاحيَة الْمَدِينَة وَبقيت قُرَيْظَة بعدهمْ عَاما أَو

عَاميْنِ على عهد بَينهم وَبَين نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا جَاءَ الْمُشْركُونَ يَوْم الْأَحْزَاب أرسل الْمُشْركُونَ إِلَيْهِم أَن اخْرُجُوا مَعنا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسلت إِلَيْهِم الْيَهُود أَن ارسلوا إِلَيْنَا بِخَمْسِينَ من رهنكم فجَاء نعيم بن مَسْعُود الْأَشْجَعِيّ إِلَى الْمُسلمين فَحَدثهُمْ وَكَانَ نعيم يَأْمَن فِي الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم قد أرْسلُوا إِلَى المشكرين يَسْأَلُونَهُمْ خمسين من رهنهم لِيخْرجُوا مَعَهم فَأَبَوا أَن يبعثوا إِلَيْهِم بِالرَّهْنِ فصاروا حَربًا للْمُسلمين وَالْمُشْرِكين فَبعث إِلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سعد بن معَاذ وخوات بن جُبَير فَلَمَّا أتياهم قَالَ عظيمهم كَعْب بن الْأَشْرَف: إِنَّه قد كَانَ لي جَنَاحَانِ فقطعتم أَحدهمَا فإمَّا أَن تردوا عليّ جناحي وَإِمَّا أَن أَتَّخِذ عَلَيْكُم جنَاحا فَقَالَ خَوات بن جُبَير: إِنِّي لأهم أَن أطعنه بحربتي فَقَالَ لَهُ سعد: إِذن يسْبق الْقَوْم وَيَأْخُذُونَ فَمَنعه فَرَجَعَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فحدثاه بِالَّذِي كَانَ من أَمرهمَا وَأذن الله فيهم وَرجع الْأَحْزَاب وَوضع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلاحه فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: وَالَّذِي أنزل عَلَيْك الْكتاب مَا نزلت عَن ظهرهَا مُنْذُ نزل بك الْمُشْركُونَ حَتَّى هَزَمَهُمْ الله فسر فَإِن الله قد أذن لَك فِي قُرَيْظَة فَأَتَاهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ وَأَصْحَابه فَقَالَ لَهُم: يَا إخْوَة القردة والخنازير فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم مَا كنت فحاشاً فنزلوا على حكم سعد بن معَاذ وَكَانَ من الْقَبِيلَة الَّذين هم حلفاؤهم فَحكم فيهم أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ وتقسم غنائمهم وَأَمْوَالهمْ ويذكرون أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: حكم بِحكم الله فَضرب أَعْنَاقهم وَقسم غنائمهم وَأَمْوَالهمْ وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى بن سعيد قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني النَّضِير فِي حَاجَة فَهموا بِهِ فأطلعه الله على ذَلِك فندب النَّاس إِلَيْهِم فَصَالحهُمْ على أَن لَهُم الصَّفْرَاء والبيضاء وَمَا أقلت الْإِبِل ولرسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النّخل وَالْأَرْض وَالْحَلقَة قسمهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْمُهَاجِرين وَلم يُعْط أحدا من الْأَنْصَار مِنْهَا شَيْئا إِلَّا سهل بن حنيف وَأَبا دُجَانَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدا يَوْمًا إِلَى النَّضِير ليسألهم كَيفَ الدِّيَة فيهم فَلَمَّا لم يرَوا مَعَ رَسُول الله كثير أحد أبرموا بَينهم على أَن يقتلوه ويأخذوا أَصْحَابه أُسَارَى ليذهبوا بهم إِلَى مَكَّة ويبيعوهم من قُرَيْش فَبَيْنَمَا هم على ذَلِك إِذا [إِذْ] جَاءَ من الْيَهُود من الْمَدِينَة فَلَمَّا رأى أَصْحَابه يأتمرون بِأَمْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُم: مَا تُرِيدُونَ قَالُوا: نُرِيد أَن نقْتل مُحَمَّدًا ونأخذ أَصْحَابه فَقَالَ لَهُم: وَأَيْنَ

مُحَمَّد قَالُوا: هَذَا مُحَمَّد قريب فَقَالَ لَهُم صَاحبهمْ: وَالله لقد تركت مُحَمَّدًا دَاخل الْمَدِينَة فأسقط بِأَيْدِيهِم وَقَالُوا: قد أخبر أَنه انْقَطع مَا بَيْننَا وَبَينه من الْعَهْد فَانْطَلق مِنْهُم سِتُّونَ حبرًا وَمِنْهُم حييّ بن أَخطب والعاصي بن وَائِل حَتَّى دخلواعلى كَعْب وَقَالُوا: يَا كَعْب أَنْت سيد قَوْمك ومدحهم احكم بَيْننَا وَبَين مُحَمَّد فَقَالَ لَهُم كَعْب: أخبروني مَا عنْدكُمْ قَالُوا: نعتق الرّقاب ونذبح الكوماء وَإِن مُحَمَّدًا انبتر من الْأَهْل وَالْمَال فشرفهم كَعْب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانقلبوا فَأنْزل الله {ألم ترَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب يُؤمنُونَ بالجبت والطاغوت} سُورَة النِّسَاء الْآيَة 51 إِلَى {فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا} وَنزل عَلَيْهِ لما أَرَادوا أَن يقتلوه {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم إِذْ هم قوم أَن يبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم} الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من يَكْفِينِي كَعْبًا فَقَالَ نَاس من أَصْحَابه فيهم مُحَمَّد بن مسلمة: نَحن نكفيك يَا رَسُول الله ونستحل مِنْك شَيْئا فجاؤوه فَقَالُوا: يَا كَعْب إِن مُحَمَّدًا كلفنا الصَّدَقَة فبعنا شَيْئا قَالَ عِكْرِمَة: فَهَذَا الَّذين اسْتَحَلُّوهُ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُم كَعْب: أرهنوني أَوْلَادكُم فَقَالُوا: إِن ذَاك عَار فِينَا غَدا تبيح أَن يَقُولُوا عبد وسق ووسقين وَثَلَاثَة قَالَ كَعْب: فاللامة قَالَ عِكْرِمَة: وَهِي السِّلَاح فأصلحوا أَمرهم على ذَلِك فَقَالُوا: موعد مَا بَيْننَا وَبَيْنك الْقَابِلَة حَتَّى إِذا كَانَت الْقَابِلَة راحوا إِلَيْهِ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمصلى يَدْعُو لَهُم بالظفر فَلَمَّا جاؤوا نادوه يَا كَعْب وَكَانَ عروساً فأجابهم فَقَالَت امْرَأَته: وَهِي بنت عُمَيْر: أَيْن تنزل قد أَشمّ السَّاعَة ريح الدَّم فهبط وَعَلِيهِ ملحفة مورسة وَله نَاصِيَة فَلَمَّا نزل إِلَيْهِم قَالَ الْقَوْم: مَا أطيب رِيحك ففرح بذلك فَقَامَ إِلَيْهِ مُحَمَّد بن مسلمة فَقَالَ قَائِل الْمُسلمين: أشمونا من رِيحه فَوضع يَده على ثوب كَعْب وَقَالَ: شموا فشموا وَهُوَ يظنّ أَنهم يعْجبُونَ بريحه ففرح بذلك فَقَالَ مُحَمَّد بن مسلمة: بقيت أَنا أَيْضا فَمضى إِلَيْهِ فَأخذ بناصيته ثمَّ قَالَ: اجلدوا عُنُقه فجلدوا عُنُقه ثمَّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدا إِلَى النَّضِير فَقَالُوا: ذرنا نبك سيدنَا قَالَ: لَا قَالُوا فحزة على حزة قَالَ: نعم حزة على حزة فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك جعلُوا يَأْخُذُونَ من بطُون بُيُوتهم الشَّيْء لينجوا بِهِ والمؤمنون يخربون بُيُوتهم من خَارج ليدخلوا عَلَيْهِم فلولا أَن كتب الله عَلَيْهِم الْجلاء قَالَ عِكْرِمَة: والجلاء يجلون مِنْهُم ليقتلهم

بِأَيْدِيهِم وَقَالَ عِكْرِمَة: إِن نَاسا من الْمُسلمين لما دخلُوا على بني النَّضِير أخذُوا يقطعون النّخل فَقَالَ بَعضهم لبَعض: وَإِذا تولى سعى فِي الأَرْض ليفسد فِيهَا وَقَالَ قَائِل من الْمُسلمين: لَا يقطعون وَاديا ولاينالون من عدوّ نيلاً إِلَّا كتب لَهُم بِهِ عمل صَالح فَأنْزل الله {مَا قطعْتُمْ من لينَة} وَهِي النَّخْلَة {أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله} قَالَ: مَا قطعْتُمْ فبإذني وَمَا تركْتُم فبإذني وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ} قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ يخربون مَا يليهم من ظَاهرهَا ليدخلوا عَلَيْهِم ويخربها الْيَهُود من داخلها أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَول الله عزوجل: {يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ} قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقاتلهم فَإِذا ظهر على درب أَو دَار هدم حيطانها ليتسع الْمَكَان لِلْقِتَالِ وَكَانَت الْيَهُود إِذا غلبوا على درب أَو دَار نقبوها من أدبارها ثمَّ حصنوها ودربوها فَيَقُول الله عز وَجل: {فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار} وَقَوله: {مَا قطعْتُمْ من لينَة} إِلَى قَوْله: {وليخزي الْفَاسِقين} يَعْنِي باللينة النّخل وَهِي أعجب إِلَى الْيَهُود من الْوَصْف يُقَال لثمرها اللَّوْن فَقَالَت الْيَهُود عِنْد قطع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَخْلهمْ وعقر شجرهم: يَا مُحَمَّد زعمت أَنَّك تُرِيدُ الإِصلاح أَفَمَن الإِصلاح عقر الشّجر وَقطع النّخل وَالْفساد فشق ذَلِك على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوجد الْمُسلمُونَ من قَوْلهم فِي أنفسهم من قطعهم النّخل خشيَة أَن يكون فَسَادًا فَقَالَ بَعضهم لبَعض: لَا تقطعوا فَإِنَّهُ مِمَّا أَفَاء الله علينا فَقَالَ الَّذين يقطعونها: نغيظهم بقطعها فَأنْزل الله {مَا قطعْتُمْ من لينَة} يَعْنِي النّخل فبإذن الله وَمَا تركْتُم قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله فطابت نفس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأنفس الْمُؤمنِينَ {وليخزي الْفَاسِقين} يَعْنِي يهود أهل النَّضِير وَكَانَ قطع النّخل وعقر الشّجر خزياً لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: {يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم} قَالَ: مَا صَالحُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا لَا يعجبهم خَشَبَة إِلَّا أخذوها فَكَانَ ذَلِك تخريبها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {يخربون بُيُوتهم} من دَاخل الدَّار لَا يقدرُونَ على قَلِيل وَلَا كثير يَنْفَعهُمْ إِلَّا خربوه وأفسدوا لِئَلَّا يدعوا شَيْئا يَنْفَعهُمْ إِذا رحلوا وَفِي قَوْله: {وأيدي الْمُؤمنِينَ} وَيخرب الْمُؤْمِنُونَ دِيَارهمْ من خَارِجهَا كَيْمَا يخلصوا إِلَيْهِم وَفِي قَوْله: {وَلَوْلَا أَن كتب الله عَلَيْهِم الْجلاء لعذبهم فِي الدُّنْيَا}

قَالَ: لسلط عَلَيْهِم فَضربت أَعْنَاقهم وسبيت ذَرَارِيهمْ وَلَكِن سبق فِي كِتَابه الْجلاء لَهُم ثمَّ أجلوا إِلَى أَذْرُعَات وَأَرِيحَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ} قَالَ: كَانَت بُيُوتهم مزخرفة فحسدوا الْمُسلمين أَن يسكنوها وَكَانُوا يخربونها من دَاخل والمسلمون من خَارج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: الْجلاء خُرُوج النَّاس من الْبَلَد إِلَى الْبَلَد وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {مَا قطعْتُمْ من لينَة} قَالَ: هِيَ النَّخْلَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة وَعِكْرِمَة وَمُجاهد وَعَمْرو ابْن مَيْمُون مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من لينَة} قَالَ: نوع من النّخل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: اللينة مَا دون الْعَجْوَة من النّخل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: اللينة ألوان النّخل كلهَا إِلَّا الْعَجْوَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {مَا قطعْتُمْ من لينَة} قَالَ: نَخْلَة أَو شَجَرَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قواماً على أُصُولهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن شهَاب قَالَ: يلغني أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحرق بعض أَمْوَال بني النَّضِير فَقَالَ قَائِل: فهان على سراة بني لؤيّ حريق بالبويرة مستطير وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: قطع الْمُسلمُونَ يَوْمئِذٍ النّخل وَأمْسك أنَاس كَرَاهِيَة أَن يكون فَسَادًا فَقَالَت الْيَهُود: الله أذن لكم فِي الْفساد فَقَالَ الله: {مَا قطعْتُمْ من لينَة} قَالَ: واللينة مَا خلا الْعَجْوَة من النّخل إِلَى قَوْله: {وليخزي الْفَاسِقين} قَالَ: لتغيظوهم {وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب}

قَالَ: مَا قطعْتُمْ إِلَيْهَا وَاديا وَلَا سيرتم إِلَيْهَا دَابَّة وَلَا بَعِيرًا إِنَّمَا كَانَت حَوَائِط لبني النَّضِير أطعمها الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قسم بَين قُرَيْش والمهاجرين النَّضِير فَأنْزل الله {مَا قطعْتُمْ من لينَة} قَالَ: مَا هِيَ الْعَجْوَة والفنيق والنخيل وَكَانَا مَعَ نوح فِي السَّفِينَة وهما أصل التَّمْر وَلم يُعْط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَنْصَار أحدا إِلَّا رجلَيْنِ أَبَا دُجَانَة وَسَهل بن حنيف وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَهُودِيّ فَسَأَلَهُ عَن الْمَشِيئَة قَالَ: الْمَشِيئَة لله قَالَ: فَإِنِّي أَشَاء أَن أقوم قَالَ: قد شَاءَ الله أَن تقوم قَالَ: فَإِنِّي أَشَاء أَن أقعد قَالَ: فقد شَاءَ الله أَن تقعد قَالَ: فَإِنِّي أَشَاء أَن أقطع هَذِه النَّخْلَة قَالَ: فقد شَاءَ الله أَن تقطعها قَالَ: فَإِنِّي أَشَاء أَن أتركها قَالَ: فقد شَاءَ الله أَن تتركها قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: قد لقنت حجتك كَمَا لقنها إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: وَنزل الْقُرْآن {مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله وليخزي الْفَاسِقين} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: {فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب} قَالَ: صَالح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أهل فدك وقرى سَمَّاهَا وَهُوَ محاصر قوما آخَرين فأرسلوا بِالصُّلْحِ فأفاءها الله عَلَيْهِم من غير قتال وَلم يوجفوا عَلَيْهِ خيلاً وَلَا ركاباً فَقَالَ الله: {فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب} يَقُول: بِغَيْر قتال وَقد كَانَت أَمْوَال بني النَّضِير للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِصا لم يفتتحوها عنْوَة إِنَّمَا فتحوها على صلح فَقَسمهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْمُهَاجِرين وَلم يُعْط الْأَنْصَار مِنْهَا شَيْئا إِلَّا رجلَيْنِ كَانَت بهما حَاجَة أَبُو دُجَانَة وَسَهل بن حنيف وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: كَانَت أَمْوَال بني النَّضِير مِمَّا أَفَاء الله على رَسُوله مِمَّا لم يوجف عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ بخيل وَلَا ركاب فَكَانَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة فَكَانَ ينْفق على أَهله مِنْهَا نَفَقَة سنتهمْ ثمَّ يَجْعَل مَا بَقِي فِي الكراع وَالسِّلَاح عدَّة فِي سَبِيل الله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب} قَالَ: يذكرهم رَبهم أَنه نَصرهم وكفاهم بِغَيْر كرَاع وَلَا عدَّة فِي قُرَيْظَة وخيبر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب}

قَالَ: أَمر الله رَسُوله بالسير إِلَى قُرَيْظَة وَالنضير وَلَيْسَ للْمُؤْمِنين يَوْمئِذٍ كثير خيل وَلَا ركاب فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحكم فِيهِ مَا أَرَادَ وَلم يكن يَوْمئِذٍ خيل وَلَا ركاب يوجف بهَا قَالَ: والايجاف أَن يوضعوا السّير وَهِي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ من ذَلِك خَيْبَر وفدك وقرى عَرَبِيَّة وَأمر الله رَسُوله أَن يعد لينبع فَأَتَاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاحتواها كلهَا فَقَالَ أنَاس: هلا قسمهَا فَأنْزل الله عذره فَقَالَ: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ} إِلَى قَوْله: {شَدِيد الْعقَاب} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى} قَالَ: من قُرَيْظَة جعله الله لمهاجرة قُرَيْش خصوا بِهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى} قَالَ: بَلغنِي أَنَّهَا الْجِزْيَة وَالْخَرَاج وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ مَا أَفَاء الله على رَسُوله من خَيْبَر نصف لله وَرَسُوله وَالنّصف الآخر للْمُسلمين فَكَانَ الَّذِي لله وَرَسُوله من ذَلِك الكتيبة والوطيخ وسلالة ووجدة وَكَانَ الَّذِي للْمُسلمين الشق والشق ثَلَاثَة عشر سَهْما ونطاه خَمْسَة أسْهم وَلم يقسم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خَيْبَر لأحد من الْمُسلمين إِلَّا لمن شهد الْحُدَيْبِيَة وَلم يَأْذَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأحد تخلف عَنهُ عِنْد مخرجه الْحُدَيْبِيَة أَن يشْهد مَعَه خَيْبَر إِلَّا جَابر بن عبد الله بن عَمْرو بن حزَام الْأنْصَارِيّ وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صفايا بني النَّضِير وخيبر وفدك فَأَما بَنو النَّضِير فَكَانَت حبسا لنوائبه وَأما فدك فَكَانَت لِابْنِ السَّبِيل وَأما خَيْبَر فجزأها ثَلَاثَة أَجزَاء فقسم مِنْهَا جزأين بَين الْمُسلمين وَحبس جُزْءا لنَفسِهِ ولنفقة أَهله فَمَا فضل عَن نَفَقَة أَهله رده على فُقَرَاء الْمُهَاجِرين وَأخرج ابْن النباري فِي الْمَصَاحِف عَن الْأَعْمَش قَالَ: لَيْسَ بَين مصحف عبد الله وَزيد بن ثَابت خلاف فِي حَلَال وَحرَام إِلَّا فِي حرفين فِي سُورَة الْأَنْفَال (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل) (سُورَة الْأَنْفَال الأية 41) وَفِي سُورَة الْحَشْر {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} والمهاجرين فِي سَبِيل الله

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} قَالَ: كَانَ الْفَيْء بَين هَؤُلَاءِ فنسختها الْآيَة الَّتِي: فِي الْأَنْفَال فَقَالَ: (وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَإِن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ وَالَّذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل) (الْأَنْفَال 41) فنسخت هَذِه الْآيَة مَا كَانَ قبلهَا فِي سُورَة الْحَشْر فَجعل الْخمس لمن كَانَ لَهُ الْفَيْء وَصَارَ مَا بَقِي من الْغَنِيمَة لسَائِر النَّاس لمن قَاتل عَلَيْهَا وَأخرج أَبُو عبيد فِي كتاب الْأَمْوَال وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو عوَانَة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان قَالَ: بعث إليّ عمر بن الْخطاب فِي الهاجرة فَجِئْته فَدخلت عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ جَالس على سَرِير لَيْسَ بَينه وَبَين رمل السرير فرَاش متكىء على وسَادَة من آدم فَقَالَ: يَا مَالك إِنَّه قدم علينا أهل أَبْيَات من قَوْمك وَإِنِّي قد أمرت فيهم برضخ فَخذه فأقسمه بَينهم فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّهُم قومِي وَأَنا أكره أَن أَدخل بِهَذَا عَلَيْهِم فَمر بِهِ غَيْرِي فَإِنِّي لَا رَاجعه [لأراجعه] فِي ذَلِك إِذْ جَاءَهُ يرفا [يرفا] غُلَامه فَقَالَ: هَذَا عُثْمَان بن عَفَّان وَطَلْحَة بن عبيد الله وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَأذن لَهُم فَدَخَلُوا ثمَّ جَاءَهُ يرفا [يرفا] فَقَالَ: هَذَا عَليّ وعباس قَالَ: ائْذَنْ لَهما فِي الدُّخُول فدخلا فَقَالَ عَبَّاس: أَلا تعديني على هَذَا فَقَالَ الْقَوْم: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اقْضِ بَين هذَيْن وأرح كل وَاحِد مِنْهُمَا من صَاحبه فَإِن فِي ذَلِك رَاحَة لَك وَلَهُمَا فَجَلَسَ عمر ثمَّ قَالَ: اتئدوا وحسر عَن ذِرَاعَيْهِ ثمَّ قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه أَيهَا الرَّهْط هَل سَمِعْتُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: انا لَا نورث مَا تركنَا صَدَقَة إِن الْأَنْبِيَاء لَا تورث فَقَالَ الْقَوْم: نعم قد سمعنَا ذَاك ثمَّ أقبل على عَليّ وعباس فَقَالَ: أنشدكما بِاللَّه هَل سمعتما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَاك قَالَا: نعم فَقَالَ عمر: أَلا أحدثكُم عَن هَذَا الْأَمر إِن الله خص نبيه من هَذَا الْفَيْء بِشَيْء لم يُعْطه غَيره يُرِيد أَمْوَال بني النَّضِير كَانَت نفلا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ لأحد فِيهَا حق مَعَه فوَاللَّه مَا احتواها دونكم وَلَا اسْتَأْثر بهَا عَلَيْكُم لقد قسمهَا فِيكُم حَتَّى كَانَ مِنْهَا هَذَا المَال فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدّخر مِنْهُ قوت أَهله لسنتهم وَيجْعَل مَا بَقِي فِي

سَبِيل المَال حَتَّى توفى الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ أَبُو بكر فَقَالَ: أَنا وليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعمل بِمَا كَانَ يعْمل وأسير بسيرته فِي حَيَاته فَكَانَ يدّخر من هَذَا المَال قنية أهل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسنتهم وَيجْعَل مَا بَقِي فِي سبل المَال كَمَا كَانَ يصنع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوليها أَبُو بكر حَيَاته حَتَّى توفّي أَبُو بكر قلت: أَنا ولي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَولي أبي بكر أعمل بِمَا كَانَا يعملان بِهِ فِي هَذَا المَال فقبضتها فَلَمَّا أقبلتما عليّ وأدبرتما وبدا لي أَن أدفعها إلَيْكُمَا أخذت عَلَيْكُمَا عهد الله وميثاقه لتعملان فِيهَا بِمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْمل بِهِ فِيهَا وَأَبُو بكر وَأَنا حَتَّى دفعتها إلَيْكُمَا أنْشدكُمْ الله أَيهَا الرَّهْط هَل دفعتها إِلَيْهِمَا بذلك قَالُوا: اللَّهُمَّ نعمز ثمَّ أقبل عَلَيْهِمَا فَقَالَ: أنشدكما بِاللَّه هَل دفعتها إلَيْكُمَا بذلك قَالَا: نعم قَالَ: فقضاء غير ذَلِك تلتمسان مني فَلَا وَالله لَا أَقْْضِي فِيهَا قَضَاء غير ذَلِك حَتَّى تقوم السَّاعَة فَإِن كنتما عجزتما عَنْهَا فأدياها إليّ ثمَّ قَالَ عمر: إِن الله قَالَ: {وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب وَلَكِن الله يُسَلط رسله على من يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير} فَكَانَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} إِلَى آخر الْآيَة {وَاتَّقوا الله إِن الله شَدِيد الْعقَاب} ثمَّ قَالَ: وَالله مَا أَعْطَاهَا هَؤُلَاءِ وحدهم حَتَّى قَالَ: {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضواناً وينصرون الله وَرَسُوله أُولَئِكَ هم الصادقون} ثمَّ وَالله مَا جعلهَا لهَؤُلَاء وحدهم حَتَّى قَالَ: {وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان} إِلَى {المفلحون} ثمَّ وَالله مَا أَعْطَاهَا لهَؤُلَاء وحدهم حَتَّى قَالَ: {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا} إِلَى قَوْله: {رَحِيم} فَقَسمهَا هَذَا الْقسم على هَؤُلَاءِ الَّذين ذكر قَالَ عمر: لَئِن بقيت ليَأْتِيَن الرويعي بِصَنْعَاء حَقه وَدَمه فِي وَجهه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عُبَيْدَة وَابْن زَنْجوَيْه مَعًا فِي الْأَمْوَال وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَفِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان قَالَ: قَرَأَ عمر بن الْخطاب {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} حَتَّى بلغ {عليم حَكِيم} ثمَّ قَالَ: هَذِه لهَؤُلَاء ثمَّ قَرَأَ {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى} حَتَّى بلغ {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين} إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ: هَذِه للمهاجرين ثمَّ تَلا {وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان من قبلهم} إِلَى آخر الْآيَة فَقَالَ: هَذِه للْأَنْصَار ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ} إِلَى آخر الْآيَة ثمَّ قَالَ: استوعبت هَذِه

الْمُسلمين عَامَّة وَلَيْسَ أحد إِلَّا لَهُ فِي هَذَا المَال حق أَلا مَا تَمْلِكُونَ من وصيتكم ثمَّ قَالَ: لَئِن عِشْت ليَأْتِيَن الرَّاعِي وَهُوَ يسير حمره (هَكَذَا فِي الأَصْل) نصِيبه مِنْهَا لم يعرق فِيهِ جَبينه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: اجْتَمعُوا لهَذَا المَال فأنظروا لمن تَرَوْنَهُ ثمَّ قَالَ لَهُم: إِنِّي أَمرتكُم أَن تجتمعوا لهَذَا المَال فتنظروا لمن تَرَوْنَهُ وَإِنِّي قَرَأت آيَات من كتاب الله فكفيتني سَمِعت الله يَقُول: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ} إِلَى قَوْله: {أُولَئِكَ هم الصادقون} وَالله مَا هُوَ لهَؤُلَاء وحدهم {وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان} إِلَى قَوْله: {المفلحون} وَالله مَا هُوَ لهَؤُلَاء وحدهم {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا} إِلَى قَوْله: {رَحِيم} وَالله مَا أحد من الْمُسلمين إِلَّا لَهُ حق فِي هَذَا المَال أعطي مِنْهُ أَو منع عَنهُ حَتَّى رَاع بعدن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَابْن زَنْجوَيْه فِي الْأَمْوَال وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا على وَجه الأَرْض مُسلم إِلَّا وَله فِي هَذَا المَال حق إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعيد بن الْمسيب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قسم عمر ذَات يَوْم قسما من المَال فَجعلُوا يثنون عَلَيْهِ فَقَالَ: مَا أحمقكم لَو كَانَ لي مَا أَعطيتكُم مِنْهُ درهما وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن أبي نجيح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: المَال ثَلَاثَة: مغنم أَو فَيْء أَو صَدَقَة فَلَيْسَ مِنْهُ دِرْهَم إِلَّا بيّن الله مَوْضِعه وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُوشك أَن يمْلَأ الله أَيْدِيكُم من الْعَجم ثمَّ يجعلهم أسداً لَا يفرون فيقتلون مُقَاتِلَتكُمْ ويأكلون فيئكم وَأخرج ابْن سعد عَن السَّائِب بن يزِيد سَمِعت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يَقُول: وَالَّذِي لَا إِلَيْهِ إِلَّا هُوَ ثَلَاثًا مَا من النَّاس أحد إِلَّا لَهُ حق فِي هَذَا المَال أعْطِيه أَو مَنعه وَمَا أحد أَحَق بِهِ من أحد إِلَى عبد مَمْلُوك وَمَا أَنا فِيهِ إِلَّا كأحدكم وَلَكنَّا على مَنَازلنَا من كتاب الله وَقَسمنَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فالرجل وبلاؤه فِي الإِسلام وَالرجل وَقدمه فِي الْإِسْلَام وَالرجل غناهُ فِي الإِسلام وَالرجل وَحَاجته فِي الإِسلام وَالله لَئِن بقيت ليَأْتِيَن الرَّاعِي بجبل صنعاء حَظه من هَذَا المَال وَهُوَ مَكَانَهُ

وَأخرج ابْن سعد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كتب عمر إِلَى حُذَيْفَة أَن أعْط النَّاس أَعطيتهم وأرزاقهم فَكتب إِلَيْهِ إِنَّا قد فعلنَا وَبَقِي شَيْء كثير فَكتب إِلَيْهِ عمر: إِن فيأهم الَّذِي أَفَاء الله عَلَيْهِم لَيْسَ هُوَ لعمر وَلَا لآل عمر اقسمه بَينهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وجدت المَال قسم بَين هَذِه الثَّلَاثَة الْأَصْنَاف: الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ مثل ذَلِك قَوْله تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ} الْآيَة أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} قَالَ: كَانَ يُؤْتِيهم الْغَنَائِم وينهاهم عَن الْغلُول وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ} قَالَ: من الْفَيْء {وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} قَالَ: من الْفَيْء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي اله عَنهُ {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول} من طَاعَتي وأمري {فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ} من معصيتي فَانْتَهوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: ألم يقل الله {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} قَالُوا: بلَى قَالَ: ألم يقل الله: (وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم) (سُورَة الْأَحْزَاب الْآيَة 36) الْآيَة قَالَ: فَإِنِّي أشهد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمزفت وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع ابْن عمر وَابْن عَبَّاس يَشْهَدَانِ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن الدُّبَّاء والحنتم والنقير والمزفت ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَلْقَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود: لعن الله الْوَاشِمَات وَالْمُسْتَوْشِمَات وَالْمُتَنَمِّصَات وَالْمُتَفَلِّجَات لِلْحسنِ الْمُغيرَات لخلق الله فَبلغ ذَلِك امْرَأَة من بني أَسد

يُقَال لَهَا أم يَعْقُوب فَجَاءَت إِلَيْهِ فَقَالَت: إِنَّه بَلغنِي أَنَّك لعنت كَيْت وَكَيْت قَالَ: وَمَالِي لَا ألعن من لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي كتاب الله قَالَت: لقد قَرَأت مَا بَين الدفتين فَمَا وجدت فِيهِ شَيْئا من هَذَا قَالَ: لَئِن كنت قرأته لقد وجدته أما قَرَأت {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} قَالَت: بلَى قَالَ: فَإِنَّهُ قد نهى عَنهُ وَالله أعلم الْآيَة 8 - 9

8

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا} الْآيَة قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ تركُوا الديار وَالْأَمْوَال والأهلين والعشائر وَخَرجُوا حبا لله وَلِرَسُولِهِ واختاروا الإِسلام على مَا كَانَ فِيهِ من شدَّة حَتَّى لقد ذكر لنا أَن الرجل كَانَ يعصب الْحجر على بَطْنه ليقيم بِهِ صلبه من الْجُوع وَإِن كَانَ الرجل ليتَّخذ الْحفر فِي الشتَاء مَا لَهُ دثار غَيرهَا قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان} أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ: هم هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار أَسْلمُوا فِي دِيَارهمْ وابتنوا الْمَسَاجِد قبل قدوم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِسنتَيْنِ وَأحسن الله عَلَيْهِم الثَّنَاء فِي ذَلِك وَهَاتَانِ الطائفتان الأولتان من هَذِه الْآيَة أخذتا بفضلهما ومضنا على مهلهما وَأثبت الله حظهما فِي هَذَا الْفَيْء ثمَّ ذكر الطَّائِفَة الثَّالِثَة فَقَالَ: {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا ولإِخواننا} إِلَى آخر الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا أمروا أَن يَسْتَغْفِرُوا لأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يؤمروا بسبهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان من قبلهم}

قَالَ: الْأَنْصَار نعت سخاوة أنفسهم عِنْدَمَا رأى من ذَلِك وإيثارهم إيَّاهُم وَلم يصب الْأَنْصَار من ذَلِك الْفَيْء شَيْء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن يزِيد بن الْأَصَم أَن الْأَنْصَار قَالُوا: يَا رَسُول الله أقسم بَيْننَا وَبَين إِخْوَاننَا الْمُهَاجِرين الأَرْض نِصْفَيْنِ قَالَ: لَا وَلَكِن يكفونكم الْمُؤْنَة وتقاسمونهم الثَّمَرَة وَالْأَرْض أَرْضكُم قَالُوا: رَضِينَا فَأنْزل الله {وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان من قبلهم} إِلَى آخر الْآيَة أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: فضل الْمُهَاجِرين على الْأَنْصَار فَلم يَجدوا فِي صُدُورهمْ حَاجَة قَالَ: الْحَسَد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمر أَنه قَالَ: أوصِي الْخَلِيفَة بعدِي بالمهاجرين الْأَوَّلين أَن يعرف لَهُم حَقهم ويحفظ لَهُم حرمتهم وأوصيه بالأنصار الَّذين تبوؤا الدَّار والإِيمان من قبل أَن يُهَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقبل من محسنهم وَيَعْفُو عَن مسيئهم وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: للمدينة عشرَة أَسمَاء هِيَ الْمَدِينَة وَهِي طيبَة وطابة ومسكينة وجابرة ومجبورة وتبدد ويثرب وَالدَّار قَوْله تَعَالَى: {ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} أخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَتَى رجل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله أصابني الْجهد فَأرْسل إِلَى نِسَائِهِ فَلم يجد عِنْدهن شَيْئا فَقَالَ: أَلا رجل يضيف هَذَا اللَّيْلَة رَحمَه الله تَعَالَى فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار وَفِي رِوَايَة فَقَالَ أَبُو طَلْحَة الْأنْصَارِيّ: أَنا يَا رَسُول الله فَذهب بِهِ إِلَى أَهله فَقَالَ لامْرَأَته: اكرمي ضيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تدخرين شَيْئا قَالَت: وَالله مَا عِنْدِي إِلَّا قوت الصبية قَالَ: فَإِذا أَرَادَ الصبية الْعشَاء فنوميهم وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا اللَّيْلَة لضيف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفعلت ثمَّ غَدا الضَّيْف على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لقد عجب الله من فلَان وفلانة وَأنزل الله فيهمَا {ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} وَأخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب قري الضَّيْف وَابْن الْمُنْذر عَن

أبي المتَوَكل النَّاجِي رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا من الْمُسلمين مكث صَائِما ثَلَاثَة أَيَّام يُمْسِي فَلَا يجد مَا يفْطر فَيُصْبِح صَائِما حَتَّى فطن لَهُ رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ ثَابت بن قيس رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ لأَهله: إِنِّي ساجيء اللَّيْلَة بضيف لي فَإِذا وضعتم طَعَامكُمْ فَليقمْ بَعْضكُم إِلَى كَأَنَّهُ يصلحه فليطفئه ثمَّ اضربوا بأيدكم إِلَى الطَّعَام كأنكم تَأْكُلُونَ فَلَا تَأْكُلُوا حَتَّى يشْبع ضيفنا فَلَمَّا أَمْسَى ذهب بِهِ فوضعوا طعامهم فَقَامَتْ امْرَأَته إِلَى السراج كَأَنَّهَا تصلحه فأطفأته ثمَّ جعلُوا يضْربُونَ أَيْديهم فِي الطَّعَام كَأَنَّهُمْ يَأْكُلُون وَلَا يَأْكُلُون حَتَّى شبع ضيفهم وَإِنَّمَا كَانَ طعامهم ذَلِك خبْزَة هِيَ قوتهم فَلَمَّا أصبح ثَابت غَدا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا ثَابت لقد عجب الله البارحة مِنْكُم وَمن ضيفكم فَنزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة {ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أهدي لرجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأس شَاة فَقَالَ: إِن أخي فلَانا وَعِيَاله أحْوج إِلَى هَذَا منا فَبعث بِهِ إِلَيْهِم فَلم يزل يبْعَث بِهِ وَاحِدًا إِلَى آخر حَتَّى تداولها أهل سَبْعَة أَبْيَات حَتَّى رجعت إِلَى الأول فَنزلت {ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة} قَالَ: فاقة قَوْله تَعَالَى: {وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون} أخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ لَهُ: إِنِّي أَخَاف أَن أكون قد هَلَكت قَالَ: وَمَا ذَاك قَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يَقُول: {وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون} وَأَنا رجل شحيح لَا يكَاد يخرج مني شَيْء فَقَالَ لَهُ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: لَيْسَ ذَاك بالشح وَلكنه الْبُخْل وَلَا خير فِي الْبُخْل وَإِن الشُّح الَّذِي ذكره الله فِي الْقُرْآن أَن تَأْكُل مَال أَخِيك ظلما وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمن يُوقَ شح نَفسه} قَالَ: لَيْسَ الشحيح أَن يمْنَع الرجل مَاله وَلكنه

الْبُخْل وَإنَّهُ لشر إِنَّمَا الشُّح أَن تطمح عين الرجل إِلَى مَا لَيْسَ لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: النّظر إِلَى الْمَرْأَة لَا يملكهَا من الشُّح وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن طَاوُوس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: البخلان يبخل الإِنسان بِمَا فِي يَدَيْهِ وَالشح أَن يشح على مَا فِي أَيدي النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه كَانَ يطوف بِالْبَيْتِ يَقُول: اللَّهُمَّ قني شح نَفسِي لَا يزِيد على ذَلِك فَقيل لَهُ فَقَالَ: إِذا وقيت شح نَفسِي لَا أسرق وَلَا أزني وَلم أفعل شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَمن يُوقَ شح نَفسه} قَالَ: إِدْخَال الْحَرَام وَمنع الزَّكَاة وَأخرج ابْن االمنذر عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: من أدّى زَكَاة مَاله فقد وقِي شح نَفسه وَأخرج الخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق عَن ابْن عَمْرو قَالَ: الشُّح أَشد من الْبُخْل لِأَن الشحيح يشح على مَا فِي يَدَيْهِ فيحبسه ويشح على مَا فِي أَيدي النَّاس حَتَّى يَأْخُذهُ وَإِن الْبَخِيل إِنَّمَا يبخل على مَا فِي يَدَيْهِ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب ذمّ الْبُخْل عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خلق الله جنَّة عدن ثمَّ قَالَ لَهَا: انْطِقِي فَقَالَت: (قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ) (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة) فَقَالَ الله: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يجاورني فِيك بخيل ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ثَلَاث من كن فِيهِ فقد برِئ من الشُّح من أدّى زَكَاة مَاله وقرى الضَّيْف وَأعْطى فِي النوائب وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا محق الإِسلام محق الشُّح شَيْء قطّ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي زرْعَة قالك قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَ الْفقر فِي قلبه فَلَا يُغْنِيه مَا أَكثر لَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّمَا يضر نَفسه شحها

وَأخرج عبد بن حميد عَن مجمع بن يحيى بن جَارِيَة قَالَ: حَدثنِي عمي خَالِد بن يزِيد بن جَارِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: برِئ من الشُّح من أدّى الزَّكَاة وقرى الضَّيْف وَأدّى فِي النائبة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يجْتَمع غُبَار فِي سَبِيل الله ودخان جَهَنَّم فِي جَوف عبد أبدا وَلَا يجْتَمع الشُّح والإِيمان فِي قلب عبد أبدا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خصلتان لَا يَجْتَمِعَانِ فِي جَوف مُسلم الْبُخْل وَسُوء الظَّن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: شَرّ مَا فِي رجل شح هَالِع وَجبن خَالع وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اتَّقوا الظُّلم فَإِن الظُّلم ظلمات يَوْم الْقِيَامَة وَاتَّقوا الشُّح فَإِن الشُّح أهلك من كَانَ قبلكُمْ حملهمْ على أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمهمْ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إيَّاكُمْ وَالشح وَالْبخل فَإِنَّهُ دَعَا من قبلكُمْ إِلَى أَن يقطعوا أرحامهم فقطعوها ودعاهم إِلَى أَن يستحلوا مَحَارِمهمْ فاستحلوها ودعاهم إِلَى أَن يسفكوا دِمَاءَهُمْ فسفكوها وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا توفّي فَقَالُوا: اُبْشُرْ بِالْجنَّةِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَو لَا تَدْرُونَ فَلَعَلَّهُ قد تكلم بِمَا لَا يعنيه أَو بخل بِمَا لَا يَنْفَعهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أُصِيب رجل يَوْم أحد فَجَاءَت امْرَأَة فَقَالَت: يَا بني لتهنك الشَّهَادَة فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا يدْريك لَعَلَّه كَانَ يتَكَلَّم بِمَا لَا يعنيه وَيبْخَل بِمَا لَا يُغْنِيه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خلقان يحبهما الله وخلقان يبغضهما الله فَأَما اللَّذَان يُحِبهَا الله فالسخاء والسماحة وَأما اللَّذَان يبغضهما الله فسوء الْخلق وَالْبخل فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا اسْتَعْملهُ على قَضَاء حوائج النَّاس وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: برِئ من الشُّح من أدّى الزَّكَاة وقرى الضَّيْف وَأدّى فِي النائبة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يذهب السخاء على الله السخي قريب من الله فَإِذا لقِيه يَوْم الْقِيَامَة أَخذ بِيَدِهِ فأقله عثرته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صَلَاح أوّل هَذِه الْأمة بالزهد وَالتَّقوى وهلاك آخرهَا بالبخل والفجور وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السخي قريب من الله قريب من الْجنَّة بعيد من النَّار والبخيل بعيد من الله بعيد من الْجنَّة قريب من النَّار وَالْجَاهِل السخي أحب إِلَى الله من العابد الْبَخِيل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السخي قريب من الله قريب من الْجنَّة قريب من النَّاس بعيد من النَّار والبخيل بعيد من الله بعيد من الْجنَّة بعيد من النَّاس قريب من النَّار ولَجَاهل سخيٌ أحب إِلَى الله من عَابِد بخيل وَأخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ وضعَّفه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السخي قريب من الله قريب من الْجنَّة قريب من النَّاس بعيد من النَّار والبخيل بعيد من الله بعيد من الْجنَّة بعيد من النَّاس قريب من النَّار ولفاجر سخيّ أحبّ إِلَى الله من عَابِد بخيل وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا بني سَلمَة من سيدكم الْيَوْم قَالُوا: الْجد بن قيس وَلَكنَّا نبخله قَالَ: وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل وَلَكِن سيدكم عَمْرو بن الجموح وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا بني سَلمَة من سيدكم قَالُوا: الْجد بن قيس وَإِنَّا لنبخله قَالَ: وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل بل سيدكم الْخَيْر الْأَبْيَض عَمْرو بن الجموح قَالَ: وَكَانَ على أضيافهم فِي الْجَاهِلِيَّة قَالَ: وَكَانَ يولم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تزوّج وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من سيدكم يَا بني سَلمَة قَالُوا: الْجد بن

قيس قَالَ: وَبِمَ تسوّدونه قَالُوا: بِأَنَّهُ أكثرنا مَالا وَإِنَّا على ذَلِك لنزنه بالبخل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل لَيْسَ ذَاك سيدكم قَالُوا: فَمن سيدنَا يَا رَسُول الله قَالَ: سيدكم الْبَراء بن معْرور قَالَ الْبَيْهَقِيّ مُرْسل وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سيدكم يَا بني عبيد قَالُوا: الْجد بن قيس على أَن فِيهِ بخلا قَالَ: وَأي دَاء أدوأ من الْبُخْل بل سيدكم وَابْن سيدكم بشر بن الْبَراء بن معْرور وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يدْخل الْجنَّة بخيل وَلَا خب وَلَا خائن وَلَا سيء الملكة وَأول من يقرع بَاب الْجنَّة المملوكون وَإِذا أَحْسنُوا فِيمَا بَينهم وَبَين الله وَبَين مواليهم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي سهل الوَاسِطِيّ رفع الحَدِيث قَالَ: إِن الله اصْطنع هَذَا الدّين لنَفسِهِ وَإِنَّمَا صَلَاح هَذَا الدّين بالسخاء وَحسن الْخلق فاكرموه بهما وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طرق وَضَعفه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ لي جِبْرِيل: قَالَ الله تَعَالَى: إِن هَذَا الدّين ارتضيته لنَفْسي وَلَا يصلحه إِلَّا السخاء وَحسن الْخلق فأكرموه بهما مَا صحبتموه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عبد الله بن جَراد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا ابتغيتم الْمَعْرُوف فابتغوه فِي حسان الْوُجُوه فوَاللَّه لَا يلج النَّار إِلَّا بخيل وَلَا يلج الْجنَّة شحيح إِن السخاء شَجَرَة فِي الْجنَّة تسمى السخاء وَإِن الشُّح شَجَرَة فِي النَّار تسمى الشُّح وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السخاء من شجر الْجنَّة أَغْصَانهَا متدليات فِي الدُّنْيَا من أَخذ بِغُصْن مِنْهَا قَادَهُ ذَلِك الْغُصْن إِلَى الْجنَّة وَالْبخل شَجَرَة من شجر النَّار أَغْصَانهَا متدليات فِي الدُّنْيَا من أَخذ بِغُصْن مِنْهَا قَادَهُ ذَلِك الْغُصْن إِلَى النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السخاء شَجَرَة فِي الْجنَّة فَمن كَانَ سخياً أَخذ بِغُصْن مِنْهَا فَلم يتْركهُ الْغُصْن حَتَّى يدْخلهُ الْجنَّة وَالشح شَجَرَة فِي النَّار فَمن كَانَ شحيحاً أَخذ بِغُصْن مِنْهَا فَلم يتْركهُ الْغُصْن حَتَّى يدْخلهُ النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عبن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كنت قَاعِدا مَعَ

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء ثَلَاثَة عشر رجلا عَلَيْهِم ثِيَاب السّفر فَسَلمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالُوا: من السَّيِّد من الرِّجَال يَا رَسُول الله قَالَ: ذَاك يُوسُف بن يَعْقُوب بن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم قَالُوا: مَا فِي أمتك سيد قَالَ: بلَى رجل أعطي مَالا حَلَالا ورزق سماحة فأدنى الْفَقِير فَقلت شكايته فِي النَّاس وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ضرب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل الْبَخِيل والمتصدق كَمثل رجلَيْنِ عَلَيْهِمَا جبتان من حَدِيد قد اضطرت أَيْدِيهِمَا إِلَى ثديهما وتراقيهما فَجعل كلما تصدق بِصَدقَة انبسطت عَنهُ حَتَّى تغشى أنامله وَتَعْفُو أَثَره وَجعل الْبَخِيل كلما هم بِصَدقَة قلصت وَأخذت كل حَلقَة مَكَانهَا فَهُوَ يوسعها وَلَا تتسع وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عبد الله بن أبي عُبَيْدَة بن مُحَمَّد بن عمار بن يَاسر قَالَ: قدم خَالِد بن الْوَلِيد من نَاحيَة أَرض الرّوم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأسرى فَعرض عَلَيْهِم الإِسلام فَأَبَوا فَأمر أَن تضرب أَعْنَاقهم حَتَّى إِذا جَاءَ إِلَى آخِرهم قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا خَالِد كف عَن الرجل قَالَ: يَا رَسُول الله مَا كَانَ فِي الْقَوْم أَشد عليّ مِنْهُ قَالَ: هَذَا جِبْرِيل يُخْبِرنِي عَن الله أَنه كَانَ سخيّاً فِي قومه فَكف عَنهُ وَأسلم الرُّومِي الْآيَة 10 - 14

10

أخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ} قَالَ: الَّذين أَسْلمُوا فعنوا أَيْضا عبد الله بن نَبْتَل وَأَوْس بن قيظي وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: النَّاس على ثَلَاثَة منَازِل قد مَضَت منزلتان وَبقيت منزلَة فَأحْسن مَا أَنْتُم كائنون عَلَيْهِ أَن تَكُونُوا بِهَذِهِ الْمنزلَة الَّتِي بقيت ثمَّ قَرَأَ {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ} الْآيَة ثمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ وَهَذِه منزلَة وَقد مَضَت ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان من قبلهم} الْآيَة ثمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْصَار وَهَذِه منزلَة وَقد مَضَت ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا ولإِخواننا الَّذين سبقُونَا بالإِيمان} فقد مَضَت هَاتَانِ المنزلتان وَبقيت هَذِه الْمنزلَة فَأحْسن مَا أَنْتُم كائنون عَلَيْهِ أَن تَكُونُوا بِهَذِهِ الْمنزلَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ} الْآيَة قَالَ: أمروا بالاستغفار لَهُم وَقد علم مَا أَحْدَثُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أمروا أَن يَسْتَغْفِرُوا لأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسبوهم ثمَّ قَرَأت هَذِه الْآيَة {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ يَقُولُونَ رَبنَا اغْفِر لنا ولإِخواننا الَّذين سبقُونَا بالإِيمان} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَنه سمع رجلا وَهُوَ يتَنَاوَل بعض الْمُهَاجِرين فَقَرَأَ عَلَيْهِ {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين} الْآيَة ثمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ فَمنهمْ أَنْت قَالَ: لَا ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ {وَالَّذين تبوؤوا الدَّار والإِيمان} الْآيَة ثمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْصَار أفأنت مِنْهُم قَالَ: لَا ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ} الْآيَة ثمَّ قَالَ: أَفَمَن هَؤُلَاءِ أَنْت قَالَ: أَرْجُو قَالَ: لَا لَيْسَ من هَؤُلَاءِ من يسب هَؤُلَاءِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخرعن ابْن عمر أَنه بلغه أَن رجلا نَالَ من عُثْمَان فَدَعَاهُ فأقعده بَين يَدَيْهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين} الْآيَة قَالَ: من هَؤُلَاءِ

أَنْت قَالَ: لَا ثمَّ قَرَأَ {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ} الْآيَة قَالَ: من هَؤُلَاءِ أَنْت قَالَ: أرجوا أَن أكون مِنْهُم قَالَ: لَا وَالله مَا يكون مِنْهُم من يتناولهم وَكَانَ فِي قلبه الغل عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه قَرَأَ / رَبنَا لَا تجْعَل فِي قُلُوبنَا غلاً للَّذين آمنُوا / وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ النَّسَائِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَينا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يطلع الْآن رجل من أهل الْجنَّة فَأطلع رجل من الْأَنْصَار تنطف لحيته مَاء من وضوئِهِ مُعَلّق نَعْلَيْه فِي يَده الشمَال فَلَمَّا كَانَ من الْغَد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يطلع عَلَيْكُم الْآن رجل من أهل الْجنَّة فَاطلع ذَلِك الرجل على مثل مرتبته الأولى فَلَمَّا كَانَ من الْغَد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل ذَلِك فَأطلع ذَلِك الرجل فَلَمَّا قَامَ الرجل أتبعه عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فَقَالَ: إِنِّي لاحيت أبي فأقسمت أَن لَا أَدخل عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِن رَأَيْت أَن تؤويني إِلَيْك حَتَّى تحل يَمِيني فعلت قَالَ: نعم قَالَ أنس: فَكَانَ عبد بن عَمْرو يحدث أَنه بَات مَعَه لَيْلَة فَلم يره يقوم من اللَّيْل شَيْئا غير أَنه كَانَ إِذا تقلب على فرَاشه ذكر الله وَكبر حَتَّى يقوم لصَلَاة الْفجْر فيسبغ الْوضُوء غير أَنِّي لَا أسمعهُ يَقُول إِلَّا خيرا فَلَمَّا مَضَت اللَّيَالِي الثَّلَاث وكدت احتقر عمله قلت: يَا عبد الله إِنَّه لم يكن بيني وَبَين وَالِدي غضب وَلَا هِجْرَة وَلَكِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَك ثَلَاث مَرَّات فِي ثَلَاث مجَالِس يطلع عَلَيْكُم الْآن رجل من أهل الْجنَّة فأطلعت أَنْت تِلْكَ المرات الثَّلَاث فَأَرَدْت أَن آوي إِلَيْك فَأنْظر مَا عَمَلك فَإِذا مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْت فَانْصَرَفت عَنهُ فَلَمَّا وليت دَعَاني فَقَالَ: مَا هُوَ إلاّ مَا قد رَأَيْت غير أَنِّي لَا أجد فِي نَفسِي غلاً لأحد من الْمُسلمين وَلَا أحسده على خير أعطَاهُ الله إِيَّاه فَقَالَ لَهُ عبد الله بن عَمْرو: هَذِه الَّتِي بلغت بك وَهِي الَّتِي لَا نطيق وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد قَالَ: بلغنَا أَن رجلا صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا انْصَرف قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا الرجل من أهل الْجنَّة قَالَ عبد الله بن عمروا: فَأَتَيْته فَقلت: يَا عماه الضِّيَافَة قَالَ نعم فَإِذا لَهُ خيمة وشَاة ونخل فَلَمَّا أَمْسَى خرج من خيمته فاحتلب العنز واجتنى لي رطبا ثمَّ وَضعه فَأكلت

مَعَه فَبَاتَ نَائِما وَبت قَائِما وَأصْبح مُفطرا وأصبحت صَائِما فَفعل ذَلِك ثَلَاث لَيَال فَقلت لَهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِيك: إِنَّك من أهل الْجنَّة فَأَخْبرنِي مَا عَمَلك فَائت الَّذِي أخْبرك حَتَّى يُخْبِرك بعملي فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ائته فمره أَن يُخْبِرك فَقلت: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرك أَن تُخبرنِي قَالَ: أما الْآن فَنعم فَقَالَ: لَو كَانَت الدُّنْيَا لي فَأخذت مني لم أَحْزَن عَلَيْهَا وَلَو أعطيتهَا لم أفرح بهَا وأبيت وَلَيْسَ فِي قلبِي غل على أحد قَالَ عبد الله: لكني وَالله أقوم اللَّيْل وَأَصُوم النَّهَار وَلَو وهبت لي شَاة لفرحت بهَا وَلَو ذهبت لحزنت عَلَيْهَا وَالله لقد فضلك الله علينا فضلا بَينا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {ألم تَرَ إِلَى الَّذين نافقوا} قَالَ عبد الله بن أبيّ بن سلول وَرِفَاعَة بن تَابُوت وَعبد الله بن نَبْتَل وَأَوْس بن قيظي وإخوانهم بَنو النَّضِير وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَن رهطاً من بني عَوْف بن الْحَارِث مِنْهُم عبد الله بن أُبي بن سلول ووديعة بن مَالك وسُويد وداعس بعثوا إِلَى بني النَّضِير أَن اثبتوا وتمنعوا فَإنَّا لَا نسلمكم وَإِن قوتلتم قاتلنا مَعكُمْ وَإِن خَرجْتُمْ خرجنَا مَعكُمْ فتربصوا ذَلِك من نَصرهم فَلم يَفْعَلُوا وَقذف الله الرعب فِي قُلُوبهم فسألوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يجليهم ويكف عَن دِمَائِهِمْ على أَن لَهُم مَا حملت الإِبل من أَمْوَالهم إِلَّا الْحلقَة فَفعل فَكَانَ الرجل مِنْهُم يهدم بَيته فيضعه على ظهر بعيره فَينْطَلق بِهِ فَخَرجُوا إِلَى خَيْبَر وَمِنْهُم من سَار إِلَى الشَّام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قدأسلم نَاس من أهل قُرَيْظَة وَالنضير وَكَانَ فيهم مُنَافِقُونَ وَكَانُوا يَقُولُونَ لأهل النَّضِير: لَئِن أخرجتم لَنخْرجَنَّ مَعكُمْ فَنزلت فيهم هَذَا الْآيَة {ألم تَرَ إِلَى الَّذين نافقوا يَقُولُونَ لإِخوانهم} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ألم تَرَ إِلَى الَّذين نافقوا} قَالَ: عبد الله بن أبي سلول وَرِفَاعَة بن تَابُوت وَعبد الله بن نَبْتَل وَأَوْس بن قيظي {يَقُولُونَ لإِخوانهم} قَالَ: النَّضِير {بأسهم بَينهم شَدِيد} قَالَ: بالْكلَام {تحسبهم جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى} قَالَ: المُنَافِقُونَ يُخَالف دينهم دين النَّضِير {كَمثل الَّذين من قبلهم قَرِيبا} قَالَ: كفار قُرَيْش يَوْم بدر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {تحسبهم جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى} قَالَ: كَذَلِك أهل الْبَاطِل مُخْتَلفَة شَهَادَتهم مُخْتَلفَة أهواؤهم مُخْتَلفَة أَعْمَالهم وهم مجتمعون فِي عَدَاوَة أهل الْحق {كَمثل الَّذين من قبلهم قَرِيبا} قَالَ: هم بَنو النَّضِير وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {تحسبهم جَمِيعًا وَقُلُوبهمْ شَتَّى} قَالَ: هم الْمُشْركُونَ وَأخرج الديلمي عَن عَليّ قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ بَعضهم لبَعض نصحاء وادّون وَإِن افْتَرَقت مَنَازِلهمْ والفجرة بَعضهم لبَعض غششة خونة وَإِن اجْتمعت أبدانهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {كَمثل الَّذين من قبلهم قَرِيبا} قَالَ: هم كفار قُرَيْش يَوْم بدر وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة {كَمثل الَّذين من قبلهم قَرِيبا} قَالَ: هم بَنو النَّضِير الْآيَة 15 - 20

15

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن رَاهَوَيْه وَأحمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم صَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن رجلا كَانَ يتعبد فِي صومعة وَأَن امْرَأَة كَانَ لَهَا إخْوَة فَعرض لَهَا شَيْء فَأتوهُ بهَا فزينت لَهُ نَفسه فَوَقع عَلَيْهَا فَجَاءَهُ الشَّيْطَان

فَقَالَ: اقتلها فَإِنَّهُم إِن ظَهَرُوا عَلَيْك افتضحت فَقَتلهَا ودفنها فجاؤوه فَأَخَذُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَبَيْنَمَا هم يَمْشُونَ إذاجاءه الشَّيْطَان فَقَالَ: إِنِّي أَنا الَّذِي زينت لَك فاسجد لي سَجْدَة أنجيك فَسجدَ لَهُ فَذَلِك قَوْله: {كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَمثل الشَّيْطَان} الْآيَة قَالَ: كَانَ رَاهِب من بَين إِسْرَائِيل يعبد الله فَيحسن عِبَادَته وَكَانَ يُؤْتِي من كل أَرض فَيسْأَل عَن الْفِقْه وَكَانَ عَالما وَإِن ثَلَاثَة إخْوَة لَهُم أُخْت حسناء من أحسن النَّاس وَإِنَّهُم أَرَادوا أَن يسافروا وَكبر عَلَيْهِم أَن يدعوها ضائعة فعمدوا إِلَى الراهب فَقَالُوا: إِنَّا نُرِيد السّفر وَإِنَّا لَا نجد أحد أوثق فِي أَنْفُسنَا وَلَا آمن عندنَا مِنْك فَإِن رَأَيْت جعلنَا أُخْتنَا عنْدك فَإِنَّهَا شَدِيدَة الوجع فَإِن مَاتَت فَقُمْ عَلَيْهَا وَإِن عاشت فَأصْلح إِلَيْهَا حَتَّى ترجع فَقَالَ: أكفيكم إِن شَاءَ الله فَقَامَ عَلَيْهَا فداواها حَتَّى بَرِئت وَعَاد إِلَيْهَا حسنها وَإنَّهُ اطلع إِلَيْهَا فَوَجَدَهَا متصنعة وَلم يزل بِهِ الشَّيْطَان حَتَّى وَقع عَلَيْهَا فَحملت ثمَّ ندمه الشَّيْطَان فزين لَهُ قَتلهَا وَقَالَ: إِن لم تفعل افتضحت وَعرف أَمرك فَلم يكن لَك معذره فَلم يزل بِهِ حَتَّى قَتلهَا فَلَمَّا قدم إخوتها سَأَلُوهُ مَا فعلت قَالَ: مَاتَت فدفنتها قَالُوا: أَحْسَنت فَجعلُوا يرَوْنَ فِي الْمَنَام ويخبرون أَن الراهب قَتلهَا أَنَّهَا تَحت شَجَرَة كَذَا وَكَذَا وَأَنَّهُمْ عَمدُوا إِلَى الشَّجَرَة فَوَجَدَهَا قد قتلت فعمدوا إِلَيْهِ فَأَخَذُوهُ فَقَالَ الشَّيْطَان: أَنا الَّذِي زينت لَك الزِّنَا وزينت لَك قَتلهَا فَهَل لَك أَن تطيعني وأنجيك قَالَ: نعم قَالَ: قَالَ فاسجد لي سَجْدَة وَاحِدَة فَسجدَ لَهُ ثمَّ قتل فَذَلِك قَول الله: {كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود فِي هَذِه الْآيَة قَالَ: كَانَت امْرَأَة ترعى الْغنم وَكَانَ لَهَا أَرْبَعَة إخْوَة وَكَانَت تأوي بِاللَّيْلِ إِلَى صومعة رَاهِب فَنزل الراهب ففجر بهَا فَأَتَاهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: اقتلها ثمَّ ادفنها فَإنَّك رجل مُصدق يسمع قَوْلك فَقَتلهَا ثمَّ دَفنهَا فَأتى الشَّيْطَان إخوتها فِي الْمَنَام فَقَالَ لَهُم: إِن الراهب فجر بأختكم فَلَمَّا أحبلها قَتلهَا ثمَّ دَفنهَا فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فَلم أصبح قَالَ رجل مِنْهُم: لقد رَأَيْت البارحة كَذَا وَكَذَا فَقَالَ الآخر: وَأَنا وَالله لقد رَأَيْت كَذَلِك فَقَالَ الآخر: وَأَنا وَالله لقد رَأَيْت كَذَلِك قَالُوا: فوَاللَّه مَا هَذَا إِلَّا لشَيْء فَانْطَلقُوا

فَاسْتَعدوا ملكهم على ذَلِك الراهب فَأتوهُ فأنزلوه ثمَّ انْطَلقُوا بِهِ فَلَقِيَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: إِنِّي أَنا الَّذِي أوقعتك فِي هَذَا وَلنْ ينجيك مِنْهُ غَيْرِي فاسجد لي سَجْدَة وَاحِدَة وأنجيك مِمَّا أوقعتك فِيهِ فَسجدَ لَهُ فَلَمَّا أَتَوا بِهِ ملكهم تَبرأ مِنْهُ وأُخِذَ فقُتِل وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبيد بن رِفَاعَة الدَّارمِيّ يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ رَاهِب فِي بني إِسْرَائِيل فَأخذ الشَّيْطَان جَارِيَة فخنقها فَألْقى فِي قُلُوب أَهلهَا أَن دواءها عِنْد الراهب فَأتي بهَا الراهب فَأبى أَن يقبلهَا فَلم يزَالُوا بِهِ حَتَّى قبلهَا فَكَانَت عِنْده فَأَتَاهُ الشَّيْطَان فوسوس لَهُ وزين لَهُ فَلم يزل بِهِ حَتَّى وَقع عَلَيْهَا فَلَمَّا حملت وسوس لَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: الْآن تفتضح يَأْتِيك أَهلهَا فَاقْتُلْهَا فَإِن أتوك فَقل: مَاتَت فَقَتلهَا ودفنها فَأتى الشَّيْطَان أَهلهَا فوسوسإليهم وَألقى فِي قُلُوبهم أَنه أحبلها ثمَّ قَتلهَا فَأَتَاهُ أَهلهَا فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: مَاتَت فَأَخَذُوهُ فَأَتَاهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: أَنا الَّذِي ألقيت فِي قُلُوب أَهلهَا وَأَنا الَّذِي أوقعتك فِي هَذَا فأطعني تنج واسجد لي سَجْدَتَيْنِ فَسجدَ لَهُ سَجْدَتَيْنِ فَهُوَ الَّذِي قَالَ الله: {كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر والخرائطي فِي اعتلال الْقُلُوب من طَرِيق عدي بن ثَابت عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ رَاهِب فِي بني إِسْرَائِيل متعبداً زَمَانا حَتَّى كَانَ يُؤْتى بالمجانين فَيقْرَأ عَلَيْهِم ويعودهم حَتَّى يبرؤوا فَأتى بِامْرَأَة فِي شرف قد عرض لَهَا الْجُنُون فجَاء إخواتها إِلَيْهِ ليعوذها فَلم يزل بِهِ الشَّيْطَان يزين لَهُ حَتَّى وَقع عَلَيْهَا فَحملت فَلَمَّا عظم بَطنهَا لم يزل الشَّيْطَان يزين لَهُ حَتَّى قَتلهَا ودفنها فِي مَكَان فجَاء الشَّيْطَان فِي صُورَة رجل إِلَى بعض إخوتها فَأخْبرهُ فَجعل الرجل يَقُول لِأَخِيهِ: وَالله لقد أَتَانِي آتٍ فَأَخْبرنِي بِكَذَا وَكَذَا حَتَّى أفْضى بِهِ بَعضهم إِلَى بعض حَتَّى رَفَعُوهُ إِلَى ملكهم فَسَار الْملك وَالنَّاس حَتَّى استنزله فَأقر واعترف فَأمر بِهِ الْملك فصلب فَأَتَاهُ الشَّيْطَان وَهُوَ على خشبته فَقَالَ: أَنا الَّذِي زينت لَك هَذَا وألقيتك فِيهِ فَهَل أَنْت مطيعي فِيمَا آمُرك بِهِ وأخلصك قَالَ: نعم قَالَ: فاسجد لي سَجْدَة وَاحِدَة فَسجدَ لَهُ وَكفر فَقتل فِي تِلْكَ الْحَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن طَاوُوس قَالَ: كَانَ رجل من بني إِسْرَائِيل عابداً وَكَانَ رُبمَا داوى المجانين وَكَانَت امْرَأَة جميلَة أَخذهَا الْجُنُون فجيء بهَا إِلَيْهِ فَتركت عِنْده فَأَعْجَبتهُ فَوَقع عَلَيْهَا فَحملت فَجَاءَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ:

إِن علم بِهَذَا افتضحت فَاقْتُلْهَا وادفنها فِي بَيْتك فَقَتلهَا فجَاء أَهلهَا بعد زمَان يسألونه عَنْهَا فَقَالَ: مَاتَت فَلم يتهموه لصلاحه فيهم وَرضَاهُ فَجَاءَهُمْ الشَّيْطَان فَقَالَ: إِنَّهَا لم تمت وَلكنهَا وَقع عَلَيْهَا فَحملت فَقَتلهَا ودفنها فِي بَيته فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فجَاء أَهلهَا فَقَالُوا: مَا نتهمك وَلَكِن أخبرنَا أَيْن دفنتها وَمن كَانَ مَعَك ففتشوا بَيته فوجدوها حَيْثُ دَفنهَا فَأخذ فسجن فَجَاءَهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: إِن كنت تُرِيدُ أَن أخرجك مِمَّا أَنْت فِيهِ فَأكفر بِاللَّه فأطاع الشَّيْطَان وَكفر فَأخذ وَقتل فتبرأ مِنْهُ الشَّيْطَان حِينَئِذٍ قَالَ طَاوس: مَا أعلم إِلَّا أَن هَذِه الْآيَة أنزلت فِيهِ {كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود فِي الْآيَة قَالَ: ضرب الله مثل الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ الَّذين كَانُوا على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر} وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {كَمثل الشَّيْطَان إِذْ قَالَ للإِنسان اكفر} قَالَ: عَامَّة النَّاس وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه كَانَ يقْرَأ فَكَانَ عاقبتهما أَنَّهُمَا فِي النَّار خالدان فِيهَا وَالله أعلم قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله} الْآيَة أخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن جرير قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ قوم مجتابي النمار متقلدي السيوف عَلَيْهِم أزر وَلَا شَيْء غَيرهَا عامتهم من مُضر فَلَمَّا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي بهم من الْجهد والعري والجوع تغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَامَ فَدخل بَيته ثمَّ رَاح إِلَى الْمَسْجِد فصلى الظّهْر ثمَّ صعد منبره فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد ذَلِكُم فَإِن الله أنزل فِي كِتَابه {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله ولتنظر نفس مَا قدمت لغد وَاتَّقوا الله إِن الله خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ لَا يَسْتَوِي أَصْحَاب النَّار وَأَصْحَاب الْجنَّة أَصْحَاب الْجنَّة هم الفائزون} تصدقوا قبل أَن لَا تصدقوا تصدقوا قبل أَن يُحَال بَيْنكُم وَبَين الصَّدَقَة تصدق امْرُؤ من ديناره تصدق امْرُؤ من درهمه تصدق امْرُؤ من بره من شعيره من تمره لَا يحقرن شَيْء من الصَّدَقَة وَلَو بشق التمرة فَقَامَ رجل من الْأَنْصَار بصرة فِي

كَفه فناولها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على منبره فَعرف السرُور فِي وَجهه فَقَالَ: من سنّ فِي الإِسلام سنة حَسَنَة فَعمل بهَا كَانَ لَهُ أجرهَا وَمثل أجر من عمل بهَا لَا ينقص من أُجُورهم شَيْئا وَمن سنّ سنة سَيِّئَة فَعمل بهَا كَانَ عَلَيْهِ وزرها وَمثل وزر من عمل بهَا لَا ينقص من أوزارهم شَيْئا فَقَامَ النَّاس فَتَفَرَّقُوا فَمن ذِي دِينَار وَمن ذِي دِرْهَم وَمن ذِي طَعَام وَمن ذِي وَمن ذِي فَاجْتمع فَقَسمهُ بَينهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {مَا قدمت لغد} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن نعيم بن مُحَمَّد الرَّحبِي قَالَ: كَانَ من خطْبَة أبي بكر الصّديق: وَاعْلَمُوا أَنكُمْ تغدون وتروحون فِي أجل قد غيب عَنْكُم علمه فَإِن اسْتَطَعْتُم أَن يَنْقَضِي الْأَجَل وَأَنْتُم على حذر فافعلوا وَلنْ تستطيعوا ذَلِك إِلَّا بِإِذن الله وَإِن قوما جعلُوا أَجلهم لغَيرهم فنهاكم الله أَن تَكُونُوا أمثالهم فَقَالَ: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ} أَيْن من كُنْتُم تعرفُون من إخْوَانكُمْ قد انْتَهَت عَنْهُم أَعْمَالهم ووردوا على مَا قدمُوا أَيْن الجبارون الْأَولونَ الَّذين بنوا الْمَدَائِن وَحَصَّنُوهَا بالحوائط قد صَارُوا تَحت الصخر والآكام هَذَا كتاب الله لَا تفنى عجائبه وَلَا يطفأ نوره استضيئوا مِنْهُ الْيَوْم ليَوْم الظلمَة واستنصحوا كِتَابه وتبيانه فَإِن الله قد أفنا على قوم فَقَالَ: (كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخيرَات ويدعوننا رغباً ورهباً وَكَانُوا لنا خاشعين) (سُورَة الْأَنْبِيَاء الْآيَة 90) لَا خير فِي قَول لَا يَبْتَغِي بِهِ وَجه الله وَلَا خر فِي مَال لَا ينْفق فِي سَبِيل الله وَلَا خير فِيمَن يغلب غَضَبه حلمه وَلَا خير فِي رجل يخَاف فِي الله لومة لائم الْآيَة 21 - 24

21

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن على جبل} الْآيَة قَالَ: لَو أنزلت هَذَا الْقُرْآن على جبل فَأَمَرته بِالَّذِي أَمرتكُم وخوّفته بِالَّذِي خوفتكم بِهِ إِذا يصدع ويخشع من خشيَة الله فَأنْتم أَحَق أَن تخشوا وتذلوا وتلين قُلُوبكُمْ لذكر الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: أقسم لكم لَا يُؤمن عبد بِهَذَا الْقُرْآن إِلَّا صدع قلبه وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن} الْآيَة قَالَ: يَقُول: لَو أَنِّي أنزلت هَذَا الْقُرْآن على جبل حَملته إِيَّاه تصدع وخشع من ثقله وَمن خشيَة الله فَأمر الله النَّاس إِذا نزل عَلَيْهِم الْقُرْآن أَن يأخذوه بالخشية الشَّدِيدَة والتخشع قَالَ: {كَذَلِك يضْرب الله الْأَمْثَال للنَّاس لَعَلَّهُم يتفكرون} وَأخرج الديلمي عَن ابْن مَسْعُود وعليّ مَرْفُوعا فِي قَوْله: {لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن على جبل} إِلَى آخر السُّورَة قَالَ: هِيَ رقية الصداع وَأخرج الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي تَارِيخه قَالَ: أَنبأَنَا أَبُو نعيم الْحَافِظ أبنأنا أَبُو الطّيب مُحَمَّد بن أَحْمد بن يُوسُف بن جَعْفَر الْمقري الْبَغْدَادِيّ يعرف بِغُلَام ابْن شنبوذ أبنأنا إِدْرِيس بن عبد الْكَرِيم الْحداد قَالَ: قَرَأت على خلف فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة {لَو أنزلنَا هَذَا الْقُرْآن على جبل} قَالَ: ضع يدك على رَأسك فَإِنِّي قَرَأت على سليم فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة قَالَ: ضع يدك على رَأسك فَإِنِّي قَرَأت على الْأَعْمَش فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة قَالَ: ضع يدك على رَأسك فَإِنِّي قَرَأت على يحيى بن وثاب فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة قَالَ: ضد يدك على رَأسك فَإِنِّي قَرَأت على عَلْقَمَة وَالْأسود فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة قَالَ: ضع يدك على رَأسك فَإنَّا قَرَأنَا على عبد الله فَلَمَّا بلغنَا هَذِه الْآيَة قَالَ: ضعا أيديكما على رؤوسكما فَإِنِّي قَرَأت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بلغت هَذِه الْآيَة قَالَ لي: ضع يدك على رَأسك فَإِن جِبْرِيل لما نزل بهَا إليّ قَالَ لي: ضع يدك على رَأسك فَإِنَّهَا شِفَاء من كل دَاء إِلَّا السأم والسأم الْمَوْت

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اسْم الله الْأَعْظَم هُوَ الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أَنه كَانَ لَهُ مربد للتمر فِي بَيته فَوجدَ المربد قد نقص فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل أبصره فَإِذا بحس رجل فَقَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: رجل من الْجِنّ أردنَا هَذَا الْبَيْت فأرملنا من الزَّاد فأصبنا من تمركم وَلَا ينقصكم الله مِنْهُ شَيْئا فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ: إِن كنت صَادِقا فناولني يدك فَنَاوَلَهُ يَده فَإِذا بِشعر كذراع الْكَلْب فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوب: مَا أصبت من تمرنا فَأَنت فِي حل أَلا تُخبرني بِأَفْضَل مَا تتعوّذ بِهِ الإِنس من الْجِنّ قَالَ: هَذِه الْآيَة آخر سُورَة الْحَشْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ آخر سُورَة الْحَشْر ثمَّ مَاتَ من يَوْمه وَلَيْلَته كفر عَنهُ كل خَطِيئَة عَملهَا وَأخرج ابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر رجلا إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه أَن يقْرَأ آخر سُورَة الْحَشْر وَقَالَ: إِن متَّ متَّ شَهِيدا وَأخرج أَبُو عَليّ عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي فِي فَوَائده عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة أَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ لعَلي بن أبي طَالب: سَأَلتك بِاللَّه إِلَّا مَا خصصتني بِأَفْضَل مَا خصك بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا خصّه بِهِ جِبْرِيل مِمَّا بعث بِهِ إِلَيْهِ الرَّحْمَن قَالَ: يَا برَاء إِذا أردْت أَن تَدْعُو الله باسمه الْأَعْظَم فاقرأ من أول الْحَدِيد عشر آيَات وَآخر سُورَة الْحَشْر ثمَّ قل: يَا من هُوَ هَكَذَا وَلَيْسَ شَيْء هَكَذَا غَيره أَسأَلك أَن تفعل بِي كَذَا وَكَذَا فوَاللَّه يَا برَاء لَو دَعَوْت عليّ لخسف بِي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من تعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَرَأَ آخر سُورَة لحشر بعث الله إِلَيْهِ سبعين ألف ملك يطردون عَنهُ شياطين الإِنس وَالْجِنّ إِن كَانَ لَيْلًا حَتَّى يصبح وَإِن كَانَ نَهَارا حَتَّى يُمْسِي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله إِلَّا أَنه قَالَ: يتَعَوَّذ الشَّيْطَان عشر مَرَّات وَأخرج أَحْمد والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الضريس وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن معقل بن يسَار عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَالَ حِين يصبح عشر مَرَّات أعوذ بِاللَّه السَّمِيع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم ثمَّ قَرَأَ الثَّلَاث آيَات من آخر سُورَة

الْحَشْر وكل الله بِهِ سبعين ألف ملك يصلونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِي وَإِن مَاتَ ذَلِك الْيَوْم مَاتَ شَهِيدا وَمن قَالَهَا حِين يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمنزلَة وَأخرج ابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ خَوَاتِيم الْحَشْر فِي ليل أَو نَهَار فَمَاتَ فِي يَوْمه أَو ليلته فقد أوجب لَهُ الْجنَّة وَأخرج ابْن الضريس عَن عتيبة قَالَ: حَدثنَا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه من قَرَأَ خَوَاتِيم الْحَشْر حِين يصبح أدْرك مَا فَاتَهُ من ليلته وَكَانَ مَحْفُوظًا إِلَى أَن يُمْسِي وَمن قَرَأَهَا حِين يُمْسِي أدْرك مَا فَاتَهُ من يَوْمه وَكَانَ مَحْفُوظًا إِلَى أَن يصبح وَإِن مَاتَ أوجب وَأخرج الدَّارمِيّ وَابْن الضريس عَن الْحسن قَالَ: من قَرَأَ ثَلَاث آيَات من آخر سُورَة الْحَشْر إِذا أصبح فَمَاتَ من يَوْمه ذَلِك طبع بِطَابع الشُّهَدَاء وَإِن قَرَأَ إِذا مسى فَمَاتَ من ليلته طبع بِطَابع الشُّهَدَاء وَأخرج الديلمي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اسْم الله الْأَعْظَم فِي سِتَّة آيَات من آخر سُورَة الْحَشْر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة} قَالَ: السِّرّ وَالْعَلَانِيَة وَفِي قَوْله: {الْمُؤمن} قَالَ: الْمُؤمن خلقه من أَن يظلمهم وَفِي قَوْله: {الْمُهَيْمِن} قَالَ: الشَّاهِد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قي قَوْله: {عَالم الْغَيْب} قَالَ: مَا يكون وَمَا هُوَ كَائِن وَفِي قَوْله: {القدوس} قَالَ: تقدسه الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة فِي قَوْله: {القدوس} قَالَ: الْمُبَارك {السَّلَام الْمُؤمن} قَالَ: الْمُؤمن من آمن بِهِ {الْمُهَيْمِن} الشَّهِيد عَلَيْهِ {الْعَزِيز} فِي نقمته إِذا انتقم {الْجَبَّار} جبر خلقه على مَا يَشَاء المتكبر عَن كل سوء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن زيد بن عَليّ قَالَ: إِنَّمَا سمي نَفسه {الْمُؤمن} لِأَنَّهُ آمنهم من الْعَذَاب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: إِنَّمَا تسمى {الْجَبَّار} أَنه يجْبر الْخلق على مَا أَرَادَهُ

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم سُورَة الممتحنة مَدَنِيَّة وآياتها ثَلَاث عشرَة مُقَدّمَة سُورَة الممتحنة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الممتحنة بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله الْآيَة 1 - 6

الممتحنة

أخرج أَحْمد والْحميدِي وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَأَبُو عوَانَة وَابْن حبَان وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن عليّ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنا وَالزُّبَيْر والمقداد فَقَالَ: انْطَلقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَة خَاخ فَإِن بهَا ظَعِينَة مَعهَا كتاب فَخُذُوهُ مِنْهَا فائتوني بِهِ فخرجنا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَة فَإِذا نَحن بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الْكتاب قَالَت: مَا معي كتاب قُلْنَا: لتخْرجن الْكتاب أَو لتلْقين الثِّيَاب فَأَخْرَجته من عقاصها فأتينا بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا فِيهِ من حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى أنَاس من الْمُشْركين بِمَكَّة يُخْبِرهُمْ بِبَعْض أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا هَذَا يَا حَاطِب قَالَ: لَا تعجل عليّ يَا رَسُول الله إِنِّي كنت امْرأ مُلْصقًا من قُرَيْش وَلم أكن من أَنْفسهَا وَكَانَ من مَعَك من الْمُهَاجِرين لَهُم: قَرَابَات يحْمُونَ بهَا أَهْليهمْ وَأَمْوَالهمْ بِمَكَّة فَأَحْبَبْت إِذْ فَاتَنِي ذَلِك من النّسَب فيهم أَن أصطنع إِلَيْهِم يدا يحْمُونَ بهَا قَرَابَتي وَمَا فعلت ذَلِك كفرا وَلَا ارْتِدَادًا عَن ديني فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صدق فَقَالَ عمر: دَعْنِي يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَضْرب عُنُقه فَقَالَ إِنَّه شهد بَدْرًا وَمَا يدْريك لَعَلَّ الله اطلع على أهل بدر فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم وَنزلت فِيهِ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء تلقونَ إِلَيْهِم بالمودة} وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْحَارِث عَن عَليّ قَالَ: لما أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يَأْتِي مَكَّة أسر إِلَى نَاس من أَصْحَابه أَنه يُرِيد الدُّخُول إِلَى مَكَّة مِنْهُم حَاطِب بن أبي بلتعة وَأفْشى فِي النَّاس أَنه يُرِيد خَيْبَر فَكتب حَاطِب إِلَى أهل مَكَّة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُرِيدكُمْ فَأخْبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَعَثَنِي أَنا وَمن معي فَقَالَ: ائْتُوا رَوْضَة خَاخ فَذكر لَهُ مَا تقدم فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق قَتَادَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة

قَالَ: لما أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السيرورة من الْحُدَيْبِيَة إِلَى مُشْركي قُرَيْش كتب إِلَيْهَا حَاطِب بن أبي بلتعة يُحَذرهُمْ فَأطلع الله نبيه على ذَلِك فَوجدَ الْكتاب مَعَ امْرَأَة فِي قرن من رَأسهَا فَقَالَ لَهُ: مَا حملك على الَّذِي صنعت قَالَ: أما وَالله مَا ارتبت فِي أَمر الله وَلَا شَككت فِيهِ وَلكنه كَانَ لي بهَا أهل وَمَال فَأَرَدْت مصانعة قُرَيْش وَكَانَ حليفاً لَهُم وَلم يكن مِنْهُم فَأنْزل الله فِيهِ الْقُرْآن {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ} الْآيَة قَالَ: نزلت فِي رجل كَانَ مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ من قُرَيْش كتب إِلَى أهل وعشيرته بِمَكَّة يُخْبِرهُمْ وَيُنْذرهُمْ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَائِر إِلَيْهِم فَأخْبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بصحيفته فَبعث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فَأَتَاهُ بهَا وَأخرج أَبُو يعلى وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كتب حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى الْمُشْركين بِكِتَاب فجيء بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا حَاطِب مَا دعَاك إِلَى مَا صنعت قَالَ: يَا رَسُول الله كَانَ أَهلِي فيهم فَخَشِيت أَن يصرموا عَلَيْهِم فَقلت: أكتب كتابا لَا يضر الله وَرَسُوله فَقلت: أضْرب عُنُقه يَا رَسُول الله فقد كفر فَقَالَ: وَمَا يدْريك يَا ابْن الْخطاب أَن يكون الله أطلع على أهل الْعِصَابَة من أهل بدر فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب بن أبي بلتعة وحاطب رجل من أهل الْيمن كَانَ حليفاً للزبير بن الْعَوام من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد شهد بَدْرًا وَكَانَ بنوه وَإِخْوَته بِمَكَّة فَكتب حَاطِب وَهُوَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ إِلَى كفار قُرَيْش بِكِتَاب ينتصح لَهُم فِيهِ فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا وَالزُّبَيْر فَقَالَ لَهما انْطَلقَا حَتَّى تدركا امْرَأَة مَعهَا كتاب فخذا الْكتاب فائتياني بِهِ فَانْطَلقَا حَتَّى أدْركَا الْمَرْأَة بحليفة بني أَحْمد وَهِي من الْمَدِينَة على قريب من اثْنَي عشر ميلًا فَقَالَا لَهَا: أعطينا الْكتاب الَّذِي مَعَك قَالَت: لَيْسَ معي كتاب قَالَا كذبت قد حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن مَعَك كتابا وَالله لتعطين الْكتاب الَّذِي مَعَك أَو لَا نَتْرُك عَلَيْك ثوبا إِلَّا التمسنا فِيهِ قَالَت: أولستم

بناس مُسلمين قَالَا: بلَى وَلَكِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد حَدثنَا أَن مَعَك كتابا حَتَّى إِذْ ظنت أَنَّهُمَا ملتمسان كل ثوب مَعهَا حلت عقاصها فأخرجت لَهما الْكتاب من بَين قُرُون رَأسهَا كَانَت قد اعتقصت عَلَيْهِ فَأتيَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ كتاب من حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى أهل مَكَّة فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَاطِبًا قَالَ: أَنْت كتبت هَذَا الْكتاب قَالَ: نعم قَالَ: فَمَا حملك على أَن تكْتب بِهِ قَالَ حَاطِب: أما وَالله مَا ارتبت مُنْذُ أسلمت فِي الله عز وَجل وَلَكِنِّي كنت امْرأ غَرِيبا فِيكُم أَيهَا الحيّ من قُرَيْش وَكَانَ لي بنُون وإخوة بِمَكَّة فَكتبت إِلَى كفار قُرَيْش بِهَذَا الْكتاب لكَي أدفَع عَنْهُم فَقَالَ عمر: ائْذَنْ لي يَا رَسُول الله أضْرب عُنُقه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دَعه فَإِنَّهُ قد شهد بَدْرًا وَإنَّك لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله اطلع على أهل بدر فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فَإِنِّي غَافِر لكم مَا عملتم فَأنْزل الله فِي ذَلِك {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء تلقونَ إِلَيْهِم بالمودة} حَتَّى بلغ {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة لمن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْم الآخر} أخرجه عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عُرْوَة مُرْسلا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس يَوْم الْفَتْح إِلَّا أَرْبَعَة: عبد الله بن خطل وَمقيس بن صبَابَة وَعبد الله بن سعد بن أبي سرح وَأم سارة فَذكر الحَدِيث قَالَ: وَأما أم سارة فَإِنَّهَا كَانَت مولاة لقريش فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشكت إِلَيْهِ الْحَاجة فَأَعْطَاهَا شَيْئا ثمَّ أَتَاهَا رجل فَبعث مَعهَا بِكِتَاب إِلَى أهل مَكَّة يتَقرَّب بذلك إِلَيْهَا لحفظ عِيَاله وَكَانَ لَهُ بهَا عِيَال فَأخْبر جِبْرِيل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك فَبعث فِي أَثَرهَا عمر بن الْخطاب وَعلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا فلقياها فِي الطَّرِيق ففتشاها فَلم يقدرا على شَيْء مَعهَا فَأَقْبَلَا رَاجِعين ثمَّ قَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: وَالله مَا كذبنَا وَلَا كذبنَا ارْجع بِنَا إِلَيْهَا فَرَجَعَا إِلَيْهَا فسلاّ سيفهما فَقَالَا: وَالله لنذيقنك الْمَوْت أَو لتدفعنّ إِلَيْنَا الْكتاب فأنكرت ثمَّ قَالَت: أدفعه إلَيْكُمَا على أَن لَا ترداني إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقبلا ذَلِك مِنْهَا فَحلت عقَاص رَأسهَا فأخرجت الْكتاب من قرن من قُرُونهَا فَدَفَعته إِلَيْهِمَا فَرَجَعَا بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَاهُ إِلَيْهِ فَدَعَا الرجل فَقَالَ: مَا هَذَا الْكتاب فَقَالَ: أخْبرك يَا رَسُول الله أَنه لَيْسَ من رجل مِمَّن مَعَك إِلَّا وَله بِمَكَّة من

يحفظ عِيَاله فَكتبت بِهَذَا الْكتاب ليكونوا لي فِي عيالي فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: كتب حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى الْمُشْركين كتابا يذكر فِيهِ مسير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبعث بِهِ مَعَ امْرَأَة فَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طلبَهَا فَأخذ الْكتاب مِنْهَا فجيء بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا حَاطِبًا فَقَالَ: أَنْت كتبت هَذَا الْكتاب قَالَ: نعم يَا رَسُول الله أما وَالله إِنِّي لمُؤْمِن بِاللَّه وبرسوله وَمَا كفرت مُنْذُ أسلمت وَلَا شَككت مُنْذُ استيقنت وَلَكِنِّي كنت امْرأ لَا نسب لي فِي الْقَوْم إِنَّمَا كنت حليفهم وَفِي أَيْديهم من أَهلِي مَا قد علمت فَكتبت إِلَيْهِم بِشَيْء قد علمت أَن لن يُغني عَنْهُم من الله شَيْئا أَرَادَهُ أَن أدرأ بِهِ عَن أَهلِي وَمَالِي فَقَالَ عمر بن الْخطاب: يَا رَسُول الله خلّ عني وَعَن عدوّ الله هَذَا الْمُنَافِق فَأَضْرب عُنُقه فَنظر إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نظرا عرف عمر أَنه قد غضب ثمَّ قَالَ: وَيحك يَا عمر بن الْخطاب وَمَا يدْريك لَعَلَّ الله قد اطلع على أهل موطن من مَوَاطِن الْخَيْر فَقَالَ للْمَلَائكَة: اشْهَدُوا أَنِّي قد غفرت لأعبدي (لعبادي) هَؤُلَاءِ فليعملوا مَا شاؤوا قَالَ عمر: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: إِنَّهُم أهل بدر فاجتنب أهل بدر إِنَّهُم أهل بدر فاجتنب أهل بدر إِنَّهُم أهل بدر فاجتنب أهل بدر وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد عَن جَابر أَن حَاطِب بن أبي بلتعة كتب إِلَى أهل مَكَّة يذكر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ غزوهم فَدلَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمَرْأَة الَّتِي مَعهَا الْكتاب فَأرْسل إِلَيْهَا فَأخذ كتابها من رَأسهَا فَقَالَ: يَا حَاطِب أفعلت قَالَ: نعم أما إِنِّي لم أفعل غشا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا نفَاقًا قد علمت أَن الله مظهر رَسُوله ومتم لَهُ غير أَنِّي كنت غَرِيبا بَين ظهرانيهم وَكَانَت والدتي فَأَرَدْت أَن أخدمها عِنْدهم فَقَالَ لَهُ عمر: أَلا أضْرب رَأس هَذَا قَالَ: أتقتل رجلا من أهل بدر وَمَا يدْريك لَعَلَّ الله قد اطلع على أهل بدر وَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن جَابر أَن عبدا لحاطب بن أبي بلتعة جَاءَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليشتكي حَاطِبًا فَقَالَ: يَا رَسُول الله ليدخلن حَاطِب النَّار فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كذبت لَا يدخلهَا فَإِنَّهُ قد شهد بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: اسْم الَّذِي أنزلت فِيهِ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء}

حَاطِب بن أبي بلتعة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن حَاطِب بن أبي بلتعة كتب إِلَى أهل مَكَّة يُحَذرهُمْ سيرورة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زمن الْحُدَيْبِيَة فَأطلع الله نبيه على ذَلِك فَقَالَ لَهُ نَبِي الله: مَا حملك على الَّذِي صنعت قَالَ: أما وَالله مَا شَككت فِي أَمْرِي وَلَا ارتبت فِيهِ وَلَكِن كَانَ لي هُنَاكَ مَال وَأهل فَأَرَدْت مصانعة قُرَيْش على أَهلِي وَمَالِي وَذكر لنا أَنه كَانَ حليفاً لقريش وَلم يكن من أنفسهم فَأنْزل الله الْقُرْآن وَقَالَ: {إِن يثقفوكم يَكُونُوا لكم أَعدَاء ويبسطوا إِلَيْكُم أَيْديهم وألسنتهم بالسوء} إِلَى قَوْله: {قد كَانَت لكم أُسْوَة حَسَنَة فِي إِبْرَاهِيم وَالَّذين مَعَه} {إِلَّا قَول إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَن لَك} قَالَ: يَقُول فَلَا تأسوا فِي ذَلِك فَإِنَّهَا كَانَت موعدة وعدها إِيَّاه رَبنَا لَا تجعلنا فتْنَة للَّذين كفرُوا يَقُول: لَا تظهرهم علينا ففتنوا بذلك يرَوْنَ أَنهم إِنَّمَا ظَهَرُوا لأَنهم أولى بِالْحَقِّ منا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء} إِلَى قَوْله {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير} قَالَ: فِي مُكَاتبَة حَاطِب بن أبي بلتعة وَمن مَعَه إِلَى كفار قُرَيْش يحذرونهم وَفِي قَوْله {إِلَّا قَول إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ} قَالَ: نهوا أَن يأتسوا باستغفار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ فيستغفروا للْمُشْرِكين وَفِي قَوْله: {رَبنَا لَا تجعلنا فتْنَة للَّذين كفرُوا} قَالَ: لَا تعذبنا بِأَيْدِيهِم وَلَا تعذب من عَبدك فيقولوا: لَو كَانَ هَؤُلَاءِ على حق مَا أَصَابَهُم هَذَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس {لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء} إِلَى قَوْله: {بَصِير} فِي مُكَاتبَة حَاطِب بن أبي بلتعة وَمن مَعَه إِلَى كفار قُرَيْش يحذرونهم وَقَوله: {إِلَّا قَول إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَن لَك} نهو أَن يتأسوا باستغفار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ وَقَوله: {رَبنَا لَا تجعلنا فتْنَة للَّذين كفرُوا} لَا تعذبنا بِأَيْدِيهِم وَلَا بِعَذَاب من عنْدك فَيَقُولُونَ: لَو كَانَ هَؤُلَاءِ على الْحق مَا أَصَابَهُم هَذَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {قد كَانَت لكم أُسْوَة حَسَنَة} قَالَ: فِي صنع إِبْرَاهِيم كُله إِلَّا فِي الاسْتِغْفَار لِأَبِيهِ لَا يسْتَغْفر لَهُ وَهُوَ مُشْرك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا تجعلنا فتْنَة للَّذين كفرُوا} يَقُول: لَا تسلطهم علينا فيفتنونا

الْآيَة 7 - 9

7

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتعْمل أَبَا سُفْيَان بن حَرْب على بعض الْيمن فَلَمَّا قبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقبل فلقي ذَا الْخمار مُرْتَدا فقاتله فَكَانَ أول من قَاتل فِي الرِّدَّة وجاهد عَن الدّين قَالَ ابْن شهَاب: وَهُوَ فِيمَن أنزل الله فِيهِ {عَسى الله أَن يَجْعَل بَيْنكُم وَبَين الَّذين عاديتم مِنْهُم مَوَدَّة} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أول من قَاتل أهل الرِّدَّة على إِقَامَة دين الله أَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَفِيه نزلت هَذِه الْآيَة {عَسى الله أَن يَجْعَل بَيْنكُم وَبَين الَّذين عاديتم مِنْهُم مَوَدَّة} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن عدي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {عَسى الله أَن يَجْعَل بَيْنكُم وَبَين الَّذين عاديتم مِنْهُم مَوَدَّة} قَالَ: كَانَت الْمَوَدَّة الَّتِي جعل الله بَينهم تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان فَصَارَت أم الْمُؤمنِينَ وَصَارَ مُعَاوِيَة خَال الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس {عَسى الله أَن يَجْعَل بَيْنكُم وَبَين الَّذين عاديتم مِنْهُم مَوَدَّة} قَالَ: نزلت فِي تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْنَته أم حَبِيبَة فَكَانَت هَذِه مَوَدَّة بَينه وَبَينه قَوْله تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُم الله} الْآيَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والنحاس فِي تَارِيخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: قدمت قتيلة بنت عبد الْعُزَّى على ابْنَتهَا أَسمَاء بنت أبي بكر بِهَدَايَا ضباب

وأقط وَسمن وَهِي مُشركَة فَأَبت أَسمَاء أَن تقبل هديتها أَو تدْخلهَا بَيتهَا حَتَّى أرْسلت إِلَى عَائِشَة أَن سَلِي عَن هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلته فَأنْزل الله {لَا يَنْهَاكُم الله عَن الَّذين لم يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدّين} إِلَى آخر الْآيَة فَأمرهَا أَن تقبل هديتها وَتدْخلهَا بَيتهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت: أَتَتْنِي أُمِّي راغبة وَهِي مُشركَة فِي عهد قُرَيْش إِذا عَاهَدُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أأصلها فَأنْزل الله {لَا يَنْهَاكُم الله عَن الَّذين لم يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدّين} فَقَالَ: نعم صلي أمك وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {لَا يَنْهَاكُم الله عَن الَّذين لم يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدّين} نسختها (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (سُورَة التَّوْبَة الْآيَة 5) وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لَا يَنْهَاكُم الله عَن الَّذين لم يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدّين} قَالَ: أَن تستغفروا لَهُم وتبروهم وتقسطوا إِلَيْهِم هم الَّذين آمنُوا بِمَكَّة وَلم يهاجروا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِنَّمَا يَنْهَاكُم الله عَن الَّذين قَاتَلُوكُمْ فِي الدّين} قَالَ: كفار أهل مَكَّة الْآيَة 10 - 11

10

أخرج البُخَارِيّ عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما عَاهَدَ كفار قُرَيْش يَوْم الْحُدَيْبِيَة جَاءَهُ نسَاء مؤمنات فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات} حَتَّى بلغ {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} فَطلق عمر يَوْمئِذٍ امْرَأتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشّرك وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد فِيهِ ناسخه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن مَرْوَان بن الحكم والمسور بن مخرمَة قَالَا: لما كَاتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُهَيْل بن عَمْرو على قَضِيَّة الْمدَّة يَوْم الْحُدَيْبِيَة كَانَ مِمَّا اشْترط سُهَيْل: أَن لَا يَأْتِيك منا أحد وَإِن كَانَ على دينك إِلَّا رَددته إِلَيْنَا فَرد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا جندل بن سُهَيْل وَلم يَأْتِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحد من الرِّجَال إِلَّا رده فِي تِلْكَ الْمدَّة وَإِن كَانَ مُسلما ثمَّ جَاءَ الْمُؤْمِنَات مهاجرات وَكَانَت أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط مِمَّن خرج إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي عاتق فجَاء أَهلهَا يسْأَلُون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يرجعها إِلَيْهِم حَتَّى أنزل الله فِي الْمُؤْمِنَات مَا أنزل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن عبد الله بن أبي أَحْمد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هَاجَرت أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط فِي الْهُدْنَة فَخرج أَخَوَاهَا عمَارَة والوليد حَتَّى قدما على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَلَّمَاهُ فِي أم كُلْثُوم أَن يردهَا إِلَيْهِمَا فنقض الله الْعَهْد بَينه وَبَين الْمُشْركين خَاصَّة فِي النِّسَاء ومنعهن أَن يرددن إِلَى الْمُشْركين وَأنزل الله آيَة الامتحان وَأخرج ابْن دُرَيْد فِي أَمَالِيهِ: حَدثنَا أَبُو الْفضل الرياشي عَن ابْن أبي رَجَاء عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ: فخرت أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط بآيَات نزلت فِيهَا قَالَت: فَكنت أول من هَاجر إِلَى الْمَدِينَة فَلَمَّا قدمت قدم أخي الْوَلِيد عليّ فنسخ الله العقد بَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين الْمُشْركين فِي شأني وَنزلت {فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار} ثمَّ أنكحني النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيد بن حَارِثَة فَقلت أتزوجني بمولاك فَأنْزل الله (وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم) (سُورَة الْأَحْزَاب 36) ثمَّ قتل زيد فَأرْسل إِلَى الزبير: احبسي على نَفسك قلت: نعم فَنزلت (وَلَا جنَاح عَلَيْكُم فيماعرضتم من خطْبَة النِّسَاء) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 235)

وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ قد شرطُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْحُدَيْبِيَة أَن من جَاءَ من قبلنَا وَإِن كَانَ على دينك رَددته إِلَيْنَا وَمن جَاءَنَا من قبلك لم نردده إِلَيْك فَكَانَ يرد إِلَيْهِم من جَاءَ من قبلهم يدْخل فِي دينه فَلَمَّا جَاءَت أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط مهاجرة جَاءَ أَخَوَاهَا يُريدَان أَن يخرجاها ويرداها إِلَيْهِم فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات} الْآيَة إِلَى قَوْله: {وليسألوا مَا أَنْفقُوا} قَالَ: هُوَ الصَدَاق {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم} الْآيَة قَالَ: هِيَ الْمَرْأَة تسلم فَيرد الْمُسلمُونَ صَدَاقهَا إِلَى الْكفَّار وَمَا طلق الْمُسلمُونَ من نسَاء الْكفَّار عِنْدهم فَعَلَيْهِم أَن يردوا صداقهن إِلَى الْمُسلمين فَإِن أَمْسكُوا صَدَاقا من صدَاق الْمُسلمين مِمَّا فارقوا من نسَاء الْكفَّار أمسك الْمُسلمُونَ صدَاق المسلمات اللَّاتِي جئن من قبلهم وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن هَذِه الْآيَة فَكتب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ صَالح قُريْشًا يَوْم الْحُدَيْبِيَة على أَن يرد على قُرَيْش من جَاءَ فَلَمَّا هَاجر النِّسَاء أَبى الله أَن يرددن إِلَى الْمُشْركين إِذا هنَّ امتحنَّ بمحنة الإِسلام فعرفوا أَنَّهُنَّ إِنَّمَا جئن رَغْبَة فِيهِنَّ وَأمر برد صداقهن إِلَيْهِم إِذا حبسن عَنْهُم وَأَنَّهُمْ يردوا على الْمُسلمين صدقَات من حبسوا عَنْهُم من نِسَائِهِم ثمَّ قَالَ: {ذَلِكُم حكم الله يحكم بَيْنكُم} فَأمْسك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النِّسَاء ورد الرِّجَال وَلَوْلَا الَّذِي حكم الله بِهِ من هَذَا الحكم رد النِّسَاء كَمَا رد الرِّجَال وَلَوْلَا الْهُدْنَة والعهد أمسك النِّسَاء وَلم يرد لهنَّ صَدَاقا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن} قَالَ: سلوهن مَا جَاءَ بِهن فَإِن كَانَ جَاءَ بِهن غضب على أَزوَاجهنَّ أَو غيرَة أَو سخط وَلم يُؤمن فأرجعوهن إِلَى أَزوَاجهنَّ وَإِن كن مؤمنات بِاللَّه فأمسكوهن وآتوهن أُجُورهنَّ من صدقتهن وانكحوهن إِن شِئْتُم وأصدقوهن وَفِي قَوْله: {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} قَالَ: أَمر أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِطَلَاق نسائهن كوافر بِمَكَّة قعدن مَعَ الْكفَّار {واسألوا مَا أنفقتم وليسألوا مَا أَنْفقُوا} قَالَ: مَا ذهب من أَزوَاج أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْكفَّار فليعطهم الكفارصدقاتهم وليمسكوهن وَمَا ذهب من أَزوَاج الْكفَّار إِلَى أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمثل ذَلِك هَذَا فِي صلح كَانَ بَين قُرَيْش وَبَين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار}

الَّذين لَيْسَ بَيْنكُم وَبينهمْ عهد {فعاقبتم} أصبْتُم مغنماً من قُرَيْش أَو غَيرهم {فآتوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم مثل مَا أَنْفقُوا} صَدَقَاتهمْ عوضا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرجت امْرَأَة مهاجرة إِلَى الْمَدِينَة فَقيل لَهَا: مَا أخرجك بغضك لزوجك أم أردْت الله وَرَسُوله قَالَت: بل الله وَرَسُوله فَأنْزل الله {فَإِن علمتموهن مؤمنات فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار} فَإِن تزَوجهَا رجل من الْمُسلمين فليرد إِلَى زَوجهَا الأول مَا أنْفق عَلَيْهَا وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات} قَالَ: هَذَا حكم حكمه الله بَين أهل الْهدى وَأهل الضَّلَالَة {فامتحنوهن} قَالَ: كَانَت محنتهن أَن يحلفن بِاللَّه مَا خرجن لنشوز وَلَا خرجن إِلَّا حبّاً للإِسلام وحرصاً عَلَيْهِ فَإِذا فعلن ذَلِك قبل مِنْهُنَّ وَفِي قَوْله: {واسألوا مَا أنفقتم وليسألوا مَا أَنْفقُوا} قَالَ: كن إِذا فررن من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْكفَّار الَّذين بَينهم وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد فتزوجن بعثوا بمهورهن إِلَى أَزوَاجهنَّ من الْمُسلمين وَإِذا فررن من الْمُشْركين الَّذين بَينهم وَبَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد فنكحوهن بعثوا بمهورهن إِلَى أَزوَاجهنَّ من الْمُشْركين فَكَانَ هَذَا بَين أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين أَصْحَاب الْعَهْد من الْكفَّار وَفِي قَوْله: {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار فعاقبتم} يَقُول: إِلَى كفار قُرَيْش لَيْسَ بَينهم وَبَين أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد يأخذونهم بِهِ {فعاقبتم} وَهِي الْغَنِيمَة إِذا غنموا بعد ذَلِك ثمَّ نسخ هَذَا الحكم وَهَذَا الْعَهْد فِي بَرَاءَة فنبذ إِلَى كل ذِي عهد عَهده وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن} إِلَى قَوْله: {عليم حَكِيم} قَالَ: كَانَ امتحانهن أَن يشهدن أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَإِذا علمُوا أَن ذَلِك حق مِنْهُنَّ لم يرجعوهن إِلَى الْكفَّار وَأعْطى بَعْلهَا فِي الْكفَّار الَّذين عقد لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صداقه الَّذِي أصدقهَا وأحلهن للْمُؤْمِنين إِذا آتوهن أُجُورهنَّ وَنهى الْمُؤمنِينَ أَن يَدْعُو الْمُهَاجِرَات من أجل نِسَائِهِم فِي الْكفَّار وَكَانَت محنة النِّسَاء أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: قل لَهُنَّ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بايعكنّ على أَن لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَكَانَت هِنْد بنت عتبَة بن ربيعَة الَّتِي شقَّتْ بطن حَمْزَة مُتَنَكِّرَة فِي النِّسَاء فَقَالَت: إِنِّي إِن أَتكَلّم يعرفنِي وَإِن عرفني قتلني وَإِنَّمَا تنكرت

فرقا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسكت النسْوَة الَّتِي مَعَ هِنْد وَأبين أَن يتكلمن فَقَالَت هِنْد وَهِي مُتَنَكِّرَة: كَيفَ يقبل من النِّسَاء شَيْئا لم يقبله من الرِّجَال فَنظر إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ لعمر رَضِي الله عَنهُ: قل لهنّ: وَلَا يَسْرِقن قَالَت هِنْد: وَالله إِنِّي لأصيب من أبي سُفْيَان الهنة مَا أَدْرِي أيحلهنّ أم لَا قَالَ أَبُو سُفْيَان: مَا أصبت من شَيْء مضى أَو قد بَقِي فَهُوَ لَك حَلَال فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعرفهَا فَدَعَاهَا فَأَتَتْهُ فَأخذت بِيَدِهِ فعاذت بِهِ فَقَالَ: أَنْت هِنْد فَقَالَت: عَفا الله عَمَّا سلف فصرف عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي قَوْله: {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار فعاقبتم} الْآيَة يَعْنِي إِن لحقت امْرَأَة من الْمُهَاجِرين بالكفار أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يعْطى من الْغَنِيمَة مثل مَا أنْفق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بلغنَا أَن الممتحنة أنزلت فِي الْمدَّة الَّتِي ماد فِيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفار قُرَيْش من أجل الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين كفار قُرَيْش فِي الْمدَّة فَكَانَ يرد على كفار قُرَيْش مَا أَنْفقُوا على نِسَائِهِم اللَّاتِي يسلمن ويهاجرن وبعولتهن كفار وَلَو كَانُوا حَربًا لَيست بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبينهمْ مُدَّة عهد لم يردوا إِلَيْهِم شَيْئا مِمَّا أَنْفقُوا وَقد حكم الله للْمُؤْمِنين على أهل الْمدَّة من الْكفَّار بِمثل ذَلِك الحكم قَالَ الله: {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا مَا أنفقتم وليسألوا مَا أَنْفقُوا ذَلِكُم حكم الله يحكم بَيْنكُم وَالله عليم حَكِيم} فَطلق عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ امْرَأَته بنت أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة من بني مَخْزُوم فَتَزَوجهَا مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَبنت جَرْوَل من خُزَاعَة فزوّجها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي جهم بن حُذَيْفَة الْعَدوي وَجعل ذَلِك حكما حكم بِهِ بَين الْمُؤمنِينَ وَبَين الْمُشْركين فِي مُدَّة الْعَهْد الَّتِي كَانَت بَينهم فَأقر الْمُؤْمِنُونَ بِحكم الله فأدوا مَا أمروا بِهِ من نفقات الْمُشْركين الَّتِي أَنْفقُوا على نِسَائِهِم وأبى الْمُشْركُونَ أَن يقرُّوا بِحكم الله فِيمَا فرض عَلَيْهِم من أَدَاء نفقات الْمُسلمين فَقَالَ الله: {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار فعاقبتم فآتوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم مثل مَا أَنْفقُوا وَاتَّقوا الله الَّذِي أَنْتُم بِهِ مُؤمنُونَ} فَإِذا ذهبت بعد هَذِه الْآيَة امْرَأَة من أَزوَاج الْمُؤمنِينَ إِلَى الْمُشْركين رد الْمُؤْمِنُونَ إِلَى أزواجها النَّفَقَة الَّتِي أنْفق عَلَيْهَا من الْعقب الَّذِي بِأَيْدِيهِم الَّذِي أمروا أَن يردوه إِلَى الْمُشْركين من نفقاتهم الَّتِي أَنْفقُوا على أَزوَاجهنَّ اللَّاتِي آمنّ وهاجرن ثمَّ ردوا إِلَى الْمُشْركين فضلا إِن كَانَ لَهُم

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} قَالَ: الرجل تلْحق امْرَأَته بدار الْحَرْب فَلَا يعْتد بهَا من نِسَائِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت زَيْنَب امْرَأَة ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ من الَّذين قَالُوا لَهُ: {واسألوا مَا أنفقتم وليسألوا مَا أَنْفقُوا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار فعاقبتم} إِن امْرَأَة من أهل مَكَّة أَتَت الْمُسلمين فعوضوا زَوجهَا وَإِن امْرَأَة من الْمُسلمين أَتَت الْمُشْركين فعوضوا زَوجهَا وَإِن امْرَأَة من الْمُسلمين ذهبت إِلَى من لَيْسَ لَهُ عهد من الْمُشْركين {فعاقبتم} فأصبتم غنيمَة {فآتوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم مثل مَا أَنْفقُوا} يَقُول: آتوا زَوجهَا من الْغَنِيمَة مثل مهرهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: خرج سُهَيْل بن عَمْرو فَقَالَ رجل من أَصْحَابه: يَا رَسُول الله أَلسنا على حق وهم على بَاطِل قَالَ: بلَى قَالَ: فَمَا بَال من أسلم مِنْهُم رد إِلَيْهِم وَمن أتبعهم منا نرده إِلَيْهِم قَالَ: أما من أسلم مِنْهُم فَعرف الله مِنْهُ الصدْق أَنْجَاهُ وَمن رَجَعَ منا سلم الله مِنْهُ قَالَ: وَنزلت سُورَة الممتحنة بعد ذَلِك الصُّلْح وَكَانَت من أسلم من نِسَائِهِم فَسُئِلت: مَا أخرجك فَإِن كَانَت خرجت فِرَارًا من زَوجهَا ورغبة عَنهُ ردَّتْ وَإِن كَانَت خرجت رَغْبَة فِي الإِسلام أَمْسَكت ورد على زَوجهَا مثل مَا أنْفق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن أبي حبيب رَضِي الله عَنهُ أَنه بلغه أَنه نزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات} الْآيَة فِي امْرَأَة أبي حسان بن الدحداحة وَهِي أُمَيْمَة بنت بسر امْرَأَة من بني عَمْرو بن عَوْف وَأَن سهل بن حنيف تزَوجهَا حِين فرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَولدت لَهُ عبد الله بن سهل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين أهل مَكَّة عهد شَرط فِي أَن يرد النِّسَاء فَجَاءَت امْرَأَة تمسى سعيدة وَكَانَت تَحت صَيْفِي بن الراهب وَهُوَ مُشْرك من أهل مَكَّة وطلبوا ردهَا فَأنْزل الله {إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة وهم بِالْحُدَيْبِية لما جَاءَ النِّسَاء أمره أَن يرد

الصَدَاق إِلَى أَزوَاجهنَّ وَحكم على الْمُشْركين مثل ذَلِك إِذا جَاءَتْهُم امْرَأَة من الْمُسلمين أَن يردوا الصَدَاق إِلَى زَوجهَا فَأَما الْمُؤْمِنُونَ فأقروا بِحكم الله وَأما الْمُشْركُونَ فَأَبَوا أَن يقرُّوا فَأنْزل الله {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار} إِلَى قَوْله: {مثل مَا أَنْفقُوا} فَأمر الْمُؤْمِنُونَ إِذا ذهبت امْرَأَة من الْمُسلمين وَلها زوج من الْمُسلمين أَن يرد إِلَيْهِ الْمُسلمُونَ صدَاق امْرَأَته مِمَّا أمروا أَن يردوا على الْمُشْركين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات} الْآيَة قَالَ: كَانَ بَينهم وَبَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد وَكَانَت الْمَرْأَة إِذا جَاءَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امتحنوها ثمَّ يردون على زَوجهَا مَا أنْفق عَلَيْهَا فَإِن لحقت امْرَأَة من الْمُسلمين بالمشركين فغنم الْمُسلمُونَ ردوا على صَاحبهَا مَا أنْفق عَلَيْهَا قَالَ الشّعبِيّ: مَا رَضِي الْمُشْركُونَ بِشَيْء مَا رَضوا بِهَذِهِ الْآيَة وَقَالُوا: هَذَا النّصْف وَأخرج ابْن أبي أُسَامَة وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد حسن عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن} وَلَفظ ابْن الْمُنْذر اأنه سُئِلَ بِمَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يمْتَحن النِّسَاء قَالَ: كَانَت الْمَرْأَة إِذا جَاءَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَلفهَا عمر رَضِي الله عَنهُ بِاللَّه مَا خرجت رَغْبَة بِأَرْض عَن أَرض وَبِاللَّهِ مَا خرجت من بغض زوج وَبِاللَّهِ مَا خرجت التمَاس دنيا وَبِاللَّهِ مَا خرجت إِلَّا حبا لله وَرَسُوله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يُقَال لَهَا مَا جَاءَ بك عشق رجل منا وَلَا فرار من زَوجك مَا خرجت إِلَّا حبا لله وَرَسُوله وَأخرج ابْن منيع من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أسلم عمر بن الْخطاب وتأخرت امْرَأَته فِي الْمُشْركين فَأنْزل الله {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن يزِيد بن الْأَخْنَس رَضِي الله عَنهُ أَنه لما أسلم أسلم مَعَه جَمِيع أَهله إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة أَبَت أَن تسلم فَأنْزل الله {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} فَقيل لَهُ: قد أنزل الله أَنه فرق بَينهَا وَبَين زَوجهَا إِلَّا أَن تسلم فَضرب لَهَا أجل سنة فَلَمَّا مَضَت السّنة إِلَّا يَوْمًا جَلَست تنظر الشَّمْس حَتَّى إِذا دنت للغروب أسلمت

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} طلقت امْرَأَتي أروى بنت ربيعَة وطلق عمر قريبَة بنت أبي أُميَّة وَأم كُلْثُوم بنت جَرْوَل الخزاعيه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} قَالَ: نزلت فِي الْمَرْأَة من الْمُسلمين تلْحق بالمشركين فتكفر فَلَا يمسك زَوجهَا بعصمتها قد برِئ مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار} قَالَ: نزلت فِي امْرَأَة الحكم بنت أبي سُفْيَان ارْتَدَّت فَتَزَوجهَا رجل ثقفي وَلم ترتد امْرَأَة من قُرَيْش غَيرهَا فَأسْلمت مَعَ ثَقِيف حِين أَسْلمُوا وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {فامتحنوهن} الْآيَة قَالَ: سَأَلت عَطاء عَن هَذِه الْآيَة تعلمهَا قَالَ: لَا الْآيَة 12 - 13

12

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمْتَحن من هَاجر إِلَيْهِ من الْمُؤْمِنَات بِهَذِهِ الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك} إِلَى قَوْله: {غَفُور رَحِيم} فَمن أقرَّت بِهَذَا الشَّرْط من الْمُؤْمِنَات قَالَ لَهَا رَسُول الله: قد بايعنك كلَاما وَلَا وَالله مَا مست يَده يَد امْرَأَة قطّ فِي الْمُبَايعَة مَا بايعهن إِلَّا بقوله: قد بايعنك على ذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن سعد وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أُمَيْمَة بنت رقيقَة قَالَت: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نسَاء لنابيعه فَأخذ علينا مَا فِي الْقُرْآن أَن لَا

نشْرك بِاللَّه شَيْئا حَتَّى بلغ {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} فَقَالَ: فِيمَا استطعتن وأطقتن قُلْنَا: الله وَرَسُوله أرْحم بِنَا من أَنْفُسنَا يَا رَسُول الله أَلا تصافحنا قَالَ: إِنِّي لَا أُصَافح النِّسَاء إِنَّمَا قولي لمِائَة امْرَأَة كَقَوْلي لامْرَأَة وَاحِدَة وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده رَضِي الله قَالَ: جَاءَت أُمَيْمَة بنت رقيقَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبايعه على الإِسلام فَقَالَ: أُبَايِعك على أَن لَا تشركي بِاللَّه شَيْئا وَلَا تسرقي وَلَا تَزني وَلَا تقتلي ولدك وَلَا تَأتي بهتان تفترينه بَين يَديك ورجليك وَلَا تبرجي تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن سليمى بنت قيس رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: جِئْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُبَايِعهُ على الإِسلام فِي نسْوَة من الْأَنْصَار فَلَمَّا شَرط علينا أَن لَا نشْرك بِاللَّه شَيْئا وَلَا نَسْرِق وَلَا نزني وَلَا نقْتل أَوْلَادنَا وَلَا نأتي بِبُهْتَان نفتريه بَين أَيْدِينَا وأرجلنا وَلَا نعصيه فِي مَعْرُوف وَلَا تغششن أزواجكن فَبَايَعْنَاهُ ثمَّ انصرفنا فَقلت لامْرَأَة: ارجعي فاسأليه مَا غش أَزوَاجنَا فَسَأَلته فَقَالَ: تَأْخُذ مَاله فتحابي غَيره بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: بايعوني على أَن لَا تُشْرِكُوا بِاللَّه شَيْئا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَقَرَأَ (هَكَذَا فِي الأَصْل) [] فَمن وفى مِنْكُم فَأَجره على الله وَمن أصَاب من ذَلِك شَيْئا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ وَمن أصَاب من ذَلِك شَيْئا فستره الله فَهُوَ إِلَى الله إِن شَاءَ عذبه وَإِن شَاءَ غفر لَهُ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: شهِدت الصَّلَاة يَوْم الْفطر مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزل فَأقبل حَتَّى أَتَى النِّسَاء فَقَالَ: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين} حَتَّى فرغ من الْآيَة كلهَا ثمَّ قَالَ حِين فرغ: أنتن على ذَلِك قَالَت امْرَأَة: نعم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة يَوْم الْفَتْح فَبَايع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرِّجَال على الصَّفَا وَعمر يُبَايع النِّسَاء تحتهَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَحْمد وَابْن سعد وَأَبُو دَاوُد وَأَبُو يعلى وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن إِسْمَعِيل بن عبد الرَّحْمَن بن عَطِيَّة عَن جدته أم عَطِيَّة رَضِي الله عَنْهَا

قَالَت: لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة جمع نسَاء الْأَنْصَار فِي بَيت فَأرْسل إلَيْهِنَّ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَامَ على الْبَاب فَسلم فَقَالَ: أَنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَيْكُنَّ تبايعن على أَن لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا تسرقن وَلَا تزنين الْآيَة قُلْنَا: نعم فَمد يَده من خَارج الْبَيْت وَمَدَدْنَا أَيْدِينَا من دَاخل الْبَيْت قَالَ إِسْمَعِيل: فَسَأَلت جدتي عَن قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَت: نَهَانَا عَن النِّيَاحَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت يزِيد رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: بَايَعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نسْوَة فَقَالَ: إِنِّي لَا أصافحكن وَلَكِن آخذ عليكن مَا أَخذ الله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع النِّسَاء وَوضع على يَده ثوبا فَلَمَّا كَانَ بعد كَانَ يخبر النِّسَاء فَيقْرَأ عَلَيْهِنَّ هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين وَلَا يقتلن أَوْلَادهنَّ} فَإِذا أقررن قَالَ: قد بايعنكن حَتَّى جَاءَت هِنْد امْرَأَة أبي سُفْيَان فَلَمَّا قَالَ: {وَلَا يَزْنِين} قَالَت: أَو تَزني الْحرَّة لقد كُنَّا نستحي من ذَلِك فِي الْجَاهِلِيَّة فَكيف بالإِسلام فَقَالَ: {وَلَا يقتلن أَوْلَادهنَّ} قَالَت: أَنْت قتلت آبَاءَهُم وتوصينا بأبنائهم فَضَحِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: {وَلَا يَسْرِقن} فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِنِّي أصبت من مَال أبي سُفْيَان فَرخص لَهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: قل لَهُنَّ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايِعكُنَّ على أَن لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَكَانَت هِنْد مُتَنَكِّرَة فِي النِّسَاء فَقَالَ لعمر: قُلْنَ لهنّ {وَلَا يَسْرِقن} قَالَت هِنْد: وَالله إِنِّي لأصيب من مَال أبي سُفْيَان الهنة فَقَالَ: {وَلَا يَزْنِين} فَقَالَت: وَهل تَزني الْحرَّة فَقَالَ: {وَلَا يقتلن أَوْلَادهنَّ} قَالَت هِنْد: أَنْت قَتلتهمْ يَوْم بدر قَالَ: {وَلَا يَأْتِين بِبُهْتَان يَفْتَرِينَهُ بَين أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَ: مَنعهنَّ أَن يَنُحْنَ وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يُمَزِّقْنَ الثِّيَاب وَيَخْدِشْنَ الْوُجُوه وَيَقْطَعْنَ الشُّعُور وَيدعونَ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن فَاطِمَة بنت عتبَة أَن أخاها أَبَا حُذَيْفَة أَتَى بهَا وبهند بنت عتبَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبايعه فَقَالَت: أَخذ علينا بِشَرْط فَقلت لَهُ: يَا ابْن عَم وَهل علمت فِي قَوْمك من هَذِه الصِّفَات شَيْئا قَالَ أَبُو حُذَيْفَة: أَيهَا فبايعيه

فَإِن بِهَذَا يُبَايع وَهَكَذَا يشْتَرط فَقَالَت هِنْد: لَا أُبَايِعك على السّرقَة فَإِنِّي أسرق من مَال زَوجي فَكف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده وكفت يَدهَا حَتَّى أرسل إِلَى أبي سُفْيَان فتحلل لَهَا مِنْهُ فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: أما الرطب فَنعم وَأما الْيَابِس فَلَا وَلَا نعْمَة قَالَت: فَبَايَعْنَاهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَا يَأْتِين بِبُهْتَان يَفْتَرِينَهُ} قَالَ: كَانَت الْحرَّة يُولد لَهَا الْجَارِيَة فتجعل مَكَانهَا غُلَاما وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَليّ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلَا يَأْتِين بِبُهْتَان يَفْتَرِينَهُ} قَالَ: لَا يلحقن بأزواجهن غير أَوْلَادهنَّ {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَ: إِنَّمَا هُوَ شَرط شَرطه الله للنِّسَاء وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة الْأَنْصَارِيَّة قَالَت: قَالَت امْرَأَة من النسْوَة مَا هَذَا الْمَعْرُوف الَّذِي لَا يَنْبَغِي لنا أَن نَعْصِيك فِيهِ قَالَ: لَا تنحن قلت يَا رَسُول الله: إِن بني فلَان أسعدوني على عمي وَلَا بُد لي من قضائهن فَأبى عليّ فعاودته مرَارًا فَأذن لي فِي قضائهن فَلم أنح بعد وَلم يبْق منا امْرَأَة إِلَّا وَقد ناحت غَيْرِي وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن منيع وَابْن سعد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الْمليح قَالَ: جَاءَت امْرَأَة من الْأَنْصَار تبَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا شَرط عَلَيْهَا أَن لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا تسرقن وَلَا تزنين أقرَّت فَلَمَّا قَالَ: {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَ: أَن لَا تنوحي فَقَالَت: يَا رَسُول الله إِن فُلَانُهُ أسعدتني أفأسعدها ثمَّ لَا أَعُود فَلم يرخص لَهَا مُرْسل حسن الإِسناد وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن سعد وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد جيد عَن مُصعب بن نوح الْأنْصَارِيّ قَالَ: أدْركْت عجوزاً لنا كَانَت فِيمَن بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: أَخذ علينا فِيمَا أَخذ أَن لَا تنحن وَقَالَ: هُوَ الْمَعْرُوف الَّذِي قَالَ الله: {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} فَقلت يَا نَبِي الله: إِن أُنَاسًا قد كَانُوا أسعدوني على مصائب أصابتني وَإِنَّهُم قد أَصَابَتْهُم مُصِيبَة وَأَنا أُرِيد أَن أسعدهم قَالَ: انطلقي فكافئيهم ثمَّ إِنَّهَا أَتَت فَبَايَعته

وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أسيد بن أبي أسيد البراد عَن امْرَأَة من المبايعات قَالَ: كَانَ فِيمَا أَخذ علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لَا نعصيه فِيهِ من الْمَعْرُوف وَأَن لَا نخمش وَجها وَلَا نشق جيبا وَلَا نَدْعُو ويلاً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله: {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَ: لَا يشققن جُيُوبهنَّ وَلَا يصككن خدودهن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن سَالم بن أبي الْجَعْد فِي قَوْله: {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَ: النوح وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَ: النوح قَالَ فَكل شَيْء وَافق لله طَاعَة فَلم يرض لنَبيه أَن يطاع فِي مَعْصِيّة الله وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هَاشم الوَاسِطِيّ {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَ: لَا يدعونَ ويلاً وَلَا يشققن جيباً وَلَا يَحْلِقن رَأْسا وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النِّسَاء فِي الْبيعَة أَن لَا يشققن جيباً وَلَا يخمشن وَجها وَلَا يدعونَ ويلاً وَلَا يقلن هجراً وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة بنت قدامَة بن مَظْعُون قَالَت: كنت مَعَ أُمِّي رائطة بنت سُفْيَان وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَايع النسْوَة وَيَقُول: أُبَايِعكُنَّ على أَن لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا تسرقن وَلَا تزنين وَلَا تقتلن أَوْلَادكُنَّ وَلَا تأتين بِبُهْتَان تفترينه بَين أَيْدِيكُنَّ وأرجلكن وَلَا تعصين فِي مَعْرُوف فأطرقن قَالَت: وَأَنا أسمع أُمِّي وَأمي تلقنني تَقول: أَي بنية قولي نعم فِيمَا اسْتَطَعْت فَكنت أَقُول كَمَا يقلن وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: أَخذ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على النِّسَاء حِين بايعهن أَن لَا يَنحن فَقُلْنَ: يَا رَسُول الله إِن نسَاء أسعدتنا فِي الْجَاهِلِيَّة أفتسعدهن فِي الإِسلام فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا إسعاد فِي الإِسلام وَلَا شطار وَلَا عقر فِي الإِسلام وَلَا خبب وَلَا جنب وَمن انتهب فَلَيْسَ منا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن} قَالَ: كَيفَ يمْتَحن فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا} الْآيَة

وَأخرج ابْن سعد وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بَايع النِّسَاء دَعَا بقدح من مَاء فَغمسَ يَده فِيهِ ثمَّ يغمس أَيْدِيهنَّ فَكَانَت هَذِه بيعَته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم عَطِيَّة قَالَت: لما نزلت {إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك} إِلَى قَوْله: {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف فبايعهن} قَالَت: كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَة يَا رَسُول الله إِلَّا آل فلَان فَإِنَّهُم كَانُوا قد أسعدوني فِي الْجَاهِلِيَّة فَلَا بُد لي من أَن أسعدهم قَالَ: لَا آل فلَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم عَطِيَّة قَالَت: أَخذ علينا فِي الْبيعَة أَن لاننوح فَمَا وفى منا إِلَّا خَمْسَة أم سليم وَأم الْعَلَاء وَابْن أبي سُبْرَة امْرَأَة أبي معَاذ أَو قَالَ: بنت أبي سُبْرَة وَامْرَأَة معَاذ وَامْرَأَة أُخْرَى وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم عَطِيَّة قَالَت: بَايعنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ علينا أَن لَا تُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا ونهانا عَن النِّيَاحَة فقبضت منا امْرَأَة يَدهَا فَقَالَت يَا رَسُول الله: إِن فُلَانُهُ أسعدتني وَأَنا أُرِيد أَن أجزيها فَلم يقل لَهَا شَيْئا فَذَهَبت ثمَّ رجعت قَالَت: فَمَا وفت منا امْرَأَة إِلَّا أم سليم وَأم الْعَلَاء وَبنت أبي سُبْرَة امْرَأَة معَاذ أَو بنت أبي سُبْرَة وَامْرَأَة معَاذ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله فِي قَوْله: {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَ: اشْترط عَلَيْهِنَّ أَن لَا يَنحن وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَ فِيمَا أَخذ على النِّسَاء من الْمَعْرُوف أَن لَا يَنحن فَقَالَت امْرَأَة: لَا بُد من النوح فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن كنتن لَا بُد فاعلات فَلَا تخمشن وَجها وَلَا تخرقن ثوبا وَلَا تحلقن شعرًا وَلَا تدعون بِالْوَيْلِ وَلَا تقلن هجراً وَلَا تقلن إِلَّا حَقًا وَأخرج ابْن سعد عَن عَاصِم بن عَمْرو بن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول من بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم سعد بن معَاذ كَبْشَة بنت رَافع وَأم عَامر بنت يزِيد بن السكن وحواء بنت يزِيد بن السكن وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن يزِيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَ: لَا يشققن جيباً وَلَا يخمش وَجها وَلَا ينشرن شعرًا وَلَا يدعونَ ويلاً وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن النوح

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا نهيت عَن النوح وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لعنت النائحة والممسكة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أم عفيف قَالَت: أَخذ علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين بَايع النِّسَاء أَن لَا نُحدث الرِّجَال إِلَّا محرما وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ فِيمَا أَخذ عَلَيْهِنَّ أَن لَا يخلون بِالرِّجَالِ إِلَّا أَن يكون محرما وَإِن الرجل قد تلاطفه الْمَرْأَة فيمذي فِي فَخذيهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف} قَالَ: أَخذ عَلَيْهِنَّ أَن لَا يَنحن وَلَا يحدثن الرِّجَال فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: إِن لنا أضيفا وَأَنا نغيب عَن نسائنا فَقَالَ: لَيْسَ أُولَئِكَ عنيت وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم عَطِيَّة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ فِيمَا أَخذ عَلَيْهِنَّ أَن لَا يخلون بِالرِّجَالِ إِلَّا أَن يكون محرما فَإِن الرجل قد يلاطف الْمَرْأَة فيمذي فِي فَخذيهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك} قَالَ: فَإِن الْمَعْرُوف الَّذِي لَا يَعْصِي فِيهِ أَن لَا يَخْلُو الرجل وَالْمَرْأَة وحداناً وَأَن لَا يَنحن نوح الْجَاهِلِيَّة قَالَ: فَقَالَت خَوْلَة بنت حَكِيم الْأَنْصَارِيَّة: يَا رَسُول الله إِن فُلَانَة أسعدتني وَقد مَاتَ أَخُوهَا فَأَنا أُرِيد أَن أجزيها قَالَ: فاذهبي فاجزيها ثمَّ تعالي فبايعي وَأخرجه ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَوْصُولا وَالله أعلم وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ عبد الله بن عمر وَزيد بن الْحَارِث يوادان رجَالًا من يهود فَأنْزل الله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قوما غضب الله عَلَيْهِم} الْآيَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قوما غضب الله عَلَيْهِم قد يئسوا من الْآخِرَة} قَالَ: فَلَا يُؤمنُونَ بهَا وَلَا يرجونها

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 61 سُورَة الصَّفّ مَدَنِيَّة وآياتها أَربع عشرَة الْآيَة 1 - 9

الصف

أخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ نَاس: لَو نعلم أحب الْأَعْمَال إِلَى الله لفعلناه فَأخْبرهُم الله فَقَالَ: {إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص} فكرهوا ذَلِك فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كبر مقتاً عِنْد الله أَن تَقولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: وَالله لَو نعلم مَا أحب الْأَعْمَال إِلَى الله فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} إِلَى قَوْله: {بُنيان مرصوص} فدلهم على أحب الْأَعْمَال إِلَيْهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالُوا: لَو كُنَّا نعلم أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} إِلَى قَوْله: {بُنيان مرصوص} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} إِلَى قَوْله: {بُنيان مرصوص} قَالَ: نزلت فِي نفر من الْأَنْصَار مِنْهُم عبد الله بن رَوَاحَة قَالُوا فِي مجْلِس لَهُم: لَو نعلم أَي عمل أحب إِلَى الله لعملناه حَتَّى نموت فَأنْزل الله هَذَا فيهم فَقَالَ ابْن رَوَاحَة: لَا أَبْرَح حَبِيسًا فِي سَبِيل الله حَتَّى أَمُوت شَهِيدا فَقتل شَهِيدا وَأخرج مَالك فِي تَفْسِيره عَن زيد بن أسلم قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي نفر من الْأَنْصَار فيهم عبد الله بن رَوَاحَة قَالُوا فِي مجْلِس: لَو نعلم أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله لعملنا بِهِ حَتَّى نموت فَأنْزل الله هَذِه فيهم فَقَالَ ابْن رَوَاحَة: لَا أَبْرَح حَبِيسًا فِي سَبِيل الله حَتَّى أَمُوت شَهِيدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل قَالَ: قَالَ الْمُؤْمِنُونَ: لَو نعلم أحب الْأَعْمَال إِلَى الله لعملناه فدلهم على أحب الْأَعْمَال إِلَيْهِ فَقَالَ: {إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا} فَبين لَهُم فابتلوا يَوْم أحد بذلك فَوَلوا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُدبرين فَأنْزل الله فِي ذَلِك {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح قَالَ: قَالَ الْمُسلمُونَ: لَو أمرنَا بِشَيْء نفعله فَنزلت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} قَالَ: بَلغنِي أَنَّهَا نزلت فِي الْجِهَاد كَانَ الرجل يَقُول: قَاتَلت وَفعلت وَلم يكن فعل فوعظهم الله فِي ذَلِك أَشد الموعظة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبْعَث السّريَّة فَإِذا رجعُوا كَانُوا يزِيدُونَ فِي الْفِعْل وَيَقُولُونَ قاتلنا كَذَا وَفعلنَا كَذَا فَأنْزل الله الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: إِن الْقَاص ينْتَظر المقت فَقيل لَهُ أَرَأَيْت قَول الله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كبر مقتاً عِنْد الله أَن تَقولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} أهوَ الرجل يقرظ نَفسه فَيَقُول: فعلت كَذَا وَكَذَا من الْخَيْر أم هُوَ الرجل يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر وَإِن كَانَ فِيهِ تَقْصِير فَقَالَ: كِلَاهُمَا ممقوت وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي خَالِد الْوَالِبِي قَالَ: جلسنا إِلَى خباب فَسكت فَقُلْنَا: أَلا تحدثنا فَإِنَّمَا جلسنا إِلَيْك لذَلِك فَقَالَ: أتأمروني أَن أَقُول مَا لَا أفعل قَوْله تَعَالَى: {إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا} الْآيَات وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص} قَالَ: مُثبت لَا يَزُول ملصق بعضه بِبَعْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا} الْآيَة قَالَ: ألم تروا إِلَى صَاحب الْبناء كَيفَ لَا يحب أَن يخْتَلف بينانه فَكَذَلِك الله لَا يحب أَن يخْتَلف أمره وَإِن الله وصف الْمُسلمين فِي قِتَالهمْ وَصفهم فِي صلَاتهم فَعَلَيْكُم بِأَمْر الله فَإِنَّهُ عصمَة لمن أَخذ بِهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة يمسح مناكبنا وصدورنا وَيَقُول: لَا تختلفوا فتختلف قُلُوبكُمْ إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على الصُّفُوف الأول وصلوا المناكب بالمناكب والأقدام بالأقدام فَإِن الله يحب فِي الصَّلَاة مَا يحب فِي الْقِتَال {صفا كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص} وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلَاثَة يضْحك الله إِلَيْهِم: الْقَوْم إِذا اصطفوا للصَّلَاة وَالْقَوْم إِذا اصطفوا لقِتَال الْمُشْركين وَرجل يقوم إِلَى الصَّلَاة فِي جَوف اللَّيْل قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم} الْآيَة أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن العرياض بن سَارِيَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنِّي

عبد الله فِي أم الْكتاب وَخَاتم النَّبِيين وَإِن آدم لَمُنْجَدِل فِي طينته وسوف أنبئكم بِتَأْوِيل ذَلِك أَنا دَعْوَة إِبْرَاهِيم وَبشَارَة عِيسَى قومه ورؤيا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ أَنه خرج مِنْهَا نور أَضَاء لَهُ قُصُور الشَّام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى قَالَ: أمرنَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ننطلق مَعَ جَعْفَر بن أبي طَالب إِلَى أَرض النَّجَاشِيّ قَالَ: مَا مَنعك أَن تسْجد لي قلت: لَا نسجد إِلَّا لله قَالَ: وَمَا ذَاك قلت: إِن الله بعث فِينَا رَسُوله وَهُوَ الرَّسُول الَّذِي بشر بِهِ عِيسَى بن مَرْيَم برَسُول يَأْتِي من بعد اسْمه أَحْمد فَأمرنَا أَن نعْبد الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم والدرامي وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لي خَمْسَة أَسمَاء: أَنا مُحَمَّد وَأَنا أَحْمد وَأَنا الحاشر الَّذِي يحْشر النَّاس على قدمي وَأَنا الماحي الَّذِي يمحو الله بِي الْكفْر وَأَنا العاقب وَالْعَاقِب الَّذِي لَيْسَ بعده نَبِي وَأخرج الطيالس وَابْن مرْدَوَيْه عَن جُبَير بن مطعم سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَنا مُحَمَّد وَأَنا أَحْمد والحاشر وَنَبِي التَّوْبَة وَنَبِي الملحمة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بن كَعْب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَعْطَيْت مَا لم يُعْط أحد من أَنْبيَاء الله قُلْنَا يَا رَسُول الله مَا هُوَ قَالَ: نصرت بِالرُّعْبِ وَأعْطيت مَفَاتِيح الأَرْض وَسميت أَحْمد وَجعل لي تُرَاب الأَرْض طهُورا وَجعلت أمتِي خير الْأُمَم أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ} قَالَ: مُحَمَّد وَفِي قَوْله: {يُرِيدُونَ ليطفئوا نور الله بأفواههم} قَالَ: بألسنتهم وَأخرج عبد بن حميد عَن مَسْرُوق أَنه كَانَ يقْرَأ الَّتِي فِي الْمَائِدَة وَفِي الصَّفّ وَفِي يُونُس سَاحر وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {هَذَا سحر مُبين} بِغَيْر ألف وَقَرَأَ {وَالله متم نوره} بتنوين متم وبنصب نوره الْآيَة 10 - 14

10

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا هَل أدلكم على تِجَارَة} الْآيَة قَالَ: لما نزلت قَالَ الْمُسلمُونَ: لَو علمنَا مَا هَذِه التِّجَارَة لأعطينا فِيهَا الْأَمْوَال والأهلين فَبين لَهُم التِّجَارَة فَقَالَ: {تؤمنون بِاللَّه وَرَسُوله} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا هَل أدلكم على تِجَارَة} الْآيَة قَالَ: فلولا أَن الله بَينهَا وَدلّ عَلَيْهَا للهف الرِّجَال أَن يَكُونُوا يعلمونها حَتَّى يطلبوها ثمَّ دلهم الله عَلَيْهَا فَقَالَ: {تؤمنون بِاللَّه وَرَسُوله} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {على تِجَارَة تنجيكم} خَفِيفَة قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا أنصار الله} أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {كونُوا أنصار الله} مُضَاف وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا كونُوا أنصار الله} قَالَ: قد كَانَ ذَلِك ببحمد الله جَاءَهُ سَبْعُونَ رجلا فَبَايعُوهُ عِنْد الْعقبَة فنصروه وآووه حَتَّى أظهر الله دينه وَلم يسمّ حيّ من السَّمَاء قطّ باسم لم يكن لَهُم قبل ذَلِك غَيرهم وَذكر لنا أَن بَعضهم قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا تُبَايِعُونَ هَذَا الرجل إِنَّكُم تبايعونه على محاربة الْعَرَب كلهَا أَو يسلمُوا وَذكر لنا أَن رجلا قَالَ: يَا نَبِي الله اشْترط لبرك وَلِنَفْسِك مَا شِئْت فَقَالَ: أشْتَرط لرَبي أَن تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَأَشْتَرِط لنَفْسي أَن تَمْنَعُونِي مِمَّا تمْنَعُونَ مِنْهُ أَنفسكُم وأبناءكم قَالُوا: فَإِذا فعلنَا ذَلِك فَمَا لنا يَا نَبِي الله قَالَ: لكم النَّصْر فِي الدُّنْيَا وَالْجنَّة فِي الْآخِرَة فَفَعَلُوا فَفعل الله قَالَ: والحواريون كلهم من قُرَيْش أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَحَمْزَة

وجعفر وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح وَعُثْمَان بن مَظْعُون وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وَقاص وَعُثْمَان بن عَفَّان وَطَلْحَة بن عبيد الله وَالزُّبَيْر بن العوّام وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن سعد عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنفر الَّذين لَا قوه بِالْعقبَةِ: اخْرُجُوا إليّ اثْنَي عشر رجلا مِنْكُم يَكُونُوا كفلاء على قَومهمْ كَمَا كفلت الحواريون لعيسى بن مَرْيَم وَأخرج ابْن سعد عَن مُحَمَّد بن لبيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنقباء: أَنْتُم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى بن مَرْيَم أَنا كَفِيل قومِي قَالُوا: نعم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {من أَنْصَارِي إِلَى الله} قَالَ: من يَتبعني إِلَى الله وَفِي قَوْله: {فَأَصْبحُوا ظَاهِرين} قَالَ: من آمن مَعَ عِيسَى من قومه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {فأيدنا الَّذين آمنُوا} قَالَ: فقوّينا الَّذين آمنُوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ {فَأَصْبحُوا ظَاهِرين} قَالَ: أَصبَحت حجَّة من آمن بِعِيسَى ظَاهِرَة بِتَصْدِيق مُحَمَّد أَن عِيسَى كلمة الله وروحه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فأيدنا الَّذين آمنُوا} بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَأَصْبحُوا} الْيَوْم {ظَاهِرين} وَالله أعلم

62 سُورَة الْجُمُعَة مَدَنِيَّة وآياتها إِحْدَى عشرَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْجُمُعَة بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت سُورَة الْجُمُعَة بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ بِسُورَة الْجُمُعَة وَإِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْجُمُعَة بِسُورَة الْجُمُعَة وَإِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه عَن أبي عنبة الْخَولَانِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يقْرَأ فِي يَوْم الْجُمُعَة بالسورة الَّتِي يذكر فِيهَا الْجُمُعَة وَإِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله وَأبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بهم يَوْم الْجُمُعَة فَقَرَأَ بِسُورَة الْجُمُعَة يحرض الْمُؤمنِينَ وَإِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ يوبخ بهَا الْمُنَافِقين وَأخرج ابْن حباي وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي صَلَاة الْمغرب لَيْلَة الْجُمُعَة {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} وَكَانَ يقْرَأ فِي صَلَاة الْعشَاء الْأَخِيرَة لَيْلَة الْجُمُعَة سُورَة الْجُمُعَة وَالْمُنَافِقِينَ

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 4

الجمعة

أخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَطاء بن السَّائِب عَن ميسرَة أَن هَذِه الْآيَة مَكْتُوبَة فِي التَّوْرَاة بسبعمائة آيَة {يسبح لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض الْملك القدوس الْعَزِيز الْحَكِيم} أول سُورَة الْجُمُعَة قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا مِنْهُم} الْآيَة أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {هُوَ الَّذِي بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا مِنْهُم} الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا الْحَيّ من الْعَرَب أمة أُميَّة لَيْسَ فِيهَا كتاب يقرأونه فَبعث الله فيهم مُحَمَّدًا رَحْمَة وَهدى يهْدِيهم بِهِ وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّا أمة أُميَّة لَا نكتب وَلَا نحسب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {هُوَ الَّذِي بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا مِنْهُم} قَالَ: هُوَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَتْلُو عَلَيْهِم آيَاته} قَالَ: الْقُرْآن {وَإِن كَانُوا من قبل لفي ضلال مُبين} قَالَ: هُوَ الشّرك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {هُوَ الَّذِي بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا مِنْهُم} قَالَ: الْعَرَب {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم} قَالَ: الْعَجم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أنزلت سُورَة الْجُمُعَة فَتَلَاهَا فَلَمَّا بلغ {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم} قَالَ لَهُ رجل: يَا رَسُول الله من هَؤُلَاءِ الَّذين لم يلْحقُوا بِنَا فَوضع يَده على

رَأس سلمَان الْفَارِسِي وَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو كَانَ الإِيمان بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رجال من هَؤُلَاءِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن قيس بن سعد بن عبَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن الإِيمان بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رجال من أهل فَارس وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سهل بن سعد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أَصْحَابِي رجَالًا وَنسَاء يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب ثمَّ قَرَأَ {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم} قَالَ: من ردف الإِسلام من النَّاس كلهم وَأخرج عبد الزراق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم} قَالَ: هم التابعون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم} قَالَ: هم التابعون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَآخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم} يَعْنِي من أسلم من النَّاس وَعمل صَالحا من عَرَبِيّ وعجمي إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء} قَالَ: الدّين الْآيَة 5 - 8

5

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {مثل الَّذين حُمِّلوا التَّوْرَاة ثمَّ لم يحملوها} قَالَ: الْيَهُود

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {مثل الَّذين حُمِّلوا التَّوْرَاة ثمَّ لم يحملوها} قَالَ: أَمرهم أَن يَأْخُذُوا بِمَا فِيهَا فَلم يعملوا بِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {مثل الَّذين حُمِّلوا التَّوْرَاة ثمَّ لم يحملوها كَمثل الْحمار يحمل أسفاراً} قَالَ: كتبا لَا يدْرِي مَا فِيهَا وَلَا يدْرِي مَا هِيَ يضْرب الله لهَذِهِ الْأمة أَي وَأَنْتُم إِن لم تعملوا بِهَذَا الْكتاب كَانَ مثلكُمْ كمثلهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يحمل أسفاراً} قَالَ: كتبا لَا يعلم مَا فِيهَا وَلَا يَعْقِلهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {كَمثل الْحمار يحمل أسفاراً} قَالَ: يحمل كتبا على ظَهره لَا يدْرِي مَاذَا عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أسفاراً} قَالَ: كتبا وَأخرج الْخَطِيب عَن عَطاء بن أبي رَبَاح مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {أسفاراً} قَالَ: كتبا وَالْكتاب بالنبطية يُسمى سفرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من تكلم يَوْم الْجُمُعَة والإِمام يخْطب فَهُوَ كالحمار يحمل أسفاراً وَالَّذِي يَقُول لَهُ أنصت لَيست لَهُ جُمُعَة الْآيَة 9 - 11

9

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {إِن زعمتم أَنكُمْ أَوْلِيَاء لله} قَالُوا: نَحن أَبنَاء الله واحباؤه وَفِي قَوْله: {وَلَا يتمنونه أبدا بِمَا قدمت أَيْديهم} قَالَ: عرفُوا أَن مُحَمَّدًا نَبِي الله فَكَتَمُوهُ وَقَالُوا: نَحن أَبنَاء الله وأحباؤه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَلَا يتمنونه أبدا بِمَا قدمت أَيْديهم} قَالَ: إِن سوء الْعَمَل يكره الْمَوْت شَدِيدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن معمر قَالَ: تَلا قَتَادَة {ثمَّ تردون إِلَى عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة} قَالَ: إِن الله أذلّ ابْن آدم بِالْمَوْتِ لَا أعلمهُ إِلَّا رَفعه قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة} الْآيَة أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قلت يَا نَبِي الله لأي شَيْء سمي يَوْم الْجُمُعَة قَالَ: لِأَن فِيهَا جمعت طِينَة أبيكم آدم وفيهَا الصعقة والبعثة وَفِي آخر ثَلَاث سَاعَات مِنْهَا سَاعَة من دَعَا فِيهَا بدعوة اسْتَجَابَ لَهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَدْرِي مَا يَوْم الْجُمُعَة قَالَ: الله وَرَسُوله أعلم قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات ثمَّ قَالَ: فِي الثَّالِثَة هُوَ الْيَوْم الَّذِي جمع فِيهِ أبوكم آدم أَفلا أحدثكُم عَن يَوْم الْجُمُعَة لَا يتَطَهَّر رجل فَيحسن طهوره ويلبس أحسن ثِيَابه ويصيب من طيب أَهله إِن كَانَ لَهُم طيب وَإِلَّا فالماء ثمَّ يَأْتِي الْمَسْجِد فيجلس وينصت حَتَّى يقْضِي الإِمام صلَاته إِلَّا كَانَت كَفَّارَة مَا بَين الْجُمُعَة مَا اجتنيت الْكَبَائِر وَذَلِكَ الدَّهْر كُله وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خير يَوْم طلعت فِيهِ الشَّمْس يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ خلق آدم وَفِيه أَدخل الْجنَّة وَفِيه أخرج مِنْهَا وَلَا تقوم السَّاعَة إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن ماجة وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَوْم الْجُمُعَة سيد الْأَيَّام وَأَعْظَمهَا عِنْد الله وَأعظم عِنْد الله من يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى وَفِيه خمس خصار: خلق الله فِيهِ آدم وأهبطه فِيهِ إِلَى الأَرْض وَفِيه توفّي الله آدم وَفِيه سَاعَة لَا يسْأَل العَبْد فِيهَا شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ الله مَا لم يسْأَل حَرَامًا وَفِيه تقوم السَّاعَة مَا من ملك وَلَا أَرض وَلَا سَمَاء وَلَا ريَاح وَلَا جبال وَلَا بَحر إِلَّا وَهن يشفقن من يَوْم الْجُمُعَة أَن تقوم فِيهِ السَّاعَة وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن عبَادَة أَن رجلا من الْأَنْصَار أَتَى رَسُول االله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أخبرنَا عَن يَوْم الْجُمُعَة مَاذَا فِيهِ من الْخَيْر قَالَ: فِيهِ خمس

خِصَال: فِيهِ خلق آدم وَفِيه أهبط آدم وَفِيه توفى الله آدم وَفِيه سَاعَة لَا يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا آتَاهُ إِيَّاه مَا لم يسْأَل مأثماً أَو قطيعة رحم وَفِيه تقوم السَّاعَة مَا من ملك مقرب وَلَا سَمَاء وَلَا أَرض وَلَا جبل وَلَا ريح إِلَّا يشفقن من يَوْم الْجُمُعَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: فِي سَبْعَة أَيَّام يَوْم اخْتَارَهُ الله على الْأَيَّام كلهَا يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَفِيه قضى الله خَلقهنَّ وَفِيه خلق الله الْجنَّة وَالنَّار وَفِيه خلق آدم وَفِيه أهبطه من الْجنَّة وَتَابَ عَلَيْهِ وَفِيه تقوم السَّاعَة لَيْسَ شَيْء من خلق إِلَّا وَهُوَ يفزع من ذَلِك الْيَوْم شَفَقَة أَن تقوم السَّاعَة إِلَّا الْجِنّ والانس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يبْعَث الْأَيَّام يَوْم الْقِيَامَة على هيئاتها وَيبْعَث الْجُمُعَة زهراء منيرة لأَهْلهَا يحفونَ بهَا كالعروس يهدي إِلَى كريمها تضيء لَهُم يَمْشُونَ فِي ضوئها ألوانها كالثلج بياضهم رياحهم تسطع كالمسك يَخُوضُونَ فِي جبال الكافور ينظر إِلَيْهِم الثَّقَلَان مَا يطرفون تَعَجبا حَتَّى يدخلُوا الْجنَّة لَا يخالطهم أحد إِلَّا المؤذنون المحتسبون وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سيد الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة والدارمي وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن أَوْس بن أَوْس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن من أفضل أيامكم يَوْم الْجُمُعَة فِيهِ خلق آدم وَفِيه النفخة وَفِيه الصعقة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: لم تطلع الشَّمْس فِي يَوْم هُوَ أعظم من يَوْم الْجُمُعَة إِنَّهَا إِذا طلعت فزع لَهَا كل شَيْء إِلَّا الثَّقَلَان اللَّذَان عَلَيْهِمَا الْحساب وَالْعَذَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: إِن يَوْم الْجُمُعَة لتفزع لَهُ الْخَلَائق إِلَّا الْجِنّ والإِنس وَأَنه ليضاعف فِيهِ الْحَسَنَة والسيئة وَإنَّهُ ليَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: الْحَسَنَة تضَاعف يَوْم الْجُمُعَة وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عمر قَالَ: نزل جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي يَده شبه مرْآة فِيهَا نُكْتَة سَوْدَاء فَقَالَ يَا جِبْرِيل: مَا هَذِه قَالَ: هَذِه الْجُمُعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَانِي جِبْرِيل وَفِي يَده كالمرآة الْبَيْضَاء فِيهَا كالنكتة السَّوْدَاء فَقلت يَا جِبْرِيل: مَا هَذِه قَالَ: هَذِه

الْجُمُعَة قلت وَمَا الْجُمُعَة قَالَ: لكم فِيهِ خير قلت: وَمَا لنا فِيهَا قَالَ: تكون عيداً لَك ولقومك من بعْدك وَتَكون الْيَهُود وَالنَّصَارَى تبعا لَك قلت: وَمَا لنا فِيهَا قَالَ: لكم فِيهَا سَاعَة لَا يُوَافِقهَا عبد مُسلم يسْأَل الله فِيهَا شَيْئا من الدُّنْيَا وَالْآخِرَة هُوَ لكم قسم إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه وَلَيْسَ لَهُ قسم إِلَّا ادخر لَهُ عِنْده مَا هُوَ أفضل مِنْهُ أَو يتعوّذ بِهِ من شَرّ هُوَ عَلَيْهِ مَكْتُوب إِلَّا صرف عَنهُ من الْبلَاء مَا هُوَ أعظم مِنْهُ قلت لَهُ: وَمَا هَذِه النُّكْتَة فِيهَا قَالَ: هِيَ السَّاعَة وَهِي تقوم يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ عندنَا سيد الْأَيَّام وَنحن نَدْعُوهُ يَوْم الْقِيَامَة يَوْم الْمَزِيد قلت: مِم ذَاك قَالَ: لِأَن رَبك اتخذ فِي الْجنَّة وَاديا من مسك أَبيض فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة هَبَط من عليين على كرسيه ثمَّ حف الْكُرْسِيّ بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر ثمَّ يَجِيء النَّبِيُّونَ حَتَّى يجلسوا عَلَيْهَا وَينزل أهل الغرف حَتَّى يجلسوا على ذَلِك الْكَثِيب ثمَّ يتجلى لَهُم رَبهم تبَارك وَتَعَالَى ثمَّ يَقُول: سلوني أعطكم فيسألونه الرِّضَا فَيَقُول: رضاي أحلكم دَاري وَأَنا لكم كريم مَتى تَسْأَلُونِي أعطكم فيسألونه الرِّضَا فيشهدهم أَنِّي قد رضيت عَنْهُم فَيفتح لَهُم مَا لم ترَ عين وَلم تسمع أذن وَلم يخْطر على قلب بشر وذلكم مِقْدَار انصرافكم من يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ يرْتَفع ويرتفع مَعَه النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء وَيرجع أهل الغرف إِلَى غرفهم وَهِي درة بَيْضَاء لَيْسَ فِيهَا وصم وَلَا فَصم أَو درة حَمْرَاء أَو زبرجدة خضراء فِيهَا غرفها وأبوابها مطروزة وفيهَا أنهارها وثمارها متدلية قَالَ: فليسوا إِلَى شَيْء أحْوج مِنْهُم إِلَى يَوْم الْجُمُعَة ليزدادوا إِلَى رَبهم نظرا وليزدادوا مِنْهُ كَرَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجُمُعَة لساعة مَا دَعَا الله فِيهَا عبد مُسلم بِشَيْء إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كثير بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: فِي الْجُمُعَة سَاعَة من النَّهَار لَا يسْأَل العَبْد فِيهَا شَيْئا إِلَّا أعطي سؤله قيل: أَي سَاعَة هِيَ قَالَ: هِيَ أَن تُقَام الصَّلَاة إِلَى الِانْصِرَاف فِيهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: إِن يَوْم الْجُمُعَة مثل يَوْم عَرَفَة تفتح فِيهِ أَبْوَاب الرَّحْمَة وَفِيه سَاعَة لَا يسْأَل الله العَبْد شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ قيل وَأي سَاعَة قَالَ: إِذا أذن الْمُؤَذّن لصَلَاة الْغَدَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة من وَجه آخر عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: إِن يَوْم

الْجُمُعَة مثل يَوْم عَرَفَة وَإِن فِيهِ لساعة تفتح أَبْوَاب الرَّحْمَة فَقيل: أَي سَاعَة قَالَت: حِين يُنَادي بِالصَّلَاةِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُم قَالَا: السَّاعَة الَّتِي تذكر فِي الْجُمُعَة قَالَ: فَقلت: هِيَ السَّاعَة اخْتَار الله لَهَا أوفى فِيهَا الصَّلَاة قَالَ: فَمسح رَأْسِي وبرك عليّ وَأَعْجَبهُ مَا قلت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي أُمَامَة قَالَ: إِنِّي لأرجو أَن تكون السَّاعَة الَّتِي فِي الْجُمُعَة إِحْدَى هَذِه السَّاعَات إِذا أذن الْمُؤَذّن أَو جلس الإِمام على الْمِنْبَر أَو عِنْد الإِقامة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هِيَ عِنْد زَوَال الشَّمْس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: هِيَ مَا بَين أَن يحرم البيع إِلَى أَن يحل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بردة قَالَ: إِن السَّاعَة الَّتِي يُسْتَجَاب فِيهَا الدُّعَاء يَوْم الْجُمُعَة حِين يقوم الإِمام فِي الصَّلَاة حَتَّى ينْصَرف مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَوْف بن حصيرة فِي السَّاعَة الَّتِي ترجى فِي الْجُمُعَة مَا بَين خُرُوج الإِمام إِلَى أَن تقضى الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوُوس قَالَ: إِن السَّاعَة الَّتِي ترجى فِي الْجُمُعَة بعد الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد قَالَ: هِيَ بعد الْعَصْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن هِلَال بن يسَار قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن فِي الْجُمُعَة لساعة لَا يُوَافِقهَا رجل مُسلم يسْأَل الله فِيهَا خيرا إِلَّا أعطَاهُ فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله مَاذَا أسأله قَالَ: سل الله الْعَافِيَة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يغْتَسل رجل يَوْم الْجُمُعَة ويتطهر بِمَا اسْتَطَاعَ من طهوره وادهن من دهنه أَو مس طيبا من بَيته ثمَّ رَاح فَلم يفرق بَين اثْنَيْنِ ثمَّ صلى مَا كتب الله لَهُ ثمَّ أنصت إِذا تكلم الإِمَام إِلَّا غفر لَهما بَينه إِلَى الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ: كَانَ النداء الَّذِي ذكر الله فِي الْقُرْآن يَوْم الْجُمُعَة فِي زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر وَعمر وَعَامة خلَافَة عُثْمَان أَن يُنَادي الْمُنَادِي إِذا جلس الإِمام على الْمِنْبَر فَلَمَّا تَبَاعَدت

المساكن وَكثر النَّاس أحدث النداء الأول فَلم يعب النَّاس ذَلِك عَلَيْهِ وَقد عابوا عَلَيْهِ حِين أتم الصَّلَاة بمنى قَالَ: فَكُنَّا فِي زمَان عمر نصلي فَإِذا خرج عمر وَجلسَ على الْمِنْبَر قَطعنَا الصَّلَاة وتحدثنا فَرُبمَا أقبل عمر على بعض من يَلِيهِ فَسَأَلَهُمْ عَن سوقهم وَقد أمّهم والمؤذن يُؤذن فَإِذا سكت الْمُؤَذّن قَامَ عمر فَتكلم وَلم يتَكَلَّم حَتَّى يفرغ من خطبَته وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة} قَالَ: هُوَ الْوَقْت وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة} قَالَ: النداء عِنْد الذّكر عَزمَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب الْأَذَان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَذَان نزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ فرض الصَّلَاة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين قَالَ: جمع أهل الْمَدِينَة قبل أَن يقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقبل أَن تنزل الْجُمُعَة قَالَت الْأَنْصَار: للْيَهُود يَوْم تجمعون فِيهِ كل سَبْعَة أَيَّام وَالنَّصَارَى مثل ذَلِك فَهَلُمَّ فلنجعل يَوْمًا نَجْتَمِع فِيهِ فَنَذْكُر الله ونشكره فَقَالُوا: يَوْم السبت للْيَهُود وَيَوْم الْأَحَد لليصارى فَاجْعَلُوهُ يَوْم الْعرُوبَة وَكَانُوا يسمون الْجُمُعَة يَوْم الْعرُوبَة فَاجْتمعُوا إِلَى أسعد بن زُرَارَة فصلى بهم يَوْمئِذٍ رَكْعَتَيْنِ وَذكرهمْ فَسَموهُ الْجُمُعَة حِين اجْتَمعُوا إِلَيْهِ فذبح لَهُم شَاة فتغدوا وتعشوا مِنْهَا وَذَلِكَ لقلتهم فَأنْزل الله فِي ذَلِك بعد {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} الْآيَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أذن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجُمُعَة قبل أَن يُهَاجر وَلم يسْتَطع أَن يجمع بِمَكَّة فَكتب إِلَى مُصعب بن عُمَيْر أما بعد فَأنْظر الْيَوْم الَّذِي تجْهر فِيهِ الْيَهُود بالزبور فَأَجْمعُوا نِسَائِكُم وأبناءكم فَإِذا مَال النَّهَار عَن شطره عِنْد الزَّوَال من يَوْم الْجُمُعَة فتقربوا إِلَى الله بِرَكْعَتَيْنِ قَالَ: فَهُوَ أول من جمع حَتَّى قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَجمع بعد الزَّوَال من الظّهْر وَأظْهر ذَلِك وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك أَن أَبَاهُ كَانَ إِذا سمع النداء يَوْم الْجُمُعَة ترحم على أسعد بن زُرَارَة فَقلت لَهُ يَا

أبتاه أَرَأَيْت اسغفارك لأسعد بن زُرَارَة كلما سَمِعت الآذان للْجُمُعَة مَا هُوَ قَالَ: إِنَّه أَو من جمع بِنَا فِي نَقِيع يُقَال لَهُ نَقِيع الْخضمات من حرَّة بني بياضة قلت: كم كُنْتُم يومئذٍ قَالَ: أَرْبَعُونَ رجلا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: أول من قدم من الْمُهَاجِرين الْمَدِينَة مُصعب بن عُمَيْر وَهُوَ أول من جمع بهَا يَوْم الْجُمُعَة بهم قبل أَن يقدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم اثْنَا عشر رجلا وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة عَن ابْن شهَاب قَالَ: ركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة من قبَاء فَمر على بني سَالم فصلى فيهم الْجُمُعَة ببني سَالم وَهُوَ الْمَسْجِد الَّذِي فِي بطن الْوَادي وَكَانَت أول جُمُعَة صلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن ماجة عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب فَقَالَ: إِن الله افْترض عَلَيْكُم الْجُمُعَة فِي مقَامي هَذَا فِي يومي هَذَا فِي شَهْري هَذَا فِي عَامي هَذَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَمن تَركهَا اسْتِخْفَافًا بهَا أَو جحُودًا لَهَا فَلَا جمع الله لَهُ شَمله وَلَا بَارك لَهُ فِي أمره أَلا وَلَا صَلَاة لَهُ وَلَا زَكَاة لَهُ وَلَا حج لَهُ وَلَا صَوْم لَهُ وَلَا بركَة لَهُ حَتَّى يَتُوب فَمن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ على أَعْوَاد الْمِنْبَر: لينتهين أَقوام عَن ترك الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات أَو ليطمسن الله على قُلُوبهم وليكتبن من الغافلين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سَمُرَة بن جُنْدُب مَرْفُوعا من ترك الْجُمُعَة من غير عذر طمس على قلبه وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن أبي قَتَادَة مَرْفُوعا من ترك الْجُمُعَة ثَلَاث مَرَّات من غير ضَرُورَة طبع الله على قلبه وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن خُزَيْمَة من حَدِيث جَابر مثله وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان عَن أبي الْجَعْد الضمرِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من ترك الْجُمُعَة ثَلَاثًا من غير عذر فَهُوَ مُنَافِق وَأخرج أَبُو يعلى والمروزي من طَرِيق مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن سعد بن زُرَارَة عَن عَمه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سيد الْأَيَّام عِنْد الله يَوْم الْجُمُعَة أعظم من يَوْم النَّحْر وَالْفطر وَفِيه خمس خلال: خلق آدم فِيهِ وَفِيه أهبط من الْجنَّة إِلَى

الأَرْض وَتُوفِّي فِيهِ آدم وَفِيه سَاعَة لَا يسْأَل العَبْد فِيهَا ربه إِلَّا أعطَاهُ مَا لم يسْأَل حَرَامًا وَفِيه تقوم السَّاعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مَيْمُون بن أبي شُعَيْب قَالَ: أردْت الْجُمُعَة فِي زمن الْحجَّاج فتهيأت للذهاب ثمَّ قلت: أَيْن أذهب أُصَلِّي خلف هَذَا فَقلت مرّة أذهب وَمرَّة لَا أذهب فأجمع رَأْيِي على الذّهاب فناداني منادٍ من جَانب الْبَيْت {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} قَوْله تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} الْآيَة أخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن خَرشَة بن الْحر قَالَ: رأى معي عمر بن الْخطاب لوحاً مَكْتُوبًا فِيهِ {إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} فَقَالَ: من أمْلى عَلَيْك هَذَا قلت: أبيّ بن كَعْب قَالَ: إِن أَبَيَا أقرؤنا للمنسوخ قَرَأَهَا فامضوا إِلَى ذكر الله وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قيل لعمر: إِن أَبَيَا يقْرَأ {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} قَالَ عمر: أبيّ أعلمنَا بالمنسوخ وَكَانَ يقْرؤهَا فامضوا إِلَى ذكر الله وَأخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَيْهَقِيّ وَفِي سنَنه عَن ابْن عمر قَالَ: مَا سَمِعت عمر يقْرؤهَا قطّ إِلَّا فامضوا إِلَى ذكر الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي لَا مصاحف وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر قَالَ: مَا سَمِعت عمر يقْرؤهَا قطّ إِلَّا فامضوا إِلَى ذكر الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عمر قَالَ: لقد توفّي عمر وَمَا يَقُول هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْجُمُعَة إِلَّا فامضوا إِلَى ذكر الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَأَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي وَالطَّبَرَانِيّ من طرق عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ فامضوا إِلَى ذكر الله قَالَ: وَلَو كَانَت فَاسْعَوْا لسعيت حَتَّى يسْقط رِدَائي

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة قَالَ فِي حرف ابْن مَسْعُود: فامضوا إِلَى ذكر الله وَهُوَ كَقَوْلِه: (إِن سعيكم لشتى) (سُورَة اللَّيْل الْآيَة 4) وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق أبي الْعَالِيَة عَن أبيّ بن كَعْب وَابْن مَسْعُود أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن فامضوا إِلَى ذكر الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن الزبير أَنه كَانَ يقرأوها فامضوا إِلَى ذكر الله وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} قَالَ: فامضوا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} قَالَ: مَا هُوَ بالسعي على الْأَقْدَام وَلَقَد نهوا أَن يَأْتُوا الصَّلَاة إِلَّا وَعَلَيْهِم السكينَة وَالْوَقار وَلَكِن بالقلوب وَالنِّيَّة والخشوع وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} قَالَ: السَّعْي أَن تسْعَى بلبك وعملك وَهُوَ الْمُضِيّ إِلَيْهَا قَالَ الله: (فَلَمَّا بلغ مَعَه السَّعْي) (سُورَة الصافات الْآيَة 102) قَالَ: لما مَشى مَعَ أَبِيه وَأخرج عبد بن حميد عَن ثَابت قَالَ: كُنَّا مَعَ أنس بن مَالك يَوْم الْجُمُعَة فَسمع النداء بِالصَّلَاةِ فَقَالَ: قُم لنسعى إِلَيْهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي قَوْله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} قَالَ: الذّهاب وَالْمَشْي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: إِنَّمَا السَّعْي الْعَمَل وَلَيْسَ السَّعْي على الْأَقْدَام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: السَّعْي الْعَمَل وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن الصَّامِت قَالَ: خرجت إِلَى الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة فَلَقِيت أَبَا ذَر فَبينا أَنا أَمْشِي إِذا سَمِعت النداء فَرفعت فِي الْمَشْي لقَوْل الله: {إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} فجذبني جذبة فَقَالَ: أولسنا فِي سعي

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} قَالَ: موعظة الإِمَام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حرمت التِّجَارَة يَوْم الْجُمُعَة مَا بَين الْأَذَان الأول إِلَى الإِقامة إِلَى انصراف الإِمام لِأَن الله يَقُول: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر} إِلَى {وذروا البيع} وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن كَعْب أَن رجلَيْنِ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَا يَخْتَلِفَانِ فِي تجارتهما إِلَى الشَّام فَرُبمَا قدما يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فيدعونه ويقومون فِيمَا هم إِلَّا بيعا حَتَّى تُقَام الصَّلَاة فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله وذروا البيع} قَالَ: فَحرم عَلَيْهِم مَا كَانَ قبل ذَلِك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: الْأَذَان الَّذِي يحرم فِيهِ البيع هُوَ الْأَذَان الَّذِي عِنْد خُرُوج الإِمام قَالَ: وَأرى أَن يتْرك البيع الْآن عِنْد الْأَذَان الأول وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة حرم الشِّرَاء وَالْبيع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: إِذا زَالَت الشمش من يَوْم الْجُمُعَة حرم البيع وَالتِّجَارَة حَتَّى تقضى الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء وَالْحسن أَنَّهُمَا قَالَا: ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد عَن أَيُّوب قَالَ: لأهل الْمَدِينَة سَاعَة يَوْم الْجُمُعَة ينادون: حرم البيع وَذَلِكَ عِنْد خُرُوج الإِمام وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ إِذا أذن الْمُؤَذّن من يَوْم الْجُمُعَة ينادون فِي الْأَسْوَاق: حرم البيع حرم البيع وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم أَن الْقَاسِم دخل على أَهله فِي يَوْم الْجُمُعَة وَعِنْدهم عطار يبايعونه فاشتروا مِنْهُ وَخرج الْقَاسِم إِلَى الْجُمُعَة فَوجدَ الإِمام قد خرج فَأَمرهمْ أَن يناقضوه البيع

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: من بَاعَ شَيْئا بعد الزَّوَال يَوْم الْجُمُعَة فَإِن بَيْعه مَرْدُود لِأَن الله تَعَالَى نهى عَن البيع إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: هَل تعلم من شَيْء يحرم إِذا أذن بِالْأولَى سوى البيع قَالَ عَطاء: إِذا نُودي بِالْأولَى حرم اللَّهْو وَالْبيع والصناعات كلهَا هِيَ بمنزلت البيع والرقاد وَأَن يَأْتِي الرجل أَهله وَأَن يكْتب كتابا قلت: إِذا نُودي بِالْأولَى وَجب الرواح حِينَئِذٍ قَالَ: نعم قلت: من أجل قَوْله إِذا نُودي للصَّلَاة من يَوْم الْجُمُعَة قَالَ: نعم فَليدع حِينَئِذٍ كل شَيْء وليرح أخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن بسر الْحَرَّانِي قَالَ: رَأَيْت عبد الله بن بشر الْمَازِني صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الْجُمُعَة خرج فدار فِي السُّوق سَاعَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَسْجِد فصلى مَا شَاءَ الله أَن يُصَلِّي فَقيل لَهُ: لأي شَيْء تصنع هَذَا قَالَ: لِأَنِّي رَأَيْت سيد الْمُرْسلين هَكَذَا يصنع وتلا هَذِه الْآيَة {فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض وابتغوا من فضل الله} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: إِذا انصرفت يَوْم الْجُمُعَة فَاخْرُج إِلَى بَاب الْمَسْجِد فساوم بالشَّيْء وَإِن لم تشتره وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْوَلِيد بن رَبَاح أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْجُمُعَة فَإِذا سلم صَاح {فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض وابتغوا من فضل الله واذْكُرُوا الله} فيبتدر النَّاس الْأَبْوَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد وَعَطَاء {فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض} قَالَا: إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ لم يفعل وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض} قَالَ: هُوَ إِذن من الله فَإِذا فرغ فَإِن شَاءَ خرج وَإِن شَاءَ قعد فِي الْمَسْجِد وَأخرج ابْن جرير عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض وابتغوا من فضل الله} قَالَ: لَيْسَ لطلب دنيا وَلَكِن عبَادَة مَرِيض وَحُضُور جَنَازَة وزيارة أَخ فِي الله

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَإِذا قضيت الصَّلَاة فَانْتَشرُوا فِي الأَرْض وابتغوا من فضل الله} قَالَ: لم يؤمروا بِشَيْء من طلب الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ عِيَادَة مَرِيض وَحُضُور جَنَازَة وزيارة أَخ فِي الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من صلى الْجُمُعَة فصَام يَوْمه وَعَاد مَرِيضا وَشهد جَنَازَة وَشهد نِكَاحا وَجَبت لَهُ الْجنَّة قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة} الْآيَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة قَائِما إِذا قدمت عير الْمَدِينَة فَابْتَدَرَهَا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى لم يبْق مِنْهُم إِلَّا اثْنَا عشر رجلا أَنا فيهم وَأَبُو بكر وَعمر فَأنْزل الله {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة فَقدم دحْيَة بن خَليفَة يَبِيع سلْعَة لَهُ فَمَا بَقِي فِي الْمَسْجِد أحد إِلَّا نفر وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم فَأنْزل الله {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما} قَالَ: قدم دحْيَة الْكَلْبِيّ بِتِجَارَة فَخَرجُوا ينظرُونَ إِلَّا سَبْعَة نفر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما} قَالَ: جَاءَت عير عبد الرَّحْمَن بن عَوْف تحمل الطَّعَام فَخَرجُوا من الْجُمُعَة بَعضهم يُرِيد أَن يَشْتَرِي وَبَعْضهمْ يُرِيد أَن ينظر إِلَى دحْيَة وَتركُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما على الْمِنْبَر وَبَقِي فِي الْمَسْجِد اثْنَا عشر رجلا وَسبع نسْوَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو خَرجُوا كلهم لاضطرم الْمَسْجِد عَلَيْهِم نَارا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قدمت عير الْمَدِينَة يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم على الْمِنْبَر يخْطب فانفض أَكثر من كَانَ فِي الْمَسْجِد فَأنْزل الله فِي هَذِه الْآيَة {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا} وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي مراسيله عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

يُصَلِّي الْجُمُعَة قبل الْخطْبَة مثل الْعِيدَيْنِ حَتَّى كَانَ يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب وَقد صلى الْجُمُعَة فَدخل رجل فَقَالَ: إِن دحْيَة بن خَليفَة قد قدم بِتِجَارَة وَكَانَ دحْيَة إِذا قدم تَلقاهُ أَهله بالدفاف فَخرج النَّاس وَلم يَظُنُّوا إِلَّا أَنه لَيْسَ فِي ترك الْخطْبَة شَيْء فَأنْزل الله {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا} فَقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة وَأخر الصَّلَاة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مقَاتل بن حَيَّان قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة وَيقوم قَائِما وَإِن دحْيَة الْكَلْبِيّ كَانَ رجلا تَاجِرًا وَكَانَ قبل أَن يسلم: قدم بتجارته إِلَى الْمَدِينَة خرج النَّاس ينظرُونَ إِلَى مَا جَاءَ بِهِ ويشترون مِنْهُ فَقدم ذَات يَوْم وَوَافَقَ الْجُمُعَة وَالنَّاس عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَسْجِد وَهُوَ قَائِم يخْطب فَاسْتقْبل أهل دحْيَة العير حِين دخل الْمَدِينَة بالطبل وَاللَّهْو فَذَلِك اللَّهْو الَّذِي ذكر الله فَسمع النَّاس فِي الْمَسْجِد أَن دحْيَة قد نزل بِتِجَارَة عِنْد أَحْجَار الزَّيْت وَهُوَ مَكَان فِي سوق الْمَدِينَة وسمعوا أصواتاً فَخرج عَامَّة النَّاس إِلَى دحْيَة ينظرُونَ إِلَى تِجَارَته وَإِلَى اللَّهْو وَتركُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما لَيْسَ مَعَه كَبِير عدَّة أحد فبلغني وَالله أعلم أَنهم فعلوا ذَلِك ثَلَاث مَرَّات وبلغنا أَن الْعدة الَّتِي بقيت فِي الْمَسْجِد مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عدَّة قَليلَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك: لَوْلَا هَؤُلَاءِ يَعْنِي الَّذين بقوا فِي الْمَسْجِد عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقصدت إِلَيْهِم الْحِجَارَة من السَّمَاء وَنزل {قل مَا عِنْد الله خير من اللَّهْو وَمن التِّجَارَة وَالله خير الرازقين} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة فَإِذا كَانَ نِكَاح لعب أَهله وعزفوا ومروا باللهو على الْمَسْجِد وَإِذا نزل بالبطحاء جلب قَالَ: وَكَانَت الْبَطْحَاء مَجْلِسا بِفنَاء الْمَسْجِد الَّذِي يَلِي بَقِيع الْغَرْقَد وَكَانَت الْأَعْرَاب إِذا جلبوا الْخَيل والإِبل وَالْغنم وبضائع الْأَعْرَاب نزلُوا الْبَطْحَاء فَإِذا سمع ذَلِك من يقْعد للخطبة قَامُوا للهو وَالتِّجَارَة وتركوه قَائِما فعاتب الله الْمُؤمنِينَ لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما} وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا} قَالَ: رجال يقومُونَ إِلَى نواضحهم وَإِلَى السّفر يقدمُونَ يَبْتَغُونَ التِّجَارَة وَاللَّهْو وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: بَينا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة

إِذْ قدمت عير الْمَدِينَة فَانْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتركُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يبْق مَعَه إِلَّا رَهْط مِنْهُم أَبُو بكر وَعمر فَنزلت هَذِه الْآيَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو تَتَابَعْتُمْ حَتَّى لَا يبْقى معي أحد مِنْكُم لَسَالَ بكم الْوَادي نَارا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ يَوْم الْجُمُعَة فخطبهم ووعظهم وَذكرهمْ فَقيل: جَاءَت عير فَجعلُوا يقومُونَ حَتَّى بقيت عِصَابَة مِنْهُم فَقَالَ: كم أَنْتُم فعدوا أَنفسكُم فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَة ثمَّ قَامَ الْجُمُعَة الثَّانِيَة فخطبهم ووعظهم وَذكرهمْ فَقيل: جَاءَت عير فَجعلُوا يقومُونَ حَتَّى بقيت عِصَابَة مِنْهُم فَقَالَ: كم أَنْتُم فعدوا أَنفسكُم فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَة فَقَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو أتبع آخركم أولكم لَالْتَهَبَ الْوَادي عَلَيْكُم نَارا وَأنزل الله فِيهَا {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أَو لهواً} قَالَ: هُوَ الضَّرْب الطبل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان قَالَ: بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة أقبل شَاءَ وَشَيْء من سمن فَجعل النَّاس يقومُونَ إِلَيْهِ حَتَّى لم يبْق إِلَّا قَلِيل فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو تَتَابَعْتُمْ لتأجج الْوَادي نَارا وَأخرج ان أبي شيبَة وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَنه سُئِلَ: أَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب قَائِما أَو قَاعِدا قَالَ: أما تقْرَأ {وَتَرَكُوك قَائِما} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَابْن مرديه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن كَعْب بن عجْرَة أَنه دخل الْمَسْجِد وَعبد الرَّحْمَن بن أم الحكم يخْطب قَاعِدا فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبيث يخْطب قَاعِدا وَقد قَالَ الله: {وَتَرَكُوك قَائِما} وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وان مرْدَوَيْه عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب قَائِما وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطبتان يجلس بَينهمَا يقْرَأ الْقُرْآن وَيذكر النَّاس وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب خطبتين يجلس بَينهمَا

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يخْطب يَوْم الْجُمُعَة قَائِما ثمَّ يقْعد ثمَّ يقوم فيخطب وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين أَنه سُئِلَ عَن خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة فَقَرَأَ {وَتَرَكُوك قَائِما} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: سَأَلت أَبَا عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ عَن الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة فَقَرَأَ {وَتَرَكُوك قَائِما} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوُوس قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَإِن أوّل من جلس على الْمِنْبَر مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوُوس قَالَ: الْجُلُوس على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة بِدعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِنَّمَا خطب مُعَاوِيَة قَاعِدا حِين كثر شَحم بَطْنه ولحمه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صعد الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة اسْتقْبل النَّاس بِوَجْهِهِ الْكَرِيم فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم ويحمد الله ويثني عَلَيْهِ وَيقْرَأ سُورَة ثمَّ يجلس ثمَّ يقوم فيخطب ثمَّ ينزل وَكَانَ أَبُو بكر وَعمر يفعلانه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَت خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصراً وَصلَاته قصراً وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَكْحُول قَالَ: إِنَّمَا قصرت صَلَاة الْجُمُعَة من أجل الْخطْبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن سِيرِين أَنه سُئِلَ عَن خطْبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة فَقَرَأَ {وَتَرَكُوك قَائِما} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي شعب الإِيمان والديلمي عَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: طلبت خطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْجُمُعَة فأعيتني فلزمت رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ: كَانَ يخْطب فَيَقُول فِي خطبَته يَوْم الْجُمُعَة: يَا أَيهَا النَّاس إِن لكم علما فَانْتَهوا إِلَى علمكُم وَإِن لكم نِهَايَة فَانْتَهوا إِلَى نهايتكم فَإِن الْمُؤمن بَين مخافتين بَين أجل قد مضى لَا يدْرِي كَيفَ صنع الله فِيهِ وَبَين أجل قد بَقِي لَا يدْرِي كَيفَ الله بصانع فِيهِ فليتزوّد الْمُؤمن من نَفسه لنَفسِهِ وَمن دُنْيَاهُ لآخرته

وَمن الشَّبَاب قبل الْهَرم وَمن الصِّحَّة قبل السقم فَإِنَّكُم خلقْتُمْ للآخرة وَالدُّنْيَا خلقت لكم وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا بعد الْمَوْت من مستعتب وَمَا بعد الدُّنْيَا دَار إِلَّا الْجنَّة وَالنَّار وَأَسْتَغْفِر الله لي وَلكم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن شهَاب قَالَ: بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول إِذا خطب: كل مَا هُوَ آتٍ قريب لَا بعد لما هُوَ آتٍ لَا يعجل الله لعجلة أحد وَلَا يخف لأمر النَّاس مَا شَاءَ الله لَا مَا شَاءَ النَّاس يُرِيد النَّاس أمرا وَيُرِيد الله أمرا وَمَا شَاءَ الله كَانَ وَلَو كره النَّاس لامبعد لما قرب الله وَلَا مقرب لما بعد الله وَلَا يكون شَيْء إِلَّا بِإِذن الله

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 63 سُورَة المُنَافِقُونَ مَدَنِيَّة وآياتها إِحْدَى عشرَة مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْمُنَافِقين بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي صَلَاة الْجُمُعَة فيحرض بهَا الْمُؤمنِينَ وَفِي الثَّانِيَة سُورَة الْمُنَافِقين فيقرع بهَا الْمُنَافِقين وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي عُيَيْنَة الْخَولَانِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يقْرَأ فِي صَلَاة الْجُمُعَة بِسُورَة الْجُمُعَة وَالسورَة الَّتِي يذكر فِيهَا المُنَافِقُونَ وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم الْآيَة 1 - 4

المنافقون

أخرج ابْن سعد وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أَرقم قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَأصَاب النَّاس شدّة فَقَالَ عبد الله بن أبيّ لأَصْحَابه: لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله حَتَّى يَنْفضوا من حوله وَقَالَ: لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته بذلك فَأرْسل إِلَى عبد الله بن أبيّ فَسَأَلَهُ فاجتهد يَمِينه مَا فعل فَقَالُوا: كذب زيد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوَقع فِي نَفسِي مِمَّا قَالُوا شدَّة حَتَّى أنزل الله تصديقي فِي {إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ} فَدَعَاهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَسْتَغْفِر لَهُم فلووا رؤوسهم وَهُوَ قَوْله: {خشب مُسندَة} قَالَ: كَانُوا رجَالًا أجمل شَيْء وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن زيد بن أَرقم قَالَ: غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ مَعنا نَاس من الْأَعْرَاب فَكُنَّا نَبْتَدِر المَاء وَكَانَ الْأَعْرَاب يسبقونا إِلَيْهِ فَيَسْبق الْأَعرَابِي أَصْحَابه فَيمْلَأ الْحَوْض وَيجْعَل حوله حِجَارَة وَيجْعَل النطع عَلَيْهِ حَتَّى يَجِيء أَصْحَابه فَأتى من الْأَنْصَار أَعْرَابِيًا فَأرْخى زِمَام نَاقَته لتشرب فَأبى أَن يَدعه فَانْتزع حجرا فغاض المَاء فَرفع الْأَعرَابِي خَشَبَة فَضرب بهَا رَأس الْأنْصَارِيّ فَشَجَّهُ فَأتى عبد الله بن أبيّ رَأس الْمُنَافِقين فَأخْبرهُ وَكَانَ من أَصْحَابه فَغَضب وَقَالَ: لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله حَتَّى ينفض من حوله يَعْنِي الْأَعْرَاب وَكَانُوا يحْضرُون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد الطَّعَام وَقَالَ عبد الله لأَصْحَابه: إِذا انْفَضُّوا من عِنْد مُحَمَّد فائتوا مُحَمَّدًا بِالطَّعَامِ فَليَأْكُل هُوَ وَمن عِنْده ثمَّ قَالَ لأَصْحَابه: إِذا رجعتم إِلَى الْمَدِينَة فَليخْرجْ الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل قَالَ زيد: وَأَنا ردف عمي فَسمِعت وَكُنَّا أَخْوَاله عبد الله فَأخْبرت عمي فَانْطَلق فَأخْبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأرْسل إِلَيْهِ رَسُول الله فَحلف وَجحد فَصدقهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذبَنِي فجَاء إِلَى عمي فَقَالَ: مَا أردْت إِلَى أَن مَقَتك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذبَك وَكَذبَك الْمُسلمُونَ فَوَقع عليّ من الْهم مَا لم يَقع على أحد قطّ فَبَيْنَمَا أَنا أَسِير وَقد خَفَقت برأسي من الْهم إِذا آتَانِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعَرَكَ أُذُنِي وَضحك فِي وَجْهي فَمَا كَانَ يسرني أَن لي بهَا الْخلد أَو الدُّنْيَا ثمَّ إِن أَبَا بكر لَحِقَنِي فَقَالَ: مَا قَالَ لَك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: مَا قَالَ لي شَيْئا إِلَّا أَنه عَرَكَ أُذُنِي

وَضحك فِي وَجْهي فَقَالَ: اُبْشُرْ ثمَّ لَحِقَنِي عمر فَقلت لَهُ مثل قولي لأبي بكر فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ قَالُوا نشْهد إِنَّك لرَسُول الله} حَتَّى بلغ {ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أَرقم قَالَ: لما قَالَ عبد الله بن أبيّ مَا قَالَ: لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله حَتَّى يَنْفضوا وَقَالَ: لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل سمعته فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فلامني نَاس من الْأَنْصَار وجاءهم يحلف مَا قَالَ ذَلِك فَرَجَعت إِلَى الْمنزل فَنمت فَأَتَانِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن الله صدقك وعذرك فأنزلت هَذِه الْآيَة {هم الَّذين يَقُولُونَ لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله} الْآيَتَيْنِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن أَرقم قَالَ: لما قَالَ ابْن أبيّ مَا قَالَ أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فجَاء فَحلف مَا قَالَ فَجعل نَاس يَقُولُونَ: جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْكَذِبِ حَتَّى جَلَست فِي الْبَيْت مَخَافَة إِذا رأوني قَالُوا: هَذَا الَّذِي يكذب حَتَّى أنزل الله {هم الَّذين يَقُولُونَ} الْآيَة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن زيد بن أَرقم قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ عبد الله بن أبيّ فَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نَاس من أَصْحَابه فَقَالَ عبد الله بن أبيّ: لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل فَأتيت سعد بن عبَادَة فَأَخْبَرته فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى عبد الله بن أبيّ فَحلف لَهُ عبد الله بن أُبيّ بِاللَّه مَا تكلم بِهَذَا فَنظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى سعد بن عبَادَة فَقَالَ سعد: يَا رَسُول الله إِنَّمَا أخبرنيه الْغُلَام زيد بن أَرقم فجَاء سعد فَأخذ بيَدي فَانْطَلق بِي فَقَالَ: هَذَا حَدثنِي فَانْتَهرنِي عبد الله بن أبيّ فانتهيت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبكيت وَقلت: أَي وَالَّذِي أنزل النُّور عَلَيْك لقد قَالَه وَانْصَرف عَنهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله {إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سماهم الله منافقين لأَنهم كتموالشرك وأظهروا الإِيمان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {اتَّخذُوا أَيْمَانهم جنَّة} قَالَ: حلفهم بِاللَّه إِنَّهُم لمنكم اجنوا بأيمانهم من الْقَتْل وَالْحَرب

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {اتَّخذُوا أَيْمَانهم جنَّة} قَالَ: اتَّخذُوا حلفهم جنَّة ليعصموا بهَا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سَافر كَانَ مَعَ كل رجل من أَغْنِيَاء الْمُؤمنِينَ رجل من الْفُقَرَاء يحمل لَهُ زَاده وماءه فَكَانُوا إِذا دنوا من المَاء تقدم الْفُقَرَاء فاستقوا لأصحابهم فسبقهم أَصْحَاب عبد الله بن أبيّ فَأَبَوا أَن يخلوا عَن الْمُؤمنِينَ فحصرهم الْمُؤْمِنُونَ فَلَمَّا جَاءَ عبد الله بن أُبيّ نظر إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ: وَالله لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل وَقَالَ: امسكوا عَنْهُم البيع لَا تبايعوهم فَسمع زيد بن أَرقم قَول ابْن أبيّ: لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة وَقَوله: لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله فَأخْبر عَمه فَأخْبر عَمه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أبيّ وَأَصْحَابه فَعجب من صورته وجماله وَهُوَ يمشي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذَلِك قَوْله: {وَإِذا رَأَيْتهمْ تعجبك أجسامهم وَإِن يَقُولُوا تسمع لقَولهم كَأَنَّهُمْ خشب مُسندَة} فَعرفهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أخبرهُ حلف مَا قَالَه فَذَلِك قَوْله: {اتَّخذُوا أَيْمَانهم جنَّة} {قَالُوا نشْهد إِنَّك لرَسُول الله} وَذَلِكَ قَوْله: {إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ قَالُوا نشْهد إِنَّك لرَسُول الله} وكل شَيْء أنزلهُ فِي الْمُنَافِقين فَإِنَّمَا أَرَادَ عبد الله ابْن أبيّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ذَلِك بِأَنَّهُم آمنُوا ثمَّ كفرُوا فطبع على قُلُوبهم} قَالَ: أقرُّوا بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله وَقُلُوبهمْ تأبى ذَلِك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَأَنَّهُمْ خشب مُسندَة} قَالَ: نخل قيام الْآيَة 5 - 8

5

أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا نزل منزلا فِي السّفر لم يرتحل مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّي فِيهِ فَلَمَّا كَانَ غَزْوَة تَبُوك نزل منزلا فَقَالَ عبد الله بن أبيّ: لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فارتحل وَلم يصل فَذكرُوا ذَلِك فَذكر قصَّة ابْن أبيّ وَنزل الْقُرْآن {إِذا جَاءَك المُنَافِقُونَ قَالُوا نشْهد إِنَّك لرَسُول الله وَالله يعلم إِنَّك لرَسُوله} وَجَاء عبد الله بن أبي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يعْتَذر وَيحلف مَا قَالَ وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَهُ: تب فَجعل يلوي رَأسه فَأنْزل الله عز وَجل {وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا يسْتَغْفر لكم رَسُول الله لووا رؤوسهم} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا يسْتَغْفر لكم رَسُول الله لووا رؤوسهم} قَالَ: عبد الله بن أبيّ بن سلول قيل لَهُ: تعال يسْتَغْفر لَك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلوى رَأسه وَقَالَ: مَاذَا قلت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَإِذا قيل لَهُم تَعَالَوْا يسْتَغْفر لكم رَسُول الله لووا رؤوسهم} قَالَ: حركوها استهزاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: نزلت فِي عبد الله بن أبيّ وَذَلِكَ أَن غُلَاما من قرَابَته انْطلق إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَدِيث وَتَكْذيب شَدِيد فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هُوَ يحلف ويتبرأ من ذَلِك وَأَقْبَلت الْأَنْصَار على ذَلِك الْغُلَام فلاموه وعذلوه وَقيل لعبد الله رَضِي الله عَنهُ: لَو أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاسْتَغْفر لَك فَجعل يلوي رَأسه وَيَقُول: لست فَاعِلا وَكذب عَليّ فَأنْزل الله مَا تَسْمَعُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الحكم عَن عِكْرِمَة أَن عبد الله بن أبيّ بن سلول كَانَ لَهُ ابْن يُقَال لَهُ حباب فَسَماهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله فَقَالَ يَا رَسُول الله: إِن وَالِدي يُؤْذِي الله وَرَسُوله فذرني حَتَّى أَقتلهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقتل أَبَاك ثمَّ جَاءَهُ أَيْضا فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول الله إِن وَالِدي يُؤْذِي الله وَرَسُوله فذرني حَتَّى أَقتلهُ فَقَالَ لَهُ رسو ل الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقتل أَبَاك ثمَّ جَاءَهُ أَيْضا فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن وَالِدي يُؤْذِي الله وَرَسُوله فذرني أَقتلهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقتل أَبَاك فَقَالَ: يَا رَسُول الله فذرني حَتَّى أسقيه من وضوئك لَعَلَّ قلبه يلين فَتَوَضَّأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَعْطَاهُ فَذهب بِهِ إِلَى أَبِيه فَسَقَاهُ ثمَّ قَالَ لَهُ: هَل تَدْرِي مَا سقيتك قَالَ لَهُ وَالِده: سقيتني بَوْل أمك فَقَالَ لَهُ ابْنه: وَالله وَلَكِن سقيتك وضوء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عِكْرِمَة: وَكَانَ عبد الله بن أبيّ عَظِيم الشَّأْن وَفِيه أنزلت هَذِه الْآيَة فِي الْمُنَافِقين هم الَّذين يَقُولُونَ لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله حَتَّى يَنْفضوا وَهُوَ الَّذِي قَالَ: لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل قَالَ الحكم: ثمَّ حَدثنِي بشر بن مُسلم أَنه قيل لَهُ: يَا أَبَا حباب إِنَّه قد نزل فِيك آي شَدَّاد فَاذْهَبْ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْتَغْفر لَك فَلوى رَأسه ثمَّ قَالَ: أَمرْتُمُونِي أَن أومن فقد آمَنت وَأَمَرْتُمُونِي أَن أعطي زَكَاة مَالِي فقد أَعْطَيْت فَمَا بَقِي إِلَّا أَن أَسجد لمُحَمد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: كَانَ لعبد الله بن أبيّ مقَام يقومه كل جُمُعَة لَا يتْركهُ شرفاً لَهُ فِي نَفسه وَفِي قومه فَكَانَ إِذا جلس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْجُمُعَة يخْطب قَامَ فَقَالَ: أَيهَا النَّاس هَذَا رسو ل الله بَين أظْهركُم أكْرمكُم الله بِهِ وأعزكم بِهِ فانصروه وعزروه واسمعوا لَهُ وَأَطيعُوا ثمَّ يجلس فَلَمَّا قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أحد وصنع الْمُنَافِق مَا صنع فِي أحد فَقَامَ يفعل كَمَا كَانَ يفعل فَأخذ الْمُسلمُونَ بثيابه من نواحيه وَقَالُوا: اجْلِسْ يَا عَدو الله لست لهَذَا الْمقَام بِأَهْل قد صنعت مَا صنعت فَخرج يتخطى رِقَاب النَّاس وَهُوَ يَقُول: وَالله لكَأَنِّي قلت هجراً أَن قُمْت أسدد أمره فَقَالَ لَهُ رجل: وَيحك ارْجع يسْتَغْفر لَك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْمُنَافِق: وَالله لَا أبغي أَن يسْتَغْفر لي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت آيَة بَرَاءَة {اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم} ) (سُورَة التَّوْبَة الْآيَة 80) قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اسْمَع رَبِّي (قدر خص) قد رخص لي فيهم فوَاللَّه لأَسْتَغْفِرَن أَكثر من سبعين مرّة لَعَلَّ الله أَن يغْفر لَهُم فَنزلت {سَوَاء عَلَيْهِم أَسْتَغْفَرْت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم لن يغْفر الله لَهُم}

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة قَالَ: لما نزلت (اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم) (سُورَة التَّوْبَة 84) قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لأزيدن على السّبْعين فَأنْزل الله {سَوَاء عَلَيْهِم أَسْتَغْفَرْت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {هم الَّذين يَقُولُونَ لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله حَتَّى يَنْفضوا} فِي عسيف لعمر بن الْخطاب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أَرقم وَعبد الله بن مَسْعُود أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن {لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله حَتَّى يَنْفضوا} من حوله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {هم الَّذين يَقُولُونَ لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله} قَالَ: أَن عبد الله بن أبيّ قَالَ لأَصْحَابه: لَا تنفقواعلى من عِنْد رَسُول الله فَإِنَّكُم لَو لم تنفقوا عَلَيْهِم قد انْفَضُّوا وَفِي قَوْله: {يَقُولُونَ لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل} قَالَ: قد قَالَهَا مُنَافِق عَظِيم النِّفَاق فِي رجلَيْنِ اقتتلا أَحدهمَا غفاري وَالْآخر جهني فَظهر الْغِفَارِيّ على الْجُهَنِيّ وَكَانَ بَين جُهَيْنَة وَبَين الْأَنْصَار حلف فَقَالَ رجل من الْمُنَافِقين: وَهُوَ عبد الله بن أبيّ يَا بني الْأَوْس والخزرج عَلَيْكُم صَاحبكُم وحليفكم ثمَّ قَالَ: وَالله مَا مثلنَا وَمثل مُحَمَّد إِلَّا كَمَا قَالَ الْقَائِل: سمن كلبك يَأْكُلك وَالله لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل فسعى بهَا بَعضهم إِلَى نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر: يَا نَبِي الله مر معَاذًا أَن يضْرب عنق هَذَا الْمُنَافِق فَقَالَ: لَا يتحدث النَّاس أَن مُحَمَّدًا يقتل أَصْحَابه وَذكر لنا أَنه كثر على رجلَيْنِ من الْمُنَافِقين عِنْده فَقَالَ عمر: هَل يُصَلِّي قَالُوا: نعم وَلَا خير فِي صلَاته قَالَ نهيت عَن الْمُصَلِّين نهيت عَن الْمُصَلِّين نهيت عَن الْمُصَلِّين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {هم الَّذين يَقُولُونَ لَا تنفقوا على من عِنْد رَسُول الله حَتَّى يَنْفضوا} يَقُول: لَا تطعموا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه حَتَّى تصيبهم مجاعَة فَيتْركُوا نَبِيّهم وَفِي قَوْله: {لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل} قَالَ: قَالَ ذَلِك عبد الله بن أبيّ رَأس الْمُنَافِقين وأناس مَعَه من الْمُنَافِقين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غزَاة قَالَ

سُفْيَان: يرَوْنَ أَنَّهَا غَزْوَة بني المصطلق فَكَسَعَ رجل من الْمُنَافِقين رجلا من الْأَنْصَار [] فَسمع ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا بَال دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة قَالُوا: رجل من الْمُهَاجِرين كسع رجلا من الْأَنْصَار فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَة فَسمع ذَلِك عبد الله بن أبيّ فَقَالَ: أَو قد فَعَلُوهَا وَالله لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل فَبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عمر: يَا رَسُول الله دَعْنِي أضْرب عنق هَذَا الْمُنَافِق فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دَعه لَا يتحدث النَّاس أَن مُحَمَّدًا يقتل أَصْحَابه زَاد التِّرْمِذِيّ فَقَالَ لَهُ ابْن عبد الله: وَالله لَا تنْقَلب حَتَّى تَقِرَّ أَنَّك الذَّلِيل وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَزِيز فَفعل وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ بَين غُلَام من الْأَنْصَار وَغُلَام من بني غفار فِي الطَّرِيق كَلَام فَقَالَ عبد الله بن أبيّ: هَنِيئًا لكم بَأْس هَنِيئًا جمعتم سوّاق الحجيج من مزينة وجهينة فغلبوكم على ثماركم وَلَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل وَأخرج عبد بن حميد وَعَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما حضر عبد الله بن أبيّ الْمَوْت قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَدخل عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجرى بَينهمَا كَلَام فَقَالَ لَهُ عبد الله بن أبيّ: قد أفقه مَا تَقول وَلَكِن منَّ عليَّ الْيَوْم وكفّنّي بِقَمِيصِك هَذَا وصلّ عليّ قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَكَفنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِقَمِيصِهِ وَصلى عَلَيْهِ وَالله أعلم أَي صَلَاة كَانَت وَأَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يخدع إنْسَانا قطّ غير أَنه قَالَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة كلمة حَسَنَة فَسئلَ عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ مَا هَذِه الْكَلِمَة قَالَ: قَالَت لَهُ قُرَيْش: يَا أَبَا حباب إِنَّا قد منعنَا مُحَمَّدًا طواف هَذَا الْبَيْت وَلَكنَّا نَأْذَن لَك فَقَالَ: لَا لي فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة قَالَ: فَلَمَّا بلغُوا الْمَدِينَة أَخذ ابْنه السَّيْف ثمَّ قَالَ لوالده: أَنْت تزْعم لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل وَالله لَا تدْخلهَا حَتَّى يَأْذَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْحميدِي فِي مُسْنده عَن أبي هَارُون الْمدنِي قَالَ: قَالَ عبد الله بن عبد الله بن أبيّ لِأَبِيهِ: وَالله لَا تدخل الْمَدِينَة أبدا حَتَّى تَقول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعَز وَأَنا الْأَذَل وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن اسامة بن زيد رَضِي الله عَنهُ: لما رَجَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بني المصطلق قَامَ عبد الله بن عبد الله بن أبيّ فسلّ على أَبِيه السَّيْف وَقَالَ: وَالله عليّ

أَن لَا أغمده حَتَّى تَقول: مُحَمَّد الْأَعَز وَأَنا الْأَذَل فَقَالَ: وَيلك مُحَمَّد الْأَعَز وَأَنا الْأَذَل فبلغت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَعْجَبتهُ وشكرها لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: لما قدمُوا الْمَدِينَة سل عبد الله بن عبد الله بن أبيّ على أَبِيه السَّيْف وَقَالَ: لأضربنك أَو تَقول: أَنا الْأَذَل وَمُحَمّد الْأَعَز فَلم يبرح حَتَّى قَالَ ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله عَنهُ أَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة بني المصطلق لما أَتَوا الْمنزل كَانَ بَين غلْمَان من الْمُهَاجِرين وغلمان من الْأَنْصَار فَقَالَ غلْمَان من الْمُهَاجِرين: يَا للمهاجرين وَقَالَ غلْمَان من الْأَنْصَار: يَا للْأَنْصَار فَبلغ ذَلِك عبد الله بن أُبي بن سلول فَقَالَ: أما وَالله لَو أَنهم لم ينفقوا عَلَيْهِم انْفَضُّوا من حوله أما وَالله لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر بالرحيل فَأدْرك ركباً من بني عبد الْأَشْهَل فِي الْمسير فَقَالَ لَهُم: ألم تعلمُوا مَا قَالَ الْمُنَافِق عبد الله بن أبي قَالُوا: وماذا قَالَ: يَا رَسُول الله قَالَ: قَالَ أما وَالله لَو لم تنفقوا عَلَيْهِم لانفضوا من حوله أما وَالله لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل قَالُوا: صدق يَا رَسُول الله فَأَنت وَالله الْأَعَز الْعَزِيز وَهُوَ الذَّلِيل وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ معسكراً وَأَن رجلا من قُرَيْش كَانَ بَينه وَبَين رجل من الْأَنْصَار كَلَام حَتَّى اشْتَدَّ الْأَمر بَينهمَا فَبلغ ذَلِك عبد الله بن أبيّ فَخرج فَنَادَى: غلبني على قومِي من لَا قوم لَهُ فَبلغ ذَلِك عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَأخذ سَيْفه ثمَّ خرج عَامِدًا ليضربه فَذكر هَذِه الْآيَة (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقدمُوا بَين يَدي الله وَرَسُوله) (سُورَة الحجرات الْآيَة 1) فَرجع حَتَّى دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَالك يَا عمر قَالَ: الْعجب من ذَلِك الْمُنَافِق يَقُول غلبني على قومِي من لَا قوم لَهُ وَالله لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قُم فَنَادِ فِي النَّاس يرتحلوا فارتحلوا فَسَارُوا حَتَّى إِذا كَانَ بَينهم وَبَين الْمَدِينَة مسيرَة لَيْلَة فَعجل عبد الله بن عبد الله بن أبيّ حَتَّى أَنَاخَ بِجَامِع طرق الْمَدِينَة وَدخل النَّاس حَتَّى جَاءَ أَبوهُ عبد الله بن أبيّ فَقَالَ: وَرَاءَك فَقَالَ: مَالك وَيلك قَالَ: وَالله لَا تدْخلهَا أبدا إِلَّا أَن يَأْذَن رَسُول الله ليعلمن الْيَوْم من الْأَعَز من الْأَذَل فَرجع حَتَّى لَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشَكا إِلَيْهِ مَا صنع ابْنه

فَأرْسل إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن خلِّ عَنهُ حَتَّى يدْخل فَفعل فَلم يَلْبَثُوا إِلَّا أَيَّامًا قَلَائِل حَتَّى اشتكي عبد الله فَاشْتَدَّ وَجَعه فَقَالَ لِابْنِهِ عبد الله: يَا بني ائْتِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَادعه فَإنَّك إِذْ أَنْت طلبت ذَلِك إِلَيْهِ فعل فَفعل ابْنه فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول إِن عبد الله بن أبيّ شَدِيد الوجع وَقد طلب إليّ أَن آتِيك فَتَأْتِيه فَإِنَّهُ قد اشتاق إِلَى لقائك فَأخذ نَعْلَيْه فَقَامَ وَقَامَ مَعَه نفر من أَصْحَابه حَتَّى دخلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لأَهله حِين دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أجلسوني فَأَجْلَسُوهُ فَبكى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أجزعنا يَا عَدو الله الْآن فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي لم أدعك لِتؤَنِّبنِي وَلَكِن دعوتك لترحمني فاغرورقت عينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا حَاجَتك قَالَ: حَاجَتي إِذا أَنا مت أَن تشهد غسْلي وتكفني فِي ثَلَاثَة أَثوَاب من ثِيَابك وتمشي مَعَ جنازتي وَتصلي عليّ فَفعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت هَذِه الْآيَة بعد (وَلَا تصلِّ على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا وَلَا تقم على قَبره) (سُورَة التَّوْبَة الْآيَة 84) الْآيَة 9 - 11

9

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تلهكم أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله} قَالَ: هم عباد من أمتِي الصالحون مِنْهُم لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة الْخمس وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كَانَ لَهُ مَال يبلغهُ حج بَيت ربه أَو تجب عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة فَلم يفعل سَأَلَ الرّجْعَة عِنْد الْمَوْت فَقَالَ لَهُ رجل: يَا ابْن عَبَّاس اتَّقِ الله فَإِنَّمَا يسْأَل الرّجْعَة الْكفَّار فَقَالَ: سأتلوا عَلَيْكُم

بذلك قُرْآنًا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تلهكم أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج ابْن جرير من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تلهكم أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله} الْآيَة قَالَ: هُوَ الرجل الْمُؤمن إِذا نزل بِهِ الْمَوْت وَله مَال لم يزكه وَلم يحجّ مِنْهُ وَلم يُعْط حق الله مِنْهُ يسْأَل الرّجْعَة عِنْد الْمَوْت ليتصدق من مَاله ويزكي قَالَ الله: {وَلنْ يُؤَخر الله نفسا إِذا جَاءَ أجلهَا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {لَا تلهكم أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله} قَالَ: عَن الصَّلَوَات الْخمس وَفِي قَوْله: {وأنفقوا من مَا رزقناكم} قَالَ: يَعْنِي الزَّكَاة وَالنَّفقَة فِي الْحَج وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَطاء فِي قَوْله: {لَا تلهكم أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله} قَالَ: الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَأَصدق} قَالَ: أزكي {وأكن من الصَّالِحين} قَالَ: أحج وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {فَأَصدق وأكن من الصَّالِحين} قَالَ: أحج وَأخرج عبد بن حميد وَعَن الْحسن عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {فَأَصدق وأكن من الصَّالِحين} بِالْوَاو وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن زيد بن ثَابت قَالَ: الْقِرَاءَة سنة من السّنَن فاقرؤوا الْقُرْآن كَمَا اقرئتموه (إِن هَذَانِ لساحران) (سُورَة طه الْآيَة 63) {فَأَصدق وأكن من الصَّالِحين}

64 سُورَة التغابن مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَانِي عشرَة أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة التغابن بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: نزلت سُورَة التغابن بِالْمَدِينَةِ وَأخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة التغابن بِمَكَّة إِلَّا آيَات من آخرهَا نزلت بِالْمَدِينَةِ فِي عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ شكا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جفَاء أَهله وَولده فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوا لكم فاحذروهم} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: نزلت سُورَة التغابن كلهَا بِمَكَّة إِلَّا هَؤُلَاءِ الْآيَات {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ} نزلت فِي عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ كَانَ ذَا أهل وَولد فَكَانَ إِذا أَرَادَ الْغَزْو بكوا عَلَيْهِ ورققوه فَقَالُوا: إِلَى من تدعنا فيرق وَيُقِيم هَذِه الْآيَات فِيهِ بِالْمَدِينَةِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 6

التغابن

أخرج ابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من مَوْلُود يُولد إِلَّا وَإنَّهُ مَكْتُوب فِي تشبيك رَأسه خمس آيَات من فَاتِحَة سُورَة التغابن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا مكث الْمَنِيّ فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ لَيْلَة أَتَاهُ ملك النُّفُوس فعرج بِهِ إِلَى الرب فَيَقُول: يَا رب أذكر أم أُنْثَى فَيَقْضِي الله مَا هُوَ قَاض فَيَقُول أشقي أم سعيد فَيكْتب مَا هُوَ لَاق وَقَرَأَ أَبُو ذَر من فَاتِحَة التغابن خمس آيَات إِلَى قَوْله: {وصوّركم فَأحْسن صوركُمْ وَإِلَيْهِ الْمصير} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: العَبْد يُولد مُؤمنا ويعيش مُؤمنا وَيَمُوت مُؤمنا وَالْعَبْد يُولد كَافِرًا ويعيش كَافِرًا وَيَمُوت كَافِرًا وَإِن العَبْد يعْمل بُرْهَة من الزَّمَان بالشقاوة ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت بماكتب لَهُ فَيَمُوت شقياً وَإِن العَبْد يعْمل بُرْهَة من دهره بالشقاوة ثمَّ يُدْرِكهُ مَا كتب لَهُ فَيَمُوت سعيدا

الْآيَة 7 - 14

7

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَنه قيل لَهُ: مَا سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي (زَعَمُوا) قَالَ: سمعته يَقُول: بئس مَطِيَّة الرجل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه كره: زَعَمُوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد أَنه كره زَعَمُوا لقَوْل الله: {زعم الَّذين كفرُوا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن هَانِئ بن عُرْوَة أَنه قَالَ لِابْنِهِ: هَب لي اثْنَتَيْنِ: زَعَمُوا وسوف وَلَا يكونَانِ فِي حَدِيثك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عمر قَالَ: زعم كنية الْكَذِب وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن شُرَيْح قَالَ: زعم كنية الْكَذِب وَأخرج ابْن أبي شيبَة قَالَ: زَعَمُوا زاملة الْكَذِب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يَوْم يجمعكم ليَوْم الْجمع} قَالَ: هُوَ يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ {يَوْم التغابن} غبن أهل الْجنَّة أهل النَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {يَوْم التغابن} من أَسمَاء يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ذَلِك يَوْم التغابن} قَالَ: غبن أهل الْجنَّة أهل النَّار وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {ذَلِك يَوْم التغابن} قَالَ: غابن أهل الْجنَّة أهل النَّار وَالله أعلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَلْقَمَة فِي قَوْله:

{مَا أصَاب من مُصِيبَة إِلَّا بِإِذن الله وَمن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه} قَالَ: هُوَ الرجل تصيبه الْمُصِيبَة فَيعلم أَنَّهَا من عِنْد الله فَيسلم الْأَمر لله ويرضى بذلك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: هِيَ المصيبات تصيب الرجل فَيعلم أَنَّهَا من عِنْد الله فَيسلم لَهَا ويرضى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَمن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه} يَعْنِي يهد قلبه لليقين فَيعلم أَن مَا أَصَابَهُ لم يكن ليخطئه وَمَا أخطأه لم يكن ليصيبه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَمن يُؤمن بِاللَّه يهد قلبه} قَالَ: من أصَاب من الإِيمان مَا يعرف بِهِ الله فَهُوَ مهتدي الْقلب قَوْله تَعَالَى: {الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وعَلى الله فَليَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ} أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: شعار الْمُؤْمِنُونَ يَوْم يبعثون من قُبُورهم لَا إِلَه إِلَّا الله وعَلى الله فَليَتَوَكَّل الْمُؤْمِنُونَ أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوّاً لكم فاحذروهم} فِي قوم من أهل مَكَّة أَسْلمُوا وَأَرَادُوا أَن يَأْتُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأبى أَزوَاجهم وَأَوْلَادهمْ أَن يَدعُوهُم فَلَمَّا أَتَوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرَأَوْا النَّاس قد فقهوا فِي الدّين هموا أَن يعاقبوهم فَأنْزل الله {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوّاً لكم فاحذروهم وَإِن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فَإِن الله غَفُور رَحِيم} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يُرِيد الْهِجْرَة فتحسبه امْرَأَته وَولده فَيَقُول: إِنَّا وَالله لَئِن جمع الله بيني وَبَيْنكُم فِي دَار الْهِجْرَة لَأَفْعَلَنَّ وَلَأَفْعَلَن فَجمع الله بَينهم فِي دَار الْهِجْرَة فَأنْزل الله {وَإِن تعفوا وتصفحوا وتغفروا} وَأخرج عبد حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ عدوّاً لكم فاحذروهم} قَالَ: مِنْهُم من لَا يَأْمر بِطَاعَة وَلَا ينْهَى عَن مَعْصِيّة وَكفى بذلك عَدَاوَة للمرء أَن يكون صَاحبه لَا يَأْمر بِطَاعَة وَلَا ينْهَى عَن مَعْصِيّة وَكَانُوا يثبطون عَن الْجِهَاد وَالْهجْرَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

الْآيَة 15 - 18

15

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} قَالَ: بلَاء {وَالله عِنْده أجر عَظِيم} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَا يَقُولَن أحدكُم: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْفِتْنَة فَإِنَّهُ لَيْسَ أحد مِنْكُم إِلَّا وَهُوَ مُشْتَمل على فتْنَة فَإِن الله يَقُول: {إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} وَلَكِن من استعاذ فليستعذ من مضلاتها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الضُّحَى قَالَ: قَالَ رجل وَهُوَ عِنْد عمر: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْفِتْنَة أَو الْفِتَن فَقَالَ عمر: أَتُحِبُّ أَن لَا يرزقك الله مَالا وَلَا ولدا أَيّكُم استعاذ من الْفِتَن فليستعذ من مضلاتها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن عِيَاض رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن لكل أمة فتْنَة وَإِن فتْنَة أمتِي المَال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لكل أمة فتْنَة وفتنة أمتِي المَال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن أبي أوفى رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لكل أمة فتْنَة وفتنة أمتِي المَال وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ ابْن عمر لرجل: إِنَّك تحب الْفِتْنَة قَالَ: أَنا قَالَ: نعم فَلَمَّا رأى ابْن عمر مَا دَاخل الرجل من ذَاك قَالَ: تحب المَال وَالْولد وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم

وَابْن مرْدَوَيْه عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فَأقبل الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يمشيان ويعثران فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمِنْبَر فحملهما وَاحِدًا من ذَا الشق وواحداً من ذَا الشق ثمَّ صعد الْمِنْبَر فَقَالَ: صدق الله قَالَ: {إِنَّمَا أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} إِنِّي لما نظرت إِلَى هذَيْن الغلامين يمشيان ويعثران لم أَصْبِر أَن قطعت كَلَامي وَنزلت إِلَيْهِمَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَمَا هُوَ يخْطب النَّاس على الْمِنْبَر خرج الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي اله عَنهُ فوطئ فِي ثوب كَانَ عَلَيْهِ فَسقط فَبكى فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْمِنْبَر فَلَمَّا رأى النَّاس أَسْرعُوا إِلَى الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ يتعاطونه يُعْطِيهِ بَعضهم بَعْضًا حَتَّى وَقع فِي يَد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قَاتل الله الشَّيْطَان إِن الْوَلَد لفتنة وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا دَريت أَنِّي نزلت عَن منبري وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يحى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكاء حسن أَو حُسَيْن فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْوَالِد فتْنَة لقد قُمْت إِلَيْهِ وَمَا أَعقل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله تَعَالَى: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت (اتَّقوا الله حق تُقَاته) (سُورَة آل عمرَان الْآيَة 102) اشْتَدَّ على الْقَوْم الْعَمَل فَقَامُوا حَتَّى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فَأنْزل الله تحفيفاً على الْمُسلمين {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} فنسخت الْآيَة الأولى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} قَالَ: جهدكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم} قَالَ: هِيَ رخصَة من الله كَانَ الله قد أنزل فِي سُورَة آل عمرَان (اتَّقوا الله حق تُقَاته) (سُورَة آل عمرَان الْآيَة 102) وَحقّ تُقَاته أَن يطاع فَلَا يعْصى ثمَّ خفف عَن عباده فَأنْزل الرُّخْصَة {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم واسمعوا وَأَطيعُوا}

قَالَ: والسمع وَالطَّاعَة فِيمَا اسْتَطَعْت يَا ابْن آدم عَلَيْهَا بَايع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه على السّمع وَالطَّاعَة فِيمَا اسْتَطَاعُوا وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَأَبُو دَاوُد عَن الحكم بن حزن الكلفي قَالَ: وفدنا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلبثنا أَيَّامًا شَهِدنَا فِيهَا الْجُمُعَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ متوكئاً على قَوس فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ كَلِمَات طَيّبَات خفيفات مباركات ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس إِنَّكُم لن تُطِيقُوا كل مَا أمرْتُم بِهِ فسددوا وابشروا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ {وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون} قَالَ: فِي النَّفَقَة وَأخرج عبد بن حميد عَن حبيب بن شهَاب الْعَنْبَري أَنه سمع أَخَاهُ يَقُول: لقِيت ابْن عمر يَوْم عَرَفَة فَأَرَدْت أَن أقتدي من سيرته وأسمع من قَوْله فَسَمعته أَكثر مَا يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الشُّح الْفَاحِش حَتَّى أَفَاضَ ثمَّ بَات بِجمع فَسَمعته أَيْضا يَقُول ذَلِك فَلَمَّا أردْت أَن أفارقه قلت يَا عبد الله: إِنِّي أردْت أَن أقتدي بسيرتك فسمعتك أَكثر مَا تَقول أَن تعوذ من الشُّح الْفَاحِش قَالَ: وَمَا أبغي أفضل من أَن أكون من المفلحين قَالَ الله: {وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون} قَوْله تَعَالَى: {إِن تقرضوا الله} الْآيَة أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله استقرضت عَبدِي فَأبى أَن يقرضني وَشَتَمَنِي عَبدِي وَهُوَ لَا يدر يَقُول وادهراه وادهراه وَأَنا الدَّهْر ثمَّ تَلا أَبُو هُرَيْرَة {إِن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم} وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي حَيَّان عَن أَبِيه عَن شيخ لَهُم أَنه كَانَ يَقُول إِذا سمع السَّائِل يَقُول: من يقْرض الله قرضا حسنا قَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر هَذَا الْقَرْض الْحسن

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 65 سُورَة الطَّلَاق مَدَنِيَّة وآياتها اثْنَتَا عشرَة مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الطَّلَاق بِالْمَدِينَةِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَسَعِيد بن مَنْصُور عَن طَاوُوس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْجُمُعَة بِسُورَة الْجُمُعَة و {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} 1 - 3

الطلاق

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: طلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَفْصَة فَأَتَت أَهلهَا فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن} فَقيل لَهُ: رَاجعهَا فَإِنَّهَا صوّامة قوّامة وَإِنَّهَا من أَزوَاجك فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن سِيرِين فِي قَوْله: {لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} قَالَ: فِي حَفْصَة بنت عمر طَلقهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاحِدَة فَنزلت {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} إِلَى قَوْله: {يحدث بعد ذَلِك أمرا} قَالَ: فَرَاجعهَا وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: طلق عبد بن يزِيد أَبُو ركَانَة أم ركَانَة ثمَّ نكح امْرَأَة من مزينة فَجَاءَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله مَا يُغني عني إِلَّا مَا تغني هَذِه الشعرة - لشعرة أَخَذتهَا من رَأسهَا - فَأخذت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمية عِنْد ذَلِك فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركَانَة وَإِخْوَته ثمَّ قَالَ لجلسائه: أَتَرَوْنَ كَذَا من كَذَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد يزِيد: طَلقهَا فَفعل فَقَالَ لأبي ركَانَة: ارتجعها فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي طَلقتهَا قَالَ: قد علمت ذَلِك فارتجعها فَنزلت {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن} قَالَ: الذَّهَبِيّ إِسْنَاده واهٍ وَالْخَبَر خطأ فَإِن عبد يزِيد لم يدْرك الإِسلام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل قَالَ: بلغنَا فِي قَوْله: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن} إِنَّهَا نزلت فِي عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وطفيل بن الْحَارِث وَعَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي الزبير عَن ابْن عمر أَنه طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَانْطَلق عمر فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ: مره فَلْيُرَاجِعهَا ثمَّ يمْسِكهَا حَتَّى تطهر ثمَّ يطلقهَا إِن بدا لَهُ فَأنْزل الله عِنْد ذَلِك يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن فِي قبل عدتهن قَالَ أَبُو الزبير: هَكَذَا سَمِعت ابْن عمر يَقْرَأها وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر أَنه طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض فَذكر ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتغيظ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: ليراجعها ثمَّ يمْسِكهَا حَتَّى تطهر ثمَّ تحيض فَتطهر فَإِن بدا لَهُ أَن يطلقهَا فَلْيُطَلِّقهَا طَاهِرا قبل أَن يَمَسهَا

فَتلك الْعدة الَّتِي أَمر الله أَن يُطلق لَهَا النِّسَاء وَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن فِي قبل عدتهن وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فطلقوهن فِي قبل عدتهن وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عمر أَنه قَرَأَ فطلقوهن لقبل عدتهن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو عبيد فِي فضائله وَسَعِيد وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ فطلقونن لقبل عدتهن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فطلقوهن لعدتهن} قَالَ: طَاهِر من غير جماع وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر {فطلقوهن لعدتهن} قَالَ: فِي الطُّهْر فِي غير جماع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود {فطلقوهن لعدتهن} قَالَ: الطُّهْر فِي غير جماع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من أَرَادَ أَن يُطلق للسّنة كَمَا أمره الله فَلْيُطَلِّقهَا طَاهِرا فِي غير جماع وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فطلقوهن لعدتهن} قَالَ: طَاهِرا من غير جماع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يقل أحدكُم لامْرَأَته قد طَلقتك قد رَاجَعتك لَيْسَ هَذَا بِطَلَاق الْمُسلمين طلقوا الْمَرْأَة فِي قبل طهراها وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فطلقوهن لعدتهن} قَالَ: طهرهن وَفِي لفظ قَالَ: طَاهِرا فِي غير جماع وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فطلقوهن لعدتهن} قَالَ: الْعدة أَن يطلقهَا طَاهِرا من غير جماع فَأَما الرجل يخالط امْرَأَته حَتَّى إِذا أقلع عَنْهَا طَلقهَا عِنْد ذَلِك فَلَا يدْرِي أحاملاً هِيَ أم غير حَامِل فَإِن ذَلِك لَا يصلح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُجَاهِد رَضِي الله

عَنهُ قَالَ: سَأَلَ ابْن عَبَّاس يَوْمًا رجل فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاس إِنِّي طلقت امْرَأَتي ثَلَاثًا فَقَالَ ابْن عَبَّاس: عصيت رَبك وَحرمت عَلَيْك امْرَأَتك وَلم تتق الله ليجعل لَك مخرجا يُطلق أحدكُم ثمَّ يَقُول: يَا أَبَا عَبَّاس قَالَ الله: يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن فِي قبل عدتهن وَهَكَذَا كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ هَذَا الْحَرْف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فطلقوهن لعدتهن} قَالَ: لَا يطلقهَا وَهِي حَائِض وَلَا فِي طهر قد جَامعهَا فِيهِ وَلَكِن يَتْرُكهَا حَتَّى إِذا حَاضَت وطهرت طَلقهَا تَطْلِيقَة فَإِن كَانَت تحيض فعدتها ثَلَاث حيض وَإِن كَانَت لَا تحيض فعدتها ثَلَاثَة أشهر وَإِن كَانَت حَامِلا فعدتها أَن تضع حملهَا وَإِذا أَرَادَ مراجعتها قبل أَن تَنْقَضِي عدتهَا أشهد على ذَلِك رجلَيْنِ كَمَا قَالَ الله: {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} عِنْد الطَّلَاق وَعند الْمُرَاجَعَة فَإِن رَاجعهَا فَهِيَ عِنْده على تَطْلِيقَتَيْنِ وَإِن لم يُرَاجِعهَا فَإِذا انْقَضتْ عدتهَا فقد بَانَتْ مِنْهُ وَاحِدَة وَهِي أملك بِنَفسِهَا ثمَّ تتزوّج من شَاءَت هُوَ أوغيره وَأخرج عبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لعدتهن} قَالَ: طَلَاق الْعدة أَن يُطلق الرجل امْرَأَته وَهِي طَاهِر ثمَّ يَدعهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا أَو يُرَاجِعهَا إِن شَاءَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن رجل طلق امْرَأَته مائَة قَالَ: عصيت رَبك من يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا ثمَّ تَلا يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن فِي قبل عدتهن قَوْله تَعَالَى: {وأحصوا الْعدة} أخرج عبد بن حميد عَن أبن مَسْعُود رَضِي اللله عَنهُ {وأحصوا الْعدة} قَالَ: الطَّلَاق طَاهِرا فِي غير جماع أخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن شريحاً طلق امْرَأَته وَاحِدَة ثمَّ سكت عَنْهَا حَتَّى انْقَضتْ الْعدة ثمَّ أَتَاهَا فَاسْتَأْذن فَفَزِعت فَدخل فَقَالَ: إِنِّي أردْت أَن يطاع الله {لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ} وَلَا يخْرجن وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ أَن شريحاً طلق امْرَأَته وَأشْهد وَقَالَ للشاهدين: اكتما عليَّ فكتما عَلَيْهِ حَتَّى انْقَضتْ الْعدة ثمَّ أخْبرهَا فنقلت متاعها فَقَالَ شُرَيْح: إِنِّي كرهت أَن تأثم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْمُطلقَة والمتوفى عَنْهَا زَوجهَا يخرجَانِ بِالنَّهَارِ وَلَا يبيتان لَيْلَة تَامَّة عَن بيوتهما وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدَّثتنِي فَاطِمَة بنت قيس أَن زَوجهَا طَلقهَا ثَلَاثًا فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمرهَا فاعتدّت عِنْد عَمها عَمْرو بن أم مَكْتُوم وَأخرج عبد بن حميد عَن سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن فَاطِمَة بنت قيس أخْبرته أَنَّهَا كَانَت تَحت أبي عَمْرو بن حَفْص بن الْمُغيرَة فَطلقهَا آخر ثَلَاث تَطْلِيقَات فَزَعَمت أَنَّهَا جَاءَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خُرُوجهَا من بَيتهَا فَأمرهَا أَن تنْتَقل إِلَى ابْن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى فَأبى مَرْوَان أَن يصدق فَاطِمَة فِي خُرُوج الْمُطلقَة من بَيتهَا وَقَالَ عُرْوَة: إِن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أنْكرت ذَلِك على فَاطِمَة بنت قيس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي إِسْحَق قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ الْأسود بن يزِيد فِي الْمَسْجِد الْأَعْظَم ومعنا الشّعبِيّ فَحدث بِحَدِيث فَاطِمَة بنت قيس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَجْعَل لَهَا سُكْنى وَلَا نَفَقَة فَأخذ الْأسود كفا من حَصى فَحَصَبه ثمَّ قَالَ: وَيلك تحدث بِمثل هَذَا قَالَ عمر: لَا نَتْرُك كتاب الله وَسنة نَبينَا لقَوْل امْرَأَة لَا نَدْرِي حفظت أم نسيت لَهُ السُّكْنَى وَالنَّفقَة قَالَ الله: {لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة أَن أَبَا عَمْرو بن حَفْص بن الْمُغيرَة خرج مَعَ عليّ إِلَى الْيمن فَأرْسل إِلَى امْرَأَته فَاطِمَة بنت قيس بتطليقة كَانَت بقيت مَعَ طَلاقهَا وَأمر لَهَا الْحَارِث بن هِشَام وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة بِنَفَقَة فاستقلتها فَقَالَا لَهَا: وَالله مَالك نَفَقَة إِلَّا أَن تَكُونِي حَامِلا فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت لَهُ أمرهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا نَفَقَة لَك فاستأذنيه فِي الِانْتِقَال فَأذن لَهَا فَأرْسل إِلَيْهَا مَرْوَان يسْأَلهَا عَن ذَلِك فَحَدَّثته فَقَالَ مَرْوَان: لم أسمع بِهَذَا الحَدِيث إِلَّا من امْرَأَة سنأخذ بالعصمة الَّتِي وجدنَا النَّاس عَلَيْهَا فَقَالَت فَاطِمَة: بيني وَبَيْنكُم كتاب الله قَالَ الله عز وَجل: {وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} حَتَّى بلغ {لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} قَالَت: هَذَا لمن كَانَت لَهُ مُرَاجعَة فَأَي أَمر يحدث بعد الثَّلَاث فَكيف يَقُولُونَ: لَا نَفَقَة لَهَا إِذا لم تكن حَامِلا فعلام تحبسونها وَلَكِن يَتْرُكهَا حَتَّى إِذا حَاضَت وطهرت طَلقهَا تَطْلِيقَة فَإِن كَانَت تحيض فعدتها

ثَلَاث حيض وَإِن كَانَت لَا تحيض فعدتها ثَلَاثَة أشهر وَإِن كَانَت حَامِلا فعدتها أَن تضع حملهَا وَإِن أَرَادَ مراجعتها قبل أَن تَنْقَضِي عدتهَا أشهد على ذَلِك رجلَيْنِ كَمَا قَالَ الله: {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} عِنْد الطَّلَاق وَعند الْمُرَاجَعَة فَإِن رَاجعهَا فَهِيَ عِنْده على طَلْقَتَيْنِ أَو إِن لم يُرَاجِعهَا فَإِذا انْقَضتْ عدتهَا فقد بَانَتْ عدتهَا مِنْهُ بِوَاحِدَة وَهِي أملك لنَفسهَا ثمَّ تتزوّج من شَاءَت هُوَ أَو غَيره وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الطَّلَاق على أَرْبَعَة منَازِل: منزلان حَلَال ومنزلان حرَام فَأَما الْحَرَام فَأن يطلقهَا حِين يُجَامِعهَا وَلَا يدْرِي اشْتَمَل الرَّحِم على شَيْء أَولا وَأَن يطلقهَا وَهِي حَائِض وَأما الْحَلَال فَأن يطلقهَا لأقرائها طَاهِرا عَن غير جماع وَأَن يطلقهَا مستبيناً حملهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} قَالَ: خُرُوجهَا قبل انْقِضَاء الْعدة من بَيتهَا الْفَاحِشَة المبينة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} قَالَ: الزِّنَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَالشعْبِيّ مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} قَالَ: إِلَّا أَن يَزْنِين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} قَالَ: كَانَ ذَلِك قبل أَن تنزل الْحُدُود وَكَانَت الْمَرْأَة إِذا أَتَت بِفَاحِشَة أخرجت وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب {وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} قَالَ: إِلَّا أَن تصيب حدا فَتخرج فيقام عَلَيْهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} قَالَ: الْفَاحِشَة المبينة أَن تبذو الْمَرْأَة على أهل الرجل فَإِذا بذت عَلَيْهِم بلسانها فقد حل لَهُم إخْرَاجهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد رَضِي الله عَنهُ {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة}

قَالَ: لَو كَانَ الزِّنَا كَمَا تَقولُونَ أخرجت فرجمت كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: إِلَّا أَن يفحشن قَالَ: وَهُوَ النُّشُوز وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْفَاحِشَة المبينة السوء فِي الْخلق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} قَالَ: يفحش لَو زنت رجمت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {بِفَاحِشَة مبينَة} قَالَ: هُوَ النُّشُوز وَفِي حرف ابْن مَسْعُود إِلَّا أَن يفحشن وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {بِفَاحِشَة مبينَة} قَالَ: هُوَ النُّشُوز وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} قَالَ: إِن بدا لَهُ أَن يُراجعها رَاجعهَا فِي بَيتهَا هُوَ أبعد من قذر الْأَخْلَاق وأطوع لله أَن تلْزم بَيتهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانُوا يستحبون أَن يطلقهَا وَاحِدَة ثمَّ يَدعهَا حَتَّى يحل أجلهَا وَكَانُوا يَقُولُونَ: {لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} لَعَلَّه أَن يرغب فِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن فَاطِمَة بنت قيس رَضِي الله عَنْهَا فِي قَوْله: {لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} قَالَت: هِيَ الرّجْعَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: كَانُوا يستحبون أَن يطلقهَا وَاحِدَة ثمَّ يَدعهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا لِأَنَّهُ لَا يدْرِي لَعَلَّه ينْكِحهَا قَالَ: وَكَانُوا يتأولون هَذِه الْآيَة {لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} لَعَلَّه يرغب فِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن فَاطِمَة بنت قيس فِي قَوْله: {لَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا} لَعَلَّه يرغب فِي رَجعتهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك وَالشعْبِيّ رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: النِّكَاح بالشهود وَالطَّلَاق بالشهود والمراجعة بالشهود

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا سَأَلَ عمرَان ابْن حُصَيْن عَن رجل طلق وَلم يشْهد وراجع وَلم يشْهد قَالَ: بئْسَمَا صنع طلق فِي بِدعَة وارتجع فِي غير سنة فليشهد على طَلَاقه وعَلى مُرَاجعَته وليستغفر الله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: الْعدْل فِي الْمُسلمين من لم تظهر مِنْهُ رِيبَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {وَأقِيمُوا الشَّهَادَة لله} قَالَ: إِذا أشهدتم على شَيْء فأقيموه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الشَّهَادَة فَقَالَ: لَا تشهد إِلَّا على مثل الشَّمْس أَو دع وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تشهد على شَهَادَة حَتَّى تكون عنْدك أَضْوَأ من الشَّمْس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي قَتَادَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خَيركُمْ من كَانَت عِنْده شَهَادَة لَا يعلمهَا فتعجلها قبل أَن يسْأَلهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} قَالَ: مخرجه أَن يعلم أَنه قبل أَمر الله وَأَن الله هُوَ الَّذِي يُعْطِيهِ وَهُوَ يمنعهُ وَهُوَ يبتله (يَبْتَلِيه) وَهُوَ يعافيه وَهُوَ يدْفع عَنهُ وَفِي قَوْله: {وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب} قَالَ: يَقُول: من حَيْثُ لَا يدْرِي وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مَسْرُوق مثله وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن قَتَادَة {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} قَالَ: من شُبُهَات الدُّنْيَا وَالْكرب عِنْد الْمَوْت وإفزاع يَوْم الْقِيَامَة فالزموا تقوى الله فَإِن مِنْهَا الرزق من الله فِي الدُّنْيَا وَالثَّوَاب فِي الْآخِرَة قَالَ الله: (وَإِذا تَأذن ربكُم لَئِن شكرتم لأزيدنكم وَلَئِن كَفرْتُمْ إِن عَذَابي لشديد) (سُورَة إِبْرَاهِيم الْآيَة 7) وَقَالَ: هَهُنَا {وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب} قَالَ: من حَيْثُ لَا يؤمل وَلَا يَرْجُو وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب}

قَالَ: ينجيه من كل كرب فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج أَبُو يعلى وَأَبُو نعيم والديلمي من طَرِيق عَطاء بن يسَار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} قَالَ: من شُبُهَات الدُّنْيَا وَمن غَمَرَات الْمَوْت وَمن شَدَائِد يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: طلق بعض آبَائِي امْرَأَته ألفا فَانْطَلق بنوه إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا رَسُول الله: إِن أَبَانَا طلق أمنا ألفا فَهَل لَهُ من مخرج فَقَالَ: إِن أَبَاكُم لم يتق الله فَيجْعَل لَهُ من أمره مخرجا بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاث على غير السّنة وَالْبَاقِي أَثم فِي عُنُقه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ من طَرِيق سَالم بن أبي الْجَعْد عَن جَابر قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب} فِي رجل من أَشْجَع كَانَ فَقِيرا خَفِيف ذَات الْيَد كثير الْعِيَال فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ فَقَالَ: اتَّقِ الله واصبر فَلم يلبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى جَاءَ ابْن لَهُ يُقَال لَهُ أَبُو نعيم كَانَ الْعَدو أَصَابُوهُ فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ غَيره وَأخْبرهُ خَبَرهَا فَنزلت {وَمن يتق الله} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} فِي رجل من أَشْجَع أَصَابَهُ جهد وبلاء وَكَانَ الْعَدو أَسرُّوا ابْنه فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اتَّقِ الله واصبر فَرجع ابْن لَهُ كَانَ أَسِيرًا قد فكه الله فَأَتَاهُم وَقد أصَاب أَعْنُزًا فجَاء فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزلت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هِيَ لَك وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ} الْآيَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي ابْن لعوف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ وَكَانَ الْمُشْركُونَ أسروه وأوثقوه وأجاعوه فَكتب إِلَى أَبِيه أَن ائْتِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعلمهُ مَا أَنا فِيهِ من الضّيق والشدة فَلَمَّا أخبر رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اكْتُبْ إِلَيْهِ وَأخْبرهُ ومره بالتقوى والتوكل على الله وَأَن يَقُول عِنْد صباحه ومسائه (لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم عَزِيز عَلَيْهِ مَا عنتم حَرِيص

عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيم) (سُورَة التَّوْبَة الْآيَة 128) (فَإِن توَلّوا فَقل حسبي الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ توكلت وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم) (سُورَة التَّوْبَة الْآيَة 129) فَلَمَّا ورد عَلَيْهِ الْكتاب قَرَأَهُ فَأطلق الله وثَاقه فَمر بواديهم الَّتِي ترعى فِيهِ إبلهم وغنمهم فَاسْتَاقَهَا فجَاء بهَا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله: إِنِّي اغتلتهم بعد مَا أطلق الله وثاقي فحلا هِيَ أم حرَام قَالَ: بل هِيَ حَلَال إِذا شِئْنَا خمسنا فَأنْزل الله {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه إِن الله بَالغ أمره قد جعل الله لكل شَيْء} من الشدَّة والرخاء {قدرا} يَعْنِي أَََجَلًا وَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: من قَرَأَ هَذِه الْآيَة عَن سُلْطَان يخَاف غشمه أَو عِنْد موج يخَاف الْغَرق أوعند سبع لم يضرّهُ شَيْء من ذَلِك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ فَقَالَ يَا رَسُول الله: إِن ابْني أسره العدوّ وَجَزِعت أمه فَمَا تَأْمُرنِي قَالَ: آمُرك وَإِيَّاهَا أَن تستكثر من لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَقَالَت الْمَرْأَة: نعم مَا أَمرك فَجعلَا يكثران مِنْهَا فتغفل عَنهُ الْعَدو فاستاق غَنمهمْ فجَاء بهَا إِلَى أَبِيه فَنزلت {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق مولى أبي قيس بن مخرمَة قَالَ: جَاءَ مَالك الْأَشْجَعِيّ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: أسر ابْن عَوْف فَقَالَ لَهُ: ارسل إِلَيْهِ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرك أَن تستكثر من لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَكَانُوا قد شدوه بالقد فَسقط الْقد عَنهُ فَخرج فَإِذا هُوَ بناقتة لَهُم فركبها فَأقبل فَإِذا بسرح للْقَوْم الَّذين كَانُوا أسروه فصاح بهَا فأتبع آخرهَا أَولهَا فَلم يفجأ أَبَوَيْهِ إِلَّا وَهُوَ يُنَادي بِالْبَابِ فَأتى أَبوهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَنزلت {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عُيَيْنَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَنهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أَتَى رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرَاهُ عَوْف بن مَالك فَقَالَ: يَا

رَسُول الله إِن بني فلَان أَغَارُوا عليّ فَذَهَبُوا بِابْني وَبكى فَقَالَ: اسْأَل الله فَرجع إِلَى امْرَأَته فَقَالَت لَهُ: مَا رد عَلَيْك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبرهَا فَلم يلبث الرجل أَن رد الله إبِله وَابْنه أوفر مَا كَانَ فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَامَ على الْمِنْبَر فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَأمرهمْ بمسئلة الله وَالرَّغْبَة لَهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِم {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة فِي قَوْله: {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} قَالَ: يَكْفِيهِ غم الدُّنْيَا وهمها وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر قَالَ: جعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتْلُو هَذِه الْآيَة {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب} فَجعل يُرَدِّدهَا حَتَّى نَعَست ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَر لَو أَن النَّاس كلهم بهَا لكفتهم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يَا أَيهَا النَّاس اتَّخذُوا تقوى الله تِجَارَة يأتكم الرزق بِلَا بضَاعَة ولاتجارة ثمَّ قَرَأَ {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب} وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن العَبْد ليحرم الرزق بالذنب يُصِيبهُ وَلَا يرد الْقدر إِلَّا لدعاء وَلَا يزِيد فِي الْعُمر إِلَّا الْبر وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ: قَالَ رَسُول الله: من أَكثر من الاسْتِغْفَار جعل الله لَهُ من كل هم فرجا وَمن كل ضيق مخرجا ورزقه من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ والخطيب عَن عمرَان بن بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من انْقَطع إِلَى الله كل مُؤنَة ورزقه من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَمن انْقَطع إِلَى الدُّنْيَا وَكله الله إِلَيْهَا وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن إِسْمَاعِيل البجي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَئِن انتهنيم عِنْدَمَا تؤمرون لتأكلن غير زارعين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن بالمنذر عَن الرّبيع بن خَيْثَم رَضِي الله عَنهُ {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} قَالَ: من كل شَيْء ضَاقَ على النَّاس

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا} قَالَ: نجاة وَأخرج أَحْمد عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله قَالَ لَهُ: أوصيك بتقوى الله فِي سر أَمرك وعلانيته وَإِذا أَسَأْت فَأحْسن وَلَا تسألن أحدا شَيْئا وَلَا تقبض أَمَانَة وَلَا تقض بَين اثْنَيْنِ وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أوصيك بتقوى الله فَإِنَّهُ رَأس كل شَيْء وَعَلَيْك بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّة الإِسلام وَعَلَيْك بِذكر الله وتلاوة الْقُرْآن فَإِنَّهُ روحك فِي السَّمَاء وذكرك فِي الأَرْض وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن ضرغام بن عليبة بن حَرْمَلَة الْعَنْبَري عَن أَبِيه عَن جده رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله: أوصني قَالَ: اتَّقِ الله وَإِذا كنت فِي مجْلِس فَقُمْت مِنْهُ فَسَمِعتهمْ يَقُولُونَ مَا يُعْجِبك فائته فَإِذا سمعتهم يَقُولُونَ مَا تكره فَاتْرُكْهُ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: وجدت فِي كتاب من كتب الله الْمنزلَة أَن الله عز وَجل يَقُول: إِنِّي مَعَ عَبدِي الْمُؤمن حِين يطيعني أعْطِيه قبل أَن يسألني واستجيب لَهُ قبل أَن يدعوني وَمَا ترددت فِي شَيْء ترددي عَن قبض عَبدِي الْمُؤمن إِنَّه يكره ذَلِك ويسوءه وَأَنا أكره أَن أسوءه وَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ بُد وَمَا عِنْدِي خير لَهُ إِن عَبدِي إِذا أَطَاعَنِي وَاتبع أَمْرِي فَلَو أجلبت عَلَيْهِ السَّمَوَات السَّبع وَمن فِيهِنَّ والأرضون السَّبع بِمن فِيهِنَّ جعلت لَهُ من بَين ذَلِك الْمخْرج وَإنَّهُ إِذا عَصَانِي وَلم يتبع أَمْرِي قطعت يَدَيْهِ من أَسبَاب السَّمَاء وخسفت بِهِ الأَرْض من تَحت قَدَمَيْهِ وَتركته فِي الْأَهْوَاء لَا ينتصر من شَيْء إِن سُلْطَان الأَرْض مَوْضُوع خامد عِنْدِي كَمَا يضع أحدكُم سلاحه عَنهُ لَا يقطع سيف إِلَّا بيد وَلَا يضْرب سَوط إِلَّا بيد لَا يصل من ذَلِك إِلَى شَيْء إِلَّا بإذني وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كتب زِيَاد إِلَى الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ وَهُوَ على خُرَاسَان أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ كتب إليّ أَن يصطفى لَهُ الصَّفْرَاء والبيضاء فَلَا يقسم بَين النَّاس ذهب وَلَا فضَّة فَكتب إِلَيْهِ: بَلغنِي كتابك وَإِنِّي وجدت كتاب الله قبل كتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإنَّهُ وَالله لَو أَن السَّمَوَات وَالْأَرْض كَانَتَا

رتقاً على عَبده ثمَّ اتَّقى الله جعل لَهُ مخرجا وَالسَّلَام عَلَيْك ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس اغدوا على مالكم فَقَسمهُ بَينهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كتبت إِلَى مُعَاوِيَة: أوصيك بتقوى الله فَإنَّك إِن اتَّقَيْت الله كَفاك النَّاس وَإِن اتَّقَيْت النَّاس لم يغنوا عَنْك من الله شَيْئا وَأخرج ابْن حبَان فِي الضُّعَفَاء وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والعسكري فِي الْأَمْثَال عَن عليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا تكون الصنيعة إِلَى ذِي دين أَو حسب وَجِهَاد الضُّعَفَاء الْحَج وَجِهَاد الْمَرْأَة حسن البتعل لزَوجهَا والتودد نصف الإِيمان وَمَا عَال امْرُؤ على اقتصاد واستنزلوا الرزق بِالصَّدَقَةِ وأبى الله أَن يَجْعَل أرزاق عباده الْمُؤمنِينَ إِلَّا من حَيْثُ لَا يحتسبون وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قي قَوْله: {وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه} قَالَ: لَيْسَ المتَوَكل الَّذِي يَقُول تقضي حَاجَتي وَلَيْسَ كل من توكل على الله كَفاهُ مَا أهمه وَدفع عَنهُ مَا يكره وَقضى حَاجته وَلَكِن الله جعل فضل من توكل على من لم يتوكل أَن يكفر عَنهُ سيئاته ويعظم لَهُ أجرا وَفِي قَوْله: {قد جعل الله لكل شَيْء قدرا} قَالَ: يَعْنِي أَََجَلًا ومنتهى يَنْتَهِي إِلَيْهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو أَنكُمْ تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كَمَا يرْزق الطير تَغْدُو خماصاً وَتَروح بطاناً وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من رَضِي وقنع وتوكل كفي الطّلب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رفع الحَدِيث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أحب أَن يكون أقوى النَّاس فَليَتَوَكَّل على الله وَمن أحب أَن يكون أغْنى النَّاس فَلْيَكُن بِمَا فِي يَد الله أوثق مِنْهُ بِمَا فِي يَده وَمن أحب أَن يكون أكْرم النَّاس فليتق الله وَأخرج أَبُو دَاوُد وزالترمذي وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من نزلت بِهِ فاقة فأنزلها بِالنَّاسِ لم تسد فاقته وَمن نزلت بِهِ فاقة فأنزلها بِاللَّه فيوشك الله لَهُ برزق عَاجل أَو آجل

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من جَاع أَو احْتَاجَ فكتمه النَّاس وأفضى بِهِ إِلَى الله كَانَ حَقًا على الله أَن يفتح لَهُ قوت سنة من حَلَال وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن وهب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يَقُول الله تبَارك وَتَعَالَى: وَإِذا توكل عليّ عَبدِي لَو كادته السَّمَوَات وَالْأَرْض جعلت لَهُ من بَين ذَلِك الْمخْرج وَأخرج عبد الله ابْنه فِي زَوَائِد الزّهْد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أوحى الله إِلَى عِيسَى اجْعَلنِي من نَفسك لهمك واجعلني ذخْرا لمعادك وتوكل عليَّ أكفك وَلَا تول غَيْرِي فَأخذ لَك وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عمار بن يَاسر قَالَ: كفى بِالْمَوْتِ واعظاً وَكفى بِالْيَقِينِ غنى وَكفى بِالْعبَادَة شغلا الْآيَة 4 - 5

4

أخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي بن كَعْب أَن نَاسا من أهل الْمَدِينَة لما أنزلت هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْبَقَرَة فِي عدَّة النِّسَاء قَالُوا: لقد بَقِي من عدَّة النِّسَاء مُدَّة لم تذكر فِي الْقُرْآن: الصغار والكبار اللائي قد انْقَطع عَنْهُن الْحيض وَذَوَات الْحمل فَأنْزل الله الَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء الْقصرى {واللائي يئسن من الْمَحِيض} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن أبي كَعْب قَالَ: لما نزلت عدَّة الْمُتَوفَّى والمطلقة قلت يَا رَسُول الله: بَقِي نسَاء الصَّغِيرَة والكبيرة وَالْحَامِل فَنزلت {واللائي يئسن من الْمَحِيض} الْآيَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الثَّوْريّ عَن إِسْمَاعِيل قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَة قُرُوء) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 228) سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا:

يَا رَسُول الله أَرَأَيْت الَّتِي لم تَحض وَالَّتِي قد يئست من الْمَحِيض فَاخْتَلَفُوا فيهمَا فَأنْزل الله {إِن ارتبتم} يَعْنِي إِن شَكَكْتُمْ {فعدتهن ثَلَاثَة أشهر واللائي لم يحضن وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر} قَالَ: هن اللَّاتِي قعدن عَن الْمَحِيض {واللائي لم يحضن} فهن الْأَبْكَار الْحوَاري اللَّاتِي لم يبلغن الْمَحِيض {فعدتهن ثَلَاثَة أشهر واللائي لم يحضن وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} فَإِذا نفضت الرَّحِم مَا فِيهَا فقد انْقَضتْ عدتهَا قَالَ: وَذكر لنا أَن سبيعة بنت الْحَارِث الأسْلَمِيَّة وضعت بعد وَفَاة زَوجهَا بِخمْس عشرَة لَيْلَة فَأمرهَا نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تزوّج قَالَ: وَكَانَ عمر يَقُول: لَو وضعت مَا فِي بَطنهَا وَهُوَ مَوْضُوع على سَرِيره من قبل أَن يقبر لحلت وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {واللائي يئسن من الْمَحِيض من نِسَائِكُم إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر} قَالَ: الْعَجُوز الْكَبِيرَة الَّتِي قد يئست من الْمَحِيض فعدتها ثَلَاثَة أشهر {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {إِن ارتبتم} قَالَ: إِن لم تعلمُوا أتحيض أم لَا فالتي قعدت عَن الْمَحِيض وَالَّتِي لم تَحض بعد {فعدتهن ثَلَاثَة أشهر} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر الشّعبِيّ {إِن ارتبتم} قَالَ: فِي الْمَحِيض أتحيض أم لَا وَأخرج عبد حميد عَن حَمَّاد بن زيد قَالَ: فسر أَيُّوب هَذِه الْآيَة {إِن ارتبتم فعدتهن ثَلَاثَة أشهر} قَالَ: تَعْتَد تِسْعَة أشهر فَإِن لم تَرَ حملا فَتلك الرِّيبَة قَالَ: اعْتدت الْآن بِثَلَاثَة أشهر وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: تَعْتَد الْمَرْأَة بِالْحيضِ وَإِن كَانَ كل سنة مرّة فَإِن كَانَت لَا تحيض اعْتدت بِالْأَشْهرِ وَإِن حَاضَت قبل أَن توفّي الْأَشْهر اعْتدت بِالْحيضِ من ذِي قبل وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ: تَعْتَد بِالْحيضِ وَإِن لم تَحض إِلَّا فِي كل سنة مرّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن الْمَرْأَة تحيض فَكثر دَمهَا حَتَّى لَا

تَدْرِي كَيفَ حَيْضَتهَا قَالَ: تَعْتَد ثَلَاثَة أشهر وَهِي الرِّيبَة الَّتِي قَالَ الله: {إِن ارتبتم} قضى بذلك ابْن عَبَّاس وَزيد بن ثَابت وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن زيد فِي الْمَرْأَة الشَّابَّة تطلق فيرتفع حَيْضهَا فَمَا تَدْرِي مَا رَفعهَا قَالَ: تَعْتَد بِالْحيضِ وَقَالَ طَاوُوس: تَعْتَد بِثَلَاثَة أشهر وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قضى عمر فِي الْمَرْأَة الَّتِي يطلقهَا زَوجهَا تَطْلِيقَة ثمَّ تحيض حَيْضَة وحيضتين ثمَّ ترْتَفع حَيْضَتهَا لَا تَدْرِي مَا الَّذِي رَفعهَا أَنَّهَا تربص بِنَفسِهَا مَا بَينهَا وَبَين تِسْعَة أشهر فَإِن استبان حمل فَهِيَ حَامِل وَإِن مر تِسْعَة أشهر وَلَا حمل بهَا اعْتدت ثَلَاثَة أشهر بعد ذَلِك ثمَّ قد حلت وَأخرج عبد الله فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن مرْدَوَيْه عَن أُبيّ بن كَعْب قَالَ: قلت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} أَهِي الْمُطلقَة ثَلَاثًا والمتوفي عَنْهَا زَوجهَا قَالَ: هِيَ الْمُطلقَة ثَلَاثًا والمتوفي عَنْهَا زَوجهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالدَّارَقُطْنِيّ من وَجه آخر عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة قلت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا رَسُول الله: هَذِه الْآيَة مُشْتَركَة أم مُبْهمَة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيَّة آيَة قلت: {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} الْمُطلقَة والمتوفي عَنْهَا زَوجهَا قَالَ: نعم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن مَسْعُود أَنه بلغه أَن عليا يَقُول: تَعْتَد آخر الْأَجَليْنِ فَقَالَ: من شَاءَ لَاعَنته إِن الْآيَة الَّتِي نزلت فِي سُورَة النِّسَاء الْقصرى نزلت بعد سُورَة الْبَقَرَة {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} بِكَذَا وَكَذَا شهرا فَكل مُطلقَة أَو متوفى عَنْهَا زَوجهَا فأجلها أَن تضع حملهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من شَاءَ حافته أَن سُورَة النِّسَاء الصُّغْرَى أنزلت بعد الْأَرْبَعَة أشهر وَعشرا {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من شَاءَ لَاعَنته إِن الْآيَة الَّتِي فِي

سُورَة النِّسَاء الْقصرى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} نسخت مَا فِي الْبَقَرَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نسخت سُورَة النِّسَاء الْقصرى كل عدَّة {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} أجل كل حَامِل مُطلقَة أَو متوفى عَنْهَا زَوجهَا أَن تضع حملهَا وَأخرج الْحَاكِم فِي التَّارِيخ والديلمي عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: اتجعلون عَلَيْهَا التَّغْلِيظ وَلَا تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَة أنزلت سُورَة النِّسَاء الْقصرى بعد الطُّولى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} إِذا وضعت فقد انْقَضتْ الْعدة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: نزلت سُورَة النِّسَاء الْقصرى بعد الَّتِي فِي الْبَقَرَة بِسبع سِنِين وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: قلت يَا رَسُول الله إِنِّي أسمع الله يذكر {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} فالحامل الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا أَن تضع حملهَا فَقَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: كنت أَنا وَابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة فجَاء رجل فَقَالَ: افتني فِي امْرَأَة ولدت بعد زَوجهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَة أحلّت فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: تَعْتَد آخر الْأَجَليْنِ قلت أَنا {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: ذَلِك فِي الطَّلَاق قَالَ أَبُو سَلمَة: أَرَأَيْت لَو أَن امْرَأَة أخر حملهَا سنة فَمَا عدتهَا قَالَ ابْن عَبَّاس: آخر الْأَجَليْنِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: أَنا مَعَ أخي أبي سَلمَة فَأرْسل ابْن عَبَّاس غُلَامه كريباً إِلَى أم سَلمَة يسْأَلهَا هَل مَضَت فِي ذَلِك سنة فَقَالَت: قتل زَوجهَا سبيعة الأسْلَمِيَّة وَهِي حُبْلَى فَوضعت بعد مَوته بِأَرْبَعِينَ لَيْلَة فَخطبت فَأَنْكحهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي السنابل بن بعكك أَن سبيعة بنت الْحَارِث وضعت بعد وَفَاة زَوجهَا بِثَلَاثَة وَعشْرين يَوْمًا فتشوّفت

للنِّكَاح فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهَا أَو عيب فَسئلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن تفعل فقد خلا أجلهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: مكثت امْرَأَة ثَلَاثًا وَعشْرين لَيْلَة ثمَّ وضعت فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: استفحلي لأمرك يَقُول: تزوجي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن سبيعة الأسْلَمِيَّة أَنَّهَا توفّي زَوجهَا فَوضعت بعد وَفَاته بِخمْس وَعشْرين لَيْلَة فتهيأت فَقَالَ لَهَا أَبُو السنابل بن بعكك: قد أسرعت اعْتدي آخر الْأَجَليْنِ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا قَالَت: فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: إِن وجدت زوجا صَالحا زَوجي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الْمسور بن مخرمَة أَن زوج سبيعة الأسْلَمِيَّة توفّي وَهِي حَامِل فَلم يتمكث إِلَّا ليَالِي يسيرَة حَتَّى نفست فَلَمَّا تعلت من نفَاسهَا ذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأذن لَهَا فنكحت وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَن امْرَأَة توفّي عَنْهَا زَوجهَا فَولدت بعد أَيَّام فاختضبت وتزينت فَمر بهَا أَبُو السنابل بن بعكك فَقَالَ: كذبت إِنَّمَا هُوَ آخر الْأَجَليْنِ فَأَتَت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته بذلك فَقَالَ: كذب أَبُو السنابل تزوجي وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَنه تمارى هُوَ وَابْن عَبَّاس فِي الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا وَهِي حُبْلَى فَقَالَ ابْن عَبَّاس: آخر الْأَجَليْنِ وَقَالَ أَبُو سَلمَة: إِذا ولدت فقد حلت فجَاء أَبُو هُرَيْرَة فَقَالَ: أَنا مَعَ ابْن أخي لأبي سَلمَة ثمَّ أرْسلُوا إِلَى عَائِشَة فَسَأَلُوهَا فَقَالَت: ولدت سبيعة بعد موت زَوجهَا بِليَال فاستأذنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمرهَا فنكحت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عبيد الله بن عبد الله قَالَ: أرسل مَرْوَان عبد الله بن عتبَة إِلَى سبيعة بنت الْحَارِث ليسألها عَمَّا أفتاها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته أَنَّهَا كَانَت عِنْد سعد بن خَوْلَة فَتوفي عَنْهَا فِي حجَّة الْوَدَاع وَكَانَ بَدْرِيًّا فَوضعت حملهَا قبل أَن تمْضِي أَرْبَعَة أشهر وَعشر من وَفَاته فتلقاها أَبُو السنابل بن بعكك حِين تعلت من نفَاسهَا وَقد اكتحلت وتزينت فَقَالَ: لَعَلَّك تريدين النِّكَاح إِنَّهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشرا من وَفَاة زَوجك قَالَت فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكرت ذَلِك لَهُ وَذكرت لَهُ

مَا قَالَ أَبُو السنابل فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اربعي بِنَفْسِك فقد حل أَجلك إِذا وضعت حملك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة عَن عليّ فِي الْحَامِل إِذا وضعت بعد وَفَاة زَوجهَا قَالَ: تَعْتَد أَرْبَعَة أشهر وَعشرا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يَقُول فِي الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا: تنْتَظر آخر الْأَجَليْنِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن الْمسيب أَن عمر اسْتَشَارَ عليّ بن أبي طَالب وَزيد بن ثَابت قَالَ زيد: قد حلت وَقَالَ عليّ: أَرْبَعَة أشهر وَعشرا قَالَ زيد: أَرَأَيْت إِن كَانَت آيساً قَالَ عليّ فآخر الْأَجَليْنِ قَالَ عمر: لَو وضعت ذَا بَطنهَا وَزوجهَا على نعشه لم يدْخل حفرته لكَانَتْ قد حلت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُغيرَة قَالَ: قلت لِلشَّعْبِيِّ: مَا أصدق أَن عليّ بن أبي طَالب كَانَ يَقُول: عدَّة المتوفي عَنْهَا زَوجهَا آخر الْأَجَليْنِ قَالَ: بلَى فَصدق بِهِ كأشد مَا صدقت بِشَيْء كَانَ عليّ يَقُول: إِنَّمَا قَوْله: {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} فِي الْمُطلقَة وَأخرج مَالك وَالشَّافِعِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن الْمَرْأَة يتوفى عَنْهَا زَوجهَا وَهِي حَامِل فَقَالَ: إِذا وضعت حملهَا فقد حلت فَأخْبرهُ رجل من الْأَنْصَار أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: لَو ولدت وَزوجهَا على سَرِيره لم يدْفن لحلت وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن قَالَ: إِذا أَلْقَت الْمَرْأَة شَيْئا يعلم أَنه من حمل فقد انْقَضتْ بِهِ الْعدة وأعتقت أم الْوَلَد وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَمُحَمّد قَالَا: إِذا سَقَطت الْمَرْأَة فقد انْقَضتْ عدتهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِذا نكس فِي الْخلق الرَّابِع وَكَانَ مخلقاً اعتقت بِهِ الْأمة وَانْقَضَت بِهِ الْعدة وَأخرج أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن رجل اشْترى جَارِيَة وَهِي حَامِل أيطؤها قَالَ: لَا وَقَرَأَ {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ}

الْآيَة 6 - 7

6

أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {أسكنوهن من حَيْثُ سكنتم من وجدكم} قَالَ: إِن لم تَجِد لَهَا إِلَّا نَاحيَة بَيْتك فأسكنها فِيهِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من حَيْثُ سكنتم من وجدكم} قَالَ: من سعتكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {من حَيْثُ سكنتم من وجدكم} قَالَ: من سعتكم {وَلَا تضاروهن لتضيقوا عَلَيْهِنَّ} قَالَ: فِي الْمسكن وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {من وجدكم} مَرْفُوعَة الْوَاو وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِن كن أولات حمل فأنفقوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضعن حَملهنَّ} قَالَ: فَهَذِهِ الْمَرْأَة يطلقهَا زَوجهَا وَهِي حَامِل فَأمر الله أَن يسكنهَا أَو ينْفق عَلَيْهَا حَتَّى تضع وَإِن أَرْضَعَتْه فحتى تفطم فَإِن أبان طَلاقهَا وَلَيْسَ بهَا حمل فلهَا السُّكْنَى حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا وَلَا نَفَقَة لَهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فَإِن أرضعن لكم} الْآيَة قَالَ: هِيَ أَحَق بِوَلَدِهَا أَن تَأْخُذهُ بِمَا كنت مسترضعاً بِهِ غَيرهَا أخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {وَإِن تعاسرتم فسترضع لَهُ أُخْرَى} قَالَ: إِذا قَامَ الرَّضَاع مسترضعاً بِهِ غَيرهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {وَإِن تعاسرتم فسترضع لَهُ أُخْرَى} قَالَ: إِذا قَامَ الرَّضَاع على شَيْء خيرت الْأُم وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم وَالضَّحَّاك وقَتَادَة مثله

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لينفق ذُو سَعَة من سعته وَمن قدر عَلَيْهِ رزقه فلينفق مِمَّا أَتَاهُ الله} الْآيَة قَالَ عليّ: الْمُطلقَة إِذا أرضعت لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَمن قدر عَلَيْهِ رزقه} قَالَ: قتر {فلينفق مِمَّا آتَاهُ الله} قَالَ: أعطَاهُ {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا مَا آتاها} قَالَ: أَعْطَاهَا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي سِنَان قَالَ: سَأَلَ عمر بن الْخطاب عَن أبي عُبَيْدَة فَقيل لَهُ: إِنَّه يلبس الغليظ من الثِّيَاب وَيَأْكُل أخشن الطَّعَام فَبعث إِلَيْهِ بِأَلف دِينَار وَقَالَ للرسول: أنظر مَا يصنع بهَا إِذا هُوَ أَخذهَا فَمَا لبث أَن لبس أَلين الثِّيَاب وَأكل أطيب الطَّعَام فجَاء الرَّسُول فَأخْبرهُ فَقَالَ: رَحمَه الله تَأَول هَذِه الْآيَة {لينفق ذُو سَعَة من سعته وَمن قدر عَلَيْهِ رزقه فلينفق مِمَّا أَتَاهُ الله} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن طَاوُوس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْمُؤمن أَخذ من الله أدباً حسنا إِذا وسع عَلَيْهِ وسع على نسفه وَإِذا أمسك عَلَيْهِ أمسك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عليّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَهُ مائَة وقية بِعشر أواقن وجاءه رجل كَانَ لَهُ مائَة دِينَار بِعشر دَنَانِير وجاءه رجل لَهُ عشرَة دَنَانِير بِدِينَار فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْتُم فِي الْأجر سَوَاء كل وَاحِد مِنْكُم جَاءَ بِعشر مَاله ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {لينفق ذُو سَعَة من سعته} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة نفر كَانَ لأَحَدهم عشرَة دَنَانِير فَتصدق مِنْهَا بِدِينَار وَكَانَ لآخر عشر أَوَاقٍ فَتصدق مِنْهَا بأوقية وَكَانَ لآخر مائَة أُوقِيَّة فَتصدق مِنْهَا بِعشْرَة أَوَاقٍ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هم فِي الْأجر سَوَاء كل تصدق بِعشر مَاله قَالَ الله: {لينفق ذُو سَعَة من سعته} وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن معمر قَالَ: سَأَلت الزُّهْرِيّ عَن الرجل لَا يجد مَا ينْفق على امْرَأَته يفرق بَينهمَا قَالَ: يستأني لَهُ وَلَا يفرق بَينهمَا وتلا {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا مَا آتاها سَيجْعَلُ الله بعد عسر يسرا} قَالَ معمر: وَبَلغنِي أَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ مثل قَول الزُّهْرِيّ

الْآيَة 8 - 12

8

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فحاسبناها حسابا شَدِيدا} يَقُول: لم ترحم {وعذبناها عذَابا نكراً} يَقُول: عَظِيما مُنْكرا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {عذَابا نكراً} مثقلة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {فذاقت وبال أمرهَا} قَالَ: جَزَاء أمرهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فذاقت وبال أمرهَا} قَالَ: عُقُوبَة أمرهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {قد أنزل الله إِلَيْكُم ذكرا رَسُولا} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {آيَات مبينات} بِنصب الْيَاء وَالله تَعَالَى أعلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق أبي رزين قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس هَل تَحت الأَرْض خلق قَالَ: نعم ألم تَرَ إِلَى قَوْله: {خلق سبع سماوات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ يتنزل الْأَمر بَينهُنَّ} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لَهُ رجل {الله الَّذِي خلق سبع سماوات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ} إِلَى آخر السُّورَة فَقَالَ ابْن عَبَّاس: للرجل مَا يُؤمنك إِن أخْبرك بهَا فتكفر

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {خلق سبع سماوات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ} قَالَ: فِي كل سَمَاء وَفِي كل أَرض خلق من خلقه وَأمر من أمره وَقَضَاء من قَضَائِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يتنزل الْأَمر بَينهُنَّ} قَالَ: من السَّمَاء السَّابِعَة إِلَى الأَرْض السَّابِعَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {يتنزل الْأَمر بَينهُنَّ} قَالَ: السَّمَاء مَكْفُوفَة وَالْأَرْض مَكْفُوفَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: بَين كل سَمَاء وَأَرْض خلق وَأمر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {خلق سبع سماوات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ} قَالَ: بَلغنِي أَن عرض كل أَرض مسيرَة خَمْسمِائَة سنة وَأَن بَين أَرضين مسيرَة خَمْسمِائَة سنة وأخبرت أَن الرّيح بَين الأَرْض الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَالْأَرْض السَّابِعَة فَوق الثرى وَاسْمهَا تخوم وَأَن أَرْوَاح الْكفَّار فِيهَا وَلها فِيهَا الْيَوْم حنين فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة ألقتهم إِلَى برهوت فَاجْتمع أنفس الْمُسلمين بالجابية وَالثَّرَى فَوق الصَّخْرَة الَّتِي قَالَ الله فِي صَخْرَة والصخرة خضراء مكللة والصخرة على الثور والثور لَهُ قرنان وَله ثَلَاث قَوَائِم يبتلع مَاء الأَرْض كلهَا يَوْم الْقِيَامَة والثور على الْحُوت وذنب الْحُوت عِنْد رَأسه مستدير تَحت الأَرْض السُّفْلى وطرفاه منعقدان تَحت الْعَرْش وَيُقَال: الأَرْض السُّفْلى على عمد من قَرْني الثور وَيُقَال: بل على ظَهره واسْمه بهموت يأثرون أَنَّهُمَا نزل أهل الْجنَّة فيشبعون من زَائِد كبد الْحُوت وَرَأس الثور وأخبرت بِأَن عبد الله بن سَلام سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: علام الْحُوت قَالَ: على مَاء أسود وَمَا أَخذ مِنْهُ الْحُوت إِلَّا كَمَا أَخذ حوت من حيتانكم من بَحر من هَذِه الْبحار وَحدثت أَن إِبْلِيس تغلغل إِلَى الْحُوت فَعظم لَهُ نَفسه وَقَالَ: لَيْسَ خلق بأعظم مِنْك غنى وَلَا أقوى فَوجدَ الْحُوت فِي نَفسه فَتحَرك فَمِنْهُ تكون الزلزلة إِذا تحرّك فَبعث الله حوتاً صَغِيرا فأسكنه فِي أُذُنه فَإِذا ذهب يَتَحَرَّك تحرّك الَّذِي فِي أُذُنه فسكن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الضريس من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ} قَالَ: لَو حدثتكم بتفسيرها لكَفَرْتُمْ وكفركم بتكذيبكم بهَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَفِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي الضُّحَى عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ} قَالَ: سبع أَرضين فِي كل أَرض نَبِي كنبيكم وآدَم كآدم ونوح كنوح وَإِبْرَاهِيم كإبراهيم وَعِيسَى كعيسى قَالَ الْبَيْهَقِيّ: إِسْنَاده صَحِيح وَلكنه شَاذ لَا أعلم لأبي الضُّحَى عَلَيْهِ مُتَابعًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ فَقَالَ: منكرعن ابْن عمر وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْأَرْضين بَين كل أَرض وَالَّتِي تَلِيهَا مسيرَة خَمْسمِائَة عَام والعليا مِنْهَا على ظهر حوت قد التقى طرفاه فِي السَّمَاء والحوت على صَخْرَة والصخرة بيد الْملك وَالثَّانيَِة مسجن الرّيح فَلَمَّا أَرَادَ الله أَن يهْلك عاداً أَمر خَازِن الرّيح أَن يُرْسل عَلَيْهِم ريحًا يهْلك عاداً فَقَالَ: يَا رب أرسل عَلَيْهِم من الرّيح بِقدر منخر الثور فَقَالَ لَهُ الْجَبَّار: إِذن تكفأ الأَرْض وَمن عَلَيْهَا وَلَكِن أرسل عَلَيْهِم بِقدر خَاتم فَهِيَ الَّتِي قَالَ الله فِي كِتَابه: (مَا تذر من شَيْء أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا جعلته كالرميم) (سُورَة الذاريات الْآيَة 42) وَالثَّالِثَة فِيهَا حِجَارَة جَهَنَّم وَالرَّابِعَة فِيهَا كبريت جَهَنَّم قَالُوا: يَا رَسُول الله أللنار كبريت قَالَ: نعم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن فِيهَا لأودية من كبريت لَو أرسل فِيهَا الْجبَال الرواسِي لماعت وَالْخَامِسَة فِيهَا حيات جَهَنَّم إِن أفواهها كالأودية تلسع الْكَافِر اللسعة فَلَا تبقي مِنْهُ لَحْمًا على وَضم وَالسَّادِسَة فِيهَا عقارب جَهَنَّم إِن أدنى عقربة مِنْهَا كالبغال الموكفة تضرب الْكَافِر ضَرْبَة ينسيه ضربهَا حر جَهَنَّم وَالسَّابِعَة فِيهَا سقر وفيهَا إِبْلِيس مصفد بالحديد يدٌ أَمَامه ويدٌ خَلفه فَإِذا أَرَادَ الله أَن يُطلقهُ لما شَاءَ أطلقهُ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كثف الأَرْض مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وكثف الثَّانِيَة مثل ذَلِك وَمَا بَين كل أَرضين مثل ذَلِك وَأخرج عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ فِي الرَّد على الجهميه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سيد السَّمَوَات السَّمَاء الَّتِي فِيهَا الْعَرْش وَسيد الْأَرْضين الَّتِي نَحن عَلَيْهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن كَعْب قَالَ: الأرضون السَّبع على صَخْرَة

والصخرة فِي كف ملك وَالْملك على جنَاح الْحُوت والحوت فِي المَاء وَالْمَاء على الرّيح وَالرِّيح على الْهَوَاء ريح عقيم لَا تلقح وَإِن قُرُونهَا معلقَة بالعرش وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك قَالَ: الصَّخْرَة الَّتِي تَحت الأَرْض مُنْتَهى الْخلق على أرجائها أَرْبَعَة أَمْلَاك ورؤوسهم تَحت الْعَرْش وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي مَالك قَالَ: إِن الْأَرْضين على حوت والسلسلة فِي أذن الْحُوت

66 سُورَة التَّحْرِيم مَدَنِيَّة وآياتها اثْنَتَا عشرَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة التَّحْرِيم بِالْمَدِينَةِ وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه سُورَة التَّحَرُّم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزلت بِالْمَدِينَةِ سُورَة النِّسَاء و {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 2

التحريم

أخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمْكث عِنْد زَيْنَب بنت جحش وَيشْرب عِنْدهَا عسلاً فتواصيت أَنا وَحَفْصَة أَن أَتَيْنَا دخل عَلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلْتَقُلْ إِنِّي أجد مِنْك ريح مَغَافِير أكلت مَغَافِير فَدخل إِلَى إِحْدَاهمَا فَقَالَت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: لَا بل شربت عسلاً عِنْد زَيْنَب بنت جحش وَلنْ أَعُود فَنزلت {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} إِلَى {أَن تَتُوبَا إِلَى الله} لعَائِشَة وَحَفْصَة {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} لقَوْله: بل شربت عسلاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشرب من شراب عِنْد سَوْدَة من الْعَسَل فَدخل

على عَائِشَة فَقَالَت: إِنِّي أجد مِنْك ريحًا فَدخل على حَفْصَة فَقَالَت: إِنِّي أجد مِنْك ريحًا فَقَالَ: أرَاهُ من شراب شربته عِنْد سَوْدَة وَالله لَا أشربه فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} الْآيَة وَأخرج ابْن سعد عَن عبد الله بن رَافع قَالَ: سَأَلت أم سَلمَة عَن هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} قَالَت: كَانَت عِنْدِي عكة من عسل أَبيض فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلعق مِنْهَا وَكَانَ يحْبسهُ فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: نحلهَا تجرش عرفطاً فَحَرمهَا فَنزلت هَذِه الْآيَة وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن عبد الله بن عتيبة أَنه سُئِلَ أَي شَيْء حرم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عكة من عسل وَأخرج النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت لَهُ أمة يَطَؤُهَا فَلم تزل بِهِ عَائِشَة وَحَفْصَة حَتَّى جعلهَا على نَفسه حَرَامًا فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم} الْآيَة فِي سريته وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قلت لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: من الْمَرْأَتَانِ اللَّتَان تظاهرتا قَالَ: عَائِشَة وَحَفْصَة وَكَانَ بَدْء الحَدِيث فِي شَأْن مَارِيَة أم إِبْرَاهِيم الْقبْطِيَّة أَصَابَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيت حَفْصَة فِي يَوْمهَا فَوجدت حَفْصَة فَقَالَت: يَا نَبِي الله لقد جِئْت إليَّ شَيْئا مَا جِئْته إِلَى أحد من أَزوَاجك فِي يومي وَفِي دَاري وعَلى فِرَاشِي فَقَالَ أَلا ترْضينَ أَن أحرمهَا فَلَا أقربها قَالَت: بلَى فَحَرمهَا وَقَالَ: لَا تذكري ذَلِك لأحد فَذَكرته لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فأظهره الله عَلَيْهِ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} الْآيَات كلهَا فَبَلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفر عَنْهَا فأظهر الله يَمِينه وَأصَاب جَارِيَته وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك تبتغي مرضات أَزوَاجك} قَالَ: حرم سريته وَأخرج ابْن سعد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت عَائِشَة وَحَفْصَة متحابتين فَذَهَبت حَفْصَة إِلَى بَيت أَبِيهَا تحدث عِنْده فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى جَارِيَته فظلت مَعَه فِي بَيت حَفْصَة وَكَانَ الْيَوْم الَّذِي يَأْتِي فِيهِ حَفْصَة فوجدتهما

فِي بَيتهَا فَجعلت تنْتَظر خُرُوجهَا وَغَارَتْ غيرَة شَدِيدَة فَأخْرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَارِيَته وَدخلت حَفْصَة فَقَالَت: قد رَأَيْت من كَانَ عنْدك وَالله لقد سؤتني فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله لأرضينك وَإِنِّي مسر إِلَيْك سرا فاحفظيه قَالَت: مَا هُوَ قَالَ: إِنِّي أشهدك أَن سريتي هَذِه عليّ حرَام رضَا فَانْطَلَقت حَفْصَة إِلَى عَائِشَة فأسرت إِلَيْهَا أَن أَبْشِرِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد حرم عَلَيْهِ فتَاته فَلَمَّا أخْبرت بسر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أظهر الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ذكر عِنْد عمر بن الْخطاب {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك تبتغي مرضات أَزوَاجك} قَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي حَفْصَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنزل أم إِبْرَاهِيم منزل أبي أَيُّوب قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيتهَا يَوْمًا فَوجدَ خلْوَة فأصابها فَحملت بإبراهيم قَالَت عَائِشَة: فَلَمَّا استبان فزعت من ذَلِك فَمَكثَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى ولدت فَلم يكن لأمه لبن فَاشْترى لَهُ ضائنة يغذي مِنْهَا الصَّبِي فصلح عَلَيْهِ جِسْمه وَحسن لَحْمه وَصفا لَونه فجَاء بِهِ يَوْمًا يحملهُ على عُنُقه فَقَالَ يَا عَائِشَة كَيفَ تري الشّبَه فَقلت: أَنا غَيْرِي مَا أَدْرِي شبها فَقَالَ: وَلَا بِاللَّحْمِ فَقلت: لعمري لمن تغذى بألبان الضَّأْن ليحسن لَحْمه قَالَ: فَجَزِعت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَحَفْصَة من ذَلِك فعاتبته حَفْصَة فَحَرمهَا وَأسر إِلَيْهَا سرا فأفشته إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَنزلت آيَة التَّحْرِيم فَأعتق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَقَبَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: وجدت حَفْصَة رَضِي الله عَنْهَا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أم وَلَده مَارِيَة أم إِبْرَاهِيم فَحرم أم وَلَده لحفصة رَضِي الله عَنْهَا وأمرها أَن تكْتم ذَلِك فأسرته إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} فَأمره الله بكفارة يَمِينه وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} الْآيَة قَالَ: كَانَ حرم فتَاته الْقبْطِيَّة أم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فِي يَوْم حَفْصَة وَأسر ذَلِك إِلَيْهَا فأطلعت عَلَيْهِ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وكانتا تظاهرتا على نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأحل الله لَهُ مَا حرم على نَفسه وَأمره أَن يكفر عَن يَمِينه فَقَالَ: {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الشّعبِيّ وَقَتَادَة رَضِي الله عَنْهُمَا {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} قَالَ: حرم جَارِيَته قَالَ الشّعبِيّ: وَحلف يَمِينا مَعَ التَّحْرِيم فَعَاتَبَهُ الله فِي التَّحْرِيم وَجعل لَهُ كَفَّارَة الْيَمين وَقَالَ قَتَادَة: حرمهَا فَكَانَت يَمِينا وَأخرج ابْن سعد عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرم أم إِبْرَاهِيم فَقَالَ: هِيَ عليّ حرَام فَقَالَ: وَالله لَا أقربها فَنزلت {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} وَأخرج ابْن سعد عَن مَسْرُوق وَالشعْبِيّ قَالَا: إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أمته وحرمها فَأنْزل الله {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} وَأنزل {لم تحرم مَا أحل الله لَك} وَأخرج الْهَيْثَم بن كُلَيْب فِي مُسْنده والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة من طَرِيق نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحفصة: لَا تحدثي أحدا وَإِن أم إِبْرَاهِيم عليَّ حرَام فَقَالَت: أتحرم مَا أحل الله لَك قَالَ: فوَاللَّه لَا أقربها فَلم يقربهَا نَفسه حَتَّى أخْبرت عَائِشَة فَأنْزل الله {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مَسْرُوق أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلف لحفصة أَن لَا يقرب أمته وَقَالَ: هِيَ عليَّ حرَام فَنزلت الْكَفَّارَة ليمينه وَأمر أَن لَا يحرم مَا أحل الله لَهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك أَن حَفْصَة زارت أَبَاهَا ذَات يَوْم وَكَانَ يَوْمهَا فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يجدهَا فِي الْمنزل فَأرْسل إِلَى أمته مَارِيَة فَأصَاب مِنْهَا فِي بَيت حَفْصَة وَجَاءَت حَفْصَة على تِلْكَ الْحَال فَقَالَت يَا رَسُول الله: أتفعل هَذَا فِي بَيْتِي وَفِي يومي قَالَ: فَإِنَّهَا عليّ حرَام وَلَا تُخْبِرِي بذلك أحدا فَانْطَلَقت حَفْصَة إِلَى عَائِشَة فَأَخْبَرتهَا بذلك فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} إِلَى قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} فَأمر أَن يكفر عَن يَمِينه وَيُرَاجع أمته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بمارية الْقبْطِيَّة سريته بَيت حَفْصَة فَوَجَدتهَا مَعَه فَقَالَت: يَا رَسُول الله فِي بَيْتِي من بَين بيُوت نِسَائِك قَالَ: فَإِنَّهَا عليَّ حرَام أَن أَمسهَا واكتمي

هَذَا عليَّ فَخرجت حَتَّى أَتَت عَائِشَة فَقَالَت: أَلا أُبَشِّرك قَالَت: بِمَاذَا قَالَت: وجدت مَارِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيْتِي فَقلت: يَا رَسُول الله فِي بَيْتِي من بَين بيُوت نِسَائِك فَكَانَ أوّل السِّرّ أَنه أحرمهَا على نَفسه ثمَّ قَالَ لي: يَا حَفْصَة أَلا أَبشرك فأعلمي عَائِشَة أَن أَبَاك يَلِي الْأَمر من بعده وَأَن أبي يَلِيهِ بعد أَبِيك وَقد اِسْتَكْتَمَنِي ذَلِك فَاكْتُمِيهِ فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم} إِلَى قَوْله: {غَفُور رَحِيم} أَي لما كَانَ مِنْك إِلَى قَوْله: {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه} يَعْنِي حَفْصَة {حَدِيثا فَلَمَّا نبأت بِهِ} يَعْنِي عَائِشَة {وأظهره الله عَلَيْهِ} أَي بِالْقُرْآنِ {عرف بعضه} عرف حَفْصَة مَا أظهر من أَمر مَارِيَة {وَأعْرض عَن بعض} عَمَّا أخْبرت بِهِ من أَمر أبي بكر وَعمر فَلم يُبْدِه {فَلَمَّا نبأها بِهِ} إِلَى قَوْله: {الْخَبِير} ثمَّ أقبل عَلَيْهِمَا يعاتبهما فَقَالَ: {إِن تَتُوبَا إِلَى الله} إِلَى قَوْله: {ثيبات وأبكاراً} فوعده من الثيبات آسِيَة بنت مُزَاحم وَأُخْت نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَمن الْأَبْكَار مَرْيَم بنت عمرَان وَأُخْت مُوسَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} فِي الْمَرْأَة الَّتِي وهبت نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْآيَة 2 - 4 أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: فِي الْحَرَام يكفر وَقَالَ: (لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله اسوة حَسَنَة) (سُورَة الْأَحْزَاب 21)

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَنه جَاءَهُ رجل فَقَالَ: جعلت امْرَأَتي عليَّ حَرَامًا فَقَالَ: كذبت لَيست عَلَيْك بِحرَام ثمَّ تَلا {لم تحرم مَا أحل الله لَك} قَالَ: عَلَيْك أغْلظ الْكَفَّارَات عتق رَقَبَة وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَن عَائِشَة قَالَت: لما حلف أَبُو بكر أَن لَا ينْفق على مسطح فَأنْزل الله {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} فأحل يَمِينه وَأنْفق عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} قَالَ: أَمر الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُؤمنِينَ إِذا حرمُوا شَيْئا مِمَّا أحل الله لَهُم أَن يكفروا أَيْمَانهم بإطعام عشرَة مَسَاكِين أَو كسوتهم أَو تَحْرِير رَقَبَة وَلَيْسَ يدْخل فِي ذَلِك الطَّلَاق وَأخرج عبد بن حميد عَن مَيْمُون بن مهْرَان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {تَحِلَّة أَيْمَانكُم} قَالَ: يَقُول قد أحللت لَك مَا ملكت يَمِينك فَلم تحرم ذَلِك وَقد فرضت لَك تَحِلَّة الْيَمين بهَا يَمِينك كل ذَلِك فِي هَذَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} قَالَ: دخلت حَفْصَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيتهَا وَهُوَ يطَأ مَارِيَة فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تُخْبِرِي عَائِشَة حَتَّى أُبَشِّرك بِشَارَة فَإِن أَبَاك يَلِي الْأَمر بعد أبي بكر إِذا أَنا مت فَذَهَبت حَفْصَة فَأخْبرت عَائِشَة فَقَالَت عَائِشَة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَنْبَأَك هَذَا قَالَ: نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير فَقَالَت عَائِشَة: لَا أنظر إِلَيْك حَتَّى تحرم مَارِيَة فَحَرمهَا فَأنْزل الله {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم} وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة فِي قَوْله: {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} قَالَ: أسر إِلَيْهَا أَن أَبَا بكر خليفتي من بعدِي

وَأخرج ابْن عدي وَأَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة العشاري فِي فَضَائِل الصّديق وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس قَالَا: وَالله إِن إِمَارَة أبي بكر وَعمر لفي الْكتاب {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} قَالَ لحفصة: أَبوك وَأَبُو عَائِشَة واليا النَّاس بعدِي فإياك أَن تُخْبِرِي أحدا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَيْمُون بن مهْرَان فِي قَوْله: {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} قَالَ: أسر إِلَيْهَا أَن أَبَا بكر خليفتي من بعدِي وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن حبيب بن أبي ثَابت {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} قَالَ: أخبر عَائِشَة أَن أَبَاهَا الْخَلِيفَة من بعده وَأَن أَبَا حَفْصَة الْخَلِيفَة من بعد أَبِيهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَارِيَة لَهُ فِي يَوْم عَائِشَة وَكَانَت حَفْصَة وَعَائِشَة متحابتين فأطلعتحفصة على ذَلِك فَقَالَ لَهَا: لَا تُخْبِرِي عَائِشَة بِمَا كَانَ مني وَقد حرمتهَا عليَّ فأفشت حَفْصَة سر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم} الْآيَات وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} قَالَ: أسر إِلَى عَائِشَة فِي أَمر الْخلَافَة بعده فَحدثت بِهِ حَفْصَة وَأخرج أَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة عَن الضَّحَّاك {وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا} قَالَ: أسر إِلَى حَفْصَة بنت عمر أَن الْخَلِيفَة من بعده أَبُو بكر وَمن بعد أبي بكر عمر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {عرف بعضه وَأعْرض عَن بعض} قَالَ: الَّذِي عرف أَمر مَارِيَة {وَأعْرض عَن بعض} قَوْله: إِن أَبَاك وأباها يليان النَّاس بعدِي مَخَافَة أَن يفشو وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: مَا استقصى كريم قطّ لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {عرف بعضه وَأعْرض عَن بعض} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَطاء الخرساني قَالَ: مَا استقصى حَلِيم قطّ ألم تسمع إِلَى قَوْله: {عرف بعضه وَأعْرض عَن بعض} أما قَوْله تَعَالَى: {إِن تَتُوبَا إِلَى الله فقد صغت قُلُوبكُمَا وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ} أخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فقد صغت قُلُوبكُمَا} قَالَ: مَالَتْ وأثمت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {صغت} قَالَ: مَالَتْ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {صغت} قَالَ: مَالَتْ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: كُنَّا نرى أَن {صغت قُلُوبكُمَا} شَيْء هَين حَتَّى سمعناه بِقِرَاءَة عبد الله إِن تَتُوبَا إِلَى الله [] {فقد صغت قُلُوبكُمَا}

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَأحمد والعدني وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لم أزل حَرِيصًا أَن أسأَل عمر رَضِي الله عَنهُ عَن الْمَرْأَتَيْنِ من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّتَيْنِ قَالَ الله تَعَالَى: {إِن تَتُوبَا إِلَى الله فقد صغت قُلُوبكُمَا} حَتَّى حج عمر وَحَجَجْت مَعَه فَلَمَّا كَانَ بِبَعْض الطَّرِيق عدل عمر وَعدلت مَعَه بالإِداوة فَتبرز ثمَّ أَتَى فَصَبَبْت على يَدَيْهِ فَتَوَضَّأ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من الْمَرْأَتَانِ من أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّتَان قَالَ الله: {إِن تَتُوبَا إِلَى الله فقد صغت قُلُوبكُمَا} فَقَالَ: وَاعجَبا لَك يَا ابْن عَبَّاس هما عَائِشَة وَحَفْصَة ثمَّ أنشأ يحدثني الحَدِيث فَقَالَ: كُنَّا معشر قُرَيْش نغلب النِّسَاء فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة وجدنَا قوما تغلبهم نِسَاؤُهُم فَطَفِقَ نساؤنا يتعلمن من نِسَائِهِم فَغضِبت على امْرَأَتي يَوْمًا فَإِذا هِيَ تراجعني فأنكرت أَن تراجعني فَقَالَت: مَا تنكر من ذَلِك فوَاللَّه إِن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليراجعنه وتهجره إِحْدَاهُنَّ الْيَوْم إِلَى اللَّيْل قلت: قد خابت من فعلت ذَلِك مِنْهُنَّ وخسرت قَالَ: وَكَانَ منزلي بالعوالي وَكَانَ لي جَار من الْأَنْصَار كُنَّا نتناوب النُّزُول إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيزل يَوْمًا فيأتيني بِخَبَر الْوَحْي وَغَيره وَأنزل يَوْمًا فآتيه بِمثل ذَلِك قَالَ: وَكُنَّا نُحدث أَن غَسَّان تنعل الْخَيل لتغزونا فجَاء يَوْمًا فَضرب على الْبَاب فَخرجت إِلَيْهِ فَقَالَ: حدث أَمر عَظِيم فَقلت: أجاءت غَسَّان قَالَ: أعظم من ذَلِك طلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ قلت فِي نَفسِي: قد خابت حَفْصَة وخسرت قد كنت أرى ذَلِك كَائِنا فَلَمَّا صلينَا الصُّبْح شددت نَعْلي ثِيَابِي ثمَّ انْطَلَقت حت دخلت على حَفْصَة فَإِذا هِيَ تبْكي فَقلت: أطلقكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: لَا أَدْرِي هُوَ ذَا معتزل فِي الْمشْربَة فَانْطَلَقت فَأتيت غُلَاما أسوداً فَقلت: اسْتَأْذن لعمر فَدخل ثمَّ خرج إليَّ فَقَالَ: قد ذكرتك لَهُ فَلم يقل شَيْئا فَانْطَلَقت إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا حول الْمَسْجِد نفر يَبْكُونَ فَجَلَست إِلَيْهِم ثمَّ غلبني مَا أجد فَانْطَلَقت فَأتيت الْغُلَام فَقلت: اسْتَأْذن لعمر فَدخل ثمَّ خرج فَقَالَ: قد ذكرتك لَهُ فَلم يقل شَيْئا فوليت مُنْطَلقًا فَإِذا الْغُلَام يدعوني فَقَالَ: أَدخل فقد أذن لَك فَدخلت فَإِذا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم متكئ على حَصِير قد رَأَيْت أَثَره فِي جنبه فَقلت: يَا رَسُول الله أطلقت نِسَاءَك قَالَ: لَا قلت: الله أكبر لَو رَأَيْتنَا يَا رَسُول الله وَكُنَّا معشر قُرَيْش نغلب النِّسَاء فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة وجدنَا قوما تغلبهم نِسَاؤُهُم فَطَفِقَ نساؤنا يتعلمن من نِسَائِهِم فَغضِبت يَوْمًا على

امْرَأَتي فَإِذا هِيَ تراجعني فأنكرت ذَلِك فَقَالَت: مَا تنكر فوَاللَّه إِن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليراجعنه وتهجره إِحْدَاهُنَّ الْيَوْم إِلَى اللَّيْل فَقلت: قد خابت من فعل ذَلِك مِنْهُنَّ فَدخلت على حَفْصَة فَقلت: أتراجع إحداكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتهجره الْيَوْم إِلَى اللَّيْل نعم فَقلت: قد خابت من فعلت ذَلِك مِنْكُن وخسرت أتأمن إحداكن أَن يغْضب الله عَلَيْهَا لغضب رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا هِيَ قد هَلَكت فَتَبَسَّمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت لحفصة: لَا تراجعي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا تسأليه شَيْئا وسليني مَا بدا لَك وَلَا يغرنك إِن كَانَت جارتك أوسم مِنْك وَأحب إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَبَسَّمَ أُخْرَى فَقلت يَا رَسُول الله: استأنس قَالَ: نعم فَرفعت رَأْسِي فَمَا رَأَيْت فِي الْبَيْت إِلَّا أهبة ثَلَاثَة فَقلت: يَا رَسُول الله ادْع الله أَن يُوسع على أمتك فقد وسع على فَارس وَالروم وهم لَا يعْبدُونَ الله فَاسْتَوَى جَالِسا وَقَالَ: أَو فِي شكّ أَنْت يَا ابْن الْخطاب أُولَئِكَ قوم قد عجلت لَهُم طَيِّبَاتهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَكَانَ قد أقسم أَن لَا يدْخل على نِسَائِهِ شهرا فَعَاتَبَهُ الله فِي ذَلِك وَجعل لَهُ كَفَّارَة الْيَمين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نِسَائِهِ وَحرم فَجعل الْحَرَام حَلَالا وَجعل فِي الْيَمين كَفَّارَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من نِسَائِهِ وَحرم فَأَما الْحَرَام فأحله الله لَهُ وَأما الإِيلاء فَأمره بكفارة الْيَمين وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ / وَإِن تظاهر عَلَيْهِ / خَفِيفَة {عَسى ربه إِن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ} خَفِيفَة مَرْفُوعَة الْيَاء {سائحات} خَفِيفَة الْألف وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حَدثنِي عمر بن الْخطاب قَالَ: لما اعتزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ دخلت الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس ينكتون بالحصى وَيَقُولُونَ: طلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ وَذَلِكَ قبل أَن يُؤمر بالحجاب فَقلت: لأعلمن ذَلِك الْيَوْم فَدخلت: على عَائِشَة فَقلت يَا بنت أبي بكر أقد بلغ من شَأْنك أَن تؤذي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: مَالِي وَلَك يَا ابْن الْخطاب فَدخلت على حَفْصَة فَقلت لَهَا: يَا حَفْصَة أقد بلغ من شَأْنك أَن تؤذي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله لقد علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يحبك وَلَوْلَا أَنا لطلقك رَسُول الله فَبَكَتْ أَشد الْبكاء فَقلت لَهَا: أَيْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: هُوَ فِي خزانته فِي الْمشْربَة فَدخلت فَإِذا أَنا برباح مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَاعِدا على أُسْكُفَّة الْمشْربَة مدلياً رجلَيْهِ

على نقير من خشب وَهُوَ جذع يرقى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وينحدر فناديت: يَا رَبَاح اسْتَأْذن لي عنْدك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنظر رَبَاح إِلَى الغرفة ثمَّ نظر إليّ فَلم يقل شَيْئا فَقلت يَا رَبَاح اسْتَأْذن لي عنْدك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنظر رَبَاح إِلَى الغرفة ثمَّ نظر إليّ فَلم يقل شَيْئا ثمَّ رفعت صوتي فَقلت: يَا رَبَاح اسْتَأْذن لي عنْدك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِنِّي أَظن أَن رَسُول الله ظن أَنِّي جِئْت من أجل حَفْصَة وَالله لَئِن أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِضَرْب عُنُقهَا لَأَضرِبَن عُنُقهَا وَرفعت صوتي فَأَوْمأ إليّ بِيَدِهِ أَن ارقه فَدخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مُضْطَجع على حَصِير فَجَلَست فَإِذا عَلَيْهِ إِزَار لَيْسَ عَلَيْهِ غَيره وَإِذا الْحَصِير قد أثر فِي جنبه وَنظرت فِي خزانَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا أَنا بقبضة من شعير نَحْو الصَّاع وَمثلهَا من قرظ فِي نَاحيَة الغرفة وَإِذا أفِيق مُعَلّق فابتدرت عَيْنَايَ فَقَالَ: مَا يبكيك يَا ابْن الْخطاب فَقلت يَا نَبِي الله: وَمَالِي لَا أبْكِي وَهَذَا الْحَصِير قد أثر فِي جَنْبك وَهَذِه خزانتك لَا أرى فِيهَا إِلَّا مَا أرى وَذَاكَ كسْرَى وَقَيْصَر فِي الثِّمَار والأنهار وَأَنت رَسُول الله وصفوته وَهَذِه خزانتك قَالَ: يَا ابْن الْخطاب أَلا ترْضى أَن تكون لنا الْآخِرَة وَلَهُم الدُّنْيَا قلت: بلَى وَدخلت عَلَيْهِ حِين دخلت وَأَنا أرى فِي وَجهه الْغَضَب فَقلت يَا رَسُول الله: مَا يشق عَلَيْك من شَأْن النِّسَاء فَإِن كنت طلقتهن فَإِن الله تَعَالَى مَعَك وَمَلَائِكَته وَجِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَأَنا وَأَبُو بكر والمؤمنون مَعَك وقلما تَكَلَّمت وَأحمد الله بِكَلَام إِلَّا رَجَوْت أَن يكون الله يصدق قولي الَّذِي أقوله وَنزلت هَذِه الْآيَة {عَسى ربه أَن طَلَّقَكُن أَن يُبدلهُ أَزْوَاجًا خيرا مِنْكُن} {وَإِن تظاهرا عَلَيْهِ فَإِن الله هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيل وَصَالح الْمُؤمنِينَ وَالْمَلَائِكَة بعد ذَلِك ظهير} وَكَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بنت أبي بكر وَحَفْصَة تظاهران على سَائِر نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله: أطلقتهن قَالَ: لَا قلت يَا رَسُول الله: إِنِّي دخلت الْمَسْجِد والمؤمنون ينكتون الْحَصَى وَيَقُولُونَ: طلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ أفانزل فَأخْبرهُم أَنَّك لم تطلقهن قَالَ: نعم إِن شِئْت ثمَّ لم أزل أحدثه حَتَّى تحسر الْغَضَب عَن وَجهه وَحَتَّى كشر وَضحك وَكَانَ من أحسن النَّاس ثغراً فَنزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزلت أشبث بالجذع وَنزل نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّمَا يمشي على الأَرْض مَا يمسهُ بِيَدِهِ فَقلت يَا رَسُول الله: إِنَّمَا كنت فِي الغرفة تسعا وَعشْرين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الشَّهْر قد يكون تسعا وَعشْرين فَقُمْت على بَاب الْمَسْجِد فناديت بِأَعْلَى صوتي: لم يُطلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نِسَاءَهُ قَالَ: وَنزلت

هَذِه الْآيَة (وَإِذا جَاءَهُم أَمر من الْأَمْن أَو الْخَوْف أذاعوا بِهِ وَلَو ردُّوهُ إِلَى الرَّسُول وَإِلَى أولي الْأَمر مِنْهُم لعلمه الَّذين يستنبطونه مِنْهُم) فَكنت أَنا استنبطت ذَلِك الْأَمر وَأنزل الله آيَة التَّخْيِير قَوْله تَعَالَى: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} أخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ أبي يقْرؤهَا {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} أَبُو بكر وَعمر وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة وَمَيْمُون بن مهْرَان مثله وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن الْبَصْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: أَبُو بكر عمروعلي رَضِي الله عَنْهُم وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مَالك بن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فقد صغت قُلُوبكُمَا} قَالَ: مَالَتْ وَفِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صَالح الْمُؤمنِينَ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: صَالح الْمُؤمنِينَ أَبُو بكر وَعمر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَا: نزلت فِي أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: نزلت فِي عمر بن الْخطاب خَاصَّة

وَأخرج عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: صَالح الْمُؤمنِينَ أَبُو بكر وَعمر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَا: نزلت فِي أبي بكر وَعمر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: نزلت فِي عمر خَاصَّة وَأخرج الْحَاكِم عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: أَبُو بكر وَعمر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم بِسَنَد ضَعِيف عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: هُوَ عليّ بن أبي طَالب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت عُمَيْس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: عليّ بن أبي طَالب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: هُوَ عليّ بن أبي طَالب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْعَلَاء بن زِيَاد فِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَصَالح الْمُؤمنِينَ} قَالَ: الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام الْآيَة 5 - 7

5

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة وَأبي مَالك وَقَتَادَة فِي قَوْله: {قانتات} قَالَ: مطيعات وَفِي قَوْله: {سائحات} قَالُوا: صائمات

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه قَرَأَ سيحات مثقلة بِغَيْر ألف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن المردويه عَن بُرَيْدَة فِي قَوْله: {ثيبات وأبكاراً} قَالَ: وعد الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي هَذِه الْآيَة أَن يزوّجه بِالثَّيِّبِ آسِيَة امْرَأَة فِرْعَوْن وبالبكر مَرْيَم بنت عمرَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْمدْخل عَن عليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله: {قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا} قَالَ: علمُوا أَنفسكُم وأهليكم الْخَيْر وأدبوهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا} قَالَ: اعلموا بِطَاعَة الله وَاتَّقوا معاصي الله وَأمرُوا أهليكم بِالذكر ينجيكم الله من النَّار وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا} قَالَ: وأهليكم فليقوا أنفسهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أسلم قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا} فَقَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ نقي أهلنا نَارا قَالَ: تأمرونهم بِمَا يُحِبهُ الله وتنهونهم عَمَّا يكره الله وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا} قَالَ: أدبوا أهليكم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا} قَالَ: أوصوا أهليكم بتقوى الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا} قَالَ: مُرُوهُمْ بِطَاعَة الله وانهوهم عَن مَعْصِيّة الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد قَالَ: مر عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بجبل مُعَلّق بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَدخل فِيهِ وَبكى وتعجب مِنْهُ ثمَّ خرج مِنْهُ إِلَى من حوله فَسَأَلَ: مَا قصَّة هَذَا الْجَبَل فَقَالُوا: مالنا بِهِ علم كَذَلِك أدركنا آبَاءَنَا فَقَالَ: يَا رب ائْذَنْ لهَذَا الْجَبَل يُخْبِرنِي مَا قصَّته فَأذن لَهُ فَقَالَ: لما قَالَ الله: {نَارا وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة} اضْطَرَبَتْ خفت أَن أكون من وقودها فأدع الله أَن

يؤمنني فَدَعَا الله تَعَالَى فَأَمنهُ فَقَالَ: الْآن قررت فقرَّ على الأَرْض وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن قدامَة فِي كتاب الْبكاء والرقة عَن مُحَمَّد بن هَاشم قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة} قَرَأَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمعَهَا شَاب إِلَى جنبه فَصعِقَ فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأسه فِي حجره رَحْمَة لَهُ فَمَكثَ مَا شَاءَ الله أَن يمْكث ثمَّ فتح عَيْنَيْهِ فَإِذا رَأسه فِي حجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي مثل أَي شَيْء الْحجر فَقَالَ: أما يَكْفِيك مَا أَصَابَك على أَن الْحجر مِنْهَا لَو وضع على جبال الدُّنْيَا لذابت مِنْهُ وَإِن مَعَ كل إِنْسَان مِنْهُم حجرا أَو شَيْطَانا وَالله أعلم قَوْله: تَعَالَى: {عَلَيْهَا مَلَائِكَة غِلَاظ شَدَّاد لَا يعصون الله مَا أَمرهم} وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: بلغنَا أَن خَزَنَة النَّار تِسْعَة عشر مَا بَين منْكب أحدهم مسيرَة مِائَتي خريف لَيْسَ فِي قُلُوبهم رَحْمَة إِنَّمَا خلقُوا للعذاب وَيضْرب الْملك مِنْهُم الرجل من أهل النَّار الضَّرْبَة فيتركه طحناً من لدن قرنه إِلَى قدمه وَأخرج ابْن جرير عَن كَعْب قَالَ: مَا بَين منْكب الخازن من خزنتها مسيرَة مَا بَين سنة مَعَ كل وَاحِد مِنْهُم عَمُود وشعبتان يدْفع بِهِ الدفعة يصدع فِي النَّاس سَبْعمِائة ألف الْآيَة 8 - 10

8

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن منيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن النُّعْمَان بن بشير أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ سُئِلَ عَن التَّوْبَة النصوح قَالَ: أَن يَتُوب الرجل من الْعَمَل السيء ثمَّ لَا يعود إِلَيْهِ أبدا وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التَّوْبَة من الذَّنب لَا تعود إِلَيْهِ أبدا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد ضَعِيف عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التَّوْبَة النصوح فَقَالَ: هُوَ النَّدَم على الذَّنب حِين يفرط مِنْك فتستغفر الله بندامتك عِنْد الْحَافِر ثمَّ لَا تعود إِلَيْهِ أبدا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ معَاذ بن جبل يَا رَسُول الله: مَا التَّوْبَة النصوح قَالَ: أَن ينْدَم العَبْد على الذَّنب الَّذِي أصَاب فيعتذر إِلَى الله ثمَّ لَا يعود إِلَيْهِ كَمَا لَا يعود اللَّبن إِلَى الضَّرع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {تَوْبَة نصُوحًا} قَالَ: التَّوْبَة النصوح أَن يَتُوب العَبْد من الذَّنب ثمَّ لَا يعود إِلَيْهِ أبدا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {تَوْبَة نصُوحًا} قَالَ: يَتُوب ثمَّ لَا يعود وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {تَوْبَة نصُوحًا} قَالَ: هُوَ أَن يَتُوب ثمَّ لَا يعود وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {تَوْبَة نصُوحًا} قَالَ: النصوح الصادقة الناصحة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: التَّوْبَة النصوح تكفر كل سَيِّئَة وَهُوَ فِي الْقُرْآن ثمَّ قَرَأَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا عَسى ربكُم أَن يكفر عَنْكُم سيئآتكم} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {نصُوحًا} بِرَفْع النُّون

أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَوْم لَا يخزي الله النَّبِي وَالَّذين آمنُوا مَعَه نورهم يسْعَى} قَالَ: لَيْسَ أحد من الْمُوَحِّدين إِلَّا يعْطى نورا يَوْم الْقِيَامَة فَأَما الْمُنَافِق فيطفأ نوره وَالْمُؤمن يشفق مِمَّا يرى من إطفاء نور الْمُنَافِق فَهُوَ يَقُول: {رَبنَا أتمم لنا نورنا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {رَبنَا أتمم لنا نورنا} قَالَ: قَول الْمُؤمنِينَ حِين يطفأ نور الْمُنَافِقين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَخَانَتَاهُمَا} قَالَ: مازنتا أما خِيَانَة امْرَأَة نوح فَكَانَت تَقول للنَّاس: إِنَّه مَجْنُون وَأما خِيَانَة امْرَأَة لوط فَكَانَت تدل على الضَّيْف فَتلك خيانتها وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أَشْرَس الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ يرفعهُ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: مَا بَغت امْرَأَة نَبِي قطّ وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَخَانَتَاهُمَا} قَالَ: كَانَتَا كافرتين مخالفتين وَلَا يَنْبَغِي لامْرَأَة تَحت نَبِي أَن تفجر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا بَغت امْرَأَة نَبِي قطّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {فَخَانَتَاهُمَا} قَالَ: فِي الدّين وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: امْرَأَة النَّبِي إِذا زنت لم يغْفر لَهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ضرب الله مثلا} الْآيَة قَالَ: يَقُول لن يُغني صَلَاح هذَيْن عَن هَاتين شَيْئا وَامْرَأَة فِرْعَوْن لم يَضرهَا كفر فِرْعَوْن وَالله تَعَالَى أعلم الْآيَة 11 - 12

11

أخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت امْرَأَة فِرْعَوْن تعذب بالشمس فَإِذا انصرفوا عَنْهَا أظلتها الْمَلَائِكَة بأجنحتها وَكَانَت ترى بَيتهَا فِي الْجنَّة وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة أَن فِرْعَوْن وتد لامْرَأَته أَرْبَعَة أوتاد فِي يَديهَا ورجليها فَكَانُوا إِذا تفَرقُوا عَنْهَا أظلتها الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام فَقَالَت: {رب ابْن لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة} فكشف لَهَا عَن بَيتهَا فِي الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن فِرْعَوْن وتد لامْرَأَته أَرْبَعَة أوتاد وأضجعها على صدرها وَجعل على صدرها رحى واستقبل بهما عين الشَّمْس فَرفعت رَأسهَا إِلَى السَّمَاء فَقَالَت: {رب ابنِ لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة} إِلَى {الظَّالِمين} فَفرج الله عَن بَيتهَا فِي الْجنَّة فرأته وَأخرج أَحْمد والطراني وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفضل نسَاء أهل الْجنَّة خَدِيجَة بنت خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَرْيَم بنت عمرَان وآسية بنت مُزَاحم امْرَأَة فِرْعَوْن مَعَ مَا قصّ الله علينا من خبرهما فِي الْقُرْآن {قَالَت رب ابنِ لي عنْدك بَيْتا فِي الْجنَّة} وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ونجني من فِرْعَوْن وَعَمله} قَالَ: من جمَاعه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فنفخنا فِيهِ من رُوحنَا} قَالَ: فِي جيبها وَفِي قَوْله: {وَكَانَت من القانتين} قَالَ: من المطيعين وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وصدقت بِكَلِمَات رَبهَا} بِالْألف وَكتابه وَاحِد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سعد بن جُنَادَة قَالَ: قَالَ رسو ل الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله زَوجنِي فِي الْجنَّة مَرْيَم بنت عمرَان وَامْرَأَة فِرْعَوْن وَأُخْت مُوسَى

67 سُورَة الْملك وآياتها ثَلَاثُونَ أخرج ابْن الضريس وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت بِمَكَّة تبَارك الْملك وَأخرج ابْن جرير فِي تَفْسِيره عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أنزلت تبَارك الْملك فِي أهل مَكَّة إِلَّا ثَلَاث آيَات بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 6

الملك

أخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الضريس وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرديه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن سُورَة من كتاب الله مَا هِيَ إِلَّا ثَلَاثُونَ آيَة شفعت لرجل حَتَّى غفر لَهُ {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك}

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُورَة من الْقُرْآن خَاصَمت عَن صَاحبهَا حَتَّى أدخلته الْجنَّة {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ضرب بعض أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتاة على قبر وَهُوَ لَا يحْسب أَنه قبر فَإِذا هُوَ بِإِنْسَان يقْرَأ سُورَة الْملك حَتَّى خَتمهَا فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هِيَ الْمَانِعَة هِيَ المنجية تنجيه من عَذَاب الْقَبْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُورَة تبَارك هِيَ الْمَانِعَة من عَذَاب الْقَبْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن رَافع بن خديج وَأبي هُرَيْرَة أَنَّهُمَا سمعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أنزلت عليّ سُورَة تبَارك وَهِي ثَلَاثُونَ آيَة جملَة وَاحِدَة وَقَالَ: هِيَ الْمَانِعَة فِي الْقُبُور وَإِن قرأءة قل هُوَ الله أحد فِي صَلَاة تعدل قِرَاءَة ثلث الْقُرْآن وَإِن قِرَاءَة قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ فِي صَلَاة تعدل ربع الْقُرْآن وَإِن قِرَاءَة إِذا زلزلت فِي صَلَاة تعدل نصف الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده وَاللَّفْظ لَهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لرجل: أَلا أتحفك بِحَدِيث تفرح بِهِ قَالَ: بلَى قَالَ اقْرَأ {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَعلمهَا أهلك وَجَمِيع ولدك وصبيان بَيْتك وَجِيرَانك فَإِنَّهَا المنجية والمجادلة يَوْم الْقِيَامَة عِنْد رَبهَا لِقَارِئِهَا وتطلب لَهُ أَن تنجيه من عَذَاب النَّار وينجو بهَا صَاحبهَا من عَذَاب الْقَبْر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَوَدِدْت أَنَّهَا فِي قلب كل إِنْسَان من أمتِي وَأخرج ابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن رجلا مِمَّن كَانَ قبلكُمْ مَاتَ وَلَيْسَ مَعَه شَيْء من كتاب الله إِلَّا تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك فَلَمَّا وضع فِي حفرته أَتَاهُ الْملك فثارت السُّورَة فِي وَجهه فَقَالَ لَهَا: إِنَّك من كتاب الله وَأَنا أكره شقاقك وَإِنِّي لَا أملك لَك وَلَا لَهُ وَلَا لنَفْسي ضراً وَلَا نفعا فَإِن أردْت هَذَا بِهِ فانطلقي إِلَى الربّ فاشفعي لَهُ فَانْطَلَقت إِلَى الرب فَتَقول: يَا رب إِن فلَانا عمد إليّ من بَين كتابك فتعلمني وتلاني أفمحرقه أَنْت بالنَّار ومعذبه وَأَنا فِي جَوْفه فَإِن كنت فَاعِلا بِهِ فامحني من كتابك فَيَقُول: أَلا

أَرَاك غضِبت فَتَقول: وَحقّ لي أَن أغضب فَيَقُول: اذهبي فقد وهبته لَك وشفعتك فِيهِ فتجيء سُورَة الْملك فَيخرج كاسف البال لم يحل مِنْهُ شَيْء فتجيء فتضع فاها على فِيهِ فَتَقول: مرْحَبًا بِهَذَا الْفَم فَرُبمَا تلاني وَتقول: مرْحَبًا بِهَذَا الصَّدْر فَرُبمَا وعاني ومرحباً بِهَاتَيْنِ الْقَدَمَيْنِ فَرُبمَا قامتا بِي وتؤنسه فِي قَبره مَخَافَة الوحشة عَلَيْهِ فَلَمَّا حدث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا الحَدِيث لم يبْق صَغِير وَلَا كَبِير وَلَا حر وَلَا عبد إِلَّا تعلمهَا وسماها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المنجية وَأخرج ابْن الضريس وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يُؤْتى الرجل فِي قَبره فَيُؤتى من قبل رجلَيْهِ فَتَقول رِجْلَاهُ: لَيْسَ لكم على مَا قبلي سَبِيل قد كَانَ يقوم علينا بِسُورَة الْملك ثمَّ يُؤْتى من قبل صَدره فَيَقُول: لَيْسَ لكم على مَا قبلي سَبِيل قد كَانَ وعى فيّ سُورَة الْملك ثمَّ يُؤْتى من قبل رَأسه فَيَقُول: لَيْسَ لكم على مَا قبلي سَبِيل قد كَانَ يقْرَأ بِي سُورَة الْملك فَهِيَ الْمَانِعَة تمنع من عَذَاب الْقَبْر وَهِي فِي التَّوْرَاة سُورَة الْملك من قَرَأَهَا فِي لَيْلَة فقد أَكثر وَأطيب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد جيد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نسميها فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَانِعَة وَإِنَّهَا لفي كتاب الله سُورَة الْملك من قَرَأَهَا فِي لَيْلَة فقد أَكثر وَأطيب وَأخرج أَبُو عبيد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق مرّة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِن الْمَيِّت إِذا مَاتَ أَو قدت حوله نيران فتأكل كل نَار يَليهَا إِن لم يكن لَهُ عمل يحول بَينه وَبَينهَا وَإِن رجلا مَاتَ وَلم يكن يقْرَأ من الْقُرْآن إِلَّا سُورَة ثَلَاثِينَ آيَة فَأَتَتْهُ من قبل رَأسه فَقَالَت: إِنَّه كَانَ يقرؤني فَأَتَتْهُ من قبل رجلَيْهِ فَقَالَت: إِنَّه كَانَ يقوم بِي فَأَتَتْهُ من قبل جَوْفه فَقَالَت: إِنَّه كَانَ وعاني فأنجته قَالَ: فَنَظَرت أَنا ومسروق فِي الْمُصحف فَلم نجد سُورَة ثَلَاثِينَ آيَة إلاتبارك وَأخرجه الدَّارمِيّ وَابْن الضريس عَن مرّة مُرْسلا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: كَانَ يُقَال: إِن فِي الْقُرْآن سُورَة تجَادل عَن صَاحبهَا فِي الْقَبْر تكون ثَلَاثِينَ آيَة فنظروا فوجدوها تبَارك وَأخرج الديلمي عَن أنس مَرْفُوعا قَالَ: يبْعَث رجل يَوْم الْقِيَامَة لم يتْرك شَيْئا من الْمعاصِي إِلَّا ركبهَا إِلَّا أَنه كَانَ يوحد الله وَلم يكن يقْرَأ من الْقُرْآن إِلَّا سُورَة وَاحِدَة

فَيُؤْمَر بِهِ إِلَى النَّار فطار من جَوْفه شَيْء كالشهاب فَقَالَت: اللَّهُمَّ إِنِّي مِمَّا أنزلت على نبيك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ عَبدك هَذَا يقرؤني فَمَا زَالَت تشفع حَتَّى أدخلته الْجنَّة وَهِي المنجية {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي صَلَاة الْجُمُعَة بِسُورَة الْجُمُعَة (وَسبح اسْم رَبك الْأَعْلَى) (سُورَة الْأَعْلَى 1) وَفِي صَلَاة الصُّبْح يَوْم الْجُمُعَة (ألم تَنْزِيل) (سُورَة السَّجْدَة) و {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَأخرج الديلمي بِسَنَد واهٍ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اني لأجد فِي كتاب الله سُورَة هِيَ ثَلَاثُونَ آيَة من قَرَأَهَا عِنْد نَومه كتب لَهُ مِنْهَا ثَلَاثُونَ حَسَنَة ومحي عَنهُ ثَلَاثُونَ سَيِّئَة وَرفع لَهُ ثَلَاثُونَ دَرَجَة وَبعث الله إِلَيْهِ ملكا من الْمَلَائِكَة ليبسط عَلَيْهِ جنَاحه ويحفظه من كل شَيْء حَتَّى يَسْتَيْقِظ وَهِي المجادلة تجَادل عَن صَاحبهَا فِي الْقَبْر وَهِي {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَأخرج الديلمي بِسَنَد واهٍ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ رَفعه لقد رَأَيْت عجبا رَأَيْت رجلا مَاتَ كَانَ كثير الذُّنُوب مُسْرِفًا على نَفسه فَكلما توجه إِلَيْهِ الْعَذَاب فِي قَبره من قبل رجلَيْهِ أَو من قبل رَأسه أَقبلت السُّورَة الَّتِي فِيهَا الطير تجَادل عَنهُ الْعَذَاب أَنه كَانَ يحافظ عليّ وَقد وَعَدَني رَبِّي أَنه من واظب عليّ أَن لَا يعذبه فَانْصَرف عَنهُ الْعَذَاب بهَا وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار يتعلمونها وَيَقُولُونَ: المغبون من لم يتعلمها وَهِي سُورَة الْملك وَأخرج ابْن الضريس عَن مرّة الهمذاني قَالَ: أَتَى رجل من جَوَانِب قَبره فَجعلت سُورَة من الْقُرْآن ثَلَاثُونَ آيَة تجَادل عَنهُ حَتَّى منعته من عَذَاب الْقَبْر فَنَظَرت أَنا ومسروق فَلم نجدها إِلَّا تبَارك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي الصَّباح عَن عبد الْعَزِيز عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دخل رجل الْجنَّة بشفاعة سُورَة من الْقُرْآن وَمَا هِيَ إِلَّا ثَلَاثُونَ آيَة تنجيه من عَذَاب الْقَبْر {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ (ألم تَنْزِيل) السَّجْدَة و {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك} كل لَيْلَة لَا يَدعهَا فِي سفر وَلَا حضر

قَوْله تَعَالَى: {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك وَهُوَ على كل شَيْء قدير الَّذِي خلق الْمَوْت والحياة} الْآيَتَيْنِ أخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا كَلِمَات من قالهن عَن وَفَاته دخل الْجنَّة لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم ثَلَاث مَرَّات الْحَمد لله رب الْعَالمين ثَلَاث مَرَّات {تبَارك الَّذِي بِيَدِهِ الْملك وَهُوَ على كل شَيْء قدير} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن السّديّ فِي قَوْله: {الَّذِي خلق الْمَوْت والحياة ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا} قَالَ: أَيّكُم أحسن للْمَوْت ذكرا وَله اسْتِعْدَادًا وَمِنْه خوفًا وحذراً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {الَّذِي خلق الْمَوْت والحياة} قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله أذلّ بني آدم بِالْمَوْتِ وَجعل الدُّنْيَا دَار حَيَاة ثمَّ دَار موت وَجعل الْآخِرَة دَار جَزَاء ثمَّ دَار بَقَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {الَّذِي خلق الْمَوْت والحياة} قَالَ: الْحَيَاة فرس جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَالْمَوْت كَبْش أَمْلَح وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: خلق الله الْمَوْت كَبْشًا أَمْلَح مستتراً بسواد وَبَيَاض لَهُ أَرْبَعَة أَجْنِحَة جنَاح تَحت الْعَرْش وَجَنَاح فِي الثرى وَجَنَاح فِي الْمشرق وَجَنَاح فِي الْمغرب وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سبع سماوات طباقاً} قَالَ: بَعْضهَا فَوق بعض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا ترى فِي خلق الرَّحْمَن من تفَاوت} قَالَ: مَا يفوت بعضه بَعْضًا مفاوت: مفرق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {مَا ترى فِي خلق الرَّحْمَن من تفَاوت} قَالَ: من اخْتِلَاف {فَارْجِع الْبَصَر هَل ترى من فطور} قَالَ: من خلل {ثمَّ ارْجع الْبَصَر كرتين يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خاسئاً} قَالَ: صاغراً {وَهُوَ حسير} قَالَ: يَعْنِي ل اترى فِي خلق الرَّحْمَن تَفَاوتا وَلَا خللاً وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ مَا ترى فِي خلق الرَّحْمَن من تفوت

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يقْرَأ مَا ترى فِي خلق الرَّحْمَن من تفوت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من تفَاوت} قَالَ: تشقق وَفِي قَوْله: {هَل ترى من فطور} قَالَ: شقوق وَفِي قَوْله: {خاسئاً} قَالَ: ذليلاً {وَهُوَ حسير} قَالَ: كليل وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الفطور الوهي وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي قَوْله: {من فطور} قَالَ: من خلل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من فطور} قَالَ: تشقق أَو خلل وَفِي قَوْله: {يَنْقَلِب إِلَيْك الْبَصَر خاسئاً} قَالَ: يرجع إِلَيْك {خاسئاً} قَالَ: صاغراً {وَهُوَ حسير} قَالَ: يعي وَلَا يرى شَيْئا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {خاسئاً} قَالَ: ذليلاً {وَهُوَ حسير} قَالَ: مترجع الْآيَة 7 - 14

7

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {سمعُوا لَهَا شهيقاً} قَالَ: صياحاً وَأخرج عبد بن حميد عَن يحيى قَالَ: إِن الرجل ليجر إِلَى النَّار فتنزوي وينقبض بَعْضهَا إِلَى بعض فَيَقُول لَهَا الرَّحْمَن: مَالك قَالَت: إِنَّه كَانَ يستحي مني فَيَقُول: أرْسلُوا عَبدِي قَالَ: وَإِن العَبْد ليجر إِلَى النَّار فَيَقُول يَا رب مَا كَانَ هَذَا الظَّن بك قَالَ: فَمَا كَانَ ظَنك قَالَ: كَانَ ظَنِّي أَن تسعني رحمتك فَيَقُول: أرْسلُوا

عَبدِي قَالَ: وَإِن الرجل ليخر إِلَى النَّار فتشهق إِلَيْهِ شهيق البغلة إِلَى الشّعير ثمَّ تزفر زفرَة لايبقى أحد إِلَّا خَافَ وَأخرج هناد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَهِي تَفُور} قَالَ: تَفُور بهم كَمَا يفور الْحبّ الْقَلِيل فِي المَاء الْكثير وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر فِي قَوْله: {تكَاد تميز} قَالَ: تتفرق وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تكَاد تميز} قَالَ: يُفَارق بَعْضهَا بَعْضًا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فسحقاً} قَالَ: بعدا وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {فسحقاً} قَالَ: بعدا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول حسان: أَلا من مبلغ عني أَبَيَا فقد ألقيت فِي سحق السعير وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {فسحقاً لأَصْحَاب السعير} قَالَ: سحق وَاد فِي جَهَنَّم قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين يَخْشونَ رَبهم بِالْغَيْبِ} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن الَّذين يَخْشونَ رَبهم بِالْغَيْبِ} قَالَ: أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {لَهُم مغْفرَة وَأجر كَبِير} قَالَ: الْجنَّة الْآيَة 15 - 29

15

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {مناكبها} قَالَ: جبالها وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مناكبها} قَالَ: أطرافها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة أَن بشير بن كَعْب قَرَأَ هَذِه الْآيَة {فامشوا فِي مناكبها} فَقَالَ لجاريته: إِن دَريت مَا مناكبها فَأَنت حرَّة لوجه الله قَالَت: فَإِن مناكبها جبالها فَسَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: دع مَا يريبك إِلَى مَا لَا يريبك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {مناكبها} قَالَ: أطرافها وفجاجها وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اشْتَكَى ضرسه فليضع أُصْبُعه عَلَيْهِ وليقرأ هَذِه الْآيَة {قل هُوَ الَّذِي أنشأكم وَجعل لكم السّمع والأبصار والأفئدة قَلِيلا مَا تشكرون} وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اشْتَكَى ضرسه فليضع أُصْبُعه عَلَيْهِ وليقرأ هَاتين الْآيَتَيْنِ سبع مَرَّات (وَهُوَ الَّذِي

أنشأكم من نفس وَاحِدَة فمستقر) (سُورَة الْأَنْعَام 98) إِلَى قَوْله: (يفقهُونَ) {هُوَ الَّذِي أنشأكم وَجعل لكم السّمع} إِلَى {تشكرون} فَإِنَّهُ يبرأ بِإِذن الله تَعَالَى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والحكيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يحب العَبْد الْمُؤمن المحترف وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يحب العَبْد محترفاً وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: مر عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ بِقوم فَقَالَ: من أَنْتُم قَالُوا: المتوكلون فَقَالَ: أَنْتُم المتأكلون إِنَّمَا المتَوَكل رجل ألْقى حبه فِي بطن الأَرْض وتوكل على ربه أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أأمنتم من فِي السَّمَاء} قَالَ: الله تَعَالَى وَفِي قَوْله: {فَإِذا هِيَ تمور} قَالَ: يمور بَعْضهَا فَوق بعض واستدارتها وَفِي قَوْله: {أولم يرَوا إِلَى الطير فَوْقهم صافات} قَالَ: يبسطن أجنحتهن {ويقبضن} قَالَ: يضربن بأجنحتهن وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {إِلَّا فِي غرور} قَالَ: فِي بَاطِل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول حسان: تمنتك الْأَمَانِي من بعيد وَقَول الْكفْر يرجع فِي غرور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {بل لجوا فِي عتو ونفور} قَالَ: فِي الضلال وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {بل لجوا فِي عتو ونفور} قَالَ: كفور وَفِي قَوْله: {أَفَمَن يمشي مكبا على وَجهه} قَالَ: فِي الضَّلَالَة {أم من يمشي سويّاً على صِرَاط مُسْتَقِيم} قَالَ: على الْحق الْمُسْتَقيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أَفَمَن يمشي مكبّاً} قَالَ: فِي الضلال {أم من يمشي سويّاً} قَالَ: مهتدياً

وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أَفَمَن يمشي مكباً على وَجهه} قَالَ: هُوَ الْكَافِر عمل بِمَعْصِيَة الله فحشره الله يَوْم الْقِيَامَة على وَجهه {أم من يمشي سويّاً على صِرَاط مُسْتَقِيم} يَعْنِي الْمُؤمن عمل بِطَاعَة الله يحشره الله على طَاعَته وَفِي قَوْله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ} قَالَ: لما رَأَوْا عَذَاب الله {زلفة سيئت وُجُوه الَّذين كفرُوا} قَالَ: ساءت بِمَا رَأَتْ من عَذَاب الله وهوانه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زلفة} قَالَ: قد اقْترب وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه قَرَأَ {وَقيل هَذَا الَّذِي كُنْتُم بِهِ تدعون} مُخَفّفَة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي بكر بن عَيَّاش عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {تدعون} مثقلة قَالَ أَبُو بكر: تَفْسِير تدعون تَسْتَعْجِلُون الْآيَة 30

30

أخرج ابْن الْمُنْذر والفاكهي عَن ابْن الْكَلْبِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {قل أَرَأَيْتُم إِن أصبح ماؤكم غوراً} فِي بِئْر زَمْزَم وبئر مَيْمُون بن الْحَضَر وَكَانَت جَاهِلِيَّة قَالَ الفاكهي: وَكَانَت آبار مَكَّة تغور سرَاعًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن أصبح ماؤكم غوراً} قَالَ: دَاخِلا فِي الأَرْض {فَمن يأتيكم بِمَاء معِين} قَالَ: الْجَارِي وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن أصبح ماؤكم غوراً} قَالَ: يرجع فِي الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {غوراً} قَالَ: ذَاهِبًا وَفِي قَوْله: {بِمَاء معِين} قَالَ: الْجَارِي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {بِمَاء معِين} قَالَ: ظَاهر وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {بِمَاء معِين} قَالَ: عذب

68 سُورَة الْقَلَم مَكِّيَّة وآياتها اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ أخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَت إِذا نزلت فَاتِحَة سُورَة بِمَكَّة كتبت بِمَكَّة ثمَّ يزِيد الله فِيهَا مَا شَاءَ وَكَانَ أول مَا نزل من الْقُرْآن ( {اقْرَأ باسم رَبك} ثمَّ (المزمل) ثمَّ (المدثر) وَأخرج النّحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة {ن والقلم} بِمَكَّة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 9

القلم

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات والخطيب فِي تَارِيخه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أول شَيْء خلق الله الْقَلَم فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ فَقَالَ: يارب وَمَا أكتب قَالَ: اكْتُبْ الْقدر فَجرى من ذَلِك الْيَوْم مَا هُوَ كَائِن إِلَى أَن تقوم السَّاعَة ثمَّ طوي الْكتاب وارتفع الْقَلَم وَكَانَ عَرْشه على المَاء فارتفع بخار المَاء ففتقت مِنْهُ السَّمَوَات ثمَّ خلق النُّور فبسطت الأَرْض عَلَيْهِ وَالْأَرْض على ظهر النُّون فاضطرب النُّون

فمادت الأَرْض فأثبتت بالجبال فَإِن الْجبَال لتفخر على الأَرْض إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قَرَأَ ابْن عَبَّاس {ن والقلم وَمَا يسطرون} وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم والحوت قَالَ: اكْتُبْ قَالَ: مَا أكتب قَالَ: كل شَيْء كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قَرَأَ {ن والقلم وَمَا يسطرون} فالنون الْحُوت والقلم الْقَلَم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أول مَا خلق الله الْقَلَم فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ فَجرى بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى الْأَبَد وَأخرج ابْن جرير عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {ن والقلم وَمَا يسطرون} قَالَ: لوح من نور وقلم من نور يجْرِي بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله خلق النُّون وَهِي الدواة وَخلق الْقَلَم فَقَالَ: اكْتُبْ قَالَ: مَا أكتب قَالَ: اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الرَّافِعِيّ فِي تَارِيخ قزوين من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: النُّون اللَّوْح الْمَحْفُوظ والقلم من نور سَاطِع وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أول شَيْء خلق الله الْقَلَم ثمَّ خلق النُّون وَهِي الدواة ثمَّ قَالَ لَهُ: اكْتُبْ قَالَ: وَمَا أكتب قَالَ: مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة من عمل أَو أثر أَو رزق فَكتب مَا يكون وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ قَوْله: {ن والقلم وَمَا يسطرون} ثمَّ ختم على فِي الْقَلَم فَلم ينْطق وَلَا ينْطق إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ خلق الله الْعقل فَقَالَ: وَعِزَّتِي لأكملنك فِيمَن أَحْبَبْت ولأنقصنك فِيمَن أبغضت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ن والقلم} قَالَ: ن الدواة والقلم الْقَلَم وَأخرج عَن ابْن عَبَّاس قَوْله: {ن} أشبها هَذَا قسم الله وَهِي من أَسمَاء الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة وَالْحسن فِي قَوْله: {ن} قَالَا: الدواة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ن} قَالَ: هُوَ الْحُوت الَّذِي عَلَيْهِ الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: الْحُوت الَّذِي تَحت الأَرْض السَّابِعَة والقلم الَّذِي كتب بِهِ الذّكر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول مَا خلق الله الْقَلَم فَأَخذه بِيَمِينِهِ وكلتا يَدَيْهِ يَمِين وَخلق النُّون وَهِي الدواة وَخلق اللَّوْح فَكتب فِيهِ ثمَّ خلق السَّمَوَات فَكتب مَا يكون من حِينَئِذٍ فِي الدُّنْيَا إِلَى أَن تكون السَّاعَة من خلق مَخْلُوق أَو عمل مَعْمُول بر أَو فجور وكل رزق حَلَال أَو حرَام رطب أَو يَابِس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: الْقَلَم نعْمَة من الله عَظِيمَة لَوْلَا الْقَلَم مَا قَامَ دين وَلم يصلح عَيْش وَالله أعلم بِمَا يصلح خلقه وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ن والقلم وَمَا يسطرون} قَالَ: خلق الله الْقَلَم فَقَالَ: أجره فَجرى بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ خلق الْحُوت وَهُوَ النُّون فكبس عَلَيْهَا الأَرْض ثمَّ قَالَ: {ن والقلم وَمَا يسطرون} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ن والقلم} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: النُّون السَّمَكَة الَّتِي عَلَيْهَا قَرَار الْأَرْضين والقلم الَّذِي خطّ بِهِ رَبنَا عز وَجل الْقدر خَيره وشره ونفعه وضره {وَمَا يسطرون} قَالَ: الْكِرَام الكاتبون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمَا يسطرون} قَالَ: وَمَا يَكْتُبُونَ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَقَتَادَة مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمَا يسطرون} قَالَ: وَمَا يعْملُونَ قَوْله تَعَالَى: {مَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك بمجنون} الْآيَة أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه لمَجْنُون بِهِ شَيْطَان فَنزلت {مَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك بمجنون} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَإِن لَك لأجراً غير ممنون} قَالَ: غير مَحْسُوب

قَوْله تَعَالَى: {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} أخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل والواحدي عَن عَائِشَة قَالَت: مَا كَانَ أحد أحسن خلقا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا دَعَاهُ أحد من أَصْحَابه وَلَا من أهل بَيته إِلَّا قَالَ لبيْك فَلذَلِك أنزل الله تَعَالَى {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَمُسلم وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن هِشَام قَالَ: أتيت عَائِشَة فَقلت يَا أم الْمُؤمنِينَ: أَخْبرنِي بِخلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: كَانَ خلقه الْقُرْآن أما تقْرَأ الْقُرْآن {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن خلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: كَانَ خلقه الْقُرْآن يرضى لرضاه ويسخط لسخطه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ قَالَ: أتيت عَائِشَة فسألتها عَن خلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: كَانَ أحسن النَّاس خلقا كَانَ خلقه الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عبد الله الجدلي قَالَ: قلت لعَائِشَة: كَيفَ كَانَ خلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: لم يكن فَاحِشا وَلَا متفحشا وَلَا سخاباً فِي الْأَسْوَاق وَلَا يجزى بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعفوا ويصفح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زَيْنَب بنت يزِيد بن وسق قَالَت: كنت عِنْد عَائِشَة إِذا جاءها نسَاء أهل الشَّام فَقُلْنَ يَا أم الْمُؤمنِينَ: أَخْبِرِينَا عَن خلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: كَانَ خلقه الْقُرْآن وَكَانَ أَشد النَّاس حَيَاء من الْعَوَاتِق فِي خدرها وَأخرج ابْن الْمُبَارك وعبدبن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ فِي قَوْله: {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} قَالَ: على أدب الْقُرْآن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} قَالَ: الدّين وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} قَالَ: الإِسلام وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن ابزى وَسَعِيد بن جُبَير قَالَا: على دين عَظِيم وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: خدمت رَسُول الله صلى

الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى عشرَة سنة مَا قَالَ لي قطّ أَلا فعلت هَذَا أَو لم فعلت هَذَا قَالَ ثَابت: فَقلت يَا أَبَا حَمْزَة إِنَّه كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} وَأخرج الخرائطي عَن أنس قَالَ: خدمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا ابْن ثَمَان سِنِين فَمَا لامني على شَيْء يَوْمًا من الْأَيَّام فَإِن لامني لائم قَالَ: دَعوه فَإِنَّهُ لَو قضى شَيْء لَكَانَ وَأخرج ابْن سعد عَن مَيْمُونَة قَالَت: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة من عِنْدِي فأغلقت دونه الْبَاب فجَاء يستفتح الْبَاب فأبيت أَن أفتح لَهُ فَقَالَ: أَقْسَمت عَلَيْك إِلَّا فتحت لي فَقلت لَهُ: تذْهب إِلَى أَزوَاجك فِي لَيْلَتي قَالَ: مَا فعلت وَلَكِن وجدت حَقنا من بولِي قَوْله تَعَالَى: {فستبصر ويبصرون} الْآيَات وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فستبصر ويبصرون} قَالَ: تعلم ويعلمون يَوْم الْقِيَامَة {بأيكم الْمفْتُون} قَالَ: الشَّيْطَان كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّه شَيْطَان مَجْنُون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فستبصر ويبصرون بأيكم الْمفْتُون} يَقُول: يتَبَيَّن لكم الْمفْتُون وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فستبصر ويبصرون بأيكم الْمفْتُون} يَقُول: بأيكم الْمَجْنُون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير وَابْن أَبْزَى {بأيكم الْمفْتُون} بأيكم الْمَجْنُون وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {بأيكم الْمفْتُون} قَالَ: بأيكم الْمَجْنُون وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {بأيكم الْمفْتُون} قَالَ: الْمَجْنُون وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الجوزاء {بأيكم الْمفْتُون} قَالَ: الشَّيْطَان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {بأيكم الْمفْتُون} قَالَ: أَيّكُم أولى بالشيطان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {فستبصر ويبصرون بأيكم الْمفْتُون} قَالَ: أَيّكُم أولى بالشيطان فَكَانُوا أولى بالشيطان مِنْهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ودوا لَو تدهن فيدهنون}

قَالَ: لَو ترخص لَهُ فيرخصون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {ودوا لَو تدهن فيدهنون} يَقُول: لَو تركن إِلَيْهِم وتترك مَا أَنْت عَلَيْهِ من الْحق فيمالئونك وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {ودوا لَو تدهن فيدهنون} قَالَ: ودوا لَو يدهن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذَا الْأَمر فيدهنوا عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {ودوا لَو تدهن فيدهنون} قَالَ: لَو تكفر فيكفرون الْآيَة 10 - 41

10

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: قَالَ مَرْوَان بن الحكم لما بَايع النَّاس ليزِيد سنة أبي بكر عمر فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر: إِنَّهَا لَيست بِسنة أبي بكر وَعمر وَلكنهَا سنة هِرقل فَقَالَ مَرْوَان: هَذَا الَّذِي أنزلت فِيهِ (وَالَّذِي لوَالِديهِ أفٍّ لَكمَا) قَالَ: فَسمِعت ذَلِك عَائِشَة فَقَالَت: إِنَّهَا لم تنزل فِي عبد الرَّحْمَن وَلَكِن نزلت فِي أَبِيك {وَلَا تُطِع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تُطِع كل حلاف} الْآيَة قَالَ: يَعْنِي الْأسود بن عبد يَغُوث وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر الشّعبِيّ {وَلَا تُطِع كل حلاف} الْآيَة قَالَ: هُوَ رجل من ثَقِيف يُقَال لَهُ: الْأَخْنَس بن شريق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَلَا تُطِع كل حلاف مهين} يَقُول: مكثار فِي الْحلف {مهين} يَقُول: ضَعِيف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَلَا تُطِع كل حلاف مهين} قَالَ: ضَعِيف الْقلب {عتل} قَالَ: شَدِيد الْأسر {زنيم} قَالَ: مُلْحق فِي النّسَب زعم ابْن عَبَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَلَا تُطِع كل حلاف مهين} قَالَ: المهين المكثار فِي الشَّرّ {هماز} قَالَ: يَأْكُل لُحُوم النَّاس {مناع للخير} قَالَ: فَلَا يُعْطي خيرا {مُعْتَد} قَالَ: مُعْتَد فِي قَوْله: متعمد فِي عمله {أثيم} بربه {عتل} هُوَ الْفَاجِر اللَّئِيم الضريبة وَذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر الْفُحْش والتفحش وَسُوء الْجوَار وَقَطِيعَة الرَّحِم وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي أُمَامَة فِي قَوْله: {عتل بعد ذَلِك زنيم} قَالَ: هُوَ الْفَاحِش اللَّئِيم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الْحسن وَأبي الْعَالِيَة مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {زنيم} قَالَ: هُوَ الدعيّ أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: زنيم تداعاه الرِّجَال زِيَادَة كَمَا زيد فِي عرض الْأَدِيم أكارعه

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن الزنيم قَالَ: هُوَ ولد الزِّنَا وتمثل بقول الشَّاعِر: زنيم لَيْسَ يعرف من أَبوهُ بغيّ الْأُم ذُو حسب لئيم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: العتل الزنيم رجل ضخم شَدِيد كَانَت لَهُ زنمة زَائِدَة فِي يَده وَكَانَت علامته وَأخرج عبد بن حميد عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: العتل الصَّحِيح الأكول الشروب والزنيم الْفَاجِر وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {عتل بعد ذَلِك زنيم} قَالَ: يعرف الْكَافِر من الْمُؤمن مثل الشَّاة الزنماء والزنماء الَّتِي فِي حلقها كالمتعلقتين فِي حلق الشَّاة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: الزنيم يعرف بِهَذَا الْوَصْف كَمَا تعرف الشَّاة الزنماء من الَّتِي لَا زنمة لَهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن الْمسيب فِي قَوْله: {عتل بعد ذَلِك زنيم} قَالَ: هُوَ الملزق فِي الْقَوْم لَيْسَ مِنْهُم وَأخرج عبد بن حميد عَن شهر بن حَوْشَب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سِتَّة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة أبدا: الْعَاق والمدمن والجعشل والجوّاظ والقتات والعتل الزنيم فَقلت يَا ابْن عَبَّاس: أما اثْنَتَانِ فقد علمت فَأَخْبرنِي بالأربع قَالَ: أما الجعشل فالفظّ الغليظ وَأما الجواظ فَمن يجمع المَال وَيمْنَع وَأما القَتَّات فَمن يَأْكُل لُحُوم النَّاس وَأما العتل الزنيم فَمن يمشي بَين النَّاس بالنميمة وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن غنم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة جواظ وَلَا جعظري وَلَا العتل الزنيم فَقَالَ لَهُ رجل من الْمُسلمين: مَا الجواظ الجعظري والعتل الزنيم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما الجوّاظ فَالَّذِي جمع وَمنع تَدعُوهُ (لظى نزاعة للشوى) (سُورَة المعارج 16) وَأما الجعظري فالفظّ الغليظ قَالَ الله: (فبمَا رَحْمَة من الله لنت لَهُم وَلَو كنت فظّاً غليظ الْقلب لانفضوا من حولك) (سُورَة آل عمرَان 159) وَأما العتل

الزنيم فشديد الْخلق رحيب الْجوف مصحح شروب وَاجِد للطعام وَالشرَاب ظلوم للنَّاس وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن عَامر أَنه سُئِلَ عَن الزنيم قَالَ: هُوَ الرجل تكون لَهَا زنمة من الشَّرّ يعرف بهَا وَهُوَ رجل من ثَقِيف يُقَال لَهُ: الْأَخْنَس بن شريق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الزنيم الدعيّ الْفَاحِش اللَّئِيم الملزق ثمَّ أنْشد قَول الشَّاعِر: زنيم تدعاه الرِّجَال زِيَادَة كَمَا زيد فِي عرض اللَّئِيم الأكارع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {وَلَا تُطِع كل حلاف مهين} قَالَ: نزلت فِي الْأَخْنَس بن شريق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلَا تُطِع كل حلاف مهين} قَالَ: هُوَ الْأسود بن عبد يَغُوث وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَلَا تُطِع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم} فَلم يعرف حَتَّى نزل عَلَيْهِ بعد ذَلِك {زنيم} فعرفناه لَهُ زنمة كزنمة الشَّاة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن حَارِثَة بن وهب: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَلا أخْبركُم بِأَهْل الْجنَّة كل ضَعِيف متضعف لَو أقسم على الله لَأَبَره أَلا أخْبركُم بِأَهْل النَّار كل عتل جوّاظ جعظ متكبر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن المنذرعن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبْكي السَّمَاء من عبد أصح الله جِسْمه وأرحب جَوْفه وَأَعْطَاهُ من الدُّنْيَا فَكَانَ للنَّاس ظلوماً فَذَلِك العتل الزنيم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم مولى مُعَاوِيَة ومُوسَى بن عقبَة قَالَا: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن العتل الزنيم قَالَ: هُوَ الْفَاحِش اللَّئِيم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن أبي الدَّرْدَاء عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي

قَوْله: {بعد ذَلِك زنيم} قَالَ: العتل كل رحيب الْجوف وثيق الْخلق أكول شروب جموع لِلْمَالِ منوع لَهُ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مَرْوُدَيْهِ عَن عبد الله بن عمر عَن عبد الله بن عمر وَأَنه تَلا {منّاع للخير} إِلَى {زنيم} فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أهل النَّار كل جعظري جوّاظ مستكبر مناع وَأهل الْجنَّة الضُّعَفَاء المغلوبون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: العتل هُوَ الدعيّ والزنيم هُوَ الْمُرِيب الَّذِي يعرف بِالشَّرِّ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والخرائطي فِي مساوئ الْأَخْلَاق وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {عتل بعد ذَلِك زنيم} قَالَ: هُوَ الرجل يعرف بِالشَّرِّ كَمَا تعرف الشَّاة بزنمتها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الزنيم هُوَ الرجل يمر على الْقَوْم فَيَقُولُونَ رجل سوء وَأخرج البُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {عتل بعد ذَلِك زنيم} قَالَ: رجل من قُرَيْش كَانَت لَهُ زنمة زَائِدَة مثل زنمة الشَّاة يعرف بهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: نعت فَلم يعرف حَتَّى قيل {زنيم} وَكَانَت لَهُ زنمة فِي عُنُقه يعرف بهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الزنيم الملحق النّسَب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {زنيم} قَالَ: ظلوم وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {زنيم} قَالَ: ولد الزِّنَا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: زنيم تداعته الرِّجَال زِيَادَة كَمَا زيد فِي عرض الْأَدِيم الأكارع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الزنيم هُوَ الهجين الْكَافِر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مهين} قَالَ: الْكذَّاب {هماز} يَعْنِي الاغتياب {عتل} قَالَ: الشَّديد

الفاتك {زنيم} الدعيّ وَفِي قَوْله: {سنسمه على الخرطوم} فقاتل يَوْم بدر فخطم بِالسَّيْفِ فِي الْقِتَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {سنسمه على الخرطوم} قَالَ: سِيمَا على أَنفه لَا تُفَارِقهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {سنسمه على الخرطوم} قَالَ: سنسمه بسيما لَا تُفَارِقهُ آخر مَا عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {أَن كَانَ ذَا مَال وبنين} بهمزتين يستفهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من مَاتَ همازاً لمازاً ملقباً للنَّاس كَانَ علامته يَوْم الْقِيَامَة أَن يسمه الله على الخرطوم من كلا الشدقين قَوْله: تَعَالَى: {إِنَّا بلوناهم} الْآيَات أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِنَّا بلوناهم كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة} قَالَ: هَؤُلَاءِ نَاس قصّ الله عَلَيْكُم حَدِيثهمْ وبيّن لكم أَمرهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن حريج أَن أَبَا جهل قَالَ يَوْم بدر: خذوهم أخذا فاربطوهم فِي الْجبَال وَلَا تقتلُوا مِنْهُم أحدا فَنزل {إِنَّا بلوناهم كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة} يَقُول: فِي قدرتهم عَلَيْهِم كَمَا اقتدر أَصْحَاب الْجنَّة على الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة} قَالَ: كَانُوا من أهل الْكتاب وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة} قَالَ: هم نَاس من الْحَبَشَة كَانَت لأبيهم جنَّة وَكَانَ يطعم مِنْهَا السَّائِلين فَمَاتَ أبوهم فَقَالَ بنوه: إِن كَانَ أَبونَا لأحمق يطعم الْمَسَاكِين فَأَقْسَمُوا ليصرمنّها مصبحين وَأَن لَا يطعموا مِسْكينا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت الْجنَّة لشيخ من بني إِسْرَائِيل وَكَانَ يمسك قوت سنته وَيتَصَدَّق بِالْفَضْلِ كَانَ بنوه ينهونه عَن الصَّدَقَة فَلَمَّا مَاتَ أبوهم غدوا عَلَيْهَا فَقَالُوا لَا يدخلنها الْيَوْم عَلَيْكُم مِسْكين {وغدوا على حرد قَادِرين} يَقُول: على جد من أَمرهم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {كَمَا بلونا أَصْحَاب الْجنَّة} قَالَ: هِيَ أَرض بِالْيمن يُقَال لَهَا ضرّ وَإِن بَينهَا وَبَين صنعاء سِتَّة أَمْيَال وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {وَلَا يستثنون} قَالَ: كَانَ استثناؤهم سُبْحَانَ الله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من ربكْ} قَالَ: هُوَ أَمر من الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك} قَالَ: عَذَاب: عنق من النَّار خرجت من وَادي جَهَنَّم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك وهم نائمون} قَالَ: أَتَاهَا أَمر الله لَيْلًا {فَأَصْبَحت كالصريم} قَالَ: كالليل المظلم وَأخرج عبد بن حميد عَن قطر بن مَيْمُون مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إيَّاكُمْ والمعاصي إِن العَبْد ليذنب فينسى بِهِ الْبَاب من الْعلم وَإِن العَبْد ليذنب الذَّنب فَيحرم بِهِ قيام اللَّيْل وَإِن العَبْد ليذنب الذَّنب فينسى فَيحرم بِهِ رزقا قد كَانَ هيئ لَهُ ثمَّ تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك وهم نائمون فَأَصْبَحت كالصريم} قد حرمُوا خير جنتهم بذنبهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كالصريم} قَالَ: مثل اللَّيْل الْأسود وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {كالصريم} قَالَ: الذَّهَب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: غَدَوْت عَلَيْهِ غدْوَة فَوَجَدته قعُودا لَدَيْهِ بالصريم عواذله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: أَن {اغدوا على حَرْثكُمْ} قَالَ: كَانَ عنباً

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وهم يتخافتون} قَالَ: الإِسرار وَالْكَلَام الْخَفي وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وهم يتخافتون} قَالَ: يسرون بَينهم أَن لَا يدخلنها الْيَوْم عَلَيْكُم مِسْكين {وغدوا على حرد قَادِرين} قَالَ: غَدا الْقَوْم وهم محردون إِلَى جنتهم قادرون عَلَيْهَا فِي أنفسهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {على حرد قَادِرين} يَقُول: ذُو قدرَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: {وغدوا على حرد قَادِرين} قَالَ: غدوا على أَمر قد قدرُوا عَلَيْهِ وَأَجْمعُوا عَلَيْهِ فِي أنفسهم أَن لَا يدْخل عَلَيْهِم مِسْكين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وغدوا على حرد} قَالَ: غيظ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {وغدوا على حرد} يَعْنِي الْمَسَاكِين بجد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قَالُوا إِنَّا لضالون} قَالَ: أضللنا مَكَان جنتنا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِنَّا لضالون} قَالَ: أَخْطَأنَا الطَّرِيق مَا هَذِه جنتنا وَفِي قَوْله: {بل نَحن محرومون} قَالَ: بل حورفنا فحرمناها وَفِي قَوْله: {قَالَ أوسطهم} قَالَ: أعدل الْقَوْم وَأحسن الْقَوْم فَزعًا وَأَحْسَنهمْ رَجْعَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {بل نَحن محرومون} قَالَ: لما تبينوا وَعرفُوا معالم جنتهم قَالُوا {بل نَحن محرومون} محارفون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن معمر قَالَ: قُلْنَا لِقَتَادَة أَمن أهل الْجنَّة هم أم من أهل النَّار قَالَ: لقد كلفتني تعباً وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي وَقَوله: {قَالَ أوسطهم} قَالَ: أعدلهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {قَالَ أوسطهم} يَعْنِي أعدلهم وكل شَيْء فِي كتاب الله أَوسط فَهُوَ أعدل

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قَالَ أوسطهم} قَالَ: أعدلهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّري فِي قَوْله: {ألم أقل لكم لَوْلَا تسبحون} قَالَ: كَانَ استثناؤهم فِي ذَلِك الزَّمَان التَّسْبِيح وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {لَوْلَا تسبحون} قَالَ: لَوْلَا تستثنون عِنْد قَوْلهم ليصرمنّها مصبحين وَلَا يستثنون عِنْد ذَلِك وَكَانَ التَّسْبِيح استثناؤهم كَمَا نقُول نَحن إِن شَاءَ الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {كَذَلِك الْعَذَاب} قَالَ: عُقُوبَة الدُّنْيَا {ولعذاب الْآخِرَة} قَالَ: عُقُوبَة الْآخِرَة وَفِي قَوْله: {سلهم أَيهمْ بذلك زعيم} قَالَ: أَيهمْ كَفِيل بِهَذَا الْأَمر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {تدرسون} قَالَ: تقرؤون وَفِي قَوْله: {أَيْمَان علينا بَالِغَة} قَالَ: عهد علينا الْآيَة 42 - 52

42

أخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يكْشف رَبنَا عَن سَاقه فَيسْجد لَهُ كل مُؤمن ومؤمنة وَيبقى من كَانَ يسْجد فِي الدُّنْيَا رِيَاء وَسُمْعَة فَيذْهب ليسجد فَيَعُود ظَهره طبقًا وَاحِدًا

وَأخرج ابْن مندة فِي الرَّد على الْجَهْمِية عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: يكْشف الله عز وَجل عَن سَاقه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مَنْدَه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: عَن سَاقيه تبَارك وَتَعَالَى قَالَ ابْن مَنْدَه: لَعَلَّه فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود يكْشف بِفَتْح الْيَاء وَكسر الشين وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَضَعفه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: عَن نور عَظِيم فَيَخِرُّونَ لَهُ سجدا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مُصَور وَابْن مَنْدَه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس يكْشف عَن أَمر عَظِيم ثمَّ قَالَ: قد قَامَت الْحَرْب على سَاق قَالَ: وَقَالَ ابْن مَسْعُود: يكْشف عَن سَاقه فَيسْجد كل مُؤمن ويعصو ظهر الْكَافِر فَيصير عظما وَاحِدًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: إِذا خَفِي عَلَيْكُم شَيْء من الْقُرْآن فابتغوه فِي الشّعْر فَإِنَّهُ ديوَان الْعَرَب أما سَمِعْتُمْ قَول الشَّاعِر: أَصْبِر عنَاق أَنه شَرّ بَاقٍ قد سنّ لي قَوْمك ضرب الْأَعْنَاق وَقَامَت الْحَرْب بِنَا على سَاق قَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا يَوْم كرب وَشدَّة وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: عَن شدَّة الْآخِرَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: قد قَامَت الْحَرْب بِنَا على سَاق وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: هُوَ الْأَمر الشَّديد المفظع من الهول يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن مندة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: عَن شدَّة الْآخِرَة

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مَنْدَه عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: عَن شدَّة الْأَمر وجده قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: هِيَ أَشد سَاعَة تكون يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: يُرِيد الْقِيَامَة والساعة لشدتها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: حِين يكْشف الْأَمر وتبدو الْأَعْمَال وكشفه دُخُول الْآخِرَة وكشف الْأَمر عَنهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن مَنْدَه من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ يَوْم يكْشف عَن سَاق بِفَتْح التَّاء قَالَ أَبُو حَاتِم السجسْتانِي: أَي تكشف الْآخِرَة عَن سَاقهَا يستبين مِنْهَا مَا كَانَ غَائِبا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {يَوْم يكْشف عَن سَاق} بِالْيَاءِ وَرفع الْيَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: إِن الْعَرَب كَانُوا إِذا اشْتَدَّ الْقِتَال فيهم وَالْحَرب وَعظم الْأَمر فيهم قَالُوا لشدَّة ذَلِك: قد كشفت الْحَرْب عَن سَاق فَذكر الله شدَّة ذَلِك الْيَوْم بِمَا يعْرفُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} فَغَضب غَضبا شَدِيدا وَقَالَ: إِن أَقْوَامًا يَزْعمُونَ أَن الله يكْشف عَن سَاقه وَإِنَّمَا يكْشف عَن الْأَمر الشَّديد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود وهم سَالِمُونَ} قَالَ: هم الْكفَّار كَانُوا يدعونَ فِي الدُّنْيَا وهم آمنون فاليوم يدعونَ وهم خائفون ثمَّ أخبر الله سُبْحَانَهُ أَنه حَال بَين أهل الشّرك وَبَين طَاعَته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَأَما فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهُ قَالَ: مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السّمع وَهِي طَاعَته وَمَا كَانُوا يبصرون وَأما الْآخِرَة فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَسْتَطِيعُونَ خاشعة أَبْصَارهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: أخبرنَا أَن بَين كل مُؤمنين منافقاً يَوْم الْقِيَامَة فَيسْجد المؤمنان وتقسو ظُهُور الْمُنَافِقين فَلَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُود ويزدادون لسجود الْمُؤمنِينَ توبيخاً وحسرة وندامة

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: عَن بلَاء عَظِيم وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: عَن أَمر عَظِيم الشدَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: عَن الغطاء فَيَقَع من كَانَ آمن بِهِ فِي الدُّنْيَا فيسجدون لَهُ ويدعى الْآخرُونَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ لأَنهم لم يَكُونُوا آمنُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا يبصرونه وَلَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُود وهم سَالِمُونَ فِي الدُّنْيَا وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَوْم يكْشف عَن سَاق} قَالَ: أَمر فظيع جليل {وَيدعونَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} قَالَ: ذَلِكُم يَوْم الْقِيَامَة ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: يُؤذن للْمُؤْمِنين يَوْم الْقِيَامَة فِي السُّجُود فَيسْجد الْمُؤْمِنُونَ وَبَين كل مُؤمنين مُنَافِق فيتعسر ظهر الْمُنَافِق عَن السُّجُود وَيجْعَل الله سُجُود الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِم توبيخاً وصغاراً وذلاً وندامة وحسرة وَفِي قَوْله: {وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود وهم سَالِمُونَ} قَالَ: فِي الصَّلَوَات وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب الحبر قَالَ: وَالَّذِي أنزل التَّوْرَاة على مُوسَى والإِنجيل على عِيسَى وَالزَّبُور على دَاوُد وَالْفرْقَان على مُحَمَّد أنزلت هَذِه الْآيَات فِي الصَّلَوَات المكتوبات حَيْثُ يُنَادي بِهن {يَوْم يكْشف عَن سَاق} إِلَى قَوْله: {وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود وهم سَالِمُونَ} الصَّلَوَات الْخمس إِذا نُودي بهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود} قَالَ: الصَّلَوَات فِي الْجَمَاعَات وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَقد كَانُوا يدعونَ إِلَى السُّجُود} قَالَ: الرجل يسمع الْأَذَان فَلَا يُجيب الصَّلَاة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يجمع الله الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ يُنَادي مُنَاد: من كَانَ يعبد شَيْئا فليتبعه فَيتبع كل قوم مَا كَانُوا يعْبدُونَ وَيبقى الْمُسلمُونَ وَأهل الْكتاب فَيُقَال للْيَهُود: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ الله ومُوسَى فَيُقَال

لَهُم: لَسْتُم من مُوسَى وَلَيْسَ مُوسَى مِنْكُم فَيصْرف بهم ذَات الشمَال ثمَّ يُقَال لِلنَّصَارَى: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: الله وَعِيسَى فَيُقَال لَهُم: لَسْتُم من عِيسَى وَلَيْسَ عِيسَى مِنْكُم ثمَّ يصرف بهم ذَات الشمَال وَيبقى الْمُسلمُونَ فَيُقَال لَهُم: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: الله فَيُقَال لَهُم: هَل تعرفونه فَيَقُولُونَ: إِن عرّفنا نَفسه عَرفْنَاهُ فَعِنْدَ ذَلِك يُؤذن لَهُم فِي السُّجُود بَين كل مُؤمنين مُنَافِق فتقصم ظُهُورهمْ عَن السُّجُود ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {وَيدعونَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيّ والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الرُّؤْيَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يجمع الله النَّاس يَوْم الْقِيَامَة وَينزل الله فِي ظلل من الْغَمَام فينادي مُنَاد ياأيها النَّاس أَلا ترضوا من ربكُم الَّذِي خَلقكُم وصوّركم ورزقكم أَن يولي كل إِنْسَان مِنْكُم مَا كَانَ يعبد فِي الدُّنْيَا ويتولى أَلَيْسَ ذَلِك من ربكُم عدلا قَالُوا: بلَى قَالَ: فَينْطَلق كل إِنْسَان مِنْكُم إِلَى مَا كَانَ يعبد فِي الدُّنْيَا ويتمثل لَهُم مَا كَانُوا يعْبدُونَ فِي الدُّنْيَا فيتمثل لمن كَانَ يعبد عِيسَى شَيْطَان عِيسَى ويتمثل لمن كَانَ يعبد عُزَيْرًا شَيْطَان عُزَيْر حَتَّى يمثل لَهُم الشَّجَرَة وَالْعود وَالْحجر وَيبقى أهل الإِسلام جثوماً فيتمثل لَهُم الرب عز وَجل فَيَقُول لَهُم: مَا لكم لم تنطلقوا كَمَا انْطلق النَّاس فَيَقُولُونَ: إِن لنا ربّاً مَا رَأَيْنَاهُ بعد فَيَقُول: فيمَ تعرفُون ربكُم إِن رَأَيْتُمُوهُ قَالُوا: بَيْننَا وَبَينه عَلامَة إِن رَأَيْنَاهُ عَرفْنَاهُ قَالَ: وَمَا هِيَ قَالَ: {يكْشف عَن سَاق} فَيكْشف عِنْد ذَلِك عَن سَاق فيخر كل من كَانَ يسْجد طَائِعا سَاجِدا وَيبقى قوم ظُهُورهمْ كصياصي الْبَقر يُرِيدُونَ السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ثمَّ يؤمرون فيرفعوا رؤوسهم فيعطون نورهم على قدر أَعْمَالهم فَمنهمْ من يعْطى نوره مثل الْجَبَل بَين يَدَيْهِ وَمِنْهُم من يعْطى نوره فَوق ذَلِك وَمِنْهُم من يعْطى نوره مثل النَّخْلَة بِيَمِينِهِ وَمِنْهُم من يعْطى نوره دون ذَلِك بِيَمِينِهِ حَتَّى يكون آخر ذَلِك من يعْطى نوره على إِبْهَام قَدَمَيْهِ يضيء مرّة ويطفأ مرّة فَإِذا أَضَاء قدم قدمه وَإِذا طفئ قَامَ فيمر ويمرون على الصِّرَاط والصراط كحدّ السَّيْف دحض مزلة فَيُقَال لَهُم: انجوا على قدر نوركم فَمنهمْ من يمر كانقضاض الْكَوْكَب وَمِنْهُم من يمر كالطرف وَمِنْهُم من يمر كَالرِّيحِ وَمِنْهُم من يمر كشد الرجل ويرمل رملاً يَمرونَ على قدر أَعْمَالهم حَتَّى يمرالذي نوره على إِبْهَام قدمه يجر يدا ويعلق يدا ويجر رجلا ويعلق رجلا وتصيب جوانبه النَّار فيخلصون فَإِذا خلصوا قَالُوا: الْحَمد لله

الَّذِي نجانا مِنْك بعد الَّذِي أراناك لقد أَعْطَانَا الله مَا لم يُعْط أحدا فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى ضحضاح عِنْد بَاب الْجنَّة فيغتسلون فَيَعُود إِلَيْهِم ريح أهل الْجنَّة وألوانهم ويرون من خلل بَاب الْجنَّة وَهُوَ يصفق منزلا فِي أدنى الْجنَّة فَيَقُولُونَ: رَبنَا أعطنا ذَلِك الْمنزل فَيَقُول لَهُم: أتسألون الْجنَّة وَقد نجيتكم من النَّار فَيَقُولُونَ: رَبنَا أعطنا حل بَيْننَا وَبَين النَّار هَذَا الْبَاب لَا نسْمع حَسِيسهَا فَيَقُول لَهُم: لَعَلَّكُمْ إِن أُعْطِيتُمُوهُ أَن تسألوا غَيره فَيَقُولُونَ: لَا وَعزَّتك لَا نسْأَل غَيره وَأي منزل يكون أحسن مِنْهُ قَالَ: فَيدْخلُونَ الْجنَّة وَيرْفَع لَهُم منزل أَمَام ذَلِك كَانَ الَّذِي رَأَوْا قبل ذَلِك حلم عِنْده فَيَقُولُونَ: رَبنَا أعطنا ذَلِك الْمنزل فَيَقُول: لَعَلَّكُمْ إِن أعطيتكموه أَن تسألوا غَيره فَيَقُولُونَ: لَا وَعزَّتك لَا نسْأَل غَيره وَأي منزل أحسن مِنْهُ فيعطونه ثمَّ يرفع لَهُم أَمَام ذَلِك منزل آخر كَانَ الَّذِي رَأَوْا قبل ذَلِك حلم عِنْد هَذَا الَّذِي رَأَوْا فَيَقُولُونَ: رَبنَا أعطنا ذَلِك الْمنزل فَيَقُول: لَعَلَّكُمْ إِن أعطيتكموه أَن تسألوا غَيره فيقولن: لَا وَعزَّتك لَا نسْأَل غَيره وَأي منزل أحسن مِنْهُ ثمَّ يسكتون فَيَقُول لَهُم: مَا لكم لَا تسْأَلُون فَيَقُولُونَ: رَبنَا قد سألناك حَتَّى استحينا فَيُقَال لَهُم: ألم ترضوا أَن أُعْطِيكُم مثل الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْم خلقتها إِلَى يَوْم أفنيتها وَعشرَة أضعافها فَيَقُولُونَ: أتستهزئ بِنَا وَأَنت رب الْعَالمين قَالَ مَسْرُوق: فَمَا بلغ عبد الله هَذَا الْمَكَان من الحَدِيث إِلَّا ضحك وَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحدثه مرَارًا فَمَا بلغ هَذَا الْمَكَان من الحَدِيث إِلَّا ضحك حَتَّى تبدو لهواته ويبدو آخر ضرس من أَضْرَاسه يَقُول: الْأَسْنَان قَالَ: فَيَقُول لَا وَلَكِنِّي على ذَلِك قَادر فاسألوني قَالَ: رَبنَا ألحقنا بِالنَّاسِ فَيُقَال لَهُم: الحقوا النَّاس فَيَنْطَلِقُونَ يرملون فِي الْجنَّة حَتَّى يبدوا لرجل مِنْهُم فِي الْجنَّة قصر درة مجوّف فيخر سَاجِدا فَيُقَال لَهُ: ارْفَعْ رَأسك فيرفع رَأسه فَيَقُول: رَأَيْت رَبِّي فَيُقَال لَهُ: إِنَّمَا ذَلِك منزل من منازلك فَينْطَلق ويستقبله رجل فيتهيأ للسُّجُود فَيُقَال لَهُ مَالك فَيَقُول: رَأَيْت ملكا فَيُقَال لَهُ: إِنَّمَا ذَلِك قهرمان من قهارمتك عبد بن عبيدك فيأتيه فَيَقُول: إِنَّمَا أَنا قهرمان من قهارمتك على هَذَا الْقصر تَحت يَدي ألف قهرمان كلهم على مَا أَنا عَلَيْهِ فَينْطَلق بِهِ عِنْد ذَلِك حَتَّى يفتح لَهُ الْقصر وَهِي درة مجوّفة سقائفها وأغلاقها وأبوابها ومفاتيحها مِنْهَا قَالَ: فَيفتح لَهُ الْقصر فتستقبله جَوْهَرَة خضراء مبطنة بِحَمْرَاء سَبْعُونَ ذِرَاعا فِيهَا سِتُّونَ بَابا كل بَاب يُفْضِي إِلَى جَوْهَرَة على غير لون صاحبتها فِي كل جَوْهَرَة سرر وأدراج

ونصائف وَقَالَ: وصائف فَيدْخل فَإِذا هُوَ بحوراء عيناء عَلَيْهَا سَبْعُونَ حلةٍ يُرَى مخ سَاقهَا من وَرَاء حللها كَبِدهَا مرآته وكبده مرآتها إِذا أعرض عَنْهَا إعراضة ازدادت فِي عينه سبعين ضعفا عَمَّا كَانَت قبل ذَلِك وَإِذا أَعرَضت عَنهُ إعراضة ازْدَادَ فِي عينهَا سبعين ضعفا عَمَّا كَانَ قبل ذَلِك فَتَقول: لقد ازددت فِي عينين سبعين ضعفا وَيَقُول لَهَا مثل ذَلِك قَالَ: فيشرف على ملكه مد بَصَره مسيرَة مائَة عَام قَالَ: فَقَالَ عمر بن الْخطاب عِنْد ذَلِك: أَلا تسمع يَا كَعْب مَا يحدثنا بِهِ ابْن أم عبد عَن أدنى أهل الْجنَّة مَا لَهُ فَكيف بأعلاهم قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت إِن الله كَانَ فَوق الْعَرْش وَالْمَاء فخلق لنَفسِهِ دَارا بِيَدِهِ فزينها بِمَا شَاءَ وَجعل فِيهَا مَا شَاءَ من الثمرات وَالشرَاب ثمَّ أطبقها فَلم يرهَا أحد من خلقه مُنْذُ خلقهَا جِبْرِيل وَلَا غَيره من الْمَلَائِكَة ثمَّ قَرَأَ كَعْب (فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين) (سُورَة السَّجْدَة الْآيَة 17) الْآيَة وَخلق دون ذَلِك جنتين فزينهما بِمَا شَاءَ وَجعل فيهمَا مَا ذكر من الْحَرِير والسندس والاستبرق وأراهما من شَاءَ من خلقه من الْمَلَائِكَة فَمن كَانَ كِتَابه فِي عليين نزل تِلْكَ الدَّار فَإِذا ركب الرجل من أهل عليين فِي ملكه لم يبقِ خيمة من خيام الْجنَّة إلاّ دَخلهَا من ضوء وَجهه حَتَّى إِنَّهُم ليستنشقون رِيحه وَيَقُولُونَ: واهاً وَهَذِه الرّيح الطّيبَة وَيَقُولُونَ: لقد أشرف علينا الْيَوْم رجل من أهل عليين فَقَالَ عمر: وَيحك يَا كَعْب إِن هَذِه الْقُلُوب قد استرسلت فاقبضها فَقَالَ كَعْب: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن لِجَهَنَّم زفرَة مَا من ملك وَلَا نَبِي إلاّ يخر لركبته حَتَّى يَقُول إِبْرَاهِيم خَلِيل الله: رب نَفسِي نَفسِي وَحَتَّى لَو كَانَ لَك عمل سبعين نَبيا إِلَى عَمَلك لظَنَنْت أَن لن تنجو مِنْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن مَسْعُود أَنه ذكر عِنْده الدَّجَّال فَقَالَ: يفْتَرق ثَلَاث فرق تتبعه فرقة تتبعه وَفرْقَة تلْحق بِأَرْض آبائها منابت الشَّيْخ وَفرْقَة تَأْخُذ شط الْفُرَات فيقاتلهم ويقاتلونه حَتَّى يجْتَمع الْمُؤْمِنُونَ بقرى الشَّام فيبعثون إِلَيْهِ طَلِيعَة فيهم فَارس على فرس أشقر أَو أبلق فيقتلون لَا يرجع إِلَيْهِم شَيْء ثمَّ إِن الْمَسِيح ينزل فيقتله ثمَّ يخرج يَأْجُوج وَمَأْجُوج فيموجون فِي الأَرْض فيفسدون فِيهَا ثمَّ قَرَأَ عبد الله

(وهم من كل حدب يَنْسلونَ) (سُورَة الْأَنْبِيَاء الْآيَة 96) ثمَّ يبْعَث الله عَلَيْهِم دَابَّة مثل هَذِه النغفة فَتدخل فِي أسماعهم ومناخرهم فيموتون مِنْهَا فتنتن الأَرْض مِنْهُم فيجأر أهل الأَرْض إِلَى الله فَيُرْسل الله مَاء فيطهرها مِنْهُم ثمَّ يبْعَث ريحًا فِيهَا زمهرير بَارِدَة فَلَا تدع على وَجه الأَرْض [] إِلَّا كفئت بِتِلْكَ الرّيح ثمَّ تقوم السَّاعَة على شرار النَّاس ثمَّ يقوم ملك الصُّور بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فينفخ فِيهِ فَلَا يبْقى خلق الله فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض إِلَّا مَاتَ إِلَّا من شَاءَ رَبك ثمَّ يكون بَين النفختين مَا شَاءَ الله أَن يكون فَلَيْسَ من ابْن آدم خلق إِلَّا وَفِي الأَرْض مِنْهُ شَيْء ثمَّ يُرْسل الله مَاء من تَحت الْعَرْش منياً كمني الرِّجَال فتنبت جسمانهم ولحمانهم من ذَلِك المَاء كَمَا تنْبت الأَرْض من الثرى ثمَّ قَرَأَ عبد الله (الله الَّذِي يُرْسل الرِّيَاح فتثير سحاباً فسقناه إِلَى بلد ميت فأحيينا بِهِ الأَرْض بعد مَوتهَا كَذَلِك النشور) (سُورَة الرّوم الْآيَة 48) ثمَّ يقوم ملك بالصور بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فينفخ فِيهِ فتنطلق كل نفس إِلَى جَسدهَا حَتَّى تدخل فِيهِ فَيقومُونَ فيجيئون مجيئة رجل وَاحِد قيَاما لرب الْعَالمين ثمَّ يتَمَثَّل الله لِلْخلقِ فيلقاهم فَلَيْسَ أحد من الْخلق يعبد من دون الله شَيْئا إِلَّا هُوَ مُتبع لَهُ يتبعهُ فَيلقى الْيَهُود فَيَقُول: مَا تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: نعْبد عُزَيْرًا فَيَقُول: هَل يسركم المَاء قَالُوا: نعم فيريهم جَهَنَّم كَهَيئَةِ السراب ثمَّ قَرَأَ عبد الله (وعرضنا جَهَنَّم يَوْمئِذٍ للْكَافِرِينَ عرضا) (سُورَة الْكَهْف الْآيَة 100) ثمَّ يلقى النَّصَارَى فَيَقُولُونَ: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ قَالُوا: الْمَسِيح فَيَقُول: هَل يسركم المَاء قَالُوا: نعم فيريهم جَهَنَّم كَهَيئَةِ السراب وَكَذَلِكَ كل من يعبد من دون الله شَيْئا ثمَّ قَرَأَ عبد الله (وقفوهم إِنَّهُم مسؤولون) (سُورَة الصافات الْآيَة 24) حَتَّى يمر الْمُسلمُونَ فيلقاهم فَيَقُول: من تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: نعْبد الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا فينتهرهم مرّة أَو مرَّتَيْنِ من تَعْبدُونَ فَيَقُولُونَ: نعْبد الله وَلَا نشْرك بِهِ شَيْئا فَيَقُول: هَل تعرفُون ربكُم فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَ الله إِذا تعرف لنا عَرفْنَاهُ فَعِنْدَ ذَلِك {يكْشف عَن سَاق} فَلَا يبْقى مُؤمن إلاّ خر لله سَاجِدا وَيبقى المُنَافِقُونَ ظُهُورهمْ طبق وَاحِد كَأَنَّمَا فِيهَا السَّفَافِيد فَيَقُولُونَ: رَبنَا فيفول: (قد كُنْتُم تدعون إِلَى السُّجُود وَأَنْتُم سَالِمُونَ) ثمَّ يُؤمر بالصراط فَيضْرب على جَهَنَّم فتمر النَّاس بأعمالهم يمر أوائلهم كلمح الْبَصَر أَو كلمح الْبَرْق ثمَّ كمر الرّيح ثمَّ كمر الطير ثمَّ

كأسرع الْبَهَائِم ثمَّ كَذَلِك يَجِيء الرجل سعياً حَتَّى يَجِيء الرجل مشياً حَتَّى يَجِيء آخِرهم رجل يَتَكَفَّأ على بَطْنه فَيَقُول: يَا رب أَبْطَأت بِي فَيَقُول: إِنَّمَا أَبْطَأَ بك عَمَلك ثمَّ يَأْذَن الله فِي الشَّفَاعَة فَيكون أول شَافِع جِبْرِيل ثمَّ إِبْرَاهِيم خَلِيل الله ثمَّ مُوسَى أَو قَالَ عِيسَى ثمَّ يقوم نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَابِعا لَا يشفع أحد بعده فِيمَا يشفع فِيهِ وَهُوَ الْمقَام الْمَحْمُود الَّذِي وعده الله (عَسى أَن يَبْعَثك رَبك مقَاما مَحْمُودًا) (سُورَة الْإِسْرَاء الْآيَة 79) فَلَيْسَ من نفس إِلَّا تنظر إِلَى بَيت فِي الْجنَّة وَبَيت فِي النَّار وَهُوَ يَوْم الْحَسْرَة فَيرى أهل النَّار الْبَيْت الَّذِي فِي الْجنَّة فَيُقَال: لَو عملتم وَيرى أهل الْجنَّة الْبَيْت الَّذِي فِي النَّار فَيُقَال: لَوْلَا أَن منّ الله عَلَيْكُم ثمَّ يشفع الْمَلَائِكَة والنبيون وَالشُّهَدَاء والصالحون والمؤمنون فيشفعهم الله ثمَّ يَقُول: أَنا أرْحم الرَّاحِمِينَ فَيخرج من النَّار أَكثر مِمَّا أخرج من جَمِيع الْخلق برحمته حَتَّى مَا يتْرك فِيهَا أحدا فِيهِ خير ثمَّ قَرَأَ عبد الله (يَا أَيهَا الْكفَّار مَا سلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين) (سُورَة المدثر الْآيَة 42) إِلَى قَوْله: (وَكُنَّا نكذب بِيَوْم الدّين) (سُورَة المدثر الْآيَة 46) قَالَ: ترَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ أحدا فِيهِ خير لَا وَمَا يتْرك فِيهَا أحدا فِيهِ خير فَإِذا أَرَادَ الله أَن لَا يخرج مِنْهَا أحدا غير وُجُوههم وألوانهم فَيَجِيء الرجل من الْمُؤمنِينَ فَيشفع فَيُقَال لَهُ: من عرف أحدا فيخرجه فَيَجِيء الرجل فَينْظر فَلَا يعرف أحدا فَيَقُول الرجل للرجل: يَا فلَان أَنا فلَان فَيَقُول: مَا أعرفك فَيَقُولُونَ: (رَبنَا أخرجنَا مِنْهَا فَإِن عدنا فَإنَّا ظَالِمُونَ) (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 107) فَيَقُول: (اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون) (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 108) فَإِذا قَالَ ذَلِك أطبقت عَلَيْهِم فَلم يخرج مِنْهُم بشر أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَلَا تكن كصاحب الْحُوت} قَالَ: تغاضب كَمَا غاضب يُونُس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَلَا تكن كصاحب الْحُوت} قَالَ: لَا تعجل كَمَا عجل وَلَا تغاضب كَمَا غاضب

وَأخرج الْحَاكِم عَن وهب قَالَ: كَانَ فِي خلق يُونُس ضيق فَلَمَّا حملت عَلَيْهِ أثقال النُّبُوَّة مِنْهَا تفسخ الرّبع فقذفها من يَدَيْهِ وهرب قَالَ تَعَالَى لنَبيه {وَلَا تكن كصاحب الْحُوت إِذْ نَادَى وَهُوَ مكظوم} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَهُوَ مكظوم} قَالَ: مغموم وَفِي قَوْله: {وَهُوَ مَذْمُوم} قَالَ: مليم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَهُوَ مكظوم} قَالَ: مغموم قَوْله تَعَالَى: {وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا} الْآيَة أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ} قَالَ: ينفذونك بِأَبْصَارِهِمْ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ} لينفذونك بِأَبْصَارِهِمْ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ} قَالَ: لينفذونك بِأَبْصَارِهِمْ معاداة لكتاب الله وَلذكر الله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَطاء قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ {وَإِن يكَاد الَّذين كفرُوا ليزلقونك بِأَبْصَارِهِمْ} قَالَ: يَقُول: ينفذونك بِأَبْصَارِهِمْ من شدَّة النّظر إِلَيْك قَالَ ابْن عَبَّاس: فَكيف يَقُولُونَ أزلق السهْم أَو زهق السهْم وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة فضائله وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ ليزهقونك بِأَبْصَارِهِمْ وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْعين حق وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْعين تدخل الرجل الْقَبْر والجمل الْقدر وَأخرج الْبَزَّار عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَكثر من يَمُوت من أمتِي بعد قَضَاء الله وَقدره بِالْعينِ

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 69 سُورَة الحاقة مَكِّيَّة وآياتها اثْنَتَانِ وَخَمْسُونَ مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الحاقة بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي بَرزَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْفجْر بالحاقة وَنَحْوهَا وَأخرج أَحْمد عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: خرجت أتعرض لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن أسلم فَوَجَدته قد سبقني إِلَى الْمَسْجِد فَقُمْت خَلفه فَاسْتَفْتَحَ سُورَة الحاقة فَجعلت أعجب من تأليف الْقُرْآن فَقلت: هَذَا وَالله شَاعِر كَمَا قَالَت قُرَيْش فَقَرَأَ {إِنَّه لقَوْل رَسُول كريم وَمَا هُوَ بقول شَاعِر قَلِيلا مَا تؤمنون} قلت: كَاهِن قَالَ: {وَلَا بقول كَاهِن قَلِيلا مَا تذكرُونَ تَنْزِيل} إِلَى آخر السُّورَة فَوَقع الْإِسْلَام فِي قلبِي كل موقع الْآيَة 1 - 13

الحاقة

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {الحاقة} قَالَ: من أَسمَاء يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {الحاقة} يَعْنِي السَّاعَة أحقت لكل عَامل عمله {وَمَا أَدْرَاك مَا الحاقة} قَالَ: تَعْظِيمًا ليَوْم الْقِيَامَة كَمَا تَسْمَعُونَ وَفِي قَوْله: {كذبت ثَمُود وَعَاد بالقارعة} قَالَ: بالساعة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {الحاقة} قَالَ: حققت لكل عَامل عمله لِلْمُؤمنِ إيمَانه وللمنافق نفَاقه وَفِي قَوْله: {بالقارعة} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فأهلكوا بالطاغية} قَالَ: بِالذنُوبِ وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: الصَّيْحَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فأهلكوا بالطاغية} قَالَ: أرسل الله عَلَيْهِم صَيْحَة وَاحِدَة فأهمدتهم فأهلكوا فِي قَوْله: {برِيح صَرْصَر عَاتِيَة} قَالَ: عَتَتْ عَلَيْهِم حَتَّى نقبت أفئدتهم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: مَا أرسل الله شَيْئا من ريح إِلَّا بِمِكْيَال وَلَا قَطْرَة من مطر إِلَّا بِمِكْيَال إِلَّا يَوْم نوح وَيَوْم عَاد فَأَما يَوْم نوح فَإِن المَاء طَغى على خزانه فَلم يكن لَهُم عَلَيْهِ سَبِيل ثمَّ قَرَأَ {إِنَّا لما طَغى المَاء} وَأما يَوْم عَاد فَإِن الرّيح عَتَتْ على خزانها فَلم يكن لَهُم عَلَيْهَا سَبِيل ثمَّ قَرَأَ {برِيح صَرْصَر عَاتِيَة} وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لم تنزل قَطْرَة من مَاء إِلَّا بِمِكْيَال على يَدي ملك إِلَّا يَوْم نوح فَإِنَّهُ أذن للْمَاء دون الْخزَّان فطغى المَاء على الْخزَّان فَخرج فَذَلِك قَوْله: {إِنَّا لما طَغى المَاء} وَلم ينزل شَيْء من الرّيح إِلَّا بكيل على يَدي ملك إِلَّا يَوْم عَاد فَإِنَّهُ أذن لَهَا دون الْخزَّان فَخرجت فَذَلِك قَوْله: {برِيح صَرْصَر عَاتِيَة} عَتَتْ على الْخزَّان وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نصرت بالصبا وأهلكت عَاد بالدبور قَالَ: مَا أَمر الْخزَّان أَن يرسلوا على عَاد إِلَّا مثل مَوضِع الْخَاتم من الرّيح فعتت على الْخزَّان فَخرجت من نواحي

الْأَبْوَاب فَذَلِك قَوْله: {برِيح صَرْصَر عَاتِيَة} قَالَ: عتوها عَتَتْ على الْخزَّان فَبَدَأت بِأَهْل الْبَادِيَة مِنْهُم فحملتهم بمواشيهم وَبُيُوتهمْ فَأَقْبَلت بهم إِلَى الْحَاضِرَة (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضاً مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا) (سُورَة الْأَحْقَاف الْآيَة 24) فَلَمَّا دنت الرّيح وأظلتهم استبق النَّاس والمواشي فِيهَا فَأَلْقَت الْبَادِيَة على أهل الْحَاضِرَة تقصفهم فهلكوا جَمِيعًا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أنزل الله من السَّمَاء كفا من مَاء إِلَّا بِمِكْيَال وَلَا كفا من ريح إِلَّا بِمِكْيَال إِلَّا يَوْم نوح فَإِن المَاء طَغى على الْخزَّان فَلم يكن لَهُم عَلَيْهِ سُلْطَان قَالَ لله تَعَالَى: {إِنَّا لما طَغى المَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَة} وَيَوْم عَاد فَإِن الرّيح عَتَتْ على الْخزَّان قَالَ الله: {برِيح صَرْصَر عَاتِيَة} قَالَ: الْغَالِبَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الصرصر الْبَارِدَة {عَاتِيَة} قَالَ: حَيْثُ عَتَتْ على خزانها وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عَاتِيَة} قَالَ: شَدِيدَة وَفِي قَوْله: {حسوماً} قَالَ: متتابعة وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق ابْن شهَاب عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ: مَا يخرج من الرّيح شَيْء إِلَّا عَلَيْهَا خزان يعلمُونَ قدرهَا وعددها ووزنها وكيلها حَتَّى كَانَت الرّيح الَّتِي أرْسلت على عَاد فاندفق مِنْهَا شَيْء لَا يعلمُونَ وَزنه وَلَا قدره وَلَا كَيْله غَضبا لله وَلذَلِك سميت عَاتِيَة وَالْمَاء كَذَلِك حِين كَانَ أَمر نوح فَلذَلِك سمي طاغياً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: {سخرها عَلَيْهِم سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام} قَالَ: كَانَ أَولهَا الْجُمُعَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {حسوماً} قَالَ: مُتَتَابِعَات وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {حسوماً} قَالَ: تبعا وَفِي لفظ مُتَتَابِعَات

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {حسوماً} قَالَ: دائمة شَدِيدَة يَعْنِي محسومة بالبلاء قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أُميَّة بن أبي الصَّلْت وَهُوَ يَقُول: وَكم كُنَّا بهَا من فرط عَام وَهَذَا الدَّهْر مقتبل حسوم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {سخرها عَلَيْهِم سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام حسوماً} قَالَ: كَانُوا سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام أَحيَاء فِي عَذَاب الله من الرّيح فَلَمَّا أَمْسوا الْيَوْم الثَّامِن مَاتُوا فاحتملتهم الرّيح فألقتهم فِي الْبَحْر فَذَلِك قَوْله: {فَهَل ترى لَهُم من بَاقِيَة} وَقَوله: {فَأَصْبحُوا لَا يرى إِلَّا مساكنهم} قَالَ: وأخبرت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: عذبهم بكرَة وكشف عَنْهُم فِي الْيَوْم الثَّانِي حَتَّى كَانَ اللَّيْل وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {حسوماً} قَالَ: متتابعة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {حسوماً} قَالَ: دائمات وَفِي قَوْله: {كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل خاوية} قَالَ: هِيَ أصُول النّخل قد بقيت أُصُولهَا وَذَهَبت أعاليها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل} قَالَ: أُصُولهَا وَفِي قَوْله: {خاوية} قَالَ: خربة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {وَجَاء فِرْعَوْن وَمن قبله} بِنصب الْقَاف وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَجَاء فِرْعَوْن وَمن قبله} قَالَ: وَمن مَعَه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {والمؤتفكات} قَالَ: هم قوم لوط ائتفكت بهم أَرضهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {بالخاطئة} قَالَ: بالخطايا وَفِي قَوْله: {أَخْذَة رابية} قَالَ: شَدِيدَة وَفِي قَوْله: {إِنَّا لما طَغى المَاء} قَالَ: كثر وَفِي قَوْله: {حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَة} قَالَ: السَّفِينَة وَفِي قَوْله: {وَتَعيهَا أذن وَاعِيَة} قَالَ: حافظة وَفِي لفظ: سامعة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّا لما طَغى المَاء} قَالَ: طَغى على خزانه فَنزل وَلم ينزل من السَّمَاء مَاء إِلَّا بِمِكْيَال أَو ميزَان إِلَّا زمن

نوح فَإِنَّهُ طَغى على خزانه فَنزل من غير كيل وَلَا وزن وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لم ينزل من السَّمَاء قَطْرَة قطّ إِلَّا بِعلم الْخزَّان إِلَّا حَيْثُ طَغى المَاء فَإِنَّهُ غضب لغضب الله فطغى على الْخزَّان فَخرج مَا لَا يعلمُونَ مَا هُوَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {طَغى المَاء} قَالَ: بَلغنِي أَنه طَغى فَوق كل شَيْء خَمْسَة عشر ذِرَاعا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي قَوْله: {حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَة} قَالَ: السَّفِينَة وَفِي قَوْله: {لنجعلها لكم تذكرة} أَي تذكرُونَ ماصنع بهم حَيْثُ عصوا نوحًا {وَتَعيهَا} يَقُول: وتحصيها {أذن وَاعِيَة} يَقُول: أذن حافظة يَعْنِي حَدِيث السَّفِينَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن مَكْحُول قَالَ: لما نزلت {وَتَعيهَا أذن وَاعِيَة} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَأَلت رَبِّي أَن يَجْعَلهَا أذن عليَّ قَالَ مَكْحُول: فَكَانَ عليّ يَقُول: مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فَنسيته وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والواحدي وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر وَابْن البُخَارِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعليّ: إِن الله أَمرنِي أَن أدنيك وَلَا أقصيك وَأَن أعلمك وَأَن تعي وَحقّ لَك أَن تعي فَنزلت هَذِه الْآيَة {وَتَعيهَا أذن وَاعِيَة} وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عليّ قَالَ: قَالَ رسو ل الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عليّ إِن الله أَمرنِي أَن أدنيك وأعلمك لتعي فأنزلت هَذِه الْآيَة {وَتَعيهَا أذن وَاعِيَة} فَأَنت أذن وَاعِيَة لعلمي وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {لنجعلها لكم تذكرة} قَالَ: لأمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكم من سفينة قد هَلَكت وَأثر قد ذهب يَعْنِي مَا بَقِي من السَّفِينَة حَتَّى أَدْرَكته أمة مُحَمَّد فرأوه كَانَت ألواحها ترى على الجودي وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لنجعلها لكم تذكرة} قَالَ: عِبْرَة وَآيَة أبقاها الله حَتَّى نظرت إِلَيْهَا هَذِه الْأمة وَكم من سفينة غير سفينة نوح صَارَت رمماً

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمرَان فِي قَوْله: {أذن وَاعِيَة} قَالَ: أذن عقلت عَن الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَتَعيهَا أذن وَاعِيَة} قَالَ سَمِعت وعقلت مَا سَمِعت وأوعت الْآيَة 14 - 26

14

أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله: {وحملت الأَرْض وَالْجِبَال فدكتا دكة وَاحِدَة} قَالَ: يصيران غبرة على وُجُوه الْكفَّار لَا على وُجُوه الْمُؤمنِينَ وَذَلِكَ قَوْله: (ووجوه يَوْمئِذٍ عَلَيْهَا غبرة ترهقها قترة) (سُورَة عبس الْآيَة 40) وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {فدكتا دكة وَاحِدَة} قَالَ: زَلْزَلَة شَدِيدَة عِنْد النفحة الْآخِرَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عدي بن زيد وَهُوَ يَقُول: ملك ينْفق الخزائن الذَّم ة [الذِّمَّة] قد دكها وكادت تبور وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: {فدكتا دكة وَاحِدَة} قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يقبض الله الأَرْض ويطوي السَّمَاء بِيَمِينِهِ ثمَّ يَقُول: لمن الْملك أَيْن مُلُوك الأَرْض

وَأخرج ابْن جرير وَابْن المنذرعن ابْن جريج فِي قَوْله: {وانشقت السَّمَاء} قَالَ: ذَلِك قَوْله: (وَفتحت السَّمَاء فَكَانَت أبوابا) (سُورَة النبأ الْآيَة 19) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَهِيَ يَوْمئِذٍ واهية} قَالَ: متخرقة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَالْملك على أرجائها} قَالَ: الْمَلَائِكَة على أطرافها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: {وَالْملك على أرجائها} قَالَ: الْمَلَائِكَة على شقها ينظرُونَ إِلَى أهل الأَرْض وَمَا أَتَاهُم من الْفَزع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير وَالضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَالْملك على أرجائها} قَالَ: على مَا لم ينشق مِنْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك وَقَتَادَة وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله: {وَالْملك على أرجائها} قَالُوا: على حافات السَّمَاء وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالْملك على أرجائها} قَالَ: على حافاتها على مَا لم يه مِنْهَا أخرج عبد بن حميد وَعُثْمَان بن سعيد والدارمي فِي الرَّد على الْجَهْمِية وَأَبُو يعلى وَابْن الْمُنْذر وَابْن خُزَيْمَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ والخطيب تالي التَّلْخِيص عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فِي قَوْله: {وَيحمل عرش رَبك فَوْقهم يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة} قَالَ: ثَمَانِيَة أَمْلَاك على صُورَة الأوعال وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَيحمل عرش رَبك فَوْقهم يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة} قَالَ: ثَمَانِيَة صُفُوف من الْمَلَائِكَة لَا يعلم عدتهمْ إِلَّا الله وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {وَيحمل عرش رَبك فَوْقهم يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة} قَالَ: يُقَال ثَمَانِيَة صُفُوف لَا يعلم عدتهمْ إِلَّا الله يُقَال ثَمَانِيَة أَمْلَاك رؤوسهم عِنْد الْعَرْش فِي السَّمَاء السَّابِعَة وأقدامهم فِي الأَرْض السُّفْلى وَلَهُم قُرُون كقرون الوعلة مَا بَين أصل قرن أحدهم إِلَى منتهاه مسيرَة خَمْسمِائَة عَام

وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع {وَيحمل عرش رَبك فَوْقهم يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة} قَالَ: ثَمَانِيَة من الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يحملهُ الْيَوْم أَرْبَعَة وَيَوْم الْقِيَامَة ثَمَانِيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: لم يسم حَملَة الْعَرْش إِلَّا إسْرَافيل قَالَ: وَمِيكَائِيل لَيْسَ من حَملَة الْعَرْش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَتَمام الرَّازِيّ فِي فَوَائده وَابْن عَسَاكِر عَن أبي الزَّاهِرِيَّة قَالَ: أنبئت أَن لبنان أحد حَملَة الْعَرْش الثَّمَانِية يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب قَالَ: لبنان أحد الثَّمَانِية تحمل الْعَرْش يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ميسرَة فِي قَوْله: {وَيحمل عرش رَبك فَوْقهم يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة} قَالَ: أَرجُلهم فِي التخوم ورؤوسهم عَن الْعَرْش لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يرفعوا أَبْصَارهم من شُعَاع النُّور وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: أَرْبَعَة أَمْلَاك يحملون الْعَرْش على أكتافهم لكل وَاحِد مِنْهُم أَرْبَعَة وُجُوه: وَجه ثَوْر وَوجه أَسد وَوجه نسر وَوجه إِنْسَان لكل وَاحِد مِنْهُم أَرْبَعَة أَجْنِحَة: أما جَنَاحَانِ فعلى وَجهه من أَن ينظر إِلَى الْعَرْش فيصعق وَأما جَنَاحَانِ فيصفق بهما وَفِي لفظ: فيطير بهما أَقْدَامهم فِي الثرى وَالْعرش على أكتافهم لَيْسَ لَهُم كَلَام إِلَّا أَن يَقُولُوا: قدسوا الله الْقوي مَلَأت عَظمته السَّمَوَات وَالْأَرْض أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يَوْمئِذٍ تعرضون} قَالَ: تعرضون ثَلَاث عرضات فَأَما عرضتان ففيهما الْخُصُومَات والمعاذير وَأما الثَّالِثَة فتطاير الصُّحُف فِي الْأَيْدِي وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {يَوْمئِذٍ تعرضون لَا تخفى مِنْكُم خافية} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: تعرض النَّاس ثَلَاث عرضات يَوْم الْقِيَامَة فَأَما عرضتان ففيهما خصومات ومعاذير وجدال وَأما العرضة الثَّالِثَة فتطير الصُّحُف فِي الْأَيْدِي اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّن تؤتيه كِتَابه بِيَمِينِهِ قَالَ: وَكَانَ بعض أهل الْعلم يَقُول: إِنِّي وجدت أَكيس النَّاس من قَالَ: {هاؤم اقرؤوا كِتَابيه إِنِّي ظَنَنْت أَنِّي ملاق حسابية} قَالَ: ظن ظنا يَقِينا فنفعه الله بظنه قَالَ: وَذكر أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

كَانَ يَقُول: من اسْتَطَاعَ أَن يَمُوت وَهُوَ يحسن الظَّن بِاللَّه فَلْيفْعَل وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يعرض النَّاس يَوْم الْقِيَامَة ثَلَاث عرضات فَأَما عرضتان فجدال ومعاذير وَأما الثَّالِثَة فَعِنْدَ ذَلِك تطاير الصُّحُف فِي أَيدي فآخذ بِيَمِينِهِ وآخذ بِشمَالِهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن أبي مُوسَى قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: فِي قَوْله: {يَوْمئِذٍ تعرضون لَا تخفى مِنْكُم خافية} قَالَ: عرضتان فيهمَا الْخُصُومَة والجدال والعرضة الثَّالِثَة تطير الصُّحُف فِي أَيدي الرِّجَال وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مسعد قَالَ: يعرض النَّاس يَوْم الْقِيَامَة ثَلَاث عرضات فَأَما عرضتان فجدال ومعاذير وَأما العرضة الثَّالِثَة فتطاير الْكتب بالأيمان وَالشَّمَائِل وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن عمر قَالَ: حاسبوا أَنفسكُم قبل أَن تحاسبوا فَإِنَّهُ أيسر لحسابكم وزنوا أَنفسكُم قبل أَن توزنوا وتجهزوا للعرض الْأَكْبَر {يَوْمئِذٍ تعرضون لَا تخفى مِنْكُم خافية} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن حَنْظَلَة غسيل الْمَلَائِكَة قَالَ: إِن الله يقف عَبده يَوْم الْقِيَامَة فيبدي سيئاته فِي ظهر صَحِيفَته فَيَقُول لَهُ: أَنْت عملت هَذَا فَيَقُول: نعم أَي رب فَيَقُول لَهُ: إِنِّي لم أفضحك بِهِ وَإِنِّي غفرت لَك فَيَقُول عِنْد ذَلِك: {هاؤم اقرؤوا كِتَابيه إِنِّي ظَنَنْت أَنِّي ملاق حسابيه} حِين نجا من فضيحته يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والخطيب عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: إِن الْمُؤمن ليُعْطى كِتَابه فِي ستر من الله فَيقْرَأ سيئاته فيتغير لَونه ثمَّ يقْرَأ حَسَنَاته فَيرجع إِلَيْهِ لَونه ثمَّ ينظر فَإِذا سيئاته قد بُدِّلَتْ حَسَنَات فَعِنْدَ ذَلِك يَقُول: {هاؤم اقرؤوا كِتَابِيَّة} وَأخرج أَحْمد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا أول من يُؤذن لَهُ فِي السُّجُود يَوْم الْقِيَامَة وَأَنا أول من يُؤذن لَهُ أَن يرفع رَأسه فَأنْظر إِلَى بَين يَدي فأعرف أمتِي من بَين الْأُمَم وَمن خَلْفي مثل ذَلِك وَعَن يَمِيني مثل ذَلِك وَعَن شمَالي مثل ذَلِك فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله كَيفَ تعرف أمتك من بَين الْأُمَم فِيمَا بَين

نوح إِلَى أمتك قَالَ: هم غر محجلون من أثر الْوضُوء لَيْسَ أحد كَذَلِك غَيرهم وأعرفهم أَنهم يُؤْتونَ كتبهمْ بأيمانهم وأعرفهم يسْعَى نورهم بَين أَيْديهم ذُرِّيتهمْ وَأخرج جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنِّي ظَنَنْت} قَالَ: أيقنت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن الْبَراء بن عَازِب فِي قَوْله: {قطوفها دانية} قَالَ: قريبَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {قطوفها دانية} قَالَ: دنت فَلَا يرد أَيْديهم عَنْهَا بعد وَلَا شوك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْبَراء فِي قَوْله: {قطوفها دانية} قَالَ: يتَنَاوَل الرجل مِنْهَا من فواكهها وَهُوَ قَائِم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {قطوفها} قَالَ: ثَمَرهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان الْفَارِسِي: لَا يدْخل الْجنَّة أحد إِلَّا بجوار بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا كتاب من الله لفُلَان بن فلَان أدخلوه جنَّة عالية {قطوفها دانية} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {كلوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أسلفتم فِي الْأَيَّام الخالية} قَالَ: أيامكم هَذِه أَيَّام خَالِيَة فانية تُؤدِّي إِلَى أَيَّام بَاقِيَة فاعملوا فِي هَذِه الْأَيَّام وَقدمُوا خيرا إِن اسْتَطَعْتُم وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يُوسُف بن يَعْقُوب الْحَنَفِيّ قَالَ: بَلغنِي أَنه إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يَقُول الله تَعَالَى: يَا أوليائي طَال مَا نظرت إِلَيْكُم فِي الدُّنْيَا وَقد قلصت شفاهكم عَن الْأَشْرِبَة وَغَارَتْ أعينكُم وجفت بطونكم كونُوا الْيَوْم فِي نعيمكم وكلوا وَاشْرَبُوا {هَنِيئًا بِمَا أسلفتم فِي الْأَيَّام الخالية} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن رفيع فِي قَوْله: {بِمَا أسلفتم فِي الْأَيَّام الخالية} قَالَ: الصَّوْم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع قَالَ: خرج ابْن عمر فِي بعض نواحي الْمَدِينَة وَمَعَهُ أَصْحَاب لَهُ وَوَضَعُوا سفرة لَهُم فَمر بهم راعي غنم فَسلم فَقَالَ ابْن عمر: هَلُمَّ يَا راعي هَلُمَّ فأصب من هَذِه السفرة فَقَالَ لَهُ: إِنِّي صَائِم فَقَالَ ابْن عمر: أتصوم فِي مثل هَذَا الْيَوْم الْحَار الشَّديد سمومه وَأَنت فِي هَذِه الْجبَال ترعى هَذِه الْغنم فَقَالَ لَهُ: إِنِّي وَالله أبادر أيامي الخالية فَقَالَ لَهُ ابْن عمر وَهُوَ يُرِيد أَن يختبر

ورعه: فَهَل لَك أَن تبيعنا شَاة من غنمك هَذِه فنعطيك ثمنهَا ونعطيك من لَحمهَا فتفطر عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّهَا لَيست لي بِغنم إِنَّهَا غنم سَيِّدي فَقَالَ لَهُ ابْن عمر: فَمَا عَسى سيدك فَاعِلا إذافقدها فَقلت أكلهَا الذِّئْب فولى الرَّاعِي عَنهُ وَهُوَ رَافع إصبعه إِلَى السَّمَاء وَهُوَ يَقُول: فَأَيْنَ الله قَالَ: فَجعل ابْن عمر يردد قَول الرَّاعِي وَهُوَ يَقُول: قَالَ الرَّاعِي: فَأَيْنَ الله فَلَمَّا قدم الْمَدِينَة بعث إِلَى مَوْلَاهُ فَاشْترى مِنْهُ الْغنم والراعي فَأعتق الرَّاعِي ووهب مِنْهُ الْغنم الْآيَة 27 - 34

27

أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يَا ليتها كَانَت القاضية} قَالَ: تمنوا الْمَوْت وَلم يكن شَيْء فِي الدُّنْيَا أكره عِنْدهم من الْمَوْت وَفِي قَوْله: {هلك عني سلطانيه} قَالَ: أما وَالله مَا كل من دخل النَّار كَانَ أَمِير قَرْيَة وَلَكِن الله خلقهمْ وسلطهم على أبدانهم وَأمرهمْ بِطَاعَتِهِ ونهاهم عَن مَعْصِيَته وَأخرج هناد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {يَا ليتها كَانَت القاضية} قَالَ: يَا ليتها كَانَت موتَة لَا حَيَاة بعْدهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {هلك عني سلطانيه} قَالَ: حجتي وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {هلك عني سلطانيه} قَالَ: يَعْنِي حجَّته وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: {يَا ليتها كَانَت القاضية} قَالَ: حجتي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {هلك عني سلطانيه} قَالَ: ضلت عني كل بَيِّنَة فَلم تغن عني شَيْئا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {خذوه فغلوه} قَالَ: أخْبرت أَنه أَبُو جهل وَأخرج ابْن الْمُبَارك وهناد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن نوف الشَّامي

فِي قَوْله: {ثمَّ فِي سلسلة ذرعها سَبْعُونَ ذِرَاعا} قَالَ: الذِّرَاع سَبْعُونَ باعاً والباع مَا بَيْنك وَبَين مَكَّة وَهُوَ يَوْمئِذٍ بِالْكُوفَةِ وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن كَعْب قَالَ: إِن حلقه من السلسلة الَّتِي ذكر الله فِي كِتَابه مثل جَمِيع حَدِيد الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فاسلكوه} قَالَ: تسلك فِي دبره حَتَّى تخرج من مَنْخرَيْهِ حَتَّى لَا يقوم على رجلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {فاسلكوه} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: السلسلة تدخل فِي استه ثمَّ تخرج من فِيهِ ثمَّ ينظمون فِيهَا كَمَا ينظم الْجَرَاد فِي الْعود ثمَّ يشوى وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن مُجَاهِد قَالَ: بَلغنِي أَن السلسلة تدخل من مَقْعَده حَتَّى تخرج من فِيهِ يوثق بهَا بعد أَو من فِيهِ حَتَّى تخرج من معدته وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: إِن لله سلسلة لم تزل تغلي فِيهَا مراجل النَّار مُنْذُ خلق الله جَهَنَّم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة تلقى فِي أَعْنَاق النَّاس وَقد نجانا الله من نصفهَا بإيماننا بِاللَّه الْعَظِيم فحضّي على طَعَام الْمِسْكِين يَا أم الدَّرْدَاء الْآيَة 35 - 52

35

أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الْقَاسِم الزجاجي النَّحْوِيّ فِي أَمَالِيهِ من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا أَدْرِي مَا الغسلين وَلَكِنِّي أَظُنهُ الزقوم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الغسلين الدَّم وَالْمَاء الَّذِي يسيل من لحومهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الغسلين صديد أهل النَّار وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن دلواً من غسلين يراق فِي الدُّنْيَا لأنتن بِأَهْل الدُّنْيَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الغسلين اسْم طَعَام من أطْعمهُ النَّار وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك قَالَ: غسلين شَجَرَة فِي النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن صعصعة بن صوحان قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى عليّ بن أبي طَالب فَقَالَ: كَيفَ هَذَا الْحَرْف لَا يَأْكُلهُ أَلا الخاطون كل وَالله يخطو فَتَبَسَّمَ عليّ وَقَالَ: يَا أَعْرَابِي {لَا يَأْكُلهُ إِلَّا الخاطئون} صدقت وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا كَانَ الله ليسلم عَبده ثمَّ الْتفت عليّ إِلَى أبي الْأسود فَقَالَ: إِن الْأَعَاجِم قد دخلت فِي الدّين كَافَّة فضع للنَّاس شَيْئا يستدلون بِهِ على صَلَاح ألسنتهم فرسم لَهُ الرّفْع وَالنّصب والخفض وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه من طَرِيق أبي الدهْقَان عَن عبد الله أَنه قَرَأَ {لَا يَأْكُلهُ إِلَّا الخاطئون} مَهْمُوزَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ لَا يَأْكُلهُ إِلَّا الخاطون لَا يهمز وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق أبي الْأسود الدؤَلِي وَيحيى بن يعمر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا الخاطون إِنَّمَا هُوَ الخاطئون مَا الصابون إِنَّمَا هُوَ الصائبون أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بِمَا تبصرون وَمَا لَا تبصرون} يَقُول: بِمَا ترَوْنَ وَمَا لَا ترَوْنَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمَا هُوَ بقول شَاعِر} قَالَ: طهره الله وَعَصَمَهُ {وَلَا بقول كَاهِن} قَالَ: طهره من الكهانة وَعَصَمَهُ مِنْهَا

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن يزِيد بن عَامر السوَائِي أَنهم بَيْنَمَا هم يطوفون بالطاغية إِذا سمعُوا متكلماً وَهُوَ يَقُول: {وَلَو تَقول علينا بعض الْأَقَاوِيل لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثمَّ لقطعنا مِنْهُ الوتين} ففزعنا لذَلِك وَقُلْنَا مَا هَذَا الْكَلَام الَّذِي لَا نعرفه فَنَظَرْنَا فَإِذا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منطلق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} قَالَ: بقدرة وَأخرج عبد بن حميد عَن الحكم فِي قَوْله: {لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} قَالَ: بِالْحَقِّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الوتين عرق الْقلب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ثمَّ لقطعنا مِنْهُ الوتين} قَالَ: هُوَ حَبل الْقلب الَّذِي فِي الظّهْر وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ثمَّ لقطعنا مِنْهُ الوتين} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنه حَبل الْقلب وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: الوتين الْحَبل الَّذِي فِي الظّهْر وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: الوتين نِيَاط الْقلب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: إِذا احْتضرَ الإِنسان أَتَاهُ ملك الْمَوْت فغمز وتينه فَإِذا انْقَطع الوتين خرج روحه فهناك حِين يشخص بَصَره ويتبعه روحه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِذا انْقَطع الوتين لَا إِن جَاع عرق وَلَا إِن شبع عرق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَإنَّهُ لتذكرة} لَك {وَإنَّهُ لحسرة} {وَإنَّهُ لحق الْيَقِين} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَإنَّهُ لتذكرة لِلْمُتقين} قَالَ: يَعْنِي هَذَا الْقُرْآن وَفِي قَوْله: {وَإنَّهُ لحسرة على الْكَافرين} قَالَ: ذاكم يَوْم الْقِيَامَة

70 سُورَة المعارج مَكِّيَّة وآياتها أَربع وَأَرْبَعُونَ أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة سَأَلَ بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 5

المعارج

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سَأَلَ سَائل} قَالَ: هُوَ النَّضر بن الْحَارِث قَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء وَفِي قَوْله: {بِعَذَاب وَاقع} قَالَ: كَائِن {للْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافع من الله ذِي المعارج} قَالَ: ذِي الدَّرَجَات وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {سَأَلَ سَائل} قَالَ: نزلت بِمَكَّة فِي النَّضر بن الْحَارِث وَقد قَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك الْآيَة وَكَانَ عَذَابه يَوْم بدر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {بِعَذَاب وَاقع} قَالَ: يَقع فِي الْآخِرَة قَوْلهم فِي الدُّنْيَا: اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك هُوَ النَّضر بن

الْحَارِث وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: {سَأَلَ سَائل بِعَذَاب وَاقع} فَقَالَ النَّاس: على من يَقع الْعَذَاب فَأنْزل الله {للْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافع} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سَأَلَ سَائل} قَالَ: دَعَا دَاع وَفِي قَوْله: {بِعَذَاب وَاقع} قَالَ: يَقع فِي الْآخِرَة وَهُوَ قَوْلهم: اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء أَو ائتنا بِعَذَاب أَلِيم أخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: رجل من عبد برار وَيُقَال لَهُ الْحَارِث بن عَلْقَمَة: اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء أَو ائتنا بِعَذَاب أَلِيم فَقَالَ الله: (وَقَالُوا رَبنَا عجل لنا قطنا قبل يَوْم الْحساب) (سُورَة ص الْآيَة 86) وَقَالَ الله: (وَلَقَد جئتمونا فُرَادَى) (سُورَة الْأَنْعَام الْآيَة 94) وَقَالَ الله: {سَأَلَ سَائل بِعَذَاب وَاقع} هُوَ الَّذِي قَالَ: إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر وَهُوَ الَّذِي قَالَ: (رَبنَا عجل لنا قطنا) وَهُوَ الَّذِي سَأَلَ عذَابا هُوَ وَاقع بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سَأَلَ سَائل} قَالَ: سَأَلَ وادٍ فِي جَهَنَّم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ذِي المعارج} قَالَ: ذِي الْعُلُوّ والفواضل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ذِي المعارج} قَالَ: معارج السَّمَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ذِي المعارج} قَالَ: ذِي الْفَضَائِل وَالنعَم وَأخرج أَحْمد وَابْن خُزَيْمَة عَن سعد بن أبي وَقاص أَنه سمع رجلا يَقُول: لبيْك ذِي المعارج فَقَالَ: إِنَّه لذُو المعارج وَلَكنَّا كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَقُول ذَلِك أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {تعرج الْمَلَائِكَة} بِالتَّاءِ

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي إِسْحَق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عبد الله يقْرَأ يعرج الْمَلَائِكَة بِالْيَاءِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة} قَالَ: مُنْتَهى أمره من أَسْفَل الْأَرْضين إِلَى مُنْتَهى أمره من فَوق سبع سموات {مِقْدَاره خمسين ألف سنة} وَيَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة يَعْنِي بذلك نزُول الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض وَمن الأَرْض إِلَى السَّمَاء فِي يَوْم وَاحِد فَذَلِك مِقْدَاره ألف سنة لِأَن مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: غلظ كل أَرض خَمْسمِائَة عَام فَذَلِك أَرْبَعَة عشر ألف عَام وَبَين السَّمَاء السَّابِعَة وَبَين الْعَرْش مسيرَة سِتَّة وَثَلَاثِينَ ألف عَام فَذَلِك قَوْله: {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة مِمَّا تَعدونَ} قَالَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا {تعرج الْمَلَائِكَة وَالروح إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة} وَفِي قَوْله: {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة} فَهَذَا يَوْم الْقِيَامَة جعله الله على الْكَافرين مِقْدَار خمسين ألف سنة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة} قَالَ: لَو قدرتموه لَكَانَ خمسين ألف سنة من أيامكم قَالَ: يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلَ رجل ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَا هَؤُلَاءِ الْآيَات {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة} وَيُدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة مِمَّا تَعدونَ} {ويستعجلونك بِالْعَذَابِ وَلنْ يخلف الله وعده وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة حِسَاب خمسين ألف سنة وَخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام كل يَوْم ألف سنة وَيُدبر الْأَمر من السَّمَاء إِلَى الأَرْض ثمَّ يعرج إِلَيْهِ {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره ألف سنة} قَالَ: ذَلِك مِقْدَار الْمسير وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة} قَالَا: هِيَ الدُّنْيَا أَولهَا إِلَى آخرهَا يَوْم مِقْدَاره خَمْسُونَ ألف سنة يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هُوَ مَا بَين أَسْفَل الأَرْض إِلَى الْعَرْش وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة} قَالَ: ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن {يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة} مَا أطول هَذَا الْيَوْم فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه ليخفف على الْمُؤمن حَتَّى يكون أَهْون عَلَيْهِ من صَلَاة مَكْتُوبَة يُصليهَا فِي الدُّنْيَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدر يَوْم الْقِيَامَة على الْمُؤمن قدر مَا بَين الظّهْر إِلَى الْعَصْر وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يشْتَد كرب يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يلجم الْكَافِر الْعرق قيل: فَأَيْنَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمئِذٍ قَالَ: يوضع لَهُم كراسي من ذهب ويظلل عَلَيْهِم الْغَمَام وَيقصر ذَلِك الْيَوْم عَلَيْهِم ويهون حَتَّى يكون كَيَوْم من أيامكم هَذِه وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يكون عَلَيْهِم كَصَلَاة الْمَكْتُوبَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا قَالَ: مَا قدر طول يَوْم الْقِيَامَة على الْمُؤمنِينَ إِلَّا كَقدْر مَا بَين الظّهْر إِلَى الْعَصْر وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {صبرا جميلاً} قَالَ: لَا تَشْكُو إِلَى أحد غَيره وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الْأَعْلَى بن الْحجَّاج فِي قَوْله: {فاصبر صبرا جميلاً} يكون صَاحب الْمُصِيبَة فِي الْقَوْم لَا يعرف من هُوَ الْآيَة 6 - 18

6

أخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش رَضِي الله عَنهُ {إِنَّهُم يرونه بَعيدا} قَالَ: السَّاعَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّهُم يرونه بَعيدا} قَالَ: بتكذيبهم {ونراه قَرِيبا} قَالَ: صدقا كَائِنا وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والخطيب فِي الْمُتَّفق والمفترق والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَوْم تكون السَّمَاء كَالْمهْلِ} قَالَ: إِنَّهَا الْآن خضراء وَإِنَّهَا تحول يَوْم الْقِيَامَة لوناً آخر إِلَى الْحمرَة وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {يَوْم تكون السَّمَاء كَالْمهْلِ} قَالَ: كدرديّ الزَّيْت وَسَوَاد الْعرق من خوف يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: تنادى بِهِ الْقسم السمُوم كَأَنَّهَا تبطنت الأقراب من عرق مهلا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَوْم تكون السَّمَاء كَالْمهْلِ} قَالَ: عكر الزَّيْت {وَتَكون الْجبَال كالعهن} قَالَ: كالصوف وَفِي قَوْله: {يبصرونهم} قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ يبصرون الْكَافرين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا يسْأَل حميم حميماً} قَالَ: شغل كل إِنْسَان بِنَفسِهِ عَن النَّاس {يبصرونهم} قَالَ: تعلمن وَالله ليعرفن يَوْم الْقِيَامَة قوم قوما وَالنَّاس أنَاس {يود المجرم لَو يفتدي} الْآيَة قَالَ: يتَمَنَّى يَوْم الْقِيَامَة لَو يفتدي بالأحب فالأحب وَالْأَقْرَب فَالْأَقْرَب من أَهله وعشيرته لتشديد ذَلِك الْيَوْم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يبصرونهم} قَالَ: يعرف بَعضهم بَعْضًا وتعارفون ثمَّ يفر بَعضهم من بعض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وفصيلته} قَالَ: عشيرته وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ {وفصيلته الَّتِي تؤويه} قَالَ: قبيلته الَّتِي ينتسب إِلَيْهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وفصيلته} قَالَ: قبيلته وَفِي قَوْله: {نزاعة للشوى} قَالَ: لجلود الرَّأْس {تَدْعُو من أدبر وَتَوَلَّى} قَالَ: عَن الْحق {وَجمع فأوعى} قَالَ: جمع المَال وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {نزاعة للشوى} قَالَ: تنْزع أم الرَّأْس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {نزاعة للشوى} قَالَ: لهامته وَمَكَارِم وَجهه {تَدْعُو من أدبر} قَالَ: عَن طَاعَة الله تَعَالَى {وَتَوَلَّى} قَالَ: عَن كتاب الله وَعَن حَقه {وَجمع فأوعى} قَالَ: كَانَ جموعاً للخبيث وَأخرج عبد بن حميد عَن قُرَّة بن خَالِد رَضِي الله عَنهُ {نزاعة للشوى} قَالَ: نزاعة للهام تحرق كل شَيْء مِنْهُ وَيبقى فُؤَاده نضجاً وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {نزاعة للشوى} الشوى الْأَطْرَاف وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {نزاعة للشوى} قَالَ: فَرْوَة الرَّأْس وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ثَابت رَضِي الله عَنهُ {نزاعة للشوى} قَالَ: لمكارم وَجه ابْن آدم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ {نزاعة للشوى} قَالَ: للحم السَّاقَيْن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ {نزاعة للشوى} قَالَ: الْأَطْرَاف وَأخرج ابْن سعد عَن الحكم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عبد الله بن حَكِيم لَا يرْبط كيسه قَالَ: سَمِعت الله يَقُول: {وَجمع فأوعى} الْآيَة 19 - 44

19

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن الهلوع فَقَالَ: هُوَ كَمَا قَالَ الله: {إِذا مَسّه الشَّرّ جزوعاً وَإِذا مَسّه الْخَيْر منوعاً} فَهُوَ الهلوع وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل: {إِن الإِنسان خلق هلوعاً} قَالَ: ضجوراً جزوعاً نزلت فِي أبي جهل بن هِشَام قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت بشر بن أبي حَازِم وَهُوَ يَقُول: لَا مَانِعا للْيَتِيم بخلقه وَلَا مكباً بخلقه هلعاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {إِن الإِنسان خلق هلوعاً} قَالَ: اقْرَأ مَا بعْدهَا فَقَرَأَ {إِذا مَسّه الشَّرّ جزوعاً وَإِذا مَسّه الْخَيْر منوعاً} قَالَ: هَكَذَا خلق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {هلوعاً} قَالَ: شحيحاً جزوعاً

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {هلوعاً} قَالَ: الضجر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {هلوعاً} قَالَ: جزوعاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {هلوعاً} قَالَ: الشره وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن {هلوعاً} قَالَ: الْحَرِيص وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {هلوعاً} قَالَ: الَّذِي لايشبع من جمع المَال وَأخرج الديلمي عَن عليّ مَرْفُوعا يكْتب أَنِين الْمَرِيض فَإِن كَانَ صَابِرًا كَانَ أنينه حَسَنَات وَإِن كَانَ جزوعاً كتب هلوعاً لَا أجر لَهُ أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَّا الْمُصَلِّين الَّذين هم على صلَاتهم دائمون} قَالَ: ذكر لنا أَن دانيال نعت أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يصلونَ صَلَاة لَو صلاهَا قوم نوح مَا أغرقوا أَو عَاد مَا أرْسلت عَلَيْهِم الرّيح الْعَقِيم أَو ثَمُود مَا أخذتهم الصَّيْحَة قَالَ قَتَادَة: فَعَلَيْكُم بِالصَّلَاةِ فَإِنَّهَا خلق من خلق الْمُؤمنِينَ حسن وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {الَّذين هم على صلَاتهم دائمون} قَالَ: الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {الَّذين هم على صلَاتهم دائمون} قَالَ: على مواقيتها وَأخرج عبد بن حميد عَن مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ {الَّذين هم على صلَاتهم دائمون} قَالَ: الَّذِي لَا يلْتَفت فِي صلَاته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {الَّذين هم على صلَاتهم دائمون} قَالَ: هم الَّذين إِذا صلوا لم يلتفتوا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الْخَيْر أَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَهُم: من الَّذين هم على صلَاتهم دائمون قُلْنَا الَّذين لَا يزالون يصلونَ فَقَالَ: لَا وَلَكِن الَّذين إِذا صلوا لم يلتفتوا عَن يَمِين وَلَا شمال

وَأخرج ابْن حبَان عَن أبي سَلمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: حَدَّثتنِي عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خُذُوا من الْعَمَل مَا تطيقون فَإِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا قَالَت: وَكَانَ أحب الْأَعْمَال إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا دووم عَلَيْهِ وَإِن قل وَكَانَ إِذا صلى صَلَاة دَامَ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو سَلمَة رَضِي الله عَنهُ: قَالَ الله: {الَّذين هم على صلَاتهم دائمون} وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَالَّذين فِي أَمْوَالهم حق مَعْلُوم} قَالَ: كَانُوا إِذا خرجت الأعطية أعْطوا مِنْهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَمَال الَّذين كفرُوا قبلك مهطعين} قَالَ: ينظرُونَ {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال عزين} قَالَ: الْغَضَب من النَّاس عَن يَمِين وشمال معرضين يستهزئون بِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَمَال الَّذين كفرُوا قبلك مهطعين} قَالَ: عَامِدين {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال عزين} قَالَ: فرقا حول نَبِي الله لَا يرغبون فِي كتاب الله وَلَا ذكره وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {فَمَال الَّذين كفرُوا قبلك مهطعين} قَالَ: منطلقين {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال عزين} قَالَ: مُتَفَرّقين يَأْخُذُونَ يَمِينا وَشمَالًا يَقُولُونَ: مَا يَقُول هَذَا الرجل وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل: {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال عزين} قَالَ: الْحلق الرفاق قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عبيد بن الْأَحْوَص وَهُوَ يَقُول: فجاؤا مهرعين إِلَيْهِ حَتَّى يَكُونُوا حول منبره عزين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {عَن الْيَمين وَعَن الشمَال} قَالَ: عَن يَمِين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَن شِمَاله {عزين} قَالَ: مجَالِس محتبين نفر قَلِيل قَلِيل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {عزين} قَالَ: الْحلق الْمجَالِس

وَأخرج عبد بن حميد عَن عبَادَة بن أنس قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد فَقَالَ: مَالِي أَرَاكُم {عزين} حلقا حلق الْجَاهِلِيَّة قعد رجل خلف أَخِيه وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: دخل علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد وَنحن حلق متفرقون فَقَالَ: مَا لي أَرَاكُم {عزين} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه جُلُوس حلقا حلقا فَقَالَ: مَالِي أَرَاكُم {عزين} وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {أيطمع كل امْرِئ مِنْهُم أَن يدْخل جنَّة} بِرَفْع الْيَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي معمر أَنه قَرَأَ {أَن يدْخل} بِنصب الْيَاء وَرفع الْخَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {أيطمع كل امْرِئ مِنْهُم أَن يدْخل جنَّة نعيم} قَالَ: كلا لست فَاعِلا ثمَّ ذكر خلقهمْ فَقَالَ: {إِنَّا خلقناهم مِمَّا يعلمُونَ} يَعْنِي النُّطْفَة الَّتِي خلق مِنْهَا الْبشر وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {كلا إِنَّا خلقناهم مِمَّا يعلمُونَ} قَالَ: إِنَّمَا خلقت من قذر يَا ابْن آدم فَاتق الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن بشير قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {فَمَال الَّذين كفرُوا قبلك مهطعين} إِلَى قَوْله: {كلا إِنَّا خلقناهم مِمَّا يعلمُونَ} ثمَّ بزق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على كَفه وَوضع عَلَيْهَا إصبعه وَقَالَ: يَقُول الله ابْن آدم أَنى تعجزني وَقد خلقتك من مثل هَذَا حَتَّى إِذا سوّيتك وعدلتك مشيت بَين بردين وللأرض مِنْك وئيد فَجمعت ومنعت حَتَّى إِذا بلغت التراقي قلت أَتصدق وأنى أَوَان الصَّدَقَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بِرَبّ الْمَشَارِق والمغارب} قَالَ: للشمس كل يَوْم مطلع تطلع فِيهِ ومغرب تغرب فِيهِ غير مطْلعهَا بالْأَمْس وَغير مغْرِبهَا بالْأَمْس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {بِرَبّ الْمَشَارِق والمغارب} قَالَ: الْمنَازل الَّتِي تجْرِي فِيهَا الشَّمْس وَالْقَمَر

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَأَنَّهُمْ إِلَى نصب يوفضون} قَالَ: إِلَى علم يسعون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِلَى نصب} قَالَ: غَايَة {يوفضون} قَالَ: يَسْتَبقُونَ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {كَأَنَّهُمْ إِلَى نصب يوفضون} قَالَ: يبتدرون نصِيبهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {يَوْم يخرجُون من الأجداث} قَالَ: الْقُبُور {كَأَنَّهُمْ إِلَى نصب يوفضون} قَالَ: إِلَى علم يسعون {ذَلِك الْيَوْم الَّذِي كَانُوا يوعدون} قَالَ: ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة أَنه قَرَأَ {إِلَى نصب يوفضون} على معنى الْوَاحِد وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {إِلَى نصب} خَفِيفَة مَنْصُوبَة النُّون على معنى وَاحِدَة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْأَشْهب عَن الْحسن أَنه كَانَ يقرأُها خَاشِعًا أَبْصَارهم قَالَ: وَكَانَ أَبُو رَجَاء يَقْرَأها {خاشعة أَبْصَارهم} وَالله أعلم

71 سُورَة نوح مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان وَعِشْرُونَ أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة نوح بِمَكَّة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 9

نوح

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت سُورَة {إِنَّا أرسلنَا نوحًا} بِمَكَّة وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رفع الحَدِيث إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله يَدْعُو نوحًا وَقَومه يَوْم الْقِيَامَة أول النَّاس فَيَقُول: مَاذَا أجبتم نوحًا فَيَقُولُونَ: مَا دَعَانَا وَمَا بلغنَا وَمَا نصحنا وَلَا أمرنَا وَلَا نَهَانَا فَيَقُول نوح: دعوتهم يَا رب دُعَاء فاشياً فِي الْأَوَّلين والآخرين أمة بعد أمة حَتَّى انْتهى إِلَى خَاتم النَّبِيين أَحْمد فانتسخه وقرأه وآمن بِهِ وَصدقه فَيَقُول للْمَلَائكَة: ادعوا أَحْمد وَأمته فَيَأْتِي رَسُول

الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمته يسْعَى نورهم بَين أَيْديهم فَيَقُول نوح لمُحَمد وَأمته: هَل تعلمُونَ أَنِّي بلغت قومِي الرسَالَة وَاجْتَهَدت لَهُم بِالنَّصِيحَةِ وجهدت أَن استنقذهم من النَّار سرا وجهراً فَلم يزدهم دعائي إِلَّا فِرَارًا فَيَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمته: فَإنَّا نشْهد بِمَا نَشَدتنَا أَنَّك فِي جَمِيع مَا قلت من الصَّادِقين فَيَقُول نوح: وأنى علمت هَذَا أَنْت وَأمتك وَنحن أول الْأُمَم وَأَنْتُم آخر الْأُمَم فَيَقُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {إِنَّا أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه} حَتَّى خم السُّورَة فَإِذا خَتمهَا قَالَت أمته: نشْهد أَن هَذَا لَهو الْقَصَص الْحق وَمَا من إِلَه إِلَّا الله وَإِن الله لَهو الْعَزِيز الْحَكِيم فَيَقُول الله عِنْد ذَلِك: (وامتازوا الْيَوْم أَيهَا المجرمون) (سُورَة يس الْآيَة 59) وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون} قَالَ: بهَا أرسل الله الْمُرْسلين أَن يعبد الله وَحده وَأَن تتقى مَحَارمه وَأَن يطاع أمره وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {يغْفر لكم من ذنوبكم} قَالَ: الشّرك {ويؤخركم إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: بِغَيْر عُقُوبَة {إِن أجل الله إِذا جَاءَ لَا يُؤَخر} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ويؤخركم إِلَى أجل مُسَمّى} قَالَ: مَا قد خطّ من الْأَجَل فَإِذا جَاءَ أجل الله لم يُؤَخر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَلم يزدهم دعائي إِلَّا فِرَارًا} قَالَ: بَلغنِي أَنه كَانَ يذهب الرجل بِابْنِهِ إِلَى نوح فَيَقُول لِابْنِهِ: احذر هَذَا لَا يغرنك فَإِن أبي قد ذهب بِي وَأَنا مثلك فحذرني كَمَا حذرتك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {جعلُوا أَصَابِعهم فِي آذانهم} قَالَ: لِئَلَّا يسمعوا مَا يَقُول {واستغشوا ثِيَابهمْ} قَالَ: لِأَن يتنكروا لَهُ فَلَا يعرفهُمْ {واستكبروا استكباراً} قَالَ: تركُوا التَّوْبَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {واستغشوا ثِيَابهمْ} قَالَ: غطوا بهَا وُجُوههم لكَي لَا يرَوا نوحًا وَلَا يسمعوا كَلَامه وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {واستغشوا ثِيَابهمْ} قَالَ: تسجوا بهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ثمَّ إِنِّي دعوتهم جهاراً} قَالَ: الْكَلَام الْمُعْلن بِهِ وَفِي قَوْله: {ثمَّ إِنِّي أعلنت لَهُم} قَالَ: صحت {وأسررت لَهُم إسراراً} قَالَ: النَّجَاء نجاء لرجل الْآيَة 10 - 16

10

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَكْثرُوا من الاسْتِغْفَار فَإِن الله لم يعلمكم الاسْتِغْفَار إِلَّا وَهُوَ يُرِيد أَن يغْفر لكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَيجْعَل لكم جنَّات وَيجْعَل لكم أَنهَارًا} قَالَ: رأى نوح عَلَيْهِ السَّلَام قوما تجزعت أَعْنَاقهم حرصاً على الدُّنْيَا فَقَالَ: هلموا إِلَى طَاعَة الله فَإِن فِيهَا دَرك الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تعلمُونَ لله عَظمَة وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: عَظمَة وَفِي قَوْله: {وَقد خَلقكُم أطواراً} قَالَ: نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تعرفُون لله حق عَظمته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تخافون لله عَظمَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تخشون لَهُ عقَابا وَلَا ترجون لَهُ ثَوابًا وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله:

{مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تخشون لله عَظمَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أبي ذُؤَيْب: إِذا لسعته النَّحْل لم يرج [] لسعها وخالفها فِي بَيت نوب عوامل وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى نَاسا يغتسلون عُرَاة لَيْسَ عَلَيْهِم أزر فَوقف فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تعرفُون لله حَقًا وَلَا تشكرون لَهُ نعْمَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مطر فِي قَوْله: {وَقد خَلقكُم أطواراً} قَالَ: نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ عظاماً طوراً بعد طور وخلقاً بعد خلق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {مَا لكم لَا ترجون لله وقاراً} قَالَ: لَا تبالون لله عَظمَة {وَقد خَلقكُم أطواراً} قَالَ: من تُرَاب ثمَّ من نُطْفَة ثمَّ من علقَة ثمَّ مَا ذكر حَتَّى يتم خلقه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن يحيى بن رَافع فِي قَوْله: {خَلقكُم أطواراً} قَالَ: نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة أخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الْحسن فِي قَوْله: {خلق سبع سماوات طباقاً} قَالَ: بَعضهنَّ فَوق بعض بَين: كل أَرض وسماء خلق وَأمر وَفِي قَوْله: {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا وَجعل الشَّمْس سِرَاجًا} قَالَ: وُجُوههمَا فِي السَّمَاء وَظُهُورهمَا إِلَيْكُم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا} قَالَ: إِنَّه يضيء نور الْقَمَر فِيهِنَّ كُلهنَّ كَمَا لَو كَانَ سبع زجاجات أَسْفَل مِنْهَا شهَاب أَضَاءَت كُلهنَّ فَكَذَلِك نور الْقَمَر فِي السَّمَوَات كُلهنَّ لصفائهن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر وُجُوههمَا قبل السَّمَاء وَأَقْفِيَتهمَا قبل الأَرْض وَأَنا أَقرَأ بذلك عَلَيْكُم آيَة من كتاب الله {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا وَجعل الشَّمْس سِرَاجًا}

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عَطاء فِي قَوْله: {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا} قَالَ: يضيء لأهل السَّمَوَات كَمَا يضيء لأهل الأَرْض وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا} قَالَ: وَجهه يضيء السَّمَوَات وظهره يضيء الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد عَن شهر بن حَوْشَب قَالَ: اجْتمع عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَكَعب الْأَحْبَار وَكَانَ بَينهمَا بعض العتب فتعاتبا فَذهب ذَلِك فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو لكعب: سلني عَمَّا شِئْت وَلَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء إِلَّا أَخْبَرتك بِتَصْدِيق قولي من الْقُرْآن فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْت ضوء الشَّمْس وَالْقَمَر أهوَ فِي السَّمَوَات السَّبع كَمَا هُوَ فِي الأَرْض قَالَ: نعم ألم تروا إِلَى قَول الله: {خلق سبع سماوات طباقاً} {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا} وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا} قَالَ: وَجهه فِي السَّمَاء إِلَى الْعَرْش وَقَفاهُ إِلَى الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورا} قَالَ: خلق فِيهِنَّ حِين خَلقهنَّ ضِيَاء كَأَهل الأَرْض وَلَيْسَ فِي السَّمَاء من ضوئه شَيْء الْآيَة 17 - 28

17

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَالله أنبتكم من الأَرْض نباتاً} قَالَ: خلق آدم من أَدِيم الأَرْض كلهَا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سبلاً فجاجاً} قَالَ: طرقاً مُخْتَلفَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {سبلاً فجاجاً} قَالَ: طرقاً مُخْتَلفَة وأعلاماً وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ {مَاله وَولده} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْحسن وَأبي رَجَاء أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن {مَاله وَولده} وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش أَنه كَانَ يقْرؤهَا فِي نوح والزخرف وَمَا بعد السَّجْدَة من مَرْيَم ولد وَقَالَ: الْوَلَد الْكَبِير وَالْولد الْوَاحِد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ومكروا مكراً كبارًا} قَالَ عَظِيما وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَلَا تذرن ودّاً وَلَا سواعاً وَلَا يَغُوث ويعوق ونسراً} قَالَ: هَذِه أصنام كَانَت تعبد فِي زمن نوح وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرديه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صَارَت الْأَصْنَام والأوثان الَّتِي كَانَت فِي قوم نوح فِي الْعَرَب بعد أما ودّ فَكَانَت لكَلْب بدومة الجندل وَأما سواع فَكَانَت لهذيل وَأما يَغُوث فَكَانَت لمراد ثمَّ لبني غطيف عِنْد سبأ وَأما يعوق فَكَانَت لهمدان وَأما نسر فَكَانَت لحمير لآل ذِي الكلاع وَكَانُوا أَسمَاء رجال صالحين من قوم نوح فَلَمَّا هَلَكُوا أوحى الشَّيْطَان إِلَى قَومهمْ أَن انصبوا إِلَى مجَالِسهمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أنصاباً وسموها بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلم تعبد حَتَّى إِذْ هلك أُولَئِكَ وَنسخ الْعلم عبدت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة قَالَ: اشْتَكَى آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَعِنْده بنوه ود ويغوث ويعوق وسراع ونسر وَكَانَ ود أكبرهم وأبرّهم بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي عُثْمَان قَالَ: رَأَيْت يَغُوث صنماً من رصاص يحمل على جمل أجرد فَإِذا برك قَالُوا: قد رَضِي ربكُم هَذَا الْمنزل

وَأخرج الفاكهي عَن عبيد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: أول مَا حدثت الْأَصْنَام على عهد نوح وَكَانَت الْأَبْنَاء تبرّ الْآبَاء فَمَاتَ رجل مِنْهُم فجزع عَلَيْهِ فَجعل لَا يصبر عَنهُ فَاتخذ مِثَالا على صورته فَكلما اشتاق إِلَيْهِ نظره ثمَّ مَاتَ فَفعل بِهِ كَمَا فعل ثمَّ تتابعوا على ذَلِك فَمَاتَ الْآبَاء فَقَالَ الْأَبْنَاء: مَا اتخذ هَذِه آبَاؤُنَا إِلَّا أَنَّهَا كَانَت آلِهَتهم فعبدوها وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَلَا يَغُوث ويعوق ونسراً وَقد أَضَلُّوا كثيرا} قَالَ: كَانُوا قوما صالحين بَين آدم ونوح فَنَشَأَ قوم بعدهمْ يَأْخُذُونَ كأخذهم فِي الْعِبَادَة فَقَالَ لَهُم إِبْلِيس: لَو صوّرتم صورهم فكنتم تنْظرُون إِلَيْهِم فصوروا ثمَّ مَاتُوا فَنَشَأَ قوم بعدهمْ فَقَالَ لَهُم إِبْلِيس: إِن الَّذين كَانُوا من قبلكُمْ كَانُوا يعبدوها وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ لآدَم خَمْسَة بَنِينَ ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر فَكَانُوا عبّاداً فَمَاتَ رجل مِنْهُم فَحَزِنُوا عَلَيْهِ حزنا شَدِيدا فَجَاءَهُمْ الشَّيْطَان فَقَالَ: حزنتم على صَاحبكُم هَذَا قَالُوا: نعم قَالَ: هَل لكم أَن أصوّر لكم مثله فِي قبلتكم إِذا نظرتم إِلَيْهِ ذكرتموه قَالُوا: لَا نكره أَن تجْعَل لنا فِي قبلتنا شَيْئا نصلي إِلَيْهِ فأجعله فِي مُؤخر الْمَسْجِد قَالُوا: نعم فصوّره لَهُم حَتَّى مَاتَ خمستهم فصوّر صورهم فِي مُؤخر الْمَسْجِد [] وَأخرج الْأَشْيَاء حَتَّى تركُوا عبَادَة الله وعبدوا هَؤُلَاءِ فَبعث الله نوحًا فَقَالُوا: {وَلَا تذرن ودا} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مطهر قَالَ: ذكرُوا عِنْد أبي جَعْفَر يزِيد بن الْمُهلب فَقَالَ: إِمَّا أَنه قتل فِي أول أَرض عبد فِيهَا غير الله ثمَّ ذكر ودا قَالَ: وَكَانَ ود رجلا مُسلما وَكَانَ محبباً فِي قومه فَلَمَّا مَاتَ عسكروا حول قَبره فِي أَرض بابل وجزعوا عَلَيْهِ فَلَمَّا رأى إِبْلِيس جزعهم عَلَيْهِ تشبه فِي صُورَة إِنْسَان ثمَّ قَالَ: أرى جزعكم على هَذَا فَهَل لكم أَن أصور لكم مثله فَيكون فِي ناديكم فتذكرونه بِهِ قَالُوا: نعم فصوّر لَهُم مثله فوضعوه فِي ناديهم وَجعلُوا يذكرُونَهُ فَلَمَّا رأى مَا بهم من ذكره قَالَ: هَل لكم أَن أجعَل لكم فِي منزل كل رجل مِنْكُم تمثالاً مثله فَيكون فِي بَيته فتذكرونه قَالُوا: نعم فصوّر لكل أهل بَيت تمثالاً مثله فَأَقْبَلُوا فَجعلُوا يذكرُونَهُ بِهِ قَالَ: وَأدْركَ أبناؤهم فَجعلُوا يرَوْنَ مَا يصنعون بِهِ وتناسلوا ودرس أَمر

ذكرهم إِيَّاه حَتَّى اتخذواه إِلَهًا يعبدونه من دون الله قَالَ: وَكَانَ أول مَا عبد غير الله فِي الأَرْض ود الصَّنَم الَّذِي سموهُ بود وَأخرج عبد بن حميد عَن السّديّ سمع مرّة يَقُول فِي قَول الله: {وَلَا يَغُوث ويعوق ونسراً} قَالَ: أَسمَاء آلِهَتهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وَولده} بِنصب الْوَاو {وَلَا تذرن ودا} بِنصب الْوَاو {وَلَا سواعاً} بِرَفْع السِّين وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة قَالَ: لم ينحسر أحد من الْخَلَائق كحسرة آدم ونوح فَأَما حسرة آدم فحين أخرج من الْجنَّة وَأما حسرة نوح فحين دَعَا على قومه فَلم يبْق شَيْء إِلَّا غرق إِلَّا مَا كَانَ مَعَه فِي السَّفِينَة فَلَمَّا رأى الله حزنه أوحى إِلَيْهِ يَا نوح لَا تتحسر فَإِن دعوتك وَافَقت قدري وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا} قَالَ: وَاحِدًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا} قَالَ: أما وَالله مَا دَعَا عَلَيْهِم نوح حَتَّى أوحى الله إِلَيْهِ أَنه لن يُؤمن من قَوْمك إِلَّا من قد آمن فَعِنْدَ ذَلِك دَعَا عَلَيْهِم ثمَّ دَعَا دَعْوَة عَامَّة فَقَالَ: {رب اغْفِر لي ولوالدي وَلمن دخل بَيْتِي مُؤمنا وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَلَا تزد الظَّالِمين إِلَّا تباراً} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {رب اغْفِر لي ولوالدي} قَالَ: يَعْنِي أَبَاهُ وجده وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَلمن دخل بَيْتِي مُؤمنا} قَالَ: مَسْجِدي وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلَا تزد الظَّالِمين إِلَّا تباراً} قَالَ: خسارا

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 72 سُورَة الْجِنّ مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان وَعِشْرُونَ مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْجِنّ بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت سُورَة {قل أُوحِي} بِمَكَّة الْآيَة 1 - 10

الجن

أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَبَان الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: انْطلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَائِفَة من أَصْحَابه عَامِدين إِلَى سوق عكاظ وَقد حيل بَين الشَّيَاطِين وَبَين خبر السَّمَاء وَأرْسلت عَلَيْهِم الشهب فَرَجَعت الشَّيَاطِين إِلَى قَومهمْ فَقَالُوا: مَا لكم فَقَالُوا: أُحِيل بَيْننَا وَبَين خبر السَّمَاء وَأرْسلت علينا الشهب

فَقَالُوا: مَا حَال بَيْنكُم وَبَين خبر السَّمَاء إِلَّا شَيْء حدث فاضربوا مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا فانظروا مَا الَّذِي حَال بَيْنكُم وَبَين خبر السَّمَاء فَانْصَرف أُولَئِكَ الَّذين ذَهَبُوا نَحْو تهَامَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بنخلة عَامِدين إِلَى سوق عكاظ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْفجْر فَلَمَّا سمعُوا الْقُرْآن اسْتَمعُوا لَهُ فَقَالُوا: هَذَا وَالله الَّذِي حَال بَيْنكُم وَبَين خبر السَّمَاء فهنالك رجعُوا إِلَى قَومهمْ فَقَالُوا: يَا قَومنَا {إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا يهدي إِلَى الرشد فَآمَنا بِهِ وَلنْ نشْرك بربنا أحدا} فَأنْزل الله على نبيه {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ} وَإِنَّمَا أوحى إِلَيْهِ قَول الْجِنّ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الْملك قَالَ: لم تحرس الْجِنّ فِي الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرست السَّمَاء الدُّنْيَا ورميت الْجِنّ بِالشُّهُبِ فاجتمعت إِلَى إِبْلِيس فَقَالَ: لقد حدث فِي الأَرْض حدث فتعرفوا فأخبرونا مَا هَذَا الْحَدث فَبعث هَؤُلَاءِ النَّفر إِلَى تهَامَة وَإِلَى جَانب الْيمن وهم أَشْرَاف الْجِنّ وسادتهم فوجدوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي صَلَاة الْغَدَاة بنخلة فسمعوه يَتْلُوا الْقُرْآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالَ: أَنْصتُوا فَلَمَّا قضى يَعْنِي بذلك أَنه فرغ من صَلَاة الصُّبْح ولوا إِلَى قَومهمْ منذرين مُؤمنين لم يشْعر بهم حَتَّى نزل {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ} يُقَال: سَبْعَة من أهل نَصِيبين وَأخرج ابْن الْجَوْزِيّ فِي كتاب صفوة الصفوة بِسَنَدِهِ عَن سهل بن عبد الله قَالَ: كنت فِي نَاحيَة ديار عَاد إِذا رَأَيْت مَدِينَة من حجر منقورة فِي وَسطهَا قصر من حِجَارَة تأويه الْجِنّ فَدخلت فَإِذا شيخ عَظِيم الْخلق يُصَلِّي نَحْو الْكَعْبَة وَعَلِيهِ جُبَّة صوف فِيهَا طراوة فَلم أتعجب من عظم خلقته كتعجبي من طراوة جبته فَسلمت عَلَيْهِ فَرد عليّ السَّلَام وَقَالَ: يَا سهل إِن الْأَبدَان لَا تخلق الثِّيَاب وَإِنَّمَا يخلقها رَوَائِح الذُّنُوب ومطاعم السُّحت وَإِن هَذِه الْجُبَّة عليَّ مُنْذُ سَبْعمِائة سنة لقِيت بهَا عِيسَى ومحمداً عَلَيْهِمَا السَّلَام فآمنت بهما فَقلت لَهُ: وَمن أَنْت قَالَ: أَنا من الَّذين نزلت فيهم {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا من جن نَصِيبين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: الْأَمر وعظمته وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَنه تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: أمره وَقدرته

وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: عَظمته قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أُميَّة بن أبي الصَّلْت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: لَك الْحَمد والنعماء وَالْملك رَبنَا وَلَا شَيْء أَعلَى مِنْك جدا وأمجدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو علمت الْجِنّ أَيَّة يكون فِي الإِنس مَا قَالُوا {تَعَالَى جد رَبنَا} وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: غنى رَبنَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: تعالت عَظمته وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: جلال رَبنَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَنه تَعَالَى جد رَبنَا} قَالَ: ذكره وَفِي قَوْله: {وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا} قَالَ: هُوَ إِبْلِيس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي بِسَنَد واه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ مَرْفُوعا {وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا} قَالَ: إِبْلِيس وَأخرج عبد بن حميد عَن عُثْمَان بن حَاضر مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَأَنه كَانَ يَقُول سفيهنا على الله شططاً} قَالَ: عَصَاهُ سَفِيه الْجِنّ كَمَا عَصَاهُ سَفِيه الإِنس وَأخرج عبد بن حميد عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يقْرَأ الَّتِي فِي الْجِنّ وَالَّتِي فِي النَّجْم وَأَن وَأَنه بِالنّصب وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم والعقيلي فِي الضُّعَفَاء وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن عَسَاكِر عَن كردم بن أبي السَّائِب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: خرجت مَعَ أبي إِلَى الْمَدِينَة فِي حَاجَة وَذَلِكَ أول مَا ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فآوانا الْمبيت إِلَى راعي غنم فَلَمَّا انتصف اللَّيْل جَاءَ ذِئْب فَأخذ حملا من الْغنم فَوَثَبَ الرَّاعِي فَقَالَ: يَا عَامر الْوَادي أَنا جَار دَارك فَنَادَى منادٍ لَا ترَاهُ يَا سرحان

أرْسلهُ فَأتى الْحمل يشْتَد حَتَّى دخل فِي الْغنم وَأنزل الله على رَسُوله بِمَكَّة {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ} الْآيَة وَأخرج ابْن سعد عَن أبي رَجَاء العطاردي من بني تَمِيم قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد رعيت على أَهلِي وكفيت مهنتهم فَلَمَّا بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرجنَا هراباً فأتينا على فلاة من الأَرْض وَكُنَّا إِذا أمسينا بِمِثْلِهَا قَالَ شَيخنَا: إِنَّا نَعُوذ بعزيز هَذَا الْوَادي من الْجِنّ اللَّيْلَة فَقُلْنَا ذَاك فَقيل لنا: إِنَّمَا سَبِيل هَذَا الرجل شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَمن أقرّ بهَا أَمن على دَمه وَمَاله فرجعنا فَدَخَلْنَا فِي الإِسلام قَالَ أَبُو رَجَاء: إِنِّي لأرى هَذِه الْآيَة نزلت فيّ وَفِي أَصْحَابِي {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً} وَأخرج أَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا من بني تَمِيم كَانَ جريئاً على اللَّيْل وَالرِّجَال وَأَنه سَار لَيْلَة فَنزل فِي أَرض مجنة فاستوحش فعقل رَاحِلَته ثمَّ توسد ذراعيها وَقَالَ: أعوذ بِسَيِّد هَذَا الْوَادي من شَرّ أَهله فأجاره شيخ مِنْهُم وَكَانَ مِنْهُم شَاب وَكَانَ سيداً فِي الْجِنّ فَغَضب الشَّاب لما أجاره الشَّيْخ فَأخذ حَرْبَة لَهُ قد سَقَاهَا السم لينحر نَاقَة الرجل بهَا فَتَلقاهُ الشَّيْخ دون النَّاقة فَقَالَ: [] يَا مَالك بن مهلهل مهلا فَذَلِك محجري وإزاري عَن نَاقَة الإِنسان لَا تعرض لَهَا واختر إِذا ورد المها أثواري إِنِّي ضمنت لَهُ سَلامَة رَحْله فَاكْفُفْ يَمِينك راشداً عَن جاري وَلَقَد أتيت إِلَى مَا لم أحتسب إِلَّا رعيت قَرَابَتي وجواري تسْعَى إِلَيْهِ بِحَرْبَة مَسْمُومَة أفّ لقربك يَا أَبَا اليقطاري لَوْلَا الْحيَاء وان أهلك جيرة لتمزقتك بِقُوَّة أظفاري فَقَالَ لَهُ الْفَتى: أَتُرِيدُ أَن تعلوا وتخفض ذكرنَا فِي غير مزرية أَبَا الْعيزَار متنحلاً أمرا لغيرك فَضله فارحل فَإِن الْمجد للمرار من كَانَ مِنْكُم سيداً فِيمَا مضى إِن الْخِيَار هم بَنو الأخيار فاقصد لقصدك يَا معيكر إِنَّمَا كَانَ المجير مهلهل بن وبار فَقَالَ الشَّيْخ: صدقت كَانَ أَبوك سيدنَا وأفضلنا دع هَذَا الرجل لَا أنازعك

بعده أحدا فَتَركه فَأتى الرجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقص عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أصَاب أحدا مِنْكُم وَحْشَة أَو نزل بِأَرْض مجنة فَلْيقل: أعوذ بِكَلِمَات الله التامات الَّتِي لَا يجاوزهن بر وَلَا فَاجر من شَرّ مَا يلج فِي الأَرْض وَمَا يخرج مِنْهَا وَمَا ينزل من السَّمَاء وَمَا يعرج فِيهَا وَمن فتن اللَّيْل وَمن طوارق النَّهَار إِلَّا طَارِقًا يطْرق بِخَير فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً} قَالَ أَبُو نصر: غَرِيب جدا لم نَكْتُبهُ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَأخرج الخرائطي فِي كتاب الهواتف عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا من بني تَمِيم يُقَال لَهُ: رَافع بن عُمَيْر حدث عَن بَدْء إِسْلَامه قَالَ: إِنِّي لأسير برمل عالج ذَات لَيْلَة إِذا غلبني النّوم فَنزلت عَن رَاحِلَتي وأنختها ونمت وَقد تعوذت قبل نومي فَقلت: أعوذ بعظيم هَذَا الْوَادي من الْجِنّ فَرَأَيْت رجلا فِي مَنَامِي بِيَدِهِ حَرْبَة يُرِيد أَن يَضَعهَا فِي نحر نَاقَتي فانتبهت فَزعًا فَنَظَرت يَمِينا وَشمَالًا فَلم أر شَيْئا فَقلت: هَذَا حلم ثمَّ عدت فغفوت فَرَأَيْت مثل ذَلِك فانتبهت فَدرت حول نَاقَتي فَلم أر شَيْئا فَإِذا نَاقَتي ترْعد ثمَّ غفوت فَرَأَيْت مثل ذَلِك فنتبهت فَرَأَيْت نَاقَتي تضطرب والتفتّ فَإِذا أَنا بِرَجُل شَاب كَالَّذي رَأَيْته فِي الْمَنَام بِيَدِهِ حَرْبَة وَرجل شيخ مُمْسك بِيَدِهِ يردهُ عَنْهَا فَبَيْنَمَا هما يتنازعان إِذْ طلعت ثَلَاثَة أثوار من الْوَحْش فَقَالَ الشَّيْخ للفتى: قُم فَخذ أَيهَا شِئْت فدَاء لناقة جاري الإِنسي فَقَامَ الْفَتى فَأخذ مِنْهَا ثوراً عَظِيما وَانْصَرف ثمَّ الْتفت إِلَى الشَّيْخ وَقَالَ: يَا هَذَا إِذا نزلت وَاديا من الأودية فَخفت هوله فَقل: أعوذ بِاللَّه رب مُحَمَّد من هول هَذَا الْوَادي ولاتعذ بِأحد من الْجِنّ فقد بَطل أمرهَا فَقلت لَهُ: وَمن مُحَمَّد هَذَا قَالَ: نَبِي عَرَبِيّ لاشرقي وَلَا غربي بعث يَوْم الأثنين قلت: فَأَيْنَ مَسْكَنه قَالَ: يثرب ذَات النّخل فركبت رَاحِلَتي حِين برق الصُّبْح وجددت السّير حَتَّى أتيت الْمَدِينَة فرآني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَدثني بحديثي قبل أَن أذكر لَهُ مِنْهُ شَيْئا وَدَعَانِي إِلَى الإِسلام فَأسْلمت قَالَ سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ: وَكُنَّا نرى أَنه هُوَ الَّذِي أنزل الله فِيهِ {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ} قَالَ: كَانَ رجال من الإِنس يبيت أحدهم فِي الْجَاهِلِيَّة بالوادي فَيَقُول: أعوذ بعزيز هَذَا الْوَادي {فزادوهم رهقاً} قَالَ: إِثْمًا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ} قَالَ: كَانَ أحدهم إِذا نزل الْوَادي يَقُول: أعوذ بعزيز هَذَا الْوَادي من شَرّ سُفَهَاء قومه فَيَأْمَن فِي نَفسه ليلته أَو يَوْمه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ إِذا هَبَطُوا وَاديا: نَعُوذ بعظيم هَذَا الْوَادي {فزادوهم رهقاً} قَالَ: زادوا الْكفَّار طغياناً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ} قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا نزلُوا منزلا قَالُوا: نَعُوذ بعزيز هَذَا الْمَكَان {فزادوهم رهقاً} يَقُول: خَطِيئَة وإثماً وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً} قَالَ: كَانَ الْقَوْم إِذا نزلُوا وَاديا قَالُوا: نَعُوذ بِسَيِّد أهل هَذَا الْوَادي فَقَالُوا: نَحن لَا نملك لنا وَلَا لكم ضراً وَلَا نفعا وَهَؤُلَاء يخافونا فاحتووا عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس {وَأَنه كَانَ رجال من الإِنس يعوذون بِرِجَال من الْجِنّ فزادوهم رهقاً} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: فلَان رب هَذَا الْوَادي من الْجِنّ فَكَانَ أحدهم إِذا دخل ذَلِك الْوَادي يعوذ بِرَبّ الْوَادي من دون الله فيزيده بذلك {رهقاً} أَي خوفًا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن نَاسا فِي الْجَاهِلِيَّة كَانُوا إِذا أَتَوْ وَاديا للجن نَاد مُنَادِي الإِنس إِلَى خِيَار الْجِنّ أَن احْبِسُوا عَنَّا سفهاءكم فَلم يُغْنِهِم مَا وعظوا بِهِ {فزادوهم رهقاً} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْقَوْم فِي الْجَاهِلِيَّة إذانزلوا بالوادي قَالُوا: نَعُوذ بِسَيِّد هَذَا الوادجي من شَرّ مَا فِيهِ فَلَا يكونُونَ بِشَيْء أَشد ولعاً مِنْهُم بهم فَذَلِك قَوْله: {فزادوهم رهقاً} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه قَالَ: ذهبت لأسلم حِين بعث الله حمدا مَعَ رجلَيْنِ أَو ثَلَاثَة فِي الإِسلام فَأتيت المَاء حَيْثُ يجْتَمع النَّاس فَإِذا النَّاس براعي الْقرْيَة الَّذِي يرْعَى لَهُم أغنامهم فَقَالَ: لَا أرعى لكم أغنامكم قَالُوا: لم قَالَ: يَجِيء الذِّئْب كل لَيْلَة يَأْخُذ شَاة وصنمكم هَذَا رَاقِد لَا يضر وَلَا

ينفع وَلَا يقر وَلَا يُنكر فَذَهَبُوا وَأَنا أرجوا أَن يسلمُوا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَاءَ الرَّاعِي يشْتَد يَقُول: الْبُشْرَى الْبُشْرَى قد جِيءَ بالذئب وَهُوَ مقموط بَين يَدي الصَّنَم بِغَيْر قماط فَذَهَبُوا وَذَهَبت مَعَهم فَقَتَلُوهُ وسجدوا لَهُ وَقَالُوا: هَكَذَا فَاصْنَعْ فَدخلت على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحَدَّثته هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: لعب بهم الشَّيْطَان أخرج عبد بن حميد فِي قَوْله: {وَأَنا لمسنا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا ملئت حرساً شَدِيدا وشهباً} قَالَ: كَانَت الْجِنّ تسمع سمع السَّمَاء فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا حرست السَّمَاء منعُوا ذَلِك فتفقدت الْجِنّ ذَلِك من أَنْفسهَا قَالَ: وَذكر لنا أَن أَشْرَاف الْجِنّ كَانُوا بنصيبين من أَرض المموصل فطلبوا وصوبوا النّظر حَتَّى سقطوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ عَامِدًا إِلَى عطاظ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي دَلَائِل النُّبُوَّة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الشَّيَاطِين لَهُم مقاعد فِي السَّمَاء يَسْتَمِعُون فِيهَا الْوَحْي فَإِذا سمعُوا الْكَلِمَة زادوا فِيهَا تسعا فَأَما الْكَلِمَة فَتكون حَقًا وَأما مَا زادوا فَيكون بَاطِلا فَلَمَّا بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منعُوا مَقَاعِدهمْ فَذكرُوا ذَلِك لإِبليس وَلم تكن النُّجُوم يَرْمِي بهَا قبل ذَلِك فَقَالَ لَهُم إِبْلِيس: مَا هَذَا الْأَمر إِلَّا لأمر حدث فِي الأَرْض فَبعث جُنُوده فوجدوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِما يُصَلِّي بَين جبلي نَخْلَة فَأتوهُ فأخبروه فَقَالَ: هَذَا الْحَدث الَّذِي حدث فِي الأَرْض وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ للجن مقاعد فِي السَّمَاء يَسْتَمِعُون الْوَحْي فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذا بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فدحرت الشَّيَاطِين من السَّمَاء ورموا بالكواكب فَجعل لَا يصعد أحد مِنْهُم إِلَّا احْتَرَقَ وفزع أهل الأَرْض لما رَأَوْا من الْكَوَاكِب وَلم يكن قبل ذَلِك وَقَالَ إِبْلِيس: حدث فِي الأَرْض حدث فَأتى من كل أَرض بتربة فشمها فَقَالَ لتربة تهَامَة: هُنَا حدث الْحَدث فصرف إِلَيْهِ نَفرا من الْجِنّ فهم الَّذين اسْتَمعُوا الْقُرْآن وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لم تكن سَمَاء الدُّنْيَا تحرس فِي الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا السَّلَام وَكَانُوا يَقْعُدُونَ مِنْهَا مقاعد للسمع فَلَمَّا بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرست السَّمَاء شَدِيدا ورجمت الشَّيَاطِين فانكروا ذَلِك فَقَالُوا: {لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض أم أَرَادَ بهم رَبهم رشدا}

فَقَالَ إِبْلِيس: لقد حدث فِي الأَرْض حدث فاجتمعت إِلَيْهِ الْجِنّ فَقَالَ: تفَرقُوا فِي الأَرْض فَأَخْبرُونِي مَا هَذَا الْحَدث الَّذِي حدث فِي السَّمَاء وَكَانَ أول بعث بعث ركب من أهل نَصِيبين وهم أَشْرَاف الْجِنّ وساداتهم فبعثهم إِلَى تهَامَة فاندفعوا حَتَّى بلغُوا الْوَادي وَادي نَخْلَة فوجدوا نَبِي الله يُصَلِّي صَلَاة الْغَدَاة وَلم يكن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علم أَنهم اسْتَمعُوا إِلَيْهِ وَهُوَ يقْرَأ الْقُرْآن فَلَمَّا قضى يَقُول: لما فرغ من الصَّلَاة ولوا إِلَى قَومهمْ منذرين يَقُول: مُؤمنين وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَمْرو قَالَ: لما كَانَ الْيَوْم الَّذِي تنبأ فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منعت الشَّيَاطِين من السَّمَاء ورموا بِالشُّهُبِ وَأخرج الْوَاقِدِيّ وَأَبُو نعيم عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لم يرم بِنَجْم مُنْذُ رفع عِيسَى حَتَّى تنبأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رمى بهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: إِن الله حجب الشَّيَاطِين عَن السّمع بِهَذِهِ النُّجُوم انْقَطَعت الكهنة فَلَا كهَانَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنا كُنَّا نقعد مِنْهَا مقاعد للسمع} قَالَ: حرست بِهِ السَّمَاء حِين بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكيلا يسترق السّمع فأنكرت الْجِنّ ذَلِك فَكَانَ كل من اسْتمع مِنْهُم قذف وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْجِنّ قبل أَن يبْعَث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَمِعُون من السَّمَاء فَلَمَّا بعث حرست فَلم يستطيعوا فجاؤوا إِلَى قَومهمْ يَقُولُونَ للَّذين لم يستمعوا فَقَالُوا: {وَأَنا لمسنا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا ملئت حرساً شَدِيدا} وهم الْمَلَائِكَة {وشهباً} وَهِي الْكَوَاكِب {وَأَنا كُنَّا نقعد مِنْهَا مقاعد للسمع فَمن يستمع الْآن يجد لَهُ شهاباً رصداً} يَقُول: نجماً قد أوصد لَهُ يَرْمِي بِهِ قَالَ: فَلَمَّا رموا بِالنَّجْمِ قَالُوا لقومهم: {وَأَنا لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض أم أَرَادَ بهم رَبهم رشدا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {يجد لَهُ شهاباً} قَالَ: من النُّجُوم {رصداً} قَالَ: من الْمَلَائِكَة وَفِي قَوْله: {وَأَنا لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض} قَالُوا: لَا نَدْرِي لم بعث هَذَا النَّبِي لِأَن يُؤمنُوا بِهِ ويتبعوه فيرشدوا أَو لِأَن يكفروا بِهِ ويكذبوه فيهلكوا كَمَا هلك من قبلهم من الْأُمَم وَالله أعلم

الْآيَة 12 - 18

11

أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنا منا الصالحون وَمنا دون ذَلِك} يَقُول: منا الْمُسلم وَمنا الْمُشرك {كُنَّا طرائق قدداً} قَالَ: أهواء شَتَّى وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله تَعَالَى: {طرائق قدداً} قَالَ: المنقطعة فِي كل وَجه قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وَلَقَد قلت وَزيد حاسر يَوْم ولت خيل زيد قدداً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {كُنَّا طرائق قدداً} قَالَ: أهواء مُخْتَلفَة وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {كُنَّا طرائق قدداً} قَالَ: مُسلمين وكافرين وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن السّديّ فِي قَوْله: {كُنَّا طرائق قدداً} يَعْنِي الْجِنّ هم مثلكُمْ قدرية ومرجئة ورافضة وشيعة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَأَنا ظننا أَن لن نعجز الله فِي الأَرْض} الْآيَة قَالُوا: لن نمتنع مِنْهُ فِي الأَرْض وَلَا هرباً وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَا يخَاف بخساً وَلَا رهقاً} قَالَ: لَا يخَاف نقصا من حَسَنَاته {وَلَا رهقاً} وَلَا أَن يحمل عَلَيْهِ ذَنْب غَيره

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَمنا القاسطون} قَالَ: الْعَادِلُونَ عَن الْحق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَمنا القاسطون} قَالَ: هم الظَّالِمُونَ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمنا القاسطون} قَالَ: هم الجائرون وَفِي قَوْله: {وَإِن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم مَاء غدقاً} قَالَ: لَو آمنُوا كلهم {لأسقيناهم} لأوسعنا لَهُم من الدُّنْيَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة} قَالَ: أَقَامُوا مَا أمروا بِهِ {لأسقيناهم مَاء غدقاً} قَالَ: معينا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَإِن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم} الْآيَة قَالَ: يَقُول لَو استقاموا على طَاعَة الله وَمَا أمروا بِهِ لأكْثر الله لَهُم من الْأَمْوَال حَتَّى يغتنوا بهَا ثمَّ يَقُول الْحسن: وَالله إِن كَانَ أَصْحَاب مُحَمَّد لكذلك كَانُوا سَامِعين لله مُطِيعِينَ لَهُ فتحت عَلَيْهِم كنوز كسْرَى وَقَيْصَر فتنُوا بهَا فَوَثَبُوا بإمامهم فَقَتَلُوهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة} قَالَ: طَريقَة الإِسلام {لأسقيناهم مَاء غدقاً} قَالَ: لأعطيناهم مَالا كثيرا وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {مَاء غدقاً} قَالَ: كثيرا جَارِيا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: تدني كراديس ملتفاً حدائقها كالنبت جَادَتْ بِهِ أنهارها غدقاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن السّري قَالَ: قَالَ عمر {وَأَن لَو استقاموا على الطَّرِيقَة لأسقيناهم مَاء غدقاً} قَالَ: لأعطيناهم مَالا كثيرا وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك {لأسقيناهم مَاء غدقاً} قَالَ: كثيرا وَالْمَاء المَال وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: {مَاء غدقاً} قَالَ: عَيْشًا رغداً

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لنفتنهم فِيهِ} قَالَ: لنبتليهم بِهِ وَفِي قَوْله: {وَمن يعرض عَن ذكر ربه يسلكه عذَابا صعداً} قَالَ: مشقة الْعَذَاب يصعد فِيهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لنفتنهم فِيهِ} قَالَ: لنبتليهم حَتَّى يرجِعوا إِلَى مَا كتب عَلَيْهِم وَفِي قَوْله: {عذَابا صعداً} قَالَ: مشقة من الْعَذَاب وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يسلكه عذَابا صعداً} قَالَ: جبلا فِي جَهَنَّم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {عذَابا صعداً} قَالَ: صعُودًا من عَذَاب الله ل اراحة فِيهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {عذَابا صعداً} قَالَ: صعُودًا من عَذَاب الله لَا رَاحَة فِيهِ وَأخرج هناد عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة فِي قَوْله: {عذَابا صعداً} قَالَ: مشقة من الْعَذَاب وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ يسلكه بِالْيَاءِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَن الْمَسَاجِد لله} قَالَ: لم يكن يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة فِي الأَرْض مَسْجِد إِلَّا الْمَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد إيليا بَيت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش قَالَ: قَالَت الْجِنّ: يَا رَسُول الله ائْذَنْ لنا فنشهد مَعَك الصَّلَوَات فِي مسجدك فَأنْزل الله {وَأَن الْمَسَاجِد لله فَلَا تدعوا مَعَ الله أحدا} يَقُول: صلوا لَا تخالطوا النَّاس وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَت الْجِنّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ لنا أَن نأتي الْمَسْجِد وَنحن ناؤون عَنْك أَو كَيفَ نشْهد الصَّلَاة وَنحن ناؤون عَنْك فَنزلت {وَأَن الْمَسَاجِد لله} الْآيَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَأَن الْمَسَاجِد لله} الْآيَة قَالَ: إِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى إِذا دخلُوا بيعهم وكنائسهم أشركوا برَبهمْ فَأَمرهمْ أَن يوحدوه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَأَن الْمَسَاجِد لله فَلَا تدعوا مَعَ الله أحدا} قَالَ: كَانَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى إِذا دخلُوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بِاللَّه فَأمر الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يخلص الدعْوَة لله إِذا دخل الْمَسْجِد

الْآيَة 19 - 28

19

أخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل الْهِجْرَة إِلَى نواحي مَكَّة فَخط لي خطا وَقَالَ: لَا تحدثن شَيْئا حَتَّى آتِيك ثمَّ قَالَ: لَا يهولنك شَيْء ترَاهُ فَتقدم شَيْئا ثمَّ جلس فَإِذا رجال سود كَأَنَّهُمْ رجال الزطّ وَكَانُوا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً} قَالَ: لما سمعُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتْلُوا الْقُرْآن كَادُوا يركبونه من الْحِرْص لما سَمِعُوهُ يَتْلُو الْقُرْآن ودنوا مِنْهُ فَلم يعلم بهم حَتَّى أَتَاهُ الرَّسُول فَجعل يقرئه {قل أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الزبير بن الْعَوام مثله وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً} قَالَ: لما أَتَى الْجِنّ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ يَرْكَعُونَ بركوعه ويسجدون بسجوده فعجبوا من طواعية أَصْحَابه لَهُ فَقَالُوا لقومهم: {لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً}

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ} أَي يَدْعُو إِلَيْهِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَإنَّهُ لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً} قَالَ: لما قَامَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تلبدت الإِنس وَالْجِنّ على هَذَا الْأَمر ليطفئوه فَأبى الله إِلَّا أَن ينصره ويظهره على من ناوأه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {وَأَنه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ} قَالَ: لما قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَيَدْعُو النَّاس إِلَى رَبهم كَادَت الْعَرَب تلبد عَلَيْهِ جَمِيعًا وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً} قَالَ: أعواناً وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق أبي بكر عَن أبي عَاصِم أَنه قَرَأَ {يكونُونَ عَلَيْهِ لبداً} بِكَسْر اللَّام وَنصب الْبَاء وَفِي (لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد) (مَالا لبدا) بِرَفْع اللَّام وَنصب الْبَاء وفسرها أَبُو بكر فَقَالَ: (لبداً) كثيرا و (لبداً) بَعْضهَا على بعض وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {قل إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي} بِغَيْر ألف وَأخرج ابْن جرير عَن حضرمي قَالَ: ذكر لنا أَن جنياً من الْجِنّ من أَشْرَافهم ذَا تبع قَالَ: إِنَّمَا يُرِيد مُحَمَّد أَن نجيره وَأَنا أجيره فَأنْزل الله {قل إِنِّي لن يجيرني من الله أحد} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: انْطَلَقت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْجِنّ حَتَّى أَتَى الْحجُون فَخط عَليّ خطا ثمَّ تقدم إِلَيْهِم فازدحموا عَلَيْهِ فَقَالَ سيدهم يُقَال لَهُ وردان: الا أَرجُلهم عَنْك يَا رَسُول الله قَالَ: {إِنِّي لن يجيرني من الله أحد} وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَلنْ أجد من دونه ملتحداً} قَالَ: ملْجأ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلنْ أجد من دونه ملتحداً} قَالَ: ملْجأ وَلَا نَصِيرًا إِلَّا بلاغاً من الله ورسالاته قَالَ: هَذَا الَّذِي يملك

بلاغاً من الله ورسالاته وَفِي قَوْله: {عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبه أحدا إِلَّا من ارتضى من رَسُول} قَالَ: فَإِنَّهُ إِذا ارتضى الرَّسُول اصطفاه وأطلعه على مَا شَاءَ من غيبه وانتخبه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَا يظْهر على غيبه أحدا إِلَّا من ارتضى من رَسُول} قَالَ: أعلم الله الرُّسُل من الْغَيْب الْوَحْي وأظهرهم عَلَيْهِ فِيمَا أُوحِي إِلَيْهِم من غيبه وَمَا يحكم الله فَإِنَّهُ لَا يعلم ذَلِك غَيره وَأخرج ابْن حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِلَّا من ارتضى من رَسُول فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} قَالَ: هِيَ مُعَقِّبَات من الْمَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ من الشَّيْطَان حَتَّى يبين الَّذِي أرسل إِلَيْهِم بِهِ وَذَلِكَ حِين يَقُول أهل الشّرك قد أبلغوا رسالات رَبهم وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {إِلَّا من ارتضى من رَسُول} قَالَ: جِبْرِيل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَبَّاس قَالَ: مَا أنزل الله على نبيه آيَة من الْقُرْآن إِلَّا وَمَعَهَا أَرْبَعَة من الْأَمْلَاك يحفظونها حَتَّى يؤدوها إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَرَأَ {عَالم الْغَيْب فَلَا يظْهر على غيبه أحدا إِلَّا من ارتضى من رَسُول فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} يَعْنِي الْمَلَائِكَة الْأَرْبَعَة ليعلم أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِلَّا من ارتضى من رَسُول} قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يلقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته يدنون مِنْهُ فَلَمَّا ألْقى الشَّيْطَان فِي أمْنِيته أَمرهم أَن يتنحوا عَنهُ قَلِيلا ليعلم أَن الْوَحْي إِذا نزل من عِنْد الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن جُبَير فَبِي قَوْله: {فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} قَالَ: أَرْبَعَة حفظَة من الْمَلَائِكَة مَعَ جِبْرِيل ليعلم مُحَمَّد {أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم} قَالَ: وَمَا جَاءَ جِبْرِيل إِلَّا وَمَعَهُ أَرْبَعَة من الْمَلَائِكَة حفظَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله: {فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} قَالَ: الْمَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ من الْجِنّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم فِي قَوْله: {إِلَّا من ارتضى من رَسُول فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} قَالَ: كَانَ الن

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا بعث إِلَيْهِ الْملك بِالْوَحْي بعث مَعَه نَفرا من الْمَلَائِكَة يحرسونه من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه أَن يتشبه الشَّيْطَان على صُورَة الْملك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِلَّا من ارتضى من رَسُول} قَالَ: يظهره من الْغَيْب على مَا شَاءَ إِذا ارْتَضَاهُ وَفِي قَوْله: {فَإِنَّهُ يسْلك من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه رصداً} قَالَ: من الْمَلَائِكَة وَفِي قَوْله: {ليعلم أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم} قَالَ: ليعلم نَبِي الله أَن الرُّسُل قد بلغت عَن الله وَأَن الله حفظهَا وَدفع عَنْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ليعلم} قَالَ: ليعلم ذَلِك من كذب الرُّسُل {أَن قد أبلغوا رسالات رَبهم}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 73 سُورَة المزمل مَكِّيَّة وآياتها عشرُون مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت {يَا أَيهَا المزمل} بِمَكَّة وَأخرج ان مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة المزمل بِمَكَّة إِلَّا آيَتَيْنِ {إِن رَبك يعلم أَنَّك تقوم أدنى} وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بتّ عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة فَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي من اللَّيْل فصلى ثَلَاث عشرَة رَكْعَة مِنْهَا رَكعَتَا الْفجْر فحزرت قِيَامه فِي كل رَكْعَة بِقدر {يَا أَيهَا المزمل} وَالله أعلم الْآيَة 1 - 10

المزمل

أخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن جَابر قَالَ: اجْتمعت قُرَيْش فِي دَار الندوة فَقَالُوا: سموا هَذَا الرجل اسْما تصدر النَّاس عَنهُ فَقَالُوا: كَاهِن قَالُوا: لَيْسَ بكاهن قَالُوا: مَجْنُون قَالُوا: لَيْسَ بمجنون قَالُوا:

سَاحر قَالُوا: لَيْسَ بساحر قَالُوا: يفرق بَين الحبيب وحبيبه فَتفرق الْمُشْركين على ذَلِك فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتزمل فِي ثِيَابه وتدثر فِيهَا فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: {يَا أَيهَا المزمل} {يَا أَيهَا المدثر} وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعد بن هِشَام قَالَ: قلت لعَائِشَة: أَنْبِئِينِي عَن قيام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: أَلَسْت تقْرَأ هَذِه السُّورَة {يَا أَيهَا المزمل} قلت: بلَى قَالَت: فَإِن الله قد افْترض قيام اللَّيْل فِي أول هَذِه السُّورَة فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه حولا حَتَّى انتفخت أَقْدَامهم وَأمْسك الله خاتمتها فِي السَّمَاء اثْنَي عشر شهرا ثمَّ أنزل الله التَّخْفِيف فِي آخر هَذِه السُّورَة فَصَارَ قيام اللَّيْل تَطَوّعا من بعد فَرِيضَة وَأخرج بَان جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: نزل الْقُرْآن {يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا} حَتَّى كَانَ الرجل يرْبط الْحَبل وَيتَعَلَّق فَمَكَثُوا بذلك ثَمَانِيَة أشهر فَرَأى الله مَا يَبْتَغُونَ من رضوانه فَرَحِمهمْ وردهم إِلَى الْفَرِيضَة وَترك قيام اللَّيْل وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن جُبَير بن نفير قَالَ: سَأَلت عَائِشَة عَن قيام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّيْلِ فَقَالَت: أَلَسْت تقْرَأ {يَا أَيهَا المزمل} قلت: بلَى قَالَت: هُوَ قِيَامه وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَلما ينَام من اللَّيْل لما قَالَ الله لَهُ: {قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وصحه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت أول المزمل كَانُوا يقومُونَ نَحوا من قيامهم فِي شهر رَمَضَان حَتَّى نزل آخرهَا وَكَانَ بَين أَولهَا وَآخِرهَا نَحْو من سنة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن نصر عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: نزلت {يَا أَيهَا المزمل} قَامُوا حولا حَتَّى ورمت أَقْدَامهم وسوقهم حَتَّى نزلت {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} فاستراح النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لمانزلت {يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا} مكث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على هَذِه الْحَال عشر

سِنِين يقوم اللَّيْل كَمَا أمره الله وَكَانَت طَائِفَة من أَصْحَابه يقومُونَ مَعَه فَأنْزل الله بعد عشر سِنِين {إِن رَبك يعلم أَنَّك تقوم} إِلَى قَوْله: {فأقيموا الصَّلَاة} فَخفف الله عَنْهُم بعد عشر سِنِين وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه وَمُحَمّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ فِي المزمل: {قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا نصفه} الْآيَة الَّتِي فِيهَا {علم أَن لن تحصوه فَتَابَ عَلَيْكُم} {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} وناشئة اللَّيْل أَوله كَانَت صلَاتهم أول اللَّيْل يَقُول: هُوَ أَجْدَر أَن تُحْصُوا مَا فرض الله عَلَيْكُم من قيام اللَّيْل وَذَلِكَ أَن الإِنسان إِذا نَام لم يدر مَتى يَسْتَيْقِظ وَقَوله: {وأقوم قيلاً} يَقُول: هُوَ أَجْدَر أَن تفقه قِرَاءَة الْقُرْآن وَقَوله: {إِن لَك فِي النَّهَار سبحاً طَويلا} يَقُول: فراغاً طَويلا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: نزلت وَهُوَ فِي قطيفة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: زملت هَذَا الْأَمر فَقُمْ بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: زملت هَذَا الْأَمر فَقُمْ بِهِ وَفِي قَوْله: {يَا أَيهَا المدثر} قَالَ: دثرت هَذَا الْأَمر فَقُمْ بِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتدثر بالثياب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: هُوَ الَّذِي تزمل بثيابه وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {يَا أَيهَا المزمل} قَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: يقْرَأ آيَتَيْنِ ثَلَاثَة ثمَّ يقطع لَا يهذرم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن منيع فِي مُسْنده وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: بَينه تبييناً

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُقَال لصَاحب الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة اقْرَأ وأرق ورتل كَمَا كنت ترتل فِي الدُّنْيَا فَإِن منزلتك عِنْد آخر آيَة تقرؤها وَأخرج الديلمي بِسَنَد واهٍ عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا إِذا قَرَأت الْقُرْآن فرتله ترتيلاً وَبَينه تبييناً وَلَا تنثره نثر الدقل وَلَا تهذه هَذَا الشعرة قفوا عِنْد عجائبه وحركوا بِهِ الْقُلُوب وَلَا يكونن هم أحدكُم آخر السُّورَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَرَأَ عَلْقَمَة على عبد الله فَقَالَ: رتله فَإِنَّهُ يزين الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: ترسل فِيهِ ترسيلاً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: بلغنَا أَن عَامَّة قِرَاءَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت الْمَدّ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: بَينه تبييناً وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: اقرأه قِرَاءَة بَيِّنَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: بعضه على أثر بعض وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: فسره تَفْسِيرا وَأخرج العسكري فِي المواعظ عَن عَليّ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن قَول الله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} قَالَ: بَينه تبييناً وَلَا تنثره نثر الدقل وَلَا تهذه هَذَا الشّعْر قفوا عِنْد عجائبه وحركوا بِهِ الْقُلُوب وَلَا يكن هم أحدكُم آخر السُّورَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مليكَة عَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا سُئِلت عَن قِرَاءَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِنَّكُم لَا تستطيعونها فَقيل لَهَا: أَخْبِرِينَا بهَا فَقَرَأت قِرَاءَة ترسلت فِيهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن طَاوس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي النَّاس

أحسن قِرَاءَة قَالَ: الَّذِي إِذا سمعته يقْرَأ رَأَيْت أَنه يخْشَى الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: مر رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رجل يقْرَأ آيَة ويبكي ويرددها فَقَالَ: ألم تسمعوا إِلَى قَول الله: {ورتل الْقُرْآن ترتيلاً} هَذَا الترتيل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن أبي هُرَيْرَة أَو أبي سعيد قَالَ: يُقَال لصَاحب الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة اقْرَأ وأرق فَإِن منزلتك عِنْد آخر آيَة تقرؤها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن مُجَاهِد قَالَ: الْقُرْآن يشفع لصَاحبه يَوْم الْقِيَامَة يَقُول: يَا رب جَعَلتني فِي جَوْفه فأسهرت ليله ومنعته من كثير من شهواته وَلكُل عَامل من عمله عماله فَيُقَال لَهُ: أبسط يدك فَيمْلَأ من رضوَان فَلَا يسْخط عَلَيْهِ بعده ثمَّ يُقَال لَهُ: اقْرَأ وأرقه فيرفع بِكُل آيَة دَرَجَة وَيُزَاد بِكُل آيَة حَسَنَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك بن قيس قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس علمُوا أَوْلَادكُم وأهاليكم الْقُرْآن فَإِنَّهُ من كتب لَهُ من مُسلم يدْخلهُ الله الْجنَّة أَتَاهُ ملكان فاكتنفاه فَقَالَا لَهُ: اقْرَأ وارتق فِي درج الْجنَّة حَتَّى ينزلا بِهِ حَيْثُ انْتهى علمه من الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن بُرَيْدَة قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الْقُرْآن يلقى صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة حِين ينشق عَنهُ قَبره كَالرّجلِ الشاحب فَيَقُول لَهُ: هَل تعرفنِي فَيَقُول: مَا أعرفك فَيَقُول: أَنا صَاحبك الْقُرْآن الَّذِي أظمأتك فِي الهواجر وأسهرت ليلك وَإِن كل تَاجر من وَرَاء تِجَارَته وَإنَّك الْيَوْم من وَرَاء كل تِجَارَة قَالَ: فَيعْطى الْملك بِيَمِينِهِ والخلد بِشمَالِهِ وَيُوضَع على رَأسه تَاج الْوَقار ويكس وَالِده حلتين لَا يقوم لَهما أهل الدُّنْيَا فَيَقُولَانِ: بِمَ كسينا هَذَا فَيُقَال لَهما: بِأخذ ولدكما الْقُرْآن ثمَّ يُقَال لَهُ: اقْرَأ واصعد درج الْجنَّة وَعرفهَا فَهُوَ فِي صعُود مَا دَامَ يقْرَأ هَذَا كَانَ أَو ترتيلاً أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن نصر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِنَّا سنلقي عَلَيْك قولا ثقيلاً} قَالَ: يثقل من الله فَرَائِضه وحدوده وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن نصر عَن الْحسن فِي قَوْله: {قولا ثقيلاً} قَالَ: الْعَمَل بِهِ وَأخرج ابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {قولا ثقيلاً} قَالَ: ثقيل فِي الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أوحى إِلَيْهِ وَهُوَ على نَاقَته وضعت جِرَانهَا فَمَا تَسْتَطِيع أَن تتحوّل حَتَّى يسري عَنهُ وتلت {إِنَّا سنلقي عَلَيْك قولا ثقيلاً} وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت: يَا رَسُول الله هَل تحس بِالْوَحْي فَقَالَ: أسمع صلاصل ثمَّ أسكت عِنْد ذَلِك فَمَا من مرّة يُوحى إليّ إِلَّا ظَنَنْت أَن نَفسِي تقبض وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أُوحِي إِلَيْهِ لم يسْتَطع أحد منا أَن يرفع إِلَيْهِ طرفه حَتَّى يَنْقَضِي الْوَحْي أخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: قيام اللَّيْل بِلِسَان الْحَبَشَة إِذا قَامَ الرجل قَالُوا: نَشأ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير عَن ناشئة اللَّيْل قَالَا: قيام اللَّيْل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ناشئة اللَّيْل أوّله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: اللَّيْل كُله ناشئة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: هِيَ بالحبشية قيام اللَّيْل وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: قيام اللَّيْل بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر عَن أبي ميسرَة قَالَ: هُوَ بِلِسَان الْحَبَشَة نَشأ أَي: قَامَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر عَن أبي مليكَة قَالَ: سُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: {ناشئة اللَّيْل} قَالَ: أَي اللَّيْل قُمْت فقد أنشأت وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: كل شَيْء بعد الْعشَاء الْآخِرَة ناشئة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْحسن قَالَ: كل صَلَاة بعد الْعشَاء الْآخِرَة فَهُوَ ناشئة اللَّيْل

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر عَن أبي مجلز {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: مَا كَانَ بعد الْعشَاء الْآخِرَة إِلَى الصُّبْح فَهُوَ ناشئة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن نصر عَن مُجَاهِد {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: أَي سَاعَة تهجدت فِيهَا فتهجد من اللَّيْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس بن مَالك فِي قَوْله: {إِن ناشئة اللَّيْل} قَالَ: مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج ابْن نصر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عليّ بن حُسَيْن قَالَ: {ناشئة اللَّيْل} قيام مَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حُسَيْن بن عليّ أَنه رُؤِيَ يُصَلِّي فِيمَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء فَقيل لَهُ: فِي ذَلِك فَقَالَ: إِنَّهَا من الناشئة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {ناشئة اللَّيْل} مَهْمُوزَة الْيَاء هِيَ {أَشد وطأ} بِنصب الْوَاو وَجزم الطَّاء يَعْنِي المواطاة وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أنس بن مَالك أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة إِن ناشئة اللَّيْل هِيَ أَشد وطأ وأصوب قيلاً فَقَالَ لَهُ رجل: انا نقرؤها {وأقوم قيلاً} فَقَالَ: إِن أصوب وأقوم وأهيأ وَأَشْبَاه هَذَا وَاحِد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {هِيَ أَشد وطأ} قَالَ: مواطاة لَك فِي القَوْل {وأقوم قيلاً} قَالَ: افرغ لقلبك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد {أَشد وطأ} قَالَ: أَن توطئ سَمعك وبصرك وقلبك بعضه بَعْضًا {وأقوم قيلاً} قَالَ: أثبت للْقِرَاءَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن نصر عَن قَتَادَة {أَشد وطأ} قَالَ: أثبت فِي الْخَيْر {وأقوم قيلاً} أجرأ على الْقِرَاءَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وأقوم قيلاً} قَالَ: أدنى من أَن يفقه الْقُرْآن وَفِي قَوْله: {إِن لَك فِي النَّهَار سبحاً طَويلا} قَالَ: فزاغا وَفِي قَوْله: {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلاً} قَالَ: أخْلص لله إخلاصاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي الكني

عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِن لَك فِي النَّهَار سبحاً طَويلا} قَالَ: السبح الْفَرَاغ للْحَاجة وَالنَّوْم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سبحاً طَويلا} قَالَ: فراغاً وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك وَالربيع مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن نصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {سبحاً طَويلا} قَالَ: فراغاً طَويلا {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلاً} قَالَ: أخْلص لَهُ الدعْوَة وَالْعِبَادَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلاً} قَالَ: أخْلص لَهُ الْمَسْأَلَة وَالدُّعَاء إخلاصاً وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلاً} قَالَ: أخْلص لَهُ إخلاصاً وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {رب الْمشرق وَالْمغْرب} بخفض رب وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {رب الْمشرق وَالْمغْرب} قَالَ: وَجه اللَّيْل وَوجه النَّهَار وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {واهجرهم هجراً جميلاً} قَالَ: اصفح {وَقل سَلام} قَالَ: هَذَا قبل السَّيْف وَالله أعلم الْآيَة 11 - 16

11

أخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة قَالَت: لما نزلت {وذرني والمكذبين أولي النِّعْمَة ومهلهم قَلِيلا} لم يكن إِلَّا قَلِيل حَتَّى كَانَت وقْعَة بدر

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وذرني والمكذبين أولي النِّعْمَة} قَالَ: بلغنَا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فُقَرَاء الْمُؤمنِينَ يدْخلُونَ الْجنَّة قبل أغنيائهم بِأَرْبَعِينَ عَاما ويحشر أغنياؤهم جثاة على ركبهمْ وَيُقَال لَهُم: إِنَّكُم كُنْتُم مُلُوك أهل الدُّنْيَا وحكامهم فَكيف عملتم فِيمَا أَعطيتكُم وَفِي قَوْله: {ومهلهم قَلِيلا} قَالَ: إِلَى السَّيْف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وذرني والمكذبين أولي النِّعْمَة ومهلهم قَلِيلا} قَالَ: إِن لله فيهم طلبة وحاجة وَفِي قَوْله: {إِن لدينا أَنْكَالًا} قَالَ: قيوداً وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود {إِن لدينا أَنْكَالًا} قَالَ: قيوداً وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِن لدينا أَنْكَالًا} قَالَ: قيوداً وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن حَمَّاد وطاووس مثله وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْحسن قَالَ: الأنكال قيود من النَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ {إِن لدينا أَنْكَالًا} قَالَ: قيوداً وَالله ثقالاً لَا تفك أبدا ثمَّ بَكَى وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: قيوداً وَالله لَا تحل عَنْهُم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار وَعبد الله فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَطَعَامًا ذَا غُصَّة} قَالَ: لَهُ شوك وَيَأْخُذ بِالْحلقِ لَا يدْخل وَلَا يخرج وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَطَعَامًا ذَا غُصَّة} قَالَ: شَجَرَة الزقوم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وهناد وَعبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر عَن حمْرَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {إِن لدينا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا وَطَعَامًا ذَا غُصَّة وَعَذَابًا أَلِيمًا} فَلَمَّا بلغ أَلِيمًا صعق وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَأحمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي نعت الْخَائِفِينَ وَابْن

جرير وَابْن أبي دَاوُد فِي الشَّرِيعَة وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق حمْرَان بن أعين أبي حَرْب بن أبي الْأسود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمع رجلا يقْرَأ {إِن لدينا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا} فَصعِقَ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كثيباً مهيلاً} قَالَ: المهيل الَّذِي إِذا أخذت مِنْهُ شَيْئا تبعك آخِره وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كثيباً مهيلاً} قَالَ: الرمل السَّائِل وَفِي قَوْله: {أخذا وبيلاً} قَالَ: شَدِيدا وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {أخذا وبيلاً} قَالَ: أخذا شَدِيدا لَيْسَ لَهُ ملْجأ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: خزي الْحَيَاة وخزي الْمَمَات وكلا أرَاهُ طَعَاما وبيلا الْآيَة 17 - 20

17

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فَكيف تَتَّقُون إِن كَفرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَل الْولدَان شيباً} قَالَ: تَتَّقُون ذَلِك الْيَوْم إِن كَفرْتُمْ قَالَ: وَالله مَا أتقى ذَلِك الْيَوْم قوم كفرُوا بِاللَّه وعصوا رَسُوله

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {فَكيف تَتَّقُون إِن كَفرْتُمْ يَوْمًا} قَالَ: بِأَيّ صَلَاة تَتَّقُون بِأَيّ صِيَام تَتَّقُون وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن خَيْثَمَة فِي قَوْله: {يَوْمًا يَجْعَل الْولدَان شيباً} قَالَ: يُنَادي مُنَاد يَوْم الْقِيَامَة يخرج بعث النَّار من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ فَمن ذَلِك يشيب الْولدَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {يَوْمًا يَجْعَل الْولدَان شيباً} قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة فَإِن رَبنَا يَدْعُو آدم فَيَقُول: يَا آدم أخرج بعث النَّار فَيَقُول: أَي رب لَا علم لي إِلَّا مَا علمتني فَيَقُول الله: أخرج بعث النَّار من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين يساقون إِلَى النَّار سوقاً مُقرنين زرقاً [] كالحين فَإِذا خرج بعث النَّار شَاب كل وليد وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {يَوْمًا يَجْعَل الْولدَان شيباً} قَالَ: ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة وَذَلِكَ يَوْم يَقُول الله لآدَم: قُم فَابْعَثْ من ذريتك بعثاً إِلَى النَّار قَالَ: من كم يَا رب قَالَ: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين وينجو وَاحِد فَاشْتَدَّ ذَلِك على الْمُسلمين فَقَالَ: حِين أبْصر ذَلِك فِي وُجُوههم: إِن بني آدم كثير وَإِن يَأْجُوج وَمَأْجُوج من ولد آدم وَإنَّهُ لَا يَمُوت رجل مِنْهُم حَتَّى يَرِثهُ لصلبه ألف رجل ففيهم وَفِي أشباههم جند لكم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {السَّمَاء منفطر بِهِ} قَالَ: مثقلة بِيَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {السَّمَاء منفطر بِهِ} قَالَ: مثقلة بِهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {السَّمَاء منفطر} قَالَ: ممتلئة بِهِ بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس {السَّمَاء منفطر بِهِ} قَالَ: مثقلة موقرة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {منفطر بِهِ} قَالَ: يَعْنِي تشقق السَّمَاء وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {منفطر بِهِ} قَالَ: منصدع من خوف يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب

ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: طباهن حَتَّى أعرض اللَّيْل دونهَا أفاطير وسمى رواء جذورها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {السَّمَاء منفطر بِهِ} قَالَ: مثقلة بِاللَّه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {السَّمَاء منفطر بِهِ} قَالَ: مثقلة بذلك الْيَوْم من شدته وهوله وَفِي قَوْله: {إِن رَبك يعلم أَنَّك تقوم} الْآيَة قَالَ: أدنى من ثُلثي اللَّيْل وَأدنى من نصفه وَأدنى من ثلثه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن وَسَعِيد بن جُبَير {علم أَن لن تحصوه} قَالَ: لن تطيقوه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} قَالَ: أرخص عَلَيْهِم فِي الْقيام {علم أَن لن تحصوه} قَالَ: أَن لن تُحْصُوا قيام اللَّيْل {فَتَابَ عَلَيْكُم} قَالَ: ثمَّ أَنبأَنَا الله عَن خِصَال الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: {علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر عَن قَتَادَة قَالَ: فرض قيام اللَّيْل فِي أول هَذِه السُّورَة فَقَامَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى انتفخت أَقْدَامهم وَأمْسك الله خاتمتها حولا ثمَّ أنزل التَّخْفِيف فِي آخرهَا فَقَالَ: {علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى} إِلَى قَوْله: {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} فنسخ مَا كَانَ قبلهَا فَقَالَ: {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة} فريضتان واجبتان لَيْسَ فيهمَا رخصَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل إِلَّا قَلِيلا} قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَامَ الْمُسلمُونَ مَعَه حولا كَامِلا حَتَّى تورمت أَقْدَامهم فَأنْزل الله بعد الْحول {إِن رَبك يعلم} إِلَى قَوْله: {مَا تيَسّر مِنْهُ} قَالَ: الْحسن: فَالْحَمْد لله الَّذِي جعله تَطَوّعا بعد فرضة وَلَا بُد من قيام اللَّيْل وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {يَا أَيهَا المزمل قُم اللَّيْل} الْآيَة قَالَ: لَبِثُوا بذلك سنة فشق عَلَيْهِم وتورمت أَقْدَامهم ثمَّ نسخهَا آخر السُّورَة {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والطراني وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} قَالَ: مائَة آيَة

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن وحسناه عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ: صليت خلف ابْن عَبَّاس فَقَرَأَ فِي أول رَكْعَة بِالْحَمْد لله وَأول آيَة من الْبَقَرَة ثمَّ ركع فَلَمَّا انْصَرف أقبل علينا فَقَالَ: إِن الله يَقُول: {فاقرؤوا مَا تيَسّر مِنْهُ} وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد قَالَ: أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن نَقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَمَا تيَسّر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: مَا من حَال يأتيني عَلَيْهِ الْمَوْت بعد الْجِهَاد فِي سَبِيل الله أحب إليّ من أَن يأتيني وَأَنا بَين شعبتين رحلي ألتمس من فضل الله ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {وَآخَرُونَ يضْربُونَ فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله وَآخَرُونَ يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من جالب يجلب طَعَاما إِلَى بلد من بِلَاد الْمُسلمين فيبيعه بِسعْر يَوْمه إِلَّا كَانَت مَنْزِلَته عِنْد الله منزلَة الشَّهِيد ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَآخَرُونَ يضْربُونَ فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله وَآخَرُونَ يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 74 سُورَة المدثر مَكِّيَّة وآياتها سِتّ وَخَمْسُونَ الْآيَة 1 - 10

المدثر

أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه والنحاس وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة المدثر بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف قَالَ: سَأَلت أَبَا سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أول مَا نزل من الْقُرْآن فَقَالَ: يَا أَيهَا المدثر قلت: يَقُولُونَ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} فَقَالَ أَبُو سَلمَة: سَأَلت جَابر بن عبد الله عَن ذَلِك قلت لَهُ مثل مَا قلت قَالَ جَابر: لَا أحَدثك إِلَّا مَا حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: جَاوَرت بحراء فَلَمَّا قضيت جواري فنوديت فَنَظَرت عَن يَمِيني فَلم أرَ شَيْئا وَنظرت عَن شمَالي فَلم أرَ شَيْئا وَنظرت خَلْفي فَلم أرَ شَيْئا فَرفعت رَأْسِي فَإِذا الْملك الَّذِي جائني بحراء جَالس على كرْسِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فجثثت مِنْهُ رعْبًا فَرَجَعت فَقلت دَثرُونِي فَدَثَّرُونِي فَنزلت {يَا أَيهَا المدثر قُم فَأَنْذر} إِلَى قَوْله: {وَالرجز فاهجر}

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس أَن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة صنع لقريش طَعَاما فَلَمَّا أكلُوا قَالَ: مَا تَقولُونَ فِي هَذَا الرجل فَقَالَ بَعضهم: سَاحر وَقَالَ بَعضهم: لَيْسَ بساحر وَقَالَ بَعضهم: كَاهِن وَقَالَ بَعضهم: لَيْسَ بكاهن وَقَالَ بَعضهم: شَاعِر وَقَالَ بَعضهم لَيْسَ بشاعر وَقَالَ بَعضهم: سحر يُؤثر فَاجْتمع رَأْيهمْ على أَنه سحر يُؤثر فَبلغ ذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج وقنع رَأسه وتدثر فَأنْزل الله {يَا أَيهَا المدثر} إِلَى قَوْله: {ولربك فاصبر} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {يَا أَيهَا المدثر} قَالَ: دثرت هَذَا الْأَمر فَقُمْ بِهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ {يَا أَيهَا المدثر} قَالَ: كَانَ متدثراً فِي قطيف يَعْنِي شملة صَغِيرَة الخمل {وثيابك فطهر} قَالَ: من الإِثم {وَالرجز فاهجر} قَالَ: الإِثم {وَلَا تمنن تستكثر} قَالَ: لَا تعط شَيْئا لتعطى أَكثر مِنْهُ {ولربك فاصبر} قَالَ: إِذا أَعْطَيْت عَطِيَّة فأعطها لِرَبِّك واصبر حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يثيبك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {يَا أَيهَا المدثر} قَالَ: المتدثر فِي ثِيَابه {قُم فَأَنْذر} قَالَ: أنذر عَذَاب رَبك وَوَقَائعه فِي الْأُمَم وَشدَّة نقمته إِذا انتقم {وثيابك فطهر} يَقُول: طهرهَا من الْمعاصِي وَهِي كلمة عَرَبِيَّة كَانَت الْعَرَب إِذا نكث الرجل وَلم يوف بعهده قَالُوا: إِن فلَانا لدنس الثِّيَاب وَإِذا أوفى وَأصْلح قَالُوا: إِن فلَانا لطاهر الثِّيَاب {وَالرجز فاهجر} قَالَ: هما صنمان كَانَا عِنْد الْبَيْت أساف ونائلة يمسح وُجُوههمَا من أَتَى عَلَيْهِمَا من الْمُشْركين فَأمر الله نبيه مُحَمَّدًا أَن يهجرهما ويجانبهما {وَلَا تمنن تستكثر} قَالَ: لَا تعط شَيْئا لمثابة الدُّنْيَا وَلَا لمجازاة النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ {وَرَبك فَكبر} قَالَ: عظم {وثيابك فطهر} قَالَ: عَنى نَفسه {وَالرجز فاهجر} قَالَ: الشَّيْطَان والأوثان وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: قُلْنَا يَا رَسُول الله كَيفَ نقُول إِذا دَخَلنَا فِي الصَّلَاة فَأنْزل الله {وَرَبك فَكبر} فَأمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نفتتح الصَّلَاة بِالتَّكْبِيرِ

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {يَا أَيهَا المدثر} قَالَ: النَّائِم {وثيابك فطهر} قَالَ: لَا تكن ثِيَابك الَّتِي تلبس من مكسب بَاطِل {وَالرجز فاهجر} قَالَ: الْأَصْنَام {وَلَا تمنن تستكثر} قَالَ: لَا تعط عَطِيَّة تلتمس بهَا أفضل مِنْهَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وثيابك فطهر} قَالَ: من الإِثم قَالَ: وَهِي فِي كَلَام الْعَرَب نقي الثِّيَاب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وثيابك فطهر} قَالَ: من الْغدر وَلَا تكن غداراً وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة أَن ابْن عَبَّاس سُئِلَ عَن قَوْله: {وثيابك فطهر} قَالَ: لَا تلبسها على غدرة وَلَا فجرة ثمَّ قَالَ: أَلا تَسْمَعُونَ قَول غيلَان بن سَلمَة: إِنِّي بِحَمْد الله لَا ثوب فَاجر لبست وَلَا من غدرة أتقنع وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا كَانَ غدراً قَالُوا: فلَان دنس الثِّيَاب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي رزين {وثيابك فطهر} قَالَ: عَمَلك أصلحه كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة إِذا كَانَ الرجل حسن الْعَمَل قَالُوا: فلَان طَاهِر الثِّيَاب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وثيابك فطهر} قَالَ: وعملك فَأصْلح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وثيابك فطهر} قَالَ: لست بكاهن وَلَا سَاحر فَأَعْرض عَنهُ {وَالرجز فاهجر} قَالَ: الْأَوْثَان {وَلَا تمنن تستكثر} قَالَ: لَا تعط مصانعة رَجَاء أفضل مِنْهُ من الثَّوَاب {ولربك فاصبر} قَالَ: على مَا أوذيت وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ {وثيابك فطهر} قَالَ: عَنى نَفسه

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وثيابك فطهر} قَالَ: لَيْسَ ثِيَابه الَّذِي يلبس وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وثيابك فطهر} قَالَ: خلقك فَحسن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يزِيد بن مرْثَد فِي قَوْله: {وثيابك فطهر} أَنه ألْقى على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلا شَاة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وَالرجز فاهجر} بِالْكَسْرِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: {وَالرجز فاهجر} بِرَفْع الرَّاء وَقَالَ: هِيَ الْأَوْثَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حَمَّاد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَرَأت فِي مصحف أبي وَلَا تمنن تستكثر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وَلَا تمنن تستكثر} يَقُول: لَا تعط شَيْئا لتعطى أَكثر مِنْهُ وَإِنَّمَا نزل هَذَا فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَلَا تمنن تستكثر} قَالَ: لَا تعط شَيْئا لتعطى أَكثر مِنْهُ وَهِي للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَالنَّاس موسع عَلَيْهِم وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلَا تمنن تستكثر} قَالَ: لَا تعط الرجل عَطاء رَجَاء أَن يعطيك أَكثر مِنْهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَلَا تمنن تستكثر} قَالَ: لَا تعظم عَمَلك فِي عَيْنك أَن تستكثر من الْخَيْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَلَا تمنن تستكثر} قَالَ: لَا تقل قد دعوتهم فَلم يقبل مني عد فادعهم {ولربك فاصبر} على ذَلِك أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَإِذا نقر فِي الناقور} قَالَ: الصُّور {يَوْم عسير} قَالَ: شَدِيد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَإِذا نقر فِي الناقور} قَالَ: فَإِذا نفخ فِي الصُّور وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ وَأبي مَالك وعامر مثله

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الناقور الصُّور شَيْء كَهَيئَةِ البوق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت {فَإِذا نقر فِي الناقور} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَيفَ أنعم وَصَاحب الصُّور قد الْتَقم الْقرن وحنى جَبهته يستمع مَتى يُؤمر قَالُوا: كَيفَ نقُول يَا رَسُول الله قَالَ: قُولُوا حَسبنَا الله وَنعم وَالْوَكِيل على الله توكلنا وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم عَن بهز بن حَكِيم قَالَ: أمنا زُرَارَة بن أوفى فَقَرَأَ المدثر فَلَمَّا بلغ {فَإِذا نقر فِي الناقور} خر مَيتا فَكنت فِيمَن حمله وَأخرج عبد حميد عَن قَتَادَة {فَذَلِك يَوْمئِذٍ يَوْم عسير} قَالَ: ثمَّ بَين على من مشقته وعسره فَقَالَ: {على الْكَافرين غير يسير} الْآيَة 11 - 37

11

أخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {ذَرْنِي وَمن خلقت وحيداً} قَالَ: هُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة أخرجه الله من بطن أمه وحيداً لَا مَال لَهُ وَلَا ولد فرزقه الله المَال وَالْولد والثروة والنماء {كلاّ إِنَّه كَانَ لآياتنا عنيداً} قَالَ: كفوراً بآيَات الله جحُودًا بهَا {إِنَّه فكر وَقدر} قَالَ: ذكر لنا أَنه قَالَ: لقد نظرت فِيمَا قَالَ هَذَا الرجل فَإِذا هُوَ لَيْسَ بِشعر وَإِن لَهُ لحلاوة وَإِن عَلَيْهِ لطلاوة وَإنَّهُ ليعلوا وَمَا يعلى وَمَا أَشك أَنه سحر فَأنْزل الله فِيهِ {فَقتل كَيفَ قدر} إِلَى قَوْله: {وَبسر} قَالَ: كلح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {ذَرْنِي وَمن خلقت وحيداً} قَالَ: الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {ذَرْنِي وَمن خلقت وحيداً} قَالَ: نزلت فِي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة {وحيداً} قَالَ: خلقته وَحده لَا مَال لَهُ وَلَا ولد {وَجعلت لَهُ مَالا ممدوداً} قَالَ: ألف دِينَار {وبنين} قَالَ: كَانُوا عشرَة {شُهُودًا} قَالَ: لَا يغيبون {ومهدت لَهُ تمهيداً} قَالَ: بسطت لَهُ من المَال وَالْولد {ثمَّ يطْمع أَن أَزِيد كلا} قَالَ: فَمَا زَالَ يرى النُّقْصَان فِي مَاله وَولده حَتَّى هلك {إِنَّه كَانَ لآياتنا عنيداً} قَالَ: معانداً عَنْهَا مجانباً لَهَا {سَأُرْهِقُهُ صعُودًا} قَالَ: مشقة من الْعَذَاب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك {ذَرْنِي وَمن خلقت وحيداً} قَالَ: الْوَلِيد بن الْمُغيرَة {وبنين شُهُودًا} قَالَ: كَانُوا ثَلَاثَة عشر {ثمَّ يطْمع أَن أَزِيد كلا} قَالَ: فَلم يُولد لَهُ بعد يَوْمئِذٍ وَلم يَزْدَدْ لَهُ من المَال إِلَّا مَا كَانَ {إِنَّه كَانَ لآياتنا عنيداً} قَالَ: مشاقاً وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {ذَرْنِي وَمن خلقت وحيداً} الْآيَات قَالَ: هُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة بن هِشَام المَخْزُومِي وَكَانَ لَهُ ثَلَاثَة عشر ولدا كلهم رب بَيت فَلَمَّا نزلت {إِنَّه كَانَ لآياتنا عنيداً} لم يزل فِي إدبار من الدُّنْيَا فِي نَفسه وَمَاله وَولده حَتَّى أخرجه من الدُّنْيَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَجعلت لَهُ مَالا ممدوداً} قَالَ: ألف دِينَار وَأخرج عبد بن حميد عَن سُفْيَان {وَجعلت لَهُ مَالا ممدوداً} قَالَ: ألف ألف

وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والدينوري فِي المجالسة عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {وَجعلت لَهُ مَالا ممدوداً} قَالَ: غلَّة شهر بِشَهْر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن سَالم فِي قَوْله: {وَجعلت لَهُ مَالا ممدوداً} قَالَ: الأَرْض وَأخرج هناد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي قَوْله: {سَأُرْهِقُهُ صعُودًا} قَالَ: هُوَ جبل فِي النَّار يكلفون أَن يصعدوا فِيهِ فَكلما وضعُوا أَيْديهم عَلَيْهِ ذَابَتْ فَإِذا رفعوها عَادَتْ كَمَا كَانَت وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآن فَكَأَنَّهُ رق لَهُ فَبلغ ذَلِك أَبَا جهل فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا عَم إِن قَوْمك يُرِيدُونَ أَن يجمعوا لَك مَالا ليعطوه لَك فَإنَّك أتيت مُحَمَّدًا لتعرض لما قبله قَالَ: قد علمت قُرَيْش أَنِّي من أَكثر مَالا قَالَ: فَقل فِيهِ قولا يبلغ قَوْمك أَنَّك مُنكر أَو أَنَّك كَارِه لَهُ قَالَ: وماذا أَقُول فوَاللَّه مَا فِيكُم رجل أعلم بالشعر مني وَلَا برجزه وَلَا بقصيده مني وَلَا بشاعر الْجِنّ وَالله مَا يشبه الَّذِي يَقُول شَيْئا من هَذَا وَوَاللَّه إِن لقَوْله: الَّذِي يَقُول لحلاوة وَإِن عَلَيْهِ لطلاوة وَإنَّهُ لمثمر أَعْلَاهُ مغدق أَسْفَله وَإنَّهُ ليعلوا وَمَا يعلى وَإنَّهُ ليحطم مَا تَحْتَهُ قَالَ: لَا يرضى عَنْك قَوْمك حَتَّى تَقول فِيهِ قَالَ: فَدَعْنِي حَتَّى أفكر ففكر فَلَمَّا فكر قَالَ: هَذَا سحر يُؤثر يأثره عَن غَيره فَنزلت {ذَرْنِي وَمن خلقت وحيدا} وَأخرجه ابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة مُرْسلا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع الْوَلِيد بن الْمُغيرَة قُريْشًا فَقَالَ: مَا تَقولُونَ فِي هَذَا الرجل فَقَالَ بَعضهم: هُوَ شَاعِر وَقَالَ بَعضهم: هُوَ كَاهِن فَقَالَ الْوَلِيد: سَمِعت قَول شَاعِر وَسمعت قَول الكهنة فَمَا هُوَ مثله قَالُوا: فَمَا تَقول أَنْت قَالَ: فَنظر سَاعَة {إِنَّه فكر وَقدر فَقتل كَيفَ قدر} إِلَى قَوْله: {سحر يُؤثر} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دخل الْوَلِيد بن الْمُغيرَة على أبي بكر فَسَأَلَهُ عَن الْقُرْآن فَلَمَّا أخبرهُ خرج على قُرَيْش فَقَالَ: يَا عجبا لما يَقُول ابْن

أبي كَبْشَة فوَاللَّه مَا هُوَ بِشعر وَلَا بِسحر وَلَا بهذي من الْجُنُون وَإِن قَوْله: لمن كَلَام الله فَلَمَّا سمع النَّفر من قُرَيْش ائْتَمرُوا وَقَالُوا: وَالله لَئِن صَبأ الْوَلِيد لتصبأن قُرَيْش فَلَمَّا سمع بذلك أبوجهل قَالَ: وَالله أَنا أكفيكم شَأْنه فَانْطَلق حَتَّى دخل عَلَيْهِ بَيته فَقَالَ للوليد: ألم تَرَ قَوْمك قد جمعُوا لَك الصَّدَقَة فَقَالَ: أَلَسْت أَكْثَرهم مَالا وَولدا فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل: يتحثون أَنَّك إِنَّمَا تدخل على ابْن أبي قُحَافَة لتصيب من طَعَامه فَقَالَ الْوَلِيد: تحدث بِهَذَا عشيرتي فوَاللَّه لَا أقرب ابْن أبي قُحَافَة وَلَا عمر وَلَا ابْن أبي كَبْشَة وَمَا قَوْله: إِلَّا سحر يُؤثر فَأنْزل الله {ذَرْنِي وَمن خلقت وحيداً} إِلَى قَوْله: {لَا تبقي وَلَا تذر} وَأخرج ابْن جرير وهناد بن السّري فِي الزّهْد وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {عنيداً} قَالَ: جحُودًا وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي صفة النَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الصعُود جبل فِي النَّار يصعد فِيهِ الْكَافِر سبعين خَرِيفًا ثمَّ يهوي وَهُوَ كَذَلِك فِيهِ أبدا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر عَن أبي سعيد قَالَ: إِن {صعُودًا} صَخْرَة فِي جَهَنَّم إِذا وضعُوا أَيْديهم عَلَيْهَا ذَابَتْ فَإِذا رفعوها عَادَتْ واقتحامها (فك رَقَبَة أَو إطْعَام فِي يَوْم ذِي مسغبة) (سُورَة الْبَلَد الْآيَة 14) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صعُود صَخْرَة فِي جَهَنَّم يسحب عَلَيْهَا الْكَافِر على وَجهه وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قي قَوْله: {سَأُرْهِقُهُ صعُودًا} قَالَ: جبل فِي النَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {صعُودًا} قَالَ: جبلا فِي جَهَنَّم وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {سَأُرْهِقُهُ صعُودًا} قَالَ: صَخْرَة ملساء فِي جَهَنَّم يكلفون الصعُود عَلَيْهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {سَأُرْهِقُهُ صعُودًا} قَالَ: مشقة من الْعَذَاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {عبس وَبسر} قَالَ: قبض مَا بَين عَيْنَيْهِ وكلح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي رزين {إِن هَذَا إِلَّا سحر يُؤثر} قَالَ: يأثره عَن غَيره وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: {سقر} أَسْفَل الْجَحِيم نَار فِيهَا شَجَرَة الزقوم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لَا تبقي وَلَا تذر} قَالَ: لَا تحيي وَلَا تميت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {لَا تبقي} إِذا أخذت فيهم لم تبْق مِنْهُم شَيْئا وَإِذا بدلُوا جلدا جَدِيدا لم تذر أَن تباردهم سَبِيل الْعَذَاب الأول وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {لَا تبقي وَلَا تذر} تَأْكُله كُله فَإِذا تبدى خلقه لم تذره حَتَّى تقوم عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن بريد {لَا تبقي وَلَا تذر} قَالَ: تَأْكُل اللَّحْم والعظم والعرق والمخ وَلَا تذره على ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لواحة للبشر} قَالَ: حراقة للجلد وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {لواحة للبشر} قَالَ: تلوح الْجلد فتحرقه فيتغير لَونه فيصر أسود من اللَّيْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن أبي رزين {لواحة للبشر} قَالَ: تلوح جلده حَتَّى تَدعه أَشد سواداً من اللَّيْل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {لواحة} محرقة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْبَراء أَن رهطاً من الْيَهُود سَأَلُوا رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن خَزَنَة جَهَنَّم فَقَالَ: الله وَرَسُوله أعلم فجَاء فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنزل عَلَيْهِ ساعتئذ {عَلَيْهَا تِسْعَة عشر}

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: قَالَ نَاس من الْيَهُود لِأُنَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل يعلم نَبِيكُم عدد خَزَنَة جَهَنَّم قَالَ: هَكَذَا وَهَكَذَا فِي مرّة عشرَة وَفِي مرّة تِسْعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: لما نزلت {عَلَيْهَا تِسْعَة عشر} قَالَ رجل من قُرَيْش يدعى أَبَا الأشدين: يَا معشر قُرَيْش لَا يهولنكم التِّسْعَة عشر أَنا أدفَع عَنْكُم بمنكبي الْأَيْمن عشرَة وبمنكبي الْأَيْسَر التِّسْعَة فَأنْزل الله {وَمَا جعلنَا أَصْحَاب النَّار إِلَّا مَلَائِكَة} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما سمع أَبُو جهل {عَلَيْهَا تِسْعَة عشر} قَالَ لقريش: ثكلتكم أُمَّهَاتكُم أسمع ابْن أبي كَبْشَة يُخْبِركُمْ أَن خَزَنَة النَّار تِسْعَة عشر وَأَنْتُم الدهم أفيعجز كل عشرَة مِنْكُم أَن يبطشوا بِرَجُل من خَزَنَة جَهَنَّم فَأوحى الله إِلَى نبيه أَن يَأْتِي أَبَا جهل فَيَأْخُذ بِيَدِهِ فِي بطحاء مَكَّة فَيَقُول لَهُ: {أولى لَك فَأولى ثمَّ أولى لَك فَأولى} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {عَلَيْهَا تِسْعَة عشر} قَالَ: ذكر لنا أَن أَبَا جهل حِين أنزلت هَذِه الْآيَة قَالَ: يَا معشر قُرَيْش مَا يَسْتَطِيع كل عشرَة مِنْكُم أَنِّي يغلبوا وَاحِدًا من خَزَنَة النَّار وَأَنْتُم ألدهم وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق الْأَزْرَق بن قيس عَن رجل من بني تَمِيم قَالَ: كُنَّا عِنْد أبي الْعَوام فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {عَلَيْهَا تِسْعَة عشر} فَقَالَ: مَا تَقولُونَ أتسعة عشر ملكا أَو تِسْعَة عشر ألفا قلت: لَا بل تِسْعَة عشر ملكا فَقَالَ: وَمن أَيْن علمت ذَلِك قُلْنَا: لِأَن الله يَقُول: {وَمَا جعلنَا عدتهمْ إِلَّا فتْنَة للَّذين كفرُوا} قَالَ: صدقت هم تِسْعَة عشر ملكا بيد كل ملك مِنْهُم مرزبة من حَدِيد لَهُ شعبتان فَيضْرب بهَا الضَّرْبَة يهوي بهَا فِي جَهَنَّم سبعين ألفا بَين مَنْكِبي كل ملك مِنْهُم مسيرَة كَذَا وَكَذَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {عَلَيْهَا تِسْعَة عشر} قَالَ: جعلُوا فتْنَة قَالَ: قَالَ أَبُو الأشدين الجُمَحِي: لَا يبلغون رتوتي حَتَّى أجهضهم عَن جَهَنَّم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَمَا جعلنَا عدتهمْ إِلَّا فتْنَة للَّذين كفرُوا} قَالَ: قَالَ أَبُو الأشدين: خلوا بيني وَبَين خَزَنَة جَهَنَّم أَنا أكفيكم مؤنتهم قَالَ:

وَحدثت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصف خزان جَهَنَّم فَقَالَ: كَأَن أَعينهم الْبَرْق وَكَأن أَفْوَاههم الصَّيَاصِي يجرونَ أشفارهم لَهُم مثل قُوَّة الثقلَيْن يقبل أحدهم بالأمة من النَّاس يسوقهم على رقبته جبل حَتَّى يَرْمِي بهم فِي النَّار فَيَرْمِي بِالْجَبَلِ عَلَيْهِم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {ليستيقن الَّذين أُوتُوا الْكتاب} أَنهم يَجدونَ عدتهمْ فِي كِتَابهمْ تِسْعَة عشر {ويزداد الَّذين آمنُوا إِيمَانًا} فيؤمنوا بِمَا فِي كِتَابهمْ من عدتهمْ فيزدادوا بذلك إِيمَانًا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ليستيقن الَّذين أُوتُوا الْكتاب} قَالَ: يستيقن أهل الْكتاب حِين وَافق عدد خَزَنَة النَّار مَا فِي كِتَابهمْ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {ليستيقن الَّذين أُوتُوا الْكتاب} قَالَ: يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم عدَّة خَزَنَة النَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {ليستيقن الَّذين أُوتُوا الْكتاب ويزداد الَّذين آمنُوا إِيمَانًا} قَالَ: صدق الْقُرْآن الْكتب الَّتِي خلت قبله التَّوْرَاة والإِنجيل أَن خَزَنَة جَهَنَّم تِسْعَة عشر {وليقول الَّذين فِي قُلُوبهم مرض} قَالَ: الَّذين فِي قُلُوبهم النِّفَاق وَالله أعلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمَا يعلم جنود رَبك إِلَّا هُوَ} قَالَ: من كثرتهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق ابْن جريج عَن رجل عَن عُرْوَة بن الزبير أَنه سَأَلَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَي الْخلق أعظم قَالَ: الْمَلَائِكَة قَالَ: من مَاذَا خلقت قَالَ: من نور الذراعين والصدر قَالَ: فَبسط الذراعين فَقَالَ: كونُوا ألفي أَلفَيْنِ قيل لِابْنِ جريج: مَا ألفي أَلفَيْنِ قَالَ: مَا لَا يُحْصى كثرته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدثهمْ عَن لَيْلَة الإِسراء قَالَ: فَصَعدت أَنا وَجِبْرِيل إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَإِذا أَنا بِملك يُقَال لَهُ اسماعيل وَهُوَ صَاحب سَمَاء الدُّنْيَا وَبَين يَدَيْهِ سَبْعُونَ ألف ملك مَعَ كل ملك مِنْهُم جنده مائَة ألف وتلا هَذِه الْآيَة {وَمَا يعلم جنود رَبك إِلَّا هُوَ} وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَمَا هِيَ إِلَّا ذكرى للبشر} قَالَ: النَّار

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة مثله وَأخرج أَبُو عبيد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ: اللَّيْل إِذا دبر فَجعل الْألف مَعَ إِذا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن ابْن الزبير أَنه كَانَ يقْرَأ: وَاللَّيْل إِذا دبر وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَهَا: دبر مثل قِرَاءَة ابْن عَبَّاس وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَنه قَرَأَهَا: إِذا بِغَيْر ألف {أدبر} بِأَلف وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن هرون قَالَ: إِنَّهَا فِي حرف أبي وَابْن مَسْعُود / إِذا أدبر / يَعْنِي بِأَلفَيْنِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَاللَّيْل إِذْ أدبر} قَالَ: دبوره ظلامه وَأخرج مُسَدّد فِي مُسْنده وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: {وَاللَّيْل إِذْ أدبر} فَسكت عني حَتَّى إِذا كَانَ من آخر اللَّيْل وَسمع الْأَذَان الأول ناداني: يَا مُجَاهِد هَذَا حِين دبر اللَّيْل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَالصُّبْح إِذا أَسْفر} قَالَ: إِذا أَضَاء {إِنَّهَا لإِحدى الْكبر} قَالَ: النَّار وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {إِنَّهَا لإِحدى الْكبر} قَالَ: النَّار وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي رزين {إِنَّهَا لإِحدى الْكبر نذيراً للبشر} قَالَ: هِيَ جَهَنَّم وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الأمل عَن حُذَيْفَة قَالَ: مَا من صباح وَلَا مسَاء إِلَّا ومنادٍ يُنَادي: يَا أَيهَا النَّاس الرحيل الرحيل وَإِن تَصْدِيق ذَلِك فِي كتاب الله {إِنَّهَا لإِحدى الْكبر نذيراً للبشر لمن شَاءَ مِنْكُم أَن يتَقَدَّم} قَالَ: الْمَوْت {أَو يتَأَخَّر} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {لمن شَاءَ مِنْكُم أَن يتَقَدَّم أَو يتَأَخَّر} قَالَ: من شَاءَ اتبع طَاعَة الله وَمن شَاءَ تَأَخّر عَنْهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {لمن شَاءَ مِنْكُم أَن يتَقَدَّم} قَالَ: فِي طَاعَة الله {أَو يتَأَخَّر} قَالَ: فِي مَعْصِيّة الله آيَة 28 - 56

38

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كل نفس بِمَا كسبت رهينة} قَالَ: مَأْخُوذَة بعملها وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {كل نفس بِمَا كسبت رهينة إِلَّا أَصْحَاب الْيَمين} قَالَ: علق النَّاس كلهم إِلَّا أَصْحَاب الْيَمين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {كل نفس بِمَا كسبت رهينة إِلَّا أَصْحَاب الْيَمين} قَالَ: لَا يحاسبون وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِلَّا أَصْحَاب الْيَمين} قَالَ: هم الْمُسلمُونَ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله: {إِلَّا أَصْحَاب الْيَمين} قَالَ: هم أَطْفَال الْمُسلمين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عمر فِي قَوْله: {إِلَّا أَصْحَاب الْيَمين} قَالَ: هم أَطْفَال الْمُسلمين

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي دَاوُد وَابْن الْأَنْبَارِي مَعًا فِي الْمَصَاحِف وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: سَمِعت عبد الله بن الزبير يقْرَأ {فِي جنَّات يتساءلون عَن الْمُجْرمين} يَا فلَان {مَا سلككم فِي سقر} قَالَ عَمْرو: وَأَخْبرنِي لَقِيط قَالَ: سَمِعت ابْن الزبير قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب يقْرؤهَا كَذَلِك وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ: يَا أَيهَا الْكفَّار مَا سلككم فِي سقر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَكُنَّا نَخُوض مَعَ الخائضين} قَالَ: يَقُولُونَ: كلما غوى غاو غوينا مَعَه وَفِي قَوْله: {فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين} قَالَ: تعلمُوا أَن الله يشفّع الْمُؤمنِينَ يَوْم الْقِيَامَة بَعضهم فِي بعض قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن فِي أمتِي رجلا ليدخلن الله الْجنَّة بِشَفَاعَتِهِ أَكثر من بني تَمِيم وَقَالَ الْحسن: أَكثر من ربيعَة وَمُضر قَالَ: وَكُنَّا نُحدث أَن الشَّهِيد يشفع فِي سبعين من أهل بَيته وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين} قَالَ: لَا تنالهم شَفَاعَة من يشفع وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ليخرجن بشفاعتي من أهل الإِيمان من النَّار حَتَّى لَا يبْقى فِيهَا أحد إِلَّا أهل هَذِه الْآيَة {مَا سلككم فِي سقر} إِلَى قَوْله: {شَفَاعَة الشافعين} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن مَيْمُون أَن كَعْبًا دخل يَوْمًا على عمر بن الْخطاب فَقَالَ لَهُ عمر: حَدثنِي إِلَى مَا تَنْتَهِي شَفَاعَة مُحَمَّد يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ كَعْب: قد أخْبرك الله فِي الْقُرْآن إِن الله يَقُول: {مَا سلككم فِي سقر} إِلَى قَوْله: {الْيَقِين} قَالَ كَعْب: فَيشفع يَوْمئِذٍ حَتَّى يبلغ من لم يصل صَلَاة قطّ وَيطْعم مِسْكينا قطّ وَمن لم يُؤمن ببعث قطّ فَإِذا بلغت هَؤُلَاءِ لم يبْق أحد فِيهِ خير وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُؤْتى بِأَدْنَى أهل النَّار منزلَة يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول الله لَهُ: تفتدى بملء الأَرْض ذَهَبا وَفِضة فَيَقُول: نعم إِن قدرت عَلَيْهِ فَيَقُول: كذبت قد كنت أَسأَلك مَا هُوَ أيسر عَلَيْك من أَن تَسْأَلنِي

فأعطيك وتستغفرني فَأغْفِر لَك وتدعوني فأستجيب لَك فَلم تخفني سَاعَة قطّ من ليل ونهار وَلم ترج مَا عِنْدِي قطّ وَلم تخش عقابي سَاعَة قطّ وَلَيْسَ وَرَاءه أحد إِلَّا وَهُوَ شَرّ مِنْهُ فَيُقَال لَهُ: {مَا سلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين} إِلَى قَوْله: {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين} يَقُول الله: {فَمَا تنفعهم شَفَاعَة الشافعين} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن صُهَيْب الْفَقِير قَالَ: كُنَّا بِمَكَّة وَمَعِي طلق بن حبيب وَكُنَّا نرى رَأْي الْخَوَارِج فَبَلغنَا أَن جَابر بن عبد الله يَقُول فِي الشَّفَاعَة فأتيناه فَقُلْنَا لَهُ: بلغنَا عَنْك فِي الشَّفَاعَة قَول الله مُخَالف لَك فِيهَا فِي كِتَابه فَنظر فِي وُجُوهنَا فَقَالَ: من أهل الْعرَاق أَنْتُم قالنا: نعم فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: وَأَيْنَ تَجِدُونَ فِي كتاب الله قلت: حَيْثُ يَقُول: (رَبنَا إِنَّك من تدخل النَّار فقد أخزيته) (سُورَة آل عمرَان الْآيَة 192) و (يُرِيدُونَ أَن يخرجُوا من النَّار وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا) (سُورَة الْمَائِدَة الْآيَة 37) و (كلما أروادوا أَن يخرجُوا مِنْهَا أعيدوا فِيهَا) (سُورَة السَّجْدَة الْآيَة 20) وَأَشْبَاه هَذَا من الْقُرْآن فَقَالَ: أَنْتُم أعلم بِكِتَاب الله أم أَنا قُلْنَا: بل أَنْت أعلم بِهِ منا قَالَ: فوَاللَّه لقد شهِدت تَنْزِيل هَذَا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وشفاعة الشافعين وَلَقَد سَمِعت تَأْوِيله من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِن الشَّفَاعَة لنَبيه فِي كتاب الله قَالَ فِي السُّورَة الَّتِي تذكر فِيهَا المدثر: {مَا سلككم فِي سقر قَالُوا لم نك من الْمُصَلِّين} الْآيَة أَلا ترَوْنَ أَنَّهَا حلت لمن مَاتَ لم يُشْرك بِاللَّه شَيْئا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله خلق خلقا وَلم ستعن على ذَلِك وَلم يشاور فِيهِ أحدا فَأدْخل من شَاءَ الْجنَّة برحمته وَأدْخل من شَاءَ النَّار ثمَّ إِن الله تَحَنن على الْمُوَحِّدين فَبعث الْملك من قبله بِمَاء وَنور فَدخل النَّار فنضح فَلَمَّا يصب إِلَّا من شَاءَ وَلم يصب إِلَّا من خرج من الدُّنْيَا لم يُشْرك بِاللَّه شَيْئا فَأخْرجهُمْ حَتَّى جعلهم بِفنَاء الْجنَّة ثمَّ رَجَعَ إِلَى ربه فأمده بِمَاء وَنور ثمَّ دخل فنضح فَلم يصب إِلَّا من شَاءَ الله ثمَّ لم يصب إِلَّا من خرج من الدُّنْيَا لم يُشْرك بِاللَّه شَيْئا فَأخْرجهُمْ حَتَّى جعلهم بِفنَاء الْجنَّة ثمَّ أذن الله للشفعاء فشفعوا لَهُم فأدخلهم الله الْجنَّة برحته وشفاعة الشافعين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يعذب الله قوما من أهل الإِيمان ثمَّ يخرجهم بشفاعة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى لَا يبْقى إِلَّا من ذكر الله {مَا سلككم فِي سقر} إِلَى قَوْله: {شَفَاعَة الشافعين}

أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فَمَا لَهُم عَن التَّذْكِرَة معرضين} قَالَ: عَن الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {كَأَنَّهُمْ حمر} مثقلة {مستنفرة} بخفض الْفَاء وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن وَأبي رَجَاء أَنَّهُمَا قرآ {مستنفرة} يَعْنِي بِنصب الْفَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي قَوْله: {فرت من قسورة} قَالَ: هم الرُّمَاة رجال القنص وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: القسورة الرِّجَال الرُّمَاة رجال القنص وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي جَمْرَة قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس قَالَ: القسورة الْأسد فَقَالَ: مَا أعلمهُ بلغَة أحد من الْعَرَب الْأسد هم عصبَة الرِّجَال وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {كَأَنَّهُمْ حمر مستنفرة فرت من قسورة} قَالَ: وحشية فرت من رماتها وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {فرت من قسورة} قَالَ: القناص وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {فرت من قسورة} قَالَ: القناص الرُّمَاة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك قَالَ: القسورة الرُّمَاة وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَطاء بن أبي رَبَاح مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: القسورة النبل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {من قسورة} قَالَ: من حبال الصيادين وَأخرج سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي تَفْسِيره وَعبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {من قسورة} قَالَ: هُوَ ركز النَّاس يَعْنِي أَصْوَاتهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من قسورة} قَالَ: هُوَ بِلِسَان الْعَرَب الْأسد وبلسان الْحَبَشَة قسورة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله: {فرت من قسورة} قَالَ: الْأسد

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن السّديّ عَن أبي صَالح قَالَ: قَالُوا: إِن كَانَ مُحَمَّدًا صَادِقا فليصبح تَحت رَأس كل رجل منا صحيفَة فِيهَا بَرَاءَته وأمنته من النَّار فَنزلت {بل يُرِيد كل امْرِئ مِنْهُم أَن يُؤْتى صحفاً منشرة} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {بل يُرِيد كل امْرِئ مِنْهُم أَن يُؤْتى صحفاً منشرة} قَالَ: إِلَى فلَان بن فلَان من رب الْعَالمين يصبح عِنْد رَأس كل رجل صحيفَة مَوْضُوعَة يقْرؤهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {بل يُرِيد كل امْرِئ مِنْهُم أَن يُؤْتى صحفاً منشرة} قَالَ: قد قَالَ قَائِلُونَ من النَّاس لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن سرك أَن نتابعك فائتنا بِكِتَاب خَاصَّة يَأْمُرنَا باتباعك وَفِي قَوْله: {كلا بل لَا يخَافُونَ الْآخِرَة} قَالَ: ذَلِك الَّذِي أضْحك بالقوم وأفسدهم أَنهم كَانُوا لَا يخَافُونَ الْآخِرَة وَلَا يصدقون بهَا وَفِي قَوْله: {كلا إِنَّهَا تذكرة} قَالَ: هَذَا الْقُرْآن وَفِي قَوْله: {هُوَ أهل التَّقْوَى وَأهل الْمَغْفِرَة} قَالَ: إِن رَبنَا محقوق أَن تتقى مَحَارمه وَهُوَ أهل أَن يغْفر الذُّنُوب الْكَثِيرَة لِعِبَادِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {كلا بل لَا يخَافُونَ الْآخِرَة} قَالَ: هَذَا الَّذِي فضحهم وَأخرج أَحْمد والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه الْآيَة {هُوَ أهل التَّقْوَى وَأهل الْمَغْفِرَة} فَقَالَ: قد قَالَ ربكُم أَنا أهل أَن أُتَّقَى فَمن لم يَجْعَل معي إِلَهًا فَأَنا أهل أَن أَغفر لَهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن دِينَار قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم يَقُولُونَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله: {هُوَ أهل التَّقْوَى وَأهل الْمَغْفِرَة} قَالَ: يَقُول الله أَنا أهل أَن أتقى فَلَا يَجْعَل معي شريك فَإِذا اتَّقَيْت وَلم يَجْعَل معي شريك فَأَنا أهل أَن أَغفر مَا سوى ذَلِك وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قَالَ الله أَنا أكْرم وَأعظم عفوا من أَن أستر على عبد لي فِي الدُّنْيَا ثمَّ أفضحه بعد أَن سترته وَلَا أَزَال أَغفر لعبدي مَا استغفرني قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله تَعَالَى: إِنِّي لأجدني استحي من عَبدِي يرفع يَدَيْهِ إليّ ثمَّ أردهما قَالَت

الْمَلَائِكَة: إلهنا لَيْسَ لذَلِك بِأَهْل قَالَ الله: لكني أهل التَّقْوَى وَأهل الْمَغْفِرَة أشهدكم أَنِّي قد غفرت لَهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَيَقُول الله: إِنِّي لأَسْتَحي من عَبدِي وَأمتِي يشيبان فِي الإِسلام ثمَّ أعذبهما بعد ذَلِك فِي النَّار

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 75 سُورَة الْقِيَامَة مَكِّيَّة وآياتها أَرْبَعُونَ الْآيَة 1 - 13

القيامة

أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْقِيَامَة وَفِي لفظ: نزلت {لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت سُورَة {لَا أقسم} بِمَكَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: حَدثنَا أَن عمر بن الْخطاب قَالَ: من سَأَلَ عَن يَوْم الْقِيَامَة فليقرأ هَذِه السُّورَة وَالله أعلم أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة} يَقُول: أقسم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: {لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: يقسم رَبك بِمَا شَاءَ من خلقه قلت: {وَلَا أقسم بِالنَّفسِ اللوّامة} قَالَ: من النَّفس الملومة قلت: {أيحسب الْإِنْسَان ألن نجمع عِظَامه بلَى قَادِرين على أَن نسوي بنانه} قَالَ: لَو شَاءَ لجعله خفاً أَو حافراً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: يقسم الله بِمَا شَاءَ من خلقه {وَلَا أقسم بِالنَّفسِ اللوّامة} الْفَاجِرَة قَالَ: يقسم بهَا

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {بِالنَّفسِ اللوّامة} قَالَ: المذمومة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {بِالنَّفسِ اللوامة} قَالَ: الَّتِي تلوم على الْخَيْر وَالشَّر تَقول لَو فعلت كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {بِالنَّفسِ اللوامة} قَالَ: تندم على مَا فَاتَ وتلوم عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {بِالنَّفسِ اللوامة} قَالَ: تندم على مَا فَاتَ وتلوم عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي محاسبة النَّفس عَن الْحسن {وَلَا أقسم بِالنَّفسِ اللوامة} قَالَ: إِن الْمُؤمن لَا ترَاهُ إِلَّا يلوم نَفسه مَا أردْت بكلمتي مَا أردْت بأكلتي مَا أردْت بحديثي نَفسِي وَلَا أرَاهُ إِلَّا يعاتبها وَإِن الْفَاجِر يمْضِي قدماً لَا يُعَاتب نَفسه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس {بلَى قَادِرين على أَن نسوي بنانه} قَالَ: نَجْعَلهَا كفا لَيْسَ فِيهِ أَصَابِع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {بلَى قَادِرين على أَن نسوي بنانه} قَالَ: لَو شَاءَ لجعله كخف الْبَعِير أَو كحافر الْحمار وَلَكِن جعله الله خلقا سوياً حسنا جميلاً تقبض بِهِ وتبسط بِهِ يَا ابْن آدم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {على أَن نسوي بنانه} قَالَ: يَجْعَل رجلَيْهِ كخف الْبَعِير فَلَا يعْمل بهَا شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {على أَن نسوي بنانه} قَالَ: إِن شَاءَ رده مثل خف الْبَعِير حَتَّى لَا ينْتَفع وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {على أَن نسوي بنانه} قَالَ: يَجْعَل رجلَيْهِ كخف الْبَعِير فَلَا يعْمل بهما شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {على أَن نسوي بنانه} قَالَ: إِن شَاءَ رده مثل خف الْجمل حَتَّى لَا ينْتَفع بِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {على أَن نسوي بنانه} قَالَ: على أَن نجْعَل يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ مثل خف الْبَعِير

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {بلَى قَادِرين على أَن نسوي بنانه} فَقَالَ: إِن الله أعف مطعم ابْن آدم وَلم يَجعله خفاً وَلَا حافراً فَهُوَ يَأْكُل بيدَيْهِ فيتقي بهَا وَسَائِر الدَّوَابّ إِنَّمَا يَتَّقِي الأَرْض بفمه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {بل يُرِيد الإِنسان ليفجر أَمَامه} قَالَ: يمْضِي قدماً وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {بل يُرِيد الإِنسان ليفجر أَمَامه} قَالَ: هُوَ الْكَافِر يكذب بِالْحِسَابِ وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {بل يُرِيد الإِنسان ليفجر أَمَامه} يَعْنِي الأمل يَقُول: أعمل ثمَّ أَتُوب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الأمل وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {بل يُرِيد الإِنسان ليفجر أَمَامه} قَالَ: يقدم الذَّنب وَيُؤَخر التَّوْبَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {بل يُرِيد الإِنسان ليفجر أَمَامه} قَالَ: يمْضِي أَمَامه رَاكِبًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن {بل يُرِيد الإِنسان ليفجر أَمَامه} قَالَ: يمشي قدماً فِي معاصي الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {بل يُرِيد الإِنسان ليفجر أَمَامه} قَالَ: لَا تلقى ابْن آدم إِلَّا تنْزع نَفسه إِلَى مَعْصِيّة الله قدماً قدماً إِلَّا من عصم الله وَفِي قَوْله: {يسْأَل أَيَّانَ يَوْم الْقِيَامَة} يَقُول: مَتى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {بل يُرِيد الإِنسان ليفجر أَمَامه} قَالَ: يَقُول سَوف أَتُوب {يسْأَل أَيَّانَ يَوْم الْقِيَامَة} قَالَ: يَقُول مَتى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: فَبين لَهُ {فَإِذا برق الْبَصَر} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَإِذا برق الْبَصَر} يَعْنِي الْمَوْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فَإِذا برق الْبَصَر} يَعْنِي الْمَوْت وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فَإِذا برق الْبَصَر} قَالَ: شخص الْبَصَر {وَخسف الْقَمَر} يَقُول: ذهب ضوءه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَإِذا برق الْبَصَر} قَالَ: عِنْد الْمَوْت {وَخسف الْقَمَر وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر} قَالَ: كورا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر} قَالَ: كورا يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن يسَار فِي قَوْله: {وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر} قَالَ: يجمعان يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ يقذفان فِي الْبَحْر فَيكون نَار الله الْكُبْرَى وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن خَالِد قَالَ: قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس {أَيْن المفر} بِنصب الْمِيم وَكسر الْفَاء قَالَ: وَقرأَهَا يحيى بن وثاب {أَيْن المفر} بِنصب الْمِيم وَالْفَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَهْوَال وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا وزر} قَالَ: لَا حصن وَلَا ملْجأ وَفِي لفظ لَا حرز وَفِي لفظ لَا جبل وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {لَا وزر} قَالَ: الْوزر الملجأ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عَمْرو بن كُلْثُوم وَهُوَ يَقُول: لعمرك مَا إِن لَهُ صَخْرَة لعمرك مَا إِن لَهُ من وزر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأَهْوَال وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {لَا وزر} قَالَ: لَا حصن وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير وعطية وَأبي قلَابَة مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي قَوْله: {كلا لَا وزر} قَالَ: كَانَت الْعَرَب إِذا نزل بهم الْأَمر الشَّديد قَالُوا: الْوزر الْوَزير فَلَمَّا أَن جَاءَ الله بالإِسلام قَالَ: {كلا لَا وزر} قَالَ: لَا جبل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: كَانَ الرجل يكون فِي مَاشِيَته فَتَأْتِيه الْخَيل بَغْتَة فَيَقُول لَهُ صَاحبه: الْوزر الْوَزير أَي أقصد الْجَبَل فتحصن بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لَا وزر} قَالَ: لَا جبل

وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي قلَابَة {لَا وزر} قَالَ: لَا غَار لَا ملْجأ وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {لَا وزر} قَالَ: لَا جبل محرزة وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {لَا وزر} قَالَ: لَا وزر يَعْنِي الْجَبَل بلغَة حمير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جريرعن مطرف {لَا وزر} قَالَ: لَا جبل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ {لَا وزر} قَالَ: لَا جبل وَلَا حرز وَلَا ملْجأ وَلَا منجى {إِلَى رَبك يَوْمئِذٍ المستقر} قَالَ: الْمُنْتَهى {ينبأ الإِنسان يَوْمئِذٍ بِمَا قدم} قَالَ: من طَاعَة الله {وَأخر} قَالَ: وَمَا ضيع من حق الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد وَإِبْرَاهِيم {ينبأ الإِنسان يَوْمئِذٍ بِمَا قدم وَأخر} قَالَ: بِأول عمله وَآخره وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: بِمَا قدم من الذُّنُوب وَالشَّر والخطايا وَمَا أخر من الْخَيْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {ينبأ الإِنسان يَوْمئِذٍ بِمَا قدم وَأخر} بِمَا قدم من عمله وَمَا أخر من سنة عمل بهَا من بعده من خير أَو شَرّ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {ينبأ الإِنسان يَوْمئِذٍ بِمَا قدم وَأخر} قَالَ: بِمَا عمل قبل مَوته وَمَا يسن فَعمل بِهِ بعد مَوته وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {ينبأ الإِنسان يَوْمئِذٍ بِمَا قدم وَأخر} قَالَ: قدم من حَسَنَة أَو أخر من سنة حَسَنَة عمل بهَا بعده علما علمه صَدَقَة أَمر بهَا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ينبأ الإِنسان يَوْمئِذٍ بِمَا قدم وَأخر} يَقُول: بِمَا قدم من الْمعْصِيَة وَأخر من الطَّاعَة فينبأ بذلك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب المحتضرين عَن الْحسن فِي قَوْله: {ينبأ الإِنسان يَوْمئِذٍ بِمَا قدم وَأخر} قَالَ: ينزل ملك الْمَوْت عَلَيْهِ مَعَ حفظَة فَيعرض عَلَيْهِ الْخَيْر وَالشَّر فَإِذا رأى حَسَنَة هش وأشرق وَإِذا رأى سَيِّئَة غض وقطب وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مُجَاهِد قَالَ: بلغنَا أَن نفس الْمُؤمن لَا تخرج حَتَّى يعرض عَلَيْهِ عمله خَيره وشره

الْآيَة 14 - 19

14

أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {بل الإِنسان على نَفسه بَصِيرَة} قَالَ: الإِنسان شَهِيد على نَفسه وَحده {وَلَو ألْقى معاذيره} قَالَ: وَلَو اعتذر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {بل الإِنسان على نَفسه بَصِيرَة} قَالَ: شَاهد عَلَيْهَا بعملها {وَلَو ألْقى معاذيره} قَالَ: وَاعْتذر يَوْمئِذٍ بباطل لم يقبل الله ذَلِك مِنْهُ يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {على نَفسه بَصِيرَة وَلَو ألْقى معاذيره} قَالَ: لَو جادل عَنْهَا هُوَ بَصِير عَلَيْهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {وَلَو ألْقى معاذيره} قَالَ: حجَّته وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عمرَان بن جُبَير قَالَ: قلت لعكرمة: {بل الإِنسان على نَفسه بَصِيرَة وَلَو ألْقى معاذيره} فَسكت وَكَانَ يستاك فَقلت: إِن الْحسن قَالَ: يَا ابْن آدم عَمَلك أَحَق بك قَالَ: صدقت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {بل الإِنسان على نَفسه بَصِيرَة} قَالَ: إِذا شِئْت رَأَيْته بَصيرًا بعيون النَّاس غافلاً عَن عَيبه قَالَ: وَكَانَ يُقَال فِي الإِنجيل: مَكْتُوب يَا ابْن آدم أتبصر القذاة فِي عين أَخِيك وَلَا تبصر الجذل الْمُعْتَرض فِي عَيْنك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {بل الإِنسان على نَفسه بَصِيرَة} قَالَ: سَمعه وبصره وَيَده وَرجلَيْهِ وجوارحه {وَلَو ألْقى معاذيره} قَالَ: وَلَو تجرد من ثِيَابه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {وَلَو ألْقى معاذيره} قَالَ: ستوره بلغَة أهل الْيمن

أخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعالج من التَّنْزِيل شدَّة وَكَانَ يُحَرك بِهِ لِسَانه وشفتيه مَخَافَة أَن يتلفت مِنْهُ يُرِيد أَن يحفظه فَأنْزل الله {لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ إِن علينا جمعه وقرآنه} قَالَ: يَقُول إِن علينا أَن نجمعه فِي صدرك ثمَّ تقرؤه {فَإِذا قرأناه} يَقُول: إِذا أَنزَلْنَاهُ عَلَيْك {فَاتبع قرآنه} فاستمع لَهُ وأنصت {ثمَّ إِن علينا بَيَانه} بَينه بلسانك وَفِي لفظ علينا أَن نقرأه فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك إِذا أَتَاهُ جِبْرِيل أطرق وَفِي لفظ اسْتمع فَإِذا ذهب قَرَأَ كَمَا وعده الله عز وَجل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزل عَلَيْهِ الْقُرْآن تعجل بقرَاءَته ليحفظه فَنزلت هَذِه الْآيَة {لَا تحرّك بِهِ لسَانك} وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يعلم ختم سُورَة حَتَّى ينزل عَلَيْهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفتر عَن الْقُرْآن مَخَافَة أَن ينساه فَقَالَ الله: لَا تحرّك بِهِ لسَانك {إِن علينا جمعه} أَن نجمعه لَك {وقرآنه} أَن تَقْرَأهُ فَلَا تنسى {فَإِذا قرأناه} عَلَيْك {فَاتبع قرآنه} يَقُول: إِذا يُتْلَى عَلَيْك فَاتبع مَا فِيهِ {ثمَّ إِن علينا بَيَانه} يَقُول: حَلَاله وَحَرَامه فَذَلِك بَيَانه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فَإِذا قرأناه} قَالَ: بَيناهُ {فَاتبع قرآنه} يَقُول: اعْمَلْ بِهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لَا تحرّك بِهِ لسَانك} قَالَ: كَانَ يستذكر الْقُرْآن مَخَافَة النسْيَان فَقيل لَهُ: كفيناكه يَا مُحَمَّد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ} قَالَ: كَانَ نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُحَرك لِسَانه بِالْقُرْآنِ مَخَافَة النسْيَان فَأنْزل الله مَا تسمع {إِن علينا جمعه وقرآنه} يَقُول: إِن علينا حفظه وتأليفه {فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه} يَقُول اتبع حَلَاله واجتنب حرَامه {ثمَّ إِن علينا بَيَانه} قَالَ: بَيَان حَلَاله وَحَرَامه وطاعته ومعصيته

الْآيَة 20 - 25

20

أخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يقْرَأ / كلا بل يحبونَ العاجلة ويذرون الْآخِرَة / وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ كلا بل تحبون العاجلة بِالتَّاءِ وتذرون الْآخِرَة بِالتَّاءِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: / كلا بل يحبونَ العاجلة ويذرون الْآخِرَة / قَالَ: اخْتَار أَكثر النَّاس العاجلة إِلَّا من رحم الله وعصم وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {كلا بل تحبون العاجلة} قَالَ: عجلت لَهُم الدُّنْيَا سناها وَخَيرهَا وغيبت عَنْهُم الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} قَالَ: ناعمة وَأخرج ابْن الْمُنْذر والآجري فِي الشَّرِيعَة واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الرُّؤْيَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} قَالَ: يَعْنِي حسنها {إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ: نظرت إِلَى الْخَالِق وَأخرج ابْن الْمُنْذر والآجري عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله: {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} قَالَ: نضر الله تِلْكَ الْوُجُوه وحسنها للنَّظَر إِلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم واللالكائي عَن مُجَاهِد {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} قَالَ: مسرورة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} قَالَ: بهجة لما هِيَ فِيهِ من النِّعْمَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} قَالَ: النضارة الْبيَاض والصفاء {إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ: ناظرة إِلَى وَجه الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر والآجري واللالكائي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} قَالَ: ناضرة من النَّعيم {إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ: تنظر إِلَى الله نظرا

وَأخرج الدارقطنى والآجري واللالكائي وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: النضرة الْحسن نظرت إِلَى رَبهَا فنضرت بنوره وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} يَقُول: حَسَنَة {إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ: تنظر إِلَى الْخَالِق وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} قَالَ: مسرورة {إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ: انْظُر مَا أعْطى الله عَبده من النُّور فِي عَيْنَيْهِ أَن لَو جعل نور أعين جَمِيع خلق الله من الإِنس وَالْجِنّ وَالدَّوَاب وكل شَيْء خلق الله فَجعل نور أَعينهم فِي عَيْني عبد من عباده ثمَّ كشف عَن الشَّمْس سترا وَاحِدًا ودونها سَبْعُونَ سترا مَا قدر على أَن ينظر إِلَى الشَّمْس وَالشَّمْس جُزْء من سبعين جُزْءا من نور الْكُرْسِيّ والكرسي جُزْء من سبعين جُزْءا من نور الْعَرْش وَالْعرش جُزْء من سبعين جُزْءا من نور السّتْر قَالَ عِكْرِمَة: انْظُرُوا مَاذَا أعْطى الله عَبده من النُّور فِي عَيْنَيْهِ أَن نظر إِلَى وَجه الرب الْكَرِيم عيَانًا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ: تنظر إِلَى وَجه رَبهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله: {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ: ينظرُونَ إِلَى رَبهم بِلَا كَيْفيَّة وَلَا حد مَحْدُود وَلَا صفة مَعْلُومَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الرُّؤْيَة وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلا لمن ينظر إِلَى جناته وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرَة ألف سنة وَأكْرمهمْ على الله من ينظر إِلَى وَجهه غدْوَة وَعَشِيَّة ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} قَالَ: الْبيَاض والصفاء {إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ: تنظر كل يَوْم فِي وَجه الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الرُّؤْيَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ النَّاس يَا رَسُول الله هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: هَل تضَارونَ فِي الشَّمْس لَيْسَ دونهَا سَحَاب قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله قَالَ: فَإِنَّكُم تَرَوْنَهُ يَوْم الْقِيَامَة كَذَلِك يجمع الله النَّاس

فَيَقُول من كَانَ يعبد شَيْئا فليتبعه فَيتبع من كَانَ يعبد الشَّمْس الشَّمْس وَيتبع منكان يعبد الْقَمَر الْقَمَر وَيتبع من كَانَ يعبد الطواغيت الطواغيت وَتبقى هَذِه الْأمة فِيهَا منافقوها فيأتيهم الله فِي غير الصُّورَة الَّتِي يعْرفُونَ فَيَقُول: أَنا ربكُم فَيَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه مِنْك هَذَا مَكَاننَا حَتَّى يأتينا رَبنَا فَإِذا أَتَانَا رَبنَا عَرفْنَاهُ فيأتيهم الله فِي الصُّورَة الَّتِي يعْرفُونَ فَيَقُول: أَنا ربكُم فَيَقُولُونَ: أَنْت رَبنَا فيتبعونه وَيضْرب جسر جَهَنَّم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَكُون أول من يُجِيز وَدُعَاء الرُّسُل يَوْمئِذٍ اللَّهُمَّ سلم سلم وَفِيه كلابيب مثل شوك السعدان غير أَنه لَا يعلم قدر عظمتها إِلَّا الله فتخطف النَّاس بأعمالهم مِنْهُم الموبق بِعَمَلِهِ وَمِنْهُم المخردل ثمَّ ينجو حَتَّى إِذا فرغ الله من الْقَضَاء بَين عباده وَأَرَادَ أَن يخرج من النَّار من أَرَادَ أَن يُخرجهُ مِمَّن كَانَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أَمر الْمَلَائِكَة أَن يخرجوهم فيعرفونهم بآثار السُّجُود فيخرجونهم قد امتحشوا فَيصب عَلَيْهِم مَاء يُقَال لَهُ مَاء الْحَيَاة فينبتون نَبَات الْحبَّة فِي جميل السَّيْل وَيبقى رجل مقبل بِوَجْهِهِ على النَّار فَيَقُول: يَا رب قد قشبني رِيحهَا وأحرقني ذكاؤها فأصرف وَجْهي عَن النَّار فَلَا يزَال يدعوا الله فَيَقُول لعَلي: إِن أَعطيتك ذَلِك تَسْأَلنِي غَيره فَيَقُول: لَا وَعزَّتك لَا أَسأَلك غَيره فَيصْرف وَجهه عَن النَّار ثمَّ يَقُول بعد ذَلِك: يَا رب قربني إِلَى بَاب الْجنَّة فَيَقُول: أَلَيْسَ قد زعمت لَا تَسْأَلنِي غَيره وَيلك يَا ابْن آدم مَا أغدرك فَلَا يزل يَدْعُو فَيَقُول لعَلي: إِن أَعطيتك ذَلِك تَسْأَلنِي غَيره فَيَقُول: لَا وَعزَّتك لَا أَسأَلك غَيره فيعطي الله من عهود ومواثيق أَن لَا يسْأَله غَيره فيقربه إِلَى بَاب الْجنَّة فَإِذا رأى مَا فِيهَا سكت مَا شَاءَ الله أَن يسكت فَيَقُول: رب أدخلني الْجنَّة فَيَقُول: أَلَيْسَ قد زعمت أَن لَا تَسْأَلنِي غَيره وَيلك يَا ابْن آدم مَا أغدرك فَيَقُول: رب لَا تجعلني أَشْقَى خلقك فَلَا يزَال يَدْعُو حَتَّى يضْحك الله عز وَجل فَإِذا ضحك مِنْهُ أذن لَهُ فِي الدُّخُول فِيهَا فَإِذا دخل فِيهَا قيل لَهُ: تمنّ من كَذَا فيتمنى ثمَّ يُقَال لَهُ: تمنَّ من كَذَا فيتمنى حَتَّى تَنْقَطِع بِهِ الْأَمَانِي فَيَقُول: هَذَا لَك وَمثله مَعَه قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: وَذَلِكَ الرجل آخر أهل الْجنَّة دُخُولا الْجنَّة قَالَ: وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ جَالس مَعَ أبي هُرَيْرَة لَا يُغير عَلَيْهِ شَيْئا من حَدِيثه حَتَّى انْتهى إِلَى قَوْله: هَذَا لَك وَمثله مَعَه قَالَ أَبُو سعيد: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هَذَا لَك وَعشرَة أَمْثَاله قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: حفظت وَمثله مَعَه

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الرُّؤْيَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَأَلَ النَّاس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا يَا رَسُول الله: هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: هَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر لَيْسَ فِي سَحَاب قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله قَالَ: فَهَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الشَّمْس عِنْد الظهيرة لَيست فِي سَحَاب قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله قَالَ: فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة ربكُم عز وَجل كَمَا لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَتهمَا فَيلقى العَبْد فَيَقُول: يَا عَبدِي ألم أكرمك ألم أسودك ألم أزَوجك ألم أسخر لَك الْخَيل والإِبل وأتركك ترأس وتربع فَيَقُول: بلَى يَا رب قَالَ: فاليوم أنساك مَا نسيتني ثمَّ يلقى الثَّانِي فَيَقُول: ألم أسودك ألم أزَوجك ألم أسخر لَك الْخَيل والإِبل وأتركك ترأس وتربع فَيَقُول: بلَى يَا رب قَالَ: أفننت أَنَّك ملاقي قَالَ: لايارب قَالَ: فاليوم أنساك كَمَا نسيتني قَالَ: ثمَّ يلقى الثَّالِث فَيَقُول: مَا أَنْت فَيَقُول: أَنا عَبدك آمَنت بك وبنبيك وبكتابك وَصمت وَصليت وتصدقت ويثني بِخَير مَا اسْتَطَاعَ فَيُقَال لَهُ: أَلا نبعث عَلَيْك شَاهدا فيفكر فِي نَفسه من الَّذِي يشْهد عَليّ قَالَ: فيختم على فِيهِ وَيُقَال لفخذه انْطِقِي فينطق فَخذه ولحمه وعظمه بِمَا كَانَ يعْمل ذَلِك الْمُنَافِق وَذَلِكَ بِعُذْر من نَفسه وَذَلِكَ الَّذِي يسْخط الله عَلَيْهِ ثمَّ يُنَادي منادٍ: أَلا اتبعت كل أمة مَا كَانَت تعبد فَيتبع أَوْلِيَاء الشَّيْطَان الشَّيْطَان وَاتَّبَعت الْيَهُود وَالنَّصَارَى أولياءهم إِلَى جَهَنَّم ثمَّ نبقى أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ فَيَأْتِينَا رَبنَا عز وَجل وَهُوَ رَبنَا فَيَقُول: علام هَؤُلَاءِ قيام فَيَقُولُونَ: نَحن عباد الله الْمُؤْمِنُونَ عبدناه وَهُوَ رَبنَا وَهُوَ آتَيْنَا ومثيبنا وَهَذَا مقامنا فَيَقُول الله عز وَجل: أَنا ربكُم فامضوا فَيُوضَع الجسر وَعَلِيهِ كلاليب من نَار تخطف النَّاس فَعِنْدَ ذَلِك حلت الشَّفَاعَة أَي اللَّهُمَّ سلم فَإِذا جَاوز الجسر فَمن أنْفق زوجا من المَال مِمَّا يملك فِي سَبِيل الله وكل خَزَنَة الْجنَّة يَدعُوهُ يَا عبد الله يَا مُسلم هَذَا خير فتعال قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله إِن ذَلِك العَبْد لَا ترى عَلَيْهِ يدع بَابا ويلج من آخر فَضرب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْكِبَيْه وَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأرجو أَن تكون مِنْهُم وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الرُّؤْيَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا جمع الله الْأَوَّلين والآخرين يَوْم الْقِيَامَة جَاءَ الرب عز وَجل إِلَى الْمُؤمنِينَ فَوقف عَلَيْهِم والمؤمنون على كوم فَيَقُول: هَل تعرفُون ربكُم عز وَجل فَيَقُولُونَ: إِن عرفنَا نَفسه عَرفْنَاهُ فَيَقُول لَهُم الثَّانِيَة: هَل تعرفُون ربكُم فَيَقُولُونَ: إِن عرفنَا نَفسه عَرفْنَاهُ

فتجلى لَهُ عز وَجل فيضحك فِي وُجُوههم فَيَخِرُّونَ لَهُ سجدا وَأخرج النَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله هَل نرى رَبنَا قَالَ: هَل ترَوْنَ الشَّمْس فِي قوم لاغيم فِيهِ وترون الْقَمَر فِي لَيْلَة لَا غيم فِيهَا قُلْنَا: نعم قَالَ: فَإِنَّكُم سَتَرَوْنَ ربكُم عز وَجل حَتَّى إِن أحدكُم ليحاضر ربه محاضرة فَيَقُول عَبدِي: هَل تعرف ذَنْب كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: ألم تغْفر لي فَيَقُول: بمغفرتي صرت إِلَى هَذَا وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ترَوْنَ الله عز وَجل يَوْم الْقِيَامَة كَمَا ترَوْنَ الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر أَو كَمَا ترَوْنَ الشَّمْس لَيْسَ دونهَا سَحَاب وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن الله ليتجلى للنَّاس عَامَّة وتجلى لأبي بكر خَاصَّة وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله: هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: هَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الشَّمْس بالظهيرة صحواً لَيْسَ فِيهِ سَحَاب قُلْنَا: لَا يَا رَسُول الله قَالَ: هَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر صحواً لَيْسَ فِيهِ سَحَاب قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله قَالَ: مَا تضَارونَ فِي رُؤْيَته يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا كَمَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة أَحدهمَا وَأخرج عبد بن حميد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يجمع الله الْأُمَم يَوْم الْقِيَامَة بصعيد وَاحِد فَإِذا أَرَادَ الله عزوجل أَن يصدع بَين خلقه مثل لكل قوم مَا كَانُوا يعْبدُونَ فيتبعونهم حَتَّى يقحموهم النَّار ثمَّ يأتينا رَبنَا عز وَجل وَنحن على مَكَان رفيع فَيَقُول: من أَنْتُم فَيَقُولُونَ: نَحن الْمُسلمُونَ فَيَقُول: مَا تنتظرون فَيَقُولُونَ: نَنْتَظِر رَبنَا عز وَجل فَيَقُول: وَهل تعرفونه إِن رَأَيْتُمُوهُ فَيَقُولُونَ: نعم فَيَقُول: كَيفَ تعرفونه وَلم تروه فَيَقُولُونَ: نعرفه إِنَّه لَا عدل لَهُ فيتجلى لنا ضَاحِكا ثمَّ يَقُول: أَبْشِرُوا يَا معشر الْمُسلمين فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْكُم أحد إِلَّا جعلت لَهُ مَكَانَهُ فِي النَّار يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي مُوسَى: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة مثل لكل قوم مَا كَانُوا يعْبدُونَ فِي الدُّنْيَا وَيبقى أهل التَّوْحِيد فَيُقَال لَهُم: مَا تنتظرون وَقد ذهب النَّاس فَيَقُولُونَ: إِن لنا لرباً كُنَّا نعبده فِي الدُّنْيَا لم نره قَالَ: وتعرفونه إِذا رَأَيْتُمُوهُ فَيَقُولُونَ: نعم فَيُقَال لَهُم: وَكَيف تعرفونه وَلم تروه

قَالُوا: إِنَّه لَا شَبيه لَهُ قَالَ: فَيكْشف لَهُم الْحجاب فَيَنْظُرُونَ إِلَى الله تبَارك وَتَعَالَى فَيَخِرُّونَ لَهُ سجدا وَيبقى فِي ظُهُورهمْ مثل صياصي الْبَقر يُرِيدُونَ السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ فَذَلِك قَول الله عز وَجل: (يَوْم يكْشف عَن سَاق وَيدعونَ إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ) (سُورَة الْقَلَم الْآيَة 42) وَيَقُول الله عز وَجل: عبَادي ارْفَعُوا رؤوسكم فقد جعلت بدل وَفِي لفظ فدَاء كل رجل مِنْكُم رجلا من الْيَهُود أَو النَّصَارَى فِي النَّار وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من أحد إِلَّا ويخلو الله بِهِ كَمَا يَخْلُو أحدكُم بالقمر لَيْلَة الْبَدْر وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: ليخلون الله عز وَجل بكم يَوْم الْقِيَامَة وَاحِدًا وَاحِدًا فِي الْمَسْأَلَة حَتَّى تَكُونُوا فِي الْقرب مِنْهُ أقرب من هَذَا وَأَشَارَ إِلَى شَيْء قريب وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال: يَوْم الْقِيَامَة أول يَوْم نظرت فِيهِ عين إِلَى الله عز وَجل وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق أبي الزبير أَنه سمع جَابر بن عبد الله يسْأَل عَن الْوُرُود فَقَالَ: نَحن يَوْم الْقِيَامَة على كوم فَوق النَّاس فَتُدْعَى الْأُمَم بأوثانها وَمَا كَانَت تعبد الأول فَالْأول ثمَّ يأتينا رَبنَا بعد ذَلِك فَيَقُول: مَا تنتظرون فَيَقُولُونَ: نَنْتَظِر رَبنَا فَيَقُول: أَنا ربكُم فَيَقُولُونَ: حَتَّى نَنْظُر إِلَيْك فتجلى لَهُم يضْحك فَينْطَلق بهم ويتبعونه وَيُعْطى كل إِنْسَان مِنْهُم نورا وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يتجلى لنا رَبنَا عز وَجل ينظرُونَ إِلَى وَجهه فَيَخِرُّونَ لَهُ سجدا فَيَقُول: ارْفَعُوا رؤوسكم فَلَيْسَ هَذَا بِيَوْم عبَادَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن جَابر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله ليتجلى للنَّاس عَامَّة ويتجلى لأبي بكر الصّديق خَاصَّة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ والخطيب عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقرأه هَذِه الْآيَة {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ: وَالله مَا نسختها مُنْذُ أنزلهَا يزورون رَبهم تبَارك وَتَعَالَى فيطعمون ويسقون ويتطيبون وَيحلونَ وَيرْفَع الْحجاب بَينه وَبينهمْ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَينظر إِلَيْهِم عز وَجل وَذَلِكَ قَوْله: عز وَجل (لَهُم رزقهم فِيهَا بكرَة وعشياً) (سُورَة مَرْيَم الْآيَة 62)

وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة رأى الْمُؤْمِنُونَ رَبهم عز وَجل فاحدثم عهدا بِالنّظرِ إِلَيْهِ فِي كل جُمُعَة وَيَرَاهُ الْمُؤْمِنَات يَوْم الْفطر وَيَوْم النَّحْر وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ عَن أنس قَالَ: بَيْنَمَا نَحن حول رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَالَ [إِذْ قَالَ] : أَتَانِي جِبْرِيل وَفِي يَده كالمرآة الْبَيْضَاء فِي وَسطهَا كالنكتة السَّوْدَاء قلت يَا جِبْرِيل: مَا هَذَا قَالَ: هَذَا يَوْم الْجُمُعَة يعرض عَلَيْك رَبك ليَكُون لَك عيداً وَلِأُمَّتِك من بعْدك قلت يَا جِبْرِيل: فَمَا هَذِه النُّكْتَة السَّوْدَاء قَالَ: هَذِه السَّاعَة وَهِي تقوم فِي يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ سيد أَيَّام الدُّنْيَا وَنحن نَدْعُوهُ فِي الْجنَّة يَوْم الْمَزِيد قلت يَا جِبْرِيل: وَلم تَدعُونَهُ يَوْم الْمَزِيد قَالَ: لِأَن الله عز وَجل اتخذ فِي الْجنَّة وَاديا أفيح من مسك أَبيض فَإِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة ينزل رَبنَا على كرْسِي إِلَى ذَلِك الْوَادي وَقد حف الْعَرْش بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر وَقد حفت تِلْكَ المنابر بكراسي من نور ثمَّ يَأْذَن لأهل الغرفات فيقبلون يَخُوضُونَ كثائب الْمسك إِلَى الركب عَلَيْهِم أسورة الذَّهَب وَالْفِضَّة وَثيَاب السندس وَالْحَرِير حَتَّى ينْتَهوا إِلَى ذَلِك الْوَادي فَإِذا اطمأنوا فِيهِ جُلُوسًا نبعث الله عز وَجل عَلَيْهِم ريحًا يُقَال لَهَا المثيرة فثارت ينابيع الْمسك الْأَبْيَض فِي وُجُوههم وثيابهم وهم يَوْمئِذٍ جرد مكعلون أَبنَاء ثَلَاث وَثَلَاثِينَ يضْرب جمامهم إِلَى سررهم على صُورَة آدم يَوْم خلقه الله عز وجلز فينادي رب الْعِزَّة تبَارك وَتَعَالَى رضوَان وَهُوَ خَازِن الْجنَّة فَيَقُول: يَا رضوَان ارْفَعْ الْحجب بيني وَبَين عبَادي وزواري فَإِذا رفع الْحجب بَينه وَبينهمْ فَرَأَوْا بهاءه ونوره هبوا لَهُ سجوداً فيناديهم عز وَجل بِصَوْت: ارْفَعُوا رؤوسكم فَإِنَّمَا كَانَت الْعِبَادَة فِي الدُّنْيَا وَأَنْتُم الْيَوْم دَار الْجَزَاء سلوني مَا شِئْتُم فَأَنا ربكُم الَّذِي صدقتكم وعدي وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي فَهَذَا مَحل كَرَامَتِي فسلوني مَا شِئْتُم فَيَقُولُونَ: رَبنَا وأيّ خير لم تَفْعَلهُ بِنَا أَلَسْت الَّذِي أعنتنا على سَكَرَات الْمَوْت وآنست منا الوحشة فِي ظلمات الْقُبُور وَآمَنت روعتنا عِنْد النفخة فِي الصُّور أَلَسْت أقلتنا عثراتنا وسترت علينا الْقَبِيح من فعلنَا وَثَبت على جسر جَهَنَّم أقدامنا أَلَسْت الَّذِي ادنيتنا فِي جوارك وأسمعتنا من لذادة منطقك وتجليت لنا بنورك فَأَي خير لم تَفْعَلهُ بِنَا فَيَعُود عز وَجل فيناديهم بِصَوْتِهِ فَيَقُول: أَنا ربكُم الَّذِي صدقتكم وعدي وَأَتْمَمْت عليكمن نعمتي فسلوني فَيَقُولُونَ: نَسْأَلك رضاك فَيَقُول: رضاي عَنْكُم أقلتكم عثراتكم وسترت

عَلَيْكُم الْقَبِيح من أُمُوركُم وأدنيت مني جواركم وأسمعتكم لذاذة منطقي وتجليت لكم بنوري فَهَذَا مَحل كَرَامَتِي فسلوني فيسألونه حَتَّى تَنْتَهِي مسألتهم ثمَّ يَقُول عز وَجل: سلوني فيسألونه حَتَّى تَنْتَهِي رغبتهم ثمَّ يَقُول عز وَجل: سلوني فَيَقُولُونَ: رَضِينَا رَبنَا وَسلمنَا فيزيدههم من مزِيد فضلَة وكرامته وَيزِيد زهرَة الْجنَّة مَالا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطرت على قلب بشر وَيكون كَذَلِك حَتَّى مِقْدَار متفرقهم من الْجُمُعَة قَالَ أنس: فَقلت: بِأبي وَأمي يَا رَسُول الله وَمَا مقدارتفرقهم قَالَ: كَقدْر الْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة قَالَ: يحمل عرش رَبنَا العليون مَعَهم الْمَلَائِكَة والنبيون ثمَّ يُؤذن لأهل الغرفات فيعودون إِلَى غرفهم وهم غرفتان زمردتان خضروان وَلَيْسوا إِلَى شَيْء أشوق مِنْهُم إِلَى وَيَوْم الْجُمُعَة لينظروا إِلَى رَبهم وليزيدهم من مزِيد فَضله وكرامته قَالَ أنس: سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ بيني وَبَينه أحد وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَالْحَاكِم عَن لَقِيط بن عَامر أَنه خرج وافداً إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ صَاحب لَهُ يُقَال لَهُ نهيك بن عَاصِم قَالَ: فَخرجت أَنا وصاحبي حَتَّى قدمنَا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين انْصَرف من صَلَاة الْغَدَاة فَقَامَ فِي النَّاس خَطِيبًا فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أَلا إِنِّي قد خبأت لكم صوتي مُنْذُ أَرْبَعَة أَيَّام لأسمعكم أَلا فَهَل من امْرِئ بَعثه قومه فَقَالُوا اعْلَم لنا مَا يَقُول رَسُول الله الاتم لَعَلَّه أَن يلهيه حَدِيث نَفسه أَو حَدِيث صَاحبه أَو يلهيه الضلال أَلا إِنِّي مسؤول هَل بلغت أل اسمعوا تعيشوا أَلا اجلسوا أَلا اجلسو قَالَ: فَجَلَسَ النَّاس وَقمت أَنا وصاحبي حَتَّى إِذا فرغ لنا فُؤَاده وبصره قُلْنَا يَا رَسُول الله مَا عنْدك من علم الْغَيْب فَضَحِك لعمر الله وهز رَأسه وَعلم أَنِّي الْفَتى فَقَالَ: ضن رَبك عز وَجل بمفاتيح خمس من الْغَيْب لَا يعلمهَا إِلَّا الله وَأَشَارَ بِيَدِهِ قلت وَمَا هن قَالَ: علم الْمنية قد علم مَتى منية أحدكُم وَلَا تعلمونه وَعلم مَا فِي الْغَد مَا أَنْت طاعم غذاً وَلَا تعلمه وَعلم يَوْم الْغَيْم يشرف عَلَيْكُم إِذا قنطتم مشفقين فيظل يضْحك قد علم أَن [] غَيْركُمْ إِلَى قريب قَالَ لَقِيط: قلت لن نعدم من رب يضْحك خيرا وَعلم يَوْم السَّاعَة قلت يَا رَسُول الله: علمنَا مَا يعلم النَّاس وَمَا يعلم صَاحِبي فَإنَّا فِي قبيل لَا يصدقون تصديقنا من أحد مذْحج الَّتِي قربوا علينا خثعم الَّتِي توالينا وعشيرتنا الَّتِي نَحن مِنْهَا قَالَ: تلبثون مَا لبثتم ثمَّ يتوفى نَبِيكُم ثمَّ تلبثون مَا لبثتم ثمَّ تبْعَث

الصائحة لعمر إلهك مَا تدع على ظهرهَا من شَيْء إِلَّا مَاتَ وَالْمَلَائِكَة الَّذين مَعَ رَبك عز وَجل فَأصْبح رَبك عز وَجل يطوف فِي الْبِلَاد وَقد خلت عَلَيْهِ الْبِلَاد فَأرْسل رَبك السَّمَاء بمهضب من عِنْد الْعَرْش ولعمر إلهك مَا تدع على ظهرهَا من مصدع قَتِيل وَلَا مدفن ميت إِلَّا شقَّتْ الأَرْض عَنهُ حَتَّى تَجْعَلهُ من عِنْد رَأسه فيستوي جَالِسا يَقُول رَبك مَهيم لما كَانَ فِيهِ يَقُول يَا رب أمس الْيَوْم ولعهده بِالْحَيَاةِ يحسبه حَدِيثا بأَهْله فَقلت يَا رَسُول الله: كَيفَ يجمعنا بعد مَا تمزقنا الرِّيَاح والبلى وَالسِّبَاع قَالَ: أنبئك بِمثل ذَلِك من آلَاء الأَرْض أشرفت عَلَيْهَا وَهِي مذرة بالية فَقلت: لَا تحيا أبدا ثمَّ أرسل رَبك عَلَيْهَا السَّمَاء فَلم تلبث عَنْك إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى أشرفت عَلَيْهَا وَهِي سَرِيَّة وَاحِدَة ولعمر إلهك لَهو أقدر على أَن يجمعهُمْ من المَاء وعَلى أَن يجمعهُمْ من نَبَات الأَرْض فَيخْرجُونَ من الأصواء أَو من مصَارِعهمْ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَينظر إِلَيْهِم قلت يَا رَسُول الله: وَكَيف وَنحن ملْء الأَرْض وَهُوَ شخص وَاحِد ينظر إِلَيْنَا وَنَنْظُر إِلَيْهِ قَالَ: أنبئك بِمثل ذَلِك من آلَاء الله الشَّمْس وَالْقَمَر آيَة مِنْهُ صَغِيرَة ترونهما ويريانكم سَاعَة وَاحِدَة وتريانهما لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَتهمَا ولعمر إلهك لَهو أقدر على أَن يراكم وترونه أَو ترونهما ويريانكم لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَتهمَا قلت يَا رَسُول الله: فَمَا يفعل بِنَا رَبنَا إِذا لقيناه قَالَ: تعرضون عَلَيْهِ بادية لَهُ صفحاتكم لَا تخفى عَلَيْهِ مِنْكُم خافية فَيَأْخُذ رَبك بِيَدِهِ غرفَة من مَاء فينضح قبلكُمْ بهَا فلعمر إلهك مَا يُخطئ وَجه أحد مِنْهُ قَطْرَة فَأَما الْمُسلم فتدع وَجهه مثل الربطة الْبَيْضَاء وَأما الْكَافِر فتخطمه بِمثل الْحَمِيم الْأسود أَلا ثمَّ ينْصَرف نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيصرف على أَثَره الصالحون فيسلكون جِسْرًا من النَّار فيظل أحدكُم يَقُول: حس يَقُول رَبك: أَو أَنه فتطلعون على حَوْض الرَّسُول على أظمأ وَالله ناهلة قطّ رَأَيْتهَا ولعمر إلهك مَا يبسط وَاحِد مِنْكُم يَده إِلَّا وَقع عَلَيْهَا قرح بطهره من [] الطّرف وَالْبَوْل والأذى وَيحبس الشَّمْس وَالْقَمَر وَلَا ترَوْنَ مِنْهُمَا وَاحِدًا قلت يَا رَسُول الله: فيمَ نبصر قَالَ: بِمثل بَصرك ساعتك هَذِه وَذَلِكَ قبل طُلُوع الشَّمْس فِي يَوْم أشرقت الأَرْض قلت يَا رَسُول الله: فَمَا يَجْزِي من حَسَنَاتنَا وسيئاتنا قَالَ الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا والسيئة بِمِثْلِهَا إِلَّا أَن يعفوا رَبك قلت يَا رَسُول الله: مَا الْجنَّة وَمَا النَّار قَالَ: لعمر إلهك أما للنار فسبعة أَبْوَاب مَا مِنْهُنَّ بَاب إِلَّا يسير الرَّاكِب فِيهَا سبعين عَاما قلت يَا رَسُول الله: فعلام نطلع من الْجنَّة قَالَ: على أَنهَار من عسل مصفى وأنهار من كأس مَا بهَا من

صداع وَلَا ندامة وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه وَمَاء غير آسن وَفَاكِهَة لعمر إلهك مَا تعلمُونَ وَخير من مثله مَعَه وَأَزْوَاج مطهرة قلت يَا رَسُول الله: وَلنَا فِيهَا أَزوَاج قَالَ: الصَّالِحَات للصالحين تلذونهم بِمثل لذاتكم فِي الدُّنْيَا ويتلذذ بكم غير أَن لَا توالد قَالَ لَقِيط: فَقلت أقْصَى مَا نَحن بالغون ومنتهون إِلَيْهِ قلت يَا رَسُول الله: علام أُبَايِعك فَبسط النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده وَقَالَ: على إقَام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة وزيال الشّرك وَأَن لَا تشرك بِاللَّه شَيْئا غَيره قلت: وَإِن لنا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب فَقبض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده وَبسط أَصَابِعه وَظن أَنِّي مشترط شَيْئا لَا يعطينه قلت: نحل مِنْهَا حَيْثُ شِئْنَا وَلَا يجني على أمرئ إِلَّا نَفسه فَبسط يَده وَقَالَ: ذَلِك لَك تَحِلَّة حَيْثُ شِئْت وَلَا يجني عَلَيْك إِلَّا نَفسك: قَالَ: فانصرفنا وَقَالَ لنا: إِن هذَيْن لعمر إلهك من أتقى النَّاس فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَقَالَ لَهُ كَعْب: من هم يَا رَسُول الله قَالَ: بَنو المنتقف أهل ذَلِك فانصرفنا وَأَقْبَلت عَلَيْهِ فَقلت يَا رَسُول الله: هَل لأحد فِيمَا مضى من خير فِي جاهليتهم قَالَ: قَالَ رجل من عرض قُرَيْش: وَالله إِن أَبَاك المنتقف لفي النَّار قَالَ: فلكأنه وَقع من بَين جلدي ووجهي مِمَّا قَالَ لأبي على رُؤُوس النَّاس فهممت أَن أَقُول أَبوك يَا رَسُول الله ثمَّ قلت يَا رَسُول الله: وَأهْلك قَالَ: وَأَهلي لعمر الله مَا أتيت عَلَيْهِ من قبر عامري أَو قرشي مُشْرك فَقل أَرْسلنِي إِلَيْك مُحَمَّد فأبشرك بِمَا يسوءك تجر على وَجهك وبطنك فِي النَّار قلت يَا رَسُول الله: مَا فعل بهم ذَلِك وَقد كَانُوا على عمل لَا يحسنون إِلَّا إِيَّاه وَقد كَانُوا يحسبون أَنهم مصلحون قَالَ: ذَلِك بِمَا قَالَ: بِأَن الله بعث فِي آخر كل سبع أُمَم نَبيا فَمن عصى نبيه كَانَ من الضَّالّين وَمن أطَاع نبيه كَانَ من المهتدين وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة عَن أبي رزين قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: أكلنَا يرى ربه يَوْم الْقِيَامَة مخليا بِهِ قَالَ: نعم قلت: وَمَا آيَة ذَلِك قَالَ: أَلَيْسَ كلكُمْ يرى الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر مخليا بِهِ قلت: بلَى قَالَ: فَالله أعظم وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول من ينظر إِلَى الله تبَارك وَتَعَالَى الْأَعْمَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُوسَى بن صَالح بن الصَّباح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يُؤْتى بِأَهْل ولَايَة الله فَيقومُونَ بَين يَدَيْهِ ثَلَاثَة أَصْنَاف فَيُؤتى بِرَجُل من الصِّنْف الأول فَيَقُول: عَبدِي لماذا عملت فَيَقُول: يَا رب خلقت

الْجنَّة وأشجارها وثمارها وأنهارها وحورها وَنَعِيمهَا وَمَا أَعدَدْت لأهل طَاعَتك فِيهَا فأسهرت ليلِي وَأَظْمَأت نهاري شوقاً إِلَيْهَا فَيَقُول: عَبدِي إِنَّمَا عملت للجنة فادخلها وَمن فضلي عَلَيْك أَن أعتقك من النَّار فيدخلها هُوَ وَمن مَعَه ثمَّ يُؤْتى بالصنف الثَّانِي فَيَقُول: عَبدِي لما عملت فَيَقُول: يَا رب خلقت نَارا وخلقت أغلاها وسعيرها وسمومها ويحمومها وَمَا أَعدَدْت لأعدائك وَلأَهل معصيتك فِيهَا فأسهرت ليلِي وَأَظْمَأت نهاري خوفًا مِنْهَا فَيَقُول: عَبدِي إِنَّمَا عملت خوفًا من النَّار فَإِنِّي أَعتَقتك من النَّار وَمن فضلي عَلَيْك أدخلتك جنتي فَيدْخل هُوَ وَمن مَعَه الْجنَّة ثمَّ يُؤْتى بِرَجُل من الصِّنْف الثَّالِث فَيَقُول: عَبدِي لماذا عملت فَيَقُول: رَبِّي حبا لَك وشوقاً إِلَيْك وَعزَّتك لقد أَسهرت ليلِي وَأَظْمَأت نهاري شوقاً إِلَيْك وحباً لَك فَيَقُول الله: عَبدِي إِنَّمَا عملت شوقاً إليّ وحباً لي فيتجلى لَهُ الرب فَيَقُول: هَا أَنا ذَا أنظر إليّ ثمَّ يَقُول: فضلي عَلَيْك أَن أعتقك من النَّار وأبيحك جنتي وأزيرك ملائكتي وَأسلم عَلَيْك بنفسي فَيدْخل هُوَ وَمن مَعَه الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَعْمَال وَالصِّفَات عَن عمار بن يَاسر رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو بهؤلاء الدَّعْوَات: اللَّهُمَّ بعلمك الْغَيْب وقدرتك على الْخلق أحيني مَا علمت الْحَيَاة خيرا لي وتوفني إِذا كَانَت الْوَفَاة خيرا لي اللَّهُمَّ أَسأَلك خشيتك فِي الْغَيْب وَالشَّهَادَة وَأَسْأَلك كلمة الحكم فِي الْغَضَب وَالرِّضَا وَأَسْأَلك الْقَصْد فِي الْفقر والغنى وَأَسْأَلك نعيماً لَا يبيد وقرة عين لَا تَنْقَطِع وَأَسْأَلك الرِّضَا بعد الْقَضَاء وَأَسْأَلك برد الْعَيْش بعد الْمَوْت وَأَسْأَلك لَذَّة النّظر إِلَى وَجهك والشوق إِلَى لقائك فِي غير ضراء مضرَّة وَلَا فتْنَة مضلة اللَّهُمَّ زينا بزينة الإِيمان واجعلنا هداة مهتدين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن زيد ثَابت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علمه دُعَاء وَأمره أَن يتعاهده ويتعاهد بِهِ أهل كل يَوْم قَالَ: حِين تصبح لبيْك الله لبيْك لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر فِي يَديك ومنك وَبِك وَإِلَيْك الله مَا قلت من قَول أَو حَلَفت من حلف أَو نذرت من نذر فمشيئتك بَين يَدي ذَلِك مَا شِئْت كَانَ وَمَا لم تشأ لم يكن لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بك إِنَّك على كل شَيْء قدير اللَّهُمَّ مَا صليت من صَلَاة فعلى من صليت وَمَا لعنت من لعن فعلى من لعنت أَنْت وليي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة توفني مُسلما وألحقني بالصالحين أَسأَلك اللَّهُمَّ الرِّضَا بعد الْقَضَاء وَبرد الْعَيْش بعد

الْمَوْت وَلَذَّة النّظر إِلَى وَجهك وشوقاً إِلَى لقائك من غير ضراء مضرَّة وَلَا فتْنَة مضلة أعوذ بك أَن أظلم أَو أظلم أَو أعتدي أَو يعتدى عليّ أَو أكسب خَطِيئَة أَو ذَنبا لَا تغفره اللَّهُمَّ فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة ذَا الْجلَال والإِكرام فَإِنِّي أَعهد إِلَيْك فِي هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا وأشهدك وَكفى بك شَهِيدا أَنِّي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك لَا شريك لَك لَك الْملك وَلَك الْحَمد وَأَنت على كل شَيْء قدير وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبدك وَرَسُولك وَأشْهد أَن وَعدك حق ولقاءك حق والساعة آتِيَة لَا ريب فِيهَا وَأَنت تبْعَث من فِي الْقُبُور وَأشْهد أَنَّك أَن تَكِلنِي إِلَى نَفسِي تَكِلنِي إِلَى وَهن وعورة وذنب وخطيئة وَإِنِّي لَا أَثِق إِلَّا بِرَحْمَتك فَاغْفِر لي ذَنبي كُله إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت وَتب عليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة} قَالَ: حَسَنَة {إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ: تنْتَظر الثَّوَاب من رَبهَا وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَى رَبهَا ناظرة} قَالَ: تنْتَظر مِنْهُ الثَّوَاب أخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {ووجوه يَوْمئِذٍ باسرة} قَالَ: كالحة قاطبة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عبيد بن الْأَزْرَق وَهُوَ يَقُول: صبحنا تميما غَدَاة النسا رشهباء ملمومة باسرة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ: {ووجوه يَوْمئِذٍ باسرة} قَالَ: كالحة {تظن أَن يفعل بهَا فاقرة} قَالَ: أَن يفعل بهَا شَرّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {ووجوه يَوْمئِذٍ باسرة} قَالَ: كاشرة {تظن أَن يفعل بهَا فاقرة} قَالَ: داهية الْآيَة 26 - 40

26

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِذا بلغت التراقي} قَالَ: الْحُلْقُوم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَقيل من راق} قَالَ: من طَبِيب شاف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي قلَابَة رَضِي الله عَنهُ {وَقيل من راق} قَالَ: التمسوا الْأَطِبَّاء فَلم يغنوا عَنهُ من قَضَاء الله شَيْئا {وَظن أَنه الْفِرَاق} قَالَ: استيقن أَنه القراق {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ: مَاتَت ساقاه فَلم تحملاه وَكَانَ عَلَيْهِمَا جوّالاً وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَقيل من راق} قَالَ: هُوَ الطَّبِيب وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَقيل من راق} قَالَ: من راق يرقي وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَقيل من راق} قيل: تنتزع نَفسه حَتَّى إِذا كَانَت فِي تراقيه قيل من يرقى بِرُوحِهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة أَو مَلَائِكَة الْعَذَاب {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ: الْتفت عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: {وَقيل من راق} قَالَ: يخْتَصم فِيهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب أَيهمْ يرقى بِهِ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الجوزاء رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَقيل من راق} قَالَ: قَالَت الْمَلَائِكَة بَعضهم لبَعض من يصعد بِهِ أملائكة الرَّحْمَة أم مَلَائِكَة الْعَذَاب

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ يقْرَأ: وأيقن أَنه الْفِرَاق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {والتفت السَّاق بالساق} يَقُول: آخر يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا وَأول يَوْم من أَيَّام الْآخِرَة فَتلقى الشدَّة بالشدة إِلَّا من رحم الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ: التف أَمر الدُّنْيَا بِأَمْر الْآخِرَة عِنْد الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ: لفت سَاق الْآخِرَة بساق الدُّنْيَا وَذكر قَول الشَّاعِر: وَقَامَت الْحَرْب بِنَا على سَاق وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَالربيع وعطية وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ: بلَاء ببلاء وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ: اجْتمع فِيهِ الْحَيَاة وَالْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك رَضِي الله عَنهُ {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ: تلف ساقاه عِنْد الْمَوْت للنزع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ: الْتفت ساقاه عِنْد الْمَوْت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ: أما رَأَيْت إِذا حضر ضرب بِرجلِهِ رجله الْأُخْرَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ: النَّاس مجهزون بدنه وَالْمَلَائِكَة مجهزون روحه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {والتفت السَّاق بالساق} قَالَ: هما ساقاه إِذا التفتا فِي الأكفان وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِلَى رَبك يَوْمئِذٍ المساق} قَالَ: فِي الْآخِرَة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَلَا صدق} قَالَ: بِكِتَاب الله {وَلَا صلى وَلَكِن كذب} بِكِتَاب الله {وَتَوَلَّى} عَن طَاعَة الله {ثمَّ ذهب إِلَى أَهله يتمطى} قَالَ: يتبختر وَهُوَ أَبُو جهل بن هِشَام كَانَت مشيته ذكر لنا أَن نَبِي الله أَخذ بِمَجَامِع ثَوْبه فَقَالَ: {أولى لَك فَأولى ثمَّ أولى لَك فَأولى} وعيداً على وَعِيد فَقَالَ: مَا تَسْتَطِيع أَنْت وَلَا رَبك لي شَيْئا وَإِنِّي لأعز من مَشى بَين جبليها وَذكر لنا أَن نَبِي الله كَانَ يَقُول: إِن لكل أمة فرعوناً وَإِن فِرْعَوْن هَذِه الْأمة أَبُو جهل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ثمَّ ذهب إِلَى أَهله يتمطى} قَالَ: يتبختر وَهُوَ أَبُو جهل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يتمطى} قَالَ: يختال وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَول الله: {أولى لَك فَأولى} أَشَيْء قَالَه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي جهل من قبل نَفسه أم أمره الله بِهِ قَالَ: بلَى قَالَه من قبل نَفسه ثمَّ أنزلهُ الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَن يتْرك سدى} قَالَ: هملاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أَن يتْرك سدى} قَالَ: بَاطِلا لَا يُؤمر وَلَا ينْهَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أَن يتْرك سدى} قَالَ: أَن يهمل وَفِي قَوْله: {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا قَرَأَهَا: سُبْحَانَهُ وبلى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن صَالح أبي الْخَلِيل قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ هَذِه الْآيَة {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى} قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سُبْحَانَ رَبِّي وبلى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى} قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبلى وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

بعد حجَّته فَكَانَ يكثر من قِرَاءَة {لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة} فَإِذا قَالَ {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى} سمعته يَقُول: بلَى وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة قَالَ: كَانَ رجل يُصَلِّي فَوق بَيته فَكَانَ إِذا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى} قَالَ: سُبْحَانَكَ فبلى فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ: سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ مِنْكُم (والتين وَالزَّيْتُون) فَانْتهى إِلَى آخرهَا (أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين) فَلْيقل: بلَى وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين وَمن قَرَأَ {لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة} فَانْتهى إِلَى {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى} فَلْيقل: بلَى وَمن قَرَأَ (والمرسلات) فَبلغ (فَبِأَي حَدِيث بعده يُؤمنُونَ) فَلْيقل: آمنا بِاللَّه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا قَرَأت {لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة} فبلغت {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى} فَقل: بلَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا قَرَأت (سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى) فَقل: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَإِذا قَرَأت {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيي الْمَوْتَى} فَقل: سُبْحَانَكَ وبلى

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 76 سُورَة الْإِنْسَان مَدَنِيَّة وآياتها إِحْدَى وَثَلَاثُونَ الْآيَة 1 - 7

الإنسان

أخرج النّحاس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الإِنسان بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: أنزلت بِمَكَّة سُورَة {هَل أَتَى على الإِنسان} وَأخرج ابْن الضريس وَابْن مردوية وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الإِنسان بِالْمَدِينَةِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ: جَاءَ رجل من الْحَبَشَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سل واستفهم فَقَالَ: يَا رَسُول الله فضلْتُمْ علينا بالألوان والصور والنبوّة أَفَرَأَيْت إِن آمَنت بِهِ وعملت بِمثل مَا عملت بِهِ إِنِّي لكائن مَعَك فِي الْجنَّة قَالَ: نعم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّه ليرى بَيَاض الْأسود فِي الْجنَّة من مسيرَة ألف عَام ثمَّ قَالَ: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله كَانَ لَهُ عهد عِنْد الله وَمن قَالَ: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ كتبت لَهُ مائَة ألف حَسَنَة وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألف حَسَنَة وَنزلت عَلَيْهِ هَذِه السُّورَة {هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر} إِلَى قَوْله: {وملكا كَبِيرا} فَقَالَ الحبشي: وَإِن عَيْني لترى مَا ترى عَيْنَاك فِي الْجنَّة قَالَ: نعم فاشتكى حَتَّى فاضت نَفسه قَالَ ابْن عمر: فَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدليه فِي حفرته بِيَدِهِ

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مُحَمَّد بن مطرف قَالَ: حَدثنِي الثِّقَة أَن رجلا أسود كَانَ يسْأَل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن التَّسْبِيح والتهليل فَقَالَ لَهُ عمر بن الْخطاب: مَه أكثرت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَه يَا عمر وأنزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر} حَتَّى إِذا أَتَى على ذكر الْجنَّة زفر الْأسود زفرَة خرجت نَفسه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَاتَ شوقاً إِلَى الْجنَّة وَأخرج ابْن وهب عَن ابْن زيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه السُّورَة {هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر} وَقد أنزلت عَلَيْهِ وَعِنْده رجل أسود فَلَمَّا بلغ صفة الْجنان زفر زفرَة فَخرجت نَفسه فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أخرج نفس صَاحبكُم الشوق إِلَى الْجنَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي ذَر قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر} حَتَّى خَتمهَا ثمَّ قَالَ: إِنِّي أرى مَا لَا ترَوْنَ وأسمع مَا لَا تَسْمَعُونَ أطت السَّمَاء وَحقّ لَهُ أَن تئط مَا فِيهَا مَوضِع أَربع أَصَابِع إِلَّا ملك وَاضع جَبهته سَاجِدا لله وَالله لَو تعلمُونَ مَا أعلم لضحكتم قَلِيلا ولبكيتم كثيرا وَمَا تلذذتم بِالنسَاء على الْفرش لخرجتم إِلَى الصعدات تجارون أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر} قَالَ: الإِنسان أَتَى عَلَيْهِ حِين من الدَّهْر {لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} قَالَ: إِنَّمَا خلق الإِنسان هَهُنَا حَدِيثا مَا يعلم من خَلِيقَة الله خَلِيقَة كَانَت بعد إِلَّا هَذَا الإِنسان وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَأَبُو عبيد فِي فضائله وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب أَنه سمع رجلا يقْرَأ {هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} فَقَالَ عمر: ليتها تمت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود أَنه سمع رجلا يَتْلُو هَذِه الْآيَة {هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} فَقَالَ ابْن مَسْعُود: يَا ليتها تمت فعوتب فِي قَوْله: هَذَا فَأخذ عوداً من الأَرْض فَقَالَ: يَا لَيْتَني كنت مثل هَذَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر} قَالَ: إِن آدم آخر مَا خلق من الْخلق

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {هَل أَتَى على الإِنسان} قَالَ: كل إِنْسَان وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن من الْحِين حينا لَا يدْرك قَالَ الله: {هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} وَالله مَا يدْرِي كم أَتَى عَلَيْهِ حَتَّى خلقه الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب أَنه تَلا هَذِه الْآيَة {هَل أَتَى على الإِنسان حِين من الدَّهْر لم يكن شَيْئا مَذْكُورا} قَالَ: أَي وَعزَّتك يَا رب فَجَعَلته سميعاً بَصيرًا وَحيا وَمَيتًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: إِذا جئناكم بِحَدِيث أَتَيْنَاكُم بتصديقه من كتاب الله إِن النُّطْفَة تكون فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ ثمَّ تكون مُضْغَة أَرْبَعِينَ فَإِذا أَرَادَ الله أَن يخلق الْخلق نزل الْملك فَيَقُول لَهُ اكْتُبْ فَيَقُول مَاذَا أكتب فَيَقُول: اكْتُبْ شقياً أَو سعيداً ذكرا أَو أُنْثَى وَمَا رزقه وأثره وأجله فَيُوحِي الله بِمَا يَشَاء وَيكْتب الْملك ثمَّ قَرَأَ عبد الله {إِنَّا خلقنَا الإِنسان من نُطْفَة أمشاج نبتليه} ثمَّ قَالَ عبد الله: أمشاجها عروقها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {أمشاج} قَالَ: الْعُرُوق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من نُطْفَة أمشاج} قَالَ: من مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة حِين يختلطان وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من نُطْفَة أمشاج} قَالَ: هُوَ نزُول الرجل وَالْمَرْأَة يمشج بعضه بِبَعْض وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {من نُطْفَة أمشاج} قَالَ: اخْتِلَاط مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة إِذا وَقع فِي الرَّحِم قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَبَا ذُؤَيْب وَهُوَ يَقُول: كَأَن الريش والفوقين مِنْهُ خلال النصل خالطه مشيج وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ مشج مَاء الرجل بِمَاء الْمَرْأَة فَصَارَ خلقا وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع قَالَ: إِذا اجْتمع مَاء الرجل وَمَاء الْمَرْأَة فَهُوَ أمشاج

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: الأمشاج إِذا اخْتَلَط المَاء وَالدَّم ثمَّ كَانَ علقَة ثمَّ كَانَ مُضْغَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: خلق من نُطْفَة مشجت بِدَم وَذَلِكَ الدَّم الْحيض إِذا حملت ارْتَفع الْحيض وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من نُطْفَة أمشاج} قَالَ: مُخْتَلفَة الألوان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {من نُطْفَة أمشاج} قَالَ: ألوان نُطْفَة الرجل بَيْضَاء وحمراء ونطفة الْمَرْأَة خضراء وحمراء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأمشاج الَّذِي يخرج على أثر الْبَوْل كَقطع الأوتار وَمِنْه يكون الْوَلَد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن زيد بن أسلم قَالَ: الأمشاج الْعُرُوق الَّتِي فِي النُّطْفَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {من نُطْفَة أمشاج} قَالَ: ألوان الْخلق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {إِنَّا خلقنَا الإِنسان من نُطْفَة أمشاج نبتليه} قَالَ: طوراً نُطْفَة وطوراً علقَة وطورا مُضْغَة وطورا عظما {فكسونا الْعِظَام لَحْمًا} وَذَلِكَ أَشد مَا يكون إِلَى كسي اللَّحْم {ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خلقا آخر} قَالَ: أنبت لَهُ الشّعْر {فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ} فأنباه الله مِم خلقه وأنباه إِنَّمَا بَين ذَلِك ليبتليه بذلك ليعلم كَيفَ شكره ومعرفته لحقه فَبين الله لَهُ مَا أحل لَهُ وَمَا حرم عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: {إِنَّا هديناه السَّبِيل إِمَّا شاكراً} لنعم الله {وَإِمَّا كفوراً} بهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الأمشاج مِنْهُ الْعِظَام والعصب وَالْعُرُوق من الرجل وَاللَّحم وَالدَّم وَالشعر من الْمَرْأَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {أمشاج} قَالَ: الظفر والعظم والعصب من الرجل وَاللَّحم وَالشعر من الْمَرْأَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {إِنَّا هديناه السَّبِيل} قَالَ: السَّبِيل الْهدى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِنَّا هديناه السَّبِيل} قَالَ: الشقاوة والسعادة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ {إِنَّا هديناه السَّبِيل} قَالَ: الْخَيْر وَالشَّر وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل مولد يُولد على الْفطْرَة حَتَّى يعبر عَنهُ لِسَانه فَإِذا عبر عَنهُ لِسَانه إِمَّا شاكراً وَإِمَّا كفوراً وَالله تَعَالَى أعلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِن الْأَبْرَار يشربون من كأس كَانَ مزاجها كافوراً} قَالَ: تمزج بِهِ {عينا يشرب بهَا عباد الله يفجرونها تفجيراً} قَالَ: يَقُودُونَهَا حَيْثُ يشاؤوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {إِن الْأَبْرَار يشربون من كأس كَانَ مزاجها كافوراً} قَالَ: قوم يمزج لَهُم بالكافور وَيخْتم لَهُم بالمسك {عينا يشرب بهَا عباد الله يفجرونها تفجيراً} قَالَ: يَسْتَفِيد ماؤهم يفجرونها حَيْثُ شاؤوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {كَانَ مزاجها} قَالَ طعمها: {يفجرونها تفجيراً} قَالَ: الْأَنْهَار يجرونها حَيْثُ شاؤوا وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن إِسْحَق قَالَ فِي قِرَاءَة عبد الله: كأساً صفراً كَانَ مزاجها وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن ابْن شَوْذَب فِي قَوْله: {يفجرونها تفجيراً} قَالَ: مَعَهم قضبان ذهب يفجرون بهَا تتبع قضبانهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {يُوفونَ بِالنذرِ} قَالَ: كَانُوا يُوفونَ بِطَاعَة الله من الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالْحج وَالْعمْرَة وَمَا افْترض عَلَيْهِم فسماهم الله الْأَبْرَار لذَلِك فَقَالَ: {يُوفونَ بِالنذرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَره مُسْتَطِيرا} قَالَ: إستطاروا لله شَرّ ذَلِك الْيَوْم حَتَّى مَلأ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {يُوفونَ بِالنذرِ} قَالَ: إِذا نذروا فِي حق الله وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {يُوفونَ بِالنذرِ} قَالَ: كل نذر فِي شكر وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي فَقَالَ: إِنِّي نذرت أَن أنحر نَفسِي فشغل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذهب الرجل فَوجدَ يُرِيد أَن ينْحَر نَفسه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي

أمتِي من وَفِي بِالنذرِ وَيخَاف {يَوْمًا كَانَ شَره مُسْتَطِيرا} أهد مائَة نَاقَة وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد قَالَ: لما صدر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالأسارى عَن بدر أنْفق سَبْعَة من الْمُهَاجِرين على أُسَارَى مُشْركي بدر مِنْهُم أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن وَسعد وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح فَقَالَت الْأَنْصَار: قتلناهم فِي الله وَفِي رَسُوله وتوفونهم بِالنَّفَقَةِ فَأنْزل الله فيهم تسع عشرَة آيَة {إِن الْأَبْرَار يشربون من كأس كَانَ مزاجها كافوراً} إِلَى قَوْله: {عينا فِيهَا تسمى سلسبيلاً} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كَانَ شَره مُسْتَطِيرا} قَالَ: فاشيا الْآيَة 8 - 23

8

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ويطعمون الطَّعَام على حبه} قَالَ: وهم يشتهونه {وأسيراً} قَالَ: هُوَ المسجون {إِنَّمَا نطعمكم لوجه الله} الْآيَة قَالَ: لم يقل الْقَوْم ذَلِك حِين أطعموهم وَلَكِن علم الله من قُلُوبهم فَأثْنى عَلَيْهِ بِهِ ليرغب فِيهِ رَاغِب

وَأخرج سعيد بن الْمَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: كَانَ الْأُسَارَى مُشْرِكين يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة {ويطعمون الطَّعَام على حبه مِسْكينا ويتيماً وأسيراً} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: لقد أَمر الله بالأسارى أَن يحسن إِلَيْهِم وَأَنَّهُمْ يَوْمئِذٍ لمشركون فوَاللَّه لأخوك الْمُسلم أعظم عَلَيْك حُرْمَة وَحقا وَأخرج أَبُو عبيد فِي غَرِيب الحَدِيث وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان فِي قَوْله: {وأسيراً} قَالَ: لم يكن الْأَسير على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا من الْمُشْركين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأسر أهل الإِسلام وَلكنهَا نزلت فِي أُسَارَى أهل الشّرك كَانُوا يأسرونهم فِي الْفِدَاء فَنزلت فيهم فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر بالإِصلاح لَهُم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وأسيراً} قَالَ: هُوَ الْمُشرك وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وأسيراً} قَالَ: مَا أسرت الْعَرَب من الْهِنْد وَغَيرهم فَإِذا حبسوا فَعَلَيْكُم أَن تطعموهم وتسقوهم حَتَّى يقتلُوا أَو يفدوا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي رزين قَالَ: كنت مَعَ شَقِيق بن سَلمَة فَمر عَلَيْهِ أُسَارَى من الْمُشْركين فَأمرنِي أَن أَتصدق عَلَيْهِم ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة {ويطعمون الطَّعَام على حبه مِسْكينا ويتيماً وأسيراً} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير وَعَطَاء {ويطعمون الطَّعَام على حبه مِسْكينا ويتيماً وأسيراً} قَالَا: من أهل الْقبْلَة وَغَيرهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله الله: {مِسْكينا} قَالَ: فَقِيرا {ويتيماً} قَالَ: لَا أَب لَهُ {وأسيراً} قَالَ: الْمَمْلُوك والمسجون وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ويطعمون الطَّعَام على حبه} الْآيَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي عَليّ بن أبي طَالب وَفَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن سعد عَن أم الْأسود سَرِيَّة الرّبيع بن خَيْثَم قَالَت: كَانَ الرّبيع يُعجبهُ السكر يَأْكُلهُ فَإِذا جَاءَ السَّائِل نَاوَلَهُ فَقلت: مَا يصنع بالسكر الْخبز لَهُ خير قَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يَقُول: {ويطعمون الطَّعَام على حبه}

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَوْمًا عبوساً} قَالَ: ضيقا {قمطريراً} قَالَ: طَويلا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {يَوْمًا عبوساً قمطريراً} قَالَ: يقبض مَا بَين الْأَبْصَار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طرق ابْن عَبَّاس قَالَ: القمطرير الرجل المنقبض مَا بَين عَيْنَيْهِ وَوَجهه وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {يَوْمًا عبوساً قمطريراً} قَالَ: الَّذِي ينقبض وَجهه من شدَّة الوجع قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: وَلَا يَوْم الحسار وَكَانَ يَوْمًا عبوساً فِي الشدائد قمطريراً قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {وَلَا زمهريراً} قَالَ: كَذَلِك أهل الْجنَّة لَا يصيبهم حر الشَّمْس فيؤذيهم وَلَا الْبرد قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: برهوهة الْخلق مثل الْعَتِيق لم تَرَ شمساً وَلَا زمهريراً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {يَوْمًا عبوساً قمطريراً} قَالَ: يَوْمًا تقبض فِيهِ الْحَيَاة من شدته وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {يَوْمًا} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {عبوساً} قَالَ: العابس الشفتين {قمطريراً} قَالَ: تقبض الْوُجُوه بالسوء وَفِي لفظ انقباض مَا بَين عَيْنَيْهِ وَوَجهه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {ولقاهم نَضرة وسروراً} قَالَ: نَضرة فِي وُجُوههم وسروراً فِي صُدُورهمْ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {ولقاهم نَضرة} قَالَ: فِي الْوُجُوه {وسروراً} قَالَ: فِي الصُّدُور والقلوب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {ولقاهم نَضرة وسروراً} قَالَ: نَضرة فِي وُجُوههم وسروراً فِي قُلُوبهم {وجزاهم بِمَا صَبَرُوا جنَّة وَحَرِيرًا} قَالَ: الصَّبْر صبران صَبر على طَاعَة الله وصبرعن مَعْصِيّة الله {متكئين فِيهَا على الأرائك} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنَّهَا الحجال على السرر {لَا يرَوْنَ فِيهَا شمساً وَلَا زمهريراً} قَالَ: علم الله

تبَارك وَتَعَالَى أَن شدَّة الْحر تؤذي وَأَن شدَّة الْبرد تؤذي فوقاهم الله عذابهما جَمِيعًا قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدث أَن جَهَنَّم اشتكت إِلَى رَبهَا فنفسها فِي كل عَام نفسين فشدة الْحر من حرهَا وَشدَّة الْبرد من زمهريرها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن مرْدَوَيْه عَن الزُّهْرِيّ فِي قَوْله: {لَا يرَوْنَ فِيهَا شمساً وَلَا زمهريراً} قَالَ: حَدثنِي أَبُو سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اشتكت النَّار إِلَى رَبهَا فَقَالَت: يَا رب أكل بَعْضِي بَعْضًا فنفسني فَجعل لَهَا فِي كل عَام نفسين نفسا فِي الشتَاء ونفساً فِي الصَّيف فشدة الْبرد الَّذِي تَجِدُونَ من زمهرير جَهَنَّم وَشدَّة الْحر الَّذِي تَجِدُونَ من حر جَهَنَّم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اشتكت النَّار إِلَى رَبهَا فَقَالَت: رب أكل بَعْضِي بَعْضًا فَجعل لَهَا نفسين نفسا فِي الشتَاء ونفساً فِي الصَّيف فشدة مَا تجدونه من الْبرد من زمهريرها وَشدَّة مَا تجدونه فِي الصَّيف من الْحر من سمومها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلَا زمهريراً} قَالَ: بردا مقطعاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: الزَّمْهَرِير هُوَ الْبرد الشَّديد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الزَّمْهَرِير إِنَّمَا هُوَ لون من الْعَذَاب إِن الله تَعَالَى قَالَ: {لَا يذوقون فِيهَا بردا وَلَا شرابًا} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَو أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم حَار ألْقى الله سَمعه وبصره إِلَى أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض فَإِذا قَالَ العَبْد لَا إِلَه إِلَّا الله مَا أَشد حر هَذَا الْيَوْم اللَّهُمَّ أجرني من حر جَهَنَّم قَالَ الله عز وَجل لِجَهَنَّم إِن عبدا من عَبِيدِي استجار بيّ مِنْك وَإِنِّي أشهدك أَنِّي قد أجرته وَإِذا كَانَ يَوْم شَدِيد الْبرد ألْقى الله سَمعه وبصره إِلَى أهل السَّمَاء وَأهل الأَرْض فَإِذا قَالَ العَبْد: لَا إِلَه إِلَّا الله مَا أَشد برد هَذَا الْيَوْم اللَّهُمَّ أجرني من زمهرير جَهَنَّم قَالَ الله لِجَهَنَّم: إِن عبدا من عَبِيدِي استجارني من زمهريرك وَإِنِّي أشهدك أَنِّي قد أجرته فَقَالُوا وَمَا زمهرير جَهَنَّم قَالَ كَعْب: بَيت يلقى فِيهِ الْكَافِر فيتميز من شدَّة بردهَا بعضه من بعض وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الْجنَّة سَجْسَج لَا قر فِيهَا وَلَا حر

أخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وهناد بن السّري وَعبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير وَابْن المنذروابن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْبَراء بن عَازِب فِي وَقَوله: {ودانية عَلَيْهِم ظلالهاً} قَالَ: قريبَة {وذللت قطوفها تذليلاً} قَالَ: إِن أهل الْجنَّة يَأْكُلُون من ثمار الْجنَّة قيَاما وقعوداً ومضطجعين وعَلى أَي حَال شاؤوا وَفِي لفظ قَالَ: ذللت لَهُ فيتناولون مِنْهَا كَيفَ شاؤوا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {وذللت قطوفها تذليلاً} قَالَ: إِن قعدوا نالوها وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {وذللت قطوفها تذليلاً} قَالَ: أدنيت مِنْهُم يتناولونها وهم متكئون وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وذللت قطوفها تذليلاً} قَالَ: أدنيت مِنْهُم يتناولونها إِن قَامَ ارْتَفَعت بِقَدرِهِ وَإِن قعد تدلت حَتَّى ينالها وَإِن اضْطجع تدلت حَتَّى ينالها فَذَلِك تذليلها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: يَقُول غلْمَان أهل الْجنَّة من أَيْن نقطف لَك من أَيْن نسقيك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: أَرض الْجنَّة ورق وترابها مسك وأصول شَجَرهَا ذهب وورق وأفنانها اللُّؤْلُؤ والزبرجد وَالْوَرق وَالثِّمَار بَين ذَلِك فَمن أكل قَائِما لم يؤذه وَمن أكل مُضْطَجعا لم يؤذه وَمن أكل جَالِسا لم يؤذه {وذللت قطوفها تذليلاً} وَفِي لفظ إِن قَامَ ارْتَفَعت بِقَدرِهِ وَإِن قعد تدلت حَتَّى ينالها وَإِن اضْطجع تدلت حَتَّى ينالها فَذَلِك تذليلها وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَيُطَاف عَلَيْهِم بآنية من فضَّة} الْآيَة قَالَ: صفاء الْقَوَارِير فِي بَيَاض الْفضة {قدروها تَقْديرا} قَالَ: قدرت على قدر رَأْي الْقَوْم وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ أَنه كَانَ يقْرَأ / قدرهَا / بِرَفْع الْقَاف وَأخرج عَن الْحسن أَنه قَرَأَهَا بِنصب الْقَاف وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:

آنِية من فضَّة وصفاؤها كصفاء الْقَوَارِير {قدروها تَقْديرا} قَالَ: قدرت للكف وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو أخذت فضَّة من فضَّة الدُّنْيَا فضربتها حَتَّى جَعلتهَا مثل جنَاح الذُّبَاب لم ير المَاء عَن وَرَائِهَا وَلَكِن قَوَارِير الْجنَّة بَيَاض الْفضة فِي صفاء الْقَوَارِير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَيْسَ فِي الْجنَّة شَيْء إِلَّا قد أعطيتم فِي الدُّنْيَا شبهه إِلَّا {قَوَارِير من فضَّة} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: لَو اجْتمع أهل الدُّنْيَا على أَن يعملوا إِنَاء من فضَّة يرى مَا فِيهِ من خَلفه كَمَا يرى فِي الْقَوَارِير مَا قدرُوا عَلَيْهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قدروها تَقْديرا} قَالَ: أَتَوا بهَا على قدرهم لَا يفضلون شَيْئا وَلَا يشتهون بعْدهَا شَيْئا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: الْآنِية الأقداح والأكواب الكوكبات وتقديرها أَنَّهَا لَيست بالملأى الَّتِي تفيض وَلَا نَاقِصَة بِقدر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {قدروها تَقْديرا} قَالَ: قدرتها السقاة وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله: {قَوَارِير من فضَّة} قَالَ: صفاؤها صفاء الْقَوَارِير وَهِي من فضَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {كَانَ مزاجها زنجبيلاً} قَالَ: يمزج لَهُم بالزنجبيل وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {كَانَ مزاجها زنجبيلاً} قَالَ: يأثر لَهُم مَا كَانُوا يشربون فِي الدُّنْيَا فَيَجِيء إِلَيْهِم بذلك وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَربع عُيُون فِي الْجنَّة عينان تجريان من تَحت الْعَرْش إِحْدَاهمَا الَّتِي ذكر الله {يفجرونها تفجيراً} وَالْأُخْرَى الزنجبيل وعينان نضاختان من فَوق إِحْدَاهمَا الَّتِي ذكر الله سلسبيلاً وَالْأُخْرَى التسنيم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {عينا فِيهَا تسمى سلسبيلاً} قَالَ: حَدِيدَة الجرية

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {عينا فِيهَا تسمى سلسبيلاً} قَالَ: عين الْخمْرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {تسمى سلسبيلاً} قَالَ: تجْرِي سلسلة السَّبِيل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {عينا فِيهَا تسمى سلسبيلاً} قَالَ: سلسلة فِيهَا يصرفونا حَيْثُ شاؤوا وَفِي قَوْله: {حسبتهم لؤلؤاً منثوراً} قَالَ: من حسنهم وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَينا الْمُؤمن على فرَاشه إِذْ أبْصر شَيْئا يسير نَحوه فَجعل يَقُول: لُؤْلُؤ فَإِذا ولدان مخلدون كَمَا وَصفهم الله وَهِي الْآيَة {إِذا رَأَيْتهمْ حسبتهم لؤلؤاً منثوراً} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا أَوَّلهمْ خُرُوجًا إِذا خَرجُوا وَأَنا قائدهم إِذا وفدوا وَأَنا خطيبهم إِذا أَنْصتُوا وَأَنا مستشفعهم إِذا جَلَسُوا وَأَنا مبشرهم إِذا أيسوا الْكَرَامَة والمفاتيح بيَدي ولواء الْحَمد بيَدي وآدَم وَمن دونه تَحت لِوَائِي وَلَا فَخر يطوف عَلَيْهِم ألف خَادِم كَأَنَّهُمْ بيض مَكْنُون أَو لُؤْلُؤ منثور وَأخرج ابْن الْمُبَارك وهناد وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلا من يسْعَى عَلَيْهِ ألف خَادِم كل وَاحِد على عمل لَيْسَ عَلَيْهِ صَاحبه وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه ذكر ركب أهل الْجنَّة ثمَّ تَلا {وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيماً وملكاً كَبِيرا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيماً وملكاً كَبِيرا} قَالَ: هُوَ اسْتِئْذَان الْمَلَائِكَة لَا تدخل عَلَيْهِم إِلَّا بِإِذن وَأخرج ابْن جرير عَن سُفْيَان فِي قَوْله: {وملكاً كَبِيرا} قَالَ: بلغنَا أَنه اسْتِئْذَان الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم وَأخرج ابْن وهب عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة الَّذِي يركب فِي ألف ألف من خدمَة من الْولدَان المخلدين على

خيل من ياقوت أَحْمَر لَهَا أَجْنِحَة من ذهب {وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيماً وملكاً كَبِيرا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: دخل عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ رَاقِد على حَصِير من جريد قد أثر فِي جنبه فَبكى عمر فَقَالَ: مَا يبكيك فَقَالَ: ذكرت كسْرَى وَملكه وَقَيْصَر وَملكه وَصَاحب الْحَبَشَة وَملكه وَأَنت رَسُول الله على حَصِير من جريد فَقَالَ: أما ترْضى أَن لَهُم الدُّنْيَا وَلنَا الْآخِرَة فَأنْزل الله {وَإِذا رَأَيْت ثمَّ رَأَيْت نعيماً وملكاً كَبِيرا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الجوزاء أَنه كَانَ يقْرَأ {عاليهم ثِيَاب سندس خضر} قَالَ: علت الخضرة أكثرثياب أَهلهَا الخضرة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {شرابًا طهُورا} قَالَ: مَا ذكر الله من الْأَشْرِبَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {شرابًا طهُورا} قَالَ: مَا ذكر الله من الْأَشْرِبَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي قلَابَة رَضِي الله عَنهُ {وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا} قَالَ: إِذا أكلُوا أَو شربوا مَا شَاءَ الله من الطَّعَام وَالشرَاب دعوا الشَّرَاب الطّهُور فيشربون فيطهرهم فَيكون مَا أكلُوا وَشَرِبُوا جشاء برِيح مسك يفِيض من جُلُودهمْ ويضمر لذَلِك بطونهم وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ فِي هَذِه الْآيَة {وسقاهم رَبهم شرابًا طهُورا} قَالَ: عرق يفِيض من أعراضهم مثل ريح الْمسك وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَالَ: بَلغنِي أَنه يقسم للرجل من أهل الْجنَّة شَهْوَة مائَة رجل من أهل الدُّنْيَا وأكلهم ونهمتهم فَإِذا أكل سقِِي شرابًا طهُورا يخرج من جلده رشحاً كَرَشْحِ الْمسك ثمَّ تعود شَهْوَته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَكَانَ سعيكم مشكوراً} فَقَالَ: لقد شكر الله سعياً قَلِيلا

الْآيَة 24 - 31

24

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفوراً} قَالَ: حَدثنَا أَنَّهَا نزلت فِي عدوّ الله أبي جهل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ أَنه بلغه أَن أَبَا جهل قَالَ: لما فرضت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة وَهُوَ يَوْمئِذٍ بِمَكَّة: لَئِن رَأَيْت مُحَمَّدًا يُصَلِّي لَأَطَأَن على عُنُقه فَأنْزل الله فِي ذَلِك {وَلَا تُطِع مِنْهُم آثِما أَو كفوراً} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {آثِما أَو كفوراً} قَالَ: كَانَ أَبُو جهل يَقُول: لَئِن رَأَيْت مُحَمَّدًا يُصَلِّي لَأَطَأَن على رقبته فَنَهَاهُ أَن يطيعه وَفِي قَوْله: {يَوْمًا ثقيلاً} قَالَ: عسراً شَدِيدا وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وشددنا أسرهم} قَالَ: خلقهمْ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ {وشددنا أسرهم} قَالَ: هِيَ المفاصل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع {وشددنا أسرهم} قَالَ: مفاصلهم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وشددنا أسرهم}

قَالَ: خلقهمْ وَفِي قَوْله: {إِن هَذِه تذكرة} قَالَ: هَذِه السُّورَة تذكرة وَالله أعلم قَوْله تَعَالَى: {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله} أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لعن الله الْقَدَرِيَّة وَقد فعل لعن الله الْقَدَرِيَّة وَقد فعل لعن الله الْقَدَرِيَّة وَقد فعل مَا قَالُوا كَمَا قَالَ الله وَلَا قَالُوا كَمَا قَالَت الْمَلَائِكَة وَلَا قَالُوا كَمَا قَالَت الْأَنْبِيَاء وَلَا قَالُوا كَمَا قَالَت أهل الْجنَّة وَلَا قَالُوا كَمَا قَالَت أهل النَّار وَلَا قَالُوا كَمَا قَالَ الشَّيْطَان قَالَ الله {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله} وَقَالَت الْمَلَائِكَة: (لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 32) وَقَالَت الْأَنْبِيَاء فِي قصَّة نوح: (وَلَا ينفعكم نصحي إِن أردْت أَن أنصح لكم إِن كَانَ الله يُرِيد أَن يغويكم) (سوره هود الْآيَة 34) وَقَالَت أهل الْجنَّة: (وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله) (سُورَة الْأَعْرَاف الْآيَة 43) وَقَالَ أهل النَّار (رَبنَا غلبت علينا شِقْوَتنَا) (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 106) وَقَالَ الشَّيْطَان: (رب بِمَا أغويتني) (سُورَة الْحجر الْآيَة 39) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: إِذا خطب كل مَا هُوَ آتٍ قريب لَا بعد لما يَأْتِي وَلَا يعجل الله لعجلة أحد مَا شَاءَ الله لَا مَا شَاءَ النَّاس يُرِيد النَّاس أمرا وَيُرِيد الله أمرا مَا شَاءَ الله كَانَ وَلَو كره النَّاس لَا مباعد لما قرب الله وَلَا مقرب لما باعد الله لَا يكون شَيْء إِلَّا بِإِذن الله

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 77 سُورَة المرسلات مَكِّيَّة وآياتها خَمْسُونَ الْآيَة 1 - 19

المرسلات

أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة المرسلات بِمَكَّة وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحن مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَار بمنى إِذْ نزلت عَلَيْهِ سُورَة والمرسلات عرفا فَإِنَّهُ يتلوها وَإِنِّي لألقاها من فِيهِ وَإِن فَاه لرطب بهَا إِذا وَثَبت عَلَيْهِ حَيَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقتلوها فابتدرناها فَذَهَبت فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وقيت شركم كَمَا وقيتم شَرها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت {والمرسلات عرفا} نَحْو لَيْلَة الْحَيَّة قَالُوا وَمَا لَيْلَة الْحَيَّة قَالَ: خرجت حَيَّة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقتلوها فتغيبت فِي حجر فَقَالَ: دَعُوهَا فَإِن الله وقاها شركم كَمَا وقاكم شَرها

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَار فَنزلت عَلَيْهِ {والمرسلات} فأخذتها من فِيهِ وَإِن فَاه لرطب بهَا فَلَا أَدْرِي بأيها ختم {فَبِأَي حَدِيث بعده يُؤمنُونَ} أَو {وَإِذا قيل لَهُم ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن أم الْفضل سمعته وَهُوَ يقْرَأ {والمرسلات عرفا} فَقَالَت: يَا بني لقد ذَكرتني بِقِرَاءَتِك هَذِه السُّورَة إِنَّهَا لآخر مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ بهَا فِي الْمغرب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عبد الْعَزِيز أبي سكين قَالَ: أتيت أنس بن مَالك فَقلت: أَخْبرنِي عَن صَلَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فصلى بِنَا الظّهْر وَقَرَأَ قِرَاءَة همساً بالمرسلات والنازعات وَعم يتساءلون وَنَحْوهَا من السُّور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ {والمرسلات عرفا} قَالَ: هِيَ الْمَلَائِكَة أرْسلت بِالْمَعْرُوفِ وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق مَسْرُوق عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {والمرسلات عرفا} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الرِّيَاح ثَمَان أَربع مِنْهَا عَذَاب وَأَرْبع مِنْهَا رَحْمَة فالعذاب مِنْهَا العاصف والصرصر والعقيم والقاصف وَالرَّحْمَة مِنْهَا الناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات فَيُرْسل الله المرسلات فتثير السَّحَاب ثمَّ يُرْسل الْمُبَشِّرَات فتلقح السَّحَاب ثمَّ يُرْسل الذاريات فَتحمل السَّحَاب فتدر كَمَا تدر اللقحة ثمَّ تمطر وَهِي اللواقح ثمَّ يُرْسل الناشرات فتنشر مَا أَرَادَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبيّ العبيدين أَنه سَأَلَ ابْن مَسْعُود {والمرسلات عرفا} قَالَ: الرّيح {فالعاصفات عصفاً} قَالَ: الرّيح {والناشرات نشراً} قَالَ: الرّيح {فالفارقات فرقا} قَالَ: حَسبك وَأخرج ابْن رَاهَوَيْه وَابْن الْمُنْذر وَعبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن خَالِد بن عرْعرة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَامَ رجل إِلَى عليّ فَقَالَ: مَا العاصفات عصفاً قَالَ: الرِّيَاح

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {والمرسلات عرفا} قَالَ: الرّيح {فالعاصفات عصفاً} قَالَ: الرّيح {فالفارقات فرقا} قَالَ: الْمَلَائِكَة {فالملقيات ذكرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {والمرسلات عرفا} قَالَ: الْمَلَائِكَة {فالفارقات فرقا} قَالَ: الْمَلَائِكَة فرقت بَين الْحق وَالْبَاطِل {فالملقيات ذكرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة بالتنزيل وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {والمرسلات عرفا} قَالَ: الرّيح {فالعاصفات عصفاً} قَالَ: الرّيح {والناشرات نشراً} قَالَ: الرّيح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {والمرسلات عرفا} قَالَ: هِيَ الرّيح {فالعاصفات عصفاً} قَالَ: هِيَ الرّيح {فالفارقات فرقا} يَعْنِي الْقُرْآن مَا فرق الله بِهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل {فالملقيات ذكرا} هِيَ الْمَلَائِكَة تلقي الذّكر على الرُّسُل وتلقيه الرُّسُل على بني آدم عذرا أَو نذرا قَالَ: عذرا من الله ونذراً مِنْهُ إِلَى خلقه وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفاً والناشرات نشراً فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن جرير عَن مَسْرُوق {والمرسلات عرفا} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ {والمرسلات عرفا} قَالَ: هِيَ الرُّسُل ترسل بِالْمَعْرُوفِ {فالعاصفات عصفاً} قَالَ: الرّيح {والناشرات نشراً} قَالَ: الْمَطَر {فالفارقات فرقا} قَالَ: الرُّسُل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من وَجه آخر عَن أبي صَالح {والمرسلات عرفا} قَالَ: الْمَلَائِكَة يجيئون بالأعارف {فالعاصفات عصفاً} قَالَ: الرّيح العواصف {والناشرات نشراً} قَالَ: الْمَلَائِكَة ينشرون الْكتب {فالفارقات فرقا} قَالَ: الْمَلَائِكَة يفرقون بَين الْحق وَالْبَاطِل {فالملقيات ذكرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة يجيئون بِالْقُرْآنِ وَالْكتاب عذرا من الله أَو نذرا مِنْهُ إِلَى النَّاس وهم الرُّسُل يعذرُونَ وينذرون وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن

زيد بن ثَابت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أنزل الْقُرْآن بالتفخيم قَالَ عمار بن عبد الْملك: كَهَيْئَته عذرا ونذراً والصدفين وَألا لَهُ الْخلق وَالْأَمر وَأَشْبَاه هَذَا فِي الْقُرْآن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {فَإِذا النُّجُوم طمست} قَالَ: تطمس فَيذْهب نورها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله: {وَإِذا الرُّسُل أقتت} قَالَ: وعدت وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {أقتت} قَالَ: أجلت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {أقتت} قَالَ: جمعت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {ليَوْم الْفَصْل} قَالَ: يَوْم يفصل الله فِيهِ بَين النَّاس بأعمالهم إِلَى الْجنَّة وَإِلَى النَّار {وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الْفَصْل} قَالَ: يَعِظهُمْ بذلك {ويل يَوْمئِذٍ للمكذبين} قَالَ: ويل لَهُم وَالله ويلاً طَويلا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: ويل وَاد فِي جَهَنَّم يسيل فِيهِ صديد أهل النَّار فَجعل للمكذبين وَالله أعلم الْآيَة 20 - 50

20

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ألم نخلقكم من مَاء مهين} يَعْنِي بالمهين الضَّعِيف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {من مَاء مهين} قَالَ: ضَعِيف فِي قَرَار مكين وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {فقدرنا فَنعم القادرون} قَالَ: فملكنا فَنعم المالكون وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {فقدرنا فَنعم القادرون} قَالَ: فخلقنا فَنعم المالكون وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {كفاتاً} قَالَ: كُنَّا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {ألم نجْعَل الأَرْض كفاتاً} قَالَ: تكفتهم أَمْوَاتًا وتكف إِذا هم أَحيَاء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود أَنه أَخذ قملة فدفنها فِي الْمَسْجِد ثمَّ قَرَأَ {ألم نجْعَل الأَرْض كفاتاً أَحيَاء وأمواتاً} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {كفاتاً} قَالَ: تكفت الْمَيِّت وَلَا يرى مِنْهُ شَيْء وَقَوله: {أَحيَاء} الرجل فِي بَيته لَا يرى من عمله شَيْء وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {رواسي} جبالاً شامخات مشرفات {فراتاً} عذباً {بشرر كالقصر} قَالَ: كالقصر الْعَظِيم {جمالة صفر} قَالَ: قطع النّحاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {ظلّ ذِي ثَلَاث شعب} دُخان جَهَنَّم

وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْكَلْبِيّ فِي قَوْله: {ظلّ ذِي ثَلَاث شعب} قَالَ: هُوَ كَقَوْلِه: (نَار أحَاط بهم سرادقها) (سُورَة الْكَهْف الْآيَة 29) والسرادق الدُّخان دُخان النَّار فأحاط بهم سرادقها ثمَّ تفرق فَكَانَ ثَلَاث شعب شُعْبَة هَهُنَا وَشعْبَة هَهُنَا وَشعْبَة هَهُنَا وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَالْبُخَارِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن عَابس قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يسْأَل عَن قَوْله: {إِنَّهَا ترمي بشرر كالقصر} قَالَ: كُنَّا نرفع الْخشب بقصر ثَلَاثَة أَذْرع أَو أقل فنرفعه للشتاء فنسميه الْقصر قَالَ: وسمعته يسْأَل عَن قَوْله تَعَالَى: {جمالة صفر} قَالَ: حبال السفن يجمع بَعْضهَا إِلَى بعض حَتَّى تكون كأوساط الرِّجَال وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا {كالقصر} بِفَتْح الْقَاف وَالصَّاد قَالَ: قصر النّخل يَعْنِي الْأَعْنَاق وَكَانَ يقْرَأ / جمالات / بِضَم الْجِيم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن عَبَّاس {كالقصر} قَالَ: كجذور الشّجر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْعَرَب تَقول فِي الْجَاهِلِيَّة: اقصروا لنا الْحَطب فَيقطع على قدر الذِّرَاع والذراعين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {ترمي بشرر كالقصر} قَالَ: إِنَّهَا لَيست كالشجر وَالْجِبَال وَلكنهَا مثل الْمَدَائِن والحصون وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كالقصر} قَالَ: هُوَ الْقصر {كَأَنَّهُ جمالة صفر} قَالَ: الإِبل وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد عَن الْحسن فِي قَوْله: {كَأَنَّهُ جمالة صفر} قَالَ: الصفر السود وَفِي قَوْله: {جمالة صفر} قَالَ: هُوَ الجسر وَفِي لفظ قَالَ: الْجبَال وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {كالقصر} قَالَ: مثل قصر النَّخْلَة

وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: الْقصر أصُول الشّجر الْعِظَام كَأَنَّهَا أجواز الإِبل الصفر قَالَ ابْن جرير: وسط كل شَيْء جوزة وَأخرج ابْن جرير عَن هَارُون قَالَ: قَرَأَهَا الْحسن {كالقصر} بجزم الصَّاد وَقَالَ: هُوَ الجزل من الْخشب وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن {كَأَنَّهُ جمالة صفر} قَالَ: كالنوق السود وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {كَأَنَّهُ جمالة صفر} يَقُول: قطع النّحاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {كالقصر} قَالَ: حزم الشّجر وَقطع النّخل {كَأَنَّهُ جمالة صفر} قَالَ: جبال الجسور وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {كالقصر} قَالَ: أصُول الشّجر وأصول النّخل {كَأَنَّهُ جمالة صفر} قَالَ: كَأَنَّهُ نُوق سود وَأخرج عبد حميد عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يقْرَأ {كالقصر} قَالَ: كقطعة النَّخْلَة الجادرة {كَأَنَّهُ جمالة صفر} قَالَ: القلوص وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الصَّامِت قَالَ: قلت لعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أَرَأَيْت قَول الله: {هَذَا يَوْم لَا ينطقون وَلَا يُؤذن لَهُم فيعتذرون} قَالَ: إِن يَوْم الْقِيَامَة يَوْم لَهُ حالات وتارات فِي حَال لَا ينطقون وَفِي حَال ينطقون وَفِي حَال يَعْتَذِرُونَ لَا أحدثكُم إِلَّا مَا حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة ينزل الْجَبَّار فِي ظلل من الْغَمَام وكل أمة جاثية فِي ثَلَاثَة حجب مسيرَة كل حجاب خَمْسُونَ ألف سنة حجاب من نور وحجاب بن ظلمَة وحجاب من مَاء لَا يرى لذَلِك فيأمر بذلك المَاء فَيَعُود فِي تِلْكَ الظلمَة وَلَا تسمع نفس ذَلِك القَوْل إِلَّا ذهبت فَعِنْدَ ذَلِك لَا ينطقون وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق عِكْرِمَة قَالَ: سَأَلَ نَافِع بن الْأَزْرَق ابْن عَبَّاس عَن قَوْله تَعَالَى: {هَذَا يَوْم لَا ينطقون} و (فَلَا تسمع إِلَّا همسا) (سُورَة طه الْآيَة 108) و (أقبل بَعضهم على بعض يتساءلون) (سُورَة الصافات الْآيَة 27) و (هاؤم اقرؤوا كِتَابيه) (سُورَة الحاقة الْآيَة 19) فَمَا هَذَا قَالَ:

وَيحك هَل سَأَلت عَن هَذَا أحدا قبلي قَالَ: لَا قَالَ: إِنَّك لَو كنت سَأَلت هَلَكت أَلَيْسَ قَالَ الله تَعَالَى: (وَإِن يَوْمًا عِنْد رَبك كألف سنة مِمَّا تَعدونَ) (سُورَة الْحَج الْآيَة 47) قَالَ: بلَى قَالَ: وَإِن لكل مِقْدَار يَوْم من الْأَيَّام لوناً من الألوان وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة} قَالَ: أَلا أخْبركُم بأشد مِمَّا تسْأَلُون عَنهُ قَالَ ابْن عَبَّاس وَذكر (لَا يسْأَل عَن ذَنبه إنس وَلَا جَان) (سُورَة الرَّحْمَن الْآيَة 39) (فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ) (سُورَة الْحجر الْآيَة 92) و {هَذَا يَوْم لَا ينطقون} قَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّهَا أَيَّام كَثِيرَة فِي يَوْم وَاحِد فيصنع الله فِيهَا مَا يَشَاء فَمِنْهَا يَوْم لَا ينطقون وَمِنْهَا يَوْم عبوساً قمطريراً وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الضُّحَى أَن نَافِع بن الْأَزْرَق وعطية أَتَيَا ابْن عَبَّاس فَقَالَا: يَا ابْن عَبَّاس أخبرنَا عَن قَول الله: {هَذَا يَوْم لَا ينطقون} وَقَوله: (ثمَّ إِنَّكُم يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون) (سُورَة الزمر الْآيَة 31) وَقَوله: (وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين) (سُورَة الْأَنْعَام الْآيَة 6) وَقَوله: (وَلَا يكتمون الله حَدِيثا) (سُورَة النِّسَاء الْآيَة 42) قَالَ: وَيحك يَا ابْن الْأَزْرَق إِنَّه يَوْم طَوِيل وَفِيه مَوَاقِف تَأتي عَلَيْهِم: سَاعَة لَا ينطقون ثمَّ يُؤذن لَهُم فيختصمون ثمَّ يمكثون مَا شَاءَ الله يحلفُونَ ويجهدون فَإِذا فعلوا ذَلِك ختم الله على أَفْوَاههم وَيَأْمُر جوارحهم فَتشهد على أَعْمَالهم بِمَا صَنَعُوا ثمَّ تنطق ألسنتهم فَيَشْهَدُونَ على أنفسهم بِمَا صَنَعُوا قَالَ: ذَلِك قَوْله: {وَلَا يكتمون الله حَدِيثا} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن أبي عبد الله الجدلي قَالَ: أتيت بَيت الْمُقَدّس فَإِذا عبَادَة بن الصَّامِت وَعبد الله بن عَمْرو وَكَعب الْأَحْبَار يتحدثون فِي بَيت الْمُقَدّس فَقَالَ عباد: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة جمع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد فَيَنْفُذهُمْ الْبَصَر وَيسْمعهُمْ الدَّاعِي وَيَقُول الله {هَذَا يَوْم لَا ينطقون} {هَذَا يَوْم الْفَصْل جمعناكم والأولين فَإِن كَانَ لكم كيد فكيدون} الْيَوْم لَا ينجو مني جَبَّار وَلَا شَيْطَان مُرِيد فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو: إِنَّا نجد فِي الْكتاب أَنه يخرج يَوْمئِذٍ عنق من النَّار فَينْطَلق معنقاً حَتَّى إِذا كَانَ بَين ظهراني النَّاس قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي بعثت إِلَى ثَلَاثَة أَنا أعرف بهم من الْوَالِد بولده وَمن الْأَخ بأَخيه لَا يغنيهم مني

وزر وَلَا تخفيهم مني خافية: الَّذِي يَجْعَل مَعَ الله إِلَهًا آخر وكل جَبَّار عنيد وكل شَيْطَان مُرِيد قَالَ: فينطوي عَلَيْهِم فيقذفهم فِي النَّار قبل الْحساب بِأَرْبَعِينَ إِمَّا قَالَ يَوْمًا وَإِمَّا عَاما قَالَ: ويهرع قوم إِلَى الْجنَّة فَتَقول لَهُم الْمَلَائِكَة: قفوا لِلْحسابِ فَيَقُولُونَ: وَالله مَا كَانَت لنا أَمْوَال وَمَا كُنَّا بعمال فَيَقُول الله: صدق عبَادي أَنا أَحَق من أوفى بعهده ادخُلُوا الْجنَّة فَيدْخلُونَ قبل الْحساب بِأَرْبَعِينَ إِمَّا قَالَ يَوْمًا وَإِمَّا عَاما وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي فِي قَوْله: {كلوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا} أَي: لَا موت وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {كلوا وتمتعوا قَلِيلا} قَالَ: عَنى بذلك أهل الْكفْر وَأخرج عبد حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَإِذا قيل لَهُم ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} قَالَ: نزلت فِي ثَقِيف وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَإِذا قيل لَهُم ارْكَعُوا} قَالَ: صلوا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَإِذا قيل لَهُم ارْكَعُوا} قَالَ: عَلَيْكُم بِإِحْسَان الرُّكُوع فَإِن الصَّلَاة من الله بمَكَان قَالَ: وَذكر لنا أَن حُذَيْفَة رأى رجلا يُصَلِّي وَلَا يرْكَع كَأَنَّهُ بعير نافر قَالَ: لَو مَاتَ هَذَا مَا مَاتَ على شَيْء من سنة الإِسلام قَالَ: وَحدثنَا أَن ابْن مَسْعُود رأى رجلا يُصَلِّي وَلَا يرْكَع وَآخر يجر إزَاره فَضَحِك قَالُوا: مَا يضحكك يَا ابْن مَسْعُود قَالَ: أضحكني رجلَانِ أَحدهمَا لَا ينظر الله إِلَيْهِ وَالْآخر لَا يقبل الله صلَاته وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا قيل لَهُم ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} يَقُول: يدعونَ يَوْم الْقِيَامَة إِلَى السُّجُود فَلَا يَسْتَطِيعُونَ السُّجُود من أجل أَنهم لم يَكُونُوا يَسْجُدُونَ لله فِي الدُّنْيَا وَالله أعلم

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 78 سُورَة النبأ مَكِّيَّة وآياتها أَرْبَعُونَ مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {عَم يتساءلون} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزلت {عَم يتساءلون} بِمَكَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الْعَزِيز بن قيس قَالَ: سَأَلت أنسا عَن مِقْدَار صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأمر أحد بنيه فصلى بِنَا الظّهْر وَالْعصر فَقَرَأَ بِنَا المرسلات و {عَم يتساءلون { الْآيَة 1 - 18

النبأ

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: لما بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعلُوا يتساءلون بَينهم فَنزلت {عَم يتساءلون عَن النبإ الْعَظِيم} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يتساءلون عَن النبإ الْعَظِيم} قَالَ: الْقُرْآن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {عَم يتساءلون عَن النبإ الْعَظِيم} قَالَ: الْقُرْآن وَفِي قَوْله: {الَّذِي هم فِيهِ مُخْتَلفُونَ} قَالَ: مُصدق بِهِ ومكذب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {عَم يتساءلون عَن النبإ الْعَظِيم الَّذِي هم فِيهِ مُخْتَلفُونَ} قَالَ: هُوَ الْبَعْث بعد الْمَوْت صَار النَّاس فِيهِ رجلَيْنِ مُصدق ومكذب فَأَما الْمَوْت فاقروا بِهِ كلهم لمعاينتهم إِيَّاه وَاخْتلفُوا فِي الْبَعْث بعد الْمَوْت وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {كلا سيعلمون ثمَّ كلا سيعلمون} قَالَ: وَعِيد بعد وَعِيد وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {كلا سيعلمون} الْكفَّار {ثمَّ كلا سيعلمون} الْمُؤْمِنُونَ وَكَذَلِكَ كَانَ يقْرؤهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ألم نجْعَل الأَرْض مهاداً} قَالَ: فرشت لكم {وَالْجِبَال أوتاداً} قَالَ: أوتدت بهَا لكم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ألم نجْعَل الأَرْض مهاداً} إِلَى قَوْله: {معاشاً} قَالَ: نعم من الله يعددها عَلَيْك يَا ابْن آدم لتعمل لأَدَاء شكرها وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أَرَادَ الله أَن يخلق الْخلق أرسل الرّيح فنسفت المَاء حَتَّى أبدت عَن حَشَفَة وَهِي الَّتِي تَحت الْكَعْبَة ثمَّ مد الأَرْض حَتَّى بلغت مَا شَاءَ الله من الطول وَالْعرض وَكَانَت هَكَذَا تميد وَقَالَ بِيَدِهِ وَهَكَذَا وَهَكَذَا فَجعل الله الْجبَال رواسي أوتاداً فَكَانَ أَبُو قبيس من أول جبل وضع فِي الأَرْض وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: إِن الأَرْض أول مَا خلقت خلقت من عِنْد

بَيت الْمُقَدّس وضعت طِينَة فَقيل لَهَا: اذهبي هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وخلقت على صَخْرَة والصخرة على حوت والحوت على المَاء فَأَصْبَحت وَهِي تميع فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رب من يسكن هَذِه فَأَصْبَحت الْجبَال فِيهَا أوتاداً فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رب أخلقت خلقا هُوَ أَشد من هَذِه قَالَ: الْحَدِيد قَالُوا: فخلقت خلقا هُوَ أَشد من الْحَدِيد قَالَ: النَّار قَالُوا: فخلقت خلقا هُوَ أَشد من النَّار قَالَ: المَاء قَالُوا: فخلقت خلقا هُوَ أَشد من المَاء قَالَ الرّيح قَالُوا: فخلقت خلقا هُوَ أَشد من الرّيح قَالَ: الْبناء قَالُوا: فخلقت خلقا هُوَ أَشد من الْبناء قَالَ: آدم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وخلقناكم أَزْوَاجًا} قَالَ: اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَفِي قَوْله: {وَجَعَلنَا النَّهَار معاشاً} قَالَ: يَبْتَغُونَ من فضل الله وَفِي قَوْله: {وَجَعَلنَا سِرَاجًا وهاجاً} قَالَ: يتلألأ {وأنزلنا من المعصرات} قَالَ: الرّيح {مَاء ثجاجاً} قَالَ: منصباً ينصب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن قَتَادَة {وَجَعَلنَا سِرَاجًا وهاجاً} قَالَ: الْوَهَّاج الْمُنِير {وأنزلنا من المعصرات} قَالَ: من السَّمَاء وَبَعْضهمْ يَقُول من الرّيح {مَاء ثجاجاً} قَالَ: الثجاج المنصب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَجَعَلنَا سِرَاجًا وهاجاً} قَالَ: مضيئاً {وأنزلنا من المعصرات} قَالَ: السَّحَاب {مَاء ثجاجاً} قَالَ: منصباً وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سِرَاجًا وهاجاً} قَالَ: يتلألأ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {وأنزلنا من المعصرات} قَالَ: السَّحَاب يعصر بَعْضهَا بَعْضًا فَيخرج المَاء من بَين السحابتين قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَوْله: النَّابِغَة: تجْرِي بهَا الْأَرْوَاح من بَين شمال وَبَين صباها المعصرات الدوامس قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {ثجاجاً} قَالَ: الثجاج الْكثير الَّذِي ينْبت مِنْهُ الزَّرْع قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَبَا ذُؤَيْب يَقُول:

سقى أم عمر وكل آخر لَيْلَة غمائم سود ماؤهن ثجيج وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم والخرائطي من طرق عَن ابْن عَبَّاس {وأنزلنا من المعصرات} قَالَ: الرِّيَاح {مَاء ثجاجاً} قَالَ: منصباً وَأخرج الشَّافِعِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه والخرائطي وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {وأنزلنا من المعصرات مَاء ثجاجاً} قَالَ: يبْعَث الله سحاباً فَتحمل المَاء من السَّمَاء فتمر بِهِ السَّحَاب فتدر كَمَا تدر اللقحة والثجاج ينزل من السَّمَاء أَمْثَال العزالي فتصرفه الرِّيَاح فَينزل مُتَفَرقًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة {وأنزلنا من المعصرات} قَالَ: السَّحَاب {مَاء ثجاجاً} قَالَ: صبا أَو قَالَ كثيرا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن أنس {وأنزلنا من المعصرات} قَالَ: من السَّمَاء {مَاء ثجاجاً} قَالَ: منصباً وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي مصحف الْفضل بن عَبَّاس {وأنزلنا من المعصرات مَاء ثجاجاً} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن قَتَادَة قَالَ فِي قِرَاءَة ابْن عَبَّاس {وأنزلنا من المعصرات} بالرياح وَأخرج الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن مُجَاهِد {وأنزلنا من المعصرات} الرّيح وَلذَلِك كَانَ يقْرؤهَا: بالمعصرات مَاء ثجاجاً منصبا وَأخرج ابْن جرير ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وجنات ألفافاً} قَالَ: مجتمعة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وجنات ألفافاً} قَالَ: ملتفة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وجنات ألفافاً} قَالَ: ملتفة بَعْضهَا إِلَى بعض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وجنات ألفافاً} قَالَ: الزَّرْع إِذا كَانَ بعضه إِلَى بعض جنَّات

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وجنات ألفافاً} يَقُول: جنَّات الْتفت بَعْضهَا بِبَعْض أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {إِن يَوْم الْفَصْل كَانَ ميقاتاً} قَالَ: هُوَ يَوْم عَظمَة الله وَهُوَ يَوْم يفصل فِيهِ بَين الْأَوَّلين والآخرين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يَوْم ينْفخ فِي الصُّور فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} قَالَ: زمراً زمراً وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب: أَن معَاذًا بن جبل قَالَ: يَا رَسُول الله مَا قَول الله {يَوْم ينْفخ فِي الصُّور فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} فَقَالَ: يَا معَاذ سَأَلت عَن أَمر عَظِيم ثمَّ أرسل عَيْنَيْهِ ثمَّ قَالَ: عشرَة أَصْنَاف قد ميزهم الله من جمَاعَة الْمُسلمين وَبدل صورهم فبعضهم على صُورَة القردة وَبَعْضهمْ على صُورَة الْخَنَازِير وَبَعْضهمْ منكبين أَرجُلهم فَوق وُجُوههم أَسْفَل يسْحَبُونَ عَلَيْهَا وَبَعْضهمْ عمي يَتَرَدَّدُونَ وَبَعْضهمْ صم بكم لَا يعْقلُونَ وَبَعْضهمْ يَمْضُغُونَ ألسنتهم وَهِي مدلاة على صُدُورهمْ يسيل الْقَيْح من أَفْوَاههم لعاباً يقذرهم أهل الْجمع وَبَعْضهمْ مقطعَة أَيْديهم وأرجلهم وَبَعْضهمْ مصلبون على جُذُوع من نَار وَبَعْضهمْ أَشد نَتنًا من الْجِيَف وَبَعْضهمْ يلبسُونَ جِبَابًا سابغات من قطران لَازِقَة بِجُلُودِهِمْ فَأَما الَّذين على صُورَة القردة فَالْقَتَّات من النَّاس وَأما الَّذين على صُورَة الْخَنَازِير فَأَكلَة السُّحت والمنكسون على وُجُوههم فَأَكلَة الرِّبَا والعمي من يجور فِي الحكم والصم الْبكم المعجبون بأعمالهم وَالَّذين يَمْضُغُونَ ألسنتهم فَالْعُلَمَاء والقضاة من الَّذين يُخَالف قَوْلهم أَعْمَالهم والمقطعة أَيْديهم وأرجلهم الَّذين يُؤْذونَ الْجِيرَان والمصلبون على جُذُوع من نَار فَالسُّعَاة بِالنَّاسِ إِلَى السُّلْطَان وَالَّذين هم أَشد نَتنًا من الْجِيَف الَّذين يتمتعون بالشهوات وَاللَّذَّات وَيمْنَعُونَ حق الله وَحقّ الْفُقَرَاء من أَمْوَالهم وَالَّذين يلبسُونَ الْجبَاب فَأهل الْكبر وَالْخُيَلَاء وَالْفَخْر الْآيَة 19 - 30

19

أخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {وَفتحت} خَفِيفَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الجوزاء فِي قَوْله: {إِن جَهَنَّم كَانَت مرصاداً} قَالَ: صَارَت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {إِن جَهَنَّم كَانَت مرصاداً} قَالَ: لَا يدْخل الْجنَّة أحد حَتَّى يجتاز النَّار وَأخرج ابْن جرير عَن سُفْيَان {إِن جَهَنَّم كَانَت مرصاداً} قَالَ: عَلَيْهِم ثَلَاث قناطر لَا يدْخل الْجنَّة أحد حَتَّى يجتاز النَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {إِن جَهَنَّم كَانَت مرصاداً} قَالَ: تعلمُوا أَنه لَا سَبِيل إِلَى الْجنَّة حَتَّى تقطع النَّار وَقَالَ فِي آيَة أُخْرَى: (وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها) (سُورَة مَرْيَم الْآيَة 71) {للطاغين مآباً} قَالَ: مأوى ومنزلاً {لابثين فِيهَا أحقاباً} قَالَ: الأحقاب مَا لَا انْقِطَاع لَهُ كلما مضى حقب جَاءَ بعده حقب آخر قَالَ وَذكر لنا أَن الحقب ثَمَانُون سنة من سني يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {لابثين فِيهَا أحقاباً} قَالَ: سِنِين وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {لابثين فِيهَا أحقاباً} قَالَ: لَيْسَ لَهَا أجل كلما مضى حقب دَخَلنَا فِي الْأُخْرَى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن قَالَ: الحقب الْوَاحِد سَبْعُونَ سنة كل يَوْم مِنْهَا ألف سنة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع {لابثين فِيهَا أحقاباً} قَالَ: لَا يدْرِي أحدكُم تِلْكَ الأحقاب إِلَّا أَن الحقب الْوَاحِد ثَمَانُون سنة السّنة ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ يَوْمًا الْيَوْم الْوَاحِد مِقْدَارًا ألف سنة والحقب الْوَاحِد ثَمَانِيَة عشر ألف سنة وَأخرج ابْن جرير عَن بشير بن كَعْب فِي قَوْله: {لابثين فِيهَا أحقاباً} قَالَ: بَلغنِي أَن الحقب ثَلَاثمِائَة سنة كل سنة ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ يَوْمًا كل يَوْم ألف سنة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سَالم بن أبي الْجَعْد قَالَ: سَأَلَ عليّ بن أبي طَالب هلالاً الهجري: مَا تَجِدُونَ الحقب فِي كتاب الله قَالَ: نجده ثَمَانِينَ سنة كل سنة مِنْهَا اثْنَا عشر شهرا كل شهر ثَلَاثُونَ يَوْمًا كل يَوْم ألف سنة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {لابثين فِيهَا أحقاباً} قَالَ: الحقب ثَمَانُون سنة وَأخرج الْبَزَّار عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه {لابثين فِيهَا أحقاباً} قَالَ: الحقب ثَمَانُون سنة وَأخرج هناد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة {لابثين فِيهَا أحقاباً} قَالَ: الحقب ثَمَانُون سنة وَالسّنة ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ يَوْمًا وَالْيَوْم كألف سنة مِمَّا تَعدونَ وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي هُرَيْرَة {لابثين فِيهَا أحقاباً} قَالَ: الحقب ثَمَانُون عَاما الْيَوْم مِنْهَا كسدس الدُّنْيَا وَأخرج ابْن عمر العدي فِي مُسْنده وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: {لابثين فِيهَا أحقاباً} قَالَ: الحقب ألف شهر والشهر ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَالسّنة اثْنَا عشر شهر والشهر ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ يَوْمًا كل يَوْم مِنْهَا ألف سنة مِمَّا تَعدونَ فالحقب ثَمَانُون ألف سنة وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَالله لَا يخرج من النَّار أحد حَتَّى يمْكث فِيهَا أحقاباً والحقب بضع وَثَمَانُونَ سنة كل سنة ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ يَوْمًا وَالْيَوْم ألف سنة مِمَّا تَعدونَ قَالَ ابْن عمر: فَلَا يتكلن أحد على أَنه يخرج من النَّار وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الحقب ثَمَانُون سنة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عَمْرو وَفِي قَوْله: {لابثين فِيهَا أحقاباً} قَالَ: الحقب الْوَاحِد ثَمَانُون سنة

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الحقب أَرْبَعُونَ سنة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لابثين فِيهَا أحقاباً} بِالْألف وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن مَيْمُون أَنه قَرَأَ لابثين فِيهَا أحقاباً بِغَيْر ألف وَأخرج ابْن جرير عَن خَالِد بن معدان فِي قَوْله: {لابثين فِيهَا أحقاباً} وَقَوله: (إِلَّا مَا شَاءَ رَبك) (سُورَة هود الْآيَة 107) أَنَّهُمَا فِي أهل الْجنَّة والتوحيد من أهل الْقبْلَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: زمهرير جَهَنَّم يكون لَهُم من الْعَذَاب لِأَن الله يَقُول: {لَا يذوقون فِيهَا بردا وَلَا شرابًا إِلَّا حميماً وغساقاً} وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة {لَا يذوقون فِيهَا بردا وَلَا شرابًا إِلَّا حميماً وغساقاً} قَالَ: فاستثنى من الشَّرَاب الْحَمِيم وَمن الْبَارِد الغساق وَهُوَ الزَّمْهَرِير وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {إِلَّا حميماً وغساقاً} قَالَ: الْحَمِيم الْحَار الَّذِي يحرق والغساق الزَّمْهَرِير الْبَارِد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِلَّا حميماً وغساقاً} قَالَ: لَا يستطيعونه من برده وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {لَا يذوقون فِيهَا بردا وَلَا شرابًا إِلَّا حميماً} قَالَ: قد انْتهى حره {وغساقاً} قَالَ: لقد انْتهى برده وَإِن الرجل إِذا أدنى الإِناء من فِيهِ سقط فَرْوَة وَجهه حَتَّى يبْقى عظاماً تقَعْقع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مرّة {لَا يذوقون فِيهَا بردا} قَالَ: نوماً [] الممتلئة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {جَزَاء وفَاقا} قَالَ: وَافق أَعْمَالهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {جَزَاء وفَاقا} قَالَ: جَزَاء وَافق أَعمال الْقَوْم أَعمال السوء

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {جَزَاء وفَاقا} يَقُول: وَافق الْجَزَاء الْعَمَل {إِنَّهُم كَانُوا لَا يرجون حسابا} قَالَ: لَا يخافونه وَفِي لفظ: لَا يبالون فيصدقون بِالْبَعْثِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله: {إِنَّهُم كَانُوا لَا يرجون حسابا} قَالَ: لَا يرجون ثَوابًا وَلَا يخَافُونَ عقَابا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: مَا نزلت على أهل النَّار آيَة قطّ أَشد مِنْهَا {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدكُمْ إِلَّا عذَابا} فهم فِي مزِيد من عَذَاب الله أبدا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن بن دِينَار قَالَ: سَأَلت أَبَا بَرزَة الْأَسْلَمِيّ عَن أَشد آيَة فِي كتاب الله على أهل النَّار فَقَالَ: قَول الله {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدكُمْ إِلَّا عذَابا} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: سُئِلَ أَبُو بَرزَة الْأَسْلَمِيّ عَن أَشد آيَة فِي الْقُرْآن فَقَالَ: قَول الله {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدكُمْ إِلَّا عذَابا} قَالَ: فَهُوَ مِقْدَار سَاعَة بساعة وَيَوْم بِيَوْم وَشهر بِشَهْر وَسنة بِسنة أَشد عذَابا حَتَّى لَو أَن رجلا من أهل النَّار أخرج من الْمشرق لمات أهل الْمغرب وَلَو أخرج من الْمغرب مَاتَ أهل الْمشرق من نَتن رِيحه قَالَ أَبُو بَرزَة: شهِدت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين تَلَاهَا فَقَالَ: هلك الْقَوْم بمعاصيهم رَبهم وَغَضب عَلَيْهِم فَأبى إِذْ غضب عَلَيْهِم إِلَّا أَن ينْتَقم مِنْهُم الْآيَة 31 - 40

31

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِن لِلْمُتقين مفازاً} قَالَ: فازوا بِأَن: نَجوا من النَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِن لِلْمُتقين مفازاً} قَالَ: مفازاً من النَّار إِلَى الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِن لِلْمُتقين مفازاً} قَالَ: منتزها {وكواعب} قَالَ: نواهد {أَتْرَابًا} قَالَ: مستويات {وكأساً دهاقاً} قَالَ: ممتلئاً وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {حدائق وأعنابا} قَالَ: الحدائق الباستين قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: بِلَاد سَقَاهَا الله أما سهولها فقضب ودر مغدق وَحَدَائِق قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: {كأساً دهاقاً} قَالَ: الكأس الْخمر والدهاق الملآن قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: أَتَانَا عَامر يَرْجُو قرانا فأترعنا لَهُ كأساً دهاقاً وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وكواعب} قَالَ: العذارى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وكواعب} قَالَ: نواهد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وكأساً دهاقاً} قَالَ: هِيَ الممتلئة المترعة المتتابعة وَرُبمَا سَمِعت الْعَبَّاس يَقُول: يَا غُلَام اسقنا وادهق لنا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وكأساً دهاقاً} قَالَ: ملأى وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير وَقَتَادَة وَمُجاهد وَالضَّحَّاك وَالْحسن مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {وكأساً دهاقاً} قَالَ: يتبع بَعْضهَا بَعْضًا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد {وكأساً دهاقاً} قَالَ: المتتابعة

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج هناد عَن عَطِيَّة قي قَوْله: {وكأساً دهاقاً} قَالَ: ملأى متتابعة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة {وكأساً دهاقاً} قَالَ: دمادم قَالَ: الْمُؤلف فَارسي بِمَعْنى متتابعة وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وكأساً دهاقاً} قَالَ: متتابعة صَافِيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا كَانَ فِيهَا خمر فَهِيَ كأس وَإِذا لم يكن فِيهَا خمر فَلَيْسَ بكأس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا وَلَا كذابا} قَالَ: بَاطِلا وَلَا مأثماً وَفِي قَوْله: {عَطاء حسابا} قَالَ: كثيرا وَفِي قَوْله: {لَا يملكُونَ مِنْهُ خطابا} قَالَ: كلَاما وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {جَزَاء من رَبك} قَالَ: عَطاء مِنْهُ {حسابا} قَالَ: لما عمِلُوا وَفِي قَوْله: {لَا يملكُونَ مِنْهُ خطابا} قَالَ: كلَاما أخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الرّوح جند من جنود الله لَيْسُوا بملائكة لَهُم رُؤُوس وأيد وأرجل ثمَّ قَرَأَ {يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا} قَالَ: هَؤُلَاءِ جند وَهَؤُلَاء جند وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد قَالَ: الرّوح خلق على صُورَة بني آدم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: الرّوح يَأْكُلُون وَلَهُم أيد وأرجل ورؤوس وَلَيْسوا بملائكة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا} قَالَ: الرّوح خلق كالناس وليسو بِالنَّاسِ لَهُم أيد وأرجل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله: {يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا} قَالَ: هما سماطا رب الْعَالمين يَوْم الْقِيَامَة سماط من الرّوح وسماط من الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن بُرَيْدَة قَالَ: مَا يبلغ الْجِنّ

والإِنس وَالْمَلَائِكَة وَالشَّيَاطِين عشر الرّوح وَلَقَد قبض النَّبِي وَمَا يعلم الرّوح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا} قَالَ: الرّوح أعظم خلقا من الْمَلَائِكَة وَلَا ينزل ملك إِلَّا وَمَعَهُ روح وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَوْم يقوم الرّوح} قَالَ: هُوَ ملك من أعظم الْمَلَائِكَة خلقا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: الرّوح فِي السَّمَاء السَّابِعَة وَهُوَ أعظم من السَّمَوَات وَالْجِبَال وَمن الْمَلَائِكَة يسبح كل يَوْم اثْنَي عشر ألف تَسْبِيحَة يخلق الله من كل تَسْبِيحَة ملكا من الْمَلَائِكَة يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة صفا وَحده وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن الضَّحَّاك قَالَ: الرّوح حَاجِب الله يقوم بَين يَدي الله يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ أعظم الْمَلَائِكَة لَو فتح فَاه لوسع جَمِيع الْمَلَائِكَة والخلق إِلَيْهِ ينظرُونَ فَمن مخافته لَا يرفعون طرفهم إِلَى من فَوْقه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل بن حبَان قَالَ: الرّوح أشرف الْمَلَائِكَة أقربهم من الرب وَهُوَ صَاحب الْوَحْي وَأخرج الْخَطِيب فِي الْمُتَّفق والمفترق عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: الرّوح ملك من الْمَلَائِكَة لَهُ عشرَة آلَاف جنَاح مَا بَين كل جناحين مِنْهَا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب لَهُ ألف وَجه لكل وَجه ألف لِسَان وشفتان وعينان يسبح الله تَعَالَى وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول فِي رُكُوعه وَسُجُوده: سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {يَوْم يقوم الرّوح} قَالَ: جِبْرِيل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن جِبْرِيل يَوْم الْقِيَامَة الْقَائِم بَين يَدي الْجَبَّار ترْعد فرائصه فرقا من عَذَاب الله يَقُول: سُبْحَانَكَ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت مَا عبدناك حق عبادتك إِن مَا بَين مَنْكِبَيْه كَمَا بَين الْمشرق إِلَى الْمغرب أما سَمِعت قَول الله: {يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَوْم يقوم الرّوح}

قَالَ: يَعْنِي حِين تقوم أَرْوَاح النَّاس مَعَ الْمَلَائِكَة فِيمَا بَين النفختين قبل أَن ترد الْأَرْوَاح إِلَى الأجساد أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَقَالَ صَوَابا} قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَقَالَ صَوَابا} قَالَ: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَقَالَ صَوَابا} قَالَ: حَقًا فِي الدُّنْيَا وَعمل بِهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب يَا رَسُول الله: مَا الْجمال قَالَ: صَوَاب القَوْل بِالْحَقِّ قَالَ: فَمَا الْكَمَال قَالَ: حسن الفعال بِالصّدقِ وَالله أعلم أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَمن شَاءَ اتخذ إِلَى ربه مآباً} قَالَ: سَبِيلا أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {يَوْم ينظر الْمَرْء} قَالَ: الْمُؤمن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {يَوْم ينظر الْمَرْء مَا قدمت يَدَاهُ} قَالَ: هُوَ الْمُؤمن الْعَامِل بِطَاعَة الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: يحْشر الْخَلَائق كلهم يَوْم الْقِيَامَة الْبَهَائِم وَالدَّوَاب وَالطير وكل شَيْء فَيبلغ من عدل الله أَن يَأْخُذ للجماء من القرناء ثمَّ يَقُول: كوني تُرَابا فَذَلِك حِين يَقُول الْكَافِر: {يَا لَيْتَني كنت تُرَابا} وَأخرج الدينَوَرِي فِي المجالسة عَن يحيى بن جعدة قَالَ: إِن أول خلق الله يُحَاسب يَوْم الْقِيَامَة الدَّوَابّ والهوام حَتَّى يقْضِي بَينهَا حَتَّى لَا يذهب شَيْء بظلامته ثمَّ يَجْعَلهَا تُرَابا ثمَّ يبْعَث الثقلَيْن الْجِنّ والإِنس فيحاسبهم فَيَوْمئِذٍ يتَمَنَّى الْكَافِر {يَا لَيْتَني كنت تُرَابا} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: تقاد المنقورة من الناقرة والمركوضة من

الراكضة والجلحاء من ذَات الْقُرُون وَالنَّاس ينظرُونَ ثمَّ يَقُول: كوني تُرَابا لَا جنَّة وَلَا نَار فَذَلِك حِين يَقُول الْكَافِر: {يَا لَيْتَني كنت تُرَابا} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن شاهين فِي كتاب الْعَجَائِب الغرائب عَن أبي الزِّنَاد قَالَ: إِذا قضى بَين النَّاس وَأمر بِأَهْل الْجنَّة إِلَى الْجنَّة وَأهل النَّار إِلَى النَّار قيل لسَائِر الْأُمَم ولمؤمني الْجِنّ عودوا تُرَابا فيعودوا تُرَابا فَعِنْدَ ذَلِك يَقُول الْكَافِر حِين يراهم قد عَادوا تُرَابا: {يَا لَيْتَني كنت تُرَابا} وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِذا حوسبت الْبَهَائِم ثمَّ صيرها الله تُرَابا فَعِنْدَ ذَلِك قَالَ الْكَافِر: {يَا لَيْتَني كنت تُرَابا} وَأخرج عبد بن حميد عَن لَيْث بن أبي سليم قَالَ: الْجِنّ يعودون تُرَابا وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن لَيْث بن أبي سليم قَالَ: ثَوَاب الْجِنّ أَن يجاروا من النَّار ثمَّ يُقَال لَهُم: كونُوا تُرَابا 79 سُورَة النازعات مَكِّيَّة وآياتها سِتّ وَأَرْبَعُونَ

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة النازعات بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله الْآيَة 1 - 14

النازعات

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور ابْن الْمُنْذر عَن عليّ فِي قَوْله: {والنازعات غرقاً} قَالَ: هِيَ الْمَلَائِكَة تنْزع أَرْوَاح الْكفَّار {والناشطات نشطاً} هِيَ الْمَلَائِكَة تنشط أَرْوَاح الْكفَّار مَا بَين الْأَظْفَار وَالْجَلد حَتَّى تخرجها {والسابحات سبحاً} هِيَ الْمَلَائِكَة تسبح بأرواح الْمُؤمنِينَ بَين السَّمَاء وَالْأَرْض {فالسابقات سبقاً} هِيَ الْمَلَائِكَة يسْبق بَعْضهَا بَعْضًا بأرواح الْمُؤمنِينَ إِلَى الله {فالمدبرات أمرا} قَالَ: هِيَ الْمَلَائِكَة تدبر أَمر الْعباد من السّنة إِلَى السّنة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {والنازعات غرقاً} قَالَ: هِيَ أنفس الْكفَّار تنْزع ثمَّ تنشط ثمَّ تغرق فِي النَّار وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس {والنازعات غرقاً والناشطات نشطاً} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {والناشطات نشطاً} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج جُوَيْبِر فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {والنازعات غرقاً} قَالَ: هِيَ أَرْوَاح الْكفَّار لما عَايَنت ملك الْمَوْت فيخبرها بشخط الله غرقت فينشطها انتشاطاً من العصب وَاللَّحم {والسابحات سبحاً} أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ مَا عَايَنت ملك الْمَوْت قَالَ: اخْرُجِي أيتها النَّفس المطمئنة إِلَى روح وَرَيْحَان وَرب غير غَضْبَان سبحت سباحة الغائص فِي المَاء فَرحا وشوقاً إِلَى الْجنَّة {فالسابقات سبقاً} قَالَ: تمشي إِلَى كَرَامَة الله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله: {والنازعات غرقاً والناشطات نشطاً} قَالَ: هَاتَانِ الْآيَتَانِ للْكفَّار عِنْد نزع النَّفس تنشط نشطاً عنيفاً مثل سفود فِي صوف فَكَانَ خُرُوجه شَدِيدا {والسابحات سبحاً فالسابقات سبقاً} قَالَ: هَاتَانِ للْمُؤْمِنين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {والنازعات غرقاً} قَالَ: النَّفس حِين تغرق فِي الصُّدُور {والناشطات نشطاً} قَالَ: الْمَلَائِكَة حِين تنشط الرّوح من الْأَصَابِع والقدمين {والسابحات سبحاً} حِين تسبح النَّفس فِي الْجوف تَتَرَدَّد عِنْد الْمَوْت وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {والنازعات غرقاً} قَالَ: الْمَلَائِكَة الَّذين يلون أنفس الْكفَّار إِلَى قَوْله: {والسابحات سبحاً} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح {والنازعات غرقاً} قَالَ: الْمَلَائِكَة ينزعون نفس الإِنسان {والناشطات نشطاً} قَالَ: الْمَلَائِكَة ينشطون نفس الإِنسان {والسابحات سبحاً} قَالَ: الْمَلَائِكَة حِين ينزلون من السَّمَاء إِلَى الأَرْض {فالسابقات سبقاً} قَالَ: الْمَلَائِكَة {فالمدبرات أمرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة يدبرون مَا أمروا بِهِ

وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن مُجَاهِد {والنازعات غرقاً والناشطات نشطاً} قَالَ: الْمَوْت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد {والنازعات غرقاً والناشطات نشطاً والسابحات سبحاً فالسابقات سبقاً فالمدبرات أمرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {والنازعات غرقاً} قَالَ: هُوَ الْكَافِر {والناشطات نشطاً} قَالَ: هِيَ النُّجُوم {والسابحات سبحا} قَالَ: هِيَ النُّجُوم {فالسابقات سبقاً} قَالَ: هِيَ النُّجُوم {فالمدبرات أمرا} قَالَ: هِيَ الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَطاء {والنازعات غرقاً} قَالَ: القسي {والناشطات نشطاً} قَالَ: الأوهاق {فالسابقات سبقاً} قَالَ: الْخَيل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تمزق النَّاس فتمزقك كلاب النَّار قَالَ الله: {والناشطات نشطاً} أَتَدْرِي مَا هُوَ قلت يَا نَبِي الله: مَا هُوَ قَالَ: كلاب فِي النَّار تنشط الْعظم وَاللَّحم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {والسابحات سبحاً} قَالَ: هِيَ النُّجُوم كلهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن ابْن الكوّا سَأَلَهُ عَن {فالمدبرات أمرا} قَالَ: الْمَلَائِكَة يدبرون ذكر الرَّحْمَن وَأمره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الرَّحْمَن بن سابط قَالَ: يدبر أَمر الدُّنْيَا أَرْبَعَة جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَملك الْمَوْت وَإِسْرَائِيل فإمَّا جِبْرِيل فموكل بالرياح والجنود وَأما ميكائل فموكل بالقطر والنبات وَأما ملك الْمَوْت فموكل بِقَبض الْأَرْوَاح وَأما إسْرَافيل فَهُوَ ينزل عَلَيْهِم بِالْأَمر وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذكر الْمَوْت من طَرِيق أبي المتَوَكل النَّاجِي عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فالمدبرات أمرا} قَالَ: مَلَائِكَة يكونُونَ مَعَ ملك الْمَوْت يحْضرُون الْمَوْتَى عِنْد قبض أَرْوَاحهم فَمنهمْ من يعرج بِالروحِ وَمِنْهُم من يُؤمن على الدُّعَاء وَمِنْهُم من يسْتَغْفر للْمَيت حَتَّى يصلى عَلَيْهِ ويدلي فِي حفرته وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي

قَوْله: {يَوْم ترجف الراجفة} قَالَ: النفخة الأولى {تتبعها الرادفة} قَالَ: النفخة الثَّانِيَة {قُلُوب يَوْمئِذٍ واجفة} قَالَ: خائفة {أئنا لمردودون فِي الحافرة} قَالَ: الْحَيَاة وَأخرج عبد حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يَوْم ترجف الراجفة} قَالَ: ترجف الأَرْض وَالْجِبَال وَهِي الزلزلة {تتبعها الرادفة} قَالَ: دكتا دكة وَاحِدَة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحكم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذهب ربع اللَّيْل قَامَ فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس اذْكروا الله اذْكروا الله جَاءَت الراجفة تتبعها الرادفة جَاءَ الْمَوْت بِمَا فِيهِ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترجف الراجفة رجفاً وتزلزل بِأَهْلِهَا وَهِي الَّتِي يَقُول الله: {يَوْم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة} يَقُول: مثل السَّفِينَة فِي الْبَحْر تكفأ بِأَهْلِهَا مثل الْقنْدِيل الْمُعَلق بأرجائه وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح {يَوْم ترجف الراجفة} قَالَ: النفخة الأولى {تتبعها الرادفة} قَالَ: النفخة الثَّانِيَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {يَوْم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة} قَالَ: هما الصيحتان أما الأولى فتميت كل شَيْء بِإِذن الله وَأما الأخرة فتحيي كل شَيْء بِإِذن الله وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن أَنه سُئِلَ عَن قَول الله {يَوْم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة} قَالَ: هما النفختان أما الأولى فتميت الْأَحْيَاء وَأما الثَّانِيَة فتحيي الْمَوْتَى ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة (وَنفخ فِي الصُّور فَصعِقَ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله ثمَّ نفخ فِيهِ أُخْرَى فَإِذا هم قيام ينظرُونَ) (سُورَة الزمر الْآيَة 68) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قُلُوب يَوْمئِذٍ واجفة} قَالَ: وَجلة متحركة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {قُلُوب يَوْمئِذٍ واجفة} قَالَ: خائفة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {قُلُوب يَوْمئِذٍ واجفة} قَالَ: وَجلة وَفِي قَوْله: {أئنا لمردودون فِي الحافرة} قَالَ: الأَرْض نبعث خلقا جَدِيدا {أئذا كُنَّا عظاماً نخرة} قَالَ: مدقوقة وَأخرج عبد بن حميد ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {قُلُوب يَوْمئِذٍ واجفة} قَالَ: وجفت مِمَّا عَايَنت {أبصارها خاشعة} قَالَ: ذليلة {يَقُولُونَ أئنا لمردودون فِي الحافرة} أننا لمبعوثون خلقا جَدِيدا إِذا متْنا تَكْذِيبًا بِالْبَعْثِ {أئذا كُنَّا عظاماً نخرة} قَالَ: بالية وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {أئنا لمردودون فِي الحافرة} قَالَ: خلقا جَدِيدا وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك {أئنا لمردودون فِي الحافرة} قَالَ: الْحَيَاة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: {أئنا لمردودون فِي الحافرة أئذا كُنَّا عظاماً نخرة} قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ كفار قُرَيْش: لَئِن حيينا بعد الْمَوْت لنحشرن فَنزلت {تِلْكَ إِذا كرة خاسرة} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن عمر بن الْخطاب أَنه كَانَ يقْرَأ / أئذا كُنَّا عظاماً ناخرة / بِأَلف وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ ناخرة بِالْألف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف إئذا كُنَّا عظاماً ناخرة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: سَمِعت ابْن الزبير يقْرؤهَا عظاماً ناخرة فَذكرت ذَلِك لِابْنِ عَبَّاس فَقَالَ: أوليس كَذَلِك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طرق ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ الَّتِي فِي النازعات ناخرة بِالْألف وَقَالَ: بالية وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ وَعِكْرِمَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنهم كَانُوا يقرؤون ناخرة بِالْألف وَأخرج الْفراء عَن ابْن الزبير أَنه قَالَ على الْمِنْبَر: مَا بَال صبيان يقرؤون {نخرة} إِنَّمَا هِيَ ناخرة

وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك عظاماً ناخرة قَالَ: بالية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: الناخرة الْعظم يبْلى فَتدخل الرّيح فِيهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {قَالُوا تِلْكَ إِذا كرة خاسرة} قَالَ: إِن خلقنَا خلقا جَدِيدا لنرجعن إِلَى الخسران وَفِي قَوْله: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَة وَاحِدَة} قَالَ: صَيْحَة {فَإِذا هم بالساهرة} قَالَ: الْمَكَان المستوي فِي الأَرْض وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {قَالُوا تِلْكَ إِذا كرة خاسرة} قَالَ: رَجْعَة خاسرة قَالَ: فَلَمَّا تبَاعد الْبَعْث فِي أنفس الْقَوْم قَالَ الله: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَة وَاحِدَة فَإِذا هم بالساهرة} قَالَ: فَإِذا هم على ظهر الأَرْض بعد أَن كَانُوا فِي جوفها وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانُوا فِي بطن الأَرْض ثمَّ صَارُوا على ظهرهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَالشعْبِيّ مثله وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {فَإِذا هم بالساهرة} قَالَ: الأَرْض كلهَا ساهرة وَقَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت: وفيهَا لحم ساهرة وبحر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {فَإِذا هم بالساهرة} قَالَ: الساهرة وَجه الأَرْض وَفِي لفظ قَالَ: الأَرْض كلهَا ساهرة أَلا ترى الشَّاعِر يَقُول: صيد بَحر وصيد ساهرة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الشّعبِيّ {فَإِذا هم بالساهرة} قَالَ: إِذا هم بِالْأَرْضِ ثمَّ تمثل بِبَيْت أُميَّة بن أبي الصَّلْت: وفيهَا لحم ساهرة وبحر وَمَا فاهوا بِهِ أبدا مُقيم وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {فَإِذا هم بالساهرة} قَالَ: بِالْأَرْضِ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {فَإِذا هم بالساهرة} قَالَ: بِالْأَرْضِ كَانُوا بأسفلها فأخرجوا إِلَى أَعْلَاهَا

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {بالساهرة} قَالَ: تسمى الأَرْض ساهرة بني فلَان وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ {فَإِذا هم بالساهرة} قَالَ: أَرض بَيْضَاء عفراء كالخبزة من النقى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: الساهرة جبل إِلَى جنب بَيت الْمُقَدّس وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فَإِذا هم بالساهرة} قَالَ: فِي جَهَنَّم الْآيَة 15 - 26

15

أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْن إِنَّه طَغى} قَالَ: عصى وَفِي قَوْله: {فَأرَاهُ الْآيَة الْكُبْرَى} قَالَ: عَصَاهُ وَيَده وَفِي قَوْله: {ثمَّ أدبر يسْعَى} قَالَ: يعْمل بِالْفَسَادِ وَفِي قَوْله: {فَأَخذه الله نكال الْآخِرَة وَالْأولَى} قَالَ: الأولى مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي وَالْآخِرَة قَوْله:: أَنا ربكُم الْأَعْلَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَأرَاهُ الْآيَة الْكُبْرَى} قَالَ: عَصَاهُ وَيَده وَفِي قَوْله: {فَأَخذه الله نكال الْآخِرَة وَالْأولَى} قَالَ: صابته عُقُوبَة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن صَخْر بن جوَيْرِية قَالَ: لما بعث الله مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن قَالَ: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْن إِنَّه طَغى} إِلَى قَوْله: {وأهديك إِلَى رَبك فتخشى} وَلنْ يَفْعَله فَقَالَ مُوسَى: يَا رب كَيفَ أذهب إِلَيْهِ وَقد علمت أَنه لَا يفعل فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن امْضِ إِلَى مَا أمرت بِهِ فَإِن فِي السَّمَاء اثْنَي عشر ألف ملك يطْلبُونَ علم الْقدر فَلم يبلغوه وَلم يدركوه

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {هَل لَك إِلَى أَن تزكّى} قَالَ: هَل لَك إِلَى أَن تَقول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {هَل لَك إِلَى أَن تزكّى} قَالَ: إِلَى أَن تَقول لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {هَل لَك إِلَى أَن تزكّى} قَالَ: إِلَى أَن تخلص وَفِي قَوْله: {ثمَّ أدبر يسْعَى} قَالَ: لَيْسَ بالشد يعْمل بِالْفَسَادِ والمعاصي وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع فِي قَوْله: {ثمَّ أدبر يسْعَى} قَالَ: أدبر عَن الْحق وسعى يجمع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا فِرْعَوْن هَل لَك فِي أَن أُعْطِيك شبابك لَا تهرم وملكك لَا ينْزع مِنْك وَترد إِلَيْك لَذَّة المناكح والمشارب وَالرُّكُوب وَإِذا مت دخلت الْجنَّة وتؤمن بِي فَوَقَعت فِي نَفسه هَذِه الْكَلِمَات وَهِي اللينات قَالَ: كَمَا أَنْت حَتَّى يَأْتِي هامان فَلَمَّا جَاءَ هامان أخبرهُ فعجزه هامان وَقَالَ تصير تعبد إِذا كنت رَبًّا تُعْبَدُ فَذَلِك حِين خرج عَلَيْهِم فَقَالَ لِقَوْمِهِ وجمعهم {أَنا ربكُم الْأَعْلَى} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَأَخذه الله نكال الْآخِرَة وَالْأولَى} قَالَ: بقوله: {أَنا ربكُم الْأَعْلَى} وَالْأولَى قَوْله: مَا علمت وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ {فَأَخذه الله نكال الْآخِرَة وَالْأولَى} قَالَ: هما كلمتاه الأولى (مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي) (سُورَة الْقَصَص الْآيَة 38) وَالْأُخْرَى {أَنا ربكُم الْأَعْلَى} وَكَانَ بَينهمَا أَرْبَعُونَ سنة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: بَين كلمتيه أَرْبَعُونَ سنة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن خَيْثَمَة قَالَ: كَانَ بَين قَول فِرْعَوْن (مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي) وَقَوله: {أَنا ربكُم الْأَعْلَى} أَرْبَعُونَ سنة الْآيَة 27 - 46

27

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {رفع سمكها} قَالَ: بناها {وأغطش لَيْلهَا} قَالَ: أظلم لَيْلهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {رفع سمكها} قَالَ: رفع بنيانها بِغَيْر عمد {وأغطش لَيْلهَا} قَالَ: أظلم لَيْلهَا {وَأخرج ضحاها} قَالَ: ابرزه {وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها} قَالَ: بسطها وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {رفع سمكها} قَالَ: رفع بنيانها {وأغطش لَيْلهَا} قَالَ: أظلم لَيْلهَا {وَأخرج ضحاها} قَالَ: نور ضوئها {وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها} قَالَ: بسطها {وَالْجِبَال أرساها} قَالَ: أثبتها بهَا أَن تميد بِأَهْلِهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وأغطش لَيْلهَا} قَالَ: الْعشَاء {وَأخرج ضحاها} قَالَ: الشَّمْس وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {وأغطش لَيْلهَا} قَالَ: أظلم لَيْلهَا {وَأخرج ضحاها} قَالَ: أخرج نَهَارهَا

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها} قَالَ: مَعَ ذَلِك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا قَالَ لَهُ: آيتان فِي كتاب الله تخَالف إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى فَقَالَ: إِنَّمَا أتيت من قبل رَأْيك اقْرَأ (قل أئنكم لتكفرون بِالَّذِي خلق الأَرْض فِي يَوْمَيْنِ) (سُورَة فصلت الْآيَة 9) حَتَّى بلغ (ثمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِي دُخان) (سُورَة فصلت الْآيَة 41) وَقَوله: {وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها} قَالَ: خلق الأَرْض قبل أَن يخلق السَّمَاء ثمَّ خلق السَّمَاء ثمَّ دحا بعد مَا خلق السَّمَاء وَإِنَّمَا قَوْله: دحاها بسطها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ {وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها} قَالَ: دحيت من مَكَّة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {أخرج مِنْهَا ماءها} قَالَ: فجر مِنْهَا الْأَنْهَار {ومرعاها} قَالَ: مَا خلق الله من نَبَات أَو شَيْء وَأخرج ابْن بِي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي {دحاها} قَالَ: دحيها أَن أخرج مِنْهَا المَاء والمرعى وشقق فِيهَا الْأَنْهَار وَجعل فِيهَا الْجبَال والرمال والسبل والآكام وَمَا بَينهمَا فِي يَوْمَيْنِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مَتَاعا لكم} قَالَ: مَنْفَعَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: بَلغنِي أَن الأَرْض دحيت دحياً من تَحت الْكَعْبَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن عليّ قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الصُّبْح فَلَمَّا قضى صلَاته رفع رَأسه فَقَالَ: تبَارك رافعها ومدبرها ثمَّ رمى ببصره إِلَى الأَرْض فَقَالَ: تبَارك داحيها وخالقها وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَإِذا جَاءَت الطامة الْكُبْرَى} قَالَ: الطامة من أَسمَاء يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن الْقَاسِم بن الْوَلِيد الهمذاني فِي قَوْله: {فَإِذا جَاءَت الطامة الْكُبْرَى} قَالَ: إِذا سيق أهل الْجنَّة إِلَى الْجنَّة وَأهل النَّار إِلَى النَّار

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عَمْرو بن قيس الْكِنْدِيّ {فَإِذا جَاءَت الطامة الْكُبْرَى} قَالَ: إِذا قيل اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّار وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {وبرزت الْجَحِيم لمن يرى} قَالَ: لمن ينظر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَإِذا جَاءَت الطامة} قَالَ: إِذا دفعُوا إِلَى مَالك خَازِن النَّار وَفِي قَوْله: {فَأَما من طَغى} قَالَ: عصى وَفِي قَوْله: {يَسْأَلُونَك عَن السَّاعَة أَيَّانَ مرْسَاها} قَالَ: حينها {فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا} قَالَ: السَّاعَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَل عَن السَّاعَة فَنزلت {فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن مُشْركي أهل مَكَّة سَأَلُوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: مَتى تقوم السَّاعَة استهزاء مِنْهُم فَنزلت {يَسْأَلُونَك عَن السَّاعَة أَيَّانَ مرْسَاها} يَعْنِي مَتى مجيئها {فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا} مَا أَنْت من علمهَا يَا مُحَمَّد {إِلَى رَبك مُنْتَهَاهَا} يَعْنِي مُنْتَهى علمهَا {إِنَّمَا أَنْت مُنْذر من يخشاها} يَعْنِي من يخْشَى الْقِيَامَة {كَأَنَّهُمْ يَوْم يرونها} يَعْنِي يرَوْنَ الْقِيَامَة {لم يَلْبَثُوا} فِي الدُّنْيَا وَلم ينعموا بِشَيْء من نعيمها {إِلَّا عَشِيَّة} مَا بَين الظّهْر إِلَى غرُوب الشَّمْس {أَو ضحاها} مَا بَين طُلُوع الشَّمْس إِلَى نصف النَّهَار وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: مازال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَل عَن السَّاعَة حَتَّى أنزل عَلَيْهِ {فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا إِلَى رَبك مُنْتَهَاهَا} فَلم يسْأَل عَنْهَا وَأخرجه سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عُرْوَة مُرْسلا وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَارق بن شهَاب قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر ذكر السَّاعَة حَتَّى نزلت {فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا إِلَى رَبك مُنْتَهَاهَا} فَكف عَنْهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت الْأَعْرَاب إِذا قدمُوا على النَّبِي

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلُوهُ عَن السَّاعَة فَينْظر إِلَى أحدث إِنْسَان فيهم فَيَقُول: إِن يَعش هَذَا قرنا قَامَت عَلَيْكُم سَاعَتكُمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن أسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا يدْخل الْجنَّة من يرجوها وَإِنَّمَا يجْتَنب النَّار من يخشاها وَإِنَّمَا يرحم الله من يرحم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جرير فِي قَوْله: {إِلَى رَبك مُنْتَهَاهَا} قَالَ: علمهَا وَفِي قَوْله: {إِلَّا عَشِيَّة} قَالَ: من الدُّنْيَا {أَو ضحاها} قَالَ: العشية وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {كَأَنَّهُمْ يَوْم يرونها} الْآيَة قَالَ: تدق الدُّنْيَا فِي أنفس الْقَوْم حِين عاينوا أَمر الْآخِرَة

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 80 سُورَة عبس مَكِّيَّة وآياتها ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة عبس بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله الْآيَة 1 - 16

عبس

وَأخرج ابْن الضريس عَن أبي وَائِل: أَن وَفد بني أَسد أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: من أَنْتُم فَقَالُوا: نَحن بَنو الزِّينَة أحلاس الْخَيل فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْتُم بَنو رشدة فَقَالَ الْحَضْرَمِيّ بن عَامر: وَالله لَا نَكُون كبني المحوسلة وهم بَنو عبد الله بن غطفان كَانَ يُقَال لَهُم بَنو عبد الْعُزَّى بن غطفان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للحضرمي: هَل تقْرَأ من الْقُرْآن شَيْئا قَالَ: نعم فَقَالَ: اقرأه فَقَرَأَ من {عبس وَتَوَلَّى} مَا شَاءَ الله أَن يقْرَأ ثمَّ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي منَّ على الحبلى فَأخْرج مِنْهَا نسمَة تسْعَى بَين شراسيف وحشا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تزد فِيهَا فَإِنَّهَا كَافِيَة

وَأخرج ابْن النجار عَن أنس قَالَ: اسْتَأْذن الْعَلَاء بن يزِيد الْحَضْرَمِيّ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأذن لَهُ فتحدثا طَويلا ثمَّ قَالَ لَهُ: يَا عَلَاء تحسن من الْقُرْآن شَيْئا قَالَ: نعم ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِ عبس حَتَّى خَتمهَا فَانْتهى إِلَى آخرهَا وَزَاد فِي آخرهَا من عِنْده: وَهُوَ الَّذِي أخرج من الحبلى نسمَة تسْعَى من بَين شراسيف وحشا فصاح بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عَلَاء إنته فقد انْتَهَت السُّورَة وَالله أعلم أخرجه التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: أنزل سُورَة عبس وَتَوَلَّى فِي ابْن أم مَكْتُوم وَالْأَعْمَى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يَقُول: يَا رَسُول الله أَرْشدنِي وَعند رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل من عُظَمَاء الْمُشْركين فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعرض عَنهُ وَيقبل على الآخر وَيَقُول أَتَرَى بِمَا أَقُول بَأْسا فَيَقُول لَا فَفِي هَذَا أنزلت وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مجْلِس من نَاس من وُجُوه قُرَيْش مِنْهُم أَبُو جهل بن هِشَام وَعتبَة بن ربيعَة فَيَقُول لَهُم أَلَيْسَ حسنا أَن جِئْت بِكَذَا وَكَذَا فَيَقُولُونَ: بلَى وَالله فجَاء ابْن أم مَكْتُوم وَهُوَ مشتغل بهم فَسَأَلَهُ فَأَعْرض عَنهُ فَأنْزل الله {أما من اسْتغنى فَأَنت لَهُ تصدى وَمَا عَلَيْك أَلا يزكّى وَأما من جَاءَك يسْعَى وَهُوَ يخْشَى فَأَنت عَنهُ تلهى} يَعْنِي ابْن أم مَكْتُوم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو يعلى عَن أنس قَالَ: جَاءَ ابْن أم مَكْتُوم إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يكلم أبيّ بن خلف فَأَعْرض عَنهُ فَأنْزل الله {عبس وَتَوَلَّى أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى} فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك يُكرمهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُنَاجِي عتبَة بن ربيعَة وَالْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَأَبا جهل بن هِشَام وَكَانَ يتَصَدَّى لَهُم كثيرا ويحرص أَن يُؤمنُوا فَأقبل إِلَيْهِ رجل أعمى يُقَال لَهُ عبد الله بن أم مَكْتُوم يمشي وَهُوَ يُنَاجِيهِمْ فَجعل عبد الله يَسْتَقْرِئ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيَة من الْقُرْآن قَالَ يَا رَسُول الله: عَلمنِي مِمَّا علمك الله فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَبس فِي وَجهه وَتَوَلَّى وَكره كَلَامه وَأَقْبل على الآخرين فَلَمَّا قضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَجوَاهُ وَأخذ يَنْقَلِب إِلَى أَهله أمسك الله بِبَعْض بَصَره ثمَّ خَفق بِرَأْسِهِ ثمَّ أنزل الله {عبس وَتَوَلَّى أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى} فَلَمَّا نزل فِيهِ مَا نزل أكْرمه نَبِي الله وَكَلمه يَقُول لَهُ: مَا حَاجَتك هَل تُرِيدُ من شَيْء

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {عبس وَتَوَلَّى} قَالَ: جَاءَهُ عبد الله بن أم مَكْتُوم فعبس فِي وَجهه وَتَوَلَّى وَكَانَ يتَصَدَّى لأمية بن خلف فَقَالَ الله: {أما من اسْتغنى فَأَنت لَهُ تصدى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الحكم قَالَ: مَا رُؤِيَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذِه الْآيَة متصدياً لَغَنِيّ وَلَا معرضًا عَن فَقير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: لَو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتم شَيْئا من الْوَحْي كتم هَذَا عَن نَفسه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: أقبل ابْن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى وَهُوَ الَّذِي نزل فِيهِ {عبس وَتَوَلَّى أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى} فَقَالَ يَا رَسُول الله: كَمَا ترى قد كَبرت سني ورق عظمي وَذهب بَصرِي ولي قَائِد لَا يلائمني قياده إيَّايَ فَهَل تَجِد لي من رخصَة أُصَلِّي الصَّلَوَات الْخمس فِي بَيْتِي قَالَ هَل تسمع الْمُؤَذّن قَالَ: نعم قَالَ: مَا أجد لَك من رخصَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن كَعْب بن عجْرَة: إِن الْأَعْمَى الَّذِي أنزل الله فِيهِ {عبس وَتَوَلَّى} أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أسمع النداء ولعلي لَا أجد قائداً فَقَالَ: إِذا سَمِعت النداء فأجب دَاعِي الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى} قَالَ: رجل من بَين فهر اسْمه عبد الله بن أم مَكْتُوم {أما من اسْتغنى} عتبَة بن ربيعَة وأميه بن خلف وَأخرج ابْن سعد وَابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {عبس وَتَوَلَّى} قَالَ: هُوَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَقِي رجلا من أَشْرَاف قُرَيْش فَدَعَاهُ إِلَى الْإِسْلَام فَأَتَاهُ عبد الله بن أم مَكْتُوم فَجعل يسْأَله عَن أَشْيَاء من أَمر الإِسلام فعبس فِي وَجهه فَعَاتَبَهُ الله فِي ذَلِك فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ابْن أم مَكْتُوم فَأكْرمه واستخلفه على الْمَدِينَة مرَّتَيْنِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه فِي شعب الإِيمان عَن مَسْرُوق قَالَ: دخلت على عَائِشَة وَعِنْدهَا رجل مكفوف تقطع لَهُ الأتراج وتطعمه إِيَّاه بالعسل فَقلت: من هَذَا يَا أم الْمُؤمنِينَ فَقَالَت: هَذَا ابْن أم مَكْتُوم الَّذِي عَاتب الله فِيهِ نبيه

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: أَتَى نَبِي الله وَعِنْده عتبَة وَشَيْبَة فَأقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِمَا فَنزلت {عبس وَتَوَلَّى أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى} ابْن أم مَكْتُوم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستخلياً بصنديد من صَنَادِيد قُرَيْش وَهُوَ يَدعُوهُ إِلَى الله وَهُوَ يَرْجُو أَن يسلم إِذا أقبل عبد الله بن أم مَكْتُوم الْأَعْمَى فَلَمَّا رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كره مَجِيئه وَقَالَ فِي نَفسه: يَقُول هَذَا الْقرشِي إِنَّمَا أَتْبَاعه العميان والسفلة وَالْعَبِيد فعبس فَنزل الْوَحْي {عبس وَتَوَلَّى} إِلَى آخر الْآيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فِي صحف مكرمَة مَرْفُوعَة مطهرة} قَالَ: هِيَ عِنْد الله {بأيدي سفرة} قَالَ: هِيَ الْقُرْآن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {بأيدي سفرة} قَالَ: كتبة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن وهب بن مُنَبّه {بأيدي سفرة كرام بررة} قَالَ: هم أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: السفرة الكتبة من الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {بأيدي سفرة} قَالَ: كتبة وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن عَطاء بن أبي رَبَاح مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {سفرة} قَالَ: بالنبطية الْقُرَّاء أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كرام بررة} قَالَ: الْمَلَائِكَة وَأخرج أَحْمد وَالْأَئِمَّة السِّتَّة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن وَهُوَ ماهر بِهِ مَعَ السفرة الْكِرَام البررة وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شاق لَهُ أَجْرَانِ وَالله أعلم الْآيَة 17 - 31

17

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {قتل الإِنسان مَا أكفره} قَالَ: نزلت فِي عتبَة بن أبي لَهب حِين قَالَ: كفرت بِرَبّ النَّجْم إِذا هوى فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخذه الْأسد بطرِيق الشَّام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآن قتل الإِنسان إِنَّمَا عني بِهِ الْكَافِر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {مَا أكفره} قَالَ: مَا أَشد كفره وَفِي قَوْله: {فقدره} قَالَ: نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ كَذَا ثمَّ كَذَا ثمَّ كَذَا ثمَّ انْتهى خلقه وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {خلقه فقدره} قَالَ: قدره فِي رحم أمه كَيفَ شَاءَ وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ثمَّ السَّبِيل يسره} يَعْنِي بذلك خُرُوجه من بطن أمه يسره لَهُ وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {ثمَّ السَّبِيل يسره} قَالَ: خُرُوجه من الرَّحِم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {ثمَّ السَّبِيل يسره} قَالَ: خُرُوجه من بطن أمه وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح {ثمَّ السَّبِيل يسره} قَالَ: خُرُوجه من الرَّحِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ثمَّ السَّبِيل يسره} قَالَ: هُوَ كَقَوْلِه: (إِنَّا هديناه السَّبِيل إِمَّا شَاكر وَإِمَّا كفورا) (سُورَة الْإِنْسَان الْآيَة 3) الشَّقَاء والسعادة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة أَو قَالَ فِي مصحف إِبْرَاهِيم فَوجدت فِيهَا: يَقُول الله يَا ابْن آدم مَا أنصفتني خلقتك وَلم تَكُ شَيْئا وجعلتك بشرا سوياً وخلقتك من سلالة من طين ثمَّ جعلتك نُطْفَة فِي قَرَار مكين ثمَّ خلقت النُّطْفَة علقَة فخلقت الْعلقَة مُضْغَة

فخلقت المضغة عظاماً فكسوت الْعِظَام لَحْمًا ثمَّ أنشأناك خلقا آخر يَا ابْن آدم هَل يقدر على ذَلِك غَيْرِي ثمَّ خففت ثقلك على أمك حَتَّى لَا تتمرض بك وَلَا تتأذى ثمَّ أوحيت إِلَى الأمعاء أَن اتسعي وَإِلَى الْجَوَارِح أَن تفرق فاتسعت الأمعاء من بعد ضيقها وَتَفَرَّقَتْ الْجَوَارِح من بعد تشبيكها ثمَّ أوحيت إِلَى الْملك الْمُوكل بالأرحام أَن يخْرجك من بطن أمك فاستخلصتك على ريشة من جنَاحه فاطلعت عَلَيْك فَإِذا أَنْت خلق ضَعِيف لَيْسَ لَك سنّ يقطع وَلَا ضرس يطحن فاستخلصت لَك فِي صدر أمك عرقاً يدر لَك لَبَنًا بَارِدًا فِي الصَّيف حاراً فِي الشتَاء واستخلصته لَك من بَين جلد وَلحم وَدم وعروق ثمَّ قذفت لَك فِي قلب والدتك الرَّحْمَة وَفِي قلب أَبِيك التحنن فهما يكدان ويجهدان ويربيانك ويغذيانك وَلَا ينامان حَتَّى ينوماك ابْن آدم: أَنا فعلت ذَلِك بك لَا لشَيْء استأهلته بِهِ مني أَو لحَاجَة استعنت على قَضَائهَا ابْن آدم فَلَمَّا قطع سنك ووطحن ضرسك أطعمتك فَاكِهَة الصَّيف فِي أوانها وَفَاكِهَة الشتَاء فِي أوانها فَلَمَّا أَن عرفت أَنِّي رَبك عَصَيْتنِي فَالْآن إِذا عَصَيْتنِي فادعني فَإِنِّي قريب مُجيب وادعني فَإِنِّي غَفُور رَحِيم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لما يقْض مَا أمره} قَالَ: لَا يقْضِي أحد أبدا كل مَا افْترض عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن الزبير فِي قَوْله: {فَلْينْظر الإِنسان إِلَى طَعَامه} قَالَ: إِلَى مدخله ومخرجه وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب التَّوَاضُع من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {فَلْينْظر الإِنسان إِلَى طَعَامه} قَالَ: إِلَى خرئه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {فَلْينْظر الإِنسان إِلَى طَعَامه} قَالَ: ملك يثني رَقَبَة ابْن آدم إِذا جلس على الْخَلَاء لينْظر مَا يخرج مِنْهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي قلَابَة قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة يَا ابْن آدم انْظُر إِلَى مَا بخلت بِهِ إِلَى مَا صَار وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن بشير بن كَعْب أَنه كَانَ يَقُول لأَصْحَابه إِذا فرغ من حَدِيثه: انْطَلقُوا حَتَّى أريكم الدُّنْيَا فَيَجِيء فيقف على مزبلة فَيَقُول: انْظُرُوا إِلَى عسلهم وَإِلَى سمنهم وَإِلَى بطنهم وَإِلَى دجاجهم إِلَى مَا صَار

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {إِنَّا صببنا المَاء صبا} قَالَ: الْمَطَر {ثمَّ شققنا الأَرْض شقاً} عَن النَّبَات وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {وَقَضْبًا} قَالَ: الفصفصة يَعْنِي القت {وَحَدَائِق غلبا} قَالَ: طوال {وَفَاكِهَة وَأَبا} قَالَ: الثمارالرطبة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الحدائق كل ملتف والغلب مَا غلظ وَالْأَب مَا أنبت الأَرْض مِمَّا يَأْكُلهُ وَالدَّوَاب وَلَا يَأْكُلهُ النَّاس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَحَدَائِق غلبا} قَالَ: ملتفة {وَفَاكِهَة} وَهُوَ مَا أكل النا س {وَأَبا} مَا أكلت الْأَنْعَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن قَالَ: الغب الْكِرَام من النّخل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {غلبا} قَالَ: غلاظاً وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عنابن عَبَّاس {وَحَدَائِق غلبا} قَالَ: شجر فِي الْجنَّة يستظل بِهِ لَا يحمل مِنْهُ شَيْئا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَب الْحَشِيش للبهائم وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَب الْكلأ والمرعى وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {وَأَبا} قَالَ: الْأَب مَا يعتلف مِنْهُ الدَّوَابّ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: ترى بِهِ الْأَب واليقطين مختلطاً على الشَّرِيعَة يجْرِي تحتهَا العذب وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَعبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ قَالَ: سُئِلَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ عَن قَوْله: {أَبَا} فَقَالَ: أَي سَمَاء تُظِلنِي وَأي أَرض تُقِلني إِذا قلت فِي كتاب الله مَال لَا أعلم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان والخطيب وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن عمر قَرَأَ على الْمِنْبَر {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبا وَعِنَبًا وَقَضْبًا} إِلَى قَوْله: {وَأَبا} قَالَ: كل هَذَا قد عَرفْنَاهُ فَمَا الْأَب ثمَّ رفع عَصا كَانَت فِي يَده فَقَالَ: هَذَا لعمر الله هُوَ التَّكَلُّف

فَمَا عَلَيْك أَن لَا تَدْرِي مَا الْأَب اتبعُوا مَا بَين لكم هداه من الْكتاب فاعملوا بِهِ وَمَا لم تعرفوه فكلوه إِلَى ربه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ قَالَ: الحدائق الْبَسَاتِين والغلب مَا غلظ من الشّجر وَالْأَب العشب {مَتَاعا لكم ولأنعامكم} قَالَ: الْفَاكِهَة لكم والعشب لأنعامكم وَأخرج عبد بن حميد {وَقَضْبًا} قَالَ: الفصافص {وَحَدَائِق غلبا} النّخل الْكِرَام {وَفَاكِهَة} لكم {وَأَبا} لأنعامكم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ {غلبا} مشقة وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: الْفَاكِهَة الَّتِي يأكلها بَنو آدم وَالْأَب المرعى وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: الْفَاكِهَة مَا تَأْكُل النَّاس {وَأَبا} مَا تَأْكُل الدَّوَابّ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: مَا طب واحلولى فلكم وَالْأَب لأنعامكم وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {وَأَبا} قَالَ: الْكلأ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي رزين {وَفَاكِهَة وَأَبا} قَالَ: النَّبَات وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك قَالَ: الْأَب الْكلأ وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: الأبّ هُوَ التِّبْن وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: كل شَيْء ينْبت على الأَرْض فَهُوَ الْأَب وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد أَن رجلا سَأَلَ عمر عَن قَوْله: {وَأَبا} فَلَمَّا رَآهُمْ يَقُولُونَ أقبل عَلَيْهِم بِالدرةِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أنس قَالَ: قَرَأَ عمر {وَفَاكِهَة وَأَبا} فَقَالَ: هَذِه الْفَاكِهَة قد عرفناها فَمَا الْأَب ثمَّ قَالَ: مَه نهينَا عَن التَّكَلُّف وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي وَائِل أَن عمر سُئِلَ عَن قَوْله: {وَأَبا} مَا الْأَب ثمَّ قَالَ: مَا كلفنا هَذَا أَو مَا أمرنَا بِهَذَا

الْآيَة 33 - 42

33

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الصاخة من أَسمَاء يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وصححاه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تحشرون حُفَاة عُرَاة غرلًا فَقَالَت زَوجته: أينظر بَعْضنَا إِلَى عُرْوَة بعض فَقَالَ: يَا فُلَانَة {لكل امْرِئ مِنْهُم يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن سَوْدَة بنت زَمعَة قَالَت: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يبْعَث النَّاس حفة عُرَاة غرلًا قد ألجمهم الْعرق وَبلغ شحوم الآذان قلت يَا رَسُول الله: واسوأتاه ينظر بَعْضنَا إِلَى بعض قَالَ: شغل النَّاس عَن ذَلِك وتلا {يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه وَأمه وَأَبِيهِ وصاحبته وبنيه لكل امْرِئ مِنْهُم يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة مشَاة حُفَاة غرلًا قيل يَا رَسُول الله ينظر الرِّجَال إِلَى النِّسَاء فَقَالَ: {لكل امْرِئ مِنْهُم يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد صَحِيح عَن أم سَلمَة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يحْشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة عُرَاة حُفَاة فَقلت يَا رَسُول الله: واسوأتاه ينظر بَعْضنَا إِلَى بعض فَقَالَ: شغل النَّاس قلت: مَا شغلهمْ قَالَ: نشر الصحائف فِيهَا مَثَاقِيل الذَّر وَمَثَاقِيل الْخَرْدَل وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يبْعَث النَّاس يَوْم الْقِيَامَة حُفَاة عُرَاة غرلًا قلت يَا رَسُول الله: فَكيف بالعورات قَالَ: {لكل امْرِئ مِنْهُم يَوْمئِذٍ شَأْن يُغْنِيه}

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن قَالَ: إِن أول من يفر يَوْم الْقِيَامَة من أَبِيه إِبْرَاهِيم وَأول من يفر من أمه إِبْرَاهِيم وَأول من يفر من ابْنه نوح وَأول من يفر من أَخِيه هابيل وَأول من يفر من صاحبته نوح وَلُوط وتلا هَذِه الْآيَة {يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه وَأمه وَأَبِيهِ وصاحبته وبنيه} فيرون أَن هَذِه الْآيَة نزلت فيهم وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: لَيْسَ شَيْء أَشد على الإِنسان يَوْم الْقِيَامَة من أَن يرى من يعرفهُ مَخَافَة أَن يكون يَطْلُبهُ بمظلمة ثمَّ قَرَأَ {يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه} الْآيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مسفرة} قَالَ: مشرقة وَفِي قَوْله: {ترهقها قترة} قَالَ: تغشاها شدَّة وذلة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس {قترة} قَالَ: سَواد الْوُجُوه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يلجم الْكَافِر الْعرق ثمَّ تقع الغبرة على وُجُوههم فَهُوَ قَوْله: {ووجوه يَوْمئِذٍ عَلَيْهَا غبرة}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 81 سُورَة التكوير مَكِّيَّة وآياتها تسع عشرُون مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة {إِذا الشَّمْس كورت} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير وَعَن عَائِشَة مثله الْآيَة 1 - 29

التكوير

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من سره أَن ينظر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُ رَأْي عين فليقرأ {إِذا الشَّمْس كورت} و {إِذا السَّمَاء انفطرت} و {إِذا السَّمَاء انشقت} وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَمُسلم وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن حَوْشَب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْفجْر {وَاللَّيْل إِذا عسعس} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِذا الشَّمْس كورت} قَالَ: أظلمت {وَإِذا النُّجُوم انكدرت} قَالَ تَغَيَّرت {وَإِذا الموؤودة سُئِلت} يَقُول: سَأَلت وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِذا الشَّمْس كورت} قَالَ: أغورت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِذا الشَّمْس كورت} قَالَ: أغورت {وَإِذا النُّجُوم انكدرت} قَالَ: تناثرت {وَإِذا الْجبَال سيرت} قَالَ: ذهبت {وَإِذا العشار} عشار الإِبل {عطلت} لَا راعي لَهَا {وَإِذا الْبحار سجرت} قَالَ: أوقدت {وَإِذا النُّفُوس زوجت} قَالَ: الْأَمْثَال للنَّاس جمع بَينهم {وَإِذا السَّمَاء كشطت} قَالَ: اجتبذت وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {إِذا الشَّمْس كورت} قَالَ: هِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ كور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كورت} قَالَ: غورت قَالَ يَعْقُوب: وَهِي بِالْفَارِسِيَّةِ كور يهود وَأخرج ابْن أبي حَاتِم والديلمي عَن أبي مَرْيَم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي قَوْله: {إِذا الشَّمْس كورت} قَالَ: كورت فِي جَهَنَّم {وَإِذا النُّجُوم انكدرت} قَالَ: انكدرت فِي جَهَنَّم وكل من عبد من دون الله فَهُوَ فِي جَهَنَّم إِلَّا مَا كَانَ من عِيسَى بن مَرْيَم وَأمه وَلَو رَضِيا أَن يعبدا لدخلاها وَأخرج ابْن الدُّنْيَا فِي الْأَهْوَال وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِذا الشَّمْس كورت} قَالَ: يكور الله الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم يَوْم الْقِيَامَة فِي الْبَحْر وَيبْعَث الله ريحًا دبوراً فتنفخه حَتَّى يرجع نَارا

وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الشَّمْس وَالْقَمَر مكوران يَوْم الْقِيَامَة زَاد الْبَزَّار فِي مُسْنده فِي النَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سِتّ آيَات من هَذِه السُّورَة فِي الدُّنْيَا وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ وست فِي الْآخِرَة {إِذا الشَّمْس كورت} إِلَى {وَإِذا الْبحار سجرت} هَذِه الدُّنْيَا وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ {وَإِذا النُّفُوس زوجت} {وَإِذا الْجنَّة أزلفت} هَذِه الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأَهْوَال وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: سِتّ آيَات قبل يَوْم الْقِيَامَة بَيْنَمَا النَّاس فِي أسواقهم إِذْ ذهب ضوء الشَّمْس فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذا وَقعت الْجبَال على وَجه الأَرْض فتحركت واضطربت واختلطت فَفَزِعت الْجِنّ إِلَى الإِنس والإِنس إِلَى الْجِنّ واختلطت الدَّوَابّ وَالطير والوحش فماجوا بَعضهم فِي بعض {وَإِذا الوحوش حشرت} قَالَ: اخْتلطت {وَإِذا العشار عطلت} أهملها أَهلهَا {وَإِذا الْبحار سجرت} قَالَ: الْجِنّ والإِنس نَحن نأتيكم بالْخبر فَانْطَلقُوا إِلَى الْبَحْر فَإِذا هِيَ نَار تأجج فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذا انصدعت الأَرْض صدعة وَاحِدَة إِلَى الأَرْض السَّابِعَة وَإِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ جَاءَتْهُم ريح فأماتتهم وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ {إِذا الشَّمْس كوّرت} قَالَ: نكست وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {إِذا الشَّمْس كوّرت} قَالَ: اضمحلت وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {إِذا الشَّمْس كوّرت} قَالَ: ذهب ضوءها {وَإِذا النُّجُوم انكدرت} قَالَ: تساقطت {وَإِذا الوحوش حشرت} قَالَ: حشرها مَوتهَا {وَإِذا الْبحار سجرت} قَالَ: ذهب مَاؤُهَا غَار مَاؤُهَا قَالَ: سجرت وفجرت سَوَاء {وَإِذا النُّفُوس زوجت} قَالَ: زوجت الْأَرْوَاح الأجساد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِذا الشَّمْس كوّرت} قَالَ: ذهب ضوءها فَلَا ضوء لَهَا {وَإِذا النُّجُوم انكدرت} قَالَ: تساقطت وتهافتت {وَإِذا العشار عطلت} قَالَ: سيبها أهلوها أَتَاهُم مَا شغلهمْ عَنْهَا

فَلم تصر وَلم تحلب وَلم يكن فِي الدُّنْيَا مَال أعجب إِلَيْهِم مِنْهَا {وَإِذا الوحوش حشرت} قَالَ: إِن هَذِه الْخَلَائق موافيه يَوْم الْقِيَامَة فَيَقْضِي الله فِيهَا مَا يَشَاء {وَإِذا الْبحار سجرت} قَالَ: ذهب مَاؤُهَا وَلم يبْق مِنْهَا قَطْرَة {وَإِذا النُّفُوس زوّجت} قَالَ: الْحق كل إِنْسَان بشيعته الْيَهُود باليهود وَالنَّصْرَانِيّ بالنصراني {وَإِذا الموؤودة سُئِلت} قَالَ: هِيَ فِي بعض الْقِرَاءَة {سُئِلت بِأَيّ ذَنْب قتلت} قَالَ: لَا بذنب وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يقتل أحدهم ابْنَته ويغذو كَلْبه فعاب الله ذَلِك عَلَيْهِم {وَإِذا الصُّحُف نشرت} قَالَ: صحيفتك يَا ابْن آدم يملي مَا فِيهَا ثمَّ تطوى ثمَّ تنشر عَلَيْك يَوْم الْقِيَامَة فَينْظر الرجل مَا يمل فِي صَحِيفَته {وَإِذا الْجَحِيم سعرت} قَالَ: أوقدت {وَإِذا الْجنَّة أزلفت} قَالَ: قربت {علمت نفس مَا أحضرت} من عمل قَالَ: قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى هَهُنَا آخر الحَدِيث وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم {وَإِذا العشار عطلت} قَالَ: هِيَ الإِبل {وَإِذا الوحوش حشرت} قَالَ: حشرها مَوتهَا {وَإِذا النُّفُوس زوّجت} قَالَ: ترجع الْأَرْوَاح إِلَى أجسادها {وَإِذا الموؤودة سُئِلت} قَالَ: أَطْفَال الْمُشْركين قَالَ ابْن عَبَّاس: الموءودة هِيَ المدفونة كَانَت الْمَرْأَة فِي الْجَاهِلِيَّة إِذا هِيَ حملت فَكَانَ أَوَان ولادها حفرت حُفْرَة فتمخضت على رَأس تِلْكَ الحفرة فَإِن ولدت جَارِيَة رمت بهَا فِي تِلْكَ الحفرة وَإِن ولدت غُلَاما حَبسته قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَمن زعم أَنهم فِي النَّار فقد كذب بل هم فِي الْجنَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الرّبيع بن خَيْثَم فِي قَوْله: {إِذا الشَّمْس كورت} قَالَ: رمي بهَا {وَإِذا النُّجُوم انكدرت} قَالَ: تناثرت {وَإِذا الْجبَال سيرت} قَالَ: سَارَتْ {وَإِذا العشار عطلت} لم تحلب وَلم تصر وتخلى مِنْهَا أَهلهَا {وَإِذا الوحوش حشرت} قَالَ: أَتَى عَلَيْهَا أَمر الله {وَإِذا الْبحار سجرت} قَالَ: فاضت {وَإِذا النُّفُوس زوّجت} قَالَ: كل رجل مَعَ صَاحب عمله {وَإِذا الموؤودة سُئِلت} قَالَ: كَانَت الْعَرَب من أفعل النَّاس لذَلِك {وَإِذا الْجَحِيم سعرت} أوقدت {وَإِذا الْجنَّة أزلفت} قربت إِلَى هَهُنَا انْتهى الحَدِيث فريق فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَإِذا الوحوش حشرت}

قَالَ: حشر الْبَهَائِم مَوتهَا وَحشر كل شَيْء الْمَوْت غير الْجِنّ والإِنس فَإِنَّهُمَا يوقفان يَوْم الْقِيَامَة أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَإِذا الوحوش حشرت} قَالَ: يحْشر كل شَيْء حَتَّى إِن الذُّبَاب ليحشر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {وَإِذا الْبحار سجرت} قَالَ: اخْتَلَط مَاؤُهَا بِمَاء الأَرْض قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت زُهَيْر بن أبي سلمى يَقُول: لقد نازعتهم حسباً قَدِيما وَقد سجرت بحارهم بحاري وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {وَإِذا الْبحار سجرت} قَالَ: فتحت وسيرت وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَإِذا الْبحار سجرت} قَالَ: تسجر حَتَّى تصير نَارا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن وَالضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {وَإِذا الْبحار سجرت} قَالَ: غَار مَاؤُهَا فَذهب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن شمر بن عَطِيَّة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِذا الْبحار سجرت} قَالَ: تسجر كَمَا يسجر التَّنور وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن النُّعْمَان بن بشير عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {وَإِذا النُّفُوس زوّجت} قَالَ: يقرن بَين الرجل الصَّالح مَعَ الصَّالح فِي الْجنَّة ويقرن بَين الرجل السوء مَعَ السوء فِي النَّار فَذَلِك تَزْوِيج الْأَنْفس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن النُّعْمَان بن بشير عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِذا النُّفُوس زوجت} قَالَ: هُوَ الرجل يزوّج نَظِيره من أهل النَّار يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قَرَأَ (احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم) (سُورَة الصافات الْآيَة 22) وَأخرج ابْن مردوية عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

يَقُول: {وَإِذا النُّفُوس زوّجت} قَالَ: هما الرّجلَانِ يعملان الْعَمَل يدخلَانِ الْجنَّة وَالنَّار وَأخرج ابْن منيع عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ {وَإِذا النُّفُوس زوجت} قَالَ: تَزْوِيجهَا أَن يؤلف كل قوم إِلَى شبههم وَقَالَ: (احشروا الَّذين ظلمُوا وأزواجهم) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: يسيل وَاد من أصل الْعَرْش من مَاء فِيمَا بَين الصيحتين وَمِقْدَار مَا بَينهمَا أَرْبَعُونَ عَاما فينبت مِنْهُ كل خلق بلي من الإِنسان أَو طير أَو دَابَّة وَلَو مر عَلَيْهِم مار قد عرفهم قبل ذَلِك لعرفهم على وَجه الأَرْض قد نبتوا ثمَّ ترسل الْأَرْوَاح فَتزَوج الأجساد فَذَلِك قَول الله {وَإِذا النُّفُوس زوجت} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَإِذا النُّفُوس زوجت} قَالَ: زوّج الرّوح للجسد وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ {وَإِذا النُّفُوس زوجت} قَالَ: زوج الرّوح من الْجَسَد وأعيدت الْأَرْوَاح فِي الأجساد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: زوّج الْمُؤْمِنُونَ الْحور الْعين وَالْكفَّار الشَّيَاطِين وَأخرج الْفراء عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وَإِذا النُّفُوس زوجت} قَالَ: يقرن الرجل فِي الْجنَّة بقرينه الصَّالح فِي الدُّنْيَا ويقرن الرجل الَّذِي كَانَ يعْمل السوء فِي الدُّنْيَا بقرينه الَّذِي كَانَ يُعينهُ فِي النَّار وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَلمَة بن زيد الْجعْفِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الوئيد والموءودة فِي النَّار إِلَّا أَن تدْرك الْإِسْلَام فيعفوا الله عَنْهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الضُّحَى مُسلم بن صبيح أَنه قَرَأَ: وَإِذا الموءودة سَأَلت قَالَ: طلبت قاتلها بدمائها وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن خدامة بنت وهب قَالَت: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْل فَقَالَ: ذَاك الوأد الْخَفي وَهُوَ {الموؤودة}

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن صعصعة بن نَاجِية الْمُجَاشِعِي وَهُوَ جد الفرزدق قَالَ: قلت يَا رَسُول الله إِنِّي عملت أعمالاً فِي الْجَاهِلِيَّة فَهَل لي فِيهَا من أجر قَالَ: وَمَا عملت قَالَ: أَحييت ثلثمِائة وَسِتِّينَ موءودة أَشْتَرِي كل وَاحِد مِنْهُنَّ بناقتين عشراوين وجمل فَهَل لي فِي ذَلِك من أجر فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَك أجره إِذْ منّ الله عَلَيْك بالإِسلام وَأخرج الْبَزَّار وَالْحَاكِم فِي الكنى وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عمر بن الْخطاب فِي قَوْله: {وَإِذا الموؤودة سُئِلت} قَالَ: جَاءَ قيس بن عَاصِم التَّمِيمِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي وَأَدت ثَمَان بَنَات لي فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أعتق عَن كل وَاحِدَة رَقَبَة قَالَ إِنِّي صَاحب إبل قَالَ: فأهد عَن كل وَاحِدَة بَدَنَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَإِذا الصُّحُف نشرت} قَالَ: إِذا مَاتَ الإِنسان طويت صَحِيفَته ثمَّ تنشر يَوْم الْقِيَامَة فيحاسب بِمَا فِيهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ: لما نزلت {إِذا الشَّمْس كوّرت} قَالَ عمر: لما بلغ {علمت نفس مَا أحضرت} قَالَ: لهَذَا أجري الحَدِيث وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن عَليّ فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بالخنس} قَالَ: هِيَ الْكَوَاكِب تكنس بِاللَّيْلِ وتخنس بِالنَّهَارِ فَلَا ترى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْأَصْبَغ بن نباتة عَن عَليّ فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بالخنس} قَالَ: خَمْسَة أنجم زحل وَعُطَارِد وَالْمُشْتَرِي وبهرام والزهرة لَيْسَ فِي الْكَوَاكِب شَيْء يقطع المجرة غَيرهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الخنس نُجُوم تجْرِي يقطعن المجرة كَمَا يقطع الْفرس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي كتاب النُّجُوم من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَا أقسم بالخنس الْجوَار الكنس} قَالَ: هِيَ النُّجُوم السَّبْعَة زحل وبهرام عُطَارِد وَالْمُشْتَرِي والزهرة وَالشَّمْس وَالْقَمَر خنوسها رُجُوعهَا وكنوسها تغيبها بِالنَّهَارِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن

جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طرق عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {بالخنس الْجوَار الكنس} قَالَ: هِيَ بقر الْوَحْش وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {الْجوَار الكنس} قَالَ: الْبَقر تكنس إِلَى الظل وَأخرج ابْن الْمُنْذر من طَرِيق خصيف عَن ابْن عَبَّاس {الْجوَار الكنس} قَالَ: هِيَ الْوَحْش تكنس لأنفسها فِي أصُول الشّجر تتوارى فِيهِ وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {بالخنس} قَالَ: الظباء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن رَاهَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عَليّ {الْجوَار الكنس} قَالَ: هِيَ الْكَوَاكِب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فَلَا أقسم بالخنس الْجوَار الكنس} قَالَ: هِيَ النُّجُوم تبدو بِاللَّيْلِ وتخفى بِالنَّهَارِ تكنس وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {بالخنس الْجوَار الكنس} قَالَ: النُّجُوم تخنس بِالنَّهَارِ وَأخرج عبد بن حميد عَن الْمُغيرَة قَالَ: سَأَلَ إِبْرَاهِيم مُجَاهدًا عَن قَول الله {فَلَا أقسم بالخنس الْجوَار الكنس} قَالَ: لَا أَدْرِي قَالَ إِبْرَاهِيم: وَلم لَا تَدْرِي قَالَ: إِنَّكُم تَقولُونَ عَن عليّ إِنَّهَا النُّجُوم فَقَالَ: كذبُوا فَقَالَ مُجَاهِد: هِيَ بقر الْوَحْش والخنس الْجَوَارِي حُجْرَتهَا فَقَالَ إِبْرَاهِيم: هُوَ كَمَا قلت وَأخرج عبد بن حميد عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: {بالخنس الْجوَار الكنس} هِيَ النُّجُوم الدراري الَّتِي تجْرِي تسْتَقْبل الْمشرق وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي ميسرَة قَالَ: {الْجوَار الكنس} بقر الْوَحْش وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {الْجوَار الكنس} قَالَ: هِيَ الظباء إِذا كنست كوانسها وَأخرج عبد بن حميد عَن جَابر بن زيد {الْجوَار الكنس} قَالَ: هِيَ الظباء ألم تَرَهَا إِذا كَانَت فِي الظل كَيفَ تكنس بأعناقها ومدت نظرها وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {الْجوَار الكنس} قَالَ: الْبَقر وَأخرج الْحَاكِم أَبُو أَحْمد فِي الكنى عَن الْعَدَبَّس قَالَ: كُنَّا عِنْد عمر بن

الْخطاب فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا الْجَوَارِي الكنس فطعن عمر مخصرة مَعَه فِي عِمَامَة الرجل فألقاها عَن رَأسه فَقَالَ عمر: أحروري وَالَّذِي نفس عمر بن الْخطاب بِيَدِهِ لَو وَجَدْتُك محلوقاً لأنحيت الْقمل عَن رَأسك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَاللَّيْل إِذا عسعس} قَالَ: إِذا أدبر {وَالصُّبْح إِذا تنفس} قَالَ: إِذا بدا النَّهَار حِين طُلُوع الْفجْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَاللَّيْل إِذا عسعس} قَالَ: إقباله وَيُقَال: إدباره وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {وَاللَّيْل إِذا عسعس} قَالَ: إقبال سوَاده قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول النَّابِغَة: كَأَنَّمَا خدما قَالُوا وَمَا وعدوا ال تضمنه من [] عسعس وَأخرج الطَّحَاوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ أَنه خرج حِين طلع الْفجْر فَقَالَ: نعم سَاعَة الْوتر هَذِه ثمَّ تَلا {وَاللَّيْل إِذا عسعس وَالصُّبْح إِذا تنفس} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّه لقَوْل رَسُول كريم} قَالَ: جِبْرِيل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {أَنه لقَوْل رَسُول كريم} قَالَ: هُوَ جِبْرِيل وَفِي قَوْله: {وَلَقَد رَآهُ بالأفق الْمُبين} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنه الْأُفق الَّذِي يَجِيء مِنْهُ النَّهَار وَفِي لفظ إِنَّه الْأُفق من حَيْثُ تطلع الشَّمْس وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل: مَا أحسن مَا أثنى عَلَيْك رَبك {ذِي قُوَّة عِنْد ذِي الْعَرْش مكين مُطَاع ثمَّ أَمِين} فَمَا كَانَت قوتك وَمَا كَانَت أمانتك قَالَ: أما قوّتي فَإِنِّي بعثت إِلَى مَدَائِن لوط وَهِي أَربع مَدَائِن وَفِي كل مَدِينَة أَرْبَعمِائَة ألف مقَاتل سوى الذَّرَارِي فحملتهم من الأَرْض

السُّفْلى حَتَّى سمع أهل السَّمَاء أصوات الدَّجَاج ونباح الْكلاب ثمَّ هويت بهم فقتلتهم وَأما أمانتي فَلم أومر بِشَيْء فعدوته إِلَى غَيره وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل لَيْلَة الإِسراء اكشف عَن النَّار فكشف عَنْهَا فَنظر إِلَيْهَا فَذَلِك قَوْله: {مُطَاع ثمَّ أَمِين} على الْوَحْي {وَمَا صَاحبكُم بمجنون} مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {مُطَاع ثمَّ أَمِين} قَالَ: أَمِين على سبعين حِجَابا يدخلهَا بِغَيْر إِذن {وَمَا صَاحبكُم بمجنون} قَالَ: مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي قَوْله: {وَلَقَد رَآهُ بالأفق الْمُبين} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنه الْأُفق الَّذِي يَجِيء مِنْهُ النَّهَار وَفِي لفظ: إِن الْأُفق من حَيْثُ تطلع الشَّمْس وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود {وَلَقَد رَآهُ بالأفق الْمُبين} قَالَ: جِبْرِيل فِي رَفْرَف أَخْضَر قد سد الْأُفق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود {وَلَقَد رَآهُ بالأفق الْمُبين} قَالَ: رأى جِبْرِيل لَهُ سِتّمائَة جنَاح قد سد الْأُفق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَلَقَد رَآهُ بالأفق الْمُبين} قَالَ: إِنَّمَا عَنى جِبْرِيل أَن مُحَمَّدًا رَآهُ فِي صورته عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهى وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَلَقَد رَآهُ بالأفق الْمُبين} قَالَ: هُوَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هُوَ رأى جِبْرِيل بالأفق والأفق الصُّبْح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {وَلَقَد رَآهُ بالأفق الْمُبين} قَالَ: السَّمَاء السَّابِعَة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد والخطيب فِي تَارِيخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عاشة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقرؤءها وَمَا هُوَ على الْغَيْب بظنين بالظاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرؤهَا وَمَا هُوَ على الْغَيْب بظنين وَفِي لفظ {بضنين} بالضاد وَأخرج عبد بن حميد عَن هِشَام بن عُرْوَة قَالَ: كَانَ أبي يقْرؤهَا وَمَا هُوَ على الْغَيْب بظنين فَقيل لَهُ: فِي ذَلِك فَقَالَ: قَالَت عَائِشَة: إِن الْكتاب يخطئون فِي الْمَصَاحِف

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن عبد الله بن الزبير أَنه كَانَ يقْرَأ بظنين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {بضنين} وَقَالَ: ببخيل وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء قَالَ: زَعَمُوا أَنَّهَا فِي الْمَصَاحِف وَفِي مصحف عُثْمَان {بضنين} وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد وهرون قَالَ: فِي حرف أبيّ بن كَعْب {بضنين} يَعْنِي بالضاد وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَمَا هُوَ على الْغَيْب بضنين} يَقُول: مَا كَانَ يضن عَلَيْكُم بِمَا يعلم وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {وَمَا هُوَ على الْغَيْب بضنين} قَالَ: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يضن بِمَا أنزل الله عَلَيْهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَمَا هُوَ على الْغَيْب بضنين} قَالَ: كَانَ هَذَا الْقُرْآن غيباً أعطَاهُ الله تَعَالَى مُحَمَّدًا فبذله وَعلمه ودعا إِلَيْهِ وَمَا ضن بِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الزُّهْرِيّ {وَمَا هُوَ على الْغَيْب بضنين} قَالَ: لَا يضن بِمَا أُوحِي إِلَيْهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَهَا وَمَا هُوَ على الْغَيْب بظنين قَالَ: مَا هُوَ على الْقُرْآن بمتهم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس وَمَا هُوَ على الْغَيْب بظنين قَالَ: لَيْسَ بمتهم على مَا جَاءَ بِهِ وَلَيْسَ بضنين على مَا أُوتِيَ بِهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: الظنين الْمُتَّهم والضنين الْبَخِيل وَأخرج عبد بن حميد عَن زر قَالَ: الْغَيْب الْقُرْآن فِي قراءتنا بظنين مُتَّهم وَفِي قراءتكم {بضنين} ببخيل وَأخرج عبد بن حميد عَن زر قَالَ: الْغَيْب الْقُرْآن فِي قراءتنا بظنين مُتَّهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {لمن شَاءَ مِنْكُم أَن يَسْتَقِيم} قَالَ: أَن يتبع الْحق

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت {لمن شَاءَ مِنْكُم أَن يَسْتَقِيم} قَالُوا: الْأَمر إِلَيْنَا إِن شِئْنَا استقمنا وَإِن شِئْنَا لم نستقم فهبط جِبْرِيل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: كذبُوا يَا مُحَمَّد {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين} ففرح بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن سعد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: قَرَأت اثْنَيْنِ وَتِسْعين كتابا كلهَا أنزلت من السَّمَاء وجدت فِي كلهَا أَن من أضَاف إِلَى نَفسه شَيْئا من الْمَشِيئَة فقد كفر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سلمَان بن مُوسَى قَالَ: لما نزلت {لمن شَاءَ مِنْكُم أَن يَسْتَقِيم} قَالَ أَبُو جهل: جعل الْأَمر إِلَيْنَا إِن شِئْنَا استقمنا وَإِن شِئْنَا لم نستقم فَأنْزل الله {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْقَاسِم بن مخيمرة قَالَ: لما نزلت {لمن شَاءَ مِنْكُم أَن يَسْتَقِيم} قَالَ أَبُو جهل: أرى الْأَمر إِلَيْنَا فَنزلت {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 82 سُورَة الإنفطار مَكِّيَّة وآياتها تسع عشرَة مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت {إِذا السَّمَاء انفطرت} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج النَّسَائِيّ عَن جَابر قَالَ: قَالَ: قَامَ معَاذ فصلى الْعشَاء فطول فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفتان أَنْت يَا معَاذ أَيْن أَنْت عَن {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} {وَالضُّحَى} و {إِذا السَّمَاء انفطرت} الْآيَة 1 - 19

الانفطار

أخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ {إِذا السَّمَاء انفطرت} قَالَ: انشقت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَإِذا الْبحار فجرت} قَالَ: بَعْضهَا فِي بعض {وَإِذا الْقُبُور بعثرت} قَالَ: بحثت وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن خَيْثَم {وَإِذا الْبحار فجرت} قَالَ: فجر بَعْضهَا فِي بعض فَذهب مَاؤُهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَإِذا الْقُبُور بعثرت} أخرج مَا فِيهَا من الْمَوْتَى وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قي قَوْله: {علمت نفس مَا قدمت وأخرت} قَالَ: مَا قدمت من خير وأخرت من سنة صَالحا يعْمل بهَا بعده فَإِن لَهُ مثل أجر من عمل بهَا من غير أَن ينقص من أُجُورهم شَيْئا أَو سنة سَيِّئَة يعْمل بهَا بعده فَإِن عَلَيْهِ مثل وزر عمل بهَا وَلَا ينقص من أوزارهم شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: مَا قدمت من عمل خير أَو شَرّ وَمَا أخرت من سنة يعْمل بهَا من بعده وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اسْتنَّ خيرا فاستن بِهِ فَلهُ أجره وَمثل أجور من اتبعهُ غير منتقص من أُجُورهم وَمن اسْتنَّ شرا فاستن بِهِ فَعَلَيهِ وزره وَمثل أوزار من اتبعهُ غير منتقص من أوزارهم وتلا حُذَيْفَة {علمت نفس مَا قدمت وأخرت} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {علمت نفس مَا قدمت وأخرت} قَالَ: مَا أدَّت إِلَى الله مِمَّا أمرهَا بِهِ وَمَا ضيعت وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {مَا قدمت} من خير وَمَا {وأخرت} من حق الله تَعَالَى لم تعْمل بِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {مَا قدمت} من خير {وأخرت} مَا حدث بِهِ نَفسه لم يعْمل بِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مَا قدمت من خير وَمَا أخرت مَا أمرت أَن تعْمل فَتركت

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء {مَا قدمت} بَين أيديها وَمَا {وأخرت} وَرَاءَهَا من سنة يعْمل بهَا من بعده وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن عمر بن الْخطاب أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الإِنسان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم} فَقَالَ: غره وَالله جَهله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {يَا أَيهَا الإِنسان مَا غَرَّك} قَالَ: أبيّ بن خلف وَأخرج عبد بن حميد عَن صَالح بن مِسْمَار قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الإِنسان مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم} ثمَّ قَالَ: جَهله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ربيع بن خَيْثَم {مَا غَرَّك} قَالَ: الْجَهْل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ {فسوّاك فعدلك} مثقل وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن شاهين وَابْن قَانِع وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: مَا ولد لَك قَالَ يَا رَسُول الله: مَا عَسى أَن يُولد لي إِمَّا غُلَام وَإِمَّا جَارِيَة قَالَ: فَمن يشبه قَالَ يَا رَسُول الله: مَا عَسى أَن يشبه أَبَاهُ وَإِمَّا أمه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عِنْد هامه لَا تقولن هَذَا إِن النُّطْفَة إِذا اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِم أحضرها الله كل نسب بَينهَا وَبَين آدم فَركب خلقه فِي صُورَة من تِلْكَ الصُّور أما قَرَأت هَذِه الْآيَة فِي كتاب الله {فِي أَي صُورَة مَا شَاءَ ركبك} من نسلك مَا بَيْنك وَبَين آدم وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد جيد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا أَرَادَ الله أَن يخلق النَّسمَة فجامع الرجل الْمَرْأَة طَار مَاؤُهُ فِي كل عرق وَعصب مِنْهَا فَإِذا كَانَ الْيَوْم السَّابِع أحضر الله كل عرق بَينه وَبَين آدم ثمَّ قَرَأَ {فِي أَي صُورَة مَا شَاءَ ركبك} وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عبد الله بن بُرَيْدَة أَن رجلا من الْأَنْصَار ولدت لَهُ امْرَأَته غُلَاما أسود فَأخذ بيد امْرَأَته فَأتى بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد تزوجتني بكرا وَمَا أقعدت مَقْعَده أحدا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صدقت إِن لَك تِسْعَة وَتِسْعين عرقاً وَله مثل ذَلِك فَإِذا كَانَ حِين الْوَلَد اضْطَرَبَتْ

الْعُرُوق كلهَا لَيْسَ مِنْهَا عرق إِلَّا يسْأَل الله أَن يَجْعَل الشّبَه لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {فِي أَي صُورَة مَا شَاءَ ركبك} قَالَ: إِمَّا قبيحاً وَإِمَّا حسنا وَشبه أَب أَو أم أَو خَال أَو عَم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر والرامهرمزي فِي الْأَمْثَال عَن أبي صَالح {فِي أيّ صُورَة مَا شَاءَ ركبك} قَالَ: إِن شَاءَ حمارا وَإِن شَاءَ خنزيراً وَإِن شَاءَ فرسا وَإِن شَاءَ إنْسَانا وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {فِي أيّ صُورَة مَا شَاءَ ركبك} قَالَ: إِن شَاءَ قرداً وَإِن شَاءَ صُورَة خنزيرا وَالله تَعَالَى أعلم أخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {كلا بل تكذبون بِالدّينِ} قَالَ: بِالْحِسَابِ {وَإِن عَلَيْكُم لحافظين كراماً كاتبين} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جعل الله على ابْن آدم حافظين فِي اللَّيْل وحافظين فِي النَّهَار يحفظان عمله ويكتبان أَثَره وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله يَنْهَاكُم عَن التعري فاستحيوا من مَلَائِكَة الله الَّذين مَعكُمْ الْكِرَام الْكَاتِبين الَّذين لَا يفارقونكم إِلَّا عِنْد إِحْدَى ثَلَاث حاجات: الْغَائِط والجنابة وَالْغسْل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الظهيرة فَرَأى رجلا يغْتَسل بفلاة من الأَرْض فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أما بعد فَاتَّقُوا الله واكرموا الْكِرَام الْكَاتِبين الَّذين مَعكُمْ لَيْسَ يفارقونكم إِلَّا عِنْد إِحْدَى منزلتين: حَيْثُ يكون الرجل على خلائه أَو يكون مَعَ أَهله لأَنهم كرام كَمَا سماهم الله فيستتر أحدكُم عِنْد ذَلِك بجرم حَائِط أَو بعيره فَإِنَّهُم لَا ينظرُونَ إِلَيْهِ وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من حافظين يرفعان إِلَى الله مَا حفظا فِي يَوْم فَيرى فِي أول الصَّحِيفَة وَآخِرهَا اسْتِغْفَارًا إِلَّا قَالَ الله: قد غفرت لعبدي مَا بَين طرفِي الصَّحِيفَة أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمَا أَدْرَاك مَا يَوْم الدّين} قَالَ: تَعْظِيم يَوْم الْقِيَامَة يَوْم يدان النَّاس فِيهِ بأعمالهم وَفِي قَوْله: {وَالْأَمر يَوْمئِذٍ لله} قَالَ: لَيْسَ ثمَّ أحد يقْضِي شَيْئا وَلَا يصنع شَيْئا غير رب الْعَالمين

83 سُورَة المطففين مَكِّيَّة وآياتها سِتّ وَثَلَاثُونَ أخرج النّحاس وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة المطففين بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آخر مَا أنزل بِمَكَّة سُورَة المطففين بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 13

المطففين

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول مَا نزل بِالْمَدِينَةِ {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة كَانُوا من أَخبث النَّاس كَيْلا فَأنْزل الله {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} فَأحْسنُوا الْكَيْل بعد ذَلِك

وَأخرج ابْن سعد وَالْبَزَّار وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتعْمل سِبَاع بن عرفطة على الْمَدِينَة لما خرج إِلَى خَيْبَر فَقَرَأَ {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} فَقلت: هلك فلَان لَهُ صَاع يُعْطي بِهِ وَصَاع يَأْخُذ بِهِ وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عمر أَنه قَرَأَ {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} فَبكى وَقَالَ: هُوَ الرجل يسْتَأْجر الرجل أَو الكيال وَهُوَ يعلم أَنه يخيف فِي كَيْله فوزره عَلَيْهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا نقض قوم الْعَهْد إِلَّا سلط الله عَلَيْهِم عدوّهم وَلَا طَفَّفُوا الْكَيْل إِلَّا منعُوا النَّبَات وَأخذُوا بِالسِّنِينَ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة عَن سلمَان قَالَ: إِنَّمَا الصَّلَاة مكيال فَمن أوفى أوفي لَهُ وَمن طفف فقد سَمِعْتُمْ مَا قَالَ الله فِي المطففين وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: تَركك الْمُكَافَأَة تطفيف قَالَ الله: {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} قَوْله تَعَالَى: {يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين} أخرج مَالك وهناد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: {يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين} حَتَّى يغيب أحدهم فِي رشحه إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عمر قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين} قَالَ: كَيفَ بكم إِذا جمعكم الله كَمَا يجمع النبل فِي الكنانة خمسين ألف سنة لَا ينظر إِلَيْكُم وَأخرج عَن ابْن مَسْعُود إِذا حشر النَّاس قَامُوا أَرْبَعِينَ عَاما وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة قَالَ: حَدثنِي من سمع أَن عمر قَرَأَ {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ} حَتَّى بلغ {يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين} بِمِقْدَار نصف يَوْم من خمسين ألف سنة فيهون ذَلِك الْيَوْم على الْمُؤمن كتدلي الشَّمْس من الْغُرُوب حَتَّى تغرب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَمْرو أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله: كم قيام النَّاس بَين يَدي رب الْعَالمين يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: ألف سنة لَا يُؤذن لَهُم

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن كَعْب فِي الْآيَة قَالَ: يقومُونَ ثَلَاثمِائَة عَام لَا يُؤذن لَهُم بالقعود فَأَما الْمُؤمن فيهون عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: يقومُونَ مِقْدَار ثَلَاثمِائَة سنة ويخفف الله ذَلِك الْيَوْم ويقصره على الْمُؤمن كمقدار نصف يَوْم أَو كَصَلَاة مَكْتُوبَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن حُذَيْفَة يقوم النَّاس على أَقْدَامهم يَوْم الْقِيَامَة ثَلَاثمِائَة سنة ويهون ذَلِك الْيَوْم على الْمُؤمن كَقدْر الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لبشير الْغِفَارِيّ: كَيفَ أَنْت صانع فِي يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين مِقْدَار ثَلَاثمِائَة سنة من أَيَّام الدُّنْيَا لَا يَأْتِيهم خبر من السَّمَاء وَلَا يُؤمر فيهم بِأَمْر قَالَ بشير: الْمُسْتَعَان بِاللَّه يَا رَسُول الله قَالَ: إِذا أويت إِلَى فراشك فتعوذ بِاللَّه من شَرّ يَوْم الْقِيَامَة وَمن شَرّ الْحساب وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: أَن رجلا كَانَ لَهُ من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مقْعد يُقَال لَهُ بشير فَفَقدهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثًا فَرَآهُ شاحباً فَقَالَ: مَا غير لونك يَا بشير قَالَ: اشْتريت بعير فشرد عليّ فَكنت فِي طلبه وَلم أشْتَرط فِيهِ شرطا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْبَعِير الشرود يرد مِنْهُ إِنَّمَا غير لونك غير هَذَا قَالَ: لَا قَالَ: فَكيف بِيَوْم يكون مِقْدَاره خمسين ألف سنة {يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين} أخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق شمر بن عَطِيَّة أَن الن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا سَأَلَ كَعْب الْأَحْبَار عَن قَوْله: {كلا إِن كتاب الْفجار لفي سِجِّين} قَالَ: إِن روح الْفَاجِر يصعد بهَا إِلَى السَّمَاء فتأبى السَّمَاء أَن تقبلهَا فيهبط بهَا إِلَى الأَرْض فتأبى الأَرْض أَن تقبلهَا فييدخل بهَا تَحت سبع أَرضين حَتَّى يَنْتَهِي بهَا إِلَى السجين وَهُوَ خد إِبْلِيس فَيخرج لَهَا من تَحت خد إِبْلِيس كتابا فيختم وَيُوضَع تَحت خد إِبْلِيس لهلاكه لِلْحسابِ فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَدْرَاك مَا سِجِّين كتاب مرقوم} وَقَوله: {إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين} قَالَ: إِن روح الْمُؤمن إِذا عرج بهَا إِلَى السَّمَاء فتنفتح لَهَا أَبْوَاب السَّمَاء وتلقاه الْمَلَائِكَة بالبشرى حَتَّى يَنْتَهِي بهَا إِلَى الْعَرْش وتعرج الْمَلَائِكَة فَيخرج لَهَا من تَحت الْعَرْش رق فيرقم وَيخْتم وَيُوضَع تَحت الْعَرْش لمعْرِفَة النجَاة لِلْحسابِ يَوْم الْقِيَامَة وَيشْهد الْمَلَائِكَة المقربون فَذَلِك قَوْله: {وَمَا أَدْرَاك مَا عليون كتاب مرقوم}

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: قد رقم الله على الْفجار مَا هم عاملون فِي سِجِّين فَهُوَ أَسْفَل والفجار مُنْتَهُونَ إِلَى مَا قد رقم الله عَلَيْهِم ورقم على الْأَبْرَار مَا هم عاملون فِي عليين وهم فَوق فهم مُنْتَهُونَ إِلَى مَا قد رقم الله عَلَيْهِم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سِجِّين أَسْفَل الْأَرْضين وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الفلق جب فِي جَهَنَّم مغطى وَأما سِجِّين فمفتوح وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كلا إِن كتاب الْفجار لفي سِجِّين} قَالَ: عَمَلهم فِي الأَرْض السَّابِعَة لَا يصعد وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كلا إِن كتاب الْفجار لفي سِجِّين} قَالَ: تَحت الأَرْض السُّفْلى فِيهَا أَرْوَاح الْكفَّار وأعمالهم أَعمال السوء وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة والمحاملي فِي أَمَالِيهِ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سِجِّين صَخْرَة تَحت الأَرْض السَّابِعَة فِي جَهَنَّم تقلب فَيجْعَل كتاب الْفجار تحتهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن فرقد {كلا إِن كتاب الْفجار لفي سِجِّين} قَالَ: تَحت الأَرْض السُّفْلى وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة {كلا إِن كتاب الْفجار لفي سِجِّين} قَالَ: هُوَ أَسْفَل الأَرْض السَّابِعَة {كتاب مرقوم} قَالَ: مَكْتُوب قَالَ قَتَادَة: ذكر لنا أَن عبد الله بن عمر كَانَ يَقُول: الأَرْض السُّفْلى فِيهَا أَرْوَاح الْكفَّار وأعمالهم السوء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سِجِّين الأَرْض السَّابِعَة السُّفْلى وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: الأَرْض السُّفْلى فِيهَا أَرْوَاح الْكفَّار وأعمالهم أَعمال السوء وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن ابْن جريج قَالَ: بَلغنِي أَن {سِجِّين} الأَرْض السلفى وَفِي قَوْله: {مرقوم} قَالَ: مَكْتُوب وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {كتاب مرقوم} قَالَ: رقم لَهُم بشر

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {لفي سِجِّين} قَالَ: لفي خسار وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: حَدثنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْملك يرفع الْعَمَل للْعَبد يرى أَن فِي يَدَيْهِ مِنْهُ سُرُورًا حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الْمِيقَات الَّذِي وَصفه الله لَهُ فَيَضَع الْعَمَل فِيهِ فيناديه الْجَبَّار من فَوْقه إرم بِمَا مَعَك فِي {سِجِّين} وسجين الأَرْض السَّابِعَة فَيَقُول الْملك: مَا رفعت إِلَيْهِ إِلَى حَقًا فَيَقُول: صدقت إرم بِمَا مَعَك فِي سِجِّين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن كَعْب بن مَالك قَالَ: لما حضرت كَعْبًا الْوَفَاة أَتَتْهُ أم بشر بنت الْبَراء فَقَالَت: إِن لقِيت ابْن فاقرئه مني السَّلَام فَقَالَ لَهَا: غفر الله لَك يَا أم بشر نَحن أَسْفَل من ذَلِك فَقَالَت: أما سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن نسمَة الْمُؤمن تسرح فِي الْجنَّة حَيْثُ شَاءَت وَإِن نسمَة الْكَافِر فِي سِجِّين قَالَ: بلَى فَهُوَ ذَلِك وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: التقى سلمَان وَعبد الله بن سَلام فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: إِن مت قبلي فالقني فَأَخْبرنِي بِمَا صنع رَبك بك وَإِن أَنا مت قبلك لقيتك فأخبرتك فَقَالَ عبد الله: كَيفَ يكون هَذَا قَالَ: نعم إِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ تكون فِي برزخ من الأَرْض تذْهب حَيْثُ شَاءَت وَنَفس الْكَافِر فِي سِجِّين وَالله أعلم الْآيَة 14 - 21

14

أخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْحَاكِم وَالتِّرْمِذِيّ وصححاه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن حبَان وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن العَبْد إِذا أذْنب ذَنبا نكتت فِي قلبه نُكْتَة سَوْدَاء فَإِن تَابَ وَنزع واستغفر صقل قلبه وَإِن عَاد زَادَت حَتَّى تعلو قلبه فَذَلِك الران الَّذِي ذكر الله فِي الْقُرْآن {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بعض الصَّحَابَة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قتل مُؤمنا أسودَّ سدس قلبه وَإِن قتل اثْنَيْنِ أسود ثلث قلبه وَإِن قتل ثَلَاثَة رين على قلبه فَلم يبال مَا قتل فَذَلِك قَوْله: {بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْقلب هَكَذَا مثل الْكَفّ فيذنب الذَّنب فينقبض مِنْهُ ثمَّ يُذنب الذَّنب فينقبض مِنْهُ حَتَّى يخْتم عَلَيْهِ فَيسمع الْخَيْر فَلَا يجد لَهُ مساغاً [] يجمع فَإِذا اجْتمع طبع عَلَيْهِ فَإِذا سمع خيرا دخل فِي أُذُنَيْهِ حَتَّى يَأْتِي الْقلب فَلَا يجد فِيهِ مدخلًا فَذَلِك قَوْله: {بل ران على قُلُوبهم} الْآيَة وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن الْقلب مثل الْكَفّ وَذكر مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كلا بل ران على قُلُوبهم} قَالَ: إِذا عمل الرجل الذنبي نكت فِي قلبه نُكْتَة سَوْدَاء ثمَّ يعْمل الذَّنب بعد ذَلِك فينكت فِي قلبه نُكْتَة سَوْدَاء ثمَّ كَذَلِك حَتَّى يسود عَلَيْهِ فَإِذا ارْتَاحَ العَبْد قَالَ: ييسر لَهُ عمل صَالح فَيذْهب من السودا بعضه ثمَّ ييسر لَهُ عمل صَالح أَيْضا فَيذْهب من السوَاد بعضه ثمَّ ييسر لَهُ أَيْضا عمل صَالح فَيذْهب من السوَاد بعضه ثمَّ كَذَلِك حَتَّى يذهب السوء كُله وَأخرج نعيم بن حَمَّاد فِي الْفِتَن وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَتعقبه الذَّهَبِيّ عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول: لن تَتَفَكَّرُوا بِخَير مَا اسْتغنى أهل بدوكم عَن أهل حضركم وليسوقنهم السنون والسنات حَتَّى يَكُونُوا مَعكُمْ فِي الديار وَلَا تتمنعوا مِنْهُم لِكَثْرَة من يسير عَلَيْكُم مِنْهُم قَالَ: يَقُولُونَ طالما جعنا وشبعتم وطالما شقينا ونعمتم فواسونا الْيَوْم ولتستصعبن بكم الأَرْض حَتَّى يغِيظ أهل حضركم أهل بدوكم ولتميلن بكم الأَرْض مَيْلَة يهْلك منا من هلك وَيبقى من بَقِي حَتَّى تعْتق الرّقاب ثمَّ تهدأ بكم الأَرْض بعد ذَلِك حَتَّى ينْدَم المعتقون ثمَّ تميل بكم الأَرْض مَيْلَة أُخْرَى فَيهْلك فِيهَا من هلك وَيبقى من بَقِي يَقُولُونَ: رَبنَا نعتق رَبنَا نعتق فيكذبهم الله كَذبْتُمْ كَذبْتُمْ أَنا أعتق قَالَ: وليبتلين أخريات هَذِه الْأمة بالرجف فَإِن تَابُوا تَابَ الله عَلَيْهِم وَإِن عَادوا عَاد الله عَلَيْهِم الرجف وَالْقَذْف والخذف وَالْمَسْخ والخسف وَالصَّوَاعِق فَإِذا قيل: هلك النَّاس هلك النَّاس هلك النَّاس فقد هَلَكُوا

وَلنْ يعذب الله أمة حَتَّى تعذر قَالُوا: وَمَا عذرها قَالَ: يعترفون بِالذنُوبِ وَلَا يتوبون ولتطمئن الْقُلُوب بِمَا فِيهَا من برهَا وفجورها كَمَا تطمئِن الشَّجَرَة بِمَا فِيهَا حَتَّى لَا يَسْتَطِيع محسن يزْدَاد إحساناً وَلَا يَسْتَطِيع مسيء استعتاباً قَالَ الله: {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} قَالَ: أَعمال السوء ذَنْب على ذَنْب حَتَّى مَاتَ قلبه واسود وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} قَالَ: أَثْبَتَت على قلبه الْخَطَايَا حَتَّى غيرته وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ران} قَالَ: طبع وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الران الطابع وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة كَانُوا يرَوْنَ أَن الرين هُوَ الطَّبْع وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ كَانُوا يرَوْنَ أَن الْقلب مثل الْكَفّ فيذنب الذَّنب فينقبض مِنْهُ ثمَّ يُذنب الذَّنب فينقبض حَتَّى يخْتم عَلَيْهِ وَيسمع الْخَيْر فَلَا يجد لَهُ مساغاً وَأخرج ابْن جريروالبيهقي عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الران أيسر من الطَّبْع والطبع أيسر من الإِقفال والإِقفال أَشد ذَلِك كُله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {كلا بل ران على قُلُوبهم} قَالَ: يعْمل الذَّنب فيحيط بِالْقَلْبِ فَكلما عمل ارْتَفَعت حَتَّى يغشى الْقلب وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {كلا بل ران على قُلُوبهم} قَالَ: الذَّنب على الذَّنب ثمَّ الذَّنب على الذَّنب حَتَّى يغمر الْقلب فَيَمُوت وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق خُلَيْد بن الحكم عَن أبي الْخَيْر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَربع خِصَال تفْسد الْقلب: مجاراة الأحمق فَإِن جَارِيَته كنت مثله وَإِن سكت عَنهُ سلمت مِنْهُ وَكَثْرَة الذُّنُوب مفْسدَة الْقُلُوب وَقد قَالَ: {بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} وَالْخلْوَة بِالنسَاء والاستمتاع مِنْهُنَّ وَالْعَمَل برأيهم ومجالسة الْمَوْتَى قيل وَمَا الْمَوْتَى قَالَ: كل غَنِي قد أبطره غناهُ

أخرج عبد بن حميد عَن أبي مليكَة الزيَادي رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {كلا إِنَّهُم عَن رَبهم يَوْمئِذٍ لمحجوبون} قَالَ: المنان والمختال وَالَّذِي يقطع يَمِينه بِالْكَذِبِ ليَأْكُل أَمْوَال النَّاس وَالله أعلم أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {كلا إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين} قَالَ: عليون فَوق السَّمَاء السَّابِعَة عِنْد قَائِمَة الْعَرْش الْيُمْنَى {كتاب مرقوم} قَالَ: رقم لَهُم بِخَير {يشهده المقربون} قَالَ: المقربون من مَلَائِكَة الله وَأخرج عبد بن حميد عَن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هِيَ قَائِمَة الْعَرْش الْيُمْنَى وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: عليون السَّمَاء السَّابِعَة وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق الْأَجْلَح عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا قبض روح العَبْد الْمُؤمن يعرج بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فَينْطَلق مَعَه المقربون إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة قَالَ الْأَجْلَح: فَقلت: وَمَا المقربون قَالَ: أقربهم إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة ثمَّ الثَّالِثَة ثمَّ الرَّابِعَة ثمَّ الْخَامِسَة ثمَّ السَّادِسَة ثمَّ السَّابِعَة حَتَّى يَنْتَهِي بِهِ إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى فَقَالَ الْأَجْلَح: فَقلت للضحاك: وَلم تسمى سِدْرَة الْمُنْتَهى قَالَ: لِأَنَّهُ يَنْتَهِي إِلَيْهَا كل شَيْء من أَمر الله لَا يعدوها فَيَقُولُونَ: رب عَبدك فلَان وَهُوَ أعلم بِهِ مِنْهُم فيبعث الله إِلَيْهِم بصك مختوم يأمنه من الْعَذَاب وَذَلِكَ قَوْله: {كلا إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين وَمَا أَدْرَاك مَا عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لفي عليين} قَالَ: الْجنَّة وَفِي قَوْله: {يشهده المقربون} قَالَ: كل أهل سَمَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {يشهده المقربون} قَالَ: هم مقربو أهل كل سَمَاء إِذا مر بهم عمل الْمُؤمن شيعه مقربو كل أهل سَمَاء حَتَّى يَنْتَهِي الْعَمَل إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَيَشْهَدُونَ حَتَّى يثبت [] السَّمَاء السَّابِعَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صَلَاة على أثر صَلَاة لَا لَغْو بَينهمَا كتاب مرقوم فِي عليين وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق خَالِد بن عرْعرة وَأبي عجيل أَن ابْن عَبَّاس سَأَلَ كَعْبًا عَن قَوْله تَعَالَى: {كلا إِن كتاب الْأَبْرَار لفي عليين} الْآيَة قَالَ: إِن الْمُؤمن يحضرهُ الْمَوْت ويحضره رسل ربه فَلَا هم يَسْتَطِيعُونَ أَن يؤخروه سَاعَة وَلَا يعجلوه

حَتَّى تَجِيء سَاعَته فَإِذا جَاءَت سَاعَته قبضوا نَفسه فدفعوه إِلَى مَلَائِكَة الرَّحْمَة فأروه مَا شَاءَ الله أَن يروه من الْخَيْر ثمَّ عرجوا بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاء فيشيعه من كل سَمَاء مقربوها حَتَّى ينْتَهوا بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فيضعونه بَين أَيْديهم وَلَا ينتظرون بِهِ صَلَاتكُمْ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ هَذَا عَبدك فلَان قبضنا نَفسه فَيدعونَ لَهُ بِمَا شَاءَ الله أَن يدعوا فَنحْن نحب أَن يشهدنا الْيَوْم كِتَابه فينثر كِتَابه من تَحت الْعَرْش فيثبتون اسْمه فِيهِ وهم شُهُوده فَذَلِك قَوْله: {كتاب مرقوم يشهده المقربون} وَسَأَلَهُ عَن قَوْله: {إِن كتاب الْفجار لفي سِجِّين} الْآيَة قَالَ: إِن العَبْد الْكَافِر يحضرهُ الْمَوْت ويحضره رسل الله فَإِذا جَاءَت سَاعَته قبضوا نَفسه فدفعوه إِلَى مَلَائِكَة الْعَذَاب فأروه مَا شَاءَ الله أَن يروه من الشَّرّ ثمَّ هَبَطُوا بِهِ إِلَى الأَرْض السُّفْلى وَهِي سِجِّين وَهِي آخر سُلْطَان إِبْلِيس فأثبتوا كِتَابه فِيهَا وَسَأَلَهُ عَن {سِدْرَة الْمُنْتَهى} فَقَالَ: هِيَ سِدْرَة نابتة فِي السَّمَاء السَّابِعَة ثمَّ علت على الْخَلَائق إِلَى مَا دونهَا و (عِنْدهَا جنَّة المأوى) (سُورَة النَّجْم الْآيَة 15) قَالَ: جنَّة الشُّهَدَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: لقِيت رجلا من حمير كَأَنَّهُ عَلامَة يقْرَأ الْكتب فَقلت لَهُ: الأَرْض الَّتِي نَحن عَلَيْهَا مَا سكانها قَالَ: هِيَ على صَخْرَة خضراء تِلْكَ الصَّخْرَة على كف ملك ذَلِك الْملك قَائِم على ظهر حوت منطو بالسموات وَالْأَرْض من تَحت الْعَرْش قلت: الأَرْض الثَّانِيَة من سكانها قَالَ: سكانها الرّيح الْعَقِيم لما أَرَادَ الله أَن يهْلك عاداً أوحى إِلَى خزنتها أَن افتحوا عَلَيْهِم مِنْهَا بَابا قَالُوا: يَا رَبنَا مثل منخر الثور قَالَ: إِذن تكفأ الأَرْض وَمن عَلَيْهَا فضيق ذَلِك حَتَّى جعل مثل حَلقَة الْخَاتم فبلغت مَا حدث الله قلت: الأَرْض الثَّالَّةِ من ساكنها قَالَ: فِيهَا حِجَارَة جَهَنَّم قلت: الأَرْض الرَّابِعَة من ساكنها قَالَ: فِيهَا كبريت جَهَنَّم قلت: الأَرْض الْخَامِسَة من ساكنها قَالَ: فِيهَا عقارب جَهَنَّم قلت: الأَرْض السَّادِسَة من ساكنها قَالَ: فِيهَا حيات جَهَنَّم قلت: الأَرْض السَّابِعَة من ساكنها قَالَ: تِلْكَ سِجِّين فِيهَا إِبْلِيس موثق يَد أَمَامه وَيَد خَلفه وَرجل خَلفه وَرجل أَمَامه كَانَ يُؤْذِي الْمَلَائِكَة فاستعدت عَلَيْهِ فسجن هُنَاكَ وَله زمَان يُرْسل فِيهِ فَإِذا أرسل لم تكن فتْنَة النَّاس بأعي عَلَيْهِم من شَيْء

وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن ضَمرَة بن حبيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْمَلَائِكَة يرفعون أَعمال العَبْد من عباد الله يستكثرونه ويزكونه حَتَّى يبلغُوا بِهِ حَيْثُ يَشَاء الله من سُلْطَانه فَيُوحِي الله إِلَيْهِم أَنكُمْ حفظَة على عَبدِي وَأَنا رَقِيب على مَا فِي نَفسه إِن عَبدِي هَذَا لم يخلص لي عمله فَاجْعَلُوهُ فِي سِجِّين ويصعدون بِعَمَل العَبْد يستقلونه وَيَحْتَقِرُونَهُ حَتَّى يبلغُوا بِهِ إِلَى حَيْثُ شَاءَ الله من سُلْطَانه فَيُوحِي الله إِلَيْهِم إِنَّكُم حفظَة على عمل عَبدِي وَأَنا رَقِيب على مَا فِي نَفسه إِن عَبدِي هَذَا أخْلص لي عمله فَاجْعَلُوهُ فِي عليين وَأخرج ابْن الضريس عَن أم الدَّرْدَاء قَالَت: إِن درج الْجنَّة على عدد آي الْقُرْآن وَإنَّهُ يُقَال لصَاحب الْقُرْآن اقْرَأ وارقه فَإِن كَانَ قد قَرَأَ ثلث الْقُرْآن كَانَ على الثُّلُث من درج الْجنَّة وَإِن كَانَ قد قَرَأَ نصف الْقُرْآن كَانَ على النّصْف من درج الْجنَّة وَإِن كَانَ قد قَرَأَ الْقُرْآن كَانَ فِي أَعلَى عليين وَلم يكن فَوْقه أحد من الصديقين وَالشُّهَدَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: إِن لأهل عليين كوى يشرفون مِنْهَا فَإِذا أشرف أحدهم أشرقت الْجنَّة فَيَقُول أهل الْجنَّة قد أشرف رجل من أهل عليين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: يرى فِي الْجنَّة كَهَيئَةِ الْبَرْق فَيُقَال: مَا هَذَا قيل: رجل من أهل عليين تحوّل من غرفَة إِلَى غرفَة الْآيَة 22 - 36

22

أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك} قَالَ: عاقبته مسك قوم يمزج لَهُم بالكافور وَيخْتم لَهُم بالمسك {ومزاجه من تسنيم} قَالَ: شراب من أشرف الشَّرَاب عينا فِي الْجنَّة يشرب بهَا المقربون صرفا ويمزج لسَائِر أهل الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {يسقون من رحيق مختوم} قَالَ: الْخمر {ختامه مسك} قَالَ: طينه مسك {ومزاجه من تسنيم} قَالَ: تسنيم عَلَيْهِم من فَوق دُورهمْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن الْحسن {يسقون من رحيق مختوم} قَالَ: هِيَ الْخمْرَة {ومزاجه من تسنيم} قَالَ: خفايا أخفاها الله لأهل الْجنَّة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {يسقون من رحيق مختوم} قَالَ: الْخمر {ختامه مسك} قَالَ: آخر طعمه مسك وَأخرج عبد بن حميد عَن عَلْقَمَة {ختامه مسك} قَالَ: خلطه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن مَالك بن الْحَارِث {ومزاجه من تسنيم} قَالَ: هِيَ عين فِي الْجنَّة يشرب بهَا المقربون صرفا ويمزج لسَائِر أهل الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: التسنيم أفضل شراب أهل الْجنَّة ألم تسمع يُقَال للرجل إِنَّه لفي السنام من قَوْله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ قَالَ: {نَضرة النَّعيم} هِيَ عين فِي الْجنَّة يتوضؤون مِنْهَا ويغتسلون فَيجْرِي عَلَيْهِم نَضرة النَّعيم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود {مختوم} قَالَ: ممزوج {ختامه مسك} قَالَ: طعمه وريحه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وهناد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {يسقون من رحيق مختوم} قَالَ: الرَّحِيق الْخمر والمختوم يَجدونَ عَاقبَتهَا طعم الْمسك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس {من رحيق مختوم} قَالَ: ختم بالمسك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله:

{ختامه مسك} قَالَ: لَيْسَ بِخَاتم يخْتم بِهِ وَلَكِن خلطه مسك ألم تَرَ إِلَى الْمَرْأَة من نِسَائِكُم تَقول خلطه من الطّيب كَذَا وَكَذَا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن عَلْقَمَة مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء {ختامه مسك} قَالَ: هُوَ شراب أَبيض مثل الْفضة يختمون بِهِ آخر شرابهم وَلَو أَن رجلا من أهل الدُّنْيَا أَدخل أُصْبُعه فِيهِ ثمَّ أخرجهَا لم يبْق ذُو روح إِلَى وجد رِيحهَا وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد رَفعه: أَيّمَا مُؤمن سقى مُؤمنا شربة على ظمأ سقَاهُ الله يَوْم الْقِيَامَة من الرَّحِيق الْمَخْتُوم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء قَالَ: التسنيم اسْم الْعين الَّتِي تمزج بهَا الْخمر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس {تسنيم} أشرف شراب أهل الْجنَّة وَهُوَ صرف للمقربين ويمزج لأَصْحَاب الْيَمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُبَارك وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {ومزاجه من تسنيم} قَالَ: عين فِي الْجنَّة تمزج لأَصْحَاب الْيَمين وَيشْرب بهَا المقربون صرفا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {ومزاجه من تسنيم} قَالَ: هَذَا مِمَّا قَالَ الله: (فَلَا تعلم نفس مَا أُخْفِي لَهُم من قُرَّة أعين) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: تسنيم عين فِي عدن يشرب بهَا المقربون صرفا وَيجْرِي تَحْتهم أَسْفَل مِنْهُم إِلَى أَصْحَاب الْيَمين فيمزج أشربتهم كلهَا المَاء وَالْخمر وَاللَّبن وَالْعَسَل يطيب بهَا أشربتهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: تسنيم عين تثعب عَلَيْهِم من فَوق وَهُوَ شراب المقربين وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {إِن الَّذين أجرموا كَانُوا من الَّذين آمنُوا يَضْحَكُونَ} قَالَ: فِي الدُّنْيَا وَيَقُولُونَ وَالله إِن هَؤُلَاءِ لكذبة وَمَا هم على شَيْء استهزاء بهم

وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصمت وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْمُسْتَهْزِئِينَ بِالنَّاسِ فِي الدُّنْيَا يرفع لأَحَدهم يَوْم الْقِيَامَة بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة فَيُقَال: هَلُمَّ هَلُمَّ فَيَجِيء بكربه وغمه فَإِذا أَتَاهُ أغلق دونه ثمَّ يفتح لَهُ بَاب آخر فَيُقَال: هَلُمَّ هَلُمَّ فَيَجِيء بكربه وغمه فَإِذا أَتَاهُ أغلق دونه فَمَا يزَال كَذَلِك حَتَّى إِنَّه ليفتح لَهُ الْبَاب فَيَقُول: هَلُمَّ هَلُمَّ فَلَا يَأْتِيهِ من إياسه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فاليوم الَّذين آمنُوا من الْكفَّار يَضْحَكُونَ} قَالَ: قَالَ كَعْب: إِن بَين أهل الْجنَّة وَأهل النَّار كوى لَا يَشَاء الرجل من أهل الْجنَّة أَن ينظر إِلَى عدوه من أهل النَّار إِلَّا فعل وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {هَل ثوب} قَالَ: جوزي

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 84 سُورَة الإنشقاق مَكِّيَّة وآياتها خمس وَعِشْرُونَ مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {إِذا السَّمَاء انشقت} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي رَافع قَالَ: صليت مَعَ أبي هُرَيْرَة الْعَتَمَة فَقَرَأَ {إِذا السَّمَاء انشقت} فَسجدَ فَقلت

لَهُ فَقَالَ: سجدت خلف أبي الْقَاسِم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا أَزَال أَسجد فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سجدنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي {إِذا السَّمَاء انشقت} و (اقْرَأ باسم رَبك) (سُورَة النبأ الْآيَة 40) وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه وَالطَّبَرَانِيّ عَن صفون بن عَسَّال أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سجد فِي {إِذا السَّمَاء انشقت} وَأخرج ابْن خُزَيْمَة والروياتي فِي مُسْنده والضياء الْمَقْدِسِي فِي المختارة عَن بُرَيْدَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الظّهْر {إِذا السَّمَاء انشقت} وَنَحْوهَا الْآيَة 1 - 25

الانشقاق

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عليّ قَالَ: تَنْشَق السَّمَاء من المجرة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وأذنت} قَالَ: أطاعت {وحقت} قَالَ: حققت بِالطَّاعَةِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ {وأذنت لِرَبِّهَا وحقت} قَالَ: أطاعت وَحقّ لَهَا أَن تطيع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وأذنت لِرَبِّهَا} سَمِعت حَيْثُ كلمها وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وأذنت لِرَبِّهَا وحقت} قَالَ: سَمِعت وأطاعت {وَإِذا الأَرْض مدت} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا} أخرجت مَا فِيهَا من الْمَوْتَى {وتخلت} عَنْهُم وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا} قَالَ: سواري الذَّهَب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: كَانَ الْبَيْت قبل الأَرْض بألفي سنة وَذَلِكَ قَول الله: {وَإِذا الأَرْض مدت} قَالَ: مدت من تَحْتَهُ مدا وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَمْرو قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة مدت الأَرْض مد الْأَدِيم وَحشر الله الْخَلَائق الإِنس وَالْجِنّ وَالدَّوَاب والوحوش فَإِذا كَانَ ذَلِك الْيَوْم جعل الله

الْقصاص بَين الدَّوَابّ حَتَّى يقْتَصّ للشاة الْجَمَّاء من القرناء بنطحتها فَإِذا فرغ الله من الْقصاص بَين الدَّوَابّ قَالَ لَهَا: كوني تُرَابا فيراها الْكَافِر فَيَقُول: (يَا لَيْتَني كنت تُرَابا) وَأخرج الْحَاكِم بِسَنَد جيد عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تمد الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة مد الْأَدِيم ثمَّ لَا يكون لِابْنِ آدم مِنْهَا إِلَى مَوضِع قَدَمَيْهِ وَأخرج أَبُو الْقَاسِم الْخُتلِي فِي الديباج عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {إِذا السَّمَاء انشقت} الْآيَة قَالَ: أَنا أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة فأجلس جَالِسا فِي قَبْرِي وَإِن الأَرْض تحركت بِي فَقلت لَهَا: مَالك فَقَالَت: إِن رَبِّي أَمرنِي أَن ألقِي مَا فِي جوفي وَأَن أتخلى فَأَكُون كَمَا كنت إِذْ لَا شَيْء فيّ فَذَلِك قَوْله: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وتخلت} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وأذنت لِرَبِّهَا وحقت} قَالَ: سَمِعت وأطاعت وَفِي قَوْله: {وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وتخلت} قَالَ: أخرجت أثقالها وَمَا فِيهَا من الْكُنُوز وَالنَّاس وَفِي قَوْله: {يَا أَيهَا الإِنسان إِنَّك كَادِح إِلَى رَبك كدحاً} قَالَ: عَامل لَهُ عملا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك {يَا أَيهَا الإِنسان إِنَّك كَادِح إِلَى رَبك كدحاً} قَالَ: عَامل إِلَى رَبك عملا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّك كَادِح إِلَى رَبك كدحاً} قَالَ: عَامل عملا {فملاقيه} قَالَ: ملاق عَمَلك وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عاشة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ أحد يُحَاسب إِلَّا هلك فَقلت: أَلَيْسَ الله يَقُول: {فَأَما من أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا} قَالَ: لَيْسَ ذَلِك بِالْحِسَابِ وَلَكِن ذَلِك الْعرض وَمن نُوقِشَ الْحساب هلك

وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عاشة: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي بعض صلَاته: اللَّهُمَّ حاسبني حسابا يَسِيرا فَلَمَّا انْصَرف قلت: يارسول الله مَا الْحساب الْيَسِير قَالَ: أَن ينظر فِي كِتَابه فيتجاوز لَهُ عَنهُ إِنَّه من نُوقِشَ الْحساب هلك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة فِي قَوْله: {فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا} قَالَ: يعرف ذنُوبه ثمَّ يتَجَاوَز لَهُ عَنْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة قَالَت: من حُوسِبَ يَوْم الْقِيَامَة أَدخل الْجنَّة وَقَالَت: {فَأَما من أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا} ثمَّ تلت (يعرف المجرمون بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذ بالنواصي والأقدام) (سُورَة الرَّحْمَن الْآيَة 41) وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: ثَلَاث من كن فِيهِ حَاسبه الله حسابا يَسِيرا وَأدْخلهُ الْجنَّة برحمته: تُعْطِي من حَرمك وَتَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتصل من قَطعك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وينقلب إِلَى أَهله مَسْرُورا} قَالَ: إِلَى أهل لَهُ فِي الْجنَّة وَفِي قَوْله: {وَأما من أُوتِيَ كِتَابه وَرَاء ظَهره} قَالَ: تخلع يَده فتجعل من وَرَاء ظَهره وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن حميد بن هِلَال قَالَ: ذكر لنا أَن الرجل يدعى إِلَى الْحساب يَوْم الْقِيَامَة فَيُقَال: يَا فلَان هَلُمَّ إِلَى الْحساب قَالَ: حَتَّى يَقُول أما يُرَاد غَيْرِي مِمَّا يحضر بِهِ من الْحساب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {يَدْعُو ثبوراً} قَالَ: الويل وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك {إِنَّه كَانَ فِي أَهله مَسْرُورا} قَالَ: فِي الدُّنْيَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَأما من أُوتِيَ كِتَابه وَرَاء ظَهره} قَالَ: تجْعَل شِمَاله وَرَاء ظَهره فَيَأْخُذ بهَا كِتَابه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّه ظن أَن لن يحور} قَالَ: لن يبْعَث وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس {أَن لن يحور} قَالَ: أَن لن يرجع وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {أَن لن يحور} أَن لن يرجع إِلَيْنَا وَأخرج الطستي فِي مسَائِله وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن

قَوْله: {أَن لن يحور} قَالَ: أَن لن يرجع بلغَة الْحَبَشَة يَقُول: أَن لن يرجع بلغَة الْحَبَشَة يَقُول: أَن لن يرجع إِلَى الله فِي الْآخِرَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول لبيد: وَمَا الْمَرْء إِلَّا كالشهاب وضوءه يحور رَمَادا بعد إِذْ هُوَ سَاطِع وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {إِنَّه ظن أَن لن يحور} قَالَ: ألم تسمع الحبشي إِذا قيل لَهُ حر إِلَى أهلك أَي اذْهَبْ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْعَوام بن حَوْشَب قَالَ: قلت لمجاهد: الشَّفق قَالَ: إِن الشَّفق من الشَّمْس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: الشَّفق الْحمرَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَاللَّيْل وَمَا وسق} قَالَ: وَمَا دخل فِيهِ وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَاللَّيْل وَمَا وسق} قَالَ: وَمَا جمع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {وَاللَّيْل وَمَا وسق} يَقُول: مَا أَوَى فِيهِ وَمَا جمع من حَيَاته وعقاربه ودوابه وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {وَمَا وسق} يَقُول: مَا أَوَى فِيهِ وَمَا جمع من حَيَاته وعقاربه ودوابه وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {وَمَا وسق} قَالَ: مَا عمل فِيهِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَالْقَمَر إِذا اتسق} قَالَ: إِذا اسْتَوَى وَأخرج الطستي فِي مسَائِله وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {وَالْقَمَر إِذا اتسق} قَالَ: اتساقه اجتماعه قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول ابْن صرمة: إِن لنا قلائصاً نقانقا مستوسقات لَو يجدن سائقاً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَالْقَمَر إِذا اتسق} قَالَ: إِذا اسْتَدَارَ وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {وَاللَّيْل وَمَا وسق} قَالَ: وَمَا جمع أما سَمِعت قَوْله::

إِن لنا قلائصاً نقانقا مستوسقات لَو يجدن سائقاً وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {وَالْقَمَر إِذا اتسق} قَالَ: لَيْلَة ثَلَاث عشرَة وَأخرج عبد بن حميد عَن عمر بن الْخطاب فِي قَوْله: {لتركبن طبقًا عَن طبق} قَالَ: حَالا بعد حَال وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {لتركبن طبقًا عَن طبق} قَالَ: أمرا بعد أَمر وَأخرج البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس {لتركبن طبقًا عَن طبق} حَالا بعد حَال قَالَ: هَذَا نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج أبي عبيد فِي الْقرَاءَات وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن منيع وَابْن جرير وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {لتركبن طبقًا عَن طبق} يَعْنِي بِفَتْح الْبَاء قَالَ: هَذَا نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَالا بعد حَال وَأخرج أَبُو عبيد فِي القراءت وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن منيع وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {لتركبن طبقًا عَن طبق} يَعْنِي يفتح الْبَاء قَالَ: يَعْنِي نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَالا بعد حَال وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس {لتركبن طبقًا عَن طبق} قَالَ: يَا مُحَمَّد السَّمَاء طبقًا بعد طبق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن مَنْدَه فِي غرائب شُعْبَة وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ {لتركبن طبقًا عَن طبق} قَالَ: لتركبن بِالنّصب يَا مُحَمَّد سَمَاء بعد سَمَاء وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن مَسْعُود {لتركبن طبقًا عَن طبق} يَا مُحَمَّد حَالا بعد حَال وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ {لتركبن طبقًا عَن طبق} يَا مُحَمَّد حَالا بعد حَال وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {لتركبن طبقًا عَن طبق} قَالَ: يَعْنِي السَّمَاء تنقطر ثمَّ تَنْشَق ثمَّ تحمر

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي الْآيَة قَالَ: السَّمَاء تكون ألواناً كَالْمهْلِ وَتَكون وردة كالدهان وَتَكون واهية وتشقق فَتكون حَالا بعد حَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن مَكْحُول فِي قَوْله: {لتركبن طبقًا عَن طبق} قَالَ: فِي كل عشْرين عَاما تحدثون أمرا لم تَكُونُوا عَلَيْهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير {لتركبن طبقًا عَن طبق} قَالَ: قوم كَانُوا فِي الدُّنْيَا خسيساً أَمرهم فَارْتَفعُوا فِي الْآخِرَة وَقوم كَانُوا فِي الدُّنْيَا أشرافاً فاتضعوا فِي الْآخِرَة وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: حَالا بعد حَال بَيْنَمَا صَاحب الدُّنْيَا فِي رخاء إِذْ صَار فِي بلَاء وبينما هُوَ فِي بلَاء إِذْ صَار فِي رخاء وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مَكْحُول فِي قَوْله: {لتركبن طبقًا عَن طبق} قَالَ: تَكُونُونَ فِي كل عشْرين سنة على حَال لم تَكُونُوا على مثلهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة أَنه قَرَأَ {لتركبن طبقًا} بِالنّصب وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء عَن مُجَاهِد أَنه قَرَأَ {لتركبن طبقًا} بِالنّصب وَأخرج عبد بن حميد عَن عصم أَنه قَرَأَ {لتركبن} بِالتَّاءِ وَرفع الْبَاء على الْجِمَاع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالله أعلم بِمَا يوعون} قَالَ: يسرون وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة {بِمَا يوعون} قَالَ: يكتمون وَفِي قَوْله: {لَهُم أجر غير ممنون} قَالَ: غير مَحْسُوب وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {لَهُم أجر غير ممنون} قَالَ: غير مَنْقُوص وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول زُهَيْر: فضل الْجواد على الْخَيل البطاء فَلَا يُعْطي بذلك ممنوناً وَلَا ترفا

85 سُورَة البروج مَكِّيَّة وآياتها ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت {وَالسَّمَاء ذَات البروج} بِمَكَّة وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْعشَاء الْأَخِيرَة بالسماء ذَات البروج وَالسَّمَاء والطارق وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر أَن يقْرَأ بالسموات فِي الْعشَاء وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد والدارمي وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر بن سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الظّهْر وَالْعصر بالسماء والطارق وَالسَّمَاء ذَات البروج وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِمعَاذ: اقْرَأ بهم فِي الْعشَاء ب (سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى) (سُورَة الْأَعْلَى الْآيَة 1) (وَاللَّيْل إِذا يغشى) (سُورَة اللَّيْل الْآيَة 1) {وَالسَّمَاء ذَات البروج}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 11

البروج

أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: البروج قُصُور فِي السَّمَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْأَعْمَش قَالَ: كَانَ أَصْحَاب عبد الله يَقُولُونَ فِي قَوْله: {وَالسَّمَاء ذَات البروج} ذَات الْقُصُور وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {ذَات البروج} قَالَ: النُّجُوم الْعِظَام وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن {وَالسَّمَاء ذَات البروج} فَقَالَ: الْكَوَاكِب وَسُئِلَ عَن {الَّذِي جعل فِي السَّمَاء بروجاً} فَقَالَ: الْكَوَاكِب قيل: فبروج مشيدة فَقَالَ: قُصُور وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَالسَّمَاء ذَات البروج} قَالَ: بروجها نجومها {وَالْيَوْم الْمَوْعُود} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {وَشَاهد ومشهود} قَالَ: يَوْمَانِ عظيمان عظمهما الله من أَيَّام الدُّنْيَا كُنَّا نُحدث أَن الشَّاهِد يَوْم الْقِيَامَة والمشهود يَوْم عَرَفَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَالسَّمَاء ذَات البروج} قَالَ: حبكت بالخلق الْحسن ثمَّ حبكت بالنجوم {وَالْيَوْم الْمَوْعُود} قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة {وَشَاهد ومشهود} قَالَ: الشَّاهِد يَوْم الْجُمُعَة والمشهود يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَالسَّمَاء ذَات البروج} قَالَ: ذَات النُّجُوم {وَشَاهد ومشهود} قَالَ: الشَّاهِد ابْن آدم والمشهود يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَول الله: {وَالْيَوْم الْمَوْعُود وَشَاهد ومشهود} قَالَ: الْيَوْم الْمَوْعُود يَوْم الْقِيَامَة وَالشَّاهِد يَوْم الْجُمُعَة والمشهود يَوْم عَرَفَة وَهُوَ الْحَج الْأَكْبَر فَيوم الْجُمُعَة جعل الله عيداً لمُحَمد وَأمته وفضّلهم بهَا على الْخلق أَجْمَعِينَ وَهُوَ سيد الْأَيَّام عِنْد الله وَأحب الْأَعْمَال فِيهِ إِلَى الله وَفِيه سَاعَة لَا يُوَافِقهَا عبد قَائِم يُصَلِّي يسْأَل الله فِيهَا خيرا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْيَوْم الْمَوْعُود يَوْم الْقِيَامَة وَالْيَوْم الْمَشْهُود يَوْم عَرَفَة وَالشَّاهِد يَوْم الْجُمُعَة وَمَا طلعت الشَّمْس وَلَا غربت على يَوْم أفضل مِنْهُ فِيهِ سَاعَة لَا يُوَافِقهَا عبد مُؤمن يَدْعُو الله بِخَير إِلَّا اسْتَجَابَ الله لَهُ وَلَا يستعيذ بِشَيْء إِلَّا أَعَاذَهُ الله مِنْهُ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه {وَشَاهد ومشهود} قَالَ: الشَّاهِد يَوْم عَرَفَة وَيَوْم الْجُمُعَة والمشهود هُوَ الْمَوْعُود يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ قَالَ: الْيَوْم الْمَوْعُود يَوْم الْقِيَامَة وَالشَّاهِد يَوْم الْجُمُعَة والمشهود يَوْم النَّحْر وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق شُرَيْح بن عبيد عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْيَوْم الْمَوْعُود يَوْم الْقِيَامَة وَالشَّاهِد يَوْم الْجُمُعَة والمشهود يَوْم عَرَفَة وَيَوْم الْجُمُعَة دخره الله لنا وَالصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر وَأخرجه سعيد بن مَنْصُور عَن شُرَيْح بن عبيد مُرْسلا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَشَاهد ومشهود} قَالَ: الشَّاهِد يَوْم الْجُمُعَة والمشهود يَوْم عَرَفَة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا مثله

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن سيد الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ الشَّاهِد والمشهود يَوْم عَرَفَة وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَكْثرُوا عليّ من الصَّلَاة يَوْم الْجُمُعَة فَإِنَّهُ يَوْم مشهود تشهده الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله: {وَشَاهد ومشهود} قَالَ: الشَّاهِد يَوْم الْجُمُعَة والمشهود يَوْم عَرَفَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْحسن بن عَليّ أَن رجلا سَأَلَهُ عَن قَوْله: {وَشَاهد ومشهود} قَالَ: هَل سَأَلت أحدا قبلي قَالَ: نعم سَأَلت ابْن عمروا وَابْن الزبير فَقَالَا: يَوْم الرّيح وَيَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ: لَا وَلَكِن الشَّاهِد مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَرَأَ (إِنَّا أرسلنَا شَاهدا وَمُبشرا) (سُورَة الْأَحْزَاب آيَة 45) (وَجِئْنَا بك شَهِيدا على هَؤُلَاءِ) (سُورَة النَّحْل آيَة 89) والمشهود يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قَرَأَ (ذَلِك يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس) (سُورَة هود الْآيَة 103) (وَذَلِكَ يَوْم مشهود) (سُورَة هود الْآيَة 103) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر من طرق عَن ابْن عَبَّاس {وَالْيَوْم الْمَوْعُود} يَوْم الْقِيَامَة {وَشَاهد ومشهود} قَالَ: الشَّاهِد مُحَمَّد والمشهود يَوْم الْقِيَامَة وتلا (ذَلِك يَوْم مَجْمُوع لَهُ النَّاس) (سُورَة هود الْآيَة 103) (وَذَلِكَ يَوْم مشهود) (سُورَة هود الْآيَة 103) وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الشَّاهِد الله والمشهود يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الشَّاهِد الَّذِي يشْهد على الإِنسان بِعَمَلِهِ والمشهود يَوْم الْقِيَامَة أخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عبد الله بن نجي عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: كَانَ نَبِي أَصْحَاب الْأُخْدُود حَبَشِيًّا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الْحسن عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي قَوْله: {أَصْحَاب الْأُخْدُود} قَالَ: هم الْحَبَشَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود} قَالَ: كَانُوا من النبط وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود} قَالَ: هم نَاس من بني إِسْرَائِيل خددوا أُخْدُودًا فِي الأَرْض ثمَّ أوقدوا فِيهِ نَارا ثمَّ أَقَامُوا على ذَلِك الْأُخْدُود رجَالًا وَنسَاء فعرضوا عَلَيْهَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: الْأُخْدُود شقّ بِنَجْرَان كَانُوا يُعَذبُونَ النَّاس فِيهِ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن نفير قَالَ: كَانَت الْأُخْدُود زمَان تبع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود} قَالَ: هم قوم خددوا فِي الأَرْض ثمَّ أوقدوا فِيهِ نَارا ثمَّ جاؤوا بِأَهْل الإِسلام فَقَالُوا: اكفروا بِاللَّه وَاتبعُوا ديننَا وَإِلَّا ألقيناكم فِي هَذِه النَّار فَاخْتَارُوا النَّار على الْكفْر فَألْقوا فِيهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود} قَالَ: حَدثنَا أَن عَليّ بن أبي طَالب كَانَ يَقُول: هم أنَاس بمدارع الْيمن اقتتل مؤمنوهم وكفارهم فَظهر مؤمنوهم على كفارهم ثمَّ أَخذ بَعضهم على بعض عهوداً ومواثيق لَا يغدر بَعضهم بِبَعْض فغدرهم الْكفَّار فَأَخَذُوهُمْ ثمَّ إِن رجلا من الْمُؤمنِينَ قَالَ: هَل لكم إِلَى خير توقدون نَارا ثمَّ تعرضوننا عَلَيْهِ فَمن

بايعكم على دينكُمْ فَذَلِك الَّذِي تشتهون وَمن لَا اقتحم فاسترحتم مِنْهُ فأججوا لَهُم نَارا وعرضوهم عَلَيْهَا فَجعلُوا يقتحمونها حَتَّى بقيت عَجُوز فَكَأَنَّهَا تلكأت فَقَالَ طِفْل فِي حجرها: امْضِي وَلَا تقاعسي فَقص الله عَلَيْكُم نبأهم وحديثهم فَقَالَ: {النَّار ذَات الْوقُود إِذْ هم عَلَيْهَا قعُود} قَالَ: يَعْنِي بذلك الْمُؤمنِينَ {وهم على مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ} يَعْنِي بذلك الْكفَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {إِن الَّذين فتنُوا الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قَالَ: حرقوا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {إِن الَّذين فتنُوا الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قَالَ: عذبُوا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: كَانَ بعض الْجَبَابِرَة خد أُخْدُودًا فِي الأَرْض وَجعل فِيهَا النيرَان وَعرض الْمُؤمنِينَ على ذَلِك فَمن تَابعه على كفره خلى عَنهُ وَمن أَبى أَلْقَاهُ فِي النَّار فَجعل يلقِي حَتَّى أَتَى على امْرَأَة وَمَعَهَا بني لَهَا صَغِير فَكَأَنَّهَا أنفت النَّار فكلمها الصبيّ فَقَالَ: يَا أمه قَعِي فِي النَّار وَلَا تقاعسي فألقيت فِي النَّار وَالله مَا كَانَت إِلَّا نقطة من نَار حَتَّى أفضوا إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى قَالَ: الْحسن: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَمَا ذكرت أَصْحَاب الْأُخْدُود إِلَّا تعوذت بِاللَّه من جهد الْبلَاء وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن نجي قَالَ: شهِدت عليا وَأَتَاهُ أَسْقُف نَجْرَان فَسَأَلَهُ عَن أَصْحَاب الْأُخْدُود فَقص عَلَيْهِ الْقِصَّة فَقَالَ عليّ: أَنا أعلم بهم مِنْك بعث نَبِي من الْحَبَشَة إِلَى قومه ثمَّ قَرَأَ عَليّ (وَلَقَد أرسلنَا رسلًا من قبلك مِنْهُم من قَصَصنَا عَلَيْك وَمِنْهُم من لم نَقْصُصْ عَلَيْك) (سُورَة غَافِر الْآيَة 78) فَدَعَاهُمْ فتابعه النَّاس فَقَاتلهُمْ فَقتل أَصْحَابه وَأخذ فأوثق فانفلت فأنس إِلَيْهِ رجال يَقُول: اجْتمع إِلَيْهِ رجال فقالتهم فَقتلُوا وَأخذ فأوثق فخدوا أُخْدُودًا فِي الأَرْض وَجعلُوا فِيهِ النيرَان فَجعلُوا يعرضون النَّاس فَمن تبع النَّبِي رمي بِهِ فِيهَا وَمن تَابعهمْ ترك وَجَاءَت امْرَأَة فِي آخر من

جَاءَ مَعهَا صبي لَهَا فَجَزِعت فَقَالَ الصَّبِي: يَا أمه اطمري وَلَا تُمَارِي فَوَقَعت وَأخرج عبد بن حميد عَن سَلمَة بن كهيل قَالَ: ذكرُوا أَصْحَاب الْأُخْدُود عِنْد عليّ فَقَالَ: أما إِن فِيكُم مثلهم فَلَا تكونن أعجز من قوم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: كَانَ الْمَجُوس أهل كتاب وَكَانُوا مستمسكين بِكِتَابِهِمْ وَكَانَت الْخمر قد أحلّت لَهُم فَتَنَاول مِنْهَا ملك من مُلُوكهمْ فغلبته على عقله فَتَنَاول أُخْته أَو ابْنَته فَوَقع عَلَيْهَا فَلَمَّا ذهب عَنهُ السكر نَدم وَقَالَ لَهَا: وَيحك مَا هَذَا الَّذِي أتيت وَمَا الْمخْرج مِنْهُ قَالَت: الْمخْرج مِنْهُ أَن تخْطب النَّاس فَتَقول أَيهَا النَّاس إِن الله قد أحل لكم نِكَاح الْأَخَوَات وَالْبَنَات فَإِذا ذهب ذَا فِي النَّاس وتناسوه خطبتهم فحرمته فَقَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله أحل لكم نِكَاح الْأَخَوَات أَو الْبَنَات فَقَالَ النَّاس جَمَاعَتهمْ: معَاذ الله أَن نؤمن بِهَذَا أَو نقر بِهِ أَو جَاءَنَا بِهِ نَبِي أونزل علينا فِي كتاب فَرجع إِلَى صاحبته فَقَالَ: وَيحك إِن النَّاس قد أَبَوا عليّ ذَلِك قَالَت: إِذا أَبَوا عَلَيْك ذَلِك فابسط فيهم السَّوْط فَبسط فيهم السَّوْط فَأَبَوا أَن يقرُّوا فَرجع إِلَيْهَا فَقَالَ: قد بسطت فيهم السَّوْط فَأَبَوا أَن يقرُّوا قَالَت: فَجرد فيهم السَّيْف فَجرد فيهم السَّيْف فَأَبَوا أَن يقرُّوا قَالَت: خدّ لَهُم الْأُخْدُود ثمَّ أوقد فِيهِ النيرَان فَمن تابعك فخلّ عَنهُ فخدَّ لَهُم أُخْدُودًا وأوقد فِيهِ النيرَان وَعرض أهل مَمْلَكَته على ذَلِك فَمن أَبى قذفه فِي النَّار وَمن لم يأب خلّى عَنهُ فَأنْزل الله فيهم {قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود} إِلَى قَوْله: {وَلَهُم عَذَاب الْحَرِيق} أخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَوْف قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذكر أَصْحَاب الْأُخْدُود تعوذ بِاللَّه من جهد الْبلَاء وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ عَن صُهَيْب قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا صلى الْعَصْر هَمس فَقيل لَهُ: إِنَّك يَا رَسُول الله إِذا صليت الْعَصْر همست فَقَالَ: إِن نَبيا من الْأَنْبِيَاء كَانَ أعجب بأمته فَقَالَ: من يقوم لهَؤُلَاء فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن خَيرهمْ بَين أَن ينْتَقم مِنْهُم وَبَين أَن يُسَلط عَلَيْهِم عدوهم فَاخْتَارُوا النقمَة فَسلط عَلَيْهِم الْمَوْت فَمَاتَ مِنْهُم فِي يَوْم سَبْعُونَ

ألفا قَالَ: وَكَانَ إِذا حدث بِهَذَا الحَدِيث الآخر كَانَ ملك من الْمُلُوك وَكَانَ لذَلِك الْملك كَاهِن يكهن لَهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِك الكاهن: انْظُرُوا إِلَى غُلَاما فهما أَو قَالَ: فطناً لقناً فَأعلمهُ علمي هَذَا فَإِنِّي أَخَاف أَن أَمُوت فَيَنْقَطِع هَذَا الْعلم مِنْكُم وَلَا يكون فِيكُم من يُعلمهُ قَالَ: فنظروا لَهُ على مَا وصف فأمروه أَن يحضر ذَلِك الكاهن وَإِن يخْتَلف إِلَيْهِ فَجعل الْغُلَام يخْتَلف إِلَيْهِ وَكَانَ على طَرِيق الْغُلَام رَاهِب فِي صومعته فَجعل الْغُلَام يسْأَل الراهب كلما مر بِهِ فَلم يزل بِهِ حَتَّى أخبرهُ فَقَالَ: إِنَّمَا أعبد الله فَجعل الْغُلَام يمْكث عِنْد الراهب ويبطئ على الكاهن فَأرْسل الكاهن إِلَى أهل الْغُلَام أَنه لَا يكَاد يحضرني فَأخْبر الْغُلَام الراهب بذلك فَقَالَ لَهُ الراهب: إِذا قَالَ لَك: أَيْن كنت فَقل: عِنْد أَهلِي وَإِذا قَالَ لَك أهلك: أَيْن كنت فَقل: عِنْد الكاهن فَبَيْنَمَا الْغُلَام على ذَلِك إِذْ مر بِجَمَاعَة من النَّاس كَثِيرَة قد حبستهم دَابَّة يُقَال كَانَت أسداً فَأخذ الْغُلَام حجرا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ مَا يَقُول الراهب حَقًا فأسألك أَن أقتل هَذِه الدَّابَّة وَإِن كَانَ مَا يَقُوله: الكاهن حَقًا فأسألك أَن لَا أقتلها ثمَّ رمى فَقتل الدَّابَّة فَقَالَ النَّاس: من قَتلهَا فَقَالُوا: الْغُلَام فَفَزعَ النَّاس وَقَالُوا: قد علم هَذَا الْغُلَام علما لم يُعلمهُ أحد فَسمع أعمى فَجَاءَهُ فَقَالَ لَهُ: إِن أَنْت رددت بَصرِي فلك كَذَا وَكَذَا فَقَالَ الْغُلَام: لَا أُرِيد مِنْك هَذَا وَلَكِن أَرَأَيْت إِن رَجَعَ عَلَيْك بَصرك أتؤمن بِالَّذِي رده عَلَيْك قَالَ: نعم فَدَعَا الله فَرد عَلَيْهِ بَصَره فَآمن الْأَعْمَى فَبلغ الْملك أَمرهم فَبعث إِلَيْهِم فَأتى بهم فَقَالَ: لأقتلن كل وَاحِد مِنْكُم قتلة لَا أقتل بهَا صَاحبه فَأمر بِالرَّاهِبِ وَالرجل الَّذِي كَانَ أعمى فَوضع الْمِنْشَار على مفرق أَحدهمَا فَقتله وَقتل الآخر بقتلة أُخْرَى ثمَّ أَمر بالغلام فَقَالَ: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى جبل كَذَا وَكَذَا فألقوه من رَأسه فَانْطَلقُوا بِهِ إِلَى ذَلِك الْجَبَل فَلَمَّا انْتَهوا بِهِ إِلَى ذَلِك الْمَكَان الَّذِي أَرَادوا أَن يلقوه مِنْهُ جعلُوا يتهافتون من ذَلِك الْجَبَل وتردون حَتَّى لم يبْق مِنْهُم إِلَى الْغُلَام ثمَّ رَجَعَ الْغُلَام فَأمر الْملك أَن ينطلقوا بِهِ إِلَى الْبَحْر فَيُلْقُوهُ فِيهِ فَانْطَلق بِهِ إِلَى الْبَحْر فغرق الله الَّذين كَانُوا مَعَه وأنجاه الله فَقَالَ الْغُلَام للْملك: إِنَّك لَا تقتلني إِلَّا أَن تصلبني وترميني وَتقول: بِسم الله رب الْغُلَام فَأمر بِهِ فصلب ثمَّ رَمَاه وَقَالَ: بِسم الله رب الْغُلَام فَأمر بِهِ فصلب ثمَّ رَمَاه وَقَالَ: بِسم الله رب الْغُلَام فَوضع الْغُلَام يَده على صُدْغه حِين رمي ثمَّ مَاتَ فَقَالَ النَّاس: لقد علم هَذَا الْغُلَام علما مَا علمه أحد فَإنَّا نؤمن بِرَبّ هَذَا الْغُلَام فَقيل للْملك: أجزعت أَن خالفك ثَلَاثَة فَهَذَا

الْعَالم كلهم قد خالفوك قَالَ: فخدّ أُخْدُودًا ثمَّ ألْقى فِيهَا الْحَطب وَالنَّار ثمَّ جمع النَّاس فَقَالَ: من رَجَعَ عَن دينه تَرَكْنَاهُ وَمن لم يرجع ألقيناه فِي هَذِه النَّار فَجعل يُلقيهِمْ فِي تِلْكَ الْأُخْدُود فَقَالَ: يَقُول الله: {قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود النَّار ذَات الْوقُود} حَتَّى بلغ {الْعَزِيز الحميد} فَأَما الْغُلَام فَإِنَّهُ دفن ثمَّ أخرج فيذكر أَنه أخرج فِي زمن عمر بن الْخطاب واصبعه على صُدْغه كَمَا وَضعهَا حِين قتل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه عَن صُهَيْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كَانَ ملك مِمَّن كَانَ قبلكُمْ وَكَانَ لَهُ سَاحر فَلَمَّا كبر السَّاحر قَالَ للْملك: إِنِّي قد كَبرت سني وَحضر أَجلي فادفع إليّ غُلَاما أعلمهُ السحر فَدفع إِلَيْهِ غُلَاما فَكَانَ يُعلمهُ السحر وَكَانَ بَين السَّاحر وَبَين الْملك رَاهِب فَأتى الْغُلَام على الراهب فَسمع من كَلَامه فأعجبه نَحوه وَكَلَامه فَكَانَ إِذا أَتَى على السَّاحر ضربه وَقَالَ: ماحبسك فَإِذا أَتَى أَهله جلس عِنْد الراهب فيبطئ فَإِذا أَتَى أَهله ضربوه وَقَالُوا: ماحبسك فَشَكا ذَلِك إِلَى الراهب فَقَالَ: إِذا أَرَادَ السَّاحر أَن يَضْرِبك فَقل: حَبَسَنِي أَهلِي وَإِذا أَرَادَ أهلك أَن يضربوك فَقل: حَبَسَنِي السَّاحر فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ أَتَى ذَات يَوْم على دَابَّة فظيعة عَظِيمَة قد حبست النَّاس فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يجوزوا فَقَالَ الْغُلَام: الْيَوْم أعلم أَمر الراهب أحب إِلَى الله أم أَمر السَّاحر فَأخذ حجرا فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ أَمر الراهب أحب إِلَيْك وأرضى لَك من أَمر السَّاحر فَاقْتُلْ هَذِه الدَّابَّة حَتَّى يجوز النَّاس فَرَمَاهَا فَقَتلهَا وَمضى النَّاس فَأخْبر الراهب بذلك فَقَالَ: أَي بني أَنْت أفضل مني وَإنَّك ستبتلى فَإِن ابْتليت فَلَا تدل عَليّ وَكَانَ الْغُلَام يُبرئ الأكمه والأبرص وَسَائِر الأدواء ويشفيهم وَكَانَ جليس الْملك قد عمي فَسمع بِهِ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَة فَقَالَ لَهُ: اشفني وَلَك مَا هَهُنَا أجمع فَقَالَ: مَا أشفي أَنا أحدا إِنَّمَا يشفي الله فَإِن آمَنت بِاللَّه دَعَوْت الله فشفاك فَآمن فَدَعَا لَهُ فشفاه ثمَّ أَتَى الْملك فَجَلَسَ مِنْهُ نَحْو مَا كَانَ يجلس فَقَالَ لَهُ الْملك: يَا فلَان من رد عَلَيْك بَصرك قَالَ: رَبِّي قَالَ: أَنا قَالَ: لَا قَالَ: أولك رب غَيْرِي قَالَ: نعم فَلم يزل بِهِ يعذبه حَتَّى دلّ على الْغُلَام فَبعث إِلَيْهِ الْملك فَقَالَ: أَي بني قد بلغ من سحرك أَن تبرئ الأكمه والأبرص وَهَذِه الأدواء قَالَ: مَا أشفي أَنا أحدا مَا يشفي غير الله قَالَ: أَنا قَالَ: لَا قَالَ: وَإِن لَك رَبًّا غَيْرِي قَالَ: نعم رَبِّي وَرَبك

الله فَأَخذه أَيْضا بِالْعَذَابِ فَلم يزل بِهِ حَتَّى دلّ على الراهب فَقَالَ لَهُ: ارْجع عَن دينك فَأبى فَوضع الْمِنْشَار فِي مفرقه حَتَّى وَقع شقاه على الأَرْض وَقَالَ للغلام: ارْجع عَن دينك فَأبى فَبعث بِهِ مَعَ نفر إِلَى جبل كَذَا وَكَذَا وَقَالَ: إِذا بَلغْتُمْ ذروته فَإِن رَجَعَ عَن دينه وَإِلَّا فدهدهوه من فَوْقه فَذَهَبُوا بِهِ فَلَمَّا علوا بِهِ الْجَبَل قَالَ: اللَّهُمَّ اكفنيهم بِمَا شِئْت فَرَجَفَ بهم الْجَبَل فتدهدهوا أَجْمَعِينَ وَجَاء الْغُلَام يتلمس حَتَّى دخل على الْملك فَقَالَ: مَا فعل أَصْحَابك قَالَ: كفانيهم الله فَبعث بِهِ فِي قُرْقُور مَعَ نفر فَقَالَ: إِذا لججتم بِهِ الْبَحْر فَإِن رَجَعَ عَن دينه وَإِلَّا فأغرقوه فلجوا بِهِ الْبَحْر فَقَالَ الْغُلَام: اللَّهُمَّ أكفنيهم بِمَا شِئْت فَغَرقُوا أَجْمَعِينَ وَجَاء الْغُلَام يتلمس حَتَّى دخل على الْملك فَقَالَ: مَا فعل أَصْحَابك قَالَ: كفانيهم الله ثمَّ قَالَ للْملك: إِنَّك لست بِقَاتِلِي حَتَّى تفعل مَا آمُرك بِهِ فَإِن أَنْت فعلت مَا آمُرك بِهِ قتلتني وَإِلَّا فَإنَّك لن تَسْتَطِيع قَتْلِي قَالَ: وَمَا هُوَ قَالَ: تجمع النَّاس فِي صَعِيد ثمَّ تصلبني على جذع وَتَأْخُذ سَهْما من كِنَانَتِي ثمَّ قل بِسم الله رب الْغُلَام فَإنَّك إِذا فعلت ذَلِك قتلتني فَفعل وَوضع السهْم فِي كبد الْقوس ثمَّ رَمَاه وَقَالَ: بِسم الله رب الْغُلَام فَوَقع السهْم فِي صُدْغه فَوضع الْغُلَام يَده على مَوضِع السهْم وَمَات فَقَالَ النَّاس: آمنا بِرَبّ الْغُلَام فَقيل للْملك: أَرَأَيْت مَا كنت تحذر فقد وَالله نزل بك هَذَا من [آمن] النَّاس كلهم فَأمر بأفواه السكَك فخدت فِيهَا الْأُخْدُود وأضرمت فِيهَا النيرَان وَقَالَ: من رَجَعَ عَن دينه فَدَعوهُ وَإِلَّا فاقحموه فِيهَا فَكَانُوا يتقارعون فِيهَا ويتدافعون فَجَاءَت امْرَأَة بِابْن لَهَا صَغِير فَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ أَن تقع فِي النَّار فَقَالَ الصَّبِي: يَا أمه اصْبِرِي فَإنَّك على الْحق الْآيَة 12 - 22

12

أخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قسم {وَالسَّمَاء ذَات البروج} إِلَى قَوْله: {وَشَاهد ومشهود} قَالَ: هَذَا قسم على أَن بَطش رَبك لشديد إِلَى آخرهَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {إِن بَطش رَبك لشديد} قَالَ: هَهُنَا الْقسم {إِنَّه هُوَ يبدئ وَيُعِيد} قَالَ: يبدئ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ {وَهُوَ الغفور الْوَدُود} قَالَ: يود على طَاعَته من أطاعه وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {إِنَّه هُوَ يبدئ وَيُعِيد} قَالَ: يبدئ الْعَذَاب ويعيده وَأخرج عَن ابْن عَبَّاس {إِنَّه هُوَ يبدئ وَيُعِيد} قَالَ: يبدئ الْعَذَاب ويعيده وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحُسَيْن بن وَاقد فِي قَوْله: {وَهُوَ الغفور الْوَدُود} قَالَ: الغفور للْمُؤْمِنين الْوَدُود لأوليائه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {الْوَدُود} قَالَ: الحبيب وَفِي قَوْله: {ذُو الْعَرْش الْمجِيد} قَالَ: الْكَرِيم وَأخرج ابْن جرير عَن أنس قَالَ: إِن اللَّوْح الْمَحْفُوظ الَّذِي ذكره الله فِي الْقُرْآن فِي قَوْله: {بل هُوَ قُرْآن مجيد فِي لوح مَحْفُوظ} فِي جبهة اسرافيل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {فِي لوح مَحْفُوظ} قَالَ: فِي أم الْكتاب وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فِي لوح مَحْفُوظ} قَالَ: أخْبرت أَن لوح الذّكر لوح وَاحِد فِيهِ الذّكر وَإِن ذَلِك اللَّوْح من نور وَإنَّهُ مسيرَة ثَلَاثمِائَة سنة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {مَحْفُوظ} قَالَ: مَحْفُوظ عِنْد الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فِي لوح مَحْفُوظ} قَالَ: فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عبد الله بن بُرَيْدَة {فِي لوح مَحْفُوظ} قَالَ: لوح عِنْد الله وَهُوَ أم الْكتاب وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة بِسَنَد جيد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خلق الله اللَّوْح الْمَحْفُوظ كمسيرة مائَة عَام فَقَالَ للقلم: قبل أَن يخلق اكْتُبْ علمي فِي خلقي فَجرى بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق حَلَال القسلي عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لله لوحاً من زبرجدة خضراء جعله تَحت الْعَرْش وَكتب فِيهِ: إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا خلقت ثَلَاثمِائَة وَبضْعَة عشر خلقا من جَاءَ بِخلق مِنْهَا مَعَ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده وَأَبُو يعلى بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن بَين يَدي الرَّحْمَن تبَارك وَتَعَالَى لوحاً فِيهِ ثَلَاثمِائَة وَخمْس عشرَة شَرِيعَة يَقُول الرَّحْمَن: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يجيئني عبد من عبَادي لَا يُشْرك بِي شَيْئا فِيهِ وَاحِدَة مِنْكُن إِلَّا أدخلته الْجنَّة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لله لوحاً أحد وجهيه ياقوتة وَالْوَجْه الثَّانِي زبرجدة خضراء قلمه النُّور فِيهِ يخلق وَفِيه يرْزق وَفِيه يحيي وَفِيه يُمِيت وَفِيه يعز وَفِيه يفعل مَا يَشَاء فِي كل يَوْم وَلَيْلَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خلق الله لوحاً من درة بَيْضَاء دفتاه من زبرجدة خضراء كِتَابه من نور يلحظ إِلَيْهِ فِي كل يَوْم ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ لَحْظَة يحيي وَيُمِيت ويخلق ويرزق ويعز ويذل وَيفْعل مَا يَشَاء

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 86 سُورَة الطارق مَكِّيَّة وآياتها سبع عشرَة مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - 10

الطارق

أخرج ابْن الضريس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت {وَالسَّمَاء والطارق} بِمَكَّة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالطَّبَرَانِيّ عَن خَالِد العدواني أَنه أبْصر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بسوق ثَقِيف وَهُوَ قَائِم على قَوس أَو عَصا حِين أَتَاهُم يَبْتَغِي النَّصْر عِنْدهم فَسَمعهُ يقْرَأ {وَالسَّمَاء والطارق} حَتَّى خَتمهَا قَالَ: فوعيتها فِي الْجَاهِلِيَّة ثمَّ قرأتها فِي الإِسلام وَأخرج النَّسَائِيّ عَن جَابر قَالَ: صلى معَاذ الْمغرب فَقَرَأَ الْبَقَرَة وَالنِّسَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفتان أَنْت يَا معَاذ أما يَكْفِيك أَن تقْرَأ {وَالسَّمَاء والطارق} {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} سُورَة الشَّمْس الْآيَة 1 وَنَحْو هَذَا أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالسَّمَاء والطارق} قَالَ: أقسم رَبك بالطارق وكل شَيْء طرقك باليل فَهُوَ طَارق وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس {وَالسَّمَاء والطارق}

فَقَالَ: {وَمَا أَدْرَاك مَا الطارق} فَقلت: (فَلَا أقسم بالخنس) (التكوير الْآيَة 15) فَقَالَ: (الْجَوَارِي الكنس) (التكوير الْآيَة 15) فَقلت: (وَالْمُحصنَات من النِّسَاء) (النِّسَاء الْآيَة 24) فَقَالَ: (إِلَّا مَا ملكت أَيْمَانكُم) (النِّسَاء الْآيَة 24) فَقلت: مَا هَذَا فَقَالَ: مَا أعلم مِنْهَا إِلَّا مَا تسمع وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَالسَّمَاء والطارق} قَالَ: وَمَا يطْرق فِيهَا {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} قَالَ: كل نفس عَلَيْهَا حفظَة من الْمَلَائِكَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {النَّجْم الثاقب} قَالَ: النَّجْم المضيء {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} قَالَ: إِلَّا عَلَيْهَا حَافظ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {وَالسَّمَاء والطارق} قَالَ: النَّجْم يخفى بِالنَّهَارِ ويبدو بِاللَّيْلِ {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} قَالَ: حفظ كل نفس عمله وأجله ورزقه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {وَالسَّمَاء والطارق} قَالَ: هُوَ ظُهُور النَّجْم بِاللَّيْلِ يَقُول: يطرقك بِاللَّيْلِ {النَّجْم الثاقب} قَالَ: المضيء {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} قَالَ: مَا كل نفس إِلَّا عَلَيْهَا حَافظ قَالَ: وهم حفظَة يحفظون عَمَلك ورزقك وأجلك فَإِذا توفيته يَا ابْن آدم قبضت إِلَى رَبك وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {النَّجْم الثاقب} قَالَ: الَّذِي يتوهج وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: {النَّجْم الثاقب} الثريا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن خصيف {النَّجْم الثاقب} قَالَ: مِم يثقب من يسترق السّمع وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} مثقلة منصوبه اللَّام أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {فَلْينْظر الإِنسان مِم خلق} قَالَ: هُوَ أَبُو الأشدين كَانَ يقوم على الْأَدِيم فَيَقُول: يَا معشر قُرَيْش من أزالني عَنهُ فَلهُ كَذَا

وَكَذَا وَيَقُول: إِن مُحَمَّدًا يزْعم أَن خَزَنَة جَهَنَّم تِسْعَة عشر فَأَنا أكفيكم وحدي عشرَة واكفوني أَنْتُم تِسْعَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يخرج من بَين الصلب والترائب} قَالَ: صلب الرجل وترائب الْمَرْأَة لَا يكون الْوَلَد إِلَّا مِنْهُمَا وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن أَبْزَى قَالَ: الصلب من الرجل والترائب من الْمَرْأَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {يخرج من بَين الصلب والترائب} قَالَ: مَا بَين الْجيد والنحر وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: الترائب أَسْفَل من التراقي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {والترائب} قَالَ: تربية الْمَرْأَة وَهُوَ مَوضِع القلادة وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: عزَّ وَجل {يخرج من بَين الصلب والترائب} قَالَ: الترائب مَوضِع القلادة من الْمَرْأَة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: والزعفران على ترائبها شرفا بِهِ اللبات والنحر وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {يخرج من بَين الصلب والترائب} قَالَ: صلب الرجل وترائب الْمَرْأَة أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: نظام [] اللُّؤْلُؤ على ترائبها شرفا بِهِ اللبات والنحر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الترائب الصَّدْر وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وعطية وَأبي عِيَاض مثله وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الترائب أَرْبَعَة أضلاع من كل جَانب من أَسْفَل الأضلاع وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْأَعْمَش قَالَ: يخلق الْعِظَام والعصب من مَاء الرجل ويخلق اللَّحْم وَالدَّم من مَاء الْمَرْأَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {يخرج من بَين الصلب والترائب} قَالَ: يخرج من بَين صلبه نَحره {إِنَّه على رجعه لقادر} قَالَ: إِن الله على بَعثه وإعادته لقادر {يَوْم تبلى السرائر} قَالَ: إِن هَذِه السرائر

مختبرة فأسروا خيرا وأعلنوه {فَمَا لَهُ من قُوَّة} يمْتَنع بهَا {وَلَا نَاصِر} ينصره من الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّه على رجعه لقادر} قَالَ: على أَن يَجْعَل الشَّيْخ شَابًّا والشاب شَيخا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {إِنَّه على رجعه لقادر} قَالَ: على رَجَعَ النُّطْفَة فِي الإِحليل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة {إِنَّه على رجعه لقادر} قَالَ: على أَن يرجعه فِي صلبه وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن أَبْزَى قَالَ: على أَن يردهُ نُطْفَة فِي صلب أَبِيه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {إِنَّه على رجعه لقادر} قَالَ: على إحيائه وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن خَيْثَم {يَوْم تبلى السرائر} قَالَ: السرائر الَّتِي تخفين من النَّاس وَهن لله بواد داووهن بدوائهن قيل: وَمَا بدوائهن قَالَ: أَن تتوب ثمَّ لَا تعود وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء فِي قَوْله: {تبلى السرائر} قَالَ: الصَّوْم وَالصَّلَاة وَغسل الْجَنَابَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن يحيى بن أبي كثير مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ضمن الله خلقه أَرْبَعَة الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَصَوْم رَمَضَان وَالْغسْل من الْجَنَابَة وَهن السرائر الَّتِي قَالَ الله {يَوْم تبلى السرائر} الْآيَة 11 - 17

11

أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالسَّمَاء ذَات الرجع} قَالَ: الْمَطَر بعد الْمَطَر {وَالْأَرْض ذَات الصدع} قَالَ: صَدعهَا عَن النَّبَات

وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة وَأبي مَالك وَابْن أَبْزَى وَالربيع بن أنس مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَالسَّمَاء ذَات الرجع} قَالَ: السَّحَاب تمطر ثمَّ ترجع بالمطر {وَالْأَرْض ذَات الصدع} قَالَ: المازم غير الأودية والجروف وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء {وَالسَّمَاء ذَات الرجع} قَالَ: ترجع بالمطر كل عَام {وَالْأَرْض ذَات الصدع} قَالَ: تصدع بالنبات كل عَام وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَالْأَرْض ذَات الصدع} قَالَ: صدع الأودية وَأخرج ابْن مندة والديلمي عَن معَاذ بن أنس مَرْفُوعا {وَالْأَرْض ذَات الصدع} قَالَ: تصدع بِإِذن الله عَن الْأَمْوَال والنبات وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَالسَّمَاء ذَات الرجع} قَالَ: ترجع إِلَى الْعباد برزقهم كل عَام لَوْلَا ذَلِك لهلكوا وَهَلَكت مَوَاشِيهمْ {وَالْأَرْض ذَات الصدع} قَالَ: تصدع عَن النَّبَات وَالثِّمَار كَمَا رَأَيْتُمْ {إِنَّه لقَوْل فصل} قَالَ: قَول حكم {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} قَالَ: مَا هُوَ باللعب {فمهل الْكَافرين أمهلهم رويداً} قَالَ: الرويد الْقَلِيل وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: عزَّ وَجل {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} قَالَ: الْقُرْآن لَيْسَ بِالْبَاطِلِ واللعب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قيس بن رِفَاعَة وَهُوَ يَقُول: وَمَا أَدْرِي وسوف أخال أَدْرِي أهزل ذَا كم أم قَول جد وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} قَالَ: وَمَا هُوَ باللعب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عليّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد: إِن أمتك مُخْتَلفَة بعْدك قلت فَأَيْنَ الْمخْرج يَا جِبْرِيل فَقَالَ: كتاب الله بِهِ يقصم كل جَبَّار من اعْتصمَ بِهِ نجا وَمن تَركه هلك قَول فصل لَيْسَ بِالْهَزْلِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّه لقَوْل فصل} قَالَ: حق {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} قَالَ: بِالْبَاطِلِ وَفِي قَوْله: {أمهلهم رويداً} قَالَ: قَرِيبا

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي قَوْله: {فمهل الْكَافرين أمهلهم رويداً} قَالَ: أمهلهم حَتَّى آمُر بِالْقِتَالِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة والدارمي وَالتِّرْمِذِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن الْحَارِث الْأَعْوَر قَالَ: دخلت الْمَسْجِد فَإِذا النَّاس قد وَقَعُوا فِي الْأَحَادِيث فَأتيت عليّاً فَأَخْبَرته فَقَالَ: أوقد فَعَلُوهَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِنَّهَا سَتَكُون فتْنَة قلت: فَمَا الْمخْرج مِنْهَا يَا رَسُول الله قَالَ: كتاب الله فِيهِ نبأ من قبلكُمْ وَخبر من بعدكم وَحكم مَا بَيْنكُم هُوَ الْفَصْل لَيْسَ بِالْهَزْلِ من تَركه من جَبَّار قصمه الله وَمن ابْتغى الْهدى فِي غَيره أضلّهُ الله وَهُوَ حَبل الله المتين وَهُوَ الذّكر الْحَكِيم وَهُوَ الصِّرَاط الْمُسْتَقيم هُوَ الَّذِي لَا تزِيغ بِهِ الْأَهْوَاء وَلَا تشبع مِنْهُ الْعلمَاء وَلَا تَلْتَبِس مِنْهُ الألسن وَلَا يخلق من الرَّد وَلَا تَنْقَضِي عجائبه هُوَ الَّذِي لم تَنْتَهِ الْجِنّ إِذْ سمعته حَتَّى قَالُوا: (إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا يهدي إِلَى الرشد) من قَالَ بِهِ صدق وَمن حكم بِهِ عدل وَمن عمل بِهِ أجر وَمن دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن جبل قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا الْفِتَن فَعَظَّمَهَا وَشَدَّدَهَا فَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: يَا رَسُول الله فَمَا الْمخْرج مِنْهَا قَالَ: كتاب الله فِيهِ الْمخْرج فِيهِ حَدِيث مَا قبلكُمْ ونبأ مَا بعدكم وَفصل مَا بَيْنكُم من تَركه من جَبَّار يقصمه الله وَمن يَبْتَغِي الْهدى فِي غَيره يضله الله وَهُوَ حَبل الله المتين وَالذكر الْحَكِيم والصراط الْمُسْتَقيم هُوَ الَّذِي لما سمعته الْجِنّ لم تتناه أَن قَالُوا: (إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا يهدي إِلَى الرشد) هُوَ الَّذِي لَا تخْتَلف بِهِ الألسن وَلَا تخلقه كَثْرَة الرَّد

87 سُورَة الْأَعْلَى مَكِّيَّة وآياتها تسع عشرَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 19

الأعلى

أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {سبح} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزلت سُورَة {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت سُورَة {سبح اسْم رَبك} بِمَكَّة وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: أول من قدم علينا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُصعب بن عُمَيْر وَابْن أم مَكْتُوم فَجعلَا يقرئاننا الْقُرْآن ثمَّ جَاءَ عمار وبلال وَسعد ثمَّ جَاءَ عمر بن الْخطاب فِي عشْرين ثمَّ جَاءَ

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا رَأَيْت أهل الْمَدِينَة فرحوا بِشَيْء فَرَحهمْ بِهِ حَتَّى رَأَيْت الولائد وَالصبيان يَقُولُونَ: هَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد جَاءَ فَمَا جَاءَ حَتَّى قَرَأت {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فِي سور مثلهَا وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب هَذِه السُّورَة {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَأخرج أَبُو عبيد عَن تَمِيم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي نسيت أفضل المسبحات فَقَالَ أبيّ بن كَعْب فلعلها {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} قَالَ: نعم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن النُّعْمَان بن بشير أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْعِيدَيْنِ وَيَوْم الْجُمُعَة ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و (هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية) (سُورَة الغاشية الْآيَة 1) وَإِن وَافق يَوْم الْجُمُعَة قرأهما جَمِيعًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة عَن أبي عتبَة الْخَولَانِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْجُمُعَة ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و (هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية) وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْعِيد ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و (هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية) وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة وَالطَّبَرَانِيّ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْعِيدَيْنِ ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و (هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية) وَأخرج الْبَزَّار عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الظّهْر وَالْعصر ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و (هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الظّهْر ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الظّهْر فَلَمَّا سلم قَالَ: هَل قَرَأَ أحد مِنْكُم ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَقَالَ رجل: أَنا قَالَ: قد علمت أَن بَعْضكُم خالجنيها وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (سُورَة الْكَافِرُونَ الْآيَة 1)

وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عاشة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْوتر فِي الرَّكْعَة الأولى ب {سبح} وَفِي الثَّانِيَة (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) وَفِي الثَّالِثَة (قل هُوَ الله أحد) (سُورَة الأخلاص الْآيَة 1) والمعوذتين وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الْوتر ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) و (قل هُوَ الله أحد) وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أنس مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: أمَّ معَاذ قوما فِي صَلَاة الْمغرب فَمر بِهِ غُلَام من الْأَنْصَار وَهُوَ يعْمل على بعير لَهُ فَأطَال بهم معَاذ فَلَمَّا رأى ذَلِك الْغُلَام ترك الصَّلَاة وَانْطَلق فِي طلب بعيره فَرفع ذَلِك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أفتان أَنْت يَا معَاذ أَلا يقْرَأ أحدكُم فِي الْمغرب ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} وَأخرج ابْن ماجة عَن جَابر أَن معَاذ بن جبل صلى بِأَصْحَابِهِ الْعشَاء فطول عَلَيْهِم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقْرَأ (بالشمس وَضُحَاهَا) و {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} {وَاللَّيْل إِذا يغشى} سُورَة اللَّيْل الْآيَة 1 و {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُول الله كَيفَ نقُول فِي سجودنا فَأنْزل الله {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَأمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نقُول فِي سجودنا سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَأخرج ابْن سعد عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: وَفد حضرمي بن عَامر على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَقْرَأُ شَيْئا من الْقُرْآن فَقَرَأَ {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى الَّذِي خلق فسوّى وَالَّذِي قدر فهدى} وَالَّذِي أمتن على الحبلى فَأخْرج مِنْهَا نسمَة تسْعَى بَين شغَاف وحشا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تزيدنّ فِيهَا فَإِنَّهَا شافية كَافِيَة أخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ قَالَ: لما أنزلت (فسبح باسم رَبك الْعَظِيم) (سُورَة الْوَاقِعَة الْآيَة 74) قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجْعَلُوهَا فِي ركوعكم فَلَمَّا نزلت {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودكُمْ

وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَرَأَ {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا قَرَأت {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَقل: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَرَأَ {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَقيل لَهُ: أتزيد فِي الْقُرْآن قَالَ: لَا إِنَّمَا أمرنَا بِشَيْء فقلته وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عنأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَنه قَرَأَ فِي الْجُمُعَة {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: سَمِعت ابْن عمر يقْرَأ / سُبْحَانَ اسْم رَبك الْأَعْلَى / فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى قَالَ: كَذَلِك هِيَ قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عبد الله بن الزبير أَنه قَرَأَ {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَهُوَ فِي الصَّلَاة وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك أَنه كَانَ يقْرؤهَا كَذَلِك وَيَقُول: من قَرَأَهَا فَلْيقل سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا قَرَأَهَا قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عمر أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَالَّذِي قدر فهدى} قَالَ: هدى الإنسن للشقوة والسعادة وَهدى الْأَنْعَام لمراتعها

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم {وَالَّذِي أخرج المرعى} قَالَ: النَّبَات وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَجعله غثاء} قَالَ: هشيماً {أحوى} قَالَ: متغيراً وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَجعله غثاء أحوى} قَالَ: الغثاء الشَّيْء الْبَالِي و {أحوى} قَالَ: أصفر وأخضر وأبيض ثمَّ ييبس حَتَّى يكون يَابسا بعد خضرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَجعله غثاء أحوى} قَالَ: غثاء السَّيْل و {أحوى} قَالَ: أسود قَوْله: تَعَالَى: {سنقرئك فَلَا تنسى} الْآيَات أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سنقرئك فَلَا تنسى} قَالَ: كَانَ يتَذَكَّر الْقُرْآن فِي نَفسه مَخَافَة أَن ينسى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَاهُ جِبْرِيل بِالْوَحْي لم يفرغ جِبْرِيل من الْوَحْي حَتَّى يزمل من ثقل الْوَحْي حَتَّى يتَكَلَّم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بأوله مَخَافَة أَن يغشى عَلَيْهِ فينسى فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: لم تفعل ذَلِك قَالَ مَخَافَة أَن أنسى فَأنْزل الله {سنقرئك فَلَا تنسى إِلَّا مَا شَاءَ الله} فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نسي آيَات من الْقُرْآن لَيْسَ بحلال وَلَا حرَام ثمَّ قَالَ لَهُ جِبْرِيل: إِنَّه لم ينزل على نَبِي قبلك إِلَّا نسي وَإِلَّا رفع بعضه وَذَلِكَ أَن مُوسَى أهبط الله عَلَيْهِ ثَلَاثَة عشر سفرا فَلَمَّا ألْقى الألواح انْكَسَرت وَكَانَت من زمرد فَذهب أَرْبَعَة أسفار وَبَقِي تِسْعَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يستذكر الْقُرْآن فخافة أَن ينساه فَقيل لَهُ: كَفَيْنَاك ذَلِك وَنزلت {سنقرئك فَلَا تنسى} وَأخرج الْحَاكِم عَن سعد بن أبي وَقاص نَحوه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {سنقرئك فَلَا تنسى إِلَّا مَا شَاءَ الله} يَقُول إِلَّا مَا شِئْت أَنا فأنسيك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {سنقرئك فَلَا تنسى إِلَّا مَا شَاءَ الله} قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينسى شَيْئا إِلَّا مَا شَاءَ الله {إِنَّه يعلم الْجَهْر وَمَا يخفى} قَالَ: الوسوسة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {إِنَّه يعلم الْجَهْر وَمَا يخفى} قَالَ: مَا أخفيت فِي نَفسك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ونيسرك لليسرى} قَالَ: للخير وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {سَيذكرُ من يخْشَى ويتجنبها الأشقى} قَالَ: وَالله مَا خشِي الله عبد قطّ إِلَّا ذكره وَلَا يتنكب عبد هَذَا الذّكر زهداً فِيهِ وبغضاً لَهُ ولأهله إِلَّا شقي بَين الأشقياء قَوْله: تَعَالَى: {قد أَفْلح من تزكّى} الْآيَة أخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي قَوْله: {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: من شهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وخلع الأنداد وَشهد أَنِّي رَسُول الله {وَذكر اسْم ربه فصلى} قَالَ: هِيَ الصَّلَوَات الْخمس والمحافظة عَلَيْهَا والاهتمام بمواقيتها وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: من الشّرك {وَذكر اسْم ربه} قَالَ: وحد الله {فصلى} قَالَ: الصَّلَوَات الْخمس وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: من آمن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: من أَكثر الاسْتِغْفَار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: بِعَمَل صَالح

وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه بِسَنَد ضَعِيف عَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَأْمر بِزَكَاة الْفطر قبل أَن يُصَلِّي صَلَاة الْعِيد وَيَتْلُو هَذِه الْآيَة {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى} وَفِي لفظ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن زَكَاة الْفطر قَالَ: {قد أَفْلح من تزكّى} فَقَالَ: هِيَ زَكَاة الْفطر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى} ثمَّ يقسم الْفطْرَة قبل أَن يَغْدُو إِلَى الْمصلى يَوْم الْفطر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: أعْطى صَدَقَة الْفطر قبل أَن يخرج إِلَى الْعِيد {وَذكر اسْم ربه فصلى} قَالَ: خرج إِلَى الْعِيد فصلى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: زَكَاة الْفطر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ أَن عبد الله بن عمر كَانَ يقدم صَدَقَة الْفطر حِين يَغْدُو ثمَّ يَغْدُو وَهُوَ يَتْلُو {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنَّمَا أنزلت هَذِه الْآيَة فِي إِخْرَاج صَدَقَة الْفطر قبل صَلَاة الْعِيد {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قد أَفْلح من تزكّى} الْآيَة قَالَ: إِلْقَاء الْقَمْح قبل الصَّلَاة يَوْم الْفطر فِي الْمصلى وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى} قَالَ: نزلت فِي صَدَقَة الْفطر تزكي ثمَّ تصلي وَأخرج ابْن جرير عَن أبي خلدَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخلت على أبي الْعَالِيَة فَقَالَ لي إِذا غَدَوْت غَدا إِلَى الْعِيد فَمر بِي قَالَ: فمررت بِهِ فَقَالَ: هَل طعمت شَيْئا قلت: نعم قَالَ: فَأَخْبرنِي مَا فعلت زكاتك قلت: قد وجهتها قَالَ: إِنَّمَا

أردتك لهَذَا ثمَّ قَرَأَ {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى} وَقَالَ: إِن أهل الْمَدِينَة لَا يرَوْنَ صَدَقَة أفضل مِنْهَا وَمن سِقَايَة المَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: أدّى زَكَاة الْفطر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن سِيرِين رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: أدّى صَدَقَة الْفطر ثمَّ خرج فصلى بَعْدَمَا أدّى وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قدم الزَّكَاة مَا اسْتَطَعْت يَوْم الْفطر ثمَّ قَرَأَ {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَرَأَيْت قَوْله: {قد أَفْلح من تزكّى} للفطر قَالَ: لم أسمع بذلك وَلَكِن الزَّكَاة كلهَا ثمَّ عاودته فِيهَا فَقَالَ لي: وَالصَّدقَات كلهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {قد أَفْلح من تزكّى} يَعْنِي من مَاله وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: تزكّى رجل من مَاله وتزكى رجل من خلقه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن أبي الْأَحْوَص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رحم الله امْرأ تصدق ثمَّ صلى ثمَّ قَرَأَ {قد أَفْلح من تزكّى} الْآيَة وَلَفظ ابْن أبي شيبَة من اسْتَطَاعَ أَن يقدم بَين يَدي صلَاته صَدَقَة فَلْيفْعَل فَإِن الله يَقُول وَذكر الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْأَحْوَص رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَو أَن الَّذِي يتَصَدَّق بِالصَّدَقَةِ صلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَرَأَ {قد أَفْلح من تزكّى} الْآيَة وَأخرج زيد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي الْأَحْوَص عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا خرج أحدكُم يُرِيد الصَّلَاة فَلَا عَلَيْهِ أَن يتَصَدَّق بِشَيْء لِأَن الله يَقُول: {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى}

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْأَحْوَص رَضِي الله عَنهُ {قد أَفْلح من تزكّى} قَالَ: من رضخ أخرج عبد بن حميد عَن أبن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ / بل تؤثرون الْحَيَاة الدُّنْيَا على الْآخِرَة / وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عرْفجَة الثَّقَفِيّ قَالَ: استقرأت ابْن مَسْعُود {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَلَمَّا بلغ {بل تؤثرون الْحَيَاة الدُّنْيَا} ترك الْقِرَاءَة وَأَقْبل على أَصْحَابه فَقَالَ: آثرنا الدُّنْيَا على الْآخِرَة فَسكت الْقَوْم فَقَالَ: آثرنا الدُّنْيَا لأَنا رَأينَا زينتها ونساءها وطعامها وشرابها وزويت عَنَّا الْآخِرَة فاخترنا هَذَا العاجل وَتَركنَا الآجل وَقَالَ: بل يؤثرون بِالْيَاءِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {خزي فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: اخْتَار النَّاس العاجلة إِلَّا من عصم الله {وَالْآخِرَة خير} فِي الْخَيْر {وَأبقى} فِي الْبَقَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {بل تؤثرون الْحَيَاة الدُّنْيَا} قَالَ: يَعْنِي هَذِه الْأمة وَإِنَّكُمْ ستؤثرون الْحَيَاة الدُّنْيَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا إِلَه إِلَّا الله تمنع الْعباد من سخط الله مَا لم يؤثروا صَفْقَة دنياهم على دينهم فَإِذا آثروا صَفْقَة دنياهم ثمَّ قَالُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله ردَّتْ عَلَيْهَا وَقَالَ الله كَذبْتُمْ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يلقى الله أحد بِشَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ إِلَّا دخل الْجنَّة مَا لم يخلط مَعهَا غَيرهَا رددها ثَلَاثًا قَالَ: قَائِل من قاصية النَّاس: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله: وَمَا يخلط مَعهَا غَيرهَا قَالَ: حب الدُّنْيَا وأثرة لَهَا وجمعا لَهَا ورضا بهَا وَعمل الجبارين وَأخرج أَحْمد عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أحب دُنْيَاهُ أضرّ بآخرته وَمن أحب آخرته أضرَّ بدنياه فآثروا مَا يبْقى على مَا يفنى وَأخرج أَحْمد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الدُّنْيَا

دَار من لَا دَار لَهُ وَمَال من لَا مَال لَهُ لَهَا يجمع من لَا عقل لَهُ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُوسَى بن يسَار رَضِي الله عَنهُ أَنه بلغه أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله جلّ ثَنَاؤُهُ لم يخلق خلقا أبْغض إِلَيْهِ من الدُّنْيَا وَإنَّهُ مُنْذُ خلقهَا لم ينظر إِلَيْهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حب الدُّنْيَا رَأس كل خَطِيئَة أخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى} قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هِيَ كلهَا فِي صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى} قَالَ: نسخت هَذِه السُّورَة من صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَلَفظ سعيد: هَذِه السُّورَة فِي صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه: وَهَذِه السُّورَة وَقَوله: (وَإِبْرَاهِيم الَّذِي وفى) (سُورَة النَّجْم الْآيَة 37) إِلَى آخر السُّورَة من صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ أَن هَذِه السُّورَة فِي صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى مثل مَا نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ {إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى} يَقُول: قصَّة هَذِه السُّورَة فِي الصُّحُف الأولى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى} قَالَ: تَتَابَعَت كتب الله كَمَا تَسْمَعُونَ إِن الْآخِرَة خير وَأبقى وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى} الْآيَة قَالَ: فِي الصُّحُف الأولى إِن الْآخِرَة خير من الدُّنْيَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى} قَالَ: هُوَ الْآيَات وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى} قَالَ: فِي كتب الله كلهَا

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله كم أنزل الله من كتاب قَالَ مائَة كتاب وَأَرْبَعَة كتب أنزل على شِيث خمسين صحيفَة وعَلى ادريس ثَلَاثِينَ صحيفَة وعَلى إِبْرَاهِيم عشر صَحَائِف وعَلى مُوسَى قبل التَّوْرَاة عشر صَحَائِف وَأنزل التَّوْرَاة والإِنجيل وَالزَّبُور وَالْفرْقَان قلت يَا رَسُول الله: فَمَا كَانَت صحف إِبْرَاهِيم قَالَ: أَمْثَال كلهَا أَيهَا الْملك المتسلط المبتلي الْمَغْرُور لم أَبْعَثك لِتجمع الدُّنْيَا بَعْضهَا على بعض وَلَكِن بَعَثْتُك لِترد عني دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنِّي لَا أردهَا لِتجمع الدُّنْيَا بَعْضهَا على بعض وَلَكِن بَعَثْتُك لِترد عني دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنِّي لَا أردهَا وَلَو كَانَت من كَافِر وعَلى الْعَاقِل مَا لم يكن مَغْلُوبًا على عقله أَن يكون لَهُ ثَلَاث سَاعَات سَاعَة يُنَاجِي فِيهَا ربه وَسَاعَة يُحَاسب فِيهَا نَفسه ويتفكر فِيمَا صنع وَسَاعَة يَخْلُو فِيهَا لِحَاجَتِهِ من الْحَلَال فَإِن فِي هَذِه السَّاعَة عوناً لتِلْك السَّاعَات واستجماعاً للقلوب وتفريغاً لَهَا وعَلى الْعَاقِل أَن يكون بَصيرًا بِزَمَانِهِ مُقبلا على شَأْنه حَافِظًا لِلِسَانِهِ فَإِن من حسب كَلَامه من عمله أقل الْكَلَام إِلَّا فِيمَا يعنيه وعَلى الْعَاقِل أَن يكون طَالبا لثلاث مرمة لِمَعَاش أَو تزوّد لِمَعَاد أَو تلذذ فِي غير محرم قلت يَا رَسُول الله: فَمَا كَانَت صحف مُوسَى قَالَ: كَانَت عبرا كلهَا عجبت لمن أَيقَن بِالْمَوْتِ كَيفَ يفرح وَلمن أَيقَن بِالْمَوْتِ ثمَّ يضْحك وَلمن يرى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبهَا بِأَهْلِهَا ثمَّ يطمئن إِلَيْهَا وَلمن أَيقَن بِالْقدرِ ثمَّ ينصب وَلمن أَيقَن بِالْحِسَابِ ثمَّ لَا يعْمل قلت يَا رَسُول الله: هَل أنزل عَلَيْك شَيْء مِمَّا كَانَ فِي صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى قَالَ: يَا أَبَا ذَر نعم {قد أَفْلح من تزكّى وَذكر اسْم ربه فصلى بل تؤثرون الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة خير وَأبقى إِن هَذَا لفي الصُّحُف الأولى صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى} وَأخرج الْبَغَوِيّ فِي مُعْجَمه عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي سُبْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أَبِيه فَسَأَلَهُ عَن أَشْيَاء فَقَالَ: يَا رَسُول الله كم توتر قَالَ: بِثَلَاث رَكْعَات تقْرَأ فِيهَا ب {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (سُورَة الْكَافِرُونَ الْآيَة 1) و (قل هُوَ الله أحد) (سُورَة الْإِخْلَاص الْآيَة 1) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب قَالَ: صَلَاة صلاهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنا الْمغرب فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَفِي الثَّانِيَة: ب (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ)

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 88 سُورَة الغاشية مَكِّيَّة وآياتها سِتّ وَعِشْرُونَ مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الغاشية بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله الْآيَة 1 - 26

الغاشية

وَأخرج مَالك وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن النُّعْمَان بن بشير أَنه سُئِلَ بِمَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْجُمُعَة مَعَ سُورَة الْجُمُعَة قَالَ: {هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية}

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الغاشية الْقِيَامَة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي {هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية} قَالَ: السَّاعَة {وُجُوه يَوْمئِذٍ خاشعة عاملة ناصبة} قَالَ: تعْمل وتنصب فِي النَّار {تسقى من عين آنِية} قَالَ: هِيَ الَّتِي قد طَال أنيها {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الشبرق وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية} قَالَ: حَدِيث السَّاعَة {وُجُوه يَوْمئِذٍ خاشعة} قَالَ: ذليلة فِي النَّار {عاملة ناصبة} قَالَ: تكبرت فِي الدُّنْيَا عَن طَاعَة الله فأعملها وأنصبها فِي النَّار {تسقى من عين آنِية} قَالَ: إِنَاء طبخها مُنْذُ خلق الله السَّمَوَات الأَرْض {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الشبرق شَرّ الطَّعَام وأبشعه وأخبثه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وُجُوه يَوْمئِذٍ} قَالَ: يَعْنِي فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وُجُوه يَوْمئِذٍ خاشعة عاملة ناصبة} قَالَ: يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى تخشع وَلَا ينفعها عَملهَا {تسقى من عين آنِية} قَالَ: تدانى غليانه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم عَن أبي عمرَان الْجونِي قَالَ: مر عمربن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ براهب فَوقف وَنُودِيَ الراهب فَقيل لَهُ: هَذَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَاطلع فَإِذا إِنْسَان بِهِ من الضّر وَالِاجْتِهَاد وَترك الدُّنْيَا فَلَمَّا رَآهُ عمر بَكَى فَقيل لَهُ: إِنَّه نَصْرَانِيّ فَقَالَ: قد علمت وَلَكِنِّي رَحمته ذكرت قَوْله الله {عاملة ناصبة تصلى نَارا حامية} فرحمت نَصبه واجتهاده وَهُوَ فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {عاملة ناصبة} قَالَ: عاملة فِي الدُّنْيَا بِالْمَعَاصِي تنصب فِي النَّار يَوْم الْقِيَامَة {إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الشبرق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {تصلى نَارا حامية} قَالَ: حارة {تسقى من عين آنِية} قَالَ: انْتهى حرهَا {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} يَقُول: من شجر من نَار

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {من عين آنِية} قَالَ: قد أَنى طبخها مُنْذُ خلق الله السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {من عين آنِية} قَالَ: قد بلغت إناها وحان شربهَا وَفِي قَوْله: {إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الشبرق الْيَابِس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {من عين آنِية} قَالَ: انْتهى حرهَا فَلَيْسَ فَوْقه حر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {آنِية} قَالَ: حَاضِرَة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الشبرق الْيَابِس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الضريع بلغَة قُرَيْش فِي الرّبيع الشبرق وَفِي الصَّيف الضريع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الضريع الشبرق شَجَرَة ذَات شوك لاطئة بِالْأَرْضِ وَأخرج ابْن شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الجوزاء قَالَ: الضريع السّلم وَهُوَ الشوك وَكَيف يسمن من كَانَ طَعَامه الشوك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: من حِجَارَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: الزقوم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يلقى على أهل النَّار الْجُوع حَتَّى يعدل مَا هم فِيهِ من الْعَذَاب فَيَسْتَغِيثُونَ بِالطَّعَامِ فَيُغَاثُونَ بِطَعَام {من ضَرِيع لَا يسمن وَلَا يُغني من جوع} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه بسندٍ واهٍ عَن ابْن عَبَّاس {لَيْسَ لَهُم طَعَام إِلَّا من ضَرِيع} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: شَيْء يكون فِي النَّار شبه الشوك أَمر من الصَّبْر وأنتن

من الجيفة وَأَشد حرا من النَّار سَمَّاهُ الله الضريع إِذا طعمه صَاحبه لَا يدْخل الْبَطن وَلَا يرْتَفع إِلَى الْفَم فَيبقى بَين ذَلِك وَلَا يُغني من جوع أخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَ فِي سُورَة الغاشية {متكئين فِيهَا} ناعمين فِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله: {لسعيها راضية} قَالَ: رضيت عَملهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ {لَا تسمع فِيهَا} بِالتَّاءِ وَنصب التَّاء لاغية مَنْصُوبَة منونة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لَا تسمع فِيهَا لاغية} يَقُول: لَا تسمع أَذَى وَلَا بَاطِلا وَفِي قَوْله: {فِيهَا سرر مَرْفُوعَة} قَالَ: بَعْضهَا فَوق بعض {ونمارق} قَالَ: مجَالِس وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {لَا تسمع فِيهَا لاغية} قَالَ: شتماً وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش {لَا تسمع فِيهَا لاغية} قَالَ: مؤذية وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {لَا تسمع فِيهَا لاغية} قَالَ: لَا تسمع فِيهَا بَاطِلا وَلَا مأثماً وَفِي قَوْله: {ونمارق} قَالَ: الوسائد وَفِي قَوْله: {مبثوثة} قَالَ: مبسوطة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {فِيهَا سرر مَرْفُوعَة} قَالَ: مُرْتَفعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ونمارق} قَالَ: الوسائد {وزرابي} قَالَ: الْبسط وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ونمارق} قَالَ: الْمرَافِق وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وزرابي} قَالَ: الْبسط وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {وزرابيّ مبثوثة} قَالَ: بَعْضهَا على بعض وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عمار بن مُحَمَّد قَالَ: صليت خلف

مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر فَقَرَأَ {هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية} فَقَرَأَ فِيهَا {وزرابيّ مبثوثة} متكئين فِيهَا ناعمين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن أبي الْهُذيْل أَن مُوسَى أَو غَيره من الْأَنْبِيَاء قَالَ: يَا رب كَيفَ يكون هَذَا مِنْك أولياؤك فِي الأَرْض حائفون يقتلُون وَيطْلبُونَ فَلَا يُعْطون وأعداؤك يَأْكُلُون مَا شاؤوا وَيَشْرَبُونَ مَا شاؤوا وَنَحْو هَذَا فَقَالَ: انْطَلقُوا بعبدي إِلَى الْجنَّة فَينْظر مَا لم ير مثله قطّ إِلَى أكواب مَوْضُوعَة ونمارق مصفوفة وزرابيّ مبثوثة وَإِلَى الْحور الْعين وَإِلَى الثِّمَار وَإِلَى الخدم كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤ مَكْنُون فَقَالَ: مَا ضرّ أوليائي مَا أَصَابَهُم فِي الدُّنْيَا إِذا كَانَ مصيرهم إِلَى هَذَا ثمَّ قَالَ: انْطَلقُوا بعبدي هَذَا فَانْطَلق بِهِ إِلَى النَّار فَخرج مِنْهَا عنق فَصعِقَ العَبْد ثمَّ أَفَاق فَقَالَ: مَا نفع أعدائي مَا أَعطيتهم فِي الدُّنْيَا إِذا كَانَ مصيرهم إِلَى هَذَا قَالَ: لَا شَيْء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ نَبِي من الْأَنْبِيَاء: اللَّهُمَّ العَبْد من عبيدك يعبدك ويطيعك ويجتنب سخطك تزوي عَنهُ الدُّنْيَا وَتعرض لَهُ الْبلَاء وَالْعَبْد يعبد غَيْرك وَيعْمل بمعاصيك فتعرض لَهُ الدُّنْيَا وتزوي عَنهُ الْبلَاء قَالَ: فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن الْعباد والبلاد لي كل يسبح بحمدي فَأَما عَبدِي الْمُؤمن فَتكون لَهُ سيئات فَإِنَّمَا أعرض لَهُ الْبلَاء وأزوي عَنهُ الدُّنْيَا فَتكون كَفَّارَة لسيئاته وأجزيه إِذا لَقِيَنِي وَأما عَبدِي الْكَافِر فَتكون لَهُ الْحَسَنَات فأزوي عَنهُ الْبلَاء وَأعْرض لَهُ الدُّنْيَا فَيكون جَزَاء لحسناته وأجزيه بسيئاته حِين يلقاني وَالله أعلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: لما نعت الله مَا فِي الْجنَّة عجب من ذَلِك أهل الضَّلَالَة فَأنْزل الله {أَفلا ينظرُونَ إِلَى الإِبل كَيفَ خلقت} وَكَانَت الإِبل عَيْشًا من عَيْش الْعَرَب وخولاً من خولهم {وَإِلَى السَّمَاء كَيفَ رفعت وَإِلَى الْجبَال كَيفَ نصبت} قَالَ: تصعد إِلَى الْجَبَل الصخور عَامَّة يَوْمك فَإِذا أفضت إِلَى أَعْلَاهُ أفضت إِلَى عُيُون منفجرة وأثمار متهدلة لم تغرسه الْأَيْدِي وَلم تعمله النَّاس نعْمَة من الله إِلَى أجل {وَإِلَى الأَرْض كَيفَ سطحت} أَي بسطت يَقُول: إِن الَّذِي خلق هَذَا قَادر على أَن يخلق فِي الْجنَّة مَا أَرَادَ

وَأخرج عبد بن حميد عَن شُرَيْح أَنه كَانَ يَقُول لأَصْحَابه: أخرجُوا بِنَا إِلَى السُّوق فَنظر {إِلَى الإِبل كَيفَ خلقت} أخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله فَإِذا قالوها عصموا مني دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وحسابهم على الله ثمَّ قَرَأَ {فَذكر إِنَّمَا أَنْت مُذَكّر لست عَلَيْهِم بمصيطر} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن جَابر قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لست عَلَيْهِم بمصيطر بالصَّاد وِأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لست عَلَيْهِم بمصيطر} يَقُول: بجبار فَاعْفُ عَنْهُم وأصفح وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {لست عَلَيْهِم بمصيطر} قَالَ: بقاهر أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {لست عَلَيْهِم بمصيطر} قَالَ: كل عبَادي إليّ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {بمصيطر} قَالَ: بمسلط وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {لست عَلَيْهِم بمصيطر} قَالَ: جَبَّار {إِلَّا من تولى وَكفر} قَالَ: حسابه على الله وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي ناسخه عَن ابْن عَبَّاس {لست عَلَيْهِم بمصيطر} نسخ ذَلِك فَقَالَ: (فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (سُورَة التَّوْبَة الْآيَة 5) وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِن إِلَيْنَا إيابهم} قَالَ: مرجعهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء مثله وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: عزَّ وَجل {إِن إِلَيْنَا إيابهم} قَالَ: الإِياب الْمرجع قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أماسمعت عبيد بن الأبرص يَقُول:

وكل ذِي غيبَة يؤوب وغائب الْمَوْت لَا يؤوب وَقَالَ الآخر: فَأَلْقَت عصاها وَاسْتقر بهَا النَّوَى كَمَا قر عينا بالإِياب الْمُسَافِر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {إِن إِلَيْنَا إيابهم} قَالَ: منقلبهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {إِن إِلَيْنَا إيابهم ثمَّ إِن علينا حسابهم} قَالَ: إِلَى الله الإِياب وعَلى الله الْحساب

89 سُورَة الْفجْر مَكِّيَّة وآياتها ثَلَاثُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 13

الفجر

أخرج ابْن الضريس والنحاس فِي ناسخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت {وَالْفَجْر} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزلت {وَالْفَجْر} بِمَكَّة وَأخرج النَّسَائِيّ عَن جَابر قَالَ: أفتان يَا معَاذ أَيْن أَنْت من (سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى) (سُورَة الْأَعْلَى الْآيَة 1) (وَالشَّمْس وَضُحَاهَا) (سُورَة الشَّمْس الْآيَة 1) {وَالْفَجْر} {وَاللَّيْل إِذا يغشى} سُورَة اللَّيْل الْآيَة 1 أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير فِي قَوْله: {وَالْفَجْر} قَالَ: قسم أقسم الله بِهِ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: إِن الله تَعَالَى يقسم بِمَا يَشَاء من خلقه وَلَيْسَ لأحد أَن يقسم إِلَّا بِاللَّه

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالْفَجْر} قَالَ: فجر النَّهَار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وَالْفَجْر} قَالَ: هُوَ الصُّبْح وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وَالْفَجْر} قَالَ: طُلُوع الْفجْر غَدَاة جمع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَالْفَجْر} قَالَ: فجر يَوْم النَّحْر وَلَيْسَ كل فجر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَالْفَجْر} قَالَ: يَعْنِي صَلَاة الْفجْر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالْفَجْر} قَالَ: هُوَ الْمحرم أوّل فجر السّنة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أفضل الصّيام بعد شهر رَمَضَان شهر الله الْمحرم وَأفضل الصَّلَاة بعد الْفَرِيضَة صَلَاة اللَّيْل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن النُّعْمَان قَالَ: أَتَى عليّاً رجل فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخْبرنِي بِشَهْر أصومه بعد رَمَضَان قَالَ: لقد سَأَلت عَن شَيْء مَا سَمِعت أحدا يسْأَل عَنهُ بعد رجل سَأَلَ عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن كنت صَائِما شهرا بعد رَمَضَان فَصم الْمحرم فَإِنَّهُ شهر الله وَفِيه يَوْم تَابَ فِيهِ قوم وَتَابَ فِيهِ على آخَرين وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَالْيَهُود تَصُوم يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ: مَا هَذَا الْيَوْم الَّذِي تصومونه قَالُوا: هَذَا يَوْم عَظِيم أنجى الله فِيهِ مُوسَى وَأغْرقَ فِيهِ آل فِرْعَوْن فصامه مُوسَى شكرا لله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَنحْن أَحَق بمُوسَى مِنْكُم فصامه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمر بصيامه وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الرّبيع بنت معوّذ بن عفراء قَالَت: أرسل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدَاة عَاشُورَاء إِلَى قرى الْأَنْصَار الَّتِي حول الْمَدِينَة من كَانَ أصبح صَائِما فليتم صَوْمه وَمن كَانَ أصبح مُفطرا فليصم بَقِيَّة يَوْمه قَالَت فَكُنَّا بعد

ذَلِك نصومه ونصوّم صبياننا الصغار وَنَذْهَب بهم إِلَى الْمَسْجِد ونجعل لَهُم اللعبة من العهن فَإِذا بَكَى أحدهم على الطَّعَام أعطيناه إِيَّاهَا حَتَّى يكون عِنْد الافطار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتحَرَّى صِيَام يَوْم يَبْتَغِي فَضله على غَيره إِلَّا هَذَا الْيَوْم يَوْم عَاشُورَاء أَو شهر رَمَضَان وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ ليَوْم على يَوْم فضل فِي الصّيام إِلَّا شهر رَمَضَان وَيَوْم عَاشُورَاء وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْأسود بن يزِيد قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا مِمَّن كَانَ بِالْكُوفَةِ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِصَوْم يَوْم عَاشُورَاء من عليّ وَأبي مُوسَى وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حِين صَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَاشُورَاء وَأمر بصيامه قَالُوا: يَا رَسُول الله إِنَّه تعظمه الْيَهُود فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ الْعَام الْمقبل إِن شَاءَ الله صمنا يَوْم التَّاسِع فَلم يَأْتِ الْعَام الْمقبل حَتَّى توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صُومُوا يَوْم عَاشُورَاء وخالفوا فِيهِ الْيَهُود صُومُوا قبله يَوْمًا وَبعده يَوْمًا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَئِن بقيت لآمرن بصيام يَوْم قبله أَو بعده يَوْم عَاشُورَاء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خالفوا الْيَهُود وصوموا التَّاسِع والعاشر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي جبلة قَالَ: كنت مَعَ ابنشهاب فِي سفر فصَام يَوْم عَاشُورَاء فَقيل لَهُ: تَصُوم يَوْم عَاشُورَاء فِي السّفر وَأَنت تفطر فِي رَمَضَان قَالَ: إِن رَمَضَان لَهُ عدَّة من أَيَّام أخر وَإِن عَاشُورَاء يفوت وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: يَوْم عَاشُورَاء يَوْم تعظمه الْيَهُود وتتخذه عيدا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صوموه أَنْتُم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَوْم عَاشُورَاء يَوْم كَانَت تصومه الْأَنْبِيَاء فصوموه أَنْتُم

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من وسع على أَهله يَوْم عَاشُورَاء وسع الله عَلَيْهِ طول سنته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من وسع على عِيَاله يَوْم عَاشُورَاء وسع الله عَلَيْهِ فِي سَائِر سنته وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من وسع على أَهله يَوْم عَاشُورَاء وسع الله عَلَيْهِ سَائِر سنته وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من وسع على عِيَاله وَأَهله يَوْم عَاشُورَاء وسع الله عَلَيْهِ سَائِر سنته قَالَ الْبَيْهَقِيّ: أسانيدها وَإِن كَانَت ضَعِيفَة فَهِيَ إِذا ضم بَعْضهَا إِلَى بعض أحدثت قوّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْمُنْتَشِر قَالَ: كَانَ يُقَال: من وسع على عِيَاله يَوْم عَاشُورَاء لم يزَالُوا فِي سَعَة من رزقهم سَائِر سنتهمْ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عُرْوَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من اكتحل بالإِثمد يَوْم عَاشُورَاء لم يرمد أبدا أخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: {وَالْفَجْر وليال عشر وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: إِن الْعشْر عشر الْأَضْحَى وَالْوتر يَوْم عَرَفَة وَالشَّفْع يَوْم النَّحْر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وليال عشر} قَالَ: عشرَة الْأَضْحَى وَفِي لفظ قَالَ: هِيَ لَيَال الْعشْر الأول من ذِي الْحجَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن سعد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير فِي قَوْله: {وليال عشر} قَالَ: أول ذِي الْحجَّة إِلَى يَوْم النَّحْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن مَسْرُوق فِي قَوْله: {وليال عشر} قَالَ: هِيَ عشر الْأَضْحَى هِيَ أفضل أَيَّام السّنة

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وليال عشر} قَالَ: عشر ذِي الْحجَّة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم فِي قَوْله: {وليال عشر} قَالَ: عشر الْأَضْحَى أقسم بِهن لفضلهن على سَائِر الْأَيَّام وَأخرج عبد بن حميد عَن مَسْرُوق {وليال عشر} قَالَ: عشر الْأَضْحَى وَهِي الَّتِي وعد الله مُوسَى قَوْله: (وأتممناها بِعشر) (سُورَة الْأَعْرَاف الْآيَة 142) وَأخرج عبد بن حميد عَن طَلْحَة بن عبيد الله أَنه دخل على ابْن عمر هُوَ وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن فَدَعَاهُمْ ابْن عمر إِلَى الْغَدَاء يَوْم عَرَفَة فَقَالَ أَبُو سَلمَة: أَلَيْسَ هَذِه اللَّيَالِي الْعشْر الَّتِي ذكر الله فِي الْقُرْآن فَقَالَ ابْن عمر: وَمَا يدْريك قَالَ: مَا أَشك قَالَ: بلَى فاشك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَطِيَّة فِي قَوْله: {وَالْفَجْر} قَالَ: هَذَا الَّذِي تعرفُون {وليال عشر} قَالَ: عشر الْأَضْحَى {وَالشَّفْع} قَالَ: يَقُول الله: (وخلقناكم أَزْوَاجًا) (سُورَة النبأ الْآيَة 8) {وَالْوتر} قَالَ الله: قيل هَل تروي هَذَا عَن أحد من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: نعم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج البُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من أَيَّام فِيهِنَّ الْعَمَل أحب إِلَى الله عز وَجل أفضل من أَيَّام الْعشْر قيل يَا رَسُول الله: وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله قَالَ: وَلَا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله إِلَّا رجل جَاهد فِي سَبِيل الله بِمَالِه وَنَفسه فَلم يرجع من ذَلِك بِشَيْء وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من أَيَّام أفضل عِنْد الله وَلَا أحب إِلَيْهِ الْعَمَل فِيهِنَّ من أَيَّام الْعشْر فَأَكْثرُوا فِيهِنَّ من التهليل وَالتَّكْبِير والتحميد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: بَلغنِي أَن الْعَمَل فِي الْيَوْم من أَيَّام الْعشْر كَقدْر

غَزْوَة فِي سَبِيل الله يصام نَهَارهَا ويحرس لَيْلهَا إِلَّا أَن يخْتَص امْرُؤ بِشَهَادَة قَالَ: الْأَوْزَاعِيّ: حَدثنِي بِهَذَا الحَدِيث رجل من بني مَخْزُوم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق هنيدة بن خَالِد عَن امْرَأَته عَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَصُوم تسع ذِي الْحجَّة وَيَوْم عَاشُورَاء وَثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر أول اثْنَيْنِ من الشَّهْر وخميسين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من أَيَّام من أَيَّام الدُّنْيَا الْعَمَل فِيهَا أحب إِلَى الله من أَن يتعبد لَهُ فِيهَا من أَيَّام الْعشْر يعدل صِيَام كل يَوْم مِنْهَا بصيام سنة وَقيام كل لَيْلَة بِقِيَام لَيْلَة الْقدر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا من أَيَّام أفضل عِنْد الله وَلَا الْعَمَل فِيهِنَّ أحب إِلَى الله عز وَجل من هَذِه الْأَيَّام الْعشْر فَأَكْثرُوا فِيهِنَّ من التهليل وَالتَّكْبِير فَإِنَّهَا أَيَّامًا التهليل وَالتَّكْبِير وَذكر الله وَإِن صِيَام يَوْم مِنْهَا يعدل بصيام سنة وَالْعَمَل فِيهِنَّ يُضَاعف بسبعمائة ضعف وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وليال عشر} قَالَ: هِيَ الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان وَأخرج مُحَمَّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن أبي عُثْمَان قَالَ: كَانُوا يعظمون ثَلَاث عشرات الْعشْر الأول من الْمحرم وَالْعشر الأول من ذِي الْحجَّة وَالْعشر الْأَخير من رَمَضَان وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الشفع وَالْوتر فَقَالَ: هِيَ الصَّلَاة بَعْضهَا شفع وَبَعضهَا وتر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن عمرَان بن حُصَيْن {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة مِنْهَا شفع وَمِنْهَا وتر وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: إِن من الصَّلَاة شفعاً وَإِن مِنْهَا وترا قَالَ: قَالَ الْحسن: هوالعدد مِنْهُ شفع وَمِنْه وتر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: ذَلِك صَلَاة الْمغرب الشفع الركعتان وَالْوتر الرَّكْعَة الثَّالِثَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس مثله

وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: أقسم رَبنَا بِالْعدَدِ كُله الشفع مِنْهُ وَالْوتر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: الشفع الزَّوْج والوترالفرد وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: كل شَيْء شفع فَهُوَ اثْنَان وَالْوتر وَاحِد وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن مُجَاهِد {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: الْخلق كُله شفع ووتر فأقسم بالخلق وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: الله الْوتر وَأَنْتُم الشفع وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: كل خلق الله شفع السَّمَاء وَالْأَرْض وَالْبر وَالْبَحْر والإِنس وَالْجِنّ وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَنَحْو هَذَا شفع وَالْوتر الله وَحده وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: الله الْوتر وخلقه الشفع الذّكر وَالْأُنْثَى وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: الشفع آدم وحواء وَالْوتر الله وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق اسماعيل عَن أبي صَالح {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: خلق الله من كل زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَالله وتر وَاحِد صَمد قَالَ اسماعيل: فَذكرت ذَلِك لِلشَّعْبِيِّ فَقَالَ: كَانَ مَسْرُوق يَقُول ذَلِك وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: من قَالَ فِي دبر كل صَلَاة وَإِذا أَخذ مضجعه الله أكبر عدد الشفع وَالْوتر وَعدد كَلِمَات الله التامات الطَّيِّبَات المباركات ثَلَاثًا وَلَا إِلَه إِلَّا الله مثل ذَلِك كن لَهُ فِي قَبره نورا وعَلى الجسر نورا وعَلى الصِّرَاط نورا حَتَّى يدْخل الْجنَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أَيُّوب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن الشفع وَالْوتر فَقَالَ: يَوْمَانِ وَلَيْلَة يَوْم عَرَفَة وَيَوْم النَّحْر وَالْوتر لَيْلَة النَّحْر لَيْلَة جمع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: هِيَ أَيَّام نسك عَرَفَة والأضحى هما للشفع وَلَيْلَة الْأَضْحَى هِيَ الْوتر

وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الشفع اليومان وَالْوتر الْيَوْم الثَّالِث وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير أَنه سُئِلَ عَن الشفع وَالْوتر فَقَالَ: الشفع قَول الله: (فَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْم عَلَيْهِ) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 203) وَالْوتر الْيَوْم الثَّالِث وَفِي لفظ الشفع أَوسط التَّشْرِيق وَالْوتر آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس {وَالشَّفْع وَالْوتر} قَالَ: الشفع يَوْم النَّحْر وَالْوتر يَوْم عَرَفَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: عَرَفَة وتر وَيَوْم النَّحْر شفع عَرَفَة يَوْم التَّاسِع والنحر يَوْم الْعَاشِر وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الشفع يَوْم النَّحْر وَالْوتر يَوْم عَرَفَة أقسم الله بهما لفضلهما على الْعشْر أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَاللَّيْل إِذا يسر} قَالَ: إِذا ذهب وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الزبير {وَاللَّيْل إِذا يسر} قَالَ: إِذا سَار وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَاللَّيْل إِذا يسر} قَالَ: إِذا سَار وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {وَاللَّيْل إِذا يسر} قَالَ: لَيْلَة جمع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ أَنه قيل لَهُ: مَا {وَاللَّيْل إِذا يسر} قَالَ: هَذِه الإِفاضة اسر يَا ساري وَلَا تبيتن إِلَّا بِجمع أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ {وَالْفَجْر} إِلَى قَوْله: {إِذا يسر} قَالَ: هَذَا قسم على أَن رَبك لبالمرصاد

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قسم لذِي حجر} قَالَ: لذِي حجا وعقل وَنهى وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَالضَّحَّاك مثله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {لذِي حجر} قَالَ: لذِي حلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك {لذِي حجر} قَالَ: ستر من النَّار وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن السّديّ فِي قَوْله: {لذِي حجر} قَالَ: لذِي لب قَالَ الْحَارِث بن ثَعْلَبَة: وَكَيف رجائي أَن أَتُوب وَإِنَّمَا يُرْجَى من الفتيان من كَانَ ذَا حجر أخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ألم ترَ كَيفَ فعل رَبك بعاد إرم} قَالَ: يَعْنِي بالإِرم الْهَالِك أَلا ترى أَنَّك تَقول: إرم بَنو فلَان {ذَات الْعِمَاد} يَعْنِي طولهم مثل الْعِمَاد وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {بعاد إرم} قَالَ: الْقَدِيمَة {ذَات الْعِمَاد} قَالَ: أهل عَمُود لَا يُقِيمُونَ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إرم} قَالَ: أمة {ذَات الْعِمَاد} قَالَ: كَانَ لَهَا جسم فِي السَّمَاء وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي قَوْله: بعماد إرم قَالَ: عَاد بن إرم نسبهم إِلَى أَبِيهِم الْأَكْبَر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن إرم قَبيلَة من عَاد كَانَ يُقَال لَهُم ذَات الْعِمَاد كَانُوا أهل عَمُود {الَّتِي لم يخلق مثلهَا فِي الْبِلَاد} قَالَ: ذكر لنا أَنهم كَانُوا اثْنَي عشر ذِرَاعا طولا فِي السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْمِقْدَام بن معد يكرب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر {إرم ذَات الْعِمَاد} فَقَالَ: كَانَ الرجل مِنْهُم يَأْتِي إِلَى الصَّخْرَة فيحملها على كَاهِله فيلقيها على أَي حَيّ أرد فيهلكهم

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: ارْمِ هِيَ دمشق وَأخرج ابْن جرير وَعبد بن حميد وَابْن عَسَاكِر عَن سعيد المَقْبُري مثله وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن الْمسيب مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن خَالِد الربعِي مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: إرم هِيَ الاسكندرية وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: الإِرم هِيَ الْهَلَاك إِلَّا ترى أَنه يُقَال: أرمَّ بَنو فلَان أَي هَلَكُوا قَالَ ابْن حجر: هَذَا التَّفْسِير على قِرَاءَة شَاذَّة أرمَّ بِفتْحَتَيْنِ وَتَشْديد الرَّاء على أَنه فعل مَاض {وَذَات} بِفَتْح التَّاء مَفْعُوله أَي أهلك الله ذَات الْعِمَاد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن حَوْشَب {إرم} قَالَ رمهم رماً فجعلهم رمماً وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {ذَات الْعِمَاد} ذَات الشدَّة والقوّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عَبَّاس فِي قَوْله: {جابوا الصخر بالواد} قَالَ: كَانُوا ينحتون من الْجبَال بُيُوتًا {وَفرْعَوْن ذِي الْأَوْتَاد} قَالَ: الْأَوْتَاد الْجنُود الَّذين يشيدون لَهُ أمره وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {جابوا الصخر} قَالَ نقبوا الْحِجَارَة فِي الْجبَال فاتخذوها بُيُوتًا قَالَ: وَهل تعرف ذَلِك الْعَرَب قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أُميَّة: وشق أبصارنا كَيْمَا نَعِيش بهَا وجاب للسمع أصماخاً وآذاناً وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {جابوا الصخر} قَالَ: حرقوا الْجبَال فجعلوها بُيُوتًا {وَفرْعَوْن ذِي الْأَوْتَاد} قَالَ: كَانَ يتد النَّاس بالأوتاد {فصب عَلَيْهِم رَبك سَوط عَذَاب} قَالَ: مَا عذبُوا بِهِ وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {ذِي الْأَوْتَاد} قَالَ: وتد فِرْعَوْن لأمرأته أَرْبَعَة أوتاد ثمَّ جعل على ظهرهَا رحى عَظِيمَة حَتَّى مَاتَت

وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير {وَفرْعَوْن ذِي الْأَوْتَاد} قَالَ: كَانَ يَجْعَل رجلا هُنَا وَرِجَال هُنَا ويداً هُنَا ويداً هُنَا بالأوتاد وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: إِنَّمَا سمي فِرْعَوْن ذَا الْأَوْتَاد لِأَنَّهُ كَانَ يَبْنِي لَهُ المنابر يذبح عَلَيْهَا النَّاس وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: كَانَ يعذب بالأوتاد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ فِرْعَوْن إِذا أَرَادَ أَن يقتل أحدا ربطه بأَرْبعَة أوتاد على صَخْرَة ثمَّ أرسل عَلَيْهِ صَخْرَة من فَوْقه فشدخه وَهُوَ ينظر إِلَيْهَا قد ربط بِكُل يَد مِنْهَا قَائِمَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَفرْعَوْن ذِي الْأَوْتَاد} قَالَ: ذِي الْبناء قَالَ: وَحدثنَا عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَت لَهُ مظال يلْعَب تحتهَا وأوتاد كَانَت تضرب لَهُ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ فِي قَوْله: {فَأَكْثرُوا فِيهَا الْفساد} قَالَ: بِالْمَعَاصِي {فصب عَلَيْهِم رَبك سَوط عَذَاب} قَالَ: رَجَعَ عَذَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة قَالَ: كل شَيْء عذب الله بِهِ فَهُوَ سَوط عَذَاب الْآيَة 14 - 30

14

أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَوْله: {إِن رَبك لبالمرصاد} قَالَ: يسمع وَيرى وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {إِن رَبك لبالمرصاد} قَالَ: بمرصاد أَعمال بني آدم وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {وَالْفَجْر} قَالَ: قسم وَفِي قَوْله: {إِن رَبك لبالمرصاد} من وَرَاء الصِّرَاط جسور: جسر عَلَيْهِ الْأَمَانَة وجسر عَلَيْهِ الرَّحِم وجسر عَلَيْهِ الرب عزّ وجلّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نصر السجْزِي فِي الإِبانة عَن الضَّحَّاك قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يَأْمر الرب بكرسيه فَيُوضَع على النَّار فيستوي عَلَيْهِ ثمَّ يَقُول: أَنا الْملك الديَّان وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يتَجَاوَز الْيَوْم ذُو مظْلمَة بظلامته وَلَو ضَرْبَة بيد فَذَلِك قَوْله: {أَن رَبك لبالمرصاد} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سَلام بن أبي الْجَعْد فِي قَوْله: {إِن رَبك لبالمرصاد} قَالَ: إِن لِجَهَنَّم ثَلَاث قناطر: قنطرة فِيهَا الْأَمَانَة وقنطرة فِيهَا الرَّحِم وقنطرة فِيهَا لرب تبَارك وَتَعَالَى وَهِي المرصاد لَا ينجو مِنْهَا إِلَّا ناجٍ فَمن نجا من ذَلِك لم ينج من هَذِه وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن قيس قَالَ: بَلغنِي أَن على جَهَنَّم ثَلَاث قناطر: قنطرة عَلَيْهَا الْأَمَانَة إِذا مروا بهَا تَقول يَا رب هَذَا أَمِين هَذَا خائن وقنطرة عَلَيْهَا الرَّحِم إِذا مروا بهَا تَقول يَا رب هَذَا وَاصل يَا رب هَذَا قَاطع وقنطرة عَلَيْهَا الرب {إِن رَبك لبالمرصاد} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أَيفع بن عبد الكلَاعِي قَالَ: إِن لِجَهَنَّم سبع قناطر والصراط عَلَيْهِنَّ فَيحْبس الْخَلَائق عِنْد القنطرة الأولى فَيَقُول: قفوهم إِنَّهُم مسؤلون فيحاسبون على الصَّلَاة ويسألون عَنْهَا فَيهْلك فِيهَا من هلك وينجو من نجا فَإِذا بلغُوا القنطرة الثَّانِيَة حوسبوا على الْأَمَانَة كَيفَ أدوها وَكَيف خانوها فَيهْلك من هلك ينجو من نجا فَإِذا بلغُوا القنطرة الثَّالِثَة سئلوا عَن الرَّحِم كَيفَ وصلوها وَكَيف قطعوها فَيهْلك من هلك وينجو من نجا وَالرحم يَوْمئِذٍ متدلية إِلَى الْهوى فِي جَهَنَّم تَقول: اللَّهُمَّ من وصلني فَصله وَمن قطعني فاقطعه وَهِي الَّتِي يَقُول الله: {إِن رَبك لبالمرصاد}

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَفعه: إِن فِي جَهَنَّم جِسْرًا لَهُ سبع قناطر على أوسطه الْقَضَاء فيجاء بِالْعَبدِ حَتَّى إِذا انْتهى إِلَى القنطرة الْوُسْطَى قيل لَهُ: مَاذَا عَلَيْك من الدُّيُون وتلا هَذِه الْآيَة (وَلَا يكتمون الله حَدِيثا) (سُورَة النِّسَاء الْآيَة 42) فَيَقُول: رب عَليّ كَذَا وَكَذَا فَيُقَال لَهُ: اقْضِ دينك فَيَقُول: مَالِي شَيْء فَيُقَال: خُذُوا من حَسَنَاته فَلَا يزَال يُؤْخَذ من حَسَنَاته حَتَّى مَا يبْقى لَهُ حَسَنَة فَيُقَال: خُذُوا من سيئات من يَطْلُبهُ فَرَكبُوا عَلَيْهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مقَاتل بن سُلَيْمَان قَالَ: أقسم الله {إِن رَبك لبالمرصاد} يَعْنِي الصِّرَاط وَذَلِكَ أَن جسر جَهَنَّم عَلَيْهِ سبع قناطر على كل قنطرة مَلَائِكَة قيام وُجُوههم مثل الْجَمْر وأعينهم مثل الْبَرْق يسْأَلُون النَّاس فِي أول قنطرة عَن الإِيمان وَفِي الثَّانِيَة يَسْأَلُونَهُمْ عَن الصَّلَوَات الْخمس وَفِي الثَّالِثَة يَسْأَلُونَهُمْ عَن الزَّكَاة وَفِي الرَّابِعَة يَسْأَلُونَهُمْ عَن شهر رَمَضَان وَفِي الْخَامِسَة يَسْأَلُونَهُمْ على الْحَج وَفِي السَّادِسَة يَسْأَلُونَهُمْ عَن الْعمرَة وَفِي السَّابِعَة يَسْأَلُونَهُمْ عَن الْمَظَالِم فَمن أَتَى بِمَا سُئِلَ عَنهُ كَمَا أَمر جَازَ على الصِّرَاط والا حبس فَذَلِك قَوْله: {إِن رَبك لبالمرصاد} أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {فَأَما الإِنسان} الْآيَة قَالَ: كلا اكذبتهما جَمِيعًا مَا بالغنى أكرمك وَلَا بالفقر أَهَانَك ثمَّ أخْبرك بِمَا يهين {عائلا فأغنى فَأَما الْيَتِيم} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: ظن كَرَامَة الله فِي المَال وَهُوَ أَنه فِي قلته وَكذب إِنَّمَا يكرم بِطَاعَتِهِ ويهين بمعصيته من أهان وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {فَقدر عَلَيْهِ رزقه} قَالَ: ضيقه عَلَيْهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ / بل لَا يكرمون الْيَتِيم وَلَا يحضون / بِالْيَاءِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن {وتأكلون التراث} قَالَ: الْمِيرَاث {أكلا لما} قَالَ: نصِيبه وَنصِيب صَاحبه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أكلا لمّاً} قَالَ: سفاً وَفِي قَوْله: {حبّاً جمّاً} قَالَ: شَدِيدا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أكلا لمّاً} قَالَ: أكلا شَدِيدا وأخرح الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {حبا جمّاً} قَالَ: كثيرا قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول أُميَّة بن خلف: إِن تغْفر اللَّهُمَّ تغْفر جما وأيّ عبد لَك لَا ألمّا وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة بن عبد الله الْمُزنِيّ فِي قَوْله: {وتأكلون التراث أكلا لمّاً} قَالَ: اللم الاعتداء فِي الْمِيرَاث يَأْكُل مِيرَاثه وميراث غَيره وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وتأكلون التراث} قَالَ: الْمِيرَاث {أكلا لما} قَالَ: شَدِيدا {وتحبون المَال حبّاً جمّاً} قَالَ: شَدِيدا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {أكلا لمّاً} قَالَ: اللم اللف وَفِي قَوْله: {حبا جمّاً} قَالَ: الجم الْكثير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله: {أكلا لمّاً} قَالَ: من طيب أَو خَبِيث وَفِي قَوْله: {حبا جمّاً} قَالَ: فَاحِشا وَأخرج عبد بن حميد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وتأكلون التراث} الْآيَة قَالَ: يَأْكُل نَصِيبي ونصيبك وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وتأكلون التراث} الْآيَة قَالَ: كَانُوا لَا يورثون النِّسَاء وَلَا يورثون الصغار وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي الْآيَة قَالَ: الْأكل اللمّ الَّذِي يلم كل شَيْء يجده لَا يسْأَل عَنهُ يَأْكُل الَّذِي لَهُ وَالَّذِي لصَاحبه لَا يدْرِي أحلالاً أم حَرَامًا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي قَوْله: {وتحبون المَال حبّاً جمّاً} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَمَال وَارثه أحب إِلَيْهِ من مَاله قَالُوا يَا رَسُول الله: مَا منا أحد إِلَّا وَمَاله أحب إِلَيْهِ من مَال وَارثه قَالَ: لَيْسَ لَك من مَالك إِلَّا مَا أكلت فأفنيت أَو لبست فأبليت أَو أَعْطَيْت فأمضيت

وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {كلا بل لَا تكرمون الْيَتِيم} بِالتَّاءِ وَرفع التَّاء {وَلَا تحاضون} ممدودة مَنْصُوبَة التَّاء بِالْألف غير مَهْمُوزَة {وتأكلون التراث} بِالتَّاءِ {أكلا لمّاً} مثقلة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ / كلا بل لَا يكرمون الْيَتِيم وَلَا يحضون على طَعَام الْمِسْكِين ويأكلون التراث أكلا لمّاً وَيُحِبُّونَ المَال حبّاً جمّاً / الْأَرْبَعَة بِالْيَاءِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ كلا بل لَا يكرمون الْيَتِيم وَلَا يحضون على طَعَام الْمِسْكِين إِلَى قَوْله: وَيُحِبُّونَ المَال بِالْيَاءِ كلهَا أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِذا دكت الأَرْض دكاً دكاً} قَالَ: تحريكها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: تحمل الأَرْض وَالْجِبَال فيدك بَعْضهَا على بعض وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَجَاء رَبك وَالْملك صفا صفا} قَالَ: صُفُوف الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {وَالْملك صفا صفا} قَالَ: جَاءَ أهل السَّمَوَات كل سَمَاء صفا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة تغير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعرف فِي وَجهه حَتَّى اشْتَدَّ على أَصْحَابه مَا رَأَوْا من حَاله فَسَأَلَهُ عليّ فَقَالَ: جَاءَ جِبْرِيل فأقرأني هَذِه الْآيَة {كلا إِذا دكت الأَرْض دكاً دكاً وَجَاء رَبك وَالْملك صفا صفا وَجِيء يَوْمئِذٍ بجهنم} فَقيل: وَكَيف يجاء بهَا قَالَ: يَجِيء بهَا سَبْعُونَ ألف ملك يَقُودُونَهَا بسبعين ألف زِمَام فَتَشْرُد شَرْدَةً لَو تركت لأحرقت أهل الْجمع وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل تَدْرُونَ مَا تَفْسِير هَذِه الْآيَة {كلا إِذا دكت الأَرْض دكاً دكاً وَجَاء رَبك وَالْملك صفا صفا وَجِيء يَوْمئِذٍ بجهنم} قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة تقاد جَهَنَّم

بسبعين ألف زِمَام بيد سبعين ألف ملك فَتَشْرُد شَرْدَةً لَوْلَا أَن الله حَبسهَا لأحرقت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأخرج ابْن وهب فِي كتاب الْأَهْوَال عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فناجاه ثمَّ قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منكس الطّرف فَسَأَلَهُ عليّ فَقَالَ: أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ لي: {كلا إِذا دكت الأَرْض دكاً دكاً وَجَاء رَبك وَالْملك صفا صفا وَجِيء يَوْمئِذٍ بجهنم} وَجِيء بهَا تقاد بسبعين ألف زِمَام كل زِمَام يَقُودهُ سَبْعُونَ ألف ملك فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذا شَردت عَلَيْهِم شَرْدَةً انفلتت من أَيْديهم فلولا أَنهم أدركوها لأحرقت من فِي الْجمع فَأَخَذُوهَا وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُؤْتِي بجهنم يَوْمئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ ألف زِمَام مَعَ كل زِمَام سَبْعُونَ ألف ملك يجرونها وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَجِيء يَوْمئِذٍ بجهنم} قَالَ: جِيءَ بهَا تقاد بسبعين ألف زِمَام مَعَ كل زِمَام سَبْعُونَ ألف ملك يَقُودُونَهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يتَذَكَّر الإِنسان} قَالَ: يُرِيد التَّوْبَة وَفِي قَوْله: {يَا لَيْتَني قدمت لحياتي} يَقُول: عملت فِي الدُّنْيَا لحياتي فِي الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {يَوْمئِذٍ يتَذَكَّر الإِنسان} إِلَى قَوْله: {لحياتي} قَالَ: علم وَالله أَنه صَادِق هُنَاكَ حَيَاة طَوِيلَة لَا موت فِيهَا أحسن مِمَّا عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَا لَيْتَني قدمت لحياتي} قَالَ: الْآخِرَة وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالطَّبَرَانِيّ عَن مُحَمَّد بن أبي عميرَة رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَو أَن عبدا جرّ على وَجهه من يَوْم ولد إِلَى أَن يَمُوت هرماً فِي طَاعَة الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لود أَنه رد إِلَى الدُّنْيَا كَيْمَا يزْدَاد من الْأجر وَالثَّوَاب

أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فَيَوْمئِذٍ لَا يعذب عَذَابه أحد وَلَا يوثق وثَاقه أحد} قَالَ: لَا يعذب بِعَذَاب الله أحد وَلَا يوثق وثاق الله أحد وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق خَارِجَة بن زيد بن ثَابت عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {فَيَوْمئِذٍ لَا يعذب عَذَابه أحد وَلَا يوثق وثَاقه أحد} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير وَالْبَغوِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم عَن أبي قلَابَة عَمَّن أقرأه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي رِوَايَة مَالك بن الْحُوَيْرِث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقرأه وَفِي لفظ أَقرَأ إِيَّاه {فَيَوْمئِذٍ لَا يعذب عَذَابه أحد وَلَا يوثق وثَاقه أحد} مَنْصُوبَة الذَّال والثاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} قَالَ: المؤمنة {ارجعي إِلَى رَبك} يَقُول: إِلَى جسدك قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة وَأَبُو بكر جَالس فَقَالَ: يَا رَسُول الله: مَا أحسن هَذَا فَقَالَ: أما إِنَّه سيقال لَك هَذَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قُرِئت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية} فَقَالَ أَبُو بكر: إِن هَذَا لحسن فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما إِن الْملك سيقولها: لَك عِنْد الْمَوْت وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول من طَرِيق ثَابت بن عجلَان عَن سليم بن أبي عَامر رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت أَبَا بكر الصّديق يَقُول: فرئت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية} فَقلت: مَا أحسن هَذَا يَا رَسُول الله فَقَالَ: يَا أَبَا بكر أما إِن الْملك سيقولها: لَك عِنْد الْمَوْت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من يَشْتَرِي بِئْر رومة نستعذب بهَا غفر الله لَهُ فاشتراها عُثْمَان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل لَك أَن تجعلها شقاية للنَّاس قَالَ: نعم فَأنْزل الله فِي عُثْمَان {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} الْآيَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَا أيتها النَّفس المطمئنة}

قَالَ: نزلت فِي عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} قَالَ: هُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} قَالَ: يَعْنِي نفس حَمْزَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} قَالَ: المصدقة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} قَالَ: الَّتِي أيقنت بِأَن الله رَبهَا وَأخرج ابْن جرير عَن أبي الشَّيْخ الْهنائِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ يَا أيتها النَّفس الآمنة المطمئنة فادخلي فِي عَبدِي وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَرَأَهَا فادخلي فِي عَبدِي على التَّوْحِيد وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ارجعي إِلَى رَبك} قَالَ: ترد الْأَرْوَاح يَوْم الْقِيَامَة فِي الأجساد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: يسيل وَاد من أصل الْعَرْش فتنبت فِيهِ كل دَابَّة على وَجه الأَرْض ثمَّ تطير الْأَرْوَاح فتؤمر أَن تدخل الأجساد فَهُوَ قَوْله: {ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ارجعي إِلَى رَبك راضية} قَالَ: بِمَا أَعْطَيْت من الثَّوَاب {مرضية} عَنْهَا بعملها {فادخلي فِي عبَادي} الْمُؤمنِينَ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} الْآيَة قَالَ: إِن الله إِذا أَرَادَ قبض عَبده الْمُؤمن اطمأنت النَّفس إِلَيْهِ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهَا ورضيت عَن الله وَرَضي الله عَنْهَا أَمر بقبضها فَأدْخلهَا الْجنَّة وَجعلهَا من عباده الصَّالِحين وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ فِي

قَوْله: {ارجعي إِلَى رَبك} قَالَ: هَذَا عِنْد الْمَوْت رُجُوعهَا إِلَى رَبهَا خُرُوجهَا من الدُّنْيَا فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة قيل لَهَا: {فادخلي فِي عبَادي وادخلي جنتي} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل: قل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك نفسا مطمئنة تؤمن بلقائك وترضى بِقَضَائِك وتقنع بِعَطَائِك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} قَالَ: المخبتة إِلَى الله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة وَالْحسن {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} إِلَى مَا قَالَ الله المصدقة بِمَا قَالَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} قَالَ: هَذَا الْمُؤمن اطْمَأَن إِلَى مَا وعد الله {فادخلي فِي عبَادي} قَالَ: ادخلي فِي الصَّالِحين وادخلي جنتي وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {ارجعي إِلَى رَبك} قَالَ: إِلَى جسدك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عنمحمد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي الْآيَة قَالَ: إِن الْمُؤمن إِذا مَاتَ رأى منزله من الْجنَّة فَيَقُول تبَارك وَتَعَالَى: {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي} إِلَى جسدك الَّذِي خرجت مِنْهُ {راضية} مَا رَأَيْت من ثوابي مرضياً عَنْك حَتَّى يَسْأَلك مُنكر وَنَكِير وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {فادخلي فِي عبَادي} قَالَ: مَعَ عبَادي وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ {يَا أيتها النَّفس المطمئنة} الْآيَة قَالَ: بشرت بِالْجنَّةِ عِنْد الْمَوْت وَعند الْبَعْث وَيَوْم الْجمع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَاتَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا بِالطَّائِف فجَاء طير لم تَرَ عين خلقته فَدخل نعشه ثمَّ لم ير خَارِجا مِنْهُ فَلَمَّا دفن تليت هَذِه الْآيَة على شَفير الْقَبْر لَا يدْرِي من تَلَاهَا {يَا أيتها النَّفس المطمئنة ارجعي إِلَى رَبك راضية مرضية فادخلي فِي عبَادي وادخلي جنتي}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 90 سُورَة الْبَلَد مَكِّيَّة وآياتها عشرُون مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله الْآيَة 1 - 10

البلد

أخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: مَكَّة {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} يَعْنِي بِهَذَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحل الله لَهُ يَوْم دخل مَكَّة أَن يقتل من شَاءَ ويستحس من شَاءَ فَقتل يَوْمئِذٍ ابْن خطل وَهُوَ آخذ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فَلم يحل لأحد من النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يقتل فِيهَا حَرَامًا بِحرْمَة الله فأحل الله لَهُ مَا صنع بِأَهْل مَكَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: مَكَّة {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: أَنْت يَا مُحَمَّد يحل لَك أَن تقَاتل بِهِ وَأما غَيْرك فَلَا

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بزْرَة الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فيَّ نزلت هَذِه الْآيَة {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} خرجت فَوجدت عبد الله بن خطل مُتَعَلقا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فَضربت عُنُقه بَين الرُّكْن وَالْمقَام وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما فتح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَعْبَة أَخذ أَبُو بَرزَة الْأَسْلَمِيّ وَهُوَ سعيد بن حَرْب عبد الله بن خطل وَهُوَ الَّذِي كَانَت قُرَيْش تسميه ذَا القلبين فَأنْزل الله (مَا جعل الله لرجل من قلبين فِي جَوْفه) (سُورَة الْأَحْزَاب الْآيَة 4) فقدمه أَبُو بَرزَة فَضربت عُنُقه وَهُوَ مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فَأنْزل الله فِيهَا {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك لِأَنَّهُ قَالَ لقريش: أَنا أعلم لكم علم مُحَمَّد فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أحب أَن تستكتبني قَالَ: فَاكْتُبْ فَكَانَ إِذا أمْلى عَلَيْهِ من الْقُرْآن وَكَانَ الله عليماً حكيماً كتب وَكَانَ الله حكيماً عليماً وَإِذا أمْلى عَلَيْهِ وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما كتب وَكَانَ الله رحِيما غَفُورًا ثمَّ يَقُول: يَا رَسُول الله اقْرَأ عَلَيْك مَا كتبت فَيَقُول: نعم فَإِذا قَرَأَ عَلَيْهِ وَكَانَ الله عليماً حكيماً أَو رحِيما غَفُورًا قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا هَكَذَا أمليت عَلَيْك وَإِن الله لكذلك إِنَّه لغَفُور رَحِيم وَإنَّهُ لرحيم غَفُور فَرجع إِلَى قُرَيْش فَقَالَ: لَيْسَ آمره بِشَيْء كنت آخذ بِهِ فَيَنْصَرِف فَلم يُؤمنهُ فَكَانَ أحد الْأَرْبَعَة الَّذين لم يؤمنهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {لَا أقسم} قَالَ: لَا ردا عَلَيْهِم {أقسم بِهَذَا الْبَلَد} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} يَعْنِي مَكَّة {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} يَعْنِي رَسُول الله يَقُول: أَنْت فِي حل مِمَّا صنعت فِيهِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} يَقُول: لَا تؤاخذ بِمَا عملت فِيهِ وَلَيْسَ عَلَيْك فِيهِ مَا على النَّاس وَأخرج عبد بن حميد عَن مَنْصُور قَالَ: سَأَلَ رجل مُجَاهدًا عَن هَذِه الْآيَة {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: لَا أَدْرِي ثمَّ فَسرهَا لي فَقَالَ:

{لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} الْحَرَام {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} الْحَرَام أحل الله لَهُ سَاعَة من النَّهَار قيل لَهُ مَا صنعت فِيهِ من شَيْء فَأَنت فِي حل وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: مَكَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: مَكَّة {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: أحلّت لَهُ سَاعَة من نَهَار وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: مَكَّة {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: أَنْت بِهِ غير حرج وَلَا آثم وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: أحلّت مَكَّة للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاعَة من نَهَار ثمَّ حرمت إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: أحلهَا الله لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاعَة من نَهَار يَوْم الْفَتْح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَنْت حل بِالْحرم فَاقْتُلْ إِن شِئْت أَو دع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: إِن الله حرم مَكَّة يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَهِيَ حرَام إِلَى أَن تقوم السَّاعَة لم تحل لبشر إِلَّا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَاعَة من نَهَار وَلَا يختلي خَلاهَا وَلَا يعضد عضاهها وَلَا ينفر صيدها وَلَا تحل لقطتهَا إِلَّا لمعرف وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: لم يكن بهَا أحد حلا غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل من كَانَ بهَا حرَام لم يحل لَهُم أَن يقاتلوا فِيهَا وَلَا يستحلوا حرمه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن شُرَحْبِيل بن سعد {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: يحرمُونَ أَن يقتلُوا بهَا الصَّيْد ويعضدوا بهَا شَجَرَة ويستحلون اخراجك وقتلك

وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: أحل لَهُ أَن يصنع فِيهِ مَا شَاءَ {ووالد وَمَا ولد} يَعْنِي بالوالد آدم {وَمَا ولد} وَلَده وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {ووالد وَمَا ولد} قَالَ: الْوَالِد الَّذِي يلد {وَمَا ولد} العاقر الَّذِي لَا يلد من الرِّجَال وَالنِّسَاء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمرَان الْجونِي {ووالد وَمَا ولد} قَالَ: إِبْرَاهِيم وَمَا ولد وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {لَا أقسم بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: مَكَّة {وَأَنت حل بِهَذَا الْبَلَد} قَالَ: مَكَّة {ووالد وَمَا ولد} قَالَ: آدم {لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} قَالَ: فِي اعْتِدَال وانتصاب وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ووالد وَمَا ولد} قَالَ: آدم وَمَا ولد {لقد خلقنَا الإِنسان} قَالَ: وَقع هَهُنَا الْقسم {فِي كبد} قَالَ: فِي مشقة يكابد أَمر الدُّنْيَا وَأمر الْآخِرَة {يَقُول أهلكت مَالا لبداً} قَالَ: كثيرا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {ووالد وَمَا ولد} قَالَ: الْوَالِد آدم {وَمَا ولد} وَلَده {لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} قَالَ: فِي شدَّة {يَقُول أهلكت مَالا لبداً} قَالَ: كثيرا {أيحسب أَن لم يره أحد} قَالَ: لم يقدر عَلَيْهِ أحد وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير {ووالد وَمَا ولد} قَالَ: آدم {وَمَا ولد} {لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} فِي نصب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} قَالَ: فِي شدَّة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس {لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} قَالَ: فِي شدَّة خلق فِي وِلَادَته وَنبت أَسْنَانه [] وسوره ومعيشته وختانه وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس

{لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} قَالَ: خلق الله الإِنسان منتصباً وَخلق كل شَيْء يمشي على أَربع وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} قَالَ: منتصب فِي بطن أمه وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} قَالَ: منتصباً فِي بطن أمه أَنه قد وكل بِهِ ملك إِذا نَامَتْ الْأَمر أَو اضطجعت رفع رَأسه لَوْلَا ذَلِك لغرق فِي الدَّم وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} قَالَ: فِي اعْتِدَال واستقامة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول لبيد بن ربيعَة: يَا عين هلاّ بَكَيْت اربد إِذْ قمنا وَقَامَ الْخُصُوم فِي كبد وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ أَحْسبهُ عَن عبد الله {فِي كبد} قَالَ: منتصباً وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} قَالَ: يكابد مضايق الدُّنْيَا شَدَائِد الْآخِرَة وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} قَالَ: لَا أعلم خَلِيقَة يكابد من الْأَمر مَا يكابد هَذَا الإِنسان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {لقد خلقنَا الإِنسان فِي كبد} قَالَ: يكابد أُمُور الدُّنْيَا وَأُمُور الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {فِي كبد} قَالَ: شدَّة وَطول وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم رَضِي الله عَنهُ {فِي كبد} قَالَ: فِي السَّمَاء خلق آدم وَأخرج أَبُو يعلى وَالْبَغوِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن رجل من بني عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صليت خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَمعته يقْرَأ {أيحسب أَن لن يقدر عَلَيْهِ أحد} {أيحسب أَن لم يره أحد} يَعْنِي بِفَتْح السِّين من يحْسب

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ {أيحسب أَن لن يقدر} الْآيَة قَالَ: الْكَافِر يحْسب أَن لن يقدر الله عَلَيْهِ وَلم يره وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {مَالا لبداً} قَالَ: كثيرا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {أهلكت مَالا لبداً} قَالَ: أنفقت مَالا فِي الصد عَن سَبِيل الله {أيحسب أَن لم يره أحد} قَالَ: الْأَحَد: الله عز وَجل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {يَقُول أهلكت مَالا لبداً} قَالَ: أَيمن علينا فَمَا فضلناه أفضل {ألم نجْعَل لَهُ عينين} وَكَذَا وَكَذَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {ألم نجْعَل لَهُ عينين} قَالَ: نعم من الله متظاهرة يقررنا بهَا كَيْمَا نشكر وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول الله يَا ابْن آدم قد أَنْعَمت عَلَيْك نعما عظاماً لَا تحصي عدهَا وَلَا تطِيق شكرها وَإِن مِمَّا أَنْعَمت عَلَيْك أَن جعلت لَك عينين تنظر بهما وَجعلت لَهما غطاء فَانْظُر بِعَيْنَيْك إِلَى مَا أحللت لَك فَإِن رَأَيْت مَا حرمت عَلَيْك فأطبق عَلَيْهِمَا غطاءهما وَجعلت لَك لِسَانا وَجعلت لَهُ غلافا فَنَطَقَ بِمَا أَمرتك وأحللت لَك فَإِن عرض لَك مَا حرمت عَلَيْك فأغلق عَلَيْك لسَانك وَجعلت لَك فرجا وَجعلت لَك سترا فأصب بفرجك مَا أحللت لَك فَإِن عرض لَك مَا حرمت عَلَيْك فأرخ عَلَيْك سترك ابْن آدم إِنَّك لَا تحمل سخطي وَلَا تَسْتَطِيع انتقامي أخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وهديناه النجدين} قَالَ: سَبِيل الْخَيْر وَالشَّر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وهديناه النجدين} قَالَ: عَرفْنَاهُ سَبِيل الْخَيْر وَالشَّر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وهديناه النجدين} قَالَ: الْهدى والضلالة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُحَمَّد بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ مثله

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قيل لَهُ: إِن نَاسا يَقُولُونَ: إِن النجدين الثديين قَالَ: الْخَيْر وَالشَّر وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة وَالضَّحَّاك رَضِي الله عَنْهُمَا مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سِنَان بن سعيد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هما نجدان فَمَا جعل نجد الشَّرّ أحب إِلَيْكُم من نجد الْخَيْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وهديناه النجدين} قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: أَيهَا النَّاس إِنَّمَا هما نجدان نجد الْخَيْر ونجد الشَّرّ فَمَا جعل نجد الشَّرّ أحب إِلَيْكُم من نجد الْخَيْر وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنَّمَا هما نجدان نجد خير ونجد شَرّ فماجعل نجد الشَّرّ أحب من نجد الْخَيْر وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فَذكر مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِنَّمَا هما نجدان نجد الْخَيْر ونجد الشَّرّ فَلَا يكن نجد الشَّرّ أحب إِلَى أحدكُم من نجد الْخَيْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وهديناه النجدين} قَالَ: الثديين الْآيَة 11 - 20

11

أخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ {فَلَا اقتحم الْعقبَة} قَالَ: جبل فِي جَهَنَّم وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ مثله

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْعقبَة النَّار وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: للنَّاس عقبَة دون الْجنَّة واقتحامها فك رَقَبَة الْآيَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي رَجَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن الْعقبَة الَّتِي ذكر الله فِي كِتَابه مطْلعهَا سَبْعَة آلَاف سنة ومهبطها سَبْعَة آلَاف سنة وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {فَلَا اقتحم الْعقبَة} قَالَ: عقبَة بَين الْجنَّة وَالنَّار وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح رَضِي الله عَنهُ {فَلَا اقتحم الْعقبَة} قَالَ: عقبَة بَين الْجنَّة وَالنَّار وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: الْعقبَة سَبْعُونَ دَرَجَة فِي جَهَنَّم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد {فَلَا اقتحم الْعقبَة} قَالَ: أَلا أسلك الطَّرِيق الَّتِي فِيهَا النجَاة وَالْخَيْر وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن {فَلَا اقتحم الْعقبَة} قَالَ: جَهَنَّم وَمَا أَدْرَاك مَا الْعقبَة قَالَ: ذكر لنا أَنه لَيْسَ من رجل مُسلم يعْتق رَقَبَة مسلمة إِلَّا كَانَت فداءه من النَّار وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ: وَمَا أَدْرَاك مَا الْعقبَة ثمَّ أخبر عَن اقتحامها فَقَالَ: فك رَقَبَة ذكر لنا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الرّقاب أَيهَا أعظم أجرا قَالَ: أَكثر ثمنا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن أمامكم عقبَة كؤداً لَا يجوزها المثقلون فَأَنا أُرِيد أَن أتخفف لتِلْك الْعقبَة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لما نزلت {فَلَا اقتحم الْعقبَة} قيل يَا رَسُول الله: مَا عِنْد أَحَدنَا مَا يعْتق إِلَّا [] عِنْد أَحَدنَا الْجَارِيَة السَّوْدَاء تخدمه وتنوء عَلَيْهِ فَلَو أمرناهن بِالزِّنَا فزنين فجئن

بالأولاد فاعتقناهم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لِأَن أمتع بِسَوْط فِي سَبِيل الله أحب إليَّ من أَن آمُر بِالزِّنَا ثمَّ أعتق الْوَلَد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه بلغَهَا قَول أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: علاقَة سَوط فِي سَبِيل الله أعظم أجرا من عتق ولد زنية فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: يرحم الله أَبَا هُرَيْرَة إِنَّمَا كَانَ هَذَا أَن الله لما أنزل {فَلَا اقتحم الْعقبَة وَمَا أَدْرَاك مَا الْعقبَة فك رَقَبَة} قَالَ: بعض الْمُسلمين يَا رَسُول الله: إِنَّه لَيْسَ لنا رَقَبَة نعتقها فَإِنَّمَا يكون لبعضنا الخويدم الَّتِي لَا بُد مِنْهَا فنأمرهن يبغين فَإِذا بغين فولدن أعتقنا أَوْلَادهنَّ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تأمروهن بالبغاء لعلاقة سَوط فِي سَبِيل الله أعظم أجرا من هَذَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي نجيح السّلمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أعتق رَقَبَة فَإِنَّهُ يجزى مَكَان كل عظم من عظامها عظم من عِظَامه من النَّار وَأخرج ابْن سعد وَابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أعتق نسمَة مسلمة أَو مُؤمنَة وقى الله بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ من النَّار وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قلت يَا نَبِي الله: أَي الرّقاب أفضل قَالَ: أغلاها ثمنا وأنفسها عِنْد أَهلهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أعتق رَقَبَة مُؤمنَة أعتق الله بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ من النَّار حَتَّى الْفرج بالفرج وَأخرج أَحْمد وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْبَراء أَن أَعْرَابِيًا قَالَ لرَسُول الله عَلمنِي عملا يدخلني الْجنَّة قَالَ: أعتق النَّسمَة وَفك الرَّقَبَة قَالَ: أوليستا بِوَاحِدَة قَالَ: لَا إِن عتق الرَّقَبَة أَن تفرد بِعتْقِهَا وَفك الرَّقَبَة أَن تعين فِي عتقهَا والمنحة الرّكُوب والفيء على ذِي الرَّحِم فَإِن لم تطق ذَلِك فاطعم الجائع واسق الظمآن وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وانه عَن الْمُنكر فَإِن لم تطق ذَلِك فَكف لسَانك إِلَّا من خير وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {يَوْم ذِي مسغبة} قَالَ: مجاعَة

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فِي يَوْم ذِي مسغبة} قَالَ: مجاعَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {فِي يَوْم ذِي مسغبة} قَالَ: جوع وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ {فِي يَوْم ذِي مسغبة} قَالَ: يَوْم فِيهِ الطَّعَام عَزِيز وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن وَأبي رَجَاء العطاردي رَضِي الله عَنهُ أَنَّهُمَا قرآ: أَو أطْعم فِي يَوْم ذَا مسغبة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا: من مُوجبَات الْمَغْفِرَة إطْعَام الْمُسلم السغبان وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ذَا مقربة} أَي ذَا قرَابَة وَفِي قَوْله: {ذَا مَتْرَبَة} يَعْنِي بعيد التربة أَي غَرِيبا من وَطنه وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي اله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَو مِسْكينا ذَا مَتْرَبَة} قَالَ: هُوَ الْمَطْرُوح الَّذِي لَيْسَ لَهُ بَيت وَفِي لفظ الْحَاكِم: هُوَ الترب الَّذِي لَا يَقِيه من التُّرَاب شَيْء وَفِي لفظ: هُوَ اللازق بِالتُّرَابِ من شدَّة الْفقر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ مثله وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أَو مِسْكينا ذَا مَتْرَبَة} يَقُول: شَدِيد الْحَاجة وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {أَو مِسْكينا ذَا مَتْرَبَة} يَقُول: مِسْكين ذُو بَنِينَ وعيال لَيْسَ بَيْنك وَبَينه قرَابَة وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {ذَا مَتْرَبَة} قَالَ: ذَا جهد وحاجة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: تربت يداك ثمَّ قل نوالها وترفعت عَنْك السَّمَاء سحابها

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {مِسْكينا ذَا مَتْرَبَة} قَالَ: الَّذِي مَأْوَاه الْمَزَابِل وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {ذَا مَتْرَبَة} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن المترب ذُو الْعِيَال الَّذِي لَا شَيْء لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ: مَا عمل النَّاس بعد الْفَرِيضَة أحب إِلَى الله من إطْعَام مِسْكين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن هِشَام بن حسان رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ} قَالَ: على مَا افْترض الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَتَوَاصَوْا بالمرحمة} يَعْنِي بذلك رَحْمَة النَّاس كلهم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مؤصدة} قَالَ: مغلقة الْأَبْوَاب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة {مؤصدة} قَالَ: مطبقة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير من طرق عَن ابْن عَبَّاس مثله وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وعطية وَالضَّحَّاك وَسَعِيد بن جُبَير وَالْحسن وَقَتَادَة مثله وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله {مؤصدة} قَالَ: مطبقة قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: تحن إِلَى أجبال مَكَّة نَاقَتي وَمن دُوننَا أَبْوَاب صنعا مؤصدة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {مؤصدة} قَالَ: هِيَ بلغَة قُرَيْش أوصد الْبَاب أغلقه

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 91 سُورَة الشَّمْس مَكِّيَّة وآياتها خمس عشرَة مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ عَن بُرَيْدَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي صَلَاة الْعشَاء بالشمس وَضُحَاهَا وأشباهها من السُّور وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمره أَن يقْرَأ فِي صَلَاة الصُّبْح ب (وَاللَّيْل إِذا يغشى) (سُورَة اللَّيْل الْآيَة 1) و {الشَّمْس وَضُحَاهَا} وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نصلي رَكْعَتي الضُّحَى بسورتيهما ب {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} وَالضُّحَى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْعِيدَيْنِ (سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى) (سُورَة الْأَعْلَى الْآيَة 1) {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} الْآيَة 1 - 15

الشمس

أخرج الْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} قَالَ: ضوءها {وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا} قَالَ: تبعها {وَالنَّهَار إِذا جلاها} قَالَ: أضاءها {وَالسَّمَاء وَمَا بناها} قَالَ: الله بنى السَّمَاء {وَمَا طحاها} قَالَ: دحاها {فألهمها فجورها وتقواها} قَالَ: عرفهَا شقاءها وسعادتها {وَقد خَابَ من دساها} قَالَ: أغواها وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا} قَالَ: يَتْلُو النَّهَار {وَالْأَرْض وَمَا طحاها} يَقُول: مَا خلق الله فِيهَا {فألهمها فجورها وتقواها} قَالَ: علمهَا الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس {وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا} قَالَ: تبعها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن ذِي حمامة قَالَ: إِذا جَاءَ اللَّيْل قَالَ الرب غشي عبَادي فِي خلقي الْعَظِيم ولليل مهابة وَالَّذِي خلقه أَحَق أَن يهاب وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَالْأَرْض وَمَا طحاها} قَالَ: قسمهَا {فألهمها فجورها وتقواها} قَالَ: بَين الْخَيْر وَالشَّر وَأخرج الْحَاكِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس {فألهمها} قَالَ: علمهَا {فجورها وتقواها} وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عمرَان بن حُصَيْن: أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله: أَرَأَيْت مَا يعْمل النَّاس الْيَوْم ويكدحون فِيهِ شَيْء قد قضي عَلَيْهِم وَمضى عَلَيْهِم فِي قدر قد سبق أَو فِيمَا يستقبلون مَا أَتَاهُم بِهِ نَبِيّهم واتخذت عَلَيْهِم بِهِ الْحجَّة قَالَ: بل شَيْء قضي عَلَيْهِم قَالَ: فَلم يعْملُونَ إِذا قَالَ: من كَانَ الله خلقه لوَاحِدَة من المنزلتين هيأه لعملها وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله {وَنَفس وَمَا سواهَا فألهمها فجورها وتقواها}

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا تَلا هَذِه الْآيَة {وَنَفس وَمَا سواهَا فألهمها فجورها وتقواها} وقف ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ آتٍ نَفسِي تقواها أَنْت وَليهَا ومولاها وَخير من زكاها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {فألهمها فجورها وتقواها} قَالَ: اللَّهُمَّ آتٍ نَفسِي تقواها وزكها أَنْت خير من زكاها أَنْت وَليهَا ومولاها قَالَ وَهُوَ فِي الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن زيد بن أَرقم قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اللَّهُمَّ آتٍ نَفسِي تقواها أَنْت خير من زكاها أَنْت وَليهَا ومولاها وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بهم الهاجرة فَرفع صَوته فَقَرَأَ {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} {وَاللَّيْل إِذا يغشى} سُورَة اللَّيْل آيَة 1 فَقَالَ لَهُ أبيّ بن كَعْب: يَا رَسُول الله أمرت فِي هَذِه الصَّلَاة بِشَيْء قَالَ: لَا وَلَكِنِّي أردْت أَن أوقت لكم وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} قَالَ: ضوؤها {وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا} قَالَ: تبعها {وَالنَّهَار إِذا جلاها} قَالَ: أَضَاء {وَاللَّيْل إِذا يَغْشَاهَا} قَالَ: يَغْشَاهَا اللَّيْل {وَالسَّمَاء وَمَا بناها} قَالَ: الله بنى السَّمَاء وَالْأَرْض {وَمَا طحاها} قَالَ: دحاها {فألهمها فجورها وتقواها} قَالَ: عرفهَا شقاءها {قد أَفْلح من زكاها} قَالَ: أصلحها {وَقد خَابَ من دساها} قَالَ: أغواها {كذبت ثَمُود بطغواها} قَالَ: بمعصيتها {وَلَا يخَاف عقباها} قَالَ: الله لَا يخَاف عقباها وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} قَالَ: إشراقها {وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا} قَالَ: يتلوها {وَالنَّهَار إِذا جلاها} قَالَ: حِين ينجلي {وَنَفس وَمَا سواهَا} قَالَ: سوى خلقهَا وَلم ينقص مِنْهُ شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَالشَّمْس وَضُحَاهَا} قَالَ: هَذَا النَّهَار {وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا} قَالَ: يَتْلُو صَبِيحَة الْهلَال إِذا سَقَطت رُؤِيَ عِنْد سُقُوطهَا {وَالنَّهَار إِذا جلاها} قَالَ: إِذا غشيها النَّهَار

{وَاللَّيْل إِذا يَغْشَاهَا} قَالَ إِذا غشيها اللَّيْل {وَالسَّمَاء وَمَا بناها} قَالَ وَمَا خلقهَا {وَالْأَرْض وَمَا طحاها} قَالَ: بسطها {فألهمها فجورها وتقواها} قَالَ: بَين لَهَا الْفُجُور من التَّقْوَى {قد أَفْلح} قَالَ: وَقع الْقسم هَهُنَا {من زكاها} قَالَ: من عمل خيرا فزكاها بِطَاعَة الله {وَقد خَابَ من دساها} قَالَ: من إثمها وفجرها {كذبت ثَمُود بطغواها} قَالَ: بالطغيان {إِذْ انْبَعَثَ أشقاها} قَالَ: أُحَيْمِر ثَمُود {فَقَالَ لَهُم رَسُول الله} صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {نَاقَة الله وسقياها} قَالَ: يَقُول الله: خلوا بَينهَا وَبَين قسم الله الَّذِي قسم لَهَا من هَذَا المَاء {فدمدم عَلَيْهِم رَبهم بذنبهم} قَالَ: ذكر لنا أَنه أَبى أَن يعقرها حَتَّى تَابعه صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ وَذكرهمْ وأنثاهم فَلَمَّا اشْترك الْقَوْم فِي عقرهَا {فدمدم عَلَيْهِم رَبهم بذنبهم فسواها وَلَا يخَاف عقباها} يَقُول: لَا يخَاف تبعتها وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة {وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا} قَالَ: إِذا تبعها وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {وَالْقَمَر إِذا تَلَاهَا} قَالَ: إِذا تبع الشَّمْس وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح {وَالْأَرْض وَمَا طحاها} قَالَ: بسطها وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك مثله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَنَفس وَمَا سواهَا} قَالَ: سوى خلقهَا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {فألهمها} قَالَ: ألزمها {فجورها وتقواها} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {فألهمها فجورها وتقواها} قَالَ: الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم {فألهمها فجورها وتقواها} قَالَ: الْفَاجِرَة ألهمها الْفُجُور والتقية ألهمها التَّقْوَى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه فِي قَوْله: {فألهمها فجورها وتقواها} يَقُول: بَين للعباد الرشد من الغيّ وألهم كل نفس مَا خلقهَا لَهُ وَكتب عَلَيْهَا وَأخرج عبد بن حميد عَن الْكَلْبِيّ {قد أَفْلح من زكاها} الْآيَة قَالَ: أَفْلح من زَكَّاهُ الله وخاب من دساه الله وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن فِي الْآيَة: قد أَفْلح من زكى نَفسه وَأَصْلَحهَا وخاب من أهلكها وأضلها وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع فِي الْآيَة يَقُول: أَفْلح من زكى نَفسه بِالْعَمَلِ

الصَّالح وخاب من دس نَفسه بِالْعَمَلِ السيء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة من {دساها} قَالَ: من خسرها وَأخرج حُسَيْن فِي الاسْتقَامَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {قد أَفْلح من زكاها} يَقُول: قد أَفْلح من زكى الله نَفسه {وَقد خَابَ من دساها} يَقُول: قد خَابَ من دس الله نَفسه فأضله {وَلَا يخَاف عقباها} قَالَ: لَا يخَاف من أحد تَابعه وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَقد خَابَ من دساها} يَعْنِي: مكر بهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه والديلمي من طَرِيق جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: {قد أَفْلح من زكاها} الْآيَة: أفلحت نفس زكاها الله وخابت نفس خيبها الله من كل خيِّر وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {كذبت ثَمُود بطغواها} قَالَ: اسْم الْعَذَاب الَّذِي جاءها الطغوى فَقَالَ: كذبت ثَمُود بعذابها وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن زَمعَة قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر النَّاقة وَذكر الَّذِي عقرهَا فَقَالَ: {إِذْ انْبَعَثَ أشقاها} قَالَ: انْبَعَثَ لَهَا رجل عَارِم عَزِيز منيع فِي رهطه مثل أبي زَمعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَغوِيّ وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عمار بن يَاسر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أحَدثك بِأَشْقَى النَّاس قَالَ: بلَى قَالَ: رجلَانِ: أُحَيْمِر ثَمُود الَّذِي عقر النَّاقة وَالَّذِي يَضْرِبك على هَذَا يَعْنِي ترقوته حَتَّى تبتل مِنْهُ هَذِه يَعْنِي لحيته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم مثله من حَدِيث صُهَيْب وَجَابِر بن سَمُرَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {وَلَا يخَاف عقباها} قَالَ: ذَاك رَبنَا لَا يخَاف مِنْهُم تبعة بِمَا صنع بهم وَأخرج ابْن جريروابن أبي حَاتِم عَن السّديّ {وَلَا يخَاف عقباها} قَالَ: لم يخف الَّذِي عقرهَا عَاقِبَة مَا صنع وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {وَلَا يخَاف عقباها} قَالَ: لم يخف الَّذِي عقرهَا عقباها

92 سُورَة اللَّيْل مَكِّيَّة وآياتها إِحْدَى وَعِشْرُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 21

الليل

أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {وَاللَّيْل إِذا يغشى} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير مثله وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الظّهْر وَالْعصر ب {وَاللَّيْل إِذا يغشى} وَنَحْوهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس: أَن رجلا كَانَت لَهُ نَخْلَة فرعها فِي دَار رجل فَقير ذِي عِيَال فَكَانَ الرجل إِذا جَاءَ فَدخل الدَّار فَصَعدَ إِلَى النَّخْلَة ليَأْخُذ مِنْهَا الثَّمَرَة فَرُبمَا تقع ثَمَرَة فيأخذها صبيان الْفَقِير فَينزل من نخلته

فَيَأْخُذ الثَّمَرَة من أَيْديهم وَإِن وجدهَا فِي فَم أحدهم أَدخل أُصْبُعه حَتَّى يخرج الثَّمَرَة من فِيهِ فَشَكا ذَلِك الرجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اذْهَبْ وَلَقي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَاحب النَّخْلَة فَقَالَ لَهُ: أَعْطِنِي نخلتك المائلة الَّتِي فرعها فِي دَار فلَان وَلَك بهَا نَخْلَة فِي الْجنَّة فَقَالَ لَهُ الرجل: لقد أَعْطَيْت وَإِن لي لنخلاً كثيرا وَمَا فِيهِ نخل أعجب إِلَيّ ثَمَرَة مِنْهَا ثمَّ ذهب الرجل وَلَقي رجلا كَانَ يسمع الْكَلَام من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصَاحب النَّخْلَة فَأتى رَسُول الله: فَقَالَ أَعْطِنِي مَا أَعْطَيْت الرجل إِن أَنا أَخَذتهَا قَالَ: نعم فَذهب الرجل فلقي صَاحب النَّخْلَة ولكليهما نخل فَقَالَ لَهُ صَاحب النَّخْلَة: أشعرت أَن مُحَمَّدًا أَعْطَانِي بنخلتي المائلة إِلَى دَار فلَان نَخْلَة فِي الْجنَّة فَقلت: لقد أَعْطَيْت وَلَكِن يُعجبنِي ثَمَرهَا ولي نخل كثير مَا فِيهِ نَخْلَة أعجب إليّ ثَمَرَة مِنْهَا فَقَالَ لَهُ الآخر: أَتُرِيدُ بيعهَا فَقَالَ: لَا إِلَّا أَن أعطي بهَا مَا أُرِيد وَلَا أَظن أعْطى قَالَ: فكم تؤمل فِيهَا قَالَ: أَرْبَعِينَ نَخْلَة فَقَالَ لَهُ الرجل: لقد جِئْت بِأَمْر عَظِيم تطلب بنخلتك المائلة أَرْبَعِينَ نَخْلَة ثمَّ سكت عَنهُ فَقَالَ: أَنا أُعْطِيك أَرْبَعِينَ نَخْلَة فَقَالَ لَهُ: أشهد إِن كنت صَادِقا فَأشْهد لَهُ بِأَرْبَعِينَ نَخْلَة بنخلته المائلة فَمَكثَ سَاعَة ثمَّ قَالَ: لَيْسَ بيني وَبَيْنك بيع لم نفترق فَقَالَ لَهُ الرجل: وَلست بِأَحَق حِين أَعطيتك أَرْبَعِينَ نَخْلَة بنخلتك المائلة فَقَالَ لَهُ: أُعْطِيك على أَن تُعْطِينِي كَمَا أُرِيد تعطينها على سَاق فَسكت عَنهُ ثمَّ قَالَ: هِيَ لَك على سَاق قَالَ: ثمَّ ذهب إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُول الله إِن النَّخْلَة قد صَارَت لي فَهِيَ لَك فَذهب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى صَاحب الدَّار فَقَالَ: النَّخْلَة لَك ولعيالك فَأنْزل الله {وَاللَّيْل إِذا يغشى} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنِّي لأقول هَذِه السُّورَة نزلت فِي السماحة وَالْبخل {وَاللَّيْل إِذا يغشى} وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَاللَّيْل إِذا يغشى} قَالَ: إِذا أظلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وَاللَّيْل إِذا يغشى} قَالَ: إِذا أقبل فَغطّى كل شَيْء وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَلْقَمَة أَنه قدم الشَّام فَجَلَسَ إِلَى أبي الدَّرْدَاء فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاء مِمَّن أَنْت قَالَ: من أهل الْكُوفَة قَالَ: كَيفَ سَمِعت

عبد الله يقْرَأ {وَاللَّيْل إِذا يغشى} قَالَ: عَلْقَمَة: وَالذكر وَالْأُنْثَى فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: أشهد أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ هَكَذَا وَهَؤُلَاء يريدوني على أَنِّي أقرؤها: خلق الذّكر وَالْأُنْثَى وَالله لَا أتابعهم وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخ بَغْدَاد من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ الْقُرْآن على قِرَاءَة زيد بن ثَابت إِلَّا ثَمَانِيَة عشر حرفا أَخذهَا من قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود وَقَالَ ابْن عَبَّاس مَا يسرني أَنِّي تركت هَذِه الْحُرُوف وَلَو ملئت لي الدُّنْيَا ذهبة حَمْرَاء مِنْهَا حرف فِي الْبَقَرَة: من بقلها وقثائها وثومها بالثاء وَفِي الْأَعْرَاف: فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم قبلك من رسلنَا ولنسألن الْمُرْسلين وَفِي بَرَاءَة يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا [] مَعَ الصَّادِقين وَفِي إِبْرَاهِيم: وَإِن كَانَ مَكْرهمْ لتزول مِنْهُ الْجبَال وَفِي الْأَنْبِيَاء: وَكُنَّا لحكمهم شَاهِدين وفيهَا: وهم من كل جدث يَنْسلونَ وَفِي الْحَج يأْتونَ من كل فج سحيق وَفِي الشُّعَرَاء: فعلتها إِذا وَأَنا من الْجَاهِلين وَفِي النَّمْل: اعبد رب هَذِه الْبَلدة الَّتِي حرمهَا وَفِي الصافات: فَلَمَّا سلما وتله للجبين وَفِي الْفَتْح: وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بِالتَّاءِ وَفِي النَّجْم: وَلَقَد جَاءَ من ربكُم الْهدى وفيهَا: إِن تتبعون إِلَّا الظَّن وَفِي الْحَدِيد: لكَي يعلم أهل الْكتاب أَن لَا يقدرُونَ على شَيْء وَفِي ن: لَوْلَا أَن تداركته نعْمَة من ربه على التَّأْنِيث وَفِي إِذا الشَّمْس كوّرت: وَإِذا الموءودة سَأَلت بِأَيّ ذَنْب قتلت وفيهَا: وَمَا هُوَ على الْغَيْب بضنين وَفِي اللَّيْل: وَالذكر وَالْأُنْثَى قَالَ: هُوَ قسم فَلَا تقطعوه وَأخرج ابْن جرير عَن أبي إِسْحَق قَالَ فِي قِرَاءَة عبد الله: وَاللَّيْل إِذا يغشى وَالنَّهَار إِذا تجلى وَالذكر وَالْأُنْثَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن أَنه كَانَ يقْرؤهَا {وَمَا خلق الذّكر وَالْأُنْثَى} يَقُول: وَالَّذِي خلق الذّكر وَالْأُنْثَى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {إِن سعيكم} قَالَ: السَّعْي الْعَمَل وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: وَقع الْقسم هَهُنَا {إِن سعيكم لشتى} يَقُول: مُخْتَلف وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن مَسْعُود أَن أَبَا بكر

الصّديق اشْترى بِلَالًا من أُميَّة بن خلف وَأبي بن خلف بِبُرْدَةٍ وَعشر أَوَاقٍ فَأعْتقهُ لله فَأنْزل الله {وَاللَّيْل إِذا يغشى} {إِن سعيكم لشتى} سعي أبي بكر وَأُميَّة وَأبي إِلَى قَوْله: {وَكذب بِالْحُسْنَى} قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَى قَوْله: {فسنيسره للعسرى} قَالَ: النَّار وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فإمَّا من أعْطى} من الْفضل {وَاتَّقَى} قَالَ: اتَّقى ربه {وَصدق بِالْحُسْنَى} قَالَ: صدق بالخلف من الله {فسنيسره لليسرى} قَالَ: الْخَيْر من الله {وَأما من بخل وَاسْتغْنى} قَالَ: بخل بِمَالِه وَاسْتغْنى عَن ربه {وَكذب بِالْحُسْنَى} قَالَ: بالخلف من الله {فسنيسره للعسرى} قَالَ: للشر من الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فَأَما من أعْطى} قَالَ: أعْطى حق الله عَلَيْهِ {وَاتَّقَى} محارم الله {وَصدق بِالْحُسْنَى} قَالَ: بموعود الله على نَفسه {وَأما من بخل} قَالَ: بِحَق الله عَلَيْهِ {وَاسْتغْنى} فِي نَفسه عَن ربه {وَكذب بِالْحُسْنَى} قَالَ: بموعود الله الَّذِي وعد وَأخرج ابْن جرير من طرق عَن ابْن عَبَّاس {وَصدق بِالْحُسْنَى} قَالَ: أَيقَن بالخلف وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {وَصدق بِالْحُسْنَى} يَقُول صدق بِلَا إِلَه أَلا الله {وَأما من بخل وَاسْتغْنى} يَقُول: من أغناه الله فبخل بِالزَّكَاةِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ {وَصدق بِالْحُسْنَى} قَالَ: بِلَا إِلَه إِلَّا الله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَصدق بِالْحُسْنَى} قَالَ: بِالْجنَّةِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم {فسنيسره لليسرى} قَالَ: الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن عَامر بن عبد الله بن الزبير قَالَ: كَانَ أَبُو بكر يعْتق على الإِسلام بِمَكَّة فَكَانَ يعْتق عَجَائِز وَنسَاء إِذا أسلمن فَقَالَ لَهُ أَبوهُ أَي بني أَرَاك تعْتق أُنَاسًا ضعفاء فَلَو أَنَّك تعْتق رجَالًا جلدا يقومُونَ مَعَك ويمنعونك ويدفعون عَنْك قَالَ: أَي أَبَت إِنَّمَا أُرِيد مَا عِنْد الله قَالَ: فَحَدثني بعض أهل

بَيْتِي أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِيهِ {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى وَصدق بِالْحُسْنَى فسنيسره لليسرى} وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر فِي طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى وَصدق بِالْحُسْنَى فسنيسره لليسرى} قَالَ: أَبُو بكر الصّديق {وَأما من بخل وَاسْتغْنى وَكذب بِالْحُسْنَى} قَالَ: أَبُو سُفْيَان بن حَرْب وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن جرير عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة فَقَالَ: مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد كتب مَقْعَده من الْجنَّة ومقعده من النَّار فَقَالُوا يَا رَسُول الله أَفلا نَتَّكِل قَالَ: اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ أما من كَانَ من أهل السَّعَادَة فييسر لعمل أهل السَّعَادَة وَأما من كَانَ من أهل الشَّقَاء فييسر لعمل أهل الشَّقَاء ثمَّ قَرَأَ {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى} إِلَى قَوْله: {للعسرى} وَأخرج ابْن جرير عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة (إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر) (سُورَة الْقَمَر الْآيَة 49) قَالَ رجل: يَا رَسُول الله فَفِيمَ الْعَمَل أَفِي شَيْء نستأنفه أم فِي شَيْء قد فرغ مِنْهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اعْمَلُوا فَكل ميسر نيسره لليسرى ونيسره للعسرى وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله: {إِذا تردى} قَالَ: إِذا تردى وَدخل فِي النَّار نزلت فِي أبي جهل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت قَول عدي بن زيد: خطفته منية فتردى وَهُوَ فِي الْملك يأمل التعميرا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {إِذا تردى} قَالَ: فِي النَّار وَأخرج ابْن أبي شيبَة {وَمَا يُغني عَنهُ مَاله إِذا تردى} قَالَ: فِي النَّار وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن

مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِذا تردى} قَالَ: إِذا مَاتَ وَفِي قَوْله: {نَارا تلظى} قَالَ: توهج وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِن علينا للهدى} يَقُول: على الله الْبَيَان بَيَان حَلَاله وَحَرَامه وطاعته ومعصيته وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْفراء وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه بِسَنَد صَحِيح عَن عبيد بن عُمَيْر أَنه قَرَأَ: فأنذرتكم نَارا تتلظى بالتاءين وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لتدخلن الْجنَّة إِلَّا من يَأْبَى قَالُوا وَمن يَأْبَى أَن يدْخل الْجنَّة فَقَرَأَ {الَّذِي كذب وَتَوَلَّى} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: لَا يبْقى أحد من هَذِه الْأمة إِلَّا أدخلهُ الله الْجنَّة إِلَّا من شرد على الله كَمَا يشرد الْبَعِير السوء على أَهله فَمن لم يصدقني فَإِن الله تَعَالَى يَقُول: لَا يصلاها إِلَّا الأشقى الَّذِي كذب بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَوَلَّى عَنهُ وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ أَنه سُئِلَ عَن أَلين كلمة سَمعهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: كلكُمْ يدْخل الْجنَّة إِلَّا من شرد على الله شرد الْبَعِير على أَهله وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كل أمتِي تدخل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا من أَبى قَالُوا: وَمن يَأْبَى يَا رَسُول الله قَالَ: من أَطَاعَنِي دخل الْجنَّة وَمن عَصَانِي فقد أَبى وَأخرج أَحْمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يدْخل النَّار إِلَّا شقيّ قيل: وَمن الشقي قَالَ: الَّذِي لَا يعْمل لله بِطَاعَة وَلَا يتْرك لله مَعْصِيّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عُرْوَة أَن أَبَا بكر الصّديق أعتق سَبْعَة كلهم يعذب فِي الله بِلَال وعامر بن فهَيْرَة والنهدية وابنتها وزنيرة وَأم عِيسَى وَأمة بني المؤمل وَفِيه نزلت {وسيجنبها الأتقى} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله: أَن سراقَة بن مَالك قَالَ: يَا رَسُول الله أَفِي أَي شَيْء نعمل أَفِي شَيْء

ثبتَتْ فِيهِ الْمَقَادِير وَجَرت فِيهِ الأقلام أم فِي شَيْء نستقبل فِيهِ الْعَمَل قَالَ: بل فِي شَيْء ثبتَتْ فِيهِ الْمَقَادِير وَجَرت فِيهِ الأقلام قَالَ سراقَة: فَفِيمَ الْعَمَل إِذن يَا رَسُول الله قَالَ: اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ وَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى} إِلَى قَوْله: {فسنيسره للعسرى} وَأخرج ابْن قَانِع وَابْن شاهين وعبدان كلهم فِي الصَّحَابَة عَن بشير بن كَعْب الْأَسْلَمِيّ أَن سَائِلًا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيمَ الْعَمَل قَالَ: فِيمَا جَفتْ بِهِ الأقلام وَجَرت بِهِ الْمَقَادِير فاعملوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ ثمَّ قَرَأَ {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى وَصدق بِالْحُسْنَى فسنيسره لليسرى} وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عَامر بن عبد الله بن الزبير عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ أَبُو قُحَافَة لأبي بكر: أَرَاك تعْتق رقاباً ضعافاً فَلَو أَنَّك إِذْ فعلت مَا فعلت أعتقت رجَالًا جلدا يمنعونك ويقومون دُونك فَقَالَ: يَا أَبَت إِنَّمَا أُرِيد وَجه الله فَنزلت هَذِه الْآيَة فِيهِ: {فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى} إِلَى قَوْله: {وَمَا لأحد عِنْده من نعْمَة تجزى إِلَّا ابْتِغَاء وَجه ربه الْأَعْلَى ولسوف يرضى} وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن عديّ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر من وَجه آخر عَن عَامر بن الزبير عَن أَبِيه قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمَا لأحد عِنْده من نعْمَة تجزى إِلَّا ابْتِغَاء وَجه ربه الْأَعْلَى ولسوف يرضى} فِي أبي بكر الصّديق وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد قَالَ: نزلت {وَمَا لأحد عِنْده من نعْمَة تجزى} فِي أبي بكر أعتق نَاسا لم يلْتَمس مِنْهُم جَزَاء وَلَا شكُورًا سِتَّة أَو سَبْعَة مِنْهُم بِلَال وعامر بن فهَيْرَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وسيجنبها الأتقى} قَالَ: هُوَ أَبُو بكر الصّديق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَمَا لأحد عِنْده من نعْمَة تجزى} يَقُول: لَيْسَ بِهِ مثابة النَّاس وَلَا مجازاتهم إِنَّمَا عطيته لله

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 93 سُورَة الضُّحَى مَكِّيَّة وآياتها إِحْدَى عشرَة مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - 11

الضحى

أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة الضُّحَى بِمَكَّة وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق أبي الْحسن البزي الْمقري قَالَ: سَمِعت عِكْرِمَة بن سُلَيْمَان يَقُول: قَرَأت على اسماعيل بن قسطنطين فَلَمَّا بلغت {وَالضُّحَى} قَالَ: كبر عِنْد خَاتِمَة كل سُورَة حَتَّى تختم فَإِنِّي قَرَأت على عبد الله بن كثير فَلَمَّا بلغت {وَالضُّحَى} قَالَ: كبر حَتَّى تختم وَأخْبرهُ عبد الله بن كثير أَنه قَرَأَ على مُجَاهِد فَأمره بذلك وَأخْبرهُ مُجَاهِد أَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أمره بذلك وَأخْبرهُ ابْن عَبَّاس أَن أبيّ بن كَعْب أمره بذلك وَأخْبرهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبرهُ بذلك وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن جُنْدُب البَجلِيّ قَالَ: اشْتَكَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

فَلم يقم لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَأَتَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت: يَا مُحَمَّد مَا أرى شَيْطَانك إِلَّا قد بركك لم تره قربك لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا فَأنْزل الله {وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذا سجى مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَبْطَأَ جِبْرِيل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ الْمُشْركُونَ: قد ودع مُحَمَّد فَأنْزل الله {مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جُنْدُب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: احْتبسَ جِبْرِيل عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت بعض بَنَات عَمه: مَا أرى صَاحبك إِلَّا قد قلاك فَنزلت: {وَالضُّحَى} إِلَى {وَمَا قلى} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن أبي حَاتِم وَاللَّفْظ لَهُ عَن جُنْدُب قَالَ: رمي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحجر فِي أُصْبُعه فَقَالَ: هَل أَنْت إِلَّا أصْبع دميت وَفِي سَبِيل الله مَا لقِيت فَمَكثَ لَيْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثًا لايقوم فَقَالَت لَهُ امْرَأَة: مَا أرى شَيْطَانك إِلَّا قد تَركك فَنزلت {وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذا سجى مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} وَأخرج الْحَاكِم عَن زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت (تبت يدا أبي لَهب وَتب مَا أغْنى) (سُورَة المسد الْآيَة 1) إِلَى (وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب) (سُورَة المسد الْآيَة 4) فَقيل لامْرَأَة أبي لَهب: إِن مُحَمَّدًا قد هجاك فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس فِي الملاء فَقَالَت: يَا مُحَمَّد علام تهوجون قَالَ: إِنِّي وَالله مَا هجوتك مَا هجاك إِلَّا الله فَقَالَت: هَل رَأَيْتنِي أحمل حطباً أَو رَأَيْت فِي جيدي حبلاً من مسد ثمَّ انْطَلَقت فَمَكثت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيَّامًا لَا ينزل عَلَيْهِ فَأَتَتْهُ فَقَالَت: مَا أرى صَاحبك إِلَّا قد وَدعك وَقَلَاكَ فَأنْزل الله {وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذا سجى مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} وَأخرج ابْن جرير عَن عبد الله بن شَدَّاد رَضِي الله عَنهُ أَن خَدِيجَة قَالَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أرى رَبك إِلَّا قد قلاك فَأنْزل الله {وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذا سجى مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أَبْطَأَ جِبْرِيل عَن

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجزع جزعاً شَدِيدا فَقَالَت خَدِيجَة: أرى رَبك قد قلاك مِمَّا يرى من جزعك فَنزلت {وَالضُّحَى} إِلَى آخرهَا وَأخرج الْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عُرْوَة عَن خَدِيجَة قَالَت: لما أَبْطَأَ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَحْي جزع من ذَلِك فَقلت لَهُ مِمَّا رَأَيْت من جزعه: لقد قلاك رَبك مِمَّا يرى من جزعك فَأنْزل الله {مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزل على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُرْآن أَبْطَأَ عَنهُ جِبْرِيل أَيَّامًا فَعير بذلك فَقَالَ الْمُشْركُونَ: ودعه ربه وقلاه فَأنْزل الله {وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذا سجى} يَعْنِي أقبل {مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} وَأخرج ابْن جرير نَحوه من مُرْسل قَتَادَة وَالضَّحَّاك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {وَالضُّحَى} قَالَ: سَاعَة من سَاعَات النَّهَار {وَاللَّيْل إِذا سجى} قَالَ: سكن بِالنَّاسِ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَاللَّيْل إِذا سجى} قَالَ: إِذا اسْتَوَى وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {إِذا سجى} قَالَ: إِذا لبس النَّاس وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِذا سجى} قَالَ: إِذا أقبل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ {وَاللَّيْل إِذا سجى} قَالَ: إِذا أقبل فَغطّى كل شَيْء وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِذا سجى} قَالَ: إِذا ذهب {مَا وَدعك رَبك} قَالَ: مَا تَركك {وَمَا قلى} قَالَ: مَا أبغضك وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم حَفْص عَن أمهَا وَكَانَت خَادِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن جرواً دخل بَيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدخل تَحت

السرير فَمَاتَ فَمَكثَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعَة أَيَّام لَا ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي فَقَالَ: يَا خَوْلَة مَا حدث فِي بَيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل لَا يأتيني فَقلت يَا نَبِي الله مَا أَتَى علينا يَوْم خير منا الْيَوْم فَأخذ برده فلبسه وَخرج فَقلت فِي نَفسِي: لَو هيأت الْبَيْت وكنسته فَأَهْوَيْت بالمكنسة تَحت السرير فَإِذا بِشَيْء ثقيل فَلم أزل حَتَّى بدا لي الجرو مَيتا فَأَخَذته بيَدي فألقيته خلف الدَّار فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ترْعد لحيته وَكَانَ إِذا نزل عَلَيْهِ أَخَذته الرعدة فَقَالَ: يَا خَوْلَة دثريني فَأنْزل الله عَلَيْهِ {وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذا سجى} إِلَى قَوْله: {فترضى} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عرض عَليّ مَا هُوَ مَفْتُوح لأمتي بعدِي فسرني فَأنْزل الله {وللآخرة خير لَك من الأولى} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: عرض على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هُوَ مَفْتُوح على أمته من بعده كفرا كفرا فسر بذلك فَأنْزل الله {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} فَأعْطَاهُ فِي الْجنَّة ألف قصر من لُؤْلُؤ ترابه الْمسك فِي كل قصر مَا يَنْبَغِي لَهُ من الْأزْوَاج والخدم وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق السّديّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} قَالَ: من رضَا مُحَمَّد أَن لَا يدْخل أحد من أهل بَيته النَّار وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} قَالَ: رِضَاهُ أَن تدخل أمته الْجنَّة كلهم وَأخرج الْخَطِيب فِي تَلْخِيص الْمُتَشَابه من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} قَالَ: لَا يرضى مُحَمَّد وَاحِد من أمته فِي النَّار وَأخرج مُسلم عَن ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا قَول الله فِي إِبْرَاهِيم (فَمن تَبِعنِي فَإِنَّهُ مني) (سُورَة إِبْرَاهِيم الْآيَة 36) وَقَول عِيسَى (إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك) (سُورَة النِّسَاء الْآيَة 118) الْآيَة فَرفع

يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أمتِي أمتِي وَبكى فَقَالَ الله: يَا جِبْرِيل اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّد فَقل لَهُ: إِنَّا سنرضيك فِي أمتك وَلَا نسوءك وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق حَرْب بن شُرَيْح رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت لأبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن: أَرَأَيْت هَذِه الشَّفَاعَة الَّتِي يتحدث بهَا أهل الْعرَاق أَحَق هِيَ قَالَ: إِي وَالله حَدثنِي عمي مُحَمَّد بن الحنفيه عَن عَليّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أشفع لأمتي حَتَّى يناديني رَبِّي أرضيت يَا مُحَمَّد فَأَقُول: نعم يَا رب رضيت ثمَّ أقبل عَليّ فَقَالَ: إِنَّكُم تَقولُونَ يَا معشر أهل الْعرَاق إِن أَرْجَى آيَة فِي كتاب الله (يَا عبَادي الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم لَا تقنطوا من رَحْمَة الله إِن الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا) (سُورَة الزمر الْآيَة 53) قلت: إِنَّا لنقول ذَلِك قَالَ فكلنا أهل الْبَيْت نقُول: إِن أَرْجَى آيَة فِي كتاب الله {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} وَهِي الشَّفَاعَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} قَالَ: هِيَ الشَّفَاعَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّا أهل بَيت اخْتَار الله لنا الْآخِرَة على الدُّنْيَا {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} وَأخرج العسكري فِي المواعظ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن لال وَابْن النجار عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على فَاطِمَة وَهِي تطحن بالرحى وَعَلَيْهَا كسَاء من حَملَة الإِبل فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا قَالَ: يَا فَاطِمَة تعجلِي فتجرعي مرَارَة الدُّنْيَا لنعيم الْآخِرَة غَدا فَأنْزل الله {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما نزلت {وللآخرة خير لَك من الأولى} قَالَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب: لَا يدع الله نبيه فِيكُم إِلَّا قَلِيلا لما هُوَ خير لَهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {ولسوف يعطيك رَبك فترضى} قَالَ: ذَلِك يَوْم الْقِيَامَة هِيَ الْجنَّة

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كنت عِنْد مسلمة بن مخلد وَعِنْده عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ فتمثل مسلمة بِبَيْت من شعر أبي طَالب فَقَالَ: لَو أَن أَبَا طَالب رأى مَا نَحن فِيهِ الْيَوْم من نعْمَة الله وكرامته لعلم أَن ابْن أَخِيه سيد قد جَاءَ بِخَير كثير فَقَالَ عبد الله: ويومئذ قد كَانَ سيداً كَرِيمًا قد جَاءَ بِخَير كثير فَقَالَ مسلمة: ألم يقل الله {ألم يجدك يَتِيما فآوى ووجدك ضَالًّا فهدى ووجدك عائلاً فأغنى} فَقَالَ عبد الله: أما الْيَتِيم فقد كَانَ يَتِيما من أَبَوَيْهِ وَأما الْعيلَة فَكل مَا كَانَ بأيدي الْعَرَب إِلَى الْقلَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بعث عبد الْمطلب ابْنه عبد الله يمتار لَهُ تَمرا من يثرب فَتوفي عبد الله وَولدت آمِنَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ فِي حجر جده عبد الْمطلب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ كِلَاهُمَا فِي الدَّلَائِل وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَأَلت رَبِّي مَسْأَلَة ووددت أَنِّي لم أكن سَأَلته فَقلت: قد كَانَت قبلي الْأَنْبِيَاء مِنْهُم من سخرت لَهُ الرّيح وَمِنْهُم من كَانَ يحيي الْمَوْتَى فَقَالَ تَعَالَى: يَا مُحَمَّد ألم أجدك يَتِيما فآويتك ألم أجدك ضَالًّا فهديتك ألم أجدك عائلاً فأغنيتك ألم أشرح لَك صدرك ألم أَضَع عَنْك وزرك ألم أرفع لَك ذكرك قلت: بلَى يَا رب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَأَلت رَبِّي شَيْئا وددت أَنِّي لم أكن سَأَلته قلت: يَا رب كل الْأَنْبِيَاء فَذكر سُلَيْمَان بِالرِّيحِ وَذكر مُوسَى فَأنْزل الله {ألم يجدك يَتِيما فآوى} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لما نزلت {وَالضُّحَى} على رسو ل الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يمن عليّ رَبِّي وَأهل أَن يمن رَبِّي وَالله أعلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {ووجدك ضَالًّا فهدى} قَالَ: وَجدك بَين ضَالِّينَ فاستنقذك من ضلالتهم أخرج ابْن جرير عَن سُفْيَان {ووجدك عائلاً} قَالَ: فَقير وَذكر أَنَّهَا فِي مصحف ابْن مَسْعُود ووجدك عديماً فآوى

وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي المصاحب عَن الْأَعْمَش قَالَ: قِرَاءَة ابْن مَسْعُود ووجدك عديماً فأغنى أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر} قَالَ: لَا تحقره وَذكر أَن فِي مصحف عبد الله فَلَا تَكْهَر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَلَا تقهر} قَالَ: فَلَا تظلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر} يَقُول: لَا تظلمه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {فَأَما الْيَتِيم فَلَا تقهر} قَالَ: كن للْيَتِيم كأب رَحِيم {وَأما السَّائِل فَلَا تنهر} قَالَ: رد السَّائِل برحمة ولين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان {وَأما السَّائِل فَلَا تنهر} قَالَ: من جَاءَ يَسْأَلك عَن أَمر دينه فَلَا تَنْهَرهُ وَالله أعلم أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {وَأما بِنِعْمَة رَبك فَحدث} قَالَ: بالنبوّة الَّتِي أَعْطَاك رَبك وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَأما بِنِعْمَة رَبك فَحدث} قَالَ: بِالْقُرْآنِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن مقسم قَالَ: لقِيت الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب فصافحته فَقَالَ: التقابل مصافحة الْمُؤمن قلت أَخْبرنِي عَن قَوْله: {وَأما بِنِعْمَة رَبك فَحدث} قَالَ: الرجل الْمُؤمن يعْمل عملا صَالحا فيخبر بِهِ أهل بَيته قلت أَي الْأَجَليْنِ قضى مُوسَى الأول أوة الآخر قَالَ: الآخر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن الْحسن بن عَليّ فِي قَوْله: {وَأما بِنِعْمَة رَبك فَحدث} قَالَ: إِذا أصبت خيرا فَحدث إخوانك وَأخرج ابْن جرير عَن أبي نَضرة قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ يرَوْنَ أَن من شكر النِّعْمَة أَن يحدث بهَا وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الْمسند وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمِنْبَر: من لم يشْكر الْقَلِيل لم يشْكر الْكثير وَمن لم يشْكر النَّاس لم يشْكر الله والتحدث بِنِعْمَة الله شكر وَتركهَا كفر وَالْجَمَاعَة رَحْمَة

وَأخرج ابْن دَاوُد عَن جَابر بن عبد الله عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أبلى بلَاء فَذكره فقد شكره وَإِن كتمه فقد كفره وَمن تحلى بِمَا لم يُعْط فَإِنَّهُ كلابس ثوب زور وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أعْطى عَطاء فَوَجَدَهُ فليخبر بِهِ فَإِن لم يجد فليثن بِهِ فَمن أثنى بِهِ فقد شكره وَمن كتمه فقد كفره وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أولى مَعْرُوفا فليكافئ بِهِ فَإِن لم يسْتَطع فليذكره فَإِن من ذكره فقد شكره وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أولى مَعْرُوفا فليكافئ بِهِ فَإِن لم يسْتَطع فليذكره فَإِن من ذكره فقد شكره وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: إِن ذكر النِّعْمَة شكر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: أَكثر وَاذْكُر هَذِه النِّعْمَة فَإِن ذكرهَا شكر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الْجريرِي قَالَ: كَانَ يُقَال: إِن تعداد النعم من الشُّكْر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن يحيى بن سعيد قَالَ: كَانَ يُقَال: تعداد النعم من الشُّكْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْبَيْهَقِيّ عَن قَتَادَة قَالَ: من شكر النِّعْمَة إفشاؤها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن فُضَيْل بن عِيَاض قَالَ: كَانَ يُقَال: من شكر النِّعْمَة أَن يحدث بهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن أبي الْحوَاري قَالَ: جلس فُضَيْل بن عِيَاض وسُفْيَان بن عُيَيْنَة لَيْلَة إِلَيّ الصَّباح يتذاكران النعم أنعم الله علينا فِي كَذَا أنعم الله علينا فِي كَذَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عنأبي الْأسود الدؤَلِي وزاذان الْكِنْدِيّ قَالَا: قُلْنَا لعَلي: حَدثنَا عَن أَصْحَابك فَذكر مناقبهم قُلْنَا: فحدثنا عَن نَفسك قَالَ: مهلا نهى الله عَن التَّزْكِيَة فَقَالَ لَهُ رجل: فَإِن الله يَقُول {وَأما بِنِعْمَة رَبك فَحدث} قَالَ: فَإِنِّي أحدث بِنِعْمَة رَبِّي كنت وَالله إِذا سَأَلت أَعْطَيْت وَإِذا سكت ابتدئت

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 94 سُورَة الشَّرْح مَكِّيَّة وأياتها ثَمَان مُقَدّمَة السُّورَة أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة {ألم نشرح} بِمَكَّة زَاد بَعضهم: بعد (الضُّحَى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزلت {ألم نشرح} بِمَكَّة وأخرخ ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت سُورَة {ألم نشرح} بِمَكَّة الْآيَة 1 - 8

الشرح

أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ألم نشرح لَك صدرك} قَالَ: شرح الله صَدره للإِسلام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن {ألم نشرح لَك صدرك} قَالَ: مَلِيء حلماً وعلماً {ووضعنا عَنْك وزرك الَّذِي أنقض ظهرك} قَالَ: الَّذِي أثقل الْحمل {ورفعنا لَك ذكرك} قَالَ: إِذا ذكرت ذكرت معي وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان قَالَ: سَأَلت سَعْدا عَن قَوْله: {ألم نشرح لَك صدرك} فَحَدثني بِهِ عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: شقّ بَطْنه من عِنْد

صَدره إِلَى أَسْفَل بَطْنه فاستخرج من قلبه فَغسل فِي طست من ذهب ثمَّ ملئ إِيمَانًا وَحِكْمَة ثمَّ أُعِيد مَكَانَهُ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن أبي بن كَعْب أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: يَا رَسُول الله مَا أول مَا رَأَيْت من أَمر النُّبُوَّة فَاسْتَوَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا وَقَالَ: لقد سَأَلت أَبَا هُرَيْرَة إِنِّي لفي صحراء ابْن عشْرين سنة وأشهراً إِذا بِكَلَام فَوق رَأْسِي وَإِذا رجل يَقُول لرجل: أهوَ هُوَ فاستقبلاني بِوُجُوه لم أرها لخلق قطّ وأرواح لم أَجدهَا فِي خلق قطّ وَثيَاب لم أَجدهَا على أحد قطّ فَأَقْبَلَا إليّ يمشيان حَتَّى أَخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا بعضدي لَا أجد لأخذهما مسّاً فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: أضجعه فأضجعني بِلَا قصر وَلَا هصر فَقَالَ أَحدهمَا: افلق صَدره فخوّى أَحدهمَا إِلَى صَدْرِي ففلقه فِيمَا أرى بِلَا دم وَلَا وجع فَقَالَ لَهُ: أخرج الغل والحسد فَأخْرج شَيْئا كَهَيئَةِ الْعلقَة ثمَّ نبذها فطرحها فَقَالَ لَهُ: أَدخل الرأفة وَالرَّحْمَة فَإِذا مثل الَّذِي أخرج شبه الْفضة ثمَّ هز ابهام رجْلي الْيُمْنَى وَقَالَ: اغدوا سلم (اغْدُ واسلم) فَرَجَعت بهَا أغدو بهَا رقة على الصَّغِير وَرَحْمَة للكبير وَأخرج أَحْمد عَن عتبَة بن عبد السّلمِيّ أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: كَيفَ كَانَ أول شَأْنك يَا رَسُول الله قَالَ: كَانَت حاضنتي بنت سعد بن بكر أخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {ووضعنا عَنْك وزرك} قَالَ: ذَنْبك {الَّذِي أنقض ظهرك} قَالَ: أثقل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن شُرَيْح بن عبيد الْحَضْرَمِيّ {ووضعنا عَنْك وزرك} قَالَ: وغفرنا لَك ذَنْبك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: فِي قِرَاءَة عبد الله وحللنا عَنْك وقرك أخرج الشَّافِعِي فِي الرسَالَة وَعبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ورفعنا لَك ذكرك} قَالَ: لَا أذكر إِلَّا ذكرت معي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن قَتَادَة {ورفعنا لَك ذكرك} قَالَ: رفع الله ذكره فِي الدُّنْيَا والأخرة فَلَيْسَ خطيب وَلَا

متشهد وَلَا صَاحب صَلَاة إِلَّا يُنَادي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن عَسَاكِر وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي الْآيَة قَالَ: إِذا ذكر الله ذكر مَعَه أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {ورفعنا لَك ذكرك} قَالَ: إِذا ذكرت ذكرت معي وَلَا تجوز خطْبَة وَلَا نِكَاح إِلَّا بذكرك معي وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن فِي قَوْله: {ورفعنا لَك ذكرك} قَالَ: أَلا ترى أَن الله لَا يذكر فِي مَوضِع إِلَّا ذكر مَعَه نبيه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الْحسن {ورفعنا لَك ذكرك} قَالَ: إِذا ذكر الله ذكر رَسُوله وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ: إِن رَبك يَقُول: تَدْرِي كَيفَ رفعت ذكرك قلت: الله أعلم قَالَ: إِذا ذكرت ذكرت معي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عدي بن ثَابت قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سَأَلت رَبِّي مَسْأَلَة وددت أَنِّي لم أكن سَأَلته قلت: أَي رب اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا وَكلمت مُوسَى تكليماً قَالَ: يَا مُحَمَّد ألم أجدك يَتِيما فآويت وضالاً فهديت وعائلاً فأغنيت وشرحت لَك صدرك وحططت عَنْك وزرك وَرفعت لَك ذكرك فَلَا أذكر إِلَّا ذكرت معي واتخذتك خَلِيلًا وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لما فرغت من أَمر السَّمَوَات وَالْأَرْض قلت يَا رب: إِنَّه لم يكن نَبِي قبلي إِلَّا وَقد كرّمته اتَّخذت إِبْرَاهِيم خَلِيلًا ومُوسَى كليماً وسخرت لداود الْجبَال ولسليمان الرّيح وَالشَّيَاطِين وأحييت لعيسى الْمَوْتَى فَمَا جعلت لي قَالَ: أوليس قد أَعطيتك أفضل من ذَلِك كُله أَن لَا أذكر إِلَّا ذكرت معي وَجعلت صُدُور أمتك أناجيل يقرؤون الْقُرْآن ظَاهرا وَلم أعْطهَا أمة وأعطيتك كنزاً من كنوز عَرْشِي: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس {ورفعنا لَك ذكرك}

قَالَ: لَا يذكر الله إِلَّا ذكرت مَعَه أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا} قَالَ: اتبع الْعسر يسرا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا} قَالَ: ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشر بِهَذِهِ الْآيَة أَصْحَابه فَقَالَ: لن يغلب عسر يسرين وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جريروابن مرْدَوَيْه عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {إِن مَعَ الْعسر يسرا} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ابشروا أَتَاكُم الْيُسْر لن يغلب عسر يسرين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن ثلثمِائة أَو يزِيدُونَ علينا أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح لَيْسَ مَعنا من الحمولة إِلَّا مَا نركب فزودنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جرابين من تمر فَقَالَ بَعْضنَا لبَعض: قد علم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْن تُرِيدُونَ وَقد علمْتُم مَا مَعكُمْ من الزَّاد فَلَو رجعتم إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسألتموه أَن يزوّدكم فرجعنا إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي قد عرفت الَّذِي جئْتُمْ لَهُ وَلَو كَانَ عِنْدِي غير الَّذِي زوّدتكم لزوّدتكموه فانصرفنا وَنزلت {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا} فَأرْسل نَبِي الله إِلَى بَعْضنَا فَدَعَاهُ فَقَالَ: أَبْشِرُوا فَإِن الله قد أوحى إليّ {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا} وَإِن يغلب عسر يسيرين وَأخرج الْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَالِسا وحياله حجر فَقَالَ: لَو جَاءَ الْعسر فَدخل هَذَا الْحجر لجاء الْيُسْر حَتَّى يدْخل عَلَيْهِ فيخرجه فَأنْزل الله {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا} وَلَفظ الطَّبَرَانِيّ: وتلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا} وَأخرج ابْن النجار من طَرِيق حميد بن حَمَّاد عَن عَائِذ عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ قَاعِدا ببقيع الفرقد فَنزل إِلَى حَائِط فَقَالَ: يَا معشر من حضر وَالله لَو كَانَت الْعسر جَاءَت تدخل الْحجر لجاءت الْيُسْر حَتَّى تخرجها فَأنْزل الله {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لوكان الْعسر فِي حجر لدخل عَلَيْهِ الْيُسْر حَتَّى يُخرجهُ ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن مَعَ الْعسر يسرا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصَّبْر وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَو كَانَ الْعسر فِي حجر لتَبعه الْيُسْر حَتَّى يدْخل عَلَيْهِ ليخرجه وَلنْ يغلب عسر يسرين إِن الله يَقُول: {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن قَالَ: خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا فَرحا مَسْرُورا وَهُوَ يضْحك وَيَقُول: لن يغلب عسر يسرين {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ لَا يلغب عسر وَاحِد يسرين اثْنَيْنِ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَإِذا فرغت فانصب} الْآيَة قَالَ: إِذا فرغت من الصَّلَاة فانصب فِي الدُّعَاء واسأل الله وارغب إِلَيْهِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَإِذا فرغت فانصب} الْآيَة قَالَ: قَالَ الله لرَسُوله: إِذا فرغت من صَلَاتك وتشهدت فانصب إِلَى رَبك واسأله حَاجَتك وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الذّكر عَن ابْن مَسْعُود {فَإِذا فرغت فانصب} إِلَى الدُّعَاء {وَإِلَى رَبك فارغب} فِي الْمَسْأَلَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانَ ابْن مَسْعُود يَقُول: أَيّمَا رجل أحدث فِي آخر صلَاته فقد تمت صلَاته وَذَلِكَ قَوْله: {فَإِذا فرغت فانصب} قَالَ: فراغك من الرُّكُوع وَالسُّجُود {وَإِلَى رَبك فارغب} قَالَ: فِي الْمَسْأَلَة وَأَنت جَالس وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود {فَإِذا فرغت فانصب} قَالَ: إِذا فرغت من الْفَرَائِض فانصب فِي قيام اللَّيْل وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {فَإِذا فرغت فانصب} قَالَ: إِذا جَلَست فاجتهد فِي الدُّعَاء وَالْمَسْأَلَة

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن نصر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {فَإِذا فرغت فانصب} قَالَ: إِذا فرغت من أَسبَاب نَفسك فصل {وَإِلَى رَبك فارغب} قَالَ: اجْعَل رغبتك إِلَى رَبك وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فَإِذا فرغت فانصب} قَالَ: إِذا فرغت من صَلَاتك فانصب فِي الدُّعَاء وَأخرج عبد بن حميد وَابْن نصر عَن الضَّحَّاك {فَإِذا فرغت} قَالَ: من الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة {وَإِلَى رَبك فارغب} قَالَ: فِي الْمَسْأَلَة وَالدُّعَاء وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {فَإِذا فرغت فانصب وَإِلَى رَبك فارغب} قَالَ: أمره إِذا فرغ من الصَّلَاة أَن يرغب فِي الدُّعَاء إِلَى ربه وَقَالَ الْحسن: أمره إِذا فرغ من غَزوه أَن يجْتَهد فِي الْعِبَادَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم {فَإِذا فرغت فانصب} قَالَ: إِذا فرغت من الْجِهَاد فتعبد

95 سُورَة التِّين مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان أخرج ابْن الضريس والنحاس وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت سُورَة التِّين {والتين} بِمَكَّة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 8

التين

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: أنزلت سُورَة {والتين} بِمَكَّة وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فصلى الْعشَاء فَقَرَأَ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ ب {والتين وَالزَّيْتُون} فَمَا سَمِعت أحدا أحسن صَوتا أَو قِرَاءَة مِنْهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن يزِيد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي الْمغرب ب {والتين وَالزَّيْتُون} وَأخرج الْخَطِيب عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمغرب فَقَرَأَ {والتين وَالزَّيْتُون}

وَأخرج ابْن قَانِع وَابْن السكن والشيرازي فِي الألقاب عَن زرْعَة بن خَليفَة قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْيَمَامَة فَعرض علينا الإِسلام فأسلمنا فَلَمَّا صلينَا الْغَدَاة قَرَأَ ب {والتين وَالزَّيْتُون} و {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} أخرج الْخَطِيب وَابْن عساكربسند فِيهِ مَجْهُول عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس قَالَ: لما نزلت سُورَة {والتين} على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرح بهَا فَرحا شَدِيدا حَتَّى تبين لنا شدَّة فرحه فسألنا ابْن عَبَّاس عَن تَفْسِيرهَا فَقَالَ: التِّين بِلَاد الشَّام وَالزَّيْتُون بِلَاد فلسطين {وطور سينين} الَّذِي كلم الله مُوسَى عَلَيْهِ {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} عَبدة اللات والعزى {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم أجر غير ممنون} أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي {فَمَا يكذبك بعد بِالدّينِ أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} إِذا بَعثك فيهم نَبيا وجمعك على التَّقْوَى يَا مُحَمَّد وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {والتين} قَالَ: مَسْجِد نوح الَّذِي بني بِأَعْلَى الجودي {وَالزَّيْتُون} قَالَ: بَيت الْمُقَدّس {وطور سينين} قَالَ: مَسْجِد الطّور {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} قَالَ: مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} يَقُول: يرد إِلَى أرذل الْعُمر كبر حَتَّى ذهب عقله هم نفر كَانُوا على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسئلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين تسفهت عُقُولهمْ فَأنْزل الله عذرهمْ أَن لَهُم أجرهم الَّذِي عمِلُوا قبل أَن تذْهب عُقُولهمْ {فَمَا يكذبك بعد بِالدّينِ} يَقُول: بِحكم الله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {والتين وَالزَّيْتُون} قَالَ: هما المسجدان مَسْجِد الْحَرَام وَمَسْجِد الْأَقْصَى حَيْثُ أسرِي بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {وطور سينين} الْجَبَل الَّذِي صعده مُوسَى {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: فِي انتصاب لم يخلق منكبّاً على وَجهه {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: أرذل الْعُمر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {والتين} قَالَ: التِّين الْجَبَل الَّذِي عَلَيْهِ دمشق {وَالزَّيْتُون} الَّذِي عَلَيْهِ بَيت الْمُقَدّس {وطور سينين} قَالَ: جبل بِالشَّام مبارك حسن ذُو شجر {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} قَالَ: مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ:

وَقع الْقسم هَهُنَا {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: جَهَنَّم {فَمَا يكذبك بعد بِالدّينِ} يَقُول: استيقن فقد جَاءَك من الله الْبَيَان وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عبد الله الْفَارِسِي قَالَ: {والتين} مَسْجِد دمشق {وَالزَّيْتُون} بَيت الْمُقَدّس {وطور سينين} جبل مُوسَى {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} الْبَلَد الْحَرَام وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: {والتين} مَسْجِد أَصْحَاب الْكَهْف {وَالزَّيْتُون} مَسْجِد إيليا {وطور سينين} مَسْجِد الطّور {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} مَكَّة وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {والتين وَالزَّيْتُون} مسجدان بِالشَّام {وطور سينين} قَالَ: الطّور الْجَبَل وسينين الْحسن وَأخرج ابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن كَعْب الْأَحْبَار فِي قَوْله: {والتين} الْآيَة قَالَ: {والتين} دمشق {وَالزَّيْتُون} بَيت الْمُقَدّس {وطور سينين} الَّذِي كلم الله عَلَيْهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} مَكَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن أبي حبيب الْحَارِث بن مُحَمَّد قَالَ: أَرْبَعَة جبال مُقَدَّسَة بَين يَدي الله تَعَالَى: طور زيتا وطور سينا وطور تينا وطور تيما وَهُوَ قَول الله: {والتين وَالزَّيْتُون وطور سينين وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} فَأَما طور زيتا فبيت الْمُقَدّس وَأما طور سينا فالطور وَأما طور تينا فدمشق وَأما طور تيما فمكة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن زيد بن ميسرَة مثله وَفِيه وطور سينا حَيْثُ كلم الله مُوسَى وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن الحكم {والتين} دمشق {وَالزَّيْتُون} فلسطين {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} مَكَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس {والتين وَالزَّيْتُون} قَالَ: الْفَاكِهَة الَّتِي يأكلها النَّاس {وطور سينين}

قَالَ: الطّور الْجَبَل وسينين الْمُبَارك وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {والتين وَالزَّيْتُون} قَالَ: الْفَاكِهَة الَّتِي يَأْكُل النَّاس {وطور سينين} قَالَ: الطّور الْجَبَل وسينين الْمُبَارك {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} قَالَ: مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: فِي أحسن صُورَة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: فِي النَّار {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: إِلَّا من آمن {فَلهم أجر غير ممنون} قَالَ: غير مَحْسُوب وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وطور سينين} قَالَ: هُوَ الْحسن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: {سينين} هُوَ الْحسن بِلِسَان الْحَبَشَة وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع فِي قَوْله: {والتين وَالزَّيْتُون وطور سينين} قَالَ: الْجَبَل الَّذِي عَلَيْهِ التِّين وَالزَّيْتُون وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله أَن خُزَيْمَة بن ثَابت وَلَيْسَ بِالْأَنْصَارِيِّ سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْبَلَد الْأمين فَقَالَ: مَكَّة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: صليت خلف عمر بن الْخطاب الْمغرب فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى: والتين وَالزَّيْتُون وطور سينا قَالَ: وَهَكَذَا هِيَ قِرَاءَة عبد الله وَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة (ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل) (سُورَة الْفِيل الْآيَة 1) و {لِإِيلَافِ قُرَيْش} سُورَة قُرَيْش الْآيَة 1 جمع بَينهمَا وَرفع صورته فقدرت أَنه رفع صورته تَعْظِيمًا للبيت وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: فِي أعدل خلق {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} يَقُول: إِلَى أرذل الْعُمر {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم أجر غير ممنون} غير مَنْقُوص يَقُول: فَإِذا بلغ الْمُؤمن أرذل الْعُمر وَكَانَ يعْمل فِي شبابه عملا صَالحا كتب الله لَهُ من الْأجر مثله مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته وشبابه وَلم يضرّهُ مَا عمل فِي كبره وَلم يكْتب عَلَيْهِ الْخَطَايَا الَّتِي يعْمل بعد مَا يبلغ أرذل الْعُمر

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: خلق كل شَيْء منكباً على وَجهه إِلَّا الإِنسان {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} إِلَى أرذل الْعُمر {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} الْآيَة قَالَ: فأيما رجل كَانَ يعْمل عملا صَالحا وَهُوَ قويّ شَاب فعجز عَنهُ جرى لَهُ أجر ذَلِك الْعَمَل حَتَّى يَمُوت وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {والتين} قَالَ: هُوَ هَذَا التِّين {وَالزَّيْتُون} قَالَ: هُوَ هَذَا الزَّيْتُون {وطور سينين} قَالَ: الطّور الْجَبَل وسينين هُوَ الْحسن بِالْحَبَشَةِ {وَهَذَا الْبَلَد الْأمين} قَالَ: مَكَّة {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: شباب وَشدَّة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: رد إِلَى أرذل الْعُمر {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات فَلهم أجر غير ممنون} قَالَ: يُوفيه الله أجره وَعَمله فَلَا يؤاخذه إِذا رد إِلَى أرذل الْعُمر وَفِي لفظ قَالَ: من رد مِنْهُم إِلَى أرذل الْعُمر جرى لَهُ من الْأجر مثل مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته وشبابه فَذَلِك الْأجر غير ممنون قَالَ: وَلَا يمن بِهِ عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن {والتين وَالزَّيْتُون} قَالَ: تينكم هَذَا الَّذِي تَأْكُلُونَ وزيتونكم هَذَا الَّذِي تعصرون {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: فِي أحسن صُورَة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: فِي نَار جَهَنَّم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله: {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} يَقُول: فِي أحسن صُورَة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: فِي النَّار فِي شَرّ صُورَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم} قَالَ: فِي أحسن صُورَة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: إِلَى أرذل الْعُمر فَإِذا بلغُوا ذَلِك كتب لَهُم من الْعَمَل مثل مَا كَانُوا يعْملُونَ فِي الصِّحَّة وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: عزَّ وَجل {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: هَذَا الْكَافِر من الشَّبَاب إِلَى الْكبر وَمن الْكبر إِلَى النَّار قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ يَقُول: فأضحوا لَدَى دَار الْجَحِيم بمعزل عَن الشعث والعدوان فِي أَسْفَل السّفل

وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: إِلَى أرذل الْعُمر وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن لم يرد إِلَى أرذل الْعُمر وَذَلِكَ قَوْله: {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: إِلَّا الَّذين قرؤوا الْقُرْآن وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ يُقَال من قَرَأَ الْقُرْآن لم يرد إِلَى أرذل الْعُمر ثمَّ قَرَأَ {لقد خلقنَا الإِنسان فِي أحسن تَقْوِيم ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} قَالَ: لَا يكون حَتَّى لَا يعلم من بعد علمٍ شَيْئا وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} قَالَ: الْهَرم لم يَجْعَل فِيهِ قوّة مَا كَانَ (لكَي لَا يعلم بعد علم شَيْئا) (سُورَة الْحَج الْآيَة 5) قَالَ: وَلَا ينزل تِلْكَ الْمنزلَة أحد قَرَأَ الْقُرْآن وَذَلِكَ قَوْله: {إِلَّا الَّذين آمنُوا} الْآيَة قَالَ: هم أَصْحَاب الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {ثمَّ رددناه أَسْفَل سافلين} يَقُول: إِلَى الْكبر وَضَعفه فَإِذا ضعف وَكبر عَن الْعَمَل كتب لَهُ مثل أجر مَا كَانَ يعْمل فِي شبيبته وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ العَبْد على طَريقَة من الْخَيْر فَمَرض أَو سَافر كتب الله لَهُ مثل مَا كَانَ يعْمل ثمَّ قَرَأَ {فَلهم أجر غير ممنون} وَأخرج البُخَارِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا مرض العَبْد أَو سَافر كتب الله لَهُ من الْأجر مثل مَا كَانَ يعْمل صَحِيحا مُقيما وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {فَلهم أجر غير ممنون} قَالَ: غير ممنون مَا يكْتب لَهُم صَاحب الْيَمين فَإِن عمل خيرا كتب لَهُ صَاحب الْيَمين وَإِن ضعف عَن ذَلِك لَهُ صَاحب الْيَمين وَأمْسك صَاحب الشمَال فَلم يكْتب سَيِّئَة وَمن قَرَأَ الْقُرْآن لم يرد إِلَى أرذل الْعُمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شَيْئا

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَكْحُول قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا مرض العَبْد يُقَال لصَاحب الشمَال: ارْفَعْ عَنهُ الْقَلَم وَيُقَال لصَاحب الْيَمين: اكْتُبْ لَهُ أحسن مَا كَانَ يعْمل فَإِنِّي أعلم بِهِ وَأَنا قيدته وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن شَدَّاد بن أَوْس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِذا ابْتليت عبدا من عبَادي مُؤمنا فحمدني على مَا ابتليته فَإِنَّهُ يقوم من مضجعه كَيَوْم وَلدته أمه من الْخَطَايَا وَيَقُول الرب عز وَجل: إِنِّي أَنا قيدته وابتليته فأجروا لَهُ مَا كُنْتُم تجرون لَهُ قبل ذَلِك وَهُوَ صَحِيح وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مَنْصُور قَالَ: قلت لمجاهد {فَمَا يكذبك بعد بِالدّينِ} و (أَرَأَيْت الَّذِي يكذب بِالدّينِ) (سُورَة الماعون الْآيَة 1) عَنى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: معَاذ الله إِنَّمَا عني بِهِ الإِنسان وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله كَانَ يَقُول: بلَى وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين وَأخرج عبد بن حميد عَن صَالح أبي الْخَلِيل قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى على هَذِه الْآيَة {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} يَقُول: سُبْحَانَكَ فبلى وَأخرج التِّرْمِذِيّ وان مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة يرويهِ: من قَرَأَ {والتين وَالزَّيْتُون} فَقَرَأَ {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} فَلْيقل بلَى وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا قَرَأت {والتين وَالزَّيْتُون} فَقَرَأت {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} فَقل بلَى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ إِذا قَرَأَ {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ فبلى

96 سُورَة العلق مَكِّيَّة وآياتها تسع عشرَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 19

العلق

أخرج ابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول مَا نزل من الْقُرْآن بِمَكَّة {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: كَانَت {اقْرَأ باسم رَبك} أول سُورَة أنزلت على مُحَمَّد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن شهَاب: حَدثنِي مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر المَخْزُومِي أَنه سمع بعض عُلَمَائهمْ يَقُول: كَانَ أول مَا أنزل الله على نبيه {اقْرَأ باسم رَبك} إِلَى {مَا لم يعلم} فَقَالُوا: هَذَا صدرها الَّذِي أنزل يَوْم حراء ثمَّ أنزل الله آخرهَا بعد ذَلِك مَا شَاءَ الله

وَأخرج ابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَصَححهُ عَن عَائِشَة قَالَت: أول مَا نزل من الْقُرْآن {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ أَنَّهَا قَالَت: أول مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْوَحْي الرُّؤْيَا الصَّالِحَة فِي النّوم فَكَانَ لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح ثمَّ حبب إِلَيْهِ الْخَلَاء وَكَانَ يَخْلُو بِغَار حراء فَيَتَحَنَّث فِيهِ وَهُوَ التَّعَبُّد اللَّيَالِي ذَوَات الْعدَد قبل أَن ينْزع إِلَى أَهله ويتزود لذَلِك ثمَّ يرجع إِلَى خَدِيجَة فيتزود لمثلهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحق وَهُوَ فِي غَار حراء فَجَاءَهُ الْملك فَقَالَ {اقْرَأ} قَالَ: قلت: مَا أَنا بقارئ قَالَ: فأخذني فغطني حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ فَقلت: مَا أَنا بقارئ قَالَ: فأخذني فغطني الثَّانِيَة حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ فَقلت: مَا أَنا بقارئ فأخذني فغطني الثَّالِثَة حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق خلق الإِنسان من علق اقْرَأ وَرَبك الأكرم الَّذِي علم بالقلم} الْآيَة فَرجع بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يرجف فُؤَاده فَدخل على خَدِيجَة بنت خويلد فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي فزملوه حَتَّى ذهب عَنهُ الروع فَقَالَ لِخَدِيجَة وأخبرها الْخَبَر: لقد خشيت على نَفسِي فَقَالَت خَدِيجَة: كلا وَالله مَا يخزيك الله أبدا إِنَّك لتصل الرَّحِم وَتحمل الْكل وتكسب الْمَعْدُوم وتقري الضَّيْف وَتعين على نَوَائِب الْحق فَانْطَلَقت بِهِ خَدِيجَة حَتَّى أَتَت ورقة بن نَوْفَل بن أَسد بن عبد الْعُزَّى - ابْن عَم خَدِيجَة - وَكَانَ امْرأ قد تنصر فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ يكْتب الْكتاب العبراني فَيكْتب من الإِنجيل بالعبرانية مَا شَاءَ الله أَن يكْتب وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد عمي فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة: يَا ابْن عَم اسْمَع من ابْن أَخِيك فَقَالَ لَهُ روقة: يَا ابْن أخي مَاذَا ترى فَأخْبرهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خبر مَا رأى فَقَالَ لَهُ ورقة: هَذَا الناموس الَّذِي أنزل الله على مُوسَى يَا لَيْتَني أكون فِيهَا جذعاً يَا لَيْتَني أكون فِيهَا حَيا إِذا يخْرجك قَوْمك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَو مخرجي هم قَالَ: نعم لم يَأْتِ رجل قطّ بِمثل مَا جِئْت بِهِ إِلَّا عودي وَإِن يدركني يَوْمك أنصرك نصرا مؤزراً ثمَّ لم ينشب ورقة أَن توفّي وفتر الْوَحْي قَالَ ابْن شهَاب: وَأَخْبرنِي أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَن جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ قَالَ وَهُوَ يحدث عَن فَتْرَة الْوَحْي فَقَالَ فِي حَدِيثه: بَينا أَنا أَمْشِي إِذْ

سَمِعت صَوتا من السَّمَاء فَرفعت بَصرِي فَإِذا الْملك الَّذِي جَاءَنِي بحراء جَالس على كرْسِي بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَرُعِبْت مِنْهُ فَرَجَعت فَقلت: زَمِّلُونِي فَأنْزل الله (يَا أَيهَا المدثر قُم فَأَنْذر وَرَبك فَكبر وثيابك فطهر وَالرجز فاهجر) (سُورَة المدثر الْآيَة 1 - 2 - 3 - 4 - 5) فحمي الْوَحْي وتتابع وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول سُورَة نزلت على مُحَمَّد {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: أول مَا نزل من الْقُرْآن {اقْرَأ باسم رَبك} ثمَّ (ن والقلم) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أول شَيْء أنزل من الْقُرْآن خمس آيَات {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} إِلَى قَوْله: {مَا لم يعلم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: أول مَا نزل من الْقُرْآن {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} ثمَّ (ن) وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ أول مَا نزل عَلَيْهِ بعد {اقْرَأ باسم رَبك} {ن والقلم} و (يَا أَيهَا المدثر) (وَالضُّحَى) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن الزُّهْرِيّ وَعَمْرو بن دِينَار أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بحراء إِذا أَتَاهُ ملك بنمط من ديباج فِيهِ مَكْتُوب {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} إِلَى {مَا لم يعلم} وَأخرج الْحَاكِم من طَرِيق عَمْرو بن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بحراء إِذا أَتَاهُ ملك بنمط من ديباج فِيهِ مَكْتُوب {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} إِلَى {مَا لم يعلم} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عبد الله بن شَدَّاد قَالَ: أَتَى جِبْرِيل مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا مُحَمَّد اقْرَأ قَالَ: وَمَا أَقرَأ فضمه ثمَّ قَالَ يَا مُحَمَّد: اقْرَأ قَالَ: وَمَا أَقرَأ قَالَ: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} حَتَّى بلغ {مَا لم يعلم} فجَاء إِلَى خَدِيجَة فَقَالَ: يَا خَدِيجَة مَا أرَاهُ إِلَّا قد عرض لي قَالَت: كلا وَالله مَا كَانَ رَبك يفعل ذَلِك بك وَمَا أتيت فَاحِشَة قطّ فَأَتَت خَدِيجَة ورقة فَأَخْبَرته الْخَبَر قَالَ: لِأَن كنت صادقتة إِن زَوجك لنَبِيّ وليقين من أمته شدَّة وَلَئِن أَدْرَكته لأمنن بِهِ قَالَ: ثمَّ أَبْطَأَ عَلَيْهِ جِبْرِيل فَقلت خَدِيجَة: مَا أرى رَبك إِلَّا قد قلاك فَأنْزل الله (وَالضُّحَى وَاللَّيْل إِذا سجى مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى) (سُورَة الضُّحَى آيَة 1)

وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اعْتكف هُوَ وَخَدِيجَة شهرا فَوَافَقَ ذَلِك رَمَضَان فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسمع السَّلَام عَلَيْكُم قَالَت: فَظَنَنْت أَنه فَجْأَة الْجِنّ فَقَالَ: ابشروا فَإِن السَّلَام خير ثمَّ رأى يَوْمًا آخر جِبْرِيل على الشَّمْس لَهُ جنَاح بالمشرق وَجَنَاح بالمغرب قَالَ: فَهبت مِنْهُ فَانْطَلق يُرِيد أَهله فَإِذا هُوَ بِجِبْرِيل بَينه وَبَين الْبَاب قَالَ: فكلمني حَتَّى أنست مِنْهُ ثمَّ وَعَدَني موعداً فَجئْت لموعده وَاحْتبسَ عليّ جِبْرِيل فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرجع إِذا هُوَ بِهِ وبميكائيل فهبط جِبْرِيل إِلَى الأَرْض وَمِيكَائِيل بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فأخذني جِبْرِيل فصلقني لحلاوة الْقَفَا وشق عَن بَطْني فَأخْرج مِنْهُ مَا شَاءَ الله ثمَّ غسله فِي طست من ذهب ثمَّ أعَاد فِيهِ ثمَّ كفأني كَمَا يكفأ الإِناء ثمَّ ختم فِي ظَهْري حَتَّى وجدت مس الْخَاتم ثمَّ قَالَ لي: اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق وَلم أَقرَأ كتابا قطّ فَأخذ بحلقي حَتَّى أجهشت بالبكاء ثمَّ قَالَ لي: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} إِلَى قَوْله: {مَا لم يعلم} قَالَ: فَمَا نسيت شَيْئا بعده ثمَّ وزنني جِبْرِيل بِرَجُل فوازنته ثمَّ وزنني بِأخر فوازنته ثمَّ وزنني بِمِائَة فَقَالَ مِيكَائِيل: تَبعته أمته وَرب الْكَعْبَة قَالَ: ثمَّ جِئْت إِلَى منزلي فَلم يلقني حجر وَلَا شجر إِلَّا قَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله حَتَّى دخلت على خَدِيجَة فَقَالَت: السَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ أعز الإِسلام بعمر بن الْخطاب وَقد ضرب أُخْته أول اللَّيْل هِيَ تقْرَأ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} حَتَّى ظن أَنه قَتلهَا ثمَّ قَامَ من السحر فَسمع صَوتهَا تقْرَأ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} فَقَالَ: وَالله مَا هَذَا بِشعر وَلَا همهمة فَذهب حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَوجدَ بِلَالًا على الْبَاب فَدفع الْبَاب فَقَالَ بِلَال: من هَذَا فَقَالَ عمر بن الْخطاب: فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْذن لَك على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ بِلَال: يَا رَسُول الله عمر بِالْبَابِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن يرد الله بعمر خيرا أدخلهُ فِي الدّين فَقَالَ لِبلَال: افْتَحْ وَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضبعيه فهزه فَقَالَ: مَا الَّذِي تُرِيدُ وَمَا الَّذِي جِئْت لَهُ فَقَالَ لَهُ عمر: اعْرِض عليّ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ قَالَ: تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَأسلم عمر مَكَانَهُ وَقَالَ: اخْرُج أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {الَّذِي علم بالقلم}

قَالَ: الْقَلَم نعْمَة من الله عَظِيمَة لَوْلَا الْقَلَم لم يقم دين وَلم يصلح عَيْش وَفِي قَوْله: {علم الإِنسان مَا لم يعلم} قَالَ: الْخط أخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: منهومان لَا يشبعان: صَاحب علم وَصَاحب دنيا وَلَا يستويان فَأَما صَاحب الْعلم فَيَزْدَاد رضَا الرَّحْمَن ثمَّ قَرَأَ (إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء) (سُورَة فاطر الْآيَة 28) وَأما صَاحب الدُّنْيَا فيتمادى فِي الطغيان ثمَّ قَرَأَ {إِن الإِنسان ليطْغى أَن رَآهُ اسْتغنى} وَالله أعلم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أَبُو جهل: لَئِن رَأَيْت مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْد الْكَعْبَة لَأَطَأَن عُنُقه فَبلغ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: لَو فعل لَأَخَذته الْمَلَائِكَة عيَانًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فجَاء أَبُو جهل فَقَالَ: ألم أَنْهَك عَن هَذَا ألم أَنْهَك عَن هَذَا فَانْصَرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فزبره فَقَالَ أَبُو جهل: إِنَّك لتعلم مَا بهَا رجل أَكثر نَادِيًا مني فَأنْزل الله {فَليدع نَادِيه سَنَدع الزَّبَانِيَة} قَالَ ابْن عَبَّاس: وَالله لَو دَعَا نَادِيه لَأَخَذته زَبَانِيَة الله وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ أَبُو جهل: لَئِن عَاد مُحَمَّد يُصَلِّي عِنْد الْمقَام لأقتلنه فَأنْزل الله {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} حَتَّى بلغ هَذِه الْآيَة {لنسفعا بالناصية نَاصِيَة كَاذِبَة خاطئة فَليدع نَادِيه سَنَدع الزَّبَانِيَة} فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فَقيل: مَا يمنعك فَقَالَ: قد اسود مَا بَين وَبَينه قَالَ ابْن عَبَّاس: وَالله لَو تحرّك لَأَخَذته الْمَلَائِكَة وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب قَالَ: كنت يَوْمًا فِي الْمَسْجِد فَأقبل أَبُو جهل فَقَالَ: إِن لله عليّ إِن رَأَيْت مُحَمَّدًا سَاجِدا أَن أَطَأ على رقبته فَخرجت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

حَتَّى دخلت عَلَيْهِ فَأَخْبَرته بقول أبي جهل فَخرج غَضْبَان حَتَّى جَاءَ الْمَسْجِد فَعجل أَن يدْخل الْبَاب فاقتحم الْحَائِط فَقلت هَذَا يَوْم شرّ فاتزرت ثمَّ تَبعته فَدخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق} فَلَمَّا بلغ شَأْن أبي جهل {كلا إِن الإِنسان ليطْغى} قَالَ إِنْسَان لأبي جهل: يَا أَبَا الحكم هَذَا مُحَمَّد فَقَالَ أَبُو جهل: أَلا ترَوْنَ مَا أرى وَالله لقد سد أفق السَّمَاء عليّ فَلَمَّا بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخر السُّورَة سجد وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ أَبُو جهل: هَل يعفر مُحَمَّد وَجهه إِلَّا بَين أظْهركُم قَالُوا: نعم فَقَالَ: وَاللات والعزى لَئِن رَأَيْته يُصَلِّي كَذَلِك لَأَطَأَن على رقبته ولأعفرن وَجهه فِي التُّرَاب فَأتى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي ليَطَأ على رقبته قَالَ: فَمَا فَجِئَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكص على عَقِبَيْهِ يَتَّقِي بيدَيْهِ فَقيل لَهُ: مَالك قَالَ: إِن بيني وَبَينه خَنْدَقًا من نَار وَهَؤُلَاء أَجْنِحَة فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو دنا مني لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَة عضوا عضوا قَالَ: وَأنزل الله {كلا إِن الإِنسان ليطْغى} إِلَى آخر السُّورَة يَعْنِي أَبَا جهل {فَليدع نَادِيه} يَعْنِي قومه {سَنَدع الزَّبَانِيَة} يَعْنِي الْمَلَائِكَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَرَأَيْت الَّذِي ينْهَى عبدا إِذا صلى} قَالَ أَبُو جهل بن هِشَام: حَيْثُ رمى رَسُول الله بالسلا على ظَهره وَهُوَ ساجد لله عزَّ وجلَّ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {أَرَأَيْت الَّذِي ينْهَى عبدا إِذا صلى} قَالَ: نزلت فِي عدوّ الله أبي جهل وَذَلِكَ أَنه قَالَ: لَئِن رَأَيْت مُحَمَّدًا يُصَلِّي لَأَطَأَن على عُنُقه فَأنْزل الله {أَرَأَيْت الَّذِي ينْهَى عبدا إِذا صلى أَرَأَيْت إِن كَانَ على الْهدى أَو أَمر بالتقوى} قَالَ: مُحَمَّدًا {أَرَأَيْت إِن كذب وَتَوَلَّى} يَعْنِي بذلك أَبَا جهل {فَليدع نَادِيه} قَالَ: قومه وحيه {سَنَدع الزَّبَانِيَة} قَالَ: الزَّبَانِيَة فِي كَلَام الْعَرَب الشَّرْط وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {أَرَأَيْت الَّذِي ينْهَى عبدا إِذا صلى} قَالَ: أَبُو جهل نهى مُحَمَّدًا إِذا صلى {فَليدع نَادِيه} قَالَ: عشيرته {سَنَدع الزَّبَانِيَة} قَالَ: الْمَلَائِكَة

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لنسفعا} قَالَ: لنأخذن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة مثله وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْحَرْث قَالَ: الزَّبَانِيَة أَرجُلهم فِي الأَرْض ورؤوسهم فِي السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم قَالَ {واسجد} أَنْت يَا مُحَمَّد {واقترب} أَنْت يَا أَبَا جهل يتوعده وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد أَلا تسمعونه يَقُول {واسجد واقترب} وَأخرج ابْن سعد عَن عُثْمَان بن أبي العَاصِي قَالَ: آخر كَلَام كلمني بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ استعملني على الطَّائِف أَن قَالَ: خفف الصَّلَاة عَن النَّاس حَتَّى وَقت اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق وأشباهها من الْقُرْآن

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 97 سُورَة الْقدر مَكِّيَّة وآياتها خمس مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - 5

القدر

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة مثله وَأخرج ابْن الضريس وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} قَالَ: أنزل الْقُرْآن فِي لَيْلَة الْقدر جملَة وَاحِدَة من الذّكر الَّذِي عِنْد رب الْعِزَّة حَتَّى وضع فِي بَيت الْعِزَّة فِي السَّمَاء الدُّنْيَا ثمَّ جعل جِبْرِيل ينزل على مُحَمَّد بحراء بِجَوَاب كَلَام الْعباد وأعمالهم وَأخرج عبد بن حميد عَن الرّبيع بن أنس {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} قَالَ: أنزل الله الْقُرْآن جملَة فِي لَيْلَة الْقدر كُله {لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} يَقُول: خير من عمل ألف شهر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن

الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} قَالَ: لَيْلَة الحكم وَأخرج عبد بن حميد عَن أنس قَالَ: الْعَمَل فِي لَيْلَة الْقدر وَالصَّدَََقَة وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة أفضل من ألف شهر وَأخرج ابْن جرير عَن عَمْرو بن قيس الْملَائي فِي قَوْله: {لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} قَالَ: عمل فِيهَا خير من عمل فِي ألف شهر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} قَالَ: خير من ألف شهر لَيْسَ فِيهَا لَيْلَة الْقدر وَفِي قَوْله: {تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح فِيهَا بِإِذن رَبهم من كل أَمر} قَالَ: يقْضِي فِيهَا مَا يكون فِي السّنة إِلَى مثلهَا {سَلام هِيَ} قَالَ: إِنَّمَا هِيَ بركَة كلهَا وَخير {حَتَّى مطلع الْفجْر} يَقُول: إِلَى مطلع الْفجْر وَأخرج مَالك فِي الْمُوَطَّأ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَنهُ أَنه بلغه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرِي أَعمال النَّاس قبله أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك فَكَأَنَّهُ تقاصر أَعمار أمته أَن لَا يبلغُوا من الْعَمَل مثل مَا بلغ غَيرهم فِي طول الْعُمر فَأعْطَاهُ الله لَيْلَة الْقدر خيرا من ألف شهر وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل يقوم اللَّيْل حَتَّى يصبح ثمَّ يُجَاهد العدوّ بِالنَّهَارِ حَتَّى يُمْسِي فَفعل ذَلِك ألف شهر فَأنْزل الله {لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} قيام تِلْكَ اللَّيْلَة خير من عمل ذَلِك الرجل ألف شهر وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذكر رجلا من بَين إِسْرَائِيل لبس السِّلَاح فِي سَبِيل الله ألف شهر فَعجب الْمُسلمُونَ من ذَلِك فَأنْزل الله {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} الَّتِي لبس فِيهَا ذَلِك الرجل السِّلَاح فِي سَبِيل الله ألف شهر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن عُرْوَة قَالَ: ذكر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا أَرْبَعَة من بني إِسْرَائِيل عبدُوا الله ثَمَانِينَ عَاما لم يعصوه طرفه عين فَذكر أَيُّوب وزَكَرِيا وحزقيل بن الْعَجُوز ويوشع بن نون فَعجب أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ذَلِك فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد عجبت أمتك من عبَادَة هَؤُلَاءِ النَّفر ثَمَانِينَ سنة فقد أنزل الله خيرا من ذَلِك فَقَرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر}

هَذَا أفضل مِمَّا عجبت أَنْت وَأمتك فسر بذلك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس مَعَه وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني أُميَّة على منبره فساءه ذَلِك فَأوحى الله إِلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ ملك يصيبونه وَنزلت {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} وَأخرج الْخَطِيب عَن ابْن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَرَأَيْت بني أُميَّة يصعدون منبري فشق ذَلِك عليّ فَأنْزل الله {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَضَعفه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن يُوسُف بن مَازِن الرُّؤَاسِي قَالَ: قَامَ رجل إِلَى الْحسن بن عَليّ بعد مَا بَايع مُعَاوِيَة فَقَالَ: سوّدت وُجُوه الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: لَا تؤنبني رَحِمك الله فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى بني أُميَّة يخطبون على منبره فساءه ذَلِك فَنزلت (إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر) (سُورَة الْكَوْثَر الْآيَة 1) يَا مُحَمَّد يَعْنِي نَهرا فِي الْجنَّة وَنزلت {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} يملكهَا بعْدك بَنو أُميَّة يَا مُحَمَّد: قَالَ الْقَاسِم: فعددنا فَإِذا هِيَ ألف شهر لَا تزيد يَوْمًا وَلَا تنقص يَوْمًا وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} قَالَ: لَيْلَة الحكم {وَمَا أَدْرَاك مَا لَيْلَة الْقدر} قَالَ: لَيْلَة الحكم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَمُحَمّد بن نصر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر} قَالَ: خير من ألف شهر عَملهَا أَو صيامها وقيامها وَلَيْسَ فِي تِلْكَ الشُّهُور لَيْلَة الْقدر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: مَا أعلم ليَوْم فضلا على يَوْم وَلَا لَيْلَة إِلَّا لَيْلَة الْقدر فَإِنَّهَا خير من ألف شهر وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {تنزل الْمَلَائِكَة وَالروح فِيهَا} قَالَ: الرّوح جِبْرِيل {من كل أَمر سَلام} قَالَ: لَا يحل لكوكب أَن يرْجم بِهِ فِيهَا حَتَّى يصبح وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي

حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {سَلام هِيَ} قَالَ: سَالِمَة لَا يَسْتَطِيع الشَّيْطَان أَن يعْمل فِيهَا سوءا أَو يعْمل فِيهَا أَذَى وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {من كل أَمر سَلام} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن مَنْصُور بن زَاذَان قَالَ: {تنزل الْمَلَائِكَة} من حِين تغيب الشَّمْس إِلَى أَن يطلع الْفجْر يَمرونَ على كل مُؤمن يَقُولُونَ: السَّلَام عَلَيْك يَا مُؤمن وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله: {سَلام} قَالَ: إِذا كَانَ لَيْلَة الْقدر لم تزل الْمَلَائِكَة تخفق بأجنحتها بِالسَّلَامِ من الله وَالرَّحْمَة من لدن صَلَاة الْمغرب إِلَى طُلُوع الْفجْر وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {سَلام} قَالَ: تِلْكَ اللَّيْلَة تصعد مَرَدَة الْجِنّ وَالشَّيَاطِين وعفاريت الْجِنّ وتفتح فِيهَا أَبْوَاب السَّمَاء كلهَا وَيقبل الله فِيهَا التَّوْبَة لكل تائب فَلِذَا قَالَ: {سَلام هِيَ حَتَّى مطلع الْفجْر} قَالَ: وَذَلِكَ من غرُوب الشَّمْس إِلَى أَن يطلع الْفجْر وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن سعيد بن الْمسيب أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر أَهِي شَيْء كَانَ فَذهب أم هِيَ فِي كل عَام فَقَالَ: بل هِيَ لأمة مُحَمَّد مَا بَقِي مِنْهُم اثْنَان وَأخرج الديلمي عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله وهب لأمتي لَيْلَة الْقدر وَلم يُعْطهَا من كَانَ قبلهم وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن مكانس مولى مُعَاوِيَة قَالَ: قلت لأبي هُرَيْرَة: زَعَمُوا أَن لَيْلَة الْقدر قد رفعت قَالَ: كذب من قَالَ ذَلِك قلت: هِيَ فِي كل رَمَضَان أستقبله قَالَ: نعم قلت: زَعَمُوا أَن السَّاعَة الَّتِي فِي الْجُمُعَة لَا يَدْعُو فِيهَا مُسلم إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ قد رفعت قَالَ: كذب من قَالَ ذَلِك قلت: هِيَ فِي كل جُمُعَة اسْتَقْبلهَا قَالَ: نعم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر أَفِي كل رَمَضَان وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه: أَفِي رَمَضَان هِيَ قَالَ: نعم ألم تسمع إِلَى قَول الله تَعَالَى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} وَقَوله: (شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 185)

أخرج أَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أسمع عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: هِيَ فِي كل رَمَضَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه اطْلُبُوا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الفلتان بن عَاصِم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي رَأَيْت لَيْلَة الْقدر ثمَّ نسيتهَا فاطلبوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وترا وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس أَنهم كَانُوا قعُودا فِي الْمجْلس حِين أقبل إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيعا حَتَّى فزعنا لسرعته فَلَمَّا انْتهى إِلَيْنَا ثمَّ سلم قَالَ: جِئْت إِلَيْكُم مسرعاً لكيما أخْبركُم بليلة الْقدر فنسيتها فِيمَا بيني وَبَيْنكُم وَلَكِن التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَنه سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: فِي رَمَضَان فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فَإِنَّهُمَا فِي لَيْلَة وتر فِي إِحْدَى وَعشْرين أَو ثَلَاث وَعشْرين أوخمس وَعشْرين أَو سبع وَعشْرين أَو تسع وَعشْرين أَو آخر لَيْلَة من رَمَضَان من قامها إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمن أماراتها أَنَّهَا لَيْلَة بلجة صَافِيَة سَاكِنة ساجية لَا حارة وَلَا بَارِدَة كَأَن فِيهَا قمراً ساطعاً وَلَا يحل لنجم أَن يرْمى بِهِ تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى الصَّباح وَمن أماراتها أَن الشَّمْس تطلع صبيحتها لَا شُعَاع لَهَا مستوية كَأَنَّهَا الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر وَحرم الله على الشَّيْطَان أَن يخرج مَعهَا يَوْمئِذٍ وَأخرج ابْن جرير فِي تهذيبه وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي كنت رَأَيْت هَذِه اللَّيْلَة وَهِي فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي الْوتر وَهِي لَيْلَة طَلْقَة بلجة لَا حارة وَلَا بَارِدَة كَأَن فِيهَا قمراً لَا يخرج شيطانها حَتَّى يضيء فجرها وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَيْلَة الْقدر قَالَ: قد كنت علمتها ثمَّ اختلست مني وَإِنَّهَا فِي رَمَضَان فاطلبوها فِي تسع يبْقين

أَو سبع يبْقين أَو ثَلَاث يبْقين وَآيَة ذك أَن الشَّمْس تطلع لَيْسَ لَهَا شُعَاع وَمن قَامَ السّنة سقط عَلَيْهَا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن زنجوية وَابْن نصر عَن أبي عقرب الْأَسدي قَالَ: أَتَيْنَا ابْن مَسْعُود فِي دَاره فسمعناه يَقُول: صدق الله وَرَسُوله فَسَأَلته فَأخْبرنَا أَن لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع من النّصْف الْأَخير وَذَلِكَ أَن الشَّمْس تطلع يَوْمئِذٍ بَيْضَاء لَا شُعَاع لَهَا فَنَظَرت إِلَى السَّمَاء فَإِذا هِيَ كَمَا حدثت فكبرت وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير من طَرِيق الْأسود عَن عبد الله قَالَ: تحروا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة سبع تبقى تحروها لتسْع تبقى تحروها لإِحدى عشرَة تبقى صَبِيحَة بدر فَإِن الشَّمْس تطلع كل يَوْم بَين قَرْني شَيْطَان إِلَّا صَبِيحَة لَيْلَة الْقدر فَإِنَّهَا تطلع يَوْمئِذٍ بَيْضَاء لَيْسَ لَهَا شُعَاع وَأخرج ابْن زنجوية وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: ذكرنَا لَيْلَة الْقدر عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كم بَقِي من الشَّهْر قُلْنَا: مَضَت اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ وَبَقِي ثَمَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَضَت اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ وَبقيت سبع التمسوها اللَّيْلَة الشَّهْر تسع وَعِشْرُونَ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك عَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي أول لَيْلَة من رَمَضَان وَفِي تِسْعَة وَفِي إِحْدَى عشرَة وَفِي أحدى وَعشْرين وَفِي آخر لَيْلَة من رَمَضَان وَأخرج أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لَيْلَة الْقدر إِنَّهَا آخر لَيْلَة وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر آخر لَيْلَة من رَمَضَان وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أبي ذَر قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: أَخْبرنِي عَن لَيْلَة الْقدر أَي شَيْء تكون فِي زمَان الْأَنْبِيَاء ينزل عَلَيْهِم فِيهَا الْوَحْي فَإِذا قبضوا رفعت أم هِيَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: بل هِيَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة قلت يَا رَسُول الله: فِي أَي رَمَضَان هِيَ قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الأول وَفِي الْعشْر الْأَوَاخِر قَالَ: ثمَّ حدث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحدث فاهتبلت غفلته فَقلت: يَا رَسُول الله أَقْسَمت عَلَيْك تُخبرنِي أَو لما أَخْبَرتنِي فِي أَي الْعشْر هِيَ فَغَضب عليّ غَضبا مَا غضب عليّ مثله لَا قبله وَلَا بعده

فَقَالَ: إِن الله لَو شَاءَ لأطلعكم عَلَيْهَا التمسوها فِي السَّبع الْأَوَاخِر لَا تَسْأَلنِي عَن شَيْء بعْدهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تحروا لَيْلَة الْقدر فِي الْوتر من الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَالطَّيَالِسِي وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعْتَكف الْعشْر الْأَوْسَط من شهر رَمَضَان فاعتكف عَاما حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي يخرج من اعْتِكَافه فَقَالَ: من اعْتكف معي فليعتكف الْعشْر الْأَوَاخِر وَقد رَأَيْت هَذِه اللَّيْلَة ثمَّ أنسيتها وَقد رَأَيْتنِي أَسجد من صبيحتها فِي مَاء وطين فالتمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر والتمسوها فِي كل وتر قَالَ أَبُو سعيد: فمطرت السَّمَاء من تِلْكَ اللَّيْلَة وَكَانَ الْمَسْجِد على عَرِيش فوكف الْمَسْجِد قَالَ أَبُو سعيد: فَأَبْصَرت عَيْنَايَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى جَبهته وَأَنْفه أثر المَاء والطين من صَبِيحَة إِحْدَى وَعشْرين وَأخرج مَالك وَابْن سعد وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَابْن زَنْجوَيْه والطَّحَاوِي وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن أنيس أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: التمسوها اللَّيْلَة وَتلك اللَّيْلَة وَلَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين وَأخرج مَالك وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي النَّضر مولى عمر بن عبد الله بن أنس الْجُهَنِيّ قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا رَسُول الله إِنِّي رجل شاسع الدَّار فمرني بليلة أنزلهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنزل لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين من رَمَضَان وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قلت لضمرة بن عبد الله بن أنيس مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَبِيك لَيْلَة الْقدر قَالَ: كَانَ أبي صَاحب بادية قَالَ: فَقلت يَا رَسُول الله مرني بليلة أنزل فِيهَا قَالَ: انْزِلْ لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين قَالَ: فَلَمَّا تولى قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اطلبوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن رجَالًا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَوْا لَيْلَة الْقدر فِي السَّبع الْأَوَاخِر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي أرى

رؤياكم قد توطأت فِي السَّبع الْأَوَاخِر فَمن كَانَ متحريها فليتحرها فِي السَّبع الْأَوَاخِر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: خرج نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُرِيد أَن يخبرنا بليلة الْقدر فتلاحى رجلَانِ من الْمُسلمين قَالَ: خرجت لأخبركم بليلة الْقدر فتلاحى رجلَانِ من الْمُسلمين فلَان وَفُلَان فَرفعت وَعَسَى أَن يكون خيرا لكم فالتمسوها فِي التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج وَهُوَ يُرِيد أَن يخبر أَصْحَابه بليلة الْقدر فتلاحى رجلَانِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خرجت وَأَنا أُرِيد أَن أخْبركُم بليلة الْقدر فتلاحى رجالن فاختلجت مني فاطلبوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي تاسعة تبقى أَو سابعة تبقى أَو خَامِسَة تبقى وَأخرج البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان فِي تاسعة تبقى وَفِي سابعة تبقى وَفِي خَامِسَة تبقى وَأخرج أَحْمد عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي تاسعة وسابعة وخامسة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن جوشن قَالَ: ذكرت لَيْلَة الْقدر عِنْد أبي بكرَة فَقَالَ: أما أَنا فلست بملتمسها إِلَّا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر بعد حَدِيث سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر لتاسعة تبقى أَو سابعة تبقى أَو ثَالِثَة تبقى أَو آخر لَيْلَة فَكَانَ أَبُو بكرَة رَضِي الله عَنهُ يُصَلِّي فِي عشْرين من رَمَضَان كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي سَائِر السّنة فَإِذا دخل الْعشْر اجْتهد وَأخرج أَحْمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي نَضرة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان فالتمسوها فِي التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة قلت يَا أَبَا سعيد إِنَّكُم أعلم بِالْعدَدِ

منا قَالَ: أجل قلت: مَا التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة قَالَ: إِذا مَضَت وَاحِدَة وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا التَّاسِعَة وَإِذا مضى الثَّلَاث وَالْعشْرُونَ فالتي تَلِيهَا السَّابِعَة وَإِذا مضى خمس وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا الْخَامِسَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيْلَة الْقدر أَربع وَعِشْرُونَ وَأخرج أَحْمد والطَّحَاوِي وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن بِلَال رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة الْقدر لَيْلَة أَربع وَعشْرين وَأخرج ابْن سعد وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير عَن عبد الرَّحْمَن بن عسلة الصنَابحِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا فَاتَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا بِخمْس لَيَال توفّي وَأَنا بِالْجُحْفَةِ فَقدمت على أَصْحَابه متوافرين فَسَأَلت بِلَالًا رَضِي الله عَنهُ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي أَربع وَعشْرين وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن زَنْجوَيْه وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صمنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يقم بِنَا شَيْئا من الشَّهْر حَتَّى إِذا كَانَت لَيْلَة أَربع وَعشْرين السَّابِع مِمَّا يبْقى صلى بِنَا حَتَّى كَاد أَن يذهب ثلث اللَّيْل فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة خمس وَعشْرين لم يصل بِنَا فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة سِتّ وَعشْرين السَّابِع مِمَّا بَقِي صلى بِنَا حَتَّى كَاد أَن يتأطر اللَّيْل فَقلت يَا رَسُول الله: لَو نفلتنا بَقِيَّة ليلتنا فَقَالَ: لَا إِن الرجل إِذا صلى مَعَ الإِمام حَتَّى ينْصَرف كتب لَهُ قيام لَيْلَة فلماكانت لَيْلَة سبع وَعشْرين لم يصل بِنَا فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة ثَمَان وَعشْرين جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاجْتمعَ لَهُ النَّاس فصلى بِنَا حَتَّى كَاد أَن يفوتنا الْفَلاح ثمَّ لم يصل بِنَا شَيْئا من الشَّهْر والفلاح السّحُور وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَابْن زَنْجوَيْه وَعبد بن حميد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن زر بن حُبَيْش

قَالَ: سَأَلت أبيّ بن كَعْب عَن لَيْلَة الْقدر قلت: إِن أَخَاك عبد الله بن مَسْعُود يَقُول: من يقم الْحول يصب لَيْلَة الْقدر فَحلف لَا يَسْتَثْنِي أَنَّهَا لَيْلَة سبع وَعشْرين قلت: بِمَ تَقول ذَلِك أَبَا الْمُنْذر قَالَ: بِالْآيَةِ والعلامة الَّتِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّهَا تصبح من ذَلِك الْيَوْم تطلع الشَّمْس لَيْسَ لَهَا شُعَاع وَلَفظ ابْن حبَان: بَيْضَاء لَا شُعَاع لَهَا كَأَنَّهَا طست وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن جرير وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عَاصِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يدعوني مَعَ أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيَقُول: لَا تَتَكَلَّم حَتَّى يتكلموا فَدَعَاهُمْ فَسَأَلَهُمْ فَقَالَ: أَرَأَيْتُم قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لَيْلَة الْقدر: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وترا أَي لَيْلَة ترونها فَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة ثَلَاث وَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة خمس وَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة سبع فَقَالُوا: وَأَنا سَاكِت فَقَالَ: مَالك لَا تَتَكَلَّم فَقلت: إِنَّك أَمرتنِي أَن لَا أَتكَلّم حَتَّى يتكلموا فَقَالَ: مَا أرْسلت إِلَيْك إِلَّا لتكلم فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت الله يذكر السَّبع فَذكر سبع سموات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ وَخلق الإِنسان من سبع وَنبت الأَرْض سبع فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: هَذَا أَخْبَرتنِي بِمَا أعلم أَرَأَيْت مَا لَا أعلم فَذَلِك نبت الأَرْض سبع قلت: قَالَ الله عز وَجل (شققنا الأَرْض فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا وَحَدَائِق غلبا وَفَاكِهَة وَأَبا) (سُورَة عبس الْآيَة 26) قَالَ: فالحدائق غلبا الْحِيطَان من النّخل وَالشَّجر (وَفَاكِهَة وَأَبا) فالأب مَا أنبتت الأَرْض مِمَّا تَأْكُله الدَّوَابّ والأنعام وَلَا تَأْكُله النَّاس فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لأَصْحَابه: أعجزتم أَن تَقولُوا كَمَا قَالَ هَذَا الْغُلَام الَّذِي لم يجْتَمع شؤون رَأسه وَالله إِنِّي لأرى القَوْل كَمَا قلت وَقد أَمرتك أَن لَا تَتَكَلَّم مَعَهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن رَاهَوَيْه وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: دَعَا عمر رَضِي الله عَنهُ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُمْ عَن لَيْلَة الْقدر فَاجْتمعُوا أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فَقلت لعمر: إِنِّي لأعْلم

وَإِنِّي لأَظُن أَي لَيْلَة هِيَ قَالَ: وَأي لَيْلَة هِيَ قَالَ: سابعة تبقى من الْعشْر الْأَوَاخِر قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: وَمن أَيْن علمت ذَلِك قلت: خلق الله سبع سموات وَسبع أَرضين وَسبع أَيَّام وَإِن الدَّهْر يَدُور فِي سبع وَخلق الإِنسان من سبع وَيَأْكُل من سبع وَيسْجد على سَبْعَة أَعْضَاء وَالطّواف بِالْبَيْتِ سبع والجمار سبع لِأَشْيَاء ذكرهَا فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ لقد فطنت لأمر مَا فطنا لَهُ وَكَانَ قَتَادَة يزِيد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: وَيَأْكُل من سبع قَالَ: هُوَ قَول الله تَعَالَى: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حبا وَعِنَبًا وَقَضْبًا) الْآيَة وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يدني ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَكَانَ نَاس من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكأنهم وجدوا فِي أنفسهم فَقَالَ: لَأَرَيْتُكُمْ الْيَوْم مِنْهُ شَيْئا تعرفُون فَضله فَسَأَلَهُمْ عَن هَذِه السُّورَة (إِذا جَاءَ نصر الله) (سُورَة النَّصْر) فَقَالُوا: أَمر نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رأى مسارعة النَّاس فِي الإِسلام ودخولهم فِيهِ أَن يحمد الله ويستغفره فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: يَا ابْن عَبَّاس مَالك لَا تَتَكَلَّم فَقَالَ: أعلمهُ مَتى يَمُوت قَالَ: (إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا) فَهِيَ آيتك من الْمَوْت فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: صدق وَالَّذِي نفس عمر بِيَدِهِ مَا أعلم مِنْهَا إِلَّا مَا علمت قَالَ: وسألهم عَن لَيْلَة الْقدر فَأَكْثرُوا فِيهَا فَقَالُوا: كُنَّا نرى أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوْسَط ثمَّ بلغنَا أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فَأَكْثرُوا فِيهَا فَقَالَ بَعضهم: لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقَالَ بَعضهم: ثَلَاث وَعشْرين وَقَالَ بَعضهم: سبع وَعشْرين فَقَالَ لَهُ عمر رَضِي الله عَنهُ مَالك يَا ابْن عَبَّاس لَا تَتَكَلَّم قَالَ: الله أعلم قَالَ: قد نعلم أَن الله أعلم وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَسأَلك عَن علمك فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: إِن الله وتر يحب الْوتر خلق سبع سموات وَجعل عدد الْأَيَّام سبعا وَجعل الطّواف بِالْبَيْتِ سبعا وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة سبعا وَرمي الْجمار سبعا وَخلق الإِنسان من سبع وَجعل رزقه من سبع قَالَ: كَيفَ خلق الإِنسان من سبع وَجعل رزقه

من سبع فقد فهمت من هَذَا شَيْئا لم أفهمهُ قَالَ: قَول الله: (لقد خلقنَا الإِنسان من سلالة من طين) إِلَى قَوْله: (فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ) (سُورَة الْمُؤمنِينَ الْآيَة 14) ثمَّ ذكر رزقه فَقَالَ: (إِنَّا صببنا المَاء صبا) (سُورَة عبس الْآيَة 26) إِلَى قَوْله: (وَفَاكِهَة وَأَبا) فالأب مَا أنبتت الأَرْض للأنعام والسبعة رزق لبني آدم قَالَ: لَا أَرَاهَا وَالله أعلم إِلَّا لثلاث يمضين وَسبع يبْقين وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ جلس فِي رَهْط من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمُهَاجِرين فَذكرُوا لَيْلَة الْقدر فَتكلم مِنْهُم من سمع فِيهَا بِشَيْء مِمَّا سمع فتراجع الْقَوْم فِيهَا الْكَلَام فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ مَالك يَا ابْن عَبَّاس صَامت لَا تَتَكَلَّم تكلم وَلَا يمنعك الحداثة قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: إِن الله تَعَالَى وتر يحب الْوتر فَجعل أَيَّام الدُّنْيَا تَدور على سبع وَخلق الإِنسان من سبع وَجعل فَوْقنَا سموات سبعا وَخلق تحتنا أَرضين سبعا وَأعْطى من المثاني سبعا وَنهى فِي كِتَابه عَن نِكَاح الْأَقْرَبين عَن سبع وَقسم الْمِيرَاث فِي كِتَابه على سبع ونقع فِي السُّجُود من أَجْسَادنَا على سبع وَطَاف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْكَعْبَةِ سبعا وَبَين الصَّفَا والمروة سبعا وَرمى الْجمار سبع لإِقامة ذكر الله فِي كِتَابه فأراها فِي السَّبع الْأَوَاخِر من شهر رَمَضَان وَالله أعلم قَالَ: فتعب عمر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ: وَمَا وَافقنِي فِيهَا أحد إِلَّا هَذَا الْغُلَام الَّذِي لم يسر شؤون رَأسه إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر ثمَّ قَالَ: يَا هَؤُلَاءِ من يُؤَدِّي فِي هَذَا كأداء ابْن عَبَّاس وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة سبع وَعشْرين وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زر رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: كَانَ عمر وَحُذَيْفَة وناس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَشكونَ أَنَّهَا لَيْلَة سبع وَعشْرين

وَأخرج ابْن نصر وَابْن جرير فِي تهذيبه عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي آخر لَيْلَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أتيت وَأَنا نَائِم فِي رَمَضَان فَقيل لي: إِن اللَّيْلَة لَيْلَة الْقدر فَقُمْت وَأَنا ناعس فتعلقت بِبَعْض أطناب فسطاط رَسُول الله الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَنَظَرت فِي اللَّيْلَة فَإِذا هِيَ لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين قَالَ: فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِن الشَّيْطَان يطلع مَعَ الشَّمْس كل يَوْم إِلَّا لَيْلَة الْقدر وَذَلِكَ أَنَّهَا تطلع يَوْمئِذٍ بَيْضَاء لَا شُعَاع لَهَا وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قمنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَمَضَان لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين إِلَى ثلث اللَّيْل ثمَّ قمنا مَعَه لَيْلَة خمس وَعشْرين إِلَى نصف اللَّيْل ثمَّ قمنا مَعَه لَيْلَة سبع وَعشْرين حَتَّى ظَنَنْت أَنا لَا ندرك الْفَلاح وَأَنْتُم تسمون السّحُور وَأَنت تَقولُونَ لَيْلَة سابعة ثَلَاث عشر وَنحن نقُول لَيْلَة سابعة سبع وَعشْرين أفنحن أصوب أم أَنْتُم وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْبَاقِيَات من شهر رَمَضَان فِي الْخَامِسَة وَالسَّابِعَة والتاسعة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ: سَأَلَ عمر رَضِي الله عَنهُ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: إِن رَبِّي يحب السَّبع (وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني) (سُورَة الْحجر الْآيَة 87) قَالَ البُخَارِيّ فِي إِسْنَاده نظر وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَأحمد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي لَيْلَة الْقدر: إِنَّهَا لَيْلَة سابعة أَو تاسعة وَعشْرين وَإِن الْمَلَائِكَة فِي تِلْكَ اللَّيْلَة فِي الأَرْض أَكثر من عدد الْحَصَى وَأخرج مُحَمَّد بن نصر من طَرِيق أبي مَيْمُون عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ:

إِنَّهَا السَّابِعَة وتاسعة وَالْمَلَائِكَة مَعهَا أَكثر من عدد نُجُوم السَّمَاء وَزعم أَنَّهَا فِي قَوْله: أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ لَيْلَة أَربع وَعشْرين وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا نَبِي الله إِنِّي شيخ كَبِير يشق عليّ الْقيام فمرني بليلة لَعَلَّ الله أَن يوفقني فِيهَا لليلة الْقدر قَالَ: عَلَيْك بالسابعة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن منيع وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ عَن حوّة الْعَبْدي قَالَ: سُئِلَ زيد بن أَرقم رَضِي الله عَنهُ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: لَيْلَة سبع عشرَة مَا تشك وَلَا تستثن وَقَالَ: لَيْلَة نزل الْقُرْآن وَيَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ وَأخرج الْحَرْث بن أبي أُسَامَة عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هِيَ اللَّيْلَة الَّتِي لَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْمهَا أهل بدر يَقُول الله: (وَمَا أنزلنَا على عَبدنَا يَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ) (سُورَة الْأَنْفَال الْآيَة 41) قَالَ جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ: بَلغنِي أَنَّهَا لَيْلَة سِتّ عشرَة أَو سبع عشرَة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: التمسوا لَيْلَة الْقدر لسبع عشرَة خلت من رَمَضَان فَإِنَّهَا صَبِيحَة يَوْم بدر الَّتِي قَالَ الله: (وَمَا أنزلنَا على عَبدنَا يَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ) وَفِي إِحْدَى وَعشْرين وَفِي ثَلَاث وَعشْرين فَإِنَّهَا لَا تكون إِلَّا فِي وتر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اطلبوها لَيْلَة سبع عشرَة من رَمَضَان وَلَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَلَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين ثمَّ سكت وَأخرج الطَّحَاوِيّ عَن عبد الله بن أنيس رَضِي الله عَنهُ أَنه سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: تحروها فِي النّصْف الْأَخير ثمَّ عَاد فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إِلَى ثَلَاث وَعشْرين

وَأخرج أَحْمد وَمُحَمّد بن نصر عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن لَيْلَة الْقدر فَقَالَ: هِيَ فِي الْعشْر الْأَوَاخِر أَو فِي الثَّالِثَة أَو فِي الْخَامِسَة وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اطلبو لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي تسع يبْقين وَسبع يبْقين وَخمْس يبْقين وَثَلَاث يبْقين وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة عَن أبي قلَابَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْلَة الْقدر تنْتَقل فِي الْعشْر الْأَوَاخِر فِي كل وتر وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَرْث بن هِشَام قَالَ: لَيْلَة الْقدر لَيْلَة سبع عشرَة لَيْلَة جُمُعَة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَمْرو بن حويرث قَالَ: إِنَّمَا أرى أَن لَيْلَة الْقدر لسبع عشرَة لَيْلَة الْفرْقَان وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ عَن خَارِجَة بن زيد رَضِي الله عَنهُ بن [عَن] ثَابت عَن أَبِيه أَنه كَانَ يحيي لَيْلَة ثَلَاث وَعشْرين من شهر رَمَضَان وَلَيْلَة سبع وَعشْرين وَلَا [] كإحياء لَيْلَة سبع عشرَة فَقيل لَهُ: كَيفَ تحيي لَيْلَة سبع عشرَة قَالَ: إِن فِيهَا نزل الْقُرْآن وَفِي صبيحتها فرق بَين الْحق وَالْبَاطِل وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي لَيْلَة الْقدر: تحروها لاحدى عشرَة يبْقين صبيحتها يَوْم بدر لتسْع يبْقين ولسبع يبْقين فَإِن الشَّمْس تطلع كل يَوْم بَين قَرْني الشَّيْطَان إِلَّا صَبِيحَة لَيْلَة الْقدر فَإِنَّهَا تطلع لَيْسَ لَهَا شُعَاع وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي لَيْلَة الْقدر: لَيْلَة سَمْحَة طَلْقَة لَا حارة وَلَا بَارِدَة تصبح شمس صبيحتها ضَعِيفَة حَمْرَاء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْلَة الْقدر لَيْلَة بلجة سَمْحَة تطلع شمسها لَيْسَ لَهَا شُعَاع وَأخرج ابْن جرير فِي تهذيبه عَن أبي قلَابَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْلَة الْقدر تجول فِي ليَالِي الْعشْر كلهَا

وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَامَ لَيْلَة الْقدر إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل الشَّهْر أيقظ أَهله وَرفع مِئْزَره وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كَانَ رَسُول الله يجْتَهد فِي الْعشْر اجْتِهَادًا لَا يجْتَهد فِي غَيره وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: أَنا وَالله حرضت عمر على الْقيام فِي شهر رَمَضَان قيل: وَكَيف ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: أخْبرته أَن فِي السَّمَاء السَّابِعَة حَظِيرَة يُقَال لَهَا حَظِيرَة الْقُدس فِيهَا مَلَائِكَة يُقَال لَهُم الرّوح وَفِي لفظ الروحانيون فَإِذا كَانَ لَيْلَة الْقدر اسْتَأْذنُوا رَبهم فِي النُّزُول إِلَى الدُّنْيَا فَيَأْذَن لَهُم فَلَا يَمرونَ على مَسْجِد يصلى فِيهِ وَلَا يستقبلون أحدا فِي طَرِيق إِلَّا دعوا لَهُ فَأَصَابَهُ مِنْهُم بركَة فَقَالَ لَهُ عمر: يَا أَبَا الْحسن فنحرض النَّاس على الصَّلَاة حَتَّى تصيبهم الْبركَة فَأمر النَّاس بِالْقيامِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صلى الْمغرب وَالْعشَاء فِي جمَاعَة حَتَّى يَنْقَضِي شهر رَمَضَان فقد أصَاب من لَيْلَة الْقدر بحظ والفر وَأخرج ابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صلى الْعشَاء الْأَخِيرَة فِي جمَاعَة فِي رَمَضَان فقد أدْرك لَيْلَة الْقدر وَأخرج ابْن زَنْجوَيْه عَن ابْن عَمْرو قَالَ: من صلى الْعشَاء الْأَخِيرَة فِي جمَاعَة فِي رَمَضَان أصَاب لَيْلَة الْقدر وَأخرج مَالك وَابْن أبي شيبَة وَابْن زَنْجوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: من شهد الْعشَاء لَيْلَة الْقدر فِي جمَاعَة فقد أَخذ بحظه مِنْهَا وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عليّ قَالَ: من صلى الْعشَاء كل لَيْلَة فِي شهر رَمَضَان حَتَّى يَنْسَلِخ فقد قامه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَامر قَالَ: يَوْمهَا كليلتها وليلتها كيومها وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن بن الْحر قَالَ: بَلغنِي أَن الْعَمَل فِي يَوْم الْقدر كالعمل فِي لَيْلَتهَا

وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: قلت يَا رَسُول الله: إِن وَافَقت لَيْلَة الْقدر فَمَا أَقُول قَالَ: قولي اللَّهُمَّ إِنَّك عَفْو تحب الْعَفو فاعفُ عني وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: لَو عرفت أَي لَيْلَة الْقدر مَا سَأَلت الله فِيهَا إِلَّا الْعَافِيَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَائِشَة قَالَت: لَو علمت أَي لَيْلَة الْقدر كَانَ أَكثر دعائي فِيهَا أسأَل الله الْعَفو والعافية وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي يحيى بن أبي مرّة قَالَ: طفت لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان فَرَأَيْت الْمَلَائِكَة تَطوف فِي الهواجر إِلَى الْبَيْت وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن عَبدة بن أبي لبَابَة قَالَ: ذقت مَاء الْبَحْر لَيْلَة سبع وَعشْرين من شهر رَمَضَان فَإِذا هُوَ عذب وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَيُّوب بن خَالِد قَالَ: كنت فِي الْبَحْر فأجنبت لَيْلَة ثَلَاثًا وَعشْرين من شهر رَمَضَان فاغتسلت من مَاء الْبَحْر فَوَجَدته عذباً فراتا وَأخرج بن زَنْجوَيْه وَمُحَمّد بن نصر عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: نجد هَذِه اللَّيْلَة فِي الْكتب حطوطاً تحط الذُّنُوب يُرِيد لَيْلَة الْقدر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا كَانَ لَيْلَة الْقدر نزل جِبْرِيل فِي كبكبة من الْمَلَائِكَة يصلونَ على كل عبد قَائِم أَو قَاعد يذكر الله تَعَالَى فَإِذا كَانَ يَوْم عيدهم باهى بهم الْمَلَائِكَة فَقَالَ: يَا ملائكتي مَا جَزَاء أجِير وفى عمله قَالُوا: رَبنَا جَزَاؤُهُ أَن يُؤْتى أجره قَالَ: يَا ملائكتي عَبِيدِي وإمائي قضوا فريضتي عَلَيْهِم ثمَّ خَرجُوا يعجون إليّ بِالدُّعَاءِ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وكرمي وعلوي وارتفاع مَكَاني لأجيبنهم فَيَقُول: ارْجعُوا فقد عفرت لكم وبدلت سَيِّئَاتكُمْ حَسَنَات فيرجعون مغفوراً لَهُم وَأخرج الزجاجي فِي أَمَالِيهِ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: إِذا أَتَى أحدكُم الْحَاجة فليبكر فِي طلبَهَا يَوْم الْخَمِيس فَإِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها يَوْم الْخَمِيس وليقرأ إِذا خرج من منزله آخر سُورَة آل عمرَان و {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر}

وَأم الْكتاب فَإِن فِيهِنَّ قَضَاء حوائج الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَليّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر بتسع سور فِي ثَلَاث رَكْعَات (أَلْهَاكُم التكاثر) و {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} و (إِذا زلزلت الأَرْض) فِي رَكْعَة وَفِي الثَّانِيَة (وَالْعصر) و (إِذا جَاءَ نصر الله) و (إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر) وَفِي الثَّالِثَة (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (وتبت يدا أبي لَهب) (وَقل هُوَ الله أحد) وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} عدلت بِربع الْقُرْآن وَمن قَرَأَ (إِذا زلزلت) عدلت بِنصْف الْقُرْآن (وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) تعدل ربع الْقُرْآن (وَقل هُوَ الله أحد) تعدل ثلث الْقُرْآن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

98 سُورَة الْبَيِّنَة مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَان الْآيَة 1 - 7

البينة

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {لم يكن} بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت سُورَة {لم يكن} بِمَكَّة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن اسماعيل بن أبي حَكِيم الْمُزنِيّ أحد بني فُضَيْل: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله ليسمع قِرَاءَة {لم يكن} فَيَقُول: أبشر عَبدِي فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي لأمكنن لَك فِي الْجنَّة حَتَّى ترْضى وَأخرج أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي الْمعرفَة عَن اسماعيل بن أبي حَكِيم عَن مطر الْمُزنِيّ أَو الْمدنِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله ليسمع قِرَاءَة {لم يكن الَّذين كفرُوا}

فَيَقُول: أبشر عَبدِي فَوَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أنساك على حَال من أَحْوَال الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ولأمكنن لَك فِي الْجنَّة حَتَّى ترْضى وَأخرج أَحْمد وَابْن قَانِع فِي مُعْجم الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي حَبَّة البدري قَالَ: لما نزلت {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} إِلَى آخرهَا قَالَ جِبْرِيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا رَسُول الله إِن رَبك يَأْمُرك أَن تقرئها أَبَيَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي: إِن جِبْرِيل أَمرنِي أَن أقرئك هَذِه السُّورَة قَالَ أبيّ: وَقد ذكرت ثمَّ يَا رَسُول الله قَالَ: نعم فَبكى وَأخرج ابْن سعد وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبيّ بن كَعْب: إِن الله أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْك {لم يكن الَّذين كفرُوا} قَالَ: وسماني لَك قَالَ: نعم فَبكى وَفِي لفظ: لما نزلت {لم يكن الَّذين كفرُوا} دَعَا أبيّ بن كَعْب فقرأها عَلَيْهِ فَقَالَ: أمرت أَن أَقرَأ عَلَيْك وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أُبي بن كَعْب إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْك الْقُرْآن {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} فَقَرَأَ فِيهَا وَلَو أَن ابْن آدم سَأَلَ وَاديا من مَال فأعطيته لسأل ثَانِيًا وَلَو سَأَلَ ثَانِيًا فأعطيته لسأل ثَالِثا وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ وَإِن ذَات الدّين عِنْد الله الحنيفية غير المشركة وَلَا الْيَهُودِيَّة وَلَا النَّصْرَانِيَّة وَمن يفعل ذَلِك فَلَنْ يكفره وَأخرج أَحْمد عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله أَمرنِي أَن أَقرَأ عَلَيْك فَقَرَأَ عليَّ {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة رَسُول من الله يَتْلُو صحفاً مطهرة فِيهَا كتب قيمَة وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة} إِن الدّين عِنْد الله الحنيفية غير المشركة وَلَا الْيَهُودِيَّة وَلَا النَّصْرَانِيَّة وَمن يفعل خيرا فَلَنْ يكفره قَالَ شُعْبَة: ثمَّ قَرَأَ آيَات بعْدهَا ثمَّ قَرَأَ لَو أَن لِابْنِ آدم وَاديا من مَال لسأل وَاديا ثَانِيًا وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب قَالَ: ثمَّ ختم بِمَا بَقِي من السُّورَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبيّ بن كَعْب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا أبيّ إِنِّي

أمرت أَن أقرئك سُورَة فأقرأنيها {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة رَسُول من الله يَتْلُو صحفاً مطهرة فِيهَا كتب قيمَة} أَي ذَات الْيَهُودِيَّة والنصرانية إِن أقوم الدّين الحنيفية مسلمة غير مُشركَة وَمن يعْمل صَالحا فَلَنْ يكفره {وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة} إِن الَّذين كفرُوا وصدوا عَن سَبِيل الله وفارقوا الْكتاب لما جَاءَهُم أُولَئِكَ عِنْد الله شَرّ الْبَريَّة مَا كَانَ النَّاس إِلَّا أمة وَاحِدَة ثمَّ أرسل الله النَّبِيين مبشرين ومنذرين يأمرون النَّاس يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة ويعبدون الله وَحده وَأُولَئِكَ عِنْد الله هم خير الْبَريَّة {جزاؤهم عِنْد رَبهم جنَّات عدن تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين فِيهَا أبدا رَضِي الله عَنْهُم وَرَضوا عَنهُ ذَلِك لمن خشِي ربه} وَأخرج أَحْمد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عمر يسْأَله فَجعل عمر ينظر إِلَى رَأسه مرّة وَإِلَى رجلَيْهِ أُخْرَى هَل يرى عَلَيْهِ من الْبُؤْس ثمَّ قَالَ لَهُ عمر: كم مَالك قَالَ: أَرْبَعُونَ من الإِبل قَالَ ابْن عَبَّاس: قلت صدق الله وَرَسُوله لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان من ذهب لابتغى الثَّالِث وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ فَقَالَ عمر: مَا هَذَا فَقلت: هَكَذَا اقرأني أبيّ قَالَ: فَمر بِنَا إِلَيْهِ فجَاء إِلَى أبيّ فَقَالَ: مَا تَقول هَذَا قَالَ أبيّ: هَكَذَا اقرأنيها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا أثبتها فِي الْمُصحف قَالَ: نعم وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: إِن أبيّاً يزْعم أَنَّك تركت من آيَات الله آيَة لم تَكْتُبهَا قَالَ: وَالله لأسألن أبيّاً فَإِن أنكر لتكذبن فَلَمَّا صلى صَلَاة الْغَدَاة غَدا على أبيّ فَأذن لَهُ وَطرح لَهُ وسَادَة وَقَالَ: يزْعم هَذَا أَنَّك تزْعم أَنِّي تركت آيَة من كتاب الله لم أَكتبهَا فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَو أَن لِابْنِ آدم واديين من مَال لابتغى إِلَيْهِمَا وَاديا ثَالِثا وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب وَيَتُوب الله على من تَابَ فَقَالَ عمر: أفأكتبها قَالَ: لَا أَنهَاك قَالَ: فَكَأَن أبيّاً شكّ أَقُول من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو قُرْآن منزل وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: لما نزلت {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} لَقِي أبيّ بن كَعْب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أبيّ إِن الله قد أنزل سُورَة

وَأَمرَنِي أَن أقرئكها فَقَالَ: الله أَمرك قَالَ: نعم قَالَ: فافعل قَالَ: فاقرأها إِيَّاه أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين} قَالَ: منتهي عَمَّا هم فِيهِ {حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة} أَي هَذَا الْقُرْآن {رَسُول من الله يَتْلُو صحفاً مطهرة} قَالَ: يذكر الْقُرْآن بِأَحْسَن الذّكر ويثني عَلَيْهِ بِأَحْسَن الثَّنَاء {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين حنفَاء} والحنيفية الختام وَتَحْرِيم الْأُمَّهَات وَالْبَنَات وَالْأَخَوَات والعمات والخالات والمناسك {ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة وَذَلِكَ دين الْقيمَة} قَالَ: هُوَ الَّذِي بعث الله بِهِ رَسُوله وشرعه لنَفسِهِ ورضيه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {منفكين} قَالَ: برحين وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {منفكين} قَالَ: منتهين لم يَكُونُوا ليؤمنوا حَتَّى تبين لَهُم الْحق وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة} قَالَ: مُحَمَّد وَفِي قَوْله: {وَذَلِكَ دين الْقيمَة} قَالَ: الْقيم وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة} قَالَ: مُحَمَّد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عقيل قَالَ: قلت لِلزهْرِيِّ تَزْعُمُونَ أَن الصَّلَاة وَالزَّكَاة لَيْسَ من الإِيمان فَقَرَأَ {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين حنفَاء ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة وَذَلِكَ دين الْقيمَة} ترى هَذَا من الإِيمان أم لَا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه قيل لَهُ: إِن قوما قَالُوا: إِن الصَّلَاة وَالزَّكَاة ليسَا من الدّين فَقَالَ: أَلَيْسَ يَقُول الله {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين حنفَاء ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة وَذَلِكَ دين الْقيمَة} فَالصَّلَاة وَالزَّكَاة من الدّين وَأخرج عبد بن حميد عَن الْمُغيرَة قَالَ: كَانَ أَبُو واثل إِذا سُئِلَ عَن شَيْء من

الإِيمان قَرَأَ {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب} إِلَى قَوْله: {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين} أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أتعجبون من منزلَة الْمَلَائِكَة من الله وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لمنزلة العَبْد الْمُؤمن عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة أعظم من منزلَة ملك واقراؤا إِن شِئْتُم {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: قلت يَا رَسُول الله: من أكْرم الْخلق على الله قَالَ: يَا عَائِشَة أما تقرئين {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة} وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأقبل عَليّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن هَذَا وشيعته لَهُم الفائزون يَوْم الْقِيَامَة وَنزلت {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة} فَكَانَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أقبل عليّ قَالُوا: جَاءَ خير الْبَريَّة وَأخرج ابْن عدي وَابْن عَسَاكِر عَن أبي سعيد مَرْفُوعا: عليّ خير الْبَريَّة وَأخرج ابْن عدي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي: هُوَ أَنْت وشيعتك يَوْم الْقِيَامَة راضين مرضيين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عليّ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ألم تسمع قَول الله: {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة} أَنْت وشيعتك وموعدي وموعدكم الْحَوْض إِذا جِئْت الْأُمَم لِلْحسابِ تدعون غرّاً محجلين

99 سُورَة الزلزلة مَدَنِيَّة وآياتها ثَمَان بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 8

الزلزلة

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {إِذا زلزلت} بِالْمَدِينَةِ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ {إِذا زلزلت} وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أَتَى رجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: اقرئني يَا رَسُول الله قَالَ لَهُ: اقْرَأ ثَلَاثًا من ذَوَات الرَّاء فَقَالَ لَهُ الرجل: كبر سني وَاشْتَدَّ قلبِي وَغلظ لساني قَالَ: اقْرَأ ثَلَاثًا من ذَوَات حم فَقَالَ مثل مقَالَته الأولى فَقَالَ: اقْرَأ ثَلَاثًا من المسبحات فَقَالَ مثل مقَالَته وَلَكِن اقرئني يَا رَسُول الله سُورَة جَامِعَة فَأَقْرَأهُ {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} حَتَّى فرغ مِنْهَا قَالَ الرجل: وَالَّذين بَعثك بِالْحَقِّ لَا أَزِيد عَلَيْهَا ثمَّ أدبر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَفْلح الرويجل أَفْلح الرويجل

وَأخرج التِّرْمِذِيّ وان مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {إِذا زلزلت} عدلت لَهُ بِنصْف الْقُرْآن وَمن قَرَأَ (قل هُوَ الله أحد) (سُورَة الإِخلاص) عدلت لَهُ بِثلث الْقُرْآن وَمن قَرَأَ (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (سُورَة الْكَافِرُونَ) عدلت لَهُ بِربع الْقُرْآن وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن الضريس وَمُحَمّد بن نصر الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {إِذا زلزلت} تعدل نصف الْقُرْآن و (قل هُوَ الله أحد) تعدل ثلث الْقُرْآن و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) تعدل ربع الْقُرْآن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قَرَأَ فِي لَيْلَة {إِذا زلزلت} كَانَ لَهُ عدل نصف الْقُرْآن وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن رجل من بني جُهَيْنَة أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الصُّبْح {إِذا زلزلت الأَرْض} فِي الرَّكْعَتَيْنِ كلتيهما فَلَا أَدْرِي أنس أم قَرَأَ ذَلِك عمدا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى بِأَصْحَابِهِ الْفجْر فَقَرَأَ بهم فِي الرَّكْعَة الأولى {إِذا زلزلت الأَرْض} ثمَّ أَعَادَهَا فِي الثَّانِيَة وَأخرج أَحْمد وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي امامة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد الْوتر وَهُوَ جَالس يقْرَأ فيهمَا {إِذا زلزلت} و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي بعد الْوتر رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الأولى بِأم الْكتاب و {إِذا زلزلت} وَفِي الثَّانِيَة (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن الشّعبِيّ قَالَ: من قَرَأَ {إِذا زلزلت} فَإِنَّهَا تعدل سدس الْقُرْآن وَأخرج ابْن الضريس عَن عَاصِم قَالَ: كَانَ يُقَال: (قل هُوَ الله أحد) ثلث الْقُرْآن و {إِذا زلزلت الأَرْض} نصف الْقُرْآن و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) ربع الْقُرْآن

أخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} تحركت من أَسْفَلهَا {وأخرجت الأَرْض أثقالها} قَالَ: الْمَوْتَى {وَقَالَ الإِنسان مَا لَهَا} قَالَ: يَقُول الْكَافِر مَالهَا {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} قَالَهَا رَبك قولي فَقَالَت: {بِأَن رَبك أوحى لَهَا} قَالَ: أوحى إِلَيْهَا {يَوْمئِذٍ يصدر النَّاس أشتاتاً} قَالَ: من كل من هَهُنَا وَهَهُنَا وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {وأخرجت الأَرْض أثقالها} قَالَ: من فِي الْقُبُور {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} قَالَ: تخبر النَّاس بِمَا عمِلُوا عَلَيْهَا {بِأَن رَبك أوحى لَهَا} قَالَ: أمرهَا وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة {وأخرجت الأَرْض أثقالها} قَالَ: مَا فِيهَا من الْكُنُوز والموتى وَأخرج مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تقيء الأَرْض أفلاذ كَبِدهَا أَمْثَال الأسطوان من الذَّهَب وَالْفِضَّة فَيَجِيء الْقَاتِل فَيَقُول فِي هَذَا قتلت وَيَجِيء الْقَاطِع فَيَقُول فِي هَذَا قطعت رحمي وَيَجِيء السَّارِق فَيَقُول فِي هَذَا قطعت يَدي ثمَّ يَدعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئا وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارهَا قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: فَإِن أَخْبَارهَا أَن تشهد على كل عبد أَو أمة بِمَا عمل على ظهرهَا تَقول: عمل كَذَا وَكَذَا فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَخْبَارهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الأَرْض لِتُخْبِرَ يَوْم الْقِيَامَة بِكُل مَا عمل على ظهرهَا وَقَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} حَتَّى بلغ {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارهَا جَاءَنِي جِبْرِيل قَالَ: خَبَرهَا إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أخْبرت بِكُل عمل عمل على ظهرهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ربيعَة الجرشِي رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:

تحفظُوا من الأَرْض فَإِنَّهَا أمكُم وَإنَّهُ لَيْسَ من أحد عَامل عَلَيْهَا خيرا أَو شرا إِلَّا وَهِي مخرة بِهِ وَأخرج عبد بن حميد عَن الحكم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: رَأَيْت أَبَا أُميَّة صلى فِي الْمَسْجِد الْحَرَام المتوبة ثمَّ تقدم فَجعل يُصَلِّي هَهُنَا وَهَهُنَا فَلَمَّا فرغ قلت لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُك تصنع قَالَ: قَرَأت هَذِه الْآيَة {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} إِلَى قَوْله: {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} فَأَرَدْت أَن تشهد لي يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله قَالَ: سَمِعت سعيد بن جُبَير يقْرَأ بِقِرَاءَة ابْن مَسْعُود هَذِه الْآيَة: يَوْمئِذٍ تنبئ أَخْبَارهَا وَقَرَأَ مرّة {يَوْمئِذٍ تحدث أَخْبَارهَا} وَأخرج ابْن بِي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَوْمئِذٍ يصدر النَّاس أشتاتاً} قَالَ: فرقا وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ {يَوْمئِذٍ يصدر النَّاس} قَالَ: يتصدعون {أشتاتاً} فَلَا يَجْتَمعُونَ بعد ذَلِك آخر مَا عَلَيْهِم وَكَانَ يُقَال إِن هَذِه السُّورَة الفاذة الجامعة أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْحَاكِم فِي تَارِيخه وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ يَأْكُل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا نزلت عَلَيْهِ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَرفع أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يَده وَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي لراء مَا عملت من مِثْقَال ذرة من شَرّ فَقَالَ: يَا أَبَا بكر أَرَأَيْت مَا ترى فِي الدُّنْيَا مِمَّا تكره فبمثاقيل ذَر بشر وَيدخل لَك مَثَاقِيل ذَر الْخَيْر حَتَّى توفاه يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَعبد بن حميد وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء قَالَت: بَيْنَمَا أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ يتغدى مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزلت هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَأمْسك أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ وَقَالَ: يَا رَسُول الله أكل مَا عَمِلْنَاهُ من سوء رَأَيْنَاهُ فَقَالَ: مَا ترَوْنَ مِمَّا تَكْرَهُونَ فَذَاك مِمَّا تُجْزونَ بِهِ ويدخر الْخَيْر لأَهله فِي الْآخِرَة

وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْبكاء وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزلت {إِذا زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا} وَأَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَاعد فَبكى فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا يبكيك يَا أَبَا بكر قَالَ: تبكيني هَذِه السُّورَة فَقَالَ: لَوْلَا أَنكُمْ تخطئون وتذنبون فَيغْفر لكم لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون فَيغْفر لَهُم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر الصّديق إِذْ نزلت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَأمْسك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَده عَن الطَّعَام ثمَّ قَالَ: من عمل مِنْكُم خيرا فَجَزَاؤُهُ فِي الْآخِرَة وَمن عمل مِنْكُم شرا يرَاهُ فِي الدُّنْيَا مصيبات وأمراضاً وَمن يكن فِيهِ مِثْقَال ذرة من خير دخل الْجنَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ يَأْكُل مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذْ نزلت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَأمْسك أَبُو بكر يَده وَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّا لراؤون مَا عَملنَا من خير أَو شرا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا بكر أَرَأَيْت مَا رَأَيْت مِمَّا تكره فَهُوَ من مَثَاقِيل الشَّرّ ويدخر لَك مَثَاقِيل الْخَيْر حَتَّى توفاه يَوْم الْقِيَامَة وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله (وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير) (سُورَة الشورى الْآيَة 30) وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: لما أنزلت هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} قلت: يَا رَسُول الله إِنِّي لراء عَمَلي قَالَ: نعم قلت: تِلْكَ الْكِبَار الْكِبَار قَالَ: نعم قلت: الصغار الصغار قَالَ: نعم قلت: واثكل أُمِّي قَالَ: أبشر يَا أَبَا سعيد فَإِن الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا يَعْنِي إِلَى سَبْعمِائة ضعف وَالله يُضَاعف لمن يَشَاء والسيئة بِمِثْلِهَا أَو يعْفُو الله وَلنْ ينجو أحد مِنْك بِعَمَلِهِ قلت: وَلَا أَنْت يَا نَبِي الله قَالَ: وَلَا أَنا الا أَن يتغمدني الله مِنْهُ بِالرَّحْمَةِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} الْآيَة قَالَ: لما نزلت (ويطعمون الطَّعَام على حبه) (سُورَة الْإِنْسَان الْآيَة 8) كَانَ

الْمُسلمُونَ يرَوْنَ أَنهم لَا يؤجرون على الشَّيْء الْقَلِيل إِذا أَعْطوهُ فَيَجِيء السَّائِل إِلَى أَبْوَابهم فيستقلون أَن يعطوه التمرة والكسرة فيردونه وَيَقُولُونَ: مَا هَذَا بِشَيْء إنَّهُمَا نؤجر على مَا نعطي وَنحن نحبه وَكَانَ آخَرُونَ يرَوْنَ أَنهم لَا يلامون على الذَّنب الْيَسِير كالكذبة والنظرة والغيبة وَأَشْبَاه ذَلِك وَيَقُولُونَ: إِنَّمَا وعد الله النَّار على الْكَبَائِر فرغبهم فِي الْخَيْر الْقَلِيل أَن يعملوه فَإِنَّهُ يُوشك أَن يكثر وحذرهم الْيَسِير من الشَّرّ فَإِنَّهُ يُوشك أَن يكثر {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة} يَعْنِي وزن أَصْغَر النَّمْل {خيرا يره} يَعْنِي فِي كِتَابه ويسره ذَلِك وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة} الْآيَة قَالَ: لَيْسَ من مُؤمن وَلَا كَافِر عمل خيرا وَلَا شرا فِي الدُّنْيَا إِلَّا أره الله إِيَّاه فَأَما لمُؤْمِن فيريه الله حَسَنَاته وسيئاته فَيغْفر لَهُ من سيئاته ويثيبه على حَسَنَاته وَأما الْكَافِر فيريه حَسَنَاته وسيئاته فَيرد حَسَنَاته ويعذبه بسيئاته وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي الْآيَة قَالَ: من يعْمل مِثْقَال ذرة من خير من كَافِر يرى ثَوَابهَا فِي الدُّنْيَا فِي نَفسه وَأَهله وَمَاله وَولده حَتَّى يخر من الدُّنْيَا وَلَيْسَ عِنْده خير {وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا} من مُؤمن يرى عُقُوبَته فِي الدُّنْيَا فِي نَفسه وَأَهله وَمَاله وَولده حَتَّى يخرج من الدُّنْيَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد وَأحمد وَعبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن صعصعة بن مُعَاوِيَة عَم الفرزدق أَنه أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ عَلَيْهِ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَقَالَ: حسبي لَا أُبَالِي أَن لَا أسمع من الْقُرْآن غَيرهَا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي مجْلِس وَمَعَهُمْ أَعْرَابِي جَالس {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَقَالَ الْأَعرَابِي: يَا رَسُول الله أمثقال ذرة قَالَ: نعم فَقَالَ الْأَعرَابِي: واسوأتاه ثمَّ قَالَ وَهُوَ يَقُولهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد دخل قلب الْأَعرَابِي الإِيمان وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} الْآيَة فَقَامَ رجل

فَجعل يضع يَده على رَأسه وَهُوَ يَقُول: واسوأتاه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما الرجل فقد آمن وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله لَيْسَ أحد يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا إِلَّا رَآهُ وَلم يعْمل مِثْقَال ذرة شرا إِلَّا رَآهُ قَالَ: نعم فَانْطَلق الرجل وَهُوَ يَقُول: واسوأتاه فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: آمن الرجل وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دفع رجلا إِلَى رجل يُعلمهُ فَعلمه حَتَّى بلغ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} فَقَالَ الرجل: حسبي فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت الرجل الَّذِي أَمرتنِي أَن أعلمهُ لما بلغ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} فَقَالَ حسبي: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دَعه فقد فقه وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن رجلا ذهب مرّة يَسْتَقْرِئ فَلَمَّا سمع هَذِه الْآيَة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} إِلَى آخرهَا فَقَالَ: حسبي حسبي إِن عملت مِثْقَال ذرة من خيرا رَأَيْته وَإِن عملت مِثْقَال ذرة من شَرّ رَأَيْته قَالَ: وَذكر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول: هِيَ الجامعة الفاذة وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَعبد الرَّزَّاق عَن الْحسن قَالَ: لما نزلت {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} الْآيَة قَالَ رجل من الْمُسلمين: حسبي حسبي إِن عملت مِثْقَال ذرة من خير أَو شَرّ رَأَيْته انْتَهَت الموعظة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحَارِث بن سُوَيْد أَنه قَرَأَ {إِذا زلزلت} حَتَّى بلغ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} قَالَ: إِن هَذَا الإِحصاء شَدِيد وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ الْكَافِر يُعْطي كِتَابه يَوْم الْقِيَامَة فَينْظر فِيهِ فَيرى فِيهِ كل حَسَنَة عَملهَا فِي الدُّنْيَا فَترد عَلَيْهِ حَسَنَاته وَذَلِكَ قَول الله تَعَالَى: (وَقدمنَا إِلَى مَا عمِلُوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) (سُورَة الْفرْقَان الْآيَة 23) فابلس واسود وَجهه وَأما الْمُؤمن فَإِنَّهُ يعْطى كِتَابه بيمنيه يَوْم الْقِيَامَة فَيرى فِيهَا كل خَطِيئَة عَملهَا فِي دَار الدُّنْيَا ثمَّ يغْفر لَهُ ذَلِك وَذَلِكَ قَول الله: (فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات) (سُورَة الْفرْقَان الْآيَة 70) فابيض وَجهه وَاشْتَدَّ سروره وَأخرج ابْن جرير عَن سُلَيْمَان بن عَامر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله إِن

أبي كَانَ يصل الرَّحِم ويفي بِالذِّمةِ وَيكرم الضَّيْف قَالَ: مَاتَ قبل الإِسلام قَالَ: نعم قَالَ: لن يَنْفَعهُ ذَلِك وَلكنهَا تكون فِي عقبه فَلَنْ تخزوا أبدا وَلنْ تذلوا أبدا وَلنْ تفتقروا أبدا وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَوْلَا ثَلَاث لأحببت أَن لَا أبقى فِي الدُّنْيَا وضعي وَجْهي للسُّجُود لخالقي فِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار أقدمه لحياتي وظمأ الهواجر ومقاعدة أَقوام ينتقون الْكَلَام كَمَا تنتقى الْفَاكِهَة وَتَمام التَّقْوَى أَن يَتَّقِي الله تَعَالَى الْبعد حَتَّى يتقيه فِي مِثْقَال ذرة حَتَّى أَن يتْرك بعض مَا يرى أَنه حَلَال خشيَة أَن يكون حَرَامًا حَتَّى يكون حاجزاً بَينه وَبَين الْحَرَام إِن الله قد بَين للنَّاس الَّذِي هُوَ يصيرهم إِلَيْهِ قَالَ: {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} فَلَا تحقرن شَيْئا من الشَّرّ أَن تتقيه وَلَا شَيْئا من الشَّرّ أَن تَفْعَلهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اعملو أَن الْجنَّة وَالنَّار أقرب إِلَى أحدكُم من شِرَاك نَعله {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: اتقو النَّار وَلَو بشق تَمْرَة ثمَّ قَرَأت {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ذكر لنا أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا جاءها سَائل فَسَأَلَ فَأمرت لَهُ بتمرة فَقَالَ لَهَا قَائِل: يَا أم الْمُؤمنِينَ إِنَّكُم لتصدقون بالتمرة قَالَت: نعم وَالله إِن الْخلق كثير وَلَا يشبعه إِلَّا الله أوليس فِيهَا مَثَاقِيل ذَر كَثِيرَة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شبع الإِيمان عَن عَائِشَة أَن سَائِلًا جاءها فَقَالَت لجاريتها: أطعميه فَوجدت تَمْرَة فَقَالَت: أعْطِيه إِيَّاهَا فَإِن فِيهَا مَثَاقِيل ذَر إِن تقبلت وَأخرج مَالك وَابْن سعد وَعبد بن حميد من طَرِيق عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن سَائِلًا أَتَاهَا وَعِنْدهَا سلة من عِنَب فَأخذت حَبَّة من عِنَب فَأَعْطَتْهُ فَقيل لَهَا فِي ذَلِك فَقَالَت: هَذِه أثقل من ذَر كثير ثمَّ قَرَأت {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} وَأخرج عبد بن حميد عَن جَعْفَر بن برْقَان قَالَ: بلغنَا أَن عمر بن الْخطاب أَتَاهُ مِسْكين وَفِي يَده عنقود من عِنَب فَنَاوَلَهُ مِنْهُ حَبَّة وَقَالَ: فِيهِ مَثَاقِيل ذَر كَثِيرَة

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن سَائِلًا سَأَلَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَبَين يَدَيْهِ طبق وَعَلِيهِ فَنَاوَلَهُ حَبَّة فكأنهم أَنْكَرُوا ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالَ: فِي هَذِه مَثَاقِيل ذَر كثير وَأخرج سعد عَن عَطاء بن فروخ أَن سعد بن مَالك أَتَاهُ سَائل وَبَين يَدَيْهِ طبق عَلَيْهِ تمر فَأعْطَاهُ تَمْرَة فَقبض السَّائِل يَده فَقَالَ سعد: وَيحك تقبل الله منا مثقا الذّرة والخردلة وَكم فِي هَذِه من مَثَاقِيل الذَّر وَأخرج ابْن سعد عَن شَدَّاد بن أَوْس أَنه خطب النَّاس فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس أَلا إِن الدُّنْيَا أجل حَاضر يَأْكُل مِنْهَا الْبَار والفاجر أَلا وَإِن الْآخِرَة أجل مستأخر يقْضِي فِيهَا ملك قَادر أَلا وَإِن الْخَيْر بحذافيره فِي الْجنَّة أَلا وَإِن الشَّرّ بحذافيره فِي النَّار أَلا وَاعْلَمُوا أَنه {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} وَأخرج الزجاجي فِي أَمَالِيهِ عَن أنس بن مَالك أَن سَائِلًا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْطَاهُ تَمْرَة فَقَالَ السَّائِل: نَبِي من أَنْبيَاء يتَصَدَّق بتمرة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أما علمت أَن فِيهَا مَثَاقِيل ذَر كثير وَأخرج هناد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {مِثْقَال ذرة} إِنَّه أَدخل يَده فِي التُّرَاب ثمَّ رَفعهَا ثمَّ نفخ فِيهَا وَقَالَ: كل من هَؤُلَاءِ مِثْقَال ذرة وَأخرج الْحُسَيْن بن سُفْيَان فِي مُسْنده وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: أَيهَا النَّاس إِن الدُّنْيَا عرض حَاضر يَأْكُل مِنْهُ الْبر والفاجر وَإِن الْآخِرَة وعد صَادِق يحكم فِيهَا ملك قَادر يحِق فِيهَا الْحق وَيبْطل الْبَاطِل أَيهَا النَّاس كونُوا من أَبنَاء الْآخِرَة وَلَا تَكُونُوا من أَبنَاء الدُّنْيَا فَإِن كل أم يتبعهَا وَلَدهَا اعْمَلُوا وَأَنْتُم من الله على حذر وَاعْمَلُوا أَنكُمْ معرضون على أَعمالكُم وأنكم ملاقوا الله لَا بُد مِنْهُ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره} وَأخرج مَالك وَالْبُخَارِيّ وَأحمد وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخَيل لثَلَاثَة: لرجل أجر ولرجل ستر وعَلى رجل وزر الحَدِيث قَالَ: وَسُئِلَ عَن الْحمر فَقَالَ: مَا نزل عليّ فِيهَا إِلَّا هَذِه الْآيَة الجامعة الفاذة {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 100 سُورَة العاديات مَكِّيَّة وآياتها إِحْدَى عشرَة مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - 11

العاديات

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت وَالْعَادِيات بِمَكَّة وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا زلزلت) (سُورَة الزلزال) تعدل بِنصْف الْقُرْآن {وَالْعَادِيات} تعدل بِنصْف الْقُرْآن وَأخرج مُحَمَّد بن نصر من طَرِيق عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا زلزلت) تعدل نصف الْقُرْآن {وَالْعَادِيات} تعدل نصف الْقُرْآن و (قل هُوَ الله أحد) (سُورَة الاخلاص) تعدل ثلث الْقُرْآن و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (سُورَة الْكَافِرُونَ) تعدل ربع الْقُرْآن وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الافراد وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خيلاً فاستمرت شهرا لَا يَأْتِيهِ مِنْهَا خبر فَنزلت

{وَالْعَادِيات ضَبْحًا} ضحت بأرجلها وَلَفظ ابْن مرْدَوَيْه ضبحت بمناخيرها {فالموريات قدحاً} قدحت بحوافرها الْحِجَارَة فأورت نَارا {فالمغيرات صبحاً} صبحت الْقَوْم بغارة {فأثرن بِهِ نقعاً} أثارت بحوافرها التُّرَاب {فوسطن بِهِ جمعا} صبحت الْقَوْم جَمِيعًا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة إِلَى الْعَدو فَأَبْطَأَ خَبَرهَا فشق ذَلِك عَلَيْهِ فَأخْبرهُ الله خبرهم وَمَا كَانَ من أَمرهم فَقَالَ: {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: هِيَ الْخَيل والضبح: نخير الْخَيل حَتَّى تنخر {فالموريات قدحاً} قَالَ: حِين تجْرِي الْخَيل توري نَارا أَصَابَت بسنابكها الْحِجَارَة {فالمغيرات صبحاً} قَالَ: هِيَ الْخَيل أغارت فصبحت الْعَدو {فأثرن بِهِ نقعاً} قَالَ: هِيَ الْخَيل أثرن بحوافرها يَقُول تعدو الْخَيل وَالنَّقْع الْغُبَار {فوسطن بِهِ جمعا} قَالَ: الْجمع العدوّ وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح قَالَ: تقاولت أَنا وَعِكْرِمَة فِي شَأْن العاديات فَقَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس هِيَ الْخَيل فِي الْقِتَال وضبحها حِين ترخي مشافرها إِذا أعدت {فالموريات قدحاً} قَالَ: أرت الْمُشْركين مَكْرهمْ {فالمغيرات صبحاً} قَالَ: إِذا صبحت الْعَدو {فوسطن بِهِ جمعا} قَالَ: إِذا توسطت الْعَدو قَالَ أَبُو صَالح: فَقلت: قَالَ عليّ: هِيَ الإِبل فِي الْحَج ومولاي كَانَ أعلم من مَوْلَاك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَيْنَمَا أَنا فِي الْحجر جَالس إِذا أَتَانِي رجل فَسَأَلَ عَن العاديات ضَبْحًا فَقلت: الْخَيل حِين تغير فِي سَبِيل الله ثمَّ تأوي إِلَى اللَّيْل فيصصنعون طعامهم ويورون نارهم فَانْفَتَلَ عني فَذهب عني إِلَى عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ جَالس تَحت سِقَايَة زَمْزَم فَسَأَلَهُ عَن العاديات ضَبْحًا فَقَالَ: سَأَلت عَنْهَا أحدا قبل قَالَ نعم سَأَلت عَنْهَا ابْن عَبَّاس فَقَالَ: هِيَ الْخَيل حِين تغير فِي سَبِيل الله فَقَالَ: اذْهَبْ فَادعه لي فَلَا وقفت على رَأسه قَالَ: تُفْتِي النَّاس بِمَا لَا علم لَك وَالله إِن أول غَزْوَة فِي الإِسلام لبدر وَمَا كَانَ مَعنا إِلَّا فرسَان للزبير وَفرس لِلْمِقْدَادِ بن الْأسود فَكيف يكون العاديات ضَبْحًا إِنَّمَا العاديات ضَبْحًا من عَرَفَة إِلَى الْمزْدَلِفَة فَإِذا أَدّوا إِلَى الْمزْدَلِفَة أوروا إِلَى النيرَان {فالمغيرات صبحاً} من الْمزْدَلِفَة

إِلَى منى فَذَلِك جمع وَأما قَوْله: {فأثرن بِهِ نقعاً} فَهُوَ نقع الأَرْض حِين تطؤه بخفافها وحوافرها قَالَ ابْن عَبَّاس فنزعت عَن قولي وَرجعت إِلَى الَّذِي قَالَ عليّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: الإِبل قَالَ إِبْرَاهِيم: وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: هِيَ الإِبل وَقَالَ ابْن عَبَّاس: هِيَ الْخَيل فَبلغ عليا قَول ابْن عَبَّاس فَقَالَ: مَا كَانَت لنا خيل يَوْم بدر قَالَ ابْن عَبَّاس: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي سَرِيَّة بعثت وَأخرج عبد بن حميد عَن عَامر قَالَ: تمارى عليّ وَابْن عَبَّاس فِي العاديات ضَبْحًا فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هِيَ الْخَيل وَقَالَ عليّ: كذبت يَا ابْن فُلَانَة وَالله مَا كَانَ مَعنا يَوْم بدر فَارس إِلَّا الْمِقْدَاد وَكَانَ على فرس أبلق قَالَ: وَكَانَ عليّ يَقُول: هِيَ الإِبل فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أَلا ترى أَنَّهَا تثير نقعاً فَمَا شَيْء تثيره إِلَّا بحوافرها وَأخرج عبد بن حميد وَالْحَاكِم وَصَححهُ من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: الْخَيل {فالموريات قدحاً} قَالَ: الرجل إِذا أورى زنده {فالمغيرات صبحاً} قَالَ: الْخَيل تصبح العدوّ {فأثرن بِهِ نقعاً} قَالَ: التُّرَاب {فوسطن بِهِ جمعا} قَالَ: الْعَدو {إِن الإِنسان لرَبه لكنود} قَالَ: لكفور وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي الْقِتَال وَقَالَ ابْن مَسْعُود: فِي الْحَج وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: لَيْسَ بِشَيْء من الدَّوَابّ يضبح إِلَّا كلب أَو فرس {فالموريات قدحاً} قَالَ: هُوَ مكر الرجل قدح فأورى {فالمغيرات صبحاً} قَالَ: غارت الْخَيل صبحاً {فأثرن بِهِ نقعاً} قَالَ: غُبَار وَقع سنابك الْخَيل {فوسطن بِهِ جمعا} قَالَ: جمع الْعَدو قَالَ عَمْرو: وَكَانَ عبيد بن عُمَيْر يَقُول: هِيَ الإِبل وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: الْخَيل ضبحها زجرها ألم تَرَ أَن الْفرس إِذا عدا قَالَ: أح أح فَذَاك ضبحها

وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ قَالَ: الضبح من الْخَيل الحمحمة وَمن الإِبل النَّفس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: هِيَ الْخَيل تعدو حَتَّى تضبح {فالموريات قدحاً} قَالَ: قدحت النَّار بحوافرها {فالمغيرات صبحاً} غارت حِين أَصبَحت {فأثرن بِهِ نقعاً} قَالَ: غُبَار {فوسطن بِهِ جمعا} قَالَ: جمع الْقَوْم {إِن الإِنسان لرَبه لكنود} قَالَ: لكفور وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن مُجَاهِد {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: الْخَيل ألم تَرَ إِلَى الْفرس إِذا أجري كَيفَ يضبح وَمَا ضبح بعير قطّ {فالموريات قدحاً} قَالَ: الْمَكْر تَقول الْعَرَب إِذا أَرَادَ الرجل أَن يمكر بِصَاحِبِهِ: أما وَالله لأقدحن لَك ثمَّ لأورين {فالمغيرات صبحاً} قَالَ: الْخَيل {فأثرن بِهِ نقعاً} قَالَ: التُّرَاب مَعَ وَقع الْخَيل {فوسطن بِهِ جمعا} قَالَ: جمع الْعَدو {إِن الإِنسان لرَبه لكنود} قَالَ: لكفور وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطِيَّة {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: الْخَيل ألم تَرَهَا إِذا عدت تزحر يَقُول تنحر {فالموريات قدحاً} قَالَ: الْكر {فالمغيرات صبحاً} قَالَ: الْخَيل {فأثرن بِهِ نقعاً} قَالَ: الْغُبَار {فوسطن بِهِ جمعا} قَالَ: جمع الْمُشْركين {إِن الإِنسان لرَبه لكنود} قَالَ: لكفور وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {فالموريات قدحاً} قَالَ: كَانَ مكر الْمُشْركين إِذا مكروا قَدَحُوا النَّار حَتَّى يرَوا أَنهم كثير وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ أَخْبرنِي عَن قَوْله: عزَّ وَجل {فأثرن بِهِ نقعاً} قَالَ: النَّقْع مَا يسطع من حوافر الْخَيل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت حسان بن ثَابت وَهُوَ يَقُول: عدمنا خَيْلنَا إِن لم تَرَوْهَا تثير النَّقْع موعدها كداء قَالَ: فَأَخْبرنِي عَن قَوْله: {إِن الإِنسان لرَبه لكنود} قَالَ: الكنود الكفور للنعمة وَهُوَ الَّذِي يَأْكُل وَحده وَيمْنَع رفده ويجيع عَبده قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: شكرت لَهُ يَوْم العكاظ نواله وَلم أك للمعروف ثمَّ كنودا

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: هِيَ الإِبل فِي الْحَج {فالموريات قدحاً} إِذا استفت الْحَصَى بمناسمها تضرب الْحَصَى بعضه بَعْضًا فَيخرج مِنْهُ النَّار {فالمغيرات صبحاً} حِين يفيضون من جمع {فأثرن بِهِ نقعاً} قَالَ: إِذا صرن يثرن التُّرَاب وَأخرج عبد بن حميد عَن عَطاء {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: الإِبل {فالموريات قدحاً} قَالَ: الْخَيل {فوسطن بِهِ جمعا} قَالَ: الْقَوْم {إِن الإِنسان لرَبه لكنود} قَالَ: لكفور وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ {وَالْعَادِيات ضَبْحًا} قَالَ: الدفعة من عَرَفَة {فالموريات قدحاً} قَالَ: النيرَان تجمع {فالمغيرات صبحاً} قَالَ: الدفعة من جمع {فأثرن بِهِ نقعاً} قَالَ: بطن الْوَادي {فوسطن بِهِ جمعا} قَالَ: جمع منى وَأخرج عبد بن حميد وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الكنود بلساننا أهل الْبَلَد الكفور وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {إِن الإِنسان لرَبه لكنود} قَالَ: لكفور وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة قَالَ: الكنود الَّذِي يمْنَع رفده وَينزل وَحده وَيضْرب عَبده وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتَدْرُونَ مَا الكنود قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هُوَ الكفور الَّذِي يضْرب عَبده وَيمْنَع رفده وَيَأْكُل وَحده وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن قَتَادَة وَالْحسن فِي قَوْله: {إِن الإِنسان لرَبه لكنود} قَالَ: الكفور للنعمة الْبَخِيل بِمَا أعْطى وَالَّذِي يمْنَع رفده ويجيع عَبده وَيَأْكُل وَحده وَلَا يُعْطي النائبة تكون فِي قومه وَلَا يكون كنوداً حَتَّى تكون هَذِه الْخِصَال فِيهِ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن {إِن الإِنسان لرَبه لكنود} قَالَ: لكفور يعدد المصيبات وينسى نعم ربه عز وَجل

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَإنَّهُ على ذَلِك لشهيد} قَالَ: الإِنسان {وَإنَّهُ لحب الْخَيْر} قَالَ: المَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَإنَّهُ على ذَلِك لشهيد} قَالَ: الله عزَّ وجلَّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة {وَإنَّهُ على ذَلِك لشهيد} قَالَ: هَذِه من مقاديم الْكَلَام يَقُول وَإِن الله على ذَلِك لشهيد وَإِن الإِنسان لحب الْخَيْر لشديد وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَإنَّهُ لحب الْخَيْر} قَالَ: هُوَ المَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب {وَإنَّهُ على ذَلِك لشهيد} قَالَ: الإِنسان شَاهد على نَفسه {أَفلا يعلم إِذا بعثر مَا فِي الْقُبُور} قَالَ: حِين يبعثون {وَحصل مَا فِي الصُّدُور} قَالَ: أخرج مَا فِي الصُّدُور وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق البخْترِي بن عبيد عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رجل يَا رَسُول الله: مَا العاديات ضَبْحًا فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ من الْغَد فَقَالَ: مَا الموريات قدحاً فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ لثالثة فَقَالَ: مَا الْمُغيرَات صبحاً فَرفع الْعِمَامَة والقلنسوة عَن رَأسه بمخصرته فَوَجَدَهُ مقرعاً رَأسه فَقَالَ: لَو وَجَدْتُك حالقاً رَأسك لوضعت الَّذِي فِيهِ عَيْنَاك فَفَزعَ الْمَلأ من قَوْله فَقَالُوا يَا نَبِي الله وَلم قَالَ: إِنَّه سَيكون أنَاس من أمتِي يضْربُونَ الْقُرْآن بعضه بِبَعْض ليبطلوه ويتبعون مَا تشابه ويزعمون أَن لَهُم فِي أَمر رَبهم سَبِيلا وَلكُل دين مجوس وهم مجوس أمتِي وكلاب النَّار فَكَأَنَّهُ يَقُول: هم الْقَدَرِيَّة قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان: البخْترِي ضعفه أَبُو حَاتِم وَأعله غَيره وَقَالَ أَبُو نعيم: رُوِيَ عَن أَبِيه مَوْضُوعَات

101 سُورَة القارعة مَكِّيَّة وآياتها إِحْدَى عشرَة بِسم الله الرحن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 11

القارعة

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة القارعة بِمَكَّة وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: القارعة من أَسمَاء يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {يَوْم يكون النَّاس كالفراش المبثوث} قَالَ: هَذَا هُوَ الْفراش الَّذِي رَأَيْتُمْ يتهافت فِي النَّار وَفِي قَوْله: {وَتَكون الْجبَال كالعهن المنفوش} قَالَ: كالصوف وَفِي قَوْله: {فَأَما من ثقلت مَوَازِينه فَهُوَ فِي عيشة راضية} قَالَ: هِيَ الْجنَّة {وَأما من خفت مَوَازِينه فأمه هاوية} قَالَ: هِيَ النَّار مأواهم وأمهم ومصيرهم ومولاهم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فأمه هاوية} قَالَ: مصيره إِلَى النَّار وَهِي الهاوية

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {فأمه هاوية} كَقَوْلِك هويت أمه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: هِيَ كلمة عَرَبِيَّة إِذا وَقع رجل فِي أَمر شَدِيد قَالُوا: هويت أمه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي خَالِد الْوَالِبِي {فأمه هاوية} قَالَ: أم رَأسه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: أم رَأسه هاوية فِي جَهَنَّم وَأخرج ابْن جرير عَن أبي صَالح قَالَ: يهوون فِي النَّار على رؤوسهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: الهاوية النَّار هِيَ أمه ومأواه الَّتِي يرجع إِلَيْهَا ويأوي إِلَيْهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن الْأَشْعَث بن عبد الله الْأَعْمَى قَالَ: إِذا مَاتَ الْمُؤمن ذهب بِرُوحِهِ إِلَى روح الْمُؤمنِينَ فَتَقول: روحوا لأخيكم فَإِنَّهُ كَانَ فِي غم الدُّنْيَا ويسألونه مَا فعل فلَان فيخبرهم فَيَقُول صَالح حَتَّى يسألوه مَا فعل فلَان فَيَقُول: مَاتَ أما جَاءَكُم فَيَقُولُونَ: لَا ذهب بِهِ إِلَى أمه الهاوية وَأخرج الْحَاكِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا مَاتَ العَبْد تلقى روحه أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فَيَقُولُونَ لَهُ: مَا فعل فلَان فَإِذا قَالَ مَاتَ قَالُوا ذهب بِهِ إِلَى أمه الهاوية فبئست الْأُم وبئست المربية وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا مَاتَ الْمُؤمن تَلَقَّتْهُ أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ يسألونه مَا فعل فلَان مَا فعلت فُلَانَة فَإِن كَانَ مَاتَ وَلم يَأْتهمْ قَالُوا خُولِفَ بِهِ إِلَى أمه الهاوية بئست الْأُم وبئست المربية حَتَّى يَقُولُوا: مَا فعل فلَان هلت تزوج مَا فعلت فُلَانَة هَل تزوجت فَيَقُولُونَ: دَعوه فيستريح فقد خرج من كرب الدُّنْيَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن نفس الْمُؤمن إِذا قبضت تقلتها أهل الرَّحْمَة من عباد الله كَمَا يلقون البشير من أهل الدُّنْيَا فَيَقُولُونَ: انْظُرُوا صَاحبكُم يستريح فَإِنَّهُ كَانَ فِي كرب شَدِيد ثمَّ يسألونه مَا فعل فلَان وفلانة هَل تزوجت فَإِذا سَأَلُوهُ عَن الرجل قد مَاتَ قبله فَيَقُول: هَيْهَات قد مَاتَ ذَاك قبلي فَيَقُولُونَ: إِنَّا لله وَإنَّهُ إِلَيْهِ رَاجِعُون ذهب بِهِ إِلَى أمه الهاوية فبئست الْأُم وبئست المربية وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: إِذا قبضت نفس العَبْد

تلقاها أهل الرَّحْمَة من عباد الله كَمَا يلقون البشير فِي الدُّنْيَا فيقبلون عَلَيْهِ ليسألوه فَيَقُول بَعضهم لبَعض: انْظُرُوا أَخَاكُم حَتَّى يستريح فَإِنَّهُ كَانَ فِي كرب فيقبلون عَلَيْهِ يسألونه مَا فعل فلَان مَا فعلت فُلَانَة هَل تزوجت فَإِذا سَأَلُوهُ عَن الرجل مَاتَ قبله قَالَ لَهُم: إِنَّه قد هلك فَيَقُولُونَ: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون ذهب بِهِ إِلَى أمه الهاوية فبئست الْأُم وبئست المربية فَيعرض عَلَيْهِم أَعْمَالهم فَإِذا رَأَوْا حسنا فرحوا وَاسْتَبْشَرُوا وَقَالُوا: هَذِه نِعْمَتك على عَبدك فأتمها وَإِن رأو سوءا قَالُوا: اللَّهُمَّ رَاجع عَبدك قَالَ ابْن الْمُبَارك وَرَوَاهُ سَلام الطَّوِيل عَن ثَوْر فرفعه وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن سعيد بن جُبَير أَنه قيل لَهُ: هَل يَأْتِي الْأَمْوَات أَخْبَار الْأَحْيَاء قَالَ: نعم مَا من أحد لَهُ حميم إِلَّا يَأْتِيهِ أَخْبَار أَقَاربه فَإِن كَانَ خيرا سرّ بِهِ وَفَرح بِهِ وَإِن كَانَ شرا ابتأس لذَلِك وحزن حَتَّى إِنَّهُم ليسألون عَن الرجل قد مَاتَ فَيُقَال: ألم يأتكم فَيَقُولُونَ: لقد خُولِفَ بِهِ إِلَى أمه الهاوية وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مر عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام بقرية قد مَاتَ أَهلهَا إنسا وجنها وهوامها وأنعامها وطيورها فَقَامَ ينظر إِلَيْهَا سَاعَة ثمَّ أقبل على أَصْحَابه فَقَالَ: مَاتَ هَؤُلَاءِ بِعَذَاب الله وَلَو مَاتُوا بِغَيْر ذَلِك مَاتُوا مُتَفَرّقين ثمَّ ناداهم: يَا أهل الْقرْيَة فَأَجَابَهُ مُجيب لبيْك يَا روح الله قَالَ: مَا كَانَ جنايتكم قَالُوا عبَادَة الطاغوت وَحب الدُّنْيَا قَالَ: وَمَا كَانَت عبادتكم الطاغوت قَالَ: الطَّاعَة لأهل معاصي الله تَعَالَى قَالَ: فَمَا كَانَ حبكم الدُّنْيَا قَالُوا: كحب الصبيّ لأمه كُنَّا إِذا أَقبلت فرحنا وَإِذا أَدْبَرت حزنا مَعَ أمل بعيد وإدبار عَن طَاعَة الله وإقبال فِي سخط الله قَالَ: وَكَيف كَانَ شَأْنكُمْ قَالُوا: بِنَا لَيْلَة فِي عَافِيَة وأصبحنا فِي الهاوية فَقَالَ عِيسَى: وَمَا الهاوية قَالَ: سِجِّين قَالَ: وَمَا سِجِّين قَالَ: جَمْرَة من نَار مثل أطباق الدُّنْيَا كلهَا دفنت أَرْوَاحنَا فِيهَا قَالَ: فَمَا بَال أَصْحَابك لَا يَتَكَلَّمُونَ قَالَ: لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يتكلموا ملجمون بلجام من نَار قَالَ: فَكيف كَلَّمتنِي أَنْت من بَينهم قَالَ: إِنِّي كنت فيهم وَلم أكن على حَالهم فَلَمَّا جَاءَ الْبلَاء عمني مَعَهم فَأَنا مُعَلّق بشعرة فِي الهاوية لَا أَدْرِي أكردس فِي النَّار أم أنجو فَقَالَ عِيسَى: بِحَق أَقُول لكم لأكل خبز الشّعير وَشرب مَاء القراح وَالنَّوْم على الْمَزَابِل مَعَ الْكلاب كثير مَعَ عَافِيَة الدُّنْيَا وَالْآخِرَة

وَأخرج أَبُو يعلى قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا فقد الرجل من إخوانه ثَلَاثَة أَيَّام سَأَلَ عَنهُ فَإِن كَانَ غَائِبا دَعَا لَهُ وَإِن كَانَ شَاهدا زَارَهُ وَإِن كَانَ مَرِيضا عَاده ففقد رجلا من الْأَنْصَار فِي الْيَوْم الثَّالِث فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا: تَرَكْنَاهُ مثل الفرخ لَا يدْخل فِي رَأسه شَيْء إِلَّا خرج من دبره قَالَ: عودوا أَخَاكُم فخرجنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعوده فَلَمَّا دَخَلنَا عَلَيْهِ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كيفت تجدك قَالَ: لَا يدْخل فِي رَأْسِي شَيْء أَلا خرج من دبري قَالَ: ومم ذَاك قَالَ يَا رَسُول الله: مَرَرْت بك وَأَنت تصلي الْمغرب فَصليت مَعَك وَأَنت تقْرَأ هَذِه السُّورَة {القارعة مَا القارعة} إِلَى آخرهَا {نَار حامية} فَقلت اللَّهُمَّ مَا كَانَ من ذَنْب أَنْت معذبي عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة فَعجل لي عُقُوبَته فِي الدُّنْيَا فَنزل بِي مَا ترى قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بئس مَا قلت أَلا سَأَلت الله أَن يؤتيك فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة ويقيك عَذَاب النَّار فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعَا بذلك ودعا لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ كَأَنَّهُمَا نشط من عقال

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 102 سُورَة التكاثر مَكِّيَّة وآياتها ثَمَان مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - 8

التكاثر

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت بِمَكَّة سُورَة {أَلْهَاكُم التكاثر} وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا يَسْتَطِيع أحدكُم أَن يقْرَأ ألف آيَة فِي كل يَوْم قَالُوا: وَمن يَسْتَطِيع أَن يقْرَأ ألف آيَة قَالَ: أما يَسْتَطِيع أحدكُم أَن يقْرَأ أَلْهَاكُم التكاثر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن أبي هِلَال رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسمون {أَلْهَاكُم التكاثر} الْمُغيرَة وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأحمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الشخير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: انْتَهَيْت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يقْرَأ {أَلْهَاكُم التكاثر} وَفِي لفظ وَقد أنزلت عَلَيْهِ {أَلْهَاكُم التكاثر} وَهُوَ يَقُول: يَقُول ابْن آدم: مَالِي مَالِي وَهل لَك من مَالك إِلَّا مَا أكلت فأفنيت أَو لبست فأبليت أَو تَصَدَّقت فأبقيت

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن مطرف عَن أَبِيه قَالَ: لما أنزلت {أَلْهَاكُم التكاثر} قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول ابْن آدم مَالِي مَالِي وَهل لَك من مَالك إِلَّا مَا أكلت فأفنيت أولبست فأبلست أَو تَصَدَّقت فأبقيت أَو أَعْطَيْت فأمضيت وَأخرج عبد بن حميد وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول العَبْد مَالِي مَالِي وَإِنَّمَا لَهُ من مَاله ثَلَاثَة مَا أكل فأفنى أَو لبس فأبلى أَو تصدق فأبقى وَمَا سوى ذَلِك فَهُوَ ذَاهِب وتاركه للنَّاس وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَقُول ابْن آدم مَالِي مَالِي وَمَاله من مَاله إِلَّا مَا أكل فأفنى أَو لبس فأبلى أَو أعْطى فَأمْضى وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن جرير بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي قَارِئ عَلَيْكُم سُورَة {أَلْهَاكُم التكاثر} فَمن بَكَى فقد دخل الْجنَّة فقرأها فمنا من بَكَى وَمنا من لم يبك فَقَالَ الَّذين لم يبكوا: قد جهدنا يَا رَسُول الله أَن نبكي فَلم نقدر عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي قَارِئهَا عَلَيْكُم الثَّانِيَة فَمن بَكَى فَلهُ الْجنَّة وَمن لم يقدر أَن يبكي فليتباك وَأخرج عبد بن حميد عَن عبد الله بن الشخير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي وَهُوَ يقْرَأ {أَلْهَاكُم التكاثر} حَتَّى خَتمهَا وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير عَن أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا نرى هَذَا من الْقُرْآن لَو أَن لِابْنِ آدم واديين من مَال لتمنى وَاديا ثَالِثا وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب ثمَّ يَتُوب الله على من تَابَ حَتَّى نزلت سُورَة {أَلْهَاكُم التكاثر} إِلَى آخرهَا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {أَلْهَاكُم التكاثر} قَالَ: قَالُوا: نَحن أَكثر من بني فلَان وَبَنُو فلَان أَكثر من بني فلَان فألهاهم ذَلِك حَتَّى مَاتُوا ضلالا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أَلْهَاكُم التكاثر} قَالَ: نزلت فِي الْيَهُود وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحنيش بن أَصْرَم فِي الاسْتقَامَة وَابْن جريروابن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: نزلت {أَلْهَاكُم التكاثر} فِي عَذَاب الْقَبْر

وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه قَرَأَ {الهاكم التكاثر حَتَّى زرتم الْمَقَابِر} ثمَّ قَالَ: مَا أرى الْمَقَابِر إِلَّا زِيَارَة وَمَا للزائر بُد من أَن يرجع إِلَى منزله وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {أَلْهَاكُم التكاثر} قَالَ: فِي الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أخْشَى عَلَيْكُم الْفقر وَلَكِن أخْشَى عَلَيْكُم التكاثر وَمَا أخْشَى عَلَيْكُم الْخَطَأ وَلَكِن أخْشَى عَلَيْكُم التعمد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أَلْهَاكُم التكاثر} يَعْنِي عَن الطَّاعَة {حَتَّى زرتم الْمَقَابِر} قَالَ: يَقُول: حَتَّى يأتيكم الْمَوْت {كلا سَوف تعلمُونَ} يَعْنِي لَو قد دَخَلْتُم قبوركم {ثمَّ كلا سَوف تعلمُونَ} يَقُول: لَو قد خَرجْتُمْ من قبوركم إِلَى محشركم {كلا لَو تعلمُونَ علم الْيَقِين} قَالَ: لَو قد وقفتم على أَعمالكُم بَين يَدي ربكُم {لترون الْجَحِيم} وَذَلِكَ أَن الصِّرَاط يوضع وسط جَهَنَّم فناج مُسلم ومخدوش مُسلم ومكدوش فِي نَار جَهَنَّم {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} يَعْنِي شبع الْبُطُون وبارد الشَّرَاب وظلال المساكن واعتدال الْخلق وَلَذَّة النّوم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عِيَاض بن غنم أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا قَوْله: {أَلْهَاكُم التكاثر حَتَّى زرتم الْمَقَابِر كلا سَوف تعلمُونَ} يَقُول: لَو دَخَلْتُم الْقُبُور {ثمَّ كلا سَوف تعلمُونَ} وَقد خَرجْتُمْ من قبوركم {كلا لَو تعلمُونَ علم الْيَقِين} فِي يَوْم محشركم إِلَى ربكُم {لترون الْجَحِيم} أَي فِي الْآخِرَة حق الْيَقِين كرأي الْعين {ثمَّ لترونها عين الْيَقِين} يَوْم الْقِيَامَة {ثمَّ لتسألنّ يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} بَين يَدي ربكُم عَن بَارِد الشَّرَاب وظلال المساكن وشبع الْبُطُون واعتدال الْخلق ولذاذة النّوم حَتَّى خطْبَة أحدكُم الْمَرْأَة مَعَ خطاب سواهُ فَزَوجهَا ومنعها غَيره وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك {كلا سَوف تعلمُونَ} الْكفَّار {ثمَّ كلا سَوف تعلمُونَ} الْمُؤمنِينَ وَكَذَلِكَ كَانُوا يقرؤونها وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {كلا لَو تعلمُونَ علم الْيَقِين} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَن علم الْيَقِين أَن يعلم أَن الله باعثه بعد الْمَوْت

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لَو تعلمُونَ علم الْيَقِين} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنه الْمَوْت وَفِي قَوْله: {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ: إِن الله سَائل كل ذِي نعْمَة فِيمَا أنعم عَلَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ: صِحَة الْأَبدَان والأسماع والأبصار يسْأَل الله الْعباد فيمَ استعملوها وَهُوَ أعلم بذلك مِنْهُم وَهُوَ قَوْله: (إِن السّمع وَالْبَصَر والفؤاد كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولاً) (سُورَة الْإِسْرَاء الْآيَة 36) وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ: كل شَيْء من لَذَّة الدُّنْيَا وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ: الْأَمْن وَالصِّحَّة وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن ابْن مَسْعُود فِي الْآيَة قَالَ النَّعيم: الْأَمْن وَالصِّحَّة وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ بن أبي طَالب {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ: النَّعيم الْعَافِيَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ: عَن أكل خبز الْبر وَشرب مَاء الْفُرَات مبرداً وَكَانَ لَهُ منزل يسكنهُ فَذَاك من النَّعيم الَّذِي يسْأَل عَنهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ: نَاس من أمتِي يعقدون السّمن وَالْعَسَل بالنقى فيأكلونه وَأخرج عبد بن حميد عَن حمْرَان بن أبان عَن رجل من أهل الْكتاب قَالَ: مَا الله معط عبدا فَوق ثَلَاث إِلَّا سائله عَنْهُم يَوْم الْقِيَامَة: قدر مَا يُقيم بِهِ صلبه من الْخبز وَمَا يكنه من الظل وَمَا يواري بِهِ عَوْرَته من النَّاس

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ الصَّحَابَة: وَفِي أَي نعيم نَحن يَا رَسُول الله وَإِنَّمَا نَأْكُل فِي أَنْصَاف بطوننا خبز الشّعير فَأوحى الله إِلَى نبيه أَن قل لَهُم: أَلَيْسَ تحتذون النِّعَال وتشربون المَاء الْبَارِد فَهَذَا من النَّعيم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَأحمد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مَحْمُود بن لبيد قَالَ: لما أنزلت {أَلْهَاكُم التكاثر} فَقَرَأَ حَتَّى بلغ ثمَّ {لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالُوا يَا رَسُول الله: عَن أَي نعيم نسْأَل وَإِنَّمَا هما الأسودان المَاء وَالتَّمْر وسيوفنا على رقابنا والعدوّ حَاضر فَعَن أَي نعيم نسْأَل قَالَ: أما إِن ذَلِك سَيكون وَأخرج عبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ النَّاس: يَا رَسُول الله عَن أَي النَّعيم نسْأَل وَإِنَّمَا هما الأسودان والعدوّ حَاضر وسيوفنا على عواتقنا قَالَ: أما إِن ذَلِك سَيكون وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن الزبير بن الْعَوام قَالَ: لما نزلت {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالُوا يَا رَسُول الله: وَأي نعيم نسْأَل عَنهُ وَإِنَّمَا هما الأسودان التَّمْر وَالْمَاء قَالَ: إِن ذَلِك سَيكون وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن الزبير قَالَ: لما نزلت {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ الزبير بن العوّام: يَا رَسُول الله أَي نعيم نسْأَل عَنهُ وَإِنَّمَا هما الأسودان المَاء وَالتَّمْر قَالَ: أما ذَلِك سَيكون وَأخرج عبد بن حميد عَن صَفْوَان بن سليم قَالَ: لما نزلت {أَلْهَاكُم التكاثر} إِلَى آخرهَا {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَن أَي نعيم نسْأَل إِنَّمَا هما الأسودان المَاء وَالتَّمْر وسيوفنا على عواتقنا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه سَيكون وَأخرج أَبُو يعلى عَن الْحسن قَالَ:: لما نزلت هَذِه الْآيَة {لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالُوا يَا رَسُول الله: أَي نعيم نسْأَل عَنهُ وسيوفنا على عواتقنا وَذكر الحَدِيث وَأخرج أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:

إِن أول مَا يسْأَل العَبْد عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة من النَّعيم أَن يُقَال لَهُ: ألم نصح لَك جسمك ونروك من المَاء الْبَارِد وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعمتان مغبون فيهمَا كثير من النَّاس الصِّحَّة والفراغ وَأخرج ابْن جرير عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: النَّعيم المسؤول عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة كسرة تقوته وَمَاء يرويهِ وثوب يواريه وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: جَاءَنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر فأطعمناهم رطبا وسقيناهم مَاء فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا النَّعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن مرْدَوَيْه والبهقي عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ ليهودي على أبي تمر فَقتل أبي يَوْم أحد وَترك حديقتين وتمر الْيَهُودِيّ يستوعب مَا فِي الحديقتين فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل لَك أَن تَأْخُذ الْعَام بعضه وتؤخر بَعْضهَا إِلَى قَابل فَأبى الْيَهُودِيّ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا حضر الْجذاذ فآذاني فآذنته فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر فَجعلنَا نجذ ويكال لَهُ من أَسْفَل النّخل وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو بِالْبركَةِ حَتَّى وفيناه جَمِيع حَقه من أَصْغَر الحديقتين ثمَّ أتيتهم برطب وَمَاء فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا ثمَّ قَالَ: هَذَا من النَّعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ وَأخرج مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَإِذا هُوَ بِأبي بكر وَعمر فَقَالَ: مَا أخرجكما من بيوتكما هَذِه السَّاعَة قَالَا: الْجُوع يَا رَسُول الله قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأخرجني الَّذِي أخرجكما فَقومُوا فقاما مَعَه فَأتى رجلا من الْأَنْصَار فَإِذا هُوَ لَيْسَ فِي بَيته فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَة قَالَت: مرْحَبًا وَأهلا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيْن فلَان قَالَت: انْطلق يستعذب لنا المَاء إِذْ جَاءَ الْأنْصَارِيّ فَنظر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه فَقَالَ: الْحَمد لله مَا أحد الْيَوْم أكْرم أضيافاً مني فَانْطَلق فجَاء بعذق فِيهِ بسر وتمر فَقَالَ: كلوا من هَذَا وَأخذ المدية فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إياك والحلوب فذبح لَهُم فَأَكَلُوا من الشَّاة وَمن ذَلِك العذق وَشَرِبُوا فَلَمَّا شَبِعُوا وَرووا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأبي بكر وَعمر: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتسألن عَن هَذَا النَّعيم يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج الْبَزَّار وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن

عَبَّاس أَنه سمع عمر بن الْخطاب يَقُول: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج يَوْمًا عِنْد الظهيرة فَوجدَ أَبَا بكر فِي الْمَسْجِد جَالِسا فَقَالَ: مَا أخرجك هَذِه السَّاعَة قَالَ: أخرجني الَّذِي أخرجك يَا رَسُول الله ثمَّ إِن عمر جَاءَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا ابْن الْخطاب مَا أخرجك هَذِه السَّاعَة قَالَ: أخرجني الَّذِي أخرجكما فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَل بكما من قُوَّة فتنطلقان إِلَى هَذَا النّخل فتصيبان من طَعَام وشراب فَقُلْنَا: نعم يَا رَسُول الله فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَيَّتنَا منزل مَالك بن التيهَان أبي الْهَيْثَم الْأنْصَارِيّ وَأخرج ابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خرج أَبُو بكر فِي الهاجرة إِلَى الْمَسْجِد فَسمع عمر فَخرج فَقَالَ لأبي بكر: مَا أخرجك هَذِه السَّاعَة قَالَ: أخرجني مَا أجد فِي نَفسِي من حاق الْجُوع قَالَ عمر: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أخرجني إِلَى الْجُوع فَبَيْنَمَا هما كَذَلِك إِذْ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: مَا أخرجكما هَذِه السَّاعَة فَقَالَا: وَالله مَا أخرجنَا إِلَّا مَا نجد فِي بطوننا من حاق الْجُوع فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أخرجني غَيره فَقَامُوا فَانْطَلقُوا إِلَى منزل أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى دَاره قَالَت امْرَأَته: مرْحَبًا بِنَبِي الله وبمن بِعْهُ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيْن أَبُو أَيُّوب فَقَالَت امْرَأَته: يَأْتِيك يَا نَبِي الله السَّاعَة فجَاء أَبُو أَيُّوب فَقطع عذقاً فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أردْت أَن تقطع لنا هَذَا أَلا اجتنيت الثَّمَرَة قَالَ: أَحْبَبْت يَا رَسُول الله أَن تَأْكُلُوا من بسره وتمره ورطبه ثمَّ ذبح جدياً فشوى نصفه وطبخ نصفه فَلَمَّا وضع بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ من الجدي فَجعله فِي رغيف وَقَالَ: يَا أَبَا أَيُّوب أبلغ بِهَذَا فَاطِمَة فَإِنَّهَا لم تصب مثل هَذَا مُنْذُ أَيَّام فَذهب بِهِ أَبُو أَيُّوب إِلَى فَاطِمَة فَلَمَّا أكلُوا وشبعوا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: خبز وَلحم وتمر وَبسر وَرطب ودمعت عَيناهُ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِن هَذَا لَهو النَّعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ قَالَ الله: {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} فَهَذَا النَّعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة فَكبر ذَلِك على أَصْحَابه فَقَالَ: بلَى إِذا أصبْتُم هَذَا فضربتم بِأَيْدِيكُمْ فَقولُوا: بِسم الله فَإِذا شيعتم فَقولُوا: الْحَمد لله الَّذِي هُوَ أشبعنا وأنعم علينا وَأفضل فَإِن هَذَا كفاف لَهَا وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن عدي وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن مَنْدَه فِي الْمعرفَة وَابْن عَسَاكِر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي عسيب مولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلًا فَمر بِي فدعاني فَخرجت إِلَيْهِ ثمَّ مر بِأبي بكر

فَدَعَاهُ فَخرج إِلَيْهِ ثمَّ مر بعمر فَدَعَاهُ فَخرج إِلَيْهِ فَانْطَلق حَتَّى دخل حَائِطا لبَعض الْأَنْصَار فَقَالَ لصَاحب الْحَائِط: أطعمنَا فجَاء بعذق فَوَضعه فَأكل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه ثمَّ دَعَا بِمَاء بَارِد فَشرب وَقَالَ: لتسألن عَن هَذَا النَّعيم يَوْم الْقِيَامَة فَأخذ عمر العذق فَضرب بِهِ الأَرْض حَتَّى تناثر الْبُسْر ثمَّ قَالَ يَا رَسُول الله: إِنَّا لمسؤولون عَن هَذَا يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: نعم إِلَّا من ثَلَاث كسرة يسد بهَا الرجل جوعته أَو ثوب يستر بِهِ عَوْرَته أَو حجر يدْخل فِيهِ من الْحر وَالْبرد وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على جدول فَأتي برطب وَمَاء بَارِد فَأكل من الرطب وَشرب من المَاء ثمَّ قَالَ: هَذَا من النَّعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي بكر الصّديق قَالَ: انْطَلَقت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومعنا عمر إِلَى رجل يُقَال لَهُ الوَاقِفِي فذبح لنا شَاة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إياك وَذَات الدّرّ فأكلنا ثريداً وَلَحْمًا وشربنا مَاء فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا من النَّعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج فِي سَاعَة لم يكن يخرج فِيهَا ثمَّ خرج أَبُو بكر فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أخرجك يَا أَبَا بكر قَالَ: أخرجني من الْجُوع قَالَ: وأخرجني الَّذِي أخرجك ثمَّ خرج عمر فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا أخرجك يَا عمر قَالَ: أخرجني وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ الْجُوع ثمَّ جَاءَ أنَاس من أَصْحَابه فَقَالَ: انْطَلقُوا بِنَا إِلَى منزل أبي الْهَيْثَم فَقَالَت لَهُم امْرَأَته: إِنَّه ذهب يستعذب لنا فدوروا إِلَى الْحَائِط ففتحت لَهُم بَاب الْبُسْتَان فَدَخَلُوا فجلسوا فجَاء أَبُو الْهَيْثَم فَقَالَت لَهُ امْرَأَته: أَتَدْرِي من عنْدك قَالَ: لَا قَالَت لَهُ: عنْدك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَصْحَابه فَدخل عَلَيْهِم فعلق قربته على نَخْلَة ثمَّ أَخذ مخرفان فَأتى عذقاً لَهُ فاخترف لَهُم رطبا فَأَتَاهُم بِهِ فَصَبَّهُ بَين أَيْديهم فَأَكَلُوا مِنْهُ وَبرد لَهُم ذَلِك المَاء فَشَرِبُوا مِنْهُ فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا من النَّعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي الْهَيْثَم بن التيهَان أَن أَبَا بكر الصّديق خرج فَإِذا هُوَ بعمر جَالِسا فِي الْمَسْجِد فَعمد نَحوه فَوقف فَسلم فَرد عمر فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: مَا أخرجك هَذِه السَّاعَة فَقَالَ لَهُ عمر: بل أَنْت مَا أخرجك هَذِه السَّاعَة قَالَ

أَبُو بكر: إِنِّي سَأَلتك قبل أَن تَسْأَلنِي فَقَالَ عمر: أخرجني الْجُوع فَقَالَ أَبُو بكر: وَأَنا أخرجني الَّذِي أخرجك فلبثا يتحدثان وطلع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعمد نَحْوهمَا حَتَّى وقف عَلَيْهِمَا فَسلم فَردا السَّلَام فَقَالَ: مَا أخرجكما هَذِه السَّاعَة فَنظر كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه لَيْسَ مِنْهُمَا وَاحِد إِلَّا وَهُوَ يُرِيد أَن يُخبرهُ صَاحبه فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله خرج قبلي وَخرجت بعده فَسَأَلته مَا أخرجك هَذِه السَّاعَة فَقَالَ: بل أَنْت مَا أخرجك هَذِه السَّاعَة فَقلت: إِنِّي سَأَلتك قبل أَن تَسْأَلنِي فَقَالَ: بل أخرجني الْجُوع فَقلت لَهُ: أخرجني الَّذِي أخرجك فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَأَنا فَأَخْرجنِي الَّذِي أخرجكما فَقَالَ لَهما النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تعلمان من أحد نضيفه قَالَا: نعم أَبُو الْهَيْثَم بن التيهَان لَهُ أعذق وجدي إِن جئناه نجد عِنْده فضل تمر فَخرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحباه حَتَّى دخلُوا الْحَائِط فَسلم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسمِعت أم الْهَيْثَم تَسْلِيمه ففدت بِالْأَبِ وَالأُم وأخرجت حلساً لَهَا من شعر فجلسوا عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَأَيْنَ أَبُو الْهَيْثَم فَقَالَت: ذَاك ذهب ليستعذب لنا من المَاء وطلع أَبُو الْهَيْثَم بالقربة على رقبته فَلَمَّا أَن رأى وضح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين ظهراني النّخل أسندها إِلَى جذع وَأَقْبل يفْدي بِالْأَبِ وَالأُم فَلَمَّا رَآهُمْ عرف الَّذِي بهم فَقَالَ لأم الْهَيْثَم: هَل أطعمت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحبيه شَيْئا فَقَالَت: إِنَّمَا جلس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّاعَة قَالَ: فَمَا عنْدك قَالَت: عِنْدِي حبات من شعير قَالَ: كركريها واعجني واخبزي إِذْ لم يَكُونُوا يعْرفُونَ الخمير قَالَ: وَأخذ الشَّفْرَة فَرَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم موليا فَقَالَ: إياك وَذَات الدّرّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنَّمَا أُرِيد عنيقاً فِي الْغنم فذبح وَنصب فَلم يلبث إِذا جَاءَ بذلك إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأكل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصاحباه فشبعوا لَا عهد لَهُم بِمِثْلِهَا فَمَا مكث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا يَسِيرا حَتَّى أُتِي بأسير من الْيمن فَجَاءَتْهُ فَاطِمَة ابْنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَشْكُو إِلَيْهِ الْعَمَل وتريه يَديهَا وتسأله إِيَّاه قَالَ: لَا وَلَكِن أعْطِيه أَبَا الْهَيْثَم فقد رَأَيْته وَمَا لَقِي هُوَ وَامْرَأَته يَوْم ضفناهم فَأرْسل إِلَيْهِ وَأَعْطَاهُ إيها فَقَالَ: خُذ هَذَا الْغُلَام يعينك على حائطك واستوص بِهِ خيرا: فَمَكثَ عِنْد أبي الْهَيْثَم مَا شَاءَ الله أَن يمْكث فَقَالَ: لقد كنت مُسْتقِلّا أَنا وصاحبتي بحائطنا اذْهَبْ فَلَا رب لَك إِلَّا الله فَخرج ذَلِك الْغُلَام إِلَى الشَّام ورزق فِيهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَن أَبَا بكر خرج لم يُخرجهُ إِلَّا الْجُوع وَخرج عمر لم يُخرجهُ إِلَّا الْجُوع وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج عَلَيْهِمَا وأنهما أخبراه أَنه

لم يخرجهما إِلَى الْجُوع فَقَالَ: انْطَلقُوا بِنَا إِلَى منزل رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو الْهَيْثَم بن التيهَان فَإِذا هُوَ لَيْسَ فِي الْمنزل ذهب يَسْتَقِي فرحبت الْمَرْأَة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبصاحبيه وَبسطت لَهُم شَيْئا فجلسو عَلَيْهِ فَسَأَلَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيْن انْطلق أَبُو الْهَيْثَم قَالَت: ذهب يستعذب لنا فَلم يلبث أَن جَاءَ بقربة فِيهَا مَاء فعلقها وَأَرَادَ أَن يذبح لَهُم شَاة فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كره ذَلِك فذبح لَهُم عنَاقًا ثمَّ انْطلق فجَاء بكبائس من النّخل فَأَكَلُوا من ذَلِك اللَّحْم والبسر وَالرّطب أَو شربوا من المَاء فَقَالَ أَحدهمَا: إِمَّا أَبُو بكر وَإِمَّا عمر: هَذَا من النَّعيم الَّذِي نسْأَل عَنهُ يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمُؤمن لَا يثرب عَلَيْهِ شَيْء أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا إِنَّمَا يثرب على الْكَافِر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْكَلْبِيّ أَنه سُئِلَ عَن تَفْسِير هَذِه الْآيَة {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ: إِنَّمَا هِيَ للْكفَّار {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا} ) (سُورَة الْأَحْقَاف الْآيَة 20) إِنَّمَا هِيَ للْكفَّار قَالَ: وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر كلهم يَقُولُونَ أخرجني الْجُوع فنطلق بهما النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى رجل من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ أَبُو الْهَيْثَم فَلم يره فِي منزله ورحبت الْمَرْأَة برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبصاحبيه وأخرجت بساطاً فجلسوا عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيْن أَنطلق أَبُو الْهَيْثَم فَقَالَت: انْطلق يستعذب لنا فَلم يَلْبَثُوا أَن جَاءَ بقربة مَاء فعلقها وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يذبح لَهُم شَاة فكره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك فذبح عنَاقًا ثمَّ انْطلق فجَاء بكبائس من نخل فَأَكَلُوا من اللَّحْم وَمن الْبُسْر وَالرّطب وَشَرِبُوا من المَاء فَقَالَ أَحدهمَا: إِمَّا أَبُو بكر وَإِمَّا عمر: هَذَا من النَّعيم الَّذِي نسْأَل عَنهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا يسْأَل الْكفَّار وَإِن الْمُؤمن لَا يثرب عَلَيْهِ شَيْء أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّمَا يثرب على الْكَافِر قيل لَهُ من حَدثَك قَالَ: الشّعبِيّ عَن الْحَارِث عَن ابْن مَسْعُود وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عَامر قَالَ: أكل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبُو بكر وَعمر لَحْمًا وخبزاً وشعيراً ورطباً وَمَاء بَارِدًا فَقَالَ: هَذَا وربكما من النَّعيم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالُوا يارسول الله: أَي نعيم نسْأَل عَنهُ سُيُوفنَا على عواتقنا وَالْأَرْض كلهَا لنا حَرْب يصبح أَحَدنَا بِغَيْر غداء ويمسي عشَاء قَالَ: عني بذلك قوم يكونُونَ

من بعدكم أَنْتُم خير مِنْهُم يغذي عَلَيْهِم بِجَفْنَة وَيرَاح عَلَيْهِم بِجَفْنَة وَيَغْدُو فِي حلَّة وَيروح فِي حلَّة ويسترون بُيُوتهم كَمَا تستر الْكَعْبَة ويفشى فيهم السّمن وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك قَالَ: لما نزلت {ثمَّ لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَامَ رجل مُحْتَاج فَقَالَ يَا رَسُول الله: هَل عليّ من النِّعْمَة شَيْء قَالَ: نعم الظل والنعلان وَالْمَاء الْبَارِد وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لتسألن يَوْمئِذٍ عَن النَّعيم} قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْخصاف وَالْمَاء والبارد وفلق الْكسر قَالَ الْعَبَّاس: الْخصاف خصف النَّعْلَيْنِ وَأخرج الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا فَوق الإِزار وظل الْحَائِط وخبز يُحَاسب بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة وَيسْأل عَنهُ وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاث لَا يُحَاسب بِهن العَبْد: ظلّ خص يستظل بِهِ وكسرة يشد بهَا صلبه وثوب يواري بِهِ عَوْرَته وَأخرج أَيْضا عَن سلمَان قَالَ: يلغني أَن فِي التَّوْرَاة مَكْتُوب: ابْن آدم كسيرة تكفيك وخرقة تواريك وَحجر يؤيك وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رجلا سَأَلَهُ إِنْسَان من فُقَرَاء الْمُهَاجِرين فَقَالَ: أَلَك امْرَأَة تأوي إِلَيْك وتأوي إِلَيْهَا قَالَ: نعم قَالَ: أَلَك مسكن تسكنه قَالَ: نعم قَالَ: فلست من فُقَرَاء الْمُهَاجِرين وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: كل شَيْء سوى ظلّ بَيت وجلف الْخبز وثوب يواري عَوْرَته وَالْمَاء فَمَا فضل عَن هَذَا لِابْنِ آدم فِيهِنَّ حق وَأخرج أَحْمد وَابْن ماجة والحكيم وَالتِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن عبد الله الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه عَن عَمه قَالَ: خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعَلِيهِ أثر غسل وَهُوَ طيب النَّفس فظننا أَنه ألم بأَهْله فَقُلْنَا يَا رَسُول الله: نرَاك طيب النَّفس فَقَالَ: أجل وَالْحَمْد لله ثمَّ ذكر الْغنى فَقَالَ: لَا بَأْس بالغنى لمن اتَّقى الله وَالصِّحَّة لمن اتَّقى خير من الْغنى وَطيب النَّفس من النَّعيم

وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: مر عمر بن الْخطاب بِرَجُل مبتلي أَجْذم أعمى أَصمّ أبكم فَقَالَ لمن مَعَه: هَل ترَوْنَ فِي هَذَا من نعم الله شَيْئا قَالُوا: لَا قَالَ: بلَى أَلا تَرَوْنَهُ يَبُول فَلَا يعتصر وَلَا يلتوي يخرج بَوْله سهلاً فَهَذِهِ نعْمَة من الله وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن قَالَ: يَا لَهَا من نعْمَة تَأْكُل لَذَّة وَتخرج سرحاً لقد كَانَ ملك من مُلُوك هَذِه الْقرْيَة يرى الْغُلَام من غلمانه يَأْتِي الحش فيكتان ثمَّ يجرجر قَائِما فَيَقُول: يَا لَيْتَني مثلك مَا يشرب حَتَّى يقطع عُنُقه الْعَطش فَإِذا شرب كَانَ لَهُ فِي تِلْكَ الشربة موتات يَا لَهَا من نعْمَة تَأْكُل لَذَّة وَتخرج سرحاً وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يعرض النَّاس يَوْم الْقِيَامَة على ثَلَاثَة دواوين: ديوَان فِيهِ الْحَسَنَات وديوان فِيهِ النَّعيم وديوان فِيهِ السَّيِّئَات فيقابل بديوان الْحَسَنَات ديوَان النَّعيم فيستفرغ النَّعيم الْحَسَنَات وَتبقى السَّيِّئَات مشيئتها إِلَى الله عز وَجل إِن شَاءَ عذب وَإِن شَاءَ غفر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد عَن بكير بن عَتيق قَالَ: سقيت سعيد بن جُبَير شربة من عسل فِي قدح فَشربهَا ثمَّ قَالَ: وَالله لأسألن عَن هَذَا: فَقلت لمه قَالَ: شربته وَأَنا أستلذه

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 103 سُورَة الْعَصْر مَكِّيَّة وآياتها ثَلَاث مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - 3

العصر

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {وَالْعصر} بِمَكَّة وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي مليكَة الدَّارمِيّ وَكَانَت لَهُ صُحْبَة قَالَ: كَانَ الرّجلَانِ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا التقيا لم يَتَفَرَّقَا حَتَّى يقْرَأ أَحدهمَا على الآخر سُورَة {وَالْعصر إِن الإِنسان لفي خسر} إِلَى آخرهَا ثمَّ يسلم أَحدهمَا على الآخر وَأخرج ابْن سعد عَن مَيْمُون قَالَ: شهِدت عمر حِين طعن فأمنا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَرَأَ بأقصر سورتين فِي الْقُرْآن بالعصر و (إِذا جَاءَ نصر الله) (سُورَة النَّصْر) فِي الْفجْر وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه كَانَ يقْرَأ وَالْعصر ونوائب الدَّهْر إِن الإِنسان لفي خسر وانه لفيه إِلَى آخر الدَّهْر

وَأخرج عبد بن حميد عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الْملك قَالَ: سَمِعت سعيد بن جُبَير يقْرَأ قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: وَالْعصر إِن الإِنسان لفي خسر وانه لفيه إِلَى آخر الدَّهْر إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَأخرج عبد بن حميد عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَرَأنَا: وَالْعصر إِن الإِنسان لفي خسر وانه لفيه إِلَى آخر الدَّهْر إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ ذكر أَنَّهَا فِي قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود وَأخرج عبد بن حميد عَن حَوْشَب قَالَ: أرسل بشر بن مَرْوَان إِلَى عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود فَقَالَ: كَيفَ كَانَ ابْن مَسْعُود يقْرَأ {وَالْعصر} فَقَالَ: وَالْعصر إِن الإِنسان لفي خسر وَهُوَ فِيهِ إِلَى آخر الدَّهْر فَقَالَ لَهُ بشر: هُوَ يكفر بِهِ فَقَالَ عبد الله لكني أومن بِهِ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَالْعصر} قَالَ: سَاعَة من سَاعَات النَّهَار وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وَالْعصر} قَالَ: هُوَ مَا قبل مغيب الشَّمْس من الْعشي وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَالْعصر} قَالَ: سَاعَة من سَاعَات النَّهَار وَفِي قَوْله: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} قَالَ: كتاب الله {وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ} قَالَ: طَاعَة الله وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ {وَالْعصر} قَالَ: قسم أقسم بِهِ رَبنَا وتبارك وَتَعَالَى {إِن الإِنسان لفي خسر} قَالَ: النَّاس كلهم ثمَّ اسْتثْنى فَقَالَ: {إِلَّا الَّذين آمنُوا} ثمَّ لم يدعهم وَذَاكَ حَتَّى قَالَ: {وَعمِلُوا الصَّالِحَات} ثمَّ لم يدعهم وَذَاكَ حَتَّى قَالَ: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} ثمَّ لم يدعهم وَذَاكَ حَتَّى قَالَ: {وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ} يشْتَرط عَلَيْهِم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَالْعصر إِن الإِنسان لفي خسر} يَعْنِي أَبَا جهل بن هِشَام {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} ذكر عليّاً وسلمان

104 سُورَة الْهمزَة مَكِّيَّة وآياتها تسع بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 9

الهمزة

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت {ويل لكل همزَة} بِمَكَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عمر أَنه قيل لَهُ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي أَصْحَاب مُحَمَّد {ويل لكل همزَة لُمزَة} قَالَ: ابْن عمر: مَا عنينا بهَا وَلَا عنينا بِعشر الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن إِسْحَاق عَن عُثْمَان بن عمر قَالَ: مَا زلنا نسْمع أَن {ويل لكل همزَة} قَالَ: لَيست بحاجبة لأحد نزلت فِي جميل بن عَامر زعم الرقاشِي وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {ويل لكل همزَة} فِي الْأَخْنَس بن شريق وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن رَاشد بن سعد المقدامي عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لماعرج بِي مَرَرْت بِرِجَال تقطع جُلُودهمْ بمقاريض من نَار فَقلت: من هَؤُلَاءِ قَالَ: الَّذين يتزينون قَالَ: ثمَّ مَرَرْت بجب

منتن الرّيح فَسمِعت فِيهِ أصواتاً شَدِيدَة فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: نسَاء كن يتزين بزينة ويعطين مَا لَا يحل لَهُنَّ ثمَّ مَرَرْت على نسَاء وَرِجَال معلقين بثديهن فَقلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ: هَؤُلَاءِ الهمازون والهمازات ذَلِك بِأَن الله قَالَ: {ويل لكل همزَة لُمزَة} وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {ويل لكل همزَة لُمزَة} قَالَ: هُوَ المشاء بالنميمة المفرق بَين الْجمع المغري بَين الأخوان وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قي قَوْله: {ويل لكل همزَة} قَالَ: طعان {لُمزَة} قَالَ: مغتاب وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: الْهمزَة الطعان فِي النَّاس واللمزة الَّذِي يَأْكُل لُحُوم النَّاس وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {ويل لكل همزَة لُمزَة} قَالَ: يَأْكُل لُحُوم النَّاس ويطعن عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة {ويل لكل همزَة لُمزَة} قَالَ: تهمزه فِي وَجهه وتلمزه من خَلفه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة {ويل لكل همزَة} قَالَ: يهمزه ويلمزه بِلِسَانِهِ وَعَيْنَيْهِ وَيَأْكُل لُحُوم النَّاس ويطعن عَلَيْهِم وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن جريج قَالَ: الْهَمْز بالعينين والشدق وَالْيَد واللمز بِاللِّسَانِ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله: {جمع مَالا وعدده} قَالَ: أَحْصَاهُ وَأخرج ابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه والخطيب فِي تَارِيخه عَن جَابر ابْن عبد الله أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {يحْسب أَن مَاله أخلده} بِكَسْر السِّين وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة {يحْسب أَن مَاله أخلده} قَالَ: يزِيد فِي عمره وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ {كلا لينبذن} قَالَ: ليلقين

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الحسني بن وَاقد قَالَ: الحطمة بَاب من أَبْوَاب جَهَنَّم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله: {الَّتِي تطلع على الأفئدة} قَالَ: تَأْكُل كل شَيْء مِنْهُ حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى فُؤَاده فَإِذا بلغت فُؤَاده ابتدئ خلقه وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر فِي قَوْله: {الَّتِي تطلع على الأفئدة} قَالَ: تَأْكُله النَّار حَتَّى تبلغ فُؤَاده وَهُوَ حيّ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِنَّهَا عَلَيْهِم مؤصدة} قَالَ: مطبقة {فِي عمد ممددة} قَالَ: عمد من نَار وَأخرج عبد بن حميد عَن عَليّ بن أبي طَالب أَنه قَرَأَ {فِي عمد} وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ: بعمد ممددة قَالَ: وَهِي الأدهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {فِي عمد} قَالَ: الْأَبْوَاب وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس {فِي عمد ممددة} قَالَ: أدخلهم فِي عمد فمدت عَلَيْهِم فِي أَعْنَاقهم السلَاسِل فَسدتْ بهَا الْأَبْوَاب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة {فِي عمد} قَالَ: عمد من حَدِيد فِي النَّار وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {فِي عمد} قَالَ: كُنَّا نُحدث أَنَّهَا عمد يُعَذبُونَ بهَا فِي النَّار وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح {فِي عمد ممددة} قَالَ: الْقُيُود الطوَال وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: من قَرَأَهَا {فِي عمد} فَهُوَ عمد من نَار وَمن قَرَأَهَا {فِي عمد} فَهُوَ حَبل مَمْدُود وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: فِي النَّار رجل فِي شعب من شعابها يُنَادي مِقْدَار ألف عَام يَا حنان يَا منان فَيَقُول رب الْعِزَّة لجبريل: أخرج عَبدِي من النَّار فيأتيها فيجدها مطبقة فَيرجع فَيَقُول يَا رب {إِنَّهَا عَلَيْهِم مؤصدة} فَيَقُول يَا جِبْرِيل: فكها واخرج عَبدِي من النَّار فيفكها وَيخرج مثل الفحم فيطرحه على سَاحل الْجنَّة حَتَّى ينْبت الله لَهُ شعرًا وَلَحْمًا ودماً

وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّمَا الشَّفَاعَة يَوْم الْقِيَامَة لمن عمل الْكَبَائِر من أمتِي ثمَّ مَاتُوا عَلَيْهَا فهم فِي الْبَاب الأول من جَهَنَّم لَا تسود وُجُوههم وَلَا تزرق أَعينهم وَلَا يغلون بالأغلال وَلَا يقرنون مَعَ الشَّيَاطِين وَلَا يضْربُونَ بالمقامع وَلَا يطرحون فِي الأدراك مِنْهُم من يمْكث فِيهَا سَاعَة وَمِنْهُم من يمْكث يَوْمًا ثمَّ يخرج وَمِنْهُم من يمْكث شهرا ثمَّ يخرج وَمِنْهُم من يمْكث فِيهَا سنة ثمَّ يخرج وأطولهم مكثاً فِيهَا مثل الدُّنْيَا مُنْذُ يَوْم خلقت إِلَى يَوْم أفنيت وَذَلِكَ سَبْعَة آلَاف سنة ثمَّ إِن الله عز وَجل إِذا أَرَادَ أَن يخرج الْمُوَحِّدين مِنْهَا قذف فِي قُلُوب أهل الْأَدْيَان فَقَالُوا لَهُم كُنَّا نَحن وَأَنْتُم جَمِيعًا فِي الدُّنْيَا فآمنتم وكفرنا وصدقتم وكذبنا وأقربتم وجحدنا فَمَا أغْنى ذَلِك عَنْكُم نَحن وَأَنْتُم فِيهَا جَمِيعًا سَوَاء تعذبون وتخلدون كَمَا نخلد فيغضب الله عِنْد ذَلِك غَضبا لم يغضبه من شَيْء فِيمَا مضى وَلَا يغْضب من شَيْء فِيمَا بَقِي فَيخرج أهل التَّوْحِيد مِنْهَا إِلَى عين بَين الْجنَّة والصراط يُقَال لَهَا نهر الْحَيَاة فيرش عَلَيْهِم من المَاء فينبتون كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل السَّيْل مَا يَلِي الظل مِنْهَا أَخْضَر وَمَا يَلِي الشَّمْس مِنْهَا أصفر ثمَّ يدْخلُونَ الْجنَّة فَيكْتب فِي جباههم عُتَقَاء الله من النَّار إِلَّا رجلا وَاحِدًا فَإِنَّهُ يمْكث فِيهَا بعدهمْ ألف سنة ثمَّ يُنَادي يَا حنان يَا منان فيبعث الله إِلَيْهِ ملكا ليخرجه فيخوض فِي النَّار فِي طلبه سبعين عَاما لَا يقدر عَلَيْهِ ثمَّ يرجع فَيَقُول: يَا رب إِنَّك أَمرتنِي أَن أخرج عَبدك فلَانا من النَّار وَإِنِّي طلبته فِي النَّار مُنْذُ سبعين سنة فَلم أقدر عَلَيْهِ فَيَقُول الله عز وَجل: انْطلق فَهُوَ فِي وَادي كَذَا وَكَذَا تَحت صَخْرَة فَأخْرجهُ فَيذْهب فيخرجه مِنْهَا فيدخله الْجنَّة ثمَّ إِن الجهنميين يطْلبُونَ إِلَى الله أَن يمحى ذَلِك الإِسم عَنْهُم فيبعث الله إِلَيْهِم ملكا فَيَمْحُو عَن جباههم ثمَّ إِنَّه يُقَال لأهل الْجنَّة وَمن دَخلهَا من الجهنميين اطلعوا إِلَى أهل النَّار فيطلعون إِلَيْهِم فَيرى الرجل أَبَاهُ وَيرى أَخَاهُ وَيرى جَاره وَيرى صديقه وَيرى العَبْد مَوْلَاهُ ثمَّ أَن الله عز وَجل يبْعَث إِلَيْهِم مَلَائِكَة باطباق من نَار ومسامير من نَار وَعمد من نَار فيطبق عَلَيْهِم بِتِلْكَ الأطباق وتسمر بِتِلْكَ المسامير وتمد بِتِلْكَ الْعمد وَلَا يبْقى فِيهَا خلل يدْخل فِيهِ روح وَلَا يخرج مِنْهُ غم وينساهم الْجَبَّار على عَرْشه ويتشاغل أهل الْجنَّة بنعيمهم وَلَا يستغيثون بعْدهَا أبدا وَيَنْقَطِع الْكَلَام فَيكون كَلَامهم زفيراً وشهيقاً فَذَلِك قَوْله: {إِنَّهَا عَلَيْهِم مؤصدة فِي عمد ممددة} يَقُول: مطبقة وَالله أعلم

105 سُورَة الْفِيل مَكِّيَّة وآياتها خمس بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 5

الفيل

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزل {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك} بِمَكَّة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عُثْمَان بن الْمُغيرَة بن الْأَخْنَس قَالَ: كَانَ من حَدِيث أَصْحَاب الْفِيل أَن أَبْرَهَة الأشرم الحبشي كَانَ ملك الْيمن وَأَن ابْنَته أكسوم بن الصَّباح الحميريّ خرج حَاجا فَلَمَّا انْصَرف من مَكَّة نزل فِي كَنِيسَة بِنَجْرَان فغدا عَلَيْهَا نَاس من أهل مَكَّة فَأخذُوا مَا فِيهَا من الحليّ وَأخذُوا مَتَاع أكسوم فَانْصَرف إِلَى جده مغضباً فَبعث رجلا من أَصْحَابه يُقَال لَهُ شهر بن مَعْقُود على عشْرين ألفا من خولان والاشعريين فَسَارُوا حَتَّى نزلُوا بِأَرْض خثعم فتنحت خثعم عَن طريقهم فَلَمَّا دنا من الطَّائِف خرج إِلَيْهِ نَاس من بني خثعم وَنصر وَثَقِيف فَقَالُوا: مَا حاجت إِلَى طائفنا وَإِنَّمَا هِيَ قَرْيَة صَغِيرَة وَلَكنَّا ندلك على بَيت بِمَكَّة يعبد وحرز من لَجأ إِلَيْهِ من ملكه تمّ لَهُ ملك الْعَرَب فَعَلَيْك بِهِ وَدعنَا مِنْك فَأَتَاهُ حَتَّى إِذا بلغ المغمس وجد إبِلا لعبد الْمطلب مائَة نَاقَة مقلدة فاتهبها بَين أَصْحَابه فَلَمَّا بلغ

ذَلِك عبد الْمطلب جَاءَهُ وَكَانَ جميلا وَكَانَ لَهُ صديق من أهل الْيمن يُقَال لَهُ ذُو عَمْرو فَسَأَلَهُ أَن يرد عَلَيْهِ إبِله فَقَالَ: إِنِّي لَا أُطِيق ذَلِك وَلَكِن إِن شِئْت أدخلتك على الْملك فَقَالَ عبد الْمطلب افْعَل فَأدْخلهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: إِن لي إِلَيْك حَاجَة قَالَ: قضيت كل حَاجَة تطلبها قَالَ: أَنا فِي بلد حرَام وَفِي سَبِيل بَين أَرض الْعَرَب وَأَرْض الْعَجم وَكَانَت مائَة نَاقَة لي مقلدة ترعى بِهَذَا الْوَادي بَين مَكَّة وتهامة عَلَيْهَا عير أَهلهَا وَتخرج إِلَى تِجَارَتِنَا وتتحمل من عدوّنا عدا عَلَيْهَا جيشك فَأَخَذُوهَا وَلَيْسَ مثلك يظلم من جاوره فَالْتَفت إِلَى ذِي عَمْرو ثمَّ ضرب بِإِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى عجبا فَقَالَ: لَو سَأَلَني كل شَيْء أحوزه أَعْطيته إِيَّاه أما ابلك فقد رددنا إِلَيْك وَمثلهَا مَعهَا فَمَا يمنعك أَن تكلمني فِي بنيتكم هَذِه وبلدكم هَذِه فَقَالَ لَهُ عبد الْمطلب: أما بنيتنا هَذِه وَبَلَدنَا هَذِه فَإِن لَهما رَبًّا إِن شَاءَ أَن يمْنَعهَا منعهما وَلَكِنِّي إِنَّمَا أُكَلِّمك فِي مَالِي فَأمر عِنْد ذَلِك بالرحيل وَقَالَ: لتهد من الْكَعْبَة ولتنهبن مَكَّة فَانْصَرف عبد الْمطلب وَهُوَ يَقُول: لَا همّ إِن الْمَرْء يمْنَع رَحْله فامنع حلالك لَا يغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك فَإِذا فعلت فَرُبمَا تحمى فَأمر مَا بدالك فَإِذا فعلت فَإِنَّهُ أَمر تتمّ بِهِ فعالك وغدوا غَدا بجموعهم والفيل كي يسبوا عِيَالك فَإِذا تَركتهم وكعبتا فوا حَربًا هُنَالك فَلَمَّا توجه شهر وَأَصْحَاب الْفِيل وَقد أَجمعُوا مَا أَجمعُوا طفق كلما وجهوه أَنَاخَ وبرك فَإِذا صرفوه عَنْهَا من حَيْثُ أَتَى أسْرع السّير فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى غشيهم اللَّيْل وَخرجت عَلَيْهِم طير من الْبَحْر لَهَا خراطيم كَأَنَّهَا البلس شَبيهَة بالوطواط حمر وسود فَلَمَّا رأوها أشفقوا مِنْهَا وَسقط فِي أَيْديهم فرمتهم بحجارة مدحرجة كالبنادق تقع على رَأس الرجل فَتخرج من جَوْفه فَلَمَّا أَصْبحُوا من الْغَد أصبح عبد الْمطلب وَمن مَعَه على جبالهم فَلم يرَوا أحدا غشيهم فَبعث ابْنه على فرس لَهُ سريع ينظر مَا لقوا فَإِذا هم مشدخين جَمِيعًا فَرجع يرفع رَأسه كاشفاً عَن فَخذه فَلَمَّا رأى ذَلِك أَبوهُ قَالَ: إِن ابْن أَفرس الْعَرَب وَمَا كشف عَن فَخذه إِلَّا بشيراً أَو نذيراً فَلَمَّا دنا من ناديهم قَالُوا مَا وَرَاءَك قَالَ: هَلَكُوا جَمِيعًا فَخرج عبد الْمطلب وَأَصْحَابه فَأخذُوا أَمْوَالهم

وَقَالَ عبد الْمطلب شعرًا فِي الْمَعْنى: أَنْت منعت الْجَيْش والأفيالا وَقد رعو بِمَكَّة الأفيالا وَقد خشينا مِنْهُم القتالا وكل أَمر مِنْهُم معضالا شكرا وحمداً لَك ذَا الجلالا فَانْصَرف شهر هَارِبا وَحده فَأول منزل نزله سَقَطت يَده الْيُمْنَى ثمَّ نزل منزلا آخر فَسَقَطت رجله الْيُمْنَى فَأتى منزله وَقَومه وَهُوَ جَسَد لَا أَعْضَاء لَهُ فَأخْبرهُم الْخَبَر ثمَّ فاضت نَفسه وهم ينظرُونَ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى نزلُوا الصفاح فَأَتَاهُم عبد الْمطلب فَقَالَ: إِن هَذَا بَيت الله لم يُسَلط عَلَيْهِ أحد قَالُوا: لَا نرْجِع حَتَّى نهدمه وَكَانُوا لَا يقدمُونَ فيلهم إِلَّا تَأَخّر فَدَعَا الله الطير الأبابيل فَأَعْطَاهَا حِجَارَة سُودًا عَلَيْهِم الطين فَلَمَّا حاذتهم رَمَتْهُمْ فَمَا بَقِي مِنْهُ أحد إِلَّا أَخَذته الحكة فَكَانَ لَا يحك إِنْسَان مِنْهُم جلده إِلَّا تساقط لَحْمه وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أقبل أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى إِذا دنوا من مَكَّة اسْتَقْبَلَهُمْ عبد الْمطلب فَقَالَ لملكهم: مَا جَاءَ بك إِلَيْنَا أَلا بعثت فنأتيك بِكُل شَيْء أردْت فَقَالَ: أخْبرت بِهَذَا الْبَيْت الَّذِي لَا يدْخلهُ أحد إِلَّا أَمن فَجئْت أخيف أَهله فَقَالَ: إِنَّا نَأْتِيك بِكُل شَيْء تُرِيدُ فَارْجِع فَأبى أَن يرجع إِلَّا أَن يدْخلهُ وَانْطَلق يسير نَحوه وتخلف عبد الْمطلب فَقَامَ على جبل فَقَالَ: لَا أشهد مهلك هَذَا الْبَيْت وَأَهله ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِن لكل إِلَه حَلَالا فامنع حلالك لَا يغلبن محالهم أبدا محالك اللَّهُمَّ فَإِن فعلت فَأمر مَا بدا لَك فَأَقْبَلت مثل السحابة من نَحْو الْبَحْر حَتَّى أظلتهم طيراً أبابيل الَّتِي قَالَ الله ترميهم بحجارة من سجيل فَجعل الْفِيل يعج عجاً فجعلهم كعصف مَأْكُول وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل} قَالَ: أقبل أَبْرَهَة الأشرم بِالْحَبَشَةِ وَمن تبعه من غواة أهل الْيمن إِلَى بَيت الله ليهدموه من أجل بيعَة لَهُم أَصَابَهَا الْعَرَب بِأَرْض الْيمن فَأَقْبَلُوا بفيلهم حَتَّى إِذا كَانُوا بالصفاح فَكَانُوا إِذا وجهوه إِلَى بَيت الله ألْقى بجرانه إِلَى الأَرْض فَإِذا وجهوه قبل بِلَادهمْ انْطلق وَله هرولة حَتَّى إِذا كَانُوا ببجلة اليمانية بعث الله عَلَيْهِم طيراً أبابيل

بيضًا وَهِي الْكَبِيرَة فَجعلت ترميهم بهَا حَتَّى جعلهم الله كعصف مَأْكُول فنجا أَبُو يكسوم فَجعل كلما نزل أَرضًا تساقط بعض لَحْمه حَتَّى إِذا أَتَى قومه فَأخْبرهُم الْخَبَر ثمَّ هلك وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل} قَالَ: أَبُو يكسوم جَبَّار من الْجَبَابِرَة جَاءَ بالفيل يَسُوقهُ مَعَه الْحَبَش ليهْدم - زعم - بَيت الله من أجل بيعَة كَانَت هدمت بِالْيمن فَلَمَّا دنا الْفِيل من الْحرم ضرب بجرانه فَإِذا أَرَادوا بِهِ الرّجْعَة عَن الْحرم أسْرع الهرولة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أقبل أَبُو يسكوم صَاحب الْحَبَشَة وَمَعَهُ الْفِيل فَلَمَّا انْتهى إِلَى الْحرم برك الْفِيل فَأبى أَن يدْخل الْحرم فَإِذا وَجه رَاجعا أسْرع رَاجعا وَإِذا ارْتَدَّ على الْحرم أَبى فَأرْسل الله عَلَيْهِم طيراً صغَارًا بيضًا فِي أفواهها حِجَارَة أَمْثَال الحمص لَا تقع على أحد إِلَّا هلك وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَاءَ أَصْحَاب الْفِيل حَتَّى نزلُوا الصفاح فَأَتَاهُم عبد الْمطلب فَقَالَ: إِن هَذَا بَيت لم يُسَلط عَلَيْهِ أحد قَالُوا: لَا نرْجِع حَتَّى نهدمه وَكَانُوا لَا يقدمُونَ فيلهم إِلَّا تَأَخّر فَدَعَا الله الطير الأبابيل فَأَعْطَاهَا حِجَارَة سُودًا عَلَيْهَا الطين فَلَمَّا حاذت بهم صفت عَلَيْهِم ثمَّ رَمَتْهُمْ فَمَا بَقِي مِنْهُم أحد إِلَّا أَصَابَته الحكة وَكَانُوا لَا يحك إِنْسَان مِنْهُم جلده إِلَّا تساقط جلده وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أرسل الله الْحِجَارَة على أَصْحَاب الْفِيل جعل لَا يَقع مِنْهَا حجر إِلَّا سقط [] وَذَلِكَ مَا كَانَ الجدري ثمَّ أرسل الله سيلاً فَذهب بهم فألقاهم فِي الْبَحْر قيل: فَمَا الأبابيل قَالَ: الْفرق وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود {طيراً أبابيل} قَالَ: هِيَ الْفرق وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {طيراً أبابيل} قَالَ: فوجاً بعد فَوْج كَانَت تخرج عَلَيْهِم من الْبَحْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {طيراً أبابيل} قَالَ: خضر لَهَا خراطيم كخراطيم الإِبل وأنف كأنف الْكلاب

وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس {طيراً أبابيل} قَالَ: لَهَا أكفّ كأكفّ الرجل وأنياب كأنياب السبَاع وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ قَالَ: لما أَرَادَ الله أَن يهْلك أَصْحَاب الْفِيل بعث الله عَلَيْهِم طيراً نشأت من الْبَحْر كَأَنَّهَا الخطاطيف بكف كل طير مِنْهَا ثَلَاثَة أحجر مجزعة فِي منقاره حجر وحجران فِي رجلَيْهِ ثمَّ جَاءَت حَتَّى صفت على رؤوسهم ثمَّ صاحت وَأَلْقَتْ مَا فِي أرجلها ومناقيرها فَمَا من حجر وَقع مِنْهَا على رجل إِلَّا خرج من الْجَانِب الآخر إِن وَقع على رَأسه خرج من دبره وَإِن وَقع على شَيْء من بدنه خرج من الْجَانِب الآخر وَبعث الله ريحًا شَدِيدا فَضربت أرجلها فزادها شدَّة فأهلكوا جَمِيعًا وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عِكْرِمَة {طيراً أبابيل} قَالَ: طير بيض وَفِي لفظ: خضر جَاءَت من قبل الْبَحْر كَأَن وجوهها وُجُوه السبَاع لم تَرَ قبل ذَلِك وَلَا بعده فأثرت فِي جُلُودهمْ مثل الجدري فَإِنَّهُ أول مَا رُؤِيَ الجدري وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل} لما أقبل أَصْحَاب الْفِيل يُرِيدُونَ مَكَّة ورأسهم أَبُو يكسوم الحبشي حَتَّى أَتَوا المغمس أَتَتْهُم طيرا فِي منقار كل طير حجر وَفِي رجلَيْهِ حجران فرمتهم بهَا فَذَلِك قَوْله: {وَأرْسل عَلَيْهِم طيراً أبابيل} يَقُول: يتبع بَعْضهَا بَعْضًا {ترميهم بحجارة من سجيل} يَقُول من طين قَالَ: وَكَانَت من جزع أظفار مثل بعر الْغنم فرمتهم بهَا {فجعلهم كعصف مَأْكُول} وَهُوَ ورق الزَّرْع الْبَالِي الْمَأْكُول: يَقُول: خرقتهم الْحِجَارَة كَمَا يتخرق ورق الزَّرْع الْبَالِي الْمَأْكُول قَالَ: وَكَانَ إقبال هَؤُلَاءِ إِلَى مَكَّة قبل أَو يُولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث وَعشْرين سنة وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي الكنود {ترميهم بحجارة من سجيل} قَالَ: دون الحمصة وَفَوق العدسة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن عمرَان {طيراً أبابيل} قَالَ: طير كَثِيرَة جَاءَت بحجارة كَثِيرَة أكبرها مثل الحمصة وأصغرها مثل العدسة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ترميهم بحجارة من سجيل}

قَالَ: بحجارة مثل البندق وَبهَا نضح حمرَة مختمة مَعَ كل طَائِر ثَلَاثَة أَحْجَار حجران فِي رجلَيْهِ وَحجر فِي منقاره حلقت عَلَيْهِم من السَّمَاء ثمَّ أرْسلت تِلْكَ الْحِجَارَة عَلَيْهِم فَلم تعد عَسْكَرهمْ وَأخرج أَبُو نعيم عَن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الديلمي قَالَ: رَأَيْت الْحَصَى الَّتِي رمي بهَا أَصْحَاب الْفِيل حَصى مثل الحمص وأكبر من العدس حمر مختمة كَأَنَّهَا جزع ظفار وَأخرج أَبُو نعيم عَن حَكِيم بن حزَام قَالَ: كَانَت فِي الْمِقْدَار من الحمصة والعدسة حَصى بِهِ نضح أَحْمَر مختمة كالجزع فلولا أَنه عذب بِهِ قوم أخذت مِنْهُ مَا اتَّخذهُ لي مَسْجِدا وَهِي بِمَكَّة كثير وَأخرج أَبُو نعيم عَن أم كرز الْخُزَاعِيَّة قَالَت: رَأَيْت الْحِجَارَة الَّتِي رمي بهَا أَصْحَاب الْفِيل حمراً مختمة كَأَنَّهَا جزع ظفار فَمن غير ذَلِك فَلم ير مِنْهَا شَيْئا وَلم يصبهم كلهم وَقد أفلت مِنْهُم وَأخرج أَبُو نعيم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: جاؤوا بفيلين فَأَما مَحْمُود فَرَبَضَ وَأما الآخر فشجع فحصب وَأخرج أَبُو نعيم عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: حَدثنِي من كلم قَائِد الْفِيل وسائسه قَالَ لَهما: أخبراني خبر الْفِيل قَالَا: أَقبلنَا بِهِ وَهُوَ فيل الْملك النَّجَاشِيّ الْأَكْبَر لم يسر بِهِ قطّ إِلَى جمع إِلَّا هَزَمَهُمْ فَلَمَّا دنا من الْحرم جعلنَا كلما نوجهه إِلَى الْحرم يربض فَتَارَة نضربه فيهبط وتاره نضربه حَتَّى نمل ثمَّ نتركه فَلَمَّا انْتهى إِلَى المغمس ربض فَلم يقم فطلع الْعَذَاب فَقُلْنَا: نجا غيركما قَالَا: نعم لَيْسَ كلهم أَصَابَهُ الْعَذَاب وَولى أَبْرَهَة وَمن تبعه يُرِيد بِلَاده كلما دخلُوا أَرضًا وَقع مِنْهُم عُضْو حَتَّى انْتَهوا إِلَى بِلَاد خثعم وَلَيْسَ عَلَيْهِ غير رَأسه فَمَاتَ وَأخرج أَبُو نعيم من طَرِيق عَطاء وَالضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس أَن أَبْرَهَة الأشرم قدم من الْيمن يُرِيد هدم الْكَعْبَة فَأرْسل الله عَلَيْهِم {طيراً أبابيل} يُرِيد مجتمعة لَهَا خراطيم تحمل حَصَاة فِي منقارها وحصاتين فِي رِجْلَيْهَا ترسل وَاحِدَة على رَأس الرجل فيسيل لَحْمه وَدَمه وَتبقى عظاماً خاوية لَا لحم عَلَيْهِ وَلَا جلد وَلَا دم وَأخرج أَبُو نعيم عَن عُثْمَان بن عَفَّان أَنه سَأَلَ رجلا من هُذَيْل قَالَ: أَخْبرنِي عَن يَوْم الْفِيل فَقَالَ: بعثت يَوْم الْفِيل طَلِيعَة على فرس لي أُنْثَى فَرَأَيْت طيراً خرجت من الْحرم فِي كل منقار طير مِنْهَا حجر وَفِي رجل كل طير مِنْهَا حجر وهاجت ريح

وظلمة حَتَّى قعدت بِي فرسي مرَّتَيْنِ فمسحتهم مسحة [] كلفته كرداك وانجلت الظلمَة وسكنت الرّيح قَالَ: فَنَظَرت إِلَى الْقَوْم خامدين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن أبي صَالح أَنه رأى عِنْد أم هَانِئ بنت أبي طَالب من تِلْكَ الْحِجَارَة نَحوا من قفيز مخططة بحمرة كَأَنَّهَا جزع ظفار مَكْتُوب فِي الْحجر اسْمه وَاسم أَبِيه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس {فجعلهم كعصف} يَقُول: كالتبن وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس {فجعلهم كعصف مَأْكُول} قَالَ: ورق الْحِنْطَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: العصف الْمَأْكُول ورق الْحِنْطَة وَأخرج عبد بن حميد عَن طَاوس {كعصف مَأْكُول} قَالَ: ورق الْحِنْطَة فِيهَا النقب وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة {كعصف مَأْكُول} قَالَ: إِذا أكل فَصَارَ أجوف وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس {كعصف مَأْكُول} قَالَ: هُوَ الطُّيُور عصافة الزَّرْع وَأخرج ابْن إِسْحَق فِي السِّيرَة والواقدي وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: لقد رَأَيْت سائس الْفِيل وقائده بِمَكَّة أعميين مقعدين يستطعمان وَأخرج عبد بن حميد وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن أَبْزي قَالَ: ولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفِيل وَأخرج ابْن إِسْحَق وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن قيس بن مخرمَة قَالَ: ولدت أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفِيل وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم قَالَ: ولد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَام الْفِيل وَكَانَت عكاظ بعد الْفِيل بِخمْس عشرَة سنة وَبني الْبَيْت على رَأس خمس وَعشْرين سنة من الْفِيل وتنبأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على رَأس أَرْبَعِينَ من الْفِيل

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 106 سُورَة قُرَيْش مَكِّيَّة وآياتها أَربع مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - 4

قريش

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت {لإِيلاف قُرَيْش} بِمَكَّة وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الخلافيات عَن أم هَانِئ بنت أبي طَالب أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فضل الله قُريْشًا بِسبع خِصَال لم يُعْطهَا أحدا قبلهم وَلَا يُعْطِيهَا أحدا بعدهمْ: إِنِّي فيهم وَفِي لفظ النبوّة فيهم والخلافة فيهم والحجابة فيهم والسقاية فيهم ونصروا على الْفِيل وعبدوا الله سبع سِنِين وَفِي لفظ عشر سِنِين لم يعبده أحد غَيرهم وَنزلت فيهم سُورَة من الْقُرْآن لم يذكر فِيهَا أحد غَيرهم {لإِيلاف قُرَيْش} وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن الزبير بن العوّام قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فضل الله قُريْشًا بِسبع خِصَال فَضلهمْ بِأَنَّهُم عبدُوا الله عشر سِنِين لَا يعبده إِلَّا قُرَيْش وفضلهم بِأَنَّهُ نَصرهم يَوْم الْفِيل وهم مشركون وفضلهم بِأَنَّهُ نزلت فيهم سُورَة من الْقُرْآن لم يدْخل فِيهَا أحد من الْعَالمين غَيرهم وَهِي {لإِيلاف قُرَيْش} وفضلهم بِأَن فيهم النبوّة والخلافة والحجابة والسقاية

وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله فضل قُريْشًا بِسبع خِصَال: أَنا مِنْهُم وَأَن الله أنزل فيهم سُورَة كَامِلَة من كِتَابه لم يذكر فِيهَا أحدا غَيرهم وَأَنَّهُمْ عبدُوا الله عشر سِنِين لَا يعبده أحد غَيرهم وَأَن الله نَصرهم يَوْم الْفِيل وَأَن الْخلَافَة والسقاية والسدانة فيهم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: صلى عمر بن الْخطاب بِالنَّاسِ بِمَكَّة عِنْد الْبَيْت فَقَرَأَ {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: {فليعبدوا رب هَذَا الْبَيْت} وَجعل يُومِئ بِأُصْبُعِهِ إِلَى الْكَعْبَة وَهُوَ فِي الصَّلَاة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: ويل أمكُم يَا قُرَيْش {لإِيلاف قُرَيْش إيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف} وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم عَن أَسمَاء بنت يزِيد قَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: {لإِيلاف قُرَيْش إيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف} وَيحكم يَا قُرَيْش اعبدوا رب هَذَا الْبَيْت الَّذِي أطْعمهُم من جوع وآمنهم من خوف وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يقْرَأ: لإِيلاف قُرَيْش الْفَهم رحْلَة الشتَاء والصيف وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يعيب {لإِيلاف قُرَيْش} وَيَقُول انما هِيَ لتألف قُرَيْش وَكَانُوا يرحلون فِي الشتَاء والصيف إِلَى الرّوم وَالشَّام فَأَمرهمْ الله أَن يألفوا عبَادَة ربت هَذَا الْبَيْت وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: نعمتي على قُرَيْش {إيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف} قَالَ: كَانُوا يشتون بِمَكَّة ويصيفون بِالطَّائِف {فليعبدوا رب هَذَا الْبَيْت} قَالَ: الْكَعْبَة {الَّذِي أطْعمهُم من جوع وآمنهم من خوف} قَالَ: الجذام وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: نعمتي على قُرَيْش {إيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف} قَالَ: إيلافهم ذَلِك فَلَا يشق عَلَيْهِم رحْلَة شتاء وَلَا صيف {وآمنهم من خوف} قَالَ: من كل عدوّ فِي حرمهم

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش إيلافهم} يَقُول لزومهم {الَّذِي أطْعمهُم من جوع} يَعْنِي قُريْشًا أهل مَكَّة بدعوة إِبْرَاهِيم حَيْثُ قَالَ: (وارزقهم من الثمرات وآمنهم من خوف) حَيْثُ قَالَ ابراهيم: (رب اجْعَل هَذَا الْبَلَد آمنا) وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد أَنه سُئِلَ عَن قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} فَقَرَأَ (ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل) إِلَى آخر السُّورَة قَالَ: هَذَا لإِيلاف قُرَيْش صنعت هَذَا بهم لألفة قُرَيْش لِئَلَّا أفرق إلفهم وجماعتهم إِنَّمَا جَاءَ صَاحب الْفِيل يستبد حرمهم فَصنعَ الله ذَلِك بهم وَأخرج ابْن الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: كَانَت قُرَيْش فِي الْجَاهِلِيَّة تحتفد وَكَانَ احتفادها أَن أهل الْبَيْت مِنْهُ كَانُوا إِذا سافت يَعْنِي هَلَكت أَمْوَالهم خَرجُوا إِلَى برَاز من الأَرْض فَضربُوا على أنفسهم الأخبية ثمَّ تناوبوا فِيهَا حَتَّى يموتوا من قبل أَن يعلم بخلتهم حَتَّى نَشأ هَاشم بن عبد منَاف فَلَمَّا نبل وَعظم قدره فِي قومه قَالَ: يَا معشر قُرَيْش إِن الْعِزّ مَعَ الْكَثْرَة وَقد أَصْبَحْتُم أَكثر الْعَرَب أَمْوَالًا وأعزهم نَفرا وَإِن هَذَا الإِحتفاد قد أَتَى على كثير مِنْكُم وَقد رَأَيْت رَأيا قالو: رَأْيك رَاشد فمرنا نأتمر قَالَ: رَأَيْت أَن أخلط فقراءكم بأغنيائكم فأعمد إِلَى رجل غَنِي فأضم إِلَيْهِ فَقير عِيَاله بِعَدَد عِيَاله فَيكون يوازره فِي الرحلتين رحْلَة الصَّيف وَإِلَى الشَّام ورحلة الشتَاء إِلَى الْيمن فَمَا كَانَ فِي مَال الْغَنِيّ من فضل عَاشَ الْفَقِير وَعِيَاله فِي ظله وَكَانَ ذَلِك قطعا للاحتفاد قَالُوا: نعم مَا رَأَيْت فألف بَين النَّاس فَلَمَّا كَانَ من أَمر الْفِيل وَأَصْحَابه مَا كَانَ وَأنزل الله مَا أنزل وَكَانَ ذَلِك مِفْتَاح النُّبُوَّة وَأول عز قُرَيْش حَتَّى أهابهم النَّاس كلهم وَقَالُوا أهل الله وَالله مَعَهم وَكَانَ مولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك الْعَام فَلَمَّا بعث الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِيمَا مَعَهم وَكَانَ مولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك الْعَام فَلَمَّا بعث الله رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِيمَا أنزل الله عَلَيْهِ يعرف قومه وَمَا صنع إِلَيْهِم وَمَا نَصرهم من الْفِيل وَأَهله (ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل) (سُورَة الْفِيل) إِلَى آخر السُّورَة ثمَّ قَالَ: وَلم فعلت ذَلِك يَا مُحَمَّد بقومك وهم يَوْمئِذٍ أهل عبَادَة أوثان فَقَالَ لَهُم: {لإِيلاف قُرَيْش} إِلَى آخر السُّورَة

أَي لتراحمهم وتواصلهم وَكَانُوا على شرك وَكَانَ الَّذِي آمنهم مِنْهُ من الْخَوْف خوف الْفِيل وَأَصْحَابه واطعامهم إيَّاهُم من الْجُوع من جوع الاحتفاد وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} الْآيَة قَالَ: نَهَاهُم عَن الرحلة وَأمرهمْ أَن يعبدوا رب هَذَا الْبَيْت وكفاهم الْمُؤْنَة وَكَانَت رحلتهم فِي الشتَاء والصيف وَلم يكن لَهُم رَاحَة فِي شتاء وَلَا صيف فأطعمهم الله بعد ذَلِك من جوع وآمنهم من خوف فألفوا الرحلة وَكَانَ ذَلِك من نعْمَة الله عَلَيْهِم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {لإِيلاف قُرَيْش إيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف} قَالَ: ألفوا ذَلِك فَلَا يشق عَلَيْهِم وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: عَادَة قُرَيْش رحْلَة الشتَاء ورحلة فِي الصَّيف وَفِي قَوْله: {وآمنهم من خوف} قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: نَحن من حرم الله فَلَا يعرض لَهُم أحد فِي الْجَاهِلِيَّة يأمنون بذلك وَكَانَ غَيرهم من قبائل الْعَرَب إِذا خرج أغير عَلَيْهِم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: كَانَ أهل مَكَّة يتعاورون الْبَيْت شتاء وصيفاً تجارًا آمِنين لَا يخَافُونَ شَيْئا لحرمهم وَكَانَت الْعَرَب لَا يقدرُونَ على ذَلِك وَلَا يستطيعونه من الْخَوْف فَذكرهمْ الله مَا كَانُوا فِيهِ من الْأَمْن حَتَّى إِن كَانَ الرجل مِنْهُم ليصاب فِي الحيّ من أَحيَاء الْعَرَب فَيُقَال حرمي قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أذلّ قُريْشًا أذله الله وَقَالَ: ارقبوني وقريشاً فَإِن ينصرني الله عَلَيْهِم فَالنَّاس لَهُم تبع فَلَمَّا فتحت مَكَّة أسْرع النَّاس فِي الإِسلام فَبَلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: النَّاس تبع لقريش فِي الْخَيْر وَالشَّر كفارهم تبع لكفارهم ومؤمنوهم تبع لمؤمنهم وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} الْآيَة قَالَ: أمروا أَن يألفوا عبَادَة رب هَذَا الْبَيْت كإلفهم رحْلَة الشتَاء والصيف وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي صَالح قَالَ: علم الله حب قُرَيْش الشَّام فَأمروا أَن يألفوا عبَادَة رب هَذَا الْبَيْت كإيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن أبي مَالك فِي قَوْله: {لإِيلاف قُرَيْش} قَالَ: كَانُوا يتجرون فِي الشتَاء والصيف فألفتهم ذَلِك

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت قُرَيْش تتجر شتاء وصيفاً فتأخذ فِي الشتَاء على طَرِيق الْبَحْر وإيلة إِلَى فلسطين يَلْتَمِسُونَ الدفاء وَأما الصَّيف فَيَأْخُذُونَ قبل بصرى وَأَذْرعَات يَلْتَمِسُونَ الْبرد فَذَلِك قَوْله: {إيلافهم} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَت لَهُم رحلتان الصَّيف إِلَى الشَّام والشتاء إِلَى الْيمن فِي التِّجَارَة وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله: {وآمنهم من خوف} قَالَ: لَا يخطفون وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش {وآمنهم من خوف} قَالَ: خوف الْحَبَشَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك {وآمنهم من خوف} قَالَ: من الجذام وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي رَيْحَانَة العامري أَن مُعَاوِيَة قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: لم سميت قُرَيْش قُريْشًا بِدَابَّة تكون فِي الْبَحْر أعظم دوابه يُقَال لَهَا القرش لَا تمر بِشَيْء من الغث والسمين إِلَّا أَكلته قَالَ: فأنشدني فِي ذَلِك شَيْئا فأنشده شعر الجُمَحِي إِذْ يَقُول: وقريش هِيَ الَّتِي تسكن الْبَحْر بهَا سميت قُرَيْش قُريْشًا تَأْكُل الغث السمين وَلَا تتْرك مِنْهَا لذِي الجناحين ريشا هَكَذَا فِي الْبِلَاد حَيّ قُرَيْش يَأْكُلُون الْبِلَاد أكلا كميشا وَلَهُم آخر الزَّمَان نَبِي يكثر الْقَتْل فيهم والخموشا وَأخرج ابْن سعد عَن سعيد بن مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم أَن عبد الْملك بن مَرْوَان سَأَلَ مُحَمَّد بن جُبَير مَتى سميت قُرَيْش قُريْشًا قَالَ: حِين اجْتمعت إِلَى الْحرم من تفرقها فَذَلِك التجمع التقرش فَقَالَ عبد الْملك مَا سَمِعت هَذَا وَلَكِن سَمِعت أَن قصياً كَانَ يُقَال لَهُ الْقرشِي وَلم تسم قُرَيْش قبله وَأخرج ابْن سعد عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: لما نزل قصيّ الْحرم وَغلب عَلَيْهِ فعل أفعالاً فَقيل لَهُ الْقرشِي فَهُوَ أول من سمي بِهِ وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة بن النُّعْمَان أَنه وَقع بِقُرَيْش فَكَأَنَّهُ نَالَ مِنْهُم فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا قَتَادَة لَا تسبن قُريْشًا فَإِنَّهُ لَعَلَّك أَن ترى مِنْهُم رجَالًا تزدري عَمَلك

مَعَ أَعْمَالهم وفعلك مَعَ أفعالهم وتغبطهم إِذا رَأَيْتهمْ لَوْلَا أَن تطغى قُرَيْش لأخبرتهم بِالَّذِي لَهُم عِنْد الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُعَاوِيَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: النَّاس تبع لقريش فِي هَذَا الْأَمر خيارهم فِي الْجَاهِلِيَّة خيارهم فِي الإِسلام إِذا فقهوا وَالله لَوْلَا أَن تبطر قُرَيْش لأخبرتها بِمَا لخيارها عِنْد الله قَالَ: وَسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: خير نسْوَة ركبن الإِبل صَالح نسَاء قُرَيْش أرعاه على زوج فِي ذَات يَده وأحناه على ولد فِي صغره وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَالنَّسَائِيّ عَن أنس قَالَ: كُنَّا فِي بَيت رجل من الْأَنْصَار فجَاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى وقف فَأخذ بِعضَادَتَيْ الْبَاب فَقَالَ: الْأَئِمَّة من قُرَيْش وَلَهُم عَلَيْكُم حق وَلكم مثل ذَلِك مَا إِن استحكموا عدلوا وَإِن استرحموا رحموا وَإِذا عَاهَدُوا أَوْفوا فَمن لم يفعل ذَلِك مِنْهُم فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن للقرشي مثلي قُوَّة الرجل من غير قُرَيْش قيل لِلزهْرِيِّ: مَا عني بذلك قَالَ: نبل الرَّأْي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سهل بن أبي حثْمَة أَن رَسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تعلمُوا من قُرَيْش وَلَا تعلموها وَقدمُوا قُريْشًا وَلَا تؤخروها فَإِن للقرشي قُوَّة الرجلَيْن من غير قُرَيْش وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جَعْفَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تقدمُوا قُريْشًا فتضلوا وَلَا تَأَخَّرُوا عَنْهَا فتضلوا خِيَار قُرَيْش خِيَار النَّاس وشرار قُرَيْش شرار النَّاس وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَوْلَا أَن تبطر قُرَيْش لأخبرتها مَا لَهَا عِنْد الله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: النَّاس تبع لقريش فِي الْخَيْر وَالشَّر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن رِفَاعَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قُريْشًا فَقَالَ: هَل فِيكُم من غَيْركُمْ قَالُوا: لَا إِلَّا ابْن أُخْتنَا ومولانا وحليفتنا فَقَالَ: ابْن أختكم مِنْكُم ومولاكم مِنْكُم إِن قُريْشًا أهل صدق وَأَمَانَة فَمن بغى لَهُم الغواء أكبه الله على وَجهه

وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: النَّاس تبع لقريش فِي هَذَا الْأَمر خيارهم تبع لخيارهم وشرارهم تبع لشرارهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بَاب فِيهِ نفر من قُرَيْش فَقَالَ: إِن هَذَا الْأَمر فِي قُرَيْش وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقريش: إِن هَذَا الْأَمر فِيكُم وَأَنْتُم ولاته وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال هَذَا الْأَمر فِي قُرَيْش مَا بَقِي من النَّاس اثْنَان وحرك أصبعيه وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْملك فِي قُرَيْش وَالْقَضَاء فِي الْأَنْصَار وَالْأَذَان فِي الْحَبَشَة وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقريش فَقَالَ: اللَّهُمَّ كَمَا أذقت أَوَّلهمْ عذَابا فأذق آخِرهم نوالاً وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعد بن أبي وَقاص أَن رجلا قتل فَقيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أبعده الله أَنه كَانَ يبغض قُريْشًا وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ أذقت أول قُرَيْش نكالاً فأذق آخِرهم نوالا

107 سُورَة الماعون مَكِّيَّة وآياتها سبع بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 7

الماعون

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت {أَرَأَيْت الَّذِي يكذب} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {أَرَأَيْت الَّذِي يكذب بِالدّينِ} قَالَ: الْكَافِر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج {أَرَأَيْت الَّذِي يكذب بِالدّينِ} قَالَ: بِالْحِسَابِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {أَرَأَيْت الَّذِي يكذب بِالدّينِ} قَالَ: يكذب بِحكم الله {فَذَلِك الَّذِي يدعّ الْيَتِيم} قَالَ: يَدْفَعهُ عَن حَقه

وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: عزَّ وَجل {فَذَلِك الَّذِي يدعّ الْيَتِيم} قَالَ: يَدْفَعهُ عَن حَقه قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَبَا طَالب يَقُول: يقسم حَقًا للْيَتِيم وَلم يكن يدعّ لذِي يسارهن الأصاغر وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُحَمَّد بن كَعْب {يدع الْيَتِيم} قَالَ: يَدْفَعهُ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {يدع الْيَتِيم} قَالَ: يَظْلمه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس {فويل للمصلين الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ يراؤون النَّاس بصلاتهم إِذا حَضَرُوا ويتركونها إِذا غَابُوا ويمنعونهم الْعَارِية بغضاً لَهُم وَهِي الماعون وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ يتركون الصَّلَاة فِي السِّرّ وَيصلونَ فِي الْعَلَانِيَة وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: هم المُنَافِقُونَ وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَأَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُصعب بن سعد قَالَ: قلت لأبي: أَرَأَيْت قَول الله: {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} أَيّنَا لَا يسهو وأينا لَا يحدث نَفسه قَالَ: إِنَّه لَيْسَ ذَلِك إِنَّه إِضَاعَة الْوَقْت وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَوْله: {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: هم الَّذين يؤخرون الصَّلَاة عَن وَقتهَا قَالَ الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ الْمَوْقُوف أصح وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الله أكبر هَذِه الْآيَة خير لكم من أَن يعْطى كل رجل مِنْكُم جَمِيع الدُّنْيَا هُوَ الَّذِي إِن صلى لم يرج خير صلَاته وَإِن تَركهَا لم يخف ربه

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: الَّذين يؤخرونها عَن وَقتهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَسْرُوق {عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: تَضْييع ميقاتها وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: سَأَلَ رجل أَبَا الْعَالِيَة عَن قَوْله: {الَّذين هم عَن صلَاتهم ساهون} مَا هُوَ فَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة: هُوَ الَّذِي لَا يدْرِي عَن كم انْصَرف عَن شفع أَو عَن وتر فَقَالَ الْحسن: مَه هُوَ الَّذِي يسهو عَن ميقاتها حَتَّى تفوت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: لاهون وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ: الَّذين هم عَن صلَاتهم لاهون وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: الْحَمد لله الَّذِي قَالَ {هم عَن صلَاتهم ساهون} وَلم يقل فِي صلَاتهم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة {عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي وَيَقُول: هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي يلْتَفت عَن يَمِينه وَعَن يسَاره وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم {عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: يصلونَ رِيَاء وَلَيْسَ الصَّلَاة من شَأْنهمْ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير عَن قَتَادَة {عَن صلَاتهم ساهون} قَالَ: لَا يُبَالِي عَنْهَا أصلى أم لم يصلّ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ بن أبي طَالب {الَّذين هم يراؤون} قَالَ: يراؤون بصلاتهم وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طرق عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا نعد الماعون على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَارِية الدَّلْو وَالْقدر والفأس وَالْمِيزَان وَمَا تتعاطون بَيْنكُم

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نتحدث أَن الماعون الدَّلْو وَالْقدر والفأس وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهُن وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {الماعون} قَالَ: الفأس وَالْقدر والدلو وَنَحْوهَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ الْمُسلمُونَ يستعيرون من الْمُنَافِقين الدَّلْو وَالْقدر والفأس وَشبهه فيمنعونهم فَأنْزل الله {وَيمْنَعُونَ الماعون} وَأخرج أَبُو نعيم والديلمي وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: مَا تعاون النَّاس بَينهم الفأس وَالْقدر والدلو وأشباهه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن قُرَّة بن دعموص النميري أَنهم وفدوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا رَسُول الله مَا تعهد إِلَيْنَا قَالَ: لاتمنعوا الماعون قَالُوا: وَمَا الماعون قَالَ: فِي الْحجر وَفِي الحديدة وَفِي المَاء قَالَ: فَأَي الحديدة قَالَ: قدوركم النّحاس وحديد النَّاس الَّذِي يمتهنون بِهِ قَالُوا: مَا الْحجر قَالَ: قدوركم الْحِجَارَة وَأخرج الباوردي عَن الْحَرْث بن شُرَيْح قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمُسلم أَخُو الْمُسلم لَا يمنعهُ الماعون قَالُوا: يَا رَسُول الله مَا الماعون قَالَ: فِي الْحجر وَفِي المَاء وَفِي الْحَدِيد قَالُوا أَي الْحَدِيد قَالَ: قدر النّحاس وحديد الفأس الَّذِي تمتهنون بِهِ قَالُوا: فَمَا هَذَا الْحجر قَالَ: الْقدر الَّذِي من الْحِجَارَة وَأخرج ابْن قَانِع عَن عَليّ ابْن أبي طَالب سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: الْمُسلم أَخُو الْمُسلم إِذا لقِيه حَيَّاهُ بِالسَّلَامِ وَيرد عَلَيْهِ مَا هُوَ خير مِنْهُ لَا يمْنَع الماعون قلت: يَا رَسُول الله مَا الماعون قَالَ: الْحجر وَالْحَدِيد وَالْمَاء وَأَشْبَاه ذَلِك وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد ضَعِيف عَن حَفْصَة بنت سِيرِين: قَالَت لنا أم عَطِيَّة: أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن لَا نمْنَع الماعون قلت: وَمَا الماعون قَالَت: هُوَ مَا يتعاطاه النَّاس بَينهم وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن سعيد بن عِيَاض عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الماعون والفأس وَالْقدر والدلو وَأخرج آدم وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ والضياء فِي المختارة من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله:

{وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: عَارِية مَتَاع الْبَيْت وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: الماعون الْعَارِية وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ عَن عِكْرِمَة أَنه سُئِلَ عَن الماعون فَقَالَ: هِيَ الْعَارِية فَقيل: فَمن يمْنَع مَتَاع بَيته فَلهُ الويل قَالَ: لَا وَلَكِن إِذا جمعهن ثلاثهن فَلهُ الويل إِذا سهى عَن الصَّلَاة ورايا وَمنع الماعون وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: الماعون الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة يراؤون بصلاتهم وَيمْنَعُونَ زكاتهم وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي قَوْله: {وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: أُولَئِكَ المُنَافِقُونَ ظَهرت الصَّلَاة فصلوها وخفيت الزَّكَاة فمنعوها وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس {وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: الزَّكَاة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي الْمُغيرَة قَالَ: قَالَ ابْن عمر: المَال الَّذِي لَا يعْطى حَقه قلت لَهُ: إِن ابْن مَسْعُود قَالَ: هُوَ مَا يتعطاه النَّاس بَينهم من الْخَيْر قَالَ: ذَلِك مَا أَقُول لَك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: رَأس الماعون زَكَاة المَال وَأَدْنَاهُ المنخل والدلو والإِبرة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: الماعون بِلِسَان قُرَيْش المَال وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الضَّحَّاك وَابْن الْحَنَفِيَّة قَالَا: الماعون الزَّكَاة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: الماعون الْمَعْرُوف وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: اخْتلف النَّاس فِي ذَلِك فَمنهمْ من قَالَ: يمْنَعُونَ الزَّكَاة وَمِنْهُم من قَالَ: يمْنَعُونَ الطَّاعَة وَمِنْهُم من قَالَ: يمْنَعُونَ الْعَارِية وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس {وَيمْنَعُونَ الماعون} قَالَ: مَا جَاءَ هَؤُلَاءِ بعد

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 108 سُورَة الْكَوْثَر مَكِّيَّة وآياتها ثَلَاث مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - 3

الكوثر

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير وَعَائِشَة مثله وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: لما طعن عمر وماج النَّاس تقدم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَقَرَأَ بأقصر سورتين فِي الْقُرْآن {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} و (إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح) (سُورَة النَّصْر) وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شبْرمَة قَالَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآن سُورَة أقل من ثَلَاث آيَات وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: نهر فِي بطْنَان الْجنَّة حافتاه قباب الدّرّ والياقوت فِيهِ أَزوَاجه وخدمه قَالَ: وَبِأَيِّ شَيْء ذكر ذَلِك قَالَ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل من بَاب الصَّفَا وَخرج من بَاب الْمَرْوَة فَاسْتَقْبلهُ الْعَاصِ بن واثل السَّهْمِي فَرجع الْعَاصِ إِلَى قُرَيْش فَقَالَت لَهُ قُرَيْش: من استقبلك يَا أَبَا عَمْرو آنِفا قَالَ: ذَلِك

الأبتر يُرِيد بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أنزل الله هَذِه السُّورَة {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر فصل لِرَبِّك وانحر إِن شانئك هُوَ الأبتر} يَعْنِي عدوّك الْعَاصِ بن وَائِل هُوَ الأبتر من الْخَيْر لَا أذكر فِي مَكَان إِلَّا ذكرت معي يَا مُحَمَّد فَمن ذَكرنِي وَلم يذكرك لَيْسَ لَهُ فِي الْجنَّة نصيب قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت حسان بن ثَابت يَقُول: وحباه الإِله بالكوثر الْأَكْبَر فِيهِ النَّعيم والخيرات وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس بن مَالك قَالَ: أغفي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إغْفَاءَة فَرفع رَأسه مُتَبَسِّمًا فَقَالَ: إِنَّه نزلت عليّ آنِفا سُورَة فَقَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} حَتَّى خَتمهَا قَالَ: هَل تَدْرُونَ مَا الْكَوْثَر قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: هُوَ نهر أعطانيه رَبِّي فِي الْجنَّة عَلَيْهِ خير كثير ترده أمتِي يَوْم الْقِيَامَة آنيته عدد الْكَوَاكِب يختلج العَبْد مِنْهُم فَأَقُول يَا رب إِنَّه من أمتِي فَيُقَال: إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أحدث بعْدك وَأخرج مُسلم الْبَيْهَقِيّ من وَجه آخر بِلَفْظ ثمَّ رفع رَأسه فَقَرَأَ إِلَى آخر السُّورَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَالْمَشْهُور فِيمَا بَين أهل التفاسير والمغازي أَن هَذِه السُّورَة مَكِّيَّة وَهَذَا اللَّفْظ لَا يُخَالِفهُ فَيُشبه أَن يكون أولى وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَعْطَيْت الْكَوْثَر فَإِذا هُوَ نهر فِي الْجنَّة يجْرِي وَلم يشق شقاً وَإِذا حافتاه قباب اللُّؤْلُؤ فَضربت بيَدي إِلَى تربته فَإِذا هُوَ مسكة ذفرة وَإِذا حصاه اللُّؤْلُؤ وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: دخلت الْجنَّة فَإِذا أَنا بنهر حافتاه خيام اللُّؤْلُؤ فَضربت بيَدي إِلَى مَا يجْرِي فِيهِ المَاء فَإِذا مسك اذفر قلت: مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي أعطاكه الله وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس:

أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله: مَا الْكَوْثَر قَالَ: نهر فِي الْجنَّة أعطانيه رَبِّي لَهو أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل فِيهِ طيور أعناقها كأعناق الجزر قَالَ عمر: يَا رَسُول الله إِنَّهَا لناعمة قَالَ: آكلها أنعم مِنْهَا يَا عمر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: دخلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: قد أَعْطَيْت الْكَوْثَر قلت يَا رَسُول الله: مَا الْكَوْثَر قَالَ: نهر فِي الْجنَّة عرضه وَطوله مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب لَا يشرب مِنْهُ أحد فيظمأ وَلَا يتَوَضَّأ مِنْهُ أحد فيتشعث أبدا لَا يشرب مِنْهُ من أَخْفَر ذِمَّتِي وَلَا من قتل أهل بَيْتِي وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَطاء بن السَّائِب قَالَ: قَالَ لي محَارب بن دثار مَا قَالَ سعيد بن جُبَير فِي الْكَوْثَر قلت: حَدثنَا عَن ابْن عَبَّاس أَنه الْخَيْر الْكثير فَقَالَ: صدقت وَالله إِنَّه للخير الْكثير وَلَكِن حَدثنَا ابْن عمر قَالَ: نزلت {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْكَوْثَر نهر فِي الْجنَّة حافتاه من ذهب يجْرِي على الدّرّ والياقوت تربته أطيب من الْمسك وماؤه أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سُئِلت عَن قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَت: هُوَ نهر أعْطِيه نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بطْنَان الْجنَّة شاطئاه عَلَيْهِ در مجوّف فِيهِ من الْآنِية والأباريق عدد النُّجُوم وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: الْخَيْر الْكثير وَقَالَ أنس بن مَالك: نهر فِي الْجنَّة وَقَالَت عَائِشَة: هُوَ نهر فِي الْجنَّة لَيْسَ أحد يدْخل أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ إِلَّا سمع خرير ذَلِك النَّهر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أُوتيت الكوثرآنيته عدد النُّجُوم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: نهر أعطَاهُ الله مُحَمَّدًا فِي الْجنَّة وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الْكَوْثَر نهر فِي الْجنَّة

حافتاه من ذهب وَفِضة يجْرِي على الْيَاقُوت والدر وماؤه أَبيض من الثَّلج وَأحلى من الْعَسَل وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: نهر فِي الْجنَّة عمقه سَبْعُونَ ألف فَرسَخ مَاؤُهُ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل شاطئاه الدّرّ والياقوت الزبرجد خص الله بِهِ نبيه مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دون الْأَنْبِيَاء وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن جرير وَالْحَاكِم من طَرِيق أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ: الْكَوْثَر الْخَيْر الَّذِي أعطَاهُ الله إِيَّاه قَالَ أَبُو بشر: قلت لسَعِيد بن جُبَير: فَإِن نَاسا يَزْعمُونَ أَنه نهر الْجنَّة قَالَ: النَّهر الَّذِي فِي الْجنَّة من الْخَيْر الَّذِي أعطَاهُ الله إِيَّاه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن حُذَيْفَة فِي قَوْله: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: نهر فِي الْجنَّة أجوف فِيهِ آنِية من الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يعلمهَا إِلَّا الله وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أُسَامَة بن زيد: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى حَمْزَة بن عبد الْمطلب يَوْمًا فَلم يجده فَسَأَلَ امْرَأَته عَنهُ فَقَالَت: خرج آنِفا أَولا تدخل يَا رَسُول الله فَدخل فَقدمت لَهُ حَيْسًا فَأكل فَقَالَت: هَنِيئًا لَك يَا رَسُول الله ومريئاً لقد جِئْت وَأَنا أُرِيد أَن آتِيك فأهنئك وأمريك أَخْبرنِي أَبُو عمَارَة أَنَّك أَعْطَيْت نَهرا فِي الْجنَّة يدعى الْكَوْثَر فَقَالَ: أجل وأرضه ياقوت ومرجان وَزَبَرْجَد ولؤلؤ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله: مَا الْكَوْثَر قَالَ: نهر من أَنهَار الْجنَّة أعطانيه الله عرضه مَا بَين إيلة وعدن قَالَ: يَا رَسُول الله أَله طين أَو حَال قَالَ: نعم الْمسك الْأَبْيَض قَالَ: لَهُ رَضْرَاض حَصى قَالَ: نعم رضراضه الْجَوْهَر وحصباؤه اللُّؤْلُؤ قَالَ: أَله شجر قَالَ: نعم حافتاه قضبان ذهب رطبَة شارعة عَلَيْهِ قَالَ: ألتلك القضبان ثمار قَالَ: نعم تنْبت أَصْنَاف الْيَاقُوت الْأَحْمَر والزبرجد الْأَخْضَر فِيهِ أكواب وآنية وأقداح تسْعَى إِلَى من أَرَادَ أَن يشرب مِنْهَا منتشرة فِي وَسطه كَأَنَّهَا الْكَوْكَب الدُّرِّي وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: نهر فِي الْجنَّة حافتاه قباب الدّرّ فِيهِ أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج هناد وَابْن جرير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: من أحب أَن يسمع خرير الْكَوْثَر فليجعل أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ وَأخرج ابْن جرير وَابْن عَسَاكِر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْكَوْثَر خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأخرج هناد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْكَوْثَر مَا أعطَاهُ الله من النبوّة وَالْخَيْر وَالْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: الْكَوْثَر الْقُرْآن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لما نزلت هَذِه السُّورَة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} قَالَ: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجبريل مَا هَذِه النحيرة الَّتِي أَمرنِي بهَا رَبِّي قَالَ: إِنَّهَا لَيست بنحيرة وَلَكِن يَأْمُرك إِذا تحرمت للصَّلَاة أَن ترفع يَديك إِذا كَبرت وَإِذا ركعت وَإِذا رفعت رَأسك من الرُّكُوع فَإِنَّهَا صَلَاتنَا وَصَلَاة الْمَلَائِكَة الَّذين هم فِي السَّمَوَات السَّبع وَإِن لكل شَيْء زِينَة وزينة الصَّلَاة رفع الْيَدَيْنِ عِنْد كل تَكْبِيرَة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: رفع الْيَدَيْنِ من الاستكانة الَّتِي قَالَ الله: (فَمَا اسْتَكَانُوا لرَبهم وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) (سُورَة الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة 76) وَأخرج ابْن جرير عَن أبي جَعْفَر فِي قَوْله: {فصل لِرَبِّك} قَالَ: الصَّلَاة {وانحر} قَالَ: يرفع يَدَيْهِ أول مَا يكبر فِي الِافْتِتَاح وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: إِن الله أوحى إِلَى رَسُوله أَن ارْفَعْ يَديك حذاء نحرك إِذا كَبرت للصَّلَاة فَذَاك النَّحْر وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: وضع يَده الْيُمْنَى على وسط ساعده الْيُسْرَى ثمَّ وَضعهَا على صَدره فِي الصَّلَاة وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن شاهين فِي السّنة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس

رَضِي الله عَنْهُمَا {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: وضع الْيُمْنَى على الشمَال عِنْد التَّحَرُّم فِي الصَّلَاة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: إِذا صليت فَرفعت رَأسك من الرُّكُوع فاستو قَائِما وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْأَحْوَص {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: اسْتقْبل الْقبْلَة بنحرك وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: صلي لِرَبِّك الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة واسأل وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ {فصل لِرَبِّك} قَالَ: اشكر لِرَبِّك وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَت هَذِه الْآيَة يَوْم الْحُدَيْبِيَة أَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: انْحَرْ وارجع فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَطب خطْبَة الْأَضْحَى ثمَّ ركع رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرف إِلَى الْبدن فنحرها فَذَلِك حِين يَقُول: {فصل لِرَبِّك وانحر} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد وَعَطَاء وَعِكْرِمَة {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالُوا: صَلَاة الصُّبْح بِجمع وَنحر الْبدن بمنى وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس {وانحر} قَالَ: الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَالذّبْح يَوْم الْأَضْحَى وَأخرج ابْن جريرعن قَتَادَة {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ: صَلَاة الْأَضْحَى والنحر نحر الْبدن وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {فصل لِرَبِّك} قَالَ: صَلَاة الْعِيد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير {وانحر} قَالَ: الْبدن وَأخرج ابْن جرير عَن أنس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْحَر قبل أَن يُصَلِّي فَأمر أَن يُصَلِّي ثمَّ ينْحَر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وانحر} قَالَ: يَقُول فَادع يَوْم النَّحْر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لما أوحى الله تَعَالَى

إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت قُرَيْش: بتر مُحَمَّد منا فَنزلت {إِن شانئك هُوَ الأبتر} وَأخرج الْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم كَعْب بن الْأَشْرَف مَكَّة فَقَالَت لَهُ قُرَيْش: أَنْت خير أهل الْمَدِينَة وسيدهم أَلا ترى إِلَى هَذَا الصَّابِئ المنبتر من قومه يزْعم أَنه خير منا وَنحن أهل الحجيج وَأهل السِّقَايَة وَأهل السدَانَة قَالَ: أَنْتُم خير مِنْهُ فَنزلت {إِن شانئك هُوَ الأبتر} وَنزلت (ألم تَرَ إِلَى الَّذين أُوتُوا نَصِيبا من الْكتاب) (سُورَة النِّسَاء الْآيَة 15 - 25) إِلَى قَوْله: {فَلَنْ تَجِد لَهُ نَصِيرًا} ) وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أَيُّوب قَالَ: لما مَاتَ إِبْرَاهِيم بن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَشى الْمُشْركُونَ بَعضهم إِلَى بعض فَقَالُوا: إِن هَذَا الصَّابِئ قد بتر اللَّيْلَة فَأنْزل الله {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أكبر ولد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقَاسِم ثمَّ زَيْنَب ثمَّ عبد الله ثمَّ أم كُلْثُوم ثمَّ فَاطِمَة ثمَّ رقية فَمَاتَ الْقَاسِم وَهُوَ أول ميت من وَلَده بِمَكَّة ثما مَاتَ عبد الله فَقَالَ العَاصِي بن وَائِل السَّهْمِي: قد انْقَطع نَسْله فَهُوَ أَبتر فَأنْزل الله {إِن شانئك هُوَ الأبتر} وَأخرج ابْن عَسَاكِر من طَرِيق مَيْمُون بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ولدت خَدِيجَة من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله ثمَّ أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَلَد من بعده فَبَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكلم رجلا والعاصي بن وَائِل ينظر إِلَيْهِ إِذْ قَالَ لَهُ رجل: من هَذَا قَالَ: هَذَا الأبتر يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَت قُرَيْش إِذا ولد للرجل ثمَّ أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَلَد من بعده قَالُوا هَذَا الأبتر فَأنْزل الله {إِن شانئك هُوَ الأبتر} أَي مغضك هُوَ الأبتر الَّذِي بتر من كل خير وَأخر الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ: كَانَ الْقَاسِم ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد بلغ أَن يركب على الدَّابَّة ويسير على النجيبة فَلَمَّا قَبضه الله قَالَ عَمْرو بن العَاصِي: لقد أصبح مُحَمَّد أَبتر من ابْنه فَأنْزل الله {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} عوضا يَا مُحَمَّد عَن مصيبتك بالقاسم {فصل لِرَبِّك وانحر إِن شانئك هُوَ الأبتر} قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَكَذَا رُوِيَ بِهَذَا الإِسناد وَهُوَ ضَعِيف وَالْمَشْهُور أَنَّهَا نزلت فِي العَاصِي بن وَائِل

وَأخرج الزبير بن بكار وَابْن عَسَاكِر عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ: توفّي الْقَاسِم ابْن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة فَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ آتٍ من جنَازَته على العَاصِي بن وَائِل وَابْنه عَمْرو فَقَالَ حِين رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأشنئوه فَقَالَ العاصيبن وَائِل: لَا جرم لقد أصبح أَبتر فَأنْزل الله {إِن شانئك هُوَ الأبتر} وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن شانئك هُوَ الأبتر} قَالَ: هُوَ العَاصِي بن وَائِل وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَت قُرَيْش تَقول إِذا مَاتَ ذُكُور الرجل: بتر فلَان فَلَمَّا مَاتَ ولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ العَاصِي بن وَائِل: بتر والأبتر الْفَرد وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {إِن شانئك} يَقُول: عدوّك وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء {إِن شانئك} قَالَ: أَبُو جهل وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن شهر بن عَطِيَّة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ عقبَة بن أبي معيط يَقُول: إِنَّه لَا يبْقى للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولد وَهُوَ أَبتر فَأنْزل الله فِيهِ {إِن شانئك هُوَ الأبتر}

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 109 سُورَة الْكَافِرُونَ مَكِّيَّة وآياتها سِتّ مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - 6

الكافرون

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نزلت سُورَة {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزلت بِالْمَدِينَةِ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن قُريْشًا دعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَن يعطوه مَالا فَيكون أغْنى رجل بِمَكَّة ويزوّجوه مَا أَرَادَ من النِّسَاء فَقَالُوا: هَذَا لَك يَا مُحَمَّد وكف عَن شتم آلِهَتنَا وَلَا تذكر آلِهَتنَا بِسوء فَإِن لم تفعل فَإنَّا نعرض عَلَيْك خصْلَة وَاحِدَة وَلَك فِيهَا صَلَاح قَالَ: مَا هِيَ قَالُوا: تعبد آلِهَتنَا سنة ونعبد إلهك سنة قَالَ: حَتَّى أنظر مَا يأتيني من رَبِّي فجَاء الْوَحْي من عِنْد الله {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ} الْآيَة وَأنزل الله (قَالَ أفغير الله تأمروني أعبد أَيهَا الجاهلون) (سُورَة الزمرالآية 46) إِلَى قَوْله: (الشَّاكِرِينَ)

وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن المنذرعن وهب قَالَ: قَالَت قُرَيْش للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن سرك أَن نتبعك عَاما وَترجع إِلَى ديننَا عَاما فَأنْزل الله {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن سعيد بن ميناء مولى أبي البخْترِي قَالَ: لَقِي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة والعاصي بن وَائِل وَالْأسود بن الْمطلب وَأُميَّة بن خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد هَلُمَّ فلتعبد مَا نعْبد ونعبد مَا تعبد ولنشترك نَحن وَأَنت فِي أمرنَا كُله فَإِن كَانَ الَّذِي نَحن عَلَيْهِ أصح من الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ كنت قد أخذت مِنْهُ حظاً وَإِن كَانَ الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ أصح من الَّذِي نَحن عَلَيْهِ كُنَّا قد أَخذنَا مِنْهُ حظاً فَأنْزل الله {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ} حَتَّى انْقَضتْ السُّورَة وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن قُريْشًا قَالَت: لَو استلمت آلِهَتنَا لعبدنا إلهك فَأنْزل الله {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} السُّورَة كلهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زُرَارَة بن أوفى قَالَ: كَانَت هَذِه السُّورَة تسمى المقشقشة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي رَافع قَالَ: طَاف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْبَيْتِ ثمَّ جَاءَ مقَام إِبْرَاهِيم فَقَرَأَ (وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مُصَلَّى) (سُورَة الْبَقَرَة الْآيَة 125) ثمَّ صلى فَقَرَأَ بِفَاتِحَة الْكتاب (وَقل هُوَ الله أحد الله الصَّمد) فَقَالَ كَذَلِك الله: (لم يلد وَلم يُولد) قَالَ: ذَاك الله (وَلم يكن لَهُ كفوا أحد) قَالَ: كَذَلِك الله ثمَّ ركع وَسجد ثمَّ قَرَأَ بِفَاتِحَة الْكتاب و {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد} قَالَ: لَا أعبد إِلَّا الله {وَلَا أَنا عَابِد مَا عَبدْتُمْ وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد} فَقَالَ: لَا أعبد إِلَّا الله {لكم دينكُمْ ولي دين} ثمَّ ركع وَسجد وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ فِي الْمغرب {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد) وَأخرج ابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد صَلَاة الْمغرب {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد)

وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاف بِالْبَيْتِ ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ قَرَأَ فيهمَا {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد) وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر بسبح وَقل للَّذين كفرُوا وَالله الْوَاحِد الصَّمد وَأخرج مُسلم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ فِي رَكْعَتي الْفجْر {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد) وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: رمقت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمْسا وَعشْرين مرّة وَفِي لفظ شهرا فَكَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر والركعتين بعد الْمغرب ب {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد) وَأخرج ابْن الضريس وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: رمقت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرْبَعِينَ صباحاً فِي غَزْوَة تَبُوك فَسَمعته يقْرَأ فِي رَكْعَتي الْفجْر {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد) وَيَقُول: نعم السورتان تعدل وَاحِدَة بِربع الْقُرْآن وَالْأُخْرَى بِثلث الْقُرْآن وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب والركعتين قبل صَلَاة الْفجْر ب {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من قَرَأَ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} كَانَت لَهُ عدل ربع الْقُرْآن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سعيد بن أبي الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ربع الْقُرْآن وَمن قَرَأَ (قل هُوَ الله أحد) فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثلث الْقُرْآن وَأخرج مُسَدّد عَن رجل من الصَّحَابَة قَالَ: سَمعتهَا من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضعاً وَعشْرين مرّة يَقُول: نعم السورتان يقْرَأ بهما فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَحَد الصَّمد و {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وَأخرج أَحْمد وَابْن الضريس وَالْبَغوِيّ وَحميد بن زَنْجوَيْه فِي ترغيبه عَن شيخ أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خرجت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَمر بِرَجُل يقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ}

فَقَالَ: أما هَذَا فقد برِئ من الشّرك وَإِذا آخر يقْرَأ (قل هُوَ الله أحد) فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بهَا وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَفِي رِوَايَة: أما هَذَا فقد غفر لَهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن فَرْوَة بن نَوْفَل بن مُعَاوِيَة الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه أَنه قَالَ يَا رَسُول الله عَلمنِي مَا أَقُول إِذا أويت إِلَى فِرَاشِي قَالَ: اقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} ثمَّ نم على خاتمتها فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الرَّحْمَن بن نَوْفَل الْأَشْجَعِيّ عَن أَبِيه قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: إِنِّي حَدِيث عهد بشرك فمرني بِآيَة تبرئني من الشّرك فَقَالَ: اقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} قَالَ: فَمَا أخطأها أبي من ويم وَلَا لَيْلَة حَتَّى فَارق الدُّنْيَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنوفل بن مُعَاوِيَة الْأَشْجَعِيّ: إِذا أتيت مضجعك للنوم فاقرأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} فَإنَّك إِذا قرأتها فقد بَرِئت من الشّرك وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن الْحَارِث بن جبلة وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ عَن جبلة بن حَارِثَة وَهُوَ أَخُو زيد بن حَارِثَة قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: عَلمنِي شَيْئا أقوله: عِنْد مَنَامِي قَالَ: إِذا أخذت مضجعك من اللَّيْل فاقرأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} حَتَّى تمر بآخرها فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمعَاذ: اقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} عِنْد مَنَامك فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك وَأخرج الديلمي عَن عبد الله بن جَراد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمُنَافِق لَا يُصَلِّي الضُّحَى وَلَا يقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وَأخرج أَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا أدلكم على كلمة تنجيكم من الإِشراك بِاللَّه تقرؤون {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} عِنْد منامكم وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن خباب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا

أخذت مضجعك فاقرأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وَأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَأْتِ فرَاشه قطّ إِلَّا قَرَأَ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} حَتَّى يخْتم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن أَرقم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لَقِي الله بسورتين فَلَا حِسَاب عَلَيْهِ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل هُوَ الله أحد وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله وَابْن الضريس عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ: من قر (قل هُوَ الله أحد) و {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} فِي لَيْلَة فقد أَكثر وأطاب وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير عَن عَليّ قَالَ: لدغت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عقرب وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمَّا فرغ قَالَ: لعن الله العقربلا تدع مُصَليا وَلَا غَيره ثمَّ دَعَا بِمَاء وملح وَجعل يمسح عَلَيْهَا وَيقْرَأ {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (قل أعوذ بِرَبّ الفلق) (سُورَة الفلق) و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) (سُورَة النَّاس) وَأخرج أَبُو يعلى عَن جُبَير بن مطعم قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَتُحِبُّ يَا جُبَير إِذا خرجت سفرا أَن تكون أمثل أَصْحَابك هَيْئَة وَأَكْثَرهم زاداً قلت: نعم بِأبي أَنْت وَأمي قَالَ: فاقرأ هَذِه السُّور الْخمس {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و (إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح) (سُورَة النَّصْر) و (قل هُوَ الله أحد) (سُورَة الاخلاص) و (قل أعوذ بِرَبّ الفلق) و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) وافتتح كل سُورَة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ جُبَير: وَكنت غَنِيا كثير المَال فَكنت أخرج فِي سفر فَأَكُون من أبذهم هَيْئَة وَأَقلهمْ زاداً فَمَا زلت مُنْذُ علمنيهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقرأت بِهن أكون من أحْسنهم هَيْئَة وَأَكْثَرهم زاداً حَتَّى أرجع من سَفَرِي وَأخرج ابْن الضريس عَن عَمْرو بن مَالك قَالَ: كَانَ أَبُو الجوزاء يَقُول: أَكْثرُوا من قِرَاءَة {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وابرأوا مِنْهُم

سُورَة النَّصْر مَدَنِيَّة وآياتها ثَلَاث بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 3

النصر

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزل بِالْمَدِينَةِ {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ: أنزل {إِذا جَاءَ نصر الله} الْمَدِينَة وَأخرج ابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} كلهَا بِالْمَدِينَةِ بعد فتح مَكَّة وَدخُول النَّاس فِي الدّين ينعى إِلَيْهِ نَفسه وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عمر قَالَ: هَذِه السُّورَة نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَوسط أَيَّام التَّشْرِيق بمنى وَهُوَ فِي حجَّة الْوَدَاع {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} حَتَّى خَتمهَا فَعرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه الْوَدَاع وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ: إِذا جَاءَ فتح الله والنصر وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَالَ: فتح مَكَّة {وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ توّاباً} قَالَ: أعلم أَنَّك سَتَمُوتُ عِنْد ذَلِك

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {أَفْوَاجًا} قَالَ: الزمر من النَّاس وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَالَ: كَانَت هَذِه السُّورَة آيَة لمَوْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَالَ: ذكر لنا أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هَذِه السُّورَة علم وحد حَده الله لنَبيه ونعى نَفسه أَي إِنَّك لن تعيش بعْدهَا إِلَّا قَلِيلا قَالَ قَتَادَة: وَالله مَا عَاشَ بعْدهَا إِلَّا قَلِيلا سنتَيْن ثمَّ توفّي وَأخرج أَحْمد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نعيت إِلَى نَفسِي إِنِّي مَقْبُوض فِي تِلْكَ السّنة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعيت إِلَى نَفسِي وَقرب أَجلي وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} علم أَنه نعيت إِلَيْهِ نَفسه وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: لما نزلت هَذِه السُّورَة {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَرَأَهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى خَتمهَا ثمَّ قَالَ: أَنا وأصحابي خير وَالنَّاس خير لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح وَلَكِن جِهَاد وَنِيَّة وَأخرج النَّسَائِيّ وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} نعيت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفسه حِين أنزلت فأخذني أَشد مَا يكون اجْتِهَادًا فِي أَمر الْآخِرَة وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم حَبِيبَة قَالَت: لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله لم يبْعَث نَبيا إِلَّا عمر فِي أمته شطر مَا عمر النَّبِي الْمَاضِي قبله وَإِن عِيسَى ابْن مَرْيَم كَانَ أَرْبَعِينَ سنة فِي بني إِسْرَائِيل وَهَذِه لي عشرُون سنة وَأَنا ميت فِي هَذِه السّنة فَبَكَتْ فَاطِمَة فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْت أول أهل بَيْتِي لُحُوقا بِي فتبسمت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَزْوَة حنين

أنزل عَلَيْهِ {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عَليّ بن أبي طَالب يَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا فسبحان رَبِّي وَبِحَمْدِهِ وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا وَأخرج الْخَطِيب وَابْن عَسَاكِر عَن عَليّ قَالَ: نعى الله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفسه حِين أنزل عَلَيْهِ {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} فَكَانَ الْفَتْح سنة ثَمَان بعد مَا هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا طعن فِي سنة تسع من مهاجره تتَابع عَلَيْهِ الْقَبَائِل تسْعَى فَلم يدر مَتى الْأَجَل لَيْلًا أَو نَهَارا فَعمل على قدر ذَلِك فَوسعَ السّنَن وشدد الْفَرَائِض وَأظْهر الرُّخص وَنسخ كثيرا من الْأَحَادِيث وغزا تَبُوك وَفعل فعل مُودع وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أقبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَزْوَة حنين أنزل عَلَيْهِ {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} إِلَى آخر الْقِصَّة قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عَليّ بن أبي طَالب وَيَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح إِلَى آخر الْقِصَّة سُبْحَانَ رَبِّي وَبِحَمْدِهِ وأستغفره إِنَّه كَانَ توّاباً وَيَا عَليّ إِنَّه يكون بعدِي فِي الْمُؤمنِينَ الْجِهَاد قَالَ: علام نجاهد الْمُؤمنِينَ الَّذين يَقُولُونَ آمنا قَالَ: على الاحداث فِي الدّين إِذا عمِلُوا بِالرَّأْيِ وَلَا رَأْي فِي الدّين إِنَّمَا الدّين من الرب أمره وَنَهْيه قَالَ عَليّ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن عرض علينا أَمر لم ينزل فِيهِ قُرْآن وَلم يقْض فِيهِ سنة مِنْك قَالَ: تجعلونه شُورَى بَين العابدين من الْمُؤمنِينَ وَلَا تقضونه بِرَأْي خَاصَّة فَلَو كنت مستخلفاً أحدا لم يكن أحد أَحَق مِنْك لقربك فِي الإِسلام وقرابتك من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصهرك وعندك سيدة سناء الْمُؤمنِينَ وَقبل ذَلِك مَا كَانَ بلَاء أبي طَالب إيَّايَ وَنزل الْقُرْآن وَأَنا حَرِيص على أَن أرعى لَهُ فِي وَلَده وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة فَقَالَ: إِنَّه قد نعيت إِلَى نَفسِي وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن سعد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ عمر يدخلني وأشياخ بدر فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: لم تدخل هَذَا الْفَتى مَعنا وَلنَا أَبنَاء مثله فَقَالَ: إِنَّه مِمَّن قد علمْتُم فَدَعَاهُمْ ذَات يَوْم وَدَعَانِي مَعَهم وَمَا رَأَيْته دَعَاني يَوْمئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ مني فَقَالَ: مَا تَقولُونَ فِي قَوْله: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} حَتَّى ختم

السُّورَة فَقَالَ بَعضهم: أمرنَا الله أَن نحمده وَنَسْتَغْفِرهُ إِذا جَاءَ نصر الله وَفتح علينا وَقَالَ بَعضهم: لَا نَدْرِي وَبَعْضهمْ لم يقل شَيْئا فَقَالَ لي يَا ابْن عَبَّاس: أكذاك تَقول قلت: لَا قَالَ: فَمَا تَقول قلت: هُوَ أجل رَسُول الله أعلمهُ الله {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ} وَالْفَتْح فتح مَكَّة فَذَلِك عَلامَة أَجلك {فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا} فَقَالَ عمر: مَا أعلم مِنْهَا إِلَّا مَا تعلم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن عمر سَأَلَهُمْ عَن قَول الله: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} فَقَالُوا: فتح الْمَدَائِن والقصور قَالَ: فَأَنت يَا ابْن عَبَّاس مَا تَقول قَالَ: قلت مثل ضرب لمُحَمد نعيت لَهُ نَفسه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي فَضَائِل الصَّحَابَة والخطيب فِي تالي التَّلْخِيص عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} جَاءَ الْعَبَّاس إِلَى عليّ فَقَالَ: انْطلق بِنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن كَانَ هَذَا الْأَمر لنا من بعده لم تشاحنا فِيهِ قُرَيْش وَإِن كَانَ لغيرنا سألناه الوصاة لنا قَالَ: لَا قَالَ الْعَبَّاس: جِئْت فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: إِن الله جعل أَبَا بكر خليفتي على دين الله ووحيه وَهُوَ مستوص فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطيعُوا تهتدوا وتفلحوا وافتدوا بِهِ ترشدوا قَالَ ابْن عَبَّاس: فَمَا وَافق أَبَا بكر على رَأْيه وَلَا وازره على أمره وَلَا أَعَانَهُ على شَأْنه إِذْ خَالفه أَصْحَابه فِي ارتداد الْعَرَب إِلَّا الْعَبَّاس قَالَ: فوَاللَّه مَا عدل رأيهما وحزمهما رَأْي أهل الأَرْض أَجْمَعِينَ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَالَ: ذَاك حِين نعى لَهُم نَفسه يَقُول: إِذا رَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا يَعْنِي إِسْلَام النَّاس يَقُول فَذَلِك حِين حضر أَجلك {فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ توّاباً} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة فِي قَوْله: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَالَ: علم وحد حَده الله لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونعى إِلَيْهِ نَفسه أَنَّك لَا تبقى بعد فتح مَكَّة إِلَّا قَلِيلا وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: آخر سُورَة نزلت من الْقُرْآن جَمِيعًا {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح}

وَأخرج البُخَارِيّ عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ عَن أبي بكر أَن سُورَة {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} حِين أنزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علم أَن نَفسه نعيت إِلَيْهِ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: غزا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَزْوَة الْفَتْح فتح مَكَّة فَخرج من الْمَدِينَة فِي رَمَضَان وَمَعَهُ من الْمُسلمين عشرَة آلَاف وَذَلِكَ على رَأس ثَمَان سِنِين وَنصف سنة من مُقَدّمَة الْمَدِينَة وافتتح مَكَّة لثلاث عشرَة بقيت من رَمَضَان وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر من قَول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَأَسْتَغْفِر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فَقلت يَا رَسُول الله: أَرَاك تكْثر من قَول: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَأَسْتَغْفِر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فَقَالَ: خبرني أَنِّي سأرى عَلامَة فِي أمتِي فَإِذا رَأَيْتهَا أكثرت من قَول سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ وَأَسْتَغْفِر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ فقد رَأَيْتهَا {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} فتح مَكَّة {وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر أَن يَقُول فِي رُكُوعه وَسُجُوده سُبْحَانَكَ الله وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِر لي يتَأَوَّل الْقُرْآن يَعْنِي {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} وَأخرج ابْن جرير عَن عَائِشَة قَالَت: مَا سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ أنزلت عَلَيْهِ هَذِه السُّورَة {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} إِلَّا يَقُول مثلهمَا: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي آخر عمر لَا يقوم وَلَا يقْعد وَلَا يذهب وَلَا يَجِيء إِلَّا قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك استغفرك وَأَتُوب إِلَيْك فَقلت لَهُ: قَالَ: إِنِّي أمرت بهَا وَقَرَأَ {إِذا جَاءَ نصر الله} إِلَى آخر السُّورَة وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَمُحَمّد بن نصر وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر أَن يَقُول: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك اغْفِر لي إِنَّك أَنْت التواب الغفور

وَأخرج الْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكثر أَن يَقُول: سُبْحَانَكَ رَبنَا وَبِحَمْدِك فَلَمَّا نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِر لي إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جَاءَ أهل الْيمن هم أرقْ قلوباً الإِيمان يمَان وَالْفِقْه يمَان وَالْحكمَة يمانيه وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا} فَقَالَ: ليخرجن مِنْهُ أَفْوَاجًا كَمَا دخلُوا فِيهِ أَفْوَاجًا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن الفضيل بن عِيَاض قَالَ: لما نزلت {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} إِلَى آخر السُّورَة قَالَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا جِبْرِيل نعيت إليَّ نَفسِي قَالَ جِبْرِيل: الْآخِرَة خير لَك من الأولى وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن النَّاس دخلُوا فِي دير الله أَفْوَاجًا وَسَيَخْرُجُونَ مِنْهُ أَفْوَاجًا وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} وَجَاء أهل الْيمن رقيقَة أفئدتهم وطباعهم سجية قُلُوبهم عَظِيمَة حسنتهم دخلُوا فِي دين الله أَفْوَاجًا

111 سُورَة المسد مَكِّيَّة وآياتها خمس بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 5

المسد

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزلت {تبت يدا أبي لَهب} بِمَكَّة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير وَعَائِشَة مثله وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا كَانَ أَبُو لَهب إِلَّا من كفار قُرَيْش مَا هُوَ حَتَّى خرج من الشّعب حِين تمالأت قُرَيْش حَتَّى حصرونا فِي الشّعب وظاهرهم فَلَمَّا خرج أَبُو لَهب من الشّعب وظاهرهم فَلَمَّا خرج أَبُو لَهب من الشّعب لَقِي هنداً بنت عتبَة بن ربيعَة حِين فَارق قومه فَقَالَ: يَا ابْنة عتبَة هَل نصرت اللات والعزى قَالَت: نعم فجزاك الله خيرا يَا أَبَا عتبَة قَالَ: إِن مُحَمَّدًا يعدنا أَشْيَاء لَا نرَاهَا كائنة يزْعم أَنَّهَا كائنة بعد الْمَوْت فَمَا ذَاك وصنع فِي يَدي ثمَّ نفخ فِي يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: تَبًّا لَكمَا مَا أرى فيكما شَيْئا مِمَّا يَقُول مُحَمَّد فَنزلت {تبت يدا أبي لَهب} قَالَ ابْن عَبَّاس: فحصرنا فِي الشّعب ثَلَاث سِنِين وَقَطعُوا عَنَّا الْميرَة حَتَّى إِن الرجل ليخرج منا بِالنَّفَقَةِ فَمَا يُبَايع حَتَّى يرجع حَتَّى هلك فِينَا من هلك

وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت (وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين ورهطك مِنْهُم المخلصين) (سُورَة الشُّعَرَاء 214) خرج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى صعد الصَّفَا فَهَتَفَ: يَا صَبَاحَاه فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ فَقَالَ: أَرَأَيْتكُم لَو أَخْبَرتكُم أَن خيلاً تخرج بسفح هَذَا الْجَبَل أَكُنْتُم مصدقيَّ قَالُوا: مَا جربنَا عَلَيْك كذبا قَالَ: فَإِنِّي نَذِير لكم بَين يَدي عَذَاب شَدِيد فَقَالَ أَبُو لَهب: تبًّا لَك إِنَّمَا جمعتنَا لهَذَا ثمَّ قَامَ فَنزلت هَذِه السُّورَة {تبت يدا أبي لَهب وَتب} وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر فِي قَوْله: {تبت يدا أبي لَهب} قَالَ: خسرت وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي {تبت يدا أبي لَهب} قَالَ: خسرت {وَتب} قَالَ: خسر وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة {تبت يدا أبي لَهب وَتب} قَالَ: خسرت يدا أبي لَهب وخسر وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: إِنَّمَا سمي أَبَا لَهب من حسنه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: إِن أطيب مَا أكل الرجل من كَسبه وان ابْنه من كَسبه ثمَّ قَرَأت {مَا أغْنى عَنهُ مَاله وَمَا كسب} قَالَت: وَمَا كسب وَلَده وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَطاء قَالَ: كَانَ يُقَال: مَا أإنى عَنهُ مَاله وَمَا كسب وَولده كَسبه وَمُجاهد وَعَائِشَة قَالَاه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَت رقِيه بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد عتبَة بن أبي لَهب فَلَمَّا أنزل الله {تبت يدا أبي لَهب} سَأَلَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَلَاق رقية فَطلقهَا فتزوّجها عُثْمَان وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن قَتَادَة قَالَ: تزوّج أم كُلْثُوم بنت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عتيبة بن أبي لَهب كَانَت رقية عِنْد أَخِيه عتبَة بن أبي لَهب فَلَمَّا أنزل الله {تبت يدا أبي لَهب} قَالَ أَبُو لَهب لابْنَيْهِ عتيبة وَعتبَة: رَأْسِي من رأسكما حرَام إِن لم تطلقَا بِنْتي

مُحَمَّد وَقَالَت أمهما بنت حَرْب بن أُمِّيّه وَهِي حمالَة الْحَطب: طَلَّقَاهُمَا فَإِنَّهُمَا قد صبتا فطلقاهما وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد أَن امْرَأَة أبي لَهب كَانَت تلقي من طَرِيق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشوك فَنزلت {تبت يدا أبي لَهب} {وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب} فَلَمَّا نزلت بلغ امْرَأَة أبي لَهب أَن النَّبِي يهجوك قَالَت: علام يهجوني هَل رَأَيْتُمُونِي كَمَا قَالَ مُحَمَّد أحمل حطباً فِي جيدي حَبل من مسد فَمَكثت ثمَّ أَتَتْهُ فَقَالَت: إِن رَبك قلاك وودعك فَأنْزل الله (وَالضُّحَى) (سُورَة الضُّحَى الْآيَة 1 - 2) إِلَى (وَمَا قلى) وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد {وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب} قَالَ: كَانَت تَأتي بأغصان الشوك تطرحها بِاللَّيْلِ فِي طَرِيق رَسُول الله وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَيْبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد {وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب} قَالَ: كَانَت تمشي بالنميمة {فِي جيدها حَبل من مسد} من نَار وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب} قَالَ: كَانَت تنقل الْأَحَادِيث من بعض النَّاس إِلَى بعض {فِي جيدها حَبل} قَالَ: عُنُقهَا وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن {حمالَة الْحَطب} قَالَ: كَانَت تحمل النميمة فتأتي بهَا بطُون قُرَيْش وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن عُرْوَة بن الزبير {فِي جيدها حَبل من مسد} قَالَ: سلسلة من حَدِيد من نَار ذرعها سَبْعُونَ ذِرَاعا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {فِي جيدها حَبل من مسد} قَالَ: من الودع وَأخرج ابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {وَامْرَأَته حمالَة الْحَطب} قَالَ: كَانَت تحمل الشوك فتطرحه على طَرِيق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليعقره وَأَصْحَابه وَيُقَال {حمالَة الْحَطب} نقالة الحَدِيث {حَبل من مسد}

قَالَ: هِيَ حبال تكون بِمَكَّة وَيُقَال المسد الْعَصَا الَّتِي تكون فِي البكرة وَيُقَال: المسد قلادة لَهَا من ودع وَأخرج ابْن عَسَاكِر بِسَنَد فِيهِ الْكُدَيْمِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بعثت ولي أَربع عمومة فَأَما الْعَبَّاس فيكنى بِأبي الْفضل ولولده الْفضل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأما حَمْزَة فيكنى بِأبي يعلى فأعلى الله قدره فِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأما عبد الْعُزَّى فيكنى بِأبي لَهب فَأدْخلهُ الله النَّار وألهبها عَلَيْهِ وَأما عبد منَاف فيكنى بِأبي طَالب فَلهُ ولولده المطاولة والرفعة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مرت درة ابْنة أبي لَهب بِرَجُل فَقَالَ: هَذِه ابْنة عَدو الله أبي لَهب فَأَقْبَلت عَلَيْهِ فَقَالَت ذكر الله أبي لنسابته وشرفه وَترك أَبَاك لجهالته ثمَّ ذكرت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَطب النَّاس فَقَالَ: لَا يؤذين مُسلم بِكَافِر وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة وعمار بن يَاسر رَضِي الله عَنْهُم قَالُوا: قدمت درة بنت أبي لَهب مهاجرة فَقَالَ لَهَا نسْوَة: أَنْت درة بنت أبي لَهب الَّذِي يَقُول الله: {تبت يدا أبي لَهب} فَذكرت لَك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَطب فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس مَالِي أوذى فِي أَهلِي فوَاللَّه إِن شَفَاعَتِي لتنال بِقَرَابَتِي حَتَّى إِن حكما وحاء وصدا وسلهبا تنالها يَوْم الْقِيَامَة بِقَرَابَتِي

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 111 سُورَة الْإِخْلَاص مَكِّيَّة وآياتها أَربع مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - 4

الإخلاص

أخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن خُزَيْمَة وَابْن أبي حَاتِم فِي السّنة وَالْبَغوِيّ فِي مُعْجَمه وَابْن الْمُنْذر فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أَن الْمُشْركين قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا مُحَمَّد أنسب لنا رَبك فَأنْزل الله {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد} لِأَنَّهُ لَيْسَ يُولد شَيْء إِلَّا سيموت وَلَيْسَ شَيْء يَمُوت إِلَّا سيورث وَإِن الله لَا يَمُوت وَلَا يُورث {وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} لَيْسَ لَهُ شيبَة وَلَا عدل وَلَيْسَ كمثله شَيْء وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ أَن الْمُشْركين قَالُوا يَا رَسُول الله: أخبرنَا عَن رَبك صف لنا رَبك مَا هُوَ وَمن أَي شَيْء هُوَ فَأنْزل الله {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} وَأخرج ابْن الضريس وَابْن جرير عَن أبي الْعَالِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالُوا: انسب لنا رَبك فَأَتَاهُ جِبْرِيل بِهَذِهِ السُّورَة {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد} وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد حسن عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أنسب لنا رَبك فَأنْزل الله {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد}

وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَت قُرَيْش يارسول الله: أنسب لنا رَبك فَأنْزل الله {قل هُوَ الله أحد} وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَأَبُو بكر السَّمرقَنْدِي فِي فَضَائِل {قل هُوَ الله أحد} عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَت يهود خَيْبَر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِم خلق الله الْمَلَائِكَة من نور الْحجاب وآدَم من حمإ مسنون وإبليس من لَهب النَّار وَالسَّمَاء من دُخان وَالْأَرْض من زبد المَاء فَأخْبرنَا عَن رَبك فَلم يجبهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَتَاهُ جِبْرِيل بِهَذِهِ السُّورَة {قل هُوَ الله أحد} لَيْسَ لَهُ عروق تتشعب {الله الصَّمد} لَيْسَ بالأجوف لَا يَأْكُل وَلَا يشرب {لم يلد وَلم يُولد} لَيْسَ لَهُ وَالِد وَلَا ولد ينْسب إِلَيْهِ {وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} لَيْسَ من خلقه شَيْء يعدل مَكَانَهُ يمسك السَّمَوَات إِن زالتا هَذِه السُّورَة لَيْسَ فِيهَا ذكر جنَّة وَلَا نَار وَلَا دنيا وَلَا آخِرَة وَلَا حَلَال وَلَا حرَام انتسب الله إِلَيْهَا فَهِيَ لَهُ خَالِصَة من قَرَأَهَا ثَلَاث مَرَّات عدل بِقِرَاءَة الْوَحْي كُله وَمن قَرَأَهَا ثَلَاثِينَ مرّة لم يفضله أحد من أهل الدُّنْيَا يَوْمئِذٍ إِلَّا من زَاد على مَا قَالَ وَمن قَرَأَهَا مِائَتي مرّة أسكن من الفودوس سكناً يرضاه وَمن قَرَأَهَا حِين يدْخل منزله ثَلَاث مَرَّات نفت عَن الْفقر ونفعت الْجَار وَكَانَ رجل يَقْرَأها فِي كل صَلَاة فكأنهم هزئوا بِهِ وعابوا ذَلِك عَلَيْهِ فَقَالُوا لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: وَمَا حملك على ذَلِك قَالَ يَا رَسُول الله: إِنِّي أحبها قَالَ: حبها أدْخلك الْجنَّة قَالَ: وَبَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرؤهَا ويرددها حَتَّى أصبح وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية من طَرِيق مُحَمَّد بن حَمْزَة بن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام أَن عبد الله بن سَلام رَضِي الله عَنهُ قَالَ لأحبار الْيَهُود: إِنِّي أردْت أَن أحدث بِمَسْجِد أَبينَا إِبْرَاهِيم عهدا فَانْطَلق إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِمَكَّة فوافاه بمنى وَالنَّاس حوله فَقَامَ مَعَ النَّاس فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: أَنْت عبد الله بن سَلام قَالَ: نعم قَالَ: أدن فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ: أنْشدك بِاللَّه أما تجدني فِي التَّوْرَاة رَسُول الله فَقَالَ لَهُ: أَنعَت لنا رَبك فجَاء جِبْرِيل فَقَالَ {قل هُوَ الله أحد} إِلَى آخر السُّورَة فقرأها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ ابْن سَلام: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَنَّك رَسُول الله ثمَّ انْصَرف إِلَى الْمَدِينَة وكتم إِسْلَامه وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن الْيَهُود جَاءَت إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْهُم كَعْب بن الْأَشْرَف وَحي بن

أَخطب فَقَالُوا يَا مُحَمَّد: صف لنا رَبك الَّذِي بَعثك فَأنْزل الله {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد لم يلد} فَيخرج مِنْهُ الْوَلَد {وَلم يُولد} فَيخرج من شَيْء وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن الضَّحَّاك قَالَ: قَالَت الْيَهُود يَا مُحَمَّد صف لنا رَبك فَأنْزل الله {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد} فَقَالُوا: أما الْأَحَد فقد عَرفْنَاهُ فَمَا الصَّمد قَالَ: الَّذِي لَا جَوف لَهُ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: أَتَى رَهْط من الْيَهُود النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّد هَذَا الله خلق الْخلق فَمن خلقه فَغَضب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى انتقع لَونه ثمَّ ساورهم غَضبا لرَبه فَجَاءَهُ جِبْرِيل فسكنه وَقَالَ: اخْفِضْ عَلَيْك جناحك وجاءه من الله جَوَاب مَا سَأَلُوهُ عَنهُ {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} فَلَمَّا تَلَاهَا عَلَيْهِم قَالُوا: صف لنا رَبك كَيفَ خلقه وَكَيف عضده وَكَيف ذراعه فَغَضب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَشد من غَضَبه الأول وساورهم غَضبا فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ لَهُ مثل مقَالَته وَأَتَاهُ جَوَاب مَا سَأَلُوهُ عَنهُ (وَمَا قدرو الله حق قدره وَالْأَرْض جَمِيعًا قَبضته يَوْم الْقِيَامَة وَالسَّمَوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ) (سُورَة الزمر الْآيَة 67) وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ نَاس من الْيَهُود إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: أنسب لنا رَبك وَفِي لفظ: صف لنا رَبك فَلم يدر مَا يرد عَلَيْهِم فَنزلت {قل هُوَ الله أحد} حَتَّى ختم السُّورَة وَأخرج أَبُو عبيد وَأحمد فِي فضائله وَالنَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَابْن منيع وَمُحَمّد بن نصر وَابْن مرْدَوَيْه والضياء فِي المختارة عَن أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} فكأنهما قَرَأَ ثلث الْقُرْآن وَأخرج ابْن الضريس وَالْبَزَّار وسمويه فِي قوائده وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ {قل هُوَ الله اُحْدُ} مِائَتي مرّة غفر لَهُ ذنُوب مِائَتي سنة وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن الضريس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ:

جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنِّي أحب هَذِه السُّورَة {قل هُوَ الله أحد} فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حبك إِيَّاهَا أدْخلك الْجنَّة وَأخرج ابْن الضريس وَأَبُو يعلى وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن أنس رضى الله عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أما يَسْتَطِيع أحدكُم أَن يقْرَأ {قل هُوَ الله أحد} ثَلَاث مَرَّات فِي لَيْلَة فَإِنَّهُمَا تعدل ثلث الْقُرْآن وَأخرج أَبُو يعلى وَمُحَمّد بن نصر فِي كتاب الصَّلَاة عَن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} خمسين مرّة غفر لَهُ ذنُوب خمسين سنة وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَأَبُو يعلى وَمُحَمّد بن نصر وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب وَاللَّفْظ لَهُ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ كل يَوْم مِائَتي مرّة {قل هُوَ الله أحد} كتب الله لَهُ ألفا وَخَمْسمِائة حَسَنَة ومحا عَنهُ ذنُوب خمسين سنة إِلَّا أَن يكون عَلَيْهِ دين وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَرَادَ أَن ينَام على فرَاشه من اللَّيْل نَام على يَمِينه فَقَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} مائَة مرّة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يَقُول لَهُ الرب: يَا عَبدِي ادخل على يَمِينك الْجنَّة وَأخرج ابْن سعد وَابْن الضريس وَأَبُو يعلى وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالشَّام فهبط عَلَيْهِ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن مُعَاوِيَة بن مُعَاوِيَة الْمُزنِيّ هلك أفتحب أَن تصلي عَلَيْهِ قَالَ: نعم فَضرب بجناحه الأَرْض فتضعضع لَهُ كل شَيْء وَلَزِقَ بِالْأَرْضِ وَرفع لَهُ سَرِيره فصلى عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَي شَيْء أَتَى مُعَاوِيَة هَذَا الْفضل صلى عَلَيْهِ صفان من الْمَلَائِكَة فِي كل صف سِتّمائَة ألف ملك قَالَ: بِقِرَاءَة {قل هُوَ الله أحد} كَانَ يقْرؤهَا قَائِما وَقَاعِدا وجالساً وذاهباً ونائماً وَأخرج ابْن سعد وَابْن الضريس وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل والشعب من وَجه آخر عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتبوك فطلعت الشَّمْس ذَات يَوْم بضياء وشعاع وَنور لم نرها قبل ذَلِك فِيمَا مضى فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعجب من ضيائها ونورها إِذْ أَتَاهُ جِبْرِيل فَسَأَلَ جِبْرِيل: مَا للشمس طلعت لَهَا نور وضياء وشعاع لم أرها طلعت فِيمَا مضى قَالَ: ذَاك أَن مُعَاوِيَة بن مُعَاوِيَة اللَّيْثِيّ مَاتَ

بِالْمَدِينَةِ الْيَوْم فَبعث الله إِلَيْهِ سبعين ألف ملك يصلونَ عَلَيْهِ قَالَ: بِمَ ذَاك يَا جِبْرِيل قَالَ: كَانَ يكثر {قل هُوَ الله أحد} قَائِما وَقَاعِدا وماشياً وآناء اللَّيْل وَالنَّهَار استكثر مِنْهَا فَإِنَّهَا نِسْبَة ربكُم وَمن قَرَأَهَا خمسين مرّة رفع الله لَهُ خمسين ألف دَرَجَة وَحط عَنهُ خمسين ألف سَيِّئَة وَكتب لَهُ خمسين ألف حَسَنَة وَمن زَاد زَاد الله لَهُ قَالَ جِبْرِيل: فَهَل لَك أَن أَقبض الأَرْض فَتُصَلِّي عَلَيْهِ قَالَ: نعم فصلى عَلَيْهِ وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ {قل هُوَ الله اُحْدُ} مِائَتي مرّة غفر لَهُ خَطِيئَة خمسين سنة إِذا اجْتنبت أَربع خِصَال: الدِّمَاء وَالْأَمْوَال والفروج والأشربة وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} على طَهَارَة مائَة مرّة كطهارة الصَّلَاة يبْدَأ بِفَاتِحَة الْكتاب كتب الله لَهُ بِكُل حرف عشر حَسَنَات ومحا عَنهُ عشر سيئات وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات وَبنى لَهُ مائَة قصر فِي الْجنَّة وكأنما قَرَأَ الْقُرْآن ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مرّة وَهِي بَرَاءَة من الشّرك ومحضرة للْمَلَائكَة ومنفرة للشياطين وَلها دويّ حول الْعَرْش تذكر بصاحبها حَتَّى ينظر الله إِلَيْهِ وَإِذا نظر إِلَيْهِ لم يعذبه أبدا وَأخرج أَبُو يعلى عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاث من جَاءَ بِهن مَعَ الإِيمان دخل من أَي أَبْوَاب الْجنَّة شَاءَ وَزوج من الْحور الْعين حَيْثُ شَاءَ: من عَفا عَن قَاتله وَأدّى دينا خفِيا وَقَرَأَ فِي دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة عشر مَرَّات {قل هُوَ الله أحد} فَقَالَ أَبُو بكر: أَو إِحْدَاهُنَّ يَا رَسُول الله قَالَ: أَو إِحْدَاهُنَّ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد فِيهِ مَجْهُول عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} فِي كل يَوْم خمسين مرّة نُودي يَوْم الْقِيَامَة من قَبره: قُم مادح الله فَأدْخل الْجنَّة وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من نسي أَن يُسَمِّي على طَعَامه فليقرأ {قل هُوَ الله أحد} إِذا فرغ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جرير البَجلِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} حِين يدْخل منزله نفت الْفقر من أهل ذَلِك الْمنزل وَالْجِيرَان

وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير عَن سعد بن أبي وَقاص قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثلث الْقُرْآن وَمن قَرَأَ (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) (سُورَة الْكَافِرُونَ) فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ربع الْقُرْآن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية بِسَنَد ضَعِيف عَن عبد الله بن الشتخير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} فِي مَرضه الَّذِي يَمُوت فِيهِ لم يفتن فِي قَبره وامن من فتنه الْقَبْر وَحَمَلته الْمَلَائِكَة يَوْم الْقِيَامَة بأكفها حَتَّى تجيزه الصِّرَاط إِلَى الْجنَّة وَأخرج أَبُو عبيد فِي فضائله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: {قل هُوَ الله أحد} ثلث الْقُرْآن وَأخرج ابْن الضريس وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فِي سفر فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَة الأولى {قل هُوَ الله أحد} وَفِي الثَّانِيَة (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) فَلَمَّا سلم قَالَ: قَرَأت بكم ثلث الْقُرْآن وربعه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل وَهُوَ بتبوك فَقَالَ: يَا مُحَمَّد اشْهَدْ جَنَازَة مُعَاوِيَة بن مُعَاوِيَة الْمُزنِيّ فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزل جِبْرِيل فِي سبعين ألفا من الْمَلَائِكَة فَوضع جنَاحه الْأَيْمن على الْجبَال فتواضعت وَوضع جنَاحه الْأَيْسَر على الْأَرْضين فتواضعت حَتَّى نظر إِلَى مَكَّة وَالْمَدينَة فصلى عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجِبْرِيل وَالْمَلَائِكَة فَلَمَّا فرغ قَالَ يَا جِبْرِيل: مَا بلغ مُعَاوِيَة بن مُعَاوِيَة الْمُزنِيّ هَذِه الْمنزلَة قَالَ: بقرائته {قل هُوَ الله أحد} قَائِما وَقَاعِدا وراكباً وماشياً وَأخرج ابْن الضريس عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: كَانَ رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُ مُعَاوِيَة فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك وَهُوَ مَرِيض ثقيل فَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عشرَة أَيَّام ثمَّ لقِيه جِبْرِيل فَقَالَ: إِن مُعَاوِيَة بن مُعَاوِيَة توفّي فَحزن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَيَسُرُّك أَن أريك قَبره قَالَ: نعم فَضرب بجناحه الأَرْض فَلم يبع جبل إِلَّا انخفض حَتَّى أبدى الله قَبره فَكبر رَسُول الله صلى

الله عَلَيْهِ وَسلم وَجِبْرِيل عَن يَمِينه وصفوف الْمَلَائِكَة سبعين ألفا حَتَّى إِذا فرغ من صلَاته قَالَ: يَا جِبْرِيل بِمَ نزل مُعَاوِيَة بن مُعَاوِيَة من الله بِهَذِهِ الْمنزلَة قَالَ: ب {قل هُوَ الله أحد} كَانَ يَقْرَأها قَائِما وَقَاعِدا وماشياً ونائماً وَلَقَد كنت أَخَاف على أمتك حَتَّى نزلت هَذِه السُّورَة فِيهَا وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ و {قل هُوَ الله أحد} دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة لم يمنعهُ من دُخُول الْجنَّة إِلَّا الْمَوْت وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخ بَغْدَاد من طَرِيق مجاشع بن عَمْرو أحد الْكَذَّابين عَن يزِيد الرقاشِي قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جَاءَنِي جِبْرِيل فِي أحسن صُورَة ضَاحِكا مُسْتَبْشِرًا فَقَالَ: يَا مُحَمَّد الْعلي الْأَعْلَى يقرؤك السَّلَام وَيَقُول: إِن لكل شَيْء نسبا ونسبتي {قل هُوَ الله أحد} فَمن أَتَانِي من أمتك قَارِئًا ب {قل هُوَ الله أحد} ألف مرّة من دهره ألزمهُ دَاري [] واقامة عَرْشِي وشفعته فِي سبعين مِمَّن وَجَبت عُقُوبَته وَلَوْلَا أَنِّي آلَيْت على نَفسِي كل نفس ذائقة الْمَوْت لما قبضت روحه وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن عَليّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من أَرَادَ سفرا فَأخذ بِعضَادَتَيْ منزله فَقَرَأَ إِحْدَى عشرَة مرّة {قل هُوَ الله أحد} كَانَ الله لَهُ حارساً حَتَّى يرجع وَأخرج ابْن النجار عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صلى بعد الْمغرب رَكْعَتَيْنِ قبل أَن ينْطق مَعَ أحد يقْرَأ فِي الأولى بِالْحَمْد و (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) وَفِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة بِالْحَمْد و {قل هُوَ الله أحد} خرج من ذنُوبه كَمَا تخرج الْحَيَّة من سلخها وَأخرج ابْن السّني فَيعْمل الْيَوْم اللَّيْلَة عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ بعد صَلَاة الْجُمُعَة {قل هُوَ الله أحد} و (قل أعوذ بِرَبّ الفلق) (سُورَة الفلق) و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) (سُورَة النَّاس) سبع مَرَّات أَعَاذَهُ الله بهَا من السوء إِلَى الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَأخرج الْحَافِظ أَبُو مُحَمَّد الْحسن بن أَحْمد السَّمرقَنْدِي فِي فَضَائِل {قل هُوَ الله أحد}

عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة قَالَ: بلغنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثلث الْقُرْآن وَمن قَرَأَهَا عشر مَرَّات بنى الله لَهُ قصرا فِي الْجنَّة فَقَالَ أَبُو بكر إِذن نَسْتَكْثِر يَا رَسُول الله فَقَالَ: الله أَكثر وَأطيب رددها مرَّتَيْنِ وَأخرج أَيْضا عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثلث الْقُرْآن وَمن قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} مرَّتَيْنِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلثي الْقُرْآن وَمن قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} ثَلَاث مَرَّات فَكَأَنَّمَا قَرَأَ جَمِيع مَا أنزل الله وَأخرج أَيْضا عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} مرّة بورك عَلَيْهِ وَمن قَرَأَهَا مرَّتَيْنِ بورك عَلَيْهِ وعَلى أهل بَيته وَمن قَرَأَهَا ثَلَاث مَرَّات بورك عَلَيْهِ وعَلى أهل بَيته وجيرانه وَمن قَرَأَهَا اثْنَتَيْ عشرَة مرّة بنى الله لَهُ فِي الْجنَّة اثْنَي عشر قصراً وَمن قَرَأَهَا عشْرين مرّة كَانَ مَعَ النَّبِيين هَكَذَا وَضم الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا الابهام وَمن قَرَأَهَا عشْرين مرّة كَانَ مَعَ النَّبِيين هَكَذَا وَضم الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا الابهام وَمن قَرَأَهَا مائَة مرّة غفر الله لَهُ ذنُوب خمس وَعشْرين سنة إِلَّا الدّين وَالدَّم وَمن قَرَأَهَا مِائَتي مرّة غفرت لَهُ ذنُوب خمسين سنة وَمن قَرَأَهَا أَرْبَعمِائَة مرّة كَانَ لَهُ أجر أَرْبَعمِائَة شَهِيد كل عقر جَوَاده وَأُهْرِيقَ دَمه وَمن قَرَأَهَا ألف مرّة لم يمت حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة أَو يرى لَهُ وَأخرج أَيْضا عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} مرّة فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثلث الْقُرْآن وَمن قَرَأَهَا مرَّتَيْنِ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلثي الْقُرْآن وَمن قَرَأَهَا ثَلَاثًا فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن ارتجالاً وَأخرج أَيْضا عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} ألف مرّة كَانَت أحب إِلَى الله من ألف ملجمة مسرجة فِي سَبِيل الله وَأخرج أَيْضا عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: ثَلَاثَة ينزلون من الْجنَّة حَيْثُ شاؤوا الشَّهِيد وَرجل قَرَأَ فِي كل يَوْم {قل هُوَ الله أحد} مِائَتي مرّة وَأخرج أَيْضا عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: من واظب على قِرَاءَة {قل هُوَ الله أحد} وَآيَة الْكُرْسِيّ عشر مَرَّات من ليل أَو نَهَار اسْتوْجبَ رضوَان الله الْأَكْبَر وَكَانَ مَعَ أنبيائه وعصم من الشَّيْطَان وَأخرج أَيْضا من طَرِيق دِينَار عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} ألف مرّة فقد اشْترى نَفسه من الله وَهُوَ من خَاصَّة الله

وَأخرج أَيْضا من طَرِيق نعيم عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} ثَلَاثِينَ مرّة كتب الله لَهُ بَرَاءَة من النَّار وأماناً من الْعَذَاب والأمان يَوْم الْفَزع الْأَكْبَر وَأخرج أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أَتَى منزله فَقَرَأَ (الْحَمد لله) (سُورَة الْفَاتِحَة) و {قل هُوَ الله أحد} نفى الله عَنهُ الْفقر وَكثر خير بَيته حَتَّى يفِيض على جِيرَانه وَأخرج الطَّبَرَانِيّ أَيْضا من طَرِيق أبي بكر البردعي: حَدثنَا أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم قَالَا: حَدثنَا عِيسَى بن أبي فَاطِمَة رازي ثِقَة قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: إِذا نقر فِي الناقور اشْتَدَّ غضب الرَّحْمَن فتنزل الْمَلَائِكَة فَيَأْخُذُونَ بأقطار الأَرْض فَلَا يزالون يقرؤون {قل هُوَ الله أحد} حَتَّى يسكن غَضَبه وَأخرج إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الخيارجي فِي فَوَائده عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} ألف مرّة فقد اشْترى نَفسه من الله وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن كَعْب بن عجْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ فِي لَيْلَة أَو يَوْم {قل هُوَ الله أحد} ثَلَاث مَرَّات كَانَ مِقْدَار الْقُرْآن وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} إِحْدَى عشرَة مرّة بنى الله لَهُ قصرا فِي الْجنَّة فَقَالَ عمر: وَالله يَا رَسُول الله إِذن نَسْتَكْثِر من الْقُصُور فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَالله أَمن وَأفضل أَو قَالَ: أَمن وأوسع وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث رجلا على سَرِيَّة فَكَانَ يقْرَأ لأَصْحَابه فِي صلَاتهم فيختم: ب {قل هُوَ الله أحد} فَلَمَّا رجعُوا ذكرُوا ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: سلوه لأي شَيْء يصنع ذَلِك فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لِأَنَّهَا صفة الرَّحْمَن فانا أحب أَن أقرأها فَأتوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخبروه فَقَالَ: أَخْبرُوهُ أَن الله تَعَالَى يُحِبهُ وَأخرج ابْن الضريس عَن الرّبيع بن خَيْثَم قَالَ: سُورَة من كتاب الله يَرَاهَا النَّاس قَصِيرَة وأراها عَظِيمَة طَوِيلَة يحب الله محبها لَيْسَ لَهَا خلط فَأَيكُمْ قَرَأَهَا فَلَا يجمعن

إِلَيْهَا شَيْئا اسْتِقْلَالا بهَا فَإِنَّهَا تُجزئه وَأخرج ابْن الضريس عَن أنس قَالَ: قَالَ رجل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن لي أَخا قد حبب إِلَيْهِ قِرَاءَة {قل هُوَ الله أحد} فَقَالَ: بشر أَخَاك بِالْجنَّةِ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَابْن ماجة وَابْن الضريس عَن بُرَيْدَة قَالَ: دخلت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَسْجِد ويدي فِي يَده فَإِذا رجل يُصَلِّي يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بأنك أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا نت الْوَاحِد الْأَحَد الصَّمد الَّذِي لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد دَعَا الله باسمه الْأَعْظَم الَّذِي إِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى وَإِذا دعِي بِهِ أجَاب وَأخرج ابْن الضريس عَن الْحسن قَالَ: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} مِائَتي مرّة كَانَ لَهُ من الْأجر عبَادَة خَمْسمِائَة سنة وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْأَفْرَاد والخطيب فِي تَارِيخه عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اشْتَكَى قَرَأَ على نَفسه ب {قل هُوَ الله أحد} وَأخرج ابْن النجار فِي تَارِيخه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة عشر مَرَّات أوجب الله لَهُ رضوانه ومغفرته وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن أبي غَالب مولى خَالِد بن عبد الله قَالَ: قَالَ عمر ذَات لَيْلَة قبيل الصُّبْح يَا أَبَا غَالب أَلا تقوم فَتُصَلِّي وَلَو تقْرَأ بِثلث الْقُرْآن فَقلت: قد دنا الصُّبْح فَكيف أَقرَأ بِثلث الْقُرْآن فَقَالَ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن سُورَة الإِخلاص {قل هُوَ الله أحد} تعدل ثلث الْقُرْآن وَأخرج الْعقيلِيّ عَن رَجَاء الغنوي قَالَ: قَالَ: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} ثَلَاث مرار فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن أجمع وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صلى صَلَاة الْغَدَاة ثمَّ لم يتَكَلَّم حَتَّى قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} عشر مَرَّات لم يُدْرِكهُ ذَلِك الْيَوْم ذَنْب وأجير من الشَّيْطَان وَأخرج الديلمي بِسَنَد واهٍ عَن الْبَراء بن عَازِب مَرْفُوعا: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} مائَة بعد صَلَاة الْغَدَاة قبل أَن يكلم أحدا رفع لَهُ ذَلِك الْيَوْم عمل خمسين صديقا

وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين زوجه فَاطِمَة دَعَا بِمَاء فمجه ثمَّ أدخلهُ مَعَه فرشه فِي جيبه وَبَين كَتفيهِ وعوذه ب {قل هُوَ الله أحد} والمعوّذتين وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من صلى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ فيهمَا {قل هُوَ الله أحد} ثَلَاثِينَ مرّة بنى الله لَهُ ألف قصر من ذهب فِي الْجنَّة وَمن قَرَأَهَا فِي غير صَلَاة بنى الله لَهُ مائَة قصر فِي الْجنَّة وَمن قَرَأَهَا فِي صَلَاة كَانَ أفضل من ذَلِك وَمن قَرَأَهَا إِذا دخل إِلَى أَهله أصَاب أَهله وجيرانه مِنْهَا خير وَأخرج أَحْمد عَن عبد الله بن عَمْرو أَن أَبَا أَيُّوب كَانَ فِي مجْلِس وَهُوَ يَقُول: أَلا يَسْتَطِيع أحدكُم أَن يقوم بِثلث الْقُرْآن كل لَيْلَة قَالُوا: وَهل يَسْتَطِيع ذَلِك أحد قَالَ: فَإِن {قل هُوَ الله أحد} ثلث القرأن فجَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يسمع أَبَا أَيُّوب فَقَالَ: صدق أَبُو أَيُّوب وَأخرج ابْن الضريس وَالْبَزَّار وَمُحَمّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَيعْجزُ أحدكُم أَن يقْرَأ كل لَيْلَة ثلث الْقُرْآن قَالُوا: وَمن يُطيق ذَلِك قَالَ: بلَى {قل هُوَ الله أحد} تعدل بِثلث الْقُرْآن وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن السّني بِسَنَد ضَعِيف عَن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} حَتَّى يختمها عشر مَرَّات بنى الله لَهُ قصر فِي الْجنَّة فَقَالَ لَهُ عمر: إِذا نَسْتَكْثِر يَا رَسُول الله قَالَ: الله أَكثر وَأطيب وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل قَالَ: غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبُوك فَلَمَّا كَانَ بِبَعْض الْمنَازل صلى بِنَا صَلَاة الْفجْر فَقَرَأَ فِي أول رَكْعَة بِفَاتِحَة الْكتاب و {قل هُوَ الله أحد} وَفِي الثَّانِيَة ب (قل أعوذ بِرَبّ الفلق) فَلَمَّا سلم قَالَ: مَا قَرَأَ رجل فِي صَلَاة بسورتين أبلغ مِنْهُمَا وَلَا أفضل وَأخرج مُحَمَّد بن نصر وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد جيد عَن معَاذ بن جبل قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {قل هُوَ الله أحد} تعدل بِثلث الْقُرْآن وَأخرج أَبُو عبيد وَأحمد وَالْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:

أَيعْجزُ أحدكُم أَن يقْرَأ ثلث الْقُرْآن فِي لَيْلَة فَلَمَّا رأى أَنه قد شقّ عَلَيْهِم قَالَ: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد} فِي لَيْلَة فقد قَرَأَ ليلتئذ ثلث الْقُرْآن وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِرَجُل يقْرَأ {قل هُوَ الله أحد} فَقَالَ: أوجب لهَذَا الْجنَّة وَأخرج أَبُو عبيد وَأحمد وَمُسلم وَابْن الضريس وَالنَّسَائِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَيعْجزُ أحدكُم أَن يقْرَأ كل يَوْم ثلث الْقُرْآن قَالُوا: نَحن أَضْعَف من ذَاك وأعجز قَالَ: فَإِن الله جزأ الْقُرْآن ثَلَاثَة أَجزَاء فَقَالَ: {قل هُوَ الله أحد} ثلث الْقُرْآن وَأخرج مَالك وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه سمع رجلا يقْرَأ {قل هُوَ الله أحد} يُرَدِّدهَا فَلَمَّا أصبح جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لتعدل ثلث الْقُرْآن وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَابْن الضريس عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه: أَيعْجزُ أحدكُم أَن يقْرَأ ثلث الْقُرْآن فِي لَيْلَة فشق ذَلِك عَلَيْهِم وَقَالُوا: أَيّنَا يُطيق ذَلِك فَقَالَ: الله الْوَاحِد الصَّمد ثلث الْقُرْآن وَأخرج أَحْمد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: بَات قَتَادَة بن النُّعْمَان يقْرَأ اللَّيْل كُله ب {قل هُوَ الله أحد} فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لتعدل نصف الْقُرْآن أَو ثلثه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: أَخْبرنِي قَتَادَة بن النُّعْمَان أَن رجلا قَامَ فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} السُّورَة كلهَا يُرَدِّدهَا لَا يزِيد عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أخبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِنَّهَا لتعدل ثلث الْقُرْآن وَأخرج أَحْمد وَأَبُو عبيد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن الضريس عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {قل هُوَ الله أحد} تعدل ثلث الْقُرْآن وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} بعد صَلَاة الصُّبْح اثْنَي عشرَة مرّة فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآن أَربع مَرَّات وَكَانَ أفضل أهل الأَرْض يَوْمئِذٍ إِذا اتَّقى

وَأخرج أَحْمد وَابْن الضريس وَالنَّسَائِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب بِسَنَد صَحِيح عَن أم كُلْثُوم بنت عقبَة بن أبي معيط: أَن رَسُول الله سُئِلَ عَن {قل هُوَ الله أحد} قَالَ: ثلث الْقُرْآن أَو تعدله وَأخرج سعيد بن مَنْصُور عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجلا يقْرَأ {قل هُوَ الله أحد} ويرتل فَقَالَ لَهُ: سل تعط وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الضريس عَن عَليّ قَالَ: من قَرَأَ {قل هُوَ الله أحد} عشر مرَارًا بعد الْفجْر وَفِي لفظ فِي دبر الْغَدَاة لم يلْحق بِهِ ذَلِك الْيَوْم ذَنْب وَإِن جهد الشَّيْطَان وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من صلى رَكْعَتَيْنِ بعد الْعشَاء فَقَرَأَ فِي كل رَكْعَة بِفَاتِحَة الْكتاب وَخمْس عشرَة مرّة {قل هُوَ الله أحد} بنى الله لَهُ قَصْرَيْنِ فِي الْجنَّة يتراآهما أهل الْجنَّة وَأخرج ابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من صلى رَكْعَتَيْنِ بعد عشَاء الْآخِرَة يقْرَأ فِي كل رَكْعَة بِفَاتِحَة الْكتاب وَعشْرين مرّة {قل هُوَ الله أحد} بنى الله لَهُ قَصْرَيْنِ فِي الْجنَّة يتراآهما أهل الْجنَّة وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الضريس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من قَرَأَ {قل هُوَ الله اُحْدُ} مِائَتي مرّة فِي أَربع رَكْعَات فِي كل رَكْعَة خمسين مرّة غفر الله لَهُ ذنُوب مائَة سنة خمسين مُسْتَقْبلَة وَخمسين مستأخرة وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا أَوَى إِلَى فرَاشه كل لَيْلَة جمع كفيه ثمَّ نفث فيهمَا فَقَرَأَ فيهمَا {قل هُوَ الله أحد} و (قل أعوذ بِرَبّ الفلق) (سُورَة الفلق) و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) (سُورَة النَّاس) ثمَّ يمسح بهما مَا اسْتَطَاعَ من جسده يبْدَأ بهما على رَأسه وَوَجهه وَمَا أقبل من جسده يفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَعبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَالطَّبَرَانِيّ عَن عبد الله بن حبيب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: اقْرَأ {قل هُوَ الله أحد} والمعوّذتين حِين تصبح وَحين تمسي ثَلَاثًا يَكْفِيك من كل شَيْء

وَأخرج أَحْمد عَن عقبَة بن عَامر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا عقبَة بن عَامر أَلا أعلمك خير ثَلَاث سور أنزلت فِي التَّوْرَاة والإِنجيل وَالزَّبُور وَالْفرْقَان الْعَظِيم قلت بلَى جعلني الله فداءك قَالَ: فأقرأني {قل هُوَ الله أحد} و (قل أعوذ بِرَبّ الفلق) و (قل أَعُود بِرَبّ النَّاس) قُم قَالَ: يَا عقبَة لَا تنساهن وَلَا تبت لَيْلَة حَتَّى تقرأهن وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن عبد الله بن أنيس الْأَسْلَمِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضع يَده على صَدره ثمَّ قَالَ لَهُ: قل فَلم أدر مَا أَقُول ثمَّ قَالَ: {قل هُوَ الله أحد} ثمَّ قَالَ لي: قل (أعوذ بِرَبّ الفلق من شَرّ مَا خلق) حَتَّى فرغت مِنْهَا ثمَّ قَالَ لي: (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) حَتَّى فرغت مِنْهَا فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَكَذَا فتعوّذ فَمَا تعوّذ المتعوّذون بمثلهن قطّ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عَليّ قَالَ: بَينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة يُصَلِّي فَوضع يَده على الأَرْض لدغته عقرب فَتَنَاولهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بنعله فَقَتلهَا فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: لعن الله الْعَقْرَب مَا تدع مُصَليا وَلَا غَيره أَو نَبيا أَو غَيره ثمَّ دَعَا بملح وَمَاء بجعله فِي إِنَاء ثمَّ جعل يصبهُ على إصبعه حَيْثُ لدغته ويمسحها ويعوذها بالمعوذتين وَفِي لفظ فَجعل يمسح عَلَيْهَا وَيقْرَأ {قل هُوَ الله أحد} و (قل أعوذ بِرَبّ الفلق) و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الصَّمد السَّيِّد الَّذِي قد كمل فِي سؤدده والشريف الَّذِي قد كمل فِي شرفه والعظيم الَّذِي قد كمل فِي عَظمته والحليم الَّذِي قد كمل فِي حلمه والغني الَّذِي قد كمل فِي غناهُ والجبار الَّذِي قد كمل فِي جبروته والعالم الَّذِي قد كمل علمه والحكيم الَّذِي قد كمل فِي حكمته وَهُوَ الَّذِي قد كمل فِي أَنْوَاع الشّرف والسؤدد وَهُوَ الله سُبْحَانَهُ هَذِه صفته لَا تنبغي إِلَّا لَهُ لَيْسَ كفو وَلَيْسَ كمثله شَيْء وَأخرج ابْن الضريس وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن جرير عَن كَعْب قَالَ: إِن الله تَعَالَى ذكره أسس السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع على هَذِه السُّورَة {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد} وَإِن الله لم يُكَافِئهُ أحد من خَلفه

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 113 سُورَة الفلق مَكِّيَّة وآياتها خمس مُقَدّمَة السُّورَة الْآيَة 1 - 5

الفلق

أخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق صَحِيحَة عَن ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يحك المعوّذتين من الْمُصحف وَيَقُول: لَا تخلطوا الْقُرْآن بِمَا لَيْسَ مِنْهُ إنَّهُمَا ليستا من كتاب الله إِنَّمَا أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن يتعوّذ بهما وَكَانَ ابْن مَسْعُود لَا يقْرَأ بهما قَالَ الْبَزَّار: لم يُتَابع ابْن مَسْعُود أحد من الصَّحَابَة وَقد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَرَأَ بهما فِي الصَّلَاة وأثبتتا فِي الْمُصحف وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن هَاتين السورتين فَقَالَ: قيل لي فَقلت فَقولُوا كَمَا قلت وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَابْن الْأَنْبَارِي وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن زر بن حُبَيْش قَالَ: أتيت الْمَدِينَة فَلَقِيت أبيّ بن كَعْب فَقلت: يَا أَبَا الْمُنْذر إِنِّي رَأَيْت ابْن مَسْعُود لَا يكْتب المعوذتين فِي مصحفه فَقَالَ: أما وَالَّذِي بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ قد سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْهُمَا وَمَا سَأَلَني عَنْهُمَا أحد مُنْذُ سَأَلته غَيْرك قَالَ: قيل لي قل فَقلت فَقولُوا فَنحْن نقُول كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَأخرج مُسَدّد وَابْن مرْدَوَيْه عَن حَنْظَلَة السدُوسِي قَالَ: لعكرمة: إِنِّي أُصَلِّي بِقوم فأقرأ ب {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) فَقَالَ: اقرأبهما فَإِنَّهُمَا من الْقُرْآن وَأخرج أَحْمد وَابْن الضريس بِسَنَد صَحِيح عَن أبي الْعَلَاء يزِيد بن عبد الله بن الشخير قَالَ: قَالَ رجل: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر وَالنَّاس يعتقبون وَفِي الظّهْر قلَّة فَجَاءَت نزلة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونزلتي فلحقني فَضرب مَنْكِبي فَقَالَ: {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} فَقلت {أعوذ بِرَبّ الفلق} فقرأها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقرأتها مَعَه ثمَّ قَالَ: (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) فقرأها رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقرأتها مَعَه قَالَ: إِذا أَنْت صليت فاقرأ بهما وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد حسن عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لقد أنزل عليَّ آيَات لم ينزل عَليّ مِثْلهنَّ المعوّذتين وَأخرج مُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنزلت عَليّ اللَّيْلَة آيَات لم أر مِثْلهنَّ قطّ {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) وَأخرج ابْن الضريس وَابْن الْأَنْبَارِي وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: بَينا أَنا أَسِير مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا بَين الْجحْفَة والأبواء إِذا غشينا ريح وظلمة شَدِيدَة فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعوذ ب {أعوذ بِرَبّ الفلق} و (أعوذ بِرَبّ النَّاس) وَيَقُول: يَا عقبَة تعوّذ بهما فَمَا تعوذ متعوّذ بمثلهما قَالَ: وسمعته يؤمنا بهما فِي الصَّلَاة وَأخرج ابْن سعد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَغوِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي حَابِس الْجُهَنِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: يَا أَبَا حَابِس أَلا أخْبرك بِأَفْضَل مَا تعوّذ بِهِ المتعوّذون قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ: {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) هما المعوّذتان وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَعَوَّذ من عين الجان وَمن عين الإِنس فَلَمَّا نزلت سُورَة المعوّذتين أَخذ بهما وَترك مَا سوى ذَلِك وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن مَسْعُود أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

كَانَ يكره عشر خِصَال: الصُّفْرَة يَعْنِي الخلوق وتغيير الشيب وجر الإِزار والتختم بِالذَّهَب وَعقد التمائم والرقى إِلَّا بالمعوذات وَالضَّرْب بالكعاب والتبرج بالزينة لغير بَعْلهَا وعزل المَاء [] لغير حلّه وَفَسَاد الصَّبِي غير محرمه وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكره الرقى إِلَّا بالمعوذات وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إقرؤوا بالمعوذات فِي دبر كل صَلَاة وَأخرج ابْن أبِي شيبَة وَابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا سَأَلَ سَائل وَلَا استعاذ مستعيذ بمثلهما يَعْنِي المعوذتين وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عقبَة اقْرَأ ب {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) فَإنَّك لن تقْرَأ أبلغ مِنْهُمَا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أم سَلمَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من أحب السُّور إِلَى الله {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل قَالَ: كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فصلى الغذاة فَقَرَأَ فِيهَا بالمعوذتين ثمَّ قَالَ: يَا معَاذ هَل سَمِعت قلت: نعم قَالَ: مَا قَرَأَ النَّاس بمثلهن وَأخرج النَّسَائِيّ وَابْن الضريس وَابْن الْأَنْبَارِي وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: أَخذ مَنْكِبي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اقْرَأ قلت: مَا أَقرَأ بِأبي أَنْت وَأمي قَالَ: {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} ثمَّ قَالَ: اقْرَأ قلت: بِأبي أَنْت وَأمي مَا أَقرَأ: قَالَ: (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) وَلنْ تقْرَأ بِمِثْلِهَا وَأخرج ابْن سعد عَن يُوسُف بن مُحَمَّد بن ثَابت بن قيس بن شماس أَن ثَابت بن قيس اشْتَكَى فَأَتَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ مَرِيض فرقاه بالمعوّذات وَنَفث عَلَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ رب النَّاس اكشف الباس عَن ثَابت بن قيس بن شماس ثمَّ أَخذ تُرَابا من وَادِيهمْ ذَلِك يَعْنِي بطحان فَأَلْقَاهُ فِي مَاء فَسَقَاهُ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الضريس عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ قَالَ: كنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَلَمَّا طلع الْفجْر أذن وَأقَام ثمَّ أقامني عَن يَمِينه ثمَّ قَرَأَ

بالمعوذتين فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: كَيفَ رَأَيْت قلت: قد رَأَيْت يَا رَسُول الله قَالَ: فاقرأ بهما كلما نمت وَكلما قُمْت وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعقبة بن عَامر: اقْرَأ ب {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) فَإِنَّهُمَا من أحب الْقُرْآن إِلَى الله وَأخرج الْحَاكِم عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: كنت أَقُود برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاحِلَته فِي السّفر فَقَالَ: يَا عقبَة أَلا أعلمك خير سورتين قرئتهما قلت: بلَى قَالَ: {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) فَلَمَّا نزل صلى بهما صَلَاة الْغَدَاة ثمَّ قَالَ لَهُ: كَيفَ ترى يَا عقبَة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ركب بغلة فحادت بِهِ فحبسها وَأمر رجلا أَن يقْرَأ عَلَيْهَا {قل أعوذ بِرَبّ الفلق من شَرّ مَا خلق} فسكنت وَمَضَت وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أهْدى النَّجَاشِيّ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بغلة شهباء فَكَانَ فِيهَا صعوبة فَقَالَ للزبير: اركبها وذللها فَكَأَنَّهَا الزبير اتَّقى فَقَالَ لَهُ: أركبها واقرأ الْقُرْآن قَالَ: مَا أَقرَأ قَالَ: اقْرَأ {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا قُمْت تصلي بِمِثْلِهَا وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا اشْتَكَى قَرَأَ على نَفسه المعوذتين وتفل أَو نفث وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عمر قَالَ: إِذا قَرَأت {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} فَقل أعوذ بِرَبّ الفلق وَإِذا قَرَأَ ب (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) فَقل: أعوذ بِرَبّ النَّاس وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن أبي ضَمرَة عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة الَّتِي يُوتر بهَا ب (قل هُوَ الله أحد) والمعوذتين وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه رأى فِي عنق امْرَأَة من أَهله سيراً فِيهِ تمائم فَقَطعه وَقَالَ: إِن آل عبد الله أَغْنِيَاء عَن الشّرك ثمَّ قَالَ: التولة والتمائم والرقى من الشّرك فَقَالَت امْرَأَة: إِن إحدانا لتشتكي رَأسهَا فتسترقى فَإِذا استرقت ظنت أَن ذَلِك قد نَفعهَا فَقَالَ عبد الله إِن الشَّيْطَان يَأْتِي أحداكن فينخس فِي رَأسهَا فَإِذا

استرقت حبس فَإِذا لم تسْتَرق نحر فَلَو أَن إحداكن تَدْعُو بِمَاء فتنضحه على رَأسهَا ووجهها ثمَّ تَقول: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ثمَّ تقْرَأ (قل هُوَ الله أحد) و {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) نَفعهَا ذَلِك إِن شَاءَ الله وَأخرج عبد بن حميد فِي مُسْنده عَن زيد بن أسلم قَالَ: سحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل من الْيَهُود فاشتكى فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَنزل عَلَيْهِ بالمعوذتين وَقَالَ: إِن رجلا من الْيَهُود سحرك وَالسحر فِي بِئْر فلَان فَأرْسل عليا فجَاء بِهِ فَأمره أَن يحل العقد وَيقْرَأ آيَة فَجعل يقْرَأ وَيحل حَتَّى قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَأَنَّمَا نشط من عقال وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُلَام يَهُودِيّ يَخْدمه يُقَال لَهُ لبيد بن أعصم فَلم تزل بِهِ يهود حَتَّى سحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذوب وَلَا يدْرِي مَا وَجَعه فَبينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة نَائِم إِذا أَتَاهُ ملكان فَجَلَسَ أَحدهمَا عِنْد رَأسه وَالْآخر عِنْد رجلَيْهِ فَقَالَ الَّذِي عِنْد رَأسه للَّذي عِنْد رجلَيْهِ: مَا وَجَعه قَالَ: مطبوب قَالَ: من طبه قَالَ: لبيد بن أَصمّ قَالَ: بِمَ طبه قَالَ: بِمشْط ومشاطة وجف طلعة ذكر بِذِي أروان وَهِي تَحت راعوفة الْبِئْر فَلَمَّا أصبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدا وَمَعَهُ أَصْحَابه إِلَى الْبِئْر فَنزل رجل فاستخرج جف طلعة من تحب الراعوفة فَإِذا فِيهَا مشط رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن مشاطة رَأسه وَإِذا تِمْثَال من شمع تِمْثَال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِذا فِيهَا أبر مغروزة وَإِذا وتر فِيهِ إِحْدَى عشرَة عقدَة فَأَتَاهُ جِبْرِيل بالمعوّذتين فَقَالَ: يَا مُحَمَّد {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} وَحل عقدَة {من شَرّ مَا خلق} وَحل عقده حَتَّى فرغ مِنْهَا وَحل العقد كلهَا وَجعل لَا ينْزع إبرة إِلَّا يجد لَهَا ألماً ثمَّ يجد بعد ذَلِك رَاحَة فَقيل: يَا رَسُول الله لَو قتلت الْيَهُودِيّ فَقَالَ: قد عافاني الله وَمَا وَرَاءه من عَذَاب الله أَشد فَأخْرجهُ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن لبيد بن الأعصم الْيَهُودِيّ سحر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجعل فِيهِ تمثالاً فِيهِ إِحْدَى عشرَة عقدَة فَأَصَابَهُ من ذَلِك وجع شَدِيد فَأَتَاهُ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل يعودانه فَقَالَ مِيكَائِيل يَا جِبْرِيل إِن صَاحبك شَاك قَالَ أجل قَالَ: أَصَابَهُ لبيد بن الأعصم الْيَهُودِيّ وَهُوَ فِي بِئْر مَيْمُون فِي كدية تَحت صَخْرَة المَاء قَالَ: فَمَا وَرَاء ذَلِك قَالَ: تنزح الْبِئْر ثمَّ تقلب الصَّخْرَة فتأخذ الكدية فِيهَا تِمْثَال فِيهِ إِحْدَى عشرَة عقدَة فتحرق فَإِنَّهُ يبرأ بِإِذن الله فَأرْسل إِلَى رَهْط فيهم عمار بن يَاسر فنزح المَاء فوجدوه قد صَار كَأَنَّهُ مَاء

الْحِنَّاء ثمَّ قلبت الصَّخْرَة إِذا كدية فِيهَا صَخْرَة فِيهَا تِمْثَال فِيهَا إِحْدَى عشرَة عقدَة فَأنْزل الله يَا مُحَمَّد {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} الصُّبْح فانحلت عقدَة {من شَرّ مَا خلق} من الْجِنّ والإِنس فانحلت عقدَة {وَمن شَرّ غَاسِق إِذا وَقب} اللَّيْل وَمَا يَجِيء بِهِ اللَّيْل {وَمن شَرّ النفاثات فِي العقد} السحارت المؤذيات فانحلت {وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صنعت الْيَهُود بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا فَأَصَابَهُ مِنْهُ وجع شَدِيد فَدخل عَلَيْهِ أَصْحَابه فَخَرجُوا من عِنْده وهم يرَوْنَ أَنه ألم بِهِ فَأَتَاهُ جِبْرِيل بالمعوّذتين فعوّذه بهما قُم قَالَ: بِسم الله أرقيك من كل شَرّ يُؤْذِيك وَمن كل عين وَنَفس حَاسِد الله يشفيك باسم الله أرقيك أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَمْرو بن عبسة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} فَقَالَ: يَا ابْن عبسه أَتَدْرِي مَا الفلق قلت الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: بِئْر فِي جَهَنَّم إِذا سعرت جَهَنَّم فَمِنْهُ تسعر وَإِنَّهَا لتتأذى بِهِ كَمَا يتَأَذَّى بَنو آدم من جَهَنَّم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اقْرَأ {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} هَل تَدْرِي مَا الفلق بَاب فِي النَّار إِذا فتح سعرت جَهَنَّم وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والديلمي عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَول الله: {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} قَالَ: هُوَ سجن فِي جَهَنَّم يحبس فِيهِ الجبارون والمتكبرون وَإِن جَهَنَّم لتعوذ بِاللَّه مِنْهُ وَأخرج ابْن جرير عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الفلق جب فِي جَهَنَّم مغطى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن عَليّ عَن آبَائِهِ قَالَ: الفلق جب فِي قَعْر جَهَنَّم عَلَيْهِ غطاء فَإِذا كشف عَنهُ خرجت مِنْهُ نَار تصيح مِنْهُ جَهَنَّم من شدَّة حر مَا يخرج مِنْهُ وَأخرج ابْن جريرعن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الفلق الصُّبْح وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى: {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} قَالَ: أعوذ بِرَبّ الصُّبْح إِذا انْفَلق

عَن ظلمَة اللَّيْل قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت زُهَيْر بن أبي سلمى يَقُول: الفارج الهمّ مسدولاً عساكره كَمَا يفرج غم الظلمَة الفلق وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الفلق الْخلق وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة قَالَت: نظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا إِلَى الْقَمَر لما طلع فَقَالَ يَا عَائِشَة اسْتَعِيذِي بِاللَّه من شَرّ هَذَا فَإِن هَذَا الْغَاسِق إِذا وَقب وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: {وَمن شَرّ غَاسِق إِذا وَقب} قَالَ: النَّجْم هُوَ الْغَاسِق وَهُوَ الثريا وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله: {وَمن شَرّ غَاسِق إِذا وَقب} قَالَ: كَانَت الْعَرَب تَقول الْغَاسِق سُقُوط الثريا وَكَانَت الأسقام والطواعين تكْثر عِنْد وُقُوعهَا وترتفع عِنْد طُلُوعهَا وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا ارْتَفَعت النُّجُوم رفعت العاهة عَن كل بلد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطِيَّة {وَمن شَرّ غَاسِق إِذا وَقب} قَالَ: اللَّيْل إِذا ذهب وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْغَاسِق سُقُوط الثريا والغاسق إِذا وَقب الشَّمْس إِذا غربت وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمن شَرّ غَاسِق إِذا وَقب} قَالَ: اللَّيْل إِذا أقبل وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله: عزَّ وَجل {وَمن شَرّ غَاسِق إِذا وَقب} قَالَ: الْغَاسِق الظلمَة والوقب شدَّة سوَاده إِذا دخل فِي كل شَيْء قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت زهيراً يَقُول: ظلت تجوب يداها وَهِي لاهية حَتَّى إِذا جنح الإِظلام والغسق وَقَالَ فِي الوقب:

وَقب الْعَذَاب عَلَيْهِم فكأنهم لحقتهم نَار السَّمَاء فأخمدوا وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {غَاسِق إِذا وَقب} قَالَ: اللَّيْل إِذا دخل أخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمن شَرّ النفاثات} قَالَ: الساحرات وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {النفاثات فِي العقد} قَالَ: مَا خالط السحر من الرقى وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك رَضِي الله عَنهُ {النفاثات} قَالَ: السواحر وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {النفاثات فِي العقد} قَالَ: الرقى فِي عقد الْخَيط وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من عقد عقدَة ثمَّ نفث فِيهَا فقد سحر وَمن سحر فقد أشرك وَأخرج الْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَهُ يعودهُ فَقَالَ: أَلا أرقيك برقية رقاني بهَا جِبْرِيل قلت بلَى بِأبي أَنْت وَأمي قَالَ: بِسم الله أرقيك وَالله يشفيك من كل دَاء فِيك {وَمن شَرّ النفاثات فِي العقد وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد} فرقى بهَا ثَلَاث مَرَّات وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وجد وجعاً فِي رَأسه فَأَبْطَأَ على أَصْحَابه ثمَّ خرج إِلَيْهِم فَقَالَ لَهُ عمر: ماالذي بطأ بك عَنَّا فَقَالَ: وجع وجدته فِي رَأس فهبط عليّ جِبْرِيل فَوضع يَده على رَأْسِي ثمَّ قَالَ: بِسم الله أرقيك من كل شَيْء يُؤْذِيك أَو يصيبك وَمن شَرّ كل ذِي شَرّ معلن أَو مسر وَمن شَرّ الْجِنّ والإِنس {وَمن شَرّ النفاثات فِي العقد وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد} قَالَ: فبرأت أخرج ابْن عدي فِي الْكَامِل وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْحسن فِي قَوْله: {وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد} قَالَ: هُوَ أول ذَنْب كَانَ فِي السَّمَاء وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ {وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد} يَعْنِي الْيَهُود هم حسدة الإِسلام

وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد} قَالَ: نفس ابْن آدم وعينه وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ {وَمن شَرّ حَاسِد} قَالَ: من شَرّ عينه وَنَفسه وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن جِبْرِيل أَتَاهُ وَهُوَ يوعك فَقَالَ: بِسم الله أرقيك من كل شَيْء يُؤْذِيك من حسد حَاسِد وكل عين اسْم الله يشفيك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله أَو عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْتَكَى فَأَتَاهُ جِبْرِيل فَقَالَ: بِسم الله أرقيك من كل شَيْء يُؤْذِيك من كل كَاهِن وحاسد وَالله يشفيك وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إيَّاكُمْ والحسد فَإِن الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يحل الدَّرَجَات العلى اللّعان وَلَا منان وَلَا بخيل وَلَا بَاغ وَلَا حسود وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جُلُوسًا فَقَالَ: يطلع عَلَيْكُم الْآن من هَذَا الْفَج رجل من أهل الْجنَّة فطلع رجل من الْأَنْصَار تنطف لحيته من وضوئِهِ قد علق نَعْلَيْه فِي يَده الشمَال فَسلم فَلَمَّا كَانَ من الْغَد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل فطلع الرجل مثل مرته الأولى فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل مقَالَته أَيْضا فطلع ذَلِك الرجل على مثل حَاله الأول فَلَمَّا قَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبعه عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: إِنِّي لاحيت أبي فأقسمت أَن لَا أَدخل عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَإِن رَأَيْت أَن تأويني إِلَيْك حَتَّى تمْضِي الثَّلَاث فعلت قَالَ: نعم قَالَ أنس: فَكَانَ عبد الله يحدث أَنه بَات مَعَه ثَلَاث لَيْلًا فَلم يره يقوم إِلَّا لصَلَاة الْفجْر وَإِذا تقلب على فرَاشه ذكر الله وَكبره وَلَا يَقُول إِلَّا خيرا فَلَمَّا مضى الثَّلَاث لَيَال وكدت احتقر عمله قلت يَا عبد الله: لم يكن بيني وَبَين وَالِدي غضب وَلَا هِجْرَة وَلَكِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: يطلع الْآن عَلَيْكُم رجل من أهل الْجنَّة فطلعت أَنْت الثَّلَاث مَرَّات فَأَرَدْت أَن آوي إِلَيْك فَأنْظر مَا عَمَلك فَلم أرك تعْمل كثير عمل فَلَمَّا وليت دَعَاني فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا

رَأَيْت غير أَنِّي لَا أجد فِي نَفسِي غشاً على أحد من الْمُسلمين وَلَا أحسده على خير أعطَاهُ الله إِيَّاه قَالَ عبد الله: فَهَذِهِ الَّتِي بلغت بك وَهِي الَّتِي لَا تطاق وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الصَّلَاة نور وَالصِّيَام جنَّة وَالصَّدَََقَة تُطْفِئ الْخَطِيئَة كَمَا يُطْفِئ المَاء النَّار والحسد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَاد الْفقر أَن يكون كفرا وَكَاد الْحَسَد أَن يغلب الْقدر وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْأَصْمَعِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَلغنِي أَن الله عز وَجل يَقُول: الْحَاسِد عَدو نعمتي متسخط لقضائي غير رَاض بقسمتي الَّتِي قسمت بَين عبَادي وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْحَسَد ليَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب

114 سُورَة النَّاس مَكِّيَّة وآياتها سِتّ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة 1 - 6

الناس

أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أنزل بِالْمَدِينَةِ {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الحكم بن عُمَيْر الثمالِي رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الحذر أَيهَا النَّاس وَإِيَّاكُم والوسواس الخناس فَإِنَّمَا يبلوكم أَيّكُم أحسن عملا وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أول مَا يبْدَأ الوسواس من الْوضُوء وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: الْبَوْل فِي المغتسل يَأْخُذ مِنْهُ الوسواس وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الله بن مرّة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا وَسْوَسَة بأولع مِمَّن يَرَاهَا تعْمل فِيهِ وَأخرج أَبُو بكر بن أبي دَاوُد فِي كتاب ذمّ الوسوسة عَن مُعَاوِيَة بن أبي طَلْحَة قَالَ: كَانَ من دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ: اعمر قلبِي من وسواس ذكرك واطرد عني وسواس الشَّيْطَان

أخرج ابْن أبي دَاوُد فِي كتاب ذمّ الوسوسة عَن مُعَاوِيَة فِي قَوْله: {الوسواس الخناس} قَالَ: مثل الشَّيْطَان كَمثل ابْن عرس وَاضع فَمه على فَم الْقلب فيوسوس إِلَيْهِ فَإِذا ذكر الله خنس وَإِن سكت عَاد إِلَيْهِ فَهُوَ {الوسواس الخناس} وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن مكايد الشَّيْطَان وَأَبُو يعلى وَابْن شاهين فِي التَّرْغِيب فِي الذّكر وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أنس عَن النَّبِي قَالَ: إِن الشَّيْطَان وَاضع خطمه على قلب ابْن آدم فَإِن ذكر الله خنس وَإِن نسي الْتَقم قلبه فَذَلِك {الوسواس الخناس} وَأخرج ابْن شاهين عَن أنس: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن للوسواس خطماً كخطم الطَّائِر فَإِذا غفل ابْن آدم وضع ذَلِك المنقار فِي أذن الْقلب يوسوس فَإِن ابْن آم ذكر الله نكص وخنس فَلذَلِك سمي {الوسواس الخناس} وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {الوسواس الخناس} قَالَ: الشَّيْطَان جاثم على قلب ابْن آدم فَإِن سَهَا وغفل وسوس وَإِذا ذكر الله خنس وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ والضياء فِي المختارة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا من مَوْلُود يُولد إِلَّا على قلبه الوسواس فَإِذا ذكر الله خنس وَإِذا غفل وسوس فَلذَلِك قَوْله: {الوسواس الخناس} وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد قَالَ: الخناس الَّذِي يوسوس مرّة ويخنس مرّة من الْجِنّ والإِنس وَكَانَ يُقَال شَيْطَان الإِنس أَشد على النَّاس من شَيْطَان الْجِنّ شَيْطَان الْجِنّ يوسوس وَلَا ترَاهُ وَهَذَا يعاينك مُعَاينَة وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: إِن الوسواس لَهُ بَاب فِي صدر ابْن آدم يوسوس مِنْهُ وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر عَن عُرْوَة بن رُوَيْم أَن عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِمَا السَّلَام دَعَا ربه أَن يرِيه مَوضِع الشَّيْطَان من ابْن آدم فَجلى لَهُ فَإِذا رَأسه مثل رَأس الْحَيَّة وَاضِعا رَأسه على ثَمَرَة الْقلب فَإِذا ذكر الله خنس وَإِذا لم يذكرهُ وضع رَأسه على ثَمَرَة قلبه فحدثه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: الوسواس مَحَله على فؤاد الإِنسان وَفِي عينه

وَفِي ذكره وَمحله من الْمَرْأَة فِي عينهَا وَفِي فرجهَا إِذا أَقبلت وَفِي دبرهَا إِذا أَدْبَرت هَذِه مجالسه وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله: {من الْجنَّة وَالنَّاس} قَالَ: هما وسواسان فوسواس من الْجنَّة وَهُوَ الْجِنّ ووسواس نفس الإِنسان فَهُوَ قَوْله: {وَالنَّاس} وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {من الْجنَّة وَالنَّاس} قَالَ: إِن من النَّاس شياطين فنعوذ بِاللَّه من شياطين الإِنس وَالْجِنّ ذكر مَا ورد فِي سُورَة الْخلْع وَسورَة الحفد قَالَ ابْن الضريس فِي فضائله: أخبرنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَنبأَنَا حَمَّاد قَالَ: قَرَأنَا فِي مصحف أبي بن كَعْب: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونثني عَلَيْك الْخَيْر وَلَا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك قَالَ حَمَّاد: هَذِه الْآن سُورَة وَأَحْسبهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد وَإِلَيْك نسعى ونحفد نخشى عذابك وَنَرْجُو رحمتك إِن عذابك بالكفار مُلْحق وَأخرج ابْن الضريس عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه قَالَ: صليت خلف عمر بن الْخطاب فَلَمَّا فرغ من السُّورَة الثَّانِيَة قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونثنين عَلَيْك الْخَيْر كُله وَلَا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك الله إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد وَإِلَيْك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إِن عذابك بالكفار مُلْحق وَفِي مصحف ابْن عَبَّاس قِرَاءَة أبيّ وَأبي مُوسَى: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونثني عَلَيْك الْخَيْر وَلَا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك وَفِي مصحف حجر: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك وَفِي مصحف ابْن عَبَّاس قِرَاءَة أبيّ وَأبي مُوسَى: اللَّهُمَّ إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد وَإِلَيْك نسعى ونحفد نخشى عذابك وَنَرْجُو رحمتك إِن عذابك بالكفار مُلْحق وَأخرج أَبُو الْحسن الْقطَّان فِي المطوّلات عَن أبان بن أبي عَيَّاش قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك عَن الْكَلَام فِي الْقُنُوت فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونثني عَلَيْك الْخَيْر وَلَا نكفرك ونؤمن بك ونترك من يفجرك اللَّهُمَّ إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد وَإِلَيْك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك الْجد إِن عذابك بالكفار مُلْحق قَالَ أنس: وَالله إِن أَنْزَلَتَا إِلَّا من السَّمَاء

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر والطَّحَاوِي عَن ابْن عَبَّاس أَن عمر بن الْخطاب كَانَ يقنت بالسورتين: اللَّهُمَّ إياك نعْبد واللهم إِنَّا نستعينك وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى قَالَ: قنت عمر رَضِي الله عَنهُ بالسورتين وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى أَن عمر قنت بِهَاتَيْنِ السورتين الله إِنَّا نستعينك واللهم إياك نعْبد وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن خَالِد بن أبي عمرَان قَالَ: بَيْنَمَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو على مُضر إِذْ جَاءَهُ جِبْرِيل فَأَوْمأ إِلَيْهِ أَن اسْكُتْ فَسكت فَقَالَ يَا مُحَمَّد إِن الله لم يَبْعَثك سباباً وَلَا لعاناً وَإِنَّمَا بَعثك رَحْمَة للْعَالمين وَلم يَبْعَثك عذَابا لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ ثمَّ علمه هَذَا الْقُنُوت: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لَك ونخلع ونترك من يفجرك اللَّهُمَّ إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد إِلَيْك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إِن عذابك الْجد بالكفار مُلْحق وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَمُحَمّد بن نصر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبيد بن عُمَيْر أَن عمر بن الْخطاب قنت بعد الرُّكُوع فَقَالَ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونثني عَلَيْك وَلَا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم اللَّهُمَّ إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد وَلَك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إِن عذابك بالكفار مُلْحق وَزعم عبيد أَنه بلغه أَنَّهُمَا سورتان من الْقُرْآن فِي مصحف ابْن مَسْعُود وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبد الْملك بن سُوَيْد الْكَاهِلِي أَن عليا قنت فِي الْفجْر بِهَاتَيْنِ السورتين: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونثني عَلَيْك وَلَا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللَّهُمَّ إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد وَإِلَيْك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إِن عذابك بالكفار مُلْحق وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُحَمّد بن نصر عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب: الله إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونثني عَلَيْك وَلَا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك الله إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد وَإِلَيْك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إِن عذابك بالكفار مُلْحق

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: قَرَأت فِي مصحف أبيّ بن كَعْب بِالْكتاب الأول الْعَتِيق: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (قل هُوَ الله أحد) إِلَى آخرهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (قل أعوذ بِرَبّ الفلق) إِلَى آخرهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) إِلَى آخرهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونثني عَلَيْك الْخَيْر وَلَا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم: اللَّهُمَّ إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد وَإِلَيْك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إِن عذابك بالكفار مُلْحق بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم: اللَّهُمَّ لَا تنْزع مَا تُعْطِي وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد سُبْحَانَكَ وغفرانك وحنانيك إِلَه الْحق وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن يزِيد بن أبي حبيب قَالَ: بعث عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان إِلَى عبد الله بن رزين الغافقي فَقَالَ لَهُ: وَالله إِنِّي لأرَاك جَافيا مَا أَرَاك تقْرَأ الْقُرْآن قَالَ: بلَى وَالله إِنِّي لأقرأ الْقُرْآن وأقرأ مِنْهُ مَالا تقْرَأ بِهِ فَقَالَ لَهُ عبد الْعَزِيز: وَمَا الَّذِي لَا أَقرَأ بِهِ من الْقُرْآن قَالَ: الْقُنُوت حَدثنِي عَليّ بن أبي طَالب أَنه من الْقُرْآن وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن عَطاء بن السَّائِب قَالَ: كَانَ أَبُو عبد الرَّحْمَن يقرئنا: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونثني عَلَيْك الْخَيْر وَلَا نكفرك ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك اللَّهُمَّ إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد وَإِلَيْك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك الْجد إِن عذابك بالكفار مُلْحق وَزعم أَبُو عبد الرَّحْمَن أَن ابْن مَسْعُود كَانَ يُقْرِئهُمْ إِيَّاهَا وَيَزْعُم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُقْرِئهُمْ إِيَّاهَا وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَرَأت أَو حَدثنِي من قَرَأَ فِي بعض مصاحف أبيّ بن كَعْب هَاتين السورتين: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك وَالْأُخْرَى بَينهمَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قبلهمَا سورتان من الْمفصل وبعدهما سور من الْمفصل وَأخرج مُحَمَّد بِمَ نصر عَن سُفْيَان قَالَ: كَانُوا يستحبون أَن يجْعَلُوا فِي قنوت الْوتر هَاتين السورتين: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك واللهم إياك نعْبد وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: يقْرَأ فِي الْوتر السورتين اللَّهُمَّ إياك نعْبد اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك

وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن خصيف قَالَ: سَأَلت عَطاء بن أبي رَبَاح أَي شَيْء أَقُول فِي الْقُنُوت قَالَ: هَاتين السورتين اللَّتَيْنِ فِي قِرَاءَة أبيّ: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك واللهم إياك نعْبد وَأخرج مُحَمَّد بن نصر عَن الْحسن قَالَ: نبدأ فِي الْقُنُوت بالسورتين ثمَّ نَدْعُو على الْكفَّار ثمَّ نَدْعُو للْمُؤْمِنين وَالْمُؤْمِنَات وَأخرج البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن الْحَارِث بن معاقب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي صَلَاة من الصَّلَوَات: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم غفار غفر الله لَهَا وأسمل سَالَمَهَا الله وَشَيْء من جُهَيْنَة وَشَيْء من مزينة وَعصيَّة عَصَتْ الله وَرَسُوله ورعل وذكوان مَا أَنا قلته الله قَالَه قَالَ الْحَارِث فاختصم نَاس من أسلم وغفار فَقَالَ الأسلميون بَدَأَ باسلم وَقَالَ غفار بَدَأَ بغفار قَالَ الْحَارِث: فَسَأَلت أَبَا هُرَيْرَة فَقَالَ بَدَأَ بغفار وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَمُسلم عَن خفاف بن ايماء بن رحضة الْغِفَارِيّ قَالَ: صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْفجْر فَلَمَّا رفع رَأسه من الرَّكْعَة الْآخِرَة قَالَ: لعن الله لحياناً وَرِعْلًا وذكوان وَعصيَّة عَصَتْ الله وَرَسُوله أسلم سَالَمَهَا الله غفار غفر الله لَهَا ثمَّ خر سَاجِدا فَلَمَّا قضى الصَّلَاة أقبل على النَّاس بِوَجْهِهِ فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِنِّي لست قلت هَذَا وَلَكِن الله قَالَه ذكر دُعَاء ختم الْقُرْآن أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ختم الْقُرْآن دَعَا قَائِما وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من قَرَأَ الْقُرْآن وَحمد الرب وَصلى على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واستغفر ربه فقد طلب الْخَيْر مَكَانَهُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي جَعْفَر قَالَ: كَانَ عَليّ بن حُسَيْن يذكر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ إِذا ختم الْقُرْآن حمد الله بمحامده وَهُوَ قَائِم ثمَّ يَقُول: الْحَمد لله رب الْعَالمين الْحَمد لله الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَجعل الظُّلُمَات والنور ثمَّ الَّذِي كفرُوا برَبهمْ يعدلُونَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَكذب الْعَادِلُونَ بِاللَّه وَضَلُّوا ضلالا بَعيدا لَا إِلَه إِلَّا الله وَكذب الْمُشْركُونَ بِاللَّه من الْعَرَب وَالْمَجُوس وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ وَمن دَعَا لله ولدا أَو صَاحِبَة أَو ندا أَو شَبِيها أَو مثلا أَو سمياً أَو عدلا فَأَنت رَبنَا أعظم من أَن تتَّخذ شَرِيكا فِيمَا خلقت وَالْحَمْد لله الَّذِي لم

يتَّخذ صَاحِبَة وَلَا ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَلم يكن لَهُ ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا الله الله الله أكبر كَبِيرا وَالْحَمْد لله كثيرا وَسُبْحَان الله بكرَة وَأَصِيلا وَالْحَمْد لله الَّذِي أنزل على عَبده الْكتاب إِلَى قَوْله: إِلَّا كذبا الْحَمد الله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض الْآيَتَيْنِ: الْحَمد لله فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض الْآيَتَيْنِ الْحَمد لله وَسَلام على عباده الَّذين اصْطفى آللَّهُ خير أما يشركُونَ بل الله خير وَأبقى وَأحكم وَأكْرم وَأعظم مِمَّا يشركُونَ فَالْحَمْد لله بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ صدق الله وَبَلغت رسله وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين اللَّهُمَّ صلّ على جَمِيع الْمَلَائِكَة وَالْمُرْسلِينَ وَارْحَمْ عِبَادك الْمُؤمنِينَ من أهل السَّمَوَات وَالْأَرضين وَاخْتِمْ لنا بِخَير وَافْتَحْ لنا بِخَير وَبَارك لنا فِي الْقُرْآن الْعَظِيم وانفعنا بِالْآيَاتِ وَالذكر الْحَكِيم رَبنَا تقبل من إِنَّك أَنْت السَّمِيع الْعَلِيم وَأخرج ابْن الضريس عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: من ختم الْقُرْآن فَلهُ دَعْوَى مستجابة وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: جَمِيع سور الْقُرْآن مائَة وَثَلَاث عشرَة سُورَة المكية خمس وَثَمَانُونَ سُورَة والمدنية ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ سُورَة وَجَمِيع آي الْقُرْآن ستى آلَاف آيَة وَمِائَتَا آيَة وست عشرَة آيَة وَجَمِيع حُرُوف الْقُرْآن ثَلَاثمِائَة ألف حرف وَثَلَاثَة وَعِشْرُونَ ألف حرف وتسمائة حرف وَأحد وَسَبْعُونَ حرفا وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْقُرْآن ألف ألف حرف وَسَبْعَة وَعِشْرُونَ ألف حرف فَمن قَرَأَهُ صَابِرًا محتسباً فَلهُ بِكُل حرف زَوْجَة من الْحور الْعين قَالَ بعض الْعلمَاء هَذَا الْعدَد بِاعْتِبَار مَا كَانَ قُرْآنًا وَنسخ رسمه وَإِلَّا فالموجود الْآن لَا يبلغ هَذِه الْعدة قَالَ الْحَافِظ حجر رَضِي الله عَنهُ فِي أول كِتَابه أَسبَاب النُّزُول وَسَماهُ العجاب فِي بَيَان الْأَسْبَاب: الَّذين اعتنوا بِجمع التَّفْسِير الْمسند من طبقَة الْأَئِمَّة السِّتَّة أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ ويليه أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر النياسبوري وَأَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم بن إِدْرِيس الرَّازِيّ وَمن طبقَة شيوخهم عبد بن حميد بن نصر الْكشِّي فَهَذِهِ التفاسير الْأَرْبَعَة قل أَن يشذ عَنْهَا شَيْء من التَّفْسِير الْمَرْفُوع وَالْمَوْقُوف على الصَّحَابَة والمقطوع عَن التَّابِعين وَقد أضَاف الطَّبَرِيّ إِلَى النَّقْل الْمُسْتَوْعب أَشْيَاء لم يشاركوه فِيهَا كاستيعاب

الْقرَاءَات والإِعراب وَالْكَلَام فِي أَكثر الْآيَات على الْمعَانِي والتصدي لترجيح بعض الْأَقْوَال على بعض وكل من صنف بعده لم يجْتَمع لَهُ مَا اجْتمع فِيهِ لِأَنَّهُ فِي هَذِه الْأُمُور فِي مرتبَة مُتَقَارِبَة وَغَيره يغلب عَلَيْهِ فن من الْفُنُون فيمتاز فِيهِ وَيقصر فى غَيره وَالَّذين اشْتهر عَنْهُم القَوْل فِي ذَلِك من التَّابِعين أَصْحَاب ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَفِيهِمْ ثِقَات وضعفاء فَمن الثِّقَات مُجَاهِد وَابْن جُبَير ويروى التَّفْسِير عَنهُ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ وَالطَّرِيق إِلَى ابْن أبي نجيح قَوِيَّة وَمِنْهُم عِكْرِمَة ويروي التَّفْسِير عَنهُ من طَرِيق الْحسن بن وَاقد عَن يزِيد النَّحْوِيّ عَنهُ وَمن طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَق عَن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد مولى زيد بن ثَابت عَن عِكْرِمَة أَو سعيد بن جُبَير هَكَذَا بِالشَّكِّ وَلَا يضر لكَونه عَن ثِقَة وَمن طَرِيق مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس وَعلي صَدُوق وَلم يلق ابْن عَبَّاس لكنه إِنَّمَا جمل عَن ثِقَات أَصْحَابه فَلذَلِك كَانَ البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم وَغَيرهمَا يعتمدون على هَذِه النُّسْخَة وَمن طَرِيق ابْن جريج رَضِي الله عَنهُ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس لَكِن فِيمَا يتَعَلَّق بالبقرة وَآل عمرَان وَمَا عدا ذَلِك يكون عَطاء رَضِي الله عَنهُ هُوَ الْخُرَاسَانِي وَهُوَ لم يسمع من ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَيكون مُنْقَطِعًا إِلَّا أَن صرح ابْن جريج بِأَنَّهُ عَطاء بن أبي رَبَاح وَمن رِوَايَات الضُّعَفَاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا التَّفْسِير الْمَنْسُوب لأبي النَّصْر مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ فَإِنَّهُ يرويهِ عَن أبي صَالح وَهُوَ مولى أم هَانِئ عَن ابْن عَبَّاس والكلبي اتَّهَمُوهُ بِالْكَذِبِ وَقد مرض فَقَالَ لأَصْحَابه فِي مَرضه: كل شَيْء حدثتكم عَن أبي صَالح كذب وَمَعَ ضعف الْكَلْبِيّ قد رُوِيَ عَنهُ تَفْسِير مثله أَو أَشد ضعفا وَهُوَ مُحَمَّد بن مَرْوَان السّديّ الصَّغِير وَرَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن مَرْوَان مثله أَو أَشد ضعفا وَهُوَ صَالح بن مُحَمَّد التِّرْمِذِيّ وَمِمَّنْ روى التَّفْسِير عَن الْكَلْبِيّ من الثِّقَات سُفْيَان الثَّوْريّ وَمُحَمّد بن فُضَيْل بن غَزوَان وَمن الضُّعَفَاء من قبل الْحِفْظ جبان بِكَسْر الْمُهْملَة وتثقيل الْمُوَحدَة وَهُوَ ابْن عَليّ الْعَنزي بِفَتْح الْمُهْملَة وَالنُّون بعْدهَا زَاي منقوطة وَمِنْهُم جُوَيْبِر بن سعيد وَهُوَ واه روى التَّفْسِير عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم وَهُوَ صَدُوق عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَلم يسمع مِنْهُ شَيْئا وَمِمَّنْ روى التَّفْسِير عَن الضَّحَّاك: عَليّ بن الحكم وَهُوَ ثِقَة وَعلي بن سُلَيْمَان وَهُوَ صَدُوق وَأَبُو روق عَطِيَّة بن الْحَرْث وَهُوَ لَا بَأْس بِهِ وَمِنْهُم عُثْمَان بن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ يروي التَّفْسِير عَن أَبِيه عَن

ابْن عَبَّاس وَلم يسمع أَبوهُ من ابْن عَبَّاس وَمِنْهُم إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن السّديّ بِضَم الْمُهْملَة وَتَشْديد الدَّال وَهُوَ كُوفِي صَدُوق وَلكنه جمع التَّفْسِير من طرق مِنْهَا عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة بن شرَاحِيل عَن ابْن مَسْعُود وَعَن نَاس من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَغَيرهم وخلط رِوَايَات الْجَمِيع فَلم تتَمَيَّز رِوَايَات الثِّقَة من الضَّعِيف وَلم يلق السّديّ من الصَّحَابَة إِلَّا أنس بن مَالك وَرُبمَا الْتبس بِالسُّدِّيِّ الصَّغِير الَّذِي تقدم ذكره وَمِنْهُم إِبْرَاهِيم بن الحكم بن أبان الْعَدنِي وَهُوَ ضَعِيف يروي التَّفْسِير عَن أَبِيه عَن عِكْرِمَة وَإِنَّمَا ضَعَّفُوهُ لِأَنَّهُ وصل كثيرا من الْأَحَادِيث بِذكر ابْن عَبَّاس وَقد روى عَنهُ تَفْسِيره عبد بن حميد وَمِنْهُم إِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد الشَّامي وَهُوَ ضَعِيف جمع تَفْسِيرا كثيرا فِيهِ الصَّحِيح والسقيم وَهُوَ فِي عصر أَتبَاع التَّابِعين وَمِنْهُم عَطاء بن دِينَار رَضِي الله عَنهُ وَفِي [وَفِيه] لين يروي التَّفْسِير عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا [] تَفْسِير رَوَاهُ عَنهُ ابْن لَهِيعَة وَهُوَ ضَعِيف وَمن تفاسير التَّابِعين مَا يرْوى عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ من طرق مِنْهَا رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَنهُ وَرِوَايَة آدم بن أبي إِيَاس وَغَيره عَن شَيبَان عَنهُ وَرِوَايَة يزِيد بن زُرَيْع عَن سعيد بن أبي عرُوبَة وَمن تفاسيرهم تَفْسِير الرّبيع بن أنس عَن أبي الْعَالِيَة واسْمه رفيع بِالتَّصْغِيرِ الريَاحي بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة والحاء الْمُهْملَة وَبَعضه لَا يُسمى الرّبيع فَوْقه أحد وَهُوَ يروي من طرق مِنْهَا رِوَايَة أبي عبيد الله بن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن أَبِيه عَنهُ وَمِنْهَا تفاسير مقَاتل بن حَيَّان من طَرِيق مُحَمَّد بن مُزَاحم بن بكير بن مَعْرُوف عَنهُ وَمُقَاتِل هَذَا صَدُوق وَهُوَ غير مقَاتل بن سُلَيْمَان الْآتِي ذكره وَمن تفاسير ضعفاء التَّابِعين فَمن بعدهمْ تَفْسِير زيد بن أسلم من رِوَايَة ابْنه عبد الرَّحْمَن عَنهُ وَهِي نُسْخَة كَبِيرَة يَرْوِيهَا ابْن وهب وَغَيره عَن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه وَعَن غير أَبِيه وَفِيه أَشْيَاء كَثِيرَة لَا يسندها لأحد وَعبد الرَّحْمَن من الضُّعَفَاء وَأَبوهُ من الثِّقَات وَمِنْهَا تَفْسِير مقَاتل بن سُلَيْمَان وَقد نسبوه إِلَى الْكَذِب وَقَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: مقَاتل قَاتله الله تَعَالَى وَإِنَّمَا قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِيهِ ذَلِك لِأَنَّهُ اشْتهر عَنهُ القَوْل بالتجسيم وروى تَفْسِير مقَاتل هَذَا عَنهُ أَبُو عصمَة نوح بن أبي مَرْيَم الْجَامِع وَقد نسبوه إِلَى الْكَذِب وَرَوَاهُ أَيْضا عَن مقَاتل الحكم بن هُذَيْل وَهُوَ ضَعِيف لكنه أصلح حَالا من أبي عصمَة وَمِنْهَا تَفْسِير يحيى بن سَلام المغربي وَهُوَ كَبِير فِي نَحْو سِتَّة أسفار أَكثر فِيهِ النَّقْل عَن التَّابِعين وَغَيرهم وَهُوَ لين الحَدِيث وَفِيمَا يرويهِ مَنَاكِير كَثِيرَة وشيوخه مثل

سعيد بن أبي عرُوبَة وَمَالك وَالثَّوْري وَيقرب مِنْهُ تَفْسِير سنيد بِمُهْملَة وَنون مصغر واسْمه الحسني بن دَاوُد وَهُوَ من طبقَة شُيُوخ الْأَئِمَّة السِّتَّة يروي عَن ججاج بن مُحَمَّد المصِّيصِي كثيرا وَعَن انظاره وَفِيه لين وَتَفْسِيره نَحْو تَفْسِير يحيى بن سلاموقد أَكثر ابْن جريج التَّخْرِيج مِنْهُ وَمن التفاسير الْوَاهِيَة لوهاء رواتها التَّفْسِير الَّذِي جمعه مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الثَّقَفِيّ الصَّنْعَانِيّ وَهُوَ قدر مجلدين يسْندهُ إِلَى ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَقد نسب ابْن حبَان مُوسَى هَذَا إِلَى وضع الحَدِيث وَرَوَاهُ عَن مُوسَى عبد الْغَنِيّ بن سعيد الثَّقَفِيّ وَهُوَ ضَعِيف وَقد يُوجد كثير من أَسبَاب النُّزُول فِي كتب الْمَغَازِي فَمَا كَانَ مِنْهَا من رِوَايَة مُعْتَمر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه أَو من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن عقبَة عَن عَمه مُوسَى بن عقبَة فَهُوَ أصلح مِمَّا فِيهَا من كتاب مُحَمَّد بن إِسْحَق وَمَا كَانَ من رِوَايَة ابْن إِسْحَاق أمثل مِمَّا فِيهَا من رِوَايَة الْوَاقِدِيّ انْتهى قَالَ مُؤَلفه رَضِي الله عَنهُ وَتقبل الله مِنْهُ صَنِيعه: فرغت من تبييضه يَوْم عيد الْفطر سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَالْحَمْد لله وَحده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا إِلَى يَوْم الدّين وحسبنا الله وَنعم الْوَكِيل وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم

§1/1